وگر بر مفلسى عشرت شدى تلخ ... زنا دارى نموده غره اش سلخ
ز زرداران كليد زر گرفتى ... ز عيشش قفل تنگى بر گرفتى
وگر خوابى بديدى تنگ بختي ... بگرداب بلا افتاده رختى
شنيدى از لبش تعبير آن خواب ... بخشكى آمدى رختش ز گرداب
وكان فى السجن ناس قد انقطع رجاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول ابشروا واصبروا تؤجروا
صبورى مايه اميدت آرد ... صبورى دولت جاويدت آرد
فقالوا بارك الله عليك ما احسن وجهك وما احسن خلقك لقد بورك لنا فى جوارك فمن أنت يافتى قال انا يوسف ابن صفى الله يعقوب ابن ذبيح الله إسحاق ابن خليل الله ابراهيم عليهم السلام فقال له عامل السجن لو استطعت خليت سبيلك ولكنى احسن جوارك فكن فى أي بيوت السجن شئت- وروى- ان الفتيين قالا له انا لنحبك من حين رأيناك فقال انشد كما بالله ان لا تحبانى فو الله ما أحبني أحد قط الا دخل علىّ من حبه بلاء لقد أحبتني عمتى فدخل علىّ من حبها بلاء ثم أحبني ابى فدخل علىّ من حبه بلاء ثم أحبني زوجة صاحبى فدخل علىّ من حبها بلاء فلا تحبانى بارك الله فيكما قال بعضهم ابتلى يوسف بالعبودية والسجن ليرحم المماليك والمسجونين إذا صار خليفة وملكا فى الأرض وابتلى بجفاء الأقارب والجساد ليعتاد الاحتمال من القريب والبيد وابتلى بالغربة ليرحم الغرباء وفى الخبر (يجاء بالعبد يوم القيامة فيقال له ما منعك ان تكون عبدتنى فيقول ابتليتني فجعلت على أربابا فشغلونى فيجاء بيوسف عليه السلام فى عبوديته فيقال أنت أشد أم هذا فيقول بل هذا فيقال لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بالغنى فيقال ما منعك ان تكون عبدتنى فيقول يا رب كثرت لى من المال فيذكر ما ابتلى به فيجاء بسليمان عليه السلام فيقال ءانت اغنى أم هذا فيقول بل هذا فيقول لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بالمريض فيقال له ما منعك ان تعبدنى فيقول رب ابتليتني فيجاء بايوب عليه السلام فيقال ءانت أشد ضرا وبلاء أم هذا فيقول بل هذا فيقال لم لم يمنعه ذلك ان عبدنى ويجاء بيائس من رحمة الله بسبب عصيانه فيقال لم يئست من رحمتى فيقول لكثرة عصيانى فيجاء بفرعون فيقال ءانت كنت اكثر عصيانا أم هذا فيقول بل هذا فيقال له ما هو يائس من الرحمة التي وسعت كل شىء حيث اجرى كلمة التوحيد على لسانه عند الغرق. فيوسف حجة على من ابتلى بالرق والعبودية إذا قصر فى حق الله تعالى. وسليمان حجة على الملوك والأغنياء. وأيوب حجة على اهل البلاء. وفرعون حجة على اهل اليأس نعوذ برب الناس اى بالنسبة الى ظاهر الحال عند الغرق وان كان كافرا فى الحقيقة بإجماع العلماء وليس ما جرى على الأنبياء والأولياء من المحن والبلايا عقوبات لهم بل هى تحف وهدايا وفى الحديث (إذا أحب الله عبدا صب عليه البلاء صبا)
جاميا دل بغم ودرد نه اندر ره عشق ... كه نشد مرد ره آنكس كه نه اين درد كشيد
والاشارة انه لما دخل يوسف القلب سجن الشريعة ودخل معه السجن نتيان وهما ساقى النفس وخباز البدن غلامان لملك الروح أحدهما صاحب شرابه والآخر صاحب طعامه فالنفس صاحب شرابه تهيئ لملك الروح ما يصلح له شربه منه فان الروح العلوي الأخروي(4/258)
قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)
لا يعمل عملا فى السفلى البدني الا بشرب يشربه النفس والبدن صاحب طعامه الذي يهيئ من الأعمال الصالحة ما يصلح لغذاء الروح والروح لا يبقى إلا بغذاء روحانى باق كما ان الجسم لا يبقى إلا بغذاء جسمانى وانما حبسا فى سجن الشريعة لانهما مهتمان بان يجعلا السم فى شراب ملك الروح وطعامه فيهلكاه وهو سم الهوى والمعصية فاذا كانا محبوسين فى سجن الشريعة أمن ملك الروح من شر هما والنفس والبدن كلاهما دنيوى واهل الدنيا نيام فاذا ماتوا انتبهوا وكل عمل يعمله اهل الدنيا هو بمثابة الرؤيا التي يراها النائم فاذا انتبه بالموت يكون لها تأويل يظهر لها فى الآخرة ويوسف القلب بتأويل مقامات اهل الدنيا عالم لانه من المحسنين اى الذين يعبدون الله على الرؤية والمشاهدة بقلوب حاضرة عند مولاهم وجوه ناضرة الى ربها ناظرة وكل حكم صدر من تلك الحضرة فهم شاهدوه فى الغيب كما قبل نزوله الى عالم الغيب فكسته القوة المتخيلة عند عبوره عليها كسوة خيالية تناسب معناه فصاحب الرؤيا ان كان عالما بلسان الخيال يعبره ولا يعرضه على المعبر ليكون ترجمانا له فيترجم له بلسان الخيال فيخبره عن الحكم الصادر من الحضرة الالهية فلهذا كانت الرؤيا الصالحة جزأ من اجزاء النبوة لانها فرع من الوحى الصادر من الله وتأويل الرؤيا جزء ايضا من اجزاء النبوة لانه علم لدنى يعلمه الله من يشاء من عباده قالَ يوسف أراد ان يدعو الفتيين الى التوحيد الذي هو اولى بهما وأوجب عليهما مما سألا منه ويرشد هما الى الايمان ويزينه لهما قبل ان يسعفهما بذلك كما هو طريقة الأنبياء والعلماء الصالحين فى الهداية والإرشاد والشفقة على الخلق فقدم ما هو معجزة من الاخبار بالغيب ليدلهما على صدقه فى الدعوة والتعبير لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ تطعمانه فى مقامكما هذا حسب عادتكما المطردة إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى لا يأتيكما طعام فى حال من الأحوال إلا حال ما نبأتكما به بان بينت لكما ماهيته من أي جنس هو ومقداره وكيفيته من اللون والطعم وسائر أحواله واطلاق التأويل عليه بطريق الاستعارة فان ذلك بالنسبة الى مطلق الطعام المبهم بمنزلة التأويل بالنظر الى ما رؤى فى المنام وشبيه له قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما قبل ان يصل اليكما وكان يخبر بما غاب مثل عيسى عليه السلام كما قال وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ: وفى المثنوى
اين طبيبان بدن دانشورند ... بر سقام تو ز تو واقفترند
تا ز قاروره همى بينند حال ... كه ندانى تو از ان رو اعتدال
هم ز نبض وهم ز رنگ وهم ز دم ... بو برند از تو بهر گونه سقم
پس طبيبان الهى در جهان ... چون ندانند از تو بي گفت دهان
هم ز نبضت هم ز چشمت هم ز رنگ ... صد سقم بينند در تو بى درنگ
اين طبيبان نو آموزند خود ... كه بدين آياتشان حاجت بود
كاملان از دور نامت بشنوند ... تا بقعر تا رو بودت در روند
بلكه پيش از زادن تو سالها ... ديده باشندت ترا با حالها(4/259)
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38)
ذلِكُما اى ذلك التأويل والاخبار بالمغيبات ايها الفتيان مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي بالوحى والإلهام وليس من قبل التكهن والتنجم وذلك انه لما نبأهما بما يحمل إليهما من الطعام فى السجن قبل ان يأتيهما ويصفه لهما ويقول اليوم يأتيكما طعام من صفته كيت وكيت وكم تأكلان فيجدان كما اخبر هما قالا هذا من فعل العرافين والكهان فمن اين لك هذا العلم فقال ما انا بكاهن وانما ذلك العلم مما علمنى ربى وفيه دلالة على ان له علوما جمة ما سبمعاه قطعة من جملتها وشعبة من دوحتها وكأنه قيل لماذا علمك ربك تلك العلوم البديعة فقيل إِنِّي اى لانى تَرَكْتُ رفضت مِلَّةَ قَوْمٍ أي قوم كان من قوم مصر وغيره لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والمراد بتركها الامتناع عنها رأسا لا تركها بعد ملابستها وانما عبر عنه بذلك لكونه ادخل بحسب الظاهر فى اقتدائهما به عليه السلام وَهُمْ بِالْآخِرَةِ وما فيها من الجزاء هُمْ كافِرُونَ على الخصوص دون غيرهم لافراطهم فى الكفر قال فى بحر العلوم هذا التعليل من أبين دليل على ان افعال الله معللة بمصالح العباد كما هو رأى الحنفية مع ان الأصلح لا يكون واجبا عليه قالوا وما ابعد عن الحق قول من قال انها غير معللة بها فان بعثة الأنبياء لاهتداء الخلق واظهار المعجزات لتصديقهم وايضا لو لم يفعل لغرض يلزم العبث تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا انتهى قال فى التأويلات النجمية يعنى لما تركت هذه الملة علمنى ربى وفيه اشارة الى ان القلب مهما ترك ملة النفس والهوى والطبيعة علمه الله علم الحقيقة وملتهم انهم قوم لا يؤمنون بالله لان النفس تدعى الربوبية كما قال نفس فرعون انا ربكم الأعلى والهوى يدعى الالوهية كما قال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ والطبيعة هى التي ضد الشريعة وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ عرف شرف نسبه وانه من اهل بيت النبوة لتتقوى رغبتهما فى الاستماع منه والوثوق عليه وكان فضل ابراهيم وإسحاق ويعقوب امرا مشهورا فى الدنيا فاذا ظهر انه ولدهم عظموه ونظروا اليه بعين الإجلال وأخذوا منه ولذلك جوز للعالم إذا جهلت منزلة فى العلم ان يصف نفسه ويعلم الناس بفضله حتى يعرف فيقتبس منه وينتفع به فى الدين وفى الحديث (ان الله يسأل الرجل عن فضل علمه كما يسأل عن فضل ماله) وقدم ذكر ترك ملة الكفرة على ذكر اتباعه لملة آبائه لان التخلية بالمعجمة متقدمة على التحلية بالمهملة. وفيه اشارة الى ان الاتباع سبب للفوز بالكمالات والظفر بجميع المرادات والاشارة ان ملة ابراهيم السر وإسحاق الخفاء ويعقوب الروح التوحيد والمعرفة ما كانَ اى ما صح وما استقام فضلا عن الوقوع لَنا معاشر الأنبياء لقوة نفوسنا ووفور علومنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ أي شىء كان من ملك او جنى او انسى فضلا عن الجماد الذي لا يضر ولا ينفع ذلِكَ التوحيد المدلول عليه بقوله ما كان لنا إلخ ناشئ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا بالوحى يعنى [بوحي ما را آگاهى داده] وَعَلَى النَّاسِ كافة بواسطتنا وارسالنا لارشاهم إذ وجود القائد للاعمى رحمة من الله أية رحمة وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ المبعوث إليهم لا يَشْكُرُونَ هذا فيعرضون عنه ولا ينتهون ولما كان الأنبياء وكمل الأولياء وسائط بين الله وخلقه لزم شكرهم تأكيدا للعبودية وقياما(4/260)
