وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)
السلوك الحقيقي يؤمنون بالعلماء بالله وبأحوالهم ومقاماتهم وكلماتهم واما غيرهم فينكرون ويعرضون لانهم يمشون من طريق العقل وينظرون ينظر النقل وقد صح ان العقل ليس له قدم الا فى طريق المعقولات وفوقها المكاشفات فالاهتداء الى الله انما هو باهل الله إذ هم المرشدون الى الفجاج الصحيحة والسبل المستقيمة وعلومهم محفوظة من النسخ والتبديل دنيا وآخرة واما الرسوم فانما تتمشى الى الموت فعلى العاقل ان يعقل نفسه عن هواها ويتفكر فى هداها ويختار للارشاد من هوا عرف بطريق العقل والنقل والكشف فانه قال فى المثنوى
رهرو راه طريقت اين بود ... كو باحكام شريعت ميرود
ويعرض عمن لا يعرف قدر الشريعة والحكمة فيها فانه عقيم والمرتبط بالعقيم لا يكون الا عقيما نسأل الله تعالى ان يوفقنا للثبات فى اتباع طريقة اهل المكاشفات والمشاهدات فى جميع الحالات وَهُوَ وحده الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ الذي هو ظل الأرض وَالنَّهارَ الذي هو ضوء الشمس وَالشَّمْسَ الذي هو كوكب مضيئ نهارى وَالْقَمَرَ الذي هو كوكب مضئ ليلى اى الله تعالى أوجد هذه الأشياء وأخرجها من العدم الى الوجود دون غيره فله القدرة الكاملة والحكمة الباهرة كُلٌّ اى كل واحد من الشمس والقمر وهو مبتدأ خبره قوله فِي فَلَكٍ على حدة كما يشهده؟؟؟ وقوله يَسْبَحُونَ حال اى يجرون فى سطح الفلك كالسبح فى الماء فان السبح المرّ السريع فى الماء او فى الهواء واستعير لمر النجوم فى الفلك كما فى المفردات ويفهم منه ان الكواكب مرتكزة فى الافلاك ارتكاز فص الخاتم فى الخاتم قال فى شرح التقويم كل واحد من الكواكب مركوز فى فلك مغرق فيه كالكرة المنغمسة فى الماء لا كالسمك فيه والافلاك متحركة بالارادة والكواكب بالعرض وقال بعضهم أخذا بظاهر الآية ان الفلك موج مكفوف من السيلان دون السماء تجرى فيه الشمس والقمر كما تسبح السمكة فى الماء والفلك جسم شفاف محيط بالعالم قال الراغب الفلك مجرى الكواكب وتسميته بذلك لكونه كالفلك وقال محيى السنة الفلك فى كلام العرب كل شىء مستدير جمعه أفلاك ومنه فلكة المغزل قال ابن الشيخ اختلف الناس فى حركات الكواكب والوجوه الممكنة فيها ثلاثة فانه اما ان يكون الفلك ساكنا والكواكب تتحرك فيه كحركة السابح فى الماء الراكد واما ان يكون الفلك متحركا والكواكب تتحرك فيه ايضا مخالفة لجهة حركته او موافقة لها مساوية لحركته فى السرعة والبطء اولا واما ان يكون الفلك متحركا والكواكب ساكنة قال الفلاسفة الرأى الاول باطل لانه يوجب خرق الفلك وهو محال وكذا الرأى الثاني فانه ايضا باطل لعين ما ذكر فلم يبق الا الاحتمال الثالث وهو ان تكون الكواكب مغروزة فى الفلك واقفة فيه والفلك يتحرك فتتحرك الكواكب طبعا لحركة الفلك قال الامام واعلم ان مدار هذا الكلام على امتناع الحرق على الافلاك وهو باطل بل الحق ان الاحتمالات الثلاثة كلها ممكنة والله تعالى قادر على كل الممكنات والذي يدل عليه لفظ القرآن ان تكون الافلاك واقفة والكواكب تكون جارية فيها كما تسبيح السمكة فى الماء واعلم انه لو خلق السماء ولم يخلق الشمس والقمر(5/474)
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)
ليظهر بهما الليل والنهار وسائر المنافع بتعاقب الحر والبرد لم تتكامل نعمه على عباده وانما تتكامل بحركاتها فى أفلاكها ولهذا قال كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ واحتج ابو على بن سينا على كون الكواكب احياء ناطقة بقوله يَسْبَحُونَ وبقوله إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قال الجمع بالواو والنون لا يكون الا للاحياء العاقلين والجواب انه لما أسند إليهن ما هو من افعال العقلاء وهو السباحة والسجود نزلن منزلة العقلاء فعبر عنهن بضمير العقلاء ومثله ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ قال بعض اهل الحقيقة الاجرام الفلكية هى الأجسام فوق العناصر من الافلاك والكواكب ومحركاتها اى مبادى حركاتها بالحركة الارادية على الاستدارة جواهر مجردة عن مواد الافلاك فى ذواتها وأنفسها متعلقة بالأفلاك فى حركاتها لتكون تلك الجواهر مبادى تحريكاتها ويقال لتلك الجواهر المجردة النفوس الناطقة الفلكية فان قلت فعلى هذا لا يكون الناطق فصلا للانسان قلت المراد بالنطق ما يجرى على اللسان وفيه نظر لانه يرد النقض بالملك والجن والببغاء والجواب الحق هو ما يجرى على الجنان ما لا يجرى على اللسان وليس لهم جنان حتى يجرى عليه الشيء قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه نزد اهل اشارت شب وروز نشان قبض وبسط عارفانست كاه يكى را بقبضه قبض كيرد تا سلطان جلال دمار از نهاد او بر آرد وكاه يكى را بر بساط بسط فشاند تا ميزبان جمال او را از خوان نوال نواله اقبال دهد وآفتاب نشانه صاحب توحيد است بنعمت تمكين در حضرت شهود آراسته نه فزايد ونه كاهد لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا وقمر نشانه اهل تلوين است كاه در كاهش بود وكاه در افزايش زمانى بظهور نور برق وحدت در محاق نيستى افتد وساعتى ببروز رموز جامعيت بمرتبه بدريت رسد كوييا در كلام حقائق انجام حضرت قاسم الأنوار قدس سره اشارتى بدين معنى هست
ز بيم سوز هجرانت ز مو باريكتر كردم ... چوروز وصل ياد آرم شوم در حال از آن فربه
وحضرت پير رومى قدس سره ميفرمايد
چون روى برتابى ز من كردم هلالى ممتهن ... ور روئ سوئ من كنى چون بدر بي نقصان شوم
تو آفتابى من چومه گرد تو كردم روز وشب ... كه در محاق افتم ز تو كه شمع نور افشان شوم
وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ البشر والبشرة ظاهر الجلد وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف او الشعر او الوابر والخلد تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي عليها نزلت حين قال المشركون نتربص به ريب المنون: يعنى [انتظار مى بريم كرد باد حوادث بر آمد وياران حضرت محمد عليه السلام متفرق ساخته او را در ورطه هلاك اندازد] والريب ما يريبك من المكاره والمنون الموت اى ننتظر به ان تصيبه مكاره وحوادث تؤديه الى الموت فريب المنون الحوادث المهلكة من حوادث الدهر. والمعنى وما جعلنا لفرد من افراد الإنسان من قبلك يا محمد دوام البقاء فى الدنيا اى ليس من سنتنا ان نخلد آدميا فى الدنيا وان كنا قادرين على تخليده فلا أحد الا وهو عرضة للموت فاذا كان الأمر كذلك أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ فى الدنيا بقدرتنا لابل(5/475)
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)
أنت وهم ميتون كما هو من سنتنا دليله قوله تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ وبالفارسية [پس ايشان يعنى منتظران مرك تو با بندگان خواهند بودى] والهمزة فى المعنى داخلة على الخلود كأنه قيل فاذا مت أنت أيبقى هؤلاء المشركون حتى يشمتون بموتك كما قال الشاعر
فقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلق الشامتون كما لقينا
وقال الشيخ سعدى قدس سره
مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دوران پس از وى نماند بسى
فالمراد بانكار الخلود ونفيه انكار الشماتة التي كان الخلود مدارا لها وجودا وعدما قال فى بحر العلوم المراد بالخلود المكث الطويل سواء كان معه دوام أم لا وجيئ بالشرطية التي لا تقتضى تحقق الطرفين فلم يوصف عليه السلام بالموت قبلهم بل فرض موته قبلهم كما يفرض المحال وذلك لما علم الله تعالى انهم يموتون قبله وانه يبقى بعدهم بمدة مديدة كما يشهده وقعة بدر يقول الفقير ان الوزير مصطفى الشهير بابن كوپريلى أقصى حضرة شيخى وسندى قدس سره الى جزيرة قبرس لما عليه العوام من الأغراض الفاسدة فحين زيارتى له سمعته عند السحر وهو يكرر هذه الآية فمات الوزير قبله قال الامام ويحتمل انه لما كان خاتم الأنبياء قدر انه لا يموت إذ لو مات لتغير شرعه فنبه على ان حاله كحال غيره فى الموت. واستدل بالآية من قال بان الخضر مات وليس بحي فى الدنيا مع ان المشايخ باسرهم وكثيرا من العلماء قائلون بانه حى حتى اخبر بعضهم برؤيته إياه ومكالمته معه والله اعلم وان صح ذلك فيكون من العام المخصوص واعلم ان ما يدل على ان الخضر كان حيا فى عهد النبي عليه السلام ما ذكر فى صحيح المستدرك من انه عليه السلام لما توفى عزتهم الملائكة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان فى الله عزاء فى كل مصيبة وخلفا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فانما المحروم من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودخل رجل اشهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى ثم التفت الى الصحابة فقال ان فى الله عزاء فى كل مصيبة وعوضا عن كل فائت وخلفا من كل هالك فالى الله فانيبوا والى الله فارغبوا ونظره إليكم فى البلاء فانظروا فانما المصاب من لم يجبر وانصرف فقال أبو بكر وعلى رضى الله عنهما هذا الخضر عليه السلام كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ برهان على ما ذكر من خلودهم والمراد النفس الناطقة التي هى الروح الإنساني وموتها عبارة عن مفارقتها جسدها اى ذائقة مرارة المفارقة والذوق هذا لا يمكن اجراؤه على ظاهره لان الموت ليس من المطعوم حتى يذاق بل الذوق ادراك خاص فيجوز جعله مجازا عن اصل الإدراك والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة وباصطلاح اهل الحق قمع هوى النفس فمن مات عن هواه فقد حيى قال الراغب انواع الموت بحسب انواع الحياة الاول ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة فى الإنسان والحيوانات والنبات نحو اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها والثاني زوال القوة الحساسة نحو وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا والثالث زوال القوة العاقلة وهى الجهالة نحو إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى والرابع الحزن المكدر للحياة(5/476)
نحو وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ والخامس المنام فقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وعلى هذا النحو سماه الله تعالى توفيا فقال وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وقوله كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ عبارة عن زوال القوة الحيوانية وابانة الروح عن الجسد انتهى باجمال وفى التعريفات النفس هى الجوهر البخاري اللطيف الحامل لقوة الحياة والحس والحركة الارادية وسماه الحكيم الروح الحيواني فهى جوهر مشرق للبدن فعند الموت ينقطع ضوؤه عن ظاهر البدن وباطنه فالنوم والموت من جنس واحد لان الموت هو الانقطاع الكلى والنوم هو الانقطاع الناقص والحاصل انه ان لم ينقطع ضوء جوهر النفس عن ظاهر البدن وباطنه فهو اليقظة وان انقطع عن ظاهره دون باطنه فهو النوم او بالكلية فهو الموت يقول الفقير يفهم منه ان الموت انقطاع ضوء الروح الحيواني عن ظاهر البدن وباطنه وهذا الروح غير الروح الإنساني الذي يقال له النفس الناطقة إذ هو جوهر مجرد عن المادة فى ذاته مقارن لها فى فعلها ويؤيده ما فى انسان العيون من ان الروح عند اكثر اهل السنة جسم
لطيف مغاير للاجسام. ماهية وهيئة متصرف فى البدن حال فيه حلول الدهن فى الزيتون يعبر عنه بانا وأنت وإذا فارق البدن مات وقول بعض الروحانيين ايضا ان الله تعالى جمع فى طينة الإنسان الروح الملكي النورانى العلوي الباقي ليصير مسبحا ومقدسا كالملك باقيا بعد المفارقة والروح الحيواني الظلالى السفلى الفاني ليقبل الفناء الذي يعبر عنه بالموت وقول بعضهم ايضا ذكر النفوس لا القلوب والأرواح لانها تتجلى حياة الحق لها فاذا انسلخت الأرواح من الأشباح انهدمت جنابذ الهياكل ورجعت الأرواح الى معادن الغيب ومشاهدة الرب قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض تحريرانه اعلم ان الروح من حيث جوهريته وتجرده وكونه من عالم الأرواح المجردة مغاير للبدن متعلق به تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج اليه فى بقائه ودوامه ومن حيث ان البدن صورته ومظهر كمالاته وقواه فى عالم الشهادة محتاج اليه غير منفك عنه بل سارى فيه لا كسريان الحلول المشهور عند اهل النظر بل كسريان الوجود المطلق الحق فى جميع الموجودات فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار ومن علم كيفية ظهور الحق فى الأشياء وان الأشياء من أي وجه عينه ومن أي وجه غيره يعلم كيفية ظهور الروح فى البدن وانه من أي وجه عينه ومن أي وجه غيره لان الروح رب بدنه ويتحقق له ما ذكرنا وهو الهادي الى العلم والفهم انتهى كلام الشيخ قدس سره وهو العمدة فى الباب فظهر ان اطلاق النفس على الروح الإنساني انما هو لتعينه بتعين الروح الحيواني فهو المفارق فى الحقيقة فافهم جدا قال الجنيد قدس سره من كان بين طرفى فناء فهو فان ومن كانت حياته بنفسه يكون مماته بذهاب روحه ومن كانت حياته بربه فانه ينقل من حياة الطبع الى حياة الأصل وهى الحياة فى الحقيقة قال بعضهم ظهور الكرامة من الأولياء انما هو بعد الموت الاختياري اى بوجوده لا بفقده فالموت لا ينافى الكرامة فالاولياء يظهرونها بعد وفاتهم الصورية ايضا كذا فى كشف النور: قال الصائب(5/477)
مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست
وفى عمدة الاعتقاد للنسفى كل مؤمن بعد موته مؤمن حقيقة كما فى حال نومه وكذا الرسل والأنبياء عليهم السلام بعد وفاتهم رسل والأنبياء حقيقة لان المتصف بالنبوة والايمان الروح وهو لا يتغير بالموت انتهى. وإذ قد عرفت ان المراد بالنفس هى الروح لا معنى الذات فلا يرد ان لله نفسا كما قال تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ مع ان الموت لا يجوز عليه وكذا الجمادات لها نفس وهى لا تموت وفى الحديث (آجال البهائم كلها والخشاش والدواب كلها فى التسبيح فاذا انقضى تسبيحها أخذ الله أرواحها وليس الى ملك الموت من ذلك شىء) وفى الحديث (لا تضربوا اماءكم على كسر انائكم فان لها آجالا كاجالكم- روى) - عن عائشة رضى الله عنها انها قالت استأذن أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله وقدمات وسجى عليه الثوب فكشف عن وجهه ووضع فمه بين عينيه ووضع يديه بين صدغيه وقال وا نبياه وا خليلاه وا صفياه صدق الله ورسوله وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثم خرج الى الناس فخطب وقال فى خطبته من كان يعبد محمدا فان محمدا قدمات ومن كان يعبد ربه فان رب محمد حى لا يموت ثم قرأ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ الآية قال الكاشفى [هر كه قدم از دروازه عدم بفضاى صحراى وجود نهاده بضرورت شربت فنا خواهد نوشيد ولباس ممات ووفات خواهد پوشيد]
هر كه آمد بجهان اهل فنا خواهد بود ... وانكه پاينده وباقيست خدا خواهد بود
وَنَبْلُوكُمْ اى نعاملكم ايها الناس معاملة من يبلوكم ويختبركم كما قال الامام انما سمى ابتلاء وهو عالم بما سيكون لانه فى صورة الاختبار بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ بالبلايا والنعم كالفقر والألم والشدة والغنى واللذة والسرور هل تصبرون وتشكرون اولا وقال بعضهم بالقهر واللطف والفراق والوصال والإقبال والأدبار والمحنة والعافية والجهل والعلم والنكرة والمعرفة قال سهل نبلوكم بالشر وهو
متابعة النفس والهوى بغير هدى والخير العصمة من المعصية والمعونة على الطاعة فِتْنَةً اى بلاء واختبارا فهو مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه واصل الفتن إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته وعن ابى امامة رضى الله عنه قال قال النبي عليه السلام (ان الله يجرب أحدكم بالبلاء كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنه ما يخرج كالذهب فذاك الذي افتتن) : قال الحافظ
خوش بود كر محك تجربه آيد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد
: وقال الخجندي
نقد قلب وسره عالم را ... عشق ضراب ومحبت محكست
قال الراغب يقال بلى الثوب بلى اى خلق وبلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له وسمى الغم بلاء من حيث انه يبلى الجسم ويسمى التكليف بلاء من أوجه. الاول ان التكاليف كلها مشاق على الأبدان فصارت من هذا الوجه بلاء. والثاني انها اختبارات(5/478)
وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)
والثالث ان اختبار الله تعالى تارة بالمسار ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا فصارت المحنة والمنحة جميعا بلاء فالمحنة مقتضية للصبر والمنحة مقتضية للشكر والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر فصارت المنحة أعظم البلاءين وبهذا النظر قال عمر رضى الله عنه «بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نشكر» ولهذا قال امير المؤمنين رضى الله عنه «من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله» وإذا قيل ابتلى فلانا بكذا وبلاه فذلك يتضمن أمرين أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من امره والثاني ظهور جودته ورداءته دون التعرف لحاله والوقوف على ما يجهل من امره إذ كان الله علام الغيوب وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ لا الى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا فنجازيكم على ما وجد منكم من الخير والشر فهو وعد ووعيد وفيه ايماء الى ان المقصود من هذه الحياة الدنيا الابتلاء والتعرض للثواب والعقاب واعلم ان المجازاة لا تسعها دار التكليف فلا بد من دار اخرى لا يصار إليها الا بالموت والنشور فلا بد لكل نفس من ان تموت ثم تبعث قال بعضهم فائدة حالة المفارقة رفع الخبائث التي حصلت للروح بصحبة الأجسام وفائدة حالة الاعادة حصول التنعمات الاخروية التي أعدت لعباد الله الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وفى التأويلات النجمية يشير بقوله وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ الى انا نبلوكم بالمكروهات التي تسمونها شرا وهى الخوف والجوع والنقص من الأموال والأنفس والثمرات وان فيها موت النفس وحياة القلب ونبلوكم بالمحبوبات التي تسمونها الخير وهى الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث وفيها حياة النفس وموت القلب وكلتا الحالتين ابتلاء فمن صبر على موت النفس عن صفاتها بالمكروهات وعن الشهوات فله البشارة بحياة القلب واطمئنان النفس وله استحقاق الرجوع الى ربه بجذبة ارجعي الى ربك باللطف كما قال وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ فبصير ما يحسبه شرا خيرا كما قال له تعالى وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ومن لم يصبر على المكروهات وعن الشهوات المحبوبات ولم يشكر عليها بأداء حقوق الله فيها فله العذاب الشديد من كفران النعمة ويصير ما يحسبه خيرا شرا له كما قال تعالى وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ فيرجع الى الله بالقهر فى السلاسل والاغلال انتهى فعلى العاقل الصبر على الفقر ونحوه مما يعد مكروها عند النفس: قال الحافظ
درين بازار كر سوديست با درويش خرسندست ... الهى منعمم گردان بدرويشى وخرسندى
وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى المشركون نزلت حين مر النبي عليه السلام بابى جهل فضحك وقال لمن معه من صناديد العرب هذا نبى عبد مناف كالمستهزئ به إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً الهزؤ مزح فى خفية اى لا يفعلون بك الا اتخاذك مهزوا به: يعنى [كسى كه با او استهزاء كنند مراد آنست كه ايشان ترا با استهزاء پيغمبر خوانند] على معنى قصر معاملتهم معه على اتخاذهم إياه هزؤا لا على معنى قصر اتخاذهم على كونه هزؤا كما هو المتبادر أَهذَا الَّذِي على ارادة القول: يعنى] با يكديكر كفتند اين كس است كه پيوسته] يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ(5/479)
خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)
أصنامكم بسوء اى يبطل كونها معنودة ويقبح عبادتها يقال فلان يذكر الناس اى يغتابهم ويذكرهم بالعيوب كما قال فى بحر العلوم وانما اطلق الذكر لدلالة الحال فان ذكر العدو لا يكون إلا بذم وسوء وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ حال والضمير الاول خبره كافرون والثاني تأكيد لفظى له وبذكر متعلق بالخبر وهو من اضافة المصدر الى مفعوله اى يعيبون ان يذكر عليه السلام آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء والحال انهم كافرون بان يذكروا الرحمن المنعم عليهم بما يجب ان يذكر به من الوحدانية فهم أحقاء بالعيب والإنكار وفى الآية اشارة الى ان كل من كان محجوبا عن الله بالكفر لا ينظر الى خواص الحق إلا بعين الإنكار والاستهزاء لان خواص الحق من الأنبياء والأولياء يقبحون فى أعينهم إذ ما اتخذوا لهم آلهة من شهوات الدنيا من جاهها ومالها وغير ذلك مما اتخذوه آلهة كما قال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وكل محب يغار على محبوبه ولذا يذكرونهم بعيب ونقصان والحال ان العيب والنقصان فيهم لا فى أضدادهم: وفى المثنوى
آن دهان كژ كرد واز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند
باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف علم من لدن
من ترا أفسوس ميكردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد
ور خدا خواهد كه پوشد عيب كس ... كم زند در عيب معيوبان نفس
فعلى العاقل ان يصون لسانه عن ذكر العيوب ويشتغل فى جمع الأوقات بذكر علام الغيوب فانه الذي أفاض سجال الرحمة والشكر لازم لولى النعمة وفى الحديث (من ذكر الله مطيعا ذكره الله بالرحمة ومن ذكر الله عاصيا ذكره الله باللعنة وأفضل الذكر لا اله الا الله) لانه اعراض عما سوى الله واقبال بالكلية على الله يقال النصف الاول اشارة الى قوله فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ والثاني الى قوله قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ويقال ان سائر العبادات والاذكار تصل الى الله تعالى بواسطة الملك اما هذه الكلمة فتصل الى الله بلا واسطة الملك من قالها مرة خالصا غفرت ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر وانه تعالى امر جميع الأنبياء ان يدعو أممهم الى هذا الذكر فما نزلت كلمة أجل من لا اله الا الله بها قامت السموات والأرضون وهى كلمة الإسلام وكلمة النجاة وكلمة النور إذ بها يستنير الباطن بأنوار الخلوص والصدق والصفاء واليقين خُلِقَ الْإِنْسانُ اى جنسه مِنْ عَجَلٍ العجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وهو من مقتضى الشهوة فلذلك صارت مذمومة حتى قيل العجلة من الشيطان جعل الإنسان لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق منه كما يقال خلق زيد من الكرم تنزيلا لما طبع عليه من الأخلاق منزلة ما طبع منه من الأركان إيذانا بغاية لزومه وعدم انفكاكه عنه ومن عجلته مبادرته الى الكفر واستعجاله بالوعيد قال النضر بن الحارث اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالإنسان آدم وانه حين بلغ الروح صدره أراد ان يقوم اى استعجل فى القيام قبل ان يبلغ الروح أسفله سَأُرِيكُمْ ايها المستعجلون آياتِي [نشانهاى قدرت خود در دنيا بواسطه واقعه بدر ودر آخرت عذاب دوزخ] فَلا تَسْتَعْجِلُونِ بالإتيان بها: وبالفارسية [پس شتاب(5/480)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)
مكنيد مر بخواستن آن] والنهى عما جبلت عليه نفوسهم ليقمعوها عن مرادها فان لهم الارادة والاختيار فطبعهم على العجل لا ينافى النهى كما قال تعالى وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ فخلق فى الإنسان الشح وامر بالإنفاق وخلق فيه الضعف وامر بالجهاد وخلق فيه الشهوة وامر بمخالفتها فهذا ليس من قبيل تكاليف ما لا يطاق وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى معان منها أنتم تستعجلون فى طلب العذاب من جهلكم وضلالكم وذلك لانكم تؤذون حبيبى ونبيى بطريق الاستهزاء والعداوة ومن عادى لى وليا فقد بارزني فى الحرب فقد استعجل فى طلب العذاب لانى اغضب لاوليائى كما يغضب الليث ذو الجرو لجروه فكيف بمن يعادى حبيبى ونبيى عليه السلام ويدل على صحة هذا التأويل قوله سَأُرِيكُمْ آياتِي اى عذابى فَلا تَسْتَعْجِلُونِ فى طلبه بطريق إيذاء نبيى والاستهزاء به ومنها ان الروح الإنساني خلق من عجل لانه أول شىء تعلقت به القدرة ومنها ان الله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة ايام وخمر طينة آدم بيده أربعين صباحا وقد روى ان كل يوم من ايام التحمير كان مقداره الف سنة مما تعدون فتكون أربعين الف سنة فالمعنى ان الإنسان مع هذا خلق من عجل بالنسبة الى خلق السموات والأرض فى ستة ايام لما خلق فيه عند تخمير طينته من انموذجات ما فى السموات والأرض وما بينهما واستعداده لقبوله سر الخلافة المختصة به وقابليته تجلى ذواته وصفاته وللمرآتية التي تكون مظهرة للكنز الخفي الذي خلق الخلق لاظهاره ومعرفته لاستعداد حمل الامانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال وأهاليها فابين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان وتمام الآية يدل على هذا المعنى وهو قوله سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ اى سأريكم صفات كمالى فى مظاهر الآفاق ومرآة أنفسكم بالتربية فى كل قرن بواسطة نبى او ولى فلا تستعجلون فى طلب هذا المقام من أنفسكم فانه قيل حد طلبه من المهد الى اللحد بل أقول من الأزل الى الابد وهذا منطق الطير لا يعلمه الا سليمان الوقت قال تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ انتهى: قيل لا تعجلن لامر أنت طالبه فقلما يدرك المطلوب ذو العجل فذو التأنى مصيب فى مقاصده وذو التعجل لا يخلو عن الزلل قال أعرابي إياكم والعجلة فان العرب تكنيها أم الندامات قال آدم عليه السلام لاولاده «كل عمل تريدون ان تعملوه فقفوا له ساعة فانى لو وقفت ساعة لم يكن أصابني ما أصابني» فلابد من التأنى فى الأمور الدنيوية والمقاصد المعنوية
چوصبح وصل او خواهد دميدن عاقبت جامى ... مخور غم كر شب هجران بپايان دير مى آيد
وَيَقُولُونَ بطريق الاستعجال والاستهزاء مَتى هذَا الْوَعْدُ اى وعد العذاب والساعة فليأتنا بسرعة إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى وعدكم بانه يأتينا والخطاب للنبى عليه السلام والمؤمنين الذين يتلون الآيات المنبئة عن مجيئ الوعد فقال تعالى لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ جواب لو محذوف وإيثار صيغة المضارع فى الشرط وان كان المعنى لافادة استمرار عدم العلم وحين مفعول به ليعلم والكف الدفع يقال كففته أصبته بالكف ودفعته بها وتعورف الكف بالدفع على أي وجه كان بالكف او غيرها(5/481)
بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (41) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43) بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44) قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45)
والمعنى لو علموا الوقت الذي يستعجلونه بقولهم متى هذا الوعد وهو حين تحيط بهم النار من كل جانب بحيث لا يقدرون على دفعها ولا يجدون ناصرا يمنعها لما استعجلوا وتخيصص الوجوه والظهور يعنى القدام والخلف لكونهما اشرف الجوانب واستلزام الإحاطة بهما للاحاطة بالكل بَلْ تَأْتِيهِمْ العدة بَغْتَةً البغتة مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب اى فجأة: وبالفارسية [ناكهان] وهو مصدر لان البغتة نوع من الإتيان او حال اى باغتة فَتَبْهَتُهُمْ [پس مبهوت ومتحير كرداند ايشان] والبهت الحيرة قال الامام وانما لم يعلم الله وقت الموت والساعة لان المرء مع الكتمان أشد حذرا واقرب الى التدارك قال بعض الكبار من بهته شىء من الكون فهو لمحله عنده وغفلته عن مكنونه ومن كان فى قبضة الحق وحضرته لا يبهته شىء لانه قد حصل فى محل الهيبة من منازل القدس فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها اى العدة فان المراد بها العذاب او النار او الساعة وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ من الانظار بمعنى الامهال والتأخير اى لا يمهلون ليستريحوا طرفة عين او يتولوا او يعتذروا او من النظر اى لا ينظر إليهم ولا الى تضرعهم وفيه اشارة الى انه لو علم اهل الإنكار قبل ان يكافئهم الله على انكارهم نار القطيعة والحسرة والبعد والطرد لما أقاموا على انكارهم ولتابوا ورجعوا الى طلب الحق وعلم منه ان أعظم المقاصد هو طلب الحق والوصول اليه فكما ان من ادب الظاهر ان يحفظ المرء بصره عن الالتفات الى يمينه وشماله فكذا من ادب الباطن ان يصون بصيرته عن النظر الى ما سوى الله تعالى ولا يحصل غالبا الا بالسلوك والاسترشاد من اهل الله تعالى فلابد من إفناء الوجود فانه طريق المقصود- حكى- ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك وهى تعطى ما أعطته لغيرك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر أشار الى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء واعلم ان من المتفق عليه شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك لحضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فعلم منه ان زمان الفرصة غنيمة وان وقت الموت إذا جاء بغتة لا يقدر المرء ان يستأخر ويتدارك حاله: قال الشيخ سعدى قدس سره
خبر دارى اى استخوانى قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس
چومرغ از قفس رفت بگسست قيد ... دكرره نكردد بسعى تو صيد
نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزائهم به اى بالله لقد استهزئ برسل اولى شأن خطير وذوى عدد كثير كائنين من زمان قبل زمانك كما استهزأ بك قومك فصبروا ففيه حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يقال حاق به يحيق حيقا أحاط به وحاق بهم الأمر لزمهم ووجب عليهم وحاق نزل ولا يكاد يستعمل الا فى الشر والحيق ما يشمل الإنسان من مكروه فعل وبالذين متعلق بحاق وضمير منهم للرسل والموصول فاعل حاق. والمعنى فاحاط بهم عقيب(5/482)
قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43) بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44)
ذلك العذاب الذي كانوا به يستعجلون ووضع يستهزئون موضع يستعجلون لان استعجالهم كان على جهة الاستهزاء وهو وعد له بان ما يفعلون به يحيق بهم كما خاق بالمستهزئين بالأنبياء ما فعلوا يعنى جزاءه قُلْ يا محمد للمستهزئين بطريق التقريع والتبكيت مَنْ استفهام يَكْلَؤُكُمْ الكلأ حفظ الشيء وتبقيته والكالئ الذي يحفظ اى يحفظكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى فيهما مِنَ الرَّحْمنِ اى من بأسه الذي يستحقون نزوله ليلا او نهارا ان أراد بكم اى لا يمنعكم من عذابه الا هو وفى ذكر الرحمن تنبيه على انه لا كالئ غير رحمته العامة وان اندفاعه بمهلته وتقديم الليل لما ان الدواهي اكثر فيه وقوعا وأشد وقعا بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ لا يخطرون ذكره تعالى ببالهم فضلا عن ان يخافوا الله ويعدّوا ما كانوا عليه من الامن والدعة حفظا وكلاءة حتى يسألوا عن الكالئ اى دعهم عن هذا السؤال لانهم لا يصلحون له لاعراضهم عن ذكر الله تعالى وفى التأويلات النجمية المحجوبون بحجب البشرية أرجى صلاحا من المحجوبين بحجب الروحانية لانهم مقرون بجهالتهم وهؤلاء مغرورون بمقالتهم واهل الحجب البشرية معرضون عن ذكر ربهم وطلبه لاشتغالهم بلوازم البشرية واهل الحجب الروحانية معرضون عن ذكر ربهم ومعرفته بحسبانهم بمعارف المعقولات: قال الكمال الخجندي
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست
وقال الصائب
بفكر نيستى هركز نمى افتند مغروران ... اگر چهـ صورت مقراض لا دارد كريبانها
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا أم منقطعة اى بل لهم آلهة تمنعهم من العذاب متجاوزة منعنا فهم معتمدون عليها اى ليس لهم لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ استئناف مقرر لما قبله من الإنكار وموضح لبطلان اعتقادهم اى هم لا يقدرون ان ينصروا أنفسهم: يعنى [اگر كسى با ايشان مكروهى خواهد از كسر وقلع وتلويث وأمثال آن از خود دفع نتوانند كرد] ولا يصحبون بالنصر من جهتنا قال الراغب لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفق ونحو ذلك مما يصحب أولياءنا فكيف يتوهم ان ينصروا غيرهم وقال ابن عباس رضى الله عنهما يصحبون يمنعون بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ المتاع انتفاع ممتد الوقت يقال متعه الله بكذا وأمتعة وتمتع به: يعنى [بلكه ما بر خوردارى داديم آن كروه را بجهت سعت معيشت وايمنى وسلامتى و پدر ايشانرا] حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ بضم الميم وسكونها اسم لمدة عمارة البدن بالحياة اى طال عليهم الاجل فى التمتع فاغتروا وحسبوا انهم ما زالوا على ذلك لا يغلبون [وندانستند كه دست أجل بر هم زند اين بنا كه افراشته] أَفَلا يَرَوْنَ اى ألا ينظرون فلا يرون أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ ارض الكفرة التي هى دار الحرب نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بتسليط المؤمنين عليها فكيف يتوهمون انهم ناجون من بأسنا والجملة خبر بعد خبر او حال او بدل والأطراف جمع طرف بالتحريك وهو ناحية من النواحي وطائفة من الشيء قالوا هذا تمثيل وتصوير لما يخربه الله من ديارهم على أيدي(5/483)
قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45)
المسلمين ويضيفه الى دار الإسلام وذلك ان الله لا يأتى بل العساكر تغزو ارض الكفرة وتأتى غالبة عليها ناقصة من نواحيها قال الكاشفى يعنى [ميكشاييم آنرا بر مسلمانان كه تا هر روز قلعه ميكيرند ومنزلى بحوزه تصرف در مى آرند] وقد سبق فى آخر سورة الرعد أَفَهُمُ الْغالِبُونَ القاهرون على رسول الله والمؤمنين اى أبعد ظهور ما ذكر ورؤيتهم له يتوهم غلبتهم اى الغالب هو الله وهم المغلوبون وفى الحديث (فضلت على الناس بأربع بالسماحة والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش) قيل للاسكندر فى عسكر دارا الف الف مقاتل فقال ان القصاب الحاذق لا يهوله كثرة الأغنام: وفى المثنوى
تيشه را ز انبوهى شاخ درخت ... كى هراس آيد ببرد لخت لخت «1»
شعله را ز انبوهى هيزم چهـ غم ... كى رمد قصاب ز انبوه غنم
خر نشايد كشت از بهر صلاح ... چون شود وحشي شود خونش مباح «2»
لا جرم كفار را شد خون مباح ... همچووحشي پيش نشاب ورماح
جفت وفرزندان شان جمله سبيل ... ز انكه بي عقلند ومردود وذليل
واعلم ان الغلبة والنصرة منصب شريف فهو بجند الله تعالى وهم الأنبياء والأولياء وصالحوا المؤمنين كما قال تعالى إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ
اى وان رؤى انهم مغلوبون لان الغالبية له ألا ترى ان الله تعالى اظهر المؤمنين على العرب كلهم وافتتحوا بلاد الشرق والغرب ومزقوا ملك الا كاسرة وملكوا خزائنهم واستولوا على الدنيا وما وقع فى بعض الأوقات من صورة الانهزام فهو من باب تشديد المحنة والبلاء الحسن فعلى المؤمن ان يثق بوعد الله تعالى ولا يضعف عن الجهاد فان بالهمة تنقلع الجبال عن اما كنها وعن امير المؤمنين على رضى الله عنه انى ما قلعت خيبر بقوة جسمانية ولا بحركة غذائية لكنى أيدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضيئة عن جابر رضى الله عنه ان عليا رضى الله عنه لما انتهى الى الحصن أخذ أحد أبوابه فالقاه فى الأرض فاجتمع عليه بعد سبعون رجلا فكان جهدهم ان أعادوا الباب قالوا «كل طائر يطير بجناحيه والعاقل بهمته» فللمزيد رجال وللحروب رجال قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ اى انما نأتى ان أخوفكم مما تستعجلونه بما اوحى الى من القرآن واخبر بذلك لا الإتيان به فانه مزاحم للحكمة التكوينية والتشريعية إذ الايمان برهانى لا عيانى وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ الى الايمان جمع الأصم والصمم فقدان حاسة السمع إِذا ما يُنْذَرُونَ شبهوا بالصم وهم صحاح الحواس لانهم إذا سمعوا ما ينذرون به من آيات الله لاتعيه آذانهم وكان سماعهم كلا سماع فكانت حالهم لانتفاء جدوى السماع كحال الذين عدموا مصحح السماع وينعق بهم فلا يسمعون وتقييد نفى السماع به مع ان الصم لا يسمعون الكلام انذارا كان او تبشيرا لبيان كمال شدة الصمم كما ان إيثار الدعاء الذي هو عبارة عن الصوت والنداء على الكلام لذلك فان الانذار عادة يكون بأصوات عالية مكررة مقارنة لهيئة دالة عليه فاذا لم يسمعوها يكون صممهم فى غاية وراءها وهذا من تتمة الكلام الملقن ويجوز ان يكون من جهته تعالى كأنه قيل قل لهم ذلك وأنت بمعزل من أسماعهم وفيه اشارة
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان اعتماد كردن هاروت وماروت بر عصمت خويش إلخ
(2) در اواخر دفتر يكم در بيان دعا كردن بلعم باعور كه موسى عليه السلام وقومش را إلخ(5/484)
وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49) وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)
الى انه ليس للانبياء والأولياء الا الانذار والنصح وليس لهم اسماع الصم وهم الذين لعنهم الله فى الأزل بالطرد عن جوار الحضرة الى أسفل الدنيا واصمهم وأعمى أبصارهم بحبها وطلب شهواتها فلا يسمعون ما ينذرون به وانما الاسماع لله لا للخلق كما قال تعالى وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ [واگر برسد بكفره] والمس اللمس ويقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ اى وبالله لئن أصابهم ادنى شىء من عذابه تعالى الذي ينذربه والنفحة من الريح الدفعة ومن العذاب القطعة كما فى القاموس وعلى الاولى حمل شارح الشهاب ما وقع فى قوله عليه السلام (ان لربكم فى ايام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها) قال فى بحر العلوم من نفحته الدابة إذا ضربته اى ضربة او من نفحت الريح إذا هبت اى هبة او من نفح الطيب إذا فاح اى فوحة كما يقال شمة وقال ابن جريج اى نصيب من نفحه فلان من ماله إذا أعطاه حظا منه لَيَقُولُنَّ من غاية الاضطراب والحيرة يا وَيْلَنا [واى بر ما] وقد سبق تحقيقه إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ اى لدعوا على أنفسهم بالويل والهلاك واعترفوا عليها بالظلم حين تصاموا واعرضوا وهو بيان لسرعة تأثرهم من مجيئ نفس الوعد اثر بيان عدم تأثرهم من مجيئ خبره وفيه اشارة الى ان اهل الغفلة والشقاوة لا تنتبهون بتنبيه الأنبياء ونصح الأولياء فى الدنيا حتى يمسهم اثر من آثار عذاب الله بعد الموت فان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا فاعترفوا بذنوبهم ونادوا بالويل والثبور على أنفسهم بما كانوا ظالمين فالظلم يجلب النقم ويسلب النعم سواء كان ظلم الغير او ظلم النفس فليجتنب المؤمن من اسباب العذاب والنقمة وليأت الى باب النجاة والرحمة وذلك بالمجاهدة وقمع الهوى واختيار طريق الطاعة والتقوى- روى- ان بعض الصالحين قال لعجوز متعبدة ارفقى بنفسك فقالت ان رفقى بنفسي يغيبنى عن باب المولى ومن غاب عن باب المولى مشتغلا بالدنيا فقد عرض للمحن والبلوى ثم بكت وقالت وا سوأتاه من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فاذا قاموا من قبورهم وركب الأبرار نجائب الأبرار وقدمت بين يديهم نجائب المقربين بقي المسبوق فى جملة المحرمين واما فجيعة الفراق فاذا جمع الخلق فى مقام واحد امر الله تعالى ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض الجنة وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم فاين من يمسه العذاب ممن يصل اليه الثواب واعلم ان الانذار ابلغ فانه من باب التخلية فلابد للعاصى من التخوف على المعاصي والإصغاء الى الموعظة والنصيحة الموقظة فانه سوف يقول المعرضون لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ وهم الصم قى الحقيقة: قال الشيخ سعدى
بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ الموازين جمع ميزان: بالفارسية [ترازو] والقسط العدل اى نقيم الموازين العادلة التي نوزن بها صحائف الأعمال ونحضرها او الأعمال باعتبار التجوهر(5/485)
والتجسم وجمع الموازين باعتبار تعدد الأعمال أو لأن لكل شخص ميزانا قال الراغب الوزن معرفة قدر الشيء وذكر الميزان فى مواضع بلفظ الواحد اعتبارا بالمحاسبة وفى مواضع بلفظ الجمع اعتبارا بالمحاسبين انتهى وافراد القسط لانه مصدر وصف به مبالغة كرجل عدل قال الامام وصف الموازين بالقسط لانها قد لا تكون مستقيمة لِيَوْمِ الْقِيامَةِ اى لاجل جزائه فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ من النفوس شَيْئاً حقا من حقوقها على ان يكون مفعولا ثانيا لتظلم لانه بمعنى تنقص وتنقص يتعدى الى مفعولين يقال نقصه حقه من الظلم بل يوفى كل ذى حق حقه ان خيرا فخير وان شرا فشر على ان يكون مفعولا مطلقا وَإِنْ كانَ اى العمل المدلول عليه بوضع الموازين مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ المثقال ما يوزن به من الثقل اى مقدار حبة كائنة من خردل: بالفارسية [از سپندان كه أصغر حباتست] اى وان كان فى غاية القلة والحقارة فان حبة الخردل مثل فى الصغر أَتَيْنا بِها بقصر الهمزة من الإتيان والباء للتعدية اى أحضرنا ذلك العمل المعبر عنه بمثقال حبة الخردل للوزن والتأنيث لاضافته الى الحبة وَكَفى بِنا حاسِبِينَ إذ لا مزيد على علمنا وعدلنا الباء زائدة ونا فاعل كفى وحاسبين حال منه بمعنى عادّين من حسب المال إذا عده وقال ابن عباس رضى الله عنهما عالمين حافظين لان من حسب شيأ علمه وحفظه وفيه تحذير فان المحاسب العالم القادر الذي لا يفوته شىء يجب ان يخاف منه وروئ الشبلي قدس سره فى المنام فقيل ما فعل الله بك فقال
حاسبونا فدققوا ... ثم منوا فاعتقوا
قال الامام الغزالي رحمه الله الميزان حق ووجهه ان الله تعالى يحدث فى صحائف الأعمال وزنا بحسب درجات الأعمال عند الله فتصير مقادير اعمال العباد معلومة للعباد حتى يظهر لهم العدل فى العقاب او الفضل فى العفو وتضعيف الثواب يقول الفقير بهذا يندفع سؤال الامام فى تفسيره حيث قال اهل القيامة ان علموا كونه تعالى عادلا فلا حاجة الى وضع الميزان بل يكفى مجرد حكمه بترجيح جانب وان لم يعلموا لم يقد وزن الصحائف لاحتمال انه جعل احدى الكفتين أثقل ظلما انتهى وذلك لانهم علموا ذلك ضروريا لان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا لكن الله تعالى أراد ان يحصل لهم العلم بمقادر أعمالهم ليظهر العدل والفضل ظهورا لا غاية وراءه وفيه الزام الحجة لهم قيل للميزان لسان وكفتان وهو بيد جبريل يوزن فيه الحسنات والسيئات فى احسن صورة وأقبحها والحكم للغالب فى الوزن وفى التساوي لفضل الله يقول الفقير لعل وجه كونه بيد جبريل انه الواسطة فى تنزيل الأمر والنهى فناسب ان يكون الميزان بيده ليزن صحائف الأوامر والنواهي- روى- ان داود عليه السلام سأل ربه ان يريه الميزان فاراه كل كفة كما بين المشرق والمغرب فغشى عليه ثم أفاق فقال الهى من ذا الذي يقدر ان يملأ كفته حسنات فقال يا داود انى إذا رضيت عن عبدى ملأتها بتمرة وفى الحديث (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) انما صارتا أحب لان فيهما المدح(5/486)
بالصفات السلبية التي يدل عليها التنزيه وبالصفات الثبوتية التي يدل عليها الحمد وفى الحديث (التسبيح نصف الميزان والحمد لله يملأه) قال المولى الفنارى توضع الموازين لوزن الأعمال فيجعل فيها الكتب بما عملوا وآخر ما يوضع فى الميزان قول الإنسان الحمد لله ولهذا قال عليه السلام (الحمد لله تملأ الميزان) فانه يلقى فى الميزان جميع اعمال العباد من الخير الا كلمة لا اله الا الله فيبقى على ملئه تحميدة فتجعل فيه فيمتلئ بها فان كفة ميزان كل أحد بقدر عمله من غير زيادة ولا نقصان وكل ذكر وعمل يدخل الميزان الا لا اله الا الله كما قلنا وسبب ذلك ان كل عمل خير له مقابل من ضده فيجعل هذا الخير فى موازنته ولا يقابل لا اله الا الله الا الشرك ولا يجتمع توحيد شرك فى ميزان أحد لانه ان قال لا اله الا الله معتقدا لها فما أشرك وان أشرك فما اعتقد فلم يكن لها ما يعاد لها فى الكفة الاخرى ولا يرجحها شىء
فلهذا لا تدخل فى الميزان واما المشركون فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا اى لا يقدر لهم ولا يوزن لهم عمل ولا من هو من أمثالهم من المعطل والمتكبر على الله فان اعمال خير المشرك محبوطة فلا يكون لشرهم ما يوازيه فلا وزن لهم واما صاحب السجلات فانه شخص لم يعمل خيرا قط الا انه تلفظ يوما بكلمة لا اله الا الله مخلصا فيوضع له فى مقابلة التسعة والتسعين سجلا من اعمال الشر كل سجل منها كما بين المشرق والمغرب وذلك لانه ماله عمل خير غيرها فترجح كفتها بالجميع وتطيش السجلات والتحقيق ان لا اله الا الله كلمة التوحيد والتوحيد لا يماثله ولا يعادله شىء والا لما كان واحدا بل كان اثنين فصاعدا فاذا أريد بهذه الكلمة التوحيد الحقيقي لم تدخل فى الميزان لانه ليس له معادل ومماثل فكيف يدخل فيه واليه أشار الخبر الصحيح عن الله تعالى قال الله تعالى (لو ان السموات السبع وعامرهن غيرى والأرضين السبع وعامرهن غيرى فى كفة ولا اله الا الله فى كفة مالت بهن لا اله الا الله) فعلم من هذه الاشارة ان المانع من دخولها فى ميزان الحقيقة هو عدم المماثل والمعادل كما قال تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وإذا أريد بها التوحيد الرسمى تدخل فى الميزان لانه يوجد لها ضد بل أضداد كما أشير اليه بحديث صاحب السجلات فما مالت الكفة الا بالبطاقة التي كتبها الملك فيها فهى الكلمة المكتوبة المنطوقة المخلوقة فعلم من هذه الاشارة ان السبب لدخولها فى ميزان الشريعة هو وجود الضد والمخالف وهو السيئات المكتوبة فى السجلات وانما وضعها فى الميزان ليرى اهل الموقف فى صاحب السجلات فضلها لكن انما يكون ذلك بعد دخول من شاء الله من الموحدين النار ولم يبق فى الموقف الا من يدخل الجنة لانها لا توضع فى الميزان لمن قضى الله ان يدخل النار ثم يخرج بالشفاعة او بالعناية الالهية فانها لو وضعت لهم ايضا لما دخلوا النار ايضا ولزم الخلاف للقضاء وهو محال ووضعها فيه لصاحب السجلات اختصاص الهى يختص برحمته من يشاء هكذا حقق شيخى وسندى قدس سره هذا المقام ولا يدخل الموازين الا اعمال الجوارح شرها وخيرها وهى السمع والبصر واليد والبطن والفرج والرجل واما الأعمال الباطنة فلا تدخل الميزان المحسوس لكن يقام فيها العدل وهو الميزان الحكمي فمحسوس لمحسوس ومعنى لمعنى يقابل كل شى بمثله فلهذا توزن الأعمال من حيث هى مكتوبة وقد أصاب من قال الذكر الخفي هو الذي لم يطلع عليه الحفظة وهو توحيد الحقيقي(5/487)
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)
الباطني الذي لا يدخل فى الميزان الصوري لانه ما كان مكتوبا فكيف يدخل فيه فان قيل اين الميزان قلنا على الصراط ومترتب على الحساب ولهذا لا ميزان لمن يدخل الجنة بغير حساب وانما الميزان للمخلطين من المؤمنين قال بعض الكبار ميزان العدل فى الدنيا ثلاثة ميزان النفس والروح وميزان القلب والعقل وميزان المعرفة والسر. فميزان النفس والروح الأمر والنهى وكفتاه الوعد والوعيد. وميزان القلب والعقل الايمان والتوحيد وكفتاه الثواب والعقاب. وميزان المعرفة والسر الرضى والسخط وكفتاه الهرب والطلب وقال بعضهم من يزن هاهنا نفسه بميزان الرياضة والمجاهدات ويزن قلبه بميزان المراقبات ويزن عقله بميزان الاعتبارات ويزن روحه بميزان المقامات ويزن سره بميزان المحاضرات ومطالعة الغيبيات ويزن صورته بميزان المعاملات الذي كفتاه الحقيقة والطريقة ولسانه الشريعة وعموده العدل والانصاف توزن نفسه يوم القيامة بميزان الشرف ويوزن قلبه بميزان اللطف ويوزن عقله بميزان النور ويوزن روحه بميزان السرور ويوزن سره بميزان الوصول ويوزن صورته بميزان القبول فاذا ثقلت موازينه مما ذكرنا فجزاء نفسه الامن من الفراق فجزاء قلبه مشاهدة الشرف فى الاسرار وجزاء عقله مطالعة الصفات وجزاء روحه شف أنوار الذات وجزاء سره ادراك الاسرار القدسيات وجزاء صورته الجلوس فى مجالس وصال الابديات وايضا توزن الأعمال بميزان الإخلاص
عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست
والأحوال بميزان الصدق
بصدق كوش كه خورشيد ز آيد از نفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست
فمن كانت اعماله بالرياء مصحوبة لم تقبل اعماله
منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز
ومن كانت أحواله بالعجب مشوبة لم ترفع أحواله
حال خود از عجب دل تخليص كن ... از عمل توفيق را تخصيص كن
كر بخواهى تا كران معنى شوى ... وزن كن حالت بميزان شوى
چون ترازوى تو كج بود ودغا ... راست چون جويى ترازوى جزا
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ اى وبالله لقد آتيناهما كتابا جامعا بين كونه فرقانا بين الحق والباطل وضياء يستضاء به فى ظلمات الحيرة والجهالة وذكرا يتعظ به الناس فالمراد بجميع هذه الصفات واحد هو التوراة وتخصيص المتقين بالذكر لانهم المستضيئون بانواره والمغتنمون بمغانم آثاره الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ عذابه وهو مجرور المحل على انه صفة مادحه للمتقين بِالْغَيْبِ حال من المفعول اى يخشون عذابه تعالى وهو غائب عنهم غير مشاهد لهم ففيه تعريض بالكفرة حيث لا يتأثرون بالإنذار ما لم يشاهدوا ما انذروه من العذاب وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم وسميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافته الأنفاس وقال الراغب الساعة جزؤ من اجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة سميت بذلك لسرعة(5/488)
وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)
حسابه كما قال تعالى وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ ولما نبه عليه بقوله كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ وقوله يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ فالاولى هى القيامة والثانية الوقت القليل من الزمان مُشْفِقُونَ اى خائفون منها وقد سبق الإشفاق فى هذه السورة وتخصيص إشفاقهم منها بالذكر بعد وصفهم بالخشية على الإطلاق للايذان بكونها معظم المخوفات وَهذا اى القرآن الكريم أشير اليه بهذا إيذانا بغاية وضوح امره ذِكْرٌ يتذكر به من يتذكر مُبارَكٌ كثير الخير والنفع يتبرك به أَنْزَلْناهُ على محمد صفة ثانية لذكر او خبر آخر أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ انكار لانكارهم بعد ظهور كون انزاله كايتاء التوراة كأنه قيل أبعد ان علمتم ان شأنه كشأن التوراة فى الإيتاء والإيحاء أنتم منكرون لكونه منزلا من عندنا فان ذلك بعد ملاحظة حال التوراة مما لا مساغ له أصلا قال بعض الكبار كلام الله سبحانه فى نفسه مبارك وان لم يسمعه الجاهل ولكن مبارك على من يسمعه باستماع المحبة والشوق الى لقاء المتكلم ويعمل بمضمونه ويعرف إشارته ويجد حلاوته فى قلبه فاذا كان كذلك تبلغه بركته الى مشاهدة معدنه وهو رؤية الذات القديم وفى الحديث (ان الذي ليس فى جوفه شىء من القرآن كالبيت الخراب) وفى الحديث (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) يعنى لا تتركوا بيوتكم خالية من تلاوة القرآن فان كل بيت لا يقرأ القرآن فيه يشبه المقابر فى عدم القراءة والذكر والطاعة والى الله المشتكى من إهمال اهالى هذا الزمان فان ميل أكثرهم الى الاشعار وكلام اهل الهوى لا الى القرآن والهدى: قال الخجندي
دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست
وفى التأويلات النجمية النور الذي هو يفرق بين الحق والباطل بل بين الخلق والخالق والحدوث والقدم نور يقذفه الله فى قلوب عباده المخلصين من الأنبياء والمرسلين والأولياء الكاملين لا يحصل إلا بتكرار العلوم الشرعية لا بالأفكار العقلية وله ضياء وهو ذكر يتعظ به المتقون الذين يتقون عن الشرك بالتوحيد وعن الطمع بالشرع وعن الرياء بالإخلاص وعن الخلق بالخالق وعن الانانية بالهوية وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ لمن يتعظ به ويعلم ان الاتعاظ به انما هو من نور أَنْزَلْناهُ فى قلبه لا من نتائج عقله وتفكره أتنكرون على انه نور من هدايتنا- حكى- ان عثمان الغازي جد السلاطين العثمانية انما وصل الى ما وصل برعاية كلام الله تعالى وذلك انه كان من أسخياء زمانه ببذل النعم للمترددين فثقل ذلك على اهل قريته وأنكروا عليه فذهب ليشتكى من اهل القرية الى الحاجي بكتاش او غيره من الرجال فنزل ببيت رجل قد علق فيه مصحف فسأل عنه فقالوا هو كلام الله تعالى فقال ليس من الأدب ان نقعد عند كلام الله فقام وعقد يديه مستقبلا اليه فلم يزل الى الصبح فلما أصبح ذهب الى طريقه فاستقبله رجل فقال انا مطلبك ثم قال له ان الله تعالى عظمك واعطاك وذريتك السلطنة بسبب تعظيمك لكلامه ثم امر بقطع شجرة وربط رأسها بمنديل وقال ليكن ذلك لواء ثم اجتمع عنده جماعة فجعل أول غزوته الى بلجك وفتح بعناية الله تعالى ثم اذن له السلطان علاء الدين فى الظاهر ايضا فصار سلطانا ففى هذه الحكاية فوائد منها ان السلطنة اختصاص الهى كالنبوة(5/489)
وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54)
ومنها ان السخاء مفتاح باب المراد. ومنها ان المراجعة عند الحيرة الى الله لها تأثير عظيم. ومنها ان رعاية كلام الله سبب السلطنة مطلقا صورية كانت او معنوية إذ هو ذكر مبارك. ومنها ان ترك الرعاية سبب لزوال قوتها بل لزوال نفسها كما وقع فى هذه الاعصار فان الترقي الواقع فى زمان السلاطين المتقدمين آل الى التنزل وقد عزل السلطان محمد الرابع فى زماننا بسبب الترك المذكور فهذا هو زوال السلطنة نسأل الله تعالى ان يجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء احزاننا وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ الرشد خلاف الغى وهو الابتداء لمصالح الدين والدنيا وكماله يكون بالنبوة اى بالله لقد آتينا بجلالنا وعظم شأننا ابراهيم الخليل عليه السلام الرشد اللائق به وبامثاله من الرسل الكبار على ما افادته الاضافة مِنْ قَبْلُ من قبل إيتاء موسى وهارون التوراة وتقديم ذكر ايتائها لما بينه وبين إنزال القرآن من الشبه التام وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ اى وكنا عالمين بانه اهل لما آتيناه من الرشد والنبوة وتقديم الظرف لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة ونظير الآية قوله تعالى اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ واعلم ان الاهلية ايضا من الله تعالى
قابلى كر شرط فعل حق بدى ... همچومعدومى بهستى نامدى
وقد قالوا القابلية صفة حادثة من صفات المخلوق والعطاء صفة قديمة من صفات الخالق والقديم لا يتوقف على الحادث إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ظرف لآتينا على انه وقت متسع وقع فيه الإيتاء وما ترتب عليه من أفعاله وأقواله يقول الفقير والظاهر من عدم التعرض لامه كونها مؤمنة كما يدل عليه تبريه وامتناعه من أبيه دونها والمراد من قومه اهل بابل بالعراق وهى بلاد معروفة من عبادان الى الموصل طولا ومن القادسية الى حلوان عرضا سميت بها لكونها على عراق دجلة والفرات اى شاطئهما ما [چيست] هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ التماثيل جمع تمثال وهو الشيء المصور المصنوع مشبها بخلق من خلائق الله والممثل المصور على مثال غيره من مثلث الشيء بالشيء إذا شبهته به والعكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم لغرض من الأغراض ضمن معنى العبادة كما يدل عليه الجواب الآتي ولذا جيئ باللام دون على اى ما هذه الأصنام التي أنتم عبادون لها مقيمون عليها وهذا السؤال تجاهل منه والا فهو يعرف ان حقيقتها حجر أو شجر اتخذوها معبودا قال الكاشفى [آن هفتاد دو صورت بود. ودر تيسير كويد نود بت بود وبزركتر همه را از زر ساخته بودند ودو كوهر شاهوار در چشمهاى او تركيب كرده. ودر تبيان آورده كه صورتها بودند بر هيأت سباع وطيور وبهائم وانسان. وبقول بعضى تماثيل بر مصور هياكل كواكب بود]- روى- ان عليا رضى الله عنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج. فقال ما هذه التماثيل كما فى تفسير ابى الليث وفيه تقبيح للعب. الشطرنج حيث عبر عن شخوصه بما عبر به ابراهيم عن الأصنام فاشار الى ان العكوف على هذا اللعب. كالعكوف على عبادة الأصنام قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر والكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ولهو وقال عليه السلام (لهو المؤمن باطل الا لثلاث تأديبه لفرسه(5/490)
قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54)
ومناضلته عن قوسه وملاعبته مع اهله) وحكى عن الشافعي رحمه الله اباحة اللعب بالشطرنج لما فيه من تسخية الخاطر قال زين العرب فى شرح المصابيح رجع الشافعي عن هذا القول قبل موته بأربعين يوما وذكر الغزالي ايضا فى خلاصته انه مكروه عند الشافعي اى فى قوله الأخير وكيف لا يكون مكروها وهو احياء سنة المجوس وقد قال عليه السلام (من لعب بالشطرنج والنرد شير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير) واما قول ابن خيام
زمانى بحث ودرس قيل وقالى ... كه انسان را بود كسب كمالى
زمانى شعر وشطرنج وحكايات ... كه خاطر را شود دفع ملالى
فمن قبيل القول الباطل الناشئ عن هوى النفس الامارة بالسوء أعاذنا الله وإياكم من مكرها وتسويلها وفى الآية اشارة الى احوال اهل الدين فانهم يرون اهل الدنيا بنور الرشد عاكفين لاصنام الهوى والشهوات يقولون لهم ما هذه التماثيل إلخ ولو لم يكن نور الرشد والهداية من الله لكانوا معهم عاكفين لها وما رأوها بنظر التماثيل قالُوا كأنه قال ابراهيم عليه السلام أي شىء حملكم على عبادتها فقالوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ اى عابدين لها فنحن نعبدها اقتداء بهم وهو جواب العاجز عن الإتيان بالدليل قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اى وبالله لقد كنتم أنتم ايها المقلدون وآباؤكم الذين سنوا لكم هذه السنة الباطلة مستقرين فى ضلال عظيم وخطأ ظاهر لكل أحد لعدم استناده الى دليل ما والتقليد انما يجوز فيما يحتمل الحقية فى الجملة والباطل لا يصير حقا بكثرة القائلين به وفيه اشارة الى ان التقليد غالب على الخلق كافة فى عبادة الهوى والدنيا الا من آتاه الله رشده واعلم ان التقليد قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه وفى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد اى فان تسبيحه عند رؤية المصنوعات عين الاستدلال فكأنه يقول الله خالق هذا على هذا النمط البديع ولا يقدر أحد غيره على خلق مثل هذا فهو استدلال بالأثر واثبات للقدرة والارادة الى غير ذلك فالمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الأثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع بأى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول يقول الفقير ادى جهل هذا الزمان الى حيث ان من سبح عند كل اعجوبة لم يلزم ان يكون مستدلا مطلقا لانه سمع الناس يقولون سبحان الله عند رؤية سيل عظيم او شجر كبير او حريق هائل او نحوها مما خرج عن حد جنسه فيقلدهم فى ذلك من غير ان يخطر بباله انه صنع الله تعالى وقد رأيت ملاحا ذميا يحث خدام السفينة على بعض الأعمال ويقول لهم اجتهدوا وكونوا من اهل الغيرة فان الغيرة من الايمان(5/491)
قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59)
وهو لا يعرف ما الغيرة وما الايمان وكذا الخدام والا لم يذكرهما فهو قول مجرد جار على طريق العرف فعلى المؤمن ترك التقليد والوصول الى مقام التحقيق ومن الله التوفيق:
قال المولى الجامى
خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو
وقال
مقلدان چهـ شناسند داغ هجرانرا ... خبر ز شعله آتش ندارد افسرده
ففيه فرق بين المقلد والمحقق فمن رام التحقيق طلبه ولا يتشبث فى هذا البحر بغريقه كما لا يخفى قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ اى بالجد وبالفارسية [آيا آورى بما اين سخن براستى وجه] أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ بنا فتقول ما تقول على وجه المزاح واللعب حسبوا انهم انما أنكر عليهم دينهم القديم مع كثرتهم وشوكتهم على وجه المزاح واللعب. وفيه اشارة لطيفة وهى كما ان هل الصدق والطلب يرون اهل الدنيا لاعبين والدنيا لعبا ولهوا كقوله تعالى قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ كذلك اهل الدنيا يرون اهل الدين لاعبين والدين لعبا ولهوا قالَ بَلْ [نيستم بازي كننده] رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ اى خلقن ابتداء من غير مثال سابق فهو الخالق كما انه المربى فالضمير للسموات والأرض او للتماثيل اى فكيف تعبدون ما كان من جملة المخلوقات وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ الذي ذكرته من كون ربكم رب السموات والأرض فقط دون ما عداه كائنا ما كان مِنَ الشَّاهِدِينَ اى العالمين به على الحقيقة المبرهنين وليس المراد حقيقة الشهادة لانه لا شهادة من المدعى بل استعيرت الشهادة لتحقيق الدعوى بالحجة والبرهان اى لست من اللاعبين فى الدعاوى بل من المحتجين عليها بالبراهين القاطعة بمنزلة الشاهد الذي تقطع به الدعاوى قال الكاشفى [آورده اند كه نمروديان روزى عيد داشتند كه در آن روز بصحرا رفتندى وتا آخر روز تماشا كردندى ودر باز كشتن به بتخانه در آمده بتان را بياراسته بزبانها بنواختندى آنكه سر بر زمين نهاده رسم پرستش بجاى آوردندى وبخانها باز كشتندى چون ابراهيم عليه السلام با جمعى در باب تماثيل مناظره فرمود كفتند فردا عيدست بيرون آي تا ببينى كه دين وآيين ما چهـ زيباست ابراهيم نعم جواب ايشان بكفت روز ديكر كه مى رفتند ميخواستند كه او را ببرند ببهانه بيمارى پيش آورد فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ يعنى عن عبادة الأصنام كما فى القصص [ايشان دست از وباز داشته برفتند ابراهيم پنهان از ايشان بفرمود كه] وَتَاللَّهِ [بخدا سوكند كه من] لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [هر آيينه تدبيرى كنم وجهد نمايم تا بشكنم بتان شما را] كما قال فى الإرشاد لاجتهدن فى كسرها. وفيه إيذان بصعوبة الأمر وتوقفه على استعمال الحيل وقال ابن الشيخ أخذا من تفسير الامام فان قيل لم قال لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ والكيد هو الاحتيال على الغير فى ضرر لا يشعر به والأصنام جمادات لا تتضرر بالكسر ونحوه وايضا ليست هى مما يحتال فى إيقاع الكسر عليها لان الاحتيال انما يكون فى حق من له شعور أجيب بان ذلك من قبيل التوسع فى الكلام فان القوم كانوا يزعمون ان الأصنام لهن(5/492)
فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59)
شعور ويجوز عليهن الضرر فقال ذلك بناء على زعمهم وقيل المراد لا كيدنكم فى أصنامكم لانه بذلك الفعل قد انزل بهم الغم. والأصنام جمع صنم وهى جثة متخذة من فضة او نحاس او خشب كانوا يعبدونها متقربين بها الى الله تعالى كما فى المفردات بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا ترجعوا مضارع ولى مشددا مُدْبِرِينَ ذاهبين من عبادتها الى عيدكم وهو حال مؤكدة لان التولية والأدبار بمعنى والأدبار نقيض الإقبال وهو الذهاب الى خلف قال الكاشفى بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا [بعد از انكه روى بگردانيد از ايشان يعنى برويد بعيدگاه وباشيد مدبرين پشت بر ايشان كنندكان وقتى كه بتان را بگذاريد وبتماشاگاه خود رويد] فَجَعَلَهُمْ الفاء فصيحة اى فولوا فجعلهم جُذاذاً قطاعا فعال بمعنى المفعول من الجذ الذي هو القطع كالحطام من الحطم الذي هو الكسر قال فى القاموس الجذ القطع المستأصل والكسر والاسم الجذاذ مثلثة انتهى إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ استثناء من مفعول قوله فجعلهم ولهم صفة لكبيرا والضمير للاصنام اى لم يكسر الكبير وتركه على حاله وعلق الفأس فى عنقه وكبره فى التعظيم او فى الجثة او فيهما لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ الى الكبير وتقديم الظرف للاختصاص او لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة يَرْجِعُونَ فيسألون عن كاسرها لان من شأن المعبود ان يرجع اليه فى حل المشكل فيستجهلهم ويبكتهم بذلك كذا فى بحر العلوم او الى ابراهيم يرجعون لاشتهاره بانكار دينهم وسب آلهتهم وعداوتهم فيحاججهم بقوله بل فعله كبيرهم فيحجهم ويبكتهم كما فى الإرشاد وغيره- روى- ان آزر خرج به فى يوم عيد لهم فبدأوا بيت الأصنام فدخلوه فسجدوا لها ووضعوا بينها طعاما وخبزا جاؤا به معهم وقالوا الآن ترجع بركة الآلهة على طعامنا فذهبوا وبقي ابراهيم فنظر الى الأصنام فقال مستهزئا بهم ما لكم لا تنطقون ما لكم لا تأكلون ثم التفت فاذا بفأس معلق فتناوله فكسر الكل ولم يبق الا الكبير وعلق الفأس فى عنقه وأراق تلك الاطعمة ورجع الى منزله قال الامام فان قيل ان كان القوم عقلاء فقد علموا بالضرورة انها لا تسمع ولا تضر ولا تنفع فما الحاجة الى كسرها غايته انهم كانوا يعظمونها كما نعظم نحن المصحف والمحراب والكسر لا يقدح فيه وان لم يكونوا عقلاء لم تحسن المناظرة معهم ولا بعث الرسل إليهم والجواب انهم كانوا عقلاء عالمين انها لا تضر ولا تنفع لكنهم ربما اعتقدوا انها تماثيل الكواكب وطلسمات من عبدها ينتفع بها ومن استخف بها ناله ضرر ثم ان ابراهيم كسرها ولم ينله ضرر فدل على فساد مذهبهم وفى الآية اشارة الى ان الإنسان إذا وكل الى نفسه وطبعه ينحت من هوى نفسه أصناما كما كان ابو ابراهيم آزر ينحت الأصنام وإذا أدركته العناية الازلية وأيد بالتأييدات الإلهية بكسر أصنام الهوى ويجعلها جذا ذا فضلا عن نحتها كما كان حال ابراهيم كان يكسر من الأصنام ما ينحت أبوه وإذا كان المرء من اهل الخذلان يرى الحق باطلا والباطل حقا كما كان قوم نمرود: وقال الخجندي
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست
قالُوا حين رجعوا من عيدهم ورأوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا [كه كرده است اين(5/493)
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)
عمل با خدايان ما وايشانرا درهم شكسته] والاستفهام للانكار والتوبيخ ولم يقولوا بهؤلاء مع انها كانت بين أيديهم مبالغة فى التشنيع إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ بالكسر حيث عرض نفسه للهلاك [يعنى از ظالمانست بر نفس خود كه بدين عمل خود را در ورطه هلاك انداخته] قالُوا اى بعض منهم مجيبين للسائلين فالآية تدل على ان القائلين جماعة سَمِعْنا من الناس فَتًى وهو الطري من الشبان يَذْكُرُهُمْ بسوء اى يعيب الأصنام فلعله فعل ذلك بها واطلق الذكر ولم يقيد لدلالة الحال فان ذكر من يكره ابراهيم ويبغضه انما يكون بذم ونظيره قولك سمعت فلانا يذكرك فان الذاكر صديقا فهو ثناء وان كان عدوا فذم يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ اى يطلق عليه هذا الاسم قالُوا اى السائلون قال ابن الشيخ بلغ ذلك النمرود الجبار واشراف قومه فقالوا فيما بينهم فَأْتُوا بِهِ [پس بياريد او را [عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ حال من ضمير به اى ظاهرا مكشوفا بمرأى منهم ومنظر بحيث تتمكن صورته فى أعينهم تمكن الراكب على المركوب لَعَلَّهُمْ اى بعضا منهم يَشْهَدُونَ بفعله او بقوله ذلك لئلا نأخذه بلا بينة وفيه اشارة الى ان فى بعض الكفار من لا يحكم على اهل الجنايات الا بمشهد من العدول فكل حاكم يحكم على متهم بالجناية من غير بينة فهو أسوأ حالا منهم ومن قوم نمرود كما فى التأويلات النجمية قالُوا فى الكلام حذف اى فأتوا به فلما شهدوه قالوا منكرين عليه فعله موبخين له أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا الكسر بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا مشيرا الى الذي لم يكسره وهذا صفة لكبير أسند الفعل اليه باعتبار انه الحامل عليه لانه لما رأى الأصنام مصطفة مزينة يعظمها المشركون ورأى على الكبير ما يدل على زيادة تعظيمهم له وتخصيصهم إياه بمزيد التواضع والخضوع غاظة وكان غيظ كبيرها اكبر وأشد وقال بعضهم فعله كبيرهم هذا غضب من ان تعبد معه هذه الصغار وهو اكبر منها: يعنى [كفت من آن نكرده ام بلكه كرده است اين را بزرك ايشان از روى خشم بر ايشان كه با وجود من چرا ايشانرا پرستند] فَسْئَلُوهُمْ عن حالهم إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ اى ان كانوا ممن ينطقون حتى يخبروا من فعل ذلك بهم وفى الحديث (لم يكذب ابراهيم النبي قط الا ثلاث كذبات) سميت المعاريض كذبا لما شابهت صورتها صورته والا فالكذب الصريح كبيرة فالانبياء معصومون منها فان قلت إذا كانت هذه معاريض لم جعلها سببا فى تقاعده عن الشفاعة حين يأتى الناس اليه يوم القيامة قلت الذي يليق بمرتبة النبوة والخلة ان يصدع بالحق ويصرح بالأمر ولكنه قد تنزل الى الرخصة فان حسنات الأبرار سيآت المقربين والتعريض تورية الكلام عن الشيء بالشيء وهو ان تشير بالكلام الى شىء والغرض منه شىء آخر فالغرض من قوله بل فعله كبيرهم الاعلام بان من لم يستطع دفع المضرة عن نفسه كيف يستطيع دفع المضرة عن غيره فكيف يصلح الها قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الكلام وسيلة الى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل اليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام فان أمكن التوصل اليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان تحصيل ذلك المطلوب مباحا وواجب ان كان المقصود(5/494)
فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)
واجبا فهذا ضابطه ثنتين فى ذات الله اى فى طلب رضاه والثالثة كانت لدفع الفساد عن سارة وفيها رضى الله ايضا لكن لما كان له نفع طبيعى فيها خصص الثنتين بذات الله دونها قوله انى سقيم اى احدى تلك الكذبتين قوله انى سقيم وذلك انه لما قال له أبوه لو خرجت معنا الى عيدنا لأعجبك ديننا فخرج معهم فلما كان ببعض الطريق القى نفسه وقال انى سقيم تأويله ان قلبى سقيم بكفركم او مراده الاستقبال كما قال الكلبي كان ابراهيم من اهل بيت ينظرون فى النجوم وكانوا إذا خرجوا للعيد لم يتركوا الا مريضا فلما هم ابراهيم بكسر الأصنام نظر قبل العيد الى السماء وقال أراني اشتكى غدا فاصبح معصوبا رأسه فخرج القوم ولم يتخلف غيره وقوله بل فعله كبيرهم مر شرحه وواحدة فى شأن سارة وذلك انه قدم الاردنّ وبها ملك جبار يقال له صادوق ومعه سارة وكانت احسن الناس فقال لها ان هذا الجبار ان يعلم انك امرأتى يغلبنى عليك فاخبريه انك أختي اى فى الإسلام فانى لا اعلم فى الأرض مسلما غيرك وغيرى فلما دخل ارضه رآها بعض اهل الجبار فقال له لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغى ان تكون الا لك فارسل إليها فاتى بها وقام ابراهيم الى الصلاة والدعاء فلما دخلت عليه أعجبته فمد يده إليها فايبس الله تعالى يده فقال لها ادعى الله ان يطلق يدى ولا اضرك فدعت فعاد ثم وثم حتى دعا الذي جاء بها وقال أخرجها من ارضى وأعطاها هاجر وكانت جارية فى غاية الحسن والجمال وهبتها سارة لابراهيم فولدت له إسماعيل عليهما السلام فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ اى راجعوا عقولهم وتذكروا ان ما لا يقدر على دفع المضرة عن نفسه ولا على الإضرار بمن كسره بوجه من الوجوه يستحيل ان يقدر على دفع مضرة غيره او جلب منفعة له فكيف يستحق ان يكون معبودا فَقالُوا اى قال بعضهم لبعض فيما بينهم إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ بعبادتها لا من كسرها ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ اى انقلبوا الى المجادلة بعد ما استقاموا بالمراجعة شبه عودهم الى الباطل بصيرورة أسفل الشيء أعلاه من قولهم نكس المريض إذا عاد الى مرضه الاول بعد العافية والنكس قلب الشيء ورد آخره على اوله وقال الكاشفى [پس نكونسار كرده شدند بر سرهاى خود يعنى سر در پيش افكندند از خجالت وغيرت] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان لكل انسان عقلا لو رجع الى عقله وتفكر فى حاله لعلم صلاحه وفساد حاله: وفى المثنوى
كشتئ بي لنكر آمد مرد نر ... كه ز باد كژ ندارد او حذر «1»
لنكر عقلست عاقل را أمان ... لنكرى دريوزه كن از عاقلان
وفيه اشارة اخرى وهى ان العقل وان كان يعرف الصلاح من الفساد ويميز بين الحق والباطل ما لم يكن له تأييد من نور الله وتوفيق منه لا يقدر على اختيار الصلاح واحتراز الفساد فيبقى مبهوتا كما كان حال قوم نمرود حيث نكسوا على رؤسهم إذ لم يكونوا موفقين فما نفعهم ما عرفوا من الحق: وفى المثنوى
جز عنايت كه كشايد چشم را ... جز محبت كه نشاند خشم را «2»
جهد بي توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالرشاد
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان مثل زدن در رميدن كره اسب إلخ
(2) در أوائل دفتر سوم در بيان تمنا كردن هاروت وماروت آمدن بزمين را(5/495)
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)
لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ على ارادة القول اى قائلين لقد علمت يا ابراهيم ان ليس من شأنهم النطق فكيف تأمرنا بسؤالهم فاقروا بهذا للحيرة التي لحقتهم قالَ مبكتالهم أَفَتَعْبُدُونَ اى أتعلمون ذلك فتعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين عبادته تعالى ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً من النفع ان عبدتموهم وَلا يَضُرُّكُمْ ان لم تعبدوهم فان العلم بالحالة المنافية للالوهية مما يوجب الاجتناب عن عبادته قطعا أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تضجر منه من إصرارهم على الباطل البين وأف صوت التضجر إذا صوت بها الإنسان علم انه متضجر ومعناه قبحا ونتنا: وبالفارسية [زشتى وناخوشى شما را ومران چيز را كه مى پرستيد بجز خداى تعالى] واللام لبيان المتأفف له اى لكم ولآلهتكم هذا التأفف لا لغيركم وفى كتب النحو من اسماء الافعال أف بمعنى أتضجر أَفَلا تَعْقِلُونَ اى أجننتم فلا تعقلون قبح صنيعكم قال ابن عطاء دعا الله تعالى عباده اليه وقطعهم عمادونه بقوله أَفَتَعْبُدُونَ إلخ كيف تعتمده وهو عاجز مثلك ولا تعتمد من اليه المرجع وبيده الضر والنفع قال حمدون القصار استغاثة الخلق بالخلق كاستغاثة المسجون بالمسجون وقال بعض الكبار طلبك من غيره لوجود بعدك عنه إذ لو كنت حاضرا بقلبك معه ما صح منك توجه لغيره وكل مادون الله خوض ولعب فالتعلق به زور وكذب فدع الكل جانبا وتعلق بمولاك حتما تجده فى كل مهم وغيره مغنيا وعند كل شىء حقا يقينا جعلنا الله ممن تعلق به بلا علة وعافانا من الذلة والزلة والقلة- حكى- ان امرأة حبيب العجمي الحت عليه ان يعمل بالاجرة طلبا للسعة فى الرزق فخرج من بيته وعبد الله الى الليل فعاد الى بيته وليس معه شىء فلما سألته امرأته قال عملت لعظيم كريم واستحييت ان اطلب الاجرة فلما مضى عليه ثلاثة ايام قالت اطلب الاجرة او اعمل لغيره او طلقنى فخرج الى الليل فلما عاد الى منزله وجد رائحة الطعام وامرأته مستبشرة فقالت ان الذي عملت له أرسل إلينا أشياء عظيمة وكيسا مملوا ذهبا فبكى حبيب وقال انه من عند الله الكريم فلما سمعت المرأة تابت وحلفت ان لا تعود الى مثله ابدا ففى هذه الحكاية فوائد. منها ان العمل بالاجرة وان كان امرا مشروعا لكن الحبيب اختار طاعة الحبيب وعد ذلك العمل من قبيل الاستناد الى الغير مع انه تعالى قال (من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته فوق ما اعطى السائلين) . ومنها ان الصبر مؤد الى الفتح ولو كان بعد حين فلابد من الصبر وترك الجزع. ومنها ان تلك المرأة عرفت الحال فتابت الى الله المتعال واختارت القوت والقناعة ولازمت العبادة والطاعة فان من اعرض عن الحق بعد ظهور البرهان فقد خان نفسه وأهان ألا ترى ان قوم ابراهيم بعد ما استبان لهم الحق رجعوا الى الكفر والإصرار وعبادة الأصنام من الخشب والأحجار فاهلكهم الله تعالى بالبعوض الصغار: وفى المثنوى
هست دنيا قهر خانه كردكار ... قهر بين چون قهر كردى اختيار «1»
استخوان وموى مقهوران نكر ... تيغ قهر افكنده اندر بحر وبر
قالُوا حَرِّقُوهُ اى قال بعضهم لبعض لما عجزوا عن المحاجة وهكذا ديدن المبطل المحجوج
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان قصه فقير روزى طلب بى كسب ودعاى او مستجاب شدن [.....](5/496)
إذا قرعت شبهته بالحجة القاطعة وافتضح لا يبقى له مفزع الا المناصبة واتفقت كلمتهم على إحراقه لانه أشد العقوبات وقال ابن عمر رضى الله عنهما ان الذي أشار بإحراقه رجل من اعراب العجم يعنى من الأكراد ولعمرى انهم لفى فسادهم وجفائهم وغلوهم فى تعذيب الناس بعد يقدمون ولا ينفكون عن ذلك ما ترى للاسلام الذي هو دين ابراهيم الخليل عليهم اثرا فى خلق ولا عمل خلقهم نهب اموال المسلمين وعلمهم ظلم وسرقة وقتل وقطع الطريق والله ما هؤلاء باهل الملة الغراء لاكثر الله فى الناس مثل هؤلاء إياك والمصاحبة باصلحهم والمرور ببلادهم وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ بالانتقام لها إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ امرا فى إهلاكه يعنى ان الإحراق هو المعتد به فى هذا الباب وقصته انه لما اجتمع نمرود وقومه لاحراقه عليه السلام حبسوه فى بيت بنو اله حائطا كالحظيرة ارتفاعه ستون ذراعا وذلك فى جنب جبل كوثى وهى بالضم قرية بالعراق ثم جمعوا له الحطب الكثير حتى ان الرجل المريض كان يوصى بشراء الحطب والقائه فيها وكانت المرأة لو مرضت قالت ان عافانى الله لاجمعن حطبا لابراهيم وكانت تنذر فى بعض ما تطلب لئن أصابته لتحتطبن فى نار ابراهيم وتغزل وتشترى الحطب بغزلها فتلقيه فى ذلك البنيان احتسابا فى دينها وكانت امرأة عجوز نذرت ان تحمل الحطب الى نار ابراهيم فحملت حزمة حطب وذهبت بها الى موضع النار فاعترضها ملك فى الطريق وقال اين تذهبين يا عجوز فقالت أريد نار ابراهيم فقال طول الله طريقك وقصر خطاك فاقامت تسير والحطب فوق رأسها وهى جيعانة عطشانة حتى ماتت لعنها الله تعالى قيل جمعوا له اصناف الحطب من انواع الخشب على ظهر الدواب أربعين يوما قال الكاشفى [وروغن فراوان برهيمه ريختند] يقال ان جميع الدواب امتنعت من حمل الحطب الا البغال فعاقبها الله ان أعقمها كما فى القصص وذكر فى فضائل القدس عن سعيد بن عبد العزيز انه قال فى زمن بنى إسرائيل فى بنت المقدس عند عين سلوان وعين سلوان فى القدس الشريف كزمزم فى مكة وكانت المرأة إذا قذفت أتوا بها فسقوها من ماء هذه العين فان كانت بريئة لم يضرها وان كانت سقيمة ماتت فلما حملت مريم أم عيسى عليه السلام أتوا بها وحملوها على بغلة فعثرت بها فدعت الله تعالى ان يعقم رحمها فعقمت من ذلك اليوم فلما أتتها شربت منها فلم تزد إلا خيرا فدعت الله تعالى ان لا يفضح امرأة مؤمنة فغارت انتهى ثم اوقدوا الحطب سبعة ايام فلما اشتعلت النار صار الهواء بحيث لو مر الطير فى أقصى الجو لاحترق من شدة وهجها اى شدة حرها- روى- انهم لم يعلموا كيف يلقونه فيها لعدم تأتى القرب منها فجاء إبليس فى صورة شيخ وعلمهم عمل المنجنيق قال فى انسان العيون أول من وضع المنجنيق إبليس فانه لما جعلوا فى الحطب النار ووصلت النار الى رأس الجدار المرتفع المبنى جنب الجبل لم يدروا كيف يلقون ابراهيم فتمثل لهم إبليس فى صورة نجار فصنع لهم المنجنيق ونصبوه على رأس الجبل ووضعوه فيه والقوه فى تلك النار وأول من رمى به فى الجاهلية جذيمة الأبرش وهو أول من أوقد الشمع انتهى وقيل صنعه لهم رجل من الأكراد وكان أول من صنع المنجنيق فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة ثم عمدوا الى ابراهيم فوضعوه فى كفة المنجنيق مقيدا مغلولا فصاحت السماء والأرض ومن فيهما من الملائكة الا الثقلين(5/497)
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)
صيحة واحدة اى ربنا ما فى أرضك أحد يعبدك غير ابراهيم وانه يحرق فيك فائذن لنا فى نصرته فقال تعالى ان استغاث بأحد منكم لينصره فقد أذنت له فى ذلك فان لم يدع غيرى فانا اعلم به وانا وليه فخلوا بينى وبينه فانه خليلى ليس لى خليل غيره وانا الهه ليس له اله غيرى فلما أرادوا إلقاءه فى النار أتاه خازن الرياح فقال ان شئت طيرت النار فى الهواء وأتاه خازن المياه فقال ان أردت أخمدت النار فقال ابراهيم لا حاجة لى إليكم ثم رفع رأسه الى السماء فقال اللهم أنت الواحد فى السماء وانا الواحد فى الأرض ليس فى الأرض من يعبدك غيرى حسبى الله ونعم الوكيل وأقبلت الملائكة فلزموا كفة المنجنيق فرفعه أعوان النمرود فلم يرتفع فقال لهم إبليس أتحبون ان يرتفع قالوا نعم قال ائتوني بعشر نسوة فأتوه بهن فامرهن بكشف رؤسهن ونشر شعورهن ففعلوا ذلك فمدت الأعوان المنجنيق وذهبت الملائكة فارتفع ابراهيم فى الهواء كما فى القصص وذلك ان الملك لا يرى الرأس المكشوف من المرأة بخلاف الجنى ولذا لما رأى نبينا عليه السلام الملك فى بدء الوحى فزع منه فاجلسته خديجة رضى الله عنها فى حجرها والقت حمارها وهو ما يعطى به الرأس ثم قالت هل تراه قال لا قالت يا ابن عم اثبت وابشر فو الله انه لملك ما هذا بشيطان وحين القى فى النار قال لا اله الا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك قال فى التأويلات النجمية إذا أراد الله تعالى ان يكمل عبدا من عباده المخلصين يفديه بخلق عظيم كما انه تعالى إذا أراد استكمال حوت فى البحر يفديه بكثير من الحيتان الصغار فلما أراد تخليص إبريز الخلة من غش البشرية جعل النمرود وقومه فداء لابراهيم حتى اجمعوا على تحريقه بعد ان علموا انهم ظالمون فوضعوه فى المنجنيق ورموه الى النار فانقطع رجاؤه عن الخلق بالكلية متوجها الى الله تعالى مستسلما نفسه اليه حتى ان جبريل عليه السلام أدركه فى الهواء فامتحنه بقوله هل لك من حاجة وما كان فيه من الوجود ما تتعلق به الحاجة فقال اما إليك فلا قال له جبريل سل ربك امتحانا له فاخفى سره عن جبريل غيرة على حاله فقال حسبى من سؤالى علمه بحالي وما اظهر عليه حاله فادركته العناية الازلية بقوله قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ البرد خلاف الحر والسلام التعري من الآفات اى كونى ذات برد من حرك وسلامة من بردك فزال ما فيها من الحرارة والإحراق وبقي ما فيها من الاضاءة والاشراق واختاره المحققون لدلالة الظاهر عليه وهذا كما ترى من أبدع المعجزات فان انقلاب النار هواء طيبا وان لم يكن بدعا من قدرة الله لكن وقوع ذلك على هذه الهيئة مما يخرق العادات وقيل كانت النار بحالها الا انه تعالى خلق فى جسم ابراهيم كيفية مانعة من وصول أذى النار اليه كخزنة جهنم فى الآخرة وكما انه ركب بنية النعامة بحيث لا يضرها ابتلاع الحديدة المحماة وبدن السمندل بحيث لا يضره المكث فى النار كما يشعر به ظاهر قوله على ابراهيم قيل فبردت نار الدنيا يومئذ ولم ينتفع بها أحد من أهلها ولو لم يقل على ابراهيم لبقيت ذات برد ابدا على كافة الخلق بل على جميع الأنبياء ولو لم يقل سلاما بعد قوله بردا لمات ابراهيم من بردها قال فى الكبير اما كونها سلاما عليه فلان البرد المفرط مهلك كالحر بل لا بد من الاعتدال وهو اما بان يقدر الله بردها بمقدار لا يؤثر او بان يصير بعض النار بردا ويبقى بعضها على حرارته(5/498)
او بان يزيد فى حرارة جسمه حتى لا يتأثر ببردها قيل جعل كل شىء يطفئ عنه النار الا الوزغة فانها كانت تنفخ النار ولذا امر النبي عليه السلام بقتلها قيل لما القى فى النار كان فيها أربعين يوما او خمسين وقال ما كنت أطيب عيشا زمانا من الأيام التي كنت فيها فى النار كما قال بعض العارفين فى جبل لبنان وكان يأكل اصول النبات وأوراق الشجر ظننت ان حالى أطيب من حال اهل الجنة: قال الحافظ
عاشقانرا كر در آتش مينشاند مهر دوست ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كونم
قيل لما رموه فى النار أخذت الملائكة بضبعي ابراهيم وأقعدوه فى الأرض فاذا عين ماء عذب وورد احمر ونرجس قال الكاشفى
[چون ابراهيم بميدان آتش فرود آمد فى الحال غل وبند او بسوخت] فبعث الله تعالى ملك الظل فى صورة ابراهيم فجاء فقعد الى جنب ابراهيم يؤنسه وأتاه جبريل بقميص من حرير الجنة وطنفسة فالبسه القميص وأجلسه على الطنفسة وقعد معه يحدثه وقال يا ابراهيم ان ربك يقول أما علمت ان النار لا تضر أحبابي ثم نظر النمرود من صرح له واشرف على ابراهيم فرآه جالسا فى روضة مؤنقة ومعه جليس على احسن ما يكون من الهيئة والنار محيطة به فناداه يا ابراهيم هل تستطيع ان تخرج منها قال نعم قال قم فاخرج فقام يمشى حتى خرج فاستقبله النمرود وعظمه وقال من الرجل الذي رأيته معك فى صورتك قال ذلك ملك الظل أرسله ربى ليؤنسنى فيها فقال له النمرود انى مقرب الى إلهك قربانا لما رأيته من قدرته وعزته فيما صنع بك وانى ذابح له اربعة آلاف بقرة فقال ابراهيم لا يقبل الله منك ما كنت على دينك هذا قال النمرود لا أستطيع ترك ملكى وملتى لكن سوف اذبحها له ثم ذبحها وكف عن ابراهيم وفى القصص قال له النمرود اى بعد الخروج ما اعجب سحرك يا ابراهيم قال ليس هذا سحر ولكن الله جعل النار على بردا وسلاما وألبسني ثوب العز والبهاء فقال له النمرود فمن ذلك الرجل الذي كان جالسا عن يمينك والرجال الذين كانوا حولك فقال له ابراهيم فمن ملائكة ربى بعثهم الى يؤنسوننى ويبشروننى بان الله قد اتخذني خليلا فتحير النمرود ولم يدر ما يصنع بإبراهيم فحدثته نفسه بالجنون وقال لأصعدن الى السماء واقتل إلهك فامر ان يصنع له تابوت وثيق كما سبق فى اواخر سورة ابراهيم- وروى- انهم لما رأوه سالما لم يحترق منه سوى وثاقه قال هاران ابو لوط عليه السلام ان النار لا تحرقه لانه سحر النار لكن اجعلوه على شىء واوقدوا تحته فان الدخان يقتله ففعلوا فطارت شرارة الى لحية ابى لوط فاحرقتها- روى- ان ابراهيم القى فى النار وهو ابن ست عشرة سنة فان قلت هل وجد القول من الله تعالى حيث قال قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً او هو تمثيل قلت جعل الله النار باردة من غير ان يكون هناك قول وخطاب لقوله تعالى أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وذهب بعضهم الى ان ذلك القول قد وجد والقائل هو الله او جبريل قال باوامر الله قال ابن عطاء سلام ابراهيم من النار بسلامة صدره لما حكى الله عنه إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ اى خال من جميع الأسباب والعوارض وبردت عليه النار لصحة توكله ويقينه مع ان نار العشق غالبة على كل شىء: وفى المثنوى
عشق آن شعله است كو چون بر فروخت ... هر چهـ جز معشوق باقى جمله سوخت «1»
__________
(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه ثواب عمل عاشق هم از حق است(5/499)
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)
در پناه لطف حق بايد كريخت ... كو هزاران لطف بر أرواح ريخت «1»
تا پناهى يابى آنكه چون پناه ... آب وآتش مر ترا كردد سپاه
نوح وموسى را نه دريا يار شد ... نى بر اعدا شان بكين قهار شد
آتش ابراهيم را نى قلعه بود ... تا بر آورد از دل نمرود دود
كوه يحيى را نه سوى خويش خواند ... قاصدانش را بزخم سنك راند
كفت اى يحيى بيا در من كريز ... تا پناهت باشم از شمشير تيز
فان قلت لم ابتلاه الله بالنار فى نفسه قلت كل رسول اتى بمعجزة تناسب اهل زمانه فكان اهل ذلك الزمان يعبدون النار والشمس والنجوم معتقدين انها من حيث أرواحها تربى الهياكل والأجسام بخاصية طبائع هن عليها فاراهم الله تعالى الحق ان العنصر الأعظم عندهم هو حقيقة الشمس وروح كرة الأثير والنجوم ولا تضر تلك الآلهة الا بإذن الله بسريان القدرة القاهرة فى حقائق العناصر وقيل ابتلاه الله بالنار لان كل انسان يخاف بالطبع من صفة القهر كما قيل لموسى لا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى فاراه تعالى ان النار لا تضر شيأ الا بإذن الله تعالى وان ظهرت بصفة القهر ولذلك اظهر الجمع بين التضاد بجعلها بردا وسلاما ومعجزة قاهرة لاعدائه المعتقدين بوصف الربوبية للعنصر الأعظم فكان ابتلاؤه بالنار معجزة ساطعة لعبدة النيران والنجوم كذا فى اسئلة الحكم وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً مكرا عظيما فى الإضرار به فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ اى أخسر من كل خاسر حيث عاد سعيهم فى اطفاء نور الحق برهانا قاطعا على انه على الحق وهم على الباطل وموجبا لارتفاع درجته واستحقاقهم لاشد العذاب:
وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «2»
چون تو خفاشان بسى بينند خواب ... كين جهان ماند يتيم از آفتاب
اى بريده آن لب وحلق ودهان ... كه كند تف سوى مه با آسمان
تف برويش باز كردد بي شكى ... تف سوى كردون نيابد مسلكى
تا قيامت تف برو بارد ز رب ... همچوتبت بر روان بو لهب
وقيل فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ اى من الهالكين بتسليط البعوض عليهم وقتله إياهم وهو أضعف خلق الله تعالى وما برح النمرود حتى رأى أصحابه قد أكلت البعوض لحومهم وشربت دماءهم ووقعت واحدة فى منخره فلم تزل تأكل الى ان وصلت الى دماغه وكان أكرم الناس عليه الذي يضرب رأسه بمرزبة من حديد فاقام بهذا نحوا من اربعمائة سنة وقد سبق فى سورة النحل وَنَجَّيْناهُ اى ابراهيم من الإحراق ومن شر النمرود وَلُوطاً هو ابن أخي ابراهيم اسمه هاران مهاجرا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ اى من العراق الى الشام قيل كانت واقعة ابراهيم مع النمرود بكوثى فى حدود بابل من ارض العراق فنجاه الله من تلك البقعة الى الأرض المباركة الشامية وعن سفيان انه خرج الى الشام فقيل له الى اين فقال الى بلد يملا فيه الجراب بدرهم وقد كان الله تعالى بارك فى الأرض المقدسة ببعث اكثر الأنبياء فيها ونشر شرائعهم
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان بيرون انداختن مرد تاجر طوطى را از قفسى إلخ
(2) در أوائل دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن آن طعنه را إلخ(5/500)
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)
هى البركات الحقيقة الموصلة للعالمين الى الكمالات والسعادة الدينية والدنيوية وبكثرة الماء والشجر والثمر والحطب وطيب عيش الغنى والفقير وقال ابى بن كعب سماها مباركة لان ما من ماء عذب الا وينبع أصله من تحت الصخرة التي بيت المقدس وقد كان لوط النبي آمن بإبراهيم ابن تارخ وهو لوط بن هاران بن تارخ ابن تاخور وآزر لقب تارخ وكان هاران وابراهيم أخوين وآمنت به ايضا سارة بنت عم ابراهيم وسارة بنت هاران الأكبر عم ابراهيم فخرج من كوثى مهاجرا الى ربه ومعه لوط وسارة يلتمس الفرار بدينه والامان على عبادة ربه حتى نزل حران فمكث بها ما شاء الله ثم ارتحل منها ونزل بفلسطين ثم خرج منها مهاجرا حتى قدم مصر ثم خرج من مصر وعاد الى ارض الشام ونزل لوط بالمؤتفكة وبعثه الله نبيا الى أهلها- روى- عن رسول الله عليه السلام انه قال (ستكون هجرة بعد هجرة فخيار اهل الأرض الزمهم الى مهاجر ابراهيم) أراد عليه السلام بالهجرة الثانية الهجرة الى الشام والمقصود ترغيب الناس فى المقام بها وفى الحديث (بيت المقدس ارض الحشر والنشر والشام صفوة الله من بلاده يجبئ إليها صفوته من خلقه) وفى المرفوع (عليكم بالشام)
سعديا حب وطن كر چهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم
وفى المثنوى
مسكن يارست وشهر شاه من ... پيش عاشق اين بود حب الوطن «1»
وَوَهَبْنا لَهُ اى لابراهيم بعد نزوله فى الأرض المباركة وطلب الولد منها إِسْحاقَ ولدا لصلبه من سارة معناه بالعبرانية الضحاك كما ان معنى إسماعيل بها مطيع الله وَيَعْقُوبَ اى ووهبنا له يعقوب ايضا حال كونه نافِلَةً اى ولد ولد فهو حال من المعطوف عليه فقط لعدم اللبس وسمى يعقوب لانه خرج عقيب أخيه عيص او متمسكا بعقبه قال فى القاموس النافلة الغنيمة والعطية وما تفعله مما لم يجب كالنفل وولد الولد وَكُلًّا اى كل واحد من هؤلاء الاربعة بعضهم دون بعض جَعَلْنا صالِحِينَ بان وفقناهم للصلاح فى الدين والدنيا فصاروا كاملين وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يقتدى بهم فى امور الدين يَهْدُونَ اى الامة الى الحق بِأَمْرِنا لهم بذلك وارسالنا إياهم حتى صاروا مكملين وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ ليحثوهم عليه فيتم كمالهم بانضمام العمل الى العلم يقول الفقير جعلوا المصدر من المبنى للمفعول بمعنى ان يفعل الخيرات بناء على ان التكاليف يشترك فيها الأنبياء والأمم ولكن قوله تعالى فى اواخر هذه السورة إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وقوله تعالى فى سورة مريم حكاية عن عيسى عليه السلام وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ينادى على انه من المبنى للفاعل ولا يضر ذلك فى الاشتراك إذا لانبياء اصل فى الذي اوحى إليهم من الأوامر وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ عطف الخاص على العام دلالة على فضله وحذفت تاء الاقامة المعوضة من احدى الألفين لقيام المضاف اليه مقامه وَكانُوا لَنا خاصة دون غيرنا عابِدِينَ لا يخطر ببالهم غير عبادتنا والعبادة غاية التذلل قال فى التأويلات النجمية قوله وَوَهَبْنا يشير الى ان الأولاد من مواهب الحق لا من مكاسب العبد وقوله وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ يشير الى ان الصلاحية
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان عزم كردن آن وكيل از عشق كه رجوع كند ببخارا(5/501)
وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74)
من المواهب ايضا وحقيقة الصلاحية حسن الاستعداد الفطرىّ لقبول الفيض الالهىّ وقوله وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا يشير الى ان الامامة ايضا من المواهب وانه ينبغى ان الامام يكون هاديا بامر الله لا بالطبع والهوى وان كان له اصل البداية وقوله وَأَوْحَيْنا إلخ يشير الى ان هذه المعاملات لا تصدر من الإنسان الا بالوحى للانبياء وبالإلهام للاولياء وان طبيعة النفس الانسانية ان تكون امارة بالسوء انتهى واعلم ان آخر الآيات نبه على اهل الإخلاص بالعبارة وعلى غيره بالاشارة فالاول هو العبد المطلق والثاني هو عبد هواه ودنياه وفى الحديث (تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار) خصصهما بالذكر لانهما معظم ما يعبد من دون الله تعالى وعن يحيى بن معاذ انه قال الناس ثلاثة اصناف. رجل شغله معاده عن معاشه. ورجل شغله معاشه عن معاده. ورجل مشتغل بهما جميعا فالاول درجة العابدين والثاني درجة الهالكين والثالث درجة المخاطرين: وفى المثنوى
آدمي را هست در كار دست ... ليك ازو مقصود اين خدمت بدست «1»
تا جلا باشد مرين آيينه را ... كه صفا آيد ز طاعت سينه را «2»
جهد كن تا نور تو رخشان شود ... تا سلوك وخدمتت آسان شود «3»
بند بگسل باش آزاد اى پسر ... چند باشى بند سيم وبند زر «4»
هر كه از ديدار بر خوردار شد ... اين جهان در چشم او مردار شد «5»
باز اگر باشد سپيد وبي نظير ... چونكه صيدش موش باشد شد حقير «6»
وَلُوطاً منصوب بمضمر يفسره قوله آتَيْناهُ اى وآتينا لوطا آتيناه حُكْماً قال فى التأويلات النجمية حكمة حقيقة وفى بحر العلوم هو ما يجب فعله وفى الجلالين فصلا بين الخصوم بالحق يقول الفقير الحكم وان كان أعم من الحكمة لكنه فى حق الأنبياء بمعناها غالبا كما يدل عليه قوله تعالى فى حق يحيى عليه السلام وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وهو الفهم عن الله تعالى وقوله تعالى فى حق داود عليه السلام وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ فرق بين الملك والحكمة والعلم فيكون معنى قوله وَعِلْماً اى علما نافعا يتعلق بامور الدين وقواعد الشرع والملة وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ قرية سدوم أعظم القرى المؤتفكة اى المنقلبة المجعول عاليها سافلها وهى سبع كما سبق الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ جمع خبيثة والخبيثة ما يكره رداءة وخساسة يتناول الباطل فى الاعتقاد والكذب فى المقال والقبيح فى الفعال وأعوذ بك من الخبث والخبائث اى من ذكور الشياطين وإناثها والمراد هاهنا اللواطة وصفت القرية بصفة أهلها وأسندت إليها على حذف المضاف وإقامتها مقامه كما يوزن به قوله إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ [كروهى بد] قال الراغب السوء كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية والاخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجية من فوات مال وفقد حميم ويعبر به عن كل ما يقبح وهو مقابل الحسن فاسِقِينَ اى منهمكين فى الكفر والمعاصي متوغلين فى ذلك: وبالفارسية [بيرون رفتكان از دائره فرمان] وفى الآية اشارة الى ان النجاة من الجليس السوء من المواهب والاقتران معه من الخذلان
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكمت در آفريدن دوزخ در آن جهان إلخ
(2) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه لطفها در قهرها پنهان است إلخ
(3) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه طاغى در عين قاهرى إلخ
(4) در ديباجه دفتر يكم
(5) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ
(6) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى إلخ(5/502)
وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)
زينهار از قرين بد زنهار ... وقنا ربنا عذاب النار
وفى المثنوى
هر حويجى باشدش كردى دكر ... در ميان باغ از سير وكبر «1»
هر يكى با جنس خود در كرد خود ... از براى پختكى نم ميخورد
تو كه كرد زعفرانى زعفران ... باش آميزش مكن با ضميران
آب ميخور زعفرانا تا رسى ... زعفرانى اندر آن حلوا رسى
تو مكن در كرد شلغم پوز خويش ... تا نكردد با تو او همطبع وكيش
تو بگردى او بگردى مودعه ... زانكه ارض الله آمد واسعه
وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا فى اهل رحمتنا الخاصة إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ الذين سبقت لهم منا الحسنى قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الرحمة على نوعين خاص وعام فالعام منها يصل الى كل بر وفاجر كقوله تعالى وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ والخاص لا يكون الا للخواص وهو الدخول فى الرحمة وذلك متعلق بالمشيئة وحسن الاستعداد ولهذا قال إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ المستعدين لقبول فيض رحمتنا والدخول فيها وهو اشارة الى مقام الوصول فافهم جدا كقوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَنُوحاً إِذْ نادى ظرف للمضاف المقدر اى اذكر نبأه الواقع حين دعائه على قومه بالهلاك مِنْ قَبْلُ اى من قبل هؤلاء المذكورين فَاسْتَجَبْنا لَهُ اى دعاءه الذي هو قوله أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ قال فى بحر العلوم الاستجابة الاجابة لكن الاستجابة تتعدى الى الدعاء بنفسها والى الداعي باللام ويحذف الدعاء إذا عدى الى الداعي فى الغالب فيقال استجاب الله دعاءه او استجاب له ولا يكاد يقال استجاب له دعاءه وهو الدليل على ان النداء المذكور بمعنى الدعاء لان الاستجابة تقتضى دعاء فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ من الغم العظيم الذي كانوا فيه من اذية قومه قال الراغب الكرب الغم الشديد من كرب الأرض قلبها بالحفر فالغم يثير النفس اثارة ذلك وَنَصَرْناهُ نصرا مستتبعا للانتقام والانتصار ولذلك عدى بمن حيث قيل مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا اولا وآخرا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ [كروهى بد يعنى كافر بودند چهـ كفر سر جمله همه بديهاست] فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ فانه لم يجتمع الإصرار على التكذيب والانهماك فى الشر والفساد فى قوم الا اهلكهم الله تعالى اعلم ان الدعاء إذا كان بإذن الله تعالى وخلوص القلب كما للانبياء وكمل الأولياء يكون مقرونا بالاجابة- روى- ان زيد بن ثابت رضى الله عنه خرج مع رجل من مكة الى الطائف ولم يعلم انه منافق فدخلا خربة وناما فاوثق المنافق يد زيد وأراد قتله فقال زيد يا رحمن اعنى فسمع المنافق قائلا يقول ويحك لا تقتله فخرج المنافق ولم ير أحدا ثم وثم ففى الثالثة قتله فارس ثم حل وثاقه وقال انا جبريل كنت فى السماء السابعة حين دعوت الله فقال الله تعالى أدرك عبدى ففى الحكاية امور. منها لا بد لاهل الطريق من الرفيق لكن يلزم تفتيش حاله ليكون على أمان من المخلوق وقد كثر العدو فى صورة الصديق فى هذا الزمان: وفى المثنوى
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان مثل قانع شدن آدمي بدنيا وحرمى او در طلب(5/503)
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)
آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست «1»
وقد قيل فى حل شىء عبرة والعبرة فى الغراب شدة حذره. ومنها ان الدعاء من اسباب النجاة فرعها الله عليه حيث قال فَنَجَّيْناهُ بعد قوله فَاسْتَجَبْنا لَهُ قال الحافظ
مرا درين ظلمات آنكه رهنمائى كرد ... دعاى نيم شبى بود وكريه سحرى
وفى المثنوى
آن نياز مريمى بودست ودرد ... كه چنان طفلى سخن آغاز كرد «2»
هر كجا دردى دوا آنجا رود ... هر كجا پستيست آب آنجا رود «3»
. ومنها ان الله تعالى يعين عبده المضطر من حيث لا يحتسب إذ كل شىء جند من جنوده كما حكى ان سفينة مولى رسول الله عليه السلام اخطأ الجيش بأرض الروم فاسر فانطلق هاربا يلتمس فاذا هو بالأسد فقال يا أبا الحارث انا سفينة مولى رسول الله وكان من امرى كيت وكيت فاقبل الأسد يبصبص حتى قام الى جانبه كلما سمع صوتا أهوى اليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الأسد: قال الشيخ سعدى قدس سره
يكى ديدم از عرصه رودبار ... كه پيش آمدم بر پلنگى سوار
چنان هول از ان حال بر من نشست ... كه ترسيدنم پاى رفتن به بست
تبسم كنان دست بر لب كرفت ... كه سعدى مدار آنچهـ آيد شكفت
تو هم كردن از حكم داور مپيچ ... كه كردن نپيچد ز حكم تو هيچ
محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دوست دشمن كذارد ترا
. ومنها ان الملك يتمثل لخواص البشر قال الغزالي رحمه الله فى المنقذ من الضلال ان الصوفية يشاهدون الملائكة فى يقظتهم اى لحصول طهارة نفوسهم وتزكية قلوبهم وقطعهم العلائق وحسمهم مواد اسباب الدنيا من الجاه والمال وإقبالهم على الله تعالى بالكلية علما دائما وعملا مستمرا شد فرشته ديدن از شان فرشته خصلتى وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ اى اذكر خبرهما وقت حكمهما فى وقت الحرث وهو بالفارسية [كشت] إِذْ نَفَشَتْ تفرقت وانتشرت ظرف للحكم فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ليلا بلا راع فرعته وأفسدته فان النفش ان ينتشر الغنم ليلا بلا راع والغنم محركة الشاة لا واحد لها من لفظها الواحدة شاة وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث وعليهما جميعا كما فى القاموس وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ اى لحكم الحاكمين والمتحاكمين إليهما فان قيل كيف يجوز ان يجعل الضمير لمجموع الحاكمين والمتحاكمين وهو يستلزم اضافة المصدر الى فاعله ومفعوله دفعة واحدة وهو انما يضاعف الى أحدهما فقط لان إضافته الى الفاعل على سبيل القيام به وإضافته الى المفعول على سبيل الوقوع عليه فهما معمولان مختلفان فلا يكون اللفظ الواحد مستعملا فيهما معا وايضا انه يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لان إضافته الى الفاعل حقيقة والى المفعول مجاز فالجواب ان هذه الاضافة لمجرد الاختصاص مع كون القطع عن كون المضاف اليه فاعلا
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وبيان فضيلت إلخ
(2) لم أجد
(3) در اواسط دفتر سوم در بيان آنكه حق تعالى هر چهـ داد وآفريد همه باستدعا وحاجت آفريد إلخ [.....](5/504)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)
او مفعولا على طريق عموم المجاز كأنه قيل وكنا للحكم المتعلق بهم شاهِدِينَ حاضرين علما وهو مقيد لمزيد الاعتناء بشأن الحكم وفى التأويلات النجمية يشير الى انا كنا حاضرين فى حكمهما معهما وانما حكما بارشادنا لهما ولم يخطئ أحد منهما فى حكمه الا انا أردنا تشييد بناء الاجتهاد بحكمهما عزة وكرامة للمجتهدين ليقتدوا بهما مستظهرين بمساعيهم المشكورة فى الاجتهاد فَفَهَّمْناها اى الحكومة سُلَيْمانَ وهو ابن احدى عشرة سنة وقال الكاشفى [در سن سيزده سالكى] قال فى التأويلات النجمية يشير الى رفعة درجة بعض المجتهدين على بعض وان الاعتبار فى الكبر والفضيلة بالعلم وفهم الاحكام والمعاني والاسرار لا بالسن فانه فهم بالاحق والأصوب وهو ابن صغير وداود نبى مرسل كبير وحكما [كفته اند توانكرى بهنرست نه بمال وبزركى بعقلست نه بسال] فى القصص ان بنى إسرائيل حسدوا سليمان على ما اوتى من العلم فى صغر سنه فاوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داود ان الحكمة تسعون جزأ سبعون منها فى سليمان وعشرون فى بقية الناس وَكُلًّا [هر يك را ز پدر و پسر] آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً كثيرا لا سليمان وحده فحكم كليهما حكم شرعى قال فى التأويلات النجمية اى حكمة وعلما ليحكم كل واحد منهما موافقا للعلم والحكمة بتأييدنا وان كان مخالفا فى الحكم بحكمتنا ليتحقق صحة امر الاجتهاد وان كل مجتهد مصيب كما قال فى الإرشاد وهذا يدل على ان خطأ المجتهد لا يقدح فى كونه مجتهدا- روى- انه دخل على داود عليه السلام رجلان فقال أحدهما ان غنم هذا دخلت فى حرثى ليلا فافسدته فقضى له بالغنم إذ لم يكن بين قيمة الحرث وقيمة الغنم تفاوت فخرجا فمرا على سليمان عليه السلام فاخبراه بذلك فقال غير هذا ارفق بالفريقين فسمعه داود فدعاه فقال له بحق النبوة والابوة ألا أخبرتني بالذي هو ارفق بالفريقين فقال ارى ان تدفع الغنم الى صاحب الأرض لينتفع بدرها ونسلها وصوفها والحرث الى ارباب الغنم ليقوموا عليه اى بالحرث والزرع حتى يعود الى ما كان ويبلغ الحصاد ثم يترادّا فقال القضاء ما قضيت وامضى الحكم بذلك قال فى الإرشاد الذي عندى ان حكمهما كان بالاجتهاد فان قول سليمان غير هذا ارفق بالفريقين ثم قوله ارى ان تدفع إلخ صريح فى انه ليس بطريق الوحى والا لبت القول بذلك ولما ناشده داود لاظهار ما عنده بل وجب عليه ان يظهره ابتداء وحرم عليه كتمه ومن ضرورته ان يكون القضاء السابق ايضا كذلك ضرورة استحالة نقض حكم النص بالاجتهاد انتهى والاجتهاد بذل الفقيه الوسع ليحصل له ظن بحكم شرعى وهو جائز للانبياء عند اهل السنة ليدركوا ثواب المجتهدين وليقتدى بهم غيرهم ولذا قال عليه السلام (العلماء ورثة الأنبياء) فانه يستلزم ان تكون درجة الاجتهاد ثابتة للانبياء ليرث العلماء عنهم ذلك الا ان الأنبياء لا يقرون على خطأ وفى الحديث (إذا حكم الحاكم فاجتهد فاصاب فله أجران وإذا حكم واجتهد واخطأ فله اجر) وفى كل حادثة حكم معين عند الله وعليه دليل قطعى او ظنى فمن وجده أصاب ومن فقده اخطأ ولم يأثم فان قيل لو تعين الحكم فالمخالف له لم يحكم بما انزل الله فيفسق او يكفر قلنا انه امر بالحكم بما ظنه وان اخطأ فقد حكم بما انزل الله قال فى بحر العلوم واعلم ان فى هذه الآية دليلا على ان المجتهد(5/505)
يخطئ او يصيب وان الحق واحد فى المسائل الاجتهادية إذ لو كان كل من الاجتهادين صوابا وحقا لكان كل منهما قد أصاب الحق وفهمه ولم يكن لتخصيص سليمان خلافه بالذكر جهة فانه فى هذا المقام يدل على نفى الحكم عما عداه وعلى ان للانبياء اجتهادا كما للعلماء على انه لو كان كل مجتهد مصيبا لزم اتصاف الفعل الواحد بالنقيضين من الصحة والفساد والوجوب والحظر والإباحة وهو ممتنع: وفى المثنوى
وهم افتد در خطا ودر غلط ... عقل باشد در أصابتها فقط «1»
مجتهد هر كه كه باشد نص شناس ... اندر آن صوت نينديشد قياس «2»
چون نيايد نص اندر صورتى ... از قياس آنجا نمايد عبرتى
وَسَخَّرْنا [ورام ساختيم] مَعَ داوُدَ الْجِبالَ مع متعلقة بالتسخير وهو تذليل الشيء وجعله طائعا منقادا. وسفن سواخر إذا اطاعت وطابت لها الريح يُسَبِّحْنَ حال من الجبال اى يقدسن الله تعالى بحيث يسمع الحاضرون تسبيحهن فانه هو الذي يليق بمقام الامتنان لا انعكاس الصدى فانه عام وكذا ما كان بلسان الحال فاعرف وَالطَّيْرَ عطف على الجبال وقدمت الجبال على الطير لان تسخيرها وتسبيحها اعجب وادل على القدر وادخل فى الاعجاز لانها جماد والطير حيوان وَكُنَّا فاعِلِينَ قادرين على ان نفعل هذا وان كان عجبا عندكم- روى- ان داود كان إذا مر يسمعه الله تسبيح الجبال والطير لينشط فى التسبيح ويشتاق اليه قال الكاشفى [مؤمن موقن بايد كه اعتقاد كند برين وجه كه كوهها ومرغان بموافقت داود بر وجهى تسبيح مى كفته اند كه همه سامعانرا تركيب حروف وكلمات آن مفهوم ميشده واين معنى از قدرت الهى غريب نيست]
هر كجا قدرتش علم افراخت ... از غرائب هر آنچهـ خواست بساخت
قدرتى را كه نيست نقصانش ... كارها جمله هست آسانش
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الذاكر لله إذا استولى عليه سلطان الذكر تتنور اجزاء وجوده بنور الذكر فيتجوهر قلبه وروحه بجوهر الذكر فربما ينعكس نور الذكر من مرآة القلب الى ما يحاذيها من الجمادات والحيوانات فتنطقه بالذكر فتارة يذكر معه اجزاء وجوده وتارة يذكر معه بعض الجمادات والحيوانات كما كانت الحصاة تسبح فى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم والضب يتكلم معه- وروى- عن بعض الصحابة رضى الله عنهم انه قال كنا نأكل الطعام ونسمع تسبيحه انتهى وفى عرائس البقلى رحمه الله كان يطلب كل وقت مكانا خاليا لذكره وأنسه فيدخل الجبال لانها ملتبسة بانوار قدرته حالية عن صنع اهل الحدثان باقية على ما أخرجت من العدم بكسوة نور القدم فاذا كان مسبحا سبحت الجبال معه والطير بلسان نور الفعل الحق كأنه تعالى بنزه نفسه بتنزيه داود حيث غلب على داود سطوات عظمته ونور كبريائه قال محمد ابن على رحمه الله جعل الله الجبال تسلية للمجذوبين وأنسا للمكروبين والانس الذي فى الجبال هو انها خالية عن صنع الخلائق فيها بحال باقية على صنع الخالق لا اثر فيها لمخلوق فتوحش والآثار التي فيها آثار الصنع الحقيقي عن غير تبديل ولا تحويل انتهى قال ابن عباس رضى الله
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه هر چهـ غفلت وكاهلى إلخ
(2) در اواخر دفتر سوم در بيان تشبيه كردن نفى مطلق إلخ(5/506)
وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)
عنهما ان بنى إسرائيل كانوا قد تفرقوا قبل مبعث داود واقبلوا على ملاهى الشيطان وهى العيدان والطنابير والمزامير والصنوج وما أشبهها فبعث الله داود وأعطاه من حسن الصوت ونغمة الالحان حتى كان يتلو التوراة بترجيع وخفض ورفع فاذهل عقول بنى إسرائيل وشغلهم عن تلك الملاهي وصاروا يجتمعون الى داود يستمعون الحانه وكان إذا سبح تسبح معه الجبال والطير والوحشي كما فى قصص الأنبياء: قال الشيخ سعدى قدس سره
به از روى زيباست آواز خوش ... كه اين حظ نفس است وآن قوت روح
وقال
اشتر بشعر عرب در حالتست وطرب ... كر ذوق نيست ترا كژ طبع جانورى
وقال
وعند هبوب الناشرات على الحمى ... تميل غصون البان لا الحجر الصلد
وكما ان الأصوات الحسنة والنغمات الموزونة تؤثر فى النفوس فتجذبها من الشر الى الخير بالنسبة الى المستعد الكامل فكذا الأصوات القبيحة والنغمات الغير الموزونة تؤثر فى النفوس فتفعل خلاف ما يفعل خلافها: وفى المثنوى
يك مؤذن داشت بس آواز بد ... در ميان كافرستان بانك زد «1»
چند كفتندش مكو بانك نماز ... كه شود جنك وعداوتها دراز
او ستيزه كرد وبس بي احتراز ... كفت در كافرستان بانك نماز
خلق خائف شد ز فتنه عامه ... خود بيامد كافرى با جامه
شمع وحلوا با چنان جامه لطيف ... هديه آورد وبيامد چون اليف
پرس پرسان كين مؤذن كو كجاست ... كه صلاى بانك او راحت فزاست
دخترى درام لطيف وبس سنى ... آرزو مى بود او را مؤمنى
هيچ اين سودا نمى رفت از سرش ... پندها ميداد چندى كافرش
هيچ چاره مى ندانستم دران ... تا فرو خواند اين مؤذن آن أذان
كفت دختر چيست اين مكروه بانك ... كه بكوشم آمد اين دو چار دانك
من همه عمر اين چنين آواز زشت ... هيچ نشنيدم درين دير وكنشت
خواهرش كفتا كه اين بانك أذان ... هست اعلام وشعار مؤمنان
باورش نامد بپرسيد از دكر ... آن دكر هم كفت آرى اى قمر
چون يقين كشتش رخ او زرد شد ... از مسلمانى دل او سرد شد
باز رستم من ز تشويش وعذاب ... دوش خوش خفتم داران بي خوف خواب
راحتم اين بود از آواز او ... هديه آوردم بشكر آن مرد كو
چون بديدش كفت اين هديه پذير ... چون مرا كشتى مجير ودستكير
كر بمال وملك وثروت فردمى ... من دهانت را پر از زر كردمى
وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ اى عمل الدروع: وبالفارسية [ساختن زره] والصنع اجادة
__________
(1) در اواخر دفتر پنجم در بيان حكايت يك مؤذن زشت آواز كه در كافرستان بانك نماز زد إلخ(5/507)
الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا والصناعة ككتابة حرفة الصانع وعمل الصنعة واللبوس فى الأصل اللباس درعا كان او غيرها ولبس الثوب استتر به وكانت الدروع قبل داود صفائح اى قطع حديد عراضا فحلقها وسردها لَكُمْ اى لنفعكم متعلق بعلمنا او بمحذوف هو صفة لبوس والمعجزة فيه ان فعل ذلك من غير استعانة بأداة وآلة من نحو الكير والنار والسندان والمطرقة وكان لقمان يجلس مع داود ويرى ما يصنع ويهمّ ان يسأل عنها لانه لم يرها قبل ذلك فيسكت فلما فرغ داود من الدرع قام وأفرغه على نفسه وقال نعم الرداء هذا للحرب فقال لقمان عندها ان من الصمت لحكمة قالت الحكماء وان كان الكلام فضة فالصمت من ذهب
اگر بسيار دانى اندكى كوى ... يكى را صد مكو صد را يكى كوى
لِتُحْصِنَكُمْ لتحرزكم اى اللبوس بتأويل الدرع ودرع حصينة لكونها حصنا للبدن فتجوّ زبه فى كل تحرز وهو بدل اشتمال من لكم باعادة الجار لان لتحصنكم فى تأويل لاحصانكم وبين الإحصان وضمير لكم ملابسة الاشتمال مبين لكيفية الاختصاص والمنفعة المستفادة من لكم مِنْ بَأْسِكُمْ البأس هنا الحرب وان وقع على السوء كله اى من حرب عدوكم: وبالفارسية [از كارزار شما يعنى از قتل وجراحت در كار زار بماندند تيغ وتير ونيزه] وفى الآية دلالة على ان جميع الصنائع بخلق الله وتعليمه وفى الحديث (ان الله خلق كل صانع وصنعه) وفى المثنوى
قابل تعليم وفهمست اين خرد ... ليك صاحب وحي تعليمش دهد «1»
جمله حرفتها يقين از وحي بود ... أول او ليك عقل آنرا فزود
فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ ذلك يعنى قد ثبت عليكم النعم الموجبة للشكر حيث سهل عليكم المخرج من الشدائد فاشكروا له قال الكاشفي: يعنى [شكر كوييد خدايرا بر چنين لباس] فهو امر وارد على صورة الاستفهام والخطاب لهذه الامة من اهل مكة ومن بعدهم الى يوم القيامة اخبر الله تعالى ان أول من عمل الدرع داود ثم تعلم الناس فعمت النعمة بها كل محارب من الخلق الى آخر الدهر فلزمهم شكر الله على هذه النعمة وقال بعضهم الخطاب لداود واهل بيته بتقدير القول اى فقلنا لهم بعد ما أنعمنا عليهم بهذه النعم بل أنتم شاكرون وما اعطى لكم من النعم التي ذكرت من تسخير الجبال له والطير وإلانة الحديد وعلم صنعة اللبوس قيل ان داود خرج يوما متفكرا طالبا من يسأله عن سيرته فى مملكته فاستقبل جبريل على صورة آدمي ولم يعرفه داود فقال له كيف ترى سيرة داود فى مملكته فقال له جبريل نعم الرجل هو لولا ان فيه خصلة واحدة قال وما هى قال بلغني انه يأكل من بيت المال وليس شىء أفضل من ان يأكل الرجل من كدّ يده فرجع داود وسأل الله ان يجعل رزقه من كدّيده فألان له الحديد وكان يتخذ الدرع من الحديد ويبيعها ويأكل من ذلك يقول الفقير قد ثبت فى الفقه ان فى بيت المال حق العلماء وحق السادات ونحوهم فالاكل منه ليس بحرام عند اهل الشريعة والحقيقة لكن الترك أفضل لاهل التقوى كما دل عليه قصة داود وقس عليه الأوقاف ونحوها من الجهات المعينة وذلك لانه
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان در آمدن هر روز حضرت سليمان عليه السلام در مسجد أقصى إلخ(5/508)
لا يخلو عن شبهة فى هذا الزمان مع ان الاستناد الى الرزق المعلوم ينافى التوكل التام ولذا لم يأكل كثير من اهل الحق ربح المال الموقوف بل أكلوا مما فتح الله عليهم من الصدقات الطيبة من غير حركة ذهنية منهم فضلا عن الحركة الحسية نعم أكل بعضهم من كسب يده قال الحافظ
فقيه مدرسه دى مست بود وفتوى داد ... كه مى حرام ولى به ز مال اوقافست
غلط الشراح فى شرح هذا البيت وأقول تحقيقه ان قوله «ولى به» من كلام الحافظ لا من كلام المفتى. يعنى ان الفقيه كان سكران من شراب الغفلة وحب الدنيا والاعتماد على مال المدرسة ولذا أنكر اهل حال العشق وجعل شرابهم الذي هو العشق حراما ولكن ليس الأمر كما قال فانه اولى من مال الوقف. يعنى ان العشق والتوكل التام اللذين عليهما محققوا الصوفية أفضل من الزهد والاكل من مال الوقف اللذين عليهما فقهاء العصر وعلماؤه فالانكار يتعلق بالفقيه المعتمد لا بالعاشق المتوكل قال العلماء كان الأنبياء عليهم السلام يحترفون بالحرف ويكتسبون بالمكاسب. فقد كان إدريس خياطا. وقد كان اكثر عمل نبينا عليه السلام فى بيته الخياطة وفى الحديث (عمل الأبرار من الرجال الخياطة وعمل الأبرار من النساء الغزل) كما فى روضة الاخبار وفى الحديث (علموا بنيكم السباحة والرمي ولنعم لهو المؤمنة مغزلها وإذا دعا أبوك وأمك فاجب أمك) كما فى المقاصد الحسنة للسخاوى وفى الحديث (صرير مغزل المرأة يعدل التكبير فى سبيل الله والتكبير فى سبيل الله أثقل فى الميزان من سبع سموات وسبع ارضين) وفى الحديث (المغزل فى يد المرأة الصالحة كالرمح فى يد الغازي المريد به وجه الله تعالى) كما فى مجمع الفضائل. وكان نوح نجارا. وابراهيم بزازا وفى الحديث (لو اتجر اهل الجنة لا تجروا فى البز ولو اتجر اهل النار لا تجروا فى الصرف) كذا فى الاحياء. وداود زرادا. وآدم زراعا وكان أول من حاك ونسج أبونا آدم قال كعب مرت مريم فى طلب عيسى بحاكة فسألت عن الطريق فارشدوها الى غير الطريق فقالت اللهم انزع البركة من كسبهم وأمتهم فقراء وحقرهم فى أعين الناس فاستجيب دعاؤها ولذا قيل لا تستشيروا الحاكة فان الله سلب عقولهم ونزع البركة من كسبهم. وكان سليمان يعمل الزنبيل فى سلطته ويأكل من ثمنه ولا يأكل من بيت المال. وكان موسى وشعيب ومحمد رعاة فانه عليه السلام آجر نفسه قبل النبوة فى رعى الغنم وقال (وما من نبى الا وقد رعاها) ومن حكمة الله فى ذلك ان الرجل إذا استرعى الغنم التي هى أضعف البهائم سكن قلبه الرأفة واللطف تعطفا فاذا انتقل من ذلك الى رعاية الخلق كان قد هرب اولا من الحدة الطبيعية والظلم الغريزي فيكون فى اعدل الأحوال وحينئذ لا ينبغى لاحد عير برعاية الغنم ان يقول كان النبي عليه السلام يرعى الغنم فان قال ذلك ادّب لان ذلك كما علمت كمال فى حق الأنبياء دون غيرهم فلا ينبغى الاحتجاج به ويجرى ذلك فى كل ما يكون كما لا فى حقه عليه السلام دون غيره كالامية فمن قيل له أنت أمي فقال كان عليه السلام اميا يؤدب كما فى انسان العيون يقول الفقير فقول السلطان سليم الاول من الخواقين العثمانية(5/509)
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)
يك كدا بود سليمان بعصا وزنبيل ... يافت از لطف تو آن حشمت ملك آرايى
مصطفى بود يتيمى ز عرب پست درت ... دادش انعام تو تاج شرف بالايى
ترك ادب لانه يوهم التحقير فى شأنهما العظيم. وكان صالح ينسج الاكسية جمع كساء بالفارسية [كليم] وعيسى يخصف النعل ويرقعها. وأفضل الكسب الجهاد وهو حرفة رسول الله عليه السلام بعد النبوة والهجرة. ثم التجارة بشرط الامانة بحيث لا يخون على مقدار حبة أصلا. ثم الحراثة. ثم الصناعة كما فى المختار والتحفة. ويجتنب المكاسب الخبيثة اى الحرام والرديء ايضا نحو اجرة الزانية والكاهن وهو الذي يخبر عن الكوائن المستقبلة او عما مضى وعن نحوسة طالع او سعد او دولة او محنة او نحو ذلك. ويجتنب عن صنعة الملاهي ونحوها. وكره للرجل ان يكون بائع الأكفان لانه يوجب انتظار موت الناس او حناطا يحتكر او جزارا وهو القصاب الذي يذبح الدواب لما فيه من قساوة القلب. او صائغا بالفارسية [زركر] لما فيه من تزيين الدنيا وقد كرهوا كل ما هو بمعناه كصناعة النقش وتشييد البنيان بالجص ونحو ذلك. او نخاسا وهو الذي يبيع الناس من الذكور والإناث يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر. وكره ان يكون حجاما او كناسا او دباغا وما فى معناه لما فيه من مخالطة النجاسة. وكره ابن سيرين وقتادة اجرة الدلال لقلة اجتنابه عن الكذب وافراطه فى الثناء على السلعة لترويجها- روى- ان أول من دل إبليس حيث قال هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى كما فى روضة الاخبار وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ اى وسخرنا له الريح وتخصيص داود بلفظ مع وسليمان باللام للدلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت فان تسخير ما سخر له عليه السلام من الريح وغيرها كان بطريق الانقياد الكلى له والامتثال بامره ونهيه والمقهورية تحت ملكوته فجيئ بلام التمليك واما تسخير الجبال والطير لداود عليه السلام فلم يكن بهذه المثابة بل بطريق التبعية له والاقتداء به فى عبادة الله تعالى عاصِفَةً حال من الريح اى حال كونها شديدة الهبوب من حيث انها تبعد بكرسيه فى مدة يسيرة من الزمان وكانت لينة فى نفسها طيبة كالنسيم فكان جمعها بين الرخاوة فى نفسها وعصفها فى عملها مع طاعتها لسليمان وهبوبها حسبما يريد ويحتكم معجزة مع معجزة تَجْرِي [ميرفت] حال ثانية بِأَمْرِهِ بمشيئته إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وهى الشام كانت تذهب به غدوة من الشام الى ناحية من نواحى الأرض وبينها وبين الشام مسيرة شهر الى وقت الزوال ثم ترجع به منها بعد الزوال الى الشام عند الغروب كما قال تعالى غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ قال مقاتل عملت الشياطين لسليمان بساطا فرسخا فى فرسخ من ذهب فى إبريسم وكان يوضع له منبر من ذهب فى وسط البساط فيقعد عليه وحوله كراسى من ذهب وفضة يقعد الأنبياء على كراسى الذهب والعلماء على كراسى الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير بأجنحتها حتى لا تطلع عليه الشمس وترفع ريح الصبا البساط مسيرة شهر من الصباح الى الرواح ومن الرواح الى المغرب وكان عليه السلام امرأ قلما يقعد عن الغزو ولا يسمع فى ناحية من الأرض ملكا الا أتاه ودعاه الى الحق قال الكاشفى [در تلخيص آورده كه(5/510)
وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)
در شام شهرى بود تدمر نام كه ديوان براى سليمان بنياد ساخته بودند صباح از آنجا بيرون آمدى ويا ز نماز شام دير آيد آنجا آوردى. ودر مختار القصص آورده كه بامداد از تدمر بيرون آمدى وقيلوله در إصطخر فارس كردى وشبانكاه بكابل رفتى وروزى ديكر از كابل بيرون آمدى و چاشت در إصطخر بودى وشام بتدمر باز آمدى] وكانت تجرى الى حيث شاء سليمان ثم يعود الى منزله بالشام- وروى- ان سليمان سار من العراق غاديا فقابل نمرود وصلى العصر ببلخ ثم سار من بلخ متخللا بلاد الترك وارض الصين ثم عطف منها على مطلع الشمس على ساحل البحر حتى اتى قندهار وخرج منها الى مكران وكرمان حتى اتى فارس فنزلها أياما وغدا منها بكسكر ثم راح الى الشام وكان مستقره بمدينة تدمر كما فى بحر العلوم: قال الشيخ سعدى قدس سره
نه بر باد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام
باخر نه ديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت
وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ فنجريه على ما يقتضى علمنا وحكمتنا وَمِنَ الشَّياطِينِ اى وسخرنا له من الشياطين مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ اى يدخلون تحت البحر ويستخرجون له من نفائسه قال الراغب الغوص الدخول تحت الماء وإخراج شىء منه ويقال لكل من هجم على غامض فاخرجه غائص عينا كان او علما والغواص الذي يكثر منه ذلك وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ اى غير ما ذكر من بناء المدن والقصور واختراع الصنائع الغريبة وهؤلاء اما الفرقة الاولى او غيرها لعموم كلمة من كأنه قيل ومن يعملون- روى- ان المسخر له كفارهم لا مؤمنوهم لقوله تعالى وَمِنَ الشَّياطِينِ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ اى من ان يزيغوا عن امره ويعصوا ويتمردوا عليه او يفسدوا ما عملوا على ما هو مقتضى جبلتهم والشياطين وان كانوا أجساما لطيفة لكنهم يتشكلون باشكال مختلفة ويقدرون على اعمال الشاقة ألا ترى ان لطافة الريح لا تمنع عصوفها لا سيما انهم تكثفوا فى زمن سليمان فكانوا بحيث يراهم الناس ويستعملونهم فى الأعمال قال فى الاسئلة المقحمة فلماذا لم تخرج الشياطين عن طاعة سليمان مع استعمالهم فى تلك الأمور الشديدة فالجواب ان الله تعالى أوقع لسليمان فى قلوبهم من الخوف والهيبة حتى خافوا ان يخرجوا عن طاعته وهذا من معجزاته قال فى التأويلات النجمية من كمالية الإنسان انه إذا بلغ مبلغ الرجال البالغين من الأنبياء والأولياء سخر الله له بحسب مقامه السفليات والعلويات من الملك والملكوت فسخر لسليمان عليه السلام من السفليات الريح والجن والشياطين والطير والحيوانات والمعادن والنبات ومن العلويات الشمس حين ردت لاجل صلاته كما سخر لداود عليه السلام الجبال والطير والحديد والأحجار التي قتل بها جالوت وهزم عسكره فسخر لكل نبى شيأ آخر من أجناس العلويات والسفليات وسخر لنبينا عليه الصلاة والسلام من جميع أجناسها فمن السفليات ما قال عليه السلام (زويت لى الأرض فاريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لى منها) وقال (جعلت لى الأرض مسجدا وتربها طهورا) وقال (أتيت بمفاتح خزائن الأرض) وكان الماء ينبع من بين(5/511)
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)
أصابعه وقال نصرت بالصبا وكانت الأشجار تسلم عليه وتسجد وتنقلع بإشارته عن مكانها وترجع والحيوانات كانت تتكلم معه وتشهد بنبوته وقال (اسلم شيطانى على يدى) وغيره من السفليات واما العلويات فقد انشق له القمر باشارة إصبعه
پس قمر كه امر بشنيد وشتافت ... پس دو نيمه كشت بر چرخ وشكافت
وسخر له البراق وجبريل والرفرف وعبر السموات السبع والجنة والنار والعرش والكرسي الى مقام قاب قوسين او ادنى فما بقي شىء من الموجودات الا وقد سخر له
نه كسى در كرد تو هركز رسيد ... نه كسى را نيز چندين عز رسيد
وبقوله وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ الآية يشير الى انا كما سخرنا الشياطين له يعملون له الأعمال سخرنا للشياطين الأعمال والغوص والصنائع يصنعون بحفظ الله ما لا يقدرون عليه الآن وَأَيُّوبَ اى واذكر خبر أيوب واختلفوا فى اسماء نسبه بعد الاتفاق على الانتهاء الى روم بن عيص بن ابراهيم عليه السلام- روى- ان الله تعالى استنبأ أيوب وأرسله الى اهل حران وهى قرية بغوطة دمشق وكثر اهله وماله وكان له سبعة بنين وسبع بنات ومن اصناف البهائم مالا يحصى فحسده إبليس وقال [الهى بنده تو در عافيت وسعت عيش است مال بسيار وفرزندان بزركوار دارد اگر او را بانتزاع مال وأولاد مبتلا سازى زود از تو بگردد وطريق كفران نعمت پيش كيرد حق سبحانه وتعالى فرمود كه چنين نيست كه تو ميكويى او ما را بنده ايست پسنديده اگر هزار بار در بوته ابتلا بگداختم بي غش وخالص العيار آيد
چنان در عشق يكرويم كه كر تيغم زنى بر سر ... برو ز امتحان باشم چوشمع استاده پابر جا
پس حق سبحانه وتعالى اقسام محن بر وى كماشت شترانش بصاعقه هلاك شدند وكوسفندان بسبب سيل در كرداب فنا افتادند وزراعت بريح متلاشى شد وأولاد در زير ديوار ماندند وقروح در جسد مباركش ظاهر شد وديد ان پيدا كشتند وخلق از وى كريخت بجز زن او] فكان نظير ابراهيم عليه السلام فى الابتلاء بالمال والولد والبدن وقد قال بعض الكبار ان بلاء أيوب اختاره قبله سبعون نبيا فما اختاره الله الا له وبقي فى مرضه ثمانى عشرة سنة او سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة ايام وسبع ساعات قالت له يوما امرأته رحمة بنت افرائيم بن يوسف لو دعوت الله فقال لها كم كانت مدة الرخاء فقالت ثمانين سنة فقال انا استحيى من الله ان ادعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائى [وهر سحر اين خطاب مستطاب بايوب مكروب رسيدى كه اى أيوب چكونه وأيوب بذوق وشوق اين پرسش كوه بلا بجان مى كشيد وبآن بيمارى خوش بود]
كر بر سر بيمار خود آيى بعيادت ... صد ساله باميد تو بيمار توان بود
وقد سلط الله على جسده اثنى عشر الف دودة لانها عدد الجند الكامل كما قال عليه السلام (اثنا عشر ألفا لن يغلب عن قلة ابدا) ولله عساكر كالدود والبعوض للنمرود والأبابيل لاصحاب الفيل والهدهد لعوج والعنكبوت والحمامة لرسول الله عليه السلام وأكل الدود جميع(5/512)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)
جسده حتى بقي العظام والقلب واللسان والأذنان والعينان ولما قصد قلبه الذي هو منبع المعرفة ومعدن النبوة والولاية ولسانه الذي هو مصدر الذكر ومورد التوحيد غار عليه وخاف ان ينقطع عن طاعة الله وتسبيحه بالكلية فانه كان من ضعف الحال بحيث لا يستطيع القيام للصلاة فلما انتهى وقت الابتلاء وحصل الفناء التام فى مقام البلاء وألهمه الله الدعاء ليوصله الى مرتبة البقاء ويتجلى له بالجمال واللقاء بعد الجلال والأذى كما اخبر عنه بقوله إِذْ نادى رَبَّهُ اى دعاه أَنِّي اى بانى مَسَّنِيَ أصابني الضُّرُّ [رنج وسختى] قالوا الضر بالفتح شائع فى كل ضرر وبالضم خاص بما فى النفس من مرض وهزال ونحوهما وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ بين افتقاره اليه تعالى ولم يقل ارحمني لطفا فى السؤال وحفظا للادب فى الخطاب فان اكثر اسئلة الأنبياء فى كشف البلاء عنهم انما هى على سبيل التعريض
وفى النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتى بيان عندها وخطاب
وقال الحافظ
ارباب حاجتيم وزبان سؤال نيست ... در حضرت كريم تمنا چهـ حاجتست
فان قيل أليس صرح زكرياء فى الدعاء قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا قلنا هذا سؤال العطاء لا يجمل به التعريض وذلك كشف البلاء فيجمل به التعريض لئلا يشتبه بالشكاية- ويحكى- ان عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت يا امير المؤمنين مشت جرذان بيتي على العصى فقال لها ألطفت فى السؤال لا جرم لاردنها تثب وثب الفهود وملأ بيتها حبا. فهذا القول من أيوب دعاء وتضرع وافتقار لا جزع وشكاية كما هو حال الاضطرار ولذا جاء جوابه بلفظ الاستجابة وقال تعالى فى حقه إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ وعلى تقدير تضمنه الشكاية فقد اشتكى من البلوى اليه تعالى لا الى غيره وهو لا ينافى الصبر الجميل كما قال يعقوب انما أشكو بثي وحزنى الى الله فصبر جميل والعارف الصادق إذا كان متحققا فى معرفته فشكواه حقيقة الانبساط ومناداته تحقيق المناجاة واساه فى بلاء حبيبه حقيقة المباهاة ولسان العشق لسان التضرع والحكاية لا لسان الجزع والشكاية كما أشار العاشق
بشنو از نى چون حكايت ميكند ... از جداييها شكايت ميكند «1»
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ما كان لا يوب من الشكر والشكاية فى تلك الحالة كان مع الله لا مع غيره والى ان بشرية أيوب كانت تتألم بالضر وهو يخبر عنها ولكن روحانيته المؤيدة بالتأييد الإلهي تنظر بنور الله وترى فى البلاء كمال عناية المبتلى وعين مرحمته فى تلك الصورة تربية لنفسه ليبلغها مقام الصبر ورتبة نعمة العبدية وهو يخبر عنها ويقول مَسَّنِيَ الضُّرُّ من حيث البشرية بنور فضلك وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ علىّ بانك تترحم علىّ بهذا البلاء ومس الضر وقوة الصبر عليه لتفنى نفسى عن صفاتها وهى العجلة وتبقى بصفاتك ومنها الصبر والصبر من صفات الله لا من صفات العبد كقوله تعالى وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ والصبور هو الله تعالى فَاسْتَجَبْنا لَهُ [پس اجابت كرديم دعاى ويرا] فَكَشَفْنا [پس
__________
(1) در ديباجه دفتر يكم(5/513)
ببرديم] ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ [آنچهـ ويرا بود از رنج يعنى او را شفا داديم]- روى- انه قيل له يوم الجمعة عند السحر او وقت زوال الشمس ارفع رأسك فقد استجيب لك اركض برجلك اى اضرب بها الأرض فركض فنبعت من تحتها عين ماء فاغتسل منها فلم يبق فى ظاهر بدنه دودة الا سقطت ولا جراحة الا برئت ثم ركض مرة اخرى فنبعت عين اخرى فشرب منها فلم يبق فى جوفه داء إلا خرج وعاد صحيحا ورجع الى شبابه وجماله ثم كسى حلة قال بعض الكبار السر فى ابتلائه تصفية وجوده بالرياضات الشاقة وانواع المجاهدات البدنية لتكميل المقامات العلية فامر بضرب ارض النفس ليظهر له ماء الحياة الحقيقية متجسدا فى عالم المثال فيغتسل به فتزول من بدنه الأسقام الجسمانية ومن قلبه الأمراض الروحانية فلما جاهد وصفا استعداده وصار قابلا للفيض الإلهي ظهر له من الحضرة الروحانية ماء الحياء فاغتسل به فزال من ظاهره وباطنه ما كان سبب الحجاب والبعد عن ذلك الجناب الإلهي انتهى وأراد الله تعالى ان يجعل الدود عزيزا بسبب صحبة أيوب فان الدود أذل شىء وصحبة الشريف تعزه كما أعز حوت يونس فلما تناثرت منه صعدت الى الشجرة وخرج من لعابها الإبريسم ليصير لباسا ببركة أيوب: قال الشيخ سعدى قدس سره
كلى خوشبوى در حمام روزى ... رسيد از دست محبوبى بدستم
بدو كفتم كه مشكى يا عبيرى ... كه از بوى دلاويز تو مستم
بگفتا من كل ناچيز بودم ... وليكن مدتى با كل نشستم
كمال همنشين بر من اثر كرد ... وكرنه من همان خاكم كه هستم
قالوا من كان مجاورا للعزيز والشريف صار عزيزا شريفا ومن كان مجاورا للذليل والوضيع كان ذليلا ووضيعا ألا ترى ان الصبا إذا مرت بالازهار والأوراد تحمل الرائحة الطيبة وإذا عبرت على المستقذرات تحمل الرائحة الخبيثة وقس على هذا من كان مصاحبا لاوصاف النفس ومن كان مجاورا لاخلاق الروح وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ بان ولد له ضعف ما كان- روى- ان الله تعالى رد الى امرأته شبابها فولدت له ستة وعشرين ولدا كما هو المروي عن ابن عباس رضى الله عنهما ورد أمواله وكان رحيما بالمساكنين يكفل الأيتام والأرامل ويكرم الضيف ويبلغ ابن السبيل وفى الحديث (بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل أيوب يحثو فى ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى وعزتك ولكن لا غنى لى عن بركتك) وفيه دلالة على اباحة تكثير المال الحلال رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا اى آتيناه ما ذكر لرحمتنا إياه بالرحمة الخاصة وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ وتذكرة وعبرة لغيره من العابدين ليعلموا بذلك كمال قدرتنا ويصبروا كما صبر أيوب فيثابوا كما أثيب
هر كه او در راه حق صابر بود ... بر مراد خويشتن قادر بود
صبر بايد تا شود يكسو حرج ... زانكه كفت الصبر مفتاح الفرج
واعلم ان بلاء أيوب من قبيل الامتحان ليبرز ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه وبلاء يوسف من قبيل تعجيل العقوبة اى على قوله اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ. وبلاء يحيى حيث(5/514)
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)
ذبح من قبيل الكرامة إذ لم يهم بخطيئة قط وَإِسْماعِيلَ بمعنى مطيع الله وَإِدْرِيسَ هو أخنوخ بن برد بن مهلاييل قال بعضهم سمى به لكثرة دراسته وقد سبق تحقيقه وَذَا الْكِفْلِ بمعنى الكفالة والضمان لان نبيا من أنبياء بنى إسرائيل اوحى الله اليه انى أريد قبض روحك فاعرض ملكك على بنى إسرائيل فمن تكفل لك انه يصلى بالليل لا يفتر ويصوم بالنهار لا يفطر ويقضى بين الناس ولا يغضب فسلم ملكك اليه ففعل ذلك فقال شاب انا اتكفل لك بهذا فتكفل ووفى به فشكره الله ونبأه فسمى ذا الكفل والمعنى واذكرهم كُلٌّ اى كل واحد من هؤلاء مِنَ الصَّابِرِينَ اى الكاملين فى الصبر على مشاق الطاعات واحتمال البليات فان إسماعيل قد صبر عند ذبحه وقال يا أبت افعل ما تؤمر الآية وصبر على المقام ببلد لازرع فيه ولا ضرع ولا بناء فلا جرم أكرمه الله واخرج من صلبه خاتم النبيين عليه وعليهم السلام وإدريس قد صبر على دراسته وذو الكفل قد صبر على صيام النهار وقيام الليل وأذى الناس فى الحكومة بينهم ولا يغضب وفيه اشارة الى ان كل من صبر على طاعة الله وعن معصيته او على ما أصابه من مصيبة فى المال والأهل والنفس فانه بقدر صبره يستوجب نعمة رتبة نعم العبدية ويصلح لادخاله فى رحمته المخصوصة به كما قال وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا الخاصة من النبوة وغيرها إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ اى الكاملين فى الصلاح وهم الأنبياء فان صلاحهم معصوم من الفساد [وبعض كبار ميفرمايد كه مؤمنان كناه كنند وباز توبه كنند و چون توبه بشرط باشد خداوند قبول كند وأوليا كناه نكنند اما إمكان دارد كه بكنند از جهت آنكه جائز الخطااند] قيل لابى يزيد قدس سره أيعصى العارف فقال وكان امر الله قدرا مقدورا ثم يرد الى مقامه بعد ذلك ان كان من اهل العناية والوصول فتكون توبته من ذلك على قدر مقامه فيرجى ان يكون فى قوة تلك التوبة وعلو منصبها ان يجبر وقت الغفلة حتى يكون كأنه ما خسر شيأ وما انتقل كتوبة ما عز الذي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو قسمت على اهل السموات والأرض لوسعتهم) [وانبيا كناه نكردند وإمكان نداشت كه بكنند از جهت آنكه معصوم بودند] واعلم ان للصلاح بداية وهى الاخذ بالشرائع والاحكام ورفض المنهي والحراء ونهاية وهى التوجه الى رب العباد وعدم الالتفات الى عالم الكون والفساد وهى فى الحقيقة مقام الصديقية وإصلاح الله تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة بازالة ما فيه من فساد بعد وجوده فان من العباد من اختار الله له فى الأزل البلوغ بلا كسب ولا تعمل فوقع مفطورا على النظر اليه بلا اجتهاد بدفع غيره عن مقتضى قصده ومنهم من شغلته الأغيار عن الله زمانا فلم يزل فى علاج وجودها بتوفيق الله حتى أفناها ولم يبق له سواه سبحانه ثم الصبر من مراتب الصلاح وعن يزيد الرقاشي رحمه الله قال إذا دخل الرجل القبر قامت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبر يظله والصبر يحاجه يقول دونكم صاحبكم فان حججتم والا فانا من ورائه يعنى ان استطعتم ان تدفعوا عنه العذاب والا فانا أكفيكم ذلك وادفع عنه العذاب فهذا الخبر دليل على ان الصبر أفضل الأعمال والرضى أجل الصفات ولا يكون الصبر الا على بلاء ومشقة فالترقى انما هو بالصبر لا بنفس البلاء ولو كان البلاء بما هو بلاء يرفع(5/515)
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)
درجات من قام به عند الله وينال به السعادة الابدية لنالها اهل البلاء من المشركين والكفار بل هو فى حقهم تعجيل لعذابهم وفى حق المؤمنين الصابرين تكميل لدرجاتهم وحط من خطيآتهم واكسير لنحاس وجودهم: وفى المثنوى
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد «1»
چون بمانى بسته دربند حرج ... صبر كن الصبر مفتاح الفرج «2»
شكر كويم دوست را در خير وشر ... زانكه هست اندر قضا از بد بتر «3»
چونكه قسام اوست كفر آمد كله ... صبر بايد صبر مفتاح الصلة
غير حق جمله عدواند اوست دوست ... با عدو از دوست شكوت كى نكوست
تا دهد دو غم نخواهم انكبين ... زانكه هر نعمت غمى دارد قرين
وَذَا النُّونِ اى واذكر صاحب النون اى الحوت والمراد يونس ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء المثناة فوق مفتوحة قيل هو اسم أم يونس كذا فى جامع الأصول قال عطاء سألت كعبا عن متى أهو اسم أبيه أم امه فقال اسم أبيه وامه بدورة وهى من ولد هارون وسمى يونس بذي النون لانه ابتلعه الحوت قال الامام السهيلي اضافه هنا الى النون وقد قال فى سورة القلم وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ وذلك انه حين ذكره فى موضع الثناء عليه قال ذو النون فان الاضافة بذو اشرف من الاضافة بصاحب لان قولك ذو يضاف الى التابع وصاحب الى المتبوع تقول ابو هريرة رضى الله عنه صاحب النبي عليه السلام ولا تقول النبي صاحب ابى هريرة الا على جهة واما ذو فانك تقول ذو المال وذو العرش فتجد الاسم للاسم متبوعا غير تابع ولفظ النون اشرف من الحوت لوجوده فى حروف التهجي وفى أوائل بعض السور نحو ن وَالْقَلَمِ إِذْ ذَهَبَ اى اذكر خبره وقت ذهابه حال كونه مُغاضِباً مراغما لقومه اهل نينوى وهى قرية بالموصل لما مر من طول دعوته إياهم وشدة شكيمتهم وتمادى إصرارهم مهاجرا عنهم قبل ان يؤمر وبناء المفاعلة للدلالة على كمال غضبه والمبالغة فيه وقيل وعدهم بنزول العذاب لاجل معلوم وفارقهم ثم بلغه بعد مضى الاجل انه تعالى لم يعذبهم ولم يعلم سببه وهو انهم حين رأوا امارات العذاب تابوا وأخلصوا فى الدعاء فظن انه كذبهم وغضب من اندفاع العذاب عنهم وذهب غضبان وهذا القول انسب بتقرير الشيخ نجم الدين فى تأويلاته وهو من كبار المحققين فكلامه راجح عند اهل اليقين فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ اى لن نضيق عليه الأمر يقال قدر على عياله قدر أضيق وقدرت عليه الشيء ضيقته كأنما جعلته بقدر خلاف ما وصف بغير حساب نزل حاله منزلة من يظن ذلك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الإنسان إذا استولى عليه الغضب يلتبس عليه عقله ويحتجب عنه نور إيمانه حتى يظن بالله ما لا يليق بجلاله وعظمته ولو كان نبيا وان من كمال قوة نبينا عليه السلام انه كان يغضب ولا يقول فى الرضى والغضب الا الحق وفيه اشارة اخرى وهى ان لله تعالى من كمال فضله وكرمه على عباده وان كانوا عصاة مستوجبين للعذاب ان يعاتب أنبياءه لهم ولا يرضى عنهم اشتهاء نزول عذاب الله بقومهم وكراهية دفع العذاب عنهم بل يرضى لهم ان يستغفروا لهم ويستعفوه
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام چون ديد كه داود عليه السلام إلخ
(2) لم أجد
(3) در اواسط دفتر پنجم در بيان اطاعت روباه شير را وروانه شدن وديدن او حرزا إلخ(5/516)
