وقع بالجسم والروح معا والا فالملك والملكوت مندرج في الوجود الإنساني وكل تجل يحصل له انما هو من الداخل لا من الخارج قال صلى الله عليه وسلم (سألنى ربى فلم أستطع ان أجيبه فوضع يده بين كتفى بلا تكييف ولا تحديد) اى يد قدرته لانه سبحانه منزه عن الجارحة (فوجدت بردها فاورثنى علم الأولين والآخرين وعلمنى علوما شتى فعلم أخذ على كتمانه إذ علم انه لا يقدر على حمله غيرى وعلم خيرنى فيه وعلم أمرني بتبليغه الى العام والخاص من أمتي) وهى الانس والجن وهذا التفصيل يدل على ان العلوم الشتى هذه العلوم الثلاثة كما يدل عليه الفاء وهى زائدة على علوم الأولين والآخرين فالعلم الاول من باب الحقيقة الصرفة والثاني من باب المعرفة والثالث من باب الشريعة ومن جملة ما اوحى فى هذا الموطن من القرآن خواتيم سورة البقرة وبعض سورة والضحى وبعض الم نشرح لك وقوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ والوحى بلا واسطة يقتضى الخطاب فسمع عليه السلام كلام الحق من غير كيفية كما سمعه موسى عليه السلام من كل جانب ورآه
كلام سرمدى بي نقل بشنيد ... خداوند جهانرا بى جهت ديد
بديد آنچهـ ز حد ديدن برون بود ... مپرس اما ز كيفيت كه چون بود
قال الامام النووي الراجع عند اكثر العلماء انه رأى ربه بعيني رأسه يقول الفقير يعنى بسره وروحه فى صورة الجسم بان كان كل جزء منه سمعا واتحد البصر بالبصيرة فهى رؤية بهما معا من غير تكييف فافهم فانه جملة ما يتفصل فان قلت ما الفرق بين الأنبياء وبين نبينا عليه السلام فى باب الرؤية فانهم يرونه ويشاهدونه حال الانسلاخ الكلى قلت ما حصل لنبينا عليه السلام فوق الانسلاخ إذ الرؤية فى صورة الانسلاخ انما هى بالبصيرة فقط واما رؤيته تعالى فى الجنة فقيل لا يراه الملائكة وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة قال بعضهم وقياس عدم رؤية الملائكة عدم رؤية الجن له تعالى ورد ذلك يقول الفقير لعل وجه الاختلاف عند الحقيقة ان الملائكة والجن على جناح واحد وهو الجمال والانس على جناحين وهما الجمال والجلال المقول لهما الكمال فلا يرونه تعالى من مرتبة مؤمنى الانس وانما يشاهدونه تعالى من مرتبة أنفسهم فافهم واما انه ليس لهم مشاهدة أصلا فلا مساعدة له بوجه من الوجوه واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى فى المنام وصحتها اى وقوعها لان ذلك المرئي انما هو صفة من صفات الله تعالى- روى- عن ابى يزيد البسطامي قدس سره انه قال رأيت ربى فى المنام فقلت له كيف الطريق إليك فقال اترك نفسك ثم تعال- وروى- ان حمزة القارئ قرأ عليه القرآن من اوله الى آخره فى المنام حتى إذا بلغ الى قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ قال الله تعالى قل يا حمزة وأنت القاهر يقول الفقير سمعت من شيخى وسندى قدس سره ان شيخه عبد الله الشهير بذاكر زاده روح الله روحه أراد ان يستخلفه فامتنع عليه فرأى فى تلك الليلة فى المنام ان الله تعالى أعطاه المصحف وقال له خذ هذا وادع عبادى الىّ وكان من آثار هذا المنام ان الله تعالى وفقه لاحياء العلم والدعوة الى الله فى المراتب الأربع وزاد خلفاؤه على المائة والخمسين كلهم من اهل التفسير ولم يتيسر هذا المقام لغيره من مشايخ العصر قال عليه السلام(5/122)
(فرض الله علىّ خمسين صلاة فى كل يوم وليلة) قيل كانت كل صلاة منها ركعتين ألا يرى انه من قال لله على صلاة يلزمه ركعتان ويخالفه ما قالوا انه عليه السلام كان يصلى كل يوم وليلة ما يبلغ الى خمسين صلاة وفق ما فرض ليلة المعراج فالظاهر ان هذه الخمسين باعتبار الركعات لانه هو المضبوط عنه عليه السلام يعنى كان يصلى فى اليوم والليلة من الفرائض والنوافل خمسين ركعة وصرح بعضهم بان المراد الخمسون وقتا فالظاهر ان كل وقت كان مشتملا على ركعتين لان الصلاة فى الأصل كانت ركعتين ركعتين ثم زيدت فى الحضر وأقرت فى السفر قال عليه السلام (فنزلت الى ابراهيم فلم يقل شيأ ثم أتيت موسى) اى فى الفلك السادس (فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك وانى والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة) يعنى مارستهم ولقيت الشدة فيما أردت فيهم من الطاعة قال عليه السلام (فرجعت الى ربى) يعنى رجعت الى الموضع الذي ناجيت ربى فيه وهو سدرة المنتهى (فخررت ساجدا فقلت اى ربى خفف عن أمتي فحط عنى خمسا فرجعت الى موسى وأخبرته قال ان أمتك لا تطيق ذلك قال فلم ازل ارجع بين ربى وموسى ويحط خمسا خمسا حتى قال موسى بم أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم قال ارجع فاسأله التخفيف فقلت قد راجعت ربى حتى استحييت ولكن ارضى واسلم) يعنى فلا ارجع فان رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكن ارضى بما قضى الله واسلم امرى وأمرهم الى الله (فلما جاوزت نادى مناد أمضيت فريضتى) يعنى قال الله تعالى يا محمد هى خمس صلوات فى كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة كما قال مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها والصلاة انما تحصل بتوجه القلب والعمل الواحد فى مرتبة القلب يقابل العشرة وقال (من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشرا ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم يكتب شىء فان عملها كتبت سيئة واحدة) وعن ابن عمر رضى الله عنهما
كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرات وغسل البول من الثوب سبع مرات ولم يزل صلى الله عليه وسلم يسأل ربه حتى جعلت الصلاة خمسا وغسل الجنابة مرة واحدة وغسل البول من الثوب مرة وفى الحديث (أكثروا من الصلاة على موسى فما رأيت أحدا من الأنبياء أحوط على أمتي منه) وجاء (كان موسى أشدهم على حين مررت به وخيرهم علىّ حين رجعت فنعم الشفيع كان لكم موسى) وذلك فانه كما تقدم لما جاوزه النبي عند الصعود بكى فنودى ما يبكيك فقال رب هذا غلام اى لانه صلى الله عليه وسلم كان حديث السن بالنسبة الى موسى بعثته بعدي يدخل الجنة من أمته اكثر ممن يدخل من أمتي فان قلت هذا وقوع النسخ قبل البلاغ وقد اتفق اهل السنة والمعتزلة على منعه قلت وقع بعد البلاغ بالنسبة الى النبي عليه السلام لانه كلف بذلك ثم نسخ فاذا نسخ فى حقه نسخ فى حق أمته لان الأصل ان ما ثبت فى حق كل نبى ثبت فى حق أمته الا ان يقوم الدليل على الخصوصية وعن انس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيت ليلة اسرى بي الى السماء تحت العرش سبعين مدينة كل مدينة مثل دنياكم هذه سبعين مرة مملوءة من الملائكة يسبحون الله ويقدسونه ويقولون فى تسبيحهم اللهم اغفر لمن شهد الجمعة) اى صلاتها(5/123)
(اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة) اى لصلاتها (ورأيت ليلة اسرى بي مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر امثلها والقرض بثمانية عشر فقلت لجبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة قال لان السائل يسأل وعنده شىء والمستقرض لا يستقرض الا من حاجة) وبيان كون درهم القرض بثمانية عشر درهما ان درهم القرض بدرهمين من دراهم الصدقة كما جاء فى بعض الروايات ودرهم الصدقة بعشرة تصير الجملة عشرين ودرهم القرض يرجع للمقرض بدله بدرهمين من عشرين يتخلف ثمانية عشر (ورأيت رضوان خازن الجنة فلما رآنى فرح بي ورحب بي وأدخلني الجنة وأراني فيها من العجائب ما وعد الله فيها لاوليائه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ورأيت فيها درجات أصحابي ورأيت فيها الأنهار والعيون وسمعت فيها صوتا وهو يقول آمنا برب العالمين فقلت ما هذا الصوت يا رضوان قال هم سحرة فرعون وأزواجهم وسمعت آخر وهو يقول لبيك اللهم فقلت من هو قال أرواح الحجاج وسمعت التكبير فقال هؤلاء الغزاة وسمعت التسبيح فقال هؤلاء الأنبياء ورأيت قصور الصالحين وعرضت علىّ النار وان كانت فى الأرض السابعة فاذا على بابها مكتوب وان جهنم لموعدهم أجمعين) قال عليه السلام (وأبصرت ملكا لم يضحك فى وجهى فقلت يا أخي جبريل من هذا قال مالك خازن النار لم يضحك منذ خلقه الله ولو ضحك الى أحد لضحك إليك فقال له جبريل يا مالك هذا محمد فسلم عليه فسلم علىّ وهنأنى بما صرت اليه من الكرامة والشرف) وانما بدأ خازن النار بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم ليزيل ما استشعر من الخوف منه ويشير الى انه ومن اتبعه من الصالحين سالمون من النار ناجون قال عليه السلام (فسألته ان يعرض علىّ النار بدركاتها فعرضها علىّ بما فيها وإذا فيها غضب الله) اى نقمته (لو طرحت فيها الحجارة والحديد لاكلتها وإذا قوم يأكلون الجيف فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ورأيت قوما تنزع ألسنتهم من أقفيتهم فقلت من هم فقال هم الذين يحلفون بالله كاذبين ورأيت جماعة من النساء علقن بشعورهن فقلت من هن قال هن اللاتي لا يستترن من غير محارمهن ورأيت جماعة منهن لباسهن من القطران فقلت من هن قال نائحات) جمع نائحة وهى الباكية على الميت مع عدا خلاقه ومحاسنه ودل حديث المعراج على ان الجنة والنار مخلوقتان الآن لان الإنسان إذا علم ثوابا مخلوقا اجتهد فى العبادة ليحصل ذلك الثواب وإذا علم عقابا مخلوقا اجتهد فى اجتناب المعاصي لئلا يصيبه ذلك العقاب وقد صح ان الجنان قيعان وعمارتها بالأعمال كما دل عليه حديث الغراس فيما سبق واعلم انه عليه السلام اسرى به من مكة الى بيت المقدس على البراق ومن بيت المقدس الى السماء الدنيا على المعراج ومنها الى السماء السابعة على جناح الملائكة ومنها الى السدرة على جناح جبريل
ومنها الى العرش على الرفرف والظاهر ان النزول كان على هذا الترتيب وقال بعض الأكابر من اهل الله انه اسرى به الى السدرة على البراق وأيا ما كان فلما نزل الى السماء الدنيا نظر الى أسفل منه فاذا هو بهرج ودخان وأصوات فقال ما هذه يا جبريل قال هذه الشياطين يحومون على أعين بنى آدم حتى لا ينظروا الى العلامات ولا يتفكروا فى ملكوت السموات ولولا ذلك لرأوا العجائب اى أدركوها ونزل عليه السلام الى بيت(5/124)
المقدس وتوجه الى مكة وهو على البراق حتى وصل الى بيته الأشرف بالحرم المكي الاحمى بحجر الكعبة العظيمة او الى بيت أم هانى كما يدل عليه ما يجيئ من تقرير القصة وكان زمان ذهابه ومجيئه ثلاث ساعات او اربع ساعات وفى كلام السبكى ان ذلك كان قدر لحظة ولا بدع لان الله تعالى قد يطيل الزمن القصير كما يطوى الطويل لمن يشاء- روى- فى مناقب الشيخ موسى السدرانى من أكابر اصحاب الشيخ ابى مدين قدس الله سرهما ان له وردا فى اليوم والليلة سبعين الف ختمة يقول الفقير قال شيخى وسندى قدس سره فى الكلام عليه ان اليوم والليلة اربع وعشرون ساعة فيكون فى كل اثنتي عشرة ساعة خمس وثلاثون الف ختمة لانه اما ان ينبسط الى ثلاث وأربعين سنة وتسعة أشهر واما الى اكثر وعلى التقدير الاول يكون اليوم والليلة منبسطا الى سبع وثمانين سنة وستة أشهر فيكون فى كل يوم وليلة من ايام السنين المنبسطة إليها ولياليها ختمتان ختمة فى اليوم وختمة فى الليلة كما هو العادة ويحتمل التوجيه باقل من ذلك باعتبار سرعة القاري هذا فانه صدق وقد كوشف لى هذا وقد صدقته وقبلته وهذا سر عظيم انتهى كلام الشيخ وقد ثبت فى الهندسة ان ما بين طرفى قرص الشمس اى عظمه وسعته ضعف ما بين طرفى كرة الأرض مائة ونيفا وستين مرة ثم ان طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى فى اقل من ثانية وهى جزء من ستين جزأ من الدقيقة والدقيقة جزء من ستين جزأ من الدرجة وهى جزء من خمسة عشر جزأ من الساعة فاذا كانت هذه السرعة ممكنة للجماد فكيف لا يمكن لأفضل العباد إذا أراد رب البلاد والله تعالى قادر على جميع الممكنات فيقدر ان يخلق مثل هذه الحركة فى جسد النبي عليه السلام او فيما يحمله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره قد ذهب عليه السلام وجاء ولم يتم ماء ابريقه انصبابا ومن كان مؤمنا لا ينكر المعراج ولكن وقوع السير المذكور فى مقدار ذلك الزمن اليسير يشكل عند العقل بحسب الظاهر واما عند التحقيق فلا إشكال ألا يرى ان فى الوجود الإنساني شيأ لطيفا اعنى القلب يسير من المشرق الى المغرب بل جميع العوالم فى آن واحد وهو بديهي لا ينكره من له ادنى تمييز حتى البله والصبيان أفلا يجوز ان تحصل تلك اللطافة لوجود النبي صلى الله عليه وسلم بقدرة الله تعالى فوقع ما وقع منه فى الزمن اليسير
راه ز اندازه برون رفته ... پى نتوان برد كه چون رفته
عقل در ين واقعه حاشا كند ... عقل نه حاشا كه تمنا كند
- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من ليلته قص القصة على أم هانئ وقال (انى أريد ان أخرج الى قريش فاخبرهم بذلك) فقالت أنشدك الله اى بفتح الهمزة اى اسألك بالله ابن عم اى يا ابن عمى ان لا تحدث اى لا تحدث بهذا قريشا فيكذبك من صدقك فلما كان الغداة تعلقت بردائه فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدها وانتهى الى نفر من قريش فى الحطيم هو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود وأولئك النفر مطعم بن عدى وابو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة فقال (انى صليت العشاء) اى أوقعت صلاة فى ذلك الوقت (فى هذا المسجد وصليت به الغداة) اى أوقعت صلاة فى ذلك الوقت والا فصلاة العشاء لم تكن فرضت وكذا صلاة الغداة(5/125)
التي هى الصبح لم تكن فرضت كما تقدم (وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس) وأخبرهم عما رأى فى السماء من العجائب وانه لقى الأنبياء وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى وجاء انه لما دخل المسجد الحرام وعرف ان الناس يكذبونه وما أحب ان يكتم ما هو دليل على قدرة الله تعالى وما هو دليل على علو مقامه الباعث على اتباعه قعد حزينا فمر به عدو الله ابو جهل فجاء حتى جلس اليه عليه السلام فقال كالمستهزئ هل كان من شىء قال (نعم أسرى بي الليلة) قال الى اين قال (الى بيت المقدس) قال ثم أصبحت بين ظهرانينا قال (نعم) قال أرأيت ان دعوت قومك تحدثهم ما حدثتنى قال (نعم) قال يا معشر كعب بن لوى فانفضت اليه المجالس وجاؤا حتى جلسوا إليهما فقال حدث قومك بما حدثتنى به فقال (انى اسرى بي) قالوا الى اين قال (الى بيت المقدس فنشر لى الأنبياء وصليت بهم وكلمتهم) فقال ابو جهل كالمستهزئ صفهم لنا فقال عليه السلام (اما عيسى ففوق الربعة دون الطويل) اى لا طويل ولا قصير (عريض الصدر جاعد الشعر) اى فى شعره (تثنى وتكسر تعلوه صهبة) اى يعلو شعره شقرة (ظاهر الدم) اى يعلوه حمرة (كأنما خرج من ديماس) اى حمام وأصله الكنّ الذي يخرج منه الإنسان وهو عريان وأصله الظلمة يقال ليل دامس والحمام لفظ عربى. وأول واضع له الجن وضعته لسليمان عليه السلام وقيل الواضع بقراط الحكيم وقيل شخص سابق على بقراط استفاده من رجل كان به تعقيد الغصب فوقع فى ماء حار فى جب فسكن فصار يستعمله حتى برئ وفى الحديث (اتقوا بيتا يقال له الحمام فمن دخله فليستتر) ولم يدخل عليه السلام الحمام ولم يكن ذلك فى بلاد الحجاز وانما كان فى ارض العجم والشام (واما موسى فضحم آدم) اى أسمر ومن ثمة كان خروج يده بيضاء مخالفا لونها لسائرلون جسده آية (طويل كأنه من رجال شنوءة) وهى طائفة من اليمن اى ينسبون الى سنوءة وهو عبد المطلب بن كعب، من أولاد الأزد معروفون بالطول (كثير الشعر غائر العينين متراكم الأسنان متقلص الشفتين خارج اللثة) وهو اللحم الذي خارج الأسنان عابس (واما ابراهيم فو الله انه لأشبه الناس بي خلقا وخلقا فضجوا) اى صاح قريش وعظموا ذلك وصار بعضهم يصفق وبعضهم يضع يده على رأسه متعجبا ومنكرا قالوا نحن نضرب أكباد الإبل الى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا أتزعم انك أتيته فى ليلة واحدة واللات والعزى لا تصدقك وارتد ناس ممن كان آمن به وسعى رجال الى ابى بكر رضى الله عنه اى اسرع او مشى فقال ان كان قد قال ذلك فلقد صدق قالوا أتصدقه على ذلك قال انى أصدقه على ابعد من ذلك اى ان ذهب الى بيت المقدس فى ليلة واحدة أصدقه فانى أصدقه فى خبر السماء فى غدوة وهى ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس وروحة وهى اسم للوقت من الزوال الى الليل والمراد هنا انه ليخبرنى ان الخبر ليأتيه من السماء الى الأرض فى ساعة من ليل او نهار فاصدقه فهذا اى مجئ الخبر له من السماء بواسطة الملك ابعد مما تتعجبون منه فسمى الصديق وهو الكثير الصدق فهو للمبالغة وتسمية ابى بكر بسبب هذا الجواب الصدق بهذا الاسم للمبالغة فى كيفية الصدق فانه صدق كامل فى مثل هذا المقام الذي كذب فيه اكثر الناس
وكان على رضى الله عنه يحلف بالله ان الله انزل اسم ابى بكر من السماء الصديق اى فهى تسمية الله بالذات لا تسمية الخلق وكان فيهم من يعرف بيت المقدس(5/126)
فاستنعتوه المسجد اى قالوا يا محمد صف لنا بيت المقدس كم له من باب أرادوا بذلك اظهار كذبه عليه السلام لانهم عرفوا انه عليه السلام لم يره قال (فكربت كربا شديدا لم اكرب مثله قط لانهم سألونى عن أشياء لم أثبتها وكنت دخلته ليلا وخرجت منه ليلا فقمت فى الحجر فجلى الله لى بيت المقدس) اى كشفه لى اى بوجود صورته ومثاله فى جناح جبريل او برفع الحجاب بينه وبين بيت المقدس حتى رآه عليه السلام وهو فى مكانه إذ كان يصل بصره الى حيث يصل اليه قلبه او باعدامه هناك وإيجاده فى مكة طرفة عين بحيث يتصل بعدمه وجوده على ما هو شأن الخلق الجديد ومنه زيارة الكعبة لبعض الأولياء كما قال فى المثنوى
هر نفس تو ميشود دنيا وما ... بي خبر از نو شدن اندر بقا «1»
عمر همچون جوى نونو مى رسد ... مستمرى مى نمايد در جسد
آن زتيزى مستمر شكل آمده است ... چون شرر كش تيز جنبانى بدست
شاخ آتش را بجنبانى بساز ... در نظر آتش نمايد بس دراز
اين درازى مدت از تيزى صنع ... مى نمايد سرعت انگيزى صنع
قال (فطفقت) اى جعلت أخبرهم عن آياته اى علاماته وانا انظر اليه قال فى المواهب ولم يسألوه عما رأى فى السماء لانه لا عهد لهم بذلك فقالوا اما لنعت فقد أصاب فقالوا ما آية ذلك يا محمد اى ما العلامة الدالة على هذا الذي أخبرت به فانا لم نسمع بمثل هذا قط اى هل رأيت فى مسراك وطريقك ما نستدل بوجوده على صدقك اى لان وصفك لبيت المقدس يحتمل ان تكون حفظته عمن ذهب اليه فقال عليه السلام (آية ذلك انى مررت بعير بنى فلان بوادي كذا) اى فى الروحاء وهو محل قريب من المدينة اى بينه وبين المدينة ليلتان (قد أضلوا ناقة لهم) اى وانا متوجه وذاهب (وانتهيت الى رحالهم وإذا قدح ماء فشربت منه) فاسألوهم عن ذلك وشرب الماء للغير جائز لانه كان عند العرب كاللبن مما يباح لكل مجتاز من أبناء السبيل قالوا فاخبرنا عن عيرنا قال (مررت بها فى التنعيم) وهو محل قريب من مكة اى وانا راجع الى مكة فاخبرهم بعدد جمالها وأحوالها (وانها تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل أورق) وهو ما بياضه الى سواد (عليه غرارتان إحداهما سوداء والاخرى برقاء) اى فيها بياض وسواداى حوالق مخطط ببياض فابتدر القوم الثنية اى الجبل فقال قائل منهم هذه والله الشمس قد أشرفت فقال آخر هذه والله العير قد أقبلت يتقدمها جمل أورق كما قال محمد عليه الغرارتان فتاب المرتدون وأصر المشركون وقالوا انه ساحر وجاء فى بعض الروايات ان الشمس حبست له عليه السلام عن الطلوع حتى قدمت تلك العير وحبس الشمس وقوفها عن السير اى عن الحركة بالكلية وقيل بطؤ حركتها وقيل ردها الى ورائها فان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت أوردت لا ختلت الافلاك وفسد النظام قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات وقد وقع حبس الشمس لبعض الأنبياء كداود وسليمان ويوشع وموسى عليهم السلام واما عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له صلى الله عليه وسلم فى خيبر فعن اسماء بنت عميش رضى الله تعالى عنها قالت كان عليه السلام يوحى اليه ورأسه الشريفة فى حجر على
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان مكر حزگوش وتأخير از در رفتن(5/127)
رضى الله عنه ولم يسر عنه حتى غربت الشمس وعلى لم يصل العصر فقال له رسول الله (أصليت العصر) قال لا فقال عليه السلام (اللهم انه كان فى طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس) قالت اسماء فرأيتها طلعت بعد ما غربت وهو من أجل اعلام النبوة فليحفظ وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد كان يعظ بعد العصر ثم أخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس فظن وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار إليهم ان لا يتحركوا ثم أدار وجهه الى ناحية المغرب وقال لا تغربى يا شمس حتى ينتهى مدحى لآل المصطفى ولنجله ان كان للمولى وقوفك فليكن هذا الوقوف لولده ولنسله فطلعت الشمس فلا يحصى مارمى عليه من الحلي والثياب وهو من الاتفاقات الغريبة كما حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبة رؤيته من شدة الحزن وانشد يخاطب البدر شقيقك غيب فى لحده وتطلع يا بدر من بعده فهلا خسفت وكان الخسوف لباس الحداد على فقده فخسف القمر من ساعته فانظر الى صدق المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة مغناطيس القلوب: قال الكمال الخجندي
بچشم اهل نظركم بود ز پروانه ... دلى كه سوخته آتش محبت نيست
اللهم اجعلنا من اهل المحبة والوداد آمين وحين زالت الشمس من اليوم الذي يلى ليلة المعراج نزل جبريل وأم بالنبي عليه السلام ليعلمه اوقات الصلوات وهيئتها واعداد ركعاتها ثم صبح بأصحابه (الصلاة جامعة) لان الاقامة المعروفة للصلاة لم تشرع الا بالمدينة فاجتمعوا فصلى النبي عليه السلام بالناس فسميت تلك الصلاة صلاة الظهر لانها فعلت عند قيام الظهيرة اى شدة الحر او عند نهاية ارتفاع الشمس فصلاته عليه السلام بالناس كانت بعد صلاته مع جبريل وامه جبريل يومين يوما فى أول الوقت ويوما فى آخره وكان ذلك عند باب الكعبة مستقبلا لصخرة الله ثم التفت جبريل وقال يا محمد هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين وانما لم تقع البداءة بالصبح مع انها أول صلاة بعد ليلة الاسراء لان الإتيان بها يتوقف على بيان الإتيان بالكيفية اى على بيان علم كيفيتها المعلق عليه الوجوب كأنه قيل أوجبت حيث ما تبين كيفيته فى وقته والصبح لم تبين كيفيتها فى وقتها فلم تجب فان قيل قول جبريل هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك يقتضى ان هذه الصلوات كانت مشروعة لكل واحد من الأنبياء قبله وليس كذلك لانها من خصائص هذه الامة قلنا معناه ان وقتك هذا المحدود الطرفين مثل وقت الأنبياء قبلك فانه كان محدود الطرفين او ان بعضهم صلى الفجر وبعضهم ما يليها وهو لا ينافى كون المجموع على هذه الكيفية من خصائص هذه الامة- روى- ان أول من صلى الفجر آدم عليه السلام حين اهبط الى الأرض من الجنة واظلمت عليه الدنيا وجنّ الليل ولم يكن يرى قبل ذلك فخاف خوفا شديدا فلما انشق(5/128)
الفجر صلى ركعتين شكرا لله تعالى لحصول النجاة من ظلمة الليل ولرجوع النهار او لما تيب عليه كان ذلك عند الفجر فصلى ركعتين شكرا لحصول التوبة وزوال المخالفة وطلوع النور التوفيق وغروب ظلمة المخالفة. وأول من صلى بعد الزوال ابراهيم عليه السلام حين فدى ابنه عند الظهر صلى أربعا شكرا لذهاب غم الولد ولنزول الفداء ولرضى الله حين نودى قد صدقت الرؤيا ولصبر ولده على أذى الذبح ومشقته. وأول من صلى العصر يونس عليه السلام حين أنجاه من ظلمات اربع الزلة والليل والماء وبطن الحوت. وأول من صلى المغرب عيسى عليه السلام فالركعة الاولى لنفى الالوهية عن نفسه والثانية لنفيها عن والدته والثالثة لاثباتها لله تعالى وقيل غفر لداود عليه السلام عند الغروب فقام يصلى اربع ركعات فجهد اى تعب فجلس فى الثالثة اى سلم فيها فصارت المغرب ثلاثا. وأول من صلى العشاء موسى عليه السلام حين خرج من مدين وضل الطريق وكان فى غم المرأة وغم أخيه هارون وغم فرعون عدوه وغم أولاده فلما أنجاه الله من ذلك كله صلى أربعا. وأول من صلى الوتر نبينا عليه الصلاة والسلام قال فى تفسير التيسير أم رسول الله ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس
وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء انتهى قال فى التقدمة شرح المقدمة قيل لما قام الى الثالثة رأى والديه فى النار ففزع وانحل يداه ثم كبر وقنت واستغاث بالله من النار وأهلها وأتمها على ثلاث ركعات فصارت وترا قيل فرضت الصلوات الخمس فى المعراج ركعتين ركعتين حتى المغرب ثم زيد فى صلاة الحضر فاكملها أربعا فى الظهر اى فى غير يوم الجمعة وأربعا فى العصر وثلاثا فى المغرب وأربعا فى العشاء وأقرت صلاة الصبح على ركعتين فعن عائشة رضى الله عنها فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتان اى فى الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء فلما اقام رسول الله اى بعد شهر وقيل وعشرة ايام من الهجرة زيد فى صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر اى لم يزد عليها شىء لطول القراءة فيها وتركت صلاة المغرب فلم يزد عليها الا ركعة فصارت ثلاثا وقيل فرضت الخمس فى المعراج أربعا الا المغرب ففرضت ثلاثا والا الصبح ففرضت ركعتين ولا صلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت الأربع فى السفر اى فى السنة الرابعة من الهجرة وهو المناسب لقوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ قال بعضهم والحكمة فى جعل الصلاة فى اليوم والليلة خمسا ان الحواس لما كانت خمسا والمعاصي تقع بوساطتها كانت كذلك لتكون ماحية لما يقع فى اليوم والليلة من المعاصي اى بسبب تلك الحواس وقد أشار الى ذلك النبي عليه السلام بقوله (أرأيتم لو كان بباب أحدكم نهر يغتسل منه فى اليوم والليلة خمس مرات أكان ذلك يبقى من درنه شيأ) قالوا لا يا رسول الله قال (فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) وقال بعضهم جعلها خمس صلوات إظهارا لسر التضعيف قال تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فالخمس عشر مرات خمسون وهى العدد الذي فرض ليلة المعراج قبل التخفيف وقيل لان الكعبة بنيت من خمسة جبال طور سينا وطور زيتا والجودي(5/129)
وحرا وابو قبيس ولهذا السر جعل الطواف حول البيت الحرام بمنزلة الصلاة ولكن الصلاة أفضل من الطواف الا فى حق الحاج فانه مختص بالمحل الشريف والصلاة بخلافه وقيل جعلها خمسا شكرا للعناصر الاربعة وجمعيتها فى نشأة الإنسان وقد جعل الله الصلاة على اربعة اركان القيام والركوع والعقود والسجود لتكون شكرا لهذه العناصر الاربعة أو لأن الخلق اربعة اصناف قائم مثل الأشجار وراكع مثل الانعام وقاعد مثل الأحجار وساجد مثل الهوام فاراد ان يوافق الجميع فى أحوالهم فيشا كل كل واحد من الخلق وجعل الله فى أوضاع الصلاة جمعية العالم كلها وجعلت الصلاة مثنى وثلاث ورباع لتوافق اجنحة الملائكة فانها جعلت اجنحة للشخص بها يطير الى الله تعالى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره صلاة الصبح فى مقابلة الجسم والروح والأربع فى المراتب الأربع اى الطبيعة والنفس والقلب والروح وصلاة المغرب كانت لعيسى ولذلك صارت ثلاثا لانه ليس له حظ الطبيعة وقال حضرة شيخى وسندى قدس الله سره فى كتاب اللائحات البرقيات عند قوله تعالى وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ان الليل اشارة الى مرتبة اللاتعين وهى مرتبة الجلال الاطلاقى الذاتي الحقيقي الوجودي لكمال الإطلاق الذاتي الحقيقي الوجودي والنهار اشارة الى مرتبة التعين وهى مرتبة الجمال الاطلاقى الذاتي الحقيقي الوجودي لذلك الكمال المذكور نعته ثم صلاة الفجر من الصلوات الخمس المشتمل عليها الليل والنهار بركعتيها اشارة الى الاثنينية والتمايز بين المرتبتين المذكورتين والركعة الاولى اشارة الى مرتبة الجلال والركعة الثانية اشارة الى مرتبة الجمال واحدية مجموع الركعتين واجتماع الركعتين والتقاؤهما فى ذلك المجموع اشارة الى كمال واجتماع الجلال والجمال والتقائهما فى ذلك الكمال ثم صلاة المغرب منها عكس صلاة الفجر ليظهر فيها ما بطن فيها من الاحدية الجامعة والركعة الاولى اشارة الى الجلال والثانية الى الجمال والثالثة الى الكمال الجامع ومرتبة اللاتعين مرتبة القوة ومرتبة التعين مرتبة الفعل ولولا القوة لما تحقق الفعل والقوة إجمال والفعل تفصيل فلولا خزينة القوة لما ظهر كرم الفعل وجود الفضل ثم صلاة العشاء منها بركعاتها الأربع اشارة الى التعينات الاربعة الذاتية والاسمائية والصفاتية والافعالية فى
مرتبة اللاتعين والجلال بالقوة وصلاة الظهر منها بركعاتها الأربع اشارة الى تلك التعينات الاربعة فى مرتبة الجمال الإلهي بالفعل وصلاة العصر منها بركعاتها الأربع اشارة إليها فى مرتبة الجمال الكونى بالفعل ثم الفرائض اشارة الى الوجود الحقانى الإلهي المنبسط على الأكوان مطلقا والواجبات اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الاخصية والسنن اشارة الى الوجودات الخلقية الكونية الخاصية والمستحبات اشارة الى الوجودات الخلقية العامية ثم ساق حضرة الشيخ روح الله روحه فى ذلك الكتاب كلاما طويلا من طلبه وجده وسئل ابن عباس رضى الله عنهما هل تجد الصلوات الخمس فى كتاب الله تعالى فقال نعم وتلا قوله فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ وأراد بحين تمسون المغرب والعشاء وبحين تصبحون الفجر وبعشيا العصر وبحين(5/130)
وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)
تظهرون الظهر واطلاق التسبيح بمعنى الصلاة جاء فى قوله تعالى فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قال القرطبي اى من المصلين وفى الكشاف عن ابن عباس رضى الله عنهما كل تسبيح فى القرآن فهو صلاة والعمدة فى الصلاة الطهارة الباطنة وحضور القلب: وفى المثنوى
روى ناشسته نبيند روى خور ... لا صلاة كفت الا بالطهور
وهو بالفتح مصدر بمعنى التطهير ومنه (مفتاح الصلاة الطهور) واسم لما يتطهر به كما فى المغرب قال الحافظ
طهارت ار نه بخون جكر كند عاشق ... بقول مفتى عشقش درست نيست نماز «1»
وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اى التوراة جملة واحدة بعد ما اسريناه الى الطور وَجَعَلْناهُ اى ذلك الكتاب هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ هاديا لاولاد يعقوب يهتدون الى الحق والصواب بما فيه من الاحكام والخطاب أَلَّا تَتَّخِذُوا ان مفسرة لما يتضمنه الكتاب من الأمر والنهى بمعنى اى كما فى قوله كتبت اليه ان افعل كذا قال الكاشفى [وگفتيم مر ايشانرا كه آيا فرا ميگيريد] مِنْ دُونِي [بجز از من] وَكِيلًا [پروردگارى كه مهم خود بدو گذاريد] قوله من دونى بمعنى غيرى أحد مفعولى لا تتخذوا ومن مزيدة ذُرِّيَّةَ اى يا ذرية مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ فى السفينة او نصب على الاختصاص بتقدير اعنى يقال ذرأ خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس. والمراد تأكيد الحمل على التوحيد بتذكير انعامه عليهم فى ضمن إنجاء آبائهم من الغرق فى سفينة نوح قال فى الكواشي هذا منة على جميع الناس لانهم كلهم من ذرية من أنجى فى السفينة من الغرق. والمعنى كانوا مؤمنين فكونوا مثلهم واقتفوا بآثار آبائكم قال الكاشفى [مراد سامست كه ابراهيم عليه السلام جد بنى إسرائيل است از نسل او بود يعنى نعمت نجات از طوفان كه به پدر شما ارزانى داشتيم ياد كنيد وشكر گوييد] إِنَّهُ اى نوحا عليه السلام كانَ عَبْداً شَكُوراً كثير الشكر فى مجامع حالاته وكان إذا أكل قال الحمد لله الذي أطعمني ولوشاء اجاعنى وإذا شرب قال الحمد لله الذي سقانى ولوشاء أظمأني وإذا اكتسى قال الحمد لله الذي كسانى ولوشاء جردنى وإذا تغوط قال الحمد لله الذي اخرج عنى أذاه فى عافية ولوشاء حبسه- وروى- انه كان إذا أراد الإفطار عرض طعامه على من آمن به فان وجده محتاجا آثره به وفيه إيذان بان إنجاء من معه كان ببركة شكره عليه السلام وحث الذرية على الاقتداء به وزجر لهم عن الشرك الذي هو أعظم مراتب الكفران وفى التأويلات النجمية إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً اى كان نوح عبدا شكورا يرى الضراء نعمة منا كما يرى السراء نعمة منا فيشكرنا فى الحالتين جميعا فلما بالغ فى الشكر سمى شكورا فالله تعالى بالغ فى ازدياد النعمة جزاء لمبالغته فى الشكر حتى أنعم على ذرية من حملهم مع نوح وهم بنوا إسرائيل بايتاء التوراة الهادية الى التوحيد المنجية من الشرك وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ يقال قضى اليه أنهاه وأبلغه اى أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما وبينا فِي الْكِتابِ فى التوراة فان الانزال والوحى الى موسى إنزال ووحي إليهم لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ والله لتفسدن فى ارض الشام وبيت المقدس مَرَّتَيْنِ مصدر والعامل فيه من غير لفظه اى إفسادا بعد إفساد
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان مخصوص بودن يعقوب عليه السلام بچشيدن جام حق تعالى از روى يوسف عليه السلام(5/131)
إفسادتين. اولاهما مخالفة حكم التوراة وقتل شعيا وحبس ارميا حين انذرهم سخط الله وارميا بتشديد اليا. مع ضم الهمزة على رواية الزمخشري وبضم الهمزة وكسرها مخففا على رواية غيره وفى القاموس ارميا بالكسر نبى. والثانية قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ولتستكبرن عن طاعة الله تعالى [يعنى سركش خواهيد شد از طاعت من] والعلو العتو على الله والجراة قال الكاشفى [درين قصه اختلاف بسيارست وهر مفسرى نقلى كه بدو رسيده إيراد نموده وقول أصح وأشهر در مختار القصص وسير وغير آن از كتبى كه در اخبار أنبياء عليهم السلام نوشته اند چنانست كه چون سلطنت بنى إسرائيل در ولايت شام بصديقه رسيده از أولاد سلما واو مردى ضعيف حال واعرج بود ملوك أطراف طمع در ولايت ايليه بسته متوجه آن صوب شدند أول سنجاريب ملك موصل بيامد ومتعاقب او سلما پادشاه آذربايجان رسيد وهر دو تلاش شهر بيت المقدس نموده با يكديگر محاربه آغاز كردند آتش قتال ميان ايشان اشتعال پذيرفت ودرياى مبارزت از صرصر مخاصمت بموج درآمد
سپهداران سپهـ درهم فكندند ... صلاى مرگ در عالم فكندند
ز پيكان عالمى را ژاله بگرفت ... ز خون روى زمين را لاله بگرفت
عاقبت سطوت هيبت الهى ظهور نموده هر دو لشگر از يكديگر منهزم گشتند وغنايم ايشان بدست بنى إسرائيل افتاد ديگر باره پادشاه روم وملك صقاليه وسلطان أندلس هر يك با لشگر جرار كرار همه تيغ زن ونيزه گذار بر در بيت المقدس جمع شدند. و چون رتبه سلطنت شركت بر نتابد ايشان نيز آغاز نزاع كرده بلشكر آرايى ونبرد آزمايى قيام واهتمام نمودند
در افتادند همچون شير غران ... بكرز ونيزه وشمشير بران
بنى إسرائيل دعاى «اللهم اشتغل الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين غانمين» آغاز كردند ونكباى نكبت غبار ادبار بر ديده آن خاكساران پاشيد هزيمت را غنيمت دانسته دلها بر فرار قرار داده از يكديگر گريزان شدند
نه جاى قرار ونه جاى ستيز ... نهادند ناكام رو در گريز
اموال ايشان نيز به دست بنى اسرائيليان افتاد و چون غنيمت پنج لشكر عظيم در حوزه تصرف در آوردند بحكم إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى سر تجبر از گريبان عصيان برآورده ودست تغلب از آستين طغيان بيرون كرده حكم توراترا بر طرف نهادند هر چند ارميا پيغمبر ايشانرا پند داد وگفت از آنچهـ در تورات مقرر شده واين فساد أول است مكنيد وخود را در معرض سخط الهى مياريد نشنيدند حق سبحانه وتعالى بخت نصر مجوسى را كه كاتب سنجاريب بود وبعد از فوت او بحكم وصيت ملك بوى رسيد بر ايشان گماشت تا بيامد وبا ايشان حرب كرده غالب شد ومسجد را خراب كرد تورات را بسوخت وهفتاد هزار كسى را بنى إسرائيل بنده كرفت واين عقوبت أول بود بعد از آن كورش همدانى كه زنى از بنى إسرائيل خواسته بود از اين حال خبر يافت مال بسيار بر گرفت وسى هزار بنا وسائر عمله با خود آورد وسى سال بعمارت ولايت ايليه اشتغال(5/132)
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)
نمود تا بحال أول باز آمد وديگرباره بنى إسرائيل خوش وقت شدند واموال وأولاد ايشان روى باز وياد نهادند باز سوداى اين مخالفت از نهاد ايشان سر بر زد ويحيئ معصوم را بقتل رسانيدند وقصد هلاك عيسى عليه السلام كردند عقوبت دوم در رسيد وطرطوس رومى بر ايشان غلبه كرد ديگرباره مسجد خراب كرد واندوختهاى ايشانرا بغارت بردند] كما قال تعالى فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ أُولاهُما اى اولى كرتى إفساد اى حان وقت حلول العقاب الموعود بَعَثْنا عَلَيْكُمْ لمؤاخذتكم بجناياتكم عِباداً لَنا اكثر ما يقال عباد الله وعبيد الناس قال الكاشفى [اضافت خلق است نه اضافت مدح چهـ مراد بخت نصر است بقول أصلح] يقول الفقير المراد من الاضافة بيان كونهم مظاهر الاسم المذل المنتقم القهار كما يفيده مقام العظمة لا التشريف فان الكافر ليس من اهله أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ كقولهم ظل ظليل لان البأس يتضمن الشدة اى ذوى قوة وبطش فى الحروب [دمياطى گفت كه مهيب باشد آوازهاى ايشان چون رعد] وهم بخت نصر من مجوس بابل وهو بضم الباء أصله بوخت بمعنى ابن ونصر بفتح النون والصاد المشددة والراء المهملة اسم ضم وجد عنده بخت نصر ولم يعرف له اب ينسب اليه وقال بعضهم كان بخت نصر عاملا على العراق لملك الأقاليم فى ذلك الحين لهراست بن كى أجواد كان لهراست مشتغلا بقتال الترك فوجه بخت نصر الى بنى إسرائيل فى المرة الاولى فَجاسُوا من الجلوس وهو التردد خلال الدور والبيوت فى الغارة اى ترددوا لطلبكم بالفساد خِلالَ الدِّيارِ قال فى القاموس الخلل منفرج ما بين الشيئين ومن السحاب مخارج الماء كخلاله وخلال الدار ايضا ما حوالى جدرها وما بين بيوتها انتهى قالوا يجوز ان يكون مفردا بمعنى الوسط او جمع خلل بمعنى الاوساط مثل جبل وجبال. والديار جمع دار وهو المحل يجمع البناء والعرصة. والمعنى مشوا فى وسط المنازل او فى أوساطها للقتل والاسر والغارة فقتلوا علماءهم وكبارهم وحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين الفا وذلك من قبيل تولية بعض الظالمين بعضا مما جرت به السنة الالهية وَكانَ وعد عقابهم وَعْداً مَفْعُولًا وعدا لا بد ان يفعل ثُمَّ رَدَدْنا أعدنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ اى الدولة والغلبة على الذين فعلوا بكم ما فعلوا بعد مائة سنة حين تبتم ورجعتم من الإفساد والعلو تلخيصه بعد ظفرهم بكم اظفرناكم بهم. والكرة فى الأصل المرة وعليهم متعلق بها لانه يقال كر عليه اى عطف- حكى- ان كورش الهمذاني غزا اهل بابل فظهر عليهم وسكن الدار فتزوج امرأة من بنى إسرائيل فطلبت من زوجها ان يرد قومها الى ارضهم فردهم الى ارضهم بيت المقدس فالكرة هى قتل بخت نصر واستنقاذ بنى إسرائيل أساراهم ورجوع الملك إليهم فمكثوا فيها فرجعوا الى احسن ما كانوا عليه ثم عادوا فعصوا الثانية وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ يقال أمد الجيش إذا قواه وكثره عددا اى قويناكم باموال كثيرة بعد ما نهبت أموالكم وَبَنِينَ بعد ما سبيت أولادكم وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً عددا مما كنتم او من عدوكم وهو من ينفر مع الرجل من قومه إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها اى احسان الأعمال واساءتها كلاهما مختص بكم لا يتعدى(5/133)
عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)
ثوابها ووبالها الى غيركم فاللام على أصلها وهو الاختصاص قال سعدى المفتى الاولى ان تكون للاستحقاق كما فى قوله لهم عذاب فى الدنيا قال فى تفسير النيسابورى قال اهل الاشارة انه أعاد الإحسان ولم يذكر الاساءة إلا مرة ففيه دليل على ان جانب الرحمة أغلب ويجوز ان يترك تكريره استهجانا فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ الْآخِرَةِ اى حان وقت ما وعد من عقوبة المرة الآخرة من الافسادين [دويست ودو سال] لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ يقال ساءه مساءة فعل به ما يكره وهو متعلق بفعل حذف لدلالة ما سبق عليه أي بعثناهم ليجعلوا آثار المساءة والكآبة بادية فى وجوهكم فاريد بالوجوه الحقيقية وآثار الاعراض النفسانية فى القلب تظهر فى الوجه وفى الكواشي وخصت الوجوه بالمساءة والمراد أهلها لان أول ما يظهر من الحزن عليها وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ الأقصى ويخربوه كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وخربوه وَلِيُتَبِّرُوا اى ليهلكوا ما عَلَوْا كل شىء علبوه واستولوا عليه او بمعنى مدة علوهم تَتْبِيراً إهلاكا فظيعا لا يوصف والمراد بهم طرطوس الرومي وجنوده كما سبق وقال بعضهم سلط الله عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه هردوس قال لواحد من عظماء جنوده كنت حلفت بإلهي إذا ظفرت باهل بيت المقدس لاقتلنهم حتى يسيل دماؤهم وسط عسكرى فامره ان يقتلهم فدخل بيت المقدس فقام فى البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلى فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقتمونى فقتل على ذلك الدم سبعين الفا من رؤسائهم وغلمانهم وأزواجهم فلم يهدأ الدم ثم قال ان لم تصدقونى ما تركت منكم أحدا فقالوا انه دم نبى كان ينهانا ويخبرنا بأمركم فلم تصدقه فقتلناه فهذا دمه فقال ما كان اسمه قالوا يحيى بن زكريا قال الآن صدقتمونى لمثل هذا ينتقم ربكم منكم وكان قتل يحيى ملك من بنى إسرائيل يقال له لا خت حمله على قتله امرأة اسمها اربيل وكانت قتلت سبعة من الأنبياء وقتل يحيى كان بعد رفع عيسى فلما رأى انهم صدقوا خر ساجدا ثم قال يا يحيى قد علم ربى وربك ما أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم فاهدأ بإذن الله قبل ان لا أبقى أحدا منهم فهدأ فرفع عنهم القتل وقال آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل وأيقنت انه لا رب غيره وقال لبنى إسرائيل ان هر دوس أمرني ان اقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره ولست أستطيع ان أعصيه قالوا افعل ما أمرت فامرهم ان يحفروا خندقا ويذبحوا دوابهم حتى سال الدم فى العسكر فلما رأى هر دوس ذلك أرسل اليه ان ارفع عنهم القتل فسلب عنهم الملك والرياسة وضرب عليهم الذلة والمسكنة ثم انصرف الى بابل وهى الواقعة الاخيرة النازلة على بنى إسرائيل وبقي بيت المقدس خرابا الى عهد خلافة عمر رضى الله عنه فعمره المسلمون بامره قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى در تورات بعد از وعده اين دو عقوبت با ايشان گفته بود] عَسى رَبُّكُمْ [شايد كه پروردگار شما يا بنى إسرائيل] أَنْ يَرْحَمَكُمْ [آنكه رحمت كند بر شما وباز شما را منعم] اى بعد المرة الثانية ان تبتم توبة اخرى وانزجرتم عن المعاصي فتابوا فرحمهم وَإِنْ عُدْتُمْ مرة ثالثة الى المعاصي قال سعدى المفتى الاولى كما فى الكشاف مرة ثانية إذ العود مرتان والاول بدء لا عود الا(5/134)
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)
ان يقال أول المرات كونهم تحت أيدي القبط عُدْنا الى عقوبتكم ولقد عادوا فاعاد الله عليهم النقمة بان سلط عليهم الاكاسرة ففعلوا بهم ما فعلوا من ضرب الاناوة ونحو ذلك او عادوا بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وقصد قتله فعاد الله بتسليطه عليهم فقتل قريظة واجلى بنى النضير وقدر الجزية على الباقين فهم يعطونها عن يدوهم صاغرون وهم فى عذاب من المؤمنين الى يوم القيامة وفى التأويلات النجمية وَإِنْ عُدْتُمْ الى الجهل عُدْنا الى العدل بل الى الفضل: وفى المثنوى
چونكه بد كردى بترس ايمن مباش ... زانكه تخمست وبروياند خداش
چند كاهى او بپوشاند كه تا ... آيد آخر زان پشيمان تو را «1»
بارها پوشد پى اظهار فضل ... باز كيرد از پى اظهار عدل
تا كه اين هر دو صفت ظاهر شود ... آن مبشر كردد اين منذر شود
وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً اى محبسا ومقرا يحصرون فيه لا يستطيعون الخروج منها ابد الآباد فهو فعيل بمعنى فاعل اى حاصرة لهم ومحيطة بهم وتذكيره اما لكونه بمعنى النسبة كلابن وتامر او لحمله على فعيل بمعنى مفعول او بالنظر الى لفظ جهنم إذ ليس فيه علامة التأنيث وعن الحسن حصيرا اى بساطا كما يبسط الحصير المرمول والحصير المنسوج وانما سمى الحصير لانه حصرت طاقاته بعضها فوق بعض واعلم ان جهنم عصمنى الله وإياك منها من أعظم المخلوقات وهى سجن الله فى الآخرة يسجن فيه المعطلة اى نفاة الصانع والمشركون والكافرون والمنافقون واهل الكبائر من المؤمنين ثم يخرج بالشفاعة وبالامتنان الإلهي من جاء النص الإلهي فيه وأوجدها الله تعالى بطالع الثور ولذلك خلقها الله تعالى فى صورة الجاموس وجميع ما يخلق فيها من الآلام التي يجدها الداخلون فيها فمن صفة الغضب الإلهي ولا يكون ذلك عند دخول الخلق فيها من الجن والانس متى دخولها واما إذا لم يكن فيها أحد من أهلها فلا ألم فيها فى نفسها ولا فى نفس ملائكتها بل هى ومن فيها من زبانيتها فى رحمة الله لمنغمسون ملتذون يسبحون الله لا يفترون فعلى العاقل ان يتباعد عن الأسباب المقربة الى النار ويستعيذ بالله من حرها وبردها آناء الليل وأطراف النهار ويرجو رحمة الله تعالى وهى فى التسليم والتلقي من النبوة والوقوف عند الكتاب والسنة عصمنا الله وإياكم من المخالفة والعصيان وشرفنا بالموافقة والطاعة كل حين وآن وجعلنا من المخلصين فى بابه المقبلين على جنابه المحترزين عن عذابه وعقابه إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ الذي آتيناك يا محمد يَهْدِي الناس كافة لا فرقة مخصوصة منهم كدأب الكتاب الذي آتيناه موسى لِلَّتِي للطريقة التي هِيَ أَقْوَمُ اى أقوم الطرائق وأسدها وأصوبها اعنى ملة الإسلام والتوحيد والمراد بهدايته لها كونه بحيث يهتدى إليها من يتمسك به لا تحصيل الاهتداء بالفعل فانه مخصوص بالمؤمنين وَيُبَشِّرُ [مژده ميدهيد] الْمُؤْمِنِينَ بما فى تضاعيفه من الاحكام والشرائع الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ التي شرحت فيه أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم بمقابلة تلك الأعمال أَجْراً كَبِيراً بحسب الذات وبحسب التضعيف عشر مرات فصاعدا قال الكاشفى [مزدى بزرگ يعنى بهشت]
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آنكه حق تعالى بنده را بگناه أول رسوا نكند(5/135)
وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)
وذلك لانه يستصغر عند الجنة ونعيمها الدنيا وما فيها وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وأحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء أَعْتَدْنا لَهُمْ [آماده كرديم براى ايشان] اى فيما كفروا به وأنكروا وجوده من الآخرة عَذاباً أَلِيماً وهو عذاب جهنم والجملة معطوفة على جملة يبشر بإضمار يخبر ويجوز ان يكون معطوفا على ان لهم اجرا كبيرا فالمعنى انه يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم فان المرء يستبشر ببلية عدوه
يا وصال يار يا مرك عدو ... بازي چرخ زين دو يك كارى كند
واعلم ان القرآن مظهر الاسم الهادي وهو كتاب الله الصامت والنبي عليه السلام كتاب الله الناطق وكذا ورثته الكمل بعده وان الدلالة والإرشاد انما تنفع المؤمنين العاملين بما فيه وهو لم يترك شيأ من امور الدين والدنيا الا وتكفل ببيانه اما اجمالا او تفصيلا. قال ابن مسعود رضى الله عنه إذا أردتم العلم فآثروا القرآن فان فيه علم الأولين والآخرين- روى- انه تفكر بعض العارفين فى انه هل فى القرآن شىء يقوى قوله عليه السلام (يخرج روح المؤمن من جسده كما يخرج الشعر من العجين) فختم القرآن بالتدبر فما وجده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فى منامه وقال يا رسول الله قال الله تعالى وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فما وجدت معنى هذا الحديث فى كتاب الله تعالى فقال عليه السلام (اطلبه فى سورة يوسف) فلما انتبه من نومه قرأها فوجده وهو قوله فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ اى لما رأين جمال يوسف عليه السلام اشتغلن به وما وجدن ألم القطع وكذلك المؤمن إذا رأى ملائكة الرحمة ورأى انعامه فى الجنة وما فيها من النعيم والحور والقصور اشتغل قلبه بها ولا يجد ألم الموت وانفهم من الحكاية ان القارئ ينبغى ان يقرأ القرآن بتدبر تام حتى يصل الى كل مرام وقد نهى النبي عليه السلام ان يختم القرآن فى اقل من ثلاث وقال (لم يفقه) اى لم يكن فقيها فى الدين (من قرأ القرآن فى اقل من ثلاث) يعنى لا يقدر الرجل ان يتفكر ويتدبر فى معنى القرآن فى ليلة او ليلتين لانه يقرأ على العجلة حينئذ بل ينبغى ان يقرأ القرآن فى ثلاث ليال او اكثر حتى يقرأ عن طيب نفس ونشاطها ويتفرغ لتدبر معناه ولذا اختار بعضهم الختم فى كل جمعة وبعضهم فى كل شهر وبعضهم فى كل سنة بحسب درجات التدبر والتفتيش ويغتنم الحضور الدعاء عند ختم القرآن فانه يستجاب وفى الحديث (من شهد خاتمه القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا فى سبيل الله) ففى الافتتاح عند الاختتام إحراز لهاتين الفضيلتين وإذلال للشيطان قال فى شرح الجزري ينبغى ان يلح فى الدعاء وان يدعو بالأمور المهمة والكلمات الجامعة وان يكون معظم ذلك او كله فى امور الآخرة وامور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة أمورهم فى توفيقهم للطاعات وعصمتهم من المخالفات وتعاوتهم على البر والتقوى وقيامهم بالحق عليه وظهورهم على اعداء الدين وسائر المخالفين ومما يقول النبي عليه السلام عند ختم القرآن (اللهم ارحمني بالقرآن العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين) وكان ابو القاسم(5/136)
وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)
الشاطبي رحمه الله يدعو بهذا الدعاء عند ختم القرآن «اللهم انا عبيدك وأبناء عبيدك وأبناء إمائك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك او علمته أحدا من خلقك او أنزلته فى شىء من كتابك او استأثرت به فى علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء احزاننا وهمومنا وسائقنا وقائدنا إليك والى جناتك جنات النعيم ودارك دار السلام مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا ارحم الراحمين» قال فى القنية لا بأس باجتماعهم على قراءة الإخلاص جهرا عند ختم القرآن ولو قرأ واحد واستمع الباقون فهو اولى انتهى وجه الاولوية ان الغرض الأهم من القراءة انما هو تصحيح مبانيها لظهور معانيها ليعمل بما فيها وفى القراءة بصوت واحد يتشوش الخواطر مع ان بعض القارئين بالجمعية يأتى ببعض الكلمة والآخر ببعضها ويقع حذف الحرف والزيادة وتحريك الساكن وتسكين المحرك ومد القصر وقصر المد مراعاة للاصوات فيأثمون
عشقت رسد بفرياد گر خود بسان حافظ ... قرآن ز بر بخوانى در چارده روايت
نسأل الله تعالى ان يوصلنا الى حقائق القرآن وأسراره ويطلعنا على الحكم والمصالح فى قصصه واخباره ويجعلنا من اهل التحقيق انه ولى التوفيق وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ ويدعو الله عند غضبه بالشر واللعن والهلاك على نفسه واهله وخدمه وماله. والمراد بالإنسان الجنس أسند اليه حال بعض افراده او حكى عنه حاله فى بعض احيانه وحذفت واو يدع ويمح وسندع لفظا كياء سوف يؤت الله ويناد المناد وما تغن النذر وصلا لاجتماع الساكنين ووقفا وهى مرادة معنى حملا للوقف على الوصل ولو وقف عليها اضطرار الوقف بلا واو فى ثلاثتها اتباعا للامام كما فى الكواشي دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ مثل دعائه لهم بالخير والرزق والعافية والرحمة ويستجاب له فلو استجيب له إذا دعاء باللعن كما يجاب له بالخير لهلك او يدعوه بما يحسبه خيرا وهو شر فى نفسه فينبغى ان يدعو بما هو خير عند الله تعالى لا بما يشتهيه وَكانَ الْإِنْسانُ بحسب جبلته عَجُولًا يسارع الى طلب ما يخطر بباله ولا ينظر عاقبته ولا يتأنى الى ان يزول عنه ما يعتريه قال الكاشفى [تعجيل دارد در انقلاب از حالى بحالي نه در سرا تحمل دارد ونه در ضرا نه در گرما شكيباست ونه در سرما] واعلم ان الدعاء اما بلسان الحقيقة واما باعتبار السيئة المفضية الى الشر الموجبة له فالانسان عجول قولا وفعلا يتمادى فى الأعمال الموجبة للشر والعذاب وفى الحديث (المؤمن وقاف والمنافق وثاب) قال آدم عليه السلام لأولاده كل عمل تريدون ان تعملوا فقفوا له ساعة فانى لو وقفت ساعة لم يكن أصابني ما أصابني قال أعرابي إياكم والعجلة ان العرب تكنيها أم الندامات: وفى المثنوى
پيش سگ چون لقمه نان افكنى ... بو كند وآنگه خورد اى مقتنى «1»
او ببينى بو كند ما با خرد ... هم ببوئيمش بعقل منتقد
قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة مواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان حيله دفع مغبون شدن در بيع وشرى(5/137)
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)
التوبة إذا أذنب ثم شرع فى بيان بعض الهداية التكوينية التي اخبر بها القرآن الهادي فقال وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ قدم الليل لان فيه تظهر غرر الشهور اى جعلنا هما بسبب تعاقبهما واختلافهما فى الطول والقصر آيَتَيْنِ دالتين على وجود الصانع القدير ووحدته إذ لا بد لكل متغير من متغير وانما قال وجعلنا الليل والنهار آيتين وقال فى موضع آخر وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً لان الليل والنهار ضدان بخلاف عيسى ومريم وقيل لان عيسى ومريم كانا فى وقت واحد والشمس والقمر آيتان لانهما فى وقتين ولا سبيل الى رؤيتهما معا فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ الفاء تفسيرية والاضافة بيانية كما فى اضافة العدد الى المعدود اى فمحونا الآية التي هى الليل. والمحو فى الأصل ازالة الشيء الثابت والمراد هنا إبداعها ممحوة الضوء مطموسة كما فى قولهم سبحانه من صغر البعوض وكبر الفيل اى انشأهما كذلك بقرينة ان محو الليل فى مقابلة جعل النهار مضيئا وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ اى الآية التي هى النهار مُبْصِرَةً مضيئة تبصر فيها الأشياء وصفها بحال أهلها ويجوز ان تكون الاضافة فى المحلين حقيقية فالمراد بآية الليل والنهار والقمر والشمس- روى- ان الله تعالى خلق كلا من نور القمر والشمس سبعين جزأ ثم امر جبرئيل فمسح بجناحه ثلاث مرات فمحا من القمر تسعة وستين جزأ فحولها الى الشمس ليتميز الليل من النهار إذ كان فى الزمن الاول لا يعرف الليل والنهار فالسواد الذي فى القمر اثر المحو وهذا السواد فى القمر بمنزلة الحال على الوجه الجميل ولما كان زمان الدولة العربية الاحمدية قمريا ظهر عليه اثر السيادة على النجوم وهو السواد لانه سيد الألوان كما ظهر على الحجر المكرم الذي خرج ابيض من الجنة اثر السيادة بمبايعة الأنبياء والأولياء عليهم السلام وجعل الله شهورنا قمرية لا شمسية تنبيها من الله للعارفين ان آياتهم ممحوّة من ظواهرهم مصروفة الى بواطنهم فاختصوا من بين جميع الأمم الماضية بالتجليات الخاصة وقيل فيهم كتب فى قلوبهم الايمان مقابلة قوله فانسلخ منها قال تعالى لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ اى فى علو المرتبة والشرف قال حضرت شيخ وسندى قدس سره فى كتاب البرقيات بعد تفصيل بديع ثم لآية الليل مرتبة الفرعية والتبعية ولآية النهار مرتبة الاصلية والاستقلالية لان نور القمر مستفاد من نور الشمس ثم سر محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة هو نفى الاستواء واثبات الامتياز حتى يتعين حد المستفيد وطوره بان يكون انزل بحسب الضعف والنقصان وحد المفيد وطوره بان يكون ارفع بحسب القوة والكمال ويرتبط كل منهما بالآخر من غير تعد وتجاوز عن حده وطوره بل عرف كل قدره ولزوم مقامه حتى يطرد النظام والانتظام ويستمر القيام والدوام من غير خلل واختلال ثم هذا السر اشارة الى سرأن لمظاهر الجلال مرتبة التبعية والفرعية ولمظاهر الجمال مرتبة الاستقلالية والاصلية لان الامداد الواصل الى مظاهر الجلال لقيامهم ودوامهم وبقائهم مستقاد من مظاهر الجمال ولذا قيل لولا الصلحاء لهلك الطلحاء وحكمة محو أفكار مظاهر الجلال عن الاصابة الى الاخطاء وجعل أفكار مظاهر الجمال مبصرة مصيبة هو نفى المساواة واثبات المباينة بينهما حتى يتحقق رتبة الأصل(5/138)
بالقوة والغلبة والعزة ورتبة الفرع بالضعف والعجز والذلة ويقوم النظام ويدوم الانتظام من غير ان يظهر التجاوز والتعدي من طرف مرتبة التبعية الى رتبة الاستقلالية عند المقابلة والمقاومة بل يطرد الارتفاع والاعتلاء والاستيلاء على الوجه الأوفق والحد الاحق فى طرف الاصالة ويستمر الأمر فى نفسه الى ما شاء الله خالق البرية ثم مرتبة القمر اشارة فى المراتب الالهية الى مرتبة الربوبية ومرتبة الشمس الى مرتبة الالوهية وفى المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الكرسي واللوح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة العرش والقلم وفى مراتب الكونية الانفسية مرتبة القمر اشارة الى مرتبة الروح ومرتبة الشمس اشارة الى مرتبة السر وغير ذلك من الإشارات القرآنية لِتَبْتَغُوا متعلق بقوله وجعلنا آية النهار اى لتطلبوا لانفسكم فى بياض النهار فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ اى رزقا وسماه فضلا لان إعطاء الرزق لا يجب على الله وانما يفيضه بحكم الربوبية وفى التعبير عن الكسب بالابتغاء دلالة على ان ليس للعبد
فى تحصيل الرزق تأثير سوى الطلب وَلِتَعْلَمُوا متعلق بكلا الفعلين اى لتعلموا باختلاف الجديدين او ميزهما ذاتا من حيث الاظلام والاضاءة مع تعاقبهما وسائر أحوالهما عَدَدَ السِّنِينَ التي يتعلق بها غرض علمى لاقامة مصالحكم الدينية والدنيوية وَالْحِسابَ اى الحساب المتعلق بما فى ضمنها من الأوقات اى الأشهر والليالى والأيام وغير ذلك ممانيط به شىء من المصالح المذكورة ولولا ذلك لما علم أحد حسبان الأوقات ولتعطلت امور كثيرة. والحساب إحصاء ما له كمية منفصلة بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة فيها حد معين منه له اسم خاص وحكم مستقل والعد احصاؤه بمجرد تكرير أمثاله من غير ان يتحصل منه شىء كذلك فالسنة تحصل بعدة شهور والشهر بعدة ايام واليوم بعدة ساعات. والسنين جمع سنة وهى شمسية وقمرية فالسنة الشمسية مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ومدتها ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم قالوا ان اقرأ لعنين انه لم يصل اجله الحاكم سنة قمرية فى الصحيح وبحسب فدية الصلاة بالسنة الشمسية أخذا بالاحتياط من غير اعتبار ربع اليوم ففدية كل فرض من الحنطة خمسمائة درهم وعشرون درهما وللوتر كذلك فيكون فدية كل صلاة يوم وليلة من الحنطة ثلاثة آلاف درهم ومائة وعشرين درهما وفدية كل سنة شمسية مائة واثنان وأربعون كيلا بكيل القسطنطينية وسبع اوقية ويكون قيمة هذا المقدار من الخطة محسوبة بالحساب الجاري بين الناس فى كل عهد وزمان وَكُلَّ شَيْءٍ تفتقرون اليه فى المعاش والمعاد وهو منصوب بفعل يفسره قوله تعالى فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا اى بيناه فى القرآن بيانا بليغا لا التباس معه فازحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا فليتبع العاقل ما أدركه اى لحقه علمه وليفوض ما جهله منه الى العلم وفيه اشارة الى ان العالم إذا تدبر فى القرآن وقف على جميع المهمات وكان الصحابة رضى الله عنهم يكرهون ان يمضى يوم ولم ينظروا فى مصحف لان النظر اليه عبادة وفيه ايضا وقوف على المرام فان التدبر يؤدى الى ظهور خفايا الكلام- حكى-(5/139)
وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)
ان الامام محمد بن الحسن صاحب ابى حنيفة دخل على ابى حنيفة لتعلم الفقه قال استظهرت القرآن يا بنى قال لا قال استظهر اوّلا فغاب سبعة ايام ثم رجع الى ابى حنيفة فقال ألم اقل لك استظهر قال استظهرت قال الشافعي رضى الله عنه بت عنده ليلة فصيلت الى الصبح واضطجع هو الى الصبح فاستنكرت ذلك منه فقام وصلى ركعتى الفجر من غير توضى فقلت له فى ذلك فقال أظننت انى نمت كلا استخرجت من كتاب الله نيفا والف مسألة فانت عملت لنفسك وانا عملت للامة او انما اضطجعت لان صفاء خاطرى فى تلك الحالة. وهذه الصورة سرّ ما قال حضرت الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر سبب اضطجاع الأنبياء على ظهورهم عند نزول الوحى إليهم ان الوارد الإلهي الذي هو صفة القيومية إذا جاءهم اشتغل روح الإنسان عن تدبيره فلم يبق للجسم من يحفظ عليه قيامه ولا قعوده فرجع الى أصله وهو لصوقه بالأرض ثم ان فى القرآن تفصيلا لأهل العبارة واهل الاشارة: وفى المثنوى
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند غير طين «1»
ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
وَكُلَّ إِنسانٍ مكلف مؤمنا كان او كافرا ذكرا او أنثى عالما او اميا سلطانا او رعية حرا او عبدا أَلْزَمْناهُ الإلزام [لازم كردن] طائِرَهُ اى عمله الصادر عنه باختياره حسبما قدر له كانه طار اليه من عش الغيب ووكر القدر فِي عُنُقِهِ تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط اى ألزمناه عمله بحيث لا يفارقه ابدا بل يلزمه لزوم القلادة والغل للعنق لا ينفك عنه بحال
كه هر نيك وبدى كان از من آيد ... مرا ناكام غل در كردن آيد
قال فى الاسئلة المقحمة كيف خص العنق بإلزامه الطائر الجواب لان العنق موضع السمات والقلائد مما يزين او يشين فينسبون الأشياء اللازمة الى الأعناق يقال هذا فى عنقى وفى عنقك انتهى وفى حياة الحيوان انهم قالوا تقلدها طوق الحمامة الهاء كناية عن الخصلة القبيحة اى تقلد طوق الحمامة لانه لا يزايلها ولا يفارقها كما لا يفارق الطوق الحمامة ومثل قوله تعالى وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ان عمله لازم له لزوم القلادة والغل لا ينفك عنه انتهى قال فى التأويلات النجمية يشير الى ما طار لكل انسان فى الأزل وقدر بالحكمة الازلية والارادة القديمة من السعادة والشقاوة وما يجرى عليه من الاحكام المقدرة والأحوال التي جرى بها القلم من الخلق والخلق والرزق والاجل ومن صغائر الأعمال وكبائرها المكتوبة له وهو بعد فى العدم وطائره ينتظر وجوده فلما اخرج كل انسان رأسه من العدم الى الوجود وقع طائره فى عنقه ملازما له فى حياته ومماته حتى يخرج من قبره يوم القيامة وهو فى عنقه وهو قوله وَنُخْرِجُ لَهُ اى لكل انسان يَوْمَ الْقِيامَةِ والبعث للحساب كِتاباً مسطورا فيه عمله نقيرا وقطميرا وهو مفعول نخرج يَلْقاهُ الإنسان اى يجده ويراه مَنْشُوراً مفتوحا بعد ما كان مطويا صفتان لكتابا او الاول صفة والثاني حال قال الحسن بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان فهما عن يمينك وعن شمالك. فاما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك. واما الذي عن شمالك فيحفظ سيأتك حتى
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا إلخ(5/140)
اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)
إذا مت طويت صحيفتك وجعلت معك فى قبرك حتى تخرج لك يوم القيامة. يعنى [چون آدمي در سكرات افتد نامه عمل او در پيچند و چون مبعوث كردند باز گشاده بدست وى دهند] اقْرَأْ كِتابَكَ على ارادة القول اى يقال اقرأ كتابك عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً اى كفى نفسك والباء زائدة واليوم ظرف لكفى وحسيبا تمييز وعلى صلته لانه بمعنى الحاسب وتذكيره مبنى على تأويل النفس بالشخص. يعنى [خود به بين كه چهـ كرده ومستحق چهـ نوع پاداشتى] وفوض تعالى حساب العبد اليه لئلا ينسب الى الظلم ولتجب الحجة عليه باعترافه قال الحسن أنصف من أنصفك أنصف من جعلك حسيب نفسك [عمر رضى الله عنه گفته كه حاسبوا قبل ان تحاسبوا امروز دفتر اعمال خود در پيش نه ودر نگر كه از نيك وبد چهـ كرده و چون فرصت دارى در تدارك احوال خود كوش كه فردا مجال تلافى نخواهد بود. در كشف الاسرار آورده كه پدرى پسر خويش را گفت امروز هر چهـ با مردم گويى وهر چهـ از ايشان شنوى وهر عملى كه كنى با من بگوى وحركات وسكنات خويش بر من عرض كن آن پسر تا نماز شام تمام كردار يكروزه را باز گفت پدر روزى ديگر از پسر همين حال درخواست پسر گفت اى پدر زينهار هر چهـ خواهى از رنج وكلفت بكشم اين صورت بگذار كه طاقت ندارم پدر گفت من ترا در اين كار مى بندم تا بيدار وهشيار باشى واز موقف حساب غافل نشوى كه ترا طاقت يكروزه حساب دادن با پدر نيست حساب همه عمر با حق تعالى چون خواهى داد]
تو نمى دانى حساب روز وشام ... پس حساب عمر چون گويى تمام
زين عملهاى نه بر نهج صواب ... نيست جز شرمندگى وقت حساب
مَنِ اهْتَدى [هر كه راه يابد وبراه راست رود] اى بهداية القرآن وعمل بما فى تضاعيفه من الاحكام وانتهى عما نهاه فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ فانما تعود منفعة اهتدائه الى نفسه لا تتخطاه الى غيره ممن لم يهتد وَمَنْ ضَلَّ عن الطريقة التي يهديه إليها فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها فانما وبال إضلاله عليها لا على من عداه ممن لم يباشره حتى يمكن مفارقة العمل من صاحبه وقال البيضاوي لا ينجى اهتداؤه غيره ولا يردى ضلاله سواه اى فى الآخرة والا ففى حكم الدنيا يتعدى نفع الاهتداء وضرر الضلال الى الغير كما فى حواشى سعدى المفتى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى قال فى القاموس الوزر بالكسر الإثم والثقل والحمل الثقيل انتهى اى لا تحمل نفس حاملة للوزر اى الإثم وزر نفس اخرى حتى يمكن تخلص النفس الثانية من وزرها ويختل ما بين العامل وعمله من التلازم بل انما تحمل كل منهما وزرها فلا يؤاخذ أحد بذنب غيره وهذا تحقيق لمعنى قوله تعالى وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ واما ما يدل عليه قوله تعالى مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وقوله تعالى لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ من حمل الغير وزر الغير وانتفاعه بحسنته وتضرره(5/141)
بسيئته فهو فى الحقيقة انتفاع بحسنة نفسه وتضرر بسيئته فان جزاء الحسنة والسيئة اللتين يعملهما العامل لازم له وانما الذي يصل الى من يشفع جزاء شفاعته لا جزاء اصل الحسنة والسيئة وكذلك جزاء الضلال مقصور على الضالين وما يحمله المضلون انما هو جزاء الإضلال لا جزاء الضلال وقوله وَلا تَزِرُ إلخ تأكيد للجملة الثانية وانما خص بها قطعا للاطماع الفارغة حيث كانوا يزعمون انهم لم يكونوا على الحق فالتبعة على أسلافهم الذين قلدوهم والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة ويتفرع عليه من العقوبة وقال الكاشفى [وليد بن مغيره كافرانرا ميگفت متابعت من كنيد ومن گناهان شما را بردارم حق سبحانه وتعالى ميفرمايد كه هر نفسى بار خود خواهد برداشت نه بار ديگرى] هذا وقد قال بعضهم المراد بالكتاب نفسه المنتقشة بآثار اعماله فان كل عمل يصدر من الإنسان خيرا او شرا يحدث منه فى جوهر روحه اثر مخصوص الا ان ذلك الأثر يخفى مادام الروح متعلقا بالبدن مشتغلا بواردات الحواس والقوى فاذا انقطعت علاقته عن البدن قامت قيامته لان النفس كانت ساكنة مستقرة فى الجسد وعند ذلك قامت وتوجهت نحو الصعود الى العالم العلوي فيزول الغطاء وينكشف الأحوال ويظهر على لوح النفس نقش كل شىء عمله فى مدة عمره وهذا معنى الكتابة والقراءة بحسب العقل وانه لا ينافى ما ورد فى النقل بل يؤيد هذا المعنى ما روى عن قتادة يقرأ ذلك اليوم من لم يكن فى الدنيا قارئا ثم المراد بالقيامة على هذا التفصيل هى القيامة الصغرى لكن هذا الكلام أشبه بقواعد الفلسفة كما فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير لا يخفى ان الآخرة جامعة للصورة والمعنى فللانسان صحيفتان صحيفة عمله التي هى الكتاب وصحيفة نفسه فكل منهما ناطق عن عمله وحاله كما قال فى التأويلات النجمية يجوز ان يكون هذا الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها نسخة نسخها الكرام الكاتبون بقلم اعماله فى صحيفة أنفاسه من الكتاب الطائر الذي فى عنقه ولهذا يقال له اقْرَأْ كِتابَكَ اى كتابتك التي كتبتها كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً فان نفسك مرقومة بقلم أعمالك اما بر قوم السعادة او بر قوم الشقاوة من اهتدى الى الأعمال الصالحة فانما يهتدى لنفسه فيرقمها بر قوم السعادة ومن ضل عنها بالأعمال الفاسدة فانما يضل عليها فيرقمها بر قوم الشقاوة وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى اى لا يرقم راقم بقلم أوزاره نفس غيره وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ اى وما صح وما استقام منا بل استحال فى عادتنا المبنية على الحكم البالغة ان نعذب أحدا من اهل الضلال والأوزار اكتفاء بقضية العقل حَتَّى نَبْعَثَ إليهم رَسُولًا يهديهم الى الحق ويردعهم عن الضلال ويقيم الحجج ويمهد الشرائع قطعا للمعذرة وإلزاما للحجة وفيه دلالة على ان البعثة واجبة لا بمعنى الوجوب على الله بل بمعنى ان قضية الحكمة تقتضى ذلك لما فيه من المصالح والحكم
والمراد بالعذاب المنفي هو العذاب الدنيوي وهو من مقدمات العذاب الأخروي فجوزوا على الكفر والمعاندة بالعذاب فى الدارين وما بينهما ايضا وهو البرزخ والبعث غاية لعدم صحة وقوعه فى وقته المقدر له لا لعدم وقوعه مطلقا كيف لا والأخروي لا يمكن وقوعه عقيب البعث والدنيوي ايضا لا يحصل الا بعد تحقق ما يوجبه من الفسق(5/142)
وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)
والعصيان وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً
اى وإذا دنا وقت تعلق ارادتنا باهلاك. قرية بان تعذب أهلها أَمَرْنا
بالطاعة على لسان الرسول المبعوث الى أهلها مُتْرَفِيها
متنعميها وكبارها وملوكها. والمترف كمكرم من أبطرته النعمة وسعة العيش والترفة بالضم النعمة والطعام الطيب وخصهم بالذكر مع توجه الأمر الى الكل لانهم الأصول فى الخطاب والباقي اتباع لهم فَفَسَقُوا فِيها
اى خرجوا عن الطاعة وتمردوا فى تلك القرية فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ
اى ثبت وتحقق موجبه بحلول العذاب اثر ما ظهر فسقهم وطغيانهم قال الكاشفى [پس واجب شود بر اهل آن ده كلمه عذاب كه سبقت گرفته در حكم ازلى مستوجب عقوبت شدند] فَدَمَّرْناها
بتدمير أهلها وتخريب ديارها. والتدمير الإهلاك مع طمس الأثر وهدم البناء تَدْمِيراً
وقيل الأمر مجاز من الحمل على الفسق والتسبب له بان صب عليهم ما ابطرهم وافضى بهم الى الفسوق وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ كم مفعول أهلكنا ومن القرون تبين لابهام كم وتمييز له كما يميز العدد بالجنس اى وكثيرا من القرون أهلكنا والقرن مدة من الزمان يخترم فيها المرء والأصح انه مائة سنة لقوله عليه السلام لغلام (عش قرنا) فعاش مائة والقرن كل امة هلكت فلم يبق منها أحد وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم مِنْ بَعْدِ نُوحٍ من بعد زمنه كعاد وثمود ومن بعدهم ولم يقل من بعد آدم لان نوحا أول نبى بالغ قومه فى تكذيبه وقومه أول من حلت بهم العقوبة العظمى وهو الاستئصال بالطوفان وَكَفى بِرَبِّكَ اى كفى ربك بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً يحيط بظواهرها وبواطنها فيعاقب عليها وتقديم الخبير مع انه مضاف الى الغيب والأمور الباطنة والبصير مضاف الى الأمور الظاهرة كالشهيد لتقدم متعلقه من الاعتقادات والنيات التي هى مبادى الأعمال الظاهرة وفيه اشارة الى ان البعث والأمر وما يتلوهما من فسقهم ليس لتحصيل العلم بما صدر عنهم من الذنوب فان ذلك حاصل قبل ذلك وانما هو لقطع الاعذار والزام الحجة من كل وجه وفى الآية تهديد لهذه الامة لا سيما مشركى مكة لكى يطيعوا الله ورسوله ولا يعصوه فيصيبهم مثل ما أصابهم- روى- عن الشعبي انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وأرنبا فقال الأسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والأرنب للثعلب قال فرفع الأسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الأسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك فقال الأسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضاء فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب ولذلك قيل العاقل من وعظ بغيره
مرد در كارها چوكرد نظر ... بهره اعتبار از آن برداشت
هر چهـ آن سودمند بود گرفت ... هر چهـ ناسودمند بود گذاشت
وفى التأويلات النجمية وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا بشير الى ان الأعمال الصالحة والفاسدة التي ترقم النفوس يرقوم السعادة والشقاوة لا يكون لها اثر الا بقبول دعوة الأنبياء او يردها فان السعادة والشقاوة مودعة فى أوامر الشريعة ونواهيها وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً(5/143)
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)
اى من قرى النفوس أَمَرْنا مُتْرَفِيها
وهى النفوس الامارة بالسوء فَفَسَقُوا فِيها
اى فخرجوا عن قيد الشريعة ومتابعة الأنبياء بمتابعة الهوى واستيفاء شهوات النفس فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ
اى فوجيت لها الشقاوة بمخالفة الشريعة فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً
بابطال استعداد قبول السعادة إذ صارت النفس مرقومة بر قوم الشقاوة الابدية وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ اى أبطلنا حسن استعدادهم لقبول السعادة برد دعوة الأنبياء عليهم السلام وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ إذ لم يقبلوا دعوة الأنبياء خَبِيراً بَصِيراً فانه المقدر فى الأزل المدبر الى الابد اسباب سعادة عباده واسباب شقاوتهم انتهى مَنْ كانَ [هر كه باشد از روى خساست همت] يُرِيدُ بأعماله الْعاجِلَةَ الدار الدنيا فقط اى ما فيها من فنون مطالبها وهم الكفرة والفسقة واهل الرياء والنفاق والمهاجر للدنيا والمجاهد لمحض الغنيمة والذكر عَجَّلْنا لَهُ فِيها اى فى تلك العاجلة ما نَشاءُ تعجيله له من نعيمها لا كل ما يريد فان الحكمة لا تقتضى وصول كل واحد الى جميع ما يهواه لِمَنْ نُرِيدُ تعجيل ما نشاء له فانها لا تقتضى وصول كل طالب الى مرامه فان الله تعالى يبتلى بعض العباد بالطلب من غير حصول المطلوب وبعضهم يبتلى به بحصول المطلوب المشروط به اما مقارنا لطلبه واما بعده لان وقت الطلب قد يفارق وقت حصول المطلوب فيحصل الطلب فى وقت والمطلوب فى وقت وبعضهم لا يبتلى بالطلب بل يصل اليه الفيض بلا طلب فالاول طلب ولا شىء. والثاني طلب وشىء. والثالث شىء ولا طلب قوله لِمَنْ نُرِيدُ بدل من الضمير فى له با عادة الجار بدل البعض فانه راجع الى الموصول المنبئ عن الكثرة ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ مكان ما عجلنا له جَهَنَّمَ وما فيها من اصناف العذاب يَصْلاها يدخلها وهو حال من الضمير المجرور مَذْمُوماً ملوما لان الذم اللوم وهو خلاف المدح والحمد يقال ذممته وهو ذميم غير حميد كما فى بحر العلوم مَدْحُوراً مطرودا من رحمة الله تعالى فان الدحر الطرد والابعاد وَمَنْ [هر كه از روى علو همت] أَرادَ بالأعمال الْآخِرَةَ الدار الآخرة وما فيها من النعيم المقيم وَسَعى لَها سَعْيَها اى السعى اللائق بها وهو الإتيان بما امر والانتهاء عما نهى لا التقرب بما يخترعون بآرائهم وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص فانها للاختصاص وَهُوَ مُؤْمِنٌ اى والحال انه مؤمن ايمانا صحيحا لا شرك معه ولا تكذيب فانه العمدة فَأُولئِكَ الجامعون الشرائط الثلاثة من ارادة الآخرة والسعى الجميل لها والايمان كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً مقبولا عند الله تعالى بحسن القبول مثابا عليه فان شكر الله الثواب على الطاعة وفى تعليق المشكورية بالسعي دون قرينيه اشعار بأنه العمدة فيها اعلم ان الله تعالى خلق الإنسان مركبا من الدنيا والآخرة ولكل جزء منهما ميل وارادة الى كله ليتغذى منه ويتقوى ويتكمل به ففى جزئه الدنيوي وهو النفس طريق الى دركات النيران وفى جزئه الأخروي وهو الروح طريق الى درجات الجنان وخلق القلب من هذين الجزءين وله طريق الى ما بين إصبعي الرحمن إصبع اللطف وإصبع القهر فمن يرد الله به ان يكون مظهر قهره أزاغ قلبه وحول وجهه الى الدنيا فيريد العاجلة ويربى بها نفسه الى ان تبلغه الى دركات جهنم البعد ويصلى نار القطيعة ومن يرد الله به ان يكون مظهر لطفه اقام قلبه وحول وجهه الى عالم العلو(5/144)
كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)
فيريد الآخرة ويسعى لها سعيها وهو الطلب بالصدق وهو مؤمن بان من طلبه وجده فاولئك كان سعيهم فى الوجود مشكورا من الموجد فى الأزل كُلًّا منصوب بنمد اى كل واحد من مريدى الدنيا ومريدى الآخرة نُمِدُّ اى نزيد مرة اخرى بحيث يكون الآنف مددا للسالف لا نقطعه وما به الامداد هو ما عجل لاحدهما من العطايا العاجلة وما أعد للآخر من العطايا الآجلة المشار إليها بمشكورية السعى هؤُلاءِ بدل من كلا وَهَؤُلاءِ عطف عليه اى نمد هؤلاء المعجل لهم وهؤلاء المشكور سعيهم مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ اى من معطاه الواسع الذي لا تناهى له لان العطاء اسم ما يعطى وهو متعلق بنمد ومغن عن ذكر ما به الامداد ومنه على ان الامداد المذكور ليس بطريق الاستيجاب بالسعي والعمل بل بمحض التفضل وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ اى دنيويا وأخرويا مَحْظُوراً ممنوعا عمن يريده من البر والفاجر بل هو فائض على البر فى الدنيا والآخرة وعلى الفاجر فى الدنيا فقط وان وجد منه ما يقتضى الحظر وهو الفجور والكفر: قال الشيخ سعدى
أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
پس پرده بيند عملهاى بد ... هم او پرده پوشد بآلاى خود
وگر بر جفا پيشه بشتافتى ... كى از دست قهرش أمان يافتى
انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ كيف فى محل النصب بفضلنا على الحالية لا بانظر لان الاستفهام يحجب ان يتقدم عليه عامله لاقتضائه صدر الكلام اى انظر يا محمد بنظر الاعتبار كيف فضلنا بعض الآدميين على بعض فيما أمددناهم من العطايا الدنيوية فمن وضيع ورفيع ومالك ومملوك وموسر وصعلوك تعرف بذلك مراتب العطايا الاخروية ودرجات تفاضل أهلها على طريقة الاستشهاد بحال الأدنى على حال الأعلى كما افصح عنه قوله تعالى وَلَلْآخِرَةُ اى هى وما فيها أَكْبَرُ من الدنيا دَرَجاتٍ نصب على التمييز وهى جمع درجة بمعنى المرتبة والطبقة وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا وذلك لان التفاوت فى الآخرة بالجنة ودرجاتها العالية لان ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض وفى التأويلات النجمية انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ من اهل الدنيا فى النعمة والدولة وموافاة المراد ليتحقق لك انها من امدادنا يا هم وَلَلْآخِرَةُ اى اهل الآخرة أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا من اهل الدنيا لان مراتب الدرجات الاخروية وفضائل أهلها باقية غير متناهية ونعمة الدنيا وفضائل أهلها فانية متناهية: قال الحافظ
فى الجملة اعتماد مكن بر ثبات دهر ... كين كار خانه ايست كه تغيير ميكنند
فعلى العاقل تحصيل الدرجات الاخروية الباقية. وفى الحديث (اكثر اهل الجنة البله وعليون لذوى الألباب) أراد بذوي الألباب العلماء ألا يرى الى قوله عليه السلام (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم) وفى رواية (كفضل القمر على سائر الكواكب) وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير قوله تعالى وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ
يرفع العالم فوق المؤمن بسبعمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فبهذه الشواهد يتضح ان تفاوت درجات اهل الجنة بحسب تفاوت معارفهم الالهية وعلومهم الحقيقة كما قال عليه السلام (ان فى الجنة مدينة من نور لم ينظر إليها ملك مقرب ولا نبى مرسل جميع ما فيها من القصور والغرف والأزواج(5/145)
لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)
والخدم من النور أعدها الله للعاقلين فاذا ميز الله اهل الجنة من اهل النار ميز اهل العقل فجعلهم فى تلك المدينة فيجزى كل قوم على قدر عقولهم قيتفاوتون فى الدرجات كما بين المشارق والمغارب بألف ضعف) وعنه عليه السلام (ان فى الجنة درجة لا ينالها الا اصحاب الهموم) يعنى فى طلب الخير والمعيشة وقال عليه السلام (ان فى الجنة درجة لا ينالها الا ثلاثة اقسام عادل وذو رحم واصل وذو عيال صبور) فقال على رضى الله عنه ما صبر ذى العيال قال (لا يمن على اهله ما ينفق عليهم) - روى- ان عدة من الناس اجتمعوا بباب عمر رضى الله عنه فخرج الاذن لبلال وصهيب فشق على ابى سفيان فقال لسهيل بن عمرو انما أبينا من قبلنا فانهم دعوا ودعينا يعنى الى الإسلام فاسرعوا وابطأنا وهذا باب عمر فكيف التفاوت فى الآخرة ولئن حسدتموهم على باب عمر فما أعد الله لهم فى الجنة اكثر وقرئ واكثر تفضيلا وفى قول بعضهم ايها المباهي بالرفع منك فى مجالس الدنيا أما ترغب فى المباهاة بالرفع فى مجالس الآخرة وهى اكبر وأفضل وعنه عليه السلام (بين المجاهد والقاعد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة) اى عدوه وعنه عليه السلام (تعلموا العلم فالله تعالى يبعث يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر الخلق على درجاتهم) كما فى بحر العلوم وفى المثنوى
علم را دو پر كمانرا يك پر است ... ناقص آمد ظن به پرواز ابتر است
مرغ يك پر زود افتد سر نگون ... باز بر پرد دو كامى يا فزون
افت وخيزان ميپرد مرغ كمان ... با يكى پر بر اميد آشيان
چون ز ظن وارست وعلمش رو نمود ... شد دو پر آن مرغ يك پر برگشود
بعد از آن يمشى سويا مستقيم ... نى على وجه مكبا او سقيم
اللهم اجعلنا من اهل اليقين والتمكين لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد أمته فان بعضهم قالوا الأصل فى الأوامر هو وفى النواهي أمته فَتَقْعُدَ بالنصب جوابا للنهى والقعود بمعنى الصيرورة او عبارة عن المكث اى فتمكث فى الناس كما تقول لمن سأل عن حال شخص قاعد فى أسوأ حال ومعناه ماكث سواء كان قائما او جالسا وقد يراد القعود حقيقة لان من شأن المذموم المخذول ان يقعد حائرا يتفكر او عبر بغالب حاله وهو القعود مَذْمُوماً مَخْذُولًا خبر ان او حالان اى جامعا على نفسك الذم من الملائكة والمؤمنين والخذلان من الله تعالى فان الشريك عاجز عن النصرة. وفيه اشعار بان الموحد جامع بين المدح والنصرة واشارة الى ان طالب الحق لا يطلب مع الله غيره من الدارين ونعمهما وَقَضى رَبُّكَ اى امر كل مكلف امرا مقطوعا به فضمن قضى معنى امر وجعل المضمن أصلا والمضمن فيه قيدا له لان المقضى يجب وقوعه ولم يقع من بعض المخاطبين التوحيد وفى التأويلات النجمية وانما قال ربك أراد به النبي لانه مخصوص بالتربية أصالة والامة تبع له فى هذا الشأن وقوله وَقَضى رَبُّكَ اى حكم وقدر فى الأزل أَلَّا تَعْبُدُوا اى بان لا تعبدوا على ان ان مصدرية ولا نافية إِلَّا إِيَّاهُ لان العبادة غاية التعظيم فلا تحق الا لمن له غاية العظمة ونهاية الانعام وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اى بان تحسنوا بهما إحسانا لانهما السبب(5/146)
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)
الظاهري للوجود والتعيش والله تعالى هو السبب الحقيقي فاخبر بتعظيم السبب الحقيقي ثم اتبعه بتعظيم السبب الظاهري يعنى الله تعالى قرن احسان الوالدين بتوحيده لمناسبتهما لحضرة الالوهية والربوبية فى سببيتهما لوجودك وتربيتهما إياك عاجزا صغيرا وهما أول مظهر ظهر فيهما آثار صفات الله تعالى من الإيجاد والربوبية والرحمة والرأفة بالنسبة إليك ومع ذلك فهما محتاجان الى قضاء حقوقهما والله غنى عن ذلك. فاهم الواجبات بعد التوحيد إحسانهما وفى الحديث (بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد فى سبيل الله) ذكره الامام إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما [اگر برسد نزديك تو بزرگ سالى وكبر سن يكى از ايشان يا هر دو ايشان يعنى بزنيد تا پير شوند ومحتاج خدمت تو كردند] قوله اما مركبة من ان الشرطية وما المزيدة لتأكيدها ولذلك حل الفعل نون التأكيد ومعنى عندك فى كنفك وكفالتك وأحدهما فاعل للفعل وتوحيد ضمير الخطاب فى عندك وفيما بعده مع ان ما سبق على الجمع للاحتراز عن التباس المراد فان المقصود نهى كل أحد عن تأفيف والديه ونهرهما ولو قوبل الجمع بالجمع او بالتثنية لم يحصل هذا المراد قال فى الاسئلة المقحمة ان قلت كيف خص الله حال الكبر بالإحسان الى الوالدين وهو واجب فى حقهما على العموم والجواب ان هذا وقت الحاجة فى الغالب وعند عدم الحاجة اجابتهما ندب وفى حالة الحاجة فرض انتهى فَلا تَقُلْ لَهُما اى لواحد منهما حالتى الانفراد والاجتماع أُفٍّ هو صوت يدل على تضجر واسم للفعل الذي هو الضجر وقرئ بحركات الفاء فالتنوين على قصد التنكير كصه ومه وايه وغاق وتركه على قصد التعريف والكسر على اصل البناء ان بنى على الكسر لالتقاء الساكنين وهما الفا آن والفتح على التخفيف والضم للاتباع كمنذ وهو بالشاذ. والمعنى لا تتضجر بما تستقذر منهما وتستثقل من مؤونتهما وهو عام لكل أذى لكن خص بعضه بالذكر اعتناء بشأنه فقيل وَلا تَنْهَرْهُما اى لا تزجرهما بإغلاظ إذا كرهت منهما شيأ وَقُلْ لَهُما بدل التأليف قَوْلًا كَرِيماً ذا كرم وهو القول الجميل الذي يقتضيه حسن الآدب ويستدعيه النزول على المروءة مثل ان تقول يا أبتاه ويا أماه كدأب ابراهيم عليه السلام إذ قال لابيه يا أبت مع مابه من الكفر ولا يدعوهما باسمائهما فانه من الجفاء وسوء الأدب وديدن الدعاء الا ان يكون فى غير وجههما كما قالوا ولا يرفع صوته فوق صوتهما ولا يجهر لهما بالكلام بل يكلمهما بالهمس والخضوع الا لضرورة الصمم والافهام ولا يسب والدي رجل فيسب ذلك الرجل والديه ولا ينظر إليهما بالغضب وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ جناح الذل استعارة بالكناية جعل الذل والتواضع بمنزلة طائر فاثبت له الجناح تخبيلا اى تواضع لهما ولين جانبك وذلك ان الطائر إذا قصد ان ينحط خفض جناحه وكسره وإذا قصد ان يطير رفعه فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا فى التواضع ولين الجانب قال القاضي وامره بخفضه مبالغة فى إيجاب الذل وترشيحا للاستعارة قال ابن عباس رضى الله عنهما كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل الضعيف للسيد الفظ الغليظ اى فى التواضع والتملق مِنَ الرَّحْمَةِ من ابتدائية او تعليلية اى من فرط رحمتك عليهما(5/147)
لا فتقارهما اليوم الى من كان أفقر خلق الله إليهما قالوا ينظر إليهما بنظر المحبة والشفقة والترحم وفى الحديث (ما من ولد ينظر الى الوالد والى والدته نظر مرحمة الا كان له بها حجة وعمرة) قيل وان نظر فى اليوم الف مرة قال (وان نظر فى اليوم مائة الف) كما فى خالصة الحقائق ويقبل رجل امه تواضعا- حكى- ان رجلا جاء الى الأستاذ ابى اسحق فقال رأيت البارحة فى المنام ان لحيتك مرصعة بالجواهر واليواقيت فقال صدقت فانى البارحة مسحت لحيتى تحت قدم والدتي قبل ان نمت فهذا من ذاك ويباشر خدمتهما بيده ولا يفوضها الى غيره لانه ليس بعار للرجل ان يخدم معلمه وأبويه وسلطانه وضيفه ولا يؤمه للصلاة وان كان افقه منه اى اعلم بالفقه من الأب ولا يمشى امامهما الا ان يكون لا ماطة الأذى عن الطريق ولا يتصدر عليهما فى المجلس ولا يسبق عليهما فى شىء اى فى الاكل
والشرب والجلوس والكلام وغير ذلك قال الفقهاء لا يذهب بابيه الى البيعة وإذا بعث اليه منها ليحمله فعل ولا يناوله الخمر ويأخذ الإناء منه إذا شربها. وعن ابى يوسف إذا امره ان يوقد تحت قدره وفيها لحم الخنزير أوقد كما فى بحر العلوم ولا ينسب الى غير والديه استنكافا منهما فانه يستوجب اللعنة قال عليه السلام (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) اى نافلة وفريضة كما فى الاسرار المحمدية قال فى القاموس الصرف فى الحديث التوبة والعدل الفدية او هو النافلة والعدل الفريضة او بالعكس او هو الوزن والعدل الكيل او هو الاكتساب والعدل الفدية وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما وادع الله ان يرحمهما برحمته الباقية ولا تكتف برحمتك الفانية وان كانا كافرين لان من الرحمة ان يهديهما الى الإسلام قال الكاشفى [حقيقت دعا رحمت از ولد در حق والدين آنست كه اگر مؤمن اند ايشانرا ببهشت رسان واگر كافراند راه نماى بإسلام وايمان] قال ابن عباس مازال ابراهيم عليه السلام يستغفر لابيه حتى مات فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه يعنى ترك الدعاء ولم يستغفر له بعد ما مات على الكفر كذا فى تفسير ابى الليث وفى الحديث (إذا ترك العبد الدعاء للوالدين ينقطع عنه الرزق فى الدنيا) سئل ابن عيينة عن الصدقة عن الميت فقال كل ذلك واصل اليه ولا شىء انفع له من الاستغفار ولو كان شىء أفضل منه لا مرت به فى الأبوين ويعضده قوله عليه السلام (ان الله ليرفع درجة العبد فى الجنة فيقول يا رب أنى لى هذا فيقول باستغفار ولدك وفى الحديث (من زار قبر أبويه او أحدهما فى كل جمعة كان بارا: قال الشيخ سعدى قدس سره
سالها بر تو بگذرد كه گذر ... نكنى سوى تربت پدرت
تو بجاى پدر چهـ كردى خير ... تا همان چشم دارى از پسرت
كَما رَبَّيانِي صَغِيراً الكاف فى محل النصب على انه نعت مصدر محذوف اى رحمة مثل رحمتهما علىّ وتربيتهما وإرشادهما لى فى حال صغرى وفاء بوعدك للراحمين- روى- ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان أبوي بلغا من الكبر أنى الى منهما ما وليا منى فى الصغر فهل قضيتهما حقهما قال (لا فانهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك(5/148)
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)
وأنت تريد موتهما) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ بما فى ضمائركم من قصد البر والتقوى وكأنه تهديد على ان يضمر لهما كراهة واستثقالا إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ قاصدين الصلاح والبر دون العقوق والفساد فَإِنَّهُ تعالى كانَ لِلْأَوَّابِينَ اى الرجاعين اليه تعالى مهما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر غَفُوراً لما وقع منهم من نوع تقصير او اذية فعلية او قولية قال الامام العزالي رحمة الله اكثر العلماء على ان طاعة الوالدين واجبة فى الشبهات ولم تجب فى الحرام المحض لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم اى واجب قيل إذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى أحدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الأب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح حق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الإعطاء بالأم كما فى منبع الآداب قال الفقهاء تقدم الام على الأب فى النفقة إذا لم يكن عند الولد الا كفاية أحدهما لكثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق فى حمله ثم وضعه ثم ارضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة او ساخه وتمريضه وغير ذلك كما فى فتح القريب
جنت سراى مادرانست ... زير قدمات مادرانست
روزى بكن اى خداى ما را ... چيزى كه رضاى مادر آنست
- وشكا- رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أباه وانه يأخذ ماله فدعا به فاذا شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال انه كان ضعيفا وانا قوى وفقيرا وانا غنى فكنت لا امنعه شيأ من مالى واليوم انا ضعيف وهو قوى وانا فقير وهو غنى ويبخل علىّ بماله فبكى عليه السلام فقال (ما من حجر ولا مدر يسمع هذا الا بكى) ثم قال للولد (أنت ومالك لا بيك) وفى الحديث (رغم انفه) فقيل من يا رسول الله (قال من أدرك والداه عند العكبر أحدهما او كلاهما ثم لم يدخل الجنة) يعنى بسبب برهما وإحسانهما: وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لولا انى أخاف تغير الأحوال عليكم بعدي لامرتكم ان تشهدوا لاربعة اصناف بالجنة. أولهم امرأة وهبت صداقها من زوجها لاجل الله تعالى وزوجها راض.
والثاني ذو عيال كثير يجهد فى المعيشة لاجلهم حتى يطعمهم الحلال. والثالث التائب على ان لا يعود اليه ابدا كاللبن لا يعود الى الثدي. والرابع البار بوالديه) ويجب على الأبوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر- وحكى- عن بعض العرفاء انه قال ان لى ابنا منذ ثلاثين سنة ما أمرته بامر مخافة ان يعصينى فيحق عليه العذاب يقول الفقير فسد الزمان وتغير الاخوان ولنبك على أنفسنا من سوء الأخلاق وقد كانت الصحابة رضى الله عنهم وهم هم يبكون دما من اخلاق النفس فما لنا لا نبكى ونحن منغمسون فى بحر الخطايا والذنوب متورطون فى بئر القبائح والعيون لا انصاف لنا فى حق أنفسنا ولا فى حق الغير ونعم ما قال الحافظ حكاية لهذا التغير الناشئ من النفس الامارة بالسوء
هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم
دخترانرا همه جنك است وجدل با مادر ... پسران را همه بدخواه پدر مى بينم(5/149)
وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)
جاهلان را همه شربت ز كلابست وعسل ... قوت دانا همه از قوت جكر مى بينم
اسب تازى شده مجروح بزير پالان ... طوق زرين همه بر كردن خر مى بينم
وَآتِ يا أفضل المخلوق ويدخل فيه كل واحد من أمته ذَا الْقُرْبى اى القرابة وهم المحارم مطلقا عند ابى حنيفة رحمه الله سواء كانت قرابتهم ولا دية كالولد والوالدين او غير ولا دية كالاخوة والأخوات حَقَّهُ وهى النفقة اى إذا كانوا فقراء اعلم انه لا يجب على الفقير إلا نفقة أولاده الصغار الفقراء ونفقة زوجته غنية او فقيرة مسلمة او كافرة واما الغنى وهو صاحب النصاب الفاضل عن الحوائج الاصلية ذكرا كان او أنثى فيجب عليه نفقة الأبوين ومن فى حكمهما من الأجداد والجدات إذا كانوا فقراء سواء كانوا مسلمين او كافرين وهذا إذا كانوا ذمة فان كانوا حربا لا يجب وان كانوا مستأمنين. ويجب نفقة كل ذى رحم محرم مما سوى الوالدين ان كان فقيرا صغيرا او أنثى او زمنا او أعمى ولا يحسن الكسب لخرقه فان كان قادرا عليه لا يجب اتفاقا او لكونه من الشرفاء والعظماء. وتجب نفقة الأبوين مع القدرة على الكسب ترجيحا لهما على سائر المحارم وطالب العلم إذا لم يقدر على الكسب لا تسقط نفقته على الأب كالزمن فان نفقة البنت بالغة والابن زمنا بالغا على الأب وإذا كان للفقير اب غنى وابن غنى فالنفقة على الأبوين ولا نفقة مع اختلاف الدين الا بالزوجية كما سبق والولاد فنفقة الأصول الفقراء مسلمين اولا على الفروع الأغنياء ونفقة الفروع الفقراء مسلمين اولا على الأصول الأغنياء فلا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم ولا على المسلم نفقة أخيه النصراني لعدم الولاء بينهما ويعتبر فى نفقة قرابة الولاد اصولا وفروعا الأقرب فالاقرب وفى نفقة ذى الرحم يعتبر كونه أهلا للارث ولا يجب النفقة لرحم ليس بمحرم اتفاقا كابناء العم بل حقهم صلتهم بالمودة والزيارة وحسن المعاشرة والموافقة والتفصيل فى باب النفقة فى الفروع فارجع اليه وفى الحديث (البر والصلة يطيلان الأعمار ويعمران الديار ويكثران الأموال) وان كان القوم فجارا وان البر والصلة ليخففان الحساب يوم القيامة وفى الآية اشارة الى النفس فانها من ذوى قربى القلب ولها حق كما قال عليه الصلاة والسلام (ان لنفسك عليك حقا) المعنى لا تبالغ فى رياضة النفس وجهادها لئلا تسأم وتمل وتضعف عن حمل أعباء الشريعة وحقها رعايتها عن السرف فى المأكول والملبوس والإناث والمسكن وحفظها عن طرفى الافراط والتفريط كما فى التأويلات النجمية وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ اى وآتهما حقهما مما كان مفترضا بمكة بمنزلة الزكاة. المسكين من لا شىء له والفقير من له شىء دون نصاب وقيل بالعكس. وابن السبيل اى الملازم لها هو من له مال لا معه وهو المسافر المنقطع عن ماله وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً بصرف المال الى من سواهم ممن لا يستحقه فان التبذير تفريق فى غير موضعه واما الإسراف الذي هو تجاوز الحد فى صرفه فقد نهى عنه بقوله وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ سعدى
نه هر كس سزاوار باشد بمال ... يكى مال خواهد يكى كوشمال
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ اى أعوانهم فى إهلاك أنفسهم ونظراءهم فى كفران النعمة والعصيان كما قال وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً مبالغا فى الكفر به لا يشكر نعمه بامتثال(5/150)
وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)
أوامره ونواهيه وكان قريش ينحرون الإبل ويبذرون أموالهم فى السمعة وسائر ما لا خير فيه من المناهي والملاهي [مجاهد فرموده كه اگر برابر كوه زر در وجوه خير صرف كنند إسراف نباشد اگر جوى يا حبه در باطل خرج نمايند إسراف باشد] وقد أنفق بعضهم نفقة فى خير فاكثر فقال له صاحبه لا خير فى السرف فقال لا سرف فى الخير: سعدى
كنون بر كف دست نه هر چهـ هست ... كه فردا بدندان كزى پشت دست
وَإِمَّا [واگر] تُعْرِضَنَّ [اعراض كنى] عَنْهُمُ اى ان اعتراك امر اضطرك الى ان تعرض عن أولئك المستحقين من ذوى القربى وغيرهم ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ اى لفقد رزق من ربك اقامة للمسبب مقام السبب فان الفقد سبب للابتغاء تَرْجُوها من الله تعالى لتعطيهم والجملة صفة رحمة وكان عليه السلام إذا سئل شيأ وليس عنده سكت حياء وامر بالقول الجميل لئلا يعتريهم الوحشة بسكوته فقيل فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً سهلا لينا وعدهم بوعد فيه يسر وراحة لهم وقيل القول الميسور الدعا لهم بالميسور الى اليسر فهو مصدر على مفعول اى قل لهم أغناكم الله من فضله رزقنا الله وإياكم- روى- ان عيسى عليه السلام قال من رد سائلا خائبا عن بابه لم تعبر الملائكة بيته سبعة ايام ومن مات فقيرا راضيا من الله بفقره لا يدخل الجنة أحد اغنى منه كذا فى الخالصة وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ [يدبسته بركردن خود واين كنايتست از إمساك] وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [ومكشاى دست خود را همه كشادن يعنى إسراف مكن] قال اهل التفسير هما تمثيلان لمنع الشحيح وإعطاء المسرف زجرا لهما عنهما وحملا على ما بينهما من الاقتصاد الذي هو بين التقتير والإسراف وهو الكرم والجود. والمعنى ولا تمسك يدك عن النفقة فى الحق كل الإمساك بحيث لا تقدر على مدها كمن يده مغلولة الى عنقه فلا يقدر على إعطاء شىء ولا تجد كل الجود فتعطى جميع ما عندك ولا يبقى شىء منه كمن يبسط كفه كل البسط فلا يبقى شىء فيها فَتَقْعُدَ جواب للنهيين اى فتصير مَلُوماً عند الله وعند الناس فى الدارين وهو راجع لقوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَحْسُوراً نادما او منقطعا بك لا شىء عندك وهو راجع الى قوله وَلا تَبْسُطْها
مبند از سر إمساك دست در كردن ... كه خصلتيست نكوهيده پيش اهل بها
مكن بجانب إسراف نيز چندان ميل ... كه هر چهـ هست بيكدم كنى ز دست رها
چودر ميانه اين هر دو راه چندانى ... تفاوتست كه از آفتاب تابسها
پس اختيار وسط راست در جميع امور ... بدان دليل كه خير الأمور أوسطها
وفى الكواشي الصحيح ان هذا خطاب للنبى والمراد غيره لانه افسح الناس صدرا وكان لا يدخر شيأ لغد انتهى وسيأتى تحقيق المقام قال الكاشفى [در اسباب نزول آمده كه مسلمه با يهوديه كرو بستند ومضمون رهن آنكه حضرت رسالت پناه عليه السلام از موسى كليم عليه السلام سخى ترست وسخاوت موسى آن بود كه سائل را رد نميكرد بچيزى كه از وفاضل بوده يا بسخن خوش او را خوشنود ميساخت القصة از جهت آزمايش شخصى دختر خود را بجانب نبو آب فرستاد دخترك آمد وكفت كه يا رسول الله مادر من از شما پيراهن ميطلبد حضرت فرمود: زمان تا زمان برسد تو ساعتى ديگر بإزائي دخترك بعد از زمانى باز آمد كه مادر من آن پيراهنى ميطلبد كه در بر(5/151)
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35)
شماست حضرت بحجره در آمد و پيراهن بيرون كرده بوى داد وخود برهنه بنشست بلال قامت صلاة كشيد وياران منتظر خروج آن حضرت بودند وآن حضرت بسبب برهنكى بيرون نمى آمد آيت آمد كه ولا تجعل إلخ] قال فى برهان القرآن فدخل وقت الصلاة ولم يخرج للصلاة حياء فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة فلاموه على ذلك فانزل الله فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً مكشوفا هذا هو الأظهر من تفسيره انتهى يقول الفقير وذلك لان أصحابه لاموه فصار ملوما وبقي عريانا فصار محسورا اى مكشوفا لان الحسر الكشف فعلى هذا كان الأنسب ان يراد القعود حقيقة ولم يرض فى الإرشاد بهذه الرواية بناء على ان السورة مكية والقصة مدنية والعلم عند الله تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسعه على بعض ويضيقه على بعض آخرين بمشيئته التابعة للحكمة وبالفارسية [بدرستى كه پروردگار تو كشاده مى كرداند روزى را براى هر كه خواهد وتنك مى سازد براى هر كه أرادت او اقتضا كند واين بسط وقبض از محض حكمت است وكس زهره اعتراض ندارد] وفى التأويلات النجمية يشير به الى الخروج عن أوطان البشرية والطبيعية الانسانية الى فضاء العبودية بقدمي التوكل على الله وتفويض الأمور اليه فان كان يبسط للنفس فى بعض الأوقات ببعض المرادات ليفرش لها بساط البسط ويقدر عليها فى بعض الأوقات متمناها ليضبط أحوالها بمجامع القبض فالامور موكولة الى حكمه البالغة وأحكامه الازلية إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً اى يعلم سرهم وعلنهم فيعلم من مصالحهم ما يخفى عليهم قال الله تعالى (وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الغنى لو أفقرته لا فسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الفقر لو أغنيته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا الصحة لو أسقمته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين من لا يصلح إيمانه الا السقم لو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى عليم خبير) رواه انس رضى الله عنه كما فى بحر العلوم فيغنى الله ويفقر ويبسط ويقبض ولو أغناهم جميعا لطغوا ولو أفقرهم لنسوا فهلكوا وفى الحديث (بادروا بالأعمال خمسا غنى مطغيا وفقرا منسيا وهر ما مفندا ومرضا مفسدا وموتا مجهزا) فاذا كان الغنى لبعض مطغيا صرفه الله تعالى عمن علم ذلك منه وأفقره لان الفقر علم منه انه لا ينسيه بل يشغل لسانه بذكره وحمده وقلبه بالتوكل عليه والالتجاء اليه وإذا كان الفقر لبعضهم منسيا صرفه عمن علم ذلك منه: وفى المثنوى
فقر ازين رو فخر آمد جاودان ... كه بتقوى ماند دست نارسان
زان غنا وزان غنى مردود شد ... كه ز قدرت صبرها بدرود شد
آدمي را عجز وفقر آمد أمان ... از بلاي نفس پر حرص وغمان «1»
فعلى العاقل التسليم لامر الله تعالى والرضى بقضائه والصبر فى موارد القبض والشكر فى مواقع البسط والانفاق مهما أمكن قال فى اسرار المحمدية كان اويس القرني رحمه الله إذا أصبح او امسى تصدق بما فى بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به وكان الخلاج رحمه الله يقول مخبرا عن حاله إذا قعد الرجل عشرين يوما جائعا ثم فتح له طعام فعرف ان فى البلد من هو أحوج الى ذلك منه فاكله ولم يؤثر به ذلك المحتاج فقد سقط عن رتبته وهذا مقام عال بالنسبة الى حال اويس ظاهرا
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان استدعا نمودن شخصى از موسى زبان بهايم را(5/152)
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)
ولكن قال الشيخ الكامل محمد بن على العربي قدس سره اعلم ان قول اويس ينبه على مقامه الأعلى وقطيته المثلى لان ذلك القول معرب عن حال امام الوقت فيعطى ما ملك ويتضرع هذا التضرع لمن استخلفه على عبيده بالرحمة لهم والشفقة عليهم والمكمل من سبقت رحمته غضبه كما اخبر الله سبحانه عن أكمل الخلفاء وسيد الاقطاب بقوله وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ولكن العارف إذا كان صاحب حال مثل الحلاج فرق بين نفسه ونفس غيره فعامل نفسه بالشدة والقهر والعذاب ونفس غيره بالإيثار والرحمة والشفقة. واما إذا كان صاحب مقام وتمكين وقوة بان عرف الفرق بين الحال والمقام صارت نفسه عنه اجنبية وارتفع هو علويا وبقيت مع أبناء جنسها سفلية فلزمه العطف عليها كما لزمه العطف على غيرها لان ادب العارف من ذى الولاية انه إذا خرج بصدقة ولقى أول مسكين يليق لدفع الصدقة اليه يدفعها اليه البتة فاذا تركه الى مسكين آخر ولم يدفع للاول فقد انتقل من ربه الى هوى نفسه فانها مثل الرسالة لا يخص بالدعوة شخصا دون شخص فاول من يلقاه يقوله قل لا اله الا الله فالولى الكامل خليفة الرسول فاذا وهب الباري للولى رزقا يعلم انه مرسل به الى عالم النفوس الحيوانية فينزل من سماء عقله الى ارض النفوس ليؤدى إليهم ذلك القدر الذي وجه به فاول نفس تستقبله نفسه لا نفس غيره لان نفوس الغير ليست متعلقة به فلا تعرفه. واما نفسه فمتعلقة به ملازمة بابه فلا يفتحه الا عليها فتطلب امانتها فيقدمها على غيرها بالإعطاء لانها أول سائل والى هذا السر أشار الشارع صلى الله عليه وسلم بقوله (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) والأقربون اولى بالمعروف لتعلقهم بك ولزومهم بابك ولا تعلق للغير بك ولا له ملازمة نفسك وأهلك فلما تأخروا أخروا كسائر اسرار الله تعالى متى خرج من عند الحق على باب الرحمة فأى قلب وجد سائلا متعرضا دفع اليه حظه من الاسرار والحكم على قدر ما يراقبه من التعطش والجوع والذلة والافتقار وهم خاصة الله وعلى هذا المقام حرض الشارع بقوله (تعرضوا لنفحات الله سبحانه) وهذا سر الحديث ومراد الشرع فمن تأخر اخر ومن نسى نسى فانظر الآن كم بين المنزلتين والمقامين ثم انظر ايضا الى هذا المقام على علوه وسموه كيف اشترك فى الظاهر مع احوال العامة فانهم أول ما يجودون فعلى نفوسهم ثم الى غيرها وانما تصرفهم تحت حكم هذه الحقيقة وهم لا يشعرون وبعماهم عن هذه الاسرار ونزولهم الى حضيض البهائم بحيث لا يعرفون مواقع اسرار العالم مع الله حرصوا على الإيثار ومدحوا به وهو مقام الحلاج الذي ذكر عنه وظننت انه غاية فى الترقي والعلو وهكذا فلتعزل الحقائق وتحاك حلل الدقائق أهم كلام الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر والمسك الأذفر قدس سره الأطهر وَلا تَقْتُلُوا يا معشر العرب أَوْلادَكُمْ [فرزندان شما] خَشْيَةَ إِمْلاقٍ مخافة الفقر ولا لغير مخافته الا ان الحال اقتضت ذلك يقال املق افتقر وقتلهم أولادهم وادهم بناتهم مخافة الفقر اى دفنها حية فنهاهم الله تعالى عنه وضمن لهم أرزاقهم فقال نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ لا غيرنا [پس غم روزى ايشان مخوريد كه هر كرا او جان دهد نان دهد] : سعدى
خداوند كارى كه عبدى خريد ... بدارد فكيف آنكه عبد آفريد(5/153)
وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)
ترا نيست اين تكيه بر كردكار ... كه مملوك را بر خداوندكار
قال هرم لاويس القرني رحمه الله اين تأمرنى ان أكون فاومأ الى الشام فقال الهرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً ذنبا عظيما لما فيه من هدم بنيان الله وقطع النسل. والخطء كالاثم وزنا ومعنى من خطئ وقرئ خطا بفتحتين بالقصر والمد اعلم ان من أول هذه الآية الى قوله تعالى مَلُوماً مَدْحُوراً عشر آيات وهو اشارة الى تبديل عشر خصال مذمومة بعشر خصال محمودة اما المذمومات فاولها البخل وثانيها الأمل وهما فى قوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ فان البخل وطول الأمل حملهم على قتل أولادهم فدلهم على تبديلهما بالسخاء والتوكل بقوله نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ- يحكى- ان يحيى بن زكريا عليهما السلام لقى إبليس فى صورته فقال له يا إبليس أخبرني بأحب الناس إليك وابغض الناس إليك فقال أحب الناس الى المؤمن البخيل وابغضهم الى الفاسق السخي قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخي أتخوف ان يطلع الله عليه فى سخاه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم أخبرك قالوا ولا ينبغى ان يلجئ اهل بيته على الزهد بل يدعوهم اليه فان أجابوا والا تركهم ووسع عليهم فى دنياهم من غير خروج عن حد الاعتدال وفعل بنفسه ما شاء وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى بالقصر وإتيان المقدمات من القبلة والغمزة والنظر بالشهوة فضلا عن ان تباشروه. وقرئ بالمد لغتان او مصدر زانى زناء كقاتل قتالا كما فى الكواشي إِنَّهُ اى الزنى كانَ فاحِشَةً فعلة ظاهرة القبح متجاوزة الحد وهو كالقتل فان فيه تضييع الأنساب فان من لم يثبت نسبه ميت حكما وَساءَ سَبِيلًا اى بئس طريق الزنى لانه يجر صاحبه الى النار وهو طريق ايضا الى قطع الأنساب وتهيج الفتن وفى الحديث (إذا زنى العبد خرج منه الايمان فكان على رأسه كالظلة فاذا انقطع رجع اليه الايمان) - وروى- عن بعض الصحابة رضى الله عنه انه قال إياكم والزنى فان فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة. فاما التي فى الدنيا فنقصان الرزق يعنى تذهب البركة من الرزق ويصير محروما من الخير ونقصان العمر والبعض فى قلوب الناس فانه يذهب بالبهاء.