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)
بحق الحكمة يا صاحِبَيِ السِّجْنِ الاضافة بمعنى فى اى يا صاحبى فى السجن لما ذكر ما هو عليه من الدين القويم تلطف فى حسن الاستدلال على فساد ما عليه قوم الفتيين من عبادة الأصنام فناداهما باسم الصحبة فى المكان الشاق الذي يخلص فيه المودة ويتمحض فيه النصيحة أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ الاستفهام إنكاري [آيا خدايان پراكنده كه شما داريد از زر ونقره وآهن و چوب وسنگ] او من صغير وكبير ووسط كما فى التبيان خَيْرٌ لكما أَمِ اللَّهُ المعبود بالحق الْواحِدُ المنفرد بالالوهية الْقَهَّارُ الغالب الذي لا يغالبه أحد. وفيه اشارة الى ان الله يقهر بوحدته الكثرة وان الدنيا والهوى والشيطان وان كان لها خيرية بحسب زعم أهلها لكنها شر محض عند الله تعالى لكونها مضلة عن طريق طلب أعلى المطالب واشرف المقاصد ما تَعْبُدُونَ الخطاب لهما ولمن على دينهما مِنْ دُونِهِ اى من دون الله شيأ إِلَّا أَسْماءً مجردة لا مطابق لها فى الخارج لان ما ليس فيه مصداق اطلاق الاسم عليه لا وجود له أصلا فكانت عبادتهم لتلك الأسماء فقط سَمَّيْتُمُوها جعلتموها اسماء أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ بمحض جهلكم وضلالتكم ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها اى بتلك التسمية المستتبعة للعبادة مِنْ سُلْطانٍ من حجة تدل على صحتها إِنِ الْحُكْمُ فى امر العبادة المتفرعة على تلك التسمية إِلَّا لِلَّهِ لانه المستحق لها بالذات إذ هو الواجب بالذات الموجد للكل والمالك لامره فكأنه قيل فماذا حكم الله فى هذا الشأن فقيل أَمَرَ على ألسنة الأنبياء أَلَّا تَعْبُدُوا اى بان لا تعبدوا إِلَّا إِيَّاهُ الذي دلت عليه الحجج ذلِكَ تخصيصه تعالى بالعبادة الدِّينُ الْقَيِّمُ اى الثابت او المستقيم وهو دين الإسلام الذي لا عوج فيه وأنتم لا تميزون الثابت من غيره ولا المعوج من القويم قال تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وهو باعتبار الأصول واحد وباعتبار الفروع مختلف ولا يقدح الكثرة العارضة بحسب الشرائع المبنية على استعدادات الأمم فى وحدته وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فيخبطون فى جهالتهم واعلم ان ما سوى الله تعالى ظل زائل والعاقل لا يتبع الظل بل يتبع من خلق الظل وهو الله تعالى واتباعه به هو تدينه بما امر به ومن جملته قصر العبادة له بالاجتناب عن الشرك الجلى والخفي وهو الإخلاص التام الموصل الى الله الملك العلام قال بعض الفضلاء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد انتهى- وحكى- ان أمرة قالت لجماعة ما السخاء عندكم قالوا بذل المال قالت هو سخاء اهل الدنيا والعوام فما سخاء الخواص قالوا بذل المجهود فى الطاعة قالت ترجون الثواب قالوا نعم قالت تأخذون العشرة بواحد لقوله تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فأين السخاء قالوا فما عندك قالت العمل لله تعالى لا للجنة ولا للنار ولا للثواب وخوف العقاب وذلك لا يمكن الا بالتجريد والتفريد والوصول الى حقيقة الوجود وبمثل هذا العمل يصل المرء الى الله تعالى ويجد الله أطوع له فيما أراد ولا تزال العوالم فى قبضته بإذن الله تعالى فيحكم بحكم الله تعالى ويعلم بعلم الله تعالى فيخبر عن المغيبات كما وقع ليوسف عليه السلام قال ابو بكر الكتاني قال(4/261)
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)
لى الخضر كنت بمسجد صنعاء وكان الناس يستمعون الحديث من عبد الرزاق وفى زاوية المسجد شاب فى المراقبة فقلت له لم لا تسمع كلام عبد الرزاق قال انا اسمع كلام الرزاق وأنت تدعونى الى عبد الرزاق فقلت له ان كنت صادقا فاخبرنى من انا فقال أنت الخضر فلله عباد قد بدلوا الحياة الفانية بالحياة الباقية وذلك ببذل الكل وافنائه فى تحصيل الوجود الحقانى وعملوا لله فى الله بإسقاط ملاحظة الدارين فكوشفوا عن صور الأكوان وحقائق المعاني وعن قدوة العارفين الشيخ عبد الله القرشي رحمه الله قال دخلت مصر فى ايام الغلاء الكبير فعزمت ان ادعو الله لرفعه فنوديت بالمنع فسافرت الى الشام فلما دنوت من قبر خليل الله تلقانى الخليل عليه السلام فقلت يا خليل الله اجعل ضيافتى الدعاء لاهل مصر فدعالهم ففرج الله عنهم فقال الامام اليافعي قول الشيخ تلقانى الخليل حق لا ينكره الا جاهل بمعرفة ما يرد عليهم من الأحوال التي يشاهدون فيها ملكوت السموات ثم اعلم ان جميع الأنبياء أمروا بالايمان واخلاص العبادة والايمان يقبل البلى كما دل عليه قوله عليه السلام (جددوا ايمانكم بقول لا اله الا الله) وذلك بزوال الحب فلا بد من تجديد عقد القلب بالتوحيد وكلمة التوحيد مركبة من النفي والإثبات فتنفى ما سوى المعبود وتثبت ما هو المقصود ويصل الموحد الى كمال الشهود وحصول ذلك بنور التلقين والكينونة مع اهل الصدق واليقين واقل الأمر ملازمة المجالس وربط القلب بواحد منهم نسأل الله تعالى ان يوفقنا لتحصيل المناسبة المعنوية بعد المجالسة الصورية انه وهاب العطايا فياض المعاني والحقائق يا صاحِبَيِ السِّجْنِ الاضافة بمعنى فى كما سبق. والمعنى بالفارسية [اى ياران زندان] أَمَّا أَحَدُكُما وهو الشرابي ولم يعينه لدلالة التعبير عليه فَيَسْقِي [بياشاماند] رَبَّهُ سيده خَمْراً كما كان يسقيه قبل- روى- انه عليه السلام قال له اما ما رأيت من الكرمة وحسنها فهو الملك وحسن حالك عنده او قال له ما احسن ما رأيت اما حسن الحبلة وهى اصل من اصول الكرم فهو حسن حالك وسلطانك وعزك واما القضبان الثلاثة فثلاثة ايام تمضى فى السجن ثم يوجه الملك إليك عند انقضائهن فيردك الى عملك فتصير كما كنت بل احسن وَأَمَّا الْآخَرُ وهو الخباز فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ [از كله سر وى]- روى- انه عليه السلام قال له بئس ما رأيت اما خروجك من المطبخ فخروجك من عملك واما السلال الثالث فثلاثة ايام تمر ثم يوجه الملك إليك عند انقضائهن فيصلبك فتأكل الطير من رأسك وفى الكواشي أكل الطير من أعلاها إخراجه فى اليوم الثالث قُضِيَ الْأَمْرُ فرغ منه وأتم واحكم وهو ما رأياه من الرؤييين واسناد القضاء اليه مع انه من احوال مآله وهو نجاة أحدهما وهلاك الآخر لانه فى الحقيقة عين ذلك المآل وقد ظهر فى عالم المثال بتلك الصورة الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ تطلبان فتواه وتأويله- روى- انه لما عبر رؤياهما جحدا وقالا ما رأينا شيأ فاخبر ان ذلك كائن صدقتما او كذبتما ولعل الجحود من الخباز إذ لا داعى الى جحود الشرابي الا ان يكون ذلك لمراعاة جانبه فكان كما عبر يوسف حيث اخرج الملك صاحب الشراب ورده الى مكانه وخلع عليه واحسن اليه لما تبين عنده حاله فى الامانة واخرج الخباز ونزع ثيابه وجلده بالسياط حتى مات لما ظهر عنده خيانته وصلبه(4/262)
وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)