لدفع العذاب عنهم كما قال لنبينا عليه السلام (فاعف عنهم واستغفر لهم) وقال فى حق الكفار وكان النبي عليه السلام يلعن بعضهم (ليس لك من الأمر شىء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون) انتهى- روى- انه حين خرج مغاضبا اتى بحر الروم فوجد قوما هيأوا السفينة فركب معهم فلما توسطت السفينة البحر وقفت ولم تجر بحال فقال الملاحون هنا رجل عاص او عبد آبق لان السفينة لا تفعل هذا الا وفيها عاص او آبق ومن عادتنا إذا ابتلينا بهذا البلاء ان نقترع فمن وقعت عليه القرعة ألقيناه فى البحر فاقترعوا ثلاث مرات فوقعت القرعة فيها كلها على يونس فقال انا الرجل العاصي والعبد الآبق فالقى نفسه فى البحر فجاء حوت فابتلعه فاوحى الله تعالى الى الحوت ان لا تؤذى منه شعرة فانى جعلت بطنك سجنا له ولم اجعله طعاما فَنادى الفاء فصيحة اى فكان ما كان من القرعة والتقام الحوت فنادى فِي الظُّلُماتِ اى فى الظلمة الشديدة المتكاثفة او فى ظلمات بطن الحوت والبحر والليل وقال الشيخ السمرقندي فى تفسيره وعندى والله اعلم ان تلك الظلمات كانت من الجهات الست كما قال عليه السلام (ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة فهو متحير فى الظلمات) إِنَّ اى بانه لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الروح الشريف إذا القى فى بحر الدنيا والتقمه حوت النفس الامارة بالسوء وابتلع حوت النفس حوت القالب يكون من النوادر سلامة الروح من آفات النفس بحيث لا تتصرف فيه ولا تغيره عن صفاته بوحي الحق إليها بان لا تؤذيه فانى لم اجعله طعمه لك وانما جعلتك حرزا وسجنا له كما كان حال يونس وسلامته فى بطن الحوت من النوادر ومن سلامة الروح ان يناديه فى ظلمة النفس وظلمة القالب وظلمة الدنيا ان لا اله الا أنت اى لا اله يحفظنى من هذه الظلمات ويسلمنى من آفاتها وفتنتها ويلهمنى ان اذكره فى هذا الموطن على هذه الحالة الا أنت سُبْحانَكَ أنزهك تنزيها لائقابك من ان يعجزك شىء وان يكون ابتلائى هذا بغير سبب من جهتى كما قال فى المثنوى
هر چهـ بر تو آيد از ظلمات غم ... آن ز بى باكى وكستاخيست هم «1»
وفى التأويلات النجمية نزهه عن الظلم عليه وان كان فعله بخلق فيه كما قال تعالى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ونسب الظلم الى نفسه اعترافا واستحقاقا ورعاية للادب فقال إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لانفسهم بتعريضها للهلاك حيث بادرت الى المهاجرة: وفى المثنوى
چون بگويى جاهلم تعليم ده ... اينچنين انصاف از ناموس به «2»
از پدر آموز اى روشن جبين ... ربنا كفت وظلمنا پيش ازين
نى بهانه كرد ونى تزوير ساخت ... نى لواى مكر وحيلت بر فراخت
وفى عرائس البقلى قدس سره ان الله أراد ليونس معراجا ومشاهدة فى بطن الحوت فتعلل بالأمر والنهى والمقصود منه القربة والمشاهدة فاراه الحق فى طباق الثرى فى ظلمات بطن الحوت ما رأى محمد عليه السلام فوق العرش فلما رأى الحق تحير فى حاله فقال لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ نزهتك عما ظننت فيك فانت بخلاف الظنون وأوهام الحدثان إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان در خواستن توفيق رعايت ادب إلخ
(2) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه رستن خروب در كوشه مسجد أقصى إلخ(5/517)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)
فى وصف جلالك إذ وصفي لا يليق بعزة وحدانيتك فوقع هذا القول منه موقع قول سيد المرسلين حيث قال (لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولذلك قال عليه السلام (لا تفضلونى على أخي يونس) فلما رأى ما رأى استطاب الموضع فظن ان لا يدرك ما أدرك فى الدنيا بعد فغاب الحق عنه فاهتم ودعا بالنجاة فنجاه الله من وحشة بطن الحوت بقوله فَاسْتَجَبْنا لَهُ اى دعاءه الذي فى ضمن الاعتراف بالذنب على الطف وجه وآكده وفيه اشارة الى انه تعالى كما أجاب يونس ونجاه من ظلمات عالم الأجسام كذلك ينجى روح المؤمن المؤيد منه من حجب ظلمات النفس والقالب والدنيا ليذكره بالوحدانية فى ظلمات عالم الأجساد كما كان يذكره فى أنوار عالم الأرواح ويكون متصرفا فى عالم الغيب والشهادة باذنه خلافة عنه كما فى التأويلات النجمية وفى الحديث (ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء الا استجيب له) وعن الحسن ما نجاه والله الا إقراره على نفسه بالظلم وفى صحيح المستدرك قال عليه السلام (اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به اعطى لا اله الا أنت) إلخ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ من غم الالتقام والبحر بان قذفه الحوت الى الساحل بعد اربع ساعات او ثلاثة ايام او سبعة او أربعين والذهاب به الى البحار القاصية وتخوم الأرض السابعة وقال بعضهم كان رأس الحوت فوق الماء وفمه مفتوحا وعن ابى هريرة رضى الله عنه يرفعه اوحى الله الى الحوت ان خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فاخذه ثم هوى به الى مسكنه فى البحر فلما انتهى به الى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال فى نفسه ما هذا فاوحى الله اليه ان هذا تسبيح دواب البحر فسبح هو فى بطنه فسمع الملائكة تسبيحه وقالوا يا ربنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة. وفى رواية صوتا معروفا من مكان مجهول فقال ذاك عبدى يونس عصانى فحبسته فى بطن الحوت فقالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه فى كل يوم وليلة عمل صالح قال نعم فشفعوا عند ذلك فامر الحوت فقذفه فى الساحل وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الانجاء لا إنجاء ادنى منه نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ من غموم دعوا الله فيها بالإخلاص وعن جعفر بن محمد قال عجبت ممن يتلى بأربع كيف يغفل عن اربع عجبت لمن يبتلى بالهم كيف لا يقول لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لان الله تعالى يقول فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ وعجبت لمن يخاف شيأ من السوء كيف لا يقول حسبى الله ونعم الوكيل لان الله تعالى يقول فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وعجبت لمن يخاف مكر الناس كيف لا يقول وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ لان الله تعالى يقول فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وعجبت لمن يرغب فى الجنة كيف لا يقول ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) لان الله تعالى يقول فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ قال قتادة ذكر لنا رجل على عهد رسول الله عليه السلام قال اللهم ما كنت تعاقبنى به فى الآخرة فعجله لى فى الدنيا فمرض الرجل مرضا شديدا فأضنى حتى صار كأنه هامة فاخبر به رسول الله فاتاه فرفع رأسه وليس به حراك فقيل يا رسول الله انه كان يدعو بكذا وكذا فقال عليه السلام (يا ابن آدم انك لن تستطيع ان تقوم بعقوبة الله تعالى ولكن(5/518)
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)
قل اللهم ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) فدعا بها فبرئ وعن خالد بن الوليد رضى الله عنه انه قال يا رسول الله اروّع فى منامى قال قل (أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين ان يحضرونى) : وفى المثنوى
تا فرود آيد بلا بي دافعى ... چون نباشد از تضرع شافعى «1»
جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار «2»
روز را بگذار وزارى را بگير ... رحم سوى زارى آيد اى فقير «3»
زارئ مضطر كه تشنه معنويست ... زارئ سردى دروغ آن غويست
كريه اخوان يوسف حيلتست ... كه درونشان پر ز رشك وعلتست
وَزَكَرِيَّا واذكر خبر زكريا بن اذن بن مانان من أنبياء بنى إسرائيل إِذْ نادى رَبَّهُ وقال رَبِّ [اى پروردگار من] لا تَذَرْنِي فَرْداً مثل هذه العبارة من العبد للسيد تضرع ودعاء لا نهى اى هب لى ولدا ولا تدعنى وحيدا بلا ولد يرثنى لما بلغ عمر زكريا عليه السلام مائة سنة وبلغ عمر زوجته تسعا وتسعين ولم يرزق لهما ولد أحب ان يرزقه الله من يؤنسه ويقويه على امر دينه ودنياه ويكون قائما مقامه بعد موته فدعا ثم رد الأمر الى مولاه مستسلما ومنقادا لمشيته فقال وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ خير من يبقى بعد من يموت فحسبى أنت ان لم ترزقنى وأرنا فهو ثناء على الله تعالى بانه الباقي بعد فناء الخلق وله ميراث السموات والأرض فَاسْتَجَبْنا لَهُ اى دعاءه فى حق الولد كما قال وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى لا فى حق الوراثة إذ المشهور ان يحيى قتل قبل موت أبيه وهذا لا يقدح فى شأن زكريا كما لا يقدح عدم استجابة دعاء ابراهيم فى حق أبيه فى شأنه فان الأنبياء عليهم السلام وان كانوا مستجابى الدعوة لكن اثر بعض الدعوات لا يظهر فى هذا الموطن للحكمة الالهية وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ ايشاع بنت عمران او بنت فاقود اى جعلناها ولودا بعد ان كانت عقيما فانها لم تلد قط بعد ان بلغت تسعا وتسعين سنة إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ الضمير عائد الى زكريا وزوجه ويحيى او الأنبياء المذكورين فيكون تعليلا لما فصل من فنون إحسانه تعالى المتعلقة بهم مثل إيتاء موسى وهارون الفرقان وتبريد النار وإطفائها لابراهيم وإنجاء لوط مما نزل بقومه وإنجاء نوح ومن كان معه فى السفينة من أذى القوم وكرب الطوفان وغير ذلك مما تفضل به على الأنبياء السابقين اى انهم كانوا يبادرون فى وجوه الخيرات مع ثباتهم واستقرارهم فى اصل الخيرات وهو السر فى إيثار كلمة فى على كلمة الى المشعرة بخلاف المقصود من كونهم خارجين عن اصل الخيرات متوجهين إليها كما فى قوله تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ الآية قال الراغب الخير ما يرغب فيه الكل بكل حال وهو الخير المطلق والشر ضده وَيَدْعُونَنا حال كونهم رَغَباً راغبين فى اللطف والجمال وَرَهَباً خائفين من القهر والجلال او راغبين فينا وراهبين مما سوانا والرغبة السعة فى الارادة يقال رغب الشيء اتسع فاذا قيل رغب فيه واليه يقتضى الحرص عليه فاذا قيل رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه والزهد فيه والرغبة العطاء الكثير لكونه مرغوبا
__________
(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان فرمان آمدن بميكائيل كه از روى زمين قبضه خاك بردار إلخ
(2) در أوائل دفتر سوم در بيان دعوت كردن نوح عليه السلام پسر را إلخ
(3) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفاوت عقول از اصل فطرت إلخ(5/519)
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)
فيه فيكون مشتقا من الأصل فان اصل الرغبة السعة فى الشيء ومنه ليلة الرغائب اى العطايا الجزيلة قال يعطى الرغائب من يشاء ويمنع والرهبة مخافة مع تحرك واضطراب وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ عابدين فى تواضع وضراعة واكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح ولكن شأن الأنبياء أعلى من يكون حالهم منحصرا فى الظاهر فلهم خشوع كامل فى القلب والقالب جميعا وأكل العبد خشنا واللبس خشنا وطأطأة الرأس ونحوها من غير ان يكون فى قلبه الإخلاص والخوف من الله تعالى صفة المرائى والمتصنع
ور آوازه خواهى در إقليم فاش ... برون حله كن كر درون حشو باش
بنزديك من شب رو راه زن ... به از فاسق پارسا پيرهن
چهـ قدر آورد بنده خورديش ... كه زير قبا دارد أندام پيش
والمعنى انهم نالوا من الله ما نالوا بسبب اتصافهم بهذه الخصال الحميدة فليفعل من أراد الاجابة الى مطلوبه مثل ما فعلوا وليتخلق بتلك الأخلاق وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها المراد بها مريم بنت عمران. والحصن فى الأصل كل موضع حصين اى محكم لا يوصل الى جوفه واحصنه جعله فى حصن وحرز ثم تجوز فى كل تحرز وامرأة حصان كسحاب عفيفة او متزوجة والفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه والفرج انكشاف الغم وفراريج الدجاج لانفراج البيض عنهاه اى اذكر خبر مريم التي حفظت سوأتها حفظا كليا من الحلال والحرام [يعنى خود را پاكيزه داشت ودست هيچكس بدامن عفت او نرسيد] وقال الامام السهيلي رحمه الله يريد فرج القميص اى لم يعلق بثوبها ريبة اى انها طاهرة الأثواب وفروج القميص اربعة الكمان والأعلى والأسفل فلا يذهب وهمك الى غير هذا فانه من لطيف الكناية انتهى فَنَفَخْنا فِيها اى أحيينا عيسى كائنا فى جوفها فقوله فيها حال من المفعول المحذوف مِنْ رُوحِنا من الروح الذي هو من أمرنا ففيه تشبيه لايراد الروح فى البدن بنفخة النافخ فى الشيء فيكون نفخنا استعارة تبعية وقال السهيلي النفخ من روح القدس بامر القدوس فاضف القدس الى القدوس ونزه المقدسة عن الظن الكاذب والحدس انتهى وقد سبقت قصة النفخ فى سورة مريم وَجَعَلْناها وَابْنَها اى حالهما آيَةً عظيمة لِلْعالَمِينَ وعلامة دالة على القدرة الكاملة لاهل زمانهما ولمن بعدهما فان من تأمل فى ظهور ولد من بتول عذراء من غير فحل تحقق كمال قدرته تعالى ولم يقل آيتين لانها قصة واحدة وهى ولادتها له من غير ذكر ولكل واحد منهما آيات مستقلة متكاثرة كما أشير الى بعض منها فى القرآن والى بعض آخر فى التفاسير وكتب القصص: وفى المثنوى
صومعه عيسيست خوان اهل دل ... هان هان اى مبتلا اين در مهل «1»
جمع كشتندى زهر أطراف خلق ... از ضرير وشل ولنك واهل دلق
پر در آن صومعه عيسى صباح ... تا بدم او شان رهاند از جناح
او چوكشتى فارغ از أوراد خويش ... چاشتكه بيرون شدى آن خوب كيش
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان جمع آمدن اهل آفت هر صباحى بر در صومعه عيسى عليه السلام [.....](5/520)
إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)
جوق جوقى مبتلا ديدى نزار ... شسته بر در بر اميد وانتظار
كفتى اى اصحاب آفت از خدا ... حاجت ومقصود جمله شد روا
بي توقف جمله شادان در أمان ... از دعاى او شدندى پادوان
از در دل واهل دل آب حيات ... چند نوشيدى ووا شد چشمهات
آزمودى تو بسى آفات خويش ... يافتى صحت ازين شاهان كيش
باز اين در را رها كردى ز حرص ... كرد هر دكان همى كردى ز حرص «1»
بر در آن منعمان چرب ديك ... ميدوى بهر ثريد مرده ريك
چربش اينجا دانكه جان فربه شود ... كار نااميد اينجا به شود
ومن عجائب عيسى عليه السلام ان امه ذهبت به الى صباغ وقالت له خذ هذا الغلام وعلمه شيأ من صنعتك فاخذه منها وقال ما اسمك يا غلام فقال عيسى بن مريم فقال له يا عيسى خذ هذه الجرة واملأ هذه النقائر من هذا النهر ففعل فاعطاه الصباغ الثياب وقال له ضع كل لون مع ثيابه فى نقير ثم تركه وانصرف الى منزله فاخذ عيسى الثياب جميعا ووضعها فى نقير واحد ووضع عليها الاصباغ جملة واحدة وانصرف الى امه ثم عاد من الغد وجاء الصباغ فرأى الثياب والاصباغ كلها فى نقير واحد فغضب وقال اتلفتنى واتلفت ثياب الناس فقال له عيسى ما دينك قال يهودى فقال له قل لا اله الا الله وانى عيسى روح الله ثم ادخل يدك فى هذا النقير واخرج كل ثوب على اللون الذي يريده صاحبه فهداه الله تعالى ففعل فكان الأمر كما قال عيسى إِنَّ هذِهِ اى ملة التوحيد والإسلام أشير إليها بهذه تنبيها على كمال ظهور أمرها فى الصحة والسداد أُمَّتُكُمْ ايها الناس اى ملتكم التي يجب ان تحافظوا على حدودها وتراعوا حقوقها ولا تخلوا بشئ منها أُمَّةً واحِدَةً نصب على الحالية من أمتكم اى غير مختلفة فيما بين الأنبياء فانهم متفقون فى الأصول وان كانوا مختلفين فى الفروع بحسب الأمم والاعصار قال فى القاموس الامة جماعة أرسل إليهم رسول انتهى فاصلها القوم الذي يجتمعون على دين واحد ثم اتسع فيها فاطلقت على ما اجتمعوا عليه من الدين والملة واشتقاقها من أم بمعنى قصد فالقوم هم الجماعة القاصدة وما اجتمعوا عليه هو الملة المقصودة وَأَنَا رَبُّكُمْ لا اله لكم غيرى فَاعْبُدُونِ خاصة لا غير وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ التفات من الخطاب الى الغيبة. القطع فصل الشيء مدركا بالبصر كالاجسام او بالبصيرة كالاشياء المعقولة والتفعل هنا للتعدية نحو علمته الفقه فتعلم الفقه والمعنى جعل الناس امر الدين قطعا واختلفوا فيه فصاروا فرقا كأنه قيل ألا ترون الى عظيم ما ارتكب هؤلاء فى دين الله الذي أجمعت عليه كافة الأنبياء حيث جعلوا امر دينهم فيما بينهم قطعا فاصاب كل جماعة قطعة من الدين فصاروا بتقطيع دينهم كأنهم قطع شتى يلعن بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض كما قال الكاشفى [وببريدند امم ماضيه كار دين خود را در ميان خود يعنى فرقه فرقه شدند چون يهود ونصارى وهر يك تكفير ديكرى كرند] وقد ثبت ان امة ابراهيم عليه السلام صاروا بعده سبعين فرقة وامة موسى عليه السلام احدى وسبعين وامة عيسى
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان قصه اهل سبا وطاغى كردن نعمت ايشانرا إلخ(5/521)
فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94) وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)
عليه السلام ثنتين وسبعين وامة محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثا وسبعين كلهم فى النار الا واحدة وهى التي لا يشوبون ما عين الله ورسوله بشئ من الهوى كُلٌّ اى كل واحدة من الفرق المتقطعة إِلَيْنا لا الى غيرنا راجِعُونَ بالبعث فنجازيهم حينئذ بحسب أعمالهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الخلق تفرقوا فى أمرهم فمنهم من طلب الدنيا ومنهم من طلب الآخرة ومنهم من طلب الله تعالى ثم قال كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ فاما طالب الدنيا فراجع الى صورة قهرنا وهى جهنم واما طالب الآخرة فراجع الى صورة لطفنا وهى الجنة واما طالبنا فراجع الى وحدانيتنا ثم فصل الجزاء بقوله فَمَنْ [پس هر كه] يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ اى بعض الصالحات وَهُوَ اى والحال انه مُؤْمِنٌ بالله ورسله فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ اى لا حرمان لثواب عمله استعير لمنع الثواب كما استعير الشكر لاعطائه يعنى شبه رد العمل ومنع الثواب بالكفران الذي هو ستر النعمة وإنكارها وشبه قبول العمل وإعطاء الثواب بمقابلته بشكر المنعم عليه للنعم فاطلق عليه الشكر كما قال ان رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ والسعى فى الأصل المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الأمر خيرا كان او شرا واكثر ما يستعمل فى الافعال المحمودة وَإِنَّا لَهُ اى لسعيه كاتِبُونَ اى مثبتون فى صحائف أعمالهم لا نغادر من ذلك شيأ [مزد كار نيكوان ضائع نباشد نزد حق] لا يضيع الله فى الدارين اجر المحسنين وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ حرام خبر لقوله انهم لا يرجعون والجملة لتقرير مضمون ما قبلها من قوله كل إلينا راجعون والرحمان مستعار لممتنع الوجود بجامع ان كل واحد منهما غير مرجو الحصول. والقرية اسم للمصر الجامع كما فى القاموس واسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس كما فى المفردات فعلى هذا تطلق على ما يعبر عنه بالفارسية [سپهر وكوى] ومعنى التحقيق فى انّ معتبر فى النفي المستفاد من حرام على ان المعنى وممتنع البتة على اهل القرية المهلكة عدم رجوعهم إلينا للجزاء لا فى المنفي على معنى ان عدم رجوعهم المحقق ممتنع وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله كل إلينا راجعون لانهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم وفى التأويلات النجمية يشير الى قلوب اهل الأهواء والبدع المهلكة باعتقاد السوء ومخالفات الشرع انهم لا يتوبون الى الله ولا يرجعون الى الحق يدل على هذا التأويل قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ حتى هنا ليس بحرف جز ولا حرف عطف بل حرف يبتدأ بعدها الكلام غاية لما يدل عليه ما قبلها كأنه قيل يستمرون على ما هم عليه من الهلاك حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا ويقولون يا وَيْلَنا إلخ وإذا شرطية ويأجوج ومأجوج قبيلتان من الانس يقال الناس عشرة اجزاء تسعة منها يأجوج ومأجوج والمراد بفتحها فتح سدها على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه وقد سبق قصة يأجوج ومأجوج وبناء السد عليهم وفتحه فى آخر الزمان فى سورة الكهف وَهُمْ اى والحال ان يأجوج ومأجوج مِنْ كُلِّ حَدَبٍ مرتفع من الأرض(5/522)
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)
وتل قال الراغب يجوز ان يكون الأصل فى الحدب حدب الظهر وهو خروجه ودخول الصدر والبطن ثم شبه به ما ارتفع من الأرض فسمى حدبا ومنه محدب الفلك يَنْسِلُونَ ينزلون مسرعين وأصله مقاربة الخطو مع الاسراع وفى بحر العلوم من نسل الذئب إذا اسرع فى مشيه- روى- انهم يسيرون فى الأرض ويقبلون على الناس من كل موضع مرتفع قال الكاشفى [همه عالم را فرا كيرند وآبهاى درياها تمامى بياشامند واز خشك وتر هر چهـ يابند بخورند] وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ عطف على فتحت والمراد ما بعد النفخة الثانية من البعث والحساب والجزاء فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا جواب الشرط وإذا للمفاجأة والضمير للقصة وشاخصة خبر مقدم لابصار والجملة خبر ضمير القصة مفسرة له يقال شخص بصره فهو شاخص إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف وبصره رفعه وشخص شخوصا ارتفع والمعنى بالفارسية [پس آنجا قصه آنست كه خيره وباز مانده است از هول رستخيز ديدهاى كفار] وفى الآية دلالة على ان قيام الساعة لا يتأخر عن خروج يأجوج ومأجوج كما روى عن حذيفة رضى الله عنه انه قال لو ان رجلا اقتنى فلو ابعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة والفلو المهر اى ولد الفرس فان قيل فتح السد واقتراب الوعد الحق يحصل فى آخر ايام الدنيا والجزاء وشخوص الابصار انما يحصل يوم القيامة والشرط والجزاء لا بد وان يكونا متقاربين فالجواب ان التفاوت القليل يجرى مجرى العدم يا وَيْلَنا [واى بر ما] وهو على تقدير قول وقع حالا من الموصول اى يقولون يا ويلنا تعال فهذا أوان حضورك قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ تامة فى الدنيا والغفلة سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ مِنْ هذا اى من البعث والرجوع اليه للجزاء ولم نعلم انه حق بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ إضراب عما قبله من وصف أنفسهم بالغفلة اى لم نكن غافلين عنه حيث نبهنا عليه بالآيات والنذر بل كنا ظالمين بتلك الآيات والنذر مكذبين بها او ظالمين لانفسنا بتعريضها للعذاب الخالد بالتكذيب فليتفكر العاقل فى هذا البيان والتذكار فقد نبه الله وقطع الاعذار وفى الحديث (يقول الله يا معشر الجن والانس انى قد نصحت لكم فانما هى أعمالكم فى صحفكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه) وعن بعض الحكماء انه نظر الى أناس يترحمون على ميت خلف جنازته فقال لو تترحمون على أنفسكم لكان خيرا لكم اما انه قدمات ونجا من ثلاثة اهوال. أولها رؤية ملك الموت. والثاني مرارة الموت. والثالث خوف الخاتمة: قال الشيخ سعدى
خبر دارى اى استخوانى قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس
چومرغ از قفس رفت بگسست قيد ... دكرره نكردد بسعى تو صيد
سر از جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون
اگر مرد مسكين زنان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى
كه اى زنده چون هست إمكان كفت ... لب از ذكر چون مرده بر هم مخفت
جو ما را بغفلت بشد روزكار ... تو بارى دمى چند فرصت شمار
إِنَّكُمْ يا اهل مكة وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى والأصنام التي تعبدونها متجاوزين(5/523)
لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)
عبادة الله تعالى وذلك بشهادة ما فانها لما لا يعقل فخرج عزير وعيسى والملائكة حَصَبُ جَهَنَّمَ بفتح المهملتين اسم لما يحصب اى يرمى فى النار فتهيج به من حصبه إذا رماه بالحصباء ولا يقال له حصب الا وهو فى النار واما قبل ذلك فيقال له حطب وشجر وخشب ونحو ذلك والمعنى تحصبون فى جهنم وترمون فتكونون وقودها. وهو بالفارسية [آتش انگيز] أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ داخلون على طريق الخلود والخطاب لهم ولما يعبدون تغليبا [در تبيان كفته كه حكمت إيراد بتان بدوزخ زيادت تعذيب بت پرستانست چهـ بدانها آتش افروخته كردد واحتراق ايشان بيفزايد] لَوْ كانَ هؤُلاءِ الأصنام آلِهَةً على الحقيقة كما يزهمون ما وَرَدُوها ما دخلوها وحيث تبين ورودهم إياها تعين امتناع كونهم آلهة بالضرورة وَكُلٌّ من العابدين والمعبودين فِيها خالِدُونَ لا خلاص لهم منها لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ الزفير ترديد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه اى انين وتنفس شديد وهو مع كونه من افعال العبدة أضيف الى الكل للتغليب وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ اى لا يسمع بعضهم زفير بعض لشدة الهول وفظاعة العذاب وعن ابن مسعود رضى الله عنه يجعلون فى توابيت من نار ثم تجعل تلك التوابيت فى توابيت اخرى ثم تلك فى اخرى عليها مسامير من نار فلا يسمعون شيأ ولا يرى أحد منهم ان فى النار أحدا يعذب غيره ثم بين احوال أضداد هؤلاء فقال إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى الخصلة الحسنى التي هى احسن الخصال وهى السعادة وهم كافة المؤمنين الموصوفين بالايمان والأعمال الصالحة او سبقت لهم كلمتنا بالبشرى بالثواب على الطاعة أُولئِكَ المنعوتون بما ذكر من النعت الجميل عَنْها اى عن جهنم مُبْعَدُونَ [دور كرده شدكانند] لانهم فى الجنة وشتان بينها وبين النار لان الجنة فى أعلى عليين والنار فى أسفل السافلين [صاحب بحر فرموده كه سبق عنايت أزلية در بدايت موجب ظهور ولايت است در نهايت هر تخم كه در ازل بكشتند نهان در مزرعه ابد برويد بعيان] قال بعض الكبار ظاهر حسن العناية السابقة لاهل الاصطفاء اربعة أشياء. الانفراد من الكونين. والرضى بلقاء الله عن الدارين. وإمضاء العيش مع الله بالحرمة والأدب. وظهور أنوار قدرة الله منهم بالفراسات الصادقة والكرامات الظاهرة وباطن حسن العناية السابقة من الله فى الأزل لهم اربعة ايضا. المواجيد الساطعة. وانفتاح العلوم الغيبية. والمكاشفات القائمة. والمعارف الكاملة وفى كل موضع ظهرت هذه الأشياء بالظاهر والباطن صار صاحبها مشهورا فى الآفاق بسمات الصديقين وعلامات المقربين وخلافة سيد المرسلين وقال بعضهم الحسنى العناية والاختيار والهداية والعطاء والتوفيق فبالعناية وقعت الكفاية وبالاختيار وقعت الرعاية وبالهداية وقعت الولاية وبالعطاء وقعت الحكمة وبالتوفيق وقعت الاستقامة: قال الشيخ سعدى قدس سره
نحست او أرادت بدل بر نهاد ... پسين بنده بر آستان سر نهاد
چهـ انديشى از خود كه فعلم نكوست ... از ان در نكه كن كه توفيق اوست
برد بوستان بان بايوان شاه ... بتحفة ثمر هم ز بستان شاه(5/524)
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)
لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها الحسيس صوت يحس به اى لا يسمعون صوتها سمعا ضعيفا كما هو المعهود عند كون المصوت بعيدا وان كان صوته فى غاية الشدة لا انهم لا يسمعون صوتها الخفي فى نفسه فقط قال الصادق كيف يسمعون حسيسها والنار تخمد لمطالعتهم وتتلاشى برؤيتهم وفى الحديث (تقول النار للمؤمن يوم القيامة جز يا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى: وفى المثنوى
ز آتش مؤمن ازين رو اى صفى ... ميشود دوزخ ضعيف ومنطفى «1»
كويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه ز آتشهاى تو مرد آتشم
وفى التأويلات النجمية ومن آثار سبق العناية الازلية ان لا يسمعون حسيس جهنم القهر وحسيسها مقالات اهل الأهواء والبدع وادلة الفلاسفة وبراهينهم بالعقول المشوبة بالوهم والخيال وظلمة الطبيعة وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ دائمون فى غاية التنعم والاشتهاء والشهوة طلب النفس اللذة وتقديم الظرف للقصر والاهتمام وهو بيان لفوزهم بالمطالب اثر بيان خلاصهم من المهالك قال ابن عطاء للقلوب شهوة وللارواح شهوة وللنفوس شهوة وقد يجمع الله لهم فى الجنة جميع ذلك فشهوة الأرواح القرب وشهوة القلوب المشاهدة والرؤية وشهوة النفوس الالتذاذ بالراحة والاكل والشرب والزينة لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ بيان لنجاتهم من الافزاع بالكلية بعد بيان نجاتهم من النار لانهم إذا لم يحزنهم اكبر الافزاع لا يحزنهم ما عداه بالضرورة والفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه قال الراغب الفزع الأكبر هو الفزع من دخول النار وقال بعضهم ذبح الموت بمرأى من الفريقين وأطباق جهنم على أهلها اى وضع الطبق عليها بعد ما اخرج منها من اخرج فيفزع أهلها حينئذ فزعا شديدا لم يفزعوا فزعا أشد منه وقال بعض ارباب الحقيقة هو قوله تعالى فى الأزل (هؤلاء فى الجنة ولا أبالي) وذلك لان نفوسهم المطمئنة فى الجنة المضافة الى الحضرة كما قال تعالى وَادْخُلِي جَنَّتِي فافهم جدا وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ اى تستقبلهم ملائكة الرحمة مهنئين لهم هذا يَوْمُكُمُ على ارادة القول اى قائلين هذا اليوم يومكم الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فى الدنيا وتبشرون بما فيه من فنون المثوبات على الايمان والطاعة قال الكاشفى [عابدانرا كويند اين روز جزاى شماست عارفانرا خطاب رسد كه اين روز تماشاى شماست]
نيك مردانرا نعيم اندر نعيم ... عشق بازان را لقا اندر لقاء
حصه آنها وصال حور عين ... بهره اينها جمال كبريا
فليجتهد العاقل فى الطاعات حتى يصل الى القربات وليبعد نفسه عن المخالفات ليأمن من العقوبات واعلم ان الدار الآخرة وثوابها انما ينال إليها بترك الدنيا وزخارفها كما ان وصلة المولى لا تحصل الا بترك الكونين فمن كان مشتهاه الجنة ونعيمها فليترك اللذة فى الدنيا ومن كان مشتهاه المشاهدات فليقطع نظره عن غير الله تعالى قال فى الفتوحات الملكية اجمع اهل كل ملة على ان الزهد فى الدنيا مطلوب وقالوا ان الفراغ من الدنيا أحب لكل عاقل خوفا على نفسه من الفتنة التي حذرنا الله منها بقوله أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
انتهى كلامه قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوى
__________
(1) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جز يا مؤمن فان نورك اطفأ نارى(5/525)
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)
رحمه الله ومن فوائد الرهبان انهم لا يدخرون قوتا لغد لا يكنزون فضة ولا ذهبا قال ورايت شخصا قال لراهب انظر لى هذا الدينار هو من ضرب أي الملوك فلم يرض وقال النظر الى الدنيا منهى عنه عندنا قال ورأيت الرهبان مرة وهم يسحبون شخصا ويخرجونه من الكنيسة ويقولون له اتلفت علينا الرهبان فسألت عن ذلك فقالوا رأوا على عمامته نصفا مربوطا فقلت لهم ربط الدرهم مذموم فقالوا نعم عندنا وعند نبيكم صلى الله عليه وسلم قال بعض الحكماء ان فى الجنة راحة لا يجدها الا من لم يكن له فى الدنيا راحة وفيها غنى لا يجده الا من ترك الفضول فى الدنيا واقتصر على اليسير منها وفيها أمن لا يجده الا اهل الخوف والفزع فى الدنيا
لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائف آن «1»
وفيها ما تشتهى الأنفس لا يجده الا اهل الزهد وعن بعض الزهاد انه كان يأكل بقلا وملحا من غير خبز فقال له رجل اقتصرت على هذا قال نعم لانى انما جعلت الدنيا للجنة وأنت جعلت الدنيا للمزبلة يعنى تأكل الطيبات فتصير الى المزبلة وانى آكل لا قامة الطاعات لعلى أصير الى الجنة نسأل الله الفيض والجود والتوفيق لطريق الشهود يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ منصوب با ذكر والطى ضد النشر كَطَيِّ السِّجِلِّ وهى الصحيفة اى طيا كطى الطومار لِلْكُتُبِ متعلقة بمحذوف هو حال من السجل اى كائنا للكتب عبارة عن الصحائف وما كنت فيها فسجلها بعض اجزائها وبه يتعلق الطى حقيقة وقال الامام السهيلي ذكر محمد بن حسن المقري عن جماعة من المفسرين ان السجل ملك فى السماء الثالثة ترفع اليه اعمال العباد ترفعها اليه الحفظة الموكلون بالخلق فى كل خميس واثنين وكان من أعوانه فيما ذكروا هاروت وماروت وفى السنن لابى داود السجل كاتب كان للنبى عليه السلام وهذا لا يعرف فى كتاب النبي ولا فى أصحابه من اسمه السجل ولا وجد الا فى هذا الخبر انتهى كلام السهيلي رحمه الله قال فى انسان العيون لم يذكر فى القرآن من الصحابة رضى الله عنهم أحد باسمه الا زيد بن حارثة رضى الله عنه الذي تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لم يذكر امرأة باسمها الا مريم قال ابن الجوزي الا ما يروى فى بعض التفاسير ان السجل الذي فى قوله تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ الى آخره اسم رجل كان يكتب لرسول الله عليه السلام انتهى وفى القاموس السجل اسم كاتب للنبى عليه السلام واسم ملك كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ما كافة تكف الكاف عن العمل وأول مفعول لبدأنا اى نعيد ما خلقناه مبتدأ إعادة مثل بدئنا إياه فى كونها إيجادا بعد العدم وهو لا ينافى الاعادة من عجب الذنب قال فى البحر اى نعيد أول الخلق كما بدأناه تشبيها للاعادة بالابداء فى تناول القدرة القديمة لهما على السواء وَعْداً اى وعدنا الاعادة وعدا عَلَيْنا اى علينا إنجازه وبالفارسية [بر ماست وفا كردن بدان] إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ذلك لا محالة وفى التأويلات النجمية يشير الى طى سماء الوجود الإنساني بتجلى صفة الجلال فى إفناء مراتب الوجود من الانتهاء الى الابتداء كما بدأنا أول حلق من ابتداء النطفة بالتدريج من خلق النطفة علقة ومن خلق العلقة مضغة ومن خلق المضغة عظاما الى انتهاء خلق الانسانية ومن وصف النباتية الى وصف المركبية ومن وصف المركبية الى وصف مفردات العنصرية ومن وصف المفردية الى وصف الملكوتية ومن وصف الملكوتية الى وصف الروحانية
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير خرما بن(5/526)
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)
ومن وصف الروحانية الى وصف الربوبية بجذوة ارجعي الى ربك وعدا علينا فى الأزل انا كنا فاعلين الى الابد وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ وهو كتاب داود عليه السلام كما قال وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ اى بعد ما كتبنا فى التوراة لان كل كتاب سماوى ذكر كما سبق قال الراغب زبرت الكتاب كتبته كتابة غليظة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له الزبور وخص بالكتاب المنزل على داود قيل بل الزبور كل كتاب يصعب الوقوف عليه من الكتب الالهية وقال بعضهم اسم للكتاب المقصور على الحكمة العقلية دون الاحكام الشرعية والكتاب لما يتضمن الاحكام والحكم ويدل على ذلك ان زبور داود لا يتضمن شيأ من الاحكام قال فى القاموس الزبور الكتاب بمعنى المزبور والجمع زبر وكتاب داود عليه السلام انتهى أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ اى عامة المؤمنين بعد اجلاء الكفار كما قال وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وهذا وعد منه بإظهار الدين وإعزاز اهله وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد ارض الجنة كما ينبئ عنه قوله تعالى وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ قال فى عرائس البقلى كان فى علم الازلية ان ارض الجنان ميراث عباده الصالحين من الزهاد والعباد والأبرار والأخيار لانهم اهل الأعواض والثواب والدرجات وان مشاهدة جلال أزليته ميراث اهل معرفته ومحبته وشوقه وعشقه لانهم فى مشاهدة الربوبية واهل الجنة فى مشاهدة العبودية قال سهل أضافهم الى نفسه وحلاهم بحلية الصلاح معناه لا يصلح لى إلا ما كان لى خالصا لا يكون لغيرى فيه اثر وهم الذين أصلحوا سريرتهم مع الله وانقطعوا بالكلية عن جميع مادونه وقال الشيخ المغربي قدس سره
مجوى در دل ما غير دوست ز آنكه نيابى ... از انكه در دل محمود جز أياز نباشد
إِنَّ فِي هذا اى فيما ذكر فى السورة الكريمة من الاخبار والمواعظ البالغة والوعد والوعيد والبراهين القاطعة على التوحيد وصحة النبوة لَبَلاغاً اى كفاية لِقَوْمٍ عابِدِينَ اى لقوم همهم العبادة دون العادة وَما أَرْسَلْناكَ يا محمد بما ذكر وأمثاله من الشرائع والاحكام وغير ذلك من الأمور التي هى مناط السعادة فى الدارين فى حال من الأحوال إِلَّا حال كونك رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فان ما بعثت به سبب لسعادة الدارين ومنشأ لانتظام مصالحهم فى النشأتين ومن اعرض عنه واستكبر فانما وقع فى المحنة من قبل نفسه فلا يرحم وكيف كان رحمة للعالمين وقد جاء بالسيف واستباحة الأموال قال بعضهم جاء رحمة للكفار ايضا من حيث ان عقوبتهم أخرت بسببه وأمنوا به عذاب الاستئصال والخسف والمسخ ورد فى الخبر انه عليه السلام قال لجبريل (ان الله يقول وما أرسلناك الى آخره فهل أصابك من هذه الرحمة) قال نعم انى كنت أخشى عاقبة الأمر فامنت بك لثناء اثنى الله على بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه از رحمت وى بود كه امت را در هيچ مقام فراموش نكرد اگر در مكه معظمه بود واگر در مدينه زاهره اگر در مسجد مكرم بود واگر در حجره طاهره همچنين در ذروه عرش أعلى ومقام قاب قوسين(5/527)
او ادنى ياد فرمود كه «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» فردا در مقام محمود بساط شفاعت كسترده كويد أمتي أمتي]
عاصيان پر كنه در دامن آخر زمان ... دست در دامان تو دارند وجان در آستين
نا اميد از حضرت بانصرتت نتوان شدن ... چون تويى در هر دو عالم رحمة للعالمين
قال بعض الكبار وما أرسلناك الا رحمة مطلقة تامة كاملة عامة شاملة جامعة محيطة بجميع المقيدات من الرحمة الغيبية والشهادة العلمية والعينية والوجودية والشهودية والسابقة واللاحقة وغير ذلك للعالمين جمع عوالم ذوى العقول وغيرهم من عالم الأرواح والأجسام ومن كان رحمة للعالمين لزم ان يكون أفضل من كل العالمين وعبارة ضمير الخطاب فى قوله وَما أَرْسَلْناكَ خطاب للنبى عليه السلام فقط وإشارته خطاب لكل واحد من ورثته الذين هم على مشربه الى يوم القيامة بحسب كونه مظهرا لارثه وقال بعض الكبار انما كان رحمة للعالمين بسبب اتصافه بالخلق العظيم ورعايته المراتب كلها فى محالها كالملك والملكوت والطبيعة والنفس والروح والسر وفى التأويلات النجمية فى سورة مريم بين قوله وَرَحْمَةً مِنَّا فى حق عيسى وبين قوله فى حق نبينا عليه السلام وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فرق عظيم وهو انه فى حق عيسى ذكر الرحمة مقيدة بحرف من ومن للنبعيض فلهذا كان رحمة لمن آمن به واتبع ما جاء به الى ان بعث نبينا عليه السلام ثم انقطعت الرحمة من أمته بنسخ دينه وفى حق نبينا عليه السلام ذكر الرحمة للعالمين مطلقا فلهذا لا تنقطع الرحمة عن العالمين ابدا اما فى الدنيا فبان لا ينسخ دينه واما فى الآخرة فبان يكون الخلق محتاجين الى شفاعته حتى ابراهيم عليه السلام فافهم جدا قال فى عرائس البقلى ايها الفهيم ان الله أخبرنا ان نور محمد عليه السلام أول ما خلقه ثم خلق جميع الخلائق من العرش الى الثرى من بعض نوره فارساله الى الوجود والشهود رحمة لكل موجود إذا لجميع صدر منه فكونه كون الخلق وكونه سبب وجود الخلق وسبب رحمة الله على جميع الخلائق فهو رحمة كافية وافهم ان جميع الخلائق صورة مخلوقة مطروحة فى فضاء القدرة بلا روح حقيقة منتظرة لقدوم محمد عليه السلام فاذا قدم الى العالم صار العالم حيا بوجوده لانه روح جميع الخلائق. ويا عاقل ان من العرش الى الثرى لم يخرج من العدم الا ناقصا من حيث الوقوف على اسرار قدمه بنعت كمال المعرفة والعلم فصاروا عاجزين عن البلوغ الى شط بحار الالوهية وسواحل قاموس الكبريائية فجاء محمد عليه السلام اكسير أجساد العالم وروح اشباحه بحقائق علوم الازلية وأوضح سبيل الحق للخلق بحيث جعل سفر الآزال والآباد للجميع خطوة واحدة فاذا قدم من الحضرة الى سفر القربة بلغهم جميعا بخطوة من خطوات البارى سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
حتى وصل الى مقام او ادنى فغفر الحق لجميع الخلائق بمقدمه المبارك قال بعض العلماء ان كل نبى كان مقدمة للعقوبة لقوله تعالى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ونبينا عليه السلام كان مقدمة للرحمة لقوله وَما أَرْسَلْناكَ الى آخره وأراد الله تعالى ان يكون خاتمة على الرحمة لا على العقوبة لقوله تعالى (سبقت رحمتى على غضبى) ولهذا جعلنا آخر الأمم فابتداء الوجود رحمة وآخره وخاتمته(5/528)
قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)
رحمة واعلم انه لما تعلقت ارادة الحق بايجاد الخلق ابرز الحقيقة الاحمدية من كمون الحضرة الاحدية فميزه بميم الإمكان وجعله رحمة للعالمين وشرف به نوع الإنسان ثم انجبست منه عيون الأرواح ثم بدا ما بدا فى عالم الأجساد والأشباح كما قال عليه السلام (انا من الله والمؤمنون من فيض نورى) فهو الغاية الجليلة من ترتيب مبادى الكائنات كما قال تعالى (لولاك لما خلقت الافلاك)
علت غائيه هر عالم اوست ... سرور أولاد بنى آدم اوست
واسطه فيض وجودى همه ... رابطه بود ونبودى همه
قال العرفي الشيرازي فى قصيدته النعتية
از بس شرف كوهر تو منشئ تقدير ... آن روز كه بگذاشتى إقليم عدم را
تا حكم نزول تو درين دار نوشته است ... صدره بعبث باز تراشيده قلم را
المراد من العبث مقلوبه وهو البعث يعنى يكفيك شرفا وفضلا ان الله سبحانه انما خلق الخلق وبعث الأنبياء والرسل ليكونوا مقدمة لظهورك فى عالم الملك والشهادة فارواحهم وأجسادهم تابعة لروحك الشريف وجسمك اللطيف ثم اعلم ان حياته عليه السلام رحمة ومماته رحمة كما قال (حياتى خير لكم ومماتى خير لكم) قالوا هذا خيرنا فى حياتك فما خيرنا فى مماتك فقال (تعرض علىّ أعمالكم كل عشية الاثنين والخميس فما كان من خير حمدت الله تعالى وما كان من شر استغفر الله لكم) : قال المولى الجامى
ز مهجورى برآمد جان عالم ... ترحم يا نبى الله ترحم
نه آخر رحمة للعالمينى ... ز محرومان چرا فارغ نشينى
ز خاك اى لاله سيراب برخيز ... چونركس چند خواب از خواب بر خيز
اگر چهـ غرق درياى كناهم ... فناده خشك لب بر خاك راهم
تو ابر رحمتى آن به كه كاهى ... كنى در حال لب خشكان نكاهى
قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ اى ما يوحى الىّ الا انه لا اله لكم الا اله واحد وحاصله ما يوحى الىّ شىء غير التوحيد ومعنى القصر مع انه قد اوحى اليه التوحيد وغيره من الاحكام كون التوحيد مقصودا اصليا من البعثة فان ما عداه متفرع عليه وانما الاولى لقصر الحكم على الشيء كقولك انما يقوم زيد أي ما يقوم إلا زيد والثانية لقصر الشيء على الحكم نحو انما زيد قائم اى ليس له إلا صفة القيام قال ابن الشيخ فان قلت هذا الحصر يستلزم ان لا يكون الله تعالى موصوفا بغير الوحدانية مع ان له تعالى من صفات الجلال والجمال ما لا يحصى فالجواب ان القصر ليس حقيقيا إذ المقصود لفى ما يصفه المشركون فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ اى مخلصون العبادة لله تعالى مخصصونها به سبحانه وتعالى. وبالفارسية [پس آيا هستيد شما كردن نهاد كان مقتضاى وحي را] والفاء للدلالة على ان ما قبلها موجب لما بعدها يعنى ان العاقل إذا خلى ونفسه بعد ما قرئ عليه ما قبله ينبغى بل يجب ان لا يتوقف فى التوحيد وإذعانه وقبوله فَإِنْ تَوَلَّوْا اعرضوا عن الإسلام ولم يلتفتوا الى ما يوجبه(5/529)
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)
من الوحى فَقُلْ لهم آذَنْتُكُمْ أعلمتكم ما أمرت به من وجوب التوحيد والتنزيه والفارسية [آگاه كردم شما را عَلى سَواءٍ كائنين على سواء فى الاعلام به لم اطوه عن أحد منكم وما فرقت بينكم فى النصح وتبليغ الرسالة فهو حال من مفعول آذنتكم وَإِنْ أَدْرِي اى ما اعلم أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ من غلبة المسلمين وظهور الدين او الحشر مع كونه آتيا لا محالة ولا جرم ان العذاب والذلة يلحفكم وفى الاسئلة المقحمة كيف قال هذا وقد قال (واقترب الوعد الحق) فذلك يوم القيامة وهو قريب كما قال تعالى اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ إِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ اى ما تجاهرون به من الطعن فى الإسلام وتكذيب الآيات وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ من الحسد والعداوة للرسول وللمسلمين فيجازيكم عليه نقيرا وقطميرا وتكرير العلم فى معنى تكرير الوعيد قال بعض الكبار كيف يخفى على الحق من الخلق خافية وهو الذي أودع الهياكل أوصافها من الخير والشر والنفع والضر فما يكتمونه اظهر مما يبدونه وما يبدونه مثل ما يكتمونه جل الحق ان يخفى عليه خافية وهو الذي قال
برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست
قال فى التأويلات النجمية (يعلم ما تجهرون) من دعاوى الإسلام والايمان والزهد والصلاح والمعارف (ويعلم ما تكتمون) من الصدق والإخلاص او الرياء والسمعة والنفاق وَإِنْ ما أَدْرِي لَعَلَّهُ لعل تأخير جزائكم فِتْنَةٌ لَكُمْ استدراج لكم وزيادة فى افتتانكم لما كان الاستدراج سببا للفتنة والعذاب اطلق عليه لفظ الفتنة مجازا مرسلا او امتحان لكم كيف تعملون اى معاملة تشبيهية بالامتحان على طريق الاستعارة التمثيلية وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ وتمتيع لكم الى أجل مقدر يقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة ليكون ذلك حجة عليكم وليقع الجزاء فى وقت هو فيه حكمة قالَ الرسول فهو حكاية لدعائه عليه السلام رَبِّ [اى پروردگار من] احْكُمْ بِالْحَقِّ اى اقض بيننا وبين اهل مكة بالعدل المقتضى لتعجيل العذاب والتشديد عليهم وَرَبُّنَا مبتدأ خبره قوله الرَّحْمنُ كثير الرحمة على عباده وهى ان كانت بمعنى الانعام فمن صفات الفعل وان أريد بها ارادة إيصال الخير فمن صفات الذات الْمُسْتَعانُ خبر آخر اى المطلوب منه المعونة: يعنى [يارى آور خواهنده] عَلى ما تَصِفُونَ من الحال فانهم كانوا يقولون ان الشوكة تكون لهم [ورايت اسلام ودين دم بدم نكونسار خواهد شد] وان المتوعد لو كان حقا لنزل بهم الى غير ذلك مما لا خير فيه: يعنى [شما سخن ناسزا ميكوييد وما از خداى بران يارى خواهيم واميدوارى از دركاه حضرت او داريم]
مراد خويش ز دركاه پادشاهى خواه ... كه هيچكس نشود نااميد از ان دركاه
فاستجاب الله تعالى دعاء رسوله فخيب آمالهم وغير أحوالهم ونصر أولياءه عليهم فاصابهم يوم بدر ما أصابهم وفى الآية اشارة الى انه لا يطلب من الله تعالى ولا يطمع فى حق المطيع والعاصي الا ما هو مستحقه وقد جرى حكم الله فيها فى الأزل وان(5/530)
رحمته غير متناهيه وان كانت أنواعها مائة على ما قال عليه السلام (ان لله مائة رحمة) فعلى العاقل ان لا يغتر بطول العمر وكثرة الأموال والأولاد فان الاغترار بذلك من صفات الكفرة ومن كلمات امير المؤمنين على رضى الله عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد يمكر به فهو مخدوع عن عقله قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله لرجل أدرهم فى المنام أحب إليك أم دينار فى اليقظة فقال دينار فى اليقظة فقال كذبت لان الذي تحبه فى الدنيا كأنك تحبه فى المنام والذي لا تحبه فى الآخرة كأنك لا تحبه فى اليقظة نسأل الله العصمة والتوفيق تمت سورة الأنبياء فى الخامس من شهر الله رجب من سنة ست ومائة والف من الهجرة تمت الجلد الخامس من تفسير روح البيان ويتلوه الجلد السادس بعناية رب المنان(5/531)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
الجزء السادس
من تفسير روح البيان
تفسير سورة الحج
مكية الاست آيات من (هذانِ خَصْمانِ) الى آخر (الْحَمِيدِ) (وهى ثمان وسبعون آية) بسم الله الرحمن الرحيم
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ اى احذروا من عقوبة مالك أموركم ومربيكم بطاعته إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الزلزلة التحريك الشديد بطريق التكرير كما يدل عليه تكرير الحروف لان زلزل مضاعف زل والساعة عبارة عن القيامة سميت بذلك لسرعة حسابها كما فى المفردات اختلف العلماء فى وقت هذه الزلزلة فقال بعضهم تكون فى الدنيا قبيل طلوع الشمس من مغربها فيكون الذهول والوضع الإتيان على حقيقتهما وقال بعضهم تكون يوم القيامة فيحملان على التمثيل والأظهر ما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان زلزلة الساعة قيامها فيكون معناها ان الزلزلة الواقعة عند قيام الساعة شىء عظيم لا يحيط به الوصف فلا بد من التقوى لتخليص النفس من العذاب يَوْمَ تَرَوْنَها
منتصب بما بعده اى وقت رؤيتكم تلك الزلزلة تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
الذهول الذهاب عن الأمر مع دهشة والمرضعة المرأة المباشرة للارضاع بالفعل وبغير التاء هى التي من شأنها الإرضاع لكن لم تلابس الفعل ومثلها حائض وحائضة والتعبير عن الطفل بما دون من لتأكيد الذهول وكونه بحيث لا يخطر ببالها انه ماذا أي تغفل مع حيرة عما هى بصدد ارضاعه من طفلها الذي ألقمته ثديها اشتغالا بنفسها وخوفا: وبالفارسية [غافل شود وفراموش كند از هيبت آن هر شير دهنده از ان فرزندى كه ويرا شير ميدهد با وجود مهربانى مرضعه بر رضيع] اى لو كان مثلها فى الدنيا لذهلت المرضعة عما ارضعته لغير فطام وكذا قوله(6/2)
تعالى وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها
اى تلقى وتسقط جنينها لغير تمام من شدة ما غشيها والحمل بالفتح ما كان فى البطن او على رأس الشجر وبالكسر ما كان على الظهر وفى التأويلات النجمية يشير الى مواد الأشياء فان لكل شىء مادة هى ملكوته ترضع رضيعها من الملك وذهولها عنه بهلاك استعدادها للارضاع وذات حمل هى ما تسمى هيولى فانها حامل بالصور اى تسقط حمل الصور الشهادية املاك الهيولى وَتَرَى النَّاسَ
اهل الموقف سُكارى
جمع سكران اى كأنهم سكارى وافراد الخطاب هنا بعد جمعه فى ترونها لان الزلزلة يراها الجميع لكونها امرا مغايرا للناس بخلاف الحالة القائمة بهم من اثر السكر فان كل أحد لا يرى الا ما قام بغيره والسكر حالة تعرض بين المرء وعقله واكثر ما يستعمل ذلك فى الشراب وقد يعترى من الغضب والعشق ولذا قال الشاعر
سكران سكر هوى وسكر مدامة
ومنه سكرات الموت قال جعفر رضى الله عنه اسكرهم ما شاهدوا من بساط العز والجبروت وسرادق الكبرياء حتى الجأ النبيين الى ان قالوا نفسى نفسى
در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
وَما هُمْ بِسُكارى
حقيقة قال الكاشفى [زيرا زوال عقل از خوف وحيرت سكر نباشد واگر رأى العين مانند سكر نمايد] وفيه اشارة الى ان الصور الاخروية وان كانت مثل الصور الدنيوية فى ظاهر النظر لكن بين الحقيقتين تخالف ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما لا يشبه شىء مما فى الجنة شيئا مما فى الدنيا الا بالاسم واعلم ان السكر من انواع شتى. فمن شراب الغفلة والعصيان. ومن حب الدنيا وشهواتها. ومن التنعم. ومن لذة العلم. ومن الشوق. ومن المحبة. ومن الوصال. ومن المعرفة. ومن المحبية والمحبوبية كما قال بعضهم
لى سكرتان وللندمان واحدة ... شىء خصصت به من بينهم وحدي
وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
فغشيهم هوله وطير عقولهم وسلب تمييزهم وللعذاب نيران نار جهنم ونار القطيعة والفراق ونار الاشتياق ونار الفناء فى النار والبقاء بالنار كقوله تعالى (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) وكانت استغاثة النبي عليه السلام بقوله (كلمينى يا حميراء) من فوران هذه النار وهيجانها والله اعلم قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله لو أمرنى الله ان اقسم العذاب بين الخلق ما قسمت للعاشقين عذابا: قال الحافظ
هر چند غرق بحر كناهم ز صد جهت ... كر آشناى عشق شوم ز اهل رحمتم
قال بعضهم نزلت هاتان الآيتان فى غزوة بنى المصطلق ليلا فقرأهما رسول الله على أصحابه فلم ير اكثر باكيا من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ولم يضربوا الخيام وقت النزول ولم يطبخوا قدرا وكانوا بين حزين وباك ومفكر فقال عليه السلام (أتدرون اى يوم ذلك) فقالوا الله ورسوله اعلم قال (ذلك يوم يقول الله لآدم يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج بعث النار فيقول من كل كم قال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين) قال عليه السلام (فذلك) اى التقاول (حين يشيب الصغير وتضع كل ذات(6/3)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)
حمل حملها وترى الناس سكارى) اى من الخوف (وَما هُمْ بِسُكارى)
اى من الخمر (وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)
فكبر ذلك على المسلمين فبكوا وقالوا يا رسول الله أينا ذلك فقال (ابشروا فان من يأجوج ومأجوج الفا ومنكم رجل) ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا ثلث اهل الجنة) فكبروا وحمدوا الله ثم قال والذي نفسى بيده انى لأرجو ان تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله ثم قال (والذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا ثلثى أهل الجنة وان اهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي وما المسلمون الا كالشامة فى جنب البعير او كالرقمة فى ذراع الحمار بل كالشعرة السوداء فى الثور الأبيض او كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود) ثم قال (ويدخل من أمتي سبعون الفا الجنة بغير حساب) فقال عمر رضى عنه سبعون ألفا قال (نعم ومع كل ألف سبعون الفا) فقام عكاشة بن محصن رضى الله عنه فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلنى منهم فقال عليه السلام (أنت منهم فقام رجل من الأنصار فقال ادع الله ان يجعلنى منهم فقال عليه السلام (سبقك بها عكاشة) قال بعض ارباب الحقائق وجه كون هذه الامة ثمانين صفا ان الله تعالى قال فى حقهم (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) ولما كانت الجنة دار أبيهم آدم فالاقرب اليه من أولاده يحجب الأبعد واقرب بنيه اليه وأفضلهم على الإطلاق هو محمد عليه السلام وأمته فكان ثلثا الجنة للاصل الأقرب وبقي الثلث للفرد الا بعد وذلك ان الامة المحمدية اقرب الى الكمال من سائر الأمم كالذكر اقرب الى الكمال من الأنثى وللذكر مثل حظ الأنثيين ولهذا السر يكنى آدم فى الجنة بابى محمد ولا شك انه عليه السلام ابو الأرواح كما ان آدم ابو البشر فالاب الحقيقي يحجب أولاد أولاده فأمته هم الأولاد الأقربون وسائر الأولاد هم الأبعدون وَمِنَ النَّاسِ مبتدأ اى وبعض الناس وهو النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين ولا بعث بعد الموت مَنْ يُجادِلُ الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمقاتلة وأصله من جدلت الحبل اى أحكمت فتله كان المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه فِي اللَّهِ اى فى شأنه ويقول فيه ما لا خير فيه من الأباطيل حال كون ذلك المجادل ملابسا بِغَيْرِ عِلْمٍ [بي دانشى وبي معرفتى وبي برهانى وحجتى] والآية عامة فى كل كافر يجادل فى ذات الله وصفاته بالجهل وعدم اتباع البرهان وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من يجادل فى الله ما له علم بالله ولا معرفة به والا لم يجادل فيه ولم يستسئل وانما يجادل لاتباعه الشيطان كما قال وَيَتَّبِعُ فى جداله وعامة أحواله كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ متجرد للفساد متعر من الخيرات وهم رؤساء الكفرة الذين يدعون من دونهم الى الكفر أو إبليس وجنوده يقال مرد الشيء إذا جاوز حد مثله وأصله العرى يقال غلام امرد وغصن امرد إذا عرى من الشعر والورق وروى (اهل الجنة مرد) فقد حمل على ظاهره وقيل ان معناه معرّون عن المقابح والشوائب كُتِبَ عَلَيْهِ اى قضى على كل شيطان من الجن والانس كما فى التأويلات النجمية قال الكاشفى [نوشته شده است بر ان ديو در لوح محفوظ] أَنَّهُ اى الشأن مَنْ [هر كس كه](6/4)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
تَوَلَّاهُ اتخذه وليا وتبعه فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ بالفتح على انه خبر مبتدأ محذوف اى فشأن الشيطان ان يضل من تولاه عن طريق الحق وَيَهْدِيهِ يدله إِلى عَذابِ السَّعِيرِ بحمله على مباشرة ما يؤدى اليه من السيئات واضافة العذاب الى السعير وهى النار الشديدة الاشتعال بيانية كشجر الأراك وعن الحسن انه اسم من اسماء جهنم قال فى التأويلات النجمية اما الشيطان الجنى فيضله بالوساوس والتسويلات وإلقاء الشبه واما الشيطان الانسى فبايقاعه فى مذاهب اهل الأهواء والبدع والفلاسفة والزنادقة المنكرين للبعث والمستدلين بالبراهين المعقولة بالعقول المشوبة بشوائب الوهم والخيال وظلمة الطبيعة فيستدل بشبههم ويتمسك بعقائدهم حتى يصير من جملتهم ويعد فى زمرتهم كما قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) ويهديه بهذه الاستدلالات والشبهات الى عذاب السعير سعير القطيعة والحرمان انتهى واعلم ان الكمال الآدمي فى العلوم الحقيقية وهى اربعة. الاول معرفة النفس وما يتعلق بها. والثاني معرفة الله تعالى وما يتعلق به. والثالث معرفة الدنيا وما يتعلق بها. والرابع معرفة الآخرة وما يتعلق بها واهل التقليد دون اهل الاستدلال وهم دون اهل الإيقان وهم دون اهل العيان ولا بد للسالك ان يجتهد فى الوصول الى مرتبة العيان وذلك بتسليك مرشد كامل فان الاتباع بغيره لا يوصل الى المنزل: قال المولى الجامى
خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو
وعند الوصول الى مرتبة العيان يلزم غسل الكتب فانه لا يحتاج الى الدليل بعد الوصول الى المدلول: وفى المثنوى
چون شدى بر بامهاى آسمان ... سرد باشد جست وجوى نردبان «1»
آينه روشن كه شد صاف وجلى ... جهل باشد بر نهادن صيقلى
پيش سلطان خوش نشسته در قبول ... زشت باشد جستن نامه ورسول
وعند هذا المقام ينقطع الجدل من الأنام إذ لا جدال بعد العلم الحقيقي ولا اتباع للشيطان الأسود والأبيض بعد حط الرحل فى عالم الذات الذي لا يدخله الشيطان وهو مقام آمن من شر الوسواس الخناس فعلى العاقل الاجتهاد فى الليل والنهار لتزكية النفس وقمع الإنكار فانه جهاد اكبر إذا النفس من الأعداء الباطنة التي يستصعب الاحتراز عنها
نفس از درون وديو ز بيرون زند رهم ... از مكر اين دور هزن پر حيله چون كنم
نسأل الله سبحانه ان يحفظنا من شر الأعداء ويجعلنا تابعين للحق الصريح الذي لا محيد عنه انه أعظم ما يرجى منه يا أَيُّهَا النَّاسُ يا اهل مكة المنكرين للبعث إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ البعث الإخراج من الأرض والتسيير الى الموقف وجيئ بان مع كثرة المرتابين لاشتمال المقام على ما يقلع الريب من أصله وتصوير ان المقام لا تصلح الا لمجرد الفرض له كما يفرض المحال ان كنتم فى شك من إمكان الاعادة وكونها مقدورة له تعالى او من وقوعها فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ ليس جزاء للشرط لان خلقهم مقدم على كونهم مرتابين بل هو علة للجزاء المحذوف اى فانظروا الى مبدأ خلقكم ليزول ريبكم اى خلقنا كل
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه در ميان صحابه حافظ كسى نبود(6/5)
فرد منكم خلقا اجماليا مِنْ تُرابٍ فى ضمن خلق آدم منه وفى الحديث (ان الله جعل الأرض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من تراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) ثُمَّ خلقناكم خلقا تفصيليا مِنْ نُطْفَةٍ هى الماء الصافي قل او كثر ويعبر بها عن ماء الرجل من نطف الماء إذا سال او من النطف وهو الصب ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ قطعة من الدم جامدة مكونة من المنى ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ اى قطعة من اللحم مكونة من العلق وهى فى الأصل مقدار ما يمضغ مُخَلَّقَةٍ بالجر صفة مضغة اى مستبينة الخلق مصورة وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ اى لم يستبن خلقها وصورتها بعد والمراد تفصيل حال المضغة وكونها او لا قطعة لم يظهر فيها شىء من الأعضاء ثم ظهر بعد ذلك شىء لكنه آخر غير المخلقة لكونها عدم الملكة كذا فى الإرشاد ويؤيده قول حضرة النجم فى التأويلات (مُخَلَّقَةٍ) اى منفوخة فيها الروح (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) اى صورة لا روح فيها وفى الحديث (ان أحدكم يجمع خلقه) اى يحرز ويقر مادة خلقه (فى بطن امه) اى فى رحمها من قبيل ذكر الكل وارادة الجزء (أربعين يوما) - روى- عن ابن مسعود رضى الله عنه ان النطفة إذا وقعت فى الرحم فاراد الله ان يخلق منها تنشر فى بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة فتمكث أربعين ليلة ثم تنزل دما فى الرحم فذاك جمعها (ثم تكون علقة مثل ذلك ثم تكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله اليه الملك فينفخ فيه الروح) وهذا يدل على ان التصوير يكون فى الأربعين الثاني لكن المراد تقدير تصويرها لان التصوير قبل المضغة لا يتحقق عادة (ويؤمر بأربع كلمات) يعنى يؤمر الملك بكتابه اربع من القضايا وكل قضية سميت كلمة (بكتب رزقه واجله) اى مدة حياته (وعمله وشقى) وهو من وجبت له النار (او سعيد) وهو من وجبت له الجنة قدم ذكر شقى لان اكثر الناس كذا لِنُبَيِّنَ لَكُمْ اى خلقناكم على هذا النمط البديع لنبين لكم بذلك امر البعث والنشور فان من قدر على خلق البشر اولا من تراب لم يشم رائحة الحياة قط فهو قادر على إعادته
بعث انسان كر نشد نزدت عيان ... أول خلقش نكر هذا بيان
هر كه بر إيجاد او قادر بود ... قدرتش بر بعث او ظاهر شود
اوست خلاقى كه از بعد خزان ... ميكند پيدا بهار بوستان
وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ استئناف مسوق لبيان حالهم بعد تمام خلقهم اى ونحن نقر فى الأرحام بعد ذلك ما نشاء ان نقره فيها إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وقت معين هو وقت الوضع وأدناه ستة أشهر عند الكل وأقصاه سنتان عند ابى حنيفة رحمه الله واربع سنين عند الشافعي وخمس سنين عند مالك- روى- ان الضحاك بن مزاحم التابعي مكث فى بطن امه سنتين ومالكا ثلاث سنين كما ذكره السيوطي واخبر الامام مالك رحمه الله ان جارة له ولدت ثلاثة أولاد فى اثنتي عشرة سنة تحمل اربع سنين وفيه اشارة الى ان بعض ما فى الأرحام لا يشاء الله تعالى إقراره فيها بعد تكامل خلقه فيسقط ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ اى من بطون أمهاتكم بعد إقراركم فيها عند تمام الاجل المسمى حال كونكم طِفْلًا أطفالا بحيث لا تقومون(6/6)
لاموركم من غاية الضعف والافراد باعتبار كل واحد منهم او بارادة الجنس المنتظم للواحد والمتعدد والطفل الولد مادام ناعما كما فى المفردات وقال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة حد الطفل من أول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ علة لنخرجكم معطوفة على علة اخرى مناسبة لها كأنه قيل ثم نخرجكم لتكبروا شيئا فشيئا ثم لتبلغوا كما لكم فى القوة والعقل والتمييز وهو فيما بين الثلاثين والأربعين وفى القاموس ما بين ثمانى عشرة الى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كآنك ولا نظير لهما انتهى وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى اى يقبض روحه ويموت بعد بلوغ الأشد او قبله والتوفى عبارة عن الموت وتوفاه الله قبض روحه وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وهو الهرم والخرف والرذل والرذال المرغوب عنه لرداءته والعمر مدة عمارة البدن بالحياة لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ كثير شَيْئاً اى شيأ من الأشياء او شيأ من العلم وهو مبالغة فى انتقاض علمه وانتكاس حاله والا فهو يعلم بعض الأشياء كالطفل اى ليعود الى ما كان عليه أوان الطفولية من ضعف البنية وسخافة العقل وقلة الفهم فينسى ما عمله وينكر ما عرفه ويعجز عما قدر عليه وقد سبق بعض ما يتعلق بهذه الآية فى سورة النحل عند قوله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ)
الآية: قال الشيخ سعدى قدس سره
طرب نوجوان ز پير مجوى ... كه دكر نايد آب رفته بجوى
زرع را چون رسيد وقت درو ... نخرامد چنانكه سبزه نو
وقال
چودوران عمر از جهل در كذشت ... مزن دست و پاكاب از سر كذشت
بسبزى كجا تازه كردد دلم ... كه سبزى نخواهد دميد از كلم
تفرج كنان در هوا وهوس ... كذشتيم بر خاك بسيار كس
كسانى كه ديكر بغيت اندرند ... بيايند وبر خاك ما بگذرند
دريغا كه فصل جوانى كذشت ... بلهو ولعب زندكانى كذشت
چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار
قال النسفي فى كشف الحقائق [اى درويش جهل پيش از عمل دوزخست وجهل بعد از علم بهشت است از جهت آنكه جهل پيش از علم سبب حرص وطمعست وجهل بعد از علم سبب رضا وقناعت است] وفى عرائس البقلى أرذل العمر ايام المجاهدة بعد المشاهدة وايام الفترة بعد المواصلة لكيلا يعلم بعد علم بما جرى عليه من الأحوال الشريفة والمقامات الرفيعة وهذا غيرة الحق على المحققين حين أفشوا أسراره بالدعاوى الكثيرة أستعيذ بالله واستزيد منه فضله وكرمه ليخلصنا به من فتنة النفس وشرها وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان أطفال المكونات كانوا فى أرحام أمهات العدم متقررين بتقرير الحق إياهم فيها ولكل خارج منها أجل مسمى بالارادة القديمة والحكمة الازلية فلا يخرج طفل مكون من رحم العدم الا بمشيئة الله تعالى وأوان اجله وهذا رد على الفلاسفة يقولون(6/7)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)
بقدم العالم ويستدلون فى ذلك بانه هل كان لله تعالى فى الأزل اسباب الالهية فى إيجاد العالم بالكمال اولا فان قلنا لم تكن أثبتنا له نقصانا فالناقص لا يصلح للالهية وان قلنا قد كان له اسباب الالهية بالكمال بلا مانع يلزم إيجاد العالم فى الأزل بلا تقدم زمانى للصانع على المصنوع بل بتقدم رتبى فنقول فى جوابهم ان الآية تدل على ان الله تعالى كان فى الأزل ولم يكن معه شىء شاء وكان قادرا على إيجاد ما يشاء كيف شاء ولكن الارادة الازلية اقتضت بالحكمة الازلية أجلا مسمى بإخراج طفل العالم من رحم العدم او ان اجله وان لم يكن قبل وجود العالم أوان وانما كان مقدار الأوان فى ايام الله التي لم يكن لها صباح ولا مساء كما قال الله تعالى (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) وبقوله (نُخْرِجُكُمْ) إلخ يشير إلخ ان كل طفل من أطفال المكونات يخرج من رحم العدم مستعدا للتربية وله كمال يبلغه بالتدريج ومن المكونات ما ينعدم قبل بلوغ كماله ومنها ما يبلغ حد كماله ثم يتجاوز عن حد الكمال فيؤول الى ضد الكمال لكيلا يبقى فيه من أوصاف الكمال شىء وذلك معنى قوله (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً)
دفتر دانش من جمله بشوييد بمى ... تا شود از نم فيض ازلى جانم حى
وَتَرَى الْأَرْضَ يا من شأنه الرؤية وهو حجة اخرى على البعث هامِدَةً ميتة يابسة همدت النار إذا صارت رمادا فَإِذا [پس چون] أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اى المطر اهْتَزَّتْ تحركت بالنبات والاهتزاز الحركة الواقعة على البهجة والسرور فلا يكاد يقال اهتز فلان لكيت وكيت الا إذا كان الأمر من المحاسن والمنافع وَرَبَتْ انتفخت وازدادت من ربا يربو ربا زاد ونما والفرس ربوا انتفخ من عدو وفزع كما فى القاموس وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ صنف بَهِيجٍ البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا سرورا بان اثره فى وجهه. والمعنى حسن رائق يسر ناظره: وبالفارسية [تازه وتر ونيكو وبهجت افزاى بس قادرى كه زمين مرده را بابى زنده سازد تواناست بر آنكه اجزاى موتى را جمع ساخته بهمان حال كه بوده اند باز كرداند
آنكه پى دانه نهال افراخت ... دانه هم شجر تواند ساخت
كرد نابوده را بقدرت بود ... چهـ عجب كر دهد ببوده وجود
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ اى ذلك الصنع البديع وهو خلق الإنسان على أطوار مختلفة وتصريفه فى أطوار متباينة واحياء الأرض بعد موتها حاصل بسبب انه تعالى هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى اى شأنه وعادته احياؤها وحاصله انه تعالى قادر على إحيائها بدأ وإعادة والا لما احيى النطفة والأرض الميتة مرارا بعد مرار وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مبالغ فى القدرة والا لما أوجد هذه الموجودات وَأَنَّ السَّاعَةَ اى القيامة آتِيَةٌ فيما سيأتى لمجازاة المحسن والمسيئ لا رَيْبَ فِيها إذ قد وضح دليلها وظهر أمرها وهو خبر ثان وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ [بر مى انكيزد] اى بمقتضى وعده الذي لا يقبل الخلف مَنْ فِي الْقُبُورِ جمع قبر وهو مقر الميت والبعث هو ان ينشر الله الموتى من القبور بان يجمع اجزاءهم الاصلية ويعيد الأرواح إليها وأنكره الفلاسفة بناء على امتناع إعادة المعدوم قلنا ان الله يجمع الاجزاء(6/8)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)
الاصلية للانسان وهى الباقية من أول عمره الى آخره ويعيد روحه اليه سواء سمى ذلك إعادة المعدوم بعينه أم لا واما الاجزاء المأكولة فانما هى فضل فى الاكل فليست باصلية- روى- ان السماء تمطر مطرا يشبه المنى فمنه النشأة الآخرة كما ان النشأة الدنيا من نطفة تنزل من بحر الحياة الى أصلاب الآباء ومنها الى أرحام الأمهات فيتكون من قطرة الحياة تلك النطفة جسدا فى الرحم وقد علمنا ان النشأة الاولى أوجدها الله على غير مثال سبق وركبها فى أي صورة شاء وهكذا النشأة الآخرة يوجدها الحق على عير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك فينشىء الله النشأة الاخرى على عجب الذنب الذي يبقى من هذا النشأة الدنيا وهو أصلها فعليه تركب النشأة الآخرة ثم ان الله تعالى كما يحيى الأرض والموتى بالماء الصوري كذلك القلوب القاسية بالماء المعنوي وهو الاذكار وأنوار الهداية فالعاقل يجتهد فى تنوير القلب واحيائه بانوار الطاعات والاذكار كى يتخلص من ظلمات الشكوك والشرك جليا كان او خفيا ولا شك ان الجسد من الروح كالقبر من الميت ينتفع فى قبره بدعوات الاحياء كذلك الروح يترقى الى مقامه العلوي بما حصل من امداد القوى والأعضاء نسأل الله الحياة الابدية بفضله وكرمه
اگر هوشمندى بمعنى كراى ... كه معنى بماند نه صورت بجاى
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ هو ابو جهل يُجادِلُ فِي اللَّهِ حال كون ذلك المجادل بِغَيْرِ عِلْمٍ ضرورى او بديهي فطرى وَلا هُدىً استدلال ونظر صحيح هاد الى المعرفة قال الكاشفى [وبا دليلى كه راه نمايد بمقصد] وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ وحي مظهر للحق قال الكاشفى [وبي كتابى روشن كه بدان صواب از خطا ظاهر كردد] اى يجادل فى شأنه تعالى من غير تمسك بمقدمة ضرورية ولا بحجة نظرية ولا ببرهان سمعى بل بمحض التقليد والجدال بغير هذه الأمور الثلاثة شهادة على المجادل بافراطه فى الجهل فى الله ويستحيل عليه بانهما كه فى الغى والضلال ثانِيَ عِطْفِهِ حال اخرى من فاعل يجادل من ثنى العود إذا حناه وعطفه لانه ضم أحد طرفيه الى الآخر وعطف الإنسان بكسر العين جانبه من رأسه الى وركه او قدمه قال ابن الشيخ العطف بكسر العين الجانب الذي يعطفه الإنسان ويلويه ويميله عند الاعراض عن الشيء وبفتح العين التعطف والبر وثنى العطف وكناية عن التكبر كلى الجيد والشدق ففى الجلالين لاوى عنقه تكبرا وفى التفسير الفارسي [پيچيده دامن خود است واين كنايه باشد از تكبر چهـ متكبر دامن از هر چيز در مى چيند] وفى الإرشاد عاطفا بجانبه وطاويا كشحه معرضا متكبرا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ متعلق بيجادل فان غرضه الإضلال عنه وان لم يعترف بانه إضلال اى ليخرج المؤمنين من الهدى الى الضلال او ليثبت الكفرة عليه لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ الخزي الهوان والفضيحة اى ليثبت له فى الدنيا بسبب ما فعله خزى وهو ما أصابه يوم بدر من القتل والصغار وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ الحريق بمعنى المحرق فيجوز ان يكون من اضافة المسبب الى سببه على ان يكون الحريق عبارة عن النار وان يكون من اضافة الموصوف الى صفته(6/9)
ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)
والأصل العذاب الحريق ذلِكَ اى يقال له يوم القيامة ذلك الخزي فى الدنيا وعذاب الآخرة كائن بِما قَدَّمَتْ يَداكَ بسبب ما اقترفته من الكفر والمعاصي واسناده الى يديه لما ان الاكتساب عادة بالأيدي ويجوز ان يكون الكلام من باب الالتفات لتأكيد الوعيد وتشديد التهديد وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ محله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والأمر انه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم فان قلت الظاهر ان يقال ليس بظالم للعبيد ليفيد نفى اصل الظلم ونفى كونه مبالغا مفرطا فى الظلم لا يفيد نفى أصله قلت المراد نفى اصل الظلم وذكر لفظ المبالغة مبنى على كثرة العبيد فالظالم لهم يكون كثير الظلم لاصابة كل منهم ظلما لان العبيد دال على الاستغراق فيكون ليس بظالم لهذا ولا ذلك الى ما لا يحصى وايضا ان من عدله تعالى ان يعذب المسيئ من العبيد ويحسن الى المحسن ولا يزيد فى العقاب ولا ينقص من الاجر لكن بناء على وعده المحتوم فلو عذب من لا يستحق العذاب لكان قليل الظلم منه كثيرا لاستغنائه عن فعله وتنزيهه عن قبحه وهذا كما يقال زلة العالم كبيرة وفى المرفوع (يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا يظلمون) يقال من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه وشر الناس من ينصر الظلوم ويخذل المظلوم وفى الآية اشارة الى ان العبيد ظلامون لانفسهم كما قال الله تعالى (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بان يضعوا العبادة والطلب فى غير موضعه: قال المولى الجامى
قصد ما ابروى تست از سجده در محرابها ... كز نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل
واعلم ان جدال المنافق والمرائى واهل الأهواء والبدع مذموم واما من يجادل فى معرفة الله ودفع الشبه وبيان الطريق الى الله تعالى بالعلم بالله وهدى نبيه عليه السلام وشاهد نص كتاب منير يظهر بنوره الحق من الباطل فجداله محمود قال بعضهم البحث والتفتيش عما جاءت به السنة بعد ما وضح سنده يجر الباحث الى التعمق والتوغل فى الدين فانه مفتاح الضلال لكثير من الامة يعنى الذين لم يرزقوا باذهان وقادة وقرائح نقادة وما هلكت الأمم الماضية الا بطول الجدال وكثرة القيل والقال فالواجب ان يعض بأضراسه على ما ثبت من السنة ويعمل بها ويدعو إليها ويحكم بها ولا يصغى الى كلام اهل البدعة ولا يميل إليهم ولا الى سماع كلامهم فان كل ذلك منهى شرعا وقد ورد فيه وعيد شديد وقد قالوا الطبع جذاب والمقارنة مؤثرة والأمراض سارية: قال المولى الجامى قدس سره
بهوش باش كه راه بسى مجرد زد ... عروس دهر كه مكاره است ومحتاله
بلاف ناخلفان زمانه غره مشو ... مرو چوسامرى از ره ببانگ كوساله
فى كلام اهل البدعة والأهواء كخوار العجل فكما ان السامري ضل بذلك الخوار وأضل كثيرا من بنى إسرائيل فكذا كل من كان فى حكمه فانه يغتر باوهامه وخيالاته ظنا انها علوم صحيحة فيدعو اهل الأوهام إليها فيضلهم بخلاف من له علم صحيح وكشف صريح فانه لا يلتفت الى كلمات الجهال ولا يميل الى خارق العادة ألا ترى ان من ثبت على دين موسى لم يصخ الى الخوار وعرف انه ابتلاء من الله تعالى للعباد فويل للمجادل المبطل وويل للسامع الى كلامه(6/10)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)
وقد ذم الله تعالى هذا المجادل بالكبر وهو من الصفات العائقة عن قبول الحق ولا شىء فوقه من الذمائم وعن ارسطو من تكبر على الناس أحب الناس ذلته وعنه باصابة المنطق يعظم القدر. وبالتواضع تكثر المحبة. وبالحلم تكثر الأنصار. وبالرفق يستخدم القلوب. وبالوفاء يدوم الإخاء. وبالصدق يتم الفضل نسأل الله التخلي عن الصفات القبيحة الرذيلة والتحلي بالملكات الحسنة الجميلة وَمِنَ النَّاسِ- روى- ان الآية نزلت فى أعاريب قدموا المدينة وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهريا سريا وولدت امرأته ولدا وكثر ماله وماشيته قال ما أصبت منذ دخلت فى دينى هذا الأخير او اطمأن وان كان الأمر بخلافه قال ما أصبت الا شرا وانقلب فقال تعالى وبعض الناس مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ حال كونه عَلى حَرْفٍ اى على طرف من الدين لا فى وسطه وقلبه فلا ثبات له فيه كالذى ينحرف على طرف الجيش فان أحس بظفر قر والا فر فالحرف الطرف والناحية وصف الدين بما هو من صفات الأجسام على سبيل الاستعارة التمثيلية قال الراغب حروف الهجاء أطراف الكلمة الرابطة بعضها ببعض فَإِنْ أَصابَهُ [پس اگر برسد او را] خَيْرٌ اى دنيوى من الصحة والسعة اطْمَأَنَّ فى الدين بِهِ بذلك الخير والاطمئنان السكون بعد الانزعاج قال الكاشفى [آرام كيرد بدين وثابت شود بر آن بسبب آن چيز] انتهى اى ثبت على ما كان عليه ظاهرا لا باطنا إذ ليس له اطمئنان المؤمنين الراسخين وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ اى شىء يفتن به من مكروه يعتريه فى نفسه او اهله او ماله فالمراد بالفتنة ما يستكرهه الطبع ويثقل على النفس والا لما صح ان يجعل مقابلا للخير لانه ايضا فتنة وامتحان وان أصابه شر مع انه المقابل للخير لان ما ينفر عنه الطبع ليس شرا فى نفسه بل هو سبب القربة ورفع الدرجة بشرط التسليم والرضى بالقضاء انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ الانقلاب الانصراف والرجوع والوجه بمعنى الجهة والطريقة اى ارتد ورجع الى الكفر قال الكاشفى [بر كردد بر روى خود يعنى از جهتى كه آمده بدان جهت عود كند مراد آنست كه مرتد كردد واز دين اسلام دست بر دارد] يقول الفقير قوله فى بحر العلوم تحول عن وجهه فانكب فرجع الى ما كان عليه من الكفر يشير الى ان على بمعنى عن كما ذهب اليه بعضهم فى قوله تعالى (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) حيث فسره بالجهة التي اقبل إليها وهى الإسلام خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ فقدهما وضيعهما بذهاب عصمته وحبوط عمله بالارتداد والأظهر ان خسران الدنيا ذهاب اهله حيث أصابته فتنة وخسران الآخرة الحرمان من الثواب حيث ذهب الدين ودخل النار مع الداخلين كما قال الكاشفى [زيان كرد در دنيا كه بمراد نرسد وزيان دارد در آخرت كه عملهاى او نابود شد] ذلِكَ [زيان هر دو سراى] هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [آنست زيان هويدا چهـ بر همه عقلا ظاهر است زيان از ان عظيم تر نيست]
نه مال ونه اعمال نه دنيا ونه دين ... لامعه صدق ونه أنوار يقين
در هر دو جهان منفعل وخوار وحزين ... البته زيانى نبود بدتر ازين
قال بعضهم الخسران فى الدنيا ترك الطاعات ولزوم المخالفات والخسران فى الآخرة كثرة(6/11)
يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14)
الخصوم والتبعات يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ استئناف مبين لعظم الخسران فيكون الضمير راجعا الى المرتد المشرك اى يعبد متجاوزا عبادة الله تعالى ما لا يَضُرُّهُ إذا لم يعبده وَما لا يَنْفَعُهُ ان عبده اى جمادا ليس من شأنه الضر والنفع كما يلوح به تكرير كلمة ما ذلِكَ الدعاء هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ عن الحق والهدى مستعارا من ضلال من ابعد فى التيه ضالا عن الطريق فطالت وبعدت مسافة ضلاله فان القرب والبعد من عوارض المسافة الحسية يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ الدعاء بمعنى القول واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولا له ومن مبتدأ وخبره مبتدأ ثان خبره اقرب والجملة صلة للمبتدأ الاول وقوله لبئس إلخ جواب لقسم مقدر وهو وجوابه خبر للمبتدأ الاول وإيثار من على ما مع كون معبوده حمادا وإيراد صيغة التفضيل مع خلوه عن النفع بالكلية للمبالغة فى تقبيح حاله والإمعان فى ذمه اى يقول ذلك الكافر يوم القيامة بدعاء وصراخ حين يرى تضرره بمعبوده ودخوله النار بسببه ولا يرى منه اثر النفع أصلا لمن ضره اقرب من نفعه والله لبئس الناصر ولبئس الصاحب والمعاشر والخليط هو فكيف بما هو ضرر محض عار عن النفع بالكلية فالآية استئناف مسوق لبيان مآل دعائه المذكور وتقرير كونه ضالا بعيدا والظاهر ان اللام زائدة ومن مفعول يدعو ويؤيده القراءة بغير اللام اى يعبد من ضره بكونه معبودا لانه يوجب القتل فى الدنيا والعذاب فى الآخرة اقرب من نفعه الذي يتوقع بعبادته فى زعمهم وهو الشفاعة والتوسل الى الله فايراد كلمة من وصيغة التفضيل تهكم به والجملة القسمية مستأنفة إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بيان لكمال حسن حال المؤمنين العابدين له تعالى اثر بيان سوء حال الكفرة. والجنة الأرض المشتملة على الأشجار المتكاثفة الساترة لما تحتها والنهر مجرى الماء الفائض فاسناد الجري الى الأنهار من الاسناد الحكمي كقولهم سال الميزاب إذ الجريان من أوصاف الماء لا من أوصاف النهر ووصف الجنات به دلالة على انها من جنس ما هو ابهى الأماكن التي يعرفونها لتميل إليها طباعهم كما قال الكاشفى [غايت نزهت باغ وبستان بآب روانست] إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ اى يفعل البتة كل ما يريده من اثابة الموحد الصالح وعقاب المشرك لا دافع له ولا مانع وفى الآيات إشارات منها ان من يعبد الله على طبع وهوى ورؤية عوض وطمع كرامات ومحمدة الخلق ونيل الدنيا فاذا أصابته أمانيه سكن فى العبادة وإذا لم يجد شيأ منها ترك التحلي بتحلية الأولياء فخسرانه فى الدنيا فقدان القبول والجاء عند الخلق وافتضاحه عندهم وسقوطه من طريق السنة والعبادة الى الضلالة والبدعة وخسرانه فى الآخرة بقاؤه فى الحجاب عن مشاهدة الحق واحتراقه بنيران البعد وايضا ان بعض الطالبين ممن لا صدق له ولا ثبات فى الطلب يكون من اهل التمني فيطلب الله فى شك فان أصابه شىء مما يلائم نفسه وهواه او فتوح من الغيب اقام على الطلب فى الصحبة وان أصابه بلاء او شدة وضيق فى المجاهدات والرياضات وترك الشهوات ومخالفة النفس وملازمة الخدمة ورعاية حق الصحبة والتأدب بآداب الصحبة والتحمل من الاخوان انقلب على وجه يتبدل(6/12)
مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)
الإقرار بالإنكار والاعتراض والتسليم بالاباء والاستكبار والارادة بالارتداد والصحبة بالهجران خسر ما كان عليه من الدنيا وبتركه وخسر الآخرة بارتداده عن الطلب والصحبة ومن هنا قال المشايخ مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة ذلك هو الخسران المبين فان من رده صاحب قلب يكون مردود القلوب كلها كما ان من قبله يكون مقبول الكل: قال الحافظ
كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند
شبان وادئ ايمن كهى رسد بمراد ... كه چندان سال بجان خدمت شعيب كند
يقول الفقير المسلمون صنفان صنف مشتغل بالجهاد الأصغر وصنف مشتغل بالجهاد الأكبر فضعفاء الصنف الاول يكونون على طرف الجيش والثاني على طرف الدين فان كان الأمر على مرادهم اقبلوا والا أدبروا وفى ذلك خسارة لهم من جهة الدنيا والآخرة لانهم يغلبهم الكفار والنفس الامارة فى الدنيا ويفوت عنهم درجات السعداء فى الآخرة فلا يظفرون بغنيمة مطلقا فلا بد من الصبر على المشاق: وقال الشيخ سعدى فى وصف الأولياء
خوشا وقت شوريد كان غمش ... اگر زخم بينند اگر مرهمش
دمادم شراب الم دركشند ... وكر تلخ بينند دم در كشند
نه تلخست صبرى كه بر ياد اوست ... كه تلخى شكر باشد از دست دوست
ومنها ان من يعبد الله يعبد الضار والنافع الذي يصدر منه كل نفع وضرا ما بواسطة الملائكة والانس والجمادات او بغير الواسطة واما من يعبد ما سواه تعالى فيعبد ما لا يضر وما لا ينفع وذلك لان الملك او الإنسان او الشيطان او شيأ من المخلوقات من فلك او كوكب او غيرها لا يقدر على خير او شر بنفسه او نفع او ضر بل كل ذلك اسباب مسخرة لا يصدر منها الا ما سخرت له وجملة ذلك بالاضافة الى القدرة الازلية كالقلم بالاضافة الى الكاتب فلبئس المولى ما عبده وطلبه من دون الله تعالى ولبئس العشير اى ما عاشره من الدنيا وشهواتها ومنها ان من يدخل الجنة من المؤمنين لا يدخل الجنة بمجرد الايمان التقليدى والأعمال الظاهرية بل يدخله الله بالايمان الحقيقي الذي كتبه بقلم العناية فى قلبه الذي من نتائجه الأعمال الصالحة الخالصة لوجه الله تعالى مَنْ شرطية:
والمعنى بالفارسية [هر كه از ظانين بالله ظن السوء] كانَ يَظُنُّ يتوهم أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ اى محمدا صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيا بإعلاء دينه وقهر أعدائه وَالْآخِرَةِ بإعلاء درجته والانتقام من مكذبيه يعنى انه تعالى ناصر رسوله فى الدنيا والآخرة فمن كان يظن من أعاديه وحساده خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ السبب الذي تصعد به النخل اى ليربط بحبل الى سقف بيته لان كل ما علاك فهو سماء ثُمَّ لْيَقْطَعْ قال فى القاموس قطع فلان الحبل اختنق ومنه قوله تعالى (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) اى ليختنق انتهى وسمى الاختناق قطعا لان المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه وقال الكاشفى [پس ببرد آن رسن را تا بزمين افتد وبميرد] فَلْيَنْظُرْ المراد تقدير النظر وتصوره لان الأمر بالنظر بعد الاختناق غير معقول اى فليتصور فى نفسه وليقدر النظر ان فعل هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ فعل ذلك بنفسه وسماه كيدا لانه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره او على وجه الاستهزاء لانه(6/13)
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22)
لم يكد به محسوده انما كاد به نفسه ما يَغِيظُ الغيظ أشد غضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران دم قلبه اى ما يغيظه من النصرة كلا يعنى انه لا يقدر على دفع النصرة وان مات غيظا كما قال الحافظ
كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردد ... با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد
وفى الآية اشارة الى نفى العجز عن الله تعالى وانه فوق عباده وانه ينصر أولياءه- روى- عن انس ابن مالك رضى الله عنه قال اقبل يهودى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد قال اين وصى محمد فاشار القوم الى ابى بكر رضى الله عنه فقال اسألك عن أشياء لا يعلمها الا نبى او وصى نبى فقال ابو بكر سل عما بدا لك فقال اليهودي أخبرني عما لا يعلم الله وعما ليس لله وعما ليس عند الله فقال ابو بكر هذا كلام الزنادقة وهمّ هو والمسلمون به فقال ابن عباس رضى الله عنهما ما أنصفتم الرجل ان كان عندكم جوابه والا فاذهبوا به الى من يجيبه فانى سمعت رسول الله يقول لعلى رضى الله عنه (اللهم أيد قلبه وثبت لسانه) فقام ابو بكر ومن حضره حتى أتوا عليا فافادوا له ذلك فقال اما ما لا يعلمه الله فذلكم يا معشر اليهود قولكم ان عزيرا ابن الله والله لا يعلم ان له ولدا واما ما ليس لله فليس له شريك واما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم وعجز فقال اليهودي اشهد ان لا اله الا الله وانك وصى رسول الله ففرح المسلمون بذلك واعلم ان الكفار أرادوا ان يطفئوا نور الله فاطفاهم الله حيث نصر حبيبه وأنجز وعده وعزم الأحزاب وحده واما تشديد المحنة فى بعض الأحيان وتأخير النصرة فلحكم ومصالح فعلى العبد الصالح الراضي بالله تعالى ربا ان يصبر على أذى الأعداء وحسدهم فان الحق يعلو ولا يعلى وسيرجع الأمر من المحنة الى الراحة فيكون اهل الايمان والإخلاص مستريحين ومن الراحة الى المحنة فيكون اهل الشرك والنفاق مستراحا منهم والله تعالى يفعل ما يريد وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الانزال البديع المنطوى على الحكم البالغة أَنْزَلْناهُ اى القرآن الكريم كله حال كونه آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على معانيها اللطيفة وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ محل الجملة الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والأمر ان الله تعالى يهدى بالقرآن ابتداء او يثبت على الهدى او يزيد فيه من يريد هدايته او تثبيته او زيادته وفى الحديث (ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) اى يرفع بالقرآن درجة أقوام وهم من آمن به وعمل بمقتضاه ويحط به أقواما آخرين وهم من اعرض عنه ولم يحفظ وصاياه وكان نظر الصحابة رضى الله عنهم وشغلهم فى الأحوال والأعمال ولذا كانوا يتعلمون عشر آيات لا يجاوزونها الى غيرها حتى يعملوا بما فيها قال فى الاحياء مات النبي عليه السلام عن عشرين الفا من الصحابة ولم يحفظ القرآن منهم الا ستة اختلف منهم فى اثنين فكان أكثرهم يحفظ السورة او السورتين وكان الذي يحفظ البقرة والانعام من علمائهم فالاشتغال بعلم القرآن والعمل بمقتضاه من علامات الهداية ولا بد من الاجتهاد آناء الليل وأطراف النهار الى ان يحصل المقصود فان من أراد ان يصل الى ماء الحياة يقطع الظلمات بلا فتور وجمود والملال من العلم واستماعه سبب الانقطاع عن طريق التحقيق واثر الحرمان من العناية والتوفيق(6/14)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)
دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست
وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه انه قال جلست فى عصابة من ضعفاء المهاجرين وان بعضهم ليستتر ببعض من العرى وقارئ يقرأ علينا إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا فلما قام رسول الله سكت القارئ فسلم ثم قال (ما كنتم تصنعون) قلنا كنا نستمع الى كتاب الله فقال (الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت ان اصبر نفسى معهم) قال فجلس وسطنا ليعدل بنفسه فينا ثم قال بيده هكذا فتحلقوا وبرزت وجوههم له فقال (ابشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل اغنياء الناس بنصف يوم) وذلك خمسمائة سنة وذلك لان الأغنياء يوقفون فى العرصات ويسألون من اين جمعوا المال وفيم صرفوه ولم يكن للفقراء مال حتى يوقفوا ويسألوا عنه ويعنى رسول الله بالفقراء الفقراء الصابرين الصالحين وبالأغنياء الأغنياء الشاكرين المؤدين حقوق أموالهم هذا ثمان كون القرآن مشتملا على متشابهات وغوامض لا ينافى كون آياته بينات لانه ليس فيه ما لا يعلم معناه لكن العلماء يتفاوتون فى طبقات المعرفة هدانا الله وإياكم الى ما هدى العلماء الراسخين اليه وشرفنا فى كل غامض بالاطلاع عليه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بكل ما يجب ان يؤمن به وَالَّذِينَ هادُوا دخلوا فى اليهودية قال الراغب الهود الرجوع برفق وصار فى التعارف التوبة قال تعالى (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) اى تبنا إليك قال بعضهم اليهود فى الأصل هو من قولهم هدنا إليك وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازمالهم وان لم يكن فيه معنى المدح كما ان النصارى فى الأصل من قوله (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ) ثم صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم وَالصَّابِئِينَ اى الذين صبأوا عن الأديان كلها اى خرجوا واختاروا عبادة الملائكة والكواكب من صبأ الرجل عن دينه إذا خرج عنه الى دين آخر قال الراغب الصابئون قوم كانوا على دين نوح وقيل لكل خارج من الدين الى دين آخر صابئ من قولهم صبأ ناب البعير إذا طلع وَالنَّصارى جمع نصران ونصرانة مثل الندامى جمع ندمان وندمانة ويستعمل بغير الياء فيقال رجل نصران وامرأة نصرانة وَالْمَجُوسَ قال فى القاموس مجوس كصبور رجل صغير الأذنين وضع دينا ودعا اليه معرب «منج كوش» ورجل مجوسى جمعه مجوس كيهودى ويهود وهم عبدة النار وليسوا من اهل الكتاب ولذا لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم وانما أخذت الجزية منهم لانهم من العجم لا لانهم من اهل الكتاب وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا يعنى عبدة الأوثان إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فى حيز الرفع على انه خبر لان السابقة اى يقضى بين المؤمنين وبين الفرق الخمس المتفقة على ملة الكفر بإظهار المحق من المبطل بإثابة الاول وعقاب الثاني بحسب الاستحقاق يعنى ان الله تعالى يعامل كل صنف منهم يوم القيامة على حسب استحقاقه اما بالنعيم واما بالجحيم وبالوصال او بالفراق وعلم من الآية ان الأديان ستة واحد للرحمن وهو دين المؤمنين الذي هو الإسلام كما قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ) وخمسة للشيطان وهى ما عدا الإسلام لانها مما دعا إليها الشيطان وزينها فى أعين الكفرة إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [كواه واز همه حال آگاه] قال الامام الغزالي رحمه الله(6/15)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)
الشهيد يرجع معناه الى العلم مع خصوص اضافة فانه تعالى عالم الغيب والشهادة والغيب عبارة عما بطن والشهادة عما ظهر وهو الذي يشاهد فاذا اعتبر العلم المطلق فهو العليم مطلقا وإذا أضيف الى الغيب والأمور الباطنة فهو الخبير وإذا أضيف الى الأمور الظاهرة فهو الشهيد وقد يعتبر مع هذا ان يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم وفى الآية وعيد وتهديد فعلى العاقل ان يذكر يوم الفصل والقضا ويجتهد فى الأعمال التي يحصل بها الرضى: قال الشيخ سعدى قدس سره
قيامت كه نيكان بأعلى رسند ... ز قعر ثرا با ثريا رسند
ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كردت بر آيد عملهاى خويش
برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار
بناز وطرب نفس پرورده گير ... بايام دشمن قوى كرده كير
يكى بچهـ كرك مى پروريد ... چو پرورده شد خواجه را بر دريد
بهشت او ستاند كه طاعت برد ... كرا نقد باشد بضاعت برد
پى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هر كو سعادت طلب كرد يافت
وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى
پيمبر كسى را شفاعتكرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست
ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست
واعلم ان الايمان والكفر أوصاف القلب وللقلب بابان علوى وسفلى فالعلوى يتصل الى الروح والسفلى الى النفس فاذا انسد الباب السفلى بالمخالفة الى النفس ينفتح الباب العلوي فتنصب المعارف الالهية من الروح الى القلب فيكون القلب منورا بانوار المعرفة ويتخلص من الحجب النفسانية وإذا انسد الباب العلوي بسبب الاتباع الى النفس ينفتح الباب السفلى فتظهر فى القلب الوساوس الشيطانية وكل بدعة وهوى والدين الباطل انما يحصل من النفس والشيطان فمن اتبع هوى النفس ووساوس الشيطان ضل عن طريق الحق والدين المبين واتخذ الهه هواه فان الله تعالى يفصل بينه وبين المهتدى فانه كما ان الايمان والكفر لا يجتمعان فى قلب فكذا أهلهما لا يجتمعون فى دار والبرزخ الفاصل بينهم وان كان موجودا الآن على ما عرفه اهل المعرفة لكنه معنوى فاذا كان يوم القيامة يصير صوريا حسيا أَلَمْ تَرَ ألم تعلم يا من من شأنه العلم أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ اى ينقاد لتدبيره ومشيئته الملائكة والجن والانس مطيعا او عاصيا وذلك لان السجود اما سجود باختيار وهو للانسان وبه يستحق الثواب واما سجود تسخير وهو للانسان والحيوان والنبات شبه الانقياد بأكمل افعال المكلف فى باب الطاعة وهو السجود إيذانا بكمال التسخير والتذلل وانما حمل على المعنى المجازى إذ ليس فى كفرة الانس ومردة الجن والشياطين وسائر الحيوانات والجمادات سجود طاعة وعبادة وهو وضع الجبهة على الأرض خصوصا لله(6/16)
تعالى وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ بالسير والطلوع والغروب لمنافع العباد وَالْجِبالُ بإجراء الينابيع وإنبات المعادن وَالشَّجَرُ بالظل وحمل الثمار ونحوها وَالدَّوَابُّ [چهار پايان] اى بعجائب التركيب ونحوها فكل شىء ينقاد له سبحانه على ما خلقه وعلى ما رزقه وعلى ما اصحه وعلى ما اسقمه فالبر والفاجر والمؤمن والكافر فى هذا سواء وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اى ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة فهو مرتفع بمحذوف لا بالمذكور والا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز قال فى التأويلات اهل العرفان يسجدون سجود عبادة بالارادة والجماد وما لا يعقل ومن لا يدين يسجدون سجود خضوع للحاجة قال الكاشفى [همه ذرات عالم مر خدايرا خاضع وخاشعند بدلالت حال كه افصح است از دلالت مقال]
در نكر تا بينى از عين شهود ... جمله ذرات جهانرا در سجود
وَكَثِيرٌ من الناس حَقَّ ثبت عَلَيْهِ الْعَذابُ بسبب كفره وابائه عن الطاعة قال الكاشفى [اين سجده ششم است باتفاق علما از سجدات قرآن در فتوحات اين را سجده مشاهد واعتبار كفته اند كه از همه اشيا غير آدميان را تبعيض نكرد پس بنده بايد كه مبادرت نمايد بسجده تا از كثير أول باشد كه از اهل سجده واقترابند نه از كثير ثانى كه مستحق عذاب وعقابند]
ذوق سجده وطاعتى پيش خدا ... خوشتر باشد ز صد دولت ترا
يقول الفقير الكثير الاول كثير فى نفسه قليل بالنسبة الى الكثير الثاني إذا هل الجمال اقل من اهل الجلال وهو الواحد من الالف وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم وعن بعضهم قليل إذا عدوا كثير إذا شدوا اى أظهروا الشدة وَمَنْ [وهر كرا] يُهِنِ اللَّهُ يهنه الله: بالفارسية [خوار كرداند] بان كتب عليه الشقاوة فى الأزل حسبما علمه من صرف اختياره الى الشر فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ يكرمه بالسعادة الى الابد إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ من الإكرام والاهانة من الأزل الى الابد قال الامام النيسابورى رحمه الله فى كشف الاسرار جعل الله الكفار اكثر من المؤمنين ليريهم انه مستغن عن طاعتهم كما قال (خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم) وقيل ليظهر عز المؤمنين فيما بين ذلك لان الأشياء تعرف بأضدادها والشيء إذا قل وجوده عز ألا ترى ان المعدن لعزته صار مظهرا للاسم العزيز وقيل ليرى الحبيب قدرته بحفظه بين أعدائه الكثيرة كما حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واحد واهل الأرض اعداد كله ليتبين ان النصر من عند الله والقليل يغلب الكثير بعونه وعنايته ومن أكرمه بالغلبة لا يهان بالخذلان البتة فان قيل ان رحمته
سبقت وغلبت غضبه فيقتضى الأمر ان يكون اهل الرحمة اكثر من اهل الغضب واهل الغضب تسع وتسعون من كل الف واحد يؤخذ للجنة كما ورد فى الصحيح وورد (اهل الرحمة كشعرة بيضاء فى جلد الثور الأسود) قلنا هذه الكثرة بالنسبة الى بنى آدم واما اهل الرحمة بالنسبة إليهم والى الملائكة والحور والغلمان فاكثر من اهل الغضب والتحقيق ان المقصود من النشآت كلها ظهور الإنسان الكامل وهو واحد كالالف فالناس عشرة اجزاء فتسعة(6/17)
هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22)
الأعشار كفار والواحد مؤمنون ثم المؤمنون عشرة فتسعة عصاة وواحد مطيعون ثم المطيعون عشرة فتسعة اهل الزهد وواحد اهل العشق ثم اهل العشق عشرة فتسعة اهل البرزخ والفرقة وواحد اهل المنزل والوصلة فهو أعز من الكبريت الأحمر والمسك الأذفر وهو الذي أكرمه الله بكرامة لم يكرم بها أحدا من العالمين فلو ان اهل العالم اجتمعوا على اهانته ما قدروا اذله العز الحقيقي لانه أذل نفسه بالفناء فى الله وهو مقام السجود الحقيقي فاعزه الله ورفعه ألا ترى الى قوله (من عادى لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) اى من اغضب وأذى وأهان واحدا من أوليائي فقد ظهر وخرج بالمحاربة لى والله ينصر أولياءه فيكون المبارز مقهورا مهانا بحيث لا يوجد له ناصر ومكرم
اهل حق هركز نمى باشد مهان ... اهل باطل خوار باشد در جهان
هذانِ اى فريق المؤمنين وفريق الكفرة المنقسم الى الفرق الخمس خَصْمانِ اى فريقان مختصمان اخْتَصَمُوا [جنك كردند وجدل نمودند] فِي رَبِّهِمْ وفى شأنه او فى دينه او فى ذاته وصفاته والكل من شؤنه فان اعتقاد كل من الفريقين بحقية ما هو عليه وبطلان ما عليه صاحبه وبناء أقواله وأفعاله عليه خصوصة للفريق الآخر وان لم يجر بينهما التحاور والخصام
اهل دين حق وانواع ملل ... مختصم شد بى زبان اندر علل
فَالَّذِينَ كَفَرُوا تفصيل لما أجمل فى قوله يفصل بينهم يوم القيامة قُطِّعَتْ لَهُمْ التقطيع [پاره پاره كردن] والمراد هنا قدرت على مقادير جثتهم ثِيابٌ مِنْ نارٍ اى نيران هائلة تحيط بهم احاطة الثياب بلابسها يُصَبُّ [ريخته ميشود] صب الماء اراقته من أعلى مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ اى الماء الحار الذي انتهت حرارته لو قطرت قطرة منه على جبال الدنيا لاذابتها قال الراغب الحميم الماء الشديد الحرارة وسمى العرق حميما على التشبيه واستحمّ الفرس عرق وسمى الحمام حماما اما لانه يعرق واما لما فيه من الماء الحار والحمى سميت بذلك اما لما فيها من الحرارة المفرطة واما لما يعرض فيها من الحميم اى العرق واما لكونها من امارات الحمام اى الموت يُصْهَرُ بِهِ [كداخته شود] اى يذاب بذلك الحميم من فرط الحرارة يقال صهرت الشيء فانصهر اى أذبته فذاب فهو صهير والصهر اذابة الشيء والصهارة ما ذاب منه ما فِي بُطُونِهِمْ من الأمعاء والاحشاء وَالْجُلُودُ تشوى جلودهم فتتساقط عطف على ما وتأخيره عنه لمراعاة الفواصل اى إذا صب الحميم على رؤسهم يؤثر من فرط حرارته فى باطنهم نحو تأثيره فى ظاهرهم فيذاب به احشاؤهم كما يذاب به جلودهم ثم يعاد كما كان وَلَهُمْ للكفرة اى لتعذيبهم وجلدهم مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [كرزها باشد در دست زبانيه از آهن] جمع مقمعة وهى آلة القمع قال فى بحر العلوم سياط منه يجلدون بها وحقيقتها ما يقمع به اى يكف بعنف وفى الحديث (لو وضعت مقمعة منها فى الأرض فاجتمع عليها الثقلان ما أقلوها منها) اى رفعوها (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها) اى أشرفوا على الخروج من النار ودنوا منه حسبما يروى انها تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا(6/18)
فى أعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا وهو من ذكر البعض وارادة الكل إذا الخريف آخر الفصول الاربعة مِنْ غَمٍّ اى غم شديد من غمومها يصيبهم وهو بدل اشتمال من الهاء أُعِيدُوا فِيها اى فى قعرها بان ردوا من أعلاها الى أسفلها من غير ان يخرجوا منها قال الكاشفى [باز كردانيده شوند بدان كرزها در دوزخ يعنى چون بكناره دوزخ رسيده بخروج نزديك شوند زبانيه كرز بر سر ايشان ميزند وباز مى كرداند بدركات] وَقيل لهم ذُوقُوا [بچشيد] عَذابَ الْحَرِيقِ [عذاب آتش سوزنده] او العذاب المحرق كما سبق والعدول الى صيغة الفعيل للمبالغة قال فى التأويلات النجمية (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) من ارباب النفس بانقطاعهم عن الله ودينه وباتباعهم الهوى وطلب الشهوات الدنيوية ومن اصحاب الروح باعراضهم عن الله ورد دعوة الأنبياء (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) بتقطيع خياط القضاء على قدّهم وهى ثياب نسجت من سدى مخالفات الشرع ولحمة موافقات الطبع (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) حميم الشهوات النفسانية يذاب ويخرج ما فى قلوبهم من الأخلاق الحميدة الروحانية (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) اى الأخلاق الذميمة واستيلاء الحرص والأمل وقيل لهم ذوقوا عذاب ما أحرقت منكم نار الشهوات من الاستعدادات الحسنة انتهى ان قيل نار جهنم خير أم شر قلنا ليست هى بخير
ولا بشر بل عذاب وحكمة وقيل خير من وجه كنار نمرود شر فى أعينهم وبرد وسلام على ابراهيم وكالسوط فى يد الحاكم خير للطاغى وشر للمطيع فالنار خير ورحمة على مالك وجنوده وشر على من دخل فيها من الكفار وايضا خير لعصاة المؤمنين حيث تخلص جواهر نفوسهم من ألواث المعاصي وشر لغيرهم كالطاعون رحمة للمؤمنين ورجز للكافرين والوجود خير محض عند العارفين والعدم شر محض عند المحققين لان الوجود اثر صنع الحكيم كما قال (ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ) فالشرور بالنسبة الى الأعيان الكونية لا بالنسبة الى افعال الله ولله فى ملكه ان يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فالنار مظهر الجلال فمن جهة مظهريتها خير محض ومن جهة تعلقها ببعض الأعيان شر محض وقد خلق الله النار ليعلم الخلق قدر جلال الله وكبريائه ويكونوا على هيبة وخوف منه ويؤدب بها من لم يتأدب بتأديب الرسل ولهذا السر علق النبي عليه السلام السوط حيث يراه اهل البيت لئلا يتركوا الأدب- وروى- ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام ما خلقت النار بخلا منى ولكن اكره ان اجمع أعدائي وأوليائي فى دار واحدة وقيل خلق النار لغلبة الشفقة كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى أكرمته ومن لم يجئ ليس عليه شىء ويقول مضيف آخر من جاء الىّ أكرمته ومن لم يجئ ضربته وحبسته ليتبين غاية كرمه وهو أكمل وأتم من الكرم الاول والله تعالى دعا الخلق الى دعوته بقوله (وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) ثم دفع السيف الى رسوله فقال من لم يجب ضيافتى فاقتله فعلى العاقل ان يجيب الى دعوة الله ويمتثل لامره حتى يأمن من قهره: قال الشيخ سعدى قدس سره
هنوزت أجل دست هوشت نبست ... برآور بدرگاه داور دو دست
تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب(6/19)
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)
چنان شرم دار از خداوند خويش ... كه شرمت ز همسايكانست وخويش
بترس از كناهان خويش اين نفس ... كه روز قيامت نترسى ز كس
بر ان خورد سعدى كه بيخى نشاند ... كسى برد خرمن كه تخمى فشاند
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [وكردند عملهاى شايسته] جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ الاربعة يُحَلَّوْنَ فِيها من حليت المرأة إذا ألبست الحلي وهو ما يتحلى به من ذهب او فضة اى تحليهم الملائكة بامره تعالى وتزينهم: بالفارسية [آراسته كردانند و پيرايه بندند ايشانرا در بهشت] مِنْ أَساوِرَ اى بعض أساور وهى جمع اسورة جمع سوار: بالفارسية [دستوانه] مِنْ ذَهَبٍ بيان للاساور وَلُؤْلُؤاً عطف على محل من أساور وقرئ بالجر عطفا على ذهب على ان الأساور مرصعة بالذهب واللؤلؤ او على انهم يسورون بالجنسين اما على المعاقبة واما على الجمع كما تجمع نساء الدنيا بين انواع الحلي وما احسن المعصم إذا كان فيه سواران سوار من ذهب احمر قان وسوار من لؤلؤ ابيض يقق وقيل عطف على أساور لا على ذهب لأن السوار لا يكون من اللؤلؤ فى العادة وهو غلط لما فيه من قياس عالم الملك بعالم الملكوت وهو خطأ لقوله (اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وينصره قول سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من اللؤلؤ واليواقيت قال ابن الشيخ وظاهر ان السوار قد يتخذ من اللؤلؤ وحده بنظم بعضه الى بعض غاية ما فى الباب ان لا يكون معهودا فى الزمان الاول اى فيكون تشويقا لهم بما لم يعرفوه فى الدنيا وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ يعنى انهم يلبسون فى الجنة ثياب الإبريسم وهو الذي حرم لبسه فى الدنيا على الرجال على ما روى ابو سعيد عن النبي عليه السلام انه قال (من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة) فان دخل الجنة لبس اهل الجنة ولم يلبسه هو ولذلك قال ابو حنيفة رحمه الله لا يحل لرجل ان يلبس حريرا الا قدر اربع أصابع لما روى انه عليه السلام لبس جبة مكفوفة بالحرير ولم يفرق بين حالة الحرب وغيره وقال ابو يوسف ومحمد يحل فى الحرب ضرورة قلنا الضرورة تندفع بما لحمته إبريسم وسداه غيره وعكسه فى الحرب فقط كما فى بحر العلوم قال الامام الدميري فى حياة الحيوان ويجوز لبس الثوب الحرير لدفع القمل لانه لا يقمل بالخاصية والأصح ان الرخصة لا تختص بالسفر كما فى أنوار المشارق وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ [راه نموده شده اند مؤمنان به پاكيزه از قول يعنى بسخنهاى پاك راه نمايند ايشانرا در آخرت وآن چنان باشد كه چون نظر ايشان بر بهشت افتد كويند «الحمد لله الذي هدانا لهذا» و چون ببهشت در آيند بر زبان رانند كه «الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن» و چون در منازل خود قرار كيرند كويند «الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض» الآية واكثر مفسران برانند كه ايشان راه يافته اند بقول طيب در دنيا كه كلمه طيبه «لا اله الّا الله ومحمد رسول الله» است] كما قال فى التأويلات النجمية هو الإخلاص فى قول لا اله الا الله والعمل به وقال فى حقائق البقلى هو الذكر او الأمر بالمعروف او نصيحة المسلمين او دعاء المؤمنين وارشاد السالكين قال الكاشفى [حضرت الهى در كشف(6/20)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)
الاسرار فرموده كه كلام پاكيزه آنست كه از دعوى پاك باشد واز عجب دور وبنياز نزديك. سهل تسترى رحمه الله فرموده كه درين كلام نظر كردم هيچ راه بحق نزديكتر از نياز نديدم وهيچ عجائب صعبتر از دعوى نيافتم
ايمن آبادست اين راه نياز ... ترك نازش كير وبا اين ره بساز
رو بترك دعوى دعوت بگو ... راه حق از كبر واز نخوت مجو
وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ اى المحمود نفسه او عاقبته وهو الجنة اخر بيان الهداية لرعاية الفواصل وقال الكاشفى [وراه يافته شده اند اهل ايمان براه خداوند ستوده كه دين اسلامست] اى فيكون المعنى دين الله المحمود فى أفعاله وفى التأويلات النجمية هو الطريق الى الله فان الحميد هو الله تعالى واعلم ان علامة الاهتداء الى الطريق القويم السلوك بقدم العمل الصالح وهو ما كان خالصا لله تعالى ومجرد الايمان وان كان يمنع المؤمن من الخلود فى النار ويدخله الجنة لكن العمل يزيد نور الايمان وبه يتنور قلب المؤمن قال موسى عليه السلام يا رب أي عبادك أعجز قال الذي يطلب الجنة بلا عمل والرزق بلا دعاء قال وأي عبادك ابخل قال الذي سأله سائل وهو يقدر على إطعامه ولم يطعمه وكان رجل بيثرب جمع قوما من ندمائه ودفع الى غلام له اربعة دراهم وامره ان يشترى شيأ من الفواكه للمجلس فمر الغلام بباب مسجد منصور بن عمار وهو يسأل لفقير شيأ ويقول من دفع اليه اربعة دراهم دعوت له اربع دعوات فدفع الغلام الدراهم فقال منصور ما الذي تريد ان ادعو لك فقال لى سيد أريد ان أتخلص منه فدعاه منصور ثم قال والآخر ان يخلف الله على دراهمى فدعاه ثم قال والآخر فقال ان يتوب الله على سيدى فدعاه ثم قال والآخر فقال ان يغفر الله لى ولسيدى ولك وللقوم فدعاه منصور فرجع الغلام الى سيده فقال لم ابطأت فقص عليه القصة فقال وبم دعا فقال سألت لنفسى العتق فقال اذهب فانت حر ثم قال وأي شىء الثاني فقال ان يخلف الله علىّ الدراهم فقال لك اربعة آلاف درهم ثم قال وأي شىء الثالث فقال ان يتوب الله عليك فقال تبت الى الله ثم قال وأي شىء الرابع فقال ان يغفر الله لى ولك وللمذكور وللقوم فقال هذا الواحد ليس الىّ فلما بات رأى فى المنام كأن قائلا يقول له أنت فعلت ما كان إليك أترى انى لا افعل ما الىّ فقد غفرت لك وللغلام ولمنصور وللقوم الحاضرين ففى الحكاية فوائد لا تخفى نسأل الله المغفرة والعاقبة المحمودة
تو چاكر در سلطان عشق شو چوأياز ... كه هست عاقبت كار عاشقان محمود
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى يمنعون الناس عن طاعة الله والدخول فى دينه والمراد بصيغة المضارع الاستمرار لا الحال والاستقبال كأنه قيل ان الذين كفروا ومن شأنهم الصد عن سبيل الله ومثله قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ) وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على سبيل الله والمراد به مكة او يمنعون المؤمنين عن طواف المسجد الحرام اى المحترم من كل وجه فلا يصاد صيده ولا يقطع شوكه ولا يسفك فيه الدماء قال الكاشفى [بقول أشهر روز حديبيه است كه حضرت پيغمبر عليه السلام واصحاب او را از طواف خانه ومسجد باز داشتند [الَّذِي جَعَلْناهُ صيرناه حال كونه معبدا(6/21)
لِلنَّاسِ كائنا من كان من غير فرق بين مكى وآفاقى سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ مفعول ثان لجعلنا والعاكف مرتفع به على الفاعلية يقال للمقيم بالبادية باد والبادية كل مكان يبدو ما يعنّ فيه وبالعكس فى شىء من ساعاة الليل والنهار: وبالفارسية [يكسانست مقيم درو وآينده يعنى غريب وشهرى در قضاى مناسك واداى مراسم تعظيم خانه مساوى اند] وفائدة وصف المسجد الحرام بذلك زيادة تشنيع الصادين عنه وخبران محذوف اى معذبون كما يدل عليه آخر الآية وَمَنْ [وهر كه] يُرِدْ مراداما فِيهِ [در حرم] بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ حالان مترادفان اى حال كونه مائلا عن القصد ظالما وحقيقته ملتبسا بظلم فالباء للملابسة والإلحاد الميل قال الراغب الحد فلان مال عن الحق والإلحاد ضربان الحاد الى الشرك بالله والحاد الى الشرك بالأسباب فالاول ينافى الايمان ويبطله والثاني يوهن عراه ولا يبطله ومن هذا النحو الآية نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ جواب من يعنى يجب على من كان فيه ان يعدل فى جميع ما يريده والمراد بالإلحاد والظلم صيد حمامه وقطع شجره ودخوله غير محرم وجميع المعاصي حتى قيل شتم الخادم لان السيئات تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات: يعنى [چون مكه محترمه مخصوصيت
بتضاعف حسنات چونمازى درو با چندين نماز در غير او برابر است پس جزاى مساوى نيز در وكلى ترست از سائر مواضع] ولحرمة المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الأقصى قال الفقهاء لو نذر ان يصلى فى أحد هذه الثلاثة تعيين بخلاف سائر المساجد فان من نذران يصلى فى أحدها له ان يصلى فى آخر قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اعلم ان الله تعالى قد عفا عن جميع الخواطر التي لا تستقر عندنا الا بمكة لان الشرع قد ورد ان الله يؤاخذ فيه من يريد فيه بإلحاد وبظلم وهذا كان سبب سكنى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما بالطائف احتياطا لنفسه لانه ليس فى قدرة الإنسان ان يدفع عن قلبه الخواطر انتهى وفى الآية إشارات منها ان من حال النفوس المتمردة والأرواح المرتدة مع انكارهم واعراضهم عن الحق يصدون الطالبين عن طريق الله بالإنكار والاعتراضات الفاسدة على المشايخ ويقطعون الطريق على اهل الطلب ليردوهم عن طلب الحق وعن دخول مسجد حرم القلب فانه حرم الله تعالى: قال الحافظ
در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل به پيام سروش كن
: وفى المثنوى
پس عدو جان صرافست قلب ... دشمن درويش كه بود غير كلب «1»
مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار «2»
ومنها انه يستوى فى الوصول الى مقام القلب الذي سبق اليه بمدة طويلة والذي يصل اليه فى الحال ليس لاحد فضل على الآخر الا بالسبق الى مقامات القلب قال فى الحقائق المقيم بقلبه هناك من أول عمره الى آخره والطارئ لحظة من المكاشفين والمشاهدين ينكشف له ما انكشف للمقيمين لانه وهاب كريم يعطى للتائب من المعاصي ما يعطى المطيع المقيم فى طاعته طول عمره: قال الحافظ
__________
(1) در ديباجه دفتر چهارم
(2) در أوائل دفتر چهارم در بيان تفسير اين حديث كه مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح إلخ(6/22)
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)
فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ... دكران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكرد
وقد قال بعضهم أمسيت كرديا وأصبحت عربيا ... ومنها ان من أراد فى القلب ميلانا الى
غير الحق يذيقه الله عذاب اليم البعد والقطيعة عن الحضرة فالقلب معدن محبة الله ووضع محبة غيره فيه ظلم: قال الشيخ سعدى قدس سره
دلم خانه مهر يارست و پس ... از ان مى نكنجد درو كين كس
: وقال الخجندي
با دوست كزين كمال يا جان ... يك خانه دو ميهمان نكنجد
فلا يسع القلب غير محبة الله تعالى وعشقه وتوجهه وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ يقال بوأه منزلا اى أنزله فيه. والمعنى اذكر وقت جعلنا مكان البيت اى الكعبة مباءة له عليه السلام اى مرجعا يرجع اليه للعمارة والعبادة وفى الجلالين بينا له ان يبنى- روى- ان الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات احداها بناء الملائكة إياها قبل آدم وكانت من ياقوتة حمراء ثم رفعت الى السماء ايام الطوفان والثانية بناء ابراهيم روى ان الله تعالى لما امر ابراهيم ببناء البيت لم يدر اين يبنى فاعلمه الله مكانه بريح أرسلها يقال لها الخجوج كنست ما حوله فبناه على القديم وقال الكلبي بعث الله سحابة على قدر البيت فقامت بحيال البيت وفيها رأس يتكلم يا ابراهيم ابن على قدرى فبنى عليه والمرة الثالثة بناء قريش فى الجاهلية وقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا البناء وكان يومئذ رجلا شابا فلما أرادوا ان يرفعوا الحجر الأسود اختصموا فيه فاراد كل قبيلة ان تتولى رفعه ثم توافقوا على ان يحكم بينهم أول رجل يخرج من هذه السكة فكان عليه السلام أول من خرج فقضى بينهم ان يجعلوه فى مرط ثم يرفعه جميع القبائل كلهم فرفعوه ثم ارتقى هو عليه السلام فرفعوه اليه فوضعه فى مكانه وكانوا يدعونه الامين قيل كان بناء الكعبة قبل المبعث بخمس عشرة سنة والمرة الرابعة بناء عبد الله بن الزبير رضى الله عنه والخامسة بناء الحجاج وهو البناء الموجود اليوم وكان البيت فى الوضع القديم مثلث الشكل اشارة الى قلوب الأنبياء عليهم السلام إذ ليس لنبى الا خاطر الهى وملكى ونفسى ثم كان فى الوضع الحادث على اربعة اركان اشارة الى قلوب المؤمنين بزيادة الخاطر الشيطاني- ذكر المحدث الكازروني فى مناسكه- ان هذا البيت خامس خمسة عشر سبعة منها فى السماء الى العرش وسبعة منها الى تخوم الأرض السفلى لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط منها بيت لسقط بعضها على بعض الى تخوم الأرض السابعة ولكل بيت من اهل السماء والأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت وأفضل الكل الكعبة المكرمة
رو بحرم نه كه در ان خوش حريم ... هست سيه پوش نكارى مقيم
صحن حرم روضه خلد برين ... او بچنان صحن مربع نشين
قبله خوبان عرب روى او ... سجده شوخان عجم سوى او
كعبه بود نو كل مشكين من ... تازه ازو باغ دل ودين من(6/23)
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)
أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً مفسرة لبوأنا من حيث انه متضمن لمعنى تعبدنا إذ التبوئة لا تقصد الا من أجل العبادة فكأنه قيل وإذ تعبدنا ابراهيم قلنا له لا تشرك بي شيأ [آنكه شرك ميار وانباز مكير بمن چيزى را كه من از شرك منزه ومقدسم] وَطَهِّرْ بَيْتِيَ من الأوثان والاقذار ان تطرح حوله اضافه الى نفسه لانه منور بانوار آياته لِلطَّائِفِينَ لمن يطوف به وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ جمع راكع وساجد اى ويصلى فيه ولعل التعبير عن الصلاة بأركانها وهى القيام والركوع والسجود للدلالة على ان كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك فكيف وقد اجتمعت وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالقائمين المقيمون بالبيت فيكون المراد بالطائفين من يطوف به وآفاقى غير مقيم هناك قال الكاشفى [اين بزبان اهل علمست واما بلسان اشارت ميفرمايد كه دل خود را كه دار الملك كبرياى منست از همه چيز پاك كن وغيرى را برو راه مده كه او پيمانه إشراب محبت ماست «القلوب أواني الله فى الأرض فاحب أواني الى أصفاها» وحي آمد بداود عليه السلام كه براى من خانه پاك ساز كه نظر عظمت من بوى فرود آيد داود عليه السلام كفت «واى بيت يسعك» كدام خانه است كه عظمت وجلال ترا شايد فرمود كه آن دل بنده مؤمن است داود عليه السلام فرمود كه او را چهـ كونه پاك دارم كفت آتش عشق در وى زن تا هر چهـ غير پيش آيد بسوزد
خوش آن آتش كه در دل بر فروزد ... بجز حق هر چهـ پيش آيد بسوزد
قال سهل رحمه الله كما يطهر البيت من الأصنام والأوثان يطهر القلب من الشرك والريب والغل والغش والقسوة والحسد: قال الشيخ المغربي رحمه الله
كل توحيد نرويد ز زمينى كه درو ... خار شرك وحسد وكبر وريا وكينست
مسكن دوست ز جان ميطلبيدم كفتا ... مسكن دوست اگر هست دل مسكين است
وفى التأويلات النجمية كن حارسا للقلب لئلا يسكن فيه غيرى وفرغ القلب من الأشياء سواى ويقال (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) اى بإخراج كل نصيب لك فى الدنيا والآخرة من تطلع إكرام وتطلب انعام او ارادة مقام ويقال طهر قلبك (لِلطَّائِفِينَ) فيه من واردات الحق وموارد الأحوال على ما يختاره الحق (وَالْقائِمِينَ) وهى الأشياء المقيمة من مستوطنات العرفان والأمور المغنية عن البرهان وتطلعه بما هى حقيقة البيان (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وهى اركان الأحوال المتوالية من الرغبة والرهبة والرجاء والمخافة والقبض والبسط والانس والهيبة وفى معناها انشدوا
لست من جملة المحبين ان لم ... اجعل القلب بيته والمقاما
وطوافى اجالة السر فيه ... وهو ركنى إذا أردت استلاما
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ التأذين النداء الى الصلاة كما فى القاموس والمؤذن كل من يعلم بشىء نداء كما فى المفردات والمعنى ناد فيهم يا ابراهيم بِالْحَجِّ بدعوة الحج والأمر به: وبالفارسية [وندا در ده اى ابراهيم در ميان مردمان وبخوان ايشانرا بحج خانه خداى] روى ان ابراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت قال الله تعالى له اذن فى الناس بالحج قال يا رب وما يبلغ صوتى قال تعالى عليك الاذان وعلىّ البلاغ فصعد ابراهيم الصفا وفى رواية أبا قبيس(6/24)
وفى اخرى على المقام فارتفع المقام حتى صار كطول الجبال فادخل إصبعيه فى اذنيه واقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا وقال ايها الناس ألا ان ربكم قد بنى بيتا وكتب عليكم الحج الى بيت العتيق فاجيبوا ربكم وحجوا بيته الحرام ليثيبكم به الجنة ويجيركم من النار فسمعه اهل ما بين السماء والأرض فما بقي شىء سمع صوته الا اقبل يقول لبيك اللهم لبيك فاول من أجاب اهل اليمن فهم اكثر الناس حجا ومن ثمة جاء فى الحديث (الايمان يمان) ويكفى شرفا لليمن ظهور اويس القرني منه واليه الاشارة بقوله عليه السلام (انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن) قال مجاهد من أجاب مرة حج مرة ومن أجاب مرتين او اكثر يحج مرتين او اكثر بذلك المقدار قال فى اسئلة الحكم فاجابوه من ظهور الآباء وبطون الأمهات فى عالم الأرواح
اذن فى الناس نداييست عام ... تو كه بخواب آمده بين الأنام
دعوى خاصى كنى وامتياز ... خاص نباشد همه كس چون أياز
بهر همين شد دل خاصان دو نيم ... حالت لبيك ز اميد وبيم
وفى الخصائص الصغرى وافترض على هذه الامة ما افترض على الأنبياء والرسل وهو الوضوء والغسل من الجنابة والحج والجهاد وما وجب فى حق نبى وجب فى حق أمته الا ان يقوم الدليل الصحيح على الخصوصية يَأْتُوكَ جواب للامر والخطاب لابراهيم فان من اتى الكعبة فكأنه قد اتى ابراهيم لانه مجيب نداءه رِجالًا حال اى مشاة على أرجلهم جمع راجل كقيام جمع قائم قال الراغب اشتق من الرجل رجل وراجل للماشى بالرجل وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ عطف على رجالا اى وركبانا على كل بعير ضامر اى مهزول أتعبه بعد السفر فهزل قال الراغب الضامر من الفرس الخفيف اللحم من الأصل لا من الهزال يَأْتِينَ صفة لضامر لان المعنى على ضوامر من جماعة الإبل مِنْ كُلِّ فَجٍّ طريق واسع قال الراغب الفج طريق يكتنفها جبلان عَمِيقٍ بعيد واصل العمق البعد سفلا يقال بئر عميق إذا كانت بعيدة القعر- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعون حجة وللحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم) قال قيل وما حسنات الحرم قال (الحسنة بمائة الف) قال مجاهد حج ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام ماشيين وكانا إذا قربا من الحرم خلعا نعالهما هذا إذا لم يتغير خلقه بالمشي والا فالركوب أفضل ولما انفرد الرهبانيون فى الملل السالفة بالسياحة والسفر الى البلاد والبواد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (أبدل الله بها الحج) فانعم بالحج على أمته بان جعل الحج وسفره رهبانية لهم وسياحة وفى الخبر (ان الله ينظر الى الكعبة كل سنة فى نصف شعبان فعند ذلك تحن إليها القلوب) فلا يحن عند التجلي الا القلب المسارع لاجابة ابراهيم فما حن قلب لتلك الاجابة الا القلب المسارع لدعوة الحق فى قوله (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر أخبرني بعض العارفين عن رجل من اهل(6/25)
لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)
الثروة فى الدنيا لم يحدث نفسه بالحج قط فجرى له امر كان سببا لان قيد بالحديد وجيئ به الى الأمير صاحب مكة ليقتله لامر بلغه عنه والذي وشى به عند الأمير حاضر فاتفق ان كان وصوله يوم عرفة والأمير بعرفة فاحضره بين يديه وهو مغلول العنق بالحديد فاستدعى الأمير الواشي وقال له هذا صاحبنا فنظر الى الرجل فقال لا ايها الأمير فاعتذر اليه الأمير وازيل عنه الحديد واغتسل واهل بالحج ولبى من عرفة ورجع معفوا مغفورا بالظاهر والباطن فانظر العناية الالهية ما تفعل بالعبد فمن الناس من يقاد الى الجنة بالسلاسل وهو من اسرار الاجابة الابراهيمية: وفى فتوح الحرمين
هر كه رسيده بوجود از عدم ... در ره او ساخته از سر قدم
هيچ نبى هيچ ولى هم نبود ... كو نبرد در ره اميد سود
جمله خلائق ز عرب تا عجم ... باديه پيما بهواي حرم
لِيَشْهَدُوا متعلق بيأتوك اى ليحضروا مَنافِعَ كائنة لَهُمْ من المنافع الدينية والدنيوية وهى العفو والمغفرة والتجارة فى ايام الحج فتنكيرها لان المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة لا يوجد فى غيرها من العبادات وعن ابى حنيفة رحمه الله انه كان يفاضل بين العبادات قبل ان يحج فلما حج فضل الحج على العبادات كلها لما شاهد من تلك الخصائص وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عند اعداد الهدايا والضحايا وذبحها قال الكاشفى [مراد قربانيست كه بنام خداى كنند كفار بنام بت ميكردند] وفى جعله غاية للاتيان إيذان بانه الغاية القصوى دون غيره فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ هى ايام النحر كما ينبى عنه قوله تعالى عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فان المراد بالذكر. ما وقع عند الذبح علق الفعل بالمرزوق وبينه بالبهيمة تحريضا على التقرب وتنبيها على مقتضى الذكر والبهيمة واسم لكل ذات اربع فى البحر والبر فبينت بالانعام وهى الإبل والبقر والضأن والمعز لان الهدى والذبيحة لا يكونان من غيرها قال الراغب البهيمة ما لا نطق له وذلك لما فى صوته من الإبهام لكن خص فى التعارف بما عدا السباع والطير. والانعام جمع نعم وهو مختص بالإبل وتسميته بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة لكن الانعام يقال للابل والبقر والغنم ولا يقال لها انعام حتى يكون فى جملتها الإبل فَكُلُوا مِنْها التفات الى الخطاب والفاء فصيحة عاطفة لمدخولها على مقدر اى فاذكروا اسم الله على ضحاياكم فكلوا من لحومها والأمر للاباحة وكان اهل الجاهلية لا يأكلون من نسائكهم فاعلم الله ان ذلك جائز ان شاء أكل وان شاء لم يأكل وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ هذا الأمر للوجوب والبائس الذي أصابه بؤس وشدة وبالفارسية [درمانده ومحنت كشيده] الْفَقِيرَ المحتاج قال الكاشفى [محتاج تنكدست را] فالبائس الشديد الفقر والفقير المحتاج الذي أضعفه الإعسار ليس له عنى او البائس الذي ظهر بؤسه فى ثيابه وفى وجهه والفقير الذي لا يكون كذلك بان تكون ثيابه نقية ووجهه وجه غنى وفى مختصر الكرخي اوصى بثلث ماله للبائس الفقير والمسكين قال فهو يقسم الى ثلاثة اجزاء جزء للبائس وهو الذي به الزمانة إذا كان محتاجا والفقير المحتاج الذي لا يعرف(6/26)
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)
بالأبواب والمسكين الذي يسأل ويطوف وعن ابى يوسف الى جزءين الفقير والمسكين واحد واتفق العلماء على ان الهدى ان كان تطوعا كان للمهدى ان يأكل منه وكذا أضحية التطوع لما روى انه عليه السلام ساق فى حجة الوداع مائة بدنة فنحر منها ثلاثا وستين بدنة بنفسه اشارة الى مدة عمره ونحر على رضى الله عنه ما بقي ثم امر عليه السلام ان يؤخذ بضعة من كل بدنة فتجعل فى قدر ففعل ذلك فطبخ فاكلا من لحمها وحسيا مرقها وكان هدى تطوع واختلفوا فى الهدى الواجب هل يجوز للمهدى ان يأكل منه شيأ مثل دم التمتع والقران والنذور والكفارات والدماء الواقعة جبرا للنقصان والتي وجبت باصياد الحج وفواته وجزاء الصيد فذهب قوم الى انه لا يجوز للمهدى ان يأكل شيأ منها ومنهم الشافعي رحمه الله وذهب الأئمة الحنفية الى انه يأكل من دم التمتع والقران لكونهما دم الشكر لا دم الجناية ولا يأكل من واجب سواها وكذا لا يأكل أولاده واهله وعبيده واماؤه وكذا الأغنياء إذ الصدقة الواجبة حق للفقراء وفى الآية اشارة الى انه يلزم على الأغنياء ان يشاركوا الفقراء فى المآكل والمشارب فلا يطعموهم الا مما يأكلون ولا يجعلوا لله ما يكرهون قال ابن عطاء البائس الذي تأنف من مجالسته ومواكلته والفقير من تعلم حاجته الى طعامك ولم يسأل ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ عطف على يذكروا اى ليزبلوا وسخهم بخلق الرأس وقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الاحلال اى الخروج من الإحرام فالتفث الوسخ يقال للرجل ما أتفثك وما ادرنك اى وما اوسخك وكل ما يستقذر من الشعث وطول الظفر ونحوهما تفث قال الراغب اصل التفث وسخ الظفر وغير ذلك مما شأنه ان يزال عن البدن والقضاء فصل الأمر قولا كان ذلك او فعلا وكل واحد منها على وجهين الهى وبشرى والآية من قبيل البشرى كما فى قوله تعالى (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) اى افرغوا من أمركم وقول الشاعر
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
يحتمل القضاء بالقول والفعل جميعا كما فى المفردات وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ يقال وفى بعهده واوفى إذا تمم العهد ولم ينقض حفظه كما دل عليه الغدر وهو الترك والنذر ان توجب على نفسك ما ليس بواجب والمراد بالنذور ما نذروه من اعمال البر فى ايام الحج فان الرجل إذا حج واعتمر فقد يوجب على نفسه من الهدى وغيره ما لولا إيجابه لم يكن الحج يقتضيه وان كان على الرجل نذور مطلقة فالافضل ان يتصدق بها على اهل مكة وَلْيَطَّوَّفُوا طواف الركن الذي به يتم التحلل فانه قرينة قضاء التفث بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ اى القديم فانه أول بيت وضع للناس او المعتق من تسلط الجبابرة فكم من جبار سار اليه ليهدمه فعصمه الله واما الحجاج الثقفي فانما قصد إخراج ابن الزبير رضى الله عنه لا التسلط عليه ولما قصد التسلط عليه ابرهة فعل به ما فعل اعلم ان طواف الحجاج ثلاثة. الاول طواف القدوم وهو ان من قدم مكة يطوف بالبيت سبعا يرمل ثلاثا من الحجر الأسود الى ان ينتهى اليه ويمشى أربعا وهذا الطواف سنة لا شىء بتركه. والثاني طواف الافاضة يوم النحر بعد الرمي(6/27)
والحلق ويسمى ايضا طواف الزيارة وهو ركن لا يحصل التحلل من الإحرام ما لم يأت به. والثالث طواف الوداع لا رخصة لمن أراد مفارقة مكة الى مسافة القصر فى ان يفارقها حتى يطوف بالبيت سبعا فمن تركه فعليه دم الا المرأة الحائضة فانه يجوز لها ترك طواف الوداع ثم ان الرمل يختص بطواف القدوم ولا رمل فى طواف الافاضة والوداع
اى كه درين كوى قدم مى نهى ... روى توجه بحرم مى نهى
پاى باندازه درين كوى نه ... پاى اگر سوده شود روى نه
چرخ زنان طوف كنان بر حضور ... تو شده پروانه واو شمع نور
عادت پروانه ندانى مكر ... چرخ زند أول وسوزد دكر
قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية لما نسب الله العرش فى السماء الى نفسه وجعله محل استواء للرحمن فقال (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) وجعل الملائكة حافين به بمنزلة الحراس الذين يدورون بدار الملك والملازمين له لتنفيذ امره كذلك جعل الله بيته فى الأرض ونصبه للطائفين به على ذلك الأسلوب وتميز البيت على العرش بامر جلى وسر الهى ما هو فى العرش وهى يمين الله فى الأرض لتبايعه فى كل شوط مبايعة رضوان فالحجر يمين الله يبايع به عباده بلا شك ولكن على الوجه الذي يعلمه سبحانه من ذلك فصح النسب بالتقديس ومن هنا يعرف ان ما فى الوجود الا الله سبحانه وتقدس
كعبه كزو در همه دلها ره است ... جزوى از اعضاى يمين الله است
قال بعض الكبار وضع الله بيته فى الأرض قبل آدم وذريته وآجال الطائفين حوله ابتلاء وامتحانا ليحتجبوا بالبيت عن صاحب البيت يعنى حجبهم بالوسائط عن مشاهدة جماله غيرة على نفسه من ان يرى أحد اليه سبيلا- حكى- ان عارفا من اولياء الله تعالى قصد الحج وكان له ابن فقال ابنه الى اين تقصد فقال الى بيت الله فظن الغلام ان من يرى البيت يرى رب البيت فقال يا ابى لم لا تحملني معك فقال أنت لا تصلح لذلك فبكى الغلام فحمله معه فلما بلغا الى الميقات احرما ولبيا ودخلا الحرم فلما شوهد البيت تحير الغلام عند رؤيته فخر ميتا فدهش والده وقال اين ولدي وقطعة كبدى فنودى من زاوية البيت أنت طلبت البيت فوجدته وهو طلب رب البيت فوجد رب البيت فرفع الغلام من بينهم فهتف هاتف انه ليس فى القبر ولا فى الأرض ولا فى الجنة بل هو فى مقعد صدق عند مليك مقتدر: وفى المثنوى
خوش بكش اين كاروانرا تا بحج ... اى امير الصبر مفتاح الفرج «1»
حج زيارت كردن خانه بود ... حج رب البيت مردانه بود
فمن اعرض عن الجهة وتوجه الى الوجه الاحدى صار الحق قبلة له فيكون هو قبلة الجميع كآدم عليه السلام كان قبلة الملائكة لانه وسيلة الحق بينه وبين ملائكته لما عليه من كسوة جماله وجلاله كما قال عليه السلام (خلق الله آدم على صورته) يعنى القى عليه حسن صفاته ونور مشاهدته قال بعض العارفين لما كانت البيت المحرم سر لباس شمس الذات الاحدية وحد الحق سبحانه القصد اليه فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بلفظ البيت لما فيه
__________
(1) در ديباجه دفتر چهارم(6/28)
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)
من اشتقاق المبيت لا المبيت لا يكون الا فى الليل والليل محل التجلي للعباد فانه فيه نزول الحق كما يليق وهو مظهر الغيب وهو محل التجلي ولباس الشمس كذلك البيت الحرام مظهر حضرة الغيب الإلهي وسر التجلي الوحدانى وسر منبع رحمة الرحمانية لأن الحق إذا تجلى لاهل الأرض بصفة الرحمة ينزل الرحمة اولا على البيت ثم تقسم منه فالبيت سر وحدانية الحق فجعل الحق حجة واحدة لا يتكرر وجوبه كتكرر سائر العبادات لاجل مضاهاته بحضرة الاحدية وفضل البيت على سائر البيوت كفضله سبحانه على خلقه والفضل كله لله تعالى فانوار جميع البيوت وفضائلها مقتبسة من نوره كما وردت الاشارة ان الأرض مدت من البيت وهو حقيقة الحقائق الكونية الشهادية فلذلك سميت مكة بام القرى شرفها الله تعالى وتقدس وفى التأويلات النجمية (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا) اى وناد فى الناسين من النفس وصفاتها والقالب وجوارحه بزيارة القلب للاتصاف بصفاته والدخول فى مقاماته يأتوك مشاة وهى النفس وصفاتها (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) وهو القالب وجوارحه يعنى يقصدون القلب بالأعمال الشرعية البدنية فانهم كالركبان لأن الأعمال البدنية مركبة بحركات الجوارح ونيات الضمير كما ان اعمال النفس مفردة لانها نيات الضمير فحسب (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) وهو سفل الدنيا لأن القالب من الدنيا واكثر استعماله فى مصالح الدنيا بالجوارح والأعضاء فردها الى استعمالها فى مصالح القلب إتيانها من كل فج عميق (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) اى ليحضروا وينتفعوا بالمنافع التي هى مستكنة فى القلب فاما النفس وصفاتها فمنافعها بتبديل الأخلاق واما القالب وجوارحه فمنافعهم قبول طاعاتهم وظهو آثارها على سيماهم ويذكروا اسم الله اى القلب والنفس والقالب شكرا على ما رزقهم من بهيمة الانعام بان جعل الصفات البهيمية الحيوانية مبدلة بالصفات القلبية الروحانية الربانية وبقوله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) يشير الى ان انتفعوا من هذه المقامات والكرامات وأطعموا بمنافعها الطالب المحتاج والقاصد الى الله بالخدمة والهداية والإرشاد ثم ليقضوا الطلاب تفثهم وهو ما يجب عليهم من شرائط الارادة وصدق الطلب (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) فيما عاهدوا الله على التوجه اليه وصدق الطلب والارادة (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) اى يطوفوا حول الله بقلبهم وسرهم ولا يطوفوا حول ما سواه وأراد بالعتيق القديم وهو من صفات الله تعالى (ذلِكَ) اى الأمر والشان ذلك الذي ذكر من قوله (وَإِذْ بَوَّأْنا) الى قوله (بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) فان هذه الآية مشتملة على الاحكام المأمور بها والمنهي عنها وهذا وأمثاله يطلق للفصل بين الكلامين او بين وجهى كلام واحد وَمَنْ [وهر كه] يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ جمع حرمة وهى ما لا يحل هتكه وهو خرق الستر عما وراءه اى أحكامه وفرائضه وسننه وسائر ما لا يحل هتكه كالكعبة الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام بالعلم بوجوب مراعاتها والعمل بموجبه فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ اى فالتعظيم خير له ثوابا عِنْدَ رَبِّهِ اى فى الآخرة قال ابن الشيخ عند ربه يدل على الثواب المدخر لانه بطاعة ربه فيما حصل من الخيرات وفى الآية اشارة الى ان تعظيم حرمات الله هو تعظيم الله فى ترك ما حرمه الله عليه وتعظيم ترك ما امره الله به يقال بالطاعة(6/29)
يصل العبد الى الجنة وبالحرمة يصل الى الله ولهذا قال (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) يعنى تعظيم الحرمة خير للعبد فى التقرب الى الله من تقربه بالطاعة ويقال ترك الخدمة يوجب العقوبة وترك الحرمة يوجب الفرقة ويقال كل شىء من المخالفات فللعفو فيه مساغ وللامل فيه طريق وترك الحرمة على خطر ان لا يغفر ذلك وذلك بان يؤدى شؤمه لصاحبه الى ان يختل دينه وتوحيده وَأُحِلَّتْ جعلت حلالا وهو من حل العقدة لَكُمُ لمنافعكم الْأَنْعامُ وهى الأزواج الثمانية على الإطلاق من الضأن اثنين اى الذكر والأنثى ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين فالخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ آية تحريمه كما قال فى سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) الآية وهو استثناء متصل بناء على ان ما عبارة عما حرم منها لعارض كالميتة وما اهل به لغير الله والجملة اعتراض جيئ به تقريرا لما قبله من الأمر بالأكل والإطعام
ودفعا لما عسى يتوهم ان الإحرام يحرمها كما يحرم الصيد والمعنى ان الله تعالى قد أحل لكم ان تأكلوا الانعام كلها الا ما استثناه كتابه فحافظوا على حدوده وإياكم ان تحرموا مما أحل الله شيأ كتحريم عبدة الأوثان البحيرة والسائبة ونحوهما وان تحلوا مما حرم حلالهم شيأ كاكل الموقوذة والميتة ونحوهما فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ اى الرجس الذي هو الأوثان يعنى عبادتها كما يجتنب الأنجاس والرجس الشيء القذر يقال رجل رجس ورجال أرجاس والرجس يكون على اربعة أوجه اما من حيث الطبع واما من جهة العقل واما من جهة الشريعة واما من كل ذلك كالميتة فانها تعاف طبعا وعقلا وشرعا والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر والأوثان وهى جمع وثن وهو حجارة كانت تعبد كما فى المفردات وقال بعضهم الفرق بينه وبين الصنم ان الصنم هو الذي يؤلف من شجر او ذهب او فضة فى صورة الإنسان والوثن هو الذي ليس كذلك قال فى الإرشاد وقوله (فَاجْتَنِبُوا) إلخ مرتب على ما يفيده قوله تعالى (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ) من وجوب مراعاتها والاجتناب عن هتكها ولما كان بيان حل انعام من دواعى التعاطي لا من مبادى الاجتناب عقبه بما يجب الاجتناب عنه من الحرمات ثم امر بالاجتناب عما هو أقصى الحرمات كأنه قيل ومن يعظم حرمات الله فهو خير له والانعام ليست من الحرمات فانها محللة لكم الا ما يتلى عليكم آية تحريمه فانه مما يجب الاجتناب عنه فاجتنبوا ما هو معظم الأمور التي يجب الاجتناب عنها (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) تعميم بعد تخصيص فان عبادة الأوثان رأس الزور والمشرك يزعم ان الوثن يحق له العبادة كأنه قيل فاجتنبوا عبادة الأوثان التي هى رأس الزور واجتنبوا قول الزور كله ولا تقربوا شيأ منه وكأنه لما حث على تعظيم الحرمات اتبع ذلك ردا لما كانت الكفرة عليه من تحريم السوائب والبحائر ونحوهما والافتراء على الله تعالى بانه حكم بذلك: وبالفارسية [واجتناب كنيد از سخن دروغ مطلقا] وقيل المراد به شهادة الزور لما روى انه عليه السلام قال (عدلت شهادة الزور الاشراك بالله تعالى ثلاثا) وتلا هذه الآية وكان عمر رضى الله عنه يجلد شاهد الزور أربعين جلدة ويسود وجهه بالفحم ويطوف به فى الأسواق والزور من الزور وهو الانحراف كالافك المأخوذ من الافك الذي هو القلب(6/30)
حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)
والصرف فان الكذب منخرف مصروف عن الواقع وفى التأويلات النجمية قول الزور كل قول باللسان مما لا يساعده قول القلب ومن عاهد الله بقلبه فى صدق الطلب ثم لا يفى بذلك فهو من جملة قول الزور
طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزاد كى چوسرو چمن
وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيده
حُنَفاءَ لِلَّهِ حال من واو فاجتنبوا اى حال كونكم مائلين عن كل دين زائغ الى الدين الحق مخلصين له والحنف هو الميل عن الضلال الى الاستقامة والحنيف هو المائل الى ذلك وتحنف فلان اى تحرى طريق الاستقامة غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ اى شيأ من الأشياء فيدخل فى ذلك الأوثان دخولا أوليا وهو حال اخرى من الواو وَمَنْ [وهر كه] يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ قال الراغب معنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير وهو صوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ الخطف الاختلاس بالسرعة وصيغة المضارع لتصوير هذه الحالة الهائلة التي اجترأ عليها المشرك للسامعين قال الكاشفى [وهر كه شرك آرد بخداى تعالى پس همچنانست كه كوييا در افتاد از آسمان بر روى زمين وهلاك شد پس مى ربايند او را مرغان مردار خوار از روى زمين واجزا واعضاى او را متفرق ومتمزق ميسازند] أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ اى نسقطه وتقذفه يقال هوى يهوى من باب ضرب هويا سقط من علو الى سفل واما هوى يهوى من باب علم هوى فمعناه أحب فِي مَكانٍ سَحِيقٍ اى بعيد فان السحق البعد وليس إسحاق العلم منه فانه عبرانى معناه الضحاك واو للتخيير كما فى قوله (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) قال الكاشفى [يا بزير افكند او را باد از موضعى مرتفع در جانبى دور از فرياد رس ودستكير اين كلمات از تشبيهات مركبه است يعنى هر كه از اوج ايمان بحضيض كفر افتد هواى نفس او را پريشان سازد يا باد وسوسه شيطان او را در وادئ ضلالت افكند ونابود شود ملخص سخن آنكه هلاك مشركانست] فالهلاك فى الشرك كما ان النجاة فى الايمان وفى الصحيحين عن معاذ بن جبل رضى الله عنه انه عليه السلام قال له (هل تدرى ما حق الله) قال قلت الله ورسوله اعلم قال (فان حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيأ يا معاذ هل تدرى ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك) قلت الله ورسوله اعلم قال (ان لا يعذبهم) فلا بد من تخصيص العبادة بالله والتخليص من شوب الشرك ليكون العبد على الملة الحنيفية وهى واحدة من لدن آدم الى يومنا هذا وهى ملازمة التوحيد واليقين وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم اى الأعمال أفضل قال (الايمان بالله ورسوله) قيل ثم ماذا قال (الجهاد فى سبيل الله) قيل ثم ماذا قال (حج مبرور) وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر قال (الرياء)
مرائي هر كسى معبود سازد ... مرائي را از ان كفتند مشرك
قال الحافظ
كوئيا باور ونمى دارند روز داورى ... كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند(6/31)
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)
فالشرك أقبح الرذائل كما ان التوحيد احسن الحسنات وفى الحديث (اذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فانها بعشرة امثالها) فقال المخاطب يا رسول الله قول لا اله الا الله من الحسنات قال (احسن الحسنات) ذلِكَ اى الأمر والشأن ذلك الذي ذكر من ان تعظيم حرمات الله خير وان الاجتناب عن الإشراك وقول الزور امر لازم او امتثلوا ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ اى الهدايا فانها من معالم الحج وشعائره كما ينبئ عنه قوله تعالى (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ) وهو الأوفق لما بعده. والشعائر جمع شعيرة وهى العلامة من الاشعار وهو الاعلام والشعور العلم وسميت البدنة شعيرة من حيث انها تشعر بان تطعن فى سنامها من الجانب الايمن والأيسر حتى يسيل الدم فيعلم انها هدى فلا يتعرض لها فهى من جملة معالم الحج بل من أظهرها وأشهرها علامة وتعظيمها اعتقاد ان التقرب بها من أجل القربات وان يختارها حسانا سمانا غالية الأثمان- روى- انه عليه السلام اهدى مائة بدنة فيها جمل لابى جهل فى انفه برة من ذهب وان عمر اهدى نجيبة اى ناقة كريمة طلبت منه بثلاثمائة دينار
هر كسى از همت والاى خويش ... سود بردارد خور كالاى خويش
قال الجنيد من تعظيم شعائر الله التوكل والتفويض والتسليم فانها من شعائر الحق فى اسرار أوليائه فاذا عظمه وعظم حرمته زين الله ظاهره بفنون الآداب فَإِنَّها اى فان تعظيمها ناشئ مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ وتخصيصها بالاضافة لانها مركز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر اثرها فى سائر الأعضاء لَكُمْ فِيها اى فى الهدايا المشعرة ليعرف انها هدى مَنافِعُ هى درها ونسلها وصوفها وظهرها فان للمهدى ان ينتفع بهديه الى وقت النحر إذا احتاج اليه إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى هو وقت نحرها والتصدق بلحمها والاكل منه ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ المحل اسم زمان بتقدير المضاف من حل الدين إذا وجب أداؤه معطوف على قوله منافع والى البيت حال من ضمير فيها والعامل فى الحال الاستقرار الذي تعلق به كلمة فى. والمعنى ثم بعد تلك المنافع هذه المنفعة العظمى وهى وقت حلول نحرها ووجوبه حال كونها متهيئة الى البيت العتيق اى الى الحرم الذي هو فى حكم البيت فان المراد به الحرم كله كما فى قوله تعالى (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) اى الحرم كله فان البيت وما حوله نزهت عن اراقة دماء الهدايا وجعل منى منحرا ولا شك ان الفائدة التي هى أعظم المنافع الدينية فى الشعائر هى نحرها خالصة لله تعالى وجعل وقت وجوب نحرها فائدة عظيمة مبالغة فى ذلك فان وقت الفعل إذا كان فائدة جليلة فما ظنك بنفس الفعل والعتيق المتقدم فى الزمان والمكان والرتبة قال الكاشفى [پس جان ذبح با وجوب نحران منتهى شود بخانه كه آزادست از غرق شدن بوقت طوفان يا خانه بزركوار]- روى- ان ابراهيم عليه السلام وجد حجرا مكتوبا عليه اربعة اسطر. الاول «انى انا الله لا اله الا انا فاعبدنى» . والثاني «انى انا الله لا اله الا انا محمد رسولى طوبى لمن آمن به واتبع» . والثالث «انى انا الله لا اله الا انا من اعتصم بي نجا» . والرابع «انى انا الله لا اله الا انا الحرم لى والكعبة بيتي من دخل بيتي أمن من عذابى» وفى الحديث (ان الله تعالى ليدخل ثلاثة نفر بالحجة الواحدة(6/32)
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)
الجنة الموصى بها والمنفذ لها والحاج عنه) وفى الأشباه ليس للمامور الأمر بالحج ولو لمرض الا إذا قال له الآمر اصنع ما شئت فله ذلك مطلقا والمأمور بالحج له ان يؤخره عن السنة الاولى ثم يحج ولا يضمن كما فى التاتارخانية ولو عين له هذه السنة لان ذكرها للاستعجال لا للتقييد وإذا امر غيره بان يحج عنه ينبغى ان يفوض الأمر الى المأمور فيقول حج عنى بهذا المال كيف شئت مفردا بالحج او العمرة او متمتعا او قارنا والباقي من المال لك وصية كيلا ضيق الأمر على الحاج ولا يجب عليه ردما فضل الى الورثة ولو أحج من لم يحج عن نفسه جاز والأفضل ان يحج من قد حج عن نفسه كما فى الفتاوى المؤيدية ولا يسقط به الفرض عن المأمور وهو الحاج كما فى حواشى أخي چلبى ولو أحج امرأة او امة بإذن السيد جاز لكنه أساء ولو زال عجز الآمر صار ما ادى المأمور تطوعا للآمر وعليه الحج كما فى الكاشفى وعن ابى يوسف ان زال العجز بعد فراغ المأمور عن الحج يقع عن الفرض وان زال قبله فعن النفل كما فى المحيط والحج النفل يصح بلا شرط ويكون ثواب النفقة للآمر بالاتفاق واما ثواب النفل فالمأمور يجعله للآمر وقد صح ذلك عند اهل السنة كالصلاة والصوم والصدقة كما فى الهداية وان مات الحاج المأمور فى طريق الحج يحج غيره وجوبا من منزل آمره الموصى او الوارث قياسا إذا اتحد مكانهما والمال واف فيه ان السفر هل يبطل بالموت اولا وهذا إذا لم يبين مكانا يحج منه بالإجماع كما فى المحيط وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم لا لبعض منهم دون بعض فالتقديم للتخصيص جَعَلْنا مَنْسَكاً متعبدا وقربانا يتقربون به الى الله تعالى والمراد به اراقة الدماء لوجه الله تعالى. والمعنى شرعنا لكل امة مؤمنة ان ينسكو اله تعالى يقال نسك ينسك نسكا ونسوكا ومنسكا بفتح السين إذا ذبح القربان لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ خاصة دون غيره ويجعلوا نسكهم لوجهه الكريم علل الجعل به تنبيها على ان المقصود الأصلي من المناسك تذكر المعبود عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ عند ذبحها وفى تبيين البهيمة بإضافتها الى الانعام تنبيه على ان القربان يجب ان يكون من الانعام واما البهائم التي ليست من الانعام كالخيل والبغال والحمير فلا يجوز ذبحها فى القرابين وفى التأويلات النجمية ولكل سالك جعلنا طريقة ومقاما وقربة على اختلاف طبقاتهم فمنهم من يطلب الله من طريق المعاملات ومنهم من يطلبه من باب المجاهدات ومنهم من يطلبه به ليتمسك كل طائفة منهم فى الطلب بذكر الله على ما رزقهم من قهر النفس وكسر صفاتها البهيمية والانعامية فانهم لا يظفرون على اختلاف طبقاتهم بمنازلهم ومقاماتهم الا بقهر النفس وكسر صفاتها فيذكرون الله بالحمد والثناء على ما رزقهم من قهر النفس من العبور على المقامات والوصول الى الكمالات فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الجعل المذكور والخطاب للكل تغليبا اى فالهكم اله منفرد يمتنع ان يشاركه شىء فى ذاته وصفاته والا لاختل النظام المشاهد فى العالم فَلَهُ أَسْلِمُوا اى فاذا كان إلهكم اله واحد فاجعلوا التقرب او الذكر سالما له اى خالصا لوجهه ولا تشوبوه بالاشراك: وبالفارسية [پس مرو را كردن نهيد وقربانرا بشرك آميخته مسازيد] وفى التأويلات النجمية والإسلام يكون بمعنى الإخلاص والإخلاص(6/33)
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35)
تصفية الأعمال من الآفات ثم تصفية الأخلاق من الكدورات ثم تصفية الأحوال من الالتفاتات ثم تصفية الأنفاس من الأغيار وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ المتواضعين او المخلصين فان الخبت هو المطمئن من الأرض وحقيقة المخبت من صار فى خبت الأرض ولما كان الإخبات من لوازم التواضع والإخلاص صح ان يجعل كناية عنهما قال الكاشفى [وبشارت ده اى محمد فروتنانرا ببزرگى آن سرا يا ترسكاران را برحمت بى منتهى. سلمى قدس سره فرموده كه مژده ده مشتاقانرا بسعادت لقا كه هيچ مژده ازين فرح افزاى تر نيست پس در صفت مخبتين ميفرمايد] الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ الوجل استشعار الخوف كما فى المفردات اى خافت منه تعالى لاشراق أشعة جلاله عليها وطلوع أنوار عظمته والوجل عند الذكر على حسب تجلى الحق للقلب
هر كرا نور تجلى شد فزون ... خشيت وخوفش بود از حد برون
وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ من المصائب والكلف قال فى بحر العلوم الذين صبروا على البلايا والمصائب من مفارقة أوطانهم وعشائرهم ومن تجرع الغصص والأحزان واحتمال المشاق والشدائد فى نصر الله وطاعته وازدياد الخير ومعنى الصبر الحبس يقال صبرت نفسى على كذا اى حبستها وفى التأويلات النجمية (وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ) اى خامدين تحت جريان الحكم من غير استكراه ولا تمنى خروجه ولا روم فرجه يستسلمون طوعا: قال الحافظ
اگر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست
وقال
بدرد وصاف ترا حكم نيست دم دركش ... كه هر چهـ ساقى ما كرد عين الطافست
وقال
عاشقانرا كر در آتش مينشاند قهر دوست ... تنك چشمم كرد نظر ز چشمه كوثر كنم
وقال
آشنايان ره عشق أكرم خون بخورند ... ناكسم كر بشكايت سوى بيكانه روم
وقال
حافظ از جور تو حاشا كه بنالد روزى ... كه از ان روز كه در بند تؤام دلشادم
وايضا الحافظين مع الله أسرارهم لا يطلبون السلوة باطلاع الخلق على أحوالهم وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ فى أوقاتها أصله مقيمين والاضافة لفظية وفى التأويلات النجمية والمديمى النجوى مع الله كقوله (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) قال شاعرهم
إذا ما تمنى الناس روحا وراحة ... تمنيت ان أشكو إليك وتسمع
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فى وجوه الخيرات قدم المفعول اشعارا بكونه أهم كأنه قيل ويخصون بعض المال الحلال بالتصدق به والمراد به اما الزكاة المفروضة لاقترانها بالصلاة المفروضة او مطلق ما ينفق فى سبيل الله لوروده مطلق اللفظ من غير قرينة الخصوص وفى الحديث (بدلاء أمتي لا يدخلون الجنة بصيامهم وقيامهم ولكن دخلوها بسلامة الصدر وسخاء النفس(6/34)
وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)
والنصح للمسلمين واعلم ان خدمة المولى بالمال وبالوجود سبب لسعادة الدنيا والعقبى قال بعض الكبار ان الله لما اظهر الصنائع وعرضها على الخلق فى الأزل اختار كل منهم صنيعة وقال طائفة ما اعجبنا شىء فاظهر الله لهم العبادة ومقامات الأولياء فقالوا قد اخترنا خدمتك فقال لاسخرنهم لكم ولا جعلنهم خداما لكم واشفعنكم فيمن خدمكم وعرفكم قال الشيخ ابو الحسن سمعت وصف ولى فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول الهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا أريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجئ الا الى حضرتك قال فلما أصبحت سألت عن ذلك فقال يا ولدي قل اللهم كن لى مكان قولك اللهم سخر لى فاذا كان الله لك فلا تحتاج الى شىء ابدا فلا بد من الاجتهاد فى طريق الطلب والجد فى الدعاء الى حصول المطلب: قال المولى الجامى
بى طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جز راه بيابان برده را
وَالْبُدْنَ منصوب بمضمر يفسره ما بعده كقوله تعالى (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) جمع بدنة وهى الإبل والبقر مما يجوز فى الهدى والأضاحي سميت بها لعظم بدنها قال فى بحر العلوم البدنة فى اللغة من الإبل خاصة وتقع على الذكر والأنثى واما فى الشريعة فللابل والبقر لاشتراكهما فى البدانة ولذا الحق عليه السلام البقر بالإبل فى الاجزاء عن السبعة وفى القاموس البدنة محركة من الإبل والبقر كالاضحية من الغنم تهدى الى مكة للذكر والأنثى قال الكاشفى [وشتران وكاوان كه براى هدى رانده آيد] جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ اى من اعلام دينه التي شرعها الله مفعول ثان للجعل ولكم ظرف لغو متعلق به وأضيف الشعائر الى اسم الله تعظيما لها كبيت الله فان المضاف الى العظيم عظيم وقد سبق معنى الشعائر: وبالفارسية [ساختيم آنها يعنى كشتن آنها شما را از نشانهاى دين خدايرا تعالى] لَكُمْ فِيها فى البدن خَيْرٌ نفع كثير فى الدنيا واجر عظيم فى العقبى وفيه اشارة الى قربان بهيمة النفس عند كعبة القلب وانه من اعلام الدين وشعار اهل الصدق فى الطلب وان الخير فى قربانها وذبحها بسكين الصدق
ظاهرش مرك وبباطن زنده كى ... ظاهرش ابتر نهان پايندكى
فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها بان تقولوا عند ذبحها «الله اكبر لا اله الا الله والله اكبر اللهم منك وإليك» اى هى عطاء منك ونتقرب بها إليك صَوافَّ كناية عن كونها قائمات لان قيام الإبل يستلزم ان تصف أيديها وارجلها جمع صافة. والمعنى حال كونها قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن معقولة الأيدي اليسرى والآية دلت على ان الإبل تنحر قائمة كما قال الكاشفى [صواف در حالتى كه بر پاى ايستاده باشند وشتر را ايستاده ذبح كردن سنت است] فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها يقال وجب الحائط يجب وجبة إذا سقط قال فى التهذيب الوجب [بيفتادن ديوار] وغيره والمعنى سقطت على الأرض وهو كناية عن الموت قال الكاشفى [پس چون بيفتد بر زمين پهلوهاى مذبوحان وروح از ايشان بيرون رود] فَكُلُوا مِنْها اى من لحومها ان لم يكن دم الجناية والكفارة والنذر كما سبق والأمر(6/35)
لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)
للاباحة وَأَطْعِمُوا الأمر للوجوب الْقانِعَ اى الراضي بما عنده وبما يعطى من غير مسألة وَالْمُعْتَرَّ الاعترار التعرض للسؤال من غير ان يسأل كما قال فى القاموس المعتر الفقير المعترض للمعروف من غير ان يسأل انتهى يقال اعتره وعررت بك حاجتى والعر الجرب الذي يعر البدن اى يعترضه قال الكاشفى [در زاد المسير آورده كه قانع فقير مكه است ومعتر درويش آفاقى] كَذلِكَ مثل ذلك التسخير البديع المفهوم من قوله صواف سَخَّرْناها لَكُمْ ذللناها لمنافعكم: وبالفارسية [رام كردانيم] مع كمال عظمها ونهاية قوتها فلا تستعصى عليكم حتى تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحسبونها صافة قوائمها ثم تطعنون فى لباتها اى مناحرها من الصدور ولولا تسخير الله لم تطق ولم تكن أعجز من بعض الوحوش التي هى أصغر منها جرما واقل قوة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لتشكروا إنعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص ولما كان اهل الجاهلية ينضحون البيت اى الكعبة بدماء قرابينهم ويشرحون اللحم ويضعونه حوله زاعمين ان ذلك قربة قال تعالى نهيا للمسلمين لَنْ يَنالَ اللَّهَ لن يصيب ويبلغ ويدرك رضاه ولا يكون مقبولا عنده لُحُومُها المأكولة والمتصدق بها وَلا دِماؤُها المهراقة بالنحر من حيث انها لحوم ودماء وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ وهو قصد الايتمار وطلب الرضى والاحتراز عن الحرام والشبهة وفيه دليل على انه لا يفيد العمل بلا نية واخلاص: وبالفارسية [وليكن ميرسد بمحل قبول وى پرهيز كارى از شما كه آن تعظيم امر خداوندست وتقرب بدو بقربان پسنديده] كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ تكرير للتذكير والتعليل بقوله لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ اى لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء عَلى ما هَداكُمْ على متعلقة بتكبروا لتضمنه معنى الشكر وما مصدرية اى على هدايته إياكم او موصولة اى على ما هداكم اليه وأرشدكم وهو طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ اى المخلصين فى كل ما يأتون وما يذرون فى امور دينهم بالجنة او بقبول الطاعات قال ابن الشيخ هم الذين يعبدون الله كأنهم يرونه يبتغون فضله ورضوانه لا يحملهم على ما يأتونه ويذرون الا هذا الابتغاء وامارة ذلك ان لا يستثقل ولا يتبرم بشىء مما فعله او تركه والمقصود منه الحث والتحريض على استصحاب معنى الإحسان فى جميع افعال الحج واعلم ان كل مال لا يصلح لخزانة الرب ولا كل قلب يصلح لخدمة الرب فعجل ايها العبد فى تدارك حالك وكن سخيا محسنا بمالك فان لم يكن فبالنفس والبدن وان كان لك قدرة على بذلهما فيهما معا ألا ترى ان ابراهيم عليه السلام كيف اعطى ماله الضيافة وبدنه النيران وولده للقربان وقلبه للرحمن حتى تعجب الملائكة من سخاوته فاكرمه الله بالخلة قالوا للحجاج يوم عيد القربان مناسك. الاول الذهاب من منى الى المسجد الحرام فلغيرهم الذهاب الى المصلى موافقة لهم. والثاني الطواف فلغيرهم صلاة العيد لقوله عليه السلام (الطواف بالبيت صلاة) . والثالث اقامة السنن من الحلق وقص الأظفار ونحوهما فلغيرهم ازالة البدعة واقامة السنة. والرابع القربان فلغيرهم ايضا ذلك الى غير ذلك من العبادات وأفضل القربان بذل المجهود وتطهير كعبة القلب لتجليات الرب المعبود وذبح النفس بسكين المجاهدة والفناء عن الوجود قال مالك بن دينار(6/36)
إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)
رحمه الله خرجت الى مكة فرأيت فى الطريق شابا إذا جن عليه الليل رفع وجهه نحو السماء وقال يا من تسره الطاعات ولا تضره المعاصي هب لى ما يسرك واغفر لى ما لا يضرك فلما احرم الناس ولبوا قلت له لم لا تلبى فقال يا شيخ وما تغنى التلبية عن الذنوب المتقدمة والجرائم المكتوبة أخشى ان أقول لبيك فيقال لى لا لبيك ولا سعديك لا اسمع كلامك ولا انظر إليك ثم مضى فما رأيته الا بمنى وهو يقول اللهم اغفر لى ان الناس قد ذبحوا وتقربوا إليك وليس لى شىء أتقرب به إليك سوى نفسى فتقبلها منى ثم شهق شهقة وخر ميتا
جان كه نه قربانى جانان بود ... جيفه تن بهتر از آن جان بود «1»
هر كه نشد كشته بشمشير دوست ... لاشه مردار به از جان اوست
وفى المثنوى
معنى تكبير اينست اى أميم ... كاى خدا پيش تو ما قربان شديم
وقت ذبح الله اكبر ميكنى ... همچنان در ذبح نفس كشتنى
تن چوإسماعيل وجان شد چون خليل ... كرد جان تكبير بر جسم نبيل
كشته كشته تن ز شهوتها وآز ... شد ببسم الله بسمل در نماز
إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا قال الراغب الدفع إذا عدى بالى اقتضى معنى الانالة نحو قوله تعالى (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) وإذا عدى بعن اقتضى معنى الحماية نحو (إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) اى يبالغ فى دفع ضرر المشركين عن المؤمنين ويحميهم أشد الحماية من اذاهم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ بليغ الخيانة فى امانة الله امرا كانت او نهيا او غيرهما من الأمانات كَفُورٍ بليغ الكفران لنعمته فلا يرضى فعلهم ولا ينصرهم والكفران فى حجود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وصيغة المبالغة فيهما لبيان انهم كانوا كذلك لا لتقييد البعض بغاية الخيانة والكفر فان نفى الحب كناية عن البغض والبغض نفار النفس من الشيء الذي ترغب عنه وهو ضد الحب فان الحب انجذاب النفس الى الشيء الذي ترغب فيه قال عليه السلام (ان الله يبغض المتفحش) فذكر بغضه له تنبيه على بعد فيضه وتوفيق إحسانه منه وفى الآية تنبيه على انه بارتكاب الخيانة والكفران يصير بحيث لا يتوب لتماديه فى ذلك وإذا لم يتب لم يحبه الله المحبة التي وعد بها التائبين والمتطهرين وهى أصابتهم والانعام عليهم فان محبة الله للعبد انعامه عليه ومحبة العبد له طلب الزلفى لديه واعلم ان الخيانة والنفاق واحد لان الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والامانة والنفاق يقال اعتبارا بالدين ثم يتداخلان فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر ونقيض الخيانة الامانة ومن الخيانة الكفر فانه إهلاك للنفس التي هى امانة الله عند الإنسان وتجرى فى الأعضاء كلها قال تعالى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا) ويجرى فى الصلاة والصوم ونحوهما اما بتركها او بترك شرط من شرائطها الظاهرة والباطنة فاكل السحور مع غلبة الظن بطلوع الفجر او الإفطار مع الشك بالغروب خيانة للصوم ومن أكل السحور فنام عن صلاة الصبح حتى طلع الشمس فقد كفر بنعمة الله التي هى السحور وخانه بالصلاة ايضا فترك الفرض من أجل السنة تجارة خاسرة- روى- ان واحدا
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان اقتدا كردن قوم ار پس دقوقى(6/37)
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)
ضاع له تسعة دراهم فقال من وجدهم وبشرنى فله عشرة دراهم فقيل له فى ذلك فقال ان فى الوجدان لذة لا تعرفونها أنتم فاهل الغفلة وجدوا فى المنام لذة هى أفضل عندهم من الف صلاة نعوذ بالله تعالى ومن الخيانة النقص فى المكيال والميزان- حكى- انه احتضر رجل فاذا هو يقول جبلين من نار جبلين من نار فسئل اهله عن عمله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر ومن الخيانة التسبب الى الخيانة وكتب رجل الى الصاحب بن عباد ان فلا نامات وترك عشرة آلاف دينار ولم يخلف إلا بنتا واحدة فكتب على ظهر المكتوب النصف للبنت والباقي يرد عليها وعلى الساعي الف الف لعنة ثم ان المؤمن الكامل منصور على كل حال فلا يضره كيد الخائنين فان الله لا يحب الخائنين فاذا لم يحبهم لم ينصرهم ويحب المؤمن فينصره وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى يدافع خيانة النفس وهواها عن المؤمنين وان مدافعة النفس وهواها عن اهل الايمان انما كان لازالة الخيانة وكفران النعمة لانه لا يحب المتصفين بها وانه يحب المؤمنين المخلصين عنها فالآية تنبيه على إصلاح النفس الامارة وتخليصها عن الأوصاف الرذيلة
وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد
همانا كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسود او آز
چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان
قال الله تعالى أُذِنَ الاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه والمأذون فيه محذوف اى رخص فى القتال لِلَّذِينَ للمؤمنين الذين يُقاتَلُونَ بفتح التاء على صيغة المجهول اى يقاتلهم المشركون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا اى بسبب انهم ظلموا وهم اصحاب النبي عليه السلام كان المشركون يؤذونهم وكانوا يأتونه عليه السلام بين مضروب ومشجوج ويتظلمون اليه فيقول عليه السلام لهم (اصبروا فانى لم اومر بالقتال) حتى هاجروا فنزلت وهى أول آية نزلت فى القتال بعد ما نهى عنه فى نيف وسبعين آية وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وعد للمؤمنين بالنصر والتغليب على المشركين بعد ما وعد بدفع اذاهم وتخليصهم من أيديهم قال الراغب القدرة إذا وصف بها الإنسان فاسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شىء ما وإذا وصف الله بها فنفى للعجز عنه ومحال ان يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنى وان أطلقت عليه لفظا بل حقه ان يقال قادر على كذا ومتى قيل هو قادر فعلى سبيل معنى التقييد ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه الا ويصح ان يوصف بالعجز من وجه والله تعالى هو الذي ينتفى عنه العجز من كل وجه والقدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضى الحكمة لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه ولذلك لا يصح ان يوصف به غير الله تعالى
تعالى الله زهى قيوم ودانا ... توانايى ده هر ناتوانا
وفى الآية اشارة الى ان قتال الكفار بغير اذن الله لا يجوز ولهذا لما وكز موسى عليه السلام القبطي الكافر وقتله قال هذا من عمل الشيطان لانه ما كان مأذونا من الله فى ذلك وبهذا المعنى يشير الى ان الصلاح فى قتال كافر النفس وجهاده ان يكون بإذن الله على وفق الشرع وأوانه وهو بعد البلوغ فان قبل البلوغ تحلى المجاهدة باستكمال الشخص الإنساني الذي هو حامل(6/38)
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)
أعباء الشريعة ولهذا لم يكن مكلفا قبل البلوغ وينبغى ان تكون المجاهدة محفوظة عن طرفى التفريط والافراط بل يكون على حسب ظلم النفس على القلب باستيلائها عليه فيما يضره من اشتغالها بمخالفة الشريعة وموافقة الطبيعة فى استيفاء حظوظها وشهواتها من ملاذ الدنيا فان منها يتولد رين مرآة القلب وقسوته واسوداده وان ارتاضت النفس ونزلت عن ذميم صفاتها وانقادت للشريعة وتركت طبعها واطمأنت الى ذكر الله واستعدت لقبول جذبة ارجعي الى ربك راضية مرضية تصان من فرط المجاهدة ولكن لا يؤمن مكر الله المودع فى مكر النفس وآخر الآية يشير الى ان الإنسان لا يقدر على النفس وتزكيتها بالجهاد المعتدل الا بنصر الله تعالى
چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا كوى وخود را مبين
كر از حق نه توفيق خيرى رسد ... كى از بنده خيرى بغيري رسد
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ فى حيز الجر على انه صفة للموصول قال ابن الشيخ لما بين انهم انما أذنوا فى القتال لاجل انهم ظلموا فسر ذلك الظلم بقوله الذين الى آخره والمراد بديارهم مكة المعظمة وتسمى البلاد الديار لانه يدار فيها للتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين حوالى مكة نحن من عرب الدار يريدون من عرب البلد قال الراغب الدار المنزل اعتبارا بدورانها الذي لها بالحائط وقيل دارة وجمعها ديار ثم تسمى البلدة دارا بِغَيْرِ حَقٍّ اى خرجوا بغير موجب استحقوا الخروج به فالحق مصدر قولك حق الشيء يحق بالكسر اى وجب إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ بدل من حق اى بغير موجب سوى التوحيد الذي ينبغى ان يكون موجبا للاقرار والتمكين دون الإخراج والتسبير لكن لاعلى الظاهر بل على طريقة قول النابغة
ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسليط المؤمنين منهم على الكفارين فى كل عصر وزمان لَهُدِّمَتْ الهدم إسقاط البناء والتهديم للتكثير اى لخربت باستيلاء المشركين صَوامِعُ للرهبانية وَبِيَعٌ للنصارى وذلك فى زمان عيسى عليه السلام الصوامع جمع صومعة وهى موضع يتعبد فيه الرهبان وينفردون فيه لاجل العبادة قال الراغب الصومعة كل بناء منصمع الرأس متلاصقة والاصمع اللاصق اذنه برأسه والبيع جمع بيعة وهى كنائس النصارى التي يبنونها فى البلدان ليجتمعوا فيها لاجل العبادة والصوامع لهم ايضا الا انهم يبنونها فى المواضع الخيالية كالجبال والصحارى قال الراغب البيعة مصلى النصارى فان يكن ذلك عربيا فى الأصل فتسميته بذلك لما قال (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) الآية وَصَلَواتٌ كنائس لليهود فى ايام شريعة موسى عليه السلام قال الكاشفى [صومعهاى راهبان وكليساهاى ترسايان وكنشتهاى جهودان] سميت بالصلوات لانها تصلى فيها قال الراغب يسمى موضع العبادة بالصلاة ولذلك سميت الكنائس صلوات وقال بعضهم هى كلمة معربة وهى بالعبرية «صلوثا» بالثاء المثلثة وهى فى لغتهم بمعنى المصلى (وَمَساجِدُ) للمسلمين فى ايام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وقدم ما سوى المساجد عليها فى الذكر لكونه اقدم فى الوجود(6/39)
بالنسبة إليها وفى الاسئلة المقحمة تقديم الشيء بالذكر لا يدل على شرفه كقوله تعالى (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً اى ذكرا كثيرا او وقتا كثيرا صفة مادحة للمساجد خصت بها دلالة على فضلها وفضل أهلها ويجوز ان يكون صفة للاربع لان الذكر فى الصوامع والبيع والصلوات كان معتبرا قبل انتساخ شرائع أهلها وفى الآية اشارة الى انه تعالى لو لم ينصر القلوب على النفوس ويدافع عن القلوب استيلاء النفوس لهدمت صوامع اركان الشريعة وبيع آداب الطريقة وصلوات مقامات الحقيقة ومساجد القلوب التي يذكر فيها اسم الله كثيرا فان الذكر الكثير لا يتسع الا فى القلوب الواسعة المنورة بنور الله وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ اى بالله لينصرن الله من ينصر أولياءه او من ينصر دينه ولقد أنجز الله وعده حيث سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرة الروم وأورثهم ارضهم وديارهم إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على كل ما يريده عَزِيزٌ لا يمانعه شىء ولا يدافعه وفى بحر العلوم يغنى بقدرته وعزته فى إهلاك اعداء دينه عنهم وانما كلفهم النصر باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح فى مجاهدة الأعداء وبذل الأرواح والأموال لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيها الى منافع دينية ودنيوية فان قلت فاذا كان الله قويا عزيزا غالبا غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات فما وجه انهزام المسلمين فى بعض وقد وعدهم النصرة قلت ان النصرة والغلبة منصب شريف فلا يليق بحال الكافر لكن الله تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار واخرى على المؤمنين لانه لو شدد المحنة على الكفار فى جميع الأوقات وأزالها عن المؤمنين فى جميع الأوقات لحصل العلم الاضطراري بان الايمان حق وما سواه باطل ولو كان كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على اهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر فى الدلائل الدالة على صحة الإسلام فيعظم ثوابه عند الله ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصي فيكون تشديد المحنة عليه فى الدنيا كفارة له
فى الدنيا واما تشديد المحنة على الكافر فانه يكون غضبا من الله كالطاعون مثلا فانه رحمة للمؤمنين ورجز اى عذاب وغضب للكافرين مر عامر برجل قد صلبه الحجاج قال يا رب ان حلمك على الظالمين أضر بالمظلومين فرأى فى منامه ان القيامة قد قامت وكأنه دخل الجنة فرأى المصلوب فيها فى أعلى عليين فاذا مناد ينادى حلمى على الظالمين أحل المظلومين فى أعلى عليين واعلم ان الله تعالى يدفع فى كل عصر مدبرا بمقبل ومبطلا بمحق وفرعونا بموسى ودجالا بعيسى فلا تستبطئ ولا تنضجر: قال الحافظ
اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود
قال بعض الكبار الأمراء يقاتلون فى الظاهر واولياء الله فى الباطن فاذا كان الأمير فى قتاله محقا والطرف المقابل مستحقا للعقوبة أعانه رجال الغيب من الباطن وإلا فلا وفى التوراة فى حق هذه الامة أناجيلهم فى صدورهم اى يحفظون كتابهم لا يحضرون قتالا الا وجبريل عليه السلام معهم وهو يدل على ان كل قتال حق يحضره جبريل ونحوه الى قيام الساعة بل القتال إذا كان حقا قالوا حد يغلب الالف: قال الحافظ(6/40)
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)
تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بى منت سپاهى
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ وصف من الله للذين اخرجوا من ديارهم بما سيكون منهم من حسن السيرة عند تمكينه تعالى إياهم فى الأرض وإعطائه إياهم زمام الاحكام أَقامُوا الصَّلاةَ لتعظيمى قال الراغب كل موضع مدح الله بفعل الصلاة او حث عليه ذكر بلفظ الاقامة ولم يقل المصلين الا فى المنافقين نحو (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) وانما خص لفظ الاقامة تنبيها على ان المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها لا الإتيان بهيئتها فقط ولهذا روى ان المصلين كثير والمقيمين لها قليل وَآتَوُا الزَّكاةَ لمساعدة عبادى وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وكل ما عرف حسنه شرعا وعرفا وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ هو ما يستقبحه اهل العلم والعقل السليم قال الراغب المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنه والمنكر ما ينكر بهما وفى الآية اشارة الى ان وصف القلوب المنصورة انهم ان مكنهم الله فى ارض البشرية استداموا المواصلات وآتوا زكاة الأحوال وهى ان يكون من مائتى نفس من أنفاسهم مائة وتسعة وتسعون ونصف جزء منها لهم والباقي إيثار على خلق الله فى الله مهما كان زكاة اموال الأغنياء من مائتى درهم خمسة للفقراء والباقي لهم وأمروا بالمعروف حفظ الحواس عن مخالفة امره ومراعاة الأنفاس معه إجلالا لقدره ونهوا عن المنكر ومن وجوه المنكرات الرياء والاعجاب والمساكنة والملاحظة وَلِلَّهِ خاصة عاقِبَةُ الْأُمُورِ فان مرجعها الى حكمه وتقديره فقط: يعنى [انجام امور آن كه او ميخواهد]
اين دولت فقر وها وهو ميخواهد ... وان كلشن وحوض وآب جو ميخواهد
از حق همه كس حال نكو ميخواهد ... آنست سرانجام كه او ميخواهد
وعن ابن عباس رضى الله عنهما رفعه الى النبي عليه السلام (ان من اشراط الساعة اماتة الصلوات واتباع الشهوات والميل الى الهوى ويكون أمراء خونة ووزراء فسقة) فوثب سلمان فقال بابى وأمي ان هذا لكائن قال (نعم يا سلمان عندها يذوب قلب المؤمن كما يذوب الملح فى الماء ولا يستطيع ان يغير) قال أو يكون ذلك قال (نعم يا سلمان ان أذل الناس يومئذ المؤمن يمشى بين أظهرهم بالمخالفة ان تكلم أكلوه وان سكت مات بغيظه) قال عمر رضى الله عنه للنبى عليه السلام أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب وخضعت له الأجساد ما هو فقال (ظل الله فى الأرض فاذا احسن فله الاجر وعليكم الشكر وإذا أساء فعليه الإصر وعليكم الصبر) وفى الحديث (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة) : قال الحافظ
شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد ... قدر يكساعت عمرى كه درو داد كند
: قال الشيخ سعدى قدس سره
بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسر وعادل نيك رأى
چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى
نخواهى كه نفرين كنند از پست ... نكو باش تا بد نكويد كست(6/41)
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)
نخفتست مظلوم از آهش بترس ... ز دود دل صبحكاهش بترس
نترسى كه پاك اندرونى شبى ... برآرد ز سوز جكر يا ربى
نمى ترسى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد
ألا تا بغفلت نخسبى كه نوم ... حرامست بر چشم سالار قوم
غم زير دستان بخور زينهار ... بترس از زبر دستى روزكار
وعن اردشير لا سلطان الا برجال ولا رجال الا بمال ولا مال الا بعمارة ولا عمارة الا بعدل وحسن سياسية قيل السياسة أساس الرياسة وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ يا محمد وصيغة المضارع فى الشرط مع تحقق التكذيب لما ان المقصود تسليته عليه السلام عما يترتب على التكذيب من الحزن المتوقع اى وان تحزن على تكذيب قومك إياك فاعلم انك لست باوحدى فى ذلك فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قبل تكذيبهم قَوْمُ نُوحٍ اى نوحا وَعادٌ اى هودا وَثَمُودُ اى صالحا وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ اى ابراهيم وَقَوْمُ لُوطٍ اى لوطا وَأَصْحابُ مَدْيَنَ اى شعيبا ومدين كان ابنا لابراهيم عليه السلام ثم صار علما لقرية شعيب وَكُذِّبَ مُوسى كذبه القبط وأصروا الى وقت الهلاك واما بنوا إسرائيل فانهم وان قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ونحوه فما استمروا على العناد بل كلما تجدد لهم المعجزة جددوا الايمان هكذا ينبغى ان يفهم هذا المقال وغير النظم بذكر المفعول وبناء الفعل له للايذان بان تكذيبهم له كان فى غاية الشناعة لكون آياته فى كمال الوضوح فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ أمهلتهم الى أجلهم المسمى ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ اى أخذت كل فريق من فرق المكذبين بعد انقضاء مدة إملائه وامهاله بعذاب الطوفان والريح الصرصر والصيحة وجند البعوض والخسف والحجارة وعذاب يوم الظلة والغرق فى بحر القلزم قال الراغب الاخذ وضع الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو معاذ الله ان نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده وتارة بالقهر ومنه الآية فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري عليهم بتغيير النعمة محنة والحياة هلاكا والعمارة خرابا اى فكان ذلك فى غاية الهول والفظاعة. فمعنى الاستفهام التقرير ومحصول الآية قد أعطيت هؤلاء الأنبياء ما وعدتهم من النصرة فاستراحوا فاصبر أنت الى هلاك من يعاديك فتستريح ففى هذا تسلية للنبى عليه السلام فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ قال المولى الجامى فى شرح الكافية من الكناية كاين وانما بنى لان كاف التشبيه دخلت على أي وأي كان فى الأصل معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط انتهى. والمعنى فكثير من القرى: وبالفارسية [پس بسيار ديه وشهر] وهو مبتدأ وقوله أَهْلَكْناها خبره وَهِيَ ظالِمَةٌ جملة حالية من قوله أهلكناها والمراد ظلم أهلها بالكفر والمعاصي وهو بيان لعدله وتقدسه عن الظلم حيث اخبر بانه لم يهلكهم الا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم فَهِيَ خاوِيَةٌ عطف على أهلكناها والمراد بضمير القرية حيطانها والخواء بمعنى السقوط من خوى النجم إذا سقط(6/42)
اى ساقطة حيطان تلك القرية عَلى عُرُوشِها اى سقوفها بان تعطل بنيانها فخرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف فالعروش السقوف لان كل مرتفع اظلك فهو عرش سقفا كان او كرما او ظلة او نحوها وفى التأويلات النجمية يشير الى خراب قلوب اهل الظلم فان الظلم يوجب خراب أوطان الظالم فيخرب اولا أوطان راحة الظالم وهو قلبه فالوحشة التي هى غالبة على الظلمة من ضيق صدورهم وسوء اخلاقهم وفرط غيظهم على من يظلمون عليهم كل ذلك من خراب أوطان راحاتهم وهى فى الحقيقة من جملة العقوبات التي تلحقهم على ظلمهم ويقال خراب منازل الظلمة ربما يستأخر وربما يستعجل وخراب نفوسهم فى تعطلها عن العبادات بشؤم ظلمها كما قال (فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) وخراب قلوبهم باستيلاء الغفلة عليهم خصوصا فى اوقات صلواتهم وأوان خلواتهم غير مستأخر (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ البئر فى الأصل حفيرة يستر رأسها لئلا يقع فيها من مر عليها وعطلت المرأة وتعطلت إذا لم يكن عليها حلى فهى عاطل والتعطيل التفريغ يقال لمن جعل العالم بزعمه فارغا من صانع أتقنه وزينه معطل وهو عطف على قرية اى وكم بئر عامرة فى البوادي اى فيها الماء ومعها آلات الاستقاء الا انها تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها وَقَصْرٍ يقال قصرت كذا ضممت بعضه الى بعض ومنه سمى القصر قال فى القاموس القصر خلاف الطول وخلاف المد والمنزل وكل بيت من حجر وعلم لسبعة وخمسين موضعا ما بين مدينة وقرية وحصن
ودار أعجبها قصر بهرام جور من حجر واحد قرب همذان مَشِيدٍ مبنى بالشيد أخليناه عن ساكنيه واهل المدينة يسمون الجص شيدا وقيل مشيد اى مطول مرفوع البنيان وهو يرجع الى الاول كما فى المفردات ويقال شيد قواعده أحكمها كأنه بناها بالشيد وفى القاموس شاد الحائط يشيده طلاه بالشيد وهو ما طلى به حائط من جص ونحوه والمشيد المعمول به وكمؤيد المطول- روى- ان هذه بئر نزل عليها صالح النبي عليه السلام مع اربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله من العذاب وهى بحضر موت وانما سمى بذلك لان صالحاحين حضرها مات وثمة بلدة عند البئر اسمها حاضوراء بناها قوم صالح وأمروا عليهم جليس بن جلاس وأقاموا بها زمانا ثم كفروا وعبدوا صنما فارسل الله عليهم حنظلة بن صفوان نبيا وكان حمالا فيهم فقتلوه فى السوق فاهلكهم الله وعطل بئرهم وخرب قصورهم قال الامام السهيلي قيل ان البئر الرس وكانت بعدن لامة من بقايا ثمود وكان لهم ملك عدل حسن السيرة يقال له العلس وكانت البئر تسقى المدينة كلها وباديتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك لانها كانت لها بكرات كثيرة منصوبة عليها ورجال كثيرون موكلون بها وابازن بالنون من رخام وهى تشبه الحياض كثيرة تملأ للناس واخر للدواب واخر للغنم والبقر والهوام يستقون عليها بالليل والنهار يتداولون ولم يكن لهم ماء غيره فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلى بدهن لتبقى صورته ولا يتغير وكذلك يفعلون إذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شق ذلك عليهم ورأوا ان أمرهم قد فسد وضجوا جميعا بالبكاء واغتنمها الشيطان منهم فدخل فى جثة الملك(6/43)
بعد موته بايام كثيرة فكلمهم فقال انى لم امت ولكنى قد تغيبت عنكم حتى ارى صنيعكم بعدي ففرحوا أشد الفرح وامر خاصته ان يضربوا له حجابا بينه وبينهم يكلمهم من ورائه كيلا يعرف الموت فى صورته ووجهه فنصبوه صنما من وراء حجاب لا يأكل ولا يشرب وأخبرهم انه لا يموت ابدا وانه اله لهم وذلك كله يتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وارتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم اقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر فاتفقوا على عبادته فبعث الله تعالى لهم نبيا كان الوحى ينزل عليه فى النوم دون اليقظة وكان اسمه حنظلة بن صفوان فاعلمهم ان الصورة صنم لا روح له وان الشيطان فيه وقد أضلهم وان الله تعالى لا يتمثل بالحق وان الملك لا يجوز ان يكون شريكا لله وأوعدهم ونصحهم وحذرهم سطوة ربهم ونقمته فآذوه وعادوه حتى قتلوه وطرحوه فى بئر فعند ذلك حلت عليهم النقمة فباتوا شباعا رواء من الماء وأصبحوا والبئر قد غار ماؤها وتعطل رشاؤها فصاحوا بأجمعهم وضج النساء والولدان وضجت البهائم عطشا حتى عمهم الموت وشملهم الهلاك وخلفهم فى ارضهم السباع وفى منازلهم الثعالب والضباع وتبدلت بهم جناتهم وأموالهم بالسدر والشوك شوك العضاة والقتاد فلا تسمع فيها الا عزيف الجن وزئير الأسد نعوذ بالله من سطواته ومن الإصرار على ما يوجب نقماته واما القصر المشيد فقصر بناه شداد بن عاد بن ارم لم يبن فى الأرض مثله فيما ذكر وحاله كحال هذه البئر المذكورة فى ايحاشه بعد الانس واقفاره بعد العمران وان أحدا لا يستطيع ان يدنو منه على أميال لما يسمع فيه من عزيف الجن والأصوات المنكرة بعد النعيم والعيش الرغيد وبها الملك وانتظام الأهل كالسلك فبادوا وما عادوا فذكرهم الله تعالى فى هذه الآية موعظة وذكرا وتحذيرا من سوء عاقبة المخالفة والمعصية قال الكاشفى [در تيسير آورده كه پادشاهى كافر بر وزير مسلمان غضب كرد وخواست او را بكشد وزير بگريخت با چهار هزار كس از اهل ايمان ودر پايان كوه حضرموت كه هواى خوش داشت منزل ساخت هر چند چاه مى كندند آب تلخ بيرون آمد يكى از رجال الغيب بديشان رسيده موضعى جهت چاه نشان كرد چون بكندند آبى در غايت صفا لطافت ونهايت رقت وعذوبت بيرون آمد
در مزه چون شيره شاخ نبات ... در حوشى همشيره آب حيات
ايشان آن
چاه را كشاده ساختند واز پايان تا بالا بخشتهاى زر ونقره برآوردند و پرستش پروردگار خود مشغول كشتند بعد از مدتى متمادى شيطان بصورت عجوز صالحه برآمد زنانرا دلالت كرد بر آنكه بوقت غيبت شوهران سحاقى اشتغال كند وديكر باره بشكل مردى زاهد بر ايشان ظاهر شد مردانرا بوقت دورى ازواج از ايشان بإتيان بهائم فرمود و چون اين عمل قبيح در ميان ايشان پديد آمد حق سبحانه حنظله يا قحافة بن صفوان را به پيغمبرى بديشان فرستاد وبدو نكرديدند آب ايشان غائب شد وبعد از وعده ايمان پيغمبر دعا فرموده آب باز آمد وهم فرمان نبردند حق تعالى فرمود كه بعد از هفت سال وهفت ماه وهفت روز عذاب بديشان ميفرستم ايشان قصر مشيد را بنا كردند بخشتهاى زر ونقره(6/44)
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)
ويواقيت وجواهر مرصع ساختند وبعد از انقضاى زمانه مهلت رجوع بآن قصر كرده درها فرو بستند وجبرئيل فرود آمد وايشانرا بكوشك بر زمين فرو برد و چاه ايشان مانده است ودود سياه منتن از آنجا بر مى آمد ودر ان نواحى ناله هلاك شدكان ميشنوند]
نه هركز شنيدم درين عمر خويش ... كه بد مرد را نيكى آمد به پيش
رطب ناورد چوب خر زهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار
غم وشاد مانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك
أَفَلَمْ يَسِيرُوا اى كفار مكة اى اغفلوا فلم يسافروا فِي الْأَرْضِ فى اليمن والشام ليروا مصارع المهلكين فَتَكُونَ لَهُمْ بسبب ما يشاهدونه من مواد الاعتبار وهو منصوب على جواب الاستفهام وهو فى التحقيق منفى قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها ما يجب ان يعقل من التوحيد أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ما يجب ان يسمع من اخبار الأمم المهلكة ممن يجاورهم من الناس فانهم اعرف منهم بحالهم وهم وان كانوا قد سافروا فيها ولكنهم حيث لم يسافروا للاعتبار جعلوا غير مسافرين فحثوا على ذلك فالاستفهام للانكار فَإِنَّها اى القصة وبالفارسية [پس قصه اينست] لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ اى ليس الخلل فى مشاعرهم وانما هو فى عقولهم باتباع الهوى والانهماك فى الغفلة وبالفارسية [نابينا نشود ديدهاى حس يعنى در مشاعر ايشان خلل نيست همه چيز مى بينند ولكن نابينا شود از مشاهده اعتبار آن دلها كه هست در سينها يعنى چشم دل ايشان پوشيده است از مشاهده احوال كذشتكان لا جرم بدان عبرتى نمى كيرند] او لا يعتد بعمى الابصار فكأنه ليس بعمى بالاضافة الى عمى القلوب والعمى يقال فى افتقاد البصر وافتقاد البصيرة وذكر الصدور للتأكيد ونفى توهم التجوز قصدا للتنبيه على ان العمى الحقيقي ليس المتعارف الذي يختص بالبصر وفى الحديث (ما من عبد الا وله اربع أعين عينان فى رأسه يبصر بهما امر دنياه وعينان فى قلبه يبصر بهما امر دينه) واكثر الناس عميان بصر القلب لا يبصرون به امر دينهم
چشم دل بگشا ببين بي انتظار ... هر طرف آيات قدرت آشكار
چشم سر جز پوست خود چيزى نديد ... چشم سر در مغز هر چيزى رسيد
قال فى حقائق البقلى قدس سره الجهال يرون الأشياء بابصار الظاهر وقلوبهم محجوبة عن رؤية حقائق الأشياء التي هى تابعة أنوار الذات والصفات أعماهم الله بغشاوة الغفلة وغطاء الشهوة قال سهل اليسير من نور بصر القلب يغلب الهوى والشهوة فاذا عمى بصر القلب عما فيه غلبت الشهوة وتواترت الغفلة فعند ذلك يصير البدن متخبطا فى المعاصي غير منقاد للحق بحال وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان العقل الحقيقي انما يكون من نتائج صفاء القلب بعد تصفية حواسه عن العمى والصمم فاذا صح وصف القلوب بالسمع والبصر صح وصفها بسائر صفات الحي من وجوه الإدراكات فكما تبصر القلوب بنور اليقين تدرك نسيم الإقبال بمشام السر وفى الخبر (انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن) وقال تعالى خبرا عن يعقوب عليه السلام (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) وما كان ذلك الا بإدراك السرائر دون اشتمام ريح فى الظاهر فعلى(6/45)
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)
العاقل ان يجتهد فى تصفية الباطن وتجلية القلب وكشف الغطاء عنه بكثرة ذكر الله تعالى وعن مالك بن انس رضى الله عنه بلغني ان عيسى بن مريم عليهما السلام قال لا تكثروا الكلام فى غير ذكر الله فتقسوا قلوبكم والقلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون وقال مالك بن دينار من لم يأنس بحديث الله عن حديث المخلوقين فقد قل عمله وعمى قلبه وضاع عمره وفى الحديث (لكل شىء صقالة وصقالة القلب ذكر الله وقال ابو عبد الله الانطاكى دواء القلب خمسة أشياء مجالسة الصالحين وقراءة القرآن واخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند الصبح كذا فى تنبه الغافلين وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ كانوا يقولون له عليه السلام ائتنا بما وعدتنا ان كنت من الصادقين: والمعنى بالفارسية [وبشتاب ميخواهند از تو كافران مكه چون نضر ابن حارث وإضراب او يعنى تعجيل مينمايند بطريق استهزاء وتعجيز بنزول عذاب موعود] قال فى التأويلات النجمية يشير الى عدم تصديقهم كما قال تعالى (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) ولو آمنوا لصدقوا ولو صدقوا لسكتوا عن الاستعجال وهو طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ابدا وقد سبق الوعد فلا بد من مجيئه حتما وقد أنجز الله ذلك يوم بدر قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان الخلف فى وعيد الكفار لا يجوز كما ان الخلف فى الوعد للمؤمنين لا يجوز ويجوز الخلف فى وعيد المؤمنين لانه سبقت رحمة الله غضبه فى حق المؤمنين ووعدهم بالمغفرة بقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وبقوله (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) انتهى واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم قال السرى الموصلي
إذا وعد السرّاء أنجز وعده ... وان أوعد الضراء فالعفو مانعه
كذا فى شرح العضد للجلال الدواني ثم ذكر ان لهم مع عذاب الدنيا فى الآخرة عذابا طويلا وهو قوله وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ اى من ايام عذابهم كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وذلك ان لليوم مراتب فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان فمنه يمتد الكل وهو مشار اليه بقوله تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فالشأن الإلهي بمنزلة الروح يسرى فى أدوار الزمان ومراتبه سريان الروح فى الأعضاء ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة والخطاب للرسول ومن معه من المؤمنين كأنه قيل كيف يستعجلون بعذاب ويوم واحد من ايام عذابه فى طول الف سنة من سنيكم اما من حيث طول ايام عذابه حقيقة او من حيث ان ايام الشدائد مستطالة كما يقال ليل الفراق طويل وايام الوصل قصار ويقال سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة
ويوم لا أراك كالف شهر ... وشهر لا أراك كالف عام
: قال الحافظ
آندم كه با تو باشم يكساله هست روزى ... واندم كه بى تو باشم يك لحظه هست حالى(6/46)
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)
ويجوز ان يكون قوله وان يوما إلخ متعلقا بقوله ولن يخلف إلخ والمعنى ما وعده تعالى ليصينهم ولو بعد حين لكنه تعالى حليم صبور لا يعجل بالعذاب وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون لكمال حلمه ووقاره وتأنيه حتى استقصر المدد الطوال شبه المدة القصيرة عنده بالمدة الطويلة عند المخاطبين اشارة الى ان الأيام تتساوى عنده إذ لا استعجال له فى الأمور فسواء عنده يوم واحد والف سنة ومن لا يجرى عليه الزمان فسواء عليه وجود الزمان وعدم الزمان وقلة الزمان وكثرة الزمان إذ ليس عنده صباح ولا مساء: وبالفارسية [نزديك خداى تعالى يكروز برابر هزار سالست زيرا كه حكم زمان برو جارى نيست پس وجود وعدم وقلت وكثرت آن نزديك خداى يكسانست هر كاه كه خواهد عذاب فرستد وبر استعجال زمان عقوبت هيچ اثرى مترتب نشود
تا در نرسد وعده هر كار كه هست ... هر چند كنى جهد بجايى نرسد
فعلى العاقل ان يلاحظ ان كل آت قريب ولا يغتر بالامهال فان بطش الله شديد وعذابه لا يطاق ويسارع الى رضى الله تعالى بامتثال أوامره والاجتناب عن نواهيه وترك الاستهزاء بالدين واهله باحكام الله ووعده ووعيده فان الله صادق فى قوله حكيم فى فعله وليس للعبد الا تعظيمه وتعظيم امره وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ وكثير من اهل قرية أَمْلَيْتُ لَها امهلتها بتأخير العذاب كما أمهلت لهؤلاء وَهِيَ ظالِمَةٌ اى والحال انها ظالمة مستوجبة لتعجيل العقوبة كدأب هؤلاء ثُمَّ أَخَذْتُها بالعذاب بعد طول الامهال: يعنى [پس كرفتيم ايشانرا چون توبه نكردند بعذابي سخت در دنيا] وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ اى الى حكمى مرجع الكل لا الى أحد غيرى لا استقلالا ولا شركة فافعل بهم ما افعل مما يليق بأعمالهم وفيه اشارة الى ان الامهال يكون من الله تعالى والإهمال لا يكون فانه يمهل ولا يهمل ويدع الظالم فى ظلمه ويوسع له الحبل ويطيل به المهل فيتوهم انه يفلت من قبضة التقدير وذلك ظنه الذي أراد ويأخذه من حيث لا يرتقب فيعلوه ندامة ولات حينه وكيف يستبقى بالحيلة ما حق فى التقدير عدمه والى الله مرجعه فالظلم من العبد سبب للاخذ من الله فلا يلومن الا نفسه: قال الحافظ
تو بتقصير خود افتادى ازين در محروم ... از كه مى نالى وفرياد چرا ميدارى
قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أنذركم انذارا بينا بما اوحى الىّ من اخبار الأمم المهلكة من غير ان يكون لى دخل فى إتيان ما توعدونه من العذاب حتى يستعجلونى به والاقتصار على الانذار مع بيان حال الفريقين بعده لان صدر الكلام ومساقه للمشركين وعقابهم وانما ذكر المؤمنون وثوابهم زيادة فى غيظهم قال فى التأويلات النجمية يشير الى إنذار اهل النسيان اى قل لهم يا محمد انى اشابهكم من حيث الصورة لكن اباينكم من حيث السيرة فانا لمحسنكم بشير ولمسيئكم نذير وقد أيدت باقامة البراهين ما جئتكم به من وجوه الأمر بالطاعة والإحسان والنهى عن الفجور والعصيان فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ تجاوز لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ نعيم الجنة: يعنى [رزق بي رنج ومنت] والكريم من كل نوع ما يجمع فضائله وَالَّذِينَ سَعَوْا اسرعوا واجتهدوا فِي آياتِنا فى رد آياتنا وابطالها(6/47)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)
بالطعن فيها ونسبتها الى السحر والشعر وغير ذلك من الافتراء مُعاجِزِينَ حال كونهم يعاجزون الأنبياء وأولياءهم اى يقابلونهم ويمانعونهم ليصيروهم الى العجز عن امر الله او ظانين انهم يعجزوننا فلا نقدر عليهم او معاندين مسابقين من عاجز فلان فلانا سابقه فعجزه سبقه كما قال الكاشفى [در حالتى كه پيشى كيرند كانند بر ما بكمال خود يعنى خواهند كه از ما دركذرند وعذاب ما ازيشان فوت] أُولئِكَ الموصوفون بالسعي والمعاجزة أَصْحابُ الْجَحِيمِ اى ملازمون النار الموقدة وقيل هو اسم دركة من دركاتها: وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد تفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «1»
كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من عاند اهل آياته من خواص أوليائه أولئك اصحاب جحيم الحقد والعداوة ورد الولاية والسقوط عن نظر الله وجحيم نار جهنم فى الاخرة وإذا أراد الله تعالى بعبد خيرا يحوله عن الإنكار ويوفقه للتوبة والاستغفار- روى- ان رجلا قال كنت ابغض الصوفية فرأيت بشرا الحافى يوما قد خرج من صلاة الجمعة فاشترى خبزا ولحما مشويا وفالوذجا وخرج من بغداد فقلت انه زاهد البلد فتبعته لا نظر ماذا يصنع وظننت انه يريد التنعم فى الصحراء فمشى الى العصر فدخل مسجدا فى قرية وفيه مريض فجعل يطعمه فذهبت الى القرية لا نظر ثم جئت فلم أجد بشرا فسألت المريض فقال ذهب الى بغداد فقلت كم بينى وبين بغداد قال أربعون فرسخا فقلت انا لله وانا اليه راجعون ولم يكن عندى ما اكترى به وانا عاجز عن المشي فبقيت الى جمعة اخرى فجاء بشر ومعه طعام للمريض فقال المريض يا أبا نصر رد هذا الرجل الى منزله فنظر الىّ مغضبا وقال لم صحبتنى فقلت اخطأت فاوصلنى الى محلتى فقال اذهب ولا تعد فتبت الى الله وأنفقت الأموال وصحبتهم وفى الحكاية إشارات منها ان كرامات الأولياء حق ومنها ان انكار ما ليس للعقل فيه مجال خطأ ومنها ان الرجوع الى باب وارث الرسول ينظم العبد فى سلك القبول: قال الحافظ
كليد كنج سعادت قبول اهل دلست ... مباد كس كه درين نكته شك وريب كند
قال بعض الكبار الاستمداد من اهل الرشاد وان كان صالحا عظيما فى نيل المراد الا ان حسن الاعتقاد مع مباشرة الأسباب يسهل الأمور الصعاب ويوصل الى رب الأرباب والله مفتح الأبواب والهادي الى سبيل الصواب وقال بعضهم المنكر على العلماء بالله انما أنكر لقصور فهمه وقلة معرفته فان علومهم مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحي القيوم ونهاية علوم غيرهم نحصيل الوظائف والمناصب والخطام الذي لا يدوم فلا طريق إلا طريق السادة الائمة الهداة القادة وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ هذا دليل بين على تغاير الرسول والنبي والرسول انسان أرسله الله الى الخلق لتبليغ رسالته وتبيين ما قصرت عنه عقولهم من مصالح الدارين وقد يشترط فيه
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن طعانه را إلخ(6/48)
الكتاب بخلاف النبي فانه أعم ويعضده ما روى انه عليه السلام سئل عن الأنبياء فقال (مائة الف واربعة وعشرون الفا) قيل فكم الرسل منهم قال (ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا) وفى رواية (مائتا الف واربعة وعشرون الفا) وقال القهستاني الرسول من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان قال الكاشفى فى تفسيره [در بعض تفاسير قصه إلقاء الشيطان در امنيت پيغمبر وبر وجهى آورده اند كه مرضى اهل تحقيق نيست وما از تأويلات علم الهدى وتيسير وديكر كتب معتبره چون معتمد فى المعتقد وذروة الأحباب مدت أنوار جمال مؤلفه الى يوم الحساب آنرا اينجا إيراد كرديم بطريقي كه موافق اهل سنت است آورده اند كه چون والنجم نازل شد سيد عالم عليه السلام آنرا در مسجد الحرام در مجمع قريش ميخواند ودر ميان آيتها توقف مى نمود تا مردم تلقى نموده ياد كيرند پس طريق مذكور بعد از تلاوت آيت (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) متوقف شد وشيطان در ان ميان مجال يافت بكوش مشركان رسانيد كه تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى حاصل معنى آنكه ايشان بزركان يا مرغان بلند پروازند واميد بشفاعت ايشان ميتوان داشت كفار باستماع اين كلمات خوش دل شده پنداشتند كه حضرت پيغمبر خواند وبتان ايشانرا ستايش كرد لا جرم در آخر سوره كه آن حضرت با مؤمنان سجده كردند اهل شرك اتفاق كردند جبرائيل فرود آمد وصورت حال بعرض رسانيد ودل مبارك حضرت بسيار اندوهناك شد وحق تعالى جهت تسليت خاطر عاطر سيد عالم آيت فرستاد وفرمود وما أرسلنا إلخ] إِلَّا إِذا تَمَنَّى اى قرأ قال فى القاموس تمنى الكتاب قرأه قال الراغب التمني تقدير شىء فى النفس وتصويره فيها والامنية الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى الشيء وقوله تعالى (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ) معناه الا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث ان التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى امنية تمناها على التخمين أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ اى قراءته كما فسره الراغب وغيره قال الكاشفى [بيفكند شيطان نزديك تلاوت از آنچهـ خواست چنانكه بوقت تلاوت حضرت پيغمبر ما عليه السلام شيطانى كه او را ابيض كويند بهنجار آواز حضرت آن كلمات برخواند وكمان بردند آن تلاوت پيغمبر است] فَيَنْسَخُ اللَّهُ يزيل ويبطل فالمراد بالنسخ هو النسخ اللغوي لا النسخ الشرعي المستعمل فى الاحكام ما يُلْقِي الشَّيْطانُ من كلمات الكفر ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ يثبت آياتِهِ التي تلاها الأنبياء عليهم السلام حتى لا يجد أحد سبيلا الى ابطالها وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما اوحى وبما القى الشيطان حَكِيمٌ ذو الحكمة فى تمكينه من ذلك يفعل ما يشاء ليميز به الثابت على الايمان من المتزلزل فيه وقولهم لو جوّز مثل هذا لأدى الى اشتباه احوال الأنبياء من حيث ان ما يسمع عند تلاوتهم من قولهم او من إلقاء الشيطان فيتعذر الاقتداء مدفوع بان ما القى الشيطان امر ظاهر بطلانه عند المؤمنين المخلصين ألا ترى ان القرآن ورد بابطال الأصنام فكيف يجوز كون قوله تلك الغرانيق إلخ من القرآن ولو سلم فالنسخ والاحكام والايقاف على حقيقة الأمر ولو بعد حين يجلى كل مشتبه فيكون(6/49)
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)
إلقاء الشيطان من باب الامتحان والتعليل الآتي يرفع النقاب ويهدى المتردد الى طريق الصواب وهو قوله لِيَجْعَلَ اى مكنه الله من الإلقاء فى قراءة النبي عليه السلام خاصة ليجعل ان تمكينه تعالى إياه من الإلقاء فى حق سائر الأنبياء لا يمكن تعليله بما سيأتى فأول الآية عام وآخرها خاص ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً [آزمايشى وابتلايى] لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى شك ونفاق لانه مرض قلبى مؤد الى الهلاك الروحاني كما ان المرض القلبي مؤد الى الهلاك الجسماني وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ اى المشركين والقسوة غلظ القلب وأصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك قال الكاشفى [مرد آنست كه منافق ومشرك از القاى شيطان در شك وخلاف افتند] وَإِنَّ الظَّالِمِينَ اى المنافقين والمشركين وضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم لَفِي شِقاقٍ خلاف بَعِيدٍ عن الحق اى لفى عداوة شديدة ومخالفة تامة ووصف الشقاق بالبعد مع ان الموصوف به حقيقة هو معروضه للمبالغة وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ اى القرآن وفى التفسير الجلالين ان الذي احكم الله من آيات القرآن الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ اى هو الحق النازل من عنده ليس للشيطان مجال تصرف فيه من حق الأمر إذا ثبت ووجب فَيُؤْمِنُوا بِهِ القرآن اى يثبتوا على الايمان به او يزدادوا ايمانا برد ما يلقى الشيطان وهو عطف على قوله ليعلم فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ تخشع وتتواضع وقد مر بيان الإخبات فى هذه السورة قال الكاشفى [پس نرم شود براى قرآن دلهاى ايشان واحكام آنرا قبول كنند] وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا اى فى الأمور الدينية خصوصا فى المداحض والمشكلات التي من جملتها ما ذكر إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو النظر الصحيح الموصل الى الحق الصريح وفى التأويلات النجمية ان الله ليبتلى المؤمن المخلص بفتنة وبلاء ويرزقه حسن بصيرة يميز بها بين الحق والباطل فلا يظله غمام الريب وينجلى عنه غطاء الغفلة فلا يؤثر فيه دخان الفتنة والبلاء كما لا تأثير للضباب الغداة فى شعاع الشمس عند متوع النهار اى ارتفاعه وان الهداية من الله ومن تأييده لا من الإنسان وطبعه وان من وكله الله الى نفسه وخذله بطبعه لا يزول عنه الشك والكفر والضلالة الى الابد ولو عالجه الصالحون: قال المولى الجامى
آنرا كه زمين كشد درون چون قارون ... نى موسيش آورد برون نى هارون
فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون
: وقال الشيخ
توان پاك كردن ز ژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه
فعلى العاقل ان يستسلم لامر القرآن المبين ويجتهد فى إصلاح النفس الامارة الى ان يأتى اليقين فان النفس سحارة ومكارة ومحتالة وغدارة: قال الشيخ المغربي
ملك بود كه افتاد در چهـ بابل ... چهـ سحرهاست درين قعر جاه بابل ما
وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى فى شك وجدال من القرآن قال الراغب المرية التردد فى الأمر وهى أخص من الشك حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ القيامة وقد سبق وجه(6/50)
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)
تسميتها بها مرارا بَغْتَةً فجاءت على غفلة منهم: وبالفارسية [ناكهان] أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ اصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل والمعنى عذاب يوم لا يوم بعده كان كل يوم يلد ما بعده من الأيام فما لا يوم بعده يكون عقيما والمراد به الساعة ايضا بشهادة ما بعد الآية من تخصيص الملك فيه بالله والحكم بين الفريقين كأنه قيل او يأتيهم عذابها فوضع ذلك موضع ضميرها لمزيد التهويل كذا فى الإرشاد يقول الفقير ان الساعة شفعت فى القرآن بالعذاب الدنيوي فى مواضع كثيرة كما فى قوله تعالى (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) وفى قوله تعالى (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) ونحوها فالظاهر ان اليوم العقيم يوم لا يلد خيرا وليس لهم فيه فرج ولا فرح أصلا كيوم بدر ونحوه ولما كان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة اثبت فيه تخصيص التصرف بالله والحكم بين الفريقين فى الآية الآتية من حيث اتصال زمان الموت بزمان القيامة الْمُلْكُ اى السلطان القاهر والاستيلاء التام والتصرف على الإطلاق: وبالفارسية [پادشاهى وفرمان دهى] يَوْمَئِذٍ يوم إذ تأتيهم الساعة او العذاب لِلَّهِ وحده بلا شريك أصلا لا مجازا ولا حقيقة: يعنى [امروز ملوك وسلاطين دعوىء سلطنت وملك دارى ميكنند در ان روز كمر تكبر از ميان متجبران بگشايند وتاج از سر خسروان بربايند ودعويها منقطع وكمانها مرتفع كردد ومالك ملك رخت تخيلات وتصورات ملوك را در قعر درياى عدم افكند ورسوم توهمات وتفكرات سلاطين را بصدمت لمن الملك اليوم در هم شكند همه را جزا ظهار عبوديت واقرار بعجز وبيچارگى چاره نباشد
آن سر كه صيت افسرش از چرخ دركذشت ... روزى بر آستانه او خاك در شود
قال الشيخ سعدى قدس سره
همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمان ده لا يزال
قال ابن عطاء الملك على دوام الأوقات وجميع الأحوال له تعالى ولكن يكشف للعوام الملك يومئذ لابراز القهارية والجبارية فلا يقدر أحد ان يجحد ما عاين يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ كأنه قيل فماذا يصنع بهم حينئذ فقيل يحكم بين فريقى المؤمنين بالقرآن والمجادلين فيه بالمجازاة ثم فسر هذا الحكم وفصله بقوله فَالَّذِينَ آمَنُوا بالقرآن ولم يجادلوا فيه وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ امتثالا بما امر فى تضاعيفه فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ مستقرون فيها قال الكاشفى [در بوستانهاى ناز ونعمت اند بى رنج ومحنت] قال الراغب النعيم النعمة الكثيرة وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا اى أصروا على ذلك واستمروا فَأُولئِكَ مبتدأ خبره جملة قوله لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ [خوار كننده ورسوا سازنده] قال السمرقندي مهين يذهب بعزهم وكبرهم رأسا وبالكلية ويلحقهم من الخزي والصغار ما لا يحيط به الوصف قال فى الإرشاد ومهين صفة لعذاب مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة وإدخال الفاء فى خبر الثاني دون الاول تنبيه على ان اثابة المؤمنين بطريق التفضل لا لايجاب الأعمال الصالحة إياها وان عقاب(6/51)
وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)
الكافرين بسبب أعمالهم السيئة واعلم ان الفصل والحكومة العادلة كائن لا محالة وان كان الكفار فى شك من القرآن وما نطق به من البعث والمجازاة- روى- ان لقمان وعظ ابنه وقال يا بنىّ ان كنت فى شك من الموت فادفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك وان كنت فى شك من البعث فاذا نمت فادفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك فانك إذ فكرت فى هذا علمت ان نفسك بيد غيرك فان النوم بمنزلة الموت واليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت فاذا عرف العبد مولاه قبل امره ونال به عزة لا تنقطع ابدا وهى عزة الآخرة التي تستصغر عندها عزة الدنيا- روى- ان عابدا رأى سليمان عليه السلام فى عزة الملك فقال يا ابن داود لقد آتاك الله ملكا عظيما فقال سليمان لتسبيحة واحدة خير مما فيه سليمان فانها تبقى وملك سليمان يفنى فاذا كانت التسبيحة الواحدة أفضل من ملك سليمان فما ظنك بتلاوة القرآن الذي هو أفضل الكتب الالهية قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية يستحب لقارئ القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر وتأخذ اليد حظها من المس قال وهكذا كان يتلو ثلاثة من أشياخنا منهم عبد الله بن مجاهد فعلى العاقل ان يجتهد فى الوصول الى أعالي درجات الجنان بالاذكار وتلاوة القرآن وَالَّذِينَ هاجَرُوا فارقوا أوطانهم فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى الجهاد الموصل الى جنته ورضاه حسبما يلوح به قوله تعالى ثُمَّ قُتِلُوا [پس كشته شدند در جهاد با دشمنان دين] والقتل ازالة الروح عن الجسد لكن إذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل وإذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت أَوْ ماتُوا اى فى تضاعيف المهاجرة، وبالفارسية [يا بمردن شربت شهادت ناچشيده] لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً مرزوقا حسنا والمراد نعيم الجنة الغير المنقطع ابدا قال الكاشفى [هر آينه روزى دهد خداى تعالى ايشانرا روزى نيكر كه نعيم بهشت است نه تعبى رسد در تحصيل آن ونه علتى بود در تناول آن ونه دغدغه انقطاع باشد در ان روزى] وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ فانه يرزق بغير حساب مع ان ما يرزقه لا يقدر عليه أحد غيره والرزق العطاء الجاري دنيويا كان اواخر ويا ثم بين مسكنهم بقوله لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا اسم مكان أريد به الجنة يَرْضَوْنَهُ لما انهم يرون فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ بأحوال كل حَلِيمٌ لا يعاجل بعقوبة الأعداء مع غاية الاقتدار- روى- ان ابراهيم عليه السلام رأى عاصيا فى معصيته فدعا عليه وقال اللهم أهلكه ثم رأى ثانيا وثالثا ورابعا فدعا عليه فقال الله تعالى يا ابراهيم لو أهلكنا كل عبد عصى ما بقي الا القليل ولكن إذا عصى امهلناه فان تاب قبلناه وان استغفر أخرنا العذاب عنه لعلمنا انه لا يخرج عن ملكنا قال الكاشفى [آورده اند كه بعضى از صحابه كفتند يا رسول الله با جمع برادران دينى بجهاد ميرويم ايشان شهيد ميشوند وبعطيات الهى اختصاص ميكردند اگر ما بميريم وشهيد نميشويم حال ما چون باشد اين آيت فرود آمد] يعنى سوى فى الآية بين المقتول والمتوفى على حاله فى الوعد لاستوائهما فى العقد وهو التقرب الى الله ونصرة الدين ونظيره(6/52)
ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)
ما قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية انما قال المؤذن قد قامت الصلاة بلفظ الماضي مع ان الصلاة مستقبلة بشرى من الله لعباده لمن جاء الى المسجد ينتظر الصلاة او كان فى الطريق آتيا إليها او كان فى حال الوضوء بسببها او كان فى حال القصد الى الوضوء قبل الشروع فيه ليصلى بذلك الوضوء فيموت فى بعض هذه المواطن قبل وقوع الصلاة منه فبشره الله بان الصلاة قد قامت له فى هذه المواطن كلها فله اجر من صلاها وان كانت ما وقعت منه فلذلك جاء بلفظ الماضي لتحقق الحصول فاذا حصلت بالفعل ايضا فله اجر الحصول كذلك وقد ورد ان أحدكم فى صلاة ما انتظر الصلاة انتهى- روى- ان جنازتين أصيب أحدهما بمنجنيق والآخر توفى فجلس فضالة بن عبيد عند قبر المتوفى فقيل له تركت الشهيد فلم تجلس عنده فقال ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ان الله تعالى يقول (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) الآية وفى الحديث (من خرج حاجا فمات كتب له اجر الحاج الى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له اجر المعتمر الى يوم القيامة ومن خرج غازيا فمات كتب له اجر الغازي الى يوم القيامة) - روى- ان أبا طلحة رضى الله عنه لما غزا فى البحر فمات طلبوا جزيرة يدفنونه فيها فلم يقدروا عليها الا بعد سبعة ايام وما تغير جسده وهذا من صفة الشهداء وقال بعضهم مراتب حسن الأرزاق متفاوتة تفاوت حسن حال المرزوقين فلا تقتضى الآية تساوى المقتول والمتوفى على كل حال فللمقتول فى سبيل الله مزية على الميت بما أصابه فى ذات الله تعالى فهو أفضل منه ويدل عليه دلائل كثيرة منها قوله عليه السلام لما سئل أي الجهاد أفضل (ان يعقر جوادك ويهراق دمك) وايضا المقتول فى سبيل الله يجيئ وريح دمه ريح المسك والميت لم ينل ذلك وايضا المقتول يتمنى الرجعة الى الدنيا ليقتل فى سبيل الله مرة ثانية لما يرى من فضل الشهادة وليس كذلك الميت وايضا القتل فى سبيل الله يكفر كل ذنب ولم يرد ذلك فى الموت وايضا الميت فى سبيل الله يغسل والمقتول لا يغسل وايضا الشهيد المقتول يشفع ولم يرد ذلك فى الميت وايضا الشهيد يرى الحور العين قبل ان يجف دمه وليس كذلك الميت وفى الآية اشارة الى المهاجرة عن أوطان الطبيعة فى طلب الحقيقة وقتل النفس بسيف الصدق او الموت عن الأوصاف البشرية واجر هذا هو الرزق المعنوي فى الدنيا فرزق القلوب حلاوة العرفان ورزق الاسرار مشاهدات الجمال ورزق الأرواح مكاشفات الجلال: وفى المثنوى
اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده در دنيا وزنده مى رود «1»
اى بسا خامى كه ظاهر خويش ريخت ... ليك نفس زنده آن جانب كريخت
آلتش بشكست وره زن زنده ماند ... نفس زنده است ار چهـ مركب خون فشاند
ذلِكَ خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ذلك الذي قصصنا عليكم وبينا لكم والجملة لتقرير ما قبله والتنبيه على ان ما بعده كلام مستأنف وَمَنْ [وهر كه] عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ اى من جازى الظالم بمثل ما ظلم ولم يزد فى الاقتصاص والعقوبة اسم لما يعقب الجرم من الجزاء وانما سمى الابتداء بالعقاب الذي هو جزاء الجناية اى مع انه ليس بجزاء يعقب الجريمة للمشاكلة او على سبيل المجاز المرسل فانه ما وقع ابتداء سبب لما وقع جزاء وعقوبة فسمى
__________
(1) در اواخر دفتر پنجم در بيان رجوع بحكايت آن مجاهد در قتال(6/53)
السبب باسم المسبب ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ظلم عليه بالمعاودة الى العقوبة يقال بغى عليه بغيا علا وظلم قال الراغب البغي طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى تجاوزه او لم يتجاوزه فتارة يعتبر فى القدرة التي هى الكمية وتارة يعتبر فى الوصف الذي هو الكيفية يقال بغيت الشيء إذا طلبت اكثر ما يجب لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ على من بغى عليه لا محالة وهو خبر من إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ مبالغ فى العفو والغفران فيعفو عن المنتصر ويغفر له ما صدر عنه من ترجيح الانتقام على العفو والصبر المندوب إليهما بقوله (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) فالعفو وان اقتضى سابقية الجناية من المعفو عنه لكن الجناية لا تلزم ان تكون بارتكاب المحرم بل قد يعد ترك ما ندم اليه جناية على سبيل الزجر والتغليظ وفى بحر العلوم العفو محاء للذنوب بازالة آثارها من ديوان الحفظة والقلوب بالكلية كى لا يطالبهم بها يوم القيامة ولا يخجلوا عند تذكرها وبان يثبت مكان كل ذنب عملا صالحا كما قال (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) غفور اى مريد لازالة العقوبة عن مستحقها من الغفر وهو الستر اى ستور عليهم وقدم العفو لانه ابلغ لانه يشعر بالمحو الذي هو ابلغ من الستر وفيه اشارة الى ان الأليق بالمنتصر والأقرب بحاله ان يعفو ويغفر عن كل من ظلمه ويقابله بالإحسان
بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء
ولا يذكر ما صدر منه من انواع الجفاء والأذى فانه متى فعل ذلك فان الله أكرم الأكرمين اولى ان يفعل ذلك على ان الانتصار لا يؤمن فيه تجاوز التسوية والاعتداء خصوصا فى حال الغضب والحرب والتهاب الحمية فربما كان المنتصر من الظالمين وهو لا يشعر انتهى كلام البحر يقول الفقير سمعت من فى حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يقول الإنسان الكامل كالبحر فمن آذاه واغتابه او قصد اليه بسوء فانه لا يتكدر به بل يعفو عنه ألا يرى ان البول إذا وقع فى البحر فالبحر يطهره وكذا من اجنب إذا دخل البحر واغتسل فانه يتطهر ولا يتغير البحر لا بالبول ولا بدخول الجنب وقال روح الله روحه من قال فى حقنا قولا فاحشا او فعل فعلا مكروها فهو فى حل فانه ارادة الانتقام له او وقوعه فى امر مكروه من باب الشرك فى طريقنا فنحن لا نلتفت اليه أصلا بي الى ما وتر الله لنا من الأمور وكل فعله حسن وقد أخفى جماله فى جلاله وأطال فى ذلك وهو مذكور فى كتابنا المسمى بتمام الفيض قال فى الخلاصة فى كتاب الحدود رجل قال لآخر يا خبيث هل يقول له بل أنت الأحسن ان يكف عنه ولا يجيب ولو رفع الأمر الى القاضي ليؤدب يجوز ومع هذا لو أجاب لا بأس به وفى مجمع الفتاوى فى كتاب الجنايات لو قال لغيره يا خبيث فجازاه بمثله جاز لانه انتصار بعد الظلم وذلك مأذون فيه قال الله تعالى (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) والعفو أفضل قال الله تعالى (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وان كانت تلك الكلمة موجبة للحد لا ينبغى له ان يجيبه بمثلها تحرزا عن إيجاب الحد على نفسه انتهى كما قال فى التنوير لو قال لآخر يا زاني فقال الآخر لا بل أنت الزاني حد بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال أنت تكافئا وفى التنوير ايضا ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب يعزران ويبدأ(6/54)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)
فى اقامة التعزير بالبادى ذلِكَ النصر هو مبتدأ خبره قوله بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ اى بسبب ان القادر على ما يشاء من التغليب وغيره من آيات قدرته البالغة الدالة على التغليب انه يحصل ظلمة الليل فى مكان ضياء النهار بتعييب الشمس وضياء النهار فى مكان ظلمة الليل باطلاعها وجعلها طالعة او يزيد فى أحد الملوين ما ينقص من الآخر من الساعات قال الراغب الولوج الدخول فى مضيق قال تعالى (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) وقوله (يُولِجُ اللَّيْلَ) إلخ تنبيه على ركب الله عليه العالم من زيادة الليل فى النهار وزيادة النهار فى الليل وذلك بحسب مطالع الشمس ومغاربها وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يسمع قول المعاقب والمعاقب بَصِيرٌ يرى افعالهما فلا يهملهما ذلِكَ الوصف بكمال العلم والقدرة بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ فى الالوهية وَأَنَّ ما يَدْعُونَ يعبدون مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ الهية وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ على جميع الأشياء الْكَبِيرُ عن ان يكون له شريك لا شىء أعلى منه شأنا واكبر سلطانا وفى التأويلات النجمية أعلى من ما يجده الطالبون بداية والعظيم الذي لا يدرك الواصلون نهايته وفى بحر العلوم هو العلى شأنه اى امره وجلاله فى ذاته وأفعاله لا شىء أعلى منه شأنا لانه فوق الكل بالاضافة وبحسب الوجوب وهو فعيل من العلو فى مقابلة السفل وهما فى الأمور المحسوسة كالعرش والكرسي مثلا وفى الأمور المعقولة كما بين النبي وأمته وبين الخليفة والسلطان والعالم والمتعلم من التفاوت فى الفضل والشرف والكمال والرفعة ولما تقدس الحق سبحانه عن الجسمية تقدس علوه عن ان يكون بالمعنى الاول وهو الأمور المحسوسة فتعين واختص بالثاني قال الامام الغزالي رحمه الله العبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه الصلاة والسلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر انه علو بالاضافة الى الوجود لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه والكبير هو ذو الكبرياء عبارة عن كمال الذات المعنى به كمال الوجود وكمال الوجود بشيئين أحدهما ان يصدر عنه كل موجود والثاني ان يدوم إذ كل وجود مقطوع بعدم سابق او لاحق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان إذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم والكبير من العباد هو الكامل الذي لا تقتصر عليه صفات كماله بل تسرى الى غيره ولا يجالسه أحد الا ويفيض عليه من كماله شىء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وقيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس فقال من يزيد فى علمكم منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله وفى الآية اشارة الى ان ما سوى الله باطل اى غير موجود بوجود(6/55)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66)
ذاتى: وفى المثنوى
كل شىء ما خلا الله باطل ... ان فضل الله غيم هاطل «1»
ملك ملك اوست او خود مالكست ... غير ذاتش كل شىء هالكست
قال الشيخ ابو الحسن الكبرى استغفر الله مما سوى الله اى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الشهود واليقين ويصل فى التوحيد الى مقام التمكين
تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش بر ورق اين وآن
نسأل الله التوفيق لدرك الحقيقة على التحقيق أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً [سبز كشته يكبار بعد از پژمردكى وخشكى] قال الراغب الخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب ولهذا يسمى الأسود اخضر والأخضر اسود وقيل سواد العراق للموضع الذي تكثر فيه الخضرة قوله ألم تر استفهام تقرير ولذلك رفع فتصبح عطفا على انزل إذ لو نصب جوابا للاستفهام لدل على نفى الاخضرار والمقصود إثباته كما يدل النصب على نفى النظر فى قوله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) وأورد تصبح بصيغة المضارع ليدل على بقاء اثر المطر زمانا بعد زمان إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ يصل لطفه الى الكل من حيث لا يعلم ولا يحتسب وقال الكاشفى [لطف كننده است بر بندگان با روييدن كياه تا ايشانرا از ان روزى دهد] خَبِيرٌ بما يليق من التدابير الحسنة ظاهرا وباطنا وقال الكاشفى [داناست بحال رزقا ومرزوقا] لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا وتصرفا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ فى ذاته عن كل شىء: وبالفارسية [هر آينه اوست بى نياز در ذات خود از همه أشياء] وفى التأويلات النجمية لا ينقص غناه من مواهبه الْحَمِيدُ المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله وفى التأويلات النجمية فى ذاته مستغن عن الحامدين قال الامام الغزالي رحمه الله الحميد هو المحمود المثنى عليه والله تعالى هو الحميد لحمده لنفسه ازلا ولحمد عباده له ابدا ويرجع هذا الى صفات الجلال والعلو والكمال منسوبا الى ذكر الذاكرين له فان الحمد هو ذكر أوصاف الكمال من حيث هو كمال أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ اى جعل ما فيها من الأشياء مذللة لكم معدة لمنافعكم تتصرفون فيها كيف شئتم فلا أصلب من الحجر ولا أشد من الحديد ولا اهيب من النار وهى مسخرة منقادة لكم وَالْفُلْكَ عطف على ما او على اسم ان تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ حال من الفلك والمراد بالأمر التيسير والمشيئة وَيُمْسِكُ السَّماءَ من أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ بان خلقها على صورة متداعية الى الاستمساك يقال امسك الشيء إذا اخذه والوقوع السقوط إِلَّا بِإِذْنِهِ اى بمشيئة قال الراغب الاذن فى الشيء الاعلام بإجازته والرخصة فيه انتهى وذلك يوم القيامة وفيه رد لاستمساكها بذاتها فانها مساوية لسائر الأجسام فى الجسمية فتكون قابلة للميل الهابط كقبول غيرها يقول الفقير من الغرائب ما رأيت فى بعض الكتب ان طائرا كان يتدلى من الشجرة برجله كل ليلة الى الصباح ويصبح خوفا من وقوع السماء عليه ونظيره ما ذكره الحافظ ان الكركي لا يطأ الأرض بقدميه
__________
(1) لم أجد يعنيه فليراجع(6/56)
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66)
بل بأحدهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الأرض وفى هذين عبرة لاولى الابصار إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [مهربان وبخشاينده است] حيث هيألهم اسباب معاشهم وفتح لهم أبواب المنافع ودفع عنهم انواع المضار وأوضح لهم مناهج الاستدلال بالآيات التكوينية والتنزيلية والرؤوف بمعنى الرحيم او الرأفة أشد الرحمة او أرقها كما فى القاموس قال فى بحر العلوم لرؤف لمريد للتخفيف على عباده رحيم مريد للانعام عليهم وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ بعد ان كنتم جمادا عناصر ونطفا حسبما فصل فى مطلع السورة الكريمة ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند مجيئ آجالكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ عند البعث إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ اى لجحود للنعم مع ظهورها فلا يعبد المنعم الحقيقي وهذا وصف للجنس بوصف بعض افراده قال الجنيد قدس سره أحياكم بمعرفته ثم يميتكم باوقات الغفلة والفترة ثم يحييكم بالجذب بعد الفترة ثم يقطعكم عن الجملة فيوصلكم اليه حقيقة ان الإنسان لكفور يذكر ما له وينسى ما عليه اعلم ان الله تعالى كرم الإنسان وعظم شأنه فنقله من عالم الجماد الى عالم النبات ثم منه الى عالم الحيوان ثم جعله ناطقا وأفاض عليه نعمة الصورية والمعنوية وجعل الموجودات خادمة له فلا بد من الشكر لالطافه والشكر اظهار النعمة والكشف عنها ونقيضه الكفران وهو سترها واخفاؤها وكل نعمة فهى سبيل الى معرفة المنعم لانها اثره فيلزم الاستدلال بالأثر على المؤثر وهو الايمان اليقيني وفى الحديث القدسي (كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق وتحببت إليهم بالنعم حتى عرفونى) فعلى العاقل ان لا يغتر بالنعم والغنى ويلاحظ التوفيق فى كل حال وفى الخبر ان الله تعالى قال للنبى صلى الله عليه وسلم (قل للقوى لا تعجبنك قوتك فان أعجبتك قوتك فادفع الموت عن نفسك وقل للعالم لا يعجبنك علمك فان أعجبك علمك فاخبرنى متى أجلك وقل للغنى لا يعجبنك مالك وغناؤك فان أعجبك فاطعم خلقى غداء واحدا) فالانسان عاجز والله على كل شىء قدير ومنه النعمة الى الصغير والكبير قال الشيخ سعدى قدس سره أديم زمين سفره عام اوست برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست ولكل عضو من أعضاء الإنسان طاعة تخصه فاذا لم يصرفه الى مصارفه ولم يستخدمه فيما يناسب له فقد تعرض لسخط الله تعالى: وفى البستان يكى كوش كودك بماليد سخت كه اى بو العجب رأى وبركشته بخت ترا تيشه دادم كه هيزم شكن نكفتم كه ديوار مسجد بكن زبان آمد از بهر شكر وسپاس بغيبت نكرداندش حق شناس كذركاه قرآن و پندست كوش به بهتان وباطل شنيدن مكوش دو چشم از پى صنع بارى نكوست ز عيب برادر فروكير ودوست يقال علامة المنيب اى المقبل الى الله تعالى فى ثلاث خصال. أولاها ان يجعل قلبه للتفكر فى صفات الله والأمور الاخروية. والثانية ان يجعل لسانه للذكر والشكر. والثالثة ان يجعل بدنه للخدمة فى سبيل الله تعالى بلا فتور الى ان يأتى الموت نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لطاعته(6/57)
لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)
وخدمته ويشرفنا بجنته ووصلته لِكُلِّ أُمَّةٍ معينة من الأمم الماضية والباقية والامة جماعة أرسل إليهم رسول جَعَلْنا [معين ساختيم] مَنْسَكاً مصدر مأخوذ من النسك وهو العبادة اى شريعة خاصة لا لامة اخرى منهم على معنى عينا كل شريعة لامة معينة من الأمم بحيث لا تتخطى امة منهم شريعتها المعينة لها الى شريعة اخرى لا استقلالا ولا اشتراكا هُمْ ناسِكُوهُ صفة لمنسكا مؤكدة للقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور على الفعل والضمير لكل امة باعتبار خصوصها اى تلك الامة المعينة ناسكوه والعاملون به لامة اخرى فالامة التي كانت من مبعث موسى الى مبعث عيسى عليهما السلام منسكهم التوراة هم ناسكوها والعاملون بها لا غيرهم والامة التي من مبعث عيسى الى مبعث النبي عليه السلام منسكهم الإنجيل هم ناسكوه والعاملون به لا غيرهم واما الامة الموجودة عند بعث النبي عليه السلام ومن بعدهم من الموجودين الى يوم القيامة فهم امة واحدة منسكهم الفرقان ليس الا فَلا يُنازِعُنَّكَ اى من يعاصرك من اهل الملل يقال نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والمنازعة المخاصمة فِي الْأَمْرِ اى فى امر الدين زعما منهم ان شريعتهم ما عين لآبائهم الأولين من التوراة والإنجيل فانهما شريعتان لمن مضى من الأمم قبل انتساخهما وهؤلاء امة مستقلة منسكهم القرآن المجيد فحسب: وبالفارسية [بس بايد كه نزاع نكنند سائر ارباب أديان با تو در كار دين چهـ امر دين توازان ظاهر ترست كه تصور نزاع در ان توان كرد در نور آفتاب چهـ جاى تأمل است] وَادْعُ الناس كافة ولا تخص امة دون امة بالدعوة فان كل الناس أمتك إِلى رَبِّكَ الى توحيده وعبادته حسبما بين لهم فى منسكهم وشريعتهم إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ اى طريق موصل الى الحق سوىّ وهو الدين وَإِنْ جادَلُوكَ وخاصموك بعد ظهور الحق ولزوم الحجة وأصله من جدلت الحبل اى حكمت فتله فكأن المجادلين يفتل كل واحد.
منهما الآخر عن رأيه فَقُلِ لهم على سبيل الوعيد اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ من الأباطيل التي من جملتها المجادلة فيجازيكم عليها اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يفصل بين المؤمنين منكم والكافرين يَوْمَ الْقِيامَةِ بالثواب والعقاب كما فصل فى الدنيا بالحجج والآيات فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من امر الدين أَلَمْ تَعْلَمْ الاستفهام للتقرير اى قد علمت أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فلا يخفى عليه شىء من الأشياء التي من جملتها ما يقول الكفرة وما يعملونه إِنَّ ذلِكَ اى ما فى السماء والأرض فِي كِتابٍ هو اللوح قد كتب فيه قبل حدوثه فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له إِنَّ ذلِكَ اى ما ذكر من العلم والإحاطة به وإثباته فى اللوح عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سهل: وبالفارسية [آسانست] فان علمه وقدرته مقتضى ذاته فلا يخفى عليه شىء ولا يعسر عليه مقدور وفى الآيات إشارات منها ان لكل فريق من الطلاب شرعة هم واردوها ولكل قوم طريقة هم سالكوها ومقاماهم سكانه ومحلاهم قطانه ربط كل جماعة بما أهلهم وأوصل كل ذوى رتبة الى ما جعله محلهم فبساط التعبد موطوء باقدام العابدين ومشاهد الاجتهاد معمورة باصحاب(6/58)
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)
الكلف من المجتهدين ومجالس اصحاب المعارف مأنوسة بلوازم العارفين ومنازل المحبين مأهولة بحضور الواجدين ولتفاوت مقامات السلوك والموصول تفاوتت الدعوة الى الله تعالى فمنهم من يدعو الخلق من باب الفناء فى حقيقة العبودية وهو قوله تعالى (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة العبودية وهو الذلة والافتقار وما يقتضيه مقام العبودية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الأخلاق الرحمانية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الأخلاق بالقهرية ومنهم من يدعوهم من باب الأخلاق الالهية وهو ارفع باب واجله وقد قالوا الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق وبعدد الأنفاس الالهية فان الشؤون المتجددة من الله تعالى فى كل مظهر أنفاس الالهية ومنها ان اهل المجادلة هم اهل التأبي والإنكار والاعتراض والله اعلم بأحوالهم ويحكم يوم القيامة بين كل فريق بما يناسب حاله اما الأجانب فيقول لهم (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) واما الأولياء فقوم منهم يحاسبهم حسابا يسيرا وصنف منهم يؤتون أجورهم بغير حساب واما الأحباب فيقعدون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ومنها ان السماء سماء القلب وقيه نور اليقين والصدق والإخلاص والمحبة والأرض ارض البشرية والنفس الامارة وفيها ظلمة الشك والكذب والشرك وحرص الدنيا فيزيل الله عن ارباب القلوب البلوى ويجمل لهم النعمى وتنزل بأرباب النفوس البلوى ولا يسمع منهم الشكوى ان ذلك فى كتاب مكتوب بقلم التقدير فى القدم كما قال الشيخ سعدى
كرت صورت خال بد يا نكوست ... نكاريده دست تقدير اوست
ان ذلك على الله يسير مجازاتهم على وفق التقدير سهلة على الله تعالى ولكن ليعرف المؤمن ان كلا ميسر او مهيأ لما خلق له فمن وفق للعلم والعمل كان ذلك علامة للسعادة العظمى ومن ابتلى بالجهل والكسل كان ذلك امارة للشقاوة الكبرى فلم يبق الا التسليم للاحكام الالهية والاجتهاد فى طريق الحق بالشريعة والطريقة الى ان يحصل الوصول الى المعرفة والحقيقة واما قوله
قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكر ناخدا جامه بر تن درد
فناظر الى عالم القضاء والعبد أعمى عنه وليس له التفحص عن ذلك والله تعالى يقول الحق وهو يهدى السبيل وَيَعْبُدُونَ اى اهل الشرك مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين عبادة الله تعالى ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ اى بجواز عبادته وما عبارة عن الأصنام سُلْطاناً اى حجة وبرهانا وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ اى بجواز عبادته عِلْمٌ حصل لهم من ضرورة العقل او استدلاله فهم انما يعبدون الأصنام بمجرد الجهل ومحض التقليد وَما لِلظَّالِمِينَ اى المشركين الذين ارتكبوا مثل هذا الظلم العظيم مِنْ نَصِيرٍ يدفع عنهم العذاب الذي يعتريهم بسبب ظلمهم وفى التأويلات النجمية يشير الى من كان من جملة خواصه أفرده ببرهان وأيده ببيان وأعزه بسلطان وما لاهل الخذلان سلطان فيما عبدوه من اصناف الأوثان ولا برهان على ما طلبوه وما لهم نصرة من الله بل خذلان وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ اى على المشركين آياتُنا من القرآن حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على العقائد الحقية والاحكام الالهية تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ اى الإنكار بالعبوس والكراهة(6/59)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)
كالمكرم بمعنى الإكرام: وبالفارسية [يعنى چون قرآن بر كافران خوانى اثر كراهت ونفرت در روى ايشان به بينى از فرط عناد ولجاج كه با حق دارند] واعلم ان الوجوه كالمرائى فكل صورة من الإقرار والإنكار تظهر فيها فهى اثر احوال الباطن وكل اناء يترشح بما فيه كتلون وجوه قوم صالح فما ظهر عليهم فى ظاهرهم الا حكم ما استقر فى باطنهم قال الفقير
هر كرا صورت بياض الوجوه بود ... صورت حال درونش رو نمود
كر سياه ويا كبودى بود رنك ... رنك او ظاهر شد از دل بى درنگ
يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا اى يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لاباطيل أخذوها تقليدا من السطوة وهى البطش برفع اليد يقال سطابه قُلْ ردا عليهم وإقناطا مما يقصدونه من الإضرار بالمسلمين أَفَأُنَبِّئُكُمْ اى أخاطبكم فأخبركم بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ الذي فيكم من غيضكم على التالين وسطوتكم بهم النَّارُ اى هو النار على انه جواب لسؤال مقدر كأنه قيل ما هو وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى النار والمصير المرجع وفيه اشارة الى ان نار القطيعة والطرد والابعاد شر من الإنكار الذي فى قلوب المنكرين فعلى العاقل ان يجتنب عن كل ما يؤدى الى الشرك والإنكار ويصحب اهل التوحيد والإقرار ويقبل الحقائق والاسرار ويحب ارباب الولاية ويبغض اصحاب الضلالة وفى بعض الاخبار يقول الله تعالى غدا يا ابن آدم اما زهدك من الدنيا فانما طلبت الراحة لنفسك واما انقطاعك الى فانما طلبت العزة لنفسك ولكن هل عاديت لى عدوا او واليت لى وليا واعلم ان الكفر والإنكار يؤديان الى النار كما ان التوحيد والإقرار يفضيان الى الجنة وهما من أفضل النعم فان العبد يصل بسبب التوحيد الى السعادة الابدية ولذلك كل عمل يوزن الا شهادة ان لا اله الله وإذا رسخ التوحيد فى قلب المؤمن لم يجد بدا من الإقرار والذكر كلما وجد مجالا صالحا له- حكى- ان بعض الصالحين رأى زبيدة امرأة هارون الرشيد فى المنام بعد الموت وسأل عن حالها فقالت غفر لى ربى فقال ابالحياض التي حفرتها بين الحرمين الشريفين فقالت لافانها كانت أموالا مغصوبة فجعل ثوابها لاربابها فقال فبم قالت كنت فى مجلس شرب الخمر فامسكت عن ذلك حين اذن المؤذن وشهدت ما شهد المؤذن فقال الله تعالى لملائكته أمسكوا عن عذابها لو لم يكن التوحيد راسخا فى قلبها لما ذكرتنى عند السكر فغفر لى واحسن حالى واما اهل النار والمؤاخذة فالادنى منهم عذابا يتنعل من نار يغلى منه دماغه ولذلك قال الله تعالى (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) فانه لا راحة فيها لاحد عصمنا الله وإياكم من نار البعد وعذاب السعير انه خير عاصم ومجير يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ اى بين لكم حالة مستغربة او قصة بديعة حقيقة بان تسمى مثلا وتسير فى الأمصار والاعصار فَاسْتَمِعُوا لَهُ اى للمثل استماع تدبر وتفكر: وبالفارسية [پس بشنويد آن مثل را بكوش هوش ودر ان تأمل كنيد وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ) الى اهل النسيان عن حقيقة الأمر بالعيان فلا بد لهم من ضرب مثل لعلهم ينبهون من نوم الغفلة فالخطاب لناسى عهد الميثاق عامة(6/60)
مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)
وللمستعدين المستعدين لادراك فهم الخطاب بقوله (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) خاصة وهذا الأمر امر التكوين بسمعهم الخطاب ويتعظون به ثم بين المعنى فقال إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعنى الأصنام التي تعبدونها متجاوزين عبادة الله تعالى وهو بيان للمثل وتفسير له قال الكاشفى [وآن سيصد وشصت بت بودند بر حوالى خانه نهاده حق سبحانه وتعالى فرمود كه اين همه بت كه مى پرستيد بجز خداى تعالى] وفى التأويلات من انواع الأصنام الظاهرة والباطنة لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً اى لن يقدروا على خلقه ابدا مع صغره وحقارته فان لن بما فيها من تأكيد النفي دالة على منافاة ما بين المنفي والمنفي عنه والذباب من الذب اى يمنع ويدفع قال فى المفردات الذباب يقع على المعروف من الحشرات الطائرة وعلى النحل والزنابير وفى قوله (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً) فهو المعروف وفى حياة الحيوان فى الحديث (الذباب فى النار لا النحل) وهو يتولد من العفونة لم يخلق لها أجفان لصغر أحداقها ومن شأن الأجفان ان تصقل مرآة الحدقة من الغبار فجعل الله لها يدين تصقل بهما مرآة حدقتها فلهذا ترى الذباب ابدا يمسح بيديه عينيه وإذا بخر البيت بورق القرع ذهب منه الذباب وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ اى لخلقه وهو مع الجواب القدر فى موضع حال جيئ بها للمبالغة اى لا يقدرون على خلقه مجتمعين له متعاونين عليه فكيف إذا كانوا منفردين وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً اى ان يأخذ الذباب منهم شيأ ويخطفه لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ اى لا يستردوه من الذباب مع غاية ضعفه لعجزهم: وبالفارسية [نميتوانند رهانيد يعنى باز نميتوانند ستانند آن چيز را] قيل كانوا يطيبون الأصنام بالطيب والعسل ويغلقون عليها الأبواب فيدخل الذباب من الكوى فيأكله قال الكاشفى [رسم ايشان آن بود كه بتان را بعسل وخلوق مى اندودند ودرهاى بتخانه بر ايشان مى بستند مكسان از روزن درآمده آنها ميخوردند وبعد از چند روز اثر طيب وعسل بر ايشان نبود شادى مينمودند كه آنها را خورده اند حق سبحانه وتعالى از عجز وضعف بتان خبر ميدهد كه نه بر آفريدن مكس قادرند ونه بر دفع ايشان از خود] ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ اى عابد الصنم ومعبوده او الذباب الطالب لما يسلبه عن الصنم من الطيب والصنم المطلوب منه ذلك ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ اى ما عرفوه حق معرفته او ما عظموه حق تعظيمه حيث أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب ولا ينتصر منه وسموا باسم ما هو ابعد الأشياء منه مناسبة إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على خلق الممكنات بأسرها وإفناء الموجودات عن آخرها عَزِيزٌ غالب على جميع الأشياء لا يغلبه شىء وآلهتهم التي يدعونها عجزة عن أقلها مقهورة من أذلها قال ابن عطاء دلهم بقوله (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ) إلخ على مقادر الخليقة فمن كان أشد هيبة وأعظم ملكا لا يمكنه الاحتراز من أهون الخلق وأضعفه ليعلم بذلك عجزه وضعفه وعبوديته وذلته ولئلا يفتخر على أبناء جنسه من بنى آدم بما يملكه من الدنيا
عاجز انكه عاجزانرا بنده اند ... چون فتد كارى ز هم شرمنده اند
عجز وإمكان لازم يكديكرند ... پس همه خلقى ز هم عاجزترند
قوت از حق است وقوت حق اوست ... آن او مغز است وآن خلق پوست(6/61)
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)
قال الواسطي فى الآية الاخيرة لا يعرف قدر الحق الا الحق وكيف يقدر قدره أحد وقد عجز عن معرفة قدر الوسائط والرسل والأولياء والصديقين ومعرفة قدره ان لا يلتفت منه الى غيره ولا يغفل عن ذكره ولا يفتره عن طاعته إذ ذاك عرفت ظاهر قدره واما حقيقة قدره فلا يقدر قدرها الا هو قال الكاشفى [محققان برآنند كه چنانچهـ اهل شرك بحق المعرفة او را نشناخته اند اهل علم نيز بحقيقت معرفت او راه نبرده اند زيرا كه دور باشى «ولا يحيطون به علما» كسى را در حوالئ باركاه كبريا نميكذارد وبعيب هويت خود هيچ رهبر ورهنما را راه نميدهد ميان او وما سوى بهيچ نوع نسبتى نيست تا در طريق معرفتش شروع تواند كرد ومعرفت بي مناسبت از قبيل محالات است ما للطين ورب العالمين
چهـ نسبت خاك را با عالم پاك
قال بعض الكبار ما عرفناك حق معرفتك اى بحسبك ولكن عرفناك حق معرفتك اى بحسبنا وفى شرح مفتاح الغيب لحضرة شيخى وسندى قدس الله سره العلم الإلهي الشرعي المسمى فى مشرب اهل الله علم الحقائق هو العلم بالحق سبحانه من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة انتهى قال الشيخ ابو العباس رحمه الله معرفة الولي أصعب من معرفة الله فان الله معروف بكماله وجماله متى يعرف مخلوقا مثله يأكل كما يأكل ويشرب كما يشرب انتهى وهذا الكلام موافق لما فى شرح المفتاح ولما قبله كما لا يخفى على من له ادنى ذوق فى هذاب الباب اللَّهُ يَصْطَفِي [بركزيند] مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا يتوسطون بينه وبين الأنبياء بالوحى مثل جبرائيل وميكائيل واسرافيل قال فى المفردات اصل الصفاء خلوص الشيء من الشوب والاصطفاء تناول صفو الشيء كما ان الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته واصطفاء الله بعض عباده قد يكون بايجاده تعالى إياه صافيا عن الثوب الموجود فى غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وان لم يتعرّ ذلك من الاول وفى التأويلات يصطفى من الملائكة رسلا بينه وبين العباد ولتربيتهم بأداء الرسالة إذ لم يكونوا بعد مستأهلين لاستماع الخطاب بلا واسطة فيربيهم بواسطة رسالة الملائكة وَمِنَ النَّاسِ [ومى كزيند از آدميان پيغمبران تا خلق را دعوت كند بوى] وهم المختصون بالنفوس الزكية المؤيدون بالقوة القدسية المتعلقون بكلام العالمين الروحاني والجسماني يتلقون من جانب ويلقون الى جانب ولا يعوقهم التعلق بمصالح الخلق عن التبتل الى جانب الحق فيدعونهم اليه تعالى بما انزل عليهم ويعلمونهم شرائعه وأحكامه إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بجميع المسموعات وقال الكاشفى [شنواست مقاله پيغمبر را در وقت تبليغ] بَصِيرٌ مدرك لجميع المبصرات فلا يخفى عليه شىء من الأقوال والافعال وقال الكاشفى [بينا بحال امت او در رد وقبول دعوت] وفى التأويلات النجمية سميع يسمع ضراعتهم فى احتياج الوجود وهم فى العدم بصير من يستحق للرسالة وهو معدوم يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ عالم بواقع الأشياء ومترقبها وقال الكاشفى [ميداند آنچهـ در پيش آدميانست يعنى عملها كه(6/62)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)
كرده اند وآنچهـ از پس ايشانست يعنى كارها كه خواهند كرد] وَإِلَى اللَّهِ لا الى أحد غيره لا اشتراكا ولا استقلالا تُرْجَعُ ترد من الرجع القهقرى الْأُمُورُ كلها لانه مالكها بالذات لا يسأل عما يفعل من الاصطفاء وغيره وهم يسألون- روى- انه تكلم رجل فى زين العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنهم وافترى عليه فقال له زين العابدين ان كنت كما قلت فاستغفر الله وان لم أكن كما قلت فغفر الله لك فقام اليه الرجل وقبل رأسه وقال جعلت فداءك لست كما قلت فاغفرلى قال غفر الله لك فقال الرجل الله اعلم حيث يجعل رسالته وخرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالي فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل على الرجل وقال ما ستر عنك من أمرنا اكثر ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى اليه حميصة كانت عليه وامر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من أولاد الرسول ولا يتوهم انهم كانوا اهل دنيا ينفقون منها الأموال انما كانوا اهل سخاء وفتوة ومروءة وجود ومكارم كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها فى العاجل وفيهم يصدق قول القائل
تعود بسط الكف حتى لوانه ... ثناها لقبض لم تطعه أنامله
فلو لم يكن فى كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا اى فى صلاتكم أمرهم بها لما انهم ما كانوا يفعلونها أول اسلام قال ابو الليث كانوا يسجدون بغير ركوع فامرهم الله بان يركعوا ويسجدوا وقال بعضهم كانوا يركعون بلا سجود ويسجدون بلا ركوع قال الكاشفى [در أول اسلام همين قعود وقيام بوده بدين آيت ركوع وسجود داخل شد] او المعنى صلوا عبر عن الصلاة بهما لانهما أعظم أركانها وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ بسائر ما تعبدكم به وَافْعَلُوا الْخَيْرَ وتحروا ما هو خير وأصلح فى كل ما تأتون وما تذرون كنوافل الطاعات وصلة الأرحام ومكارم الأخلاق وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) قال فى المفردات الخير ما يرغب فيه الكل كالعقل مثلا والعدل والفضل والشيء النافع والشر ضده وقيل الخير ضربان خير مطلق وهو ان يكون مرغوبا فيه بكل حال وعند كل أحد كما وصف عليه السلام الجنة فقال (لا خير بخير بعده النار ولا شر بشر بعده الجنة) وخير مقيد وهو ان يكون خير الواحد شر الآخر كالمال الذي ربما كان خيرا لزيد وشرا لعمرو لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اى افعلوا هذه كلها وأنتم راجون بها الافلاح غير متيقنين له واثقين بأعمالكم: قال الشيخ سعدى قدس سره
بضاعت نياوردم الا اميد ... خدايا ز عفوم مكن نااميد
والفلاح الظفر وادراك البغية وذلك ضربان دنيوى واخروى فالدنيوى الظفر بالسعادات التي يطيب بها حياة الدنيا وهو البقاء والغنى والعز والعلم والأخروي اربعة أشياء بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الا عيش الآخرة
ز نهار دل مبند بر اسباب دنيوى
قالوا الآية آية سجدة عند الشافعي واحمد لظاهر ما فيها من الأمر بالسجود قال الكاشفى(6/63)
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)
[اين سجد، مختلف فيه است وبمذهب امام شافعى سجده هفتم باشد از سجدات قرآن وحضرت شيخ اين را سجدة الفلاح كفته] وقال الامام الأعظم والامام مالك دل مقارنة السجود بالركوع فى الآية على ان المراد سجود الصلاة قال فى التأويلات النجمية يشير بقوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الآية الى الرجوع من تكبر قيام الانسانية الى تواضع خشوع الحيوانية فان الحيوانات على اربع فى الركوع لقوله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) والرجوع من الركوع الى الانكسار والذلة والنباتية فى السجود فان النبات فى السجود لقوله (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) لان الروح بهذه المنازل كان مجيئه من عالم الأرواح عبر على المنزل النباتي ثم على المنزل الحيواني الى ان بلغ المنزل الإنساني فعند رجوعه الى الحضرة يكون عبوره على هذه المنازل وهذا سر قوله صلى الله عليه وسلم (الصلاة معراج المؤمنين) ثم قال (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) يعنى بهذا الرجوع اليه خالصا لوجه تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) بالتوجه الى الله فى جميع أحوالكم واعمال الخير كلها (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) بالعبور على هذا المنازل من حجب الظلمات النفسانية والأنوار الروحانية وَجاهِدُوا الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع فى مدافعة العدو فِي اللَّهِ اى فى سبيل الله كما فى تفسير الجلالين وقال فى غيره اى لله ولاجله اعداء دينه الظاهرة كاهل الزيغ والباطنة كالهوى والنفس حَقَّ جِهادِهِ [چنانكه سزاوار جهاد او باشد يعنى بدل صافى ونيت خالص] اى جهادا فيه حقا خالصا لوجهه فعكس وأضيف الحق الى الجهاد مبالغة وأضيف الجهاد الى الضمير الراجع الى الله اتساعا قال الامام الراغب الجهاد ثلاثة اضرب مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس وتدخل ثلاثتها فى قوله تعالى (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ) وفى الحديث (جاهدوا الكفار بايديكم والسنتكم) وفى الحديث (جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم) وعنه صلى الله عليه وسلم انه رجع من غزوة تبوك فقال (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) فجهاد النفس أشد من جهاد الأعداء والشياطين وهو حملها على اتباع الأوامر والاجتناب عن النواهي: وفى المثنوى
اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند ازو خصمى بتر در اندرون «1»
كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خركوش نيست
هُوَ اجْتَباكُمْ اى هو اختاركم لدينه ونصرته لا غيره وفيه تنبيه على ما يقتضى الجهاد ويدعو اليه قال ابن عطاء الاجتبائية أورثت المجاهدة لا المجاهدة أورثت الاجتبائية وفى التأويلات النجمية (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ) بان تجاهدوا النفوس فى تزكيتها بأداء الحقوق وترك الحظوظ وتجاهدوا القلوب فى تصفيتها بقطع تعلقات الكونين ولزوم المراقبات عن الملاحظات وتجاهدوا الأرواح فى تحليتها بافناء الوجود فى وجوده ليبقى بوجوده وجوده (هُوَ اجْتَباكُمْ) لهذه الكرامات من بين سائر البريات ولولا ان اجتباكم واستعداد هذا الجهاد اعطاكم واليه هداكم لما جهدتم فى الله كما قيل
فلولاكمو ما عرفناه الهوى ... ولولا الهوى ما عرفناكمو
ومن مبادى الحق الجهاد وهو ان لا يفتر مجاهدة النفس لحظة كما قال قائلهم
يا رب ان جهادى غير منقطع ... فكل أرضك لى ثغر وطرطوس
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير رجعنا من الجهاد الأصغر إلخ(6/64)
(وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) اصل الحرج والحراج مجتمع الشيء وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج اى ما جعل فيه من ضيق بتكليف ما يشق عليه إقامته ولذلك أزال الحرج فى الجهاد عن الأعمى والأعرج وعادم النفقة والراحلة والذي لا يأذن له أبواه قال الكاشفى [يعنى بر شما تنك فرانكرفت ودر احكام دين تكليف ما لا يطاق نكرد بوقت ضرورت رخصتها داد چون قصر تيمم وإفطار در مرض وسفر] وفى التأويلات النجمية اى ضيق فى السير الى الله والوصول اليه لانك تسير الى الله بسيره لا بسيرك وتصل اليه بتقربه إليك لا بتقربك اليه وان كنت ترى ان تقربك اليه منك ولا ترى ان تقربك اليه من نتائج تقربه إليك وتقربه إليك سابق على تقربك اليه كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) فالذراع اشارة الى الشبرين شبر سابق على تقربك اليه وشبر لا حق يتقربك اليه حتى لو مشيت اليه فانه يسارعك من قبل مهر ولا انتهى (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) نصب على المصدر بفعل دل عليه مضمون ما قبله بحذف المضاف اى وسع عليكم دينكم توسعة ملة أبيكم ابراهيم او اتبعوا ملة أبيكم كما فى الجلالين قال الراغب الملة كالدين وهو اسم لما شرع الله لعباده على لسان الأنبياء ليتوصلوا به الى جوار الله تعالى والفرق بينها وبين الدين ان الملة لا تضاف الا الى النبي الذي تسند اليه نحو اتبعوا ملة ابراهيم واتبعت ملة آبائي ولا يكاد يوجد مضافا الى الله تعالى ولا الى آحاد امة النبي ولا يستعمل الا فى جملة الشرائع دون آحادها ولا يقال ملة الله ولا ملتى وملة زيد كما يقال دين الله واصل الملة من مللت الكتاب ويقال الملة اعتبارا بالنبي الذي شرعها والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذا كان معناه الطاعة هذا كله فى مفردات الراغب وانما جعله أباهم لانه ابو رسول الله وهو كالاب لامته من حيث انه سبب لحياتهم الابدية ووجودهم على الوجه المعتد به فى الآخرة او لان اكثر العرب كانوا من ذريته فغلبوا على غيرهم قال ابن عطاء ملة ابراهيم هو السخاء والبذل وحسن الأخلاق والخروج عن النفس والأهل والمال والولد وفى التأويلات النجمية يشير الى ان السير والذهاب الى الله من سنة ابراهيم عليه السلام لقوله (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) وانما سماه بأبيكم لانه كان أباكم فى طريقة السير الى الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (انا لكم كالوالد لولده) هُوَ اى الله تعالى سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ اى فى الكتب المتقدمة وَفِي هذا اى فى القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ يعنى حضرة محمد يوم القيامة متعلق بسماكم واللام لام العاقبة شَهِيداً عَلَيْكُمْ بانه بلغكم فيدل على شهادته لنفسه اعتمادا على عصمته او بطاعة من أطاع وعصيان من عصى وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ بتبليغ الرسل إليهم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ اى فتقربوا الى الله بانواع الطاعات لما خصكم بهذا الفضل والشرف وتخصيصهما بالذكر لفضلها فان الاول دال على تعظيم امر الله والثاني على الشفقة على الخلق وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ اى ثقوا به فى مجامع أموركم ولا تطلبوا الاعانة والنصرة الا منه: وبالفارسية [و چنك در زنيد بفضل خداى يعنى در مجامع امور خود اعتماد بدو كنيد يا بكتاب وسنت متمسك شويد سلمى فرموده كه اعتصام بحبل الله امر عوام است وبالله كار خواص اما اعتصام بحبل الله تمسك باوامر وتنفر از نواهى واعتصام بالله خلوت دلست از ما سواى حضرت الهى] هُوَ مَوْلاكُمْ(6/65)
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
ناصركم ومتولى أموركم فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ إذ لا مثل له فى الولاية والنصرة بل لاولى ولا نصير فى الحقيقة سواه تعالى قال الكاشفى [پس نيك ياريست او ونيكو مدد كارى بيارى عيبها ببوشد وبمدد كارى كناهان ببخشد يارى ازو جوى كه از بارى در نماند مددكارى از وى طلب كه از مددكارى عاجز نشود]
از يارى خلق بگذر اى مرد خدا ... يارى طلب آنچنان كه از روى وفا
كار تو تواند كه بسازد همه وقت ... دست تو تواند كه بگيرد همه جا
قال فيثاغورث متى التمست فعلا من الافعال فابدأ الى ربك بالابتهال فى النحج فيه وشكا رجل الى أخيه الحاجة والضيق فقال له يا أخي أغير تدبير ربك تريد لا تسأل الناس وسل من أنت له ودخل سليمان بن عبد الملك الكعبة فقال لسالم بن عبد الله ارفع حوائجك فقال والله لا اسأل فى بيت الله غير الله فينبغى للعبد الطالب لعصمة الله تعالى ان يعتصم به فى كل الأمور ويجتهد فى رضاه فى الخفاء والظهور ولا يقول ان هذا الأمر عسير فان ذلك على الله يسير فانه هو المولى فنعم المولى ونعم النصير قال تعالى ذلك اى النصر بان الله مولى الذين آمنوا الاية تمت سورة الحج فى اواخر جمادى الاولى من سنة الف ومائة وسبع الجزء الثامن عشر من الاجزاء الثلاثين
تفسير سورة المؤمنين
مكية وهى مائة وعشر آيات عند البصريين وثمانى عشرة عند الكوفيين بسم الله الرحمن الرحيم
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ سعد المصدقون ونالوا البقاء فى الجنة ويدل عليه ان الله تعالى لما خلق جنة عدن بيده قال تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون فقال طوبى لك منزل الملوك اى ملوك الجنة وهم الفقراء الصابرون. فصيغة الماضي للدلالة على تحقق الدخول فى الفلاح وكلمة قد لافادة ثبوت ما كان متوقع الثبوت من قبل لان المؤمنين كانوا متوقعين ذلك الفلاح من فضل الله والفلاح البقاء والفوز بالمراد والنجاة من المكروه والافلاح الدخول فى ذلك كالابشار الذي هو الدخول فى البشارة وقد يجيئ متعديا بمعنى الإدخال فيه وعليه قراءة من قرأ على البناء للمفعول ولما كان الفلاح الحقيقي لا يحصل بمطلق الايمان وهو التصديق بما علم ضرورة انه من دين نبينا عليه السلام من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء ونظائرها بل يحصل بالايمان الحقيقي المقيد بجميع الشرائط قال بطريق الإيضاح او المدح الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ الخشوع الخوف والتذلل وفى المفردات الخشوع الضراعة واكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح والضراعة اكثر ما تستعمل فيما يوجد على القلب ولذلك قيل فيما ورد (إذا ضرع القلب خشعت الجوارح) اى خائفون من الله متذللون له ملزمون أبصارهم مساجدهم قال الكاشفى [چشم بر سجده كاه(6/66)
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
نهاده وبدل بر دركاه مناجات حاضر شده]- روى- انه عليه السلام كان إذا صلى رفع بصره الى السماء فلما نزلت رمى ببصره نحو مسجده وانه رأى مصليا يبعث بلحيته فقال (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) وفى النتف يكره تقليب الوجه الى نحو السماء عند التكبيرة الاولى وجه النهى ان النظر الى السماء من قبيل الالتفات المنهي عنه فى الصلاة واما فى غيرها فلا يكره لان السماء قبلة الدعاء ومحل نزول البركات قال الكاشفى [در لباب فرموده كه در حالت قيام ديده بر سجده كاه بايد نهاد مكر بمكه معظمه كه در خانه مكرمه بايد نكريست] وفى الحديث (ان العبد إذا قام الى الصلاة فانما هو بين يدى الرحمن فاذا التفت يقول الله تعالى الى من تلتفت الى خير منى اقبل يا ابن آدم الىّ فانا خير ممن تلتفت اليه) وفى التأويلات النجمية خاشعون الى بالظاهر والباطن اما الظاهر فخشوع الرأس بانتكاسه وخشوع العين بانغماضها عن الالتفات وخشوع الاذن بالتذلل للاستماع وخشوع اللسان القراءة والحضور والتأنى وخشوع اليدين وضع اليمين على الشمال بالتعظيم كالعبيد وخشوع الظهر انحناؤه فى الركوع مستويا وخشوع الفرج بنفي الخواطر الشهوانية وخشوع القدمين بثباتهما على الموضع وسكونهما عن الحركة واما الباطن فخشوع النفس سكونها عن الخواطر والهواجس وخشوع القلب بملازمة الذكر ودوام الحضور وخشوع السر بالمراقبة فى ترك اللحظات الى المكونات وخشوع الروح استغراقه فى بحر المحبة وذوبانه عند تجلى صفة الجمال والجلال [محققى فرموده كه در نماز أول از خود بيزار بايد شد پس طالب وصول بقرب يار بايد كذشت]
يار بيزار است از تو تا تويى ... أول از خود خويش را بيزار كن
كر ز تو يكذره باقى مانده است ... خرقه وتسبيح با زنار كن
ترك خويش وهر دو عالم كير ورو ... ذره منديش و چون عطار كن
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ اى عما لا يعنيهم من الأقوال والافعال وفى المفردات اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذي يورد لا عن روية وفكر ويجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافر ونحوها من الطيور وفى التأويلات النجمية اللغو كل فعل لا لله وكل قول لا من الله ورؤية غير الله وكل ما يشغلك عن الله فهو لغو قال الكاشفى [امام قشيرى فرمود كه هر چهـ براى خدا نيست حشو است وآنچهـ از خدا باز دارد سهو است وآنچهـ بنده را در ان حظى باشد لهو است وآنچهـ از خدا نبود لغو است وحقيقت آنست كه لغو چيزى را كويند از اقوال وافعال بهيچ كار نيايد] مُعْرِضُونَ يقال اعرض اظهر عرضه اى ناحيته فاذا قيل عرض لى كذا اى بدا عرضه فامكن تناوله وإذا قيل اعرض فمعناه ولى مبديا عرضه اى معرضون فى عامة أوقاتهم كما ينبئ عنه الاسم الدال على الاستمرار فيدخل فى ذلك اعراضهم عنه حال اشتغالهم بالصلاة دخولا أوليا ومدار اعراضهم عنه ما فيه من الحالة الداعية الى الاعراض عنه لا مجرد الاشتغال بالجد فى امور الدين فان ذلك ربما يوهم ان لا يكون فى اللغو نفسه ما يزجرهم عن تعاطيه وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ للصدقة مؤدون والتعبير عن الأداء بالفعل مذكور فى كلام العرب قال امية بن ابى الصّلت المطعمون الطعام فى السنة(6/67)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)
الازمة والفاعلون للزكوات وتوسيط حديث الاعراض بين الطاعة البدنية والمالية لكمال ملابسته بالخشوع فى الصلاة والزكاة مصدر لانه الأمر الصادر عن الفاعل لا المحل الذي هو موقعه وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الزكاة انما وجبت لتزكية النفس عن الصفات الذميمة النجسة من حب الدنيا او غيره كقوله (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) فان الفلاح فى تزكية النفس كقوله (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) وقوله (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) ولم يكن المراد مجرد إعطاء المال وحبه فى القلب وانما كان لمصلحة ازالة حب الدنيا عن القلب ومثل حب الدنيا جميع الصفات الذميمة الى ان تتم إزالتها وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه حافِظُونَ ممسكون لها من الحرام ولا يرسلونها ولا يبذلونها إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ زوجاتهم فان الزوج يقع على الذكر والأنثى أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ يعنى [كنيزكان كه مليكه يمين اند] فما ملكت ايمانهم وان كان عاما للرجال ايضا لكنه مختص بالنساء اجماعا وانما قال ما اجراء للمماليك مجرى غير العقلاء إذا لملك اصل شايع فيه قال فى الاسئلة المقحمة كيف يجوز ان يسمى الرقيق ملك يمين ولا يسمى به سائر الاملاك الجواب ملك الجارية والعبد أخص لانه يختص بجواز التصرف فيه ولا يعم كسائر الاملاك فان مالك الدار مثلا يجوز له نقض الدار ولا يجوز لمالك العبد نقض بنيته انتهى وافراد ذلك بعد تعميم قوله والذين هم عن اللغو معرضون لان المباشرة أشهى الملاهي الى النفس وأعظمها خطرا فَإِنَّهُمْ [پس بدرستى كه نكاه دارندكان فروج] غَيْرُ مَلُومِينَ على عدم حفظها منهن [بشرط آنكه در حيض ونفاس وروزه وإحرام نباشد] واللوم عذل انسان بنسبته الى ما فيه لوم وفى التهذيب: اللوم [ملامت كردن] قال فى الاسئلة المقحمة أي فرق بين الذم واللوم الجواب ان الذم يختص بالصفات يقال الكفر مذموم واللوم يختص بالاشخاص يقال فلان ملوم وفى التأويلات النجمية يعنى يحفظون عن التلذذ بالشهوات اى لا يكون أزواجهم واماؤهم عدوالهم بان يشغلهم عن الله وطلبه فحينئذ يلزم الحذر منه كقوله (عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) وانما ذكر بلفظ على لاستيلائهم على أزواجهم لا لاستيلائهن عليهم وكانوا عليهن لا مملوكين لهن فانهم غير ملومين إذا كانت المناكحة لابتغاء النسل ورعاية السنة وفى أوانها فَمَنِ ابْتَغى طلب: وبالفارسية [پس هر كه جويد براى مباشرت] وَراءَ ذلِكَ الذي ذكر من الحد المتسع وهو اربع من الحرائر وما شاء من الإماء: وبالفارسية [غير زنان وكنيزان خود] فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الكاملون فى العدوان المتناهون فيه او المتعدون من الحلال الى الحرام والعدوان الإخلال بالعدالة والاعتداء مجاوزة الحق: وبالفارسية [كاملند در ستمكارى با ايشان ودر كذرندگانند از حلال بحرام وانكه استمنا بيد كند هم ازين قبيل است] كما فى تفسير الفارسي قال فى أنوار المشارق فى الحديث (ومن لم يستطع) اى التزوج (فعليه بالصوم) استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لانه ارشد عند العجز عن التزوج الى ان الصوم الذي يقطع الشهوة جائز وفى رواية الخلاصة الصائم(6/68)
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)
إذا عالج ذكره حتى امنى يجب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان ان قصد تسكين شهوته وأرجو ان لا يكون عليه ويل وفى بعض حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) الى قوله (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال البغوي فى الآية دليل على ان الاستمناء باليد حرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه فقال سمعت ان قوما يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء وعن سعيد بن جبير عذب لله امة كانوا يبعثون بمذاكرهم والواجب على فاعله التعزير كما قال ابن الملقن وغيره نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستمناء بيد زوجته او جاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لانه فى معنى العزل وفى التاتارخانية قال ابو حنيفة حسبه ان ينجو رأسا برأس وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ لما يؤتمنون عليه ويعاهدون من جهة الحق او الخلق: وبالفارسية يعنى [ايشانرا بران أمين ساخته باشند از أمانات وودائع خلق يا آنچهـ امانت حق است چون نماز وروزه وغسل جنابت وبر عهد پاك با حق وخلق بندند] والامانة اسم لما يؤتمن عليه الإنسان والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال ويسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا راعُونَ اى قائمون عليها وحافظون لها على وجه الإصلاح وفى التأويلات النجمية الامانة التي حملها الإنسان وهى الفيض الإلهي بلا واسطة فى القبول وذلك الذي يختص الإنسان بكرامة حمله وعهدهم اى الذي عاهدهم عليه يوم الميثاق على ان لا يعبدوا الا إياه كقوله (وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) راعون بان لا يخونوا فى الأمانات الظاهرة والباطنة ولا يعبدوا غير الله فان ابغض ما عبد غير الله الهوى لانه بالهوى عبد ما عبد من دون الله انتهى قال محمد بن الفضل جوارحك كلها أمانات عندك أمرت فى كل واحدة منها بامر فامانة العين الغض عن المحارم والنظر بالاعتبار وامانة السمع صيانتها عن اللغو والرفث وإحضارها مجالس الذكر وامانة اللسان اجتناب الغيبة والبهتان ومداومة الذكر وامانة الرجل المشي الى الطاعات والتباعد عن المعاصي وامانة الفم ان لا يتناول به الا حلالا وامانة اليد ان لا يمدها الى حرام ولا يمسكها عن المعروف وامانة القلب مراعاة الحق على دوام الأوقات حتى لا يطالع سواه ولا يشهد غيره ولا يسكن الا اليه وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ المفروضة عليهم يُحافِظُونَ يواظبون عليها بشرائطها وآدابها ويؤدونها فى أوقاتها قال فى التأويلات النجمية يحافظون لئلا يقع خلل فى صورتها ومعناها ولا يضيع منهم الحضور فى الصف الاول صورة ومعنى وفى الحديث (يكتب للذى خلف الامام بحذائه فى الصف الاول ثواب مائة صلاة وللذى فى الايمن خمس وسبعون وللذى فى الأيسر خمسون وللذى فى سائر الصفوف خمس وعشرون) كما فى شرح المجمع والصف الاول اعلم بحال الامام فتكون متابعته اكثر وثوابه أتم وأوفر كما فى شرح المشارق لابن الملك وفى الحديث (أول زمرة تدخل المسجد هم اهل الصف وان صلوا فى نواحى المسجد) كما فى خالصة الحقائق ولفظ يحافظون لما فى الصلاة من التجدد والتكرر وهو السر فى جمعها وليس فيه تكرير(6/69)
أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)
الخشوع والمحافظة فضيلة واحدة قال الكاشفى [ذكر صلاة در مبدأ ومنتهاى اين أوصاف كه موجب فلاح مؤمنانست اشارتست بتعظيم شان نماز] أُولئِكَ المؤمنون المنعوتون بالنعوت الجليلة المذكورة: وبالفارسية [آن كروه مؤمنان كه جامع اين شش صفت اند هُمُ الْوارِثُونَ اى الاحقاء بان يسموا وارثا دون من عداهم ممن ورث رغائب الأموال والذخائر وكرائمها. والوراثة انتقال مال إليك من غيرك من غير عقد ولا ما يجرى مجرى العقد وسمى بذلك المنتقل عن الميت فيقال للمال المورث ميراث الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ بيان لما يرثونه وتقييد للموارثة بعد إطلاقها وتفسير لها بعد ابهامها تفخيما لشانها ورفعا لمحلها وهى استعارة لاستحقاقهم الفردوس بأعمالهم حسبما يقتضيه الوعد الكريم للمبالغة فيه لان الوراثة أقوى سبب يقع فى ملك الشيء ولا يتعقبه رد ولا فسخ ولا إقالة ولا نقض هُمْ فِيها اى الفردوس والتأنيث لانه اسم للجنة او لطبقتها العليا وهو البستان الجامع لاصناف الثمر- روى- انه تعالى بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل خلالها المسك الأذفر وغرس فيها من جيد الفاكهة وجيد الريحان خالِدُونَ لا يخرجون منها ولا يموتون. والخلود تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وفى التأويلات النجمية الفردوس أعلى مراتب القرب قد بقي ميراثا عن الأموات قلوبهم فيرثه الذين كانوا احياء القلوب انتهى وفى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى رحمه الله اعلم ان الجنان ثلاث الاولى جنة الاختصاص الإلهي وهى التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحدهم من أول ما يولد ويستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء ومن أهلها المجانين الذين ما عقلوا ومن أهلها اهل التوحيد العلمي ومن أهلها اهل الفترات ومن لم يصل إليهم دعوة رسول والجنة الثانية ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا ومن المؤمنين وهى الأماكن التي كانت معينة لاهل النار لو دخلوها والجنة الثالثة جنة الأعمال وهى التي ينزل الناس فيها بأعمالهم فمن كان أفضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة اكثر سواء كان الفاضل بهذه الحالة دون المفضول او لم يكن فما من عمل إلا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها ورد فى الحديث الصحيح عن النبي عليه السلام انه قال لبلال (يا بلال بم سبقتنى الى الجنة فما وطئت فيها موضعا الا سمعت خشخشتك امامى) فقال يا رسول الله ما أحدثت قط الا توضأت وما توضأت الا صليت ركعتين فقال عليه السلام (بهما) فعلمنا انها كانت جنة مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه إلا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص بمن دخلها ثم فصل مراتب التفاضل فمن أراد ذلك فليطلب هناك فما ذكره موافق لما قيل فى الآية انهم يرثون من الكفار منازلهم فيها حيث فوتوها على أنفسهم لانه تعالى خلق لكل انسان منزلا فى الجنة ومنزلا فى النار كما قال الكاشفى [منزل مؤمنان از دوزخ اضافه منازل كفار كنند ومنزلهاى ايشان از بهشت بر منزل مؤمنان افزايند ودر زاد المسير آورده بهشت بنظر(6/70)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)
كفار درآرند ومقامهاى ايشانرا اگر ايمان آوردندى بريشان نمايند تا حسرت ايشان زياده كردد
نظر از دور در جانان بدان ماند كه كافر را ... بهشت از دور بنمايند وآن سوز دكر باشد
اللهم اجعلنا من الذين يرثون الفردوس ويتنعمون بنعيمها ويصلون الى نسيمها واحفظنا عن الأسباب المؤدية الى النار وجحيمها وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اللام جواب قسم اى وبالله لقد خلقنا جنس الإنسان فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا مِنْ سُلالَةٍ يقال سل الشيء من الشيء نزع كسل السيف من الغمد وسل الشيء من البيت على سبيل السرقة وسل الولد من الأب ومنه قيل للولد سليل. والسلالة اسم ما سل من الشيء واستخرج منه فان فعالة اسم لما يحصل من الفعل فتارة يكون مقصودا منه كالخلاصة واخرى غير مقصود منه كالقلامة والكناسة والسلالة من القبيل الاول فانها مقصودة ما يسل ومن ابتدائية متعلقة بالخلق اى من خلاصة سلت من بين الكدر كما فى الجلالين مِنْ طِينٍ من بيانية متعلقة بمحذوف وقع صفة لسلالة اى خلقنا من سلالة كائنة من طين: وبالفارسية [خلاصه واز نقاوه كه بيرون كشيده شده از كل] والطين التراب والماء المختلط به وفى التأويلات النجمية يشير الى سلالة سلت من جميع الأرض طيبها وسبخها وسهلها وجبلها باختلاف ألوانها وطبائعها المتفاوتة ولهذا اختلفت ألوانهم واخلاقهم لانه مودع فى طبيعتهم ما هو من خواص الطين الذي اختص بخاصية منها نوع من الحيوان من جنس البهائم والسباع والجوارح والحشرات المؤذيات الغالبة على كل واحد منها صفة من الصفات الذميمة والحميدة. فاما الذميمة فكالحرص فى الفأرة والنملة وكالشهوة فى العصفور وكالغضب فى الفهد والأسد وكالكبر فى النمر وكالبخل فى الكلب وكالشره فى الخنزير وكالحقد فى الحية وغير ذلك من الصفات الذميمة واما الحميدة فكالشجاءة فى الأسد والسخاوة فى الديك والقناعة فى البوم وكالحلم فى الجمل وكالتواضع فى الهرة وكالوفاء فى الكلب وكالبكور فى الغراب وكالهمة فى البازي والسلحفاة وغير ذلك من الصفات الحميدة فقد جمعها كلها مع خواصها وطبائعها ثم أودعها فى طينة الإنسان وهو آدم عليه السلام ثُمَّ جَعَلْناهُ اى الجنس باعتبار افراده المغايرة لآدم وقال بعضهم ثم جعلناه اى نسله فحذف المضاف فيكون المراد بالإنسان آدم خلق من صفوة سلت من الطين نُطْفَةً بان خلقناه منها والنطفة الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل فِي قَرارٍ اى مستقر وهو الرحم عبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة مَكِينٍ اى حصين وهو وصف لها بصفة ما استقر فيها مثل طريق سائر: وبالفارسية [در قرار كاهى كه استوار يعنى رحم وجهل روز او را نكاه داشتيم سفيد] ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً بان احلنا النطفة البيضاء علقة حمراء قال الراغب العلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً المضغة قطعة لحم تمضع اى فصيرناها قطعة لحم لا استبانة ولا تمايز فيها: وبالفارسية [پس ساختيم آن خون را آن مقدار كوشت كه بخايند يكبار كوشتى بى استخوان بسته جهل روز ديكر] فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ اى غالبها ومعظمها(6/71)
عِظاماً بان صلبناها بعد ثلاث وأربعين وجعلناها عمودا للبدن على هيآت وأوضاع مخصوصة تقتضيها الحكمة فَكَسَوْنَا [پس بپوشانيديم] الْعِظامَ المعهودة لَحْماً من بقية المضغة اى كسونا كل عظم من تلك العظام ما يليق به من اللحم على مقدار لائق به وهيآت مناسبة له: وبالفارسية [برو برويانيديم كوشت بعد از رستن عروق واعصاب وأوتار وعضلات برو] واختلاف العواطف للتنبيه على تفاوت الاستحالات وجمع العظام لاختلافها ثُمَّ أَنْشَأْناهُ الإنشاء إيجاد الشيء وتربيته واكثر ما يقال ذلك فى الحيوان وبالفارسية [پس بيافريديم او را] خَلْقاً آخَرَ بنفخ الروح فيه: وبالفارسية [روح درو دميده تا زنده شد بعد از آنكه مرده بود يا بعد از خروج او را دندان وموى داديم وراه پستان برو كشاديم واز مقام رضاع بفطام رسانيديم وبغذاهاى كوناكون تربيت فرموديم و چون قدم در حد بلوغ نهاد وقلم تكليف برو جارى كرديم وبر مراتب شباب وكهولت وشيخوخت بگذارانيديم] وثم لكمال التفاوت بين الخلقين واحتج به ابو حنيفة رحمه الله على ان من غصب بيضة فافرخت عنده لزمه ضمان البيضة لا الفرخ فانه خلق آخر قال فى الاسئلة
المقحمة خلق الله الآدمي أطوارا ولو خلقه دفعة واحدة كان اظهر فى كمال القدرة وابعد عن نسبة الأسباب فما معناه فالجواب لا بل الخلق بعد الخلق بتقليب الأعيان واختراع الاشخاص اظهر فى القدرة فانه تعالى خلق الآدمي من نطفة متماثلة الاجزاء ومن أشياء كثيرة مختلفة المراتب متفاوتة الدرجات من لحم وعظم ودم وجلد وشعر وغيرها ثم خص كل جزء منها بتركيب عجيب وباختصاص غريب من السمع والبصر واللمس والمشي والذوق والشم وغيرها وهى ابلغ فى اظهار كمال الالهية والقدرة فَتَبارَكَ اللَّهُ فتعالى شأنه من علمه الشامل وقدرته الباهرة أَحْسَنُ الْخالِقِينَ بدل من الحلالة اى احسن الخالقين خلقا اى المقدرين تقديرا حذف المميز لدلالة الخالقين عليه فالحسن للخلق وفى الاسئلة المقحمة هذا يدل على ان العبد خالق أفعاله ويكون الرب احسن منه فى الخالقية فالجواب معناه احسن المصورين لان المصور يصور الصورة ويشكلها على صورة المخلوق اخبر به لانه لا يبلغ فى تصويره الى حد الخالق لانه لن يقدر على ان ينفخ فيها الروح وقد ورد الخلق فى القرآن بمعنى التصوير قال الله تعالى (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) اى وإذ تصور كذلك هاهنا انتهى وفى التأويلات النجمية (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) يعنى خلقا غير المخلوقات التي خلقها من قبل وهو أحسنهم تقويما وأكملهم استعدادا وأجلهم كرامة وأعلاهم رتبة وأخصهم فضيلة فلهذا اثنى على نفسه عند خليقته بقوله (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) لانه خلق احسن المخلوقين حيث جعله معدن العرفان وموضع المحبة ومتعلق العناية [اى عزيز حق سبحانه وتعالى عرش وكرسى ولوح وقلم وملائكة ونجوم وسموات وارضين بيافريد وذات مقدس را بدين نوع ثناء كه بعد از آفرينش انسان فرموده نفرموده واين دليل تفضيل وتكريم ايشانست
بر ورق روى لطف اله ... آيينه حسن كه تحرير كرد(6/72)
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)
وفى المثنوى
اى رخ چون زهره است شمس الضحى ... اى كداى رنك تو كلكونها «1»
تاج كرمناست بر فرق سرت ... طوق فضلناست آويز برت
هيچ كرمنا شنيد اين آسمان ... كه شنيد آن آدمىء پر غمان «2»
احسن التقويم در والتين بخواند ... كه كرامى كوهرست اى دوست جان «3»
كر بگويم قيمت آن ممتنع ... من بسوزم هم بسوزد مستمع
[بعضى از اهل وجدان كويند كه چون درين آيت احوال بنى آدم وترقى از مقامى بمقامى بيان فرموده وآنست كه او را زبانى بأداء مراسم حمد وثنايى كه مستحق باركاه قدم باشد نخواهد بود در ستايش ذات مقدس از جناب او نيابت نموده كفت] (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) - روى- ان عبد الله بن ابى سرح كان يكتب لرسول الله الوحى فلما انتهى عليه السلام الى قوله (خَلْقاً آخَرَ سارع عبد الله الى النطق به قبل إملائه عليه السلام فقال عليه السلام اكتب هكذا أنزلت فشك عبد الله فقال ان كان محمد يوحى اليه فانا كذلك فلحق بمكة كافرا ثم اسلم يوم الفتح وقيل مات على كفره ولما نزلت هذه الآية قال عمر رضى الله عنه فتبارك الله احسن الخالقين فقال عليه السلام (هكذا نزلت يا عمر) وكان يفتخر بتلك الموافقة انظر كيف وقعت هذه الواقعة سببا لسعادة عمر رضى الله عنه وشقاوة ابن ابى سرح حسبما قال تعالى (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) لا يقال قد تكلم البشر ابتداء بمثل نظم القرآن وذلك قادح فى اعجازه لما ان الخارج عن قدرة البشر ما كان مقدار اقصر سورة ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ) اى بعد ما ذكر من الأمور العجيبة لَمَيِّتُونَ لصائرون الى الموت لا محالة كما تؤذن به صيغة النعت الدالة على الثبوت دون الحدوث الذي يفيده صيغة الفاعل: وبالفارسية [يعنى مآل حال شما بمرك خواهد كشيد وساغر فنا از دست ساقى أجل خواهيد چشيد] قال بعضهم من مات من الدنيا خرج الى حياة الآخرة ومن مات من الآخرة خرج منها الى الحياة الاصلية وهو البقاء مع الله تعالى ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى عند النفخة الثانية تُبْعَثُونَ تخرجون من قبوركم للحساب والمجازاة بالثواب والعقاب وفى الآية اشارة الى ان الإنسان بعد بلوغه الى رتبة الانسانية يكون قابلا للموت مثل موت القلب وموت النفس وقابلا لحشرهما وفى موت القلب حياة النفس وحشرها مودع وفى موت النفس حياة القلب وحشره مودع وحياة النفس بالهوى وظلمته وحياة القلب بالله ونوره كما قال تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) الآية وهذا معنى حقيقة قوله (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) كذ فى التأويلات النجمية قال فى الاسئلة المقحمة عد سائر أطوار الآدمي من خلقه الى ان يبعث ولم يذكر فيها شيأ من سؤال القبر فدل على انه ليس بشىء فالجواب لانه تعالى ذكر الحياة الاولى التي هى سبب العمل والحياة الثانية التي هى سبب الجزاء وهما المقصودان من الآية ولا يوجب ذلك نفى ما يذكر انتهى اعلم ان الموت يتعلق بصعقة سطوات العزة وظهور أنوار العظمة والحياة تتعلق بكشف الجمال الأزلي هناك تعيش الأرواح والأشباح بحياة وصالية لا يجرى بعدها موت الفراق والموت والحياة الصوريان من باب التربية الالهية
__________
(1) در اواخر دفتر پنجم در بيان دست و پاى امير پوشيدن إلخ
(2) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى إلخ [.....]