واما الثلاث التي فى الآخرة فغضب الرب وشدة الحساب والدخول فى النار وفى الخبر (العينان تزنيان واليدان تزنيان) : وفى المثنوى
مرغ زان دانه نظر خوش ميكند ... دانه هم از دور راهش مى زند «1»
اين نظر از دور چون تيرست وسم ... عشقت افزون مى شود صبر تو كم
واعلم ان غلبة الشهوة تورث الزنى فالشهوة هى الثالثة من العشر المذمومة فتبدلها الله تعالى بالعفة حين نهاهم عن الزنية- حكى- انه كان بالبصرة رجل معروف بالمسكى لانه كان يفوح منه رائحة المسك فسئل عنه فقال كنت من احسن الناس وجها وكان لى حياء فقيل لابى لو أجلسته فى السوق لا نبسط مع الناس فاجلسنى فى حانوت بزاز فجاءت عجوز فطلبت متاعا فاخرجت لها ما طلبت فقالت لو توجهت معى لثمنه فمضيت معها حتى أدخلتني فى قصر عظيم
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل(5/154)
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34)
فيه قبة عظيمة عليها سرير فاذا فيه جارية على فرش مذهبة فجذبتنى الى صدرها فقلت الله فقالت لا بأس فقلت انى حاقب ودخلت الخلاء وتغوطت ومسحت به وجهى وبدني فقيل انه مجنون فخلصت ورأيت الليلة رجلا قال لى اين أنت من يوسف بن يعقوب ثم قال أتعرفني قلت لا قال انا جبريل ثم مسح يده على وجهى وبدني فمن ذلك الوقت يفوح المسك على من رائحة جبريل عليه السلام وذلك ببركة العفة والتقوى ولقى إبليس موسى عليه السلام فقال يا موسى اذكرني حين تغضب فان وجهى فى قلبك وعينى فى عينك واجرى منك مجرى الدم واذكرني حين تلقى الزحف فانى آتى ابن آدم حين يلقى الزحف فاذكره ولده وزوجته واهله حتى يولى وإياك ان تجالس امرأة ليست بذات محرم فانى رسولها إليك ورسولك إليها كما فى آكام المرجان وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ قتلها بان عصمها بالإسلام او بالعهد فدخل فيه الذمي والمعاهد إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ اى لا تقتلوها بسبب من الأسباب الا بسبب الحق اى بإحدى ثلاث كفر بعد ايمان وزنى بعد إحصان وقتل نفس معصومة عمدا وَمَنْ [هر كه] قُتِلَ مَظْلُوماً غير مرتكب واحدة من هذه الثلاث فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ لمن يلى امره بعد وفاته من الوارث او السلطان عند عدمه إذ هو ولى من لاولى له سُلْطاناً تسلطا واستيلاء على القاتل ان شاء قتل وان شاء أخذ الدية فَلا يُسْرِفْ اى الولي فِي الْقَتْلِ اى فى امر القتل بان يجاوز الحد المشروع بان يزيد عليه المثلة او بان يقتل غير القاتل من أقاربه وكانوا يقتلون غير القاتل إذا لم يكن القتل بواء اى سواء يقال فلان بواء لدم فلان اى سواء قال الكاشفى [در جاهليت چون كسى كشته شدى وارث قاتل او را نكشتى بلكه قصد مهتر قبيله قاتل كردى] او بان يقتل الاثنين مكان الواحد كعادة الجاهلية كان إذا قتل منهم شريف لا يرضون بالقاتل بل بان يقتلوا معه جماعة من أقاربه او بان يقتل القاتل فى مادة الدية إِنَّهُ اى الولي كانَ مَنْصُوراً ينصره الشرع والسلطان يعنى ان الله ينصره بان أوجب له القصاص او الدية وامر الحكام بإعانته فى الاستيفاء او الهاء للمقتول ونصره قتل قاتله وحصول الاجر له فان قلت ما توبة القاتل عمدا قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (توبة القاتل عمدا فى ثلاث اما ان يقتل واما ان يعفى عنه واما ان يؤخذ منه الدية فأى هذه الخصال فعل به فهى توبته) رواه انس رضى الله عنه وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فضلا عن ان تتصرفوا فيه إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الا بالخصلة والطريقة التي هى احسن الخصال والطرائق وهى حفظه واستتماره. يعنى [معامله كنيد كه اصل مايه براى وى بماند وربح او بوصله معاش او نشيند] حَتَّى غاية لجواز التصرف على الوجه الأحسن المدلول عليه بالاستثناء يَبْلُغَ أَشُدَّهُ قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كانك ولا نظير لهما كما فى القاموس وقال فى بحر العلوم بلوغ الأشد بالإدراك وقيل ان يؤنس منه الرشد مع ان يكون بالغا وآخره ثلاث وثلاثون سنة انتهى وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ سواء جرى بينكم وبين ربكم او بينكم وبين غيركم من الناس والإيفاء بالعهد والوفاء به هو القيام بمقتضاه بالمحافظة عليه ولا يكاد يستعمل الا بالباء فرقا بينه وبين الإيفاء(5/155)
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35)
الحسى كايفاء الكيل والوزن إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا مطلوبا يطلب من المعاهد ان لا يضيعه ويفى به فمسئولا من سألته الشيء او كان مسئولا عنه على ان يكون من سألته عن الشيء فيكون من باب الحذف والإيصال فان جعل الضمير بعد انقلابه مرفوعا مستكنا فى اسم المفعول كقوله تعالى وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ اى مشهود فيه وفى الكواشي او يسأل حقيقة توبيخا لنا كثيه كسؤال الموؤدة لم قتلت توبيخا لقاتلها فيكون تمثيلا اى جعل العهد متمثلا على هيئة من يتوجه السؤال اليه كما تجعل الحسنات أجساما نورانية والسيئات أجساما ظلمانية فتوزن كما فى حواشى سعدى المفتى وَأَوْفُوا الْكَيْلَ اى اتموه ولا تخسروه إِذا كِلْتُمْ وقت كيلكم للمشترين وتقييد الأمر بذلك لان التطفيف هناك واما وقت الا كتيال على الناس فلا حاجة الى الأمر بالتعديل قال تعالى إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ وهو القرسطون اى القبان وهو معرب كبان بمعنى الميزان العظيم او هو كل ما يوزن به من موازين العدل صغيرا كان او كبيرا قال بعضهم هو معرب رومى ولا يقدح ذلك فى عربية القرآن لانتظام المعربات فى سلك الكلم العربية وقال فى بحر العلوم والجمهور على انه عربى مأخوذ من القسط وهو العدل وهو الأصح فان كان من القسط وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس والا فهو رباعى على وزن فعلال الْمُسْتَقِيمِ اى العدل السوي ولعل الاكتفاء باستقامته عن الأمر بايفاء الوزن لما انه عند استقامته لا يتصور الجور غالبا بخلاف الكيل فان كثيرا ما يقع التطفيف مع استقامة الآلة كما ان الاكتفاء بايفاء الكيل عن الأمر بتعديله لما ان ايفاءه لا يتصور بدون تعديل المكيال وقد امر بتقويمه ايضا فى قوله تعالى أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ ذلِكَ اى إيفاء الكيل والوزن السوي خَيْرٌ لكم فى الدنيا إذ هو امانة توجب الرغبة فى معاملته والذكر الجميل وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا عاقبة تفعيل من آل إذا رجع والمراد ما يؤول اليه اعلم ان رابع الخصال العشر المذمومة الغضب وهى فى قوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ فان استيلاء الغضب يورث القتل بغير الحق فبدله بالحكم فى قوله وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً وفى الحديث (قرب الخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة المؤمن الذي قتل مظلوما رأسه عن يمينه وقاتله عن شماله وأوداجه تشخب دما فيقول رب سل هذا لم قتلنى فبم حال بينى وبين صلواتى فيقول الله تعست ويذهب به الى النار) قال انو شروان اربع قبائح وهى فى اربعة أقبح البخل فى الملوك والكذب فى القضاة والحدة فى العلماء اى شدة الغضب والوقاحة فى النساء وهى قلة الحياء قيل الحلم حجاب الآفات وخامسها الإسراف فان الافراط فى كل شىء يورث الإسراف فبدله بالقوام فى قوله فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما مر رسول الله بسعد وهو يتوضأ فقال (ما هذا السرف يا سعد) قال أفي الوضوء سرف (قال نعم وان كنت على نهر جار) وسادسها الحرص وهو فى قوله وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فان التصرف فى مال اليتيم من الحرص فبدله بالقناعة فى قوله إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قيل لحكيم ما بال الشيخ احرص على الدنيا من الشاب قال لانه ذاق من طعم الدنيا ما لم يذقه الشاب: قال الصائب
ريشه نخل كهن سال از جوان افزونترست ... بيشتر دلبستكى باشد بدنيا پير را(5/156)
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39) أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)
وعن الثوري رحمه الله من باع الحرص بالقناعة فقد ظفر بالغنى وسابعها نقض العهد فبدله بالوفاء به بقوله وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا [سلمى آورده كه خدايرا عهد هست بر جوارح آدمي بملازمت آداب وبر نفس او بأداء فرائض وبر دل او بخوف وخشيت وبر جان او بآنكه از مقام قرب دور نشود وبر سر او بآنكه مشاهده ما سوى نكند واز هر عهدى خواهند پرسيد] تا كسى از عهده آن عهد چون آيد برون ولا شك ان اخوان الزمان ليس وفاء لا بحقوق الله تعالى ولا بحقوق الناس: حافظ
وفا مجوى ز كس ور سخن نمى شنوى ... بهره ز طالب سيمرغ وكيميا ميباش
وثامنها الخيانة فبدلها بالامانة بقوله وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ الآية واختضر رجل فاذا هو يقول جبلين من نار جبلين من نار فسئل اهله عن عمله فقالوا كان له مكيالان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر وعن ابن عباس رضى الله عنهما اتى رسول الله التجار فقال (يا معشر التجار ان الله باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وادي الامانة) وفى نوابغ الكلم الامين آمن والخائن حائن وهو من الحين بمعنى الهلاك ولله در القائل
أمين مجوى ومكو با كسى امانت عشق ... درين زمانه مكر جبرائيل أمين باشد
وَلا تَقْفُ اى لا تتبع من قفا اثره يقفونبعه ومنه سميت القافية قافية ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى لا تكن فى اتباع ما لا علم لك به من قول او فعل كمن يتبع مسلكا لا يدرى انه يوصله الى مقصده قال الزمخشري وقد استدل به مبطل الاجتهاد ولم يصح لان ذلك نوع من العلم فقد اقام الشرع غالب الظن مقام العلم وامر بالعمل به انتهى. يعنى ان لاعتقاد الراجح فى حكم الاعتقاد الجازم للاجماع على وجوب العمل بالشهادة والاجتهاد فى القبلة ونحو ذلك فلا دليل فى الآية على من منع اتباع الظن والعمل بالقياس كالظاهرية إِنَّ السَّمْعَ [بدرستى كه كوش] وَالْبَصَرَ [و چشم] وَالْفُؤادَ [ودل] كُلُّ أُولئِكَ اى كل واحد من هذه الجوارح فاجراها مجرى العقلاء لما كانت مسئولة عن أحوالها شاهدة على أصحابها كانَ عَنْهُ عن نفسه وعما فعل به صاحبه مَسْؤُلًا [پرسيده شده يعنى از ايشان خواهند پرسيد كه صاحب شما با شما چهـ معامله كرده از سمع سؤال كنند چهـ شنيدى واز چشم پرسند كه چهـ ديدى و چرا ديدى واز دل پرسند كه چهـ دانستى و چرا دانستى] قال فى بحر العلوم اعلم ان المراد بالنهى عن اتباع كل ما فيه جهل مما يتعلق بالسمع والبصر والقلب كأنه تعالى قال لا تسمع كل ما لا يجوز سماعه ولا تبصر كل ما لا يجوز ابصاره ولا تعزم على كل ما لا يجوز لك العزم عليه لان كل واحد منها يسأله الله تعالى ويجازيه ولم يذكر اللسان مع انه من أعظمها لان السمع يدل عليه لان ما يكب الناس على مناخرهم فى نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم وتلك الحصائد من قبل المسموعات اللازمة للسمع وفى الآية دلالة على ان العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية كما قال تعالى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ اى بما كسبت مما يدخل تحت الاختيار من خبائث اعمال القلب من حب الدنيا ومن الرياء والعجب والحسد والكبر والنفاق(5/157)
مثلا واما ما لا يدخل تحت الاختيار فلا يؤاخذ به الا ترى الى قوله عليه السلام (عفى عن أمتي ما حدثت بها نفوسها) قال فى الأشباه والنظائر حديث النفس لا يؤاخذ به ما لم يتكلم او يعمل به كما فى حديث مسلم وحاصل ما قالوه ان الذي يقع فى النفس من قصد المعصية على خمس مراتب الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل اولا ثم الهم وهو ترجيح قصد العمل ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به فالهاجس لا يؤاخذ به اجماعا لانه ليس من فعله وانما هو شىء أورد عليه لا قدرة له على رده ولا صنع والخاطر الذي بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس أول وروده ولكن هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح وإذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بالأولى وقال بعض الكبار جميع الخواطر
معفوة الا بمكة المكرمة ولهذا اختار عبد الله بن عباس رضى الله عنهما السكنى بالطائف احتياطا لنفسه ثم هذه الثلاث لو كانت فى الحسنات لم يكتب له بها اجر لعدم القصد واما الهم فقد بين فى الحديث الصحيح (ان الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب عليه سيئة وينتظرفان تركها لله تعالى كتب حسنة وان فعلها كتب سيئة واحدة) والأصح فى معناه انه يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وان الهم مرفوع واما العزم فالمحققون على انه يؤاخذ به ومنهم من جعله من الهم المرفوع وفى البزازية من كتاب الكراهية هم بمعصية لا يأثم ان لم بصمم عزمه عليه وان عزم يأثم اثم العزم لا اثم العمل بالجوارح الا ان يكون امرا يتم بمجرد العزم كالكفر واعلم ان قوله تعالى وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اشاره الى تاسع الخصال العشر وهو الظلم وهو وضع الشيء فى غير موضعه باستعمال الجوارح والأعضاء على خلاف ما امر به فبدله بالعدل بقوله إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فظلم السمع استعماله فى استماع الغيبة واللغو والرفث والبهتان والقذف والملاهي والفواحش وعدله استعماله فى استماع القرآن والاخبار والعلوم والحكم والمواعظ والنصيحة والمعروف وقول الحق
كذركاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش
وظلم البصر النظر الى المحرمات والشهوات والى من فوقه فى دنياه والى من دونه فى دينه والى متاع الدنيا وزينتها وزخارفها وعدله النظر فى القرآن والعلوم والى وجه العلماء والصلحاء والى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها والى الأشياء بنظر الاعتبار والى من دونه فى دنياه والى من فوقه فى دينه
دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... نه عيب برادر فرو كير ودوست
وقد ثبت عن على رضى الله عنه انه ما نظر الى عورته وسوأته منذ ما تعلق نظره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء على ان الابصار الناظرة لوجهه عليه السلام لا يليق لها ان تنظر الى السوأة فاعتبر وتأدب. ونظيره ما قال عثمان رضى الله عنه ما كذبت منذ أسلمت وما مسست فرجى باليمين منذ بايعت النبي عليه السلام ولا أكلت الكراث ونحوه منذ قرأت القرآن وظلم الفؤاد قبول الحقد والحسد والعداوة وحب الدنيا والتعلق بما سوى الله تعالى وعدله تصفيته(5/158)
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39)
عن هذه الأوصاف الذميمة وتحليته بتبديل هذه الصفات والتخلق بأخلاق الله تعالى
پياپى بيفشان از آيينه كرد ... كه صيقل نكيرد چو ژنكار خورد
وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ التقييد لزيادة التقرير مَرَحاً ذا مرح فهو مصدر وقع موقع الحال بمعنى التكبر والتبختر قال الكاشفى [مرحا رفتن خداوند تكبر يعنى مخرام چنانكه متكبران خرامند] والمراد النهى عن المشي بالتكبر والتعظم إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ لن تجعل فيها خرقا ونقبا بشدة وطأتك وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا بتطاولك فالمراد به هو الطول المتكلف الذي يتكلفه المختال وهو تهكم بالمتكبر وتعليل للنهى بان التكبر حماقة مجردة ولن ينال الإنسان بكبره وتعظمه شيأ من الفائدة وهو اى الكبر عاشر الخصال العشر فان المشية بالخيلاء من الكبر فبدله بالتواضع بقوله إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الآية
ز خاك آفريدت خداوند پاك ... پس اى بنده افتادگى كن چوخاك
وفى الحديث (من تعظم فى نفسه واختال فى مشيته لقى الله وهو عليه غضبان)
وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد
همانا كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسودا وآز
چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان
وعن ابى هريرة انه قال ما رأيت شيأ احسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الشمس تجرى فى وجهه وما رأيت أحدا اسرع فى مشيه من رسول الله كأنما الأرض تطوى له انا نجهد أنفسنا وانه لغير مكترث كُلُّ ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من الخصال الخمس والعشرين من قوله تعالى لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فهو نهى عن اعتقاد ان مع الله الها آخر وهو أولاها والثانية والثالثة قوله وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ فهو امر بعبادة الله ونهى عن عبادة غيره والبواقي ظاهرة بعد الا وامر والنواهي كانَ سَيِّئُهُ يعنى المنهي عنه وهو اربع عشرة خصلة فان المأمور به حسن وهو احدى عشرة ثلاث مستترة وثمان ظاهرة كما فى بحر العلوم عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً المراد به المبغوض المقابل للمرضى لا ما يقابل المراد لقيام القاطع على ان الحوادث كلها واقعة بإرادته تعالى. فاندفع تمسك المعتزلة بالآية على مذهبهم فى ان القبائح لا تتعلق بها الارادة والا لاجتمع الضدان الارادة والكراهة ووصف ذك بمتعلق الكراهة مع ان البعض من الكبائر للايذان بان مجرد الكراهة عنده تعالى كافية فى جوب الانتهاء عن ذلك ولذا كان المكروه عند اهل التقوى كالحرام فى لزوم الاحتراز ومن لم يعرفه تعدى الى دائرة الإباحية فتدبر وتحفظ وتأدب ذلِكَ اى الذي تقدم من التكاليف المفصلة مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ اى بعض منه او من جنسه حال كونه مِنَ الْحِكْمَةِ التي هى علم الشرائع ومعرفة الحق لذاته وهو مقصود الحكمة النظرية وعمدتها والخير للعمل به وهى الحكمة العلمية او من الاحكام المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ والفساد وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الخطاب للرسول والمراد غيرة ممن يتصور منه صدور المنهي عنه وتكريره للتنبيه بان التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه فان من لا قصد له بطل عمله ومن قصد بفعله او تركه(5/159)
أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)
غيره ضاع سعيه وانه رأس كل حكمة وملاكها ومن عدمه لم ينفعه علومه وحكمه وان بدّ فيها أساطين الحكماء وحك بيافوخه عنان السماء وما اغنت عن الفلاسفة اسفار الحكم وهم عن دين الله أضل من النعم وقدرتب عليه ما هو عائدة الإشراك فى الدنيا حيث قيل فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا ورتب عليه هاهنا نتيجته فى العقبى فقيل فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً تلوم نفسك وتذمك وتلومك الناس والملائكة مَدْحُوراً مطرودا مبعدا من رحمة الله ومن كل خير وهو تمثيل فانه تعالى شبه من أشرك بالله استحقارا له بخشبة يأخذها آخذ فى كفه فيطرحها فى التنور فالتوحيد اصل الحسنات والشرك اصل السيئات قال اهل التحقيق ان كلمة لا اله الا الله إذا قالها الكافر تنفى ظلمة الكفر وتثبت فى قلبه نور التوحيد وإذا قالها المؤمن تنفى عنه ظلمة النفس وتثبت فى قلبه نور الوحدانية وان من قالها فى كل يوم الف مرة فبكل مرة تنفى عنه شيأ لم تنفه المرة الاولى ومقام العلم بالله لا ينتهى الى الابد قال تعالى وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً
اى برادر بي نهايت در كهيست ... هر كجا كه ميرسى بالله مأيست
قال يحيى بن معاذ رحمه الله ما طابت الدنيا الا بذكرك ولا الآخرة الا بعفوك ولا الجنة الا بلقائك وفى الحديث (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالم او متعلم) والتوحيد اثبات الوحدة فاهله على الكمال من يفر من الكثرة الى الوحدة قال الشيخ ابو الحسن رحمه الله سمعت وصف ولىّ فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول الهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا أريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجئ الا الى حضرتك حققنا الله وإياكم بحقائق هذا المقام وشرفنا بالفرار كل لحظة الى جنابه العلام ومعنى الفرار إيثاره تعالى على ما سواه لان علو الهمة انما يظهر فيه- حكى- ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حاله فى الحب فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما أعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما أعجبه من الجواهر والمتاع وأخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما أعجبني الا أنت: قال الحافظ
كداى كوى تو از هشت خلد مستغنيست ... أسير عشق تو از هر دو كون آزادست «1»
يعنى ان العاشق الصادق لا يختار الا المعشوق ويصير حرا عن هوى غيره على كل حال أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً خطاب للقائلين بان الملائكة بنات الله وكان المشركون يستنكفون من البنات فيختارون لانفسهم الذكور ومع ذلك ينسبون اليه تعالى الإناث فانكر الله ذلك منهم. والاصفاء بالشيء جعله خالصا والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يفسره المذكور وعبر عن البنات بالإناث إظهارا لجهة خساستهن لان الأنوثة اخس أوصاف الحيوان. والمعنى أفضلكم على جنابه فخصكم بأفضل الأولاد على وجه الخلوص وآثر لذاته أخسها وأدناها كما فى قوله تعالى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى اى هذا خلاف الحكمة وما عليه عقولكم وعادتكم فان العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشوب ويكون
__________
(1) فلم أجد فى المتنوى فليراجع(5/160)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41) قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)
ارداها وأدونها للسادات قال الكاشفى [آيا بركزيد شما را پروردگار شما به پسران وفرا كرفت براى خود را از ملائكه دختران اين خلاف آنست كه عادت شما بر ان جارى شده كه از دختران ننك ميداريد وبه پسران مى نازيد] إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ باضافة الولد اليه تعالى قَوْلًا عَظِيماً لا يجترئ عليه أحد حيث تجعلونه من قبيل الأجسام المتجانسة السريعة الزوال ثم تضيفون اليه ما تكرهون من اخس الأولاد وتفضلون عليه أنفسكم بالبنين ثم تصفون الملائكة الذين هم من اشرف الخلق بالانوثة التي هى اخس أوصاف الحيوان قال فى التأويلات النجمية قوله تعالى أَفَأَصْفاكُمْ الآية يشير الى كمال ظلومية الإنسان وكمال جهوليته اما كمال ظلوميته فانهم ظنوا بالله سبحانه انه من جنس الحيوانات التي من خاصيتها التوالد واما كمال جهوليته فانهم لم يعلموا ان الحاجة الى التوالد لبقاء الجنس فان الله تعالى باق أبدى لا يحتاج الى التوالد لبقاء الجنس ولم يعلموا ان الله منزه عن الجنس وليست الملائكة من جنسه فانه خالق ازلى أبدى واما الملائكة فهم المخلوقون ومن كمال الظلومية والجهولية انهم حسبوا ان الله تعالى انما اصفاهم بالبنين واختار لنفسه البنات لجهله بشرف البنين على البنات فلهذا قال تعالى إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً اى قولا ينبئ عن عظيم امر ظلوميتكم وجهوليتكم وَلَقَدْ صَرَّفْنا هذا المعنى وكررناه وبيناه قال الكاشفى [وبدرستى كردانيديم ومكرر ساختيم بر آيت خود را از ولد فِي هذَا الْقُرْآنِ على وجوه من التصريف فى مواضع منه لِيَذَّكَّرُوا اى ليذكروا ما فيه ويقفوا على بطلان ما يقولونه وَما يَزِيدُهُمْ اى والحال انه ما يزيدهم ذلك التصريف البالغ إِلَّا نُفُوراً عن الحق وإعراضا عنه قال الكاشفى [مكر رميدن از حق ودور شدن] قُلْ فى اظهار بطلان ذلك من جهة اخرى لَوْ كانَ مَعَهُ تعالى آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ اى المشركون قاطبة والكاف فى محل النصب على انها وقعت صفة لمصدر محذوف اى كونا مشابها لما يقولون والمراد بالمشابهة الموافقة والمطابقة إِذاً [آنگاه] لَابْتَغَوْا اى طلبت تلك الآلهة إِلى ذِي الْعَرْشِ [بسوى خداوند عرش] اى الى من له الملك والربوبية على الإطلاق سَبِيلًا بالمغالبة والممانعة اى ليغالبوه ويقهروه ويدفعوا عن أنفسهم العيب والعجز كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض يشير الى ان الآلهة لا يخلو أمرهم من انهم كانوا اكبر منه او كانوا أمثاله او كانوا أدون منه فان كانوا اكبر منه طلبوا طريقا الى إزعاج صاحب العرش ونزع الملك قهر او غلبة ليكون لهم الملك لا له كما هو المعتاد من الملوك فالآية اشارة الى برهان التمانع على تصويرها قياسا استثنائيا استثنى فيه نقيض التالي وان كانوا أمثاله لم يرضوا بان يكون الملك واحدا مثلهم وهم جماعة معزولون عن الملك فايضا نازعوه فى الملك وان كانوا أدون منه فالناقص لا يصلح للالهية إذا لا ابتغوا الى ذى العرش الكامل فى الالهية سبيلا للخدمة والعبودية والقربة فالآية اشارة الى قياس اقترانى تصويره لو فرض معه آلهة لتقربوا اليه بالطاعة وكل من تقربوا اليه بها لا يكونون آلهة فما فرض آلهة لا يكون آلهة فلو مستعمل لمجرد الشرط لا للامتناع والمراد بالآلهة ما هو من اولى العلم كعيسى وعزير والملائكة كذا فى التأويلات النجمية مع مزج من حواشى سعدى(5/161)
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)
المفتى سُبْحانَهُ اى تنزه بذاته تنزها حقيقيا به وَتَعالى متباعدا عَمَّا يَقُولُونَ من ان معه آلهة وان له بنات قال فى بحر العلوم هو تنزيه وتعجيب من قولهم اى ما ابعد من له الملك والربوبية وما أعلاه غما يقولون عُلُوًّا واقع موقع تعاليا كقوله تعالى وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً اى إنباتا كَبِيراً لا غاية وراءه كيف لا وانه سبحانه فى أقصى غايات الوجود وهو الوجوب الذاتي وما يقولون من ان له تعالى شركاء وأولادا فى ابعد مراتب العدم اعنى الامتناع واعلم ان الله تعالى أحد فى ذاته وواحد فى صفاته والشرك انما يجيئ من التوهم فكما ان للمشركين آلهة بحسب توهمهم فكذا لضعفاء المؤمنين بحسب جهلهم وغفلتهم كما قال الدينوري فى قوله تعالى وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ منهم من صنمه نفسه قال تعالى أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ومنهم من صنمه زوجته فى المحبة والاطاعة ومنهم من صنمه تجارته بان اتكل عليها حتى ترك طاعة الله لاجلها- حكى- ان مالك بن دينار رحمه الله كان إذا قرأ فى الصلاة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ غشى عليه فسئل فقال نقول إياك نعبد ونعبد أنفسنا اى باطاعة الهوى ونقول إياك نستعين ونرجع الى أبواب غيره
اى تو بنده اين جهان محبوس جان ... چند كويى خويش را خواجه جهان «1»
خدمت ديگر كنى هر صبح وشام ... وانكهى كويى كه من حق را غلام «2»
بنده حق در درش باشد مقيم ... با خلوص واعتقاد مستقيم
فعلى العاقل ان يكرر ذكر التوحيد ويجدد العهد الذي بينه وبين ذى العرش المجيد فانه سبب المغفرة والترقي الى درجات الأبرار والمقربين كما لا يخفى على ارباب اليقين وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما خلق الله العرش وهو أعظم مخلوق اضطرب اربعة وعشرين الف عام فاظهر الله اربعة وعشرين حرفا وهو قول (لا اله الا الله محمد رسول الله) فسكن اربعة وعشرين الف عام حتى خلق الله أول خلق وامره بالتوحيد فقال لا اله الا الله محمد رسول الله فاضطرب العرش فقال الله اسكن فقال كيف اسكن وأنت لا تغفر لقائلها فقال تعالى اسكن فانى آليت على نفسى قبل ان خلقتك بألفي عام ان لا أجريها على لسان عبد إلا غفرت له نسأل الله العفو والغفران تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ التسبيح تنزيه الحق وتبعيده عن نقائص الإمكان والحدوث وتسبيح السموات والأرض بلسان الحال الدال على وجود الخالق وقدرته وحكمته وتسبيح من فيهن من الملائكة والجن والانس بلسان القال الناطق بما يسمع منهم على ان المراد بالتسبيح معنى منتظم لما ينطق به لسان المقال ولسان الحال بطريق عموم المجاز وهو الاشتمال على ما يدل على التنزيه فانه مشترك بين اللفظ الدال عليه وبين مثل الحدوث والإمكان الدال على تنزيه الله تعالى عن لوازم الإمكان وتوابع الحدوث وَإِنْ نافية اى ما مِنْ شَيْءٍ من الأشياء حيوانا كان او نباتا يدل على الصانع وقدرته وحكمته فانها تنطق بذلك قال الكاشفى [تنزيه ميكند او را از سمات نقصان وستايش مينمايد بصفات كمال] إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه اى لا تفهمون ايها المشركون لا خلالكم بالنظر الصحيح الذي به يفهم التسبيح وهم وان كانوا
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازى او از كل إلخ
(2) لم أجد فى المثنوى(5/162)
إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض قالوا الله الا انهم لما جعلوا معه آلهة مع إقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا لان نتيجة النظر الصحيح والإقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه فاذن لم يفهموا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق إِنَّهُ كانَ حَلِيماً ولذلك لم يعاجلكم بالعقوبة مع أنتم عليه من الاعراض عن التدبر فى الدلائل والانهماك فى الإشراك. والحلم تأخير مكافأة الظالم بالنسبة الى الخالق والطمأنينة عند سورة الغضب بالنسبة الى المخلوق غَفُوراً لمن تاب منكم ورجع الى التوحيد هذا ما عليه الزمخشري والبيضاوي وابو السعود ومن يليهم من اهل الظاهر وهم الذين لهم عين واحدة وسمع واحد وقال الشيخ على السمرقندي قدس سره فى بحر العلوم ذهب السلف الصالح الى ان التسبيح فى الآية فى المحلين محمول على حقيقته وهو الأصح فانه ان كان كلام الجماد مسلما فينبغى ان يكون تسبيحه ايضا مسلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انى لا عرف حجرا بمكة كان يسلم علىّ قبل ان ابعث انى لا عرفه الآن) وعن ابن مسعود رضى الله عنه ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل على ان شهادة الجوارح والجلود مما نطق به القرآن الكريم وقال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ كان داود إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح وقال مجاهد كل الأشياء تسبح الله حيا كان او جمادا وتسبيحها «سبحان الله وبحمده» وعن المقداد بن معدى كرب ان التراب يسبح ما لم يبتل والخربزة تسبح ما لم ترفع من موضعها والورق مادام على الشجر والماء مادام جاريا والثوب مادام جديدا فاذا اتسخ ترك التسبيح والوحش والطير إذا صاحت فاذا سكتت تركت التسبيح وفى الحديث (ما اصطيد حوت فى البحر ولا طائر يطير الا بما يضيع من تسبيح الله) كما فى تفسير المدارك وقال النخعي كل شىء من جماد وحىّ يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف وقال عكرمة الشجرة تسبح والاسطوانة لا تسبح والشجر او النبات إذا قطع يسبح مادام رطبا قال فى الكواشي وهذا ممكن عقلا وقدرة وذكر فى جنائز الخلاصة يكره قطع الحطب والحشيش الرطب من القبر من غير حاجة اى لانه يسبح وفى الملتقط مقبرة قديمة لم يبق من آثارها شىء ليس للناس ان ينتفعوا بها ولا بالبناء فيها ولا بإرسال الدابة فى حشيشها قال فى فتح القريب المجيب إذا حصلت البركة بتسبيح الجماد فالقرآن الذي هو اشرف الاذكار اولى بحصول البركة ولا سيما إذا كان من رجل صالح ولهذا استحب العلماء قراءة القرآن عند القبر. وهل يغرس الريحان او الجريد على باب منزل القبر او على قافية اللحد. الجواب انه ورد فى الحديث مطلقا فيحصل المقصود بأى موضع غرس فى القبر. وكان عليه السلام يخطب مستندا الى جذع فصنع رجل منبرا ثلاث درجات وأراد النبي عليه السلام ان يقوم على المنبر فحنّ الجذع فرجع النبي عليه السلام اليه ووضع يده عليه وقال (اختر ان اغرسك فى المكان الذي كنت وتكون كما كنت وان شئت اغرسك فى الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل اولياء الله من ثمرك) فاختار الجنة والدار الآخرة على الدنيا فلما قبض النبي عليه السلام رفع الى مكان ففنى وأكلته الارضة وقيل دفن كما قال فى المثنوى(5/163)
استن حنانه از هجر رسول ... ناله مى زد همچوارباب عقول «1»
كفت پيغمبر چهـ خواهى اى ستون ... كفت جانم از فراقت كشت خون
مسندت من بودم از من تاختى ... بر سر منبر تو مسند ساختى
گفت خواهيكه ترا نخلى كنند ... شرقى وغربى ز تو ميوه چنند
يا در آن عالم ترا سروى كند ... تا تر وتازه بمانى بي كزند
گفت آن خواهم كه دائم شد بقاش ... بشنو اى غافل كم از چوبى مباش
آن ستون را دفن كرد اندر زمين ... تا چومردم حشر كردد يوم دين
آنكه او را نبود از اسرار داد ... كى كند تصديق او ناله جماد
وعن ابى ذر رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس فى مكان معه ابو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم فتناول النبي عليه السلام سبع حصيات فوضعهن فى كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن فى يد ابى بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ثم وضعهن فى يد عمر ثم فى يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل وذكر عبد الله القرطبي ان داود عليه السلام قال لا سبحن الله تعالى هذه الليلة تسبيحا ما سبحه به أحد من خلقه فنادته ضفدع من ساقية قى داره أتفخر على الله بتسبيحك وان لى سبعين سنة ماجف لسانى من ذكر الله وان لى عشر ليال ما طعمت ولا شربت اشتغالا بكلمتين فقال وما هما قالت «يا مسيحا بكل لسان ويا مذكورا بكل مكان» فقال داود لنفسه وما عسى ان أقول ابلغ من هذا وذكر الشيخ ابو عمرو فى سبب توبته انى كنت ليلة على ظهرى متوجها الى السماء فرأيت خمس حمامات. إحداهن تقول سبحان من عنده خزائن كل شىء وما ينزله الا بقدر معلوم. والثانية تقول سبحان من اعطى كل شىء خلقه ثم هدى. والثالثة تقول سبحان من بعث الأنبياء حجة على خلقه وفضل عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم. والرابعة تقول كل ما فى الدنيا باطل الا ما كان لله ولرسوله. والخامسة تقول يا اهل الغفلة قوموا الى ربكم رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمعت ذلك ذهبت عنى فلما جئت الىّ وجدت قلبى خاليا عن حب الدنيا فلما أصبحت سلكت طريقا بنية ان اسلم نفسى الى مرشد فلقيت شيخا ذاهيبة ووقار فبعد التسليم أقسمت بالله ان يخبرنى من هو فقال انا الخضر وقد كنت عند الشيخ عبد القادر وهو سيد العارفين فى الوقت فقال لى يا أبا العباس ان رجلا أصابه جذبة الهية ونودى من فوق السماء مرحبا بك عبدى وعاهد الله على أن يسلم نفسه الى شيخ فائتنى به ثم قال لى الخضر فعليك بملازمته ثم وجدت نفسى ببغداد فلقيت الشيخ عبد القادر فقال لى مرحبا بمن جذبه مولاه بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير وبالجملة فالتسبيح غير ممتنع من الجمادات بل هو كائن من الكائنات لا ينكره الا منكر خوارق العادات [در فتوحات مذكور است كه اگر مراد ازين تسبيح آنست كه ايشان بلسان الحال كويند پس در إيراد ولكن لا تفقهون تسبيحهم فائده نباشد] يعنى ان قوله ولكن إلخ يحقق ان المراد هو حقيقة التسبيح لا الدلالة
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان ناليدن ستون حنانه از فراق پيغمبر عليه السلام إلخ [.....](5/164)
على وحدانيته فالخطاب عند اهل الحقيقة فى قوله لا تفقهون عام للمسلمين والمشركين اى لا تسمعون فلا تفقهون تسبيحهم لانه ليس المقصود سماع اللفظ مجردا بل التدبر فيه ليدرك ما ادى اللافظ فيسبح كما سبحه قال فى الكواشي (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) لانه ليس بلغتكم ويجوز ان يفهم تعالى بعض عباده تسبيح بعض الجمادات والعجماوات كداود وسليمان عليهما السلام يقول الفقير هذا التعليل غير مناسب لعموم الآية لان لغات ما له أصوات مختلفة لا تفقه وان كانت مسموعة ومن الأشياء ما ليس له صوت مسموع وقد اثبت له ايضا تسبيح فافقه [سلمى از ابو عثمان مغربى قدس سرهما نقل ميكند كه تمام مكونات باختلاف لغات تسبيح الهى ميكويند اما آنرا نشنود وفهم نكند مكر عالم ربانى كه كوش دل او كشاده بود] ونعم ما قال
بذكرش هر چهـ بينى در خروشست ... دلى داند درين معنى كه كوشست
نه بلبل بر كلش تسبيح خوانست ... كه هر خارى بتسبيحش زبانست
وفى الخصائص الصغرى وخص عليه السلام بتسليم الحجر وبكلام الشجر وبشهادتها له صلى الله عليه وسلم بالنبوة وإجابتها دعوته قال السهيلي يحتمل ان يكون نطق الحجر كلاما مقرونا بحياة وعلم ويحتمل ان يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والأمر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والأمر عندنا كذلك بل سر الحياة سار فى جميع العالم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له ولا يشهد الا من علم وقد أخذ الله بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق سبحانه قد كشف لنا عن حياتها عينا وأسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلي انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله تعالى ولولا ما عنده من العظمة لما تد كدك [ودر باب ثانى عشر از سفر ثانى فتوحات فرموده كه ما بكوش خود شنيديم كه سنكى بزبان قال ذكر ملك متعال گفت وبا ما خطاب كرد چون مخاطبه عارفان وسخنان آرا نموده كه هر آدمي آنرا در نيابد] وقال فى كتاب الطريقة له إذا رأيت هؤلاء العوالم مشتغلين بالذكر الذي أنت عليه فكشفك خيالى غير صحيح وانما ذلك خيالك أقيم لك فى الموجودات وإذا شهدت فى هؤلاء تنوعات الاذكار فهو الكشف الصحيح قال بعض الكبار كل معلوم حى لانه يعطى العلم للعالم فكما ان نور الشمس ينور كل من يراه فكذلك الحي لذاته يحيى به كل من يراه فكل شىء به حى فالاشجار والجمادات لهن حياة عند ارباب الكشف وكلام يسمعه من كان له قلب او القى السمع وهو شهيد قال حضرة الشيخ افتاده قدس سره ان السالك يسمع حركات الافلاك فى أثناء سلوكه وذلك بقوة رياضية وقال خليفته حضرة الهدائى قدس سره خرجت للوضوء وقت التهجد فسمعت الماء الجاري يقول بهذا الوزن يا دائم يا دائم يا دائم يا دائم ونظائره كثيرة لا تحصى يقول الفقير دعا حضرة شيخى(5/165)
وسندى روح الله روحه بعض الصوفية للافطار وكان وقتئذ لا يفطر الا على الماء والخبر. ثم لا يأكل الاعشية الغد فقال هذا الخبز له روح حقانى فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم والروح جميعا ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى اى غير روحه الذي فارقه ألا ترى ان الله تعالى لو أنطقه لنطق فنطقه بانطاق الله تعالى انما هو لان له روحا حقانيا وقد جاء ان كل شىء يسبح بحمده وما هو الا بكون المسبح ذا روح ولو كان حجرا او شجرا او غير ذلك: وفى المثنوى
چون شما سوى جمادى مى رويد ... محرم جان جمادان چون شويد
از جمادى عالم جانها رويد ... غلغل اجزاى عالم بشنويد
فاش تسبيح جمادات آيدت ... وسوسه تأويلها نربايدت
چون ندارد جان تو قنديلها ... بهر بينش كرده تأويلها
كه غرض تأويل ظاهر كى بود ... دعوى ديدن حيال وغى بود «1»
بلكه هر بيننده را ديدار آن ... وقت عبرت ميكند تسبيح خوان
پس چواز تسبيح يادت مى دهد ... آن دلالت همچوكفتن مى بود
اين بود تأويل اهل اعتزال ... واى آنكس كو ندارد نور حال
چون ز حس بيرون نيامد آدمي ... باشد از تصوير غيبى أعجمي
وفى التأويلات النجمية تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ اى ينزهه عما يقولون من كل نقيصة ذرات المكونات واجزاء المخلوقات فمن له روح فبلسانه ولغته وهذا مما يفقه العقلاء واما الجمادات فبلسان الملكوتي كما قال وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ اى يحمده على نعمة الإيجاد والتربية وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ لانه ليس من جنس تسبيحكم واعلم ان الله اثبت لكل ذرة من ذرات الموجودات ملكوتا بقوله فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ والملكوت باطن الكون وهو الآخرة والآخرة حيوان لا جماد لقوله تعالى وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ فثبت بهذا الدليل ان لكل ذرة من ذرات الموجودات لسانا ملكوتيا ناطقا بالتسبيح والحمد تنزيها لصانعه وبارئه وحمد اله على ما أولاه من نعمه وبهذا اللسان نطق الحصى فى يد النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا تنطق الأرض يوم القيامة كما قال يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها وبهذا اللسان تشهد اجزاء الإنسان وأبعاضه يوم القيامة ويقولون أنطقنا الله الذي انطق كل شىء وبهذا اللسان نطق السموات والأرض حين قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فافهم جدا واغتنم إِنَّهُ كانَ حَلِيماً فى الأزل إذا خرج من العدم من يتولد منه ان يتخذ مع الله آلهة اخرى غَفُوراً لمن تاب عن مثل هذه المقالات انتهى وقال القاشاني اعلم ان لكل شىء خاصية لا يشاركه فيها غيره وكما لا يخصه دون ما عداه يشتاقه ويطلبه إذا لم يكن حاصلا ويحفظه ويحبه إذا حصل فهو بإظهار خاصيته وتوحده فى تلك الخاصية ينزهه تعالى عن الشريك فكانه يقول بلسان الحال أوحده على ما وحدنى والا لم يكن متفردا بها متوحدا فيها وبطلب كماله ينزهه عن صفات النقص كأنه يقول يا كامل كملنى وبإظهار كماله يحمده ويقول احمده على ما كملنى حتى
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت مار كبرى كه اژدهاى افسرده إلخ(5/166)
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)
ان الحيوان فى طلب الرزق يقول يا رزاق ارزقني وبوجود الرزق يقول احمده على ما رزقنى وباشفاقه على ولده يقول ارأفنى الرؤوف وارحمني الرحيم فالسموات السبع تسبحه وتنزهه عن العجز والفناء وتحمده بالديمومية والعلو والتأثير والقدرة والبقاء والملك والربوبية وبان كل يوم هو فى شأن والأرض بالدوام والثبات والخلاقية والرزاقية وقبول الطاعة وأمثال ذلك والملائكة بالحياة والعلم والقدرة والمجردات منهم بالتنزه عن التعلق بالمادة والوجوب مع جميع ما ذكر منهم مع كونهم مسبحين إياه مقدسين له حامدين فان كل ما يحمده بصفة كمالية ينزهه ويسبحه بمقابلها وكل مسبح عن نقصان يحمده بكمال يقابله فهم يسبحونه فى عين التحميد ويحمدونه فى عين التسبيح ولكون لا تفقهون تسبيحهم لقلة النظر والفكر فى ملكوت الأشياء وعدم الإصغاء إليهم للغفلة وانما يفقه من كان له قلب منور بنور التوحيد او القى السمع وهو شهيد فان القلب من عالم الملكوت فاذا تنور بنور التوحيد يفقه تسبيح الأشياء لانه فى عالمه انه كان حليما لا يعاجلكم بعقوبة ترك التسبيح فى طلب كمالاتكم واظهار خواصكم التي منها فهم تسبيح الأشياء وتوحيده كما وحدوه غفورا يغفر غفلاتكم واهمالكم انتهى كلامه مع بعض تغييرات وزيادة والله الهادي الى طريق حقيقة التسبيح والتوحيد لكل سالك مريد وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ [و چون مى خوانى قرآنرا] جَعَلْنا بَيْنَكَ [مى سازيم ومى آريم ميان تو] وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وهم كفار قريش وكانوا منكرى البعث حِجاباً يحجبهم من ان يدركوك على ما أنت عليه من النبوة ويفهموا قدرك الجليل ولذلك اجترءوا على أن يقولوا ان تتبعون الا رجلا مسحورا مَسْتُوراً عن الحس بمعنى غير حسى مشاهد فمستور على موضوعه او ذا ستر فصيغة مفعول للنسبة كقولهم سيل مفعم اى ذو افعام من افعمت الإناء اى ملأته هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه الله فى هذه الآية وقال فى الكواشي كان المشركون يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم مصليا وجاءت أم لهب بحجر لترضخحه فزل انتهى فيكون معنى قوله وإذا قرأت القرآن وإذا صليت عبر عن الصلاة بالقرآن لاشتمالها عليه كما عبر عن الخطبة به على بعض الأقوال فى قوله تعالى وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا الآية فيلزم ان تحمل الآية على خصوص المادة فهم إذا لم يروا الحجاب فلا يرون المحتجب به فيسلم من اذاهم ولم يكن كذلك دائما كما يدل عليه القواطع وقال سعدى المفتى لعل الاولى ان يحمل على ما روى انها نزلت فى ابى سفيان والنضير وابى جهل وأم جميل امرأة ابى لهب كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن فحجب الله أبصارهم إذا قرأ وكانوا يمرون به ولا يرونه انتهى وهو ذهول عما بعد الآية من قوله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ كما يأتى مع ما فيه من الرواية وهو اللائح بالضمير فى هذا المقام الخطير وفى الاية اشارة الى ان من قرأ القرآن حق قراءته ارتقى الى أعلى مراتب القرب كما جاء فى الأثر (ان عدد آي القرآن على عدد درج الجنة فمن استوفى جميع آي القرآن استولى على أقصى درج الجنة) واستيفاء جميع آي القرآن فى الحقيقة هو التخلق بأخلاق القرآن فالقرآن من اخلاق الله وصفاته والمتخلق بأخلاقه(5/167)
وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48) وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50)
يكون متخلقا بأخلاق الله وهذا يكون بعد العبور عن الحجب الظلمانية والنورانية تمكنا فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فهو الذي جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ولم يقل ساترا لان الحجاب يستر الواصل عن المنقطع ولا يستر المنقطع عن الواصل فيكون الواصل بالحجاب مستورا عن المنقطع كافى التأويلات النجمية وفيه اشارة ايضا الى ان من تحصن بكتابه فهو فى حصن حصين والمضيع لوقته من تحصن بعلمه او بنفسه فيكون هلاكه فى موضع امنه
هركة او بيرون شد از حصن خدا ... جان او آخر شد از جسمش جدا
مرد حق بين كى كند تكيه بغير ... هر قضا چون از خدا آيد بسير
وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية كثيرة جمع كنان وهو الغطاء أَنْ يَفْقَهُوهُ مفعول له اى كراهة ان يفهموا القرآن على كنهه ويعرفوا انه من عند الله تعالى وهو على رأى الكوفيين ولا يرضاه البصريون لقلة حذف لا بالنسبة الى حذف المضاف وهذا تمثيل لتجافى قلوبهم عن الحق ونبوها عن قبوله واعتقاده كأنها فى غلف واغطية تحول بينها وبينه وتمنع من نفوذه فيها كما فى بحر العلوم يقول الفقير ذلك التجافي والنبو انما هو من تراكم الحجب المعنوية على القلب والفطرة الاصلية وان كانت مقتضية للفقه والإدراك والخروج الى نور العلم لكن ظلمة تلك الحجب مانعة عن ذلك فالكلام وان كان واردا فى صورة التمثيل لكنه على حقيقته فى نفس الأمر وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً صمما ونقلا مانعا عن سماعه اللائق به وهو تمثيل لمج أسماعهم للحق ونبوها عن الإصغاء اليه كأن بها صمما يمنع عن سماعه ولما كان القرآن معجزا من حيث اللفظ والمعنى اثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى حق فهمه وادراك اللفظ حق إدراكه وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ اى واحدا غير مشفوع به آلهتهم اى إذا قلت لا اله الا الله وهو مصدر وقع موقع الحال أصله تحده وحده بمعنى واحدا وحده اى منفردا فحذف الفعل الذي هو الحال وأقيم المصدر مقامه وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ [باز كردند كافران بر پشتهاى خود] اى هربوا ونفروا نُفُوراً هو مصدر كالقعود او جمع نافر اى اعرضوا ورجعوا حال كونهم نافرين والنفور [برميدن] كما فى التهذيب نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ ملتبسين بِهِ من اللغو والاستخفاف والهزؤ بك وبالقرآن فمحل به حال كما نقول يستمعون بالهزء اى هازئين فالباء للملابسة ويجوز ان تكون للسببية اى بسببه ولاجله- ويروى- انه كان يقوم عن يمينه صلى الله عليه وسلم إذا قرأ رجلان من عبد الدار وعن يساره رجلان فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالاشعار إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ظرف لا علم وفائدته تأكيد الوعيد بالأخبار بانه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق به العلم لان العلم يستفاد هناك من أحد وكذا قوله تعالى وَإِذْ هُمْ نَجْوى لكن لا من حيث تعلقه بما به الاستماع بل بما به التناجي المدلول عليه بسياق النظم. والمعنى نحن اعلم بالذي يستمعون ملتبسين به مما لا خير فيه من الأمور المذكورة وبالذي يتناجون به فيما بينهم ونجوى مرفوع على الخبر بتقدير المضاف اى ذووا نجوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ بدل من إذ هم ووضع الظالمون موضع المضمر للدلالة على ان هذا القول منهم ظلم وتجاوز عن الحد وفيه دليل على ان ما يتناجون به(5/168)
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48) وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50)
غير ما يستمعون به اى يقول كل منهم للآخرين عند تناجيهم إِنْ تَتَّبِعُونَ اى ما تتبعون ان وجد منكم الاتباع فرضا إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً اى سحر فجنّ فمن ظلمهم وضعوا اسم المسحور موضع المبعوث انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ اى مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون قال الكاشفى [بزدند براى تو مثلها وترا توصيف كردند بمجنون وساحر وكاهن وشاعر] فَضَلُّوا فى جميع ذلك عن منهاج المحاجة فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا الى طعن يمكن ان يقبله أحد فيتهافتون ويخطون كالمتحير فى امر لا يدرى ما يصنع ويأتون بما لا يرتاب فى بطلانه أحد او فضلوا عن الحق والرشاد فلا يستطيعون سبيلا اليه لانهم بالغوا فى الضلالة والإنكار وكانوا مستمعين بالهوى فيستمعون الأساطير والسحر والشعر ولو استمعوا بالله لاستمعوا كلام الله وصفاته ولانحراف مزاجهم وحصول المرض فى قلوبهم كانوا يتنفرون عند استماع ذكر الواحد الأحد بالوحدانية والوحدة ولا يجدون حلاوة التوحد بل يجدون منه المرارة لسوء المزاج. ومن هذا القبيل إكباب اهل الهوى فى كل عصر على استماع القصص والأساطير معرضين عن كلام الله الملك العلى الكبير بل وأكثرهم لا يريد الا المحادثة الدنيوية والمذاكرة العرفية والتعدي الى اعراض الناس والاتباع الى ما يوسوس به الوسواس الخناس والقدح فى شان اهل الحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال. يا عبدى أما تستحيى منى إذا يأتيك كتاب من بعض اخوانك وأنت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى أنزلته إليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أو كنت أهون عليك من بعض اخوانك. يا عبدى يقعد إليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل فى حديثه او مأت اليه ان كف وها انا اذن مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى أهون عندك من بعض اخوانك كذا فى الاحياء
هر كه تعظيم حق كند دائم ... شود از دل بامر او قائم
وَقالُوا اى الكفرة المنكرون للبعث من اهل مكة نسوا بداية خلقهم انهم خلقوا من تراب بل انهم خلقوا من لا شىء كقوله تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً فقالوا على سبيل الإنكار والاستبعاد أَإِذا كُنَّا [آيا آن هنگام كه شويم ما بعد از مرك بمرور زمان] عِظاماً [استخوانها] وَرُفاتاً هو ما بولغ فى دقه وتفتيته أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [آيا برانگيخته شدكان شويم] خَلْقاً جَدِيداً نصب على المصدر من غير لفظه او على الحالية على ان الخلق بمعنى المخلوق. قوله إذا متمحضة للظرفية وهو الأظهر والعامل فيها ما دل عليه مبعوثون لانفسه لان ما بعد ان والهمزة واللام لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث او تعاد وهو المرجع للانكار اى حياتنا بعد الموت محال منكر لما بين غضاضة الحي ويبوسة الرميم من التنافي وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيصه به فانهم منكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه اليه فى حالة منافية له قُلْ جوابا لهم كُونُوا حِجارَةً(5/169)
أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)
[سنك] أَوْ حَدِيداً [يا آهن] أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ يعظم عندكم من قبول الحياة لكونه ابعد شىء منها فانكم مبعوثون ومعادون لا محالة اى فان قدرته تعالى لا تقصر عن احيائكم لاشتراك الأجسام فى قبول الاعراض فكيف إذا كنتم عظاما مرفوتة وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشيء اقبل لما عهد فيه مما لم يعهد والأمر وارد على التمثيل يعنى فى المثل [كرديد بتن خود سنك يا آهن] كما فى تفسير الكاشفى وقال فى الكواشي هو امر تعجيز وتوبيخ لا امر الزام وقال فى بحر العلوم ليس الأمر هاهنا على حقيقته بل على المجاز لان المقصود اهانتهم وقلة المبالاة بهم لا طلب كونهم حجارة او حديدا لعدم قدرتهم على ذلك وما يكبر فى صدورهم السموات والجبال والجمهور على انه الموت إذ ليس فى النفس شىء اكبر من الموت اى لو كنتم الموت بعينه لأميتكم ولأبعثكم فَسَيَقُولُونَ [پس زود باشد كه كويند] مَنْ [كيست كه] يُعِيدُنا يبعثنا بعد الموت. يعنى [زنده سازد ما را پس از مرك] وقد نسوا مبدئهم فلزمهم نسيان معيدهم قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ اى يعيدكم القادر العظيم الذي اخترعكم وانشأكم أَوَّلَ مَرَّةٍ من غير مثال وكنتم ترابا ماشم رائحة الحياة فهو المبدئ والمعيد يعنى [پس آنكه خاك را تواند جان داد در بدايت هم خاك را زنده تواند ساخت در نهايت] فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ انغض حرك اى سيحرّ كونها نحرك تعجبا وإنكارا وَيَقُولُونَ استهزاء مَتى هُوَ اى ما ذكرت من الاعادة فهو سؤال عن وقت البعث بعد تعيين الباعث قُلِ لهم عَسى أَنْ يَكُونَ ذلك قَرِيباً فان كل آت قريب أو لأنه مضى اكثر الزمان وبقي اقله قال فى بحر العلوم اى هو قريب لان عسى فى الأصل للطمع والإشفاق من الله تعالى واجب يعنى انه قرب وقته فقد قرب ما يكون فيه من الحساب والعقاب يَوْمَ يَدْعُوكُمْ من الأجداث كما دعاكم من العدم فَتَسْتَجِيبُونَ منها استجابة الاحياء اى اذكروا يوم يبعثكم فتنبعثون وقد استعير لهما الدعاء والاجابة إيذانا بكمال سهولة التأتى وقال ابو حيان والظاهر ان الدعاء حقيقة اى يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الاخيرة كما قال يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ومعنى فتستجيبون توافقون الداعي فيما دعاكم اليه كما قال الكاشفى [بخواند شما را اسرافيل در نفخه اخيره بجهت قيام از قبور پس شما اجابت كنيد اسرافيل را] وقال بعضهم المقصود منها الإحضار للمحاسبة والجزاء يقول الفقير لا يخفى ان الدعوة متعددة فدعاء البعث والنشر ودعاء الحشر كما قال تعالى مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ اى مسرعين ودعاء الكتاب كما قال تعالى وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ والمراد فى هذا المقام هو الدعوة الاولى لان الكلام فى البعث بِحَمْدِهِ حال من فاعل تستجيبون اى حامدين لله تعالى على قدرته على البعث كما قال سعيد ابن جبير انهم ينفضون التراب عن رؤسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك فيقدسونه ويحمدونه حين لا ينفعهم ذلك وفى الكواشي بحمده اى بإرادته وامره كما قال الكاشفى [در تفسير بصائر حمد را بمعنى امر داشت چنانچهـ در آيت فسبح بحمد ربك اى صل بامره پس معنى آيت چنين بود كه خداى شما را بخواند بامر او واجابت كنيد او را] وَتَظُنُّونَ(5/170)
وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)
عند ما ترون من الأمور الهائلة إِنْ لَبِثْتُمْ اى ما لبثتم فى القبور او فى الدنيا إِلَّا قَلِيلًا بالنسبة الى لبثكم بعد الاحياء الى الابد فان قيل كل أحد يستقصر مدة حياته فى الدنيا ولو عمر أطول الأعمار قلنا ذلك الاستقصار مع العلم بمدة العمر لطويل أمله وفى القيامة يذهل عن تلك المدة لشدة الهول قال الكاشفى [يعنى زندكى خود را در دنيا اندك شمريد نسبت بآن پس بايد كه خردمند آگاه نيز حيات دنيا را در جنب زندكئ عقبى اندك شمرد واين اندك فانى را در كار آن بسيار باقى صرف كند تا در ان روز بعذاب حسرت وندامت در نماند] قال الشيخ سعدى قدس سره
بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى
كسى كوى دولت ز دنيا ببرد ... كه با خود نصيبى بعقبى ببرد
فلا بد من الاستعداد ليوم القيامة بالأعمال الصالحة والاجتناب عن المعاصي فانه عما قريب يصير العلم عينا واعلم انك إذا مت فقد قامت قيامتك لان الإنسان إذا مات فقد عاين امر القيامة لانه يرى الجنة والنار والملائكة ولا يقدر على عمل من الأعمال فصار بمنزلة من حضر يوم القيامة فختم على عمله بالموت فيقوم يوم القيامة على ما مات عليه فطوبى لمن كان خاتمته بخير قال ابو بكر الواسطي رحمه الله الدولة ثلاث. دولة فى الحياة وهى ان يعيش فى طاعة الله تعالى. ودولة عند الموت وهى ان تخرج روحه بشهادة ان لا اله الا الله. ودولة يوم القيامة وهو ان يأتيه البشير بالجنة حين يخرج من قبره ولا ريب فى ان العاصي ومنكر البعث يأتيه النذير بالنار فلا بد من الطاعة والإقرار فان الله تعالى يحيى الأرض بعد موتها وهو دليل على النشور: وفى المثنوى
خاك را ونطفه را ومضغه را ... پيش چشم ما همى دارد خدا
كز كجا آوردمت اى بد نيت ... كه از ان آيد همى خفريقيت
تو بدان عاشق بدى در دور آن ... منكر اين فضل بودى آن زمان
اين كرم چون دفع آن انكار تست ... كه ميان خاك مى كردى نخست
حجت انكار شد انشار تو ... از دوا بدتر تر شد اين بيمار تو
خاك را تصوير اين كار از كجا ... نطفه را خصمى وانكار از كجا
چون در ان دم بي دل وبي سر بدى ... فكرت وانكار را منكر بدى
از جمادى چونكه انكارت برست ... هم ازين انكار حشرت شد درست
پس مثال تو چوآن حلقه ز نيست ... كز درونش خواجه كويد خواجه نيست «1»
حلقه زن زين نيست در يابد كه هست ... پس ز حلقه بر ندارد هيچ دست
پس هم انكارت مبين ميكند ... كز جماد او حشر صدفن ميكند
وَقُلْ يا محمد لِعِبادِي اى المؤمنين يَقُولُوا اى للمشركين عند محاورتهم معهم بنى على حذف النون لما كان بمعنى الأمر كما بنى الاسم المتمكن فى النداء فى قولك يا زيد على الضمة لما أشبه قبل وبعد الَّتِي اى الكلمة التي هِيَ أَحْسَنُ ولا يخاشنوهم كقوله تعالى وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة
__________
(1) در أوائل چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك إلخ(5/171)
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)
الى ان اختصاص بعض العباد بتشريف الاضافة الى نفسه يؤدى الى تأثير نظر العناية فيهم فيخرج منهم القول الأحسن والفعل الأحسن والخلق الأحسن. اما القول الأحسن فهو الدعاء الى الله بلا اله الا الله مخلصا. واما الفعل الأحسن فهو ما كان على قانون الشريعة وآداب الطريقة متوجها الى عالم الحقيقة. واما الخلق الأحسن فهو مع الله بان يسلم وجهه لله محسنا فى طلبه ومع الخلق بان يحسن إليهم بلا طمع فى الإحسان والشكر منهم ويتجاوز عن إساءتهم اليه ويعيش فيهم بالنصيحة يأمرهم بالمعروف بلا عنف وينهاهم عن المنكر بلا فضيحة إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ يقال نزغ بينهم أفسد واغرى ووسوس اى يفسد ويهيج الشر والمراء بينهم فلعل المخاشنة بهم تفضى الى العناد وازدياد الفساد وفى التأويلات إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إذا لم يعيشوا بالنصيحة فينبغى لعقلاء كل زمان ان يكونوا فى باب النصيحة مثل الاصحاب رضى الله عنهم بحيث ان حالهم ومعاملتهم مع اهالى زمانهم لا يتفاوت على حالهم لو كانوا فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ قدما لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً ظاهر العداوة لا يزيد صلاحهم أصلا بل يريد هلاكهم وقد ابان عداوته لهم إذا خرج أباهم من الجنة ونزع عنه لباس النور رَبُّكُمْ ايها المشركون أَعْلَمُ بِكُمْ منا إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بالتوفيق للايمان أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ بالاماتة على الكفر فهو تفسير للتى هى احسن وما بينهما اعتراض اى قولوا لهم هذه الكلمة وما يشاء كلها ولا تصرحوا بانهم من اهل النار فانه مما يهيجهم على الشر مع ان العاقبة مما لا يعلمه الا الله فعسى يهديهم الى الايمان هذا ما ذهب اليه صاحب الكشاف وتبعه البيضاوي وابو السعود رحمهما الله وقال الجمهور المراد بالتي هى احسن هى المحاورة الحسنة بحسب المعنى والرحمة الانجاء من كفار مكة واذاهم والتعذيب تسليطهم عليهم فيكون الخطاب فى ربكم للمؤمنين وفى التأويلات هو اعلم بمن جعله منكم مظهر صفة لطفه ورحمته فيرحمه ويخلصه من إضلال الشيطان واغوائه وبمن جعله منكم مظهر صفة قهره وعذابه فيعذبه بإضلاله واغوائه وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا موكولا إليك يا محمد أمورهم ومفوضا تجبرهم على الايمان كما قال لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وإِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المخاصمة وعنه عليه السلام (ان الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني باقامة الفرائض) : حافظ
آسايش دو كيتى تفسير اين دو حرفست ... با دوستان تلطف با دشمنان مدارا
كما قال بعضهم فى عيش الإنسان الكامل [با خدا بصدق. وبا خلق بانصاف. وبا نفس بقهر. وبا زير دستان بشفقت. وبا بزركان بحرمت. وبا دوستان بنصيحت. وبا دشمنان بمدارا. وبا علما بتواضع وبا درويشان بسخا. وبا جاهلان بخاموشى وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وتفاصيل أحوالهم الظاهرة والباطنة التي بها يستأهلون الاصطفاء والاجتباء فيختار منهم لنبوته وولايته من يستحقه وهو رد لاستبعاد قريش ان يكون يتيم ابى طالب نبيا وان يكون العراة الجوع أصحابه كصهيب وبلال وخباب وغيرهم دون ان يكون ذلك فى بعض الا كابر والصناديد وذكر من فى السموات لابطال قولهم لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ وذكر من فى الأرض لرد قولهم لَوْلا(5/172)
نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
اى من احدى القريتين مكة والطائف كالوليد بن المغيرة المخزومي وعروة بن مسعود الثقفي وقيل غيرهما وفى التأويلات هو اعلم بمن جعل منهم مظهر صفة لطفه ومن جعل منهم مظهر صفة قهره فى السموات كالملائكة وإبليس والأرض كالمؤمنين والكافرين وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ قال البيضاوي وتبعه ابو السعود اى بالفضائل النفسانية والتبري من العلائق الجسمانية لا بكثرة الأموال والاتباع حتى داود فانه شرفه بما اوحى اليه من الكتاب لا بما اوتى من الملك انتهى يقول الفقير هذا صريح فى انهم متفاضلون فى معنى التبري من العلائق الجسمانية وهو خطأ فان تفاضلهم فى ذلك انما هو على من عداهم من افراد الامة لا على إخوانهم الأنبياء وتحقيقه انه ليس فيهم العلائق الروحانية لمنافاتها الوصول الى الله تعالى والاخذ من عالم القدس ولذا قالوا باب العلم بالله لا ينفتح وفى القلب لمحة للعالم باسره الملك
والملكوت واما العلائق الجسمانية كالملك وكثرة الأزواج والأولاد ونحو ذلك فهى وعدمها سواء بالنسبة إليهم فعيسى ويحيى عليهما السلام مع ماهما عليه من الزهد والتجرد لا فضيلة لهما فى ذلك على داود وسليمان عليهما السلام مع ماهما عليه من الملك وكثرة الأزواج واسناد العلاقة إليهم ولو صورة ليس من الأدب فالوجه ان التفضيل انما هو بالكتاب والرسالة والخلة والتكليم والمعراج والرؤية والشفاعة ونحو ذلك كما قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ الاية والقرآن يفسر بعضه بعضا قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فضل سليمان عليه السلام بالظهور بمجموع الملك وعيسى بالكلام فى المهد والتأييد بروح القدس واحياء الموتى وخلق الطين طيرا بالاذن ونحو ذلك وموسى بالتكليم واليد والعصا وفرق البحر وانفجار الحجر ونحوها وفضل صالح بخروج ناقة من الحجر ونحوها وهود بالريح العقيم وابراهيم بالنجاة من النار ونحو ذلك ويوسف بالجمال وتأويل الرؤيا ولما تفاضل استعدادهم لتمام التجلي من حيث النبوة تفاضلوا ايضا فانه ليس فى الوجود الا متغذ مرزوق وقد فضل الله بعض المرزوقين على بعض والرزق حسى للجسوم وعقلى للارواح كالعلوم فاما من حيث ولايتهم الذاتية واستنادهم الى الله تعالى فهم نفس واحدة فلا فاضل ولا مفضول ولذا قال عليه السلام (لا تفضلونى بين الأنبياء) وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً تفضيلا له كان زبور داود مائة وخمسين سورة ليس فيها حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود بل تمجيد وتحميد ودعاء نكر زبورا هنا وعرفه فى الأنبياء حيث قال وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ لانهما واحد كعباس والعباس وفى التأويلات النجمية قوله وَلَقَدْ فَضَّلْنا الآية يشير الى ان الحكمة الازلية اقتضت ارتفاع درجات المقبولين واتضاع دركات المردودين فانهما مظاهر صفة اللطف والقهر ولكل واحد من اللطف والقهر نصيب منه حكمة بالغة فى اظهار كمالات اللطف والقهر من الأزل الى الابد وفضلنا الأنبياء بعضهم على بعض بارتفاع المكان فى القربة وقبول از نظر العناية على حسب سرايته فى الامة وخيريتها ألا ترى انه عليه السلام لما كان أفضل الأنبياء كانت أمته خير الأمم وكتابه أفضل الكتب ففى قوله وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً اشارة الى ان فضل النبي صلى الله عليه وسلم(5/173)
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57) وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58) وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)
على داود بقدر فضل القرآن على الزبور انتهى وقد نعت الله نبينا عليه السلام وأمته المرحومة فى جميع الكتب المتقدمة
اى وصف تو در كتاب موسى ... وى نعت تو در زبور داود
مقصود تويى ز آفرينش ... باقى بطفيل تست موجود
وفضله الله بكثرة الاتباع ايضا كما قال عليه السلام (اهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها أمتي) وفى جامع الأصول عن الزهري عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جلس ناس من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتذاكرون وهم ينتظرون خروجه فخرج حتى دنا منهم فسمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم عجبا ان الله تعالى اتخذ من خلقه خليلا اتخذ ابراهيم خليلا وقال آخر ماذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما وقال آخر ماذا بأعجب من جعل عيسى كلمة الله وروحه فقال آخر ماذا بأعجب من آدم اصطفاه الله عليهم فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وقال (قد سمعت كلامكم وأعجبكم ان ابراهيم خليل الله وهو كذلك وان موسى نجى الله وهو كذلك وان عيسى روح الله وكلمته وهو كذلك وان آدم اصطفاه الله وهو كذلك ألا وانا حبيب الله ولا فخر وانا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وانا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر وانا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح الله فادخلها ومعى فقراء المهاجرين ولا فخر) وفى الحديث (ان الله اختارني على الأنبياء واختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار من أصحابي أربعا أبا بكر وعمر وعثمان وعليا) رضى الله عنهم كما فى بحر العلوم: قال المولى الجامى قدس سره
خدا بر سروران سرداريش داد ... ز خيل انبيا سالاريش داد
پى ديوار ايمان بود كارش ... شد او را چار ركن از چار يارش
فكما ان البيت يقوم بالأركان الاربعة فكذا الدين يقوم بالخلفاء الاربعة ولذلك قال عليه السلام (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) لانهم اصول بالنسبة الى من عداهم من المؤمنين قُلِ ادْعُوا [بخوانيد اى مشركان مكه] الَّذِينَ زَعَمْتُمْ انهم آلهة مِنْ دُونِهِ اى متجاوزين الله تعالى كالملائكة والمسيح وامه وعزير فَلا يَمْلِكُونَ فلا يستطيعون كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ازالة نحو المرض والفقر والقحط وَلا تَحْوِيلًا ولا تحويله ونقله منكم الى غيركم من القبائل أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ أولئك مبتدأ صفته الذين وخبره يبتغون اى أولئك الآلهة الذين يدعونهم المشركون من المذكورين يَبْتَغُونَ يطلبون لانفسهم إِلى رَبِّهِمُ ومالك أمورهم الْوَسِيلَةَ اى القربة بالطاعة والعبادة قال الكاشفى [وسيلتى ودست آويزى يعنى تقرب ميكنند بطاعت وعبادت او بحضرت او جل جلاله] أَيُّهُمْ أَقْرَبُ بدل من واو يبتغون واى موصولة اى يبتغى من هو اقرب الى الله منهم الوسيلة فكيف بمن دونه من غير الأقرب [يعنى آنها كه مقربان در كاهند از ملائكه وغير ايشان توسل ميكنند بحق سبحانه پس غير مقرب خود بطريق اولى كه وجه توجه بدان حضرت آورد] قال فى الكواشي او أيهم استفهام مبتدأ خبره اقرب والجملة(5/174)
وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)
نصب بيدعون. والمعنى يطلبون القرب اليه تعالى لينظروا اى معبوديهم اقرب اليه فيتوسلوا به تلخيصه آلهتهم ايضا يطلبون القرب اليه تعالى وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ بالوسيلة وَيَخافُونَ عَذابَهُ بتركها كدأب سائر العباد فاين هم من كشف الضر فضلا عن الالهية إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً حقيقا بان يحذره كل أحد حتى الرسل والملائكة وان لم يحذره العصاة لكمال غفلتهم بل يتعرضون له وتخصيصه بالتعليل لما ان المقام مقام التحذير من العذاب فعلى العاقل ان يترك الاعتذار ويحذر من بطش القهار عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما انه قال لعمر رضى الله عنه حين طعن يعنى [نيزه زده] يا امير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس وتوفى رسول الله وهو عنك راض ولم يختلف عليك اثنان وقتلت شهيدا قال عمر رضى الله عنه المغرور من غررتموه والله لو ان لى ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع اى القيامة وما بعد الموت لان المرء يطلع فيه على عمله ويلقى أمورا هائلة قال بعض الحكماء الحزن يمنع الطعام والخوف يمنع الذنوب والرجاء يقوى على الطاعات وذكر الموت يزهد عن الفضول والخوف والرجاء انما يكونان من الله تعالى لان المعبود مفيض الخير والجود. واما الأنبياء وورثتهم الكمل فوسائط بين الله تعالى وبين الخلق ولا بد من طاعتهم من حيث نبوتهم ووراثتهم ومن التقرب إليهم لتحصيل الزلفى: وفى المثنوى
از انس فرزند مالك آمده است ... كه بمهمانى او شخصى شده است «1»
او حكايت كرد كز بعد طعام ... ديد انس دستار خوانرا زرد فام
چركن وآلوده گفت اى خادمه ... اندر افكن در تنورش يكدمه
در تنور پر ز آتش در فكند ... آن زمان دستار خوانرا هوشمند
جمله مهمانان در ان حيران شدند ... انتظار دور كندورى بدند
بعد يكساعت در آورد از تنور ... پاك واسپيد واز ان او ساخ دور
قوم گفتند اى صحابئ عزيز ... چون نه سوزيد ومنقى كشت نيز
گفت زانكه مصطفى دست ودهان ... پس بماليد اندرين دستار خوان
اى دل ترسنده از نار وعذاب ... با چنان دست ولى كن اقتراب
چون جمادى را چنين تشريف داد ... جان عاشق را چها خواهد كشاد
مر كلوخ كعبه را چون قبله كرد ... خاك مردان باش اى جان در نبرد
وَإِنْ نافية مِنْ استغراقية قَرْيَةٍ [ديهى وشهرى] قال المولى ابو السعود رحمه الله المراد بها القرية الكافرة اى ما من قرية الكفار إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها اى مخربوها البتة بالخسف بها او باهلاك أهلها بالكلية لما ارتكبوا من عظائم المعاصي الموجبة لذلك قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ لان الهلاك يومئذ غير مختص بالقرى الكافرة ولا هو بطريق العقوبة وانما هو لانقضاء عمر الدنيا أَوْ مُعَذِّبُوها اى معذبوا أهلها على الاسناد المجازى عَذاباً شَدِيداً بالقتل والقحط والزلازل ونحوها من البلايا الدنيوية والعقوبات الاخروية لان التعذيب
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در حكايت منديل در تنور انداختن انس بن مالك وناسوختن(5/175)
مطلق عما قيد به الإهلاك من قبلية يوم القيامة وكثير من القرى العاصية قد أخرت عقوباتها الى يوم القيامة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه الله يقول الفقير لا يخفى ان هذا التعميم لا يناسب سوق الآية وقيد القبلية معتبر فى الشق الثاني ايضا وهو لا ينافى العذاب الشديد الواقع بعد يوم القيامة حسبما افصح عنه القاطع فالوجه حمل الإهلاك على الاستئصال والتعذيب على انواع البلية التي هى أشد من الموت وعمم فى بحر العلوم القرية يدل عليه إيراده قوله عليه السلام (ان أمتي امة مرحومة انما جعل عذابها فى القتل والزلازل والفتن) وقوله عليه السلام (ان حظ أمتي من النار بلاها تحت الأرض) وقد قيل الهلاك للقرى الصالحة والعذاب للطالحة قالوا خراب مكة من الحبشة وخراب المدينة من الجوع وخراب البصرة من الغرق وخراب ايلة من العراق وخراب الجزيرة من الجبل وخراب الشام من الروم وخراب مصر من انقطاع النيل وخراب الاسكندرية من البربر وخراب الأندلس من الروم وخراب فارس من الزلازل وخراب أصفهان من الدجال وخراب نهاوند من الجبل وخراب خراسان من حوافر الخيل وخراب الري من الديلم وخراب الديلم من الأرمن وخراب الأرمن من الخزر وخراب الخزر من الترك وخراب الترك من الصواعق وخراب السند من الهند وخراب الهند من اهل السد يأجوج ومأجوج- وروى- عن وهب بن منبه ان الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب ارمينية وارمينية آمنة حتى تخرب مصر ومصر آمنة حتى تخرب الكوفة ولا تكون الملحمة الكبرى حتى تخرب الكوفة وإذا كانت الملحمة الكبرى فتحت قسطنطينية على يدى رجل من بنى هاشم كانَ ذلِكَ الذي ذكر من الإهلاك والتعذيب فِي الْكِتابِ اى اللوح المحفوظ مَسْطُوراً مكتوبا لم يغادر منه شىء الا بين فيه كيفياته وأسبابه الموجبة له ووقته المضروب له وفى الحديث (أول شىء خلق الله القلم من نور فاخذه بيمينه وكلتا يديه يمين والقلم مسيرة خمسمائة عام واللوح مثله فقال للقلم اجر فجرى بما هو كائن الى يوم القيامة برها وفاجرها رطبها ويابسها فصدقوا بما بلغكم عن الله من قدرته) وفى الحديث (أول ما خلق الله القلم بيده ثم خلق النون وهو الدواة ثم قال اكتب فقال وما اكتب قال ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة ثم ختم على فم القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة) رواه ابن عباس رضى الله عنهما وفى التأويلات النجمية وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ اى قرية قالب الإنسان إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها بموت قلبه وروحه قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ اى قبل موت القالب فان من مات فقد قامت قيامته أَوْ مُعَذِّبُوها بصب البلاء والمحن والأمراض والعلل والمصائب والنقص فى الأموال والأنفس وانواع الرياضات والمجاهدات ومخالفات الهوى بالاختيار والاضطرار عَذاباً شَدِيداً فان الفطام من المألوفات شديد كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً من الأزل عزة وعظمة وكبرياء وجبروتا فلا يصل السائر الصادق المحب الى سرادقات جلاله شوقا الى جماله الا بعد العبور على العقبة الكؤود فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فلما كان حال البلوغ الى بيته قوله لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فكيف يكون حال اهل الوصول اليه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (ما أوذي نبى مثل ما أوذيت) فلما لم يصل أحد الى مقامه الذي وصل ما أوذي أحد فى السير الى الله والسير فى الله(5/176)
وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)
والسير بالله مثل ما أوذي صلى الله عليه وسلم وإيذاء السائرين بإذابة وجودهم فى السير ففى السير الى الله ذوبان الافعال وفى السير فى الله ذوبان الصفات وفى السير بالله ذوبان الذات فافهم جدا: سعدى
جفا نبرده چهـ دانى تو قدر يار ... تحصيل كام دل بتكاپوى خوش ترست
حافظ
ممكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب ... براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيت
وقال
خام را طاقت پروانه پر سوخته نيست ... نازكان را نرسد شيوه جان افشانى
اللهم اجعلنا من اهل الصبر على البلاء وارزقنا من غنائم اهل الولاء وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ الباء مزيدة اى وما صرفنا عن إرسال الآيات التي اقترحها قريش من احياء الموتى وقلب الصفا ذهبا ورفع جبال مكة لتنبسط الأرض وتصلح للزراعة واجراء الأنهار لتحصل الحدائق ونحو ذلك إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى وما منعنا عن إرسالها شىء من الأشياء الا تكذيب الأولين الذين هم أمثالهم فى الطبع كعاد وثمود وانها لو أرسلت لكذبوا تكذيب أولئك واستوجبوا الاستئصال على ما مضت به سنتنا وقد قضينا ان لا نستأصلهم لان فيهم من يؤمن أو يلد من يؤمن ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة فقال وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ وهو عطف على ما يفصح عنه النظم الكريم كأنه قيل وما منعنا ان نرسل بالآيات الا ان كذب بها الأولون حيث آتيناهم ما اقترحوا من الآيات الباهرة فكذبوها وآتينا ثمود الناقة بسؤالهم مُبْصِرَةً بينة ذات أبصار على ان يكون للنسبة فالتاء للبالغة او أسند إليها حال من يشاهدها مجازا فَظَلَمُوا بِها فكفروا بها ظالمين اى لم يكتفوا بمجرد الكفر بها بل فعلوا بها ما فعلوا من العقر وظلموا أنفسهم وعرضوها للهلاك بسبب عقرها ولعل تخصيصها بالذكر لما ان ثمود عرب مثلهم وان لهم من العلم بحالهم ما لا مزيد عليه حيث يشاهدون آثار هلاكهم ورودا وصدورا وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ المقترحة إِلَّا تَخْوِيفاً من نزول العذاب المستأصل كالطليعة له فان لم يخافوا انزل او بغير المقترحة كالمعجزات وآثار القرآن الا تخويفا بعذاب الآخرة فان امر من بعثت إليهم مؤخر الى يوم القيامة كرامة لك قيل ان الرسول عليه السلام هو الامان الأعظم ما عاش وما دامت سنته باقية فاذا اماتوها أماتهم الله وأهلكهم إذ لهذه الامة نصيب من عذاب الدنيا بقدر حالهم وذلك فى اواخر الزمان كما سبق فى المجلس السابق. ومنه الزلازل والمخاوف والطاعون فانه زجر لاهل الفسق وتسلط الظلمة فانه عذاب أي عذاب فينبغى للمؤمن ان يسارع الى طريق التقوى واحياء سنة خير الورى وفى الحديث (من احيى سنتى فقد أحياني ومن أحياني فقد أحبني ومن أحبني كان معى فى الجنة) وفى الحديث (من حفظ سنتى أكرمه الله بأربع خصال المحبة فى قلوب البررة والهيبة فى قلوب الفجرة والسعة فى الرزق والثقة بالدين) كما ان الرسول عليه السلام أمان ما عاش فكذا وارثه الأكمل فان اعتقاده واتباع طريقته كالايمان بالرسول واتباع(5/177)
وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)
شريعته إذ هو نائب عنه وخليفة له فالاقتران باهل الصلاح والتقوى مما يرفع الله به العذاب وقد ورد فى الحديث (إذا تحيرتم فى الأمور فاستعينوا من اهل القبور) ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى الأربعين حديثا والمراد باهل القبور من مات بالاختيار قبل الموت بالاضطرار: قال الحافظ
مدد از خاطر رندان طلب اى دل ور نى ... كار صعبست مبادا كه خطايى بكنيم
واعلم ان المؤمن الصادق فى إيمانه لا يعذبه الله فى الآخرة لان نبيه يكون فيهم يوم القيامة ومادام هو بين الامة لا يعذبهم الله وتقول لهم جهنم جزيا مؤمن فان نورك قد اطفأ نارى فان دخل المجرمون النار فذلك بجهة الخلوص لا الخلود وَإِذْ قُلْنا لَكَ واذكر إذ أوحينا إليك إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ اى علما وقدرة فهم فى قبضته فامض لامرك ولا تخف أحدا قال بعض الكبار احاطة الله سبحانه عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والأرض وكل ما يعزب عنه يلتحق بالعدم وقالوا هذه الإحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل بأجزائه ولا كاحاطة الكلى بجزئياته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ المراد بالرؤيا ما عاينه عليه السلام ليلة المعراج من عجائب الأرض والسماء والتعبير عن ذلك بالرؤيا اما لانه لا فرق بينه وبين الرؤية كما فى الكواشي الرؤيا تكون نوما ويقظة كالرؤية او لانها وقعت بالليل وتقضت بالسرعة كأنها منام او لان الكفرة قالوا لعلها رؤيا فتسميتها رؤيا على قول المكذبين قال فى الحواشي السعدية قد يقال تسميتها رؤيا على وجه التشبيه والاستعارة لما فيها من الخوارق التي هى بالمنام أليق فى مجارى العادات انتهى. اى وما جعلنا الرؤيا التي اريناكها ليلة الاسراء عيانا مع كونها آية عظيمة حقيقة بان لا يتلعثم فى تصديقها أحد ممن له ادنى بصيرة الا فتنة افتتن بها الناس حتى ارتد بعضهم وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ عطف على الرؤيا والمراد بلعنها فيه لعن طاعمها على الاسناد المجازى او ابعادها عن الرحمة فان تلك الشجرة التي هى الزقوم تنبت فى اصل الجحيم فى ابعد مكان من الرحمة اى وما جعلناها الا فتنة لهم حيث أنكروا ذلك وقالوا ان محمدا يزعم الجحيم تحرق الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجر ولقد ضلوا فى ذلك ضلالا بعيدا حيث كابروا قضية عقولهم فانهم يرون النعامة تبتلع الجمر وقطع الحديد المحماة فلا يضرها ويشاهدون المناديل المتخذة من وبر السمندل تلقى فى النار ولا تؤثر فيها قال الكاشفى [وعجب از ايشان بود كه از درخت سبز آتش ميكرفتند كما قال تعالى جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً وهيچ فكر نمى كردند كه آتش در درخت وديعت نهد چهـ عجب كه درخت در آتش بروياند] وهو المرخ والعفار يوجدان فى اغلب بوادي العرب يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين وهما أخضران يقطر منهما الماء(5/178)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66)
فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وَنُخَوِّفُهُمْ بذلك وبنظائره من الآيات فان الكل للتخويف فَما يَزِيدُهُمْ التخويف إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً عتوا متجاوزا عن الحد فلو انا أرسلنا بما اقترحوه من الآيات لفعلوا بها ما فعلوا بنظائرها وفعل بهم ما فعل بأشياعهم وقد قضينا بتأخير العقوبة العامة لهذه الامة الى الطامة الكبرى واوحى الله الى عيسى عليه السلام كم من وجه مليح صبيح ولسان فصيح وبدن صحيح غدا بين طباق النيران يصيح فلابد من الحوف فان العارفين يخلفون فما ظنك بغيرهم قال المزني دخلت على الشافعي رحمه الله فى مرضه الذي مات فيه فقلت له كيف أصبحت يا أستاذي قال أصبحت عن الدنيا راحلا ولا خوانى مفارقا ولعملى ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله واردا فما أدرى أروحي الى جنة أم الى نار ثم انا أقول
ولم أدر أي الحالتين تنوبنى ... وانك لا تدرى متى أنت ميت
: وفى المثنوى
لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائفان «1»
هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند
آنكه خوفش نيست چون كويى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس
واعلم ان رؤية الآيات واستماعها تزيد المؤمنين ايمانا وتقويهم فى باب اليقين لان التربة الطيبة لا تغير الماء الزلال ولا تخرجه عن طبعه والخبيثة لا يحصل لها به نماء إذ لا يستعد ولا يستحق الا العقم نسأل الله تعالى ان يفيض علينا سجال العلوم ويزيدنا فى الفهوم وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اى واذكر وقت قولنا للملائكة ما عدا الأرواح العالية وهم الملائكة المهيمة الذين لا شعور لهم بخلق آدم عليه السلام ولا بغيره لا ستغراقهم فى شهود الحق تعالى اسْجُدُوا لِآدَمَ تحية وتكريما لما له من الفضائل المستوجبة لذلك قال فى التأويلات النجمية ان الله خلق آدم فتجلى فيه فكانت السجدة في الحقيقة للحق تعالى وكان آدم بمثابة الكعبة قبلة للسجود فَسَجَدُوا له من غير تلعثم أداء لحقه عليه السلام وامتثالا للامر فدل ائتمارهم باوامر الحق والانتهاء عن نواهيه على السعادة الازلية إِلَّا إِبْلِيسَ فانه ابى واستكبر فدل المخالفة والاستكبار والإباء على الشقاوة الازلية إذ الابد مرآة الأزل يظهر فيها صورة الحال سعادة وشقاوة قال فى بحر العلوم استثنى إبليس من الملائكة وهو جنى لانه قد امر بالسجود معهم فغلبوا عليه تغليب الرجال على المرآة فى قولك خرجوا الا فلانة ثم استثنى الواحد منهم استثناء متصلا قالَ اعتراضا وعجبا وتكبرا وإنكارا عند ما وبخه تعالى بقوله يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ أَأَسْجُدُ وانا مخلوق من النصر العالي وهو النار قال الكاشفى [آيا سجده كنم يعنى نكنم] ولم يصح منى واستحال ان اسجد لان الاستفهام المعنى به الإنكار يكون بمعنى النفي لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً نصب على نزع الخافض اى من طين مثل واختار موسى قومه اى من قومه فاستحق اللعن والطرد والبعد قالَ إبليس بعد ما لعن وطرد وابعد إظهارا للعداوة واقداما على الحسد كما قال فى الإرشاد وقال إبليس لكن لا عقيب كلامه
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را در زير خرما بن(5/179)
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64)
المحكي بل بعد الانظار المترتب على الاستنظار المتفرع على الأمر بخروجه من بين الملأ الأعلى باللعن المؤيد وانما لم يصرح اكتفاء بما ذكر فى موضع آخر فان توسيط قال بين كلامى اللعين للايذان بعدم اتصال الثاني بالأول وعدم ابتنائه عليه بل على غيره أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ الكاف حرف خطاب اى ليس باسم حتى يكون فى محل النصب على انه مفعول رأيت بل هو حرف أكد به ضمير الفاعل المخاطب لتأكيد الاسناد فلا محل له من الاعراب وهذا مفعول أول والموصول صفته والثاني محذوف لدلالة الصفة عليه وأ رأيت هاهنا بمعنى أخبرني بان يجعل العلم الذي هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وبان يجعل الاستفهام مجازا عن الأمر بجامع الطلب. والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته علىّ بان أمرتني بالسجود له لم كرمته علىّ وفضلته بالخلافة والسجود وانا خير منه لانه خلق من طين وخلقت من نار: وفى المثنوى
آنكه آدم را بدن ديد او رميد ... وآنكه نور مؤتمن ديد او خميد «1»
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نه بيند جز كه طين «2»
لَئِنْ أَخَّرْتَنِ حيا يعنى [مرك مرا تأخير كنى چنانكه موعودست] إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يعنى على صفة الإغواء والإضلال وهو كلام مبتدأ واللام موطئة وجوابه قوله لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ اى لا ستولين على أولاده ونسله استيلاء قويا بالإغواء كما قال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ يقال احتنكه استولى عليه كما فى القاموس قال فى الإرشاد من قولهم حنكت الدابة واحتنكتها إذا جعلت فى حنكها الأسفل حبلا تقودها به او لاستأصلنهم بالإغواء. يعنى [هر آينه از بيخ بر كنم فرزندان او را باغوا و چنان كنم كه بعذاب تو مستأصل شوند] من قولهم احتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلا قال فى الاسئلة المقحمة علم إبليس ان فيهم شهوات مركبة فهى سبب ميلهم عن الحق الى الباطل قياسا على أبيهم حين مال الى أكل الشجرة بشهوته انتهى وقيل غير ذلك إِلَّا قَلِيلًا منهم وهم المخلصون الذين عصمهم الله تعالى قالَ الله تعالى اذْهَبْ على طريقتك السوء بالإغواء والإضلال وفى بحر العلوم ليس من الذهاب الذي هو نقيض المجيء بل معناه امض لما قصدته او طرد له وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه او هو على وجه الاهانة والتهديد تقول لمن لا يقبل منك اذهب وكن على ما اخترت لنفسك قال الكاشفى [امر اهانت است وابعاد يعنى او را براند از دركاه قرب وگفت در پى مهم خود برو] فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ على الضلالة قال الكاشفى [هر كه متابعت كند ترا وفرمان تو برد] فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ اى جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب رعاية لحق المتبوعية جَزاءً مَوْفُوراً من وفر الشيء كمل اى تجزون جزاء مكملا فنصبه على المصدر بإضمار فعله قال الكاشفى [جزايى تمام يعنى عذابى بر دوام] وَاسْتَفْزِزْ اى استخف وحرك ومنه استفزه الغضب استخفه والاستفزاز [سبك كردن] وفى بحر العلوم واستزل وحرك يعنى [از جاى بجنبان وبلغزان] مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ من قدرت ان تستفزه من ذريته وقال الكاشفى [هر كه را توانى لغزانيد از ايشان] بِصَوْتِكَ بوسوستك ودعائك الى الشر والمعصية
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در حكايت ديدن خواجه غلام خود را سفيد رو إلخ
(2) در اواخر دفتر سوم در تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا إلخ(5/180)
وكل داع الى معصية الله فهو من حزب إبليس وجنده [وامام زاهدى از ابن عباس نقل ميكند كه هر آوازى كه نه در رضاى خداى تعالى از دهان بيرون آيد آواز شيطانست] وقال مجاهد بالغناء والمزامير فالمغنون والزامرون من جند إبليس وقد ورد فى الخبر الوعيد على الزام وفى الحديث (بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير) المزامير جمع مزمار وهو آلة معروفة يضرب بها ولعل المراد آلات الغناء كلها تغليبا والكسر ليس على حقيقته بل مبالغة عن النهى لقرينة فان قلت الحديث المذكور صريح فى قبح المزمار والظاهر من قوله عليه السلام حين سمع صوت الأشعري وهو يقرأ (لقد اوتى هذا من مزامير آل داود) خلافه قلت ضرب المزامير مثلا لحسن صوت داود عليه السلام وحلاوة نغمته كأن فى حلقه مزامير يرمزبها والآل مقحم ومعناه الشخص كذا فى شرح الأربعين حديثا لابن كمال وفى التأويلات النجمية واستنزل بتمويهات الفلاسفة وتشبيهات اهل الأهواء والبدع وخرافات الدهرية وطامات الإباحية وما يناسبها من مقالات اهل الطبيعة مخالفا للشريعة وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [وبرانگيزان بر ايشان بسواران و پيادگان يعنى ديوانى كه معاون تواند در وسوسه واغوا همه را جمع كن در تسلط بر ايشان] وفى الكواشي جلب واجلب واحد بمعنى الحث والصياح اى صح عليهم باعوانك وأنصارك من راكب وراجل من اهل الفساد والخيل الخيالة بتشديد الياء وهى اصحاب الخيول ومنه قوله عليه السلام (يا خيل الله اركبي) والرجل بالسكون بمعنى الراجل وهو من لم يكن له ظهر يركبه قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ان خيلا ورجلا من الجن والانس فما كان من راكب يقاتل فى معصية الله فهو من خيل إبليس وما كان من راجل يقاتل فى معصية الله فهو من رجل إبليس ويجوز ان يكون استفزازه بصوته واجلابه بخيله ورجله تمثيلا لتسلطه على من يغويه فكأنه مغوارا وقع على قوم فصوت بهم صوتا يزعجهم من أماكنهم ويقلعهم عن مراكزهم واجلب عليهم بجنده من خيالة ورجالة حتى استأصلهم وَشارِكْهُمْ [شركت ده بايشان] فِي الْأَمْوالِ بحملهم على كسبها او جمعها من الحرام والتصرف فيها على ما لا ينبغى من الربا والإسراف ومنع الزكاة وغير ذلك وَالْأَوْلادِ بالحث على التوصل إليهم بالأسباب المحرمة والوأد والإشراك كتسسينهم بعبد العزى وعبد الحارث وعبد الشمس وعبد الدار وغير ذلك. والتضليل بالحمل على الأديان الزائغة والحرف الذميمة والافعال القبيحة وقال فى التأويلات النجمية بتضييع زمانهم وإفساد استعدادهم فى طلب الدنيا ورياستها متغافلين عن تهذيب نفوسهم وتزكيتها وتأديبها وتوقيها عن الصفات المذمومة وتحليتها بالصفات المحمودة وتعليمهم الفرائض والسنن والعلوم الدينية وتحريضهم على طلب الآخرة والدرجات العلى والنجاة من النار والدركات السفلى انتهى وعن جعفر بن محمد ان الشيطان يقعد على ذكر الرجل فاذا لم يقل باسم الله أصاب معه امرأته وانزل فى فرجها كما ينزل الرجل وقد جعل الله له فى كثير من الأشياء نصيبا وفى الحديث (ان إبليس لما انزل الى الأرض قال يا رب أنزلتني الأرض وجعلتنى رجيما فاجعل لى بيتا قال الحمام قال فاجعل لى مجلسا قال الأسواق ومجامع الطرق قال فاجعل لى طعاما(5/181)
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66)
قال ما لم يذكر اسم الله عليه قال اجعل لى شرابا قال كل مسكر قال اجعل لى مؤذنا قال المزامير قال اجعل لى قرآنا قال الشعر قال اجعل لى كتابا قال الوشم قال اجعل لى حديثا قال الكذب قال اجعل لى رسلا قال الكهنة قال اجعل لى مصائد قال النساء) كما فى بحر العلوم للسمرقندى وَعِدْهُمْ المواعيد الباطلة كشفاعة الآلهة والاتكال على كرامة الآباء وتأخير التوبة بتطويل الأمل واخبارهم ان لا جنة ولا نار ونحو ذلك وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ اللام يحتمل العهد والجنس قال عليه السلام (ما منكم من أحد الا وله شيطان) إِلَّا غُرُوراً يعنى [خطا را در صورت ثواب مى آرايد] وهو تزيين الخطأ بما يوهم انه صواب قال فى بحر العلوم هذة الأوامر واردة على طريق التهديد كقوله للعصاة اعملوا ما شئتم وقيل على سبيل الخذلان والتخلية إِنَّ عِبادِي الاضافة للتشريف وهم المخلصون وفيه ان من تبعه ليس منهم [امام قشيرى فرموده كه بنده حق آنست كه در بند غير نباشد. وشيخ عطار فرمايد]
چوتو در بند صد چيزى خدا را بنده چون باشى ... كه تو در بند هر چيزى كه باشى بنده آنى
لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ اى تسلط وقدرة على اغوائهم كما قال إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لهم يتوكلون عليه ويستمدونه يا إبليس الخلاص من اغوائك قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان عباد الله هم الأحرار عن رق الكونين وتعلقات الكونين فلا يستعبدهم الشيطان ولا يقدر على ان تعلق بهم فيضلهم عن طريق الحق ويغويهم بما سواه عنه وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لهم فى ترتيب اسباب سعادتهم وتفويت اسباب شقاوتهم والحراسة من الشيطان والهداية الى الرحمن يقول الفقير لا يلزم من نفى التسلط ان لا يقسط هم الشيطان أصلا فان ذلك يرده قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ فانه كلمة إذا تدل على التحقيق والوقوع ولكنهم محفوظ من الاتباع لكونهم مؤيدين من عند الله تعالى- حكى- انه جاء يهودى الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد نحن نعبد بحضور القلب بلا وسواس الشيطان ونسمع من أصحابك انهم يصلون بالوساس فقال عليه السلام لأبى بكر رضى الله عنه (أجبه) فقال يا يهودى بيتان بيت مملوء بالذهب والفضة والدر والياقوت والاقمشة النفيسة وبيت خراب خال ليس فيه شىء من المذكورات أيقصد اللص الى البيت المعمور المملوء من الاقمشة النفيسة أم يقصد الى البيت الخراب فقال اليهودي يقصد الى البيت المعمور المملوء بذلك فقال ابو بكر رضى الله تعالى عنه قلوبنا مملوءة بالتوحيد والمعرفة والايمان واليقين والتقوى والإحسان وغيرها من الفضائل وقلوبكم خالية عن هذه فلا يقصد الخناس إليها فاسلم اليهودي فظهر ان الشيطان قاصد ولكنه غير واصل الى مراده فان الله يحفظ أولياءه رَبُّكُمُ [پروردگار شما] وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي القادر الحكيم الذي يُزْجِي الإزجاء [راندن] يقال زجاه وأزجاه ساقه اى يسوق ويجرى بقدرته الكاملة لَكُمُ لمنافعكم الْفُلْكَ اى السفن فِي الْبَحْرِ [در دريا] قال فى القاموس البحر الماء الكثير لِتَبْتَغُوا لتطلبوا مِنْ فَضْلِهِ من رزق هو فضل من قبله إِنَّهُ كانَ بِكُمْ ازلا وابدا رَحِيماً(5/182)
وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69) وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71)
حيث هيألكم ما تحتاجون اليه وسهل عليكم ما يعسر من أسبابه فالمراد الرحمة الدنيوية والنعمة العاجلة المنقسمة الى الجليلة والحقيرة وَإِذا مَسَّكُمُ [و چون برسد شما را] الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ خوف الغرق فيه ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ اى ذهب عن خواطركم كل من تدعون فى حوادثكم وتستغيثون إِلَّا إِيَّاهُ تعالى وحده من غير ان يخطر ببالكم أحد منهم وتدعوه لكشفه استقلالا او اشتراكا ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا اى ضل كل من تدعونه وتعبدونه من الآلهة كالمسيح والملائكة وغيرهم من عونكم وغوثكم ولكن الله هو الذي ترجونه لصرف النوازل عنكم فَلَمَّا [پس آن هنكام كه] نَجَّاكُمْ من الغرق وأوصلكم إِلَى الْبَرِّ [بسوى بيابان] أَعْرَضْتُمْ عن التوحيد وعدتم الى عبادة الأوثان ونسيتم النعمة وكفرتم بها وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً بليغ الكفران ولم يقل وكنتم كفورا ليسجل على ان هذا الجنس موسوم بكفران النعمة أَفَأَمِنْتُمْ الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف تقديره أنجوتم فأمنتم من أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ الذي هو مأمنكم كقارون وبكم فى موضع الحال وجانب البر مفعول به اى يقلبه الله وأنتم عليه ويجوز ان تكون الباء للسببية اى يلقبه بسبب كونكم فيه قال سعدى المفتى اى يقلب جانب البر الذي أنتم فيه فيحصل بخسفه إهلاككم والا فلا يلزم من خسف جانب البر بسببهم إهلاكهم وقال الكاشفى [آيا ايمن شديد كه از دريا بصحرا آمديد يعنى ايمن مباشيد از آنكه فرو برد شما را بكرانه از زمين يعنى آنكه قادر است كه شما را در آب فرو برد توانست بر آنكه در خاك نهان كند] قال فى القاموس خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فى الأرض وخسف الله بفلان الأرض غيبه فيها لازم ومتعد وفى التهذيب الخسف بزمين فرو بردن قال الله تعالى فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ من فوقكم حاصِباً ريحا ترمى الحصباء وهى الحصى الصغار يرجمكم بها فيكون أشد عليكم من الغرق فى البحر وقيل اى يمطر عليكم حصباء كما أرسلها على قوم لوط واصحاب الفيل ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا يحفظكم من ذلك ويصرفه عنكم فانه لا رادّ لامره الغالب أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ فى البحر بعد خروجكم الى البر وسلامتكم تارَةً مرة أُخْرى بخلق دواعى تلجئكم الى ان ترجعوا فتركبوه فاسناد الاعادة اليه تعالى مع ان العود اليه باختيارهم باعتبار خلق تلك الدواعي الملجئة وفيه ايماء الى كمال شدة هول ما لا قوه فى التارة الاولى بحيث لولا الاعادة لما عادوا واوثرت كلمة فى على كلمة الى المنبئة عن مجرد الانتهاء للدلالة على استقرارهم فيه فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ وأنتم فى البحر قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ وهى التي لا تمر بشئ الا قصفته اى كسرته وجعلته كالرميم وذكر قاصفا لانه ليس بإزائه ذكر فجرى مجرى حائض كما فى الكواشي فَيُغْرِقَكُمْ بعد كسر فلككم كما ينبئ عنه عنوان القصف بِما كَفَرْتُمْ بسبب اشراككم وكفرانكم لنعمة الانجاء ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ [بآن غرق كردن] تَبِيعاً مطالبا يتبعنا بانتصار او صرف قال فى القاموس التبيع كامير التابع ومنه قوله تعالى ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً اى ثائرا ولا طالبا انتهى وفى الآيات إشارات منها ان الشريعة(5/183)
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)
كالفلك فى بحر الحقيقة إذ لو لم يكن هذا الفلك ما تيسر لاحد العبور على بحر الحقيقة والمقصود منه جذبة العناية إذ هى ليست بمكتسبة للخلق بل من قبيل الفضل فعلى من يريد النيل الى هذه الجذبة ان يسير بقدمي العلم والعمل: قال فى المثنوى
رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت مى رود
ومنها ان الاعراض عن الحق بالكفران يؤدى الى الخسران قال الجنيد لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله تعالى بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين
درين ره دائما ثابت قدم باش ... برو از رهزن غم بي الم باش
ز بازار توجه رو مكردان ... همه سودى كه خواهى اندرين دان
ومنها ان جميع الجوانب والجهات متساوية بالنسبة الى قدرته تعالى وقهره سلطانه لا ملجأ ولا منجى منه الا اليه فعلى العبد ان يستوى خوفه من الله فى جميع الجوانب حيث كان فان الله كان متحليا بجماله وجلاله فى جميع الاينيات ولذا كان اهل اليقظة والحضور لا يفرقون بين اين واين وبين حال وحال لمشاهدتهم احاطة الله تعالى فان الله تعالى لو شاء لاهلك من حيث لا يخطر بالبال ألا ترى انه أهلك النمرود بالبعوض فكان البعوض بالنسبة الى قدرته كالاسد ونحوه فى الا هلاك وربما رأيت من غص بلقمة فمات فانظر فى ان تلك اللقمة مع انها من اسباب الحياة كانت من مبادى الممات فاماته الله من حيث يدرى حياته فيه ولو أمعنت النظر لوجدت شؤون الله تعالى فى هذا العالم عجيبة
هر كرا خواهد خدا آرد بچنك ... نيست كس را قوت بازوى جنك
قال الله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ التكريم والا كرام بمعنى والاسم منه الكرامة والمعنى [بالفارسية وهر آيينه كرامى كرديم فرزندان آدم را] قال المولى ابو السعود بنى آدم قاطبة تكريما شاملا لبرهم وفاجرهم وفى التأويلات النجمية خصصناهم بكرامة تخرجهم من حيز الاشتراك وهى على ضربين جسدانية وروحانية فالكرامة الجسدانية عامة يستوى فيها المؤمن والكافر وهى تخمير طينته بيده أربعين صباحا وتصويره فى الرحم بنفسه وانه تعالى صوره فاحسن صورته وسواه فعدله فى أي صورة ما شاء ركبه ومشاه سويا على صراط مستقيم مستقيم القامة أخذا بيديه آكلا بأصابعه مزينا باللحى والذوائب صانعا بانواع الحرف والكرامة الروحانية على ضربين خاصة وعامة فالعامة ايضا يستوى فيها المؤمن والكافر وهى ان كرمه بنفخه فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها وكلمه قبل ان خلقه بقوله ألست بربكم فاسمعه خطابه وأنطقه بجوابه بقوله قالوا بلى وعاهده على العبودية واولده على الفطرة وأرسل اليه الرسل وانزل عليه الكتب ودعاه الى الحضرة ووعده الجنة وخوفه النار واظهر له الآيات والدلالات والمعجزات والكرامة الروحانية الخاصة ما كرم به أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين من النبوة والرسالة والولاية والايمان والإسلام والهداية الى الصراط المستقيم(5/184)
وهو صراط الله والسير الى الله وفى الله وبالله عند العبور على المقامات والترقي عن الناسوتية بجذبات اللاهوتية والتخلق بأخلاق الالهية عند فناء الانانية وبقاء الهوية [امام قشيرى قدس سره فرموده كه مراد از بنى آدم مؤمنانند چهـ كافرانرا بنص وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ از تكريم هيچ نصيبى نيست وتكريم مؤمنان بدانست كه ظاهر ايشانرا بتوفيق مجاهدات بياراست وباطن ايشانرا بتحقيق مشاهدات منور ساخت] كما قال فى بحر العلوم الظاهر عندنا تكريمهم بالايمان والعمل الصالح بدليل قوله عليه السلام (ان المؤمن يعرف فى السماء كما يعرف الرجل اهله وولده وانه أكرم على الله من ملك مقرب) انتهى [محمد ابن كعب رضى الله عنه گفت كه كرامت آدميان بدانست كه حضرت محمد صلى الله عليه وسلم از ايشانست]
اى شرف دوده آدم بتو ... روشنى ديده عالم بتو
كيست درين خانه كه خيل تو نيست ... كيست برين خوان كه طفيل تو نيست
از تو صلايى بالست آمده ... نيست بمهمانى هست آمده
وَحَمَلْناهُمْ [وبرداشتيم ايشانرا وسوار كرديم] فِي الْبَرِّ [در بيابان بر جهار پايان] وَالْبَحْرِ [ودر دريا بكشتيها] من حملته إذا جعلت له ما يركبه وليس من المخلوقات شىء كذلك وفى التأويلات النجمية الى عبرناهم عن بر الجسمانية وبحر الروحانية الى ساحل الربانية [ودر حقائق سلمى آمده كه كرامى ساختيم آدميان را بمعرفت وتوحيد وبرداشتيم ايشانرا در بر نفس وبحر قلب وگفته اند بر آنست كه ظهور دارد از صفات وبحر آنچهـ مستور است از حقائق ذات] وَرَزَقْناهُمْ [وروزى داديم ايشانرا] مِنَ الطَّيِّباتِ من فنون النعم المستلذة مما يحصل بصنعهم وبعير صنعهم كالسمن والزبد والتمر والعسل وسائر الحلاوى وفى التأويلات النجمية وهى المواهب التي طيبها من الحدوث فيطعم بها من يبيت عنده ويسقيه بها وهى طعام المشاهدات وشراب المكاشفات التي لم يذق منها الملائكة المقربون اطعم بها اخس عباده فى أواني المعرفة وسقاهم بها فى كأسات المحبة افردهم بها عن العالمين ولهذا اسجد لهم الملائكة المقربين: قال المولى الجامى قدس سره
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
: وقال الحافظ
فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخواه جام وكلابى بخاك آدم ريز
وَفَضَّلْناهُمْ [وافزونى داديم ايشانرا] اى فى العلوم والإدراكات بما ركبنا فيهم من القوى المدركة التي يتميز بها الحق من الباطل والحسن من القبيح عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا وهم ماعدا الملائكة عليهم السلام تَفْضِيلًا عظيما فحق عليهم ان يشكروا نعم الله ولا يكفروها ويستعملوا قواهم فى تحصيل العقائد الحقة ويرفضوا ما هم عليه من الشرك الذي لا يقبله أحد ممن له ادنى تمييز فضلا عمن فضل على من عدا الملأ الا على الذين هم العقول المحضة وانما استثنى جنس الملائكة من هذا التفضيل لان علومهم دائمه عارية عن الخطأ والخلل وليس فيه دلالة(5/185)
على الافضلية بالمعنى المتنازع فيه فان المراد هاهنا بيان التفضيل فى امر مشترك بين جميع افراد البشر صالحها وطالحها ولا يمكن ان يكون ذلك هو الفضل فى عظم الدرجة وزيادة القربة عند الله تعالى كما فى الإرشاد وقال فى بحر العلوم فيه دلالة على ان بنى آدم فضلوا على كثير وفضل عليهم قليل وهو أبوهم آدم وأمهم حواء عليهما السلام لما فيهما من فضل الاصالة على من تفرع منهما من سائر الناس لا الملائكة المقربون كما زعم الكلبي وابو بكر الباقلاني وحثالة المعتزلة والا يلزم التعارض بين الآيات وذلك ان الله امر الملائكة كلهم بالسجود لآدم على وجه التعظيم والتكريم ومقتضى الحكمة الأمر للادنى بالسجود للاعلى دون العكس وايضا قال وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها فيفهم منه كل أحد من اهل اللسان قصده تعالى الى تفضيل آدم على الملائكة وبيان زيادة علمه واستحقاقه التعظيم والتكريم وقال إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ والملائكة من جملة العالم فمحال ان تدل الآية التي نحن بصددها على ما زعموا من تفضيل الملك على البشر كلهم وايضا مما يدل على بطلان ما زعموا قول النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله فضل المرسلين على الملائكة المقربين لما بلغت السماء السابعة لقينى ملك من نور على سرير فسلمت عليه فرد على السلام فاوحى الله اليه سلم عليك صفيى ونبيى فلم تقم اليه وعزتى وجلالى لتقومن فلا تقعدن الى يوم القيامة) انتهى وفى الاسئلة المقحمة المشهور من مذهب اهل الحق ان الأنبياء أفضل من الملائكة انتهى قال الكاشفى [علما را در تفضيل بشر مباحث دور ودراز است آنكه جمهور اهل سنت بر آنند كه بنى آدم فاضل ترند از رسل ملائكه ورسل ملائكه افضلند از اولياى بنى آدم واولياى بنى آدم شريفترند از اولياى ملائكة وصلحاى اهل ايمانرا أفضل است بر عوام ملائكه وعوام ملائكه بهترند از فساق مؤمنان] وفى التأويلات النجمية وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا يعنى على الملائكة لانهم الخلق الكثير ممن خلق الله تعالى وفضل الإنسان الكامل على الملك بانه خلق فى احسن تقويم وهو حسن استعداده فى قبول فيض نور الله بلا واسطة وقد تفرد به الإنسان عن سائر المخلوقات كما قال تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ الى قوله وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ
والامانة هى نور الله كما صرح به فى قوله اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الى ان قال نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ فافهم جدا واغتنم فان هذا البيان أعز من الكبريت الأحمر واغرب من عنقاء مغرب انتهى قال الكاشفى [وعلى الجملة اين آيت دليل فضيلت وجامعيت انسانست كه از همه مخلوقات مرآت صافى جهت انعكاسى صفات الهى همه اوست وبس چنانچهـ از مضمون اين أبيات حقائق سمات فهم توان فرمود]
آمد آيينه جمله كون ولى ... همچوآيينه نكرده جلى
به نمودند درو بوجه كمال ... صورت ذو الجلال والإفضال
زانكه بود اين تفرق عددى ... مانع از سر جامع واحدي
كشت آدم جلاى اين مرآت ... شد عيان ذات او بجمله صفات(5/186)
يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71)
مظهرى كشت كلى وجامع ... سر ذات از صفات از لامع
شد تفاصيل كون را مجمل ... بر مثال تعين أول
بوى اين دائره مكمل شد ... آخر اين نقطه عين أول شد
يَوْمَ نَدْعُوا نصب بإضمار اذكر على انه مفعول به كُلَّ أُناسٍ [هر كروهى را از بنى آدم] والأناس جمع الناس كما فى القاموس بِإِمامِهِمْ اى بمن ائتموا به من نبى فيقال يا امة موسى ويا امة عيسى ونحو ذلك او مقدم فى الدين فيقال يا حنفى ويا شافعى ونحوهما او كتاب فيقال يا اهل القرآن ويا اهل الإنجيل وغيرهما او دين فيقال يا مسلم ويا يهودى ويا نصرانى ويا مجوسى وغير ذلك وفى التأويلات النجمية يشير الى ما يتبعه كل قوم وهو امامهم. فقوم يتبعون الدنيا وزينتها وشهواتها فيدعون يا اهل الدنيا. وقوم يتبعون الآخرة ونعيمها ودرجاتها فيدعون يا اهل الآخرة. وقوم يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم محبة لله وطلبا لقربته ومعرفته فيدعون يا اهل الله وقيل الامام جمع أم كخف وخفاف والحكمة فى دعوتهم وأمهاتهم إجلال عيسى عليه السلام وتشريف الحسنين رضى الله عنهما إذ فى نسبتهما الى أمهما اظهار انتسابهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبا بخلاف نسبتهما الى أبيهما والستر على أولاد الزنى وينصره ما روى عن عائشة رضى الله عنها وابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه الصلاة والسلام قال (ان الله يدعو الناس يوم القيامة بامهاتهم سترا منه على عباده) كما فى بحر العلوم ويؤيده ايضا حديث التلقين حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يستوى قاعدا ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يقول أرشدك الله رحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن اماما وبالكعبة قبلة فان منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه يقول انطلق لا نقعد عند من لقن حجته فيكون حجيجه دونهما) فقال رجل يا رسول الله فان لم يعرف اسم امه قال (فلينسبه الى حواء) ذكره الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة وصححه بأسانيده وكذا الامام القرطبي فى تذكرته وفهم منه شيآن الاول استحباب القيام وقت التلقين والثاني ان المرء يدعى باسمه واسم امه لا باسم أبيه ولكن جاء فى أحاديث المقاصد والمصابيح انه عليه السلام قال (انكم تدعون يوم القيامة باسمائكم واسماء آبائكم) ولعله لا يخالف ما سبق فانه ورد ترغيبا فى تحسين الأسماء وتغيير القبيح منها إذ كانوا يسمون بالأسماء القبيحة على عادة الجاهلية مثل المضطجع واصرم وعاصية ونحوها وكان عليه السلام يغير القبيح الى الحسن فغير اصرم وهو من الصرم بمعنى القطع الى زرعة وهو بالضم والسكون قطعة من الزرع كأنه قال لست مقطوعا بل أنت فنيت متصل بالأصل وغير المضطجع الى المنبعث وعاصية الى جميلة فَمَنْ [هر كه را] أُوتِيَ [داده شود] يومئذ من أولئك المدعوين كِتابَهُ صحفة اعماله بِيَمِينِهِ وهم السعداء وفى إيتاء الكتاب من جانب اليمين تشريف لصاحبه وتبشير فَأُولئِكَ الجمع باعتبار معنى من(5/187)
وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72) وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)
يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ قراءة ظاهرة مسرورين وينتفعون بما فيه من الحسنات ولم يذكر الأشقياء وان كانوا يقرأون كتبهم ايضا لانهم إذا قرأوا ما فيها لم يفصحوا به خوفا وحياء وليس لهم شىء من الحسنات ينتفعون به وَلا يُظْلَمُونَ اى لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة فى كتبهم بل يؤتونها مضاعفة فَتِيلًا اى قدر فتيل وهو ما يفتل بين إصبعين من الوسخ او القشرة التي فى شق النواة او ادنى شىء فان الفتيل مثل فى القلة والحقارة وَمَنْ [وهر كه] اى من المدعوين المذكورين كانَ فِي هذِهِ الدنيا أَعْمى أعمى القلب لا يهتدى الى رشده. يعنى [دلش راه صواب نه بيند] فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لا يرى طريق النجاة لان العمى الاول موجب للثانى فالكافر لا يهتدى الى طريق الجنة والعاصي الى ثواب المطيع والقاصر الى مقامات الكاملين وَأَضَلُّ سَبِيلًا من الأعمى فى الدنيا لزوال الاستعداد وتعطل الأسباب والآلات وفقدان المهلة قال فى التأويلات النجمية فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فهو اهل السعادة من اصحاب اليمين وفيه اشارة الى ان السابقين الذين هم اهل الله تعالى لا يؤتون كتابهم كما لا يحاسبون حسابهم فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ لانهم اصحاب البصيرة والقراءة والدراية وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا فى جزاء أعمالهم الصالحة وفيه اشارة الى ان اهل الشقاوة الذين هم اصحاب الشمال لا يقرأون كتابهم لانهم اصحاب العمى والجهالة وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى اى فى هذه القراءة والدراية بالبصيرة أعمى فى الدنيا لقوله فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ الآية فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى لانه يوم تبلى السرائر تجعل الوجوه من السرائر فمن كان فى سريرته أعمى هاهنا يكون ثمة فى صورته أعمى للمبالغة لان عمى السريرة هاهنا كان قابلا للتدارك وقد خرج ثمة الأمر من التدارك فيكون أعمى عن رؤية الحق وَأَضَلُّ سَبِيلًا فى الوصول اليه لفساد الاستعداد وإعواز التدارك انتهى يقول الفقير ان قلت هل يحصل الترقي والتيقظ لبعض الافراد بعد الموت الصوري قلت ان السالك الصادق فى طلبه إذا سافر من مقام طبيعته ونفسه فمات فى الطريق اى بالموت الاضطراري قبل ان يصل الى مراده بالموت الاختياري فله نصيب من اجر الواصلين واليه الاشارة بقوله تعالى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ كما قال بعض الكبار من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين انتهى أشار الى ان الله تعالى قادر على ان يكمله فى عالم البرزخ بواسطة روح من الأرواح او بالذات فيصير امره بعد النقصان الموهوم الى الكمال المعلوم وقد ثبت فى الشرع ان الله تعالى يوكل ملكا لبعض عباده فى القبر فيقرئه القرآن ويعلمه اى ان كان قد مات أثناء التعلم. واما غير السالك فلا يجد الترقي بعد الموت اى بالنسبة الى معرفة الحق إذ من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك فما يدل على عدم الترقي بعد الموت من قوله تعالى وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى انما هو بالنسبة الى معرفة الحق لا لمن لا معرفة له أصلا فانه إذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة الى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها(5/188)
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)
واما قوله عليه السلام (إذا مات ابن آدم انقطع عمله) فهو يدل على ان الاعياء التي يتوقف حصولها على الأعمال لا تحصل وما لا يتوقف عليها بل يحصل يفضل الله ورحمته فقد يحصل وذلك من مراتب الترقي كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى قدس سره فقوله تعالى لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ليس معناه ان ما يحصل للانسان مقصور على سعيه بل معناه ليس للانسان الا ما يمكن ان يكون بسعيه فما يمكن ان يكون بسعيه فهو بسعيه والباقي فضل من الله تعالى كالسعى فى مرتبة الملك. واما الملكوت فلا يمكن الا بمحض فضل الله فلا مدخل فيه للسعى كما فى الواقعات المحمودية فعلى العاقل ان يسعى فى تحصيل البصيرة قبل ان يخرج من الدنيا ويكون من الذين يشاهدون الله تعالى فى كل مرآة من المرايا: وفى المثنوى
اين جهان پر آفتاب ونور ماه ... او بهشته سر فرو برده بچاه «1»
كه اگر حقست كو آن روشنى ... سر بر آر از چاه بنكر اى دنى
جمله عالم شرق وغرب آن نور يافت ... تا تو در چاهى نخواهد بر تو تافت
چهـ رها كن رو بايوان وكروم ... كم ستيز اينجا بدان كاللج شوم
اى بسا بيدار چشم وخفته دل ... خود چهـ بيند چشم اهل آب وكل «2»
وانكه دل بيدار ودارد چشم سر ... كر بخسبد بر كشايد صد بصر
كر تو اهل دل نه بيدار باش ... طالب دل باش ودر پيكار باش
ور دلت بيدار شد مى خسب خوش ... نيست غائب ناظرت از هفت وشش
گفت پيغمبر كه خسبد چشم من ... ليك كى خسبد دلم اندر وسن
شاه بيدارست حارس خفته كير ... جان فداى خفتكان دل بصير
وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ذكروا فى سبب نزول هذه الآية وجوها والأسلم ما فى تفسير الكواشي من ان المشركين طلبوا من النبي عليه السلام ان يجعل آية رحمة مكان آية عذاب وبالعكس ويمس آلهتهم عند استلام الحجر ويطرد الضعفاء والمساكين عنه ونحو ذلك وأطمعوه فى إسلامهم قالوا فمال الى بعض ذلك فنزل وان هى المخففة من المشددة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن قاربوا ان يوقعوك فى الفتنة بالاستزلال ويخدعوك قال الكاشفى [بگردانند ترا] عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من الأمر والنهى والوعد والوعيد لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا اى لتختلق علينا غَيْرَهُ اى غير الذي أوحينا إليك كما تقدم وَإِذاً اى ولو اتبعت أهواءهم وفعلت ما طلبوا منك لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا اى صديقا ووليا وكنت لهم وليا وخرجت من ولايتي وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ اى ولولا تثبيتنا إياك على الحق وعصمتنا لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا من الركون الذي هو ادنى ميل فنصبه على المصدرية اى لقاربت ان تميل الى اتباع مرادهم شيأ يسيرا من الميل اليسير لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن أدركتك العصمة فمنعتك من ان تقرب من ادنى مراتب الركون إليهم فضلا عن نفس الركون وهو صريح فى انه عليه السلام ما هم بإجابتهم مع قوة الداعي إليها ودليل على
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ
(2) در أوائل دفتر سوم در بيان بقيه حكايت موسى على نبينا وعليه السلام(5/189)
إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)
ان العصمة بتوفيق الله وعنايته قال بعض الكبار انما سماه قليلا لان روحانية النبي عليه السلام كانت فى اصل الخلقة غالبة على بشريته إذ لم يكن حينئذ لروحه شىء يحجب عن الله فالمعنى لولا التثبيت وقوة النبوة ونور الهداية واثر نظر العناية لقد كدت تركن الى اهل الأهواء هوى النفسانية لمنافع الانسانية قدرا يسيرا لغلبة نور الروحانية وخمود نور البشرية إِذاً لو قاربت ان تركن إليهم ادنى ركنة لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ اى عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ضعف ما يعذب به فى الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لان خطأ الخطير اخطر وكان اصل الكلام عذابا ضعفا فى الحياة وعذابا ضعفا فى الممات بمعنى مضاعفا ثم حذف الموصوف وأقيمت مقامه الصفة وهو الضعف ثم أضيفت اضافة موصوفها فقيل ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل لا ذقناك اليم الحياة واليم الممات ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً يدفع عنك العذاب [امام ثعلبى آورده كه بعد از نزول اين آيت بحضرت فرمود: اللهم لا تكلنى الى نفسى ولو طرفة عين:]
الهى بر ره خود دار ما را ... دمى با نفس ما مگذار ما را
وَإِنْ كادُوا اى وان الشأن قارب اهل مكة لَيَسْتَفِزُّونَكَ يقال استفزه أزعجه اى ليزعجونك. بعداوتهم ومكرهم وينزعونك بسرعة وفسر بعضهم الاستفزاز بالاستزلال بالفارسية [بلغزانيد] مِنَ الْأَرْضِ اى الأرض التي أنت فيها وهى ارض مكة لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ان قلت أليس أخرجوه بشهادة قوله تعالى وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ وقوله عليه السلام حين خرج من مكة متوجها الى المدينة (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قلت لم يتحقق الإخراج بعد نزول هذه الآية ثم وقع بعده حيث هاجر عليه السلام بإذن الله تعالى وكانوا قد ضيقوه قبل الهجرة ليخرج كما قال الكاشفى [اهل مكه در إخراج آن حضرت عليه الصلاة والسلام مشاورت كردند ورأى ايشان بران قرار گرفت كه در دشمنى بحد افراط نمايند كه آن حضرت بضرورت بيرون بايد رفت اين آيت نازل شد] وَإِذاً اى ولئن أخرجت لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ اى بعد اخراجك إِلَّا قَلِيلًا اى الا زمانا قليلا وقد كان كذلك فانهم اهلكوا ببدر بعد هجرته عليه السلام سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا السنة العادة ونصبها على المصدرية اى سن الله سنة وهى ان يهلك كل امة أخرجت رسولهم من بين أظهرهم فالسنة لله تعالى واضافتها الى الرسل لانها سنت لاجلهم على ما ينطق به قوله تعالى وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا اى لعادتنا باهلاك مخرجى الرسل من بينهم تَحْوِيلًا اى تغييرا وفيه اشارة الى ان من سنة الله تعالى على قانون الحكمة القديمة البالغة فى تربية الأنبياء والمرسلين ان يجعل لهم اعداء يبتليهم بهم فى اخلاص إبريز جواهرهم الروحانية الربانية عن غش اوصافهم النفسانية الحيوانية وهذا الابتلاء لا يتبدل لانه مبنى على الحكمة والمصلحة والارادة القديمة وما هو مبنى عليها لا يتغير قال بعض الكبار اهرب من خير الناس اكثر مما تهرب من شرهم فان خيرهم يصيبك فى قلبك وشرهم يصيبك فى بدنك ولان(5/190)
أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)
تصاب فى بدنك خير من ان تصاب فى قلبك ولعدو ترجع به الى مولاك خير من حبيب يشغلك عن مولاك وكل بلاء سوط من سياط الله تعالى يسوق الى حقيقة التوحيد ويقطع اسباب العلاقات فهو لذة فى صورة الم: قال الحافظ
بدرد وصاف ترا حكم نيست دم در كش ... كه هر چهـ ساقئ ما كرد عين الطافست
واعلم ان النبي عليه السلام لم يتحرك لا فى ظاهره ولا فى باطنه الا بتحريك الله تعالى فالقاء اهل الفتنة لا يؤثر فى باطنه المنور بفكر ما وميل لكن الله تعالى أشار الى لزوم التحفظ والاحتياط فى جميع الأمور فان للانسان اعداء ظاهرة وباطنة والصابر لا يرى إلا خيرا وهو زوال الابتلاء وهلاك الأعداء كما قال تعالى وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا وفى الحديث القدسي (من أهان لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) اى من اغضب وآذى واحدا من أوليائي وهم المتقون حقيقة التقوى فقد بارزني بالمحاربة لان الولي ينصر الله فيكون الله ناصره فمن عادى من كان الله ناصره فقد برز لمحاربة الله وظهر أَقِمِ الصَّلاةَ ادمها لِدُلُوكِ الشَّمْسِ اى وقت زوالها او غروبها يقال دلكت الشمس دلوكا غربت او اصفرت ومالت او زالت عن كبد السماء كما فى القاموس إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ الى ظلمته وهو وقت صلاة العشاء الاخيرة والغاسق الليل إذا غاب الشفق والمراد اقامة كل صلاة فى وقتها المعين لا إقامتها فيما بين الوقتين على الاستمرار وَقُرْآنَ الْفَجْرِ اى صلاة الفجر بالنصب عطفا على مفعول أقم او على الإغراء اى الزم وسميت قرآنا لانه ركنها كما تسمى ركوعا وسجودا فالآية تدل على تفسير الدلوك بالزوال جامعة للصلوات الخمس إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يشهده ويحضره ملائكة الليل وملائكة النهار ينزل هؤلاء ويسعد هؤلاء فهو فى آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار. يعنى [فرشتكان شب او را مشاهده ميكنند ودر آخر ديوان اعمال شب ثبت مى نمايند وملائكه روز او را مى بينند وافتتاح اعمال روز ثبت ميكنند] وفى وقت الصباح ايضا شواهد القدرة من تبدل الظلمة بالضياء والنوم الذي هو أخو الموت بالانتباه وَمِنَ اللَّيْلِ نصب على الظرفية اى قم بعض الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ اى ازل والق الهجود وهو النوم فان صيغة التفعل تجيئ للازالة نحو تأثم اى جانب الإثم وازاله ويكون التهجد نوما من الاضداد والضمير المجرور للقرآن من حيث هو لا بقيد إضافته الى الفجر او للبعض المفهوم من قوله ومن الليل اى تهجد فى ذلك البعض على ان الباء بمعنى فى نافِلَةً لَكَ النفل فى الأصل بمعنى الزيادة اى فريضة زائدة على الصلوات الخمس المفروضة خاصة بك دون الامة كما روت عائشة رضى الله عنهما (ثلاث على فريضة وهى سنة لكم الوتر والسواك وقيام الليل) او تطوعا لزيادة الدرجات بخلاف تطوع الامة فانه لتكفير الذنوب وتدارك الخلل الواقع فى فرائضهم كما قال قتادة ومجاهد ان الوجوب قد نسخ فى حقه عليه السلام كما نسخ فى حق الامة فصارت الأمور المذكورة نافلة لان الله تعالى قال نافِلَةً لَكَ ولم يقل عليك وانتصاب نافلة على المصدرية بتقدير تنفل عَسى فى اللغة للطمع والطمع والإشفاق من الله كالواجب قال الكاشفى(5/191)
[شايد والبته چنين بود] أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ من القبر فيقيمك مَقاماً مَحْمُوداً عندك وعند جميع الناس وهو مقام الشفاعة العامة لاهل المحشر يغبطه به الأولون والآخرون لان كل من قصد من الأنبياء للشفاعة يحيد عنها ويحيل على غيره حتى يأتوا محمدا للشفاعة فيقول أنالها ثم يشفع فيشفع فيمن كان من أهلها [صاحب فتوحات آورده كه مقام محمود مقاميست مرجع جميع مقامات ومنظر تمام اسماء الهية وآن خاصه حضرت محمد است وباب شفاعت درين مقام كشاده ميشود
اى ذات تو در دو كون مقصود وجود ... نام تو محمد ومقامت محمود
والآية رد على المعتزلة المنكرين للشفاعة زعما انها تبليغ غير المستحق للثواب الى درجة المستحقين للثواب وذلك ظلم ولم يعلموا ان المستحق للثواب والعقاب من جعله الله لذلك مستحقا بفضله وعدله ولا واجب لاحد على الله بل هو يتصرف فى عباده على حكم مراده فان قالت المعتزلة رويتم عن النبي عليه السلام (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فعلى هذا المستحق للشفاعة انما هو من قتل النفس وزنى وشرب الخمر فان اصحاب الكبائر هؤلاء وهذا إغراء
ظاهر لخلق الله على مخالفة أوامره فالجواب انه ليس فيه إغراء وانما فيه ان صاحب الكبائر مع قربه من عذاب الله واستحقاقه عقوبته تستدركه شفاعتى وتنجيه عنايتى وينقذه ارحم الراحمين بحرمتي ومكانتى ففيه مدح الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه بما له عند الله تعالى من الدرجة الرفيعة والوسيلة فاذا كان حكم صاحب الكبائر هذا فكيف ظنك بصاحب الصغيرة ودعواهم بان يكون ظلما قلت أليس خلقه الله وخلق له القدرة على ارتكاب الكبائر ومكنه منها ولم يكن ذلك إغراء منه على ارتكاب الكبائر كذلك فى حق الرسول صلى الله عليه وسلم كذا فى الاسئلة المقحمة: وفى المثنوى
گفت پيغمبر كه روز رستخيز ... كى كذارم مجرمانرا أشك ريز «1»
من شفيع عاصيان باشم بجان ... تا رهانم شان ز إشكنجه كران
عاصيان واهل كبائر را بجهد ... وارهانم از عتاب ونقض عهد
صالحان امتم خود فارغند ... از شفاعتهاى من روز كزند
بلكه ايشانرا شفاعتها بود ... گفت شان چون حكم نافذ مى رود
ثم الآية ترغيب لصلاة التهجد وهى ثمان ركعات قالت عائشة رضى الله عنها ما كان يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان ولا فى غيره على احدى عشرة ركعة يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثا وقال الشيخ عبد الرحمن البسطامي قدس سره فى ترويح القلوب إذا دخل الثلث الأخير من الليل يقوم ويتوضأ ويصلى التهجد ثنتى عشرة ركعة يقرأ فيها بما شاء وأراد من حزبه وكان عليه الصلاة والسلام يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بخمس لا يجلس الا فى آخرهن انتهى وفى الحديث (اشراف أمتي حملة القرآن واصحاب الليل)
دلا برخيز وطاعت كن كه طاعت به زهر كارست ... سعادت آنكسى دارد كه وقت صبح بيدارست
خروسان در سحر كوينده قم يا ايها الغافل ... تو از مستى نمى دانى كسى داند كه هشيارست
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان جزع ناكردن آن شيخ بزركوار بر مرك فرزندان خويش(5/192)
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)
وعن ابن عباس رضى الله عنهما
إذا كثر الطعام فحذرونى ... فان القلب يفسده الطعام
إذا كثر المنام فنبهونى ... فان العمر ينقصه المنام
إذا كثر الكلام فسكتونى ... فان الدين يهدمه الكلام
إذا كثر المشيب فحرّ كونى ... فان الشيب يتبعه الحمام
وفى الخبر (إذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد فان قعد وذكر الله انحلت عقدة فان توضأ انحلت عقدة اخرى وان صلى ركعتين انحلت العقد كلها فاصبح نشيطا طيب النفس والا أصبح كسلان خبيث النفس) وليل القائم يتنور بنور عبادته كوجهه- يحكى- عن شاب عابد انه قال نمت عن وردى ليلة فرأيت كأنّ محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن وجها منهن وإذا واحدة فيهن شوهاء اى قبيحة لم ار أقبح منها منظرا فقلت لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك وكان بعض الصالحين يقوم الليل كله ويصلى صلاة الصبح بوضوء العشاء كأبى حنيفة رحمه الله ونحوه قال بعضهم لان أرى فى بيتي شيطانا أحب الى من ان ارى وسادة فانها تدعو الى النوم وقال بعض العارفين ان الله يطلع على قلوب المستيقظين بالأسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر من قلوبهم الى قلوب الغافلين وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي القبر مُدْخَلَ صِدْقٍ اى ادخالا مرضيا على طهارة وطيب من السيئات وَأَخْرِجْنِي منه عند البعث مُخْرَجَ صِدْقٍ اى إخراجا مرضيا ملقى بالكرامة آمنا من السخط يدل على هذا المعنى ذكره اثر البعث. فالمدخل والمخرج مصدران بمعنى الإدخال والإخراج والاضافة الى الصدق لاجل المبالغة نحو حاتم الجود اى ادخالا يستأهل ان يسمى ادخالا ولا يرى فيه ما يكره لانه فى مقابلة مدخل سوء ومخرج سوء وقيل المراد إدخال المدينة والإخراج من مكة فيكون نزولها حين امر بالهجرة ويدل عليه قوله تعالى وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ وقيل إدخاله فى كل ما يلابسه من مكان أو أمر وإخراجه منه ورجح الأكثرون هذا الوجه فالمعنى حيثما أدخلتني وأخرجتني فليكن بالصدق منى ولا تجعلنى ذا وجهين فان ذا الوجهين لا يجوز ان يكون أمينا وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ من خزائن نصرك ورحمتك سُلْطاناً برهانا وقهرا نَصِيراً ينصرنى من اعداء الدين او ملكا وعزا ناصرا للاسلام مظهرا له على الكفر فاجيبت دعوته بقوله والله يعصمك من الناس فان حزب الله هم الغالبون ليظهره على الدين كله ليستخلفنهم فى الأرض ووعده لينزعن ملك فارس والروم فيجعل له وعنه عليه السلام انه استعمل عتاب بن أسيد على اهل مكة وقال (انطلق فقد استعملتك على اهل الله) وكان شديدا على المريب لينا على المؤمن وقال لا والله لا اعلم متخلفا يتخلف عن الصلاة فى جماعة الا ضربت عنقه فانه لا يتخلف عن الصلاة الا منافق فقال اهل مكة يا رسول الله لقد استعملت على اهل الله عتاب بن أسيد أعرابيا جافيا فقال عليه السلام (انى رأيت فيما يرى النائم كأن عتاب ابن أسيد اتى باب الجنة فاخذ بحلقة الباب فقلقها قلقا شديدا حتى فتح له فدخلها) فاعز الله الإسلام لنصرته المسلمين على(5/193)
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)
من يريد ظلمهم فذلك السلطان النصير وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ الإسلام والقرآن وَزَهَقَ الْباطِلُ من زهق روحه إذا خرج اى ذهب وهلك الشرك والشيطان ديو بگريزد از ان قوم كه قرآن خوانند امام قشيرى قدس سره [فرموده حق آنست كه براى خداى بود وباطل آنكه بغير او باشد صاحب تأويلات بر آنست كه حق وجود ثابت واجبست عز شانه كه ازلى وابديست وباطل وجود بشرئ إمكاني كه قابل زوال وفناست و چون اشعه لمعات وجود حقانى ظاهر كردد وجود موهوم ممكن در جنب آن متلاشى ومضمحل شود]
همه هر چهـ هستند از ان كمترند ... كه با هستيش نام هستى برند
چوسلطان عزت علم بر كشد ... جهان سر بجيب عدم در كشد
إِنَّ الْباطِلَ كائنا ما كان كانَ زَهُوقاً اى شانه ان يكون مضمحلا غير ثابت عن ابن مسعود رضى الله عنه انه عليه السلام دخل مكة يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل ينكت بمخصرة كانت بيده فى عين واحد واحد ويقول (جاء الحق وزهق الباطل) فينكب لوجهه حتى القى جميعا وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من صفر فقال (يا على ارم به) فصعد فرمى به فكسره وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ لما فى الصدور من أدواء الريب وأسقام الأوهام وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ به فانهم ينتفعون به ومن بيانية قدمت على المبين اعتناء فان كل القرآن فى تقويم دين المؤمنين واستصلاح نفوسهم كالدواء الشافي للمرضى وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً اى لا يزيد القرآن الكافرين المكذبين به الواضعين للاشياء فى غير مواضعها مع كونه فى نفسه شفاء من الأسقام الا هلاكا بكفرهم وتكذيبهم وفيه ايماء الى ان ما بالمؤمنين من الشبه والشكوك المعترية لهم فى أثناء الاهتداء والاسترشاد بمنزلة الأمراض وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك وفيه تعجيب من امره حيث يكون مدارا للشفاء والهلاك كبعض المطر يكون درا وسما باستعداد المحل وعدم استعداده: قال الحافظ
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود
واعلم ان القرآن شفاء للمرض الجسماني ايضا روى انه مرض للاستاذ ابى القاسم القشيري قدس سره ولد مرضا شديدا بحيث ايس منافشق ذلك على الأستاذ فرأى الحق سبحانه فى المنام فشكا اليه فقال الحق تعالى اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه واكتبها فى اناء واجعل فيه مشروبا واسقه إياه ففعل ذلك فعوفى الولد وآيات الشفاء فى القرآن ست وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ: شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ:
وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ قال تاج الدين السبكى رحمه الله فى طبقاته ورأيت كثيرا من المشايخ يكتبون هذه الآيات للمريض ويسقاها فى الإناء طلبا للعافية وقوله عليه السلام (من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله يشمل الاستشفاء به للمرض الجسماني والروحاني قال الشيخ التميمي رحمه الله فى خواص القرآن إذا كتبت الفاتحة(5/194)
وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)
فى اناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل المريض وجهه عوفى بإذن الله فاذا شرب من هذا الماء من يجد فى قلبه تقلبا او شكا او رجيفا او خفقانا يسكن بإذن الله وزال عنه ألمه وإذا كتبت بمسك فى اناء زجاج ومحيت بماء ورد وشرب ذلك الماء البليد الذي لا يحفظ يشربه سبعة ايام زالت بلادته وحفظ ما يسمع فعلى العاقل ان يتمسك بالقرآن ويداوى به مرضه وقد ورد (القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فذنوبكم واما دواؤكم فالاستغفار) فلابد من معرفة المرض اولا فانه مادام لم يعرف نوعه لا تتيسر المعالجة واهل القرآن هم الذين يعرفون ذلك فالسلوك بالوسيلة اولى وَإِذا أَنْعَمْنا [و چون انعام كنيم ما] عَلَى الْإِنْسانِ بالصحة والسعة أَعْرَضَ [روى بگرداند از شكرها] وَنَأى بِجانِبِهِ [وبنفس خود دور شود وكرانه كيرد يعنى تكبر وتعظم نمايد واز طريق حق بر طرف كردد] فهو كناية عن الاستكبار والتعظم لان نأى الجانب وتحويل الوجه من ديدن المستكبرين يقال نأيته وعنه بعدت وكذاناء وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ من فقر او مرض او نازلة من النوازل وفى اسناد المساس الى الشر بعد اسناد الانعام الى ضمير الجلالة إيذان بان الخير مراد بالذات والشر ليس كذلك كانَ يَؤُساً شديد اليأس من روح الله وفضله وهذا وصف للجنس باعتبار بعض افراده ممن هو على هذه الصفة ولا ينافيه قوله تعالى وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ ونظائره فان ذلك شأن بعض منهم قُلْ كُلٌّ من المؤمنين والكافرين يَعْمَلُ عمله عَلى شاكِلَتِهِ طريقته التي تشاكل حاله فى الهدى والضلالة: يعنى [هر كس آن كند كه از وسزد] هر كسى آن كند كز وشايد من قولهم طريق ذو شواكل وهى الطرق التي تشعب منه قال فى القاموس الشاكلة الشكل والناحية والنية والطريقة والمذهب فَرَبُّكُمْ الذي برأكم على هذه الطبائع المختلفة أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا اسدّ طريقا وأبين منها جا اى يعلم المهتدى والضال فيجازى كلا بعمله وفى الآية اشارة الى ان الأعمال دلائل الأحوال: وفى المثنوى
در زمين كر نيشكر ور خود نيست ... ترجمان هر زمين نبت ويست
فمن وجد نفسه فى خير وطاعة وشكر فليحمد الله تعالى كثيرا ومن وجدها فى شر وفسق وكفران ويأس فليرجع قبل ان يخرج الأمر من يده- روى- ان ملكا صاحب زينة واسع المملكة كثير الخزينة اتخذ ضيافة وجمع أمراءه واحضر ألوان الاطعمة والاشربة فلما أرادوا التناول إذا طرق رجل حلقة الباب بحيث تزلزل السرير فقال له الغلمان ما هذا الحرص وسوء الأدب ايها الفقير اصبر حتى نأكل ونطعمك فقال مالى حاجة الى طعامكم وانما أريد الملك فقالوا مالك وللملك فطرق ثانيا أشد من الاول فقصدوا اليه بالسلاح فصاح صيحة وقال مكانكم انا ملك الموت جئت اقبض روح ملك دار الفناء فبطلت حواسهم وقواهم عن الحركة فاستمهل الملك فابى فتأسف وقال لعن الله المال فانه غرنى فاليوم خرجت صفر اليد وبقي نفعه للاعداء وحسابه وعذابه علىّ فانطق الله المال فقال لا تلعننى بل العن نفسك فانى كنت مسحرا لك وكنت مختارا فالآن لم تترك الظلم لا عتيادك حتى تسب البريء والمذنب أنت(5/195)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)
ففى هذه الحكاية امور. الاول ان الله تعالى أنعم على هذا الملك بالملك بالملك والمال والجاه والجلال فاعرض عن شكرها ولم يقيدها به: سعدى
خردمند طبعان منت شناس ... بدوزند نعمت بميخ سپاس
. والثاني انه مسه الموت فكان يؤسا من فضل الله حيث اشتغل باللعن والسب بدل التوبة والتوجه الى الله تعالى والله تعالى يقبل توبة عبده ما لم يغرغر: سعدى
طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانگيز وعذرى بكوى
كه يكلحظه صورت نبندد أمان ... چون پيمانه پر شد بدور زمان
. والثالث انه عمل على شاكلته فجوزى الشر إذ لم يكن له استعداد لغيره وَيَسْئَلُونَكَ [آورده اند كه كفار عرب نضر بن حارث وابى بن خلف وعقبة بن ابى معيط را بمدينه فرستادند تا از يهود يثرب استفسار حال حضرت پيغمبر عليه السلام نمايند چون با ايشان ملاقات كرده احوال باز كفتند يهود متعجب شد كفتند اى صناديد عرب ما دانسته ايم كه زمان ظهور پيغمبرى نزديكست واز سخنان شما رائحة احوال آن نبى استشمام ميتوان كرد شما بجهت آزمايش از و پرسيد كه طواف مشرق ومغرب كه كرده واحوال جوانان كه در زمان پيشين كم شدند چكونه است وروح چيست اگر هر سه سؤال را جواب دهد يا هيچ كدام را جواب ندهد بدانيد كه او پيغمبر نيست واگر دو را جواب دهد واز روح هيچ نكويد پيغمبر است ايشان بمكة آمده مجلس ساختند واز ان حضرت سؤال كردند آن دو سؤال را جواب داد ودر قصه روح اين آيت نازل شد] وَيَسْئَلُونَكَ اى اليهود عَنِ الرُّوحِ الذي هو روح البدن الإنساني ومبدأ حياته سألوه عن حقيقته فاجيبوا بقوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي اى من جنس ما استأثر الله بعلمه من الاسرار الخفية التي لا يكاد يحوم حولها عقول البشر فالامر واحد الأمور بمعنى الشأن والاضافة للاختصاص العلمي لا الا يجادى لاشتراك الكل فيه كذا فى الإرشاد وقال البيضاوي من الإبداعيات الكائنة بكن من غير مادة وتولد من اصل كاعضاء جسده انتهى اعلم ان ما تعلق به الإيجاد ودخل تحت الوجود فاما ان يكون حصوله ووجوده لا من مادة ولا فى مدة فهو المبدعات كالمجردات فهى موجودة من كل وجه بالفعل وليس لها حالة منتظرة الوجود وهى مظاهر للاسماء التي بحركة بعضها يتقدر الزمان واما من مادة وفى مدة فهى المسميات بالمحدثات وهى العناصر والمركبات منها واما فى مدة لا من مادة فقيل لا وجود لهذا القسم لان كل ما يتحصل فى مدة لا بد وان يكون من مادة الا على قول من ذهب بحدوث النفس الناطقة عند حدوث البدن وهذه الاقسام الباقية مظاهر الأسماء المتغيرة الاحكام على الوجه الذي اطلع عليه اهل الله ذكره دواود القيصري قدس سره قال حضرت شيخى وسندى روح الله روحه الظاهر فى شرح تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الخلق عالم العين والكون والحدوث روحا وجسما والأمر عالم العلم والا له والوجوب وعالم الخلق تابع لعالم الأمر إذ هو أصله ومبدأه قل الروح من امر ربى انتهى وسيجيئ غير هذا وَما أُوتِيتُمْ ايها المؤمنون والكافرون كما فى تفسير الكواشي مِنَ الْعِلْمِ(5/196)
إِلَّا قَلِيلًا
لا يمكن تعلقه بامثال ذلك اى الا علما قليلا تستفيدونه من طرق الحواس فان اكتساب العقل للمعارف النظرية انما هو من الضروريات المستفادة من احساس الجزئيات ولذلك قيل من فقد حسا فقد علما ولعل اكثر الأشياء لا يدركه الحس ولا شيأ من احوال المعرفة لذاته وهو اشارة الى ان الروح مما لم يمكن معرفة ذاته الا بعوارض تميزه عما يلتبس به قال فى بحر العلوم الخطاب فى وَما أُوتِيتُمْ عام ويؤيده ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك قالوا أنحن مختصون بهذا الخطاب أم أنت معنا فيه فقال (بل نحن وأنتم لم نؤت من العلم الا قليلا) فقالوا ما اعجب شأنك ساعة تقول ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وساعة تقول هذا فنزلت وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ وما قالوه باطل مردود فان علم الحادث فى جنب علم القديم قليل إذ علم العباد متناه وعلم الله لا نهاية له والمتناهي بالنسبة الى غير المتناهي كقطرة بالاضافة الى بحر عظيم لا غاية له قال بعض الكبار علم الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد عليه السلام بهذه المثابة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة فالعلم الذي أوتيه العباد وان كان كثيرا فى نفسه لكنه قليل بالنسبة الى علم الحق تعالى [شيخ ابو مدين مغربى قدس سره فرمود كه اين اندكى كه خداى تعالى داده است از علم نه از ان
ماست بلكه عاريتست نزديك ما وبسيارى آن برسيده ايم پس على الدوام جاهلانيم وجاهل را دعوى دانش نرسد] قال المولى الجامى
سبحانك لا علم لنا الا ما ... علمت وألهمت لنا إلهاما
قال فى الكواشي اختلفوا فى الروح وماهيته ولم يأت أحد منهم على دعواه بدليل قطعى غير انه شىء بمفارقته يموت الإنسان وبملازمته له يبقى انتهى يقول الفقير الروح سلطانى وحيوانى والاول من عالم الأمر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى أعضاء البدن ومحل تعينه هو القلب الصنوبري والقلب من عالم الملكوت والثاني من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سار فى جميع أعضاء البدن الا ان سلطانه قوى فى الدم فهو أقوى مظاهره ومحل تعينه هو الدماغ وهو انما حدث بعد تعلق الروح السلطاني بهذا الهيكل المحسوس فهو من انعكاس أنوار الروح السلطاني وهو مبدأ الافعال والحركات فان الحياة امر مغيب مستور فى الحي لا يعلم الا بآثاره كالحس والحركة والعلم والارادة وغيرها ولولا هذا الروح ما صدر من الإنسان ما صدر من الآثار المختلفة لانه بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال الانسانية تتفرع من اجتماع الروح السلطاني بالروح الحيواني وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى باطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيواني كان بالقوة فى باطن الروح السلطاني قبل تعلقه بهذا البدن فاذا عرفت هذا وقفت على معنى قوله عليه السلام (اولياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار) لان الانتقال كالانسلاخ حال الفناء التام وللروح خمسة احوال. حالة العدم قال الله تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ الآية. وحالة الوجود فى عالم الأرواح قال الله تعالى (خلقت الأرواح(5/197)
قبل الأجساد بألفي سنة) . وحالة التعلق قال وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي. وحالة المفارقة قال كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ. وحالة الاعادة قال سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى. اما فائدة حالة العدم فلحصول المعرفة بحدوث نفسه وقدم صانعه. واما فائدة حالة الوجود فى عالم الأرواح فلمعرفة الله بالصفات الذاتية من القادرية والحياتية والعالمية والموجودية والسميعية والبصيرية والمتكلمية والمريدية. واما فائدة تعلقه بالجسد فلا كتساب كمال المعرفة فى عالم الغيب والشهادة من الجزئيات والكليات. واما فائدة نفخ الروح فى البدن فلحصول المعرفة بالصفات الفعلية من الرزاقية والتوابية والغفارية والرحمانية والرحيمية والمنعمية والمحسنية والوهابية. واما فائدة حالة المفارقة فلدفع الخبائث التي حصلت للروح بصحبة الأجسام ولشرب الذوق فى مقام العندية. واما فائدة حالة الاعادة فلحصول التنعمات الاخروية وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى خلق العوالم الكثيرة ففى بعض الروايات خلق ثلاثمائة وستين الف عالم ولكنه جعلها محصورة فى عالمين اثنين وهما الخلق والأمر كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فعبر عن عالم الدنيا وما يدرك بالحواس الخمس الظاهرة وهى السمع والبصر والشم والذوق واللمس بالخلق وعبر عن عالم الآخرة وهو ما يدرك بالحواس الخمس الباطنة وهى العقل والقلب والسر والروح والخفي بالأمر فعالم الأمر هو الاوليات العظائم التي خلقها الله تعالى للبقاء من الروح والعقل والقلم واللوح والعرش والكرسي والجنة والنار ويسمى عالم الأمر امرا لانه أوجده بامر كن من لا شىء بلا واسطة شىء كقوله خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ولما كان امره قديما فما كوّن بالأمر القديم وان كان حادثا كان باقيا وسمى عالم الخلق خلقا لانه أوجده بالوسائط من شىء كقوله وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فلما ان الوسائط كانت مخلوقة من شىء مخلوق سماه خلقا خلقه الله للفناء فتبين ان قوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي انما هو لتعريف الروح معناه انه من عالم الأمر والبقاء لامن عالم الخلق والفناء وانه ليس للاستبهام كما ظن جماعة ان الله تعالى أبهم علم الروح على الخلق واستأثره لنفسه حتى قالوا ان النبي عليه السلام لم يكن عالما به جل منصب حبيب الله عن ان يكون جاهلا بالروح مع انه عالم بالله وقد من الله عليه بقوله وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
احسبوا
ان علم الروح مما لم يكن يعلمه الم يخبر ان الله علمه ما لم يكن يعلم فاما سكوته عن جواب سؤال الروح وتوقفه انتظارا للوحى حين سألته اليهود فقد كان لغموض يرى فى معنى الجواب ودقة لا تفهمها اليهود لبلادة طباعهم وقساوة قلوبهم وفساد عقائدهم فانه وما يعقلها الا العالمون وهم ارباب السلوك والسائرون الى الله فانهم لما عبروا عن النفس وصفاتها ووصلوا الى حريم القلب عرفوا النفس بنور القلب ولما عبروا بالسر عن القلب وصفاته ووصلوا الى مقام السر عرفوا بعلم السر القلب وإذا عبروا عن السر ووصلوا الى عالم الروح عرفوا بنور الروح السر وإذا عبروا عن عالم الروح ووصلوا الى منزل الخفي عرفوا بشواهد الحق الروح وإذا عبروا عن منزل الخفي ووصلوا الى ساحل بحر الحقيقة عرفوا بانوار صفات مشاهدات الجميل الخفي وإذا فنوا بسطوات تجلى صفات الجلال عن انانية الوجود ووصلوا الى لجة(5/198)
بحر الحقيقة كوشفوا بهوية الحق تعالى وإذا استغرقوا فى بحر الهوية وابقوا ببقاء الالوهية عرفوا الله بالله فاذا كان هذا حال الولي فكيف حال من يقول علمت ما كان وما سيكون واعلم ان الروح الإنساني وهو أول شىء تعلقت به القدرة جوهرة نورانية ولطيفة ربانية من عالم الأمر وعالم الأمر هو الملكوت الذي خلق من لا شىء وعالم الخلق هو الملك الذي خلق من شىء كقوله تعالى أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما خلق الله من شىء والعالم عالمان يعبر عنهما بالدنيا والآخرة والملك والملكوت والشهادة والغيب والصورة والمعنى والخلق والأمر والظاهر والباطن والأجسام والأرواح ويراد بهما ظاهر الكون وباطنه فثبت بالآية ان الملكوت الذي هو باطن الكون خلق من لا شىء إذ ما عداه من الملك خلق من شىء واما قوله صلى الله عليه وسلم (أول ما خلق الله جوهرة. وأول ما خلق الله روحى. وأول ما خلق الله العقل. وأول ما خلق الله القلم) وقول بعض الكبراء من الائمة ان أول المخلوقات على الإطلاق ملك كروبى يسمى العقل وهو صاحب القلم وتسميته قلما كتسمية صاحب السيف سيفا كما قيل لخالد بن وليد رضى الله عنه سيف الله وهو أول لقب فى الإسلام وقول الله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا وقد جاء فى الخبر (ان الروح ملك يقوم صفا) فلا يبعد ان يكون هذا الملك العظيم الذي هو أول المخلوقات هو الروح النبوي فان المخلوق الاول مسمى واحد وله اسماء مختلفة فبحسب كل صفة فيه سمى باسم آخر ولا ريب ان اصل الكون كان النبي عليه السلام لقوله (لولاك لما خلقت الكون) فهو اولى ان يكون أصلا وما سواه اولى ان يكون تبعا له لانه كان بالروح بذر شجرة الموجودات فلما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة كان بالجسم والروح ثمرة شجرة الموجودات وهى سدرة المنتهى فكما ان الثمرة تخرج من فرع الشجرة كان خروجه الى قاب قوسين او ادنى ولهذا قال (نحن الآخرون السابقون) يعنى الآخرون بالخروج كالثمرة والسابقون بالخلق كالبذر فيلزم من ذلك ان يكون روحه صلى الله عليه وسلم أول شىء تعلقت به القدرة وان يكون هو المسمى بالأسماء المختلفة فباعتبار انه كان درة صدف الموجودات سمى درة وجوهرة كما جاء فى الخبر (أول ما خلق الله جوهرة) وفى رواية (درة فنظر إليها فذابت فخلق منها كذا وكذا) وباعتبار نورانيته سمى نورا وباعتبار وفور عقله سمى عقلا وباعتبار غلبات الصفات الملكية عليه سمى ملكا وباعتبار انه صاحب القلم سمى قلما وكيف يظن به عليه السلام انه لم يكن عارفا بالروح والروح هو نفسه وقد قال (من عرف نفسه فقد عرف ربه) والأرواح كلها خلقت من روح النبي صلى الله عليه وسلم وان روحها اصل الأرواح ولهذا سمى اميا اى انه أم الأرواح فكما كان آدم عليه السلام أبا البشر كان النبي عليه السلام أبا الأرواح وأمها كما كان آدم أبا وحوا أمها وذلك ان الله تعالى لما خلق روح النبي عليه السلام كان الله ولم يكن معه شىء الا روحه وما كان شىء آخر حتى ينسب روحه اليه او يضاف اليه غير الله فلما كان روحه أول باكورة أثمرها
الله تعالى بايجاده من شجرة الوجود وأول شىء تعلقت به القدرة شرفه بتشريف إضافته الى نفسه تعالى فسماه روحى كما سمى أول بيت من بيوت(5/199)
وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)