على قارعة الطريق وأقبلت طيور سود فاكلت من رأسه وهو أول من استعمل الصلب ثم استعمله فرعون موسى كما حكى عنه من قوله لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ- وروى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة بدر الى المدينة ومر بعرق الظبية وهى شجرة يستظل بها امر فصلب عقبة بن ابى معيط من الأسارى وهو أول مصلوب من الكفار فى الإسلام وكان يفترى على رسول الله فى مكة وبزق مرة فى وجهه والصلب أصعب انواع اسباب الهلاك لانحباس النفس فى البدن ويفعله الحاكم بحسب ما رأى فى بعض المجرمين تشديدا للجزاء وليكون عبرة للناس والاشارة اما النفس فسقى الروح خمرا وهو ما خامر العقل مرة من شراب الشهوات واللذات النفسانية وتارة باقداح المعاملات والمجاهدات شراب الكشوف والمشاهدات الربانية وهى باقية فى خدمة ملك الروح ابدا واما البدن فيصلب بحبل الموت فتأكل طير اعوان الملك من رأسه الخيالات الفاسدة التي جمعت فى أم دماغه واعلم ان الموت أشد شىء وان المرء ينقطع عنده عن كل شىء ولا يبقى معه إلا ثلاث صفات صفاء القلب وأنسه بذكر الله وحبه لله ولا يخفى ان صفاء القلب وطهارته عن ادناس الدنيا لا تكون الا مع المعرفة والمعرفة لا تكون الا بدوام الذكر والفكر وخير الاذكار التوحيد وفى الحديث (ذكر الله علم الايمان وبراءة من النفاق وحصن من الشيطان وحرز من النار) : قال المولى الجامى
دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چراست
صيقلى دارى صيقلى ميزن ... باشد آيينه ات شود روشن
صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله
وَقالَ يوسف لِلَّذِي ظَنَّ يوسف أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا [از آن هر دو يعنى ساقيرا] اى وثق وعلم لان الظن من الاضداد يكون شكا ويقينا فالتعبير بالوحى كما ينبئ عنه قوله قُضِيَ الْأَمْرُ
إذ لو بنى جوابه على التعبير لما قال قضى لان التعبير على الظن والقضاء هو الإلزام الجازم والحكم القاطع الذي لا يصح ابتناؤه على الظن اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ اى سيدك وقل له فى السجن غلام محبوس ظلما طال حبسه لعله يرحمنى ويخلصنى من هذه الورطة
بگو هست اندر آن زندان غريبى ... ز عدل شاه دوران بى نصيبى
چنينش بى گنه مپسند رنجور ... كه هست اين از طريق معدلت دور
[اما چون تقرب برسيد واز ساغر جاه ودولت سرخوش كرديد از زندان واز اهل آن غافل شد] فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ اى انسى الشرابي بوسوسته والقائه فى قلبه إشغالا تعوقه عن الذكر والا فالانساء فى الحقيقة الله تعالى والفاء للسببية فان توصيته عليه السلام المتضمنة للاستعانة بغيره تعالى كانت باعثة لما ذكر من الانساء ذِكْرَ رَبِّهِ اى ذكر الشرابي له عليه السلام عند الملك والاضافة لادنى ملابسة. يعنى ان الظاهر ان يقال ذكره لربه على اضافة المصدر الى مفعوله لان الشائع فى إضافته ان يضاف الى الفاعل او المفعول به الصريح الا انه أضيف الى غير الصريح للملابسة: قال المولى الجامى
چنان رفت آن وصيت از خيالش ... كه بر خاطر نيامد چند سالش(4/263)
نهال وعده اش مأيوسى آورد ... بزندان بلا محبوسى آورد
بلى آنرا كه ايزد برگزيند ... بصدر عز معشوقى نشيند
ره اسباب درويشى به بندد ... رهين اين وآتش كم پسندد
نخواهد دست او در دامن كس ... أسير دام خويشش خواهد وبس
وفى القصص ان زليخا سألت العزيز ان يخرج يوسف من السجن فلم يفعل وأنساهم الله امر يوسف فلم يذكره فَلَبِثَ يوسف بسبب ذلك الانساء او القول فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ نصب على ظرف الزمان اى سبع سنين بعد الخمس لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اذكرني عند ربك لما لبث فى السجن سبعا بعد الخمس) قال فى الفتح لبث يوسف فى السجن اثنتي عشرة سنة عدد حروف اذكرني عند ربك فصاحباه اللذان دخلا معه السجن بقيا محبوسين فيه خمس سنين ثم رأيا رؤياهما قبل انقضاء تلك المدة بثلاثة ايام وفى هذا العدد كمال القوة والتأثير كالائمة الاثني عشر على عدد البروج الاثني عشر وملائكة البروج الاثني عشر ائمة العالم والعالم تحت احاطتهم وفى الخبر اشارة الى قوة هذا العدد معنى إذ اثنا عشر الفا لن يغلب عن قلة ابدا ولذلك وجب الثبات على العسكر إذا وجد العدد المذكور ولا اله الا الله اثنا عشر حرفا وكذا محمد رسول الله ولكل حرف الف باب فيكون للتوحيد اثنا عشر الف باب يقول الفقير حبس الله تعالى يوسف فى السجن اثنى عشر عاما لتكميل وجوده بكمالات اهل الأرض والسماء ففى العدد المذكور اشارة اليه مع اخوته الأحد عشر فله القوة الجمعية الكمالية فافهم قال بعضهم فانساه الشيطان ذكر ربه اى انسى يوسف ذكر الله حتى استعان بغيره وليس ذلك من باب الإغواء حتى يخالف الا عبادك منهم المخلصين فان معناه الإضلال بل هو من ترك الاولى وفى بحر العلوم والاستعانة بغير الله فى كشف الشدائد وان كانت محمودة فى الجملة لكنها لا تليق بمنصب الأنبياء الذين هم أفضل الخلق واهل الترقي فهى تنزل من باب ترك الاولى والأفضل ولا شك ان الأنبياء يعاتبون على الصغائر معاتبة غيرهم على الكبائر كما فى الكواشي. وليس ما روى عن عائشة رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذه النوم ليلة من الليالى وكان يغلب من يحرسه حتى جاء سعد فسمعت غطيطه مخالفاله إذ ليس فيه استعانة فى كشف الشدة النازلة بغير الله بل هو استئناس كما فى حواشى سعدى المفتى- وحكى- ان جبريل دخل على يوسف فى السجن فلما رآه يوسف عرفه فقال له يا أخا المنذرين مالى أراك بين الخاطئين فقال له جبريل يا طاهر الطاهرين ان الله كرمنى بك وبآبائك وهو يقرئك السلام ويقول لك اما استحييت منى إذ استعنت بغيري وعزتى لا لبثنك فى السجن بضع سنين قال يا جبريل وهو عنى راض قال نعم إذا لا أبالي وكان الواجب عليه ان يقتدى بجده ابراهيم فى ترك الاستعانة بالغير كما روى انه قال له جبريل حين رمى به فى النار هل لك حاجة فقال أما إليك فلا قال فسل ربك قال حسبى من سؤالى علمه بحالي وعن مالك بن دينار لما قال يوسف للشرابى اذكرني عند ربك قال الله تعالى يا يوسف اتخذت من دونى وكيلا لاطيلن حبسك فبكى يوسف وقال يا رب أقسى قلبى كثرة الأحزان(4/264)
وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)
والبلوى فقلت كلمة ولا أعود وعن الحسن انه كان يبكى إذا قرأها ويقول نحن إذا نزل بنا امر فزعنا الى الناس: قال الكمال الخجندي
كيست در خور كه رسد دوست بفرياد دلش ... آنكه فرياد ز جور وستم او نكند
پارسا پشت فراغت ننهد بر محراب ... گر كند تكيه چرا بر كرم او نكند
والاشارة وقال يوسف القلب المسجون فى حبس الصفات البشرية للنفس اذكرني عند الروح يشير الى ان القلب المسجون فى بدء امره يلهم النفس بان يذكره بالمعاملات المستحسنة الشرعية عند الروح ليتقوى بها الروح وينتبه من نوم الغفلة الناشئة من الحواس الخمس ويسعى فى استخلاص القلب من اسر الصفات البشرية بالمعاملات الروحانية مستمدا من الألطاف الربانية والشيطان بوساوسه يمحو عن النفس اثر الهامات القلب لينسى النفس ذكر الروح بتلك المعاملات وفيه معنى آخر وهو ان الشيطان انسى القلب ذكر ربه يعنى ذكر الله حتى استغاث بالنفس ليذكره عند الروح ولو استغاث بالله لخلصه فى الحال فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ يشير الى الصفات البشرية السبع التي بها القلب محبوس وهى الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة والغضب والكبر كما فى التأويلات النجمية وَقالَ الْمَلِكُ اى ملك مصر وهو الريان بن الوليد إِنِّي أَرى فى المنام سَبْعَ بَقَراتٍ جمع بقرة بالفارسية [كاو] سِمانٍ جمع سمينة نعت لبقرات يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ [هفت گاو لاغر] اى سبع بقرات عجاف جمع عجفاء والقياس عجف لان افعل وفعلاء لا يجمع على فعال لكنه حمل على نقيضه وهو سمان والعجف الهزال والأعجف المهزول- روى- انه لما قرب خروج يوسف من السجن جعل الله لذلك سببا لا يخطر بالبال
بسا قفلا كه ناپيدا كليدست ... برو راه گشايش ناپديدست
زنا كه دست صنعى در ميان نى ... بفتحش هيچ صانع را كمان نى
پديد آيد ز غيب آنرا گشادى ... وديعت در گشادش هر مرادى
چويوسف دل ز حيلتهاى خود كند ... بريد از رشته تدبير پيوند
بجز ايزد نماند او را پناهى ... كه باشد در نوائب تكيه گاهى
ز پندار خودى وبخردى رست ... گرفتش فيض فضلى ايزدى دست
وذلك ان الملك اكبر كان يتخذ فى كل سنة عيدا على شاطئ النيل ويحشر الناس اليه فطعمهم أطيب الطعام ويسقيهم ألذ الشراب وهو جالس على سريره ينظر إليهم فرأى ليلة الجمعة فى منامه سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس او من البحر كما فى الكواشي وخرج عقيبهن سبع بقرات مهازيل فى غاية الهزال فابتلعت العجاف السمان فدخلن فى بطونهن فلم ير منهن شىء وَسَبْعَ اى وارى سبع سُنْبُلاتٍ جمع سنبلة خُضْرٍ جمع خضراء نعت لسنبلات والمعنى بالفارسية [هفت خوشه سبز وتازه كه دانهاى ايشان منعقد شده بود] وَأُخَرَ اى سبعا اخر يابِساتٍ قد أدركت الحصاد والتوت على الخضر حتى غلبن عليها وانما استغنى عن بيان حالها بما قص من حال البقرات فلما استيقظ من منامه اضطرب بسبب انه شاهد(4/265)