(3) در أوائل دفتر ششم در بيان توكيل كردن حضرت مصطفى عليه السلام ابو بكر را إلخ(6/73)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)
لان فى الفناء تربية اخرى فى التراب وفى الحياة اظهار زيادة قدرة فينا بإدخال حياة ثانية فى أشباحنا وتربية ثانية فى أرواحنا فافهم جدا وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ جمع طريقة كما ان الطرق جمع طريق والمراد طباق السموات السبع كما قال فى المفردات طرائق السماء طباقها: يعنى [هفت آسمان طبقى بالاى طبقه] سميت بها لانها طورق بعضها فوق بعض مطارقة النعل فان كل شىء فوق مثله فهو طريقه وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ عن ذلك المخلوق الذي هو السموات غافِلِينَ مهملين أمرها بل نحفظها عن الزوال والاختلال وندبر أمرها حتى تبلغ منتهى ما قدر لها من الكمال حسبما اقتضته الحكمة وتعلقت به المشيئة وقال الكاشفى [يا از جميع آفريدگان غافل نيستيم بر خير وشر ونفع وضرر وكفر وشرك ايشان مطلعيم] قال ابو يزيد قدس سره فى هذه الآية ان لم تعرفه فقد عرفك وان لم تصل اليه فقد وصل إليك وان غبت او غفلت عنه فليس عنك بغائب ولا غافل قال بعضهم فوقنا حجب ظاهرة وباطنة ففى ظاهر السموات حجب تحول بيننا وبين المنازل العالية من العرش والكرسي وعلى القلوب اغطية كالمنى والشهوات والإرادات الشاغلة والغفلات المتراكمة والله تعالى ليس بغافل عن سكنات الغافلين وحركات المريدين ورغبات الزاهدين ولحظات العارفين وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ من ابتدائية متعلقة بانزلنا ماءً هو المطر بِقَدَرٍ [باندازه كه صلاح بندگان در آن دانستيم] وفى بحر العلوم بتقدير يسلمون معه من الضرر ويصلون الى النفع فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ اى جعلنا ذلك الماء ثابتا قارا فيها وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ اى إزالته بالإفساد او التصعيد او التغوير بحيث يتعذر استنباطه حتى تهلكوا أنتم ومواشيكم عطشا لَقادِرُونَ كما كنا قادرين على انزاله وعن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي عليه السلام (ان الله تعالى انزل من الجنة خمسة انهار جيحون وسيحون ودجلة والفرات والنيل فانزلها الله تعالى من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحى جبريل استودعها الجبال وأجراها فى الأرض وجعل فيها منافع للناس) فذلك قوله (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) وإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل فرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر الأسود من البيت ومقام ابراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الأنهار الخمسة الى السماء فذلك قوله (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) فاذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خيرى الدين والدنيا هذا حديث حسن كما فى بحر العلوم فَأَنْشَأْنا لَكُمْ [پس بيافريديم براى شما] بِهِ بسبب ذلك الماء جَنَّاتٍ [بستانها] مِنْ نَخِيلٍ [ز خرما بنان] قال فى المفردات النخل معروف ويستعمل فى الواحد والجمع وجمعه نخيل وَأَعْنابٍ [واز تاك بنان] قال فى المفردات العنب يقال لثمرة الكرم والكرم نفسه الواحدة عنبة انتهى قال الكاشفى [تخصيص اين دو درخت جهت اختصاص اهل مدينه بخرما واهل طائف بانكور است ونخل وعنب در زمين حجاز از همه ديار عرب بيشتر مى باشد] لَكُمْ فِيها اى فى تلك الجنات فَواكِهُ كَثِيرَةٌ تتفكهون بها قال فى المفردات الفاكهة قيل هى الثمار(6/74)
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)
كلها وقيل بل هى الثمار ما عدا العنب والرمان وقائل هذا كأنه نظر الى اختصاصهما بالذكر وعطفهما على الفاكهة انتهى قال ابو حنيفة رحمه الله إذا حلف لا يأكل فاكهة فاكل رطبا او عنبا او رمانا لم يحنث لان كلا منها وان كان فاكهة لغة وعرفا الا ان فيه معنى زائدا على التفكه اى التلذذ والتنعم وهو الغدائية وقوام البدن فيه فبهذه الزيادة يخص من مطلق الفاكهة وخالفه صاحباه وَمِنْها اى من الجنات ثمارها وزروعها تَأْكُلُونَ تغذيا او ترزقون وتحصلون معايشكم من قولهم فلان يأكل من حرفته كما قال الكاشفى [وما ما لا بد معيشت از ان حاصل ميكنيد] وفى الآية اشارة الى انه كما انزل من السماء ماء المطر الذي هو سبب حياة الأرضين كذلك انزل من سماء العناية ماء الرحمة فيحيى القلوب ويزيل به دون العصاة وآثار زلتهم وينبت فى رياض قلوبهم فنون ازهار البسط وصنوف أنوار الروح والى انه كما يحيى الغياض بماء السماء ويثمر الأشجار ويجرى به الأنهار فكذلك ما سماه العناية ينشى شجرة العرفان ويؤتى أكلها من الكشف والعيان وما تتقاصر العبارات عن شرحه ولا تطمع الإشارات فى حصره ثم ان الله تعالى عد نعمه على العباد واحسن الإرشاد فمن تجاوز من النعم الى المنعم فقد فاز بالمطلوب الحقيقي فان قلت لم امر الله بالزهد فى الدنيا مع انه خلقها له قلت السكر إذا نثر على رأس الختن فانه لا يلتقطه لعلو همته ولو التقطه لكان عيبا والأولياء زهدوا فيها ومنعوا أنفسهم عن طيباتها وقنعوا بالقليل رجاء رفع الدرجات وفى الحديث (جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس) والضيف إذا كان حكيما لا يشبع من الطعام رجاء الحلوى- حكى- ان واحدا من اهل الرياضة مر من تحت شجرة فاذا ثمرها قد أدرك فحملته عليه نفسه للاكل منه فقال لها ان صمت سنة والا فلا فصامت حتى إذا كان وقت الثمر من السنة الآتية ذهب ليأكل منه فتناول من الساقط تحتها فقالت النفس ان على الشجرة أعلى الثمر فكل منه فقال لها ان شرطى معك ان آكل منه مطلقا لا من جيده الذي على الشجرة: قال الشيخ سعدى قدس سره
مرو در پى هر چهـ دل خواهدت ... كه تمكين تن نور جان كاهدت
كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار
اگر هر چهـ باشد مرادت خورى ... ز دوران بسى نامرادى برى
قال بعضهم الجوز واللوز والفستق والبندق والشاه بلوط والصنوبر والرمان والنارنج والموز والخشخاش والرطب والزيتون والمشمش والخوخ والاجاص والعناب والغبيراء والدراق والزعرور والنبق والتفاح والكمثرى والسفرجل والتين والعنب والأترج والخرنوب والقثاء والخيار والبطيخ كلها من فواكه الجنة فالعشرة الاولى لها قشر والثانية لا قشر لها والعشرة الثالثة ليس لها قشر ولا نوى كما لا يخفى وَشَجَرَةً بالنصب عطف على جنات وتخصيصها بالذكر من بين سائر الأشجار لاستقلالها بمنافع معروفة قيل هى أول شجرة نبتت بعد الطوفان وهى شجرة الزيتون قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة وفى المفردات الشجر من النبت ماله ساق يقال شجرة وشجر نحو ثمرة وثمر تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ هو جبل بين مصر وايلة نودى منه موسى عليه السلام: وبالفارسية(6/75)
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)
[وديكر بيافريديم براى شما درختى كه بيرون مى آيد از كوه زيبا كه جبل موسى است در ميان مصر وايله] ويقال له طور سينين ومعناه الحسن او المبارك قال اهل التفسير فاما ان يكون الطور اسم الجبل وسيناء اسم البقعة أضيف إليها او المركب منهما علم له كامرىء القيس وهو بالفتح فعلاء كصحراء فمنع صرفه للتأنيث وبالكسر فيعال كديماس من السناء بالمد وهو الرفعة او بالقصر وهو النور فمنع صرفه للتعريف والعجمة او التأنيث على تأويل البقعة لا للالف وتخصيصها بالخروج منه مع خروجها من سائر البقاع ايضا لتعظيمها ولانه المنشأ الأعلى لها قال فى الجلالين أول ما نبت الزيتون نبت هناك تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [مى رويد با روغن] صفة اخرى لشجرة والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا منها اى تنبت ملتبسة به ومستصحبة له كما قال الراغب معناه تنبت والدهن موجود فيها بالقوة ويجوز كونها صلة معدية لتنبت كما فى قولك ذهبت بزيد اى تنبته بمعنى تتضمنه وتحصله فان النبات حقيقة صفة للشجرة لا للدهن وَصِبْغٍ [نان خورش] لِلْآكِلِينَ اى ادام لهم وذلك من قولهم اصطبغت بالحل وهو معطوف على الدهن جار على إعرابه عطف أحد وصفي الشيء على الآخر اى تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهنا يدهن به ويسرج به وكونه أدما يصبغ فيه الخبز اى يغمس للائتدام ويلون به كالدبس والخل مثلا وفى التأويلات النجمية هى شجرة الخفي الذي يخرج من طور سيناء الروح بتأثير تجلى أنوار الصفات تنبت بالدهن وهو حسن الاستعداد لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة ومقر هذا الدهن هو الخفي الذي فوق الروح وهو سر بين الله وبين الروح لا تطلع عليه الملائكة المقربون وهو ادام لا آكلى الكونين بقوة الهمة وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ [در چهار پايان يعنى ابل وبقر وغنم] لَعِبْرَةً لآية تعتبرون بحالها وتستدلون على عظيم قدرة خالقها ولطيف حكمته: وبالفارسية [چيزى كه بدان اعتبار كريد وبر قدرت الهى استدلال نمايند] فكأنه قيل كيف العبرة فقيل نُسْقِيكُمْ [مى اشامانيم شما را] مِمَّا فِي بُطُونِها ما عبارة اما عن الألبان فمن تبعيضية والمراد بالبطون الجوف او عن العلف الذي يتكون منه اللبن فمن ابتدائية والبطون على حقيقتها وفى التأويلات النجمية يشير الى انه كما يخرج من بطون الانعام من بين الفرث والدم لبنا خالصا وفيه عبرة لاولى الابصار فكذلك يخرج من بين فرث الصفات النفسانية وبين دم الصفات الشيطانية لبنا خالصا من التوحيد والمحبة يسقى به أرواح الصديقين كما قال بعضهم
سقانى شربة احيى فؤادى ... بكأس الحب من بحر الوداد
وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ غير ما ذكر من أصوافها واوبارها واشعارها قال الكاشفى [ومر شماراست در ايشان سودهاى بسيار كه بعضى را سوار ميشويد وبرخى را بار ميكنيد واز بعضى نتاج مسيتانيد واز پشم وموى ايشان بهره ميكيريد] وَمِنْها تَأْكُلُونَ فتنتفعون بأعيانها كما تنتفعون بما يحصل منها وفى الحديث (عليكم بالبان البقر فانها تؤم من كل الشجر) اى تجمع وفى الحديث (عليكم بالبان البقر وسمنانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وسمنانها دوآء وشفاء ولحومها داء) وقد صح ان النبي عليه السلام ضحى عن نسائه بالبقر قال(6/76)
وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)
الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك به وهذا التأويلات مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر لتلك اليبوسة. وجواب آخر انه عليه السلام ضحى بالبقر لبيان الجواز ولعدم تيسر غيره كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي عَلَيْها
اى على الانعام فان الحمل عليها لا يقتضى الحمل على جميع أنواعها بل يتحقق بالحمل على البعض كالابل ونحوها وقيل المراد هى الإبل خاصة لانها المحمول عليها عندهم والمناسب للفلك فانها سفائن البر عَلَى الْفُلْكِ
اى السفينة قال الراغب ويستعمل ذلك للواحد والجمع وتقديراهما مختلفان فان الفلك إذا كان واحدا كان كبناء قفل وإذا كان جمعا فكبناء حمرحْمَلُونَ
يعنى [بر شتران در خشك وبر كشتيها برترى برداشته مى شويد يعنى شتر وكشتى شما را بر ميدارند واز هر موضعى بموضعي ميبرند] وانما لم يقل وفى الفلك كقوله (قُلْنَا احْمِلْ فِيها) لان معنى الايعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم لان الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها فلما صح المعنيان صحت العبارتان وايضا هو يطابق قوله عليها ويزاوجه كذا فى بحر العلوم ودلت الآية على جواز ركوب البحر للرجال والنساء على ما قاله الجمهور وكره ركوبه للنساء لان التستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر من المتصرفين فيه ولا يمكن عدم انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال كما فى أنوار المشارق قال فى الذخيرة إذا أراد ان يركب السفينة فى البحر للتجارة او لغيرها فان كان بحال لو غرقت السفينة امكنه دفع الغرق عن نفسه بكل سبب يدفع الغرق به حل له الركوب فى السفينة وان كان لا يمكنه دفع الغرق لا يحل له الركوب انتهى فالمفهوم من هذه المسألة حرمة الركوب فى السفينة لمن لا يقدر على دفع الغرق عن نفسه مطلقا سواء كان لطلب العلم او التجارة او الحج او زيارة الأقارب او صلة الرحم او نحو ذلك وسوآء كانت السلامة غالبة او لا لكن المفهوم من بعض المسائل جوازه عند غلبة السلامة والا فلا قال فى شرح حزب البحر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لعمرو بن العاص صف لى البحر فقال يا امير المؤمنين مخلوق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود فقال عمر لا جرم لولا الحج والجهاد لضربت من يركبه بالدرة ثم منع ركوبه ورجع عن ذلك بعد مدة وكذلك وقع لعثمان رضى الله عنه ومعاوية ثم استقر الإجماع على جوازه بشرائطه انتهى. والسباحة فى الماء من سنن النبي قال فى انسان العيون كانت وفاة أبيه عليه السلام عبد الله بالمدينة ودفن فى دار المتابعة بالتاء المثناة فوق وبالباء الموحدة والعين المهملة وهو رجل من بنى عدى بن النجار أخوال أبيه عبد المطلب والنجار هذا اسمه تميم وقيل له النجار لانه اختتن بقدوم وهو آلة النجار ولما هاجر عليه السلام الى المدينة ونظر الى تلك الدار عرفها وقال هاهنا نزلت بي أمي وفى هذه الدار قبر ابى عبد الله وأحسنت القوم السباحة فى بئر بنى عدى بن النجار ومن هذا ومما جاء عن عكرمة عن ابن عباس انه عليه السلام كان هو وأصحابه يسبحون فى غدير فى الجحفة فقال عليه السلام لاصحابه (ليسبح كل رجل منكم الى صاحبه) وبقي النبي عليه السلام(6/77)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)
وابو بكر فسبح النبي الى ابى بكر حتى اعتنقه وقال (انا وصاحبى انا وصاحبى) وفى رواية (انا الى صاحبى انا الى صاحبى) يعلم رد قول بعضهم وقد سئل هل عام عليه السلام الظاهر لا لانه لم يثبت انه عليه السلام سافر فى بحر ولا بالحرمين بحر وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ اللام جواب قسم وتصدير القصة به لاظهار كمال الاعتناء بمضمونها اى وبالله لقد أرسلنا نوحا الى قومه وجاء فى قصيدة جمال الدين
من كثير الذنب نوحوا ... نوح نوح فى الرسل
انه عمرا طويلا ... من قليل النطق ناح
وهو انه عليه السلام مر على كلب به جرب فقال بئس الكلب هذا ثم ندم فناح من أول عمره الى آخر فَقالَ داعيا لهم الى التوحيد يا قَوْمِ [اى كروه من] وأصله يا قومى اعْبُدُوا اللَّهَ وحده كما دل عليه التعليل وهو ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ اى مالكم فى الوجود او فى العالم غير الله فغير بالرفع صفة لآله باعتبار محله الذي هو الرفع على انه فاعل ومن زائدة او مبتدأ خبره لكم أَفَلا تَتَّقُونَ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام اى ألا تعرفون ذلك اى مضمون قوله ما لكم من اله غيره فلا تتقون عذابه بسبب اشراككم به فى العبادة ما لا يستحق الوجود لولا إيجاد الله فضلا عن استحقاق العبادة فالمنكر عدم الاتقاء مع تحقق ما يوجبه قال الكاشفى يعنى [ترسيد از عذاب وى وبعبادت غير او ميل مكنيد] وفى التأويلات النجمية (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) نوح الروح الى قومه من القلب والسر والنفس والقالب وجوارحه (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) من الهوى والشيطان فعبادة القلب بقطع التعلقات والمحبة وعبادة السر بالتفرد بالتوحيد وعبادة النفس بتبديل الأخلاق وعبادة القالب بالتجريد وعبادة الجوارح باقامة اركان الشريعة (أَفَلا تَتَّقُونَ) بهذه العبادات عن الحرمان والخذلان وعذاب النيران فَقالَ الْمَلَأُ اى الاشراف والسادة الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ اى قالوا لعوامهم مبالغة فى وضع الرتبة العالية وحطها عن منصب النبوة قال الكاشفى [چون أكابر قوم أصاغر را بدين ودعوت نوح مائل ديدند ايشانرا تنفير نموده كفتند] ما هذا [نيست اين كس كه مى خواند بتوحيد] إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ اى فى الجنس والوصف من غير فرق بينكم وبينه قال الكاشفى [مانند شما در خوردن وآشاميدن وغير آن] يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ اى يريد ان يطلب الفضل عليكم ويتقدمكم بادعاء الرسالة مع كونه مثلكم قال فى الجلالين يتشرف عليكم فيكون أفضل منكم بان يكون متبوعا وتكونوا له تبعا كقوله وتكون لكما الكبرياء فى الأرض وصفوه بذلك اغضابا للمخاطبين عليه وإغراء على معاداته وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً اى لو شاء الله إرسال الرسول لارسل رسلا من الملائكة [تا مرسل از مرسل إليهم متميز بودى] وانما قيل لانزل لان إرسال الملائكة لا يكون الا بطريق الانزال فمفعول المشيئة مطلق الإرسال المفهوم من الجواب لا نفس مضمونه كما فى قوله ولو شاء لهداكم ونظائره وفى التأويلات النجمية يشير بهذا الى مقالات بعض البطلة من(6/78)
إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)
الطلبة فان بعضهم يتكاسلون فى الطلب فيقولون لو شاء الله سعينا فى الطلب لايدنا بالصفات الملكية والتوفيق الرباني ما سَمِعْنا بِهذا اى بمثل هذا الكلام الذي هو الأمر بعبادة الله خاصة فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ اى الماضين قبل بعثته وفى بحر العلوم بهذا اى بإرسال البشر وان جاء ذكر من الله على رجل منهم كما قال الكاشفى [ما نشنوده ايم اين را كه آدمي رسول خدا تواند بود بخلقان] قالوه اما لفرط غلوهم فى التكذيب والعناد واما لكونهم وآبائهم فى فترة متطاولة يعنى [ميان إدريس وميان ايشان مدتى مديد كذشته بود وشنوده بودند كه از أولاد آدم پيغمبرى بوده] إِنْ هُوَ ما هو إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ اى جنون ولذلك يقول ما يقول [اگر جنون نداشتى كه بشر قابليت رسالت ندارد] والجنون اختلال حائل بين النفس والعقل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان احوال اهل الحقيقة عند ارباب الطبيعة جنون كما ان احوال ارباب الطبيعة عند اهل الحقيقة جنون انتهى والجنون المعتبر هو ترك العقل واختيار العشق: قال الحافظ
در ره منزل ليلى كه خطرهاست درو ... شرط أول قدم آنست كه مجنون باشى
وقال الصائب
روزن عالم غيبست دل اهل جنون ... من وآن شهر كه ديوانه فراوان باشد
فَتَرَبَّصُوا بِهِ اصبروا عليه وانتظروا: وبالفارسية [پس انتظار بريد ويرا و چشم داريد] قال الراغب التربص الانتظار بالشيء ساعة يقصد بها غلاء او رخصا او امرا ينتظر زواله او حصوله حَتَّى حِينٍ الى وقت يفيق من الجنون قال الكاشفى [تا هنكامى از زمان يعنى صبر كنيد كه اندك وقتى را بميرد واز وى باز رهيم يا از جنون با هوش آيد وترك كفتن اين سخنان نموده پى كار خود كيرد] قالَ نوح بعد ما ايس من ايمانهم رَبِّ [اى پروردگار من] انْصُرْنِي باهلاكهم بالكلية بِما كَذَّبُونِ اى بسبب تكذيبهم إياي او بدل تكذيبهم فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ عند ذلك اى فاعلمناه فى خفاء فان الإيحاء والوحى اعلام فى خفاء أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ ان مفسرة لما فى الوحى من معنى القول والصنع اجادة الفعل بِأَعْيُنِنا ملتبسا بحفظنا نحفظه من ان تخطئ فى صنعته او يفسده عليك مفسد يقال فلان بعيني اى احفظه واراعيه كقولك هو منى بمرأى ومسمع قال الجنيد قدس سره من عمل على مشاهدة أورثه الله عليها الرضى قال الله تعالى (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) وَوَحْيِنا وأمرنا وتعليمنا لكيفية صنعها- روى- انه اوحى اليه ان يصنعها على مثال الجؤجؤ وفى التأويلات النجمية ألهمنا الى نوح الروح ان اصنع فلك الشريعة باستصواب نظرنا وأمرنا لا بنظر العقل وامر الهوى كما يعمل الفلاسفة والبراهمة فَإِذا جاءَ أَمْرُنا اى إذا اقترب أمرنا بالعذاب وَفارَ التَّنُّورُ [وبجوشد تنور يعنى بوقتى كه زن تو نان پزد از ميان آتش آب برآيد] كما فى تفسير الفارسي. والفور شدة الغليان ويقال ذلك فى النار نفسها إذا هاجت وفى القدر وفى الغضب وفوارة الماء سميت تشبيها بغليان القدر ويقال الفور الساعة والتنور تنور الخبز ابتداء منه النبوع على خرق العادة وكان فى الكوفة موضع مسجدها كما روى انه(6/79)
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)
قيل له عليه السلام إذا فار الماء من التنور اركب أنت ومن معك وكان تنور آدم فصار الى نوح فلما نبع منه الماء أخبرته امرأته فركبوا فَاسْلُكْ فِيها اى ادخل فى الفلك يقال سلك فيه اى دخل وسلكه فيه اى ادخله ومنه قوله ما سلككم فى سقر مِنْ كُلٍّ من كل امة ونوع زَوْجَيْنِ فردين مزدوجين اثْنَيْنِ تأكيد والمراد الذكر والأنثى [ودر تيسير كويد در كشتى نياورد مكر آنها را كه مى زايند با بيضه مى نهند] وَأَهْلَكَ منصوب بفعل معطوف على فاسلك اى واسلك أهلك والمراد به امرأته وبنوه وتأخير الأهل لما فيه من ضرب تفصيل بذكر الاستثناء وغيره إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ اى القول باهلاك الكفرة ومنهم ابنه كنعان وامه واغلة وانما جيئ بعلى لكون السابق ضارا كما جيئ باللام فى قوله (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) لكونه نافعا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا بالدعاء وانجائهم إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ مقضى عليهم بالاغراق لا محالة لظلمهم بالاشراك وسائر المعاصي ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه كيف لا وقد امر بالحمد على النجاة منهم باهلاكهم بقوله تعالى فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ اى من أهلك واشياعك اى اعتدلت فى السفينة راكبا قال الراغب استوى يقال على وجهين أحدهما ان يسند اليه فاعلان فصاعدا نحو استوى زيد وعمرو كذا اى تساويا قال تعالى (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ) والثاني ان يقال لاعتدال الشيء فى ذاته نحو فاذا استويت ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستعلاء نحو (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أفرد بالذكر مع شركة الكل فى الاستواء والنجاة لاظهار فضله والاشعار بان فى دعائه وثنائه مندوحة عما عداه وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي اى فى السفينة او منها قال الكاشفى [قولى آنست كه امر بدين دعا در وقت خروج از كشتى بوده وأشهر آنست كه در وقت دخول وخروج اين دعا فرموده] مُنْزَلًا مُبارَكاً اى انزالا او موضع إنزال يستتبع خيرا كثيرا وقرئ منزلا بفتح الميم اى موضع نزول والنزول فى الأصل هو الانحطاط من علو يقال نزل عن دابته ونزل فى مكان كذا حطا رحله فيه وأنزله غيره وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ وفى الجلالين استجاب الله دعاءه حيث قال (اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ) فبارك فيهم بعد إنزالهم من السفينة حتى كان جميع الخلق من نسل نوح ومن كان معه فى السفينة قال الكاشفى [سلمى از ابن عطا نقل ميفرمايد كه منزل مبارك آن منزلست كه در او از هواجس نفسانى ووساوس شيطانى ايمن باشند وآثار قرب از جمال قدس نازل باشد
هر كجا پرتو أنوار جمال بيشتر ... بركت آن منزل از همه منازل افزونتر
در منزلى كه يارى روزى رسيده باشد ... با ذره هاى خاكش داريم مرحبائى
إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر مما فعل به وبقومه لَآياتٍ جليلة يستدل بها أولوا الابصار ويعتبر بها ذووا الاعتبار وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ان مخففة من ان واللام فارقة بينها وبين النافية وضمير الشأن محذوف اى وان الشأن كنا مصيبى قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد او مختبرين بهذه الآيات عبادنا لننظر من يعتبر ويتذكر قال الراغب إذا قيل ابتلى فلان(6/80)
ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)
بكذا وأبلاه فذلك يتضمن أمرين أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من امره والثاني ظهور جودته ورداءته دون التعرف بحاله والوقوف على ما يجهل من امره إذا كان الله علام الغيوب انتهى واعلم ان البلاء كالملح وان أكابر الأنبياء والأولياء انما كانوا من اولى العزم ببلايا ابتلاهم الله بها فصبروا ألا ترى الى حال نوح عليه السلام كيف ابتلى الف سنة الا خمسين عاما فصبر حتى قيل له (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) : قال الحافظ
كرت چونوح نبى صبر هست بر غم طوفان ... بلا بگردد وكام هزار ساله برآيد
ثم ان نوحا عليه السلام دعا بهلاك قومه مأذونا من الله تعالى فجاء القهر الإلهي إذ لم يؤثر فيهم اللطف الرحمانى والمقصود من الدعاء اظهار الضراعة وهو نافع عند الله تعالى يحيى ابن معاذ رحمه الله [كفت عبادت قفلست كليدش دعا ودندانه كليد لقمه حلال واز جمله دعاء او اين بودى بار خدايا اگر آن نكنى كه خواهم صبر بر آنچهـ تو خواهى] وفى الآية اشارة الى ان المؤمن ينبغى له ان يطلب منزلا مباركا يبارك له فيه حيث دينه ودنياه
سعديا حب وطن كر چهـ حديثست صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم
ولو تفكرت فى احوال الأنبياء وكمل الأولياء لوجدت أكثرهم مهاجرين إذ لا يمن فى الاقامة بين قوم ظالمين يقول الفقير احمد الله تعالى على نعمه المتوافرة لا سيما على المهاجرة التي وقعت مرارا وعلى المنزل وهى بلدة بروسه حيث جاء الفال بلدة طيبة ورب غفور وعلى الانجاء من القوم الظالمين حيث ان كل من عادانى ورد موعظتى هلك مع الهالكين فجاءت عاقبة الابتلاء نجاة والقهر لطفا والجلال جمالا ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ اى أوجدنا واحداثنا من بعد إهلاك قوم نوح قَرْناً آخَرِينَ هم عاد لقوله تعالى حكاية عن هود (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) والقرن القوم المقترنون من زمن واحد اى اهل زمان واحد فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ) [پس فرستاديم در ميان ايشان] رَسُولًا مِنْهُمْ اى من جملتهم نسبا وهو هود لا هود وصالح على ان يكون المراد بالقرن عادا وثمود لان الرسول بمعنى المرسل لا بد وان يثنى ويجمع بحسب المقام كقوله (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) وجعل القرن موضعا للارسال كما فى قوله (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ) ونحوه لا غاية له كما فى مثل قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) للايذان من أول الأمر بان من أرسل إليهم لم يأتهم من غير مكانهم بل انما نشأ فيما بين أظهرهم أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لارسلنا لما فى الإرسال من معنى القول اى قلنا لهم على لسان الرسول ان اعبدوا الله تعالى وحده لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ مرّ إعرابه أَفَلا تَتَّقُونَ قال فى بحر العلوم أتشركون بالله فلا تخافون عذابه على الإشراك انتهى فالشرك وعدم الاتقاء كلاهما منكران وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال الراغب الملأ الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون روعاء والنفوس دلالة وبهاء اى اشراف قومه الكافرين وصفوا بالكفر ذمالهم وذكره بالواو دون الفاء كما فى قصة نوح لان كلامهم لم يتصل بكلام الرسول ومعناه انه اجتمع فى الحصول ذلك القول الحق وهذا القول الباطل وشتان ما بينهما قال فى برهان القرآن قدم من قومه فى هذه الآية واخر فيما قبلها لان صلة الذين فيما قبل اقتصرت على فعل وضمير الفاعلين ثم ذكر بعده(6/81)
وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)
الجار والمجرور ثم الفاعل ثم المفعول وهو المقول وليس كذلك هذه فان صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة اخرى فقدم الجار والمجرور لان تأخيره ملبس وتوسطه ركيك فخص بالتقديم وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ اى بالمصير الى الآخرة بالبعث والحشر او بلقاء ما فيها من الحساب والثواب والعقاب وَأَتْرَفْناهُمْ اى نعمناهم ووسعنا عليهم: وبالفارسية [ونعمت داده بودم ايشانرا] يقال ترف فلان اى توسع فى النعمة وأترفته النعمة أطغته فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بكثرة الأموال والأولاد اى قالوا لاعقابهم مضلين لهم ما هذا اى هود إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فى الصفات والأقوال البشرية يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ اى تشربون منه وهو تقرير للمماثلة: يعنى [بغداء محتاجست مانند شما اگر نبى بودى بايستى كه متصف بصفات ملائكه بودى نخوردى ونياشاميدى] وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ اى فيما ذكر من الأحوال والصفات اى وبالله ان امتثلتم أوامره إِنَّكُمْ إِذاً اى على تقدير الاطاعة: وبالفارسية [آنگاه] لَخاسِرُونَ عقولكم ومغبونون فى آرائكم حيث اذللتم أنفسكم وقال الكاشفى [زيان زدكانيد كه خود را مأمور ومتبوع مثل خود سازيد] انظر كيف جعلوا اتباع الرسول الحق الذي يوصلهم الى سعادة الدارين خسرانا دون عبادة الأصنام التي لا خسران وراءها قاتلهم الله واذن وقع بين اسم ان وخبرها لتأكيد مضمون الشرط والجملة جواب لقسم محذوف قال بعض الفضلاء اذن ظرف حذف منه ما أضيف اليه ونون عوضا وفى العيون اذن جواب شرط محذوف اى انكم ان أطعتموه اذن لخاسرون أَيَعِدُكُمْ [آيا وعده ميدهد شما را اين پيغمبر] أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ بكسر الميم من مات يمات وقرئ بضمها من مات يموت وَكُنْتُمْ وصرتم تُراباً وَعِظاماً نخرة مجردة عن اللحوم والاعصاب اى كان بعض اجزائكم من اللحم ونظائره ترابا وبعضها عظاما وتقديم التراب لعراقته فى الاستبعاد وانقلابه من الاجزاء البادية او كان متقدموكم ترابا صرفا ومتأخروكم عظاما يقول الفقير الظاهر ان مرادهم بيان صيرورتهم عظاما ثم ترابا لان الواو لمطلق الجمع أَنَّكُمْ تأكيد للاول لطول الفصل بينه وبين خبره الذي هو قوله مُخْرَجُونَ اى من القبور احياء كما كنتم هَيْهاتَ هَيْهاتَ اسم فعل وهو بعد وتكريره لتأكيد البعد اى بعد الوقوع لِما تُوعَدُونَ يعنى [آنچهـ وعده داده ميشويد از بعث وجزا هركز نباشد] او بعد ما توعدون واللام لبيان المستبعد كأنهم لما صوتوا بكلمة الاستبعاد قيل لماذا هذا الاستبعاد فقيل لما توعدون إِنْ هِيَ ان بمعنى ما اى ما الحياة إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا الدانية الفانية نَمُوتُ وَنَحْيا مفسرة للجملة المتقدمة اى يموت بعضنا ويولد بعض الى انقراض العصر او يصيبنا الأمران الموت والحياة يعنون الحياة المتقدمة فى الدنيا والموت بعدها وليس وراء ذلك حياة وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ بمنشرين بعد الموت كما تزعم يا هود انظر كيف عميت قلوبهم حتى لم يروا ان الاعادة أهون من الابتداء وان الذي هو قادر على إيجاد شىء من العدم واعدامه من الوجود يكون قادرا على إعادته ثانيا إِنْ هُوَ اى ما هود إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً اى اخترع(6/82)
قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)
الكذب على الله فيما يدعيه من الإرسال والبعث قال الراغب الفري قطع الجلد للخرز والإصلاح والافراء للافساد والافتراء فيهما وفى الإفساد اكثر ولذلك استعمل فى القرآن فى الكذب والشرك والظلم وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ بمصدقين فيما يقول قالَ هود بعد ما يئس من ايمانهم رَبِّ انْصُرْنِي عليهم وانتقم لى منهم: وبالفارسية [اى پروردگار من يارى كن مرا بغالبيت وايشانرا مغلوب كردان] بِما كَذَّبُونِ اى بسبب تكذيبهم إياي وإصرارهم عليه قالَ تعالى اجابة لدعائه وعدة بالقبول عَمَّا قَلِيلٍ اى عن زمان قليل وما مزيدة بين الجار والمجرور لتأكيد معنى القلة لَيُصْبِحُنَّ اى ليصيرن اى الكفار المكذبون نادِمِينَ على الكفر والتكذيب وذلك عند معاينتهم العذاب. والندامة بالفارسية [پشيمانى] فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ صيحة جبريل صاح عليهم صيحة هائلة تصدعت منها قلوبهم فماتوا والصيحة رفع الصوت فان قلت هذا يدل على ان المراد بالقرن المذكور فى صدر القصة ثمود قوم صالح فان عادا اهلكوا بالريح العقيم قلت لعلهم حين أصابتهم الريح العقيم أصيبوا فى تضاعفها بصيحة هائلة ايضا كما كان عذاب قوم لوط بالقلب والصيحة كما مر وقد روى ان شداد بن عاد حين أتم بناء ارم سار إليها باهله فلما دنا منها بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا وقيل الصيحة نفس العذاب والموت وفى الجلالين فاخذتهم صيحة العذاب بِالْحَقِّ متعلق بالأخذ اى بالوجه الثابت الذي لا دافع له وفى الجلالين بالأمر من الله فَجَعَلْناهُمْ فصيرناهم غُثاءً اى كغثاء السيل لا ينتفع به وهو ما يحمله السيل على وجهه من الزبد والورق والعيدان كقولك سال به الوادي لمن هلك قال الكاشفى [غثاء: چون خاشاك آب آورده يعنى هلاك كرديم ونابود ساختيم چون خس وخاشاك كه سيل آنرا باطراف افكند وسياه كهنه كردد] فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يحتمل الاخبار والدعاء قال الكاشفى [پس دورى باد از رحمت خداى مر كروه ستمكارانرا] وبعدا مصدر بعد إذا هلك وهو من المصادر التي لا يكاد يستعمل ناصبها. والمعنى بعدوا بعدا اى هلكوا واللام لبيان من قيل له بعدا وفى الآية اشارة الى ان اهل الدنيا حين بغوا فى الأرض وطغوا على الرسل
چومنعم كند سفله را روزكار ... نهد بر دل تنك درويش بار
چوبام بلندش بود خود پرست ... كند بول وخاشاك بر بام پست
وقالوا لرسلهم ما قالوا لا يعلمون ان الرسل واهل الله وان كانوا يأكلون مما يأكل اهل الدنيا ولكن لا يأكلون كما يأكل هؤلاء فانهم يأكلون بالإسراف واهل الله يأكلون ولا يسرفون كما قال النبي عليه السلام (المؤمن يأكل فى معى واحد والكافر يأكل فى سبعة أمعاء)
لا جرم كافر خورد در هفت بطن ... دين ودل باريك ولاغر زفت بطن
بل اهل الله يأكلون ويشربون بأفواه القلوب مما يطعمهم ربهم ويسقيهم حيث يبيتون عند ربهم قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره كان عليه السلام يبيت عند ربه فيطعمه ويسقيه من تجلياته المتنوعة وانما أكله فى الظاهر لاجل أمته الضعيفة والا فلا احتياج(6/83)
ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)
له الى الاكل والشرب وما روى من انه كان يشد الحجر فهو ليس من الجوع بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت بل يستقر فى الملك للارشاد وقد وصف الله الكفار بشر الصفات وهى الكفر بالخالق وبيوم القيامة والانغماس فى حب الدنيا ثم سجل عليهم بالظلم وأشار الى ان هلاكهم انما كان بسبب ظلمهم
نماند ستمكار بد روزكار ... بماند بر ولعنت پايدار
فالظلم من شيم اهل الشقاوة والبعد وانهم كالغثاء فى عدم المبالاة بهم كما قال (هؤلاء فى النار ولا أبالي) ثُمَّ أَنْشَأْنا خلقنا من بعدهم اى بعد هلاك القرون المذكورة وهم عاد على الأشهر قُرُوناً آخَرِينَ هم قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم عليهم السلام إظهارا للقدرة وليعلم كل امة استغناءنا عنهم وانهم ان قبلوا دعوة الأنبياء وتابعوا الرسل تعود فائدة استسلامهم وانقيادهم وقيامهم بالطاعات إليهم ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها من مزيدة للاستغراق اى ما تتقدم امة من الأمم المهلكة الوقت الذي عين لهلاكهم وَما يَسْتَأْخِرُونَ ذلك الاجل بساعة وطرفة عين بل تموت وتهلك عند ما حد لها من الزمان ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا عطف على انشأنا لكن لا على معنى ان ارسالهم متأخر ومتراخ عن إنشاء القرون المذكورة جميعا بل على معنى ان إرسال كل رسول متأخر عن إنشاء قرن مخصوص بذلك الرسول كأنه قيل ثم انشأنا من بعدهم قرونا آخرين قد أرسلنا الى كل قرن منهم رسولا خاصابه تَتْرا مصدر من المتواترة وهى التعاقب فى موضع الحال اى متواترين واحدا بعد واحد: وبالفارسية [پى در پى يعنى يكى در عقب ديكرى] قال فى الإرشاد وغيره من الوتر وهو الفرد والتاء بدل من الواو والالف للتأنيث لان الرسل جماعة كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها المخصوص اى جاء بالبينات وللتبليغ كَذَّبُوهُ نسبوا اليه الكذب يعنى أكثرهم بدليل قوله (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) كما فى بحر العلوم قال الكاشفى [تكذيب كردند او را وآنچهـ كفت از توحيد ونبوت وبعث وحشر دروغ پنداشتند وبتقليد پدران ولزوم عادات ناپسنديده از دولت تصديق محروم ماندند] فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ اى بعض القرون بَعْضاً فى الإهلاك اى أهلكنا بعضهم فى اثر بعض حسبما تبع بعضهم بعضا فى مباشرة الأسباب التي هى الكفر والتكذيب وسائر المعاصي قال الكاشفى [يعنى هيچ كدام را مهلت نداديم وآخرين را چون أولين معاقب كردانيم] وَجَعَلْناهُمْ بعد إهلاكهم أَحادِيثَ لمن بعدهم اى لم يبق عين ولا اثر الا حكايات يسمر بها ويتعجب منها ويعتبر بها المعتبرون من اهل السعادة وهو اسم جمع للحديث او جمع احدوثة وهى ما يتحدث به تلهيا وتعجبا وهو المراد هاهنا كاعاجيب جمع للحديث او جمع احدوثة وهى ما يتحدث به تلهيا وتعجبا وهو المراد هاهنا كاعاجيب جمع اعجوبة وهى ما يتعجب منها قال الكاشفى [وساختيم آنرا سخنان يعنى عقوبت خلق كردانيديم كه دائم عذاب ايشانرا ياد كنند وبدان مثل زنند خلاصه سخن آنكه از ايشان غير حكايتى باقى نماند كه مردم افسانه وار ميكويند واگر سخن نيكوى ايشان بماندى به بودى بزركى كفته است]
تفنى وتبقى عنك احدوثة ... فاجهد بان تحسن أحدوثتك(6/84)
ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)
[ودر ترجمه آن فرموده اند
پس از تو اين همه افسانها كه مى خوانند ... در ان بكوش كه نيكو بماند افسانه
يقول الفقير فى البيت العربي دلالة على ان الاحدوثة تقال على الخير والشر وهو خلاف ما قال الأخفش من انه لا يقال فى الخير جعلتهم أحاديث واحدوثة وانما يقال جعلت فلانا حديثا انتهى ويمكن ان يقال فى البيت ان الاحدوثة الثانية وقعت بطريق المشاكلة فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [پس دورى باد از رحمت حق مر كروهى را كه نمى كروند بانبياء وتصديق ايشان نمى كنند] وفى اكثر التفاسير بعدوا بعدا اى هلكوا واللام لبيان من قيل له بعدا وخصهم بالنكرة لان القرون المذكورة منكرة بخلاف ما تقدم من قوله فبعدا للقوم الظالمين حيث عرف بالألف واللام لانه فى حق قوم معينين كما سبق وفى الآية دلالة على ان عدم الايمان سبب للهلاك والعذاب فى النيران كما ان التصديق مدار للنجاة والتنعم فى الجنان قال يعقوب عليه السلام للبشير على أي دين تركت يوسف قال على الإسلام قال الآن تمت النعمة على يعقوب وعلى آل يعقوب إذ لا نعمة فوق الإسلام وحيث لا يوجد فجميع النعم عدم وحيث يوجد فجميع النقم عدم وسأل رجل عليا رضى الله عنه هل رأيت ربك فقال أفأعبد ما لا ارى فقال كيف تراه قال لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلب بحقائق الايمان وعنه من عرف ربه جل ومن عرف نفسه ذل يعنى عرفان الرب يعطى جلالة فى المعنى وعرفان النفس يعطى ذلة فى الصورة فالكفار وسائر اهل الظلم عدوا أنفسهم اعزة فذلوا صورة ومعنى حيث بعدوا من الله تعالى فى الباطن وهلكوا مع الهالكين فى الظاهر والمؤمنون وسائر العدول عدوا أنفسهم اذلة فعزوا صورة ومعنى حيث تقربوا الى الله تعالى فى الباطن ونجوا من الهلاك فى الظاهر فجميع التنزل انما يأتى من جهة الجهل بالرب والنفس
رونق كار خسان كاسد شود ... همچوميوه تازه ز وفاسد شود
فعلى العاقل الانقياد لاهل الحق فان جمع الفيض انما يحصل من مشرب الانقياد وبالانقياد يحصل العرفان التام وشهود رب العباد
كى رسانند آن امانت را بتو ... تا نباشى پيششان راكع دو تو
اللهم اعصمنا من العناد أثبتنا على الانقياد ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا هى الآيات التسع من اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الثمرات والطاعون ولا مساغ لعدّ فلق البحر منها إذ المراد الآيات التي كذبوها وَسُلْطانٍ مُبِينٍ حجة واضحة ملزمة للخصم وهى العصا وخصصها لفضلها على سائر الآيات او نفس الآيات عبر عنها بذلك على طريق العطف تنبيها على جمعها لعنوانين جليلين وتنزيلا لتغايرها منزلة التغاير الذاتي إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه من القبط خصوا بالذكر لان إرسال بنى إسرائيل منوط بآرائهم لا بآراء أعقابهم فَاسْتَكْبَرُوا عن الايمان والمتابعة وعظم الكبر ان يتهاون العبيد بآيات ربهم وبرسالاته بعد وضوحها وانتفاء الشك عنها ويتعظموا عن امتثالها وتقبلها وَكانُوا قَوْماً عالِينَ متكبرين مجاوزين للحد فى الكبر(6/85)
فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)
والطغيان اى كانوا قوما عادتهم الاستكبار والتمرد فَقالُوا عطف على استكبروا وما بينهما اعتراض مقرر للاستكبار اى قالوا فيما بينهم بطريق المناصحة أَنُؤْمِنُ الهمزة للانكار بمعنى لا نؤمن وما ينبغى ان يصدر منا الايمان لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وصف بالمثل الاثنان لانه فى حكم المصدر العام للافراد والتثنية والجمع المذكر والمؤنث وَقَوْمُهُما يعنون بنى إسرائيل لَنا متعلقة بقوله عابِدُونَ والجملة حال من فاعل نؤمن اى خادمون منقادون لنا كالعبيد وكأنهم قصدوا بذلك التعرض لشأنهما وحط رتبتهما العلية عن منصب الرسالة من وجه آخر غير البشر قال الكاشفى [در بعضى تفاسير آورده اند كه بنى إسرائيل فرعون را مى پرستيدند نعوذ بالله واو بت مى پرستيد يا گوساله] اى فتكون طاعتهم لهم عبادة على الحقيقة فَكَذَّبُوهُما اى فاصروا على تكذيب موسى وهارون حتى يئسا من تصديقهم فَكانُوا فصاروا مِنَ الْمُهْلَكِينَ بالغرق فى بحر القلزم وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى اى بعد إهلاكهم وإنجاء بنى إسرائيل من أيديهم الْكِتابَ التوراة لَعَلَّهُمْ لعل بنى إسرائيل يَهْتَدُونَ الى طريق الحق بالعمل بما فيها من الشرائع والاحكام وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ اى عيسى وَأُمَّهُ آيَةً دالة على عظم قدرتنا بولادته منها من غير مسيس بشر فالآية امر واحد مضاف إليهما او جعلنا ابن مريم آية بان تكلم فى المهد فظهرت منه معجزات جمة وامه آية بانها ولدته من غير مسيس فحذف الاولى لدلالة الثانية عليها قال فى العيون آية اى عبرة لبنى إسرائيل بعد موسى لان عيسى تكلم فى المهد واحيى الموتى ومريم ولدته من غير مسيس وهما آيتان قطعا فيكون هذا من قبيل الاكتفاء بذكر إحداهما انتهى وتقديمه عليه السلام لاصالته فيما ذكر من كونه آية كما ان تقديم امه فى قوله (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) لاصالتها فيما نسب إليها من الإحصان والنفخ- وروى- ان رسول الله عليه السلام صلى الصبح بمكة فقرأ سورة المؤمنين فلما اتى على ذكر عيسى وامه أخذته شرقة فركع اى شرق بدمعه فعىّ بالقراءة وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ [وجاى داديم مادر و پسر را وقتى كه از يهود فرار كردند وباز آورديم بسوى ربوة از زمين بيت المقدس] اى انزلناهما الى مكان مرتفع من الأرض وجعلناه مأواهما ومنزلهما وهى ايليا ارض بيت المقدس فانها مرتفعة وانها كبد الأرض وأقربها الى السماء بثمانية عشر ميلا على ما يروى عن كعب وقال الامام السهيلي أوت مريم بعيسى طفلا الى قرية من دمشق يقال لها ناصرة وبناصرة تسمى النصارى واشتق اسمهم منها قال الكاشفى [آورده اند كه مريم با پسر و پسر عم خود يوسف بن ماتان دوازده سال دران موضع بسر بردند وطعام عيسى از بهاى ريسمان بود كه كه مادرش مى رشت وميفروخت] يقول الفقير فيه اشارة الى ان غزل القطن والكتان ونحوهما لكونه من اعمال خيار النساء أحب من غزل القز ونحوه على ما أكب عليه اهل بروسة والديار التي يحصل فيها دود القز مع ان القز من زين اهل الدنيا وبه غالبا شهرة أربابها وافتخارهم ذاتِ قَرارٍ [خداوند قرار يعنى مقرى منبسط وسهل كه برو آرام توان كرفت] وقيل ذات ثمار(6/86)
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)
وزروع فان ساكنيها يستقرون فيها لاجلها قال الراغب قرّ فى المكان يقر قرارا إذ اثبت ثبوتا خامدا وأصله من القر وهو البرد لاجل ان البرد يقتضى السكون والحر يقتضى الحركة وَمَعِينٍ وماء معين ظاهر جار فعيل من معن الماء إذا جرى وقيل من العين والميم زائدة ويسمى الماء الجاري معينا لظهوره وكونه مدركا بالعيون وصف ماء تلك الربوة بذلك للايذان بكونه جامعا لفنون المنافع من الشرب وسقى ما يسقى من الحيوان والنبات بغير كلفة والتنزه بمنظره الحسن المعجب ولولا ان يكون الماء الجاري لكان السرور الأوفر فائتا وطيب المكان مفقودا ولا مرّ ما جاء الله بذكر الجنات مشفوعا بذكر الماء الجاري من تحتها مسوقين على قران واحد ومن أحاديث المقاصد الحسنة (ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن) اى مما يحل النظر اليه فان النظر الى الأمرد الصبيح ممنوع قال الشيخ سعدى فى حق من يديم النّظر الى النقاش عند نظر الى النقش
چرا طفل يكروزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خرد
محقق همى بيند اندر ابل ... كه در خوب رويان چين و چكل
وهما علمان لبلدتين من بلاد الترك يكثر فيهما المحابيب وفى التأويلات النجمية قوله (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) يشير به الى عيسى الروح الذي تولد من امر كن بلا اب من عالم الأسباب وهو أعظم آية من آيات الله المخلوقة التي تدل على ذات الله ومعرفته لانه خليفة الله وروح منه (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) اى ربوة القالب فانه مأوى الروح ومأوى الأمر بالأوامر والنواهي (ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) هو منزلهما ودار قرارهما يعنى مادام القالب يكون مأوى الروح ومقره يكون مأوى الأمر ومقره بان لا تسقط عنه التكاليف واما المعين فهو عين الحكمة الجارية من القلب على اللسان انتهى اللهم يا معين اجعلنا من اهل المعين يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ خطاب لجميع الرسل لا على انهم خوطبوا بذلك دفعة لانهم أرسلوا متفرقين فى ازمنة مختلفة بل على معنى ان كل رسول منهم خوطب به فى زمانه ونودى ووصى ليعلم السامع ان اباحة الطيبات للرسل شرع قديم وان امرا نودى له جميع الأنبياء ووصوا به حقيق ان يؤخذ به ويعمل عليه اى وقلنا لكل رسول كل من الطيبات واعمل صالحا فعبر عن تلك الأوامر المتعدد المتعلقة بالرسل بصيغة الجمع عند الحكاية اجمالا للايجاز وقال بعضهم انه خطاب لرسول الله وحده على دأب العرب فى مخاطبة الواحد بلفظ الجمع للتعظيم وفيه ابانة لفضله وقيامه مقام الكل فى حيازة كمالاتهم
وقد جمع الرحمن فيك لمعا جزا
آنكه خوبان همه دارند تو تنها دارى
والطيبات ما يستطاب ويستلذ من مباحات المآكل والفواكه وَاعْمَلُوا صالِحاً اى عملا صالحا فانه المقصود منكم والنافع عند ربكم وهذا الأمر للوجوب بخلاف الاول وفيه رد وهدم لما قال بعض المبيحين من ان العبد إذا بلغ غاية المحبة وصفا قلبه واختار الايمان على الكفر من غير نفاق سقط عنه الأعمال الصالحة من العبادات الظاهرة وتكون عبادته التفكر وهذا كفر وضلال فان أكمل الناس فى المحبة والايمان هم الرسل خصوصا حبيب الله مع(6/87)
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)
ان التكاليف بالأعمال الصالحة والعبادات فى حقهم أتم وأكمل إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ من الأعمال الظاهرة والباطنة عَلِيمٌ فاجازيكم عليه وفى الآية دلالة على بطلان ما عليه الرهابنة من رفض الطيبات يعنى على تقدير اعتقادهم بان ليس فى دينهم أكل الطيبات واعلم ان تأخير ذكر العمل الصالح يدل على ان تكون نتيجته أكل الحلال: وفى المثنوى
علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... عشق ورقت آيد از لقمه حلال «1»
چون ز لقمه تو حسد بينى ودام ... جهل وغفلت زايد آنرا دان حرام
هيچ كندم كارى وجو بر دهد ... ديده اسبى كه كره خر دهد
لقمه تخمست وبرش انديشها ... لقمه بحر وكوهرش انديشها
زايد از لقمه حلال اندر دهان ... ميل خدمت عزم رفتن آن جهان
قال الراغب اصل الطيب ما تستلذه الحواس والنفس والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز من المكان الذي يجوز فانه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم والا فانه وان كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وفى الحديث (ان الله طيب لا يقبل الا طيبا) : قال صاحب روضة الاخبار
فرموده لقمه كه در اصل نباشد حلال ... زونقتد مرد مكر در ضلال
قطره باران تو چون صاف نيست ... كوهر درياى تو شفاف نيست
وكان عيسى عليه السلام يأكل من غزل امه وكان رزق نبينا عليه السلام من الغنائم وهو أطيب الطيبات- روى- عن اخت شداد انها بعثت الى رسول الله بقدح من لبن فى شدة الحر عند حظره وهو صائم فرده إليها وقال من اين لك هذا فقالت من شاة لى ثم رده وقال من اين هذه الشاة فقالت اشتريتها بمالى فاخذه ثم انها جاءته وقالت يا رسول الله لم رددته فقال بذلك أمرت الرسل ان لا يأكلوا الا طيبا ولا يعملوا الا صالحا قال الامام الغزالي رحمه الله إذا كان ظاهر الإنسان الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بان تقول قد فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم بل حسن الظن بالمسلمين مأمور به قال ابو سليمان الداراني رحمه الله لان أصوم النهار وأفطر الليل على لقمة حلال أحب الى من قيام الليل وصوم النهار وحرام على شمس التوحيد ان تحل قلب عبد فى جوفه لقمة حرام ثم ان أكل الطيبات وان رخص فيه لكنه قد يترك قطعا للطبيعة عن الشهوات قال ابو الفرج بن الجوزي ذكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدبير الحرام إذا غير المسك الماء منع الوضوء به فكيف ولوغ الكلب ولذا قال بعض الكبار من اعتاد بالمباحات حرم لذة المناجاة اللهم اجعلنا من اهل التوجه والمناجاة وَإِنَّ هذِهِ اى ملة الإسلام والتوحيد وأشير إليها بهذه للتنبيه على كمال ظهور أمرها فى الصحة والسداد وانتظامها بسبب ذلك فى سلك الأمور المشاهدة أُمَّتُكُمْ اى ملتكم وشريعتكم ايها الرسل قال القرطبي الامة هنا الدين ومنه انا وجدنا آباءنا على امة اى على دين مجتمع أُمَّةً واحِدَةً حال من هذه اى ملة وشريعة متحدة فى اصول الشرائع التي لا تتبدل بتبدل الاعصار واما الاختلاف
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تعظيم كردن ساحران موسى را إلخ(6/88)
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)
فى الفروع فلا يسمى اختلافا فى الدين فالحائض والطاهر من النساء دينهما واحد وان افترق تكليفهما وقيل هذه اشارة الى الأمم المؤمنة للرسل والمعنى ان هذه جماعتكم واحدة متفقة على الايمان والتوحيد فى العبادة ولا يلائمه قوله تعالى وَأَنَا رَبُّكُمْ من غير ان يكون لى شريك فى الربوبية فَاتَّقُونِ اى فى شق العصا ومخالفة الكلمة والضمير للرسل والأمم جميعا على ان الأمر فى حق الرسل للتهييج والالهاب وفى حق الأمم للتحذير والإيجاب وفى التفسير الكبير فيه تنبيه على ان دين الجميع واحد فيما يتصل بمعرفة الله تعالى واتقاء معاصيه فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ اى جعلوا امر دينهم مع اتحاده قطعا متفرقة وأديانا مختلفة زُبُراً حال من أمرهم اى قطعا جمع زبور بمعنى الفرقة: وبالفارسية [پارها يعنى كروه كروه شدند واختلاف كردند] كُلُّ حِزْبٍ اى جماعة من أولئك المتحزبين بِما لَدَيْهِمْ من الدين الذي اختاروه فَرِحُونَ معجبون معتقدون انه الحق قال بعض الكبار كيف يفرح العبد بما لديه وليس يعلم ما سبق له فى محتوم العلم ولا ينبغى للعارفين ان يفرحوا بما دون الله من العرش الى الثرى بل العارف الصادق إذا استغرق فى بحار المعرفة فهمومه اكثر من فرحه لما يشاهد من القصور فى الإدراك قال الشيخ سعدى [عاكفان كعبه جلالش بتقصير عبادت معترفند كه ما عبدناك حق عبادتك وواصفان حليه جمالش بتحير منسوب كه ما عرفناك حق معرفتك
گر كسى وصف او ز من پرسد ... بى دل از بى نشان چهـ گويد باز
عاشقان كشتكان معشوقند ... برنيايد ز كشتكان آواز
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ شبه ما هم فيه من الجهالة بالماء الذي يغمر القامة ويسترها لانهم مغمورون فيها لاعبون بها قال الراغب اصل الغمر ازالة اثر الشيء ومنه قيل للماء الكثير الذي يزيل اثر مسيله غمر وغامر والغمرة معظم الماء الساترة لمقرها وجعل مثلا للجهالة التي تغمر صاحبها والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى اتركهم يعنى الكفار المتفرقة على حالهم ولا تشغل قلبك بهم وبتفرقهم حَتَّى حِينٍ هو حين قتلهم او موتهم على الكفر او عذابهم فهو وعيد لهم بعذاب الدنيا والآخرة وتسلية لرسول الله ونهى له عن الاستعجال بعذابهم والجزع من تأخيره أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه وما موصولة اى أيظن الكفرة ان الذي نعطيهم إياه وتجعله مددا لهم مِنْ مالٍ وَبَنِينَ بيان للموصول وتخصيص البنين لشدة افتخارهم بهم نُسارِعُ به لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ فيما فيه خيرهم وإكرامهم قال الكاشفى [يعنى كمان ميبرند كه امداد ما ايشانرا بمال وفرزند مسارعتست از ما براى ايشان در نيكويى واعمال ايشانرا استحقاق آن هست كه ما پاداش آن با ايشان نيكويى كنيم] بَلْ [نه چنين است كه مى پندارند بلكه] لا يَشْعُرُونَ [نميدانند كه اين امداد استدراجست نه مسارعت در خير] فهو عطف على مقدر أي كلا لا نفعل ذلك بل هم لا يشعرون بشىء أصلا كالبهائم لافطنة لهم ولا شعور ليتأملوا ويعرفوا ان ذلك الامداد استدراج واستجرار الى زيادة الإثم(6/89)
إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)
وهم يحسبونه مسارعة لهم فى الخيرات- وروى- فى الخبر ان الله تعالى اوحى الى نبى من الأنبياء أيفرح عبدى ان ابسط له فى الدنيا فهو ابعد له منى أيجزع عبدى المؤمن ان اقبض عنه الدنيا وهو اقرب له منى ثم قال أيحسبون ان ما نمدهم إلخ قال بعض الكبار ان الله تعالى امتحن الممتحنين بزينة الدنيا ولذتها وجاهها ومالها وخيراتها فاستلذوها واحتجبوا بها عن مشاهدة الرحمن وظنوا انهم نالوا جميع الدرجات وانهم مقبولون حين اعطوا هذه الفانيات ولم يعلموا انها استدراج لا منهاج قال عبد العزيز المكي من تزين بزينة فانية فتلك الزينة تكون وبالا عليه الا من تزين بما يبقى من الطاعات والموافقات والمجاهدات فان الأنفس فانية والأموال عوارى والأولاد فتنة فمن تسارع فى جمعها وحظها وتعلق قلبه بها قطع عن الخيرات اجمع وما عبد الله بطاعة أفضل من مخالفة النفس والتقلل من الدنيا وقطع القلب عنها لان المسارعة فى الخيرات هو اجتناب الشرور وأول الشرور حب الدنيا لانها مزرعة الشيطان فمن طلبها وعمرها فهو حزبه وعبده وشر من الشيطان من يعين الشيطان على عمارة داره: ومن كلمات سلطان ولد
بگذار جهان را كه جهان آن تو نيست ... وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست
كر مال جهان جمع كنى شاد مشو ... ور تكيه بجان كنى جان آن تو نيست
قال الشيخ سعدى قدس سره
بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست
برفتند هر كس درود آنچهـ كشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت
إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ اى من خوف عذابه حذرون والخشية خوف يشوبه تعظيم والإشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه وقد سبق تحقيقه فى سورة الأنبياء وعن الحسن ان المؤمن جمع إحسانا وخشية والكافر جمع اساءة وأمنا هر كه ترسد مرورا ايمن كنند وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ المنصوبة فى الآفاق والمنزلة على الإطلاق يُؤْمِنُونَ يصدقون مدلولها ولا يكذبونها بقول وفعل وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ غيره شركا جليا ولا خفيا ولذلك عبر عن الايمان بالآيات قال الجنيد قدس سره من فتش سره فرأى فيه شيأ أعظم من ربه او أجل منه فقد أشرك به او جعل له مثلا وفى التأويلات النجمية ومن أعظم الشرك ملاحظة الخلق فى الرد والقبول وهى الاستبشار بمدحهم والانكسار بذمهم وايضا ملاحضة الأسباب فلا ينبغى ان يتوهم ان حصول الشفاء من شرب الدواء والشبع من أكل الطعام فاذا جاء اليقين بحيث ارتقع التوهم اى توهم ان الشيء من الحدثان لامن التقدير فحينئذ يتقى أمن الشرك: قال الجامى قدس سره
جيب خاص است كه كنج كهر اخلاص است ... نيست اين در ثمين در بغل هر دغلى
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا اى يعطون ما أعطوه من الزكوات والصدقات وتوسلوا به الى الله تعالى من الخيرات والمبرات وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار والماضي على التحقق(6/90)
أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)
وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ حال من فاعل يؤتون اى والحال ان قلوبهم خائفة أشد الخوف قال الراغب الوجل استشعار الخوف أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ اى من ان رجوعهم اليه تعالى على ان مناط الوجل ان لا يقبل منهم ذلك وان لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذوا به حينئذ لا مجرد رجوعهم اليه تعالى والموصولات الاربعة عبارة عن طائفة واحدة متصفة بما ذكر فى حيز صلاتها من الأوصاف الاربعة لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة كأنه قيل ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون وبآيات ربهم يؤمنون إلخ وانما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها قال بعض الكبار وجل العارف من طاعته اكثر من وجله من مخالفته لان المخالفة تمحى بالتوبة والطاعة تطلب بتصحيحها والإخلاص والصدق فيها فاذا كان فاعل الطاعات خائفا مضطربا فكيف لا يخاف غيره قال الشيخ سعدى قدس سره
در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولو العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد أنبياء ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
أُولئِكَ المنعوتون بما فصل من النعوت الجليلة خاصة دون غيرهم يُسارِعُونَ [مى شتابند] فِي الْخَيْراتِ اى فى نيل الخيرات التي من جملتها الخيرات العاجلة الموعودة على الأعمال الصالحة كما قال تعالى (فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لانهم إذا سورع بها لهم فقد سارعوا فى نيلها وتعجلوها فيكون اثبت لهم ما نفى عن الكفار قال فى الإرشاد إيثار كلمة فى على كلمة الى للايذان بانهم متقلبون فى فنون الخيرات لا انهم خارجون عنها متوجهون إليها بطريق المسارعة كما فى قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ) إلخ وَهُمْ لَها سابِقُونَ اى إياها سابقون متقدمون واللام لتقوية عمل اسم الفاعل اى ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم فى الدنيا قال بعض الكبار بالمسارعات الى الخيرات تبتغى درجة السابقين ويطلب مكارم الواصلين لا بالدواعي والإهمال وتضييع الأوقات من أراد الوصول الى المقامات من غير آداب ورياضات ومجاهدات فقد خاب وخسر وحرم الوصول إليها وفى التأويلات النجمية (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) إلخ اى هم المتوجهون الى الله المعرضون عما سواه المسارعون بقدم الصدق والسعى الجميل على حسب ما سبقت لهم من الله الحسنى (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) على قدر سبق العناية انتهى يعنى بقدر سبق العناية يسبق العبد على طريق الهداية فلكل سالك حظوة ولذا قال بعض الكبار جنة النعيم لاصحاب العلوم وجنة الفردوس لاصحاب الفهوم وجنة المأوى لاصحاب التقوى وجنة عدن للقائمين بالوزن وجنة الخلد للمقيمين على الودّ وجنة المقامة لاهل الكرامة وليس فى مقدور البشر مراقبة الله تعالى فى السر والعلن مع الأنفاس فان ذلك من خصائص الملأ الأعلى واما رسول الله عليه السلام فكانت له هذه الرتبة لكونه مسرعا فى جميع أحواله فلا يوجد الا فى واجب او مندوب او مباح فهذا هو السبق الأعلى والمسارعة العليا حيث(6/91)
وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)
لا قدم فوقه نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المسارعين الى الخيرات ومراقبى الأنفاس مع الله فى جميع الحالات كما قال (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً) من النفوس إِلَّا وُسْعَها قدر طاقتها فقول لا اله الا الله والعمل بما يترتب عليه من الاحكام من قبيل ما هو فى الوسع قال مقاتل من لم يستطع القيام فليصل قاعدا ومن لم يستطع القعود فليومئ ايماء قال الحريري لم يكلف الله العباد معرفته على قذره وانما كلفهم على أقدارهم ولو كلفهم على قدره لما عرفوه لانه لا يعرفه على الحقيقة أحد سواه: قال الجامى
عمرى خرد چو چشمه ها چشمها كشاد ... تا بر كمال كنه اله افكند نكاه
ليكن كشيد عاقبتش در دو ديده نيل ... شكل الف كه حرف نخست است از اله
وَلَدَيْنا عندنا كِتابٌ صحائف اعمال قد اثبت فيها اعمال كل أحد على ما هى عليه يَنْطِقُ بِالْحَقِّ بالصدق لا يوجد فيه ما يخالف الواقع اى يظهر الحق ويبينه للناظر كما يبينه النطق ويظهر للسامع فينظر هنالك أعمالهم ويترتب عليها اجزيتها ان خيرا فخير وان شرا فشر: وبالفارسية [ونزد ما هست نامه اعمال هر كس كه سخن كويد براستى وكواهى دهد بر كردار هر كس] وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فى الجزاء بنقص ثواب او بزيادة عذاب بل يجزون بقدر أعمالهم التي كلفوها ونطقت بها صحائفها بالحق بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا اى بل قلوب الكفرة فى غفلة غامرة اى ساترة لها من هذا الذي بين فى القرآن من ان لديه كتابا ينطق بالحق ويظهر لهم أعمالهم السيئة على رؤس الاشهاد فيجزون بها وَلَهُمْ أَعْمالٌ خبيثة كثيرة مِنْ دُونِ ذلِكَ الذي ذكر من كون قلوبهم فى غفلة عظيمة مما ذكر وهى فنون كفرهم ومعاصيهم التي من جملتها ما سيأتى من طعنهم فى القرآن هُمْ لَها عامِلُونَ معتادون فعلها حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ غاية لاعمالهم المذكورة ومبتدأ لما بعدها من مضمون الشرطية اى لا يزالون يعملون أعمالهم الى حيث إذا أخذنا متنعميهم ورؤساءهم بِالْعَذابِ الأخروي إذ هو الذي يفاجئون عنده الجؤار فيجابون بالرد والاقناط واما عذاب يوم بدر فلم يوجد لهم عنده جؤار فالضمير فى قوله إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ راجع الى المترفين اى فاجأوا الصراخ بالاستغاثة اى يرفعون أصواتهم بها ويتضرعون فى طلب النجاة فان اصل الجؤار دفع الصوت بالتضرع وجأر الرجل الى الله تضرع بالدعاء قال الراغب جأر إذا أفرط فى الدعاء والتضرع تشبيها بجؤار الوحشيات كالظباء ونحوها وتخصيص المترفين بأخذ العذاب ومفاجأة الجؤار مع عمومه لغيرهم ايضا لغاية ظهور انعكاس حالهم وايضا إذا كان لقاؤهم هذه الحالة الفظيعة ثابتا واقعا فما ظنك بحال الأصاغر والخدم وقال بعضهم المراد بالمترفين المعذبين ابو جهل وأصحابه الذين قتلوا ببدر والذين هم يجأرون اهل مكة فيكون الضمير راجعا الى ما رجع اليه ضمير مترفيهم وهم الكفرة مطلقا لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ على إضمار القول اى فيقال لهم وتخصيص اليوم بالذكر وهو يوم القيامة لتهويله والإيذان بتفويتهم وقت الجؤار إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ اى لا يلحقكم من جهتنا نصرة تنجيكم مما دهمكم قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فى الدنيا(6/92)
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)
لتنتفعوا بها فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ الا عقاب جمع عقب وهو مؤخر الرجل ورجع على عقبه إذا انثنى راجعا والنكوص الرجوع القهقرى اى معرضون عن سماعها أشد الاعراض فضلا عن تصديقها والعمل بها مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ اى حال كونكم مكذبين بكتابي الذي عبر عنه بآياتى على تضمين الاستكبار معنى التكذيب سامِراً حال بعد حال وهو اسم جمع كالحاضر قال الراغب قيل معناه سمارا فوضع الواحد موضع الجمع وقيل بل السامر الليل المظلم والسمر سواد الليل ومنه قيل للحديث بالليل سمر وسمر فلان إذا تحدث ليلا وكانوا يجتمعون حول البيت بالليل ويسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحرا وشعرا تَهْجُرُونَ حال اخرى من الهجر بالفتح بمعنى الهذيان او الترك اى تهذون فى شأن القرآن وتتركونه وفيه ذم لمن يسمر فى غير طاعة الله تعالى وكان عليه السلام يؤخر العشاء الى ثلث الليل ويكره النوم قبلها والحديث بعدها قال القرطبي اتفق على كراهية الحديث بعدها لان الصلوات حد كفرت خطايا الإنسان فينام على سلامة وقد ختم الحفظة صحيفته بالعبادة فان سمر بعد ذلك فقد لغا وجعل خاتمتها اللغو والباطل وكان عمر رضى الله عنه لا يدع سامرا بعد العشاء ويقول ارجعوا فلعل الله يرزقكم صلاة او تهجدا قال الفقيه ابو الليث رحمه الله السمر على ثلاثة أوجه. أحدها ان يكون فى مذاكرة العلم فهو أفضل من النوم ويلحق به كل ما فيه خير وصلاح للناس فانه كان سمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء فى بيت ابى بكر رضى الله عنه ليلا فى الأمر الذي يكون من امر المسلمين. والثاني ان يكون فى أساطير الأولين والأحاديث الكذب والسخرية والضحك فهو مكروه. والثالث ان يتكلموا للمؤانسة ويجتنبوا الكذب وقول الباطل فلا بأس به والكف عنه أفضل للنهى الوارد فيه وإذا فعلوا ذلك ينبغى ان يكون رجوعهم الى ذكر الله والتسبيح والاستغفار حتى يكون رجوعهم بالخير وكان عليه السلام إذا أراد القيام عن مجلسه قال سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا أنت استغفرك
وأتوب إليك ثم يقول علمنيهن جبريل ... قال فى روضة الاخبار من قال ذلك قبل ان يقوم من
مجلسه كفر الله ما كان فى مجلسه ذلك كذا فى الحديث انتهى وروى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت لا سمر الا لمسافر او لمصل ومعنى ذلك ان المسافر يحتاج الى ما يدفع عنه النوم للمشى فابيح له ذلك وان لم يكن فيه قربة وطاعة والمصلى إذا سمر ثم صلى يكون نومه على الصلاة وختم سمره بالطاعة فعلى العاقل ان يجتنب عن الفضول وعن كل ما يفضى الى البعد عن حريم القبول وبقي عمره من تضيع الأوقات فى اكتساب ما هو من الآفات: قال الحافظ
ما قصه سكندر ودارا بخوانده ايم ... از ما بجز حكايت مهر ووفا مپرس
وقال بعضهم
جز ياد دوست هر چهـ كنم جمله ضايعست ... جز سر شوق هر چهـ بگويم بطالتست
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه والفاء للعطف على مقدر اى(6/93)
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)
أفعل الكفار ما فعلوا من النكوص والاستكبار والهجر فلم يتدبروا القرآن ليعرفوا بما فيه من اعجاز النظم وصحة المدلول والاخبار عن الغيب انه الحق من ربهم فيؤمنوا به فضلا عما فعلوا فى شأنه من القبائح والتدبر إحضار القلب للفهم قال الراغب التدبر التفكر فى دبر الأمور أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة قيل للاضراب والانتقال عن التوبيخ بما ذكر الى التوبيخ بآخر والهمزة لانكار الواقع اى بل أجاءهم من الكتاب ما لم يأت آباءهم الأولين حتى استبعدوه فوقعوا فى الكفر والضلال يعنى ان مجيئ الكتب من جهته تعالى الى الرسل سنة قديمة له تعالى لا يكاد يتسنى إنكارها وان مجيئ القرآن على طريقته فمن اين ينكرونه أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ إضراب وانتقال من التوبيخ بما ذكر الى التوبيخ بوجه آخر والهمزة لانكار الوقوع ايضا اى بل ألم يعرفوه عليه السلام بالامانة والصدق وحسن الأخلاق وكمال العلم مع عدم التعلم من أحد الى غير ذلك من صفة الأنبياء فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ اى جاهدون بنبوته فحيث انتفى عدم معرفتهم بشأنه عليه السلام ظهر بطلان انكارهم لانه مترتب عليه أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ انتقال الى توبيخ آخر والهمزة لانكار الواقع اى بل أيقولون به جنون: وبالفارسية [يا ميكويند در وديونكيست] مع انه أرجح الناس عقلا واثقبهم ذهنا واتقنهم رأيا وأوفرهم رزانة بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ اى ليس الأمر كما زعموا فى حق القرآن والرسول بل جاءهم الرسول بالصدق الثابت الذي لا ميل عنه ولا مدخل فيه للباطل بوجه من الوجوه قال الكاشفى [يعنى اسلام يا سخن راست كه قرآنست] وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ من حيث هو حق اى حق كان لا لهذا الحق فقط كما ينبئ عنه الإظهار فى موقع الإضمار كارِهُونَ لما فى جبلتهم من الزيغ والانحراف المناسب للباطل ولذلك كرهوا هذا الحق الأبلج وزاغوا عن الطريق الانهج وتخصيص أكثرهم بهذا الوصف لا يقتضى الا عدم كراهة الباقين لكل حق من الحقوق وذلك لا ينافى كراهتهم لهذا الحق المبين يقول الفقير لعل وجه التخصيص ان اكثر القوم وهم الباقون على الكفر كارهون للحق ولذا أصروا وأقلهم وهم المختارون للايمان غير كارهين ولذا أقروا فان الحكمة الالهية جارية على ان قوم كل نبى أكثرهم معاند كما قال تعالى (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) : قال الحافظ
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود
فالاقل وهم المستعدون كالجواهر النفيسة والازهار الطيبة والأكثر وهم غير المستعدين كالاحجار الخسيسة والنباتات اليابسة واعلم ان الكفار كرهوا الحق المحبوب المرغوب طبعا وعقلا ولو تركوا الطبع والعقل واتبعوا الشرع واحبوه لكان خيرا لهم فى الدنيا والآخرة ان قلت هل يعتد فى الآخرة بما يفعل الإنسان فى الدنيا من الطاعة كرها قلت لا فان الله تعالى ينظر الى السرائر ولا يرضى الا الإخلاص ولهذا قال عليه السلام (انما الأعمال بالنيات) وقال (أخلص يكفك القليل من العمل)
عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكرنه چهـ آيد ز بي مغز پوست
اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات(6/94)
وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)
ومن لطائف المولى الجامى
تهيست سبحه زاهد ز كوهر اخلاص ... هزار بار من آنرا شمرده ام يك يك
ودلت الآية على ان ما هو مكروه عند الإنسان لا يلزم ان يكون مكروها عند الرحمن والله تعالى لا يحمل العباد الا على نعيم الابد وقد علم الحق تعالى قلة نهوض العباد الى معاملته التي لا مصلحة لهم فى الدارين الا بها فاوجب عليهم وجود طاعته ورتب عليها وجود ثوابه وعقوبته فساقهم إليها بسلاسل الإيجاب إذ ليس عندهم من المروءة ما يردهم اليه بلا علة هذا حال اكثر الخلق بخلاف اهل المروءة والصفا وذوى المحبة والوفا الذين لم يزدهم التكليف الا شرفا فى أفعالهم وزيادة فى نوالهم ولو لم يكن وجوب لقاموا للحق بحق العبودية ورعوا ما يجب ان يراعى من حرمة الربوبية حتى ان منهم من يطلب لدخول الجنة فيأبى ذلك طلبا للقيام بالخدمة فتوضع فى أعناقهم السلاسل من الذهب فيدخلون بها الجنة قيل ولهذا يشير عليه السلام بقوله (عجب ربكم من قوم يقادون الى الجنة بالسلاسل) وفى الحديث اشارة ايضا الى ان بعض الكراهة قد يؤول الى المحبة ألا ترى الى احوال بعض الأسارى فانهم يدخلون دار الإسلام كرها ثم يهديهم الله تعالى فيؤمنون طوعا فيساقون الى الجنة بالسلاسل فالعبرة فى كل شىء للخاتمة فال بعضهم من طالع الثواب والعقاب فاسلم رغبة ورهبة فهو انما اسلم كرها ومن طالع المثيب والمعاقب لا الثواب والعقاب فاسلم معرفة ومحبة فهو انما اسلم طوعا وهو الذي يعتد به عند اهل الله تعالى فعلى العاقل ان يتدبر القرآن فيخلص الايمان ويصل الى العرفان والإيقان بل الى المشاهدة والعيان والله تعالى أرسل رسوله بالحق فماذا بعد الحق الا الضلال وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ الذي كرهوه ومن جملته ما جاء به عليه السلام من القرآن أَهْواءَهُمْ مشتهيات الكفرة بان جاء القرآن موافقا لمرادتهم فجعل موافقته اتباعا على التوسع والمجاز لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ من الملائكة والانس والجن وخرجت عن الصلاح والانتظام بالكلية لان مناط النظام وما به قوام العالم ليس الا الحق الذي من جملته الإسلام والتوحيد والعدل ونحو ذلك قال بعضهم لولا ان الله امر بمخالفة النفوس ومباينتها لاتبع الخلق أهواءهم وشهواتهم ولو فعلوا ذلك لضلوا عن طريق العبودية وتركوا او امر الله تعالى واعرضوا عن طاعته ولزموا مخالفته والهوى يهوى بمتابعيه الى الهاوية بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ انتقال من تشنيعهم بكراهة الحق الذي يقوم به العالم الى تشنيعهم بالاعراض عما جبل عليه كل نفس من الرغبة فيما فيه خيرها والمراد بالذكر القرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم فى الدنيا والآخرة كما قال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) اى شرف لك ولقومك والمعنى بل اتيناهم بفخرهم وشرفهم الذي يجب عليهم ان يقبلوا عليه أكمل اقبال وفى التأويلات النجمية (بَلْ أَتَيْناهُمْ) بما فيه لهم صلاح فى الحال وذكر فى المال فَهُمْ بسوء اختيارهم عَنْ ذِكْرِهِمْ عن صلاح حالهم وشرف مآلهم وفى الإرشاد اى فخرهم وشرفهم خاصة مُعْرِضُونَ لا عن غير ذلك مما لا يوجب الإقبال عليه والاعتناء به أَمْ تَسْأَلُهُمْ انتقال من توبيخهم بما ذكر من قولهم أم يقولون به جنة(6/95)
وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)
الى التوبيخ بوجه اخر كأنه قيل أم يزعمون انك تسألهم على أداء الرسالة خَرْجاً اى جعلا واجر فلاجل ذلك لا يؤمنون بك فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ تعليل لنفى السؤال المستفاد من الإنكار اى لا تسألهم ذلك فان رزق ربك فى الدنيا وثوابه فى العقبى خير لك من ذلك لسعته ودوامه ففيه استغناء لك عن عطائهم والخرج بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه الى غيرك والخراج غالب فى الضريبة على الأرض ففيه اشعار بالكثرة واللزوم فيكون ابلغ ولذلك عبر به عن عطاء الله إياه قال فى تفسير المناسبات وكأنه سماه خراجا اشارة الى انه أوجب رزق كل أحد على نفسه بوعد لا خلف فيه وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ اى خير من اعطى عوضا على عمل لان ما يعطيه لا ينقطع ولا يتكدر وهو تقدير لخيرية خراجه تعالى وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان العلماء بالله الراسخين فى العلم لا يدنسون وجوه قلوبهم الناضرة بدنس الاطماع الفاسدة والصالحة الدنيوية والاخروية فيما يعاملون الله فى دعوة الخلق الى الله بالله لله
زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وهنر ميفروشد بنان
قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية مذهبنا ان للواعظ أخذ الاجرة على وعظه الناس وهو من أحل ما يأكله وان كان ترك ذلك أفضل وإيضاح ذلك ان مقام الدعوة الى الله يقتضى الاجارة فانه ما من نبى دعا الى الله الا قال ان اجرى الا على الله فاثبت الاجر على الدعاء ولكن اختار ان يأخذه من الله لا من المخلوق انتهى وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تشهد العقول السلمية باستقامته لا عوج فيه يوجب اتهامهم لك وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وصفوا بذلك تشنيعا لهم بما هم عليه من الانهماك فى الدنيا وزعمهم ان لا حياة الا الحياة الدنيا عَنِ الصِّراطِ المستقيم الذي تدعوهم اليه لَناكِبُونَ مائلون عادلون عنه فان الايمان بالآخرة وخوف ما فيها من الدواهي من أقوى الدواعي الى طلب الحق وسلوك سبيله وليس لهم ايمان وخوف حتى يطلبوا الحق ويسلكوا سبيله ففى الوصف بعدم الايمان بالآخرة اشعار بعلة الحكم ايضا كالتشنيع المذكور قال ابو بكر الوراق من لم يهتم لامر معاده ومنقلبه وما يظهر عليه فى الملأ الأعلى والمسند الأعظم فهو ضال عن طريقته غير متبع لرشده واحسن منه حالا من لم يهتم لما جرى له فى السابقة ثم فى الآيات اخبار ان الكفار متعنتون محجوجون من كل وجه فى ترك الاتباع والاستماع الى رسول الله عليه السلام: قال الشيخ سعدى قدس سره
كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود
ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنك
قيل لما انصرف هارون الرشيد من الحج اقام بالكوفة أياما فلما خرج وقف بهلول المجنون على طريقه وناداه بأعلى صوته يا هارون ثلاثا فقال هارون تعجبا من الذي ينادينى فقيل له بهلول المجنون فوقف هارون وامر برفع الستر وكان يكلم الناس وراء الستر فقال له أتعرفني قال نعم أعرفك فقال من انا قال أنت الذي لو ظلم أحد فى المشرق وأنت فى المغرب سألك الله(6/96)
وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)
تعالى عن ذلك يوم القيامة فبكى هارون من تأثير كلامه وقال كيف ترى حالى قال اعرضه على كتاب الله وهى (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) قال اين اعمالنا قال (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) قال واين قرابتنا من رسول الله قال (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) قال واين شفاعة رسول الله إيانا قال (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا) قال هارون هل لك حاجة قال نعم ان تغفر لى ذنوبى وتدخلنى الجنة قال ليس هذا بيدي ولكن بلغنا ان عليك دينا فنقضيه عنك قال الدين لا يقضى بدين ادّ اموال الناس إليهم قال هارون أنأمر لك برزق يردّ عليك الى ان تموت قال نحن عبد ان لله تعالى أترى يذكرك وينسانى فقبل نصحه ومضى الى طريقه وأشار بهلول فى قوله الأخير الى مضمون قوله تعالى (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) لان ما ورد من حيث لا يحتسب خير مما ورد من جهة معينة:
قال الحافظ قدس سره
كنج زر كر نبود كنج قناعت باقيست ... آنكه آن داد بشاهان بگدايان ابن داد
قال الشيخ سعدى قدس سره
نيرزد عسل جان من زخم نيش ... قناعت نكوتر بدوشاب خويش
اگر پادشاهست اگر پينه دوز ... چوخفتند كردد شب هر دو روز
وَلَوْ رَحِمْناهُمْ روى انه لما اسلم ثمامة بن أثال الحنفي ولحق باليمامة ومنع الميرة عن اهل مكة وأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز وهو شىء يتخذونه من الوبر والدم قال الكاشفى [واهل مكه بخوردن مرده ومردار مبتلا شدند] جاء ابو سفيان الى رسول الله فى المدينة فقال أنشدك الله والرحم اى اسألك بالله وبحرمة الرحم والقرابة ألست تزعم انك بعثت رحمة للعالمين فقال بلى فقال قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فادع ان يكشف عنا هذا القحط فدعا فكشف عنهم فانزل الله هذه الآية وَكَشَفْنا أزلنا عنهم ما بِهِمْ [آنچهـ بر ايشان واقع است] مِنْ ضُرٍّ من سوء الحال يعنى القحط والجدب الذي غلب عليهم وأصابهم لَلَجُّوا اللجاج التمادي فى الخصومة والعناد فى تعاطى الفعل المزجور عنه وتمادى تناهى من المدى وهو الغاية والمعنى لتمادوا فِي طُغْيانِهِمْ الطغيان مجاوزة الحد فى الشيء وكل مجاوز حده فى العصيان طاغ اى فى افراطهم فى الكفر والاستكبار وعداوة الرسول والمؤمنين يعنى لارتدوا الى ما كانوا عليه ولذهب عنهم هذا التملق وقد كان ذلك
ستيزندكى كار ديو وددست ... ستيزندكى دشمنى با خود است
يَعْمَهُونَ العمه التردد فى الأمر من التحير اى عامهين عن الهدى مترددين فى الضلالة لا يدرون اين يتوجهون كمن يضل عن الطريق فى الفلاة لا رأى له ولا دراية بالطريق قال ابن عطاء الرحمة من الله على الأرواح المشاهدة ورحمته على الاسرار المراقبة ورحمته على القلوب المعرفة ورحمته على الأبدان آثار الجذبة عليها على سبيل السنة وقال ابو بكر بن طاهر كشف الضر هو الخلاص من أماني النفس وطول الأمل وطلب الرياسة والعلو وحب الدنيا(6/97)
وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)
وهذا كله مما يضر بالمؤمن وقال الواسطي للعلم طغيان وهو التفاخر به وللمال طغيان وهو البخل وللعمل والعبادة طغيان وهو الرياء والسمعة وللنفس طغيان وهو اتباع شهواتها وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ اللام جواب قسم محذوف اى وبالله لقد أخذناهم اى اهل مكة بالعذاب الدنيوي وهو ما أصابهم يوم بدر من القتل والاسر وفى التأويلات النجمية اذقناهم مقدمات العذاب دون شدائده تنبيها لهم فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ فما وجدت منهم بعد ذلك استكانة ولا تضرع لربهم ومضوا على العتو والاستكبار والاستكانة الخضوع والذلة والتضرع اظهار الضراعة اى الضعف والذلة ووزن استكان استفعل من الكون لان الخاضع ينتقل من كون الى كون كما قيل استحال إذا انتقل من حال الى حال او افتعل من السكون أشبعت فتحة عينه وصيغة المضارع فى وما يتضرعون لرعاية الفواصل وفى الإرشاد هو اعتراض مقرر لمضمون ما قبله اى وليس من عادتهم التضرع اليه تعالى حَتَّى إِذا [تا چون] فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ هو عذاب الآخرة إِذا هُمْ [ناكاه ايشان] فِيهِ [دران عذاب] مُبْلِسُونَ متحيرون آيسون من كل خير أي محناهم بكل محنة من القتل والاسر والجوع وغير ذلك فما رؤى منهم انقياد للحق وتوجه الى الإسلام واما ما أظهره ابو سفيان فليس من الاستكانة له تعالى والتضرع اليه فى شىء وانما هو نوع قنوع الى ان يتم غرضه فحاله كما قيل إذا جاع ضغا وإذا شبع طغا وأكثرهم مستمرون على ذلك الى ان يروا عذاب الآخرة فحينئذ يبلسون كقوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) وقوله تعالى (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) قال عكرمة هو باب من أبواب جهنم عليه من الخزنة اربعمائة الف سود وجوههم كالحة أنيابهم قد قلعت الرحمة من قلوبهم إذا بلغوه فتحه الله عليهم نسأل الله العافية من ذلك قال وهب بن منبه كان يسرج فى بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجرى حتى ينصب فى القناديل من غير ان تمسه الأيدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج من ابني هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابني هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابني هارون قد عملت مكانهما منى فاوحى الله اليه يا ابن عمران هكذا افعل باوليائى إذا عصونى فكيف باعدائى وخرج على سهل الصعلوكي من مستوقد حمام يهودى فى طمر اسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة إذا صرت الى عذاب الله كانت هذه جنتك وإذا صرت الى نعيم الله كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه فعلم منه ان عذاب الآخرة ليس كعذاب الدنيا ومن عرف حقيقة الحال يقع فى خوف المآل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل (ما لى لم ار ميكائيل ضاحكا قط) قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار واعلم ان المجاهدات والرياضات عذاب للنفس والطبيعة لاذابة جوهرهما من حيث الهوى والشهوات وإرجاعهما الى الفطرة الاصلية لكن لا بد مع ذلك من التضرع والبكاء وتعفير الوجوه بالتراب لانه بالاعتماد على الكسب يصعب طريق الوصول وبالافتقار والذلة(6/98)
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)
ينفتح باب القبول
جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار
وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادة ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار فعلم منه ان العذاب لا ينقطع الا بافراد العبودية لله تعالى والتواضع على وجه ليس فيه شائبة انانية أصلا نسأل الله سبحانه ان يكشف عنا ظلمة النفس وينورنا بنور الانس والقدس انه المسئول فى كل امل والمأمول من كل عمل وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ خلق لَكُمُ لمنافعكم السَّمْعَ وهى قوة فى الاذن بها تدرك الأصوات والفعل يقال له السمع ايضا ويعبر تارة بالسمع عن الاذن: وبالفارسية [كوش] وَالْأَبْصارَ جمع بصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة فيها: وبالفارسية [ديده] وَالْأَفْئِدَةَ جمع فؤاد: وبالفارسية [دل] قال الراغب هو كالقلب لكن يقال فؤاد إذا اعتبر فيه معنى التفؤد اى التوقد يقال فادت اللحم شويته ولحم فئيد مشوى وخص هذه الثلاثة بالذكر لان اكثر المنافع الدينية والدنيوية متعلق بها قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ ما صلة لتأكيد القلة اى شكرا قليلا تشكرون هذه النعم الجليلة لان العمدة فى الشكر استعمالها فيما خلقت لاجله وأنتم تخلون بها اخلالا عظيما وفى العيون لم تشكروه لا قليلا ولا كثيرا يقول الفقير وهذا لان القلة ربما تستعمل فى العدم وهو موافق لحال الكفار ثم فى الآية اشارة الى معانى ثلاثة. أحدها اظهار انعامه العظيم وافضاله الجسيم بهذه النعم الجليلة من السمع والابصار والافئدة. وثانيها مطالبة العباد بالشكر على هذه النعم. وثالثها الشكاية من العباد إذ الشاكر منهم قليل كما قال تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) وشكر هذه النعم استعمالها فى طاعة المنعم وعبوديته فشكر السمع حفظه عن استماع المنهيات وان لا يسمع الا لله وبالله وعن الله
كذركاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش
وشكر البصر حفظه عن النظر الى المحرمات وان ينظر بنظر العبرة لله وبالله والى الله
دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست
وشكر القلب تصفيته عن رين الأخلاق الذميمة وقطع تعلقه عن الكونين فلا يشهد غير الله ولا يحب الا الله
ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار ... ز دزد امانت حق را نكاه دار ومخسب
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ خلقكم وبثكم فيها بالتناسل يقال ذرأ الله الخلق اى أوجد أشخاصهم وَإِلَيْهِ تعالى لا الى غيره تُحْشَرُونَ تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم فمالكم لا تؤمنون به ولا تشكرون وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ من غير ان يشاركه فى ذلك شىء من الأشياء اى يعطى الحياة النطف والتراب والبيض والموتى يوم القيامة ويأخذ الحياة من الاحياء ولم يقل احيى وأمات كما قال انشأكم وذرأكم ولكن جاء على لفظ المضارع ليدل على ان الاحياء والاماتة عادته وَلَهُ خاصة اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى(6/99)
بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)
هو المؤثر فى تعاقبهما لا الشمس او فى اختلافهما ازديادا وانتقاصا أَفَلا تَعْقِلُونَ اى اى أتفعلون عن تلك الآيات فلا تعقلون بالنظر والتأمل ان الكل منا وان قدرتنا تعم الممكنات وان البعث من جملتها بَلْ قالُوا عطف على مضمر يقتضيه المقام اى لم يعقلوا بل قالوا اى كفار مكة مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ اى كما قال من قبلهم من الكفار ثم فسر هذا القبول المبهم بقوله قالُوا أَإِذا مِتْنا [آيا چون بميريم] وَكُنَّا تُراباً [وباشيم خاك] وَعِظاماً [واستخوانى خاكى كهنه] أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [آيا ما برانگيخته شدكان شويم استفهام بر سبيل انكار است يعنى چون خاك كرديم حشر وبعث چكونه بما راه يابد] استبعدوا ولم يتأملوا انهم كانوا قبل ذلك ايضا ترابا فخلقوا والعامل فى إذا ما دل عليه لمبعوثون وهو نبعث لان ما بعد ان لا يعمل فيما قبلها لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا اى البعث وهو مفعول ثان لوعدنا مِنْ قَبْلُ متعلق بالفعل من حيث اسناده الى آبائهم لا إليهم اى وعد آباؤنا من قبل محمد فلم يروا له حقيقة: يعنى [ما را و پدران ما را بوعده حشر ونشر تخويف كرده اند واين وعده راست نشد] إِنْ هذا ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أكاذيبهم التي سطروها من غير ان يكون لها حقيقة. جمع اسطورة لانه يستعمل فيما يتلهى به كالاعاجيب والاضاحيك وفيه اشارة الى ان الناس كلهم اهل تقليد من المتقدمين والمتأخرين إلا من هداه الله بنور الايمان الى التصديق بالتحقيق فان المتأخرين هاهنا قلدوا آباءهم المتقدمين فى تكذيب الأنبياء والجحود وانكار البعث: قال الجامى قدس سره
خواهى بصوت كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها من المخلوقات تغليبا للعقلاء على غيرهم إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شيأ ما فاخبرونى به فان ذلك كاف فى الجواب وفيه من المبالغة فى وضوح الأمر فى تجهيلهم ما لا يخفى سَيَقُولُونَ لِلَّهِ لان بديهة العقل تضطرهم الى الاعتراف بانه تعالى خالقها قُلْ عند اعترافهم بذلك تبكيتا لهم أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى تقولون ذلك فلا تتذكرون ان من فطر الأرض وما فيها ابتداء قادر على إعادتها ثانيا فان البدء ليس باهون من الاعادة بل الأمر بالعكس فى قياس العقول قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ترقى فى الأمر بالسؤال من الأدنى والأصغر الى الأعلى والأكبر فان السموات والعرش أعظم من الأرض ولا يلزم منه ان يكون من فى السموات أجل ممن فى الأرض حتى تكون الملائكة أفضل من جنس البشر كما لا يخفى سَيَقُولُونَ لِلَّهِ باللام نظرا الى معنى السؤال فان قولك من ربه ولمن هو فى معنى واحد يعنى إذا قلت من رب هذا فمعناه لمن هذا فالجواب لفلان قُلْ توبيخا لهم أَفَلا تَتَّقُونَ اى أتعملون ذلك فلا تتقون عذابه بعد العمل بموجب العلم حيث تكفرون به وتنكرون البعث وتثبتون له شريكا فى الربوبية قدم التذكر على التقوى لانهم بالتذكر يصلون الى المعرفة وبعد ان عرفوه علموا انه يجب عليهم اتقاء مخالفته قُلْ مَنْ بِيَدِهِ اليد فى الأصل اسم موضوع للجارحة من المنكب الى أطراف الأصابع وهو العضو المركب من لحم وعظم وعصب وكل من هذه الثلاثة جسم مخصوص بصفة مخصوصة(6/100)
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)
والله تعالى متعال عن الأجسام كلها وعن مشابهتها فلما تعذرت وجب الحمل على التجوز عن معنى معقول هو القدرة وبه نفسر قوله عليه السلام (ان الله خمر طينة آدم بيده) اى بقدرته الباهرة فان العضو المركب منها محال على الله ليس كمثله شىء لانه يلزم تركبه وتحيزه وذلك امارة الحدوث المنافى للازلية والقدم وكذلك الإصبعان فى قوله عليه السلام (ان قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن) فان اهل الحق على ان الإصبعين وكذا اليدان فى قوله (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) مجازان عن القدرة فانه شائع اى خلقت بقدرة كاملة ولم يرد بقدرتين مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ مما ذكر ومما يذكر اى ملكه التام فان الملكوت الملك والتاء للمبالغة قال الراغب الملكوت مختص بملك الله تعالى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان لكل شىء ملكوتا وهو روحه من عالم الملكوت الذي هو قائم به يسبح الله تعالى به كقوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وروح ذلك بيد الله انتهى يقول الفقير وهو الموافق لما قبل الآية فانه تعالى لما بين انه يهب كل جسم وجرم بين ان بيده روح ذلك الجسم والجرم وَهُوَ يُجِيرُ اى يغيث غيره إذا شاء وَلا يُجارُ عَلَيْهِ اى ولا يغاث أحد عليه اى لا يمنع أحد منه بالنصر عليه وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة وفى التأويلات النجمية وهو يجير الأشياء من الهلاك بالقيومية ولا يجار عليه اى لا مانع له ممن أراد هلاكه إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ذلك فاجيبونى سَيَقُولُونَ لِلَّهِ اى لله ملكوت كل شىء وهو الذي يجير ولا يجار عليه قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ اى فمن اين تخدعون وتصرفون عن الرشد مع علمكم به مع ما أنتم عليه من الغى فان من لا يكون مسحورا مختلا عقله لا يكون كذلك والخادع هو الشيطان والهوى
اى كه پى نفس وهوى ميروى ... ره اينست خطا ميروى «1»
راه روان ز ان ره ديكر روند ... پس تو بدين راه چرا ميروى
منزل مقصود از ان جا نبست ... پس تو ازين سو بكجا ميروى
بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ من التوحيد والوعد بالبعث وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما قالوا من الشرك وانكار البعث بين انهم أصروا على جحودهم وأقاموا على عتوهم ونبوهم بعد ان ازيحت العلل فلات حين عذر وليس المساهلة موجب بقاء وقد انتقم الله منهم فانه يمهل ولا يمهل قال سقراط اهل الدنيا كسطور فى صحيفة كلما نشر بعضها طوى بعضها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة فقد مضى ستة آلاف سنة وليأتين عليها مئون من سنين ليس عليها موحدين يعنى عند آخر الزمان فكل من السعيد والشقي لا يبقى على وجه الدهر فيموت ثم يبعث فيجازى: وفى المثنوى
خاك را ونطفه را ومضغه را ... پيش چشم ما همى دارد خدا
كز كجا آوردمت اى بد نيت ... كه از ان آيد همى خفريقيت
نو بدان عاشق بدى در دور آن ... منكر اين فضل بودى آن زمان
اين كرم چون دفع آن انكار تست ... كه ميان خاك ميكردى نخست
حجت انكار شد انشار تو ... از دوا بهتر شد اين بيمار تو
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ.(6/101)
مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)
خاك را تصوير اين كار از كجا ... نطفه را خصمى وانكار از كجا
چون دران دم بي دل وبي سر بدى ... فكرت وانكار را منكر بدى
از جمادى چونكه انكارت برست ... هم ازين انكار حشرت شد درست
پس مثال تو چوآن حلقه زنيست ... كز درونش خواجه كويد خواجه نيست
حلقه زن زين نيست دريابد كه هست ... پس ز حلقه برندارد هيچ دست
پس هم انكارت مبين ميكند ... كز جماداو حشر صد فن ميكند
چند صنعت رفت از انكار تا ... آب وگل انكار زاد از هل اتى
آب وكل ميكفت خود انكار نيست ... بانك ميزد بيخبر كاخبار نيست
مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ كما يقول النصارى والقائلون ان الملائكة بنات الله لانه لم يجانس أحدا ولم يماثله حتى يكون من جنسه وشبهه صاحبة فيتوالدا وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ يشاركه فى الالوهية كما يقول عبدة الأصنام وغيرهم والآية حجة على من يقول خالق النور غير خالق الظلمة إِذاً [آن هنكام] وهو يدخل على جواب وجزاء وهو لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ولم يتقدمه شرط لكن قوله وما كان معه من اله يدل على شرط محذوف تقديره ولو كان معه آلهة لانفرد كل اله بما خلقه واستبدّ به دون الإله الآخر وامتاز ملكه عن ملك الآخر: وبالفارسية [ببرد خداى آنرا كه آفريده بود ودر آن مستقل ومستبد باشد پس مخلوقات اين خداى از مخلوق ديكر ومشاهده ميرود كه ميان هيچ مخلوقات علامت تميز نيست پس ثابت شد كه با او هيچ خداى نيست وحده لا شريك له وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اتخاذ الولد لا يصح كاتخاذ الشريك والأمران جميعا داخلان فى حد الاستحالة لان الولد والشريك يوجب المساواة فى القدر والصمدية تتقدس عن جواز ان يكون له مثل او جنس ولو تصورنا جوازه إذا لذهب كل اله بما خلق فكل امر نيط باثنين فقد انتفى عن النظام وصحة الترتيب
بر وحدتش صحيفه لا ريب حجتست ... اينك نوشته از شهد الله بر ان كواه
وَلَعَلا لغلب بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ كما هو الجاري فيما بين ملوك الدنيا فلم يكن بيده وحده ملكوت كل شىء وهو باطل لا يقول به عاقل قط قال الكاشفى [اگر باو خدايى بودى و چنانچهـ كفته شد مخلوق خود را خدا كردى وملك آواز ملك اين ممتاز شدى هر آيينه طرح نزاع وحرب ميان ايشان پديد آمدى چنانچهـ از حال ملوك دنيا معلومست وبإجماع واستقرا معلوم شد كه اين تجارب وتنازع واقع نيست پس او را شريك نبود] قال فى الاسئلة المقحمة (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) اى لغلب منهما القوى على الضعيف وهو دليل على انه لو كان إلهان لوقع التمانع بينهما بالعلم والقدرة فانه إذا أراد أحدهما احياء زيد والآخر إفناءه استوت قدرتهما بمنع كل واحد منهما فعل صاحبه ومهما ارتفع مراد أحدهما غلب صاحبه بالقدرة ونظيره حبل يتجاذبه اثنان فاذا استويا فى القدرة بقيا متجاذبين فان غلب أحدهما بالجذب لم يبق لفعل الآخر اثر فهو معنى الآية سُبْحانَ اللَّهِ نزهوه تنزيها وقال(6/102)
عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)
الكاشفى [پاكست خداى تعالى] وفى بحر العلوم تنزيه او تعجيب عَمَّا يَصِفُونَ اى يصفونه ويضيفونه اليه من الأولاد والشركاء عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ بالجر على انه بدل من الجلالة اى عالم السر والعلانية: وبالفارسية [پوشيده وآشكار] وفى التأويلات النجمية عالم الملك والملكوت والأرواح والأجساد انتهى ثم ان الغيب بالنسبة إلينا لا بالنسبة اليه تعالى فهو عالم به وبالشهادة على سواء وهو دليل آخر على انتفاء الشريك بناء على توافقهم فى تفرده تعالى بذلك ولذلك رتب عليه بالفاء قوله تعالى فَتَعالى الله وتنزه عَمَّا يُشْرِكُونَ به مما لا يعلم شيأ من الغيب ولا يتكامل عليه بالشهادة فان تفرده بذلك موجب لتعاليه عن ان يكون له شريك قال الراغب شرك الإنسان فى الدين ضربان أحدهما الشرك العظيم وهو اثبات شريك لله تعالى يقال أشرك فلان بالله وذلك أعظم كفر والثاني الشرك الصغير وهو مراعاة غير الله معه فى بعض الأمور وذلك كالرياء والنفاق وفى الحديث (والشرك فى هذه الامة أخفى من دبيب النمل على الصفا)
مرايى هر كسى معبود سازد ... مرايى را از ان كفتند مشرك
قال الشيخ سعدى قدس سره
منه آب زر جان من بر پشيز ... كه صراف دانا نكيرد بچيز
قال يحيى بن معاذ ان للتوحيد نورا وللشرك نارا وان نور التوحيد احرق سيآت الموحدين كما ان نار الشرك أحرقت حسنات المشركين- روى- ان قائلا قال يا رسول الله فبم النجاة غدا قال (ان لا تخادع الله) قال وكيف نخادع الله قال (ان لا تعمل بما أمرك الله وتريد به غير وجه الله) .
ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار
والعمدة فى هذا الباب التوحيد فانه كما يتخلص من الشرك الأكبر الجلى بالتوحيد كذلك يتخلص من الشرك الأصغر به فينبغى ان يشتغل به ويجتهد قدر الاستطاعة لينال على درجات اهل الايمان والتوحيد من الصديقين ولكن برعاية الشريعة النبوية والاجتناب عن الصفات الذميمة للنفس حتى يتخلق بأخلاق الله نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المنقطعين عما سواه والعاملين بالله لله فى الله قُلْ رَبِّ [اى پروردگار من] إِمَّا أصله ان ما وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط كالنون فى قوله تُرِيَنِّي اى ان كان لا بد من ان ترينى: وبالفارسية [اگر نمايى مرا] ما يُوعَدُونَ اى المشركون من العذاب الدنيوي المستأصل والوعد يكون فى الخير والشر يقال وعدته بنفع وضر رَبِّ يا رب فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ اى قرينا لهم فى العذاب وأخرجني من بين أيديهم سالما والمراد بالظلم الشرك وفيه إيذان بكمال فظاعة ما وعدوه من العذاب وكونه بحيث يجب ان يستعيذ منه من لا يكاد يمكن ان يحيق به ورد لانكارهم إياه واستعجالهم به على طريقة الاستهزاء وهذا يدل على ان البلاء ربما يعم اهل الولاء وان للحق ان يفعل ما يريد ولو عذب البر لم يكن ذلك منه ظلما ولا قبيحا وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ من العذاب لَقادِرُونَ(6/103)
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)
ولكنا نؤخره لعلمنا بان بعضهم او بعض أعقابهم سيؤمنون أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم ادْفَعْ بِالَّتِي بالطريقة التي هِيَ أَحْسَنُ اى احسن طرق الدفع من الحلم والصفح السَّيِّئَةَ التي تأتيك منهم من الأذى والمكروه وهو مفعول ادفع والسيئة الفعلة القبيحة وهو ضد الحسنة قال بعضهم استعمل معهم ما جعلناك عليه من الأخلاق الكريمة والشفقة والرحمة فانك أعظم خطرا من ان يؤثر فيك ما يظهرونه من انواع المخالفات وفى التأويلات النجمية يعنى مكافأة السيئة جائزة لكن العفو عنها احسن ويقال ادفع بالوفاء الجفاء ويقال الأحسن ما أشار اليه القلب بالمعافاة والسيئة ما تدعو اليه النفس للمكافأة ويقال [دفع كن ظلمت خلائق را بنور حقائق يا خظوظ خود را بحقوق خدا طى كن تيه حوادث را بقدم سلوك در طريق معرفت
چوطى كشت تيه حوادث از آنجا ... بملك قدم ران بيك حمله محمل
در ان قلزم نور شو غوطه زن ... فرو شوى از خويشتن ظلمت ظل
يكى خوان يكى دان يكى كويكى جو ... سوى الله والله زور است وباطل
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ بما يصفونك به على خلاف ما أنت عليه كالسحر والشعر والجنون والوصف ذكر الشيء بحليته ونعته قد يكون حقا وقد يكون باطلا وفيه وعيد لهم بالجزاء والعقوبة وتسلية لرسول الله وارشاد له الى تفويض امره اليه تعالى وَقُلْ رَبِّ يا رب أَعُوذُ بِكَ العوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ اى وساوسهم المغوية على خلاف ما أمرت به من المحاسن التي من حملتها دفع السيئة بالحسنة واصل الهمز النخس ومنه مهماز الرائض اى معلم الدواب ونحو الهمز الاز فى قوله تؤزهم أزا قال الراغب الهمز كالعصر يقال همزت الشيء فى كفى ومنه الهمز فى الحروف انتهى شبه حثهم للناس على المعاصي بهمز الرائض الدواب على الاسراع أو الوثب والجمع للمرات او لتنوع الوساوس او لتعدد المضاف اليه وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ أصله يحضروننى فحذفت احدى النونين ثم حذفت ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة اى من ان يحضرونى ويحوموا حولى فى حال من الأحوال صلاة او تلاوة او عند الموت او غير ذلك قال الحسن كان عليه السلام يقول عند استفتاح الصلاة (لا اله الا الله ثلاثا الله اكبر ثلاثا اللهم انى أعوذ بك من همزات الشياطين من همزها ونفثها ونفخها وأعوذ بك رب ان يحضرون) يعنى بالهمز الجنون وبالنفث الشعر وبالنفخ الكبر- روى- انه اشتكى بعضهم ارقا فقال عليه السلام إذا أردت النوم فقل (أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون) وكلمات الله كتبه المنزلة على أنبيائه او صفات الله كالعزة والقدرة وصفها بالتمام لعرائها عن النقص والانقصام قال بعضهم هذا مقام من بقي له التفات الى غير الله فاما من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجئ الا الى الله والنبي عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام قال (أعوذ بك منك) وكان عليه السلام إذا دخل الخلاء قال (اللهم انى أعوذ بك من الخبث والخبائث) اى من ذكور الجن وإناثهم مما اتصف بالخباثة وأجمعت الامة على عصمة النبي عليه السلام فان قرينه من الجن قد اسلم(6/104)
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)
او انه قد نزع منه مغمز الشيطان فالمراد من الاستعاذة تحذير غيره من شر الشيطان ثم ان الشيطان يوسوس فى صدور الناس فيغوى كل أحد من الرجال والنساء ويوقع الأشرار فى البدع والأهواء وفى الحديث (صنفان من اهل النار لم أرهما) يعنى فى عصره عليه السلام لطهارة ذلك الصر بل حدثا بعده (قوم معهم سياط) يعنى أحدهما قوم فى أيديهم سياط جمع سوط تسمى تلك السياط فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهى جلدة طرفها مشدود عرضها كعرض الإصبع الوسطى يضربون بها السارقين عراة قيل هم الطوافون على أبواب الظلمة كالكلاب يطردون الناس عنها بالضرب والسباب (كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء) يعنى ثانيهما نساء (كاسيات) يعنى فى الحقيقة (عاريات) يعنى فى المعنى لانهن يلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها او معناه عاريات من لباس التقوى وهن اللاتي يلقين ملاحفهن من ورائهن فتنكشف صدورهن كنساء زماننا او معناه كاسيات بنعم الله عاريات عن الشكر يعنى ان نعيم الدنيا لا ينفع فى الآخرة إذا خلا عن العمل الصالح وهذا المعنى غير مختص بالنساء (مميلات) اى قلوب الرجال الى الفساد بهن او مميلات أكتافهن واكفالهن كما تفعل الراقصات او مميلات مقانعهن عن رؤسهن لتظهر وجوههن (مائلات) الى الرجال او معناه متبخترات فى مشيهن (رؤسهن كاسنمة البخت) يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسنمة البخت او معناه ينظرن الى الرجال برفع رؤسهن (المائلة) لان أعلى السنام يميل لكثرة شحمه (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا) اى من مسيرة أربعين عاما حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ حتى التي يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الاسمية وهى مع ذلك غاية لما قبلها متعلقة بيصفون اى يستمرون على سوء الذكر حتى إذا جاء أحدهم كافرا اى أحد كان الموت الذي لامر دله وظهرت له احوال الآخرة قالَ تحسرا على ما فرط فيه من الايمان والعمل رَبِّ يا رب ارْجِعُونِ ردنى الى الدنيا والواو لتعظيم المخاطب لان العرب تخاطب الواحد الجليل الشان بلفظ الجماعة وفيه رد على من يقول الجمع للتعظيم فى غير المتكلم انما ورد فى كلام المولدين ثم انه يقول له الى أي شىء تذهب الى جمع المال او غرس الغراس او بناء البنيان او شق الأنهار فيقول لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ اى فى الايمان الذي تركته اى لعلى اعمل فى الايمان الذي آتى به البتة عملا صالحا فلم ينتظم الايمان فى مسلك الرجاء كسائر الأعمال الصالحة بان يقول لعلى او من فاعمل إلخ للاشعار بانه امر مقرر الوقوع غنى عن الاخبار بوقوعه فضلا عن كونه مرجو الوقوع وقال فى الجلالين (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) اى اشهد بالتوحيد (فِيما تَرَكْتُ) حين كنت فى الدنيا انتهى قال بعضهم الخطاب فى ارجعون لملك الموت وأعوانه وذكر الرب للقسم كما فى الكبير واستعان بالله اولا ثم بهم كما فى الاسئلة المقحمة وكما قال الكاشفى [امام ثعلبى با جمعى مفسران برانند كه خطاب با ملك الموت وأعوان اوست أول بكلمه رب استعانة مى نمايند بخداى وبكلمه ارجعون رجوع مى نمايند بملائكة] ويدل عليه قوله عليه السلام (إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك الى الدنيا فيقول الى دار الهموم والأحزان(6/105)
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)
بل قدوما الى الله تعالى واما الكافر فيقول ارجعون) وقيل أريد بقوله فيما تركت فيما قصرت فتدخل فيه العبادات البدنية والمالية والحقوق قال فى الكبير وهو اقرب كأنهم تمنوا الرجعة ليصلحوا ما أفسدوه يقول الفقير فالمراد بالعمل الصالح هو العمل المبنى على الايمان لانه وان كان عمل عملا فى صورة الصالح لكنه كان فاسدا فى الحقيقة حيث احبطه الكفر فلما شاهد بطلانه رجا أن يرجع الى الدنيا فيؤمن ويعمل عملا صالحا صورة وحقيقة وقال القرطبي سؤال الرجعة غير مختص بالكافر اى بل يعم المؤمن المقصر قال فى حقائق البقلى بين الله سبحانه ان من كان ساقطا عن مراتب الطاعات لم يصل الى الدرجات ومن كان محروما من المراقبات فى البدايات كان محجوبا عن المشاهدات والمعاينات فى النهايات وان اهل الدعاوى المزخرفات والترهات تمنوا فى وقت النزع ان لم تمض عليهم أوقاتهم بالغفلة عن الطاعات ولم يشتغلوا بالدعاوى المخالفات والمحالات فاقبل على طاعة مولاك واجتنب الدعاوى واطلاق القول فى الأحوال فان ذلك فتنة عظيمة هلك فى ذلك طائفة من المريدين وما فزع أحد الى تصحيح المعاملات الا اداه بركة ذلك الى قرب الرب ومقام الامن ولا ترك أحد هذه الطريقة الا تعطل وفسد ووقع فى الخوف العظيم وتمنى حين لا ينفع التمني: قال الحافظ
كارى كنيم ور نه خجالت برآورد ... روزى كه رخت جان بجهان دكر كشيم
وقال الخجندي
علم وتقوى سر بسر دعويست ومعنى ديكرست ... مرد معنى ديكر وميدان دعوى ديكرست
كَلَّا ردع عن طلب الرجعة واستبعاد لها اى لا يرد الى الدنيا ابدا إِنَّها اى قولة رب ارجعون كَلِمَةٌ الكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضه مع بعض هُوَ اى ذلك الأحد قائِلُها عند الموت لا محالة لتسلط الحزن عليه ولا يجاب لها وَمِنْ وَرائِهِمْ فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وامام اى من الاضداد. والمعنى امام ذلك الأحد والجمع باعتبار المعنى لانه فى حكم كلهم كما ان الافراد فى قال وما يليه باعتبار اللفظ بَرْزَخٌ حائل بينهم وبين الرجعة وهو القبر وفى التأويلات النجمية وهو ما بين الموت الى البعث اى بين الدنيا والآخرة وهو غير البرزخ الذي بين عالم الأرواح المثالي وبين هذه النشأة العنصرية إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ يوم القيامة وهو اقناط كلى من الرجعة الى الدنيا لما علم ان لا رجعة يوم البعث الى الدنيا واما الرجعة حينئذ فالى الحياة الاخروية فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ لقيام الساعة وهى النفخة الثانية التي عندها البعث والنشور والنفخ نفخ الريح فى الشيء والصور مثل قرن ينفخ فيه فيجعل الله ذلك سببا لعود الأرواح الى أجسادها فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ تنفعهم لزوال التراحم والتعاطف من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه اولا انساب يفتخرون بها والنسب القرابة بين اثنين فصاعدا اى اشتراك من جهة أحد الأبوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والأبناء ونسب بالعرض كالنسب بين الاخوة وبنى الأعمام يَوْمَئِذٍ كما بينهم اليوم وَلا يَتَساءَلُونَ اى لا يسأل بعضهم(6/106)
بعضا فلا يقول له من أنت ومن أي قبيلة ونسب أنت ونحو ذلك لاشتغال كل منهم بنفسه لشدة الهول فلا يتعارفون ولا يتساءلون كما انه إذا عظم الأمر فى الدنيا لم يتعرف الوالد لولده ولا يناقضه قوله تعالى (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) لان عدم التساؤل عند ابتداء النفخة الثانية قبل المحاسبة والتساؤل بعد ذلك وايضا يوم القيامة يوم طويل فيه خمسون موطنا كل موطن الف سنة ففى موطن يشتد عليهم الهول والفزع بحيث يشغلهم عن التساؤل والتعارف فلا يفطنون لذلك وفى موطن يفيقون افاقة فيتساءلون وتتعارفون وعن الشعبي قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله اما نتعارف يوم القيامة اسمع الله يقول (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فقال عليه السلام (ثلاثة مواطن تذهل فيها كل نفس حين يرمى الى كل انسان كتابه وعند الموازين وعلى جسر جهنم) قال ابن مسعود رضى الله عنه يؤخذ بيد العبد والامة يوم القيامة فينصب على رؤس الأولين والآخرين ثم ينادى مناد ألا ان هذا فلان ابن فلان فمن كان له عليه حق فليأت الى
حقه فيفرح العبد يومئذ ان يثبت له حق على والده وولده او زوجته وأخيه فلا انساب بينهم يومئذ وعن قتادة لا شىء ابغض الى الإنسان يوم القيامة من ان يرى من يعرفه ان يثبت له عليه شىء ثم تلا (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) الآية قال محمد بن على الترمذي قدس سره الأنساب كلها منقطعة الا من كانت نسبته صحيحة فى عبودية ربه فان تلك نسبة لا تنقطع ابدا وتلك النسبة المفتخر بها لا نسبة الأجناس من الآباء والأمهات والأولاد قال الأصمعي كنت أطوف بالكعبة فى ليلة مقمرة فسمعت صوتا حزينا فتبعت الصوت فاذا انا بشاب حسن ظريف تعلق بأستار الكعبة وهو يقول نامت العيون وغارت النجوم وأنت الملك الحي القيوم وقد غلقت الملوك ابوابها واقامت عليها حرسها وحجابها وبابك مفتوح للسائلين فها انا سائلك ببابك مذنبا فقيرا مسكينا أسيرا جئت انتظر رحمتك يا ارحم الراحمين ثم انشأ يقول
يا من يجيب دعا المضطر فى الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع القسم
قد نام وفدى حول البيت وانتبهوا ... وأنت يا حى يا قيوم لم تنم
أدعوك ربى ومولاى ومستندى ... فارحم بكائي بحق البيت والحرم
أنت الغفور فجدلى منك مغفرة ... او اعف عنى يا ذا الجود والنعم
ان كان عفوك لا يرجوه ذو جرم ... فمن يجود على العاصين بالكرم
ثم رفع رأسه نحو السماء وهو ينادى يا الهى وسيدى مولاى ان أطعتك فلك المنة على وان عصيتك فبجهلى فلك الحجة علىّ اللهم فباظهار منتك علىّ واثبات حجتك لدىّ ارحمني واغفر ذنوبى ولا تحرمنى رؤية جدى قرة عينى وحبيبك وصفيك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم ثم انشأ يقول
ألا ايها المأمول فى كل شدة ... إليك شكوت الضر فارحم شكايتى
ألا يا رجائى أنت كاشف كربتى ... فهب لى ذنوبى كلها واقض حاجتى
فزادى قليل ما أراه مبلغى ... على الزاد ابكى أم لبعد مسافتى(6/107)
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)
أتيت باعمال قباح رديئة ... وما فى الورى خلق جنى كجنايتى
فكان يكرر هذه الأبيات حتى سقط على الأرض مغشيا عليه فدنوت منه فاذا هو زين العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب فوضعت رأسه فى حجرى وبكيت لبكائه بكاء شديدا شفقة عليه فقطر من دموعى على وجهه فافاق من غشيته وفتح عينه وقال من الذي شغلنى عن ذكر مولاى فقلت انا الأصمعي يا سيدى ما هذا البكاء وما هذا الجزع وأنت من اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة أليس الله يقول (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال فاستوى جالسا وقال يا أصمعي هيهات ان الله تعالى خلق الجنة لمن أطاعه وان كان عبدا حبشيا وخلق النار لمن عصاه وان كان ملكا قرشيا اما سمت قوله تعالى (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) وفى التأويلات النجمية يشير الى ان نفحة العناية الربوبية إذا نفخت فى صور القلب قامت القيامة وانقطعت الأسباب فلا يلتفت أحد الى أحد من أنسابه لا الى اهل ولا الى ولد لاشتغاله بطلب الحق تعالى واستغراقه فى بحر المحبة فلا يسأل بعضهم بعضا عما تركوا من اسباب الدنيا ولا عن احوال أهاليهم وأخدانهم وأوطانهم وإذا فارقوها كان لكل امرئ منهم يومئذ شأن فى طلب الحق يغنيه عن مطالبة الغير فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ موزونات حسناته من العقائد والأعمال اى فمن كان له عقائد صحيحة واعمال صالحة يكون لها وزن وقدر عند الله فهو جمع موزون بمعنى العمل الذي له وزن وخطر عند الله وباقى الكلام فى هذا المقام سبق فى تفسير سورة الأعراف فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مهروب ولما كان حرف من يصلح للواحد والجمع وحد على اللفظ وجمع على المعنى وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ اى ومن لم يكن له من العقائد والأعمال ماله وزن وقدر عند الله تعالى وهم الكفار لقوله تعالى (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ضيعوها بتضييع زمان استكمالها وأبطلوا استعدادها لنيل كمالها والخسر والخسران انتقاص رأس المال كما فى المفردات قال الكاشفى [پس كروه آنند كه زيان كرده اند از نفسهاى يعنى سرمايه عمر بباد غفلت برداند واستعدادات حصول كمال را بطلب آرزوهاى نفس ومتابعت شهوات ضايع ساختند] فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ بدل من صلة او خبر ثان لاولئك قال فى التأويلات النجمية الإنسان كالبيضة المستعدة لقبول تصرف ولاية الدجاجة وخروج الفروخ منها فما لم تتصرف فيها الدجاجة يكون استعدادها باقيا فاذا تصرف الدجاجة فيها فتغيرت عن حالها الى حال الفروخية ثم انقطع تصرف الدجاجة عنها تفسد البيضة فلا ينفعها التصرف بعد ذلك لفساد الاستعداد ولهذا قالوا مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة وهذا معنى قوله (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) اى فى جهنم أنفسهم فلا يخرجون بالفروخية وليس من سنة الله إصلاح الاستعداد بعد إفساده: قال الجامى
آنرا كه زمين كشد درون چون قارون ... نى موسيش آورد برون هارون
فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ تحرقها يقال لفحته النار بحرها أحرقته كما فى القاموس واللفح(6/108)
أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112)
كالنفح الا انه أشد تأثيرا كما فى الإرشاد وغيره وتخصيص الوجوه بذلك لانها اشرف الأعضاء وأعظم ما يصان منها فبيان حالها از جر عن المعاصي المؤدية الى النار وهو السر فى تقديمها على الفاعل وَهُمْ فِيها كالِحُونَ من شدة الاحتراق. والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان كما ترى الرؤوس المشوية وعن مالك بن دينار كان سبب توبة عتبة الغلام انه مر فى السوق برأس اخرج من التنور فغشى عليه ثلاثة ايام ولياليهن وفى الحديث (تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخى شفته السفلى حتى تبلغ سرته) انتهى فيقال لهم تعنيفا وتوبيخا وتذكيرا لما به استحقوا ما ابتلوا به من العذاب أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فى الدنيا فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ حينئذ قالُوا يا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا اى ملكتنا شِقْوَتُنا التي اقترفناها بسوء اختيارنا فصارت أحوالنا مؤدية الى سوء العاقبة قال القرطبي واحسن ما قيل فى معناه غلبت علينا لذاتنا واهواؤنا فسمى اللذات والأهواء شقوة لانهما تؤديان إليها قال ابو تراب الشقوة حسن الظن بالنفس وسوء الظن بالخلق وَكُنَّا بسبب ذلك قَوْماً ضالِّينَ عن الحق ولذلك فعلنا ما فعلنا من التكذيب وسائر المعاصي رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ متجاوزون الحد فى الظلم لانفسنا قالَ تعالى بطريق القهر اخْسَؤُا فِيها اسكتوا فى النار سكوت هوان فانها ليست مقام سؤال وانزجروا انزجار الكلاب إذا زجرت من خسأت الكلب إذا زجرته مستهينا به فخسأ اى انزجر وَلا تُكَلِّمُونِ اى باستدعاء الإخراج من النار والرجع الى الدنيا فانه لا يكون ابدا إِنَّهُ تعليل لما قبله من الزجر عن الدعاء اى ان الشان كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي وهم المؤمنون يَقُولُونَ فى الدنيا رَبَّنا آمَنَّا صدقنا بك وبجميع ما جاء من عندك فَاغْفِرْ لَنا استر ذنوبنا وَارْحَمْنا وأنعم علينا بنعمك التي من جملتها الفوز بالجنة والنجاة من النار وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ لان رحمتك منبع كل رحمة فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا مهزوا بهم اى اسكتوا عن الدعاء بقولكم ربنا إلخ لانكم كنتم تستهزؤن بالداعين بقولهم ربنا آمنا إلخ وتتشاغلون حَتَّى أَنْسَوْكُمْ اى الاستهزاء بهم فان أنفسهم ليست سبب الانساء ذِكْرِي اى ذكركم إياي والخوف منى والعمل بطاعتي من فرط اشتغالكم باستهزائهم وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ وذلك غاية الاستهزاء وقال مقاتل نزلت فى بلال وعمار وسلمان وصهيب وأمثالهم من فقراء الصحابة كان كفار قريش كابى جهل وعتبة وابى بن خلف واضرابهم يستهزؤن بهم وبإسلامهم ويؤذونهم إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا بسبب صبرهم على اذيتهم والصبر حبس النفس عن الشهوات أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ تأنى مفعولى الجزاء اى جزيتهم فوزهم بمجامع مراداتهم مخصوصين به وفى التأويلات النجمية وفيه من اللطائف ان اهل السعادة كما ينتفعون بمعاملاتهم الصالحة مع الله من الله ينتفعون بانكار منكريهم واستخفاف مستهزئيهم وان اهل الشقاوة كما يخسرون بمعاملاتهم الفاسدة مع أنفسهم يخسرون باستهزائهم وانكارهم على الناصحين المرشدين قالَ الله تعالى تذكيرا لما لبثوا فيما سألوا الرجوع اليه من الدنيا بعد التنبيه على استحالته بقوله (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(6/109)
قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)
كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ التي تدعون ان ترجعوا إليها يقال لبث بالمكان اقام به ملازما له عَدَدَ سِنِينَ تمييز لكم قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ استقصارا لمدة لبثهم فيها بالنسبة الى دخولهم فى النار او لانها كانت ايام السرور وايام السرور قصار أو لأنها منقضية والمنقضى كالمعدوم
هر دم از عمر كرامى هست كنج بى بدل ... ميرود كنجى چنين هر لحظه بر باد آه آه
فَسْئَلِ الْعادِّينَ اى الذين يعلمون عد ايامها ان أردت تحقيقها فانا لما نحن فيه من العذاب مشغولون عن تذكرها وإحصائها وفى التأويلات النجمية فاسأل العادين يعنى الذين يعدّون أنفاسنا وأيامنا وليالينا من الملائكة الموكلين علينا قالَ الله تعالى إِنْ ما لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا تصديقا لهم فى تقليلهم لسنى لبثهم فى الدنيا وقليلا صفة مصدر محذوف اى لبثا قليلا او زمان محذوف اى زمانا قليلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لعلمتم يومئذ قلة لبثكم فيها كما علمتم اليوم وفى بحر العلوم اى لو كنتم تعلمون مقدار لبثكم من الطول لما أجبتم بهذه المدة فعلى العاقل ان يتدارك حاله ويصلح اعماله قبل ان تنفد الأنفاس وينهدم الأساس: قيل
ألا انما الدنيا كظل سحابة ... أظلتك يوما ثم عنك اضمحلت
فلا تك فرحانا بها حين أقبلت ... ولا تك جزعانا بها حين ولت
قال أردشير بن بابك بن ساسان وهو أول ملك من آل ساسان لا تركنن الى الدنيا فانها لا تبقى على أحد ولا تتركها فان الآخرة لا تنال الا بها قال العلامة الزمخشري استغنم تنفس الاجل وإمكان العمل واقطع ذكر المعاذير والعلل فانك فى أجل محدود وعمر غير ممدود قال الشيخ سعدى قدس سره
كنون وقت تخمست اگر پرورى ... كر اميدوار اى كه خرمن برى
بشهر قيامت مرو تنكدست ... كه وجهى ندارد بغفلت نشست
غنيمت شمر اين كرامى نفس ... كه پى مرغ قيمت ندارد قفس
مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف
قال بعض الكبار لو علمت ان مافات من عمرك لا عوض له لم يصح منك غفلة ولا إهمال ولكنت تأخذ بالعزم والحزم بحيث تبادر الأوقات وتراقب الحالات خوف الفوات عاملا على قول القائل
السباق السباق قولا وفعلا ... حذر النفس حسرة المسبوق
وما حصل من عمرك إذا علمت ان لا قيمة له كنت تستغرق أوقاتك فى شكر الحاصل وتحصيل الواصل فقد قال على رضى الله عنه بقية عمر المرء مالها ثمن يدرك به منها ما فات ويحيى ما مات وفى الحديث (ما من ساعة تأتى على العبد لا يذكر الله فيها الا كانت عليه حسرة يوم القيامة) واعلم ان العباد على قسمين فى أعمارهم فرب عمر اتسعت آماده وقلت إمداده كاعمار بعض بنى إسرائيل إذ كان الواحد منهم يعيش الالف ونحوها ولم يحصل على شى مما يحصل لهذه الامة مع قصر أعمارها ورب عمر قليلة آماده كثيرة إمداده كعمر من فتح عليه من هذه(6/110)
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)
الامة فوصل الى عناية الله بلمحة فمن بورك له فى عمره أدرك فى يسير من الزمان ما لا يدخل تحت العبارة فالخذلان كل الخذلان ان تتفرع من الشواغل ثم لا تتوجه اليه بصدق النية حتى يفتح عليك بما لا تصل الهمم اليه وان تقل عوائقك ثم لا ترحل اليه عن عوالم نفسك والاستئناس بيومك وامسك فقد جاء خصلتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراع ومعناه ان الصحيح ينبغى ان يكون مشغولا بدين او دنيا فهو مغبون فيهما أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على مقدر. والحسبان بالكسر الظن وعبثا حال من نون العظمة بمعنى عابثين وهو ما ليس لفاعله غرض صحيح او ارتكاب امر غير معلوم الفائدة. والمعنى أغفلتم وظننتم من فرط غفلتكم انا خلقناكم بغير حكمة وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ عطف على انما خلقناكم اى وحسبتم عدم رجوعكم إلينا يعنى ان المصلحة من خلقكم الأمر بالعمل ثم البعث للجزاء ومعنى الرجوع الى الله الرجوع الى حيث لا مالك ولا حاكم سواه قال الترمذي ان الله خلق الخلق ليعبدوه فيثيبهم على العبادة ويعاقبهم على تركها فان عبدوه فانهم عبيد أحرار كرام من رق الدنيا ملوك فى دار السلام وان رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد إباق سقاط لئام وغدا اعداء فى السجون بين أطباق النيران وفى التأويلات النجمية (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) بلا معنى ينفعكم او يضركم حتى عشتم كما يعيش البهائم فما تقربتم إلينا بالأعمال الصالحات للتقرب وحسبتم (أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) باللطف والقهر فالرجوع باللطف بان يموت بالموت الاختياري قبل الموت الاضطراري وهو بان ترجعوا من أسفل سافلين الطبيعة على قدمى الشريعة والطريقة الى أعلى عليين عالم الحقيقة والرجوع بالقهر بان ترجعوا بعد الموت الاضطراري فتقادون الى النار بسلاسل تعلقاتكم بشهوات الدنيا وزينتها وأغلال صفاتكم الذميمة وعن بهلول قال كنت يوما فى بعض شوارع البصرة فاذا بصبيان يلعبون بالجوز واللوز وإذا أنا بصبى ينظر إليهم ويبكى فقلت هذا صبى يتحسر على ما فى أيدي الصبيان ولا شىء معه فيلعب به فقلت اى بنى ما يبكيك اشترى لك من الجوز واللوز ما تلعب به مع الصبيان فرفع بصره الىّ وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك الله فيك قال من قول الله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) قلت له اى بنى أراك حكيما فعظنى وأوجز فانشأ يقول
ارى الدنيا تجهز بانطلاق ... مشمرة على قدم وساق
فلا الدنيا بباقية لحى ... ولا حى على الدنيا بباق
كأن الموت والحدثان فيها ... الى نفس الفتى فرسا سباق
فيا مغرور بالدنيا رويدا ... ومنها خذ لنفسك بالوثاق
ثم رمق السماء بعينيه وأشار إليها بكفيه ودموعه تنحدر على خديه وهو يقول
يا من اليه المبتهل ... يا من عليه المتكل
يا من إذا ما آمل ... يرجوه لم يخط الأمل
قال فلما أتم كلامه خر مغشيا عليه فرفعت رأسه الى حجرى ونفضت التراب عن وجهه بكمى فلما أفاق قلت له اى بنى ما نزل بك وأنت صبى صغير لم يكتب عليك ذنب قال إليك عنى(6/111)
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)
يا بهلول انى رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تقد الا بالصغار وانى أخشى ان أكون من صغار حطب جهنم قال فسألت عنه فقالوا ذاك من أولاد الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنهم قلت قد عجبت من ان تكون هذه الثمرة الا من تلك الشجرة نفعنا الله به وبآبائه قال الشيخ ابو بكر الواسطي [روزى اين آيت مى خواند فرمود كه نى نى خلق بعبث نيافريد بلكه خواست كه هستىء وى آشكارا شود واز مصنوعات وى بصفات كماليه او راه برند. وكفته اند شما را ببازى نيافريده ايم بلكه براى ظهور نور محمد عليه السلام آفريده ايم چودر ازل مقرر شده بود كه آن كوهر تابان از صدق جنس انس بيرون آيد پس او اصلست وشما همه فرع اوييد
هفت ونه و چار كه پرداختند ... خاص پى موكب او ساختند
اوست شه وآدميان جمله خيل ... اصل وى وجمله عالم طفيل
در بحر الحقائق كفته كه شما را براى آن آفريدم تا بر من سود كنيد نه بجهت آنكه من بر شما سود كنم كما قال تعالى (خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم) وكويند ملائكه را آفريد تا منظر قدرت باشند وآدميان را خلق كرد تا مخزن جوهر محبت باشند. در بعضى كتب سماوى هست كه اى فرزند آدم همه اشيا براى شما آفريدم وشما را براى خود سر (كنت كنزا مخفيا) اينجا ظهور تمام دارد] كما أشار اليه المولوى قدس الله سره فى المثنوى
اى ظهور تو بكلى نور نور ... كنج مخفى از تو آمد در ظهور «1»
كنج مخفى بود ز پر چاك كرد ... خاك را تابان تر از أفلاك كرد «2»
كنج مخفى بد ز پرى چوش كرد ... خاك را سلطان باطلس پوش كرد
خويش را نشناخت مسكين آدمي ... از فزونى آمد وشد در كمى «3»
خويشتن را آدمي ارزان فروخت ... بود اطلس خويش را بر دلق دوخت
اى غلامت عقل تدبيرات هوش ... چون چنينى خويش را ارزان فروش «4»
فَتَعالَى اللَّهُ ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأفعاله وعن خلو أفعاله عن الحكم والمصالح والغايات الجليلة الْمَلِكُ الْحَقُّ الذي يحق له الملك على الإطلاق إيجادا واعداما بدأ وإعادة واحياء واماتة وعقابا واثابة وكل ما سواه مملوك له مقهور تحت ملكه العظيم قال الامام الغزالي رحمه الله الملك هو الذي يستغنى فى ذاته وصفاته وأفعاله عن كل موجود ويحتاج اليه كل موجود وفى المفردات الحق موجد الشيء بسبب ما يقتضيه الحكمة وفى التأويلات النجمية ذاته حق وصفاته حق وقوله صدق ولا يتوجه لمخلوق عليه حق وما يفعل من إحسانه بعباده فليس شىء منها بمستحق لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فان كل ما عداه عبيده رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فكيف بما هو تحته ومحاط به من الموجودات كائنا ما كان وانما وصف العرش بالكريم لانه مقسم فيض كرم الحق ورحمته منه تنقسم آثار رحمته وكرمه الى ذرات المخلوقات وَمَنْ [هر كه] يَدْعُ يعبد مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ افرادا او اشتراكا لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ اى بدعائه معه ذلك: وبالفارسية [هيچ حجتى نيست بر پرستنده را بپرستش آن اله] وهو صفة لازمة لالها كقوله (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) إذ لا يكون فى الآلهة ما يجوز ان يقوم عليه برهان إذ الباطل ليس له برهان جيئ بها للتأكيد وبناء الحكم عليها تنبيها على
__________
(1) لم أجد
(2) در اواخر دفتر يكم در بيان قبول كردن خليفه هديه را إلخ
(3) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايات ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده پنداشتند إلخ
(4) در اواخر دفتر پنجم در بيان دست و پاى امير بوسيدن ودوم بار لابه كردن إلخ(6/112)
سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
ان الدين بما لا دليل عليه باطل فكيف بما شهدت بداهة العقول بخلافه فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ فهو مجازى له على قدر ما يستحقه جواب يدع إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ اى الشان لا ينجو من كفر من سوء الحساب والعذاب وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ امر رسول الله بالاستغفار والاسترحام إيذانا بانهما من أهم الأمور الدينية حيث امر به من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن عداه كما قال فى التأويلات النجمية الخطاب مع محمد عليه السلام يشير الى انه مع كمال محبوبيته وغاية خصوصيته ورتبة نبوته ورسالته محتاج الى مغفرته ورحمته فكيف بمن دونه وبمن يدعو مع الله الها آخر اى فلا بد لامته من الاقتداء به فى هذا الدعاء وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ يشير الى انه يحتمل تغير كل راحم بان يسخط على مرحومه فيعذبه بعد ان يرحمه وان الله جل ثناؤه إذا رحم عبده لم يسخط عليه ابدا لان رحمته ازلية لا تحتمل التغير وفى حقائق البقلى اغفر تقصيرى فى معرفتك وارحمني بكشف زيادة المقام فى مشاهدتك وأنت خير الراحمين إذ كل الرحمة فى الكونين قطرة مستفادة من بحار رحمتك القديمة وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه انه مرّ بمصاب مبتلى فقرأ فى اذنه (أَفَحَسِبْتُمْ) حتى ختم السورة فبرئ بإذن الله فقال عليه السلام (ما قرأت فى اذنه) فاخبره فقال (والذي نفسى بيده لو ان رجلا موقنا قرأها على جبل لزال) - روى- ان أول هذه السورة وآخرها من كنوز العرش من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع آيات من آخرها فقد نجا وأفلح وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان عليه السلام إذا نزل عليه الوحى يسمع عنده دوىّ كدوى النحل فمكثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يده وقال (اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وارضنا) ثم قال (لقد انزل علىّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة) ثم قرأ (قد أفلح المؤمنون) حتى ختم العشر تمت سورة المؤمنين فى الثاني والعشرين من شهر الله رجب من سنة سبع ومائة والف
تفسير سورة النور
وهى مدنية اثنتان او اربع وستون آية
بسم الله الرحمن الرحيم قال القرطبي مقصود هذه السورة ذكر احكام العفاف والستر كتب عمر رضى الله عنه الى الكوفة علموا نساءكم سورة النور وقالت عائشة رضى الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تنزلوهن) اى النساء (فى الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن سورة النور والغزل) سُورَةٌ سورة القرآن طائفة منه محيطة بما فيها من الآيات والكلمات والعلوم والمعارف مأخوذة من سورة المدينة وهو حائطها المشتمل عليها وهى خبر مبتدأ محذوف اى هذه سورة وانما أشير إليها مع عدم سبق ذكرها لانها باعتبار كونها فى شرف الذكر فى حكم الحاضر المشاهد والتنكير مفيد للفخامة من حيث الذات كما ان قوله تعالى أَنْزَلْناها مفيد لها من حيث الصفة اى أنزلناها من عالم القدس بواسطة جبريل وَفَرَضْناها اى أوجبنا ما فيها من الاحكام إيجابا قطعيا فان اصل الفرض قطع الشيء الصلب والتأثير فيه كقطع(6/113)
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)
الحديد والفرض كالايجاب لكن الإيجاب يقال اعتبارا بوقوعه وثباته والفرض بقطع الحكم فيه كما فى المفردات وَأَنْزَلْنا فِيها اى فى تضاعيف السورة آياتٍ هى الآيات التي نيطت بها الاحكام المفروضة كما هو الظاهر لا مجموع الآيات بَيِّناتٍ واضحات دلالاتها على أحكامها وتكرير أنزلنا مع استلزام إنزال السورة لانزالها لابراز كمال العناية بشأنها لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [شايد كه شما پند پذيريد واز محارم پرهيزيد] وهو بحذف احدى التاءين اى تتذكرونها فتعملون بموجبها عند وقوع الحوادث الداعية الى اجراء أحكامها وفيه إيذان بان حقها ان تكون على ذكر منهم بحيث متى مست الحاجة إليها استحضروها قال بعضهم لو لم يكن من آيات هذه السورة إلا براءة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله لكان كثيرا فكيف وقد جمعت من الاحكام والبراهين ما لم يجمعها غيرها الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي شروع فى تفصيل ما ذكر من الآيات البينات وبيان أحكامها والزنى وطئ المرأة من غير عقد شرعى وقد يقصر وإذا مد يصح ان يكون مصدر المفاعلة والنسبة اليه زنوى كذا فى المفردات والزانية هى المرأة المطاوعة للزنى الممكنة منه كما ينبئ عنه الصيغة لا المزينة كرها وتقديمها على الزاني لما ان زنى النساء من إماء العرب كان فاشيا فى ذلك الزمان او لانها الأصل فى الفعل لكون الداعية فيها أوفر والشهوة اكثر ولولا تمكينها منه لم يقع ورفعها على الابتداء والخبر قوله فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط إذ اللام بمعنى الموصول والتقدير التي زنت والذي زنى. والجلد ضرب الجلد بالكسر وهو قشر البدن يقال جلده ضرب جلده نحو بطنه وظهره إذا ضرب بطنه وظهره او معنى جلده ضربه بالجلد نحو عصاه إذا ضربه بالعصا ومائة نصب على المصدر: والمعنى بالفارسية [پس بزنيد اى اهل بلد واحكام هر يكى را از ان هر دو صد تازيانه] وكان هذا عاما فى المحصن وغيره وقد نسخ فى حق المحصن قطعا ويكفينا فى حق الناسخ القطع بانه عليه السلام قد رجم ما عزا وغيره فيكون من باب نسخ الكتاب بالسنة المشهورة فحد المحصن هو الرجم وحد غير المحصن هو الجلد وشرائط الإحصان فى باب الرجم ست عند ابى حنيفة الإسلام والحرية والعقل والبلوغ والنكاح الصحيح والدخول فلا إحصان عند فقد واحدة منها وفى باب القذف الأربع الاول والعفة فمعنى قولهم رجم محصن اى مسلم حر عاقل بالغ متزوج وذو دخول ومعنى قولهم قذف محصنا اى مسلما حرا عاقلا بالغا عفيفا وإذا فقدت واحدة منها فلا إحصان وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ رحمة ورقة وفى البحر الرأفة ارق الرحمة: وبالفارسية [مهربانى كردن] وتنكيرها للتقليل اى لا يأخذكم بهما شىء من الرأفة قليل من هذه الحقيقة وبالفارسية [وفرا نكيرد شما را باين روز ناكننده مهربانى] فِي دِينِ اللَّهِ فى طاعته واقامة حده فتعطلوه او تسامحوا فيه بعدم الايجاع ضربا والتكميل حدا وذلك ان المضروب يفعل أثناء الضرب افعالا غريبة ويتضرع ويستغيث ويسترحم وربما يغشى عليه فيرأف به الامام او الضارب او بعض الحاضرين لا سيما إذا كان أحب الناس اليه كالولد والأخ مثلا فلا يستوفى حد الله وحقه ولا يكمل جلد مائة بل ينقصه بترك شىء منها او يخفف الضرب(6/114)
فنهاهم الله عن ذلك وفيه تنبيه على ان الله تعالى إذا أوجب امرا قبح استعمال الرحمة فيه وفى الحديث (يؤتى بوال نقص من حد سوطا فيقال لم نقصت فيقول رحمة لعبادك فيقال له أنت ارحم منى انطلقوا به الى النار ويؤتى بمن زاد سوطا فيقال لم زدت فيقول لينهوا عن معاصيك فيقال له أنت احكم منى فيؤمر به الى النار) قال فى الاسئلة المقحمة ان الله نهى عن الرأفة والرحمة وعلى هذا ان وجدنا واحدا بقلبه اشفاق على أخيه المسلم حيث وقع فى المعصية يؤاخذ بها والجواب انه لم يرد الرأفة الجبلية والرحمة الغريزية فانها لا تدخل تحت التكليف وانما أراد بذلك الرأفة التي تمنع عن اقامة حدود الله وتفضى الى تعطيل احكام الشرع فهى منهى عنها قال فى بحر العلوم وفيه دلالة على ان المخاطبين يجب عليهم ان يجتهدوا فى حد الزنى ولا يخففوا الضرب بل يوجعوها ضربا وكذلك حد القذف عند الزهري لا حد الشرب وعن
قتادة يخفف فى حد الشرب والقذف ويجتهد فى حد الزنى إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ من باب التهييج والتهاب الغضب لله ولدينه فان الايمان بهما يقتضى الجد فى طاعته والاجتهاد فى اجراء الاحكام قال الجنيد رحمه الله الشفقة على المخالفين كالاعراض عن الموافقين وذكر اليوم الآخر لتذكر ما فيه من العقاب فى مقابلة المسامحة والتعطيل وانما سمى يوم القيامة اليوم الآخر لانه لا يكون بعده ليل فيصير كله بمنزلة يوم واحد وقد قيل انه تجتمع الأنوار كلها وتصير فى الجنة يوما واحدا وتجتمع الظلمات كلها وتصير فى النار ليلة واحدة وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الشهود الحضور والعذاب الايجاع الشديد قال بعضهم التعذيب إكثار الضرب بعذبة السوط اى طرفه وقيل غير ذلك وفى تسميته عذابا دليل على انه عقوبة ويجوز ان يسمى عذابا لانه الم مانع من المعاودة كما سمى نكالا اى عقابا يردع عن المعاودة والطائفة فرقة يمكن ان تكون حافة حول الشيء وحلقة من الطوف والمراد به جمع يحصل به التشهير والزجر وقوله من المؤمنين لان الفاسق من صلحاء قومه اخجل وظاهر الأمر الوجوب لكن الفقهاء قالوا بالاستحباب. والمعنى لتحضره زيادة فى التنكيل فان التفضيح قد ينكل اكثر مما ينكل التعذيب: وبالفارسية [وبايد كه حاضر شوند در وقت عذاب آن دو تن يعنى در زمان اقامت بر ايشان كروهى از مؤمنان تا تشهير ايشان حاصل وآن تفضيح مانع كردد از معاودت بامثال آن عمل] فحد غير المحصن جلد مائة وسطا بسوط لا ثمرة له ويجلد الرجل قائما وينزع عنه ثيابه الا إزاره ويفرق على بدنه الا رأسه ووجهه وفرجه وتجلد المرأة قاعدة لا ينزع من ثيابها الا الحشو والفرو وجاز الحفر لها لا له ولا يجمع بين جلد ورجم ولا بين جلد ونفى إلا سياسة ويرجم مريض زنى ولا يجلد حتى يبرأ وحامل زنت ترجم حين وضعت وتجلد بعد النفاس وللعبد نصفها ولا يحده سيده الا بإذن الامام خلافا للشافعى وفى الحديث (اقامة حد بأرض خير لاهلها من مطر أربعين ليلة) واعلم ان الزنى حرام وكبيرة- روى- حذيفة رضى الله عنه عنه عليه السلام يا معشر الناس اتقوا الزنى فان فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة. اما التي فى الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر. واما التي فى الآخرة فسخط الله وسوء الحساب وعذاب النار ومن الزنى(6/115)
الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)
زنى النظر والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس: وفى المثنوى
اين نظر از دور چون تير است وسم ... عشقت افزون ميكند صبر تو كم «1»