الله وضع للناس وشرفه بالاضافة الى نفسه فقال له بيتي ثم حين أراد ان يخلق آدم سواه ونفخ فيه من روحه اى من الروح المضاف الى نفسه وهو روح النبي صلى الله عليه وسلم كما قال فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فكان روح آدم من روح النبي عليه السلام بهذا الدليل وكذلك أرواح أولاده لقوله تعالى ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وقال فى عيسى ابن مريم عليه السلام فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا فكانت النفخة لجبريل وروحها من روح النبي عليه السلام المضاف الى الحضرة وهذا أحد اسرار قوله (آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة) ثم قوله تعالى وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا راجع الى اليهود الذين سألوا النبي عليه السلام عن الروح يعنى انكم سألتمونى وقد أجبتكم انه من امر ربى ولكنكم ما تفقهون كلامى لانى أخبركم عن عالم الآخرة وعن الغيب وأنتم اهل الدنيا والحس وعلمها قليل بالنسبة الى الآخرة وعلمها فانكم عن علمها غافلون كقوله تعالى يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ انتهى ما فى التأويلات باختصار وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ اللام الاولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب وهذا الجواب ساد مسد جوابى القسم والشرط والمعنى والله ان شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصدور فلم نترك منه اثر او بقيت كما كنت لا تدرى ما الكتاب وهذا الكلام وارد على سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض فكيف ما ليس بمحال ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ بالقرآن اى بعد ذهابه كما قال الكاشفى [پس نيابى تو براى خود بآن يعنى نيابى بعد از بردن آن] عَلَيْنا وَكِيلًا [وكيلى كه آنرا استرداد بر ما كند وبسينها ومصحفها باز آرد] وعلينا متعلق بوكيلا إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ الا ان يرحمك ربك فيرد عليك كأن رحمته تتوكل عليك بالرد فالاستثناء متصل وقال الكاشفى [ليكن رحمتست از پروردگار تو كه آنرا باقى ميكذارد ومحو نمى كند] فالاستثناء منقطع وفى الكواشي إلا رحمة مفعول له اى حفظناه عليك للرحمة ثم قال وهذا خطاب له عليه السلام والمراد غيره إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً با رسالك وإنزال الكتاب عليك وابقائه فى حفظك قال الكاشفى [بدرستى كه فضل اوست بر تو بزرك كه تراسيد ولد آدم ساخته وختم پيغمبران كردانيد ولواء حمد ومقام محمود بتو داد وقرآن بتو فرستاده در ميان امت تو باقى ميكذارد ومحو نمى سازد] قُلْ للذين لا يعرفون جلالة قدر التنزيل بل يزعمون انه من كلام البشر لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ اى اتفقوا عَلى أَنْ يَأْتُوا [بيارند] بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ فى البلاغة وكمال المعنى وحسن النظم والاخبار عن الغيب وفهم العرب العرباء وارباب البيان واهل التحقيق وتخصيص الثقلين بالذكر لان التحدي معهما لا مع الملائكة إذ المنكر لكونه من عند الله منهما لا من غيرهما والا فلا يقدر على إتيان مثله الا الله تعالى وحده وفى عين الحياة لفظ الجن يتناول الملائكة وكل من لم يدركه حس البصر لانهم مستورون عن البصر يقال جن بترسه إذا ستربه ولذا قيل للترس المجن وفى بحر العلوم ذكر الانس والجن دون الملائكة اشارة الى ان من شأن الثقلين(5/200)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)
ان يجتمعوا على المحال بخلاف الملائكة إذ ليس من شأنهم ذلك لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ بكلام مماثل له فى صفاته البديعة وهو جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة وساد مسد جزاء الشرط ولولاها لكان جوابا له بغير جزم لكون الشرط ماضيا قال فى التأويلات النجمية وانما قال لا يأتون بمثله لانه ليس لكلام الله تعالى مثل إذ كلامه صفته وكما انه ليس لذاته مثل فكذلك ليس لصفاته مثل لانها قديمة قائمة بذاته تبارك وتعالى وصفات المخلوقات مخلوقة قابلة للتغيير والفناء وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً مظاهرا ومعاونا فى الإتيان بمثله اى لم يكن بعضهم ظهيرا لبعض ولو كان إلخ وَلَقَدْ صَرَّفْنا اى بالله قد رددنا وكررنا بوجوه مختلفة توجب زيادة تقرير وبيان ووكادة رسوخ واطمئنان لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ المنعوت بالنعوت الفاضلة مِنْ كُلِّ مَثَلٍ من كل معنى بديع هو كالمثل فى الغرابة والحسن واستجلاب النفس ليتلقوه بالقبول فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً جحودا وإنكارا للحق وانما جاز الاستثناء من الموجب مع انه لا يصح ضربت الا زيدا لانه متأول بالنفي مثل لم يرد ولم يرض وما قبل وما اختار وفى الآية فوائد منها ان القرآن العظيم أجل النعم وأعظمها فوجب على كل عالم وحافظ ان يقوم بشكره ويحافظ على أداء حقوقه قبل ان يخرج الأمر من يده وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان أول ما تفقدون من دينكم الامانة وآخر ما تفقدون الصلاة وليصلين قوم ولا دين لهم وان هذا القرآن تصبحون يوما وما فيكم منه شىء فقال رجل كيف ذلك وقد أثبتناه فى قلوبنا وأثبتناه فى مصاحفنا نعلم أبناءنا ويعلم أبناؤنا أبناءهم فقال يسرى عليه ليلا فيصبح الناس منه فقراء ترفع المصاحف وينزع ما فى القلوب وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوى حول العرش كدوى النحل فيقول الرب تعالى مالك فيقول يا رب اتلى ولا يعمل بي اتلى ولا يعمل بي وفى الحديث (ثلاثة هم الغرباء فى الدنيا القرآن فى جوف الظالم والرجل الصالح فى قوم سوء والمصحف فى بيت لا يقرأ منه: قال الشيخ سعدى
علم چندانكه بيشتر خوانى ... چون عمل نيست نادانى «1»
نه محقق بود نه دانشمند ... چارپايى برو كتاب چند
آن تهى مغز را چهـ علم وخبر ... كه برو هيزمست ويا دفتر
وقال
عالم اندر ميان جاهل را ... مثلى كفته اند صديقان
شاهدى در ميان كورانست ... مصحفى در ميان زنديقان
ومنها انه ليس فى استعداد الإنسان ولا فى مخلوق غيره ان يأتى بكلام جامع مثل كلام الله تعالى له عبارة فى غاية الجزالة والفصاحة واشارة فى غاية الدقة والحذاقة ولطائف فى غاية اللطف والنظافة وحقائق فى غاية الحقية والنزاهة قال جعفر بن محمد الصادق رضى الله عنهما عبارة القرآن للعوام والاشارة للخواص واللطائف للاولياء والحقائق للانبياء: وفى المثنوى
خوش بيان كرد آن حكيم غزنوى ... بهر محجوبان مثال معنوى
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان ذكر بد انديشيدن ناصر فهمان وطاعنان(5/201)
وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90)
كه ز قرآن كر نه بيند غير قال ... اين عجب نبود ز اصحاب ضلال
كز شعاع آفتاب پر ز نور ... غير كرمى مى نيابد چشم كور
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند جز كه طين «1»
ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
اعلم ان القرآن غير مخلوق لانه صفة الله تعالى وصفاته بأسرها ازلية غير مخلوقة قال ابو حنيفة رحمه الله فمن قال انها مخلوقة او وقف فيها او شك فيها فهو كافر بالله وما ذكر من الوجوه الدالة على حدوث اللفظ فهو غير المتنازع فيه عند الاشعرية والمنصورية ايضا كمن قال بان كلامه تعالى حرف وصوت يقومان بذاته ومع ذلك قديم واعجب من هذا قولهم الجلد والعلاقة قديمان ايضا وفى الفتوحات المكية قدس الله سر مصدرها ان المفهوم من كون القرآن حروفا أمران الأمر الواحد يسمى قولا وكلاما ولفظا والأمر الآخر يسمى كتابة ورقما وخطا والقرآن يخط فله حروف الرقم وينطق به فله حروف اللفظ فهل يرجع كونه حروفا منطوقا بها لكلام الله الذي هو صفته او للمترجم عنه فاعلم انه قد أخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم انه سبحانه يتجلى فى يوم القيامة بصور مختلفة فيعرف وينكر فمن كان حقيقته تقبل التجلي لا يبعد ان يكون الكلام بالحروف المتلفظ بها المسماة كلاما لبعض تلك الصور كما يليق بجلاله وكما تقول تجلى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك تقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وقال رضى الله عنه بعد كلام طويل فاذا تحققت ما قررناه يثبت ان كلام الله هو هذا المتلو المسموع المتلفظ به المسمى قرآنا وتوراة وزبورا وانجيلا انتهى قال بعضهم كلام الله عين المتكلم فى رتبة ومعنى قائم به فى اخرى كالكلام النفسي وانه مركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحس يحسبهما ومنها ان اكثر الناس لا يعرفون قدر النعم الالهية ولا يتنبهون للتنبيهات الربانية فواحد من الالف للجنة وبعث الباقي الى النار وهم الجهلاء الذين اعرضوا عن الحق وتعلمه: وفى المثنوى
پند كفتن با جهول خوابناك ... تخم افكندن بود در شوره خاك «2»
چاك حمق وجهل نپذيرد رفو ... تخم حكمت كم دهش اى پند كو
وَقالُوا قال الامام الواحدي فى اسباب النزول روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ان عتبة وشيبة وأبا سفيان والنضر بن الحارث وأبا البختري والوليد بن المغيرة وأبا جهل وعبد الله بن ابى امية وامية بن خلف ورؤساء قريش اجتمعوا عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض ابعثوا الى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا اليه ان اشرف قومك اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم سريعا وهو يظن انه بدا لهم فى امره بداء وكان عليهم حريصا يخب رشدهم ويعز عليه عتبهم حتى جلس إليهم فقالوا يا محمد انا والله لا نعلم رجلا من العرب ادخل على قومه ما ادخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الالهة وفرقت الجماعة وما بقي امر قبيح الا وقد جئته فيما بيننا وبينك فان كنت انما جئت بهذا تطلب به ما لا جعلنا لك من أموالنا ما تكون به أكثرنا مالا وان كنت انما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا وان كان هذا الرّى الذي
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان تفسير حديث ان للقرآن ظهرا وبطنا الحديث
(2) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه آن مرغ كه وصيت كرد كه بر گذشته إلخ(5/202)
أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92)
يأتيك قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن الرّى بذلنا أموالنا فى طلب الطب لك حتى نبرئك منه او نعذر فيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم ولا للشرف فيكم ولا للملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وانزل على كتابا وأمرني ان أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه على اصبر لامر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم) قالوا يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا فقد علمت انه ليس من الناس أحد أضيق بلادا ولا اقل مالا ولا أشد عيشا منا فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك فليسر عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا او يبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كانهار الشام والعراق وليبعث لنا ما مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصى بن كلاب فانه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فان صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وانه بعثك رسولا كما تقول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بهذا بعثت انما جئتكم من عند الله بما بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به فان تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه اصبر لامر الله) قالوا فان لم تفعل هذا فسل ربك ان يبعث ملكا يصدقك وسله ان يجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما سواك فانك تقوم فى الأسواق وتلتمس المعاش فقال عليه السلام (ما انا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا) قالوا سله ان يسقط علينا السماء كما زعمت ان ربك ان شاء فعل فقال عليه السلام (ذلك الى الله تعالى ان شاء فعل) وقال قائل منهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا وقام عبد الله بن ابى امية بن المغيرة المخزومي وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابن عمة النبي عليه السلام ثم اسلم بعد وحسن إسلامه فقال لا او من بك ابدا حتى تتخذ الى السماء سلما وترقى فيه وانا انظر حتى تأتينا وتأتى بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك انك كما تقول فانصرف رسول الله عليه السلام الى اهله حزينا لما فاته من متابعة قومه لما رأى من مباعدتهم عنه فانزل الله تعالى وَقالُوا اى مشركوا مكة ورؤساؤهم لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ لن نعترف لك يا محمد بنبوتك ورسالتك حَتَّى تَفْجُرَ لَنا [تا وقتى كه روان سازى براى ماء] مِنَ الْأَرْضِ ارض مكة يَنْبُوعاً [چشمه پر آب كه هركز كم نكردد] فالينبوع العين الكثيرة الماء ينبع ماؤها ولا يغور ولا ينقطع أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ بستان يستر أشجاره ما تحتها من العرصة مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ [از درختان خرما وانگور يعنى مشتمل بر ان درختان] وهما اسم جمع لنخلة وعنبة فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ اى تجريها بقوة خِلالَها [در ميان آن بستانها] قال فى القاموس خلال الدار ما حوالى جدورها وما بين بيوتها وخلال السحاب مخارج الماء تَفْجِيراً كثيرا والمراد اما اجراء الأنهار خلالها عند سقيها او ادامة إجرائها كما ينبئ عنه الفاء لا ابتداؤه أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً جمع كسفة كقطع وقطعة لفظا ومعنى حال من السماء والكاف فى كما فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف اى اسقاطا مماثلا لما زعمت يعنون بذلك قوله تعالى أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أَوْ تَأْتِيَ [يا بيارى](5/203)
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)
بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا مقابلا كالعشير والمعاشر كما قال الكاشفى [در مقابله يعنى عيان نمايى انتهى] او كفيلا يشهد بصحة ما تدعيه وهو حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها اى والملائكة قبيلا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ من ذهب وأصله الزينة قال الكاشفى [خانه از زركه در آنجا بنشينى واز درويشى با زرهى] أَوْ تَرْقى تصعد فِي السَّماءِ فى معارجها فحذف المضاف يقال رقى فى السلم وفى الدرجة كرضى رقيا اى صعد وعلا صعودا وعلوا وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ اى لاجل رقيك فيها وحده اى صعودك فاللام للتعليل او لن نصدق رقيك فيها فاللام صلة حَتَّى تُنَزِّلَ منها عَلَيْنا كِتاباً فيه تصديقك نَقْرَؤُهُ نحن من غير ان يتلقى من قبلك وكانوا يقصدون بمثل هذه الاقتراحات اللج والعناد ولو كان مرادهم الاسترشاد لكفاهم ما شاهدوا من المعجزات قُلْ تعجبا من شدة شكيمتهم واقتراحهم وتنزيها لساحة السبحان سُبْحانَ رَبِّي [پاكست پروردگار من از آنكه بروى تحكم كند كسى يا شريك او شود در قدرت] هَلْ كُنْتُ [آيا هستم من] إِلَّا بَشَراً لا ملكا حتى يتصور منى الترقي فى السماء ونحوه رَسُولًا مأمورا من قبل ربى بتبليغ الرسالة من غير ان يكون لى خيرة فى الأمر كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم الا بما يظهره الله على أيديهم حسبما يلاثم حال قومهم ولم تكن الآيات إليهم ولا لهم ان يتحكموا على الله بشئ منها وقوله بشرا خبر كنت ورسولا صفته وفيه اشارة الى انهم ارباب الحس الحيواني يطلبون الاعجاز من ظاهر المحسوسات ما لهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النبوة واعجاز عالم المعاني بالولاية الروحانية والقوة الربانية فيطلبون فيه تزكية النفوس وتصفية القلوب وتحلية الأرواح وتفجير ينابيع الحكمة من ارض القلوب لينبت منها تخيل المشاهدات وأعناب المكاشفات فى جنات المواصلات فعلى السالك الصادق ان يطلب الوصول الى عالم المعنى فانه هو المطلب الا على وان يصل اليه الا بقدمي العلم والعمل والرجوع الى حالة التراب بالتواضع قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال عيسى كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الأرض يشير الى التواضع ورفع الكبر والى هذا الاشارة بقول سيد البشر صلى الله عليه وسلم (ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) والينابيع لا تكون الا فى الأرض وهو موضع نبع الماء وهذا المقام انما يحصل بترك الرياسة وهو بمعرفة النفس وعبوديتها فلا يجتمع العبودية والرياسة ابدا فان واحدا لا يصير سلطانا ورعية معا والى هذا يشير المولى الجامى بقوله
با لباس فقر بايد خلعت شاهى درست ... زشت باشد جامه نيمى اطلس ونيمى پلاس
فانظر فى هذه الآيات الى سوء ادب المشركين بالاقتراحات المنقولة عنهم والى كمال الأدب المحمدي والفناء الأحمدي وترك الاعتراض- حكى- ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك فقد كسرت اناءك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر يعنى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء فالطالب لا يصل الى مقصوده الا بعد إفناء وجوده
خمير مايه هر نيك وبد تويى جامى ... خلاص از همه مى بايدت ز خود بگريز(5/204)
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99)
فالعاقل يسعى فى إفناء الوجود واستجلاب الشهود ويجهد فى تطهير القلب عن الأدناس ولا يأنس بشئ سوى ذكر رب الناس وقال الامام الغزالي رحمه الله لا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اعنى طهارته عن ادناس الدنيا وأنسه بذكر الله تعالى وحبه لله وصفاء القلب وطهارته لا يكون الا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة لا بدوام الذكر والفكر وهذه الصفات الثلاث هى المنجيات وَما مَنَعَ النَّاسَ اى قريشا من أَنْ يُؤْمِنُوا بالقرآن وبالنبوة إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وقت مجيئ الوحى ظرف لمنع او يؤمنوا إِلَّا أَنْ قالُوا الا قولهم أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً حال من رَسُولًا منكرين ان يكون رسول الله من جنس البشر فالمانع هو الاعتقاد المستلزم لهذا القول قُلْ جوابا لشبهتهم لَوْ كانَ لو وجد واستقر فِي الْأَرْضِ بدل البشر مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ على أقدامهم كما يمشى الناس ولا يطيرون بأجنحتهم الى السماء فيسمعوا من أهلها ويعلموا ما يجب علمه مُطْمَئِنِّينَ ساكنين فيها قارين لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً حال من رَسُولًا ليبين لهم ما يحتاجون اليه من امور الدنيا والدين لان الجنس الى الجنس يميل ولما كان سكان الأرض بشرا وجب ان يكون رسولهم بشرا ليمكن الافادة والاستفادة وهم جهلوا ان التجانس يورث التوانس والتخالف يوجب التنافر
او بشر فرمود وخود را مثلكم ... تا بجنس آيند وكم كردند وكم
ز انكه جنسيت عجائب جاذبيست ... جاذب جنسست هر جا طالبيست
قُلْ كَفى بِاللَّهِ وحده شَهِيداً على انى بلغت ما أرسلت به إليكم وانكم كذبتم وعاندتم بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ من الرسل والمرسل إليهم خَبِيراً بَصِيراً
محيطا بظواهر أحوالهم وبواطنها فيجازيهم على ذلك وفيه تسلية له عليه السلام وتهديد للكافرين وفى الآية اشارة الى ان الجهلاء يستبعدون إرسال الإنسان الكامل من أبناء جنسهم ويحسبون ان الملائكة أعلى درجة منه مع ما جعله الله مسجودا للملائكة وأودع فيه من سر الخلافة ولو كان الملك مستأهلا للخلافة فى الأرض لكان الله نزل رسولا من الملائكة وهو شاهد بانه مستعد للرسالة والخلافة والملك وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ ابتداء كلام ليس بداخل تحت الأمر اى يخلق فيه الاهتداء الى الحق قال الكاشفى [وهر كراراه نمايد خداى تعالى يعنى حكم كند بهدايت او وتوفيق] فَهُوَ الْمُهْتَدِ لا غير وَمَنْ يُضْلِلْ اى يخلق فيه الضلال بسوء اختياره قال الكاشفى [وهر كرا كمراه سازد يعنى حكم فرمايد بضلالت او وفرو كذارد او را] فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أشار بالتوحيد فى جانب الهداية الى وحدة طريق الحق وقلة سالكيه وبالجمع فى جانب الضلال الى تعدد سبل الباطل وكثرة اهله أَوْلِياءَ كائنين مِنْ دُونِهِ تعالى فهو فى موقع الصفة ويجوز ان يكون حالا كما فى بحر العلوم اى أنصارا يهدونهم الى طريق الحق ويدفعون عنهم الضلالة وفى الحديث (انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شىء ولو كانت الهداية الىّ لآمن كل من فى الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء) : قال الحافظ(5/205)
مكن بچشم حقارت نكاه بر من مست ... كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او
وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ كائنين عَلى وُجُوهِهِمْ سحبا او مشيا فان الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على ان يمشيهم على وجوهم عُمْياً حال من ضمير وجوههم وهو جمع أعمى وَبُكْماً جمع ابكم وهو الأخرس وَصُمًّا جمع أصم من الصمم محركة وهو انسداد الاذن وثقل السمع ان قيل ما وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وقوله وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ وقوله دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً قلت قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا يرون ما يسرّهم ولا ينطقون بما يقبل منهم ولا يستمعون ما يلذ مسامعهم لما قد كانوا فى الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر ولا ينطقون بالحق ولا يستمعون وقال مقاتل هذا إذا قيل لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون فيصيرون بأجمعهم صما بكما عميا نعوذ بالله من سخطه وفى التأويلات النجمية وَنَحْشُرُهُمْ إلخ لانهم كانوا يعيشون فى الدنيا مكبين عَلى وُجُوهِهِمْ فى طلب السفليات فى الدنيا وزخارفها وشهواتها عُمْياً عن رؤية الحق وَبُكْماً من قول الحق وَصُمًّا عن استماع الحق وذلك لعدم إصابة النور المرشوش على الأرواح وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى الآية وقال صلى الله عليه وسلم (يموت الإنسان على ما عاش ويحشر على ما مات عليه) مَأْواهُمْ منزلهم ومسكنهم والمأوى كل مكان يأوى اليه شىء ليلا كان او نهارا جَهَنَّمُ خبر مأواهم والجملة استئناف كُلَّما خَبَتْ يقال خبت النار والحرب والحدة خبوا وخبوّا سكنت وطفئت كما فى القاموس زِدْناهُمْ سَعِيراً [بيفزاييم براى ايشان آتش سوزان يا برافروزيم آتش را] اى كلما سكن لهبها بان أكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار زدناهم توقدا بان بدلناهم جلودا غيرها فعادت ملتهبة ومسعرة فان قلت قوله تعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها يدل على ان النار لا تتجاوز فى تعذيبهم عن حد الإنضاج الى حد الإحراق والافناء قلت النضج مجاز عن مطلق تأثير النار ثم ما ذكر من التجديد بعد الافناء عقوبة لهم على انكارهم الاعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد اخرى ليروها بعد اخرى فيروها عيانا حيث لم يعلموها برهانا كما يفصح عنه قوله ذلِكَ مبتدأ خبر قوله جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ بسبب انهم كَفَرُوا بِآياتِنا العقلية والنقلية الدالة على صحة الاعادة دلالة واضحة وفى التأويلات كانوا فى جهنم الحرص والشهوات كلما سكنت نار شهوة باستيفاء حظها زادوا سعيرها باشتغال طلب شهوة اخرى ولو
كانوا مؤمنين بالحشر والنشر ما أكبوا على جهنم الحرص على الدنيا وشهواتها وما اعرضوا عن الآيات البينات التي جاء بها الأنبياء عليهم السلام: وفى المثنوى
كوزه چشم حريصان پر نشد ... تا صدف قانع نشد پر در نشد
وَقالُوا منكرين أشد الإنكار أَإِذا كُنَّا عِظاماً [آيا آن وقت كه كرديم استخوان] وَرُفاتاً الرفات الحطام وهو الفتات المكسر وقال مجاهد رفاتا اى ترابا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً اما مصدر مؤكد من غير لفظه اى لمبعوثون بعثا جديدا واما حال اى مخلوقين مستأنفين وقد سبق تفسير هذه الآية فى هذه السورة أَوَلَمْ يَرَوْا اى ألم يتفكروا ولم يعلموا(5/206)
قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)
أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ من غير مادة مع عظمهم قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ فى الصغر على ان المثل مقحم والمراد بالخلق الاعادة قال الكاشفى [مثل تعبير از نفس شىء كنند چنانكه مثلك لا يفعل كذا اى أنت] وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ عطف على أو لم يروا فانه فى قوة قد رأوا والمعنى قد علموا ان من قدر على خلق السموات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم من الانس وجعل لهم ولبعثهم أجلا محققا لا ريب فيه هو يوم القيامة قال الكاشفى [بدرستى كه خداى تعالى مقرر كرده است براى فناى ايشان مدتى كه هيچ شك نيست در ان وآن زمان مركست يا بجهت اعاده ايشان اجلى نهاده كه قيامتست] فَأَبَى الظَّالِمُونَ فامتنعوا من الانقياد للحق ولم يرضوا إِلَّا كُفُوراً جحودا به قُلْ [بگو كافرانرا] لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي خزائن رزقه التي أفاضها على كافة الموجودات وأنتم مرتفع بفعل يفسره المذكور لا مبتدأ لانها لا تدخل الا على الفعل والأصل لو تملكون أنتم تملكون إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ لبخلتم من قولك للبخيل ممسك فلا يقدر له مفعول خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ مخافة عاقبته وهو النفاد وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً يقال قتر ضيق. والمعنى كان ضيقا مبالغا فى البخل لان مبنى امره على الحاجة والضنة بما يحتاج اليه وملاحظة العوض فيما يبذل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحى من الأنصار (من سيدكم يا بنى سلمة) قالوا الجد بن قيس على بخل فيه فقال عليه السلام (واى داء أدوى من البخل بل سيدكم عمر بن الجموح) فالبخل والحرص من الصفات المذمومة فلابد من تطهير النفس عنهما وتحليتها بالسخاء والقناعة وترك طول الأمل فان الشيطان يستعبد البخيل ولو كان مطيعا وينأى عن السخي ولو كان فاسقا وجنس الإنسان وان كان قتورا مخلوقا على القبض واليبوسة كالتراب الا ان من افراده خواص متخلقين بصفات الله تعالى ومتحققين باسرار ذاته قال حسان بن ثابت رضى الله عنه فى مدح النبي صلى الله عليه وسلم
له راحة لو ان معشار جودها ... على البر كان البر اندى من البحر
الراحة الكف والمعشار بمعنى العشر- روى- ان زين العابدين رضى الله عنه لقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالي فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل عليه وقال ماستر من أمرنا اكثر ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى عليه خميصة كانت عليه وهى كساء اسود معلم وامر بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من أولاد الرسل ولا يتوهم مغرور انهم كانوا اهل دنيا ينفقون منها الأموال انما كانوا اهل سخاء ومروءة كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها فى العاجل وفيهم يصدق قول القائل
وهم ينفقون المال فى أول الغنى ... ويستأنفون الصبر فى آخر الفقر
إذا نزل الحي الغريب تقارعوا ... عليه فلم تدر المقل من المثرى
: قال الشيخ سعدى قدس سره
اگر كنج قارون بچنك آورى ... نماند مكر آنكه بخشى برى
بخيل توانكر بدينار وسيم ... طلسمست بالاى كنجى مقيم(5/207)
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103)
از ان سالها مى بماند زرش ... كه لرزد طلسمى چنين بر سرش
بسنك أجل ناكهان بشكنند ... بآسودگى كنج قسمت كنند
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ معجزات بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على نبوته وصحة ما جاء به من عند الله وهى العصا واليد البيضاء والجراد والقمل والضفادع والدم والطوفان والسنون ونقص الثمرات فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ اى فقلنا له إِذْ جاءَهُمْ سلهم يا موسى من فرعون وقل له أرسل معى بنى إسرائيل اى أولاد يعقوب وقال الكاشفى [پس بپرس اى محمد ز بنى إسرائيل يعنى از علماى ايشان همين آيات را تا صدق قول تو بر مشركان ظاهر كردد] اى ليظهر صدقك حين اختبروك عندهم على وفق ما أخبرتهم إذ جاءهم [چون آمد موسى بر ايشان كه چهـ كذشت ميان وى وفرعون] وفى التأويلات النجمية إذ جاءهم موسى بهذه الآيات هل رأوها واستدلوا بها وآمنوا كاهل الحق ممن جعلهم الله ائمة يهدون بامره وكانوا بآياته يوقنون فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ قال فى الإرشاد الفاء فصيحة اى فاظهر عند فرعون ما آتيناه من الآيات البينات وبلغه ما أرسل به فقال له فرعون إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً سحرت فتخبط عقلك ولذا تتكلم بمثل هذه الكلمات الغير المعقولة وهذا يشبه قوله إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ويجوز ان يكون المسحور للنسبة بمعنى ذى السحر كما قال فى التأويلات النجمية لما كان فرعون من اهل الظن لا من اهل اليقين رآه بنظر الظن الكاذب ساحرا ورأى الآيات سحرا قالَ موسى لَقَدْ عَلِمْتَ [بدرستى كه تو دانسته اى فرعون بدل خود اگر چهـ بزبان تلفظ نكنى] وفى التأويلات النجمية لو نظرت بنظر العقل لعلمت انه ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ يعنى الآيات التي أظهرها إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خالقهما ومدبرهما بَصائِرَ حال من الآيات اى بينات مكشوفات تبصرك صدقى ولكنك تعاند وتكابر. وبالفارسية [آيتهاى روشن كه هر يك دليلست بر نبوت من] وفى التأويلات النجمية اى ترى بنور البصيرة والعقل انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر العلم ليس جالبا للسعادة الا من حيث طرده الجهل فلا تحجب بعلمك فان فرعون علم نبوة موسى وإبليس علم حال آدم واليهود علموا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه وحرموا التوفيق للايمان فاشقاهم زمانا ذلك الاستيقان قال تعالى وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا قال الكمال الخجندي
در علم محققان جدل نيست ... از علم مراد جز عمل نيست
وقال الحافظ
نه من زبى عملى در جهان ملولم وبس ... ملالت علما هم ز علم بي عملست
وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً مصروفا عن الخير مطبوعا على الشر من قولهم ما ثبرك عن هذا اى ما صرفك او هالكا فان الثبور الهلاك وفى التأويلات النجمية اى بلا بصيرة وعقل والظن ظنان ظن كاذب وظن صادق وكان ظن فرعون كاذبا وظن موسى صادقا فَأَرادَ اى فرعون من نتائج ظنه الكاذب أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ الاستفزاز الإزعاج. والمعنى بالفارسية(5/208)
وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)
[بر انگيزد ودور كند موسى وقوم او] مِنَ الْأَرْضِ اى ارض مصر او من وجه الأرض بالقتل والاستئصال فَأَغْرَقْناهُ اى فرعون وَمَنْ مَعَهُ من القبط جَمِيعاً ونجينا موسى وقومه من نتائج ظنه الصادق قال فى الإرشاد فعكسنا عليه مكره واستفززناه وقومه بالاغراق وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد إغراق فرعون لِبَنِي إِسْرائِيلَ أولاد يعقوب اسْكُنُوا الْأَرْضَ التي أراد ان يستفزكم منها وهى ارض مصر ان صح انهم دخلوها بعده او الأرض مطلقا فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يعنى قيامة الساعة جِئْنا بِكُمْ [بياريم شما وايشانرا بحشر كاه] لَفِيفاً [جماعتى آميخته با هم پس حكم كنيم ميان شما] تمييز سعداء وأشقياء واللفيف الجماعات من قبائل شتى قد لف بعضها ببعض قال فى القاموس جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً مجتمعين مختلطين من كل قبيلة انتهى وفى التأويلات النجمية اى يلتف الكافرون بالمؤمنين لعلهم ينجون بهم من العذاب فيخاطبون بقوله تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ولا ينفعهم التلفف بل يقال لهم فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ انتهى يقول الفقير وذلك لان التلفف الصوري والارتباط الظاهري لا ينفع الكفار والمنافقين إذ لم يجمع بينهم وبين المؤمنين الاعتقاد الخالص والعمل الصالح فكانوا كمن انكسرت سفينتهم فتعلق من لا يحسن السباحة بالسباح فتعلقه هذا لا ينفعه إذ البحر عميق والساحل بعيد فكم من سباح لا ينجو فكيف غيره: سعدى
در آبى كه پيدا نباشد كنار ... غرور شناور نيايد بكار
وفى الحديث (من ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه) يعنى من آخره فى الآخرة عمله السيئ او تفريطه فى العمل الصالح لم ينفعه شرف النسب من جهة الدنيا ولم ينجبر به نقيصته فان نسبه ينقطع هناك ألا ترى ان الغصن اليابس يقطع من الشجرة ليبوسته ورطوبة الباقي وغضارته إذ لا مناسبة بينه وبين الاغصان الغضة الطرية فهو وان كان غصن تلك الشجرة متعلقا بها منسوبا إليها لكنه ليبوسته حرى بالقطع وانما النسب المفيد هو نسبة التقوى ولذا قال عليه السلام (كل تقى نقى آلى) وكل من لم يكن متصفا بالتقوى والنقاوة فليس من آله كابى لهب ونحوه وليس له طريق ينتهى الى الله تعالى فيا حسرة قوم ظنوا الوصول مع تضييع الأصول وبذل النقد فى الفضول وعرضت على بعض الا كابر عطية من الله تعالى بلا واسطة فقال لا اقبلها الا على يد محمد صلى الله عليه وسلم يعنى على الصراط السوي فجاءته من تم فقد ضوعفت فهذا شاهد بان صحة الاتصال بالله انما هى بصحة الاتصال بواسطة وهو الرسول الله- صلى الله عليه وسلم وان الرسول وشريعته محك فتضرب المواهب والعطايا عليه فان جاءت موافقة لما امره قبلت والا ردت إذ يحتمل ان يكون ذلك من قبل الشيطان والنفس جاء ملبوسا يلباس الحق مزخرفا فلابد من التمييز وهو من أصعب الأمور فعليك ايها الأخ فى الله بالثبات والوقار ولا يستفزك العدو حتى لا تقع فى ورطة البور: قال الحافظ
در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن
والله المنجى والموفق وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ اى وما أنزلنا القرآن الا ملتبسا بالحق(5/209)
وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)
المقتضى لا نزاله وما نزل الا ملتبسا بالحق الذي اشتمل عليه فالمراد بالحق فى كل من الموضعين معنى يغاير الآخر فلا يرد ان الثاني تأكيد للاول قال الكاشفى [در تبيان آمده كه با بمعنى على است ومراد از حق محمد صلى الله عليه وسلم يعنى وعلى محمد نزل. در مدارك آورده احمد ابن ابى كجوارى كفت محمد بن سماك بيمار شد قاروره او بطبيب ترسا مى برديم مردى نيكو روى وخوشبوى وجامه پاكيزه پوشيده بما رسيد وصورت حال پرسيد بوى كفتيم فرمود كه سبحان الله در مهم دوست خداى تعالى از دشمن خداى استعانت مى كنيد باز كرديد وباين سماك بگوييد كه دست خود بر موضع وجع إ وبكوى وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ واز چشم ما غائب شد باز كشتيم وقصه بعرض شيخ رسانيديم دست بر ان موضع نهاد واين كلمات بكفت فى الحال شفا يافت وكفته اند آن كس خضر عليه السلام بود اثر حكمت اين كار طبيبان الهيست] وفى التأويلات النجمية إنزال القرآن كان بالحق لا بالباطل وذلك لانه تعالى لما خلق الأرواح المقدسة فى احسن تقويم ثم بالنفخة رده الى أسفل سافلين وهو القالب الإنساني احتاجت الأرواح فى الرجوع الى أعلى عليين قرب الحق وجواره الى حبل تعتصم به فى الرجوع فانزل الله القرآن وهو حبله المتين وقال وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وبالحق نزل ليضل به اهل الشقاوة وبالرد والجحود والامتناع عن الاعتصام به ويبقى فى الأسفل حكمة بالغة منه ويهدى به اهل السعادة بالقبول والايمان والاعتصام به والتخلق بخلقه الى ان يصل به الى كمال قربه فيعتصم به كما قال وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً للمطيع بالثواب وَنَذِيراً للعاصى من العقاب فلا عليك الا التبشير والانذار وفى التأويلات النجمية مُبَشِّراً لاهل السعادة بسعادة الوصول والعرفان عند التمسك بالقرآن وَنَذِيراً لاهل الشقاوة بشقاوة البعد والحرمان والخلود فى النيران عند الانفصام عن حبل القرآن وترك الاعتصام به [سلمى قدس سره فرموده كه مژده دهنده آنرا كه از ما روى بگرداند وبيم كننده آنرا كه روى بما آورد يعنى بد كارانرا بشارت دهد بست رحمت وكمال عفوما تا روى بدرگاه ما آرند
حافظا رحمت او بهر كنهكارانست ... نااميدى مكن اى دوست كه فاسق باشى
نيكانرا إنذار كند از اثر هيبت وجلال تا بر اعمال خود اعتماد ننمايند
زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه ... زنده از ره نياز بدار السلام رفت
وَقُرْآناً منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى فَرَقْناهُ نزلناه مفرقا. وبالفارسية [و پراكنده فرستاديم قرآنرا يعنى آيت آيت وسوره سوره] لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ اى مهل وتأن فانه أيسر للحفظ وأعون على الفهم وَنَزَّلْناهُ فى ثلاث وعشرين سنة تَنْزِيلًا على قانون الحكمة وحسب الحوادث وجوابات السائلين قُلْ للذين كفروا آمِنُوا بِهِ اى بالقرآن أَوْ لا تُؤْمِنُوا فان ايمانكم به لا يزيده كمالا وامتناعكم عنه لا يورثه نقصا حاجت مشاطه نيست روى دلارام را والأمر للتهديد كما فى تفسير الكاشفى إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ اى العلماء الذين(5/210)
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)
قرأوا الكتب السالفة من قبل تنزيله وعرفوا حقيقة الوحى وامارات النبوة وتمكنوا من التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل نحو عبد الله بن سلام واتباعه من اليهود والنجاشي وأصحابه من النصارى إِذا يُتْلى اى القرآن عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ [بيفتند بر زنخهاى خود] اى يسقطون على وجوههم فاللام بمعنى على والأذقان الوجوه على سبيل التعبير عن الكل بالجزء مجازا سُجَّداً اى حال كونهم ساجدين تعظيما لامر الله وهو تعليل لما يفهم من قوله آمنوا به اولا تؤمنوا من عدم المبالاة بذلك اى ان لم تؤمنوا فقد آمن به احسن ايمان من هو خير منكم قال البيضاوي ذكر الذقن لانه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد واللام فيه لاختصاص الخرور به قال سعدى المفتى فى حواشيه فيه بحث فانه ظاهران أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد جبهته وانفه الا ان يقال ان طريق سجدتهم غير ما عرفناه انتهى يقول الفقير معنى اللقاء هنا كون الذقن اقرب شىء الى الأرض من الانف والجبهة حال السجدة إذا لا قرب الى الأرض بالنسبة الى حال الخرور الركبة ثم اليدان ثم الرأس واقرب اجزاء الرأس الذقن والأقرب. الى السماء بالاضافة الى حال الرفع الرأس واقرب اجزاء الرأس الجبهة فافهم وَيَقُولُونَ فى سجودهم سُبْحانَ رَبِّنا [پاكست پروردگار ما] عما يفعل الكفرة من التكذيب او عن خلفه وعده الذي فى الكتب السالفة ببعث محمد وإنزال القرآن عليه إِنْ اى ان الشأن كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا كائنا لا محالة واقعا البتة لان الخلف نقص وهو محال على الله تعالى يقول الفقير الظاهر ان المراد بالوعد وعد الآخرة كما يدل عليه سياق الآية من قصة موسى وفرعون وما قبلها من قصة قريش فى انكار البعث والله اعلم وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ اى حال كونهم باكين من خشية الله تعالى كرر الخرور للاذقان لاختلاف السبب فان الاول لتعظيم امر الله والثاني لما اثر فيهم من مواعظ القرآن وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (تضرعوا وابكوا فان السموات والأرض والشمس القمر والنجوم يبكون من خشية الله) وَيَزِيدُهُمْ اى القرآن بسماعهم خُشُوعاً كما يزيدهم علما ويقينا بالله والخشوع [فروتنى] وتضرع واعلم ان التواضع والسجود من شأن الأرواح والبكاء والخشوع من شأن الأجساد وانما أرسلت الأرواح الى الأجساد لتحصيل هذه المنافع فى العبودية قال الكاشفى [اين سجده چهارم است از سجدات قرآن وحضرت شيخ قدس سره اين را سجود العلماء خوانده وفرموده كه بحقيقت اين سجود متجليست زيرا كه خشوع از وقوع تجلى باشد بر ظاهر يا بر هر دو و چون خبر داد كه خشوع ايشان زياده ميشود وخشوع نمى باشد الا از تجلى الهى پس زيادتئ خشوع دليل زيادتئ تجلى باشد وبر آن تقدير اين سجود تجلى بود وساجد بايد كه ببركت اين سجده از فيض تجلى بهره مند وخضوع او بيفزايد] ما تجلى الله لشئ الا خضع له
لمعه نور تجلى از قدم ... بر حدوث افتد فرو ريزد ز هم
پس خضوع اينجا زوال هستى است ... وز بلندى موجب اين پستى است(5/211)
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)
فعليك ببذل الوجود وافنائه فانه تعالى انما يتجلى لاهل الفناء نعم ان الفناء من التجلي كما دل عليه الخبر المذكور: وفى المثنوى
چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف محدث را كليم «1»
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ- روى- ان اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم انك لتقل ذكر الرحمن وقد اكثر الله فى التوراة فنزلت. والدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء والمراد بالله والرحمن الاسم لا المسمى واو للتخيير والمراد انهما سيان فى حسن الا طلاق والإفضاء الى المقصود. والمعنى سموا بهذا الاسم او بهذا واذكروا اما هذا واما هذا أَيًّا ما تَدْعُوا [هر كدام را بخوانيد وبدان حق را خوانده باشيد] والتنوين عوض عن المضاف اليه وما صلة لتأكيد ما فى أي من الإبهام اى أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم فَلَهُ اى للمسمى لان التسمية لمسمى هذين الاسمين وهو ذاته تعالى لا للاسم الْأَسْماءُ الْحُسْنى وحسن جميع أسمائه يستدعى حسن ذينك الاسمين. والحسنى تأنيث الأحسن لان حكم الأسماء حكم المؤنث نحو الجماعة الحسنى وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والجمال قال فى بحر العلوم معنى كونها احسن الأسماء انها مستقلة بمعاني التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والالهية والافعال التي هى النهاية فى الحسن وقال بعضهم نزلت هذه الآية حين سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا الله يا رحمن فقالوا انه ينهانا ان نعبد الهين وهو يدعو الها آخر فالمراد هو التسوية بين اللفظين بانهما مطلقان على ذات واحدة وان اختلف معناهما واعتبار اطلاقهما والتوحيد انما هو للذات الذي هو المعبود واو للاباحة لان الإباحة يجوز فيها الجمع بين الفعلين دون التخيير والله اعلم قال المولى الفنارى رحمه الله ان لاسم الجلالة اختصاصا وضعيا واستعماليا وللرحمن اختصاصا استعماليا وقولهم رحمن اليمامة مسيلمة تعنت فى كفرهم كما لو سموه الله مثلا انتهى وقال الامام السهيلي رحمه الله فى كتاب التعريف والاعلام كان مسيلمة قديما يتكذب ويتسمى بالرحمن وقد قيل انه تسمى بالرحمن قبل مولد عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر عمرا طويلا الى ان قتل باليمامة قتله وحشي فى خلافة ابى بكر رضى الله عنه انتهى- وروى- ان بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما فى بطنه من دبره وهلك من ساعته لان هذا الاسم الجليل لا يليق الا لجناب الحق تعالى ولهذا لم يشاركه فيه أحد كما قال تعالى هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا اى مشاركا له فى هذا الاسم وقال فرعون مصر للقبط أنا ربكم الأعلى ولم يقدر ان يقول انا الله تعالى قال حضرة الهدائى قدس سره استمداد جميع الأسماء من الاسم الرحمن الذي هو مقام خاتم النبوة والشافعة العامة واليه ينتهى كل الأسماء واستمداده من اسم الذات فينبغى للسالك ان لا يقصر بالعبادة فى مراتب بعض الأسماء حتى يصل الى المسمى ويجمع جميع الأسماء ويكون فوق الكل: وفى المثنوى
دست شد بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى
كان يكى درياست بى غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش ان
وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بقراءة صلاتك فى المسجد الحرام بحيث تسمع المشركين فان
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ(5/212)
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)
ذلك يحملهم على سب القرآن ومن أنزله ومن جاءبه واللغو فيه ففيه حذف المضاف لان الجهر والمخافتة صفتان تعتقبان على الصوت لا غير والصلاة افعال واذكارا وهو من تسمية الجزء بالكل مجازا وَلا تُخافِتْ بِها اى بقراءتها بحيث لا تسمع من خلفك من المؤمنين قال الكاشفى [وآواز فرو مدار بآن] وَابْتَغِ اطلب بَيْنَ ذلِكَ اى بين الجهر والمخافتة على الوجه المذكور سَبِيلًا امرا وسطا فان خير الأمور أوساطها والتعبير عن ذلك بالسبيل باعتبار انه امر يتوجه اليه المتوجهون ويؤمه المقتدون فيوصلهم الى المطلوب- روى- ان أبا بكر رضى الله عنه كان يخفت ويقول اناجى ربى وقد علم حاجتى وعمر رضى الله عنه يجهر بها ويقول اطرد الشيطان واوقظ الوسنان فلما نزلت امر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ان يرفع قليلا وعمر ان يخفض قليلا وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً لان الولادة من صفات الأجسام لا غير وهو رد لليهود والنصارى وبنى مدلج حيث قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فى ملك العالم اى الالوهية فان الكل عبيده والعبد لا يصلح ان يكون شريكا لسيده فى ملكه وهو رد للثنوية القائلين بتعدد الآلهة: وفى المثنوى
واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالارنى
نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ لم يوال أحدا من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته فانه محال انه يذل فيحتاج الى أحد يتعزز به ويدفع عنه المذلة إذ له العزة كلها فليس له مذلة دلالة ولا له احتياج الى ولى يدفع الذل عنه وهو رد للمجوس والصابئين فى قولهم لولا اولياء الله لذل الله تعالى عن ذلك وفى الاسئلة المقحمة كيف جعل عدم الولد علة استحقاق الحمد الجواب ان هذا ليس بتعليل لوجوب الحمد انما هو بيان من يقع له الحمد كما تقول الحمد لله الاول الآخر الحمد لله رب العالمين انتهى وفى الكشاف كيف رتب الحمد على نفى الولد والشريك والذل اى مع انه لم يكن من الجميل الاختياري قلت ان من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة فهو الذي يستحق جنس الحمد وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً عظمه تعظيما او قل الله اكبر من الاتخاذ والشريك والولي وقال الكاشفى [يعنى حق را بزركتر دان از وصف واصفان ومعرفت عارفان
فكرها عاجزست ز اوصافش ... عقلها هرزه ميزند لافش «1»
عقل عقلست جان جانست او ... آن كزو برترست آنست او
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افصح الغلام من بنى عبد المطلب علمه هذه الآية وكان يسميها آية العزة قال فى التأويلات النجمية قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ يشير الى ان الله اسم الذات والرحمن اسم الصفة أَيًّا ما تَدْعُوا اى بأى اسم من اسم الذات والصفات تدعونه فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى اى كل اسم من أسمائه حسن فادعوه حسنا وهو ان تدعوه بالإخلاص وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بدعائك وعبادتك رياء وسمعة وَلا تُخافِتْ بِها اى ولا تخفها بالكلية عن نظر لئلا يحرموا
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ [.....](5/213)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)
المتابعة والاسوة الحسنة (وابتغ بين ذلك سبيلا) وهو اظهار الفرائض بالجماعات فى المساجد وإخفاء النوافل وحدانا فى البيوت (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) فيكون كمال عنايته وعواطف إحسانه مخصوصا بولده ويحرم عباده معه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فيكون ما نعاله من إصابة الخير الى عباده وأوليائه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فيكون محتاجا اليه فينعم عليه دون ما استغنى عنه بل أولياؤه الذين آمنوا وجاهدوا فى الله حق جهاده وكبروا الله وعظموه بالمحبة والطلب والعبودية وهو معنى قوله وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً انتهى [علم الهدى فرموده كه حق سبحانه دوست نكيرد تا بمدد ايشان از دل بعز رسد بلكه دوست كيرد تا بلطف وى از حضيض مذلت تا باوج عزت ترقى كند] كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وهذه الولاية عامة مشتركة بين جميع المؤمنين وترقيهم من الجهل الى العلم وقال تعالى أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وهذه الولاية خاصة بالواصلين الى الله من اهل السلوك وترقيهم من العلم الى العين ومن العين الى الحق قال فى شرح الحكم العطائية ان عباد الله المخلصين قسمان قوم أقامهم الحق لخدمته وهم العباد والزهاد واهل الأعمال والأوراد وقوم خصهم بمحبته وهم اهل المحبة والوداد والصفاء واتباع المراد وكل فى خدمته وتحت طاعته وحرمته إذ كلهم قاصد وجهه ومتوجه اليه قال الله تعالى كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وهذا عام فى كل طريق وظاهر فى كل فريق وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً فيحجر او يحصر فى نوع واحد او صفة واحدة وقد قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه الزاهد صيد الحق من الدنيا والعارف صيد الحق من الجنة وقال ابو يزيد البسطامي قدس سره اطلع الله سبحانه الى قلوب أوليائه فمنهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة فشغلهم بالعبادة: قال الحافظ
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
تمت سورة الاسراء فى اوسط جمادى الاولى من سنة خمس ومائة والف
تفسير سورة الكهف
وهى مائة واحدي عشرة آية مكية وقيل الا قوله واصبر نفسك الآية بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ اللام للاستحقاق اى هو المستحق للمدح والثناء والشكر كله لان كل وجود شىء نعمة من نعمه فلا منعم الا هو قال القيصري رحمه الله الحمد قولى وفعلى وحالى اما القولى فحمد اللسان وثناؤه عليه بما اثنى به الحق على نفسه على لسان أنبيائه عليهم السلام واما الفعلى فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله تعالى وتوجها الى جنابه الكريم لان الحمد كما يجب على الإنسان باللسان كذلك يجب عليه بحسب مقابلة كل عضو بل على كل عضو كالشكر وعند كل حال من الأحوال كما قال النبي عليه السلام (الحمد لله على كل حال) وذلك لا يمكن الا باستعمال كل عضو فيما خلق لاجله على الوجه المشروع عبادة للحق تعالى وانقيادا لامره لا طلبا لحظوظ النفس ومرضاتها واما الحالي فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلق بالأخلاق الالهية لان الناس مأمورون بالتخلق(5/214)
قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)
بلسان الأنبياء صلوات الله عليهم لتصير الكمالات ملكة نفوسهم وذواتهم وفى الحقيقة هذا حمد الحق نفسه فى مقامه التفصيلي المسمى بالمظاهر من حيث عدم مغاير تهاله واما حمده ذاته فى مقامه الجمعى الإلهي قولا فهو ما نطق به فى كتبه وصحفه من تعريفاته نفسه بالصفات الكمالية وفعلا فهو اظهار كمالاته الجمالية والجلالية من غيبه الى شهادته ومن باطنه الى ظاهره ومن علمه الى عينه فى مجالى صفاته ومحال آيات أسمائه وحالا فهو تجلياته فى ذاته بالفيض الأقدس الاولى وظهور النور الأزلي فهو الحامد والمحمود جمعا وتفصيلا: قال المولى الجامى
آنجا كه كمال كبرياى تو بود ... عالم نمى از بحر عطاى تو بود
ما را چهـ حد حمد وثناى تو بود ... هم حمد وثناى تو سزاى تو بود
الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ محمد الذي يستأهل ان يكون عبدا مطلقا حقيقيا حرا عن جميع ما سوى الله ولذا يقول (أمتي أمتي) يوم يقول كل نبى نفسى نفسى وفيه اشعار بان شأن الرسول ان يكون عبدا للمرسل لا كما زعمت النصارى فى حق عيسى عليه السلام الْكِتابَ اى القرآن الحقيق باسم الكتاب وهو فى اللغة جمع الحروف ورتب استحقاق الحمد على انزاله تنبيها على انه من أعظم نعمائه إذ فيه سعادة الدارين وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ اى القرآن عِوَجاً [چيزى از كچى] اى شيأ من العوج بنوع اختلال فى النظم وتناف فى المعنى او عدول عن الحق الى الباطل واختار حفص عن عاصم السكت على عوجا وهو وقفة لطيفة من غير تنفس لئلا يتوهم ان ما بعده صفة له واختار السكت ايضا على مرقدنا إذ لا يحسن القطع بالكلية بين مقوليهم ولا الوصل لئلا يتوهم ان هذا اشارة الى مرقدنا فانهم قَيِّماً انتصابه بمضمر تقديره جعله قيما اى مستقيما معتدلا لا افراط فيه ولا تفريط او قيما بالمصالح الدينية والدنيوية للعباد فيكون وصفاله بالتكميل بعد وصفه بالكمال والقيم والقيوم والقيام بناء مبالغة للقائم قال الكاشفى [در تأويلات آورده كه ضمير له راجع بعبد است ومعنى آنكه نداد بنده خود را ميل بغير خود وكردانيد او را مستقيم در جميع احوال] لِيُنْذِرَ اى انزل لينذر الكتاب او محمد بما فيه الذين كفرا بَأْساً عذابا شَدِيداً صادرا مِنْ لَدُنْهُ من عنده تعالى نازلا من قبله بمقابلة كفرهم وتكذيبهم وهو اما عذاب الاستئصال فى الدنيا او عذاب النار فى العقبى او كلاهما وانما قال من لدنه لانه هو المعذب دون الغير وَيُبَشِّرَ [مژده دهد] الْمُؤْمِنِينَ المصدقين الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ اى الأعمال الصالحة وهى ما كانت لوجه الله تعالى أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم فى مقابلة ايمانهم وأعمالهم المذكورة أَجْراً حَسَناً هو الجنة وما فيها من النعيم ماكِثِينَ حال من ضمير لهم فِيهِ اى فى ذلك الاجر أَبَداً من غير انقطاع وانتهاء وتغير حال نصب على الظرفية لما كثين وتقديم الانذار على التبشير لتقدم التخلية على التحلية وَيُنْذِرَ ايضا خاصة الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً كاليهود والنصارى وبنى مدلج من كفار العرب ما لَهُمْ بِهِ اى باتخاذه تعالى ولدا مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ الذين قلدوهم فى ذلك يعنى لا يقتضى العلم ان يتخذ الله ولدا لاستحالته فى نفسه وانما قالوا بالجهل من غير فكر ونظر فيما يجوز على الله ويمتنع ومن علم مرفوع على(5/215)
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)
الابتداء ومن مزيدة لتأكيد النفي كَبُرَتْ عظمت اى نبت كَلِمَةً تمييز وتفسير للضمير المبهم الذهني فى كبرت مثل ربه رجلا تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ صفة للكلمة تفيد استعظام اجترائهم على التفوه بها والخارج بالذات هو الهواء الحامل لها. يعنى اسناد الخروج إليها مع ان الخارج هو الهواء المتكيف بكيفية الصوت لملابسته بها قال القاضي عظمت مقالتهم هذه فى الكفر لما فيها من التشبيه والتشريك وإيهام احتياجه الى ولد بعينه ويخلفه الى غير ذلك من الزيغ وفى التأويلات كبرت كلمة كفر وكذب قالوها عند الله تعالى وهى اكبر الكبائر إذ نسبوها الى الله وكذبوا عليه وكذبوه إِنْ يَقُولُونَ اى ما يقولون فى هذا الشأن إِلَّا كَذِباً الا قولا كذبا لا يكاد يدخل تحت إمكان الصدق فَلَعَلَّكَ [پس تو مكر] باخِعٌ مهلك نَفْسَكَ قال فى التأويلات النجمية معناه نهى اى لا تنجع نفسك كما يقال لعلك تريد ان تفعل كذا اى لا تفعل كذا او فكأنك كما قال تعالى فى شأن عاد وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ قال فى القاموس بخع نفسه كمنع قتلها غما وبخع بالشاة بالغ فى ذبحها حتى بلغ البخاع هذا أصله ثم استعمل فى كل مبالغة فلعلك باخع نفسك اى مهلكها مبالغا فيها حرصا على إسلامهم والبخاع ككتاب عرق فى الصدر ويجرى فى عظم الرقبة وهو غير النخاع بالنون فيما زعم الزمخشري انتهى عَلى آثارِهِمْ غما ووجدا على فراقهم قال الكاشفى [بعد از بركشتن ايشان از تو يا پس از انكار ايشان ترا يعنى كار بر خود آسان كير وغم بر دل بي غل منه] إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ اى القرآن ان قلت تسمية القرآن حديثا دليل على حدوثه قلت سماه حديثا لانه يحدث عند سماعهم له معناه ولانه عائد الى الحروف التي وقعت بها العبارة عن القرآن كما فى الاسئلة المقحمة قال فى الصحاح الحديث ضد القديم ويستعمل فى قليل الكلام وكثيره أَسَفاً مفعول له لباخع والأسف أشد الحزن كما فى القاموس إذ لفرط الحزن والغضب والحسرة مثل حاله صلى الله عليه وسلم فى شدة الوجد على اعراض القوم عن الايمان بالقرآن وكمال التحسر عليهم بحال من يتوقع منه إهلاك نفسه عند مفارقة أحبته تأسفا على مفارقتهم وهذه غاية الرحمة والشفقة على الامة وكمال القيام بأداء حقوق الرسالة والاقدام على العبودية فوق الطاقة وكان من دأبة صلى الله عليه وسلم ان يبالغ فى القيام بما امر الى حد ان ينهى عنه كما انه صلى الله عليه وسلم حين امر بالإنفاق بالغ فيه الى ان اعطى قميصه وقعد فى البيت عريانا فنهى عن ذلك بقوله وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً فتكلم بعض الكبار فى الحزن فقال الحزن حلية الأدباء طوبى لمن كان شعاره الحزن ودثاره الحزن وبيته الحزن وطعامه الحزن وشرابه الحزن به يلتذ الصديقون والنبيون إذا أحب الله تعالى عبدا القى له نائحة فى قلبه ومن لم يذق طعام الحزن لم يذق لذة العبادة على أنواعها ولا يغرنك ما تسمع من قول صديق متمكن ان الحزن مقام نازل فان مراده ان الحزن تابع للمحزون مثل العلم مع المعلوم فيتضع باتضاعه ويرتفع بارتفاعه قال ابراهيم بن باشر صحبت ابراهيم بن أدهم فرأيته طويل الحزن دائم الفكر واضعا يده على رأسه كأنما أفرغت عليه الهموم إفراغا وكان سفيان عند رابعة(5/216)
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)
فقال وا حزناه فقالت قل وا قلة حزناه فانك لو كنت حزينا ما هنأك العيش وعن داود عليه السلام قال الهى أمرتني ان اطهر قلبى فبماذا اطهر قال يا داود بالهموم والغموم: قال الحافظ
روى زردست وآه درد آلود ... عاشقانرا دواى رنجورى
اللهم منّ على قلبى بهمك إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ من الحيوان والنبات والمعدن زِينَةً لَها ولاهلها قال فى التأويلات النجمية اى زينا الدنيا وشهواتها للخلق ملاءمة لطباعهم وجعلناها محل ابتلاء لِنَبْلُوَهُمْ لنعاملهم معاملة من يختبر حتى يظهر أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فى ترك الدنيا ومخالفة هوى نفسه طلبا لله ومرضاته وأيهم أقبح عملا فى الاعراض عن الله وما عنده من الباقيات الصالحات والإقبال على الدنيا وما فيها من الفانيات الفاسدات قال فى الإرشاد اى استفهامية مرفوعة بالابتداء واحسن خبرها وعملا تمييز والجملة فى محل النصب معلقة لفعل البلوى لما فيه من معنى العلم باعتبار عاقبته قال الكاشفى [محققان برانند كى مااى فى ما على الأرض بمعنى من است ومراد انبيا يا علما يا حفظه قرآن كه زينت زمين ايشانند وجمعى كويند آرايش زمين برجال الله است از آن روى كه قيام عالم بوجود شريف ايشان باز بسته است]
روى زمين بطلعت ايشان منور است ... چون آسمان بزهره وخورشيد ومشترى
وَإِنَّا لَجاعِلُونَ فيما سيأتى عند تناهى عمر الدنيا ما عَلَيْها صَعِيداً ترابا جُرُزاً لا نبات فيه وسنة جرز لا مطر فيها قال الكاشفى [صعيدا جرزا هامون وبي كياه يعنى بآخر اين عمارتها را خراب خواهيم ساخت پس دل بر آن منهيد وبزينت ناپايدار فريفته مشويد]
جهان از رنك وبو سازد اسيرت ... ولى نزديك ارباب بصيرت
نه رنك دلكشش را اعتباريست ... نه بوى دلفريبش را مداريست
قال بعض الكبار صعيدا جرزا لا حاصل له الا الندامة والغرامة فالناسك السالك والطالب الصادق والمحب المحق من يحرم على نفسه الدنيا وزينتها حرامها وحلالها وهى ما زين للناس كما قال زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الى قوله ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا لان مع حب الله لا يسوغ حب الدنيا وشهواتها بل حب الآخرة ودرجاتها- حكى- انه كان لهارون الرشيد ولد فى سن ست عشرة سنة فزهد فى الدنيا واختار العباء على القباء فمر يوما على الرشيد وحوله وزراؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة فدعاه هارون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طيرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك ألا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل أنت فضحتنى بين الأولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم انه خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما ومصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت فى الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر البصري استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذا فعال الأولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال(5/217)
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
يا صاحبى لا تغترر بتنعم ... فالعمر ينفد والنعيم يزول
وإذا حملت الى القبور جنازة ... فاعلم بانك بعدها محمول
ثم وصانى بالغسل والتكفين فى جبته فقلت يا حبيبى ولم لا أكفنك فى الجديد فقال الحي أحوج الى الجديد من الميت يا أبا عامر الثياب تبلى والأعمال تبقى ثم ادفع هذا المصحف والخاتم الى الرشيد وقل له يقول لك ولدك الغريب لا تدومن على غفلتك قال ابو عامر فقضيت شانه ودفعت المصحف والخاتم الى الرشيد وحكيت ما جرى فبكى وقال فيم استعملت قرة عينى وقطعة كبدى قلت فى الطين والحجارة قال استعملته فى ذلك وله اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما عرفته قال ثم أنت غسلته قلت نعم فقبل يدى وجعلها على صدره ثم زار قبره ثم رأيته فى المنام على سرير عظيم فى قبة عظيمة فسألته عن حاله فقال صرت الى رب راض أعطاني ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وآلى على ذاته ونفسه الشريفة اى قال بالله الذي خلقنى لا يخرج عهد من الدنيا كخروجى الا أكرمه مثل كرامتى
نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست
برفتند وهر كس درود آنچهـ كشت ... نماند بجز نام نيكو وزشت
دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل بر نكند
اللهم اجعلنا من المنقطعين إليك أَمْ حَسِبْتَ الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد انكار حسبان أمته وأم منقطعة مقدرة ببل التي هى للانتقال من حديث الى حديث لا للابطال وبهمزة الاستفهام عند الجمهور وببل وحدها عند غيرهم اى بل أحسبت وظننت بمعنى ما كان ينبغى ان يحتسب ولم حسبت قال الكاشفى [آورده اند كه چون يهود قريش را سه سؤال در آموختند كه از حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم پرسيدند با يكديگر ميكفتند كه قصه جوانان بس عجبست عجب از وى كه جواب آن داند حق سبحانه وتعالى آيت فرستاد كه أَمْ حَسِبْتَ نه چنانست كه ميكويند آيا مى پندارى تو] أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ الكهف الغار الواسع فى الجبل فان لم يكن واسعا فغار وَالرَّقِيمِ هو كلبهم بلغة الروم- يروى- عن الصاحب بن عباد انه كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم وأخذ المتاع وتبارك الجبل فاستفسر عنها وعرف ان الرقيم هو الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به وان تبارك بمعنى صعد قال فى القاموس الرقيم كامير قرية اصحاب الكهف او جبلهم او كلبهم او الوادي او الصحراء او لوح رصاصى او حجرى نقش ورقم فيه نسبهم واسماؤهم ودينهم ومم هربوا وجعل على باب الكهف فالرقيم عربى فعيل بمعنى مفعول قال الطبري كان فى بيت الملك رجلان مؤمنان اسم أحدهما يندروس والآخر روناس كتبا أسماهم وقصتهم وأنسابهم فى لوحين من رصاص ووضعاهما فى تابوت من نحاس ثم جعلاه على فم الغار فى البنيان وقالا لعل الله ان يظهر عليهم قوما مؤمنين قبل يوم القيامة فتعلم اخبارهم كانُوا فى بقائهم على الحياة مدة طويلة من الدهر [يعنى در خواب ماندن سيصد ونه سال] مِنْ آياتِنا من بين(5/218)
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)
آياتنا ودلائل قدرتنا عَجَباً اى آية ذات عجب وضعا له موضع المضاف او وصفا لذلك بالمصدر مبالغة والعجيب ما خرج عن حد اشكاله ونظائره وهو خبر لكانوا ومن آياتنا حال منه. والمعنى ان قصتهم وان كانت خارقة للعادات ليست بعجيبة بالنسبة الى سائر الآيات فان لله تعالى آيات عجيبة قصتهم عندها كالنزر الحقير قال الكاشفى [يعنى قصه ايشان بنسبت قدرت ما كه در آفرينش ارض وسما ظاهر است چندان عجيب وغريب نيست مراد از كهف غاريست جيرم نام واقع در كوه تباخلوس از حوالى شهر أفسوس كه دار الملك دقيانوس بود آورده اند كه دقيانوس در زمان تسخير ممالك روم بشهر أفسوس رسيد وآنجا مذبحى براى بتان كه معبودان او بودند ساخته اهل شهر را تكليف پرستش ايشان كرد هر كه سخن او شنيد خلاص يافت وهر كه تمرد نمود بقتل رسيد شش جوان نو رسيده خدا پرست از بزركان زادكان شهر كوشه كرفته بدعا ونياز مشغول كشتند واز حق سبحانه وتعالى در خواست نمودند كه ايشانرا از فتنه آن جبار ايمن سازد القصة مهم ايشان بعرض دقيانوس رسيده وبإحضار ايشان امر كرده تهديد بسيار نمود ايشان بر طريق توحيد رسوخ ورزيده مطلقا فرمان او قبول نكردند دقيانوس بفرمود تا حلى وحلل كه در برداشتند از ايشان انتزاع كردند وكفت شما جوانيد وخرد سال وشما را دو سه روزى مهلت دادم تا در كار خود تأمل كنيد وببينيد كه مصلحت شما در قبول قول منست يا در رد آن پس از ان شهر متوجه موضعى ديكر شد وجوانان رفتن او را غنيمت دانسته با يكديكر در باب مهم خود مشاورت نمودند ورأى همه بر فرار قرار يافت هر يك از خانه پدر قدرى مال بجهت زاد ونفقه بر داشته روى بكوهى كه نزديك شهر بود آوردند ودر راه شبانى بديشان رسيد وبدين ايشان در آمد ودر مرافقت موافقت نمود سك شبان نيز بر عقب ايشان دويدن آغاز كرد چندان كه منع كردند ممتنع نشد وخداى او را بسخن آورد نا بزبان فصيح كفت از من مترسيد كه من دوستان خدايرا دوست ميدارم شما در خواب رويد تا من شما را پاسبانى كنم اما چون نزديك كوه شدند شبان كفت من درين كوه غارى ميدانم كه بدان پناه مى توان كرفت پس اتفاق روى بغار نهادند وحق سبحانه وتعالى از رفتن ايشان بغار برين وجه خبر ميدهد] إِذْ أَوَى ظرف لعجبا او مفعول لاذكر اى اذكر حين صار واتى وانضم والتجأ الْفِتْيَةُ يعنى فتية من اشراف الروم أكرههم دقيانوس على الشرك فابوا وهربوا إِلَى الْكَهْفِ هو جيروم فى جبلهم بنجلوس واتخذوه مأوى. والفتية جمع الفتى وهو الشاب القوى الحدث ويستعار للمملوك وان كان شيخا كالغلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يقل أحدكم عبدى وأمتي ولكن ليقل فتاى وفتاتى) وعن ابى يوسف من قال أنا فتى فلان كان إقرارا منه بالرق فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ من خزائن رحمتك الخاصة المكنونة عن عيون اهل المعادات فمن ابتدائية متعلقة بآتنا رَحْمَةً خاصة تستوجب المغفرة والرزق والا من من الأعداء وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا كلا الجارين متعلق بهيئ لاختلافهما فى المعنى واصل التهيئة اظهار هيئة الشيء وفى الصحاح هيأت الشيء أصلحته والإصلاح نقيض الإفساد وهو جعل الشيء على الحالة المستقيمة النافعة والإفساد هو الإخراج عن حد الاعتدال. والمعنى أصلح ورتب وأتمم لنا من(5/219)
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)
أمرنا الذي هو مهاجرة الكفار والمثابرة على الطاعة رَشَداً إصابة للطريق الموصل الى المطلوب واهتداء اليه فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ اى حجابا يمنع سماعها اى أنمناهم على طريقة التمثيل المبنى على تشبيه الانامة الثقيلة المانعة عن وصول الأصوات الى الآذان بضرب الحجاب عليها وتخصيص الآذان بالذكر مع اشتراك سائر المشاعر لها فى الحجب عن الشعور عند النوم لما انها المحتاجة الى الحجب عادة إذ هى الطريقة للتيقظ غالبا لا سيما عند انفراد النائم واعتزاله عن الخلق والفاء فى ضربنا كما فى قوله فاستجبنا له بعد قوله إذ نادى فان الضرب المذكور وما ترتب عليه من التقليب ذات اليمين وذات الشمال وغير ذلك إيتاء رحمة لدنية خافية عن أبصار المتمسكين بالأسباب العادية استجابة لدعواتهم فِي الْكَهْفِ ظرف مكان لضربنا سِنِينَ ظرف زمان له عَدَداً اى ذوات عدد هى ثلاثمائة وتسع سنين كما سيأتى ووصف السنين بذلك اما للتكثير وهو الأنسب بإظهار كمال القدرة او للتقليل وهو الأليق بمقام انكار كون القصة عجبا من بين سائر الآيات العجيبة فان مدة لبثهم كبعض يوم عنده تعالى ثُمَّ بَعَثْناهُمْ اى أيقظناهم من تلك النومة الثقيلة الشبيهة بالموت وفيه دليل على ان النوم أخو الموت فى اللوازم من البعث وتعطيل الحياة والالتحاق بالجمادات لِنَعْلَمَ العلم هنا مجاز عن الاختبار بطريق اطلاق اسم المسبب على السبب وليس من ضرورة الاختبار صدور الفعل المختبر به قطعا بل قد يكون لاظهار عجزه عنه على سنن التكاليف التعجيزية كقوله تعالى فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ وهو المراد هنا فالمعنى بعثناهم لنعاملهم معاملة من يختبرهم أَيُّ الْحِزْبَيْنِ اى الفريقين المختلفين فى مدة لبثهم بالتقدير والتفويض كما سيأتى- وروى- عن ابن عباس رضى الله عنهما ان أحد الحزبين الفتية والآخر الملوك الذين تداولوا المدينة ملكا بعد ملك وذلك لان اللام للعهد ولا عهد لغيرهم واى مبتدأ خبره قوله أَحْصى فعل ماض اى ضبط لِما لَبِثُوا اى للبثهم فما مصدرية أَمَداً يقال ما امدك اى منتهى عمرك اى غايته فيظهر لهم عجزهم ويفوضوا ذلك الى العليم الخبير ويتعرفوا حالهم وما صنع الله بهم من حفظ أبدانهم واديانهم فيزدادوا يقينا بكمال قدرته وعلمه ويستبصروا به امر البعث ويكون ذلك لطفا لمؤمنى زمانهم وآية بينة لكفارهم. والأمد بمعنى المدى كالغاية فى قولهم ابتداء الغاية على طريق التجوز بغاية الشيء عنه فالمراد بالمدى المدة كما ان المراد بالغاية المسافة وهو مفعول لا حصى والجار والمجرور حال منه قدمت عليه لكونه نكرة فاحصى فعل ماض هنا وهو الصحيح لا افعل تفضيل لان المقصود بالاختيار اظهار عجز الكل عن الإحصاء رأسا لا اظهار أفضل الحزبين وتمييزه عن الأدنى مع تحقق اصل الإحصاء فيهما قال فى التأويلات النجمية أَمْ حَسِبْتَ اشارة الى النبي صلى الله عليه وسلم اى انك ان حسبت أَنَّ احوال أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا اى من آيات إحساننا مع العبد عَجَباً فان فى أمتك من هو اعجب حالا منهم وذلك ان فيهم اصحاب الخلوات الذين كهفهم الذي يأوون اليه بيت الخلوة ورقيمهم قلوبهم المرقومة برقم المحبة فهم محبى ومحبوبى والواح قلوبهم مرقومة بالعلوم اللدنية: قال الحافظ(5/220)
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)
خاطرت كى رقم فيض پذيرد هيهات ... مكر از نقش پراكنده ورق ساده كنى
وان كان اصحاب الكهف آووا الى الكهف خوفا من لقاء دقيانوس وفرارا فانهم آووا الى كهف الخلوة شوقا الى لقائى وفرارا الى: قال الحافظ
شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت ... نخست در شكن تنك از ان مكان كيرد
وان كان مرادهم من قولهم رَبَّنا آتِنا الآية النجاة من شر دقيانوس والخروج من الغار بالسلامة فمراد هؤلاء القوم النجاة من شر نفوسهم والخروج من ظلمات غار الوجود للوصول الى أنوار جمالى وجلالى: قال الحافظ
مددى كر بچراغى نكند آتش طور ... چاره تيره شب وادي ايمن چهـ كنم
وبقوله فَضَرَبْنا الآية يشير الى سد آذان ظاهر اصحاب الخلوة وآذان باطنهم لئلا يقرع مسامعهم كلام الخلق فتنقش الواح قلوبهم به وكذلك ينعزل جميع حواسهم عن نقش قلوبهم ثم انهم يمحون النقوش السابقة عن القلوب بملازمة استعمال كلمة الطلاسة وهى كلمة لا اله الا الله حتى تصفو قلوبهم بنفي لا اله عما سوى الله وبإثبات الا الله تتنور قلوبهم بنور الله وتنتقش بنور العلوم اللدنية الى ان يتجلى تبارك وتعالى لقلوبهم بذاته وجميع صفاته ليفنيهم الله عنهم ويبقيهم به وهو سر قوله ثُمَّ بَعَثْناهُمْ اى احييناهم بنا لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ اى حزب اصحاب الكهف وحزب اصحاب الخلوة احصى اى اخطأ وأصوب لما لبثوا فى كهفهم وبيت خلوتهم أمدا غاية لبثهم نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ اى نخبرك ونبين لك وقد مر اشتقاقه فى مطلع سورة يوسف نَبَأَهُمْ اى خبر اصحاب الكهف والرقيم بِالْحَقِّ صفة لمصدر محذوف اى نقص قصا ملتبسا بالحق والصدق وفيه اشارة الى ان القصاص كثيرا يقصون بالباطل ويزيدون وينقصون ويغيرون القصة كل واحد يعمل برأيه موافقا لطبعه وهواه وما يقص بالحق الا الله تعالى إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ [شبان] آمَنُوا بِرَبِّهِمْ قال فى التكملة سبب ايمانهم ان حواريا من حواريى عيسى عليه السلام أراد ان يدخل مدنيتهم فقيل له ان على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له فامتنع من دخولها وأتى حماما كان قريبا من تلك المدينة فآجر نفسه فيه فكان يعمل فيه فتعلق به فتية من اهل المدينة فجعل يخبرهم خبر السماء وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه ثم هرب الحوارى بسبب ابن الملك أراد دخول الحمام بامرأة فنهاه الحوارى فانتهره فلما دخل مع المرأة ماتا فى الحمام فطلبه الملك لما قيل له انه قتل ابنك فهرب ثم قال الملك من كان يصحبه فسموا الفتية فهربوا الى الكهف يقول الفقير الظاهر ان ايمانهم كان بالإلهام الملكوتي والانجذاب اللاهوتى من غير دليل يدلهم على ذلك كما يشير اليه كلام التأويلات وسيأتى واختلف فيهم متى كانوا فروى بعض الناس انهم كانوا قبل عيسى ابن مريم وان عيسى اخبر قومه خبرهم وان بعثهم من نومهم كان بعد رفع عيسى فى الفترة بينه وبين محمد عليهما السلام وروى بعضهم ان أمرهم كان بعد عيسى وانهم كانوا على دين عيسى قال الطبري وعليه اكثر العلماء وَزِدْناهُمْ [وبيفزوديم ايشانرا] هُدىً بان ثبتناهم على الدين الحق وأظهرنا لهم مكنونات محاسنه وفى التأويلات النجمية سماهم باسم الفتوة لانهم آمنوا(5/221)
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)
بالتحقيق لا بالتقليد وطلبوا الهداية من الله الى الله بالله ولكنهم طلبوا الهداية فى البداية بحسب نظرهم وقدر همتهم فالله تعالى على قضية (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) زاد فى هداهم فضلا منه وكرما كما قال (وزدناهم هدى) اى زدنا على متمناهم فى الهداية فانهم كانوا يتمنون ان يهديهم الله الى الايمان بالله وبما جاءبه الأنبياء وبالبعث والنشور وايمانا بالغيب فزاد الله على متمناهم فى الهداية حين بعثهم من رقدتهم بعد ثلاثمائة وتسع سنين وما تغيرت أحوالهم وما بليت ثيابهم فصار الايمان إيقانا والغيب عينا وعيانا
ميوه باشد آخر از هار تو ... كعبه باشد آخر اسفار تو
وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ اى قويناهم حتى اقتحموا مضايق الصبر على هجر الأهل والأوطان والنعيم والاخوان واجترءوا على الصدع بالحق من غير خوف وحذار والرد على دقيانوس الجبار وفى الحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وذلك لان المجاهد متردد بين رجاء وخوف واما صاحب السلطان فمتعرض للتلف فصار الخوف اغلب قال فى الأساس ربطت الدابة شددتها برباط والمربط الخيل ومن المجاز ربط الله على قلبه اى صبره ولما كان الخوف والقلق يزعج القلوب عن مقارها كما قال الله تعالى بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ قيل فى مقابلته ربط قلبه إذا تمكن وثبت وهو تمثيل شبه تثبيت القلوب بالصبر بشد الدواب بالرباط إِذْ قامُوا منصوب بربطنا والمراد بقيامهم انتصابهم لاظهار شعار الدين وقيل المراد قيامهم بين يدى دقيانوس الجبار من غير مبالاة به حين عاتبهم على ترك عبادة الأصنام فحينئذ يكون ما سيأتى من قوله تعالى هؤُلاءِ منقطعا عما قبله صادرا عنهم بعد خروجهم من عنده وفى التأويلات النجمية وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا يعنى لئلا يلتفتوا الى الدنيا وزخارفها وينقطعوا الى الله بالكلية ولذلك ما اختاروا بعد البعث الحياة فى الدنيا ورغبوا فى ان يرجعوا الى جوار الحق تعالى فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رب العالم ومالكه وخالقه والصنم جزؤ من العالم فهو مخلوق لا يصلح للعبادة لَنْ نَدْعُوَا لن نعبد ابدا وبالفارسية [نخواهيم پرستيد] مِنْ دُونِهِ إِلهاً معبودا آخر لا استقلالا ولا اشتراكا والعدول عن ان يقال ربا للتنصيص على رد المخالفين حيث كانوا يسمون أصنامهم آلهة لَقَدْ قُلْنا إِذاً [آن هنكام كه ديگرى را پرستيم] شَطَطاً قولا ذا شطط اى تجاوز عن الحد فهو نعت لمصدر محذوف بتقدير المضاف او قولا هو عين الشطط على انه وصف بالمصدر مبالغة قال فى القاموس شط فى سلعته شططا محركة جاوز القدر والحد وتباعد عن الحق انتهى وحيث كانت العبادة مستلزمة للقول لما انها لا تعرى عن الاعتراف بالوهية المعبود والتضرع اليه قيل لقد قلنا وإذا جواب وجزاء اى لودعونا من دونه الها والله لقد قلنا قولا خارجا عن حد العقول مفرطا فى الظلم هؤُلاءِ مبتدأ وفى التعبير باسم اشارة تحقير لهم قَوْمُنَا عطف بيان له. يعنى [اين كروه كه كسان مااند در نسب يعنى جمعى از اهل أفسوس] وقال فى التأويلات النجمية انما قالوا قَوْمُنَا اى كنا من جملتهم وبالضلالة فى زمرتهم فانعم الله علينا بالهداية والمعرفة وفرق بيننا وبينهم بالرعاية(5/222)
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16)
والعناية وخلصنا من عبادة الهوى والدنيا وشهواتها اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً خبره وهو اخبار فى معنى الإنكار اى عبدوا الأصنام وجعلوها آلهة جهلا منهم قال ابو حيان اتخذوا هنا يحتمل ان يكون بمعنى عملوا لانها أصنام هم نحتوها وان يكون بمعنى صيروا وفى المثنوى
پيش چوب و پيش سنك نقشى كنند ... اى بسا كولان كه سرها مى نهند «1»
ديو الحاح غوايت ميكند ... شيخ الحاح هدايت ميكند «2»
لَوْلا يَأْتُونَ هلا يأتون وبالفارسية [چرا نمى آرند كه كافران] عَلَيْهِمْ على الوهيتهم بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ بحجة ظاهرة الدلالة على مدعاهم يعنى يعبدون الهة لم يتمسكوا فى صحة عبادتها ببرهان سماوى من جهة الوحى والسمع ولا لهم فيها علم ضرورى ولا دليل عقلى وفيه دليل على ان ما لا دليل عليه من الديانات مردود والآية انكار وتعجيز وتبكيت لان الإتيان بالسلطان على عبادة الأوثان محال فَمَنْ أَظْلَمُ [پس كيست ستمكارتر] مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بنسبة الشريك اليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا والمعنى انه اظلم من كل ظالم وعذابه أعظم من كل عذاب لان الظلم موجب للعذاب فيكون الأعظم للاظلم وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ الاعتزال بالفارسية [جدا شدن] اى فارقتموهم فى الاعتقاد وأردتم الاعتزال الجسماني وهو خطاب بعضهم لبعض حين صممت عزيمتهم على الفرار بدينهم قال الكاشفى [قبل ازين كذشت كه دقيانوس بعد از معارضه ايشان مهلت داد وايشان فرار كردند يمليخا كه مهتر ايشان بود در اثناى طريق بايشان كفت وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ و چون يكسو شديد از اهل شرك ودورى جستيد از ايشان] وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ عطف على الضمير المنصوب وما مصدرية او موصولة اى إذ اعتزلتموهم ومعبوديهم الا الله اى وعبادتهم الا عبادة الله وعلى التقديرين فالاستثناء متصل على تقدير كونهم مشركين كاهل مكة ومنقطع على تقدير تمحضهم فى عباد الأوثان فَأْوُوا التجئوا إِلَى الْكَهْفِ قال الفراء هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت فافعل كذا وقيل هو دليل على جوابه اى إذ اعتزلتموهم اعتزالا اعتقاديا فاعتزلوهم اعتزالا جسمانيا او إذ أردتم اعتزالهم فافعلوا ذلك بالالتجاء الى الكهف وفيه اشارة الى ان الاعتزال الاعتقادى يوجب الاعتزال الجسماني ومن ثم قال فى مجمع الفتاوى سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز يَنْشُرْ لَكُمْ يبسط لكم ويوسع عليكم رَبُّكُمْ مالك أمركم مِنْ رَحْمَتِهِ من تفضله وانعامه فى الدارين وَيُهَيِّئْ لَكُمْ يسهل لكم مِنْ أَمْرِكُمْ الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين مِرفَقاً ما ترفقون وتنتفعون به وجزمهم بذلك لخلوص يقينهم عن شوب الشك وقوة وثوقهم وفى الحديث (ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة) وفى الآية اشارة الى ان التائب الصادق والطالب المحق من اعتزل عن قومه وترك اهل صحبته وقطع عن اخوان سوئه واعتقد ان لا يعبد الا الله يعرض عما سوى الله مستعينا بالله متوكلا على الله فارّا الى الله من غير الله: قال الخجندي
وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان چاره كردن سليمان در إحضار تخت بلقيس از سبا
(2) در اواخر دفتر چهارم در بيان باقى قصه موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام(5/223)
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)
ثم يأوى الى كهف الخلوة: قال الجامى
ز ابناى دهر وقت كسى خوش نميشود ... خوش وقت آنكه معتكف كنج عزلتست
متمسكا بذيل ارادة شيخ كامل مكمل واصل موصل ليربيه ويزيد فى هدايته ويربط على قلبه بنور الولاية وقوة الرعاية كما كان حال اصحاب الكهف: وفى المثنوى
كر چهـ شيرى چون روى ره بى دليل ... خويش بينى در ضلالى وذليل «1»
هين مپر الا كه با پرهاى شيخ ... تا ببينى عون لشكرهاى شيخ
ولكنهم كانوا مجذوبين من الله مربوبين بربهم وذلك من النوادر ولا حكم للنادر واليه يشير قوله عليه السلام (ان الله أدبني فاحسن تأديبى) وهذا من قدرة الله ان يهدى جماعة الى الايمان بلا واسطة رسول او نبى ويجذبهم بجذبات العناية الى مقامات القرب ومحل الأولياء بلا شيخ مرشد وهاد مرب ومن سنة الله ان يهدى عباده بالأنبياء والرسل وبخلافتهم ونيابتهم بالعلماء الراسخين والمشايخ المقتدين ففى قوله فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ اشارة الى الالتجاء بالخلوة والتمسك بالمشايخ المسلكين يعنى لهذه الطريقة يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ اى يخصصكم برحمة الخاصة المضافة الى نفسه وهو ان يجذبهم بجذبات العناية ويدخلهم فى عالم الصفات ليتخلقوا بأخلاقه ويتصفوا بصفاته كقوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وله رحمة عامة مشتركة بين المؤمن والكافر والجن والانس والحيوان وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً اى ينشر لكم طريق الوصول والوصال كما فى التأويلات النجمية وَتَرَى الشَّمْسَ يا محمد او يا من يصلح للخطاب ويتأتى منه الرؤية وليس المراد به الاخبار بوقوع الرؤية تحقيقا بل الانباء بكون الكهف بحيث لو رأيته ترى الشمس قال الكاشفى [آورده اند كه جوانان اتفاق نموده بكوه در آمدند وشبان ايشانرا بغار در آورد و چون در وقرار كرفتند حق سبحانه وتعالى خواب بر ايشان كماشت همانجا بخفتند دقيانوس بعد از دو سه روزى بافسوس باز آمده احوال جوانان پرسيد و چون از فرار ايشان خبر يافت آباء ايشانرا بر إحضار ايشان تكليف نمود گفتند اى ملك مبلغى اموال ما برده بدين كوه متحصن شدند دقيانوس با جمعى از عقب ايشان برفت وايشانرا درون غار تكيه كرده يافت پنداشت كه بيدارند كفت در غار را بسنك بر آريد تا هم آنجا بميرند پس در غار را استوار كردند ودو مؤمن از مقربان دقيانوس أسامي واحوال جوانرا بر لوحى از سنك نقش كرد ودر ديوار غار وضع كردند باميد آنكه شايد كسى روزى آنجا رسد واز حوال ايشان خبر دار كردد] يقول الفقير فيكون ما ذكر فى الآية من تزاور الشمس وقرضها طالعة وغاربة قبل ان سد دقيانوس باب الكهف إذ لا يتصور دخول شعاع الشمس من الباب المسدود حتى يحتاج الى التزاور والقرض كما لا يخفى اذا طلعت تزاور اى تتزاور وتتنحى وتميل بحذف احدى التاءين من الزور بفتح الواو وهو الميل عَنْ كَهْفِهِمْ الذي آووا اليه فالاضافة لادنى ملابسة ذاتَ الْيَمِينِ اى جهة ذات يمين الكهف عند توجه الداخل الى قعره اى جانبه الذي يلى المغرب فلا يقع عليهم شعاعها فيؤذيهم لان الكهف كان جنوبيا اى كانت ساحته داخلة فى جانب الجنوب او زورها الله عنهم وصرفها
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان تفسير اين حديث كه مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح إلخ(5/224)
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)
على منهاج خرق العادة كرامة لهم وحقيقتها الجهة ذات اسم اليمين اى الجهة المسماة باسم اليمين وَإِذا غَرَبَتْ اى تراها عند غروبها تَقْرِضُهُمْ القرض القطع ومنه المقراض اى تقطعهم ولا تقربهم ذاتَ الشِّمالِ اى جهة ذات شمال الكهف اى جانبه الذي يلى المشرق وفى القاموس تقرضهم ذات الشمال اى تخلفهم شمالا وتجاوزهم وتقطعهم وتتركهم على شمالها وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ الفجوة الفرجة وما اتسع من الأرض وساحة الدار وهى جملة حالية مبنية لكون ذلك امرا بديعا اى تراها تميل عنهم يمينا وشمالا ولا تحوم حولهم فى نهارهم كله مع انهم فى متسع من الأرض اى فى وسط معرض لاصابتها لولا ان صرفتها عنهم يد التقدير ذلِكَ اى ما صنع الله بهم من تزاور الشمس وقرضها حالتى الطلوع والغروب مع كونهم فى موقع شعاعها مِنْ آياتِ اللَّهِ العجيبة الدالة على كمال علمه وقدرته وحقية التوحيد وكرامة اهله عنده مِنْ [هر كه] يَهْدِ اللَّهُ الى الحق بالتوفيق له فَهُوَ الْمُهْتَدِ الذي أصاب الفلاح واهتدى الى السعادة كلها فلن يقدر على إضلاله أحد والمراد اما الثناء عليهم بانهم المهتدون او التنبيه على ان أمثال هذه الآية كثيرة ولكن المنتفع بها من وفقه الله للاستبصار بها وَمَنْ يُضْلِلْ اى يخلق فيه الضلالة لصرف اختياره إليها فَلَنْ تَجِدَ لَهُ ابدا وان بالغت فى التتبع والاستقصاء وَلِيًّا ناصرا مُرْشِداً يهديه الى الفلاح لاستحالة وجوده فى نفسه لا انك لا تجده مع وجوده او إمكانه وَتَحْسَبُهُمْ تظنهم والخطاب فيه كما فى ترى أَيْقاظاً متنبهين جمع يقظ بفتح القاف وكسرها وهو اليقظان ومدار الحسبان انفتاح عيونهم على هيئة الناظر وَهُمْ رُقُودٌ نيام جمع راقد مثل بكيا وجثيا فى سورة مريم جمع باك وجاث والأصل بكوى وجثوى على وزن رقود [در كشف الاسرار آورده كه اين حال نمودار كار جوانمردان طريقتست چون بظواهر ايشان در نكرى بينى كه جلوه كراند در ميدان اعمال و چون سرائر ايشان در يابى بينى كه از هم فارغند در بوستان لطف ذو الجلال بباطن مست وبظاهر هشيار بمعنى بيكار وبصورت در كار]
ظاهرى با اين وآن در ساخته ... باطني از جمله وا پرداخته
وَنُقَلِّبُهُمْ فى رقدتهم بايدى الملائكة ذاتَ الْيَمِينِ نصب على الظرفية اى جهة تلى ايمانهم وَذاتَ الشِّمالِ اى جهة تلى شمائلهم كيلا تأكل الأرض ما يليها من أبدانهم على طول الزمان قال ابو هريرة رضى الله عنه كانت لهم تقلبتان فى السنة وقال ابن عباس رضى الله عنهما تقلبة واحدة من جانب الى جانب لئلا تأكل الأرض لحومهم وذلك فى يوم عاشوراء وتعجب منه الامام وقال ان الله قادر على حفظهم من غير تقليب وأجاب عنه سعدى المفتى بقوله لا ريب فى قدرة الله ولكن تعالى جعل لكل شىء سببا فى اغلب الأحوال انتهى قال بعض الكبار الميل الى اليمين عند النفي حين التلفظ بكلمة الشهادة والى اليسار عند الإثبات مأخوذ من هذه الآية الشريفة قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة لطبقة وهى ان المريد الذي يربيه الله بلا واسطة المشايخ يحتاج الى ان يكون كالميت بين يدى الغسال مسلما نفسه بالكلية اليه مدة ثلاثمائة سنة وتسع سنين حتى تبلغ مبلغ الرجال والمريد الذي يربيه الله(5/225)
بواسطة المشايخ لعله يبلغ مبلغ الرجال البالغين بخلوة أربعين يوما او خلوتين او خلوات معدودة وذلك ان هؤلاء خلفاء الله بواسطة المشايخ وصورة لطفه كما ان الأشجار فى الجبال تربى بلا واسطة فلا تثمر كما تثمر الأشجار فى البساتين بواسطة الدهاقين وتربيتهم
ز من اى دوست اين يك پند بپذير ... برو فتراك صاحب دولتى كير
كه قطره تا صدف را در نيايد ... نكردد كوهر وروشن نتابد
وَكَلْبُهُمْ هو كلب راع قد تبعهم على دينهم واسمه قطمير باسِطٌ ذِراعَيْهِ حكاية حال ماضية ولذلك اعمل اسم الفاعل وعند الكسائي وهشام وابى جعفر من البصريين يجوز اعماله مطلقا والذراع من المرفق الى رأس الإصبع الوسطى بِالْوَصِيدِ اى بموضع الباب من الكهف قال فى القاموس الوصيد الفناء والعتبة انتهى قال السدى الكهف لا يكون له عتبة ولا باب وانما أراد ان الكلب منه موضع العتبة من البيت- روى- انه يدخل الجنة مع المؤمنين على ما قال مقاتل عشرة من الحيوانات تدخل الجنة ناقة صالح وعجل ابراهيم وكبش إسماعيل وبقرة موسى وحوت يونس وحمار عزير ونملة سليمان وهدهد بلقيس وكلب اصحاب الكهف وناقة محمد صلى الله عليه وسلم فكلهم يصيرون على صورة كبش ويدخلون الجنة ذكره فى مشكاة الأنوار: قال الشيخ سعدى قدس سره
سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت ومردم شد
يعنى [با مردمان داخل جنت شد در صورت كبش. ودر تفسير امام ثعلبى مذكور است كه هر كه در شبانروز بر حضرت نوح عليه السلام درود فرستد از كژدم ضررى بوى نرسد وهر كه اين كلمات وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ نوشته با خود دارد از سك متضرر نكردد] قال فى حياة الحيوان اكثر اهل التفسير على ان كلب اهل الكهف كان من جنس الكلاب- وروى- عن ابن جريج انه قال كان أسدا ويسمى الأسد كلبا لان النبي عليه السلام دعا على عتبة بن ابى لهب ان يسلط الله عليه كلبا من كلابه فاكله الأسد والكلب نوعان أهلي وسلوقى نسبة الى سلوق وهى مدينة باليمن ينسب إليها الكلاب السلوقية فانه يكون فيها كلاب طوال يصيدون بها ومن بلاغات الزمخشري السوقية والكلاب السلوقية سواء يعنى ان السوقية لما فيهم من سوء الخلق ورداءة المعاملة والكلاب السلوقية متساويتان وكلا النوعين فى الطبع سواء وفى طبعه الاحتلام وتحيض إناثه قال ابن عباس رضى الله عنهما كلب أمين خير من صاحب خوان وكان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم وكان شديد المحبة لهم فخرج فى بعض منتزهاته ومعه ندماؤه فتخلف منهم واحد فدخل على زوجته فأكلا وشربا ثم اضطجعا فوثب الكلب عليهما فقتلهما فلما رجع الحارث الى منزله فوجدهما قتيلين عرف الأمر فانشد يقول وما زال يرعى ذمتى ويحوطنى ويحفظ عرسى والخليل يخون فيا عجبا للخل تحليل حرمتى ويا عجبا للكلب كيف يصون وفى عجائب المخلوقات ان شخصا قتل شخصا باصفهان وألقاه فى بئر وللمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتى كل يوم الى رأس البئر وينحى التراب عنها ويشير وإذا رأى القاتل نبح(5/226)
عليه فلما تكرر منه ذلك حفروا الموضع فوجدوا القتيل ثم أخذوا الرجل فاقر فقتل به قال المولى الجامى فى ذم أبناء الزمان
در لباس دوستى سازند كار دشمنى ... حسب الإمكان واجبست از كيدايشان اجتناب
شكل ايشان شكل انسان فعل شان فعل سباع ... هم ذئاب فى ثياب او ثياب فى ذئاب
وعن الحسن البصري رحمه الله قال فى الكلب عشر خصال ينبغى لكل مؤمن ان تكون فيه. الاولى ان يكون جائعا فانه من دأب الصالحين. والثانية ان لا يكون له مكان معروف وذلك من علامات المتوكلين. والثالثة ان لا ينام من الليل الا قليلا وذلك من علامات المحبين. والرابعة إذا مات لا يكون له ميراث وذلك من صفات المتزهدين. والخامسة انه لا يترك صاحبه وان ضربه وجفاه وذلك من علامات المريدين الصادقين. والسادسة انه يرضى من الأرض بأدنى الأماكن وذلك من علامات المتواضعين. والسابعة إذا تغلب على مكانه تركه وانصرف الى غيره وهذه من علامات الراضين. والثامنة إذا ضرب وطرد وجفى عليه وطرح له كسرة أجاب ولم يحقد على ما مضى وذلك من علامات الخاشعين. والتاسعة إذا حضر الاكل جلس بعيدا ينظر وهذه من خصال المساكين. والعاشرة انه إذا رحل من مكان لا يلتفت اليه وهذه من علامات المخزونين كذا فى روض الرياحين للامام اليافعي رحمه الله لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ اى لو عاينتهم وشاهدتهم واصل الاطلاع الاشراف على الشيء بالمعاينة والمشاهدة لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ اى هربت فِراراً نصب على المصدرية من معنى ما قبله إذ التولية والفرار من واحد اى وليت تولية او فررت فرارا وَلَمُلِئْتَ [وهر آينه پر كرده شوى] مِنْهُمْ رُعْباً خوفا يملأ الصدر ويرعبه وهو اما مفعول ثان او تمييز وذلك لما البسهم الله من الهيبة والهيئة كانت أعينهم مفتحة كالمستيقظ الذي يريد ان يتكلم قال الكاشفى [مراد آنست كه كسى را طاقت ديدن ايشان نيست بجهت آنكه چشمهاى ايشان كشاده است ومويها وناخونهاى ايشان دراز شده وايشان در مكان مظلم وموحش اند] وعن معاوية رضى الله عنه انه غزا الروم فمر بالكهف فقال لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم فقال له ابن عباس رضى الله عنهما ليس لك ذلك وقد منع الله من هو خير منك فقال لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً فقال معاوية لا انتهى حتى اعلم علمهم فبعث ناسا وقال لهم اذهبوا فانظروا ففعلوا فلما دخلوا الكهف جاءت ريح فاحرقتهم وقيل فاخرجتهم فان قيل من اين يفهم المنع من الآية قلنا من حيث دلالتها على انهم لما البسهم الله تعالى من الهيبة لا يستطيع أحد ان ينظر إليهم نظر الاستقصاء وهذا الذي طلبه معاوية ولم يسمع لانه ظن ان هذا المعنى وهو امتناع الاطلاع عليهم مختص بذلك الزمان الذي قبل بعثهم والاعثار عليهم وبناء المسجد فوقهم. واما ابن عباس رضى الله عنهما فقد علم ان ذلك عام فى جميع الأزمان كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير لا شك ان عبارة الخطاب فى لو اطلعت وما يليه لحضرة الرسالة وإشارته لكل من يصلح له من أمته فمعاوية داخل تحت اشارة هذا الخطاب فيكون التفتيش عنهم إذا ضائعا لا طائل تحته وذلك لان مطالعة ما خرج عن حد اشكاله من الأمور العجيبة الخارقة لا تتيسر لكل نظر(5/227)
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)
ألا ترى انه عليه السلام مع غلبة الملكية عليه لما رأى جبرائيل على صورته العجيبة وقد سد بأجنحته ما بين المشرق والمغرب خر مغشيا عليه مع ان فى النظر إليهم ابتذالا لهم بالنسبة الى من ليس من اهله وقد جرت عادة الله تعالى على ستر المعاني فى الدنيا والصور فى البرزخ الذي هو مقدمة عالم الآخرة فكما لا يشاهد الروح وهو فى البرزخ لكون حس الرائي حجابا مانعا كذلك الجسد الطاهر الطيب المقدس لكونه متصلا بمقام الروح ولذا لا تأكله الأرض فافهم- حكى- ان صوفيا رأى وليا من اولياء الله تعالى راكبا لاسد وبيده حية بدل السوط فلما شاهده هلك من هيبة المقام خام را طاقة پروانه پر سوخته نيست وَكَذلِكَ قال الكاشفى [چون دقيانوس در غار بر ايشان استوار كرده باز كشت وبدار الملك باز آمدند كه زمانى را باد أجل بناى حياتش درهم فكند وآن همه ملك ومال وجلال متلاشى كشت]
دمى چند بشمرد وناچيز شد ... زمانه بخنديد كونيز شد
[وبعد از و چند مالك ديكر بر آن ممالك نظر كرد تا نوبت ملك صالح تندروس وكويند تندروسى رسيد واو مردى مؤمن وخداى ترس بود واكثر اهل زمان او را در حشر جسد شبهه افتاد ومنكران شدند هر چند ملك ايشانرا پند داد سود نكرد حق سبحانه وتعالى خواست كه دليل بر حشر جسد بر ايشان نمايد اصحاب كهف را از خواب بيدار كرد چنانچهـ كفت] وَكَذلِكَ اى كما أنمناهم تلك الانامة الطويلة وحفظنا أجسادهم وثيابهم من البلى والتحلل آية دالة على كمال قدرتنا بَعَثْناهُمْ اى أيقظناهم من النوم لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ اى ليسأل بعضهم بعضا فيترتب عليه ما فصل من الحكم البالغة قالَ استئناف لبيان تسألهم قائِلٌ مِنْهُمْ هو رئيسهم مكشليينا وفى بحر العلوم مكسلمينا كَمْ [چند وقت] لَبِثْتُمْ فى منامكم لعله قال لما رأى من مخالفة حالهم لما هو المعتاد فى الجملة قالُوا اى بعضهم لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قيل انما قالوه لما انهم دخلوا الكهف غدوة وكان انتباههم آخر النهار فقالوا لبثنا يوما فلما رأوا ان الشمس لم تغرب بعد قالوا او بعض يوم وكان ذلك بناء على الظن الغالب فلم ينسبوا الى الكذب وقال الكاشفى [ايشان بامداد بغار بر آمده بودند چون در نكريستند آفتاب بوقت چاشت رسيده ديدند قالوا لبثنا كفتند درنك كرديم اينجا يوما روزى اگر دى روز در خواب شده باشيم او بعض يوم يا پاره از روز اگر درين روز خفته باشيم] يقول الفقير هذا اولى مما قبله لان قوله فابعثوا أحدكم بورقكم يدل على بقاء ما يسع فيه الذهاب والإياب من النهار بخلاف ما لو كان الوقت قبيل الغروب إذ يبعد البعث المذكور فيه لعدم إمكان العود عادة لمكان المسافة بين الكهف والمدينة قالُوا اى بعض آخر منهم بما سنح لهم من الادلة او بالهام من الله وقال الكاشفى [پس چون ناخنان خود را باليده ومويهاى سر را دراز يافتند كفتند بعضى از ايشان بعضى ديكريرا] رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ اى أنتم لا تعلمون مدة لبثكم لانها متطاولة ومقدارها مبهم وانما يعلمها الله تعالى وبه يتحقق التحزب(5/228)
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)
الى الحزبين المعهودين فيما سبق فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ يمليخا بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قالوه إعراضا عن التعمق فى البحث لانه ملتبس لا سبيل لهم الى علمه وإقبالا على ما يهمهم بحسب الحال كما ينبئ عنه الفاء والورق الفضة مضروبة او غير مضروبة ووصفها باسم الاشارة يشعر بان القائل ناولها بعض أصحابه ليشترى بها قوت يومهم ذلك وحملهم لها دليل على ان التزود اى أخذ الزاد لا ينافى التوكل على الله بل هو فعل الصالحين ودأب المنقطعين الى الله دون المتوكلين على الانفاقات والتوكل يكون بعد مباشرة الأسباب: وفى المثنوى
كر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن پس تكيه بر جبار كن «1»
رمز الكاسب حبيب الله شنو ... از توكل در سبب كاهل مشو «2»
وكونهم متوكلين علم من قولهم يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً والمدينة طرسوس وكان اسمها فى الجاهلية أفسوس قال فى القاموس طرسوس كحلزون بلد مخصب كان للارمن ثم أعيد الى الإسلام فى عصرنا فَلْيَنْظُرْ أَيُّها اى أهلها على حذف المضاف كقوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ أَزْكى طَعاماً أحل وأطيب واكثر وأرخص طعاما فَلْيَأْتِكُمْ [پس بيارد بشما] بِرِزْقٍ بقوت وهو ما يقوم به بدن الإنسان مِنْهُ اى من ذلك الأزكى طعاما قال الكاشفى [در زمان ايشان در آن شهر كسان بودند كه ايمان خود مخفى مى داشتند غرض آن بود كه ذبيحه ايشان پيدا كند] وَلْيَتَلَطَّفْ وليتكلف اللطف فى المعاملة كيلا يغبن او فى الاستخفاء لئلا يعرف قال بعض المتقدمين حسبت القرآن بالحروف فوجدت النصف عند قوله فى سورة الكهف وَلْيَتَلَطَّفْ اللام الثاني فى النصف الاول والطاء والفاء فى النصف الثاني كما فى البستان وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً من اهل المدينة فانه يستدعى شيوع اخباركم اى لا يفعلن ما يؤدى الى الشعور بنا من غير قصد فسمى ذلك اشعارا منه بهم لانه سبب فيه فالنهى على الاول تأسيس وعلى الثاني تأكيد للامر بالتلطف إِنَّهُمْ اى ليبالغ فى التلطف وعدم الاشعار لانهم إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ اى يطلعوا عليكم ويظفروا بكم والضمير للاهل المقدر فى ايها يَرْجُمُوكُمْ يقتلوكم بالرحم وهو الرمي بالحجارة ان ثبتم على ما أنتم عليه وهو أخبث القتلة وكان من عادتهم أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ اى يصيروكم الى ملة الكفر او يدخلوكم فيها كرها من العود بمعنى الصيرورة كقوله تعالى أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا وقيل كانوا اولا على دينهم فآمنوا يقول الفقير هذا هو الصواب لقوله تعالى إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وذلك لانه لو لم يكن ايمانهم حادثا لقيل انهم فتية مؤمنون وإيثار كلمة فى على كلمة الى للدلالة على الاستقرار الذي هو أشد شىء عندهم كراهة وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً اى ان دخلتم فيها ولو بالكره والإلجاء لن تفوزوا بخير أَبَداً لا فى الدنيا ولا فى الآخرة لانكم وان أكرهتم ربما استدرجكم الشيطان بذلك الى الاجابة حقيقة والاستمرار عليها وفى التأويلات النجمية العجب كل العجب انهم لما كانوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين فى مقام عندية الحق خارحين عن عنديتهم ما احتاجوا الى طعام الدنيا وقد استغنوا
__________
(1) در أوائل دفتريكم در بيان ديكر بار بيان كردن شير ترجيح جهد بر توكل
(2) در أوائل دفتريكم در بيان باز ترجيح نهادن شير جهد را بر توكل وتسليم(5/229)
وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21)
عن الغذاء الجسماني بما نالوا من الغذاء الروحاني كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل الأيام ويقول (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) فلما رجعوا من عندية الحق الى عندية نفوسهم قالوا فَابْعَثُوا إلخ ففى طلبهم ازكى طعاما اشارة الى ان ارباب الوصول واصحاب المشاهدة لما شاهدوا ذلك الجمال والبهاء وذاقوا طعم الوصال وجدوا حلاوة الانس وملاطفات الحبيب فاذا رجعو الى عالم النفوس تطالبهم الأرواح والقلوب باغذيتهم الروحانية فيتعللون بمشاهدة كل جميل لان كل جمال من جمال الله وكل بهاء من بهاء الله ويتوصلون بلطافة الاطعمة الى تلك الملاطفات كما قالوا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ اى فى الطعام وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً وفيه اشارة الى الاحتراز عن شعور اهل الغفلة بأحوال ارباب المحبة فان لهم فى النهاية أحوالا كأنها كفر عند اهل البداية كما قال ابو عثمان المغربي قدس سره ارفاق العارفين باللطف وارفاق المريدين بالعنف إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يعنى اهل الغفلة يَرْجُمُوكُمْ بالملامة فيما يشاهدون منكم يا اهل المعرفة من وسعة الولاية وقوتها واستحقاق التصرف فى الكونين وانعدام تصرفهما فيكم فانهم بمعزل عن بصيرة يشاهدون بها أحوالكم فمن قصر نظرهم يطعنون فيكم
عشق در هر دل كه سازد بهر دردت خانه ... أول از سنك ملامت افكند بنياد او
أَوْ يريدون ان يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وهى عبادة أصنام الهوى وطواغيت شهوات الدنيا وزينتها فان رجعتم إليها فلن تفلحوا إذا ابدا يقول الفقير اعلم انه لا يخلوا الاعصار من مثل دقيانوس الجبار صورة ومعنى فمن أراد السلامة فى بدنه ودينه وعمله واعتقاده وعرضه فليجدها فى الوحدة والاعتزال عن الناس والإيواء الى كهف البيت والذهول عن احوال الناس صغيرهم وكبيرهم رفيعهم ووضيعهم كالنائم فانه مسلوب الحس لا يدرى ما الدنيا وما فيها لغموض العينين لا يفرق بين سواد وبياض وان ادعى أحد انه بحر لا يتغير فذلك غرور محض لان عدم التغير لا يحصل الا للمنتهى ففى الاختلاط ضرر كثير وهو كالرضاع يغير الطباع وغايته موافقة اهل الهوى طوعا او كرها نعوذ بالله من ذلك ونسأله الحفظ من الوقوع فى المهالك ونرجو منه الفلاح الأيدي والخلاص السرمدي وَكَذلِكَ قال الكاشفى [يمليخا كه بعقل كامل موصوف بود وصيتها قبول نموده روى بشهر نهاد وبدروازه رسيد أوضاع آن را متغير ديد و چون بشهر در آمد بازار ومحلات وإشكال وألوان مردم بر نمطى ديكر يافت حيرت بر وى غلبه كرد آخر الأمر بدكان خباز آمد ودرمى از آنچهـ همراه داشت بوى داد تا در عوض نان بستاند نان واى زرى ديد منقش بنام دقيانوس خيال بست كه اين مرد كنجى يافته آن زر را ببازارى ديكر بديگرى نمود بيك لحظه اين خبر در بازار منتشر شده بشحنه رسيد ويمليخا را طلبيده تهديدى عظيم نمود وطلب باقى زرها كرد يمليخا كفت من كنجى نيافته ام ديروز اين زر را از خانه پدر بر داشته ام وامروز ببازار آورده ام نام پدرش پرسيدند و چون كفت كسى از اهل شهر ندانست ويرا تكذيب نمودند واو از غايت دهشت كفت مرا پيش دقيانوس بريد كه او از مهم من آگاهى دارد مردمان آغاز استهزا كردند كه دقيانوس(5/230)
قريب سيصد ساله شد كه مرده است تو ما را أفسوس ميكرى يمليخا كفت شما با من سخريه ميكنيد ديروز ما جماعتى از وى كريخته بكوه رفتيم وامروز مرا بشهر بطلب طعام فرستادند من بجز اين چيزى ندانم القصة او را نزديك ملك آوردند وصورت حال تقرير كرد ملك با جماعتى از مقربان واشراف بلد روى بغار آوردند ويمليخا بغار در آمد وياران را از صورت حال خبر داد وعلى الفور ملك برسيد وآن لوح كه بر در غار بود بر خواندند وأسامي واحوال ايشان معلوم كرد وبا قوم بغار در آمده ايشانرا ديد با رويهاى تازه وجامهاى نو متحير شده بر ايشان سلام كرد جواب دادند حق سبحانه وتعالى ازين حال اخبار فرمود] وَكَذلِكَ اى كما أنمناهم وبعثناهم من تلك النومة لما فى ذلك من اظهار القدرة الباهرة والحكمة البالغة وازدياد بصيرتهم ويقينهم أَعْثَرْنا اى اطلعنا الناس عَلَيْهِمْ اى على اصحاب الكهف وأصله ان الغافل عن شىء ينظر اليه إذا عثر به فيعرفه فكان العثار سبب العلم به فاطلق اسم السبب على
المسبب قال فى تهذيب المصادر الاعثار [بر رسانيدن كسى را بر چيزى] قال الله تعالى وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا والاطلاع [بر رسانيدن كسى بر نهانى] العرب تقول اطلع فلان على القوم ظهر لهم حتى رأوه واطلع عنهم غاب عنهم حتى لا يروه لِيَعْلَمُوا اى الذين اطلعناهم على حالهم وهم قوم تندروس الذين أنكروا البعث أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ اى وعده بالبعث للروح والجسد معا حَقٌّ صدق لا خلف فيه لان نومهم وانتباههم بعده كحال من يموت ثم يبعث إذ النوم أخو الموت وَأَنَّ السَّاعَةَ اى القيامة التي هى عبارة عن وقت بعث الخلائق جميعا للحساب والجزاء لا رَيْبَ فِيها لا شك فى قيامها ولا شبهة فى وقوعها فان من شاهد انه تعالى توفى نفوسهم وأمسكها ثلاثمائة سنة واكثر حافظا أبدانهم من التحلل والتفتت ثم أرسلها إليها علم يقينا انه تعالى يتوفى نفوس جميع الناس ويمسكها الى ان يحشر أبدانها فيردها إليها للحساب والجزاء
پيش قدرت كارها دشوار نيست ... عجزها با قوت حق كار نيست
يقول الفقير هذا من لطف الله بالقوم وإرشاده إياهم بصورة النوم حيث اظهر هذه القدرة وبين الحق بوجه يقوم مقام بعث الرسول لمن هو من اهل اليقظة وفى التأويلات النجمية قوله وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ اشارة الى انا كما اطلعنا بعض منكرى البعث والنشور بالأجساد على احوال اصحاب الكهف ليعلموا ويتحقق لهم ان وعد الله بالبعث واحياء الموتى حق وان قيام الساعة لا ريب فيه انا قادرون على احياء بعض القلوب الميتة وان وعد الله به بقوله فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وبقوله أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ حق وان قيام قلوب الصديقين المحبين لا ريب فيه انتهى [در تفسير امام ثعلبى مذكور است كه حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم را آرزوى آن شد كه اصحاب كهف را به بيند جبريل آمد كه يا رسول الله تو ايشانرا درين دنيا نخواهى ديد اما از أخيار اصحاب خود چهار كس را بفرست تا ايشانرا بدين تو دعوت كنند آن حضرت فرمود كه چكونه فرستم وكه را برفتن بفرمايم جبريل فرمود(5/231)
رداى مبارك خود بگستران وصديق وفاروق ومرتضى وابو درداء رضى الله عنهم بگو تا هر يك بگوشه اي نشيند وباد را كه مسخر سليمان بود بطلب كه خداى تعالى او را مطيع تو كردانيد بفرماى تا ايشانرا بر داشته بدان غار برد حضرت آنچنان كرد وصحابه بدر غار رسيدند سنكى بود بر داشتند سك ايشان روشنى بانك در كرفت وحمله آورد واما چون چشم وى ايشانرا ديد دم جنبانيدن آغاز نهاد وبسر اشارت كرد كه در آييد ايشان در آمده كفتند السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حق سبحانه أرواح بأجساد ايشان باز آورد تا بر خاستند وجواب سلام باز دادند صحابه كفتند نبى الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم شما سلام رسانيده ايشان كفتند والسلام على محمد رسول الله پس دعوت كردند ايشانرا بدين اسلام وايشان قبول نمودند وحضرت پيغمبر را سلام رسانيدند باز در مضاجع خود تكيه كردند وبار ديكر نزد خروج مهدى از اهل محمد عليه السلام زنده شوند ومهدى بر ايشان سلام كند وجواب دهند پس بميرند ودر قيامت مبعوث كردند] إِذْ يَتَنازَعُونَ قال بعض اصحاب التفسير هو متعلق با ذكر المقدر يقول الفقير هو الأظهر والأنسب لترتيب الفاء الآتية عليه فيكون كلاما منفصلا عما قبله والمتنازعون هم قوم تندروس بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ اى تدبير امر اصحاب الكهف حين توفاهم الله ثانيا بالموت كيف يخفون مكانهم وكيف يستر الطريق إليهم فَقالُوا اى بعض اهل المدينة ابْنُوا عَلَيْهِمْ اى على باب كهفهم بُنْياناً [ديوارى كه از چشم مردم پوشيده شوند] يعنى لا يعلم أحد تربتهم وتكون محفوظة من تطرق الناس كما حفظت تربة رسول الله بالحظيرة رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ بحالهم وشأنهم لا حاجة الى علم الغير بمكانهم قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ من المسلمين وملكهم لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً اى لنبنين على باب كهفهم مسجدا يصلى فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم- روى- انه لما اختلف قوم تندروس فى البعث مقترحين وجاحدين دخل الملك بيته واغلق بابه ولبس مسحا جلس على رماد وسأل ربه ان يظهر الحق فالقى الله تعالى فى نفس رجل من رعيانهم فهدم ما سد به دقيانوس باب الكهف ليتخذه حظيرة لغنمه فعند ذلك بعثهم الله فلما انتشر خبرهم
واطلع عليهم الملك واهل المدينة مسلمهم وكافرهم كلموهم وحمدوا الله على الآية الدالة على البعث ثم قالت الفتية للملك نستودعك الله ونعيذك به من شر الجن والانس ثم رجعوا الى مضاجعهم فناموا وماتوا فالقى الملك عليهم ثيابه وامر فجعل لكل واحد نابوتا من ذهب فرآهم فى المنام كارهين للذهب فجعلها من الساج وبنى على باب الكهف مسجدا يقول الفقير هذه حال اهل الفناء ولذا لم يقبل حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره البناء على مرقده فعملوا من الألواح ثم أخذتها الصاعقة كأنه لم يقبل الغطاء وسببه ما سمعته من حضرة شيخى وسندى روح الله روحه وهو انه قال ان الشيخ صدر الدين كان من أولاد الملوك كحضرة مولانا صاحب المثنوى وكان مولانا تاركا للدنيا مطلقا وصدر الدين متجملا صورة حتى كان له خدام متزينون وله إبريق وطشت من فضة وتغير عليه شخص فى ذلك فاشار حضرة الشيخ الى الإبريق فاتى الى حضرة الشيخ وقربه فتحير الحاضرون وتاب الشخص وقال يوما لحضرة مولانا نعيش كالملوك ونضطجع(5/232)
سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)
كالصعلوك فقال مولانا نعيش كالصعلوك ونضطجع كالملوك ولذا ترى تربة مولانا على الاحتشام العظيم دون مرقد صدر الدين رزقنا الله شفاعتهما: قال المولى الجامى
وصلش مجو در اطلس شاهى كه دوخت عشق ... اين جامه بر تنى كه نهان زير ژنده بود
سَيَقُولُونَ الضمائر فى الافعال الثلاثة للخائضين فى قصتهم فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اهل الكتاب والمسلمين لكن لا على وجه اسناد كل فيها الى كلهم الى بعضهم سألوا رسول الله فاخر الجواب الى ان يوحى اليه فيهم فنزلت اخبارا بما سيجرى بينهم من اختلافهم فى عددهم وان المصيب منهم من يقول سبعة وثامنهم كلبهم اى سيقول اليهود هم اى اصحاب الكهف ثَلاثَةٌ اى ثلاثة اشخاص رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ اى جاعلهم اربعة بانصمامه إليهم كلبهم وَيَقُولُونَ اى النصارى وانما لم يجئ بالسين اكتفاء بعطفه على ما هو فيه خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ رميا بالخبر الخفي عليهم وإتيانا به كقوله وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ اى يأتون به او ظنا بالغيب من قولهم رجما بالظن إذا ظن وانتصابه على الحالية من الضمير فى الفعلين معا اى راحمين او على المصدر منهما فان الرجم والقول واحد اى يرجمون رجما بالغيب وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ القائلون المسلمون بطريق التلقن من هذا الوحى وما فيه مما يرشدهم الى ذلك من عدم نظم فى سلك الرجم بالغيب وتغيير سبكه بزيادة الواو المفيدة لزيادة وكادة النسبة فيما بين طرفيها وذلك لان الوحى مقدم على المقالة المذكورة على ما يدل عليه السنن قُلْ تحقيقا للحق وردا على الأولين رَبِّي أَعْلَمُ قال سعدى المفتى اى أقوى علما وأزيد فى الكيفية فان مراتب اليقين متفاوتة فى القوة ولا يجوز ان يكون التفضيل بالاضافة الى الطائفتين الأوليين إذ لا شركة لهما فى العلم بِعِدَّتِهِمْ بعددهم ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ما يعلمهم عدتهم الا قليل من الناس قد وفقهم الله للاستشهاد بتلك الشواهد قال ابن عباس رضى الله عنهما حين وقعت الواو وانقطعت العدة اى لم يبق بعدها عدة عاد يعتد بها وثبت انهم سبعة وثامنهم كلبهم قطعا وجزما وعليه مدار قوله انا من ذلك القليل وعن على رضى الله عنه انهم سبعة نفر اسماؤهم يمليخا ومكشليينا ومشليينا هؤلاء اصحاب يمين الملك وكان عن يساره مرنوش ودبرنوش وشازنوش وكان يستشير هؤلاء الستة فى امره والسابع الراعي الذي وافقهم حين هربوا من ملكهم دقيانوس واسمه كفشططيوش او كفيشيططيوش قال الكاشفى الأصح انه مرطوش قال النيسابورى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان اسماء اصحاب الكهف تصلح للطلب والهرب واطفاء الحريق تكتب فى حرقة ويرمى بها فى وسط النار ولبكاء الطفل تكتب وتوضع تحت رأسه فى المهد وللحرث تكتب على القرطاس وترفع على خشب منصوب فى وسط الزرع وللضربان والحمى المثلثة والصداع والغنى والجاه والدخول على السلاطين تشد على الفخذ اليمنى ولعسر الولادة تشد على فخذها اليسرى ولحفظ المال والركوب فى البحر والنجاة من القتل فَلا تُمارِ المماراة [ستيزه كردن] الفاء لتفريع النهى على ما قبله اى إذ قد عرفت جهل اصحاب القولين الأولين فلا تحادلهم فِيهِمْ اى فى شأن اصحاب الكهف إِلَّا مِراءً ظاهِراً الا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه وهو ان تقص(5/233)
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)
عليهم ما فى القرآن من غير تصريح بجهلهم وتفضيح لهم فانه مما يخل بمكارم الأخلاق وَلا تَسْتَفْتِ [وفتوى مجوى يعنى مپرس] فِيهِمْ اى فى شأنهم مِنْهُمْ اى من الخائضين أَحَداً فان فيما قص عليك لمندوحة عن ذلك مع انه لا اعلم لهم بذلك قال الكاشفى اهل تأويل را در باب اصحاب كهف سخن بسيار است بعض كويند اين قصه نمود از احوال بدلاء سبعة است كه هفت إقليم عالم بوجود ايشان قائمست وكهف خلوتخانه ايشان بود وكلب نفس حيوانيه] وعن الخضر عليه السلام انه قال ثلاثمائة هم الأولياء وسبعون هم النجباء وأربعون هم أوتاد الأرض وعشرة هم النقباء وسبعة هم العرفاء وثلاثة هم المختارون وواحد هو الغوث لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتخشع وحسن الحلية ولكن بلغوا بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدر والرحمة لجميع المسلين اصطفاهم الله بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم لا يسبون شيأ ولا يلعنونه ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدون من فوقهم أطيب الناس خبرا وألينهم عريكة وأسخاهم نفسا كذا فى روض الرياحين للامام اليافعي رحمه الله [ونزد جمعى اشارتست بروح وقلب وعقل فطرى ومعيش وقوت قدسيه وسر وخفى كه تعلق بكهف بدن دارد ودقيانوس نفس اماره است]
كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار
مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست
وَلا تَقُولَنَّ نهى تأديب لِشَيْءٍ اى لاجل شىء تعزم عليه إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ الشيء غَداً اى فيما يستقبل من الزمان مطلقا فيدخل فيه الغد دخولا أوليا فانه نزل حين قالت اليهود لقريش سلوه عن الروح وعن اصحاب الكهف وعن ذى القرنين فسألوه صلى الله عليه وسلم فقال (ائتوني غدا أخبركم) ولم يستثن اى لم يقل ان شاء الله وتسميته استثناء لانه يشبه الاستثناء فى التخصص فابطأ عليه الوحى ايام حتى شق عليه. يعنى [غبار ملال بر مرآت دل بي غل آن حضرت نشست] وكذبته قريش وقالوا ودعه ربه وأبغضه إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من النهى اى لا تقولن ذلك فى حال من الأحوال الا حال ملابسته بمشيئته تعالى على الوجه المعتاد وهو ان يقال ان شاء الله وفيه اشارة الى ان الاختيار والمشيئة لله وافعال العباد كلها مبنية على مشيئته كما قال وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ اى قل ان شاء الله إِذا نَسِيتَ ثم تذكرته كما روى انه عليه السلام لما نزل قال (ان شاء الله) وَقُلْ عَسى [شايد كه] أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي اى يوفقنى لِأَقْرَبَ مِنْ هذا اى لشئ اقرب واظهر من نبأ اصحاب الكهف من الآيات والدلائل الدالة على نبوتى رَشَداً اى إرشادا للناس ودلالة على ذلك وقد فعل حيث أراه من البينات ما هو أعظم من ذلك وأبين كقصص الأنبياء المتباعدة ايامهم والحوادث النازلة فى الاعصار المستقبلة الى قيام الساعة قال سعدى المفتي لما جعل اليهود الحكاية عن اصحاب الكهف دالة على نبوته هون الله أمرها وقال قُلْ عَسى الآية كما هون المحكي فى مفتتح الكلام بقوله أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ الآية انتهى وقال السمرقندي فى بحر العلوم والظاهر(5/234)
ان يكون المعنى إذا نسيت شيأ فاذكر ربك وذكر ربك عند نسيانه ان تقول عسى ربى ان يهدينى لشئ آخر بدل هذا المنسى اقرب منه رشدا وادنى خيرا ومنفعة انتهى قال الامام فى تفسيره والسبب فى انه لا بد من ذكر هذا القول هو ان الإنسان إذا قال سافعل الفعل الفلاني غدا لم يبعد ان يموت قبل ان يجيئ الغد ولم يبعد ايضا لو بقي حيا ان يعوقه من ذلك الفعل عائق فاذا لم يقل ان شاء لله صار كاذبا فى ذلك الوعد والكذب منفر وذلك لا يليق بالأنبياء عليهم السلام فلهذا السبب وجب عليه ان يقول ان شاء الله حتى انه بتقدير ان يتعذر عليه الوفاء بذلك الموعود لم يصر كاذبا فلم يحصل التنفير انتهى قال ابو الليث رحمه الله روى ابو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال قال سليمان بن داود عليهما السلام (لا طوفن الليلة على مائة امرأة كل امرأة تأتى بغلام يقاتل فى سبيل الله ونسى ان يقول ان شاء الله فلم تأت واحدة منهن بشئ الا امرأة بشق غلام) فقال النبي عليه السلام (والذي نفسى بيده لو قال ان شاء الله لولد له ذلك) وذلك ان من لم يعلق فعله بمشيئته تعالى فان من سنته ان يجرى الأمر على خلاف مشيئته ليعلم ان لا مشيئية فى الحقيقة الا لله تعالى وفى الحديث (ان من تمام ايمان العبد ان يستثنى فى كل حديثه) اى سواء كان ذلك باللسان والقلب معا او بالقلب فقط فان مجرد الاستثناء باللسان غير مفيد: وفى المثنوى
ترك استثناء مرادم قسوتيست ... نى همين كفتن كه عارض حالتيست «1»
اى بسا ناورده استثنا بكفت ... جان او با جان استثناست جفت
ومن لطائف روضة الخطيب انه سئل رجل الى اين فقال الى الكناسة لا شترى حمارا فقيل قل ان شاء الله فقال لست احتاج الى الاستثناء فالدراهم فى كمى والحمير فى الكناسة فلم يبلغ الكناسة حتى سرقت دراهمه من كمه فرجع فقال رجل من اين قال من الكناسة ان شاء الله سرقت دراهمى ان شاء الله واعلم ان ابن عباس رضى الله عنهما جوز الاستثناء المنفصل بالآية المذكورة وعامة الفقهاء على خلافه إذ لوصح ذلك لما تقرر اقرار اقرار ولا طلاق ولا عتاق ولم يعلم صدق ولا كذب فى الاخبار عن الأمور المستقبلة قال القرطبي فى تأويل الآية هذا فى تدارك التبرّى والتخلص من الإثم واما الاستثناء المغير للحكم فلا يكون الا متصلا انتهى قال فى مناقب الامام الأعظم روى ان محمد بن إسحاق صاحب المغازي كان يحسد أبا حنيفة لما روى من تفضيل المنصور ابى جعفر أبا حنيفة على سائر العلماء فقال محمد بن إسحاق عند امير المؤمنين ابى جعفر المنصور لابى حنيفة ما تقول فى رجل حلف وسكت ثم قال ان شاء الله بعد ما فرغ من يمينه وسكت فقال ابو حنيفة لا يعمل الاستثناء لانه مقطوع واسما ينفعه إذا كان متصلا فقال محمد بن إسحاق كيف لا ينفعه وقد قال جد امير المؤمنين وهو عبد الله بن عباس رضى الله عنهما انه يعمل الاستثناء وان كان بعد سنة لقوله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ فقال امير المؤمنين أهكذا قول جدى فقال نعم فقال المنصور على وجه الغضب لابى حنيفة أتخالف جدّى يا أبا حنيفة فقال ابو حنيفة لقول ابن عباس تأويل يخرج على الصحة ثم قال لامير المؤمنين ان هذا وأصحابه لا يرونك أهلا للخلافة لانهم يبايعونك ثم يخرجون فيقولون
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان حكايت عاشق شدن پادشاه بر كنيزك إلخ(5/235)
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)
ان شاء الله ويخرجون من بيعتك ولا يكون فى عنقهم حنث فقال امير المؤمنين لاعوانه خذوا هذا يعنى محمد بن إسحاق فاخذوه وجعلوا رداءه فى عنقه وحبسوه
ملزم آمد محمد إسحاق ... مبتلا شد بنقيض اطلاق
وفيه تعظيم امام الملة قائل الحق بغير العلة وَلَبِثُوا اى الفتية وهو بيان لا جمال قوله فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً فِي كَهْفِهِمْ احياء نياما ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ عطف بيان لثلاثمائة لا تمييز والا لكان اقل مدة لبثهم عند الخليل ستمائة سنة لان اقل الجمع عنده اثنان وعند غيره تسعمائة لان اقله ثلاثة عندهم هذا على قراءة مائة بالتنوين واما على قراءة الاضافة فاقيم الجمع مقام المفرد لان حق المائة ان يضاف الى المفرد وجه ذلك ان المفرد فى ثلاثمائة درهم فى المعنى جمع فحسن إضافته الى لفظ الجمع كما فى الأخسرين أعمالا فانه ميز بالجمع وحقه المفرد نظرا الى مميزه وَازْدَادُوا تِسْعاً اى تسع سنين وهو اشارة الى ان ذلك الحساب على اعتقاد اهل الكتاب شمسى واما عند العرب فهو قمرى والقمري يزيد على الشمسى تسعا لان التفاوت بينهما فى كل مائة سنة ثلاث سنين ولذلك قال وازدادوا تسعا هو مفعول ازدادوا والسنة الشمسية مدة وصول الشمس الى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهرا قمريا ومدتها ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وثلث يوم قال الكاشفى [وبتحقيق سيصد سال شمسى سيصد ونه سال قمرى ودو ماه نوازده روز باشد] قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا قال البغوي ان الأمر فى مدة لبثهم كما ذكرنا فان نازعوك فيها فاجبهم وقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا اى بالزمان الذي لبثوا فيه لان علم الخفيات مختص به ولذلك قال لَهُ خاصة غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما غاب عن اهل الأرض أَبْصِرْ بِهِ [چهـ بيناست خداى تعالى بهر موجودى] وَأَسْمِعْ [و چهـ شنواست بهر مسموعى] قال الشيخ فى تفسيره الضمير فى به لله محله رفع لكونه فاعلا لفعل التعجب والباء زائدة والهمزة فى الفعلين للصيرورة أصله بصر الله وسمع ثم غير الى لفظ الأمر وليس بامر إذ لا معنى للامر هنا ومعناه ما ابصر الله بكل موجود وما أسمعه لكل مسموع وصيغة التعجب ليست على حقيقتها لاستحالته على الله بل للدلالة على ان شأن علمه بالمبصرات والمسموعات خارج عما عليه ادراك المدركين لا يحجبه شىء ولا يحول دونه حائل ولا يتفاوت بالنسبة اليه اللطيف والكثيف والصغير والكبير والخفي والجلى ولعل تقديم امر ابصاره تعالى لما ان الذي نحن بصدده من قبيل المبصرات قال فى التأويلات النجمية أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ اى هو البصير بكل موجود وهو السميع بكل مسموع فيه ابصر وبه اسمع انتهى قال القيصري رحمه الله سمعه تعالى عبارة عن تجليه بعلمه المتعلق بحقيقة الكلام الذاتي فى مقام جمع الجمع والاعيانى فى مقام الجمع والتفصيل ظاهرا وباطنا لا بطريق الشهود وبصره عبارة عن تجليه وتعلق علمه بالحقائق على طريق الشهود وكلامه عبارة عن التجلي الحاصل من تعلق الارادة والقدرة لاظهار ما فى الغيب وإيجاده قال تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً الآية ما لَهُمْ اى لاهل السموات والأرض مِنْ دُونِهِ(5/236)
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)
تعالى مِنْ وَلِيٍّ يتولى أمرهم وينصرهم استقلالا ومن الاولى متعلقة بولي على الحال والثانية للاستغراق كأنه قيل ما لهم من دونه ولى ما وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً اى لا يجعل الله تعالى أحدا من الموجودات العلوية والسفلية شريكا لذاته العالية فى قضائه الأزلي الى الابد لعزته وغناه قال الامام المعنى انه تعالى لما حكى ان لبثهم هو هذا المقدار فليس لاحد ان يقول بخلافه انتهى قال بعض الكبار هذه الأمور المدبرة المنزلة بين السموات والأرض الجارية الحادثة فى الواقع الظاهرة على أيدي مظاهرها وأسبابها فى الخارج فى الليل والنهار هى الأمور المحكمة المحفوظة من تبديل غير الحق تعالى وتغييره لانها المقادير التي قدرها ودبرها واحكم صنعها ولا قدرة لاحد غيره على محو ما أثبته واثبات ما محاه يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وليس لغيره كائنا من كان غير التسليم والرضى إذ ليس بشريك له تعالى فى حكمه وفى الحديث القدسي (قدرت المقادير ودبرت التدبير وأحكمت الصنع فمن رضى فله الرضى منى حتى يلقانى ومن سخط فله السخط منى حتى يلقانى) : قال الحافظ
رضا بداده بده وزجبين كره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشادست
وقال
در دائره قسمت ما نطقه تسليميم ... لطف آنچهـ تو انديشى حكم آنچهـ تو فرمايى
يعنى ليس للعبد اعتراض على المولى فى حكمه وامره وانما له التسليم والرضى وترك التدبير كما قال بعض الكبار عن لسان الحق تعالى يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو ألقيتها إلينا وأسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا الله وإياكم هكذا بفضله وهذا مقال عال لم يصل اليه الا افراد الرجال الذين رفعوا منازعة النفس من البين ومشوا بالتسليم والرضى فى كل اين يا رجل اين هم فى هذا الزمان وكيف تبين حالهم للانسان فاجتهد لعلك تظفر بواحد منهم حتى تكون ممن رضى الله عنهم وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ اى القرآن للتقرب الى الله تعالى بتلاوته والعمل بموجبه والاطلاع على أسراره ولا تسمع لقولهم ائت بقرآن غير هذا او بدله والفرق بين التلاوة والقراءة ان التلاوة قراءة القرآن متابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة أعم لانها جمع الحروف باللفظ لا اتباعها لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ لا قادر على تبديله وتغييره غيره تعالى كقوله وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ فهو عام مخصوص فافهم وَلَنْ تَجِدَ ابد الدهر وان بالغت فى الطلب مِنْ دُونِهِ تعالى مُلْتَحَداً ملتجأ تعدل اليه عند نزول بلية وقال الشيخ فى تفسيره ولن تجد من دون عذابه ملتجأ تلجأ اليه ان هممت بذلك التبديل فرضا انتهى واعلم ان القرآن لا يتبدل ابدا ولا يتغير بالزيادة والنقصان سرمدا وكذا أحكامه لانه محفوظ فى الصدور بنظمه ومعانيه وانما يتبدل اهله بتبدل الاعصار فيعود العلم والعمل الى الجهل والترك نعوذ بالله تعالى قال ابراهيم بن أدهم رحمه الله مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى أنفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه أنت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم
كر همه علم عالمت باشد ... بي عمل ومدعى وكذابى(5/237)
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)
ومن فرق المتصوفة المبتدعة قوم يسمون بالالهامية يتركون طلب العلم والدرس ويقولون القرآن حجاب والاشعار قرآن الطريقة فيتركون القرآن ويتعلمون الاشعار فهلكوا بذلك قال الكمال الخجندي
دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست
قال ابراهيم الخواص جلاء القلب ودواؤه خمسة قراءة القرآن بالتدبر واخلاء البطن وقيام الليل والتضرع الى الله عند السحر ومجالسة الصالحين فمن اشتغل بشهوته وهواه عن هذه الأمور الشاقة بقي على مرضه الروحاني ولم يجد لنفسه ملتحدا سوى العذاب والهلاك فانظر يا مسيئ الأدب ان لا مرجع الا الى الله تعالى فكيف ترجع اليه بالاشعار التي اخترعتها أنت وامثالك من اهل النفس والهوى بدل القرآن الذي أرسله الله إليك وامر بالعمل به فما جوابك يوم يجثو المقربون على ركبهم من الهول كما قال الشيخ سعدى
در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولو العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
فالواجب ان تجثو فى هذا اليوم بين يدى عالم لتعلم القرآن وكيفية العمل به ومعرفة طريق الوصول الى حقائقه فانه نسخة الهية فيها علوم جميع الأنبياء والأولياء فمن أراد دخول الدار من شيخ وشاب فليأت من طرف الباب وعن على رضى الله عنه من قرأ القرآن وهو قائم فى الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأ وهو جالس فى الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ وهو فى غير الصلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون حسنة ومن قرأ على غير وضوء فعشر حسنات قالوا أفضل التلاوة على الوضوء والجلوس شطر القبلة وان يكون غير متربع ولا متكئ ولا جالس جلسة متكبر ولكن نحو ما يجلس بين يدى من يهابه ويحتشم منه وفى الأشباه استماع القرآن اثوب من تلاوته انتهى فما يفعل البعض فى هذا الزمان من إخفاء آية الكرسي فى بعض الجوامع والمجامع ليس على ما ينبغى وذلك لان فى القوم من هو أمي لا يحسن قراءة الآية المذكورة فاللائق ان يجهر بها المؤذن لينال المستمعون ثواب التلاوة بل أزيد وهو ظاهر على ارباب الانصاف ولا يخرج عن هذا الحد الا اصحاب الاعتساف وَاصْبِرْ نَفْسَكَ احبسها وثبتها مصاحبة مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ فى أول النهار وآخره والمراد الدوام اى مداومين على الدعاء فى جميع الأوقات او بالغداة لطلب التوفيق والتيسير والعشى لطلب عفو التقصير نزلت حين طلب رؤساء الكفار طرد فقراء المسلمين من مجالسه عليه السلام كصهيب وعمار وخباب وغيرهم وقالوا اطرد هؤلاء الذين ريحهم ريح الصنان يعنى [اين پشمينه پوشان بي قدر را كه بوى خرقهاى ايشان ما را متأذى دارد از مجلس خود دور ساز] حتى نجالسك فان اسلمنا اسلم الناس وما يمنعنا من اتباعك الا هؤلاء لانهم قوم ارذلون كما قال قوم نوح أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ فلم يأذن الله فى طرد الفقراء لاجل ان يؤمن جمع من الكفار فان قيل يرجح الأهم على المهم وطرد الفقراء يسقط حرمتهم وهو ضرر قليل وعدم طردهم يوجب بقاء الكفار على كفرهم وهو ضرر عظيم قلنا من ترك(5/238)
الايمان حذرا من مجالسة الفقراء لم يكن إيمانه ايمانا بل يكون نفاقا قبيحا يجب ان لا يلتفت اليه كذا فى تفسير الامام يقول الفقير شان النبوة عظيم فلو طردهم لاجل امر غير مقطوع كان ذنبا عظيما بالنسبة الى منصبه الجليل مع ان الطرد المذكور من ديدن الملوك والا كابر من اهل الظواهر وعظماء الدين يتحاشون عن مثل ذلك الوضع نظرا الى البواطن والسرائر يُرِيدُونَ بدعائهم ذلك وَجْهَهُ تعالى حال من الضمير المستكن فى يدعون اى مريدين لرضاه لا شىء آخر من اعراض الدنيا فالوجه مجاز عن الرضى والمناسبة بينهما ان الرضى معلوم فى الوجه وكذا السخط كما فى الحواشي الحسينية على التلويح وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ اى لا يجاوزهم نظرك الى غيرهم قال الكاشفى [بايد كه نكذرد چشمهاى تو از ايشان] من عدا الأمر وعنه جاوزه كما فى القاموس فعيناك فاعل لا تعد وهذا نهى للعينين والمراد صاحبهما يعنى نهيه عليه السلام عن الازدراء بفقراء المسلمين لرثاثة زيهم طموحا الى زى الأغنياء وقال ذو النون رحمه الله خاطب الله نبيه عليه السلام وعاتبه وقال له اصبر على من صبر علينا بنفسه وقلبه وروحه وهم الذين لا يفارقون محل الاختصاص من الحضرة بكرة وعشيا فمن لم يفارق حضرتنا فحق ان تصبر عليه فلا تفارقه وحق لمن لا تعد وعينهم عنى طرفة عين ان لا ترفع نظرك عنهم وهذا جزاؤهم فى العاجل تُرِيدُ يا محمد زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا اى تطلب مجالسة الأغنياء والاشراف واهل الدنيا وهى حال من الكاف وفى اضافة الزينة الى الحياة الدنيا تحقير لشأنها وتنفير عنها قال الكاشفى [ببايد دانست كه آن حضرت را هركز بدنيا وزينت آن ميل نبوده بلكه معنئ آيت اينست كه مكن عمل كسى مائل بزينت دنيا چهـ مائل بدنيا از فقر معرض وبر اغنيا مقبل باشد] وفى زبدة التفاسير تريد حال صرف للاستقبال لا انه حكم على النبي عليه السلام بإرادته زينة الدنيا وهو قد حذر عن الدنيا وزينتها ونهى عن صحبة الأغنياء كما قال (لا تجالسوا
الموتى) يعنى الأغنياء وَلا تُطِعْ فى تنحية الفقراء عن مجلسك مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا الغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقيقة الأمور اى جعلت قلبه فى فطرته الاولى غافلا عن الذكر ومحتوما عن التوحيد كرؤساء قريش وَاتَّبَعَ هَواهُ الهوى بالفارسية [آرزوى نفس] مصدر هويه إذا أحبه واشتهاه ثم سمى به المهوى المشتهى محمودا كان او مذموما ثم غلب على غير المحمود وقيل فلان اتبع هواه إذا أريد ذمه ومنه فلان من اهل الهوى إذا زاغ عن السنة متعمدا وحاصله ميلان النفس الى ما تشتهيه وتستلذه من غير داعية الشرع قالوا يجوز نسبة فعل العبد الى نفسه من جهة كونه مقرونا بقدرته ومنه واتبع هواه والى الله من حيث كونه موجدا له ومنه أغفلنا وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً قال فى القاموس الفرط بضمتين الظلم والاعتداء والأمر المجاوز فيه عن الحد انتهى اى متقدما للحق والصواب نابذا له وراء ظهره من قولهم فرس فرط اى متقدم للخيل وفى التأويلات وَكانَ أَمْرُهُ فى متابعة الهوى هلاكا وخسرانا وفى الآية تنبيه على ان الباعث لهم الى هذا الاستعداد اغفال قلوبهم عن ذكر الله واشغالها بالباطل الفاني عن الحق الباقي وعلى ان العبرة والشرف بحلية النفس وصفاء القلب وطهارة(5/239)
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)
السرائر لا بزينة الجسد وحسن الصورة والظواهر: قال الحافظ
قلندران حقيقت به نيم جو نخرند ... قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست
وقال الجامى قدس سره
چهـ غم منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان زروم بود كوتن از حبش مى باش «1»
وفى الحديث (ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم) يعنى إذا كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا مطلقا وكذا الحكم فى الظاهر والباطن فافهم- روى- ان الله تعالى لما اتخذ ابراهيم خليلا قالت الملائكة يا رب انه كيف يصلح للخلة وله شواغل من النفس والولد والمال والمرأة فقال تعالى انا لا انظر الى صورة عبدى وما له بل الى قلبه واعماله وليس لخليلى محبة لغيرى فان شئتم جربوه فجاءه جبريل وكان لابراهيم عليه السلام اثنا عشر كلبا للصيد ولحفظ الغنم وطوق كل كلب من الذهب إيذانا بخساسة الدنيا وحقارتها فسلم عليه جبريل فقال لمن هذه فقال لله ولكن فى يدى فقال تبيع واحدا منها قال اذكر الله وخذ ثلثها فقال سبوح قدوس رب الملائكة والروح فاعطى الثلث ثم قال اذكره ثانيا وخذ ثلثها واذكر ثالثا وخذ كلها برعاتها وكلابها ثم اذكره رابعا وانا أقر لك بالرق فقال الله تعالى كيف رأيت خليلى يا جبريل قال نعم العبد خليلك يا رب فقال ابراهيم لرعاة الغنم سوقوا الأغنام خلف صاحبى هذا فقال جبريل لا حاجة لى الى ذلك واظهر نفسه فقال انا خليل الله لا استرد هبتى فاوحى الله الى ابراهيم ان يبيعها ويشترى بثمنها الضياع والعقار ويجعلها وقفا فاوقاف الخليل وما يؤكل على مرقده الشريف من ثمنها واعلم ان قدر الاذكار لا يعرفه الا الكبار ألا يرى ان الخليل كيف فدى نفسه بعد إعطاء الكل بشرف ذكر الله وتعظيمه فليسارع العشاق الى ذكر القادر الخلاق فان صيقل القلوب ذكر علام الغيوب: قال الشيخ المغربي قدس سره
اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... چهـ سودا گر چهـ كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدا ... غبار شرك كه ناپاك كردد از زنكار
قال اهل التحقيق ان كلمة التوحيد لا اله الا الله إذا قالها الكافر تنفى عنه ظلمة الكفر وتثبت فى قلبه نور التوحيد وإذا قالها المؤمن تنفى عنه ظلمة النفس وتثبت فى قلبه نور الوحدانية وان قالها فى كل يوم الف مرة فبكل مرة تنفى عنه شيأ لم تنفعه فى المرة الاولى فان مقام العلم بالله لا ينتهى الى الابد وفى الحديث (جلوسك ساعة عند حلقة يذكرون الله خير من عبادة الف سنة) كما فى مجالس حضرة الهدايى قدس سره والذكر يوصل الى حضور المذكور وشهوده فى مقام النور قال جلا الدين الرومي قدس سره
آدمي ديدست وباقى پوستست ... ديد آن ديديكه ديدى دوستست
اللهم اجعلنا من اهل النظر الى نور جمالك ومن المتشرفين بشرف وصالك وَقُلِ لاولئك الغافلين المتبعين هواهم الْحَقُّ ما يكون مِنْ رَبِّكُمْ من جهة الله لا ما يقتضيه الهوى فانه باطل او هذا الذي اوحى الى هو الحق كائنا من ربكم فقد جاء الحق وانزاحت
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان آمدن رسول قيصر روم بنزد عمر برسالت(5/240)
العلل فلم يبق الا اختياركم لانفسكم ما شئتم مما فيه النجاة والهلاك وفى التأويلات النجمية وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فى التبشير والانذار وبيان السلوك لمسالك ارباب السعادة والاحتراز عن مهالك اصحاب الشقاوة فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ من نفوس اهل السعادة وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ من قلوب اهل الشقاوة قال فى الإرشاد فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ كسائر المؤمنين ولا يتعلل بما لا يكاد يصلح للتعليل وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ لا أبالي بايمان من آمن وكفر من كفر فلا اطرد المؤمنين المخلصين لهواكم لرجاء ايمانكم بعد ما تبين الحق ووضح الأمر وهو تهديد ووعيد لا تخيير أراد ان الله تعالى لا ينفعه ايمانكم ولا يضره كفركم فان شئتم فآمنوا وان شئتم فاكفروا فان كفرتم فاعلموا ان الله يعذبكم وان آمنتم فاعلموا انه يثيبكم كما فى الاسئلة المقحمة قال تعالى إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ اى عن ايمانكم وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وان تعلق به إرادته من بعضهم ولكن لا يرضى رحمة عليهم لأستضرارهم به وَإِنْ تَشْكُرُوا الله فتؤمنوا يَرْضَهُ لَكُمْ اى الشكر قال فى بحر العلوم فمن شاء الايمان فليصرف قدرته وإرادته الى كسب الايمان وهو ان يصدق بقلبه بجميع ما جاء من عند الله ومن شاء عدمه فليختره فانى لا أبالي بكليهما وفيه دلالة بينة على ان للعبد فى إيمانه وكفره مشيئة واختيارا فهما فعلان يتحققان بخلق الله وفعل العبد معا وكذا سائر أفعاله الاختيارية كالصلاة والصوم مثلا فان كل واحد منهما لا يحصل الا بمجموع إيجاد الله وكسب العبد وهو الحق الواسط بين الجبر والقدرة ولولا ذلك لما ترتب استحقاق العباد على ذلك بقوله إِنَّا أَعْتَدْنا هيأنا لِلظَّالِمِينَ اى لكل ظالم على نفسه بارادة الكفر واختياره على الايمان ناراً عظيمة عجيبة أَحاطَ بِهِمْ يحيط بهم وإيثار صيغة الماضي للدلالة على التحقق سُرادِقُها اى فسطاطها وهو الخيمة شبه به ما يحيط بهم من النار وفى بحر العلوم السرادق ما يدار حول الخيمة من شقق بلا سقف وعن ابى سعيد قال عليه السلام (سرادق النار اربعة جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة) وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا [واگر فرياد خواهى كنند از تشنكى] يُغاثُوا [فرياد رس شوند] بِماءٍ كَالْمُهْلِ كالحديد المذاب وقيل غير ذلك والتفصيل فى القاموس وعلى اسلوب قوله يعنى فى التهكم فاعتبوا بالصيلم اى يجعل المهل لهم مكان الماء الذي طلبوه كما ان الشاعر جعل الصيلم لهم اى الداهية مكان العتاب الذي يجرى بين الاحبة يَشْوِي [بريان كند وبسوزد] الْوُجُوهَ إذا قدم ليشرب من فرط حرارته وعن النبي عليه السلام (هو كعكر الزيت) اى در ديه فى الغلظة والسواد فاذا قرب اليه سقطت فروة وجهه بِئْسَ الشَّرابُ ذلك الماء الموصوف لان المقصود تسكين الحرارة وهذا يبلغ فى الإحراق مبلغا عظيما وَساءَتْ النار مُرْتَفَقاً تمييز اى متكأ ومنزلا واصل الارتفاق نصب المرفق تحت الخد وأنى ذلك فى النار وانما هو لمقابلة قوله وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً وقال سعدى المفتى الاتكاء على المرفق كما يكون للاستراحة يكون للتحير والتحزن وانتفاء الاول هنا مسلم دون الثاني فلا تثبت المشاكلة انتهى يقول الفقير المتكأ بمعنى [تكيه كاه] بالفارسية والاعتماد لا يراد حقيقته وانما يراد المنزل فيجرد عن الاستراحة لكونه جهنم(5/241)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)
نعوذ بالله منها فعلى المؤمن الاجتناب عن الظلم والمعاصي والإصرار عليهما على تقدير الذلة فالتدارك بالاستغفار والندامة والاشتغال بالتوحيد والاذكار والا فالسفر بعيد وحر النار شديد وماؤها مهل وصديد وقيدها حديد وفى الحديث (ان ادنى اهل النار عذابا ينعل بنعلين من نار يغلى دماغه من حرارة نعله) - روى- عن مالك بن دينار انه قال مررت على صبى وهو يلعب بالتراب يضحك تارة ويبكى اخرى قاردت ان اسلم عليه فمنعتنى نفسى فقلت يا نفس كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم على الصغار والكبار فسلمت فقال وعليك السلام ورحمة الله يا مالك فقلت ومن اين عرفتنى قال الفت روحى بروحك فى عالم الملكوت فعرفنى الحي الذي لا يموت فقلت ما الفرق بين النفس والعقل فقال نفسك التي منعتك عن السلام وعقلك الذي حرضك عليه فقلت لم تلعب بالتراب فقال لانا خلقنا منه ونعود اليه فقلت ولم الضحك والبكاء قال إذا ذكرت عذاب ربى ابكى وإذا ذكرت رحمته اضحك فقلت يا ولدي أي ذنب لك حتى تبكى اى لانك لست بمكلف قال لا تقل هذا فانى رأيت أمي لم توقد الحطب الكبار الا بالصغار فعليك بالاعتبار: وفى المثنوى
نى ترا از روى ظاهر طاعتى ... نى ترا در سر باطن نيتى
نى ترا شبها مناجات وقيام ... نى ترا در روز پرهيز وصيام
نى ترا حفظ زبان ز آزار كس ... نى نظر كردن بعبرت پيش و پس
پيش چهـ بود ياد مرك ونزع خويش ... پس چهـ باشد مردن ياران ز پيش
نى ترا بر ظلم توبه پر خروش ... اى دغا كندم نماى جو فروش
چون ترازوى تو كج بود ودغا ... راست چون جويى ترازوى جزا
چونكه پاى چب بدى در غدر وكاست ... نامه چون آيد ترا در دست راست
چون جزا سايه است اى قد تو خم ... سايه تو كج فتد در پيش هم
وعن يزيد الرقاشي انه قال جاء جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم متغير اللون قال النبي عليه السلام (يا جبريل مالى أراك متغير اللون) فقال يا محمد جئتك الساعة التي امر الله فيها بمنافخ النار فقال صلى الله عليه وسلم (صف لى جهنم) قال يا محمد ان الله لما خلق جهنم جعلها سبع طبقات ان أهون طبقة منها فيها سبعون الف الف جبل من نار وفى كل جبل سبعون الف الف واد من نار وفى كل واد سبعون الف الف بيت من نار وفى كل بيت سبعون الف الف صندوق من نار وفى كل صندوق سبعون الف الف نوع من العذاب نعوذ بالله تعالى منه كذا فى مشكاة الأنوار وهذا غير محمول على المبالغة بل هو على حقيقته لانه مقابل بنعيم الجنان فكل من العذاب والنعيم خارج عن دائرة العقل وليس للعاقل الا التسليم والاحتراز عن موجبات العذاب الأليم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جمعوا بين عمل القلب وعمل الأركان. والصالحات جمع صالحة وهى فى الأصل صفة ثم غلب استعمالها فيما حسنه الشرع من الأعمال فلم تحتج الى موصوف ومثلها الحسنة فيما يتقرب به الى الله تعالى إِنَّا لا نُضِيعُ [الاضاعة كم كردن] أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا الاجر الجزاء على العمل وعملا مفعول احسن والتنوين للتقليل ووضع الظاهر موضع(5/242)
أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)
الضمير للدلالة على ان الاجر انما يستحق بالعمل دون العلم إذ به يستحق ارتفاع الدرجات والشرف والرتب كما فى الحديث القدسي (ادخلوا الجنة بفضلي واقتسموها بأعمالكم) وعن البراء ابن عازب رضى الله عنه قال قام أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع والنبي واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال انى رجل متعلم فخبرنى عن قول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا الآية فقال عليه السلام (يا أعرابي ما أنت منهم بعيد وما هم عنك ببعيدهم هؤلاء الاربعة الذين هم وقوف معى أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم فاعلم قومك ان هذه الآية نزلت فى هؤلاء الاربعة) ذكره الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام أُولئِكَ المنعوتون بالنعت الجليل لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ قال الامام العدن فى اللغة الاقامة فيجوز ان يكون المعنى أولئك لهم جنات اقامة كما يقال هذه دار اقامة ويجوز ان يكون العدن اسما لموضع معين من الجنة وهو وسطها واشرف مكان وقوله جنات لفظ جمع فيمكن ان يكون المراد ما قاله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ثم قال وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ويمكن ان يكون نصيب كل واحد من المكلفين جنة على حدة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ الاربعة من الخمر واللبن والعسل والماء العذب وذلك لان أفضل البساتين فى الدنيا البساتين التي تجرى فيها الأنهار يُحَلَّوْنَ فِيها اى فى تلك الجنات من حليت المرأة إذا لبست الحلي وهى ما تتحلى به من ذهب وفضة وغير ذلك من الجوهر والتحلية [پيرايه بر كردن] قال الكاشفى [پيرايه بسته شوند در ان بوستانها] مِنْ أَساوِرَ من ابتدائية وأساور جمع اسورة وهى جمع سوار بالفارسية [دستوان] مِنْ ذَهَبٍ من بيانية صفة لاساور وتنكيرها لتعظيم حسنها وتبعيده من الا حالة به قال فى بحر العلوم وتنكير أساور للتكثير والتعظيم عن سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من لؤلؤ وياقوت فهم يسورون بالأجناس الثلاثة على المعاقبة او على الجمع كما تفعله نساء الدنيا ويجمعن بين انواع الحلي قال بعض الكبار اى يتزينون بانواع الحلي من حقائق التوحيد الذاتي ومعانى التجليات العينية الاحدية فالذهبيات هى الذاتيات والفضيات هى الصفات النوريات كما قال وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً [جامهاى سبز] وذلك لان الخضرة احسن الألوان وأكثرها طراوة وأحبها الى الله تعالى مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مارق من الديباج وما غلظ منه والديباج الثوب الذي سداه ولحمته إبريسم وإستبرق ليس باستفعل من البرق كما زعمه بعض الناس بل معرب استبره جمع بين النوعين للدلالة على ان لبسهما مما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين اعلم ان لباس اهل الدنيا اما لباس التحلي واما لباس الستر فاما لباس التحلي فقال تعالى فى صفته يُحَلَّوْنَ الآية واما لباس الستر فقال تعالى فى صفته وَيَلْبَسُونَ الآية فان قيل ما السبب فى انه تعالى قال فى الحلي يحلون على فعل ما لم يسم فاعله والمحلى هو الله او الملائكة وقال فى السندس والإستبرق ويلبسون بإسناد اللبس إليهم قلنا يحتمل ان يكون اللبس اشارة الى ما استوجبوه بعلمهم بمقتضى الوعد الإلهي وان يكون الحلي اشارة الى ما تفضل الله به عليهم تفضلا زائدا على مقدار الوعد وايضا فيه إيذان بكرامتهم وبيان ان غيرهم يفعل بهم ذلك ويزينهم به بخلاف اللبس فانه يتعاطاه بنفسه شريفا وحقيرا(5/243)
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)
يقول الفقير لا شك ان لباس الستر يلبسه المرء بنفسه ولو كان سلطانا فلذا أسند اليه واما لباس الزينة فنيره يزينه به عادة كما يشاهد فى السلاطين والعرائس ولذا أسند الى غيره على سبيل التعظيم والكرامة مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ جمع اريكة وهى السرير فى الحجال ولا يسمى السرير وحده اريكة. والحجال جمع حجلة وهى بيت يرين بالثياب للعروس وخص الاتكاء لانه هيئة المتنعمين والملوك على اسرتهم قال ابن عطاء متكئين على ارائك الانس فى رياض القدس وميادين الرحمة فهم على بساتين الوصلة شاهدون عليكم فى كل حال نِعْمَ الثَّوابُ ذلك اشارة الى جنات عدن ونعيمها والثواب جزاء الطاعة وَحَسُنَتْ اى الأرائك مُرْتَفَقاً اى متكأ ومنزلا للاستراحة اعلم انه لا كلام فى حسن الجنة وصفة نعيمها وانما الكلام فى الاستعداد لها فالصالحات من الأعمال من الأسباب المعدة لها وهى ما كانت لوجه الله تعالى من الصوم والصلاة وسائر وجوه الخيرات: قال الشيخ سعدى قدس سره
قيامت كه بازار مينو نهند ... منازل باعمال نيكو نهند
كسى را كه حسن عمل بيشتر ... بدرگاه حق منزلت پيشتر
بضاعت بچندان كه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسار برى
كه بازار چندانكه آكنده تر ... تهى دست را دل پراكنده تر «1»
قال فى التأويلات النجمية ان لاهل الايمان والأعمال جزاء يناسب صلاحية أعمالهم وحسنها فمنها اعمال تصلح للسير بها الى الجنات وغرفها وهى الطاعات والعبادات البدنية بالنية الصالحة على وفق الشرع والمتابعة ومنها اعمال تصلح للسير الى الله تعالى وهى الطاعات القلبية من الصدق فى طلب الحق والإخلاص فى التوحيد وترك الدنيا والاعراض عما سوى الله والإقبال على الله بالكلية والتمسك بذيل ارادة الشيخ الكامل الواصل المكمل الصالح ليسلكه ولا يغتر بالأماني فان من زرع الشعير لا يحصد حنطة- حكى- ان رجلا ببلخ امر عبده ان يزرع حنطة فزرع شعيرا فرآه وقت حصاده وسأله وقال زرعت شعيرا على ظن ان ينبت حنطة فقال يا أحمق هل رأيت أحدا زرع شعيرا فحصد حنطة فقال العبد فكيف تعصى الله أنت وترجو رحمته هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت أما علمت ان الدنيا مزرعة الآخرة: قال حضرة جلال الدين الرومي قدس سره
جمله دانند اين اگر تو نكروى ... هر چهـ مى كاريش روزى بدروى
فتاب الرجل وأعتق غلامه فمن أيقظه الله عن سنة الغفلة عرف الله وكان فى تحصيل مرضاته ومرتبة العارف فوق مرتبة العابد والكرامات الكونية لا قدر لها وقد ثبت فضل ابى بكر الصديق رضى الله عنه على سائر الصحابة رضى الله عنهم حتى قيل فى شأنه ان الله يتجلى لاهل الجنة عامة ولا بي بكر خاصة مع انه لم ينقل عنه شىء من الخوارق وذلك التجلي انما هو بكرامته العلمية التي أعطاها الله إياه واحسن التحقيق بحقائقها ولاهلها جنة عاجلة قلبية فى الدنيا وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ مفعولان لا ضرب أولهما ثانيهما لانه المحتاج الى
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان يافتن عاشق معشوق را إلخ(5/244)
كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)
التفصيل والبيان اى اضرب يا محمد وبين للكافرين المتقلبين فى نعم الله والمؤمنين المكابدين لمشاق الفقر مثلا حال من رجلين مقدرين او أخوين من بنى إسرائيل قال فى الجلالين يريد ابني ملك كان فى بنى إسرائيل قال ابو حيان ويظهر من قوله فَقالَ لِصاحِبِهِ انه ليس أخاه انتهى يقول الفقير هذا ذهول عن عنوان الكلام إذ التعبير عنهما برجلين يصحح اطلاق الصاحب على الأخ وايضا أخذ الكافر بيد أخيه المسلم وإدخاله إياه جنته طائفا به فيما يأتى مما ينادى على صحة ما ادعيناه إذ لا تنافى هذه الصحبة الاخوة وكل منهما من أخص الأوصاف قالوا كان أحد الأخوين مؤمنا واسمه يهودا والاخر كافرا واسمه قطروس بضم القاف ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فتقاسماها بينهما فاشترى الكافر أرضا بألف دينار وبنى دارا بألف دينار وتزوج امرأة بألف واشترى خدما ومتاعا بألف فقال المؤمن اللهم ان أخي اشترى أرضا بألف دينار وانا اشترى منك أرضا فى الجنة فتصدق به وان أخي بنى دارا بألف دينار وانا اشترى منك دارا فى الجنة فتصدق به وان أخي تزوج امرأة بألف وانا اجعل الفا صداقا للحور فتصدق به وان أخي اشترى خدما ومتاعا بألف وانا اشترى منك الولدان المخلدين بألف فتصدق به ثم أصابته حاجة فجلس لاخيه على طريقه فمر به فى حشمه فقام اليه فنظر اليه وقال ما شأنك قال أصابتني حاجة فاتيت لتصيبنى بخير فقال وما فعلت بما لك وقد اقتسمنا مالا وأخذت شطره فقص عليه القصص قال انك إذا لمن المتصدقين بهذا اذهب فلا أعطينك شيأ فطرده ووبخه على التصدق بماله جَعَلْنا لِأَحَدِهِما وهو الكافر جَنَّتَيْنِ بستانين مِنْ أَعْنابٍ من كروم متنوعة فاطلاق الأعناب عليها مجازا ويجوز ان يكون بتقدير المضاف اى أشجار أعناب وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ اى جعلنا النخل محيطة بالجنتين ملفوفا بها كرومهما وبالفارسية [يعنى درختان خرما كرداكرد در آورديم] يقال حفه القوم إذا طافوا به اى استداروا وحففته بهم اى جعلتهم جافين حوله وهو متعد الى مفعول واحد فتزيده الباء مفعولا ثانيا مثل غشيته وغشيته به وَجَعَلْنا بَيْنَهُما وسطهما يعنى [پيدا كرديم ميان آن دو باغ] زَرْعاً ليكون كل منهما جامعا للاقوات والفواكه متواصل العمارة على الشكل الحسن والترتيب الأنيق كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها بثمرها وبلغ مبلغا صالحا للاكل وافراد الضمير فى آتت للحمل على لفظ المفرد قال الحريري ولا يثنى خبر كلا الا بالحمل على المعنى او لضرورة الشعر وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ لم تنقض من أكلها شَيْئاً كما يعهد فى سائر البساتين فان الثمار تتم فى عام واحد وتنقص فى عام غالبا وكذا بعض الأشجار تأتى بالثمر فى بعض الأعوام دون بعض وَفَجَّرْنا خِلالَهُما وشققنا فيما بين كل من الجنتين وأخرجنا وأجرينا نَهَراً على حدة ليدوم شربهما وتزيد بهاؤهما ولعل تأخير ذكر تفجير النهر عن ذكر إيتاء الاكل مع ان الترتيب الخارجي على العكس للايذان باستقلال كل من إيتاء الاكل وتفجير النهر فى تكميل محاسن الجنتين ولو عكس لانفهم ان المجموع خصلة واحدة بعضها مرتب على بعض فان إيتاء الاكل متفرع على السقي عادة وفيه ايماء الى ان إيتاء الاكل لا يتوقف على السقي كقوله تعالى يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ وَكانَ لَهُ اى لصاحب الجنتين ثَمَرٌ انواع من المال غير(5/245)
وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)
الجنتين من ثمر ماله الذي ذكر وقال لشيخ فى تفسيره بفتحتين جمع ثمرة وهى المجنى من الفاكهة وذكرها وان كانت الجنة لا تخلو عنها إيذان بكثرة الحاصل له فى الجنتين من الثمار وغيرها وقال الكاشفى وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ [همه ميوه يعنى از انگور خرما وميوهاى ديكر داشت واختصاص آنها بذكر غالبيت بوده] فَقالَ لِصاحِبِهِ أخيه المؤمن وَهُوَ اى والحال ان القائل يُحاوِرُهُ يكلمه ويراجعه الكلام من حار إذا رجع قال الكاشفى [واو مجادله مى كرد با او وسخن باز مى كردانيد انتهى] ولهذه المحاورة والمعية اطلق عليه الصاحب أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا عن محمد بن الحسن رحمه الله المال كله ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وَأَعَزُّ نَفَراً حشما وأعوانا وأولادا ذكورا لانهم الذين ينفرون معه دون الإناث والنفر بفتحتين من الثلاثة الى العشرة من الرجال ولا يقال فيما فوق العشرة يقول الفقير لاح لى هاهنا إشكال وهو انه ان حمل افعل على حقيقته فى التفضيل يلزم ان يكون الرجلان المذكوران مقدرين لا محققين أخوين لانه على تقدير التحقيق يقتضى ان لا يكون لاحدهما مال أصلا كما يفصح عنه البيان السابق وقد أنبت هاهنا الاكثرية للكافر والا قلية للمؤمن وجوابه يستنبط من السؤال والله اعلم بحقيقة الحال وَدَخَلَ صاحب الجنتين وهو قطروس جَنَّتَهُ بصاحبه يطوف به فيها ويعجبه منها ويفاخره بها وتوحيدها يعنى بعد التثنية لا تصال إحداهما بالأخرى واما لان الدخول يكون فى واحدة فواحدة وقال الشيخ أفردها ارادة للروضة وَهُوَ اى والحال انه ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ضار لها يعجب بماله وكفره بالمبدأ والمعاد وهو أقبح الظلم كأنه قيل فماذا قال إذ ذاك قالَ ما أَظُنُّ كثيرا ما يستعار الظن للعلم لان الظن الغالب يدانى العلم ويقوم مقامه فى العادات والاحكام ومنه المظنة للعلم أَنْ تَبِيدَ تفنى وتهلك وتنعدم من باد إذا ذهب وانقطع هذِهِ الجنة أَبَداً الابد الدهر وانتصابه على الظرف والمراد هنا المكث الطويل وهو مدة حياته لا الدوام المؤبد إذ لا يظنه عاقل لدلالة الحس والحدس على ان احوال الدنيا ذاهبة باطلة فلطول أمله وتمادى غفلته واغتراره بمهلته قال بمقابلة موعظة صاحبه وتذكيره بفناء جنته والاغترار بها وامره بتحصيل الباقيات الصالحات وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ اى القيامة التي هى عبارة عن وقت البعث قائِمَةً كائنة فيما سيأتى وَلَئِنْ رُدِدْتُ والله لئن رجعت إِلى رَبِّي بالبعث على الفرض والتقدير كما زعمت فليس فيه دلالة على انه كان عارفا بربه مع ان العرفان لا ينافى الإشراك وكان كافرا مشركا قال فى البرهان قال تعالى وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي وفى حم وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي لان الرد عن الشيء يتضمن كراهة المردود ولما كان فى الكهف تقديره ولئن رددت عن جنتى هذه التي أظن ان لا تبيد ابدا الى ربى كان لفظ الرد الذي يتضمن الكراهة اولى وليس فى حم ما يدل على كراهته فذكر بلفظ الرجع ليقع فى كل سورة ما يليق بها لَأَجِدَنَّ يومئذ خَيْراً مِنْها من هذه الجنة مُنْقَلَباً تمييز اى مرجعا وعاقبة ومدار هذا الطمع واليمين الفاجرة اعتقاد انه تعالى انما أولاه فى الدنيا لاستحقاقه الذاتي وكرامته عليه سبحانه وهو معه أينما توجه(5/246)
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)
ولم يدران ذلك استدراج. يعنى [مقتضاى استحقاق من آنست كه فردا بهشت بمن دهد چنانچهـ امروز اين باغ بمن داده] فقول من قال انه كريم رحيم يعطينى فى الآخرة خيرا مما أعطاني فى الدنيا وهو مخالف لا وامره ونواهيه غاية الغرور بالله تعالى كما قال يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الى قوله وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ
آتشى خوش بر فروزيم از كرم ... تا نماند جرم وزلت بيش وكم
قالَ لَهُ صاحِبُهُ اى اخوه المؤمن وهو استئناف كما سبق وَهُوَ يُحاوِرُهُ اى والحال ان القائل يخاطبه ويجادله: قال فى الإرشاد وفائدة هذه الجملة الحالية التنبيه من الأمر الاول على ان ما يتلوه كلام معتنى بشأنه مسوق للمحاورة أَكَفَرْتَ حيث قلت ما أظن الساعة قائمة فانه شك فى صفات الله وقدرته بِالَّذِي خَلَقَكَ اى فى ضمن خلق أصلك آدم عليه السلام مِنْ تُرابٍ فانه متضمن بخلقه منه إذ هو أنموذج مشتمل اجمالا على جميع افراد الجنس وهمزة الاستفهام للتقرير والإمكان بمعنى ما كان ينبغى ان تكفر ولم كفرت بمن او جدك من تراب اولا ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ اى من منى فى رحم أمك ثانيا وهى مادتك القريبة ثُمَّ سَوَّاكَ جعلك معتدل الخلق والقامة حال كونك رَجُلًا إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال قال فى القاموس الرجل بضم الجيم وسكونها معروف او انما هو إذا احتلم وشب لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي أصله لكن انا فحذفت الهمزة بنقل حركتها الى نون لكن او بدون نقل على خلاف القياس فتلاقت النونان فكان الإدغام اثبت جميع القراء الفها فى الوقف وحذفوها فى الوصل غير ابن عامر فانه أثبتها فى الوصل ايضا لتعويضها من الهمزة او لاجراء الوصل مجرى الوقف وهو ضمير الشأن مبتدأ خبره الله ربى وتلك الجملة خبر انا والعائد منها اليه ياء الضمير فى ربى والاستدراك من قوله أكفرت كأنه قال لاخيه أنت كافر بالله لكنى مؤمن موحد فوقع لكن بين جملتين مختلفتين فى النفي والإثبات وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً فيه إيذان بان كفره كان بطريق الإشراك وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ وهلا قلت عند دخول جنتك ما شاءَ اللَّهُ ما موصولة خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ما شاء الله واللام فى الأمر للاستغراق والمراد تحضيضه على الاعتراف بانها وما فيها بمشيئة الله تعالى ان شاء أبقاها على حالها عامرة وان شاء أفناها وجعلها خربة لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ اى هلا قلت ذلك اعترافا بعجزك وبان ما تيسر لك من عمارتها وتدبيرها انما هو بمعونته تعالى وأقداره وفى الحديث (من رأى شيأ فاعجبه فقال ما شاء الله لا قوة الا بالله) لم تضره العين وفى الحديث (من رأى أحدا اعطى خيرا من اهل او مال فقال عنده ما شاء الله لا قوة الا بالله لم يرفيه مكروها) وفسر النبي عليه السلام معنى لا حول ولا قوة الا بالله فقال (لا حول تحول عن معاصى الله الا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله الا بالله) وروى (انها دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهمّ) إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً أصله ان ترنى والرؤية اما بصرية فاقل حال واما علمية فهو مفعول ثان والاول ياء المتكلم المحذوفة وانا على التقديرين تأكيد للياء فَعَسى لعل رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ أصله يؤتيننى خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ هذه فى الآخرة بسبب إيماني لان الجنة الدنيوية فانية والاخروية باقية والجملة جواب الشرط وَيُرْسِلَ عَلَيْها على جنتك فى الدنيا حُسْباناً مِنَ السَّماءِ عذابا يرميها(5/247)
أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)
به من برد او صاعقة او نار قال فى القاموس الحسبان بالضم جمع حساب والعذاب والبلاء والشر والصاعقة يقول الفقير انما توقعه فى حقه لعلمه بان الكفران مؤد الى الخسران وان الاعجاب سلب للخراب كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فكلامه هذا جواب عن قول صاحبه المنكر ما أظن ان تبيد هذه ابدا فَتُصْبِحَ الإصباح هنا بمعنى الصيرورة اى تصير جنتك صَعِيداً زَلَقاً مصدر أريد به المفعول مبالغة اى أرضا ملساء يزلق عليها بملا صقتها باستئصال نباتها وأشجارها وجواز القرطبي ان تكون زلقا من زلق رأسه اى حلقه والمراد انه لا يبقى فيها نبات كالرأس المحلوق فزلقا بمعنى مزلوق ايضا أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً اى غاثرا فى الأرض ذاهبا لا تناله الأيدي ولا الدلاء فاطلق هذا المصدر مبالغة فَلَنْ تَسْتَطِيعَ تقدير إبداله لَهُ اى للماء الغائر طَلَباً فضلا عن وجدانه ورده قال فى الجلالين لا يبقى له اثر تطلبه به وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ عطف على مقدر كأنه قيل فوقع بعض توقعه من المحذور وأهلك أمواله المعهودة التي هى جنتاه وما حوتاه مأخوذ من أحاط به العدو لانه إذا أحاط به فقد غلبه واستولى عليه فيهلكه فَأَصْبَحَ صار يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ظهر البطن تأسفا وتحسرا كما هو عادة النادمين فان النادم يضرب يديه واحدة على الاخرى قال فى بحر العلوم تقليب الكفين وعض الكف والأنامل واليدين وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الندم والحسرة لانها من روادفها فتطلق الرادفة على المردوف فيرتقى الكلام به الى الذروة العليا ويزيد الحسن بقبول السامع ولانه فى معنى الندم عدى تعديته بعلى كأنه قيل فاصبح يندم عَلى ما أَنْفَقَ [بر آن چيزى خرج نموده بود أول] فِيها فى عمارتها من المال: وفى المثنوى
بر كذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست «1»
ولعل تخصيص الندم به دون ما هلك الآن من الجنة لما انه انما يكون على الافعال الاختيارية يقول الفقير الظاهر ان الانفاق انما هو لتملكها فالتحسر على ما له مغن عن التحسر على الجنة لانها بدله وهذا شائع فى العرف كما يقول بعض النادمين قد صرفت لهذا كذا وكذا مالا وقد آل عمره الى الهلاك متحسرا على المال المصروف وَهِيَ اى الجنة من الأعناب المحفوفة بنخل خاوِيَةٌ خالية ساقطة يقال خوت الدار خويا تهدمت وخلت من أهلها عَلى عُرُوشِها دعائمها المصنوعة للكروم سقطت عروشها على الأرض وسقط فوقها الكروم وتخصيص حالها بالذكر دون النخل والزرع لكونها العمدة قيل أرسل الله عليها نارا فاحرقتها وغار ماؤها وَيَقُولُ عطف على يقلب يا لَيْتَنِي [كاشكى من] لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً كأنه تذكر موعظة أخيه وعلم انه انما اتى من جهة الشرك فتمنى انه كان موحدا غير مشرك حين لم ينفعه التمني ولما كان رغبته فى الايمان لطلب الدنيا لم يكن قوله هذا توبة وتوحيدا لخلوه عن الإخلاص قال ابن الشيخ فى سورة الانعام الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة لكونه ايمانا وطاعة اما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيدة انتهى: وفى المثنوى
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان حكايت آن شخص كه بوقت استنجا كفت إلخ(5/248)
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)
آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود «1»
چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و؟ پير؟ خرد ... بانك لو ردوا لعادوا ميزند
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ جماعة يَنْصُرُونَهُ يقدرون على نصره بدفع الهلاك او على رد المهلك والإتيان بمثله مِنْ دُونِ اللَّهِ فانه القادر وحده على نصره بذلك لا غير لكنه لا ينصره لاستحقاقه الخذلان بكفره ومعاصيه وَما كانَ مُنْتَصِراً ممتنعا بقوته عن انتقامه سبحانه هُنالِكَ اى فى ذلك المقام وتلك الحال [در وقت زوال نعمت] الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ اى النصرة له تعالى وحده لا يقدر عليها أحد وهو تقرير لقوله تعالى وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ او ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة وينتقم لهم كما نصر بما فعل بالكافر أخاه المؤمن وحقق ظنه وترك عدوه مخذولا مقهورا ويؤيده قوله تعالى هُوَ اى الله تعالى خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً بمعنى العاقبة اى لاوليائه قال سعدى المفتى وعقبى يشمل العاقبة الدنيوية ايضا كما لا يخفى قال فى الجلالين أفضل ثوابا ممن يرجى ثوابه وعاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره واعلم ان هذه القصة مشتملة على فوائد كثيرة وأعظمها ان التوحيد وترك الدنيا سبب للنجاة فى الدارين والشرك وحب الدنيا سبب للهلاك فيهما وعن وهب بن منبه انه قال جمع عالم من علماء بنى إسرائيل سبعين صندوقا من كتب العلم كل صندوق سبعون ذراعا فاوحى الله تعالى الى نبى ذلك الزمان ان قل لهذا العالم لا تنفعك هذه العلوم وان جمعت أضعافا مضاعفة مادام معك ثلاث خصال حب الدنيا ومرافقة الشيطان وإيذاء مسلم وذلك ان فرعون علم نبوة موسى عليه السلام ولكن منعه حب الدنيا والرياسة عن المتابعة فلم ينفعه علمه المجرد وكذا علم إبليس حال آدم عليه السلام واليهود حال نبينا صلى الله عليه وسلم وما سعدوا بمجرد علمهم وما وجدوا خير عاقبة ولو عملوا بما وعظوا لنجوا وفى المثنوى
كر چهـ ناصح را بود صد داعيه ... پند را اذنى ببايد واعيه «2»
تو بصد تلطيف پندش مى دهى ... او ز پندت ميكند پهلو تهى
يك كس نا مستمع ز استيز ورد ... صد كس كوينده را عاجز كند
ز انبيا ناصح تر وخوش لهجه تر ... كى بود كه رفت دمشان در حجر
ز انكه كوه وسنك در كار آمدند ... مى نشد بدبخت را بگشاده بند
آنچنان دلها كه بدشان وما ومن ... نعتشان شد بل أشد قسوة
ألا يرى لم ينجع فيه وعظ أخيه المسلم لزيادة قسوة قلبه فآلت عاقبته الى الندامة وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا اى اذكر لقومك وبين ما يشبهها فى زهرتها ونضارتها وسرعة زوالها لئلا يطمئنوا ولا يعكفوا عليها ولا يعرضوا عن الآخرة بالكلية كَماءٍ استئناف لبيان المثل اى هى كماء أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ [از سحاب يا از جانب سما] ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء وحده بل بمجموع ما فى حيز الاداة فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ التف
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عهد كردن أحمق وقت كرفتارى إلخ
(2) در اواسط دفتر پنجم در بيان قصه اهل ضروان وحسد ايشان بر درويشان كه پدر ما از سليمى اغلب دخلى باغ را مسكينان مى داد إلخ(5/249)
وتكاثف بسببه حتى خالط بعضه بعضا يعنى [قوت كرفت ونشو ونماى خود بكمال رسانيد وزمين بدو تازه وخرم شد] فَأَصْبَحَ فصار ذلك النبات الملتف اثر بهجته هَشِيماً مهشوما مكسورا ليبسه من الهشم وهو كسر الشيء الرخو تَذْرُوهُ الرِّياحُ تحمله وتفرقه يقال ذرت الريح الشيء وأذرته وذرته اطارته وأذهبته وذرا هو بنفسه والحنطة نقاها فى الريح كما فى القاموس وهذه الآية مختصرة من قوله إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ الآية قال الكاشفى [همچنين آدمي بزندكى وتازكى كه دارد خوش بر آيد همچنين كه نامه عمر از عنفوان بپايان رسد مقتضى أجل در آمده نهال نهاد او را بصر صرفنا خشك سازد وخرمنهاى از وآرزو را بباد نيستى بر دهد]
بهار عمر بسى دلفريب ورنكينست ... ولى چهـ سود كه دارد خزان مرك از پى
وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الإنشاء والإبقاء والافناء وغير ذلك مُقْتَدِراً قادرا على الكمال لا يعجزه شىء فعلى العاقل ان لا يغتر بالحياة الدنيا فانها فانية ولو طالت مدتها وزائلة ولو أعجبت زينتها: قال الشيخ سعدى قدس سره
چوشيبت در آمد بروى شباب ... شبت روز شد ديده بر كن ز خواب
دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز
فرو رفت جم را يكى نازنين ... كفن كرد چون كرمش ابريشمين
بدخمه در آمد پس از چند روز ... كه بر وى بگريد بزارى وسوز
چو پوشيده ديدش حرير كفن ... بفكرت چنين كفت با خويشتن
من از كرم بر كنده بودم بزور ... بكندند از وباز كرمان كور
دريغا كه بي ما بسى روزكار ... برويد كل وبشكفد نو بهار
واعلم ان الذي أدركته العناية الازلية بعد تعلق الروح بالجسد كتعلق الماء بالأرض فيبعث الله اليه دهقانا من دهاقين الأولياء والأنبياء ومعه بذر الايمان والتوحيد ليلقيه بيد الدعوة وتبليغ الرسالة فى ارض نفسه فيقع منها فى تربة طيبة وهى القلب كما ضرب الله تعالى مثلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وكقوله وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فينبت عن بذر التوحيد وهى كلمة لا اله الا الله شجرة الايمان بماء الشريعة فيعلوبه الروح من أسفل سافلين الانسانية الى أعلى درجات الروحانية واقرب منازل قربات الربانية كقوله تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ والله تعالى قادر على ان يخذله وينفيه فى أسفل سافلين الجسمانية الحيوانية ليصير الروح العلوي كالانعام بل هو أضل وعلى ان يجذبه بجذبات العناية الى أعلى عليين مراتب القرب ليكون مسجودا لملائكة المقربين: قال المولى الجامى سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند نسأل الله تعالى ان يجذبنا بسلاسل محبته ويجعلنا من اهل طاعته وقربته قال وهب رأيت فى بعض الكتب الدنيا غنيمة الا كياس وغفلة الجهال فالانبياء والأولياء صلوات الله عليهم كانوا فى الدنيا ولم يلتفتوا إليها ولم يرغبوا فيها قالوا ليس كل من دخل المحبس يكون محبوسا(5/250)
فيه بل ربما دخله لا خراج المحبوس واستنقاذ المأسور فالنفوس النبوية ومن يتبعها انما وردت الى عالم الكون والفساد لاستنقاذ النفوس المحبوسة المأسورة فكما ان المحبوس إذا اتبع ذلك الداخل خرج ونجا فكذلك من اتبع الأنبياء فى سننهم ومناهجهم خرج ونجا الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا الزينة مصدر فى الأصل اطلق على المفعول مبالغة كأنهما نفس الزينة والمعنى ان ما يفتخر به الناس لا سيما رؤساء العرب من المال والبنين شىء يتزينون به فى الحياة الدنيا ويفنى عنهم عن قريب. وبالفارسية [مال و پسران آرايش زندكانئ دنيا آمدند توشه راه معاد چهـ باندك زمانى تلف وهدف زوال خواهد شد] وفى المثنوى
همچنين دنيا اگر چهـ خوش شكفت ... بانك هم زد بيوفايئ خويش كفت
كون مى كويد بيا من خوش پى ام ... وان فسادش كفت رو من لا شى أم
اى ز خوبئ بهاران لب كزان ... بنكر آن سردى وزردئ خزان
كودكى از حسن شد مولاى خلق ... بعد فردا شد خرف رسواى خلق
وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ الباقيات اسم لاعمال الخير لا وصف ولذا لم يذكر الموصوف اى اعمال الخير التي تبقى ثمراتها ابد الآباد من الصلاة والصوم واعمال الحج وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ونحو ذلك من الكلم الطيب- روى- انه عليه السلام خرج على قومه فقال (خذوا جنتكم) قالوا يا رسول الله أمن عدو حضر قال (لا بل من النار) قالوا وما جنتنا من النار قال (سبحان الله) الى آخر الكلمات قال الكاشفى [بعض علما برانند كه باقيات صالحات بنات است كه بحكم هن ستر من النار سبب خلاص والدين باشند] وفى الحديث (من ابتلى) الابتلاء هو الامتحان لكن اكثر استعمال الابتلاء فى المحن والبنات مما تعد منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور (من هذه البنات بشئ) من بيانية مع مجرورها حال من شىء (فاحسن إليهن) فسر الشارح هنا الإحسان بالتزويج بالاكفاء لكن الاوجه ان يعمم الإحسان (كن له سترا من النار) لان احتياجهن اليه كان اكثر حال الصغر والكبر فمن يسترهن بالإحسان يجازى بالستر من النيران كما فى شرح المشارق لابن الملك خَيْرٌ من الفانيات الفاسدات من المال والبنين عِنْدَ رَبِّكَ اى فى الآخرة ثَواباً عائدة تعود الى صاحبها وَخَيْرٌ أَمَلًا رجاء حيث ينال بها صاحبها فى الآخرة كل ما كان يؤمله فى الدنيا واما مامر من المال والبنين فليس لصاحبه امل يناله والآية تزهيد للمؤمنين فى زينة الحياة الدنيا الفانية وتوبيخ للمفتخرين بها قال بعضهم لا ينجو من زينة الحياة الدنيا الا من كان باطنه مزينا بانوار المعرفة وضياء المحبة ولمعان الشوق وظاهره مزينا بآداب الخدمة وشرف الهمة وعلو النفس وتغلب زينة باطنه زينة حب الدنيا شوقا منه الى ربه وتغلب زينة ظاهره زينة الدنيا لان زينتها ازين وعن الضحاك عن النبي عليه السلام انه قيل يا رسول الله من ازهد الناس قال (من لم ينس القبر والبلى وترك فضول زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد من أيامه غدا وعد نفسه من الموتى) وفى الحديث (قال الله تعالى يفرح عبدى المؤمن إذا بسطت له شيئا من الدنيا وذلك ابعد له منى ويحزن إذ اقترت عليه الدنيا وذلك اقرب له منى) ثم تلا عليه السلام هذه الآية يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ(5/251)
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)
ان ذلك فتنة لهم: قال الشيخ سعدى
يكى پارسا سيرت وحق پرست ... فتادش يكى خشت زرين بدست
همه شب در انديشه كين كنج ومال ... در وتازيم ره نيابد زوال
دكر قامت عجزم از بهر خواست ... نيايد بر كس دو تا كرد وراست
سرايى كنم پاى بستش رخام ... درختان سقفش همه عود خام
يكى حجره خاص از پى دوستان ... در حجره اندر سرا بوستان
بفرسودم از رقعه بر رقعه دوخت ... تف ديكران چشم ومغزم بسوخت
ديكر زير دستان برندم خورش ... براحت دهم روح را پرورش
بسختى بكشت اين نمد پسترم ... روم زين سپس عبقرى كسترم
خيالش حزف كرد وكاليوه رنك ... بمغزش فرو برده خرچنك چنك
فراغ مناجات وزارش نماند ... خور وخواب وذكر ونمازش نماند
بصحرا در آمد سر از عشوه مست ... كه جايى نبودش قرار نشست
يكى بر سر كور كل ميسرشت ... كه حاصل كند زان كل كور خشت
بانديشه لختى فرو رفت پير ... كه اى نفس كوته نظر پند كير
چهـ پندى درين خشت زرين دلت ... كه يك روز خشتى كنند از كلت
تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال
بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ اى اذكر حين نقلعها من أماكنها وتسير فى الجو على هيآتها او تسير اجزاؤها بعد از نجعلها هباء منبثا والمراد بتذكيره تحذير المشركين مما فيه من الدواهي وَتَرَى يا محمد او يأكل من يصلح للرؤية الْأَرْضَ جميع جوانبها بارِزَةً ظاهرة ليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا نبات وَحَشَرْناهُمْ جمعنا اهل الايمان والكفر الى الموقف من جانب فَلَمْ نُغادِرْ لم نترك مِنْهُمْ أَحَداً تحت الأرض يقال غادره واغدره إذا تركه ومنه الغدر الذي هو ترك الوفاء والغدير ما غاره السيل وتركه فى الأرض الغائرة عُرِضُوا
اى الخلائق يوم القيامة يعنى المحشورين لى رَبِّكَ
على حكمه وحسابه فًّا
مفرد منزل منزلة الجمع كقوله تعالى ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا اى أطفالا والمعنى صفوفا يقف بعضهم وراء بعض غير متفرقين ولا مختلطين شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان ليحكم فيهم بما أراد لا ليعرفهم قَدْ جِئْتُمُونا
اى فيقال لهم ثمة لقد جئتمونا كائنين ما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
حفاة عراة لا شىء من المال والولد وعن عائشة رضى الله عنها قلت يا رسول الله كيف يحشر الناس يوم القيامة قال (عراة حفاة) قلت والنساء قال (نعم) قلت يا رسول الله نستحيى قال (يا عائشة الأمر أشد من ذلك لن يهمهم ان ينظر بعضهم الى بعض) وفى التأويلات عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا
اى صفا صفا من الأنبياء والأولياء والمؤمنين والكافرين والمنافقين ويقال لهم قَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
فى(5/252)
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
خمسة صفوف صف من الأنبياء وصف من الأولياء وصف من المؤمنين وصف من الكافرين وصف من المنافقين لْ زَعَمْتُمْ
ايها الكافرون المنكرون للبعث والزعم الادعاء بالكذب ان مخففة من الثقيلةلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً
بل للخروج والانتقال من قصة الى اخرى كلاهما للتوبيخ والتقريع اى زعمتم فى الدنيا انه لن نجعل لكم ابدا وقتا ننجز فيه ما وعدناه على ألسنة الأنبياء من البعث وما يتبعه والآية تشير الى عزته تعالى وعظمته واظهار شظية من صفة جلاله وقهره وآثار عدله لينتبه النائمون من نوم غفلتهم ويتأهب الغافلون بأسباب النجاة لذلك اليوم ويصلحوا امر سريرتهم وعلانيتهم لخطاب الحق تعالى وجوابه إذ اليه المرجع والمآب والعرض على الله هو العرض الأكبر ليس كعرض على الملوك قال عتبة الخواص بات عندى عتبة الغلام فبكى حتى غشى عليه فقلت ما يبكيك قل ذكر العرض على الله قطع او صل المحبين- حكى- ان سليمان بن عبد الملك وهو سابع خلفاء المروانية قال لابى حازم مالنا نكره الآخرة قال لانكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة فتكرهون الانتقال من العمران الى الخراب فقال صدقت يا أبا حازم فيا ليت شعرى مالنا عند الله تعالى غدا قال ان شئت تعلم ذلك ففى كتاب الله فقال اين أجده فقال فى قوله إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال فكيف يكون العرض على الله تعالى فقال اما المحسن فكالغائب يقدم على اهله مسرورا واما المسيئ فكالآبق يقدم على مولاه محسورا فبكى سليمان بكاء شديدا: قال الشيخ سعدى قدس سره
نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب چشمش بسى
كر آيينه از آه كردد سياه ... شود روشن آيينه دل زآه
بترس از كناهان خويش اين نفس ... كه روز قيامت نترسى ز كس
پليدى كند كربه در جاى پاك ... چوزشتش نمايد بپوشد بخاك
تو آزادى از ناپسنديدها ... نترسى كه بر وى فتد ديدها
بر انديش از بنده پر كناه ... كه از خواجه غائب شود چند كاه
اگر باز كردد بصدق ونياز ... بزنجير وبندش نيارند باز
- روى- عن الفضيل بن عياض رحمه الله انه قال انى لا أغبط ملكا مقربا ولانبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى احوال القيامة وشدائدها وذلك لان من عاين الأمر على ما هو عليه اشتد خوفه ولم ير لنفسه حالا ولا مقاما مع ان المرأ لا يخلو عن اسباب منجية ومهلكة فأى الرجال المهذب- روى- ان عمر رضى الله عنه رؤى بعد موته بثنتى عشرة سنة وهو يمسح جبينه ويقول كنت فى الحساب الى الآن وقد نوقشت فى جدى سقط من جسر مكسور فانكسرت رجله على انى لم أجرم له ولم أصلح الجسر حتى سقط الجدى ولكن غفر الله لى وعفا عنى بسبب عصفور اشتريته من صبى فارسله وَوُضِعَ الْكِتابُ عطف على عرضوا داخل تحت الأمور الهائلة التي أريد تذكيرها بتذكير وقتها وضع صحف الأعمال فى ايمان أصحابها وشمائلها او فى الميزان فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ قاطبة مُشْفِقِينَ خائفين(5/253)
مِمَّا فِيهِ من الذنوب ومن ظهورها لاهل الموقف
شد سيه چون نامهاى تعزيه ... بر معاصى متن نامه حاشيه
جمله فسق ومعصيت بد يكسرى ... همچودار الحرب پر از كافرى
آنچنان نامه پليد و پر وبال ... در يمين نايد در آمد در شمال
خود همينجا نامه خود را ببين ... دست چب را شايد آن در يمين
چون نباشى راست مى دان كه چبى ... هست پيدا نعره شير وكبى
كر چپى با حضرت او راست باش ... تا ببينى دست برد لطفهاش
وَيَقُولُونَ عند وقوفهم على تضاعيفه نقيرا وقطميرا تعجبا من شأنه يا وَيْلَتَنا منادين لهلكتهم التي هلكوا بها من بين الهلكات مستدعين لها ليهلكوا ولا يروا هول ما لا قوه فان الويل والويلة الهلكة اى يا هلكتنا احضرى وتعالى فهذا أوانك مالِ هذَا الْكِتابِ قال البقاعي رسم لام الجر وحده اشارة الى انهم صاروا من قوة الرعب وشدة الكرب يقفون على بعض الكلمة اى أىّ شىء له حال كونه لا يُغادِرُ لا يترك صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً من الزلل تصدر عن جانيها إِلَّا أَحْصاها حواها وضبطها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة وعن سعيد بن جبير الصغيرة المسيس والكبيرة الزنا وفى التأويلات النجمية الصغيرة كل تصرف فى شىء بالشهوة النفسانية وان كان من المناجاة والكبيرة التصرف فى الدنيا على حبها وان كان من حلالها لان حب الدنيا رأس كل خطيئة انتهى وفى الحديث (إياكم ومحقرات الذنوب فان محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى طبخوا اخبزتهم) وفى الحديث (إياكم ومحقرات الذنوب فانها تجيئ يوم القيامة كامثال الجبال وكفارتها الصدقة) وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا فى الدنيا من السيئات او جزاء ما عملوا حاضِراً مثبتا فى كتابهم وفى التأويلات لانهم كتبوا صالح أعمالهم بقلم أفعالهم فى صحائف قلوبهم وسوء أعمالهم فى صحائف نفوسهم وقد يوجد عكس ما فى هذه الصحائف على صفحات الأرواح نورانيا او ظلمانيا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً فيكتب ما لم يعمل من السيئات او يزيد فى عقابه الملائم لعمله فيكون إظهارا لمعدلة القلم الأزلي وفى التأويلات فان كان النور غالبا على صفحة روحه فهو من اهل الجنة وان كانت الظلمة غالبة عليها فهو هالك ومن لا يشوب نوره بالظلمة فهو من اهل الدرجات والقربات ومن أدركته الجذبات وبدلت سيآته بالحسنات واخرج الى النور الحقيقي من الظلمات فهو فى مقعد صدق عند مليك مقتدر انتهى فعليك بالحسنات والكف عن السيئات فان كل أحد يجد ثمرة شجرة اعماله عن عائشة رضى الله عنها انها كانت جالسة ذات يوم إذ جاءت امرأة قد سترت يدها فى كمها فقالت عائشة مالك لا تخرجين يدك من كمك قالت لا تسألينى يا أم المؤمنين انه كان لى أبوان وكان ابى يحب الصدقة واما أمي فكانت تبغض الصدقة فلم ارها تصدقت بشئ إلا قطعة شحم وثوبا خلقا فلما ماتا رأيت فى المنام قد قامت القيامة ورأيت أمي قائمة بين الخلق واضعة الخلقان على عورتها ورأيت الشحم بيدها وهى تلحسه وتنادى واعطشاه(5/254)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)
ورأيت ابى على شفير الحوض وهو يسقى الماء ولم يكن عند ابى صدقة أحب اليه من سقى الماء فأخذت قدحا من ماء فسقيت أمي فنوديت من فوق ألا من سقاها شلت يده فاستيقظت وقد شلت يدى: قال الحافظ قدس سره
دهقان سال خورده چهـ خوش گفت با پسر ... اى نور چشم من بجز از كشته ندروى
قال الشيخ سعدى قدس سره
كنون وقت تخمست اگر پرورى ... گر اميدوارى كه خرمن برى
بشهر قيامت مرو تنگدست ... كه وجهى ندارد بغفلت نشست
مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اى اذكر وقت قولنا لهم اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة وكان ذلك مشروعا فى الأمم السالفة ثم نسخ بالسلام فَسَجَدُوا جميعا غير الأرواح العالية امتثالا للامر وانما لم يسجد الملائكة العالون لانهم لم يؤمروا بالسجود وقد سبق فى سورة الحجر إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد بل ابى واستكبر وكأنه قيل ما باله لم يسجد فقيل كانَ مِنَ الْجِنِّ اى كان أصله جنيا خلق من نار السموم ولم يكن من الملائكة وانما صح الاستثناء المتصل لانه امر بالسجود معهم فغلبوا عليه فى قوله فَسَجَدُوا ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا كقولك خرجوا الا فلانة لامرأة بين الرجال قال فى كتاب التكملة قيل ان المراد بقوله كانَ مِنَ الْجِنِّ اى كان أول الجن لان الجن منه كما ان آدم من الانس لانه أول الانس وقيل انه كان بقايا قوم يقال لهم الجن كان الله تعالى قد خلقهم فى الأرض قبل آدم فسفكوا الدماء وقاتلتهم الملائكة وقيل انه كان من قوم خلقهم الله وقال لهم اسجدوا لآدم فابوا فبعث الله عليهم نارا أحرقتهم ثم خلق هؤلاء بعد ذلك فقال لهم اسجدوا لآدم ففعلوا وابى إبليس لانه كان من بقية أولئك الخلق قال البغوي كان اسمه عزازيل بالسريانية وبالعربية الحارث فلما عصى غير اسمه وصورته فقيل إبليس لانه ابلس من الرحمة اى يئس والعياذ بالله تعالى فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ اى خرج عن طاعته فالامر على حقيقته جعل عدم امتثاله للامر خروجا عنه ويجوز ان يكون المراد المأمور به وهو السجود والفاء للسببية لا للعطف اى كونه من الجن سبب فسقه ولو كان ملكا لم يفسق عن امر ربه لان الملك معصوم دون الجن والانس قال فى التأويلات النجمية فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وخلع قلادة التقليد عن عنقه ليعلم ان الأصيل لا يخطئ وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان كما ان البعرة تشابه المسك وتعارضه فى الصورة فلما امتحنا بالنار تبين المقبول من المردود والمبغوض من المودود: وقال الحافظ قدس سره
خوش بود اگر محك تجربه آمد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد
أَفَتَتَّخِذُونَهُ الهمزة للانكار والتعجب والفاء للتعقيب اى عقيب علمكم يا بنى آدم بصدور الفسق عن إبليس تتخذونه وَذُرِّيَّتَهُ اى أولاده واتباعه جعلوا ذريته مجازا قال الكاشفى [كويند بمعنى اتباع وتسميه ايشان بذريت از قبيل مجاز بود واكثر برانند(5/255)
مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)
كه او ز ذريت نيست] قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى وسيأتى الكلام على هذا أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي فتستبدلونهم بي فتطيعونهم بدل طاعتى اى ذلك الاتخاذ منكر غاية الإنكار حقيق بان يتعجب منه ومعنى الاستبدال منهم من قوله من دونه فان معناه مجاوزين عنى إليهم وهو عين الاستبدال وَهُمْ اى والحال ان إبليس وذريته لَكُمْ عَدُوٌّ اى اعداء فحقهم ان تعادوهم لا ان توالوهم شبه بالمصادر للموازنة كالقبول بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا من الله إبليس وذريته تمييز ما أَشْهَدْتُهُمْ اشارة الى غناه تعالى عن خلقه ونفى مشاركتهم فى الالوهية اى ما أحضرت إبليس وذريته خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لاعتضد بهم فى خلقهما وأشاورهم فى تدبير أمرهما حيث خلقتهما قبل خلقهم وفيه رد لمن يدعى ان الجن يعلمون الغيب لانهم لم يحضروا خلق السموات والأرض حتى يطلعوا على مغيباتهما وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ولا أشهدت بعضهم خلق بعضهم كقوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ اى الشياطين الذين يضلون الناس عن الدين والأصل متخذهم فوضع المظهر موضع المضمر ذما لهم وتسجيلا عليهم بالإضلال عَضُداً أعوانا فى شأن الخلق وفى شأن من شؤونى حتى يتوهم شركتهم فى التولي بناء على الشركة فى بعض احكام الربوبية قال فى القاموس العضد الناصر والمعين وهم عضدى وأعضادي انتهى اعلم ان الله تعالى منفرد فى الالوهية والكل مخلوق له وقد خلق الملائكة والجن والانس فباين بينهم فى الصورة والاشكال والأحوال قال سعيد بن المسيب الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون والجن يتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون والشياطين ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون فى الدنيا كما خلد فيها إبليس وإبليس هو ابو الجن وقيل انه يدخل ذنبه فى دبره فيبيض بيضة فتفلق البيضة عن جماعة من الشياطين قال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام سمى من ولد إبليس فى الحديث الاقبص دهامة بن الاقبص وسمى منهم بلزون وهو الموكل بالأسواق وأمهم طرطبة ويقال بل هى حاضنتهم ذكره النقاش باضت ثلاثين بيضة عشرا فى المشرق وعشرا فى المغرب وعشرا فى وسط الأرض وانه خرج من كل بيضة جنس من الشياطين كالعفاريت والغيلان والقطاربة والجان واسماؤهم مختلفة وكلهم عدو لنبى آدم بنص هذه الآية الا من آمن منهم انتهى قال الكاشفى [در تبيان آورده كه چون حق سبحانه وتعالى إبليس را برانداز پهلوى چپ او زوجه او را كه آوه نام دارد بيافريد واو را بشمار ريكهاى بيابان فرزندانند واز أولاد او يكى مره است كنيت بدو يافته است وديگر القيس موسوس صلوات و «ولهان» بالتحريك موسوس طهارتست يعنى «الولهان شيطان يولع الناس بكثرة استعمال الماء ويضحكهم عند الوضوء» وامام احمد غزالى رحمه الله در أربعين آورده كه شيطان را چند فرزند است وباتفاق زلنبور از أولاد او صاحب اسواقست كه بدروغ وكم فروشى وخيانت وسوسه ميكند وأعول صاحب أبواب زنانست يعنى «صاحب الزنى الذي يأمر به ويزينه» وثبر صاحب مصائب كه بثبور ونوحه وشق جيوب ولطم خدود ودعوى الجاهلية ميفرمايد وميسوط صاحب اراجيفست(5/256)
يعنى «صاحب الكذب الذي يسمع فيلقى الرجل فيخبر بالخبر فيذهب الرجل الى القوم فيقول لهم قد رأيت رجلا اعرف وجهه ما أدرى ما اسمه حدثنى بكذا وكذا» واسم با خورنده طعام كه بسم الله نكفته باشد شركت ميكند] وفى آكام المرجان داسم هو الذي يدخل مع الرجل واهله يريه العيب فيهم ويغضبه عليهم [ومدهيش موكل علما است كه ايشانرا بر اهواء مختلفه ميدارد] ثم فى الآيتين إشارات منها ما يتعلق بالله تعالى أراد ان يظهر صفة لطفه وصفة قهره وكمال قدرته وحكمته فاظهر صفة لطفه بآدم إذ خلقه من صلصال من حمأ مسنون وامر ملائكته الذين خلقوا من النور بسجوده من كمال لطفه وجوده واظهر صفة قهره بإبليس إذ امره بسجوده لآدم بعد ان كان رئيس الملائكة ومقدمهم ومعلمهم وأشدهم اجتهادا فى العبادة حتى لم يبق فى سبع السموات ولا فى سبع الأرضين موضع شبر الا وقد سجد لله تعالى عليه سجدة حتى امتلأ من العجب بنفسه حتى لم ير أحدا
فابى ان يسجد لآدم استكبارا وقال انا خير منه فلعنه الله وطرده إظهارا للقهر واظهر كمال قدرته وحكمته بان بلغ من غاية القدرة والحكمة من خلق من قبضة تراب ظلمانى كثيف سفلى الى مرتبة يسجد له جميع الملائكة المقربين الذين خلقوا من نور علوى لطيف روحانى ومنها ما يتعلق بآدم عليه السلام وهو انه تعالى لما أراد ان يجعله خليفة فى الأرض أودع فى طينته عند تخميرها بيده أربعين صباحا سر الخلافة وهو استعداد قبول الفيض الإلهي بلا واسطة وقد اختصه الله وذريته بهذه الكرامة بقوله وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ من بين سائر المخلوقات كما اخبر عليه السلام عن كشف قناع هذا السر بقوله (ان الله خلق آدم فتجلى فيه) ولهذه الكرامة صار مسجودا للملائكة المقربين:
قال الحافظ قدس سره
فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخواه جام وگلابى بخاك آدم ريز
ومنها ما يتعلق بالملائكة وهو انهم لما خلقوا من النور الروحاني العلوي كان من طبعهم الانقياد لا وامر الله تعالى والطاعة والعبودية فلما أمروا بسجود آدم وامتحنوا به وذلك غاية الامتحان لان السجود أعلى مراتب العبودية والتواضع لله فاذا امتحن أحد ان يسجد لغير الله فذلك غاية الامتحان للامتثال فلم يتلعثموا فى ذلك وسجدوا لآدم بالطوع والرغبة من غير كره واباء امتثالا وانقيادا لا وامر الله كما قال لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ومنها ما يتعلق بإبليس وهو انه لما خلق للضلالة والغواية والإضلال والإغواء خلق من النار وطبعها الاستعلاء والاستكبار وان نظمه الله فى سلك الملائكة منذ خلقه وكساه كسوة الملائكة وهو قد تشبه بأفعالهم تقليدا لا تحقيقا حتى عد من جملتهم وذكر فى زمرتهم بل زاد عليهم فى الاجتهاد والاعتياد بالاعتقاد فاتخذوه رئيسا ومعلما لما رأوا منه اشتداده فى الاجتهاد بالاراءة دون الارادة فلما امتحن بسجود آدم فى جملة الملائكة هبت نكباء النكبة وانخلع عنه كسوة اهل الرغبة والرهبة ليميز الله الخبيث من الطيب فطاشت عنه تلك المخادعات وتلاشت منه تلك المبادرات وعاد الميشوم الى طبعه وقد تبين الرشد من غيه فسجد الملائكة وابى إبليس واستكبر من غيه وظهر انه كان من الجن وانه طبع كافرا: قال الحافظ قدس سره
زاهد ايمن مشو از بازئ غيرت زنهار ... كه ره از صومه تا دير مغان اين همه نيست(5/257)
وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
ومنها ان فى أولاد آدم من هو فى صورة آدم لكنه فى صفة إبليس وانهم شياطين الانس واماراتهم انهم يتخذون إبليس وذريته اولياء من دون الله فيطيعون الشيطان ولا يطيعون الرحمن ويتبعون ذرية الشيطان ولا يتبعون ذرية آدم من الأنبياء والأولياء ولا يفرقون بين الأولياء والأعداء فبجهلهم يظلمون على أنفسهم ويبدلون الله وهو وليهم بالشياطين وهم لهم عدو واولياء الله تعالى هم الذين لا يبدلون الله تعالى بما سواه ويتخذون ما سواه عدوا كما قال ابراهيم خليل الله فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ لانه رأى صحة الخلة مع الله فى صحة العداوة مع ما سواه ومنها ان اخباره تعالى بانه ما اشهد الشياطين خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم دليل على انه يشهد بعض أوليائه على ما لم يشهد أعداءه فيبصر بنوره الأزلي ابتداء تعلق قدرته ببعض الأشياء المعدومة وكيفية إخراجها من العدم الى الوجود واما قول اهل النظر لا يبحث عن كيفية وجود الباري تعالى وكيفية تعلق القدرة بالمعدومات وكيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك فلا ينافيه إذ المستبعد عند العقل الجزئى مستقرب عند الكشف الكلى وكلامنا مع اهل الكشف لا مع غيره: قال الصائب
سخن عشق با خرد گفتن ... بررك مرده نيشتر زدنست
وفى المثنوى
اى كه برد عقلى هديه با اله ... عقل اينجا كمترست از خاك راه
وَيَوْمَ يَقُولُ اى يوم يقول الله للكفار توبيخا وتعجيزا وهو يوم القيامة وقال بعضهم يقول على ألسنة الملائكة يقول الفقير الأظهر هو الاول لانه قد ثبت ان الله تعالى يتجلى يوم القيامة للخلق مسلمهم وكافرهم بصورشتى حتى يرونه بحسب ما اعتقدوه فى هذه الدار فلا يبعد كلامه معهم ايضا لانه كلام بالعيب والتوبيخ لا بالرضى والتشريف كما كلم إبليس بعد اللعن والطرد على ما سبق فى سورة الحجر ونحوها نادُوا شُرَكائِيَ أضافهم اليه على زعمهم تهكما بهم وتقريعا لهم الَّذِينَ زَعَمْتُمْ ادعيتم انهم شفعاؤكم ليشفعوا لكم والمراد بهم كل من عبد من دونه تعالى فَدَعَوْهُمْ اى نادوهم للاعانة ذكر كيفية دعوتهم فى آية اخرى قالوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ فلم يغيثوهم اى لم يدفعوا عنهم ضرا ولا أوصلوا إليهم نفعا إذ لا إمكان لذلك فهو لا ينافى اجابتهم صورة ولفظا كما قال حكاية عن الأصنام انها تقول ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ وفيه اشارة الى ان امتثال او امره ونواهيه ينفع العبد إذا كان فى الدنيا قبل موته وبثمره فى الآخرة فاما إذا كان فى الآخرة فلا ينفعه الايمان والأعمال فان قوله نادُوا شُرَكائِيَ امر من الله تعالى وقد امتثلوا امره بقوله فَدَعَوْهُمْ فلم ينفعهم الامتثال لان الشركاء فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ بين الداعين والمدعوين مَوْبِقاً اسم مكان او مصدر من وبق وبوقا كوثب وثوبا او وبق وبقا كفرح فرحا إذ أهلك مهلكا يشتركون فيه وهو النار او عداوة هى فى الشدة نفس الهلاك وقال الفراء وَجَعَلْنا تواصلكم فى الدنيا هلاكا فى الآخرة فالبين على هذا القول التواصل كقوله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ على قراءة من قرأ بالرفع ومفعول(5/258)
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)
أول لجعلنا وعلى الوجه الاول مفعول ثان قال فى القاموس الموبق كمجلس المهلك وواد فى جهنم وكل شىء حال بين الشيئين انتهى فالمعنى على الثاني بالفارسية [وادي از واديهاى دوزخ پيدا كنم ميان ايشان كه مهلكه عظيم باشد وهمه ايشانرا در ان معذب سازيم] يقول الفقير الظاهر ان المعنى على الثالث اى جعلنا بينهم برزخا يفصل أحدهما عن الآخر فلا يشفع مثل الملائكة وعيسى وعزير وتبرأ غيرهم وهو لا ينافى الاجتماع والاشتراك فى النار بمن قضى له الدخول كما لا يخفى وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ حين أمروا بالسوق إليها قال الكاشفى [وبه بيند مشركان آتش دوزخ را از چهل ساله را] فَظَنُّوا فايقنوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها مخالطوها واقعون فيها فان المخالطة إذا قويت سميت مواقعة قال الامام والأقرب انهم يرون النار من بعيد فيظنون انهم مواقعوها مع الرؤية من غير مهلة لشدة ما يسمعون من تغيظها وزفيرها كقوله تعالى إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً والمكان البعيد مسيرة خمسمائة سنة وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً انصرافا او مكانا ينصرفون اليه قال الكاشفى [مصرفا مكانى باز كردند بد آن يا كريز كاهى] لانها أحاطت بهم من كل جانب وَلَقَدْ صَرَّفْنا اى اقسم قسما لقد كررنا وادرنا على وجوه كثيرة من النظم فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ لمصلحتهم ومنفعتهم مِنْ كُلِّ مَثَلٍ كمثل الرجلين المذكورين ومثل الحياة الدنيا ليتذكروا ويتعظوا او من كل معنى داع الى الايمان هو كالمثل فى غرابته وحسنه قال الكاشفى [از هر مثل بر ان محتاجند از قصص گذشته كه سبب عبرت كردد ودلائل قدرت كامله كه موجب ازدياد بصيرت شود]
حق تعالى بمحض فضل عميم ... در كتاب كريم وحكم قديم
آنچهـ مر جمله را بكار آيد ... گفته است آنچنانكه مى آيد
وَكانَ الْإِنْسانُ جنس الإنسان بحسب جبلته أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا جدلا تمييز اى اكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل كالجن والملك اى جدله اكثر من جدل كل مجادل وهو هاهنا شدة الخصومة بالباطل لاقتضاء خصوصية المقام والا فالجدل لا يلزم ان يكون بالباطل قال تعالى وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهو من الجدل الذي هو الفتل والمجادلة الملاواة لان كلا من المجادلين يلتوى على صاحبه وفى الحديث (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أولوا الجدل) رواه ابو امامة كما فى تفسير ابى الليث قال فى التأويلات النجمية من طبيعة الإنسان المجادلة والمخاصمة وبها يقطعون الطريق على أنفسهم. فتارة مع الأنبياء يجادلون لا يقبلون بالنبوة والرسالة حتى يقاتلونهم. وتارة يجادلون فى الكتب المنزلة ويقولون ما انزل الله على بشر من شىء. وتارة يجادلون فى محاكمتها وتارة يجادلون فى متشابهاتها. وتارة يجادلون فى ناسخها ومنسوخها. وتارة يجادلون فى تفسيرها وتأويلها. وتارة يجادلون فى اسباب نزولها. وتارة يجادلون فى قراءتها. وتارة يجادلون فى قدمها وحدوثها على هذا حتى لم يفرغوا من المجادلة الى المجاهدة ومن المخاصمة الى المعاملة ومن المنازعة الى المطاوعة ومن المناظرة الى المواصلة فلهذا قال تعالى وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ومن هذا عالجهم بقوله قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ الآية ومن كلمات مولانا قدس سره(5/259)
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)
ما را چهـ از ين قصه كه كاو آمد وخر رفت ... اين وقت عزيزست ازين عربده باز آي
فعلى العاقل ان يشتغل بنفسه ويترك المراء والجدل فان مرجعه هو النقيض والتمزيق للغير وهو من مقتضى السبعية وفى الحديث (لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يدع المراء وان كان محقا) فاذا لزم ترك الجدال وهو محق فكيف وهو مبطل أعاذنا الله تعالى وإياكم منه بفضله وجعلنا من المتكلمين بالخير والمعرضين عن لغو الغير قال تعالى وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً الآية وقال وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَما مَنَعَ النَّاسَ اى لم يمنع اهل مكة من أَنْ يُؤْمِنُوا بالله تعالى ويترك الشرك الذي هم عليه إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وهو الرسول الكريم الداعي والقرآن العظيم الهادي وَمن ان يَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ من انواع الذنوب إِلَّا انتظار أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ اى سنة الله وعادته فى الأمم الماضية وهو الاستئصال لما كان تعنتهم مفضيا اليه جعلوا كأنهم منتظرون له أَوْ انتظار ان يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ عذاب الآخرة حال كونه قُبُلًا أنواعا جمع قبيل او عيانا لهم اى معاينا. وبالفارسية [روى با روى] قال فى الجلالين يعنى القتل يوم بدر وقال فى الاسئلة المقحمة كيف وعدهم فى هذه الآية بإحدى العقوبتين ان لم يؤمنوا ولم يفعل ذلك بمن لم يؤمنوا منهم الجواب انما وعدهم بذلك ان تركوا الايمان كلهم فقد آمن أكثرهم يوم فتح مكة وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ الى الأمم ملتبسين بحال من الأحوال إِلَّا مُبَشِّرِينَ للمؤمنين والمطيعين بالثواب والدرجات وَمُنْذِرِينَ للكافرين والعاصين بالعقاب والدركات فان طريق الوصول الى الاول والحذر عن الثاني مما لا يستقل به العقل فكان من لطف الله ورحمته ان أرسل الرسل لبيان ذلك يقول الفقير اشارة الى ان العلماء الذين هم بمنزلة أنبياء بنى إسرائيل رحمة الله من الله تعالى ايضا إذ ببيانهم يضمحل ظلم الشبه وينحل عقد الشكوك وبإرشادهم يحصل كمال الاهتداء ويتم امر السلوك وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى يجادلون الرسل المبشرين والمنذرين بِالْباطِلِ [به بيهوده] حيث يقولون ما أنتم الا بشر مثلنا ولو شاء الله لانزل ملائكة ويقترحون آيات بعد ظهور المعجزات تعنتا لِيُدْحِضُوا ليزيلوا بِهِ بالجدال الْحَقَّ الذي مع الرسل عن مقره ومركزه ويبطلوه من ادحاض القدم وهو ازلاقها عن موطنها والدحض الزلق ومن بلاغات الزمخشري حجج الموحدين لا تدحض بشبه المشبه كيف يضع ما رفع ابراهم أبرهة: وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او
وَاتَّخَذُوا آياتِي الدالة على الوحدة والقدرة ونحوهما وَما أُنْذِرُوا خوفوابه من العذاب هُزُواً سخرية يعنى موضع استهزاء فيكون من باب الوصف بالمصدر مبالغة وَمَنْ أَظْلَمُ استفهام على سبيل التوبيخ اى من أشد ظلما مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ اى وعظ بالقرآن الكريم فَأَعْرَضَ عَنْها لم يتدبرها ولم يتفكرها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ من الكفر والمعاصي ولم يتفكر فى عاقبتها ولم ينظر فى ان المسيئ والمحسن لا بد لهما من جزاء ولما كان الإنسان يباشر اكثر اعماله بيديه غلب الأعمال باليدين على الأعمال التي تباشر(5/260)
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
بغيرهما حتى قيل فى عمل القلب هو مما عملت يداك وحتى قيل لمن لا يدين له يداك قال بعضهم أحق الناس تسمية بالظلم من يرى الآيات فلا يعتبر بها ويرى طريق الخير فيعرض عنها ويرى مواقع الشر فيتبعها ولا يجتنب عنها إِنَّا جَعَلْنا أعمالهم كما فى تفسير الشيخ عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية جمع كنان وهو تعليل لاعراضهم ونسيانهم بانهم مطبوع على قلوبهم أَنْ يَفْقَهُوهُ كراهة ان يقفوا على كنه الآيات وتوحيد الضمير باعتبار القرآن وَجعلنا فِي آذانِهِمْ وَقْراً ثقلا وصمما يمنعهم عن استماعه وفيه اشارة الى ان اهل اللغو والهذيان لا يصيخون الى القرآن: قال الكمال الخجندي قدس سره
دل از شنيدن قرآن بكير در همه وقت ... چوباطلان زكلام حقت ملولى چيست
وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى اى الى طريق الفلاح وهو دين الإسلام فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً اى فلن يكون منهم اهتداء البتة مدة التكليف كلها لانه محال منهم قال الكاشفى [مراد جمعى اند از كفار مكه كه علم حق بعدم ايمان ايشان متعلق بود] وان جواب عن سئوال النبي صلى الله عليه وسلم وجزاء للشرط اما كونه جوابا فلان قوله إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً فى معنى لا تدعهم الى الهدى ثم نزل حرصه عليه السلام على إسلامهم منزلة قوله مالى لا ادعوهم فاجيب بقوله وَإِنْ تَدْعُهُمْ الآية واما كونه جزاء فلانه على انتفاء الاهتداء لدعوة الرسول على معنى انهم جعلوا ما هو سبب لوجود الاهتداء سببا لانتفائه بالاعراض عن دعوته وَرَبُّكَ مبتدأ خبره قوله الْغَفُورُ البليغ فى المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه من الدنس ذُو الرَّحْمَةِ الموصوف بالرحمة وهى الانعام على الخلق خبر بعد خبر وإيراد المغفرة على صيغة المبالغة دون الرحمة للتنبيه على كثرة الذنوب وان المغفرة ترك المضار وهو سبحانه قادر على ترك ما لا يتناهى من العذاب واما الرحمة فهى فعل وإيجاد ولا يدخل تحت الوجود الا ما يتناهى وتقديم الوصف الاول لان التخلية قبل التحلية لَوْ يُؤاخِذُهُمْ لو يريد مؤاخذتهم بِما كَسَبُوا من الذنوب لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ فى الدنيا من غير امهال لاستيجاب أعمالهم لذلك ولكنه لم يعجل ولم يؤاخذ بغتة بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ بالفارسية [زمان وعد] فهو اسم زمان والمراد يوم بدر او يوم القيامة فيعذبون فيه ولَنْ يَجِدُوا البتة حين مجيئ الموعد مِنْ دُونِهِ من غيره تعالى مَوْئِلًا منجى وملجأ يقال وأل اى نجا ووأل اليه اى لجأ اليه وقيل من دون العذاب قال سعدى المفتى هو اولى وفيه دلالة على ابلغ وجه على ان لا ملجأ لهم ولا منجى فان من يكون ملجأه العذاب كيف يرى وجه الخلاص والنجاة انتهى ويجوز ان يكون المعنى لن يجدوا عند حلول الموعد موئلا بالفارسية [پناهى وكريز كاهى] وهو اللائح والله اعلم وَتِلْكَ الْقُرى اى قرى عاد وثمود واضرابهما وهى مبتدأ على تقدير المضاف اى واهل تلك القرى خبره قوله تعالى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا اى وقت ظلمهم مثل ظلم اهل مكة بالتكذيب والجدال وانواع المعاصي ولما اما حرف كما قال ابن عصفور واما ظرف استعمل للتعليل وليس المراد به الوقت المعين الذي عملوا فيه الظلم بل زمان من ابتداء الظلم(5/261)
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)
الى آخرء وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ اى عينا لهلاكهم لان المهلك بفتح اللام وكسرها الهلاك مَوْعِداً ممتدا لا يتأخرون عنه [پس چرا قريش عبرت نكيرند واز شرك ونافرمانى دست باز نمى دارند «السعيد من وعظ بغيره» ورشيد الدين وطواط در ترجمه اين كلام سعادت فرموده
نيكبخت آن كسى بود كه دلش ... آنچهـ نيكو تراست بپذيرد
ديگران را چو پند داده شود ... او از ان پند بهره بر كيرد
وفى الآيات إشارات منها ان اسباب الهداية وان اجتمعت بالكلية لا يهتدى بها الناس ولا يؤمنون الا بجذبات العنايات كما قال عليه السلام (لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا) قال المولى الجامى
سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند
فالا هتداء بهداية الله تعالى وبالسيف كما قال عليه السلام (أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله) وكما قال (انا نبى السيف ونبى الملحمة) ومنها ان اهل الباطل يرون الحق باطلا والباطل حقا وذلك من عمى قلوبهم وسخافة عقولهم فيجادلون الأنبياء والأولياء جهلا منهم وضلالة ويسعون فى ابطال الحق واما اهل الحق فينقادون للانبياء والأولياء ويستسلمون لهم من غير عناد وجدال وذلك لانهم ينظرون بنور الله فيرون الحق حقا ويتبعونه ويرون الباطل باطلا ويجتنبونه لا جرم انهم يتخذون آيات الله جدا لا هزؤا فيأتمرون بما أمروا به وينتهون عمانهوا عنه ومنها ان رحمة الله تعالى فى الدنيا تعم المؤمن والكافر لانه لا يؤاخذهم بما كسبوا فى الدنيا بقطع الرزق ونحوه وتخص يوم القيامة بالمؤمن والعذاب يخص الكافر ققوله تعالى وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا اى انما أهلكنا اهل تلك القرى بعد ان كان من سنتنا ان تعم رحمتنا المؤمن والكافر فى الدنيا لانهم ضموا مع كفرهم الظالم ومن سنتنا ان لا نمهل الظالم ولا نهمله كما قال عليه السلام (الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم) وقال تعالى وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً وذلك لان همم المظلومين المظطرين مؤثرة ودعاؤهم مستجاب قال عليه السلام (اتقوا دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب ومن هذا المقام يعرف سر قوله عليه السلام (ولدت فى زمن الملك العادل) فان اطلاق العادل على انوشروان بالنسبة الى انتفاء الظلم الآفاقى عنه وقد كان فى نفسه مجوسيا والشرك ظلم عظيم: قال الشيخ سعدى
مهازورمندى مكن بر كهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان
پريشانىء خاطر داد خواه ... بر اندازد از مملكت ياد شاه
خنك روز محشر تن دادكر ... كه در سايه عرش دارد مقر
وَإِذْ قالَ مُوسى - روى- ان موسى عليه السلام لما ظهر على مصر مع بنى إسرائيل بعد هلاك القبط امره الله ان يذكر قومه انعام الله عليهم فخطب خطبة بليغة رقت بها القلوب وذرقت العيون فقال واحد من علماء بنى إسرائيل يا موسى من اعلم قال انا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم اليه تعالى فاوحى اليه بل اعلم منك عبدلى عند مجمع البحرين وهو الخضر وكان فى ايام(5/262)
أفريدون الملك العادل العاقل قبل موسى وكان على مقدمة ذى القرنين الأكبر وبقي الى ايام موسى وهو قد بعث فى ايام كشتاسف بن لهراسب كما قاله ابن الأثير فى تاريخه فقال يا رب اين اطلبه وكيف يتيسرلى الظفر به والاجتماع معه قال اطلبه على ساحل البحر عند الصخرة وخذ حوتا مملوحا فى مكتل يكون زادا لك فحيث فقدته اى غاب عنك فهو هناك فاخذ حوتا فجعله فى مكتل فقال لفتاه إذا فقدت الحوت فاخبرنى والمعنى اذكر وقت قول موسى بن عمران لما فيه من العبرة وزعم اهل التوراة ان موسى هذا هو موسى بن ميشا بن يوسف النبي عليه السلام وانه كان نبيا قبل موسى بن عمران لاستبعادهم ان يكون كليم الله المختص بالمعجزات الباهرة مبعوثا للتعلم والاستفادة ممن هو دونه فلهذا لا يبعد عن العامل الكامل ان يجهل بعض الأشياء فالفاضل قد يكون مفضولا من وجه بل المراد منه صاحب التوراة واطلاق هذا الاسم يدل عليه لانه لو أراد غيره لقيده كما يقال قال ابو حنيفة الدينوري تمييزا عن ابى حنيفة الامام لِفَتاهُ وهو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف وهو ابن اخت موسى وكان من اكبر أصحابه ولم يزل معه الى ان مات وخلفه فى شريعته وكان من أعظم بنى إسرائيل بعد موسى سمى فتاه إذ كان يخدمه ويتبعه ويتعلم منه ويسمى الخادم والتلميذ فتى وان كان شيخا واليه يشير القول المشهور «تعلم يافتى فالجهل عار» وهو عبد حكمى كما قال شعبة من كتبت عنه اربعة أحاديث فانا عبده الى ان أموت وقيل لعبده وانما قال لفتاه تعليما للادب قال عليه السلام (ليقل أحدكم فتاى وفتاتى ولا يقل عبدى وأمتي) قال ابو يوسف من قال انا فتى فلان كان إقرارا منه بالرق يقول الفقير المشهور وهو الوجه الاول وتأبى جلالة هذا السفر الا ان يكون الصاحب من اولى الخطر ونظيره ان نبينا صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة لم يرض برفاقته فى سفره الا الصديق رضى الله عنه لكونه أعز أصحابه وخليفته بعده كما ان يوشع صار خليفة موسى بعده لا أَبْرَحُ من برح الناقص كزال يزال اى لا أزال أسير فحذف الخبر اعتمادا على قرينة الحال إذ كان ذلك عند التوجه الى السفر ويدل عليه ايضا ذكر السفر فى قوله لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا فقول سعدى المفتى لا دلالة فى نظم القرآن على هذا ولعله علم من الأثر او من اخبار المؤرخين ذهول عما بعد الآية حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ هو ملتقى بحر فارس والروم مما يلى المشرق وهو المكان الذي وعد الله موسى بلقاء الخضر فيه قال سعدى المفتى بحرا فارس والروم انما يلتقيان فى المحيط على ما سيجئ فى سورة الرحمن اعنى المحيط الغربي فان الالتقاء هناك كما لا يخفى على من يعرف وضع البحار فالمراد بملتقاهما هنا موضع يقرب التقاؤهما فيه مما يلى المشرق ويعطى لما يقرب من الشيء حكم ذلك الشيء ويعبر به عنه انتهى وفيه اشارة الى ان موسى والخضر عليهما السلام بحران لكثرة علمهما أحدهما وهو موسى بحر الظاهر والباطن والغالب عليه الظاهر اى الشريعة والآخر وهو الخضر بحرهما والغالب عليه الباطن اى الحقيقة إذ تتفاوت الأنبياء عليهم السلا بحسب غلبة الجمال او الجلال على نشأتهم وسيأتى التحقيق ان شاء الله تعالى فملتقاهما إذا المكان الذي يتفق اجتماعهما فيه لا موضع معين أَوْ أَمْضِيَ من مضى فى الأمر بمعنى نفذ وأمضاه انفذه(5/263)
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
حُقُباً هو بضم القاف وسكونه ثمانون سنة. والمعنى أسير زمانا طويلا أتيقن معه فوات المطلب يعنى حتى يقع اما بلوغ المجمع او مضى الحقب وفى بعض التفاسير أسير دهرا طويلا حتى أجد هذا العالم قال الكاشفى [موسى فرمود كه مدام ميروم تا برسم بمنزل او يا ميروم زمان دراز كه هشتاد سال باشد يعنى بهيچ وجهى روى از سفر نمى تابم تا او را بيابم دست از طلب ندارم تا كام من بر آيد وفى المثنوى
كز كران وكر شتابنده بود ... آنكه جوينده است يابنده بود
در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبرست
قال الامام فى تفسيره هذا اخبار من موسى بانه وطن نفسه على تحمل التعب الشديد والعناء العظيم فى السفر لاجل طلب العلم وذلك تنبيه على ان المتعلم لو سار من المشرق الى المغرب لطلب مسألة واحدة لحق له ذلك انتهى قال فى روضة الخطيب رجل جاء من المدينة الى مصر لحديث واحد ولذا لم يعد أحد كاملا الا بعد رحلته ولا وصل مقصده الا بعد هجرته وقالوا كل من لم يكن له أستاذ يصله بسلسلة الاتباع ويكشف عن قلبه القناع فهو فى هذا الشأن لقيط لا اب له دعى لا نسب له انتهى ومن كلام ابى يزيد البسطامي قدس سره من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان: وفى المثنوى پير را بگزين كه بي پير اين سفر هست بس پر آفت وخوف وخطر چون كرفتى پير هين تسليم شو همچوموسى زير حكم خضر رو «1» قال فى التأويلات النجمية فى الآية إشارات منها ان شرط المسافر ان يطلب الرفيق ثم يأخذ الطريق ومنها ان من شرط الرفيقين ان يكون أحدهما أميرا والثاني مأمورا له ومتابعا ومنها ان يعلم الرفيق عزيمته ومقصده ويخبر عن مدة مكثه فى سفره ليكون الرفيق واقفا على أحواله فان كان موافقا له يرافقه فى ذلك ومنها ان من شرط الطالب الصادق ان يكون نيته فى طلب شيخ يقتدى به ان لا يبرح حتى يبلغ مقصوده ويظفر به فان طلب الشيخ طلب الحق تعالى على الحقيقة انتهى كلامه قدس سره فَلَمَّا بَلَغا قال الكاشفى [موسى عليه السلام فرمود كه اى يوشع تو با من موافقت نماى در طلب اين بنده صالح يوشع فرمود آرى من بتو موافقم ورفاقت تو مغتنم مى شمارم خوشست آوارگى آنرا كه همراهى چنين باشد «2» پس يوشع عليه السلام تهى چندان وماهى برداشته باتفاق موسى روانه شد] والفاء فصيحة اى فذهب موسى ويوشع يمشيان فلما بلغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما بينهما ظرف أضيف له اتساعا فالمعنى مكانا يكاد يلتقى وسط ما امتد من البحرين طولا قال الكاشفى [بمجمع كه ميان دو درياست آنجا بر صحره بر كنار چشمه حيات بود نشستند موسى عليه السلام در خواب رفته بود ويوشع دران چشمه وضو ساخت وقطره بر آن ماهى بريان چكيد فى الحال زنده شد روى بدريا نهاد ويوشع متحير شد وموسى از خواب در آمده تفقد حال
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان صف پير ومطاوعت كردن با او ودر بيان وصيت كردن رسول خدا صلى الله عليه وسلم مر على را إلخ
(2) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده پنداشت إلخ(5/264)
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
يوشع وماهى ننموده روى براه نهاد واز غايت تعجيل سفر] نَسِيا حُوتَهُما الذي جعل فقدانه امارة وجدان المطلوب اى نسى موسى تذكر الحوت لصاحبه وصاحبه نسى الاخبار بامره فلا يخالفه ما فى حديث الصحيحين من اسناد النسيان الى صاحبه وفى الاسئلة المقحمة كانا جميعا قد زوداه لسفرهما فجاز اضافة ذلك إليهما وان كان الناسي أحدهما وهو يوشع يقال خرج القوم وحملوا معهم الزاد وانما حمله بعضهم فَاتَّخَذَ الحوت ان قلت كيف اتى بالفاء وذهاب الحوت مقدم على النسيان قلت الفاء فصيحة ولا يلزم ان يكون المعطوف عليه الذي يفصح عنه الفاء معطوفا على نسيا بالفاء بل بالواو والتقدير وحيى الحوت فسقط فى البحر فاتخذ سَبِيلَهُ اى طريق الحوت فِي الْبَحْرِ سَرَباً مفعول ثان لاتخذ وفى البحر حال منه اى مسلكا كالسرب وهو بيت فى الأرض وثقب تحتها وهو خلاف النفق لانه إذا لم يكن له منفذ يقال له سرب وإذا كان له منفذ يقال له نفق وذلك ان الله تعالى امسك جرية الماء على الحوت فصار كالطاق عليه وهو ما عقد من أعلى البناء وبقي ما تحته خاليا يعنى انه انجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لم تلتئم هكذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذا المقام كما فى حديث الصحيحين. وبالفارسية [سربا مثل سردابه كه دران توان رفت هر جا كه ماهى بريان ميرفت آب بالاى او مرتفع مى ايستاد در زمين خشك ميكشت] فلا وجه لقول بعض المفسرين كالقاضى ومن يتبعه سربا اى مسلكا يسلك فيه ويذهب من قوله وَسارِبٌ بِالنَّهارِ وهو الذاهب على وجهه فى الأرض فَلَمَّا جاوَزا اى مجمع البحرين الذي جعل موعدا للملاقاة اى انطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان الغد القى على موسى الجوع ليتذكر الحوت ويرجع الى مطلبه فعند ذلك قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا ما نتغدى به وهو الحوت كما ينبئ عنه الجواب والغداء بالفتح هو ما يعد للاكل أول النهار والعشاء ما يعد له آخره لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا اى بالله لقد لقينا من هذا السفر الذي سرناه بعد مجاوزة مجمع البحرين نَصَباً تعبا واعياء قال النووي انما لحقه النصب والجوع ليطلب موسى الغداء فيتذكر به يوشع الحوت وفى الحديث (لم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي امره به) وفى الاسئلة المقحمة كيف جاع موسى ونصب فى سفرته هذه وحين خرج الى الميقات ثلاثين يوما لم يجع ولم ينصب قيل لان هذا السفر كان سفر تأديب وطلب علم واحتمال مشقة وذلك السفر كان الى الله تعالى انتهى والجملة فى محل التعليل للامر بايتاء الغداء اما باعتبار النصب انما يعترى بسبب الضعف الناشئ عن الجوع واما باعتبار ما فى أثناء التغدي من استراحة ما كما قال الكاشفى [بيار طعام چاشت ما را تا بخوريم كه كرسنه شديم ودمى بر آساييم چون يوشع سفره پيش آورد وقصه ماهى بيادش آمد] قالَ فتاه أَرَأَيْتَ [خبر دارى] قال ابن ملك هو يجيئ بمعنى أخبرني وهنا بمعنى التعجب ومفعوله محذوف وذلك المحذوف عامل فى قوله إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ يعنى عجبت ما أصابني حين وصلنا الى الصخرة ونزلنا عندها فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ان اذكر لك امره وما شاهدت منه من الأمور العجيبة ثم اعتذر بانساء الشيطان إياه لانه لو ذكر ذلك لموسى ما جاوز ذلك المكان وما ناله النصب فقال(5/265)
وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ بوسوسته الشاغلة عن ذلك أَنْ أَذْكُرَهُ بدل اشتمال من الضمير اى وما انسانى ان اذكره لك وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سبيلا عَجَباً وهو كون مسلكه كالطاق والسرب فعجبا ثانى مفعولى اتخذ والظرف حال من أولهما او ثانيهما وهو بيان لطرف من امر الحوت منبئ عن طرف آخر وما بينهما اعتراض قدم عليه للاعتناء بالاعتذار كأنه قيل حيى واضطرب ووقع فى البحر واتخذ سبيله فيه سبيلا عجبا يعنى ان قوله وما انسانيه اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه سببه ما يجرى مجرى العذر والعلة لوقوع ذلك النسيان قال الامام فان قيل انقلاب السمكة المالحة حية حالة عجيبة جعل الله تعالى حصول هذه الحالة العجيبة دليلا على الوصول الى المطلوب فكيف يعقل حصول النسيان فى هذا المعنى أجاب العلماء عنه بان يوشع كان قد شاهد المعجزات الباهرة من موسى كثيرا فلم يبق لهذه المعجزة عنده وقع عظيم
فجاز حصول النسيان وعندى فيه جواب آخر وهو ان موسى لما استعظم علم نفسه أزال الله تعالى عن قلب صاحبه هذا العلم الضروري تنبيها لموسى على ان العلم لا يحصل الا بتعليم الله تعالى وحفظه على القلب الخاطر انتهى وقال بعضهم لعله نسى ذلك لاستغراقه فى الاستبصار وانجذاب شراشره الى جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة وهى حياة السمكة المملوحة المأكول بعضها وقيام الماء وانتصابه مثل الطاق ونفوذها فى مثل السرب منه وانما نسبه الى الشيطان هضما لنفسه اى لمقتضى نفسه من الاغترار والافتخار بامثاله وفى الآيات إشارات منها ان الطالب الصادق إذا قصد خدمة شيخ كامل يسلكه طريق الحق يلزمه مرافقة رفيق التوفيق ومعه حوت قلبه الميت بالشهوات النفسانية المملح بملح حب الدنيا وزينتها ومجمع البحرين هو الولاية بين الطالب وبين الشيخ ولم يظفر المريد بصحبة الشيخ ما لم يصل الى مجمع ولايته فانهم جدا وعند مجمع الولاية عين الحياة الحقيقية فباول قطرة من تلك العين تقع على حوت قلب المريد يحيى ويتخذ سبيله فى البحر عن الولاية سربا ومنها ان الله يحول بين المرء وقلبه فينسى المريد قلبه حين فقده وينسى القلب المريد إذا وجد الشيخ: وفى المثنوى
اى خنك آن مرده كز خود رسته شد ... در وجود زنده پيوسته شد
واى آن زنده كه با مرده نشست ... مرده كشت وزنده كى از وى پرست «1»
ومنها ان المريد لو تطرق اليه الملالة فى أثناء السلوك وأصابت قلبه الكلالة وسولت له نفسه التجاوز عن خدمة الشيخ وترك صحبته حتى يظن ان لو سافر عن خدمته واشتغل بطاعة ربه وجاهد نفسه فى طلب الحق تعالى لعله يصل مقصده ويحصل مقصوده بلا واسطة الشيخ والاقتداء به هيهات فانه ظن فاسد ومتاع كاسد وانه يضيع عمره ويتعب نفسه ويضل عن سبيل الرشاد ويبعد عن طريق السداد الا ان أدركته العناية الازلية التي هى الكفاية الابدية وردت اليه صدق الارادة: وفى المثنوى
آن رهى كه بارها تو رفته ... بي قلاوز اندر آن آشفته «2»
پس رهى را كه نرفتستى تو هيچ ... هين مرو تنها ز رهبر سر مپيچ
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان صفت پير ومطاوعت كردن با او [.....]
(2) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله فليجلس مع اهل التصوف(5/266)
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)
هين مپر الا كه با پرهاى شيخ ... تا ببينى عون ولشكرهاى شيخ
ومنها ان صحبة الشيخ المرشد غداء للمريد لاشتمالها على ما يجرى مجرى الغداء للروح من الأقوال الطيبة والافعال الحسنة ومتى جاوز صحبته اتعب نفسه بلا فائدة الوصول ونيل المقصود ولا يحمل على هذا إلا شيطان الخذلان فيلزم الرجوع والعود الى ملازمة الخدمة فى مرافقة رفيق التوفيق كما رجع موسى ويوشع عليهما السلام قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ اى فى صحبتهم ولا تكونوا مع الكاذبين: وفى المثنوى
هر طرف غولى همى خواند ترا ... كاى برادر راه خواهى هين بيا «1»
رهنمايم هم رهت باشم رفيق ... من قولاوزم درين راه دقيق
نى قلاوزست ونى ره داند او ... يوسفا كم رو سوى آن كرك خو
نسال الله العصمة والتوفيق قالَ موسى عليه السلام ذلِكَ الذي ذكرت من امر الحوت ما اى الذي كُنَّا نَبْغِ أصله نبغى والضمير العائد الى الموصول محذوف اى نبغيه ونطلبه لكونه امارة للفوز بالمرام من لقاء الخضر عليه السلام فَارْتَدَّا رجعا من ذلك الموضع وهو طرف نهر ينصب الى البحر عَلى آثارِهِما طريقهما الذي جا آمنه والآثار الاعلام جمع اثر واثر وخرج فى اثره واثره اى بعده وعقبه. وبالفارسية [بر نشانهاى قدم خود] قَصَصاً مصدر فعل محذوف اى يقصان قصصا اى يتبعان آثارهما اتباعا ويتفحصان تفحصا حتى أتيا الصخرة التي حيى الحوت عندها وسقط فى البحر واتخذ سبيله سربا فَوَجَدا عَبْداً التنكير للتفخيم مِنْ عِبادِنا الاضافة للتشريف وكان مسجى بثوب فسلم عليه موسى وعرفه نفسه وأفاد انه جاء لاجل التعلم والاستفادة. والجمهور على انه الخضر بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد وهو لقبه وسبب تلقيبه بذلك ما جاء فى الصحيح انه عليه السلام قال (انما سمى الخضر لانه جلس على فروة بيضاء فاذا هى تهتز من خلفه خضراء) الفروة وجه الأرض اليابسة وقيل النبات اليابس المجتمع والبيضاء الأرض الفارغة لا غرس فيها لانها تكون بيضاء واهتزاز النبات تحركه وكنيته ابو العباس واسمه بليا بباء موحدة مفتوحة ثم لام ساكنة ثم مثناة تحت ابن ملكان بفتح الميم واسكان اللام ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح قال ابو الليث انه عليه السلام ذكر قصة الخضر فقال (كان ابن ملك من الملوك فاراد أبوه ان يستخلفه من بعده فلم يقبل وهرب منه ولحق بجزائر البحر فلم يقدر عليه) وتفصيله على ما فى كتاب التعريف والاعلام للامام السهيلي وهو ان أباه كان ملكا وان امه كانت بنت فارس واسمها الها وانها ولدته فى مغارة وانه ترك هنا لك وشاة ترضعه فى كل يوم من غنم رجل من القرية فاخذه الرجل فرباه فلما شب وطلب الملك أبوه كاتبا وجمع اهل المعرفة والنبالة ليكتب الصحف التي نزلت على ابراهيم وشيث كان فيمن قدم عليه من الكتاب ابنه الخضر وهو لا يعرفه فلما استحسن خطه ومعرفته ونجابته سأله عن جلية امره فعرف انه ابنه فضمه لنفسه وولاه امر الناس ثم ان الخضر فر من الملك وزهد فى الدنيا وسار الى ان
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه الله گفتن نيازمند عين لبيك گفتن حق است(5/267)
وجد عين الحياة فشرب منها وعن ابن عباس رضى الله عنهما الخضر ابن آدم لصلبه ونسئ له فى اجله حتى يكذب الدجال وفيه اشارة الى ان لكل دجال فى كل عصر مكذبا ومبطلا لامره: قال الحافظ
كجاست صوفئ دجال فعل ملحد شكل ... بگو بسوز كه مهدئ دين پناه رسيد
واخرج عن ابن عساكر ان آدم لما حضره الموت اوصى بنيه ان يكون جسده الشريف معهم فى غار فكان جسده فى المغارة معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد فى السفينة بوصية آدم فلما خرج منها قال لبنيه ان آدم دعا بطول العمر لمن يدفنه من أولاده الى يوم القيامة فذهب أولاده الى الغار ليدفنوه وكان فيهم الخضر فكان هو الذي تولى دفن آدم فانجز الله ما وعده فهو يحيى ما شاء الله له ان يحيى قال فى فتح القريب ومن اغرب ما قيل انه ابن آدم لصلبه وقيل انه من الملائكة وهذا باطل ومن اعجب ما قيل انه ابن فرعون صاحب موسى كما فى تواريخ مصر وقيل انه ابن خالة ذى القرنين كان فى سفره معه وشرب من ماء الحياة مد الله عمره الى الوقت المعلوم ولا بعد فانه كان من بنى آدم من يعيش ثلاثة آلاف سنة او اكثر وقيل انه ابن عاميل بن شمالخين بن ارما بن علقما بن عيصو بن إسحاق النبي وكان عاميل ملكا والجمهور على انه نبى غير مرسل وعند الصوفية المحققين ولى غير نبى واختلفوا فى حياته والأكثر على انه موجود بين أظهرنا وهذا متفق عليه عند الصوفية لان حكاياتهم انهم رأوه فى المواضع الشريفة وكالموه اكثر من ان يحصى نقله الشيخ الأكبر فى الفتوحات المكية وابو طالب المكي فى كتبه والحكيم الترمذي فى نوادره وغير ذلك من المحققين من سادات الامة الذين لا يتصور اجتماعهم على الكذب والافتراء بمجرد الاخبار النقلية حاشاهم عن ذلك وقد ثبت وجوده فلا يكون عدمه الا بدليل ولا دليل على موته ولا نص فيه من كتاب ولا سنة ولا اجماع ولا نقل انه مات بأرض كذا فى وقت كذا فى زمن ملك من الملوك وفى تفسير البغوي اربعة من الأنبياء احياء الى يوم البعث اثنان فى الأرض وهما الخضر والياس اى والياس فى البر والخضر فى البحر يجتمعان كل ليلة على ردم ذى القرنين يحرسانه وأكلهما الكرفس والكمأة واثنان فى السماء إدريس وعيسى عليهما السلام وفى كتاب التمهيد لابى عمر امام الحديث فى وقته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غسل وكفن سمعوا قائلا يقول السلام عليكم يا اهل البيت ان فى الله خلفا من كل هالك وعوضا من كل تالف وعزاء من كل مصيبته فعليكم بالصبر فاصبروا واحتسبوا ثم دعا لهم ولا يرون شخصه فكانوا اى الاصحاب واهل البيت يرونه انه الخضر وفى كتاب الهواتف ان على بن ابى طالب رضى الله عنه لقى الخضر وعلمه هذا الدعاء وذكر فيه ثوابا عظيما ومغفرة ورحمة لمن قاله فى اثر كل صلاة وهو «يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يتبرم من إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك» قال الهروي ان الخضر قد جاء النبي عليه السلام مرارا واما قوله عليه السلام (لو كان حيا لزارنى) فلا يمنع وقوع الزيارة بعده قال فى فصل الخطاب ان الخضر قد صحب النبي عليه السلام وروى عنه أحاديث(5/268)
وفى الخصائص الصغرى ان فى غزوة تبوك اجتمع عليه السلام بالياس فعن انس رضى الله عنه غزونا مع النبي عليه السلام حتى إذا كنا بفج الناقة عند الحجر سمعنا صوتا يقول اللهم اجعلنى من امة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها فقال عليه السلام (يا انس انظر ما هذا الصوت) فدخلت الجبل فاذا رجل عليه ثياب بياض ابيض الرأس واللحية طوله اكثر من ثلاثمائة ذراع فلما رآنى قال أنت رسول النبي عليه السلام قلت نعم قال ارجع اليه وأقرئه السلام وقل له هذا أخوك الياس يريد ان يلقاك فرجعت الى النبي عليه السلام فاخبرته فجاء عليه السلام يمشى وانا معه حتى إذا كنا قريبا منه تقدم النبي وتأخرت انا فتحدثا طويلا فنزل عليهما من السماء شىء يشبه السفرة ودعوانى فاكلت معهما قليلا فاذا فيها كمأة
ورمان وحوت وتمر وكرفس فلما أكلت قمت فتنحيت ثم جاءت سحابة فاحتملته فانا انظر الى بياض ثيابه فيها تهوى به قبل الشام فقلت للنبى عليه السلام بابى أنت وأمي هذا الطعام الذي أكلنا من السماء نزل عليه قال عليه السلام (سألته عنه فقال يأتينى به جبرائيل فى كل أربعين يوما أكلة وفى كل حول شربة من ماء زمزم وربما رأيته على الجب يملأ بالدلو فيشرب وربما سقانى) والأكثر من المحدثين على وفاة الخضر سئل البخاري عن الخضر والياس هل هما فى الاحياء قال كيف يكون ذلك وقد قال رسول الله عليه السلام (لا يبقى على رأس المائة ممن هو اليوم على وجه الأرض أحد) وقد قال الله تعالى وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ والجواب ان هذا الحكم جار على الأكثر ولا حكم للنادر الذي يعيش فوق المائة فقد عاش سلمان ومعدى كرب وابو طفيل فوق المائة وكانوا موجودين فى ذلك الزمان عند اخباره عليه السلام والمراد بالخلود هو التأبيد ولا شك ان حياة الخضر وغيره منقطعة عند الصعقة قبل القيامة فيمتنع الخلود. واما من قال من العلماء لا يجوز ان يكون الخضر باقيا لانه لا نبى بعد نبينا فلا عبرة لكلامه لانه لم يتتبأ بعده بل قبله كعيسى أبقاه الله لمعنى وحكمة الى ان يرتفع القرآن من وجه الأرض وذكر الشيخ الأكبر قدس سره فى بعض كتبه انه يظهر مع اصحاب الكهف فى آخر الزمان عند ظهور المهدى ويستشهد ويكون من أفضل شهداء عساكر المهدى وفى آخر صحيح مسلم فى أحاديث الدجال انه يقتل رجلا ثم يحيى قال ابراهيم بن سفيان صاحب مسلم يقال ان هذا الرجل هو الخضر وعن ابن عباس رضى الله عنهما يلتقى الخضر والياس فى كل عام فى الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان على هذه الكلمات «بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير الا الله ما شاء الله لا يصرف السوء الا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله» من قالهن ثلاث مرات حين يصبح ويمسى آمنه الله من الحرق والغرق والسرق ومن الشيطان والحية والعقرب وزاد احمد فى الزهد انهما يصومان رمضان فى بيت المقدس وعن على رضى الله عنه مسكن الخضر بيت المقدس فيما بين باب الرحمة الى باب الأسباط قال القاشاني الخضر كناية عن البسط والياس عن القبض واما كون الخضر شخصا إنسانا باقيا من زمان موسى الى هذا العهد او روحانيا يتمثل بصورته لمن يرشده فغير متحقق عندى بل قد يتمثل ويتخيل معناه له بالصفة الغالبة عليه ثم يضمحل وهو روح ذلك الشخص او روح القدس انتهى يقول الفقير تمثل(5/269)
الروح بالصفة الغالبة قد وقع لكثير من اهل السلوك ولكن ليس كل مرئى فى اليقظة تمثلا كما فى المنام فقد يظهر المثال وقد يظهر حقيقته ولله فى كل شىء حكمة بالغة آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا هى الوحى والنبوة كما يشعر به تنكير الرحمة واختصاصه بجناب الكبرياء قال الامام مسلم ان النبوة رحمة كما فى قوله تعالى أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ونحوه ولكن لا يلزم ان تكون الرحمة نبوة فالرحمة هنا هى طول العمر على قول من مذهب الى عدم نبوته وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً خاصا هو علم الغيوب والاخبار عنها باذنه تعالى على ما ذهب اليه ابن عباس رضى الله عنهما او علم الباطن قال فى بحر العلوم انما قال من لدنا مع ان العلوم كلها من لدنه لان بعضها بواسطة تعليم الخلق فلا يسمى ذلك علما لدنيا بل العلم اللدني هو الذي ينزله فى القلب من غير واسطة أحد ولا سبب مألوف من خارج كما كان لعمر وعلى ولكثير من اولياء الله تعالى المرتاضين الذين فاقوا بالشوق والزهد على كل من سواهم كما قال سيد الأولين والآخرين عليه السلام (نفس من أنفاس المشتاقين خير من عبادة الثقلين) وقال عليه السلام (ركعتان من رجل زاهد قلبه خير وأحب الى الله من عبادة المتعبدين الى آخر الدهر) وقد صدق لكنه قليل كما قال وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وقال وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ومن هنا يتبين لك معرفة رفعة الصحابة رضى الله عنهم وعظمهم رتبة ومكانا من الله فانهم
ائمة المشتاقين والزاهدين الشاكرين ونجوم لهم يهتدون بهم انتهى وفى التأويلات النجمية فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا اى حرا من رق عبودية غيرنا من احرارنا اى ممن احررناهم من رق عبودية الأغيار واصطفيناهم من الأخيار آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا يعنى جعلناه قابلا لفيض نور من أنوار صفاتنا بلا واسطة وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً وهو علم معرفة ذاته وصفاته الذي لا يعلمه أحد الا بتعليمه إياه واعلم ان كل علم يعلمه الله تعالى عباده ويمكن للعباد ان يتعلموا ذلك العلم من غير الله تعالى فانه ليس من جملة العلم اللدني لانه يمكن ان يتعلم من لدن غيره بدل عليه قوله وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ فان علم صنعة اللبوس مما علمه الله داود عليه السلام فلا يقال انه العلم اللدني لانه يحتمل ان يتعلم من غير الله تعالى فيكون من لدن ذلك الغير وايضا ان العلم اللدني ما يتعلق بلدن الله تعالى وهو علم معرفة ذاته وصفاته تعالى انتهى قال الجنيد قدس سره العلم اللدني ما كان تحكما على الاسرار بغير ظن فيه ولا خلاف لكنه مكاشفات الأنوار عن مكنونات المغيبات وذلك يقع للعبد إذا زم جوارحه عن جميع المخلوقات وأفنى حركاته عن كل الإرادات وكان شبحا بين يدى الحق بلا تمن ولا مراد قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر باب الملكوت والمعارف من المحال ان ينفتح وفى القلب شهوة هذا الملكوت واما باب العلم بالله تعالى من حيث المشاهدة فلا ينفتح وفى القلب لمحة للعالم باسره الملك والملكوت [در فتوحات از سلطان العارفين قدس سره نقل ميكند كه با جمعى دانشمندان مى كفته] أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت
كلشنى كز نقل رويد يكدمست ... كلشنى كز عشق رويد خرمست
كلشنى كز كل دمد كردد تباه ... كلشنى كز دل دمد وا فرحتاه(5/270)
علم چون بر دل زند يارى شود ... علم چون بر كل زند بارى شود
واعلم ان الصوفية سموا العلوم الحاصلة بسبب المكاشفات العلوم اللدنية وتفصيل الكلام انا إذا أدركنا امرا من الأمور وتصورنا حقيقة من الحقائق فاما ان نحكم عليه بحكم وهو التصديق اولا نحكم وهو التصور وكل واحد من هذين القسمين فاما ان يكون ضروريا حاصلا من غير كسب وطلب واما ان يكون كسبيا اما العلوم الضرورية فهى تحصل فى النفس والعقل من غير كسب وطلب مثل تصورنا الألم واللذة والوجود والعدم ومثل تصديقنا بان النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان وان الواحد نصف الاثنين واما العلوم الكسبية فهى التي لا تكون حاصلة فى جوهر النفس ابتداء بل لا بد من طريق يتوصل به الى اكتساب تلك العلوم فان كان التوصل الى استعلام المجهولات بتركيب العلوم البديهية فهو طريق النظر وان كان بتهيئة المحل وتصفيته عن الميل الى ما سوى الله تعالى فهو طريق الكشف والكشف انواع أعلاها اسرار ذاته تعالى وأنوار صفاته وآثار أفعاله وهو العلم الإلهي الشرعي المسمى فى مشرب اهل الله علم الحقائق اى العلم بالحق سبحانه وتعالى من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما ليس فى الطاقة البشرية وهو ما وقع فيه الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة وهذا العلم الجليل بالنسبة الى سائر العلوم كالشمس بالنسبة الى الذرات وكالبحر بالنسبة الى القطرات فعلوم اهل الله مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم تحصيل الوظائف والمناصب وجمع الحطام الذي لا يدوم وقال المولى الجامى
جان زاهد ساحل وهم وخيال ... جان عارف غرقه بحر شهود
قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه الطيب وقدس سره الزكي فى كتاب اللائحات البرقيات المراد بالرحمة علم العبادة والدراسة والظاهر والشريعة ولذلك عبر عنه بالرحمة بناء على عمومه مثلها حيث قال وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ولكون مقام هذا العلم الظاهري مقام القرب الصفاتى عبر عن مقامه بما يعبر به عن مقام هذا القرب الصفاتى من قوله تعالى مِنْ عِنْدِنا اى من مقام واحدية صفاتنا ومرتبة قربها والمراد بالعلم علم الاشارة والوراثة والباطن والحقيقة ولذلك عبر عنه بلفظ العلم بناء على التعبير بالمطلق على الفرد الكامل إذ العلم الباطني من العلم الظاهري بمنزلة الروح واللب من الجسد والقشر وبمنزلة المعنى من الصورة فلا جرم ان العلم الباطني من العلم الظاهري بمنزلة الفرد الكامل من الفرد الناقص والعلم الظاهري من العلم الباطني بمنزلة الفرد الناقص من الفرد الكامل والنقصان الموهوم المعتبر فى العلم الظاهري بحسب الاضافة والنسبة الى العلم الباطني باعتبار المقام الذي يوجب الامتياز بينهما من جهة الصورة لا يقدح فى كماله الذاتي الحقيقي فى عينه ونفسه كما ان الكمال المعتبر فى العلم الباطني بحسب الاضافة والنسبة الى العلم الظاهري باعتبار المقام الموجب للافتراق بينهما من جهة التعين لا يزيد فى كماله الذاتي الحقيقي فى نفسه وذاته بل كل منهما من حيث هو بالنظر(5/271)
الى ذاته مع قطع النظر الى الاضافة والنسبة المعتبرة بينهما بحسب المقامات والتعلقات وغير ذلك كمال محض لا يتصور فى واحد منهما نقصان أصلا فكما ان الجهل والغفلة فى أنفسهما محض نقصان حقيقى فكذلك العلم والمعرفة فى أنفسهما محض كمال حقيقى وانما الاعتبارات لئلا تبطل حقائق الاحكام ولذا قيل لولا الاعتبارات اى الإضافات والنسب المعتبرة بين الأشياء لبطلت الحقائق ولما كان مقام هذا الباطني مقام القرب الذاتي عبر عن مقام ما يعبر به عن مقام القرب الذاتي من قوله مِنْ لَدُنَّا اى من مقام احدية ذاتنا ومرتبتها ولذا خص كبار الصوفية فى اصطلاحاتهم لفظ العلم اللدني بهذا العلم الباطني الحاصل بمحض تعليم الله تعالى من لدنه بغير واسطة عبارة ولذلك قال بعضهم
تعلمنا بلا حرف وصوت ... قرأناه بلا سهو وفوت
يعنى بطريق الفيض الإلهي والإلهام الرباني لا بطريق التعليم اللفظي والتدريس القولى ولكون مقام العلم الظاهري من مقام العلم الباطني بمنزلة الظاهر من الباطن حيث يتعلق العلم الظاهري بظواهر الشريعة وصورها
والعلم الباطني بمنزلة الباب من البيت ومن أراد دخول البيت فليأت من باب وبيت العلم ومدينته هو النبي عليه السلام وباب هذا البيت والمدينة هو على رضى الله عنه كمال قال عليه السلام (انا مدينة العلم وعلىّ بابها)
كر تشنه فيض حق بصدقى حافظ ... سرچشمه آن ز ساقى كوثر پرس
واعلم ان التحقيق الحقيق فى هذا المقام ان العلم المأمور موسى عليه السلام بتعلمه من الخضر هو العلم الباطني المتعلم بطريق الاشارة لا العلم الباطني المتعلم بطريق المكاشفة ولا العلم الظاهري المتعلم بطريق العبارة والدليل عليه إرسال الحق سبحانه موسى الى عبده الخضر وعدم تعليمه بواسطة أمين الوحى جبرائيل وتعليم الخضر بطريق الاشارة بالأمور الثلاثة لكن لما كان الظاهر بالنظر الى غلبة جانب علم الظاهر فى وجود موسى ان يطلب تعلمه بطريق العبارة لا بطريق الاشارة وطريقه طريق الاشارة لا طريق العبارة قال انك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا من طريق التعلم بالاشارة لا بالعبارة والغالب عليك انما هو طريق العبارة لا طريق الاشارة كما ان الغالب على طريق الاشارة لا طريق العبارة ولكل وجهة هو موليها قل كل يعمل على شاكلته ثم ان الامام الأعظم من الحسن البصري رحمهما الله تعالى بمنزلة موسى من الخضر عليهما السلام كما ان العكس بالعكس من جهة ما هو الغالب فى نشأة كل منهما ولذلك أفاد الامام الهمام العلم الظاهري غالبا وتقيد بترتيب أنوار الشريعة وأحكامها عبارة وصراحة وأفاد العلم الباطني نادرا وتعرض لاسرار الحقيقة ودقائقها اشارة وكناية بخلاف الحسن البصري فالامام شمسى المشرب والحسن قمرى المشرب ولذلك كان فلك الامام أعظم وأوسع من فلك الحسن البصري وكان الامام رحمة لاهل العموم عامة وكان الحسن البصري رحمة لاهل الخصوص خاصة والامام مظهر اسم الرحمن والحسن مظهر اسم الرحيم ويدل على هذا كله انتشار مذهبه شرقا وغربا وهو من جميع المذاهب بمنزلة النبوة المحمدية والولاية العيسوية من جميع النبوات والولايات من جهة الخاتمية وحيث يختم به جميع المذاهب(5/272)
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
الحقة كما ختم بالنبوة المحمدية جميع النبوات ويختم بالولاية العيسوية جميع الولايات ولكون مشربه ومذهبه شمسيا سمى سراج الامة وكاشف الغمة ورافع الظلمة ودافع البدعة ومحيى الدين وحافظ الشريعة بالكتاب والسنة ولكون مشرب الحسن ومذهبه قمريا أنار القلوب والنفوس والطبائع المظلمة بظلمة الغفلة والهوى بانوار المعرفة واسرار الحقيقة والهدى تبارك الذي جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وفى تقديم السراج على القمر المنير اشارة الى تقديم رتبة الامام على رتبة الحسن إذ هو مظهر اسم الاول والظاهر والحسن مظهر اسم الآخر والباطن والأولان مقدمان على الثانيين بتقديم الهى فى قوله تعالى هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وهذا التفاوت انما هو باعتبار ترتيب المراتب واما فى اصل الكمال وحقيقة الفضل فهم كالحلقة المفرغة لا يدرى اين طرفاها لسر يعرفه من يعرف ويغفل عنه من يغفل ورئيس اهل الذكر الصوفية الحنفية هو الامام الأعظم الأكمل وريئس اهل الذكر الصوفية الشافعية هو الامام الشافعي الأفضل ورئيس اهل الذكر الصوفية الحنبلية هو الامام الحنبلي التقى ورئيس اهل الذكر الصوفية المالكية هو الامام مالك الزكي وهؤلاء الائمة العظام كالخلفاء الاربعة الفخام كالنجوم بل كالاقمار بل كالشموس بايهم اقتدى السالك اهتدى الحق المبين وهم لدين الحق كالاركان الاربعة للبيت وهم ايضا من سائر الاقطاب والأولياء كالعرش والشمس من الافلاك والنجوم وليس لغيرهم ممن بعدهم الى يوم القيام بدون الاقتداء بهم اهتداء الى طريق الجنة والرؤية ومن اقتدى بهم فى الشريعة والطريقة والحقيقة وعلم علومهم وعمل أعمالهم وتأدب بآدابهم على مذهب أيهم كان بحسب وسعه فلا شك انه اقتفى اثر رسول الله عليه السلام ومن لم يقتدبهم فى ذلك فلا شك انه ضل عن اثر الرسول وخرج عن دائرة القبول هذا كله كلام حضرة شيخى وسندى مع اختصار واما ما يلوح من كلمات بعض المشايخ من ان المجتهدين لم ينالوا العشق فله محامل ذكرنا بعضا منها فى كتابنا الموسوم بتمام الفيض والذي يظهر انها كلمات صدرت حالة السكر والغلبات فلا اعتبار بها والأدب التام ان يمسك عنهم الا بخير الكلام قالَ لَهُ مُوسى استئناف مبنى على سؤال نشأ من السياق كأنه قيل فلماذا جرى بينهما من الكلام فقيل قال له موسى اى للخضر عليهما السلام هَلْ أَتَّبِعُكَ أصحبك عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ على شرط ان تعلمن وهو فى موضع الحال من الكاف وهو استئذان منه فى اتباعه له على وجه التعليم ويكفيك دليلا فى شرف الاتباع مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً اى علما ذا رشد ارشد به فى دينى والرشد إصابة الخير قال الكاشفى [علمى كه مبنى بر رشد باشد] يعنى إصابة خير ولقد راعى فى سوق الكلام غاية التواضع معه فينبغى للمرء ان يتواضع لمن هو اعلم منه قال الامام والآية تدل على ان موسى راعى انواع الأدب جعل نفسه تبعا له فقال هَلْ أَتَّبِعُكَ واستأذن فى اثبات هذه التبعية وأقر على نفسه بالجهل وعلى استاذه بالعلم فى قوله عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ ومن فى قوله مِمَّا عُلِّمْتَ للتبعيض اى لا اطلب مساواتك فى العلوم وانما أريد بعضا من علومك كالفقير يطلب من الغنى جزأ من ماله وقوله مِمَّا عُلِّمْتَ اعتراف بانه أخذ(5/273)
من الله وقوله رُشْداً طلب للارشاد اى ما لولاه لضل وهذا يدل على انه طلب ان يعامله بمثل ما عامله الله به اى ينهم بالتعليم كما أنعم الله عليه فان البذل من الشكر: قال الحافظ
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بي نوا را
قال قتادة لو كان أحد مكتفيا من العلم لا كتفى نحبى الله موسى ولكنه قال هَلْ أَتَّبِعُكَ الآية وقال الزجاج وفيما فعل موسى وهو من اجلة الأنبياء من طلب العلم والرحلة فى ذلك ما يدل على انه لا ينبغى لاحد ان يترك طلب العلم وان كان قد بلغ نهايته ولذا ورد (اطلبوا العلم من المهد الى اللحد) : وفى المثنوى
خاتم ملك سليمانست علم ... جمله عالم صورت وجانست علم «1»
قال العلماء ولا ينافى نبوة موسى وكونه صاحب شريعة ان يتعلم من نبى آخر مالا يتعلق له باحكام شريعته من اسرار العلوم الخفية وقد امر الله بأخذ العلم منه فلا دلالة له قال شيخى وسندى روح
الله روحه تعليم موسى وتربيته بالخضر انما هو من قبيل تعليم الا كمل وتربيته بالكامل لانه تعالى قد يطلع الكامل على اسرار يخفيها عن الأكمل وإذا أراد ان يطلع الأكمل عليها ايضا فقد يطلعه بالذات وقد يطلعه بواسطة الكامل ولا يلزم من توسط الكامل ان يكون أكمل من الأكمل او مثله والكامل كامل مطلقا والأكمل أكمل مطلقا والرجحان للاكمل جدا ولا تسمع الى غير ذلك مما يقول الضالون وقول الخضر لموسى عليه السلام يا موسى أنت على علم علمك الله وانا على علم علمنى الله انما هو بناء على الامتياز المعتبر بينهما بحسب الغالب فى نشأة كل منهما والا فالعلم الظاهر والباطن حاصلان فى نشأة كل منهما انتهى وفهم منه جواب ما سبق من قوله ان لى عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك فان المراد اثبات أعلميته فى علم من العلوم الخاصة دون سائرها وقد انعقد الإجماع على ان نبينا عليه السلام اعلم الخلق وأفضلهم على الإطلاق وقد قال (أنتم اعلم بامور دنياكم) وفى قصص الأنبياء بينماهما على ساحل البحر إذ اقبل طائر وغمس منقاره فى البحر ثم أخرجه ومسحه على جناحه ثم طار نحو المشرق ثم اطار نحو المغرب ثم رجع وصاح فقال الخضر يا موسى أتدري ما قال هذا الطائر قال لا قال انه يقول ما اوتى بنوا آدم من العلم الا بمقدار ما أخذت من هذا البحر بمنقاري
از علم تو نكته ايست عالم ... زان دائره نقطه ايست آدم
وفى التأويلات النجمية من آداب المريد الصادق بعد طلب الشيخ ووجدانه ان يستجيز منه فى اتباعه وملازمة صحبته تواضعا لنفسه وتعظيما لشيخه بعد مفارقة أهاليه وأوطانه وترك مناصبه واتباعه وإخوانه وأخدانه كما كان حال موسى إذ قال للخضر هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً بإرشاد الله لك اى تعلمنى طريق الاسترشاد من الله بلا واسطة جبريل والكتاب المنزل ومكالمة الحق تعالى فان جميع ذلك كان حاصلا له فان قيل فهل مرتبة فوق هذه المراتب الثلاث قلنا ان هذه المراتب وان كانت عزيزة جليلة ولكن مجيئ جبريل يقتضى الواسطة وإنزال الكتاب يدل على البعد والمكالمة تنبئ عن الاثنينية والرشد الحقيقي من الله للعبد هو ان يجعله قابلا لفيض نور الله بلا واسطة وذلك بتجلى جماله وجلاله الذي كان مطلوب
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وبيان فضيلت ومنافع دانش(5/274)
قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)
موسى بقوله أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فان فيه رفع الاثنينية واثبات الوحدة التي لا يسع العبد فيها ملك مقرب ولا نبى مرسل ومنها ان المريد إذا استسعد بخدمة شيخ واصل ينبغى ان يخرج عما معه من الحسب والنسب والجاه والمنصب والفضائل والعلوم ويرى نفسه كأنه أعجمي لا يعرف الهر من البر اى ما يهره مما يبره او القط من الفار او العقوق من اللطف او الكراهية من الا كرام كما فى القاموس: قال الحافظ
خاطرت كى رقم فيض پذيرد هيهات ... مكر از نقش پراكنده ورق ساده كنى
وينقاد لاوامره ونواهيه كما كان فان كليم الله لم يمنعه النبوة والرسالة ومجيئ جبريل وإنزال التوراة ومكالمة الله واقتداء بنى إسرائيل به ان يتبع الخضر ويتواضع له وترك أهاليه واتباعه وأشياعه وكل ما كان له من المناصب والمناقب وتمسك بذيل إرادته منقاد لاوامره ونواهيه قالَ الخضر إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً نفى عنه استطاعة الصبر معه على وجه التأكيد كأنه مما لا يصح ولا يستقيم والمراد نفى الصبر على ما يدل عليه قوله وكيف تصبر ويلزم من نفيها نفيه وفيه دليل على ان الاستطاعة مع الفعل [موسى كفت چرا صبر نتوانم كرد كفت بجهت آنكه تو پيغمبرى وحكم تو بر ظاهر است شايد كه از من عملى صادر شود در ظاهر آن منكر وناشايسته نمايد وجه حكمت آنرا ندانى وبر آن صبر كردن نتوانى] وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً تمييز من خبر يخبر كنصر وعلم بمعنى عرف اى لم يحط به خبرك اى علمك وهو إيذان بانه يتولى أمورا خفية منكرة الظواهر والرجل الصالح لا سيما صاحب الشريعة لا يصبر إذا رأى ذلك ويأخذ فى الإنكار قال الامام المتعلم قسمان منه من مارس العلوم ومنه من لم يمارسها والاول إذا وصل الى من هو أكمل منه عسر عليه التعلم جدا لانه إذا رأى شيأ أو سمع كلاما فربما أنكره وكان صوابا فهو لالفته بالقيل والقال يغتر بظاهره ولا يقف على سره وحقيقته فيقدم على النزاع ويثقل ذلك على الأستاذ وإذا تكرر منه الجدل حصلت النفرة واليه أشار الخضر بقوله إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً لانك الفت الكلام والإثبات والابطال والاعتراض والاستدلال وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً اى لست تعلم حقائق الأشياء كما هى قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى كتاب اللائحات البرقيات كل واحد من العلمين اى الظاهر والباطن موجود فى وجود كل من موسى والخضر عليهما السلام الا ان الغالب فى نشأة موسى هو العلم الظاهري كما يدل عليه رسالته وقوله للخضر هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً لان المتعلم من المخلوق انما هو العلم الظاهري المتعلم بالحرف والصوت لا العلم الباطني المتعلم من الله بلا حرف وصوت بل بذوق وكشف الهى وإلقاء والهام سبحانى لان جميع علوم الباطن انما تحصل بالذوق والوجدان والشهود والعيان لا بالدليل والبرهان وهى ذوقيات لا نظريات فانها ليست بطريق التأمل السابق ولا بسبيل التعمل اللاحق بترتيب المبادي والمقدمات وعلى اعتبار حصولها بطريق الانتقال بالواسطة لا بطريق الذوق بغير الواسطة والغالب فى نشأة الخضر هو العلم الباطني كما يدل عليه ولايته ولو قيل بنبوته وقوله لموسى عليه السلام إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً(5/275)
قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)
يعنى بحسب غلبة جانب علم الظاهر وعلم الرسالة على جانب علم الباطن وعلم الولاية إذ الحكم للاغلب القاهر انتهى وفى التأويلات النجمية ومن الآداب ان يكون المريد ثابتا فى الارادة بحيث لويرده الشيخ كرات بعد مرات ولا يقبله امتحانا له فى صدق الارادة يلازم عتبة بابه ويكون اقل من ذباب فانه كلماذب آب كما كان حال كليم الله فانه كان الخضر يرده ويقول له إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً اى كيف تصبر على فعل يخالف مذهبك ظاهرا ولم يطلعك الله على الحكمة فى إتيانه باطنا ومذهبك انك تحكم بالظاهر على ما انزل الله عليك من علم الكتاب ومذهبى ان احكم بالباطن على ما أمرني الله من العلم اللدني وقد كوشفت بحقائق الأشياء ودقائق الأمور فى حكمة إجرائها وذلك انه تعالى أفناني عنى بهويته وأبقاني به بالوهيته فبه ابصر وبه اسمع وبه انطق وبه آخذ وبه اعطى وبه افعل وبه اعلم فانى لا اعلم ما لم يعلم وانه يقول ستجدنى الآية قالَ موسى عليه السلام سَتَجِدُنِي [زود باشد كه يابى مرا] إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً معك غير معترض عليك والصبر الحبس يقال صبرت نفسى على كذا اى حبستها وتعليق الوعد بالمشيئة اما طلبا لتوفيقه فى الصبر ومعونته او تيمنا به او علما منه بشدة الأمر وصعوبته فان الصبر من مثله عند مشاهدة الفساد شديد جدا لا يكون الا بتأييد الله تعالى وقيل انما استثنى لانه لم يكن على ثقة فيما التزم من الصبر وهذه عادة الصالحين ويقال ان امزجة جميع الأنبياء البلغم الا موسى فان مزاجه كان المرة فان قلت ما معنى قول موسى للخضر سَتَجِدُنِي الآية ولم يصبر وقول إسماعيل عليه السلام سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فصبر قال بعض العلماء لان موسى جاء صحبة الخضر بصورة التعلم والمتعلم لا يصبر إذا رأى شيأ حتى يفهمه بل يعترض على استاذه كما هو دأب المتعلمين وإسماعيل لم يكن كذلك بل كان فى معرض التسليم والتفويض الى الله تعالى وكلاهما فى مقامهما واقفان وقيل كان فى مقام الغيرة والحدة والذبيح فى مقام الحكم والصبر قال بعض العارفين قال الذبيح من الصابرين ادخل نفسه فى عداد الصابرين فدخل وموسى عليه السلام تفرد بنفسه وقال صابرا فخرج والتفويض من التفرد اسلم وأوفق لتحصيل المقام ووصول المرام وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً عطف على صابرا اى ستجدنى صابرا وغير عاص اى لا أخالفك فى شىء ولا اترك أمرك فيما أمرتني به وفى عدم هذا الوجدان من المبالغة ما ليس فى الوعد بنفس الصبر وترك العصيان وفى التأويلات النجمية ومن الآداب ان لا يكون معترضا على افعال الشيخ وأقواله وأحواله وجميع حركاته وسكناته معتقد اله فى جميع حالاته وان شاهد منه معاملة غير مرضية بنظر عقله وشرعه فلا ينكره بها ولا يسيئ الظن فيه بل يحسن فيه الظن ويعتقد انه مصيب فى معاملاته مجتهد فى آرائه وانما الخطأ من قصور نظرى وسخافة عقلى وقلة علمى قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي صحبتنى لاخذ العلم وهو اذن له فى الاتباع بعد اللتيا والتي والفاء لتفريع الشرطية على مامر من التزامه للصبر والطاعة فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ تشاهده من أفعالي وتنكره منى فى نفسك اى لا تفاتحنى بالسؤال عن حكمته فضلا عن المناقشة والاعتراض حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً حتى(5/276)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)
ابتدئ ببيانه وفيه إيذان بان كل ما صدر عنه فله حكمة وغاية حميدة البتة وهذا من آداب المتعلم مع العالم والتابع مع المتبوع قال فى التأويلات النجمية ومن الآداب ان يسد على نفسه باب السؤال فلا يسأل الشيخ عن شىء حتى يحدث له منه ذكرا اما بالقال واما بالحال انتهى- روى- ان لقمان دخل على داود عليه السلام وهو يسرد دروعا ولم يكن رآها قبل ذلك فتعجب منه فاراد ان يسأله ذلك فمنعته الحكمة فامسك نفسه ولم يسأله فلما فرغ قام داود ولبسها ثم قال نعم الدرع للحرب. وقيل كان يتردد اليه سنة وهو يريد ان يسأل ذلك فلم يسأل قالت الحكماء ان كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب وعن بعض الكبار الصمت على قسمين صمت باللسان عن الحديث بغير الله مع غير الله جملة وصمت بالقلب عن خاطر كونى البتة فمن صمت لسانه ولم يصمت قلبه خف وزره ومن صمت قلبه ولم يصمت لسانه فهو ناطق بلسان الحكمة ومن صمت لسانه وقلبه ظهر له سره وتجلى له ربه ومن لم يصمت لسانه وقلبه كان مسخرة للشيطان فعلى العاقل ان يجتهد حتى يسلم قلبه من الانقباض ولسانه من الاعتراض وينسى ما سوى الله تعالى ولا تلعب به الافكار ويصبر عند مظان الصبر ويستسلم لامر الله الملك الغفار فان الله تعالى فى كل شىء حكمة وفى كل تلف عوضا: وفى المثنوى
لا نسلم واعتراض از ما برفت ... چون عوض مى آيد از مفقود زفت «1»
چونكه بي آتش مرا كرمى رسد ... راضيم كر آتش ما را كشد
بي چراغى چون دهد او روشنى ... كر چراغت شد چهـ افغان ميكنى
دانه پر مغز با خاك دژم ... خلوتى وصحبتى كرد از كرم «2»
خويشتن در خاك كلى محو كرد ... تا نماندش رنك وبوى سرخ وزرد
از پس آن محو قبض او نماند ... بر كشاد وبست شد مركب براند
نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الخلوة به والصحبة بالأهل والتسليم للامر فَانْطَلَقا اى ذهب موسى والخضر عليهما السلام على الساحل يطلبان السفينة واما يوشع فقد صرفه موسى الى بنى إسرائيل وقال الكاشفى [ويوشع بر عقب ايشان ميرفت] يقول الفقير وهو الظاهر فان تثنية الفعل انما هى لاجل الانتقال من قصة موسى مع يوشع الى قصته مع الخضر فكان يوشع تبعا لهما فلم يذكر ويدل على هذا قوله عليه السلام (مرت بهم سفينة فكلموهم ان يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوا بغير نول) على ما فى المشارق ولا مقتضى لرده الى بنى إسرائيل فان هارون عليه السلام كان معهم والله اعلم حَتَّى إِذا رَكِبا دخلا فِي السَّفِينَةِ وقال فى الإرشاد فى سورة هود معنى الركوب العلو على شىء له حركة اما ارادية كالحيوان او قسرية كالسفينة والعجلة ونحوهما فاذا استعمل فى الاول يوفر له حظ الأصل فيقال ركبت الفرس وان استعمل فى الثاني يلوح بمحلية المفعول بكلمة فى فيقال ركبت فى السفينة وفى الجلالين حَتَّى إِذا رَكِبا البحر فِي السَّفِينَةِ- روى- انهما مرا بالسفينة فاستحملا ملاحيها فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول بفتح النون اى بغير اجرة خَرَقَها ثقبها الخضر وشقها لما بلغوا اللج اى معظم الماء حيث أخذ فاسا فقلع بغتة اى على غفلة من القوم من ألواحها
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان بقيه قصه نابينا ومصحف خواند او بإذن الله
(2) در اواسط دفتر سوم در بيان هفت مرد شدن ان هفت درخت(5/277)
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)
او حين مما يلى الماء فجعل موسى يسد الخرق بثيابه وأخذ الخضر قدحا من زجاج ورقع به خرق السفينة او سده بخرقة- روى- انه لما خرق السفينة لم يدخلها الماء وقال الامام فى تفسيره والظاهر انه خرق جدارها لتكون ظاهرة العيب ولا يتسارع الى أهلها الغرق فعند ذلك قالَ موسى منكرا عليه أَخَرَقْتَها يا خضر لِتُغْرِقَ أَهْلَها فان خرقها سبب لدخول الماء فيها المفضى الى غرق أهلها وهم قد أحسنوا بنا حيث حملونا بغير اجرة وليس هذا جزاءهم فاللام للعاقبة وقال سعدى المفتى ويجوز ان يحمل على التعليل بل هو الأنسب لمقام الإنكار لَقَدْ جِئْتَ اى أتيت وفعلت شَيْئاً إِمْراً [چيزى شكفت وشنيع وبر دل كران] قال فى القاموس امر امر منكر عجب ومن بلاغات الزمخشري كم أحدث بك الزمان امرا امرا كما لم يزل يضرب زيد عمرا اى كما ثبت دوام هذه القصة قال فى الاسئلة المقحمة كان من حق العلم الواجب عليه الإنكار بحكم الظاهر الا انه كان يلزم مع ذلك التوقف وقت قلب العادة: قال الحافظ
مزن ز چون چرا دم كه بنده مقبل ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان كفت
قالَ الخضر لموسى أَلَمْ أَقُلْ اى قد قلت إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ما تقدر ان تصبر معى البتة وهو تذكير لما قاله من قبل متضمن للانكار على عدم الوفاء بوعد قالَ [كفت موسى كه آن سخن از خاطرم رفته بود] لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ بنسياني وصيتك بعدم السؤال عن حكمة الافعال قبل البيان فانه لا مؤاخذة على الناسي كما ورد فى صحيح البخاري (من ان الاول كان من موسى نسيانا والثاني فرطا والثالث عمدا) وَلا تُرْهِقْنِي يقال رهقه كفرح عشيه وارهقه إياه والارهاق ان يحمل الإنسان على ما لا يطيقه وارهقه عشرا كلفه إياه فى القاموس اى ولا تغشنى ولا تكلفنى ولا تحملني قال الكاشفى [ودر مرسان مرا] مِنْ أَمْرِي وهو اتباعه إياه عُسْراً [دشوارى] مفعول ثانى للارهاق اى لا تعسر على متابعتك ويسرها علىّ فانى أريد صحبتك ولا سبيل لى إليها الا بالإغضاء والعفو وترك المناقشة
بپوش دامن عفوى بر وى جرم مرا ... مريز آب رخ بنده بدين چون و چرا
وفى التأويلات النجمية ومن آداب الشيخ وشرائطه فى الشيخوخة ان لا يحرص على قبول المريد بل يمتحنه بان يخبره عن دقة صراط الطلب وعزة المطلوب وعسرته وفى ذلك يكون له مبشرا ولا يكون منفرا فان وجده صادقا فى دعواه وراغبا فيما يهواه معرضا عما سواه يتقبله بقبول حسن ويكرم مثواه ويقبل عليه اقبال مولاه ويربيه تربية الأولاد ويؤدبه بآداب العباد ومنها ان يتغافل عن كثير من زلات المريد رحمة عليه ولا يؤاخذه بكل سهو او خطأ او نسيان عهد لضعف حاله الا بما يؤدى الى مخالفة امر من أوامره او مزاولة نهى من نواهيه او يؤدى الى انكار واعتراض على بعض أفعاله وأقواله فانه يؤاخذه به وينبهه عن ذلك فان رجع عن ذلك واستغفر منه واعترف بذنبه وندم شرط معه ان لا يعود الى أمثاله ويعتذر عما جرى عليه كما كان حال الكليم حيث قال لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً(5/278)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)
اى لا تضيق على امرى فأنى لا أطيق ذلك انتهى وفى الآية تصريح بان النسيان يعترى الأنبياء عليهم السلام للاشعار بان غيره تعالى معيوب غير معصوم ولكن العصيان يعفى غالبا فكيف بنسيان قارنه الاعتذار وقد قيل
اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ... أن برّ عندك فيما قال او فجرا
ثم ان امتحان الله وامتحان أوليائه شديد فلابد من الصبر والتسليم والرضى
قفل ز فتست وكشاينده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا
قال الخجندي
بجفا دو شدن از تو نباشد محمود ... هر كجا پاى ايازست سر محمودست «1»
وعن الشيخ ابى عبد الله بن خفيف قدس سره قال دخلت بغداد قاصدا الحج وفى رأسى نخوة الصوفية يعنى حدة الارادة وشدة المجاهدة واطراح ما سوى الله قال ولم آكل أربعين يوما ولم ادخل على الجنيد وخرجت ولم اشرب وكنت على طهارتى فرأيت ظبيا فى البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشانا فلما دنوت من البئر ولى الظبى وإذ الماء فى أسفل البئر فمشيت وقلت يا سيدى امالى عندك محل هذا الظبى فسمعت من خلفى يقال جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء ان الظبى جاء بلا ركوة ولا حبل وأنت جئت ومعك الركوة والحبل فرجعت فاذا البئر ملآن فملأت ركوتى وكنت اشرب منها وأتطهر الى المدينة ولم ينفذ الماء فلما رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد قدس سره علىّ قال لو صبرت لنبع الماء من تحت قدمك لو صبرت صبر ساعة اللهم اجعلنا من اهل العناية فَانْطَلَقا الفاء فصيحة والانطلاق الذهاب اى فقبل الخضر عذر موسى عليه السلام فخرجا من السفينة فانطلقا حَتَّى إِذا [تا چون] لَقِيا فى خارج قرية مرا بها غُلاماً [پسرى را زيبا روى وبلند قامت خضر او را در پس ديوارى ببرد] فَقَتَلَهُ عطف على الشرط بالفاء اى فقتله عقيب اللقاء واسمه جيسور بالجيم او حيسور بالحاء او حينون قاله السهيلي ومعنى قتله أشار بأصابعه الثلاث الإبهام والسبابة والوسطى وقلع رأسه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ ابصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فاخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله) كذا فى الصحيحين برواية ابى بن كعب رضى الله عنه قالَ موسى والجملة جزاء الشرط أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً طاهرة من الذنوب لانها صغيرة لم تبلغ الحنث اى الإثم والذنب وهو قول الا كثرين. قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو زاكية والباقون زكية فعيلة للمبالغة فى زكاتها وطهارتها وفرق بينهما ابو عمرو بان الزاكية هى التي لم تذنب قط والزكية التي أذنبت ثم تابت بِغَيْرِ نَفْسٍ بغير قتل نفس محرمة يعنى لم تقتل نفسا فيقتص منها قيل الصغير لا يقاد فالظاهر من الآية كبر الغلام وفيه ان الشرائع مختلفة فلعل الصغير يقاد فى شريعته ويؤيد هذا الكلام ما نقل البيهقي فى كتاب المعرفة ان الاحكام انما صارت متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة وقال الشيخ تقى الدين السبكى انها انما صارت متعلقة
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود إلخ(5/279)
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)
بالبلوغ بعد أحد وقال فى انسان العيون انما صح اسلام على رضى الله عنه مع انهم اجمعوا على انه لم يكن بلغ الحلم ومن ثم نقل عنه رضى الله عنه انه قال
سبقتكمو الى الإسلام طرا ... صغيرا ما بلغت أوان حلمى
اى كان عمره ثمانى سنين لان الصبيان كانوا إذ ذاك مكلفين لان القلم انما رفع عن الصبى عام خيبر قال فى الإرشاد وتخصيص نفى هذا المبيح بالذكر من بين سائر المبيحات من الكفر بعد الايمان والزنى بعد الإحصان لانه اقرب الى الوقوع نظرا الى حال الغلام وفى الحديث (ان الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا) فان قلت ما معنى هذا وقد قال عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة) قلت المراد بالفطرة استعداده لقبول الإسلام وذلك لا ينافى كونه شقيا فى جبليته او يراد بالفطرة قولهم بلى حين قال الله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قال النووي لما كان أبواه مؤمنين كان هو مؤمنا ايضا فيجب تأويله بان معناه والله اعلم ان ذلك الغلام لو بلغ لكان كافرا لَقَدْ جِئْتَ فعلت شَيْئاً نُكْراً منكرا أنكر من الاول لان ذلك كان خرقا يمكن تداركه بالسد وهذا لا سبيل الى تداركه وقيل الأمر أعظم من النكر لان قتل نفس واحدة أهون من إغراق اهل السفينة قال جماعة من القراء نصف القرآن عند قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً الجزء السادس عشر من الاجزاء الثلاثين قالَ الخضر أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً توبيخ لموسى على ترك الوصية وزيادة لك هنا لزيادة العتاب على تركها لانه قد نقض العهد مرتين قالَ موسى إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ [اى چيزى كه صادر شود مثل اين افعال منكره] بَعْدَها اى بعد هذه المرة فَلا تُصاحِبْنِي اى لا تكن صاحبى ومقارنى بل ابعدني عنك وان سألت صحبتك قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي [بدرستى كه رسيدى از نزديك من] عُذْراً اى قد وجدت عذرا من قبلى لما خالفتك ثلاث مرات. وبالفارسية [چون سه بار مخالفت كنم هر آينه در ترك صحبت من معذور باشى] العذر بضمتين والسكون فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحوبه ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت فلا أعود وهذا الثالث التوبة فكل توبة عذر بلا عكس. والاعتذار عبارة عن محو اثر الذنب وأصله القطع يقال اعتذرت اليه اى قطعت ما فى قلبه من الموجدة وفى الحديث (رحم الله أخي موسى استحيى فقال ذلك لو لبث مع صاحبه لا بصر اعجب الأعاجيب) وفى الخصائص الصغرى ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم انه جمعت له الشريعة والحقيقة ولم يكن للانبياء الا أحدهما بدليل قصة موسى مع الخضر عليهما السلام والمراد بالشريعة الحكم(5/280)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)
بالظاهر وبالحقيقة الحكم بالباطن وقد نص العلماء على ان غالب الأنبياء انما بعثوا ليحكموا بالظاهر دون ما اطلعوا عليه من بواطن الأمور وحقائقها وبعث الخضر ليحكم عليه من بواطن الأمور وحقائقها ومن ثمة أنكر موسى على الخضر فى قتله للغلام بقوله لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً فقال له الخضر وما فعلته عن امرى ومن ثمة قال الخضر لموسى انى على علم من عند الله لا ينبغى لك ان تعمل به لانك لست مأمورا بالعمل به وأنت على علم من عند الله لا ينبغى لى ان اعمل به لانى لست مأمورا بالعمل به وفى تفسير ابن حبان والجمهور على ان الخضر نبى وكان علمه معرفة بواطن امور أوحيت اليه اى ليعمل بها وعلم موسى الحكم بالظاهر اى دون الحكم بالباطن ونبينا صلى الله عليه وسلم حكم بالظاهر فى اغلب أحواله وحكم بالباطن فى بعضها بدليل قتله عليه السلام للسارق وللمصلى لما اطلع على باطن أمرهما وعلم منهما ما يوجب القتل وقد ذكر بعض السلف ان الخضر الى الآن ينفذ الحكم بالحقيقة وان الذين يموتون فجأة هو الذين يقتلهم فان صح ذلك فهو فى هذه الامة بطريق النيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فانه صار من اتباعه عليه السلام كما ان عيسى عليه السلام عند ما ينزل يحكم بشريعته نيابة عنه لانه من اتباعه. وفيه ان عيسى اجتمع به صلى الله عليه وسلم اجتماعا متعارفا ببيت المقدس فهو صحابى كذا فى انسان العيون يقول الفقير لا وجه لتخصيص عيسى فانه عليه السلام كما اجتمع به عليه السلام ذلك الاجتماع كذلك الخضر والياس عليهما السلام اجتمعا به اجتماعا متعارفا كما سبق فهما صحابيان ايضا. وفيه بيان شرف نبينا صلى الله عليه وسلم حيث ان هؤلاء الأنبياء الكرام استمهلوا من الله تعالى ليكونوا من أمته
سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنى قائد امم
فَانْطَلَقا اى ذهبا بعد ما شرطا ذلك حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ هى انطاكية بالفتح والكسر وسكون النون وكسر الكاف وفتح الياء المخففة قاعدة العواصم وهى ذات أعين وسور عظيم من صخر داخله خمسة اجبل دورها اثنا عشر ميلا كما فى القاموس قال الكاشفى [واهل ديه چون شب شدى دروازه در بستندى وبراى هيچكس نكشادندى نماز شام موسى وخضر بدان ديه رسيدند وخواستند كه بديه در آيند كسى دروازه بگشود واهل ديه را كفتند اينجا غريب رسيده ايم كرسنه نيز هستيم چون ما را در ديه جاى نداديد بارى طعام جهت ما بفرستيد] وذلك قوله تعالى اسْتَطْعَما أَهْلَها اى طلبا منهم الطعام ضيافة قيل لم يسألاهم ولكن نزولمها عندهم كالسؤال منهم قال فى الاسئلة المقحمة استطعم موسى هاهنا فلم يطعم وحين سقى لبنات شعيب ما استطعتم وقد اطعم حيث قال إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا والجواب هاهنا ان الحرمان كان بسبب المعارضة بحيث لم يكتف بعلم الله بحاله بل جنح الى الاعتماد على مخلوق فاراد السكون بحادث مسبوق وهناك جرى على توكله ولم يدخل وسائطه بين المخلوقين وبين ربه بل حط الرحل ببابه فقال رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ قال الحافظ
فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى ... كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز(5/281)
وقال
ما آبروى فقر وقناعت همى بريم ... با پادشه بكوى كه روزى مقدرست
قوله اسْتَطْعَما أَهْلَها فى محل الجر على انه صفة لقرية وجه العدول عن استطعماهم على ان يكون صفة للاهل لزيادة تشنيعهم على سوء صنيعهم فان الإباء من الضيافة وهم أهلها قاطنون بها أقبح واشنع فَأَبَوْا امتنعوا أَنْ يُضَيِّفُوهُما اى من تضييفهما وهو بالفارسية [مهمان كردن] يقال ضافه إذا نزل به ضيفا واضافه وضيفه أنزله وجعله ضيفاله هذا حقيقة الكلام ثم شاع كناية عن الإطعام وحقيقة ضاف مال اليه من ضاف السهم عن الغرض إذا مال وعن النبي عليه السلام (كانوا اهل قرية لئاما) : قال الشيخ سعدى قدس سره
بزركان مسافر بجان پرورند ... كه نام نكويى بعالم برند
غريب آشنا باش وسياح دوست ... كه سياح جلاب نام نكوست
تبه كرد دان مملكت عن قريب ... كز وخاطر آزرده كردد غريب
نكودار ضيف ومسافر عزيز ... وز آسيب شان بر حذر باش نيز
وفى الحكاية ان أهلها لما سمعوا الآية جاؤا الى النبي عليه السلام بحمل من الذهب وقالوا نشترى بهذا ان تجعل الباء تاء يعنى فأتوا ان يضيفوهما اى لان يضيفوهما وقالوا غرضنا دفع اللؤم فامتنع وقال تغييرها يوجب دخول الكذب فى كلام الله والقدح فى الالهة كذا فى التفسير الكبير فَوَجَدا فِيها قال الكاشفى [ايشان كرسنه بيرون ديه بودند بامداد روى براه نهادند پس يافتند در نواحى ديه] جِداراً [ديوارى مائل شده بيك طرف] يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ الارادة نزوع النفس اى شىء مع حكمه فيه بالفعل او عدمه والارادة من الله هى الحكم وهذا من مجاز كلام العرب لان الجدار لا ارادة له وانما معناه قرب ودنا من السقوط كما يقول العرب دارى تنظر الى دار فلان إذا كانت تقابلها قال فى الإرشاد اى يدانى ان يسقط فاستعيرت الارادة للمشاركة للدلالة على المبالغة فى ذلك. والانقضاض الاسراع فى السقوط وهو انفعال من القض يقال قضضته فانقض ومنه انقضاض الطير والكواكب لسقوطها بسرعة وقيل هو افعلال من النقض كالحمر من الحمرة فَأَقامَهُ فسواه الخضر بالاشارة بيده كما هو المروي عن النبي عليه السلام وكان طول الجدار فى السماء مائة ذراع قالَ له موسى لضرورة الحاجة الى الطعام قال الكاشفى [كفت موسى اين اهل ديه ما را جاى ندادند وطعام نيز نفرستادند پس چرا ديوار ايشانرا عمارت كردى] والجملة جزاء الشرط لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ افتعل من اتخذ بمعنى أخذ كاتبع وليس من الاخذ عند البصريين عَلَيْهِ على عملك أَجْراً اجرة حتى نشترى بها طعاما قال بعضهم لما قال له لِتُغْرِقَ أَهْلَها قال الحضر أليس كنت فى البحر ولم تغرق من غير سفينة ولما قال أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ
قال أليس فتلت القبطي بغير ذنب ولما قال لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قال أنسيت سقياك لبنات شعيب من غير اجرة وهذا من باب لطائف المحاورات قال القاسم لما قال موسى هذا القول وقف ظبى بينهما وهما جائعان من جانب موسى غير مشوى ومن جانب الحضر مشوى لان الحضر اقام الجدار بغير طمع وموسى رده الى الطمع قال ابن عباس(5/282)
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)
رضى الله عنهما رؤية العمل وطلب الثواب به يبطل العمل ألا ترى الكليم لما قال للحضر لَوْ شِئْتَ الآية كيف فارقه وقال الجنيد قدس سره إذا وردت ظلمة الاطماع على القلوب حجبت النفوس عن نظرها فى بواطن الحكم يقول الفقير ان قلت كيف جوز موسى طلب الاجر بمقالة العمل الذي حصل بمجرد الاشارة وهو من طريق خرق العادة الذي لا مؤونة فيه قلت لم ينظر الى جانب الأسباب وانما نظر الى النفع العائد الى جانب اصحاب الجدار ألا ترى انه جور أخذ الاجر بمقالة الرقية بسورة الفاتحة ونحوها وهو ليس من قبيل طلب الاجرة على الدعوة فانه لا يجوز للنبى ان يطلب اجرا من قومه على دعوته وإرشاده كما أشير اليه فى مواضع كثيرة من القرآن قالَ الخضر هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ اى هذا الوقت وقت الفراق بيننا وهذا الاعتراض الثالث سبب الفراق الموعود بقوله فلا تصاحبنى واضافة الفراق الى البين اضافة المصدر الى الظرف اتساعا سَأُنَبِّئُكَ ساخبرك السين للتأكيد لعدم تراخى التنبئة بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً التأويل رجع الشيء الى مآله والمراد به هاهنا المآل والعاقبة إذ هو المنبأ به دون التأويل وهوخلاص السفينة من اليد العادية وخلاص أبوي الغلام من شره مع الفوز بالبدل الأحسن واستخراج اليتيمين للكنز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما) اى يبين الله لنا بالوحى وفى التأويلات النجمية ومن آداب الشيخ انه لو ابتلى المريد بنوع من الاعتراض او مما يوجب الفرقة يعفو عنه مرة او مرتين ويصفح ولا يفارقه فان عاد الى الثالثة فلا يصاحبه لانه قد بلغ من لدنه عذرا ويقول كما قال الخضر هذا فراق بينى وبينك. ومنها انه لو آل امر الصحبة الى المفارقة بالاختيار او بالاضطرار فلا يفارقه الا على النصيحة فينبئه عن سر ما كان عليه الاعتراض ويخبره عن حكمته التي لم يحط بها خبرا ويبين له تأويل ما لم يستطع عليه صبرا لئلا يبقى معه انكار فلا يفلح إذا ابدا انتهى يقول الفقير وهو المراد بقول بعض الكبار من قال لاستاذه لم لم يفلح قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك من المحنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث العهد فاين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ ابى سليمان الداراني قدس سره قيل له الق نفسك فى التنور فالقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما وهذه نتيجة الوفاء: وفى المثنوى
جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت «1»
جعلنا الله وإياكم من المتحققين بحقائق المواثيق والعهود أَمَّا السَّفِينَةُ التي خرقتها فَكانَتْ لِمَساكِينَ لضعفاء لا يقدرون على مدافعة الظلمة وكانوا عشرة اخوة خمسة منهم زمنى يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ بها مؤاجرة طلبا للكسب فاسناد العمل الى الكل بطريق التغليب أو لأن عمل الوكلاء بمنزلة عمل الموكلين اعلم ان الفقير فى الشريعة من له مال لا يبلغ نصابا قدر مائتى درهم او قيمتها فاضلا عن حاجته الاصلية سواء كان ناميا اولا والمسكين من لا شىء له من المال هذا هو الصحيح عند الحنفية والشافعية يعكسون قال القاضي فى الآية دليل ان المسكين يطلق على من يملك شيأ لم يكفه وحمل اللام على التمليك وقال مولانا سعدى انما يكون دليلا
__________
(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفسير آيه الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات(5/283)
إذا ثبت ان السفينة كانت ملكا لهم لكن للخصم ان يقول اللام للدلالة على اختصاصها بهم لكونها فى يدهم عارية او كونهم اجراء كما ورد فى الأثر انتهى وقد نص على هذين الوجهين صاحب الكفاية فى شرح الهداية ولئن سلمنا ان السفينة كانت ملكا لهم فانما سماهم الله مساكين دون فقراء لعجزهم عن دفع الملك الظالم ولزمانتهم والمسكين يقع على من اذله شىء وهو غير المسكين المشهور فى مصرف الصدقة هذا هو تحقيق المقام فَأَرَدْتُ بحكم الله وإرادته أَنْ أَعِيبَها اى اجعلها ذات عيب وَكانَ [وحال آنكه هست] وَراءَهُمْ امامهم كقوله ومن ورائهم برزخ فوراء من الاضداد مثل قوله فما فوقها اى دونها أريد به هاهنا الامام دون الخلف على ما يأتى من القصص مَلِكٌ كافر اسمه جلندى بن كركرد كان بجزيرة الأندلس ببلدة قرطبة وأول فساد ظهر فى البحر كان ظلمه على ما ذكره ابو الليث وأول فساد ظهر فى البر قتل قابيل هابيل على ما ذكره ايضا عند تفسير قوله تعالى ظَهَرَ الْفَسادُ الآية يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صحيحة جيدة وهو من قبيل إيجاز الحذف غَصْباً من أصحابها وانتصابه على انه مصدر مبين لنوع الاخذ او على الحالية بمعنى غاصبا والغصب أخذ الشيء ظلما وقهرا ويسمى المغصوب غصبا وخوف الغصب سبب لارادة عيبها لكنه اخر عنها لقصد العناية بذكرها مقدما وجه العناية ان موسى لما أنكر خرقها وقال أخرقتها لتغرق أهلها اقتضى المقام الاهتمام لدفع مبنى إنكاره بان الخرق لقصد التعييب لا لقصد الإغراق- وروى- ان الخضر اعتذر الى القوم وذكر لهم شأن الملك الغاصب ولم يكونوا يعلمون بخبره وفى قصص الانبيا فبينماهم كذلك استقبلتهم سفينة فيها جنود الملك وقالوا ان الملك يريد ان يأخذ سفينتكم ان لم يكن فيها عيب ثم صعدوا إليها وكشفوها فوجدوا موضع اللوح مفتوحا فانصرفوا فلما بعدوا عنهم أخذ الخضر ذلك اللوح ورده الى مكانه: وفى المثنوى
كر خضر در بحر كشتى را شكست ... صد درشتى در شكست خضر هست «1»
فظاهر فعله تخريب وباطنه تعمير: وفى المثنوى
آن يكى آمد زمين را مى شكافت ... ابلهى فرياد كرد وبر نتافت «2»
كين زمين را از چهـ ويران ميكنى ... مى شكافى و پريشان ميكنى
كفت اى ابله برو بر من مران ... تو عمارت از خرابى باز دان
كى شود كلزار وكندم زار اين ... تا نكردد زشت وويران اين زمين
كى شود بستان وكشت وبرك بر ... تا نكردد نظم او زير وزبر
تا نشكافى بنشتر ريش چغز ... كى شود نيكو وكى كرديد نغز
تا نشوزد خلطهايت از دوا ... كى رود شورش كجا آيد شفا
پاره پاره كرد درزى جامه را ... كس زند آن درزى علامه را
كه چرا اين اطلس بگزيده را ... بر دريدى چهـ كنم بدريده را
هر بناى كهنه كآبادان كنند ... نى كه أول كهنه را ويران كنند
همچنين نجار وحداد وقصاب ... هستشان پيش از عمارتها خراب
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان آنكه كشتن مرد زركر باشارة الهى إلخ
(2) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عمارت در وبراغا پريشانى إلخ(5/284)
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)
آن هليله وان بليله كوفتن ... زان تلف كردند معمورئ تن
تا نكوبى كندم اندر آسيا ... كى شود آراسته زان خوان ما
وفى إفناء الوجود المجازى تحصيل للوجود الحقيقي فمادامت البشرية وأوصافها باقية على حالها لا يظهر آثار الأخلاق الالهية البتة وفى التأويلات النجمية فى الآية إشارات منها ان خرق السفينة وإعابتها لئلا تؤخذ غصبا ليس من احكام الشرع ظاهرا ولكنه لما كان فيه مصلحة لصاحبها فى باطن الشرع جوز ذلك ليعلم انه يجوز للمجتهد ان يحكم فيما يرى ان صلاحه اكثر من فساده فى باطن الشرع بما لا يجوز فى ظاهر الشرع إذا كان موافقا للحقيقة كما قال وَكانَ وَراءَهُمْ الآية ومنها ان يعلم عناية الله فى حق عباده المساكين الذين يعملون فى البحر غافلين عما وراءهم من الآفات كيف أدركتهم العناية بنبي من أنبيائه وكيف دفع عنه البلاء ودرأ عنهم الآفة ومنها ان يعلم ان الله تعالى فى بعض الأوقات يرجح مصلحة بعض السالكين على مصلحة نبى من أنبيائه فى الظاهر وان كان لا يخلو فى باطن الأمر من مصلحة النبي فى إهمال جانبه فى الظاهر كما ان الله تعالى رجح رعاية مصلحة المساكين فى خرق السفينة على رعاية مصلحة موسى لانه كان من اسباب مفارقته عن صحبة الخضر ومصلحة ظاهرا كانت فى ملازمة صحبة الخضر وقد كان فراقه عن صحبته متضمنا لمصالح النبوة والرسالة ودعوة بنى إسرائيل وتربيتهم فى حق موسى باطنا انتهى يقول الفقير ومنها ان اهل السفينة لما لم يأخذوا النول من موسى والخضر عوضهم الله تعالى خيرا من ذلك حيث نجى سفينتهم من اليد العادية وفيه فضيلة الفضل وَأَمَّا الْغُلامُ الذي قتلته وهو جيسور فَكانَ أَبَواهُ اسم أبيه كازبرا واسم امه سهوى كما فى التعريف مُؤْمِنَيْنِ مقرين بتوحيد الله تعالى فَخَشِينا خفنا من أَنْ يُرْهِقَهُما رهقه غشيه ولحقه وارهقه طغيانا اغشاه إياه وألحق ذلك به كما فى القاموس قال الشيخ اى يكلفهما طُغْياناً ضلالة وَكُفْراً ويتبعان له لمحبتهما إياه فيكفران بعد الايمان ويضلان بعد الهداية وانما خشى الخضر من ذلك لان الله اعلمه بحال الولد انه طبع اى خلق كافرا فَأَرَدْنا [پس خواستيم ما] أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما يعوضهما ويرزقهما ولدا خَيْراً مِنْهُ زَكاةً طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة وَأَقْرَبَ منه رُحْماً رحمة وبرا بوالديه قال ابن عباس رضى الله عنهما أبدلهما الله جارية تزوجها نبى من الأنبياء فولدت سبعين نبيا قال مطرف فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ولو بقي لكان فيه هلاكهما فليرض المرء بقضاء الله فان قضاء الله للمؤمن خير له من قضائه فيما يحب
آن پسر را كش خضر ببريد حلق ... سر آنرا در نيابد عام خلق «1»
آنكه جان بخشد اگر بكشد رواست ... نائب است ودست او دست خداست
بس عداوتها كه آن يارى بود ... بس خرابيها كه معمارى بود «2»
فرب عداوة هى فى الحقيقة محبة ورب عدو هو فى الباطن محب وكذا عكسه وانتفاع الإنسان بعد ومشاجر يذكر عيوبه اكثر من انتفاعه بصديق مداهن يخفى عليه عيوبه: وفى المثنوى
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان آنكه كشتن مرد زركر باشارة الهى بود إلخ
(2) در أوائل دفتر پنجم در بيان حجره كشادن پيغمبر صلى الله عليه وسلم إلخ(5/285)
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)
در حقيقت دوستانت دشمنند ... كه ز حضرت دور ومشغولت كنند
در حقيقت هر عدو داروى تست ... كيميا ونافع ودلجوى تست «1»
كه از واندر كريزى در خلا ... استعانت جويى از لطف خدا
- وكان- واعظ كلما وعظ ودعا أشرك فى دعائه قطاع الطريق ودعا لهم فسئل عن ذلك فقال انهم كانوا سببا لسلوكى هذا الطريق اى طريق الفقراء واختياري الفقر على الغنى فأنى كنت تاجرا فاخذونى وآذوني وكلما خطر ببالي امر التجارة ذكرت اذاهم وجفاهم فتركت التجارة وأقبلت على العبادة وفى الآية إشارات منها ان قتل النفس الزكية بلا جرم منها محظور فى ظاهر الشرع وان كان فيه مصلحة لغيره ولكنه فى باطن الشرع جائز عند من يكاشف بخواتيم الأمور ويتحقق له ان حياته سبب فساد دين غيره وسبب كمال شقاوة نفسه كما كان حال الخضر مع قتل الغلام لقوله تعالى وَأَمَّا الْغُلامُ الآية فلو عاش الغلام لكان حياته سبب فساد دين أبويه وسبب كمال شقاوته فانه وان طبع كافرا شقيا لم يكن يبلغ كمال شقاوته الا بطول الحياة ومباشرة اعمال الكفر ومنها تحقيق قوله تعالى عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ الآية فان أبوي الغلام كانا يكرهان قتل ابنهما بغير قتل نفس ولا جرم وكان قتله خيرا لهما وكانا يحبان حياة ابنهما وهو أجمل الناس وكان حياته شرا لهما وكان الغلام ايضا يكره قتل نفسه وهو خير له ويحب حياة نفسه وهو شر له لانه بطول حياته يبلغ الى كمال شقاوته ومنها ان من عواطف احسان الله تعالى انه إذا أخذ من العبد المؤمن شيأ من محبوباته وهو مضرله والعبد غافل عن مضرته فان صبر وشكر فالله تعالى يبدله خيرا منه مما ينفعه ولا يضره كما قال تعالى فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما الآية كما فى التأويلات النجمية نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الصابرين الشاكرين فى الشريعة والطريقة ويوصلنا الى ما هو خير وكمال فى الحقيقة وَأَمَّا الْجِدارُ المعهود فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ اسمهما اصرم وصريم ابنا كاشح وكان سياحا تقيا واسم أمهما دنيا فيما ذكره النقاش فِي الْمَدِينَةِ فى القرية المذكورة فيما سبق وهى انطاكية وَكانَ تَحْتَهُ اى تحت الجدار كَنْزٌ لَهُما [كنجى براى ايشان] هو فى الأصل مال دفنه انسان فى ارض وكنزه يكنزه اى دفنه اى مال مدفون لهما من ذهب وفضة روى ذلك مرفوعا وهو الظاهر لاطلاق الذم على كنزهما فى قوله تعالى وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لمن لا يؤدى زكاتهما وما تعلق بهما من الحقوق وقيل كان لوحا من ذهب او من رخام مكتوب فيه «بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يؤمن بالقدر» اى ان الأمور كائنة بقضاء الله تعالى وتقديره «كيف يحزن» اى على فوات نعمة وإتيان شدة «وعجبت لمن يؤمن بالرزق» اى ان الرزق مقسوم والله تعالى رازق كل أحد «كيف ينصب» اى يتعب فى تحصيله «وعجبت لمن يؤمن بالموت» اى انه سيموت وهو حق «كيف يفرح» اى بحياته القليلة القصيرة «وعجبت لمن يؤمن بالحساب» اى ان الله تعالى يحاسب على كل قليل وكثير «كيف يغفل» اى عن ذلك ويشغل بتكثير متاع الدنيا «وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها باهلها كيف يطمئن إليها لا اله الا الله محمد رسول الله وعجبت لمن يؤمن بالنار كيف يضحك» وفى الجانب الآخر
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم بيان حكايت آن واعظ كه در آغاز تذكير دعاى ظالمان كردى(5/286)
مكتوب «انا الله لا اله الا انا وحدي لا شريك لى خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه» وهو قول الجمهور كما فى بحر العلوم وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً كان الناس يضعون الودائع عند ذلك الصالح فيردها إليهم سالمة فحفظا بصلاح أبيهما فى مالهما وأنفسهما قال جعفر بن محمد كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء فيكون الذي دفن ذلك الكنز جدهما السابع فَأَرادَ رَبُّكَ بالأمر بتسوية الجدار أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما اى حلمهما وكمال رأيهما قال فى بحر العلوم الأشد فى معنى القوة جمع شدة كانعم فى نعمة على تقدير حذف الهاء وقيل لا واحد له وبلوغ الأشد بالإدراك وقيل ان يونس منه الرشد مع ان يكون بالغا وآخره ثلاث وثلاثون سنة او ثمانى عشرة وانما قال الخضر فى تأويل خرق السفينة فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها بالإسناد الى نفسه لظاهر القبح وفى تأويل قتل الغلام فَخَشِينا بلفظ الخشية والاسناد الى نالان الكفر مما يجب ان يخشاه كل أحد وقال فى تأويل الجدار فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما بالإسناد الى الله تعالى وحده لان بلوغ الأشد وتكامل السن ليس الا بمحض ارادة الله تعالى من غير مدخل واثر لارادة العبد فالاول فى نفسه شر قبيح والثالث خير محض والثاني ممتزج وقال بعضهم لما قال الخضر فَأَرَدْتُ الهم من أنت حتى يكون لك ارادة فجمع فى الثانية حيث قال فَأَرَدْنا فالهم من أنت وموسى حتى يكون لكما ارادة فخص فى الثالثة الارادة بالله اى دون اضافة الارادة الى نفسه وادعاء الشركة فيهما ايضا وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما من تحت الجدار ولولا انى أقمته لانقض وخرج الكنز من تحته قبل اقتدارهما على حفظ المال وتنميته وضاع بالكلية فان قيل ان عرف واحد من اليتيمين والقيم عليهما الكنز امتنع ان يترك سقوط الجدار وان لم يعرفوا فكيف يسهل عليهم استخراجه قلنا لعلهما لم يعلماه وعلم القيم الا انه كان غائبا كذا فى تفسير الامام يقول الفقير قوله وان لم يعرفوا إلخ غير مسلم لان الله تعالى قادر على ان يعرفهما مكان ذلك الكنز بطريق من الطرق ويسهل عليهما استخراجه على ان واجد الكنز فى كل زمان من غير سبق معرفة بالمكان ليس بنادر واللام فى كنز لهما لاختصاص الوجدان بهما ومن البعيد ان يعيش الجد السابع الى ان يولد للبطن السادس من أولاده ويدفن له مالا او يعين له رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لهما مصدر فى موقع الحال اى مرحومين من قبله تعالى او علة لاراد فان ارادة الخير رحمة او مصدر لمحذوف اى رحمهما الله بذلك رحمة وَما فَعَلْتُهُ اى ما فعلت ما رأيته يا موسى من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار عَنْ أَمْرِي عن رأيى واجتهادي وانما فعلته بامر الله ووحيه وهذا إيضاح لما أشكل على موسى وتمهيد للعذر فى فعله المنكر ظاهرا وهكذا الطريق بين المرشد والمسترشد فى ازالة الشكوك والشبه عنه شفقة له ذلِكَ المذكور من العواقب تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً اى لم تستطع فحذف التاء للتخفيف وهو انجاز للتنبئة الموعودة- روى- ان موسى لما أراد ان يفارقه قال امر الخضر لو صبرت لاتيت على الف عجب كل عجب اعجب مما رأيت فبكى موسى على فراقه وقال له أوصني يا نبى الله. قال لا تطلب العلم لتحدث به الناس واطلبه لتعمل به وذلك لان من لم يعمل(5/287)
بعلمه فلا فائدة فى تحديثه بل نفعه يعود الى غيره: وفى المثنوى
جوع يوسف بود آن يعقوب را ... بوى نانش مى رسيد از دور جا «1»
آنكه بستد پيرهن را مى شتافت ... بوى پيراهان يوسف مى نيافت
وانكه صد فرسنك ز آن سو بوى او ... چونكه بد يعقوب مى بوييد بو
اى بسا عالم ز دانش بي نصيب ... حافظ علمست آنكست نى حبيب
مستمع از وى همى بايد مشام ... كر چهـ باشد مستمع از جنس عام
ز انكه پيراهان بدستش عاريه است ... چون بدست آن نخاسى جاريه است
جاريه پيش نخاسى سرسريست ... در كف او از براى مشتريست
ومن وصايا الخضر. كن نفاعا ولا تكن ضرارا. وكن بشاشا ولا تكن عبوسا غضابا. وإياك واللجاجة. ولا تمش فى غير حاجة. ولا تضحك من غير. عجب. ولا تعير المذنبين خطاياهم بعد الندم. وابك على خطيئتك ما دمت حيا. ولا تؤخر عمل اليوم الى الغد. واجعل همك فى معادك ولا تخض فيما لا يعنيك. ولا تأمن لخوف من أمنك. ولا تيأس من الا من من خوفك. وتدبر الأمور فى علانيتك. ولا تذر الإحسان فى قدرتك فقال له موسى قد أبلغت فى الوصية فاتم الله عليك نعمته وغمرك فى رحمته وكلأك من عدوه فقال له الخضر أوصني أنت يا موسى فقال له موسى إياك والغضب الا فى الله. ولا تحب الدنيا فانها تخرجك من الايمان وتدخلك فى الكفر فقال له الخضر قد أبلغت فى الوصية فاعانك الله على طاعته وأراك السرور فى أمرك وحببك الى خلقه وأوسع عليك من فضله قال له آمين كما فى التعريف والاعلام للامام السهيلي رحمه الله وفى بعث موسى الى الخضر اشارة الى ان الكمال فى الانتقال من علوم الشريعة المبنية على الظواهر الى علوم الباطن المبنية على التطلع الى حقائق الأمور كما فى تفسير الامام قال بعض العارفين من لم يكن له نصيب من هذا العلم اى العلم الوهبي الكشفى أخاف عليه سوء الخاتمة وادنى النصيب التصديق به وتسليمه لاهله واقل عقوبة من ينكره ان لا يرزق منه شيأ وهو علم الصديقين والمقربين كذا فى احياء العلوم وفى الآية إشارات منها انه تعالى من كمال حكمته وغاية رأفته ورحمته فى حق عباده يستعمل نبيين مثل موسى والخضر عليهما السلام فى مصلحة الطفلين ومنها ان مثل الأنبياء يجوز ان يسعى فى امر دنيوى إذا كان فيه صلاح امر اخروى لا سيما فائدة راجعة الى غيره فى الله ومنها ان يعلم ان الله تعالى يحفظ بصالح قوما وقبيلة ويوصل بركاته الى البطن السابع منه كما قال وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً قال محمد بن المنكدر ان الله يحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده وعشيرته والد ويرات اى أهلها حوله فلا يزالون فى حفظ الله وستره قال سعيد بن المسيب انى أصلي واذكر ولدي فازيد فى صلاتى وصح عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً انه قال حفظا بصلاح أبيهما وما ذكر منهما صلاحا فاذا نفع الأب الصالح مع انه السابع كما قيل فى الآية فما بالك بسيد الأنبياء والمرسلين بالنسبة الى قرابته الطاهرة الطيبة المطهرة وقد قيل ان حمام الحرم انما أكرم لانه من ذرية حمامتين عششتا على غار ثور الذي اختفى فيه النبي عليه السلام عند خروجه من مكة للهجرة كما فى الصواعق لابن
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان مخصوص بودن يعقوب عليه السلام بچشيدن جام حق تعالى از روى يوسف إلخ(5/288)
حجر وذكر ان بعض العلوية هم هارون الرشيد بقتله فلما دخل عليه أكرمه وخلى سبيله فقيل بم دعوت حتى انجاك الله منه فقال قلت يا من حفظ الكنز على الصبيين لصلاح أبيهما احفظني لصلاح آبائي كما فى العرائس ومنها ليتأدب المريد فيما استعمله الشيخ وينقاد له ولا يعمل الا لوجه الله ولا يشوب عمله بطمع دنيوى وغرض نفسانى ليحبط عمله ويقطع حبل الصحبة ويوجب الفرقة ومنها ان الله تعالى يحفظ المال الصالح للعبد الصالح إذا كان فيه صلاح ومنها ليتحقق ان كل ما يجرى على ارباب النبوة واصحاب الولاية انما يكون بامر من أوامر الله ظاهرا وباطنا. اما الظاهر فكحال الخضر كما قال وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي اى فعلته بامر ربى. واما الباطن فكحال موسى واعتراضه على الخضر فى معاملته ما كان خاليا عن امر باطن من الله تعالى فى ذلك لانه كان اعتراضه على وفق شريعته ومنها ان الصبر على أفاعيل المشايخ امر شديد فان زل قدم مريد صادق فى امر من أوامر الشيخ او تطرق اليه انكار على بعض افعال المشايخ او اعتراه اعتراض على بعض معاملاته او أعوزه الصبر على ذلك فليعذره ويعف عنه ويتجاوز الى ثلاث مرات فان قال بعد الثالثة هذا فراق بينى وبينك يكون معذورا ومشكورا ثم ينبئه عن أفاعيله ويقول له ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا قال فى العوارف ويحذر المريد الاعتراض على الشيخ ويزيل اتهام الشيخ عن باطنه فى جميع تصاريفه فانه السم القاتل للمريدين وقل ان يكون مريد يعترض على الشيخ بباطنه فيفلح ويذكر المريد فى كل ما أشكل عليه من تصاريف الشيخ قصة موسى مع الخضر كيف كان يصدر من الخضر تصاريف ينكرها موسى ثم لما كشف له عن معناها بان لموسى وجه الصواب فى ذلك فهكذا ينبغى للمريد ان يعلم ان كل تصرف أشكل عليه صحته من الشيخ عند الشيخ فيه بيان وبرهان للصحة انتهى: قال الحافظ
نصيحتى كنمت بشنو وبهانه مكير ... هر آنكه ناصح مشفق بگويدت بپذير
وينبغى ان يكون المرشد محققا ومشفقا لا مقلدا غير مشفق كيلا يضيع سعى من اقتدى به فانه قيل
إذا كان الغراب دليل قوم ... سيهديهم الى ارض الجياف
قال الحافظ
در دم نهفته به ز طبيبان مدعى ... باشد كه از خزانه غيبش دوا كنند
قال الصائب
ز بي دردان علاج درد خود جستن بآن ماند ... كه خار از پابرون آرد كسى با نيش عقربها
ومنها انه إذا تعارض ضرر ان يجب تحمل أهونهما لدفع أعظمهما وهو اصل ممهد غير ان الشرائع فى تفاصيله مختلفة مثاله. رجل عليه جرح لو سجد سال جرحه وان لم يسجد لم يسل فانه يصلى قاعدا يومى بالركوع والسجود لان ترك الركوع والسجود أهون من الصلاة مع الحدث. وشيخ لا يقدر على القراءة ان صلى قائما ويقدر عليها ان صلى قاعدا يصلى قاعدا مع القراءة ولو صلى فى الفصلين قائما مع الحدث وترك القراءة لم يجز. ورجل لو خرج الى الجماعة لا يقدر على القيام ولو صلى فى بيته صلى قاعدا صححه فى الخلاصة وفى شرح المنية يصلى فى بيته قائما قال ابن نجيم وهو الأظهر ومن اضطر. وعنده ميتة ومال الغير أكلها دونه. ورجل قيل له(5/289)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
لتلقين نفسك فى النار او من الجبل او لاقتلنك وكان الإلقاء بحيث لا ينجو يختار ما هو الأهون فى زعمه عند الامام وعندهما يصبر حتى يقتل كذا فى الأشباه وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ هم اليهود سألوه على وجه الامتحان عن رجل طواف بلغ شرق الأرض وغربها او سأل قريش بتلقينهم وصيغة الاستقبال للدلالة على استمرارهم على ذلك الى ورود الجواب وهو ذو القرنين الأكبر واسمه إسكندر بن فيلقوس اليوناني ملك الدنيا بأسرها كما قال مجاهد ملك الأرض اربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان وذو القرنين والكافران نمرود وبخت نصر وفى مشكاة الأنوار شداد بن عاد بدل بخت نصر وكان ذو القرنين بعد نمرود فى عهد ابراهيم عليه السلام على ما يأتى ولكنه عاش طويلا الفا وستمائة سنة على ما قالوا وفى تفسير الشيخ وكان بعد ثمود وكان الخضر على مقدمة جيشه بمنزلة المستشار الذي هو من الملك بمنزلة الوزير قال ابن كثير والصحيح انه ما كان نبيا ولا ملكا وانما كان ملكا صالحا عادلا ملك الأقاليم وقهر أهلها من الملوك وغيرهم وانقادت له البلاد مات بمدينة شهر زور بعد ما خرج من الظلمة ودفن فيها وفى التبيان مدة دوران ذى القرنين فى الدنيا خمسمائة ولما فرغ من بناء السد رجع الى بيت المقدس ومات به وانما سمى بذي القرنين لانه بلغ قرنى الشمس اى جانبيها مشرقها ومغربها كما لقب أردشير واضع النرد بطويل اليدين لنفوذ امره حيث أراد وفى القاموس لما دعاهم الى الله ضربوه على قرنه الايمن فمات فاحياه الله ثم دعاهم فضربوه على قرنه الأيسر فمات ثم أحياه الله كما سمى على بن ابى طالب رضى الله عنه بذي القرنين لما كان شجتان فى قرنى رأسه إحداهما من عمرو بن ود والثانية من ابن ملجم لعنه الله وفى قصص الأنبياء وكان قد رأى فى منامه انه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها فى شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه سموه به وقال الامام السيوطي رحمه الله فى الأوائل أول من لبس العمامة ذو القرنين وذلك انه طلع له فى رأسه قرنان كالظلفين يتحركان فلبسها من أجل ذلك ثم انه دخل الحمام ومعه كاتبه فوضع العمامة وقال لكاتبه هذا امر لم يطلع عليه غيرك فان سمعت به من أحد قتلتك فخرج الكاتب من الحمام فاخذه كهيئة الموت فاتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى ألا ان للملك قرنين فانبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان إذا زمر خرج من القصبتين ألا ان للملك قرنين فانتشر ذلك فى المدينة فقال ذو القرنين هذا امر أراد الله ان يبديه واما ذو القرنين الثاني وهو إسكندر الرومي الذي يؤرخ بايامه الروم فكان متأخرا عن الاول بدهر طويل اكثر من الفى سنة كان هذا قبل المسيح عليه السلام بنحو من ثلاثمائة سنة وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف وهو الذي حارب دارا وأذل ملوك الفرس ووطئ ارضهم وكان كافرا عاش ستا وثلاثين سنة فالمراد بذي القرنين فى القرآن هو الاول دون الثاني وقد غلط كثير من العلماء فى الفرق بينهما فظنوا ان المذكور فى الآية هو الرومي سامحهم الله تعالى قُلْ لهم فى الجواب سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ ساذكر لكم ايها السائلون مِنْهُ اى من خبر ذو القرنين وحاله فحذف المضاف ذِكْراً نبأ مذكورا وبيانا او ساتلو فى شأنه من جهته تعالى ذكرا اى قرآنا والسين للتأكيد والدلالة على التحقق اى لا اترك التلاوة(5/290)
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)
البتة إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ شروع فى تلاوة الذكر المعهود حسبما هو الموعود والتمكين هاهنا الاقدار وتمهيد الأسباب فلا يحتاج الى المفعول يقال مكنه ومكن له ومعنى الاول جعله قادرا قويا ومعنى الثاني جعل له قدرة وقوة ولتلازمهما فى الوجود وتقاربهما فى المعنى يستعمل كل منهما فى محل الآخر كما فى قوله مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ اى جعلناهم قادرين من حيث القوى والأسباب والآلات على انواع التصرفات فيها ما لم نجعله لكم من القوة والسعة فى المال والاستظهار بالعدد والأسباب فكأنه قيل ما لم نمكن لكم فيها اى ما لم نجعلكم قادرين على ذلك فيها او مكنا لهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وهذا إذا كان التمكين مأخوذا من المكان بناء على توهم ان ميمه اصلية او المعنى انا جعلنا له مكنة وقدرة على التصرف من حيث التدبير والرأى والأسباب حيث سخر له السحاب ومدله فى الأسباب وبسط له النور وكان الليل والنهار عليه سواء وسهل عليه السير فى الأرض وذللت له طرقها وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان ابراهيم عليه السلام بمكة فاقبل عليها ذو القرنين فلما كان بالأبطح قيل له فى هذه البلدة ابراهيم خليل الرحمن فقال ذو القرنين ما ينبغى لى ان اركب فى بلدة فيها ابراهيم خليل الرحمن فنزل ذو القرنين ومشى الى ابراهيم فسلم عليه ابراهيم واعتنقه فكان هو أول من عانق عند السلام كما فى انسان العيون ودرر الغرر فعند ذلك سخر له السحاب لان من تواضع رفعه الله فكانت السحاب تحمله وعساكره وجميع آلاتهم إذا أرادوا غزوة قوم وسخر له النور والظلمة فاذا سرى يهديه النور من امامه وتحوطه الظلمة من ورائه
چون نهد در تو صفات جبرئيل ... همچوفرخى بر هوا جويى سبيل «1»
چون نهند در تو صفتهاى خرى ... صد پرت كر هست در آخور پرى
چونكه چشم دل شده محرم بنور ... ظلمت كون ومكان شد از تو دور «2»
هر كه نابينا شود اندر جهان ... روز او با شب برابر بي كمان
وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اراده من مهمات ملكه ومقاصده المتعلقة بسلطانه سَبَباً اى طريقا يوصل اليه وهو كل ما يتوصل به الى المقصود من علم او قدرة او آلة. وبالفارسية [دست آويزى كه بدان سبب او را آن چيز ميسر ميشد] فَأَتْبَعَ بالقطع اى فاراد بلوغ المغرب فاتبع سَبَباً يوصله اليه اى لحقه وتبعه وسلكه وسار قال فى القاموس واتبعتهم تبعتهم وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم واتبعتهم ايضا غيرى وقوله تعالى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ اى لحقهم ففى الاتباع معنى الإدراك والاسراع قال ابن الكمال يقال تبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه قال فى الإرشاد ولعل قصد بلوغ المغرب ابتداء لمراعاة الحركة الشمسية انتهى وقال فى التبيان قصد الى ناحية المغرب يطلب عين الحياة عند بحر الظلمات لانه قيل له ثمة عين الحياة من شرب منها لم يمت ابدا الى يوم القيامة فمشى نحو الظلمات لعله يقع بالعين وفى التأويلات النجمية يشير يقوله وَيَسْئَلُونَكَ الآية الى ان السائل لا يرد وان فى القصص للقلوب عبرة وتقوية وتثبتا وبقوله إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ يشير الى تمكن الخلافة اى مكناه بخلافتنا فى الأرض وآتيناه بالخلافة ما كان سبب وجود كل مقدور من مقدوراتنا بالاصالة حتى
__________
(1) در اواخر دفتر ششم در بيان بردن پريان عبد الغوث را مدتى در ميان خود إلخ [.....]