ان الناقص الضعيف استولى على الكامل القوى فشهدت فطرته بان هذه الرؤيا صورة شر عظيم يقع فى المملكة الا انه ما عرف كيفية الحال فيه فاشتاق ورغب فى تحصيل المعرفة بتعبير رؤياه فجمع اعيان مملكته من العلماء والحكماء فقال لهم يا أَيُّهَا الْمَلَأُ فهو خطاب للاشراف من العلماء والحكماء او للسحرة والكهنة والمنجمين وغيرهم كما قال الكاشفى [اى گروه كاهنان ومعبران واشراف قوم] أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ هذه اى عبروها وبينوا حكمها وما يؤول اليه من العاقبة. وبالفارسية [فتوى دهيد يعنى جواب گوييد مرا] إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ اى تعلمون عبارة جنس الرؤيا علما مستمرا وهى الانتقال من الصور الخيالية المشاهدة فى المنام الى ما هى صور امثلة لها من الأمور الآفاقية والانفسية الواقعة فى الخارج فالتعبير والعبارة الجواز من صورة ما رأى الى امر آخر من العبور وهى المجاوزة وعبرت الرؤيا اثبت من عبرتها تعبيرا واللام للبيان كأنه لما قيل كنتم تعبرون قيل لأى شىء فقيل للرؤيا وهذه اللام لم تذكر فى بحث اللامات فى كتب النحو واعلم ان الرؤيا تطلب التعبير لان المعاني تظهر فى الصور الحسية منزلة على المرتبة الخيالية. واما ابراهيم عليه السلام فقد جرى على ظاهر ما ارى فى ذبح ابنه لان شأن مثله ان يعمل بالعزيمة دون الرخصة ولو لم يفعل ذلك لما ظهر للناس تسليمه وتسليم ابنه لامر الحق تعالى- وحكى- ان الامام تقى ابن مخلد صاحب المسند فى الحديث رأى النبي صلى الله عليه وسلم فى المنام وقد سقاه لبنا فلما استيقظ استقاء وقاء لبنا اى ليعلم حقيقة هذه الرؤيا وتحقيق قوله عليه السلام (من رآنى فى المنام فقدر آنى فى اليقظة فان الشيطان لا يتمثل على صورتى) ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب من اللبن ثم قاء ووجه كون اللبن علما انه أول ما يظهر بصورة الحياة ويغتذى به الحيوان فيصير حيا كما ان العلم أول ما يتعين به الذات فيظهر عالما ثم ان رآه عليه السلام أحد فى المنام بصورته التي مات عليها من غير نقصان من اجزائه ولا تغير فى هيئته فانه يأخذ عنه جميع ما يأمره به او ينهاه او يخبره من غير تعبير وتأويل كما كان يأخذ عنه من الاحكام الشرعية لو أدركه فى الحياة الدنيا الا ان يكون اللفظ مجملا فانه يؤوله فان أعطاه شيأ فى المنام فان ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير فان خرج فى الحس كما كان فى الخيال فتلك الرؤيا لا تعبير لها- وحكى- ان رجلا من الصلحاء رأى فى المنام انه لطم النبي عليه السلام فانتبه فزعا وهاله ما رأى مع جلالة النبي عليه السلام عنده فاتى بعض الشيوخ فعرض عليه رؤياه فقال له الشيخ اعلم انه عليه السلام أعظم من ان يكون عليه يدلك او لغيرك والذي رأيته لم يكن النبي عليه السلام انما هو شرعه قد أخللت بحكم من أحكامه وكون اللطم فى الوجه يدل على انك ارتكبت امرا محرما من الكبائر فافتكر الرجل فى نفسه فلم يذكر انه اقدم على محرم من الكبائر وكان من اهل الدين ولم يتهم الشيخ فى تعبيره لعلمه باصابته فيما كان يعبره فرجع الى بيته حزينا فسألته زوجته عن سبب حزنه فاخبرها برؤياه وتعبير الشيخ فتعجبت الزوجة وأظهرت التوبة وقالت انا أصدقك كنت حلفت انى ان دخلت دار فلان أحد معارفك فانى طالق فعبرت على بابهم فحلفوا علىّ فاستحييت من الحاحهم
فدخلت إليهم وخشيت ان(4/266)
قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)
اذكر لك ما جرى فكتمت الحال فتاب الرجل واستغفر وتضرع الى الحق واعتدت المرأة ثم جدد العقد عليها ومن رأى الحق تعالى فى صورة يردها الدليل لزم ان يعبر تلك الصورة التي توجب النقصان ويردها الى الصورة الكمالية التي جاء بها الشرع فما لم يكن عليه لا ينسب اليه تعالى كما فى الأسماء فما لم يطلق الشرع عليه ما لنا ان ننسبه اليه وتلك الصورة التي ردها الدليل وجعلها مفتقرة الى التعبير ما فى حق حال الرائي يحسب مناسبته لتلك الصورة المردودة او المكان الذي يراه فيه او فى حقهما معا- حكى- ان بعض الصالحين فى بلاد الغرب رأى الحق تعالى فى المنام فى دهليز بيته فلم يلتفت اليه فلطمه فى وجهه فلما استيقظ قلق قلقا شديدا فاخبر الشيخ الأكبر قدس سره بما رأى وفعل فلما رأى الشيخ ما به من القلق العظيم قال له اين رأيته قال فى بيت لى قد اشتريته قال الشيخ ذلك الموضع مغصوب وهو حق للحق المشروع اشتريته ولم تراع حاله ولم تف بحق الشرع فيه فاستدركه فتفحص الرجل عن ذلك فاذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب ولم يعلم الرجل ولم يلتفت الى امره فلما تحقق رده الى وقف المسجد واستغفر الله ولعل الشيخ علم من صلاح الرائي وشدة قلقه انه ليس من قبيل الرائي فسأله عن المكان الذي رأى فيه فمثل هذا إذا رؤى يجب تأويله. واما إذا كان التجلي فى الصورة النورية كصورة الشمس او غيرها من صور الأنوار كالنور الأبيض والأخضر وغير ذلك أبقينا تلك الصورة المرئية على ما رأينا كما نرى الحق فى الآخرة فان تلك الرؤية تكون على قدر استعدادنا فافهم المراتب والمواطن حتى لا تزل قدمك عن رعاية الظاهر والباطن وقد جاء فى الحديث (ان الحق يتجلى بصورة النقصان فينكرونه ثم يتحول ويتجلى بصورة الكمال والعظمة فيقبلونه ويسجدون له) فمن صورة مقبولة ومن صورة مردودة فما يحتاج الى التعبير ينبغى ان لا يترك على حاله فان موطن الرؤيا وهو عالم المثال يقتضى التعبير ولذا قال ملك مصر أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ قالُوا استئناف بيانى فكأنه قيل فماذا قال الملأ للملك فقيل قالوا هى أَضْغاثُ أَحْلامٍ تخاليطها اى أباطيلها وأكاذيبها من حديث نفس او وسوسة شيطان فان الرؤيا ثلاث رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما حدث المرء نفسه على ما ورد فى الحديث. والأضغاث جمع ضغث قال فى القاموس الضغث بالكسر قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس وأضغاث أحلام رؤيا لا يصح تأويلها لاختلاطها انتهى.
والأحلام جمع حلم بضم اللام وسكونها وهى الرؤيا الكاذبة لا حقيقة لها لقوله عليه السلام الرؤيا من الله والحلم من الشيطان واضافة الاضغاث الى الأحلام من قبيل لجين الماء وهو الظاهر كما فى حواشى سعد المفتى وجمعوا الضغث مع ان الرؤيا واحدة مبالغة فى وصفها بالبطلان فان لفظ الجمع كما يدل على كثرة الذوات يدل ايضا على المبالغة فى الاتصاف كما تقول فلان يركب الخيل لمن لا يركب إلا فرسا واحدا او لتضمنها أشياء مختلفة من السبع السمان والسبع العجاف والسنابل السبع الحضر والآخر اليابسات فتأمل حسن موضع الأضغاث مع السنابل فله در شأن التنزيل وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ اى المنامات الباطلة التي لا اصل لها بِعالِمِينَ لا لان لها تأويلا ولكن لا نعلمه بل لانه لا تأويل لها وانما التأويل للمنامات(4/267)
وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)
الصادقة ويجوز ان يكون ذلك اعترافا منهم بقصور علمهم وانهم ليسوا بنحارير فى تأويل الأحلام مع ان لها تأويلا فكأنهم قالوا هذه الرؤيا مختلطة من أشياء كثيرة والانتقال فيها من الأمور المخيلة الى الحقائق العقلية الروحانية ليس بسهل وما نحن بمتبحرين فى علم التعبير حتى نهتدى الى تعبير مثلها ويدل على قصورهم قول الملك ان كنتم للرؤيا تعبرون فانه لو كان هناك متبحر لبت القول بالإفتاء ولم يعلقه بالشرط وهو اللائح بالبال وعلى تقدير تبحرهم عمى الله عليهم وأعجزهم عن الجواب ليصبر ذلك سببا لخلاص يوسف من الحبس وظهور كماله وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما اى من صاحبى يوسف وهو الشرابي وَادَّكَرَ أصله اذتكر فقلبت التاء دالا والذال دالا وأدغمت والمعنى تذكر يوسف وما قاله بَعْدَ أُمَّةٍ اى مدة طويلة حاصلة من اجتماع الأيام الكثيرة وهى سبع سنين كما ان الامة انما تحصل من اجتماع الجمع العظيم فالمدة الطويلة كأنها امة من الأيام والساعات والجملة حال من الموصول قال الكاشفى [ملك ريان وليد از جواب ايشان متحير گشته در درياى تفكر غوطه خورده كه آيا اين مشكل من كه گشايد وراه تعبير اين واقعه كه بمن نمايد] يا رب اين خواب پريشان مرا تعبير چيست [ساقى كه ملك را متفكر ديد از حال يوسفش ياد آمدى] اى تذكر الناجي يوسف وتأويله رؤياه ورؤيا صاحبه وطلبه ان يذكره عند الملك فجثا بين يدى الملك اى جلس على ركبتيه فقال أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ اى أخبركم به خاطبه بلفظ الجماعة تعظيما فَأَرْسِلُونِ فابعثون الى السجن فان فيه رجلا حكيما من آل يعقوب يقال له يوسف يعرف تعبير الرؤيا قد عبر لنا قبل ذلك