وفى التأويلات النجمية قوله (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) يشير الى النفس إذا زنت وزناها بان استسلمت لتصرفات الشيطان والدنيا فيها بما نهاها الله عنه والى الروح إذا زنى وزناه تصرفه فى الدنيا وشهواتها مما نهاه الله عنه (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) من الجوع وترك الشهوات والمرادات تزكية لهما (وتأديبا وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ) يعنى إذا ادعيتم محبة الله فابغضوا مخالفى امره ولا ترحموا أنفسكم وأرواحكم على مخالفة الله فانهم يظلمون أنفسهم بجهلهم بحالهم وان رحمتكم عليهم فى ترك تزكيتهم وتأديبهم كترك الولد علاج ولده المريض شفقة عليه لينهكه المرض فادبوهما (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) يشير الى شهود اهل الصحبة وان يزكى النفس ويؤدب الروح بمشهد شيخ واصل كامل ليحفظه من طرفى الافراط والتفريط ويهديه الى صراط مستقيم هو صراط يسلكه فيه
قطع اين مرحله بي همرهىء خضر مكن ... ظلماتست بترس از خطر كمراهى
الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ النكاح انما ورد فى القرآن بمعنى العقد اى التزوج لا الوطئ قال الراغب اصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع ومحال ان يكون فى الأصل للجماع ثم استعير للعقد لان اسماء الجماع كلها كنايات لاستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه ومحال ان يستعير من لا يقصد فحشا ما يستفظعونه لما يستحسنونه انتهى وهذا حكم مؤسس على الغالب المعتاد جيئ به لزجر المؤمنين عن نكاح الزواني بعد زجرهم عن الزاني بهن يعنى الغالب ان المائل الى الزنى والتقحب لا يرغب فى نكاح الصوالح من النساء وانما يرغب فى نكاح فاسقة من شكله او مشركة والمسافحة لا يرغب فى نكاحها الصلحاء وينفرون عنها وانما يرغب فيها فاسق مثلها او مشرك فان المشاكلة سبب الائتلاف والاجتماع كما ان المخالفة سبب الوحشة والافتراق. وقدم الزاني فى هذه الآية لان الرجل اصل فى النكاح من حيث انه هو الطالب ومنه تبدأ الخطبة ولان الآية نزلت فى فقراء المهاجرين الذين رغبوا فى نكاح موسرات كانت بالمدينة من بقايا المشركين لينفقن عليهم من اكسابهن على عادة الجاهلية كما قال الكاشفى [بقايا از يهود با مشركان مدينه در بيوت نواخير نشسته هر يك بر در خانه خود رايتى نصب كردندى ومردم را بخود دعوت نموده اجرت كرفتندى ضعفه مهاجرين كه مسكنى وعشرتى نداشتند واز تنك پريشان مى كذرانيدند داعيه كردند كه ايشانرا بنكاح درآورده كه وكر اين نفس از ايشان كرفته بر عادت اهل جاهليت معاش كذرانند] فاستأذنوا رسول الله فى ذلك فنفروا عنه ببيان انه افعال من الزناة وخصائص المشركين كأنه قيل الزاني لا يرغب الا فى نكاح إحداهما والزانية لا يرغب فى نكاحها الا أحدهما فلا تحوموا حوله كيلا تنتظموا فى سلكهما او تتسموا بسمتهما فايراد الجملة الاولى مع ان مناط التنفير هى الثانية لتأكيد العلاقة بين الجانبين مبالغة فى الزجر والتنفير لا مجرد الإشراك وانما تعرّض
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل(6/116)
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)
لها فى الاولى اشباعا فى التنفير عن الزانية بنظمها فى سلك المشركة وَحُرِّمَ ذلِكَ اى نكاح الزاني عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لما فيه من التشبيه بالفسقة والتعرض للتهمة والتسبب بسوء المقالة والطعن فى النسب وغير ذلك من المفاسد لا يكاد يليق بأحد من الأداني والأراذل فضلا عن المؤمنين ولذلك عبر عن التنزيه بالتحريم مبالغة فى الزجر والحكم اما مخصوص بسبب النزول او منسوخ بقوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) فانه متناول للمسافحات ويؤيده ما روى انه عليه السلام سئل عن ذلك فقال (اوله سفاح وآخره نكاح) والحرام لا يحرم الحلال وفى الآية اشارة الى الحذر عن اخدان السوء والحث عن مخالطة اهل الصحبة والأخدان فى الله تعالى فان الطبع من الطبع يسرق والمقارنة مؤثرة والأمراض سارية وفى الحديث (لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا) اى لا تسكنوا مع المشركين فى المسكن الواحد ولا تجتعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لا يسرى إليكم اخلاقهم وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة وللناس إشكال فكل يطير بشكله
همه مرغان كند با جنس پرواز ... كبوتر با كبوتر باز با باز
وكل مساكن مثله كما قال قائلهم
عن المرء لا تسأل وابصر قرينه ... فان القرين بالمقارن يقتدى
فاما اهل الفساد فالفساد يجمعهم وان تناءت ديارهم واما اهل السداد فالسداد يجمعهم وان تباعد مزارهم قال الكاشفى [جنسيت علت ضمست ومشاكله سبب الفت
هر كس مناسب كهر خود كرفت يار ... بلبل بباغ رفت وزغن سوى خار زار
وحرم محافظة اخدان السوء على المؤمنين لئلا يؤثر فيهم فساد حالهم وسوء اخلاقهم ومن بلاغات وحرم محافظة اخدان السوء على المؤمنين لئلا يؤثر فيهم فساد حالهم وسوء اخلاقهم ومن بلاغات الزمخشري لا ترض لمجالستك الا اهل مجانستك اى لا ترض ان تكون جليس أحد من غير جنسك فانه العذاب الشديد ليس الا وجاء فى مسائل الفقه ان من رأى نصرانية سمينة فتمنى ان يكون نصرانيا ليتزوجها كفر. فقال بعضهم السمينة موجودة فى المؤمنات ايضا ولكن علة الضم الجنسية فعلى العاقل ان يصون نفسه بقدر الإمكان فان الله غيور ينبغى ان يخاف منه كل آن وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الرمي يقال فى الأعيان كالسهم والحجر ويقال فى المقال كناية عن الشتم كالقذف فانه فى الأصل الرمي بالحجارة ونحوها مطلقا قال فى الإرشاد فى التعبير عن التفوه بما قالوا فى حقهن بالرمي المنبئ عن صلابة الآلة وإيلام المرمى وبعده إيذان بشدة تأثيره فيهن والمحصنات العفائف وهو بالفتح يقال إذا تصور حصنها من نفسها وبالكسر يقال إذا تصور حصنها من غيرها والحصن فى الأصل معروف ثم تجوز به فى كل تحرز ومنه درع حصينة لكونها حصنا للبدن وفرس حصان لكونه حصنا لراكبه وامرأة حصان للعفيفة والمعنى والذين يقذفون العفائف بالزنى بدليل ذكر المحصنات عقيب الزواني وتخصيص المحصنات لشيوع الرمي فيهن والا فقذف الذكر والأنثى سواء فى الحكم الآتي والمراد المحصنات الاجنبيات لان رمى الأزواج اى النساء الداخلات تحت نكاح الرامين حكمه سيأتى واجمعوا على ان شروط إحصان القذف خمسة الحرية والبلوغ والعقل والإسلام(6/117)
والعفة من الزنى حتى ان من زنى مرة فى أول بلوغه ثم تاب وحسنت حاله فقذفه شخص لاحد عليه والقذف بالزنى ان يقول العاقل لمحصنة يا زانية يا ابن الزاني يا ابن الزانية يا ولد الزنى أولست لابيك يا ابن فلان فى غضب والقذف بغيره ان يقول يا فاسق يا شارب الخمر يا آكل الربا ويا خبيث يا نصرانى يا يهودى يا مجوسى فيوجب التعزير كقذف غير المحصن واكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطا واقله ثلاثة لان التعزير ينبغى ان لا يبلغ اقل الحد أربعين وهى حد العبيد فى القذف بالزنى والشرب واما ابو يوسف فاعتبر حد الأحرار وهو ثمانون سوطا ونقص منها سوطا فى رواية وخمسة فى رواية وقال للامام ان يعزر الى المائة والفرق بين التعزير والحد ان الحد مقدر والتعزير مفوض الى رأى الامام وان الحد يندرئ بالشبهات دونه وان الحد لا يجب على الصبى والتعزير شرع والحد يطلق على الذمي ان كان مقدرا والتعزير لا يطلق عليه لان التعزير شرع للتطهير والكافر ليس من اهل التطهير وانما سمى
فى حق اهل الذمة إذا كان غير مقدر عقوبة وان التقادم يسقط الحد دون التعزير وان التعزير حق العبد كسائر حقوقه ويجوز فيه الإبراء والعفو والشهادة على الشهادة ويجرى فيه اليمين ولا يجوز شىء منها فى الحد ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ يشهدون عليهن بما رموهن به ولا يقبل فيه شهادة النساء كما فى سائر الحدود وفى كلمة ثم اشعار بجواز تأخيره الإتيان بالشهود وفى كلمة لم اشارة الى العجز عن الإتيان بهم ولا بد من اجتماع الشهود عند الأداء عند ابى حنيفة رحمه الله اى الواجب ان يحضروا فى مجلس واحد وان جاؤا متفرقين كانوا قذفة وفى قوله باربعة شهداء دلالة على انهم ان شهدوا ثلاثة يجب حدهم لعدم النصاب وكذا ان شهدوا عميانا او محدودين فى قذف او أحدهم محدود او عبد لعدم اهلية الشهادة فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً انتصاب ثمانين كانتصاب المصادر ونصب جلدة على التمييز اى اضربوا كل واحد من الرامين ثمانين ضربة ان كان القاذف حرا وأربعين ان كان عبدا لظهور كذبهم وافترائهم بعجزهم عن الإتيان بالشهداء: وبالفارسية [پس بزنيد ايشانرا هشتاد تازيانه] وان كان المقذوف زانيا عزر القاذف ولم يحد الا ان يكون المقذوف مشهورا بما قذف به فلا حد ولا تعزير حينئذ ويجلد القاذف كما يجلد الزاني الا انه لا ينزع عنه من الثياب الا ما ينزع عن المرأة من الحشو والفرو والقاذفة ايضا فى كيفية الجلد مثل الزانية وضرب التعزير أشد ثم للزنى ثم للشرب ثم للقذف لان سبب حده محتمل للصدق والكذب وانما عوقب صيانة للاعراض: وبالفارسية [حد قذف از حد زنى وحد شرب أخص است زيرا كه حد زنى بقرآن ثابت شده وثبوت حد شرب بقول صحابه است وسبب حد قذف محتمل است مر صدق رائى] وان كان نفس الحد ثابتا بالنص وانما يحد بطلب المقذوف المحصن لان فيه حقه من حيث دفع العار عنه ولا بد ان يكون الطلب بالقول حتى لو قذف الأخرس وطلبه بالاشارة لا يجب الحد وكون المقذوف غائبا عن مجلس القاذف حال القذف او حاضرا سواء فاحفظه ويجوز للمقذوف ان يعفو عن حد القذف قبل ان يشهد الشهود ويثبت الحد والامام ايضا ويحسن منه ان يحمل المقذوف على كظم الغيظ ويقول له اعرض عن هذا ودعه لوجه الله قبل ثبوت الحد فاذا ثبت لم يكن(6/118)
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
لواحد منهما ان يعفو لانه خالص حق الله ولهذا لم يصح ان يصالح عنه بمال وإذا تاب القاذف قبل ان يثبت الحد سقط وإذا قذف الصبى او المجنون امرأته او أجنبيا فلا حد عليهما ولا لعان لا فى الحال ولا إذا بلغ او أفاق ولكن يعذران تأديبا ولو قذف شخصا مرارا فان أراد زنية واحدة وجب حد واحد وان أراد زنيات مختلفة كقوله زنيت بزيد وبعمرو تعدد لتعدد اللفظ كما فى الكبير وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً عطف على اجلدوا داخل فى حكمه تتمة له لما فيه من معنى الزجر لانه مؤلم للقلب كما ان الجلد مؤلم للبدن وقد أذى المقذوف بلسانه فعوقب باهدار منافعه جزاء وفاقا واللام فى لهم متعلقة بمحذوف هو حال من شهادة قدمت عليها لكونها نكرة وفائدتها تخصيص الرد بشهادتهم الناشئة عن اهليتهم الثابتة لهم عند الرمي وهو السر فى قبول شهادة الكافر المحدود فى القذف بعد التوبة والإسلام لانها ليست ناشئة عن أهليته السابقة بل أهليته حدثت له بعد إسلامه فلا يتناول الرد والمعنى لا تقبلوا من القاذفين شهادة من الشهادات حال كونها حاصلة لهم عند القذف أَبَداً اى مدة حياتهم وان تابوا وأصلحوا وَأُولئِكَ هُمُ لا غيرهم الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق والخروج عن الطاعة والتجاوز عن الحدود كأنهم هم المستحقون لاطلاق اسم الفاسق عليهم من الفسقة قال فى الكبير يفيد ان القذف من الكبائر لان الفسق لا يقع الا على صاحبها إِلَّا الَّذِينَ تابُوا استثناء من الفاسقين مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما اقترفوا ذلك الذنب العظيم وَأَصْلَحُوا أعمالهم بالتدارك ومنه الاستسلام للحد والاستحلال من المقذوف فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تعليل لما يفيده الاستثناء من العفو عن المؤاخذة بموجب الفسق كأنه قيل فحينئذ لا يؤاخذهم الله بما فرط منهم ولا ينظمهم فى سلك الفاسقين لانه مبالغ فى المغفرة والرحمة وفى الآية اشارة الى غاية كرم الله ورحمته على عباده بان يستر عليهم ما أراد بعضهم إظهاره على بعض ولم يظهر صدق أحدهما او كذبه ولتأديبهم أوجب عليهم الحد ورد قبول شهادتهم ابدا وسماهم الفاسقين وليتصفوا بصفاته السارية والكريمية والرحيمية فيما يسترون عيوب إخوانهم المؤمنين ولا يتبعوا عوراتهم وقد شدد النبي على من يتبع عورات المسلمين ويفشى أسرارهم فقال (يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين فانه من يتبع عوراتهم يفضحه الله يوم القيامة على رؤس الاشهاد) وقال عليه السلام (من ستر على مسلم ستر الله عليه فى الدنيا والآخرة) : قال الشيخ سعدى
منه عيب خلق فرومايه پيش ... كه چشمت فرو دوزد از عيب خويش
كرت زشت خويى بود در سرشت ... نه بينى ز طاوس جز پاى زشت
طريق طلب كز عقوبت رهى ... نه حرفى كه انكشت بر وى نهى
وفى الآية اشارة ايضا الى كمال عنايته تعالى فى حق عباده بانه يقبل توبتهم بعد ارتكاب الذنوب العظام ولكن بمجرد التوبة لا يكون العبد مقبولا الا بشرط ازالة فساد حاله وإصلاح اعماله قال بعضهم علامة تصحيح التوبة وقبولها ما يعقبها من الصلاح والتوبة هى الرجوع عن كل ما يذمه العلم واستصلاح ما تعدى فى سالف الازمنة ومداومتها باتباع العلم(6/119)
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)
ومن لم يعقب توبته الصلاح كانت توبة بعيدة عن القبول
فراشو چوبينى در صلح باز ... كه نا كه در توبه كردد فراز
مرو زير بار كناه اى بشر ... كه حمال عاجز بود در سفر
بهشت او ستاند كه طاعت برد ... كرا نقد بايد بضاعت برد
اگر مرغ دولت ز قيدت بجست ... هنوزش سر رشته دارى بدست
اى فاسع الى إصلاح عملك قبل حلول أجلك وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ بيان لحكم الرامين لزوجاتهم خاصة بعد بيان حكم الرامين لغيرهن اى والذين يقذفون نساءهم بالزنى بان يقول لها يا زانية او زنيت او رأيتك تزنى قال فى بحر العلوم إذا قال يا زانية وهما محصنان فردت بلا بل أنت حدت لانها قذفت الزوج وقذفه إياها لا يوجب الحد بل اللعان وما لم ترفع القاذف الى الامام لم يجب اللعان قال ابن عباس رضى الله عنهما لما نزل قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) قال عاصم بن عدى الأنصاري ان دخل رجل منا بيته فرأى رجلا على بطن امرأته فان جاء باربعة رجال يشهدون بذلك فقد قضى الرجل حاجته وخرج وان قتله قتل به وان قال وجدت فلانا مع تلك المرأة ضرب وان سكت سكت على غيظ اللهم افتح وكان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويم وكان له امراة يقال لها خولة بنت قيس فاتى عويم عاصما فقال لقد رأيت شريكا بن السحماء على بطن امرأتى خولة فاسترجع عاصم واتى رسول الله عليه السلام فقال يا رسول الله ما اسرع ما ابتليت بهذا السؤال فى اهل بيتي فقال عليه السلام (وما ذاك) قال أخبرني عويم ابن عمى انه رأى شريكا على بطن امرأته خولة فدعا رسول الله إياهم جميعا فقال لعويم (اتق الله فى زوجتك وابنة عم ولا تقذفها) فقال يا رسول الله تالله لقد رأيت شريكا على بطنها وانى ما قربتها منذ اربعة أشهر وانها حبلى من غيرى فقال لها رسول الله (اتقى الله ولا تخبري الا بما صنعت) فقالت يا رسول الله ان عويما رجل غيور وانه رأى شريكا يطيل النظر الىّ ويحدثنى فحملته الغيرة على ما قال فانزل الله تعالى قوله (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) وبين به ان حكم قذف الزوجة اللعان فامر رسول الله بأن يؤذن الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويم قم وقل (اشهد بالله ان خولة لزانية وانى لمن الصادقين) فقال ثم قال فى الثانية (اشهد انى رأيت شريكا على بطنها وانى لمن الصادقين) ثم قال فى الثالثة (اشهد بالله انها لحبلى من غيرى وانى لمن الصادقين) ثم قال فى الرابعة (اشهد بالله انها زانية وانى ما قربتها منذ اربعة أشهر وانى لمن الصادقين) ثم قال فى الخامسة (لعنة الله على عويم) يعنى نفسه (ان كان من الكاذبين) ثم قال له اقعد وقال لخولة قومى فقامت وقالت (اشهد بالله ما انا بزانية وان زوجى لمن الكاذبين) وقالت فى الثانية (اشهد بالله ما رأى شريكا على بطني وانه لمن الكاذبين وقالت فى الثالثة (اشهد بالله ما انا حبلى الا منه وانه لمن الكاذبين) وقالت فى الرابعة (اشهد بالله ما رأنى على فاحشة قط وانه لمن الكاذبين) وقالت فى الخامسة (غضب الله على خولة ان كان عويم من الصادقين فى قوله) ففرق النبىّ عليه السلام بينهما وقضى ان الولد لها ولا يدعى لاب وذلك قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ يشهدون بما(6/120)
وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)
رموهن من الزنى إِلَّا أَنْفُسُهُمْ يدل من شهداء جعلوا من جملة الشهداء إيذانا من أول الأمر بعدم إلقاء قولهم بالمرة ونظمها فى سلك الشهادة فى الجملة فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ اى شهادة كل واحد منهم وهو مبتدأ خبره قوله أَرْبَعُ شَهاداتٍ اى فشهادتهم المشروعة اربع شهادات بِاللَّهِ متعلق بشهادات إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ اى فيما رماها به من الزنى وأصله على انه إلخ فحذف الجار وكسرت ان وعلق العامل عنها للتأكيد وَالْخامِسَةُ اى الشهادة الخامسة للاربع المتقدمة اى الجاعلة لها خمسا بانضمامها إليهن وهى مبتدأ خبره قوله أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ اللعن طرد وابعاد على سبيل السخط وذلك من الله فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع من قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره قال بعضهم لعنة الكفار دائمة متصلة الى يوم القيامة ولعنة المسلمين معناها البعد من الخير والذي يعمل معصية فهو فى ذلك الوقت بعيد من الخير فاذا خرج من المعصية الى الطاعة يكون مشغولا بالخير إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ فيما رماها به من الزنى فاذا لاعن الرجل حبست الزوجة حتى تعترف فترجم او تلاعن وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ اى يدفع عن المرأة المرمية العذاب الدنيوي وهو الحبس المغيا على أحد الوجهين بالرجم الذي هو أشد العذاب يقال درأ دفع وفى الحديث (ادرأوا الحدود بالشبهات) تنبيها على تطلب حيلة يدفع بها الحد أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ اى الزوج لَمِنَ الْكاذِبِينَ فيما رمانى به من الزنى وَالْخامِسَةَ بالنصب عطفا على اربع شهادات أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها الغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام (اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه) فاذا وصف الله به فالمراد الانتقام دون غيره إِنْ كانَ اى الزوج مِنَ الصَّادِقِينَ اى فيما رمانى به من الزنى وتخصيص الغضب بجانب المرأة للتغليظ عليها لما انها مادة الفجور ولان النساء كثيرا ما يستعمل اللعن فربما يجترئ على التفوه به لسقوط وقعه على قلوبهن بخلاف غضبه تعالى والفرقة الواقعة باللعان فى حكم التطليقة البائنة عند ابى حنفة ومحمد رحمهما الله ولا يتأبد حكمها حتى إذا كذب الرجل نفسه بعد ذلك فحدّ جاز له ان يتزوّجها وعند ابى يوسف وزفر والحسن بن زياد والشافعي هى فرقة بغير طلاق توجب تحريما مؤبد أليس لهما اجتماع بعد ذلك ابدا وإذا لم يكن الزوج من اهل الشهادة بان كان عبدا او كافرا بان أسلمت امرأته فقذفها قبل ان يعرض عليه السلام او محدودا فى قذف وهى من أهلها حد الزوج ولا لعان لعدم اهلية اللعان وبيان اللعان مشبعا موضعه الفقه فليطلب هناك وكذا القذف وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ جواب لولا محذوف لتهويله والاشعار بضيق العبارة عن حصره كأنه قيل لولا تفضله عليكم ورحمته ايها الرامون والمرميات وانه تعالى مبالغ فى قبول التوبة حكيم فى جميع أفعاله وأحكامه التي من جملتها ما شرع لكم من حكم اللعان لكان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان ومن جملته انه تعالى لو لم يشرع لهم ذلك لوجب على الزوج حد القذف مع ان الظاهر صدقه لانه اعرف بحال زوجته وانه لا يفترى عليها لاشتراكهما فى الفضاحة وبعد ما شرع لهم ذلك لو جعل شهاداته موجبة لحدّ القذف عليه(6/121)
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)
لفات النظر له ولا ريب فى خروج الكل عن سنن الحكمة والفضل والرحمة فجعل شهادات كل منهما مع الجزم بكذب أحدهما حتما دارئة لما توجه اليه من الغائلة الدنيوية وقد ابتلى الكاذب منها فى تضاعيف شهاداته من العذاب بما هو أتم مما درأه عنه وأطم وفى ذلك من احكام الحكم البالغة وآثار التفضل والرحمة ما لا يخفى اما على الصادق فظاهر واما على الكاذب فهو امهال له والستر عليه فى الدنيا ودرء الحد عنه وتعريضه للتوبة حسبما ينبئ عنه التعرض لعنوان توابيته سبحانه ما أعظم شأنه وأوسع رحمته وأدق حكمته قال الكاشفى [واگر نه فضل خداى تعالى بودى بر شما وبخشايش او وآنكه خداى قبول كننده توبه است حكم كننده در حدود احكام هر آيينه شما را فضيحت كردى ودروغ كواهى را بعذاب عظيم مبتلا ساختى وكويند اگر نه فضل خدا بودى بتأخير عقوبت شما هلاك شديد يا اگر نه فضل فرمودى باقامت زواجر ونهى از فواحش هر آينه نسل منقطع شدى ومردم يك ديكر را هلاك كردندى يا اگر نه خداى تعالى بخشيدى بر شما بقبول توبه در تيه نااميدى سر كردان ميشديد پس شما بمدد وتوفيق توبه بسر منزل رجا رسانيد
كر توبه مددكار كنهكار نبودى ... او را كه بسر حد كرم راه نمودى
ور توبه نبودى كه در فيض كشودى ... زنك غم از آينه عاصى كه زدودى
قال بعض الكبار قال الله (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) ولم يقل ولولا فضل عبادتكم وصلاتكم وجهادكم وحسن قيامكم بامر الله (ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) لنعلم ان العبادات وان كثرت فانها من نتائج الفضل
چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا كوى وخود را مبين
اللهم اجعلنا من اهل الفضل والعطاء والمحبة والولاء إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ اى ما بلغ مما يكون من الكذب والافتراء: وبالفارسية [بدرستى آنانكه آورده اند دروغ برزك درشان عائشه] وأصله الافك وهو القلب اى الصرف لانه مأفوك عن وجهه وسننه والمراد به ما افك على عائشة رضى الله عنها وذلك ان عائشة كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الامانة والعفة والشرف فمن رماها بالسوء قلب الأمر من وجهه- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه فأيهن خرجت قرعتها استصحبها والقرعة بالضم طينة او عجينة مدورة مثلا يدرج فيها رقعة يكتب فيها السفر والحضر ثم تسلم الى صبى يعطى كل امرأة واحدة منهن كذا فى القهستاني فى القسم فلما كان غزوة بنى المصطلق فى السنة الخامسة من الهجرة وهى غزوة المريسيع كما فى انسان العيون خرج سهمها وبنوا المصطلق بطن من خزاعة وهم بنوا خزيمة والمصطلق من الصلق وهو رفع الصوت والمريسيع اسم ماء من مياه خزاعة مأخوذ من قولهم رسعت عين الرجل إذا دمعت من فساد وذلك الماء فى ناحية قديد قال فى القاموس المريسيع بئر او ماء واليه تضاعف غزوة بنى المصطلق انتهى فخرجت عائشة معه عليه السلام وكان بعد نزول آية الحجاب وهو قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) الآية لانه كان ذلك سنة ثلاث من الهجرة قالت فحملت فى هودج(6/122)
فسرنا فلما دنونا من المدينة قافلين اى راجعين نزلنا منزلا ثم نزلت من الرحل فقمت ومشيت لقضاء الحاجة حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأنى أقبلت الى رحلى فلمست صدرى فاذا عقد لى من جزع ظفار كقطام وهى بلد باليمن قرب صنعاء اليه نسبة الجزع وهو بالفتح وسكون الزاى المعجمة الخرز اليماني فيه سواد وبياض يشبه به الأعين كما فى القاموس كان يساوى اثنى عشر درهما قد انقطع فرجعت فالتمسته فحبسنى ابتغاؤه واقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي بتخفيف الحاء اى يجعلون هودجها على الرحل وهو ابو مويهبة مولى رسول الله وكان رجلا صالحا مع جماعة معه فاحتملوا هودجى فرحلوه على بعيري وهم يحسبون انى فيه بخفتى وكان النساء إذ ذاك خفافا لقلة أكلهن اى لان السمن وكثرة اللحم غالبا تنشأ عن كثرة الاكل كما فى انسان العيون فلم يستنكروا خفة الهودج حين رفعوه وذهبوا بالبعير فوجدت عقدى فجئت منازلهم وليس فيها أحد وأقمت بمنزلي الذي كنت فيه وظننت انهم سيفقدوننى فيرجعون فى طلبى فبينا انا جالسة فى منزلى غلبتنى عينى فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمى خلف الجيش قال القرطبي وكان صاحب ساقة رسول الله لشجاعته وكان من خيار الصحابة انتهى كان يسوق الجيش ويلتقط ما يسقط من المتاع كما فى الإنسان فاصبح عند منزلى فرأى سوادا اى شخص انسان نائم فاتانى فعرفنى فاستيقظت باسترجاعه اى بقوله انا لله وانا اليه راجعون اى لان تخلف أم المؤمنين عن الرفقة فى مضيقة مصيبة اى مصيبة فخمرت وجهى فى جلبابى وهو ثوب اقصر من الخمار ويقال له المقنعة تغطى به المرأة رأسها والله ما تكلمت بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه اى لانه استعمل الصمت أدبا وهوى حتى أناخ راحلته فقمت إليها فركبتها وانطلق يقود بي الراحلة حتى اتينا الجيش فى بحر الظهيرة اى وسطها وهو بلوغ الشمس منتهاها من الارتفاع وهم نازلون وبهذه الواقعة استدل بعض الفقهاء على انه يجوز الخلوة بالمرأة الاجنبية إذا وجدها منقطعة ببرية او نحوها بل يجب استصحابها إذا خاف عليها لو تركها وفى معانى الآثار للطحاوى قال ابو حنيفة وكان الناس لعائشة محرما فمع أبهم سافرت فقد سافرت مع محرم وليس غيرها من النساء كذلك انتهى يقول الفقير لعل مراد الامام رحمه الله تعالى ان ازواج النبي عليه السلام وان كان كلهن محارم للامة لانه تعالى قال (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ)
وحرم عليهم نكاحهن كما قال (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) الا ان عائشة كانت أفضل نسائه بعد خديجة وأقربهن منه من حيث خلافتها عنه فى باب الدين ولذا قال (خذوا ثلثى دينكم عن عائشة) فتأكدت الحرمة من هذه الجهة إذ لا بد لاخذ الدين من الاستصحاب للسفر والحضر والله اعلم قالت فلما نزلنا هلك فى من هلك بقول البهتان والافتراء وكان أول من اشاعه فى المعسكر عبد الله بن ابى ابن سلول رئيس المنافقين فانه كان ينزل مع جماعة المنافقين متبعدين من الناس فمرت عليهم فقال من هذه قالوا عائشة وصفوان فقال فجر بها ورب الكعبة فافشوه وخاض اهل المعسكر فيه فجعل يرويه بعضهم عن بعض ويحدث به بعضهم بعضا قالت فقدمنا المدينة فاشتكيت اى مرضت حين قدمت شهرا ووصل الخبر الى رسول الله والى ابوىّ ولا أشعر بشىء من ذلك غير انه يرينى ان لا اعرف من رسول الله العطف(6/123)
الذي كنت ارى منه حين اشتكيت فلما رأيت ذلك قلت يا رسول الله لو أذنت لى فانقلب الى ابوىّ يمرضانى والتمريض القيام على المريض فى مرضه قال لا بأس فانقلبت الى بيت ابوىّ وكنت فيه الى ان برئت من مرضى بعد بضع وعشرين ليلة فخرجت فى بعض الليالى ومعى أم مسطح كمنبر وهى بنت خالة ابى بكر رضى الله عنه قبل المناصع وهى مواضع يتخلى فيها لبول او حاجة ولا يخرج إليها الا ليلا وكان عادة اهل المدينة حينئذ انهم كانوا لا يتخذون الكنيف فى بيوتهم كالاعاجم بل يذهبون الى محل متسع قالت فلما فرغنا من شأننا وأقبلنا الى البيت عثرت أم مسطح فى مرطها وهو كساء من صوف او خز كان يؤتزر به فقالت تعس مسطح بفتح العين وكسرها اى هلك تعنى ولدها والمسطح فى الأصل عمود الخيمة واسمه عوف فقلت لها أتسبين رجلا قد شهد بدرا فقالت أو لم تسمعى ما قال قلت وما قال فاخبرتنى بقول اهل الافك فازددت مرضا على مرض اى عاودنى المرض وازددت عليه وبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لى دمع ولا اكتحل بنوم ثم أصبحت ابكى
چشم ذكريه بر سر آبست روز شب ... جانم ز ناله در تب وتابست روز شب
فاستشار رسول الله فى حقى فاشار بعضهم بالفرقة وبعضهم بالصبر وقد لبث شهرا لا يوحى اليه فى شأنى بشىء فقام واقبل حتى دخل علىّ وعندى أبواي ثم جلس فتشهد ثم قال (اما بعد يا عائشة فانه قد بلغني عنك كذا وكذا فان كنت بريئة فيبرئك الله وان كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله وتوبى فان العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب الله تاب الى الله عليه) فلما قضى رسول الله كلامه قلص دمعى اى ارتفع حتى ما أحس منه بقطرة فقلت لابى أجب عنى رسول الله فيما قال قال والله لا أدرى ما أقول لرسول الله فقلت لامى أجيبي عنى رسول الله قالت والله ما أدرى ما أقول لرسول الله فقلت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر فى نفوسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم انى بريئة لا تصدقونى ولئن اعترفت لكم بامر والله يعلم انى بريئة منه لتصدقونى والله ما أجد لى ولكم مثلا الا ما قال ابو يوسف اى يعقوب (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)
صبرى كنيم تا كرم او چهـ ميكند
قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشى وانا والله حينئذ اعلم انى بريئة والله مبرئى ببراءة ولكنى والله ما كنت أظن ان ينزل فى شأنى وحي يتلى ولشأنى كان احقر فى نفسى من ان يتكلم فى بامر يتلى ولكنى كنت أرجو ان يرى النبي عليه السلام رؤيا يبرئنى الله بها قالت فو الله ما قام رسول الله عن مجلسه ولا خرج من البيت حتى اخذه ما كان يأخذه عند نزول الوحى اى من شدة الكرب فسجى اى غطى بثوب ووضعت له وسادة من آدم تحت رأسه وكان ينحدر منه مثل الجمان من العرق فى اليوم الثاني من ثقل القول الذي انزل عليه والجمان حبوب مدحرجة تجعل من الفضة أمثال اللؤلؤ فلما سرى عنه وهو يضحك ويمسح العرق من وجهه الكريم كان أول كلمة تكلم بها (أبشري يا عائشة اما ان الله قد برأك) فقالت أمي قومى اليه فقلت والله لا احمد الا
الله فانزل الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) الآيات قال السهيلي كان نزول براءة عائشة بعد قدومهم المدينة من الغزوة المذكورة لسبع وثلاثين ليلة فى قول المفسرين فمن نسبها الى الزنى كغلاة الرافضة كان كافر الان فى ذلك تكذيبا للنصوص(6/124)
القرآنية ومكذبها كافر وفى حياة الحيوان عن عائشة رضى الله عنها لما تكلم الناس بالإفك رأيت فى منامى فتى فقال لى مالك قلت حزينة مما ذكر الناس فقال ادعى بكلمات يفرج الله عنك قلت وما هى قال قولى يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا فارج الغم ويا كاشف الظلم ويا اعدل من حكم ويا حسيب من ظلم ويا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية اجعل لى من امرى فرجا ومخرجا قالت فانتبهت وقلت ذلك وقد انزل الله فرجى قال بعضهم برأ الله اربعة باربعة يوسف بشاهد من اهل زليخا وموسى من قول اليهود فيه ان له ادرة بالحجر الذي فر بثوبه ومريم بانطاق ولدها وعائشة بهذه الآيات وبعد نزولها خرج عليه السلام الى الناس وخطبهم وتلاها عليهم وامر بجلد اصحاب الافك ثمانين جلدة وعن عائشة ان عبد الله بن أبيّ جلد مائة وستين اى حدين قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما وهكذا يفعل لكل من قذف زوجة نبىّ اى يجوز ان يفعل به ذلك وفى الخصائص الصغرى من قذف أزواجه عليه السلام فلا توبة له البتة كما قال ابن عباس رضى الله عنهما وغيره ويقتل كما نقله القاضي وغيره وقيل يختص القتل بمن قذف عائشة ويحدّ فى غيرها حدّين كذا فى انسان العيون وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم تبغ امرأة نبى قط واما قوله تعالى فى امرأة نوح وامرأة لوط (فَخانَتاهُما) فالمراد آذتاهما قالت امرأة نوح فى حقه انه لمجنون وامرأة لوط دلت على أضيافه وانما جازان تكون امرأة النبي كافرة كامرأة نوح ولوط ولم يجز ان تكون زانية لان النبي مبعوث الى الكفار ليدعوهم الى الدين والى قبول ما قاله من الاحكام والثواب والعقاب وهذا المقصود لا يحصل إذا كان فى الأنبياء ما ينفر الكفرة عنهم والكفر ليس مما ينفر عندهم بخلاف الفجور فانه من أعظم المنفرات وعن كتاب الإشارات للفخر الرازي رحمه الله انه عليه السلام فى تلك الأيام التي تكلم فيها بالإفك كان اكثر أوقاته فى البيت فدخل عليه عمر فاستشاره فى تلك الواقعة فقال يا رسول الله انا اقطع بكذب المنافقين وأخذت براءة عائشة من ان الذباب لا يقرب بدنك فاذا كان الله صان بدنك ان يخالطه الذباب لمخالطته القاذورات فكيف باهلك ودخل عليه عثمان فاستشاره فقال يا رسول الله أخذت براءة عائشة من ظلك لانى رأيت الله صان ظلك ان يقع على الأرض اى لان ظل شخصه الشريف كان لا يظهر فى شمس ولا قمر لئلا يوطأ بالاقدام فاذا صان الله ظلك فكيف باهلك ودخل علىّ فاستشاره فقال يا رسول الله أخذت براءة عائشة من شىء هو انا صلينا خلفك وأنت تصلى بنعليك ثم انك خلعت احدى نعليك فقلنا ليكون ذلك سنة لنا فقلت (لا ان جبريل قال ان فى تلك النعل نجاسة) فاذا كان لا تكون النجاسة بنعليك فكيف باهلك فسر عليه السلام بذلك فصدقهم الله فيما قالوا وفضح اصحاب الافك بقوله (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) عُصْبَةٌ مِنْكُمْ خبران والعصبة والعصابة جماعة من العشرة الى الأربعين والمراد هنا عبد الله بن أبيّ وزيد بن رفاعة ومسطح بن اثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم واختلفوا فى حسان بن ثابت والذي يدل على براءته ما نسب اليه فى أبيات مدح بها عائشة رضى الله عنها منها
مهذبة قد طيب الله خيمها ... وطهرها من كل سوء وباطل
فان كنت قد قلت الذي قد زعمتمو ... فلا رفعت سوطى الىّ أناملي(6/125)
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)
وكيف وودّى ما حييت ونصرتى ... لآل رسول الله زين المحافل
كما فى انسان العيون قال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام قد قيل ان حسان لم يكن فيهم اى فى الذين جاؤا بالإفك فمن قال انه كان فيهم انشد البيت المروي حين جلدوا الحدّ
لقد ذاق حسان الذي كان اهله ... وحمنة إذ قالا لهجر ومسطح
ومن برأه الافك قال انما الرواية فى البيت ... لقد ذاق عبد الله ما كان اهله
انتهى: ومعنى الآية ان الذين أتوا بالكتاب فى امر عائشة جماعة كائنة منكم فى كونهم موصوفين بالايمان وعبد الله ايضا كان من جملة من حكم له بالايمان ظاهرا وان كان رئيس المنافقين خفية لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ الخطاب لرسول الله وابى بكر وعائشة وصفوان ولمن ساءه ذلك من المؤمنين تسلية لهم من أول الأمر والضمير للافك بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لاكتسابكم الثواب العظيم لانه بلاء مبين ومحنة ظاهرة وظهور كرامتكم على الله بانزال ثمانى عشرة آية فى نزاهة ساحتكم وتعظيم شأنكم وتشديد الوعيد فيمن تكلم فيكم والثناء على من ظنّ بكم خيرا لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ اى من أولئك العصبة والامرؤ الإنسان والرجل كالمرء والالف للوصل مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ بقدر ما خاض فيه لان بعضهم تكلم بالإفك وبعضهم ضحك وبعضهم سكت ولم ينههم قال فى التأويلات على حسب سعايتهم وفساد ظنهم وهتك حرمة حرم نبيهم انتهى والإثم الذنب وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ اى تحمل معظم الافك قال فى المفردات فيه تنبيه على ان كل من سن سنة قبيحة يصير مقتدى به فذنبه اكبر مِنْهُمْ من العصبة وهو ابن ابى فانه بدأبه واذاعه بين الناس عداوة لرسول الله كما سبق لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ اى لعبد الله نوع من العذاب العظيم ألمه لان معظم الشر كان منه فلما كان مبتدئا بذلك القول لا جرم حصل له من العقاب مثل ما حصل لكل من قال ذلك لقوله عليه السلام (من سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) وفى التأويلات النجمية (لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) يؤاخذ بجرمه وهو خسارة الدنيا والآخرة ثم أورد الحديث المذكور
هر كه بنهد سنتى بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق از عمى
جمع كردد بر وى آن جمله بزه ... كو سرى بودست وايشان دم غزه
لَوْلا تخضيضية بمعنى هلا: وبالفارسية [چرا] ومعناها إذا دخلت على الماضي التوبيخ واللوم على ترك الفعل إذ لا يتصور الطلب فى الماضي وإذا دخلت على المضارع فمعناها الحض على الفعل والطلب له فهى فى المضارع بمعنى الأمر إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ايها الخائضون اى الشارعون فى القول الباطل ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً عدول الى الغيبة لتأكيد التوبيخ فان مقتضى الايمان الظن بالمؤمن خيرا وذب الطاعنين فيه فمن ترك هذا الظن والذب فقد ترك العمل بمقتضى الايمان والمراد بانفسهم أبناء جنسهم النازلون منزلة أنفسهم كقوله تعالى (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) فان المراد لا يعيب بعضكم بعضا فان المؤمنين كنفس واحدة إذ كان الواجب ان يظن المؤمنون والمؤمنات أول ما سمعوه ممن اخترع بالذات او بالواسطة من(6/126)
لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)
غير تلعثم وتردد بمثلهم من آحاد المؤمنين خيرا وَقالُوا فى ذلك الآن هذا [اين سخن] إِفْكٌ مُبِينٌ اى ظاهر مكشوف كونه إفكا فكيف بالصديقة بنت الصديق أم المؤمنين حرم رسول الله: يعنى حق سبحانه [ازواج پيغمبر نكاه ميدارد از مثل اين حالها بتعظيم وتكريم ايشان] لَوْلا جاؤُ [چرا نياوردند] عَلَيْهِ [برين سخن را] بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ اى هلا جاء الخائضون باربعة شهداء يشهدون على ما قالوا وهو اما من تمام القول او ابتداء كلام من الله فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ الاربعة فَأُولئِكَ المفسدون عِنْدَ اللَّهِ فى حكمه وشرعه المؤسس على الدلائل الظاهرة المتقنة هُمُ الْكاذِبُونَ الكاملون فى الكذب المشهود عليه بذلك المستحقون لاطلاق الاسم عليهم دون غيرهم قال الكاشفى [ايشانند دروغ كويان در ظاهر وباطن چهـ اگر كواه آوردندى در ظاهر حكم كاذب نبودندى اما در باطن كاذب بودندى زيرا كه اين صورت بر ازدواج انبيا ممتنع است و چون كواه نياوردند در ظاهر اين كار نيز كاذبند] قال القرطبي وقد يعجز الرجل عن اقامة البينة وهو صادق فى قذفه ولكنه فى حكم الشرع وظاهر الأمر كاذب لا فى علم الله وهو سبحانه انما رتب الحدود على حكمه الذي شرعه فى الدنيا لا على مقتضى علمه الذي تعلق بالإنسان على ما هو عليه واجمع العلماء على ان احكام الدنيا على الظاهر وان السرائر الى الله وَلَوْلا امتناعية اى لامتناع الشيء لوجود غيره فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ خطاب للسامعين والمسلمين جميعا فِي الدُّنْيا من فنون النعم التي من جملتها الامهال بالتوبة وَالْآخِرَةِ من ضروب الآلاء التي من جملتها العفو والمغفرة المقدران لكم لَمَسَّكُمْ عاجلا: يعنى [هر آينه برسيدى شما را] فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ اى بسبب ما خضتم فيه من حديث الافك عَذابٌ عَظِيمٌ يستحقر دونه التوبيخ والجلد إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بحذف احدى التاءين ظرف للمس اى لمسكم ذلك العذاب العظيم وقت تلقيكم إياه من المخترعين بِأَلْسِنَتِكُمْ يأخذه بعضكم من بعض وذلك ان الرجل منهم يلقى الرجل فيقول له ما وراءك فيحدثه بحديث الافك حتى شاع وانتشر فلم يبق بيت ولادار الا طار فيه يقال تلقى الكلام من فلان وتلقنه وتلقفه ولقفه إذا اخذه من لفظه وفهمه وفى الإرشاد التلقي والتلقف والتلقن معان متقاربة خلا ان فى الاول معنى الاستقبال وفى الثاني معنى الخطف والاخذ بسرعة وفى الثالث معنى الحذق والمهارة وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ معنى بأفواهكم مع ان القول لا يكون الا بالفم هو ان الاخبار بالشيء يجب ان تستقر صورته فى القلب اولا ثم يجرى على اللسان وهذا الافك ليس الا قول لا يجرى على الالسنة من غير علم به فى القلب وهو حرام لقوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) والمعنى وتقولون قولا مختصا بالأفواه من غير ان يكون له مصداق ومنشأ فى القلوب لانه ليس بتعبير عن علم به فى قلوبكم وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً سهلا لا تبعة له وهى بالفارسية [عاقبه به] او ليس له كثير عقوبة وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ والحال انه عنده تعالى عَظِيمٌ فى الوزر واستجرار العذاب وعن بعضهم انه جزع عند الموت فقيل له فقال أخاف ذنبا لم يكن منى على بال وهو عند الله عظيم وفى كلام بعضهم لا تقولن لشىء من سيآتك نقير فلعله عند الله نخلة وهو عندك نقير(6/127)
وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)
وقال عبد الله بن المبارك ما ارى هذه الآية نزلت الا فيمن اعتاد الدعاوى العظيمة ويجترئ على ربه فى الاخبار عن احوال الأنبياء والأكابر ولا يمنعه عن ذلك هيبة ربه ولا حياؤه وقال الترمذي من تهاون بما يجرى عليه من الدعاوى فقد صغر ما عظمه الله ان الله تعالى يقول (وَتَحْسَبُونَهُ) إلخ
اگر مردى از مردىء خود مكوى ... نه هر شهوارى بدر برد كوى
وَلَوْلا [چرا] إِذْ سَمِعْتُمُوهُ من المخترعين والتابعين لهم قُلْتُمْ تكذيبالهم وتهويلا لما ارتكبوه ما يَكُونُ لَنا ما يمكننا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا القول وما يصدر عنا ذلك بوجه من الوجوه وحاصله نفى وجود التكلم به لا نفى وجوده على وجه الصحة والاستقامة سُبْحانَكَ تعجب ممن تفوه به وأصله ان يذكر عند معاينة العجب من صنائعه تنزيها له سبحانه من ان يصعب عليه أمثاله ثم كثر حتى استعمل فى كل متعجب منه او تنزيه له تعالى من ان يكون حرم نبيه فاجرة فان فجورها تنفير للناس عنه ومخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها كما سبق: وبالفارسية [پاكست خداى تعالى از آنكه در حرم محترم پيغمبر قدح تواند كرد] هذا الافك الذي لا يصح لاحد ان يتكلم به بُهْتانٌ عَظِيمٌ مصدر بهته اى قال عليه ما لم يفعل اى كذب عظيم عند الله التقاول به كما فى التأويلات النجمية او يبهت ويتحير من عظمته لعظمة المبهوت عليه اى الشخص الذي يبهت عليه اى يقال عليه ما لم يفعل فان حقارة الذنوب وعظمها كما تكون باعتبار مصادرها كما قال ابو سعيد الخراز قدس سره «حسنات الأبرار سيآت المقربين» كذا تكون باعتبار متعلقاتها يَعِظُكُمُ اللَّهُ الوعظ النصح والتذكير بالعواقب اى ينصحكم ايها الخائضون فى امر عائشة أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ كراهة ان تعودوا لمثل هذا الخوض والقول أَبَداً اى مدة حياتكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالله وبرسوله وباليوم الآخر فان الايمان يمنع عنه وفيه اشارة الى ان العود الى مثل هذا يخرجهم من الايمان قال فى الكبير يدخل فى هذا من قال ومن سمع ولم ينكر لاتسوائهما فى فعل ما لا يجوز وان كان المقدم أعظم ذنبا وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب دلالة واضحة لتتعظوا وتتأدبوا بها اى ينزلها مبينة ظاهرة الدلالة على معانيها لا انه يبينها بعد ان لم تكن كذلك وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال جميع مخلوقاته جلائلها ودقائقها حَكِيمٌ فى جميع تدابيره وأفعاله فأنى يمكن صدق ما قيل فى حق حرمة من اصطفاه لرسالته وبعثه الى كافة الخلق ليرشدهم الى الحق ويزكيهم ويطهرهم تطهيرا وقال الكاشفى [وخداى تعالى داناست بطهارت ذيل عائشة حكم كننده ببرائت ذمت او از عيب وعار]
تا كريبان دامنش پاكست از لوث خطا ... وز مذمت عيب جو آلوده از سر تا بپا
وچهـ زيبا كفته است
كرا رسد كه كند عيب دامن پاكت ... كه همچوقطره كه بر برك كل چكد پاكى
وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى لا يجرى على خواص عباده الا ما يكون سببا لحقيقة اللطف وان كان فى صورة القهر تأديبا وتهذيبا وموجبا لرفعة درجاتهم وزيادة فى قرابتهم(6/128)
وان قصة الافك وان كانت فى صورة القهر كانت فى حق النبي عليه السلام وفى حق عائشة وأبويها وجميع الصحابة ابتلاء وامتحانا لهم وتربية وتهذيبا فان البلاء للولاء كاللهب للذهب كما قال عليه السلام (ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل) وقال عليه السلام (يبتلى الرجل على قدر دينه) فان الله غيور على قلوب خواص عباده المحبوبين فاذا حصلت مساكنة بعضهم الى بعض يجرى الله تعالى ما يرد كل واحد منهم عن صاحبه ويرده الى حضرته وان النبي عليه السلام لما قيل له أي الناس أحب إليك قال (عائشة فساكنها) وقال (يا عائشة حبك فى قلبى كالعقدة) وفى بعض الاخبار ان عائشة قالت يا رسول الله انى أحبك وأحب قربك فاجرى الله تعالى حديث الافك حتى رد رسول الله قلبه عنها الى الله بانحلال عقدة حبها عن قلبه وردت عائشة قلبها عنه الى الله حيث قالت لما ظهرت براءة ساحتها نحمد الله لا نحمدك فكشف الله غيابة تلك المحبة وأزال الشك واظهر براءة ساحتها حين أدبهم وهذبهم وقربهم وزاد فى رفعة درجاتهم وقرباتهم قال فى الحكم العطائية وشرحها قال ابو بكر الصديق رضى الله
عنه لعائشة رضى الله عنها لما نزلت براءتها من الافك على لسان رسول الله عليه السلام يا عائشة اشكرى رسول الله نظرا منه لوجه الكمال لها فقالت لا والله لا اشكر الا الله رجوعا منها الى اصل التوحيد إذ لم يسع غيره فى تلك الحال قلبها دلها ابو بكر فى ذلك على المقام الأكمل عند الصحو وهو مقام البقاء بالله المقتضى لاثبات الآثار وعمارة الدارين التزاما لحق الحكم والحكمة وقد قال تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) فقرن شكرهما بشكره إذ هما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقي فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وقال عليه السلام (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب الله على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده وكانت هى يعنى عائشة فى ذلك الوقت لا فى عموم أوقاتها مصطلمة اى مأخوذة عن شاهدها فلم يكن لها شعور بغير ربها غائبة عن الآثار لما استولى عليها من سلطان الفرح لمنة المولى عليها فلم تشهد الا الواحد القهار من غير اعتبار لغيره وهكذا هو أكمل المقامات فى حالها وهو مقام أبينا ابراهيم عليه السلام إذ قال حسبى من سؤالى علمه بحالي والله المسئول فى إتمام النعمة وحفظ الحرمة والثبات لمرادات الحق بالآداب اللائقة بها وهو حسبنا ونعم الوكيل ثم قال فى التأويلات النجمية الطريق الى الله طريقان طريق اهل السلامة وطريق اهل الملامة فطريق اهل السلامة ينتهى الى الجنة ودرجاتها لانهم محبوسون فى حبس وجودهم وطريق اهل الملامة ينتهى الى الله تعالى لان الملامة مفتاح باب حبس الوجود وبها يذوب الوجود ذوبان الثلج بالشمس فعلى قدر ذوبان الوجود يكون الوصول الى الله تعالى فاكرم الله تعالى عائشة بكرامة الملامة ليخرجها بها من حبس الوجود بالسلامة وهذا يدل على ولايتها لان الله تعالى إذا تولى عبدا يخرجه من ظلمات وجوده المخلوقة الى نور القدم كما قال تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) انتهى: قال الحافظ قدس سره
وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن(6/129)
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)
وقال الجامى قدس سره
عشق در هر دل كه سازد بهر وردت خانه ... أول از سنك ملامت افكند بنياد او
إِنَّ الَّذِينَ هم ابن أبيّ ومن تبعه فى حديث الافك يُحِبُّونَ يريدون أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ تنشر وتظهر والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال والمراد هنا الزنى اى خبره فِي الَّذِينَ آمَنُوا أخلصوا الايمان لَهُمْ بسبب ذلك عَذابٌ أَلِيمٌ نوع من العذاب متفاقم ألمه فِي الدُّنْيا كالحد ونحوه وَالْآخِرَةِ كالنار وما يلحق بها قال ابن الشيخ ليس معناه مجرد وصفهم بانهم يحبون شيوعها فى حق الذين آمنوا من غير ان يشيعوا ويظهروا فان ذلك القدر لا يوجب الحد فى الدنيا بل المعنى ان الذين يشيعون الفاحشة والزنى فى الذين آمنوا كصفوان وعائشة عن قصد ومحبة لاشاعتها وفى الإرشاد يحبون شيوعها ويتصدون مع ذلك لاشاعتها وانما لم يصرح به اكتفاء بذكر المحبة فانها مستتبعة له لا محالة وفى الذين آمنوا متعلق بتشيع اى تشيع فيما بين الناس وذكر المؤمنين لانهم العمدة فيهم او بمضمر هو حال من الفاحشة فالموصول عبارة عن المؤمنين خاصة اى يحبون ان تشيع الفاحشة كائنة فى حق المؤمنين وفى شأنهم وَاللَّهُ يَعْلَمُ جميع الأمور وخصوصا ما فى ضمائر من حب الاشاعة وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فابنوا الأمر فى الحد ونحوه على الظواهر والله يتولى السرائر وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ جواب لولا محذوف اى لولا فضله وانعامه عليكم وانه بليغ الرأفة والرحمة بكم لعاجلكم بالعقاب على ما صدر منكم وفى الآيتين إشارات منها ان اهل الافك كما يعاقبون على الإظهار يعاقبون باسرار محبة الاشاعة فدل على وجوب سلامة القلب للمؤمنين كوجوب كف الجوارح والقول عما يضرهم وفى الحديث (انى لاعرف قوما يضربون صدورهم ضربا يسمعه اهل النار وهم الهمازون الذين يلتمسون عورات المسلمين ويهتكون ستورهم ويشيعون لهم الفواحش) وفى الحديث (أيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها برىء يرى ان يشينه بها فى الدنيا كان حقا على الله اين يرميه بها فى النار) كما فى الكبير فالصنيع الذي ذكر من اهل الافك ليس من صنيع اهل الايمان فان من صنيع اهل الايمان ما قال عليه السلام (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وقال (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كنفس واحدة إذا اشتكى منها عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر)
بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك كوهرند
چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار
تو كز محنت ديكران بى غمى ... نشايد كه نامت نهند آدمي
فمن اركان الدين مظاهرة المسلمين واعانة اهل الدين وارادة الخير بكافة المؤمنين والذي يود الفتنة وافتضاح الناس فهو شر الخلق كالخناس ومنها ان ترك المعاجلة بالعذاب تعريض للتوبة فدل على ان عذاب الآخرة انما هو على تقدير الإصرار وعليه يحمل قوله عليه السلام (إذا كان يوم القيامة حد الله الذين شتموا عائشة ثمانين على رؤس الخلائق فيستوهب لى المهاجرين منهم واستأمرك(6/130)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)
يا عائشة) قال الراوي فلما سمعت عائشة وكانت فى البيت بكت وقالت «والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب الىّ من سرورى» فتبسم رسول الله ضاحكا وقال (ابنة صديق) ومنها غاية كرم الله ورحمته وفضله على عباده حيث يتفضل عليهم ويرحمهم ويزكيهم عن اوصافهم الذميمة مع استحقاقهم العذاب الأليم فى الدنيا والآخرة فانه خلق الخلق للرحمة لا للعذاب ولو كان للعذاب لكان من جهتهم بسوء اختيارهم عصمنا الله وإياكم من الأوصاف الذميمة الموجبة للعذاب الأليم وشرفنا بالأخلاق الحميدة الباعثة على الدرجات والتنعمات فى دار النعيم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ جمع خطوة بضم الخاء وهى ما بين القدمين اى ما بين رجلى الخاطي وبالفتح المرة الواحدة من الخطو ثم استعمل اتباع الخطوات فى الاقتداء وان لم يكن ثمة خطو يقال اتبع خطوات فلان ومشى على عقبه إذا استن بسنته والمراد هاهنا سيرة الشيطان وطريقته. والمعنى لا تسلكوا الطرق التي يدعوكم إليها الشيطان ويوسوس بها فى قلوبكم ويزينها لاعينكم ومن جملتها اشاعة الفاحشة وحبها وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فقد ارتكب الفحشاء والمنكر فقوله فَإِنَّهُ اى الشيطان يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ علة للجزاء وضعت موضعه والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه عرفا وعقلا سواء كان فعلا او قولا والمنكر ما ينكره الشرع وقال ابو الليث المنكر ما لا يعرف فى شريعة ولا سنة وفى المفردات المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة واستعير الأمر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تحقيرا لشأنهم وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بهذه البيانات والتوفيق للتوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها ما زَكى ما طهر من دنس الذنوب مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ من الاولى بيانية والثانية زائدة واحد فى حيز الرفع على الفاعلية أَبَداً آخر الدهر لا الى نهاية وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يطهر مَنْ يَشاءُ من عباده بافاضة آثار فضله ورحمته عليه وحمله على التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم وفيه حجة على القدرية فانهم زعموا ان طهارة النفوس بالطاعات والعبادات من غير توفيق من الله وَاللَّهُ سَمِيعٌ مبالغ فى سمع الأقوال التي من جملتها ما قالوه من حديث الافك وما أظهروه من التوبة منه عَلِيمٌ بجميع المعلومات التي من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الإخلاص فى التوبة
كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل
وفى الآية امور منها ان خطوات الشيطان كثيرة وهى جملة ما يطلق عليه الفحشاء والمنكر ومن جملته القذف والشتم والكذب وتفتيش عيوب الناس وفى الحديث (كلام ابن آدم كله عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكر الله تعالى) وفى الحديث (كثرت خيانة ان تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له كاذب) وفى الحديث (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية وخالط اهل الفقه والحكمة وجانب اهل الجهل والمعصية وعن بعضهم خطوات الشيطان النذور فى معصية الله كما فى تفسير ابى الليث فيخرج منها النذور فى طاعة الله كالصلاة والصوم ونحوهما مما ينهى عن الفحشاء(6/131)
وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)
والمنكر فضلا عن كونه فحشاء او منكر او منها ان امر التزكية انما هو الى الله فانه بفضله ورحمته وفق العبد للطاعات والأسباب ولكن لا بد للعبد من أستاذ يتعلم منه كيفية التزكية على مراد الله تعالى وأعظم الوسائل هو النبي عليه السلام ثم من أرشده الى الله تعالى قال شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري قدس سره مشايخى فى علم الحديث وعلم الشريعة كثيرة واما شيخى فى الطريقة فالشيخ ابو الحسن الخرقاني فلولا رأيته ما عرفت الحقيقة فاهل الإرشاد هداة طريق الدين ومفاتيح أبواب اليقين فوجود الإنسان الكامل غنيمة ومجالسته نعمة عظيمة
ز من اى دوست اين يك پند بپذير ... برو فتراك صاحب دولتى كير
كه قطره تا صدف را در نيابد ... نكردد كوهر روشن نتابند
ثم ان التزكية الحقيقية تطهر القلب عن تعلقات الأغيار بعد تطهيره عن الميل الى المعاصي والأوزار وقوله (مَنْ يَشاءُ) انما هو لان كل أحد ليس باهل للتزكية كالمنافقين واهل الرين والرعونة ومنها الاشارة الى مغفرة من خاض فى حديث الافك من اهل بدر كمسطح ويدل عليها الاعتناء بشأنه فى الآية الآتية وقد ثبت ان الله اطلع على اهل بدر يعنى نظر إليهم بنظر الرحمة والمغفرة فقال (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) والمراد به اظهار العناية بهم وإعلاء رتبتهم لا الترخيص لهم فى كل فعل كما يقال للمحبوب اصنع ما شئت وفى المقاصد الحسنة كأنك من اهل بدر هو كلام يقال لمن يتسامح او يتساهل والله المسئول فى قبول التوبة عن كل حوبة وَلا يَأْتَلِ من الائتلاء وهو القسم: وبالفارسية [سوكند خوردن] كما فى تاج المصادر من الالية بمعنى اليمين اى لا يخلف نزل فى شأن الصديق رضى الله عنه حين حلف ان يقطع نفقته عن مسطح ابن خالته لخوضه فى عائشة رضى الله عنها وكان فقيرا بدريا مهاجرا ينفق عليه ابو بكر رضى الله عنه أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ذووا الفضل فى الدين والفضل الزيادة وَالسَّعَةِ فى المال أَنْ يُؤْتُوا اى على ان لا يؤتوا شيأ ولا يحسنوا بإسقاط الخافض وهو كثير شائع أُولِي الْقُرْبى ذوى القرابة وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صفات لموصوف واحد اى ناسا جامعين لها لان الكلام فيمن كان كذلك لان مسطحا قريب ومسكين ومهاجر جيئ بها بطريق العطف تنبيها على ان كلا منها علة مستقلة لاستحقاق الإيتاء وَلْيَعْفُوا عن ذنبهم وَلْيَصْفَحُوا اى ليعرضوا عن لومهم قال الراغب الصفح ترك التثريب وهو ابلغ من العفو وقد يعفو الإنسان ولا يصفح أَلا تُحِبُّونَ [آيا دوست نمى داريد] أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ اى بمقابلة عفوكم وصفحكم وإحسانكم الى من أساء إليكم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مبالغ فى المغفرة والرحمة مع كمال قدرته على المؤاخذة وكثرة ذنوب العباد الداعية إليها وفيه ترغيب عظيم فى العفو ووعد كريم بمقابلته كأنه قيل ألا تحبون ان يغفر الله لكم فهذا من موجباته- روى- انه عليه السلام قرأ هذه الآية على ابى بكر رضى الله عنه فقال بلى أحب ان يغفر الله لى فرد الى مسطح نفقته وكفر عن يمينه وقال والله لا انزعها ابدا وفى معجم الطبراني الكبير انه أضعف له النفقة التي كان يعطيه إياها قبل القذف اى أعطاه ضعف ما كان يعطيه قبل ذلك(6/132)
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)
وفى الآية دليل على ان من حلف على امر فرأى الحنث أفضل منه فله ان يحث ويكفر عن يمينه ويكون له ثلاثة أجور أحدها ائتماره بامر الله تعالى والثاني اجر بره وذلك فى صلة قرابته والثالث اجر التكفير ثم فى الآية فوائد منها ان العلماء استدلوا بها على فضل الصديق رضى الله عنه وشرفه من حيث نهاه مغايبة ونص على فضله وذكره بلفظ الجمع للتعظيم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم لا يفعلوا كيت وكيت والمنكرون يحملون الفضل على فضل المال لكن لا يخفى ان يستفاد من قوله (وَالسَّعَةِ) فيلزم التكرير فثبت كونه أفضل الخلق بعد رسول الله عليه السلام قال فى انسان العيون وصف الله تعالى الصديق باولى الفضل موافق لوصفه عليه السلام بذلك فقد جاء ان عليا كرم الله وجهه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر رضى الله عنه جالس عن يمين رسول الله فتنحى ابو بكر عن مكانه واجلس عليا بينه وبين النبي عليه السلام فتهلل وجه النبي فرحا وسرورا وقال (لا يعرف الفضل لاهل الفضل الا أولوا الفضل) : قال الحكيم سنايى
بود چندان كرامت وفضلش ... كه أولوا الفضل خواند ذو الفضلش
صورت وسيرتش همه جان بود ... زان ز چشم عوان پنهان بود
روز وشب سال وماه در همه كار ... ثانى اثنين إذ هما فى الغار
ومنها انها كفت داعيه الى المجاملة والاعراض عن مكافاة المسيء وترك الاشتغال بها وعن انس رضى الله عنه بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت نواجذه فقال عمر رضى الله عنه بابى أنت وأمي ما الذي اضحك قال (رجلان من أمتي جثيا بين يدى رب العزة فقال أحدهما خذلى مظلمتى من هذا فقال الله تعالى رد على أخيك مظلمته فقال يا رب لم يبق من حسناتى شىء فقال يا رب فليحمل عنى من أوزاري) ثم فاضت عينا رسول الله بالبكاء فقال (ان ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس الى ان يحمل عنهم أوزارهم) قال (فيقول الله تعالى للمتكلم ارفع بصرك فانظر فى الجنان فقال يا رب ارى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأى نبى هذا أو لأي صديق أو لأي شهيد قال الله تعالى لمن اعطى الثمن قال يا رب ومن يملك ذلك قال الله تعالى أنت تملكه قال بماذا يا رب قال الله تعالى بعفوك عن أخيك قال يا رب قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فادخله الجنة)
من كان يرجو عفو من فوقه ... فليعف عن ذنب الذي دونه
در عفو لذتيست كه در انتقام نيست
ومنها بيان تأديب الله للشيوخ والأكابر ان لا يهجروا صاحب الزلات واهل العثرات من المريدين ويتخلقوا بخلق الله حيث يغفر الذنوب ولا يبالى وأعلمهم ان لا يكفوا اعطاءهم عنهم ويخبروهم ما وقع لهم من احكام الغيب فان من له استعداد لا يحتجب بالعوارض البشرية عن احكام الطريقة ابدا والله المعين على كل حال وبيده العفو عن سيآت الأعمال إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ قد سبق معنى الرمي فى أوائل السورة الْمُحْصَناتِ العفائف مما رمين من الفاحشة والزنى الْغافِلاتِ [بيخبران] عنها على الإطلاق بحيث لم يخطر ببالهن شىء منها ولا من(6/133)
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)
مقدماتها أصلا ففيها من الدلالة على كمال النزاهة ما ليس فى المحصنات قال فى التعريفات الغفلة عن الشيء هى ان لا يخطر ذلك بباله الْمُؤْمِناتِ اى المتصفات بالايمان بكل ما يجب ان يؤمن به من الواجبات والمحظورات وغيرها ايمانا حقيقيا تفصيليا كما ينبئ عنه تأخير المؤمنات عما قبلها مع أصالة وصف الايمان والمراد بها عائشة الصديقة رضى الله عنها والجمع باعتبار ان رميها رمى لسائر أمهات المؤمنين لاشتراك الكل فى العصمة والنزاهة والانتساب الى رسول الله عليه السلام كما فى قوله تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) ونظائره لُعِنُوا بما قالوا فى حقهن وهتكوا حرمتهن فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ حيث يلعنهم اللاعنون من المؤمنين والملائكة ابدا: وبالفارسية [دور كرده شدند در دنيا از نام نيكو در آخرت از رحمت يعنى درين عالم مردود وملعونند ودر ان سراى مبغوض ومطرود] واصل اللعنة الطرد والابعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره وَلَهُمْ مع ما ذكر من اللعن الابدى عَذابٌ عَظِيمٌ لعظم ذنوبهم قال مقاتل هذا خاص فى عبد الله بن أبيّ المنافق واليه الاشارة بقول حضرة الشيخ نجم الدين فى تأويلاته (إِنَّ الَّذِينَ) إلخ اى ان الذين لم يكونوا من اهل بدر من اصحاب الافك اه ليخرج مسطح ونحوه كما سبقت الاشارة الى مغفرته وقال بعضهم الصحيح انه حكم كل قاذف ما لم يتب لقوله عليه السلام (اجتنبوا الموبقات السبع الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المؤمنات الغافلات) وعن ابن عباس رضى الله عنهما من قذف ازواج النبي عليه السلام فلا توبة له ومن قذف مؤمنة سواهن قد جعل الله له توبة ثم قرأ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ)
الى قوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) الآية يَوْمَ ظرف لما فى الجار والمجرور المتقدم من معنى الاستقرار تَشْهَدُ الشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر او بصيرة عَلَيْهِمْ تقديمه على الفاعل للمسارعة الى بيان كون الشهادة ضارة لهم أَلْسِنَتُهُمْ بغير اختيار منهم وهذا قبل ان يختم على أفواههم فلا تعارض بينه وبين قوله تعالى (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فتخبر كل جارحة بما صدر من أفاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجنايتها المعهودة فقط فالموصول عبارة عن جميع أعمالهم السيئة يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ التوفية بذل الشيء وافيا والوافي الذي بلغ التمام والدين الجزاء والحق منصوب على ان يكون صفة للدين اى يوم إذ تشهد جوارحهم بأعمالهم القبيحة يعطيهم الله جزاءهم الثابت الواجب الذي هم اهله وافيا كاملا وَيَعْلَمُونَ عند معاينتهم الأهوال والخطوب أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ اى الظاهر حقيته لما انه ابان لهم حقية ما كان يعدهم به فى الدينا من الجزاء ويقال ان ما قال الله هو الحق وفى الآية امور منها بيان جواز اللعنة على من كان من أهلها قال الامام الغزالي رحمه الله الصفات المقتضية للعن ثلاث الكفر والبدعة والفسق وله فى كل واحدة ثلاث مراتب الاولى اللعن بالوصف الأعم كقولك لعنة الله على الكافرين او المبتدعة او الفسقة والثانية اللعن باوصاف أخص منه كقولك لعنة الله على اليهود والنصارى او على القدرية والخوارج والروافض(6/134)
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)
او على الزناة والظلمة وآكلى الربا وكل ذلك جائز ولكن فى لعن بعض اصناف المبتدعة خطر لان معرفة البدعة غامضة فما لم يرد فيه لفظ مأثور ينبغى ان يمنع منه العوام لان ذلك يستدعى المعارضة بمثله ويثير نزاعا وفسادا بين الناس والثالثة اللعن على الشخص فينظر فيه ان كان ممن ثبت كفره شرعا فيجوز لعنه ان لم يكن فيه أذى على مسلم كقولك لعنة الله على النمرود وفرعون وابى جهل لانه ثبت ان هؤلاء ماتوا على الكفر وعرف ذلك شرعا وان كان ممن لم يثبت حال خاتمته بعد كقولك زيد لعنه الله وهو يهودى او فاسق فهذا فيه خطر لانه ربما يسلم او يتوب فيموت مقربا عند الله تعالى فكيف يحكم بكونه ملعونا ومنها شهادة الأعضاء وذلك بانطاق الله تعالى فكما تشهد على المذنبين بذنوبهم تشهد للمطيعين بطاعتهم فاللسان يشهد على الإقرار وقراءة القرآن واليد تشهد بأخذ المصحف والرجل تشهد بالمشي الى المسجد والعين تشهد بالبكاء والاذن تشهد باستماع كلام الله. ويقال شهادة الأعضاء فى القيامة مؤجلة وشهادتها فى المحبة اليوم معجلة من صفرة الوجه وتغير اللون ونحافة الجسم وانسكاب الدموع وخفقان القلب وغير ذلك: قال الحافظ
با ضعف وناتوانى همچون نسيم خوش باش ... بيمارى اندرين ره بهتر ز تن درستى
ومنها ان المجازاة بقدر الاستحقاق فللفاسقين بالقطيعة والنيران وللصالحين بالدرجات وللعارفين بالوصلة والقربة ورؤية الرحمن الْخَبِيثاتُ من النساء اى الزواني: وبالفارسية [زنان ناپاك] لِلْخَبِيثِينَ من الرجال اى الزناة كابن أبيّ المنافق تكون له امرأة زانية اى مختصات بهم لا يكدن يتجاوزنهم الى غيرهم لان لله ملكا يسوق الأهل ويجمع الاشكال بعضا الى بعض على ان اللام للاختصاص وَالْخَبِيثُونَ ايضا: وبالفارسية [مردان ناپاك] لِلْخَبِيثاتِ لان المجانسة من دواعى الانضمام وَالطَّيِّباتُ منهن اى العفائف لِلطَّيِّبِينَ منهم اى العفيفين وَالطَّيِّبُونَ ايضا لِلطَّيِّباتِ منهن بحيث لا يكادون يجاوزونهن الى من عداهن وحيث كان رسول الله عليه السلام أطيب الأطيبين وخيرة الأولين والآخرين تبين كون الصديقة من أطيب الطيبات بالضرورة واتضح بطلان ما قيل فى حقها من الخرافات حسبما نطق به قوله تعالى أُولئِكَ الموصوفون بعلو الشان يعنى اهل البيت وقال فى الاسئلة المقحمة آية الافك نزلت فى عائشة وصفوان فكيف ذكرها بلفظ الجمع والجواب لان الشين وعار الزنى والمعرة بسببه تتعدى الى الرسول لانه زوجها والى ابى بكر الصديق لانه أبوها والى عامة المسلمين لانها أمهم فذكر الكل بلفظ الجمع مُبَرَّؤُنَ [بيزار كرده شدكان يعنى منزه ومعرااند] مِمَّا يَقُولُونَ اى مما يقوله اهل الافك فى حقهم من الأكاذيب الباطلة فى جميع الاعصار والأطوار الى يوم القيامة لَهُمْ مَغْفِرَةٌ عظيمة لما يخلو عنه البشر من الذنب وَرِزْقٌ كَرِيمٌ فى الجنة اى كثير ويقال حسن قال الكاشفى [يعنى ريح وبسيار و پايدار مراد نعيم بهشت است] قال الراغب كل شىء يشرف فى بابه فانه يوصف بالكرم وقال بعضهم الرزق الكريم هو الكفاف الذي لا منة فيه لاحد فى الدنيا ولا تبعة له فى الآخرة يقول الفقير الظاهر من سوق الآيات ولا سيما من قوله (مِمَّا يَقُولُونَ) ان المعنى ان الخبيثات من القول: يعنى [سخنان ناشايسته وناپاك] للخبيثين من الرجال والنساء اى مختصة ولائقة بهم لا ينبغى(6/135)
ان تقاتل فى حق غيرهم وكذا الخبيثون من الفريقين أحقاء بان يقال فى حقهم خبائث القول والطيبات من الكلم للطيبين من الفريقين اى مختصة وحقيقة بهم وكذا الطيبون من الفريقين أحقاء بان يقال فى شانهم طيبات الكلم أولئك الطيبون مبرأون مما يقول الخبيثون فى حقهم فمآله تنزيه الصديقة ايضا وقال بعضهم خبيثات القول مختصة بالخبيثين من فريقى الرجال والنساء لا تصدر عن غيرهم والخبيثون من الفريقين مختصون بخبائث القول متعرضون لها كابن ابى المنافق ومن تابعه فى حديث الافك من المنافقين إذ كل اناء يترشح بما فيه والطيبات من الكلام للطيبين من الفريقين اى مختصة بهم لا تصدر عن غيرهم والطيبون من الفريقين مختصون بطيبات الكلام لا يصدر عنهم غيرها أولئك الطيبون مبرأون مما يقول الخبيثون من الخبائث اى لا يصدر عنهم مثل ذلك فمآله تنزيه القائلين سبحانك هذا بهتان عظيم وقد وقع ان الحسن بن زياد بن يزيد الساعي من اهل طبرستان وكان من العظماء وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف وكان يرسل
فى كل سنة الى بغداد عشرين الف دينار تفرق على أولاد الصحابة فحصل عنده رجل من أشياع العلويين فذكر عائشة رضى الله عنها بالقبيح فقال الحسن لغلامه يا غلام اضرب عنق هذا فنهض اليه العلويين وقالوا هذا رجل من شيعتنا فقال معاذ الله هذا طعن على رسول الله فان كانت عائشة خبيثة كان زوجها ايضا كذلك وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك بل هو الطيب الطاهر وهى الطيبة الطاهرة المبرأة من السماء يا غلام اضرب عنق هذا الكافر فضرب عنقه: وفى المثنوى
ذره كاندر همه ارض وسماست ... جنس خود را همچوكاه وكهرباست «1»
ناريان مر ناريانرا جازبند ... نوريان مر نوريانرا طالبند «2»
اهل باطل باطلان را مى كشند ... اهل حق از اهل حق هم سرخوشتند «3»
طيبات آمد ز بهر طيبين ... الخبيثات للخبيثين است بين «4»
وقال الراغب الخبيث ما يكره رداءة وخساسة محسوسا كان او معقولا وذلك يتناول الباطل فى الاعتقاد والكذب فى المقال والقبيح فى الفعال وقوله (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) اى الأعمال الرديئة والاختيارات النبهرجة لامثالها واصل الطيب ما يستلذه الحواس وقوله (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) تنبيه على ان الأعمال الطيبة تكون من الطيبين كما روى (المؤمن أطيب من عمله والكافر أخبث من عمله) وفى التأويلات النجمية يشير الى خباثة الدنيا وشهواتها انها للخبيثين من ارباب النفوس المتمردة والخبيثون من اهل الدنيا المطمئنين بها للخبيثات من مستلذات النفس ومشتهيات هواها معناه انها لا تصلح الا لهم وانهم لا يصلحون الا لها وايضا الخبيثات من الأخلاق الذميمة والأوصاف الرديئة للخبيثين من الموصوفين بها والطيبات من الأعمال الصالحة والأخلاق الكريمة للطيبين من الصالحين وارباب القلوب يعنى خلقت الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات كقوله (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) وقال عليه السلام (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) وقال عليه الصلاة والسلام (خلقت الجنة وخلق لها اهل وخلقت النار وخلق لها اهل) وفى حقائق البقلى خبيثات هواجس النفس ووساوس الشيطان للبطالين من المرائين والمغالطين وهم لها وطيبات الهام الله بوساطة الملائكة لاصحاب القلوب والأرواح والعقول من العارفين وايضا الترهات والطامات للمرتابين والحقائق والدقائق من المعارف وشرح
__________
(1- 3- 4) لم أجد فى المثنوى يعينه فليراجع
(2] در ديباچهـ دفتر دوم(6/136)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)
الكواشف للعارفين والمحبين انتهى وكان مسروق إذا روى عن عائشة رضى الله عنها يقول حدثتنى الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله المبرأة من السماء وجاء ان ابن عباس رضى الله عنهما دخل على عائشة فى موتها فوجدها وجلة من القدوم على الله فقال لها لا تخافي فانك لا تقدمين الا على مغفرة ورزق كريم فغشى عليها من الفرح بذلك لانها كانت تقول متحدثة بنعمة الله عليها لقد أعطيت خصالا ما اعطيتهن امرأة لقد نزل جبريل بصورتى فى راحته حتى امر رسول الله ان يتزوجنى ولقد تزوجنى بكرا وما تزوج بكرا غيرى ولقد توفى وان رأسه لفى حجرى ولقد قبر فى بيتي وان الوحى ينزل عليه فى اهله فيتفرقون منه وانه كان لينزل عليه وانا معه فى لحاف واحد وابى رضى الله عنه خليفته وصديقه ولقد نزلت براءتي من السماء ولقد خلقت طيبة عند طيب لقد وعدت مغفرة ورزقا كريما يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- روى- عن عدى بن ثابت عن رجل من الأنصار قال جاءت امرأة الى رسول الله عليه السلام فقالت يا رسول الله انى أكون فى بيتي على الحالة التي لا أحب ان يرانى عليها أحد فيأتى الآتي فيدخل فكيف اصنع قال (ارْجِعِي) فنزلت هذه الآية لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ [يعنى بهيچ خانه بيكانه درمياييد] وصف البيوت بمغايرة بيوتهم خارج مخرج العادة التي هى سكنى كل أحد فى ملكه والا فالآجر والمعير ايضا منهيان عن الدخول بغير اذن يقال اجره اكراه والاجرة الكراء وأعاره دفعه عارية حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا اى تستأذنوا ممن يملك الاذن من أصحابها: وبالفارسية [تا وقتى كه خبر كيريد ودستورى طلبيد] من الاستئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشيء إذا أبصره مكشوفا فعلم به فان المستأذن مستعلم للحال مستكشف انه هل يؤذن له اولا ومن الاستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش لما ان المستأذن مستوحش خائف ان لا يؤدن له فاذا اذن له استأنس ولهذا يقال فى جواب القادم المستأذن مرحبا أهلا وسهلا اى وجدت مكانا واسعا وأتيت أهلا لا أجانب ونزلت مكانا سهلا لا حزنا ليزول به استيحاشه وتطيب نفسه فيؤول المعنى الى ان يؤذن لكم وهو من باب الكناية حيث ذكر الاستئناس اللازم وأريد الاذن الملزوم وعن النبي عليه السلام فى معنى الاستئناس حين سئل عنه فقال (هو ان يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة ويتنحنح يؤذن اهل البيت) قال فى نصاب الاحتساب امرأة دخلت فى بيت غير بغير اذن صاحبه هل يحتسب عليها فالجواب إذا كانت المرأة ذات محرم منه حل لامرأته الدخول فى منازل محارم زوجها بغير إذنهم وهذا غريب يجتهد فى حفظه ذكره فى سرقة المحيط ولهذا لو سرقت من بيت محارم زوجها لا قطع عليها عند ابى حنيفة رحمه الله وما فى غير ذلك يحتسب عليها كما يحتسب على الرجل لقوله تعالى (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) اى تستأذنوا انتهى فالدخول بالاذن من الآداب الجميلة والافعال المرضية المستتبعة لسعادة الدارين وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها عند الاستئذان بان يقول السلام عليكم أادخل ثلاث مرات فان اذن له دخل وسلم ثانيا والا رجع ذلِكُمْ الاستئذان مع التسليم خَيْرٌ لَكُمْ من ان تدخلوا بغتة ولو على الام فانها تحتمل ان تكون عريانة وفيه ارشاد الى ترك تحية اهل الجاهلية حين الدخول فان الرجل منهم كان إذا دخل بيتا غريبا صباحا قال «حييتم صباحا»(6/137)
فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)
وإذا دخل مساء قال «حييتم مساء» قال الكاشفى [وكفته اند كسى كه بر عيال خود در مى آيد بايد كه بكلمه يا بآواز يا بتنحنحى اعلام كند تا اهل آن خانه بستر عورات ودفع مكروهات أقدام نمايند] لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ متعلق بمضمر اى أمرتم به كى تذكروا وتتعظوا وتعملوا بموجبه اعلم ان السلام من سنة المسلمين وهو تحية اهل الجنة ومجلبة للمودة وناف للحقد والضغينة- روى- عنه عليه السلام قال (لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله فقال الله تعالى يرحمك ربك يا آدم اذهب الى هؤلاء الملائكة وملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم فلما فعل ذلك رجع الى ربه قال هذه تحيتك وتحية ذريتك) وروى عنه عليه السلام قال (حق المسلم على المسلم ست يسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه وينصح له بالغيب ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويشهد جنازته إذا مات) ثم انه إذا عرض امر فى دار من حريق او هجوم سارق او قتل نفس بغير حق او ظهور منكر يجب إزالته فحينئذ لا يجب الاستئذان والتسليم فان كل ذلك مستثنى بالدليل وهو ما قاله الفقهاء من ان مواقع الضرورات مستثناة من قواعد الشرع لان الضرورات تبيح المحظورات قال صاحب الكشاف وكم من باب من أبواب الدين هو عند الناس كالشريعة المنسوخة قد تركوا العمل بها وباب الاستئذان من ذلك انتهى وفى الآية الكريمة اشارة الى ترك الدخول والسكون فى البيوت المجازية الفانية من الأجساد وترك الاطمئنان بها بل لا بد من سلام الوداع للخلاص فاذا ترك العبد الركون الى الدنيا الفانية وشهواتها واعرض عن البيوت التي ليست بدار قرار فقد رجع الى الوطن الحقيقي الذي حبه من الايمان
اگر خواهى وطن بيرون قدم نه
فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها اى فى تلك البيوت أَحَداً اى ممن يملك الاذن على ان من لا يملكه من النساء والولدان وجدانه كفقدانه او لم تجدوا أحدا أصلا فَلا تَدْخُلُوها فاصبروا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ اى من جهة من يملك الاذن عند إتيانه فان فى دخول بيت فيه النساء والولدان اطلاعا على العورات وفى دخول البيوت الخالية اطلاعا على ما يعتاد الناس إخفاءه مع ان التصرف فى ملك الغير محظور مطلقا: يعنى [دخول در خانه خالى بي اذن كسى محل تهمت سرقه است] يقول الفقير قد ابتليت بهذا مرة غفلة عن حكم الآية الكريمة فاطال علىّ وعلى رفقائى بعض من خارج البيت لكوننا مجهولين عندهم فوجدت الأمر حقا وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا انصرفوا فَارْجِعُوا ولا تقفوا على أبواب الناس اى ان أمرتم من جهة اهل البيت بالرجوع سواء كان الأمر ممن يملك الاذن أم لا فارجعوا ولا تلحوا بتكرير الاستئذان كما فى الوجه الاول او لا تلحوا بالإصرار على الانتظار على الأبواب الى ان يأتى الاذن كما فى الثاني فان ذلك مما يجلب الكراهة فى قلوب الناس ويقدح فى المروءة اى قدح هُوَ اى الرجوع أَزْكى لَكُمْ اى اطهر مما لا يخلو عنه اللج والعناد والوقوف على الأبواب من دنس الدناءة والرذالة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ فيعلم ما تأتون وما تذرون مما كلفتموه فيجازيكم عليه وفى التأويلات النجمية (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً)(6/138)
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)
يشير الى فناء صاحب البيت وهو وجود الانسانية (فَلا تَدْخُلُوها) بتصرف الطبيعة الموجبة للوجود (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) بامر من الله بالتصرف فيها للاستقامة كما امر (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا) اى الى ربكم (فَارْجِعُوا) ولا تتصرفوا فيها تصرف المطمئنين بها (هُوَ أَزْكى لَكُمْ) لئلا تقعوا فى فتنة من الفتن الانسانية وتكونوا مع الله بالله بلا أنتم (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الرجوع الى الله وترك تعلقات البيوت الجسدانية (عَلِيمٌ) انه خير لكم لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ قال فى المفردات جنحت السفينة اى مالت الى أحد جانبيها سمى الإثم المائل بالإنسان عن الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا أَنْ تَدْخُلُوا اى بغير استئذان بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ اى غير موضوعة لسكنى طائفة مخصوصة فقط بل لينتفع بها من يضطر إليها كائنا من كان من غير ان يتخذها سكنا كالربط والخانات والحوانيت والحمامات ونحوها فانها معدة لمصالح الناس كافة كما ينبى عنه قوله تعالى فِيها مَتاعٌ لَكُمْ فانه صفة للبيوت اى حق تمتع لكم وانتفاع كالاستكنان من الحر والبرد وإيواء الامتعة والرحال والشراء والبيع والاغتسال وغير ذلك مما يليق بحال البيوت وداخلها فلا بأس بدخولها بغير استئذان من قوام الرباطات والخانات واصحاب الحوانيت ومتصرفى الحمامات ونحوهم وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ تظهرون وَما تَكْتُمُونَ تستترون وعيد لمن يدخل مدخلا من هذه المداخل لفساد او اطلاع على عورات قال فى نصاب الاحتساب رجل له شجرة فرصاد قد باع أغصانها فاذا ارتقاها المشترى يطلع على عورات الجار قال يرفع الجار الى القاضي حتى يمنعه من ذلك قال الصدر الشهيد فى واقعات المختار ان المشترى يخبرهم وقت الارتقاء مرة او مرتين حتى يستروا أنفسهم لان هذا جمع بين الحقين وان لم يفعل الى ان يرفع الجار الى القاضي فان رأى القاضي المنع كان له ذلك. ولو فتح كوّة فى جداره حتى وقع نظره فيها الى نساء جاره يمنع من ذلك وفى البستان لا يجوز لاحد ان ينظر فى بيت غيره بغير اذنه فان فعل فقد أساء واثم فى فعله فان نظر ففقأ صاحب البيت عينه اختلفوا فيه قيل لا شىء عليه وقيل عليه الضمان وبه نأخذ وكان عمر رضى الله عنه يعس ليلة مع ابن مسعود رضى الله عنه فاطلع من خلل باب فاذا شيخ بين يديه شراب وقينة تغنيه فتسورا فقال عمر رضى الله عنه ما صح لشيخ مثلك ان يكون على مثل هذه الحالة فقام اليه الرجل فقال يا امير المؤمنين أنشدك بالله ألا ما أنصفتني حتى أتكلم قال قل قال ان كنت عصيت الله فى واحدة فقد عصيت أنت فى ثلاث قال ما هن قال تجسست وقد نهاك الله فقال (وَلا تَجَسَّسُوا) وتسورت وقد قال الله (لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) الى (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) ودخلت بغير اذن وقد قال الله (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) فقال عمر صدقت فهل أنت غافر لى فقال غفر الله لك فخرج عمر يبكى ويقول ويل لعمر ان لم يغفر الله له فان قلت دل هذا على ان المحتسب لا يدخل بيتا بلا اذن وقد صح انه يجوز له الدخول فى بيت من يظهر البدع بلا اذن قلت هذا فيما اظهر وذلك فيما أخفى وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى جواز تصرف السالك الواصل فى بيت الجسد الذي هو غير مسكون لصاحبه وهو الانسانية لفنائها عن وجودها بافناء الحق تعالى فيها متاع لكم اى الآلات والأدوات التي تحتاجون إليها عند السير فى عالم الله ولتحصيلها بعثت الأرواح(6/139)
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)
الى أسفل سافلين الأجساد والله يعلم ما تبدون من تصرفاتكم بالآلات الانسانية وما تكتمون من نياتكم لنها لطلب رضى الله تعالى او لهوى نفوسكم انتهى: قال الجامى قدس سره
جيب خاص است كه كنج كهر اخلاص است ... نيست اين در ثمين در بغل هر دغلى
قُلْ يا محمد لِلْمُؤْمِنِينَ حذف مفعول الأمر تعويلا على دلالة جوابه عليه اى قل لهم غضوا يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ عما يحرم: وبالفارسية [بپوشند ديدهاى خود را از ديدن نامحرم كه نظر سبب فتنه است] والغض أطباق الجفن بحيث يمنع الرؤية ولما كان ما حرم النظر اليه بعضا من جملة المبصرات تبعض البصر باعتبار تبعض متعلقه فجعل ما تعلق بالمحرم بعضا من البصر وامر بغضه وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ عمن لا يحل او يستروها حتى لا تظهر والفرج الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه اتى بمن التبعيضية فى جانب الابصار دون الفروج مع ان المأمور به حفظ كل واحد منهما عن بعض ما تعلقا به فان المستثنى من البصر كثير فان الرجل يحل له النظر الى جميع أعضاء أزواجه وأعضاء ما ملكت يمينه وكذا لا بأس عليه فى النظر الى شعور محارمه وصدورهن وثديهن واعضائهن وسوقهن وأرجلهن وكذا من امة الغير حال عرضها للبيع ومن الحرة الاجنبية الى وجهها وكفيها وقدميها فى رواية فى القدم بخلاف المستثنى من الفرج فانه شىء نادر قليل وهو فرج زوجته وأمته فلذلك اطلق لفظ الفرج ولم يقيد بما استثنى منه لقلته وقيد غض البصر بحرف التبعض ذلِكَ اى ما ذكر من الغض والحفظ أَزْكى لَهُمْ اى اطهر لهم من دنس الريبة إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ لا يخفى عليه شىء فليكونوا على حذر منه فى كل حركة وسكون- روى- عن عيسى ابن مريم عليهما السلام انه قال إياكم والنظرة فانها تزرع فى القلب شهوة قال الكاشفى [در ذخيرة الملوك آورده كه تيز روترين پيكى شيطانرا در وجود انسان چشم است زيرا حواس ديكر در مساكن خود ساكن اند وتا چيزى بديشان نميرسد باستدراج آن مشغول نميتوانند شد اما ديده حاسه ايست كه از دور ونزديك ابتلا وأنام را صيد ميكند
اين همه آفت كه بتن ميرسد ... از نظر توبه شكن ميرسد
ديده فرو پوش چودر در صدف ... تا نشوى تير بلا را هدف
وفى النصاب النظرة الاولى عفو والذي يليها عمد وفى الأثر (يا ابن آدم لك النظرة الاولى فما بال الثانية) وفى الحديث (اضمنوا لى ستا من أنفسكم اضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا ما ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا ايديكم) وفى الحديث (بينما رجل يصلى إذ مرت به امرأة فنظر إليها واتبعها بصره فذهبت عيناه) قال الشيخ نجم الدين فى تأويلاته يشير الى غض أبصار الظواهر من المحرمات وأبصار النفوس عن شهوات الدنيا ومألوفات الطبع ومستحسنات الهوى وأبصار القلوب عن رؤية الأعمال ونعيم الآخرة وأبصار الاسرار عن الدرجات والقربات وأبصار الأرواح عن الالتفات لما سوى الله وأبصار الهمم عن العلل بان لا يروا أنفسهم أهلا للشهود من الحق سبحانه غيرة عليه(6/140)
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)
تعظيما وإجلالا ويشير ايضا الى حفظ فروج الظواهر عن المحرمات وفروج البواطن عن التصرفات فى الكونين لعلة دنيوية او اخروية (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) صيانة عن تلوث الحدوث ورعاية للحقوق عن شوب الحظوظ (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) يعملون للحقوق والحظوظ اللهم اجعلنا من الذين يراعون الحقوق فى كل عمل وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ فلا ينظرن الى ما لا يحل لهن النظر اليه من الرجل وهى العورة عند ابى حنيفة واحمد وعند مالك ما عدا الوجه والأطراف والأصح من مذهب الشافعي انها لا تنظر اليه كما لا ينظر هو إليها وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ بالتصون عن الزنى او بالتستر ولا خلاف بين الائمة فى وجوب ستر العورة عن أعين الناس واختلفوا فى العورة ما هى فقال ابو حنيفة عورة الرجل ما تحت سرته الى تحت ركبته والركبة عورة وفى نصاب الاحتساب من لم يستر الركبة ينكر عليه برفق لان فى كونها عورة اختلافا مشهورا ومن لم يستر الفخذ يعنف عليه ولا يضرب لان فى كونها عورة خلاف بعض اهل الحديث ومن لم يستر السوءة يؤدب إذ لا خلاف فى كونها عورة عن كراهية الهداية انتهى ومثل الرجل الامة وبالأولى بطنها وظهرها لانه موضع مشتهى والمكاتبة وأم الولد والمدبرة كالامة وجميع الحرة عورة الا وجهها وكفيها والصحيح عنده ان قدميها عورة خارج الصلاة لا فى الصلاة وقال مالك عورة الرجل فرجاه وفخذاه والامة مثله وكذا المدبرة والمعتقة الى أجل والحرة كلها عورة الا وجهها ويديها ويستحب عنده لام الولد ان تستر من جسدها ما يجب على الحرة ستره والمكاتبة مثلها وقال الشافعي واحمد عورة الرجل ما بين السرة والركبة وليست الركبة من العورة وكذا الامة والمكاتبة وأم الولد والمدبرة والمعتق بعضها والحرة كلها عورة سوى الوجه والكفين عند الشافعي وعند احمد سوى الوجه فقط على الصحيح واما سرة الرجل فليست من العورة بالاتفاق كذا فى فتح الرحمن وتقديم الغض لان النظر يريد الزنى ورائد الفساد يعنى ان الله تعالى قرن النهى عن النظر الى المحارم بذكر حفظ الفرج تنبيها على عظم خطر النظر فانه يدعو الى الاقدام على الفعل وفى الحديث (النظر سهم من سهام إبليس) قيل من أرسل طرفه اقتنص حتفه: وفى المثنوى
كر ز ناى چشم حظى مى برى ... نى كباب از پهلوى خود مى خورى
اين نظر از دور چون تيرست وسم ... عشقت افزون مى شود صبر تو كم
وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ فضلا عن إبداء مواقعها يقال بدا الشيء بدوا وبدوّا اى ظهر ظهورا بينا وأبدى اى اظهر إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها [مكر آنچهـ ظاهر شود از ان زينت بوقت ساختن كارها چون خاتم وأطراف ثياب وكحل در عين وخضاب در كف] فان فى سترها حرجابينا قال ابن الشيخ الزينة ما تزينت به المرأة من حلى او كحل او ثوب او صبغ فما كان منها ظاهرا كالخاتم والفتخة وهى ما لا فص فيه من الخاتم والكحل والصبغ فلا بأس بإبدائه للاجانب بشرط الامن من الشهوة وما خفى منها كالسوار والدملج وهى خلقة تحملها المرأة على عضدها والوشاح والقرط فلا يحل لها ابداؤها الا للمذكورات فيما بعد بقوله (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) الآية وفى التأويلات النجمية يشير الى كتمان ما زين الله به سرائرهم من(6/141)
صفاء الأحوال وزكاء الأعمال فانه بالإظهار ينقلب الزين شينا الا ما ظهر منها وارد حق او يظهر على أحد منهم نوع كرامة بلا تعمله وتكلفه فذلك مستثنى لانه غير مؤاخذ بما لم يكن بتصرفه وتكلفه انتهى قال فى حقائق البقلى فيه استشهاد على انه لا يجوز للعارفين ان يبدوا زينة حقائق معرفتهم وما يكشف الله لهم من عالم الملكوت وأنوار الذات والصفات ولا المواجيد الا ما ظهر منها بالغلبات من الشهقات والزعقات والاصفرار والاحمرار وما يجرى على ألسنتهم بغير اختيارهم من كلمات السطح والإشارات المشاكلة وهذه الأحوال اشرف زينة للعارفين قال بعضهم ازين ما تزين به العبد الطاعة فاذا أظهرها فقد ذهبت زينتها وقال بعضهم الحكمة فى هذه الآية لاهل المعرفة انه من اظهر شيأ من أفعاله الا ما ظهر عليه من غير قصد له فيه سقط به عن رؤية الحق لان من وقع عليه رؤية الخلق ساقط عن رؤية الحق: قال الشيخ سعدى قدس سره
همان به كر آبستن كوهرى ... كه همچون صدف سر بخود در برى
وفى المثنوى
داند و پوشد بامر ذى الجلال ... كه نباشد كشف را از حق حلال «1»
سر غيب آنرا سزد آموختن ... كه ز كفتن لب تواند دوختن «2»
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ضمن الضرب معنى الإلقاء ولذا عدى بعلى. والخمر جمع خمار وهو ما تغطى به المرأة رأسها وتسترها وما ليس بهذه الصفة فليس بخمار قال فى المفردات اصل الخمر ستر الشيء ويقال لما يستر به خمار لكن الخمار صار فى التعارف اسما لما تغطى به المرأة رأسها. والجيوب جمع جيب وهو ما جيب من القميص اى قطع لادخال الرأس. والمعنى وليلقين مقانعهن على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وقروطهن وأعناقهن عن الأجانب: وبالفارسية [وبايد كه فرو كذارند مقنعهاى خود را بر گريبانهاى خويش يعنى گردن خود را بمقنعه بپوشند تا شوى وبنا كوش وكردن وسينه ايشان پوشيده ماند] وفيه دليل على ان صدر المرأة ونحرها عورة لا يجوز للاجنبى النظر إليها وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ اى الزينة الخفية كالسوار والدملج والوشاح والقرط ونحوها فضلا عن إبداء مواقعها كرره لبيان من يحل له الإبداء ومن لا يحل له وقال ابو الليث لا يظهرن مواضع زينتهن وهو الصدر والساق والساعد والرأس لان الصدر موضع الوشاح والساق موضع الخلخال والساعد موضع السوار والرأس موضع الا الإكليل فقد ذكر الزاينة وارد بها موضع الزينة انتهى إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ قال فى المفردات البعل هو الذكر من الزوجين وجمعه بعولة كفحل وفحولة انتهى اى الا لازواجهن فانهم المقصودون بالزينة ولهم ان ينظروا الى جميع بدنهن حتى الموضع المعهود خصوصا إذا كان النظر لتقوية الشهوة الا انه يكره له النظر الى الفرج بالاتفاق حتى الى فرج نفسه لانه يروى انه يورث الطمس والعمى وفى كلام عائشة رضى الله عنها ما رأى منى ولا رأيت منه اى العورة قال فى النصاب اى الزينة الباطنة يجوز ابداؤها لزوجها وذلك لاستدعائه إليها ورغبة فيها ولذلك لعن رسول الله عليه السلام السلقاء والمرهاء فالسلقاء التي لا تختضب والمرهاء التي لا تكتحل أَوْ آبائِهِنَّ والجد فى حكم الأب أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ [يا پدران شوهران خويش كه ايشان حكم آباء دارند] أَوْ أَبْنائِهِنَّ [يا پسران
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان تشبيه بند دام بقضا كه بصورت إلخ
(2) در اواخر دفتر سوم در بيان دعا كردن موسى عليه السلام جهة سلامتى ايمان آن شخص(6/142)
خويش و پسر پسر هر چند باشد درين داخلست] أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ [يا پسران شوهران خود چهـ ايشان در حكم پسرانند مر زنرا] أَوْ إِخْوانِهِنَّ [يا پسران برادران خود كه حكم برادران دارند] أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ [يا پسران برادران خود] أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ [يا پسران خواهران خود واينها جماعتى اند كه نكاح زن با ايشان روا نيست كه] والعلة كثرة المخالطة الضرورية بينهم وبينهن وقلة توقع الفتنة من قبلهم لما فى طباع الفريقين من النفرة عن مماسة القرائب ولهم ان ينظروا منهن الى ما يبدو عند الخدمة قال فى فتح الرحمن فيجوز لجميع المذكورين عند الشافعي النظر الى الزينة الباطنة سوى ما بين السرة والركبة الا الزوج فيباح له ما بينهما وعند مالك ينظرون الى الوجه والأطراف وعند ابى حنيفة ينظرون الى الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين ولا ينظرون الى ظهرها وبطنها وفخذها وعند احمد ينظرون الى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق قال ابو الليث النظر الى النساء على اربع مراتب فى وجه يجوز النظر الى جميع اعضائهن وهو النظر الى زوجته وأمته وفى وجه يجوز النظر الى الوجه والكفين وهو النظر الى المرأة التي لا تكون محرما له ويأمن كل واحد منهما على نفسه فلا بأس بالنظر عند الحاجة وفى وجه يجوز النظر الى الصدر والرأس والساق والساعد وهو النظر الى امرأة ذى رحم او ذات رحم محرم مثل الام والاخت والعمة والخالة وامرأة الأب وامرأة الابن وأم المرأة سواء كان من قبل الرضاع او من قبل النسب وفى وجه لا يجوز النظر الى شىء وهو ان يخاف ان يقع فى الإثم إذا نظر انتهى وعدم ذكر الأعمام والأخوال لما ان الأحوط ان يتسترن عنهم حذرا من ان يصفوهن لابنائهم فان تصور الأبناء لها بالوصف كنظرهم إليها أَوْ نِسائِهِنَّ المختصات بهن بالصحبة والخدمة من حرائر المؤمنات فان الكوافر لا يتأثمن عن وصفهن للرجال فيكون تصور الأجانب إياها بمنزلة نظرهم إليها فان وصف مواقع زين المؤمنات للرجال الأجانب معدود من جملة الآثام عند المؤمنات فالمراد بنسائهن نساء اهل دينهن وهذا قول اكثر السلف قال الامام قول السلف محمول على الاستحباب والمذهب ان المراد بقوله (أَوْ نِسائِهِنَّ)
جميع النساء يقول الفقير اكثر التفاسير المعتبرة مشحون بقول السلف فانهم جعلوا المرأة اليهودية والنصرانية والمجوسية والوثنية فى حكم الرجل الأجنبي فمنعوا المسلمة من كشف بدنها عندهن الا ان تكون امة لها كما منعوها من التجرد عند الأجانب والظاهر ان العلة فى المنع شيآن عدم المجانسة دينا فان الايمان والكفر فرق بينهما وعدم الامن من الوصف المذكور فلزم اجتناب العفائف عن الفواسق وصحبتها والتجرد عندها. ولذا منع المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال كما فى مجمع الفتاوى وذلك لان اختلاف العقائد والأوصاف كالتباين فى الدين والذات وأصلح الله نساء الزمان فان غالب اخلاقهن كاخلاق الكوافر فكيف تجتمع بهن وبالكوافر فى الحمام ونحوه من كانت بصدد العفة والتقوى. وكتب عمر رضى الله عنه الى ابى عبيدة ان يمنع الكتابيات من دخول الحمامات مع المسلمات أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ اى من الإماء فان عبد المرأة بمنزلة الأجنبي منها خصيا كان او فحلا وهو قول ابى حنيفة رحمه الله وعليه عامة العلماء فلا يجوز لها الحج ولا السفر معه وان جاز رؤيته إياها إذا وجد الامن من الشهوة وقال(6/143)
ابن الشيخ فان قيل ما الفائدة فى تخصيص الإماء بالذكر بعد قوله (أَوْ نِسائِهِنَّ) فالجواب والله اعلم انه تعالى لما قال او نسائهن دل ذلك على ان المرأة لا يحل لها ان تبدى زينتها للكافرات سواء كن حرائر او إماء لغيرها او لنفسها فلما قال (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) مطلقا اى مؤمنات كن او مشركات علم انه يحل للامة ان تنظر الى زينة سيدتها مسلمة كانت الامة او كافرة لما فى كشف مواضع الزينة الباطنة لامتها الكافرة فى احوال استخدامها إياها من الضرورة التي لا تخفى ففارقت الحرة الكافرة بذلك (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) الاربة الحاجة اى الرجال الذين هم اتباع اهل البيت لا حاجة لهم فى النساء وهم الشيوخ الاهمام والممسوخون بالخاء المعجمة وهم الذين حولت قوتهم وأعضاؤهم عن سلامتها الاصلية الى الحالة المنافية لها المانعة
من ان تكون لهم حاجة فى النساء وان يكون لهن حاجة فيهم ويقال للممسوخ المحنث وهو الذي فى أعضائه لين وفى لسانه تكسر بأصل الخلقة فلا يشتهى النساء وفى المجبوب والخصى خلاف والمجبوب من قطع ذكره وخصيتاه معا من الجب وهو القطع والخصى من قطع خصيتاه والمختار ان الخصى والمجبوب والعنين فى حرمة النظر كغيرهم من الفحولة لانهم يشتهون ويشتهون وان لم تساعد لهم الآلة: يعنى [ايشانرا آرزوى مباشرت هست غايتش آنكه توانايى بر ان نيست] قال بعضهم قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) محكم وقوله (أَوِ التَّابِعِينَ) مجمل والعمل بالمحكم اولى فلا رخصة للمذكورين من الخصى ونحوه فى النظر الى محاسن النساء وان لم يكن هناك احتمال الفتنة وفى الكشاف لا يحل إمساك الخصيان واستخدامهم وبيعهم وشراؤهم ولم ينقل عن أحد من السلف امساكهم انتهى وفى النصاب قرأت فى بعض الكتب ان معاوية دخل على النساء ومعه خصى مجبوب فنفرت منه امرأة فقال معاوية انما هو بمنزلة امرأة فقالت أترى ان المثلة به قد أحلت ما حرم الله من النظر فتعجب من فطنتها وفقهها انتهى وفى البستان انه لا يجوز خصاء بنى آدم لانه لا منفعة فيه لانه لا يجوز للخصى ان ينظر الى النساء كما لا يجوز للفحل بخلاف خصاء سائر الحيوانات ألا ترى ان خصى الغنم أطيب لحما واكثر شحما وقس عليه غيره أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع او لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والقدرة: وبالفارسية [تمييز ندارند واز حال مباشرت بى خبرند با آنكه قادر نيستند بر إتيان زنان يعنى بالغ نشده وبحد شهوت نرسيده] والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف كالعدو فى قوله تعالى (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) قال فى المفردات الطفل الولد مادام ناعما والطفيلي رجل معروف بحضور الدعوات وفى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى حد الطفل من أول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام انتهى. والعورة سوءة الإنسان وذلك كناية وأصلها من العار وذلك لما يلحق فى ظهورها من العار اى المذمة ولذلك سمى النساء عورة ومن ذلك العوراء اى الكلمة القبيحة كما فى المفردات قال فى فتح القريب العورة كل ما يستحيى منه إذا ظهر وفى الحديث (المرأة عورة جعلها نفسها عورة لانها إذا ظهرت يستحيى منها كما يستحيى من العورة إذا ظهرت) قال اهل اللغة سميت العورة(6/144)
عورة لقبح ظهورها ولغض الابصار عنها مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين يقول الفقير يفهم من عبارة الطفل ان التقوى منع الصبيان حضرة النساء بعد سبع سنين فان ابن السبع وان لم يكن فى حد الشهوة لكنه فى حد التمييز مع ان بعض من لم يبلغ حد الحلم مشتهى فلا خير فى مخالطة النساء وفى ملتقط الناصري الغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحا فحكمه حكم الرجال وان كان صبيحا فحكمه حكم النساء وهو عورة من قرنه الى قدمه يعنى لا يحل النظر اليه عن شهوة. فاما السلام والنظر لا عن شهوة فلا بأس به ولهذا لم يؤمر بالنقاب- حكى- ان واحدا من العلماء مات فرؤى فى المنام وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال رأيت غلاما فى موضع كذا فنظرت اليه فاحترق وجهى فى النار قال القاضي سمعت الامام يقول ان مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا. ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة كما فى البستان قال فى أنوار المشارق يحرم على الرجل النظر الى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة سواء نظر بشهوة أم لا وسواء أمن من الفتنة أم خافها ويجب على من فى الحمام ان يصون نظره ويده وغيرهما عن عورة غيره وان يصون عورته عن نظر غيره ويجب الإنكار على كاشف العورة وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ اى يخفينه من الرؤية مِنْ زِينَتِهِنَّ اى لا يضربن بأرجلهن الأرض ليتقعقع خلخالهن فيعلم انهن ذوات خلخال فان ذلك مما يورث الرجال ميلا إليهن ويوهم ان لهن ميلا إليهم وإذا كان اسماع صوت خلخالها للاجانب حراما كان رفع صوتها بحيث يسمع الأجانب كلامها حراما بطريق الاولى لان صوت نفسها اقرب الى الفتنة من
صوت خلخالها ولذلك كرهوا أذان النساء لانه يحتاج فيه الى رفع الصوت يقول الفقير وبهذا القياس الخفي ينجلى امر النساء فى باب الذكر الجهرى فى بعض البلاد فان الجمعية والجهر فى حقهن مما يمنع عنه جدا وهن مرتكبات للاثم العظيم بذلك إذ لو استحب الجمعية والجهر فى حقهن لاستحب فى حق الصلاة والاذان والتلبية قال فى نصاب الاحتساب ومما يحتسب على النساء اتخاذ الجلاجل فى أرجلهن لان اتخاذ الجلاجل فى رجل الصغير مكروه ففى المرأة البالغة أشد كراهة لانه مبنى حالهن على التستر وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إذ لا يكاد يخلو أحدكم من تفريط فى امره ونهيه سيما فى الكف عن الشهوات. وجميعا حال من فاعل توبوا اى حال كونكم مجتمعين: وبالفارسية [همه شما] وايها المؤمنون تأكيد للايجاب وإيذان بان وصف الايمان موجب للامتثال حتما وفى هذه الآية دليل على ان الذنب لا يخرج العبد من الايمان لانه قال (أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) بعد ما امر بالتوبة التي تتعلق بالذنب لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ تفوزون بسعادة الدارين وصى الله تعالى جميع المؤمنين بالتوبة والاستغفار لان العبد الضعيف لا ينفك عن تقصير يقع منه وان اجتهد فى رعاية تكاليف الله تعالى امام قشيرى رحمه الله تعالى [فرموده كه محتاجتر بتوبة آنكس است كه خود را محتاج توبه نداند در كشف الاسرار آورده كه همه را از مطيع وعاصى بتوبة امر فرمود تا عاصى خجل زده نشود چهـ اگر فرمودى كه اى كنهكاران شما توبه كنيد موجب رسوايى ايشان شدى چون در دنيا ايشانرا(6/145)
وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)
رسوا نمى خواهند اميد هست كه در عقبى هم رسوا نكند]
چورسوا نكردى بچندين خطا ... درين عالمم پيش شاه وكدا
در ان عالمم هم بر خاص وعام ... بيامرز ورسوا مكن والسلام
قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان التوبة كما هى واجبة على المبتدئ من ذنوب مثله كذلك لازمة للمتوسط والمنتهى فان حسنات الأبرار سيآت المقربين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (توبوا الى الله جميعا فانى أتوب اليه فى كل يوم مائة مرة) فتوبة المبتدئ من المحرمات وتوبة المتوسط من زوائد المحللات وتوبة المنتهى بالاعراض عما سوى الله بكليته والإقبال على الله بكليته (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ففلاح المبتدئ من النار الى الجنة والمتوسط من ارض الجنة الى أعلى عليين مقامات القرب ودرجاتها والمنتهى من حبس الوجود المجازى الى الوجود الحقيقي ومن ظلمة الخلقية الى نور الربوبية: وفى المثنوى
چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم «1»
قرب نى بالا و پستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است «2»
قال بعض الكبار ان الله تعالى طالب المؤمنين جميعا بالتوبة ومن آمن بالله وترك الشرك فقد تاب وصحت توبته ورجوعه الى الله وان خطر عليه خاطرا وجرى عليه معصية فى حين التوبة فان المؤمن إذا جرى عليه معصية ضاق صدره واهتم قلبه وندم روحه ورجع سره هذا للعموم والاشارة فى الخصوص ان الجميع محجوبون بأصل النكرة وما وجدوا منه من القربة وسكنوا بمقاماتهم ومشاهداتهم ومعرفتهم وتوحيدهم اى أنتم فى حجب هذا المقام توبوا منها الىّ فان رؤيتها أعظم الشرك فى المعرفة لان من ظن انه واصل فليس له حاصل من معرفة وجوده وكنه جلال عزته فمن هذا أوجب التوبة عليهم فى جميع الأنفاس لذلك هجم حبيب الله فى بحر الفناء وقال (انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم مائة مرة) ففهم ان عقيب كل توبة توبة حتى تتوب من التوبة وتقع فى بحر الفناء من غلبة رؤية القدم والبقاء اللهم اجعلنا فانين باقين وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ مقلوب ايايم جمع ايم كيتامى مقلوب يتايم جمع يتيم فقلب قلب مكان ثم أبدلت الكسرة فتحة والياء الفا فصار أيامي ويتامى والايم من لا زوج له من الرجال والنساء بكرا كان او ثيبا قال فى المفردات الايم المرأة التي لا بعل لها وقد قيل للرجل الذي لا زوج له وذلك على طريق التشبيه بالمرأة لا على التحقيق: والمعنى زوجوا ايها الأولياء والسادات من لا زوج له من أحرار قومكم وحرائر عشيرتكم فان النكاح سبب لبقاء النوع وحافظ من السفاح وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ قال فى الكواشي اى الخيرين او المؤمنين وقال فى الوسيط معنى الصلاح هاهنا الايمان وفى المفردات الصلاح ضد الفساد وهما مختصان فى اكثر الاستعمال بالافعال وتخصيص الصالحين فان من لا صلاح له من الأرقاء بمعزل من ان يكون خليقا بان يعتنى مولاه بشأنه ويشفق عليه ويتكلف فى نظم مصالحه بما لا بد منه شرعا وعادة من بذل المال والمنافع بل حقه ان لا يستبقيه عنده واما عدم اعتبار الصلاح فى الأحرار والحرائر
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه در ميان صحابه حافظ كسى نبود
(2) لم أجد [.....](6/146)
فلان الغالب فيهم الصلاح يقول الفقير قد اطلق فى هذه الآية الكريمة العبد والامة على الغلام والجارية وقد قال عليه السلام (لا يقولن أحدكم عبدى وأمتي كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله ولكن ليقل غلامى وجاريتى وفتاى وفتاتى) والجواب ان ذلك انما يكره إذا قاله على طريق التطاول على الرقيق والتحقير لشأنه والتعظيم لنفسه فسقط التعارض والحمد لله تعالى إِنْ يَكُونُوا [اگر باشند أيامي وصلحا از عباد واما فُقَراءَ [درويشان وتنكدستان] يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ اى لا يمنعن فقر الخاطب والمخطوبة من المناكحة فان فى فضل الله غنية عن المال فانه غاد ورائح [كه كاه آيد وكه رود مال وجاه] والله يرزق من يشاء من حيث لا يحتسب قال بعضهم من صح افتقاره الى الله صح استغناؤه بالله وَاللَّهُ واسِعٌ غنى ذو سعة لا تنفد نعمته إذ لا تنتهى قدرته عَلِيمٌ يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر على ما تقتضيه حكمته اتفق الائمة على ان النكاح سنة لقوله عليه السلام (من أحب فطرتى فليستنّ بسنتى ومن سنتى النكاح) وقوله عليه السلام (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) فان كان تائقا اى شديد الاشتياق الى الوطئ يخاف العنت وهو الزنى وجب عليه عند ابى حنيفه واحمد وقال مالك والشافعي هو مستحب لمحتاج اليه يجد اهبة ومن لم يجد التوقان فقال ابو حنيفة واحمد النكاح له أفضل من نفل العبادة وقال مالك والشافعي بعكسه وعند الشافعي ان لم يتعبد فالنكاح أفضل واختلفوا فى تزويج المرأة نفسها فاجازه ابو حنيفة لقوله تعالى (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ) نهى الرجال عن منع النساء عن النكاح فدل على انهن يملكن النكاح ومنعه الثلاثة وقالوا انما يزوجها وليها بدليل هذه الآية لان الله تعالى خاطب الأولياء به كما ان تزويج العبيد والإماء الى السادات واختلفوا هل يجبر السيد على تزويج رقيقه إذا طلب ذلك فقال احمد يلزمه ذلك الا امة يستمتع بها فان امتنع السيد من الواجب عليه فطلب العبد البيع لزمه بيعه وخالفه الثلاثة قال فى الكواشي وهذا امر ندب اى ما وقع فى الآية قال فى ترجمة الفتوحات [واگر عزم نكاح كنى جهد كن كه از قريشيات بدست كنى واگر از اهل بيت باشد بهتر ونيكوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرموده كه بهترين زنانى كه بر شتر سوار شدند زنان قريش اند] قال الزجاج حث الله على النكاح واعلم انه سبب لنفى الفقر ولكن الغنى على وجهين غنى بالمال وهو أضعف الحالين وغنى بالقناعة وهو أقوى الحالين وانما كان النكاح سبب الغنى لان العقد الديني يجلب العقد الدنيوي اما من حيث لا يحتسبه الفقير او من حيث ان النكاح سبب للجد فى الكسب والكسب ينفى الفقر
رزق اگر چند بيكمان برسد ... شرط عقلست جستن از درها
واختلف الائمة فى الزوج إذا أعسر بالصداق والنفقة والكسوة والمسكن هل تملك المرأة فسخ نكاحها فقال ابو حنيفة رحمه الله لا تملك الفسخ بشىء من ذلك وتؤمر بالاستدانة للتفقة لتحيل عليه فاذا فرضها القاضي وأمرها بالاستدانة صارت دينا عليه فتتمكن من الاحالة عليه والرجوع فى تركته لو مات- روى- عن جعفر بن محمد ان رجلا شكا اليه الفقر فامره ان يتزوج فتزوج الرجل ثم جاء فشكا اليه الفقر فامره بان يطلقها فسئل عن ذلك فقال قلت لعله من اهل(6/147)
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)
هذه الآية (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) إلخ فلما لم يكن من أهلها قلت لعله من اهل آية اخرى (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) قال بعضهم ربما كان النكاح واجب الترك إذا ادى الى معصية او مفسدة وفى الحديث (يأتى على الناس زمان لا ينال فيه المعيشة الا بالمعصية فاذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة) وفى الحديث (إذا اتى على أمتي مائة وثمانون سنة فقد حلت لهم العزوبة والترهب على رؤس الجبال) كما فى تفسير الكواشي قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه إذا نفد عدد حروف بسم الله الرحمن الرحيم فانه يكون أوان خروج المهدى من بطن امه وقد نظم حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر هذا المعنى فى بيتين بقوله
إذا نفد الزمان على حروف ... ببسم الله فالمهدى قاما
ودورات الخروج عقيب صوم ... الا بلغه من عندى سلاما
ولولا الحسد لظهر سر العدد انتهى يقول الفقير ان اعتبر كل راء مكررا لان من صفتها التكرار يبلغ حساب الحروف الى الف ومائة وستة وثمانين فالظاهر من حديث الكواشي ان المراد مائة وثمانون بعد الالف وعليه قوله عليه السلام (خيركم بعد المائتين خفيف الحاذ) قالوا ما خفيف الحاذ يا رسول الله قال (الذي لا اهل له ولا ولد) وفى التأويلات النجمية (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) يشير الى المريدين الطالبين وهم محرومون من خدمة شيخ يتصرف فيهم ليودع فى أرحام قلوبهم النطفة من صلب الولاية فندبهم الى طلب شيخ من الرجل البالغين الواصلين الذين بهم تحصل الولادة الثانية فى عالم الغيب بالمعنى وهو طفل الولاية كما ان ولادتهم اولى حصلت فى عالم الشهادة بالصورة ليكون ولوجهم فى الملكوت كما ان عيسى عليه السلام قال لم يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين والنشأة الاخرى عبارة عن الولادة الثانية والعبد فى هذا المقام أمن من رجوعه الى الكفر والموت اما امنه من الكفر فبقوله تعالى (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) يعنى إذ كنتم نطفة (فَأَحْياكُمْ) بالولادة الاولى (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) بموت الارادة (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) بالولادة الثانية (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بجذبة (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً) واما امنه من الموت فبقوله تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) يعنى بالارادة من الصفات النفسانية الحيوانية (فَأَحْيَيْناهُ) بنور الربوبية (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) اى بنور الله فهو حى بحياة الله لا يموت ابدا بل ينقل من دار الى دار (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) معدومى استعداد قبول الفيض الإلهي (يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) بان يجعلهم مستعدى قبول الفيض فان الطريق من العبد الى الله مسدود وانما الطريق من الله الى العبد مفتوح بانه تعالى هو الفتاح وبيده المفتاح (وَاللَّهُ واسِعٌ) الأرحام القلوب لتستعد لقبول فيضه (عَلِيمٌ) بايصاله الفيض إليها انتهى (وَلْيَسْتَعْفِفِ) ارشاد للعاجزين عن مبادى النكاح وأسبابه الى ما هو اولى لهم وأحرى بهم بعد بيان جواز مناكحة الفقراء والعفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة والمتعفف المتعاطى لذلك بضرب من الممارسة والقهر والاستعفاف طلب العفة. والمعنى ليجتهد فى العفة وقمع الشهوة الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً اى اسباب نكاح من مهر ونفقة فانه لا معنى لوجدان نفس العقد والتزوج وذلك بالصوم كما قال عليه السلام (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) معناه ان الصوم يضعف شهوته ويقهرها عن طلب الجماع(6/148)
فيحصل بذلك صيانة الفرج وعفته فالامر فى (لْيَسْتَعْفِفِ) محمول على الوجوب فى صورة التوقان حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فيجدوا ما يتزوجون به قال فى ترجمة الفتوحات [بعض از صالحانرا چيزى نبود وزن خواست فرزند آمد وما يحتاج آن نداشت پس فرزند را كرفت وبيرون آمد وندا كرد كه اين جزاى آنكس است كه فرمان حق نبرد كفتند زنا كرده كفت نى ولكن حق تعالى فرمود (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) من فرمان نبردم وتزوج كردم وفضيحت شد مردمان بر وى شفقت كردند وبا خير تمام بمنزل خود باز كشت] اى فكان التزوج سببا للغنى كما فى الآية الاولى قال فى التأويلات النجمية (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) اى ليحفظ الذين لا يجدون شيخا فى الحال أرحام قلوبهم عن تصرفات الدنيا والهوى والشيطان (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) بان يدلهم على شيخ كامل كما دل موسى على الخضر عليهما السلام او يقيض لهم شيخا كما كان يبعث الى كل قوم نبيا او يختص بجذبة عناية من يشاء من عباده كما قال تعالى (يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)
فلا يخلو حال المستعفف عن هذه الوجوه وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ الابتغاء الاجتهاد فى الطلب والكتاب مصدر كاتب كالمكاتبة اى الذين يطلبون المكاتبة مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ عبدا كان او امة وهى ان يقول المولى لمملوكه كاتبتك على كذا كذا درهما تؤديه الىّ وتعتق ويقول المملوك قبلته او نحو ذلك فان اداه اليه عتق يقال كاتب عبده كتابا إذا عاقده على مال منجم يؤديه على نجوم معلومة فيعتق إذا ادى الجميع فان المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ومعنى المفاعلة فى هذا العقد ان المولى يكتب اى يفرض ويوجب على نفسه ان يعتق المكاتب إذا
ادى البدل ويكتب العبد على نفسه ان يؤدى البدل من غير إخلال وايضا بدل هذا العقد مؤجل منجم على المكاتب والمال المؤجل يكتب فيه كتاب على من عليه المال غالبا وفى المفردات كتابة العبد ابتياع نفسه من سيده بما يوديه من كسبه واشتقاقها يصح ان يكون من الكتابة التي هى الإيجاب وان يكون من الكتب الذي هو النظم باللفظ والإنسان يفعل ذلك- روى- ان صبيحا مولى حويطب بن عبد العزى سأل مولاه ان يكاتبه فابى عليه فنزلت الآية كما فى التكملة فَكاتِبُوهُمْ خبر الموصول والفاء لتضمنه معنى الشرط اى فاعطوهم ما يطلبون من الكتابة والأمر فيه للندب لان الكتابة عقد يتضمن الارفاق فلا تجب كغيرها ويجوز حالا ومنجما وغير منجم عند ابى حنيفة رضى الله عنه إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً اى امانة ورشدا وقدرة على أداء البدل لتحصيله من وجه الحلال وصلاحا بحيث لا يؤذى الناس بعد العتق واطلاق العنان قال الجنيد ان علمتم فيهم علما بالحق وعملا به وهو شرط الأمر اى الاستحباب للعقد المستفاد من قوله فكاتبوهم فاللازم من انتفائه انتفاء الاستحباب لا انتفاء الجواز وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ امر للموالى امر ندب بان يدفعوا الى المكاتبين شيأ مما أخذوا منهم وفى معناه حط شىء من مال الكتابة وقد قال عليه السلام (كفى بالمرء من الشح ان يقول آخذ حقى لا اترك منه شيأ) وفى حديث الأصمعي اتى أعرابي قوما فقال لهم هذا فى الحق او فيما هو خير منه قالوا وما خير من الحق قال التفضل والتفضل أفضل من أخذ الحق كله كذا فى المقاصد الحسنة للسخاوى قال الكاشفى [حويطب صبيح را بصد دينار مكاتب ساخته بود بعد از(6/149)
استماع اين آيت بيست دينار بدو بخشيد] يعنى وهب له منها عشرين دينارا فاداها وقتل يوم حنين فى الحرب واضافة المال اليه تعالى ووصفه بإتيانه إياهم للحث على الامتثال بالأمر بتحقيق المأمور به فان ملاحظة وصول المال إليهم من جهته تعالى مع كونه هو المالك الحقيقي له من أقوى الدواعي الى صرفه الى الجهة المأمور بها قال بعضهم هو امر لعامة المسلمين باعانة المكاتبين بالتصدق عليهم: يعنى [خطاب (وَآتُوهُمْ) راجع بعامه مسلمانانست كه اعانت كنند او را زكات بدهند تا مال كتابت ادا كند وكردن خود را از طوق بندگى مخلوق بيرون آرد وبدين سبب اين خير را فك رقبه مى كويند واز عقبه عقوبت بدان ميتوان كذشت]
بشنو از من نكته اى زنده دل ... وز پس مركم به نيكى ياد كن
كه بلطف آزاده را بنده ساز ... كه بإحسان بنده آزاد كن
وفى الحديث (ثلاثة حق على الله عونهم المكاتب الذي يريد الأداء والناكح يريد العفاف والمجاهد فى سبيل الله) واختلفوا فيما إذا مات المكاتب قبل أداء النجوم فقال ابو حنيفة رحمه الله ومالك ان ترك وفاء بما بقي عليه من الكتابة كان حرا وان كان فيه فضل فالزيادة لاولاده الأحرار وقال الشافعي واحمد يموت رقيقا وترتفع الكتابة سواء ترك مالا او لم يترك كما لو تلف المبيع قبل القبض يرتفع البيع وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ اى اماءكم فان كلا من الفتى والفتاة كناية مشهورة عن العبد والامة وباعتبار المفهوم الأصلي وهو ان الفتى الطري من الشباب ظهر مزيد مناسبة الفتيات لقوله تعالى عَلَى الْبِغاءِ وهو الزنى من حيث صدوره عن الشواب لانهن اللاتي يتوقع منهن ذلك غالبا دون من عداهن من العجائز والصغائر يقال بغت المرأة بغاء إذا فجرت وذلك لتجاوزها الى ما ليس لها ثم الإكراه انما يحصل متى حصل التخويف بما يقتضى تلف النفس او تلف العضو واما باليسير من التخويف فلا تصير مكرهة إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً تعففا اى جعلن انفسهن فى عفة كالحصن وهذا ليس لتخصيص النهى بصورة ارادتهن التعفف عن الزنى وإخراج ما عداها من حكمه بل للمحافظة على عادتهم المستمرة حيث كانوا يكرهونهن على البغاء وهن يردن التعفف عنه وكان لعبد الله بن أبيّ ست جوار جميلة يكرههن على الزنى وضرب عليهن ضرائب جمع ضريبة وهى الغلة المضروبة على العبد والجزية فشكت اثنتان الى رسول الله وهما معاذة ومسيكة فنزلت وفيه من زيادة تقبيح حالهم وتشنيعهم على ما كانوا يفعلونه من القبائح ما لا يخفى فان من له ادنى مروءة لا يكاد يرضى بفجور من يحويه من امائه فضلا عن امرهن او إكراههن عليه لا سيما عند ارادتهن التعفف وإيثار كلمة ان على إذ مع تحقق الارادة فى مورد النص حتما للايذان بوجوب الانتهاء عن الإكراه عند كون ارادة التحصن فى حيز التردد والشك فكيف إذا كانت محققة الوقوع كما هو الواقع لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا قيد للاكراه والعرض ما لا يكون له ثبوت ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له قائما بالجوهر كاللون والطعم وقيل الدنيا عرض حاضر تنبيها على ان لاثبات لها والمعنى لا تفعلوا ما أنتم عليه من إكراههن على البغاء لطلب المتاع السريع الزوال من كسبهن وبيع أولادهن قال الكاشفى [در تبيان آورده كه زانى بودى كه صد شتر از براى فرزندى كه از مزنى بها داشت بدادى](6/150)
وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)
وَمَنْ [هر كه] يُكْرِهْهُنَّ على ما ذكر من البغاء فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ اى كونهن مكرهات على ان الإكراه مصدر من المبنى للمفعول غَفُورٌ رَحِيمٌ اى لهن وتوسيط الإكراه بين اسم ان وخبرها للايذان بان ذلك هو السبب للمغفرة والرحمة وفيه دلالة على ان المكرهين محرومون منهما بالكلية وحاجتهن الى المغفرة المنبئة عن سابقة الإثم باعتبار انهن وان كن مكرهات لا يخلون فى تضاعيف الزنى عن شائبة مطاوعة بحكم الجبلة البشرية وفى الكواشي المغفرة هاهنا عدم الإثم لانها لا اثم عليها إذا أكرهت على الزنى بقتل او ضرب مفض الى التلف او تلف العضو واما الرجل فلا يحل له الزنى وان اكره عليه لان الفعل من جهته ولا يتأتى الا بعزيمة منه فيه فكان كالقتل بغير حق لا يبيحه الإكراه بحال انتهى وفى الآيتين الكريمتين إشارتان الاولى ان بعض الصلحاء الذين لم يبلغوا مراتب ذوى الهمم العلية فى طلب الله ولكن ملكت ايمانهم نفوسهم الامارة بالسوء فيريدون كتابتها من عذاب الله وعتقها من النار بالتوبة والأعمال الصالحة فكاتبوهم اى توّبوهم ان تفرستم فيهم آثار الصدق وصحة الوفاء على ما عاهدوا الله عليه فانه لا يلزم التلقين لكل من يطلبه وانما يلزم لاهل الوفاء وهم انما يعرفون بالفراسة القوية التي أعطاها الله لاهل اليقين وآتوهم من قوة الولاية والنصح فى الدين الذي اعطاكم الله فان لكل شىء زكاة وزكاة الولاية العلم والمعرفة والنصيحة للمستنصحين والإرشاد للطالبين والتعاون على البر والتقوى والرفق بالمتقين وكما ان المال ينتقض بل يزول ويفنى بمنع الزكاة فكذا الحال يغيب عن صاحبه بمنع الفقراء المسترشدين عن الباب ألا ترى ان السلطنة الظاهرة انما هى لاقامة المصالح واعانة المسلمين فكذا السلطنة الباطنة
وللارض من كأس الكرام نصيب
والثانية ان النفوس المتمردة إذا أردن المتحصن بالتوبة والعبودية بتوفيق الله وكرمه فلا ينبغى إكراهها على الفساد طلبا للشهوات النفسانية واعلم ان من لم يتصل نسبه المعنوي بواحد من اهل النفس الرحمانى وادعى لنفسه الكمال والتكميل فهو زان فى الحقيقة ومن هو تحت تربيته هالك لانه ولد الزنى وربما رأيت من يكره بعض اهل الطلب على التردد لباب اهل الدعوى ويصرفه عن باب اهل الحق عنادا وغرضا ومرضا واتباعا لهواه فهو انما يكرهه على الزنى لانه بملازمة باب اهل الباطل يصير المرء هالكا كولد الزنى إذ يفسد استعداده فساد البيضة نسأل الله تعالى ان يحفظنا من كيد الكافرين ومكر الماكرين وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ اى وبالله لقد أنزلنا إليكم فى هذه السورة الكريمة آيات مبينات لكل ما بكم حاجة الى بيانه من الحدود وسائر الاحكام والآداب والتبيين فى الحقيقة لله تعالى واسناده الى الآيات مجازى وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ اى وأنزلنا مثلا كائنا من قبيل أمثال الذين مضوا من قبلكم من القصص العجيبة والأمثال المضروبة لهم فى الكتب السابقة والكلمات الجارية على ألسنة الأنبياء فتنتظم قصة عائشة الحاكية لقصة يوسف وقصة مريم فى الغرابة وسائر الأمثال الواردة انتظاما واضحا فان فى قصتهما ذكر تهمة من هو بريئ مما اتهم به فيوسف اتهمته زليخا ومريم اتهمها اليهود مع براءتهما(6/151)
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)
وَمَوْعِظَةً تتعظون بها وتنزجرون عما لا ينبغى من المحرمات والمكروهات وسائر ما يخل بمحاسن الآداب ومدار العطف هو التغاير العنواني المنزل منزلة التغاير الذاتي لِلْمُتَّقِينَ وتخصيصهم مع شمول الموعظة للكل حسب شمول الا نزال لانهم المنتفعون بها وفى التأويلات النجمية اى ليتعظ من يريد الاتقاء عما أصاب المتقدمين فان السعيد من وعظ بغيره: قال الشيخ سعدى قدس سره
نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند
پندگير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند
- روى- عن الشعبي انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وأرنبا فقال الأسد للذئب اقسم فقال الحمار الوحشي للملك والغزال لى والأرنب للثعلب قال فرفع الأسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو متجندل بين يدى الأسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك فقال الأسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضاء فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب ويقال الموعظة هى التي تلين القلوب القاسية وتسيل العيون اليابسة وهى من صفات القرآن عند من يلقى السمع وهو شهيد وفى الحديث (ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد) قيل وما جلاؤها قال (تلاوة القرآن وذكر الله تعالى) فعلى العاقل ان يستمع الى القرآن ويتعظ بمواعظه ويقبل الى قبول ما فيه من الأوامر والى العمل بما يحويه من البواطن والظواهر
مهترى در قبول فرمانست ... ترك فرمان دليل حرمانست
اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال الامام الغزالي قدس سره فى شرح الاسم النور هو الظاهر الذي به كل ظهور فان الظاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمى نورا ومهما قوبل الوجود بالعدم كان الظهور لا محالة للوجود ولا ظلام اظلم من العدم فالبريئ من ظلمة العدم الى ظهور الوجود جدير بان يسمى نورا والوجود نور فائض على الأشياء كلها من نور ذاته فهو نور السموات والأرض فكما انه لا ذرة من نور الشمس الا وهى دالة على وجود الشمس النيرة فلا ذرة من وجود السموات والأرض وما بينهما إلا وهي بجواز وجودها دالة على وجوب وجود موجدها انتهى ويوافقه النجم فى التأويلات حيث قال (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى مظهرهما من العدم الى الوجود فان معنى النور فى اللغة الضياء وهو الذي يبين الأشياء ويظهرها للابصار انتهى فقوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من باب التشبيه البليغ اى كالنور بالنسبة إليهما من حيث كونه مظهرا لهما اى موجدا فان اصل الظهور هو الظهور من العدم الى الوجود فان الأعيان الثابتة فى علم الله تعالى خفية فى ظلم العدم وانما تظهر بتأثير قدرة الله تعالى كما فى حواشى ابن الشيخ يقول الفقير لا حاجة الى اعتبار التشبيه البليغ فان النور من الأسماء الحسنى وإطلاقه على الله حقيقى لا مجازى فهو بمعنى المنور هاهنا فانه تعالى نور الماهيات المعدومة بانوار الوجود وأظهرها من كتم العدم بفيض الجود كما قال عليه السلام (ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره) فخلق هاهنا بمعنى التقدير فان التقدير(6/152)
سابق على الإيجاد ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات والممكن يوصف بالظلمة فانه يتنور بالوجود فتنويره إظهاره واعلم ان النور على اربعة أوجه. أولها نور يظهر الأشياء للابصار وهو لا يراها كنور الشمس وأمثالها فهو يظهر الأشياء المخفية فى الظلمة ولا يراها.
وثانيها نور البصر وهو يظهر الأشياء للابصار ولكنه يراها وهذا النور اشرف من الاول.
وثالثها نور العقل وهو يظهر الأشياء المعقولة المخفية فى ظلمة الجهر للبصائر وهو يدركها ويراها. ورابعها نور الحق تعالى وهو يظهر الأشياء المعدومة المخفية فى العدم للابصار والبصائر من الملك والملكوت وهو يراها فى الوجود كما كان يراها فى العدم لانها كانت موجودة فى علم الله وان كانت معدومة فى ذواتها فما تغير علم الله ورؤيته باظهارها فى الوجود بل كانت التغير راجعا الى ذوات الأشياء وصفاتها عند الإيجاد والتكوين فتحقيق قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مظهرهما ومبديهما وموجدهما من العدم بكمال القدرة الازلية
در ظلمت عدم همه بوديم بى خبر ... نور وجود سر شهود از تو يافتيم
قال بعض الكبار [در زمان ظلمت هيچكس ساكن از متحرك نشناسد وعلو از سفل تمييز نكنند وقبيح را از صبيح باز نداند و چون رايت نور ظهور نمود خيل ظلام روى بانهزام آرند ووجودات وكيفيات ظاهر كردد وصفو از كدر وعرض از جوهر متميز شود مدركه انسانيه داند كه استفاده اين دانش وتميز بنور كرده اما در ادراك نور متحير باشد چهـ داند كه عالم از نور مملو است واو مخفى ظاهر بدلالات وباطن بالذات پس حق سبحانه وتعالى كه ما بدو دولت ادراك يافته ايم وبمرتبه تميز اشيا رسيده سزاوار آن باشد كه آنرا نور كويند
همه عالم بنور اوست پيدا ... كجا او كرد از عالم هويدا
زهى نادانكه او خورشيد تابان ... بنور شمع جويد در بيابان
در تبيان آورده كه مدلول السموات والأرض چهـ هر دليلى از دلائل قدرت وبدائع حكمت كه در دو اثر سپهر برين ومراكز زمين واقعست دلالتى واضح دارد بر وجود قدرت وبدائع حكمت او]
ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد
وجود جمله اشيا دليل قدرت او
وقال سلطان المفسرين ابن عباس رضى الله عنهما اى هادى اهل السموات والأرض فهم بنوره تعالى يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة ينجون: يعنى [بهدايت او بهستىء خود راه بردند وبإرشاد او مصالح دين ودنيا بشناسند] ولما وصلوا الى نور الهداية بتوفيقه تعالى سمى نفسه باسم النور جريا على مذهب العرب فان العرب قد تسمى الشيء الذي من الشيء باسمه كما يسمى المطر سحابا لانه يخرج منه ويحصل به فلما حصل نور الايمان والهداية بتوفيقه سماه بذلك الاسم ويجوز ان يعبر عن النور بالهداية وعن الهداية بالنور لما يحصل أحدهما من الآخر قال الله تعالى (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) لما اهتدوا بنور النجم جعل النجم كالهادى لهم وجعلهم من المهتدين بنوره وعلى هذا سمى القرآن نورا والتوراة نورا بمعنى(6/153)
الاهتداء بهما كما فى الاسئلة المقحمة فعلى هذا شبهت الهداية بالنور فى كونها سببا للوصول الى المطلوب فاطلق اسم النور عليها على سبيل الاستعارة ثم اطلق النور بمعنى الهداية عليه تعالى على طريق رجل عدل وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره خطر ببالي على وجه الكشف ان النور فى قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بمعنى العلم وهو بمعنى العالم من باب رجل عدل ووجه المناسبة بينهما انه تنكشف بالنور المحسوسات وبالعلم تنكشف المعقولات بل جميع الأمور كذا فى الواقعات المحمودية ويقال انه منور السموات بالشمس والقمر والكواكب والأرض بالأنبياء والعلماء والعباد وقال فى عرائس البيان أراد بالسماوات والأرض صورة المؤمن رأسه السموات وبدنه الأرض وهو تعالى بجلالة قدره نور هذه السموات والأرض إذ زين الرأس بنور السمع والبصر والشم والذوق والبيان فى اللسان فنور العين كنور الشمس والقمر ونور الاذن كنور الزهرة والمشترى ونور الانف كنور المريخ وزخل ونور اللسان كنور عطارد وهذه السيارات النيرات تسرى فى بروج الرأس ونور ارض البدن الجوارح والأعضاء والعضلات واللحم والدم والشعرات وعظامها الجبال [امام زاهد فرموده كه خدايرا نور توان كفت ولى روشنى نتوان كفت چهـ روشنى ضد تاريكست وخداى تعالى آفريدگار هر دو ضد است] فالنور الذي بمقابلة الظلمة حادث لان ما كان بمقابلة الحادث حادث فمعنى كونه تعالى نورا هو انه مبدأ هذا النور المقابل بالظلمة ثم ان اضافة النور الى السموات والأرض مع ان كونه تعالى نورا ليس بالاضافة إليهما فقط للدلالة على سعة اشراقه فانهما مثلان فى السعة قال تعالى (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ويجوز ان يقال قد يراد بالسماوات والأرض العالم باسره كما يراد بالمهاجرين والأنصار جميع الصحابة كما فى حواشى سعدى المفتى ونظيره قوله تعالى فى الحديث القدسي خطابا للنبى عليه السلام (لولاك لما خلقت الافلاك) اى العوالم بأسرها لكنه خصص الافلاك بالذكر لعظمها وكونها بحيث يراها كل من هو من اهل النظر وهو اللائح بالبال والله الهادي الى حقيقة الحال مَثَلُ نُورِهِ اى نوره الفائض منه تعالى على الأشياء المستنيرة وهو القرآن المبين كما فى الإرشاد فهو تمثيل له فى جلاء مدلوله وظهور ما تضمنه من الهدى بالمشكاة المنعوتة والمراد بالمثل الصفة العجيبة اى صفة نوره العجيب وإضافته الى ضميره تعالى دليل على ان إطلاقه عليه لم يكن على ظاهره كما فى أنوار التنزيل كَمِشْكاةٍ اى صفة كوة غير نافذة فى الجدار فى الانارة وهى بلغة الحبشة:
وبالفارسية [مانند روزنه ايست در ديوارى كه او بخارج راه ندارد چون طاقى] فِيها مِصْباحٌ سراج ضخم ثابت: وبالفارسية [چراغ فروخته ونيك روشن] الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ اى قنديل من الزجاج الصافي الأزهر وفائدة جعل المصباح فى زجاجة والزجاجة فى كوة غير نافذة شدة الاضاءة لان المكان كلما تضائق كان اجمع للضوء بخلاف الواسع فالضوء ينتشر فيه وخص الزجاج لانه احكى الجواهر لما فيه الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ متلألئ وقاد شبيه بالدر فى صفائه وزهرته كالمشترى والزهرة والمريخ ودرارى الكواكب عظامها(6/154)
المشهورة ومحل الجملة الاولى الرفع على انها صفة لزجاجة او للام مغنية عن الرابض كأنه قيل فيها مصباح هو فى زجاجة هى كأنها كوكب درى وفى إعادة المصباح والزجاجة معرفين اثر سبقهما منكرين والاخبار عنهما بما بعدهما مع انتظام الكلام بان يقال كمشكاة فيها مصباح فى زجاجة كأنها كوكب درى من تفخيم شأنها بالتفسير بعد الإبهام ما لا يخفى يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ اى يبتدأ إيقاد المصباح من زيت شجرة مُبارَكَةٍ اى كثيرة المنافع لان الزيت يسرج به وهو ادام ودهان ودباغ ويوقد بحطب الزيتون وبثقله ورماده يغسل به الإبريسم ولا يحتاج فى استخراج دهنه الى عصار وفيه زيادة الاشراق وقلة الدخان وهو مصحة من الباسور زَيْتُونَةٍ بدل من شجرة: وبالفارسية [كه آن زيتونست كه هفتاد پيغمبر بدو دعا كرده ببركت واز جمله ابراهيم خليل عليه السلام] وخصها من بين سائر الأشجار لان دهنها أضوء وأصفى قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ اى لا شرقية تطلع عليها الشمس فى وقت شروقها فقط ولا غربية تقع عليها حين غروبها فقط بل بحيث تقع عليها طول النهار فلا يسترها عن الشمس فى وقت من النهار شىء كالتى على قلة او صحراء فتكون ثمرتها انضج وزيتها أصفى اولا فى مضحى تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ولا فى مفياة تغيب عنها دائما فتتركها نيئا او لا نابتة فى شرق المعمورة نحو كنكدز وديار الصين وخطا ولا فى غربها نحو طنجة وطرابلس وديار قيروان بل فى وسطها وهو الشام فان زيتونه أجود الزيتون او فى خط الاستواء بين المشرق والمغرب وهى قبة الأرض فلا توصف بأحد منهما فلا يصل إليها حر وبرد مضرين وقبة الأرض وسط الأرض عامرها وخرابها وهو مكان تعتدل فيه الأزمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار فيه ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر اى يكون كل منهما اثنتي عشرة ساعة [حسن بصرى رحمه الله فرموده كه اصل اين شجره از بهشت بدنيا آورده اند پس از أشجار اين عالم نيست كه وصف شرقى وغربى برو تواند كرد] يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ [روشنى دهد] وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ [واگر چهـ نرسيده باشد بوى آتشى يعنى درخشندكى بمثابه ايست بى آتش روشنايى بخشد] اى هو فى الصفاء والانارة بحيث لا يكاد يضيئ المكان بنفسه من غير مساس نار أصلا وتقدير الآية يكاد زيتها يضيئ لو مسته نار ولو لم تمسسه نار اى يضيئ كائنا على كل حال من وجود الشرط وعدمه فالجملة حالية جيئ بها لاستقصاء الأحوال حتى فى هذه الحال نُورُ خبر مبتدأ محذوف اى ذلك النور الذي عبر به عن القرآن ومثلت صفته العجيبة الشأن بما فصل من صفة المشكاة نور كائن عَلى نُورٍ كذلك اى نور متضاعف فان نور المصباح زاد فى انارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لاشعته فليس عبارة عن مجموع نورين اثنين فقط بل المراد به التكثير كما يقال فلان يضع درهما على درهم لا يراد به درهمان يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ اى يهدى هداية خاصة موصلة الى المطلوب حتما لذلك النور المتضاعف العظيم الشأن مَنْ يَشاءُ هدايته من عباده بان يوفقهم لفهم ما فيه من دلائل حقيته وكونه من عند الله من الاعجاز والاخبار عن الغيب وغير ذلك من موجبات الايمان وهذا من قبيل(6/155)
الهداية الخاصة ولذا قال من يشاء ففيه إيذان بان مناط هذه الهداية وملاكها ليس الا مشيئته وان تظاهر الأسباب بدونها بمعزل من الإفضاء الى المطالب
قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت ... بى سابقه فضل ازل نتوان يافت
وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ اى يبينها تقريبا الى الافهام وتسهيلا لسبل الإدراك: يعنى [معقولات را در صورت محسوسات بيان ميكند براى مردم تا زود
در يابند ومقصود سخن بر ايشان كردد] وهذا من قبيل الهداية العامة ولذا قال للناس وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ من ضرب الأمثال وغيره من دقائق المعقولات والمحسوسات وحقائق الجليات والخفيات قالوا إذا كان مثلا للقرآن فالمصباح القرآن والزجاجة قلب المؤمن والمشكاة فمه ولسانه والشجرة المباركة شجرة الوحى وهى لا مخلوقة ولا مختلقة [نزديكست كه هنوز قرآن ناخوانده دلائل وحجج او بر همكنان واضح شود پس چود بر آن قراءت كند (نُورٌ عَلى نُورٍ) باشد] فان قيل لم شبهه بذلك وقد علمنا ان ضوء الشمس ابلغ من ذلك بكثير أجيب بانه سبحانه أراد ان يصف الضوء الكامل الذي يلوح فى وسط الظلمة لان الغالب على أوهام الخلق وخيالاتهم انما هى الشبهات التي هى كالظلمات وهداية الله تعالى فيما بينها كالضوء الكامل الذي يظهر فيما بين الظلمات وهذا المقصود لا يحصل من تشبيهه بضوء الشمس لان ضوءها إذا ظهر امتلأ العالم من النور الخالص وإذا غاب امتلأ العالم من الظلمة الخالصة فلا جرم كان ذلك المثل هاهنا أليق وقال بعضهم [مراد نور ايمانست حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد سينه مؤمن را بمشكاة ودل را در سينه بقنديل زجاجه در مشكاة وايمانرا بچراغى افروخته در قنديل وقنديل بكوكبى درخشنده وكلمه اخلاص بشجره مباركه از تاب آفتاب خوف وخلال نوال رجا بهره دارد ونزديكست كه فيض كلمه بى آنكه بزبان مؤمن كذرد عالم را منور كند چون اقرار بآن بر زبان جارى شده وتصديق جنان بآن يار كشته (نُورٌ عَلى نُورٍ) بظهور رسيد] وشبه بالزجاج دون سائر الجواهر لاختصاص الزجاج بالصفاء يتعدى النور من ظاهره الى باطنه وبالعكس وكذلك نور الايمان يتعدى من قلب المؤمن الى سائر الجوارح والأعضاء وايضا ان الزجاج سريع الانكسار بأدنى آفة تصيبه فكذا القلب سريع الفساد بأدنى آفة تدخل فيه [وكفته اند آن نور معرفت اسرار الهيست يعنى چراغ معرفت دو زجاجه دل عارف ومشكاة سينه او افروخته است از بركت زيت تلقين شجره مبارك حضرت محمدى عليه السلام نه شرقيست ونه غربى بلكه مكيست ومكه مباركه سره عالم واز فرا كرفتن عارف آن اسرار را از تعليم آن سيد ابرار (نُورٌ عَلى نُورٍ) معلوم توان كرد] وانما شبه المعرفة بالمصباح وهو سريع الانطفاء وقلب المؤمن بالزجاج وهو سريع الانكسار ولم يشبهها بالشمس التي لا تطفأ ولا قلب المؤمن بالأشياء الصلبة التي لا تنكسر تنبيها على انه على خطر وجدير بحذر كما فى التيسير [در روح الأرواح آورده كه آن نور حضرت محمديست عليه السلام مشكاة آدم باشد وزجاجه نوح وزيتون ابراهيم كه نه يهوديه مائل است چون يهود غرب را قبله ساختند ونه نصرانيه چون نصارى روى بشرق آورده اند ومصباح حضرت رسالتست(6/156)
عليه السلام يا مشكاة ابراهيم است وزجاجه دل صافى مطهر او ومصباح علم كامل او شجره خلق شامل او كه نه در جانب خلود افراط است ونه در طرف تقصير وتفريط بلكه طريق اعتدال كه «خير الأمور أوسطها» واقع شده وصراط سوى عبارت از آنست. ودر عين المعاني فرموده كه نور محبت حبيب با نور خلت خليل نور على نور است]
پدر نور پسر نوريست مشهور ... ازينجا فهم كن نور على نور