(2) لم أجد فليحرر(5/291)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)
صار قادرا على قلب الأعيان وكانت الدنيا مسخرة له فلو أراد طويت له الأرض وإذا شاء مشى على الماء وإذا أحب طار فى الهواء ويدخل النار فاتبع سببا كل مقدور فصار مقدورا له بالخلافة فى الأرض ما كان مقدورا لنا بالاصالة فى السماء والأرض انتهى يقول الفقير انما بدأ بالسير الى المغرب اشارة الى كون ترتيب السلوك عروجا فان المغرب اشارة الى الأجسام والمشرق الى الأرواح فمادام لم يتم سير الأجسام من الأكوان لا يحصل الترقي الى عالم الأرواح ثم الى عالم الحقيقة حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] مَغْرِبَ الشَّمْسِ اى منتهى الأرض من جهة المغرب بحيث لا يتمكن أحد من مجاوزته ووقف على حافة البحر المحيط قال الشيخ اى بلغ قوما فى جهة ليس وراءهم أحد لانه لا يمكنه ان يبلغ موضع غروب الشمس قال فى التبيان ولما وصل ذو القرنين الى مغرب الشمس يطلب عين الحياة قال له شيخ هى خلف ارض الظلمة ولما أراد ان يسلك فى الظلمة سأل أي الدواب فى الليل ابصر قالوا الخيل فقال أي الخيل ابصر قالوا الإناث فقال أي الإناث ابصر قالوا البكارة فجمع من عسكره ستة آلاف فرس كذلك فركبوا الرماك وترك بقية عسكره فدخلوا الظلمات فساروا يوما وليلة فاصاب الخضر العين لانه كان على مقدمة جيشه صاحب لوائه الأكبر فشرب منها واغتسل واخطأ ذو القرنين: قال الحافظ
فيض ازل بزور زر ار آمدى بدست ... آب خضر نصيبه إسكندر آمدى
فساروا على حصحاص من حجارة لا يدرون ما هى فسألوه عنها فقال الإسكندر خذوا من هذه الحجارة ما استطعتم فانه من اقل منها ندم ومن اكثر منها ندم فاخذوا وملئوا مخالي دوابهم من تلك الحجارة فلما خرجوا نظروا الى ما فى مخاليهم فوجدوه زمردا اخضر فندموا كلهم لكونهم لم يكثروا من ذلك وَجَدَها اى رأس الشمس تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ اى ذات حمأة وهى الطين الأسود. بالفارسية [آب مكدر لاى آميز] من خمئت البئر إذا كثرت حمأتها ولعله لما بلغ ساحل البحر رآها كذلك إذ ليس فى مطمح نظره غير الماء كراكب البحر ولذلك قال وَجَدَها تَغْرُبُ ولم يقل كانت تغرب وقال بعضهم لما بلغ موضعا لم يبق بعده عمارة فى جانب المغرب وجد الشمس كأنها تغرب فى وهدة مظلمة كما ان راكب البحر يراها كأنها تغرب فى البحر إذا لم ير الشط وهى فى الحقيقة تغيب وراء البحر والا فقد علم ان الأرض كرة والسماء محيطة بها والشمس فى الفلك وجلوس قوم فى قرب الشمس غير موجود والشمس اكثر من الأرض بمرات كثيرة فكيف يعقل دخولها فى عين من عيون الأرض قال السمرقندي رحمه الله فى بحر العلوم فان قيل قد ورد فى الحديث ان الشمس تشرق من السماء الرابعة ظهرها الى الدنيا ووجهها يشرق لاهل السموات وعظمها مثل الدنيا ثلاثمائة مرة او ما شاء الله فكيف يمكن دخولها فى عين من عيون الأرض قلنا ان قدرة الله تعالى باهرة وحكمته بالغة فالله تعالى قادر ان يدخل السموات السبع والأرضين السبع فى أصغر شىء وأحقره فما ظنك بما فيها من الشمس وغيرها انتهى وفى التأويلات فان قال قائل انا قد علمنا ان الشمس فى السماء الرابعة ولها فلك خاص يدور بها فى السماء فكيف يكون غروبها فى عين حمئة قلنا ان الله تعالى لم يخبر عن حقيقة غروبها فى عين حمئة وانما اخبر عن وجدان ذى القرنين غروبها فيها فقال وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وذلك ان ذا القرنين ركب(5/292)
قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
بحر الغرب واجرى مركبه الى ان بلغ فى البحر موضعا لم يتمكن جريان المراكب فيه فنظر الى الشمس عند غروبها وجدها تغرب بنظره فى عين حمئة انتهى قال بعضهم إذا كان ذو القرنين نبيا فنظر النبي ثاقب يرى الأشياء على ما هى عليها كما رأى النبي عليه السلام النجاشي من المدينة وصلى عليه وان لم يكن نبيا فذلك الوجدان بحسب حسبانه وَوَجَدَ عِنْدَها عند تلك العين يعنى عند نهاية العمارة. وبالفارسية [يافت نزديك آن چشمه بر ساحل درياى محيط غربى] قَوْماً [كروهى را در ناسك مذكور است كه ايشان قومى بودند بت پرست سبز چشم سرخ موى لباس ايشان پوست حيوانات وطعام ايشان كوشت حيوان آبى] قال بعضهم قوما فى مدينة لها اثنا عشر الف باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب وقال الامام السهيلي هم اهل جابلص بالفتح وهى مدينة يقال لها بالسريانية جرجيسا لها عشرة آلاف باب بين كل بابين فرسخ يسكنها قوم من نسل ثمود بقيتهم الذين آمنوا بصالح عليه السلام واهل جابلص آمنوا بالنبي عليه السلام لما مر بهم ليلة الاسراء وقال فى اسئلة الحكم اما حديث جابلصا وجابلقا وايمان اهاليهما ليلة المعراج وانهما من الإنسان الاول فمشهور قُلْنا بطريق الإلهام ويدل على نبوته كونه مأمورا بالقتال معهم كما قال عليه السلام (أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله) كما فى التأويلات قال الحدادي لا يمكن اثبات نبوة الا بدليل قطعى يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً امرا ذا حسن فحذف المضاف اى أنت مخير فى أمرهم بعد الدعوة الى الإسلام اما تعذيبك بالقتل ان أبوا واما إحسانك بالعفو او الاسر وسماهما إحسانا فى مقابلة القتل ويجوز ان يكون اما واما للتوزيع والتقسيم دون التخبير اى ليكن شأنك معهم اما التعذيب واما الإحسان فالاول لمن بقي على حاله والثاني لمن تاب قالَ ذو القرنين أَمَّا مَنْ [اما كسى كه] ظَلَمَ نفسه بالإصرار على الكفر ولم يقبل الايمان منى فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ انا ومن معى فى الدنيا بالقتل وعن قتادة كان يطبخ من كفر فى القدور ومن آمن أعطاه وكساه ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فى الآخرة فَيُعَذِّبُهُ فيها عَذاباً نُكْراً منكرا لم يعهد مثله وهو عذاب النار وَأَمَّا مَنْ آمَنَ بموجب دعوتى وَعَمِلَ عملا صالِحاً حسبما يقتضيه الايمان فَلَهُ فى الدارين جَزاءً الْحُسْنى اى فله المثوبة الحسنى حال كونه مجزيا بها فجزاء حال او فله فى الدار الآخرة الجنة وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا اى مما نأمر به يُسْراً اى سهلا متيسرا غير شاق. وبالفارسية [كارى آسان فرا خور طاقت او] وتقديره ذايسر واطلق عليه المصدر مبالغة يعنى لا نأمره بما يصعب عليه بل بما يسهل قال الكاشفى [آورده اند كه لشكر ظلمت مرا بر قوم ناسك كاشت تا بكوش ودهن در آمد وزنهار خواستند وبوى ايمان آوردند] قال فى قصص الأنبياء سار ذو القرنين نحو المغرب فلا يمر بأمة الا دعاها الى الله تعالى فان أجابوه قبل منهم وان لم يجيبوه غشيتهم الظلمة فالبست مدينتهم وقراهم وحصونهم وبيوتهم وأبصارهم ودخلت أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم فلا يزالون منها متحيرين حتى يستجيبو اله حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجد عندها القوم الذين ذكرهم الله(5/293)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
فى كتابه ففعل بهم كما فعل بغيرهم ثم مشى على ما فى الظلمة ثمانية ايام كملا وثمانى ليال وأصحابه ينتظرون حتى انتهى الى الجبل الذي هو محيط بالأرض كلها وإذا يملك قابض على الجبل وهو يقول سبحان ربى من الأزل الى منتهى الدهر وسبحان ربى من أول الدنيا الى آخرها وسبحان ربى من موضع كفى الى عرش ربى وسبحان ربى من منتهى الظلمة الى النور بصوت رفيع شديد لا يفتر فلما رأى ذلك ذو القرنين خر ساجدا لله فلم يرفع رأسه حتى قواه الله وأعانه على النظر الى ذلك الجبل والملك القابض عليه فقال له الملك كيف قويت على ان تبلغ هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال قوانى الله الذي قواك على قبض هذا الجبل فاخبرنى عن قبضك على هذا الجبل فقال انى موكل به وهو جبل قاف المحيط بالأرض ولولا هذا الجبل انكفأت الأرض باهلها وليس على ظهر الأرض جبل أعظم منه فلما أراد ذو القرنين الرجوع قال للملك أوصني قال الملك يا ذا القرنين لا يهمنك رزق غد. ولا تؤخر عمل اليوم لغد. ولا تحزن على ما فاتك وعليك بالرفق ولا تكن جبارا متكبرا
تكبر كند مرد حشمت پرست ... نداند كه حشمت بحلم اندرست
وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد
همانا كه دونان گردن فراز ... درين شهر كبرست وسود او آز
چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان
تو خود را چوكودك ادب كن بچوب ... بگرز گران مغز مردم مكوب
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً اى تبع وسلك طريقا راجعا من مغرب الشمس موصلا الى مشرقها قال الكاشفى [قوم تماسك را با خود برده لشكر نور را ز پيش روان كرد وعسكر ظلمت را از پس بداشت وبجانب جنوب متوجه شده قوم هاويل را كه قطر ايمن بود مسخر كرد بهمان طريق كه در ناسك مذكور شد پس روى بمشرق نهاد] حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] مَطْلِعَ الشَّمْسِ يعنى الموضع الذي تطلع عليه الشمس اولا من معمورة الأرض. وبالفارسية [موضعى كه مبدأ عماراتست از جانب شرق] إذ لا يمكنه ان يبلغ موضع طلوع الشمس قيل بلغه فى اثنتي عشرة سنة وقيل فى اقل من ذلك بناء على ما ذكر من انه سخر له السحاب وطوى له الأسباب وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ عراة لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها من امام الشمس سِتْراً من اللباس والبناء يعنى ليس لهم لباس يتسترون به من حر الشمس ولا بناء يستظلون فيه لان ارضهم لا تمسك الابنية لغاية رخاوتها وبها أسراب فاذا طلعت الشمس دخلوا الأسراب او البحر من شدة الحر وإذا ارتفعت عنهم خرجوا يعنى [وقتى كه آفتاب ارتفاع پذيرفتى واز سمت رأس ايشان دور كشتى از زير زمين بيرون آمده ماهى كرفتندى وبا آفتاب بريان كرده خوردندى] قال الحدادي ليس على رؤسهم ولا على أجسادهم شعر وليس لهم حواجب وكأنما سلخت وجوهم وذلك من شدة حر بلادهم- وحكى- عن بعضهم خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء فقالوا بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم فاذا أحدهم يفرش اذنه ويلتحف بالأخرى ومعى صاحب يعرف(5/294)
كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
لسانهم فقالوا له جئنا ننظر كيف تطلع الشمس قال فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغشى علىّ ثم أفقت وهم يمسحوننى بالدهن فلما طلعت الشمس على الماء إذ هو فوق الماء كهيئة الزيت فادخلونا سربا لهم فلما ارتفع النهار خرجوا الى البحر يصطادون السمك ويطرحونه فى الشمس فينضج لهم عن مجاهد من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس اكثر من جميع اهل الأرض وهم الزنج وقال الكاشفى [ايشان قوم منسل بودند] وقال السهيلي رحمه الله هم اهل جابلق بالفتح وهى مدينة لها عشرة آلاف باب بين كل بابين فرسخ يقال لها بالسريانية مرقيشا وهم نسل مؤمنى قوم عاد الذين آمنوا بهود عليه السلام واهل جابلق آمنوا بالنبي عليه السلام ليلة اسرى به ووراء جابلق امم وهم من نسل وثاقيل وفارس وهم لم يؤمنوا بالنبي عليه السلام قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان هذا العالم عالم الأسباب لم يبلغ أحد الى شىء من الأشياء ولا الى مقصد من المقاصد الا ان مكنه الله تعالى وآتاه سبب بلاغ ذلك الشيء والمقصد ووفقه لاتباع ذلك السبب فباتباع السبب بلغ ذو القرنين مغرب الشمس ومطلعها كَذلِكَ اى امر ذى القرنين كما وصفناه لك فى رفعة المحل وبسطة الملك او امره فيهم كامره فى اهل الغرب من التخيير والاختيار قال الكاشفى [همچنان كرد إسكندر با ايشان كه با اهل مغرب كرد وبجانب قطر أيسر روان شد وبقومي رسيد كه ايشان را تأويل خوانند وبايشان همان سلوك نمود] وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ من الأسباب والعدد. وبالفارسية [وبدرستى كه ما احاطه داشتيم بآنچهـ نزديك او بود] خُبْراً تمييز اى علما تعلق بظواهره وخفاياه. وبالفارسية [از روى آگاهى] يعنى ان ذلك من الكثرة بحيث لا يحيط به الا علم اللطيف الخبير فانظر الى سعة لطف الله تعالى وإمداده بمن شاء من عباده فانه ذكر وهب بن منبه ان ذا القرنين كان رجلا من اهل الاسكندرية ابن امرأة عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان خارجا عن قومه ولم يكن بأفضلهم حسبا ولا نسبا ولكنه نشأ فى ذات حسن وجمال وحلم ومروءة وعفة من لدن كان غلاما الى ان بلغ رجلا ولم يزل منذ نشأ يتخلق بمكارم الأخلاق ويسمو الى معالى الأمور الى ان علاصيته وعز فى قومه والقى الله تعالى عليه الهيبة ثم انه زاد به الأمر الى ان حدث نفسه بالأشياء فكان أول ما اجمع عليه رأيه الإسلام فاسلم ثم دعا قومه الى الإسلام فاسلموا عنوة منه عن آخرهم ثم كان من امره ما كان [إسكندر را پرسيدند مشرق ومغرب بچهـ كرفتى كه ملوك پيشين را خزائن ولشكر بيش از تو بود چنين فتح ميسر نشد كفت بعون خداى عز وجل كه هر مملكت را كه كرفتم رعيتش را نيازردم ونام پادشاهان را جز بنيكويى نبردم
بزركش نخوانند اهل خرد ... كه نام بزركان بزشتى برد
وقال بعضهم
فلم ار مثل العدل للمرء رافعا ... ولم ار مثل الجور للمرء واضعا
كنت الصحيح وكنامنك فى سقم ... فان سقمت فانا السالمون غدا(5/295)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)
دعت عليك اكفت طالما ظلمت ... ولن ترّد يد مظلومة أبدا
وفى تفسير التبيان كان اى ذو القرنين ملكا جبارا فلما هلك أبوه ولى مكانه فعظم تجبره وتكبره فقيض الله له قرينا صالحا فقال له ايها الملك دع عنك التجبر وتب الى الله تعالى قبل ان تموت فغضب عليه الإسكندر وحبسه فمكث فى المحبس ثلاثة ايام فبعث الله اليه ملكا كشف سقف المجبس وأخرجه منه واتى به منزله فلما أصبح اخبر الإسكندر بذلك فجاء الى السجن فرأى سقف السجن قد ذهب فاقشعر جلد الإسكندر وعلم ان ملكه ضعيف عند قدرة الله تعالى فانصرف متعجبا وطلب الرجل المحبوس فوجده قائما يصلى على جبل طالس فقال الرجل لذى القرنين تب الى الله فهمّ بأخذه وامر جنوده به فارسل الله عليهم نارا فاحرقتهم وخر الإسكندر مغشيا عليه فلما أفاق تاب الى الله تعالى وتضرع الى الرجل الصالح وأطاع الله وأصلح سيرته وقصد الملوك الجبابرة وقهرهم ودعا الناس الى طاعة الله وتوحيده وكان من أول امره ان بنى مسجدا واسعا طوله اربعمائة ذراع وعرض الحائط اثنان وعشرون ذراعا وارتفاعه فى الهواء مائة ذراع وفيه اشارة الى انه ينبغى للغنى عند أول امره ان يصرف شطرا من ماله الى وجه من وجوه الخير لا الى ما يشتهيه طبعه ويميل اليه نفسه كما ان المفتى إذا تصدر يبدأ فى فتواه بما يتعلق بالتوحيد ونحوه وكذا لابس جديد او مغسول يبدأ بالمسجد والصلاة والذكر ونحوها لا بالخروج الى السوق وبيت الخلاء ونحوهما. ثم ان الفتح الصوري انما يبتنى على الأسباب الصورية إذ لا يحصل التسخير غالبا الا بكثرة العدد والعدد واما الفتح المعنوي فحصوله مبنى على الفناء وترك الأسباب والتوجه الى مسبب الأسباب كما قال الصائب
هر كس كشيد سر بگريبان نيستى ... تسخير كرد مملكت بي زوال را
فالاسكندر الحقيقي الذي لا يزول ملكه ولا يحيط بمالديه الا الله تعالى هو من أيد ظاهره باحكام الطاعات ومعاملات العبودية وباطنه بانوار المشاهدات وتجليات الربوبية فانه حينئذ تموت النفس الامارة وتزول يدها العادية القاهرة عن قلعة القلب ويظهر جنود الله التي لا يعلمها الا هو لكثرتها اللهم اجعلنا من المؤيدين بالأنوار الملكوتية والامداد اللاهوتية انك على ما تشاء قدير ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً اى أخذ طربقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من الجنوب الى الشمال حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] بَيْنَ السَّدَّيْنِ بين الجبلين اللذين سد ما بينهما وهما جبلان عاليان فى منقطع ارض الترك مما يلى المشرق من ورائهما يأجوج ومأجوج. والسد بالفتح والضم واحد بمعنى الجبل والحاجز او بالفتح ما كان من عمل الخلق وبالضم ما كان من خلق الله لان فعل بمعنى مفعول اى هو مما فعله الله وخلقه وانتصاب بين على المفعولية لانه مبلوغ وهو من الظروف التي تستعمل اسماء وظروفا كما ارتفع فى قوله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وانجرّ فى قوله هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما امام السدين ومن ورائهما مجاوزا عنهما وقال الكاشفى [يافت در پيش آن دو كوه] وفسره فى تفسير الجلالين ايضا بقوله عندهما قَوْماً امة من(5/296)
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
الناس لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا اى لا يفهمون كلام أحد ولا يفهم الناس كلامهم لغرابة لغتهم وقال الزمخشري لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ الا بجهد ومشقة من اشارة ونحوها كما يفهم البكم وهو الترك قال اهل التاريخ أولاد نوح ثلاثة سام وحام ويافث فسام ابو العرب والعجم والروم وحام ابو الحبش والزنج والنوبة ويافث ابو الترك والخزر والصقالبة ويأجوج ومأجوج وقال فى أنوار المشارق اصل الترك بنوا قنطورا وقنطورا امة كانت لابراهيم عليه السلام فولدت له أولادا فانتشر منهم الترك قالُوا على لسان ترجمانهم بطريق الشكاية والظاهر ان ذى القرنين كان قد اوتى اللغات ففهم كلامهم وفى التأويلات النجمية كيف اخبر عنهم انهم لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ثم قال قالُوا الآية قلنا كلمة كاد ليست لوقوع الفعل كقوله تعالى تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ اى قاربت الانفطار فلن تنفطر وإذا دخل فيها لا الجحود وما النفي تكون لوقوع الفعل كقوله تعالى فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ اى قرب ان لا يذبحوها فذبحوها وكذلك قوله لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا اى لا يفقهون قولايلين به قلب ذى القرنين ليجعل لهم السد ففقهوا بالهام الحق تعالى حتى قالوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ اسمان أعجميان بدليل منع الصرف او عربيان ومنع صرفهما للتعريف والتأنيث لانهما علمان لقبيلتين من أولاد يافث بن نوح كما سبق او من احتلام آدم عليه السلام كما ذكر فى عين المعاني وغيره ان آدم احتلم ذات يوم وامتزجت نطفته بالتراب فهم منها يتصلون بنا من جهة الأب دون الام وقال فى أنوار المشارق هذا منكر جدا لا اصل له وكذا قال فى بحر العلوم واعلم ان هذا مخالف لقوله عليه السلام (ما احتلم نبى قط) انتهى يقول الفقير سمعت من فم حضرة شيخى وسندى روح الله روحه انه قال ان أول من ابتلى بالاحتلام أبونا آدم عليه السلام لحكمة خفية كما ابتلى نبينا عليه السلام ببعض السهو لحكمة علية والحديث المذكور مخصوص بمن عداه والمنع عن الكلام فيه انما هو لرعاية الأدب فافهم جدا مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ اى فى ارضنا بالقتل والتخريب وإتلاف الزروع وكانوا يخرجون ايام الربيع فلا يتركون اخضر الا أكلوه ولا يابسا الا احتملوه وربما أكلوا الناس إذا لم يجدوا شيأ من الانعام ونحوها وكان لا يموت أحد منهم حتى ينظر الف ذكر من صلبه كلهم قد حمل السلاح ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما بنوا آدم عشرهم
چو پوزينگان آمده در وجود ... مژهـ زرد ورخ سرخ وديده كبود
ندارند جز خواب وخور هيچ كار ... نميرد يكى تا نزايد هزار
وهم اصناف صنف منهم طول الرجل منهم مائة وعشرون ذراعا وصنف منهم قدهم على شبر واحد طولهم وعرضهم سواء وصنف منهم كبار الآذان يفترش أحدهم أحد أذنبه ويلتحف بالأخرى ولهم من الشعر فى أجسادهم ما يواريهم وما يقيهم من الحر والبرد فلا يغزلون ولا ينسجون يعوون عوى الذئاب ويتسافدون كتسافد البهائم يقال سفد الذكر على أنثى نزالهم مخالب فى أيديهم واضراس كاضراس السباع وأنياب يسمع لها حركة كحركة الجرس فى حلوق الإبل لا يمرون بفيل ولا جمل ولا وحش ولا خنزير الا أكلوه ومن مات منهم(5/297)
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
أكلوه ويأكلون الحشرات والحيات والعقارب قال فى حياة الحيوان التنين ضرب من الحيات كاكبر ما يكون فيها وفى فمه أنياب مثل أسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق احمر العينين مثل الدم واسع الفم والجوف براق العينين يبتلع كثيرا من الحيوان يخافه حيوان البر والبحر إذا تحرك يموج البحر لشدة قوته وأول امره يكون حية متمردة تأكل من دواب البر ما ترى فاذا كثر فسادها احتملها ملك والقاها فى البحر فتفعل بدواب البحر ما كانت تفعل بدواب البر فيعظم بدنها حتى يكون رأسها كالتل العظيم فيبعث الله تعالى ملكا يحملها ويلقيها الى يأجوج ومأجوج قال فى قصص الأنبياء إذا قذفوا بها خصبوا والا قحطوا فَهَلْ [پس آيا] نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً جعلا من أموالنا اى اجرا نخرجه لك والخرج والخراج واحد كالنول والنوال او الخراج ما على الأرض والزمة والخرج المصدر او الخرج ما كان على كل على كل راس والخراج ما كان على البلد او الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه عَلى أَنْ تَجْعَلَ [بشرط آنكه بكنى] بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا حاجزا يمنعهم من الخروج والوصول إلينا قالَ ذو القرنين ما مَكَّنِّي بالإدغام وقرئ بالفك اى الذي مكننى وبالفارسية [آنچهـ دست رس داده مرا] فِيهِ رَبِّي وجعلنى فيه مكينا قادرا من الملك والمال وسائر الأسباب خَيْرٌ مما تريدون ان تبذلوه الىّ من الخراج فلا حاجة لى اليه ونحوه قول سليمان عليه السلام فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل وبآلات لا بد منها فى البناء أَجْعَلْ جواب الأمر بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً حاجزا حصينا وحجابا عظيما. وبالفارسية [حجابى سخت كه بعضى از ان بر بعضى مركب باشد] وهو اكبر من السد وأوثق يقال ثوب مردم اى فيه رقاع فوق رقاع وهذا اسعاف بمرامهم فوق ما يرجونه وفى التأويلات النجمية قوله تعالى آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ تفسير للقوة فيكون المراد بها ترتيب الآلات. وزبر جمع زبرة كغرف جمع غرفة وهى القطعة الكبيرة وهذا لا ينافى رد خراجهم لان المأمور به الإيتاء بالثمن والمناولة ولان إيتاء الآلة من قبيل الاعانة بالقوة دون الخراج على العمل قال فى القصص قالوا من اين لنا من الحديد ما يسع هذا العمل فدلهم على معدن الحديد والنحاس ولعل تخصيص الأمر بالايتاء بها دون سائر الآلات من الصخور ونحوها لما ان الحاجة إليها أمس إذ هى الركن فى السد قال الكاشفى [منقولست كه فرمود تا خشتها از آهن بساختند بفارغ دلى جابجا تن زدند همه روز شب خشت آهن زدند وحكم كرد تا ميان آن كوه را چهار هزار قدم بود در شصت و پنج كز عرض بكنند تا بآب رسيد] وفى القصص قاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال وقال بعضهم حفر ما بين السدين وهو مائة فرسخ حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب بدل الطين لها والبنيان من زبر الحديد بين كل زبرتين الحطب والفحم حَتَّى إِذا [تا چون] ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ الصدف منقطع الجبل او ناحيته وبين مفعول كبين السدين اى آتوه إياها فجعل يبنى شيأ فشيأ حتى إذا جعل ما بين ناحيتى الجبلين مساويا لهما فى السمك يعنى ملأ ما بينهما الى أعلاهما وكان ارتفاعه مائتى ذراع وعرضه خمسين ذراعا ثم وضع المنافخ حوله قالَ(5/298)
فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)
للعملة انْفُخُوا على زبر الحديد بالكير والنار حَتَّى إِذا جَعَلَهُ اى المنفوخ فيه وهو زبر الحديد ناراً كالنار فى الحرارة والهيئة واسناد الجعل المذكور الى ذى القرنين مع انه فعل الفعلة للتنبيه على انه العمدة فى ذلك وهم بمنزلة الآلة قالَ للذين يتولون امر النحاس من الاذابة ونحوها آتُونِي قطرا اى نحاسا مذابا أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً الإفراغ الصب اى اصبب على الحديد المحمى قطرا فحذف الاول لدلالة الثاني عليه واسناد الإفراغ الى نفسه للسر الذي وقفت عليه آنفا
بهر روى فرشى بر انگيختند ... برو روى حل كرده مى ريختند
فَمَا اسْطاعُوا بحذف تاء الافتعال تخفيفا وحذرا من تلاقى المتقاربين وقال فى برهان القرآن اختار التخفيف فى الاول لان مفعوله حرف وفعل وفاعل ومفعول فاختير فيه الحذف والثاني مفعوله اسم واحد وهو قوله نقبا انتهى والفاء فصيحة اى فعلوا ما أمروا به من إيتاء القطر فافرغ عليه فاختلط والتصق بعضه ببعض فصار جبلا صلدا اى صلبا أملس فجاء يأجوج ومأجوج فقصدوا ان يعلوه وينقبوه فما قدروا أَنْ يَظْهَرُوهُ ان يعلوه بالصعود لارتفاعه وملاسته وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً اى وما قدروا ان ينقبوه ويخرقوه من أسفله لصلابته وثخانته وهذه معجزة عظيمة لان تلك الزبر الكثيرة إذا اثرت فيها حرارة النار لا يقدر الحيوان على ان يحوم حولها فضلا عن النفخ فيها الى ان تكون كالنار او عن إفراغ القطر عليها فكأنه سبحانه صرف تأثير تلك الحرارة العظيمة عن أبدان أولئك المباشرين للاعمال فكان ما كان والله على كل شىء قدير كذا فى الإرشاد أخذا عن تفسير الامام يقول الفقير ليس ببعيد ان يكون المباشرة بالنفخ والصب من بعيد بطريق من طرق الحيل ألا ترى ان نار نمرود لما كانت بحيث لا يقرب منها أحد عملوا المنجنيق فالقوا به ابراهيم عليه السلام فيها وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رجلا أخبره به اى بالسد فقال (كيف رأيته) قال كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء قال (قد رأيته) وذلك لان الطريقة الحمراء من النحاس والسوداء من الحديد قالَ ذو القرنين هذا السد رَحْمَةٌ عظيمة ونعمة جسيمة مِنْ رَبِّي على كافة العباد لا سيما على مجاهديه وفيه إيذان بانه ليس من قبيل الآثار الحاصلة بمباشرة الخلق عادة بل هو احسان الهى محض وان ظهر بمباشرتى فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ رَبِّي مصدر بمعنى المفعول وهو يوم القيامة والمراد بمجيئه ما ينتظم مجيئه ومجيئ مباديه من خروجهم وخروج الدجال ونزول عيسى ونحو ذلك جَعَلَهُ اى السد الشار اليه مع متانته دَكَّاءَ أرضا مستوية وقرئ دكا اى مدكوكا مستويا بالأرض وكل ما انبسط بعد ارتفاع فقد اندك وفيه بيان لعظم قدرته تعالى بعد بيان سعة رحمته وَكانَ وَعْدُ رَبِّي اى وعده المعهود او كل ما وعد به حَقًّا ثابتا لا محالة واقعا البتة وفى التأويلات النجمية وفى قوله هذا الى آخر الآية دلالة على نبوته فانه اخبر عن وعد الحق وتحقيق وعده وهذا من شان الأنبياء واعجازهم انتهى وهذا آخر حكاية ذى القرنين قيل ان يأجوج ومأجوج يحقرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون الشعاع قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرون غدا ولم يستثن فيعيده الله كما كان فيأتون غدا فيجدونه كالاول فاذا أراد الله خروجهم خلق فيهم رجلا مؤمنا(5/299)
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
فيحفرون السد حتى يبقى منه اليسير فيقول لهم ارجعوا فستحفرون غدا ان شاء الله تعالى فاذا عادوا من الغد الى الحفر قال لهم قولوا بسم الله فيحفرونه ويخرجون على الناس فكل من لحقوه قتلوه وأكلوه ولا يمرون على شىء الا أكلوه ولا بماء الا شربوه فيشربون ماء دجلة والفرات ويأكلون ما فيه من السمك والسرطان والسلحفاة وسائر الدواب حتى يأتوا بحيرة طبرية بالشام وهى مملوءة ماء فيشربون فيأتى آخرهم فلا يجدون فيها قطرة ماء فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء وطافوا الأرض الا انهم لا يستطيعون ان يأتوا المساجد الاربعة مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس ومسجد طور سينا ثم يسيرون حتى ينتهوا الى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس فيقولون لقد قتلنا من فى الأرض هلم فنقتل من فى السماء فيرمون بنشابهم الى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما ويحصر نبى الله عيسى وأصحابه فى جبل الطور حتى يكون رأس الثور لاحدهم خيرا من مائة دينار لاحدكم اليوم فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيرسل الله عليهم دودا تسمى النغف فتأخذهم فى رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط عيسى وأصحابه من الطور فلا يجدون فى الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتهم فيدعو الله فيرسل الله طيرا كاعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين منتخب من المصابيح وتفسير التبيان وغيرهما وعن زينب أم المؤمنين رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول (لا اله الا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها) قالت زينب فقلت يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون قال (نعم إذا كثر الخبث) اى الزنى والمراد بهذا الحديث انه لم يكن فى ذلك الردم ثقية الى هذا اليوم وقد انفتحت فيه ثقبة وانفتاح الثقبة فيه من علامات قرب القيامة وإذا توسعت خرجوا منها وخروجهم بعد خروج الدجال قال فى فتح القريب المراد بالويل الحزن وقد وقع ما أخبر به عليه السلام بما استأثر به عليهم من الملك والدولة والأموال والامارة وصار ذلك فى غيرهم من الترك والعجم وتشتتوا فى البوادي بعد ان كان العز والملك والدنيا لهم ببركته عليه السلام وما جاء من الإسلام والدين فلما لم يشكروا النعمة وكفروها بقتل بعضهم بعضا وسلب بعضهم اموال بعض سلبها الله منهم ونقلها الى غيرهم كما قال تعالى وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ فعلى العاقل ان يحترز من فتنة يأجوج النفس والطبيعة والشيطان ويبنى عليها سد الشريعة الحصينة والطريقة المتينة ويكون إسكندر إقليم الباطن والملكوت واللاهوت وَتَرَكْنا فى القاموس الترك الجعل كأنه ضد اى وجعلنا بَعْضَهُمْ بعض الخلائق يَوْمَئِذٍ يوم إذ جاء الوعد بمجىء بعض مباديه يَمُوجُ فِي بَعْضٍ آخر والموج الاضطراب اى يضطربون اضطراب امواج البحر ويختلط انسهم وجنهم حيارى من شدة الهول وبالفارسية [روز قيامت انس وجن از روى تحير واضطراب درهم آميزند] قال فى الإرشاد لعل ذلك قبل النفخة الاولى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ هى النفخة الثانية التي عندها يكون الحشر بمقتضى الفاء التي بعدها ولعل عدم التعرض لذكر النفخة الاولى لئلا يقع(5/300)
الفصل بين ما يقع فى النشأة الاولى من الأحوال والأهوال وبين ما يقع منها فى النشأة الآخرة والمعنى نفخ اسرافيل فى الصور أرواح الخلائق عند استعداد صور الأجساد لقبول الأرواح كاستعداد الحشيش لقبول الاشتعال فتشتعل بأرواحها فاذاهم قيام ينظرون وكل يتخيل ان ذلك الذي كان فيه منام كما يتخيله المستيقظ وقد كان حين مات وانتقل الى البرزخ كالمستيقظ هناك وان الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفى الآخرة يعتقد فى امر الدنيا والبرزخ انه منام فى منام وان اليقظة الصحيحة هى التي هو عليها فى الدار الآخرة حيث لا نوم فيها وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصور فقال (هو قرن من نور ألقمه اسرافيل) واعلم ان لا شىء من الأكوان أوسع منه وإذا قبض الله الأرواح من هذه الأجسام الطبيعية حيث كانت أودعها صورا جسدية فى مجموع هذا القرن النور فجمع ما يدركه الإنسان بعد الموت فى البرزخ من
الأمور انما يدركه بعين الصورة التي هو فيها فى القرن وبنورها وهو ادراك حقيقى فمن الصور ما هى مقيدة عن التصرف. ومنها مطلقة كارواح الأنبياء كلهم وأرواح الشهداء. ومنها ما يكون لها نظر الى عالم الدنيا فى هذه الدار. ومنها ما يتجلى للنائم فى حضرة الخيال التي هى فيه وهو الذي يصدق رؤياه ابدا وكل رؤيا صادقة ولا تخطى ولكن العابر الذي يعبرها هو المخطى حيث لم يعرف ما المراد بها وكذلك قوم فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا فى تلك الصور ولا يدخلونها فانهم محبوسون فى ذلك القرن ويوم القيامة يدخلون أشد العذاب وهو العذاب المحسوس لا المنخيل كما فى تفسير الفاتحة للفنارى فَجَمَعْناهُمْ اى جمعنا الخلائق بعد ما تمزقت أجسادهم فى صعيد واحد للحساب والجزاء جَمْعاً عجيبا لم نترك من الملك والانس والجن والحيوانات أحدا وفى الحديث (السعيد فى ذلك اليوم فى ذلك الجمع من يجد مكانا يضع عليه أصابع رجليه) كما فى ربيع الأبرار وقال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الله تعالى من كمال قدرته يحيى الخلق بسبب يميتهم به وهو النفخة وبالنفخة الاولى كما أماتهم كقوله تعالى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ كذلك بالنفخة الاخيرة أحياهم كقوله وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً وفيه اشارة الى ان الخلق محتاجون الى اتباع سبب كل شىء ليبلغوا اليه وهم لا يقدرون على ان يجعلوا سببا لشئ سببا لشئ آخر على ضده والخالق سبحانه هو المسبب فهو قادر على ان يجعل الشيء الواحد سببا لوجود الشيئين المتضادين كما جعل النفخة فى الصور سببا للممات والحياة: وفى المثنوى
سازد اسرافيل روزى ناله را ... جان دهد پوسيده صد ساله را «1»
انبيا را در درون هم نغمهاست ... طالبانرا زان حيات بي بهاست
نشنود آن نغمها را كوش حس ... كز ستمها كوش حس باشد نجس
نشنود نغمه پرى را آدمي ... كو بود ز اسرار پريان أعجمي
كر چهـ هم نغمه پرى زين عالمست ... نغمه دل برتر از هر دو دمست
كر پرى وآدمي زندانيند ... هر دو در زندان اين نادانيند
نغمهاى اندرون أوليا ... اولا كويد كه اى اجزاى لا
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان داستان پير چنكى كه در عهد عمر براى خراى در كور سستان إلخ؟؟(5/301)
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)
هين ز لاى نفى سرها بر زنيد ... اين خيال ووهم يكسو افكنيد
اى همه پوشيده در كون وفساد ... جان باقيتان نروييد ونزاد
هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما
جان هر يك مرده از كور تن ... بر جهد ز آوازشان اندر كفن
كويد اين آواز ز آواها جداست ... زنده كردن كار آواز خداست
ما بمرديم وبكلى كاستيم ... بانك حق آمد همه بر خاستيم
مطلق آن آواز خود از شه بود ... كر چهـ از حلقوم عبد الله بود
وَعَرَضْنا يقال عرض الشيء له أظهره اى أظهرنا جَهَنَّمَ معرب والأصل [چهـ نم] كذا قال البعض يَوْمَئِذٍ يوم إذ جمعنا الخلائق كافة لِلْكافِرِينَ منهم حيث جعلناها بحيث يرونها ويسمعون لها تغيظا وزفيرا عَرْضاً هائلا لا يعرف كنهه وفى الحديث (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها) اى يؤتى بها (يوم القيامة من المكان الذي خلقها الله فيه فتوضع بأرض حتى لا يبقى طريق للجنة الا الصراط) وهذه الازمة تمنعها عن الخروج على اهل المحشر الا من شاء الله كذا فى شرح المشارق لابن ملك وتخصيص العرض بالكافرين مع انها بمرأى من اهل الجمع قاطبة لان ذلك لاجلهم خاصة وهذا العرض يجرى مجرى العقاب لهم من أول الأمر لما يتداخلهم من الغم العظيم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان جهنم لو كانت معروضة على أرواح الكافرين قبل يوم القيامة كما كانت معروضة على أرواح المؤمنين لآمنوا بها كما آمن المؤمنون بها إذ لم تكن أعينهم فى غطاء عن ذكر الله وكانوا يستطيعون سمعا لكلام الله تعالى لان آذان قلوبهم مفتوحة الَّذِينَ الموصوفون مع صلته نعت للكافرين او بدل ولذا لا وقف على عرضا كما فى الكواشي كانَتْ أَعْيُنُهُمْ وهم فى الدنيا فِي غِطاءٍ غلاف غليظ محاطة بذلك من جميع الجوانب. والغطاء ما يغطى الشيء ويستره. وبالفارسية [پرده و پوشش] عَنْ ذِكْرِي عن الآيات المؤدية لاولى الابصار المتدبرين فيها الى ذكرى بالتوحيد والتمجيد كما قيل
ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد
برك درختان سبز در نظر هوشيار ... هر ورقى دفتريست معرفت كردكار
وَكانُوا مع ذلك لا يَسْتَطِيعُونَ لفرط تصاممهم عن الحق وكمال عداوتهم للرسول صلى الله عليه وسلم سَمْعاً استماعا لذكرى وكلامى يعنى ان حالهم أعظم من الصمم فان الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به وهؤلاء زالت عنهم تلك الاستطاعة
چون تو قرآن خوانى اى صدرامم ... كوش شانرا پرده سازم از صمم
چشمشانرا نيز سازم چشم بند ... تا ببينند وكلامت نشنوند
قال فى الإرشاد وهذا تمثيل لاعراضهم عن الادلة السمعية كما ان الاول تصوير لتعاميهم عن الآيات المشاهدة بالأبصار قال بعض الكبار كانت أعين نفوسهم فى غطاء الغفلة عن نظر العبرة وأعين قلوبهم فى غطاء حب الدنيا وشهواتها عن رؤية درجات الاخرة ودركاتها(5/302)
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)
وأعين أسرارهم فى غطاء الالتفات الى التكوين عن شواهد المكون وأعين أرواحهم فى غطاء تذكار ما سوى الله تعالى عن ذكر الله تعالى فاذا فتحت العين الباطنة بالمشاهدة فتحت العين الظاهرة بنظر الاعتبار وكذا السمع بظاهر السمع تابع لسمع الباطن ويدخل فى سماع كلام الحق سماع سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم وسير الصالحين أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا الهمزة للانكار والتوبيخ على معنى انكار الواقع واستقباحه كما فى قولك أضربت أباك لانكار الوقوع كما فى أتضرب أباك والفاء للعطف على مقدر تفصح عنه الصلة على توجيه الإنكار والتوبيخ الى المعطوفين جميعا اى أكفروا بي مع جلالة شأنى فحسبوا وظنوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي من الملائكة وعيسى وعزير وهم تحت سلطانى وملكوتى مِنْ دُونِي مجاوزين إياي اى تاركين عبادتى أَوْلِياءَ معبودين ينصرونهم من بأسى على معنى ان ذلك ليس من الاتخاذ فى شىء لما انه انما يكون من الجانبين وهم عليهم السلام منزهون عن ولايتهم بالمرة لقولهم سبحانك أنت ولينا من دونهم وقيل مفعوله الثاني محذوف اى أفحسبوا اتخاذهم نافعالهم والوجه هو الاول لان فى هذا تسليما لنفس الاتخاذ واعتدادا به فى الجملة كذا فى الإرشاد إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ هيأناها لِلْكافِرِينَ المعهودين نُزُلًا وهو ما يعد للنزيل والضيف اى أحضرنا جهنم للكافرين كالنزل المعد للضيف وفيه تهكم بهم كقوله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وايماء الى ان لهم وراء جهنم من العذاب ما هى أنموذج له وهو كونهم محجوبين عن رؤية الله تعالى كما قال تعالى كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ جعل الصلىّ اى الدخول تاليا فى المرتبة للمحجوبية فهو دونها فى الرتبة وفسره ابن عباس رضى الله عنهما بموضع النزول والمثوى. فالمعنى بالفارسية [منزل ومأوايى كه براى مهمان آرند ودرين معنى تهكم است بر آنكه ايشانرا عذابها خواهد بود كه دوزخ در پيش آن چيزى محقر باشد] وفى الاية اشارة الى ان من ادعى محبة الله وولاءه لا يتخذ من دون الله اولياء إذ لا يجتمع ولاية الحق وولاية الخلق ومن كفر بنعمة الولاء واتخذ من دون الله اولياء فله جهنم البعد والقطيعة ابدا وقد قال بعض المحققين أبت المحبة ان تستعمل محبا لغير محبوبه وحب الله تعالى قطب تدور عليه الخيرات واصل جامع لانواع الكرامات وعلامته الجريان على موجب الأمر والنهى كما قال بعضهم نزه ربك وعظمه من ان يراك حيث نهاك او يفقدك حيث أمرك فالذين كفروا أضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وعبدوا المعدوم وهو ما سوى الله الملك العلام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام فلا جرم جعل الله لهم جهنم نزلا وشر مقام واما المؤمنين فقد جاهدوا فى الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات وما عبدوا غير الموجود الحقيقي فى وقت من الأوقات فلا جرم احسن الله إليهم بالدرجات العاليات فالخلاص والنجاة فى التوجه الى الله رفيع الدرجات- حكى- انه كان ملك مشرك جبار فأخذه المسلمون فجعلوه فى قمقمة ووضعوها فى نار شديدة فاسلم وتضرع الى الله تعالى فامطرت السماء فخرجت ريح شديدة والقتها فى مملكة فرآها اهل تلك المملكة وسألوه فقال انا الملك الفلاني فلما أسلمت وتضرعت الى الله خلصنى من الشدة فاسلم اهل تلك المملكة لمارأوا عظم قدرة(5/303)
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)
الله تعالى وشاهدوا شواهد توحيده والحمد لله تعالى قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ نخبركم انا ومن تبعني من المؤمنين ايها الكفرة بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا نصب على التمييز والجمع للايذان بتنوعها اى بالقوم الذين هم أشد الخلق وأعظمهم خسرانا فيما عملوا. وبالفارسية [بر زيانكار ترين مردمان از روى كردارها] قال فى الإرشاد هذا بيان حال الكفرة باعتبار ما صدر عنهم من الأعمال الحسنة فى أنفسها من صلة الرحم واطعام الفقراء وعتق الرقاب ونحوها وفى حسبانهم ايضا حيث كانوا معجبين بها واثقين بنيل ثوابها ومشاهدة آثارها غب بيان حالهم باعتبار أعمالهم السيئة فى أنفسها مع كونها حسنة فى حسبانهم الَّذِينَ كأنه قيل منهم فقيل هم الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فى اقامة الأعمال الحسنة فى أنفسها اى ضاع وبطل بالكلية. وبالفارسية [كم شد وضائع كشت شتافتن ايشان بعملهاى نيكو نماى] فِي الْحَياةِ الدُّنْيا متعلق بالسعي لا بالضلال لان بطلان سعيهم غير مختص بالدنيا وَهُمْ اى ضل والحال انهم يَحْسَبُونَ يظنون أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً يعنى يعملون عملا ينفعهم فى الآخرة. وبالفارسية [وايشان مى پندارند آنكه ايشان نيكويى ميكنند كار را] والإحسان الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي اى يحسبون انهم يعملون ذلك على الوجه اللائق وذلك لاعجابهم بأعمالهم التي سعوا فى إقامتها وكابدوا فى تحصيلها وفى الآية اشارة الى اهل الأهواء والبدع واهل الرياء والسمعة فان اليسير من الرياء شرك وان الشرك محبط الأعمال كقوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وان هؤلاء القوم يبتدعون فى العقائد ويراؤون بالأعمال فلا يعود وبال البدعة والرياء الا إليهم والحاصل ان العمل المقارن بالكفر باطل وان كان طاعة وكذا العمل المقارن بالشرك الخفي وإذا كان ما هو طاعة مردودا لمجاورته المنافى فماظنك بما هو معصية فى نفسه وهو يظنه طاعة فيأتى به فمثل اهل الرياء والسمعة والبدعة وطالب المنة والشكر من الخلق على معروفه وكذا الرهبان الذين حبسوا أنفسهم فى الصوامع وحملوها على الرياضات الشاقة ليسوا على شىء
كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى چون تو محروم نيست
كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... در دوزخش را بنايد كليد
وعن على رضى الله عنه هم اهل حروراء قرية بالكوفة وهم الخوارج الذين قاتلهم على ابن ابى طالب رضى الله كما فى التكملة. والخوارج قوم من زهاد الكوفة خرجوا عن إطاعة على رضى الله عنه عند رضاه بالتحكيم بينه وبين معاوية قالوا كفر بالتحكيم ان الحكم الا لله وكانوا اثنى عشر الف رجل اجتمعوا ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء وقطعوا السبيل فخرج إليهم على رضى الله عنه ورام رجوعهم فابوا الا القتال فقاتلهم بالنهروان فقتلهم واستأصلهم ولم ينج منهم الا القليل وهم الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم (يخرج قوم فى أمتي يحقر أحدكم صلاته فى جنب صلاتهم وصومه فى جنب صومهم ولكن لا يجاوز ايمانهم تراقيهم) وقال عليه السلام (الخوارج كلاب النار) كذا فى شرح الطريقة أُولئِكَ(5/304)
ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)
المنعوتون بما ذكر من ضلال السعى مع الحسبان المزبور الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ بدلائله الداعية الى التوحيد عقلا ونقلا وَلِقائِهِ بالبعث وما يتبعه من امور الآخرة على ما هى عليه فَحَبِطَتْ بطلت بذلك أَعْمالُهُمْ المعهودة حبوطا كليا فلا يثابون عليها فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى لاولئك الموصوفين بما مر من حبوط الأعمال وَزْناً اى فنزدرى بهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا [بلكه خوار ومبتذل خواهند بود] لان مداره الأعمال الصالحة وقد حبطت بالمرة وحيث كان هذا الازدراء من عواقب حبوط الأعمال عطف عليه بطريق التفريع واما ما هو من اجزية الكفر فسيجيئ بعد ذلك وفى الحديث (يؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة) اى لا يوضع له قدر لخساسته وكفره وعجبه (اقرأوا ان شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) اى لا نضع لاجل وزن أعمالهم ميزانا لانه انما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليتميز به مقادير الطاعات والمعاصي ليترتب عليه التكفير او عدمه لان ذلك فى الموحدين بطريق الكمية واما الكفر فاحباط للحسنات بحسب الكيفية دون الكمية فلا يوضع لهم الميزان قطعا وفى التأويلات النجمية لان وزن الاشخاص والأعمال فى ميزان القيامة انما يكون بحسب الصدق والإخلاص فمن زاد إخلاصه زاد ثقل وزنه ومن لم يكن فيه وفى اعماله اخلاص لم يكن له ولا لعمله وزن ومقدار كما قال الله تعالى وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ اى بلا اخلاص فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً فلا يكون للهباء المنثور وزن ولا قيمة ذلِكَ اى الأمر ذلك وقوله تعالى جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ جملة مبينة له بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً يعنى بسبب كفرهم وإنكارهم لما يجب ايمانهم وإقرارهم به واتخاذهم القرآن وغيره من الكتب الالهية ورسل الله وأنبياءه سخرية واستهزاء من قبيل الوصف بالمصدر للمبالغة يعنى انهم بالغوا فى الاستهزاء بآيات الله ورسله فكأنهم جعلوها وإياهم عين الاستهزاء او المعنى مهزوا بهما او مكان هزء واعلم ان العلماء ورثة الأنبياء وعلومهم مستنبطة من علومهم فكما ان العلماء العاملين ورثة الأنبياء والمرسلين فى علومهم وأعمالهم كذلك المستهزءون بهم ورثة ابى جهل وعقبة ونحوهما فى استهزائهم وضلالهم ومن استهزاء ابى جهل بالنبي صلى الله عليه وسلم انه كان يخلج بانفه وفمه خلف رسول الله يسخر به فاطلع عليه عليه السلام يوما فقال (كن كذلك) فكان كذلك الى ان مات. ومن استهزاء عقبة به عليه السلام انه بصق يوما فى وجه النبي صلى الله عليه وسلم فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا وفى حقه نزل وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ اى فى النار يأكل احدى يديه الى المرفق ثم يأكل الاخرى فتنبت الاولى فيأكلها وهكذا كذا فى انسان العيون وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم باب من الجنة فيقال هلم هلم فيجيئ بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان الرجل ليفتح له الباب فيقال هلم هلم فما يأتيه) كما فى الطريقة اللهم اجعلنا من اهل الجد لا من اهل الهزل ووفقنا للعمل بما فى القرآن الجزل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا فى الدنيا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأعمال وهى ما كانت خالصة لوجه الله تعالى كانَتْ لَهُمْ فى علم الله تعالى جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ [بهشتهاى فردوس يعنى بوستانهاى مشتمل بر أشجار كه(5/305)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)
اكثر آن تاك بود] قال فى القاموس الفردوس البستان يجمع كل ما يكون فى البساتين يكون فيه الكروم وقد يؤنث عربية أو رومية نقلت او سريانية انتهى نُزُلًا خبر كانت والجار والمجرور متعلق بمحذوف على انه حال من نزلا والنزل المنزل وما هيئ للضيف النازل اى كانت جنات الفردوس منازل مهيأة لهم او ثمار جنات الفردوس نزلا او جعلت نفس الجنات نزلا مبالغة فى إكرام وفيه إيذان بانها عند ما أعدها الله لهم على ما جرى على لسان النبوة من قوله (اعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) بمنزلة النزل بالنسبة الى الضيافة قال الكاشفى هى دولة اللقاء: قال الحافظ
نعمت فردوس زاهد را وما را روى دوست ... قيمت هر كس بقدر همت والاى اوست
وفى المثنوى
هشت جنت هفت دوزخ پيش من ... هست پيدا همچوبت پيش شمن
ومن هنا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره لو عذ بنى الله يوم القيامة لشغلنى بالجنة ونعيمها فلا جنة أعلى من جنة اللقاء والوصال ولا نار أشد من نار الهجران والفراق
روز شب غصه وخون ميخورم و چون نخورم ... چون ز ديدار تو دورم بچهـ باشم دلشاد
خالِدِينَ فِيها حال مقدرة اى مقدرين الخلود فى تلك الجنات لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا مصدر كالصغر والجملة حال من صاحب خالدين اى لا يطلبون تحولا وانتقالا عنها الى غيرها كما ينتقل الرجل من دار إذا لم توافقه الى دار إذ لا مزيد عليها وفيها كل المطالب قال الامام وهذا الوصف يدل على غاية الكمال لان الإنسان فى الدنيا إذا وصل الى أي درجة كانت فى السعادة فهو طامح الطرف الى ما هو أعلى منها ويجور ان يراد نفى التحول وتأكيد الخلود كما فى تفسير الشيخ وهذا كناية عن التخليد وقال المراد بالفردوس ربوه خضراء فى الجنة أعلاها وأحسنها يقال لها سرة الجنة وفى الحديث (الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض الفردوس أعلاها فيها تتفجر الأنهار الاربعة وفوقها عرش الرحمن فاذا سألتم الله فاسألوا الفردوس) وفى الحديث (جنات الفردوس اربع جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما فضة وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ذهب) [ودر تبيان آورده كه خداى تعالى فردوس را بيد قدرت خود آفريده وبمقدار هر روز از روزهاى دنيا پنجاه كرت بدو نظر كرده وميفرمايد كه «از دادى طيبا وحسنا لاوليائى» افزون ساز حسن جمال وتازگى و پاكى خود را براى دوستان من] وفى بعض الروايات (يفتحها كل يوم خمس مرات) يقول الفقير التوفيق بين الروايتين ان الاولى من مقام التفصيل والثانية من مقام الإجمال إذ المقصود ازدياد حسنها وطيبها كلما ادى الصلوات الخمس وهى فى الأصل خمسون صلاة كما سبق فى بحث المعراج وفى الحديث (ان الله غرس الفردوس بيده ثم قال وعزتى وجلالى لا يدخلها مدمن خمر ولا ديوث) قيل ما الديوث يا رسول الله قال (الذي يرضى الفواحش لاهله) كما فى تفسير الحدادي وقال فى بحر العلوم قال عليه السلام (ان الله كبس عرصة جنة الفردوس بيده ثم بناها لبنة من ذهب مصفى ولبنة من مسك مذرى وغرس فيها من طيب الفاكهة وطيب الريحان وفجر(5/306)
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)
فيها أنهارها ثم اوفى ربنا على العرش فنظر إليها فقال وعزتى لا يدخلك مد من خمر ولا مصر على زنى) يقول الفقير ان قلت فعلى ما ذكر من أوصاف الفردوس يكون مقام المقربين فكيف يترتب جزاء الخاصة على العامة قلت يؤول العنوان بمن جمع بين الايمان والعمل على وجه الكمال وهو بان آمن ايمانا عيانيا بعد ما آمن برهانيا وعمل بإخلاص الباطن وشرائط الظاهر على وفق الشريعة وقانون الطريقة فيدخل فيه الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر على ما فسر كعب فان الدلالة على الخير والمنع من الشر من فواضل الأعمال وخواص الرجال. ويدل على ما ذكرنا ما قبل الآية من قوله تعالى فى حق الكفار أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فان المراد بيان المؤمنين المتصفين باضداد ما اتصفوا به والايمان باللقاء اى الرؤية والمشهود بعد الايمان بالآيات والشاهد وهو بالترقي من العلم والغيب والآثار الى العين والشهادة والأنوار ويدل عليه ما بعد الآية ايضا من قوله تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا الى آخره فافهم وهكذا لاح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال نسأل الله الفردوس بل وتجلى جماله والاحتظاظ بكاسات وصاله: قال الحافظ
كداى كوى تو از هشت خلد مستغنيست ... أسير عشق تو از هر دو كون آزادست
قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ [بگو اگر باشد درياى محيط كه شامل ارضست] كذا فى تفسير الكاشفى وقال غيره يريد الجنس يعنى لو كان ماء جنس البحر مِداداً نقسا وحبرا والثلاثة بمعنى ما يكتب به نزلت حين قال حيى بن اخطب فى كتابكم وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ثم تقرءون وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا كأنه يشير الى ان التوراة خير كثير فكيف يخاطب أهلها بهذا الخطاب يعنى ان ذلك خير كثير بالنسبة إلينا ولكنه قطرة من بحر كلمات الله
علمها از بحر علمش قطره ... اين چوخورشيدست وآنها ذره
كر كسى در علم صد لقمان بود ... پيش علم كاملش نادان بود
لانه لو كان ماء البحر مدادا لِكَلِماتِ رَبِّي لكلمات علمه وحكمته يعنى لمعلوماته وحكمه فتكتب من ماء البحر كما تكتب من المداد والبحر قال فى تفسير الجلالين لِكَلِماتِ رَبِّي اى لكتابتها وهى حكمه وعجائبه والكلمات هى العبارات عنها انتهى لَنَفِدَ الْبَحْرُ يعنى ماء جنس البحر باسره مع كثرته ولم يبق فيه شىء لان كل جسم متناه قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي اى من غير ان تفنى معلوماته وحكمه فانها غير متناهية لا تنفد كعلمه فلا دلالة للكلام على نفادها بعد نفاد البحر وانما اختار جمع القلة على الكثرة وهى الكلم تنبيها على ان ذلك لا يقابل بالقليل فكيف بالكثير كما فى بحر العلوم وقال ابو القاسم الفزاري فى الاسئلة المقحمة ما معنى قوله كلمات ربى فذكر بلفظ الجمع وكلمته واحدة صفة له والجواب قيل معانى كلمات ربى فلا نهاية لها لان متعلقات الصفات القديمة غير متناهية والفلاسفة يحملون كل كلمة جاءت فى القرآن على الروح ويقولون بان الروح الانسانية قديمة منه بدت واليه تعود. ورأيت فى كلمات بعض المعاصرين الذين يدعون التحقيق فى الكلام ويحومون(5/307)
حول هذا الحمى إظهارا من نفوسهم التفطن فى الشطح ولكن تارة يعرض بها وتارة يصرح بذلك وإياكم ثم إياكم والاغترار بها فانها من أوائل حكم الفلسفة وأوائل- العلوم مسوقة ولكنها عند البحث فلما تعود بطائل يتروج وهو مطوى ويهجر وهو منشور انتهى وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ بمثل البحر الموجود يعنى بمائة وقال الكاشفى [واگر نيز بياريم مثل درياى محيط] مَدَداً تمييز اى زيادة ومعونة اى لنفد ايضا والكلمات غير نافدة لعدم نناهيها فحذف جزاء الثاني لدلالة الاول عليه ويجوز ان يكون التقدير ولو جئنا بمثله مددا ما نفدت كلمات الله وهو احسن لكونه أوفق بقوله وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ ولانه يدل به على تحقق نفاد البحر وعدم تحقق نفاد الكلمات صريحا فيكفى مؤنة كثيرة من الكلام كما فى بحر العلوم قال فى الإرشاد قوله وَلَوْ جِئْنا كلام من جهته تعالى غير داخل فى الكلام الملقن يجئ به لتحقيق مضمونه وتصديق مدلوله والواو لعطف الجملة على نظيرتها اى لنفد البحر من غير نفاد كلماته تعالى لو لم يجئ بمثله مددا ولو جئنا بقدرتنا القاهرة بمثله عونا وزيادة لان مجموع المتناهيين متناه بل مجموع ما يدخل تحت الوجود من الأجسام لا يكون الا متناهيا لقيام الادلة القاطعة على تناهى الابعاد قال الامام قولنا الله تعالى قادر على مقدورات غير متناهية مع قولنا ان حدوث ما لا نهاية له محال معناه ان قادرية الله تعالى لا تتهى الى حد الا ويصح منه الإيجاد بعد ذلك انتهى اى فلا يلزم منه عدم تناهى الممكنات قال شيخى وسندى قدس الله سره فى بعض تحريراته قوله كلمات علمه وحكمته الظاهر ان المراد الكلمات التي يعبر بها عن معلومات الله تعالى وما يتعلق به حكمته فكلمة قبل على المجاز عن نفاد البحر دون ان يكون لها تحقق النفاد اى ينفد البحر ولا يتحقق لكلمات الرب نفاد فان قلت انما يتم ما ذكرتم إذا كانت الكلمات هى المعلومات المحكومة والمقدورة كالممكنات والممتنعات فكيف يتم ما ذكرتم إذ كل منهما مما ينفد ويتناهى فههنا إشكال لانه ان قيل انهما ليسا من المعلومات فيلزم انهما من غير المعلومات فيلزم على الباري تعالى ما هو المحال والمفقود فى حقه الا على من الجهل والغفلة فهو غير متصور فى شأنه العلى قلنا ان البحر إذا كان مدادا وكانت كل قطره منه قد عينت لان يكتب بها نفسها باعتبار كونها من الكلمات والمعلومات ينفد بكتابة نفسه وقطراته ولا يبقى منه شىء يكتب به ما عداه من الكلمات ولو جيئ بمثله مددا لان جميع المتناهي متناه فضلا عن نفاد الكلمات وتناهى المعلومات فانها غير متناهية لا تنفد او قلنا ان المراد مطلق المعلومات العام الشامل لكل ما يتعلق به علمه سواء كان ذات الباري تعالى وصفاته العليا وأسماءه الحسنى او غيره من الموجودات الممكنة والمعدومات الممتنعة فحينئذ يتم ما ذكرنا وان كان يرى فى صورة ما لا يتم ولا يصح باعتبار ان يكون من المعلومات ماله تناه ونفاد
من الممكنات والممتنعات ثم ان فى اطلاق الكلمات على بعض ما يتعلق به علمه تعالى ما ليس فى اطلاق المعلومات عليه من الاشكال والخفاء كذات الباري تعالى وصفاته مع انهما من المعلومات المعبر عنها بالكلمات فيرى ان تفسير الكلمات بالمحكومات او بالمقدورات اولى منه بالمعلومات إذ فى اضافة الكلمات(5/308)
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)
الى الرب اشعار به واشارة اليه وتسمية الممكنات بالكلمات من تسمية المسبب باسم السبب لانها انما تكوّنت بكلمة كن كما قال تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ الآية ومحصل الكلام ان نفاد البحر وقوعا او فرضا امر ذاتى غير معلل مطلقا كان مدادا أم لا فان كل جسم متناه ونافد قطعا وعدم نفاد كلمات الرب لا وقوعا ولا فرضا امرا صلى غير معلل ازلا فانها غير متناهية ابدا ولا نافدة سرمدا انتهى كلام حضرة الشيخ روح الله روحه قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قل يا محمد ما انا الا آدمي مثلكم فى الصورة ومساويكم فى بعض الصفات البشرية يُوحى إِلَيَّ من ربى أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ما هو الا متفرد فى الالوهية لا نظير له فى ذاته ولا شريك له فى صفاته يعنى انا معترف ببشريتى ولكن الله من على من بينكم بالنبوة والرسالة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان بنى آدم فى البشرية واستعداد الانسانية سواء النبي والولي والمؤمن والكافر والفرق بينهم بفضيلة الايمان والولاية والنبوة والوحى والمعرفة بان اله العالمين اله واحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد انتهى كما قال الشيخ سعدى
ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست
فَمَنْ كانَ يَرْجُوا شرط جزاؤه فليعمل. والمعنى بالفارسية [پس هر كه اميد ميدارد] لِقاءَ رَبِّهِ قال فى الإرشاد كان للاستمرار ولرجاء توقع وصول الخبر فى المستقبل والمراد بلقائه كرامته اى فمن استمره على رجاء كرامته تعالى وقال الامام أصحابنا حملوا لقاء الرب على رؤيته والمعتزلة على لقاء ثوابه يقال لقيه كرضيه راء كما فى القاموس فَلْيَعْمَلْ لتحصيل ذلك المطلوب العزيز عَمَلًا صالِحاً [كارى شايسته يعنى پسنديده خداى] قال الانطاكى من خلق المقام بين أيدي الله فليعمل عملا يصلح للعرض عليه والرجاء يكون بمعنى الخوف والأمل كما فى البغوي وقال ذو النون العمل الصالح هو الخالص من الرياء وقال ابو عبد الله القرشي العمل الصالح الذي ليس للنفس اليه التفات ولا به طلب ثواب وجزاء وقال فى التأويلات النجمية العمل الصالح متابعة النبي عليه السلام والتأسي بسنته ظاهرا وباطنا فاما سنة باطنه فالتبتل الى الله وقطع النظر عما سواه [يعنى ديده همت از ما سوى بر بستن وجز بشهود حضرت مولى ناكشودن] كما قال الله تعالى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى
روى از همه برتافتم وسوى تو كردم ... چشم از همه بربستم وديدار تو ديدم
وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [شريك نيارد وانباز نسازد بپرستش پروردگار خود يكى را] قال ابو البقاء اى فى عبادة ربه ويجوز ان يكون على بابه اى بسبب عبادة ربه انتهى وفى الإرشاد اشراكا جليا كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ولا اشراكا خفيا كما يفعله اهل الرياء ومن يطلب به اجرا انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم يقل ولا شرك به لانه أراد العمل الذي يعمله ويحب ان يحمد عليه وعن الحسن هذا فيمن أشرك بعمل يريد الله به والناس على ما روى ان جندب بن زهير رضى الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم انى لاعمل العمل لله فاذا اطلع عليه أحد سرنى فقال (ان الله لا يقبل ما شورك فيه) فنزلت تصد يقاله عليه السلام وروى انه قال له (لك أجران اجر السر واجر العلانية) وهذا على(5/309)
حسب النية فاذا سره ظهوره ليقتدى به كما هو شأن الكاملين المخلصين المعرضين عما سوى الله او تنتفى عنه التهمة إذ كان ذلك من الواجبات فله أجران فاما إذا أراد به مجرد مدح الناس وانتشار الصيت والذكر فهو محض الرياء والشرك فيخفى المقتدى احترازا عن إفساد العمل وعن عبد الله بن غالب انه كان إذا أصبح يقول رزقنى الله البارحة خيرا قرأت كذا وصليت كذا فاذا قيل له يا أبا فراس أمثلك يقول مثل هذا يقول قال الله تعالى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وأنتم تقولون لا تحدث بنعمة الله وانما يجوز مثله إذا قصد به اللطف وان يقتدى به غيره وأمن على نفسه الفتنة والستر اولى ولو لم يكن فيه الا التشبه باهل الرياء والسمعة لكفى كذا فى الكشاف فى سورة الضحى. والآية جامعة لخلاصتى العلم
والعمل وهما التوحيد والإخلاص فى العمل: قال الشيخ سعدى قدس سره
عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكر نه چهـ آيد زبى مغز پوست
چهـ زنار مغ در ميانت چهـ دلق ... كه در پوشى از بهر پندار خلق
بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت
قال فى بحر العلوم ان قلت ما معنى الرياء قلت العمل لغير الله بدليل قوله عليه السلام (ان أخوف ما أخاف على أمتي الا شراك بالله اما انى لا أقول يعبدون شمسا ولا قمرا ولا شجرا ولا وثنا ولكن أعمالا لغير الله تعالى) قال فى الأشباه ولا يدخل الرياء فى الصوم انتهى هذا إذا لم يجوّع نفسه إظهارا لاثره فى وجهه او لم يقل ولم يعرض به كما لا يخفى على ما روى عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من صلى صلاة يرائى بها فقد أشرك ومن صام صوما يرائى به فقد أشرك) وقرأ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ الآية كما فى الحدادي وقس عليه التصدق والحج وسائر وجوه البر
مرايى هر كسى معبود سازد ... مرايى را از ان كفتند مشرك
وفى الحديث (انما حرم الله الجنة على كل مرائى) ليس البر فى حسن اللباس والزي ولكن البر المسكنة والوقار
كرا جامه پاكست وسيرت پليد ... در دوزخش را نبايد كليد
بنزديك من شب رو راهزن ... به از فاسق پارسا پيرهن
وفى الحديث (إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك فى عمل عمله لله أحدا فليطلب ثواب عمله من عند غير الله فان الله اغنى الشركاء عن الشرك)
ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار
وفى الحديث (ان فى جهنم واديا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي فى كل يوم مائة مرة أعد ذلك للمرائين) وفى الحديث (اتقوا الشرك الأصغر) قيل وما الشرك الأصغر قال (الريا) وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي فاياكم وشرك السرائر فان الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا فى الليلة الظلماء) فشق على الناس فقال عليه السلام (أفلا أدلكم على ما يذهب(5/310)
صغير الشرك وكبيره قولوا اللهم انى أعوذ بك من ان أشرك بك شيأ وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم) كذا فى عين المعاني- حكى- ان بعض الخلفاء أراد ان يتطهر فعدا غلمانه ليصبوا عليه الماء فصدهم عن ذلك وتلا هذه الآية وأظنه المرتضى على بن ابى طالب رضى الله عنه كذا فى الاسئلة المقحمة لابى القاسم الفزاري يقول الفقير كان المرتضى رضى الله عنه عمم الإشراك الى الرياء والاستعانة فى الوضوء ونحوه نظرا الى ظاهر النظم وذلك زيادة فى التقوى ونظيره ان الشافعي أوجب الوضوء من لمس المرأة باليد ونحوها نظرا الى اطلاق قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ وهو عمل بالعزيمة كما لا يخفى وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) رواه مسلم قال ابن ملك اللام فيه للعهد ويجوز ان تكون للجنس لان الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس وقد جاء فى الحديث (يكون فى آخر الزمان دجالون) فاهل الأهواء والبدع دجاجلة زمانهم والسر فى العصمة منه ان هذه الآيات العشر مشتملة على قصة اصحاب الكهف وهم لما التجئوا الى الله تعالى من شر دقيانوس الكافر أنجاهم الله منه فالمرجو منه تعالى ان يحفظ قارئها من الدجال ويثبته على الدين القويم وفى رواية للنسائى (من قرأ العشر الأواخر من من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من قرأ الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه الى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه) رواه الحاكم وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال عليه السلام (من قرأ سورة الكهف فى يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه الى عنان السماء يضيئ له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين) وعن ابى سعيد (قال من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) رواه الدارمي فى مسنده موقوفا على ابى سعيد كذا فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى وفى تفسير التبيان روى عبد الله بن فردة رضى الله عنه قال قال عليه السلام (ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون الف ملك حين نزلت ملأ عظمها ما بين السماء والأرض لتاليها مثل ذلك) قالوا بلى يا رسول الله قال (سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر له الى يوم الجمعة الاخرى وزيادة ثلاثة ايام واعطى نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال) وفى تفسير الحدادي عن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من قرأ سورة الكهف فهو معصوم الى ثمانية ايام من كل فتنة تكون فيها ومن قرأ الآية التي فى آخرها حين يأخذ مضجعه كان له نور يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم من مضجعه وان كان مضجعه بمكة فتلاها كان له نور يتلألأ من مضجعه الى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه ويستغفرون له حتى يستيقظ) وفى تفسير البيضاوي عن النبي عليه السلام (من قرأ عند مضجعه قل انما انا بشر مثلكم كان له نور فى مضجعه يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ) وفى فتح القريب من قرأ عند ارادة النوم (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات) إلخ ثم قال اللهم أيقظني فى أحب الأوقات إليك واستعملني بأحب الأعمال إليك فانه سبحانه يوقظه(5/311)
كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)
ويكتبه من قوام الليل وقال ابن عباس رضى الله
عنهما إذا أردت ان تقوم أية ساعة شئت من الليل فاقرأ إذا اخذت مضجعك قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً الآية فان الله يوقظك متى شئت من الليل وتكلموا فى القراءة فى الفراش مضطجعا قال فى الفتاوى الحمدية لا بأس للمصطجع بقراءة القرآن انتهى. والاولى ان لا يقرأ وهو اقرب الى التعظيم كما فى شرح الشرعة ليحيى الفقيه وعن ظهير الدين المرغينانى لا بأس للمضطجع بالقراءة مضطعجا إذا اخرج رأسه من اللحاف لانه يكون كاللبس والا فلا نقله قاضى خان وفى المحيط لا بأس بالقراءة إذا وضع جنبيه على الأرض لكن يضم رجليه الى نفسه انتهى نسأل الله تعالى ان يوقظنا من الغفلة قبل انقضاء الأعمار ويؤنسنا بالقرآن آناء الليل وأطراف النهار تمت سورة الكهف والحمد لله تعالى يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر رمضان من سنة خمس ومائة والف
تفسير سورة مريم
ثمان او تسع وتسعون آية وهي مكية الا آية السجدة بسم الله الرحمن الرحيم
كهيعص اسم للسورة ومحله الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير هذا كهيعص اى مسمى به وانما صحت الاشارة اليه مع عدم جريان ذكره لانه باعتبار كونه على جناح الذكر صار فى حكم الحاضر المشاهد كما يقال هذا ما اشترى فلان كذا فى الإرشاد وقال فى تفسير الشيخ قسم اقسم بالله تعالى او هى اسم من أسمائه الحسنى ويدل عليه ما قرأوا فى بعض الادعية من قولهم يا كهيعص يا حمعسق او انه مركب من حروف يشير كل منها الى صفة من صفاته العظمى. فالكاف من كريم وكبير. والهاء من هاد. والياء من رحيم. والعين من عليم وعظيم. والصاد من الصادق او معناه هو تعالى كاف لخلقه هاد لعباده يده فوق أيديهم عالم ببريته صادق فى وعده قال الكاشفى [در مواهب صوفيان از مواهب الهى كه بر حضرت شيخ ركن الدين علاء الدوله سمنانى قدس سره فرود آمده مذكور است كه حضرت رسالت را صلى الله عليه وسلم سه صورتست يكى بشرى كقوله تعالى إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ دوم ملكى چنانكه فرموده است (لست كاحد أبيت عند ربى) ؟؟ سيوم؟؟ حقى كما قال (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) وازين روشنتر (من رآنى فقد رأى الحق) وحق سبحانه را با او در هر صورتى سخن بعبارتى ديكر واقع شده است در صورت بشرى كلمات مركبه چون قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ودر صورت ملكى حروف مفرده مانند كهيعص وأخواته ودر صورت حقى كلامى مبهم كه فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
در تنكناى حرف نكنجد بيان ذوق ... زان سوى حرف ونقطه حكايات ديكرست
وفى التأويلات النجمية فى سورة البقرة يحتمل ان يكون الم وسائر الحروف المقطعة من قبيل المواضعات والمعميات بالحروف بين المحبين لا يطلع عليها غيرهم وقد واضعها الله تعالى مع نبيه عليه السلام فى وقت لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ليتكلم بها معه على(5/312)
ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)
لسان جبريل باسرار وحقائق لا يطلع عليها جبريل ولا غيره يدل على هذا ما روى فى الاخبار ان جبريل عليه السلام نزل بقوله تعالى كهيعص فلما قال كاف قال النبي عليه السلام (علمت) فقال ها فقال (علمت) فقال يا فقال (علمت) فقال عين فقال (علمت) فقال صاد فقال (علمت) فقال جبريل كيف علمت ما لم اعلم وفى اسئلة الحكم علوم القرآن ثلاثة علم لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم اسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وتفاصيل علوم غيوبه التي لا يعلمها الا هو وهذا لا يجوز لاحد الكلام فيه بوجه من الوجوه اجماعا. العلم الثاني ما اطلع عليه نبيه من اسرار الكتاب واختصه به وهذا لا يجوز الكلام فيه الا له عليه السلام او لمن اذن له وأوائل السور من هذا القسم وقيل من القسم الاول. العلم الثالث علوم علمها الله نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجليلة والخفية وامره بتعليمها ذِكْرُ اى هذا المتلو ذكر رَحْمَتِ رَبِّكَ ذكر مضاف الى مفعوله عَبْدَهُ مفعول رحمة زَكَرِيَّا بدل منه وهو زكريا يمد ويقصر ابن آزر قال الكاشفى [واو از أولاد رجعيم بن سليمان بن داود عليهم السلام بوده پيغمبر عاليشان ومهتر أحبار بيت المقدس وصاحب قربان] قال الامام زكريا من ولد هارون أخي موسى وهما من ولد لاوى بن يعقوب بن إسحاق إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا ظرف لرحمة ربك. والمعنى بالفارسية [چون ندا كرد وبخواند پروردگار خود را در محراب بيت المقدس بعد از تقريب قربان وخواندن پنهان] ولقد راعى عليه السلام حسن الأدب فى دعائه فانه مع كونه بالنسبة اليه تعالى كالجهر ادخل فى الإخلاص وابعد من الرياء واقرب الى الخلاص من غائلة مواليه الذين كان يخافهم فانه إذا أخفى لم يطلعوا عليه ومن لوم الناس على طلب الولد لتوقفه على مبادى لا يليق به تعاطيها وقت الكبر والشيخوخة وكان سنه وقتئذ تسعا وتسعين على ما اختاره الكاشفى فان قلت شرط النداء الجهر فكيف يكون خفيا قلت دعا فى الصلاة فاخفاه يقول الفقير النداء وان كان بمعنى الصوت لكن الصوت قد يتصف بالضعف ويقال صوت خفى وهو الهمس فكذا النداء وقد صح عن الفقهاء ان بعض المخافتة يعد من ادنى مراتب الجهر وتفصيله فى تفسير الفاتحة للفنارى ولى فيه وجه خفى لاح عند المطالعة وهو ان النداء الخفي عند الخواص كالذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة فضلا عن الناس لا يخفض به الصوت والوجه فى عبارة النداء الاشارة الى شدة الإقبال والتوجه فى الأمر المتوجه اليه كما هو شان الأنبياء ومن له بهم أسوة حسنة من كمل الأولياء قالَ استئناف وقع بيانا للنداء رَبِّ [اى پروردگار من] إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي الوهن الضعف وانما أسنده الى العظم وهو بالفارسية [استخوان] لانه عماد بيت البدن فاذا أصابه الضعف مع صلابته وقلة تأثره من العلل أصاب سائر الاجزاء قال قتادة اشتكى سقوط الأضراس كما فى البغوي وافراده للقصد الى جنس المنبئ عن شمول الوهن لكل فرد من افراده ولو جمع لخرج بعض العظام عن الوهن. ومنى متعلق بمحذوف وهو حال من العظم وهو تفصيل بعد الإجمال لزيادة التقرير لان العظم من حيث انه يصدق على عظمه يفيد نسبته اليه اجمالا(5/313)
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)
وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ منى حذف اكتفاء بما سبق شَيْباً شبه الشيب فى بياضه وانارته بشواظ النار وانتشاره فى الشعر ومنبته مبالغة واشعارا لشمول الشيب جملة الرأس حتى لم يبق من السواد شىء وجعل الشيب تمييزا إيضاحا للمقصود والأصل اشتعل شيب رأسى فوزانه بالنسبة الى الأصل وزان اشتعل بيته نارا بالنسبة الى اشتعل النار فى بيته: قال الشيخ سعدى
چوشيبت در آمد بروى شباب ... شبت روز شد ديده بر كن ز خواب
من آن روز از خود بريدم اميد ... كه افتادم اندر سياهى سفيد
چودوران عمر از چهل در كذشت ... مزن دست و پاكآب از سر كذشت
دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى چند نيز
وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ولم أكن بدعائى إياك خائبا فى وقت من اوقات هذا العمر الطويل بل كلما دعوتك استجبت لى وهذا توسل منه بما سلف من الاستجابة عند كل دعوة اثر تمهيد ما يستدعى الرحمة ويستجلب الرأفة من كبر السن وضعف الحال فانه تعالى بعد ما عوّد عبده بالاجابة دهرا طويلا لا يخيبه ابدا لا سيما عند اضطرار وشدة افتقار- روى- ان محتاجا قال لبعضهم انا الذي أحسنت الى وقت كذا فقال مرحبا بمن توسل بنا إلينا وقضى حاجته ووجهه ان الرد بعد القبول يحبط الانعام الاول والمنعم لا يسعى فيه وكأنه يقول مارددتنى حين ما كنت قوى القلب والبدن غير متعود بلطفك فلورددتنى الآن بعد ما عودتنى القبول مع نهاية ضعفى لتضاعف الم قلبى وهلكته يقال سعد بحاجته إذا ظفر بها وشقى بها إذا خاب كذا فى تفسير الامام ثم بين ان ما يريده منتفع به فى الدين فقال وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي اى بعد موتى فلا بد لى من الخلف وهو متعلق بمحذوف ينساق اليه الذهن اى جور الموالي لا بخفت لفساد المعنى والجملة عطف على قوله انى وهن مترتب مضمونه على مضمونها فان ضعف القوى وكبر السن من مبادى خوفه من يلى امره بعد موته ومواليه بنوا عمه وكانوا شرار بنى إسرائيل فخاف ان لا يحسنوا خلافته فى أمته ويبدلوا عليهم دينهم قال فى القاموس المولى المالك والعبد والمعتق والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الاخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر انتهى وَكانَتِ امْرَأَتِي هى ايشاع بنت فاقوذ بن فيل وهى اخت جنة بنت فاقوذ قال الطبري وحنة هى أم مريم وقال القتيبي امرأة زكريا هى ايشاع بنت عمران فعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى على الحقيقة وعلى القول الآخر يكون ابن خالة امه وفى حديث الاسراء (فلقيت ابني الخالة يحيى وعيسى) وهذا شاهد للقول الاول قاله الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام عاقِراً اى لا تلد من حين شبابها فان العاقر من الرجال والنساء من لا يولد له ولد وكان سنها حينئذ ثمانى وتسعين على ما اختاره الكاشفى فَهَبْ [پس ببخش] لِي مِنْ لَدُنْكَ كلا الجارين متعلق بهب لاختلاف معنييهما فاللام صلة له ومن لابتداء الغاية مجازا ولدن فى الأصل ظرف بمعنى أول غاية زمان او مكان او غيرهما من الذوات اى أعطني(5/314)
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)
من محض فضلك الواسع وقدرتك بطريق الاختراع لا بواسطة الأسباب العادية فانى وامرأتى لا نصلح للولادة وَلِيًّا ولدا من صلبى يلى امر الدين بعدي كما قال يَرِثُنِي صفة لوليا اى يرثنى من حيث العلم والدين والنبوة فان الأنبياء لا يورثون المال كما قال عليه السلام (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) فان قلت وقد وصف الولي بالوراثة ولم يستجب له فى ذلك فان يحيى خرج من الدنيا قبل زكريا على ما هو المشهور قلت الأنبياء وان كانوا مستجابى الدعوة لكنهم ليسوا كذلك فى جميع الدعوات حسبما تقتضيه المشيئة الالهية المبنية على الحكم البالغة ألا يرى الى دعوة ابراهيم عليه السلام فى حق أبيه والى دعوة النبي عليه السلام حيث قال (وسألته ان لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعتها) وقد كان من قضائه تعالى ان يهبه يحيى نبيا مرضيا ولا يرثه فاستجيب دعاؤه فى الاول دون الثاني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ابن إسحاق ابن ابراهيم الملك يقال ورثه وورث منه لغتان. وآل الرجل خاصة الذين يؤول اليه أمرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين وقال الكلبي ومقاتل هو يعقوب بن ماثان أخو عمران ابن ماثان من نسل سليمان عليه السلام ابو مريم وكان آل يعقوب أخوال يحيى بن زكريا قال الكلبي كان بنوا ماثان رؤس بنى إسرائيل وملوكهم وكان زكريا رئيس الأحبار يومئذ فاراد ان يرث ولده حبورته ويرث من بنى ماثان ملكهم وَاجْعَلْهُ اى الولد الموهوب رَبِّ رَضِيًّا مرضيا عندك قولا وفعلا وتوسيط رب بين مفعولى الجعل كتوسيطه بين كان وخبرها فيما سبق لتحريك سلسلة الاجابة بالمبالغة فى التضرع ولذلك قيل إذا أراد العبد ان يستجاب له دعاؤه فليدع الله بما يناسبه من أسمائه وصفاته واعلم ان الله تعالى لا يمكن العبد من الدعاء الا لاجابته كلا او بعضا كما وقع لزكريا
هم ز أول تو دهى ميل دعا ... تو دهى آخر دعاها را جزا «1»
ترس وعشق تو كمند لطف ماست ... زير هر يا رب تو لبيكهاست «2»
وفى الحديث (من فتح له باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة) وذلك لان فى الدعاء اظهار الذلة والافتقار وليس شىء أحب الى الله من هذا الإظهار ولذا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادات ان أردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار ولذا قال عند دخوله عالم الحقيقة
چارچيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام
وعن بعض اهل المعرفة نعم السلاح الدعاء ونعم المطية الوفاء ونعم الشفيع البكاء كما فى خالصة الحقائق ثم ان الدعاء اما للدين او للدنيا والاول مطمح نظر الكمل ألا ترى ان زكريا طلب من الله ان يكون من ذريته من يرث العلم الذي هو خير من ميراث المال لان نظام العالم فى العلم والعمل والصلاح والتقوى والعدل والانصاف وفيه اشارة الى انه لا بد للكامل من مرآة يظهر فيها كمالاته ألا ترى ان الله تعالى خلق العوالم وبث فيها أسماءه الحسنى وجعل الإنسان الكامل فى كل عصر مجلى أنواره ومظهر أسراره فمن أراد الوصول الى الله تعالى فليصل الى الإنسان الكامل فعليك بطلب خير الاول ليحيى به ذكرك الى يوم التناد ومن الله رب العباد الفيض والامداد والتوفيق
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان در خواستن قبطى دعاى خير وهدايت إلخ
(2) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه الله كفتن نيازمند عين لبيك كفتن خواست(5/315)
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)
لاسباب الوصول الى المراد يا زَكَرِيَّا على ارادة القول اى قال تعالى على لسان الملك يا زكريا كما قال فى سورة آل عمران فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى إِنَّا نُبَشِّرُكَ [ما بشارت ميدهيم ترا] والبشارة بكسر الباء الاخبار بما يظهر سرورا فى المخبر بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا [همنام] اى شريكا له فى الاسم حيث لم يسم أحد قبله بيحيى وهو شاهد بان التسمية بالأسامي الغريبة تنويه للمسمى وإياها كانت العرب تعنى لكونها أنبه وانوه وانزه عن النبز [در زاد المسير فرموده كه وجه فضيلت نه از ان رويست كه پيش از وكسى مسمى بدين اسم نبوده چهـ بسيار آدمي بدين وجه يافت شود كه پيش از ومسمى نبوده باشد پس فضيلت آنست كه حق سبحانه وتعالى بخود تولى تسميه او نموده به پدر ومادر حواله نكرد] كما ان زينب أم المؤمنين رضى الله عنها زوجها الله بالذات حبيبه عليه السلام حيث قال فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ولذا كانت تفتخر بهذا على سائر الأزواج المطهرة [وامام ثعلبى آورده كه ذكر قبل از ان فرمود كه بعد ازو كسى ظهور خواهد كرد كه او را بچندين اسم خاص اختصاص دهد واسم سامى او را از نام همايون فرجام خود مشتق سازد] كما قال حسان رضى الله عنه
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
اى خواجه كه عاقبت كار امتست ... محمود از ان شدست كه نامت محمد است
والا ظهر ان يحيى اسم أعجمي وان كان عربيا فهو منقول عن الفعل كيعمر ويعيش قيل سمى به لانه حيى به رحم امه او حيى دين الله بدعوته او حيى بالعلم والحكمة التي أوتيها. وفيه اشارة الى ان من لم يحيه الله بنوره وعلمه فهو ميت او حيى به ذكر زكريا كما ان آدم حيى ذكره بشيث ونوحا حيى ذكره بسام وكذا الأنبياء الباقون ولكن ما جمع الله لاحد من الأنبياء فى ولده قبل ولادة يحيى بين الاسم العلم الواقع منه تعالى وبين الصفة الحاصلة فى ذلك النبي الا لزكريا عناية منه اليه وهذه العناية انما تعلقت به إذ قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا فقدم الحق تعالى حيث كنى عنه بكاف الخطاب على ذكر ولده حين عبر عنه بالولى فاكرمه الله بان وهبه ولياطلبه وسماه بما يدل على صفة زكريا وهو حياة ذكره كذا قال الشيخ الأكبر قدس سره قال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام كان اسمه فى الكتاب الاولى حيا وكان اسم سارة زوجة ابراهيم يسارة وتفسيرها بالعربية لا تلد فلما بشرت بإسحاق قيل لها سارة سماها بذلك جبريل فقالت يا ابراهيم لم نقص من اسمى حرف فقال ذلك ابراهيم لجبرائيل عليه السلام فقال ان ذلك الحرف قد زيد فى اسم ابن لها من أفضل الأنبياء واسمه حيا وسمى يحيى ذكره النقاش قالَ استئناف مبنى على السؤال كأنه فماذا قال زكريا حينئذ فقيل قال رَبِّ ناداه تعالى بالذات مع وصول خطابه تعالى اليه بتوسط الملك للمبالغة فى التضرع والمناجاة والجد فى التبتل اليه تعالى والاحتراز عما عسى يوهم خطابه للملك من توهم ان علمه بما صدر عنه متوقف على توسطه كما ان علم البشر بما يصدر عنه سبحانه متوقف على ذلك فى عامة الأوقات أَنَّى [چكونه] يَكُونُ لِي غُلامٌ اى كيف او من اين يحدث لى غلام وَالحال انه قد كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً(5/316)
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)
لم تلد فى شبابها وشبابى فكيف وهى عجوز الآن وَقَدْ بَلَغْتُ انا مِنَ الْكِبَرِ من أجل كبر السن عِتِيًّا يبوسة وجفافا كالعود اليابس من قولهم عتا العود إذا يبس وعتا الشيخ إذا كبر وهرم وولى ويقال لكل شىء انتهى قد عتا وانما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافا بان المؤثر فيه كمال قدرته وان الوسائط عند التحقيق ملغاة فانى استعجاب واستبعاد من حيث العبادة لا من حيث القدرة قال الامام فان قيل لم تعجب زكريا بقوله أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ مع انه طلبه قلنا تعجب من ان يجعلهما شابين ثم يرزقها الولد او يتركهما شيخين ويلدان مع الشيخوخة يدل عليه قوله تعالى رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ اى أعدنا له قوة الولادة انتهى وفى الاسئلة المقحمة أراد من التي يكون منه هذا الولد أمن هذه المرة وهى عاقر أم من امرأة اخرى أتزوج بها او مملوكة قالَ الملك المبلغ للبشارة كَذلِكَ اى الأمر كما قلت. وبالفارسية [همچنين است كه تو كفتى از پيرى وضعف اما] قالَ رَبُّكَ هُوَ [اين كار كه آفريدن فرزند است درين سن ازين دو شخص] مع بعده فى نفسه عَلَيَّ [بر قدت من خاصة] هَيِّنٌ [آسانست] أرد عليك قوتك حتى تقوى على الجماع وافتق رحم امرأتك بالولد كما فى تفسير الجلالين والكاشفى وقال فى الإرشاد الكاف فى كذلك مقحمة كما فى مثلك لا يبخل فمحلها النصب على انه مصدر تشبيهى لقال الثاني وذلك اشارة الى مصدره الذي هو عبارة عن الوعد السابق لا الى قول آخر شبه هذا به وقوله هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ جملة مقررة للوعد المذكور دالة على إنجازه داخلة فى حيز قال الاول كأنه قيل قال الله مثل ذلك القول البديع قلت اى مثل ذلك الوعد الخارق للعادة وعدت هو علىّ خاصة هين وان كان فى العادة مستحيلا ويجوز ان يكون محل الكاف فى كذلك الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف وذلك اشارة الى ما تقدم من وعد تعالى اى قال عز وعلا امر كما وعدت وهو واقع لا محالة وقوله قالَ رَبُّكَ استئناف مقرر لمضمونه وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ من قبل يحيى فى تضاعيف خلق آدم وَلَمْ تَكُ إذ ذاك شَيْئاً أصلا بل عدما صرفا فخلق يحيى من البشرين أهون من خلقك مفردا والمراد خلق آدم لانه أنموذج مشتمل على جميع الذرية قال الامام وجه الاستدلال بقوله تعالى وَقَدْ خَلَقْتُكَ إلخ ان خلقه من العدم الصرف خلق للذات والصفات وخلق الولد من شيخين لا يحتاج الا الى تبديل الصفات والقادر على خلق للذات والصفات اولى ان يقدر على تبديل الصفات انتهى قال فى بحر العلوم ولفظ الشيء عندنا يختص بالموجود وبالعكس ونفى كون الشيء تقرير لعدمه فالآية دليل على ان المعدوم ليس بشئ قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً الجعل ابداعى وقيل بمعنى التصيير اى علامة على وقوع الحبل لا تلقى تلك النعمة الجليلة بالشكر من حين حدوثها وهذا السؤال ينبغى ان يكون بعد ما مضى بعد البشارة برهة من الزمان لما روى ان يحيى كان اكبر من عيسى بستة أشهر او بثلاث سنين ولا ريب فى ان دعا زكرياء كان فى صغر مريم لقوله تعالى هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ وهى انما ولدت عيسى وهى بنت عشر سنين او ثلاث عشرة سنة كذا فى الإرشاد والاسئلة المقحمة قالَ الله تعالى آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى ان لا تقدر على ان تكلمهم بكلام الناس(5/317)
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)
مع القدرة على الذكر والتسبيح كما هو المفهوم من تخصيص الناس ثَلاثَ لَيالٍ مع ايامهن للتصريح بها فى سورة آل عمران سَوِيًّا حال من فاعل تكلم مفيد لكون انتفاء التكلم بطريق الاضطرار دون الاختيار اى تمنع الكلام فلا تطيق به حال كونك سوى الخلق سليم الجوارح ما بك شائبة بكم ولا خرس قالوا رجع تلك الليلة الى امرأته فقربها ووقع الولد فى رحمها فلما أصبح امتنع عليه الكلام الناس فَخَرَجَ صبيحة حمل امرأته عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ من المصلى او من الغرفة وكانوا من وراء المحراب ينتظرون ان يفتح لهم الباب فيدخلوه ويصلوا إذ خرج عليهم متغيرا لونه فانكروه صامتا وقالوا مالك يا زكريا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ اى اومأ إليهم لقوله تعالى إِلَّا رَمْزاً أَنْ سَبِّحُوا ان اما مفسرة لا وحي او مصدرية والمعنى اى صلوا او بان صلوا بُكْرَةً هى من طلوع الفجر الى وقت الضحى وَعَشِيًّا هو من وقت زوال الشمس الى ان تغرب وهما ظرفا زمان للتسبيح عن ابى العالية ان المراد بهما صلاة الفجر وصلاة العصر او نزهوا ربكم طرفى النهار وقولوا سبحان الله ولعله كان مأمورا بان يسبح شكرا ويأمر قومه بذلك كما فى الإرشاد يقول الفقير هو الظاهر لان معنى التسبيح فى هذه الموضع تنزيه الله تعالى عن العجز عن خلق ولد يستبعد وقوعه من الشيخين لان الله على كل شىء قدير وقد ورد فى الاذكار (لكل اعجوبة سبحان الله) وفى التأويلات النجمية فى قوله يا زَكَرِيَّا الى بُكْرَةً وَعَشِيًّا اشارة الى بشارات منها انه تعالى ناداه باسمه زكريا وهذه كرامة منه ومنها انه سماه يحيى ولم يجعل له من قبل سميا بالصورة والمعنى اما بالصورة فظاهر واما بالمعنى فانه ما كان محتاجا الى شهوة من غير علة ولم يهمّ الى معصية قط وما خطر بباله همها كما اخبر عن حاله النبي عليه السلام وفى قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا اشارة الى انه تعالى يتولى تسمية كل انسان قبل خلقه وما سمى أحد الا بالهام الله كما ان الله تعالى الهم عيسى عليه السلام حين قال وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ وفى قوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ الآية اشارة الى ان اسباب حصول الولد منفية من الو الدين بالعقر والكبر وهى من السنة الالهية فان من السنة ان يخلق الله الشيء من الشيء كقوله وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ومن القدرة انه تعالى يخلق الشيء من لا شىء فقال أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ اى أمن السنة أم من القدرة فاجابه الله تعالى بقوله قالَ كَذلِكَ اى الأمر لا يخلو من السنة او القدرة وفى قوله قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ اشارة الى ان كلا الامرين على هين ان شئت أرد عليكما اسباب حصول الولد من القوة على الجماع وفتق الرحم بالولد كما جرت به السنة وان شئت اخلق لك ولدا من لا شىء بالقدرة كما خلقتك من قبل ولم تك شيأ اى خلقت روحك من قبل جسدك من لا شىء بامر كن ولهذا قال تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وهو أول مقدور تعلقت القدرة به: وفى المثنوى
آب از جوشش همى كردد هوا ... وان هوا كردد ز سردى آبها «1»
بلكه بي اسباب بيرون زين حكم ... آب رويانيد تكوين از عدم
تو ز طفلى چون سببها ديده ... در سبب از جهل بر چفسيده
يا يَحْيى على ارادة القول اى ووهبنا له يحيى وقلنا له يا يحيى قال الكاشفى [القصة سه
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان قصه فرياد رسيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم كاروان عرب إلخ(5/318)
وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14)
روز بدين منوال كذشت پس بحال خود آمد ويحيى عليه السلام بعد از مضى مدت حمل متولد شد ودر كودكى پلاس پوشيده با أحبار در عبادت بطريق رياضت موافقت مى نمود تا وقتى كه وحي بدو فرود آمد واز حق سبحانه وتعالى خطاب رسيد كه يا يحيى] خُذِ الْكِتابَ اى التوراة بِقُوَّةٍ بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد قال فى الجلالين اى أعطيتكها وقويتك على حفظها والعمل بما فيها قال المولى الجامى فى شرح الفصوص لولا امداد الحق زكريا وزوجته بقوة غيبية ربانية خارجة عن الأسباب المعتادة ما صلحت زوجته ولا تيسر لها الحمل ثم انه كما سرت تلك القوة من الحق فى زكريا وزوجته تعدت منهما الى يحيى ولذلك قال له الحق يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ قال فى الاسئلة المقحمة أي دليل فيها على المعتزلة الجواب انه دليل على ان الاسم والمسمى واحد لانه تعالى قال اسْمُهُ يَحْيى ثم نادى الشخص فقال يا يَحْيى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ حال كونه صَبِيًّا قال ابن عباس الحكم النبوة استنبأه الله تعالى وهو ابن ثلاث سنين او سبع وانما سميت النبوة حكما لان الله تعالى احكم عقله فى صباه واوحى اليه وقيل الحكم الحكمة وفهم التوراة والفقه فى الدين فهو بمعنى المنع ومنه الحاكم لانه يمنع الظالم من الظلم والحكمة ما يمنع الشخص من السفه- روى- انه دعاه الصبيان الى اللعب فقال ما للعب خلقنا قال الكاشفى [درين سخن پندى عظيم است بيخبران بازيچهـ كاه غفلت را كه عمر عزيز ببازى ميكذرانند وبدام فريب إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ مقيد شده اند]
عمر ببازيچهـ بسر ميبرى ... پاى باندازه بدر ميبرى
به كه ز بازى جهان پاكشى ... طفل نه چند ببازى خوشى
يقول الفقير مثل يحيى عليه السلام فى هذه الامة المرحومة الشيخ العارف المحقق سهل بن عبد الله التستري قدس سره فانه تم له امر السلوك من ثلاث سنين الى سبع سنين كما سمعت من شيخى وسندى روح الله روحه يعنى وقع له الانكشاف والإلهام وظهر له الحال التام وهو ابن ثلاث سنين فكان ما كان الى سبع فسبحان القادر وهذا من لطافة الحجاب واما من كان كثيف الحجاب فيحتاج فى إزالته الى مجاهدات شاقة فى مدة طويلة واعلم ان روح الكامل سريع التعلق ببدنه يعنى ان مادة النطفة تصل سريعا الى الأبوين فيحصل العلوق والولادة على احسن وصف وفى اعدل زمان فيجيئ الولد غالبا عليه احكام الوجوب اللهم أعنا على ازالة الحجب الظلمانية والنورانية واجعلنا مكاشفين للانوار الربانية وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا عطف على الحكم وتنوينه للتفخيم وهو التحنن والاشتياق يقال حنّ اى ارتاح واشتاق ثم استعمل فى العطف والرأفة اى وآتيناه رحمه عظيمة عليه كائنة من جنابنا او رحمة فى قلبه وشفقة على أبويه وغيرهما وَزَكاةً اى طهارة من الذنوب قال الامام لم تدعه شفقته الى الإخلال بواجب لان الرأفة ربما أورثت ترك الواجب ألا ترى الى قوله تعالى وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ فالمعنى جمعنا له التعطف عليهم مع الطهارة عن الإخلال بالواجبات انتهى او صدقة اى تصدق الله به على أبويه او وفقناه للتصدق على الناس وَكانَ تَقِيًّا مطيعا متجنبا عن المعاصي لم يعمل خطيئة ولم يهم بها قط وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ
عطف على تقيا اى بارّا بها لطيفا بهما محسنا إليهما وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا(5/319)
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)
متكبرا عاقا لهما او عاصيا لربه قال فى بحر العلوم الجبار المتكبر وقيل هو الذي يضرب ويقتل على الغضب لا ينظر فى العواقب وقيل هو المتعظم الذي لا يتواضع لامر الله وَسَلامٌ
سلامة من الله تعالى وأمان عَلَيْهِ
على يحيى أصله وسلمنا عليه فى هذه الأحوال وهى أوحش المواطن لكن نقل الى الجملة الاسمية للدلالة على ثبات السلام واستقراره فان وحشتها لا تكاد نزول الا بثبات السلام فيها ودوامه يَوْمَ وُلِدَ
من رحم امه من طعن الشيطان كما يطعن سائر بنى آدم وَيَوْمَ يَمُوتُ
بالموت الطبيعي من هول الموت وما بعده من عذاب القبر وَيَوْمَ يُبْعَثُ
حال كونه حَيًّا
من هول القيامة وعذاب النار وفيه اشارة الى الولادة من أم الطبيعة والموت بالفناء عن مقتضيات الطبيعة فى الله والبعث بالبقاء بعد الفناء وقال ابن ابى عيينة أوحش ما يكون الإنسان فى هذه الأحوال يوم ولد فيخرج مما كان ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث فيرى نفسه فى محشر لم ير مثله فخص يحيى بالسلام فى هذه المواطن واعلم ان زكريا اشارة الى الروح الإنساني وامرأته الى الجثة الجسدانية التي هى زوج الروح ويحيى الى القلب وقد استبعد الروح بسبب طول زمان التعلق بالقالب ان يتولد له قلب قابل لفيض الا لوهية بلا واسطة كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن) وهو الفيض الأزلي لم يؤت لواحد من الحيوانات والملائكة كما قال المولى الجامى
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
ثم انه لما بشر بولادة القلب الموصوف بما ذكر طلب آية يهتدى بها الى كيفية حمل القالب العاقر بالقلب الحي الذي حيى بنور الله تعالى قال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ اى لا تخاطب غير الله ولا تلتفت الى ما سوى الله ثلاث ليال وبها يشير الى مراتب ما سوى الله وهى ثلاث الجمادات والحيوانات والروحانيات فاذا تقرب الى الله تعالى بعدم الالتفات الى ما سواه يتقرب اليه بموهبة الغلام الذي هو القلب الحي بنوره فخرج زكريا الروح من محراب هواه وتبعه على قوم صفات نفسه وقلبه وانانيته فقال كونوا متوجهين الى الله معرضين عما سواه آناء الليل وأطراف النهار بل بكرة الأزل وعشىّ الابد فلما ولد له يحيى القلب قيل له يا يحيى خذ كتاب الفيض الإلهي بقوّة ربانية لا بقوّة انسانية لانه خلق الإنسان ضعيفا وهو عن القوة بمعزل وان الله هو الرزاق ذو القوّة المتين فجاء صاحب علم وحكمة ورحمة وطهارة من الميل الى ما سوى الله واتقاء وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا
كالنفس الامارة بالسوء اما بره بوالد الروح فتنويره بنور الفيض الإلهي إذ هو محل قبول الفيض لان الفيض الإلهي وان كان نصيب الروح اولا ولكن لا يمسكه للطافة الروح بل يعبر عنه الفيض ويقبله القلب ويمسكه لان فيه صفاء وكثافة فبالصفاء يقبل الفيض وبالكثافة يمسكه كمالا هى ان الشمس فيضها يقبل الهواء لصفائه ولكن لا يمسكه للطافة الهواء فاما المرة فتقبل فيضها بصفائها وتمسكه لكثافتها وهذا أحد اسرار حمل الامانة التي حملها الإنسان ولم تحملها الملائكة واما برّه بوالدة القالب فباستعمالها على وفق او امر الشرع ونواهيه لينجيها من عذاب القبر ويدخلها الجنة كذا فى التأويلات النجمية باختصار قال بعض الأولياء كنت فى تيه بنى إسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه وألهمت انه الخضر فقلت له بحق الحق(5/320)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
من أنت قال انا أخوك الخضر فقلت له أريد ان اسألك قال سل قلت بأى وسيلة رأيتك قال ببرك أمك كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي فعلى العاقل ان يكون بارا بوالديه مطلقا انفسيين او افاقيين فان البر يهدى الى الجنة ودار الكرامة ويبشر فى شدائد الأحوال بالأمن والامان وانواع السلامة وَاذْكُرْ
يا محمد للناس فِي الْكِتابِ
اى القرآن او السورة الكريمة فانها بعض من الكتاب فصح إطلاقه عليها مَرْيَمَ
على حذف المضاف اى خبر بنت عمران وقصتها فان الذكر لا يتعلق بالأعيان ومريم بمعنى العابدة قال بعض العلماء فى حكمة ذكر مريم باسمها دون غيرها من النساء ان الملوك والاشراف لا يذكرون حرائرهم فى ملأ ولا يبتذلون اسماءهن بل يكنون عن الزوجة بالعرس والعيال والأهل ونحو ذلك فاذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا اسماءهن عن الذكر والتصريح بها فلما قالت النصارى فى حق مريم ما قالت وفى ابنها صرح الله تعالى باسمها ولم يكن عنها تأكيدا للاموّة والعبودية التي هى صفة لها واجراء للكلام على عادة العرب فى ذكر امائها ومع هذا فان عيسى عليه السلام لا اب له واعتقاد هذا واجب فاذا تكرر ذكره منسوبا الى الام استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفى الأب عنه وتنزيه الام الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله تعالى كذا فى التعريف والاعلام للامام السهيلي وقال فى اسئلة الحكم سميت مريم فى القرآن باسمها لانها اقامت نفسها فى الطاعة كالرجل الكامل فذكرت باسمها كما يذكر الرجال من موسى وعيسى ونحوهما عليهم السلام وخوطبت كما خوطب الأنبياء كما قال تعالى يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ولذا قيل بنبوتها إِذِ انْتَبَذَتْ
ظرف لذلك المضاف من النبذ وهو الطرح والانتباذ افتعال منه مِنْ أَهْلِها
من قومها متعلق بانتبذت مَكاناً شَرْقِيًّا
مفعول له باعتبار ما فى ضمنه من معنى الإتيان قال الحسن ومن ثمة اتخذ النصارى المشرق قبلة كما اتخذ اليهود المغرب قبلة لان الميقات وإيتاء التوراة واقعا فى جانب الجبل الغربي كما قال تعالى وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ والمعنى حين اعتزلت وانفردت وتباعدت من قومها وأتت مكانا شرقيا من دار خالتها ايشاع زوجة زكريا فان موضعها كان المسجد فاذا حاضت تحولت الى بيت خالتها وإذا طهرت عادت الى المسجد فاحتاجت يوما الى الاغتسال وكان الوقت وقت الشتاء فجاءت الى ناحية شرقية من الدار وموضع مقابل للشمس فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ
اى أرخت من ادنى مكان أهلها قال الكاشفى [از پيش ايشان يعنى از سوى ايشان] حِجاباً
سترا تتستربه قال الكاشفى [پرده كه مانع باشد از ديدن] فبينما هى فى مغتسلها وقد تطهرت ولبست ثوبها أتاها الملك فى صورة آدمي شاب امرد وضيئ الوجه جعد الشعر وذلك قوله تعالى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
اى جبريل فانه كان روحانيا فاطلق عليه الروح للطافته مثله ولان الدين يحيى به وقال بعض الكبار جبرائيل هو الروح حقيقة باعتبار حقيقته المجردة مجازا باعتبار صورته المثالية ومن خصائص الأرواح المجردة التي من صفاتها الذاتية الحياة ومن شأنها التمثل بالصور المثالية لانها لا تمس شيأ فى حال تمثلها الا حيى ذلك الشيء وسرت منها الحياة فيه ولذا قبض(5/321)
قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
السامري قبضة تراب من اثر براق جبرائيل فنبذها فى صورة العجل المتخذة من حلى القوم فخار العجل بسراية الحياة فيه وقيل سماه روحا مجازا محبة له وتقريبا كقولك أنت روحى لمن تحب فَتَمَثَّلَ لَها
[پس متمثل شد جبريل براى مريم] يعنى فتشبه لاجلها فانتصاب قوله بَشَراً
على انه مفعول به سَوِيًّا
تام الخلق كامل البنية لم يفقد من حسان نعوت الآدمية شيأ وذلك لتستأنس بكلامه وتتلقى منه ما يلقى إليها من كلماته تعالى إذ لو بدا لها على الصورة الملكية لنفرت منه ولم تستطع استماع كلامه ولانه جاء للنفخ المنتج للبشر فتمثل بشرا ولو جاء على صورة الملك لجاء عيسى على صورة الروحانيين كمالا يخفى وفيه اشارة الى ان القربان بعد الطهر التام اطهر والولد اذن أنجب فافهم وفى التأويلات الروح هو نور كلمة الله التي يعبر عنها بقوله كن وانما سمى نور كلمته روحا لانه به يحيى القلوب الميتة كما قال أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ الآية فتارة يعبر عن الروح بالنور وتارة يعبر عن النور بالروح كقوله وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا الآية فارسل الله الى مريم نور كلمة كن فتمثل لها بشرا سويا كما تمثل نور التوحيد بحروف لا اله الا الله والذي يدل على ان عيسى من نور الكلمة قوله تعالى وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ اى نور من لقائه فلما تمثلت الكلمة بالبشر أنكرتها مريم ولم تعرفها فاستعاذت بالله منه قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ
يا شاب ذكره تعالى بعنوان الرحمانية للمبالغة فى العياذ به تعالى واستجلاب آثار الرحمة الخاصة التي هى العصمة مما دهمها قال فى الكشاف دل على عفافها وورعها انها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
تتقى الله وتبالي بالاستعاذة به وجواب الشرك محذوف ثقه بدلالة السياق عليه اى فانى عائذة به وقال الكاشفى [يعنى تومتقى ومتورعى من از تو پرهيز ميكنم و پناه بحق ميبرم فكيف كه چنين نباشى] قال الشيخ قى تفسيره وانما قالت ذلك لان التقى يتعظ بالله ويخاف والفاسق يخوف بالسلطان والمنافق يخوف بالناس كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان كنت تقيا من اهل الدين تعرف الرحمن فلا تقربنى بعوذى به وان كنت شقيا لا تعرف الرحمن فاتعوذ منك بالخلق فاجابها قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
يريد انى لست ممن يتوقع منه ما توهمت من الشر وانما انا رسول ربك الذي استعذت به لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً
اى لاكون سببا فى هبته بالنفخ فى الدرع زَكِيًّا
طاهرا من الذنوب ولوث الظلمة النفسانية الانسانية قالَتْ استبعادا ظاهرا اى متعجبة من حيث العادة لا مستبعدة من حيث القدرة أَنَّى يَكُونُ لِي [چكونه بود مرا] غُلامٌ كما وصف وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ اى والحال انه لم يباشرنى بالنكاح رجل فان المس كناية عن الوطئ الحلال اما الزنى فانما يقال خبث بها او فجر او زنى وانما قيل بشر مبالغة فى بيان تنزهها عن مبادى الولادة وَالحال انه لَمْ أَكُ بَغِيًّا فعول بمعنى الفاعل أصله بغويا قال الشيخ فى تفسيره ولم يقل بغية لانه وصف غالب على المؤنث كحائض اى فاجرة تبغى الرجال. وبالفارسية [زناكار وجوينده فجور] يريد نفى الوطئ مطلقا وان الولد اما من النكاح الحلال او الحرام اما الحلال فلانها لم يمسها بشر واما الحرام فلانها لم تك بغيا فاذا انتفى السببان جميعا انتفى الولد وفى التأويلات(5/322)
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)
النجمية وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قبل هذا وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ليمسسنى بشر بعد هذا بالزنى او بالنكاح لانى محررة محرم على الزوج قالَ كَذلِكِ اى الأمر كما قلت. وبالفارسية [يعنى چنين است كه تو ميكويى هيچ كس بنكاح وسفاح ترا مس نكرده است] فاما قالَ رَبُّكِ الذي أرسلني إليك هُوَ اى ما ذكرت من هبة الغلام من غير ان يمسك بشر أصلا عَلَيَّ خاصة هَيِّنٌ يسير وان كان مستحيلا عادة لما انى لا احتاج الى الأسباب والوسائط وفى التأويلات النجمية قالَ كَذلِكِ الذي تقولين ولكن قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ان اخلق ولدا من غير ماء منّى والد فانى أخلقه من نور كلمة كن كما قال تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَلِنَجْعَلَهُ اى ونفعل ذلك لنجعل وهب الغلام آيَةً لِلنَّاسِ وبرهانا يستدلون بها على كمال قدرتنا فالواو اعتراضية او لنبين به عظم قدرتنا ولنجعله إلخ وفى التأويلات النجمية آيَةً اى دلالة على قدرتى بانى قادر على ان اخلق ولدا من غير اب كما انى خلقت آدم من غيراب وأم وخلقت حواء من غير أم وَرَحْمَةً عظيمة كائنة مِنَّا عليهم يهتدون بهدايته ويسترشدون بإرشاده وبين قوله وَرَحْمَةً مِنَّا وقوله يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ فرق عظيم وهو انه تعالى إذا ادخل عبدا فى رحمته يرحمه ويدخله الحنة ومن جعله رحمة منه يجعله متصفا بصفته وكذا بين قوله رَحْمَةً مِنَّا وقوله فى حق نبينا عليه السلام وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ابدا اما فى الدنيا فبان لا ينسخ دينه واما فى الآخرة فبان يكون الخلق محتاجين الى شفاعته حتى ابراهيم عليه السلام فافهم جدا كذا فى التأويلات النجمية وَكانَ خلقه بلا فحل أَمْراً مَقْضِيًّا قضيت به فى سابق علمى وحكمت بوقوعه لا محالة فيمتنع خلافه فلا فائدة فى الحزن وهو معنى قوله (من عرف سر الله فى القدر هانت عليه المصائب) يقول الفقير وذلك ان العلم تابع للمعلوم فكل ما يقتضيه من الأحوال فالله تعالى يظهره بحكمته وخلق عيسى عليه السلام على الصفة المذكورة كان فى الأزل بمقتضى الحكمة القديمة مقدرا فجميع الأعيان وما يتبعها من الأحوال المختلفة داخلة تحت الحكمة فمن كوشف عن سر هذا المقام هانت عليه المصائب والآلام إذ كل ما نبت فى مزرعة الوجود الخارجي فهو من بذر الحكم الأزلي على حسب تفاوت الاستعدادات كتفاوت المزارع فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه: قال الحافظ
نمى كنم كله ليكن ابر رحمت دوست ... بكشت زار جكر تشنكان ندادنمى
اى لا اشتكى من هذا المعنى فانه من مقتضى ذاتى: وقال
درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند وميرويم
اى لا تثريب علىّ فى هذا المعنى فانه من قضاء الله تعالى قال الامام ابو القاسم القشيري قدس سره سمعت أستاذ أبا على الدقاق يقول فى آخر همره وقد اشتدت به العلة من امارات التأييد حفظ التوحيد فى اوقات الحكم ثم قال كالمفسر لفعله مفسرا لما كان فيه من حاله هو ان يقرضك بمقاريض القدرة فى إمضاء الاحكام قطعة قطعة وأنت شاكر حامد انتهى فقصة مريم من جملة احكام الله تعالى ولذا عرفت الحال لانها كانت صديقة وصبرت على(5/323)
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)
أذى القوم وشماتتهم وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) فالواجب على العبد الحمد على البلية لما تضمنته من النعمة فان فقد فالصبر وكلاهما من طريق العبودية وإذا وقف مع الجزع المستفاد من وجود الشفقة على نفسه فهو من غلبة الهوى قال احمد بن حضرويه قدس سره الطريق واضح والدليل لائح والداعي قد اسمع فما التحير بعد هذا الا من العمى وفى الحديث خطابا لابن عباس رضى الله عنهما (ان استطعت ان تعمل لله بالرضى فى اليقين فافعل والا ففى الصبر على ما تكره خير كثير) قال فى شرح الحكم العطائية ثم إذا تأملت ظهر لك ان التحقق بالمعرفة منطو فى وجود البلايا إذ ليست المعرفة الا بتحقق أوصافه تعالى حتى يفنى فى أوصافه كل شىء من وجودك فلا يبقى لك عز مع عزه ولا غنى مع غناه ولا قدرة مع قدرته ولا قوة مع قوته وهذا يتحقق لك بوجود البلية إذ هى مشعرة بقهر الربوبية فافهم هذا وفقنا الله وإياكم للتحقق بحقيقة الحال والتمكن فى مقام الصبر والحمد على جميع الأحوال: وفى المثنوى
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كميايى همچوصبر آدم نديد «1»
وذلك لان بالبلاء تحترق الأوصاف الرديئة الخلقية وبالصبر يحصل الأخلاق الالهية والصفات الحقية فَحَمَلَتْهُ قال ابن عباس رضى الله عنهما فاطمأنت مريم الى قول جبريل فدنا منها فنفخ فى جيب درعها فوصلت النفخة الى بطنها فحملت عيسى عقيب النفخ يقول الفقير وصول النفخ الى الجوف لا يحتاج الى منفذ من المنافذ كالفم ونحوه ألا ترى ان الروح حين دخل جسد آدم دخل من اليافوخ وهو وسط الرأس إذا اشتد وقبل اشتداده كما فى رأس الطفل يقال له الفادية بالفاء ثم نزل الى العينين ثم الى الفم ثم الى سائر الأعضاء واعلم ان لعيسى عليه السلام جهة جسمانية وجهة روحانية واحدية جمع للجهتين فاذا نظر الى جهة الجسمانية يظن انه تكون من ماء مريم وإذا نظر الى جهة الروحانية وآثارها من احياء الموتى وخلق الطير من الطين يحكم انه من نفخ جبريل وإذا نظر الى احدية جمعها يقال انه تكون منهما فالتحقيق ان الملك لما تمثل لها بشرا سويا نزل الماء منها الى الرحم لشدة اللذة بالنظر اليه فتكون عيسى من ذلك الماء المتولد عن النفخ الموجب للذة منها فهو من ماء امه فقط خلافا للطبيعيين فانهم ينكرون وجود الولد من ماء أحد الزوجين دون الآخر فان قلت قد ثبت ان ماء الرجل يكون منه العظم والعصب وماء المرأة يكون منه اللحم والدم فكيف جاء عيسى مركبا من هذه الاجزاء قلت خروجه على الصورة البشرية كامل الاجزاء انما هو من أجل امه لان ماءها محقق ومن أجل تمثل جبريل فى صورة البشر فانه انما مثل فى صورة البشر حتى لا يقع التكوين فى هذا النوع الإنساني الا على الحكم المعتاد الذي جرت به العادة غالبا وهو تولده من شخصين إنسانين وقد توهمت فى النفخ الماء فحصل الماء المتوهم ايضا ووجود بعض الأشياء قد يترتب على توهمه كترتب السقوط عن الجذع على توهمه ولاجل تكونه من نفخ جبريل طالت إقامته فى صورة البشر لان للارواح صفة البقاء- روى- ان مولد عيسى عليه السلام كان قبل مولد نبينا عليه السلام بخسمائة وخمس وخمسين سنة وقد بقي بعد
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام إلخ(5/324)
وسينزل ويدعو الناس الى دين نبينا عليه السلام قال بعض الكبار لو لم يتمثل جبريل عند النفخ بالصورة البشرية لظهور عيسى على صورة الروحانيين ولو نفخ فيها وقت الاستعاذة على الحالة التي كانت عليها من تحرّج صدرها وضجرها لتخيلها انه بشر يريد مواقعتها على وجه لا يجوز فى الشرائع لخرج عيسى بحيث لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه اى رداءته لسراية حال امه فيه لان الولد انما يتكوّن بحسب ما غلب على الوالدين من المعاني النفسانية والصور الجسمانية نقل فى الاخبار ان امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر وجسمه جسم الحية فلما سئلت عنها أخبرت انها رأت حية عند المواقعة وان امرأة ولدت ولدا له أعين اربع ورجلاء كرجل الدب وكانت قبطية جامعها زوجها وهى ناظرة الى دبين كانا عند زوجها فلما قال لها جبريل (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ)
جئت من عنده (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)
انبسطت عن ذلك القبض لما عرفت انه مرسل إليها من عند ربها وانشرح صدرها لما تذكرت بشارة ربها إياها بعيسى (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) فنفخ فيها فى حين الانبساط والانشراح فخرج عيسى منبسطا منشرح الصدر لسراية حال امه فيه. ولذا قالوا يتفكر عند الجماع الأقوياء ويمثل بين عينيه صورة رجل على احسن خلقة وأقوم جثة وأفضل خلق وأكمل حال قالوا حملته وسنها وقتئذ ثلاث عشرة سنة وقد حاضت حيضتين قبل ان تحمل. واختلف فى مدة حملها كما اختلف فى مدة حمل آمنة والدة النبي عليه السلام ففى رواية عن ابن عباس كانت مدة الحمل والولادة ساعة واحدة وجعله بعضهم أصح لان عيسى كان مبدعا ولم يكن من نطفة يدور فى أدوار الخلقة ويؤيده عطف قوله (فَانْتَبَذَتْ بِهِ) بالفاء التعقيبية يقول الفقير القول بان مثل هذه الفاء قد يدل على ترتيب الحكم وعدم تكونه من نطفة ظاهر البطلان لانه من ماء محقق وماء متوهم كما سبق وكونه من المبدعات بلا سبب ظاهر لا يستلزم ان يكون جميع أحواله بطريق خرق العادة وفى رواية اخرى عنه كانت تسعة أشهر كحمل اكثر النساء إذ لو كان اقل لذكر هاهنا فى جملة مدائحا وقيل ثمانية ولم يعش مولود وضع لثمانية الا عيسى وكان ذلك آية اخرى قال الحكماء فى بيان سبب ذلك ان الولد عند استكماله سبعة أشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته فى الشهر السادس فان خرج عاش وان لم يخرج استراح فى البطن عقيب تلك الحركة المضعفة فلا يتحرك فى الشهر الثامن ولذلك تقل حركته فى البطن فى ذلك الشهر فاذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه وفى كلام الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره لم ار للثمانية صورة فى نجوم المنازل ولهذا كان المولود إذا ولد فى الشهر الثامن يموت ولا يعيش وعلى فرض ان يعيش يكون معلولا لا ينتفع بنفسه وذلك لان الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت فَانْتَبَذَتْ بِهِ الباء للملابسة والجار والمجرور فى حيز النصب على الحالية اى فاعتزلت ملتبسة به اى وهو فى بطنها كقوله تنبت بالدهن اى تنبت ودهنها فيها مَكاناً قَصِيًّا مفعول انتبذت على تضمين معنى الإتيان كما سبق اى أتت مكانا بعيدا من أهلها قال الكاشفى(5/325)
فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)
[مكانى دور ز شهر ايليا كويند بكوهى رفت در جانب شرقى از شهر يا بوادي بيت لحم كه شش ميل دور بود از ايليا] وعن انس رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث الاسراء (فقال لى جبريل انزل فصلى فصليت فقال أتدري اين صليت صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى ابن مريم) وهو حديث صحيح او حسن رواه النسائي والبيهقي فى دلائل النبوة او أقصى الدار وهو الأنسب لقصر مدة الحمل كما فى الإرشاد وقال فى قصص الأنبياء لما دنت ولادة مريم خرجت فى جوف الليل من منزل زكريا الى خارج بيت المقدس وأحبت ان لا يعلم بها زكريا ولا غيره فَأَجاءَهَا تعدية جاء بالهمزة اى جاء بها واضطرها الْمَخاضُ وجع الولادة. وبالفارسية [درد زادن] يقال مخضت المرأة إذا تحرك الولد فى بطنها للخروج إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لتستتر به وتعتمد عليه عند الولادة إذ لم تكن لها قابلة تعينها وقال فى القصص رأت نخلة يابسة فى جوف الليل فجلست عند أصلها وفى التأويلات النجمية فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لاظهار المعجزة فى الجذع انتهى والجذع ما بين العرق والغصن اى أسفلها مادون الرأس الذي عليه الثمر وكانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا خضرة وكان الوقت شتاء ولعله تعالى ألهمها ذلك ليريها من آياته ما يسكن روعتها فان النخلة اليابسة التي لا رأس لها قد أثمرت فى الشتاء وهى اقل شىء صبرا على البرد وثمرها انما هو من جمارها بعد اللقاح والجمار رأس النخلة وهو شىء ابيض لين وليطعمها الرطب الذي هو خرست النفساء الموافقة لها والخرسة بالتاء طعام النفساء وبدونها طعام الولادة قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ [كفت كاشكى من مردمى] وهو بكسر الميم من مات يمات كخفت وقرئ بصمها من مات يموت قَبْلَ هذا اليوم او هذا الأمر كما فى الجلالين وانما قالته مع انها كانت تعلم ما جرى بينهما وبين جبريل من الوعد الكريم استحياء من الناس على حكم العادة البشرية لا كراهة لحكم الله وخوفا من ملامتهم وحذرا من وقوع الناس فى المعصية بما تكلموا فيها او جريا على سنن الصالحين عند اشتداد الأمر عليهم كما روى عن عمر رضى الله عنه انه أخذ تبنة من الأرض فقال يا ليتنى هذه التبنة ولم أكن شيأ وعن بلال له قال ليت بلالا لم تلده امه
فقولى تارة يا رب زدنى ... واخرى ليت أمي لم تلدنى
وفى التأويلات النجمية قَبْلَ هذا اى قبل هذا الحمل فانه بسبب حملى وولدي يدخل الله النار خلقا عظيما لان بعضهم يتهمنى بالزنى وبعضهم يتهم ولدي بابن الله وَكُنْتُ [وبودمى] نَسْياً شيأ حقيرا شانه ان ينسى ولا يعتد به أصلا مَنْسِيًّا لا يخطر ببال أحد من الناس وهو نعت للمبالغة وفى التأويلات نَسْياً مَنْسِيًّا فى العدم لا يذكرنى الله بالإيجاد وقال الكاشفى [يعنى هيچكس مرا ندانستى واز من حساب نداشتى وحال آنكه همه اخبار بيت المقدس مرا مى شناسند كه دختر امام ايشانم در كفالت زكريا بوده ام وهنوز بكارت من زائل نشده وشوهرى نكرده ام واكنون فرزند مى زايم واز خجالت آن حال نمى دانم چهـ كنم]
هر چند بر وى كار در مينكرم ... محنت زده چوخود نمى بينم من
فَناداها اى جبرائيل حين سمع جزعها لان عيسى لم يتكلم حتى أتت به قومها(5/326)
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
مِنْ تَحْتِها من مكان أسفل منها تحت الاكمة وقال فى القصص من تحت النخلة وفى الاسئلة المقحمة قرئ بفتح الميم يعنى به عيسى لما خرج من البطن ناداها أَلَّا تَحْزَنِي ان مفسرة بمعنى اى لا تحزنى بولادة عيسى وبمكان القحط [وتمناى مرك مكن] او مصدرية على حذف الباء تقديره بان لا تحزنى. والجزن غم يلحق لوقوعه من فوات نافع او حصول ضار قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ اى فى مكان أسفل منك سَرِيًّا نهرا صغيرا على ما فسره النبي عليه السلام قال ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل ضرب برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب فجرى جدولا وقال بعض ارباب الحقيقة انبأ عيسى عن نبوته فى المهد بقوله آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وفى بطن امه بقوله أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا اى سيدا على القوم بالنبوة انتهى فيكون من السرو وهو السؤدد وَهُزِّي هز الشيء تحريكه الى الجهات المتقابلة تحريكا عنيفا متداركا والمراد هاهنا ما كان منه بطريق الجذب والدفع لقوله إِلَيْكِ اى الى جهتك بِجِذْعِ النَّخْلَةِ الباء صلة للتأكيد كما فى قوله تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قال الفراء تقول العرب هزه وهزبه تُساقِطْ اى تسقط النخلة عَلَيْكِ اسقاطا متواترا حسب تواتر الهز رُطَباً [خرماى تازه] جَنِيًّا وهو ما قطع قبل يبسه فعيل بمعنى مفعول اى رطبا مجنيا اى صالحا للاجتناء قد بلغ الغاية قال فى الاسئلة المقحمة كيف أمرها بهز النخلة هاهنا وقبل ذلك كان زكريا يجد رزقها فى المحراب فالجواب انها فى حالة الطفولية كانت بلا علاقة أوجبت العناء والمشقة وقال فى اسئلة الحكم ما الحكمة فى أمرها بالهز قيل لانها تعجبت من ولد بغير أب فاراها الرطب من نخل يابس آية منه تعالى كيلا تتعجب منه. واما سر كون الآية فى النخلة فلانها خلقت من طينة آدم وفيها نسبة معنوية لحقيقة الانسانية دون غيرها لعدم حصولها بغير زوج ذكر يسمى بالتأبير وقال لم اجرى الله النهر بغير سعى مريم ولم يعطها الرطب الا بسعيها قيل لان الرطب غذاء وشهوة والماء سبب للطهارة والخدمة وقيل ثمرة الرطب صورة العمل الكسبي والماء صورة سر الفيض الإلهي فاجرى كل شىء فى منزله ومقامه لان كل كرامة صورة عمل السالك إذا تحقق وتخلق به وقيل جرت عادة الله تعالى فى الرطب بأسباب التعمل كالغرس والسقي والتأبير والماء ليس له سبب ارضى بل هو وهبى سماوى ولذا اجرى النهر لمريم بغير سبب فَكُلِي من ذلك الرطب وَاشْرَبِي من ماء السرى وكان ذلك إرهاصا لعيسى او كرامة لامه وليس بمعجزة لفقد شرطها وهو التحدي كما فى بحر العلوم قال الامام فى تفسيره قدم الاكل لان حاجتها اليه أشد من حاجتها الى الماء لكثرة ما سال منها من الدماء فان قيل مضرة الخوف أشد لانه الم الروح والجوع والعطش الم البدن ونقل انه اجيع شاة ثم قدم إليها العلف وربط عندها ذئب فلم تأكل ثم ابعد الذئب وكسر رجلها فتناولت فدل على ان الم الخوف أشد فلم اخر الله سبحانه دفع ضرره قلنا كان الخوف قليلا لبشارة جبريل فلم يحتج الى التذكير مرة اخرى انتهى. قالوا التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذلك التحنيك وهو بالفارسية [كام كودك بماليدن] يقال حنك الصبى مضغ تمرا او غيره فدلكه بحنكه وقالوا كان من(5/327)
العجوة وهى بالحجاز أم التمر كما فى القاموس وفى الحديث (إذا ولدت امرأة فليكن أول ما تأكل الرطب فان لم يكن رطب فتمر فأنه لو كان شىء أفضل منه لا طعمه الله تعالى مريم بنت عمران حين ولدت عيسى) قال الربيع بن خيثم ما للنفساء عندى خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل وَقَرِّي عَيْناً وطيبى نفسا وارفضى عنها ما أحزنك وأهمك فان الله تعالى قد نزه ساحتك بالخوارق من جرى النهر واخضرار النخلة اليابسة وأثمارها قبل وقتها لانهم إذا رأوا ذلك لم يستبعدوا ولادة ولد بلا فحل واشتقاقه من القرار فان العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت اليه من النظر الى غيره يقال أقر الله عينيك اى صادف فؤادك ما يرضيك فيقر عينك من النظر الى غيره قال فى القاموس قرت عينه تقر بالكسر والفتح قرة ويضم وقرورا بردت وانقطع بكاؤها أو رأت ما كانت متشوفة اليه انتهى او من القر بالضم وهو البرد فان
دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ولذلك يقال قرة العين وسخنة العين للمحبوب والمكروه وقال الكاشفى [وقرى عينا وروشن ساز چشم را بفرزند يا خود بسبز شدن درخت وبر دادن او كه مناسبت با حال تو دارد چهـ آنكه قادر است بر اظهار خرما از درخت يابس قدرت دارد بر إيجاد ولد از مادر بي پدر وحق سبحانه ملائكه فرستاد تا بكرد مريم در آمدند و چون عيسى عليه السلام متولد شد او را فرا كرفته بشستند ودر حرير بهشت پيچيده در كنار مريم نهادند] قالوا ما من مولود يستهل غيره [وندا رسيد] فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً اى فان ترى آدميا كائنا من كان وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وهى بمنزلة لام القسم فى انها إذا دخلت على الفعل دخلت معها النون المؤكدة فَقُولِي له ان استنطقك اى سألك على ولدك [يعنى پرسند اين فرزند از كجاست] ولامك عليه إِنِّي نَذَرْتُ أوجبت على نفسى لِلرَّحْمنِ صَوْماً اى صمتا او صياما وكان صيام المجتهدين من بنى إسرائيل بالإمساك عن الطعام والكلام حتى يمسى وقد نسخ فى هذه الامة لانه عليه السلام نهى عن صوم الصمت قال فى أبكار الاذكار السكوت فى وقته صفة الرجال كما ان النطق فى موضعه شرف الخصال
اگر چهـ پيش خرمند خامشى ادبست ... بوقت مصلحت آن به كه در سخن كوشى
دو چيز طيره عقلست دم فرو بستن ... بوقت كفتن وكفتن بوقت خاموشى
واما إيثار اصحاب المجاهدة السكوت فلعلمهم بما فى الكلام من حظ النفس واظهار صفات المدح والميل الى حسن النطق فاما صمت الجاهلية فمنهى عنه كما ورد لايتم بعد الاحتلام ولا صمات يوم الى الليل فكان اهل الجاهلية من نسكهم اعتكاف يوم وليلة بالصمات فنهوا فى الإسلام عن ذلك وأمروا بالحديث بالخير والذكر يقول الفقيران المنهي عنه هو السكوت مطلقا. واما السكوت عن كلام الناس مع ملازمة الذكر فمقبول بل مأمور به ولذا جعل دوام السكوت أحد الشرائط الثمان فصحة الانقطاع وفائدة السلوك انما تحصل به وباخواته فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا [پس سخن نخواهم كفت امروز با هيچ آدمي بلكه با ملائكه وبا حق سخن ميكويم ومناجات ميكنم] أمرت بان تخبر بنذرها بالاشارة فالمعنى قولى ذلك بالاشارة لا باللفظ قال الفراء العرب تسمى كل وصل الى الإنسان كلاما بأى طريق وصل ما لم يؤكد بالمصدر(5/328)
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)
فاذا أكد لم يكن الا حقيقة الكلام وانما أمرت بذلك لكراهة مجادلة السفهاء ومناقلتهم والاكتفاء بكلام عيسى انه قاطع لطعن الطاعن والرائب فى براءة ساحتها وذلك ان الله تعالى أراد ان يظهر براءتها من جهة عيسى فتكلم ببراءة امه وهو فى المهد وفيه ان السكوت عن السفيه واجب ومن أذل الناس سفيه لم يجد مسافها: قال الصائب
در جنك ميكند لب خاموش كار تيغ ... داد جواب مردم نادان چهـ لازمست
وقال
با كران جانان مكو حرف كران تا نشنوى ... كوه در رد صدا بي اختيار افتاده است
ومن بلاغات الزمخشري ما قدع السفيه بمثل الاعراض وما اطلق عنانه بمثل العراض سورة السفيه تكسرها الحلماء والنار المضطرمة يطفئها الماء يعنى ان سورة السفيه كالنار المضطرمة ولا يطفأها الا الحلم كما لا يطفئ النار الا الماء والنار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله وفى الآية اشارة الى الصوم عن الالتفات لغير الله تعالى كما قال بعض الكبار الدنيا يوم ولنا فيه صوم ولا يكون إفطاره الا على مشاهدة الجمال فعلى السالك ان ينقطع عن عالم الناسوت ويقطع لسانه عن غير ذكر اللاهوت حتى يحصل قطع الطريق والوصول الى منزل التحقيق وكما ان مريم هزت النخلة فاسقطت عليها رطبا جنيا فكذا مريم القلب إذا هزت بنخلة الذكر وهى كلمة «لا اله الا الله» تسقط عليها من المشاهدات الربانية والمكاشفات الإلهية ما به يحصل التمتعات التي هى مشارب الرجال البالغين كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) اللهم اجعلنا من الذين كوشفوا عن وجه حقيقة الحال ووصلوا الى تجليات الجمال والجلال فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها والباء بمعنى مع اى جاءتهم مع ولدها راجعة إليهم عند ما طهرت من نفاسها وجعلها الكاشفى للتعدية حيث قال [پس آورد مريم عيسى را] وعن ابن عباس رضى الله عنهما انها خرجت من عندهم حين شرقت الشمس وجاءتهم عند الظهر ومعها صبى تَحْمِلُهُ فى موقع الحال اى حاملة له- روى- ان زكريا افتقد مريم فلم يجدها فى محرابها فاغتم غما شديدا وقال لابن خالها يوسف اخرج فى طلبها فخرج يقص اثرها حتى لقيها تحت النخلة فلما رجعت الى قومها وهم اهل بيت صالحون وزكريا جالس معهم بكوا وحزنوا ثم قالُوا موبخين لها يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً على حذف الباء من شيأ ومآله فعلت شيأ فَرِيًّا اى عظيما بديعا منكرا مقطوعا بكذبه من فرى الجلد إذا قطعه. والفرية بالكسر الكذب والفري الأمر المختلق المصنوع او العظيم وهو يفرى الفري يأتى بالعجب فى عمله. وفى الاخترى انه من الاضداد يجئ بمعنى الأمر الصالح والسيئ قال الكاشفى [چيزى شكفت يا زشت كه در ميان اهل بيت مثل اين واقع نبوده] يا أُخْتَ هارُونَ روى عن النبي عليه السلام انهم انما عنوا به هارون النبي السلام وكانت من أعقاب من كان معه فى مرتبة الاخوة وذلك بان تكون من اخت هارون او أخيه وكان بينها وبينه الف وثمانمائة سنة وقيل كان هارون أخاها من أبيها وكان رجلا صالحا وقيل هو أخو موسى نسبت اليه بالاخوة لانها من ولده كما يقال يا أخا العرب اى يا واحدا منهم(5/329)
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
ما كانَ أَبُوكِ عمران امْرَأَ سَوْءٍ المرء مع الف الوصل الإنسان او الرجل ولا يجمع من لفظه كما فى القاموس. وسوء بفتح السين وباضافة امرأ اليه وهى اكثر استعمالا من الصفة والمعنى ما كان عمران زانيا قاله ابن عباس رضى الله عنهما قال الكاشفى [نبود پدر تو عمران مردى بد بلكه مردى كه مسجد أقصى را اشرف أحبار بود] وَما كانَتْ أُمُّكِ حنة بنت؟؟ ناقوذ؟؟ بَغِيًّا زانية فمن اين لك هذا الولد من غير زوج وهو تقرير لكون ما جاءت به فريا منكرا وتنبيه على ان ارتكاب الفواحش من أولاد الصالحين افحش واعلم ان المعتاد من اهل الزمان إذا اظهر الله فى كل زمان نبيا او وليا يخصه بمعجزة او كرامة ان ينكر عليه أكثرهم وينسبوه الى الجنون والضلالة والافتراء والكذب والسحر وأمثالها واما الأقلون فيعرفون ان من سافر عن منزل الجمهور فانه يرجع عن سفره ومعه من العلوم الغريبة والأحوال العجيبة ما لم يألف بها العقول ولم يشاهدها الانظار فلا يرجعون بالرد عليه بل بالاعتقاد: وفى المثنوى
مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار «1»
تا بيابى بوى خلد از يار من ... چون محمد بوى رحمان از يمن
فَأَشارَتْ إِلَيْهِ اى الى عيسى ان كلموه ليجيبكم ويكون كلامه حجة لى والظاهر انها حينئذ بينت نذرها وانها بمعزل عن محاورة الانس قالُوا منكرين لجوابها كَيْفَ نُكَلِّمُ نحدث مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ [در كهواره يعنى در خور كهواره] صَبِيًّا ولم نعهد فيما سلف صبيا رضيعا فى الحجر يكلمه عاقل لانه لا قدرة له على فهم الخطاب ورد الجواب وكان لا يقاع مضمون الجملة فى زمان ماض مبهم صالح لقريبه وبعيده وهو هاهنا لقريبه خاصة بدليل انه مسوق للتعجب او زائدة والظرف صلة من وصبيا حال من المستكن فيه او تامة او دائمة كما فى قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً يقول الفقير الظاهر ان كان لتحقيق صباوته فان الماضي دال على التحقق قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا كان بعد ذلك فقيل قال عيسى بلسان فصيح إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ أقر على نفسه بالعبودية أول ما تكلم ردا على من يزعم ربوبيته من النصارى وازالة للتهمة عن الله مع إفادة ازالة تهمة الزنى عن امه لانه تعالى لا يخص الفاجرة بولد مثله قال الجنيد لست بعبد سوء ولا عبد طمع ولا عبد شهوة وفيه اشارة الى ان أفضل اسماء البشرية العبودية يقول الفقير سمعت من فم حضرة شيخى وسندى روح الله روحه انه قال عبد الله فوق عبد الرحمن وهو فوق عبد الرحيم وهو فوق عبد الكريم ولذا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وكذا عبد الحي وعبد الحق أعلى الأسماء وامثلها لان بعض الأسماء الالهية يدل على الذات وبعضها على الصفات وبعضها على الافعال والاولى ارفع من الثانية وهى من الثالثة قيل كان المستنطق لعيسى زكريا وقد أكرم الله تعالى اربعة من الصبيان باربعة أشياء يوسف بالوحى فى الجب وعيسى بالنطق فى المهد وسليمان بالفهم ويحيى بالحكمة فى الصباوة واما الفضيلة العظمى والآية الكبرى ان الله تعالى أكرم سيد المرسلين عليه وعليهم السلام فى الصباوة بالسجدة عند الولادة بانه رسول الله وشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته وأكرم بالنبوة فى عالم الأرواح قبل الولادة والصباوة وكفى بذلك اختصاصا وتفضيلا
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان اين تفسير حديث كه اهل بيتي كمثل سفينه نوح إلخ(5/330)
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40)
شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل خواجه پيغمبران
آتانِيَ الْكِتابَ الإنجيل وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مع ذلك مُبارَكاً نفاعا معلما للخير اخبر عما يكون لا محالة بصيغة الماضي والجمهور على ان عيسى آتاه الله الإنجيل والنبوة فى الطفولية وكان يعقل عقل الرجال كما فى بحر العلوم يقول الفقير المشهور انه اوحى الله اليه بعد الثلاثين فتكون رسالته متأخرة عن نبوته أَيْنَ ما كُنْتُ حيثما كنت فانه لا يتقيد باين دون اين وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ اى أمرني بها امرا مؤكدا وَالزَّكاةِ اى زكاة المال ملكية يقول الفقير الظاهر ان ايصاءه بها لا يستلزم غناه بل هى بالنسبة الى اغنياء أمته وعموم الخطابات الالهية منسوب الى الأنبياء تهييجا للامة على الائتمار والانتهاء ما دُمْتُ حَيًّا فى الدنيا قال فى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان العبد مادام حيا لا يسقط عنه التكاليف والعبادات الظاهرة فالقول بسقوطها كما نقل عن بعض الإباحيين كفر وضلال وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه مادام العبد حيا لا بد من مراقبة السر واقامة العبودية وتزكية النفس يقول الفقير اقامة التكاليف عبودية وهى اما للتزكية كالمبتدئين واما للشكر كالمنتهين وكلا الامرين لا يسقط مادام العبد حيا بالغا فاذا تغير حاله بالجنون ونحوه فقد عذر وَبَرًّا [مهربان] بِوالِدَتِي عطف على مباركا اى جعلنى بارا بها محسنا لطيفا وهو اشارة الى انه بلا فحل وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً متكبرا. وبالفارسية [كردنكشى متعظم كه خلق را تكبر كنم وانسان را برنجانم] شَقِيًّا عاصيا لربه وَالسَّلامُ عَلَيَّ [سلام خداى بر منست] يَوْمَ وُلِدْتُ بلا والد طبيعى اى من طعن الشيطان وَيَوْمَ أَمُوتُ من شدائد الموت وما بعده وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا حال اى من هول القيامة وعذاب النار كما هو على يحيى يعنى السلامة من الله وجهت الىّ كما وجهت الى يحيى فى هذه الأحوال الثلاثة العظام على ان التعريف للعهد والأظهر على انه للجنس والتعريض باللعن على أعدائه فان اثبات جنس السلام لنفسه تعريض لاثبات ضده لاضداده كما فى قوله تعالى وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى فانه تعريض بان العذاب على من كذب وتولى فلما كلمهم عيسى بهذا الكلام أيقنوا ببراءة امه وانها من اهل العصمة والبعد من الريبة ولم يتكلم بعد حتى بلغ سن الكلام قال فى الاسئلة المقحمة قوله يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا يدل على ان لا حياة فى القبر لانه ذكر حياة واحدة والجواب انه أراد بها الدائمة الباقية بخلاف حياة القبر انتهى يقول الفقير لا شك ان حياة البرزخ على النصف من حياة يوم البعث فان الاولى حياة الروح فقط والثانية حياة الروح والجسد معا وهى المرادة هاهنا ولا انقطاع لحياة الأرواح مذخلقت من الابديات فاقهم ثم انه نكر فى سلام يحيى وعرف فى سلام عيسى لان الاول من الله والقليل منه كثير قال. بعضهم قليلك لا يقال له قليل ولهذا قرأ الحسن اهدنا صراطا مستقيما اى نحن راضون بالقليل كذا فى برهان القرآن قال شيخى وسندى فى كتاب البرقيات له قدس سره انما اتى بطريق الغيبة فى حق يحيى عليه السلام وبطريق الحكاية فى حق عيسى عليه السلام لان كلا منهما اهل الحقيقة والفناء والكمال الجامع بين الجلال والجمال واهل الشريعة والبقاء والجلال والجمال مندرجون(5/331)
تحت حيطة الكمال الا ان الميل الاستعدادي الأزلي الى جانب الحقيقة والفناء وكمال الجلال غالب فى جمعية يحيى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ليست اختيارية بل اضطرارية ازلية حاصلة باستيلاء سلطنة الحقيقة والفناء وكمال الحلال على قلبه وهذا الميل الى جانب الشريعة والبقاء جمال غالب فى جمعية عيسى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ايضا ليست اختيارية بل اضطرارية حاصلة باستيلاء دولة الشريعة والبقاء وجمال الكمال على قلبه ومقتضى الغلبة اليحياوية السكوت وترك النطق ولذا كان المتكلم فى بيان أحواله هو الله تعالى واتى بطريق الغيبة لانفسه وهو من قبيل من عرف كل لسانه لغلبة الفناء على البقاء وكل من كل لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب يحيى ومقتضى الغلبة العيسوية النطق وترك السكوت ولذا كان المتكلم فى بيان احوال نفسه واتى بطريق الحكاية دون الله تعالى وهو من قبيل من عرف الله طال لسانه لغلبة البقاء على الفناء وكل من طال
لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب عيسى عليه السلام وحال كل منهما بقضاء الله ورضاه وهما مشتركان فى الجمعية الكبرى مجتمعان فى ميل الاهلية العظمى ومنفردان فى غلبة العليا بان تكون غلبة ميل يحيى عليه السلام الى الفناء وغلبة ميل عيسى عليه السلام الى البقاء ولو اجتمعا فى تلك الغلبة ايضا لما امتاز حال أحدهما عن الآخرة بل يكون عبثا نوعا تعالى الله عن العبث ولذا لم يتجل لاحد بعين ما يتجلى به لغيره بل انما يتجلى لكل متجل له بوجه آخر ولهذه الحكمة كان الجلال غالبا فى قلب يحيى والجمال غالبا فى قلب عيسى عليه السلام حتى يكون التجلي لكل منهما بوجه آخر مع احدية أصله ويوجد بينهما فرق بعد الجمع وكل من ورث هذا المقام بعدهما الى يوم القيامة من اولياء الله الكرام يقول الله له بطريق الفيض والإلهام السلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهو من قبيل مبشراتهم الدنيوية التي أشير إليها بقوله تعالىَ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
الا انهم يكتمون أمثاله لكونهم مأمورين بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة لهم بعلم غيرهم واما الأنبياء عليهم السلام فهم يخبرون بسلامتهم لكونهم شارعين فلا بد لغيرهم من العلم بسلامتهم حتى يؤمن ويقبل دعوتهم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل انتهى قال فى اسئلة الحكم اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقامهما حيث قال (ان عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى كأنك قد امنت مكر الله وقال عيسى ليحيى كأنك قد أيست من فضل الله ورحمت فاوحى الله تعالى إليهما ان احبكما الىّ احسنكما ظنابى) وكان عاقبة امره فى مقام الجلال ان قتل فلم يزل فائرا دمه حتى قتل من اجله سبعون الفا قصاصا منه فسكن فورانه وكان عاقبة امر عيسى فى مقام البسط والجمال ان رفع الى السماء اى الى الملأ الأعلى من مظاهر الجمال فكلاهما فى مقامهما فائزان كاملان انتهى وفى التأويلات النجمية قوله (وَيَوْمَ أَمُوتُ) فيه اشارة الى ان عيسى المعنى المتولد من نفخ الحق فى القلب قابل الموت بسم غلبات صفات النفس والمعاملات المنتجة منها لئلا يغتر الواصل بانه إذا حى بحياة لا يموت المعنى الذي فى قلبه يقول الفقير(5/332)
اى بسازنده بمرده مغرور ... شده از دائره زندگى دور
كشت بروى متغير حالش ... زهر شد جمله فيض بالش
ماند دوعين قفا صورت او ... كر چهـ در صورت ظاهر شده رو
در پى نفس بدش هر كه دويد ... تا نبندار كه سر منزل ديد
قال فى التكملة ولد عيسى عليه السلام فى ايام ملوك الطوائف لمعنى خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على ارض بابل وقيل لاكثر من ذلك وكان حمل مريم به وهى ابنة ثلاث عشرة سنة ونبئ عيسى وهو ابن ثلاثين سنة ورفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وعاشت مريم بعده ست سنين وخرجت به امه من الشام الى مصر وهو صغير خوفا عليه من هيردوس الملك وذلك ان ملك فارس علم بمولده لطلوع نجمه فوجه له هدايا من الذهب والمر واللبان فاتت رسله بالهدايا حتى دخلت على هيردوس فسألوه عنه فلم يعلم به فاخبروه بخبره وبانه يكون نبيا واخبروه بالهدايا فقال لهم لم اهديتم الذهب قالوا لانه سيد المتاع وهو سيد اهل زمانه قال لهم ولم اهديتم المر قالوا لانه يجبر الجرح والكسر وهو يشفى السقام والعلل قال ولم اهديتم اللبان قالوا لانه يصعد دخانه الى السماء وكذلك هو يرفع الى السماء فخافه هيردوس وقال لهم إذا عرفتم مكانه فعرفونى به فانى راغب فيما رغبتم فيه فلما وجدوه دفعوا الهدايا لمريم وأرادوا الرجوع الى هيردوس فبعث الله لهم ملكا وقال لهم انه يريد قتله فرجعوا ولم يلقوا هيردوس وامر الله مريم ان ينتقل به الى مصر ومعها يوسف بن يعقوب النجار فسكنت به فى مصر حتى كان ابن اثنتي عشرة سنة ومات هيردوس فرجعت الى الشام انتهى- روى- ان مريم سلمت عيسى الى معلمه فعلمه ابجد فقال عيسى أتدري ما «ابجد» قال لا فقال اما الالف فآلاء الله والباء بهاء الله والجيم جلال الله والدال دين الله فقال المعلم أحسنت فما «هوز» فقال الهاء هو الله الذي لا اله الا هو والواو ويل للمكذبين والزاى زبانية جهنم أعدت للكافرين فقال المعلم أحسنت فما «حطى» قال الحاء حطة الخطايا عن المذنبين والطاء شجرة طوبى والياء يد الله على خلقه فقال أحسنت فما «كلمن» قال الكاف كلام الله واللام لقاء اهل الجنة بعضهم بعضا والميم ملك الله والنون نور الله فقال أحسنت فما «سعفص» قال السين سناء الله والعين علم الله والفاء فعله فى خلقه والصاد صدقه فى أقواله فقال أحسنت فما «قرشت» قال القاف قدرة الله والراء ربوبيته والشين مشيئته والتاء تعالى الله عما يشركون فقال له المعلم أحسنت ثم قال لمريم خذى ولدك وانصرفي فانه علمنى ما لم أكن أعرفه كذا فى قصص الأنبياء قيل هذه الكلمات وهى ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت وثخذ وضظغ اسماء ثمانية ملوك فيما تقدم. وقيل هى اسماء ثمانية من الفلاسفة. وقيل هذه الكلمات وضعها اليونانيون لضبط الاعداد وتمييز مراتبها كذا فى شرح التقويم وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد أول من وضع الخط العربي واقامه وصنع حرفه واقسامه ستة اشخاص من طسم كانوا نزولا عند عدنان بن داود وكانت اسماؤهم ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت ووضعوا الكتابة والخط على اسمائهم فلما وجدوا فى الألفاظ حروفا ليست فى(5/333)
ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38)
اسمائهم ألحقوها بها وسموها الروادف وهى الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين على حسب ما يلحق حروف الجمل هذا تلخيص ما قيل فى ذلك وقيل غيره انتهى ذلِكَ الذي فصلت نعوته الجليلة عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لا ما يصفه النصارى وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله موصوفا باضداد ما يصفونه ثم عكس على الحكم قَوْلَ الْحَقِّ قول الثابت والصدق وهو بالنصب على انه مصدر مؤكد لقال انى عبد الله إلخ وقوله ذلك عيسى ابن مريم اعتراض الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ اى يشكون فان المرية الشك فيقولون هو ابن الله ما كانَ لِلَّهِ ما صح وما استقام له تعالى أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ اى ولدا وجاء بمن لتأكيد النفي العام وفى التأويلات النجمية اى جزأ فان الولد جزؤ الوالد كما قال عليه السلام (فاطمة بضعة منى سُبْحانَهُ اى تنزه وتعالى تنزيها عن بهتان النصارى لانه ليس للقديم جنس إذ لا جنس له ولذلك قالوا لا فضل له إِذا قَضى أَمْراً اى أراد كونه فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قال لعيسى كن فكان من غيراب والقول هاهنا مجاز عن سرعة الإيجاد. والمعنى انه تعالى إذا أراد تكوين الأشياء لم تمتنع عليه ووجدت كما أرادها على الفور من غير تأخير فى ذلك كالمأمور المطيع الذي إذا ورد عليه امر الآمر المطاع كان المأمور به مفعولا لا حبس ولا إبطاء وهو المجاز الذي يسمى التمثيل وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ من تمام كلام عيسى عطف على قوله (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) داخل تحت القول هذا الذي ذكرته من التوحيد صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا يضل سالكه فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ جمع حزب بمعنى الجماعة مِنْ بَيْنِهِمْ اى من بين الناس المخاطبين بقوله (رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) وهم القوم المبعوث إليهم فقالت النسطورية هو ابن الله واليعقوبية هو الله هبط الى الأرض ثم صعد الى السماء وقالت الملكانية هو عبد الله ونبيه وفى التأويلات النجمية اى تحزبوا ثلاث فرق فرقة يعبدون الله بالسير على قدمى الشريعة والطريقة بالعبور على المقامات والوصول الى القربات وهم الأولياء والصديقون وهم اهل الله خاصة وفرقة يعبدون الله على صورة الشريعة وأعمالها وهم المؤمنون المسلمون وهم اهل الجنة وفرقة يعبدون الهوى على وفق الطبيعة ويزعمون انهم يعبدون الله كما ان الكفار يعبدون الأصنام ويقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى فهؤلاء ينكرون على اهل الحق وهم اهل البدع والأهواء والسمعة والنفاق وهم اهل النار فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وهم المختلفون. والويل الهلاك وهو نكرة وقعت مبتدأ وخبره ما بعده ونظيره سلام عليك فان أصله منصوب نائب مناب فعله لكنه عدل به الى الرفع على الابتداء للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى من شهود يوم عظيم الهول والحساب والجزاء وهو يوم القيامة أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ [چهـ شنو باشد كافران و چهـ بينا] وهو تعجب من حدة سمعهم وأبصارهم يومئذ ومعناه ان استماعهم وأبصارهم للهدى يَوْمَ يَأْتُونَنا للحساب والجزاء يوم القيامة جدير بان يتعجب منه بعد ان كانوا فى الدنيا صما وعميا والتعجب استعظام الشيء مع الجهل بسببه ثم استعمل لمجرد الاستعظام لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ اى فى الدنيا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فى خطأ ظاهر(5/334)
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40)
لا يدرك غايته حيث اغفلوا الاستماع والنظر بالكلية حين ينفعهم
عمر مكن ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف
كه فردا پشيمان بر آرى خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وَأَنْذِرْهُمْ خوفهم يا محمد يعنى الظالمين يَوْمَ الْحَسْرَةِ اى من يوم يتحسر فيه ويتحزن الناس ويندمون قاطبة اما المسيئ فعلى إساءته واما المحسن فعلى قلة إحسانه إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ بدل من يوم الحسرة الى فرغ من الحساب وتصادر الفريقان الى الجنة والنار- وروى- ان النبي عليه السلام سئل عن ذلك فقال (حين يجاء بالموت على الصورة الكبش الا ملح فيذبح والفريقان ينظرون فينادى المنادى يا اهل الجنة خلود بلا موت ويا اهل النار خلود بلا موت فيزداد اهل الجنة فرحا الى فرح واهل النار غما الى غم) وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ اى عما يفعل بهم فى الآخرة وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وهما جملتان حاليتان من الضمير المستتر فى قوله تعالى (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) اى مستقرون فى ذلك وهم فى تينك الحالتين وما بينهما اعتراض إِنَّا نَحْنُ تأكيد لانا نَرِثُ نملك الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها ذكر من تغليبا للعقلاء اى لا يبقى لاحد غيرنا عليهم ملك ولا ملك وقد سبق فى سورة الحجر ما يتعلق بهذه الآية وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ اى يردون للجزاء لا الى غيرنا استقلالا او اشتراكا اعلم ان الرجوع على نوعين رجوع بالقهر وهو رجوع العوام لان نفوسهم باقية مطمئنة بالدنيا فلا يخرجون مماهم عليه الا بالكراهة ورجوع باللطف وهو رجوع الخواص لان نفوسهم فانية غير مطمئنة بالدنيا والعقبى بل بالمولى الا على فيخرجون من الدنيا والموت ولقاء الله تعالى أحب إليهم من كل شىء. فعلى السالك ان يجتهد فى تحصيل الفناء والبقاء وتكميل الشوق الى اللقاء ويرجع الى الله تعالى قبل ان يرجع فان سرّ لمن الملك اليوم دائر على هذا
صرصر قهر وى از ممكن وحدت بوزيد ... حس وخاشاك تعين همه بر باد ببرد
هر چهـ در عرصه إمكان بوجود آمده بود ... سيل عزت همه را تا عدم آباد ببرد
ولله عباد خوطبوا فصار كلهم اذنا وشهدوا فصار كلهم عينا وجدوا فى الرحيل حتى حطوا الرحل عند الملك الجليل
نظرت فى الراحة الكبرى فلم ارها ... تنال الا على جنس من التعب
والجد منها بعيد فى تطلبها ... فكيف تدرك بالتقصير واللعب
قال الشيخ ابو الحسن المزين رحمه الله دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا فخطر ببالي انه ما دخل بهذه البادية فى هذه السنة أحد أشد تجريدا منى فجذبنى انسان من ورائي وقال يا حجام كم تحدث نفسك بالأباطيل فظهر ان الترك والتجرد والرجوع فى الحق على مراتب ولكل سالك خطوة فلا يغتر أحد بحاله ولا يخطر العجب بباله وعن ابراهيم الخواص قدس سره قال دخلت البادية فاصابتنى شدة فكابدتها وصابرتها فلما دخلت مكة داخلنى شىء من الاعجاب فنادتنى عجوز من الطواف يا ابراهيم كنت معك فى البادية فلم أكلمك لانى لم أرد ان اشغل سرك عنه اخرج هذا الوسواس عنك فظهر ان التوفيق للرجوع الى الله(5/335)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46)
انما هو من الله وكل كمال فبحوله وقوته ونصرته ومعونته وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ اى اتل يا محمد على قومك فى السورة او القرآن قصة ابراهيم وبلغها إياهم كقوله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ) وذلك ان اهل الملل كانوا يعترفون بفضله ومشركوا العرب يفتخرون بكونهم من ابنائه فامر الله تعالى حبيبه عليه السلام ان يخبرهم بتوحيده ليقلعوا عن الشرك إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً ملازما للصدق فى كل ما يأتى وما يذر مبالغا فيه قائما فى جميع الأوقات نَبِيًّا خبر آخر لكان مقيد للاول يخصص له اى كان جامعا بين الصديقية والنبوة وذلك ان الصديقية تلو النبوة ومن شرطها ان لا يكون نبيا الا وهو صديق وليس من شرط الصديق ان يكون نبيا. ولارباب الصدق مراتب صادق وصدوق وصديق فالصادق من صدق فى قيامه مع الله بالله وفى الله وهو الفاني عن نفسه والباقي بربه. والفرق بين الرسول والنبي ان الرسول من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان إِذْ قالَ
بدل من ابراهيم بدل الاشتمال لان الأحيان مشتملة على ما فيها اى اذكر وقت قوله لِأَبِيهِ
آزر متلطفا فى الدعوة مسهلا له يا أَبَتِ
اى يا ابى فان التاء عوض عن ياء الاضافة ولذلك لا يجتمعان اى لا يقال يا ابتى ولا يقال يا ابتا لكون الالف بدلا من الياء لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ
ثناءك وتضرعك له به عند عبادتك له وما عبارة عن الصور والتماثيل ولام الاضافة التي دخلت على ما الاستفهامية كما دخل عليها غيرها من حروف الجر فى قولك بم وعلام وفيم والام ومم وعم حذفت الالف لان ما والحرف كشئ واحد وقل استعمال الأصل وَلا يُبْصِرُ
خضوعك وخشوعك بين يديه وَلا يُغْنِي عَنْكَ
اى لا يفدر على ان ينفعك شَيْئاً
لا فى الدنيا ولا فى الآخرة وهو مصدر اى شيأ من الإغناء وهو القليل منه او مفعول به اى ولا يدفع عنك شيأ من عذاب الله تعالى يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي بطريق الوحى مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي ولا تستنكف عن التعلم منى أَهْدِكَ [ما بنماييم ترا] صِراطاً سَوِيًّا اى مستقيما موصلا الى أعلى المراتب منجيا من الضلال لم يشافهه بالجهل المفرط وان كان فى أقصاه ولم يصف نفسه بالعلم الفائق وان كان كذلك بل جعل نفسه فى صورة رفيق له فى مسير يكون اعرف وذلك من باب الرفق واللطف يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ فان عبادتك للاصنام عبادة له إذ هو الذي يزينها لك ويغريك عليها إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا ومن جملة عصيانه اباؤه عن السجدة ومعلوم ان طاعة العاصي تورث النقم وزوال النعم والتعرض لعنوان الرحمانية لاظهار كمال شناعة عصيانه يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ ان مت على ما أنت عليه من متابعة الشيطان وعصيان الرحمن أَنْ اى من ان يَمَسَّكَ يصيبك. وبالفارسية [برسيد بتو] عَذابٌ كائن مِنَ الرَّحْمنِ وذلك الخوف للمجاملة فَتَكُونَ [پس باشى] لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا اى قرينا له فى اللعن المخلد او قريبا تليه ويليك من الولي وهو القرب قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال أبوه عند ما سمع منه هذه النصائح الواجبة القبول فقيل قال مصرا على عناده أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ اى أمعرض ومنصرف أنت عنها بتوجيه الإنكار الى نفس الرغبة مع ضرب من التعجب كأن الرغبة عنها مما لا يصدر عن(5/336)
قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51)
العاقل فضلا عن ترغيب الغير عنها قدم الخبر على المبتدأ للاهتمام والاولى كونه مبتدأ وأنت فاعله سد مسد الخبر لئلا يلزم الفصل بين الصفة وما يتعلق بها وهو عن كذا فى تفسير الشيخ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ والله لئن لم ترجع عما كنت عليه من النهى عن عبادتها لَأَرْجُمَنَّكَ بالحجارة حتى تموت او تبعد عنى وقيل باللسان يعنى الشتم والذم ومنه الرجيم المرمى باللعن واصل الرجم الرمي بالرجام بالكسر وهى الحجارة وَاهْجُرْنِي عطف على ما دل عليه لارجمنك اى فاحذرنى واتركني مَلِيًّا اى زمانا طويلا سالما منى ولا تكلمنى من الملاوة وهو الدهر قالَ ابراهيم وهو استئناف بيانى سَلامٌ عَلَيْكَ [سلام بر تو يعنى ميروم ووداع ميكنم] فهو سلام مفارقة لا سلام لطف واحسان لانه ليس بدعاء له كقوله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) على طريقة مقابلة السيئة بالحسنة ودل على جواز متاركة المنصوح إذا اظهر اللجاج. والمعنى سلمت منى لا اصيبك بمكروه بعد ولا أشافهك بما يؤذيك ولكن سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي السين للاستقبال او لمجرد التأكيد اى استدعيه ان يغفر لك بان يوفقك للتوبة ويهديك الى الايمان كما يلوح به تعليل قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) بقوله (إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) والاستغفار بهذا المعنى للكافر قبل تبيين انه يموت على الكفر مما لا ريب فى جوازه وانما المحظور استدعاؤه له مع بقائه على الكفر فانه مما لا مساغ له عقلا ولا نقلا واما الاستغفار له بعد موته على الكفر فلا يأباه قضية العقل وانما الذي يمنعه السمع ألا يرى الى انه عليه السلام قال لعمه ابى طالب (لا أزال استغفر لك ما لم أنه عنه) فنزل قوله تعالى (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية ولا اشتباه فى ان هذا الوعد من ابراهيم وكذا قوله (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) وما ترتب عليهما من قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) انما كان قبل انقطاع رجائه عن إيمانه لعدم تبين امره (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا اى بليغا فى البر والألطاف يقال حفيت به بالغت وتحفيت فى إكرامه بالغت وَأَعْتَزِلُكُمْ اى أتباعد عنك وعن قومك بالمهاجرة بديني حيث لم يؤثر فيكم نصائحى وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى تعبدون وَأَدْعُوا رَبِّي اى اعبده وحده عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا اى بدعائى إياه خائبا ضائع السعى وفيه تعريض لشقائهم فى عبادتهم آلهتهم
حاجت ز كسى خواه كه محتاجانرا ... بي بهره نكرداند از انعام عميم
وفى تصدير الكلام بعسى اظهار التواضع ومراعاة حسن الأدب فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بالمهاجرة الى الشام قال فى تفسير الشيخ فارخل من كوئى الى الأرض المقدسة وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ابن إسحاق بدل من فارقه من أقربائه الكفرة لا عقيب المجاوزة والمهاجرة فان المشهور ان الموهوب حينئذ إسماعيل لقوله (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) اثر دعائه بقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ولعل تخصيصهما بالذكر لانهما شجرة الأنبياء او لانه أراد ان يذكر إسماعيل بفضل على انفراده وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا اى كل واحد منهم جعلناه نبيا لا بعضهم دون بعض فكلا مفعول أول لجعلنا قدم عليه للتخصيص لكن لا بالنسبة الى من عداهم بل بالنسبة الى بعضهم وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا كل خير دينى ودنيوى(5/337)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51)
مما لا يوهب لاحد من العالمين وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ثناء حسنا رفيعا فان لسان الصدق هو الثناء الحسن على ان يكون المراد باللسان ما يوجد به من الكلام ولسان العرب وإضافته من اضافة الموصوف الى الصفة اى يفتخر بهم الناس ويثنون عليهم استجابة لدعوته بقوله وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ اعلم ان فى الآيات إشارات منها الرفق وحسن الخلق فان الهادي الى الحق يجب ان يكون رفيقا فان العنف يوجب اعراض المستمع وفى الحديث (اوحى الله الى ابراهيم ان يا خليل حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار فان كلمتى سبقت لمن حسن خلقه بان اظله تحت عرشى واسكنه حظيرة القدس وادنيه من جوارى) : قال الصائب
كذشت عمرو نكردى كلام خود را نرم ... ترا چهـ حاصل ازين آسياى دندانست
ومنها المتابعة قال ابو القاسم الطريق الى الحق المتابعة من علت مرتبته اتبع الكتاب ومن نزل عنهم اتبع الرسول عليه السلام ومن نزل عنهم اتبع الصحابة رضى الله عنهم ومن نزل عنهم اتبع اولياء الله والعلماء بالله واسلم الطرق الى الله طريق الاتباع لان سهل بن عبد الله قال أشد ما على النفس الاقتداء فانه ليس للنفس فيه نفس ولا راحة ومنها العزلة قال ابو القاسم من أراد السلامة فى الدنيا والآخرة ظاهرا وباطنا فليعتزل قرناء السوء واخدان السوء ولا يمكنه ذلك الا بالالتجاء والتضرع الى ربه فى ذلك ليوفقه لمفارقتهم فان المرأ مع من أحب قال بعض الكبار العزلة سبب لصمت اللسان فمن اعتزل عن الناس لم يجد من يحادثه فاداه ذلك الى صمت اللسان وهى على قسمين عزلة المريدين بالأجسام عن الأغيار وعزلة المحققين بالقلوب عن الأكوان فليست قلوبهم محالا لغير علم الله الذي هو شاهده الحاصل فيها من المشاهدة ونية اهل العزلة اما اتقاء شر الناس واما اتقاء شره المتعدى إليهم وهو ارفع من الاول إذ سوء الظن بالنفس اولى من سوء الظن بالغير واما إيثار صحبة المولى على صحبة السوي فاعلى المعتزلين من اعتزل عن نفسه إيثار الصحبة ربه فمن آثر العزلة على المخالطة فقد آثر ربه على غيره ولم يعرف أحد ما يعطيه الله من المواهب والاسرار والعزلة تعطى صمت اللسان لا صمت القلب إذ قد يتحدث المرء فى نفسه بغير الله ومع غير الله فلهذا حعل الصمت ركنا برأسه من اركان الطريق وحال العزلة التنزيه عن الأوصاف سالكا كاد المعتزل يكون صاحب يقين مع الله تعالى حتى لا يكون له خاطر متعلق بخارج بيت عزلته والهجرة سبب للعزلة عن الأشرار من هاجر فى طلب رضى الله أكرمه الله فى الدنيا والآخرة فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الرضى بالهجرة والخلوة والعزلة ونحوها: قال الصائب
در مشرب من خلوت اگر خلوت كور است ... بسيار به از صحبت ابناى زمانست
ومنها ان من فارق محبوبه ابتغاء لمرضاة الله تعالى فان الله تعالى يجعل له بدلا خيرا من ذلك وأحب فيأنس به ويتوحش عما الف به فيما مضى فيحصل الحل والعقد على مراد الله اللهم اجعلنا من المنقطعين إليك والمستوحشين عما سواك والسالكين الى سبيل الفناء والطالبين لرضاك وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى قدم ذكره على إسماعيل لئلا ينفصل عن ذكر يعقوب(5/338)
وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56)
إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً أخلصه الله من الأدناس والنقائص ومما سواه وهو معنى الفتح الموافق للصديق فان اهل الاشارة قالوا ان الصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو التخلص ايضا من شوائب الغيرية قال فى التأويلات النجمية اعلم ان الإخلاص فى العبودية مقام الأولياء فلا يكون ولى الا وهو مخلص ولا يكون كل مخلص نبيا ولا يكون رسولا الا وهو نبى ولا يكون كل نبى رسولا والمخلص بكسر اللام من أخلص نفسه فى العبودية بالتزكية عن الأوصاف النفسانية الحيوانية والمخلص بفتح اللام من أخلصه الله بعد التزكية بالتحلية بالصفات الروحانية الربانية كما قال النبي عليه السلام (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) وقال تعالى (الإخلاص سرّ بينى وبين عبدى لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل انا الذي أتولى تحلية قلوب المخلصين بتجلى صفات جمالى وجلالى لهم) وفى الحقيقة لا تكون العبودية مقبولة الا من المخلصين لقوله تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولاخلاص المخلصين مراتب أدناها ان تكون العبودية لله خالصة لا يكون لغير الله فيها شركة وأوسطها ان يكون العبد مخلصا فى بذل الوجود لله الى الله وأعلى درجة المخلصين ان يخلصهم من حبس وجودهم بان يفنيهم عنهم ويبقيهم بوجوده وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا أرسله الله الى الخلق فانبأهم عنه ولذلك قدم رسولا مع كونه أخص وأعلى يقول الفقير تأخير نبيا لاجل الفواصل وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ الطور جبل بين مصر ومدين والايمن فى الأصل خلاف الا يسراى جانب اليمن وهو صفة للجانب اى ناديناه من ناحيته اليمنى وهى التي تلى يمين موسى ازلا يمين للجبل ولا شمال او من جانبه الميمون من اليمن ومعنى ندائه منه انه تمثل له الكلام من تلك الجهة وقال فى الجلالين اقبل من مدين يريد مصر فنودى من الشجرة وكانت فى جانب الجبل على يمين موسى وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا تقريب تشريف مثل حاله بحال من قربه الملك لمناجاته واصطفاه لمصاحبته حيث كلمه بغير واسطة ملك ونجيا اى مناجيا حال من أحد الضميرين فى ناديناه والمناجاة [راز كفتن] كما فى التهذيب يقال ناجاه مناجاة ساره كما فى القاموس وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا اى من أجل رحمتنا ورأفتنا به أَخاهُ هارُونَ أخاه مفعول وهبنا وهارون عطف بيان لاخاه نَبِيًّا حال منه ليكون معه وزيرا معينا كما سأل ذلك ربه فقال وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي فالهبة على ظاهرها كما فى قوله وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فان هارون كان أسن من موسى فوجب الحمل على المعاضدة والموازرة [صاحب كشف الاسرار كويد حضرت موسى عليه السلام را هم روش بود وهم كشش اشارت بروش او وَلَمَّا جاءَ مُوسى عبارت از كشش او وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا سالك تا در روش است خطر دارد و چون كشش در رسيد خطر را باو كار نيست يعنى در سلوك شوب تفرقه هست وجذبه محض جمعيت است
با خود روى بيحاصلى چون او كشيدت وأصلي ... رفتن كجا بردن كجا اين سر ربا نيست اين
قال المولى الجامى(5/339)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)
سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند
وفى التأويلات النجمية قوله (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) يشير الى ان النبوة ليست بكسبية بل هى من مواهب الحق تعالى يهب لمن يشاء النبوة ويهب لمن يشاء الرسالة من رحمته وفضله لا من كسبهم واجتهادهم على ان توفيق الكسب والاجتهاد ايضا من مواهب الحق تعالى وفيه اشارة الى ان موسى عليه السلام أشد اختصاصا بالقربة والقبول عند الله تعالى حتى يهب أخاه هرون النبوة والرسالة بشفاعته والعجب ان الله تعالى يهب النبوة والرسالة بشفاعة موسى عليه السلام وانه يهب الانبيا والرسل محمد صلى الله عليه وسلم لقوله (الناس يحتاجون الى شفاعتى حتى ابراهيم عليه السلام) اللهم اجعلنا من المستسعدين بشفاعته واحشرنا تحت لوائه ورايته وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ فصل ذكره عن ذكر أبيه وأخيه لابراز كمال الاعتناء بامره بايراده مستقلا اى واتل على قومك يا محمد فى القرآن قصة جدك إسماعيل وبلغها إليهم إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ فيما بينه وبين الله وكذا بين الناس قال فى التأويلات النجمية فيما وعد الله بأداء العبودية انتهى والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها وإيراده بهذا الوصف لكمال شهرته به واتصاله بأشياء فى هذا الباب لم تعهد من غيره عن ابن عباس رضى الله عنهما ان إسماعيل عليه السلام وعد صاحبا له ان ينتظره فى مكان فانتظره سنة
نيست بر مردم صاحب نظر ... صورتى از صدق ووفا خوبتر
وناهبك انه وعد الصبر على الذبح فوفى حيث قال (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) وفيه حث على صدق الوعد والوفاء به والأصل فيه نيته لقوله عليه السلام (إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته ان يفى فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا اثم عليه) واعلم ان الله تعالى اثنى على إسماعيل بكونه صادق الوعد اشارة الى ان الثناء انما يتحقق بصدق الوعد وإتيان الواعد بالموعود لا بصدق الوعيد وإتيان المتوعد بما توعد به إذ لا يثنى عقلا وعرفا على من يصدر منه الآفات والمضرات بل على من يصدر منه الخيرات والمبرات ومن هذا ذهب بعض العلماء الى ان الخلف فى الوعيد جائز على الله تعالى دون الوعد صرحه الامام الواحدي فى الوسيط فى قوله تعالى فى سورة النساء (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) الآية وفى الحديث (من وعد لاحد على عمله ثوابا فهو منجز له ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار) والعرب لا تعد عيبا ولا خلفا ان يعد أحد شرا ثم لا يفعله بل ترى ذلك كرما وفضلا كما قيل
وانى إذا أوعدته او وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدى
وقيل
إذا وعد السرّاء نجر وعده ... وان أوعد الضراء فالعقل مانعه
واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على ما ضمن لهم إذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم كذا فى شرح العضد للجلال الدواني وَكانَ رَسُولًا أرسله الله تعالى(5/340)
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56)
الى جزهم والى العماليق والى قبائل اليمن فى زمن أبيه ابراهيم عليهما السلام قال فى القاموس جرهم كقنفذ حى من اليمن تزوج فيهم إسماعيل نَبِيًّا يخبر عن الله وكان على شريعة أبيه ابراهيم ولم يكن له كتاب انزل اليه بإجماع العلماء وكذا لوط وإسحاق ويعقوب وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ الخاص وهو من اتصل به بجهة الزوجية والولاد والعام وهو من اتصل به بجهة الدعوة وهم قومه ويجوز ان يرجح الاول لان الأهم ان يقبل الرجل بالتكميل على نفسه ومن هو اقرب الناس اليه قال تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ.
قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) فانهم إذا صلحوا صلح الكل وتزيى بزيهم فى الخير والصلاح بِالصَّلاةِ التي هى اشرف العبادات البدنية وَالزَّكاةِ التي هى أفضل العبادات المالية وفيه اشارة الى ان من حق الصالح ان ينصح للاقارب والأجانب ويحظيهم بالفوائد الدينية
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بي نوا را
وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا فى الأقوال والافعال والأحوال وفى الجلالين مرضيا لانه قد قام بطاعته انتهى
اى مرد اكرت رضاء دلبر بايد ... آن بايد كرد هر چهـ او فرمايد
كر كويد خون كرى مكو از چهـ سبب ... ور كويد جان بده مكو كه نايد
وعن بعض الصالحين انه قال نزل عندى أضياف وعلمت انهم من ابدال فقلت لهم او صونى بوصية بالغة حتى أخاف الله قالوا نوصيك بستة أشياء. أولها من كثر نومه فلا يطمع فى رقة قلبه. ومن كثرا كله فلا يطمع فى قيام الليل. ومن اختار صحبة ظالم فلا يطمع فى استقامة دينه. ومن كان الكذب والغيبة عادته فلا يطمع فى ان يخرج من الدنيا مع الايمان. ومن كثر اختلاطه بالناس فلا يطمع فى حلاوة العبادة. ومن طلب رضى الناس فلا يطمع فى رضى الله تعالى واعلم ان المرضى المطلق هو الإنسان الكامل الجامع لجميع الكمالات المحيط بحقائق جميع الأشياء والصفات واما من دونه فمرضى بوجه دون وجه وعلى حال دون حال نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل الرضى واليقين والسكون والتمكين آمين وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ هو جد ابى نوح فان نوحا بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس النبي عليه السلام ابن يرد بن مهلاييل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم ولد وآدم حى قبل ان يموت بمائة سنة كذا فى روضة الخطيب وقال الكاشفى [در جامع الأصول آورده كه إدريس بصد سال بعد از وفات آدم متولد شده] هو أول من وضع الميزان والمكيال وأول من اتخذ السلاح وجاهد فى سبيل الله وسبى واسترق بنى قابيل وأول من خط بالقلم ونظر فى علم الحساب والنجوم وأول منى خاط الثياب وكانوا يلبسون الجلود وأول من لبس ثوب القطن واشتقاقه من الدرس يمنعه منع صرفه نعم لا يبعد ان يكون فى تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثرة دراسته إذ روى انه تعالى انزل عليه ثلاثين صحيفة إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً ملازما للصدق فى جميع أحواله نَبِيًّا خبر آخر لكان مخصص للاول إذ ليس كل صديق نبيا قال عباس ابن عطاء ادنى منازل المرسلين أعلى مراتب النبيين وادنى مراتب النبيين أعلى مرتب الصديقين(5/341)
وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)
وأدنى مراتب الصديقين أعلى مراتب المؤمنين وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا وهو السماء الرابعة فان النبي عليه السلام رأى آدم ليلة المعراج فى السماء الدنيا ويحيى وعيسى فى الثانية ويوسف فى الثالثة وإدريس فى الرابعة وهارون فى الخامسة وموسى فى السادسة وابراهيم فى السابعة واختلف القائلون بانه فى السماء أهو حى فيها أم ميت فالجمهور على انه حى وهو الصحيح وقالوا اربعة من الأنبياء فى الاحياء اثنان فى الأرض وهما الخضر والياس واثنان فى السماء إدريس وعيسى كما فى بحر العلوم قال الكاشفى [در رفع إدريس اخبار متنوعه هست ابن عباس فرمود كه روزى إدريس را حرارت آفتاب غلبه كرد مناجات كرد كه الهى با وجود اين مقدار بعد كه ميان من وآفتاب هست از حرارت او باحتراق نزديك شدم آيا آن فرشته كه حامل اوست چهـ حال داشته باشد خدايا بار آفتاب وشدت برو سبك كردان واو را از تاب حرارت آفتاب در سايه عنايت خود محفوظ دار
از تاب آفتاب حوادث چهـ غم خورد ... آنرا كه سائبان عنايت پناه اوست
حق سبحانه وتعالى دعاى او مستجاب فرمود روز ديكر آن فرشته كه حامل آفتابست خود را سبكبار يافت وتأثيرى از حرارت او فهم نكرد سبب آنرا از حضرت عزت استدعا نمود خطاب رسيد كه بنده من إدريس در حق تو دعا كرده ومن اجابت كردم آن فرشته اجازت خواست كه بزيارت إدريس آيد اجازت يافت وبر زمين آمد وبالتماس إدريس او را به پر با فر خود نشانيده بآسمان برد ونزديك مطلع آفتاب رسانيده وباستدعاى إدريس كميت عمر وكيفيت أجل وى از ملك الموت پرسيد وعزرائيل در ديوان أعمار نكاه كرده فرمود كه حكم الهى درباره اين كس كه تو ميكويى آنست كه حالى نزديك مطلع آفتاب متوفى شود و چون آن فرشته باز آمد إدريس را يافت نقد جان بخازن أجل سپرده طوطى روحش بشكرستان قدس پرواز كرده. وروايتى ديكر آنست كه ملك الموت از كثرت طاعت إدريس مشتاق ديدارش شد وبإذن حق تعالى بر زمين آمده ويرا در يافت وبامر الهى بالتماس إدريس جانش برداشت وباز حق سبحانه جانش داد وعزرائيل او را بآسمان برد ودوزخ بدو نمود واز آنجا ببهشت رفت وديكر بيرون نيامد] فالآية دلت على رفعته وعلى علو مكانه وهو فلك الشمس اما رفعته فبتبعية مكانه واما علو مكانه فبوجهين أحدهما باعتبار ما تحته من الكرات الفلكية والعنصرية وثانيهما باعتبار المرتبة بالنسبة الى جميع الافلاك وذلك ان فلك الشمس تحته سبعة أفلاك فلك الزهرة وفلك عطارد وفلك القمر وكرة الأثير اى النار وكرة الهواء وكرة الماء وكرة التراب وفوقه سبعة أفلاك ايضا فلك المريخ وفلك المشترى وفلك زحل وفلك الثوابت والفلك الأطلس وفلك الكرسي وفلك العرش فاعلى الامكنة بالمكانة والمرتبة فلك الشمس الذي هو قطب الافلاك إذا لفيض انما يصل من روحانيته الى سائر الافلاك كما ان من كوكبه يتنور الافلاك جميعا وذلك كما يقال على القلب يدور البدن اى منه يصل الفيض الى سائر البدن وفى فلك الشمس مقام روحانية إدريس كما يشعر به حديث المعراج وفى التأويلات النجمية المكان العلى فوق المكونات عند المكون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر انتهى وقد اعطى الله تعالى للمحمديين علو المكانة لكن العبد لا يتصور(5/342)
أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)
ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علو بالاضافة الى الوجود لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه: وفى المثنوى
دست بر بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى
كان يكى درياست بي غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش آن «1»
حيلها و چارها كر اژدهاست ... پيش الا الله انها جمله لاست
فعلى العامة ان لا يلتفتوا الى العلو الإضافي الحاصل من بعض الرياسات كالقضاء والتدريس والامامة والامارة ونحوها وعلى الخاصة ان لا ينظروا الى العلو الاعتباري الحاصل من بعض المقامات كالافعال والصفات فان الكمال الحقيقي هو الترقي من كل اضافة فانية وعلاقة زائلة والتجرد من ملابس كل كون حادث صورة ومعنى ألا ترى الى حال اصحاب الصفة رضى الله عنهم نسأل الله تعالى ان لا يجعلنا من المفتخرين بغيره أُولئِكَ اشارة الى المذكورين فى هذه السورة من زكريا الى إدريس وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بانواع النعم الدينية والدنيوية واصناف المواهب الصورية والمعنوية وقد أشير الى بعض ما يخص كلامنهم مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للموصول ونظيره فى سورة الفتح (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بدل منه باعادة الجار يقال ذرأ الشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين كما فى القاموس وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ اى ومن ذرية من حملنا معه فى سفينته خصوصا وهم من عدا إدريس فان ابراهيم كان من ذرية سام بن نوح وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وهم الباقون وَإِسْرائِيلَ عطف على ابراهيم اى ومن ذرية إسرائيل اى يعقوب وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وفيه دليل على ان أولاد البنات من الذرية لان عيسى من مريم وهى من نسل يعقوب وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا اى ومن جملة من هديناهم الى الحق واصطفيناهم للنبوة والكرامة قالوا من فيه للتبيين ان عطف على من النبيين وللتبعيض ان عطف على ومن ذرية آدم إِذا تُتْلى تقرأ عَلَيْهِمْ على هؤلاء الأنبياء آياتُ الرَّحْمنِ اى آيات الترغيب والترهيب فى كتبهم المنزلة خَرُّوا سقطوا على الأرض حال كونهم سُجَّداً ساجدين جمع ساجد وَبُكِيًّا باكين جمع باك وأصله بكويا والمعنى ان الأنبياء قبلكم مع ما لهم من علو الرتبة فى شرف النسب وكمال النفس والزلفى من الله تعالى كانوا يسجدون ويبكون لسماع آيات الله فكونوا مثلهم وفى الحديث (اتلوا القرآن وابكوا فان لم تبكوا فتباكوا) يقال تباكى فلان إذا تكلف البكاء اى ان لم تبك أعينكم فلتبك قلوبكم يعنى تحزنوا عند سماع القرآن فان القرآن نزل بحزن على المحزونين قال الكاشفي [كلام دوست مهيج شوقست چون آتش شوق بر كانون دل بر افروخته كردد از ديده
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان بار وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ(5/343)
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)
خون ريختن كيرد
اى دريغا أشك من دريا بدى ... تا نثار دلبر زيبا بدى
أشك كان از بهر آن بارند خلق ... كوهرست وأشك پندارند خلق
قال فى التأويلات النجمية (خَرُّوا) بقلوبهم على عتبة العبودية (سُجَّداً) بالتسليم للاحكام الازلية (وَبُكِيًّا) بكاء السمع بذوبان الوجود على نار الشوق والمحبة انتهى قالوا ينبغى ان يدعو الساجد فى سجدته بما يليق بآياتها فههنا يقول «اللهم اجعلنى من عبادك المنعم عليهم المهديين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك» وفى آية الاسراء «اللهم اجعلنى من الباكين إليك الخاشعين لك» وفى آية تنزيل السجدة يقول «اللهم اجعلنى من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك ان أكون من المستكبرين عن أمرك» قال الكاشفى [اين سجده پنجمست از سجدات كلام الله حضرت شيخ قدس سره اين سجده را كه بجهت تلاوت آيات رحمانى مى بايد سجود انعام عام كفته وكريه كه متفرع بر اوست انرا كريه فرح وسرور ميداند چهـ رحمت رحمانيست مقتضى لطف ورأفت است وموجب بهجت ومسرت پس نتيجه او طربست نه اندوه وتعب] فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ يقال لعقب الخير خلف بفتح اللام ولعقب الشر خلف بالسكون اى فعقب الأنبياء المذكورين وجاء بعدهم عقب سوء من أولادهم وفى الجلالين بقي من بعد هؤلاء قوم سوء يعنى اليهود والنصارى والمجوس انتهى وفى الحديث (ما من نبى بعثه الله فى امة الا كان له من أمته حواريون واصحاب يأخذون بسنته ويعتقدون بامره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل) ذكره مسلم أَضاعُوا الصَّلاةَ تركوها أو أخروها عن وقتها او ضيعوا ثوابها بعد الأداء بالنميمة والغيبة والكذب ونحوها او شرعوا فيها بلا نية وقاموا لها بلا خضوع وخشوع وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ من شرب الخمر واستحلال نكاح الاخت من الأب والانهماك فى فنون المعاصي وعن على رضى الله عنه هم من نبى المشيد وركب المنظور ولبس المشهور وفى الحديث (اوحى الله الى داود مثل الدنيا كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرونها أفتحب ان تكون كلبا مثلهم فتجر معهم يا داود طيب الطعام ولين اللباس والصيت فى الناس والجنة فى الآخرة لا يحتمعان ابدا) واعلم ان تيسير اسباب الشهوات ليس من امارة الخير وعلامة النجاة فى الآخرة ومن ثمة امتنع عمر رضى الله عنه من شرب ماء بارد بعسل وقال اعزلوا عنى حسابها وقال وهب بن منبه التقى ملكان فى السماء الرابعة فقال أحدهما للآخر من اين فقال أمرت بسوق حوت من البحر اشتهاه فلان اليهودي وقال الآخر أمرت باهراق زيت اشتهاء فلان العابد والشهوة فى الأصل التمني ومعناها بالفارسية [آرزو خواستن] والمراد بها فى الآية المشتهيات المذمومة. والفرق بين الهوى والشهوة ان الهوى هو المذموم من جملة الشهوات والشهوة قد تكون محمودة وهى من فعل الله تعالى وهى ما يدعو الإنسان الى الصلاح وقد تكون(5/344)
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)
مذمومة وهى من فعل النفس الامارة بالسوء وهى استجابتها لما فيه لذاتها البدنية ولا عبادة لله أعظم واشرف من مخالفة الهوى والشهوات وترك اللذات: قال الشيخ سعدى
مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست
مرو در پى هر چهـ دل خواهدت ... كه تمكين تن نور جان كاهدت
كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا اى شرا فان كل شر عند العرب غى فكل خير رشاد وعن الضحاك جزاء غى كقوله تعالى (يَلْقَ أَثاماً) اى جزاء اثام وقيل غى واد من جهنم يستعيذ من حره أوديتها أعد للزانى وشارب الخمر وآكل الربا وشاهد الزور ولاهل العقوق وتارك الصلاة إِلَّا مَنْ تابَ رجع من الشرك والمعاصي وَآمَنَ اختيار الايمان مكان الكفر وَعَمِلَ صالِحاً بعد التوبة والندم فَأُولئِكَ المنعوتون بالتوبة والايمان والعمل الصالح يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بموجب الوعد المحتوم وَلا يُظْلَمُونَ لا ينقصون من جزاء أعمالهم شَيْئاً ولا يمنعونه فالظلم بمعنى النقص والمنع وشيأ مفعوله ويجوز ان يكون شيأ فى موضع المصدر اى ولا يظلمون البتة شيأ من الظلم جَنَّاتِ عَدْنٍ بدل من الجنة بدل البعض لان الجنة تشتمل على جنات عدن وما بينهما اعتراض وجنات عدن علم لجنة مخصوصة كشهر رمضان وقد يحذف المضاف حيث يقال جاء رمضان وقيل جنات عدن علم لدار الثواب جميعها والعدن الاقامة وهو الأنسب بمثل هذا المقام فان جنة عدن المخصوصة وجنة الفردوس لا يدخلهما العوام بالاصالة لانهما مقام المقربين الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ اى وعدها إياهم ملتبسة بِالْغَيْبِ اى وهى غائبة عنهم غير حاضرة او غائبين عنها لا يرونها وانما آمنوا بها بمجرد الاخبار والتعرض لعنوان الرحمة للابذان بان وعدها وإنجازه لكمال سعة رحمته تعالى وفى الاضافة اشارة الى ان المراد من يعبده مخلصا له فى العبودية لا يعبد الدنيا والنفس والهوى إذ كمال التشريف بالاضافة انما يحصل بهذا المعنى فله جنة عدن المخصوصة إِنَّهُ اى الله تعالى كانَ وَعْدُهُ اى موعوده الذي هو الجنة مَأْتِيًّا اى يأتيه من وعد له لا محالة بغير خلف فالمأتى بمعنى المفعول من الإتيان او بمعنى الفاعل اى جائيا البتة لا يَسْمَعُونَ فِيها فى تلك الجنات لَغْواً اى فضول كلام لا طائل تحته وهو كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها وفيه تنبيه على ان اللغو مما ينبغى ان يجتنب عنه فى هذه الدار ما أمكن إِلَّا سَلاماً استثناء منقطع اى لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم او تسليم بعضهم على بعض وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً [بامداد] وَعَشِيًّا [شبانكاه] والمراد دوام الرزق كما يقال انا عند فلان صباحا ومساء يراد الدوام منه وقيل يؤتى طعامهم على مقدار البكرة والعشى إذ لا نهار ثمة ولا ليل بل هم فى نور ابدا وانما وصف الله الجنة بذلك لان العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشى قال الامام فى تفسيره فان قيل المقصود من الآيات وصف الجنة بأمور مستعظمة وليس وصول الرزق بكرة وعشيا منها قلنا قال الحسن أراد ان يرغب كل قوم بما احبوه فى الدنيا فلذلك ذكر أساور الذهب والفضة ولبس(5/345)
تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)
الحرير الذي كان عادة العجم والأرائك التي كانت عادة اشراف اليمن ولا شىء أحب الى العرب من الغداء والعشاء قال فى التأويلات النجمية وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها من رؤية الله تعالى بُكْرَةً وَعَشِيًّا كما جاء فى الخبر (وأكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشيا) انتهى تِلْكَ اشارة الى الجنة المذكورة المتقدمة يريد تلك التي بلغك وصفها وسمعت بذكرها الْجَنَّةُ قال فى الإرشاد مبتدأ وخبر جيى به لتعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها ويجوز ان يكون الجنة صفة للمبتدأ الذي هو اسم الاشارة وخبره قوله الَّتِي نُورِثُ اى نورثها ونعطيها بغير اختيار الوارث مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا مجتنبا عن الشرك والمعاصي مطيعا لله اى نبقيها عليهم بتقواهم ونمتعهم بها كما نبقى على الوارث مال مورثه ونمتعه به قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال نورث والميراث ما انتقل من شخص الى شخص والجواب ان هذا على وجه التشبيه أراد ان الأعمال سبب لها كالنسب ملك بلا كسب ولا تكلف وكذا الجنة عطاء من الله ورحمة منه خلافا للقدرية انتهى والوراثة أقوى ما يستعمل فى التملك والاستحقاق من حيث انها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا ابطال ولا إسقاط قال فى الأشباه لو قال الوراث تركت حقى بطل حقه انتهى وقيل يورث المتقون من الجنة المساكن التي كانت لاهل النار لو آمنوا وأطاعوا زيادة فى كرامتهم قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة اعلم ان الجنات ثلاث الاولى جنة اختصاص الهى وهى التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحدهم من أول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء ومن أهلها المجانين الذين ما عقلوا ومن أهلها اهل التوحيد العلمي ومن أهلها اهل الفترات ومن لم تصل إليهم دعوة رسول والجنة الثانية جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا من المؤمنين وهى الأماكن التي كانت معينة لاهل النار لو دخلوها والجنة الثالثة جنة الأعمال وهى التي ينزل الناس فيها بأعمالهم فمن كان أفضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة اكثر سواء كان الفاضل بهذه الحال دون المفضول او لم يكن فما من عمل الا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها ورد فى الحديث الصحيح عن النبي عليه السلام انه قال لبلال (يا بلال بم سبقتنى الى الجنة فما وطئت منها موضعا الا سمعت خشخشتك امامى) فقال يا رسول الله ما أحدثت قط الا توضأت وما توضأت الا صليت ركعتين فقال رسول الله عليه السلام (بهما) فعلمنا انها كانت جنة مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه الا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الطاعة وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ قال مجاهد ابطأ الملك على رسول الله عليه السلام ثم أتاه فقال له عليه السلام (ما حبسك يا جبرائيل) قال وكيف آتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تأخذون شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ(5/346)
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)
وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ كما فى اسباب النزول وسفينة الأبرار وفى الحديث (نقوا براجمكم) وهى مفاصل الأصابع والعقد التي على ظهرها يجتمع فيها الوسخ واحدها برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة والجمع رواجب وذلك مما يلى ظهرها وهو قصبة الإصبع فلكل إصبع برجمتان وثلاث رواجب الا الإبهام فان له برجمة وراجبتين فامر بتنقيته لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة ذكره القرطبي وقال بعض المفسرين هو حكاية لقول جبريل حين استبطأه رسول الله لما سئل عن اصحاب الكهف وذى القرنين والروح فلم يدر كيف يجيب ورجا ان يوحى اليه فيه فابطأ عليه أربعين يوما او خمسة عشر فشق عليه ذلك مشقة شديدة وقال المشركون ودعه ربه وقلاه فلما نزل ببيان ذلك قال له (ابطأت علىّ حتى ساء ظنى واشتقت إليك) فقال جبريل انى كنت أشوق ولكنى عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فانزل الله هذه الآية وسورة والضحى. والتنزل النزول على مهل لانه مطاوع للتنزيل والمعنى قال الله لجبريل قل لمحمد وما نتنزل وقتا غب وقت الا بامر الله على ما تقتضيه حكمته لَهُ اى لله بالاختصاص ما بَيْنَ أَيْدِينا من الأمور الاخروية الآتية وَما خَلْفَنا من الأمور الدنيوية الماضية وَما بَيْنَ ذلِكَ ما بين ما كان وما سيكون اى من هذا الوقت الى قيام الساعة وفى التأويلات النجمية لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا من التقدير الأزلي وَما خَلْفَنا من التدبير الابدى وَما بَيْنَ ذلِكَ من ازل الى الابد انتهى ونظيره قوله تعالى يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [فراموشكار يعنى از حال تو آگاهست هر كاه كه خواهد ما را بتو فرستد] قال اهل التفسير فعيل بمعنى فاعل من النسيان بمعنى الترك اى تاركا لك كما زعمت الكفرة وان تأخر عنك الوحى لمصلحة او بمعنى نقيض الذكر الذي هو الغفلة اى غافلا عنك رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبر مبتدأ محذوف اى هو مالكهما وَما بَيْنَهُما من الخلق فكيف يجوز النسيان على الرب فَاعْبُدْهُ اى إذا كان هو الرب فاثبت على عبادته يا محمد والعبادة قيام العبد بما تعبد به وتكلف من امتثال الأوامر والنواهي وفى التأويلات النجمية فَاعْبُدْهُ بجسدك ونفسك وقلبك وسرك وروحك فعبادة جسدك إياه بأركان الشريعة وهى الائتمار بما أمرك الله به والانتهاء عما نهاك الله عنه وعبادة نفسك بآداب الطريقة وهى ترك موافقة هواها ولزوم مخالفة هواها وعبادة القلب الاعراض عن الدنيا وما فيها والإقبال على الآخرة ومكارمها وعبادة السر خلوه عن تعلقات الكونين اتصالا بالله تعالى ومحبة وعبادة الروح ببذل الوجود لنيل الشهود وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ اى اصبر لمشاقها ولا تحزن بإبطاء الوحى واستهزاء الكفرة وشماتتهم بك فانه يراقبك ويراعيك ويلطف بك فى الدنيا والآخرة. وتعديه الاصطبار باللام لا بحرف الاستعلاء كما فى قوله وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيما تورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمبارز اصطبر لقرنك اى اثبت له فيما يورد عليك من شدائده وحملاته هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا السمى الشريك فى الاسم والمثل والشبيه اى مثلا يستحق ان يسمى الها وانما قيل للمثل سمى لان كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والنظير وكل واحد منهما سمى لصاحبه او أحدا يسمى الله غيره فان المشركين(5/347)
وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66)
مع غلوهم فى المكابرة لم يسموا الصنم بالجلالة أصلا والمراد بانكار العلم ونفيه انكار المعلوم ونفيه اى لا يكون ولم يكن ذلك قال الكاشفى [يكى از آثار سطوت الهى آن بود كه هيچ كس از اهل شرك معبود خود را الله نكفته اند عزت احديت وغيرت الوهيت اين اسم سامى را از تصرف كفار وتسميه ايشان در حصن حصين أمان محفوظ داشت وزبان اهل ايمانرا در نعمت ومحنت وسرا وضرا بتكرر آن نام نامى جارى ساخت]
الله الله چهـ طرفه نامست اين ... حرز دل ورد جان تمامست اين
بس بود نزد صاحب معنى ... حسبى الله كواه اين دعوى
روى ان بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما فى بطنه من دبره وهلك من ساعته وقال فرعون مصر للقبط انا ربكم الأعلى ولم يقدر ان يقول انا الله قال ابن عباس رضى الله عنهما لا يسمى أحد الرحمن وغيره قال المولى الفنارى فى ترتيب اسماء البسملة ان لاسم الجلالة اختصاصا وضعيا واستعماليا وللرحمن اختصاصا استعماليا وقولهم رحمن اليمامة لمسيلمة تعنت فى كفرهم كما لو سموه الله مثلا ولا اختصاص للرحيم قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلغنا انك انما يعلمك رجل باليمامة يقال له الرحمن وانا والله لن نؤمن بالرحمن ابدا وقدعنوا بالرحمن مسيلمة الكذاب وقيل عنوا كاهنا كان لليهود باليمامة وقدرد الله عليهم بان الرحمن المعلم له هو الله تعالى بقوله قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ اى توبتى ورجوعى كما فى انسان العيون وتكره التسمية بالأسماء التي لا تليق الا بالله تعالى كالرحمن والرحيم والا له والخالق والقدوس ونحوها قال الله تعالى وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ قال بعض المفسرين قل سموهم باسمائى ثم انظروا هل تليق بهم اى لا تليق بهم وغير رسول الله عليه السلام اسم العزيز لان العزة لله وشعار العبد الذلة والاستكانة كما فى أبكار الافكار وَيَقُولُ الْإِنْسانُ بطريق الإنكار والاستبعاد للبعث وهو ابى بن خلف حين فت عظما باليا فقال يزعم محمد انا نبعث بعد ما نموت ونصير الى هذه الحال أَإِذا ما مِتُّ وكنت رميما لَسَوْفَ أُخْرَجُ من القبر حال كونى حَيًّا وبالفارسية [آيا چون بميرم من هر آينه زود بيرون شوم از خاك زنده يعنى چكونه تواند بود كه مرده زنده شود واز خاك بيرون آيد] تقديم الظرف وايلاؤه حرف الإنكار لما ان المنكر كون ما بعد الموت وقت الحياة وانتصابه بفعل دل عليه اخرج وهو البعث لا به فان ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها لصدارتها وهى فى الأصل للحال وهاهنا للتأكيد المجرد اى لتأكيد معنى همزة الإنكار فى أإذا ولذا جاز اقترانها بسوف الذي هو حرف الاستقبال وفى التكملة اللام فى قوله تعالى لَسَوْفَ ليست للتأكيد فانه منكر فكيف يحقق ما ينكر وانما كلامه حكاية لكلام النبي عليه السلام كأنه صلى الله عليه وسلم قال ان الإنسان إذا مات لسوف يخرج حيا فانكر الكافر ذلك وحكى قوله فنزلت الآية على ذلك حكاه الجرجاني فى كتاب نظم القرآن قال فى بحر العلوم لما كانت هذه اللام لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة ولام الابتداء لا تدخل الا على الجملة من المبتدأ والخبر وجب تقدير مبتدأ وخبر وان يكون أصله لانا سوف اخرج حيا وما فى أئذا ما للتوكيد ايضا وتكرير التوكيد انكار(5/348)
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)
على انكار أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ الهمزة للانكار التوبيخي والواو لعطف الجملة المنفية على مقدر يدل عليه يقول. والذكر فى الأصل هو العلم بما قد علم من قبل ثم تخلله سهو وهم ما كانوا عالمين فالمراد به هنا التذكر والتفكر والمعنى أيقول ذلك ولا يتفكر أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ اى من قبل الحالة التي هو فيها وهى حالة بقائه وَلَمْ يَكُ أصله لم يكن حذفت النون تخفيفا لكثرة الاستعمال او تشبيها بحروف العلة فى امتداد الصوت وقال الرضى النون مشابه للواو فى الغنة شَيْئاً بل كان عدما صرفا فيعلم ان من قدر على الابتداء من غير مادة قدر على الاعادة بجمع المواد بعد تفريقها وفى هذا دليل على صحة القياس حيث أنكر عليه وجهله فى ترك قياس النشأة الاخرى على الاولى فيستدل به على البعث والاعادة قيل لو اجتمع الخلق على إيراد حجة فى البعث على هذا الاختصار ما قدروا فَوَ رَبِّكَ الواو للقسم. والمعنى بالفارسية [پس بحق پروردگار تو كه بوقت قيامت] لَنَحْشُرَنَّهُمْ لنجمعن القائلين بالسوق الى المحشر بعد ما اخرجناهم من الأرض احياء وَالشَّياطِينَ معهم وهم الذين أغووهم إذ كل كافر سيحشر مع شيطانه فى سلسلة ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ حال كونهم جِثِيًّا جمع جاث من جثا يجثو ويجثى جثوا وجثيا فيهما جلس على ركبتيه كما فى القاموس اى جالسين على الركب لما يعرضهم من شدة الأمر التي لا يطيقون معها القيام على أرجلهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما جثيا جماعات جمع جثوة وهى الجماعة واختاره فى تفسير الجلالين ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ لنخرجن قاله البغوي والنزع الجذب مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ امة وفرقة شاعت اى نبعث غاويا من الغواة أَيُّهُمْ موصول حذف صدر صلته منصوب بننزعن الذين هم او استفهام مبتدأ خبره أشد فرفعه على الحكاية اى لننزعن الذين يقال لهم أيهم أَشَدُّ [سختتر وبسيارتر] عَلَى الرَّحْمنِ [بر خداى تعالى] عِتِيًّا [از جهت سركشى وجرأت يعنى أول از هر أمتي آنرا كه نافرمان تر بوده جدا كنيم] يقال عتا على فلان إذا تجاوز الحد فى الظلم والمقصود انه يميز من كل طائفة منهم الاعصى فالاعصى فاذا اجتمعوا يطرح فى النار على الترتيب قال فى الكبير يحضرهم اولا ثم يخص أشدهم تمردا بعذاب أعظم إذ عذاب الضال المضل يجب ان يكون فوق عذاب من يضل تبعا وليس عذاب من يورد الشبهة كعذاب من يقتدى به غافلا قال الله تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ انتهى يقول الفقير فى الآية تهديد عظيم لابى المذكور وانه أول منزوع من مشركى العرب لكونه أشد على الرحمن عتيا من جهة مقالته المذكورة واعلم ان أول الأمر البعث ثم الحشر ثم الإحضار ثم النزع ثم الإدخال فى النار وهو قوله تعالى ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى [سزاوارترند] بِها [بآتش دوزخ] صِلِيًّا دخولا يعنى [ميدانيم كه كيست سزاى انكه او را نخست در آتش افكنند] وهم المنتزعون يقال صلى يصلى كلقى يلقى ومضى يمضى إذا دخل النار وَإِنْ مِنْكُمْ اى وما منكم ايها الناس إِلَّا وارِدُها اى واصل جهنم وداخلها كانَ اى ورودهم إياها عَلى رَبِّكَ حَتْماً مصدر حتم الأمر إذا أوجبه فسمى به الموجب كقولهم خلق الله وضرب الأمير اى امرا محتوما أوجبه الله على ذاته(5/349)
ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)
مَقْضِيًّا حتى انه لا بد من وقوعه البتة ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا [پس نجات دهيم آنان را كه پرهيز كردند از شرك يعنى بيرون آريم از دوزخ] أحال الورود الى الوارد وأحال النجاة الى نفسه تعالى ففيه اشارة الى ان كل وارد يرد بقدم الطبيعة فى هاوية الهوى ان شاء وان ابى ولو خلى الى طبيعته لا ينجو منها ابدا ولكن ما نجا من نجا الا بانجاء الله تعالى إياه وَنَذَرُ نترك الظَّالِمِينَ لانفسهم بالكفر والمعاصي فِيها فى جهنم جِثِيًّا [بزانو در آمد كان] وهو اشارة الى هو انهم وتقاعدهم عن الحركة الى الجنة مع الناجين وفى تفسير الجلالين جثيا اى جميعا انتهى اعلم ان الوعيدية وهم المعتزلة قالوا ان من دخلها لا يخرج منها وقالت المرجئة لا يدخلها مؤمن قط وقالوا ان الورود هاهنا هو الحضور لا الدخول فاما اهل السنة فقالوا يجوز ان يعاقب الله العصاة من المؤمنين بالنار ثم يخرجهم منها وقالوا معنى الورود الدخول كقوله تعالى فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وقال تعالى حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ وبدليل قوله تعالى ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا والنجاة انما تكون بعد الدخول فيها كقوله تعالى وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ فان قلت كيف يدخلونها والله تعالى يقول أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها قلت المراد به الابعاد عن عذابها قال فى الاسئلة المقحمة يجوز ان يدخلوها ولا يسمعوا حسيسها لان الله تعالى يجعلها عليهم بردا وسلاما كما جعلها على ابراهيم عليه السلام فالمؤمنون يمرون بجهنم وهى برد وسلام والكافرون وهى نار كما ان الكوز الواحد كان يشربه القبطي فيصير دما والاسرائيلى فيكون ماء عذبا
مؤمن فسون چهـ داند بر آتشش بخواند ... سوزش درو نماند گردد چونور روشن «1»
وفى الحديث (جز يا مؤمن فان نورك قد اطفأ لهبى) : وفى المثنوى
گويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه آتشهاى تو مرد آتشم
فان قلت إذا لم يكن فى دخول المؤمنين عذاب فما الفائدة فيه قلت وجوه الاول ان يزيدهم سرورا إذا علموا الخلاص منه والثاني يزيد غم اهل النار لظهور فضيحتهم عند المؤمنين والأولياء الذين كانوا يخوفونهم بالنار والثالث يرون أعداءهم المؤمنين قد تخلصوا منها وهم يبقون فيها والرابع ان المؤمنين إذا كانوا معهم فيها بكتوهم فيزداد غمهم والخامس ان مشاهدة عذابهم توجب مزيد التذاذهم بنعيم الجنة يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان جهنم صورة النفس الامارة ففى الدنيا يرد كل من الأنبياء والأولياء والمؤمنين والكافرين هاوية الهوى بقدم الطبيعة لكن الأنبياء لكون نفوسهم من المطمئنة يجدونها حامدة واما الأولياء فيردون عليها وهى ملتهبة ثم يجهدون الى ان يطفئوها بنور الهدى ويلتحق بهم بعض المؤمنين وهم المعفو عنهم ولا يمر هؤلاء الطوائف الجليلة بالنار فى الآخرة فلا يحترقون بها أصلا واما الكفار فلما كان كفرهم كبريت الهوى فى الدنيا فلا جرم يدخلون النار فى الآخرة وهى ملتهبة فيبقون هناك محترقين مخلدين ويلتحق بهم بعض العصاة وهم المعذبون لكنهم يخرجون منها بسبب نور تقواهم عن الشرك وقال ابن مسعود والحسن وقتادة ورودها الجواز على الصراط الممدود عليها وذلك لانه لا طريق الى الجنة سوى
__________
(1) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى(5/350)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)
الصراط فالمرور فى حكم الورود وفى الحديث (لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار الا تحلة القسم) وهى قوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها والنحلة مصدر حللت اليمين اى ابررتها وتحلة القسم ما يفعله الحالف مما اقسم عليه مقدار ما يكون بارا فى قسمه فهو مثل فى القليل المفرط القلة وقال مجاهد ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده فى الدنيا لقوله عليه السلام (الحمى من فيح جهنم فابردوها) بالماء وفى الحديث (الحمى حظ كل مؤمن من النار) وقد جاء (ان حمى ليلة كفارة سنة ومن حم يوما كان له براءة من النار وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه) وعن جابر رضى الله عنه استأذنت الحمى على رسول الله عليه السلام فقال (من هذه) قالت أم ملدم فامر بها عليه السلام الى اهل قبا فلقوا منها مالا يعلمه الا الله فشكوا اليه عليه السلام فقال (ان شئتم دعوت الله ليكشفها عنكم وان شئتم تكون لكم طهورا) قالوا أو يفعل ذلك قال (نعم) قالوا فدعها قالت عائشة رضى الله عنها قدمنا المدينة وهى اوبى ارض الله ولما حصلت لها الحمى قال لها عليه السلام (مالى أراك هكذا) قالت بابى أنت وأمي يا رسول الله هذه الحمى وسببتها فقال (لا تسبيها فانها مأمورة ولكن ان شئت علمتك كلمات إذا قلتهن اذهب الله عنك) قالت فعلمنى قال (قولى اللهم ارحم جلدى الرقيق وعظمى الدقيق من شدة الحريق يا أم ملدم ان كنت آمنت بالله العظيم فلا تصدعى الرأس ولا تنتنى الفم ولا تأكلى اللحم ولا تشربى الدم وتحولي عنى الى من اتخذ مع الله الها آخر) فقالتها فذهبت عنها كذا فى انسان العيون وَإِذا تُتْلى [و چون خوانده شود] عَلَيْهِمْ اى على المشركين آياتُنا القرآنية بَيِّناتٍ واضحات الاعجاز والمعاني وهى حال مؤكدة فان آيات الله لا ينفك عنها الوضوح قالَ [گويند] الَّذِينَ كَفَرُوا كنضر بن الحارث وأصحابه لِلَّذِينَ آمَنُوا اى لفقراء المؤمنين واللام للتبليغ كما فى مثل قوله تعالى وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ أو لام الاجل اى لاجلهم فى حقهم أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ اى المؤمنين والكافرين كأنهم قالوا أينا خَيْرٌ نحن او أنتم مَقاماً مكانا ومسكنا يعنى [ما را منازل نزه است وهمه اسباب معيشت] وَأَحْسَنُ نَدِيًّا اى مجلسا ومجتمعا قال بعض المفسرين الندى المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم يعنى [در مجمع ما همه صنا ديد قريش واشراف عرب اند ودر مجلس او همه موالى وضعفا]- يروى- انهم كانوا يرجلون شعورهم ويدهنونها ويتطيبون ويتزينون بالزين الفاخرة فاذا سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها قالوا مفتخرين بالحظوظ الدنيوية على فقراء المؤمنين لو كنتم على الحق وكنا على الباطل لكان حالكم فى الدنيا احسن لان الحكيم لا يليق به ان يوقع أولياءه فى العذاب والذل وأعداءه فى العز والراحة لكن الأمر بالعكس وقصدهم بهذا الكلام صرفهم عن دينهم فرد الله عليهم بقوله وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ كم مفعول أهلكنا ومن قرن بيان لابهامها واهل كل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم مأخوذ من قرن الدابة وهو مقدمها وقال الكاشفى [من قرن: كروهى را مجتمع بودند در زمان واحد] انتهى كأنه اخذه من الاقتران هُمْ أَحْسَنُ فى محل النصب على انه صفة لكم أَثاثاً تمييز عن النسبة وهو متاع البيت يعنى [نيكوتر از جهت امتعه بيت كه آرايش منازل بدان باشد] وَرِءْياً هو المنظر والهيئة(5/351)
قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75)
فعل من الرؤية لما يرى كالطحن لما يطحن والمعنى كثيرا من القرون التي كانوا أفضل منهم فيما يفتخرون به من الحظوظ الدنيوية كعاد وثمود واضرابهم من الأمم العاتية قبل هؤلاء اى كفار قريش أهلكناهم بفنون العذاب لو كان ما آتيناهم لكرامتهم علينا لما فعلنا بهم ما فعلنا وفيه من التهديد والوعيد ما لا يخفى كأنه قيل فلينظر هؤلاء ايضا مثل ذلك قال الكاشفى [نه آن مال هلاك از ايشان دفع كرد ونه آن جمال عذاب از ايشان باز داشت]
بر مال وجمال خويشتن تكيه مكن ... كانرا بشبى برند وآنرا بتبى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اهل الإنكار واهل العزة بالله وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ من الحقائق والاسرار قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ستروا الحق بالإنكار والاستهزاء لِلَّذِينَ آمَنُوا من اهل التحقيق إذا رأوهم مرتاضين مجاهدين مع أنفسهم متحملين متواضعين متذللين متخاشعين وهم متنعمون متمولون متكبرون متبعوا شهوات أنفسهم ضاحكون مستبشرون أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ منا ومنكم خَيْرٌ مَقاماً منزلة ومرتبة فى الدنيا ووجاهة عند الناس وتوسعا فى المعيشة وَأَحْسَنُ نَدِيًّا مجلسا ومنصبا وحكما فقال تعالى فى جوابهم وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ اى أهلكناهم بحب الدنيا ونعيمها إذا غرفناهم فى بحر شهواتها واستيفاء لذاتها والتعزز بمناصبها هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً استعدادا واستحقاقا فى الكمالات الدينية منكم كما قال عليه السلام (خياركم فى الإسلام خياركم فى الجاهلية إذا فقهوا) قُلْ للمفتخرين بالمال والمنال مَنْ شرطية والمعنى بالفارسية [هر كه] كانَ مستقرا فِي الضَّلالَةِ [در گمراهى ودر دورى از راه حق] مغمورا بالجهل والغفلة عن عواقب الأمور فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى يمد له ويمهله بطول العمر وأعطاه المال والتمكين من التصرفات وإخراجه على صيغة الأمر للايذان بان ذلك مما ينبغى ان يفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير او للاستدراج واعتبار الاستقرار فى الضلالة لما ان المد لا يكون الا للمصرين عليها إذ رب ضال يهديه الله والتعرض لعنوان الرحمانية لما ان المد من احكام الرحمة الدنيوية قال شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا اى فليستدرجه الرحمن استدراجا بمد عمرة وتوسيع ماله وتكثير ولده او فليمهله الرحمن امهالا بمد راحته على الطغيان وإيصال نعمته على وجه الإحسان حتى يقع فى العقاب والعذاب على سبيل التدريج لا التعجيل فيكون عقابه وعذابه أكمل وأشمل اثرا والما لان الاخذ على طريق التدريج والنعمة أشد منه على طريق التعجيل والنقمة مع ان مبدأ المد مطلقا هو الرحمن دون القهار او الجبار لان كلا منهما مبدأ الشدة ولذلك عبربه لا بغيره هذا هو الخاطر ببالي فى وجه التعبير بالرحمن وان كانت أشدية عقاب الرحمن وجها لكن وجه أشدية عقابه ما ذكرنا لانه إذا أراد العقاب يأتى به على وجه الرحمة والنعمة فيكون كدرا بعد الصفاء والما بعد الراحة وشدة بعد الرخاء فهذا أقوى اثرا والحاصل لا يتصور وقوع المد المذكور الا من الرحمن لانه أصله ومنشأه انتهى كلامه روح الله روحه حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ [تا وقتى كه ببينند آنچهـ بيم كرده شده اند بدان] غاية للمد الممتد وجمع الضمير فى الفعلين باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضميرين الأولين باعتبار لفظها إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ(5/352)
وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)
تفصيل للموعود على سبيل البدل فانه اما العذاب الدنيوي بغلبة المسلمين واستيلائهم عليهم وتعذيبهم إياهم قتلا واسرا واما يوم القيامة وما ينالهم فيه من الحزن والنكال على طريقة منع الخلو دون الجمع فان العذاب الأخروي لا ينفك عنهم بحال قال الامام اى لو فرض ان هذا الضال المتنعم قد مدله فى اجله أليس انه ينتهى الى عذاب فى الدنيا او فى الآخرة فسيعلم ان النعم لا تنفعه كما قال تعالى فَسَيَعْلَمُونَ جواب الشرط والجملة محكية بعد حتى فانها هى التي تحكى بعدها الجملة ولذا وقع بعد الجملة الشرطية اى حتى إذا عاينوا ما يوعدون من العذاب الدنيوي او الأخروي فقط فسيعلمون حينئذ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً من الفريقين بان يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون انهم شر مكانا لا خير مقاما قال الكاشفى [پس بدانند آنرا كه بدترست از هر دو كروه از جهت مكان چهـ جاى مؤمنان درجات جنان باشد ومأواى ايشان دركات نيران]
افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان
قال فى بحر العلوم جعلت الشرارة للمكان ليفيد إثباتها لاهله لانه إذا ثبت الأمر فى مكان الرجل فقد ثبت له كما فى قولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه وَأَضْعَفُ جُنْداً اى فئة وأنصارا لا احسن نديا كما كانوا يدعونه قال فى تفسير الجلالين وذلك انهم ان قتلوا ونصر المؤمنون عليهم علموا انهم أضعف جندا ضعفاء كلا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا وانما ذكر ذلك ردا لما كانوا يزعمون ان لهم أعوانا من الأعيان وأنصارا من الأخيار ويفتخرون بذلك فى الاندية والمحافل وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً كلام مستانف سيق لبيان حال المهتدين اثر بيان حال الضالين اى ويزيد الله المؤمنين ايمانا وعملا ويقينا ورشدا كما زاد الضالين ضلالا ومدهم فى استدراجهم وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ كلام مستأنف وارد من جهته تعالى لبيان فضل اعمال المهتدين غير داخل فى حيز الكلام الملقن لقوله تعالى عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً هو الجزاء لانه نفع يعود الى المجزى وهو اسم من الاثابة او التثويب اى الأعمال التي تبقى عائدتها ابدا خير عند ربك من مفاخرات الكفار وحظوظهم العاجلة وَخَيْرٌ مَرَدًّا مرجعا وعاقبة لان ما لها رضوان الله والنعيم الدائم ومآل هذه السخط والعذاب المقيم وقال الكاشفى يعنى [اگر كافرانرا در دنيا جاه ومال است ودر آخرت وبال ونكال خواهد شد اما مؤمن در دنيا هم هدايت دارند وهم حمايت ودر آخرت هم ثواب خواهند داشت وهم حسن المآب]
بدنيا سرفراز ونام دارند ... بعقبى كامدار وكام كارند «1»
ففى الآية اشارة الى ان الضرر القليل المتناهي الذي يعقبه نفع كثير غير متناه كما هو حال المؤمنين خير من عكسه كما هو حال الكافرين فامهال الكافر وتمتيعه بالحياة الدنيا ليس لفضله كما ان قصور حظ المؤمن منها ليس لنقصه بل لان الله تعالى أراد به ما هو خير له وعوضه منه واعلم ان الباقيات الصالحات هى اعمال الآخرة كلها ومنها الكلمات الطيبة قال ابو الدرداء رضى الله عنه جلس رسول الله عليه السلام ذات يوم وأخذ عودا يابسا وأزال الورق عنه ثم قال (ان قول لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله والحمد لله ليحط الخطايا كما يحط ورق
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون(5/353)
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)
هذه الشجرة الريح خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن فهن الباقيات الصالحات وهى من كنوز الجنة) . وفى التأويلات النجمية الباقيات الصالحات هى الأعمال الصالحات التي هى من نتائج الواردات الالهية التي ترد من عند الله الى قلوب اهل الغيوب يعنى كل عمل يصدر من عند نفس العبد من نتائج طبعه وعقله لا يكون من الباقيات الصالحات يدل عليه قوله ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ انتهى فعلى العاقل ان يجتهد فى إصلاح النفس وتزكيتها ليتولد منها الأعمال الباقية والأحوال الفاضلة ويحصل له نسل بلا عقم ونكاح منتج قوانا الله وإياكم فى ذلك آمين أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا نزلت فيمن سخر بالبعث وهو العاص بن وائل كان لحباب بن الأرت عليه مال فتقاضاه فقال له لا حتى تكفر بمحمد فقال لا والله لا اكفر بمحمد حيا ولا ميتا ولا حين نبعث قال وإذا بعثت جئتنى فيكون لى مال وولد فاعطيك والهمزة للتعجب من حاله والإيذان بانها من الغرابة والشناعة بحيث يجب ان يرى ويقضى منها العجب والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أنظرت فرأيت الذي كفر بآياتنا التي من جملتها آيات البعث وَقالَ مستهزئابها مصدرا كلامه باليمين الفاجرة لَأُوتَيَنَّ فى الآخرة ان بعثت يعنى [بمن دهند] مالًا وَوَلَداً اى انظر اليه يا محمد فتعجب من حالته البديعة وجراءته الشنيعة أَطَّلَعَ الْغَيْبَ همزته استفهام وأصله أأطلع من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى الى أعلاه وطلع الثنية. والمعنى أقد بلغ من عظمة الشان الى ان ارتقى الى علم الغيب الذي توحد به العليم الخبير حتى ادعى ان يؤتى فى الآخرة مالا وولدا واقسم عليه أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً او اتخذ من عالم الغيب عهدا بذلك فانه لا يتوصل الى العلم به الا بأحد هذين الطريقين علم الغيب وعهد من عالمه وقيل العهد كلمة الشهادة والعمل الصالح فان وعد الله بالثواب عليهما كالعهد الموثق عليه كَلَّا ليس الأمر على ما يقول سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ سنحفظ عليه ما يقول من الكذب والكفر والاستهزاء فنجازيه به وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا مكان ما يدعيه لنفسه من الامداد بالمال والولد اى نطول له من العذاب ما يستحقه وَنَرِثُهُ بموته ما يَقُولُ اى مسمى ما يقول ومصداقه وهو ما أوتيه فى الدنيا من المال والولد وفيه إيذان بانه ليس لما يقوله مصداق موجود سوى ما ذكر اى ننزع ما آتيناه كما فى الإرشاد وقال فى العيون ما بدل من هاء نرثه بدل اشتمال اى نهلكه ونورث ماله وولده غيره وقال الكاشفى [وميراث ميكيريم آنچهـ ميكويد كه فردا بمن خواهند داد يعنى مال وفرزند] وَيَأْتِينا يوم القيامة فَرْداً وحيدا خاليا لا يصحبه مال ولا ولد كان له فى الدنيا فضلا عن ان يؤتى ثمة زائدا وفى الاية اشارة الى ان اهل الغرور يدعون الاحراز للفضيلتين المال والولد فى الدنيا والنجاة والدرجات فى الآخرة وينكرون على اهل التجرد فى الاعراض عن الكسب واعتزال النساء والأولاد ولا يدرون انهم يقعون بذلك فى عذاب البعد إذ لا سند لهم أصلا: قال الكمال الخجندي
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست
وَاتَّخَذُوا اى مشركوا قريش مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً اى اتخذوا الأصنام آلهة(5/354)
كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)
متجاوزين الله تعالى لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا اى ليتعز زوابهم بان يكونوا لهم وصلة اليه تعالى وشفعاء عنده وأنصارا ينجون بهم من عذاب الله قال بعضهم كيف تظفر بالعز وأنت تطلبه فى محل الذل ومكانه إذ ذللت نفسك بسؤال الخلق ولو كنت موفقا لا عززت نفسك بسؤال الحق او بذكره او بالرضى لما يرد عليك منه فتكون عزيزا فى كل حال دنيا وآخرة كَلَّا ليس الأمر على ما ظنوا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ سينكر الكفرة حين شاهدوا سوء عاقبة كفرهم عبادتهم لهم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا اعداء للآلهة كافرين بها بعد ان كانوا يحبونها كحب الله ويعبدونها وقال فى تفسير الجلالين سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ اى يجحدونها لانهم كانوا جمادا لم يعرفوا انهم يعبدون ويكونون عليهم ضدا اى أعوانا وذلك ان الله تعالى يحشر آلهتهم فينطقهم ويركب فيهم العقول فتقول يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك انتهى فالضمير فى يكفرون ويكونون للآلهة أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ اى سلطناهم عليهم بسبب سوء اختيارهم حال كون تلك الشياطين تَؤُزُّهُمْ أَزًّا اى تغربهم وتهيجهم على المعاصي تهييجا شديدا بانواع الوساوس والتسويلات فان الاز والهز والاستفزاز أخوات معناها شدة الإزعاج وفى العيون الاز فى الأصل هو الحركة مع صوت متصل من ازيز القدر اى غليانه والمراد تعجيب رسول الله عليه السلام من أقاويل الكفرة وتماديهم فى الغى والانهماك فى الضلال والافراط فى العناد والإجماع على موافقة الحق بعد اتضاحه وتنبيه على ان جميع ذلك منهم بإضلال الشياطين واغوائهم لا لان له مسوغا فى الجملة فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ اى بان يهلكوا حسبما تقضيه جناياتهم حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم وتطهر الأرض من فسادهم يقال عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ ايام آجالهم عَدًّا اى لا تعجل بهلاكهم فانه لم يبق لهم الا ايام محصورة وأنفاس معدودة فيجازيهم بها وكان ابن عباس رضى الله عنهما إذا قرأها بكى وقال آخر العدد خروج نفسك آخر العدد فراق أهلك آخر العدد دخول قبرك وكان ابن السماك رحمه الله عند المأمون فقرأها فقال إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما اسرع ما تنفذ قال أعرابي كيف تفرح بعمر تقطعه الساعات وسلامة بدن تعرض للآفات قال العلامة الزمخشري استغنم تنفس الاجل وإمكان العمل واقطع ذكر المعاذير والعلل فانك فى أجل محدود وعمر ممدود قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر من حافظ على الأنفاس فالساعات فى حكمه الى ما فوق ذلك ومن كان وقته الساعات فاتته الأنفاس ومن كان وقته الأيام فاتته الساعات ومن كان وقته الجمعة فاتته الأيام ومن كان وقته الشهور فاتته الأسابيع ومن كان وقته السنون فاتته الشهور ومن كان وقته العمر فاتته السنون ومن فاته عمره لم يكن له وقت ولم تعد همته بهمة على نفسه فليبك من ضاع عمره ويطول الوقت ويقصر بحسب حضور صاحبه فمنهم من وقته ساعة ويوم وجمعة وشهر وسنة ومرة واحدة فى عمره ومن الناس من لا وقت له لغلبة بهيميته عليه واستغراقه فى الشهوات: قال المولى الجامى(5/355)
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)
هر دم از عمر كرامى هست كنج بي بدل ... ميرود كنج چنين هر لحظه بر باد آخ آخ
وقال
عمر تو كنج وهر نفس از وى يكى كهر ... كنجى چنين لطيف مكن رايكان تلف
وقال الحافظ
كارى كشيم ور نه خجالت بر آورد ... روزيكه رخت جان بجهان دكر كشيم
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ اى اذكر يا محمد لقومك بطريق الترغيب والترهيب يوم نجمع اهل التقوى والطاعة إِلَى الرَّحْمنِ الى ربهم الذي يغمرهم برحمته الواسعة حال كونهم وَفْداً وافدين عليه كما يفد الوفود على الملوك منتظرين لكرامتهم وإنعامهم والوافد من يأتى بالخير وفى التهذيب الوفد والوفادة [بنزديك امير شدن بحاجت] وفى القاموس وفد اليه وعليه قدم ورد وهم وفود ووفد وفى التأويلات النجمية انما خص حشر وفد المتقين الى حضرة الرحمانية لانها من صفات اللطف ومن شأنها الجود والانعام والفضل والكرم والتقريب والمواهب انتهى والرحمة ان كانت من صفات الذات يراد بها ارادة إيصال الخير ودفع الشر وان كانت من صفات الفعل يراد بها إيصال الخير ودفع الشر كما فى بحر العلوم وعن على رضى الله عنه ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها ذهب وعلى نجائب سروجها ياقوت وأزمتها زبر جد ثم ينطق بهم حتى يقرعوا باب الجنة قال الكاشفى وَفْداً [در حالتى كه سواران باشند بر ناقهاى بهشت يعنى ايشانرا سوار ببهشت برند چنانچهـ وافدان را بدرگاه ملوك ميبرند امام قشيرى رحمة الله فرمود كه بعضى بر نجائب طاعات وعبادات باشند وقومى بر مراكب همم ونيات. آنانكه بر مراكب طاعت باشند بهشت جويانند ايشانرا بروضه جنان برند. وآنانكه بر نجائب همت باشند خداى طلبانند ايشانرا بقرب رحمت خوانند جنان جوى ديكرست ورحمان جوى ديكر در كشف الاسرار آورده كه ممشاد دينورى رحمه الله در حال نزع بود درويشى پيش وى ايستاده ودعا مى كرد كه خدايا برو رحمت كن وبهشت او را كرامت كن ممشاد بانك بروزد كه اى غافل سى سالست كه بهشت را با شرف وعزت وحور وقصور بر من جلوه ميدهند ومن كوشه چشم هست برو نيفكنده ام اكنون بدرگاه قرب ميروم زحمت خود آورده وبراى من بهشت ورحمت مى خواهى]
باغ فردوس از براى ديدنش بايد مرا ... بي جمالش روضه رضوان چهـ كار آيد مرا
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ العاصين كما تساق البهائم إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً مشاة عطاشا فان من يرد الماء لا يرده الا لعطش وحقيقة الورد المسير الى الماء لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ان كانت الشفاعة مصدرا من المبنى للفاعل والعهد بمعنى الاذن لانه يقال عهد الأمير الى فلان بكذا إذا امره به فالمعنى لا يملك أحد من العباد أيا من كان ان يشفع للعصاة الا من اتخذ من الله اذنا فيها كقوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وان كانت مصدرا من المبنى للمفعول والعهد عهد الايمان فالمعنى لا يملك المجرمون ان يشفع لهم الا من كان منهم مسلما وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي عليه السلام قال لاصحابه ذات يوم (أيعجز أحدكم(5/356)
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)
ان يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا) قالوا وكيف ذلك قال (يقول كل صباح ومساء اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة انى اعهد إليك بأنى اشهد ان لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك وانك ان تكلنى الى نفسى تقر بنى من الشر وتباعدني من الخير وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لى عهدا توفينيه يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد فاذا قال ذلك طبع عليه بطابع) اى ختم عليه بخاتم (ووضع تحت العرش فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين لهم عند الرحمن عهدا فيدخلون الجنة كما فى بحر العلوم الكبير وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً اى قال اليهود والنصارى ومن يزعم من العرب ان الملائكة بنات الله فقال الله تعالى لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا الاد والادة بكسرهما العجب والأمر الفظيع والداهية والمنكر كالاد بالفتح كما فى القاموس اى فعلتم امرا منكرا شديدا لا يقادر قدره فان جاء واتى يستعملان فى معنى فعل فيعديان تعديته وقال الكاشفى [بدرستى كه آوردى چيزى زشت يعنى ناخوش وبى ادبانه] تَكادُ السَّماواتُ صفة الاد اى تقرب من ان يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ يتشققن مرة بعد اخرى من عظم ذلك الأمر فان التفطر التشقق وهو بالفارسية [شكافته شدن] واصل التفعل التكلف وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتكاد تنشق الأرض وتنصدع اجزاؤها- وروى- عن بعض الصحابة انه قال كان بنو آدم لا يأتون شجرة الا أصابوا منها منفعة حتى قالت فجرة بنى آدم اتخذ الرحمن ولدا فاقشعرت الأرض وشاك الشجر وَتَخِرُّ الْجِبالُ اى تسقط وتتهدم هَدًّا مصدر مؤكد لمحذوف هو حال من الجبال اى تهد هدا اى تكسر كسرا يعنى [پاره پاره كردد] قال فى القاموس الهد الهدم الشديد والكسر كالهدود. والمعنى ان هول تلك الكلمة الشنعاء وعظمها بحيث لو تصورت بصورة محسوسة لم تطق بها هاتيك الاجرام العظام وتفتتت من شدتها او ان فظاعتها فى استجلاب الغضب واستيجاب السخط بحيث لولا حلمه تعالى على اهل الأرض وانه لا يعالجهم بالعقاب لخرب العالم وبدد قوائمه غضبا على من تفوه بها أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً منصوب على حذف اللام المتعلقة بتكاد او مجرور باضمارها اى تكاد السموات تتفطرن والأرض تنشق والجبال تخر لان دعوا له سبحانه ولدا ودعوا من دعا بمعنى سمى المتعدّى الى المفعولين وقد اقتصر على ثانيهما ليتناول كل مادعى له من عيسى وعزير والملائكة ونحوهم إذ لو قيل دعوا عيسى ولدا لما علم الحكم على العموم او من دعا بمعنى نسب الذي مطاوعه ادعى الى فلان اى انتسب اليه وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً حال من فاعل قالوا وينبغى مطاوع بغى إذا طلب اى قالوه والحال انه ما يليق به تعالى اتخاذ الولد ولا ينطلب له لو طلب مثلا لاستحالته فى نفسه وذلك لان الولد بضعة من الوالد فهو مركب ولا بد للمركب من مؤلف فالمحتاج الى المؤلف لا يصلح ان يكون الها إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما منهم أحد من الملائكة والثقلين فان بمعنى النفي كما وكل مبتدأ خبره آتى ومن موصوفة لأنها وقعت بعد كل نكرة إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ حال كونه عَبْداً اى الا وهو مملوك يأوى اليه بالعبودية والانقياد وفى العيون سيأتى جميع الخلائق يوم القيامة الى الرحمن خاضعا ذليلا مقرا بالعبودية كالملائكة(5/357)
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)
وعيسى وعزير وغيرهم يعنى يلتجئون الى ربوبيته منقادين كما يفعل العبيد للملوك فلا يليق به اتخاذ الولد منهم انتهى قال ابو بكر الوراق رحمه الله ما تقرب أحد الى ربه بشئ ازين عليه من ملازمة العبودية واظهار الافتقار لان ملازمة العبودية تورث دوام الخدمة واظهار الافتقار اليه يورث دوام الالتجاء والتضرع: قال الحافظ
فقير وخسته بدرگاهت آمدم رحمى ... كه جز دعاى توام نيست هيچ دست آويز
لَقَدْ أَحْصاهُمْ اى حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يكاد يخرج منهم أحد من حيطة علمه وقبضة قدرته وملكوته مع افراط كثرتهم وَعَدَّهُمْ عَدًّا اى عد أشخاصهم وأنفاسهم وآجالهم وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً اى كل واحد منهم آت إياه تعالى منفردا من الاتباع والأنصار فلا يجانسه شىء من ذلك ليتخذه ولدا ولا يناسبه ليشرك به وفى الحديث القدسي (كذبنى ابن آدم) اى نسبنى الى الكذب (ولم يكن له ذلك) يعنى لم يكن التكذيب لائقا به بل كان خطأ (وشتمنى) الشتم وصف الغير بما فيه نقص وإزراء (ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدنى كما بدأنى) يعنى لن يحيينى الله بعد موتى كما خلقنى وليس أول الخلق باهون علىّ اى بأسهل والخلق بمعنى المخلوق من إعادته اى من إعادة المخلوق بل إعادته أسهل لوجود اصل البنية اعلم ان هذا مذكور على طريق التمثيل لان الاعادة بالنسبة الى قوانا أيسر من الإنسان واما بالنسبة الى قدرة الله تعالى فلا سهولة فى شىء ولا صعوبة (واما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا) وانما صار هذا شتما لان التولد هو انفصال الجزء عن الكل بحيث ينمو وهذا انما يكون فى المركب وكل مركب محتاج الى المؤلف او لان الحكمة فى التولد استحفاظ النوع عند فناء الآباء تعالى الله عما لا يليق فان قلت قوله (اتخذ الله) تكذيب ايضا لانه تعالى اخبر ان لا ولد له وقوله (لن يعيدنى) شتم ايضا لانه نسبة له الى العجز فلم خص أحدهما بالشتم والآخر بالتكذيب قلت نفى الاعادة نفى صفة كمال واتخاذ الولد اثبات صفة نقصان له والشتم افحش من التكذيب ولذلك نفاه الله عنه بأبلغ الوجوه فقال (وانا الأحد) اى المتفرد بصفات الكمال من البقاء والتنزه وغيرهما الواو فيه للحال (الصمد) بمعنى المصمود يعنى المقصود اليه فى كل الحوائج (الذي لم يلد) هذا نفى للتشبيه والمجانسة (ولم يولد) هذا وصف بالقدم والاولية (ولم يكن له كفوا أحد) هذا تقرير لما قبله فان قلت لا يلزم من نفى الكفو فى الماضي نفيه فى الحال والاستقبال قلت يلزم لانه إذا لم يكن فى الماضي فوجد يكون حادثا والحادث لا يكون كفوا للقديم كذا فى شرح المشارق لابن ملك فاذا ثبت ان الالوهية والربوبية لله تعالى وانه لا يجانسه ولا يشاركه شىء من المخلوقات ثبتت العبودية والمربوبية للعبد وان من شأنه ان لا يعبد شيأ من الأجسام والأرواح ولا يتقيد بشئ من العلويات والسفليات بل يخص عبادته بالله تعالى ويجرد توحيده عن هواه قال على رضى الله عنه قيل للنبى عليه السلام هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذي هم اى الكفار عليه كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان فهذا من آثار حسن الاستعداد حيث استغنى عن البرهان بقاطع العقل فليتبع العاقل اثر متبوعه المصطفى عليه(5/358)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)
السلام وقد لاح المنار واستبان النور من النار فالنور هو التوحيد والإقرار والنار هو الشرك والإنكار والتوحيد إذا تجلى بحقائقه ظهر التجريد وهو إذا حصل بمعانيه ثبت التفريد فالفردانية صفة السر الا على وهى حاصلة للعارفين فى هذه الدار ولغيرهم يوم القيامة وما فى هذه الدار اختياري مقبول وما فى الآخرة اضطراري مردود فيا ارباب الشرك ابن التوحيد ويا اهل التوحيد اين التجريد ويا اصحاب التجريد اين التفريد وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً وقد قيل قيامة العارفين دائمة: قال لصائب
ترك هستى كن كه آسودست از تاراج سيل ... هر كه پيش از سيل رخت خود برون از خانه ريخت
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جمعوا بين عمل القلب وعمل الجوارح سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا اى سيحدث لهم فى القلوب مودة من غير تعرض منهم لاسبابها من قرابة او صداقة او اصطناع معروف او غير ذلك سوى ما لهم من الايمان والعمل الصالح والسين اما لان السورة مكية وكان المؤمنون حينئذ ممقوتين بين الكفرة فوعدهم الله ذلك إذا قوى الإسلام واما ان يكون ذلك يوم القيامة يحببهم الله الى خلقه بما يظهر من حسناته وفى التأويلات النجمية يشير الى ان بذر الايمان إذا وقع فى ارض القلب وتربى بماء الأعمال الصالحات ينمو ويتربى الى ان يثمر فتكون ثمرته محبة الله ومحبة الأنبياء والملائكة والمؤمنين جميعا كما قال تعالى تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها انتهى واعلم ان المحبة الموافقة ثم الميل ثم الود ثم الهوى ثم الوله فالموافقة للطبع والميل للنفس والود للقلب والمحبة للفؤاد وهو باطن القلب والهوى غلبة المحبة والوله زيادة الهوى يقال نور المحبة ثم نار العشق ثم حرارة الشهوة ثم البخار اللطيف ثم النفس الرقيق ثم الهواء الدقيق قال رجل لعبد الله ابن جعفر ان فلانا يقول انا أحبك فبم اعلم صدقه فقال استخبر قلبك فان توده فانه يودك قيل
وعلى القلوب من القلوب دلائل ... بالود قبل تشاهد الأشباح
وفى الحديث (أكثروا من الاخوان فان ربكم حى كريم يستحيى ان يعذب عبده بين إخوانه يوم القيامة) وعنه عليه السلام (من نظر الى أخيه نظر مودة ولم يكن فى قلبه احنة لم يطرف حتى يغفر الله له ما تقدم من ذنبه) يقال طرف بصره إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر قال عمر رضى الله عنه ثلاث يثبتن الود فى صدر أخيك ان تبدأه بالسلام وان توسع له فى المجلس وان تدعوه بأحب أسمائه اليه وقال سقراط اثن على ذى المودة خيرا عند من لقيت فان رأس المودة حسن الثناء كما ان رأس العداوة سوء الذكر ومن بلاغات الزمخشري محك المودة الآخاء حال الشدة دون حال الرخاء وقال ابو على الدقاق قدس سره لما سعى غلام الخليل بالصوفية الى الخليفة امر بضرب أعناقهم فاما الجنيد فانه تستر بالفقه وكان يفتى على مذهب ابى ثور واما الشحام والرقام والنوري وجماعة فقبض عليهم فبسط النطع لضرب أعناقهم فتقدم النوري فقال السياف تدرى لماذا تبادر فقال نعم فقال وما يعجلك فقال اوثر أصحابي بحياة ساعة فتحير السياف فأنتهى الخبر الى الخليفة فردهم الى القاضي ليتعرف حالهم فالقى القاضي على ابى الحسن النوري مسائل فقهية فاجاب عن الكل ثم أخذ يقول وبعد فان لله عبادا إذا قاموا قاموا بالله وإذا نطقوا نطقوا بالله وسرد ألفاظا ابكى القاضي فارسل القاضي الى(5/359)
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)
الخليفة وقال ان كان هؤلاء زنادقة فما على وجه الأرض مسلم فانظر واعتبر من معاملة النوري مع إخوانه فانه آثرهم حال الشدة على نفسه بخلوص جنانه
حديث عشق از آن بطال منيوش ... كه در سختى كند يارى فراموش
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ اى سهلنا القرآن. وبالفارسية [پس جز اين نيست كه آسان كردانيده قرآنرا] بِلِسانِكَ بان أنزلناه على لغتك والباء بمعنى على والفاء لنعليل امر ينساق اليه النظم الكريم كأنه قيل بعد ايحاء السورة الكريمة بلغ هذا المنزل وبشر به وانذر فانما يسرناه بلسانك العربي المبين لِتُبَشِّرَ بِهِ [تا مژده دهى بدو] الْمُتَّقِينَ اى الصائرين الى التقوى بامتثال ما فيه من الأمر والنهى وَتُنْذِرَ بِهِ يقال أنذره بالأمر انذارا اعلمه وحذره وخوفه فى إبلاغه كما فى القاموس قَوْماً لُدًّا لا يؤمنون به لجاجا وعنادا. واللد جمع الألد وهو الشديد الخصومة اللجوج المعاند قال فى القاموس الألد الخصم الشحيح الذي لا يزيغ الى الحق وفى الحديث (ابغض الرجال الى الله الألد الخصم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة القرآن التي هى صفة الله تعالى القديمة القائمة بذاته لا تسعها ظروف الحروف المحدثة المعدودة المتشابهة لانها قديمة غير معدودة ولا متناهية وانما يسر الله درايته بقلب النبي عليه السلام وقراءته باللسان العربي المبين ليبشر به المتقين لانهم اهل البشارة وهم اصناف ثلاثة فصنف منهم يتقون الشرك بالتوحيد وصنف يتقون المعاصي بالطاعة وصنف يتقون عما سوى الله تعالى بالله وينذر به قوما لذا شدادا فى الخصومة لانهم اهل الانذار وهم ثلاث فرق ففرقة منهم الكفار الذين يقاتلون على الباطل وفرقة منهم اهل الكتاب الذين يخاصمون على اديانهم المنسوخة وفرقة منهم اهل الأهواء والبدع والفلاسفة الذين يجادلون اهل الحق بالباطل وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ سبق معنى القرن اى قرونا كثيرة أهلكنا قبل هؤلاء المعاندين بعد ان أنذرهم انبياؤهم بآيات الله وحذروهم عذابه وتدميره هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ قال فى تهذيب المصادر الاحساس [دانستن وديدن] قال الله تعالى (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) إلخ اى هل تشعر بأحد منهم وترى اى لا وبالفارسية [هيچ مى بايد ومى بينى از آن هلاك شدكان يكى را] أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ [يا مى شنوى مرا يشانرا] رِكْزاً اى صوتا خفيا واصل الركز هو الخفاء ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه فى الأرض والركاز المال المدفون المخفي والمعنى أهلكناهم بالكلية وأستأصلناهم بحيث لا يرى منهم أحد ولا يسمع منهم صوت خفى. وبالفارسية يعنى [چون عذاب ما بديشان فرود آمد مستأصل شدند نه از ايشان شخصى باقى ماند كه كسى بيند ونه آواز بر جاى كه كسى بشنود بلكه مؤكل قهر الهى با هيچكس در نساخت وهمه را بدست فنا در دام خمول ونيسان انداخت] كان لم يخلقوا ولم يكونوا
كو اثر از سروران تاج بخش ... كونشان از خسروان تاجدار
سوخت ديهيم شهان كامجوى ... خاك شد تحت ملوك كامكار
وفى الآية وعد لرسول الله صلى الله عليه عليه فى ضمن وعيد الكفرة بالا هلاك وحث له على الانذار قال الشيخ سعدى قدس سره(5/360)
طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)
بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچكس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
بكمراه كفتن نكو ميروى ... كناه بزركست وجور قوى
مكو شهد شيرين شكر فايقست ... كسى را كه سقمونيا لا يقست
چهـ خوش كفت يكروز دار وفروش ... شفا بايدت داروى تلخ نوش
وفى المثنوى
هر كسى كو از صف دين سركشست ... ميرود سوى صفى كان واپسست
تو ز كفتار تعالوا كم مكن ... كيميائى پس شكرفست اين سخن
گر مسى كردد ز كفتارت نفير ... كيميا را هيچ از وى وامگير
اين زمان كريست نفس ساحرش ... كفت تو سودش كند در آخرش
قل تعالوا قل تعالوا اى غلام ... هين كه ان الله يدعو بالسلام «1»
نسأل الله تعالى ان يوفقنا لاجابة الدعوة انه قريب مجيب تمت سورة مريم وقت الضحى من يوم الاثنين التاسع عشر من ذى القعدة من سنة خمس ومائة والف
تفسير سورة طه
مائدة وخمس وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
طه اختلفوا فيه اكثر مما فى غيره من المقطعات فقال بعضهم هو اسم القرآن او اسم السورة او اسم الله او مفتاح الاسم الطاهر والهادي وقال بعضهم هو اسم من اسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل احمد ويس وغير ذلك كما قال عليه السلام (انا محمد وانا احمد والفاتح والقاسم والحاشر والعاقب والماحي وطه ويس) ويؤيده الخطاب فى عليك فيكون حرف النداء محذوفا اى يا طه والطاء والهاء اشارة الى انه عليه السلام طالب الشفاعة للناس وهادى البشر او انه طاهر من الذنوب وهاد الى معرفة علام الغيوب قال الكاشفى [ياطا طهارت دل اوست از غير حق تعالى وها هدايت او بقرب حق] قال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه طه قسم بطهارة اهل البيت وهدايتهم كما قال تعالى وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً او بطوبى والهاوية اى الجنة والنار وفى زاد المسير الطاء طيبة والهاء مكة والله تعالى اقسم بهذين الحرمين او الطاء طلب الغزاة والهاء هرب الكفار او طلب اهل الجنان وهو ان ارباب النيران وفى التأويلات النجمية يا من طوى به بساط النبوة وايضا يا من طوى به المكونات الى هويتنا انتهى وقال بعضهم انه ليس من الحروف المقطعة بل هو موضوع بإزاء يا رجل بلغة عك او بلسان الحبشة او النبطية او السريانية والمراد به حضرة الرسالة [ودر بعضى تفاسير آمده كه طا بحساب جمل نه است وها پنج ومجموع چهارده باشد وغالب آنست كه ماه را مرتبه بدريت
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان امير كردانيدن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوان هديلى را إلخ(5/361)
مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)
در چهاردهم حاصل شود پس در ضمن اين خطاب مندرجست كه اى ماه شب چهارده ومنادى حضرت رسالتست وبدريت اشارت بكمال مرتبه جامعيت آن حضرت] كما لا يخفى على العرفاء
ماه چون كامل شود أنور بود ... وانكه او مرآت نور خور بود
كاه ماه بدري وكه شاه بدر ... صدر تو مشروح وكارت شرح صدر
در شب تاريكى وكفر وضلال ... از مهت روشن شود نور جلال
جوز الحسن طه بوزن هب على انه امر للرسول عليه السلام بان يطأ الأرض بقدميه معا فانه لما نزل عليه الوحى اجتهد فى العبادة وكان يصلى الليل كله ويقوم على احدى رجليه تخفيفا على الاخرى لطول القيام ويتعب نفسه كل الاتعاب فيكون أصله طا من وطئ يطأ قلبت همزته هاء وفى الحديث (ان الله تعالى قرأ طه ويس قبل ان يخلق آدم بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت طوبى لاجواف تحمل هذا وطوبى لامة محمد ينزل هذا عليهم وطوبى لالسن تتكلم بهذا) رواه الطبراني وصاحب الفردوس وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الاول وأعطيت طه وطواسين من الواح موسى وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي ذكرت فيها البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة) كذا فى بحر العلوم ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى الشقاء شائع بمعنى التعب ومن أشقى من رائض المهر اى اتعب ممن يجعل المهر وهو ولد الفرس صالحا للركوب بان تزول عنه الصعوبة وينقاد لصاحبه وفى ذلك العمل مشقة وتعب للرائض ولذلك يضرب به المثل والمعنى لتعب بفرط تأسفك على كفر قريش إذ ما عليك الا البلاغ وقد فعلت فلا عليك ان يؤمنوا به بعد ذلك او بكثرة الرياضة وكثرة التهجد والقيام على ساق إذ ما بعثت الا بالحنيفية السمحة. وبالفارسية [نفرستاديم ما بر تو قرآنرا تا در رنج افتى وشب خواب نكنى وبواسطه قيام در نماز الم ورم بپاى مباركت رسد] . وفى التأويلات النجمية ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى فى الدنيا او العقبى بل أنزلناه على قلبك لتسعد بتخلقك بخلقه لتكون على خلق عظيم وليسعد بك اهل السموات واهل الأرضين فتكون الشقاوة ضد السعادة ويجوز ان يكون ردا للمشركين وتكذيبالهم فان أبا جهل والنضر بن الحارث قالا له انك شقى لانك تركت دين آبائك وان القرآن انزل عليك لتشقى به فاريد رد ذلك بان دين الإسلام وهذا القرآن هو السلم الى نيل كل فوز والسبب فى درك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى نصب على انه مفعول له لا نزلنا معطوف على تشقى بحسب المعنى بعد نفيه بطريق الاستدراك المستفاد من الاستثناء المنقطع فان الفعل الواحد لا يتعدى الى علتين الا من حيث البدلية او العطف كأنه قيل ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب فى تبليغه ولكن تذكيرا وموعظة لمن يعلم الله منه ان يخشى بالتذكرة والتخويف وقد جرد التذكرة عن اللام لكونها فعلا لفاعل الفعل المعلل وتخصيصها بهم مع عموم التذكرة والتبليغ لقوله تعالى لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً لانهم المنتفعون بها قال فى الكبير ويدخل تحت قوله لِمَنْ يَخْشى الرسول لانه فى الخشية والتذكرة فوق(5/362)
تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)
الكل تَنْزِيلًا اى نزل القرآن تنزيلا مِمَّنْ متعلقة بتنزيلا خَلَقَ اخرج من العدم الى الوجود الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى تخصيص خلقهما لانهما قوام العالم وأصوله وتقديم الأرض لكونها اقرب الى الحس واظهر عنده من السموات ووصف السموات بالعلى وهو جمع العليا تأنيث الا على للدلالة على عظم قدرة خالقها بعلوها وعطف السموات على الأرض من عطف الجنس على الجنس لان التعريف مصروف الى الجنس لا من عطف الجمع على المفرد حتى يلزم ترك الاولى من رعاية التطابق بين المعطوف والمعطوف عليه الرَّحْمنُ رفع على المدح اى هو الرحمن او مبتدأ واللام فيه للعهد مشارا به الى من خلق خبره ما بعده عَلَى الْعَرْشِ الذي يحمله الملائكة متعلق بقوله اسْتَوى اعلم ان العرش سرير الملك والاستواء الاستقرار والمراد به هاهنا الاستيلاء ومعنى الاستيلاء عليه كناية عن الملك لانه من توابع الملك فذكر اللازم وأريد الملزوم يقال استوى فلان على سرير الملك على قصد الاخبار عنه بانه ملك وان لم يقعد على السرير المعهود أصلا فالمراد بيان تعلق إرادته الشريفة بايجاد الكائنات وتدبير أمرها إذ الباري مقدس الانتقال والحلول وانما خلق العرش العظيم ليعلم المتعبدون الى اين يتوجهون بقلوبهم بالعبادة والدعاء فى السماء كما خلق الكعبة ليعلموا الى اين يتوجهون بأبدانهم فى العبادة فى الأرض [وشيخ اكبر قدس سره در فتوحات فرموده كه استواء خداوند بر عرش در قرآنست ومراد بدين ايمانست تأويل نجوييم كه تأويل درين باب طغيانست بظاهر قبول كنيم وبباطن تسليم كه اين اعتقاد سفيانست اما ميدانم كه نه محتاج مكانست ونه عرش بر دارنده اوست كه اوست بر دارنده مكان ونكه دارنده عرش]
نى مكان ره يافت سويش نه زمان ... نى بيان دارد خبر زو نه عيان
اين همه مخلوق حكم داورست ... خالق عالم ز عالم برترست
قال بعضهم ليس على الكون من اثر ولا على الأثر من كون قال بعضهم انا نقطع بان الله منزه عن المكان والا لزم قدم المكان وقد دل الدليل على ان لا قديم سوى الله تعالى وانه تعالى لم يرد من الاستواء الاستقرار والجلوس بل مراده به شىء آخر الا انا لا نشتغل بتعيين ذلك المراد خوفا من الخطأ ونفوض تأويل المتشابهات الى الله تعالى كما هو رأى من يقف على إِلَّا اللَّهَ وعليه اكثر السلف كما روى عن مالك واحمد الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والبحث عنها بدعة وما كان مقصود الإمامين الأجلين بذلك الا المنع من الجدال وقد أحسنا حيث حسما بذلك باب الجدال وكذلك فعل الجمهور لان فى فتح باب الجدال ضررا عظيما على اكثر عباد الله وقد روى ان رجلا سأل عمر رضى الله عنه عن آيتين متشابهتين فعلاه بالدرة وقال بعض كبار المحققين من اهل الله تعالى المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علوا كبيرا عما يقول الظالمون من المجسمة وغيرهم بل باعتبار امره الايجادى وتجليه الحسى الاحدى وانما كان العرش محل هذا الاستواء لان التجليات الذاتية التي هى شروط التجليات المتعينة والاحكام الظاهرة والأمور البارزة والشئون المتحققة(5/363)
فى السماء والأرض وفيما بينهما من عالم الكون والفساد بالأمر الإلهي والإيجاد الاولى انما تمت باستيفاء لوازمها واستكمال جوانبها واستجماع أركانها الاربعة المستوية فى ظهور العرش بروحه وصورته وحركته الدورية لانه لا بد فى استواء تجليات الحق سبحانه فى هذه العوالم بتجليه الحسى وامره الايجادى من الأمور الاربعة التي هى من هذه التجليات الحسية والايجادية بمنزلة الشكل المستوي المشتمل على الحد الأصغر والأكبر والأوسط المكرر الكائن به السورة ذات الأركان الاربعة من النتيجة وتلك الأمور اربعة هى الحركة المعنوية الاسمائية والحركة النورية الروحانية والحركة الطبيعية المثالية والحركة الصورية الحسية وتلك الحركة الصورية الحسية هى حركة العرش وهى بمنزلة الحد الأكبر ولما استوى امر تمام حصول الأركان الاربعة الموقوف عليها بتوقيف الله تعالى التجليات الايجادية الامرية المتنزلة بين السموات السبع والأرضين السبع بحسب مقتضيات استعدادات اهل العصر وموجب قابليات اصحاب الزمان فى كل يوم بل فى كل آن كما أشير اليه بقوله تعالى يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ وقوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فى العرش كان العرش مستوى الحق سبحانه بالاعتبار المذكور الثاني لا بالاعتبار المزبور الاول وفى الحقيقة بالنظر الى هذا الاعتبار هو مستوى امره الايجادى لا مستوى نفسه وذاته فلا اضطراب ولا خلجان فى الكلام والمقال والحال ثم ان استواء الأمر الإرادي الايجادى على العرش بمنزلة. استواء الأمر التكليفي الارشادى على الشرع فكما ان كل واحد من الامرين قلب الآخر وعكسه المستوي السوي فكذلك كل واحد من العرش والشرع قلب الآخر وعكسه السوي المستوي يقول الفقير قواه الله القدير لا شك ان بين زيد والعالم فرقا من حيث ان الاول يدل على الذات المجردة والثاني على المتصفة بصفة العلم فاسناد الاستواء الى عنوان الاسم الرحمن الذي يراد به صفة الرحمة العامة وان كان مشتملا على الذات دون الاسم الله الذي يراد به الذات وان كان مستجمعا لجميع الصفات ينادى بتنزه ذاته تعالى عن الاستواء وان الذي استوى على العرش المحيط بجميع الأجسام هو الرحمة المحيطة بالكل ومن لم يفرق بين استواء الذات واستواء الصفة فقد اخطأ وذلك ان الله تعالى غنى بذاته عن العالمين جميعا متجل بصفاته وأسمائه فى الأرواح والأجسام بحيث لا يرى فى مرائى الأكوان الا صور التجليات الاسمائية والصفاتية ولا يلزم من هذا التجلي ان تحل ذاته فى كون من الأكوان إذ هو الآن على ما كان عليه قبل من التوحد والتجرد والتفرد والتقدس ولذا كان أعلى المراتب الوصول الى عالم الحقيقة المطلقة إطلاقا ذاتيا كما أشار اليه قوله تعالى لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وفى الحديث (ان الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم) ذكره فى الروضة فهذا يدل على ان الله تعالى ليس فى السماء ولا فى الأرض ولو كان لانقطع الطلب واما قوله عليه السلام (يا رب أنت فى السماء ونحن فى الأرض فما علامة غضبك
من رضاك قال إذا استعملت عليكم خياركم فهو علامة رضاى عنكم وإذا استعملت عليكم شراركم فهو علامة سخطى عليكم) على ما ذكره الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى كتاب المسامرة وقوله(5/364)
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)
عليه السلام لجارية معاوية بن الحكم السلمى (اين الله) فقالت فى السماء فقال (من انا) فقالت أنت رسول الله فقال (أعتقها فانها مؤمنة) ونحو ذلك من الاخبار الدالة على ثبوت المكان له تعالى فمصروفة عن ظواهرها محمولة على محل ظهور آثار صفاته العليا ولذا خص السماء بالذكر لانها مهبط الأنوار ومحل النوازل والاحكام ومن هذا ظهر ان من قال ان الله فى السماء عالم أراد به المكان كفر وان أراد به الحكاية عما جاء فى ظاهر الاخبار لا يكفر لانها مؤولة والأذهان السليمة والعقول المستقيمة لا تفهم بحسب السليقة من مثل هذه التشبيهات الأعين التنزيه- يروى- ان امام الحرمين رفع الله درجته فى الدارين نزل ببعض الأكابر ضيفا فاجتمع عنده العلماء والأكابر فقام واحد من اهل المجلس فقال ما الدليل على تنزيهه تعالى عن المكان وهو قال الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال الدليل عليه قول يونس عليه السلام فى بطن الحوت لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فتعجب منه الناظرون فالتمس صاحب الضيافة بيانه فقال الامام ان هاهنا فقيرا مديونا بألف درهم أد عنه دينه حتى أبينه فقبل صاحب الضيافة دينه فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذهب فى المعراج الى ما شاء الله من العلى قال هناك (لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولما ابتلى يونس عليه السلام بالظلمات فى قعر البحر ببطن الحوت قال لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فكل منهما خاطب بقوله أنت وهو خطاب الحضور فلو كان هو فى مكان لما صح ذلك فدل ذلك على انه ليس فى مكان فان قلت فليكن فى كل مكان قلت قد أشرت الى انه فى كل مكان بآثار صفاته وأنوار ذاته لا بذاته كما ان الشمس فى كل مكان بنورها وظهورها لا بوجودها وعينها ولو كان فى كل مكان بالمعنى الذي اراده جهلة المتصوفة فيقال فاين كان هو قبل خلق هذه العوالم ألم يكن له وجود متحقق فان قالوا لا فقد كفروا وان قالوا بالحلول والانتقال فكذلك لان الواجب لا يقارن الحادث الا بالتأثير والفيض وظهور كمالاته فيه لكن لا من حيث انه حادث مطلقا بل من حيث ان وجوده مستفاض منه فافهم فان قلت فاذا كان تعالى منزها عن الجهة والمكان فما معنى رفع الأيدي الى السماء وقت الدعاء قلت معناه الاستعطاء من الحزانة لان خزائنه تعالى فى السماء كما قال وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ وقال وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ فثبت ان العرش مظهر استواء الصفة الرحمانية وان من يثبت له تعالى مكانا فهو من المجسمة ومنهم جهلة المتصوفة القائلون بانه تعالى فى كل مكان ومن يليهم من العلماء الزائغين عن الحق الخارجين عن طريق العقل والنقل والكشف فمثل مذهبهم وقذره كمثل مذهبهم وقذره فنعوذ بالله تعالى من التلوث بلوث الجهل والزيغ والضلال ونعتصم به عما يعصم من الوهم والخيال والحق حق والأشياء أشياء ولا ينظر الى الحق بعين الأشياء الا من ليس فى وجهه حياء لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ سواء كان ذلك بالجزئية منهما او بالحلول فيهما وَما بَيْنَهُما من الموجودات الكائنة فى الجو دائما كالهواء والسحاب او أكثريا كالطير اى له تعالى وحده دون غيره لا شركة ولا استقلالا كل ما ذكر ملكا وتصرفا واحياء واماتة وإيجادا واعداما وَما تَحْتَ الثَّرى(5/365)
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)
الثرى التراب الندى اى الرطب والأرض كما فى القاموس ويجوز الحمل على كليهما فى هذا المقام فان ظاهر الأرض تراب جاف وما هو أسفل منه تراب مبتل فان قلت الثرى إذا كان محمولا على السطح الأخير من العالم فما الذي تحته حتى يكون الله تعالى مالكا له قلت هو اما الثور او الحوت او الصخرة او البحر او الهواء على اختلاف الروايات وقال بعضهم أراد الثرى الذي تحت الصخرة التي عليها الثور الذي تحت الأرض ولا يعلم ما تحت الثرى الا الله تعالى كما لا يعلم أحد ما فوق السدرة الا هو اى الذي هو التراب الرطب مقدار خمسمائة عام تحت الأرض ولولا ذلك لا خرقت النار الدنيا وما فيها كما فى انسان العيون قال الكاشفى [زمين بر دوش فرشته ايست وقدمين فرشته بر صخره ايست وصخره بر شاخ كاوى وقوائم كاو بر پشت ماهى از حوض كوثر وماهى ثابت است بر بحر وبحر بر جهنم مبنى بر ريح وريح بر حجابى از ظلمت وآن حجاب بر ثرى وعلم اهل آسمان وزمين تا ثرى بيش نرسد وما تحت الثرى جز حق سبحانه نداند] وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان الأرضين على ظهر النون والنون على بحر ورأسه وذنبه يلتقيان تحت العرش والبحر على صخرة خضراء خضرة السماء منها وهى الصخرة المذكورة فى سورة لقمان فى قوله فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ والصخرة على قرن ثور والثور على الثرى وما تحت الثرى لا يعلمه الا الله تعالى وذلك الثور فاتح فاه فاذا جعل الله البحار بحرا واحدا سالت فى جوفه فاذا وقعت فى جوفه يبست ذكره البغوي وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ اى ان تعلن بذكره تعالى ودعائه فاعلم انه تعالى غنى عن جهرك واعلانك فَإِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى يقال فلان يحسن الى الفقراء لا يراد حال ولا استقبال وانما يراد وجود الإحسان منه فى جميع الازمنة والأوقات ومنه قوله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى علمهما منه مستمر دائم وذلك ان علمه تعالى منزه عن الزمان كما هو منزه عن المكان باسره فالتغيير على المعلوم لا على العلم عندنا والسر واحد الاسرار وهو ما يكتم ومنه اسرّ الحديث إذا أخفاه وتنكيرا خفى للمبالغة فى الخفاء اى يعلم ما أسررته الى غيرك وشيأ أخفى من ذلك وهو ما اخطرته ببالك من غير ان تتفوّه به أصلا وما أسررته فى نفسك وأخفى منه وهو ما ستسره فيما سيأتى اى ما يلقيه الله فى قلبك من بعد ولا تعلم انك ستحدث به نفسك وهذا اما نهى عن الجهر كقوله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ واما ارشاد للعباد الى ان الجهر ليس لاسماعه بل لغرض آخر من تصور النفس بالذكر ورسوخه فيها ومنعها من الاشتغال بغيره وقطع الوسوسة عنها وهضمها بالتضرع والجؤار وإيقاظ الغير ونشر البركات الى مدى صوته وتكثير إشهاد ونحو ذلك وجاء انه عليه السلام لما توجه الى خيبر اشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله اكبر لا اله الا الله فقال عليه السلام (اربعوا على أنفسكم) اى ارفقوا بأنفسكم لا تبالغوا فى رفع أصواتكم (انكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم) ويحتاج الى الجمع بين هذا امره عليه السلام برفع الأصوات بالتلبية وقد يقال المنهي عنه هنا الرفع الخارج عن العادة الذي ربما آذى بدليل قوله عليه السلام(5/366)
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)
اربعوا على أنفسكم اى ارفقوا بها كذا فى انسان العيون يقول الفقير انما نهى النبي عليه السلام أصحابه عن رفع الصوت إخفاء لامره عن العدو ولان اكثر أصحابه كانوا ارباب احوال فشأنهم الاعتدال بل الإخفاء الا لضرورة قوية كما فى إزاء العدو او اللصوص تهييبا لهم ولا شك ان أعدى العدو النفس وأشد اللصوص الشيطان ولذا اعتاد الصوفية بجهر الذكر تهييبا لهما وطرد للوسوسة وقد اختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه وأوقع فى قلوبهم كما فى العقد الفريد وفى التأويلات النجمية السر باصطلاح اهل التحقيق لطيفة بين القلب والروح وهو معدن اسرار الروحانية والخفي لطيفة بين الروح والحضرة الالهية وهو مهبط أنوار الربوبية واسرارها ولهذا قال عقيب قوله يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الآية اشارة الى ان مظهر الوهية صفاته العليا انما هو الخفي الذي هو أخفى من السر أي الطف وأعز وأعلى واشرف واقرب الى الحضرة الا وهو سر وعلم آدم الأسماء كلها وهو حقيقة قوله عليه السلام (ان الله خلق آدم فتجلى فيه) ثم اعلم ان لطيفة السر التي بين القلب والروح تكون موجودة فى كل انسان عند نشأته الاولى والخفي ينتشئ عند نشأته الاخرى فلذا يمكن ان يكون كل انسان مؤمن او كافر معدن اسرار الروحانية وجملتها المعقولات ولا يمكن الا لمؤمن موحد ان يكون مهبط أنوار الربانية واسرارها وجملتها المشاهدات والمكاشفات وحقائق العلوم اللدنية اللَّهُ خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المنعوت بما ذكر من النعوت الجليلة الله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا معبود فى الأرض ولا فى السماء الا هو دل على الهوية بهذا القول فان هو كناية عن غائب موجود والغائب عن الحواس الموجود فى الأزل هو الله تعالى وفيه معنى حسن وهو التعالي عن درك الحواس حتى استحق اسم الكناية عن الغائب من غير غيبة كما فى بحر العلوم يقول الفقير على هذا المعنى بنى الصوفية ذكرهم بالاسم هو إخفاء وجهرا اجتماعا وانفرادا مع ان مرجعه هو الله فيكون فى حكم الاسم المظهر ولا ينازع فيه الا مكابر وفى الحديث (ان الله خلق ملكا من الملائكة قبل ان خلق السموات والأرض وهو يقول اشهد ان لا اله الا الله مادا بها صوته لا يقطعها ولا يتنفس فيها ولا يتمها فاذا أتمها امر اسرافيل بالنفخ فى الصور وقامت القيامة) كما فى التفسير الكبير فعلم منه ان الركن الأعظم للعالم ودوام وجوده انما هو الذكر فاذا انقطع الذكر انهدم العالم وكل فوت انما هو من أجل ترك الذكر- ذكر- ان صيادا كان يصيد السمكة وكانت ابنته تطرحها فى الماء وتقول انها ما وقعت فى الشبكة الا لغفلتها وفى الحديث (لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله) أكده بالتكرار ولا شك ان لا يذكر الله ذكرا حقيقيا وخصوصا بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء الا الذي يعرف الحق المعرفة التامة وأتم الخلق معرفة بالله فى كل عصر خليفة الله وهو كامل ذلك العصر فكأنه يقول عليه السلام لا تقوم الساعة وفى الأرض انسان كامل وهو المشار اليه بانه العماد المعنوي الماسك فان شئت قلت الممسك لاجله فاذا انتقل انشقت السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم وانتثرت وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة كذا فى الفكوك لحضرة الشيخ صدر الدين قدس سره لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى(5/367)
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)
بيان لكون ما ذكر من الخالقية والرحمانية والمالكية والعالمية أسماءه وصفاته من غير تعدد فى ذاته تعالى فانه روى ان المشركين حين سمعوا النبي عليه السلام يقول يا الله يا رحمن قالوا ينهانا ان يعبد الهين وقد يدعو الها آخر. والحسنى تأنيث الأحسن يوصف به الواحدة المؤنثة والجمع من المذكر والمؤنث كما رب اخرى وآياتنا الكبرى وفضل اسماء الله فى الحسن على سائر الأسماء لدلالتها على معانى التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والافعال التي هى النهاية فى الفضل والحسن قال فى تفسير الكبير يقال ان الله اربعة آلاف اسم ثلاثة آلاف منها لا يعلمها الا الله والأنبياء اما الالف الرابعة فان المؤمنين يعلمونها فثلاثمائة فى التوراة وثلاثمائة فى الإنجيل وثلاثمائة فى الزبور ومائة فى القرآن تسعة وتسعون ظاهرة وواحد مكنون من أحصاها دخل الجنة وليس حسن الأسماء لذواتها لانها ألفاظ وأصوات بل حسنها لحسن معانيها ثم ليس حسن المسمى حسنا ينطلق بالصورة والخلقة فان ذلك محال على من ليس بجسم بل حسن يرجع الى معنى الإحسان مثلا اسم الستار والغفار والرحيم انما كانت حسنى لانها ذالة على معنى الإحسان- روى- ان حكيما ذهب اليه قبيح وحسن والتمسا الوصية فقال للحسن أنت حسن ولا يليق بك الفعل القبيح وللقبيح أنت قبيح إذا فعلت القبيح عظم قبحك الهنا اسماؤك حسنة وصفاتك حسنة فلا تظهر لنا من تلك الأسماء الحسنة والصفات الحسنة الا الإحسان ويكفينا قبح أفعالنا وسيرتنا فلا تضم اليه قبح العقاب ووحشة العذاب وفى الحديث (اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه) وذلك لانهم إذا قضوا الحاجات قضوا بوجه طلق وان ردوا ردوا بوجه طلق
كشته از لطف حق بعرصه خاك ... حسن صورت دليل سيرت پاك
وقال بعضهم
يدل على معروفه حسن وجهه ... وما زال حسن الوجه احدى الشواهد
وفى الحديث (إذا بعثتم الىّ رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم) الهنا حسن وجوهنا قبيح بعصياننا فمن هذا الوجه نستحيى طلب الحوائج وحسن الأسماء والصفات يدلنا عليك فلا تردنا عن إحسانك خائبين خاسرين قال موسى الهى أي خلق أكرم عليك قال الذي لا يزال لسانه رطبا من ذكرى قال فأى خلقك اعلم قال الذي يلتمس انى اعلم علم غيره قال فأى خلقك اعدل قال الذي يقضى على نفسه كما يقضى على الناس قال فأى خلقك أعظم جرما قال الذي يتهمنى وهو الذي يسألنى ثم لا يرضى بما قضيته له الهنا لانتهمك فانا نعلم ان كل ما أحسنت فهو فضل وكل ما لا تفعله فهو عدل فلا تؤاخذنا بسوء اعمالنا: قال الحافظ
در دائره قسمت ما نقطه تسليميم ... لطف آنچهـ تو انديشى حكم آنچهـ تو فرمايى
وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى يحتمل ان يكون أول ما اخبر الله به من امر موسى فان السورة من أوائل ما نزل فيكون الاستفهام للانكار اى لم يأتك الى الآن خبر موسى وقصته وقد أتاك الآن بطريق الوحى فتنبه له واذكر لقومك ما فيه من امر التوحيد ونحوه ويحتمل انه قد أتاه ذلك سابقا فيكون استفهام تقرير فكأنه قال قد أتاك إِذْ رَأى ناراً ظرف(5/368)
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)
للحديث- روى- ان موسى عليه السلام تزوج صفوراء وقال السهيلي صفورياء بنت شعيب عليه السلام فاستأذن منه فى الخروج من مدين لزيارة امه وأخيه هارون فى مصر فخرج باهله وأخذ على غير الطريق خوفا من ملوك الشام فلما اتى وادي طوى وهو بالجانب الغربي من الطور ولد له ولد فى ليلة مظلمة ذات برد وشتاء وثلج وكانت ليلة الجمعة فقدح زنده فصلد اى صوّت ولم يخرج ناوا وقيل كان موسى رجلا غيورا يصحب الناس بالليل ويفارقهم بالنهار غيرة منه لئلا يروا امرأته فلذا اخطأ الرفقة والطريق فبينما هو فى ذلك إذ رأى نارا من بعيد على يسار الطريق من جانب الطور فظن انها من نيران الرعاة فَقالَ لِأَهْلِهِ لامرأته وولده وخادمه فان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد والعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن ملك امْكُثُوا اقيموا مكانكم ولا تتبعونى إِنِّي آنَسْتُ ناراً الإيناس الابصار البين الذي لا شبهة فيه ومنه انسان العين لانه يبين به الشيء والانس لظهورهم كما قيل الجن لاستتارهم اى أبصرتها ابصارا بينا لا شبهة فيه فأذهب إليها لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها راجيا ان اجيئكم من النار بِقَبَسٍ بشعلة من النار اى بشئ فيه لهب مقتبس من معظم النار وهى المرادة بالجذوة فى سورة القصص وبالشهاب القبس فى سورة النمل يقال قبست منه نارا فى رأس عود او فتيلة او غيرهما لم يقطع بان يقول انى آتيكم لئلا يعد ما لم يتيقن الوفاء به انظر كيف احترز موسى عن شائبة الكذب قبل نبوته فانه حينئذ لم يكن مبعوثا قال اكثر المفسرين ان الذي رآه موسى لم يكن نارا بل كان نور الرب تعالى ذكر بلفظ النار لان موسى حسبه نارا وقال الامام الصحيح انه رأى نارا ليكون صادقا فى خبره إذ الكذب لا يجوز على الأنبياء انتهى قال بعض الكبار لما كانت النار بغية موسى تجلى الله له فى صورة مطلوبه المجازى ليقبل عليه ولا يعرض عنه فانه لو تجلى له فى غير صورة مطلوبه اعرض عنه لاجتماع ما تجلى فيه
كنار موسى يراها عين حاجته ... وهو الإله ولكن ليس يدريه
اى ليس يعرف الإله المتجلى فى صورة النور والمتكلم فيها أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً هاديا يدلنى على الطريق لان النار قلما تخلو من اهل لها وناس عندها على انه مصدر سمى به الفاعل مبالغة او حذف منه المضاف اى ذا هداية كقوله فى سورة القصص لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ وكلمة او فى الموضعين لمنع الخلو دون منع الجمع ومعنى الاستعلاء فى على ان اهل النار يكتنفونها عند الاصطلاء قياما وقعودا فيشرفون عليها فَلَمَّا أَتاها اى انتهى الى النار التي آنسها قال ابن عباس رضى الله عنه رأى شجرة خضراء أحاطت بها من اسفنها الى أعلاها نار بيضاء تتقد كاضوء ما يكون ولم ير هناك أحدا فوقف متعجبا من شدة ضوء تلك النار وشدة خضرة تلك الشجرة فلا النار تغير خضرتها ولا كثرة ماء الشجرة تغير ضوء النار فسمع تسبيح الملائكة ورأى نورا عظيما تكل الابصار عنه فوضع يديه على عينيه وخاف وبهت فالقيت عليه السكينة والطمأنينة ثم نودى وكانت الشجرة سمرة خضراء او عوسجة او عليقا او شجرة العناب وهى شجرة لا نار فيها بخلاف غيرها من الأشجار قالوا النار اربعة اصناف صنف يأكل ولا يشرب وهى نار الدنيا. وصنف يشرب ولا يأكل وهى نار الشجر الأخضر. وصنف يأكل(5/369)
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)
ويشرب وهى نار جهنم. وصنف لا يأكل ولا يشرب وهى نار موسى وقالوا ايضا هى اربعة انواع نوع له إحراق بلا نور وهى نار الجحيم. ونوع له نور بلا إحراق وهى نار موسى. ونوع له إحراق ونور وهى نار الدنيا. ونوع ليس له إحراق ولا نور وهى نار الأشجار يقول الفقير النور للمحبة والنار للعشق وعند ما كمل وامتلأ نور محبة موسى وتم واشتعل نار عشقه وشوقه تجلى الله له بصورة ما فى بطنه وذلك لانه لما ولد له ولد القلب الذي هو طفل خليفة الله فى ارض الوجود فى ليلة شاتية هى ليلة الجلال ظهر له نور ذاتى فى صورة نار صفاتية لان الصورة انما هى للصفات واحترق جميع انانيته وحصل له التوجه الوحدانى فعند ذلك نُودِيَ فقيل يا مُوسى إِنِّي أَنَا للتوكيد والتحقيق يعنى [شك مكن ومتيقن شو كه من] رَبُّكَ [پروردگار توام] فَاخْلَعْ [پس بيرون كن وبيكفن از پاى خود] نَعْلَيْكَ امر بذلك لان الحفوة ادخل فى التواضع وحسن الأدب ولذلك كان بشر الحافى ونحوه يسيرون حفاة وكان السلف الصالحون يطوفون بالكعبة حافين
كنجى كه زمين وآسمان طالب اوست ... چون در نكرى برهنه پايان دارند
او ليتشرف مشهد الوادي بقدوم قدميه وتتصل بركة الأرض اليه وقيل للحبيب تقدم على بساط العرش بنعليك ليتشرف العرش بغبار تعال قدميك ويصل نور العرش يا سيد الكونين إليك او لانه لا ينبغى لبس النعل بين يدى الملوك إذا دخلوا عليهم وهذا بالنسبة الى المرتبة الموسوية دون الجاه المحمدي كما مر آنفا وذكر فى فضائل ابى حنيفة انه كان إذا قدم على الخليفة للزيارة استدعى منه الخليفة ان لا ينزل عن بغلته بل يطأ بها بساطه. او لانهما كانا غير مدبوغين من جلد الحمار فالخطاب خطاب التأديب كما فى حل الرموز قال الكاشفى [أصح آنست كه نعلين از جلد بقر بود وطاهر] أو لأن النعل فى النوم يعبر بالزوجة فاراد تعالى ان لا يلتفت بخاطره الى الزوجة والولد قال فى الاسرار المحمدية جاء فى غرائب التفسير فى قوله سبحانه فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ يعنى همك بامرأتك وغنمك وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره يعنى الطبيعة والنفس يقول الفقير لا شك ان المرأة صورة الطبيعة والولد صورة النفس لان حبه من هواها غالبا وايضا ان المرأة فى حكم الرجل نفسه لانها جزؤ منه فى الأصل والغنم ونجوه انما هو من المعاش التابع للوجود فكأنه قيل فاخلع فكر النفس وما يتبعها أيا كان وتعال وقال بعضهم المراد بالنعلين الدنيا والآخرة كأنه امره بالاستغراق فى معرفة الله ومشاهدته والوادي المقدس قدس جلال الله وطهارة عزته وقال بعضهم ان اثبات الصانع يكون بمقدمتين فشبهتا بالنعلين إذ بهما يتوصل الى المقصود وينتقل الى معرفة الخالق فبعد الوصول يجب ان لا يلتفت إليهما ليبقى القلب مستغرقا فى نور القدس فكأنه قيل فاخلع فكر الدليل والبرهان فانه لا فائدة فيه بعد المشاهدة والعيان ساكنان حرم از قبله نما آزادند وفى المثنوى
چون شدى بر بامهاى آسمان ... سرد باشد جست وجوى نردبان «1»
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان آنكه در ميان صحابه حافظ كسى نبود(5/370)
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)
آينه روشن كه شد صاف وجلى ... جهل باشد بر نهادن صيقلى
پيش سلطان خوش نشسته در قبول ... زشت باشد جستن نامه رسول
ولهذا غسل حضرة الشيخ الشبلي قدس سره جميع كتبه بعد الوصول الى الله تعالى فتدبر إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ المطهر والمتبعد من السوء طُوىً اسم الوادي عطف بيان له قال فى القاموس الوادي مفرج بين جبال او تلال او آكام وطوى واد بالشام وهو بالتنوين منصرف بتأويل المكان وبتركه غير منصرف بتأويل البقعة المعروفة- روى- ان موسى عليه السلام خلعهما والقاهما وراء الوادي وَأَنَا اخْتَرْتُكَ اى اصطفيتك للنبوة والرسالة وقرأ حمزة «وانا اخترناك» فَاسْتَمِعْ [پس كوش فرادار] لِما يُوحى للذى يوحى إليك منى من الأمر والنهى اللام متعلقة بالسمع مزيدة فى المفعول كما فى ردف لكم إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ [بدرستى كه منم خداى تعالى] وهو بدل من يوحى دال على تقدم علم الأصول على الفروع فان التوحيد من مسائل الأصول والعبادة الآتية من الفروع لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [نيست خداى بغير من] فاذا كان كذلك فَاعْبُدْنِي فخصنى بالعبادة والتوحيد ولا تشرك بعبادتي أحدا وَأَقِمِ الصَّلاةَ من عطف الخاص على العام لفضله لِذِكْرِي من اضافة المصدر الى مفعوله اى لتذكرنى وتكون ذاكرا لى فان ذكر الله كما ينبغى عبارة عن الاشتغال بعبادته باللسان والجنان والأركان والصلاة جامعة لها او من إضافته الى فاعله اى لاذكرك بالاثابة وفى التأويلات النجمية وأدم المناجاة والمحاضرة معى ببذل الوجود لنيل ذكرى إياك بالتجلى على الدوام لا فناء وجودك المتجدد إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ تعليل لوجوب العبادة واقامة الصلاة. والساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة حقيقة يحدث فيها امر عظيم اى القيامة كائنة لا محالة وانما عبر عن ذلك بالإتيان تحقيقا لحصولها بابرازها فى معرض امر محقق متوجه نحو المخاطبين أَكادُ أُخْفِيها قال فى تفسير الجلالين استرها للتهويل والتعظيم وأكاد صلة انتهى وقال بعضهم كاد وان كان موضوعا للمقاربة الا انه من الله للتحقق والوجوب فالمعنى أريد إخفاء وقتها عن الخلق ليكونوا على الحذر منها كل وقت كما ان عسى فى قوله تعالى قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً للقطع بقربه أي هو قريب وفى الإرشاد لا أظهرها بان أقول هى آتية ولولا ما فى الاخبار بذلك من اللطف وقطع الاعذار لما فعلت وفى التأويلات النجمية أكاد أخفى الساعة وإتيانها وأخفى احوال الجنة ونعيمها واهوال النار وعذاب جحيمها لئلا تكون عبادتى مشوبة بطمع الجنة وخوف النار بل تكون خالصة لوجهى كما قال تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وفى ذلك تهديد عظيم للعباد واظهار عزة وعظمة لنفسه الا انه سبقت رحمتى غضبى فما أخفيت الساعة وإتيانها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى متعلقة بآتية وما بينهما اعتراض وما مصدرية اى بسعيها وعملها خيرا كان او شرا لتمييز المطيع من العاصي وتخصيص السعى بالذكر للايذان بان المراد بالذات من إتيانها هو الاثابة بالعبادة واما العقاب بتركها فمن مقتضيات سوء اختيار العصاة فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها اى لا يمنعنك عن ذكر الساعة ومراقبتها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها(5/371)
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)
اى بالساعة هذا وان كان بحسب الظاهر نهيا للكافر عن صد موسى عن الساعة لكنه فى الحقيقة نهى له عن الانصداد عنها على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشيء ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية من أصلها وَاتَّبَعَ هَواهُ مراده المبنى على ميل النفس لا يعضده برهان سماوى ولا دليل عقلى وفى الإرشاد ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية فَتَرْدى من الردى وهو الموت والهلاك اى فتهلك فان الاغفال عنها وعن تحصيل ما ينجى من أحوالها مستتبع للهلاك لا محالة والمراد بهذا النهى الأمر بالاستقامة فى الدين وهو خطاب له والمراد غيره واعلم ان هذه الآيات والآتية بعدها دلت على ان الله تعالى كلم موسى عليه السلام وانه سمع كلام الله تعالى فان قيل بأى شىء علم موسى انه كلام الله قيل لم ينقطع كلامه بالنفس مع الحق كما ينقطع به مع المخلوق بل كلمه تعالى بمدد وحداني غير منقطع وبانه سمع الكلام من الجوانب الستة وبجميع الاجزاء فصار الوجود كله سمعا وكذا المؤمن فى الاخرة وجه محض وعين محض وسمع محض ينظر من كل جهة وبكل جهة وعلى كل جهة وكذا يسمع بكل عضو من كل جهة وإذا شاهد الحق يشهده بكل وجه ليس فى جهة من الجهات لا يحتجب سمعه وبصره بالجهات ويجوز ان يخلق الله تعالى علما ضروريا بذلك كما خلق لنبينا عليه السلام عند ظهور جبريل بغار حراء ثم اعلم ان للكلام مراتب فكلام هو عين المتكلم وكلام هو معنى قائم به كالكلام النفسي وكلام مركب من الحروف ومتعين بها وهو فى عالمى المثال والحس بحسبهما فموسى عليه السلام قد تنزل له الكلام فى مرتبة الأمر الى مرتبة الروح ثم الى مرتبة الحس ومن مشى على المراتب لم يعثر ألا ترى ان نبينا عليه السلام إذا نزل عليه الوحى كان يسمع فى بعض الأحيان مثل صلصلة الجرس فان التجلي الباطني لا يمنع مثل هذا فان قلت لماذا كلم الله موسى حتى صار كليم الله دون سائر الأنبياء قلت لان الجزاء انما هو من جنس العمل وكان قد احترق لسانه عليه السلام عند الامتحان الفرعوني فجازاه الله بمناجاته اسماع كلامه
هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت
رؤى بعضهم فى النوم فقيل ما فعل الله بك فقال رضى الله عنى ورحمنى وقال لى كل يا من لم يأكل واشرب يا من لم يشرب فجوزى من حيث عمل حيث لم يقل له كل يا من قطع الليل تلاوة واشرب يا من ثبت يوم الزحف وقيل لبعضهم وقد رؤى يمشى فى الهواء بم نلت هذه الكرامة فقال تركت هواى لهواه فسخر لى هواه فالعلم والحكمة انما هى فى معرفة المناسبات قضاء عقليا وقضاء الهيا حكيما ومن قال ان الله تعالى يفعل خلاف هذا فليس عنده معرفة بمواقع الحكم وَما تِلْكَ السؤال بما تلك عن ماهية المسمى اى حقيقته التي هوبها هو كقولك ما زيد تعنى ما حقيقة مسمى هذا اللفظ فيجاب بانه انسان لا غير قال الكاشفى [چون موسى نعلين بيرون كرد در وادي مقدس خطاب رسيد كه] وما تلك. اى أي شىء هذه حال كونها مأخوذة بِيَمِينِكَ يا مُوسى فما استفهامية فى حيز الرفع بالخبرية لتلك المشار إليها اى العصا وهو أوفق بالجواب من عكسه والعامل فى الحال(5/372)
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18)
معنى الاشارة ولم يقل بيدك لاحتمال ان يكون فى يساره شىء مثل الخاتم ونحوه فلو أجمل اليه لتحير فى الجواب للاشتباه وسيأتى سر الاستفهام أن شاء الله تعالى قالَ موسى هِيَ عَصايَ نسبها الى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه وتمهيدا لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة اليه عليه السلام أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها اى اعتمد عليها عند الاعياء فى الطريق وحال المشي وحين الوقوف على رأس القطيع فى المرعى وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي الهش [بيفشاندن برك از درخت] يقال هش الورق يهشه ويهشه خبطه بعصا ليتحات اى ضربه ضربا شديدا ليسقط. والمعنى اخبط بها الورق وأسقطه على رؤس غنمى لتأكله. وبالفارسية [وفرو ميريزم برك از درختها] وَلِيَ فِيها مَآرِبُ جمع مأربة بفتح الراء وضمها وهى الحاجة أُخْرى لم يقل آخر لرعاية الفاصلة اى حاجات اخر غير التوكى والهش وهى انه إذا سار القاها على عاتقه وعلق بها قوسه وكنانته وحلابه ومطهرته وحمل عليها زاده وتحدثه. يعنى [در راه با موسى سخن كفتى] وكان لها شعبتان ومحجن فاذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا حاول كسره لواه بالشعبتين وفى أسفلها سنان ويركزها فيخرج الماء وتحمل أي ثمرة أحب وربما يدليها فى البئر وتصير شعبتاها كالدلو فيخرج الماء وإذا قصر الرشاء وصله بها وتضيئ بالليل كالشمع وتحارب عنه. يعنى [با دشمن وى حرب كردى] وإذا تعرضت لغنمه السباع قاتل بها وتطرد الهوام فى النوم واليقظة ويستظل بها إذا كان قعد يعنى إذا كان فى البرية ركزها والقى كساءه عليها فكان ظلا وكانت اثنى عشر ذراعا بذراعه عليه السلام من عود آس من شجر الجنة استودعها عند شعيب ملك من الملائكة فى صورة انسان وقال الكاشفى [آن عصا از چوب مرد بهشت بود طول او ده كز وسر او دو شاخه ودر زير او سنانى نشانده نامش عليق بود يانيعه از آدم ميراث بشعيب رسيده بود وازو بموسى رسيد] وفى العصا اشارة الى ان الأنبياء عليهم السلام رعاة الخلق والخلق مثل البهائم محتاجون الى الرعي والكلاءة من ذئاب الشياطين واسد النفس فلا بد من العمل بإرشادهم والوقوف بالخدمة عند باب دارهم: قال الحافظ
شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد ... كه چند سال بجان خدمت شعيب كند
قال بعض اهل المعرفة لما كانت العصا صورة النفس المطمئنة المفنية للموهومات والمتخيلات لان صورة الحية تستعد للايمان كما ظهر بعض الجن بالمدينة فى صورة الحية ونهوا عن قتلها كما ذكر فى الصحاح لذلك قال موسى عليه السلام هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها اى استعين بها على مطالبى فى السر وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي اى على رعايا أعضائي وحواسى وعلى ما تحت يدى من القوى الطبيعية والبدنية وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى اى مقاصد لا تحصل إلا بها من الكمالات المكتسبة بالمجاهدات البدنية والرياضات النفسية فاذا جاهدت وارتاضت وانابت الى ربها انقلبت المعصية التي هى السيئة طاعة اى حسنة كما قال تعالى فى صفة التائبين يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فان قيل السؤال للاستعلام وهو محال على العلام فما الفائدة فيه قلنا فائدته ان من أراد ان يظهر من الحقير شيأ نفيسا يعرضه اولا على الحاضرين ويقول ما هذا فيقال فلان(5/373)
ثم انه يظهر صنعه الفائق فيه فيقول لهم خذوا منه كذا وكذا كما يريك الزراد زبرة من حديد ويقول لك ما هى فتقول زبرة حديد ثم يريك بعد ايام لبوسا مسردا فيقول لك هى تلك الزبرة صيرتها الى ما ترى من عجيب الصنعة وأنيق السرد فالله تعالى لما أراد ان يظهر من العصا تلك الآيات الشريفة عرضها اولا عليه فقال هل حقيقة ما فى يدك إلا خشبة لا تضر ولا تنفع ثم قلبها ثعبانا عظيما فنبه به على كمال قدرته ونهاية حكمته قال الكاشفى [استفهام متضمن تنبيه است يعنى حاضر شو تا عجايب بينى] وقال فى التأويلات انما امتحن موسى بهذا السؤال تنبيها له ليعلم ان للعصا عند الله اسما آخر وحقيقة اخرى غير ما علمه منها فيحيل علمها الى تعالى فيقول أنت اعلم بها يا رب فلما اتكل على علم نفسه وقال هى عصاى فكأنه قيل له اخطأت فى هذا الجواب خطأين أحدهما فى التسمية بالعصا والثاني فى اضافتها الى نفسك وهو ثعبانى لا عصاك فان قيل هذا سؤال من الله
مع موسى ولم يحصل لمحمد عليه السلام قلنا خاطبه ايضا فى قوله (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)
الا انه ما أفشاه وكان سرا لم يؤهل له أحدا من الخلق وايضا فان دار الكلام بينه وبين موسى فامة محمد يخاطبونه فى كل يوم مرات على ما قاله عليه السلام (المصلى يناجى ربه) وقال بعضهم فهم موسى ان هذا السؤال ليس للاستعلام لانه تعالى منزه عن ذلك بل للتذكر واستحضار حقيقتها وما يعلم من منافعها ولذا زاد فى الجواب وقال الكاشفى [جواب داد وجهت تعداد نعم ربانى بر آن افزود] وقال بعضهم سأل الله عما فى يده للتقرير على انها عصا حتى لا يخاف إذا صارت ثعبانا ويعلم انها معجزة عظيمة ولازالة الوحشة عن موسى ولذا كرر يا موسى يعنى ليحصل زيادة الانبساط والاستئناس وازالة تلك الهيبة والدهشة الحاصرة من استماع ذلك الكلام الذي لم يشبه كلام الخلق مع مشاهدة تلك النار وتلك الشجرة وسمع تسبيح الملائكة ومن ثمة لما زالت بذلك اطنب فى الجواب قال نبينا عليه السلام قلت اى ليلة المعراج اللهم انه لما لحقنى استيحاش سمعت مناديا ينادى بلغة تشبه لغة ابى بكر رضى الله عنه فقال لى قف فان ربك يصلى فعجبت من هاتين هل سبقنى ابو بكر الى هذا المقام وان ربى لغنى عن ان يصلى فقال تعالى انا الغنى عن ان أصلي لاحد وانما أقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى أقرا يا محمد هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما فصلاتى رحمة لك ولامتك واما امر صاحبك يا محمد فان أخاك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا كلامه قلنا وما تلك بيمينك يا موسى قال هى عصاى وشغل بذكر العصا عن عظيم الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان انسك بصاحبك ابى بكر خلقنا ملكا على صورته ينادى بلغته ليزول عنك الاستيحاش لما يلحقك من عظيم الهيبة كذا فى انسان العيون وذكر الراغب الاصفهانى فى المحاضرات انه قال الامام الشاذلى قدس سره صاحب الحزب البحر اضطجعت فى المسجد الأقصى فرأيت فى المنام قد نصب تحت خارج الأقصى فى وسط الحرم فدخل خلق كثير أفواجا أفواجا فقلت ما هذا الجمع فقالوا جمع الأنبياء والرسل عليهم السلام قد حضروا ليشفعوا فى حسين الحلاج عند محمد عليه السلام فى اساءة ادب وقعت منه فنظرت الى التخت(5/374)
قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)
فاذا نبينا صلى الله عليه وسلم جالس عليه بانفراده وجميع الأنبياء على الأرض جالسون مثل ابراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم السلام فوقفت انظر واسمع كلامهم فخاطب موسى نبينا عليه السلام وقال له انك قد قلت (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل فارنا منهم واحدا فقال هذا وأشار الى الامام الغزالي قدس سره فسأله موسى سؤالا فاجابه بعشرة اجوبة فاعترض عليه موسى بان الجواب ينبغى ان يطابق السؤال والسؤال واحد والجواب عشرة فقال الامام هذا الاعتراض وارد عليك ايضا حين سئلت وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ وكان الجواب عصاى فاوردت صفات كثيرة فقال فبينما انا متفكر فى جلالة قدر محمد عليه السلام وكونه جالسا على التخت بانفراده والخليل والكليم والروح جالسون على الأرض إذ رفسنى شخص برجله رفسة مزعجة اى ضربنى فانتبهت فاذا بقيم يشعل قناديل الأقصى قال لا تعجب فان الكل خلقوا من نوره فخررت مغشيا فلما أقاموا الصلاة أفقت وطلبت القم فلم أجده الى يومى هذا ومن هذا قال فى قصيدة البردة
وانسب الى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب الى قدره ما شئت من عظم
وقال آخر
سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنا قائد امم
قالَ الله تعالى استئناف بيانى أَلْقِها يا مُوسى اطرحها لترى من شأنها ما لم يخطر ببالك والإلقاء والنبذ والطرح بمعنى واحد فَأَلْقاها على الأرض قال الكاشفى [موسى كمان برد كه او را نيز چون نعلين مى بايد افكند پس بيفكند آنرا از قفاى خود فى الحال آوازى عظيم بكوش وى رسيد باز نكريست] فَإِذا هِيَ [پس از آنجا آن عصا] حَيَّةٌ [مارى بود] تَسْعى [مى شتافد بهر جانب] والسعى المشي بسرعة وخفة حركة والجملة صفة لحية- روى- انه حين القاها انقلبت حية صفراء فى غلظ العصا ثم انتفخت وعظمت فلذلك شبهت بالجان تارة وهو الخفيف كما قال تعالى كَأَنَّها جَانٌّ اى باعتبار ابتداء حالها وسميت ثعبانا اخرى وهو أعظمها كما قال تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ اى باعتبار انتهاء حالها وعبر عنها هاهنا بالاسم العام للحالين اى الصغير والكبير والظاهر انها انقلبت من أول الأمر ثعبانا وهو الأليق بالمقام كما يفصح عنه قوله تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وانما شبهت بالجان فى الجلادة وسرعة الحركة قال بعض اهل المعرفة اما انقلاب العصا حيوانا فايماء الى انقلاب المعصية طاعة وحسنة فان العصا من المعصية والمعصية إذا انقلبت صارت طاعة كما قال تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وهذا التبديل من مقام المغفرة واما المحو فى قوله عليه السلام (اتبع السيئة الحسنة تمحها) فعبارة عن حقيقة العفو قال المولى الجامى فى قوله فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ يعنى فى الحكم فان الأعيان أنفسها لا تتبدل ولكن تنقلب أحكامها انتهى يقول الفقير على هذا يدور انقلاب العصا حية حين الإلقاء وتحول النحاس فضة عند طرح الإكسير وتمثل جبريل فى الصورة البشرية فاعرفه فأنه باب عظيم من دخله بالعرفان التام أمن من الأوهام: قال الحافظ(5/375)
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
دست از مس وجود چومردان ره بشوى ... تا كيمياى عشق بيابى وزر شوى
وقال المولى الجامى
چوكسب علم كردى در عمل كوش ... كه علم بي عمل زهريست بي نوش
چهـ حاصل ز آنكه دانى كيميا را ... مس خود را نكرده زر سارا
قالَ استئناف بيانى خُذْها وَلا تَخَفْ روى انها انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع كل شىء يمر به من صخر وحجر وعيناه تتقدان كالنار ويسمع لانيابه صريف شديد وكان بين لحييه أربعون ذراعا او ثمانون فلما رآه كذلك خاف ونفر لان الخوف والهرب من الحيات ونحوها من طباع البشر فان قيل لم خاف موسى من العصا ولم يخف ابراهيم من النار قلنا لان الخليل كان أشد تمكينا إذ فرق بين بداية الحال ونهايتها وقد أزال الله هذا الخوف من موسى بقوله ولا تخف ولذا تمكن من أخذ العصا كما يأتى فصار اهل تمكين كالخليل عليهما السلام ألا ترى ان نبينا عليه السلام أول ما جاءه جبريل خافه فرجع من الجبل مرتعدا ثم كان من امره ما كان حتى استعد لرؤيته على صورته الاصلية ليلة المعراج كما قال تعالى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى وفى التأويلات النجمية خُذْها وَلا تَخَفْ يعنى كنت تحسب ان لك فيها المنافع والمآرب فى البداية ثم رأيتها وأنت خائف من مضارها فخذها ولا تخف لتعلم ان الله تعالى هو الضار والنافع فيكون خوفك ورجاؤك منه اليه لامن غيره: وفى المثنوى
هر كه ترسيد از حق وتقوى كزيد ... ترسد از وى جن وانس وهر كه ديد «1»
سَنُعِيدُها [زود باشد كه كردانيم ويرا] سِيرَتَهَا الْأُولى السيرة فعلة من السير اى نوع منه تجوز بها للطريقة والهيئة وانتصابها على نزع الجار اى سنعيدها بعد الاخذ الى هيئتها الاولى التي هى الهيئة العصوية فوضع يده فى فم الحية فصارت عصا كما كانت ويده فى شعبتيها فى الموضع الذي يضعها فيه إذا توكأ وأراه هذه الآية كيلا يخاف عند فرعون إذا انقلبت حية وفى الحديث (يجاء لصاحب المال الذي لم يؤد زكاته بذلك المال على صورة ثعبان) يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان لكل جسد روحا ولو كان معنويا ولكل عمل وخلق ووصف صورة معتدلة فى الدنيا تتحول صورة محسوسة فى الآخرة كما قال تعالى فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اى يظهر لهم صور أعمالهم كما مر فى سورة الانعام ولما كان حب المال من أشد صفات النفس الامارة التي هى فى صورة ثعبان ضار لا جرم يظهر يوم تبلى السرائر على هذا الصورة المزعجة ويصير طوقا لعنق صاحبه فاذا تزكى موسى القلب من حب المال وأحب بذله فى سبيل الله جاء فى صورة حسنة يهواها مناسبة لما عمل به من الخيرات وقس حال البواقي عليه ثم أراه آية اخرى فقال وَاضْمُمْ [ضم كن وببر] يَدَكَ اليمنى إِلى جَناحِكَ [بسوى پهلوى خود در زير بغل] وجناح الإنسان جنبه وعضده الى اصل إبطه كما ان جناحى العسكر ناحيتاه مستعار من جناحى الطائر وقد سميا جناحين لانه يجنحهما اى يمينها عند الطيران. والمعنى واضمم يدك الى جنبك تحت العضد تَخْرُجْ [تا بيرون آيد جواب] بَيْضاءَ [در حالتى كه سفيد وروشن] حال من الضمير فيه
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را إلخ(5/376)
لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
مِنْ غَيْرِ سُوءٍ حال من الضمير فى بيضاء اى كائنة من غير عيب وقبح كنى به عن البرص كما كنى بالسوءة عن العورة لما ان الطباع تعافه وتنفر عنه- روى- ان موسى عليه السلام كان أسمر اللون فاذا ادخل يده اليمنى تحت إبطه الأيسر وأخرجها كان عليها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر ويسد الأفق ثم إذا ردها الى جنبه صارت الى لونها الاول بلا نور ويريق آيَةً أُخْرى اى معجزة اخرى غير العصا وانتصابها على الحالية من الضمير فى بيضاء لِنُرِيَكَ اى فعلنا ما فعلنا من قلب العصا حية وجعل اليد بيضاء لنريك بهاتين الآيتين مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى اى بعض آياتنا الكبرى فكل من العصا واليد من الآيات الكبرى وهى تسع كما قال تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ وقد سبق بيانها ونظير الآية قوله تعالى فى حق نبينا عليه السلام لَقَدْ رَأى اى محمد ليلة المعراج مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى والفرق بين آيات موسى وآيات نبينا عليهما السلام ان آيات موسى عجائب الأرض فقط وآيات نبينا عجائب السموات والأرض كما لا يخفى هذا هو اللائح فى هذا المقام فاعرفه واعلم ان موسى عليه السلام ادخل يده فى جيبه فاخرجها بيضاء من غير سوء وهذا من كرامات اليد بعد التحقق بحقيقة الجود والكرم والسخاء والإيثار فالجود عطاؤك ابتداء قبل السؤال والكرم عطاؤك ما أنت محتاج اليه وبالعطاء صحت الخلة- روى- ان الله تعالى أرسل الى ابراهيم جبريل عليهما السلام على صورة شخص فقال له يا ابراهيم أراك تعطى الأوداء والأعداء فقال تعلمت الكرم من ربى رأيته لا يضيعهم فانا لا أضيعهم فاوحى الله اليه ان يا ابراهيم أنت خليلى حقا ومن كرامات اليد ما روى ان نبينا عليه السلام نبع الماء من بين أصابعه فى غزوة تبوك حتى شرب منه ورفعه خلق كثير ورمى التراب فى وجوه الأعداء فانهزموا وسبح الحصى فى يده: قال العطار قدس سره
داعى ذرات بود آن پاك ذات ... در كفش تسبيح از ان كفتى حصات
وقبض من شاء من الأولياء فى الهواء فيفتح يده عن فضة او ذهب الى أمثال هذا فاذا سمعت هذا عرفت ان كل كمال يظهر فى النوع الإنسان فهو اثر عمل من الأعمال او حال من الأحوال فبين كل شيئين اما مناسبة ظاهرة او باطنة إذا طلبها الحكيم المراقب وجدها نسأل الله تعالى ان يوفقنا لصرف الأعضاء والقوى الى ما خلقت هى لاجله ويفيض علينا فضله بسجله اذْهَبْ يا موسى بطريق الدعوة والتحذير إِلى فِرْعَوْنَ وملئه بهاتين الآيتين العصا واليد لقوله تعالى فى سورة القصص فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ واما قوله تعالى اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي فسيأتى معنى الجمع فيه ان شاء الله تعالى إِنَّهُ طَغى اى جاوز حد العبودية بدعوى الربوبية استقلالا لا اشتراكا كما قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وفيه اشارة الى معيين. أحدهما ان السالك الصادق إذا بلغ مرتبة كماله يقيضه الله لدلالة عباده وتربيتهم. والثاني ان كمال البالغين فى ان يرجعوا الى الخلق ومخالطتهم والصبر على اذاهم ليختبروا بذلك حلمهم وعفوهم فان قيل لم أرسله الله بالعصا قلنا لان العصا من آلات الرعاة وموسى عليه السلام كان راعيا فارسله الله مع آلته وابصا كان فرعون بمنزلة(5/377)
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)
الحمار فاحتاج الى العصا والضرب: وفى المثنوى
كر ترا عقلست كردم لطفها ... ور خرى آورده ام خر را عصا «1»
آنچنان زين آخرت بيرون كنم ... كز عصا كوش وسرت پر خون كنم
اندرين آخر خران ومردمان ... مى نيابند از جفاى تو أمان
يك عصا آورده ام بهر ادب ... هر خرى را كو نباشد مستحب
اژدهائى ميشود در قهر تو ... كاژدهائى كشته در فعل وخو
اژدهائى كوهئ تو بي أمان ... ليك بنكر اژدهاى آسمان
اين عصا از دوزخ آمد چاشنى ... كه هلا بگريز اندر روشنى
ور نه درمانى تو در دندان من ... مخلصت نبود ز در بندان من
اين عصائى بود اين دم اژدهاست ... تا نكوئى دوزخ يزدان كجاست
هر كجا خواهد خدا دوزخ كند ... اوج را بر مرغ دام وفخ كند
هم ز دندانت بر آيد دردها ... تا بگوئى دوزخست واژدها
يا كند آب دهانت را عسل ... كه بگوئى كه بهشتست وحلل
از بن دندان بروياند شكر ... تا بدانى قوت حكم قدر
پس بدندان بي كنهانرا مكز ... فكر كن از ضربت نامحترز
قالَ موسى مستعينا بالله لما علم انه حمل ثقيل وتكليف عظيم: يعنى [با خود انديشيد كه من تنها با فرعون ولشكر او چگونه مقاومت توانم كرد پس از خدا تقويت طلبيده آغاز ودعا كرد واز روى نياز كفت] رَبِّ [اى پروردگار من] اشْرَحْ لِي صَدْرِي [كشاده كردان براى من سينه مرا] والمراد بالصدر هنا القلب لا العضو الذي فيه القلب اى وسع قلبى حتى لا يضيق بسفاهة المعاندين ولجاجهم ولا يخاف من شوكتهم وكثرتهم واعلم ان شرح الصدر من نعم الله تعالى على الأنبياء وكمل الأولياء وقد أخذ منه نبينا عليه السلام الحظ الاوفى لانه حصل له بصورته ومعناه إذ شق صدره فى صباوته والقى عنه العلقة التي هى حظ الشيطان ومغمزه وغسل فى طست من الذهب وايضا فى البلوغ الى الأربعين لينشرح لتحمل أثقال الرسالة وفى المعراج ليتسع لاسرار الحق تعالى فجاء حاملا للاوصاف الجليلة التي لا توصف من الحلم والعفو والصبر والكف واللطف والدعاء والنصيحة الى غير ذلك وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي سهل على امر التبليغ باحداث الأسباب ورفع الموانع وَاحْلُلْ وافتح: وبالفارسية [وبگشاى] عُقْدَةً لكنة: وبالفارسية [كرهى را] مِنْ لِسانِي متعلق بالفعل وتنكير عقدة يدل على قلتها فى نفسها قالوا ما الإنسان لولا اللسان الا بهيمة مرسلة او صورة ممثلة والمرء باصغريه قلبه ولسانه يَفْقَهُوا قَوْلِي اى يفهم هو وقومه كلامى عند تبليغ الرسالة فانما يحسن التبليغ من البليغ وكان فى لسانه رتة: وبالفارسية [بستكى زبان] من جمرة أدخلها فاه وذلك ان فرعون حمله يوما فاخذ لحيته ونتفها لما كانت مرصعة بالجواهر فغضب وقال ان هذا عدوى
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان منازعت كردن أميران عرب يا رسول خدا عليه السلام كه ملك مقاسمه كن إلخ [.....](5/378)
وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)
المطلوب وامر بقتله فقالت آسية زوجته ايها الملك انه صبى لا يفرق بين الجمر والياقوت فاحضرا بين يدى موسى بان جعل الجمر فى طست والياقوت فى آخر فقصد الى أخذ الجوهر فامال جبرائيل يده الى الجمر فرفعه الى فيه فاحترق لسانه فكانت منه لكنة وعجمة والى هذه القصة أشار العطار قدس سره بقوله
همچوموسى اين زمان در طشت آتش مانده ايم ... طفل فرعونيم ما كام ودهان پر اخكرست
ولعل تبيض يده لما كانت آلة لاخذ الجمر واللحية والنتف فان قيل لم احترق لسان موسى ولم يحترق أصابعه حين قبض على الجمر عند امتحان فرعون قلنا ليكون معجزة بعد رجوعه الى فرعون بالدعوة لانه شاهد احتراقه عنده فيكون دليلا على اعجازه كأنه يقول الكليم أخرجني الله من عندك يا فرعون مغلولا ذا عقدة ثم ردنى إليك فصيحا متكلما وأورثني ذلك ابتلاء من ربى حال كونى صغيرا ان جعلنى كليما مع حضرته حال كونى كبيرا وأورث تناول يدى الى النار آية نيرة بيضاء كشعلة النار فى أعينكم فكل بلاء حسن قال فى الاسئلة المقحمة لما دعا رسى بهذا الدعاء هل انحلت اى كما يدل عليه قوله قال قد أوتيت سؤلك فلماذا قال وأخي هارون هو افصح منى لسانا وقال فرعون فيه ولا يكاد يبين الجواب يجوز ان يكون هارون هو افصح منه مع زوالها وقول فرعون تكلم به على وجه المعاندة والاستصغار كما كما يقول المعاند لخصمه لا تقول شيأ ولا تدرى ما تقول وقالوا لشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وقالوا لهود ما جئتنا ببينة ولنبينا عليه السلام قلوبنا فى اكنة انتهى والى هذا التأويل جنح المولى ابو السعود فى الإرشاد وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً الوزير حباء الملك اى جليسه وخاصتة الذي يحمل ثقله وبعينه برأيه كما فى القاموس فاشتقاقه من الوزير بالكسر الذي هو الثقل لانه يحمل الثقل عن أميره او من الوزر محركة وهو الملجأ والمعتصم لان الأمير يعتصم برأيه ويلجأ اليه فى أموره والمعنى واجعل لى موازرا يعاوننى فى تحمل أعباء ما كلفته مِنْ أَهْلِي من خواصى واقربائى فان الأهل خاصة الشيء ينسب اليه ومنه قوله تعالى إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي واهل الله خاصته كما فى الحديث (ان لله أهلين من الناس اهل القرآن وهم اهل الله) كما فى المقاصد الحسنة وهو صفة لوزير او صلة لا جعل هارُونَ مفعول أول لا جعل قدم عليه الثاني وهو وزيرا للعناية به لان مقصوده الأهم طلب الوزير أَخِي بدل من هارون اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي الأزر القوة والظهر اى احكم به قوتى او قوّ به ظهرى وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي واجعله شريكى فى امر الرسالة حتى نتعاون على أدائها كما ينبغى فان قيل كيف سأل لاخيه النبوة فانما هى باختيار الله تعالى كما قال (الله اعلم حيث يجعل رسالته) قلت ان فى اجابة الله دليلا على ان سؤاله كان بإذن الله وإلهاما منه ولما كان التعاون فى الدين درجة عظيمة طلب ان لا يحصل الا لاخيه وفيها اشارة الى ان صحبة الأخيار وموازرتهم مرغوب للانبياء فضلا عن غيرهم ولا ينبغى ان يكون المرء مستبدا برأيه مغرورا بقوته وشوكته وينبغى ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه ويجوز لنفسه الشريك فى امور المناصب ولا تقدح وزارة هارون فى نبوته وقد كان اكثر أنبياء بنى إسرائيل كذلك اى كان أحدهم موازرا ومعينا للآخر فى تبليغ الرسالة وكان هارون بمصر(5/379)
كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)
حين بعث موسى نبيا بالشام كَيْ غاية للادعية الثلاثة الاخيرة: والمعنى بالفارسية [تا] نُسَبِّحَكَ تسبيحا كَثِيراً اى ننزهك عما لا يليق بك من الافعال والصفات التي من جملتها ما يدعيه فرعون وَنَذْكُرَكَ ذكرا كَثِيراً اى على كل حال ونصفك بما يليق بك من صفات الكمال ونعوت الجمال والجلال فان التعاون يهيج الرعبات ويؤدى الى تكاثر الخير وتزايره قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان للجليس الصالح والصديق الصديق أثرا عظيما فى المعاونة على كثرة الطاعة والموافقة والموافقة فى اقتحام عقبات السلوك وقطع مفاوزه: قال الحافظ
دريغ ودرد كه تا اين زمان ندانستم ... كه كيمياى سعادت رفيق بود رفيق
إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً الباء متعلقة ببصيرا قدمت عليه لرعاية الفواصل اى عالما بأحوالنا وان التعاون يصلحنا وان هارون نعم الوزير والمعين لى فيما أمرتني به فانه اكبر منى سنا وافصح لسانا وكان اكبر من موسى بأربع سنين او بسنة على اختلاف الروايات قالَ الله تعالى قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى مسئولك ومطلوبك فعل بمعنى مفعول كالخبز بمعنى المخبوز والإيتاء عبارة عن تعلق إرادته تعالى بوقوع تلك المطالب وحصولها له قال داود القيصري قدس سره ومن جملة كمالات الاقطاب ومنن الله عليهم ان لا يبتليهم بصحبة الجهلاء بل يرزقهم صحبة العلماء الأدباء الأمناء يحملون عنهم اثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم انتهى وذلك كما كان آصف بن برخيا وزيرا لسليمان عليه السلام الذي كانت قطب وقته ومتصرفا وخليفة على العالم فظهر عنه ما ظهر من إتيان عرش بلقيس كما حكاه الله تعالى فى القرآن وكان انو شروان يقول لا يستغنى أجود السيوف عن الصيقل ولا أكرم الدواب عن السوط: ولا اعلم الملوك عن الوزير وفى الحديث (إذا أراد الله بملك خيرا قيض له وزيرا صالحا ان نسى ذكره وان نوى خيرا أعانه وان نوى شرا كفه) وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزراء كما قال (ان لى وزيرين فى الأرض أبا بكر وعمر ووزيرين فى السماء جبريل واسرافيل) فكان من فى السماء بمده عليه السلام من جهة الروحانية ومن فى الأرض من جهة الجسمانية قال الله تعالى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ فنصر الله سماوى ونصر المؤمنين ارضى وبالكل يحصل الامداد مطلقا وفى الحديث (إذا تحيرتم فى الأمور فاستعينوا من اهل القبور) ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى شرح الأربعين حديثا والمراد من اهل القبور الروحانيون سواء كانوا فى الأجساد الكثيفة او اللطيفة فافهم ثم ان العادل يرث من النبي عليه السلام هذه الوزارة واما الظالم فيجعل له وزير سوء وهو علامة غضب الله وانتقامه: قال الشيخ سعدى قدس سره
بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى
چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى
: وقال الحافظ
زمانه كرنه سر قلب داشتى كارش ... بدست آصف صاحب عيار بايستى(5/380)
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)
ولما كان السلطان ظل الله فى الأرض ظهر مظهر الحقيقة الجامعة الالهية وهو القطب الذي هو مدار العالم فكما ان للقطب وزراء من العلماء الأمناء كذلك لمن هو ظله وزراء من العادلين الأدباء وهذه الوزارة ممتدة الى زمن المهدى ووزراؤه سبعة هم اصحاب الكهف يحبيهم الله فى آخر الزمان يختم بهم رتبة الوزراء المهدية ومنهم الوزراء السبعة للملوك العثمانية وهم الذين يسمعون بوزراء القبلة واعلم ان موسى بطريق الاشارة سلطاننا فى الآفاق وروحنا فى الأنفس وهارون هو الوزير أيا من كان فى الآفاق والعقل فى الأنفس وفرعون هو رئيس اهل الحرب من النصارى وغيرهم والنفوس الامارة بالسوء فاذا قارن الروح بالعقل الكامل المشير المدبر وهو عقل المعاند يغلب على النفس وقواها ويخلص حصن القلب من أيديها كما ان السلطان إذا اصطفى لوزارته رجلا صالحا عادلا يغلب ان شاء الله تعالى على الأعداء ويتصرف فى بلادهم وحصونهم: وفى المثنوى
عقل تو دستور مغلوب هواست ... در وجودت رهزن راه خداست
واى آن شه كه وزيرش اين بود ... جاى هر دو دوزخ پر كين بود
شاد آن شاهى كه او را دستكير ... باشد اندر كار چون آصف وزير
شاه عادل چون قرين او شود ... نام او نور على نور اين بود
چون سليمان شاه و چون آصف وزير ... نور بر نورست وعنبر بر عبير
شاه فرعون و چوهامانش وزير ... هر دو را نبود ز بد بختي كريز «1»
پس بود ظلمات بعضى فوق بعض ... نى خرد يار ونه دولت روز عرض
عقل جزؤى را وزير خود مكير ... عقل كل را ساز اى سلطان وزير
مر هوا را تو وزير خود مساز ... كه بر آرد جان پاكت از نماز
كين هوا پر حرص وحالى بين بود ... عقل را انديشه يوم الدين بود
وفى الحديث (من قلد إنسانا عملا وفى رعيته من هو اولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين) : قال الشيخ سعدى قدس سره
كسى را كه با خواجه تست جنك ... بدستش چرا مى دهى چوب وسنك
سك آخر كه باشد كه خوانش نهند ... بفرماى نا استخوانش نهند
مكافات موذى بمالش مكن ... كه بيخش بر آورد بايد زبن
سر كرك بايد هم أول بريد ... نه چون كوسفندان مردم دريد
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ من قولهم من عليه منا بمعنى أنعم عليه لا من قولهم عليه منة بمعنى امتن عليه لان المنة تهدم الصنيعة وفى الكبير فان قيل ذكر تلك النعم بلفظ المنة مؤذ والمقام مقام التلطف قلنا عرفه انه لم يستحق شيأ منها بذاته وانما خصه بها بمحض التفضل والمعنى وبالله لقد أنعمنا عليك يا موسى أكرمناك بكرامات من غيران تسألنا مَرَّةً أُخْرى فى وقت ذى مر وذهاب اى وقتا غير هذا الوقت فان اخرى تأنيث اخر بمعنى غير والمرة فى الأصل اسم للمر الواحد الذي هو مصدر قولك مريمر مرا ومرورا اى ذهب ثم اطلق
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان ما نستن بدر آبى ابن وزير دون در إفساد مروت شاه بوزير فرعون يعنى هامان(5/381)
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
على فعلة واحدة من الفعلات متعدية كانت او لازمة ثم شاع فى كل فرد واحد من افراد ماله افراد متحدة فصار علما فى ذلك حتى جعل معيارا لما فى معناه من سائر الأشياء فقيل هذا بناء المرة ويقرب منها الكرة والتارة والدفعة والمراد به هاهنا الوقت الممتد الذي وقع فيه ما سيأتى ذكره من المنن العظيمة الكثيرة إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ظرف لمننا والمراد من هذا الوحى ليس الوحى الواصل الى الأنبياء لان أم موسى ما كانت من الأنبياء فان المرأة لا تصلح للامارة والقضاء فكيف تصلح للنبوة بل الإلهام كما فى قوله تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ بان أوقع الله فى قلبها عزيمة جازمة على ما فعلته من اتخاذ التابوت والقذف قال فى الاسئلة المقحمة كيف يجوز لها ان تلقى ولدها فى البحر وتخاطر بروحه بمجرد الإلهام والجواب كانت مضطرة الى ركوب أحد الخطرين فاختارت له خير الشرين انتهى والظاهر ان الله تعالى قدر انها تكون صدف درة وجود موسى فكما ان الصدف يتنور بنور الدرة نور صدر امه ايضا بنور الوحى من تلألؤ أنوار نبوته ورسالته فهذا الإلهام من احوال الخواص من اهل الحال ما يُوحى المراد به ما سيأتى من الأمر بقذفه فى التابوت والبحر أبهم اولا تهويلا له وتفخيما لشأنه عليه السلام ثم فسر ليكون أقر عند النفس أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ ان مفسرة بمعنى اى لان الوحى من باب القول اى قلنا لها اقذفيه ومعنى القذف هاهنا الوضع وفى قوله فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ الإلقاء وليس المراد القذف بلا تابوت واليم نيل مصر فى قول جميع المفسرين فان اليم يقع على البحر والنهر العظيم فان قيل ما الحكمة بإلقاء موسى فى اليم دون غيره فيه قلنا له جوابان بلسان الحكمة والمعرفة قيل بلسان الحكمة ان المنجمين حتى إذا القى شىء فى الماء يخفى عليهم امره فاراد الله ان يخفى حال موسى على المنجمين حتى لا يخبروا به فرعون وقيل بلسان الحال ألقيه فى التلف لا نجيه بالتلف من التلف قيل لها بلسان الحال سلميه الىّ صبيا أسلمه إليك نبيا وقيل أنجاه من البحر فى الابتداء كذلك أنجاه من البحر فى الانتهاء بإغراق فرعون بالماء وقال بعض ارباب المعارف التابوت اشارة الى ناسوت موسى عليه السلام اى صورته الانسانية واليم اشارة الى ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم العنصري فلما حصلت النفس فى هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل الله لها هذا القوى آلات يتوصل بها الى ما اراده الله منها فى تدبير هذا التابوت فرمى فى اليم ليحصل له بهذا القوى من فنون العلم تكميل استعداده بذلك الأمر من النفس الكلية التي هى امه المعنوية وأبوه الروح الكلى فكل ولد منها يأخذ استعداده بحسب القابلية فكمل لموسى الاستعداد الأصلي بذلك الإلقاء من توجه النفس الكلية له: وقال المولى الجامى قدس سره
ديدم رخت آفتاب عالم اينست ... در طور وجود نور أعظم اينست
افتاد دلم أسير تابوت بدن ... در بحر غمت القى فى اليم اينست
فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ لما كان إلقاء البحر إياه بالساحل امرا واجب الوقوع لتعلق الارادة الربانية به جعل البحر كأنه ذو تمييز مطيع امر بذلك واخرج الجواب مخرج الأمر فصورته امر ومعناه خبر والضمائر كلها لموسى والمقذوف فى البحر والملقى بالساحل وان كان التابوت(5/382)
إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)
أصالة لكن لما كان المقصود بالذات ما فيه جعل التابوت تبعا له فى ذلك. والساحل فاعل بمعنى مفعول من السحل لانه يسحل الماء اى يقشره ويسلخه وينزع عنه ما هو بمنزلة القشر على ظاهره يقال قشرت العود نزعت عنه قشره يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ بالجزم جواب للامر بالإلقاء وتكرير عدو للمبالغة اى دعيه حتى يأخذه العدو فانى قادر على تربية الولي فى حجر العدو ووقايته من شره بإلقاء محبة منه عليه فان قيل كيف يجوز ان يكون مثل فرعون له رتبة معاداته تعالى حتى سمى عدو الله قلنا معناه يأخذه مخالف لامرى كالعدو كذا فى الاسئلة المقحمة قالوا ليس المراد بالساحل نفس الشاطىّ بل ما يقابل الوسط وهو مايلى الساحل من البحر بحيث يجرى ماؤه الى نهر فرعون لما روى انها جعلت فى التابوت قطنا ووضعته فيه ثم أحكمته بالقير وهو الزفت لئلا يدخل فيه الماء وألقته فى اليم وكان يدخل منه الى بستان فرعون نهر فدفعه الماء اليه فاتى به الى بركة فى البستان وكان فرعون جالسا ثمة مع آسية بنت مزاحم فامر به فاخرج ففتح فاذا هو صبى أصبح الناس وجها ولما وجده فى اليم عنده الشجر سماه موسى و «مو» هو الماء بالقبطية و «سا» هو الشجر وأحبه حبا شديدا لا يكاد يتمالك الصبر عنه وذلك قوله تعالى وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً عظيمة كائنة مِنِّي قد زرعتها فى القلوب بحيث لا يكاد يصبر عنك من رآك ولذا أحبك عدو الله وآله- روى- انه كان على وجهه مسحة جمال وفى عينيه ملاحة لا يكاد يصبر عنه من راه
ماه زيباست ولى روى تو زيباتر ازوست ... چشم نركس چهـ كنم چشم تو رعناتر ازوست
وفى التأويلات النجمية وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً من محبتى ليحبك بمحبتى من أحبني بالتحقيق ويحبك عدوى وعدوك بالتقليد كما ان آسية أحبته بحب الله على التحقيق وفرعون أحبه لما الفى الله عليه محبة بالتقليد ولما كانت محبة فرعون بالتقليد فسدت وبطلت بأدنى حركة رآها من موسى ولما كانت محبة آسية بالتحقيق ثبتت عليها ولم تتغير وهكذا يكون ارادة اهل التقليد تفسد بأدنى حركة لا تكون على وفق طبع المريد المقلد ولا تفسد ارادة المريد المحقق بأكبر حركة تخالف طبعه وهواه وهو مستسلم فى جميع الأحوال
نشان اهل خدا عاشقى وتسليمست ... كه در مريد شهر اين نشان نمى بينم
وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي عطف على علة مضمرة لا لقيت اى ليتعطف عليك ولتربى بالنحو والشفقة ويحسن إليك وانا راقبك ومراعيك وحافظك كما يراعى الرجل الشيء بعينه إذا اعتنى به من قولهم صنع اليه معروفا إذا احسن اليه. وعينى حال من الضمير المستتر فى لتصنع لا صلة له جعل العين مجازا عن الرعاية والحراسة بطريق اطلاق اسم السبب على المسبب فان الناظر الى الشيء يحرسه مما لا يريد فى حقه ويراعيه حسبما يريد فيه. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من أدركته العناية الازلية يكون فى جميع حالاته منظور نظر العناية لا يجرى عليه امر من امور الدنيا والآخرة الا وقد يكون له فيه صلاح وتربية الى ان يبلغه درجة ومقاما قد قدر له إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ مريم ظرفّ لتصنع على ان المراد به وقت وقع فيه مشيها الى بيت فرعون وما ترتب عليه من القول والرجع الى أمها وتربيتها له بالبر والحنو وهو المصداق لقوله (ولتصنع على(5/383)
عينى) إذ لا شفقة أعظم من شفقة الام قال ابن الشيخ تقييد التربية بزمان مشى أخته صحيح لان التربية انما وقعت زمان المشي ورده الى امه فَتَقُولُ اى لفرعون وآسية حين رأتهما يطلبان له عرضعة يقبل ثديها وكان لا يقبل تديا وصيغة المضارع فى الفعلين لحكاية الحال الماضية اى قالت هَلْ أَدُلُّكُمْ [آيا دلالت كنم شما را] اى حاضران عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ [بر كسى كه تكفل اين طفل كند واو را شير دهد] اى يضمه الى نفسه ويربيه وذلك انما يكون بقبول ثديها- يروى- انه فشا الخبر بمصر ان آل فرعون أخذوا غلاما من النيل لا يرضع ثدى امرأة واضطروا الى تتبع النساء فخرجت مريم لتعرف خبره فجاءتهم منكرة فقالت ما قالت وقالوا من هى قالت أمي قالوا ألها لبن قالت نعم لبن أخي هارون فجاءت بها فقبل ثديها فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ الفاء فصيحة معربة عن محذوف قلبها يعطف
عليه ما بعدها اى فقالوا دلينا عليها فجاءت بامك فرجعناك إليها اى رددناك: وبالفارسية [پس باز كردانيديم ترا بسوى مادر تو وبوعده وفا كرديم] وهو قوله إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وذلك لان إلهامها كان من الهام الخواص الذي بمنزلة الوحى فلا تستبعد عليها هذه المكالمة المعنوية ويجوز ان يكون ذلك من قبيل الاعلام بالمبشرة كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها [تا شايد كه روشن شود چشم مادر بلقاء تو] وقال بعضهم تطيب نفسها بلقائك يقال قرت عينه إذا بردت نقيض سخنت هذا أصله ثم استعير للسرور وهو المراد هاهنا كما فى بحر العلوم وَلا تَحْزَنَ على فقدك: وبالفارسية [واندوهناك نكردد بفراق تو] قال فى الكبير فان قيل وَلا تَحْزَنَ فضل لان السرور يزيل الغم لا محالة قلنا تقر عينها بوصولك إليها ولا تحزن بوصول لبن غيرها الى باطنك انتهى وفى الإرشاد اى لا يطرأ عليها الحزن بفراقك بعد ذلك وإلا فزوال الحزن مقدم على السرور المعبر عنه بقرة العين فان التخلية متقدمة على التحلبة انتهى يقول الفقير الواو لمطلق الجمع وايضا ان الثاني لتأكيد الاول فلا يرد ما قالوا وَقَتَلْتَ نَفْساً هى نفس القبطي الذي استغاثه الاسرائيلى عليه كما يأتى فى سورة القصص فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ اى غم قتله خوفا من عقاب الله بالمغفرة ومن اقتصاص فرعون بالانجاء منه بالمهاجرة الى مدين وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً الفتنة والفتون المحنة وكل ماشق على الإنسان وكل ما يبتلى الله به عباده فتنة ولا يطلق الفتان على الله لانه صفة ذم عرفا واسماء الله توقيفية فان قيل كيف يجوز ذكر الفتن عند ذكر النعم قلنا الفتنة تشديد المحنة ولما أوجب تشديد المحنة كثرة الثواب عده الله فى النعم ألا ترى الى قوله عليه السلام (ما او ذى نبى مثل ما او ذيت) وقد فسره البعض بقوله ما صفى نبى مثل ما صفيت والمعنى ابتليناك ابتلاء وقال بعضهم طحناك بالبلاء طحنا: وبالفارسية [وبيازموديم ترا آزمودنى يعنى ترا در بوته بلاها افكنديم وخالص بيرون آمدى] ومن ابتلائه قتله القبطىّ ومهاجرته من الوطن ومفارقة الأحباب والمشي راجلا وفقد الزاد ونحو ذلك مما وقع قبل وصوله الى مدين بقضية الفاء الآتية وفى التأويلات النجمية منها فتنة صحبتك مع فرعون وتربيتك مع قومه فحفظناك من التدين يدينهم ومنها فتنة قتل نفس بغير الحق وفرارك من فرعون بسبب قتل القبطي فنجوت منها(5/384)
ومنها ابتليناك بابنتي شعيب واحتياجهما إليك فى سقى غنمهما فلولا حفظناك لملت إليهما ميل البشر للنساء ومنها ابتليناك بخدمة شعيب وصحبته واستجاره فوفقناك للخروج من عهدة حقوقه وعهوده قال بعض الكبار اختبره فى مواطن كثيرة ليتحقق فى نفسه صبره على ما ابتلاه به فاول ما ابتلاه الله به قتل القبطي بما ألهمه الله فى سره وان يعلم بذلك الإلهام ولكن كان فيه علامة ذلك وهو ان لم يجد فى نفسه مبالاة بقتله فعدم مبالاته بقتله مع عدم انتظاره الوحى علامة كونه ملهما به فى السر والا ينبغى ان يعتريه وحشة عظيمة من ذلك الفعل وانما قلنا انه عليه السلام كان ملهما فى قتل القبطي لان باطن النبي معصوم من ان يميل الى امر ولم يكن مأمورا به من عند ربه وان كان فى السر ولكون النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى يخبر بان ذلك الأمر مأمور به فى السر أراه الخضر حين قصد تنبيهه على ما ذهل عنه من كونه ملهما بقتل القبطي قتل الغلام فانكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر ما فعلته عن امرى ينبهه على مرتبته قبل ان ينبأ انه كان معصوم الحركة فى قتله فى نفس الأمر وان لم يشعر بذلك وأراه ايضا حرق السفينة الذي ظاهره هلك وباطنه نجاة من يد الغاصب جعل له ذلك فى مقابلة التابوت الذي كان فى اليم مطبقا عليه فان ظاهره هلاك وباطنه نجاة وانما فعلت به امه ذلك خوفا من يد الغاصب فرعون ان يذبحه مع الوحى الذي ألهمها الله من حيث لا تشعر فوجدت فى نفسها انها ترضعه فاذا خافت عليه ألقته فى اليم وغلب على ظنها ان الله ربما رده إليها لحسن ظنها به وقالت حين ألهمت ذلك لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون والقبط على يده فعاشت وسرت بهذا التوهم والظن بالنظر إليها إذ