بود بيدار در تعبير هر خواب ... دلش از غوص اين دريا گهر يأب
اگر گويى برو بگشايم اين راز ... وزو تعبير خوابت آورم باز
بگفتا اذن خواهى چيست از من ... چهـ بهتر كور را از چشم روشن
مرا چشم خرد اين لحظه كورست ... كه از دانستن اين راز دورست
فارسلوه الى يوسف فاتاه فاعتذر اليه وقال يا يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ البليغ فى الصدق وانما وصفه بذلك لانه جرب أحواله وعرف صدقه فى تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ اى فى رؤيا ذلك فان الملك قد رأى هذه الرؤيا ففى قوله أفتنا مع ان المستفتى واحد اشعار بان الرؤيا ليست له بل لغيره ممن له ملابسة بامور العامة وانه فى ذلك سفير ولم يغير لفظ الملك وأصاب فيه إذ قد يكون بعض عبارات الرؤيا متعلقة باللفظ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ [تا باشد كه باز كردم بآن جواب تمام بسوى مردمان يعنى ملك وملازمان او] لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ [تا باشد كه ايشان ببركت تو بدانند تأويل اين واقعه را] كأنه قيل فماذا قال يوسف فى التأويل فقيل قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً مصدر دأب فى العمل إذا جدّ فيه وتعب وانتصابه على الحالية من فاعل تزرعون بمعنى دائبين اى مستمرين على الزراعة على عادتكم بجد(4/268)
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)
واجتهاد والفرق بين الحرث والزرع ان الحرث إلقاء البذر وتهيئة الأرض والزرع مراعاته وانباته ولهذا قال أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ فاثبت لهم الحرث ونفى عنهم الزرع فالزرع أعم لانه يقال زرع اى طرح البذر وزرع الله اى أنبت كما فى القاموس أخبرهم انهم يواظبون سبع سنين على الزراعة ويبالغون فيها إذ بذلك يتحقق الخصب الذي هو مصداق البقرات السمان وتأويلها ودلهم فى تضاعيف ذلك على امر نافع لهم فقال فَما حَصَدْتُمْ [بس آنچهـ بدرويد از غلات در هر سال] فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ اى اتركوه فيه ولا تذروه كيلا يأكله السوس كما هو شأن غلال مصر ونواحيها ولعله استدل على ذلك بالسنبلات الحضر وانما أمرهم بذلك إذ لم يكن معتادا فيما بينهم وحيث كانوا معتادين للزراعة لم يأمرهم بها وجعلها امرا محقق الوقوع وتأويلا للرؤيا ومصداقا لما فيها من البقرات السمان إِلَّا قَلِيلًا [مگر اندكى بقدر حاجت] مِمَّا تَأْكُلُونَ فى تلك السنين فانتم تدرسون وقت حاجتكم اليه. وفيه ارشاد منه عليه السلام لهم الى التقليل فى الاكل والاقتصار على استثناء المأكول دون البذر لكون ذلك معلوما من قوله قال تزرعون سبع سنين وبعد إتمام ما أمرهم به شرع فى بيان بقية التأويل التي يظهر منها حكمة الأمر المذكور فقال ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد السنين المذكورات وهو عطف على تزرعون سَبْعٌ شِدادٌ جمع شديدة اى سبع سنين صعاب على الناس لان الجوع أشد من الاسر والقتل يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ اى يأكل أهلهن ما ادخرتم من الحبوب المتروكة فى سنابلها. وفيه تنبيه على ان امره بذلك كان لوقت الضرورة واسناد الاكل إليهن مع انه حال الناس فيهن مجاز كما فى نهاره صائم. وفيه تلويح بانه تأويل لا كل العجاف السمان واللام فى لهن ترشيح لذلك فكأن ما ادخر فى السنابل من الحبوب شىء قد هيئ وقدم لهن كالذى يقدم للنازل والا فهو فى الحقيقة مقدم للناس فيهن إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ تحرزون وتدخرون للبذر ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد السنين الموصوفة بما ذكر من الشدة وأكل الغلال المدخرة عامٌ فِيهِ سالى كه درو] يُغاثُ النَّاسُ من الغيث اى يمطرون فيكون بناؤه من ثلاثى والفه مقلوبة من الياء يقال غاثنا الله من الغيث وبابه باع ويجوز ان يكون من الغوث اى ينقذون من الشدة فيكون بناؤه من رباعى تقول اغاثنا من الغوث فالالف مقلوبة من الواو وَفِيهِ يَعْصِرُونَ اى ما شأنه ان يعصر من العنب والقصب والزيتون والسمسم ونحوها من الفواكه لكثرتها وتكرير فيه لان الغيث والغوث من فعل الله والعصر من فعل الناس واحكام هذا العام المبارك ليست مستتبطة من رؤيا الملك وانما تلقاه من جهة الوحى فبشرهم بها. أول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة. والعجاف واليابسات بسنين مجدبة. وابتلاع العجاف للسمان بأكل ما جمع فى السنين المخصبة فى السنين المجدبة وبيانه ان البقر فى جنس الحيوانات هو المخصوص بالعجافة وتناول النباتات حلوها ومرها وشرب المياه صافيها وكدرها كما ان السنة هى التي تسع الأمور كلها مرغوبها ومكروهها وتأتى بالحوادث حسنها وسيئها وايضا المعتبر فى امر التعبير هو عبارة الرائي وقد عبر الملك عن رؤياه ببقرات وسنبلات(4/269)
وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)
فاستشعر يوسف من الاول بالاشتقاق الكبير على ما هو المعول عليه عند الأكابر آت قرب ومن الثاني سنة بلاء ثم ان البلاء مشترك بين الخير والشر والخضر فيه حرفان من الخير مع ظهور ضاد الضوء بها واليابس هو البائس كذا فى شرح القصوص للشيخ مؤيد الدين الجندي قدس سره يقول الفقير أصلحه الله القدير وجه تخصيص البقرات والسنابل ان البقر عليه فى الاكل والحنطة معظم معاش الناس فاشارت الرؤيا الى ان الناس يقعون فى ضيق معاش من جهة الحنطة التي هى أول مأكولاتهم ومعظم اغذيتهم ولا ينافيه وجود قحط آخر من سائر الأنواع والاشارة ان السبع البقرات السمان صفات البشرية السبع التي هى الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة والغصب والكبر والعجاف صفات الروحانية السبع التي هى أضداد صفات البشرية وهى القناعة والسخاء والعفة والغبطة والشفقة والحلم والتواضع والملك الروح وهو ملك مصر القالب والملأ الأعضاء والجوارح والحواس والقوى وليس التصرف فى الملكوت ومعرفة شواهده من شأنها والناجي هى النفس الملهمة وهى إذا أرادت ان تعلم شيأ مما يجرى فى الملكوت ترجع بقوة التفكر الى القلب فتستخبر منه فالقلب يخبرها لانه يشاهد الملكوت ويطالع شواهده وهو واقف بلسان القلب وهو ترجمان بين الروحانيات والنفس فيما يفهم من لسان الغيب الروحاني يؤول للنفس ويفهمها تارة بلسان الخيال وتارة بالفكر السليم وتارة بالإلهام وقوله تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً يشير الى تربية صفات البشرية السبع بالعادة والطبيعة وذلك فى سنى أوان الطفولية قبل البلوغ وظهور العقل وجريان قلم التكليف عليه فَما حَصَدْتُمْ من هذه الصفات عند كماله فلا تستعملوه فَذَرُوهُ فى أماكنه إِلَّا قَلِيلًا مما تعيشون به وهو بمنزلة الغذاء لمصالح قيام القالب الى ان تبلغوا حد البلاغة ويظهر نور العقل فى مصباح السر عن زجاجة القلب كأنه كوكب درىّ ونور العقل إذا أيد بتأييد أنوار تكاليف الشرع بعد البلوغ وشرف بالهام الحق فى اظهار فجور النفس وهو صفات البشرية السبع وتقواها وهو الاجتناب بالتزكية عن هذه الصفات والتحلية بصفات الروحانية السبع وكان السبع العجاف قد أكلن السبع السمان وانما سمى السبع العجاف لانها من عالم الأرواح وهو لطيف وصفات البشرية من عالم الأجساد تنشأ وهو كثيف فسميت السمان ولا يبقى من صفات البشرية عند غلبات صفات الروحانية الا قليلا يحصن به الإنسان حياة قالبه وبقاء صورته وبعد غلبات صفات الروحانية واضمحلال صفات البشرية يظهر مقام فيه يتدارك السالك جذبات العناية وفيه يتبرا العبد من معاملاته وينجو من حبس وجوده وحجب انانيته وكان حصنه وملجأه الحق تعالى كذا فى التأويلات النجمية: قال الكمال الخجندي
جامه بده جان ستان روى مپيچ از زيان ... عاشق بي مايه را عين زيانست سود
سر فنا گوش كن جام بقا نوش كن ... حاجت تقرير نيست كز عدم آمد وجود
اللهم اجعلنا من اصحاب الفناء والبقاء وارباب اللقاء وَقالَ الْمَلِكُ اى ملك مصر وهو الريان ائْتُونِي بِهِ اى بيوسف وذلك ان الساقي لما رجع بتعبير الواقعة من عند يوسف(4/270)
الى الملك وفى محضره الاشراف اعجب به تعبيره وعلم ان له علما وفضلا فاراد ان يكرمه ويقربه ويستمع التعبير المذكور من فمه بالذات
سخن كز دوست آرى شكر است آن ... ولى گر خود بگويد خوشتر است آن
ولذا قال ائتوني به فعاد الساقي فَلَمَّا جاءَهُ اى يوسف الرَّسُولُ وهو الساقي ليخرجه
كه اى سرو رياض قدس بخرام ... سوى بستان سراى شاه نه كام
وقال ان الملك يدعوك فابى ان يخرج معه قالَ للرسول ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ اى سيدك فَسْئَلْهُ ليسأل ويتفحص ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي [كه چهـ حال بود حال آن زنان كه] قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فى مجلس زليخا كما سبق مفصلا