قال القشيري (نُورٌ عَلى نُورٍ) نور اكتسبوه بجهدهم ونظرهم واستدلالهم ونور وجدوه بفضل الله بأفعالهم وأقوالهم قال تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) وفى التأويلات النجمية هذا مثل ضربه الله تعالى للخلق تعريفا لذاته وصفاته فلكل طائفة من عوام الخلق وخواصهم اختصاص بالمعرفة من فهم الخطاب على حسب مقاماتهم وحسن استعدادهم فاما العوام فاختصاصهم بالمعرفة فى رؤية شواهد الحق وآياته بإراءته إياهم فى الآفاق واما الخواص فاختصاصهم بالمعرفة فى مشاهدة أنوار صفات الله تعالى وذاته تبارك وتعالى بإراءته فى أنفسهم عند التجلي لهم بذاته وصفاته كما قال تعالى فى الطائفتين (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) اى لعوامهم (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) اى لخواصهم (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) فكل طائفة بحسب مقامهم تحظى من المعرفة فاما حظ العوام من رؤية شواهد الحق وآياته فى الآفاق بإراءة الحق فبان يرزقهم فهما ونظرا فى معنى الخطاب ليتفكروا فى خلق السموات والأرض ان صورتها وهى عالم الأجسام هى المشكاة والزجاجة فيها هى العرش والمصباح الذي
هو عمود القنديل الذي يجعل فيه الفتيلة فهى بمثابة الكرسي من العرش وزجاجة العرش (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) وهى شجرة الملكوت وهو باطن السموات والأرض ومعناهما (لا شَرْقِيَّةٍ) اى ليست من شرق الأزل والقدم كذات الله وصفاته (وَلا غَرْبِيَّةٍ) اى ليست من غرب الفناء والعدم كعالم الأجسام وصورة العالم بل هى مخلوقة ابدية لا يعتريها الفناء (يَكادُ زَيْتُها) وهو عالم الأرواح (يُضِيءُ) اى يظهر من العدم فى عالم الصور المتولدات بازدواج الغيب والشهادة طبعا وخاصية كما توهمه الدهرية والطبائعية عليهم لعنات الله تترى (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) نار القدرة الالهية (نُورٌ عَلى نُورٍ) اى نور الصفة الرحمانية على نور اى باستوائه على نور العرش فينقسم نور الصفة الرحمانية من العرش الى السموات والأرض فيتولد منه متولدات ما فى السموات والأرض بالقدرة الإلهية على وفق الحكمة والارادة القديمة فلهذا قال تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) فافهم جدا واما حظ الخواص فى مشاهدة أنوار صفات الله تعالى وذاته بإراءة الحق فى أنفسهم فانما يتعلق بالسير فيها لان الله تعالى خلق نفس الإنسان مرآة قابلة لشهود ذاته وجميع صفاته إذا كانت صافية عن صدأ الصفات الذميمة والأخلاق الرديئة مصقولة بمصقلة كلمة لا اله الا الله لينتفى بنفي لا اله تعلقها عما سوى الله ويثبت بإثبات الا الله فيها نور جمال الله وجلاله فيرى بنور الله الجسد كالمشكاة والقلب كالزجاجة والسر كالمصباح (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) وهى شجرة الروحانية (لا شَرْقِيَّةٍ) اى لا قديمة ازلية (وَلا غَرْبِيَّةٍ) اى لا فانية(6/157)
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)
تغرب فى سماء الوجود فى عين العدم (يَكادُ زَيْتُها) وهو الروح الإنساني (يُضِيءُ بنور العقل الذي هو ضوء الروح وصفاؤه اى يكاد زيت الروح ان يعرف الله تعالى بنور العقل (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) اى نار نور الالهية فابت عظمة جلال الله وعزة كبريائه ان تدرك بالعقول الموسومة بوصمة الحدوث الا ان يتجلى نور القدم لنور العقل الخارج من العدم كما قال تعالى (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) اى ينور مصباح سر من يشاء بنور القدم فتتنور زجاجة القلب ومشكاة الجسد ويخرج أشعتها من روزنة الحواس فاستضاءت ارض البشرية (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) وتحقق حينئذ مقام (كنت له سمعا وبصرا) الحديث وفيه اشارة الى ان نور العقل مخصوص بالإنسان مطلقا ولا سبيل له بالوصول الى نور الله فهو مخصوص بهداية الله اليه فضلا وكرما لا يتطرق اليه كسب العباد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) اى للناسين عهود ايام الوصال بلاهم فى ازل الآزال (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فى حالات وجود الأشياء وعدمها بغير التغير فى ذاته وصفاته انتهى كلام التأويلات قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره اعلم ان النور الحقيقي يدرك به وهو لا يدرك لانه عين ذات الحق من حيث تجردها عن النسب والإضافات ولهذا سئل النبي عليه السلام هل رأيت ربك قال (نورانى أراه) اى النور المجرد لا يمكن رؤيته وكذا أشار الحق فى كتابه لما ذكر ظهور نوره فى مراتب المظاهر قال (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل قال (نُورٌ عَلى نُورٍ) فاحد النورين هو الضياء والآخر هو النور المطلق الأصلي ولهذا تمم فقال (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) اى يهدى الله بنوره المتعين فى المظاهر والساري فيها الى نوره المطلق الاحدى انتهى كلامه فى الفكوك وقال فى تفسير الفاتحة فالعالم بمجموع صوره المحسوسة وحقائقه الغيبية المعقولة أشعة نور الحق وفدا خبر الحق انه نور السموات والأرض ثم ذكر الامثلة والتفاصيل المتعينة بالمظاهر على نحو ما تقتضيه مرآتها ثم قال فى آخر الآية (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) فاضاف النور الى نفسه مع انه عين النور وجعل نوره المضاف الى العالم الأعلى والأسفل هاديا الى معرفة نوره المطلق ودالا عليه كما جعل المصباح والمشكاة والشجرة وغيرها من الأمثال هاديا الى نوره المقيد وتجلياته المتعينة فى مراتب مظاهره وعرّف ايضا على لسان نبيه عليه السلام انه النور وان حجابه النور انتهى باجمال قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه قوله (نُورٌ عَلى نُورٍ) النور الاول هو النور الإضافي المنبسط على سموات الأسماء وارض الأشياء والنور الثاني هو النور الحقيقي المستغنى عن سموات الأسماء وارض الأشياء والنور الإضافي دليل دال على النور الحقيقي والدليل ظاهر النور المطلق والمدلول باطنه وفى التحقيق الأتم هو دليل على نفسه لا يعرف الله الا الله سبحانه فِي بُيُوتٍ متعلق بالفعل المذكور بعده وهو يسبح قال فى المفردات اصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه أبيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر وعبر عن مكان(6/158)
رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)
الشيء بانه بيته والمراد بالبيوت المساجد كلها لقول ابن عباس رضى الله عنهما المساجد بيوت الله فى الأرض تضيئ لاهل السماء كما تضيئ النجوم فى الأرض أَذِنَ اللَّهُ الاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه أَنْ تُرْفَعَ بالبناء او التعظيم ورفع القدر: يعنى [آنرا رفيع قدر وبزرك مرتبه دانند] قال الامام الراغب الرفع يقال تارة فى الأجسام الموضوعة إذا اعليتها عن مقرها نحو قوله تعالى (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) وتارة فى البناء إذا طولته نحو قوله تعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) وتارة فى الذكر إذا نوهته نحو قوله تعالى (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) وتارة فى المنزلة إذا شرفتها نحو قوله تعالى (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ اسم الله تعالى ما يصح ان يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من أفعاله كالخالق لكنها توقيفية عند بعض العلماء وهو عام فى كل ذكر توحيدا كان او تلاوة قرآن او مذاكرة علوم شرعية او اذانا او اقامة او نحوها: يعنى [در آنجا بذكر ونماز اشتغال بايد نمود واز سخن دنيا وكلام ما لا يعنى بر احتراز بايد بود] وفى الأثر (الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش) يُسَبِّحُ لَهُ فِيها فيها تكرير لقوله فى بيوت للتأكيد والتذكير لما بينهما من الفاصلة وللايذان بان التقديم للاهتمام لا لقصر التسبيح على الوقوع فى البيوت فقط والتسبيح تنزيه الله وأصله المرّ السريع فى عبادة الله فان السبح المرّ السريع فى الماء او فى الهواء يستعمل باللام وبدونها ايضا وجعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية أريد به هاهنا الصلوات المفروضة كما ينبئ عنه تعيين الأوقات بقوله تعالى بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ اى بالغدوات والعشيات فالمراد بالغدو وقت صلاة الفجر المؤداة بالغداة وبالآصال ما عداه من اوقات صلوات الظهر والعصر والعشاءين لان الأصيل يجمعها ويشملها كما فى الكواشي وغيره. والغدو مصدر يقال غدا يغدو غدوا اى دخل فى وقت الغدوة وهى ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس والمصدر لا يقع فيه الفعل فاطلق على الوقت حسبما يشعر اقترانه بالآصال جمع اصيل وهو العشى اى من زوال الشمس الى طلوع الفجر رِجالٌ فاعل يسبح لا تُلْهِيهِمْ لا تشغلهم من غاية الاستغراق فى مقام الشهود يقال الهاه عن كذا إذا شغله عما هوأهم تِجارَةٌ التجارة صفة التاجر من بيع وشراء والتاجر الذي يبيع ويشترى قال فى المفردات التجارة التصرف فى رأس المال طالبا للربح وليس فى كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة وتخصيص التجارة لكونها أقوى الصوارف عندهم وأشهرها اى لا يشغلهم نوع من انواع التجارة وَلا بَيْعٌ البيع إعطاء المثمن وأخذ الثمن والشراء إعطاء الثمن وأخذ المثمن اى ولا فرد من افراد البياعات وان كان فى غاية الربح وافراده بالذكر مع اندراجه تحت التجارة لكونه أهم من قسمى التجارة فان الربح يتحقق بالبيع ويتوقع بالشراء اى ربح الشراء متوقع فى ثانى الحال عند البيع فلم يكن ناجزا كربح البيع فاذا لم يلههم المقطوع فالمظنون اولى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ بالتسبيح والتمجيد وَإِقامِ الصَّلاةِ اى إقامتها بمواقيتها من غير تأخير وقد أسقطت التاء المعوضة عن العين الساقطة بالاعلال وعوض عنها الاضافة(6/159)
لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)
قال ابن الشيخ اقامة الصلاة إتمامها برعاية جميع ما اعتبره الشرع من الأركان والشرائط والسنن والآداب فمن تساهل فى شىء منها لا يكون مقيما لها وَإِيتاءِ الزَّكاةِ اى المال الذي فرض إخراجه للمستحقين وإيراده هاهنا وان لم يكن مما يفعل فى البيوت لكونه قرين اقامة الصلاة لا يفارقها فى عامة المواضع يَخافُونَ صفة ثانية للرجال والخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة ويضاد الخوف الامن. والمعنى بالفارسية [مى ترسند اين مردمان با وجود چنين توجه واستغراق] يَوْماً مفعول ليخافون لا ظرف والمراد يوم القيامة اى من اليوم الذي تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ صفة ليوما والتقلب التصرف والتغير من حال الى حال وقلب الإنسان سمى به لكثرة تقلبه من وجه الى وجه والبصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة التي فيها. والمعنى تضطرب وتتغير فى أنفسها وتنتقل عن أماكنها من الهول والفزع فتنقلب القلوب فى الجوف وترتفع الى الحنجرة ولا تنزل ولا تخرج كما قال تعالى (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) وتقلب الابصار شخوصها كما قال تعالى (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) وإذ زاغت الابصار او تتقلب القلوب بين توقع النجاة وخوف الهلاك والابصار من أي ناحية يؤخذ بهم ومن أي جهة يأتى كتابهم لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ متعلق بمحذوف يدل عليه ما حكى من أعمالهم المرضية اى يفعلون ما يفعلون من المداومة على التسبيح والذكر واقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والخوف من غير صارف لهم عن ذلك ليجزيهم الله تعالى والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر والاجر خاص بالمثوبة الحسنى كما فى المفردات أَحْسَنَ ما عَمِلُوا اى احسن جزاء أعمالهم حسبما وعد لهم بمقابلة حسنة واحدة عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أشياء لم يعدهم بها على أعمالهم ولم تخطر ببالهم وهو العطاء الخاص لا لعمل وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الإحسان. والرزق العطاء الجاري والحساب استعمال العدد اى يفيض ويعطى من يشاء ثوابا لا يدخل تحت حساب الخلق قال كثير من الصحابة رضى الله عنهم نزلت هذه الآية فى اهل الأسواق الذين إذا سمعوا النداء بالصلاة تركوا كل شغل وبادروا إليها اى لا فى اصحاب الصفة وأمثالهم الذين تركوا التجارة ولزموا المسجد فانه تعالى قال (وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) واصحاب الصفة وأمثالهم لم يكن عليهم الزكاة قال الامام الراغب قوله تعالى (لا تُلْهِيهِمْ) الآية ليس ذلك نهيا عن التجارة وكراهية لها بل نهى عن التهافت والاشتغال عن الصلوات والعبادات بها انتهى [آورده اند كه ملك حسين كه والىء هرات بود از حضرت قطب الاقطاب خواجه بهاء الحق والدين محمد نقشبند قدس سره پرسيد كه در طريقه شما ذكر جهر وخلوت وسماع مى باشد فرمودند كه نمى باشد پس كفت ببناى طريقت شما بر چيست فرمودند كه «خلوت در انجمن بظاهر با خلق وبباطن با حق» ]
از درون شو آشنا واز برون بيگانه وش ... اينچنين زيبا روش كم مى بود اندر جهان
آنچهـ حق سبحانه وتعالى فرمايد كه (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) الآية اشارت بدين مقامست(6/160)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)
سر رشته دولت اى برادر بكف آر ... وين عمر كرامى بخسارت مكذار
دائم همه جا با همه كس در همه كار ... ميدار نهفت چشم دل جانب يار
قال فى الاسئلة المقحمة كيف خص الرجال بالمدح والثناء دون النساء فالجواب لانه لا جمعة على النساء ولا جماعة فى المساجد قال بعضهم من أسقط عن سره ذكر ما لم يكن فكان يسمى رجلا حقيقة ومن شغله عن ربه من ذلك شىء فليس من الرجال المتحققين وفى التأويلات النجمية وانما سماهم رجالا لانه لا تتصرف فيهم تجارة وهى كناية عن النجاة من دركات النيران كما قال تعالى (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ولا بيع كناية عن الفوز بدرجات الجنان كما قال تعالى (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ) وهو قوله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) ولو تصرف فيهم شىء من الدارين بالتفاتهم اليه وتعلقهم به حتى شغلهم عن ذكر الله اى عن طلبه والشوق الى لقائه لكانوا بمثابة النساء فانهن محال التصرف فيهن وما استحقوا اسم الرجال واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام فقال (يا داود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يا رب انت منزه عن البيوت قال فرغ لى قلبك) وتفريغها اى القلوب التي اشارت إليها البيوت تصفيتها عن نقوش المكونات وتصقيلها عن صدأ تعلقات الكونين وانما هو بذكر الله والمداومة عليه كما قال عليه السلام (ان لكل شىء صقالة وان صقالة القلوب بذكر الله) فاذا صقلت تجلى الله فيها بنور الجمال وهو الزيادة فى قوله تعالى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) والرزق بغير حساب فى أرزاق الأرواح والمواهب الالهية قاما أرزاق الأشباح فمحصورة معدودة فعلى العاقل الاجتهاد باعمال الشريعة وآداب الطريقة فانه سبب الوصول الى أنوار الحقيقة ومن تنور باطنه فى الدنيا تنور ظاهره وباطنه فى العقبى وكل جزاء فانما هو من جنس العمل- روى- انه إذا كان يوم القيامة يحشر قوم وجوههم كالكوكب الدري فتقول لهم الملائكة ما أعمالكم فيقولون كنا إذا سمعنا الاذان قمنا الى الطهارة لا يشغلنا غيرها ثم يحشر طائفة وجوههم كالاقمار فيقولون بعد السؤال كنا نتوضأ قبل الوقت ثم يحشر طائفة وجوههم كالشموس فيقولون كنا نسمع الاذان فى المسجد وفى الحديث (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الاول فالاول) اى ثواب من يأتى فى الوقت الاول والثاني (فاذا جلس الامام) يعنى صعد المنبر (طووا الصحف وجاؤا يسمعون الذكر) اى الخطبة (فلا يكتبون ثواب من يأتى فى ذلك الوقت) والمراد منه اجر مجرد مجيئه قيل لا يكتبون أصلا وقيل يكتبونه بعد الاستماع والمراد بالملائكة كتبة ثواب من يحضر الجمعة وهم غير الحفظة اللهم اجعلنا من المسارعين المسابقين واحشرنا فى زمرة اهل الصدق والحق واليقين وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ) اى أعمالهم التي هى من أبواب البرّ كصلة الأرحام وعتق الرقاب وعمارة البيت وسقاية الحاج واغاثة الملهوفين وقرى الأضياف واراقة الدماء ونحو ذلك مما لو قارنه الايمان لاستتبع الثواب كَسَرابٍ هو ما يرى فى المفازة من لمعان الشمس عليها نصف النهار فيظن انه ماء يسرب اى يذهب ويجرى وكان السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة بِقِيعَةٍ متعلق بمحذوف هو صفة السراب(6/161)
أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)
اى كائن فى قاع وهى الأرض المنبسطة المستوية قد انفرجت عنها الجبال قال فى المختار القيعة مثل القاع وبعضهم يقول هو جمع يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً صفة اخرى لسراب اى يظنه الشديد العطش ماء حقيقة من ظمئ بالكسر يظمأ والظمئ بالكسر ما بين الشربتين والورودين والظمأ العطش الذي يحدث من ذلك وتخصيص الحسبان بالظمئان مع شموله لكل من يراه كائنا من كان من العطشان والريان لتكميل التشبيه بتحقيق شركة طرفيه فى وجه الشبه وهو الابتداء المطمع والانتهاء الموئس حَتَّى إِذا [تا چون] جاءَهُ اى جاء ما توهمه ماء وعلق به رجاءه ليشرب منه لَمْ يَجِدْهُ اى ما حسبه ماء شَيْئاً أصلا لا متحققا ولا متوهما كما كان يراه من قبل فضلا عن وجدان ماء فيزداد عطشا وَوَجَدَ اللَّهَ اى حكمه وقضاءه عِنْدَهُ عند المجيء كما قال (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) يعنى مصير الخلق اليه فَوَفَّاهُ حِسابَهُ اى أعطاه وافيا كاملا حساب عمله يعنى ظهر له بعد ذلك من سوء الحال ما لا قدر عنده للخيبة والقنوط أصلا كمن يجيئ الى باب السلطان للصلة فيضرب ضربا وجيعا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ لا يشغله حساب عن حساب قال الكاشفى [زود حسابست حساب يكى او را از حساب ديكرى باز ندارد تمثيل كرد اعمال كافر را بسراب واو را بتشنه جكر سوخته پس همچنانكه تشنه از سراب نا اميد شده باشد شدتش زياده مى شود كافرانرا از اميد به پاداش اعمال خود چون نيايند حسرت افزون ميكردد] وفى الآية اشارة الى اهل كفران النعمة وهم الذين يصرفون نعمة الله فى معاصيه ومخالفته ثم يعاملون على الغفلة بالرسم والعادة التي وجدوا عليها آباءهم صورة بلا معنى بل رياء وسمعة وهم يحسبون بجهلهم انهم يحسنون صنعا زين لهم الشيطان أعمالهم فمثل أعمالهم كسراب لا طائل تحته وصاحب الأعمال يحسب من غفلته وجهالته ان اعماله المشوبة هى ما يطفئ به نار غضب الله حتى إذا جاءه عند الموت لم يجده شيأ مما توهمه ووجد الله عند اعماله للوزن والجزاء والحساب وهو غضبان عليه لسوء معاملته معه فجازاه حق جزائه والله سريع الحساب يشير الى ان من سرعة حسابه ان يظهر على ذاته وصفاته آثار معاملته السيئة بالأخلاق الذميمة والأحوال الرديئة فى حال حياته أَوْ كَظُلُماتٍ عطف على كسراب واو للتنويع فان أعمالهم ان كانت حسنة فكالسراب وان كانت قبيحة فكالظلمات فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ اى عميق كثير الماء منسوب الى اللج وهو معظم ماء البحر قال الكاشفى [در درياى عميق كه دم بدم] يَغْشاهُ مَوْجٌ صفة اخرى للبحر اى يستره ويغطيه بالكلية مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مبتدأ وخبر والجملة صفة لموج اى يغشاه امواج متراكمة بعضها على بعض مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ صفة لموج الثاني واصل السحب الجر وسمى السحاب اما لجر الريح او لجره الماء اى من فوق الموج الثاني الا على سحاب غطى النجوم وحجب أنوارها وفيه ايماء الى غاية تراكم الأمواج وتضاعفها حتى كأنها بلغت السحاب ظُلُماتٌ اى هذه ظلمات بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ اى متكاثفة متراكمة حتى إِذا أَخْرَجَ اى من ابتلى بهذه الظلمات وإضماره من غير ذكره لدلالة المعنى عليه دلالة واضحة يَدَهُ وهى اقرب أعضائه المرئية اليه وجعلها بمرأى منه قريبة من عينه لينظر إليها(6/162)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44) وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)
لَمْ يَكَدْ يَراها لم يقرب ان يراها لشدة الظلمة فضلا عن ان يراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً اى ومن لم يشأ الله ان يهديه لنور القرآن ولم يوفقه للايمان به فَما لَهُ مِنْ نُورٍ اى فما له هداية ما من أحد أصلا قال الكاشفى [اين تمثيل ديكر است مر عملهاى كفار را ظلمات اعمال تيره اوست وبحر لجى دل او وموج آنچهـ دل او را مى پوشد از جهل وشرك وسحاب مهر خذلان بر آن پس كردار وكفتارش ظلمت ومدخل ومخرجش ظلمت ورجوع او در روز قيامت هم بظلمت عكس مؤمن كه او را نور است واين را (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) ]
مؤمنان از تيركى دور آمدند ... لا جرم نور على نور آمدند
كافر تاريك دل را فكرتست ... حال كارش ظلمت اندر ظلمتست
والاشارة بالظلمات الى صورة الأعمال التي وقعت على الغفلة بلا حضور القلب وخلوص النية فهى (كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) وهو حب الدنيا (يَغْشاهُ مَوْجٌ) من الرياء (مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) من حب الجاه وطلب الرياسة (مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ) من الشرك الخفي (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) يعنى ظلمة غفلة الطبيعة وظلمة حب الدنيا وظلمة حب الجاه وظلمة الشرك (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ) يعنى العبد يد قصده واجتهاده وسعيه ليرى صلاح حاله ومآله فى تخلصه من هذه الظلمات لم ير بنظر عقله طريق خلاصه من هذه الظلمات لان من لم يصبه رشاش النور الإلهي عند قسمة الأنوار فما له من نور يخرجه من هذه الظلمات فان نور العقل ليس له هذه القوة لانها من خصوصية نور الله كقوله تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) والنكتة فى قوله تعالى (يُخْرِجُهُمْ) إلخ كأنه يقول أخرجت الماء من العين والمطر من السحاب والنار من الحجر والحديد من الجبال والدخان من النار والنبات من الأرض والثمار من الأشجار كما لا يقدر أحد ان يرد هذه الأشياء الى مكانها كذلك لا يقدر إبليس وسائر الطواغيت ان يردك الى ظلمة الكفر والشك والنفاق بعد ما أخرجتك الى نور الايمان واليقين والإخلاص والله الهادي أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الهمزة للتقرير والمراد من الرؤية رؤية القلب فان التسبيح الآتي لا يتعلق به نظر البصر اى قد علمت يا محمد علما يشبه المشاهدة فى القوة واليقين بالوحى او الاستدلال ان الله تعالى ينزهه على الدوام فى ذاته وصفاته وأفعاله عن كل ما لا يليق بشأنه من نقص وآفة اهل السموات والأرض من العقلاء وغيرهم ومن لتغليب العقلاء وَالطَّيْرُ بالرفع عطف على من جمع طائر كركب وراكب والطائر كل ذى جناح يسبح فى الهواء وتخصيصها بالذكر مع اندراجها فى جملة ما فى الأرض لعدم استقرارها قرار ما فيها لانها تكون بين السماء والأرض غالبا صَافَّاتٍ اصل الصف البسط ولهذا سمى اللحم القديد صفيفا لانه يبسط اى تسبحه تعالى حال كونها صافات اى باسطات أجنحتها فى الهواء تصففن كُلٌّ من اهل السموات والأرض قَدْ عَلِمَ بالهام الله تعالى ويوضحه ما قرئ علم مشددا اى عرف صَلاتَهُ اى دعاء نفسه وَتَسْبِيحَهُ تنزيهه وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ اى يفعلونه من الطاعة والصلاة والتسبيح فيجازيهم على ذلك وفيه وعيد لكفرة الثقلين(6/163)
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42)
حيث لا تسبيح لهم طوعا واختيارا وَلِلَّهِ لا لغيره مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لانه الخالق لهما ولما فيهما من الذوات والصفات وهو المتصرف فى جميعها إيجادا واعداما إبداء وإعادة وَإِلَى اللَّهِ خاصة الْمَصِيرُ اى رجوع الكل بالفناء والبعث فعلى العاقل ان يعبد هذا المالك القوى ويسبحه باللسان الصوري والمعنوي وهذا التسبيح محمول عند البعض على ما كان بلسان المقال فانه يجوز ان يكون لغير العقلاء ايضا تسبيح حقيقة لا يعلمه الا الله ومن شاء من عباده كما فى الكواشي وقد سبق تفصيل بديع عند قوله تعالى فى سورة الاسراء (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فارجع تغنم وعن ابى ثابت قال كنت جالسا عند ابى جعفر الباقر فقال لى أتدري ما تقول هذه العصافير عند طلوع الشمس وبعد طلوعها قلت لا قال فانهن يقدسن ربهن ويسألن قوت يومهن [آورده اند كه ابو الجناب نجم الكبرى قدس سره در رساله فواتح الجمال ميفرمايند كه ذكرى كه جارى بر نفوس حيوانات أنفاس ضروريه ايشانست زيرا كه در برآمدن وفرو رفتن نفس حرف ها كه اشارت بغيب هويت حق است كفته ميشود اگر خواهند واگر نخواهند وآن حرف هاست كه در اسم مبارك الله است والف ولام از براى تعريفست وتشديد لام از براى مبالغه در آن تعريف پس مى بايد كه طالب هوشمند در وقت تلفظ باين حرف شريف هويت حق سبحانه وتعالى ملحوظ وى باشد ودر خروج ودخول نفس واقف بود كه در نسبت حضور مع الله فتورى واقع نشود] ويقال لهذا عند النقشبندية [هوش در دم]
ها غيب هويت آمد اى حرف شناس ... أنفاس ترا بود بآن حرف أساس
باش آگه از ان حرف در اميد وهراس ... حرفى كفتم شكرف اگر دارى پاس
يقول الفقير أيقظه القدير رأيت فى بعض المبشرات حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يخاطبنى ويقول هل تعرف سر قولهم الله بالرفع دون الله بالنصب والجر فقلت لا فقال انه فى الأصل الله هو فبضم الشفتين فى تحصل الاشارة الى نور الذات الاحدية فى الممكنات وسر الكمال الساري فى المظاهر ولا تحصل هذه الاشارة فى النصب والجر الحمد لله تعالى وقال بعض العلماء تسبيح الحيوان والجماد محمول على ما كان بلسان الحال فان كل شىء يدل بوجوده وأحواله على وجود صانع واجب الوجود متصف بصفات الكمال مقدس عن كل ما لا يليق بشأنه وقال فى التأويلات اعلم ان التسبيح على ثلاثة أوجه تسبيح العقلاء وتسبيح الحيوانات وتسبيح الجمادات. فتسبيح العقلاء بالنطق والمعاملات. وتسبيح الحيوانات بلسان الحاجات وصورة الدلالات على صانعها. وتسبيح الجمادات بالخلق وهو عام فى جميعها فانها مظهر الآيات فاما تسبيح العقلاء فمخصوص بالملك والإنسان فتسبيح الملك غذاؤه يعيش به ولو قطع عنه لهلك وليس موجبا لترقيه لانه مسبح بالطبع وتسبيح الإنسان تنزيه الحق بالأمر لا بالطبع فموجب لترقيه بان يفنى فيه أوصاف انسانيته ويبقيه بوصف سبوحيته فانه به ينطق عند فناء وجوده (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) يشير الى ان لكل شىء علما وشعورا مناسبا له على صلاته وهى القيام بالعبودية وعلى تسبيحه وهو ثناء الربوبية وذلك لان لكل(6/164)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43)
شىء ملكوتا هو قائم به وقيام الملكوت بيده تعالى كما قال (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) وعالم الملكوت هو الحياة المحض والعلم كما قال (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) والملكوت هو عالم الأرواح فلكل شىء روح منه بحسب استعداده لقابلية الروح فخلق الإنسان فى احسن تقويم لقابلية الروح الأعظم فلهذا صار كاملهم أفضل المخلوقات وأكرمها فهو يعلم خصوصية صلاته وتسبيحه على قدر حظه من عالم الملكوت بل على قدر حظه من عالم الربوبية وهو متفرد به عما دونه والملك يعلم صلاته وتسبيحه على قدر حظه من عالم الملكوت والحيوانات والجمادات تعلم صلاتها وتسبيحها بملكوتها بلا شعور منها بالصورة (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) اى بحقيقته بالكمال وهم يعلمون بحسب استعدادهم انتهى ما فى التأويلات وهذا لا ينفى نطق الجمادات عند إنطاق الله تعالى وكذا نطق الحيوانات العجم بطريق خرق العادة او بطريق لا يسمعه ولا يفهمه الا اهل الكشف والعيان كما سبق أمثلته فى سورة الاسراء نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن لا يمضى نفسه الا بذكر شريف ولا يمر وقته الا بحال لطيف انه الفياض الوهاب الجواد أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً الإزجاء سوق الشيء برفق وسهولة لينساق غلب فى سوق شىء يسير أو غير معتد به ومنه البضاعة المزجاة فانها يزجيها كل أحد ويدفعها لقلة الاعتداد بها. ففيه ايماء الى ان السحاب بالنسبة الى قدرته تعالى مما لا يعتد به ويسمى السحاب سحابا لانسحابه فى الهواء اى انجراره وهو اسم جنس يصح إطلاقه على سحابة واحدة وما فوقها والمراد هاهنا قطع السحاب بقرينة اضافة بين الى ضميره فانه لا يضاف الا الى متعدد. والمعنى قد رأيت رؤية بصرية ان الله يسوق غيما الى حيث يريد ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ اى بين اجزائه بضم بعضها الى بعض فيجعله شيأ واحدا ابعد ان كان قطعا ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً اى متراكما بعضه فوق بعض فانه إذا اجتمع شىء فوق شىء فهو ركوم مجتمع قال فى المفردات يقال سحاب مركوم اى متراكم والركام ما يلقى بعضه على بعض فَتَرَى الْوَدْقَ اى المطر اثر تكاثفه وتراكمه قال ابو الليث الودق المطر كله شديده وهينه وفى المفردات الودق قيل ما يكون خلال المطر كأنه غبار وقد يعبر به عن المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ حال من الودق لان الرؤية بصرية والخلال جمع خلل كجبال وجبل وهو فرجة بين الشيئين والمراد هاهنا مخارج القطر. والمعنى حال كون ذلك الودق يخرج من أثناء ذلك السحاب وفتوقه التي حدثت بالتراكم وانعصار بعضه من بعض قال كعب السحاب غربال المطر ولولاه لافسد المطر ما يقع عليه وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ اى من الغمام فان كل ما علاك سماء وسماء كل شىء أعلاه مِنْ جِبالٍ اى من قطع عظام تشبه الجبال فى العظم كائنة فِيها اى فى السماء فان السماء من المؤنثات السماعية مِنْ بَرَدٍ مفعول ينزل على ان من تبعيضية والاوليان لابتداء الغاية على ان الثانية بدل اشتمال من الاولى باعادة الجار والبرد محركه الماء المنعقد اى ما يبرد من المطر فى الهواء فيصلب كما فى المفردات. والمعنى ينزل الله مبتدئا من السماء من جبال فيها بعض برد قال بعضهم ان الله تعالى خلق جبالا كثيرة فى السماء من البرد والثلج ووكل بها ملكا(6/165)
يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44)
من الملائكة فاذا أراد ان يرسل البرد والثلج على قطر من أقطار الأرض يأمره بذلك فثلج هناك ما شاء الله بوزن ومقدار فى صحبة كل حبة منها ملك يضعها حيث امر بوضعها قال ابن عباس رضى الله عنهما لا عين تجرى على الأرض الا وأصلها من البرد والثلج ويقال ان الله تعالى خلق ملائكة نصف أبدانهم من الثلج ونصفها من النار فلا الثلج يطفئ النار ولا النار تذيب الثلج فاذا أراد الله إرسال الثلج فى ناحية أمرهم حتى يترفرفوا بأجنحتهم من الثلج فما تساقط عن الترفرف فهو الثلج الذي يقع هناك يقال رفرف الطائر إذا حرك جناحيه حول الشيء يريد ان يقع عليه وقيل المراد من السماء اى فى الآية المظلة اى الفلك وفيها جبال من برد كما ان فى الأرض جبالا من حجر وليس فى العقل ما ينفيه والمشهور ان الابخرة إذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء وقوى البرد اجتمعت هناك وصارت سحابا فان لم يشتد البرد تقاطرت مطرا وان اشتد فان وصل الى الاجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل بردا وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض وينعقد سحابا وينزل منه المطر او الثلج وكل ذلك مستند الى ارادة الله تعالى ومشيئته المبنية على الحكم والمصالح وفى اخوان الصفاء الاجزاء المائية والترابية إذا كثرت فى الهواء وتراكمت فالغيم منها هو الرقيق والسحاب هو المتراكم والمطر هو تلك الاجزاء المائية إذا التأم بعضها مع بعض وبردت وثقلت رجعت نحو الأرض والبرد قطر تجمد فى الهواء بعد خروجه من سمك السحاب والثلوج قطر صغار تجمد فى خلال الغيم ثم تنزل برفق من السحاب انتهى والاجزاء اللطيفة الارضية تسمى دخانا والمائية بخارا قال ابن التمجيد إذا أشرقت الشمس على ارض يابسة تحللت منها اجزاء نارية ويخالطها اجزاء ارضية يسمى المركب منهما دخانا وفى شرح القانون الفرق بين الدخان والبخار هو ان تركيب الدخان من الاجزاء الارضية والنارية وتركيب البخار من المائية والهوائية فيكون البخار الطف من الدخان فَيُصِيبُ بِهِ اى بما ينزل من البرد والباء للتعدية: وبالفارسية [پس ميرساند آن تكرك را] مَنْ يَشاءُ فيناله ما يناله من ضرر فى نفسه وماله نحو الزرع والضرع والثمرة وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ فيأمن غائلته يَكادُ سَنا بَرْقِهِ اى يقرب ضوء برق السحاب فان السنا مقصورا بمعنى الضوء الساطع وممدودا بمعنى الرفعة والعلو والبرق لمعان السحاب وفى القاموس البرق واحد بروق السحاب او ضرب ملك السحاب وتحريكه إياه لينساق فترى النيران وفى اخوان الصفاء البرق نار تنقدح من احتكاك تلك الاجزاء الدخانية فى جوف السحاب يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ اى يخطفها من فرط الاضاءة وسرعة ورودها قال الكاشفى [واين دليل است بر كمال قدرت كه شعله آتش از ميان ابر آبدار بيرون مى آرد] فسبحان من يظهر الضد من الضد يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ بالمعاقبة بينهما او بنقص أحدهما وزيادة الآخر او بتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور وغيرها مما يقع فيهما من الأمور التي من جملتها ما ذكر من ازجاء السحاب وما ترتب عليه وفى الحديث قال الله تعالى (يؤذينى ابن آدم بسب الدهر وانا الدهر بيدي الأمر اقلب الليل والنهار) كذا فى المعالم والوسيط إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فصل من(6/166)
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)
الإزجاء الى التقليب لَعِبْرَةً لدلالة واضحة على وجود الصانع القديم ووحدته وكمال قدرته واحاطة علمه بجميع الأشياء ونفاذ مشيئته وتنزهه عما لا يليق بشأنه العلى واصل العبر تجاوز من حال الى حال والعبرة الحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد الى ما ليس بمشاهد لِأُولِي الْأَبْصارِ لكل من يبصر ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة كما فى المفردات. يعنى ان من له بصيرة يعبر من المذكور الى معرفة المدبر ذلك من القدرة التامة والعلم الشامل الدال قطعا على الوحدانية وسئل سعيد بن المسيب أي العبادة أفضل قال التفكر فى خلقه والتفقه فى دينه ويقال العبر با وقار والمعتبر بمثقال فعلى العاقل الاعتبار آناء الليل وأطراف النهار قالت رابعة القيسية رحمها الله ما سمعت الاذان الا ذكرت منادى يوم القيامة وما رأيت الثلوج الا ذكرت تطاير الكتب وما رأيت الجراد الا ذكرت الحشر والاشارة فى الآية الكريمة ان الله تعالى يسوق السحب المتفرقة التي تنشأ من المعاصي والأخلاق الذميمة ثم يؤلف بينها ثم يجعلها متراكما بعضها على بعض فترى مطر التوبة يخرج من خلاله كما خرج من سحاب وعصى آدم ربه فغوى مطر ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى فالانسان من النسيان والشر جزء من البشر فاذا أذنب الإنسان فلتكن همته طلب العفو والرحمة من الله تعالى ولا يمتنع منه مستعظما لذنبه ظانا ان الله تعالى وصف ذاته الازلية بالغفارية والتوابية حين لم يكن بشر ولا ذئب ولا حادث من الحوادث فاقتضى ذلك وجود الذنب من الإنسان البتة لان المغفرة انما هى بالنسبة الى الذنب: ولذا قال الحافظ
سهو وخطاى بنده كرش نيست اعتبار ... معنىء عفو ورحمت آمرزگار چيست
وينزل الله من سماء القلب من قساوة فيها جموده من قهر الحق وخذلانه فيصيب من برد القهر من يشاء من اهل الشقاوة ويصرفه عمن يشاء من اهل السعادة يكاد سنا برق القهر يذهب البصائر يقلب الله ليل معصية من يشاء نهار الطاعة كما قلب فى حق آدم عليه السلام ويقلب نهار طاعة من يشاء ليل المعصية كما قلب فى حق إبليس ان فى ذلك التقليب لعبرة لارباب البصائر بان يشاهدوا آثار لطفه وقهره فى مرآة التقليب كذا فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ الدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك فى الحيوان وفى الحشرات اكثر كما فى المفردات والدابة هنا ليست عبارة عن مطلق ما يمشى ويتحرك بل هى اسم للحيوان الذي يدب على الأرض ومسكنه هنالك فيخرج منها الملائكة والجن فان الملائكة خلقوا من نور والجن من نار وقال فى فتح الرحمن خلق كل حيوان يشاهد فى الدنيا ولا يدخل فيه الملائكة والجن لانا لا نشاهدهم انتهى. والمعنى خلق كل حيوان يدب على الأرض مِنْ ماءٍ هو جزؤ مادته اى أحد العناصر الاربعة على ان يكون التنوين للوحدة الجنسية فدخل فيه آدم المخلوق من تراب وعيسى المخلوق من روح او من ماء مخصوص هو النطفة اى ماء الذكر والأنثى على ان يكون التنوين للوحدة النوعية فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكل إذ من الحيوان ما يتولد لا عن نطفة [در تبيان از ابن عباس رضى الله عنهما نقل ميكند كه حق سبحانه جوهرى آفريد ونظر هيبت برو افكند بگداخت وآب شد بعضى آنرا تغليب نمود بآتش واز ان(6/167)
لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)
جن بيافريد پس بعضى را تغليب كرد بباد واز ان ملائكه بيافريد پس تغليب نمود مقدارى را بخاك واز ان آدمي وسائر حيوانات خلق كرد واصل آن همه آبست] قال فى الكواشي تنكير ماء موذن ان كل دابة مخلوقة من ماء مختص بها وهو النطفة فجميع الحيوان سوى الملائكة والجن مخلوق من نطفة وتعريف الماء فى قوله (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) نظر الى الجنس الذي خلق منه جميع الحيوان لان اصل جميع الخلق من الماء قالوا خلق الله ماء فجعل بعضه ريحا فخلق منها الملائكة وجعل بعضه نارا فخلق منها الجن وبعضه طينا فخلق منه آدم انتهى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ذى روح خلق من نور محمد عليه السلام لان روحه أول شىء تعلقت به القدرة كما قال (أول ما خلق الله روحى) ولما كان هو درة صدف الموجودات عبر عن روحه بدرة وجوهرة فقال (لما أراد الله ان يخلق العالم خلق درة) وفى رواية جوهرة (ثم نظر إليها بنظر الهيبة فصارت ماء) الحديث فخلقت الأرواح من ذلك الماء اه فان قيل ما الحكمة فى خلق كل شىء من الماء قيل لان الخلق من الماء اعجب لانه ليس شىء من الأشياء أشد طوعا من الماء لان الإنسان لو أراد ان يمسكه بيده او أراد ان يبنى عليه او يتخذ منه شيأ لا يمكنه والناس يتخذون من سائر الأشياء انواع الأشياء قيل فالله تعالى اخبر انه يخلق من الماء الوانا من الخلق وهو قادر على كل شىء كذا فى تفسير ابى الليث عليه الرحمة فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ كالحية والحوت ونحوهما وانما قال يمشى على وجه المجاز وان كان حقيقة المشي بالرجل لانه جمعه مع الذي يمشى على وجه التبع. يعنى ان تسمية حركة الحية مثلا ومرورها مشيا مع كونها زحفا للمشاكلة فان المشي حقيقة هو قطع المسافة والمرور عليها مع قيد كون ذلك المرور على الأرجل وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ كالانس والجن والطير كما فى الجلالين وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ كالنعم والوحش وعدم التعرض لما يمشى على اكثر من اربع كالعناكب ونحوها من الحشرات لعدم الاعتداد بها كما فى الإرشاد وقال فى فتح الرحمن لانها فى الصورة كالتى تمشى على اربع وانما تمشى على اربع منها كما فى الكواشي وتذكير الضمير فى منهم لتغليب العقلاء والتعبير عن الأصناف بمن ليوافق التفصيل الإجمال وهو هم فى فمنهم والترتيب حيث قدم الزاحف على الماشي على رجلين وهو على الماشي على اربع لان المشي بلا آلة ادخل فى القدرة من المشي على الرجلين وهو اثبت لها بالنسبة الى من مشى على اربع يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ مما ذكر ومما لم يذكر بسيطا كان او مركبا على ما شاء من الصور والأعضاء والهيآت والحركات والطبائع والقوى والافاعل مع اتحاد العنصر [صاحب حديقه فرموده
اوست قادر بهر چهـ خواهد وخواست ... كارها جمله نزد او پيداست
وقال بعضهم
نقشبند برون كلها اوست ... نقش دان درون دلها اوست
إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيفعل الله ما يشاء كما يشاء لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ اى لكل ما يليق بيانه من الاحكام الدينية والاسرار التكوينية وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ بالتوفيق للنظر الصحيح فيها والإرشاد الى التأمل فى معانيها إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعنى الإسلام الذي(6/168)
وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48)
هو دين الله وطريقه الى رضاه وجنته وفى التأويلات النجمية اخبر عن سيرة هذه الدواب التي خلقت من الماء فقال (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) يعنى سيرته فى مشيه ان يضيع عمره فى تحصيل شهوات بطنه (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) اى يضيع عمره فى تحصيل شهوات فرجه فان كل حيوان إذا قصد قضاء شهوته يمشى على رجلين عند المباشرة وان كان له اربع قوائم وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ اى يضيع عمره فى طلب الجاه لان اكثر طالبى الجاه يمشى راكبا على مركوب له اربع قوائم كالخيل والبغال والحمير كما قال تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) من انواع المخلوقات على مقتضى حكمته ومشيئته الازلية لما يشاء كما يشاء إظهارا للقدرة ليعلم ان الله على خلق كل نوع من انواع المخلوقات والمقدورات قادر- ومن اخبار الرشيد- انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفة الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك وأكرمه (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) اى أنزلنا القرآن مبينات آياته ما خلقنا من كل نوع من انواع الإنسان المذكورة اوصافهم ولكنهم لو وكلوا الى ما جبلوا عليه لما كانوا يهتدون الا الى هذه الأوصاف التي جبلوا عليها ولا يهتدون الى صراط مستقيم هو صراط الله بإرادتهم ومشيئتهم (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يصل به الى الحضرة بمشيئة الله وإرادته الازلية نسأل الله الهداية الى سواء الطريق والتوفيق لجادة التحقيق وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ نزلت فى بشر المنافق خاصم يهوديا فى ارض فدعاه الى كعب بن الأشرف من أحبار اليهود ودعاه اليهودي الى النبي عليه الصلاة والسلام فصيغة الجمع للايذان بان للقائل طائفة يساعدونه ويتابعونه فى تلك المقالة كما يقال بنوا فلان قتلوا فلانا والقاتل منهم واحد وَأَطَعْنا اى أطعناهما فى الأمر والنهى والاطاعة فعل يعمل بالأمر لا غير لانها الانقياد وهو لا يتصور الا بعد الأمر بخلاف العبادة وغيرها ثُمَّ يَتَوَلَّى يعرض عن قبول حكمه قال الامام الراغب تولى إذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله فى اقرب المواضع وإذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك القرب فان الولي القرب والتولي قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار وثم يجوز ان يكون للتراخى الزمانى وان يكون لاستبعاد امر التولي عن قولهم آمنا واطعنا فَرِيقٌ مِنْهُمْ اى من القائلين قال فى المفردات الفرق القطعة المنفصلة ومنه الفرقة للجماعة المنفردة من الناس والفريق الجماعة المنفردة عن آخرين مِنْ بَعْدِ ذلِكَ القول المذكور وَما أُولئِكَ اشارة الى القائلين فان نفى الايمان عنهم مقتض لنفيه عن الفريق المتولى بخلاف العكس اى وما أولئك الذين يدعون الايمان والاطاعة ثم يتولى بعضهم الذين يشاركونهم فى الاعتقاد والعمل بِالْمُؤْمِنِينَ حقيقة كما يعرب عنه اللام اى ليسوا بالمؤمنين المعهودين بالإخلاص فى الايمان والثبات عليه وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ اى الرسول(6/169)
وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)
بَيْنَهُمْ لانه المباشر للحكم حقيقة وان كان الحكم حكم الله حقيقة وذكر الله لتفخيمه عليه السلام والإيذان بجلالة محله عنده تعالى والحكم بالشيء ان تقضى بانه كذا وليس بكذا سواء ألزمت بذلك غيرك او لم تلزمه إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ اى فاجأ فريق منهم الاعراض عن المحاكمة اليه عليه السلام لكون الحق عليهم وعلمهم بانه عليه السلام يحكم بالحق عليهم ولا يقبل الرشوة وهو شرح للتولى ومبالغة فيه واعرض اظهر عرضه اى ناحيته وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ اى الحكم لا عليهم يَأْتُوا إِلَيْهِ الى صلة يأتوا فان الإتيان والمجيء يعديان بالى مُذْعِنِينَ منقادين لجزمهم بانه عليه السلام يحكم لهم أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ انكار واستقباح لاعراضهم المذكور وبيان لمنشأه اى أذلك الاعراض لانهم مرضى القلوب لكفرهم ونفاقهم أَمِ لانهم ارْتابُوا اى شكوا فى امر نبوته عليه السلام مع ظهور حقيقتها أَمِ لانهم يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ فى الحكومة. والحيف الجور والظلم الميل فى الحكم الى أحد الجانبين يقال حاف فى قضيته اى جار فيما حكم ثم اضرب عن الكل وأبطل منشئيته وحكم بان المنشأ شىء آخر من شنائعهم حيث قيل بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ اى ليس ذلك لشىء مما ذكر اما الاوّلان فلانه لو كان لشىء منهما لاعرضوا عنه عليه السلام عند كون الحق لهم ولما أتوا اليه مذعنين لحكمه لتحقق نفاقهم وارتيابهم حينئذ ايضا واما الثالث فلانتفائه رأسا حيث كانوا لا يخافون الحيف أصلا لمعرفتهم أمانته عليه السلام وثباته على الحق بل لانهم هم الظالمون يريدون ان يظلموا من له الحق عليهم ويتم لهم جحوده فيأبون المحاكمة اليه عليه السلام لعلهم بانه يقضى عليهم بالحق فمناط النفي المستفاد من الاضراب فى الأولين هو وصف منشئيتهما فى الاعراض فقط مع تحققهما فى نفسهما وفى الثالث هو الوصف مع عدم تحققه فى نفسه وفى الرابع هو الأصل والوصف جميعا إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ بالنصب على انه خبر كان وان مع ما فى حيزها اسمها إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ اى الرسول بَيْنَهُمْ وبين خصومهم سواء كانوا منهم او من غيرهم أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا الدعاء وَأَطَعْنا بالاجابة والقبول والطاعة موافقة الأمر طوعا وهى تجوز لله ولغيره كما فى فتح الرحمن [بهر چهـ كنى در ميان حكمى] وَأُولئِكَ المنعوتون بما ذكر من النعت الجميل هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مطلب والناجون من كل محذور قال فى المفردات الفلاح الظفر وادراك البغية وَمَنْ [وهر كه] يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى من يطعهما كائنا من كان فيما امرا به من الاحكام الشرعية اللازمة والمتعدية وَيَخْشَ اللَّهَ على ما مضى من ذنوبه ان يكون مأخوذا بها وَيَتَّقْهِ فيما بقي من عمره وأصله يتقيه فحذف الياء للجزم فصار يتقه بكسر القاف والهاء ثم سكن القاف تخفيفا على خلاف القياس لان ما هو على صيغة فعل انما يسكن عينه إذا كانت كلمة واحدة نحو كتف فى كتف ثم اجرى ما أشبه ذلك من المنفصل مجرى المتصل فان تقه فى قولنا يتقه بمنزلة كتف فسكن وسطه كما سكن وسط كتف فَأُولئِكَ الموصوفون بالطاعة والخشية والاتقاء هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم لا من عداهم. والفوز الظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات(6/170)
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)
[در كشاف آورده كه ملكى از علما التماس آيتي كرد كه بدان عمل كافى باشد ومحتاج بآيات ديكر نباشد علماى عصر او برين آيت اتفاق كردند چهـ حصول فوز وفلاح جز بفرمان بردارى وخشيت وتقوى ميسر نيست]
اينك ره اگر مقصد أقصى طلبى ... وينك عمل ار رضاى مولى طلبى
فلا بد من الاطاعة لله ولرسوله فى أداء الفرائض واجتناب المحارم فقد دعا الله تعالى فلا بد من الاجابة قال ابن عطاء رحمه الله الدعوة الى الله بالحقيقة والدعوة الى الرسول بالنصيحة فمن لم يجب داعى الله كفر ومن لم يجب داعى الرسول ضل وسبب عدم الاجابة المرض قال الامام الراغب المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وذلك ضربان جسمى وهو المذكور فى قوله تعالى (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) والثاني عبارة عن الرذائل كالجهل والجبن والبخل والنفاق ونحوها من الرذائل الخلقية نحو قوله تعالى (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) ويشبه النفاق والكفر وغيرهما من الرذائل بالمرض اما لكونها مانعة عن ادراك الفضائل كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل واما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الاخروية المذكورة فى قوله تعالى (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) واما لميل النفس بها الى الاعتقادات الرديئة ميل البدن المريض الى الأشياء المضرة انتهى وفى الحديث (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تابعا لما جئت به) معناه لا يبلغ العبد كمال الايمان ولا يستكمل درجاته حتى يكون ميل نفسه منقادا لما جاء به النبي عليه السلام من الهدى والاحكام ثم ان حقيقة الاطاعة والاجابة انما هى بترك ما سوى الله والاعراض عما دونه فمن اقبل على غيره فهو لآفات عرضت له وهى انحراف مزاج قلبه عن فطرة الله التي فطر الناس عليها من حب الله وحب الآخرة والشك فى الدين بمقالات اهل الأهواء والبدع من المتفلسفين والطبائعيين والدهريين وغيرهم من الضلال وخوف الحيف بان يأمره الله ورسوله بترك الدنيا ونهى النفس عن الهوى وانواع المجاهدات والرياضات المؤدية الى تزكية النفس وتصفية القلب لتحلية الروح بحلية اخلاق الحق والوصول الى الحضرة ثم لا يوفيان بما وعدا بقوله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) ويظلمان عليه بعدم أداء حقوقه اما علم ان الله لا يظلم مثقال ذرة وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ
اى حلف المنافقون بالله وأصله من القسامة وهى ايمان تقسم على المتهمين فى الدم ثم صار اسما لكل حلف جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
الجهد بالفتح الطاقة واليمين فى اللغة القوة وفى الشرع تقوية أحد طرفى الخبر بذكر الله قال الامام الراغب اليمين فى الحلف مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله المجاهد والمعاهد عنده قال فى الإرشاد جهد نصب على انه مصدر مؤكد لفعله الذي هو فى حيز النصب على انه حال من فاعل اقسموا اى اقسموا به تعالى يجهدون ايمانهم جهدا ومعنى جهد اليمين بلوغ غايتها بطريق الاستعارة من قولهم جهد نفسه إذا بلغ أقصى وسعها وطاقتها اى جاهدين بالغين أقصى مراتب اليمين فى الشدة والوكادة فمن قال اقسم بالله فقد جهد يمينه ومعنى الاستعارة انه لما لم يكن لليمين وسع وطاقة حتى يبلغ المنافقون أقصى وسع اليمين وطاقتها كان أصله يجهدون ايمانهم جهدا ثم حذف الفعل وقدم المصدر فوضع موضعه مضافا الى المفعول نحو فضرب(6/171)
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)
الرقاب: وبالفارسية [وسوكند كردند منافقان بخداى تعالى سخترين سوكندان خود] لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ
اى بالخروج الى الغزو فانهم كانوا يقولون لرسول الله أينما كنت نكن معك ولئن خرجت خرجنا معك وان أقمت أقمنا وان امرتنا بالجهاد جاهدنا لَيَخْرُجُنَ
جواب لاقسموا لان اللام الموطئة للقسم فى قوله لئن امرتهم جعلت ما يأتى بعد الشرط المذكور جوابا للقسم لاجزاء للشرط وكان جزاء الشرط مضمرا مدلولا عليه بجواب القسم وجواب القسم وجزاء الشرط لما كانا متماثلين اقتصر على جواب القسم وحيث كانت مقالتهم هذه كاذبة ويمينهم فاجرة امر عليه السلام بردها حيث قيل قُلْ لا تُقْسِمُوا
لا تحلفوا بالله على ما تدعون من الطاعة طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ
خبر مبتدأ محذوف والجملة تعليل للنهى اى لان طاعتكم طاعة نفاقية واقعة باللسان فقط من غير مواطأة من القلب وانما عبر عنها بمعروفة للايذان بان كونها كذلك مشهور معروف لكل أحد كذا فى الإرشاد وقال بعضهم طاعة معروفة بالإخلاص وصدق النية خير لكم وأمثل من قسمكم باللسان فالمطلوب منكم هى لا اليمين الكاذبة المنكرة وفى التأويلات النجمية (قُلْ لا تُقْسِمُوا)
بالكذب قولا بل أطيعوا فعلا فانه (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)
بالافعال غير دعوى القيل والقال (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)
بالحال صدقا وبالقال كذبا او بطاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل فيجازيكم على ذلك قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فى الفرائض والسنن على رجاء الرحمة والقبول فَإِنْ تَوَلَّوْا بحذف احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا عن هذه الطاعة اثر ما أمرتم بها فَإِنَّما عَلَيْهِ اى فاعلموا انما عليه صلى الله عليه وسلم ما حُمِّلَ اى ما كلف وامر به من تبليغ الرسالة وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ ما أمرتم به من الاجابة والطاعة ولعل التعبير عنه بالتحمل للاشعار بثقله وكونه مؤونة باقية فى عهدتهم بعد كأنه قيل وحيث توليتم عن ذلك فقد بقيتم تحت ذلك الحمل الثقيل وَإِنْ تُطِيعُوهُ اى فيما أمركم به من الطاعة تَهْتَدُوا الى الحق الذي هو المقصد الأقصى الموصل الى كل خير والمنجى من كل شر وتأخيره عن بيان حكم التولي لما فى تقديم الترهيب من تأكيد الترغيب وَما عَلَى الرَّسُولِ محمد ويبعد ان يحمل على الجنس لانه أعيد معرفا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ التبليغ الموضح لكل ما يحتاج الى الإيضاح وقد فعل وانما بقي ما حملتم فان أديتم فلكم وان توليتم فعليكم قال ابو عثمان رحمه الله من امر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة لان الله تعالى قال (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) يقال ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل واحدة منها بغير قرينتها: أولاها قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) فمن صلى ولم يؤد الزكاة لم تقبل منه الصلاة: والثانية قوله تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه: والثالثة قوله تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) فمن شكر الله فى نعمائه ولم يشكر الوالدين لا يقبل منه ذلك فاطاعة الرسول مفتاح باب القبول ويرشدك على شرف الاطاعة ان كلب اصحاب الكهف لما تبعهم فى طاعة الله وعد له دخول الجنة فاذا كان من تبع المطيعين كذلك فما ظنك بالمطيعين قال حاتم الأصم رحمه الله من ادعى ثلاثا بغير ثلاث(6/172)
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)
فهو كذاب من ادعى حب الجنة من غير انفاق ماله فهوه كذاب ومن ادعى محبة الله من غير ترك محارم الله فهو كذاب ومن ادعى محبة النبي عليه السلام من غير محبة الفقراء فهو كذاب
محب درويشان كليد جنت است
واعلم ان احمد بن حنبل رحمه الله لما راعى الشريعة بين جماعة كشفوا العورة فى الحمام قيل له فى المنام ان الله تعالى جعلك اماما للناس برعايتك الشريعة: وفى المثنوى
رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود
نسأل الله التوفيق وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الخطاب لعامة الكفرة ومن تبعيضية اوله عليه السلام ولمن معه من المؤمنين ومن بيانية وتوسيط الظرف بين المعطوفين لاظهار أصالة الايمان لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ جواب للقسم اما بإضمار على معنى وعدهم الله واقسم ليستخلفنهم او بتنزيل وعده تعالى منزلة القسم لتحقق إنجازه لا محالة اى ليجعلنهم خلفاء متصرفين فى الأرض تصرف الملوك فى ممالكهم قال الكاشفى [فى الأرض: در زمين كفار از عرب وعجم] لقوله عليه السلام (ليدخلن هذا الدين على ما دخل عليه الليل) قال الراغب الخلافة النيابة عن الغير اما لغيبة المنوب عنه واما لموته واما لعجزه واما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه فى الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى استخلافا كائنا كاستخلاف الذين من قبلهم وهم بنوا إسرائيل استخلفهم الله فى مصر والشام بعد إهلاك فرعون والجبابرة وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ التمكين جعل الشيء مكانا لآخر يقال مكن له فى الأرض اى جعلها مقرا له قال فى تاج المصادر التمكين [دست دادن وجاى دادن] يقال مكنتك ومكنت لك مثل نصحتك ونصحت لك وقال ابو على يجوز ان يكون على حد ردف لكم انتهى. والمعنى ليجعلن دينهم مقررا ثابتا بحيث يستمرون على العمل باحكامه من غير منازع الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ الارتضاء [پسنديدن] كما فى التاج قال فى التأويلات النجمية يعنى يمكن كل صنف من الخلفاء حمل أمانته التي ارتضى لهم من انواع مراتب دينهم فانهم ائمة اركان الإسلام ودعائم الملة الناصحون لعباده الهادون من يسترشد فى الله حفاظ الدين وهم اصناف. قوم هم حفاظ اخبار الرسول عليه السلام وحفاظ القرآن وهم بمنزلة الخزنة. وقوم هم علماء الأصول من الرادين على اهل العناد واصحاب البدع بواضح الادلة غير مخلطين الأصول بعلوم الفلاسفة وشبههم فانها مهلكة عظيمة لا يسلم منها الا العلماء الراسخون والأولياء القائمون بالحق وهم بطارقة الإسلام وشجعانه. وقوم هم الفقهاء الذين إليهم الرجوع فى علوم الشريعة من العبادات وكيفية المعاملات وهم فى الدين بمنزلة الوكلاء والمتصرفين فى الملك. وآخرون هم اهل المعرفة واصحاب الحقائق وارباب السلوك الكاملون المكملون وهم خلفاء الله على التحقيق واقطاب العالم وعمد السماء وأوتاد الأرض بهم تقوم السموات والأرض وهم فى الدين كخواص الملك واعيان مجلس السلطان فالدين معمور بهؤلاء على اختلاف طبقاتهم الى يوم القيامة وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ التبديل جعل الشيء مكان آخر وهو أعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثاني بإعطاء الاول(6/173)
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)
والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله: والمعنى بالفارسية [وبدل دهد ايشانرا] مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ من الأعداء أَمْناً منهم واصل الامن طمانينة النفس وزوال الخوف وكان اصحاب النبي عليه السلام قبل الهجرة اكثر من عشر سنين خائفين ثم هاجروا الى المدينة وكانوا يصبحون فى السلاح ويمسون فيه حتى نجز الله وعده فاظهرهم على العرب كلهم وفتح لهم بلاد الشرق والغرب
دمبدم صيت كمال دولت خدام او ... عرصه روى زمين را سر بسر خواهد كرفت
شاهباز همتش چون بر كشايد بال قدر ... از ثريا تا ثرى در زير پر خواهد كرفت
يَعْبُدُونَنِي حال من الذين آمنوا لتقييد الوعد بالثبات على التوحيد لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً حال من الواو اى يعبدوننى غير مشركين بي فى العباد شيأ وَمَنْ كَفَرَ ومن ارتد بَعْدَ ذلِكَ الوعد او اتصف بالكفر بان ثبت واستمر عليه ولم يتاثر بما مر من الترغيب والترهيب فان الإصرار عليه بعد مشاهدة دلائل التوحيد كفر مستأنف زائد على الأصل او كفر هذه النعمة العظيمة فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق والخروج عن حدود الكفر والطغيان قال المفسرون أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضى الله عنه فلما قتلوه غير الله ما بهم من الامن وادخل عليهم الخوف الذي رفع عنهم حتى صاروا يقتلون بعد ان كانوا إخوانا متحابين والله تعالى لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بانفسهم وفى الحديث (إذا وضع السيف فى أمتي لا يرفع عنها الى يوم القيامة) : وفى المثنوى
هر چهـ با تو آيد از ظلمات غم ... آن ز بى شرمى وكستاخيست هم
قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله مشيت فى زرع انسان فنادانى صاحبه يا بقر فقلت غير اسمى بزلة فلو كثرت لغير الله معرفتى وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ عطف على مقدر يستدعيه المقام اى فآمنوا واعملوا صالحا واقيموا إلخ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فى سائر ما أمركم به فهو من باب التكميل لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ اى افعلوا ما ذكر من الاقامة والإيتاء والاطاعة راجين ان ترحموا فهو متعلق بالأوامر الثلاثة لا تَحْسَبَنَّ يا محمد او يا من يصلح للخطاب كائنا من كان الَّذِينَ كَفَرُوا مفعول أول للحسبان مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ العجز ضد القدرة وأعجزت فلانا جعلته عاجزا اى معجزين لله عن ادراكهم وإهلاكهم فى قطر من الأقطار بما رحبت وان هربوا منها كل مهرب وَمَأْواهُمُ النَّارُ عطف على جملة النهى بتأويلها بجملة خبرية اى لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الأرض فانهم مدركون ومأواهم النار وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ جواب لقسم مقدر والمخصوص بالمدح محذوف اى وبالله لبئس المصير والمرجع هى اى النار يقال صار الى كذا اى انتهى اليه ومنه صير الباب لمصيره الذي ينتهى اليه فى تنقله وتحركه وفى الآية اشارة الى كفران النعمة فان الذين أنفقوا النعمة فى المعاصي وغيروا ما بهم من الطاعات مأواهم نار القطيعة قال على رضى الله عنه اقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه قال الحسن رحمه الله إذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وكل ما أوجد(6/174)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)
لفعل ما فشرفه لتمام وجود ذلك الفعل منه كالفرس للعدو فى الكرّ والفرّ والسيف للعمل والأعضاء خصوصا اللسان للشكر ومتى لم يوجد فيه المعنى الذي لاجله أوجد كان ناقصا فالانسان القاصر فى عباداته كالانسان الناقص فى أعضائه وآلاته واعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا جميع الناس الى الله تعالى والى توحيده وطاعته فاجاب من أجاب وهم اهل السعادة وأولهم الصحابة رضى الله عنهم واعرض من اعرض وهم اهل الشقاوة وأقدمهم الكفرة والمنافقون المعاصرون له عليه السلام ولما هربوا من باب الله تعالى بترك إطاعة رسوله وأصروا عليه عاقبهم الله تعالى عاجلا ايضا حيث قتلوا فى الوقائع وأصيبوا بما لا يخطر ببالهم فانظر كيف أدركهم الله تعالى فلم يعجزوه كما أدرك الأمم السالفة العاصية نسأل الله تعالى ان يجعلنا فى حصين عصمته ويتغمدنا برحمته ويحرسنا بعين عنايته يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- روى- ان غلاما لاسماء بنت ابى مرثد دخل عليها فى وقت كراهته فنزلت والخطاب للرجال المؤمنين والنساء المؤمنات جميعا بطريق التغليب لِيَسْتَأْذِنْكُمُ هذه اللام لام الأمر والاستئذان طلب الاذن والاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه: والمعنى بالفارسية [بايد كه دستورى طلبند از شما] الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ من العبيد والجواري وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ اى الصبيان القاصرون عن درجة البلوغ المعهود والتعبير عن البلوغ بالاحتلام لكونه اظهر دلائله وبلوغ الغلام صيرورته بحال لو جامع انزل قال فى القاموس الحلم بالضم والاحتلام الجماع فى النوم والاسم الحلم كعنق انتهى وفى المفردات ليس الحلم فى الحقيقة هو العقل لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل وتسمى البلوغ بالحلم لكونه جديرا صاحبه بالحلم مِنْكُمْ اى من الأحرار ثَلاثَ مَرَّاتٍ ظرف زمان ليستأذن اى ليستأذنوا فى ثلاثة اوقات فى اليوم والليلة لانها ساعات غرة وغفلة ثم فسر تلك الأوقات بقوله مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ لظهور انه وقت القيام عن المضاجع وطرح ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة ومحله النصب على انه بدل من ثلاث مرات وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ اى ثيابكم التي تلبسونها فى النهار وتخلعونها لاجل القيلولة وهى النوم نصف النهار مِنَ الظَّهِيرَةِ بيان للحين وهى شدة الحر عند انتصاف النهار قال فى القاموس الظهيرة حد انتصاف النهار وانما ذلك فى القيظ والتصريح بمدار الأمر اعنى وضع الثياب فى هذا الحين دون الاول والآخر لما ان التجرد عن الثياب فيه لاجل القيلولة لقلة زمانها ووقوعها فى النهار الذي هو مظنة لكثرة الورود والصدور ليس من التحقق والاطراد بمنزلة ما فى الوقتين فان تحقق التجرد واطراده فيهما امر معروف لا يحتاج الى التصريح به وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ الآخرة ضرورة انه وقت التجرد عن اللباس والالتحاف باللحاف وهو كل ثوب تغطيت به ثَلاثُ عَوْراتٍ خبر مبتدأ محذوف اى هن ثلاثة اوقات كائنة لَكُمْ يختل فيها التستر عادة والعورة الخلل الذي يرى منه ما يراد ستره وسميت الأوقات المذكورة عورات مع انها ليست نفس العورات بل هذه اوقات العورات على طريق تسمية الشيء باسم ما يقع فيه مبالغة فى كونه محلا له لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ اى على المماليك والصبيان جُناحٌ(6/175)
اثم فى الدخول بغير استئذان لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر والاطلاع على العورات بَعْدَهُنَّ اى بعد كل واحدة من تلك العورات الثلاث وهى الأوقات المتخللة بين كل وقتين منهن فالاستئذان لهؤلاء مشروع فيها لا بعدها ولغيرهم فى جميع الأوقات طَوَّافُونَ اى هم يعنى المماليك والأطفال طوافون عَلَيْكُمْ للخدمة طوافا كثيرا والطواف الدوران حول الشيء ومنه الطائف لمن يدور حول البيت حافا ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها بَعْضُكُمْ طائف عَلى بَعْضٍ اى هم يطوفون عليكم للخدمة وأنتم تطوفون للاستخدام ولو كلفهم الاستئذان فى كل طوفة اى فى هذه الأوقات الثلاثة وغيرها لضاق الأمر عليهم فلذا رخص لكم فى ترك الاستئذان فيما وراء هذه الأوقات كَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل الذي بعده والكاف مقحمة اى مثل ذلك التبيين يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الاحكام اى ينزلها مبينة واضحة الدلالات عليها لا انه تعالى بينها بعد ان لم تكن كذلك وَاللَّهُ عَلِيمٌ مبالغ فى العلم بجميع المعلومات فيعلم أحوالكم حَكِيمٌ فى جميع أفاعيله فيشرع لكم ما فيه صلاح أمركم معاشا ومعادا- روى- عن عكرمة ان رجلين من
اهل العراق سألا ابن عباس رضى الله عنهما عن هذه الآية فقال ان الله ستير يحب الستر وكان الناس لم يكن لهم ستور على أبوابهم ولا حجال فى بيوتهم فربما فاجأ الرجل ولده او خادمه او يتيم فى حجره ويرى منه ما لا يحبه فامرهم الله تعالى ان يستأذنوا الثلاث ساعات التي سماها ثم جاء باليسر وبسط الرزق عليهم فاتخذوا الستور والحجال فرأى الناس ان ذلك قد كفاهم عن الاستئذان الذي أمروا به ففيه دليل على ان الحكم إذا ثبت لمعنى فاذا زال المعنى زال الحكم فالتبسط فى اللباس والمعاش والسكنى ونحوها مرخص فيه إذا لم يؤد الى كبر واغترار قال عمر رضى الله عنه إذا وسع الله عليكم فوسعوا على أنفسكم. ويقال اليسار مفسدة للنساء لاستيلاء شهوتهن على عقولهن وفى الحديث (ان الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبده) يعنى إذا آتى الله عبده نعمة من نعم الدنيا فليظهرها من نفسه وليلبس لباسا نظيفا يليق بحاله ولتكن نيته فى لبسه اظهار نعمة الله عليه ليقصده المحتاجون لطلب الزكاة والصدقات وليس لبس الخلق مع اليسار مع التواضع وفى الآية رخصة اتخاذ العبيد والإماء للخدمة لمن قام بحقهم وبيان ان حق الموالي عليهم الخدمة وفى الحديث (حسنة الحر بعشر وحسنة المملوك بعشرين) يضاعف له الحسنة وهذا لمن احسن عبادة الله ونصح لسيده اى أراد له خيرا واقام بمصالحه على وجه الخلوص كذا فى شرح المشارق قال فى نصاب الاحتساب وينبغى ان يتخذ الرجل جارية لخدمة داخل البيت دون العبد البالغ لان خوف الفتنة فى العبد اكثر من الأحرار الأجانب لان الملك يقلل الحشمة والمحرمية منتفية والشهوة داعية فلا يأمن الفتنة. وقيل من اتخذ عبد الخدمة داخل البيت فهو كسحان بالسين المهملة اى اعرج او مقعد. وابتاع بعض المشايخ غلاما فقيل بورك لك فيه فقال البركة مع من قدر على خدمة نفسه واستغنى عن استخدام غيره فخفت مؤونته وهانت تكاليفه وكفى سياسة العبد والمرء فى بيته بمنزلة القلب وقلما تنتفع خدمة الجوارح(6/176)
وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)
الا بخدمة القلب ودلت الآية على ان من لم يبلغ وقد عقل يؤمر بفعل الشرائع وينهى عن ارتكاب القبائح فانه تعالى أمرهم بالاستئذان فى الأوقات المذكورة وفى الحديث (مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم على تركها وهم أبناء عشر) وانما يؤمر بذلك ليعتاده ويسهل عليه بعد البلوغ ولذا كره إلباسه ذهبا او حريرا لئلا يعتاده والإثم على الملبس كما فى القهستاني: قال الشيخ سعدى قدس سره
بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك وبدش وعده وبيم كن
قال ابن مسعود رضى الله عنه إذا بلغ الصبى عشر سنين كتبت له حسناته ولم تكتب سيآته حتى يحتلم قال فى الأشباه وتصح عبادة الصبى وان لم تجب عليه واختلفوا فى ثوابها والمعتمد انه له وللمعلم ثواب التعليم وكذا جميع حسناته وليس كالبالغ فى النظر الى الاجنبية والخلوة بها فيجوز له الدخول على النساء الى خمس عشرة سنة كما فى الملتقط: وقال الشيخ سعدى
پسر چون زده بر كذشته سنين ... ز نامحرمان كو فراتر نشين
بر پنبه آتش نشايد فروخت ... كه تا چشم بر هم زنى خانه سوخت
وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ اى الأطفال الأحرار الأجانب فيخرج العبد البالغ فانه لا يستأذن فى الدخول على سيدته فى غير الأوقات الثلاثة المذكورة كما قال فى التتمة يدخل العبد على سيدته بلا اذنها بالإجماع فَلْيَسْتَأْذِنُوا اى ان أرادوا الدخول عليكم كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ بلغوا الحلم مِنْ قَبْلِهِمْ او ذكروا من قبلهم كما قال تعالى فيما تقدم (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) الآية فالمعنى فليستأذنوا استئذانا كائنا مثل استئذان المذكورين قبلهم بان يستأذنوا فى جميع الأوقات ويرجعوا ان قيل لهم ارجعوا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ كرره للتأكيد والمبالغة فى الأمر بالاستئذان اعلم ان بلوغ الصغير بالاحبال والانزال والاحتلام وبلوغ الصغيرة بهما وبالحبل والحيض فان لم يوجد فيهما شىء من الأصل وهو الانزال والعلامة وهو الباقي فيبلغان حين يتم لهما خمس عشرة سنة كما هو المشهور وبه يفتى لقصر أعمار اهل زماننا قال بعض الصحابة كان الرجل فيمن قبلكم لا يحتلم حتى يأتى عليه ثمانون سنة قال وهب ان أصغر من مات من ولد ابن آدم ولد مائتى سنة وادنى مدة البلوغ للغلام اثنتا عشرة سنة ولذا تطرح هذه المدة من سن الميت الذكر ثم يحسب ما بقي من عمره فتعطى فدية صلاته على ذلك وادنى مدته للجارية تسع سنين على المختار ولذا تطرح هذه المدة من الميت الأنثى فلا تحتاج الى إسقاط صلاتها بالفدية ثم هذا بلوغ الظاهر واما بلوغ الباطن فبالوصول الى سر الحقيقة وكماليته فى أربعين من أول كشف الحجاب وربما يحصل للبعض علامة ذلك فى صباه قال أيوب عليه السلام ان الله يزرع الحكمة فى قلب الصغير والكبير فاذا جعل الله العبد حكيما فى الصبى لم تضع منزلته عند الحكماء حداثة سنه وهم يرون عليه من الله نور كرامته ودخل الحسين بن فضل على بعض الخلفاء وعنده كثير من اهل العلم فاحب ان يتكلم فمنعه فقال أصبى يتكلم فى هذا المقام فقال ان كنت صبيا فلست باصغر من هدهد سليمان ولا أنت اكبر من سليمان حين قال (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) [حكما كفته اند توانكرى بهترست نه بمال(6/177)
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)
وبزركى بعقلست نه بسال] فالاعتبار لفضل النفس لا للصغر والكبر وغيرهما قال هشام بن عبد الملك لزيد بن على بلغني انك تطلب الخلافة ولست لها باهل قال لم قال لانك ابن امة فقال فقد كان إسماعيل ابن امة واسحق ابن حرة وقد اخرج الله من صلب إسماعيل خير ولد آدم صلوات الله عليه وعليهم أجمعين: قال المولى الجامى قدس سره
چهـ غم ز منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان ز روم بود كو تن از حبش مى باش
قال السعدي قدس سره
چوكنعانرا طبيعت بى هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود
هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر
وَالْقَواعِدُ مبتدأ جمع قاعد بلا هاء لاختصاصها بالمرأة وإذا أردت القعود بمعنى الجلوس قلت قاعدة كحامل من حمل البطن وحاملة من حمل الظهر قال فى القاموس القاعد التي قعدت عن الولد وعن الحيض وعن الزوج مِنَ النِّساءِ حال من المستكن فى القواعد اى العجائز اللاتي قعدن عن الحيض والحمل: وبالفارسية [ونشستكان در خانها وبازماندگان] اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً صفة للقواعد لا للنساء اى لا يطمعن فى النكاح لكبرهن فاعتبر فيهن القعود عن الحيض والحمل والكبر ايضا لانه ربما ينقطع الحيض والرغبة فيهن باقية: وبالفارسية [آنانكه اميد ندارند نكاح خود را يعنى طمع نمى كنند كه كسى ايشانرا نكاح كند بجهت پيرى وعجز] فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ الجملة خبر مبتدأ اى اثم ووبال فى أَنْ يَضَعْنَ عند الرجال ثِيابَهُنَّ اى الثياب الظاهرة كالجلباب والإزار فوق الثياب والقناع فوق الخمار غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ حال من فاعل يضعن. واصل التبرج التكلف فى اظهار ما يخفى خص بكشف عورة زينتها ومحاسنها للرجال. والمعنى حال كونهن غير مظهرات لزينة خفية كالسوار والخلخال والقلادة لكن لطلب التخفيف جاز الوضع لهن وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ بترك الوضع اى يطلبن العفة وهى حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة وهو مبتدأ خبره قوله خَيْرٌ لَهُنَّ من الوضع لبعده من التهمة وَاللَّهُ سَمِيعٌ مبالغ فى جميع ما يسمع فيسمع ما يجرى بينهن وبين الرجال من المقاولة عَلِيمٌ فيعلم مقاصدهن وفيه من الترهيب ما لا يخفى اعلم ان العجوز إذا كانت بحيث لا تشتهى جاز النظر إليها لأمن الشهوة. وفيه اشارة الى ان الأمور إذا خرجت عن معرض الفتنة وسكنت نائرة الآفات سهل الأمر وارتفعت الصعوبة وأبيحت الرخص ولكن التقوى فوق امر الفتوى كما أشار اليه قوله تعالى (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) وفى الحديث (لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس) قال ابن سيرين ما غشيت امرأة قط لا فى يقظة ولا فى نوم غير أم عبد الله وانى لارى المرأة فى المنام فاعلم انها لا تحل لى فاصرف بصرى قال بعضهم ليت عقلى فى اليقظة كعقل ابن سيرين فى المنام وفى الفتوحات المكية يجب على الورع ان يجتنب فى خياله كما يجتنب فى ظاهره لان الخيال تابع للحس ولهذا كان المريد إذا وقع له احتلام فلشيخه معاقبته على ذلك لان الاحتلام برؤيا فى النوم او بالتصور فى اليقظة لا يكون الا من بقية الشهوة فى خياله فاذا احتلم صاحب كمال فانما(6/178)
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)
ذلك لضعف أعضائه الباطنة لمرض طرأ فى مزاجه لاعن احتلام لا فى حلال ولا فى حرام انتهى. ثم ان العجوز فى حكم الرجل فى ترك الحجاب لا فى مرتبته كما قال حكيم ان خير نصفى الرجل آخره يذهب جهله ويتقرب حلمه ويجتمع رأيه وشر نصفى المرأة آخرها يسوء خلقها ويحد لسانها ويعقم رحمها وعدم رجاء النكاح انما هو من طرف الرجل لا من طرف العجوز غالبا فانه حكى ان عجوزا مرضت فاتى ابنها بطبيب فرآها متزينة بأثواب مصبوغة فعرف حالها فقال ما أحوجها الى الزوج فقال الابن ما للعجائز والأزواج فقالت ويحك أنت اعلم من الطبيب- وحكى- لما مات زوج رابعة العدوية استأذن عليها الحسن البصري وأصحابه فاذنت لهم بالدخول عليها وأرخت سترا وجلست وراء الستر فقال لها الحسن وأصحابه انه قد مات بعلك ولا بد لك منه قالت نعم وكرامة لكن من أعلمكم حتى أزوجه نفسى فقالوا الحسن البصري فقالت ان أجبتني فى اربع مسائل فانا لك فقال سلى ان وفقني الله أجبتك قالت ما تقول لومت انا وخرجت من الدنيا مت على الايمان أم لا قال هذا غيب لا يعلمه الا الله ثم قالت ما تقول لو وضعت فى القبر وسألنى منكر ونكير أأقدر على جوابهما أم لا قال هذا غيب ايضا ثم قالت إذا حشر الناس يوم القيامة وتطايرت الكتب أأعطى كتابى بيمينى أم بشمالى قال هذا غيب ايضا ثم قالت إذا نودى فى الخلق فريق فى الجنة وفريق فى السعير كنت انا من أي الفريقين قال هذا غيب ايضا قالت من كان له علم هذه الاربعة كيف يشتغل بالتزوج ثم قالت يا حسن أخبرني كم خلق الله العقل قال عشرة اجزاء تسعة للرجال وواحد للنساء ثم قالت يا حسن كم خلق الله الشهوة قال عشرة اجزاء تسعة للنساء وواحد للرجال قالت يا حسن انا اقدر على حفظ تسعة اجزاء من الشهوة بجزء من العقل وأنت لا تقدر على حفظ جزء من الشهوة بتسعة اجزاء من العقل فبكى الحسن وخرج من عندها وعن سليمان عليه السلام الغالب على شهواته أشد من الذي يفتح المدينة وحده: قال الشيخ سعدى قدس سره
مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى مفتقد البصر: وبالفارسية [نابينا] حَرَجٌ اثم ووبال وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ العروج ذهاب فى صعود وعرج مشى مشى العارج اى الذاهب فى صعود فعرج كدخل إذا أصابه شىء فى رجله فمشى مشية العرجان وعرج كطرب إذا صار ذلك خلقة له والأعرج بالفارسية [لنك] وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ المريض بالفارسية [بيمار] والمرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان كانت هذه الطوائف يتحرجون من مواكلة الأصحاء حذرا من استقذارهم إياهم وخوفا من تأذيهم بأفعالهم وأوضاعهم فان الأعمى ربما سبقت اليه عين مواكله ولا يشعر به والأعرج يتفسح فى مجلسه فيأخذ اكثر من موضعه فيضيق على جليسه والمريض لا يخلو عن حالة تؤذى قرينه اى برائحة كريهة او جرح يبدوا وانف يسيل او نحو ذلك فقال تعالى لا بأس لهم بان يأكلوا مع الناس ولا مأثم عليهم وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ اى عليكم وعلى من يماثلكم فى الأحوال من المؤمنين حرج أَنْ تَأْكُلُوا الاكل تناول المطعم اى ان تأكلوا أنتم ومن معكم مِنْ بُيُوتِكُمْ اصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم(6/179)
قد يقال من غير اعتبار الليل فيه لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر وليس المعنى ان تأكلوا من البيوت التي تسكنون فيها بانفسهم وفيها طعامكم وسائر أموالكم لان الناس لا يتحرجون من أكل طعامهم فى بيوت أنفسهم فينبغى ان يكون المعنى من بيوت الذين كانوا فى حكم أنفسكم لشدة الاتصال بينهم وبينكم كالازواج والأولاد والمماليك ونحوهم فان بيت المرأة كبيت الزوج وكذا بيت الأولاد فلذلك يضيف الزوج بيت زوجته الى نفسه وكذا الأب يضيف بيت ولده الى نفسه وفى الحديث (ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه) وفى حديث آخر (أنت ومالك لابيك) فاذا كان هذا حال الأب مع الولد فقس عليه حال المملوك مع المولى أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ الأب الوالد اى حيوان يتولد من نطفته حيوان آخر أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ جمع أم زيدت الهاء فيه كما زيدت فى اهراق من أراق والام بإزاء الأب اى الوالدة أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ الأخ المشارك لآخر فى الولادة
من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار فى كل مشارك لغيره فى القبيلة او فى الدين او فى صنعة او فى معاملة او فى مودة او فى غير ذلك من المناسبات أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ الاخت تأنيث الأخ وجعل التاء فيها كالعوض عن المحذوف منه أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ العم أخ الأب والعمة أخته واصل ذلك من العموم وهو الشمول ومنه العامة لكثرتهم وعمومهم فى البلد والعمامة لشمولها أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ [خواهران پدران خود] أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ الحال أخ الام والخالة أختها: وبالفارسية [برادران مادران خود] أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ [خواهران مادران خود] أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ جمع مفتح والمفاتيح جمع مفتاح كلاهما آلة الفتح والفتح ازالة الاغلاق والاشكال. والمعنى (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) اى او من البيوت التي تملكون التصرف فيها بإذن أربابها كما إذا خرج الصحيح الى الغزو وخلف الضعيف فى بيته ودفع اليه مفتاحه واذن له ان يأكل مما فيه من غير مخافة ان يكون اذنه لا عن طيب نفس منه وقال بعضهم هو ما يكون تحت أيديهم وتصرفهم من ضيعة او ماشية وكالة او حفظا فملك المفاتح حينئذ كناية عن كون المال فى يد الرجل وحفظه. فالمعنى ليس عليكم جناح ان تأكلوا من اموال لكم يد عليها لكن لا من أعيانها بل من اتباعها وغلاتها كثمر البستان ولبن الماشية أَوْ صَدِيقِكُمْ الصداقة صدق الاعتقاد فى المودة وذلك مختص بالإنسان دون غيره فالصديق هو من صدقك فى مودته: وبالفارسية [دوست حقيقى] قال ابو عثمان رحمه الله الصديق من لا يخالف باطنه باطنك كما لا يخالف ظاهره ظاهرك إذ ذاك يكون الانبساط اليه مباحا فى كل شىء من امور الدين والدنيا. ونعم ما قيل صديقك من صدقك لا من صدّقك. والمعنى او بيوت صديقكم وان لم يكن بينكم وبينهم قرابة نسبية فانهم ارضى بالتبسط واسرّ به من كثير من الأقرباء- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما ان الصديق اكبر من الوالدين- وروى- ان الجهنميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والأمهات وانما قالوا فما لنا من شافعين ولا صديق حميم وعن الحسن انه دخل يوما بيته فرأى جماعة من اصدقائه قد أخذوا طعاما من تحت سريره وهم يأكلون فتهلل وجهه سرورا وقال هكذا وجدناهم يعنى من لقى من(6/180)
البدريين قال الكاشفى [فتح موصلى رحمه الله در خانه دوستى آمد واو حاضر نبود كيسه او را ز جاريه طلبيد زو درم برداشت وباقى بكنيزك باز داد و چون خواجه بخانه رسيد وصورت واقعه ز جاريه بشنيد شكرانه آن انبساط كنيزك را آزاد كرد وبنواخت: در نكارستان آورده]
شبى كفتم نهان فرسوده را ... كه بود آسوده در كنج رباطى
ز لذتها چهـ خوشتر در جهان كفت ... ميان دوستداران انبساطى
[ودر عوارف المعارف فرموده كه چون كسى يار خود را كويد «أعطني من مالك» ودر جواب كويد كمترست دوستى را نمى شايد يعنى بايد كه هر چهـ در ميان دارد ميدهد واز استفسار چند و چون بگذرد كه دوست جانى بهترست از مال فانى ودرين باب كفته اند اى دوست برو بهر چهـ دارى يارى بخر بهيچ مفروش] : ولله در من قال
ياران بجان مضايقه با هم نميكنند ... آخر كسى بحال جدايى چرا كند
بسيار جد وجهد ببايد كه تا كسى ... خود را بآدمى صفتى آشنا كند
قال المفسرون هذا كله إذا علم رضى صاحب البيت بصريح الاذن او بقرينة دالة كالقرابة والصداقة ونحو ذلك ولذلك خص هؤلاء بالذكر لاعتيادهم التبسط فيما بينهم يعنى ليس عليكم جناح ان تأكلوا من منازل هؤلاء إذا دخلتموها وان لم يحضروا ويعلموا من غير ان تتزودوا وتحملوا قال الامام الواحدي فى الوسيط وهذه الرخصة فى أكل مال القرابات وهم لا يعلمون ذلك كرخصته لمن دخل حائطا وهو جائع ان يصيب من ثمره او مرّ فى سفر بغنم وهو عطشان ان يشرب من رسلها توسعة منه تعالى ولطفا بعباده ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق وضيق النظر واحتج ابو حنيفة بهذه الآية على من سرق من ذى محرم لا تقطع يده اى إذا كان ماله غير محرز كما فى فتح الرحمن لانه تعالى أباح لهم الاكل من بيوتهم ودخولها بغير إذنهم فلا يكون ماله محرزا منهم اى إذا لم يكن مقفلا ومخزونا ومحفوظا بوجه من الوجوه المعتادة ولا يلزم منه ان لا تقطع يده إذا سرق من صديقه لان من أراد سرقة المال من صديقه لا يكون صديقا له بل خائنا عدوا له فى ماله بل فى نفسه فان من تجاسر على السرقة تجاسر على الإهلاك فرب سرقة مؤدية الى ما فوقها من الذنوب فعلى العاقل ان لا يغفل عن الله وينظر الى احوال الاصحاب رضى الله عنهم كيف كانوا إخوانا فى الله فوصلوا بسبب ذلك الى ما وصلوا من الدرجات والقربات وامتازوا بالصدق الأتم والإخلاص الأكمل والنصح الاشمل عمن عداهم فرحمهم الله تعالى ورضى عنهم وألحقنا بهم فى نياتهم وأعمالهم لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فى أَنْ تَأْكُلُوا حال كونكم جَمِيعاً اى مجتمعين أَوْ أَشْتاتاً جمع شت بمعنى متفرق على انه صفة كالحق او بمعنى تفرق على انه مصدر وصف به مبالغة. واما شتى فجمع شتيت كمرضى ومريض نزلت فى بنى ليث بن عمرو وهم حى من كنانة كانوا يتحرجون ان يأكلوا طعامهم منفردين وكان الرجل منهم لا يأكل ويمكث يومه حتى يجد ضيفا يأكل معه فان لم يجد من يواكله لم يأكل شيأ وربما قعد الرجل والطعام بين يديه لا يتناوله من الصباح الى الرواح وربما كان معه الإبل الحفل(6/181)
اى المملوءة الضرع لبنا فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه فاذا امسى ولم يجد أحدا أكل فرخص فى هذه الآية الاكل وحده لان الإنسان لا يمكنه ان يطلب فى كل مرة أحدا يأكل معه واما إذا وجد أحدا فلم يشاركه فيما أكله فقد جاء الوعيد فى حقه كما قال عليه السلام (من أكل وذو عينين ينظر اليه ولم يواسه ابتلى بداء لا دواء له) قال الامام النسفي رحمه الله دل قوله تعالى (جَمِيعاً) على جواز التناهد فى الاسفار وهو إخراج كل واحد من الرفقة نفقة على قدر نفقة صاحبه اى على السوية وقال بعضهم فى خلط المال ثم أكل الكل منه الاولى ان يستحل كل منهم غذاء كل او يتبرعون لامين ثم يتبرع لهم الامين فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً اى من البيوت المذكورة بقرينة المقام اى للاكل وغيره وهذا شروع فى بيان ادب الدخول بعد الترخيص فيه فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ اى فابدأوا بالتسليم على أهلها الذين بمنزلة أنفسكم لما بينكم وبينهم من القرابة الدينية والنسبية الموجبة لذلك تَحِيَّةً ثابتة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى بأمره مشروعة من لدنه ويجوز ان يكون صلة للتحية فانها طلب الحياة التي من عنده تعالى. والتسليم طلب السلامة من الله للمسلم عليه وانتصابها على المصدرية لانها بمعنى التسليم اى فسلموا تسليما مُبارَكَةً مستتبعة لزيادة الخير والثواب ودوامها طَيِّبَةً تطيب بها نفس المستمع كَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل الذي بعده اى مثل ذلك التبيين يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الاحكام اى ينزلها مبينة واضحة الدلالات عليها لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ اى لكى تفقهوا ما فى تضاعيفها من الشرائع والاحكام والآداب وتعملون بموجبها وتفوزون بذلك بسعادة الدارين وعن انس رضى الله عنه قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشىء فعلته لم فعلته ولا لشىء كسرته لم كسرته وكنت قائما أصب الماء على يديه فرفع رأسه فقال (ألا أعلمك ثلاث خصال تنتفع بها) فقلت بلى بابى أنت وأمي يا رسول الله قال (متى لقيت
أحدا من أمتي فسلم عليه يطل عمرك وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خيرك وصل صلاة الضحى فانها صلاة الأبرار الأوابين) يقول الفقير لاحظ عليه السلام فى التسليم الخارجي المعنى اللغوي للتحية فرتب عليه طول العمر لانه ربما يستجيب الله تعالى دعاء المسلم عليه فيطول عمر المسلم بمعنى وجدان البركة فيه ولاحظ فى التسليم الداخلى معنى البركة فرتب عليه كثرة الخير لانها المطلوبة غالبا بالنسبة الى البيت ولما كان الوقت وقت الوضوء لصلاة الضحى والله اعلم الحقها بالتسليم وأوردها بعد الداخلى منه اشارة الى ان الأفضل إخفاء النوافل بأدائها فى البيت ونحوه قالوا ان لم يكن فى البيت أحد يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد روى ان الملائكة ترد عليه وكذا حال المسجد وفى الحديث (إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها وإذا طعم أحدكم طعاما فليذكر اسم الله عليه فان الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته معه وإذا ذكر الله على طعامه قال لا مبيت لكم ولا عشاء وان لم يسلم حين يدخل بيته ولم يذكر اسم الله على طعامه قال أدركتم العشاء والمبيت) والتسليم على الصبيان العقلاء أفضل من تركه كما فى البستان. ولا يسلم على جماعة النساء الشواب كيلا يحصل بينهما معرفة وانبساط فيحدث من تلك المعرفة فتنة. ولا يبتدئ اليهود والنصارى بالسلام فانه حرام لانه(6/182)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62)
إعزاز الكافر وذا لا يجوز. وكذا السلام على اهل البدعة ولو سلم على من لا يعرفه فظهر ذميا او مبتدعا يقول استرجعت سلامى تحقيرا له ولو احتاج الى سلام اهل الكتاب يقول السلام على من اتبع الهدى ولورد يقول وعليكم فقط وقد مر ما يتعلق بالسلام مشبعا فى الجلد الاول عند قوله تعالى فى سورة النساء (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ) الآية فارجع قال فى حقائق البقلى قدس سره إذا دخلتم بيوت اولياء الله بالحرمة والاعتقاد الصحيح فانتم من اهل كرامة الله فسلموا على أنفسكم بتحية الله فانها محل كرامة الله فى تلك الساعة يقول الفقير وكذا الحال فى دخول المزارات والمشاهد المتبركة وان كان العامة لا يعرفون ذلك ولا يعتقدون: قال الكمال الخجندي
صوفيم ومعتقد صوفيان ... كيست چومن صوفئ نيك اعتقاد
قال الحافظ
بر سر تربت ما چون كذرى همت خواه ... كه زيارتكه رندان جهان خواهد بود
وقال الجامى
نسيم الصبح زرعنى ربى نجد وقبلها ... كه بوى دوست مى آيد از ان پاكيزه منزلها
اللهم اجعلنا من الذين يجدون النفس الرحمانى من قبل اليمن فى كل حين وزمن إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ نزلت حين جمع النبي عليه السلام المسلمين يوم الجمعة ليستشيرهم فى امر الغزو وكان يثقل المقام عنده على البعض فيخرج بغير اذنه او فى حفر الخندق وكان المنافقون ينصرفون بغير امر رسول الله وكان الحفر من أهم الأمور حتى حفر رسول الله بنفسه وشغل عن اربع صلوات حتى دخلت فى حد القضاء فقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) اى الكاملون فى الايمان وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) عن صميم قلوبهم وأطاعوهما فى جميع الاحكام فى السر والعلانية وَإِذا كانُوا مَعَهُ مع النبي عليه السلام عَلى أَمْرٍ جامِعٍ الى آخره معطوف على آمنوا داخل معه فى حيز الصلة اى على امر مهم يجب اجتماعهم فى شأنه كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة فى الأمور وصلاة الاستسقاء وغيرها من الأمور الداعية الى الاجتماع ووصف الأمر بالجمع للمبالغة فى كونه سببا لاجتماع الناس فان الأمر لكونه مهما عظيم الشان صار كأنه قد جمع الناس فهو من قبيل اسناد الفعل الى السبب لَمْ يَذْهَبُوا من المجمع ولم يفترقوا عنه عليه السلام حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ عليه السلام فى الذهاب فيأذن لهم واعتبر فى كمال الايمان عدم الذهاب قبل الاستئذان لانه المميز للمخلص من المنافق ثم قال لمزيد التأكيد إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ يطلبون الاذن منك أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لا غير المستأذنين قال الكاشفى [تعريض جمع منافقانست كه در غزوه تبوك بتخلف از جهاد دستورى جستند ودرباره ايشان نازل شد كه] (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) الآية اى فبعض المستأذنين وكل غير المستأذنين دخلوا فى الترهيب وذلك بحسب الأغراض الفاسدة ولانه فرق بين الاستئذان فى التخلف وبين الاستئذان فى الانصراف ألا ترى الى عمر رضى الله عنه استأذنه عليه السلام فى غزوة تبوك فى الرجوع الى اهله فأذن له فقال (انطلق فو الله ما أنت بمنافق) هكذا لاح بالبال فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ اى وبعد ما تحقق ان الكاملين فى الايمان هم(6/183)
المستأذنون فاذا استأذنوك فى الانصراف لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ الشأن الحال والأمر ولا يقال الا فيما يعظم من الأحوال والأمور كما فى المفردات لبعض أمرهم المهم او خطبهم الملم لم يقل لشؤنهم بل قيد بالبعض تغليظا عليهم فى امر الذهاب عن مجلس رسول الله مع العذر المبسوط ومساس الحاجة فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ لما علمت فى ذلك من حكمة ومصلحة فلا اعتراض عليك فى ذلك وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ بعد الاذن فان الاستئذان وان كان لعذر قوى لا يخلو عن شائبة تفضيل امر الدنيا على الآخرة ففيه اشارة الى ان الأفضل ان لا يحدث المرء نفسه بالذهاب فضلا عن الذهاب إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ مبالغ فى مغفرة فرطات العباد رَحِيمٌ مبالغ فى افاضة اثر الرحمة عليهم وفى الآية بيان حفظ الأدب بان الامام إذا جمع الناس لتدبير امر من امور المسلمين ينبغى ان لا يرجعوا الا باذنه ولا يخالفوا امير السرية ويرجعوا بالاذن إذا خرجوا للغزو ونحوه وللامام ان يأذن وله ان لا يأذن الا على ما يرى فمن تفرق بغير اذن صار من اهل الهوى والبدع وكان عليه السلام إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد رجل الخروج وقف حيث يراه فيأذن له ان شاء ولذا قال عظماء الطريقة قدس الله أسرارهم ان
المريد إذا أراد ان يخرج لحاجة ضرورية ولم يجد الشيخ مكانه فانه يحضر الباب ويتوجه بقلبه فيستأذن من روحانية الشيخ حتى لا يستقل فى خروجه بل يقع ذلك من طريق المتابعة فان للمتابعة تأثيرا عظيما قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان المريد الصادق من يكون مستسلما لتصرفات شيخه وان لا يتنفس الا بإذن شيخه ومن خالف شيخه فى نفسه سرا او جهرا لا يشم رائحة الصدق وسيره غير سريع وان بدر منه شىء من ذلك فعليه بسرعة الاعتذار والإفصاح عما حصل منه من المخالفة والخيانة ليهديه شيخه الى ما فيه كفارة جرمه ويلتزم فى الغرامة بما يحكم به عليه وإذا رجع المريد الى الله والى شيخه بالصدق وجب على شيخه جبران تقصيره بهمته فان المريدين عيال على الشيوخ فرض عليهم ان ينفقوا عليهم من قوت أموالهم بما يكون جبرانا لتقصيرهم انتهى فعلى المريدين ان يوافقوا مشايخهم فى جميع الأحوال وان لا يستبدوا بآرائهم فى امور الشريعة والطريقة وان لا يخالفوهم بالاستبعاد بالخروج من عندهم الى السفر والحضر والمجاهدة والرياضة قال عبد الله الرازي قال قوم من اصحاب ابى عثمان لابى عثمان قدس سره أوصنا قال عليكم بالاجتماع على الدين وإياكم ومخالفة الأكابر والدخول فى شىء من الطاعات الا بإذنهم ومشورتهم وواسوا المحتاجين بما أمكنكم فارجو ان لا يضيع الله لكم سعيا انتهى فمن وقع منه تقصير فلا يقنط فان لله تعالى قبولا ثم قبولا: قال المولى الجامى
بلى نبود درين ره نا اميدى ... سياهى را بود رو در سفيدى
ز صد در كر اميدت بر نيايد ... بنوميدى جكر خوردن نشايد
در ديكر ببايد زد كه ناكاه ... از آن در سوى مقصود آورى راه
والله تعالى يقبل التوبة والاستغفار واعلم ان هذه الأبيات تشير الى أبواب الشفاعة وكثرتها والا فمن رده باب من الأبواب الحقة فلا تقبله سائر الأبواب ألا ترى ان من رده الله تعالى(6/184)
لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)
لا يقبله النبي عليه السلام ومن رده النبي عليه السلام لا يقبله الخلفاء الاربعة ولا غيرهم من أمته فمن ترك الاستئذان من رسول الله لا يأذن له أحد ولو اذن لا يفيد وكذا حال من ترك الاستئذان من وارث رسول الله يعنى انه لا يفيد اذن غير الوارث واما اذن وارث آخر فلا يتصور لان الوارثين كالحلقة المفرغة فاذا لم ينطبع فى مرآة واحد منهم صورة صلاح أحد لم ينطبع فى مرآة الآخر نسأل الله القبول بحرمة الرسول لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ المصدر مضاف الى الفاعل اى لا تجعلوا دعوته وامره إياكم فى الاعتقاد والعمل بها كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً اى لا تقيسوا دعوته إياكم الى شىء من الأمور على دعوة بعضكم بعضا فى جواز الاعراض والمساهلة فى الاجابة والرجوع بغير اذن فان المبادرة الى اجابته واجبة والمراجعة بغير اذنه محرمة وقال بعضهم المصدر مضاف الى المفعول والمعنى لا تجعلوا نداءكم إياه وتسميتكم له كنداء بعضكم بعضا باسمه مثل يا محمد ويا ابن عبد الله ورفع الصوت به والنداء وراء الحجرة ولكن بلقبه المعظم مثل يا نبى الله ويا رسول الله كما قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) قال الكاشفى [حضرت عزت همه انبيا را بنداى علامت خطاب كرده وحبيب خود را بنداى كرامت]
يا آدمست با پدر انبيا خطاب ... يا ايها النبي خطاب محمد است
قال ابو الليث فى تفسيره وفى الآية بيان توقير معلم الخير لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معلم الخير فامر الله بتوقيره وتعظيمه وفيه معرفة حق الأستاذ وفيه معرفة اهل الفضل قال فى حقائق البقلى احترام الرسول من احترام الله ومعرفته من معرفة الله والأدب فى متابعته من الأدب مع الله وفى التأويلات النجمية يشير الى تعظيم المشايخ فان الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته اى عظموا حرمة الشيوخ فى الخطاب واحفظوا فى خدمتهم الأدب وعلقوا طاعتهم على مراعاة الهيبة والتوقير قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ قد للتحقيق بطريق الاستعارة لاقتضاء الوعيد إياه كما ان رب يجيئ للتكثير، وفى الكواشي قد هنا موذنة بقلة المتسللين لانهم كانوا اقل من غيرهم والتسلل الخروج من البين على التدريج والخفية يقال تسلل الرجل اى انسرق من الناس وفارقهم بحيث لا يعلمون والمعنى يعلم الله الذين يخرجون من الجماعة قليلا قليلا على خفية لِواذاً هو ان يستتر بشىء مخافة من يراه كما فى الوسيط قال فى القاموس اللوذ بالشيء الاستتار والاحتصان به كاللواذ المثلثة انتهى. والمعنى ملاوذة بان يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج او بان يلوذ بمن يخرج بالاذن اراءة انه من اتباعه وانتصابه على الحالية من ضمير يتسللون اى ملاوذين او على انه مصدر مؤكد بفعل مضمر هو الجلة فى الحقيقة اى يلاوذون لواذا وهو عام للتسلل من صف القتال ومن المسجد يوم الجمعة وغيرهما من المجامع الحقة وقال بعضهم كان يثقل على المنافقين خطبة النبي يوم الجمعة فيلوذون ببعض أصحابه او بعضهم ببعض فيخرجون من المسجد فى استتار من غير استئذان فاوعدهم الله تعالى بهذه الآية فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ يخالفون امره بترك مقتضاه ويذهبون سمتا بخلاف سمته وعن لتضمينه معنى الاعراض والميل والضمير لله لانه الآمر حقيقة(6/185)
أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)
او للرسول لانه المقصود بالذكر إِنَّ اى من ان تُصِيبَهُمْ [برسد پريشان] فِتْنَةٌ محنة فى الدنيا فى البدن او فى المال او فى الولد كالمرض والقتل والهلاك وتسلط السلطان قال الكاشفى [يا مهر غفلت بر دل يا روى توبه. جنيد قدس سره فرموده كه فتنه سختىء دلست ومتأثر ناشدن او از معرفت اللهى] أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ اى فى الآخرة وفى الجلالين (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) بلية تظهر نفاقهم (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) عاجل فى الدنيا انتهى وكلمة او لمنع الخلو دون الجمع وإعادة الفعل صريحا للاعتناء بالتحذير وفى ترتيب العذابين على المخالفة دلالة على ان الأمر للوجوب وفى التأويلات النجمية (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) اى عن امر شيخهم (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) من موجبات الفترة بكثرة المال او قبول الخلق او التزويج بلا وقته او السفر بلا امر الشيخ او مخالفة الأحداث والنسوان والافتتان بهم او صحبة الأغنياء او التردد على أبواب الملوك او طلب المناصب او كثرة العيال فان الاشتغال بما سوى الله فتنة (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) بالانقطاع عن الله انتهى وفى حقائق البقلى الفتنة هاهنا والله اعلم فتنة صحبة الاضداد والمخالفين والمنكرين وذلك ان من صاحبهم يسوء ظنه باولياء الله لانهم اعداء الله واعداء أوليائه يقعون كل وقت فى الحق ويقبحون أحوالهم عند العامة لصرف وجوه الناس إليهم وهذه الفتنة أعظم الفتن قال ابو سعيد الخزاز رحمه الله الفتنة هى إسباغ النعم مع الاستدراج من حيث لا يعلم العبد وقال رويم الفتنة للعوام والبلاء للخواص وقال ابو بكر بن طاهر الفتنة مأخوذ بها والبلاء معفو عنه ومثاب عليه أَلا [بدانيد وآگاه باشيد] إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الموجودات بأسرها خلقا وملكا وتصريفا إيجادا واعداما بدأ وإعادة قَدْ كما قبله يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ ايها المكلفون من الأحوال والأوضاع التي من جملتها الموافقة والمخالفة والإخلاص والنفاق وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ عطف على ما أنتم عليه ويوم مفعول به لا ظرف اى يعلم تحقيقا يوم يرد المنافقون المخالفون للامر اليه تعالى للجزاء والعقاب فيرجعون من الرجع المتعدى لامن الرجوع اللازم والعلم بوقت وقوع الشيء مستلزم للعلم بوقوعه على ابلغ وجه فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا من الأعمال السيئة اى يظهر لهم على رؤس الاشهاد ويعلمهم أي شىء شنيع عملوا فى الدنيا ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء وعبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته لغلبة احكام الكثرة الخلقية الامكانية وآثار الامزجة الطبيعية الحيوانية فى نشأتهم وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء وان كان المنافقون يجتهدون فى ستر أعمالهم عن العيون واخفائها
آنكس كه بيافريد پيدا ونهان ... چون نشناسد نهان و پيدا بجهان
وفى التأويلات النجمية (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من نعيم الدنيا والآخرة فمن تعلق بشىء منه يبعده الله عن الحضرة ويؤاخذه بقدر تعلقه بغيره (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) بسلاسل المتعلقات (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) عند مطالبتهم بمكافأة الخير خيرا ومجازاة الشر شرا (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ(6/186)
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)
عَلِيمٌ)
اى بكل شىء من مكافأة الخير ومجازاة الشر عليم بالنقير والقطمير مما عملوا من الصغير والكبير انتهى واعلم ان التعلق بكل من نعيم الدنيا ونعيم الآخرة حرام على اهل الله تعالى نعم ان اهل الله يحبون الآخر بمعنى ان الآخرة فى الحقيقة هو الآخر بالكسر وهو الله تعالى قال بعض اهل الحقيقة ما ألهاك عن مولاك فهو دنياك. فعلى العاقل ان يقطع حبل العلاقات ويتصل بسر تجرد الذات والصفات ويتفكر فى امره ويحاسب نفسه قبل ان يجيئ يوم الجزاء والمكافاة فان عقب هذه الحياة مماة وهذا البقاء ليس على الدوام والثبات وفى الحديث (ما قال الناس لقوم طوبى لكم الا وقد خبأ لهم الدهر يوم سوء) قال الشاعر
ان الليالى لم تحسن الى أحد ... الا أساءت اليه بعد احسان
وقال آخر
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف شر ما يأتى به القدر
وقال آخر
لا صحة المرء فى الدنيا تؤخره ... ولا يقدم يوما موته الوجع
(وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) من يوم الموت والرجوع اختيارا واضطرارا وغير ذلك من الأمور
سرا وجهرا فطوبى لمن شاهد ولاحظ هذا الأمر وختم بالخوف والمراقبة الوقت والعمر تمت سورة النور يوم السبت الثالث من شهر الله رجب من سنة ثمان ومائة والف
تفسير سورة الفرقان
مكية آيها سبع وسبعون فى قول الجمهور بسم الله الرحمن الرحيم
تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ اى تكاثر خير الذي إلخ فالمضاف محذوف من البركة وهى كثرة الخير وترتيبه على تنزيل الفرقان لما فيه من كثرة الخير دينيا ودنيويا او معناه تزايد على كل شىء وتعالى عنه فى صفاته وأفعاله فان البركة تتضمن معنى الزيادة فترتيبه عليه لدلالته على تعاليه قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة يروى ان الصاحب ابن عباد كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم وأخذ المتاع وتبارك الجبل فاستفسر عنهم وعرف ان الرقيم الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وان تبارك بمعنى صعد وقال بعضهم البركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء وسمى محبس الماء بركة لدوام الماء فيها وثبوته. فمعنى تبارك دام دواما ثابتا لا انتقال له ولهذا لا يقال له يتبارك مضارعا لانه للانتقال قال فى برهان القرآن هذه لفظة لا تستعمل الا لله ولا تستعمل الا بلفظ الماضي وخص هذا الموضع بالذكر لان ما بعده امر عظيم وهو القرآن المشتمل على معانى جميع كتب الله. والفرقان مصدر فرق بين الشيئين اى فصل وسمى به القرآن لغاية فرقه بين الحق والباطل والمؤمن والكافر عَلى عَبْدِهِ الأخلص ونبيه الأخص وحبيبه الأعلى وصفيه الاولى محمد المصطفى(6/187)
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)
صلى الله عليه وسلم وفيه تشريف له بالعبدية المطلقة وتفضيل بها على جميع الأنبياء فانه تعالى لم يسم أحدا منهم بالعبد مطلقا كقوله تعالى (عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) وتنبيه على ان الرسول لا يكون الا عبدا للمرسل ردا على النصارى ولذا قدم فى التشهد عبده على رسوله (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) غاية للتنزيل اى ليكون العبد منذرا بالقرآن للانس والجن ممن عاصره او جاء بعده ومخوفا من عذاب الله وموجبات سخطه. فالنذير بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف كما ان التبشير اخبار فيه سرور قال الامام الراغب العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والاعراض وهو فى الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة فالعالم آلة فى الدلالة على صانعه واما جمعه فلان كل نوع قد يسمى عالما فيقال عالم الإنسان وعالم الماء وعالم النار واما جمعه جمع السلامة فلكون الناس فى جملتهم والإنسان إذا شارك غيره فى اللفظ غلب حكمه انتهى قال ابن الشيخ جمع بالواو والنون لان المقصود استغراق افراد العقلاء من جنس الجن والانس فان جنس الملائكة وان كان من جملة أجناس العالم الا ان النبي عليه السلام لم يكن رسولا الى الملائكة فلم يبق من العالمين المكلفين الا الجن والانس فهو رسول إليهما جميعا انتهى اى فتكون الآية وقوله عليه السلام (أرسلت للخلق كافة) من العام المخصوص ولم يبعث نبى غيره عليه السلام الا الى قوم معين واما نوح عليه السلام فانه وان كان له عموم بعثة لكن رسالته ليست بعامة لمن بعده واما سليمان عليه السلام فانه ما كان مبعوثا الى الجن فانه من التسخير العام لا يلزم عموم الدعوة والآية حجة لابى حنيفة رضى الله عنه فى قوله ليس للجن ثواب إذا أطاعوه سوى النجاة من العذاب ولهم عقاب إذا عصوا حيث اكتفى بقوله (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) ولم يذكر البشارة قال فى الإرشاد عدم التعرض للتبشير لانسياق الكلام على احوال الكفرة الَّذِي اى هو الذي لَهُ خاصة دون غيره استقلالا او اشتراكا مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الملك هو التصرف بالأمر والنهى فى الجمهور قال الكاشفى [پادشاهىء آسمانها را وزمينها چهـ وى منفرد است بآفريد آنها پس او را رسد تصرف در ان] ثم قال ردا على اليهود والنصارى وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ليرث ملكه لانه حى لا يموت وهو عطف على ما قبله من الجملة الظرفية قال فى المفردات تخذ بمعنى أخذ واتخذ افتعل منه والولد المولود ويقال للواحد والجمع والصغير والكبير والذكر والأنثى ثم قال ردا على قريش وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ اى فى ملك السموات والأرض لينازعه او ليعاونه فى الإيجاد: وفى المثنوى
واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى «1»
نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوت كند جز هالكى
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ أحدث كل موجود من الموجودات من مواد مخصوصة على صور معينة ورتب فيه قوى وخواص مختلفة الاحكام والآثار فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً اى فهيأه لما اراده منه من الخصائص والافعال اللائقة به كهيئة الإنسان للادراك والفهم والنظر والتدبر فى امور المعاش والمعاد واستنباط الصنائع المتنوعة ومزاولة الأعمال المختلفة وهكذا احوال سائر الأنواع
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ(6/188)
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)
وَاتَّخَذُوا اى المشركون لانفسهم مِنْ دُونِهِ اى حال كونهم متجاوزين عبادة الذي خلق هذه الأشياء آلِهَةً من الأصنام لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً اى لا تقدر تلك الآلهة على خلق شىء من الأشياء أصلا لا على ذهاب ولا على غيره وانما ذكر الأصنام بلفظ العقلاء لان الكفار يجعلونهم بمنزلة العقلاء فخاطبهم بلغتهم كما فى تفسير ابى الليث وَهُمْ يُخْلَقُونَ كسائر المخلوقات وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ اى لا يستطيعون ضَرًّا اى دفع ضر قدم لكونه أهم من النفع وَلا نَفْعاً ولا جلب نفع فكيف يملكون شيأ منهما لغيرهم فهم أعجز من الحيوان فانه ربما يملك دفع الضر وجلب النفع لنفسه فى الجملة وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً اى لا يقدرون على اماتة الاحياء واحيائهم اولا وبعثهم ثانيا ومن كان كذلك فبمعزل عن الالوهية لعرائه عن لوازمها واتصافه بما ينافيها وفيه تنبيه على ان الإله يجب ان يكون قادرا على البعث والجزاء يعنى ان الضار والنافع والمميت والمحيي والباعث هو الله تعالى فهو المعبود الحقيقي وما سواه فليس بمعبود بل عابد لله تعالى كما قال تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) وفى الآية اشارة الى الأصنام المعنوية وهم المشايخ المدّعون والدجاجلة المضلون فانهم ليسوا بقادرين على احياء القلوب واماتة النفوس فالتابعون لهم فى حكم عابدى الأصنام فليحذر العاقل من اتخاذ اهل الهوى متبوعا فان الموت الأكبر الذي هو الجهل انما يزول بالحياة الأشرف الذي هو العلم فان كان للعبد مدخل فى إفادة الخلق العلم النافع ودعائهم الى الله على بصيرة فهو الذي رقى غيره من الجهل الى المعرفة وانشأه نشأة اخرى وأحياه حياة طيبة بإذن الله تعالى وهى رتبة الأنبياء ومن يرثهم من العلماء العاملين واما من سقط عن هذه الرتبة فليس الاستماع الى كلامه الا كاستماع بنى إسرائيل الى صوت العجل: قال المولى الجامى قدس سره
بلاف ناخلفان زمانه غره مشو ... مرو چوسامرى از ره ببانگ كوساله
وقد قال تعالى (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) اى كونوا فى جملة الصادقين ومصاحبين لهم وبعضهم ولذا قالوا يلزم للمرء ان يختار من البقاء أحسنها دينا حتى يتعاون بالاخوان الصادقين قيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس فقال من يزيدكم فى علمه منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله: قال الصائب قدس سره
نورى از پيشانىء صاحب دلان دريوزه كن ... شمع خود را مى برى دل مرده زين محفل چرا
اى كه روى عالمى را جانب خود كرده ... رو نمى آرى بروى صائب بيدل چرا
اللهم بحق الفرقان اجعلنا مع الصادقين من الاخوان وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا كنضر ابن الحارث وعبد الله بن امية ونوفل بن خويلد ومن تابعهم إِنْ هَذا اى ما هذا القرآن إِلَّا إِفْكٌ كذب مصروف عن وجهه لان الافك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات ورجل مأفوك مصروف عن الحق الى الباطل افْتَراهُ اختلقه محمد من عند نفسه. والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه كما فى الاسئلة(6/189)
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)
المقحمة وَأَعانَهُ عَلَيْهِ اى على اختلاقه قَوْمٌ آخَرُونَ اى اليهود فانهم يلقون اليه اخبار الأمم وهو يعبر عنها بعبارته فَقَدْ جاؤُ فعلوا بما قالوا فان جاء واتى يستعملان فى معنى فعل فيعديان تعديته ظُلْماً عظيما بجعل الكلام المعجز إفكا مختلقا مفتعلا من اليهود يعنى وضعوا الافك فى غير موضعه وَزُوراً اى كذبا كبيرا حيث نسبوا اليه عليه السلام ما هو بريئ منه قال الامام الراغب قيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته لان الزور ميل فى الزور اى وسط الصدر والأزور المائل الزور وَقالُوا فى حق القرآن هذا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ما سطره المتقدمون من الخرافات والأباطيل مثل حديث رستم وإسفنديار: وبالفارسية [افسانهاى اوليانست كه در كتابها نوشته اند] وهو جمع اسطار جمع سطر او اسطورة كاحدوثة وأحاديث قال فى القاموس السطر الصف من الشيء الكتاب والشجر وغيره والخط والكتابة والقطع بالسيف ومنه الساطر للقصاب واسطره كتبه والأساطير الأحاديث التي لا نظام لها اكْتَتَبَها امر ان تكتب له لانه عليه السلام لا يكتب وهو كاحتجم وافتصد إذا امر بذلك قال فى المفردات الاكتتاب متعارف فى الاختلاق فَهِيَ اى الأساطير تُمْلى عَلَيْهِ تلقى على محمد وتقرأ عليه بعد اكتتابها وانتساخها ليحفظها من أفواه من يمليها عليه لكونه أميالا يقدر على ان يتلقاها منه بالقراءة والاملاء فى الأصل عبارة عن إلقاء الكلام على الغير ليكتبه بُكْرَةً وَأَصِيلًا أول النهار وآخره اى دائما او خفية قبل انتشار الناس وحين يأوون الى مساكنهم وفى ضرام السقط أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجيرة ثم الظهر ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق قُلْ يا محمد ردا عليهم وتحقيقا للحق أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ الغيب فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لانه أعجزكم لفصاحته عن آخركم وتضمن اخبارا عن مغيبات مستقبلة او أشياء مكنونة لا يعلمها الا عالم الاسرار فكيف تجعلونه أساطير الأولين إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً اى انه تعالى ازلا وابدا مستمر على المغفرة والرحمة فلذلك لا يعجل على عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته عليها واستحقاقكم ان يصب عليكم العذاب صبا وفيه اشارة الى ان اهل الضلالة من الذين نسبوا القرآن الى الافك لو رجعوا عن قولهم وتابوا الى الله يكون غفورا لهم رحيما بهم كما قال تعالى (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ)
در توبه بازست وحق دستكير
اعلم ان الله تعالى أنزل القرآن على وفق الحكمة الازلية فى رعاية مصالح الخلق ليهتدى به اهل السعادة الى الحضرة وليضل به اهل الشقاوة عن الحضرة وينسبوه الى الافك كما قال تعالى (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) والقرآن لا يدرك الا بنور الايمان والكفر ظلمة وبالظلمة لا يرى الا الظلمة فبظلمة الكفر رأى الكفار القرآن النورانى القديم كلاما مخلوقا ظلمانيا من جنس كلام الانس فكذلك اهل البدعة لما رأوا القرآن بظلمة البدعة رأوا كلاما مخلوقا ظلمانيا بظلمة الحدوث وظلموا أنفسهم بوضع القرآن فى غير موضعه من كلام الانس وفى(6/190)
وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7)
الحديث (القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق فمن قال بكونه مخلوقا فقد كفر بالذي أنزله) نسأل الله العصمة والحفظ من الإلحاد وسوء الاعتقاد ثم اعلم ان من الأمور اللازمة تعليم الجهلاء ورد الملاحدة والمبتدعة فانه كوضع الدواء على جراحة المجروح او كقتل الباغي المضر وردهم بالاجوبة القاطعة مما لا يخالف الشريعة والطريقة ألا ترى ان الله تعالى امر حبيبه عليه السلام بالجواب للطاعنين فى القرآن وقد أجاب السلف عمن أطال على القرآن وذهب على حدوثه ومخلوقيته وكتبوا رسائل وكذا علماء كل عصر جاهدوا المخالفين بما أمكن من المعارضة حتى ألقموهم الحجر وأفحموهم وخلصوا الناس من شبهاتهم وشكوكهم وفى الحديث (من انتهر) اى منع (بكلام غليظ صاحب بدعة سيئة مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل ملأ الله تعالى قلبه أمنا وايمانا ومن أهان صاحب بدعة آمنه الله تعالى يوم القيامة من الفزع الأكبر) اى النفخة الاخيرة التي تفزع الخلائق عندها او الانصراف الى النار أو حين يطبق على النار او يذبح الموت واطلق الامن فى صورة الانتهار والمراد الا من فى الدنيا مما يخاف خصوصا من مكر من انتهره ويدل عليه ما بعده وهو الايمان فانه من مكاسب الدنيا نسأل الله الامن والامان وكمال الايمان والقيام باوامره والاتعاظ بمواعظه وزواجره وَقالُوا اى المشركون من اشراف قريش كابى جهل وعتبة وامية وعاص وأمثالهم وذلك حين اجتماعهم عند ظهر الكعبة ما استفهامية بمعنى انكار الوقوع ونفيه مرفوعة على الابتداء خبرها قوله لِهذَا الرَّسُولِ وجدت اللام مفصولة عن الهاء فى المصحف واتباعه سنة وفى هذا تصغير لشأنه عليه السلام وتسميته رسولا بطريق الاستهزاء اى أي سبب حصل لهذا الذي يدعى الرسالة حال كونه يَأْكُلُ الطَّعامَ كما نأكل والطعام ما يتناول من الغذاء وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لطلب المعاش كما نمشى جمع سوق وهو الموضع الذي يجلب اليه المتاع للبيع ويساق أنكروا ان يكون الرسول بصفة البشر يعنى ان صح دعواه فما باله لم يخالف حاله حالنا قال بعضهم ليس بملك ولا ملك وذلك لان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون والملوك لا يتسوفون ولا يبتذلون فعجبوا ان يكون مثلهم فى الحال ولا يمتاز من بينهم بعلو المحل والجلال لعدم بصيرتهم وقصور نظرهم على المحسوسات فان تمييز الرسل عمن عداهم ليس بامور جسمانية وانما هو بأحوال نفسانية فالبشرية مركب الصورة والصورة مركب القلب والقلب مركب العقل والعقل مركب الروح والروح مركب المعرفة والمعرفة قوة قدسية صدرت عن كشف عين الحق قال الكاشفى [ندانستند كه نبوت منافى بشريت نيست بلكه مقتضى آنست تا تناسب وتجانس كه سبب أفاده واستفاده است بحصول پيوندد] جنس بايد تا در آميزد بهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار صم بكم عمى فهم لا يعقلون لانهم نظروا الى الرسول بنظر الحواس الحيوانية وهم بمعزل من الحواس الروحانية والربانية فما رأوا منه الا ما يرى من الحيوان وما رأوه بنظر يرى به النبوة والرسالة ليعرفوه انه ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين فلهذا قال تعالى (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ(6/191)
أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)
وذلك لانه لهم قلوب لا يفقهون بها النبوة والرسالة ولهم أعين لا يبصرون بها الرسول والنبي ولهم آذان لا يسمعون بها القرآن ليعلموا انه معجزة الرسول فيؤمنوا به لَوْلا
حرف تحضيض بمعنى: هلا وبالفارسية [چرا] أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ اى على هيئته وصورته المباينة لصورة البشر والجن فَيَكُونَ نصب لانه جواب لولا مَعَهُ مع الرسول نَذِيراً معينا له فى الانذار معلوما صدقه بتصديقه أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ من السماء يستظهر به ويستغنى عن تحصيل المعاش. والكنز المال المكنوز اى المجموع المحفوظ: وبالفارسية [كنج] أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها اى ان لم يلق اليه كنز فلا اقل من ان يكون له بستان يتعيش بفائدة كما لاهل الغنى والقرى وَقالَ الظَّالِمُونَ وهم القائلون الأولون لكن وضع المظهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم وتجاوز الحد فيما قالوا لكونه اضلالا خارجا عن حد الضلال اى قالوا للمؤمنين إِنْ تَتَّبِعُونَ اى ما تتبعون إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً قد سحر فغلب على عقله قال بعض اهل الحقائق كانوا يرون قبح حالهم فى مرآة النبوة وهم يحسبون انه حال النبي عليه السلام. والسحر مشتق من السحر الذي هو اختلاط الضوء والظلمة من غير تخلص لاحد الجانبين والسحر له وجه الى الحق ووجه الى الباطل فانه يخيل الى المسحور انه فعل ولم يفعل انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ اى كيف قالوا فى حقك تلك الأقاويل العجيبة الخارجة عن العقول الجارية لغرابتها مجرى الأمثال واخترعوا لك تلك الأحوال الشاذة البعيدة من الوقوع وذلك من جهلهم بحالك غفلتهم عن جمالك قال بعضهم مثلوك بالمسحور والفقير الذي لا يصلح ان يكون رسولا والناقص عن القيام بالأمور إذ طلبوا ان يكون معك مثلك فَضَلُّوا عن الحق ضلالا مبينا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا الى الهدى ومخرجا من ضلالتهم قال بعض الأكابر وقد أبطلوا الاستعداد بالاعتراض والإنكار على النبوة فحرموا من الوصول الى الله تعالى تَبارَكَ الَّذِي اى تكاثر وتزايد خير الذي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ فى الدنيا لانه قد شاء ان يعطيه ذلك فى الآخرة خَيْراً مِنْ ذلِكَ مما قالوا من إلقاء الكنز وجعل الجنة ولكن أخره الى الآخرة لانه خير وأبقى وخص هذا الموضع بذكر تبارك لان ما بعده من العظائم حيث ذكر النبي عليه السلام والله تعالى خاطبه بقوله (لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات) كذا فى برهان القرآن جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بدل من خيرا ومحقق لخيريته مما قالوا لان ذلك كان مطلقا عن قيد التعدد وجريان الأنهار وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً بيوتا مشيدة فى الدنيا كقصور الجنة: وبالفارسية [كوشكهاى عالى ومسكنهاى رفيع] قال الراغب يقال قصرت كذا ضممت بعضه الى بعض ومنه سمى القصر انتهى والجملة عطف على محل الجزاء الذي هو جعل وفى الحديث (ان ربى عرض على ان يجعل لى بطحاء مكة ذهبا قلت لا يا رب ولكن أجوع يوما وأشبع يوما فاما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك وأدعوك واما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك واثنى عليك) قال الكاشفى [در اسباب نزول مذكور است كه چون مالداران قريش حضرت رسالت را بفقر وفاقه سرزنش كردند رضوان كه آراينده روضات جنانست با اين(6/192)
آيت نازل شد ودرجى از نور پيش حضرت نهاد وفرمود كه پروردگار تو ميفرمايد كه مفاتح خزائن دنيا در اينجاست آنرا بدست تصرف تو ميدهيم بي آنكه از كرامت ونعمتى كه نامزد تو كرده ايم در آخرت مقدار بر پشه كم نكردد حضرت فرمود كه اى رضوان مرا بدينها حاجت نيست فقر را دوستر ميدارم وميخواهم كه بنده شكور وصبور باشم رضوان كفت «أصبت أصاب الله» يك نشانه علو همت آن حضرت همينست كه با وجود تنكدستى واحتياج كوشه چشم التفات بر خزائن روى زمين نيفكند آنرا ملاحظه بايد نمود كه در شب معراج مطلقا نظر بما سوى الله نكشوده وبهيچ چيز از بدائع ملكوت وغرائب عرصه جبروت التفاوت نفرمود تا عبارت از ان اين آمد كه (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى)
زرنك آميزى ريحان آن باغ ... نهاده چشم خود را مهر ما زاغ
نظر چون بر كرفت از نقش كونين ... قدم زد در حريم قاب قوسين
وعن عائشة رضى الله عنها قلت يا رسول الله ألا تستطعم الله فيطعمك قالت وبكيت لما رأيت به من الجوع وشد الحجر على بطنه من السغب فقال (يا عائشة والذي نفسى بيده لو سألت ربى ان يجرى معى جبال الدنيا ذهبا لاجراها حيث شئت من الأرض ولكن اخترت جوع الدنيا على شبعها وفقرها على غناها وحزن الدنيا على فرحها. يا عائشة ان الدنيا لا تنبغى لمحمد ولا لآل محمد) يقول الفقير عصمه الله القدير كان عليه السلام من اهل الإكسير الأعظم والحجر المكرم فان شأنه على من شأن سائر الأنبياء من كل وجه وقد أوتوا ذلك العلم والشريف وعمل به بعضهم كادريس وموسى ونحوهما على ما فى كتب الصناعة الحجرية لكنه عليه السلام لم يلتفت اليه ولم يعمل به ولو عمل به لجعل مثل الجبال ذهبا ولملك مثل ملك كسرى وقيصر لانه ليس بمناف للحكمة بالكلية فان بعض الأنبياء قد أوتوا فى الدنيا مع النبوة ملكا عظيما وانما اختار الفقر لنفسه لوجوه. أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار الله له الفقر حتى ان كل من قصده علم الخلائق انه قصده طلبا للعقبى. والثاني ما قيل ان الله اختار الفقر له نظر القلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله. والثالث ما قيل ان فقره دليل على هوان الدنيا على الله تعالى كما قال عليه السلام (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء) فالله تعالى قادر على ان يعطيه ذلك الذي عيروه بفقده وما هو خير من ذلك بكثير ولكنه يعطى عباده على حسب المصالح وعلى وفق المشيئة ولا اعتراض لاحد عليه فى شىء من أفعاله فيفتح على واحد أبواب المعارف والعلوم ويستدّ عليه أبواب الدنيا وفى حق الآخر بالعكس من ذلك وفى القصيدة البردية
وراودته الجبال الشم من ذهب ... عن نفسه فاراها أيما شمم
الشم جمع الأشم والشمم الارتفاع اى أراها ترفعا أي ترفع لا يكتنه كنهه
وأكدت زهده فيها ضرورته ... ان الضرورة لا تعدو على العصم
جمع عصمة يعنى ان شدة حاجته لم تعد ولم تغلب على العصمة الازلية بل أكدت ضرورته زهده فى الدنيا الدنية فما زاغ بصر همته فى الدنيا وما طغى عين نهمته فى العقبى(6/193)
بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15)
وكيف تدعو الى الدنيا ضرورة من لولاه لم تخرج الدنيا من العدم يقال دعاه اليه اى طلبه اليه وحمله عليه وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال (اوحى الله تعالى الى عيسى ان صدق محمدا وأمر أمتك من أدركه منهم ان يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولاه ما خلقت الجنة والنار ولقد خلقت العرش فاضطرب فكتبت عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن) فمن كانت الدنيا رشحة من فيض نعمه فكيف تدعو الى الدنيا ضرورة فاقته كذا فى شرح القصيدة لابن الشيخ: وفى المثنوى
راهزن هركز كدايى را نزد ... كرك كرك مرده را هركز كزد «1»
خضر كشتى را براى آن شكست ... تا تواند كشتى از فجار رست
چون شكسته مى رهد اشكسته شو ... أمن در فقرست اندر فقر رو
آنگهى كو داشت از كان نقد چند ... كشت پاره پاره از زخم كلند
تيغ بهر اوست كو را كردنيست ... سايه افكندست بر وى رحم نيست
يعنى فليلازم العبد التواضع والفقر بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ اى القيامة والحشر والنشر. والساعة جزء من اجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة تشبيها بذلك لسرعة حسابه كما قال (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) او لما نبه عليه قوله تعالى (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) كما فى المفردات وهو إضراب عن توبيخهم بحكاية جنايتهم السابقة وانتقال منه الى توبيخهم بحكاية جنايتهم الاخرى للتخلص الى بيان مالهم فى الآخرة بسببها من فنون العذاب وَأَعْتَدْنا هيأنا وأصله أعددنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ وضع الساعة موضع ضميرها للمبالغة فى التشنيع سَعِيراً نارا عظيمة شديدة الاشتعال قال بعض اهل الحقائق سعير الآخرة انما سعرت من سعير الدنيا وهى حرص العبد على الدنيا وملاذها إِذا رَأَتْهُمْ صفة للسعير اى إذا كانت تلك السعير بمرأى منهم وقابلتهم بحيث صاروا بإزائها كقولهم دارى تنظر دارك اى تقابلها فاطلق الملزوم وهو الرؤية وأريد اللازم وهو كون الشيء بحيث يرى والانتقال من الملزوم الى اللازم مجاز مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ هو أقصى ما يمكن ان يرى منه قيل من المشرق الى المغرب وهى خمسائة عام وفيه اشارة بان بعد ما بينها وبينهم من المساقة حين رأتهم خارج عن حدود البعد المعتاد فى المسافات المعهودة سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً اى صوت تغيظ على تشبيه صوت غليانها بصوت المغتاظ اى الغضبان إذا غلى صدره من الغيظ فعند ذلك يهمهم والهمهمة ترديد الصوت فى الصدر قال ابن الشيخ يقال اما رأيت غضب الملك إذا رأى ما يدل عليه فكذا هاهنا ليس المسموع التغيظ الذي هو أشد الغضب بل ما يدل عليه من الصوت وفى المفردات التغيظ اظهار الغيظ وهو أشد الغضب وقد يكون ذلك مع صوت مسموع والغضب هو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه وَزَفِيراً وهو صوت يسمع من جوفه وأصله ترديد النفس حتى ينتفخ الضلوع منه قال عبيد بن عمير ان جهنم لتزفر زفرة لا يبقى نبى مرسل ولا ملك مقرب الا خرّ لوجهه ترعد فرائصهم حتى ان ابراهيم عليه السلام ليجثو على ركبتيه ويقول يا رب يا رب لا اسألك الا نفسى قال اهل السنة البنية ليست شرطا
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان تزيف سخن هامان بى ايمان عليه اللعنة(6/194)
وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15)
فى الحياة فالنار على ما هى عليه يجوز ان يخلق الله فيها الحياة والعقل والرؤية والنطق يقول الفقير وهو الحق كما يدل عليه قوله تعالى (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) فلا احتياج الى تأويل أمثال هذا المقام وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً اى فى مكان ومنها بيان تقدم فصار حالا منه والضمير عائد الى السعير ضَيِّقاً صفة لمكانا مفيدة لزيادة شدة حال الكرب مع الضيق كما ان الروح مع السعة وهو السر فى وصف الجنة بان عرضها السموات والأرض واعلم انه تضيق جهنم عليهم كما تضيق حديدة الرمح على الرمح او تكون لهم كحال الوتد فى الحائط فيضم العذاب وهو الضيق الشديد الى العذاب وذلك لتضيق قلوبهم فى الدنيا حتى لم تسع فيها الايمان مُقَرَّنِينَ اى حال كونهم قد قرنت أيديهم الى أعناقهم مشدودة إليها بسلسلة او يقرنون مع شياطينهم سلسلة فى سلسلة: يعنى [هر يك را بقرين او از جن بسلسله آتشين بهم باز بسته] يقال قرنت البعير بالبعير جمعت بينهما وقرنته بالتشديد على التكثير دَعَوْا [بخوانند بر خود] هُنالِكَ اى فى ذلك المكان الهائل والحالة الفظيعة ثُبُوراً هو الويل والهلاك [واين كلمه كسى كويد كه آرزومند هلاك باشد] اى يتمنون هلاكا وينادون فيقولون يا ثبوراء يا ويلاه يا هلاكاه تعال فهذا أوانك وفى الحديث (أول من يكسى يوم القيامة إبليس حلة من النار بعضها على حاجبيه فيسحبها من خلفه وذريته خلفه وهو يقول وا ثبوراه وهم ينادون يا ثبورهم حتى يقفوا على النار فينادى يا ثبوراه وينادون يا ثبورهم) فيقول الله تعالى او فيقال لهم على ألسنة الملائكة تنبيها على خلود عذابهم لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً اى لا تقتصروا على دعاء ثبور واحد وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً اى بحسب كثرة الدعاء المتعلق به لا بحسب كثرته فى نفسه فان ما يدعون ثبورا واحدا فى حد ذاته وتحقيقه لا تدعوه دعاء واحدا وادعوا ادعية كثيرة فان ما أنتم فيه من العذاب لغاية شدته وطول مدته مستوجب لتكرير الدعاء فى كل آن قُلْ أَذلِكَ العذاب خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ اى وعدها المتقون اى المتصفون بمطلق التقوى لا بالمرتبة الثانية او الثالثة منها فقط فالمؤمن متق وان كان عاصيا وجنة الخلد هى الدار التي لا ينقطع نعيمها ولا ينقل عنها أهلها فان الخلود هو تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها واضافة الجنة الى الخلد للمدح والا فالجنة اسم للدار المخلدة ويجوز ان تكون الجنة اسما لا يدل على البستان الجامع لوجوه البهجة ولا يدخل الخلود فى مفهومها فاضيفت اليه للدلالة على خلودها فان قيل كيف يتصور الشك فى انه أيهما خير حتى يحسن الاستفهام والترديد وهل يجوز للعاقل ان يقول السكر احلى أم الصبر وهو دواء مرّ يقال ذلك فى معرض التقريع والتهكم والتحسير على ما فات وفى الوسيط هذا التنبيه على تفاوت ما بين المنزلتين لا على ان فى السعير خيرا وقال بعضهم هذا على المجاز وان لم يكن فى النار خير والعرب تقول العافية خير من البلاء وانما خاطبهم بما يتعارفون فى كلامهم كانَتْ تلك الجنة لَهُمْ فى علم الله تعالى جَزاءً على أعمالهم بمقتضى الكرم لا بالاستحقاق والجزاء الغنى والكفاية فالجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا(6/195)
لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (16) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)
فخير وان شرا فشر. والجزية ما يؤخذ من اهل الذمة وتسميتها بذلك للاجتزاء بها فى حقن دمهم وَمَصِيراً مرجعا يرجعون اليه وينقلبون. والفرق بين المصير والمرجع ان المصير يجب ان يخالف الحالة الاولى ولا كذلك المرجع لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ اى ما يشاؤنه من انواع النعيم واللذات مما يليق بمرتبتهم فانهم بحسب نشأتهم لا يريدون درجات من فوقهم فلا يلزم تساوى مراتب اهل الجنان فى كل شىء. ومن هذا يعلم فساد ما قيل فى شرح الأشباه بجواز اللواطة فى الجنة لجواز ان يريدها اهل الجنة ويشتهيها وذلك لان اللواطة من الخبائث التي ما تعلقت الحكمة بتحليلها فى عصر من الاعصار كالزنى فكيف يكون ما يخالف الحكمة مرادا ومشتهى فى الجنة فالقول بجوازها ليس الا من الخباثة. والحاصل ان عموم الآية انما هو بالنسبة الى المتعارف ولذا قال بعضهم فى الآية دليل على ان كل المرادات لا تحصل الا فى الجنة ولما لم تكن اللواطة مرادة فى الدنيا للطيبين فكذا فى الآخرة خالِدِينَ فيها حال من الضمير المستكن فى الجار والمجرور لاعتماده على المبتدأ كانَ المذكور من الدخول والخلود وما يشاؤن عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا اى موعودا حقيقا بان يسأل ويطلب وما فى على من معنى الوجوب لامتناع الخلف فى وعده واعلم ان أهم الأمور الفوز بالجنة والنجاة من النار كما قال النبي عليه السلام للاعرابى الذي قال له انى اسأل الله الجنة وأعوذ به من النار (انى لا اعرف دندنتك ولا دندنة معاذ) قوله «دندن» معناه انى لا اعرف ما تقول أنت ومعاذ يعنى من الاذكار والدعوات المطولة ولكنى اختصر على هذا المقدار فاسأل الله الجنة وأعوذ به من النار فقال له النبي عليه السلام حولها ندندن اى حول الجنة والنار او حول مسألتهما والمسألة الاولى سؤال طلب والثانية سؤال استعاذة كما فى أبكار الافكار ومعنى الحديث ان المقصود بهذا الذكر الطويل الفوز بهذا الوافر الجزيل كما فى عقد الدرر واللآلى قال فى رياض الصالحين العبد فى حق دينه اما سالم وهو المقتصر على أداء الفرائض وترك المعاصي او رابح وهو المتبرع بالقربات والنوافل او خاسر وهو المقصر فى اللوازم فان لم تقدر ان تكون رابحا فاجتهد ان تكون سالما وإياك ان تكون خاسرا وفى الحديث (من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير فى يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان فى يومه ذلك حتى يمسى ولم يأت بأفضل مما جاء به الا أحد عمل اكثر من ذلك) رواه البخاري وغيره قال بعض المشايخ فى هذا الحديث دليل على تفضيل الصوفية ويؤخذ ذلك من جعل هذا الاجر العظيم لمن هذا القول مائة مرة فكيف من يومه كله هكذا فان طريقتهم مبنية على دوام الذكر والحضور وكان عليه السلام طويل الصمت كثير الذكر
هر آن كو غافل از حق يكزمانست ... در ان دم كافرست اما نهانست
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله الذين اتخذوا من دونه آلهة ويجمعهم وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما عام يعم العقلاء وغيرهم لكن المراد هنا بقرينة الجواب الآتي العقلاء من الملائكة وعيسى وعزير فَيَقُولُ اى الله تعالى للمعبودين(6/196)
قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18)
أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ [كمراه كرديد] عِبادِي هؤُلاءِ بان دعوتموهم الى عبادتكم وامرتموهم بها أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ عن السبيل بانفسهم لاخلالهم بالنظر الصحيح واعراضهم عن المرشد النصيح فحذف الجار وأوصل الفعل الى المفعول كقوله تعالى (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) والأصل الى السبيل او للسبيل يقول الفقير والظاهر انه محمول على نظيره الذي هو اخطأوا الطريق وهو شائع فان قلت انه تعالى كان عالما فى الأزل بحال المسئول عنه فما فائدة هذا السؤال قلت فائدته تقريع العبدة وإلزامهم كما قيل لعيسى عليه السلام (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) لانهم إذا سئلوا بذلك وأجابوا بما هو الحق الواقع تزداد حسرة العبيد وحيرتهم ويبكتون بتكذيب المعبودين إياهم وتبريهم منهم ومن أمرهم بالشرك وعبادة غير الله قالُوا استئناف كأنه قيل فماذا قالوا فى الجواب فقيل قالوا سُبْحانَكَ هو تعجب مما قيل لهم او تنزيه لله تعالى عن الانداد ويجوز ان يحمل ما يعبدون على الأصنام وهى وان كانت جمادات لا تقدر على شىء لكن الله تعالى يخلق فيها الحياة ويجعلها صالحة للخطاب والسؤال والجواب ما كانَ يَنْبَغِي لَنا اى ما صح وما استقام لنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ اى متجاوزين إياك مِنْ أَوْلِياءَ من مزيدة لتأكيد النفي واولياء مفعول تتخذ وهو من الذي يتعدى الى مفعول واحد كقوله تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) والمعنى معبودين نعبدهم لما بنا من الحالة المنافية له وهى العصمة او عدم القدرة فأنى يتصور ان تحمل غيرنا على ان يتخذ وليا غيرك فضلا عن ان يتخذنا وليا قال ابن الشيخ جعل قولهم ما كان ينبغى إلخ كناية عن استبعاد ان يدعوا أحدا الى اتخاذ ولى دونه لان نفس قولهم بصريحه لا يفيد المقصود وهو نفى ما نسب إليهم من إضلال العباد وحملهم على اتخاذ الأولياء من دون الله وفى التأويلات النجمية نزهوا الله عن ان يكون له شريك ونزهوا أنفسهم عن ان يتخذوا وليا غير الله ويرضوا بان يعبدوا من دون الله من الإنسان فلهذا قال تعالى فيهم (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ التمتع [برخوردارى دادن] اى ما أضللناهم ولكن جعلتهم وآباءهم منتفعين بالعمر الطويل وانواع النعم ليعرفوا حقها ويشكروها فاستغرقوا فى الشهوات وانهمكوا فيها حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ اى غفلوا عن ذكرك وتركوا ما وعظوا به او عن التذكر لآلائك والتدبر فى آياتك فجعلوا اسباب الهداية بسوء اختيارهم ذريعة الى الغواية وهو نسبة الضلال إليهم من حيث انه يكسبهم واسناد له الى ما فعل الله بهم فحملهم عليه كأنه قيل انا لا نضلهم ولم نحملهم على الضلال ولكن أضللت أنت بان فعلت لهم ما يؤثرون به الضلال فخلقت فيهم ذلك وهو مذهب اهل السنة وفيه نظر التوحيد واظهار ان الله هو السبب للاسباب.
درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
وَكانُوا فى قضائك الأزلي قَوْماً بُوراً هالكين جمع بائر كما فى المفردات او مصدر وصف به الفاعل مبالغة ولذلك يستوى فيه الواحد والجمع يقال رجل بائر وقوم بور وهو الفاسد الذي لا خير فيه قال الراغب البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى(6/197)
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)
الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ اى فيقول الله تعالى للعبد فقد كذبكم المعبودون ايها الكفرة بِما تَقُولُونَ اى فى قولكم انهم آلهة والباء بمعنى فى فَما تَسْتَطِيعُونَ اى ما تملكون ايها المتخذون الشركاء صَرْفاً دفعا للعذاب عنكم بوجه من الوجوه لا بالذات ولا بالواسطة وَلا نَصْراً اى افرادا من افراد النصر لا من جهة أنفسكم ولا من جهة غيركم مما عبدتم وقد كنتم زعمتم انهم يدفعون عنكم العذاب وينصرونكم وَمَنْ [وهر كه] يَظْلِمْ مِنْكُمْ ايها المكلفون اى يشرك كما دل عليه قوله نُذِقْهُ [بچشانيم او را در آخرت] عَذاباً كَبِيراً هى النار والخلود فيها فان ما ترتب عليه العذاب الكبير ليس الا الظلم العظيم الذي هو الشرك وفيه وعيد ايضا لفساق المؤمنين ثم أجاب عن قولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق بقوله وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ أحدا مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا رسلا إِنَّهُمْ كسرت الهمزة لوقوعها فى صدر جملة وقعت صفة لموصوف محذوف او الا قيل انهم وان تكسر بعد القول كما فى الاسئلة المقحمة لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ فلم يكن ذلك منافيا لرسالتهم فانت لا تكون بدعا منهم وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ ايها الناس لِبَعْضٍ فِتْنَةً ابتلاء ومحنة الفقراء بالأغنياء والمرسلين بالمرسل إليهم ومناصبتهم لهم العداوة وإذا هم لهم والسقماء بالاصحاء والأسافل بالاعالى والرعايا بالسلاطين والموالي بذوي الأنساب والعميان بالبصراء والضعفاء بالاقوياء قال الواسطي رحمه الله ما وجد موجود الا لفتنة وما فقد مفقود الا لفتنة أَتَصْبِرُونَ غاية للجعل اى لنعلم انكم تصبرون وحث على الصبر على ما افتتنوا به قال ابو الليث اللفظ لفظ الاستفهام والمراد الأمر يعنى اصبروا كقوله (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ) اى توبوا وفى التأويلات النجمية وجعلنا بعضكم يا معشر الأنبياء لبعض فتنة من الأمم بان يقول بعضهم لبعض الأنبياء ائتنا بمعجزة مثل معجزة النبي الفلاني أتصبرون يا معشر الأنبياء على ما يقولون ويا معشر الأمم عما تقولون انتهى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قالوه كأنه قيل لاتتأذ بقولهم فانا جعلنا بعض الناس سببا لامتحان البعض والذهب انما يظهر خلوصه بالنار ومن النار الابتلاء وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً بمن يصبر وبمن يجزع قال الامام الغزالي البصير هو الذي يشاهد ويرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى وابصاره ايضا منزه عن ان يكون بحدقة وأجفان ومقدس ان يرجع الى انطباع الصور والألوان فى ذاته كما تنطبع فى حدقة الإنسان فان ذلك من التغير والتأثر المقتضى للحدوث وإذا نزه عن ذلك كان البصير فى حقه عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت المبصرات وذلك أوضح واجلى مما يفهم من ادراك البصر من ظواهر المرئيات وحظ العبد من حيث الحس من وصف البصر ظاهر ولكنه ضعيف قاصر إذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب بل يتناول الظواهر ويقصر عن البواطن والسرائر وانما حظه الديني منه أمران أحدهما ان يعلم انه خلق البصر لينظر الى الآيات وعجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره الا عبرة قيل لعيسى عليه السلام هل أحد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلى. والثاني(6/198)
وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)
ان يعلم انه بمرأى من الله تعالى ومسمع فلا يستهين بنظره اليه واطلاعه عليه ومن أخفى عن غير الله ما لا يخفيه عن الله فقد استهان بنظر الله والمراقبة احدى ثمرات الايمان بهذه الصفة فمن قارب معصية فهو يعلم ان الله يراه فما اجسره فاخسره ومن ظن انه لا يراه فما اكفره انتهى كلام الغزالي رحمه الله فى شرح الأسماء الحسنى ثم ان العبد لا بد له من السكون الى قضاء الله تعالى فى حال فقره وغناه ومن الصبر على كل امر يرد عليه من مولاه فانه تعالى بصير بحاله مطلع عليه فى كل فعاله وربما يشدد المحنة عليه بحكمته ويمنع مراده عنه مع كمال قدرته: قال حضرة الشيخ العطار قدس سره
مكر ديوانه شوريده ميخاست ... برهنه بد ز حق كرباس ميخواست
كه الهى پيرهن در تن ندارم ... وگر تو صبر دارى من ندارم
خطابى آمد آن بى خويشتن را ... كه كرباست دهم اما كفن را
زبان بگشاد آن مجنون مضطر ... كه من دانم ترا اى بنده پرور
كه تا أول نميرد مرد عاجز ... تو ندهى هيچ كرباسيش هركز
ببايد مرد أول مفلس وعور ... كه تا كرباس يابد از تو در گور
وفى الحكاية اشارة الى الفناء عن المرادات وان النفس ما دامت مغضوبة باقية بعض أوصافها الذميمة وأخلاقها القبيحة فان فيض رحمة الله وان كان يجرى عليها لكن لا كما يجرى عليها إذا كانت مرحومة مطهرة عن الرذائل هذا حال اهل السلوك واما من كان من اهل النفس الامارة وقد جرى عليه مراده بالكلية فهو فى يد الاستدراج ولله تعالى حكمة عظيمة فى اغنائه وتنعيمه وإغراقه فى بحر نعيمه فمثل هذا هو الفتنة الكبيرة لطلاب الحق الباعثة لهم على الصبر المطلق والله المعين وعليه التكلان الجزء التاسع عشر من الاجزاء الثلاثين وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا اصل الرجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرة واللقاء يقال فى الإدراك بالحس بالبصر وبالبصيرة وملاقاة الله عبارة عن القيامة وعن المصير اليه تعالى اى الرجوع الى حيث لا حاكم ولا مالك سواه. والمعنى وقال الذين لا يتوقعون الرجوع إلينا اى ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء وهم كفار اهل مكة وفى تاج المصادر الرجاء [اميد داشتن وترسيدن] انتهى فالمعنى على الثاني بالفارسية [نمى ترسند از ديدن عذاب ما] لَوْلا حرف تحضيض بمعنى هلا ومعناها بالفارسية [چرا] أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ [فرو فرستاده نمى شود بر ما فرشتكان] اى بطريق الرسالة لكون البشرية منافية للرسالة بزعمهم أَوْ نَرى رَبَّنا جهرة وعيانا فيأمرنا بتصديق محمد واتباعه لان هذا الطريق(6/199)
يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22)
احسن وأقوى فى الإفضاء الى الايمان وتصديقه ولما لم يفعل ذلك علمنا انه ما أراد تصديقه ومن لطائف الشيخ نجم الدين فى تأويلاته أنه قال يشير الى ان الذين لا يؤمنون بالآخرة والحشر من الكفرة يتمنون رؤية ربهم بقولهم (أَوْ نَرى رَبَّنا) فالمؤمنون الذين يدعون انهم يؤمنون بالآخرة والحشر كيف ينكرون رؤية ربهم وقد ورد بها النصوص فلمنكرى الحشر عليهم فضيلة بانهم طلبوا رؤية ربهم وجوزوها كما جوزوا إنزال الملائكة ولمنكرى الرؤية ممن يدعى الايمان شركة مع منكرى الحشر فى جحد ما ورد به الخبر والنقل لان النقل كما ورد بكون الحشر ورد بكون الرؤية لاهل الايمان لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا اللام جواب قسم محذوف اى والله لقد استكبروا والاستكبار ان يشبع فيظهر من نفسه ما ليس له اى أظهروا الكبر باطلا فِي أَنْفُسِهِمْ اى فى شأنها يعنى وضعوا لانفسهم قدرا ومنزلة حيث أرادوا لانفسهم الرسل من الملائكة ورؤية الرب تعالى وقال الكاشفى [بخداى كه بزركى كردند در نفسهاى خود يعنى تعاظم ورزيدن وجراءت نمودن درين تحكم] وَعَتَوْا اى تجاوزوا الحد فى الظلم والطغيان والعتو الغلو والنبو عن الطاعة عُتُوًّا كَبِيراً بالغا الى أقصى غاياته من حيث عاينوا المعجزات القاهرة واعرضوا عنها واقترحوا لانفسهم الخبيثة معاينة الملائكة الطيبة ورؤية الله تعالى التي لم ينلها أحد فى الدنيا من افراد الأمم وآحاد الأنبياء غير نبينا عليه السلام وهو انما رآه تعالى بعد العبور عن حد الدنيا وهو الافلاك السبعة التي هى من عالم الكون والفساد وفى الوسيط انما وصفوا بالعتو عند طلب الرؤية لانهم طلبوها فى الدنيا عنادا للحق واباء على الله ورسوله فى طاعتهما فغلوا فى القول والكفر غلوا شديدا وفى الاسئلة المقحمة فاذا كان رؤية الله جائزة فكيف وبخهم على سؤالهم لها قلنا التوبيخ بسبب انهم طلبوا ما لم يكن لهم طلبه لانهم بعد ان عاينوا الدليل قد طلبوا دليلا آخر ومن طلب الدليل بعد الدليل فقد عتا عتوا ظاهرا ولانهم كلفوا الايمان بالغيب فطلبوا رؤية الله وذلك خروج عن موجب الأمر وعن مقتضاه فان الايمان عند المعاينة لا يكون ايمانا بالغيب فلهذا وصفهم بالعتو يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ اى ملائكة العذاب فيكون المراد يوم القيامة ولم يقل يوم تنزل الملائكة إيذانا من أول الأمر بان رؤيتهم لينست على طريق الاجابة الى ما اقترحوه بل على وجه آخر غير معهود ويوم منصوب على الظرفية بما يدل عليه قوله تعالى لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ لانه فى معنى لا يبشر يومئذ المجرمون لا بنفس بشرى لانه مصدر والمصدر لا يعمل فيما قبله وكذا لا يجوز ان يعمل ما بعد لا فيما قبلها واصل الجرم قطع الثمرة من الشجر واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ووضع المجرمون موضع الضمير تسجيلا عليهم بالاجرام مع ما هم عليه من الكفر ويومئذ تكرير للتأكيد بين الله تعالى ان الذي طلبوه سيوجد ولكن يلقون منه ما يكرهون حيث لا بشرى لهم بل إنذار وتخويف وتعذيب بخلاف المؤمنين فان الملائكة تنزيل عليهم ويبشرونهم ويقولون لا تخافوا ولا تحزنوا. ومعنى الآية بالفارسية [هيچ مژده نيست آن روز مر كافران اهل مكه را] وَيَقُولُونَ اى الكفرة المجرمون عند مشاهدة الملائكة وهو معطوف على ما ذكر من الفعل المنفي حِجْراً مَحْجُوراً(6/200)
وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)
الحجر مصدر حجره إذا منعه والمحجور الممنوع وهو صفة حجرا ارادة للتأكيد كيوم أيوم وليل أليل كانوا يقولون هذه الكلمة عند لقاء عدو وهجوم مكروه. والمعنى انهم يطلبون نزول الملائكة عليهم ويقترحونه وهم إذا رأوهم يوم الحشر يكرهون لقاءهم أشد كراهة ويقولون هذه الكلمة وهى ما كانوا يقولون عند نزول بأس استعاذة وطلبا من الله ان يمنع لقاءهم منعا ويحجر المكروه عنهم حجرا فلا يلحقهم [در زاد آورده كه چون كفار در شهر حرام كسى را ديدندى كه ازو ترسيدندى ميكفتند كه] حجرا محجورا يريدون ان يذكروه انه فى الشهر الحرام [تا از شر او ايمن ميشدند اينجا نيز خيال بستند كه مكر بدين كلمه از شدت هول قيامت خلاص خواهند يافت] ويقال ان قريشا كانوا إذا استقبلهم أحد يقولون حاجورا حاجورا حتى يعرف انهم من الحرم فيكف عنهم فاخبر تعالى انهم يقولون ذلك يوم القيامة فلا ينفعهم وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً القدوم عبارة عن مجيئ المسافر بعد مدة والهباء الغبار الذي يرى فى شعاع الشمس يطلع من الكوة من الهبوة وهو الغبار ومنثورا صفته بمعنى مفرقا مثل تعالى حالهم وحال أعمالهم التي كانوا يعملونها فى الدنيا من صلة رحم واغاثة ملهوف وقرى ضيف وفك أسير وإكرام يتيم ونحو ذلك من المحاسن التي لو عملوها مع الايمان لنا لواثوا بها بحال قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه فقصد الى ما تحت أيديهم من الدار والعقار ونحوهما فمزقها وأبطلها بالكلية ولم يبق لها اثرا اى قصدنا إليها وأظهرنا بطلانها بالكلية لعدم شرط قبولها وهو الايمان فليس هناك قدوم على شىء ولا نحوه وهذا هو تشبيه الهيئة وفى مثله تكون المفردات مستعملة فى معانيها الاصلية وشبه أعمالهم المحبطة بالغبار فى الحقارة وعدم الجدوى ثم بالمنثور منه فى الانتثار بحيث لا يمكن نظمه وفيه اشارة الى ان اعمال اهل البدعة التي عملوها بالهوى ممزوجة بالرياء فلا يوجد لها اثر ولا يسمع منها خبر: قال الشيخ سعدى قدس سره
شنيدم كه نابالغى روزه داشت ... بصد محنت آورد روزى بچاشت
بگفتا بس آن روز سائق نبرد ... بزرك آمدش طاعت از طفل خرد
پدر ديده بوسيد ومادر سرش ... فشاندند بادام وزر بر سرش
چوبر وى كذر كرد يك نيمه روز ... فتاداند رو آتش معده سوز
بدل كفت اگر لقمه چندى خورم ... چهـ داند پدر عيب يا مادرم
چوروى پسر در پدر بود وقوم ... نهان خورد و پيدا بسر برد صوم
كه داند چودر بند حق نيستى ... اگر بى وضو در نماز ايستى
پس اين پير از ان طفل نادان ترست ... كه از بهر مردم بطاعت درست
كليد در دوزخست آن نماز ... كه در چشم مردم كزارى دراز
اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش نشانند سجاده ات
أَصْحابُ الْجَنَّةِ اى المؤمنون يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يكون ما ذكر من عدم التبشير وقولهم حجرا محجورا وجعل أعمالهم هباء منثورا خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا المستقر المكان الذي(6/201)
يستقر فيه فى اكثر الأوقات للتجالس والتحادث. والمعنى خير مستقرا من هؤلاء المشركين المتنعمين فى الدنيا: وبالفارسية [بهترند از روى قراركاه يعنى مساكن ايشان در آخرت به از منازل كافرانست كه در دنيا داشتند] ويجوز ان يكون التفضيل بالنسبة الى ما للكفرة فى الآخرة فان قلت كيف يكون اصحاب الجنة خير مستقرا من اهل النار ولا خير فى النار ولا يقال العسل احلى من الخل قلت انه من قبيل التقريع والتهكم كما فى قوله تعالى (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) كما سبق ويجوز ان يكون التفضيل لارادة الزيادة المطلقة اى هم فى أقصى ما يكون من خير وعلى هذا القياس قوله تعالى وَأَحْسَنُ مَقِيلًا اى من الكفرة فى دار الدنيا: وبالفارسية [ونيكوترست از جهت مكان قيلوله] او فى الآخرة بطريق التهكم او هم فى أقصى ما يكون من حسن المقيل وهو موضع القيلولة والقيلولة الاستراحة نصف النهار فى الحر يقال قلت قيلولة نمت نصف النهار والمراد بالمقيل هاهنا المكان الذي ينزل فيه للاستراحة بالأزواج والتمتع بمغازلتهن اى محادثتهن ومراودتهن والا فليس فى الجنة حر ولا نوم بل استراحة مطلقة من غير غفلة ولا ذهاب حس من الحواس وكذا ليس فى النار مكان استراحة ونوم للكفار بل عذاب دائم والم باق وانما سمى بالمقيل لما روى ان اهل الجنة لا يمر بهم يوم القيامة الا قدر النهار من اوله الى وقت القائلة حتى يسكنون مساكنهم فى الجنة واهل النار فى النار واما المحبوسون من العصاة فتطول عليهم المدة مقدار خمسين الف سنة من سنى الدنيا والعياذ بالله تعالى ثم فى احسن رمز الى ان مقيل اهل الجنة مزين بفنون الزين والزخارف كبيت العروس فى الدنيا وفى التأويلات النجمية (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) يعنى المؤمنين بالحشر والموقنين بالرؤية (يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) لان مستقر عوامهم الجنة ودرجاتها ومستقر خواصهم حضرة الربوبية وقرباتها لقوله تعالى الى ربك يومئذ المستقر (وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) لان النار مقيل منكرى الحشر والجنة مقيل المؤمنين والحضرة مقيل الراجعين المجذوبين انتهى فعلى العاقل تحصيل المستقر الأخروي والمقيل العلوي وصار الشيخ الحجازي ليلة يردد قوله تعالى (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ويبكى فقيل له لقد ابكتك آية ما يبكى عند مثلها اى لانها بيان لسعة عرض الجنة فقال وما ينفعنى عرضها إذا لم يكن لى فيها موضع قدم وفى الحديث (من سعادة المرء المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء) وسئل بعضهم عن الغنى فقال سعة البيوت ودوام القوت ثم ان سعادات الدنيا كلها مذكرة لسعادات الآخرة فالعاقل من لا تغرّه الدنيا الدنية: وفى المثنوى
افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان «1»
هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا كر بود سم الخياط «2»
هر كجا يوسف رحى باشد چوماه ... جنت است آن چهـ كه باشد قعر جاه
فجنة العارف هى القلب المطهر ومعرفة الله فيه كما قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله تعالى فى الدنيا جنة من دخلها لم يشتق الى الجنة قيل وما هى قال معرفة الله
چودادت صورت خوب وصفت هم ... بيا تا بدهدت اين معرفت هم
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون
(2) در اواخر دفتر سوم در بيان پرسيدن معشوقى از عاشق إلخ(6/202)
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)
چوخونى مشك كردد از دم پاك ... بود ممكن كه تن جانى شود پاك
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ اى واذكر يوم تنفتح: وبالفارسية [بشكافد] كما قال فى تاج المصادر التشقق [شكافته شدن] وأصله تتشقق فحذف احدى التاءين كما فى تلظى بِالْغَمامِ هو السحاب يسمى به لكونه ساترا لضوء الشمس والغم ستر الشيء اى بسبب طلوع الغمام منها وهو الغمام الذي ذكر فى قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) قيل هو غمام ابيض رقيق مثل الضبابة ولم يكن الا لبنى إسرائيل: يعنى [ظلة بنى إسرائيل بود در تيه] وقال ابو الليث الغمام شىء مثل السحاب الأبيض فوق سبع سموات كما روى فى الخبر (دعوة المظلوم ترفع فوق الغمام) قال الامام النسفي رحمه الله الغمام فوق السموات السبع وهو سحاب ابيض غليظ كغلظ السموات السبع ويمسكه الله اليوم بقدرته وثقله أثقل من ثقل السموات فاذا أراد الله ان يشقق السموات القى ثقله عليها فانشقت فذلك قوله تعالى (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) اى بثقل الغمام فيظهر الغمام ويخرج منها وفيه الملائكة كما قال تعالى وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا اى تنزيلا عجيبا غير معهود قيل تشقق سماء سماء وتنزل الملائكة خلال ذلك الغمام بصحائف اعمال العباد- وروى- فى الخبر انه تنشق السماء الدنيا فتنزل الملائكة الدنيا بمثل من فى الأرض من الجن والانس فيقول لهم الخلق أفيكم ربنا يعنون هل جاء امر ربنا بالحساب فيقولون لا وسوف يأتى ثم ينزل ملائكة السماء الثانية بمثلى من فى الأرض من الملائكة والانس والجن ثم ينزل ملائكة كل سماء على هذا التضعيف حتى ينزل ملائكة سبع سموات فيظهر الغمام وهو كالسحاب الأبيض فوق سبع سموات ثم ينزل الأمر بالحساب فذلك قوله تعالى (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ)
الآية الا انه قد ثبت ان الأرض بالقياس الى سماء الدنيا كحلقة فى فلاة فكيف بالقياس الى سماء الدنيا فملائكة هذه المواضع بأسرها كيف تسعها الأرض كذا فى حواشى ابن الشيخ يقول الفقير يمد الله الأرض يوم القيامة مد الأديم فتسع مع ان السموات مقبية فكلما زالت واحدة منها ونزلت تتسع الأرض بقدرها فيكفى لملائكتها أطرافها وقد ثبت ان الملائكة أجسام لطيفة رقيقة فلا تتصور بينهم المزاحمة كمزاحمة الناس الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ الملك مبتدأ والحق صفته وللرحمن خبره ويومئذ ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ. والمعنى ان السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلى العام صورة ومعنى بحيث لا زوال له أصلا ثابت للرحمن يومئذ وفائدة التقييد ان ثبوت الملك المذكور له تعالى خاصة يوم القيامة
چومدعيان زبان دعوى ... از مالكيت در بسته باشند
واما ما عداه من ايام الدنيا فيكون غيره ايضا له تصرف صورى فى الجملة وَكانَ ذلك اليوم يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً اى عسيرا عليهم شديدا لهم: وبالفارسية [دشوار از شدت اهوال] وهو نقيض اليسير واما على المؤمنين فيكون يسيرا بفضل الله تعالى وقد جاء فى الحديث (انه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها فى الدنيا) والحاصل ان الكافرين يرون ذلك اليوم عسيرا عظيما من دخول النار وحسرة فوات الجنان(6/203)
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)
بعد ما كانوا فى اليسير من نعيم الدنيا واهل الايمان والطلب والجد والاجتهاد يرون فيه اليسر من نعيم الجنان ولقاء الرحمن بعد ان كانوا فى الدنيا راضين بالعسر تاركين لليسر موقنين ان مع العسر يسرا وخرج على سهل الصعلوكي من سجن حمام يهودى فى طمر اسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة إذا صرت الى عذاب الله كانت هذه جنتك وإذا صرت الى نعيم الله كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه وقيل للشبلى رحمه الله فى الدنيا أشغال وفى الآخرة اهوال فمتى النجاة قال دع اشغالها تأمن من أهوالها فلله در قوم فرغوا عن طلب الدنيا وشهواتها ولم يغتروا بها ولم يلتفتوا إليها لانه قيل
اين جهان جيفه است ومردار ورخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص
وقيل [نوشته اند بر ايوان جنة المأوى كه هر كه عشوه دنيا خريد واى بوى] بل وقلعوا من قلوبهم اصل حب ما سوى الله تعالى ونصبوا نفوسهم لمقاساة شدائد الجهاد الى ان يصلوا الى اليسر الذي هو المراد وفى الآية اشارة الى ان اهل الإنكار يلقون يوم القيامة عسرا لانهم وقعوا فى اعراض الأولياء فى الدنيا تنفيرا للناس عنهم وصرفا لوجوه العامة إليهم ارادة اليسر من المال والمعاش والاعانة ونحو ذلك فيجدون فى ذلك اليوم كل ملك لله فلا يملكون لانفسهم صرفا ولا نصرا فلا بد من الإقرار وتجديد الايمان كما ورد (جددوا ايمانكم بقول لا اله الا الله) فان قلت يفهم منه ان الايمان يخلق قلت معنى خلاقة الايمان ان لا يبقى للمؤمن شوق وانجذاب الى المؤمن به فتكرار الكلمة الطيبة يورث تجديد الميل والانجذاب والمحبة الالهية فعلى الطالب الصادق ان يكررها فى جميع الأحوال حتى لا ينقطع عن الله الملك المتعال
جدايى مبادا مرا از خدا ... دكر هر چهـ پيش آيدم شايدم
نسأل الله الوقوف عند الأمر الى حلول الاجل وانتهاء العمر وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يوم منصوب با ذكر المقدر. والعض أزم بالأسنان: وبالفارسية [كزيدن بدندان] وعض اليدين عبارة عن الندم لما جرى به عادة الناس ان يفعلوه عند ذلك وكذا عض الأنامل وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لانها من روادفها قال فى الكواشي ويجوز ان تكون على زائدة فيكون المراد بالعض حقيقة العض والاكل كما روى انه يأكل يديه حتى يبلغ مرفقيه ثم تنبتان ثم يأكلهما هكذا كلما نبتتا أكلهما تحسرا وندامة على التفريط والتقصير. والمعنى على الاول بالفارسية [وياد كن روزى را كه از فرط حسرت مى خايد ظالم بر دستهاى خود يعنى بدندان مى كزد دسترا چنانچهـ متحيران ميكنند] والمراد بالظالم الجنس فيدخل فيه عقبة بن ابى معيط وذلك ان عقبة كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما وكان يدعو الى الطعام من اهل مكة من أراد وكان يكثر مجالسة النبي عليه السلام ويعجبه حديثه فقدم ذات يوم من سفره وصنع طعاما ودعا رسول الله الى طعامه قال الكاشفى [وبسبب جوار سيد الأبرار را طلبيده بود] فاتاه رسول الله فلما قدم الطعام اليه ابى ان يأكل(6/204)
يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)
فقال (ما انا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله) وكان عندهم من العار ان يخرج من عندهم أحد قبل ان يأكل شيأ فالح عليه بان يأكل فلم يأكل فشهد بذلك عقبة فاكل رسول الله من طعامه وكان أبيّ بن خلف الجمحي غائبا وكان خليل عقبة وصديقه فلما قدم اخبر بما جرى بين عقبة وبين رسول الله فاتاه فقال صبوت يا عقبة اى ملت عن دين آبائك الى دين حادث فقال لا والله ما صبوت ولكن دخل على رجل فابى ان يأكل من طعامى الا ان اشهد له فاستحييت ان يخرج من بيتي قبل ان يطعم فشهدت فطعم فقال ما انا بالذي ارضى منك ابدا حتى تأتيه فتبزق فى وجهه وتشتمه وتكذبه نعوذ بالله تعالى فاتاه فوجده ساجدا فى دار الندوة ففعل ذلك: يعنى [آب دهن حواله روى دلاراى رسول الله كرد] والعياذ بالله تعالى [در ترجمه اسباب نزول آورده كه آب دهن او شعله آتش جانسوز كشت وبر ان حضرت نرسيد وبر وى بازگشت وهر دو كرانه روى وى بسوخت تا زنده بود آن داغها مى نمود] : وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «1»
كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة (لا ألقاك خارجا من مكة الا علوت رأسك بالسيف) فاسر يوم بدر فامر عليه السلام عليا رضى الله عنه او عاصم بن ثابت الأنصاري رضى الله عنه فقتله وطعن عليه السلام بيده الطاهرة الكاسرة أبيا اللعين يوم أحد فى المبارزة فرجع الى مكة فمات فى الطريق بسرف بفتح السين المهملة وكسر الراء وهو مناسب لوصفه لانه مسرف وفى الحديث (شر الناس رجل قتل نبيا او قتله نبى) اما الاول فلان الأنبياء لهم العلو التام فلا يقابلهم الا من هو فى إنزال الدرجات ولذا يعادى السافل العالي وإذا كملت المضادة وقع القتل لان الضد يطلب ازالة ضده. واما الثاني فلان الأنبياء مجبولون على الشفقة على الخلق فلا يقدمون على قتل أحد الا بعد اليأس من فلاحه والتيقن بان خيانته سبب لمزيد شقائه وتعدى ضرره فقتلهم من قتلوا من احكام الرحمة: وفى المثنوى
چونكه دندان تو كرمش درفتاد ... نيست دندان بر كنش اى اوستاد «2»
تا كه باقى تن نكردد زار ازو ... كر چهـ بود آن تو شو بيزار ازو
قال فى انسان العيون ولم يقتل عليه السلام بيده الشريفة قط أحدا الا أبيّ بن خلف لا قبل ولا بعد يَقُولُ إلخ حال من فاعل يعض يا هؤلاء لَيْتَنِي [كاشكى من] فالمنادى محذوف ويجوز ان يكون يا لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه اتَّخَذْتُ فى الدنيا مَعَ الرَّسُولِ محمد صلى الله عليه وسلم سَبِيلًا طريقا الى النجاة من هذه الورطات يعنى اتبعته وكنت معه على الإسلام يا وَيْلَتى اى [واى بر من] والويل والويلة الهلكة ويا ويلتا كلمة جزع وتحسر وأصله يا ويلتى بكسر التاء فابدلت الكسرة فتحة وياء المتكلم الفا فرارا من اجتماع الكسر مع الياء اى يا هلكتى تعالى واحضرى فهذا او ان حضورك والنداء وان كان أصله لمن يتأتى منه الإقبال وهم العقلاء الا ان العرب تتجوّز وتنادى ما لا يعقل إظهارا
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعام إلخ
(2) در اواسط دفتر سوم در بيان دعوت كردن نوح عليه السلام پسر را إلخ(6/205)
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)
للتحسر لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا الخليل الصديق من الخلة وهى المودة لانها تتخلل النفس اى تتوسطها والمراد من أضله فى الدنيا كائنا من كان من شياطين الجن والانس فيدخل فيه أبيّ المذكور قال فى القاموس فلان وفلانة مضمومتين كناية عن أسمائها اى فلان كناية عن علم ذكور من يعقل وفلانة عن علم إناثهم وبال اى باللام يعنى الفلان والفلانة كناية عن غيرنا اى عن غير العاقل واختلف فى ان لام فلان واو او ياء لَقَدْ والله لقد أَضَلَّنِي [كمراه كردم او بازداشت] عَنِ الذِّكْرِ اى عن القرآن المذكر لكل مرغوب ومرهوب بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وتمكنت من العمل به وعمرت ما يتذكر فيه من تذكر وَكانَ الشَّيْطانُ اى إبليس الحامل على مخالفة المضلين ومخالفة الرسول وهجر القرآن لِلْإِنْسانِ المطيع له خَذُولًا كثير الخذلان ومبالغا فى حبه يواليه حتى يؤديه الى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه وكذا حال من حمله على صداقته. والخذلان ترك النصرة ممن يظن به ان ينصر وفى وصفه بالخذلان اشعار بانه كان يعده فى الدنيا ويمنيه بانه ينفعه فى الآخرة وهذا اعتراض مقرر لمضمون ما قبله اما من جهته تعالى واما من تمام كلام الظالم وهذه الآية عامة فى كل متحابين اجتمعا على معصية الله تعالى والخلة الحقيقة هى ان لا تكون لطمع ولا لخوف بل فى الدين ولذا ورد (كونوا فى الله إخوانا) اى فى طريق الرحمن لا فى طريق الشيطان وفى الحديث (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وفى الحديث (لا تصاحب الا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) قال مالك بن دينار انك ان تنقل الحجارة مع الأبرار خير من ان تأكل الخبيص مع الفجار قال بعضهم المراد بالشيطان قرين السوء سماه شيطانا لانه الضال المضل فمن لم يكن فيه طلب الله فهو الشيطان كالانعام بل هو أضل لان الانعام ليست بمضلة والشيطان ضال مضل وانشد ابو بكر محمد بن عبد الله الحامدي رحمه الله
اصحب خيار الناس حين لقيتهم ... خير الصحابة من يكون عفيفا
والناس مثل دراهم ميزتها ... فوجدت فيهم فضة وز يوفا
وفى الحديث (مثل الجليس الصالح مثل العطار ان لم ينلك من عطره يعبق بك من ريحه ومثل الجليس السوء مثل الكير ان لم يحرقك بناره يعبق بك ريحه) قدم ناس الى مكة وقالوا قدمنا الى بلدكم فعرفنا خياركم من شراركم فى يومين قيل كيف قالوا الحق خيارنا بخياركم وشرارنا بشراركم فالف كل شكله وأخذ جماعة من اللصوص فقال أحدهم انا كنت مغنيالهم وما كنت منهم فقيل له غن فغنى بقول عدى
عن المرء لا تسأل وابصر قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى
فقيل صدقت وامر بقتله: وفى المثنوى
حق ذات پاك الله الصمد ... كه بود به مار بد از يار بد «1»
مار بد جانى ستاند از سليم ... يار بد آرد سوى نار جحيم
از قرين بى قول وكفت وكوى او ... خو بد زدد دل نهان از خوى او
اى خنك آن مرده كز خود رسته شد ... در وجود زنده پيوسته شد «2»
__________
(1) در اواخر دفتر پنجم در بيان جواب دادن خر روباه را
(2) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله إلخ(6/206)
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)
واى آن زنده كه با مرده نشست ... مرده كشت وزندكى از وى بجست
چون تو در قرآن حق بگريختى ... با روان انبيا آويختى
هست قرآن حالهاى انبيا ... ماهيان بحر پاك كبريا
ور بخوانى ونه قرآن پذير ... انبيا وأوليا را ديده كير
ور پذيرايى چوبر خوانى قصص ... مرغ جانت تنك آيد در قفص
مرغ كو اندر قفص زندانيست ... مى نجويد رستن از زندانيست
روحهايى كز قفصها رسته اند ... انبيا ورهبر شايسته اند
از برون آوازشان آيد ز دين ... كه ره رستن ترا اين است اين
ما بدين رستيم زين تنكين قفص ... جز كه اين ره نيست چاره اين قفص
نسأل الله الخلاص والالتحاق بأرباب الاختصاص والعمل بالقرآن فى كل زمان وعلى كل حال وَقالَ الرَّسُولُ عطف على قوله تعالى (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) وما بينهما اعتراض اى قالوا كيت وكيت وقال الرسول محمد عليه السلام اثر ما شاهد منهم غاية العتو ونهاية الطغيان بطريق البث الى ربه يا رَبِّ [اى پروردگار من] إِنَّ قَوْمِي قريشا اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً اى متروكا بالكلية ولم يؤمنوا به وصدوا عنه وفيه تلويح بان حق المؤمن ان يكون كثير التعاهد للقرآن اى التحفظ والقراءة كل يوم وليلة كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم وفى الحديث (من تعلم القرآن وعلق مصحفا لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجورا اقض بينى وبينه) ومن أعظم الذنوب ان يتعلم الرجل آية من القرآن او سورة ثم ينساها والنسيان ان لا يمكنه القراءة من المصحف كما فى القنية وفى الحديث (ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد) قيل وما جلاؤها قال (تلاوة القرآن وذكر الله)
دل پر درد را دوا قرآن ... جان مجروح را شفا قرآن
هر چهـ جويى ز نص قرآن جوى ... كه بود كنج علمها قرآن
وفى المثنوى
شاهنامه يا كليله پيش تو ... همچنان باشد كه قرآن از عتو «1»
فرق آنكه باشد از حق ومجاز ... كه كند كحل عنايت چشم باز
ور نه پشك ومشك پيش اخشمى ... هر دو يكسانست چون نبود شمى
خويشتن مشغول كردن از ملال ... باشدش قصد كلام ذو الجلال
كاتش وسواس را وغصه را ... زان سخن بنشاند وسازد دوا
وَكَذلِكَ اى كما جعلنا لك اعداء من مجرمى قومك كابى جهل ونحوه جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ من الأنبياء المتقدمين عَدُوًّا اى اعداء فانه يحتمل الواحد والجمع مِنَ الْمُجْرِمِينَ اى مجرمى قومهم كنمرود لابراهيم وفرعون لموسى واليهود لعيسى فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا وفيه تسلية لرسول الله وحمل له على الاقتداء بمن قبله من الأنبياء الذين هم اصحاب
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان لابه كردن قبطى سبطى را إلخ(6/207)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)
الشريعة والدعوة إليها وَكَفى بِرَبِّكَ اى ربك والباء صلة للتأكيد هادِياً تمييز اى من جهة هدايته لك الى كافة مطالبك ومنها انتشار شريعتك وكثرة الآخذين بها وَنَصِيراً ومن جهة نصرته لك على جميع أعدائك فلا تبال بمن يعاديك وسيبلغ حكمك الى أقطار الأرض وأكناف الدنيا دلت الآية بالعبارة والاشارة على ان لكل نبى وولى عدوا يمتحنه الله به ويظهر شرف اصطفائه قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله رفعت درجات الأنبياء والأولياء بامتحانهم بالمخالفين والأعداء
از براى حكمتى روح القدس از طشت زر ... دست موسى را بسوى طشت آزر مى برد
قال فى التأويلات النجمية يشير الى انه تعالى يقيض لكل صديق صادق فى الطلب عدوا معاندا من مطرودى الحضرة ليؤذيه وهو يصبر على أذاه فى الله ويختبر به حلمه ويرضى بقضاء الله ويستسلم بالصبر على بلائه ويشكره على نعمة التوفيق للتسليم وتفويض الأمر الى الله والتوكل عليه ليسير بهذه الاقدام الى الله بل يطير بهذه الاجنحة فى الله بالله كما هو سنة الله فى تربية أنبيائه وأوليائه ولن تجد لسنة الله تبديلا وفى الخبر (لو ان مؤمنا ارتقى على ذروة جبل لقيض الله اليه منافقا يؤذيه فيؤجر عليه) ثم لم يغادر الله المجرم المعاند العدو لوليه حتى اذاقه وبال ما استوجبه على معاداته كما قال فى حديث ربانى (من عادى لى وليا فقد بارزني بالحرب) وقال (وانا انتقم لاوليائى كما ينتقم الليث الجريء لجروه) [دانشمندى بود در فن منطق منفرد ودر سائر علوم رياضى متبحر مولانا مير جمال نام كه در كسوت قلندرى مى زيست وكپنك مى پوشيد ونماز نمى كذاريد ودر ارتكاب محرمات بغايت دلير وبى حيا بود ومنكر طريق مشايخ وطائفه أوليا ودائم الأوقات غيبت ومذمت حضرات ايشان ميكرد وسخنان بى ادبانه ميكفت روزى با سه طالب علم كه ايشان نيز در مقام هزل وظرافت وتعرض وسفاهت بودند بمجلس مولانا ناصر الدين اترارى درآمدند و پيش از انكه بسخن آغاز كند مقدارى بنك از آستين كپنك بيرون آورد ودر دهان نهاد وخواست كه فرو برد در كلوى وى محكم شد وراه نفس بر وى بسته كشت آخر حضرت شيخ فرمودند تا مشتى محكم بر كلوى وى زدند وآن بنك از كلوى وى در ميان مجلس افتاد وهمه حاضران برو خنديدند واو با خجالت تام از مجلس بيرون آمد ورسوا شد فرار نمود وديكر كسى ازو نشان نداد] : وفى المثنوى
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان پرد «1»
آنكه مى دريد جامه خلق چست ... شد دريده آن او ايشان درست
آن دهان كژ كزو تسخير بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند
باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن
من ترا أفسوس ميكردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب اهل
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ [وكفتند مشركان عرب چرا فرو فرستاده نشده بر محمد قرآن] فلولا تحضيضية بمعنى هلا والتنزيل هاهنا مجرد عن معنى التدريج بمعنى انزل كخبر بمعنى اخبر لئلا يناقض قوله جُمْلَةً واحِدَةً دفعة واحدة كالكتب الثلاثة
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان كثر ماندن دهان آنشخص إلخ(6/208)
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)
اى التوراة والإنجيل والزبور حال من القرآن إذ هي فى معنى مجتمعا وهذا اعتراض حيرة وبهت لا طائل تحته لان الاعجاز لا يختلف بنزوله جملة او مفرقا وقد تحدّوا بسورة واحدة فعجزوا عن ذلك حتى اخلدوا الى بذل المهج والأموال دون الإتيان بها مع ان للتفريق فوائد منها ما أشار اليه بقوله كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ محل الكاف النصب على انها صفة لمصدر مؤكد معلل بما بعده وذلك اشارة الى ما يفهم من كلامهم اى مثل ذلك التنزيل المفرق الذي قدحوا فيه نزلناه لا تنزيلا مغايرا له لنقوّى بذلك التنزيل المفرق فؤادك اى قلبك فان فيه تيسيرا لحفظ النظم وفهم المعنى وضبط الاحكام والعمل بها ألا ترى ان التوراة أنزلت دفعة فشق العمل على بنى إسرائيل ولانه كلما نزل عليه وحي جديد فى كل امر وحادثة ازداد هو قوة قلب وبصيرة وبالجملة إنزال القرآن منجما فضيلة خص بها نبينا عليه السلام من بين سائر النبيين فان المقصود من انزاله ان يتخلق قلبه المنير بخلق القرآن ويتقوى بنوره ويتغذى بحقائقه وعلومه وهذه الفوائد انما تكمل بانزاله مفرقا ألا يرى ان الماء لو نزل من السماء جملة واحدة لما كانت تربية الزروع به مثلها إذا نزل مفرقا الى ان يستوى الزرع وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا عطف على ذلك المضمر. والترتيل التفريق ومجيئ الكلمة بعد الاخرى بسكوت يسير دون قطع النفس وأصله فى الأسنان وهو تفريجها. والمعنى كذلك نزلناه وقرأناه عليك شيأ بعد شىء على تؤدة وتمهل فى عشرين سنة او ثلاث وعشرين وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ اى بسؤال عجيب وكلام غريب كأنه مثل فى البطلان يريدون به القدح فى حقك وحق القرآن. والمعنى بالفارسية [ونمى آرند مشركان عرب براى تو يا محمد مثلى يعنى در بيان قدح نبوت وطعن كتاب تو سخن نمى كويند] إِلَّا جِئْناكَ فى مقابلته: وبالفارسية [مكر آنكه ما مى آريم براى تو] فالباء فى قوله بِالْحَقِّ للتعدية ايضا اى بالجواب الحق الثابت المبطل لما جاؤا به القاطع لمادة القيل والقال وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً عطف على الحق. والتفسير تفعيل من الفسر وهو كشف ما غطى. والمعنى وبما هو احسن بيانا وتفصيلا لما هو الحق والصواب ومقتضى الحكمة بمعنى انه فى غاية ما يكون من الحسن فى حد ذاته لا ان ما يأتون به له حسن فى الجملة وهذا احسن منه لان سؤالهم مثل فى البطلان فكيف يصح له حسن اللهم الا ان يكون بزعمهم يعنى لما كان السؤال حسنا بزعمهم قيل الجواب احسن من السؤال والاستثناء مفرغ محله النصب على الحالية اى لا يأتونك بمثل فى حال من الأحوال الا حال إتياننا إياك الحق الذي لا محيد عنه وهذا بعبارته ناطق ببطلان جميع الاسئلة وبصحة جميع الاجوبة وبإشارته منبئ عن بطلان السؤال الأخير وصحة جوابه إذ لولا ان التنزيل على التدريج لما أمكن ابطال تلك الاقتراحات الشنيعة او يقال كل نبى إذا قال له قومه قولا كان النبي هو الذي يرد عليهم واما النبي عليه السلام إذا قالوا له شيأ فالله يرد عليهم الَّذِينَ اى هم الذين يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ اى يحشرون كائنين على وجوههم يسحبون عليها ويجرّون الى جهنم: يعنى [روى بر زمين نهاده ميروند بسوى دوزخ] وفى الحديث (يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة اصناف صنف على الدواب وصنف على(6/209)
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40)
الاقدام وصنف على الوجوه) فقيل يا نبى الله كيف يحشرون على وجوههم فقال (ان الذي أمشاهم على أقدامهم فهو قادر على ان يمشيهم على وجوههم أُوْلئِكَ [آن كروه] شَرٌّ مَكاناً [برتر از روى مكان يعنى مكان ايشان برترست از منازل مؤمنان كه در دنيا داشتند وايشان طعنه مى زدند كه] (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) وقال تعالى (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) اى من الفريقين بان يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون انهم شر مكانا لا خير مقاما وَأَضَلُّ سَبِيلًا واخطأ طريقا من كل أحد: وبالفارسية [وكج تر ونا صوابترند از جهت راه چهـ راه ايشان مفضى بآتش دوزخست] والأظهر ان التفضيل للزيادة المطلقة. والمعنى اكثر ضلالا عن الطريق المستقيم وجعل مكانهم شرا ليكون ابلغ من شرارتهم وكذا وصف السبيل بالإضلال من باب الاسناد المجازى للمبالغة واعلم انهم كانوا يضللون المؤمنين ولذا قال تعالى حكاية (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فاذا افضى طريق المؤمنين الى الجنة وطريقهم الى النار يتبين للكل حال الفريقين: قال الصائب
واقف نميشوند كه كم كرده اند راه ... تا رهروان براهنمايى نمى رسند
والمميز يوم القيامة هو الله تعالى فانه يقول (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) ولما استكبر الكفار واستعلوا حتى لم يخروا لسجدة الله تعالى حشرهم الله تعالى على وجوههم ولما تواضع المؤمنون رفعهم الله على النجائب فمن هرب عن المخالفة واقبل الى الموافقة نجا ومن عكس هلك وأين يهرب العاصي والله تعالى مدركه قال احمد بن ابى الجواري كنت يوما جالسا على غرفة فاذا جارية صغيرة تقرع الباب فقلت من بالباب فقالت جارية تسترشد الطريق فقلت طريق النجاة أم طريق الهرب فقالت يا بطال اسكت فهل للهرب طريق وأينما يهرب العبد فهو فى قبضة مولاه فعلى العاقل ان يهرب فى الدنيا الى خير مكان حتى يتخلص فى الآخرة من شر مكان وخير مكان فى الدنيا هو المساجد ومجالس العلوم النافعة فان فيها النفحات الالهية: قال المولى الجامى قدس سره
ما نداريم مشامى كه توانيم شنيد ... ور نه هر دم رسد از كلشن وصلت نفحات
نسأل الله نفحات روضات التوحيد وروائح حدائق التفريد وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اللام جواب لقسم محذوف اى وبالله لقد آتينا موسى التوراة اى أنزلناها عليه بعد إغراق فرعون وقومه وفى الإرشاد والتعرض فى مطلع القصة لايتاء الكتاب مع انه كان بعد مهلك القوم ولم يكن له مدخل فى هلاكهم كسائر الآيات للايذان من أول الأمر ببلوغه عليه السلام غاية الكمال ونيله نهاية الآمال التي هى إنجاء بنى إسرائيل من ملك فرعون وإرشادهم الى طريق الحق بما فى التوراة من الاحكام وَجَعَلْنا مَعَهُ الظرف متعلق بجعلنا أَخاهُ مفعول أول له هارُونَ بدل من أخاه وهو اسم أعجمي ولم يرد فى شىء من كلام العرب وَزِيراً مفعول ثان اى معينا يوازره ويعاونه فى الدعوة وإعلاء الكلمة فان الموازرة المعاونة وفى القاموس الوزر بالكسر الثقل والحمل الثقيل والوزير حبأ الملك الذي يحمل ثقله ويعينه برأيه وحاله الوزارة بالكسر ويفتح والجمع وزراء والحبأ محركة جليس الملك(6/210)
فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37)
وخاصته وقال بعضهم الوزير الذي برجع اليه ويتحصن برأيه من الوزر بالتحريك وهو ما يلتجأ اليه ويعتصم به من الجبل ومنه قوله تعالى (كَلَّا لا وَزَرَ) اى لا ملجأ يوم القيامة والوزر بالكسر الثقل تشبيها بوزر الجبل ويعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل لقوله (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ) وقوله (لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) والوزير بالفارسية [يار ومددكار وكارساز] فان قلت كون هارون وزيرا كالمنافى لكونه شريكا فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لأن المتشاركين فى الأمر متوازران عليه فَقُلْنَا لهما حينئذ اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا هم فرعون وقومه اى القبط والآيات هى المعجزات التسع المفصلات الظاهرة على يد موسى عليه السلام ولم يوصف القوم عند إرسالهما إليهم بهذا الوصف ضرورة تأخر تكذيب الآيات عن إظهارها المتأخر عن الأمر به بل انما وصفوا بذلك عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا لعلة استحقاقهم لما يحكى بعده من التدمير ويقال بآياتنا التكوينية اى بالعلامات التي خلق الله فى الدنيا ويقال بالرسل وبكتب الأنبياء الذين قبل موسى كما فى قوله (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) فالباء على كل تقدير متعلقة بكذبوا لا باذهبا وان كان الذهاب إليهم بالآيات كما فى قوله فى الشعراء (فَاذْهَبا بِآياتِنا) واما التكذيب فتارة يتعلق بالآيات كما فى قوله فى الأعراف (فَظَلَمُوا بِها) اى بالآيات وقوله فى طه (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) وتارة بموسى وهارون كما فى قوله فى المؤمنين (فَكَذَّبُوهُما) فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) التدمير إدخال الهلاك على الشيء والدمار الاستئصال بالهلاك والدمور الدخول بالمكروه وتقدير الكلام فذهبا إليهم فارياهم آياتنا كلها فكذبوهما تكذيبا مستمرا فاهلكناهم اثر ذلك التكذيب المستمر إهلاكا عجيبا هائلا لا يدرك كنهه: وبالفارسية [پس هلاك كرديم ايشانرا هلاك كردنى بإغراق درياى قلزم] فاقتصر على حاشيتى القصة اى أولها وآخرها اكتفاء بما هو المقصود منها وهو الزام الحجة ببعثة الرسل والتدمير بالتكذيب والفاء للتعقيب باعتبار نهاية التكذيب اى باعتبار استمراره والا فالتدمير متأخر عن التكذيب بأزمنة متطاولة وَقَوْمَ نُوحٍ منصوب بمضمر يدل عليه فدمرناهم اى ودمرنا قوم نوح لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ اى نوحا ومن قبله من الرسل كشيث وإدريس او نوحا وحده لأن تكذيبه تكذيب للكل لاتفاقهم على التوحيد والإسلام ويقال ان نوحا كان يدعو قومه الى الايمان به وبالرسل الذين بعده فلما كذبوه فقد كذبوا جميع الرسل كما ثبت ان كل نبى أخذ العهد من قومه ان يؤمنوا بخاتم النبيين ان أدركوا زمانه أَغْرَقْناهُمْ بالطوفان. والإغراق [غرقه كردن] والغرق الرسوب فى الماء اى السفول وهو استئناف مبين لكيفية تدميرهم وَجَعَلْناهُمْ اى إغراقهم وقصتهم لِلنَّاسِ آيَةً عظيمة يعتبر بها كل من شاهدها او سمعها: وبالفارسية [نشانى وداستانى] وهو مفعول ثان لجعلنا وللناس ظرف لغوله وَأَعْتَدْنا [وآماده كرديم] اى فى الآخرة لِلظَّالِمِينَ اى لهم اى للمغرقين والإظهار فى موقع الإضمار للتسجيل بظلمهم والإيذان بتجاوزهم الحد فى الكفر والتكذيب عَذاباً أَلِيماً سوى ما حلّ(6/211)
وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38)
بهم من عذاب الدنيا ومعنى أليما وجيعا: وبالفارسية [دردناك] وَعاداً عطف على قوم نوح: يعنى [هلاك كرديم قوم عاد را بتكذيب هود] وَثَمُودَ [وكروه ثمود را بتكذيب صالح] وَأَصْحابَ الرَّسِّ الرس البئر وكل ركية لم تطو بالحجارة والآجر فهو رس كما قال فى الكشاف الرس البئر الغير المطوية اى المبنية انتهى وفى القاموس كالصحاح المطوية بإسقاط غير واصحاب الرس قوم يعبدون الأصنام بعث الله إليهم شعيبا عليه السلام فكذبوه فبينما هم حول الرس اى بئرهم الغير المبنية التي يشربون منها ويسقون مواشيهم إذا نهارت فخسف بهم وبديارهم ومواشيهم وأموالهم فهلكوا جميعا وفى القاموس الرس بئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم ورسوه فى بئر انتهى اى دسوه واخفوه فيها فنسبوا الى فعلهم بنبيهم فالرس مصدر ونبيهم هو حنظلة بن صفوان كان قبل موسى على ما ذكر ابن كثير وحين دسوه فيها غار ماؤها وعطشوا بعدريهم ويبست أشجارهم وانقطعت ثمارهم بعد أن كان ماؤها يرويهم ويكفى ارضهم جميعا وتبدلوا بعد الانس الوحشة وبعد الاجتماع الفرقة لانهم كانوا ممن يعبد الأصنام وقد كان ابتلاهم الله تعالى بطير عظيم ذى عنق طويل كان فيه من كل لون فكان ينقض على صبيانهم يخطفهم إذا أعوزه الصيد وكان إذا خطف أحدا منهم اغرب به الى جهة الغرب فقيل له لطول عنقه ولذهابه الى جهة المغرب عنقاء مغرب [فرو برنده ونابديد كننده] فيوما خطف ابنة مراهقة فشكوا ذلك الى حنظلة النبي عليه السلام وشرطوا ان كفوا شره ان يؤمنوا به فدعا على تلك العنقاء فارسل الله عليها صاعقة فاحرقتها ولم تعقب او ذهب الله بها الى بعض جزائر البحر المحيط تحت خط الاستواء وهى جريرة لا يصل إليها الناس وفيها حيوان كثير كالفيل والكركدن والسباع وجوارح الطير قال الكاشفى [پيغمبر دعا فرمود كه خدايا اين مرغ را بگير ونسل بريده كردان دعاى پيغمبر بفر اجابت رسيده وآن مرغ غائب شد وديكر ازو خبرى واثرى پيدا نشد وجز نام ازو نشان نماند ودر چيزهاى نايافت بدو مثل زنند كما قيل
منسوخ شد مروت ومعدوم شد وفا ... وز هر دو نام ماند چوعنقا وكيميا
[وصاحب لمعات از بى نشانىء عشق برين وجه نشان ميدهد]
عشقم كه در دو كون مكانم پديد نيست ... عنقاى مغربم كه نشانم بديدنيست
فالعنقاء المغرب بالضم وعنقاء مغرب ومغربة ومغرب بالاضافة طائر معروف الاسم لا الجسم او طائر عظيم يبعد فى طيرانه او من الألفاظ الدالة على غير معنى كما فى القاموس ثم كان جزاؤه منهم ان قتلوه وفعلوا به ما تقدم من الرس يقال وجد حنظلة فى بئر بعد دهر طويل يده على شجته فرفعت يده فسال دمه فتركت يده فعادت على الشجة وقيل اصحاب الرس قوم نساؤهم مساحقات ذكر ان الدلهاث ابنة إبليس أتتهن فشهت الى النساء ذلك وعلمتهن فسلط الله عليهم صاعقة من أول الليل وخسفا فى آخره وصيحة مع الشمس فلم يبق منهم أحد وفى الخبر (ان من اشراط الساعة ان تستكفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وذلك السحق) وفى الحديث المرفوع (سحاق النساء زنى بينهن) وقيل قوم كذبوا نبيا أتاهم فحبسوه فى بئر ضيقة القعر ووضعوا(6/212)
على رأس البئر صخرة عظيمة لا يقدر على حملها الا جماعة من الناس وقد كان آمن به من الجميع عبد اسود وكان العبد يأتى الجبل فيحتطب ويحمل على ظهره ويبيع الحزمة ويشترى بثمنها طعاما ثم يأتى البئر فيلقى اليه الطعام من خروق الصخرة وكان على ذلك سنين ثم ان الله تعالى أهلك القوم وأرسل ملكا فرفع الحجر واخرج النبي من البئر وقيل بل الأسود عالج الصخرة فقواه الله لرفعها والقى حبلا اليه واستخرجه من البئر فاوحى الله الى ذلك النبي انه رفيقه فى الجنة وفى الحديث (ان أول الناس دخولا الجنة لعبد اسود) يريد هذا العبد على بن الحسين ابن على زين العابدين رضى الله عنهم [روايت كند از پدر خويش كفتا مردى آمد از بنى تميم پيش امير المؤمنين على رضى الله عنه كفت يا امير المؤمنين خبر ده ما را از اصحاب رس از كدام قوم بودند ودر كدام عصر وديار ومسكن از ايشان كجا بود پادشاه ايشان كه بود رب العزة پيغمبر بايشان فرستاد يا نفرستاد
وايشانرا بچهـ هلاك كرد ما در قرآن ذكر ايشان ميخوانيم كه اصحاب الرس نه قصه بيان كرده نه احوال ايشان كفته امير المؤمنين على كفت يا أخا تميم سؤالى كردى كه پيش از تو هيچ كس اين سؤال از من نكرد وبعد از من قصه ايشان از هيچ كس نشنود ايشان قومى بودند در عصر بنى إسرائيل پيش از سليمان بن داود بدرخت صنوبر مى پرستيدند آن درخت كه يافث بن نوح كشته بود بر شفير چشمه معروف وبيرون از ان چشمه نهرى بود روان وايشانرا دوازده پاره شهر بود بر شط آن نهر ونام آن نهر رس بود ودر بلاد مشرق ودر روزكار هيچ نهر عظيم تر وبزركتر از ان نهر نبود ونه هيچ شهر آبادان تر از ان شهرهاى ايشان ومهينه از شهرهاى مدينه بود نام آن اسفندآباد و پادشاه ايشان از نژاد نمرود بن كعنان بود ودر آن مدينه مسكن داشت وآن درخت صنوبر در آن مدينه بود وايشان تخم آن درخت بردند بآن دوازده پاره شهر تا در شهرى درختى صنوبر برآمد وبباليد واهل آن شهر آنرا معبود خود ساختند وآن چشمه كه در زير صنوبر اصل بود هيچ كس را دستورى نبود كه از آن آب بخورد يا بر كرفتى كه ميكفتند كه «هى حياة آلهتنا فلا ينبغى لاحد ان ينقص من حياتها» پس مردمان كه آب ميخوردند از نهر رس ميخوردند ورسم وآيين ايشان بود در هر ماهى اهل آن شهرها كرد آن درخت صنوبر خويش بر آمدن وآنرا بزيور وجامهاى ألوان بياراستن وقربانها كردن وآتشى عظيم افروختن وآن قربانها بر آن آتش نهادن تا دخان وقتاران بالا كرفتى چندانكه در آن تاركي دود ديدهاى ايشان از آسمان محجوب كشتى ايشان آن ساعت بسجود در افتادندى وتضرع وزارى فرا درخت كردندى تا از ميان آن درخت شيطان آواز دادى كه «انى قد رضيت عنكم فطيبوا نفسا وقروا عينا» چون آواز شيطان بكوش ايشان رسيدى سر برداشتندى شادان وتازان ويك شبانروز در نشاط وطرب وخمر خوردن بسر آوردندى يعنى كه معبود ما از ما راضى است بدين صفت روزكار در آن بسر آوردند تا كفر وشرك ايشان بغايت رسيد وتمرد وطغيان ايشان بالا كرفت رب العالمين بايشان پيغمبرى فرستاد از بنى إسرائيل از نژاد(6/213)
وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40)
يهودا بن يعقوب روزكارى دراز ايشانرا دعوت كرد ايشان نكرديدند وشرك وكفر را بيفزودند تا پيغمبر در الله زاريد ودر ايشان دعاى بد كرد كفت «يا رب ان عبادك أبوا الا تكذيبى والكفر بك يعبدون شجرة لا تضر ولا تنفع فأرهم قدرتك وسلطانك» چون پيغمبر اين دعا كرد درختهاى ايشان همه خشك كشت كفتند اين همه از شومى اين مرد است كه دعوىء پيغمبرى ميكند وعيب خدايان ما ميجويد واو را بگرفتند ودر چاهى عظيم كردند آورده اند در قصه كه أنبوبها ساختند فراخ وآنرا بقعر آب فرو بردند وآب از ان أنبوبها بر ميكشيدند تا بخشك رسيد آنكه از آنجا در چاهى دور فرو بردند واو را در آن چاه كردند وسنكى عظيم بر سر آن چاه استوار نهادند وأنبوبها از قعر آب برداشتند كفتند اكنون دانيم كه خدايان ما از ما خشنود شوند كه عيب جوى ايشانرا هلاك كرديم پيغمبر در آن وحشتگاه بالله ناليد وكفت «سيدى ومولاى قد ترى ضيق مكانى وشدة كربى فارحم ضعف ركنى وقلة حيلتى وعجل قبض روحى ولا تؤخر اجابة دعوتى حتى مات عليه السلام فقال الله لجبريل ان عبادى هؤلاء غرهم حلمى وأمنوا مكرى وعبدوا غيرى وقتلوا رسولى فانا المنتقم ممن عصانى ولم يخش عقابى وانى حلفت لاجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين» پس رب العالمين باد عاصف كرم بايشان فرو كشاد تا همه بيكديكر شدند وفراهم پيوستند آنكه زمين در زير ايشان چون سنك كبريت كشت واز بالا ابرى سياه بر آمد وآتش فرو باريد وايشان چنانكه از زير در آتش فرو كدازد فرو كداختند] نعوذ بالله من غضبه ودرك نقمته كذا فى كشف الاسرار للعالم الرباني الرشيد اليزدي وَقُرُوناً اى ودمرنا ايضا اهل اعصار جمع قرن وهم القوم المقترنون فى زمن واحد وفى القاموس الأصح انه مائة سنة لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا فعاش مائة سنة) بَيْنَ ذلِكَ المذكور من الطوائف والأمم: وبالفارسية [ميان قوم نوح وعاد وميان عاد وثمود تا باصحاب الرس] كَثِيراً لا يعلم مقدارها الا الله كقوله (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ) ولذلك قالوا كذب النسابون اى الذين ادعوا العلم بالأنساب وهو صفة لقوله قرونا والافراد باعتبار معنى الجمع او العدد كما فى قوله تعالى (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً) وَكُلًّا منصوب بمضمر يدل عليه ما بعده اى ذكرنا وأنذرنا كل واحد من الأمم المذكورين المهلكين ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ بيناله القصص العجيبة الزاجرة عماهم عليه من الكفر والمعاصي بواسطة الرسل وَكُلًّا اى كل واحد منهم بعد التكذيب والإصرار تَبَّرْنا تَتْبِيراً أهلكنا إهلاكا عجيبا هائلا فان التبر بالفتح والكسر الإهلاك والتتبير التكسير والتقطيع قال الزجاج كل شىء كسرته وفتته فقد تبرته ومنه التبر لمكسر الزجاج وفتات الذهب والفضة قبل ان يصاغا فاذا صبغا فهما ذهب وفضة وَلَقَدْ أَتَوْا اى وبالله لقد اتى قريش فى متاجرهم الى الشام ومروا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ يعنى سدوم بالدال المهملة وقيل بالذال المعجمة أعظم قرى قوم لوط أمطرت عليها الحجارة وأهلكت فان أهلها كانوا يعملون العمل الخبيث وكان كل حجر منها قدر انسان واعلم ان قرى قوم لوط خمس ما نجا منها الا واحدة لان أهلها كانوا لا يعملون العمل(6/214)
الخبيث وسدوم من التي أهلكت وتخصيصها هاهنا لكونها فى ممر تجار قريش وكانوا حين مرورهم بها يرونها مؤتفكة ولا يعتبرون. وانتصاب مطر على انه مصدر مؤكد بحذف الزوائد كما قيل فى أنبته الله نباتا حسنا اى امطار السوء ومطر مجهولا فى الخير وأمطر فى الشر وقيل هما لغتان والسوء بفتح السين وضمها كل ما يسوء الإنسان ويغمه من البلاء والآفة: والمعنى بالفارسية [وبركذشتند بر آن شهر كه باران بد باريد يعنى برو سنك بارانيده شد] وفى الخبر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأى ليلة المعراج فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسأل عن ذلك جبريل فقال هذه الحجارة فضلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك) اى خفيت وأعدت وذلك ان من اشراط الساعة ان يمطر السماء بعض الحبوب كالقمح والذرة ونحوهما وقد شاهدناه فى عصرنا وسيأتى زمان تمطر الحجارة ونحوها على الظالمين نعوذ بالله
تعالى أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها [آيا نمى ديدند آنرا سرنكون] اى فى مرار مرورهم فيخافوا ويعتبروا ويؤمنوا بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً حقيقة الرجاء انتظار الخير وظن حصول ما فيه مسرة وليس النشور اى احياء الميت خيرا مؤديا الى المسرة فى حق الكافر فهو مجاز عن التوقع والتوقع يستعمل فى الخير والشر فامكن ان يتصور النسبة بين الكافر وتوقع النشور. والمعنى بل كانوا كفرة لا يتوقعون نشورا اى ينكرون النشور المستتبع للجزاء الأخروي ولا يرون لنفس من النفوس نشورا أصلا مع تحققه حتما وشموله للناس عموما واطراده وقوعا فكيف يعترفون بالجزاء الدنيوي فى حق طائفة خاصة مع عدم الاطراد والملازمة بينه وبين المعاصي حتى يتذكروا ويتعظوا بما شاهدوه من آثار الهلاك وانما يحملونه على الاتفاقات واعلم ان النشور لا ينكره الا الكفور وقد جعل الله الربيع فى الدنيا شاهدا له ومشيرا لوقوعه وفى الخبر (إذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور) والربيع مثل يوم النشور لان الربيع وقت إلقاء البذر ويكون الزراع قلبه معلقا الى ذلك الوقت أيخرج أم لا فكذلك المؤمن يجتهد فى طاعته وقلبه يكون معلقا بين الخوف والرجاء الى يوم القيامة أيقبل الله تعالى منه أم لا ثم إذا خرج الزرع وأدرك يحصد ويداس ويذرى ثم يطحن ويعجن ويخبز وإذا خرج من التنور بلا احتراق يصلح للخوان ولو احترق ضاع عمله وبطل سعيه وكذلك العبد يصلى ويصوم ويزكى ويحج فاذا جاء ملك الموت وحصد روحه بمنجل الموت وجعلوه فى القبر يكون فيه الى يوم القيامة وإذا جاء يوم القيامة وخرج من قبره ووقع الحشر والنشور وامر به الى الصراط فاذا جاوز الصراط سالما فقد صلح للرؤية والا فقد هلك فعلى العاقل ان يتفكر فى المنشور ويتذكر عاقبة الأمور: وفى المثنوى
فضل مردان بر زن اى حالى پرست ... زان بود كه مرد پايان بين ترست
مرد كاندر عاقبت بينى خمست ... او ز اهل عاقبت از زن كمست
از جهان دو بانك مى آيد بضد ... تا كدامين را تو باشى مستعد «1»
آن يكى بانكش نشور اتقيا ... وين دكر بانكش فريب اشقيا
آن يكى بانك اين كه اينك حاضرم ... بانك ديكر بنكر اندر آخرم
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان نصيحت دنيا اهل دنيا كه زبان حال وبيوفائى إلخ(6/215)
وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45)
من شكوفه خارم اى فخر كبار ... كل بريزم من نمايم شاخ خار
بانك اشكوفه اش كه اينك كل فروش ... بانك خارش او كه سوى ما مكوش
اى خنك آن كو ز اوّل آن شنيد ... كش عقول ومستمع مردان شنيد
وَإِذا رَأَوْكَ اى ابصروك يا محمد يعنى قريشا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً ان نافية اى ما يتخذونك الا موضع هزو اى يستهزئون بك قائلين بطريق الاستحقار والتهكم أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا اى بعث الله إلينا رسولا ليثبت الحجة علينا: وبالفارسية [آيا اين كس آنست كه او را بر انگيخت خدا وفرستاد پيغمبر] يعنى لم يقتصروا على ترك الايمان وإيراد الشبهات الباطلة بل زادوا عليه الاستخفاف والاستهزاء إذا رأوه وهو قول ابى جهل لابى سفيان وهذا نبى بنى عبد مناف وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اهل الحس لا يرون النبوة والرسالة بالحس الظاهر لانها تدرك بنظر البصيرة المؤيدة بنور الله وهم عميان بهذا البصر فلما سمعوا منه ما لم يهتدوا به من كلام النبوة والرسالة ما اتخذوه الا هزؤا وقالوا مستهزئين أهذا الذي بعث الله رسولا وهو بشر مثلنا محتاج الى الطعام والشراب: وفى المثنوى
كار پاكان را قياس از خود مكير ... كر چهـ ماند در نبشتن شير شير «1»
جمله عالم زين سبب كمراه شد ... كم كسى ز ابدال حق آگاه شد
همسرى با انبيا برداشتند ... أوليا را همچوخود پنداشتند
كفته اينك ما بشر ايشان بشر ... ما وايشان بسته خوابيم وخور
اين ندانستند ايشان از عمى ... هست فرق در ميان بى منتهى
هر دو كون زنبور خوردند از محل ... ليك شد زين نيش وزان ديكر عسل
هر دو كون آهو گيا خوردند وآب ... زين يكى سركين شد وز ان مشك ناب
هر دونى خوردند از يك آبخور ... اين يكى خالى وان پر از شكر
إِنْ كادَ ان مخففة من الثقيلة واللام فى لَيُضِلُّنا هى الفارقة بينهما وضمير الشان محذوف اى انه كاد اى قارب محمد ليضلنا عَنْ آلِهَتِنا اى ليصرفنا عن عبادتها صرفا كليا بحيث يبعدنا عنها: وبالفارسية [بدرستى نزديك بود كه او بسخن دلفريب وبسيارى جهد در دعوت واظهار دلائل بر مدعاى خود كمراه كند وباز دارد ما را از پرستش خدايان ما لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها ثبتنا عليها واستمسكنا بعبادتها قال الله تعالى فى جوابهم وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ البتة وان تراخى حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ الذي يستوجبه كفرهم اى يرون فى الآخرة عيانا ومن العذاب عذاب بدر ايضا مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا نسبوه عليه السلام الى الضلال فى ضمن الإضلال فان أحدا لا يضل غيره الا إذا كان ضالا فى نفسه فردهم الله واعلم انه لا يهملهم وان امهلهم وصف السبيل بالضلال مجازا والمراد سالكوها ومن أضل سبيلا جملة استفهامية معلقة ليعلمون فهى سادة مسد مفعوليه أَرَأَيْتَ [آيا ديدى] مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ كلمة أرأيت تستعمل تارة للاعلام وتارة للسؤال وهاهنا للتعجيب
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان حكايت مرد مقال إلخ(6/216)
من جهل من هذا وصفه والهه مفعول ثان قدم على الاول للاعتناء به لانه الذي يدور عليه امر التعجب والهوى مصدر هويه إذا أحبه واشتهاه ثم سمى به المهوى المشتهى محمودا كان او مذموما ثم غلب على غير المحمود فقيل فلان اتبع هواه إذا أريد ذمه فالهوى ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند منقول ودليل معقول. والمعنى أرأيت يا محمد من جعل هواه الها لنفسه بان أطاعه وبنى عليه امر دينه معرضا عن استماع الحجة والبرهان بالكلية كأنه قيل ألا تعجب ممن جعل هواه بمنزلة الإله فى الالتزام طاعته وعدم مخالفته فانظر اليه وتعجب منه وهذا الاستفهام للتقرير والتعجيب وكفته اند قومى بودند از عرب كه سنك مى پرستيدند هر كاه كه ايشانرا سنكى نيكو بچشم آمدى ودل ايشان آن خواستى آنرا سجود بردندى وآنچهـ داشتندى بيفكندندى حارث بن قيس از ايشان بود در كاروانى ميرفتند وآن سنك داشتند از شتر بيفتاد آواز در قافله افتاد كه سنك معبود از شتر بيفتاد توقف كنيد تا بجوييم ساعتى جستند ونيافتند كوينده از ايشان آواز داد كه] وجدت حجرا احسن منه فسيروا وفى الحديث (ما عبد اله ابغض على الله من الهوى) فكل من يعيش على ما يكون له فيه شرب نفسانى ولو كان استعمال الشريعة بهذه الطبيعة ومطلبه فيه الحظوظ النفسانية لا الحقوق الربانية فهو عابد هواه كما فى التأويلات النجمية قال الكاشفى صاحب تأويلات فرموده كه هر كه بغير خداى چيزى دوست دارد وبرو باز ماند واو را پرسته در حقيقت هواى خود را مى پرستد زيرا كه هواى او را بر محبت غير خدا ميدارد سيد حسينى رحمه الله در طرب المجالس آورده كه چون آدم صفى عليه السلام با حوا عقد بستند إبليس ودنيا بيكديكر پيوستند وهمچنانكه از امتزاج آنان با يكديكر آدمي وجود كرفت از وصلت إينان با همه هوا مدد مى يابند رسوم وعادات مردوده ومذاهب واديان مختلفه همه از تأثير او ظهور مى يابد
غبارى كه خيزد ميان ره اوست ... چهـ كويم كه هر يوسفى را چهـ اوست
قوت غلبه او تا حديست كه «الهوى أول اله عبد فى الأرض» در شان او وارد شده وزبان قرآن در حق او چنين فرموده كه (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) كويى كه اصل هواست وآلهه باطله همه فرع اويند وازينجا كه مخالفت هوى سبب وصول بحقيقت ايمانست]
سر ز هوى تافتن از سروريست ... ترك هوى قوت پيغمبريست
قال ابو سليمان رحمه الله من اتبع نفسه هواها فقد سعى فى قتلها لان حياتها بالذكر وموتها وقتلها بالغفلة فاذا غفل اتبع الشهوات وإذا اتبع الشهوات صار فى حكم الأموات: وفى المثنوى
اين جهان شهوتى بتخانه ايست ... انبيا وكافرانرا لانه ايست
ليك شهوت بنده پاكان بود ... زر نسوزد ز انكه نقد كان بود «1»
كافران قلبند و پاكان همچوزر ... اندرين پوته درند اين دو نفر
قلب چون آمد سيه شد در زمان ... زر در آمد شد زرىّ او عيان
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان ظاهر كردانيدن سليمان كه مرا خالصا لامر الله إلخ(6/217)
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)
[يكى را از أكابر سمرقند كفتند كه اگر كسى در خواب بيند كه حق سبحانه وتعالى مرده است تعبير آن چيست وى كفت كه أكابر كفته اند كه اگر كسى در خواب بيند كه پيغمبر صلى الله عليه وسلم مرده است تعبيرش آنست كه در شريعت اين صاحب واقعه قصورى وفتورى واقع شده است وآن مردن صورت شريعت است اين نيز مثل آن زنكى دارد. وبعضى كبار مى فرمودند كه ميتوان بود كه كسى حضور مع الله بوده باشد ناكاه آن حضور نماند تعبير آن مردن آن باشد. ومولانا نور الدين عبد الرحمن جامى رحمه الله اين سخن را تأويل ديكر كرده بودند فرموده كه ميتواند بود كه بحكم آيت كريمه (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) يكى از هواها كه صاحب واقعه آنرا خداى خود كرفته بوده است. از دل وى رخت بندند ونابود شود آن مردن خداى عبارت از نابودن اين هوا بود پس اين خواب دليل باشد بر آنكه حضور او زياده شود كذا فى رشحات على الصفي بن الحسين الكاشفى] أَفَأَنْتَ تَكُونُ [آيا مى باشى تو] عَلَيْهِ [بر آنكس كه هواى خود را خدا ساخته] وَكِيلًا حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا اى الاتخاذ اى لست موكلا على حفظه بل أنت منذر فهذا الاستفهام للانكار وليس هذا نهيا عن دعائه إياهم بل الاعلام بانه قد قضى ما عليه من الانذار والاعذار وقال بعض المفسرين هذه منسوخة بآية السيف أَمْ تَحْسَبُ بل أتظن: وبالفارسية [بلكه كمان ميبرى] أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ ما يتلى عليهم من الآيات حق سماع أَوْ يَعْقِلُونَ ما فى تضاعيفها من المواعظ الزاجرة عن القبائح الداعية الى المحاسن فتهتم بشأنهم وتطمع فى ايمانهم وتخصيص الا كثر لانه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استدبارا وخوفا على الرياسة قال ابن عطاء رحمه الله لا تظن انك تسمع نداءك انما تسمعهم ان سمعوا نداء الأزل والا فان نداءك لهم ودعوتك لا تغنى عنهم شيأ واجابتهم دعوتك هو بركة جواب نداء الأزل ودعوته فمن غفل واعرض فانما هو لبعده عن محل الجواب فى الأزل إِنْ هُمْ ما هم فى عدم انتفاعهم بما يقرع آذانهم من قوارع الآيات وانتفاء التدبر فيما يشاهدونه من الدلائل والمعجزات إِلَّا كَالْأَنْعامِ الا كالبهائم التي هى مثل فى الغفلة وعلم فى الضلالة وفى التأويلات النجمية ليس لهم نهمة الا فى الاكل والشرب واستجلاب حظوظ النفس كالبهائم التي نهمتها الاكل والشرب بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا من الانعام لانها تنقاد لمن يقودها وتميز من يحسن إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من اساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار ولانها لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا ولا شرا بخلاف هؤلاء ولان جهالتها لا تضر بأحد وجهالة هؤلاء تؤدى الى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ولانها غير متمكنة من طلب الكمال فلا تقصير منها ولاذم وهؤلاء مقصرون مستحقون أعظم العقاب على تقصيرهم واعلم ان الله تعالى خلق الملائكة وعلى العقل جبلهم وخلق البهائم وركب فيها الشهوة وخلق الإنسان وركب فيه الامرين اى العقل والشهوة فمن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم ولذا قال تعالى (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)(6/218)
أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45)
لان الإنسان بقدمي العقل المغلوب والهوى الغالب ينقل الى أسفل دركة لا تبلغ البهائم إليها بقدم الشهوة فقط ومن غلب عقله هواه اى شهوته فهو بمنزلة الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ومن كان غالبا على امره فهو خير من الملائكة كما قال تعالى (أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) كما قال فى المثنوى
در حديث آمد كه يزدان مجيد ... خلق عالم را سه كونه آفريد «1»
يك كروه را جمله عقل وعلم وجود ... آن فرشته است او نداند جز سجود
نيست اندر عنصرش حرص وهوا ... نور مطلق زنده از عشق خدا
يك كروه ديكر از دانش تهى ... همچوحيوان از علف در فربهى
او نبيند جز كه إصطبل وعلف ... از شقاوت غافلست واز شرف
اين سوم هست آدمي زاد وبشر ... از فرشته نيمى ونيمى ز خر
نيم خر خود مائل سفلى بود ... نيم ديكر مائل علوى شود
آن دو قسم آسوده از جنك وخراب ... وين بشر باد ومخالف در عذاب
واين بشر هم ز امتحان قسمت شدند ... آدمي شكلند وسه امت شدند
يك كروه مستغرق مطلق شدست ... همچوعيسى با ملك ملحق شدست
نقش آدم ليك معنى جبرئيل ... رسته از خشم وهوا وقال وقيل
قسم ديكر با خران ملحق شدند ... خشم محض وشهوت مطلق شدند
وصف جبريلى در ايشان بود رفت ... تنك بود آن خانه وآن وصف رفت
نام «كالانعام» كرد آن قوم را ... زانكه نسبت كو بيقظه نوم را
روح حيوانى ندارد غير نوم ... حسهاى منعكس دارند قوم
ماند يك قسمى دكر اندر جهاد ... نيم حيوان نيم حى با رشاد
روز وشب در جنك واندر كشمكش ... كرده جاليش آخرش با اولش
فعلى العاقل الاحتراز عن الافعال الحيوانية فانها سبب لزوال الجاه الصوري والمعنوي سئل بعض البرامكة عن سبب زوال دولتهم قال نوم الغدوات وشرب العشيات وقيل لى وانا مراقب بعد صلاة الفجر من لم يترك النوم اى من لم يترك الراحة الظاهرة مطلقا ومال كالحيوان الى الدعة والحضور لم يتخلص من الغفلة فمدار الخلاص هو ترك الراحة والعمل بسبيل مخالفة النفس والطبيعة أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والهمزة للتقرير والرؤية رؤية العين. والمعنى ألم تنظر الى بديع صنعه تعالى فان المنظور يجب ان يكون مما يصح ان يتعلق به رؤية العين كَيْفَ منصوبة بقوله مَدَّ الظِّلَّ اصل المد الجزء من المدة للوقت الممتد والظل ما يحصل مما يضيئ بالذات كالشمس او بالغير كالقمر قال فى المفردات الظل ضد الضح وهو بالكسر الشمس وضوءها كما فى القاموس وهو أعم من الفيء فانه يقال ظل الليل وظل الجنة ويقال لكل موضع لا تصل اليه الشمس ظل ولا يقال الفيء الا لما زال عنه الشمس يعنى ان الشمس تنسخ الظل وتزيله شيأ فشيأ الى الزوال ثم ينسخ الظل ضوء
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان اين حديث نبوى كه ان الله تعالى خلق الملائكة وركب فيهم العقل إلخ [.....](6/219)
ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50)
الشمس ويزيله من وقت الزوال الى الغروب فالظل الآخذ فى التزايد الناسخ لضوء الشمس يسمى فيأ لانه فاء من جانب المشرق الى جانب المغرب فهو من الزوال الى الغروب والظل الى الزوال. والمعنى كيف انشأ الظل أي ظل كان من جبل او بناء او شجر عند ابتداء طلوع الشمس ممتدا وهو بيان لكمال قدرته وحكمته بنسبة جميع الأمور الحادثة اليه بالذات وإسقاط الأسباب العادية عن رتبة السببية والتأثير بالكلية وقصرها على مجردة الدالة على وجود المسببات وَلَوْ شاءَ ربك سكون ذلك الظل لَجَعَلَهُ ساكِناً اى ثابتا على حاله من الطول والامتداد ومقيما: وبالفارسية [ثابت وآرام يافته بر يك منوال] يقال فلان يسكن بلد كذا إذا اقام به واستوطن والجملة اعتراضية بين المعطوفين للتنبيه من أول الأمر على انه لا مدخل فيما ذكر من المد للاسباب العادية وانما المؤثر فيه المشيئة والقدرة ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا عطف على مدّ داخل فى حكمه ولم يقل دالة لان المراد ضوء الشمس والمعنى جعلناها علامة يستدل باحوالها المتغيرة على أحواله من غير ان يكون بينهما سببية وتأثير قطعا حسبما نطقت به الشرطية المعترضة والالتفات الى نون العظمة لما فى جعل المذكور العاري عن التأثير مع ما يشاهد بين الشمس والظل من الدوران المطرد المنبئ عن السببية من مزيدة دلالة على عظم القدرة ودقة الحكمة وهو السر فى إيراد كلمة التراخي ثُمَّ قَبَضْناهُ عطف على مدّ داخل فى حكمه وثم للتراخى الزمانى اى أزلناه بعد ما انشأناه ممتدّا ومحوناه بمحض قدرتنا ومشيئتنا عند إيقاع شعاع الشمس موقعه من غير ان يكون له تأثير فى ذلك أصلا وانما عبر عنه بالقبض المنبئ عن جميع المنبسط وطيه لما انه قد عبر عن احداثه بالمد الذي هو البسط طولا إِلَيْنا تنصيص على كون مرجعه الى الله تعالى كما ان حدوثه عنه عز وجل قَبْضاً يَسِيراً اى على مهل قليلا قليلا حسب ارتفاع دليله اى الشمس. يعنى انه كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الظل فى جانب المغرب فلو قبضه الله تعالى دفعة لتعطلت منافع الظل والشمس قبضه يسيرا يسيرا لتبقى منافعهما والمصالح المتعلقة بهما هذا ما ارتضاه المولى ابو السعود فى تفسيره وقال غيره (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) اى بسطه فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس لانه لا شمس معه وهو أطيب الازمنة لان الظلمة الخالصة سبب لنفرة الطبع وانقباض نور البصر وشعاع الشمس مسخن للجو ومفرق لنور الباصرة وليس فيما بين طلوعيهما شىء من هذين ولذلك قال تعالى فى وصف الجنة (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) ويقال تلك الساعة تشبه ساعات الجنة الا ان الجنة أنور فالظل هو الأمر المتوسط بين ضوء الخالص والظلمة الخالصة (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) دائما لا شمس معه ابدا من السكنى وهو الاستقرار ولا تنسخه الشمس بان لا يتحرك حركة انقباض ولا انبساط بان جعل الشمس مقيمة على موضع واحد فهو من السكون الذي هو عدم الحركة (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) لانه لولا الشمس لما عرف الظل كما انه لولا النور لما عرف الظلمة والأشياء تتبين بأضدادها وهذا المعنى يؤيده تعميم الظل كما سبق من المفردات لكن لم يرض به ابو السعود رحمه الله لان ما ذكر من معنى الظل فى هذا الوجه وان كان فى الحقيقة ظلا للافق الشرقي لكنه غير معهود والمتعارف انه حالة مخصوصة يشاهدونها(6/220)
فى موضع يحول بينه وبين الشمس جسم كثيف [در عين المعاني آورده كه مد ظل اشارت بزمان فترتست كه مردم در حيرت بودند وشمس بنور اسلام كه طلوع سيد أنام عليه الصلاة والسلام از أفق إكرام طالع كشت واگر آن سايه دائم بودى خلق در تاريكى غفلت مانده بروشنى آگاهى نرسيدى
كرنه خورشيد جمال يار كشتى رهنمون ... از شب تاريك غفلت كس نبردى ره برون
[صاحب كشف الاسرار كويد اين آيت از روى ظاهر معجزه مصطفى عليه السلام وبفهم اهل حقيقت اشارتست بقرب وكرامت وى اما بيان معجزه آنست كه حضرت رسالت عليه السلام در سفرى بوقت قيلوله در زير درختى فرود آمد ياران بسيار بودند وسايه درخت اندك حق سبحانه وتعالى بقدرت كامله سايه آن درخت را ممدود كردانيد چنانچهـ همه لشكر اسلام در آن سايه بياسودند واين آيت نازل شد ونشان خصوصيت قربت آنكه فرمود (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) موسى
عليه السلام را بوقت طلب (أَرِنِي) داغ (لَنْ تَرانِي) بر دل نهاد واين حضرت را بى طلب فرمود كه نه مرا بينى ودر من مى نكرى ديكر چهـ خواهى]
فرقست ميان آنكه يارش در بر ... با آنكه دو چشم انتظارش بر در
وفى المثنوى
مرغ بر بالا پران وسايه اش ... مى دود بر خاك و پران مرغ وش
«1» ابلهى صياد آن سايه شود ... مى دود چند آنكه بى مايه شود
بى خبر كان عكس آن مرغ هواست ... بى خبر كه اصل آن سايه كجاست
تير اندازد بسوى سايه او ... تركشش خالى شود از جست وجو
تركش عمرش تهى شد عمر رفت ... از دويدن در شكار سايه تفت
سايه يزدان چوباشد دايه اش ... وا رهاند از خيال وسايه اش
سايه يزدان بود بنده خدا ... مرده اين عالم وزنده خدا
دامن او كير زوتر بى گمان ... تا رهى در دامن آخر زمان
«كيف مد الظل» نقش اولياست ... كاو دليل نور خورشيد خداست
اندر اين وادي مرو بي اين دليل ... «لا أحب الآفلين» كو چون خليل
رو ز سايه آفتابى را بياب ... دامن شه شمس تبريزى بتاب
قال فى المصطلحات الظل هو الوجود الإضافي الظاهر بتعينات الأعيان الممكنة وأحكامها التي هى معدومات ظهرت باسمه النور الذي هو الوجود الخارجي المنسوب إليها فيستر ظلمة عدميتها النور الظاهر بصورها صار ظلا لظهور الظل بالنور وعدميته فى نفسه قال الله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) اى بسط الوجود الإضافي على الممكنات فالظلمة بإزاء هذا النور هو العدم وكل ظلمة فهى عبارة عن عدم النور عما من شأنه ان يتنور به قال الله تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) الآية والكامل المتحقق بالحضرد الواحدية والسلطان ظل الله اى ظل الحقيقة الالهية الجامعة وهى سر الإنسان الكامل الذي صورته السلطان أعظم الظاهر
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان سؤال كردن خليفه از ليلى إلخ(6/221)
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)
اى فى الجامعية والإحاطة وَهُوَ اى الله تعالى وحده الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً كاللباس يستركم بظلامه كما يستر اللباس فشبه ظلامه باللباس فى الستر. واصل اللبس ستر الشيء وجعل اللباس وهو ما يلبس اسما لكل ما يغطى الإنسان من قبيح وجعل الزوج لزوجها لباسا فى قوله (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) من حيث انه يمنعها عن تعاطى قبيح وجعل التقوى لباسا فى قوله (وَلِباسُ التَّقْوى) على طريق التمثيل والتشبيه فان قلت إذا كان ظلمة الليل لباسا فلا حاجة الى ستر العورة فى صلاة الليل قلت لا اعتبار لستر الظلمة فان ستر العورة باللباس ونحوه لحق الصلاة وهو باق فى الظلمة والضوء وَالنَّوْمَ سُباتاً النوم استرخاء اعصاب الدماغ بر طوبات البخار الصاعد والسبت قطع العمل ويوم سبتهم يوم قطعهم للعمل وسمى يوم السبت لذلك او لانقطاع الأيام عنده لان الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة ايام فقطع عمله يوم السبت كما فى المفردات. والمعنى وجعل النوم الذي يقع فى الليل غالبا راحة للابدان بقطع المشاغل والأعمال المختصة بحال اليقظة او جعله موتا فعبر عن القطع بالسبات الذي هو الموت لما بينهما من المشابهة التامة فى انقطاع الحياة وعليه قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) فالموت والنوم من جنس واحد خلا ان الموت هو الانقطاع الكلى اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهر البدن وباطنه والنوم هو الانقطاع الناقص اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهره دون باطنه والمسبوت الميت لانقطاع الحياة عنه والمريض المغشى عليه لزوال عقله وتمييزه وعليه قولهم مثل المبطون والمفلوج والمسبوت ينبغى ان لا يبادر الى دفنهم حتى يمضى يوم وليلة ليتحقق موتهم وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً النهار الوقت الذي ينتشر فيه الضوء وهو فى الشرع ما بين طلوع الفجر الى غروب الشمس وفى الأصل ما بين طلوع الشمس الى غروبها والنشور اما من الانتشار اى وجعل النهار ذا نشور اى انتشار ينتشر فيه الناس لطلب المعاش وابتغاء الرزق كما قال (لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) او من نشر الميت إذا عاد حيا اى وجعل النهار زمام بعث من ذلك السبات والنوم كبعث الموتى على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اى نفس البعث على طريق المبالغة وفيه اشارة الى ان النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور وعن لقمان عليه السلام يا بنى كما تنام فتوقظ كذلك تموت فتنشر: وفى المثنوى
نوم ما چون شد أخ الموت اى فلان ... زين برادر آن برادر را بدان «1»
وفى الآية رخصة للمنام بقدر دفع الضرورة وهو فتور البدن قال بعض الكبار النوم راحة للبدن والمجاهدات اتعاب البدن فيتضادان وحقيقة النوم سد حواس الظاهر لفتح حواس القلب والحكمة فى النوم ان الروح القدسي او اللطيفة الربانية او النفس الناطقة غريبة جدا فى هذا الجسم السفلى مشغولة باصلاحه وجلب منافعه ودفع مضاره محبوسة فيه مادام المرء يقظان فاذا نام ذهب الى مكانه الأصلي ومعدنه الذاتي فيستريح بواسطة لقاء الأرواح ومعرفة المعاني والغيوب مما يتلقى فى حين ذهابه الى عالم الملكوت من المعاني التي يراها بالامثلة فى عالم الشهادة وهو السر فى تعبير الرؤيا فاذا هجر المجاهد النوم والاستراحة ذابت
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان مثال ديكر هم دران معنى(6/222)
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48)
عليه اجزاء الأركان الاربعة من الترابية والمائية والنارية والهوائية فيعرى القلب حينئذ عن الحجب فينظر الى عالم الملكوت بعين قلبه فيشتاق الى ربه وربما يرى المقصود فى نومه كما حكى عن شاه شجاع انه لم ينم ثلاثين سنة فاتفق انه نام ليلة فرأى الحق سبحانه فى منامه ثم بعد ذلك كان يأخذ الوسادة معه ويضطجع حيث كان فسئل عن ذلك فانشأ يقول
رأيت سرور قلبى فى منامى ... فاحببت التنعس والمناما
فهذا حال اهل النهاية فانهم حيث كانت بصيرتهم يقظانة كان منامهم فى حكم اليقظة ولذا قال بعضهم
مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست
واما حال غيرهم فكما قيل
سر آنكه ببالين نهد هوشمند ... كه خوابش بقهر آورد در كمند
وعن ذى النون المصري رحمه الله ثلاثة من اعلام العبادة حب الليل للسهر فى الطاعة والخلوة بالصلاة وكراهة النهار لرؤية الناس والغفلة عن الصلاة والمبادرة بالأعمال مخافة الفتنة قال بعضهم جعل الليل وقتا لسكون قوم ووقتا لانزعاج آخرين فارباب الغفلة يسكنون فى ليلهم والمحبون يسهرون فان كانوا فى روح الوصال فلا يأخذهم النوم لكمال انسهم وان كانوا فى ألم الفراق فلا يأخذهم النوم لكمال قلقهم فالسهر للاحباب صفة اما لكمال السرور او لهجوم الغموم ثم الأدب عند الانتباه ان يذهب بباطنه الى الله تعالى ويصرف فكره الى امر الله قبل ان يجول الفكر فى شىء سوى الله ويشغل اللسان بالذكر فالصادق كالطفل الكلف بالشيء إذ أنام ينام على محبة الشيء وإذا انتبه يطلب ذلك الذي كان كلفا به وعلى هذا الكلف والشغل يكون الموت والقيام الى الحشر فلينظر وليعتبر عند انتباهه من النوم ما همه فانه يكون هكذا عند القيام من القبر ان كان همه الله والا فهمه غير الله وفى الخبر (إذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد فان قعد وذكر الله تعالى انحلت عقدة فان توضأ انحلت اخرى وان صلى ركعتين انحلت كلها فاصبح نشيطا طيب النفس والا أصبح كسلان خبيث النفس) وفى خبر آخر (ان نام حتى يصبح بال الشيطان فى اذنه) والعياذ بالله من شر النفس والشيطان وَهُوَ تعالى وحده الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ [كشاد بادها در هوا قال فى كشف الاسرار إرسال اينجا بمعنى كشادن است چنانكه كويى] أرسلت الطائر وأرسلت الكلب المعلم انتهى وفى المفردات قد يكون الإرسال للتسخير كارسال الريح والريح معروفة وهى فيما قيل الهواء المتحرك وقيل فى الرحمة رياح بلفظ الجمع لانها تجمع الجنوب والشمال والصبا وقيل فى العذاب ريح لانها واحدة وهى الدبور وهو عقيم لا يلقح ولذا ورد فى الحديث (اللهم اجعلها لنا رياحا ولا تجعلها ريحا) بُشْراً حال من الرياح تخفيف بشر بضمتين جمع بشورا وبشير بمعنى مبشر لان الرياح تبشر بالمطر كما قال تعالى (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) بالفارسية [بشارت دهندكان] بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ اى قدام المطر على سبيل الاستعارة وذلك لانه ريح ثم سحاب ثم مطر. وبالفارسية [پيش از نزول رحمت كه او بارانست يعنى وزيدن ايشان غالبا دلالت ميكند بر وقوع مطر در أوان آن باران آسمان را رحمت نام كرد از انكه برحمت ميفرستد] وَأَنْزَلْنا بعظمتنا والالتفات الى(6/223)
لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)
نون العظمة لابراز كمال العناية بالانزال لانه نتيجة إرسال الرياح مِنَ السَّماءِ من جهة الفوق وقد سبق تحقيقه مرارا ماءً طَهُوراً بليغا فى الطهارة وهو الذي يكون طاهرا فى نفسه ومطهرا لغيره من الحدث والنجاسة: وبالفارسية [آبى پاك و پاك كننده] والطهور يجيئ صفة كما فى ماء طهورا واسما كما فى قوله عليه السلام (التراب طهور المؤمن) وبمعنى الطهارة كما فى تطهرت طهورا حسنا اى وضوأ حسنا ومنه قوله عليه السلام (لا صلاة الا بالطهور) قال فى فتح الرحمن الطهور هو الباقي على اصل خلقته من ماء المطر والبحر والعيون والآبار على أي صفة كان من عذوبة وملوحة وحرارة وبرودة وغيرها وما تغير بمكثه او بطاهر لا يمكن صونه عنه كالتراب والطحلب وورق الشجر ونحوها فهو طاهر فى نفسه مطهر لغيره يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس بالاتفاق قال تغير عن اصل خلقته بطاهر يغلب على اجزائه ما يستغنى عنه الماء غالبا لم يجز التطهير به عد الثلاثة وجوز ابو حنيفة رحمه الله الوضوء بالماء المتغير بالزعفران ونحوه من الطاهرات ما لم تزل رقته وقال ايضا يجوز ازالة النجاسة بالمائعات الطاهرة كالخل وماء الورد ونحوهما وخالفه الثلاثة ومحمد بن الحسن وزفر كما فصل فى الفقه ثم فى توصيف الماء بالطهور مع ان وصف الطهارة لا دخل له فى ترتيب الاحياء والسقي على إنزال الماء إشعار بالنعمة فيه لان وصف الطهارة نعمة زائدة على إنزال ذات الماء وتتميم للمنة المستفادة من قوله لنحيى به ونسقيه فان الماء الطهور اهنأ وانفع مما خالطه ما يزيل طهوريته وتنبيه على ان ظواهرهم لما كانت مما ينبغى ان يطهروها كانت بواطنهم بذلك اولى لأن باطن الشيء اولى بالحفظ عن التلوث من ظاهره وذلك لان منظر الحق هو باطن الإنسان لا ظاهره والتطهير مطلقا سبب لتوسع الرزق كما قال عليه السلام (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) والماء الذي هو سبب الرزق الصوري طاهر ومطهر فينبغى لطالبه ان يكون دائما على الطهارة الظاهرة فانها الجالبة له واما الطهارة الباطنة فجالبة للرزق المعنوي وهو ما يكون غذاء للروح من العلو والفيوض لِنُحْيِيَ بِهِ اى بما أنزلنا من السماء من الماء الطهور وهو تعليل للانزال بَلْدَةً مَيْتاً لا أشجار فيها ولا اثمار ولا مرعى واحياؤها بانبات النبات والمراد القطعة من الأرض عامرة كانت او غيرها: وبالفارسية [شهرى مرده يعنى موضعى كه در خشك سال بوده يا مكانى را كه در زمستان خشك وافسرده كشت] والتذكير حيث لم يقل بلدة ميتة لانه بمعنى البلد او الموضع والمكان ولأنه غير جار على الفعل بان يكون على صيغة اسم الفاعل او المفعول فاجرى مجرى الجامد وَنُسْقِيَهُ اى ذلك الماء الطهور عند جريانه فى الاودية اى اجتماعه فى الحياض او المنابع والآبار: وبالفارسية [وبياشامانيم ان اب] وسقى وأسقي لغتان بمعنى يقال سقاه الله الغيث وأسقي والاسم السقيا قال الامام الراغب السقي والسقيا ان تعطيه ماء ليشربه والاسقاء ان تجعل له ذلك حتى يتناوله كيف يشاء والاسقاء ابلغ من السقي لان الاسقاء هو ان تجعل له ماء يستقى منه ويشرب كقوله أسقيته نهرا. فالمعنى مكناهم من ان يشربوه ويسقوا منه أنعامهم مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً متعلق بقوله نسقيه اى نسقى ذلك الماء بعض خلقنا من الانعام والاناسىّ وانتصابها على البدل من محل الجار والمجرور فى قوله مما خلقنا(6/224)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50)
ويجوز ان يكون انعاما وأناسي مفعول نسقيه. ومما خلقنا متعلق بمحذوف على انه حال من انعاما والانعام جمع نعم وهى المال الراعية واكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل وقال فى المغرب الانعام الأزواج الثمانية فى قوله (مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) وأناسي جمع انسان عند سيبويه على ان أصله أناسين فابدلت النون ياء وادغم فيها الياء التي قبلها وقال الفراء والمبرد والزجاج انه جمع انسى وفيه نظر لان فعالىّ انما يكون جمعا لما فيه ياء مشددة لا تدل على نسب نحو كراسىّ فى جمع كرسىّ فلو أريد بكرسي النسب لم يجز جمعه على كراسىّ ويبعد ان يقال ان الياء فى انسى ليست للنسب وكان حقه ان يجمع على اناسية نحو مهالية فى جمع المهلىّ كذا فى حواشى ابن الشيخ وقال الراغب الانسى منسوب الى الانس يقال ذلك لمن كثر أنسه ولكل ما يؤنس به وجمع الانسىّ اناسىّ وقال فى الكرسي انه فى الأصل منسوب الى الكرس اى التلبد ومنه الكراسة للمتلبد من الأوراق انتهى قوله كثيرا صفة أناسي لانه بمعنى بشر والمراد بهم اهل البوادي الذين يعيشون بالمطر ولذا نكر الانعام والأناسي. يعنى ان التنكير للافراد النوعي وتخصيصهم بالذكر لان اهل المدن والقرى يقيمون بقرب الأنهار والمنابع فلا يحتاجون الى سقيا السماء وسائر الحيوانات من الوحوش والطيور تبعد فى طلب الماء فلا يعوزها الشرب غالبا يقال أعوزه الشيء إذا احتاج اليه فلم يقدر عليه وخص الانعام بالذكر لانها قنية للانسان اى يقتنيها ويتخذها لنفسه لا للتجارة وعامة منافعهم ومعايشهم منوطة بها فلذا قدم سقيها على سقيهم كما قدم على الانعام احياء الأرض فانه سبب لحياتها وتعيشها فانظر كيف رتب ذكر ما هو رزق الإنسان ورزق رزقه فان الانعام رزق الإنسان والنبات رزق الانعام والمطر رزق النبات فقدم ذكر المطر ورتب عليه ذكر حياة الأرض بالنبات ورتب عليه ذكر الانعام وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ اى وبالله لقد كررنا هذا القول الذي هو ذكر إنشاء السحاب وإنزال القطر لما مر من الغايات الجليلة فى القرآن وغيره من الكتب السماوية بَيْنَهُمْ اى بين الناس من المتقدمين والمتأخرين لِيَذَّكَّرُوا اى ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة فى ذلك ويقوموا بشكره حق القيام وأصله يتذكروا والتذكر التفكر فَأَبى الإباء شدة الامتناع ورجل أبيّ ممتنع من تحمل الضيم وهو متأول بالنفي ولذا صح الاستثناء اى لم يفعل او لم يرد او لم يرض أَكْثَرُ النَّاسِ ممن سلف وخلف إِلَّا كُفُوراً الا كفران النعمة وقلة المبالاة بشأنها فان حقها ان يتفكر فيها ويستدل بها على وجود الصانع وقدرته وإحسانه وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها وأعظم الكفر جحود الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا كما فى المفردات واكثر اهل التفسير على ان ضمير صرفناه راجع الى نفس الماء الطهور الذي هو المطر. فالمعنى (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ) اى فرقنا المطر بينهم بانزاله فى بعض البلاد والامكنة دون غيرها او فى بعض الأوقات دون بعض او على صفة دون اخرى بجعله تارة وابلا وهو المطر الشديد واخرى طلا وهو المطر الضعيف ومرة ديمة وهو المطر الذي يدوم أياما فابى اكثر الناس الا جحودا للنعمة وكفرا(6/225)
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)
بالله تعالى بان يقولوا مطرنا بنوء كذا اى بسقوط كوكب كذا كما يقول المنجمون فجعلهم الله بذلك كافرين حيث لم يذكروا صنع الله تعالى ورحمته بل اسندوا مثل هذه النعمة الى الافلاك والكواكب فمن لا يرى الأمطار الا من الأنواء فهو كافر بالله بخلاف من يرى ان الكل بخلق الله تعالى والأنواء امارات بجعل الله تعالى والأنواء النجوم التي يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه فى جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها وقيل الى الطالع منها لانه فى سلطانه يقال ناء به الحمل أثقله وأماله فالنوء نجم مال للغروب ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح اخطأ نوءك وفى الحديث (ثلاث من امر الجاهلية الطعن فى الأنساب والنياحة والأنواء) وعن زيد بن خالد الجهني رضى الله عنه قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية فى اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال (هل تدرون ماذا قال ربكم) قالوا الله ورسوله اعلم قال (قال أصبح عبادى مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب واما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب) كذا فى كشف الاسرار. فعلى المؤمن ان يحترز من سوء الاعتقاد ويرى التأثير فى كل شىء من رب العباد فالمطر بامره نازل وفى انزاله الى بلد دون بلد وفى وقت دون وقت وعلى صفة دون صفة حكمة ومصلحة وغاية جليلة- روى- ان الملائكة يعرفون عدد القطر ومقداره فى كل عام لانه لا يختلف ولكن تختلف فيه البلاد- روى- مرفوعا (ما من ساعة من ليل ولا نهار الا السماء المطر فيها يصرفه الله حيث يشاء) وفى الحديث (ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حوّل الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار) وفى المثنوى
تو بزن يا ربنا آب طهور ... تا شود اين نار عالم جمله نور «1»
آب دريا جمله در فرمان تست ... آب وآتش اى خداوند ان تست
كر تو خواهى آتش آب خوش شود ... ور نخواهى آب آتش هم شود
اين طلب از ما هم از إيجاد تست ... رستن از بيداد يا رب دادتست
بى طلب تو اين طلب مان داده ... كنج احسان بر همه بگشاده
وَلَوْ شِئْنا أردنا لَبَعَثْنا [برانگيختيم وفرستاديم] قال الراغب البعث إثارة الشيء وتوجيهه فِي كُلِّ قَرْيَةٍ مصر ومدينة وبالفارسية: [در هر ديهى ومجتمعى] فان القرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس نَذِيراً بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف اى نبيا ينذر أهلها فيخفف عليك أعباء النبوة ولكن بعثناك الى القرى كلها رسولا وقصرنا الأمر عليك إجلالا لشأنك وإعظاما لاجرك وتفضيلا لك على سائر الرسل: وبالفارسية [اما بجهت تعظيم وعلو مكان تو نبوت را بر تو ختم كرديم وترا بر كافه مردمان تا بروز قيامت مبعوث ساختيم] قال فى التأويلات النجمية يشير الى كمال القدرة والحكمة وعزة النبي عليه السلام وتأديب الخواص. اما القدرة فاظهر انه قادر على ما يشاء وليس الأمر كما زعم الفلاسفة
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن شير سيب واپسى كشيدن پاى خركوش إلخ(6/226)
فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)
والطبائعية ان ظهور ارباب النبوة يتعلق بالقرانات والاتصالات فحسب بل يتعلق بالقدرة كيف يشاء وما يشاء والذي يدل على بطلان أقاويلهم وصحة ما قلنا ما روى ان موسى عليه السلام تبرّم وقتا بكثرة ما كان يسأل فاوحى الله فى ليلة واحدة الى الف نبى من بنى إسرائيل فاصبحوا رسلا وتفرق الناس عن موسى عليه السلام فضاق قلب موسى وقال يا رب انى لم أطق ذلك فقبض الله أرواحهم فى ذلك اليوم. واما الحكمة فقد اقتضت قلة الأنبياء فى زمان واحد إظهارا لعزتهم فان فى الكثرة نوعا من الإزراء وايضا فيها احتمال غيرة البعض على البعض كما غار موسى على تلك الأنبياء فاماتهم الله تعالى عزة لموسى عليه السلام. واما عزة النبي عليه السلام فبانفراده فى النبوة فى زمانه واختصاصه بالفضيلة على الكافة وإرساله الى الجملة ونسخ الشرائع بشريعته وختم النبوة به وحفظ كتابه عن النسخ والتغيير والتحريف واقامة ملته الى قيام الساعة. واما تأديب الخواص فبقوله (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) إذ نوع تأديب للنبى عليه السلام بأدق اشارة كما قال (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فالقصد ان يتأدب به خواص عباده وان يكونوا معصومين من رؤبة الأعمال والعجب بها انتهى: يعنى [مقصود آنست كه رب العزة ميخواهد تا دوستان وخواص بندگان خود پيوسته معصوم دارد از آنكه ايشانرا با خود التفاتى بود يا با روش خويش نظرى كنند] فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ فيما ندبوك اليه من عبادة الآلهة واتباع دين الآباء واغلظ عليهم ولا تداهنهم واثبت على الدعوة واظهار الحق وَجاهِدْهُمْ [وجهاد كن با ايشان وباز كوش] والجهاد والمجاهدة استغراق الوسع فى مدافعة العدو بِهِ اى بالقرآن بتلاوة ما فى تضاعيفه من المواعظ وتذكير الحوال الأمم المكذبة جِهاداً كَبِيراً عظيما تاما شديدا لا يخالطه فتور فان مجاهدة السفهاء بالحجج اكبر من مجاهدة الأعداء بالسيف وانما لم يحمل المجاهدة على القتال بالسيف لانه انما ورد الاذن بعد الهجرة بزمان والسورة مكية قال الامام الراغب المجاهدة تكون باللسان واليد وفى الحديث (جاهدوا الكفار بايديكم وألسنتكم) وفى حديث آخر (جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم) قوله وألسنتكم اى اسمعوهم ما يكرهونه ويشق عليهم سماعه من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك كما فى مشارع الاشواق يقول الفقير ويجوز ان يكون الجهاد بالالسنة بترك المداهنة فى حقهم وإغراء الناس على دفع فسادهم كما ان الجهاد بالأموال بالدفع الى من يحاربهم ويستأصلهم ثم الاشارة بلفظ المشركين الى اهل الرياء والبدع فاشارة الخطاب فى جاهدوا ايضا الى اصحاب الإخلاص والسنة فانه لا بد لاهل الحق من جهاد اهل البطلان فى كل زمان خصوصا عند غلبة الخوف فانه أفضل الجهاد كما قال عليه السلام (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) وانما كان أفضل الجهاد لان من جاهد العدو كان مترددا بين رجاء وخوف ولا يدرى هل يغلب او يغلب وصاحب السلطان مقهور فى يده فهو إذا قال الحق وامره بالمعروف فقد تعرض للتلف فصار ذلك أفضل انواع الجهاد من أجل غلبة الخوف كذا فى أبكار الافكار للسمرقندى ثم الاشارة فى الآية الى النفس وصفاتها فلا تطعهم وجاهدهم بسيف الصدق على قانون القرآن فى مخالفة الهوى وترك الشهوات(6/227)
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53)
وقطع التعلقات جهادا كبيرا لا تواسيهم بالرخص وتعاندهم بالعزائم قائما بحق الله من غير جنوح الى غيره او مبالاة بما سواه: وفى المثنوى
اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند خصمى زان بتر در اندرون «1»
كشتن اين كار عقل وهوش نيست ... شير باطن سخره خركوش نيست
دوزخست اين نفس ودوزخ اژدهاست ... كو بدرياها نكردد كم وكاست
هفت دريا را در آشامد هنوز ... كم نكردد سوزش آن خلق سوز
قوت از حق خواهم وتوفيق ولاف ... تا بسوزن بر كنم اين كوه قاف
سهل شيرى دانكه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خود را بشكند
اللهم سلمنا من آفات العدو مطلقا وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ من مرج الدابة خلاها وأرسلها ترعى ومرج أمرهم اختلط والبحر الماء الكثير عذبا كان او ملحا عند الأكثر وأصله المكان الواسع الجامع للماء الكثير كما فى المفردات. والمعنى خلاهما وأرسلهما فى مجاريهما كما يرسل الخيل فى المرج متلاصقين بحيث لا يتمازجان ولا يلتبس أحدهما بالآخر ويدل على بعد كل منهما عن الآخر مع شدة التقارب بينهما الاشارة الى كل منهما بأداة القرب كما يجيئ ويجوز ان يكون محمولا على المقيد وهو قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) هذا عَذْبٌ حال بتقدير القول اى مقولا فى حقهما هذا عذب اى طيب: وبالفارسية [اين يك اب شيرين] فُراتٌ قاطع للعطش لغاية عذوبته صفة عذب والتاء اصلية قال الطيبي سمى بالفرات لأنه يرفت العطش اى يكسره على القلب يعنى يكفى فى اعتبار معنى الكسر اشتقاق الفرات منه بالاشتقاق الكبير كجبذ من الجذب ومنه سمى الفرات نهر الكوفة وهو نهر عظيم عذب طيب مخرجه من ارمينية وفى الملكوت أصله فى قرية من قرى جابلقا ينحدر الى الكوفة وآخر مصبه بعضا فى دجلة وبعضا فى بحر فارس وَهذا مِلْحٌ [وان ديكر شور] قال الراغب الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح إذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب ماء مالح أُجاجٌ بليغ الملوحة صفة الملح قالوا ان الله تعالى خلق ماء البحر مرّا زعاقا اى مرّا غليظا بحيث لا يطاق شربه انزل من السماء ماء عذبا فكل ماء عذب من بئر او نهر او عين فمن ذلك المنزل من السماء وإذا اقتربت الساعة بعث الله ملكا معه طست لا يعلم عظمه الا الله فجمع تلك المياه فردها الى الجنة. واختلفوا فى ملوحة ماء البحر فزعم قوم انه لما طال مكثه وأحرقته الشمس صار مرا ملحا واجتذب الهواء ما لطف من اجزائه فهو بقية صفته الأرض من الرطوبة فغلظ لذلك. وزعم آخرون ان فى البحر عروقا تغير ماء البحر ولذلك صار مرا زعاقا وَجَعَلَ بَيْنَهُما اى بين البحرين: وبالفارسية [وبساخت ميان اين دو دريا] بَرْزَخاً حدا وحاجزا من قدرته غير مرئى وَحِجْراً مَحْجُوراً الحجر بمعنى المنع والمحجور الممنوع وهو صفة الحجر على التأكيد كليل أليل ويوم ايوم وهذه كلمة استعاذة كما سبق فى هذه السورة. والمعنى هاهنا على التشبيه اى تنافرا بليغا كأن كلا منهما يتعوذ من الآخر بتلك المقالة ويقول حراما محرما عليك ان تغلب
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر(6/228)
علىّ وتزيل صفتى وكيفيتى اعلم ان اكثر اهل التفسير حمل البحرين على بحرى فارس والروم فانهما يلتقيان فى البحر المحيط وموضع التقائهما هو مجمع البحرين المذكور فى الكهف ولكن يلزم على هذا ان يكون البحر الاول عذبا والثاني ملحا مع انهم قالوا لا وجود للبحر العذب وذلك لانهما فى الأصل خليجان من المحيط وهو مرّ وان كان أصله عذبا كما قال فى فتح القريب عند قوله تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) اى العذب فحين خلق الله الأرض من زبده جزر المحيط عن الأرض فاحاط بالعالم احاطة العين لسوادها فالوجه ان يحمل العذب على واحد من الأنهار فان كل نهر عظيم بحر كما فى مختار الصحاح كدجلة نهر بغداد تنصب الى بحر فارس وتدخل فيه وتشقه وتجرى فى خلاله فراسخ لا يتغير طعمها كما ان الماء الذي يجرى فى نهر طبرية نصفه بارد ونصفه حار فلا يختلط أحدهما بالآخر والاوجه ان يمثل بالنيل المبارك والبحر الأخضر وهو بحر فارس الذي هو شعبة من البحر الهندي الذي يتصل بالبحر المحيط وبحر فارس مرّ فانه صرح فى خريدة العجائب انه يتكون فيه اللؤلؤ وانما يتكون فى الملح وذلك ان بحر النيل يدخل فى البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج ويختلط به وهو معنى المرج ولولا اختلاطه بملوحته لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته كما فى انسان العيون وذكر بعضهم ان سيحون وجيحون والنيل والفرات تخرج من قبة من زبرجدة خضراء من جبل عال وتسلك على البحر المظلم وهى احلى من العسل واذكى رائحة من المسك ولكنها تتغير المجاري فالبحر الملح على هذا هو بحر الظلمة وهو البحر المحيط الغربي ويسمى المظلم لكثرة أهواله وارتفاع أمواجه وصعوبته ولا يعلم ما خلفه الا الله تعالى وما قيل ان الماء العذب والماء الملح يجتمعان فى البحر فيكون العذب أسفل والملح أعلى لا يغلب أحدهما على الآخر وهو معنى قوله وحجرا محجورا يخالف ما قال بعضهم ان كل الأنهار تبتدئ من الجبال وتنصب فى البحار وفى ضمن ممرها بطائح وبحيرات فاذا صبت فى البحر المالح وأشرقت الشمس على البحر تصعد الى الجو بخارا وتنعقد غيوما اى ولذا لا يزيد ماء البحار بانصباب الأنهار فيها فهو يقتضى ان يكون الماء العذب أعلى لا أسفل إذ العذب خفيف والملح ثقيل وميل الخفيف الى الأعلى وقال وهب ان الحوت والثور يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فى البحار فلذا لا يزيد ماء البحار فاذا امتلأت أجوافهما من المياه قامت القيامة ولا نهاية لقدرة الله تعالى فقد ذكروا ان بحيرة تنيس تصير عذبة ستة أشهر وتصير ملحا أجاجا ستة أشهر كذا دأبها ابدا قال الكاشفى [محققان برآنند كه بحرين خوف ورجاست كه در دل مؤمن هيچ يك بر ديكرى غلبه نكند كه «لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا» وبرزخ حمايت الهى وعنايت نامتناهى] وفى كشف الاسرار البحر الملح لا عذوبة فيه والعذب لا ملوحة فيه وهما فى الجوهرية واحد ولكنه سبحانه بقدرته غاير بينهما فى الصفة كذلك خلق القلوب بعضها معدن اليقين والعرفان وبعضها محل الشك والكفران وقال بعضهم البحران بحر المعرفة وبحر النكرة فالاول بحر الصفات يفيض لطائفه على الأرواح والقلوب والعقول ويستعد به والعارفون والثاني بحر الذات فانه ملح أجاج لا تتناوله العقول والقلوب والأرواح إذ لا تسير السيارات فى بحار(6/229)
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)
القدم فهى نكرة وبينهما برزخ المشيئة لا يدخل اهل بحر الصفات بحر الذات ولا يرجع اهل بحر الذات الى بحر الصفات. وايضا قلوب اهل المعرفة منورة بانوار الموافقات وقلوب اهل النكرة مظلمة بظلمة المخالفات وبينهما قلوب العامة ليس لها علم ما يرد عليها وما يصدر منها فليس معها خطاب ولا لها جواب: وفى المثنوى
ماهيانرا بحر نكذارد برون ... خاكيانرا بحر نكذارد درون «1»
اصل ماهى ز اب وحيوان از كلست ... حيله وتدبير اينجا باطلست
قفل زفتست وكشاينده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا
قطره با قلزم چهـ استيزه كند ... ابلهست او ريش خود بر مى كند «2»
نسأل الله الفياض الوهاب ان يدخلنا فى بحر فيضه الكثير وعطائه الوفير وهو على ذلك قدير وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ أوجد مِنَ الْماءِ هو الماء الذي خمر به طينة آدم عليه السلام او هو النطفة بَشَراً آدميا والبشرة ظاهر الجلد كما ان الادمة محركة باطنه الذي يلى اللحم وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلدة من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف او الشعر او الوبر كالضأن والمعز والإبل وخص فى القرآن كل موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر واستوى فيه الواحد والجمع فَجَعَلَهُ اى البشر او الماء نَسَباً وَصِهْراً اى قسمه قسمين ذوى نسب اى ذكورا ينسب إليهم فيقال فلان ابن فلان وفلانة بنت فلان
فانما أمهات الناس أوعية ... مستودعات وللآباء ابنا
وذوات صهر اى إناثا يصاهر بهن ويخالط كقوله تعالى (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) قال الامام الراغب النسب اشتراك من جهة الأبوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والأبناء ونسب بالعرض كالنسبة بين الاخوة وبنى العم وقيل فلان نسيب فلان اى قريبه انتهى. والصهر زوج بنت الرجل وزوج أخته كالختن على ما فى القاموس وقيل غير ذلك وفى تاج المصادر [المصاهرة: با كسى بنكاح وصلت كردن] وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً مبالغا فى القدرة حيث قدر ان يخلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين وربما يخلق من مادة واحدة توأمين ذكرا وأنثى قال فى كشف الاسرار [ابن سيرين كفت اين آيت در مصطفى عليه السلام وعلى كرم الله وجهه فرو آمد كه مصطفى دختر خويش را بزنى بعلى داد على پسر عمش بود وشوهر دخترش هم نسب بود هم صهر وقصه تزويج فاطمه رضى الله عنها آنست كه مصطفى عليه السلام روزى در مسجد آمد شاخى ريحان بدست كرفته سلمان را رضى الله عنه كفت يا سلمان رو على را خوان سلمان رفت وكفت يا على أجب رسول الله على كفت يا سلمان رسول خدايرا اين زمان چون ديدى و چكونه او را كذشتى كفت يا على سخت شادان وخندان چون ماه تابان وشمع رخشان على آمد بنزديك مصطفى عليه السلام ومصطفى آن شاخ ريحان فرا دست على داد عظيم خوش بوى بود كفت يا رسول الله اين چهـ بويست بدين خوشى كفت يا على از ان نثارهاست كه حور بهشت كرده اند بر تزويج دخترم فاطمه كفت با كه يا رسول الله كفت
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود إلخ
(2) در اواخر دفتر سوم در بيان شناختن هر حيوانى بوى عدو خويش را إلخ(6/230)
با تو يا على من در مسجد نشسته بودم كه فرشته درآمد بر صفتى كه هركز چنان نديده بودم كفت نام من محمودست ومقام من در آسمان دنيا در مقام معلوم خود بودم ثلثى ز شب ندايى شنيدم از طبقات آسمان كه اى فرشتكان مقربان وروحانيان وكروبيان همه جمع شويد در آسمان چهارم همه جمع شدند وهمچنين مكان مقعد صدق واهل فراديس أعلى ودرجات عدن حاضر كشتند فرمان آمد كه اى مقربان دركاه واى خاصكيان پادشاه سوره هل أتى على الإنسان بر خوانيد ايشان همه بآواز دلربايى بألحان طرب افزايى سوره هل أتى خواندن كرفتند آنكه درخت طوبى را فرمان آمد تو نثار كن بر بهشتها بر تزويج فاطمه زهرا با على مرتضى ودرخت طوبى در بهشت هيچ قصر وغرفه ودريچهـ نيست كه از درخت طوبى در آنجا شاخى نيست پس طوبى بر خود بلرزيد ودر بهشت كوهر ومرواريد وحلها باريدن كرفت پس فرمان آمد تا منبرى از يك دانه مرواريد سپيد در زير درخت طوبى بنهادند فرشته كه نام او را حيل است ودر هفت طبقه آسمان فرشته ازو فصيحتر وكوياتر نيست بآن منبر برآمد وخدايرا جل جلاله ثنا كفت وبر پيغمبران درود داد آنكه جبار كائنات خداوند ذو الجلال قادر بر كمال بى واسطه ندا كرد كه اى جبرائيل واى ميكائيل شما هر دو كواه معرفت فاطمه باشيد ومن كه خداوندم ولى فاطمه ام واى كروبيان واى روحانيان آسمان شما كواه باشيد كه من فاطمه زهرا بزنى بعلى مرتضى دادم آن ساعت كه رب العزة اين ندا كرد ابرى برآمد زير جنات عدن ابرى روشن وخوش كه در آن تيركى وكرفتكى نه وبوى خوش وجواهر نثار كرد ورضوان وولدان وحور بهشت برين عقد نثار كردند پس رب العزة مرا بدين بشارت بتو فرستاد يا محمد كفت حبيب مرا بشارت ده وبا وى بگو كه ما اين عقد در آسمان بستيم تو نيز در زمين ببنديد پس مصطفى عليه السلام مهاجر وأنصار را حاضر كرد آنكه روى با على كرد كفت يا على چنين حكمى در آسمان رفت اكنون من فاطمه دخترم را بچهار صد درم كابين بزنى بتو دادم على كفت يا رسول الله من پذيرفتم نكاه وى رسول كفت بارك الله فيكما] قال فى انسان العيون كان فى السنة الثانية من الهجرة تزويج فاطمة لعلى رضى الله عنهما عقد عليها فى رمضان وكان عمرها خمس عشرة سنة وكان سن على يومئذ احدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وأولم عليها بكبش من عند سعد وآصع من ذرة من عند جماعة من الأنصار رضى الله عنهم ولما خطبها على قال عليه السلام (ان عليا يخطبك فسكتت) وفى رواية قال لها (اى بنية ان ابن عمك قد خطبك فماذا تقولين) فبكت ثم قالت كأنك يا أبت انما ادّخرتنى لفقير قريش فقال عليه السلام (والذي بعثني بالحق ما تكلمت فى هذا حتى اذن الله فيه من السماء) فقالت فاطمة رضيت بما رضى الله ورسوله وقد كان خطبها ابو بكر وعمر رضى الله عنهما فقال عليه السلام (لكل انتظر بها القضاء) فجاء ابو بكر وعمر رضى الله عنهما الى على رضى الله عنه يأمر انه ان يخطبها قال على فنبهانى اى لامر كنت عنه غافلا فجئته عليه السلام فقلت تزوجنى فاطمة قال (وعندك شىء) قال فرسى وبدني اى درعى قال (اما فرسك فلا بد لك منها واما بدنك فبعها) فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما فجئته(6/231)
عليه السلام فوضعتها فى حجره فقبض منها قبضة فقال (اى بلال ابتع بها طيبا) ولما أراد ان يعقد خطب خطبة منها (الحمد الله المحمود بنعمته المعبود بوحدته الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بحكمته ثم أن الله تعالى جعل المصاهرة نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ثم ان الله أمرني ان أزوج فاطمة من على على اربعمائة مثقال فضة أرضيت يا على) قال رضيت بعد ان خطب على ايضا خطبة منها «الحمد لله شكرا لا نعمه وأياديه واشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغه وترضيه» ولما تم العقد دعا عليه السلام بطبق بسر فوضعه بين يديه ثم قال للحاضرين انتهبوا وليلة بنى بها قال عليه السلام لعلى (لا تحدث شيأ حتى تلقانى) فجاءت بها أم أيمن حتى قعدت فى جانب البيت
وعلى فى جانب آخر وجاء رسول الله فقال لفاطمة (ائتنى بماء) فقامت تعثر فى ثوبها من الحياء فاتته بقعب فيه ماء فاخذه رسول الله ومج فيه ثم قال لها (تقدمى) وتقدمت فنضح بين ثدييها وعلى رأسها وقال (اللهم انى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) ثم قال (ائتوني بماء) فقال على رضى الله عنه فعلمت الذي يريد فقمت وملأت القعب فاتيت به فاخذه فمج فيه وصنع بي كما صنع بفاطمة ودعالى بما دعا لها به ثم قال اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما فى شملهما) اى الجماع وتلا قوله تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) والمعوذتين ثم قال (ادخل باهلك باسم الله والبركة) وكان فراشها إهاب كبش اى جلده وكان لهما قطيفة إذا جعلاها بالطول انكشفت ظهورهما وإذا جعلاها بالعرض انكشفت رؤسهما وقالت له فى بعض الأيام يا رسول الله ما لنا فراش الا جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار فقال لها عليه السلام (يا بنية اصبري فان موسى بن عمران عليه السلام اقام مع امرأته عشر سنين ليس لهما فراش الا عباءة قطوانية) وهى نسبة الى قطوان موضع بالكوفة وفاطمة ولدتها خديجة رضى الله عنها قبل النبوة بخمس سنين ماتت بالمدينة بعد موت النبي عليه السلام بستة أشهر ولها ثمان وعشرون سنة ومناقبها كثيرة معروفة رضى الله عنها وعن أولادها واستشهد على رضى الله عنه بالكوفة وهو ابن ثلاث وستين سنة وصلى عليه الحسن ودفن ليلا وغيب قبره بوصية منه وكان مخفيا فى زمن بنى امية وصدرا من خلافة بنى العباس حتى دل عليه الامام جعفر الصادق رضى الله عنه قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه (يهلك فيك رجلان محب مطر وكذاب مفتر) كما فى انسان العيون وفى التأويلات النجمية الاشارة فى الآية الى ان الإنسان خلق مركبا من جنسين مختلفين صورته من عالم الخلق وروحه من عالم الأمر فجعل له نسبا وصهرا فنسبه الى روحه وانتساب الروح الى الله والى رسوله وانتسابه الى الله بقوله (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) والى رسوله بقوله عليه السلام (انا من الله والمؤمنون منى) فجعل الله خواص عباده من اهل هذا النسب وصهره بشريته التي خلقت من الماء كما قال تعالى (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) جمع بين الامرين فجعل الله عوام خلقه من اهل هذا الصهر فالغالب عليهم خواص البشر وهى الحرص والشهوة والهوى والغضب فيها يرد الى الوركات السفلية والغالب على اهل النسب خواص الروحانية وهى الشوق(6/232)
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)
والمحبة والطلب والحلم والكرم وبها يجذب الى الدرجات العلية وكان ربك قديرا على جعل الفريقين من اهل الطريقين انتهى: قال المولى الجامى قدس سره
قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت ... به سابقه فضل ازل نتوان يافت
والله المرجو فى كل مسئول وَيَعْبُدُونَ اى المشركون حال كونهم مِنْ دُونِ اللَّهِ متجاوزين عبادة الله تعالى ما لا يَنْفَعُهُمْ ان عبدوه مفعول يعبدون. والنفع ما يستعان به فى الوصول الى الخيرات وما يتوصل به الى الخير فهو خير والنفع الخير وضده الضر وَلا يَضُرُّهُمْ ان لم يعبدوه وما ليس من شأنه النفع والضر أصلا وهو الأصنام وما فى حكمها من المخلوقات إذ ما من مخلوق يستقل بالنفع والضر فلا فائدة فى عبادته والاعتماد عليه واتباعه وَكانَ الْكافِرُ بشركه وعداوته للحق عَلى رَبِّهِ الذي رباه بنعمته متعلق بقوله ظَهِيراً عونا للشيطان فالظهير بمعنى المظاهر اى المعين والمراد بالكافر الجنس او ابو جهل فانه أعان الشيطان على الرحمن فى اظهار المعاصي والإصرار على عداوة الرسول وتشجيع الناس على محاربته ونحوها وَما أَرْسَلْناكَ فى حال من الأحوال إِلَّا حال كونك مُبَشِّراً للمؤمنين بالجنة والرحمة. والتبشير اخبار فيه سرور وَنَذِيراً منذرا للكافرين بالنار والغضب. والانذار اخبار فيه تخويف قُلْ لهم ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على تبليغ الرسالة التي ينبئ عنها الإرسال مِنْ أَجْرٍ من جهتكم فتقولوا انه يطلب أموالنا بما يدعونا اليه فلا نتبعه. والاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او أخرويا إِلَّا مَنْ شاءَ الا من فعل من يريد أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا ان يتقرب اليه ويطلب الزلفى عنده بالايمان والطاعة حسبما أدعوكم اليه. يعنى ان أعطيتم إياي اجرا فاعطونى ذلك الفعل فانى لا اسأل غيره: وبالفارسية [مزد من ايمان وطاعت مؤمنانست زيرا كه مرا من عند الله اجرى مقرر است وثابت شده كه هر پيغمبرى را برا بر عباد وصلحاى امت او ثواب خواهد بود] والظاهر ان الاستثناء منقطع. والمعنى لا اطلب من أموالكم جعلا لنفسى لكن من شاء إنفاقه لوجه الله فليفعل فانى لا امنعه عنه وفى التأويلات النجمية (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ) بما يتوسل به الى من خدمة او انفاق او تعظيم (إِلى رَبِّهِ) قربة ومنزلة ولهذا قال المشايخ يصل المريد بالطاعة الى الجنة وبالتعظيم وإجلال الشيوخ الى الله تعالى وفى الفتوحات المكية مذهبنا ان للواعظ أخذ الاجرة على وعظ الناس وهو من أحل ما يأكل وان كان ترك ذلك أفضل وإيضاح ذلك ان مقام الدعوة الى الله يقتضى الاجارة فان ما من نبى دعا الى الله الا قال ان اجرى الا على الله فاثبت الاجر على الدعاء ولكن اختار ان يأخذه من الله لا من المخلوق انتهى وافتى المتأخرون بصحة الاجرة للاذان والاقامة والتذكير والتدريس والحج والغزو وتعليم القرآن والفقه وقراءتهما لفتور الرغبات اليوم ولو كانت الاجرة على امر واجب كما إذا كان المعلم والامام والمفتى واحدا فانها لم تصح اجماعا كما فى الكرماني وغيره وكذا إذا كان الغسال فى القرية واحدا فانه يتعين له غسل الميت ولا يجوز له طلب الاجرة وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ فى الاستكفاء عن شرورهم والإغناء عن أجورهم فانه(6/233)
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)
الحقيق بان يتوكل عليه دون الاحياء الذين من شأنهم الموت فانهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم واصل التوكل ان يعلم العبد بان الحادثات كلها صادرة من الله ولا يقدر أحد على الإيجاد غيره فيفوض امره الى الله فيما يحتاج اليه وهذا القدر فرض وهو من شرط الايمان قال تعالى (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ومازاد على هذا القدر من سكون القلب وزوال الانزعاج والاضطراب فهى احوال تلحق بالتوكل على وجه الكمال كذا فى التأويلات النجمية قال الواسطي من توكل على الله لعلة غير الله فلم يتوكل على الله بل توكل على غير الله وسئل ابن سالم أنحن مستنون بالكسب او التوكل فقال ابن سالم التوكل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما استن الكسب لضعف حالهم حين اسقطوا عن درجة التوكل الذي هو حاله فلما سقطوا عنه لم يسقطهم عن درجة طلب المعاش بالمكاسب التي هى سنة ولولا ذلك لهلكوا يقال عوام المتوكلين إذا اعطوا شكروا وإذا منعوا صبروا. وخواصهم إذا اعطوا آثروا وإذا منعوا شكروا ويقال الحق يجود على الأولياء إذا توكلوا بتيسير السبب من حيث يحتسبون ولا يحتسبون. ويجود على الأصفياء بسقوط الارب وإذا لم يكن ارب فمتى يكون طلب ويقال التوكل ان يكون مثل الطفل لا يعرف شيأ يأوى اليه الا ثدى امه كذلك المتوكل يجب ان لا يرى لنفسه مأوى الا الله تعالى: وفى المثنوى
نيست كسبى از توكل خوبتر ... چيست از تسليم خود محبوبتر «1»
طفل تا گيرا وتا پويا نبود ... مركبش جز گردن بابا نبود
چون فضولى كشت ودست و پانمود ... در عنا افتاد ودر كور وكبود
ما عيال حضرتيم وشير خواه ... كفت «الخلق عيال للآله»
آنكه او از آسمان باران دهد ... هم تواند كو ز رحمت نان دهد
وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ اى نزه تعالى عن صفات النقصان وعن كل ما يرد على الوهم والخيال حال كونك مثنيا عليه بنعوت الكمال طالبا لمزيد الانعام بالشكر على سوابقه وفى الحديث (من قال كل يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) كما فى فتح الرحمن وَكَفى بِهِ الباء زائدة للتأكيد اى حسبك الحي الذي لا يموت وقوله بِذُنُوبِ عِبادِهِ ما ظهر منها وما بطن متعلق بقوله خَبِيراً مطلقا فيجزيهم جزاء وافيا فلا يحتاج معه الى غيره الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ محل الموصول الجر على انه صفة اخرى للحى وَما بَيْنَهُما من الأركان والمواليد فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فى مدتها من ايام الدنيا لانه لم يكن ثمة شمس ولا قمر وذلك مع قدرته على خلقها فى اسرع لمحة ليعلم العباد ان التأنى مستحب فى الأمور ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ اصل الاستواء الاستقرار والتساوي واعتدال الشيء فى ذاته ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء والغلبة كما فى المفردات وهو المراد هنا ومعنى الاستيلاء عليه كناية عن الملك والسلطان والمراد بيان نفاذ تصرفه فيه وفيما دونه لكنه خص العرش بالذكر لكونه أعظم الأجسام الرَّحْمنُ خبر مبتدأ محذوف اى الذي خلق الاجرام العلوية والسفلية وما بينهما هو الرحمن وهو تمهيد لما يأتى من قوله (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ)
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان ترجيح نهادن تخجير ان توكل را بر اجتهاد(6/234)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)
وبيان ان المراد من الاستواء المذكور فى الحقيقة تعيين مرتبة الرحمانية فَسْئَلْ بِهِ متعلق بما بعده وهو خَبِيراً كما فى قوله (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ونظائره اى فاسأل خبيرا بما ذكر من الخلق والاستواء يعنى الذي خلق واستوى لانه هو الخبير بأفعاله وصفاته كما قال (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) وقال (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ومن جعل قوله (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) عطفا على الا الله يكون الخبير المسئول منه هو الراسخون فى العلم وقد مر تحقيق الآية فى سورة الأعراف وسورة يونس وسورة طه فارجع وفى الفتوحات المكية لما كان الحق تعالى هو السلطان الأعظم ولا بد للسلطان من مكان يكون فيه حتى يقصد بالحاجات مع انه تعالى لا يقبل المكان اقتضت المرتبة ان يخلق عرشا ثم ذكر انه استوى عليه حتى يقصد بالدعاء وطلب الحوائج منه كل ذلك رحمة للعباد وتنزلا لعقولهم ولولا ذلك لبقى العبد حائرا لا يدرى اين يتوجه بقلبه وقد خلق الله تعالى القلب ذا جهة فلا يقبل الا ما كان له جهة وقد نسب الحق تعالى لنفسه الفوقية من سماء وعرش واحاطة بالجهات كلها بقوله (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) وبقوله (ينزل ربنا الى سماء الدنيا) وبقوله عليه السلام (ان الله فى قبلة أحدكم) وحاصله ان الله تعالى خلق الأمور كلها للمراتب لا للاعيان انتهى وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى لهؤلاء المشركين اسْجُدُوا صلوا وعبر عن الصلاة بالسجدة لانها من أعظم أركانها لِلرَّحْمنِ الذي برحمته أوجد الموجودات قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ اى أي شىء هو او من هو لان وضع ما أعم وهو سؤال عن المسمى بهذا الاسم لانهم ما كانوا يطلقونه على الله ولا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم وان كان مذكورا فى الكتب الاولى انه من اسماء الله تعالى أو لأنهم كانوا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم الا انهم يزعمون انه قد يراد به غيره وهو مسيلمة الكذاب باليمامة فانه يقال رحمن اليمامة وكان المشركون يكذبونه ولذلك غالطوا بذلك وقالوا ان محمدا يأمرنا بعبادة رحمن اليمامة ونظيره ان المنافقين صدرت منهم كلمات وحركات فى حق النبي عليه السلام بالاستهزاء والاستسخار فقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) فغالطوا فى الجواب عن ذلك بهاتين اللفظتين الموهمتين صدق ما كانوا فيه حتى كذبهم الله تعالى بقوله (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) والمغالطة هو ان المنشئ او المتكلم يدل على معنى له مثل او نقيض فى شىء ويكون المثل او النقيض احسن موقعا لارادته الإبهام به كذا فى العقد الفريد للعلامة ابن طلحة أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا بسجوده من غير ان نعرف ان المسجود له ماذا وهو استفهام انكار اى لا نسجد للرحمن الذي تأمرنا بسجودنا له وَزادَهُمْ اى الأمر بالسجود للرحمن نُفُوراً عن الايمان. والنفور الانزعاج عن الشيء والتباعد وهو نظير قوله (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) فمن جهل وجود الرحمن او علم وجوده وفعل فعلا او قال قولا لا يصدر الا من كافر فكافر بالاتفاق كما فى فتح الرحمن وذلك كما إذا سجد للصنم او القى المصحف فى المزابل او تكلم بالكفر يكفر بلا خلاف لكونه علامة التكذيب وكان سفيان الثوري رحمه الله إذا قرأ هذه الآية رفع رأسه الى السماء وقال الهى زادنى خضوعا مازاد أعداءك نفورا وقال رجل لرسول الله(6/235)
تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)
صلى الله عليه وسلم ادع الله ان يرزقنى مرافقتك فى الجنة قال (اعنى بكثرة السجود) قال فى فتح الرحمن وهذا محل سجود بالاتفاق قال الكاشفى [اين سجده هفتم است بقول امام أعظم وبقول امام شافعى سجده هشتم واين را در فتوحات سجده نفور وانكار ميكويد وميفرمايد كه چون مؤمن در تلاوت اين سجده كند ممتاز كردد از اهل انكار پس اين سجده را امتياز نيز توان كفت] وتكبير سجود تلاوة سنة كما فى النهاية او ندب كما فى الكافي او الثاني ركن كما فى الزاهدي ولم يوجد ان كليهما ركن وإذا اخر عن وقت القراءة يكون قضاء كما قال ابو يوسف فهو على الفور عنده لكنه ليس على الفور عندنا فجميع العمر وقته سوى المكروه كما فى كتب الأصول والفروع والتأخير ليس بمكروه. وذكر الطحاوي انه مكروه وهو الأصح كما فى التجنيس ذكره القهستاني فى شرحه ثم ان قوله تعالى (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) يدل على ان لا سجدة لغير الرحمن ولو كانت لامرت المرأة بسجدة زوجها قال شمس الائمة السرخسي السجود لغير الله تعالى على وجه التعظيم كفر وما يفعلونه من تقبيل الأرض بين يدى العلماء فحرام. وذكر الصدر الشهيد لا يكفر بهذا السجود لانه يريد به التحية انتهى لكنه يلزم عليه ان لا يفعل لانه شريعة منسوخة وهى شريعة يعقوب عليه السلام فان السجود فى ذلك الزمان كان يجرى مجرى التحية كالتكرمة بالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الناشئة فى التعظيم والتوقير ويدل عليه قوله تعالى فى حق اخوة يوسف وأبيه (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) . واما الانحناء للسلطان او لغيره فمكروه لانه يشبه فعل اليهود كما ان تقبيل يد نفسه بعد المصافحة فعل المجوس. واختلفوا فى سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم فقال ابو حنيفة ومالك يكره فيقتصر على الحمد والشكر باللسان وخالف ابو يوسف ومحمد أبا حنيفة فقالا هى قربة يثاب عليها وقال الشافعي واحمد يسن وحكمه عندهما كسجود التلاوة لكنه لا يفعل فى الصلاة كذا فى فتح الرحمن وذكر الزاهدي فى شرح القدورى ان السجدات خمس صلواتية وهى فرض وسجدة سهو وسجدة تلاوة وهما واجبتان وسجدة نذر وهى واجبة بان قال لله علىّ سجدة تلاوة وان لم يقيدها بالتلاوة لا تجب عند ابى حنيفة خلافا لابى يوسف وسجدة شكر ذكر الطحاوي عن ابى حنيفة انه قال لا أراه شيأ قال ابو بكر الرازي معناه ليس بواجب ولا مسنون بل مباح لا بدعة وعن محمد انه كرهها قال ولكنا نستحبها إذا أتاه ما يسره من حصول نعمة او دفع نقمة قال الشافعي فيكبر مستقبل القبلة ويسجد فيحمد الله تعالى ويشكره ويسبح ثم يكبر فيرفع رأسه اما بغير سبب فليس بقربة ولا مكروه واما ما يفعل عقيب الصلاة فمكروه لان الجهال يعتقدونها سنة او واجبة وكل مباح يؤدى اليه فمكروه انتهى والفتوى على ان سجدة الشكر جائزة بل مستحبة لا واجبة ولا مكروهة كما فى شرح المنية
بشكر عشق إ جبهه دائما بر خاك ... كه نعمتست نخوردست ساكن أفلاك
اللهم اجعلنا من المتواضعين لك فى اللمع والحلك تَبارَكَ الَّذِي اى تكاثر خير الفياض الذي وقد ذكر فى أول هذه السورة فارجع قال فى برهان القرآن خص هذا الموضع بذكر تبارك لان ما بعده من عظائم الأمور حيث ذكر البروج والسيارات والشمس والقمر والليل(6/236)
والنهار ولولاها ما وجد فى الأرض حيوان ولا نبات ولا مثلهما جَعَلَ بقدرته الكاملة فِي السَّماءِ [در آسمان] بُرُوجاً هى البروج الاثنا عشر كل برج منزلان وثلث منزل للقمر وهى منازل الكواكب السبعة السيارة وهى ثلاثون درجة للشمس واسماء البروج الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت فالحمل والعقرب بيتا المريخ والثور والميزان بيتا الزهرة والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد والسرطان بيت القمر والأسد بيت الشمس والقوس والحوت بيتا المشترى والجدى والدلو بيتا زخل وهذه البروج مقسومة على الطبائع الأربع فيكون لكل واحدة منها ثلاثة بروج مثلثات الحمل والأسد والقوس مثلثة نارية والثور والسنبلة والجدى مثلثة ارضية والجوزاء والميزان والدلو مثلثة هوائية
والسرطان والعقرب والحوت مثلثة مائية وسميت المنازل بالبروج وهى القصور العالية لانها للكواكب السيارة كالمنازل الرفيعة لسكانها واشتقاقها من التبرج لظهورها وقال الحسن ومجاهد وقتادة البروج هى النجوم الكبار مثال الزهرة وسهيل والمشترى والسماك والعيوق وأشباهها سميت بروجا لاستتارتها وحسنها وضوئها والابرج الواسع ما بين الحاجبين ثم ان منازل القمر باساميها ذكرت فى أوائل سورة يونس فارجع وَجَعَلَ فِيها اى فى البروج لا فى السماء لان البروج اقرب فعود الضمير إليها اولى وان جاز عوده الى السماء ايضا سِراجاً [چراغى را كه آفتابست] قال الراغب السراج الزاهر بفتيلة ويعبر به عن كل شىء مضىء والمراد به هاهنا الشمس لقوله تعالى (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) شبهت الشمس والكواكب الكبار بالسرج والمصابيح كما فى قوله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) فى الانارة والاشراق وَقَمَراً بالفارسية [ماه] والهلال بعد ثلاث قمر سمى قمرا لبياضه كما فى المختار او لابيضاض الأرض به والأقمر الأبيض كما فى كشف الاسرار مُنِيراً مضيئا بالليل قال فى كشف الاسرار [كفته اند مراد ازين آسمان آسمان قرآنست كه جمله اهل ايمان در ظل بيان وى اند هر سورتى از ان چون برجى آنجا در عالم صور سبع مبانى است واينجا در عالم سور سبع مثانى چنانكه در شب هر كه چشم بر ستاره دارد راه زمين وى كم نشود هر كه اندر شب فتنه از بيم شك وشبهه چشم دل بر ستاره آيت قرآن دارد راه دينش كم نشود] قال فى نفائس المجالس فى الآية دلالة على كمال قدرته فان هذه الاجرام العظام والنيرات من آثار قدرته واعلم ان الله تعالى جعل فى سماء نفسك بروج حواسك وجعل فيها سراج روحك وقمر قلبك منيرا بانوار الروحانية فعليك بالاجتهاد فى تنوير وجودك وتخليص قلبك من الظلمات النفسانية لتستعد لانوار التجليات وتتخلص من ظلمة السوي فتصل الى المطلب الأعلى فيحصل لك البقاء بعد الفناء فتجد بعد الفقر كمال الغنى فتشاهد كمال قدرة الملك القادر هنا وفى عرائس القرآن بروج السماء مجارى الشمس والقمر وهى الحمل والنور إلخ. وفى القلب بروج وهى برج الايمان وبرج المعرفة وبرج العقل وبرج اليقين وبرج الإسلام وبرج الإحسان وبرج التوكل وبرج الخوف وبرج الرجاء وبرج المحبة وبرج الشوق وبرج الوله فهذه اثنا عشر برجا بها دوام صلاح القلب كما ان الاثني عشر برجا من الحمل إلخ(6/237)
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)
بها صلاح الدار الفانية وأهلها وفى السماء سراج الشمس ونور القمر وفى القلب سراج الايمان والإقرار وقمر المعرفة يتلألأ نور إيمانه ومعرفته على لسانه بالذكر وعلى عينيه بالعبرة وعلى جوارحه بالطاعة والخدمة وفى التأويلات النجمية يشير الى سماء القلوب وبروج المنازل والمقامات وهى اثنا عشر منزلا التوبة والزهد والخوف والرجاء والتوكل والصبر والشكر واليقين والإخلاص والتسليم والتفويض والرضى وهى منازل سيارات الأحوال فيها شمس التجلي وقمر المشاهدة وزهرة الشوق ومشترى المحبة وعطارد الكشوف ومريخ الفناء وزخل البقاء انتهى
هر كه خواهد بجان سير بروج ... آسمان را كند چوعيسى عروج
آسمان را طريق معراجست ... دل بمعراج فلك محتاجست
چون كذر ميكند ز برج فنا ... يابد آخر تجليات بقا
اين تجلى ز سوى عرشى نه ... اين تسلى ز سمت فرشى نه
اين تجلئ خالق الابراج ... بسراجش نديده چشم سراج
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ بحكمته التامة اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً الخلفة مصدر للنوع فلا يصلح ان يكون مفعولا ثانيا لجعل ولا حالا من مفعوله فلا بد من تقدير المضاف ويستعمل بمعنى كان خليفته او بمعنى جاء بعده فالمعنى على الاول جعلهما ذوى خلفة يخلف كل واحد منهما الآخر بان يقوم مقامه فيما ينبغى ان يعمل فيه فمن فرط فى عمل أحدهما قضاه فى الآخر فيكون توسعة على العباد فى نوافل العبادات والطاعات ويؤيده ما قال عليه السلام لعمر بن الخطاب رضى الله عنه وقد فاتته قراءة القرآن بالليل (يا ابن الخطاب لقد انزل الله تعالى فيك آية وهو الذي إلخ ما فاتك من النوافل بالليل فاقضه فى نهارك وما فاتك فى النهار فاقضه فى الليل) وعلى الثاني جعلهما ذوى اعتقاب يجىء الليل ويذهب النهار ويجىء النهار ويذهب الليل ولم يجعل نهارا لا ليل له وليلا لانهار له ليعلم الناس عدد السنين والحساب وليكون للانتشار فى المعاش وقت معلوم وللاستقرار والاستراحة وقت معلوم. ففى الآية تذكير لنعمته وتنبيه على كمال حكمته وقدرته لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ ان يتذكر آلاء الله ويتفكر فى صنعه فيعلم ان لا بد له من صانع حكيم واجب بالذات رحيم على العباد فالمراد بمن هو الكافر ثم أشار الى المؤمن بقوله أَوْ أَرادَ شُكُوراً بضم الشين مصدر بمعنى الشكر اى ان يشكر الله بطاعته على ما فيها من النعم فتكون او على حالها ويجوز ان تكون بمعنى الواو فالمعنى جعلناهما خلفة ليكونا وقتين للذاكرين والشاكرين من فاته ورده فى أحدهما تداركه فى الآخر ووجه التعبير باو التنبيه على استقلال كل واحد منهما بكونه مطلوبا من الجعل المذكور ولو عطف بالواو لتوهم ان المطلوب مجموع الامرين قال الامام الراغب الشكر تصور النعمة وإظهارها قيل هو مقلوب عن الكشر اى الكشف ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها وقيل أصله من عين شكرى اى ممتلئة والشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه والشكر على ثلاثة اضرب شكر بالقلب وهو تصور النعمة وشكر باللسان وهو الثناء على النعمة وشكر بسائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقها(6/238)
عطايست هر موى ازو بر تنم ... چهـ كونه بهر موى شكرى كنم
اعلم ان الآية الكريمة اشارة الى ان ورد النفل لا يقضى إذا فات لكن على طريق الاستحباب لا على طريق الوجوب وذلك ان دوام الورد سبب لدوام الوارد ودوام الوارد سبب للوصلة ألا ترى ان النهر انما يصل الى البحر بسبب امداد الأمطار والثلوج التي فى الجبال فلو انقطع المدد فقد المرام كما قال الصائب
از زاهدان خشك رسايى طمع مدار ... سيل ضعيف واصل دريا نميشود
ولذا أكب العباد والسلاك على الأوراد فى الليل والنهار وجعلوها على أنفسهم بمنزلة الواجبات ولذا لوفات عنهم ورد الليل قضوه فى النهار ولو فات عنهم ورد النهار قضوه فى الليل يعنى أتوا ببدله مما كان مثلا له حتى لا ينقطعوا دون السبيل فمن عرف الطريق الى الله لا يرجع ابدا ولو رجع عذب فى الدارين بما لم يعذب به أحد من العالمين فعليك بالورد صباحا ومساء فانه من ديدن السلف الصالحين وإياك والغفلة عنه فانها من دأب من بال على اذنه الشيطان من الفاسقين وعن الشيخ ابى بكر الضرير رضى الله عنه قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم بالنهار ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام فجاءنى يوما وقال يا أستاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا واحدة فيهن شوهاء اى قبيحة لم ار أقبح منها منظرا فقلب لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول
اسأل لمولاك وارددني الى حالى ... فانت قبحتنى من بين اشكالى
لا ترقدنّ الليالى ما حييت فان ... نمت الليالى فهن الدهر أمثالي
فاجابتها جارية من الحسان
نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها ... تتلو القرآن بترجيع ورنات
نحن الحسان اللواتى كنت تخطبنا ... جوف الظلام بانات وزفرات
قال ثم شهق شهقة خرميتا ذكره الامام اليافعي فى روض الرياحين- وروى- ان إبليس ظهر ليحيى ابن زكريا عليهما السلام فرأى عليه معاليق من كل شىء فقال يحيى يا إبليس ما هذه المعاليق التي ارى عليك قال هذه الشهوات التي أصيب بهن ابن آدم قال فهل لى فيها من شىء قال ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر قال يحيى هل غير ذلك قال لا والله قال لله علىّ ان لا املأ بطني من طعام ابدا قال إبليس ولله على ان لا انصح مسلما ابدا كذا فى آكام المرجان واحتضر عابد فقال ما تأسفى علىّ دار احزان والخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله فمن وجد الفرصة فليسارع وبقية العمر ليس لها ثمن
اى كه پنجاه رفت ودر خوابى ... مكر اين پنج روز دريابى
خواب نوشين بامداد رحيل ... باز دارد پياده را ز سبيل
[كفته اند ايزد تعالى فلك را آفريد ومدت دور وى دو قسم كردانيد يك قسم از ان شب ديجور نهاد كه اندر ان وقت روى زمين بسان قير شود وقسم ديكر روز با نور نهاد كه روى زمين بسان كافور شود از روى اشارت ميكويد اى كسانى كه اندر روشنايى روز دولت(6/239)
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)
آرام داريد ايمن مباشيد كه شب محنت بر اثرست واى كسانى كه اندر تاريكى شب محنت بى آرام بوده آيد نوميد مباشيد كه روشنايى روز دولت بر اثرست]
اى دل صبور باش ومخور غم كه عاقبت ... اين شام صبح كردد واين شب سحر شود
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل اليقظة والشهود الواصلين الى مطالعة الجمال فى كل مشهود ونعوذ به من البقاء فى ظلمة الوجود والحرمان من فيض الجود انه رحيم ودود وَعِبادُ الرَّحْمنِ دون عباد الدنيا والشيطان والنفس والهوى فانهم وان كانوا عبادا بالإيجاد لكنهم ليسوا باهل لاضافة التشريف والتفضيل من حيث عدم اتصافهم بالصفات الآتية التي هى آثار رحمته تعالى الخاصة المفاضة على خواص العباد. والمعنى عباده المقبولون وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ يَمْشُونَ المشي الانتقال من مكان الى مكان بارادة عَلَى الْأَرْضِ التي هى غاية فى الطمأنينة والسكون والتحمل حال كونهم هَوْناً هو السكينة والوقار كما فى القاموس وتذلل الإنسان فى نفسه بما لا يلحق به غضاضة كما فى المفردات وهين لين وقد يخففان ساكن متئد ملائم رقيق اى هينين لينى الجانب من غير فظاظة او يمشون مشيا هينا مصدر وصف به. والمعنى انهم يمشون بسكينة وتواضع لا بفخر وفرح ورياء وتجبر وذلك لما طالعوا من عظمة الحق وهيبته وشاهدوا من كبريائه وجلاله فخشعت لذلك أرواحهم وخضعت نفوسهم وأبدانهم وفى الحديث (المؤمنون هينون لينون كالجمل الانف ان قيد انقاد وان انيخ على صخرة استناخ) وفى الصحاح انف البعير اشتكى انفه من البرة فهو انف ككتف وفى الحديث (المؤمن كالجمل ان قيد انقاد وان استنيخ على صخرة استناخ) وذلك للوجع الذي به فهو ذلول منقاد. قوله قيد مجهول قاد والقود نقيض السوق فهو من امام وذلك من خلف: والانقياد [كشيده شدن وكردن نهادن] يقال انخت الجمل فاستناخ اى أبركته فبرك قال الشيخ سعدى
فروتن بود هوشمند كزين ... نهد شاخ پر ميوه سر بر زمين
چوسيل اندر آمد بهول ونهيب ... فتاد از بلندى بسر در نشيب
چوشبنم بيفتاد مسكين وخرد ... بمهر آسمانش بعيوق برد
وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ الجهل خلو النفس من العلم واعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه وفعل الشيء بخلاف ما حقه ان يفعل سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا او فاسدا كما يترك الصلاة عمدا وعلى ذلك قوله (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) فجعل فعل الهزؤ جهلا. والمعنى وإذا كلمهم السفهاء مواجهة بالكلام القبيح قالُوا سَلاماً اى نطلب منكم السلامة فيكون منصوبا بإضمار فعل كما فى المفردات او انا سلمنا من اثمكم وأنتم سلمتم من شرنا كما فى احياء العلوم وقال بعضهم سلاما مصدر فعل محذوف أقيم مقام التسلم اى قالوا نتسلم منكم تسلما اى لا نجاهلكم: والمجاهلة [با كسى سفاهت كردن] ولا تخالط بشىء من أموركم وهو الجهل وما يبتنى على خفة العقل فلا خير بيننا وبينكم ولا شر بل متاركة: بالفارسية [جفاى يكديكر بگذاشتن] واكثر المفسرين على ان السلام ليس عين عبارتهم بل صفة لمصدر(6/240)
محذوف. والمعنى قالوا قولا سلاما اى سدادا يسلمون فيه من الأذى والإثم [مراد ترك تعرض سفهاست واعراض از مكالمه ومجادله ايشان] كما قال المحقق الرومي
اگر كويند زراقى وسالوس ... بگو هستم دو صد چندان وميرو
وكر از خشم دشنامى دهندت ... دعا كن خوش دل وخندان وميرو
قال الشيخ سعدى قدس سره
يكى بربطى در بغل داشت مست ... بشب در سر پارسايى شكست
چوروز آمد آن نيك مرد سليم ... بر سنك دل برد يك مشت سيم
كه دوشينه معذور بودى ومست ... ترا ومرا بربط وسر شكست
مرا به شد آن زخم وبرخاست بيم ... ترا به نخواهد شد الا بسيم
أذان دوستان خدا بر سرند ... كه از خلق بسيار بر خر خورند
ثم ان قوله وإذا بيان لحالهم فى المعاملة مع غيرهم اثر بيان حالهم فى أنفسهم وهذه الآية محكمة عند أكثرهم لان الحلم عن السفيه مندوب اليه والإغضاء عن الجاهل امر مستحسن فى الأدب والمروءة والشريعة واسلم للعرض وأوفق للورع وفى الحديث (إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة نادى مناد اين اهل الفضل فيقوم ناس وهم يسير فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فيقولون نحن اهل الفضل فيقولون ما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ إلينا غفرنا وإذا جهل علينا حلمنا فيقال لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين) وفى الحديث (رأيت قوما من أمتي ما خلقوا بعد وسيكونون فيما بعد اليوم أحبهم ويحبوننى يتناصحون ويتباذلون ويمشون بنور الله فى الناس رويدا فى خفية وتقية يسلمون من الناس ويسلم الناس منهم بصبرهم وحلمهم قلوبهم بذكر الله تطمئن ومساجدهم بصلاتهم يعمرون يرحمون صغيرهم ويجلون كبيرهم ويتواسون بينهم يعود غنيهم على فقيرهم يعودون مرضاهم ويتبعون جنائزهم) فقال رجل من القوم فى ذلك يرفقون فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (كلا انه لا رفيق لهم هم خدام أنفسهم هم أكرم على الله من ان يوسع عليهم لهوان الدنيا عند ربهم ثم تلا عليه السلام وعباد الرحمن) الآية وقال بعضهم فى صفة عباد الرحمن العبادة حليتهم والفقر كرامتهم وطاعة الله حلاوتهم وحب الله لذتهم والى الله حاجتهم والتقوى زادهم والهدى مركبهم والقرآن حديثهم والذكر زينتهم والقناعة مالهم والعبادة كسبهم والشيطان عدوهم والحق حارسهم والنهار عبرتهم والليل فكرتهم والحياة مرحلتهم والموت منزلهم والقبر حصنهم والفردوس مسكنهم والنظر الى رب العالمين منيتهم اعلم ان عباد الله كثير فمنهم عبد الرحمن ومنهم عبد الرزاق ومنهم عبد الوهاب الى غير ذلك ولكن لا يكون المرء بمجرد الاسم عبدا حقيقة لا عبد الله ولا نحوه وذلك لان عبد الله هو الذي تجلى بجميع أسمائه تعالى فلا يكون فى عباده ارفع مقاما وأعلى شانا منه لتحققه بالاسم الأعظم واتصافه بجميع صفاته ولذا خص نبينا عليه السلام بهذه الاسم فى قوله (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ) فلم يكن هذا الاسم بالحقيقة الا له وللاقطاب من ورثته بتبعيته. وعبد الرحمن(6/241)
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)
هو مظهر الاسم الرحمن فهو رحمة للعالمين جميعها بحيث لا يخرج أحد من رحمته بحسب قابليته واستعداده. وعبد الرحيم هو مظهر الاسم الرحيم وهو يختص رحمته بمن اتقى وأصلح ورضى الله عنه وينتقم ممن غضب الله عليه. وعبد الرزاق هو الذي وسع الله له رزقه فيؤثر به على العباد. وعبد الوهاب هو الذي تجلى له الحق باسم الجود فيهب ما ينبغى لمن ينبغى على الوجه الذي ينبغى بلا عوض ولا غرض ويمد اهل عنايته تعالى بالامداد جعلنا الله وإياكم من المتحققين بأسمائه الحسنى انه المطلب الأعلى والمقصد الأسنى وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ عطف على الموصوف الاول والبيتوتة خلاف الظلول وهى ان يدركك الليل نمت او لم تنم ولذلك يقال بات فلان قلقا اى مضطربا: والمعنى [بالفارسية عباد الرحمن آنانند كه شب بروز مى آرند] لِرَبِّهِمْ لا لحظ أنفسهم وهو متعلق بما بعده والتقديم للتخصيص مع مراعاة الفاصلة سُجَّداً جمع ساجد اى حال كونهم ساجدين على وجوههم وَقِياماً جمع قائم مثل نيام ونائم او مصدر اجرى مجراه اى قائمين على أقدامهم وتقديم السجود على القيام لرعاية الفواصل وليعلم ان القيام فى الصلاة مقدم مع ان السجدة أحق بالتقديم لما ورد (اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) والكفرة عنها يستكبرون حتى قال بعضهم منهم لا افعلها لانى لا أحب ان تعلو رأسى استى. والمعنى يكونون ساجدين لربهم وقائمين اى يحبون الليل كلا او بعضا بالصلاة كما قال تعالى فى حق المتقين (كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) وتخصيص البيتوتة لان العبادة بالليل أشق وابعد من الرياء وهو بيان لحالهم فى معاملتهم مع ربهم ووصف ليلهم بعد وصف نهارهم وقد اشتهر بقيام الليل كله وصلاة الغداة بوضوء العشاء الاخيرة سعيد ابن المسيب وفضيل بن عياض وابو سليمان الداراني وحبيب العجمي ومالك بن دينار ورابعة العدوية وغيرهم قال فى التأويلات النجمية يبيتون لربهم ساجدين ويصبحون واجدين فوجود صباحهم ثمرات سجود رواحهم كما فى الخبر (من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) اى عظم ماء وجهه عند الله واحسن الأشياء ظاهر بالسجود محسن وباطن بالوجود مزين وكانت حفصة بنت سيرين اخت محمد بن سيرين تقرأ كل ليلة نصف القرآن تقوم به فى الصلاة وكانت تقوم فى مصلاها بالليل فربما طفئ المصباح فيضيئ لها البيت حتى تصبح وكانت من عابدات اهل البصرة وكان أخوها ابن سيرين إذا أشكل عليه شىء من القرآن قال اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ وكانت تقول يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فانى ما رأيت العمل الا فى الشباب وكانت رابعة العدوية تصلى الليل كله فاذا قرب الفجر نامت نومة خفيفة ثم تقوم وتقول يا نفس كم تنامين وكم تقومين يوشك ان تنامى نومة لا تقومين منها الا صبيحة يوم النشور فكان هذا دأبها حتى ماتت وفى الخبر (قم من الليل ولو قدر حلب شاة) ومن حرم قيام الليل كسلا وفتورا فى العزيمة او تهاونا بقلة الاعتداد بذلك او اغترارا بحاله فليبك عليه فقد قطع عليه طريق كثير من الخير. والذي يخل بقيام الليل كثرة الاهتمام بامور الدنيا وكثرة أشغال الدنيا واتعاب الجوارح والامتلاء من الطعام وكثرة الحديث واللهو واللغط وإهمال القيلولة والموفق من يغتنم وقته ويعرف داءه ودواءه ولا يهمل فيهمل يقول الفقير قواه الله القدير على فعل(6/242)
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)
الخير الكثير ان قلت ما تقول فى قوله عليه السلام (من صلى العشاء فى جماعة كان كقيام نصف ليلة ومن صلى الفجر فى جماعة كان كقيام ليلة) إلخ فانه يرفع مؤنة قيام الليل قلت هذا ترغيب فى الجماعة وبيان للرخصة وتأثير النية فان من نوى وقت العشاء ان يقيم الفجر بجماعة كان كمن أنتظرها فى المسجد فرب همة عالية تسبق الاقدام ولكن العمل مع النية أفضل من النية المجردة والعزيمة فوق الرخصة قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله يحتاج العبد الى السنن الرواتب لتكميل الفرائض ويحتاج الى النوافل لتكميل السنن ويحتاج الى الآداب لتكميل النوافل ومن الأدب ترك الدنيا وقد اختلفوا فى ان طول القيام أفضل او كثرة السجود والركوع قال فى الدرر طول القيام اولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام (أفضل الصلوات طول القنوت) اى القيام ولان القراءة تكثر بطول القيام وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة أفضل منه انتهى وقال بعضهم بافضلية الثاني [ابن عمر يكى را ديد كه در نماز قيام دراز داشت كفت اگر من او را شناختمى بكثرة ركوع وسجود فرمودمى كه از رسول خدا شنيدم عليه السلام كه كفت] (ان العبد إذا قام يصلى أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه كلما ركع او سجد تساقطت عنه) وقال معدان بن طلحة لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أخبرني بعمل يدخلنى الله به الجنة فقال سألت عن ذلك رسول الله فقال (عليك بكثرة السجود لله فانك لا تسجد لله سجدة الا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة) واعلم ان الأصل فى كل عمل هو تحقيق النية وتصحيح الإخلاص
مشايخ همه شب دعا خوانده اند ... سحر كه مصلى بر افشانده اند
كسى كو بتابد ز محراب روى ... بكفرش كواهى دهند اهل كوى
تو هم پشت بر قبله در نماز ... كرت در خدا نيست روى نياز
وجهنا الله وإياكم الى وجهه وَالَّذِينَ يَقُولُونَ اى فى أعقاب صلواتهم او فى عامة أوقاتهم رَبَّنَا [اى پروردگار ما] اصْرِفْ عَنَّا صرفه رده عَذابَ جَهَنَّمَ العذاب الايجاع الشديد إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً اى شرا دائما وهلاكا لازما غير مفارق لمن عذب به من الكفار قال الراغب مأخوذ من قولهم هو مغرم بالنساء اى يلازمهن ملازمة الغريم اى ملازمة من له الدين لغريمه اى من عليه الدين فكلاهما غريم قال محمد بن كعب ان الله تعالى سأل الكفار ثمن نعمته فلم يؤدوها اليه فاغرقهم فادخلهم النار إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً تعليل لاستدعائهم المذكور بسوء حالها فى أنفسها اثر تعليله بسوء حال عذابها فهو من تمام كلامهم والضمير فى ساءت لا يعود الى اسم ان وهو جهنم ولا الى شىء آخر بعينه بل هو ضمير مبهم يفسره ما بعده من التمييز وهو مستقر او مقاما وذلك لان فاعل افعال الذم يجب ان يكون معرفا باللام او مضافا الى المعرف به او مضمرا مميزا بنكرة منصوبة. والمعنى بئست موضع قرار واقامة هى اى جهنم: وبالفارسية [بتحقيق دوزخ بد آرامگاهست وبد جاى بودنى] وفى الآية إيذان بانهم مع حسن مخالقتهم مع الخلق واجتهادهم فى عبادة الحق خائفون(6/243)
وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)
من العذاب متضرعون الى الله فى صرفه عنهم. يعنى يجتهدون غاية الجهد ويستفرغون نهاية الوسع ثم عند السؤال ينزلون منزلة العصاة ويقفون موقف اهل الاعتذار ويخاطبون بلسان التذلل كما قيل
وما رمت الدخول عليه حتى ... حللت محلة العبد الذليل
وذلك لعدم اعتدادهم بأعمالهم ووثوقهم على استمرار أحوالهم كقوله (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) : قال الشيخ سعدى قدس سره
طريقت همينست كاهل يقين ... نكوكار بودند وتقصير بين
وقال
بنده همان به كه ز تقصير خويش ... عذر بدرگاه خداى آورد
ور نه سزاوار خداونديش ... كس نتواند كه بجاى آورد
قال ابن نجيد لا يصف لاحد قدم فى العبودية حتى يكون أفعاله عنده كلها رياء وأحواله كلها دعاوى وقال النهر جورى من علامة من تولاه الله فى اعماله ان يشهد التقصير فى إخلاصه والغفلة فى أذكاره والنقصان فى صدقه والفتور فى مجاهدته وقلة المراعاة فى فقره فيكون جميع أحواله عنده غير مرضية ويزداد فقرا الى الله تعالى فى فقره وسيره حتى يفنى عن كل ما دونه ودلت الآية على الدعاء مطلقا خصوصا فى أعقاب الصلوات وهو مخ العبادة فليدع المصلى مفردا وفى الجماعة اماما كان او مأموما وليقل (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم انى اسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم استر عوراتى وآمن روعاتى واقل عثراتى اللهم انى أسئلك ايمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد وقرة عين الابد ومرافقة نبيك محمد اللهم البس وجوهنا منك الحياء واملأ قلوبنا بك فرحا واسكن فى نفوسنا عظمتك وذلل جوارحنا لخدمتك وأجعلك أحب إلينا مما سواك اللهم افعل بنا ما أنت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله اللهم اغفر لي ولوالدى وارحمهما كما ربيانى صغيرا واغفر لاعمامنا وعماتنا وأخوالنا وخالاتنا وأزواجنا وذرياتنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات يا ارحم الراحمين ويا خير الغافرين) وغير ذلك مما هو مذكور فى عوارف المعارف نقلا عن قوت القلوب للامام المكي وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا نفق الشيء إذا مضى ونفد اما بالبيع نحو نفق المبيع نفاقا واما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقا واما بالفناء نحو نفقت الدراهم وأنفقتها لَمْ يُسْرِفُوا لم يجاوزوا حد الكرم وَلَمْ يَقْتُرُوا ولم يضييقوا تضييق الشحيح فان القتر والاقتار والتقتير هو التضييق الذي هو ضد الإسراف والإسراف مجاوزة الحد فى النفقة وَكانَ الانفاق المدلول عليه بقوله أنفقوا بَيْنَ ذلِكَ اى بين ما ذكر من الإسراف والتقتير وهو خبر كان وقوله قَواماً خبر بعد خبر او هو الخبر وبين ذلك ظرف لغو لكان على رأى من يرى أعمالها فى الظرف. والمعنى وسطا عدلا سمى به لاستقامة الطرفين واعتدالهما بحيث لا ترجح لاحدهما على الآخر بالنسبة اليه لكونه وسطا بينهما كمركز الدائرة فانه يكون نسبة جميع الدائرة اليه على السواء ونظير القوام(6/244)
السواء فانه سمى به لاستواء الطرفين فالآية نظير قوله تعالى فى سورة الاسراء (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)
وسط را مكن هركز از كف رها ... كه خير الامورست أوساطها
وتحقيق المقام الانفاق ضربان محمود ومذموم فالمحمود منه ما يكسب صاحبه العدالة وهو بذل ما أوجبت الشريعة بذله كالصدقة المفروضة والانفاق على العيال ولذا قال الحسن ما أنفق الرجل على اهله فى غير إسراف ولا فساد ولا إقتار فهو فى سبيل الله ومنه ما يكسب صاحبه اجرا وهو الانفاق على من ألزمت الشريعة إنفاقه عليه ومنه ما يكسب له الحرية وهو بذل ما ندبت الشريعة الى بذله فهذا يكتسب من الناس شكرا ومن ولى النعمة اجرا والمذموم ضربان افراط وهو التبذير والإسراف وتفريط وهو الإمساك والتقتير وكلاهما يراعى فيه الكمية والكيفية فالتبذير من جهة الكمية ان يعطى اكثر ما يحتمله حاله ومن حيث الكيفية ان يضعه فى غير موضعه والاعتبار فيه بالكيفية اكثر من الكمية فرب منفق درهما من ألوف وهو فى إنفاقه مسرف وببذله ظالم مفسد كمن اعطى فاجرة درهما او اشترى خمرا ورب منفق الوفا لا يملك غيرها هو فيه مقتصد وبذله محمود كما روى فى شأن ابى بكر الصديق رضى الله عنه حيث أنفق جميع ماله فى غزوة تبوك ولما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماذا أبقيت لاهلك يا أبا بكر) قال الله ورسوله وقد قيل لحكيم متى يكون بذل القليل إسرافا والكثير اقتصادا قال إذا كان بذل القليل فى باطل وبذل الكثير فى حق ومن هذا الباب ما قال مجاهد فى الآية لو كان لرجل مثل ابى قبيس ذهبا فانفقه فى طاعة الله لم يكن مسرفا
ولو أنفق درهما فى معصية الله كان مسرفا والتقتير من جهة الكمية ان ينفق دون ما يحتمله حاله ومن جهة الكيفية ان يمنع من حيث يجب وينفق حيث لا يجب والتبذير عند الناس احمد لانه جود لكنه اكثر مما يجب والتقتير بخل والجود على كل حال احمد من البخل لان رجوع المبذر الى السخاء سهل وارتقاء البخيل اليه صعب وان المبذر قد ينفع غيره وان أضر بنفسه والمقتر لا ينفع نفسه ولا غيره على ان التبذير فى الحقيقة هو من وجه أقبح إذ لا إسراف الا وفى جنبه حق يضيع ولان التبذير يؤدى صاحبه الى ان يظلم غيره ولذا قيل الشحيح اعذر من الظالم ولانه جهل بقدر المال الذي هو سبب استبقاء النفس والجهل رأس كل شر والمتلاف ظالم من وجهين لاخذه من غير موضعه ووضعه فى غير موضعه قال يزيد بن حبيب فى هذه الآية أولئك اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة ولا يلبسون ثيابا للجمال ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة ربهم ومن الثياب ما يستر عوراتهم ويكنهم عن الحر والقرّ وفى الحديث (ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال بيت يكنه وثوب يوارى عورته وجرف الخبز والماء) يعنى كسر الخبز واحدتها جرفة بالكسر وقال عمر رضى الله عنه كفى سرفا ان لا يشتهى الرجل شيأ الا اشتراه فاكله
اگر چهـ باشد مرادت خورى ... ز دوران بسى نامرادى برى
دريغ آدمي زاده پر محل ... كه باشد چوانعام بل هم أضل(6/245)
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)
قال الحافظ
خواب وخورت ز مرتبه خويش دور كرد ... آنكه رسى بخويش كه بى خواب وخور شوى
ثم ان الإسراف ليس متعلقا بالمال بل بكل شىء وضع فى غير موضعه اللائق به ألا ترى ان الله تعالى وصف قوم لوط بالإسراف لوضعهم البذر فى غير المحرث فقال (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) ووصف فرعون بقوله (إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) فالتكبر لغير المتكبر إسراف مذموم وللمتكبر اقتصاد محمود وعلى هذا فقس وفى الآية اشارة الى اهل الله الباذلين عليه الوجود (إِذا أَنْفَقُوا) وجودهم فى ذات الله وصفاته (لَمْ يُسْرِفُوا) اى لم يبالغوا فى المجاهدة والرياضة حتى يهلكوا أنفسهم بالكلية كما قال (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (وَلَمْ يَقْتُرُوا) فى بذل الوجود بان لا يجاهدوا أنفسهم فى ترك هواها وشهواتها كما اوحى الله تعالى الى داود عليه السلام فقال (انذر قومك من أكل الشهوات فان القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عنى) (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) بحيث لا يهلك نفسه بفرط المجاهدة ولا يفسد قلبه بتركها وتتبع الشهوات كما فى التأويلات النجمية وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ لا يعبدون مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ كالصنم اى لا يجعلونه شريكا له تعالى يقال الشرك ثلاثة. أولها ان يعبد غيره تعالى. والثاني ان يطيع مخلوقا بما يأمره من المعصية. والثالث ان يعمل لغير وجه الله فالاول كفر والآخران معصية وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرفعون حوائجهم الى الأغيار ولا يتوهمون منهم المسار والمضار وايضا لا يشوبون أعمالهم بالرياء والسمعة ولا يطلبون مع الله مطلوبا ولا يحبون معه محبوبا بل يطلبون الله من الله ويحبونه به: قال الصائب
غير حق را مى دهى ره در حريم دل چرا ... ميكشى بر صفحه هستى خط باطل چرا
وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ اى حرمها بمعنى حرم قتلها فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه مبالغة فى التحريم والمراد نفس المؤمن والمعاهد إِلَّا بِالْحَقِّ المبيح لقتلها اى لا يقتلونها بسبب من الأسباب الا بسبب الحق المزيل لحرمتها وعصمتها كما إذا قتل أحدا فيقتص به او زنى وهو محصن فيرجم او ارتد او سعى فى الأرض بالفساد فيقتل وَلا يَزْنُونَ الزنى وطئ المرأة من غير عقد شرعى واعلم ان الله تعالى نفى عن خواص العباد أمهات المعاصي من عبادة الغير وقتل النفس المحرمة والزنى بعد ما اثبت لهم اصول الطاعات من التواضع ومقابلة القبيح بالجميل واحياء الليل والدعاء والانفاق العدل وذلك إظهارا لكمال ايمانهم فانه انما يكمل بالتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل واشعارا بان الاجر المذكور فيما بعد موعود للجامع بين ذلك وتعريضا للكفرة باضداده اى وعباد الرحمن الذين لا يفعلون شيأ من هذه الكبائر التي جمعتهن الكفرة حيث كانوا مع اشراكهم به سبحانه مداومين على قتل النفوس المحرمة التي من جملتها الموؤدة مكبين على الزنى إذ كان عندهم مباحا وعن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال (ان تجعل لله ندا وهو خلقك) قال قلت ثم أي قال (ان تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك) قال قلت ثم أي (قال ان تزنى بحليلة جارك) وفى التأويلات النجمية (وَلا يَزْنُونَ) اى لا يتصرفون(6/246)
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)
فى عجوز الدنيا بشهوة نفسانية حيوانية بل يكون تصرفهم فيها لله وفى الله وبالله اى بخلاف حال العامة وَمَنْ [هر كه] يَفْعَلْ ذلِكَ شيأ مما ذكر من الافعال كما هو دأب الكفرة يَلْقَ أَثاماً هو جزاء الإثم والعقوبة كالوبال والنكال وزنا ومعنى: وبالفارسية [به بيند جزاى بزه كارىء خود] تقول اثم الرجل بالكسر أذنب وإثمه جازاه قال فى القاموس هو كسحاب واد فى جهنم والعقوبة وفى الحديث (الغى والأثام بئران يسيل فيهما صديد اهل النار) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [المضاعفة: افزون كردن يعنى يك دو كردن] كما قال الراغب الضعف تركب قدرين متساويين يقال أضعفت الشيء وضعفته وضاعفته ضممت اليه مثله فصاعدا والجملة بدل من يلق لاتحادهما فى المعنى اى يتزايد عذابه وقتا بعد وقت وذلك لانضمام المعاصي الى الكفر وفى التأويلات النجمية اى يكون معذبا بعذابين عذاب دركات النيران وعذاب فرجات درجات الجنان وقربات الرحمن وَيَخْلُدْ [وجاويد ماند] فِيهِ اى فى ذلك العذاب حال كونه مُهاناً ذليلا محتقرا جامعا للعذاب الجسماني والروحاني لا يغاث: وبالفارسية [خوار وبى اعتبار] قرأ ابن كثير وحفص فيهى مهانا بإشباع كسرة الهاء وجعلها بالياء فى الوصل وذلك للتنبيه على العذاب المضاعف ليحصل التيقظ والامتتاع عن سببه إِلَّا مَنْ تابَ من الشرك والقتل والزنى وَآمَنَ وصدق بوحدانية الله تعالى وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً [وبكند كردار شايسته براى تكميل ايمان] ذكر الموصوف مع جريان الصالح والصالحات مجرى الاسم للاعتناء به والتنصيص على مغايرته للاعمال السابقة والاستثناء لانه من الجنس لان المقصود الاخبار بان من فعل ذلك فانه يحل به ما ذكر الا ان يتوب. واما إصابة اصل العذاب وعدمها فلا تعرض لها فى الآية فَأُوْلئِكَ الموصوفون بالتوبة والايمان والعمل الصالح: وبالفارسية [پس آن كروه] يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ التي عملوها فى الدنيا فى الإسلام حَسَناتٍ يوم القيامة وذلك بان يثبت له بدل كل سيئة حسنة وبدل كل عقاب ثوابا قال الراغب التبديل جعل الشيء مكان آخر وهو أعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثاني بإعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله عن ابى ذر رضى الله عنه قال عليه السلام (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه ويخبأ عنه كبارها فيقال عملت يوم كذا كذا وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من الكبائر فيقال أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول ان لى ذنوبا ما أراها هاهنا) قال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه ثم تلا (فَأُوْلئِكَ) إلخ قال الزجاج ليس ان السيئة بعينها تصير حسنة ولكن التأويل ان السيئة تمحى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة انتهى قال المولى الجامى (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) يعنى فى الحكم فان الأعيان نفسها لا تتبدل ولكن تنقلب أحكامها انتهى كلامه فى شرح الفصوص وقال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح الأربعين حديثا (الطاعات كلها مطهرات) فتارة بطريق المحو المشار اليه بقوله تعالى (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) وبقوله عليه السلام (اتبع الحسنة تمحها) وتارة بطريق التبديل المشار اليه بقوله (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ) إلخ فالمحو المذكور(6/247)
وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)
عبارة عن حقيقة العفو والتبديل من مقام المغفرة وان تنبهت لما أشرت اليه عرفت الفرق بين العفو والمغفرة انتهى كلامه وفى التأويلات النجمية (إِلَّا مَنْ تابَ) عن عبادة الدنيا وهوى النفس (وَآمَنَ) بكرامات وكمالات أعدها الله لعباده الصالحين مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً) لتبليغه الى تلك الكمالات وهو الاعراض عما سوى الله بجملته والإقبال على الله بكليته رجاء عواطف إحسانه كما قيل لبعضهم كلى بكلك مشغول فقال كلى لكلك مبذول ولعمرى هذا هو الإكسير الأعظم الذي ان طرح ذرة منه على قدر الأرض من نحاس السيئات تبدلها إبريز الحسنات الخالصة كما قال تعالى اخبارا عن اهل هذا الإكسير (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) كما يبدل الإكسير النحاس ذهبا انتهى يقول الفقير لا شك عند اهل الله تعالى فى انقلاب الأعيان واستحالتها ألا ترى الى انحلال مزاج المادة الاصلية الى غيرها فى العالم الصناعى فاذا انحل المزاج واستحالت المادة الى الصورة الهيولانية صلحت لان يولد الحكيم منها انسان الفلاسفة قال الامام الجلدكى الأرض تستحيل ماء والماء يستحيل هواء والهواء يستحيل نارا وبالعكس النار تستحيل هواء والهواء ماء والماء يستحيل أرضا والعناصر يستحيل بعضها الى بعض مع ان كل عنصر من العناصر ممتزج من طبيعتين فاعلة ومنفعلة فهذا برهان واضح على انحلال المزاج الى غيره فى الأصول واما فى الفصول فان الأرض تستحيل نباتا والنبات يستحيل حيوانا فوقف الفاضل ابن سينا وقال ان الحيوان لا يستحيل اللهم الا ان يفسد الى عناصره ويرجع الى طبائعه فنقول ان الأرض والماء إذا لم يفسدا فى الصورة عن كيانهما لما استحالا نباتا والنبات إذا لم يفسد عن كياله لما استحال حيوانا فكيف خفى عليه ان النبات والحيوان يفسدان بالطبخ ويصيران للانسان غذاء وينحل مزاجهما الى الكيموس الغذائى ويصيران فى جوف الإنسان دما ويستحيل الدم بالحركة الشوقية بين الذكر والأنثى فيصير منيا ثم جنينا ثم إنسانا وكذلك جسد الإنسان بعد فساده يمكن ان يصير نباتا ويستحيل الى حيوانات شتى مثل الديدان وغيرها ويستحيل الجميع حتى العظام الرفات الى ان تقبل التكوين إذا شربت ماء الحياة وانما الاجزاء الجسدانية للانسان محفوظة معلومة عند الله وان استحالت من صفة الى صفة وتبدلت من حالة الى حالة وانحل مزاج كل منها الى غيره الا ان روحه وعقله ونفسه وذاته الباطنة باقية فى برزخها: قال الحافظ
دست از مس وجود چومردان ره بشوى ... تا كيمياى عشق بيابى وزر شوى
وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً ولذلك بدل السيئات حسنات رَحِيماً ولذلك أثاب على الحسنات وَمَنْ تابَ اى رجع عن المعاصي مطلقا بتركها بالكلية والندم عليها وَعَمِلَ صالِحاً يتدارك به ما فرط منه او خرج عن المعاصي ودخل فى الطاعات فَإِنَّهُ بما فعل يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ يرجع اليه تعالى بعد الموت قال الراغب ذكر الى يقتضى الانابة مَتاباً اى متابا عظيم الشان مرضيا عنده ماحيا للعقاب محصلا للثواب فلا يتحد الشرط والجزاء لان فى الجزاء معنى زائدا على ما فى الشرط فان الشرط هو التوبة بمعنى الرجوع عن المعاصي والجزاء هو الرجوع الى الله(6/248)
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)
رجوعا مرضيا قال الراغب متابا اى التوبة التامة وهو الجمع بين ترك القبيح وتحرى الجميل اه وهذا تعميم بعد التخصيص لان متعلق التوبة فى الآية الاولى الشرك والقتل والزنى فقط وهاهنا مطلق المعاصي والتوبة فى الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما امكنه ان يتدارك من الاعادة فمتى اجتمع هذه الأربع فقد كمل شرائط التوبة: قال المولى الجامى
با خلق لاف توبه ودل بر كنه مصر ... كس پى نمى برد كه بدين كونه كمرهم
قال ابن عطاء التوبة الرجوع من كل خلق مذموم والدخول فى كل خلق محمود اى وهى توبة الخواص وقال بعضهم التوبة ان يتوب من كل شىء سوى الله تعالى اى وهى توبة الأخص فعليك بالتوبة والاستغفار فانها صابون الأوزار وفى الحديث القدسي (انين المذنبين أحب الىّ من زجل المسبحين) اى من أصواتهم بالتسبيح والإصرار يؤدى الى الشرك والموت على غير الملة الاسلامية قال ابو اسحق رأيت رجلا نصف وجهه مغطى فسألته فقال كنت نباشا فنبشت ليلة قبر امرأة فلطمتنى وعلى وجهه اثر الأصابع فكتبت ذلك الى الأوزاعي فكتب الىّ ان اسأله كيف وجد اهل القبور فسألته فقال وجدت أكثرهم متحولا عن القبلة فقال الأوزاعي هو الذي مات على غير الملة الاسلامية اى بسبب الإصرار المؤدى الى الكفر والعياذ بالله تعالى. وذكر فى اصول الفقه ان ارتكاب المنهي أشد ذنبا من ترك المأمور ومع ذلك صار إبليس مردودا: وفى المثنوى
توبه را از جانب مغرب درى ... باز باشد تا قيامت بر درى «1»
تا ز مغرب بر زند سر آفتاب ... باز باشد آن در از وي رو متاب
هشت جنت را ز رحمت هشت در ... كه در توبه است زان هشت اى پسر
آن همه كه باز باشد كه فراز ... وان در توبه نباشد جز كه باز
هين غنيمت دار در بازست زود ... رخت آنجا كش بكورى حسود
نسأل الله تعالى توبة نصوحا ومن آثار رحمته فيضا ونوالا وفتوحا وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ من الشهادة وهى الاخبار بصحة الشيء عن مشاهدة وعيان. والزور الكذب وأصله تمويه الباطل بما يوهم انه حق وقال الراغب الأزور المائل الزور اى الصدر وقيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته وانتصابه على المصدرية والأصل لا يشهدون شهادة الزور باضافة العام الى الخاص فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه. والمعنى لا يقيمون الشهادة الكاذبة: وبالفارسية [كواهى دروغ ندهند] واختلف الأئمة فى عقوبة شاهد الزور فقال ابو حنيفة رحمه الله لا يعزر بل يوقف فى قومه ويقال لهم انه شاهد زور وقال الثلاثة يعزر ويوقف فى قومه ويعرفون انه شاهد زور وقال مالك يشهر فى الجوامع والأسواق والمجامع وقال احمد يطاف به فى المواضع التي يشتهر فيها فيقال انا وجدنا هذا شاهد زور فاجتنبوه وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه يجلد شاهد الزور أربعين جلدة ويسخم وجهه ويطوف فى الأسواق كما فى كشف الاسرار قال ابن عطاء رحمه الله هى شهادة اللسان من غير مشاهدة القلب ويجوز ان يكون يشهدون من الشهود وهو الحضور وانتصاب
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه در توبه باز وگشوده است(6/249)
الزور على المفعول به والأصل لا يشهدون مجالس الزور فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه. والمعنى لا يحضرون محاضر الكذب ومجالس الفحش فان مشاهدة الباطل مشاركة فيه من حيث انها دليل الرضى به كما إذا جالس شارب الخمر بغير ضرورة فانه شريك فى الإثم واما الملامية وهم الذين لا يظهرون خيرا ولا يضمرون شرا لانفراد قلوبهم مع الله يمشون فى الأسواق ويتكلمون مع الناس بكلام العامة ويحضرون بعض مواضع الشرور لمشاهدة القضاء والقدر حتى يوافقوا الناس فى الشر فهم فى الحقيقة عباد الرحمن وهم المرادون بقوله عليه السلام (أوليائي تحت قبابى لا يعرفهم غيرى) : قال الحافظ
مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آگهست كه تقدير بر سرش چهـ نوشت
وقال الخجندي
برخيز كمال از سر ناموس كه رندان ... كردند اقامت بسر كوى ملامت
وقال بعضهم المراد بالزور أعياد المشركين واليهود والنصارى [يا بازيكاه ايشان] كما فى تفسير الكاشفى قال فى ترجمة الفتوحات [نبايد كه اهل ذمت ترا بشرك خود فريب دهند كه نزد حق تعالى هلاك تو در آنست شيخ اكبر قدس سره الأطهر ميفرمايد كه در دمشق اين معنى مشاهده كردم كه زنان ومردان بانصارى مسامحت ميكنند وصغار وأطفال خود را بكنايس مى برند واز آب معموديه بر سبيل تبرك بر ايشان مى افشانند واينها قرين كفر است يا خود نفس كفر است وآنرا هيچ مسلمانى نپسندد] وفى قاضى خان رجل اشترى يوم النيروز شيأ لم يشتره فى غير ذلك اليوم ان أراد به تعظيم ذلك اليوم كما عظمه الكفرة يكون كفرا وان فعل ذلك لاجل الشرب والتنعم يوم النيروز لا يكون كفرا انتهى والمراد نيروز النصارى لا نيروز العجم كما هو الظاهر من كلامه وقال بعضهم يدخل فى مجلس الزور اللعب واللهو والكذب والنوح والغناء بالباطل- روى- عن محمد بن المنكدر قال بلغني ان الله تعالى يقول يوم القيامة اين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان أدخلوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوا عبادى تحميدي وثنائى وتمجيدى واخبروهم ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون كذا فى كشف الاسرار ومن سنن الصوم ان يصون الصائم لسانه عن الكذب والغيبة وفضول الكلام والسب والنميمة والمزاح والمدح والغناء والشعر والمراد بالغناء التغني بالباطل وهو الذي يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبة المخلوقين واما ما يحرك الشوق الى الله فمن التغني بالحق كما فى الاحياء واختلف فى القراءة بالالحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم ولذا قال فى قاضى خان لا ينبغى ان يقدم فى التراويح «الخوشخوان» بل يقدم «الدرستخوان» فان الامام إذا كان حسن الصوت يشغل عن الخشوع والتدبر والتفكر انتهى وأباحها ابو حنيفة وجماعة من السلف للاحاديث لأن ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب قال فى اصول الحديث إذا جلس الشيخ من اهل الحديث مجلس التحديث يفتتح بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيأ من القرآن انتهى وانما استحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها(6/250)
ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فان أفرط زاد حرفا او أخفى حرفا فهو حرام كما فى أبكار الافكار: قال الشيخ سعدى
به از روى زيباست او از خوش ... كه اين حظ نفسست وآن قوت روح
ورأى عليه السلام ليلة المعراج ملكا لم ير قبله مثله وكان إذا سبح اهتز العرش لحسن صوته وكان بين يديه صندوقان عظيمان من نور فيهما براءة الصائمين من عذاب النار وتفصيله فى مجالس النفائس لحضرة الهدائى قدس سره وقال سهل قدس سره المراد بالزور مجالس المبتدعين وقال ابو عثمان قدس سره مجالس المدعين وكذا كل مشهد ليس لك فيه زيادة فى دينك بل تنزل وفساد وَإِذا مَرُّوا على طريق الاتفاق بِاللَّغْوِ اى ما يجب ان يلغى ويطرح مما لا خير فيه: وبالفارسية [بچيزى ناپسنديده] وقال فى فتح الرحمن يشمل المعاصي كلها وكل سقط من فعل او قول وقال الراغب اللغو من الكلام ما لا يعتد به هو يعدّ ذلاقة روية وفكر فيجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور مَرُّوا حال كونهم كِراماً جمع كريم يقال تكرم فلان عما يشينه إذا تنزه وأكرم نفسه عنه قال
الرغب الكرم إذا وصف الله به فهو اسم لاحسانه وانعامه المتظاهر وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للاخلاق والافعال المحمودة التي تظهر منه ولا يقال هو كريم حتى يظهر ذلك منه. والمعنى معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه ومن ذلك الإغضاء عن الفواحش والصفح عن الذنوب والكناية عما يستهجن الصريح به قال فى كشف الاسرار قيل إذا أرادوا ذكر النكاح وذكر الفروج كنوا عنه فالكرم هاهنا هو الكناية والتعريض وقوله عز وجل (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) كناية عن البول والخلاء وقد كنى الله عز وجل فى القرآن عن الجماع بلفظ الغشيان والنكاح والسر والإتيان والإفضاء واللمس والمس والدخول والمباشرة والمقاربة فى قوله (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ) والطمث فى قوله (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) وهذا باب واسع فى العربية قال الامام الغزالي اما حد الفحش وحقيقته فهو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة واكثر ذلك يجرى فى ألفاظ الوقاع وما يتعلق به واهل الصلاح يتحاشون من التعرض لها بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز وبذكر ما يقاربها ويتعلق بها مثلا يكنون عن الجماع بالمس والدخول والصحبة وعن التبول بقضاء الحاجة وايضا لا يقولون قالت زوجتك كذا بل يقال قيل فى الحجرة او قيل من وراء السترة او قالت أم الأولاد كذا وايضا يقال لمن به عيب يستحيى منه كالبرحة والقرع والبواسير العارض الذي يشكوه وما يجرى مجراه وبالجملة كل ما يخفى ويستحيى منه فلا ينبغى ان يذكر ألفاظه الصريحة فانه فحش والفاحش يحشر يوم القيامة فى صورة الكلب قال الشيخ سعدى [ريشى اندرون جامه داشتم حضرت شيخ قدس سره هر روز پرسيدى كه ريشت چونست ونپرسيدى كه كجاست دانستم كه از ان احتراز ميكند كه ذكر هر عضوى روا نباشد وخردمندان كفته اند هر كه سخن نسنجد از جوابش برنجد]
تا نيك ندانى كه سخن عين صوابست ... بايد كه بگفتن دهن از هم نكشايى
كر راست سخن كويى ودر بند بمانى ... به ز انكه دروغت دهد از بند رهايى(6/251)
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)
والمراد ان الصدق اولى وان لزم الضرر على نفس القائل واما جواز الكذب فانما هو لتخليص الغير ودفع الفتنة بين الناس وهو المراد من قوله [دروغ مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز] نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الصادقين المخلصين بل من الصديقين المخلصين ويحشرنا مع الكرماء الحلماء والعلماء الأدباء انه الموفق للاقوال الحسنة والافعال المستحسنة وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا وعظوا: وبالفارسية [پند داده شوند] بِآياتِ رَبِّهِمْ المشتملة على المواعظ والاحكام لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها خر سقط سقوطا يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو صُمًّا جمع أصم وهو فاقد حاسة السمع وبه يشبه من لا يصغى الى الحق ولا يقبله وَعُمْياناً جمع أعمى وهو فاقد حاسة البصر. والمعنى لم يقفوا على الآيات حال كونهم صما لم يسمعوا لها وعميا لم يبصروها بل أكبوا عليها سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون راعية وانتفعوا بها قال الكاشفى [بكوش هوش شنيدند وبديده بصريت جلوات جمال آنرا ديدند حاصلى آنكه از آيات الهى تغافل نورزيدند] انتهى وانما عبر عن المعنى المذكور بنفي الضد تعريضا لما يفعله الكفرة والمنافقون فالمراد من النفي نفى الصمم والعمى دون الخرور وان دخلت الاداة عليه وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا [اى پروردگار ما] هَبْ لَنا [ببخش ما را] وهو امر من وهب يهب وهبا وهبة. والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض ويوصف الله بالواهب والوهاب بمعنى انه يعطى كلا على قدر استحقاقه مِنْ أَزْواجِنا [از زنان ما] وهو جمع زوج يقال لكل ما يقترن بآخر مماثلا له او مضادا زوج واما زوجة فلغة رديئة كما فى المفردات وَذُرِّيَّاتِنا [وفرزندان ما] وهو جمع ذرية أصلها صغار الأولاد ثم صار عرفا فى الكبار ايضا قال فى القاموس ذرأ الشيء كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين قُرَّةَ أَعْيُنٍ [كسى كه روشنىء ديدها بود] اى بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل فان المؤمن إذا ساعده اهله فى طاعة الله يسر بهم قلبه وتقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له فى الدين وتوقع لحوقهم به فى الجنة حسبما وعد بقوله (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فالمراد بالقرور المسئول تفضيلهم بالفضائل الدينية لا بالمال والجاه والجمال ونحوها. وقرة منصوب على انه مفعول هب وهى اما من القرار ومعناه ان يصادف قلبه من يرضاه فتقر عينه عن النظر الى غيره ولا تطمح الى ما فوقه واما من القر بالضم وهو البرد والعرب تتأذى من الحر وتستريح الى البرد فقرور العين على هذا يكون كناية عن الفرح والسرور فان دمع العين عند السرور بارد وعند الحزن حار. ومن اما ابتدائية على معنى هب لنا من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح او بيانية على انها حال كأنه قيل هب لنا قرة أعين ثم فسرت القرة وبينت بقوله (مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا) ومعناه ان يجعلهم الله لهم قرة أعين وهو من قولهم رأيت منك أسدا اى أنت اسد قال بعضهم
نعم الا له على العباد كثيرة ... وأجلهن نجابة الأولاد
قال الشيخ سعدى قدس سره
زن خوب فرمان بر پارسا ... كند مرد درويش را پادشا(6/252)
چومستور باشد زن خوب روى ... بديدار وى در بهشت است شوى
وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً الامام المؤتم به إنسانا كان يقتدى بقوله وفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا كما فى المفردات اى اجعلنا بحيث يقتدى بنا اهل التقوى فى اقامة مراسم الدين بافاضة العلم والتوفيق للعمل وفى الإرشاد والظاهر صدوره عنهم بطريق الانفراد وان عبارة كل واحد منهم عند الدعاء واجعلنى للمتقين اماما ما خلا انه حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير للقصد الى الإيجاز على طريقة قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) وأبقى اماما على حاله ولم يقل ائمة وإعادة الموصول فى المواضع السبعة مع كفاية ذكر الصلاة بطريق العطف على صلة الموصول الاول للايذان بان كل واحد مما ذكر فى حيز صلة الموصولات المذكورة وصف جليل على حدته له شأن خطير حقيق بان يفرد له موصوف مستقل ولا يجعل شىء من ذلك تتمة لذلك وتوسط العاطف بين الصفة والموصوف لتنزيل الاختلاف العنواني منزلة الاختلاف الذاتي قال القفال وجماعة من المفسرين هذه الآية دليل على ان طلب الرياسة فى
الدين واجب وعن عروة انه كان يدعو بان يجعله الله ممن يحمل عنه العلم فاستجيب دعاؤه واما الرياسة فى الدنيا فالسنة ان لا يتقلد الرجل شيأ من القضاء والامارة والفتوى والعرافة بانقياد قلب وارتضائه الا ان يكره عليه بالوعيد الشديد وقد كان لم يقبلها الأوائل فكيف الأواخر
بو حنيفه قضا نكرد وبمرد ... تو بميرى اگر قضا نكنى
يقول الفقير ان قلت قول الشيخ ابى مدين قدس سره آخر ما يخرج من رؤس الصديقين حب الجاه قد يفسر فيه الخروج بالظهور فما معناه قلت ان الصديقين لما استكملوا مرتبة الاسم الباطن أحبوا ان يظهروا بمرتبة الاسم الظاهر ليكون لهم حصة من كمالات الأسماء الالهية كلها وهذا المعنى لا يقتضى التقلد المعروف كابناء الدنيا بل يكفى ان تنتظم بهم مصالح الدنيا بأى وجه كان ولقد شاهدت من هذا ان شيخى الاجل الأكمل قدس سره رأى فى بعض مكاشفاته انه سيصير سلطانا فلم يمض الا قليل حتى استولى البغاة على القسطنطينية وحاصروا السلطان ومن يليه فلم تندفع الفتنة العامة الا بتدبير حضرة الشيخ حيث دبر تدبيرا بليغا كوشف عنه فاستأصل الله البغاة وأعتق السلطان والمؤمنين جميعا فمثل هذا هو الظهور بالاسم الظاهر وتمامه فى كتابنا المسمى بتام الفيض هذا قال فى كشف الاسرار [جابر بن عبد الله كفت پيش امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى الله عنه حاضر بودم كه مردى بنزد وى آمد و پرسيد كه يا امير المؤمنين (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) إلخ نزول اين آيت در شان كيست وايشان چهـ قوم اند كه رب العالمين ايشانرا نامزد كرد جابر كفت على رضى الله عنه آن ساعت روى با من كرد وكفت يا جابر تدرى من هؤلاء هيچ دانى كه ايشان كه اند واين آيت كجا فرو آمد كفتم يا امير المؤمنين نزلت بالمدينة بمدينة فرو آمد اين آيت كفت نه يا جابر كه اين آيت بمكة فرو آمد يا جابر (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) أبو بكر بن ابى قحافه است او را حليم قريش ميكفتند بدو كار كه رب العزة او را بعز اسلام كرامى كرد(6/253)
أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)
او را ديدم در مسجد مكه از هوش برفته از پس كه كفار بنى مخزوم وبنى أمية او را زده بودند وبنو تيم از بهر او خصومت كردند با بنى مخزوم او را بخانه بردند همچنان از هوش برفته چون باهوش آمد مادر خود را ديد بر بالين وى نشسته كفت يا امه اين محمد محمد كجاست وكار وى بچهـ رسيد پدرش بو قحافه كفت] وما سؤالك عنه ولقد أصابك من اجله ما لا يصيب أحدا لاجل أحد [اى پسر چهـ جاى آنست كه تو ز حال محمد پرسى ودل بوى چنين مشغول دارى نمى بينى كه بر تو چهـ ميرود از بهر وى اى پسر نمى بينى بنو تيم كه بتعصب تو برخاستند وميكويند اگر تو از دين محمد باز كردى وبدين پدران خويش باز آيى ما ثار تو از بنى مخزوم طلب داريم وايشانرا بپيچانيم ودمار آريم تا تشفئ تو پديد كنيم ابو بكر سخت حليم بود وبردبار ومتواضع سر برداشت وكفت (اللهم اهد بنى مخزوم فانهم لا يعلمون يأمروننى بالرجوع عن الحق الى الباطل) رب العزة او را بستود در آن حلم ووقار وسخنان آزادوار ودر حق وى كفت (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) يا جابر (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) سالم است مولى ابو حذيفه كه همه شب در قيام بودى متعبد ومتهجد (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ) ابو ذر غفاريست كه پيوسته با بكا وحزن بودى از بيم دوزخ واز آتش قطيعت تا رسول خدا او را كفت (يا أبا ذر هذا جبريل يخبرنى ان الله تعالى أجارك من النار) (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا) إلخ ابو عبيده است أنفق ماله على نفسه وعلى أقربائه فرضى الله فعله (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) إلخ على بن ابى طالب است كه هركز بت نپرستيد وهركز زنا نكرد وقتل بي حق نكرد (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل است خطاب بن نفيل درعى بفروخت پس پشيمان شد سعيد را كفت تو دعوى كن كه آن درع جد مرا بود عمرو بن نفيل وخطاب را در ان حقى نه تا ترا رشوتى دهم سعيد كفت مرا برشوت تو حاجتى نيست ودروغ كفتن كار من نيست فرضى الله فعله (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا) إلخ سعيد بن ابى وقاص است (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا) إلخ عمر بن الخطاب است ايشانرا جمله بدين صفات ستوده واخلاق پسنديده كه نتايج اخلاق مصطفاست ياد كرد آنكه كفت] أُوْلئِكَ المتصفون بما فصل فى حيز صلة الموصولات الثمانية من حيث اتصافهم به والمستجمون لهذه الخصال وهو مبتدأ خبره قوله تعالى يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ الجزاء الغناء والكفاية والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر. والغرف رفع الشيء او تناوله يقال غرفت الماء والمرق والغرفة الدرجة العالية من المنازل لكل بناء مرتفع عال اى يثابون أعلى منازل الجنة وهى اسم جنس أريد به الجمع كقوله تعالى (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) ودر فصول عبد الوهاب [كوشكهاست بر چهار قائمه نهاده از سيم وزر ولؤلؤ ومرجان] بِما صَبَرُوا ما مصدرية ولم يقيد الصبر بالمتعلق بل اطلق ليشيع فى كل مصبور عليه. والمعنى بصبرهم على المشاق من مضض الطاعات ورفض الشهوات وتحمل المجاهدات ومن ذلك الصوم قال عليه السلام (الصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان) اى فيكون الصوم ربع الايمان وهو اى الصوم قهر لعدو الله فان وسيلة الشيطان الشهوات وانما تقوى الشهوات بالأكل والشرب(6/254)
خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)
ولذلك قال عليه السلام (ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع)
جوع باشد غداى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا
جوع تنوير خانه دل تست ... أكل تعمير خانه كل تست
خانه دل كذاشتى بى نور ... خانه كل چهـ ميكنى معمور
وفى الحديث (ان فى الجنة لغرفا مبنية فى الهواء لا علاقة من فوقها ولا عماد لها من تحتها لا يأتيها أهلها الا شبه الطير لا ينالها الا اهل البلاء) اى الصابرون منهم وفى التأويلات النجمية (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) من مقام العندية فى مقعد صدق عند مليك مقتدر (بِما صَبَرُوا) فى البداية على أداء الأوامر وترك النواهي وفى الوسط على تبديل الأخلاق الذميمة بالأخلاق الحميدة وفى النهاية على إفناء الوجود الإنساني فى الوجود الرباني انتهى والصبر ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا الى الله قال بعض الكبار من ادب العارف بالله تعالى إذا أصابه ألم ان يرجع الى الله تعالى بالشكوى رجوع أيوب عليه السلام أدبا مع الله وإظهارا للعجز حتى لا يقاوم القهر الإلهي كما يفعله اهل الجهل بالله ويظنون انهم اهل تسليم وتفويض وعدم اعتراف فجمعوا بين جهالتين وَيُلَقَّوْنَ فِيها اى فى الغرفة من جهة الملائكة تَحِيَّةً [التلقية: چيزى پيش كسى را آوردن] يعدى الى المفعول الثاني بالباء وبنفسه كما فى تاج المصادر يقال لقيته كذا وبكذا إذا استقبلته به كما فى المفردات. والمعنى يستقبلون فيها بالتحية وَسَلاماً اى وبالسلام تحييهم الملائكة ويدعون لهم بطول الحياة والسلامة من الآفات فان التحية هى الدعاء بالتعمير والسلام هو الدعاء بالسلامة قال فى المفردات التحية ان يقال حياك الله اى جعل لك حياة وذلك اخبار ثم يجعل دعاء ويقال حيى فلان فلانا تحية إذا قال له ذلك واصل التحية من الحياة ثم جعل كل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول حياة او سبب حياة اما لدنيا واما لآخرة ومنه التحيات لله والسلام والسلامة التعري عن الآفات الظاهرة والباطنة وليست السلامة الحقيقية الا فى الجنة لان فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعزا بلا ذلك وصحة بلا سقم قال بعضهم الفرق ان السلام سلامة العارفين فى الوصال عن الفرقة والتحية روح تجلى حياة الحق الأزلي على أرواحهم وأشباحهم فيحيون حياة ابدية وقال بعضهم ويلقون فيها تحية يحيون بها بحياة الله وسلاما يسلمون به من الاستهلاك الكلى كما استحفظ ابراهيم عليه السلام من آفة البرد بالسلام بقوله تعالى (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ)
سلامت من دلخسته در سلام تو باشد ... زهى سعادت اگر دولت سلام تو يابم
خالِدِينَ فِيها حال من فاعل يجزون اى حال كونهم لا يموتون ولا يخرجون من الغرفة حَسُنَتْ الغرفة مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً من جهة كونها موضع قرار واقامة وهو مقابل ساءت مستقرا معنى ومثله أعرابا فعلى العاقل ان يتهيأ لمثل هذه الغرفة العالية الحسنة بما سبق من الأعمال الفاضلة المستحسنة ولا يقع فى مجرد الأماني والآمال فان الامنية كالموت بلا إشكال
وبقدر الكدّ والتعب تكتسب المعالي ... ومن طلب العلى جد فى الأيام والليالى(6/255)
قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)
قال بعض الكبار من أراد ان يعرف بعض محبة الحق او محبة له فلينظر الى حاله الذي هو عليه من اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والائمة المجتهدين بعده فان وجد نفسه على هداهم واخلاقهم من الزهد والورع وقيام الليل على الدوام وفعل جميع المأمورات الشرعية وترك جميع المنهيات حتى صار يفرح بالبلايا والمحن وضيق العيش وينشرح لتحويل الدنيا ومناصبها وشهواتها عنه فليعلم ان الله يحبه والا فليحكم بان الله يبغضه والإنسان على نفسه بصيرة. وفى الإكثار من النوافل توطئة لمحبة الله تعالى قال عليه السلام حاكيا عن الله تعالى (ما تقرب المتقربون الىّ بمثل أداء ما فرضت عليهم ولا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحبه) ومن آثار محبته تعالى لعبده المطيع له إعطاء الغرفة العالية له فى الجنة لعلو قدره ومنزلته عنده وإذا وقع التجلي الإلهي يكونون جلوسا على مراتبهم فالانبياء على المنابر والأولياء على الاسرة والعلماء بالله على الكراسي والمؤمنون المقلدون فى توحيدهم على مراتب وذلك الجلوس كله يكون فى جنة عدن عند الكثيب الأبيض واما من كان موحدا من طريق النظر فى الادلة فيكون جالسا على الأرض وانما نزل هذا عن الرتبة التي للمقلد فى التوحيد لانه تطرقه الشبه من تعارض الادلة والمقالات فى الله وصفاته فمن كان تقليده للشارع جزما فهو أوثق ايمانا ممن يأخذ توحيده من النظر فى الادلة ويؤولها واعلم ان الله تعالى انما ذكر الغرفة فى الحقيقة لاجل الطامعين الراغبين فيها واما خواص عباده فليس لهم طمع فى شىء سوى الله تعالى فلهم فوق الغرفة ونعيمها نعيم آخر تشير اليه التحية والسلام على تقدير ان يكونا من الله تعالى إذ لا يلتذ العاشق بشىء فوق ما يلتذ بمطالعة جمال معشوقه وسماع كلامه وخطابه- حكى- انه كان لبعضهم جار نصرانى فقال له اسلم على ان اضمن لك الجنة فقال النصراني الجنة مخلوقة لا خطر لها ثم ذكر له الحور والقصور فقال أريد أفضل من هذا
صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور
فقال اسلم على ان اضمن لك رؤية الله تعالى فقال الآن وجدت ليس شىء أفضل من رؤية الله فاسلم ثم مات فرآه فى المنام على مركب فى الجنة فقال له أنت فلان قال نعم قال ما فعل الله بك قال لما خرج روحى ذهب به الى العرش فقال الله تعالى آمنت بي شوقا الى لقائى فلك الرضى والبقاء قُلْ يا محمد للناس كافة ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ هذا بيان لحال المؤمنين منهم وما استفهامية محلها النصب على المصدر او نافية وما يعبأ ما يبالى ولا يعتد كما فى القاموس ما اعبأ بفلان ما أبالي وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه ودعاؤكم مبتدأ خبره موجود او واقع وهو مصدر مضاف الى الفاعل بمعنى العبادة كما فى قوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) ونظائره والمعنى. على الاستفهامية أي عبئ واعتبار يعتبركم ربى ويبالى ويعتنى بشأنكم لولا عبادتكم وطاعتكم له تعالى فان شرف الإنسان وكرامته بالمعرفة والطاعة والا فهو وسائر الحيوانات سواء وقال الزجاج أي وزن ومقدار يكون لكم عند الله تعالى لولا عبادتكم له تعالى وذلك ان اصل العبئ بالكسر والفتح بمعنى الثقل والحمل من أي شىء كان فمعنى ما أعبأ به فى الحقيقة ما ارى له وزنا وقدرا واليه جنح الامام الراغب فى الآية هذا(6/256)
وفى الآية معان اخر والأظهر عند المحققين ما ذكرناه فَقَدْ كَذَّبْتُمْ بيان لحال الكفرة من الناس اى فقد كذبتم ايها الكفرة بما أخبرتكم به حيث خالفتموه وخرجتم عن ان يكون لكم عنه الله اعتناء بشأنكم واعتبار او وزن ومقدار فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً مصدر كالقتال أقيم مقام الفاعل كما يقام العدل فى مقام العادل اى يكون جزاء التكذيب او اثره وهو الافعال المتفرعة عليه لازما يحيق بكم لا محالة حتى يكبكم فى النار اى يصرعكم على وجوهكم كما يعرب عنه الفاء الدالة على لزوم ما بعدها لما قبلها وانما أضمر من غير ذكر للايذان بغاية ظهوره وتهويل امره للتنبيه على انه مما لا يكتنهه الوصف والبيان وعن بعضهم ان المراد بالجزاء جزاء الدنيا وهو ما وقع يوم بدر قتل منهم واسر سبعون ثم
اتصل به عذاب الآخرة لازما لهم: قال الشيخ سعدى قدس سره
رطب ناورد چوب خر زهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار
واعلم ان الكفار أبطلوا الاستعداد الفطري وأفسدوا القوى بالإهمال فكان حالهم كحال النوى فانه محال ان ينبت منه الإنسان تفاحا فاصل الخلق والقوة لا يتغير البتة ولكن كما ان فى النوى إمكان ان يخرج ما فى قوته الى الوجود وهو النخل بالتفقد والتربية وان يفسد بالإهمال والترك فكذا فى الإنسان إمكان إصلاح القوة وإفسادها ولولا ذلك لبطل فائدة المواعظ والوصايا والوعد والوعيد والأمر والنهى ولا يجوز العقل ان يقال للعبد لم فعلت ولم تركت وكيف يكون هذا فى الإنسان ممتنعا وقد وجدناه فى بعض البهائم ممكنا فالوحشى قد ينتقل بالعادة الى التأنس والجامح الى السلاسة فالتوحيد والتصديق والطاعة امر ممكن من الإنسان بازالة الشرك والتكذيب والعصيان وقد خلق لاجلها كما قال ابن عباس رضى الله عنهما فى الآية قل ما يعبأ بخلقكم ربى لولا عبادتكم وطاعتكم إياه. يعنى انه خلقكم لعبادته كما قال (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فالحكمة الالهية والمصلحة الربانية من الخلق هى الطاعة وافعال الله تعالى وان لم تكن معللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة قال الامام الراغب الإنسان فى هذه الدار الدنيا كما قال امير المؤمنين على بن ابى طالب كرم الله وجهه الناس سفر والدار دار ممرّ لا دار مقر وبطن امه مبدأ سفره والآخرة مقصده وزمان حياته مقدار مسافته وسنوه منازله وشهوره فراسخه وأيامه امياله وأنفاسه خطاه ويسار به سير السفينة براكبها كما قال الشاعر
رأيت أخا الدنيا وان كان ثاويا ... أخا سفر يسرى به وهو لا يدرى
وقد دعى الى دار السلام لكن لما كان الطريق إليها مشكلة مظلمة جعل الله لنا من العقل الذي ركبه فينا وكتبه التي أنزلها علينا نورا هاديا ومن عبادته التي كتبها علينا وأمرنا بها حصنا واقيا فمن قال هذه الطاعات جعلها الله عذابا علينا من غير تأويل كفر فان اوّل مراده بالتعب لا يكفر ولو قال لو لم يفرض الله تعالى كان خيرا لنا بلا تأويل كفر لان الخير فيما اختاره الله الا ان يؤول ويريد بالخير الأهون والأسهل نسأل الله ان يسهلها علينا فى الباطن والظاهر والاول والآخر(6/257)
طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5)
تمت سورة الفرقان فى سادس شهر رمضان المبارك يوم السبت من سنة ثمان ومائة والف
تفسير سورة الشعراء
مكية وهى اثنتان او سبع وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم
طسم الحروف المقطعة فى أوائل السور يجمعها قولك (سرّ حصين قطع كلامه) واولى ما قال اهل التفسير فى حق هذه الحروف الله اعلم بمراده لانها من الاسرار الغامضة كما قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه «ان لكل كتاب سرا وسر القرآن فى المقطعات» كما فى رياض الاذكار والمعاني المتعلقة بالاسرار والحقائق لا يعلمها الا الله ومن اطلعه الله عليها من الراسخين فى العلم وهم العلماء بالله فلا معنى للبحث عن مرتبة ليس للسان حظ منها ولا للقلم نصيب واما اللوازم التي تشير الى الحقائق فلبيانها مساغ فانها دون الحقائق وفى مرتبة الفهم والى الاول يشير قول ابن عباس رضى الله عنهما فى (طسم) عجزت العلماء عن تفسيرها كما فى فتح الرحمن والى الثاني يشير ما فى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية [روايت كنند از على رضى الله عنه كه كفته آنكه كه (طسم) از آسمان فرود آمد رسول خدا عليه السلام كفت «طاء» طور سيناست و «سين» سكندريه و «ميم» مكه معنى آنست والله اعلم كه رب العزة سوكند ياد كرد باين بقاع شريف چنانكه] لا اقسم بهذا البلد. اما جبل طور سينا الذي بين الشام ومدين فهو محل مناجاة موسى عليه السلام وكلامه مع الله تعالى ومقام التجلي كما قال (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها صورة شجر العوسج على الدوام وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود. واما الاسكندرية فهى آخر مدن المغرب ليس فى معمور الأرض مثلها ولا فى أقاصي الدنيا كشكلها وعدت مساجدها فكانت عشرين الف مسجد نقل ان المدينة كانت سبع قصبات متوالية وانما أكلها البحر ولم يبق منها الا قصبة واحدة وهى المدينة الآن وصار منار المرآة الاسكندرية فى البحر لغلبة الماء على قصبة المنار وقصة المرآة أنه كان فى أعلا المنار الذي ارتفاعه ثلاثمائة ذراع الى القبة مرآة غريبة قد عملها الحكماء للاسكندر يرى فيها المراكب من مسيرة شهر وكان بالمرآة اعمال وحركات تحرق المراكب فى البحر إذا كان فيها عدو بقوة شعاعها فارسل صاحب الروم يخدع صاحب مصر ويقول ان الإسكندر قد كنز على المنار كنزا عظيما من الجواهر النفيسة فان صدقت فبادر الى إخراجها وان شككت فانا أرسل لك مركبا مملوأ من ذهب وفضة وأقمشة لطيفة ومكننى من استخراجها ولك ايضا من الكنز ما تشاء فانخدع لذلك وظنه حقا فهدم القبة فلم يجد شيأ وفسد طلسم المرآة. واما مكة المشرفة المكرمة فهى مدينة قديمة غنية عن البيان وفيها كعبة الإسلام وقبلة المؤمنين والحج إليها أحد اركان الدين ويقال الطاء طوله اى قدرته. والسين سناؤه اى رفعته. والميم ملكه ومجده فاقسم الله بهذه ويقال يشير الى طاء طيران الطائرين بالله والى. سين السائرين الى الله. والى ميم مشى الماشين لله فالاول مرتبة اهل النهاية والثاني مرتبة اهل التوسط والثالث مرتبة اهل البداية ولكل(6/258)
سالك خطوة ولكل طائر جناح ويقال الطاء اشارة الى طهارة اسرار اهل التوحيد. والسين اشارة الى سلامة قلوبهم عن مساكنة كل مخلوق. والميم اشارة الى منة الخالق عليهم بذلك وقال سيد الطائفة الجنيد قدس سره الطاء طرب التائبين فى ميدان الرحمن. والسين سرور العارفين فى ميدان الوصلة. والميم مقام المحبين فى ميدان القربة وقال نجم الدين قدس سره يشير الى طاء طهارة قلب نبيه عن تعلقات الكونين. والى سين سيادته على الأنبياء والمرسلين. والى ميم مشاهدة جمال رب العالمين وقال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه اقسم الله بشجرة طوبى وسدرة المنتهى ومحمد المصطفى بالقرآن بقوله (طسم) فالطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام. اما سر اصطفاء طوبى فان الله تعالى خلق جنة عدن بيده من غير واسطة وجعلها له كالقلعة للملك وجعل فيها الكثيب مقام تجلى الحق سبحانه وفيه مقام الوسيلة لخير البرية وغرس شجرة طوبى بيده فى جنة عدن وأطالها حتى علت فروعها سور جنة عدن ونزلت مظلة على سائر الجنان كلها وليس فى أكمامها ثمر الا الحلىّ والحلل لباس اهل الجنة وزينتهم ولها اختصاص فضل لكونها خلقها الله بيده ولذلك كانت اجمع الحقائق الجنانية نعمة وأعمها بركة فانها لجميع أشجار الجنة
كآدم عليه السلام لما ظهر من البنين وما فى الجنة نهر الا وهو يجرى من اصل تلك الشجرة وهى محمدية المقام. واما سر اجتباء سدرة المنتهى فهى شجرة بين الكرسي والسماء السابعة لافنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيعات عجيبة الالحان تطرب بها الأرواح والقلوب وتزيد فى الأحوال وهى الحد البرزخى بين الدارين سماها المنتهى لان الأرواح إليها تنتهى وتصعد اعمال اهل الأرض من السعداء وإليها تنزل الاحكام الشرعية وأم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء كما فى تفسير التيسير وهى مقام جبريل يسكن فى ذروتها كما ان مقر العقل وسط الدماغ وذلك لان جبريل سدرة العقل ومقامه اشارة الى مقام العقل وهو الدماغ ولذلك من رأى جبريل فانما رأى صورة عقله لان جبريل لا يرى من مقام تعينه لغير الأنبياء عليهم السلام. واخر الميم المشار به الى محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم لسر الختمية وكما ان ختم الأنبياء بسيد المرسلين كذلك ختم حروف الهجاء بالياء المشتمل عليها لفظ الميم فقد جمع الله فى القسم بقوله (طسم) ثلاث حقائق وهى اصول الحقائق كلها. الاولى حقيقة جنانية نعمية جامعة وهى شجرة طوبى ولذا أودعها الله فى المقام المحمدي لكونها جامعة للنعم الجنانية ومقسما لها كما ان النبي عليه السلام مقسم العلوم والمعارف وانواع الكمالات. والثانية حقيقة برزخية جامعة لحقائق الدارين وهى شجرة سدرة المنتهى فاغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار لانها فى مقعر فلك البروج وهو الفلك الأعظم ويسمى فلك الافلاك لانه يجمع الافلاك وايضا الفلك الأطلس لانه غير مكوكب كالثوب الأطلس الخالي عن النقش ومقعر سطحيه اى الفلك الأعظم يماس محدب الفلك الثوابت ومحدبه لا يماس شيأ إذ ليس وراءه شىء لا خلاء ولا ملاء بل عنده(6/259)
ينقطع امتدادات العالم كلها وقيل فى ورائه أفلاك من أنوار غير متناهية ولا قائل بالخلاء فيما تحت الفلك الأعظم بل هو الملأ كذا فى كتب الهيئة وعند الصوفية المقام الذي يقال له لا خلاء ولا ملاء فوق عالم الأرواح لا فوق العرش قال فى شرح التقويم ولما كان المذكور فى الكتب الالهية السموات السبع زعم قوم من حكماء الملة ان الثامن هو الكرسي والتاسع هو العرش وهذا يناسب قوله تعالى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) والثالثة حقيقة الحقائق الكلية وهى الحقيقة المحمدية لقد اقسم الله فى (طسم) بأجمع الحقائق كلها لفضلها على جميع الحقائق لان الحقيقة المحمدية حقيقة الحقائق وروحها دنيا وبرزخا وآخرة ولهذا ختم به الحقائق
هر دو عالم بسته فتراك او ... عرش وكرسى كرده قبله خاك او
پيشواى اين جهان وآن جهان ... مقتداى آشكارا ونهان
وقال بعض كبار المكاشفين لا يعرف حقائق الحروف المقطعة فى أوائل السور الا اهل الكشف والوجود فانها ملائكة واسماؤهم اسماء الحروف وهم اربعة عشر ملكا لان مجموع المقطعات من غير تكرار اربعة عشر آخرهم (ن وَالْقَلَمِ) وقد ظهروا فى منازل القرآن على وجوه مختلفة فمنازل ظهر فيها ملك واحد مثل «ن وص» ومنازل ظهر فيها اربعة مثل (طس ويس وحم) ومنازل ظهر فيها ثلاثة مثل (الم وطسم) ومنازل ظهر فيها اربعة مثل (المص والمر) ومنازل ظهر فيها خمسة مثل (كهيعص وحم عسق) وصورها مع التكرار تسعة وسبعون ملكا بيد كل ملك شعبة من الايمان فان الايمان بضع وسبعون شعبة والبضع من واحد الى تسعة فقد استعمل فى غاية البضع فاذا انطق القاري بهذه الحروف كان مناديا لهم فيجيبونه يقول القاري (الم) فيقول هؤلاء الثلاثة من الملائكة ما تقول فيقول القاري ما بعد هذه الحروف فيقال بهذا الباب الذي فتحت ترى عجائب وتكون هذه الأرواح الملكية التي هى الحروف أجسامها تحت تسخيره وبما بيدها من شعب الايمان تمده وتحفظ عليه إيمانه قال فى ترجمة وصايا الفتوحات [از جمله شعب ايمان شهادتست بتوحيد ونماز كزاريدن وزكاة دادن وروزه داشتن وحج كزاريدن ووضوء ساختن واز جنابت غسل كردن وغسل روز جمعه وصبر وشكر وورع وحيا وأمان ونصيحت وطاعت أولو الأمر وذكر حق كرفتن ورنج خود از خلق برداشتن وامانت ادا كردن ومظلوم را يارى دادن وترك ظلمه كردن وكسى را خوار ناداشتن وترك غيبت وترك نميمت وترك نجس كردن و چون در خانه كسى خواهى درآمدن دستورى خواستن وخشم را خوابانيدن واعتبار كرفتن وقول نيكو را سماع كردن وبر آنچهـ نيكوترست دفع كردن وقول بد را بجهر ناكفتن وبكلمه طيب إتيان كردن وحفظ فرج وحفظ زبان وتوبه وتوكل وخشوع وترك لغو يعنى سخن بيهوده وترك ما لا يعنى وحفظ عهد وميثاق ووفا نمودن وبر تقوى يارى دادن وبر اثم وعدوان يارى نادادن وتقوى را ملازم بودن ونيكويى كردن وصدق ورزيدن وامر معروف كردن ونهى منكر وميان دو مسلمان إصلاح كردن واز بهر خلق دعا كردن ورحمت خواستن وبزرك را مكرم داشتن وبحدود الله قيام نمودن وترك دعوىء جاهليت كردن واز پس يكديكر بد ناكفتن وبا هم ديكر دشمنى ناكردن وكواهى دروغ وقول(6/260)
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3)
دروغ ناكفتن وترك همز ولمز وغمز يعنى در پيش و پس بد ناكفتن وبچشم نازدن وغمازى ناكردن وبجماعات حاضر شدن وسلام را خاص كردن وبيكديكر هديه فرستادن وحسن خلق وحسن عهدى وسر نكاه داشتن ونكاح دادن وبنكاح كرفتن وحب اهل بيت وحب زنان وبوى خوش دوست داشتن وحب أنصار وتعظيم شعائر وترك عيش وبر مؤمن سلاح نداشتن وتجهيز مرده كردن وبر جنازه نماز كزاردن وبيمار پرسيدن وآنچهـ در راه مسلمانان زحمت باشد دور كردن وهر چهـ براى نفس خود دوست ميدارى براى هر يك از مؤمنان دوست داشتن وحق تعالى ورسول او را از همه دوستر داشتن وبكفر با زنا كشتن وبملائكة وكتب ورسل وهر چهـ ايشان از حق آورده اند ايمان داشتن] وغير ذلك مما اشتمل عليه الكتاب والسنة وهى كثيرة جدا وفى الحديث (الايمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا اله الا الله وأدناها اماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان) انتهى وهى خصال اهل الايمان ولم يرد تعديدها بأعيانها فى حديث واحد واهل العلم عدوا ذلك على وجوه وأقصى ما يتناوله لفظ هذا الحديث تسعة وسبعون قال الامام النسفي فى تفسير التيسير وانا أعدها على ترتيب اختاره وعلى الاجتهاد فاقول بدأ فيه بالتهليل والذي يليه التكبير والتسبيح والتحميد والتمجيد والتجريد والتفريد والتوبة والانابة والنظافة والطهارة والصلاة والزكاة والصيام والقيام والاعتكاف والحج والعمرة والقربان والصدقة والغزو والعتق وقراءة القرآن وملازمة الإحسان ومجانبة العصيان وترك الطغيان وهجر العدوان وتقوى الجنان وحفظ اللسان والثناء والدعاء والخوف والرجاء والحياء والصدق والصفاء والنصح والوفاء والندم والبكاء والإخلاص والذكاء والحلم والسخاء والشكر فى العطية والصبر فى البلية والرضى بالقضية والاستعداد للمنية واتباع السنة وموافقة الصحابة وتعظيم اهل الشيبة والعطف على صغار البرية والاقتداء بعلماء الامة والشفقة على العامة واحترام الخاصة وتعظيم اهل السنة وأداء الامانة واظهار الصيانة والإطعام والانعام وبر الأيتام وصلة الأرحام وافشاء السلام وصدق الاستسلام وتحقيق الاستعصام والزهد فى الدنيا والرغبة فى العقبى والموافقة للمولى ومخالفة الهوى والحذر من لظى وطلب جنة المأوى وبث الكرم وحفظ الحرم والإحسان الى الخدم وطلب التوفيق وحفظ التحقيق ومراعاة الجار والرفيق وحسن الملكة فى الرقيق وأدناها اماطة الأذى عن الطريق فمن استكمل الوفاء بشعب الايمان نال بوعد الله كمال الامان وهو الذي قال الله تعالى فيه (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ تلك مبتدأ خبره ما بعده اى هذه السورة آيات القرآن الظاهر اعجازه وصحة انه كلام الله ولو لم يكن كذلك لقدروا على الإتيان بمثله ولما عجزوا عن المعارضة فهو من ابان بمعنى بان او ظهر او المبين للاحكام الشرعية وما يتعلق بها وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الحروف المقطعة هاهنا وفى أوائل السور ليست من قبيل الحروف المخلوقة بل من قبيل آيات الكتاب المبين القديمة إذ كل حرف منها دال على معان كثيرة كالآيات لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ لعل للاشفاق اى الخوف والله تعالى(6/261)
إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5)
منزه عنه فهو بالنسبة الى النبي عليه السلام يقال بخع نفسه قتلها غما وفى الحديث (أتاهم اهل اليمين هم ارق قلوبا وابخع طاعة) فكأنهم فى قهرهم نفوسهم بالطاعة كالباخعين إياها واصل البخع ان يبلغ بالذبح البخاع وذلك أقصى حد الذبح وهو بالكسر عرق فى الصلب غير النخاع بالنون مثلثة فانه الخيط الذي فى جوف الفقار ينحدر من الدماغ ويتشعب منه شعب فى الجسم والمعنى اشفق على نفسك وخف ان تقتلها بالحزن بلا فائدة وهو حث على ترك التأسف وتصبير وتسل له عليه السلام قال الكاشفى [چوقريش قرآنرا ايمان نياوردند وحضرت رسالت عليه السلام بر ايمان ايشان بغايت حريص بود اين صورت بر خاطر مبارك او شاق آمد حق سبحانه وتعالى بجهت تسلى دل مقدس وى فرمود كه مكر تو يا محمد هلاك كننده وكشنده نفس خود را] أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ مفعول له بحذف المضاف اى خيفة ان لا يؤمن قريش بذلك الكتاب المبين فان الخوف والحزن لا ينفع فى ايمان من سبق حكم الله بعدم إيمانه كما ان الكتاب المبين لم ينفع فى إيمانه فلا تهتم فقد بلغت قال فى كشف الاسرار [اى سيد اين مشتى بيكانكان كه مقهور سطوت وسياست مااند ومطرود در كاه عزت ما تو دل خويش بايشان چرا مشغول دارى واز انكار ايشان بر خود چرا رنج نهى ايشانرا بحكم ما تسليم كن وبا شغل من آرام كير] وفى التأويلات النجمية يشير الى تأديب النبي عليه السلام لئلا يكون مفرطا فى الرحمة والشفقة على الامة فانه يؤدى الى الركون إليهم وان التفريط فى ذلك يؤدى الى الفظاعة وغلظ القلب بل يكون مع الله مع المقبل والمدبر
ترا مهر حق بس ز جمله جهان ... برو از نقوش سوى ساده باش
بهار وخزانرا همه در كذر ... چوسرو سهى دائم آزاده باش
ثم بين ان ايمانهم ليس مما تعلقت به مشيئة الله تعالى فقال إِنْ نَشَأْ [اگر ما خواهيم] نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً دالة ملجئة الى الايمان كانزال الملائكة او بلية قاسرة عليه كآية من آيات القيامة فَظَلَّتْ فصارت ومالت اى فتظن أَعْناقُهُمْ اى رقابهم: وبالفارسية [پس كردد كردنهاى ايشان] لَها اى لتلك الآية خاضِعِينَ منقادين فلا يكون أحد منهم يميل عنقه الى معصية الله ولكن لم نفعل لانه لا عبرة بالايمان المبنى على القسر والإلجاء كالايمان يوم القيامة وأصله فظلوا لها خاضعين فان الخضوع صفة اصحاب الأعناق حقيقة فاقحمت الأعناق لزيادة التقرير ببيان موضع الخضوع وترك الخبر على حاله وفيه بيان ان الايمان والمعرفة موهبة خاصة خارجة عن اكتساب الخلق فى الحقيقة فاذا حصلت الموهبة نفع الانذار والتبشير والا فلا فليبك على نفسه من جبل على الشقاوة: قال الحافظ
چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ من موعظة من المواعظ القرآنية او من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم كل تذكير وتنبهم أتم تنبيه كانها نفس الذكر مِنَ الرَّحْمنِ بوحيه الى نبيه دل هذا الاسم الجليل على ان إتيان الذكر من آثار رحمة الله تعالى على عباده مُحْدَثٍ مجدد انزاله لتكرير التذكير وتنويع التقرير فلا يلزم حدوث القرآن إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ(6/262)
فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9)
إلا جددوا إعراضا عن ذلك الذكر وعن الايمان به واصرارا على ما كانوا عليه والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال محله النصب على الحالية من مفعول يأتيهم بإضمار قد وبدونه على الخلاف المشهور اى ما يأتيهم من ذكر فى حال من الأحوال الا حال كونهم معرضين عنه فَقَدْ كَذَّبُوا بالذكر عقيب الاعراض فالفاء للتعقيب اى جعلوه تارة سحرا واخرى شعرا ومرة أساطير فَسَيَأْتِيهِمْ البتة من غير تخلف أصلا والفاء للسبية اى لسبب اعراضهم المؤدى الى التكذيب المؤدى الى الاستهزاء أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى اخبار الذكر الذي كانوا يستهزئون به من العقوبات العاجلة والآجلة التي بمشاهدتها يقفون على حقيقة حال القرآن بانه كان حقا او باطلا وكان حقيقا بان يصدق ويعظم قدره او يكذب فيستخف امره كما يقفون على الأحوال الخافية عنهم باستماع الانباء وفيه تهويل له لان النبأ لا يطلق الا على خبر خطير له وقع عظيم قال الكاشفى [وبعد از ظهور نتايج تكذيب پشيمانى نفع ندهد امروز بدان مصلحت خويش كه فردا دانى و پشيمان شوى وسود ندارد] أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار التوبيخي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى افعل المكذبون من قريش ما فعلوا من الاعراض عن الآيات والتكذيب والاستهزاء بها ولم ينظروا إِلَى الْأَرْضِ اى الى عجائبها الزاجرة عما فعلوا الداعية الى الإقبال الى ما اعرضوا كَمْ أَنْبَتْنا فِيها [چند برويانيديم در زمين بعد از مردگى وافسردگى] مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [از هر صنفى كياه نيكو و پسنديده چون رياحين وكل نسرين وبنفشه وياسمين وشكوفهاى رنكارنك وبركهاى كوناكون] وسائر نباتات نافعة مما يأكل الناس والانعام قال اهل التفسير كم خبرية منصوبة بما بعدها على المفعولية والجمع بينها وبين كل لان كل للاحاطة بجميع ازواج النبات وكم لكثرة المحاط به من الأزواج ومن كل زوج اى صنف تمييز والكريم من كل شىء مرضيه ومحموده يقال وجه كريم اى مرضى فى حسنه وجماله وكتاب كريم مرضى فى معانيه وفوائده وفارس كريم مرضى فى شجاعته وبأسه. والمعنى كثير من كل صنف مرضى كثير المنافع أنبتنا فيها وتخصيص النبات النافع بالذكر دون ما عداه من اصناف الضار وان كان كل نبت متضمنا لفائدة وحكمة لاختصاصه بالدلالة على القدرة والنعمة معا واعلم انه سبحانه كما أنبت من ارض الظاهر كل صنف ونوع من النبات الحسن الكريم كذلك أنبت فى ارض قلوب العارفين كل نبت من الايمان والتوكل واليقين والإخلاص والأخلاق الكريمة كما قال عليه السلام (لا اله الا الله ينبت الايمان كما ينبت البقل) قال ابو بكر بن طاهر أكرم زوج من نبات الأرض آدم وحواء فانهما كانا سببا فى اظهار الرسل والأنبياء والأولياء والعارفين قال الشعبي الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى الإنبات المذكور او فى كل واحد من تلك الأصناف لَآيَةً عظيمة دالة على كمال قدرة منبتها وغاية وفور علمه ونهاية سعة رحمته موجبة للايمان زاجرة عن الكفر وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر قومه عليه السلام بِمُؤْمِنِينَ مع ذلك لغاية تماديهم فى الكفر والضلالة وانهما كهم فى الغى والجهالة وكان صلة عند سيبويه لانه لو حمل(6/263)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9)
على معنى ما كان أكثرهم فى علم الله وقضائه لتوهم كونهم معذورين فى الكفر بحسب الظاهر وبيان موجبات الايمان من جهته تعالى يخالف ذلك يقول الفقير قوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ) الآية ونظائره يدل على المعنى الثاني ولا يلزم من ذلك المعذورية لانهم صرفوا اختيارا الى جانب الكفر والمعصية وكانوا فى العلم الأزلي غير مؤمنين بحسب اختيارهم ونسبة عدم الايمان الى أكثرهم لان منهم من سيؤمن وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر على الانتقام من الكفرة الرَّحِيمُ المبالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يأخذهم بغتة وقال فى كشف الاسرار يرحم المؤمن الذين هم الأقل بعد الأكثر وفى التأويلات النجمية بعزته قهر الأعداء العتاة وبرحمته ولطفه أدرك اولياء بجذبات العناية وعن السرى السقطي قدس سره قال كنت يوما أتكلم بجامع المدينة فوقف علىّ شاب حسن الشباب فاخر الثياب ومعه أصحابه فسمعنى أقول فى وعظي عجبا لضعيف يعصى قويا فتغير لونه فانصرف فلما كان الغد جلست فى مجلسى وإذا به قد اقبل فسلم وصلى ركعتين وقال يا سرى سمعتك بالأمس تقول عجبا لضعيف كيف يعصى قويا فما معناه فقلت لا أقوى من الله ولا أضعف من العبد وهو يعصيه فنهض فخرج ثم اقبل من الغد وعليه ثوبان أبيضان وليس معه أحد فقال يا سرى كيف الطريق الى الله تعالى فقلت ان أردت العبادة فعليك بصيام النهار وقيام الليل وان أردت الله فاترك كل شىء سواه تصل اليه وليس الا المساجد والمحراب والمقابر فقام وهو يقول والله لا سلكت الا أصعب الطرق وولى خارجا فلما كان بعد ايام اقبل الىّ غلمان كثير فقالوا ما فعل احمد بن يزيد الكاتب فقلت لا اعرف الا رجلا جاءنى من صفته كذا وكذا وجرى لى معه كذا وكذا ولا اعلم حاله فقالوا بالله عليك متى عرفت حاله فعرفنا ودلنا على داره فبقيت سنة لا اعرف له خبرا فبينا انا ذات ليلة بعد العشاء الآخرة جالس فى بيتي إذ بطارق يطرق الباب فاذنت له فى الدخول فاذا بالفتى عليه قطعة من كساء فى وسطه واخرى على عاتقه ومعه زنبيل فيه نوى فقبل بين عينى وقال يا سرى اعتقك الله من النار كما أعتقتني من رق الدنيا فاومأت الى صاحبى ان امض الى اهله فاخبرهم فمضى فاذا زوجته قد جاءت ومعها ولده وغلمانه فدخلت والقت الولد فى حجره وعليه حلى وحلل وقالت يا سيدى ارملتنى وأنت حىّ وأيتمت ولدك وأنت حىّ قال السرى فنظر الىّ وقال يا سرى ما هذا وفاء ثم اقبل عليها وقال والله انك لثمرة فؤادى وحبيبة قلبى وان هذا ولدي لاعز الخلق علىّ غير ان هذا السرى أخبرني ان من أراد الله قطع كل ما سواه ثم نزع ما على الصبى وقال ضعى هذا فى الأكباد الجائعة والأجساد العارية وقطع قطعة من كسائه فلف فيها الصبى فقالت المرأة لا ارى ولدي فى هذه الحالة وانتزعته منه فحين رأها قد اشتغلت به نهض وقال ضيعتم علىّ ليلتى بينى وبينكم الله وولى خارجا وضجت المرأة بالبكاء فقالت ان عدت يا سرى سمعت له خبرا فاعلمنى فقلت ان شاء الله فلما كان بعد ايام أتتني عجوز فقالت يا سرى بالشونيزية غلام يسألك الحضور فمضيت فاذا به مطروح تحت رأسه لبنة فسلمت عليه ففتح عينيه وقال ترى يغفر تلك الجنايات فقلت نعم قال يغفر لمثلى قلت نعم قال انا غريق قلت هو منجى الغرقى فقال على مظالم فقلت فى الخبر(6/264)
وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16)
انه يؤتى بالتائب يوم القيامة ومعه خصومه فيقال لهم خلوا عنه فان الله تعالى يعوضكم فقال يا سرى معى دراهم من لقط النوى إذا انا مت فاشتر ما احتاج اليه وكفنى ولا تعلم أهلي لئلا يغيروا كفنى بحرام فجلست عنده قليلا ففتح عليه وقال لمثل هذا فليعمل العاملون ثم مات فاخذت الدراهم فاشتريت ما يحتاج اليه ثم سرت نحوه فاذا الناس يهرعون اليه فقلت ما الخبر فقيل مات ولىّ من اولياء الله نريد ان نصلى عليه فجئت فغسلته ودفناه فلما كان بعد مدة وفد اهله يستعلمون خبره فاخبرتهم بموته فاقبلت امرأته باكية فاخبرتها بحاله فسألتنى ان أريها قبره فقلت أخاف ان تغيروا أكفانه قالت لا والله فاريتها القبر فبكت وأمرت بإحضار شاهدين فاحضرا فاعتقت جواريها ووقفت عقارها وتصدقت بمالها ولزمت قبره حتى ماتت رحمة الله تعالى عليهما
چون كند كحل عنايت ديده باز ... اينچنين باشد بدنيا اهل راز
وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى إذ منصوب با ذكر المقدر والمناداة والنداء رفع الصوت وأصله من الندى وهو الرطوبة واستعارته للصوت من حيث ان من تكثر رطوبة فمه حسن كلامه ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق. والمعنى اذكر يا محمد لقومك وقت نداءه تعالى وكلامه موسى اى ليلة رأى الشجرة والنار حين رجع من مدين وذكرهم بما جرى على قوم فرعون بسبب تكذيبهم إياه وحذرهم ان يصيبهم مثل ما أصابهم أَنِ ائْتِ تفسير نادى فان مفسرة بمعنى اى والإتيان مجيىء بسهولة. والمعنى قال له يا موسى ائت الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أنفسهم بالكفر والمعاصي واستعباد بنى إسرائيل وذبح أبنائهم قَوْمَ فِرْعَوْنَ بدل من القوم والاقتصار على القوم للايذان بشهرة ان فرعون أول داخل فى الحكم أَلا يَتَّقُونَ استئناف لا محل له من الاعراب وألا تحضيض على الفعل اتبعه إرساله إليهم لانذار وتعجيبا من غلوهم فى الظلم وافراطهم فى العدوان اى ألا يخافون الله ويصرفون عن أنفسهم عقابه بالايمان والطاعة: وبالفارسية [آيا نمى ترسند يعنى بايد كه بترسند از عذاب حضرت الهى ودست از كفر بدارند وبنى إسرائيل را بگذارند] قالَ استئناف كأنه قيل فماذا قال موسى فقيل قال متضرعا الى الله تعالى رَبِّ [اى پروردگار من] إِنِّي أَخافُ الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة أَنْ يُكَذِّبُونِ ينكروا نبوتى وما أقول من أول الأمر قال بعض الكبار خوفه كان شفقة عليهم وأصله يكذبونى فحذفت الياء استغناء بالكسر وَيَضِيقُ صَدْرِي [وتنك شود دل من از انفعال تكذيب] وكان فى موسى حده وهو معطوف على أخاف وكذا قوله وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي [ونكشايد زبان من وعقده كه دارد زياده كردد] فان الانطلاق بالفارسية [كشاده شدن وبشدن] والمراد هنا هو الاول واللسان الجارحة وقوتها قال الله تعالى (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) يعنى من قوة لسانى فان العقدة لم تكن فى الجارحة وانما كانت فى قوتها التي هى النطق بها كما فى المفردات فَأَرْسِلْ جبريل عليه السلام إِلى هارُونَ ليكون معينا لى فى التبليغ فانه افصح لسانا وهو اخوه الكبير: وبالفارسية [او را شريك من كردان برسالت تا باعانت(6/265)
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16)
او نزد فرعونيان روم] واعلم ان التكذيب سبب لضيق القلب وضيق القلب سبب لتعسر الكلام على من يكون فى لسانه حبسة لانه عند ضيق القلب ينقبض الروح والحرارة الغريزية الى باطن القلب وإذا انقبضا الى الداخل ازدادت الحبسة فى اللسان فلهذا بدأ عليه السلام بخوف التكذيب ثم ثنى بضيق الصدر ثم ثلث بعدم انطلاق اللسان وسأل تشريك أخيه هارون فانه لو لم يشرك به فى الأمر لاختلفت المصلحة المطلوبة من بعثة موسى وسبب عقدة لسانه عليه السلام احتراقه من الجمرة عند امتحان فرعون كما قال العطار
همچوموسى اين زمان در طشت آتش مانده ايم ... طفل فرعونيم ما كان ودهان پر اخكرست
ولم تحترق أصابعه حين قبض على الجمرة لتكون فصاحته بعد رجوعه الى فرعون بالدعوة معجزة ولذا قال بعضهم من قال كان اثر ذلك الاحتراق على لسانه بعد الدعوة فقد اخطأ قال بعض الكبار ينبغى للواعظ ان يراقب الله فى وعظه ويجتنب عن تكلم ما يشين بجمال الأنبياء ويهتك حرماتهم ويطلق ألسنة العامة فى حقهم ويسيئ الظن بهم والا مقته الله وملائكته وَلَهُمْ اى لقوم فرعون عَلَيَّ اى بذمتي ذَنْبٌ اى جزاء ذنب وموجبه فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه والمراد به قتل القبطي دفعا عن السبطى وانما سماه ذنبا على زعمهم وقال الكاشفى [وايشانرا بر من دعوى كناهست مراد قتل قبطيست وبزعم ايشان كناه ميكويد] فَأَخافُ ان أتيتهم وحدي أَنْ يَقْتُلُونِ بمقابلته قبل أداء الرسالة كما ينبغى. واما هارون فليس له هذا الذنب قال بعض الكبار ليس بعجب طريان خوف الطبيعة وصفات البشرية على الأنبياء فالقلب ثابت على المعرفة واعلم ان هذا وما قبله ليس تعللا وتوقفا من جانب موسى وتركا للمسارعة الى الامتثال بل هو استدفاع للبلية المتوقعة قبل وقوعها واستظهار فى امر الدعوة وحقيقته ان موسى عليه السلام اظهر التلوين من نفسه ليجد التمكين من ربه وقد آمنه الله وأزال عنه كل كلفة حيث قالَ تعالى كَلَّا اى ارتدع عما تظن فانهم لا يقدرون على قتلك به لانى لا اسلطهم عليك بل اسلطك عليهم فَاذْهَبا اى أنت والذي طلبت وهو هارون فالخطاب إليهما على تغليب الحاضر بِآياتِنا اى حال كونكما ملتبسين بآياتنا التسع التي هى دلائل القدرة وحجة النبوة وهو رمز الى دفع ما يخافه إِنَّا مَعَكُمْ تعليل للردع عن الخوف ومزيد تسلية لهما بضمان كمال الحفظ والنصرة والمراد موسى وهارون وفرعون فمع موسى وهارون بالعون والنصر ومع فرعون بالقهر والكسر وهو مبتدأ وخبر وقوله مُسْتَمِعُونَ خبر ثان او الخبر وحده ومعكم ظرف لغو وحقيقة الاستماع طلب السمع بالاصغاء وهو بالفارسية [كوش فرا داشتن] والله تعالى منزه عن ذلك فاستعير للسمع الذي هو مطلق ادراك الحروف والأصوات من غير إصغاء. والمعنى سامعون لما يجرى بينكما وبينه فاظهر كما عليه مثل حاله تعالى بحال ذى شوكة قد حضر مجادلة قوم يسمع ما يجرى بينهم ليمد الأولياء منهم ويظهرهم على الأعداء مبالغة فى الوعد بالاعانة وجعل الكلام استعارة تمثيلية لكون وجه الشبه هيئة منتزعة من عدة امورأْتِيا فِرْعَوْنَ
[پس بياييد بفرعون] وهو الوليد بن مصعب وكنيته ابو العباس وقيل اسمه مغيث وكنيته ابو مرة وعاش اربعمائة(6/266)
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23)
وستين سنةقُولا إِنَّا
اى كل معناسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
[فرستاده پروردگار عالميانيم] وقال بعضهم لم يقل رسولا لان موسى كان الرسول المستقل بنفسه وهارون كان ردأ يصدقه تبعا له فى الرسالة أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ ان مفسرة لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول والإرسال هاهنا التخلية والإطلاق كما تقول أرسلت الكلب الى الصيد اى خلهم وشأنهم ليذهبوا الى ارض الشام وكانت مسكن آبائهم: وبالفارسية [وسخن اينست كه بفرست با ما بنى إسرائيل را يعنى دست از ايشان بدار تا با ما بزمين شام روند كه مسكن آباء ايشان بوده] وكان فرعون استعبدهم اربعمائة سنة وكانوا فى ذلك الوقت ستمائة الف وثلاثين الفا فانطلق موسى الى مصر وهارون كان بها فلما تلاقيا ذهبا الى باب فرعون ليلا ودق موسى الباب بعصاه ففزع البوابون وقالوا من بالباب فقال موسى انا رسول رب العالمين فذهب البواب الى فرعون فقال ان مجنونا بالباب يزعم انه رسول رب العالمين فأذن له فى الدخول من ساعته كما قاله السدى او ترك حتى أصبح ثم دعاهما فدخلا عليه واديا رسالة الله فعرف فرعون موسى لانه نشأ فى بيته فشتمه قالَ فرعون لموسى وقال قتادة انهما انطلقا الى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب هاهنا انسان يزعم انه رسول رب العالمين فقال ائذن له حتى نضحك منه فاديا اليه الرسالة فعرف موسى فقال عند ذلك على سبيل الامتنان أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً فى حجرنا ومنازلنا وقال الكاشفى [نه ترا پرورديم در ميان خويش (وَلِيداً) در حالتى كه طفل بودى نزديك بولادت] عبر عن الطفل بذلك لقرب عهده من الولادة وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ [ودرنك كردى در منزلهاى ما سالها از عمر خود] قوله من عمرك حال من سنين. والعمر بضمتين مصدر عمر اى عاش وحيي قال الراغب العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة قليلة او كثيرة قيل لبث فيهم ثلاثين سنة ثم خرج الى مدين واقام بها عشر سنين ثم عاد إليهم يدعوهم الى الله تعالى ثلاثين سنة ثم بقي بعد الغرق خمسين فيكون عمر موسى مائة وعشرين سنة وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ الفعلة بالفتح المرة الواحدة يعنى قتل القبطي الذي كان خباز فرعون واسمه فاتون وبعد ما عدد نعمته من تربيته وتبليغه مبلغ الرجال نبهه بما جرى عليه من قتل خبازه وعظمه قال ابن الشيخ تعظيم تلك الفعلة يستفاد من عدم التصريح باسمها الخاص فان تنكير الشيء وإبهامه قد يقصد به التعظيم وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ حال من احدى التاءين اى من المنكرين لنعمتى والجاحدين لحق تربيتى حيث عمدت الى رجل من خواصى قالَ موسى فَعَلْتُها اى تلك الفعلة إِذاً اى حين فعلت اى قتلت النفس وهو حرف جواب فقط لان ملاحظة المجازاة هاهنا بعيدة وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ يقال ضل فلان الطريق اخطأه اى ضللت طريق الصواب واخطأته من غير تعمد كمن رمى سهما الى طائر وأصاب آدميا وذلك لان مراد موسى كان تأديبه لا قتله: وبالفارسية [آگاه نبودم كه بمشت زدن من آنكس كشته شود] فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ ذهبت من بينكم الى مدين حذرا على نفسى لَمَّا خِفْتُكُمْ ان تصيبونى بمضرة وتؤاخذونى بما لا استحقه بجنايتي(6/267)
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23)
من العقاب فَوَهَبَ لِي رَبِّي حين رجعت من مدين حُكْماً اى علما وحكمة وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ إليكم وفى فتح الرحمن حكما اى نبوة وجعلنى من المرسلين درجة ثانية للنبوة فرب نبى ليس برسول قال بعض الكبار ان الله تعالى إذا أراد ان يبلغ أحدا من خلقه الى مقام من المقامات العالية يلقى عليه رعبا حتى يفر اليه من خلقه فيكشف له خصائص أسراره كما فعل بموسى عليه السلام ومعاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم فانهم لا يقعون فيها بحكم الشهوة الطبيعية بل بحسب الخطا وذلك مرفوع وَتِلْكَ اى التربية المدلول عليها بقوله (أَلَمْ نُرَبِّكَ) نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ اى تمن بها علىّ ظاهرا وهى فى الحقيقة أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى تعبيدك بنى إسرائيل وقصدك إياهم بذبح أبنائهم فان السبب فى وقوعي عندك وحصولى فى تربيتك يعنى لو لم يفعل فرعون ذلك اى قهر بنى إسرائيل وذبح أبنائهم لتكفلت أم موسى بتربيته ولما قذفته فى اليم حتى يصل الى فرعون ويربى بتربيته فكيف يمتن عليه بما كان بلاؤه سببا له قوله تلك مبتدأ ونعمة خبرها وتمنها علىّ صفة وان عبدت خبر مبتدأ محذوف اى وهى فى الحقيقة تعبيد قومى. والتعبيد: بالفارسية [دام كردن وببندگى كرفتن] يقال عبدته إذا أخذته عبدا وقهرته وذللته رد موسى عليه السلام اولا ما وبخه فرعون قدحا فى نبوته ثم رجع الى ما عده عليه من النعمة ولم يصرح برده حيث كان صدقا غير قادح فى دعواه بل نبه على ان ذلك كان فى الحقيقة نعمة لكونه مسببا عنها قال بعضهم بدأ فرعون بكلام السفلة ومنّ على نبى الله بما أطعمه والمنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين أحدهما ان يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله تعالى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وذلك فى الحقيقة لا يكون الا لله تعالى والثاني ان يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس الا عند كفران النعمة ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة اى عد النعمة قال محمد بن على الترمذي قدس سره ليس من الفتوة تذكار الصنائع وتعدادها على من اصطنعت اليه ألا ترى الى فرعون لما لم يكن له فتوة كيف ذكر صنيعه وامتن به على موسى
از ناكسان دهر ثبوت طمع مدار ... از طبع دير خاصيت آدمي مجوى
اعلم ان الله تعالى جعل موسى عليه السلام مظهر صفة لطفه بان جعله نبيا مرسلا وله فى هذا المعنى كمالية لا يبلغها الا بالتربية ومقاساة شدائد الرسالة مع فرعون وجعل فرعون مظهر صفة قهره بان جعله مكذبا لموسى ومعاندا له وكان لفرعون كمالية فى التمرد والآباء والاستكبار لم يبلغها إبليس ليعلم ان للانسان استعدادا فى اظهار صفة اللطف لم يكن للملك ولذلك صار الإنسان مسجودا للملك والملك ساجده ولو لم يكن موسى عليه السلام داعيا لفرعون الى الله تعالى وهو مكذبه لم يبلغ فرعون الى كماليته فى التمرد ليكون مظهر الصفة القهر بالتربية فى التمرد كذا فى التأويلات النجمية وقس عليهما كل موسى وكل فرعون فى كل عصر الى قيام الساعة فان الأشياء تتبين بالاضداد وتبلغ الى كمالها قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ما استفهامية معناها أي شىء والرب المربى والمتكفل لمصلحة الموجودات والعالم اسم لما سوى الله تعالى(6/268)
قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28)
من الجواهر والاعراض والمعنى أي شىء رب العالمين الذي ادعيت انك رسوله وما حقيقته الخاصة ومن أي جنس هو منكرا لان يكون للعالمين رب سواه قال الكاشفى [چون فرعون شنيده بود كه موسى كفت انا رسول رب العالمين اسلوب سخن بگردانيد واز روى امتحان كفت چيست پروردگار عالميان و چهـ چيز است سؤال از ماهيت كرد] ولما لم يمكن تعريفه تعالى الا بلوازمه الخارجية لاستحالة التركيب فى ذاته من جنس وفصل قالَ موسى مجيبا له بما يصح فى وصفه تعالى رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا عين ما اراده بالعالمين لئلا يحمله اللعين على ما تحت مملكته إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بالأشياء المحققين لها بالنظر الصحيح الذي يؤدى الى الإتيان وهو بالفارسية [بي كمان شدن] علمتم ان العالم عبارة عن كل ما يعلم به الصانع من السموات والأرض وما بينهما وان ربها هو الذي خلقها ورزق من فيها ودبر أمورها فهذا تعريفه وجواب سؤالكم لا غير والخطاب فى كنتم لفرعون واشراف قومه الحاضرين قال الكاشفى [هيچ كس را از حقيقة حق آگاهى ممكن نيست هر چهـ در عقل وفهم ووهم وحواس وقياس كنجد ذات خداوند تعالى از ان منزه ومقدس است چهـ آن همه محدثاتند ومحدث جزا ادراك محدث نتوان كرد]
آنكه او از حدث برآرد دم ... چهـ شناسد كه چيست سر قدم
علم را سوى حضرتش ره نيست ... عقل نيز از كمالش آگه نيست
فمعنى العلم بالله العلم به من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما لا توفيه الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة قالَ فرعون عند سماع جوابه خوفا من تأثيره فى قلوب قومه وانقيادهم له (لِمَنْ حَوْلَهُ من اشراف قومه وهم القبط [وايشان پانصد تن بود زيورها بسته وبر كرسيهاى زرين نشسته] وحول الشيء جانبه الذي يمكنه ان يحول اليه وينقلب أَلا تَسْتَمِعُونَ ما يقول فاستمعوه وتعجبوا منه فى مقاله وفيه يريد ربوبية نفسه قالَ موسى زيادة فى البيان وحطاله عن مرتبة الربوبية الى مرتبة المربوبية قال الكاشفى [عدول كرد از ظهر آيات با قرب آيات بناظر وواضح آن بر متأمل] رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ وقيل ان فرعون كان يدعى الربوبية على اهل عصره وزمانه فلم يدع ذلك على من كان قبله فبين بهذه الآية ان المستحق للربوبية هو رب كل عصر وزمان قالَ فرعون من سفاهته وصرفا لقومه عن قبول الحق إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ لا يصدر ما قاله عن العقلاء وسماه رسولا على السخرية واضافه الى مخاطبيه ترفعا من ان يكون مرسلا الى نفسه. والجنون حائل بين النفس والعقل كما فى المفردات قالَ موسى زياده فى تعريف الحق ولم يشتغل بمجاوبته فى السفاهة رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما بيان ربوبيته للسموات والأرض وما بينهما وان كان متضمنا لبيان الخافقين وما بينهما لكن أراد التصريح بذكر الشروق والغروب للتغيرات الحادثة فى العالم من النور مرة والظلمة اخرى المفتقرة الى محدث عليم حكيم قال ابن عطاء(6/269)
قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32)
منور قلوب أوليائه بالايمان ومشرق ظواهرهم ومظلم قلوب أعدائه بالكفر ومظهر آثار الظلمة على هياكلهم إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ شيأ من الأشياء او من جملة من له عقل وتمييز علمتم ان الأمر كما قلته واستدللتم بالأثر على المؤثر وفيه تلويح بانهم بمعزل من دائرة العقل متصفون بما رموه عليه السلام به من الجنون فمن كمال ضدية موسى وفرعون وكذا القلب والنفس يعد كل منهما ما يصدر من الآخر من الجنون وقس عليهما العاشق والزاهد فان جنون العشق من واد وجنون الزهد من واد آخر
زد شيخ نارسيده بعشق تو طعنه ام ... ديوانه را ز سرزنش كودكان چهـ باك
قالَ فرعون من غاية تمرده وميلا الى العقوبة كما يفعله الجبابرة وعدولا الى التهديد عن المحاجة بعد الانقطاع وهكذا ديدن المعاند المحجوب وغيظا على نسبة الربوبية الى غيره ولعله كان دهريا اعتقد ان من ملك قطرا وتولى امره بقوة طالعه استحق العبادة من اهله وقال بعضهم كان الملعون مشبها ولذلك قال وما رب العالمين اى أي شىء هو فنوقعه فى الخيال لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ اللام للعهد اى لا جعلنك من الذين عرفت أحوالهم فى سجونى فانه كان يطرحهم فى هوة عميقة حتى يموتوا ولذلك لم يقل لأسجنك قال الكاشفى [هر آينه كردانيدم ترا از زندانيان آورده اند كه سجن فرعون از قتل بدتر بود زيرا كه زندانيانرا در حفره عميق مى انداختند كه در آنجا هيچ نمى ديدند ونمى شنيدند وبيرون نمى آوردند الا مرده] وفيه اشارة الى سجن حب الدنيا فان القلب إذا كان متوجها الى الله وطلبه معرضا عن النفس وشهواتها فلا استيلاء للنفس عليه الا بشبكة حب الجاه والرياسة فانه آخر ما يخرج عن رؤس الصديقين
باشد اهل آخرت را حب جاه ... همچويوسف را در ان شهراه جاه
قالَ موسى أَوَلَوْ جِئْتُكَ [اگر بيايم ترا] بِشَيْءٍ مُبِينٍ يعنى أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشىء موضح لصدق دعواى يعنى المعجزة فانها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته والدلالة على صدق مدعى نبوته فالواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام للانكار بعد حذف الفعل اى جائيا بشىء مبين وجعلها بعضهم للعطف اى أتفعل بي ذلك لو لم أجئ بشئ مبين ولو جئتك به اى على كل حال من عدم المجيء والمجيء قالَ فرعون فَأْتِ بِهِ [پس بيار آن چيز را] إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى ان لك بينة موضحة لصدق دعواك وكان فى يد موسى عصا من شجر الآس من الجنة وكان آدم جاء بها من الجنة فلما مات قبضها جبريل ودفعها الى موسى وقت رسالته فقال موسى لفرعون ما هذه التي بيدي قال فرعون هذه عصا فَأَلْقى من يده عَصاهُ والإلقاء طرح الشيء حيث تلقاه وتراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح فَإِذا هِيَ [پس آنجا عصا پس از افكندن] ثُعْبانٌ مُبِينٌ اى ظاهر الثعبانية وانها شىء يشبه الثعبان صورة بالسحر او بغيره والثعبان أعظم الحيات بالفارسية [اژدها] واشتقاقه من ثعبت الماء فانثعب اى فجرته فانفجر قال الكاشفى [وفرعون از مشاهده او بترسيد ومردمان كه حاضر بودند هزيمت كردند چنانچهـ(6/270)
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39)
در وقت فرار بيست و پنج هزار كس كشته شد] قال فرعون من شدة الرعب يا موسى اسألك بالذي أرسلك ان تأخذها فاخذها فعادت عصا ولا تناقض بينه وبين قوله (كَأَنَّها جَانٌّ) وهو الصغير من الحيات لان خلقها خلق الثعبان العظيم وحركتها وخفتها كالجان كما فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى إلقاء القلب عصا الذكر وهو كلمة لا اله الا الله فاذا هى ثعبان مبين يلتقم بفم النفي ما سوى الله وَنَزَعَ يَدَهُ من جيبه: وبالفارسية [ودست راست خويش از زير بازوى چپ خويش بيرون كشيد] فَإِذا هِيَ [پس آنجا دست او] بَيْضاءُ ذات نور وبياض من غير برص: وبالفارسية [سپيد درخشنده بود بعد از انكه كندم كونه بود] لِلنَّاظِرِينَ [مر نظر كنندكانرا كفته اند شعاع دست مبارك موسى بمثابه نور آفتاب ديده را خيره ساختى]- روى- ان فرعون لما رأى الآية الاولى قال فهل غيرها فاخرج يده فقال ما هذه قال فرعون يدك فما فيها فادخلها فى إبطه ثم نزعها ولها شعاع كاد يغشى الابصار ويسد الأفق وفى التأويلات النجمية (وَنَزَعَ يَدَهُ) اى يد قدرته (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ) مؤيدة بالتأييد الإلهي منورة بنور ربى يبطش (لِلنَّاظِرِينَ) اى لاهل النظر الذين ينظرون بنور الله فان النور بالنور يرى قالَ فرعون لِلْمَلَإِ اى لاشراف قومه حال كونهم مستقرين حَوْلَهُ فهو ظرف وضع موضع الحال وقد سبق معناه. والملأ جماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء إِنَّ هذا [بدرستى كه اين مرد] يعنى موسى لَساحِرٌ عَلِيمٌ فائق فى علم السحر: وبالفارسية [جادوييست دانا واستاد فرعون ترسيد كه كسان وى بموسى ايمان آرند حيله انگيخت وكفت اين جادوييست كه در فن سحر مهارتى تمام دارد] «يريد» إلخ والسحر تخيلات لا حقيقة لها فالساحر المحتال المخيل بما لا حقيقة له وجه الجمع بين شذا وبين قوله فى الأعراف قال الملأ من قوم فرعون حيث أسند القول بالساحرية إليهم ان فرعون قاله للحاضرين والحاضرون قالوه للغائبين كما فى كشف الاسرار يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ من ارض مصر ويتغلب عليكم بِسِحْرِهِ [بجادويئ خود] فَماذا تَأْمُرُونَ [پس چهـ فرماييد مرا شما در كار او واشارت كنيد] قال فى كشف الاسرار هى من المؤامرة لا من الأمر وهى المشاورة وقيل للتشاور ائتمار لقبول بعضهم امر بعض فيما أشار به اى ماذا تشيرون به علىّ فى دفعه ومنعه قهره سلطان المعجزة وحيره حتى حطه عن دعوى الربوبية الى مقام مشاورة عبيده بعد ما كان مستقلا بالرأى والتدبير واظهر استشعار الخوف من استيلائه على ملكه ونسبة الإخراج والأرض إليهم لاجل تنفيرهم عن موسى قالُوا اى الملأ أَرْجِهْ وَأَخاهُ يقال ارجه اخر الأمر عن وقته كما فى القاموس اى اخر امر موسى وأخيه هارون حتى تنظر ولا تعجل بقتلهما قبل ان يظهر كذبهما حتى لا يسيئ عبيدك الظن بك وتصير معذورا فى القتل وَابْعَثْ [وبرانگيز وبفرست] فِي الْمَدائِنِ فى الأمصار والبلدان وأقطار مملكتك: وبالفارسية [در شهرها مملكت خود] وفى فتح الرحمن هى مدائن الصعيد من نواحى مصر حاشِرِينَ اى شرطا يحشرون الناس ويجمعونهم فحاشرين صفة لموصوف محذوف هو مفعول ابعث والشرط(6/271)
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39)
جمع شرطة بالضم وسكون الراء وفتحها وهى طائفة من أعوان الولاة معروفة كما فى القاموس والشرط بالفتح العلامة ومنه سمى الشرط لانهم جعلوا لانفسهم علامة يعرفون بها يَأْتُوكَ [تا بيارند ترا] اى الحاشرون بِكُلِّ سَحَّارٍ [هر جا نيك جادوييست] عَلِيمٍ [دانا وبر سر آمد در فن سحر] اى فيعارضوا موسى بمثل سحره بل يفضلوا عليه ويتضح للعامة كذبه فتقتله حينئذ. وهذا تدبير النفس وإلقاء الشيطان فى دفع الحق الصريح وكل تدبير هكذا فى كل عصر فصاحبه مدبر البتة وانما يجيىء خبث القول والفعل من خبث النفس إذ كل اناء يترشح بما فيه ولو ترك فرعون وقومه التدبير فى امر موسى وقابلوه بالقبول لسلموا من كل آفة لكن منعهم حب الجاه عن الانتباه وحبك الشيء يعمى ويصم وانما اخلدوا الى الأرض غفلة الباقية الحاصلة بالايمان والاطاعة والاتباع: وفى المثنوى
تخت بندست آنكه تختش خوانده ... صدر پندارى وبر درمانده «1»
پادشاهان جهان از بدرگى ... بو نبردند از شراب بندگى
ور نه ادهم وار سركردان ودنك ... ملك را بر هم زدندى بى درنگ
ليك حق بهر ثبات اين جهان ... مهرشان بنهاد بر چشم ودهان
تا شود شيرين بريشان تخت وتاج ... كه ستانيم از جهانداران خراج
از خراج ار جمع آرى زر چوريك ... آخر آن از تو بماند مرده ريك
همره جانت نكردد ملك وزر ... زر بده سرمه ستان بهر نظر
تا ببينى كين جهان چاهيست تنك ... يوسفانه آن رسن آرى بچنك
هست در چاه انعكاسات نظر ... كمترين آنكه نمايد سنك زر
وقت بازي كودكانرا ز اختلال ... مى نمايد اين خزفها زرّ ومال
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ اى بعث فرعون الشرط فى المدائن لجمع السحرة فجمعوا وهم اثنان وسبعون او سبعون الفا كما يدل عليه كثرة الحبال والعصى التي خيلوها وكان اجتماعهم بالاسكندرية على ما رواه الطبري لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ الميقات الوقت المضروب للشىء اى لما وقت به وعين من ساعات يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة وهو يوم عيد لهم كانوا يتزينون ويجتمعون فيه كل سنة- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انه وافق يوم السبت فى أول يوم من السنة وهو يوم النيروز وهو أول يوم من فرودين ماه ومعنا نيروز بلغة القبط طلع الماء اى علا ماء النيل وبلغة العجم نوروز اى اليوم الجديد وهو أول السنة المستأنفة عندهم وانما وقت لهم موسى وقت الضحى من يوم الزينة فى قوله (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) ليظهر الحق ويزهق الباطل على رؤس الاشهاد ويشيع ذلك فى الأقطار واختاره فرعون ايضا ليظهر كذب موسى بمحضر الجمع العظيم فكان ما كان وَقِيلَ من طرف فرعون لِلنَّاسِ لاهل مصر وغيرهم ممن يمكن حضوره هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ [آيا هستيد شما فراهم آنيدكان يعنى فراهم آييد وجمع شويد] ففيه استبطاء لهم فى الاجتماع حثا على مبادرتهم اليه فليس المراد بهل حقيقة الاستفهام بقرينة عدم
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان دلدارى كردن ونواختن سليمان عليه السلام إلخ(6/272)
لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42) قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45)
الجواب لَعَلَّنا [شايد ما همه باتفاق] نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ لا موسى وليس مرادهم ان يتبعوا دينهم حقيقة وانما هو ان لا يتبعوا موسى لكنهم ساقوا كلامهم مساق الكناية حملا لهم على الاهتمام والجد فى المغالبة فالترجى باعتبار الغلبة المقتضية للاتباع لا باعتبار الاتباع فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ [پس آن هنكام كه آمدند جادوان بنزديك فرعون ايشانرا بارداد ودلنوازى بسيار كرد ايشان كستاخ شده] قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا [آيا ما را باشد] لَأَجْراً جعلا عظيما إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ لا موسى قالَ نَعَمْ لكم ذلك: يعنى [آرى مزد باشد شما را] وَإِنَّكُمْ مع ذلك إِذاً ان وقت يعنى إذا غلبتم لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عندى تكونون أول من يدخل علىّ وآخر من يخرج من عندى وكان ذلك من أعظم المراتب عندهم وهكذا حال ارباب الدنيا فى حب قربة السلطان ونحوه وهو من أعظم المصائب عند العقلاء [چون برين وعده مستظهر كشته جادوييهاى خود را بميدان معين آوردند وبوقت معلوم در برابر حضرت موسى صف بركشيده كفتند اى موسى تو أول افكنى جادويىء خود را يا ما بيفكنيم] قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا اطرحوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ لم يرد به أمرهم بالسحر والتمويه لان ذلك غير جائز بل الاذن فى تقديم ما هم فاعلوه لا محالة توسلا به الى اظهار الحق وابطال الباطل قال فى كشف الاسرار ظاهر الكلام امر ومعناه التهاون فى الأمر وترك المبالاة بهم وبأفعالهم فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ جمع حبل وَعِصِيَّهُمْ جمع عصا: يعنى [پس بيفكندند رسنها وعصاهاى مجوف پر سيماب ساخته خود را كه هفتاد هزار رسن وهفتاد هزار عصا بود] وَقالُوا [وكفتند بعد از آنكه عصا ورسنها بحرارت آفتاب در حركت آمد واز مردمان غريو برخاست] اى قالوا عند الإلقاء حالفين بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ [بحق بزركى وقوت وغالبيت فرعون] إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ على موسى وهارون اقسموا بعزته على ان الغلبة لهم لفرط اعتقادهم فى أنفسهم وإتيانهم بأقصى ما يمكن ان يؤتى من السحر. والقسم بغير الله من اقسام الجاهلية وفى الحديث (لا تحلفوا بآبائكم ولا بامهاتكم ولا بالطواغيت ولا تحلفوا الا بالله ولا تحلفوا بالله الا وأنتم صادقون) قال بعض الكبار رأوا كثرة تمويهاتهم وقلة العصا فنظروا إليها بنظر الحقارة وظنوا غلبة الكثير على القليل وما علموا ان القليل من الحق يبطل كثيرا من الباطل كما ان قليلا من النور يمحو كثيرا من الظلمة: قال الحافظ
تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بى منت سپاهى
فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ بالأمر الإلهي فَإِذا هِيَ [پس آن عصا اژدها شده] تَلْقَفُ تبتلع بسرعة من لقفه كسمعه تناوله بسرعة كما فى القاموس ما يَأْفِكُونَ [آنچهـ تزوير مى ساختند وبصورت مار بخلق مى نمودند] اى ما يقلبونه والمأخوذ عند بعض أكابر المكاشفين صور الحيات من حبال السحرة وعصيهم حتى بدت للناس حبالا وعصيا كما هى فى نفس الأمر كما يبطل الخصم بالحق حجة خصمه فيظهر بطلانها لا نفس الحبال والعصى كما عند الجمهور والا لدخل على السحرة الشبهة فى عصا موسى والتبس عليهم الأمر فكانوا لم يؤمنوا وكان الذي(6/273)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51)
جاء به موسى حينئذ من قبيل ما جاءت به السحرة الا انه أقوى منهم سحرا وانه يدل على ما قلنا قوله تعالى (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) وتلقف ما صنعوا وما افكوا الحبال وما صنعوا العصى بسحرهم وانما افكوا وصنعوا فى أعين الناظرين صور الحيات وهى التي تلقفته عصا موسى ذكره الامام الشعراني فى الكبريت الأحمر فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ على وجوههم ساجِدِينَ لله تعالى [چهـ دانستند كه انقلاب عصا بثعبان وفرو بردن او آنچهـ تزوير مى ساختند نه از قبيل سحر است] اى القوا اثر ما شاهدوا ذلك من غير تلعثم وتردد غير متمالكين كأن ملقيا ألقاهم لعلمهم بان مثل ذلك خارج عن حدود السحر وانه امر الهى قد ظهر على يده لتصديقه وفيه دليل على ان التبحر فى كل فن نافع فان السحرة ما تيقنوا بان ما فعل موسى معجزهم الا بمهارتهم فى فن السحر وعلى ان منتهى السحر تمويه وتزوير وتخييل شىء لا حقيقة له وجه الدلالة ان حقيقة الشيء لو انقلبت الى حقيقة شىء آخر بالسحر لما عدوا انقلاب العصا حية من قبيل المعجزة الخارجة عن حد السحر ولما خروا ساجدين عند مشاهدته وقد سبق تفصيل السحر فى سورة طه قال بعض الكبار السحر مأخوذ من السحر وهو ما بين الفجر الاول والفجر الثاني وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولا هو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك ما فعله السحرة ما هو باطل محقق فيكون عدما فان العين أدركت امرا لا تشك فيه وما هو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس هو فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائي قال الشعراني بعد ما نقله هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط قالُوا [از روى صدق] آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ بدل اشتمال من القى فلذلك لم يتخلل بينهما عاطف انظر كيف أصبحوا سحرة وامسوا شهداء مسلمين مؤمنين فالمغرور من اعتمد على شىء من اعماله وأقواله وأحواله: قال الحافظ
بر عمل تكيه مكن ز انكه در ان روز ازل ... تو چهـ دانى قلم صنع بنامت چهـ نوشت
وقال
مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آگهست كه تقدير بر سرش چهـ نوشت
رَبِّ مُوسى وَهارُونَ بدل من رب العالمين لدفع توهم ارادة فرعون حيث كان قومه الجهلة يسمونه بذلك ولو وقفوا على رب العالمين لقال فرعون انا رب العالمين إياي عنوا فزادوا رب موسى وهرون فارتفع الاشكال قالَ فرعون للسحرة آمَنْتُمْ على صيغة الخبر ويجوز تقدير همزة استفهام فى الأعراف لَهُ اى لموسى قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [پيش از انكه اجازت ودستورى دهم شما را در ايمان بوى] اى بغير اذن لكم من جانبى كما فى قوله تعالى (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) لا ان اذن الايمان منه ممكن او متوقع إِنَّهُ موسى لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فواضعكم على ما فعلتم وتواطأتم عليه يعنى [با يكديكر اتفاق كرديد در هلاك من وفساد ملك من] كما قال فى الأعراف (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ) اى قبل ان تخرجوا الى هذا الموضع او علمكم شيأ دون شىء فلذلك غلبكم أراد بذلك التلبيس على قومه كيلا يعتقدوا انهم آمنوا عن بصيرة وظهور حق(6/274)
قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51)
فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ اى وبال ما فعلتم واللام للتأكيد لا للحال فلذا اجتمعت بحرف الاستقبال ثم بين ما أوعدهم به فقال لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ لفظ التفعيل وهو التقطيع لكثرة الأيدي والأرجل كما تقول فتحت الباب وفتحت الأبواب مِنْ خِلافٍ من كل شق طرفا وهو ان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى وذلك زمانة من جانب البدن كما فى كشف الاسرار وهو أول من قطع من خلاف وصلب كما فى فتح الرحمن وقال بعضهم من للتعليل: يعنى [برأى خلافى كه با من كرديد] وذلك لان القطع المذكور لكونه تخفيفا للعقوبة واحترازا عن تفويت منفعة البطش على الجاني لا يناسب حال فرعون ولما هو بصدده الا ان يحمل على حمقه حيث او عدلهم فى موضع التغليظ بما وضع للتخفيف انتهى وذلك وهم محض لانه يدفعه قوله وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ [وهر آينه بردار كنم همه شما را اى على شاطئ البحر تا بميريد وهمه مخالفان عبرت كيرند] قال فى الكشف اى اجمع عليكم التقطيع والصلب- روى- انه علقهم على جذوع النخل حتى ماتوا وفى الأعراف (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ) فاوقع المهلة ليكون هذا التصليب لعذابهم أشد قالُوا اى السحرة المؤمنون لا ضَيْرَ مصدر ضاره يضيره ضيرا إذا ضره اى لا ضرر فيه علينا: وبالفارسية [هيچ ضررى نيست بر ما از تهديد تو وما از مرك نمى ترسيم] إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ راجعون فيثيبنا بالصبر على ما فعلت ويجازينا على الثبات على التوحيد وفى الآية دلالة على ان للانسان ان يظهر الحق وان خاف القتل قال ابن عطاء من اتصلت مشاهدته بالحقيقة احتمل معها كل وارد يرد عليه من محبوب ومكروه ألا ترى ان السحرة لما صحت مشاهدتهم كيف قالوا لا ضير: قال السعدي فى حق اهل الله
دما دم شراب ألم در كشند ... وكر تلخ بينند دم در كشند
نه تلخست صبرى كه بر ياد اوست ... كه تلخى شكر باشد از دست دوست
قال الحافظ
عاشقانرا كر در آتش مى پسندد لطف يار ... تنك چشمم كر نظر چشمه كوثر كنم
وقال
اگر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست
إِنَّا نَطْمَعُ نرجو قال فى المفردات الطمع نزوع النفس الى شىء شهوة له أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا السالفة من الشرك وغيره أَنْ كُنَّا اى لان كنا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ اى من اتباع فرعون او من اهل المشهد قال الكاشفى [آورده اند كه فرعون بفرمود تا دست راست و پاى چپ آن مؤمنان ببريدند وايشانرا از دارهاى بلند آويختند وموسى عليه السلام بر ايشان مى كريست حضرت عزت حجابها برداشته منازل قرب ومقامات انس ايشانرا بنظر وى درآورده تا تسلى يافت]
جادوان كان دست و پادر باختند ... در فضاى قرب مولى تاختند
كر برفت آن دست و پابر جاى آن ... رست از حق بالهاى جاودان(6/275)
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58)
تا بدان پرها بپرواز آمدند ... در هواى عشق شهباز آمدند
وذلك لان ما نقص عن الوجود زاد فى الروح والشهود والله تعالى يأخذ الفاني من العبد ويأخذ بدله الباقي وكان جعفر ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم آخذ اللواء فى بعض الغزوات بيمينه فقطعت فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاثابه الله بذلك جناحين فى الجنة يطير بهما حيث شاء ولذلك قيل له جعفر الطيار وهكذا شان من هو صادق فى دعواه فليخفف ألم البلاء عنك علمك بان الله تعالى هو المبتلى لكن هذا العلم إذا لم يكن من مرتبة المشاهدات لا يحصل التخفيف التام فحال السحرة كانت حال الشهود والجذبة ومثلها يقع نادرا إذ الانجذاب تدريجى لاكثر السالكين لادفعى وكان حال عمر رضى الله عنه حين الايمان كحال السحرة وبالجملة ان الايمان وسيلة الإحسان فمن سعى فى إصلاح حاله فى باب الأعمال أوصله الله الى ما أوصل اليه ارباب الأحوال كما قال عليه السلام (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر كما تعبد لله تعالى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بشريعة ابراهيم عليه السلام قبل نبوته عناية من الله له حتى فجأته الرواية وجاءته الرسالة فكذلك الولىّ الكامل يجب عليه معانقة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح الله له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يرده الله تعالى الى ارشاد الخلق كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أرسل انتهى. فاذا عرفت الطريق فعليك بالسلوك فان اهل السلوك هم الملوك ولن يتم السلوك الا بالانقلاب التام عن الأهل والأولاد والأموال الى الله تعالى كما قالوا انا الى ربنا منقلبون ألا ترى ان السالك الصوري يترك كل ماله فى داره فان العبد ضعيف والضعيف لا يتحمل الحمل الثقيل نسأل الله التيسير والتسهيل وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي الإيحاء اعلام فى خفاء وسرى يسرى بالكسر سرى بالضم وسرى بالفتح واسرى ايضا اى سار ليلا. والمعنى وقلنا لموسى بطريق الوحى يا موسى اذهب ببني إسرائيل بالليل وسيرهم حتى تنتهى الى بحر القلزم فيأتيك هناك امرى فتعمل به وذلك بعد سنين اقام بين أظهرهم يدعوهم الى الحق ويظهر لهم الآيات فلم يزيدوا إلا عتوا وفسادا: وبالفارسية [و پيغام كرديم بسوى موسى آنكه ببر بسبب بندگان من يعنى بنى إسرائيل بجانب درياى قلزم كه نجات شما وهلاك كفره در آنست] وعلم الانتهاء الى البحر من الوحى إذ من البعيد ان يؤمر بالمسير ليلا وهو لا يعرف جهة الطريق ومن قول جبريل حين خرجوا من مصر موعد ما بينى وبينك يا موسى البحر اى شط بحر القلزم إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ يتبعكم فرعون وجنوده وهو تعليل للامر بالاسراء اى أسر بهم حتى إذا اتبعوكم مصبحين كان لكم تقدم عليهم بحيث لا يدركونكم قبل وصولكم الى البحر بل يكونون على اثركم حين تدخلون البحر فيدخلون مداخلكم فاطبقه عليهم فاغرقهم فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ حين اخبر بمسيرهم فى الليل فِي الْمَدائِنِ [در شهرها كه بپاى تحت نزديك بود] حاشِرِينَ اى قوما جامعين للعساكر ليتبعوهم قال الكاشفى [آخر روز خبر خروج ايشان بقبطيان رسيد چهـ مى پنداشتند كه بنى إسرائيل تهينه اسباب(6/276)
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58)
عيد در خانهاى خود اقامت نموده اند روز دوم خواستند كه از عقب ايشان دوند در خانه هر قبطى يكى از اعزه قوم بمرد بتعزيه او مشغول شدند ودرين روز فرعون بجمع كردن لشكر امر كرد. قال فى كشف الاسرار بامداد روز يكشنبه قبطيان بدفن آن كافر مشغول وفرعون آن روز فرمود تا خيل وحشم وى همه جمع آمدند وديكر روز روز دوشنبه فرا پى بنى إسرائيل نشستند] إِنَّ هؤُلاءِ اى قال حين جمع عساكر المدائن ان هؤلاء يريد بنى إسرائيل لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [كروه اندك اند] استقلهم وهم ستمائة الف وسبعون الفا بالنسبة الى جنوده إذ كان عدد آل فرعون لا يحصى قال فى التكملة اتبعهم فى الف الف حصان سوى الإناث وكانت مقدمته سبعمائة الف والشر ذمة الطائفة القليلة وقليلون دون قليلة باعتبار انهم أسباط كل سبط منهم سبط قليل وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ [بخشم آرندگان] والغيظ أشد الغضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه. والمعنى لفاعلون ما يغيظنا ويغضبنا بمخالفتهم ديننا وذهابهم باموالنا التي استعاروها بسبب ان لهم عيدا فى هذه الليلة وخروجهم من ارضنا بغير اذن منا وهم منخرطون فى سلك عبادنا وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ يقال للمجموع جمع وجميع وجماعة والحذر احتراز عن مخيف يريد ان بنى إسرائيل لقلتهم وحقارتهم لا يبالى بهم ولا يتوقع علوهم وغلبتهم ولكنهم يفعلون افعالا تغيظنا وتضيق صدورنا ونحن جمع وقوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم فى الأمور فاذا خرج علينا خارج سار عنا الى اطفاء نائرة فساده قاله فرعون لاهل المدائن لئلا يظن به انه خاف من بنى إسرائيل وقال بعضهم (حاذِرُونَ) يعنى [سلاح وارانيم ودانندكان مراسم حرب تعريض است با آنكه قوم موسى نه سلاح تمام دارند ونه بعلم حرب دانااند] فان الحاذر يجيىء بمعنى المتهيئ والمستعد كما فى الصحاح فَأَخْرَجْناهُمْ اى فرعون وقومه بان خلقنا فيهم داعية الخروج بهذا السبب فحملتهم عليه يعنى انهم وان خرجوا باختيارهم الا انه أسند الإخراج اليه تعالى اسنادا مجازيا من حيث الخلق المذكور مِنْ جَنَّاتٍ بساتين كانت ممتدة على حافتى النيل وَعُيُونٍ من الماء قال الراغب يقال لمنبع الماء عين تشبيها بالعين الجارحة لما فيها من الماء قال فى كشف الاسرار وعيون اى انهار جارية وقال الكاشفى [واز چشمه سارها] وَكُنُوزٍ [واز كنجها] يعنى الأموال الظاهرة من الذهب والفضة ونحوهما سماها كنزا لان ما لا يؤدى منه حق الله فهو كنز وان كان ظاهرا على وجه الأرض وما ادى منه فليس بكنز وان كان تحت سبع ارضين والكنز المال المجموع المحفوظ والفرق بينه وبين الركاز والمعدن ان الركاز المال المركوز فى الأرض مخلوقا كان او موضوعا والمعدن ما كان مخلوقا والكنز ما كان موضوعا قال فى خريدة العجائب وفى ارض مصر كنوز كثيرة ويقال ان غالب ارضها ذهب مدفون حتى قيل انه ما فيها موضع الا وهو مشغول من الدفائن وَمَقامٍ كَرِيمٍ يعنى المنازل الحسنة والمجالس البهية وقال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام هى الفيوم من ارض مصر فى قول طائفة من المفسرين ومعنى الفيوم الف يوم كما فى التكملة وهى مدينة عظيمة بناها يوسف الصديق عليه السلام ولها نهر يشقها ونهرها من عجائب الدنيا وذلك انه متصل بالنيل وينقطع(6/277)
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)
ايام الشتاء وهو يجرى فى سائر الزمان على العادة ولهذه المدينة ثلاثمائة وستون قرية عامرة كلها مزارع وغلال ويقال ان الماء فى هذا الوقت قد أخذ أكثرها وكان يوسف جعلها على عدد ايام السنة فاذا أجدبت الديار المصرية كانت كل قرية منها تقوم باهل مصر يوما وبأرض الفيوم بساتين وأشجار وفواكه كثيرة رخيصة واسماك زائدة الوصف وبها من قصب السكر كثير كَذلِكَ اى مثل ذلك الإخراج العجيب اخرجناهم فهو مصدر تشبيهى لاخرجنا وقال ابو الليث كذلك اى هكذا افعل بمن عصانى وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ اى مكنا تلك الجنات والعيون والكنوز والمقام إياهم على طريقة مال المورث للوارث كأنهم ملكوها من حين خروج أربابها منها قبل ان يقبضوها ويتسلموها: وبالفارسية [وميراث داديم باغ وبستان وكنج وجاريهاى ايشان فرزندان يعقوب را چهـ قول آنست كه بنى إسرائيل بعد از هلاك فرعونيان بمصر آمده همه اموال قبطيه را بحيطه تصرف آوردند وأصح آنست كه در زمان دولت داود عليه السلام بر ملك استيلا يافته متصرف جهان مصريان شدند] كما قال الطبري انما ملكوا ديار آل فرعون ولم يدخلوها لكنهم سكنوا الشام- القصة-[فرعون ششصد هزار سوار بر مقدمه لشكر روان كرد وششصد هزار بر ميمنه تعيين كرد وششصد هزار بر ميسره نامزد فرمود وششصد هزار در ساقه لشكر مقرر كرد وخود با خلق بيشمار در قلب قرار كرفت يكى لشكر سراپاغرق جوشن شده در موج چون درياى آهن چو چشم دلبران پركين وخونريز بقصد خون دم تيغها تيز] فَأَتْبَعُوهُمْ بقطع الهمزة يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه. والمعنى فاردنا إخراجهم وايراث بنى إسرائيل ديارهم فخرجوا فلحقوا موسى وأصحابه مُشْرِقِينَ يقال أشرق وأصبح وامسى واظهر إذا دخل فى الشروق والصباح والمساء والظهيرة. والمعنى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس اى طلوعها على انه حال اما من الفاعل او من المفعول او منهما جميعا لان الدخول المذكور قائم بهم جميعا قال الكاشفى [يعنى بهنگام طلوع آفتاب ببني إسرائيل رسيدند ودر ان زمان لشكر موسى بكناره درياى قلزم رسيدند تدبير عبور ميكردند كه ناكاه اثر فرعونيان پديد آمد] فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ تقاربا بحيث رأى كل واحد منهما الآخر والمراد جمع موسى وجمع فرعون. وتراءى من التفاعل والترائى [يكديكر را ديدن ودر برابر يكديكر افتادن] كما فى التاج قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ لملحقون من ورائنا ولا طاقة لنا بقوم فرعون وهذا البحر امامنا لا منفذ لنا فيه قالَ موسى كَلَّا [نه چنين است] اى ارتدعوا وانزجروا عن ذلك المقال فانهم لا يدركونكم فان الله تعالى وعدكم الخلاص منهم إِنَّ مَعِي رَبِّي بالحفظ والنصر والرعاية والعناية قال الجنيد حين سئل العناية اولا أم الرعاية قال العناية قبل الماء والطين سَيَهْدِينِ البتة الى طريق النجاة منهم بالكلية [محققان كفته اند موسى عليه السلام در كلام خود معيت را مقدم داشت كه (إِنَّ مَعِي رَبِّي) وحضرت پيغمبر ما عليه السلام در قول خود كه (إِنَّ اللَّهَ مَعَنا) معيت را تأخير فرمود تا بر ضمائر عرفا روشن كردد كه كليم از خود(6/278)
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)
بحق نكريست واين مقام مريدست وحبيب از حق بخود نظر كرد واين مقام مرادست مريد را هر چهـ كويند آن كند ومراد هر چهـ كويد چنان كنند]
اين يكى را روى او در روى دوست ... وآن دكر را روى او خود روى اوست
وفى كشف الاسرار [موسى خود را درين حكم فرموده كه كفت (مَعِي رَبِّي) ونكفت «معنا ربنا» زيرا كه در سابقه حكم رفته بود كه قومى از بنى إسرائيل بعد از هلاك فرعون وقبطيان كوساله پرست خواهند شد باز مصطفى عليه السلام چون در غار بود با صديق اكبر از احوال صديق آن حقائق معانى ساخته كه او را با نفس خود قرين كرد ودر حكم معيت آورد كفت (إِنَّ اللَّهَ مَعَنا) وكفته اند موسى خود را كفت (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) ورب العزة امت محمد را كفت (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) موسى آنچهـ خود را كفت الله او را بكرد واو را راه نجات نمود وكيد دشمن از پيش برداشت چكويى آنكه تعالى بخودىء خود امت احمد را كفت ووعده كه داد اولى كه وفا كند از غم كناه برهاند وبرحمت ومغفرت خود رساند]- روى- ان مؤمن آل فرعون كان بين يدى موسى فقال اين أمرت فهذا البحر امامك وقد غشيك آل فرعون قال أمرت بالبحر ولعلى اومر بما اصنع- روى- عن عبد الله بن سلام ان موسى لما انتهى الى البحر قال عند ذلك يا من كان قبل كل شىء والمكون لكل شىء والكائن بعد كل شىء اجعل لنا مخرجا وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أعلمك الكلمات التي قالهن موسى حين انفلق البحر) قلت بلى قال (قل اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وبك المستغاث وأنت المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله) قال ابن مسعود فما تركتهن منذ سمعتهن من النبي عليه السلام فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ يا موسى اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ هو بحر القلزم وسمى البحر بحرا لاستبحاره اى اتساعه وانبساطه. وبحر القلزم طرف من بحر فارس والقلزم بضم القاف وسكون اللام وضم الزاى بليدة كانت على ساحل البحر من جهة مصر وبينها وبين مصر نحو ثلاثة ايام وقد خربت ويعرف اليوم موضعها بالسويس تجاه عجرود منزل ينزله الحاج المتوجه من مصر الى مكة وبالقرب منها غرق فرعون وبحر القلزم بحر مظلم وحش لا خير فيه ظاهرا وباطنا وعلى ساحل هذا البحر مدينة مدين وهى خراب وبها البئر التي سقى موسى عليه السلام منها غنم شعيب وهى معطلة الآن قال الكاشفى [موسى عليه السلام بر لب دريا آمد وعصا بر وى زد وكفت يا أبا خاله ما را راه ده] فَانْفَلَقَ الفاء فصيحة اى فضرب فانفلق ماء البحر اى انشق فصار اثنى عشر فرقا بعدد الأسباط بينهن مسالك فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ اى كل جزء تفرق منه وتقطع قال فى المفردات الفرق يقارب الفلق لكن الفلق يقال اعتبارا بالانشقاق والفرق يقال اعتبارا بالانفصال والفرق القطعة المنفصلة وكل فرق بالتفخيم والترقيق لكل القراء والتفخيم اولى كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ كالجبل المرتفع فى السماء الثابت فى مقره قال الراغب الطود الجبل العظيم ووصفه بالعظم لكونه فيما بين الأطواد عظيما لا لكونه عظيما فيما بين سائر الجبال فدخلوا فى شعابها كل سبط فى شعب منها قال الكاشفى [وفى الحال بادى در تك دريا وزيد وكل خشك شده وهر سبطى از راهى بدريا درآمدند] كما قال تعالى (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) وَأَزْلَفْنا اى قربنا من بنى إسرائيل قال فى تاج المصادر: الازلاف [نزديك(6/279)
وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)
كردانيدن وجمع كردن] وفسر بهما قوله تعالى (وَأَزْلَفْنا) الا ان الحمل على المعنى الاول احسن انتهى ثَمَّ حيث انفلق البحر وهو اشارة الى المستبعد من المكان الْآخَرِينَ اى فرعون وقومه حتى دخلوا على اثرهم مداخلهم وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ من الغرق بحفظ البحر على تلك الهيئة الى ان عبروا الى البر ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ باطباقه عليهم يعنى: [چون بنى إسرائيل همه از دريا بيرون آمدند موسى ميخواست كه دريا بحال خود باز شود از بيم آنكه فرعون وقبطيان بآن راهها درآيند وبايشان در رسند فرمان آمد كه] يا موسى اترك البحر رهوا اى صفوفا ساكنة فان فرعون وقومه جند مغرقون فتركه على حاله حتى أغرقهم الله تعالى كما مر فى غير موضع آورده اند كه آن روز كه موسى نجات يافت ودشمن وى غرق كشت روز دوشنبه بود دهم ماه محرم وموسى آن روز روزه داشت شكر آن نعمت را] إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى جميع ما فصل خصوصا فى الانجاء والغرق لَآيَةً لعبرة عظيمة للمعتبرين وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر المصريين وهم آل فرعون مُؤْمِنِينَ قالوا لم يكن فيه مؤمن الا آسية امرأة فرعون وخربيل المؤمن ومريم بنت ناموشا التي دلت على عظام يوسف عليه السلام حين الخروج من مصر وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب المنتقم من أعدائه كفرعون وقومه الرَّحِيمُ باوليائه كموسى وبنى إسرائيل يقول الفقير هذا هو الذي يقتضيه ظاهر السوق فان قوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) إلخ ذكر فى هذه السورة فى ثمانية مواضع. أولها فى ذكر النبي عليه السلام وقومه كما سبق وذكر النبي عليه السلام وان لم يتقدم صريحا فقد تقدم كناية. والثاني فى قصة موسى ثم ابراهيم ثم نوح ثم هود ثم صالح ثم لوط ثم شعيب عليهم السلام فتعقيب القول المذكور بكل قصة من هذه القصص يدل على ان المراد بالأكثر هو من لم يؤمن من قوم كل نبى من الأنبياء المذكورين وقد ثبت فى غير هذه المواضع ايضا ان اكثر الناس من كل امة هم الكافرون فكون كل قصة آية وعبرة انما يعتبر بالنسبة الى من شاهد الوقعة ومن جاء بعدهم الى قيام الساعة فبدخل فيهم قريش لانهم سمعوا قصة موسى وفرعون مثلا من لسان النبي عليه السلام فكانت آية لهم مع ان بيانها من غير ان يسمعها من أحد آية اخرى موجبة للايمان حيث دل على ان ما كان الا بطريق الوحى الصادق نعم ان قوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) إذا كان اشارة الى جميع ما جرى بين موسى وفرعون مثلا كان غير الانجاء والغرق آية للمغرقين ايضا وبذلك يحصل التلاؤم الأتم بما بعده فافهم جدا وقد رجح بعضهم رجوع ضمير أكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام فيكون المعنى ان فى ذلك المذكور لآية لاهل الاعتبار كما كان فى المذكور فى أول السورة آية ايضا وما كان اكثر هؤلاء الذين يسمعون قصة موسى وفرعون وهم اهل مكة مؤمنين لعدم تدبرهم واعتبارهم فليحذروا عن ان يصيبهم مثل ما أصاب آل فرعون وان ربك لهو العزيز الغالب على ما أراد من انتقام المكذبين الرحيم البالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يعجل عقوبتهم بعدم ايمانهم بعد مشاهدة هذه الآيات العظيمة بطريق الوحى مع كمال استحقاقهم لذلك وفى الآية تسلية للنبى عليه السلام لانه كان قد يغتم قلبه المنير بتكذيب قومه مع ظهور(6/280)
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74)
المعجزات على يديه فذكر له أمثال هذه القصص ليقتدى بمن قبله من الأنبياء فى الصبر على عناد قومه والانتظار مجيىء الفرج كما قيل اصبروا تظفروا كما ظفروا: قال الحافظ
سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ من التلاوة وهى القراءة على سبيل التتابع والقراءة أعم اى اقرأ على مشركى العرب واخبر اهل مكة نَبَأَ إِبْراهِيمَ خبره العظيم الشان قال الكاشفى [خبر ابراهيم كه ايشان بدو نسبت درست ميكنند وبفرزندى او مفتخرند ومستظهر] إِذْ قالَ ظرف لنبأ لِأَبِيهِ آزر وهو تاريخ كما سبق وَقَوْمِهِ اهل بابل وهو كصاحب موضع بالعراق واليه ينسب السحر. والقوم جماعة الرجال فى الأصل دون النساء كما نبه عليه قوله تعالى (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) وفى عامة القرآن اريدوا به والنساء جميعا كما فى المفردات ما تَعْبُدُونَ أي شىء تعبدونه: وبالفارسية [چيست آنچهـ پرستيد] سألهم وقد علم انهم عبدة الأوثان لينبههم على ضلالهم ويريهم ان ما يعبدونه لا يستحق العبادة قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً وهى اثنان وسبعون صنما من ذهب وفضة وحديد ونحاس وخشب كما فى كشف الاسرار. والصنم ما كان على صورة ابن آدم من حجر او غيره كما فى فتح الرحمن قال فى المفردات الصنم جثة متخذة من فضة او نحاس والوتن حجارة كانت تعبد قال الكاشفى [مراد تمثالهاست كه ساخته بودند از انواع فلزات بر صور مختلفه وبر عبادت آن مداومت ميكردند] كما قال فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ لم يقتصروا على قوله أصناما بل اطنبوا فى الجواب بإظهار الفعل وعطف دوام عكوفهم على أصنامهم ابتهاجا وافتخارا بذلك يقال ظللت اعمل كذا بالكسر ظلولا إذا عملت بالنهار دون الليل والظاهر ان عبادتهم الأصنام لا تختص بالنهار فالمراد بالظلول هاهنا الدوام والمعنى بالفارسية [پس هميشه مى باشيم مر انرا مجاور وملازم ومداوم بر عبادت] والعكوف اللزوم ومنه المعتكف لملازمته المسجد على سبيل القربة وصلة العكوف كلمة على وإيراد اللام لافادة معنى زائد كأنهم قالوا فنظل لاجلها مقبلين على عبادتها ومستديرين حولها وقال ابو الليث ان ابراهيم عليه السلام ولدته امه فى الغار فلما خرج وكبر دخل المصر وأراد ان يعلم على أي مذهب هم وهكذا ينبغى للعاقل إذا دخل بلدة ان يسألهم عن مذهبهم فان وجدهم على الاستقامة دخل معهم وان وجدهم على غير الاستقامة أنكر عليهم فلما قال ابراهيم ما تعبدون وقالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين وأراد ان يبين عيب فعلهم قالَ استئناف بيانى هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ اى يسمعون دعاءكم على حذف المضاف فان كم ليس من قبيل المسموعات والواو بحسب زعمهم فانهم كانوا يجرون الأصنام مجرى العقلاء إِذْ تَدْعُونَ وقت دعائكم لحوائجكم فيستجيبون لكم أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ على عبادتكم لها: وبالفارسية [يا سود ميرسانند شما را] أَوْ يَضُرُّونَ او يضرونكم بترك العبادة إذ لا بد للعبادة من جلب نفع او دفع ضر: وبالفارسية [يا زيان ميرسانند بشما قوم ابراهيم نتوانستند كه او را جواب دهند بهانه تقليد پيش آورده] قالُوا ما رأينا منهم ذلك السمع او النفع او الضر بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ منصوب بقوله يَفْعَلُونَ وهو مفعول ثان لوجدنا اى(6/281)
قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79)
وجدناهم يعبدون مثل عبادتنا فاقتدينا بهم اعترفوا بانها بمعزل من السمع والمنفعة والمضرة بالكلية واضطروا الى اظهار أن لا سند لهم سوى التقليد
خواهى بسوى كعبه تحقيق ره برى ... پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو
قالَ ابراهيم متبرئا من الأصنام أَفَرَأَيْتُمْ اى أنظرتم فابصرتم او تأملتم فعلمتم ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ الأولون حق الابصار او بحق العلم فان الباطل لا ينقلب حقا بكثرة فاعليه وكونه دأبا قديما وما موصولة عبارة عن الأصنام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي بيان لحال ما يعبدونه بعد التنبيه على عدم علمهم بذلك اى لم تنظروا ولم تقفوا على حاله فاعلموا ان الأصنام اعداء لعابديهم لما انهم يتضررون من جهتهم فوق ما يتضرر الرجل من عدوه. فسمى الأصنام اعداء وهى جمادات على سبيل الاستعارة وصور الأمر فى نفسه حيث قال عدو لى لا لكم تعريضا لهم فانه انفع فى النصح من التصريح واشعارا بانها نصيحة بدأ بها نفسه ليكون ادعى الى القبول وقال الفراء هو من المقلوب ومعناه فانى عدو لهم فان من عاديته عاداك وافراد العدو لانه فى الأصل مصدرا وبمعنى النسب اى ذو عداوة كتامر لذى تمر إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ استثناء منقطع اى لكن رب العالمين ليس كذلك بل هو وليي فى الدنيا والآخرة لا يزال يتفضل علىّ بمنافعهما قال بعض الكبار رأى الخليل عليه السلام نفسه بمثابة فى الخلة لم يكن له فى زمانه نظير يسمع كلامه من حيث حاله فوقعت العداوة بينه وبين الخلق جميعا. وايضا هذا اخبار عن كمال محبته إذ لا يليق بصحبته ومحبته أحد غير الحق قال سمنون لا تصح المحبة لمن لم ينظر الى الأكوان وما فيها بعين العداوة حتى يصح له بذلك محبة محبوبه والرجوع اليه بالانقطاع عما سواه ألا ترى الله كيف قال حاكيا عن الخليل (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) هجرت الكل فيك حتى صح لى الاتصال
بهجر ما سوى بايد ... طلب كردن وصال او
كن من الخلق جانبا ... وارض بالله صاحبا
قلب الخلق كيف شئ ... ت تجدهم عقاربا
يقول الفقير اعلم ان العدو لا ينظر الى العدو الا بطرف العين بل لا ينظر أصلا لفقدان الميل القلبي قطعا فاذا كان ما سوى الله تعالى عدوا للسائق فاللائق له ان لا ينظر اليه الا بنظر الاعتبار. وقد ركب الله فى الإنسان عينين اشارة باليمنى الى الملكوت وباليسرى الى الى الملك فمادامت اليسرى مفتوحة الى الملك فاليمنى محجوبة عن الملكوت وما دامت اليمنى ناظرة الى الملكوت فالعبد محجوب عن الجبروت واللاهوت فلا بد من قطع النظر عن الملك والملكوت وإيصاله الى عام الجبروت واللاهوت وهو العمى المقبول والنظر المرضى. وفى الدعاء اللهم اشغلنا بك عمن سواك فان قلت ما يطلق عليه ما سوى الله كله من آثار تجلياته تعالى فكيف يكون عدوا وغيرا قلت هو فى نفسه كذلك لكنه اشارة الى المراتب ولا بد من العبور عن جميع المراتب مع ان كونه عدوا انما هو من حيث كونه صنما ومبدأ علاقة فمن شاهد الله فى كل شىء فقد انقطع عن الأغيار فكل عدو له صديق والحمد لله تعالى
جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات(6/282)
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79)
الَّذِي خَلَقَنِي [از عدم بوجود آورد] صفة رب العالمين فَهُوَ وحده يَهْدِينِ يرشدنى الى صلاح الدارين بهدايته المتصلة من الخلق ونفخ الروح متجدد على الاستمرار كما ينبئ عنه فاء العطف التعقيبى وصيغة المضارع وذلك ان مبدأ الهداية بالنسبة الى الإنسان هداية الجنين الى امتصاص دم الحيض من الرحم ومنتهاها الهداية الى طريق الجنة والتنعم بلذائذها وأشار قوله (فَهُوَ يَهْدِينِ) الى قطع الأسباب والاكتساب فى النبوة والولاية والخلة بل أشار الى الاصطفاء الأزلي وذلك ان جميع المقامات اختصاصية عطائية غير نسبية حاصلة للعين الثابتة من الفيض الأقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وليس كذلك فى الحقيقة: قال الحافظ
قومى بجهد وجد نهادند وصل دوست ... قومى دكر حواله بتقدير ميكنند
وَالَّذِي إلخ معطوف على الصفة الاولى وتكرير الموصول فى المواقع الثلاثة للدلالة على ان كل واحدة من الصلات مستقلة باقتضاء الحكم هُوَ وحده يُطْعِمُنِي أي طعام شاء: وبالفارسية [ميخواراند مرا غدايى كه قوام اجزاء بدن منست] وَيَسْقِينِ اى شراب شاء: وبالفارسية [ومى آشاماند مرا شرابى كه موجب تسكين عطش وسبب تربيت أعضاء] اى هو رازقى فمن عنده طعامى وشرابى وليس الإطعام والسقي عبارتين عن مجرد خلق الطعام والشراب له وتمليكهما إياه بل يدخل فيهما إعطاء جميع ما يتوقف الانتفاع بالطعام والشراب عليه كالشهوة وقت المضغ والابتلاع والهضم والدفع ونحو ذلك. ومن دعاء ابى هريرة رضى الله عنه «اللهم اجعل لى ضرسا طحونا ومعدة هضوما ودبرا بثورا» واشارت الآية الى مقام التوكل والرضى والتسليم والتفويض وقطع الأسباب والإقبال اليه بالكلية والاعراض عما سواه صاحب بحر الحقائق [فرمود كه مراد طعام عبوديتست كه دلها بآن زنده شود وشراب طهور تجلى صفت ربوبيت كه أرواح بآن تازه باشد. وذو النون مصرى قدس سره فرمود كه اين طعام طعام معرفتست واين شراب شراب محبت واين بيت خوانده]
شراب المحبة خير الشراب ... وكل شراب سواه سراب
واز فحواى كلام شمه از اسرار كلام حقائق نظام (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) پى تواند برد
ترا نوال دمادم ز خانه يطعمنى ... ترا پياله مدام از شراب يسقينى
مرا تو قبله دينى از ان سبب كفتم ... بمردمان كه «لكم دينكم ولى دينى»
وقد اختلف الناس فى الطعام والشراب المذكورين فى الحديث على قولين. أحدهما انه طعام وشراب حسى للفم قالوا وهذه حقيقة اللفظ ولا يوجب العدول عنه ما قال بعضهم كان يؤتى بطعام من الجنة. والثاني ان المراد به ما يغذيه الله به من معارفه وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه بقربه ونعيم محبته وتوابع ذلك من الأحوال التي هى غذاء القلوب ونعيم الأرواح وقرة الأعين وبهجة النفوس قال الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره انما أكل نبينا عليه السلام فى الظاهر لاجل أمته الضعيفة والا فلا احتياج له الى الاكل والشرب وما روى من انه كان يشد الحجر على بطنه فهو ليس من الجوع بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت بل يبقى فى عالم الملك ويحصل له الاستقرار فى عالم الإرشاد وقد حكى عن(6/283)
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86)
بعض أمته انه لم يأكل ولم يشرب سنين وهو اولى وأقوى فى هذا الباب من أمته لقوة انجذابه الى عالم القدس وتجرده عن غواشى البشرية وكان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاء تبع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة ايام يقرأ (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) فرمى بقربته فاتاه آت فى منامه بقدح من شراب الجنة فسقاه قال انس رضى الله عنه فعاش بعد ذلك نيفا وعشرين سنة لم يأكل ولم يشرب على شهوة كما فى كشف الاسرار وَإِذا مَرِضْتُ [و چون بيمار شوم] فَهُوَ وحده يَشْفِينِ يبرئنى من المرض ويعطى الشفاء لا الأطباء وذلك انهم كانوا يقولون المرض من الزمان ومن الاغذية والشفاء من الأطباء والادوية فأعلم ابراهيم ان الذي امرض هو الذي يشفى وهو الله تعالى لكن نسب المرض الى نفسه حيث لم يقل وإذا أمرضني والشفاء الى الله تعالى مع انهما من الله تعالى لرعاية حسن الأدب فى العبارة كما قال الخضر عليه السلام فى العيب (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) وفى الخير (فاراد ربك ان يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما) وكذا الجن راقبوا هذا الأدب بعينه حيث قالوا (وانا لا ندرى أشر أريد بمن فى الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) قوله (وَإِذا مَرِضْتُ) إلخ عطف على يطعمنى ويسقينى نظمهما فى سلك صلة واحدة لما ان الصحة والمرض من متفرعات الاكل والشرب غالبا فان البطنة تورث الأسقام والأوجاع والحمية اصل الراحة والسلامة قالت الحكماء لو قيل لاكثر الموتى ما سبب آجالكم لقالوا التخم. وفى الحكمة ليس للبطنة خير من خمصة تتبعها قال الكاشفى [از امام جعفر صادق رضى الله عنه منقولست كه چون بيمار شوم بگناه مرا شفا دهد بتوبة. سلمى رحمه الله فرمود كه مرض برؤيت اغيار است وشفا بمشاهده أنوار واحد قهار. ودر بحر آورده كه بيمارى بتعلقات كونين است وشفا بقطع تعلق وآن وابسته بجذبه عنايتست كه چون در رسد سالك را از همه منقطع ساخته بيكى بيوند دهد يعنى بشربت تجريد از مرض تعلقش باز رهاند
چكويمت كه چهـ خوش آمدى مسيح صفت ... بيكنفس همه درد مرا دوا كردد
وقال بعضهم وإذا مرضت بداء محبته وسقمت بسقم الشوق الى لقائه ووصلته فهو يشفين بحسن وصاله وكشف جماله
بمقدمك المبارك زال دائى ... وفى لقياك عجل لى شفائى
وفى الآية اشارة الى رفع الرجوع الى غيره والسكون الى التداوى والمعالجة بشىء فهو كمال التسليم قال فى كشف الاسرار [واين نه مرضى معلوم بود در آن وقت بلكه نوعى بود از تمارض] كما يتمارض الأحباب طمعا فى العيادة
يود بان يمسى سقيما لعلها ... إذا سمعت عنه سليمى تراسله
ان كان يمنعك الوشاة زيارتى ... فادخل الىّ بعلة العوّاد
[آن شفاى دل خليل كه بوى اشارت ميكند آنست كه جبريل كاه كاه آمدى بفرمان حق وكفتى «يقول مولاك كيف أنت البارحة» وزبان حال خليل بجواب ميكويد
خرسند شدم بدانكه كويى يكبار ... كاى خسته روزكار دوشت چون بود(6/284)
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)
- وحكى- عن بعضهم انه مرض وضعف اصفر لونه فقيل له ألا ندعو لك طبيبا يداويك من هذا المرض فقال الطبيب أمرضني ثم انشد
كيف أشكو الى طبيبى ما بي ... والذي بي أصابني من طبيبى
وَالَّذِي يُمِيتُنِي فى الدنيا عند انقضاء الاجل ثُمَّ يُحْيِينِ فى الآخرة لمجازاة العمل ادخل ثم هاهنا لان بين الاماتة الواقعة فى الدنيا وبين الاحياء الحاصل فى الآخرة تراخيا ونسبة الاماتة الى الله تعالى لانها من النعم الالهية فى الحقيقة حيث ان الموت وصلة لاهل الكمال الى الحياة الابدية والخلاص من انواع المحن والبلية
پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقااش شادمان اين كودكان
چونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... پيش او كوثر نمايد آب شور
امام ثعلبى [گفته بميراند بعدل وزنده كند بفضل وكفته اند كه اماتت بمعصيت است وأحيا بطاعت يا اماتت بجهل است وأحيا بعقل يا اماتت بطمع است وأحيا بورع يا اماتت بفراقست وأحيا بتلاق در حقايق سلمى آورده كه بميراند از سمات روحانيت وزنده كرداند بصفات ربانيت وحقيقت آنست كه بميراند مرا از انانيت من وزنده سازد بهدايت خود كه حيات حقيقى عبارت از آنست
نجويم عمر فانى را تويى عمر عزيز من ... نخواهم جان پر غم را تويى جانم بجان تو
: وقال بعضهم.
غم كى خورد آنكه شادمانيش تويى ... با كى برد آنكه زندكانيش تويى
در نسيه آن جهان كجا دل بندد ... آنكس كه بنقد اين جهانيش تويى
وَالَّذِي أَطْمَعُ [طمع ورجا ميدارم] أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ اى يوم الجزاء والحساب دعا بلفظ الطمع ولم يعزم فى سؤاله كما عزم فيما قبل من الأمور المذكورة تأدبا او ليعلم ان العبد ليس له ان يحكم لنفسه بالايمان وعليه ان يكون بين الخوف والرجاء وليدل على كرم الله فان الكريم إذا أطمع أنجز وأسند الخطيئة الى نفسه وهى فى الغالب ما يقصد بالعرض لانه من الخطأ هضما لنفسه وتعليما للامة ان يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر وطلب لان يغفر لهم ما فرط منهم وتلافيا لما عسى يقع منه من الصغائر مع ان حسنات الأبرار سيآت المقربين كما ان درجاتهم دركات المقربين [در تلخيص آورده كه مراد خطاياى است محمد است عليه السلام كه حضرت خليل از ملك جليل دعاى غفران نموده] وتعليق المغفرة بيوم الدين مع ان الخطيئة انما تغفر فى الدنيا لان اثرها يتبين وفائدته ثمة تظهر وفى ذلك تهويل له واشارة الى وقوع الجزاء فيه ان لم تغفر ومثله رب اغفر لي ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب وعن عائشة رضى الله عنها قالت قلت يا رسول الله ان ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم فهل ذلك نافعه قال (لا انه لم يقل يوما رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين) يعنى انه كان كافرا ولم يكن مقرا بيوم القيامة لان المقربة طالب لمغفرة خطيئته فيه فلا ينفعه عمله وعبد الله بن جدعان هو ابن عم عائشة رمى الله عنها وكان فى ابتداء امره فقيرا ثم ظفر بكنز استغنى به فكان ينفق من ذلك الكنز ويفعل المعروف ثم هذا كله احتجاج(6/285)
رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86)
من ابراهيم على قومه واخبار انه لا يصلح للالهية من لا يفعل هذه الافعال وبعد ما ذكر فنون الألطاف الفائضة عليه من الله تعالى من مبدأ خلقه الى يوم بعثه حمله ذلك على مناجاته تعالى ودعائه لربط العتيد وجلب المزيد فقال رَبِّ [اى پروردگار من] هَبْ لِي حُكْماً اى كمالا فى العلم والعمل استعد به لخلافة الحق ورياسة الخلق فان من يعلم شيأ ولا يأتى من العمل بما يناسب علمه لا يقال له حكيم ولا لعلمه حكم وحكمة وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ووفقني من العلوم والأعمال والأخلاق لما ينظمنى فى زمرة الكاملين الراسخين فى الصلاح المتنزهين عن كبائر الذنوب وصغائرها او اجمع بينى وبينهم فى الجنة فقد اجابه تعالى حيث قال (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) وباقى الكلام هنا سبق فى اواخر سورة الكهف وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ جاها وحسن صيت فى الدنيا يبقى اثره الى يوم الدين ولذلك ما من امة الا وهم محبون له مثنون عليه فحصل بالأول الجاه وبالثاني حسن الذكر: وبالفارسية [وكردان براى من زبان راست يعنى ثناى نيكو در ميان پس آيند كان يعنى جارى كن ثنا ونيكنامى وآوازه من بر زبان كسانى كه پس از من آيند] فقوله (فِي الْآخِرِينَ) اى فى الأمم بعدي وعبر عن الثناء الحسن والقبول العام باللسان لكون اللسان سببا فى ظهوره وانتشاره وبقاء الذكر الجميل على ألسنة العباد الى آخر الدهر دولة عظيمة من حيث كونه دليلا على رضى الله عنه ومحبته والله تعالى إذا أحب عبدا يلقى محبته الى اهل السموات والأرض فيحبه الخلائق كافة حتى الحيتان فى البحر والطيور فى الهواء قال ابن عطاء اى اطلق لسان امة محمد بالثناء والشهادة لى فانك قد جعلتهم شداء مقبولين قال سهل اللهم ارزقني الثناء فى جميع الأمم والملل وانما يحصل فى الحقيقة بالفعل الجميل والخلق الحسن واللسان اللين فهى اسباب اللسان الصدق وبها اقتداء الآخرين به فيكون له اجره ومثل اجر من اقتدى به وَاجْعَلْنِي فى الآخرة وارثا مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ شبه الجنة التي استحقها العامل بعد فناء عمله بالميراث الذي استحقه الوارث بعد فناء مورثه فاطلق عليها اسم الميراث وعلى استحقاقها اسم الوراثة وعلى العامل اسم الوارث. فالمعنى واجعلنى من المستحقين لجنة النعيم والمتمتعين بها كما يستحق الوارث مال مورثه ويتمتع به. ومعنى جنة النعيم [بستان پر نعمت] وفيه اشارة الى ان طلب الجنة لا ينافى طلب الحق وترك الطلب مكابرة للربوبية قال بعض الكبار ان الله تعالى هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه ولنا حبان حبه وحب عطائه وهما لذاته فقط لا لغيره أصلا ونحب بحب ذاته وحب صفاته لكن انما نحب بهذين الحبين كما ذكر لحب ذاته فقط لا لغيره فيكون الحب فى أصله واحدا وفى فرعه متعددا على ما هو مقتضى الجمع والوحدة وموجب الفرق والكثرة فحبنا له انما هو فى مقام جمع الجمع لانه مقام الاعتدال لا فى مرتبة الجمع او الفرق فقط وَاغْفِرْ لِأَبِي المغفرة مشروطة بالايمان وطلب المشروط يتضمن طلب شرطه فيكون الاستغفار لاحياء المشركين عبارة عن طلب توفيقهم وهدايتهم للايمان إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ طريق الحق: وبالفارسية از كمراهان] وهذا الدعاء قبل ان يتبين له انه عدو لله كما تقدم فى سورة التوبة(6/286)
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100)
- روى- عن سمرة بن جندب رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من رجل توضأ فاسبغ الوضوء ثم خرج من بيته يريد المسجد فقال حين خرج بسم الله الذي خلقنى فهو يهدين الا هداه الله لصواب الأعمال والذي هو يطعمنى ويسقين الا أطعمه الله من طعام الجنة وسقاه من شرابها وإذا مرضت فهو يشفين الا شفاه الله تعالى والذي يميتنى ثم يحيين الا أحياه الله حياة الشهداء وأماته ميتة الشهداء والذي أطمع ان يغفر لى خطيئتى يوم الدين الا غفر الله خطاياه ولو كانت اكثر من زبد البحر رب هب لى حكما وألحقنى بالصالحين الا وهب له حكما والحقه بصالح من مضى وصالح من بقي واجعل لى لسان صدق فى الآخرين الا كتب عند الله صديقا واجعلنى من ورثة جنة النعيم الا جعل الله له القصور والمنازل فى الجنة) وكان الحسن يزيد فيه واغفر لوالدى كما ربيانى صغيرا كذا فى كشف الاسرار وَلا تُخْزِنِي من الخزي بمعنى الهوان والذل اى ولا تفضحنى ولا تهتك سترى: وبالفارسية [رسوا مساز] بمعاتبتي على ما فرطت من ترك الاولى وانما قال ذلك مع علمه بانه لا يخزيه إظهارا للعبودية وحثا لغيره على الاقتداء به كما قال الكاشفى [اين دعا نيز براى تعليم امتانست والا انبيا را خزى ورسوايى نباشد] وذلك لانهم آمنون من خوف الخاتمة ونحوها ولما كانت مغفرة الخطيئة فى قوله (وَالَّذِي أَطْمَعُ) إلخ لا تستلزم ترك المعاتبة أفرد الدعاء بتركها بعد ذكر مغفرة الخطيئة يَوْمَ يُبْعَثُونَ من القبور اى الناس كافة وإضماره لان البعث عام فيدل عليه وقيد عدم الاخزاء بيوم البعث لان الدنيا مظهر اسم الستار قال ابو الليث الى هاهنا كلام ابراهيم وقد انقطع كلامه ثم ان الله تعالى وصف ذلك اليوم فقال يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ بدل من يوم يبعثون ومفعول الفعل محذوف والتقدير لا ينفع مال أحدا وان كان مصروفا فى الدنيا الى وجوه البر والخيرات ولا ينفع بنون فردا وان كانوا صلحاء مستأهلين للشفاعة جدا إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ بدل من مفعوله المحذوف اى الا مخلصا سليم القلب من مرض الكفر والنفاق ضرورة اشتراط نفع كل منهما بالايمان قال فى كشف الاسرار بنفس سليمة من الكفر والمعاصي وانما اضافه الى القلب لان الجوارح تابعة للقلب فتسلم بسلامته وتفسد بفساده وفى الخبر (ان فى جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهى القلب) قال الليث كان الكفار يقولون نحن اكثر أموالا وأولادا فاخبر الله انه لا ينفعهم ذلك اليوم المال والبنون لعدم سلامة قلوبهم فى الدنيا واما المسلمون فينفعهم خيراتهم وينفعهم البنون ايضا لان المسلم إذا مات ابنه قبله يكون له ذخرا واجرا وان تخلف بعده فانه يذكره بصالح دعائه ويتوقع منه الشفاعة من حيث صلاحه وسئل ابو القاسم الحكيم عن القلب السليم فقال له ثلاث علامات. أولاها ان لا يؤذى أحدا. والثانية ان لا يتأذى من أحد. والثالثة إذا اصطنع مع أحد معروفا لم يتوقع منه المكافأة فاذا هو لم يؤذ أحدا فقد جاء بالورع وإذا لم يتأذ من أحد فقد جاء بالوفاء وإذا لم يتوقع المكافأة بالاصطناع فقد جاء بالإخلاص قال الكاشفى [كفته اند سلامت قلب اخلاص است در شهادت أن لا اله الا الله محمد رسول الله قولى آنست كه دل سليم از حب(6/287)
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91)
دنيا وكويند از حسد وخيانت ودر تيسير كويد از بغض اهل بيت وازواج واصحاب حضرت پيغمبر عليه السلام امام قشيرى رحمه الله فرموده كه قلب سليم آنست كه خالى باشد از غير خداى از طمع دنيا ورجاء عقبى يا خالى باشد از بدعت ومطمئن بسنت. واز سيد طائفه جنيد قدس سره منقولست كه سليم مار كزيده بود ومار كزيده پيوسته در قلق واضطرابست پس بيان ميكند كه دل سليم مدام در مقام جزع وتضرع وزارى از خوف قطيعت يا از شوق وصلت]
ز شوق وصل مى نالم وكر دستم دهد روزى ... ز بيم هجر ميكريم كه ناكه در كمين باشد «1»
همام از كريه خونين وسوز دل مكن چندين ... ندانستى كه حال عشقبازان اينچنين باشد
قال المولى الجامى
محنت قرب ز بعد افزونست ... جكر از محنت مرهم خونست
هست در قرب همه بيم زوال ... نيست در بعد جز اميد وصال
وفى البحر (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) للوصول الى الحضرة لقبول الفيض الإلهي (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ) عند المراقبة (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وهو قلب قد سلم من انحراف المزاج الأصلي الذي هو فطرة الله التي فطر الناس عليها فانه خلق مرآة قابلة لتجلى صفات جمال الله وجلاله كما كان لآدم عليه السلام أول فطرته فتجلى فيه قبل ان يصدأ بتعلقات الكونين أشار بقوله «الا من» الى التخلق بخلق الله والاتصاف بصفته إذ لم يكن القلب سليما بلا عيب الا إذا كان متصفا بطهارة قدس الحق عن النظر الى الخلق قال ابن عطاء السليم الذي لا يشوشه شىء من آفات الكون وسئل بعضهم بم تنال سلامة الصدر قال بالوقوف على حد اليقين وترك الارادة فى التلوين والتمكين قال ابو يزيد رحمه الله قطعت المفاوز حتى بلغت البوادي وقطعت البوادي حتى وصلت الى الملكوت وقطعت الملكوت حتى بلغت الى الملك بفتح الميم وكسر اللام فقلت الجائزة قال قد وهبت لك جميع ما رأيت قلت انك تعلم انى لم ار شيأ من ذلك قال فما تريد قلت أريد ان لا أريد قال قد أعطيناك وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ عطف على لا ينفع وصيغة الماضي لتحقق وقوعه كما ان صيغة المضارع فى المعطوف عليه للدلالة على استمرار انتفاع النفع ودوامه اى قربت الجنة للمتقين عن الكفر والمعاصي بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن فيفرحون بانهم المحشورون إليها وفى البحر اى قربت لانهم تبعدوا عنها لتقربهم الى الله تعالى وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ الضالين عن طريق الحق الذي هو الايمان والتقوى اى جعلت بارزة لهم بحيث يرونها مع ما فيها من انواع الأهوال ويوقنون بانهم مواقعوها ولا يجدون عنها مصرفا فيزدادون غما يقال يؤتى بها فى سبعين الف زمام وفى اختلاف الفعلين ترجيح لجانب الوعد فان التبريز لا يستلزم التقريب ثم فى تقديم ازلاف الجنة ايماء الى سبق رحمته على غضبه وفى البحر (وَبُرِّزَتِ) إلخ إذ توجههم كان إليها لطلب الشهوات وقد حفت بالشهوات: وفى المثنوى
حفت الجنة بمكروهاتنا ... حفت النيران من شهواتنا
__________
(1) در أوائل دفتر دوم در بيان سؤال موسى از حق تعالى در سر غلبه ظالمان(6/288)
وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100)
يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكروهة لنا وجعلت النار محاطة بالأمور التي كانت محبوبة لنا وَقِيلَ لَهُمْ اى للغاوين يوم القيامة على سبيل التوبيخ والقائلون الملائكة من جهة الحق تعالى وحكمه أَيْنَ ما كُنْتُمْ فى الدنيا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى اين آلهتكم الذين كنتم تزعمون فى الدنيا انهم شفعاؤكم فى هذا الموقف وتقربكم الى الله زلفى هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ بدفع العذاب عنكم أَوْ يَنْتَصِرُونَ بدفعه عن أنفسهم: وبالفارسية [يا نكاه ميدارند خود را از حلول عقوبت بديشان] وباب افتعل هاهنا مطاوع فعل قال فى كشف الاسرار النصر المعونة على دفع الشر والسوء عن غيره والانتصار ان يدفع عن نفسه وانما قال او ينتصرون بعد قوله هل ينصرونكم لان رتبة النصر بعد رتبة الانتصار لان من نصر غيره فلا شك فى الانتصار وقد ينتصر من لا يقدر على نصر غيره ثم هذا سؤال تقريع وتبكيت لا يتوقع له جواب ولذلك قيل فَكُبْكِبُوا فِيها الكبكبة [نكونسار كردن] اى تدهور الشيء فى هوّة وهو تكرير الكب وهو الطرح والإلقاء منكوسا وجعل تكرير اللفظ دليلا على تكرير المعنى كرر عين الكب بنفله الى باب التفعيل فاصل كبكبوا كببوا فاستثقل اجتماع الباءات فابدلت الثانية كافا كما فى زحزح فان أصله زحح من زحه يزحه اى نحاه عن موضعه ثم نقل الى باب التفعيل فقيل زححه فابدلت الحاء الثانية زايا فقيل زحزحه اى باعده فمعنى الآية القوا فى الجحيم مرة بعد اخرى منكوسين على رؤسهم الى ان يستقروا فى قعرها هُمْ اى آلهتهم وَالْغاوُونَ الذين كانوا يعبدونهم وَجُنُودُ إِبْلِيسَ شياطينه اى ذريته الذين كانوا يغوونهم ويوسوسون إليهم ويسوّلون لهم ما هم عليه من عبادة الأصنام وسائر فنون الكفر والمعاصي ليجتمعوا فى العذاب حسبما كانوا مجتمعين فيما يوجبه أَجْمَعُونَ تأكيد لضميرهم وما عطف عليه قالُوا استئناف بيانى اى قال العبدة حين فعل بهم ما فعل معترفين بخطاياهم وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ اى والحال انهم فى الجحيم بصدد الاختصام مع من معهم من المذكورين مخاطبين لمعبوداتهم على ان الله تعالى يجعل الأصنام صالحة للاختصام بان يعطيها القدرة على النطق والفهم قال ابو الليث ومعناه قالوا وهم يختصمون فيها على معنى التقديم تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن كنا فى ضلال واضح لا خفاء فيه إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ ظرف لكونهم فى ضلال مبين وصيغة المضارع لاستحضار الصورة الماضية اى تالله لقد كنا فى غاية الضلال الفاحش وقت تسويتها إياكم ايها الأصنام فى استحقاق العبادة برب العالمين الذي أنتم ادنى مخلوقاته وأذلهم وأعجزهم وَما أَضَلَّنا وما دعانا الى الضلال عن الهدى إِلَّا الْمُجْرِمُونَ اى الرؤساء والكبراء كما فى قوله تعالى (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) : وبالفارسية [مكر بدان وبدكاران از مهتران] واصل الجرم قطع الثمرة عن الشجرة والجرامة رديى التمر وأجرم صار ذا جرم نحو أتمر وألبن واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ولا يكاد يقال فى عامة كلامهم للكسب المحمود فَما لَنا [پس نيست ما را اكنون] مِنْ شافِعِينَ [هيچ كس از شفاعت كنندكان] كما للمؤمنين من الملائكة والأنبياء عليهم السلام(6/289)
وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104) كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107)
وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [ونه دوستى مهربان وبا شفقت] كما يرى لهم أصدقاء والصديق من صدقك فى مودته وحميم قريب خاص وحامة الرجل خاصته كما فى فتح الرحمن قال الراغب هو القريب المشفق فكأنه الذي يحتد حماية لذويه وقيل لخاصة الرجل حامته قيل الحامة العامة وذلك لما قلنا واحتم فلان لفلان اى احتد وذلك ابلغ من اهتم لما فيه من معنى الاهتمام وقال الكاشفى [در قوت القلوب آورده كه حميم در اصل هميم بوده كه ها را بحا بدل كرده اند جهت قرب مخرج وهميم مأخوذ است از اهتمام لما فيه من معنى الاهتمام اهتمام كند در مهم كافران وشرط دوستى بجاى آرد] وجمع الشافع لكثرة الشفعاء عادة ألا ترى ان السلطان إذا غضب على أحد ربما شفع فيه جماعة كما ان افراد الصديق لقلته ولو قيل بعدمه لم يبعد قال الصائب
درين قحط هوادارى عجب دارم كه خاكستر ... كه در هنكام مردن چشم مى پوشاند آتش را
- روى- فى بعض الاخبار انه يجيى يوم القيامة عبد يحاسب فتستوى حسناته وسيآته ويحتاج الى حسنة واحدة ترضى عنه خصومه فيقول الله عبدى بقيت لك حسنة ان كانت ادخلتك الجنة انظر واطلب من الناس لعل واحدا يهب منك حسنة واحدة فيأتى ويدخل فى الصفين ويطلب من أبيه وامه ثم من أصحابه فيقول لكل واحد فى باب فلا يجيبه أحد وكل يقول انا اليوم فقير الى حسنة واحدة فيرجع الى مكانه فيسأله الحق سبحانه ويقول ماذا جئت به فيقول يا رب لم يعطنى أحد حسنة من حسناته فيقول الله عبدى ألم يكن لك صديق فىّ فيذكر العبد صديقا له فيأتيه ويسأله فيعطيه ويجيىء الى موضعه ويخبر بذلك ربه فيقول الله قد قبلتها منه ولم انقص من حقه شيأ فقد غفرت لك وله. ففى هذا المعنى اشارة الى ان للصداقة فى الله اعتبارا عظيما وفوائد كثيرة وفى الحديث (ان الرجل ليقول فى الجنة ما فعل بصديقى فلان وصديقه فى الجحيم فيقول الله اخرجوا له صديقه الى الجنة) يعنى وهبته له قال الحسن استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فان لهم شفاعة يوم القيامة وقال الحسن ما اجتمع ملأ على ذكر الله فيهم عبد من اهل الجنة إلا شفعه فيهم وان اهل الايمان شفعاء بعضهم لبعض وهم عند الله شافعون مشفعون وفى الحديث (ان الناس يمرون يوم القيامة على الصراط والصراط وخص مزلة يتكفأ باهله والنار تأخذ منهم وان جهنم لتنطف عليهم) اى تمطر عليهم مثل الثلج إذا وقع لها زفير وشهيق (فبيناهم كذلك إذ جاءهم نداء من الرحمن عبادى من كنتم تعبدون فيقولون ربنا أنت تعلم انا إياك كنا نعبد فيجيبهم بصوت لم يسمع الخلائق مثله قط عبادى حق علىّ ان لا أكلكم اليوم الى أحد غيرى فقد غفرت لكم ورضيت عنكم فيقوم الملائكة عند ذلك بالشفاعة فينجون من ذلك المكان فيقول الذين تحتهم فى النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً لو للتمنى وأقيم فيه لو مقام ليت لتلاقيها فى معنى التقدير اى تقدير المعدوم وفرضه كأنه قيل فليت لنا كرة اى رجعة الى الدنيا فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بالنصب جواب التمني وهذا كلام التأسف والتحسر ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فان من يضلل الله فما له من هاد ولو رجع الى الدنيا مرارا ألا ترى الى الأمم فى الدنيا فان الله تعالى(6/290)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104) كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107)
أخذهم بالبأساء والضراء كرارا ثم كشفه عنهم فلم يزيدوا الا اصرارا جعلنا الله وإياكم من المستمعين المعتبرين لا من المعرضين الغافلين إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من قصة ابراهيم مع قومه لَآيَةً لعبرة لمن يعبد غير الله تعالى ليعلم انه يتبرأ منه فى الآخرة ولا ينفعه أحد ولا سيما لاهل مكة الذين يدعون انهم على ملة ابراهيم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اكثر قوم ابراهيم مُؤْمِنِينَ كحال اكثر قريش. وقد روى انه ما آمن لابراهيم من اهل بابل الا لوط وابنة نمرود وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ [اوست غلبه كننده بر مشركان كه سطوت او مردود نكردد] الرَّحِيمُ [وبخشاينده كه توبه بندگان رد نكند وبى احتجاج بديشان عذاب نفرستد] ويمهل كما أمهل قريشا بحكم رحمة الواسعة لكى يؤمنوا هم او واحد من ذريتهم ولكنه لا يهمل فانه لا بد لكل عامل من المكافأة على عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر هذا وقد جوز ان يعود ضمير أكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام الذين يتلى عليهم الآية ليعتبروا ويؤمنوا وقد بين فى المجلس السابق فارجع وفى البحر النفس جبلت على الامارية بالسوء وهو الكفر ولئن آمنت وصارت مأمورة فهو خرق عادتها يدل على هذا قوله تعالى (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) يعنى برحمة الحق تعالى تصير مأمورة مؤمنة على خلاف طبعها ولهذا قال (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) يعنى اصحاب النفوس (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) ما هدى اكثر الخلق الى الايمان فضلا عن الحضرة (الرَّحِيمُ) فلرحمته هدى الذين جاهدوا فيه الى سبيل الرشاد بل هدى الطالبين الصادقين الى حضرة جلاله انتهى. فالهداية وان كانت من العناية لكن لا بد من التمسك بالأسباب الى ان تفتح الأبواب وملامة النفس عند مخالفتها الأوامر والآداب مما ينفع فى هذا اليوم دون يوم القيامة ألا ترى ان الكفار لاموا أنفسهم على ترك الايمان وتمنوا ان لو كان لهم رجوع الى الدنيا لقبلوا الايمان والتكليف فما نفعهم ذلك
امروز قدر پند عزيزان شناختيم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد
عصمنا الله وإياكم من سطوته وغشينا برحمته وجعلنا من اهل القبور فى الدنيا والآخرة انه الموفق لخير الأمور الباطنة والظاهرة كَذَّبَتْ تكذيبا مستمرا من حين الدعوة الى انتهائها قَوْمُ نُوحٍ القوم الجماعة من الرجال والنساء معا او الرجال خاصة وتدخل النساء على التبعية ويؤنث بدليل مجيىء تصغيره على قويمة الْمُرْسَلِينَ اى نوحا وحده والجمع باعتبار ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب الجميع لاجتماع الكل على التوحيد واصول الشرائع او لان كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل إِذْ قالَ لَهُمْ ظرف للتكذيب على انه عبارة عن زمان مديد وقع فيه ما وقع من الجانبين الى تمام الأمر أَخُوهُمْ فى النسب لئلا يجهل امره فى الصدق والديانة ولتعرف لغته فيؤدى ذلك الى القبول نُوحٌ عطف بيان لاخوهم أَلا تَتَّقُونَ الله حيث تعبدون غيره: وبالفارسية [آيا نمى ترسيد از خداى تعالى كه ترك عبادت او ميكنيد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من جهته تعالى أَمِينٌ مشهور بالامانة فيما بينكم ومن كان أمينا على امور الدنيا كان أمينا على الوحى والرسالة(6/291)
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113)
فَاتَّقُوا اللَّهَ خافوا الله وَأَطِيعُونِ فيما أمركم به من التوحيد والطاعة لله فانى لا اخونكم ولا أريدكم بسوء والفاء لترتيب ما بعدها على الامانة وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ على أداء الرسالة مِنْ أَجْرٍ جعل أصلا وذلك لان الرسل إذا لم يسألوا اجرا كان اقرب الى التصديق وابعد عن التهمة إِنْ أَجْرِيَ ما ثوابى فيما أتولاه إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ لان من عمل لله فلا يطلب الاجر من غير الله وبه يشير الى ان العلماء الذين هم ورثة الأنبياء يتأدبون بآداب أنبيائهم فلا يطلبون من الناس شيأ فى بث علومهم ولا يرتفقون منهم بتعليمهم ولا بالتذكير لهم فان من ارتفق من المسلمين المستمعين فى بث ما يذكره من الدين ويعظ به لهم فلا يبارك الله للناس فيما يسمعون ولا للعلماء ايضا بركة فيما يأخذون منهم يبيعون دينهم بعرض يسير ثم لا بركة لهم فيه
زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ الفاء لترتيب ما بعدها على تنزهه عن الطمع والتكرير للتأكيد والتنبيه على ان كلا من الامانة وقطع الطمع مستقل فى إيجاب التقوى والطاعة فكيف إذا اجتمعا قالُوا اى قوم نوح أَنُؤْمِنُ لَكَ الاستفهام للانكار اى لا نؤمن لك وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ اى والحال قد اتبعك الأقلون جاها ومالا اى وهذه حالك كما تقول لا نصحبك وصحبك السفلة. والأرذلون جمع الأرذل والرذالة الخسة والدناءة والرذال المرغوب عنه لرداءته يعنون ان لا عبرة لاتباعهم لك إذ ليس لهم رزانة عقل وإصابة رأى قد كان ذلك منهم فى بادى الرأى وهذا من كمال سخافة عقولهم وقصرهم انظارهم على الدنيا وكون الأشرف عندهم من هو اكثر منها حظا والأرذل من حرمها وجهلهم انها لا تزن عند الله جناح بعوضة وان النعيم هو نعيم الآخرة والأشرف من فازبه والأرذل من حرمه وهكذا كانت قريش تقول فى اصحاب رسول الله وما زالت الاتباع الأنبياء ضعفاء الناس وقس اتباع الأولياء على اتباعهم من حيث وراثتهم لدعوتهم وعلومهم واذواقهم ومحنهم وابتلائهم وذلك لان الحقيقة من ارباب الجاه والثروة لم تأت إلا نادرا
در ان سرست بزركى كه نيست فكر بزركى
قالَ نوح جوابا عما يشير اليه من قولهم انهم لم يؤمنوا عن نظر وبصيرة وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ انهم عملوه إخلاصا او نفاقا وما وظيفتي الا اعتبار الظواهر وبناء الاحكام عليها دون التفتيش عن بواطنهم والشق عن قلوبهم والظاهر ان ما فيه استفهامية بمعنى أي شىء فى محل الرفع على الابتداء وعلمى خبرها ويجوز ان تكون نافية والباء متعلقة بعلمي على التقدير الاول وعلى الثاني لا بد من إضمار الخبر ليتم الكلام كما قال الكاشفى [ونيست دانش من رسنده بآنچهـ هستند كه ميكنند] إِنْ حِسابُهُمْ ما محاسبتهم على بواطنهم إِلَّا عَلى رَبِّي فانه المطلع على الضمائر وفى الخبر المعروف (فاذا شهدوا ان لا اله الا الله عصموا منى دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله) قال سفيان الثوري رحمه الله لا نحاسب الاحياء ولا نحكم على الأموات لَوْ تَشْعُرُونَ لو كنتم من اهل الشعور والإدراك(6/292)
وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116) قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122)
لعلمتم ذلك ولكنكم تجهلون فتقولون ما لا تعلمون وهو من الباب الاول واما الشعر بمعنى النظم فمن الخامس وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ الطرد الإزعاج والابعاد على سبيل الاستخلاف. والمعنى بالفارسية [ونيستم من راننده مؤمنان] وهو جواب عما أوهمه كلامهم أنؤمن لك من استدعاء طردهم وتعليق ايمانهم بذلك حيث جعلوا اتباعهم مانعا عنه قال ابن عطاء رحمه الله وما انا بمعرض عمن اقبل على ربه إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ اى ما انا الا رسول مبعوث لانذار المكلفين وزجرهم عن الكفر والمعاصي سواء كانوا من الأعزاء او الأذلاء فكيف يليق بي طرد الفقراء لاستتباع الأغنياء قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ عما تقول يعنى عن الدعوة والانذار: والانتهاء [باز استيدن] لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ قال الراغب فى المفردات الرجام الحجارة والرجم الرمي بالرجام يقال رجم فهو مرجوم قال تعالى (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) اى المقتولين أقبح قتلة انتهى قالوه قاتلهم الله فى اواخر الأمر قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ أصروا على التكذيب بعد ما دعوتهم هذه الازمنة المتطاولة ولم يزدهم دعائى الا فرارا فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً اى احكم بيننا بما يستحقه كل واحد منا قال فى التأويلات افتح بابا من أبواب فضلك على مستحقيه وبابا من أبواب عدلك على مستحقينه انتهى من الفتاحة وهى الحكومة والفتاح الحاكم سمى لفتح المغلق من الأمر كما سمى فيصلا لفصله بين الخصومات قال ابن الشيخ أراد به الحكم بانزال العقوبة عليهم لقوله عقبه وَنَجِّنِي خلصنى وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اى من العذاب ومن أذى الكفار فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ حسب دعائه فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ اى المملوء بهم وبكل صنف من الحيوان وبما لا بد لهم منه من الامتعة والمأكولات ومنه الشحناء وهى عداوة امتلأت منها النفوس ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ اى بعد انجائهم الْباقِينَ من قومه ممن لم يركب السفينة وفيه تنبيه على ان نوحا كان مبعوثا الى من على وجه الأرض ولذا قال فى قصته الباقين وفى قصة موسى ثم أغرقنا الآخرين إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعل بقوم نوح لاستكبارهم عن قبول الحق واستخفافهم بفقراء المسلمين لَآيَةً لعبرة لمن بعدهم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ اى اكثر قوم نوح فلم يؤمن من قومه الا ثمانون من الرجال والنساء وقال الكاشفى [هفتاد ونه تن] او اكثر قومك يا محمد وهم قريش فاصبر على اذاهم كما صبر نوح على أذى قومه تظفر كما ظفر
كار تو از صبر نكوتر شود ... هر كه شكيباست مظفر شود
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على ما أراد من عقوبة الكفار الرَّحِيمُ لمن تاب او بتأخير العذاب وفى التأويلات النجمية كرر فى كل قصة قوله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) مؤمنين دلالة على ان عزة الله وعظمته اقتضت ان يكون أكرم الخلق مؤمنا به مقبولا له كما قال تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) ولا ريب ان اكثر الخلق لئام وكرام قليلون كما قال الشاعر
تعيرنا انا قليل عدادنا ... فقلت لها ان الكرام قليل(6/293)
كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (127) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)
ولذلك ذكر فى عقبه (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) اى لا يهتدى اليه الأذلاء من ارباب النفوس لخستهم ولعزته (الرَّحِيمُ) اى يجتبى اليه برحمته من يشاء من اعزة ارباب القلوب لعلو همتهم وفرط رحمته
آفرين بر جان درويشى كه صاحب همت است
والاشارة بنوح الى نوح القلب وبقومه الى النفس وصفاتها وبالمؤمنين الى الجسد وأعضائه فانهما آمنا بالعمل بالأركان على وفق الشرع والى بعض صفات النفس وذلك بتبدلها. وبالفلك الى فلك الشريعة المملوء بالأوامر والنواهي والحكم والمواعظ والاسرار والحقائق والمعاني فمن ركب هذه السفينة نجا ومن لم يركب غرق بطوفان استيلاء الأخلاق الذميمة وابتلاء آفات الدنيا الدنيئة من المال والجاه والزينة والشهوات ولا بد للسفينة من الملاح وهو معلم الخير فانه بصحبته تحصل النجاة كما قال الحافظ
يار مردان خدا باش كه در كشتى نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا
يشير الى ان الأمر سهل باشارة المرشد وان العسير عند الغافل يسير عند الواصل كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ انث عاد باعتبار القبيلة وهو اسم أبيهم الأقصى [مقاتل: كفت عاد وثمود ابن عم يكديكر بودند عاد قوم هود بودند وثمود قوم صالح وميان مهلك عاد ومهلك ثمود پانصد سال بود قومى كفتند از اهل تاريخ كه عاد وثمود دو برادر بودند از فرزندان ارم بن سام ابن نوح وسام بن نوح را پنج پسر بود ارم وارفحشه وعالم واليفر والأسود وارم مهينه فرزندان بود واو را هفت پسر بود عاد وثمود وصحار وطنم وجديس وجاسم ووبار مسكن عاد وفرزندان وى يمن بود ومسكن ثمود وفرزندان وى ميان حجاز وشام بود ومسكن طنم عمان وبحران ومسكن جديس زمين تهامه ومسكن صحار ما بين الطائف الى جبال طى ومسكن جاسم ما بين الحرم الى سفوان ومسكن بار زمينى است كه آنرا وبار كويند بنام وى باز خوانند إينان همه زبان ولغت عربى داشتند] وقد انقرضوا عن آخرهم فلم يبق لهم نسل إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ فى النسب ظرف للتكذيب هُودٌ بن شالخ بن ارفحشد بن سام بن نوح قال بعضهم كان اسم هود عابرا وسمى هودا لوقاره وسكونه عاش مائة وخمسين سنة أرسل الى أولاد عاد حين بلغ الأربعين أَلا تَتَّقُونَ الله تعالى فتفعلون ما تفعلون: وبالفارسية [آيا پرهيز نميكنيد از شرك واز عقاب الهى خائف نمى شويد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من جهته تعالى أَمِينٌ مشهور بالامانة فيما بينكم فَاتَّقُوا اللَّهَ خافوا من عقابه وَأَطِيعُونِ فيما آمركم به من الحق وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على أداء الرسالة مِنْ أَجْرٍ كما يسأل بعض نقلة القصص إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ لانه هو الذي أرسلني فكان اجرى عليه وهو بيان لتنزهه عن المطامع الدنية والاعراض الدنيوية: قال الحافظ
تو بندگى چوكدايان بشرط مزد مكن ... كه دوست خود روش بنده پرورى داند
أَتَبْنُونَ الهمزة للاستفهام الإنكاري. والمعنى بالفارسية [آيا بنا ميكنيد] بِكُلِّ رِيعٍ [بهر موضعى بكند] والريع بكسر الراء وفتحها جمع ريعة وهو المكان المرتفع ومنه استعير(6/294)
وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)
ريع الأرض للزيادة والارتفاع الحاصل منها آيَةً بناء عاليا متميزا عن سائر الابنية حال كونكم تَعْبَثُونَ ببنائه فان بناء ما لا ضرورة فيه وما كان فوق الحاجة عبث- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قبة مشرفة فقال (ما هذِهِ) قال له أصحابه هذه لرجل من الأنصار فمكث وحملها فى نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله فسلم فى الناس اعرض عنه وصنع به ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب فيه والاعراض عنه فشكا ذلك الى أصحابه فقال والله انى لانكر نظر رسول الله ما أدرى ما حدث فىّ وما صنعت قالوا خرج رسول الله فرأى قبتك فقال لمن هذه فاخبرناه فرجع الى قبته فسواها بالأرض فخرج النبي عليه السلام ذات يوم فلم ير القبة فقال (ما فعلت القبة التي كانت هاهنا) قالوا شكا إلينا صاحبها اعراضك عنه فاخبرناه فهدمها فقال (ان كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة الا ما لا بد منه) هذا ما عليه الامام الراغب وصاحب كشف الاسرار وغيرهما وقال فى الجلالين ونحوه (آيَةً) يعنى ابنية الحمام وبروجها: وبالفارسية [كبوتر خانها] أنكر هود عليهم اتخاذهم بروج الحمام عبثا ولعبهم بها كالصبيان قال فى نصاب الاحتساب من اللعب الذي يحتسب بسببه اللعب بالحمام قال محمد السفلة من يلعب بالحمام ويقامر وفى شرح القهستاني ولا بأس بحبس الطيور والدجاج فى بيته ولكن يعلفها وهو خير من إرسالها فى السكك. واما إمساك الحمامات فى برجها فمكروه إذا أضر بالناس وقال ابن مقاتل يجب على صاحبها ان يحفظها ويعلفها انتهى وفى التتارخانية ولا يجوز حبس البلبل والطوطى والقمري ونحوها فى القفص اى إذا كان الحبس لاجل اللهو واللعب. واما إذا كان لاجل الانتفاع كحبس الدجاج والبط والإوز ونحوها لتسمن او لئلا تضر بالجيران فهو جائز وكذا حبس سباع الطيور لاجل الاصطياد وفى فتاوى قارئ الهداية هل يجوز حبس الطيور المغردة وهل يجوز اعتاقها وهل فى ذلك ثواب وهل يجوز قتل الوطاويط لتلويثها حصير المسجد بخرئها الفاحش أجاب يجوز حبسها للاستئناس بها. واما اعتاقها فليس فيه ثواب وقتل المؤذى من الدواب يجوز انتهى وفى الحديث (لا تحضر الملائكة شيأ من الملاهي سوى النضال والرهان) اى المسابقة بالرمي والفرس والإبل والأرجل وقال بعضهم فى الآية تعبثون بمن مرّ بكم لانهم كانوا يبنون الغرف فى الأماكن العالية ليشرفوا على المارة فيسخرون منهم ويعبثون بهم. وذهب بعض من عدّ من اجلاء المفسرين الى ان المعنى (آيَةً) اى علامة للمارة تعبثون ببنائها فانهم كانوا يبنون اعلاما طوالا لاهتداء المارة فعد ذلك عبثا لاستغنائهم عنها بالنجوم قال سعدى المفتى فيه بحث إذ لا نجوم بالنهار وقد يحدث فى الليل ما يستر النجوم من الغيوم انتهى يقول الفقير وايضا ان تلك الاعلام إذا كانت لزيادة الانتفاع بها كالاميال بين بغداد ومكة مثلا كيف تكون عبثا فالاهتداء بالنهار اما بالاعلام واما بشم التراب كما سبق فى الجلد الاول وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ امكنة شريفة كما فى المفردات او مآخذ الماء تحت الأرض كما فى الصحاح والقاموس. المصنعة بفتح الميم وضم النون وفتحها كالحوض يجمع فيها ماء المطر وجمعها المصانع اى الحياض العظيمة لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ راجين ان تخلدوا فى الدنيا اى عاملين عمل من يرجو ذلك فلذلك تحكمون بناءها فلعل للتشبيه(6/295)
وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140)
اى كأنكم تخلدون: وبالفارسية [كوييا جاويد خواهد بود در ان] ذمهم اولا باضاعتهم المال عبثا بلا فائدة. وثانيا باحكامهم البناء على وجه يدل على طول الأمل والغفلة: قال الصائب
در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه
وَإِذا بَطَشْتُمْ بسوط او سيف والبطش تناول الشيء بصولة او قهر وغلبة بَطَشْتُمْ حال كونكم جَبَّارِينَ متسلطين ظالمين بلا رأفة ولا قصد تأديب ولا نظر فى العاقبة فاما بالحق والعدل فالبطش جائز والجبار الذي يضرب ويقتل على الغضب فَاتَّقُوا اللَّهَ واتركوا هذه الافعال من بناء الابنية العالية واتخاذ الامكنة الشريفة وإسراف المال فى الحياض والرياض والبطش بغير حق وَأَطِيعُونِ فيما أدعوكم اليه من التوحيد والعدل والانصاف وترك الأمل ونحوها فانه انفع لكم وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ [مدد كارى كرد شما را] والامداد اتباع الثاني بما قبله شيأ بعد شىء على انتظام واكثر ما جاء الامداد فى المحبوب والمد فى المكروه. واما قوله تعالى (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) فهو من مددت الدواة أمدها لا من القبيل المذكور بِما تَعْلَمُونَ به من انواع النعماء واصناف الآلاء وأجملها اولا ثم فصلها بقوله أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ [مدد كرد شما را بچهار پايان چون شتر وكاو وكوسفندان تا از ايشان أخذ فوائد ميكنيد] وَبَنِينَ [و پسران در همه حال يار ومددكار شمااند] وَجَنَّاتٍ [وبستانها كه از ميوه آن منتفع ميشويد] وَعُيُونٍ [وبچشمهاى روان كه مهم سقيا ونشو ونماى زرع بدان بإتمام رسد] إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ ان لم تقوموا بشكر هذه النعم عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فى الدنيا والآخرة فان كفران النعمة مستتبع للعذاب كما ان شكرها مستلزم لزيادتها وصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه وهو هبوب الريح الصرصر هاهنا قالُوا [كفتند عاديان در جواب هود] سَواءٌ عَلَيْنا [يكسانست بر ما] أَوَعَظْتَ [يا پند دهى ما را] أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ فانا لن نرجع عما نحن عليه. والوعظ زجر يقترن بتخويف وكلام يلين القلب بذكر الوعد والوعيد وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم إِنْ هذا اى ما هذا الذي جئتنا به وبالفارسية: [نيست اين كه تو آوردى] إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ [مكر خوى وعادت أولين كه ميكفتند كه ما پيغمبرانيم ودروغ ميكفتند] كانوا يلفقون مثل هذا الكذب ويسطرونه والتلفيق [واهم آوردن] او ما هذا الذي نحن فيه الاعادة الأولين من قبلنا من تشييد البناء والبطش على وجه التكبر فلا نترك هذه العادة بقولك او عادتهم وأمرهم انهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث ولا حساب وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ على ما نحن عليه من الأعمال والعادات فَكَذَّبُوهُ اى هودا وأصروا على ذلك فَأَهْلَكْناهُمْ اى عادا بسبب التكذيب بريح صرصر. تلخيصه ان هودا انذر قومه ووعظهم فلم يتعظوا فاهلكوا إِنَّ فِي ذلِكَ [بدرستى كه در هلاك قوم عاد] لَآيَةً [نشانه ايست دلالت كند بر آنكه عاقبت اهل تكذيب بعقوبت كشد] وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر قوم عاد مُؤْمِنِينَ [چهـ اندك از ان قبيله با هود بودند] وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب المنتقم ممن يعمل عمل الجبارين(6/296)