لم يكن عندها دليل يفيد العلم بذلك وهذا التوهم والظن علم باعتبار ان متعلقه حق مطابق للواقع متحقق فى نفس الأمر فَلَبِثْتَ سِنِينَ عشر سنين فِي أَهْلِ مَدْيَنَ اى عند شعيب لرعى الأغنام لان شعيبا انكحه بنته صفوراء على ان يخدمه ثمانى سنين فخدمه عشرا قضاء لاكثر الأجلين كما يأتى فى سورة القصص ومدين على ثمانى مراحل من مصر وذكر اللبث دون الوصول إليهم اشارة الى مقاساة شدائد اخرى فى تلك السنين كايجار نفسه ونحوه مما كان من قبيل الفتون. وفى التأويلات النجمية فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ لتستحق بتربية شعيب وملازمته النبوة والرسالة: قال الحافظ
شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد ... كه چند سال بجان خدمت شعيب كند
يقول الفقير انظر كيف ان الله تعالى جعل فى الأمر المكروه امرا محبوبا فان قتل القبطي ساق موسى الى خدمته شعيبا الى ان استعد للنبوة وقس على هذا ما عداه وإذا كانت النبوة مما يقدم لها الخدمة مع كونها اختصاصا الهيا فما ظنك بالولاية ثُمَّ جِئْتَ اى الوادي المقدس بعد ضلال الطريق وتفرق الغنم فى الليلة المظلمة ونحوها عَلى قَدَرٍ تقدير قدرته لان أكلمك واستنبئك غير مستقدم وقته المعين ولا مستأخر او على مقدار من السن يوحى فيه الى الأنبياء وهو رأس أربعين سنة وفى الحديث (ما بعث الله نبيا الا على رأس أربعين سنة) كما فى بحر العلوم وأورده البعض فى الموضوعات لان عيسى عليه السلام نبئ ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين ونبئ يوسف عليه السلام فى البئر وهو ابن ثمانى عشرة وكذا يحيى عليه السلام اوتى(5/385)
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
الحكم وهو صبى فاشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشئ كما فى المقاصد الحسنة يا مُوسى كرره تشريفا له عليه السلام وتنبيها على انتهاء الحكاية التي هى تفصيل المرة الاخرى التي وقعت قبل المرة المحكية وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي تذكير لقوله وانا اخترتك اى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامي فهو تمثيل لما أعطاه تعالى من الكرامة العظمى بتقريب الملك بعض خواصه واصطناعه لنفسه وترشيحه لبعض أموره الجليلة وقال الكاشفى [وترا بركزيديم وخالص ساختيم براى محبت خود يعنى ترا دوست كرفتيم] وفى حواشى ابن شيخ اى اخترتك لتحبنى وتتصرف على إرادتي ومحبتى وتشتغل بما امرتك من اقامة حجتى وتبليغ رسالتى وان تكون فى حركاتك وسكناتك لوجهى لا لنفسك ولا لغيرك. والاصطناع افتعال من الصنع بالضم وهو مصدر قولك صنع اليه معروفا واصطناع فلان اتخاذه صنيعا محسنا اليه بتقريبه وتخصيصه بالتكريم والإجلال عن القفال قال اصطنعتك أصله من قولهم اصطنع فلان فلانا إذا احسن اليه حتى يضاف اليه فيقال هذا صنيع فلان كما يقال هذا جريح فلان وفى القاموس واصطنعتك لنفسى اخترتك لخاصة امر أستكفيكه انتهى وحقيقته جعله عليه السلام مرآة قابلة لانوار صفات الجمال والجلال وفيه اشارة الى ان الخواص انما خلقوا لاجل هذا المعنى الخاص واما غيرهم فبعضهم للدنيا وبعضهم للآخرة فالخواص هم عباد الله حقا وقد تخلصوا من شوب الميل الى الباطل وهو ما سوى الله تعالى: قال لبيد
ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) فالصبر تجرع المرارات عند نزول المصيبات والرضى سرور القلب بمر القضايا فالعبد الذي أراد الله اصطفاءه يجعله فى بوتقة البلاء اولا فيخلص جوهره مما سواه فطريق هذا المنزل صعب جدا: قال المولى الجامى
مكوكه قطع بيابان عشق آسانست ... كه كوههاى بلا ريك آن بيابانست
اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين الراضين الواصلين اذْهَبْ أَنْتَ يا موسى والذهاب المضي يقال ذهب بالشيء وأذهبه ويستعمل ذلك فى الأعيان والمعاني قال تعالى إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي وقال فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَأَخُوكَ اى وليذهب أخوك هارون حسبما استدعيت عطف عليه لانه كان غائبا عن موسى وقتئذ. والاخوة المشاركة فى الولادة من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار الأخ لكل مشارك لغيره فى القبلة او فى الدين او فى صنعة او فى معاملة او فى مودة او فى غير ذلك من المناسبات بِآياتِي بمعجزاتى والباء للمصاحبة لا للتعدية إذ المراد ذهابهما الى فرعون ملتبسين بالآيات متمسكين بها فى اجراء احكام الرسالة وإكمال امر الدعوة لا مجرد اذهابهما وايصالهما اليه قال ابن عباس رضى الله عنهما يريد الآيات التسع التي أنزلت عليه وان كان وقوع بعضها بالفعل مترقبا بعد. ويحتمل ان يكون الجمع للتعظيم والمراد العصا واليد. او لما ان اقل الجمع عند الخليل اثنان يعنى ان اطلاق الآيات على الآيتين وارد على الأدنى وَلا تَنِيا لا تفترا: وبالفارسية [وسستى ميكنيد] من ونى ينى ونيا فهو وان مثل وعد يعد وعدا فهو واعد بمعنى فتر يفتر فتورا فِي ذِكْرِي اى فى مداومته(5/386)
على كل حال لسانا وجنانا فانه آلة لتحصيل كل المقاصد فان امرا من الأمور لا يتمشى لاحد الا بذكرى فالفتور فى الأمور بسبب الفتور فى ذكر الله وهو تذكير لقوله (كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا) قال بعضهم الحكمة فى هذا التكليف ان من ذكر جلال الله تعالى وعظمته استخف غيره فلا يخاف أحدا غيره فيتقوى روحه بذلك الذكر فلا يضعف فى مقصود قال مرجع طريقتنا الجلوتية بالجيم حضرة الهدايى قدس سره التوحيد قبل الوعظ باعث لاصغاء السامعين وموجب للتأثير بعون الله الملك القدير وفى العرائس لا تغيبا عن مشاهدتى باشتغالكما بامرى حتى تكونا فاترين بي عنى وفى الإرشاد فى ذكرى اى بما يليق بي من الصفات الجليلة والافعال الجميلة عند تبليغ رسالتى والدعاء الىّ انتهى يقول الفقير اهل الشهود ليسوا بغائبين عن المشهود ففى الآية اشارة الى ادامة الأوراد وتنبيه للطالبين فى الجد والاجتهاد ونعم ما قيل
يا خاطب الحوراء فى حسنها ... شمر فتقوى الله فى مهرها
وكن مجدا لا تكن وانيا ... وجاهد النفس على صبرها
قال الخجندي
بكوش تا بكف آرى كليد كنج وجود ... كه بي طلب نتوان يافت كوهر مقصود
وقال المولى الجامى
بي طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جز راه بيابان برده را
وقال الحافظ
مقام عيش ميسر نميشود بي رنج ... بلى بحكم بلا بسته اند حكم ألست
- روى- انه تعالى لما نادى موسى بالواد المقدس وأرسله الى فرعون وأعطاه سؤله انطلق من ذلك الموضع الى فرعون وشيعته الملائكة يصافحون وخلف اهله فى الموضع الذي تركهم فيه [در تيسير آورده كه كسان موسى شب انتظار بردند ونيامد وروز نيز از وى خبرى نيافتند در ان صحرا متحير بماندند] فلم يزالوا مقيمين فيه حتى مربهم راع من اهل مدين فعرفهم فحملهم الى شعيب فمكثوا عنده حتى بلغهم خبر موسى بعد ما جاوز ببني إسرائيل البحر وغرق فرعون قومه وبعث بهم شعيب الى موسى بمصر ففيه اشارة الى ان المؤمن إذا عرض له الأمر ان امر الدنيا وامر الآخرة يختار امر الآخرة فانه امر الله تعالى ألا ترى ان موسى عليه السلام لم ينظر وراءه حين امر بالذهاب الى فرعون ولم يلتفت الى الأهل والعيال بل ولم يخطر بباله سوى الحكيم الفعال إذ يكفيه ان الله خليفته فى كل امر من أموره وقت غيبته وحضوره ومثله ابراهيم عليه السلام حين ترك إسماعيل وامه هاجر بأرض مكة وهى يومئذ ارض فقر ولا ماء بها ولا نبات امتثالا لامر الله تعالى من غير اعتراض وانقباض وهكذا تكون المسارعة فى هذا الباب وسمعت من شيخى وسندى قدس سره انه نام نومة الضحى يوما فى مدينة فلبه من البلاد الرومية فامر بالهجرة الى مدينة قسطنطينية فلما استيقظ توضأ وصلى فلم يلبث لحظة حتى خرج راجلا وترك الأهل والعيال فى تلك المدينة حتى كان ما كان على ما استوفيناه فى كتابنا الموسوم بتمام الفيض: قال الحافظ(5/387)
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
خرم آن روز كه زين مرحله بر بندم رخت ... وز سر كوى تو پرسند رفيقان خبرم
اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ هذا الخطاب اما بطريق التغليب او بعد ملاقاة أحدهما الآخر وتكرير الأمر بالذهاب لترتيب ما بعده عليه. وفرعون اسم أعجمي لقب الوليد بن مصعب صاحب موسى وقد اعتبر غوايته فقيل تفرعن فلان إذا تعاطى فعل فرعون وتخلق بخلقه كما يقال ابلس وتبلس ومنه قيل للطغاة الفراعنة والابالسة إِنَّهُ طَغى الطغيان مجاوزة الحد فى العصيان اى تجاوز حد العبودية بدعوى الربوبية قال فى العرائس امر الله موسى وهارون عليهما السلام بالذهاب الى فرعون لقطع حجته واظهار كذبه فى دعواه وهذا تهديد لكل مدع لا يكون معه بينة من الله فى دعواه والحكمة فى إرسال الأنبياء الى الأعداء ليعرفوا عجزهم عن هداية الخلق الى الله ومن يعجز عن هداية غيره فايضا يعجز عن هداية نفسه كالطبيب العاجز عن معالجة الغير فانه عاجز عن معالجة نفسه ايضا وليعلموا ان الاختصاص لا يكون بالأسباب ويشكروا الله بما أنعم عليهم بلطفه وربما يصطادون من بين الكفرة من يكون له استعداد بنظر الغيب مثل حبيب النجار والرجل من آل فرعون وامرأة فرعون والسحرة قال ابن عطاء الاشارة الى فرعون وهو المبعوث بالحقيقة الى السحرة فان الله يرسل أنبياءه الى أعدائه ولم يكن لاعدائه عنده من الخطر ما يرسل إليهم أنبياءه بسننه ولكن يبعث الأنبياء إليهم ليخرج أولياءه المؤمنين من أعدائه الكفرة
حافظ از بهر تو آمد سوى إقليم وجود ... قدمى نه بوداعش كه روان خواهد شد
وفى التأويلات النجمية اعلم ان فائدة إتيانهما ورسالتهما الى فرعون وتبليغ الرسالة كانت عائدة الى موسى وهارون لنفسهما لا الى فرعون فى علم الله تعالى فالحكمة فى إرسالهما ان يكونا رسولين من ربهما مبلغين منذرين لتحقق رسالتهما وينكرها فرعون ويكفر بهما ليتحقق كفره كما قال لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً اى كلماه باللين والرفق من غير خشونة ولا تعنيف ويسرا ولا تعسرا فانه ما دخل الرفق فى شىء الا وقد زانه وما دخل الخرق فى شىء الا وقد شانه وكان فى موسى حدة وصلابة وخشونة بحيث إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا فعالج حدته وخشونته باللين ليكون حليما وهو معنى قول من قال طبع الحبيب كان على اللين والرحمة فلذا امر بالغلظة كما قال تعالى وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ تحققا بكمال الجلال وطبع الكليم على الشدة والحدة والصلابة فلذا امر بالقول اللين تحققا بكمال الجمال وقد قال عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) فالخطاب خطاب الأمر بالتخلق جمالا وجلالا فكل واحد منهما أوفق بمقامه وايضا ان فرعون كان من الملوك الجبابرة ومن عادتهم ان يزدادوا عتوا إذا خوشنوا فى الوعظ فاللين عندهم انفع واسلم كما ان الغلظة على العامة أوفق حكمة وأشد دعوة فلو كان فى قول موسى خشونة لم يحتمل طبع فرعون بل هاج غضبه فلعله يقصد موسى بضرب او قتل فائدة اللين عائدة الى موسى وفى الاسئلة المقحمة انما أمرهما بذلك لانه كان ابتداء حال الدعوة وفى ابتداء الحال يجب التمكين والامهال لينظر المدعو فيما يدعى اليه كما قال لنبينا عليه السلام وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قيل امهلهم لينظروا(5/388)
ويستدلوا فبعد ان ظهر منهم التمرد والعناد فحينئذ يتوجه العنف والتشديد ويختلف ذلك باختلاف الأحوال انتهى فكل من اللين والخشونة يمدح به طورا ويذم به طورا بحسب اختلاف الواقع وعليه يحمل نحو قوله عليه السلام (لا تكن مرا فتعقى ولا حلوا فتسترط) يقال اعقيت الشيء إذا أذلته من فيك لمرارته واستراطه ابتلاعه ومن أمثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وذلك لان خير الأمور أوسطها ورعاية مقتضى الحال قاعدة الحكيم: قال الشيخ سعدى قدس سره
چونرمى كنى خصم كردد دلير ... وكر خشم كيرى شوند از تو سير
درشتى ونرمى بهم در بهست ... چورك زن كه جراح ومرهم نهست
وقيل امر الله موسى باللين مع الكافر مراعاة لحق التربية لانه كان رباه فنبه به على نهاية تعظيم حق الأبوين وفى الاحياء سئل الحسن عن الولد كيف يحتسب على والده فقال يعظه ما لم يغضب فاذا غضب سكت فعلم منه انه ليس للولد الحسبة على الوالد بالتعنيف والضرب وليس كذلك التلميذ مع الأستاذ إذ لا حرمة لعالم غير عامل وقيل امر موسى باللين ليكون حجة على فرعون لئلا يقول اغلظ على القول فى دعوته وقرأ رجل عند يحيى بن معاذ رحمه الله هذه الآية فبكى وقال الهى هذا رفقك بمن يقول انا الا له فكيف بمن يقول أنت الا له لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ [شايد او پند كيرد] أَوْ يَخْشى [يا بترسد از عذاب خداى] كما قال فى الإرشاد لعله يتذكر بما بلغتماه من ذكرى ويرغب فيما رغبتماه فيه او يخشى عقابى وكلمة او لمنع الخلو انتهى وقال بعضهم الرجاء والطمع راجعان الى مال موسى وهارون والتذكر للمتحقق والخشية للمتوهم والخشية خوف يشوبه تعظيم واكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه ولذلك خص العلماء بها فى قوله إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ اى قولا له ذلك راجيين ان يترك الإصرار على انكار الحق وتكذيبه اما بان يتذكر ويتعظ ويقبل الحق قلبا وقالبا او بان يتوهم انه حق فيخشى بذلك من ان يصر على الإنكار ويبقى مترددا ومتوقفا بين الامرين وذلك خير بالنسبة الى الإنكار والإصرار عليه لانه من اسباب القول ولقد تذكر فرعون وخشى حين لم ينفعاه وذلك حين ألجمه الغرق قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ- روى- ان موسى وعده على قبول الايمان شبابا لا يهرم وملكا لا ينزع منه الا بالموت ويبقى عليه لذة المطعم والمشرب والمنكح الى حين موته فاذا مات دخل الجنة فاعجبه ذلك وكان هامان غائبا وهو لا يقطع امرا بدونه فلما قدم أخبره بما قال له موسى وقال أردت ان اقبل منه يا هامان فقال له هامان كنت ارى ان لك عقلا ورأيا أنت الآن رب تريد ان تكون مربوبا فابى عن الأيمان. وفائدة إرسالهما اليه مع علمه تعالى بانه لا يؤمن الزام الحجة وقطع المعذرة لان عادة الله التبليغ ثم التعذيب قال بعض ارباب الحقيقة الأمر تكليفى وارادى والارادة كثيرا ما تكون مخالفة للامر التكليفي فالرسل والورثة فى خدمة الحق من حيث امره التكليفي وليسوا فى خدمته من حيث الأمر الإرادي ولو كانوا خادمين للارادة مطلقا لما ردوا على أحد فى فعله القبيح بل يتركونه على ما هو عليه لانه هو المراد ولما كان لعين(5/389)
قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)
العاصي الثابتة فى الحضرة العلمية استعداد التكليف توجه اليه الأمر التكليفي وليس لتلك العين استعداد الإتيان بالمأمور به فلا يتحقق منه المأمور به ولهذا تقع المخالفة والمعصية فان قلت ما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدته تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما انتهى: قال الحافظ
درين چمن مكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند مى رويم
قال فى بحر العلوم ان الله قد علم كل شىء على ما هو عليه والعلم تبع للمعلوم وعلمه بان فرعون لا يؤمن باختياره لا يخرجه عن حيز الا مكان ولذلك أمرهما بدعوته والرفق فيها وفى قوله لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى دلالة ظاهرة على ان لقدرة العبد تأثيرا فى أفعاله وفى افعال غيره وانه ليس بمجبور فيها كما زعم الأشعري حيث قال لا تأثير لقدرة العبد فى أفعاله بل هو مجبور والا لم يثبت له التذكر والخشية بقول موسى قالا رَبَّنا قال فى الإرشاد أسند القول إليهما مع ان القائل حقيقة هو موسى بطريق التغليب إيذانا باصالته فى كل قول وفعل وتبعية هارون له فى كل ما يأتى وما يذر- وروى- ان موسى انطلق من الطور الى جانب مصر لا علم له بالطريق وليس له زاد ولا حمولة ولا صحبة ولا شىء الا العصا يظل صاديا ويبيت طاويا يصيب من ثمار الأرض ومن الصيد شيأ قليلا حتى ورد ارض مصر قال الكاشفى [چون بمصر توجه فرمود وحي آمد بهارون كه باستقبال برادر براه مدين دوان شود پس در اثناى طريق ملاقات فرمودند وموسى شرح احوال بتمامى باز كفت هارون كفت اى برادر شوكت وعظمت از آنچهـ ديده زياده شد وبأدنى سببى حكم بقطع وقتل وصلب ميكند موسى انديشناك شد وهر دو برادر باتفاق كفتند اى پروردگار ما] إِنَّنا نَخافُ الخوف توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة كما ان الرجاء والطمع توقع محبوب عن امارة مظنونة او معلومة ويضاد الخوف الامن ويستعمل ذلك فى الأمور الدنيوية والاخروية قال تعالى وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد بل انما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا من فرط إذا تقدم تقدما بالقصد ومنه الفارط الى الماء اى المتقدم لا صلاح الدلو اى يعجل علينا بالعقوبة ولا يصبر الى إتمام الدعوة واظهار المعجزة فيتعطل المطلوب من الإرسال اليه. وقرئ يفرط من الافراط فى الاذية فان قلت كيف هذا الخوف وقد علما انهما رسولا رب العزة اليه قلت جريا على الخوف الذي هو مجبول فى طينة بنى آدم كما فى التأويلات النجمية يشير الى ان الخوف مركوز فى جبلة الإنسان حتى انه لو بلغ مرتبة النبوة والرسالة فانه لا يخرج الخوف من جبلته كما قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا يعنى ان يقتلنا ولكن الخوف ليس بجهة القتل وانما نخاف فوات عبوديتك بالقيام لاداء الرسالة والتبليغ كما امرتنا او يتمرد بجهله ولا ينقاد لاوامرك ويسبك انتهى أَوْ أَنْ يَطْغى اى يزداد طغيانا الى ان يقول فى شأنك مالا ينبغى لكمال جراءته وقساوته وإطلاقه حيث لم يقل عليك من حسن الأدب ولما كان طغيانه فى حق الله أعظم من افراطه فى حقهما ختم(5/390)
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
الكلام به فان المتمسك بالاعذار يؤخر الأقوى ونحوه ختم الهدهد بقوله وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ يقول الفقير يجوز ان يكون المراد يطغى علينا اى يجاوز الحد فى الاساءة إلينا الا انه حذف الجار والمجرور رعاية للفواصل كما حذف المفعول لذلك فى قوله ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى واظهار ان مع سداد المعنى بدونه للاشعار بتحقق الخوف من كل منهما قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال لهما ربهما عند تضرعهما اليه فقيل قال لا تَخافا ما توهمتما من الامرين يشير الى ان الخوف انما يزول عن جبلة الإنسان بامر التكوين كما قال قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ فكانت بتكوين الله إياها بردا وسلاما: وفى المثنوى
لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست در خور از براى خائفان «1»
هر كه ترسد مر ورا ايمن كنند ... مر دل ترسند را ساكن كنند
آنكه خوفش نيست چون كوئى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس
قال ابن الشيخ فى حواشيه ليس المراد منه النهى عن الخوف لانه من حيث كونه امرا طبيعيا لا مدخل للاختيار فيه لا يدخل تحت التكليف ثبوتا وانتفاء بل المراد به التسلي بوعد الحفظ والنصرة كما يدل عليه قوله إِنَّنِي مَعَكُما بكمال الحفظ والنصرة فان الله تعالى منزه عن المعية المكانية أَسْمَعُ وَأَرى اى ما يجرى بينكما وبينه من قول وفعل فافعل فى كل حال ما يليق بها من دفع ضرر وشر وجلب نفع وخير فمن كان الله معه يحفظه من كل جبار عنيد- روى- ان شابا كان يأمر وينهى فحبسه الرشيد فى بيت وسد المنافذ لهلك فبعد ايام رؤى فى بستان يتفرج فاحضره الرشيد وقال من اخرجك قال الذي أدخلني البستان فقال من أدخلك قال الذي أخرجني من البيت فتعجب الرشيد وبكى وامر له بالإحسان وبان يركب فرسا وينادى بين يديه هذا رجل أعزه الله وأراد الرشيد اهانته فلم يقدر الله الا إكرامه واحترامه: قال الحافظ
هزار دشمن اگر ميكنند قصد هلاك ... كرم تو دوستى از دشمنان ندارم باك
وقال الشيخ سعدى قدس سره
محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا
واعلم ان الله تعالى حاضر مع عباده الحضور اللائق بشأنه ولا يعرف ذلك الا من اكتحلت عين بصيرته بنور الشهود ولكن شهود الوحدة الذاتية أتم وأعلى من شهود المعية ولذلك لا يرضى الكمل الوقوف فى مرتبة المعية بل يطلبون ان يصلوا بالفناء التام الى مقام الوحدة ثم اعلم ان موسى وهارون عليهما السلام التجئا الى حضرة الربوبية بكمال العبودية فتداركهما الله بالحفظ والعون قال الفقيه ابو الحسن وقع القحط ببغداد فاجتمع الناس فرفعوا قصتهم الى على بن عيسى الوزير فقرأها وكتب على ظهرها لست بسماء فاسقيكم ولا بأرض فاكفيكم ارجعوا الى بارئكم قال ابو المعين سألت بعض النصارى عن احسن آية فى الإنجيل فقال خمس كلمات «سلنى أجبك. واشكر لى ازدك. واقبل علىّ اقبل عليك
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير خرما بن(5/391)
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48) قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)
واقرب منى اقرب منك. وأطعني فى الدنيا أطعك فى الدنيا والآخرة» : وفى المثنوى
كفت حق كر فاسق واهل صنم ... چون مرا خوانى إجابتها كنم «1»
تو دعا را سخت كير ومى شخول ... عاقبت برهاندت از دست غول
فَأْتِياهُ امرا بإتيانه الذي هو عبارة عن الوصول اليه بعد ما امرا بالذهاب اليه فلا تكرار والإتيان مجئ بسهولة والمجيء أعم والإتيان قد يقال باعتبار القصد وان لم يكن منه الحصول والمجيء اعتبارا بالحصول فَقُولا من أول الأمر إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ ليعرف الطاغي سؤالكما ويبنى جوابه عليه ورسولا تثنية رسول وهو فعول مبالغة مفعل بضم الميم وفتح العين بمعنى ذى رسالة اسم من الإرسال وفعول هذا لم يأت الا نادرا وعرفا من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ [پس فرست با ما فرزندان يعقوبرا بأرض مقدسه باز رويم كه مسكن آباء ما بوده] كما قال فى بحر العلوم فاطلقهم وخلهم يذهبوا معنا الى فلسطين وكانت مسكنهما وفلسطين بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين المهملة هى البلاد التي بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها وقال فى الإرشاد المراد بالإرسال إطلاقهم من الاسر والقسر وإخراجهم من تحت يد العادية لا تكليفه ان يذهبوا معهما الى الشام كما ينبئ عنه قوله تعالى وَلا تُعَذِّبْهُمْ اى بايقائهم على ما كانوا عليه من العذاب فانهم كانوا تحت مملكة القبط يستخدمونهم فى الأعمال الصعبة الفادحة من الحفر ونقل الأحجار وغيرهما من الأمور الشاقة ويقتلون ذكور أولادهم عاما دون عام ويستخدمون نساءهم وتوسيط حكم الإرسال بين بيان رسالتهما وبين ذكر المجيء بآية دالة على صحتها لاظهار الاعتناء به لان تخليص المؤمنين من أيدي الكفرة أهم من دعوتهم الى الايمان كما قيل. والعذاب هو الايجاء الشديد وقد عذبه تعذيبا اى اكثر حبسه فى العذاب وأصله من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب فالتعذيب فى الأصل هو حمل الإنسان على ان يعذب اى يجوع ويسهر وقيل أصله من العذب فعذبته أزلت عذب حياته على بناء مرّضته وفدّيته وقيل اصل التعذيب إكثار الضرب بعذبته السوط اى طرفه قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ [بدرستى كه آورده ايم نشانى يعنى معجزه از پروردگار تو] وتوحيد الآية مع تعددها لان المراد اثبات الدعوى ببرهانها لا بيان تعدد الحجة فكأنه قال قد جئناك ببرهان على ما ادعيناه من الرسالة وَالسَّلامُ اللام لتعريف الماهية والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة والمراد هنا اما التحية فالمعنى والتحية المستتبعة بسلامة الدارين من الله والملائكة اى خزنة الجنة وغيرهم من المسلمين عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى بتصديق آيات الله الهادية الى الحق فاللام على أصلها كما فى سلام عليكم يقال تبعه واتبعه قفا اثره وذلك تارة بالجسم وتارة بالارتسام والامتثال وعلى ذلك قوله فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ واما السلامة فعلى بمعنى اللام كعكسه فى قوله تعالى وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ اى عليهم اللعنة. قال فى التأويلات سلم من استسلم واتبع هدى الله تعالى وهو ما جاء به أنبياؤه عليهم السلام إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا
__________
(1) در اوائل دفتر سوم در بيان ايمن بودن بلعم باعور كه امتحان كردن حضرت عزت الخ(5/392)
من جهة ربنا واصل الوحى الاشارة السريعة وذلك قد يكون بالكلام الخفي على لسان جبريل وقد يكون بالإلهام وبالمنام والوحى الى موسى بوساطة جبريل والى هارون بوساطته ووساطة موسى أَنَّ الْعَذابَ اى كل العذاب لانه فى مقابله السلام اى كل السلام وهو العذاب الدنيوي والأخروي الدائم لان العذاب المتناهي كلا عذاب فلا يرد انه يلزم قصر العذاب على المكذبين مع ان غيرهم قد يعذبون عَلى مَنْ كَذَّبَ بآياته تعالى وكفر بما جاء به الأنبياء عليهم السلام والكذب يقال فى المقال وفى الفعال وَتَوَلَّى إذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك الولي اى القرب فالمعنى اعرض عن قبولها بمتابعة الهوى وفيه من التلطيف فى الوعيد حيث لم يصرح بحلول العذاب به مالا مزيد عليه يقول الفقير ان كلا من تكذيب الرسوم والحقائق سبب العذاب والهوان مطلقا فكفار الشريعة كفار الرسوم والحقائق جميعا فلهم عذاب جسمانى وروحانى وكفار الحقيقة كفار الآيات الحقيقية فلهم هوان معنوى فالنعيم والعزة فى الاطاعة والاتباع والاستسلام كما ان الجحيم والذل فى خلافها- حكى- ان بعض السادات لما رأى عبد الله ابن المبارك فى عزة ورفعة مع جماعة قال انظروا الى حال آل محمد وعزة ابن المبارك فقال ابن المبارك ان سيدنا لما لم يراع سنة جده ذل وابن المبارك لما أطاع النبي عليه السلام وسار سيرته أعطاه الله عزا وشرفا واعلم ان عزة فرعون وشرفه انقلبا ذلا وهو انا بسبب تكذيب موسى واعراضه عن قبول دعوته وهامان وان كان سببا صوريا فى امتناعه عن القبول ونكوله عن الانقياد لكن لم يكن له فى اصل جبلته استعداد لقبول الحق فلا يغرنكم عزة الدنيا مع عدم الاطاعة لانه ينقلب يوما ذلا وخسرانا وكثيرا ما وقع فى الدنيا ورأيناه فاقبل النصيحة مع مداومة مجلس العلم والا فعند ظهور الحق ووجود الاستعداد والقابلة لا يبقى غير الاستسلام وان منعه العالم باسرهم عن ذلك ألا ترى ان النجاشي ملك الحبشة لما علم علما جازما ان الرسول حق اتبعه من غير خوف من أحد من العالمين ومبالاة لكلام أحد فى ذلك فنجا من العذاب نجاة ابدية ثم اعلم انه كما ان للانبياء معجزات فكذا للاولياء كرامات العلمية منها هى التي حق اعتبارها فان الكونية مما يشترك فيه الملتان فالكرامات العلمية آيات الأولياء جاؤا بها من الله من طريق الكشف الصحيح فمن اتبع هداهم بقبول آياتهم الهادية الى عالم الحقيقة فقد سلم من الإنكار مطلقا صوريا او معنويا ونجا من العذاب قطعا صوريا او معنويا وهو عذاب القطيعة والبعد ودخل المكذب فى النار مع الداخلين والعجب ان الأنبياء والأولياء مع كونهم رحمة من الله على عباده إذ لا نعمة فوق الإرشاد وإيصال المريدين الى المراد لم يدر جاههم اكثر الناس ولم يوفق لا تباعهم الا اقل من القليل وبقي البقية كالنسناس ولذا لم يمض قرن من القرون الا والعذاب بالعصاة مقرون فانظر من أنت وما بغيتك فان كنت تطلب النجاة فلا تجدها الا فى الإطاعة وخصوصا فى هذا الزمان المشوب بالجور والعدوان والفسق والعصيان والطالب على أهاليه الابتلاء بانواع البلايا الموبقة وعلى تقدير الاطاعة والاتباع يلزم للمريد ان يخرج من البين ويجعل جل همه(5/393)
قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)
ان يصل الى عالم العين ولا يطمع فى شىء سوى الرضى الوافي والولاء الكافي قال حمدون القصار القائمون بالأوامر على ثلاثة مقامات. واحد يقوم اليه على العادة وقيامه قيام كسل. وآخر يقوم اليه على طلب الثواب وقيامه قيام طمع. وآخر يقوم اليه على المشاهدة فهو القائم بالله لا بنفسه لفنائه عن نفسه وغيره وهذا القسم من القيام بالأمر هو المؤدى الى محبة الله الموصلة الى العزة الباقية وسعادة الدارين فلا بد للعاقل من الاجتهاد: وفى المثنوى
جهد كن تا نور تو رخشان شود ... تا سلوك وخدمتت آسان شود
كودكانرا مى برى مكتب بزور ... زانكه هستند از فوائد چشم كور
چون شود واقف بمكتب مى رود ... جانش از رفتن شكفته مى شود
والله المعين فى كل حين قالَ قال الكاشفى [پس موسى وهارون بحكم حضرت الهى بدرگاه فرعون آمدند وبعد از مدتى كه ملاقات او ميسر شد كفتند ما رسولان پروردگاريم وترا بعبادت او ميخوانيم وآن كلمات كه حق تعالى تلقين كرده بود ادا كردند فرعون كفت] فَمَنْ استفهامية: والمعنى بالفارسية [پس كيست] رَبُّكُما وقال غيره الفاء لترتيب السؤال على ما سبق من كونهما رسولى ربهما اى إذا كنتما رسولى ربكما فاخبرا من ربكما الذي أرسلكما الىّ ولم يقل فمن ربى مع قولهما إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ لغاية عتوه ونهاية طغيانه قال الامام اثبت نفسه ربا فى قوله أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً فذكر ذلك على سبيل التعجب كأنه قال انا ربك فلم تدعوا ربا آخر يا مُوسى خاطبهما ثم أفرد موسى إذ كان يعلم ان موسى هو الأصل فى الباب وهارون وزيره وتابع له قالَ موسى مجيبا له رَبُّنَا مبتدأ خبره قوله الَّذِي من محض رحمته أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ من انواع المخلوقات خَلْقَهُ اى صورته وشكله اللائق به مشتملا على خواصه ومنافعه فالمراد بالخلق المخلوق ومنه يفهم ان ضمير الجمع فى ربنا عام لموسى وهارون وفرعون وغيرهم ولم يقل ربنا الله بل وصفه بأفعاله ليستدل بالفعل على الفاعل ثُمَّ هَدى وجه كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغى له طبعا كما فى الجمادات واختيار كما فى الحيوانات وهيأه لما خلق له ولما كان الخلق الذي هو عبارة عن تركيب الاجزاء وتسوية الأجسام متقدما على الهداية التي هى عبارة عن إيداع القوى المحركة والمدركة فى تلك الأجسام وسط بينهما كلمة التراخي قال بعض الكبار ان للمخلوقات كلها حياة وروحا اما صورية كما فى الانس والجن والملك ومن يتبعهم واما معنوية كما فى الجمادات والنباتات ولذا قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فما من مخلوق الا وقد هدى الى معرفته تعالى بقدر عقله وروحه وحياته. وفى التأويلات النجمية أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ استعدادا لما خلق له ثُمَّ هَدى اى يعمره لما خلق له والذي يدل عليه قوله عليه السلام (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) معناه ان الله تعالى خلق المؤمن مستعدا لقبول فيض الايمان ثم هداه الى قبول دعوة الأنبياء ومتابعتهم وخلق الكافر مستعدأ لقبول فيض القهر والخذلان والتمرد على الأنبياء ومخالفتهم: قال المغربي قدس سره
يكى را بهر طاعت خلق كردند ... يكى را بهر عصيان آفريدند «1»
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان آنكه طاغى در عين قاهرى در مقهوريست(5/394)
قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)
يكى از بهر مالك كشت موجود ... يكى را بهر رضوان آفريدند
قالَ فرعون فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى ما استفهام. والبال الحال التي يكترث بها ولذا يقال ما بالبيت بكذا اى ما اكترثت به ويعبر به عن الحال الذي ينطوى عليه الإنسان فيقال ما خطر ببالي كذا والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد. والاولى تأنيث الاول وواحد الاول كالكبرى والأكبر والكبر. والمعنى فما بال القرون الماضية وما خبر الأمم الخالية مثل قوم نوح وعاد وثمود وماذا جرى عليهم من الحوادث المفصلة قال فى الاسئلة المقحمة فان قلت هذا لا يليق بما تقدم قلنا ان موسى كان قد قال له انى أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ان يلحقكم ما قد لحقهم ان لم تؤمنوا بي فلهذا سأله فرعون عن حالهم انتهى يقول الفقير هذا وان كان مطابقا لمقتضى الفاء الا ان الجواب لا يساعده مع ان القائل بالخوف ليس هو موسى بل الذي آمن وبعيد ان يحمل الذي آمن على موسى لعدم مساعدة السباق والسياق فارجع الى سورة المؤمن وقال بعضهم لما سمع البرهان خاف ان يزيد فى إيضاحه فيتبين لقومه صدقه فيؤمنوا به فاراد ان يصرفه عنه ويشغله بالحكاية فلم يلتفت موسى اليه ولذا قالَ اى موسى عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي اى ان علم احوال تلك القرون من الغيوب التي لا يعلمها الا الله ولا ملابسة للعلم بأحوالهم بمنصب الرسالة فلا اعلم منها الا ما علمنيه من الأمور المتعلقة بما أرسلت فِي كِتابٍ اى مثبت فى اللوح المحفوظ بتفاصيله لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى الضلال ان تخطئ الشيء فى مكانه فلم تهتد اليه والنسيان ان تغفل عنه بحيث لا يخطر ببالك وهما محالان على العالم بالذات. والمعنى لا يخطئ ابتداء بل يعلم كل المعلومات ولا يغفل عنه بقاء بل هو ثابت ابدا وهو لبيان ان إثباته فى اللوح المحفوظ ليس لحاجته تعالى اليه فى العلم به ابتداء وبقاء وانما كتب احكام الكائنات فى كتاب ليظهرها للملائكة فيزيد استدلالهم بها على تنزه علمه تعالى عن السهو والغفلة
برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست
فبعد الجواب القاطع رجع الى بيان شؤونه تعالى وقال الَّذِي اى هو الذي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً قال الامام الراغب المهد ما يهيأ للصبى والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ قال تعالى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً انتهى قال الكاشفى [خوش كسترانيد كه بر ان مى نشينيد ومسكن ميسازيد] وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا السلوك النفاذ فى الطريق [يعنى اندر راه شدن ورفتن] وسلك لازم ومتعد يقال سلكت الشيء فى الشيء أدخلته والسبل جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك. والمعنى جعل لكم اى لا جلكم لا لغيركم طرقا كثيرة ووسطها بين الجبال والاودية والبراري تسلكونها من قطر الى قطر لتقضوا منها مآربكم وتنتفعوا بمنافعها وَأَنْزَلَ النزول هو الانحطاط من علو يقال نزل عن دابته ونزل فى مكان كذا حط رحله فيه وانزل غيره مِنَ السَّماءِ اى من الفلك او من السحاب فان كل ما علا سحاب ماءً هو جسم سيان قد أحاط حول الأرض والمراد هنا المطر وهو الاجزاء المائية إذا التأم بعضها مع بعض ونكره قصدا الى معنى البعضية اى انزل(5/395)
كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)
من السماء بعض الماء فَأَخْرَجْنا بِهِ يقال خرج خروجا برز من مقره او حاله واكثر ما يقال الإخراج فى الأعيان اى أنبتنا بسببه ذكر الماء وعدل عن لفظ الغيبة الى صيغة التكلم على الحكاية لكلام الله تنبيها على زيادة اختصاص الفعل بذاته وان ذلك منه ولا يقدر عليه غيره تعالى أَزْواجاً أصنافا سميت بذلك لازدواجها واقتران بعضها ببعض لانه يقال لكل ما يقترن بآخر مما ثلاله او مضادا زوج ولكل قرينين من الذكر والأنثى فى الحيوانات المتزاوجة زوج ولكل قرينين فيها وفى غيرها زوج كالخف والنعل مِنْ نَباتٍ هو كل جسم يغتذى وينمو كما قال الراغب النبت والنبات ما يخرج من الأرض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر او لم يكن له ساق كالنجم لكن اختص فى التعارف بما لا ساق له بل قد اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات ومتى اعتبرت الحقائق فانه يستعمل فى كل نام نباتا كان او حيوانا او إنسانا انتهى ومن بيانية فيكون قوله شَتَّى صفة للنبات لما انه فى الأصل مصدر يستوى فيه الواحد والجمع. وشتى جمع شتيت بمعنى المتفرق اى نباتات مختلفة الأنواع والطعوم والروائح والاشكال والمنافع بعضها صالح للناس على اختلاف وجوه الصلاح وبعضها للبهائم والأظهر ان من نبات وشتى صفتان لازواجا واخر شتى رعاية للفواصل كُلُوا حال من ضمير فاخرجنا على ارادة القول اى أخرجنا منها اصناف النباتات قائلين كلوا منها اى من الثمار والحبوب ونحوهما وَارْعَوْا الرعي فى الأصل حفظ الحيوان اما بغذائه الحافظ لحياته او بذب العدو عنه اى اسيموا واسرحوا فيها: وبالفارسية [وبچرانيد] أَنْعامَكُمْ وهى الإبل والبقر والضأن والمعز أي اقصدوا بها الانتفاع بالذات وبالواسطة آذنين فى الانتفاع بها مبيحين بان تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها. قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان السماء والماء والنبات والانعام كلها مخلوقة لكم ولولا احتياجكم للتعيش بهذه الأشياء بل بجميع المخلوقات ما خلقتها: قال المغربي قدس سره
غرض تويى ز وجود همه جهان ور نه ... لما تكوّن فى الكون كائن لولاك
إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من الشؤون والافعال الالهية من جعل الأرض مهدا وسلك السبل فيها وإنزال الماء وإخراج اصناف النبات لَآياتٍ كثيرة جليلة واضحة الدلالة على الصانع ووحدته وعظيم قدرته وباهر حكمته لِأُولِي النُّهى جمع نهية سمى بها العقل لنهيه عن اتباع الباطل وارتكاب القبيح كما سمى بالعقل والحجر لعقله وحجره عن ذلك لذوى العقول الناهية عن الأباطيل التي من جملتها ما تدعيه الطاغية وتقبله منهم الفئة الباغية وتخصيص اولى النهى مع انها آيات للعالمين باعتبار انهم المنتفعون بها مِنْها اى من الأرض. وفى التأويلات النجمية من قبضة التراب التي امر الله تعالى عزرائيل ان يأخذها من جميع الأرض خَلَقْناكُمْ بوساطة أصلكم آدم والا فمن عدا آدم وحواء مخلوق من النطفة واصل الخلق التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير اصل ولا احتذاء قال تعالى خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ويستعمل فى إيجاد الشيء من الشيء كما فى هذا المقام وَفِيها نُعِيدُكُمْ عند الموت بالدفن فى الموضع الذي أخذ ترابكم منه وإيثار كلمة فى للدلالة على الاستقرار والعود الرجوع الى الشيء بعد الانصراف(5/396)
عنه اما انصراف بالذات او بالقول والعزيمة وإعادة الشيء كالحديث وغيره تكريره وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى اى عند البعث بتأليف الاجزاء وتسوية الأجساد ورد الأرواح للحساب والجزاء وكون هذا الإخراج تارة اخرى باعتبار ان خلقهم من الأرض إخراج لهم منها وان لم يكن على نهج التارة الثانية. والتارة فى الأصل اسم للتور الواحد وهو الجريان ثم اطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات المتجددة كما مر فى المرة: قال الحكيم فردوسى
بخاكت در آرد خداوند پاك ... دكر ره برون آرد از زير خاك
بدان حال كايى بخاك اندرون ... بدان كونه از خاك آيى برون
اگر پاك در خاك كيرى مقام ... بر آيى از و پاك و پاكيزه نام
عن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل جاء الى النبي عليه السلام فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول مالى أراك مغموما حزينا قال عليه السلام (يا جبريل طال تفكرى فى امر أمتي يوم القيامة) قال أفى امر اهل الكفر أم فى امر اهل الإسلام فقال (يا جبريل فى امر اهل لا اله الا الله محمد رسول الله) فاخذ بيده حتى اقامه الى مقبرة بنى سلمة ثم ضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم بإذن الله فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فقال جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الأيسر فقال قم بإذن الله فخرج رجل مسود الوجه ازرق العينين وهو يقول وا حسرتاه وا ندامتاه فقال له جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم قال يا محمد على هذا يبعثون يوم القيامة وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تموتون كما تعيشون وتبعثون كما تموتون) قيل ليحيى بن معاذ رضى الله عنه ما بال الإنسان يحب الدنيا قال حق له ان يحبها منها خلق وهى امه ومنها عيشه ورزقه فهى حياته وفيها يعاد فهى كفاته وفيها كسب الجنة فهى مبدأ سعادته وهى ممر الصالحين الى الله تعالى فكيف لا يحب طريقا يأخذ بسالكه الى جوار ربه واعلم ان من صفة الأرض الطمأنينة والسكون لفوزها بوجود مطلوبها فكانت أعلى مرتبة فى عين السفل وقامت بالرضى فمقامها رضى وحالها تسليم ودينها اسلام وهكذا الإنسان الكامل فى الدنيا فان الله تعالى قد صاغه من قالب الأرض وهو وان كان ترابى الأصل لكن طرح عليه اكسير الروح الأعظم فاذا طار الروح بقيت سبيكة الجسد على حالها كالذهب الخالص إذ لا تبلى نفوس الكمل قال فى اسئلة الحكم الأكثرون على تفضيل الأرض على السماء لان الأنبياء خلقوا من الأرض وعبدوا فيها ودفنوا فيها وان الأرض دار الخلافة ومزرعة الآخرة واما الأرض الاولى فقال بعضهم انها أفضل لكونها مهبط الوحى ومشاهد الأنبياء وللانتفاع بها ولاستقرار الخلفاء عليها وغيرها من الفضائل انتهى يقول الفقير كان الظاهر ان تفضل السماء لكونها مقر الأرواح العالية ولذا يبقى الجسد هنا بعد الوفاة ويعرج الروح ولكن فضل الأرض لان اسباب العروج انما حصلت بالآلات الجسدانية وهى من الأرض ولذا جعل عليه السلام الصلاة من الدنيا فى قوله (حبيب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) وذلك لان صورة الصلاة التي هى الافعال والاذكار تحصل بالأعضاء والجوارح التي هى من الدنيا وعالم الملك وان كان القلب(5/397)
وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)
والتوجه من عالم الملكوت نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المتحققين بحقائق الأرض والمعرضين عن كل طول وعرض وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها اضافة الآيات عهدية وكلها تأكيد لشمول الأنواع اى وبالله لقد بصرنا فرعون على؟؟؟ موسى آياتنا كلها من العصا واليد وغيرهما على مهل من الزمان او عرفناه صحتها وأوضحنا وجه الدلالة فيها فَكَذَّبَ بالآيات كلها من فرط عناده من غير تردد وتأخير وزعم انها سحر وَأَبى عن قبولها لعتوه والإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى استئناف مبين لكيفية تكذيبه وابائه والهمزة لانكار الواقع واستقباحه وادعاء انه امر محال والمجيء اما على حقيقته او بمعنى الإقبال على الأمر والتصدي والسحر خداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما تفعله المشعبذة من صرف الابصار عما تفعله بخفة يد وما يفعله التمام بقول حرف عائق للاسماع. والمعنى أجئتنا من مكانك الذي كنت فيه بعد ما غبت عنا او أقبلت علينا لتخرجنا من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء بما اظهرته من السحر فان ذلك مما لا يصدر عن العاقل لكونه من باب محاولة المحال قال الكاشفى [يعنى دانستيم كه تو ساحرى وميخواهى كه بسحر ما را از مصر بيرون كنى وبنى إسرائيل را متمكن سازى و پادشاهى كنى بر ايشان] وقال بعضهم هذا تعلل وتحير ودليل على انه علم كون موسى محقا حتى خاف منه على ملكه فان ساحرا لا يقدر ان يخرج ملكا مثله من ارضه وفى الإرشاد انما قال لحمل قومه على غاية المقت بإبراز ان مراده ليس مجرد إنجاء بنى إسرائيل من أيديهم بل إخراج القبط من وطنهم وحيازة أموالهم واملاكهم بالكلية حتى لا يتوجه الى اتباعه أحد ويبالغوا فى المدافعة والمخاصمة وسمى ما أظهره عليه من المعجزات الباهرة سحرا ليجسرهم على المقابلة. وفى التأويلات النجمية انما قال هذا لانه كان من اهل البصر لا من اهل البصيرة ولو كان من اهل البصيرة لرأى مجيئه لاخراجه من ظلمات الكفر الى نور الايمان ومن ظلمات البشرية الى نور الروحانية ومن ظلمات الانسانية الى نور الربانية: وفى المثنوى
هر كه از ديدار برخوردار شد ... اين جهان در چشم او مردار شد «1»
ملك بر هم زن تو ادهم وار زود ... تا بيابى همچواو ملك خلود «2»
فلما رأى ببصر الحس المعجزة سحرا ادعى ان يعارضه بمثل ما اتى به فقال فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها واللام جواب قسم محذوف كأنه قيل إذا كان كذلك فو الله لنأتينك بسحر مثل سحرك فلا تغلب علينا: وبالفارسية [هر آيينه بياريم براى تو جادويى مانند جادويى تو وبآن با تو معارضه كنيم تا مردمان بدانند كه تو پيغمبر نيستى جادوكرى] فَاجْعَلْ صير بَيْنَنا وَبَيْنَكَ لاظهار السحر مَوْعِداً اى وعدا لقوله لا نُخْلِفُهُ اى ذلك الوعد نَحْنُ وَلا أَنْتَ يقال اخلف وعده ولا يقال اخلف زمانه ولا مكانه وقال بعضهم أراد بالموعد هاهنا موضعا يتواعدون فيه الاجتماع هناك انتهى. والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها. والخلف المخالفة فى الوعد يقال وعدني فاخلفني اى خالف فى الميعاد مَكاناً سُوىً منصوب بفعل يدل عليه المصدر لابه فانه موصوف وسوى
__________
(1) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ
(2) در أوائل دفتر چهارم در بيان سبب هجرت ابراهيم أدهم إلخ(5/398)
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)
بالضم والكسر بمعنى العدل والمساواة اى عد مكانا عدلا بيننا وبينك وسطا يستوى طرفاه من حيث المسافة علينا وعليكم لا يكون فيه أحد الطرفين أرجح من الآخر او مكانا مستويا لا يحجب العين ارتفاعه ولا انخفاضه: وبالفارسية [چون وعد برسد حاضر شويم در جايى كه مساوى باشد مسافت قوم ما وتو بآن يا مكان مستوى وهموار كه درو پستى وبلندى نباشد تا مردم نظاره توانند كرد] ففوض اللعين امر الوعد الى موسى للاحتراز عن نسبته الى ضعف القلب كأنه متمكن من تهيئة اسباب المعارضة طال الأمد أم قصر. وفى التأويلات النجمية انما طلب الموعد لان صاحب السحر يحتاج فى تدبير السحر الى طول الزمان وصاحب المعجزة لا يحتاج فى اظهار المعجزة الى الموعد قالَ موسى مَوْعِدُكُمْ [زمان وعد شما] يَوْمُ الزِّينَةِ [روز آرايش قبطيانست] يعنى يوم عيدهم الذي يجتمع فيه الناس من كل مكان ليكون بمشهد خلق عظيم لعلهم يستحيون منهم فلا ينكرون المعجزة بعد ابطال السحر سألوا عن المكان فاجابهم بالزمان فان يوم الزينة يدل على مكان مشتهر باجتماع الناس فيه فى ذلك اليوم اعلم ان الأعياد خمسة. أحدها عيد قوم ابراهيم عليه السلام وفيه جعل ابراهيم الأصنام جذاذا. والثاني عيد قوم فرعون وهو يوم الزينة. والثالث عيد قوم عيسى كما مر فى اواخر المائدة. والربع. والخامس عيدا اهل المدينة فى الجاهلية وذلك يومان فى السنة فابدلهما الله فى الإسلام يومى الفطر والأضحى وهذان اليومان مستمران الى يوم القيامة قال المولى الجامى
قربان شدن بتيغ جفاى تو عيد ماست ... جان ميدهيم بهر چنين عيد عمرهاست
وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى عطف على اليوم او الزينة والحشر إخراج الجماعة عن مقارهم وازعاجهم عنه الى الحرب ونحوها ولا يقال الا فى الجماعة. وضحى نصب على الظرف اى وان يجمع الناس فى وقت الضحى ليكون ابعد من الريبة قال فى ضرام السقط أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجيرة ثم الظهيرة ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق وفى بحر العلوم الضحى صدر النهار حين ترتفع الشمس وتلقى شعاعها وقال الامام الراغب الضحى انبساط النهار وامتداده سمى الوقت به وقال الكاشفى [ضحى در چاشتكاه كه روشنترست از باقى روز] فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ اى ترك الولي والقرب وانصرف عن المجلس وأرسل الى المدائن لجمع السحرة فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى ما يكاد به من السحرة وأدواتهم والكيد ضرب من الاحتيال ثُمَّ أَتى اى الموعد ومعه ما جمعه من كيده وفى كلمة التراخي ايماء الى انه لم يسارع اليه بل أتاه بعد تأخير قالَ لَهُمْ مُوسى كأنه قيل فماذا صنع موسى عند إتيان فرعون مع السحرة فقيل قال لهم بطريق النصيحة وَيْلَكُمْ أصله الدعاء بالهلاك بمعنى ألزمكم الله ويلا يعنى عذابا وهلاكا والمراد هنا الزجر والردع والحث والتحريض على ترك الافتراء: وبالفارسية [واى بر شما] لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً بان تدعو ان الآيات التي ستظهر على يدى سحر او لا تشركوا مع الله أحدا والافتراء التقول والكذب عن عمد(5/399)
فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)
وفى التأويل قال موسى للسحرة (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) بإتيان السحر فى معرض المعجزة ادعاء بان الله قد أعطانا مثل ما اعطى الأنبياء من المعجزة فَيُسْحِتَكُمْ فيهلككم ويستأصلكم بسببه: وبالفارسية [از بيخ بركند شما را] يقال اسحت الشيء أعدمه واستأصله بِعَذابٍ هائل لا يقادر قدره وَقَدْ خابَ الخيبة فوت المطلب اى [بي بهره ونااميد ماند] مَنِ افْتَرى اى على الله تعالى كائنا من كان باى وجه كان فَتَنازَعُوا اى السحرة حين سمعوا كلامه كأن ذلك غاظهم فتنازعوا أَمْرَهُمْ الذي أريد منهم من مغالبته عليه السلام وتشاوروا وتناظروا بَيْنَهُمْ فى كيفية المعارضة وتجاذبوا اهداب القول فى ذلك قال فى المفردات نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبربها عن المخاصمة والمجادلة وَأَسَرُّوا النَّجْوى وبالغوا فى إخفاء النجوى عن موسى لئلا يقف عليه فيدافعه: وبالفارسية [و پنهان داشتند از كفتن را] والنجوى السر وأصله المصدر وناجيته اى ساررته وأصله ارتحلوا به فى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله وقيل أصله من النجاة وهو ان تعاونه على ما فيه خلاصه او ان تنجوا بسرك من ان يطلع عليه وكان نجواهم ما نطق به قوله تعالى قالُوا اى بطريق التناجي والاسرار إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية والمشار اليه موسى وهارون يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ اى من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء عليها وهو خبر بعد خبر بِسِحْرِهِما الذي اظهراه من قبل وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى المثلى تأنيث الأمثل وهو الأشرف اى بمذهبكم الذي هو أفضل المذاهب وامثلها بإظهار مذهبهما وإعلاء دينهما يريدون ما كان عليه قوم فرعون لقوله إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ لا طريقة السحر فانهم ما كانوا يعتقدون دينا قال فى بحر العلوم سموا مذهبهم بها لزيادة سرورهم وكمال فرحهم بذلك وانه الذي تطمئن به نفوسهم كما قال تعالى كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال الامام الراغب الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب قال تعالى فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً ومنه استعير لكل مسلك يسلكه الإنسان فى فعل محمودا كان او مذموما قال تعالى وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى اى الأشبه بالفضيلة فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ الفاء فصيحة واجمعوا من الإجماع يقال اجمع الأمر إذا أحكمه وعزم عليه وحقيقته جمع رأيه عليه واجمع المسلمون كذا اجتمعت آراؤهم عليه قال الراغب اكثر ما يقال فيما يكون جمعا يتوصل اليه بالتدبير والفكرة. والمعنى إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين يريدان بكم ما ذكر من الإخراج والاذهاب فازمعوا مكركم وحيلكم فى رفع هذا المزاحم واجعلوه مجمعا عليه بحيث لا يتخلف عنه واحد منكم وارموا عن قوس واحدة. وقرئ فاجمعوا من الجمع ويعضده قوله تعالى فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى فاجمعوا اداوات سحركم ورتبوها كما ينبغى ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا اى مصطفين فى الموعد ومجتمعين ليكون أشد لهيبتكم وانظم لامركم فجاؤا فى سبعين صفا كل صف الف والصف ان يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك وقد يجعل بمعنى الصاف قال فى الإرشاد لعل الموعد كان مكانا متسعا خاطبهم موسى بما ذكر فى قطر من اقطاره وتنازعوا أمرهم فى قطر آخر منه ثم أمروا بان يأتوا وسطه(5/400)
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)
على الوجه المذكور وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى الفلاح الظفر وادراك البغية والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم وقد يكون طلب العلاء اى الرفعة والآية تحتمل الامرين جميعا اى وقد فاز بالمطلوب من غلب ونال علو المرتبة بين الناس قال فى الإرشاد يريدون بالمطلوب ما وعدهم فرعون من الاجر والتقريب وبمن غلب أنفسهم جميعا او من غلب منهم حثالهم على بذل المجهود فى المغالبة يقول الفقير فيه اشارة الى ان المنهي من العلوم والأسباب كالسحر ونحوه ما يتقرب به الى الدنيا وجمع حطامها لا الى الآخرة والفوز بنعيمها ولا الى الله تعالى ولذا قال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ فكل من أراد ان يتوصل بما يفعله مما نهاه الشرع الى درجة من الدرجات الاخروية او مرتبة من المراتب المعنوية فانه يضيع سعيه ولا يفلح ولا يبقى له سوى التعب ثم ان ارباب التقليد يقتفون آثار فرعون وسحرته ويقولون فى حق اهل التحقيق ان هؤلاء يخرجونكم من مناصب شيخوختكم ومراتب قبولكم عند العوام ويصرفون وجوه الناس عنكم ويذهبون باشراف قومكم من الملوك والأمراء وارباب المعارف واهل الدثور والأموال فيسلكون مسالك الحيل ويريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون اى المشركون بالشرك الخفي: وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او «1»
فالذى خلق علويا كالشمس فانه لا يكون سفليا بوجه من وجوه الحيل وكذا التراب خلق سفليا فانه لا يكون سماويا: قال المولى الجامى
پستست قدر سفله اگر خود كلاه جاه ... بر اوج سلطنت زند از كردش زمان
سفليست خاك اگر چهـ نه بر مقتضاى طبع ... همراه كرد باد كشد سر بر آسمان
نسأل الله ان يجعلنا من اهل السعادة والفلاح قالُوا الى السحرة بعد إجماعهم وإتيانهم الموعد واصطفافهم قال الكاشفى [سحره بقولي سيصد هزار خروار حبل وعصاها ميان تهى كرده و پر از زيبق ساخته بميدان آوردند بطريق ادب وكفتند] يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ الإلقاء طرح الشيء حيث تلقاه اى تراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح اى تطرح عصاك من يدك على الأرض وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى ما نلقيه من العصى والحبال وان مع ما فى حيزها منصوب بفعل مضمر او مرفوع بخبرية مبتدأ محذوف اى اختر القاءك اولا او القاءنا او الأمر اما القاؤك او القاؤنا وفيه اشارة الى ان السحرة لما اعزوا موسى عليه السلام بالتقديم والتخيير فى الإلقاء أعزهم الله بالايمان الحقيقي حتى رأوا بنور الايمان معجزة موسى فآمنوا به تحقيقا لا تقليدا وهذا حقيقة قوله (من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) فلما تقربوا الى الله بإعزاز من أعزه الله أعزهم بالايمان تقربا اليه فكذلك أعزهم موسى بالتقديم فى الإلقاء كما حكى الله عنه بقوله قالَ موسى بَلْ أَلْقُوا اولا ما أنتم ملقون يقول الفقير الظاهر ان الله تعالى الهم السحرة التخيير وعلم موسى اختيار القائهم اولا ليظهر الحق من الباطل لان الحق يدفع الباطل ويمحوه ولو كان موسى أول من ألقى لتفرق الناس من أول الأمر خيفة الثعبان كما تفرقوا بعد ابتلاع العصا عصيهم وحبالهم وذا مخل بالمقصود قال الامام فان قيل كيف أمرهم به وهو سحر وكفر
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن؟ ازطعانه؟ را إلخ(5/401)
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)
قلنا لما تعين طريقا الى كشف الشبهة صار جائزا وفى الاسئلة المقحمة هذا ليس بامر وانما هو للاستهانة بذلك وعدم الاكتراث به لما كان يعلم ان ذلك سبب لظهور الحق وزهوق الباطل فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى الفاء فصيحة وإذا لمفاجأة ظرفية والحبال جمع حبل وهو الرسن والعصى جمع عصا والتخيل تصوير خيال الشيء فى النفس والتخيل تصور ذلك والخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة فى المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي ثم تستعمل فى صورة كل امر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخيال وانها تسعى نائب فاعل ليحيل والسعى المشي السريع وهو دون العدو. والمعنى فالقوا ففاجأ موسى وقت ان يخيل اليه سعى حبالهم وعصيهم من سحرهم: وبالفارسية [پس رسنها وعصاهاى ايشان نموده شد بموسى از جادويى وكيد ايشان كه كويى بدرستى كه آن ميرود ومى شتابد] وذلك انهم كانوا لطخوها بالزنبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت واهتزت فخيل اليه انها تتحرك فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى الوجس الصوت الخفي والتوجس التسمع والإيجاس وجود ذلك فى النفس والخيفة الحالة التي عليها الإنسان من الخوف وهى مفعول أوجس وموسى فاعله. والمعنى أضمر موسى فى نفسه بعض خوف من مفاجأته بمقتضى البشرية المجبولة على النفرة من الحيات والاحتراز عن ضررها المعتاد من اللسع ونحوه كما دل عليه قوله فى نفسه لانه من خطرات النفس لا من القلب وفى الحقيقة ان الله تعالى البس السحر لباس القهر فخاف موسى من قهر الله لا من غيره لانه لا يأمن من مكر الله الا القوم الفاسقون يقول الفقير
چون خدا خواهد شود هر برك خار ... رشته باريك در چشم عين مار
برك لرزان آب ريزان از الم ... چون نمى ترسم ز قهر كردكار
قُلْنا لا تَخَفْ ما توهمت إِنَّكَ اى لانك أَنْتَ الْأَعْلى اى الغالب القاهر لهم ونحن معك فى جميع أحوالك فانك القائم بالمسبب وهم القائمون المعتمدون على الأسباب وايضا معك آياتنا الكبرى وهو لباس حفظنا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان خوف البشرية مركوز فى جبلة الإنسان ولو كان نبيا الى ان ينزع الله الخوف منه انتزاعا ربانيا بقول صمدانى كما قال تعالى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى أعلى درجة من ان تخاف من المخلوقات دون الخالق وفيه معنى آخر ان خوف موسى ما كان من المكونات بل من المكون إذ رأى عصاه ثعبانا تلقف سحر السحرة وقد علم انها صارت مظهر صفة قهارية الحق فخاف من الحق وقهره لا من العصا وثعبانها فلهذا قال تعالى لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى اى لانك أعلى درجة عندنا منها لانها عصاك مصنوعة لنفسك وأنت رسولى وكليمى واصطنعتك لنفسى فان كانت هى مظهر صفة قهرى فانت مظهر صفات لطفى وقهرى كلها وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ اى عصاك والإبهام لتفخيم شأنها والإيذان بانها ليست من جنس العصى المعهودة لانها مستتبعة لآثار غريبة تَلْقَفْ ما صَنَعُوا بالجزم جواب للامر من لقفه كسمعه لقفا بسكون القاف وفتحها إذا ابتلعه والتقمه بسرعة قال فى المفردات لقفت الشيء القفة ولقفته تناولته بالجذب سواء كان تناوله بالفم او باليد(5/402)
انتهى والتأنيث لكون ما عبارة عن العصا والصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ولا نسب الى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل. والمعنى تبتلع وتلقم ما صنعوه من الحبال والعصى التي خيل إليك سعيها وخفتها والتعبير عنها بما صنعوا للتحقير والإيذان بالتموية والتزوير اى زوّروه وافتعلوه إِنَّما صَنَعُوا ما موصولة او موصوفة اى ان الذي صنعوه او ان شيأ صنعوه كَيْدُ ساحِرٍ بالرفع على انه خبر لان اى كيد جنس الساحر ومكره وحيلته وتنكيره للتوسل به الى تنكير ما أضيف اليه للتحقير والكيد ضرب من الاحتيال يكون محمودا او مذموما وان كان يستعمل فى المذموم اكثر وكذلك الاستدراج والمكر وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ اى لا يدرك بغيته هذا الجنس حَيْثُ أَتى من الأرض وعمل السحر فيها وهو من تمام التعليل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ما فى يمينك هو مصنوعى وكيدى وما صنعه السحرة انما هو مصنوعهم وكيدهم ولا يفلح الساحر ومصنوعه وكيده حيث اتى مصنوعى وكيدى لان كيدى متين واعلم ان الفلاح دنيوى وهو الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا وهو البقاء والغنى والعز واخروى وهو اربعة أشياء بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ففلاح اهل الدنيا كلا فلاح لان عاقبته خيبة وخسران ألا ترى ان من قال لاستاذه لم اى اعترض عليه لن يفلح ابدا وقد رأينا بعض المعترضين قد اوتى مالا وجاها ورياسة فهو فى تقلبه خائب خاسر وقس عليه سائر المخالفين من اهل المنكرات قال فى نصاب الاحتساب الساحر إذا تاب قبل ان يؤخذ تقبل توبته وان أخذ ثم تاب لم تقبل توبته وفى شرح المشارق للشيخ أكمل روى محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد عن ابى حنيفة رحمه الله انه قال فى الساحر يقتل إذا علم انه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله انى اترك السحر وأتوب منه فاذا أقر انه ساحر فقد حل دمه وان شهد عليه شاهدان بالسحر فوصفوا ذلك بصفة يعلم انها سحر قتل ولا يستتاب انتهى وفى شرح رمضان على شرح العقائد ان الساحر يقتل ذكرا او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض وإذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر دون الأنثى انتهى وفى الفروع لا تقتل الساحرة المسلمة ولكن تضرب وتحبس لانها ارتكبت جريمة عظيمة وانما لا تقتل لان النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء مطلقا وفى الأشباه كل كافر تاب فتوبته مقبولة فى الدنيا والآخرة الا جماعة الكافر بسب النبي وبسب الشيخين او أحدهما وبالسحر ولو امرأة وبالزندقة إذا أخذ قبل توبته انتهى وفى فتاوى قارئ الهداية الزنديق من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة
ولا الخالق ويعتقد ان الأموال والحرم مشتركة وقال فى موضع آخر هو الذي لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء وفى قبول توبته روايتان والذي ترجح عدم قبول توبته انتهى قال فى شرح الطريقة السحر فى اللغة كل ما لطف ودق ومنه السحر للصبح الكاذب وقوله عليه السلام (ان من البيان لسحرا) وبابه منع وفى العرف اراءة الباطل فى صورة الحق وهو عندنا امر ثابت لقوله عليه السلام (السحر حق والعين حق) وفى شرح الأمالي السحر من سحر يسحر سحرا إذا خدع أحدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا(5/403)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75)
انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وإدراكه المسحور عليه وفى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة وقال الامام ابو حنيفة رحمه الله لا حقيقة له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال ابو جعفر الاسترابادى من الشافعية وفى شرح المقاصد السحر اظهار امر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة اعمال مخصوصة يجرى فيها التعلم والتعليم وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة وبانه لا يكون بحسب اقتراح المقترحين وبانه يخص الازمنة او الامكنة او الشرائط وبانه قد يتصدى المعارضة ويبذل الجهد فى الإتيان بمثله وبان صاحبه ربما يعلن بالفسق ويتصف بالرجس فى الظاهر والباطن والخزي فى الدنيا والآخرة وهو اى السحر عند اهل الحق جائز عقلا ثابت سمعا وكذا الاصابة بالعين وقال المعتزلة بل هو مجرد اراءة مالا حقيقة له بمنزلة الشعوذة التي سببها خفة حركات اليد او إخفاء وجه الحيلة وفيه لنا وجهان الاول يدل على الجواز والثاني يدل على الوقوع اما الاول فهو إمكان الأمر فى نفسه وشمول قدرة الله تعالى فانه هو الخالق وانما الساحر فاعل وكاسب وايضا فيه اجماع الفقهاء وانما احتلفوا فى الحكم واما الثاني فهو قوله تعالى يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ الى قوله فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وفيه اشعار بانه ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وبان المؤثر والخالق هو الله تعالى وحده فان قيل قوله تعالى فى قصة موسى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى يدل على انه لا حقيقة للسحر وانما هو تمويه وتخييل قلنا يجوز ان يكون سحرهم هو إيقاع ذلك التخييل وقد تحقق ولو سلم فكون اثره فى تلك الصورة هو التخييل لا يدل على انه لا حقيقة له أصلا ثم ان السحر خمسة انواع فى المشهور منها الطلسم قيل هو مقلوب المسلط وهو جمع الآثار السماوية مع عقاقير الأرض ليظهر منها امر عجيب ومنها النيرنج قيل هو معرب «نيرنك» وهو التمويه والتخييل قالوا ذلك تمزيج قوى جواهر الأرض ليحدث منها امر عجيب ومنها الرقية وهو الافسون معرب «آب سون» وهو النفث فى الماء وسمى به لانهم ينفثون فى الماء ثم يشربونه او يصبون عليه وانما سميت رقية لانها كلمات رقيت من صدر الراقي فبعضها فهويه وبعضها قبطية وبعضها بلا معنى يزعمون انها مسموعة من الجن او فى المنام ومنها الخلقطيرات وهى خطوط عقدت عليها حروف وإشكال اى حلق ودوائر يزعمون ان لها تأثيرات بالخاصية ومنها الشعبذة ويقال لها الشعوذة معرب «شعباذة» اسم رجل ينسب اليه هذا العلم وهى خيالات مبنية على خفة اليد وأخذ البصر فى تقليب الأشياء كالمشى على الإرسال واللعب بالمهارق والحقات وغير ذلك والمذهب ان التأثير الحاصل عقيب الكل هو فعل الله تعالى على وفق اجراء عادته ووجه الحكمة فيه لا يعلمه الا هو سبحانه قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء الله تعالى من جنس الكرامات اى اظهار الخواص بالكرامة فان كل أحد لا يقدر على الاستخراج خواص الأشياء فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ الفاء فصيحة اى فالقاه فوقع ما وقع(5/404)
قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)
من اللقف فالقى السحرة حال كونهم سُجَّداً ساجدين كأنما ألقاهم ملقى لشدة خرورهم وبالفارسية [حضرت موسى عصا بيفكند فى الحال اژدهايى شد ودهن خود كشاده تمام أدوات جادوانرا فرو برد ومردم از ترس روى بگريز آوردند وموسى او را بگرفت همان عصا شد جادوان دانستند كه آن سحر نيست زيرا كه سحر سحر ديكر را باطل نكند بلكه قدرت خدا ومعجزه موسى است پس در افكنده شدند يعنى تأمل اين معنى ايشانرا در روى افكند در حالتى كه سجده كنندكان بودند مر خدايرا از روى صدق] وانما عبر عن الخرور بالإلقاء ليشاكل تلك الالقاآت- روى- ان رئيسهم قال كنا نغلب الناس وكانت الآلات تبقى علينا فلو كان هذا سحرا فاين ما ألقيناه من الآلات فاستدل بتغير احوال الأجسام على الصانع العالم القادر وبظهور ذلك على يد موسى على صحة رسالته فتابوا وأتوا بنهاية الخضوع وهو السجود قال جار الله ما أعجب أمرهم القوا حبالهم للكفر والجحود ثم القوا رؤسهم للشكر والسجود فما أعظم الفرق بين الالقاءين قالُوا فى سجودهم وهو استئناف بيانى آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى تأخير موسى عند حكاية كلامهم لرعاية الفواصل ولان فرعون ربى موسى فى صغره فلو اقتصر على موسى او قدم ذكره فربما توهم ان المراد فرعون وذكر هارون على الاستتباع ومعنى اضافة الرب إليهما انه هو الذي يدعو ان اليه واجرى على يديهما ما اجرى قال بعض الكبار من كان له استعداد النظر الى عالم الغيب وباشر حظوظ النفس احتجب عنه فاذا انقطع الى الله نظر الله الى قلبه بنعت الإخلاص واليقين وكشف الله له أنوار حضرته وجذبه الى قربه فالسحرة مجذوبون مهتدون بالله الى الله مؤمنون بالبرهان لا بالتقليد وان فرعون ما رأى برهان الربوبية فلم يؤمن قالَ فرعون للسحرة بطريق التوبيخ آمَنْتُمْ لَهُ اى لموسى واللام لتضمين الفعل معنى الاتباع واللام مع الايمان فى كتاب الله لغيره وفى بحر العلوم له اى لربهما على ان اللام بمعنى الباء والدليل القاطع عليه قوله (قال) اى فرعون آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ فى سورة الأعراف وآمنتم بالمد على الاخبار اى فعلتم هذا الفعل توبيخا لهم قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ اى من غير ان آذن لكم فى الايمان له وأمركم به كما فى قوله تعالى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي لا ان الاذن لهم فى ذلك واقع بعده او متوقع والاذن فى الشيء اعلام بإجازته واذنته بكذا وآذنته بمعنى إِنَّهُ يعنى موسى لَكَبِيرُكُمُ اى فى فنكم وأعلمكم به وأستاذكم الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فتواطأتم على ما فعلتم قال الكاشفى [يعنى استاد ومعلم ومهتر جادوانست شما با هم خواهيد كه ملك برابر اندازند] وأراد التلبيس على قومه لئلا يتبعوا السحرة فى الايمان لانه عالم ان موسى ما علمهم السحر يعنى ان هذه شبهة زورها اللعين والقاها على قومه وأراهم ان امر الايمان منوط باذنه فلما كان ايمانهم بغير اذنه لم يكن معتدا به وانهم من تلامذته عليه السلام فلا عبرة بما أظهره كما لا عبرة بما أظهروه وذلك لما اعتراه من الخوف من اقتداء الناس بالسحرة في الايمان بالله ثم اقبل عليهم بالوعيد المؤكد حيث قال فَلَأُقَطِّعَنَّ اى فو الله لاقطعن وصيغة التفعيل للتكثير وكذا فى الفعل الآتي والقطع فصل شىء مدركا بالبصر كالاجسام او مدركا بالبصيرة كالاشياء المعقولة أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ(5/405)
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
الخلاف أعم من الضد لان كل ضدين مختلفان دون العكس. والمعنى من كل شق طرفا وهو ان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ومن فيه لابتداء الغاية اى ابتداء القطع من مخالفة العضو العضو لامن وفاقه إياه فان المبتدئ من المعروض مبتدئ من العارض ايضا وهى مع مجرورها فى حيز النصب على الحالية اى لاقطعنها مختلفا لانها إذا خالف بعضها بعضا بان هذا يد وذاك رجل وهذا يمين وذاك يسار فقد اتصفت بالاختلاف وتعيين القطع وكيفيته لكونه أفظع من غيره وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ الصلب الذي هو تعليق الإنسان للقتل قيل هو شد صلبه على خشب اى على اصول النخل فى شاطئ النيل: وبالفارسية [وهر آيينه بر آويزم شما را در تن خرما بن كه درازترين درختانست تا همه كس شما را به بيند وعبرت كيرد] وإيثار كلمة فى للدلالة على ابقائهم عليها زمانا طويلا تشبيها لاستقرارهم عليها باستقرار المظروف فى الظرف المشتمل عليه قالوا فرعون موسى هو أول من استعمل الصلب فان قيل مع قزب عهده بانقلاب العصا حية وقصدها ابتلاع قصره واستغاثته بموسى من شرها كيف يعقل ان يهدّد السحر الى هذه الحد ويستهزئ بموسى قلنا يجوز ان يكون فى أشد الخوف ويظهر الجلادة تمشية لناموسه وترويجا لامره والاستقراء يوقفك على أمثاله وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا اى انا وموسى أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى أدوم وموسى لم يكن فى شىء من التعذيب الا ان فرعون ظن السحرة خافوا من قبل موسى على أنفسهم حين رأوا ابتلاع عصاه لحبالهم وعصيهم فقال ما قال وعلى ما سبق من بحر العلوم فى آمَنْتُمْ لَهُ يكون المراد ب أَيُّنا نفسه ورب موسى وفى التأويلات النجمية وانما قال أَشَدُّ عَذاباً لانه كان بصيرا بعذاب الدنيا وشدته وقد كان أعمى بعذاب الاخرة وشدته قالُوا غير مكترثين بوعيده قال الكاشفى [ساحران چون از جام جذبه حقانى مست شده بودند واز أنوار تواتر ملاطفات ربانى كه بر دل ايشان تافته بود از دست شده خورده يكجرعه از كف ساقى هر چهـ فانيست كرده در باقى دامن از فكر غير افشانده ليس فى الدار غيره خوانده لا جرم در جواب فرعون كفتند] لَنْ نُؤْثِرَكَ لن نختارك بالايمان والاتباع عَلى ما جاءَنا من الله على يد موسى مِنَ الْبَيِّناتِ من المعجزات الظاهرة التي لا شبهة فى حقيتها وكان من استدلالهم انهم قالوا لو كان هذا سحرا فاين حبالنا وعصينا وفيه اشارة الى ان القوم شاهدوا فى رؤية الآيات أنوار الذات والصفات فهان عليهم عظائم البليات ومن آثر الله على الأشياء هان عليه ما يلقى فى ذات الله وقد قال بعض الكبار ليخفف ألم البلاء عنك علمك ان الله هو المبلى وَالَّذِي فَطَرَنا اى خلقنا وسائر المخلوقات عطف على ما جاءنا وتأخيره لان ما فى ضمنه آية عقلية نظرية وما شاهده آية حسية ظاهرة وقال بعضهم هو قسم محذوف الجواب لدلالة المذكور عليه اى وحق الذي فطرنا لا نؤثرك فان القسم لا يجاب بلن الا على شذوذ وفى التفسير الفارسي [وسوكنده ميخوريم بخدايى كه ما را آفريد] وفى التأويلات اى بالذي فطرنا على فطرة الإسلام والتعرض للفاطرية(5/406)
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75)
لا يجابها عدم إيثارهم فرعون عليه تعالى فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ جواب عن تهديده بقوله لاقطن اى فاصنع ما أنت صانعه او احكم فينا ما أنت فيه حاكم من القطع والصلب وفى التأويلات اى فاحكم واجر علينا ما قضى الله لنا فى الأزل من الشهادة إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا اى انما تصنع ما تهواه او تحكم بما تراه فى هذه الحياة الدنيا ومدة حياتنا فحسب فسيزول أمرك وسلطانك عن قريب وما لنا من رغبة فى عذبها ولا رهبة من عذابها [امروز بجور هر چهـ خواهى ميكن فردا بتو نيز هر چهـ خواهند كنند] إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا من الكفر والمعاصي ولا يؤاخذ بها فى الدار الآخرة لا ليمتعنا بتلك الحياة الفانية حتى نتأثر بما اوعدتنا به من القطع والصلب والمغفرة صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس. والخطايا جمع الخطية والفرق بينها وبين السيئة ان السيئة قد تقال فيما يقصد بالذات والخطية فيما يقصد بالعرض لانها من الخطأ وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ عطف على خطايانا اى ويغفر لنا السحر الذي عملناه فى معارضة موسى با كراهك وحشرك إيانا من المدائن القاصية خصوه بالذكر مع اندراجه فى خطاياهم إظهارا لغاية نفرتهم منه ورغبتهم فى مغفرته وَاللَّهُ خَيْرٌ اى فى ذاته وهو ناظر الى قولهم والذي فطرنا وَأَبْقى اى جزاء ثوابا كان او عقابا او خير لنا منك ثوابا ان اطعناه وأدوم عذابا منك ان عصيناه وفى التأويلات النجمية وَاللَّهُ خَيْرٌ فى إيصال الخير ودفع الشر منك وَأَبْقى خيره من خيرك وعذابه من عذابك قال الحسن سبحان الله لقوم كفارهم أشد الكافرين كفرا ثبت فى قلوبهم الايمان طرفة عين فلم يتعاظم عندهم ان قالوا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ فى ذات الله والله ان أحدهم اليوم ليصحب القرآن ستين عاما ثم انه ليبيع دينه بثمن حقير: قال الشيخ سعدى قدس سره
زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم ادب ميفروشد بنان
كجا عقل با شرح فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد
بدين اى فرومايه دينى مخر ... چوخرها بانجيل عيسى مخر
إِنَّهُ اى الشأن وهو تعليل من جهتهم لكونه تعالى خيرا وأبقى مَنْ [كس كه] يَأْتِ [آيد در روز قيامت] رَبَّهُ [نزديك پروردگار او] مُجْرِماً حال كونه متوغلا فى اجرامه منهمكا فيه بان يموت على الكفر والمعاصي ولانه مذكور فى مقابلة المؤمن فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها فينتهى عذابه ويستريح وهذا تحقيق لكون عذابه أبقى وَلا يَحْيى حياة ينتفع بها وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً به تعالى وبما جاء من عنده من المعجزات التي من جملتها ما شاهدناه قَدْ اى وقد عَمِلَ الصَّالِحاتِ الصالحة كالحسنة جارية مجرى الاسم ولذلك لا تذكر غالبا مع الموصوف وهى كل ما استقام من الأعمال بدليل العقل والنقل فَأُولئِكَ اشارة الى من والجمع باعتبار معناها اى فاولئك المؤمنون العاملون للصالحات لَهُمُ بسبب ايمانهم وأعمالهم الصالحة الدَّرَجاتُ الْعُلى جمع العليا تأنيث الأعلى اى المنازل الرفيعة فى الجنة وفيه اشارة الى الفرق بين اهل الايمان المجرد(5/407)
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)
وبين الجامع بين الايمان والعمل حيث ان الدرجات العالية للثانى وغيرها لغيره جَنَّاتُ عَدْنٍ بدل من الدرجات العلى تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [پيوسته ميرود از زير منازل آن يا أشجار آن جويها] حال من الجنات خالِدِينَ فِيها حال من الضمير فى لهم والعامل معنى الاستقرار او الاشارة وَذلِكَ اى المذكور من الثواب جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى الجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر يقال جزيته كذا وبكذا والفرق بين الاجر والجزاء ان الاجر يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال الا فى النفع دون الضر والجزاء يقال فيما كان عن عقد وعن غير عقد ويقال فى النافع والضار والمعنى جزاء من تطهر من دنس الكفر والمعاصي بما ذكر من الايمان والأعمال الصالحة وهذا تحقيق لكون ثواب الله تعالى أبقى وفى الحديث (ان اهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدرىّ فى أفق السماء وان أبا بكر وعمر منهم وأنعما) اى هما اهل لهذا قالوا ليس فى القرآن ان فرعون فعل باولئك المؤمنين ما أوعدهم به ولم يثبت فى الاخبار كما فى الاخبار وقال فى التفسير الكبير نقلا عن ابن عباس رضى الله عنهما كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء وفى بحر العلوم أصبحوا كفرة وامسوا أبرارا شهداء: وفى المثنوى
ساحران در عهد فرعون لعين ... چون مرى كردند با موسى بكين «1»
ليك موسى را مقدم داشتند ... ساحران او را مكرّم داشتند
زانكه كفتندش كه فرمان آن تست ... كر تو مى خواهى عصا بفكن نخست
كفت نى أول شما اى ساحران ... افكنيد آن مكرها را در ميان
اين قدر تعظيم ايشانرا خريد ... واز مرى آن دست و پاهاشان بريد
ساحران چون قدر او نشناختند ... دست و پادر جرم آن در باختند
فدلت هذه الاخبار على كونهم شهداء وان فرعون استعمل الصلب فيهم والا لم يكن أول من صلب فعلى العاقل ان يختار الله تعالى ويتزكى عن الأخلاق الذميمة النفسانية والأوصاف الشنيعة الشيطانية ويتحلى بالأخلاق الروحانية الربانية ويبذل المال والروح لينال أعلى الفتوح جعلنا الله وإياكم من اهل الولاء وممن هان عليه البلاء وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وبالله لقد أوحينا اليه بعد اجراء الآيات التسع فى نحو من عشرين سنة كما فى الإرشاد يقول الفقير يخالفها ما فى بعض الروايات المشهورة من ان موسى عليه السلام دعا ربه فى حق فرعون وقومه فاستجيب له ولكن اثره بعد أربعين سنة على ما قالوا عند قوله تعالى قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما أَنْ مفسرة بمعنى اى او مصدرية اى بان أَسْرِ بِعِبادِي السرى والإسراء سير الليل اى قال سر ببني إسرائيل من مصر ليلا: وبالفارسية [بشب ببر بندگان مرا] امر بذلك لئلا يعوقهم أعوان فرعون فَاضْرِبْ لَهُمْ فاجعل من قولهم ضرب له فى ماله سهما او فاتخذوا عمل من قولهم ضرب اللبن ادا عمله وفى الجلالين فاضرب لهم بعصاك طَرِيقاً الطريق كل ما يطرقه طارق معتادا كان او غير معتاد قال الراغب الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب فِي الْبَحْرِ البحر
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تعظيم كردن ساحران موسى را كه أول تو عصا بينداز(5/408)
فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)
كل مكان واسع جامع للماء الكثير والمراد هنا بحر القلزم قال فى القاموس هو بلد بين مصر ومكة قرب جبل الطور واليه يضاف بحر القلزم لانه على طرفه او لانه يبتلع من ركبه لان القلزمة الابتلاع يَبَساً صفة لطريقا واليبس المكان الذي كان فيه ماء فذهب قال فى الإرشاد اى يابسا على انه مصدر وصف به الفاعل مبالغة: وبالفارسية [خشك كه درو آب ولاى نبود] لا تَخافُ دَرَكاً حال مقدرة من المأمور اى موسى والدرك محركة اسم من الإدراك كالدرك بالسكون. والمعنى حال كونك آمنا من ان يدرككم العدو وَلا تَخْشى الغرق فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ الفاء فصيحة اى ففعل ما امر به من الاسراء بهم وضرب الطريق وسلوكه فتبعهم فرعون ومعه جنوده حتى لحقوهم وقت اشراق الشمس وهو اضاءتها يقال اتبعهم اى تبعهم وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم فالفرق بين تبعه واتبعه ان يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه- روى- ان موسى خرج بهم أول الليل وكانوا ستمائه وسبعين الفا فاخبر فرعون بذلك فاتبعهم بعساكره وكانت مقدمته سبعمائة الف فقص اثرهم فلحقهم بحيث تراءى الجمعان فعند ذلك ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فانفلق على اثنى عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم وبقي الماء قائما بين الطرق فعبر موسى بمن معه من الأسباط سالمين وتبعهم فرعون بجنوده فَغَشِيَهُمْ سترهم وعلاهم مِنَ الْيَمِّ اى بحر القلزم ما غَشِيَهُمْ اى الموج الهائل الذي لا يعلم كنهه الا الله وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ اى سلك بهم مسلكا ادّاهم الى الخيبة والخسران فى الدين والدنيا معا حيث ماتوا على الكفر بالعذاب الهائل الدنيوي المتصل بالعذاب الخالد الأخروي وَما هَدى اى ما ارشدهم قط الى طريق موصل الى مطلب من المطالب الدينية والدنيوية وهو تقرير لاضلاله وتأكيد له إذ رب مضل قد يرشد من يضله الى بعض مطالبه وفيه نوع تهكم فى قوله وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ فان نفى الهداية من شخص مشعر بكونه ممن تتصور منه الهداية فى الجملة وذلك انما يتصور فى حقه بطريق التهكم يقول الفقير موسى مع قومه اشارة الى الروح القدسي مع قواه وفرعون مع قومه اشارة الى النفس الامارة مع قواها والبحر هو بحر الدنيا فموسى الروح يعبره اما بسفينة الشريعة او بنور الكشف الإلهي ويغرق فرعون النفس لانها تابعة لهواها لا شريعة لها ولا كشف فعلم منه ان اتباع اهل الضلال أنفسا وآفاقا يؤدى الى الهلاك الصوري والمعنوي واقتداء اهل الهدى يفضى الى النجاة الابدية
زينهار از قرين بد زنهار ... وقنا ربنا عذاب النار
واحسن وجوه الاتباع الايمان والتوحيد لان جميع الأنبياء متفقون على ذلك والمؤمن فى حصن حفظه الله تعالى من الأعداء الظاهرة والباطنة فى الدنيا والآخرة- حكى- عن عبد الله بن الثقفي ان الحجاج احضر انس بن مالك وقال له أريد ان أقتلك شر قتلة فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك من دون الله تعالى قال الحجاج ولم ذلك قال لان رسول الله عليه السلام علمنى دعاء وقال (من دعا به فى كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل)(5/409)
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)
وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه قال معاذ الله ان اعلمه لاحد وأنت حى فقال خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين فاتحين افواههما ولما حضرته الوفاة قال لخادمه ان لك على حقا اى حق الخدمة فعلمه الدعاء المذكور وقال له قل (بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء) ثم ان هذا فى الدنيا واما فى الآخرة فيحفظه من النار والعذاب واعلم ان موسى نصح فرعون ولكن لم ينجعه الوعظ فلم يدر قدره ولم يقبل فوصل من طريق الرد والعناد الى الغرق والهلاك نعوذ بالله رب العباد فعلى العاقل ان يستمع الى الناصح: قال الحافظ
امروز قدر پند عزيزان شناختم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد
قوله امروز يريد به وقت الشيخوخة وفيه اشارة الى ان وقت الشباب ليس كوقت الكهولة ولذا ترى اكثر الشباب منكبين على سماع الملاهي معرضين عن الناصح الإلهي فمن هداه الله تعالى رجع الى نفسه ودعا لناصحه لانه ينصح حروفه بالفارسية [ميدوزد دريدهاى او] ولا بد للسالك من مرشد ومجاهدة ورياضة فان مجرد وجود المرشد لا ينفعه مادام لم يسترشد ألا ترى ان فرعون عرف حقية موسى وما جاء به لكنه ابى عن سلوك طريقه فلم ينتفع به فالاول الاعتقاد ثم الإقرار ثم الاجتهاد وقد قال بعضهم «ان السفينة لا تجرى على اليبس» والنفس تجر الى الدعة والبطالة وقد قال تعالى انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فالعبادة لازمة الى ان يأتى اليقين حال النشاط والكراهة والجهاد ماض الى يوم القيامة: قال المولى الجامى قدس سره
بي رنج كسى چون نبرد ره بسر گنج ... آن به كه بكوشم بتمنا ننشينم
نسأل الله تعالى ان يوفقنا لطريق مرضاته ويوصلنا الى جناب حضرته يا بَنِي إِسْرائِيلَ اى قلنا لهم بعد إغراق فرعون وقومه وانجائهم منهم قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فرعون وقومه حيث كانوا يذبحون ابناءكم ويستحيون نساءكم ويستخدمونكم فى الأعمال الشاقة والعدو يجئ فى معنى الوحدة والجماعة وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ بالنصب على انه صفة للمضاف اى واعدناكم بوساطة نبيكم إتيان جانبه الايمن نظرا الى السالك من مصر الى الشام والا فليس للجبل يمين ولا يسار اى إتيان موسى للمناجاة وإنزال التوراة عليه ونسبة المواعدة إليهم مع كونها لموسى نظرا الى ملابستها إياهم وسراية منفعتها إليهم وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ هو شىء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر يقال له الترنجبين معرب «كرنكبين» وَالسَّلْوى طائر يقال له السمانى كان ينزل عليهم المن وهم فى التيه مثل الثلج من الفجر الى الطلوع لكل انسان صاع ويبعث عليهم الجنوب السمانى فيذبح الرجل ما يكفيه والتيه المفازة التي يتاه فيها وذلك حين أمروا بان يدخلوا مدينة الجبارين فابوا ذلك فعاقبهم الله بان يتيهوا فى الأرض أربعين سنة كما مر فى سورة المائدة ومثل ذلك كمثل الوالد المشفق يضرب ولده العاصي ليتأدب وهو لا يقطع عنه إحسانه فقد ابتلوا بالتيه ورزقوا بما لا تعب فيه
اى كريمى كه از خزانه غيب ... كبر وترسا وظيفه خوردارى(5/410)
كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)
دوستانرا كجا كنى محروم ... تو كه با دشمنان نظر دارى
كُلُوا اى وقلنا لكم كلوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى من لذائذه او حلالاته قال الراغب اصل الطيب ما تستلذه الحواس والنفس والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز ومن المكان الذي يجوز فانه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم والا فانه وان كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وَلا تَطْغَوْا فِيهِ الطغيان تجاوز الحد فى العصيان اى ولا تتجاوزا الحد فيما رزقناكم بالإخلال بشكره وبالسرف والبطر والمنع من المستحق والادخار منه لا كثر من يوم وليلة فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي جواب للنهى اى فيلزمكم عقوبتى وتجب لكم من حل الدين يحل بالكسر إذا وجب أداؤه واما يحل بالضم فهو بمعنى الحلول اى النزول والغضب ثوران دم القلب عند ارادة الانتقام وإذا وصف الله تعالى به فالمراد الانتقام دون غيره: وفى المثنوى
شكر منعم واجب أمد در خرد ... ور نه بگشايد در خشم ابد
وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى تردى وهلك واصله ان يسقط من جبل فيهلك ومن بلاغات الزمخشري من أرسل نفسه مع الهوى فقد هوى فى ابعد الهوى وفى التأويلات النجمية ونزلنا عليهم المن من صفاتنا والسلوى سلوى أخلاقنا كلوا من طيبات ما رزقناكم اى اتصفوا بطيبات صفاتنا وتخلقوا بكرائم أخلاقنا التي شرفناكم بها اى لو لم تكن العناية الربانية لما نجا الروح والقلب وصفاتهما من شر فرعون النفس وصفاتها ولولا التأييد الإلهي لما اتصفوا بصفات الله ولا تخلقوا بأخلاقه ثم قال ولا تطغوا فيه اى إذا استغنيتم بصفاتى واخلاقى عن صفاتكم وأخلاقكم فلا تطغوا بان تدعوا العبودية وتدعوا الربوبية وتسموا باسمي بان اتصفتم بصفاتى كما قال بعضهم انا الحق وبعضهم سبحانى وما أشبه هذه الأحوال مما يتولد من طبيعة الانسانية فان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى وان طغيان هذه الطائفة بمثل هذه المقالات وان كانت هى من أحوالهم لان الحالات لا تصلح للمقامات وهى موجبة للغضب كما قال تعالى فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى نجعل كل معاملاته فى العبودية هباء منثورا ولهذا الوعيد امر الله عباده فى الاستهداء بقوله اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اى اهدنا هداية غير من أنعمت عليه بتوفيق الطاعة والعبودية ثم ابتليته بطغيان يحل عليه غضبك وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لستور لِمَنْ تابَ من الشرك والمعاصي التي من جملتها الطغيان فيما ذكر قال فى المفاتيح شرح المصابيح الفرق بين الغفور والغفار ان الغفور كثير المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس ولعل الغفار ابلغ منه لزيادة بنائه وقيل الفرق بينه وبين الغفار ان المبالغة فيه من جهة الكيفية وفى الغفار باعتبار الكمية وَآمَنَ بما يجب الايمان به وَعَمِلَ صالِحاً مستقيما عند الشرع والعقل وفيه ترغيب لمن وقع منه الطغيان فيما ذكر وحث على التوبة والايمان ثُمَّ اهْتَدى اى استقام على الهدى ولزمه حتى الموت وهو اشارة الى ان من لم يستمر عليه بمعزل من الغفران وثم للتراخى الرتبى قال فى بحر العلوم ثم لتراخى الاستقامة على الخير عن الخير(5/411)
وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)
نفسه وفضلها عليه لانها أعلى منه وأجل لان الشأن كله فيها وهى مزلة أقدام الرجال قال ابن عطاء وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ اى رجع من طريق المخالفة الى طريق الموافقة وصدق موعود الله فيه واتبع السنة ثُمَّ اهْتَدى اقام على ذلك لا يطلب سواه مسلكا وطريقا
راه سنت روا كر خواهى طريق مستقيم ... كز سنن راهى بود سوى رضاى ذو المنن
هر مژده در چشم وى همچون سنانى باد تيز ... كر سنان زندگى خواهد زمانى بي سنن
وفى التأويلات النجمية اى رجع من الطغيان بعبادة الرحمن وَعَمِلَ صالِحاً بالعبودية للربوبية ثُمَّ اهْتَدى اى تحقق له ان تلك الحضرة منزهة عن دنس الوهم والخيال وان الربوبية قائمة والعبودية دائمة اعلم ان التوبة بمنزلة الصابون فكما ان الصابون يزيل الأوساخ الظاهرة فكذلك التوبة تزيل الأوساخ الباطنة اعنى الذنوب- روى- ان رجلا قال للدينورى ما اصنع فكلما وقفت على باب المولى صرفتنى البلوى فقال كن كالصبى مع امه كلما ضربته يجزع بين يديها فلا يزال كذلك حتى تضمه إليها والتوبة على اقسام. فتوبة العوام من السيئات. وتوبة الخواص من الزلات والغفلات. وتوبة الأكابر من رؤية الحسنات والالتفات الى الطاعات وشرائط التوبة ثلاثة. الندم بالقلب. والاعتذار باللسان بان يستغفر الله. والإقلاع بالجوارح وهو الكف عن الذنب وفى الحديث (المستغفر باللسان المصر على الذنوب كالمستهزئ بربه) : وقال المولى الجامى قدس سره
دارم جهان جهان كنه اى شرم روى من ... چون روى ازين جهان بجهان دكر نهم
ياران دواسبه عازم ملك يقين شدند ... تا كى عنان عقل بدست كمان دهم
با خلق لاف توبه ودل بر كنه مصر ... كس پى نمى برد كه بدين كونه كمرهم
وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى مبتدأ وخبر اى وقلنا لموسى عند ابتداء موافاته الميقات بموجب المواعدة المذكورة أي شىء حملك على العجلة وأوجب سبقتك منفردا عن قومك وهم النقباء السبعون المختارون للخروج معه الى الطور وذلك انه سبقهم شوقا الى ميعاد الله وأمرهم ان يتبعوه كما فى الجلالين قال فى العرائس ضاق صدر موسى من معاشرة الخلق وتذكر ايام وصال الحق فعلة العجلة الشوق الى لقاء الله تعالى قال الكاشفى [آورده اند كه بنى إسرائيل بعد از هلاك فرعون از موسى عليه السلام استدعا نمودند كه از براى ما قواعد شريعتى واحكام آن مبين ساز موسى در آن باب با حضرت رب الأرباب مناجات كرد خطاب رسيد كه با جمعى از اشراف بنى إسرائيل بكوه طور آي تا كتابى كه جامع احكام شرع باشد بتو دهم موسى هارون را بجاى خود بگذاشت وبا وجوه قوم كه هفتاد تن بودند متوجه طور شدند قوم را وعده كرد كه چهل روز ديكر مى آيم وكتاب مى آورم و چون بنزديك طور رسيدند قوم را بگذاشت واز غايت اشتياق كه بكلام و پيام الهى داشت زودتر بالاى كوه بر آمد خطاب ربانى رسيد كه وَما أَعْجَلَكَ إلخ وجه چيز شتابان ساخت ترا تا تعجيل كردى و پيش آمدى از كروه خود اى موسى] يقول الفقير هذا سؤال انبساط كقوله تعالى وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ لا سؤال انكار كما ظن اكثر المفسرين من الاجلاء(5/412)
قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)
وغيرهم قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي يجيؤن بعدي: وبالفارسية [كفت موسى كه ايشان كروه مردان اينك مى آيند بر پى من وساعت بساعت برسند] وَعَجِلْتُ بسبقى إياهم إِلَيْكَ [بسوى تو] رَبِّ [اى پروردگار من] لِتَرْضى عنى بمسارعتى الى الامتثال بامرك واعتنائى بالوفاء بعهدك وفى الآيتين اشارة الى معانى مختلفة منها ليعلم ان السائر لا ينبغى ان يتوانى فى السير الى الله ويرى ان رضى الله فى استعجاله فى السير والعجلة ممدوحة فى الدين قال تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ والأصل الطلب: وفى المثنوى
كر كران وكر شتابنده بود ... آنكه جوينده است يابنده بود «1»
در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبر است
وقد ورد (ان الأمور مرهونة باوقاتها) ولذا قال
چوصبح وصل او خواهد دميدن عاقبت جامى ... مخور غم كر شب هجران بپايان دير مى آيد
ومنها ينبغى ان السائر لا يتعوق بعائق فى السير وان كان فى الله ولله كما كان حال موسى فى السير الى الله فما تعوق بقومه واستعجل فى السير وبطلت العوائق وقد صح ان المجنون العامري ترك الناقة فى طريق ليلى لكونها عائقة عن سرعة السير الى جنابها فمشى على الوجه كما قال فى المثنوى
راه نزديك وبماندم سخت دير ... سير كشتم زين سوارى سير سير «2»
سرنكون خود را ز اشتر در فكند ... كفت سوزيدم ز غم تا چند چند
تنك شد بروى بيابان فراخ ... خويشتن افكند اندر سنكلاخ
چون چنان افكند خود را سوى پست ... از قضا آن لحظه پايش هم شكست
پاى را بر بست وكفتا كو شوم ... در خم چوكان غلطان مى روم
عشق مولى كى كم از ليلى بود ... كوى كشتن بهر او اولى بود
كوى شو مى كرد بر پهلوى صدق ... غلط غلطان در حم چوكان عشق
ومنها ان قصد السائر الى الله تعالى ونيته ينبغى ان يكون خالصا لله وطلبه لا لغيره كما قال وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ كان قصده الى الله: قال الكمال الخجندي
سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست
ومنها ان يكون مطلوب السائر من الله رضاه لا رضى نفسه منه كما قال لِتَرْضى كما فى التأويلات النجمية قالَ الله تعالى وهو استئناف بيانى فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ القيناهم فى فتنة من بعد خروجك من بينهم وابتليناهم فى ايمانهم بخلق العجل وهم الذين خلفهم مع هارون على ساحل البحر وكانوا ستمائة الف ما نجا منهم من عبادة العجل الا اثنا عشر الفا قال الله تعالى لموسى أتدرى من اين أتيت قال لا يا رب قال حين قلت لهارون اخلفني فى قومى اين كنت انا حين اعتمدت على هارون وفيه اشارة الى ان طريق الأنبياء ومتبعيهم محفوف بالفتنة والبلاء كما قال عليه السلام (ان البلاء موكل بالأنبياء الأمثل فالامثل) وقد قيل ان البلاء للولاء كاللهب للذهب والى ان فتنة الامة والمريد مقرونة بمفارقة الصحبة من النبي والشيخ
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده إلخ
(2) در اواسط دفتر چهارم در بيان چاليش عقل با نفس همچون تنازع مجنون با ناقه وميل مجنون سوى حره وميل ناله سوى كره إلخ(5/413)
فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)
كما قال تعالى (فانا قد فتنا قومك من بعدك) اى بعد مفارقتك إياهم فان المسافر إذا انقطع عن صحبة الرفقة افتتن بقطاع الطريق والغيلان: قال الحافظ
قطع اين مرحله بي همرهئ خضر مكن ... ظلماتست بترس از خطر گمراهى
- روى- انهم أقاموا على ما وصى به موسى عشرين ليلة بعد ذهابه فحسبوها مع أيامها أربعين وقالوا قد اكملنا العدة وليس من موسى عين ولا اثر وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ حيث كان هو المدبر فى الفتنة والداعي الى عبادة العجل قال فى الاسئلة المقحمة أضاف الإضلال الى السامري لانه كان حصل بتقريره ودعوته وأضاف الفتنة الى نفسه لحصولها بفعله وقدرته وإرادته وخلقه وعلى هذا ابدا اضافة الأشياء الى أسبابها ومسبباتها انتهى واخباره تعالى بوقوع هذه الفتنة عند قدومه عليه السلام اما باعتبار تحققها فى علمه ومشيئته تعالى واما بطريق التعبير عن المتوقع بالواقع او لان السامري قد عزم على إيقاع الفتنة على ذهاب موسى وتصدى لترتيب مباديها فكانت الفتنة واقعة عند الاخبار. والسامري رجل من عظماء بنى إسرائيل منسوب الى قبيلة السامرة منهم او علج من اهل كرمان من قوم يعبدون البقر وحين دخل ديار بنى إسرائيل اسلم معهم وفى قلبه حب عبادة البقر فابتلى الله بنى إسرائيل فكشف له عن بصره فرأى اثر فرس الحياة لجبريل ويقال له حيزوم وأخذ من ترابه وألقاه بوحي الشيطان فى الحلي المذابة كما يجيئ قال الكاشفى [أصح آنست كه او از اسرائيليانست ودر وقتى كه فرعون ابناى ايشانرا مى كشت او متولد شده ومادر بعد از تولد او را بكنار نيل در جزيره بيفكند وحق سبحانه جبرائيل را امر فرمود تا او را پرورش دهد ومأكول ومشروب وى مهيا كرداند محافظت نموده ازين وقت كه موسى بطور رفت سامرى نزد هارون آمده كفت قدرى پيرايه كه از قبطيان عاريت كرفته ايم با ماست وما را در آن تصرف كردن روا نيست ومى بينم كه بنى إسرائيل آنرا مى خرند ومى فروشند حكم فرماى تا همه جمع كنند وبسوزند هارون امر فرمود كه تمام پيرايه ها آوردند ودر حفره ريختند ودر آن آتش زنند وسامرى زركرى چالاك بود همين كه ان زر بگداخت وى قالبى ساخته بود وآن زر كداخته در ان ريخته وشكل كوساله بيرون آورد وقدرى از خاك زير سم جبريل كه فرس الحياة مى كفتند در درون وى ريخت فى الحال زنده كشت وكوشت و پوست برو پيداشت وبآواز در آمد وكويند زنده نشد ليك بآن وضع ريخته بود بانكى كرد كه چهار دانك قوم بنى إسرائيل ويرا سجده كردند حق تعالى موسى را خبر داد كه قوم تو بعد از خروج تو كوساله پرست شدند] فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ اى بعد ما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذى الحجة وأخذ الألواح المكتوب فيها التوراة وكانت الف سورة كل سورة الف آية يحمل اسفارها سبعون جملا غَضْبانَ [خشمناك پريشان] أَسِفاً [اندوهگين از عمل ايشان] اى شديد الحزن على ما فعلوا او شديد الغضب ومنه قوله عليه السلام فى موت الفجأة (رحمة للمؤمنين واخذة أسيف للكافرين) قال الامام الراغب الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد قال الكاشفى [چون بميان قوم رسيد بانك(5/414)
قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)
وخروش ايشان شنيد كه كردا كرد كوساله دف ميزدند ورقص ميكردند بعتاب آغاز كرد از روى ملامت] قالَ يا قَوْمِ [اى كروه من] أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً بان يعطيكم التوراة فيها ما فيها من النور والهدى اى وعدكم وعدا صادقا بحيث لا سبيل لكم الى إنكاره قال فى بحر العلوم وَعْداً حَسَناً اى متناهيا فى الحسن فانه تعالى وعدهم ان يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور ولا وعد احسن من ذلك وأجمل وفيه اشارة الى ان الله تعالى إذا وعد قوما لا بد له من الوفاء بالوعد فيحتمل ان يكون ذلك الوفاء فتنة للقوم وبلاء لهم كما كان لقوم موسى إذ وعدهم الله بايتاء التوراة ومكالمته موسى وقومه السبعين المختارين فلما وفى به تولدت لهم الفتنة والبلاء من وفائه وهى الضلال وعبادة العجل ولكن الوعد لما كان موصوفا بالحسن كان البلاء الحاصل من الوعد الحسن بلاء حسنا وكان عاقبة أمرهم التوبة والنجاة ورفعة الدرجات أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ الفاء للعطف على مقدر والهمزة لانكار المعطوف ونفيه فقط اى او عدكم ذلك فطال زمان الإنجاز فاخطأتم بسببه وفى الجلالين مدة مفارقتى إياكم يقال طال عهدى بك اى طال زمانى بسبب مفارقتك أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ يجب كما سبق عَلَيْكُمْ غَضَبٌ عذاب عظيم وانتقام شديد كائن مِنْ رَبِّكُمْ من مالك أمركم على الإطلاق بسبب عبادة ما هو مثل فى الغباوة والبلادة فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي اى وعدكم إياي بالثبات على ما أمرتكم به الى ان ارجع من الميقات على اضافة المصدر الى مفعوله والفاء لترتيب ما بعدها على كل واحد من شقى الترديد على سبيل البدل كأنه قيل أنسيتم الوعد بطول العهد فاخلفتموه خطأ أم أردتم حلول الغضب عليكم فاخلفتموه عمدا قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ اى وعدنا إياك الثبات على ما امرتنا به بِمَلْكِنا اى بقدرتنا واختيارنا لكن غلبنا من كيد السامري وتسويله وذلك ان المرء إذا وقع فى البلية والفتنة لم يملك نفسه ويكون مغلوبا والملك القدرة وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ جمع وزر بالكسر بمعنى الحمل الثقيل اى أحمالا من حلى القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس فَقَذَفْناها اى طرحنا الحلي فى النار رجاء للخلاص من ذنبها فَكَذلِكَ اى مثل ذلك القذف أَلْقَى السَّامِرِيُّ اى ما معه من الحلي وقد كان أراهم انه ايضا يلقى ما كان معه من الحلي فقالوا ما قالوا على زعمهم وانما كان الذي ألقاه التربة التي أخذها من اثر فرس الحياة وكان لا يخالط شيأ الا غيره وهو من الكرامة التي خصها الله بروح القدس فَأَخْرَجَ اى السامري بسبب ذلك التراب لَهُمْ اى للقائلين عِجْلًا من تلك الحلي المذابة وهو ولد البقرة جَسَداً بدل منه او جثة ذادم ولحم او جسدا من ذهب لاروح له ولا امتناع فى ظهور الخارق على يد الضال لَهُ خُوارٌ نعت له يقال خار العجل خوارا إذا صاح اى صوت عجله فسجدوا له فَقالُوا اى السامري ومن افتتن به أول ما رأى هذا العجل إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ اى غفل عنه وذهب يطلبه فى الطور وهذا حكاية نتيجة فتنة السامري فعلا وقولا من جهته تعالى قصدا الى زيادة تقريرها ثم ترتيب الإنكار عليها لا من جهة القائلين والا لقيل فاخرج لنا ولا شك ان الله خلقه ابتلاء لعباده ليظهر الثابت(5/415)
أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)
من الزائغ واعجب من خلق الله العجل خلقه إبليس محنة لهم ولغيرهم أَفَلا يَرَوْنَ الفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى ألا يتفكرون فلا يعلمون ان مخففة من الثقيلة اى انه أَلَّا يَرْجِعُ [باز نمى كرداند كوساله] إِلَيْهِمْ [بسوى ايشان] قَوْلًا كلاما ولا يرد عليهم جوابا: يعنى [هر چند او را مى خوانند جواب نمى دهد] فكيف يتوهمون انه آله فقوله يرجع من الرجع المتعدى بمعنى الاعادة لا من الرجوع اللازم بمعنى العود وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً اى لا يقدر على ان يدفع عنهم ضررا او يجلب لهم نفعا قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان الله تعالى إذا أراد ان يقضى قضاء سلب ذوى العقول عقولهم وأعمى أبصارهم بعد ان رأوا الآيات وشاهدوا المعجزات كأنهم لم يروا شيأ فيها فلهذا قال أَفَلا يَرَوْنَ يعنى العجل وعجزه أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا اى شيأ من القول وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً انتهى وفى الآيات إشارات منها ان الغضب فى الله من لوازم نشأة الإنسان الكامل لانه مرآة الحضرة الالهية وهى مشتملة على الغضب ورد عن النبي عليه السلام انه كان لا يغضب لنفسه وإذا غضب لله لم يقم لغضبه شىء فمن العباد من يغضب الحق لغضبه ويرضى لرضاه بل من نفسى غضبه غضب الحق وعين رضاه هو رضى الحق فمطلق غضبهم فى الحقيقة عبارة عن تعين غضب الحق فيهم من كونهم مجاليه ومجالى أسمائه وصفاته لا كغضب الجمهور قال ابو عبد الله الرضى ان الله لا يأسف كاسفنا ولكن له اولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه قال وعلى ذلك قال (من أهان لى وليا فقد بارزني فى المحاربة) فعلى العاقل ان يتبع طريق الأنبياء والأولياء ويغضب للحق إذا رأى منكرا
كرت نهى منكر بر آيد ز دست ... نشايد چوبى دست و پايان نشست
چودست وزبانرا نماند مجال ... بهمت نمايند مردى رجال
ومنها يا من اسباب غضب الله تعالى اخلف بالوعد ونقض العهد فلابد لطالب الرحمة من الاستقامة والثبات
از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود
[وفى وصايا الفتوحات حق تعالى بموسى عليه السلام وحي كرد هر كه باميد تو آيد او را بي بهره مكذار وهر كه زينهار خواست او را زينهار ده. موسى در سياحت بود ناكاه كبوترى بر كتف او نشست وبازي در عقب او مى آمد وقصد آن كبوتر داشت بر كتف ديكر فرو آمد آن كبوتر در آستين موسى در آمد وزينهار مى خواست وباز بزبان فصيح بموسى آواز داد كه اى پسر عمران مرا بى بهره مكذار وميان من ورزق من جدايى ميفكن موسى كفت چهـ زود مبتلا شدم ودست كرد تا ازران خود پاره قطع كند براى طعمه باز تا حفظ عهد كرده باشد وبكار هر دو وفا نموده كفتند يا ابن عمران تعجيل مكن كه ما رسولانيم وغرض آن بود كه صحت عهد تو آزمايش كنيم] أيا سامعا ليس السماع ينافع إذا أنت لم تفعل فما أنت سامع إذا كنت فى الدنيا من الخير عاجزا فما أنت فى يوم القيامة صانع(5/416)
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)
ومنها ان متاع الدنيا سبب الغرور والفساد والهلاك ألا ترى ان فرعون اغتر بدنياه فهلك وان السامري صاغ من الحلي عجلا فافسد ولو لم يستصحبوها حين خرجوا من مصر لنجوا من عبادته والابتلاء بتوبته نسأل الله تعالى ان يهدينا هداية كاملة الى جنابه ولا يردنا عن بابه ولا يبتلينا بأسباب عذابه وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ اى وبالله لقد نصح لهم هارون ونبههم على كنه الأمر من قبل رجوع موسى إليهم وخطابه إياهم بما ذكر من المقالات يا قَوْمِ [اى كروه من] إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ اى اوقعتم فى الفتنة بالعجل وأضللتم به على توجيه القصر المستفاد من كلمة انما الى نفس الفعل بالقياس الى مقابله الذي يدعيه القوم لا الى قيده المذكور بالقياس الى قيد آخر على معنى انما فعل بكم الفتنة لا الإرشاد الى الحق لا على معنى انما فتنتم بالعجل لا بغيره وَإِنَّ رَبَّكُمُ المستحق للعبادة هو الرَّحْمنُ المنعم بجميع النعم لا العجل وانما ذكر الرحمن تنبيها على انهم ان تابوا قبل توبنهم وإذا كان الأمر كذلك فَاتَّبِعُونِي فى الثبات على الدين وَأَطِيعُوا أَمْرِي هذا واتركوا عبادة ما عرفتم شأنه وما احسن هذا الوعظ فانه زجرهم عن الباطل بقوله إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وأزال الشبهات اولا وهو كاماطة الأذى عن الطريق ثم دعاهم الى معرفة الله بقوله وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فانها الأصل ثم الى معرفة النبوة بقوله فَاتَّبِعُونِي) ثم الى الشرائع فقال وَأَطِيعُوا أَمْرِي وفى هذا الوعظ شفقة على نفسه وعلى الخلق اما على نفسه فانه كان مأمورا من عند الله بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومن عند أخيه بقوله اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ فلو لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لخالف امر الله وامر موسى وانه لا يجوز اوحى الله الى يوشع انى مهلك من قومك أربعين الفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار قال انهم لم يغضبوا لغضبى وفى الحديث (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) : قال الشيخ سعدى قدس سره
بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك كوهرند
چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار
تو كز محنت ديكران بي غمى ... نشايد كه نامت نهند آدمي
ثم ان هارون رأى المتهافتين على النار فلم يبال بكثرتهم ولا نفرتهم بل صرح بالحق
بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وهاهنا دقيقة وهى ان الرافضة تمسكوا بقوله عليه السلام (أنت منى بمنزلة هارون من موسى) ثم ان هارون ما منعه التقية فى مثل هذا الجمع العظيم بل صعد المنبر وصرح بالحق ودعا الناس الى متابعة نفسه والمنع من متابعة غيره فلو كانت امة محمد على الخطأ لكان يجب ان يفعل مثل ما فعل هارون وان يصعد المنبر من غير تقية وخوف ويقول فاتبعونى وأطيعوا امرى فلما لم يقل كذلك علمنا ان الامة كانوا على الصواب وقد ثبت ان عليا احرق الزنادقة الذين قالوا بآلهيته لما كانوا(5/417)
قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)
على الباطل قالُوا فى جواب هارون لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ لن نزال على العجل وعبادته عاكِفِينَ مقيمين قال الراغب العكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم قال فى الكبير رحمته تعالى خلصتهم من آفات فرعون ثم انهم لجهلهم قابلوه بالتقليد فقالوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى اى لا نقبل حجتك وانما نقبل قول موسى وقال فى الإرشاد وجعلوا رجوعه عليه السلام إليهم غاية لعكوفهم على عبادة العجل لكن لا على طريق الوعد بتركها عند رجوعه بل بطريق التعلل والتسويف وقد دسوا تحت ذلك انه عليه السلام لا يرجع بشئ مبين تعويلا على مقابلة السامري- روى- انهم لما قالوه اعتزلهم هارون فى اثنى عشر الفا وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح وكانوا يرقصون حول العجل قال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة فقال لهم ما قال وسمع منهم ما قالوا وفى التأويلات النجمية لم يسمعوا قول هارون لانهم عن السمع الحقيقي لمعزولون فلهذا قالُوا لَنْ نَبْرَحَ إلخ وفيه اشارة الى ان المريد إذا استسعد بخدمة شيخ كامل واصل وصحبه بصدق الارادة ممتثلا لاوامره ونواهيه قابلا لتصرفات الشيخ فى إرشاده يصير بنور ولايته سميعا بصيرا يسمع ويرى من الاسرار والمعاني بنور ولاية الشيخ ما لم يكن يسمع ويرى ثم ان ابتلى بمفارقة صحبة الشيخ قبل أوانه يزول عنه نور الولاية او يحتجب بحجاب ما ويبقى أصم وأعمى كما كان حتى يرجع الى صحبة الشيخ ويتنور بنور ولايته قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فما قال لهارون حين سمع جوابهم له وهل رضى بسكوته بعد ما شاهد منهم ما شاهد فقيل قال له وهو مغتاظ وقد أخذ بلحيته ورأسه وكان هارون طويل الشعر يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا اخطأوا طريق عبودية الله بعبادة العجل وبلغوا من المكابرة الى ان شافهوك بالمقالة الشنعاء أَلَّا تَتَّبِعَنِ لا مزيدة وهو مفعول ثان لمنع وهو عامل فى إذ اى أي شىء منعك حين رؤيتك لضلالهم من ان تتبعنى فى الغضب لله والمقاتلة مع من كفر به وان تأتى عقبى وتلحقنى وتخبرني لأرجع إليهم لئلا يقعوا فى هلاك هذه الفتنة او غير مزيدة على ان منعك مجاز عن دعاك. والمعنى ما دعاك الى ترك اتباعى وعدمه فى شدة الغضب لله ولدينه ونظير لا هذه قوله ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ فى الوجهين قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان موسى لما كان بالميقات مستغرقا فى بحر شواهد الحق ما كان يرى غير الحق ولم يكن محتجبا بحجب الوسائط حتى ان الله تعالى ابتلاه بالوسائط بقوله فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ أضاف الفتنة الى نفسه وأحال الإضلال الى السامري اختبارا ليعلم منه انه هل يرى غير الله مع الله فى أفعاله الخير والشر فما التفت الى الوسائط وما رأى الفعل فى مقام الحقيقة على بساط القربة الا منه وقال فى جوابه إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أضاف الفتنة والإضلال اليه تعالى مراعيا حق الحقيقة على قدم الشريعة الى نور الحقيقة قال يا هارون أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي اى بالصلابة فى الدين والمحاماة عليه كما عصى هؤلاء القوم امرى وامر الله فان قوله عليه السلام اخْلُفْنِي متضمن للامر بهما حتما فان الخلافة لا تتحقق الا بمباشرة الخليفة ما كان يباشره المستخلف لو كان حاضرا والهمزة للانكار(5/418)
قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)
التوبيخي والفاء عطف على مقدر يقتضيه المقام اى أخالفتني فعصيت امرى الَ يَا بْنَ أُمَ
الام بإزاء الأب وهى الوالدة القريبة التي ولدته والبعيدة التي ولدت من ولدته ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شىء او تربيته او إصلاحه او مبدئه أم واصله يا ابن أمي أبدل الياء الفا فقيل يا ابن اما ثم حذف الالف واكتفى بالفتحة لكثرة الاستعمال وطول اللفظ وثقل التضعيف وقرئ يا ابن أم بالكسر بحذف الياء والاكتفاء بالكسرة وخص الام بالاضافة استعظاما لحقها وترقيقا لقلبه واعتدادا لنسبها واشارة الى انهما من بطن واحد والا فالجمهور على انهما لاب وأم قال بعض الكبار كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة كما قال تعالى وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا ولذا ناداه بامه إذ كانت الرحمة للام أوفر ولذا صيرت على مباشرة التربية وفى التأويلات النجمية لما رأى هارون موسى رجع من تلك الحضرة سكران الشوق ملآن الذوق وفيه نخوة القربة والاصطفاء والمكالمة ما وسعه الا التواضع والخشوع فقال يا ابن أم تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي
اى بشعر رأسى وخاطبه بيا ابن أم لمعنيين أحدهما ليأخذه رأفة صلة الرحم فيسكن غضبه والثاني ليذكره بذكر امه الحالة التي وقعت له فى الميقات حين سأل ربه الرؤية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وجاء الملائكة فى حال تلك الصعقة يجرون برأسه ويقولون يا ابن النساء الحيض ما للتراب ورب الأرباب: قال الحافظ
برو اين دام بر مرغ دكر نه ... كه عنقا را بلند است آشيانه
وقال
عنقا شكار كس نبود دام باز چين ... كآنجا هميشه باد بدستست دام را
- روى- انه أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله من شدة غيظه وغضبه لله وكان حديدا متصلبا فى كل شىء فلم يتمالك حين رآهم يعبدون العجل ففعل ما فعل بمرأى من قومه اى بمكان يراه قومه ويرون ما يفعل بأخيه نِّي خَشِيتُ
لو قاتلت بعضهم ببعض وتفرقوانْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ
برأيك وأراد بالتفريق ما يستتبعه القتال من تفريق لا يرجى بعده الاجتماع وفى الجلالين خشيت ان فارقتهم واتبعتك ان يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضا فتقول أوقعت الفرق فيما بينهم لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
لم تحفظ وصيتي فى حسن الخلافة عليهم يريد به قوله اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ فان الإصلاح ضم النشر وحفظ جماعات الناس والمداراة بهم الى ان ترجع إليهم وترى فيهم ما ترى فتكون أنت المتدارك للامر بنفسك المتلافى برأيك لاسيما وقد كانوا فى غاية القوة ونحن على القلة والضعف كما يعرف عنه قوله إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي وفى العيون اى لم تنظر فى امرى او لم تنتظر قدومى وفى التأويلات النجمية يعنى منعنى ترقب قولك وإطاعة أمرك عن اتباعك لا عصيان أمرك انتهى وهذا الكلام من هارون اعتذار والعذر تحرى الإنسان ما يمحوبه ذنوبه وذلك ثلاثة اضرب ان يقول لم افعل او يقول فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر دون العكس وكان هارون(5/419)
قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)
حليما رفيقا ولذا كان بنوا إسرائيل أشد حباله وعن على رضى الله عنه احسن الكنوز محبة القلوب قال سقراط من احسن خلقه طابت عيشته ودامت سلامته وتأكدت فى النفوس محبته ومن ساء خلقه تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفوس منه قال بزرجمهر ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة
ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة ... وفى بعضها عزا يسود فاعله
قال ارسطوا باصابة المنطق يعظم القدر وبالتواضع تكثر المحبة وبالحلم تكثر الأنصار وبالرفق تستخدم القلوب وبالوفاء يدوم الإخاء وكان النبي عليه السلام لم يخرج عن حد اللين والرفق ولذا قال فى وصفه بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ: وفى المثنوى
بندگان حق رحيم وبردبار ... خوى حق دارند در إصلاح كار «1»
مهربان بي رشوتان يارى كران ... در مقام سخت ودر روز كران
هين بجو اين قوم را اى مبتلا ... هين غنيمت دارشان پيش از بلا
قالَ كأنه قيل فماذا صنع موسى بعد اعتذار القوم واعتذار هارون واستقرار اصل الفتنة على السامري فقيل قال موبخا له هذا شأنهم فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ الخطب لغة الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب وهو من تقاليب الخبط ففيه اشارة الى عظيم خبطه والمعنى ما شأنك وما مطلوبك فيما فعلت وما الذي حملك عليه: وبالفارسية [چيست اين كار عظيم ترا اى سامرى يعنى اين چيست كه كردى] خاطبه بذلك ليظهر للناس بطلان كيده باعترافه ويفعل به وبما صنعه من العقاب ما يكون نكالا للمفتونين به ولمن خلفهم من الأمم قال بعض الكبار فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ يعنى فيما صنعت من عدولك الى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم فان عيسى عليه السلام يقول لبنى إسرائيل يا بنى إسرائيل قلب كل انسان حيث ما له فاجعلوا أموالكم فى السماء تكن قلوبكم هناك اى تصدقوا وقدموا الى الآخرة التي هى أبقى وأعلى وما سمى المال مالا الا لكونه بالذات تميل القلوب اليه فى نيل المقاصد وتحصيل الحوائج: وفى المثنوى مال دنيا دام مرغان ضعيف ملك عقبى دام مرغان شريف «2» «3» هين مشو كر عارفى مملوك ملك ملك الملك آنكه بجهيد او ز هلك قالَ السامري مجيبا لموسى عليه السلام بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ قال فى القاموس بصربه ككرم وفرح بصرا وبصارة ويكسر صار مبصرا وفى المفردات قلما يقال بصرت فى الحاسة إذا لم تضامه رؤية القلب. والمعنى رأيت ما لم يره القوم وقد كان رأى ان جبريل جاء راكب فرس وكان كلما وضع الفرس يديه او رجليه على الطريق اليبس يخرج من تحته النبات فى الحال فعرف ان له شأنا فاخذ من موطئه حفنة وفى الكبير رآه يوم فلق البحر حين تقدم خيل فرعون راكبا على رمكة ودخل البحر وفى غيره حين ذهب به الى الطور وفى الجلالين قال موسى وما ذلك قال رأيت جبرائيل على فرس الحياة فالقى فى
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان دعا وشفقت دقوقى در خلاص كشتى
(2) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه عطارى كه سنك ترازوى او از كل سر إلخ
(3) وفى اكثر نسخ المثنوى «كين زمان هستيد خود مملوك ملك» إلخ(5/420)
قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101)
نفسى ان اقبض من اثرها فما ألقيته على شىء الا صار له روح ولحم ودم فحين رأيت قومك سألوك ان تجعل لهم الها زينت لى نفسى ذلك فذلك قوله تعالى فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ اى من تربة موطئ فرس الملك الذي أرسل إليك والمراد فرس الحياة لجبريل ولم يقل جبريل او روح القدس لانه لم يعرف انه جبريل والقبضة المرة من القبض وهو الاخذ بجميع الكف أطلقت على المقبوض مرة فَنَبَذْتُها النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به اى طرحتها فى الحلي المذابة او فى فم العجل فكان ما كان وفى العرائس قبض السامري من اثر فرسه قبضة لانه سمع من موسى تأثير القدسيين فى أشباح الأكوان فنثرها على العجل الذهبي فجعل الحق لها اكسيرا من نور فعله ولذا حيى وفى التأويلات النجمية (بصرت) يعنى خصص بكرامة فيما رأيت من اثر فرس جبريل وألهمت بان له شانا ما خص به أحد منكم فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها يشير بهذا المعنى الى ان الكرامة لاهل الكرامة كرامة ولاهل الغرامة فتنة واستدراج. والفرق بين الفريقين ان اهل الكرامة يصرفونها فى الحق والحقيقة واهل الغرامة يصرفونها فى الباطل والطبيعة كما ان الله تعالى انطق السامري بنيته الفاسدة الباطلة بقوله وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي اى بشقاوتى ومحنتى والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منها بصورته الحسن واصل التركيب سولت لى نفسى تسويلا كائنا مثل ذلك التسويل على ان يكون مثلى صفة مصدر محذوف وذلك اشارة الى مصدر الفعل المذكور بعد فقدّم على الفعل لافادة القصر واعتبرت الكاف مقحة لافادة تأكيد ما أفاده اسم الاشارة من الفخامة فصار مصدرا مؤكدا لا صفة اى ذلك التزيين البديع زينت لى نفسى ما فعلته من القبض والنبذ لا تزيينا ادنى ولذلك فعلته وحاصل جوابه ان ما فعله انما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الامارة بالسوء وغوائها لا بشئ آخر من البرهان العقلي والإلهام الإلهي قال الكاشفى [در لباب آورده كه موسى عليه السلام قصد قتل سامرى كرد از حق سبحانه وتعالى ندا آمد او را مكش كه صفت سخاوت برو غالبست و چون از سخاى او خلق را منفعت بود نفع حيات از وباز نتوان داشت سرّ واما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض اينجا ظاهر ميشود
هر نهالى كه برك دارد وبر ... باد زاب حيات تازه وتر
وآنچهـ بي ميوه باشد وسايه ... به كه كردد تنور را مايه
فعند ذلك قالَ موسى مكافئا له قال الكاشفى [كفت موسى مر سامرى را كه چون مرا از قتل تو منع كردند] فَاذْهَبْ اى من بين الناس فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ اى ثابت لك مدة حياتك عقوبة ما فعلت أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ قال فى المفردات المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشيء وان لم يوجد والمس يقال فيما يكون معه ادراك بحاسة اللمس وفى القاموس قوله تعالى لا مِساسَ بالكسر اى لا أمس ولا امسى وكذلك التماس ومنه من قبل ان يتماسا انتهى اى لا يمسنى أحد ولا أمس أحدا خوفا من ان تأخذ كما الحمى- روى- انه(5/421)
إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)
كان إذا ماس أحدا ذكرا او أنثى حم الماس والممسوس جميعا حمى شديدة فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح بأقصى صوته لا مساس وحرم عليهم ملاقاته ومواجهته ومكالمته ومبايعته وغيرها مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات فصار وحيدا طريدا يهيم فى البرية مع الوحش والسباع [ودر بعضى تفاسير هست كه جمعى از أولاد سامرى درين زمان كوساله پرست اند همان حال دارند] يعنى ان قومه باقية فيهم تلك الحالة الى اليوم] يقول الفقير التناسل موقوف على مخالطة الأزواج والأولاد فكيف تقوم هذه الدعوى قال فى الإرشاد لعل السر فى مقابلة جنايته بتلك العقوبة خاصة ما بينهما من مناسبة التضاد فانه لما انشأ الفتنة بما كانت ملابسته سببا لحياة الموات عوقب بما يضاده حيث جعلت ملابسته للحمى التي هى من اسباب موت الاحياء وفى التأويلات النجمية يشير الى ان قصدك ونيتك فيما سولت نفسك ان تكون مطاعا متبوعا آلفا مألوفا فجزاؤك فى الدنيا ان تكون طريدا وحيدا ممقتا ممقوتا متشردا متنفرا تقول لمن رآك لا تمسنى ولا امسك فنهلك
چون عاقبت ز صحبت ياران بريدنست ... پيوند با كسى نكند آنكه عاقلست
وذلك لان فى الانقطاع بعد الاتصال الما شديدا بخلاف الانقطاع الأصلي ولذا قال من قال
الفت مكير همچوالف هيچ با كسى ... تا بسته الم نشوى وقت انقطاع
وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً اى وعدا فى الآخرة بالعقاب على الشرك والإفساد لَنْ تُخْلَفَهُ اى لن يخلفك الله ذلك الوعد بل ينجزه البتة بعد ما عاقبك فى الدنيا والخلف والأخلاف المخالفة فى الوعد يقال وعدني فاخلفنى اى خالف فى الميعاد وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ معبود بزعمك الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً أصله ظللت فحذفت اللام الاولى تخفيفا قال فى المفردات ظلت بحذف احدى اللامين يعبربه عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى صرت. والمعنى صرت مقيما على عبادته. واما بالفارسية [بودى پيوسته بر پرستش او] لَنُحَرِّقَنَّهُ جواب قسم محذوف اى بالنار ويؤيده قراءة لَنُحَرِّقَنَّهُ من الإحراق وهو ايقاء نار ذات لهب فى الشيء بخلاف الحرق فانه إيقاع حرارة فى الشيء من غير لهب كحرق الثوب بالدق قال الكاشفى [واين قول كسيست كه كويد آن كاو را كوشت و پوست بود] او بالمبرد: بالفارسية [سوهان] على انه مبالغة فى حرق إذا برد بالمبرد ويعضده قراءة لَنُحَرِّقَنَّهُ اى لنبردنه يقال بردت الحديد بالمبرد والبرادة ما سقط منه قال الكاشفى [واين بران قوليست كه او جسدى بود زرين بي حيات] ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً اى لنذرينه فى البحر رمادا او مبرودا بحيث لا يبقى منه عين ولا اثر من نسفت الريح التراب إذا أقلعته وأزالته وذرته. والنسف بالفارسية [بر كندن] للنبات من أصله [وبر بودن] كما فى التهذيب. والذر [وبباد بر دادن وباد چيزى را بر داشتن] قال الكاشفى [پس پراكنده سازيم خاكستر او را در دريا تا بدانند كه او را كه توان سوخت صفت الوهيت برو عين جهل ومحض خلافست] إِنَّما إِلهُكُمُ اى معبود كم المستحق للعبادة اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ فى الوجود لشئ من الأشياء إِلَّا هُوَ وحده من غير ان يشاركه شىء من الأشياء بوجه من الوجوه التي(5/422)
كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)
من جملتها احكام الالوهية قال فى بحر العلوم قوله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ تقرير لاختصاص الالهية ونحوه قولك القبلة الكعبة التي لا قبلة الا هى وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً اى وسع علمه بكل ما كان وما يكون اى علم كل شىء وأحاط به بدل من الصلة كأنه قيل انما إلهكم الذي وسع كل شىء علما لا غيره كائنا ما كان فيدخل فيه العجل دخولا أوليا قال الكاشفى [نه قالب كوساله كه اگر چهـ زنده نيز باشد مثلست در غباوت ونادانى] روى ان موسى أخذ العجل فذبحه ثم حرقه بالنار ثم ذراه فى البحر زيادة عقوبة حيث أبطل سعيه واظهر غباوة المفتتنين به با دست موسوى چهـ زند سحر سامرى قال الحافظ
سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش ... سامرى كيست كه دست از يد بيضا ببرد
قال فى التأويلات النجمة فى الآية اشارة الى عبدة عجل النفس والهوى بانهم وما يعبدون حصب جهنم منسوفون فى بحر القهر نسفا لا خلاص لهم منه الى الابد وفى قوله إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اشارة الى ان من يعبد الها دونه يحرقه بنار القطيعة وينسفه فى بحر القهر الى ابد الآباد ووَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً فعلم استحقاق كل عبد للطف او للقهر يقال لما وقع الازدواج بين آدم وحواء والازدواج بين إبليس والدنيا فتولد من الازدواج الاول نوع البشر ومن الثاني الهوى فجميع الأديان الباطلة والأخلاق المذمومة من تأثير ذلك الهوى يقال ان ضرر البدعة والهوى اكثر من ضرر المعصية فان صاحب المعصية يعلم قبحها فيستغفر فيتوب بخلاف صاحب البدعة والهوى اعلم انهم قالوا لكل فرعون موسى اى لكل مبطل ومفسد محق ومصلح ألا ترى ان فرعون أفسد الأرض بالكفر والتكذيب والظلم والمعاصي فاصلحها موسى بالايمان والتصديق والعدل والطاعات ثم ان السامري أراد ان يكدر وجه مرآة الدين بما صنعه بيده العادية فجاء موسى فازاله وهكذا الحال الى يوم القيامة والأصل إصلاح القلب وتطهيره عن لوث الأخلاق الرذيلة ومنعه عن العكوف على عبادة الهوى ثم تغيير المنكر عن وجه العالم ان قدر كما فعله الأنبياء وأولوا الأمر ومن يليهم فان الغيرة من الايمان والله غيور وعبده فى غيرته وفى الحديث (ان سعدا لغيور وانا أغير من سعد والله أغير منى ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) : وفى المثنوى
جمله عالم زان غيور آمد كه حق ... بر در غيرت برين عالم سبق «1»
غيرت حق بر مثل كندم بودم ... كاه خرمن غيرت مردم بود
اصل غيرتها بدانيد از اله ... آن خلقان فرع حق بي اشتباه
كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ ذلك اشارة الى اقتصاص حديث موسى والقص تتبع الأثر والقصص الاخبار المتتبعة. ومن مفعول نقص باعتبار مضمونه. والنبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم او غلبة ظن ولا يقال للخبر فى الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة وحق الخبر الذي فيه نبأ ان يتعرى عن الكذب كالتواتر وخبر الله تعالى وخبر النبي
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور وانا أغير منه إلخ [.....](5/423)
مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101)
عليه السلام والمعنى مثل ذلك القص البديع الذي سمعت نقص عليك يا محمد بعض الحوادث الماضية الجارية على الأمم السالفة لاقصا ناقصا عنه تبصرة لك وتوفيرا لعلمك وتكثيرا لمعجزاتك وتذكيرا للمستبصرين من أمتك وفيه وعد بتنزيل أمثال ما مر من اخبار القرون الخالية: وبالفارسية [همچنانچهـ اين قصه موسى بر تو خوانديم مى خوانيم بر تو اى محمد از خبرها آنچهـ بتحقيق كذشته است يعنى از امور ماضيه وقرون سابقه ترا خبر ميدهيم تا معجزه نبوت تو بود وتنبيه مستبصران امت تو] وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا متعلق بآتينا اى من عندنا ذِكْراً اى كتابا شريفا مطويا على هذه الأقاصيص والاخبار حقيقا بالتفكر والاعتبار وفى الكبير فى تسميته به وجوه. الاول انه كتاب فيه ذكر ما يحتاج اليه فى امر دينهم ودنياهم. والثاني ان يذكر انواع آلاء الله ونعمائه وفيه التذكير والموعظة. والثالث فيه الذكر والشرف لك ولقومك وقد سمى الله كل كتبه ذكرا فقال فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ قال بعض الكبار اى موعظة تتعظ بها وتتأدب بملازمتها فلا يخفى عليك شىء من أسرارنا وما اودعناه اسرار الذين كانوا قبلك من الأنبياء فتكون الأنبياء مكشوفين لك وأنت فى ستر الحق مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ عن ذلك الذكر العظيم الشأن الجامع لوجوه السعادة والنجاة فلم يعتبر ولم يعمل به لانكاره إياه ومن شرطية او موصولة وأياما كانت فالجملة صفة لذكر فَإِنَّهُ اى المعرض عنه يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً عقوبة ثقيلة على كفره وسائر ذنوبه وتسميتها وزرا تشبيها فى ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يفدح الحامل وينقض ظهره خالِدِينَ فِيهِ اى ماكثين فى الوزر حال من المستكن فى يحمل والجمع بالنظر الى معنى من لما ان الخلود فى النار مما يتحقق حال اجتماع أهلها وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا اى بئس لهم حملا وزرهم واللام للبيان كأنه لما قيل ساء قيل لمن يقال هذا فاجيب لهم وإعادة يوم القيامة لزيادة التقرير وتهويل الأمر وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعرض عن الذكر الحقيقي الذي به قامت حقيقة الايمان والإيقان والعرفان فانه يحمل يوم القيامة حملا ثقيلا من الكفر والنفاق والشرك والجهل والعمى وقساوة القلب والرين والختم والأخلاق الذميمة والبعد والحسرة والندامة وخسر حقيقة العبودية ودوام الذكر ومراقبة القلب وصدق التوجه لقبول الفيض الإلهي الذي هو حقيقة الذكر الذي اوله ايمان وأوسطه ايقان وآخره عرفان فالذكر الايمانى يورث الاعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة بترك المعاصي والاشتغال بالطاعات والذكر الايقانى يورث ترك الدنيا وزخارفها حلالها وحرامها وطلب الآخرة ودرجاتها منقطعا إليها والذكر العرفانى يوجب قطع تعلقات الكونين والتبكير الى سعادة الدارين فى بذل الوجود على شواهد المشهود انتهى فاعلى المراتب فى الذكر فناء الذاكر فى المذكور فلا يبقى للنفس هناك اثر- روى- انه كثر الزنى فى بغداد وكثر الفسق فقيل للشبلى لولا ذكرك لا حرقنا البلدة فلما سمعه بعض اهل النفس قال أليس لنا ذكر فقال الشبلي ذكركم بوجود النفس وذكرى بالله واعلم ان التوحيد أفضل العبادات وذكر الله اقرب القربات وقد وقت الله العبادات كلها كالصلاة والصيام والحج ونحوها بالمواقيت الا الذكر فانه امر به على كل حال قياما وقعودا(5/424)
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105)
واضطجاعا وحركة وسكونا وفى كل زمان ليلا ونهارا صيفا وشتاء ولما سئل النبي عليه السلام عن جلاء القلب قال (ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة علىّ) : قال المغربي قدس سره
اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بردارى ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار
- حكى- ان موسى عليه السلام قال الهى علمنى شيأ أذكرك به فقال الله تعالى قل لا اله الا الله فقال موسى يا رب كل عبادك يقول ذلك فقال الله تعالى يا موسى لو ان السموات والأرضين وضعت فى كفة ميزان ولا اله الا الله فى اخرى لمالت به تلك الكلمة: قال الفقير
كر تو خواهى شوى ز حق آگاه ... دم على لا اله الا الله
أفضل ذكر باشد اين كلمه ... يكثر الذكر كل من يهواه
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ بدل من يوم القيامة او منصوب بإضمار اذكر اى اذكر لقومك يا محمد يوم ينفخ اسرافيل فى القرن الذي التقمه للنفخ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ اى نخرج المتوغلين فى الاجرام والآثام المنهمكين فيها وهم الكفرة والمشركون من مقابرهم ونجمعهم يوم إذ ينفخ فى الصور وذكره صريحا مع تعين ان الحشر لا يكون الا يومئذ للتهويل زُرْقاً جمع ازرق والزرقة أسوأ ألوان العين وأبغضها الى العرب فان الروم الذين كانوا أعدى عدوهم زرق قال الكاشفى [در خبر است كه زرقه عين وسواد وجه علامت دوزخيانست] وقال الامام فى المفردات قوله تعالى يَوْمَئِذٍ زُرْقاً اى عميا عيونهم لا نور لها لان حدقة الأعمى تزرق يعنى ان العين إذا زال نورها ازرقت يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ استئناف لبيان ما يأتون وما يذرون حينئذ والتخافت اسرار المنطق واخفاؤه اى يقول بعضهم لبعض خفية من غير رفع صوت بسبب امتلاء صدورهم من الخوف والهوان او استيلاء الضعف إِنْ لَبِثْتُمْ لبث بالمكان اقام به ملازما له اى أقمتم ومكثتم فى الدنيا او فى القبر إِلَّا عَشْراً عشر ليال او عشر ساعات استقصارا لمدة لبثهم فيها لزوالها لان ايام الراحة قليلة والساعات تمر مر السحاب وفى الجلالين يتسارون فيما بينهم ما لبثتم فى قبوركم إلا عشر ليال يريدون ما بين النفختين وهو أربعون سنة يرفع العذاب فى تلك المدة عن الكفار ويستقصرون تلك المدة إذا عاينوا اهوال القيامة انتهى وهو مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما وفى بحر العلوم هو ضعيف جدا نَحْنُ [ما كه خداونديم] أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ [داناتريم بآنچهـ ايشان ميكويند] وهو مدة لبثهم إِذْ يَقُولُ [چون كويد] أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً او فرهم رأيا وأوفاهم عقلا: وبالفارسية [تمامترين ايشان از روى عقل] قال فى المفردات الأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفاضل والأقرب الى الخير وأماثل القوم كناية عن خيارهم وعلى هذا قوله تعالى إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً انتهى إِنْ بمعنى النفي اى ما لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً ونسبة هذا القول الى أمثلهم استرجاع منه تعالى له لكن لا لكونه اقرب الى الصدق بل لكونه ادل على شدة الهول وفى التأويلات النجمية يشير الى انه إذا نفخ فى الصور وحشر اهل البلاء واصحاب الجفاء يوم الفزع الأكبر فى النفخة الثانية (يوم يجعل الولدان شيبا. يوم تبدل الأرض(5/425)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105)
غير الأرض) وقد غضب ربنا ذلك اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله يرون من شدة اهوال ذلك اليوم ما يقلل فى أعينهم شدة ما أصابهم من العذاب طول مكثهم فى القبور فهم يحسبون انهم ما لبثوا فى القبور الا عشرة ايام ثم قال تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ من عظم البلاء وبما يقولون إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً اى أصوبهم رأيا فى نيل شدة البلاء إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً وذلك لانه وجد شدة بلاء ذلك اليوم عشرة أمثال ما وجده انتهى قيل ألا انما الدنيا كظل سحابة أظلتك يوما ثم عنك اضمحلت فلا تك فرحانا بها حين أقبلت ولا تك جزعانا إذا هى ولت قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة: قال الشيخ سعدى
نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست
مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف
قال السلطان ولد
بگذار جهانرا كه جهان آن تو نيست ... وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست
كر مال جهان جمع كنى شاد مشو ... ور تكيه بجان كنى جان آن تو نيست
فعلى العاقل ان لا يضيع وقته بالصرف الى الدنيا وما فيها من الشهوات فان الوقت نقد نفيس وجوهر لطيف وبازي اشهب لا ينبغى ان يبذل لشئ حقير وان يصاد به طير لا يسمن ولا يغنى من جوع ومن المعلوم ان عيش الدنيا قصير وخطرها يسير وقدرها عند الله صغير إذا كانت لا تعدل عنده جناح بعوضة فمن عظم هذا الجناح كان أصغر منه
بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست
قال عيسى عليه السلام من ذا الذي يبنى على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا وقد ثبت ان الدنيا ساعة فاجعلها طاعة واهل الطاعة تكافئ ساعة من ساعاتهم فى الآخرة بألف سنة فى الراحة بخلاف اهل المعصية فان ساعاتهم ايضا تنبسط ولكن فى المحنة وأفضل الطاعات واحسن الحسنات التوحيد وتقوية اليقين بالعبادات ومتابعة سيد المرسلين وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله فاكثروا من قول لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) اى جنة الصورة وجنة المعنى وهى جنة القلب والروح وفيها ازهار الأنوار وثمرات الاسرار وهى أعلى من جنة الصورة إذ كل كمال انما هو من تأثير المعنى وتجلياته فمن أصلح باطنه صلح ظاهره البتة كالشجرة إذا كان لها عرق فانها تورق نسأل الله الاحتراق بنار العشق والمحبة والاستغراق فى بحر التوحيد والفوز باللقاء الدائم كما قال (ولهم عند الله مزيد للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ السؤال استدعاء معرفة او ما يؤدى الى المعرفة وجوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة او الاشارة او استدعاء مال او ما يؤدى الى مال وجوابه على اليد واللسان خليفة لها اما بوعد او برد والسؤال للمعرفة قد يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت وتارة لتعريف المسئول وتنبيهه لا ليخبر ويعلم فاذا كان للتعريف(5/426)
فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)
تعدى الى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بالجار تقول سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا وبعن اكثر كما فى هذا المقام وإذا كان لاستدعاء مال فانه يتعدى بنفسه او بمن نحو قوله تعالى وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ والجبال جمع جبل وهو كل وتد للارض عظم وطال فان انفرد فاكمة او قنة واعتبر معانيه فاستعير واشتق منه بحسبها فقبل فلان جبل لا يتزحزح تصورا لمعنى الثبات فيه وجبله الله على كذا اشارة الى ماركب فيه من الطبع الذي يأبى على الناقل نقله وتصور منه العظم فقيل للجماعة العظيمة جبل كما قال تعالى وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً اى جماعة تشبيها بالجبل فى العظم والجبال فى الدنيا ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول. والمعنى يسألونك عن ما آل أمرها وقد سأل عنها رجل من ثقيف وقال يا رسول الله ما يصنع بالجبال يوم القيامة فَقُلْ الفاء للمسارعة الى الزام السائلين قال الكاشفى [پس بگويى تأخير در جواب ايشان كه بقدرت] يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً يقال نسفت الريح الشيء أقلعته وأزالته ونسف البناء قلعه من أصله والجبال دكها وذراها كما فى القاموس اى يقلعها من أصلها ويجعلها كالهباء المنثور وفى الإرشاد يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها وتذروها وفى الكبير لعل قوما قالوا انك تدعى ان الدنيا تفنى فوجب ان تبتدئ بالنقصان حتى تنتهى الى البطلان لكنا لا نرى فيها نقصانا ونرى الجبال كما هى وهذه شبهة ذكرها جالينوس فى ان السماوات لا تفنى وجواب هذه الشبهة ان بطلان الشيء قد يكون ذبوليا يتقدمه النقصان وقد يكون دفعة فتبين انه تعالى يزيل تركيبات العالم الجسماني دفعة بقدرته ومشيئته انتهى ومثاله ان الدنيا مع جبالها وشدادها كالشاب القوى البدن ومن الشبان من يموت فجأة من غير تقدم مرض وذبول
ديدى آن قهقهه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود
قال فى الاسئلة المقحمة قال هنا وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ بالفاء وفى موضع آخر وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ من غير الفاء والجواب لانهم يسألونه هاهنا بعد فتقريره ان سألوك عن الجبال فقل نظيره فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فان كنت فى شك فان آمنوا بمثل ما آمنتم به بخلاف قوله وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ لانه هناك كانوا قد سألوه فامر بالجواب كقوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ وغيرها من المواضع انتهى وفى التأويلات النجمية وان سألوك عن احوال الجبال فى ذلك اليوم فقل ينسفها ربى نسفا يقلعها بتجلى صفة القهارية كما جعل الطور دكا فَيَذَرُها يقال فلان يذر الشيء اى يقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه اى وذر والمعنى فيترك مقارها ومراكزها حال كونها قاعاً مكانا خاليا وأصله قوع قال فى القاموس القاع ارض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام انتهى صَفْصَفاً مستويا كأن اجزاءها على صف واحد من كل جهة لا تَرى فِيها اى فى مقار الجبال لا بالبصر ولا بالبصيرة استئناف مبين لكيفية القاع الصفصف والخطاب لكل أحد ممن يتأتى منه الرؤية عِوَجاً بكسر العين اى عوجا ما كأنه لغاية خفائه من قبيل خافى المعاني وذلك لان العوج بالكسر يخص المعاني قال فى(5/427)
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)
المفردات العوج العطف عن حال الانتصاب والعوج يقال فيما يدرك بالبصر كالخشب المنتصب ونحوه والعوج يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة كما يكون فى ارض بسيطة وكالدين والمعاش وَلا أَمْتاً ارتفاعا يسيرا قال الزمخشري الامت النتوء اليسير وفى القاموس الامت المكان المرتفع والتلال الصغار والانخفاض والارتفاع قال فى المناسبات وَلا أَمْتاً اى تفاوتا بارتفاع وانخفاض وفى الجلالين عِوَجاً وَلا أَمْتاً انخفاضا وارتفاعا ومثله ما فى تفسير الفارسي حيث قال [عوجا پستى در مناره ولا امتا ونه بلندى و پشته] يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ نسفت الجبال على اضافة اليوم الى وقت النسف وهو ظرف لقوله يَتَّبِعُونَ اى الناس الدَّاعِيَ الذي يدعوهم الى الموقف والمحشر وهو اسرافيل عليه السلام يدعو الناس عند النفخة الثانية قائما على صخرة بيت المقدس ويقول أيتها العظام البالية والأوصال المنفرقة واللحوم المتمزقة قوموا الى عرض الرحمن فيقبلون من كل أوب الى صوبه اى من كل جانب الى جهته لا عِوَجَ لَهُ لا يعوج له مدعو ولا يعدل عنه بل يستوى اليه من غير انحراف متبعا لصوته لانه ليس فى الأرض ما يحوجهم الى التعويج ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ خفضت من شدة الفزع وخفتت لهيبته والخشوع الخضوع وهو التواضع والسكون او هو فى الصوت والبصر والخضوع فى البدن وفى المفردات الخشوع ضراعة واكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح والضراعة اكثر ما يستعمل فيما يوجد فى القلب ولذلك قيل فيما روى إذا ضرع القلب خشعت الجوارح والصوت هواء متموج بتصادم جسمين وهو عام والحرف مخصوص بالإنسان وضعا فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً صوتا خفيا ومنه الحروف المهموسة وهمس الاقدام أخفى ما يكون من صوتها وقال الكاشفى [پس نشنوى تو در ان روز مكر آوازى نرم يعنى صوت أقدام ايشان در رفتن محشر] قال الامام الغزالي فى الدرة الفاخرة ينفخ فى الصور اى نفخة اولى فتتطاير الجبال وتتفجر الأنهار بعضها فى بعض فيمتلئ عالم الهواء ماء وتنثر الكواكب وتتغير الأرض والسماء ويموت العالمون فتخلو الأرض والسماء ثم يكشف سبحانه عن بيت فى سقر فيخرج لهب من النار فيشتعل فى البحور فتنشف اى تسرب ويدع الأرض حمأة سوداء والسموات كأنها عكر الزيت والنحاس المذاب ثم يفتح تعالى خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة فيمطربه الأرض وهو كمنىّ الرجال فتنبت الأجسام على هيئتها الصبى صبى والشيخ شيخ وما بينهما ثم يهب من تحت العرش ريح لطيفة فتبرز الأرض ليس فيها جبل ولا عوج ولا امت ثم يحيى الله تعالى اسرافيل فينفخ من صخرة بيت المقدس فتخرج الأرواح من ثقب فى الصور بعددها ويحل كل روح فى جسده حتى الوحش والطير فاذاهم بالساهرة اى بوجه الأرض بعد ان كانوا فى بطنها وقيل الساهرة صحراء على شفير جهنم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ارض من قضة بيضاء لم يعص الله عليها منذ خلقها قال فى التأويلات النجمية لا تَرى فِيها عِوَجاً من نقاياها وَلا أَمْتاً من زواياها يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ اى الذي دعاهم فى الدنيا فاجابوا داعيهم لا عِوَجَ لَهُ فى دعائهم يعنى كل داع من الدعاة يكون مجيبا فى جبلته(5/428)
يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)
الانسانية لانه تعالى هو الداعي والمجيب كقوله تعالى وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فالله تعالى هو الداعي وهو المجيب بالهداية يجيب بلسان المشيئة فافهم جدا ولهذا السر يوجد فى كل زمان من متبعى كل داع خلق عظيم ولا يوجد فى كل قرن من متبعى داعى الله الا الشواذ من اهل الله ومن اهل داعى الهوى والدنيا والشيطان والملك والنبي والجنة والقربة يوجد فى كل زمان خلق على تفاوت طبقاتهم وقدر مراتبهم وبقوله وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ يشير الى ان داعى الله إذا دعا عبدا بالرحمانية خشعت وانقادت وذلت أصوات جميع الدعاة وانقطعت فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً اى إلا وطأ أقدام المدعو ونقلها الى داعيه انتهى فعلى العاقل ان يتبع داعى الله الحق فان ما سواه باطل: وفى المثنوى
ديد روى جز تو شد غل كلو ... كل شىء ما سوى الله باطل «1»
باطلند ومينمايندم رشد ... ز انكه باطل باطلان را مى كشد
اشتر كورى مهار تو متين ... تو كشش مى بين مهارت را مبين «2»
كر شدى محسوس جذاب ومهار ... پس نماندى اين جهان دار الفرار
كبر ديدى كوپى سك مى رود ... سخره ديو ستنبه مى شود
در پى او كى شدى مانند حيز ... پاى خود را وا كشيدى كبر تيز
كاو كر واقف ز قصابان بدى ... كى پى ايشان بدان دكان شدى
يا بخوردى از كف ايشان سپوس ... يا بدادى شير شان از چاپلوس
ور بخوردى كى علف هضمش شدى ... كر ز مقصود علف واقف بدى
تو بجد كارى كه بگرفتى بدست ... عيش اين دم بر تو پوشيده شدست