بگفتا من چهـ آيم سوى شاهى ... كه چون من بيكسى را بي گناهى
بزندان سالها محبوس كردست ... ز آثار كرم مأيوس كردست
اگر خواهد كه من بيرون نهم پاى ... ازين غمخانه گو أول بفرماى
كه آنانى كه چون رويم بديدند ... ز حيرت در رحم كفها بريدند
كه جرم من چهـ بود از من چهـ ديدند ... چرا رختم سوى زندان كشيدند
بود كين سر شود بر شاه روشن ... كه پاكست از خيانت دامن من
مرا به كر زنم ثقب خزائن ... كه باشم در فراش خانه خائن
ولم يذكر سيدته تأدبا ومراعاة لحقها واحترازا عن مكرها حيث اعتقدها مقيمة فى عدوة العداوة واما النسوة فقد كان يطمع فى صدعهن بالحق وشهادتهن باقرارها بانهار راودته عن نفسه فاستعصم قال العلماء انما ابى يوسف عليه السلام ان يخرج من السجن الا بعد ان يتفحص الملك عن حاله مع النسوة لتنكشف حقيقة الحال عنده لا سيما عند العزيز ويعلم انه سجن ظلما فلا يقدر الحاسد الى تقبيح امره وليظهر كمال عقله وصبره ووقاره فان من بقي فى السجن ثنتى عشرة سنة إذا طلبه الملك وامر بإخراجه ولم يبادر الى الخروج وصبر الى ان تتبين براءته من الخيانة فى حق العزيز واهله دل ذلك على براءته من جميع انواع التهم وعلى ان كل ما قيل فيه كان كذبا وبهتانا وفيه دليل على انه ينبغى ان يجتهد فى نفى التهمة ويتقى مواضعها وفى الحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعن مواقع التهم) ومنه قال عليه السلام للمارين به فى معتكفه وعنده بعض نسائه (هى فلانة) نفيا للتهمة وروى عن النبي عليه السلام انه استحسن حزم يوسف وصبره حين دعاه الملك فلم يبادر الى الخروج حيث قال عليه السلام (لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتم حتى اشترطت ان يخرجونى ولقد عجبت حين أتاه الرسول فقال ارجع الى ربك الآية ولو كنت مكانه ولبثت فى السجن ما لبث لأسرعت الاجابة وبادرتهم الباب وما ابتغيت العذر انه كان حليما ذا اناة) الحلم بكسر الحاء تأخير مكافاة الظالم. والاناة على وزن القناة التأنى وترك العجلة قال ابن الملك هذا ليس اخبارا عن نبينا عليه السلام بتضجره وقلة صبره بل فيه دلالة على مدح صبر يوسف(4/271)
قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)
وترك الاستعجال بالخروج ليزول عن قلب الملك ما كان متهما به من الفاحشة ولا ينظر اليه بعين مشكوكة انتهى وقال الطيبي هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع لا انه كان مستعجلا فى الأمور غير متأن والتواضع لا يصغر كبيرا ولا يضع رفيعا بل يوجب لصاحبه فضلا ويورثه جلالا وقدرا إِنَّ رَبِّي ان الله بِكَيْدِهِنَّ بمكر زنان وفريب ايشان عَلِيمٌ حين قلن لى أطع مولاتك. وفيه استشهاد بعلم الله على انهن كدنه وانه بريئ من التهمة كأنه قيل احمله على التعرف يتبين له براءة ساحتى فان الله يعلم ان ذلك كان كيدا منهن
جوانمرد اين سخن چون گفت با شاه ... زنان مصر را كردند آگاه
كه پيش شاه يكسر جمع گشتند ... همه پروانه آن شمع گشتند
فلما حضرن قالَ الملك لهن ما خَطْبُكُنَّ اى شأنكن العظيم إِذْ راوَدْتُنَّ ظاهر الآية يدل على انهن جميعا قد راودن لا امرأة العزيز فقط فلا يعدل عنه الا بدليل والمراودة المطالبة يُوسُفَ وخادعتنه عَنْ نَفْسِهِ هل وجدتن منه ميلا إليكن
كزان شمع حريم جان چهـ ديديد ... كه بر وى تيغ بدنامى كشيديد
ز رويش در بهار وباغ بوديد ... چرا ره سوى زندانش نموديد
بتى كازار باشد بر تنش كل ... كى از دانا سزد بر گردنش غل
كلى كش نيست تاب باد شبگير ... بپايش چون نهد جز آب زنجير
قُلْنَ اى جماعة النساء مجيبة للملك حاشَ لِلَّهِ أصله حاشا بالألف فحذفت للتخفيف وهو فى الأصل حرف وضع هنا موضع المصدر اى التنزيه واللام لبيان من يبرأ وينزه وقد سبق فى هذه السورة فهو تنزيه له وتعجب من قدرته على خلق عفيف مثله. والمعنى بالفارسية [پاكست خداى تعالى از آنكه عاجز باشد از آفريدن مرد پاكيزه چويوسف] ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ من ذنب وخيانة
ز يوسف ما بجز پاكى نديديم ... بجز عز وشرفناكى نديديم
نباشد در صدف گوهر چنان پاك ... كه بود از تهمت آن جان جهان پاك
قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ اى زليخا وكانت حاضرة فى المجلس قال الكاشفى [چون زليخا ديد كه جز راستى فائده ديگر نيست وى نيز بپاكى يوسف اقرار كرد] الْآنَ أرادت بالآن زمان تكلمها بهذا الكلام لا زمان شهادتهن حَصْحَصَ الْحَقُّ اى وضح وانكشف وتمكن فى القلوب والنفوس أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ [مى جستم يوسف را از نفس او وآرزوى وصال كردم] لا انه راودنى عن نفسى وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ اى فى قوله هى راودتنى عن نفسى: قال المولى الجامى
بجرم خويش كرد اقرار مطلق ... برآمد زو صداى حصحص الحق
بگفتا نيست يوسف را گناهى ... منم در عشق او گم كرده راهى
نخست او را بوصل خويش خواندم ... چوكام من نداد از پيش راندم(4/272)
ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)
بزندان از ستمهاى من افتاد ... در ان غمها ز غمهاى من افتاد
غم من چون گذشت از حد وغايت ... بجانش كرد حال من سرايت
جفايى گر رسيد او را ز جافى ... كنون واجب بود او را تلافى
هر احسان كايد از شاه نكوكار ... بصد چندان بود يوسف سزاوار
قال ابن الشيخ لما علمت زليخا ان يوسف راعى جانبها حيث قال ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فذكر هن ولم يذكر إياها مع ان الفتن كلها انما نشأت من جانبها وجزمت بان رعايته إياها انما كانت تعظيما لجانبها وإخفاء للامر عليها فارادت ان تكافئه على هذا الفعل الحسن فلذلك اعترفت بان الذنب كله كان من جانبها وان يوسف كان بريئا من الكل- روى- ان امرأة جاءت بزوجها الى القاضي وادعت عليه المهر فامر القاضي بان تكشف عن وجهها حتى يتمكن الشهود من أداء الشهادة على وجهها فقال الزوج لا حاجة الى ذلك فانى مقر بصدقها فى دعواها فقالت المرأة لما أكرمتني الى هذا الحد فاشهدوا انى ابرأت ذمتك عن كل حق كان لى عليك قال فى الإرشاد فانظر ايها المتصف هل ترى فوق هذه المرتبة نزاهة حيث لم تتمالك الخصماء عدم الشهادة بها والفضل ما شهدت به الخصماء قال بعض ارباب التأويل ان قول نسوة القوى حاشَ لِلَّهِ وقول امرأة العزيز التي هى النفس الامارة الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ اشارة الى تنور النفس والقوى بنور الحق واتصافها بصفة الانصاف والصدق وحصول ذلك انما هو بتكميل الأسماء السبعة او الاثني عشر فى سجن الخلوة فان القلب بهذه الخلوة والتكميل يصل الى نور الوحدة ويحصل للنفس التزكية والاطمئنان والإقرار بفضيلة القلب وصدقه وبراءته فان من كمال اطمئنان النفس اعترافها بالذنب واستغفارها مما فرط منها حالة كونها امارة والصدق فى الأعمال كونها موافقة لرضى الله تعالى وخالية عن الأغراض وفى الأحوال كونها على وفق رضى الله تعالى وطاهرة عن الصفات النفسانية ذلِكَ من كلام يوم يوسف اى طلب البراءة او ذلك التثبت والتشمر لظهور البراءة قال الكاشفى [ملك يوسف را پيغام داد كه زنان بگناه معترف شدند بيا تا بحضور تو ايشانرا عقوبت كنم يوسف فرمود كه غرض من عقوبت نبود اين خواست براى آن كردم كه] لِيَعْلَمَ اى العزيز أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ فى حرمه لان المعصية خيانة بِالْغَيْبِ بظهر الغيب وهو حال من الفاعل اى لم اخنه وانا غائب عنه خفى على عينه او من المفعول اى وهو غائب عنى خفى عن عينى او ظرف اى بمكان الغيب اى وراء الأستار والأبواب المغلقة وَأَنَّ اللَّهَ اى وليعلم ان الله لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ اى لا ينفذه ولا يسدده بل يبطله ويزهقه كما لم يسدد كيد امرأته حتى أقرت بخيانة امانة زوجها وسمى فعل الخائن كيدا لان شأنه ان يفعل بطريق الاحتيال والتلبيس فمعنى هداية الكيد إتمامه وجعله مؤديا الى ما قصد به. وفيه تعريض بامرأة العزيز فى خيانتها أمانته وبنفس العزيز فى خيانة امانة الله حين ساعدها على حبس يوسف بعد ما رأوا آيات نزاهته ويجوز ان يكون ذلك لتأكيد أمانته وانه لو كان خائنا لما هدى الله امره واحسن عاقبته. وفيه اشارة الى ان الله تعالى يوصل عباده الصادقين بعد الغم الى السرور ويخرجهم من الظلمات الى النور قال(4/273)
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)