بر تو كر پيدا شدى زان عيب وشين ... زان رميدى جانت بعد المشرقين
حال كاخر زان پشيمان مى شوى ... كر بود اين حالت أول كى دوى
يَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يقع ما ذكر من الأمور الهائلة لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ من الشفعاء أحدا قال الامام الراغب الشفاعة الانضمام الى آخر ناصرا له وسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى مرتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة فى القيامة إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ فى ان يشفع له والاذن فى الشيء اعلام بإجازته والرخصة فيه وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا اى ورضى لاجله قول الشافع فى شانه واما من عداه فلا تكاد تنفعه وان فرض صدورها عن الشفعاء المتصدين للشفاعة للناس كقوله تعالى فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ فالاستثناء من أعم المفاعيل يَعْلَمُ الله تعالى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ اى ما تقدمهم من الأحوال وَما خَلْفَهُمْ وما بعدهم مما يستقبلون والضمير عائد الى الذين يتبعون الداعي وقال الكاشفى [ميداند خداى تعالى آنچهـ پيش آدميانست از امور آخرت وآنچهـ پس ايشانست از كار دنيا] وفى التأويلات النجمية يعلم اختلاف أحوالهم من بدء خلقهم واختلاف أحوالهم الى الابد وَلا يُحِيطُونَ بِهِ تعالى عِلْماً [يعنى أحاط نمى توانند كرد جميع عالميان بذات خداى تعالى از جهت دانش] لانه تعالى قديم وعلم المخلوقين لا يحيط بالقديم وفيه اشارة
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان حكايت سلطان محمود غزنوى ورفاقت او شب با دزران
(2) در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كور كنى قابيل از زاع پيش از انكه إلخ(5/429)
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)
الى العجز عن كنه معرفته
كجا دريابد او را عقل چالاك ... كه بيرونست از سر حد ادراك
تماشا ميكن اسما وصفاتش ... كه آگه نيست كس از كنه ذاتش
قال بعض الكبار ما علمه غيره ولا ذكره سواه فهو عالم والذاكر على الحقيقة وذلك ان الحادث فانى الوجود والقديم باقى الوجود والفاني لا يدرك الباقي الا بالباقي وإذا أدركه به فلا يبلغ الى ذره من كمال الازلية لان الإحاطة بوجوده مستحيلة من كل الوجوه صفاتا وذاتا وسرا وحقيقة قال الواسطي كيف يطلب ان يأخذ طريق الإحاطة وهو لا يحيط بنفسه علما ولا بالسماء وهو يرى جوهرها قال الراغب الإحاطة بالشيء هى ان تعلم وجوده وجنسه وكيفيته وغرضه المقصود به إيجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس الا لله تعالى قال فى أنوار المشارق يجوز فى طريقة الصوفية ان يطلب ما يقصر العقل عنه ولا يطيقه اى ما لا يدرك بمجرد العقل ولا يجوز ان يطلب ما يحكم العقل باستحالته فلا يرد ما يقال انى يحصل للعقول البشرية ان يسلكوا فى الذات الالهية سبيل الطلب والتفتيش وانى تطيق نور الشمس أبصار الخفافيش قال الشيخ محمد پارسا فى فصل الخطاب لا يجوز ان يظهر فى طور الولاية ما يحكم العقل باستحالته ويجوز ان يظهر فيه ما يقصر العقل عنه ومن لم يفرق بين ما يستحيله العقل وما لا يناله العقل فليس له عقل انتهى قال الشيخ عز الدين كنه ذات الحق تعالى وصفاته محجوب عن نظر العقول ونهاية معرفة العارفين هو ان ينكشف لهم استحالة معرفة حقيقة ذات الله لغير الله وانما اتساع معرفتهم بالله انما يكون فى معرفة أسمائه وصفاته تعالى فبقدر ما تنكشف لهم معلوماته تعالى وعجائب مقدوراته وبديع آياته فى الدنيا والآخرة يكون تفاوتهم فى معرفته سبحانه وبقدر التفاوت فى المعرفة يكون تفاوتهم فى الدرجات الاخروية العالية وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ يقال عنوت فيهم عنوا وعناه صرت أسيرا كعنيت وخضعت كما فى القاموس وانما قيل عنت دون تعنو اشعارا بتحقق العنو وثبوته كما فى بحر العلوم. واللام فى الوجوه للجنس اشارة الى الوجوه كلها صالحة وعاصية او للعهد والمراد بها وجوه العصاة كقوله تعالى سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وعبر عن المكلفين بالوجوه لان الخضوع فيها يتبين كما فى الكبير. والمعنى ذلت الوجوه يوم الحشر وخضعت للحى القيوم خضوع العناة اى الأسارى فى يد ملك قهار وفى التأويلات النجمية خضعت وتذللت وجوه المكونات لمكونها الحي الذي به حياة كل حى القيوم الذي به قيام كل شىء احتياجا واضطرارا واستسلاما وفى العرائس افهم يا صاحب العلم انه سبحانه ذكر الوجوه وفى العرف صاحب الوجه من كان وجيها من كل ذى وجاهة فالانبياء والمرسلون والأولياء والمقربون بالحقيقة هم اصحاب الوجوه وكيف أنت بوجوه الحور العين ووجه كل ذى حسن فوجوه الجمهور مع حسنها وجلالها المستفاد من حسن الله وان كانوا جميعا مثل يوسف تلاشت وخرت وخضعت عند كشف نقاب وجهه الكريم وظهور جماله وجلاله القديم: قال المولى جامى
آهنك جمال جاودانى آرم ... حسنى كه نه جاودان از ان بيزارم(5/430)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)
وعن ابى امامة الباهلي رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (اطلبوا اسم الله الأعظم فى هذه السور الثلاث البقرة وآل عمران وطه) قال الراوي والمشترك بينها اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ منهم ظُلْماً خسر من أشرك بالله ولم يتب: يعنى [بي بهره ماند ونوميد كشت] قال الراغب الخيبة فوق المطلب وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ اى بعض الصالحات فمن مفعول يعمل باعتبار مضمونه وَهُوَ مُؤْمِنٌ فان الايمان شرط فى صحة الطاعات وقبول الحسنات فَلا يَخافُ ظُلْماً اى منع ثواب مستحق بموجب الوعد وَلا هَضْماً ولا كسرا منه بنقص ومنه هضم الطعام قال الراغب الهضم شدخ ما فيه رخاوة يقال هضمته فانهضم وهضم الدواء الطعام نهكه والهاضوم كل دواء هضم طعاما ونخل طلعها هضيم اى داخل بعضها فى بعض كانما شدخ وقال الكاشفى [پس نترسد در ان روز از ستم وبيداد كه زيادتى سيآتست ونه از كسر وشكست كه نقصان حسناتست يعنى نه از حسنات مؤمن چيزى كم كنند ونه سيآت وى افزايند] فعليك بالحسنات والكف عن السيئات فان كل أحد يجد ثمرة شجرة اعماله ويصل بأعماله الى كل آماله وأفضل الأعمال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال سليمان بن عبد الملك لابى حازم عظنى وأوجز قال نعم يا امير المؤمنين نزه ربك وعظمه من ان يراك حيث نهاك او يفقدك حيث أمرك قال بعض الكبار من علامة اتباع الهوى المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات وهذا حال غالب الخلق الا من عصمه الله ترى الواحد منهم يقوم بالاوراد الكثيرة والنوافل العديدة الثقيلة ولا يقوم بفرض واحد على وجهه وانما حرموا الوصول بتضييعهم الأصول- حكى- عن ابى محمد المرتعش رحمه الله انه قال حججت حجات على قدم التجريد فسألتنى أمي ليلة ان استقى لهاجرة فثقل ذلك علىّ فعلمت ان مطاوعة نفسى فى الحجات كانت بحظ مشوب للنفس إذ لو كانت نفسى فانية لم يصعب عليها ما هو حق فى الشرع ثم ان المرء بمجرد العمل لا يكون الا عابدا واما المعارف الالهية والوصول الى الدرجات العاليات فيحتاج الى مرشد كامل ولذا هاجر الكبار من دار الى دار لتحصيل صحبة المقربين والأبرار: قال الحافظ
من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه ... قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم
وَكَذلِكَ اشارة الى إنزال ما سبق من الآيات المتضمنة للوعيد المنبئة عما سيقع من احوال القيامة وأهوالها اى مثل ذلك الانزال أَنْزَلْناهُ اى القرآن كله وإضماره لكونه حاضرا فى الأذهان قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون ذلك اشارة الى مصدر أنزلنا اى مثل ذلك الانزال البين أنزلناه حال كونه قُرْآناً عَرَبِيًّا يعنى بلغة العرب ليفهموه ويقفوا على اعجازه وخروجه عن حد كلام البشر وفى التأويلات النجمية اى كما أنزلنا الصحائف والكتب الى آدم وغيره من الأنبياء بألسنتهم ولغاتهم المختلفة كذلك أنزلنا إليك قرآنا عربيا بلغة العرب وحقيقة كلامه التي هى الصفة القائمة بذاته منزهة عن الحروف والأصوات المختلفة المخلوقة وانما الأصوات والحروف تتعلق باللغات والالسنة المختلفة(5/431)
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)
وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ الصرف رد الشيء من حالة الى حالة او إبداله بغيره ومثله التصريف الا فى التكثير واكثر ما يقال فى صرف الشيء من حالة الى حالة ومن امر الى امر وتصريف الرياح هو صرفها من حال الى حال. والوعيد التهديد بالفارسية [بيم نمودن] والمعنى مينا وكررنا فى القرآن بعض الوعيد قال الكاشفى [چون ذكر طوفان ورجفه وصيحه وخسف ومسخ] كما قال فى التأويلات النجمية اى اوعدنا فيه قومك بأصناف العقوبات التي عاقبنا بها الأمم الماضية وكررنا ذلك عليهم قال فى الكبير يدخل تحته بيان الفرائض والمحارم لان الوعيد بهما يتعلق لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اى يتقون الكفر والمعاصي بالفعل أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً اى يجدد القرآن لهم ايقاظا واعتبارا بهلاك من قبلهم مؤديا بالآخرة الى الاتقاء واحداث الشيء إيجاده والحدوث كون الشيء بعد ان لم يكن عرضا كان او جوهرا فَتَعالَى اللَّهُ تفاعل من العلو وليست مرتبة شريفة الا والحق تعالى فى أعلى الدرجات منها وارفعها وذلك لانه مؤثر وواجب لذاته وكل ما سواه اثر وممكن ولا مناسبة بين الواجب والممكن قال فى الإرشاد وهو استعظام له تعالى ولشؤونه التي يصرف عليها عباده من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد وغير ذلك اى ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأفعاله وأحواله الْمَلِكُ السلطان النافذ امره ونهيه الحقيق بان يرجى وعده ويخشى وعيده الْحَقُّ فى ملكوته وألوهيته الحقيقي بالملك لذاته وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ يؤدى ويتم ويفرغ قال تعالى لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ اى فرغ أجلهم ومدتهم المضروبة وَحْيُهُ القاؤه وقراءته كان عليه السلام إذا القى اليه جبريل الوحى يتبعه عند تلفظ كل حرف وكل كلمة لكمال اعتنائه بالتلقى والحفظ فنهى عن ذلك إذ ربما يشغله التلفظ بكلمة عن سماع ما بعدها. والمعنى لا تعجل بقراءة القرآن خوف النسيان والانفلات قبل ان يستتم جبريل قراءته ويفرغ من الإبلاغ والتلقين فاذا بلغ فاقرأه وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى سكوته عند قراءة القرآن واستماعه والتدبر فى معانيه وأسراره للتنور بانواره وكشف حقائقه ولهذا قال وَقُلْ اى فى نفسك رَبِّ [اى پروردگار من] زِدْنِي [بيفزاى مرا] عِلْماً اى فهما لادراك حقائقه فانها غير متناهبة وبنورا بانواره وتخلقا بخلقه وقال بعضهم علما بالقرآن فكان كلما نزل عليه شىء من القرآن ازداد به علما وقال محمد بن الفضل علما بنفسي وما تضمره من الشرور والمكر والغدر لا قوم بمعونتك فى مداواة كل شىء منها بدوائه وكان ابن مسعود رضى الله عنه إذا قرأها قال اللهم زدنى ايمانا ويقينا بك وهو أجل التفاسير وأدقها لانه علق الايمان واليقين به تعالى دون غيره وهو أصعب الأمور كذا سمعت من شيخى وسندى قدس الله سره قيل ما امر الله رسوله بطلب الزيادة فى شىء الا فى العلم قال الكاشفى [در لطائف قشيرى رحمه الله مذكور است كه حضرت موسى عليه السلام زياده علم طلبيد او را حواله بخضر كردند وبي طلب پيغمبر ما را صلى الله عليه وسلم دعاى زيادتى علم بياموخت وحواله بغير خود نكرد تا معلوم شود كه آنكه در مكتب ادب «أدبني(5/432)
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)
ربى» سبق «وقل رب زدنى علما» خوانده باشد هر آيينه در درسكاه «علمك ما لم تكن تعلم» نكته «فعلمت علم الأولين والآخرين» بكوش هوش مستفيدان حقائق اشيا تواند رسانيد
علمهاى أنبياء واولياء ... در دلش رخشنده چون شمس الضحى
عالمى كاموز كارش حق بود ... علم او بس كامل مطلق بود
قال ابراهيم الهروي كنت بمجلس ابى يزيد البسطامي قدس سره فقال بعضهم ان فلانا أخذ العلم من فلان قال ابو يزيد المساكين أخذوا العلوم من الموتى ونحن أخذنا العلم من حى لا يموت قال ابو بكر الكتاني قال لى الخضر عليه السلام كنت بمسجد صنعاء وكان الناس يستمعون الحديث من عبد الرزاق وفى زاوية المسجد شاب فى المراقبة فقلت له لم لا تسمع كلام عبد الرزاق قال انا اسمع كلام الرزاق وأنت تدعونى الى عبد الرزاق فقلت له ان كنت صادقا فاخبرنى من انا فقال لى أنت الخضر وفى الآية بيان لشرف العلم قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر العلم نور من أنوار الله تعالى يقذفه فى قلب من اراده من عباده وهو معنى قائم بنفس العبد يطلعه على حقائق الأشياء وهو للبصيرة كنور الشمس للبصر مثلا بل أتم وفى الخبر قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال (العلم بالله) قيل الأعمال نريد قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال عليه السلام (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) والمعتبر هو العلم النافع ولذلك قال عليه السلام (اللهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع) والعلم بالله لا يتيسر الا بتصفية الباطن فتصفية القلب عما سوى الله تعالى من أعظم القربات وأفضل الطاعات ولذلك كان مطمح نظر الأكابر فى إصلاح القلوب والسرائر: قال الحافظ
پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده
وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ يقال عهد فلان الى فلان بعهد اى القى العهد اليه وأوصاه بحفظه والعهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا وعهد الله تارة يكون بما ركزه فى عقولنا وتارة يكون بما أمرنا به بكتابه وبألسنة رسله وتارة بما نلتزمه وليس بلازم فى اصل الشرع كالنذور وما يجرى مجراها وآدم ابو البشر عليه السلام قيل سمى بذلك لكون جسده من أديم الأرض وقيل لسمرة فى لونه يقال رجل آدم نحو أسمر وقيل سمى بذلك لكونه من عناصر مختلفة وقوى مفترقة يقال جعلت فلانا ادمة أهلي اى خلطته بهم وقيل سمى بذلك لما طيب به من الروح المنفوخ فيه وجعل له من العقل والفهم والرؤية التي فضل بها على غيره وذلك من قولهم الادام وهو ما يطيب به الطعام وقيل أعجمي وهو الأظهر والمعنى وبالله لقد أمرناه ووصيناه بان لا يأكل من الشجرة وهى المعهودة ويأتى بيانه بعد هذه الآية مِنْ قَبْلُ من قبل هذا الزمان فَنَسِيَ العهد ولم يهتم به حتى غفل عنه والنسيان بمعنى عدم الذكر او تركه ترك المنسى عنه قال الراغب النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع اما لضعف قلبه واما عن غفلة او عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره وكل نسيان من الإنسان ذمه الله تعالى به فهو ما كان أصله عن تعمد وما عذر فيه نحو ما روى (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) فهو ما لم يكن(5/433)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)
سببه منه وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ان كان من الوجود العلمي فله وعزما مفعولاه وقدم الثاني على الاول لكونه ظرفا وان كان من الوجود المقابل للعدم وهو الأنسب لان مصب الفائدة هو المفعول وليس فى الاخبار بكون العزم المعدوم له مزيد مزية فله متعلق به والعزم فى اللغة توطين النفس على الفعل وعقد القلب على إمضاء الأمر. والمعنى لم نعلم او لم نصادف له تصميم رأى وثبات قدم فى الأمور ومحافظة على ما امر به وعزيمة على القيام به إذ لو كان كذلك لما أزله الشيطان ولما استطاع تغريره وقد كان ذلك منه عليه السلام فى بدء امره من قبل ان يجرب الأمور ويتولى حارها وقارها ويذوق شريها وأريها لا من نقصان عقله فانه أرجح الناس عقلا كما قال عليه السلام (لو وزنت أحلام بنى آدم بحلم آدم لرجح حلمه) وقد قال الله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ومعنى هذا ان آدم مع ذلك اثر فيه وسوسته فكيف فى غيره: قال الحافظ
دام سختست مكر لطف خدا يار شود ... ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم
قيل لم يكن النسيان فى ذلك الوقت مرفوعا عن الإنسان فكان مؤاخذا به وانما رفع عنا وفى التأويلات النجمية وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ اى من قبل ان يكون اولا وان لا يتعلق بغيرنا ولا ينقاد لسوانا فلما دخل الجنة ونظر الى نعيمها فَنَسِيَ عهدنا وتعلق بالشجرة وانقاد للشيطان وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً يشير الى ان الله تعالى لما خلق آدم وتجلى فيه بجميع صفاته صارت ظلمات صفات خلقيته مغلوبة مستورة بسطوات تجلى أنوار صفات الربوبية ولم يبق فيه عزم التعلق بما سواه والانقياد لغيره فلما تحركت فيه دواعى البشرية الحيوانية وتداعت الشهوات النفسانية الانسانية واشتغل باستيفاء الحظوظ نسى أداء الحقوق ولهذا سمى الناس ناسا لانه ناس فنشأت له من تلك العاملات ظلمات بعضها فوق بعض وتراكمت حتى صارت غيوم شموس المعارف وأستار أقمار العوارف فنسى عهود الله ومواثيقه وتعلق بالشجرة المنهي عنها قال العلامة يا انيسان عادتك النسيان اذكر الناس ناس وارق القلوب قاس قال ابو الفتح البستي فى الاعتذار من النسيان الى بعض الرؤساء يا اكثر الناس إحسانا الى الناس يا احسن الخلق إعراضا عن الباس نسيت وعدك والنسيان مغتفر فاغفر فاول ناس أول الناس قال على رضى الله عنه عشرة يورثن النسيان. كثرة الهم. والحجامة فى النقرة. والبول فى الماء الراكد. وأكل التفاح الحامض. وأكل الكزبرة. وأكل سؤر الفار. وقراءة الواح القبور. والنظر الى المصلوب. والمشي بين الجملين المقطورين. وإلقاء القملة حية كما فى روضة الخطيب لكن فى قاضى خان لا بأس بطرح القملة حية والأدب ان يقتلها وزاد فى المقاصد الحسنة مضغ العلك اى للرجال إذا لم يكن من علة كالبخر ولا يكره للمرأة ان لم تكن صائمة لقيامه مقام السواك فى حقهن لان سنها أضعف من سن الرجال كسائر اعضائها فيخاف من السواك سقوط سنها وهو ينقى الأسنان ونشد اللثة كالسواك واعلم ان من أشد اسباب النسيان العصيان فنسأل الله العصمة والحفظ وَإِذْ قُلْنا اى واذكر يا محمد وقت قولنا لِلْمَلائِكَةِ اى لمن فى الأرض والسماء منهم عموما كما سبق تحقيقه اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود تحية(5/434)
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)
وتكريم وقال البيضاوي اذكر حاله فى ذلك الوقت ليتبين لك انه نسى ولم يكن من اولى العزيمة والثبات انتهى وفيه اشارة الى استحقاقه لسجودهم لمعان جمة. منها لانه خلق لامر عظيم هو الخلافة فاستحق لسجودهم. ومنها لان الله تعالى جعله مجمع مجرى عالمى الخلق والأمر والملك والملكوت والدنيا والآخرة فما خلق شيأ فى عالم الخلق والدنيا الا وقد جعل فى قالبه أنموذجا منه وما خلق شيأ فى عالم الأمر والآخرة الا وقد أودع فى روحه حقائقه واما الملائكة فقد خلقت من عالم الأمر والملكوت دون عالم الخلق والملك فبهذه النسبة اختص آدم بالكمال وما دونه بالنقصان فاستحق السجود والكمال. ومنها لانه خلق روحه فى احسن تقويم من بين سائر الأرواح من الأرواح الملكية وغيرها وخلقت صورته فى احسن صورة على صورة الرحمن والملائكة وان خلقت فى حسن ملكى روحانى لم يخلقوا فى حسن صورته فله الافضلية فى كلا الحالين فاستحق لسجودهم بالافضلية. ومنها لانه شرف فى تسوية قالبه بتشريف خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا وباختصاص لما خلقت بيدي وأكرم فى تعلق روحه بالقالب بكرامة ونفخت فيه من روحى فالزمهم سجود الكرامة بقوله فقعوا له ساجدين واثبت له استحقاق سجودهم بقوله يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي. ومنها لانه اختص بعلم الأسماء كلها وانهم قد احتاجوا فى انباء اسمائهم كما قال يا آدم انبئهم بأسمائهم فوجب عليهم أداء حقوقه بالسجود. ومنها لانه لما خلقه الله تعالى تجلى فيه بجميع صفاته فاسجد الله تعالى ملائكته إياه تعظيما وتكريما وإعزازا وإجلالا فانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فسجدوا الا إبليس ابى ان يسجد وذلك لان الله تعالى لما قال للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة الى ونقدس لك كان هذا الكلام منهم نوع اعتراض على الله وجنس غيبة لآدم واظهار فضيلة لانفسهم عليه فاجابهم الله بقوله انى اعلم ما لا تعلمون اى انى أودعت فيه من علم الأسماء واستعداد الخلافة ما لا تعرفون به فله الفضيلة عليكم فاسجدوا له كفارة لاعتراضكم واستغفارا لغيبته وتواضعا لانفسكم فاقر الملائكة واعترفوا بما جرى عليهم من الخطأ وتابوا واستسلموا لاحكام الله تعالى فسجدوا لآدم واما إبليس فقد أصر على ذنب الاعتراض والغيبة والعجب بنفسه ولم يستسلم لاحكام الله وزاد فى الاعتراض والغيبة والعجب فقال انا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين وابى ان يسجد كذا فى التأويلات فَسَجَدُوا تعظيما لامر ربهم وامتثالا له إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد ولم يطرح اردية الكبر ولم يخفص جناحه: وفى المثنوى
آنكه آدم را بدن ديد او رميد ... وانكه نور مؤتمن ديد او حميد «1»
يقال ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي كما فى القاموس كأنه قيل ما باله لم يسجد فقيل أَبى السجود وامتنع منه قال فى المفردات الإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء فَقُلْنا عقيب ذلك اعتناء بنصحه يا آدَمُ إِنَّ هذا الحقير الذي رأيت ما فعل عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ حواء والزوج اسم للفرد بشرط ان يكون معه آخر من جنسه ذكرا كان او أنثى ولعداوته وجوه الاول انه كان حسودا فلما رأى
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را إلخ(5/435)
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)
نعم الله على آدم حسده فصار عدوا له وفيه اشارة الى ان كل من حسد أحدا يكون عدو اله ويريد هلاكه ويسعى فى إفساد حاله والثاني انه كان شابا عالما وإبليس شيخا جاهلا لانه اثبت فضيلته بفضيلة أصله وانه جهل والشيخ الجاهل يكون ابدا عدو الشاب العالم
زد شيخ شهر طعنه بر اسرار اهل دل ... المرء لا يزال عدوا لما جهل
والثالث انه مخلوق من النار وآدم من الماء والتراب وبين أصليهما عداوة فبقيت العداوة فيهما فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ اى لا يكونن سببا لاخراجكما منها فهو من قبيل اسناد الفعل الى السبب والا فالمخرج حقيقة هو الله تعالى وظاهره وان كان نهى إبليس عن الإخراج الا ان المراد نهيهما من ان يكونا بحيث يتسبب الشيطان فى إخراجهما منها بالطريق البرهاني فَتَشْقى جواب للنهى واسناد الشقاء اليه لرعاية الفواصل ولا صالته قال فى المفردات الشقاوة خلاف السعادة وكما ان السعادة ضربان سعادة دنيوية وسعادة اخروية ثم السعادة الدنيوية ثلاثة اضرب سعادة نفسية وبدنية وخارجية كذلك الشقاوة على هذه الأضرب وفى الشقاوة الاخروية قال تعالى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وفى الدنيوية فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى انتهى وقد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت فى كذا كما قال فى القاموس الشقا الشدة والعسر ويمد انتهى. فالمعنى لا تباشر اسباب الخروج فيحصل الشقاء وهو الكد والتعب الدنيوي مثل الحرث والزرع والحصد والطحن والعجن والخبز ونحو ذلك مما لا يخلو الناس عنه فى امر تعيشهم ويؤيده ما بعد الآية قال الكاشفى [فتشقى كه تو در رنج افتى يعنى چون از بهشت بيرون روى بكد يمين وعرق جبين اسباب معاش مهيا بايد كرد] عن سعيد بن جبير اهبط الى آدم ثور احمر فكان يحرث عليه ويمسح الغرق عن جبينه فذلك شقاؤه يقول الفقير الظاهر ان الشيطان بسبب عداوته لا يخلو عن تحريض فعل يكون سببا للخروج فالشقاوة فى الحقيقة متفرعة على مباشرة امر منهى عنه فافهم وفى التأويلات النجمية هى شقاوة البعد عن الحضرة ان لم يرجع الى مقام قربه من جوار الحق بالتوبة والاستغفار وفيه اشارة الى ان العصيان وامتثال الشيطان موجب للاخراج من جنة القلب والهبوط الى ارض البشرية بعد الصعود عنها والعبور عليها إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها لك خبر انّ وان لا تجوع فى محل النصب على الاسمية اى قلنا ان حالك مادمت فى الجنة عدم الجوع إذ النعم كلها حاضرة فيها وَلا تَعْرى من الثياب لان الملبوسات كلها موجودة فى الجنة والعرى الجلد عما يستره وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها اى لا تعطش لان العيون والأنهار جارية على الدوام قال الراغب الظمئ ما بين الشربتين والظمأ العطش الذي يعرض من ذلك وَلا تَضْحى اى لا يصيبك حر الشمس فى الجنة إذ لا شمس فيها وأهلها فى ظل ممدود يقال ضحى الرجل للشمس بكسر الحاء إذا برز وتعرض لها وان بالفتح مع ما فى حيزها عطف على ان لا تجوع وفصل الظمأ دفعا لتوهم ان نفيهما نعمة واحدة وكذا الحال فى الجمع بين العرى والضحو وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الجنة وان كانت باقية وهى جوار الحق لكنها مرتعة من مراتع النفس البهيمية الحيوانية ولها(5/436)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
فيها تمتع من المأكولات والمشروبات والملبوسات والمنكوحات كما كان لها فى المراتع الدنيوية الفانية انتهى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ اى انهى الى آدم وسوسته وابلغ فتعديته بالى باعتبار تضمينه معنى الإنهاء والإبلاغ وإذا قيل وسوس له فمعناه لاجله والوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي لاصواتها وهو فعل لازم قال الكاشفى [پس وسوسه كرد بسوى آدم شيطان پس آز انكه ببهشت در آمد وحوارا ديد واز مرك بترسانيد وحوا با آدم باز كفت وآدم از مرك ترسان شده بإبليس كه بصورت پيرى بر ايشان ظاهر شده بود بدو رجوع كرده بود بطريق تضرع از وى علاج مرك طلبيد] قالَ اما بدل من وسوس او استئناف كأنه قيل فماذا قال فى وسوسته فقيل قال يا آدَمُ [علاج اين مرض خوردن ميوه شجره خلد است] هَلْ أَدُلُّكَ [آيا دلالت كنم ترا] عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ اى شجرة من أكل منها خلد ولم يمت أصلا سواء كان على حاله او بان يكون ملكا فاضافها الى الخلد وهو الخلود لانها سببه بزعمه كما قيل لحيزوم فرس الحياة لانها سببها قال الراغب الخلود تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وَمُلْكٍ لا يَبْلى اى لا يزول ولا يختل بوجه من الوجوه: وبالفارسية [كهنه نشود آدم كفت دلالت كن مرا با آن إبليس راهنمون شد آدم وحوارا بشجره منهيه] فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما يقال بدا الشيء بدوا وبدوّا ظهر ظهورا بينا وكنى عن الفرج بالسوءة لانه يسوء الإنسان انكشافه اى يغمه ويحزنه قال الكاشفى [يعنى لباس جنت از ايشان بريخت وبرهنه شدند] قال ابن عباس انهما عريا عن النور الذي كان الله البسهما إياه حتى بدت فروجهما وقيل كان لباسهما الظفر فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما وتركت هذه البقايا فى أطراف الأصابع وقيل كان لباسهما الخلة وعن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام (ان أباكم آدم كان رجلا طويلا كالنخلة السحوق كثير الشعر موارى العورة فلما واقع الخطيئة بدت سوءته فانطلق فى الجنة هاربا فمر بشجرة فاخذت بناصيته فاجلسته فناداه ربه أفرارا منى يا آدم قال لا يا رب ولكن حياء منك) قال الحصيري بدت لهما ولم تبد لغيرهما لئلا يعلم الأغيار من مكافاة الجناية ما علما ولو بدت للاغيار لقال بدت منهما وَطَفِقا شرعا يقال طفق يفعل كذا اى أخذ وشرع ويستعمل فى الإيجاب دون النفي لا يقال ما طفق يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ فى القاموس خصف النعل يخصفها خرزها والورق على بدنه ألزقها واطبقها عليه ورقة ورقة اى يلزقان الورق على سوءاتهما للتستر وهو ورق التين قيل كان مدورا فصار على هذا الشكل من تحت اصابعمها وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بأكل الشجرة: يعنى [خلاف كرد آدم امر پروردگار خود را در خوردن درخت] يقال عصى عصيانا إذا خرج عن الطاعة وأصله ان يتمنع بعصاه كما فى المفردات فَغَوى ضل عن مطلوبه الذي هو الخلود او عن المأمور به وهو التباعد عن الشجرة فى ضمن ولا تقربا هذه الشجرة او عن الرشد حيث اغتر بقول العدو لان الغى خلاف الرشد واعلم ان(5/437)
المعصية فعل محرم وقع عن قصد اليه والزلة ليست بمعصية ممن صدرت عنه لانها اسم لفعل حرام غير مقصود فى نفسه للفاعل ولكن وقع عن فعل مباح قصده فاطلاق اسم المعصية على الزلة فى هذه الآية مجاز لان الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر والصغائر لا من الزلات عندنا وعند بعض الاشعرية لم يعصموا من الصغائر وذكر فى عصمة الأنبياء ليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الأفضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى قال ابن الشيخ فى حواشيه العصيان ترك الأمر وارتكاب المنهي عنه وهو ان كان عمدا يسمى ذنبا وان كان خطأ يسمى زلة والآية دالة على انه عليه السلام صدرت عنه المعصية والمصنف سماها زلة حيث قال وفى النعي عليه بالعصيان والغواية مع صغر زلته تعظيم الزلة وزجر بليغ لأولاده عنها انتهى بناء على انه انما ترك الانتهاء عن أكل الشجرة اجتهادا لابان تعمد المعصية ووجه الاجتهاد انه عليه السلام حمل النهى على التنزيه
دون التحريم وحمل قوله تعالى هذِهِ الشَّجَرَةَ على شجرة بعينها دون جنسها ومع ذلك الظاهر ان هذه الواقعة انما كانت قبل نبوته وفى الاسئلة المقحمة فان قيل فاذا كان هذا خطأ فى الاجتهاد ومن اجتهد فاخطأ لا يؤخذ به فكيف آخذ آدم بذلك قلنا لم يكن هذا موضع الاجتهاد إذا كان الوحى يتواتر عليه نزوله فكان تفريطه لو اجتهد فى غير الاجتهاد فان قيل فهل اوحى اليه ليعلم ذلك قلنا انقطع عنه الوحى ليقضى الله تعالى ما اراده كما انقطع عن الرسول عليه السلام ثمانية عشر يوما وقت افك عائشة رضى الله عنها ليقضى الله تعالى ما اراده وفى الكبير فان قيل دل هذا على الكبيرة لان العاصي اسم ذم فلا يليق الا بصاحب الكبيرة ولان الغواية ترادف الضلالة وتضاد الرشد ومثله لا يتناول الا المنهمك فى الفسق وأجيب بان المعصية خلاف الأمر والأمر قد يكون بالمندوب ويقال أمرته بشرب الدواء فعصانى فلم يبعد إطلاقه على آدم لا لانه ترك الواجب بل لانه ترك المندوب وفيه ايضا ليس لاحد ان يقول كان آدم عاصيا غاويا لوجوه. الاول قال العتبى يقال للرجل قطع ثوبا وخاطه قد قطعه وخاطه ولا يقال خائط وخياط الا إذا عاود الفعل فكان معروفا به والزلة لم تصدر من آدم إلا مرة فلا تطلق عليه. والثاني ان الزلة ان وقعت قبل النبوة لم يجز بعد ان شرف الله تعالى بالرسالة إطلاقها عليه وان كانت بعد النبوة فكذلك بعد ان تاب كما لا يقال للمسلم التائب انه كافر أو زان او شارب خمر اعتبارا بما قبل إسلامه وتوبته. والثالث ان قولنا عاص وغاو يوهم عصيانه فى الأكثر وغوايته عن معرفة الله والمراد فى القصة ليس ذلك فلا يطلق دفعا للوهم الفاسد. والرابع يجوز من الله ما لا يجوز من غيره كما يجوز للسيد فى ولده وعبده عند المعصية قول مالا يجوز لغيره قال الحسن والله ما عصى الا بنسيان قال جعفر طالع الجنان ونعيمها فنودى عليه الى يوم القيامة وعصى آدم ولو طالعها بقلبه لنودى عليه بالهجران الى ابد الآباد وفى التأويلات النجمية وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بصرف محبته فى طلب شهوات نفسه فَغَوى بصرف الفناء فى الله فى طلب الخلود وملك البقاء فى الجنة انتهى: وفى المثنوى
چيست توحيد خدا آموختن ... خويشتن را پيش واحد سوختن
كر همى خواهى كه بفروزى چوروز ... هستئ همچون شب خود را بسوز «1»
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان كبودى زدن مرد قزوينى بر شانه كاه إلخ(5/438)
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)
هستيت در هست آن هستى نواز ... همچومس در كيميا اندر كداز
سئل ابن عطاء عن قصة آدم ان الله تعالى نادى عليه بمعصية واحدة وستر على كثير من ذريته فقال ان معصية آدم كانت على بساط القربة فى جوراه ومعصية ذريته فى دار المحنة فزلته اكبر وأعظم من زلتهم ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ اصطفاه وقربه بالحمل على التوبة والتوفيق لها من اجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه اى جمعه فَتابَ عَلَيْهِ اى قبل توبته حين تاب هو وزوجته قائلين رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وَهَدى اى الى الثبات على التوبة والتمسك بأسباب العصمة وفيه اشارة الى انه لو وكل الى نفسه وغريزته التي جبل عليها ما كانت التوبة من شأنه ولا الرجوع الى الله من برهانه ولكن الله بفضله وكرمه اجتباه وبجذبة العناية رفاه والى حضرة الربوبية هداه وفى الحديث (لو جمع بكاء اهل الدنيا الى بكاء داود لكان بكاؤه اكثر ولو جمع ذلك الى بكاء نوح لكان اكثر) وانما سمى نوحا لنوحه على نفسه (ولو جمع ذلك كله الى بكاء آدم على خطيئته لكان اكثر) : وفى المثنوى
خاك غم را سرمه سازم بهر چشم ... تا ز گوهر پر شود دو بحر چشم «1»
أشك كان از بهر او بارند خلق ... كوهرست وأشك پندارند خلق
تو كه يوسف نيستى يعقوب باش ... همچواو با كريه وآشوب باش «2»
پيش يوسف نازش وخوبى مكن ... جز نياز وآه يعقوبى مكن
آخر هر كريه آخر خنده ايست ... مرد آخر بين مبارك بنده ايست «3»
قال وهب لما كثر بكاؤه امره الله بان يقول «لا اله الا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوأ وظلمت نفسى فاغفرلى انك خير الغافرين «فقالها ثم قال» قل سبحانك لا اله الا أنت عملت سوأ وظلمت نفسى فارحمنى وأنت خير الراحمين «ثم قال» قل سبحانك لا اله الا أنت عملت سوأ وظلمت نفسى فتب علىّ انك أنت التواب «قال ابن عباس رضى الله عنهما هن الكلمات التي تلقيها آدم من ربه وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما اعترف آدم بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد ان تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف الى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم انه لاحب الخلق الىّ فغفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) رواه البيهقي فى دلائله قال بعض الكبار انه من لطفه وكرمه عاقب آدم فى الدنيا بالمجاهدات الكثيرة بما جرى عليه من المعصية ويعاقب الجمهور فى الآخرة بما جرى عليهم من المعصية فى الدنيا وفى هذا حاصية له لان عقوبة الدنيا أهون وقال مثل الشيطان مثل حية تمشى على وجه الأرض الى رأس كنز وخلفها انسان ليقتلها فلما ضربها وجد تحت ضربه كنزا فصار الكنز له وصارت الحية مقتولة وبلغ الى الامرين العظيمين البلوغ الى المأمول والفلاح من العدو فكذا شأن آدم مع الملعون دله على كنز من كنوز الربوبية غرضه العداوة والضلالة فوصل آدم الى
__________
(1) در اواسط دفتر يكم فى معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور وانا أغير منه إلخ
(2) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير آيه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
(3) لم أجد(5/439)
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)
الاجتبائية الابدية بعد الاصطفائية الازلية وبلغ الملعون الى اللعنة الازلية الابدية قال ابن عطاء اسم العصيان مذموم الا ان الاجتباء والاصطفاء منعا ان يلحق آدم اسم المذمة قال الواسطي العصيان لا يؤثر فى الاجتبائية وفى الحديث (احتج آدم وموسى) احتجاجا روحانيا او جسمانيا بان احياهما واجتمعا كما ثبت فى حديث الاسراء انه عليه السلام اجتمع مع الأنبياء وصلى بهم (فقال موسى يا آدم أنت أبونا الذي خيبتنا) اى كنت سببا لخيبتنا عن سكون الجنة من أول الأمر (وأخرجتنا من الجنة بخطيئتك التي خرجت بها منها) قال الحافظ
من ملك بودم وفردوس برين جايم بود ... آدم آورد درين دير خراب آبادم
(فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه) اى جعلك كليمه (وخط لك التوراة بيده أتلومني) همزة الاستفهام فيه للانكار (على امر قدره الله علىّ) اى كتبه فى اللوح المحفوظ قبل ان يخلقنى بأربعين سنة المراد منه التكثير لا التحديد فان قيل العاصي منا لو قال هذه معصية قدرها الله علىّ لم يسقط عنه اللوم فكيف أنكر آدم بهذا القول على كونه ملوما قلنا أنكر اللوم من العبد بعد عفو الله عن ذنبه ولهذا قال أتلومني ولم يقل أألام على بناء المجهول او نقول اللوم على المعاصي فى دار التكليف كان للزجر وفى غيرها لا يفيد فيسقط (فحج آدم موسى فحج آدم موسى) كرره للتأكيد يعنى غلب بالحجة على موسى لانه أحال ذلك على علم الله ونبه عليه بانه غفل عن القدر السابق الذي هو الأصل وقصر النظر على السبب اللاحق الذي هو الفرع وزاد فى بعض الروايات (قال آدم بكم وجدت الله كتب لك التوراة قبل ان اخلق قال موسى أربعين عاما قال آدم فهل وجدت فيها وعصى رسول الله عليه السلام فحج آدم موسى) قال الحافظ
عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت ... كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت
من اگر نيكم وكر بد تو برو خود را باش ... هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت
وقال
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
وقال
نقش مستورى ومستى نه بدست من وتست ... آنچهـ سلطان ازل كفت بكن آن كردم
وقال
عيبم مكن ز رندى وبد نامى اى حكيم ... كين بود سرنوشت ز ديوان قسمتم
وقال
من ارچهـ عاشقم ورند ومست ونامه سياه ... هزار شكر كه ياران شهر بي كنهند
قالَ الله تعالى لآدم وحواء بعد صدور الزلة اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً اى انزلا من الجنة الى الأرض هذا خطاب العتاب واللوم فى الصورة وخطاب التكميل والتشريف فى المعنى يقال هبط هبوطا إذا نزل قال الراغب الهبوط الانحدار على سبيل القهر كهبوط الحجر قال تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وإذا استعمل فى الإنسان الهبوط فعلى سبيل(5/440)
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
الاستخفاف بخلاف الانزال فان الانزال ذكره الله فى الأشياء التي نبه على شرفها كانزال القرآن والملائكة والمطر وغير ذلك والهبوط ذكره حيث نبه على البغض نحو وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وقال فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ اى بعض أولادكم عدو لبعض فى امر المعاش كما عليه الناس من التجاذب والتحارب فيكون نظير قوله تعالى فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ اى جعل أولادهما وجمع الخطاب باعتبار انهما اصل الذرية ومآله بعضكم يا ذرية آدم عدو لبعض وفى التأويلات النجمية يشير الى انه جعل فيما بينهم العداوة لئلا يكون لهم حبيب الا هو كما قال تعالى عن ابراهيم عليه السلام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ ولما اختص آدم منهم بالاجتباء والاصطفاء واهبطه الى الأرض معهم للابتلاء وعده بالاهتداء فقال فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ يا ذرية آدم وحواء مِنِّي هُدىً كتاب ورسول والأصل فان يأتينكم وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وما هذه مثل لام القسم فى دخول النون المؤكدة معها وانما جئ بكلمة الشك إيذانا بان إتيان الهدى بطريق الكتاب والرسول ليس بقطعى الوقوع وانه تعالى ان شاء هدى وان شاء ترك لا يجب عليه شىء ولك ان تقول إتيان الكتاب والرسول لما لم يكن لازم التحقق والوقوع ابرز فى معرض الشك وأكد حرف الشرط والفعل بالنون دلالة على رجحان جهة الوقوع والتحقق فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ اى فمن آمن بالكتاب وصدق بالرسول فَلا يَضِلُّ فى الدنيا عن طريق الدين القويم مادام حيا وَلا يَشْقى فى الآخرة بالعقاب: يعنى [برنج نيفتد در آخرت وبعقوبت وعذاب مبتلا نشود] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى الكتاب الذاكر لى والرسول الداعي الىّ والذكر يقع على القرآن وغيره من كتب الله كما سبق فَإِنَّ لَهُ فى الدنيا مَعِيشَةً ضَنْكاً ضيقا مصدر وصف به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث. والمعنى معيشة ذات ضنك وذلك لان نظره مقصور على اغراض الدنيا وهو يتهالك على ازديادها وخائف من انتقاصها بخلاف المؤمن الطالب الآخرة مع انه قد يضيق الله عليه بشؤم الكفر ويوسع ببركة الايمان واعلم ان من عقوبة المعصية ضيق المعيشة والرد الى النفس والأجناس والأكوان من ضيق المعيشة وفى التأويلات النجمية الهدى فى الحقيقة نور يقذفه الله فى قلوب أنبيائه وأوليائه ليهتدوا به اليه وفى الصورة العلماء السادة والمشايخ القادة بعد الأنبياء والمرسلين فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ بالتسليم والرضى والاسوة الحسنة فَلا يَضِلُّ عن طريق الحق وَلا يَشْقى بالحرمان وحقيقة الهجران وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى عن ملازمة ذكرى فى اتباع هداى اى إذا جاءه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً اى يعذب قلبه بذل الحجاب وسد الباب فان الذكر مفتاح القلوب والاعراض عنه سد بابها
ذكر حق مفتاح باشد اى سعيد ... تا نبكشايى در جان بي كليد
چون ملك ذكر خدا را كن غذا ... اين بود دائم معاش أوليا
وَنَحْشُرُهُ اى المعرض قال فى بحر العلوم الحشر يجئ بمعنى البعث والجمع والاول هو المراد هنا يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى فاقد البصر كما فى قوله تعالى وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا(5/441)
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
وفى عرائس البقلى يعنى جاهلا بوجود الحق كما كان جاهلا فى الدنيا كما قال على رضى الله عنه من لم يعرف الله فى الدنيا لا يعرفه فى الآخرة قالَ استئناف بيانى رَبِّ [اى پروردگار من] لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً اى فى الدنيا قالَ كَذلِكَ اى مثل ذلك فعلت أنت ثم فسر بقوله أَتَتْكَ آياتُنا اى آيات الكتاب او دلائل القدرة وعلامات الوحدة واضحة نيرة بحيث لا تخفى على أحد فَنَسِيتَها اى عميت عنها وتركتها ترك المنسى الذي لا يذكر أصلا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك النسيان الذي كنت فعلته فى الدنيا الْيَوْمَ تُنْسى تترك فى العمى والعذاب جزاء وفاقا لكن لا ابدا كما قيل بل الى ما شاء الله ثم يزيله عنه ليرى اهوال القيامة ويشاهد مقعده من النار ويكون ذلك له عذابا فوق العذاب وكذلك البكم والصمم يزيلهما الله عنهم اسمع بهم وابصر يوم يأتوننا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك الجزاء الموافق للجناية نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ فى عصيانه والإسراف مجاوزة الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ اى بالقرآن وسائر المعجزات بل كذبها واعرض عنها وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ على الإطلاق او عذاب النار أَشَدُّ مما نعذبهم به فى الدنيا من ضنك العيش ونحوه وَأَبْقى وأدوم لعدم انقطاعه فمن أراد ان ينجو من عذاب الله وينال ثوابه فعليه ان يصبر على شدائد الدنيا فى طاعة الله ويجتنب المعاصي وشهوات الدنيا فان الجنة قد حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما ورد دعا الله جبريل فارسله الى الجنة فقال انظر إليها والى ما اعددت لاهلها فيها فرجع فقال وعزتك لا يسمع بها أحد الا دخلها فحفت بالمكاره فقال ارجع إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يدخلها أحد ثم أرسله الى النار فقال انظر إليها وما اعددت لاهلها فرجع اليه فقال وعزتك لا يدخلها أحد يسمع بها فحفت بالشهوات فقال عد إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يبقى أحد الا دخلها- روى- ان اهل النار إذا انتهوا الى ابوابها استقبلتهم الزبانية بالاغلال والسلاسل وتسلك السلسلة فى فبه وتخرج من دبره وتغل يده اليسرى الى عنقه وتدخل يده اليمنى فى فؤاده وتنزع من بين كتفيه ويشد بالسلاسل ويقرن كل آدمي مع شيطان فى سلسلة ويسحب على وجهه تضربه الملائكة بمقامع من حديد كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وفى الحديث (ان ادنى اهل النار عذابا الذي يجعل له نعلان يغلى منهما دماغه فى رأسه) فعلى العاقل ان يجتنب اسباب العذاب والعمى ويجتهد ان لا يحشر أعمى وأشد العذاب عذاب القطيعة من الله الوهاب
بعد حق باشد عذاب مستهين ... از نعيم قرب عشرت سازهين
هر كه نابينا شود از آي هو ... ماند در تاريك مردمهاى او
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ الهمزة للانكار التوبيخي والفاء للعطف على مقدر. والهداية بمعنى التبيين والمفعول محذوف والفاعل هو الجملة بمضمونها ومعناها وضمير لهم للمشركين المعاصرين لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. والقرون جمع قرن وهو القوم(5/442)
وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)
المقترنون فى زمن واحد. والمعنى اغفلوا فلم يبين لهم مآل أمرهم كثرة إهلاكنا للقرون الاولى او الفاعل الضمير العائد الى الله. والمعنى أفلم يفعل الله لهم الهداية فقوله أهلكنا بيان لتلك الهداية بطريق الالتفات. ومن القرون فى محل النصب على انه وصف لمميزكم اى كم قرنا كائنا من القرون يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ حال من القرون اى وهم فى أمن وتقلب فى ديارهم او من الضمير فى لهم مؤكدا للانكار اى أفلم يهد إهلاكنا للقرون السالفة من اصحاب الحجر وثمود وقريات قوم لوط حال كونهم ماشين فى مساكنهم مارين بها إذا سافروا الى الشام مشاهدين لآثار هلاكهم مع ان ذلك مما يوجب ان يهتدوا الى الحق فيعتبروا لئلا يحل بهم مثل ما حل باولئك قال الراغب المشي الانتقال من مكان الى مكان بارادة والسكون ثبوت الشيء بعد تحرك ويستعمل فى الاستيطان نحو سكن فلان مكان كذا اى استوطنه واسم المكان مسكن والجمع مساكن إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى الإهلاك بالعذاب لَآياتٍ كثيرة واضحة الهداية ظاهرة الدلالة على الحق فاذن هو هاد وأي هاد لِأُولِي النُّهى جمع نهية بمعنى العقل اى لذوى العقول الناهية عن القبائح وفيه دلالة على ان مضمون الجملة هو الفاعل لا المفعول: وفى المثنوى
پس سپاس او را كه ما را در جهان ... كرد پيدا از پس پيشينيان «1»
تا شنيديم آن سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق
استخوان و پشم آن كركان عيان ... بنگريد و پند كيريد اى مهان
عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد
ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او
وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ اى ولولا الكلمة المتقدمة وهى العدة بتأخير عذاب هذه الامة اى امة الدعوة الى الآخرة لحكمة تقتضيه يعنى ان الكلمة اخبار الله ملائكته وكتبه فى اللوح المحفوظ ان امة محمد وان كذبوا فسيؤخرون ولا يفعل بهم ما يفعل بغيرهم من الاستئصال لعلمه ان فيهم من يؤمن ولو نزل بهم العذاب لعمهم الهلاك لَكانَ عقاب جناياتهم لِزاماً اى لزاما لهؤلاء الكفرة بحيث لا تتأخر جناياتهم ساعة لزوم ما نزل باولئك الغابرين عند التكذيب مصدر لازم وصف به للمبالغة وَأَجَلٌ مُسَمًّى عطف على كلمة والفصل للاشعار باستقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآي اى ولولا أجل مسمى لا عمارهم او لعذابهم وهو يوم القيامة او يوم بدر لما تأخر عذابهم أصلا واعلم ان الله تعالى حرضهم على الايمان من طريق العبرة والاستدلال رحمة منه تعالى ليعود نفعه إليهم لا له: كما قال فى المثنوى
چون خلقت الخلق كى يربح على ... لطف تو فرمود اى قيوم وحى «2»
لا لان اربح عليهم جود تست ... كه شود زو جمله ناقصها درست
وقع فى الكلمات القدسية (يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم مازاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان ادب كردن شير كرك را بجهت بي ادبى او
(2) در اواخر دفتر پنجم در بيان مجرم دانستن أياز خود را إلخ(5/443)
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) فعلى العاقل التمسك بكلمة التوحيد حذرا من وقوع الوعيد وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من ذا الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر فينبغى للعاقل المكلف ان يتعظ بمواعظ القرآن الكريم ويتقى القادر الحكيم ويجتهد فى الطاعة والانقياد ولا يكون أسوأ من الجماد مع ان الإنسان اشرف المخلوقات وأبدع المصنوعات عن جعفر طيار رضى الله عنه قال كنت مع النبي عليه السلام فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال بنطق فصيح لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلام الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء يقال من لم ينزجر بزواجر القرآن ولم يرغب فى الطاعات فهذا أشد قسوة من الحجارة وأسوأ حالا من الجمادات نسأل الله تليين القلوب فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى إذا كان الأمر على ما ذكر من ان تأخير عذابهم ليس باهمال بل امهال وانه لازم لهم البتة فاصبر على ما يقولون فيك من كلمات الكفر والنسبة الى السحر والجنون الى ان يحكم فيهم فان علمه عليه السلام بانهم معذبون لا محالة مما يسليه ويحمله على الصبر وفى التأويلات النجمية على ما يقول اهل الاعتراض والإنكار لانك محتاج فى التربية الى ذلك لتبلغ الى مقام الصبر انتهى قال بعضهم هذا منسوخ بآية السيف وفى الكبير هذا غير لازم لجواز ان يقاتل ويصبر على ما يسمع منهم من الأذى قال الراغب الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع او عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فان كان حبس النفس لمصيبة يسمى صبرا لا غير ويضاده الجزع وان كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن وان كان فى نائبة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر وان كان فى إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده البذل وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وقال تعالى وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ ويسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له وَسَبِّحْ ملتبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ اى صل حامدا لربك على هدايته وتوفيقه بطريق اطلاق اسم الجزء على الكل لان التسبيح وذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة وينسى جميع ما أصاب من الغموم والأحزان أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ المراد صلاة الفجر وفى الخبر (ان الذكر والتسبيح الى طلوع الشمس أفضل من اعتاق ثمانين رقبة من ولد إسماعيل) خص إسماعيل بالذكر لشرفه وكونه أبا العرب وَقَبْلَ غُرُوبِها يعنى صلاتى الظهر والعصر لانهما قبل غروبها بعد زوالها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ اى بعض ساعاته جمع انى بالكسر والقصر كمعى وأمعاء واناء بالفتح والمد فَسَبِّحْ فصل والمراد المغرب والعشاء وتقديم الوقت فيهما(5/444)
لاختصاصهما بمزيد الفضل فان القلب فيهما اجمع والنفس الى الاستراحة أميل فتكون العبادة فيهما أشق وَأَطْرافَ النَّهارِ امر بالتطوع اجزاء النهار وفى العيون هو بالنصب عطف على ما قبله من الظروف اى سبح فيها وهى صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار لارادة الاختصاص كما فى قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى صلاة العصر عند بعض المفسرين وفى الجلالين قبل غروبها صلاة العصر وأطراف النهار صلاة الظهر فى طرف النصف الثاني ويسمى الواحد باسم الجمع وقال الطبري قبل غروبها وهى العصر ومن آناء الليل هى العشاء الآخرة وأطراف النهار الظهر والمغرب لان الظهر فى آخر الطرف الاول من النهار وفى أول الطرف الثاني فكأنها بين طرفين والمغرب فى آخر الطرف الثاني فكانت اطرافا انتهى. وبهذا احتج الشيخ ابو القاسم الفزاري فى الاسئلة المقحمة
وقد مضى ما يناسب هذه الآية فى اواخر سورة هود وسيأتى فى سورة ق ايضا لَعَلَّكَ تَرْضى متعلق بسبح اى سبح فى هذه الأوقات رجاء ان تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك ويسربه قلبك وقال الكاشفى [خوشنودى در أصح اقوال بكرامتي ما شد كه خداى تعالى او را عطا دهد وآن شفاعت امتست ونكته وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى تقويت اين قول ميكند]
امت همه جسمند وتويى جان همه ... ايشان همه آن تو وتو آن همه
خوشنودئ تو جست خدا در محشر ... خوشنود نه مكر بغفران همه
واعلم ان الاشتغال بالتسبيح استنصار من المسبح للنصر على المكذبين وان الصلاة أعظم ترياق لازالة الألم ولذا كان النبي عليه السلام إذ احزبه امر فزع الى الصلاة وكان آخر ما اوصى به الصلاة وما ملكت ايمانكم والآية جامعة لذكر الصلوات الخمس عن جرير بن عبد الله كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى القمر ليلة البدر فقال (انكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامّون فى رؤيته فان استطعتم ان لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وسبح بحمد ربك) الآية قوله لا تضامون بتشديد الميم من الضم اى لا يضم بعضكم بعضا ولا يقول أرنيه بل كل ينفرد برؤيته فالتاء مفتوحة والأصل تتضامون حذفت منه احدى التاءين وروى بتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم فالتاء مضمومة يعنى لا ينالكم ضيم بان يرى بعضكم دون بعض بل تستوون كلكم فى رؤيته تعالى وفى الحديث (ان أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لاتوهما ولوحبوا) يقال من داوم على الصلوات الخمس فى الجماعة يرفع الله عنه ضيق العيش وعذاب القبر ويعطى كتابه بيمينه ويمر على الصراط كالبرق ويدخل الجنة بغير حساب ومن تهون فى الصلاة فى الجماعة يرفع الله البركة من رزقه وكسبه وينزع سيما الصالحين من وجهه ولا يقبل منه سائر عمله ويكون بغيضا فى قلوب الناس ويقبض روحه عطشان جائعا يشق نزعه ويبتلى فى القبر بشدة مسألة منكر ونكير وظلمة القبر وضيقه وبشدة الحساب وغضب الرب وعقوبة الله فى النار وفى الحديث (أمتي امة مرحومة وانما يدفع الله عنهم البلايا باخلاصهم وصلواتهم ودعائهم وضعفائهم) وعن قتادة ان دانيال النبي عليه السلام نعت امة محمد فقال(5/445)
وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)
يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما اغرقوا ولو صلاها قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح ولو صلاها ثمود ما اخذتهم الصيحة فعلى المؤمن ان لا ينفك عن الصلاة والدعاء والالتجاء الى الله تعالى وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اصل المد الجر ومنه المدة للوقت الممتد واكثر ما جاء الامداد فى المحبوب والمد فى المكروه نحو وأمددناهم بفاكهة ونمد له من العذاب مدا والعين الجارحة بخلاف البصر ولذا قال تعالى فى الحديث القدسي (كنت له سمعا وبصرا) دون اذنا وعينا والمعنى لا تطل نظرهما بطريق الرغبة والميل وقال بعضهم مد النظر تطويله وان لا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه وإعجابا به وتمنيا ان له مثله وفيه دليل على ان النظر الغير الممدود معفو عنه لانه لا يمكن الاحتراز منه وذلك ان يباده الشيء بالنظر ثم يغض الطرف ولما كان النظر الى الزخارف كالمركوز فى الطباع وان من ابصر منها شيأ أحب ان يمد اليه نظره ويملأ عينيه قيل له عليه السلام لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اى لا تفعل ما عليه جبلة البشر قال الكاشفى ابو رافع رضى الله عنه نقل ميكند كه مهمانى نزد پيغمبر آمد ودر خانه چيزى نبود كه بدان إصلاح شان مهمان توانستى نمود مرا بنزديك يكى از يهود فرستاد وكفت او را بگو كه محمد رسول الله ميكويد كه مهمانى بمنزل ما نزول نموده ونمى يابيم نزديك خود چيزى كه بدان إصلاح شان مهمان توانستى نمود ونمى يابيم نزديك خود چيزى كه بدان شرائط ضيافت بتقديم رسد اين مقدار آرد بما بفروش ومعامله كن تا هلال رجب چون وقت برسد بها بفرستم من پيغام به يهودى رسانيدم واو كفت نمى فروشم ومعامله نميكنم مكر آنكه چيزى در كرو من نهيد من با حضرت مراجعت نمودم وصورت حال باز كفتم حضرت فرمود والله انى لامين فى السماء وأمين فى الأرض اگر با من معامله كردى البته حق او را ادا كردمى پس زره خود بمن داد تا نزديك او كرو كردم اين آيت جهت تسليت دل مبارك وى نازل شد وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ وباز مكش نظر چشمهاى خود را يعنى منكر] إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ نفعنا به من زخارف الدنيا ومنه متاع البيت لما ينتفع به واصل المتوع الامتداد والارتفاع يقال منع النهار ومنع النبات ارتفع والمتاع انتفاع ممتد الوقت: والمعنى بالفارسية [بسوى آن چيزى كه برخوردار كردانيديم بدان چيزى] وفى الكبير ألذ ذنابه والامتاع الالذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الأصوات المطربة ويشم من الريح الطيبة وغير ذلك من الملابس والمناكح أَزْواجاً مِنْهُمْ اى أصنافا من الكفرة كالوثنى والكتابي من اليهود والنصارى وهو مفعول متعنا زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا منصوب بفعل يدل عليه متعنا اى أعطينا زينة الدنيا و؟؟ حتها ونضارتها وحسنها قال الواسطي هذه تسلية للفقراء وتعزية لهم حيث منع خير؟ الخلق؟ عن النظر الى الدنيا على وجه الاستحسان لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ اى لنعاملهم فيما أعطينا معاملة من نبتليهم حتى يستوجبوا العذاب بان نزيد لهم النعمة فيزيدوا كفرا وطغيانا فمن هذه عاقبته فلابد من التنفر عنه فانه عند الامتحان يكرم الرجل او يهان وقد شدد العلماء من اهل التقوى فى وجوب غض البصر عن الظلمة وعدد الفسقة فى ملابسهم ومراكبهم حتى قال الحسن لا تنظروا الى دقدقة هماليج الفسقة(5/446)
ولكن انظروا كيف يلوح ذل المعصية من تلك الرفات وهذا لانهم اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة فالناظر إليها محصل لغرضهم ومغرلهم على اتخاذها وفى الحديث (ان الدنيا) اى صورتها ومتاعها (حلوة) شيرين (خضرة حسنة فى المنظر تعجب الناظر) وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشيء الناعم خضرا ولتشبيهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة تفتن الناس بحسنها وطعمها: قال الخجندي جهان وجمله لذاتش بزنبور عسل ماند كه شيرينيش بسيارست وزان افزون شر وشورش وفى المثنوى
هر كه از ديدار بر خوردار شد ... اين جهان در چشم او مردار شد «1»
وقال الحافظ
أزره مرو بعشوه دينى كه اين عجوز ... مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود
وقال
خوش عروسيست جهان از ره صورت ليكن ... هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد
(وان الله مستخلفكم فيها) اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان أموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم
وانما هى لله تعالى جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء (فناظر كيف تعلمون) اى يتصرفون وعن عيسى بن مريم عليه السلام لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم لها عبيدا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الى عينى البصر والبصيرة وهما عين الرأس وعين القلب واختص النبي عليه السلام بهذا الخطاب واعتز بهذا العتاب لمعنيين أحدهما لانه مخصوص من جميع الأنبياء بالرؤية ورؤية الحق لا تقبل الشرك كما ان اللسان بالتوحيد لا يقبل الشرك والقلب بالذكر لا يقبل الشرك او قال اذكر ربك إذا نسيت اى بعد نسيان ما سواه فكذلك الرؤية لا تقبل الشرك وهو مد العينين إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وهو الدنيا والآخرة لكن اكتفى بذكر الواحد عن الثاني والأزواج اهل الدنيا والآخرة اى اغسل عينى ظاهرك وباطنك بماء العزة عن وصمة رؤية الدنيا والآخرة لاستحقاق اكتحالهما بنور جلالنا لرؤية جمالنا وانما متعنا اهل الدارين بهما عزة لحضرة جلالنا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ باشتغالهم بتمتعات الدارين عن الوصول الى كمال رؤية جمالنا قيل قرئ عند الشبلي قدس سره أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ فشهق شهقة وقال مساكين لا يدرون عمن شغلوا حين شغلوا وَرِزْقُ رَبِّكَ اى ما ادخر لك فى الآخرة من الثواب او ما أوتيته من يسير الكفاية مع الطاعة والرزق يقال للعطاء دنيويا كان او أخرويا وللنصيب تارة ولما يوصل الى الجوف ويتغذى به تارة خَيْرٌ لك مما منحهم فى الدنيا لانه مع كونه فى نفسه أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه وَأَبْقى فانه لا يكاد ينقطع ابدا قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه زهر در لغت شكوفه است حق سبحانه وتعالى دنيا را شكوفه خواند زيرا كه تر وتازكى او دو سه روزه بيش نباشد در اندك فرصتى پژمرده كردد ونيست شود]
__________
(1) در أوائل دفتر دوم در بيان فروختن صوفيان بهيمه صوفى إلخ(5/447)
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)
مال جهان بباغ تنعم شكوفه ايست ... كاول بجلوه دل بربايد ز اهل حال
يكهفته نكذرد كه فرو ريزد از درخت ... بر خاك ره شود چوخس وخاك پايمال
اهل كمال در دل خود جا چرا دهند ... آنرا كه دميدم ز پى است آفت زوال «1»
فعلى العاقل ان يختار الرزق الذي هو الباقي ولا يلتفت الى النعيم الذي هو الفاني ويقنع بما فى يده من القوت الى ان يموت: قال الشيخ سعدى قدس سره
كر آزاده بر زمين خسب وبس ... مكن بهر فانى زمين بوس كس
نيرزد عسل جان من زخم نيش ... قناعت نكوتر بدوشاب خويش
خداوند زان بنده خرسند نيست ... كه راضى بقسم خداوند نيست
مپندار چون سركه خود خورم ... كه جور خداوند حلوا برم
قناعت كن اى نفس بر اندكى ... كه سلطان ودرويش بينى يكى
كند مرد را نفس اماره خوار ... اگر هوشمندى عزيزش مدار
ثم ان الرزق المعتبر غاية الاعتبار ما صار غذاء للروح القدسي من العلم والحكمة والفيض الأزلي والتجلي: وفى المثنوى
فهم نان كردى نه حكمت اى رهى ... ز انكه حق كفت كلوا من رزقه
رزق حق حكمت به بود در مرتبت ... كان كلو كيرت نباشت عاقبت
اين دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد
كر ز شير ديو تن را وابرى ... در فطام او بسى نعمت خورى
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ يعنى كما امرناك بالصلاة فأمر أنت اهل بيتك فان الفقير ينبغى ان يستعين بها على فقره ولا يهتم بامره المعيشة ولا يلتفت الى جانب اهل الغنى وَاصْطَبِرْ عَلَيْها وداوم أنت وهم عليها غير مشتغل بامر المعاش فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب الى فاطمة وعلى كل صباح ويقول (الصلاة) كان يفعل ذلك أشهرا قال فى عرائس البقلى الاصطبار مقام المجاهدة والصبر مقام المشاهدة قال ابن عطاء أشد انواع الصبر الاصطبار وهو السكون تحت موارد البلاء بالسر والقلب والصبر بالنفس لا غير لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً اى لا نكلفك ان ترزق نفسك ولا أهلك انما نسألك العبادة نَحْنُ نَرْزُقُكَ وإياهم ففرغ بالك لامر الآخرة فان من كان فى عمل الله كان الله فى عمله وَالْعاقِبَةُ الحميدة وهى الجنة فان إطلاقها يختص بالثواب: وبالفارسة [وسر انجام پسنديده] لِلتَّقْوى اى لاهل التقوى يعنى لك ولمن صدقك لا لاهل الدنيا إذ هي مع الآخرة لا تجتمعان فهو على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه تنبيها على ان ملاك الأمر هو التقوى وهو ذم النفس والجوارح عن جميع ما يقبحه العلم- روى- انه عليه السلام كان إذا أصاب اهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية قال وهب بن منبه ان الحوائج لم تطلب من الله تعالى بمثل الصلاة وكانت الكرب العظام تكشف عن الأولين بالصلاة وقلما نزلت بأحد منهم كرب إلا وكان مفزعه الى الصلاة وقال الله تعالى فى قصة يونس فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قال ابن عباس
__________
(1) در اواخر دفتر سوم در بيان پيدا شدن روح القدس بصورت آدمي بر مريم إلخ(5/448)
وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)
رضى الله عنهما يعنى من المصلين للبث فى بطنه الى يوم يبعثون يعنى لبقى فى بطن الحوت الى يوم القيامة وعن الشافعي رحمه الله أخذا من هذه الآية لم ار انفع للوباء من التسبيح قال يحيى بن معاذ رحمه الله للعابدين اردية يكسونها من عند الله سداها الصلاة ولحمتها الصوم وصلاة الجسد الفرائض والنوافل وصلاة النفس عروجها من حضيض البشرية الى ذروة الروحانية وخروجها عن أوصافها لدخولها الجنة المشرفة بالاضافة الى الحضرة بقوله فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي وصلاة القلب دوام المراقبة ولزوم المحاضرة كقوله الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وصلاة السر عدم الالتفات الى ما سوى الله تعالى مستغرقا فى بحر المشاهدة كما قال عليه السلام (اعبد الله كأنك تراه) وصلاة الروح فناؤه فى الله وبقاؤه بالله كما قال تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ لانه الفاني عن نفسه الباقي بربه فمن صلى هذه الصلاة أغناه الله عما عند الناس ورزقه مما عنده كما قال تعالى وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى ومن هنا كان يقول صلى الله عليه وسلم (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى
نيست غير نور آدم را خورش ... جانرا جز آن نباشد پرورش
چون خورى يكبار از ان ماكول نور ... خاك ريزى بر سر نان تنور
وَقالُوا يعنى كفار قريش لَوْلا هلا يَأْتِينا [چرا نمى آرد محمد براى ما] بِآيَةٍ مما اقترحنا نحن ومن نعتدبه مِنْ رَبِّهِ كموسى وعيسى ليكون علامة لنبوته بلغوا من العناد الى حيث لم يعدوا ما شاهدوا من المعجزات من قبيل الآيات حتى اجترءوا على التفوه بهذه الكلمة العظيمة أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى الهمزة لانكار الوقوع والواو للعطف على مقدر والبينة الدلالة الواضحة عقلية كانت او حسية والمراد هنا القرآن الذي فيه بيان للناس وما عبارة عن العقائد الحقية واصول الاحكام التي اجتمعت عليها كافة الرسل. والصحف جمع صحيفة وهى التي يكتب فيها وحروف التهجي صحيفة على حدة مما انزل على آدم والمراد بها التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب السماوية. والمعنى ألم يأتهم سائر الآيات ولم تأتهم خاصة بينة ما فى الصحف الاولى اى قد أتاهم آية هى أم الآيات وأعظمها فى باب الاعجاز وهو القرآن الذي فيه بيان ما فى الكتب الالهية وهو شاهد بحقية ما فيها وبصحة ما ينطق به من انباء الأمم من حيث انه غنى باعجازه عما يشهد بحقيته حقيق بإثبات حقية غيره فاشتماله على زبدة ما فيها مع ان الآتي به أمي لم يرها ولم يتعلم ممن علمها اعجاز بين ثم بين انه لا عذر لهم فى ترك الشرائع وسلوك طريق الضلالة بوجه ما فقال وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ فى الدنيا بِعَذابٍ مستأصل مِنْ قَبْلِهِ متعلق باهلكنا اى من قبل إتيان البينة وأصله ولو أهلكناهم أهلكناهم لان لو انما تدخل على الفعل فحذف الفعل الاول احترازا عن العبث لوجود المفسر ثم أبدل من الضمير المتصل وهو الفاعل ضمير منفصل وهو انا لتعذر الاتصال لسقوط ما يتصل به فانا فاعل الفعل المحذوف لا مبتدأ ولا تأكيد إذ لم يعهد حذف المؤكد والعامل مع بقاء التأكيد لَقالُوا يوم القيامة احتجاجا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ [چرا نفرستادى] إِلَيْنا فى الدنيا رَسُولًا مع كتاب فَنَتَّبِعَ آياتِكَ التي أنزلت(5/449)
قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)
معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ بذل الضلالة وعذاب القتل والسبي فى الدنيا كما وقع يوم بدر والذل الهوان وضد الصعوبة وقال الراغب الذل ما كان من قهر والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر وقوله تعالى وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ اى كن كالمقهور لهما وَنَخْزى بعذاب الآخرة ودخول النار اليوم: وبالفارسية [ورسوا كنيم در قيامت بدخول در آتش] قال الراغب خزى الرجل لحقه انكسارا ما من نفسه واما من غيره فالذى يلحقه من نفسه هو الحياء المفرط ومصدره الخزاية والذي يلحقه من غيره يقال هو ضرب من الاستخفاف ومصدره الخزي. والمعنى ولكنا لم نهلكهم قبل إتيانها فانقطعت معذرتهم فعند ذلك اعترفوا وقالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شىء قال فى الاسئلة المقحمة هذا يدل على انه يجب على الله ان يفعل ما هو الأصلح لعباده المكلفين إذ لو لم يفعل لقامت لهم عليه الحجة بان قالوا هلا فعلت بنا ذلك حتى نؤمن والجواب لو كان يجب عليه ما هو الأصلح لهم لما خلقهم فليس فى خلقه إياهم وإرسال الرسل إليهم رعاية الأصلح لهم مع علمه بانهم لا يؤمنون به ولكنه أرسل الرسل وأكد الحجة وسلب التوفيق ولله تعالى ما يشاء بحق المالكية قُلْ لاولئك الكفرة المتمردين كُلٌّ اى كل واحد منا ومنكم مُتَرَبِّصٌ انتظار الأمر او زواله منتظرا لما يؤول اليه أمرنا وأمركم قال الكاشفى [يعنى شما نكبت ما را چشم ميداريد وما عقوبت شما را] قال فى الكبير كل منا ومنكم منتظر عاقبة امره اما قبل الموت يسبب الجهاد وظهور الدولة والقوة او بعد الموت بالثواب والعقاب وبما يظهر على المحق من انواع كرامة الله وعلى المبطل من انواع اهانته- وروى- ان المشركين قالوا نتربص بمحمد حوادث الدهر فاذا مات تخلصنا فقال تعالى فَتَرَبَّصُوا أنتم فَسَتَعْلَمُونَ عن قريب إذا جاء امر الله مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ المستقيم. والاصحاب جمع صاحب بمعنى الملازم. والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد وَمَنِ اهْتَدى من الضلال اى أنحن أم أنتم كما قال بعضهم سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار وفيه تهديد شديد لهم قال الكاشفى [مراد حضرت پيغمبرست كه هم راه يافته وهم راه نماينده است]
راه دان وراه بين وراه بر ... در حقيقت نيست جز خير البشر
وفى الآية اشارة الى المهتدين بالوصول اليه بقطع المنازل والانفصال عما سواه والمنقطعين عنه باتصال غيره كما قال الخجندي وصل ميسر نشود جز بقطع قطع نخست از همه ببريدنست واعلم ان الله تعالى قطع المعذرة بالامهال والإرشاد فلله الحجة البالغة وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال عليه السلام (يحتج على الله ثلاثة الهالك فى الفترة يقول لم يأتنى رسول وتلا لولا أرسلت إلينا رسولا والمغلوب على عقله يقول لم تجعل لى عقلا انتفع به ويقول الصغير(5/450)
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)
كنت صغيرا لا اعقل فترفع لهم نار ويقال ادخلوها فيدخلها من كان فى علم الله انه سعيد وينكل عنها من كان فى علمه انه شقى فيقول الله إياي عصيتم فكيف برسلى لو أتوكم) كما فى التفسير الكبير وفى الحديث (لا يقرأ اهل الجنة من القرآن الاسوة طه ويس) كما فى الكشاف تمت سورة طه فى العشرين من شهر ربيع الاول من سنة ست ومائة والف من هجرة من له العز والشرف الجزء السابع عشر من الاجزاء الثلاثين
تفسير سورة الأنبياء
مائة واثنتا عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ يقال قرب الشيء واقترب إذا دنا وقربت منه ولذا قال فى العيون اللام بمعنى من وهى متعلقة بالفعل وتقديمها على الفاعل للمسارعة الى إدخال الروعة فان نسبة الاقتراب إليهم من أول الأمر مما يسوؤهم ويورثهم رهبة وانزعاجا من المقترب والمراد بالناس المشركون المنكرون للبعث من اهل مكة كما يفصح عنه ما بعده من الغفلة والاعراض ونحوهما. والحساب بمعنى المحاسبة وهو اظهار ما للبعد وما عليه ليجازى على ذلك والمراد باقتراب حسابهم اقترابه فى ضمن اقتراب الساعة وسمى يوم القيامة بيوم الحساب تسمية للزمان بأعظم ما وقع فيه وأشده وقعا فى القلوب فان الحساب هو الكاشف عن حال المرء ومعنى اقترابه لهم تقاربه ودنوه منهم بعد بعده عنهم فانه فى كل ساعة من ساعات الزمان اقرب إليهم من الساعة السابقة مع ان ما مضى اكثر مما بقي وفى الحديث (اما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر الى غروب الشمس) وانما لم يعين الوقت لان كتمانه أصلح كوقت الموت. والمعنى دنا من مشركى قريش وقت محاسبة الله إياهم على أعمالهم السيئة الموجبة للعقاب يعنى القيامة وقال الكاشفى نقلا عن بعض [نزديك شد وقت مؤاخذت وياد داشت ايشان كه قتل وكرفتارئ روز بدرست] يقول الفقير هذا هو الأظهر عندى لان زمان الموت متصل بزمان القيامة فاقتراب وقت مؤاخذتهم بالقتل ونحوه فى حكم اقتراب وقت محاسبتهم بالقيامة ومثله من مات فقد قامت قيامته وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ الغفلة سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ اى والحال انهم فى غفلة تامة من الحساب على النقير والقطمير والتأهب له ساهون عنه بالكلية لا انهم غير مبالين مع اعترافهم بإتيانه بل منكرون له كافرون به مع اقتضاء عقولهم لان الأعمال لا بد لها من الجزاء وإلا لزم التسوية بين المطيع والعاصي وهى بعيدة عن مقتضى الحكمة والعدالة مُعْرِضُونَ عن الايمان والآيات والنذر المنبهة لهم من سنة الغفلة يقال اعرض اى ولى مبديا عرضه اى ناحيته وهما خبران للضمير وحيث(5/451)
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)
كانت الغفلة امرا جبليا لهم جعل الخبر الاول ظرفا مبنا عن الاستقرار بخلاف الاعراض والجملة حال من الناس وفى التأويلات النجمية وإذا نصحهم ناصح واقف على أحوالهم فهم معرضون عن استماع قوله ونصيحته كما قال وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ: قال الشيخ سعدى
كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود
ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقائق بباران زويد ز سنك
وفى العرائس للبقلى ان الله تعالى حذر الجمهور من مناقشته فى الحساب وزجرهم حتى ينتهوا عن رقاد الغفلات وقرب الحساب اقرب من كل شىء منهم لو يعلمون فانه تعالى يحاسب العباد فى كل لمحة ونفس وحسابه أدق من الشعر وأخفى من دبيب النمل على الصفا ولا يعرف ذلك الا المراقبون الذين يحاسبون فى كل نفس وخطوة وهم فى غفلة وفى حجاب عن مشاهدة الله معرضون عن طاعته إذ لا حظ لهم فى الطاعات ولا شرب لهم فى المشاهدات ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم الحساب أكمل تذكير وتنبههم عن الغفلة أتم تنبيه كأنها نفس الذكر مِنْ رَبِّهِمْ من لابتداء الغاية مجازا متعلقة بيأتيهم وفيه دلالة على فضله وشرفه وكمال شناعة ما فعلوا به مُحْدَثٍ بالجر صفة لذكر اى محدث تنزيله بحسب اقتضاء الحكمة لتكرره على أسماعهم للتنبيه كى يتعظوا فالمحدث تنزيله فى كل وقت على حسب المصالح وقدر الحاجة لا الكلام الذي هو صفة قديمة ازلية وايضا الموصوف بالإتيان وبانه ذكر هو المركب من الحروف والأصوات وحدوثه مما لا نزاع فيه قالوا القرآن اسم مشترك يطلق على الكلام الأزلي الذي هو صفة الله وهو الكلام النفسي القديم من قال بحدوثه كفر ويطلق ايضا على ما يدل عليه وهو النظم المتلو الحادث من قال بقدمه سجل على كمال جهله إِلَّا اسْتَمَعُوهُ استثناء مفرغ محله النصب على انه حال من مفعول يأتيهم بإضمار قد وَهُمْ يَلْعَبُونَ حال من فاعل استمعوه يقال لعب إذا كان فعل غير قاصد به مقصدا صحيحا لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ حال اخرى يقال لها عنه إذا ذهل وغفل قال الراغب اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه يقال لهوت بكذا ولهيت بكذا اشتغلت عنه بلهو وألهاه عن كذا شغله عما هواهم. والمعنى ما يأتيهم ذكر من ربهم محدث فى حال من الأحوال الا حال استماعهم إياه لاعبين مستهزئين به لاهين عنه متشاغلين عن التأمل فيه لتناهى غفلتهم وفرط اعراضهم عن النظر فى الأمور والتفكر فى العواقب قدم اللعب على اللهو تنبيها على انهم انما قدموا على اللعب لذهولهم عن الحق فاللعب الذي هو السخرية والاستهزاء نتيجة اللهو الذي هو الغفلة عن الحق والذهول عن التفكر قال بعضهم القلب اللاهي هو المشغول بأحوال الدنيا والغافل عن احوال العقبى قال الواسطي لاهية عن المصادر والموارد والمبدأ والمنتهى
يا الهى بجود نامتناهى ... از سوا دور كن دل لاهى
وَأَسَرُّوا النَّجْوَى النجوى فى الأصل مصدر: بالفارسية [راز كفتن] ثم جعل اسما من التناجي بمعنى القول الواقع بطريق المسارة اى السر بين اثنين فصاعدا يقال تناجى القوم إذا تسارّوا وتكالموا سرا عن غيرهم قال الراغب ناجيته ساررته وأصله ارتحلوا به فى نجوه(5/452)
قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)
من الأرض اى المرتفع المنفصل بارتفاعه عما حوله ومعنى اسرارها مع انها لا تكون الا سرا انهم بالغوا فى اخفائها الَّذِينَ ظَلَمُوا على أنفسهم بالشرك والمعصية بدل من واو أسروا منبئ عن كونهم موصوفين بالظلم الفاحش فيما أسروا به كأنه قيل فماذا قالوا فى نجواهم فقيل قالوا هَلْ هذا هل بمعنى النفي اى ما محمد إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لحم ودم مساولكم فى المأكل والمشرب وكل ما يحتاج اليه البشر والموت مقصور على البشرية ليس له وصف الرسالة التي يدعيها والبشر ظاهر الجلد والادمة باطنه عبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف والشعر والوبر واستوى فى لفظ البشر الواحد والجمع وخص فى القرآن كل موضع عبر عن الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ حال من فاعل تأتون مقررة للانكار ومؤكدة للاستبعاد اى ما هذا الا من حنسكم وما اتى به يعنون القرآن سحر أتعلمون ذلك فتأتونه وتحضرونه على وجه الإذعان والقبول وأنتم تعاينون انه سحر قالوه لاعتقادهم ان الرسول لا يكون الا ملكا وان كل ما يظهر على يد البشر من الخوارق من قبيل السحر اى الخداع والتخييلات التي لا حقيقة لها قال الامام طعنوا فى نبوته بانه بشر وما اتى به سحر وهو فاسد إذ صحة النبوة تعرف من المعجزة لا من الصورة ولو بعث الملك إليهم لم يعلموا نبوته بصورته بل بالمعجزة فاذا ظهر على يد بشر وجب قبوله
لوح صورت بشوى ومعنى جو ... كه صور برك شد معانى بو
وانما أسروا ذلك لما كان هذا الحديث منهم على طريق التشاور فيما بينهم والتحاور فى طلب الطريق الى هدم امر النبوة واطفاء الدين وعادة المتشاورين ان يجتهدوا فى كتمان سرهم عن أعدائهم ما أمكن ومنه قول معاذ رفعه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم (استعينوا على نجاح الحوائج بالكتمان فان كل ذى نعمة محسود) قالَ الرسول عليه السلام بعد ما اوحى اليه أقوالهم وأحوالهم بيانا لظهور أمرهم وانكشاف سرهم رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ سرا كان او جهرا حال كون ذلك القول فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فضلا عما أسروا به وإذا علم القول علم الفعل وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ اى المبالغ فى العلم بالمسموعات والمعلومات التي من جملتها ما أسروه من النجوى فيجازيهم بأقوالهم وأفعالهم بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ الضغث بالكسر قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس وأضغاث أحلام رؤيا لا يصح تأويلها لاختلاطها كما فى القاموس. والحلم بضم الحاء وسكون اللام الرؤيا وضم اللام ايضا لغة فيه فالاحلام بمعنى المنامات سواء كانت باطلة او حقة وأضيفت الأضغاث بمعنى الأباطيل إليها على طريق اضافة الخاص الى العام اضافة بمعنى من وقد تخص الرؤيا بالمنام الحق والحلم بالمنام الباطل كما فى قوله عليه السلام (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان) ثم ان هذا إضراب من جهته تعالى وانتقال من حكاية قول الى آخر اى لم يقتصروا على ان يقولوا فى حقه عليه السلام هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ وفى حق ما ظهر على يده من القرآن الكريم انه سحر بل قالوا تخاليط أحلام اى اخلاط أحلام كاذبة رآها فى المنام بَلِ افْتَراهُ من تلقاء نفسه من غير(5/453)
مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)
ان يكون له اصل او شبهه اصل ثم قالوا بَلْ هُوَ شاعِرٌ وما اتى به شعر يخيل الى السامع معانى لا حقيقة لها وهذا شأن المبطل المحجوج متحير لا يزال يتردد بين باطل وأبطل فالاضراب الاول كما ترى من جهته تعالى والثاني والثالث من قبلهم قال الراغب شعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا اى علمت علما فى الدقة كاصابة الشعر قيل وسمى الشاعر لفطنته ودقة معرفته فالشعر فى الأصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام والشاعر للمختص بصناعته وقوله تعالى حكاية عن الكفار بَلْ هُوَ شاعِرٌ كثير من المفسرين حملوه على انهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا عليه ما جاء فى القرآن من كل لفظة تشبه الموزون من نحو قوله وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ وقوله تعالى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وقال بعض المحققين لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك انه ظاهر من هذا الكلام انه ليس على أساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الاغتام من العجم فضلا عن بلغاء العرب وانما رموه بالكذب فان الشعر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سموا الادلة الكاذبة بالشعر ولكون الشعر مقر الكذب. قيل احسن الشعر أكذبه وقال بعض الحكماء لم ير متدين صادق اللهجة مفلقا فى شعره
در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كر سراسر سخنش حكمت يونان كردد «1»
واما قول صاحب المثنوى
از كرامات بلند أوليا ... اولا شعرست وآخر كيميا
فالمراد به القدرة على إنشاء الكلام الموزون وليس من مقتصاها التكلم فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ جواب شرط محذوف يفصح عنه السياق كأنه قيل وان لم يكن كما قلنا بل كان رسولا من الله فليأتنا بآية جليلة كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ اى مثل الآية التي أرسل بها الأولون كاليد والعصا واحياء الموتى والناقة ونظائرها حتى نؤمن به فما موصولة وعائدها محذوف ومحل الكاف الجر على انها صفة الآية ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ قبل مشركى مكة مِنْ قَرْيَةٍ اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس اى من اهل قرية وهو فى محل الرفع على الفاعلية ومن مزيدة لتأكيد العموم أَهْلَكْناها اى باهلاك أهلها لعدم ايمانهم بعد مجيئ ما اقترحوه من الآيات صفة لقرية أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ الهمزة لانكار الوقوع والفاء للعطف على مقدر. والمعنى انه لم تؤمن امة من الأمم المهلكة عند إعطاء ما اقترحوه من الآيات أهم لم يؤمنوا فهؤلاء يؤمنون لو أجيبوا الى ما سئلوا واعطوا ما اقترحوا مع كونهم أعتى منهم واطغى كما قال تعالى أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ يعنى ان كفاركم مثل أولئك الكفار المعدودين قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون فهم فى اقتراح تلك الآيات كالباحث عن حتفه بظلفه: قال حسان بن ثابت رضى الله عنه
ولا تك كالشاة التي كان حتفها ... بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا
وأصله ان رجلا وجد شاة وأراد ذبحها فلم يظفر بسكين وكانت مربوطة فلم تزل تبحث
__________
(1) لم أجد فى المثنوى فليراجع(5/454)
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)
برجليها حتى أبرزت سكينا كانت مدفونة فذبحها بها يضرب فى مادة تؤدى صاحبها الى التلف وما يورط الرجل فيه نفسه كهذا المستعمق وفيه تنبيه على ان عدم الإتيان بالمقترح للترحم بهم إذ لو اتى به لم يؤمنوا واستوجبوا عذاب الاستئصال كمن قبلهم وقد سبق وعده تعالى فى حق هذه الامة ان يؤخر عذابهم الى يوم القيامة قال فى التأويلات النجمية والآية وان نزلت فى منكرى البعث من الكفار فهى تعم اكثر مدعى الإسلام فى زماننا هذا فانه لا يحدث الله فى عالم ربانى من اهل الذكر وهم اهل القرآن الذين هم اهل الله وخاصته سرا من اسرار القرآن وحقيقة من حقائق العلوم اللدنية الا أسمعه اهل العزة بالله وهم يستهزئون به وينكرونه وينكرون عليه لاهية قلوبهم بمتابعة الهوى متعلقة بشهوات الدنيا ساهية عن ذكر الله غافلة عن طلبه وتناجوا فى السر الذين ظلموا أنفسهم بالإنكار على ان الاسرار يقولون فيه ما يأتيكم به من الكلام المموه وأنتم تبصرون انه مموه كالسحر قل أمرهم الى الله فانه يعلم قول اهل السماء سماء القلوب وقول اهل الأرض النفوس وهو السميع لاقوال اهل القلوب واقوال اهل النفوس وانكارهم العليم بما فى ضمائرهم وبأفعالهم واوصافهم وأوصاف سرائرهم بل قالوا كلام المحققين خيالات فاسدة وقال بعض المنكرين بل اختلقه من نفسه وادي انه من مواهب الحق وقال بعضهم بل هو شاعر اى يقول ما يقول بحذاقة النفس وقوة الطبع والذكاء ثم قال بعضهم لبعض فليأتنا هذا المحق بكرامة ظاهرة كما اتى بها المشايخ المتقدمون ثم قال ما آمنت قبلهم من اهل قرية من المنكرين لما رأوا كرامات اولياء الله فاهلكناهم بالخذلان والابعاد أفهم يصدقون ارباب الحقائق ان رأوا كرامة منهم وهم طبعوا على الإنكار مثل المنكرين الهالكين وفى المثنوى
مغز را خالى كن از انكار يار ... تا كه ريحان يابد از كلزار يار «1»
تا بيابى بوى خلد از يار من ... چون محمد بوى رحمان از يمن
يك مناره در ثناى منكران ... كو درين عالم كه تا باشد نشان «2»
منبرى كو كه بر آنجا مخبرى ... ياد آرد روزكار منكرى
روى دينار ودرم از نامشان ... تا قيامت ميدهد از حق نشان
سكه شاهان همى كردد دكر ... سكه احمد ببين تا مستقر
بر رخ نقره ويا روى زرى ... وانما بر سكه نام منكرى
هر كه باشد همنشين دوستان ... هست در كلخن ميان بوستان
هر كه با دشمن نشيند در زمن ... هست او در بوستان در كولخن «3»
اللهم اجعلنا من المجالسين لاهل الودّ والولا واحشرنا معهم بحق الملأ الأعلى وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا جواب لقولهم هل هذا الا بشر مثلكم اى وما أرسلنا الى الأمم قبل ارسالك الى أمتك الا رجالا مخصوصين من افراد الجنس مستأهلين ومثله فى الفارسية [كلمه مرد] نُوحِي إِلَيْهِمْ بواسطة الملك ما نوحى من الشرائع والاحكام وغيرهما من القصص والاخبار كما نوحى إليك من غير فرق بينهما فى حقيقة الوحى وحقيقة مدلوله كما لا فرق بينك وبينهم فى البشرية
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان تفسير اين حديث كه مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح إلخ
(2) در اواخر دفتر چهارم در بيان در آتش رفتن سنى وفلسفى وسوختن فلسفى [.....]
(3) در اواسط دفتر چهارم در بيان قصه شخصى كه با شخصى مشورت ميكرد إلخ(5/455)
وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8)
فمالهم لا يفهمون انك لست بدعا من الرسل وان ما اوحى إليك ليس مخالفا لما اوحى إليهم فيقولون ما يقولون وفى التأويلات النجمية يشير الى انه تعالى يظهر فى كل قرن رجالا بالغين من متابعى الأنبياء ويخصهم بوحي الإلهام كما اظهر فى زمان عيسى عليه السلام الحواريين من متابعيه واوحى إليهم كما قال تعالى وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قد سبق ان الذكر يطلق على الكتب الالهية اى ان كنتم لا تعلمون ما ذكر فاسألوا ايها الكفرة الجهلة اهل الكتاب الواقفين على احوال الرسل السالفة لتزول شبهتكم أمروا بذلك لان اخبار الجم الغفير يوجب العلم لا سيما وهم كانوا يشايعون المشركين فى عداوته عليه السلام ويشاورونهم فى امره وكانوا لا ينكرون كون الرسل بشرا وان أنكروا نبوته عليه السلام- روى- انه قيل للامام الغزالي رحمه الله بماذا حصل لكم الإحاطة بالأصول والفروع فتلا هذه الآية وأشار الى ان السؤال من اسباب العلم وطرائقه وَما جَعَلْناهُمْ اى الرسل جَسَداً الجسد جسم الإنسان والجن والملائكة قال الراغب الجسد كالجسم لكنه أخص فان الجسد ما له لون والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء ونصبه على انه مفعول ثان للجعل لا بمعنى جعله جسدا بعد ان لم يكن كذلك كما هو المشهور من معنى التصيير بل بمعنى جعله كذلك ابتداء على طريقة قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ؟؟؟ فة له والطعام البر وما يؤكل والطعم تناول الغذاء اى وما جعلناهم جسدا مستغنيا عن الاكل والشرب بل محتاجا الى ذلك لتحصيل بدل ما يتحلل منه وَما كانُوا خالِدِينَ لان مآل التحلل هو الفناء لا محالة والخلود تبرئ الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها والمراد اما المكث المديد كما هو شأن الملائكة او الابدى وهم معتقدون انهم لا يموتون. والمعنى جعلناهم أجسادا متغذية صائرة الى الموت بالآخرة على حسب آجالهم لا ملائكة ولا أجسادا مستغنية عن الاغذية مصونة عن التحلل كالملائكة فلم يكن لها خلود كخلودهم قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان الأنبياء والأولياء خلقوا محتاجين الى الطعام بخلاف الملائكة وذلك لا يقدح فى النبوة والولاية بل هو من لوازم أحوالهم وتوابع كمالهم فان لهم فيه فوائد جمة منها ان الطعام للروح الحيواني الذي هو مركب الروح الإنساني كالدهن للسراج وهو منبع جميع الصفات النفسانية الشهوانية وهو مركب الشوق والمحبة التي بها يقطع السالك الصادق مسالك البعاد ويعبر العاشق مهالك الفراق للوصول الى كعبة الوصال. ومنها ان أكل الطعام من نتائج الهوى وهو يميل النفس الى مشتهياتها والسير الى الله بحسب نهى النفس عن الهوى كقوله تعالى وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ولذا قال المشايخ لولا الهوى ما سلك أحد طريقا الى الله. ومنها ان كثيرا من علم الأسماء التي علم الله آدم منوط بأكل الطعام مثل علم ذوق المذوقات وعلم التلذذ بالمشتهيات وعلم لذة الشهوة وعلم الجوع وعلم العطش وعلم الشبع والري وعلم هضم الطعام وثقله وعلم الصحة والمرض وعلم الداء والدواء وأمثاله والعلوم التي تتعلق به كعلوم الطب بأجمعها والعلوم التي هى توابعها كمعرفة الادوية والحشائش(5/456)
ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)
وخواصها وطباعها وغيرها اقتصرنا على هذا القدر من الفوائد الجمة فافهم جدا- حكى- ان واحدا من الصوفية المتحققين بحقائق تجلى الصمدية لم يأكل طعاما ستة أشهر فالح عليه شيخه بالأكل لما ان الكمال المحمدي فى الإفطار والإمساك والسهر والمنام ونحو ذلك لا فى الرهبانية المذمومة وفى المثنوى
هين مكن خود را خصى رهبان مشو ... ز انكه عفت هست شهوت را كرو «1»
بي هوا نهى از هوا ممكن نبود ... هم غزا بر مردكان نتوان نمود
پس كلوا از بهر دام شهوتست ... بعد از ان لا تسرفوا آن عفتست
چونكه رنج صبر نبود مرترا ... شرط نبود پس فرو نايد جزا
حبذا آن شر وشادا آن جزا ... آن جزاى دلنواز جانفزا
قال الشافعي رحمه الله اربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة. زهد خصى. وتقوى جندى. وامانة امرأة. وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ عطف على مقدر وصدق يتعدى الى الثاني بحرف الجر وهو هنا محذوف كما فى قوله تعالى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ كأنه قيل أوحينا إليهم ما أوحينا ثم صدقناهم فى الوعد الذي وعدناهم فى تضاعف الوحى باهلاك أعدائهم فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ من المؤمنين وغيرهم ممن تستدعى الحكمة إبقاءه كمن سيؤمن هو او بعض فروعه بالآخرة وهو السر فى حماية العرب من عذاب الاستئصال يقول الفقير هكذا قال إذ الظاهر تخصيص من نشاء بالمؤمنين الآية فى الرسل السالفة مع أممهم وعذابهم كان عذاب استئصال ولم ينج منهم غير المؤمنين فهى كقوله تعالى ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ولما كانت العرب مصونة من عذاب الاستئصال لم يبعد ان يبقى منهم من سيؤمن هو او بعض فروعه كما وقع يوم بدر فافهم وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ اى مجاورين للحد فى الكفر والمعاصي قال الراغب السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ اى والله لقد أنزلنا إليكم يا معشر قريش كِتاباً عظيم الشان نير البرهان فِيهِ ذِكْرُكُمْ موعظتكم بالوعد لترغبوا وتحذروا وليس بسحر ولا شعر ولا أضغاث أحلام ولا مفترى كما تدعون أَفَلا تَعْقِلُونَ الفاء للعطف على مقدر اى ألا تتفكرون فلا تعقلون ان الأمر كذلك وقال بعضهم فيه ذكركم اى شرفكم لانه بلغة العرب قال الكاشفى [اين آيت اهل قرآنرا تشريفى تمام وتكريمى مالا كلامست وخبر «اشراف أمتي حملة القرآن» مؤيد ومؤكد اين إجلال وإكرام] والمراد بحملة القرآن ملازموا قراءته كما فى تفسير الفاتحة للفنارى اهل قرآنند اهل الله وبس اندر ايشان كى رسى هى بو الهوس اهل باشد جنس وجنس اين كلام نيست جز مرغى كه پروازد ز دام وفى الحديث (ان لله أهلين من الناس اهل القرآن وهم اهل الله) اى خاصته قال ابن مسعود رضى الله عنه لما دنا فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعنا فى بيت أمنا عائشة رضى الله
__________
(1) در أوائل دفتر پنجم در معنى حديث (لا رهبانية فى الإسلام)(5/457)
وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)
عنها ثم نظر إلينا فدمعت عيناه وقال (مرحبا بكم حياكم الله رحمكم الله تعالى أوصيكم بتقوى الله وطاعته قددنا الفراق وحان المنقلب الى الله والى سدرة المنتهى والى جنة المأوى يغسلنى رجال اهل بيتي ويكفنوننى فى ثيابى هذه ان شاؤا او فى حلة يمانية فاذا غسلونى وكفنونى ضعونى على سريرى فى بيتي هذا على شفير لحدى ثم اخرجوا عنى ساعة فاول من يصلى على حبيبى جبرائيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنودهم ثم ادخلوا علىّ فوجا فوجا وصلوا علىّ فلما سمعوا فراقه صاحوا وبكوا) وقالوا يا رسول الله أنت نور ربنا وشمع جمعنا وسلطان أمرنا إذا ذهبت عنا الى من نرجع فى أمورنا قال (تركتكم على المحجة البيضاء) اى الطريق الواسع الواضح ليلها كنهارها فى الوضوح (وتركت لكم واعظين ناطقا وصامتا) فالناطق القرآن والصامت الموت (فاذا أشكل عليكم امر فارجعوا الى القرآن والسنة وإذا قست قلوبكم فلينوها بالاعتبار فى احوال الأموات) وعن ابى هريرة رضى الله عنه مرفوعا (من تعلم القرآن فى صغره اختلط القرآن بلحمه ودمه ومن تعلمه فى كبره فهو يتفلت منه ولا يتزكه فله اجره مرتين) وجه الاول انه فى الصغر خال عن الشواغل وما صادف قلبا خاليا يتمكن فيه قال الشاعر
أتاني هواها قبل ان اعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا
ويدخل فى الثاني من له حصر أو عيّ لان من قرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجران اجر لقراءته واجر لمشقته كذا فى شرح المصابيح وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كم خبرية للتكثير محلها النصب على انها مفعول لقصمنا ومن قرية تمييز وفى لفظ القصم الذي هو عبارة عن الكسر بابانة اجراء المكسور وازالة تأليفها بالكلية من الدلالة على قوة الغضب وشدة السخط مالا يخفى كانَتْ ظالِمَةً صفة لقرية بتقدير المضاف اى وكثيرا كسرنا وأهلكنا من اهل قرية كانوا ظالمين بآيات الله كافرين بها كدأبكم يا معشر قريش وَأَنْشَأْنا بَعْدَها اى بعد اهلاكها والإنشاء والاختراع والتكوين والتحليق والإيجاد اسماء مترادفة يراد بها معنى واحد وهو إخراج المعدوم من العدم الى الوجود كما فى بحر العلوم قال الراغب الإنشاء إيجاد الشيء وتربيته واكثر ما يقال ذلك فى الحيوان كما فى هذه الآية قَوْماً آخَرِينَ اى ليسوا منهم نسبا ولا دينا فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا الضمير للاهل المحذوف والبأس الشدة والمكروه والنكاية اى أدركوا عذابنا الشديد إدراكا تاما كأنه ادراك المشاهد المحسوس إِذا هُمْ مِنْها من القرية إذا للمفاجأة وهم مبتدأ خبره قوله يَرْكُضُونَ الركض ضرب الدابة بالرجل للعدو فمتى نسب الى الراكب فهو اعداء مركوبه نحو ركضت الفرس ومتى نسب الى الماشي فوطئ الأرض والمعنى يهربون مسرعين راكضين دوابهم او مشبهين بهم فى افراط الاسراع لا تَرْكُضُوا اى قيل لهم بلسان الحال او بلسان المقال من الملك لا تركضوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ يقال اترفنه النعمة أطغته واترف فلان أصر على البغي اى الى ما أعطيتموه من العيش الواسع والحال الطيبة حتى بطرتم به فكفرتم وأعرضتم عن المعطى وشكره وَمَساكِنِكُمْ التي تفتخرون بها وفى المثنوى(5/458)
قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)
افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان «1»
لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ تقصدون من جهة الناس للسؤال والتشاور والتدبير فى المهمات والنوازل كما هو عادة الناس مع عظمائهم فى كل قرية لا يزالون يقطعون امرا دونهم قالُوا لما يئسوا من الخلاص بالهرب وأيقنوا بنزول العذاب يا وَيْلَنا يا ويل ويا هلاك تعال فهذا وقتك وقال الكاشفى [اى واى بر ما] إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ اى مستوجبين للعذاب وهو اعتراف منهم بالظلم وباستتباعه للعذاب وندمهم عليه حين لم ينفعهم ذلك فَما زالَتْ تِلْكَ اى كلمة الويل وهى يا ويلنا انا كنا ظالمين وهى اسم ما زالت وخبره قوله دَعْواهُمْ اى دعائهم ونداءهم اى رددوها مرة بعد اخرى حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً اى مثل الحصيد وهو المحصود. من الزرع والنبت ولذلك لم يجمع اى لان الفعيل بمعنى المفعول يستوى فيه المفرد والجمع والمذكر والمؤنث خامِدِينَ حال من المنصوب فى جعلناهم اى ميتين من خمدت النار إذا أطفئ لهبها ومنه استعير خمدت الحمى اى سكنت حرارتها وزالت شهوة الموت لخمود النار وانطفائها فاطلق عليه الخمود نم اشتق منه خامدين دلت الآية على ان فى الظلم خراب العمران: قال الشيخ سعدى قدس سره
بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى
چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى
وفى الحديث (الظلم ظلمات يوم القيامة) وإذا اظلم القلب عن المعرفة والإخلاص خرب وعلامة خراب القلب عصيان الجوارح وتعديها وميلها الى ما فيه الهلاك وقال بعض اهل التفسير والاخبار ان اهل حضور من قرى اليمن وقيل كانت بأرض الحجاز من ناحية الشام بعث إليهم نبى اسمه موسى بن ميشان كما فى الكشف وقال الامام السهيلي فى التعريف والاعلام اسمه شعيب بن ذى مهرم وقبر شعيب هذا فى اليمن بجبل يقال له ضين قال فى القاموس ضين بالكسر جبل عظيم بصنعاء اهـ وليس شعيب صاحب مدين لان قصة حضور قبل مدّة معدّ جده عليه السلام وبعد مئين من السنين من مدة سليمان عليه السلام وانهم قتلوا نبيهم وقتل اصحاب الرس ايضا فى ذلك التاريخ نبيالهم اسمه حنظلة بن صفوان فاوحى الله تعالى الى ارمياء ان ائت بخت نصر واعلمه انى قد سلطته عليهم وعلى ارض العرب وانى منتقم به منهم واوحى الله الى ارمياء ان احمل معد بن عدنان على البراق الى ارض العراق كيلا يصيبه النقمة والبلاء معهم فانى مستخرج من صلبه نبيا فى آخر الزمان اسمه محمد صلى الله عليه وسلم فحمل معدا وهو ابن اثنى عشر وكان مع بنى إسرائيل الى ان كبر وتزوج امرأة اسمها معانه. ثم ان بخت نصر نهض بالجيوش وكمن للعرب فى مكان وهو أول من اتخذ المكامن فى الحرب فيما زعموا ثم شن الغارات على حضور اى صبها على أهلها من كل وجه فقتل وسبى وخرب العامر ولم يترك بحضور اثرا قال الله تعالى حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ ثم وطئ ارض العرب يمنها وحجازها فاكثر القتل والسبي وخرب وحرق ثم انصرف راجعا الى السواد وإياهم عنى الله بقوله وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وهذه الرواية منقولة عن ابن عباس رضى الله عنهما وظاهر الآية على الكثرة لان كم للتكثير ولعله رضى الله عنه ذكر حضور بانها احدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون(5/459)
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)
وفى الحديث (خمس فى خمس ما نقض العهد قوم الا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما انزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة الا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكيل الا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة الا منع عنهم القطر)
هر چهـ بر تو آيد از ظلمات وغم ... آن زبى شرمى وكستاخيست هم
وَما خَلَقْنَا السَّماءَ الخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير اصل ولا احتذاء اى وما أبدعنا السماء التي هى كالقبة المضروبة والخيمة المطنبة وَالْأَرْضَ التي هى كالفراش والبساط وَما بَيْنَهُما من انواع الخلائق واصناف العجائب حال كوننا لاعِبِينَ يقول لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا اى عابثين بل لحكم ومصالح وهى ان تكون مبدأ لوجود الإنسان وسببا لمعاشه ودليلا يقوده الى تحصيل معرفتنا التي هى الغاية القصوى
برك درختان سبز در نظر هوشيار ... هر ورقى دفتريست معرفت كردكان
وكل شىء فهو اما مظهر لطفه تعالى او قهره وفى كل ذرة سر عجيب
بنكر بچشم فكر كه از عرش تا بفرش ... در هيچ ذره نيست كه سرى عجيب نيست
فان قيل دلت الآية على ان اللعب ليس من فعله وانما هو من افعال اللاعبين لان اللاعب اسم لفاعل اللعب فنفى اسم الموضوع يقتضى نفى الفعل أجيب بان ذلك يبطل بمسألة خلق الداعي والقدرة لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً اى ما يتلهى به ويلعب على انه مصدر بمعنى المفعول يقال لهوت بالشيء لهوا إذا لعبت به قال الكاشفى [چيزى بآن بازي كنند وبرؤية آن مستأنس شوند چون زن وفرزند] وقال الراغب اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه ويعبر عن كل ما به استمتاع باللهو قال تعالى لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً وقول من قال أراد باللهو المرأة والولد فتخصيص ببعض ما هو من زينة الحياة الدنيا انتهى يقول الفقير فسره بالمرأة فى تفسير الجلالين المقصور على رواية ابن عباس رضى الله عنهما وبهما فى التأويلات الشيخ نجم الدين قدس سره وهو من أكابر من جمع بين الطرفين ويدل على هذا المعنى قوله تعالى فيما بعد وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ قال الامام الواحدي يستروح بكل واحد منهما اى من المرأة والولد ولهذا يقال لامرأة الرجل وولده ريحانتاه لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا اى من جهة قدرتنا عليه لتعلقها بكل شىء من المقدورات او مما نصطفيه ونختاره مما تشاء من خلقنا من الحور العين او من غيرها قال الواحدي معنى من لدنا من عندنا بحيث لا يظهر لكم ولا تطلعون عليه ولا يجرى لاحد فيه تصرف لان ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ ذلك لكن تستحيل أراد تناله لمنافاته الحكمة لا لعدم القدرة على اتخاذه ولا لغيره فيستحيل اتخاذنا له قطعا قال فى التأويلات النجمية جل جلال قدس حضرتنا عن أمثال هذه التدنسات وعز جناب كبريائنا عن انواع هذه الوصمات وقد تنزه عن أمثالها الملائكة المقربون وهم عبادنا المكرمون المخلوقون فالحضر الخالقية اولى بالتنزه عن أمثالها انتهى. وان للشرط على سبيل الفرض والتقدير وجواب ان محذوف لدلالة الجواب المتقدم عليه اى ان كنا فاعلين لا تخذناه(5/460)
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ إضراب عن اتخاذ الولد وإرادته كأنه قيل لكنا لا نريده بل شأننا ان تغلب الحق الذي من جملته الجد والايمان والقرآن ونحوها على الباطل الذي من جملته اللهو والكفر والأباطيل الاخر قال الراغب القذف الرمي البعيد ولاعتبار البعد فيه قيل منزل قذف وقذيف وبلدة قذوف طروح بعيدة والباطل نقيض الحق وهو الذي لا ثبات له عند الفحص عنه فَيَدْمَغُهُ فيهلكه ويعدمه قال اهل التفسير انما استعار لذلك اى للتعليب والتسليط وإيراد الحق على الباطل القذف وهو الرمي الشديد المستلزم لصلابة المرمى ولمحوه واعدامه الباطل وهو كسر الشيء الرخو الأجوف وهو الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدى الى زهوق الروح تصويرا لابطاله به فشبه الحق بجرم صلب كالماس او الياقوت مثلا قذف به على جرم رخو أجوف من قزاز او تراب فمحقه وأعدمه قال صاحب المفتاح اصل استعمال القذف والدمغ فى الأجسام ثم استعير القذف لا يراد الحق على الباطل والدمغ لا ذهاب الباطل ومحوه فالمستعار منه حسى والمستعار له عقلى اى ففيه تشبيه المعقول بالمحسوس عبر عن الصورة المعقولة بما يدل على الهيئة المحسوسة لتتمكن تلك الهيئة المعقولة فى ذهن السامع فضل تمكن فَإِذا هُوَ [پس آنجا او] زاهِقٌ اى ذاهب بالكلية والزهوق ذهاب الروح ويقال زهقت نفسه خرجت من الأسف وفى إذا المفاجأة والجملة الاسمية من الدلالة على كمال المسارعة فى الذهاب والبطلان ما لا يخفى فكأنه زاهق من الأصل وذكره لترشيح المجاز فان ذهاب الروح انما يلائم المستعار منه اى المعنى الأصلي للدمغ فان الدماغ مجمع الحواس وإذا بلغت الشجة اليه يموت الحيوان وفى التأويلات النجمية للحق ثلاث مراتب وكذا للباطل مرتبة افعال الحق ومرتبة صفات الحق ومرتبة ذات الحق تعالى فاما افعال الحق فهى ما امره الله به العباد فبها يدمغ باطل ما نهى الله عنه واما صفات الحق فبتجليها يدمغ باطل صفات العبد واما ذات الحق فاذا تجلى الله بذاته يدمغ باطل جميع الذوات كما قال تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ويدل عليه وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ ولعل من قال انا الحق انما قال عند تجلى ذات الحق او صفة حقيته لذاته الباطل إذ زهق باطل ذاته عند مجيئ الحق فاخبر الحق عن ذاته بلسان اتصف بصفة الحق فقال انا الحق: قال المغربي قدس سره
ناصر ومنصور ميكويد انا الحق المبين ... بشنو از ناصر كه آن كفتار از منصور نيست
وقال الخجندي قدس سره
هر كه بدار فنا جبه هستى بسوخت ... رمز سوى الله بخواند سر انا الحق شنود
وقال
اسرار انا الحق سخن نيك بلندست ... معنى چنين جز بسر دار نيابى
وَلَكُمُ الْوَيْلُ قال الأصمعي ويل قبوح وقد يستعمل فى التحسر وويس استصغار وويح ترحم ومن قال ويل واد فى جهنم فانه لم يرد ان ويلا فى اللغة هو موضوع لهذا وانما أراد ان من قال الله تعالى فيه ذلك فقد استحق مقرا من النار وثبت ذلك له. والمعنى استقر لكم الهلاك ايها المشركون مِمَّا تَصِفُونَ من تعليلية متعلقة بالاستقرار اى من أجل وصفكم له سبحانه(5/461)
وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)
بما لا يليق بشأنه الجليل من المرأة والولد ووصف كلامه بانه سحر وأضغاث أحلام ونحو ذلك من الأباطيل وَلَهُ خاصة مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى جميع المخلوقات إيجادا واستعبادا وَمَنْ عِنْدَهُ من عطف الخاص على العام والمراد الملائكة المكرمون المنزلون لكرامتهم عليه منزلة المقربين عند الملوك على طريقة التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم على اكثر خلقه لا على الجميع كما زعم ابو بكر الباقلاني وجميع المعتزلة فالمراد بالعندية عندية الشرف لا عندية المكان والجهة وعند وان كان من الظروف المكانية الا انه شبه قرب المكانة والمنزلة بقرب المكان والمسافة فعبر عن المشبه بلفظ المشبه به، قال الكاشفى [يعنى فرشتكان كه مقربان دركاه الوهيت اند وشما ايشانرا مى پرستيد] لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ اى لا يتعظمون عنها ولا يعدون أنفسهم كبيرة بل يتفاخرون بعبوديته فالبشر مع نهاية ضعفهم اولى ان يطيعوه والجملة حال من قوله من عنده. وجعل المولى ابو السعود رحمه الله من عنده مبتدأ ولا يستكبرون خبره وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ولا يكلون ولا يعيون يقال حسرو استحسر إذا تعب وأعيى يعنى ان استفعل بمعنى فعل نحو قر واستقر قال فى المفردات الحسر كشف الملبس عما عليه يقال حسرت عن الذراع والحاسر من لا درع عليه ولا مغفر والناقة حسير حسر عنها اللحم والقوة والحاسر المعيى لانكشاف قواه ويقال للمعيى حاسر ومحسور اما الحاسر فتصور انه قد حسر بنفسه قواه واما المحسور فتصور ان التعب قد حسره والحسرة الغم على ما فاته والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه او انحسر قواه من فرط غم أدركه واعياه عن تدارك ما فرط منه يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ كأنه قيل كيف يعبدون فقيل يسبحون الليل والنهار اى ينزهونه فى جميع الأوقات عن وصمة الحدوث وعن الانداد ويعظمونه ويمجدونه دائما لا يَفْتُرُونَ لا يتخلل تسبيحهم فترة طرفة عين بفراغ منه او بشغل آخر لانهم يعيشون كما يعيش الإنسان بالنفس والحوت بالماء. يعنى ان التسبيح بالنسبة الى الملائكة كالتنفس بالنسبة إلينا فكما ان قيامنا وقعودنا وتكلمنا وغير ذلك من أفعالنا لا يشغلنا عن التنفس فكذلك الملائكة لا يشغلهم عن التسبيح شىء من أفعالهم كما قال عبد الله بن الحارث لكعب أليس انهم يؤدون الرسالة ويلعنون من لعنه الله كما قال جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وقال أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ فقال التسبيح لهم كالتنفس لنا فلا يمنعهم عن عمل فان قلت التسبيح واللعن من جنس الكلام فكيف لا يمنع أحدهما الآخر قلنا لا يبعد ان يخلق الله لهم ألسنة كثيرة ببعضها يسبحون وببعضها يلعنون. او المعنى لا يفترون عن العزم على ادائه فى أوقاته كما يقال فلان مواظب على الجماعة لا يفتر عنها فانه لا يراد به دوام الاشتغال بها وانما يراد العزم على أدائها فى أوقاتها كما فى الكبير وعن بعض ارباب الحقائق زالت مشقة التكاليف الشرعية عن اهل الله تعالى لفرط محبتهم إياه سبحانه ولتبدل مجاهدتهم بالحب الإلهي لانه ظهر شرف تلك التكاليف وبهر كونها تجليات الهية يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى قدس سره وهو يقول لا تتيسر حلاوة العبودية الا بعد المعرفة التامة بالله تعالى والشهود الكامل له وذلك لان لذة المناجاة مع السلطان لا يصل إليها السائس(5/462)
أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)
فعبادة اهل الحجاب لا تخلو عن فتور وكلفة بخلاف اهل الكشف الإلهي فان العبادة صارت لهم كالعادة لغيرهم فى سهولة المأخذ والقيام بها نسأل الله تعالى ان يخفف عنا الأوزار انه الكريم الغفار قال الراغب الفتور سكون بعد حدة ولين بعد شدة وضعف بعد قوة قال تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ اى سكون خال عن مجيئ رسول وقوله تعالى لا يَفْتُرُونَ اى لا يسكنون عن نشاطهم فى العبادة وفى الحديث (لكل عامل شرة ولكل شرة فترة فمن فتر الى سنتى فقد نجا والا فقد هلك) فقوله (لكل شرة) فترة) اشارة الى ما قيل للباطل صولة ثم تضمحل وللحق دولة لا تزل وقوله (من فتر الى سنتى اى سكن إليها فالطرف الفاتر فيه ضعف مستحسن والفتر ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة يقال فترته بفترى وشبرته بشبرى انتهى كلام الراغب الاصفهانى فى كتاب المفردات أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً أم منقطعة مقدرة ببل مع الهمزة ومعنى الهمزة انكار الوقوع لا انكار الواقع والضمير للمشركين والمراد بالآلهة الأصنام مِنَ الْأَرْضِ متعلق باتخذوا بمعنى ابتدأوا اتخاذها من الأرض بان صنعوها ونحتوها من بعض الحجارة او من بعض جواهرها كالشبة والصفر ونحوهما والمراد به تحقير المتخذ لا التخصيص هُمْ يُنْشِرُونَ يقال انشره الله أحياه اى يبعثون الموتى والجملة صفة الآلهة وهو الذي يدور عليه الإنكار والتجهيل والتشنيع لا نفس الاتخاذ فانه واقع لا محالة بل اتخذوا آلهة من الأرض هم خاصة مع حقارتهم وجماديتهم ينشرون الموتى كلا فان ما اتخذوها آلهة بمعزل عن ذلك وهم وان لم يقولوا بذلك صريحا فانهم لم يثبتوا الانشار لله تعالى كما قالوا من يحيى العظام وهى رميم فكيف يثبتونه للاصنام لكنهم حيث ادعوا لها الإلهية فكأنهم ادعوا لها الانشار ضرورة انه من الخصائص الالهية حتما لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ تنزيه لنفسه عن الشريك بالنظر العقلي والا بمعنى غير على انها صفة آلهة اى لو كان فى السموات والأرض آلهة غير الله كما هو اعتقادهم الباطل سواء كان الله معهم او لم يكن قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال لو كان فيهما فجعل السموات ظرفا وهو تحديد والجواب لم يرد به معنى الظرف وانما هو كقوله وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ لَفَسَدَتا الفساد خروج الشيء عن الاعتدال قليلا كان الخروج عنه أم كثيرا ويضاده الصلاح ويستعمل ذلك فى النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة اى لخرجتا عن هذا النظام المشاهد لان كل امر بين الاثنين لا يجرى على نظام واحد والرعية تفسد بتدبير الملكين وحيث انتفى التالي تعين انتفاء المقدم قال فى التأويلات النجمية ان هذه الآلهة لا تخلو اما ان يكون كلهم متساويا فى الالوهية وكمال القدرة او بعضهم كامل وبعضهم ناقص واما ان يكون كلهم ناقصا يحتاج بعضهم الى بعض فى الالهية واما كمالية بعضهم وناقصية بعضهم فهو يقتضى استغناء الكامل عن الناقص فالناقص لا يصلح للالهية واما الناقصون الذين يحتاجون الى اعانة بعضهم لبعض فلا يصلحون للآلهية لانهم محتاجون الى مكمل واحد مستغن عما سواه وهو الله الواحد الأحد الصمد الغنى عما سواه وما سواه محتاج اليه ولو كان فيهما آلهة غيره لفسدتا لعدم مدبر كامل فى الالهية ولعجز آلهة اخرى فى المدبرية(5/463)
در دو جهان قادر ويكتا تويى ... جمله ضعيفند وتوانا تويى
چون قدمت بانك بر أبلق زند ... جز تو كه يار وكه انا الحق زند
فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ اى نزهوه تنزيها عما يصفونه به من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد لان ذلك من صفات الأجسام ولو كان الله جسما لم يفدر على خلق العالم وتدبير امره ولم يكن مبدأ له على ان الجسم مركب ومتحيز وذلك من امارات الحدوث وجواز الوجود وواجب الوجود متعال عن ذلك قال فى التأويلات النجمية نزه الله نفسه عن العجز والاحتياج لغيره فى الالهية واثبت انه خالق العرش الذي هو مصدر فيض الرحمانية الى المكونات لنفى الالهية عن غيره منزها عما يصفون باحتياجه الى العرش او بآلهة اخرى فى الالهية: وفى المثنوى
واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالارنى «1»
نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى
قال بعض الكبار افترى العادلون عن الله الى غيره كالطبائعيين القائلين بان جميع التأثيرات الواقعة انما هى من مقتضيات الطبيعة كديمقراطيس واتباعه والسوفسطائيين المنكرين لجميع الموجودات حتى أنفسهم وانكارهم واما الثنوية اعنى القائلين بالهين اثنين أحدهما مصدر للخيرات والآخر مصدر لشرور فانهم قد لعنوا على لسان اهل الاشراف الكشفى والبرهاني ليس لجسد قلبان ولا لبدن نفسان ولا للسماء شمسان شهد الاخبار بواحد وهو منتهى الأعيان لو حصل شمسان لا نطمست الأركان ابى النظام شمسا اخرى فكيف لا يأبى الها آخر ان كان للقيوم شريك فاين شمسه لانها أكمل النيرات فخالقها أكمل ممن لم يخلق مثلها ومن غيره أكمل منه لا يكون واجبا لذاته لان الوجوب الذاتي من خصائص الكمال التام فحيث لم نجد شمسا اخرى عرفنا انه ليس فى الوجود اله آخر
يشهد الله أينما يبدو ... انه لا اله الا هو
قال بعض ارباب الحقائق لو كان فى سماء الروحانية وارض البشرية مدبرات مثل العقل فى سماء الروحانية وفى الهوى ارض البشرية غير هداية الله تعالى بواسطة الأنبياء والشرائع لفسدتا كما فسدت بتدبير العقل والهوى سماء الروحانية الفلاسفة والطبائعية والدهرية والإباحية والملاحدة وارض بشريتهم فاما فساد سماء أرواحهم فبان زلت قدمهم عن جادة التوحيد وصراط الوحدانية حتى انبتوا لله الواحد القديم شريكا قديما وهو العالم فلم يقبلوا دعوة الأنبياء ولم يهتدوا بهداية الحق: وفى المثنوى
اى ببرده عقل هديه تا اله ... عقل آنجا كمترست از خاك راه «2»
واما فساد ارض بشريتهم فبان زلت قدمهم عن جادة العبودية وصراط الشريعة والمتابعة حتى عبدوا طاغوت الهوى والشيطان وآل امر فساد حالهم الى ان قال تعالى فيهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال الشيخ ابو عثمان المغربي قدس سره من امر السنة على نفسه أخذا وتركا وحبا وبغضا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة فعلى السالك ان يأخذ بالطريق الوسط وهو طريق الكتاب والسنة الموصل الى الجنة والقربة والوصلة ويجتهد فى تحصيل كمال الصدق والإخلاص إذ هو الزاد لاهل الاختصاص نسأل الله الفياض
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ
(2) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه هديه فرستادن بلقيسى إلخ(5/464)
لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)
الكريم ان يشرفنا بفيضه العميم ويثبتنا على صراطه المستقيم لا يُسْئَلُ الله تعالى عَمَّا يَفْعَلُ ويحكم وَهُمْ اى العباد يُسْئَلُونَ عما يفعلون نقيرا وقطميرا والسؤال استدعاء معرفة او ما يؤدى الى المعرفة وجوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة والاشارة فان قيل ما معنى السؤال بالنسبة الى الله تعالى قلنا تعريف للقوم وتبكيتهم لا تعريف لله تعالى فانه علام الغيوب فالسؤال كما يكون للاستعلام يكون للتبكيت وانما لا يسأل سؤال انكار ويجوز السؤال عنه على سبيل الاستكشاف والبيان كقوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وعلى سبيل التضرع والحاجة كقوله تعالى حكاية عن الكافر رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قال فى بحر العلوم انما لا يسأل عما يفعل لانه رب مالك علام لا نهاية لعلمه وكل من سواه مربوب مملوك جاهل لا يعلم شيأ الا بتعليم فليس للمملوك الجاهل ان يتعرض على سيده العليم بكل شىء فيما يفعل ويقول لم فعلت وهلا فعلت مثلا وهم يسألون لانهم مملوكان مستعبدون خطاؤن فيقال لهم فى كل شىء فعلوه لم فعلتم واعلم ان الاعتراض شؤم يسخط الرب ويوجب عقابه وسخطه: قال الحافظ
مزن ز چون و چرا دم كه بنده مقبل ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان كفت
وبشؤم الاعتراض على الله فى فعله لعن إبليس وكان من مردة الكافرين فانه تعالى لما امره بالسجود قال أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً وبشؤم الاعتراض فى شأن بنى آدم أصاب الملكين هاروت وماروت ما أصابهما فهذا بالاعتراض فى شأن المخلوق فكف بالاعتراض فى شأن الخالق وبالاعتراض على الله والتعمق فى الخوض فى صفاته هلك الهالكون من اهل الأهواء وارباب الآراء تعمقوا فيما لم يتعمق فيه اصحاب رسول الله والتابعون ومن تبعهم من اهل الحق وتكلفوا الخوض فيه فوقعوا فى الشبهات فضلوا وأضلوا ولو لم يتعمقوا لسلموا وقد اتفقت كلمة اهل الحق على ان الاعتراض على الله الملك الحق فى فعله وما يحدثه فى خلقه كفر فلا يجترئ عليه الا كافر وجاهل ضال وكذا الاعتراض على النبي عليه السلام فانه انما يقول عن الحق لا عن الهوى فالاعتراض عليه اعتراض على الحق وفيه الهلاك قال ابو هريرة رضى الله عنه سمعت رسول لله يقول (يا ايها الناس كتب عليكم الحج) فقام عكاشة بن محصر فقال أكل عام يا رسول الله فقال لو (قلت نعم لوجبت ولو وجبت ثم تركتموها لضللتم اسكتوا عنى كما سكت عنكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم) فانزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الآية ومن أشد التشنيع وأقبح الاعتراض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روى عن بعض الكبار انه قال كنت فى مجلس بعض الغافلين فتكلم الى ان قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام من حيث قال (حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فقلت أما تستحيى من الله تعالى فانه ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد من عند الله ثم حصل لى هم وغم فرأيت النبي عليه السلام فى المنام فقال لا تغتم فقد كفيناك امره ثم سمعت انه قتل قال الفقهاء من غيره عليه السلام بالميل الى نسائه قاصدا به النقص يقتل قاتله الله تعالى يقول الفقير(5/465)
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)
شب پره ميطلبد بدر تمامت نقصان ... او نداند كه ابد نور تو ظاهر باشد
هر كه از روى جدل بر تو سخن ميراند ... بمثل شد اگرش بو على كافر باشد
واما الاعتراض على الأولياء والمشايخ من العلماء فانه يحرم الخير ويقطع بركة الصحبة وزيادة العلم يدل على ذلك شأن موسى والخضر عليهما السلام نهاه عن الاعتراض عليه فيما يفعل بقوله (فلا تسألنى عن شىء حتى أحدث لك منه ذكرا) فاعترض عليه فناداه الخضر بالفراق فحرم بركة صحبته وانقطعت بركة الزيادة من علمه والخير الذي جعله الله معه. ومن شؤم الاعتراض ما كان من امر الخوارج اعترضوا على على رضى الله عنه وخرجوا عليه فخرجوا من الدين وصاروا كلاب النار وشر قتلى تحت أديم السماء قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا حظ المعترض فى الدنيا واما حاله فى الآخرة فلا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب اليم فى نار القطعية والهجران: يقول الفقير
هين مكن بامر شد كامل جدل ... تا نباشد كمرهى او را بدل
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً الهمزة لانكار الاتخاذ المذكور واستقباحه واستعظامه ومن متعلقة باتخذوا. والمعنى بل اتخذوا متجاوزين إياه تعالى آلهة مع ظهور خلوهم عن خواص الالوهية بالكلية قُلْ لهم بطريق الإلزام والقام الحجر هاتُوا [بياريد] قال فى بحر العلوم هات من اسماء الافعال يقال هات الشيء اى أعطنيه. والمعنى أعطوني بُرْهانَكُمْ حجتكم على ما تدعون من جهة العقل والنقل فانه لا صحة لقول لا دليل عليه فى الأمور الدينية لا سيما فى مثل هذا الشأن الخطير قال الراغب البرهان فعلان مثل الرجحان والبنيان وقال بعضهم هو مصدر بره يبره إذا ابيض انتهى وقد أشار صاحب القاموس الى كليهما حيث قال فى باب النون البرهان بالضم الحجة وبرهن عليه اقام البرهان وفى باب الهاء ابره اتى بالبرهان قال فى المفردات البرهان أوكد الادلة وهو الذي يقتضى الصدق ابدا هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي هذا اشارة الى الموجود بينهم من الكتب الثلاثة القرآن والتوراة والإنجيل فالقرآن ذكر وعظة لمن اتبعه عليه السلام الى يوم القيامة والتوراة والإنجيل ذكر وعظة للامم المتقدمة يعنى راجعوا هذه الكتب الثلاثة هل تجدون فى واحد منها غير الأمر بالتوحيد فهذا برهانى قد أقمته فاقيموا ايضا برهانكم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اثبات الوحدانية بالتحقيق وكشف العيان من خصوصية العلماء المحققين من أمتي الذين هم معى فى سير المقامات وقطع المنازل الى الخضرة كما هو من خصائص الأنبياء من قبلى ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) اى فى صدق طلب الحق بالاعراض عن الكونين والتوجه الى الله تعالى بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ إضراب من جهته تعالى غير داخل فى الكلام الملقن اى لا يفهمون الحق ولا يميزون بينه وبين الباطل فلا تنجع فيهم المحاجة بإظهار حقية الحق وبطلان الباطل وفى بحر العلوم كأنه قيل بل عندهم ما هو اصل الفساد كله وهو الجهل وعدم التمييز بين الحق والباطل فمن ثمة جاء(5/466)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26)
الاعراض ومن هناك ورد الإنكار فَهُمْ لاجل ذلك مُعْرِضُونَ مستمرون على الاعراض عن التوحيد واتباع الرسول واما أقلهم العالمون فلا يقبلونه عنادا وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ اى الشأن لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ اى وحدونى ولا تشركوا بي وفيه اشارة الى ان الحكمة فى بعثة جميع الأنبياء والرسل مقصورة على هاتين المصلحتين وهما اثبات وحدانية الله تعالى وتعبده بالإخلاص لتكون فائدة تينك المصلحتين راجعة الى العباد لا الى الله تعالى كما قال (خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم) : وفى المثنوى
چون خلقت الخلق كى يربح على ... لطف تو فرمود اى قيوم وحي «1»
لا لأن اربح عليهم جود تست ... كه شود زو جمله ناقصها درست
عفو كن زين ناقصان تن پرست ... عفو از درياى عفو اوليترست
واكبر فائدتهما معرفة الله تعالى كما قال تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ اى ليعرفون وهى مختصة بالإنسان دون سائر المخلوقات فانها هى حقيقة الامانة التي قال تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية يقول الفقير العبادة طريق المعرفة وهى طريق الرؤية فالرؤية أعلى من المعرفة لان العارفين مشتاقون الى منازل اهل الوصال والواصلون لا يشتاقون الى منازل اهل المعرفة والمعرفة يتولد منها التعب والعناء والرؤية يتولد منها السرور والرضى قال بعض العارفين المعرفة الطف والرؤية اشرف والمعرفة أشد والرؤية أكد فعلى السالك ان يجتهد فى تحقيق المعرفة والتوحيد ويصل الى رؤية الحميد المجيد والتوحيد على ثلاث مراتب توحيد اهل البداية وهو لا اله الا هو وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الأجسام. وتوحيد اهل التوسط وهو لا اله الا أنت وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الأرواح. وتوحيد اهل النهاية وهو لا اله الا انا وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الحقيقة والى هذه المرتبة أشار الشيخ المغربي قدس سره بقوله
نور هستى جمله ذرات عالم تا ابد ... ميكنند از مغربى چون ماه از مهر اقتباس
ومن لطائف الكمال الخجندي قوله
طاس بازي بديدم از بغداد ... چون جنيد از سلوكش آگاهى
رفت در جبه وقت بازي كفت ... ليس فى جبتى سوى اللهى
ثم ان فى الآية اشارة الى ان اكثر الخلق من يدعون الإسلام والتوحيد ولا يميزون الحق من الباطل فيتبعون اهل الشرك والرياء والبدع والهوى والدنيا ولذا قلت عبادتهم بالإخلاص بل انتفى رعاية الشريعة بينهم ولو كان لهم استعداد وجدان الحق لوجدوا اهله اولا ووصلوا بتسليكهم على قدمى الشريعة والطريقة الى المعرفة والحقيقة فانما حرموا الوصول بتضييعهم الأصول ومن الله الهداية والتوفيق ومنه الوصول الى مقام الصدق والتحقيق وَقالُوا اى حى من خزاعة اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً من الملائكة وادعوا انهم بنات الله وانه تعالى صاهر سروات الجن فولدت له الملائكة قال الراغب الاخذ وضع الشيء وتحصيله وذلك تارة
__________
(1) در اواخر دفتر پنجم در بيان مجرم دانستن أياز خود را إلخ(5/467)
لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)
بالتناول نحو مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ وتارة بالقهر نحو قوله تعالى لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ويقال أخذته الحمى ويعبر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ والاتخاذ افتعال منه فيتعدى الى مفعولين ويجرى مجرى الجعل سُبْحانَهُ اى تنزه بالذات تنزهه اللائق به على ان السبحان مصدر من سبح اى بعد او أسبحه تسبيحه على انه علم للتسبيح وهو مقول على السنة العباد او سبحوه تسبيحه قال فى بحر العلوم ويجوز ان تكون تعجبا من كلمتهم الحمقاء اى ما ابعد من ينعم بجلائل النعم ودقائقها وما أعلاه عما يضاف اليه من اتخاذ الولد والصاحبة والشريك انتهى وقال فى الكشف التنزيه لا ينافى التعجب بَلْ ليست الملائكة كما قالوا بل هم عِبادٌ مخلوقون له تعالى مُكْرَمُونَ مفربون عنده مفضلون على كثير من العباد لا على كلهم والمخلوقية تنافى الولادة لانها تقتضى المناسبة فليسوا باولاد وإكرامهم لا يقتضى كونهم أولادا كما زعموا لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ صفة اخرى لعباد واصل السبق التقدم فى السير ثم تجوز به فى غيره من التقدم اى لا يقولون شيأ حتى يقوله تعالى ويأمرهم به لكمال انقيادهم وطاعتهم كالعبيد المؤدبين قال الكاشفى [يعنى بي دستورئ وى سخن نكويند مراد ازين سخن قطع طمع كافرانست از شفاعت ملائكه يعنى ايشان بي اذن خدا شفاعت نتوانند كرد] وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ اى كما انهم يقولون بامره كذلك يعملون بامره لا بغير امره أصلا فالقصر المستفاد من تقديم الجار معتبر بالنسبة الى غير امره لا الى امر غيره والأمر مصدر أمرته إذا كلفته ان يفعل شيأ وفى الآية اشارة الى ان العباد المكرمين بالتقرب الى الله تعالى والوصول اليه لا يقولون شيأ من تلقاء نفوسهم ولا يفعلون شيأ بإرادتهم بل إذا نطقوا نطقوا بالله وإذا سكتوا سكتوا بالله: يقول الفقير
چون وزد باد صبا وقت سحر ... ميشود دريا ز جنبش موجكر
موج وتحريك از صبا باشد همين ... نى ز دريا اين خروش آينده هين
يَعْلَمُ الله تعالى اى لا يخفى عليه ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ما قدموا من الأقوال والأعمال وَما خَلْفَهُمْ وما أخروا منهما وهو الذي ما قالوه وما عملوه بعد فيعلمهم بإحاطته تعالى بذلك ولا يزالون يراقبون أحوالهم فلا يقدمون على قول او عمل بغير امره تعالى فهو تعليل لما قبله وتمهيد لما بعده وَلا يَشْفَعُونَ الشفع ضم الشيء الى مثله والشفاعة الانضمام الى آخر ناصرا له وسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى مرتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة فى القيامة إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ان يشفع له من اهل الايمان مهابة منه تعالى وبالفارسية [مكر كسى كه خداى بشفاعت به پسندد او را] قال ابن عباس رضى الله عنهما الا لمن قال لا اله الا الله فلا دليل فيه للمعتزلة فى نفى الشفاعة عن اصحاب الكبائر قال فى الاسئلة المقحمة هذا دليل على ان لا شفاعة لاهل الكبائر لانه لا يرضى لهم والجواب قد ارتضى العاصي لمعرفته وشهادته وان كان لا يرتضيه لفعله لانه أطاعه من وجوه وان عصاه من وجوه اخر فهو مرتضاه من وجوه الطاعة له ولهذا قال ابن عباس رضى الله عنهما الذي ارتضاهم هم اهل شهادة ان لا اله الا الله: وفى المثنوى(5/468)
وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)
كفت پيغمبر كه روز رستخيز ... كى كذارم مجرمانرا أشك ريز «1»
من شفيع عاصيان باشم بجان ... تا رهانم شان زاشكنجه كران
عصايان واهل كبائر را بجهد ... وا رهانم از عتاب نقض عهد
صالحان امتم خود فارغند ... از شفاعتهاى من روز كزند
بلكه ايشانرا شفاعتها بود ... كفتشان چون حكم نافذ مى رود
وَهُمْ مع ذلك مِنْ خَشْيَتِهِ اى من خشيتهم منه تعالى فاضيف المصدر الى مفعوله مُشْفِقُونَ مرتعدون [يا از مهابت وعظمت او ترسان] والإشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه كما فى المفردات قال ابن الشيخ الخشية والإشفاق متقاربان فى المعنى والفرق بينهما ان المنظور فى الخشية جانب المخشى منه وهو عظمته ومهابته وفى الإشفاق جانب المخشى عليه وهو الاعتناء بشأنه وعدم الامن من ان يصيبه مكروه ثم ان الإشفاق يتعدى بكل واحد من كلمتى من وعلى يقال اشفق عليه فهو مشفق واشفق منه اى حذر فان عدى بمن يكون معنى الخوف فيه اظهر من معنى الاعتناء وان عدى بعلى يكون معنى الاعتناء اظهر من معنى الخوف وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى جبريل ليلة المعراج ساقطا كالحلس من خشية الله تعالى وعنه ايضا ان اسرافيل له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب والعرش على جناحه وانه ليتضاءل الأحيان حتى يعود مثل الوصع وهو بالسكون ويحرك طائر أصغر من العصفور كما فى القاموس
خوف وخشيت حليه اهل دلست ... أمن وبي پروايى شان غافلست
حينئذ وَمَنْ يَقُلْ [وهر كه كويد] مِنْهُمْ اى من الملائكة إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ اى حال كونه متجاوزا إياه تعالى فَذلِكَ الذي فرض قوله فرض محال فهذا لا يدل على انهم قالوه وقال بعضهم هو إبليس حيث ادعى الشركة فى الالوهية ودعا الى عبادة نفسه وفيه انه يلزم ان يكون من الملائكة نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كسائر المجرمين ولا يغنى عنهم ما ذكر من صفاتهم السنية وأفعالهم المرضية وهو تهديد للمشركين بتهديد مدّعى الربوبية ليمتنعوا عن شركهم كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ مصدر تشبيهى مؤكد لمضمون ما قبله اى مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزى الذين يضعون الأشياء فى غير مواضعها ويتعدون أطوارهم بالاشراك وادعاء الالهية. والقصر المستفاد من التقديم معتبر بالنسبة الى النقصان دون الزيادة اى لا جزاء انقص منه والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر يقال جزيته كذا وبكذا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ الى انهم خلقوا منزهين عن الاحتياج الى مأكول ومشروب وملبوس ومنكوح وما يدفع عنهم البرد والحر وما ابتلاهم الله بالامراض والعلل والآفات ليسبقوا الله بالقول ويستدعوا منه رفعها وإزالتها والخلاص منها بالتضرع وكذلك ما ابتلاهم الله بطبيعة تخالف أوامر الله تعالى فيمكن منهم خلاف ما يؤمرون وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ نظيره لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ولعمرى انهم وان كانوا
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان جزع ناكردن آن شيخ بزركوار بر مرك فرزندان خويش(5/469)
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)
مكرمين بهذه الخصال فان بنى آدم فى سر وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ آكد المكرمين منهم بكرامات اكبر منها درجة وارفع منها منزلة وذلك لانهم لما خلقوا محتاجين الى ما لا تحتاج اليه الملائكة أكرموا بالكرامتين اللتين لم تكرم بهما الملائكة فاحداهما الرجوع الى الله مضطرين فيما يحتاجون اليه فاكرموا بكرامة الدعاء ووعدهم عليه الاستجابة بقوله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فلهم الشركة مع الملائكة فى قوله لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ الآية لانهم بامره دعوه عند رفع الحاجات ولذلك اثنى عليهم بقوله تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وقد أعظم امر الدعاء بقوله قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ وهم ممتازون عن الملائكة بكرامة الدعاء والاستجابة وهذه مرتبة الخواص من بنى آدم فى الدعاء. فاما مرتبة أخص الخواص فهى انهم يدعون ربهم لا خوفا ولا طمعا بل محبة منهم وشوقا الى وجهه الكريم كما قال يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وهذه هى الكرامة الثانية التي من نتائج الاحتياج حتى لا يبقى شىء من المخلوقات الا محتاجا بخلاف مخلوق آخر فان لكل مخلوق استعدادا فى الاحتياج يناسب حال جبلته التي جبل عليها فكل مخلوق يفتقر الى خالقه بنوع ما وتفتقر اليه بنوا آدم من جميع الوجوه وهذا هو سر قوله تعالى وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ كما ان ذاته وصفاته استوعبت الغنى كذلك ذواتهم وصفاتهم استوعبت الفقر فاكرمهم الله بعلم اسماء ما كانوا محتاجين اليه كله ورفقهم للسؤال عنه وأنعم عليهم بالاجابة فقال وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وعد ذلك من النعم التي لا نهاية لها وكرامة لا كرامة فوقها بقوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها وبقوله يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ يشير الى انه يعلم ما بين أيدي الملائكة من خجالة قولهم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الآية فان فيه شائبة نوع من الاعتراض ونوع من الغيبة ونوع من العجب حتى عيرهم الله فيما قالوا وقال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ يعنى اعلم منه استحقاق المسجودية واعلم منكم استحقاق الساجدية له وما خلفهم اى وما يأمرهم بالسجود له والاستغفار لمن فى الأرض يعنى المغتابين من أولاده ليكون كفارة لما صدر منهم فى حقهم وَلا يَشْفَعُونَ فى الاستغفار إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى يعنى الله تبارك وتعالى من اهل المغفرة وهم من خشيته مشفقون اى من خشية الله وسطوة جلاله خائفون ان لا يعفو عنهم ما قالوا او يأخذهم به ومن يقل منهم انى اله من دونه يعنى من الملائكة فذلك نجزيه جهنم يشير الى انه ليس للملك استعداد الاتصاف بصفات الالوهية ولو ادعى هذه المرتبة فجزاؤه جهنم البعد والطرد والتعذيب كما كان حال إبليس وبه يشير الى ان الاتصاف بصفات الالوهية مرتبة بنى آدم كما قال عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) وقال (عنوان كتاب الله الى أوليائه يوم القيامة من الملك الحي الذي لا يموت الى الملك الحي الذي لا يموت) فافهم جدا كذلك نجزى الظالمين يعنى الذين يضعون الأشياء فى غير موضعها كاهل الرياء والسمعة والشرك الخفي انتهى ما فى التأويلات النجمية أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا الهمزة لانكار نفى الرؤية وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات والواو للعطف على مقدر والرّؤية قلبية لا بصرية حتى لا يناقض قوله تعالى ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والمعنى ألم يتفكروا او ألم يستفسروا من العلماء او ألم يطالعوا الكتب او ألم يسمعوا الوحى ولم يعلموا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا ثنى الضمير الراجع الى الجمع باعتبار ان المرجع اليه(5/470)
جماعتان رَتْقاً على حذف المضاف اى ذواتى رتق بمعنى ملتزقتين ومنضمتين لافضاء بينهما ولا فرج فان الرتق هو الضم والالتحام خلقة كان او صنعة فَفَتَقْناهُما الفتق الفصل بين المتصلين وهو ضد الرتق اى ففصلنا وفرقنا إحداهما عن الاخرى بالريح وفى الحديث المشهور (أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بنظر الهيبة فذابت وارتعدت من خوف ربها فصارت ماء ثم نظر إليها نظر الرحمة فجمد نصفها فخلق منه العرش وارتعد العرش فكتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن العرش فترى الماء يرتعد الى يوم القيامة) وذلك قوله تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ اى العذب (ثم حصل من تلاطم الماء ادخنة متراكمة بعضها على بعض وزبد فخلق منها السموات والأرض طباقا
وكانتا رتقا وخلق الريح فيها ففتق بين طباق السموات وطباق الأرض) كما اخبر بقوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ وانما خلقها من دخان ولم يخلقها من بخار لان الدخان خلق متماسك الاجزاء يستقر عند منتهاه والبخار يتراجع وذلك من كمال علمه وحكمته (ثم بعد ذلك مد الزبد على وجه الماء ودحاه فصار أرضا بقدرته) وذلك قوله تعالى وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [وكفته اند آسمان بسته بود از وى باران نمى آمد وزمين بسته بود ازو كياه نمى رست ما آن را بباران واين را بگياه كشاديم] يعنى فتق السماء وهى أشد الأشياء وأصلبها بألين الأشياء وهو الماء وكذلك فتق الأرض بألين الأشياء وهو النبات مع شدتها وصلابتها فان قيل المفتوقة بالمطر هى سماء الدنيا فما معنى الجمع قلنا جمع السموات لان لها مد خلافى الأمطار إذا لتأثير انما يحصل من جهة العلو واعلم ان الفتق صفة الله تعالى كالعلم والقدرة وغيرهما فهو ازلى والمفتوق حادث بحدوث التعلق كما فى العلم وغيره من الصفات التي لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها فتكون تعلقاتها حادثة. فقول البيضاوي ان الفتق عارض خطأ كما فى بحر العلوم وَجَعَلْنا خلقنا مِنَ الْماءِ الماء جسم سيال قد أحاط حول الأرض كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ اى كل حيوان عرف الماء باللام قصدا الى الجنس اى جعلنا مبدأ كل شىء حى من هذا الجنس اى جنس الماء وهو النطفة كما فى قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ اى كل فرد من افراد الدواب من نطفة معينة هى نطفة أبيه المختصة به او كل نوع من انواع الدواب من نوع من انواع المياه وهو نوع النطفة التي تختص بذلك النوع من الدواب يقول الفقير قد فرقوا بين الحي والحيوان بان كل حيوان حى وليس كل حى حيوانا كالملك فالظاهر ما جاء فى بعض الروايات من (ان الله تعالى خلق الملائكة من ريح خلقها من الماء وآدم من تراب خلقه منه والجن من نار خلقها منه) وقال بعضهم يدخل فى الآية النبات والشجر لنمائهما بالماء والحياة قد تطلق على القوة النامية الموجودة فى النبات والحيوان كما فى المفردات ويدل على حياتهما قوله تعالى يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كما فى الكبير أَفَلا يُؤْمِنُونَ [آيا نمى كردند مشركان با وجود اين آيات واضحه] وفى التأويلات النجمية يشير بقوله أَوَلَمْ يَرَ الى فَفَتَقْناهُما الى ان أرواح المؤمنين والكافرين خلقت قبل السموات والأرض كما قال عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) وفى رواية (باربعة آلاف سنة وكان خلق السموات والأرض(5/471)
وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)
بمشهد من الأرواح وكانتا شيأ واحدا كما جاء فى الحديث المشهور (أول ما خالق الله جوهرة) ويشير بقوله وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ الى انه تعالى خلق حياة كل ذى حياة من الحيوانات من الماء الذي عليه عرشه وذلك ان الجوهرة التي هى مبدأ الموجودات وهى الروح الأعظم خلقت أرواح الإنسان والملك من أعلاها وخلقت أرواح الحيوانات والدواب من أسفلها وهى الماء كما قال وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ وكان ذلك كله بمشهد الأرواح فلذلك قال أَفَلا يُؤْمِنُونَ اى أفلا يؤمنون بما خلقنا بمشهد من أرواحهم انتهى واعلم ان المراد من رؤية الآيات الانتقال منها الى رؤية صانعها رؤية قلبية هى حقيقة الايمان- روى- ان عليا رضى الله عنه صعد المنبر يوما وقال سلونى عما دون العرش فان ما بين الجوانح علم جم هذا لعاب رسول الله فى فمى هذا ما رزقنى رسول الله رزقا فوالذى نفسى بيده لو اذن للتوراة والإنجيل ان يتكلما فاخبرت بما فيهما لصدّقانى على ذلك وكان فى المجلس رجل يمانى فقال ادعى هذا الرجل دعوى عريضة لأفضحنه فقام وقال اسأل قال سل تفقها ولا تسأل تعنتا فقال أنت حملتنى على ذلك هل رأيت ربك يا علىّ قال ما كنت اعبد ربا لم أره فقال كيف رأيت قال لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقيقة الايمان ربى أحد واحد لا شريك له أحد لا ثانى له فرد لا مثل له لا يحويه مكان ولا يداوله زمان ولا يدرك بالحواس ولا يقاس بالقياس فسقط اليماني مغشيا عليه فلما أفاق قال عاهدت الله ان لا اسأل تعنتا: قال الشيخ المغربي قدس سره
نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از انكه يار كند جلوه بر أولو الابصار
وقال الخجندي قدس سره
بيدار شو آنكه طلب آن روى كه هركز ... در خواب چنين دولت بيدار نيابى
أزال الله عنا الغين والغفلة والحجاب وفتح بصائرنا الى جناب جمال المهيمن الوهاب انه رب الأرباب ومسبب الأسباب وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ الأرض جسم غليظ اغلظ ما يكون من الأجسام واقف على مركز العالم مبين لكيفية الجهات الست فالشرق حيث تطلع الشمس والقمر والغرب حيث تغيب والشمال حيث مدار الجدى والجنوب حيث مدار سهيل والفوق ما يلى المحيط والأسفل ما يلى مركز الأرض رَواسِيَ جبالا ثوابت جمع راسى من رسا إذا ثبت ورسخ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ الميد اضطراب الشيء العظيم كاضطراب الأرض يقال ماد يميد ميدا إذا تحرك ومنه سميت المائدة وهى الطعام والخوان عليه الطعام كما قال الراغب المائدة الطبق الذي عليه الطعام ويقال لكل واحدة منهما مائدة. والمعنى كراهة ان تميل بهم الأرض وتضطرب والظاهر ان الباء للتعدية كما يفهم من قول بعضهم بالفارسية [تا بجنباند زمين آدميان را] قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الأرض بسطت على وجه الماء فكانت تميد باهلها كما تميد السفينة على الماء فارسلها الله بالجبال الثوابت كما ترسى السفينة بالمرساة وسئل علىّ رضى الله عنه أي الخلق أشد قال أشد الخلق الجبال الرواسي والحديد أشد منها يبحث به الجبل والنار تغلب الحديد والماء يطفى النار والسحاب يحمل الماء والريح يحمل(5/472)
وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)
السحاب والإنسان يغلب الريح بالثبات والنوم يغلب الإنسان والهم يغلب النوم والموت يغلب كلها: يقول الفقير
نباشد در جهان چون مرك چيزى ... كه غالب شد ترا هر چند عزيزى
وفى التأويلات النجمية يشير الى الابدال الذين هم أوتاد الأرض وأطوادها فاهل الأرض بهم يرزقون وبهم يمطرون والابدال قوم بهم يقيم الله الأرض وهم سبعون أربعون بالشام وثلاثون بغيرها لا يموت أحدهم إلا يقام مكانه آخر من سائر الناس وفى الحديث (لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فبهم تسقون وبهم تنصرون مامات منهم أحد الا أبدل الله مكانه آخر) وَجَعَلْنا فِيها فى الأرض او فى الرواسي وعليه اقتصر فى الجلالين لانها المحتاجة الى الطرق فِجاجاً سُبُلًا اى طرقا مسلوكة لان السبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك والفج الشق بين الجبلين لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ارادة ان يهتدوا الى مصالحهم ومهماتهم التي جعلت لهم فى البلاد البعيدة وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً سميت سقفا لانها للارض كالسقف مَحْفُوظاً من الوقوع مع كونها بغير عمد او من الفساد والانحلال الى الوقت المعلوم او من استراق السمع بالشهب وفيه اشارة الى ان سماء قلب العارف محفوظة من وساوس شيطان الانس والجن وكان من دعاء النبي عليه السلام (اللهم اعمر قلبى من وساوس ذكرك واطرد عنى وساوس الشيطان) كما فى آكام المرجان: وفى المثنوى
ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز ... چشم نركسرا ازين كركس بدوز «1»
وَهُمْ عَنْ آياتِها اى أدلتها الواضحة التي خلقها الله تعالى فيها وجعلها علامات نيرة على وجوده ووحدته وكمال صنعه وعظيم قدرته وباهر حكمته مثل الشمس والقمر والنجوم وغيرها مُعْرِضُونَ لا يتدبرون فيها فيقفون على ما هم عليه من الكفر والضلال يقال اخلاق الابدال عشرة أشياء. سلامة فى الصدر. وسخاوة فى المال. وصدق اللسان. وتواضع النفس. والصبر فى الشدة. والبكاء فى الخلوة. والنصيحة فى الخلق. والرحمة للمؤمنين. والتفكر فى الأشياء. والعبرة فى الأشياء فانظروا الى آثار رحمته وتفكروا فى عجائب صنعه وبدائع قدرته حتى تستخرجوا الدر من بحار معرفته- روى- ان داود عليه السلام دخل فى محرابه فرأى دودة صغيرة فتفكر فى خلقها وقال ما يعبأ الله بخلق هذه فانطقها الله تعالى فقالت يا داود أتعجبك نفسك وانا على ما انا والله اذكر الله واشكره اكثر مما آتاك الله فالمقصود برؤية الآيات بالحق ذكر الله تعالى عند كل شىء وهى من أوصاف المؤمنين الكاملين واما التعامي والاعراض فحال الكفرة الجاهلين: وفى المثنوى
پيش خر خر مهره وكوهر يكيست ... آن أشك را در درو دريا شكيست «2»
منكر بحرست وكوهرهاى او ... كى بود حيوان درو پيرايه جو
در سر حيوان خدا ننهاده است ... كو بود در بند لعل ودر پرست
مر خرانرا هيچ ديدى كوشوار ... كوش هوش خر بود در سبزه زار
وفى الآية اشارة الى آيات سماء قلب العارف وهى التجليات الحقية والكلمات الذوقية فاهل
__________
(1) در أوائل دفتر دوم در بيان تمثيل بر حقيقت سخن واطلاع بر كشف آن.
(2) در أوائل دفتر ششم در بيان توكيل كردن حضرت مصطفى عليه السلام ابو بكر را جهت بيع بلال.(5/473)