بعصهم كنت اقرأ الحديث من الشيخ ابى حفص وكان بقربنا حانوت عطار فجاء رجل فاخذ منه العطر بعشرة دراهم فسقط من يده ففزع الرجل فقلنا تفزع على يسير من الدنيا قال لو فزعت على الدنيا لفزعت حين سقط منى ثلاثة آلاف دينار مع جوهرة قيمتها كذلك ولكن الليلة ولد ولد لى فكلفت بلوازمه ولم يكن لى غير هذه العشرة وقد ضاعت فلم يبق لى غير الفرار ففزعى لفراق الأهل والأولاد فسمع جندى قوله فاخرج كيسا فيه الدنانير والجوهرة بالعلامة التي اخبر بها الرجل ولم يؤخذ منه شىء فسبحان من ابتلى عبده اولا بالشدائد ثم أنجاه: قال المولى الجامى
درين دهر كهن رسميست ديرين ... كه بي تلخى نباشد عيش شيرين
خورد نه ماه طفلى در رحم خود ... كه آيد با رخ چون ماه بيرون
بسا سختى كه بيند لعل در سنگ ... كه خورشيد درخشانش دهد رنگ
وفى الآية دلالة على ان الخيانة من الصفات الذميمة كما ان الامانة من الخصائل المحمودة فالصلاة والصوم والوزن والكيل والعبيد والإماء والودائع كلها أمانات وكذا الامامة والخطابة والتأذين ونحوها أمانات يلزم على الحكام تأديتها بان يقلدوها ارباب الاستحقاق ثم فى الوجود الانفسى أمانات مثل السمع والبصر واليد والرجل ونحوها وكل أولئك كان عنه مسئولا والقلب امانة فاحفظه عن الميل الى ما سوى المولى: قال الصائب
ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار ... ز دزد امانت حق را نگاه دار مخسب
فمن تيقن انه تعالى حاضر لديه ناظر عليه لم يجترئ على سوء الأدب بموافقة النفس التي هى منبع القباحة والخيانة- وحكى- ان شابا كان له رائحة طيبة فقيل له لك مصرف عظيم فى تلك الرائحة فقال هى عطاء من الله تعالى وذلك ان امرأة أدخلتني بحيلة فى بيتها وراودتنى فلطخت نفسى وثيابى بالنجاسة فخلتنى بظن الجنون فاعطانى الله تعالى تلك الرائحة ورأى الشاب فى المنام يوسف الصديق فقال له طوبى لك حيث خلصك الله من كيد امرأة العزيز فقال عليه السلام طوبى لك خلصك الله من تلك المرأة بدون هم منك وقد صدر منى هم اى هجوم الطبيعة البشرية وان لم يكن هناك وجود مقتضاها نسأل الله العصمة والتوفيق فى الدارين تم الجزء الثاني عشر فى العشرين من جمادى الاولى سنة ثلاث ومائة والف الجزء الثالث عشر من الاجزاء الثلاثين وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي من كلام يوسف عليه السلام اى لا أنزهها عن السوء ولا اشهد لها بالبراءة الكلية قاله تواضعا لله تعالى وهضما لنفسه الكريمة لا تزكية لها وعجبا بحاله فى الامانة ومن هذا القبيل قوله عليه السلام (انا سيد ولد آدم ولا فخر لى) او تحديثا بنعمة الله تعالى عليه فى توفيقه(4/274)
وعصمته اى لا أنزهها عن السوء من حيث هى هى ولا أسند هذه الفضيلة إليها بمقتضى طبعها من غير توفيق من الله تعالى إِنَّ النَّفْسَ اللام للجنس اى جميع النفوس التي من جملتها نفسى فى حد ذاتها لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ تأمر بالقبائح والمعاصي لانها أشد استلذاذا بالباطل والشهوات وأميل الى انواع المنكرات ولولا ذلك لما صارت نفوس اكثر الخلق مسخرة لشهواتهم فى استنباط الحيل لقضاء الشهوة وما صدرت منها الشرور اكثر ومن هاهنا وجب القول بان كل من كان او فر عقلا وأجل قدرا عند الله كان ابصر بعيوب نفسه ومن كان ابصر بعيوبها كان أعظم اتهاما لنفسه واقل إعجابا إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي من النفوس التي يعصمها من الوقوع فى المهالك ومن جملتها نفسى ونفوس سائر الأنبياء ونفوس الملائكة اما الملائكة فانه لم تركب فيهم الشهوة واما الأنبياء فهم وان ركبت هى فيهم لكنهم محفوظون بتأييد الله تعالى معصومون فما موصولة بمعنى من. وفيه اشارة الى ان النفس من حيث هى كالبهائم والاستثناء من النفس او من الضمير المستتر فى امارة كأنه قيل ان النفس لامارة بالسوء الا نفسا رحمها ربى فانها لا تأمر بالسوء او بمعنى الوقت اى هى امارة بالسوء فى كل وقت الا وقت رحمة ربى وعصمته لها ودل على عموم الأوقات صيغة المبالغة فى امارة يقال فى اللغة أمرت النفس بشئ فهى آمرة وإذا أكثرت الأمر فهى امارة إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ عظيم المغفرة لما يعترى النفوس بموجب طباعها رَحِيمٌ مبالغ فى الرحمة لها بعصمتها من الجريان بمقتضى ذلك قال فى التأويلات النجمية خلقت النفس على جبلة الامارية بالسوء طبعا حين خليت الى طبعها لا يأتى منها الا الشر ولا تأمر الا بالسوء ولكن إذا رحمها ربها ونظر إليها بنظر العناية يقلبها من طبعها ويبدل صفاتها ويجعل اماريتها مبدلة بالمأمورية وشريرتها بالخيرية فاذا تنفس صبح الهداية فى ليلة البشرية وأضاء أفق سماء القلب صارت النفس لوامة تلوم نفسها على سوء فعلها وندمت على ما صدر عنها من الامارية بالسوء فيتوب الله عليها فان الندم توبة وإذا طلعت شمس العناية من أفق الهداية صارت النفس ملهمة إذ هى تنورت بانوار شمس العناية فالهمها نورها فجورها وتقواها وإذا بلغت شمس العناية وسط سماء الهداية وأشرقت الأرض بنور ربها صارت النفس مطمئنة مستعدة لخطاب ربها بجذبة ارجعي الى ربك راضية مرضية انتهى يقول الفقير سلوك الأنبياء عليهم السلام
وان كان من النفس المطمئنة الى الراضية والمرضية والصافية الا ان طبع النفوس مطلقا اى سواء كانت نفوس الأنبياء او غيرهم على الامارية وكون طبعها عليها لا يوجب ظهور آثار الامارة بالنسبة الى الأنبياء ولذا لم يقل يوسف عليه السلام ان نفسى لامارة بالسوء بعد ما قال وما أبرئ نفسى بل اطلق القول فى الامارية واستثنى النفوس المعصومة فلولا العصمة لوقع من النفس ما وقع ولذا قال عليه السلام (رب لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك) فالدليل على امارية مطلق النفوس هذه الآية وقد قال ابن الشيخ فى هذه السورة عند قوله تعالى وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً يحتمل ان يكون المراد من الحكم صيرورة نفسه المطمئنة حاكمة على نفسه الامارية بالسوء مستعلية عليها قاهرة لها انتهى فاثبت الامارية لنفس يوسف وقال سعدى المفتى عند قوله تعالى أَصْبُ إِلَيْهِنَّ فى هذه السورة ايضا(4/275)
وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)
على قول البيضاوي اى امل الى جانبهن او الى انفسهن بطبعي ومقتضى شهوتى قوله بطبعي اى بسبب طبعى ونفسى الامارة بالسوء انتهى وقال حضرة الشيخ نجم الدين دايه قدس سره عند قوله تعالى فى سورة الانعام وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فشيطان الانس نفسه الامارة بالسوء وهى أعدى الأعداء انتهى وصرح ايضا بذلك فى مواضع اخر من تأويلاته وهكذا ينبغى ان يفهم هذا المقام فانه من مزالق الاقدام وقد رأيت من تحير فيه وزلق ووقع فى هاوية الاضطراب والقلق مع شهرته التامة والعامة فى الأفواه القائلة بمكاشفاته ووصوله الى الله فليجتهد العبد مع النفس الامارة حتى يصل الى الاطمئنان فيتخلص من كيدها والتوحيد أقوى الأمور فى هذا الباب لانه أشد تأثيرا فى تزكية النفس وطهارتها من الشرك الجلى والخفي قال فى نفائس المجالس النفس منبع العناد والخيانة ومعدن الشر والجناية فهى منشأ الفتن فى الأنفس والآفاق وسبب ظهور الظلم على الإطلاق فلو حصل بين سلطان الروح ووزير العقل ومفتى القلب اتفاق لارتفع من القوى النفسانية والطبيعية خلاف وشقاق- وحكى- ان ثلاثة أثوار أحدها اصفر والثاني ارزق والثالث اسود استولت على جبل باتفاق منها بحيث لم يقدر غيرها ان يرعى فى ذلك الجبل فتشاور الحيوانات يوما فى ذلك فقال أسد أنا اتدارك الأمر فجاء الى سفح الجبل فلما هجم الاثوار لمنعه قال الأسد يا إخوتي الاثوار أتركنني حتى أكون معكن فانه يحصل بسببى زيادة قوة فرضين بإخوته وكونه بينهن فيوما قال للثور الأصفر والأزرق ايها الاخوان ألا تريان ان لا مناسبة بيننا وبين الأسود فلو دبرنا فيه لكان خيرا قالا ماذا نفعل قال افعل ما ارى ان سامحتما وسكتتما قالا فافعل ما شئت فاتاه الأسد وهو يرعى فصال عليه فاستمد الثور الأسود من أخويه فلم يلتفتا فافترسه الأسد وأكله ثم بعد زمان قال للاصفر يا أخي شعرك يشابه شعرى فبينى وبينك مناسبة تامة ولكن أي مناسبة فى ان يكون هذا الأزرق بيننا فتعال حتى ترفعه من البين ويخلو لنا الجبل فقال افعل ما شئت فاتاه وهو يرعى فلما أراد ان يتعرض له خار واستمد من أخيه فلم يرفع له اخوه رأسا فاكله ثم بعد زمان قال للاصفر تهيأ فانى آكلك فانه أي مناسبة فى ان يكون بيننا اخوة واتفاق فتضرع ولكن لم يسمعه الأسد فقال الثور قد كنت أتصور مجيئ هذا الى رأسى منذ ما جاء الى رأس أخي الثور الأسود ما جاء فافترسه وأكله فالنفس مثل هذا الأسد إذا ظهرت فى جبل الوجود غلبت على القوى واكلتها وفى هذا التمثيل مواعظ كثيرة لمن تأمل فيه: قال المولى جلال الدين الرومي قدس سره
بيت من بيت نيست اقليمست ... هزل من هزل نيست تعليمست
وَقالَ الْمَلِكُ [آورده اند كه چون با ملك مصر سخنان يوسف باز گفتند آرزومندىء وى بديدار يوسف زياده شد] ائْتُونِي بِهِ [بياريد يوسف را پيش من] أَسْتَخْلِصْهُ اجعله خالصا لِنَفْسِي وخاصابى قال سعدى المفتى كان استدعاء الملك يوسف اولا بسبب علم الرؤيا فلذلك قال ائتوني به فقط فلما فعل يوسف ما فعل وظهرت أمانته وصبره وهمته وجودة نظره وتأنيه فى عدم التسرع اليه باول طلب عظمت منزلته عنده وطلبه ثانيا بقوله ائتوني به استخلصه لنفسى فَلَمَّا كَلَّمَهُ اى فاتوا به فلما كلمه يوسف اثر ما أتاه(4/276)
فاستنطقه وشاهد منه ما شاهد من الرشد والدهاء وهو جودة الرأى قالَ له ايها الصديق إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا عندنا وبحضرتنا مَكِينٌ ذو مكانة ومنزلة رفيعة أَمِينٌ مؤتمن على كل شىء واليوم ليس بمعيار لمدة المكانة بل هو آن التكلم والمراد تحديد مبدأهما احترازا عن احتمال كونهما بعد حين- روى- ان الرسول اى الساقي جاء الى يوسف فقال أجب الملك: قال الحافظ
ماه كنعانئ من مسند مصر آن تو شد ... گاه آنست كه بدرود كنى زندانرا
قال المولى الجامى
شب يوسف بگذشت از درازى ... طلوع صبح گردش كار سازى
چوشد كوه گران بر جانش اندوه ... برآمد آفتابش از پس كوه
فخرج من السجن وودع اهل السجن ودعا لهم وقال لهم اعطف قلوب الصالحين عليهم ولا تستر الاخبار عنهم فمن ثم تقع الاخبار عند اهل السجن قبل ان تقع عند عامة الناس وكتب على باب السجن هذه منازل البلوى وقبور الاحياء وشماتة الأعداء وتجربة الأصدقاء ثم اغتسل وتنظف من درن السجن ولبس ثيابا جددا [در تيسير آورده كه ملك هفتاد حاجب را با هفتاد مركب آراسته با تاج ولباس ملوكانه بزندان فرستاد]
چويوسف شد سوى خسرو روانه ... بخلعتهاى خاص خسروانه
فراز مركبى از پاى تا فرق ... چوكوهى گشته در درو گهر غرق
بهر جا طبلهاى مشك وعنبر ... زهر سو بدرهاى زر وگوهر
براه مركب او مى فشاندند ... گدا را از گدايى مى رهاندند
[و چون نزديك ملك رسيد او را احترام تمام نموده استقبال فرمود]
ز قرب مقدمش شه چون خبر يافت ... باستقبال او چون بخت بشتافت
كشيدش در كنار خويشتن تنگ ... چوسرو گلرخ وشمشاد گلرنگ
به پهلوى خودش بر تخت بنشاند ... به پرسشهاى خوش با او سخن راند
- روى- انه لما دخل على الملك قال اللهم انى اسألك بخيرك من خيره وأعوذ بعزتك وقدرتك من شره ثم سلم عليه ودعا له بالعبرانية وكان يوسف يتكلم باثنتين وسبعين لسانا فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان آبائي ابراهيم وإسحاق ويعقوب ثم كلمه بالعربية فلم يفهمها الملك فقال ما هذا اللسان قال لسان عمى إسماعيل وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا فكلمه بها فأجابه بجميعها فتعجب منه. وفيه اشارة الى حال اهل الكشف مع اهل الحجاب فان اصحاب الحقيقة يتكلمون فى كل مرتبة شريعة كانت او طريقة او معرفة او حقيقة واما ارباب الظاهر فلا قدرة لهم على التكلم الا فى مرتبة الشريعة وعلمان خير من علم واحد. وقال الملك ايها الصديق انى أحب ان اسمع رؤياى منك فحكاها فعبرها يوسف على وجه بديع وأجاب لكل ما سأل بأسلوب عجيب
جوابى دلكشن ومطبوع گفتش ... چنان كامد از ان گفتن شكفتش(4/277)
قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)
وفى الآية إشارتان. الاولى ان الروح يسعى فى خلاص القلب من سجن صفات البشرية ليكون خالصا له فى كشف حقائق الأشياء ولم يعلم انه خلق لصلاح جميع رعايا مملكته روحانية وجسمانية كما قال عليه السلام (ان فى جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح بها سائر الجسد وإذا فسدت فسد بها سائر الجسد ألا وهى القلب) . والثانية ان الله استحسن من الملك إحسانه مع يوسف واستخلاصه من السجن فاحسن اليه بان رزقه الايمان واستخلصه من سجن الكفر والجهل وجعله خالصا لحضرته بالعبودية وترك الدنيا وزخارفها وطلب الآخرة ودرجاتها قال مجاهد اسلم الملك على يده وجمع كثير من الناس لانه كان مبعوثا الى القوم الذين كان بين أظهرهم يقول الفقير أيده الله القدير إذا كان الإحسان الى يوسف والإكرام له سببا للايمان والعرفان فما ظنك بمن آسى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذب عنه مادام حيا وهو عمه ابو طالب فالاصح انه ممن أحياه الله للايمان كما سبق فى الجلد الاول واعلم ان اللطف والكرم من آثار السعادة الازلية فلو صدر من الكافر يرجى ان ذلك يدعوه الى الايمان والتوحيد ويصير عاقبته الى الفلاح والنجاح ولو صدر من اهل الإنكار اداه الى الاستسعاد بسعادة التوفيق الخاص كما لا يخفى على اهل المشاهدة قالَ يوسف اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ اى ارض مصر فاللام للعهد اى ولنى أمرها من الإيراد والصرف [يعنى مرا بر آنچهـ حاصل ولايت مصر باشد از نقود وأطعمه خازن گردان] إِنِّي حَفِيظٌ لها عمن لا يستحقها عَلِيمٌ بوجوه التصرف فيها وذلك انه لما عبر رؤيا الملك واخبر بإتيان السنين المجدبة قال له فما ترى يا يوسف قال تزرع زرعا كثيرا وتأخذ من الناس خمس زروعهم فى السنين المخصبة وتدخر الجميع فى سنبله فيكفيك واهل مصر مدة السنين المجدبة وفى بحر العلوم قال له من حقك ان تجمع الطعام فى الاهراء فيأتيك الخلق من النواحي ويمتارون منك ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لاحد قبلك فقال الملك ومن لى بذاك فقال اجْعَلْنِي الآية
ولى هر كار را بايد كفيلى ... كه از دانش بود با وى دليلى
بدانش غايت آن كار داند ... چوداند كار را كردن تواند
ز هر چيزى كه در عالم توان يافت ... چومن دانا كفيلى كم توان يافت
بمن تفويض كن تدبير اين كار ... كه نابد ديگرى چون من بديدار
وذلك لانه علم فى الرؤيا التي رآها الملك ان الناس يصيبهم القحط فخاف عليهم القحط والتلف فاحب ان تكون يداه على الخزانة ليعينهم وقت الحاجة شفقة على عباد الله وهى من اخلاق الخلفاء وكانت خدمته معجزة لفراعنة مصر ولهذا قال فرعون زمانه حين بنى الفيوم له هذا من ملكوت السماء وهو أول من دون الدفاتر وعين علوم الحساب والهندسة بانواع الأقلام والحروف وفى الآية دليل على جواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على اقامة العدل واجراء احكام الشريعة قال العلماء سؤال تولية الأوقاف مكروه كسؤال تولية الامارة والقضاء- روى- ان قوما جاؤا الى النبي عليه السلام فسألوه ولاية فقال (انا لن نستعمل على عملنا من اراده) وذلك لان الله تعالى يعين المجبور ويسدده ويكل الطالب(4/278)
الى نفسه والولاية امور ثقيلة فلا يقدر الإنسان على رعاية حقوقها وإذا تعين أحد للقضاء او الامارة او نحو هما لزمه القبول لانها من فروض الكفاية فلا يجوز إهمالها ويوسف عليه السلام كان أصلح من يقوم بما ذكر من التدبير فى ذلك الوقت فاقتضت الحال تقلده وتطلبه إصلاحا للعالم وفى الآية دلالة ايضا على جواز التقلد من يد الكافر والسلطان الجائر إذا علم انه لا سبيل الى الحكم بامر الله ودفع الباطل واقامة الحق الا بالاستظهار به وتمكينه وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه- وحكى- الشيخ العلامة ابن الشحنة ان تيمور لنك ذكروا عنه كان يتعنت على العلماء فى الاسئلة ويجعل ذلك سببا لقتلهم وتعذيبهم مثل الحجاج فلما دخل حلب فتحها عنوة وقتل واسر كثيرا من المسلمين وصعد نواب المملكة وسائر الخواص الى القلعة وطلب علماءها وقضاتها فحضرنا اليه وأوقفنا ساعة بين يديه ثم أمرنا بالجلوس فقال لمقدم اهل العلم عنده وهو المولى عبد الجبار ابن العلامة نعمان الدين الحنفي قل لهم انى سائلهم عن مسألة سألت عنها علماء سمرقند وبخارى وهراة وسائر البلاد التي افتتحتها ولم يفصحوا عن الجواب فلا تكونوا مثلهم ولا يجاوبنى الا أعلمكم وأفضلكم وليعرف ما يتكلم به فقال لى عبد الجبار سلطاننا يقول بالأمس قتل منا ومنكم فمن الشهيد قتيلنا أم قتيلكم ففتح الله علىّ بجواب حسن بديع فقلت جاء أعرابي الى النبي عليه السلام فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فى سبيل الله ومن قتل منا ومنكم لاعلاء كلمة الله فهو الشهيد فقال تيمور لنك «خوب خوب» وقال عبد الجبار ما احسن ما قلت وانفتح باب المؤانسة فتكررت الاسئلة والاجوبة وكان آخر ما سأل عنه ما تقولون فى على ومعاوية ويزيد فقلت لا شك ان الحق كان مع على وليس معاوية من الخلفاء فقال قل علىّ على الحق ومعاوية ظالم ويزيد فاسق قلت قال صاحت الهداية يجوز تقليد القضاء من ولاة الجور فان كثيرا من الصحابة والتابعين تقلدوا القضاء من معاوية وكان الحق مع على فى توبته فسر لذلك واحسن إلينا والى من يتعلق بنا فى البلدة- وروى- ان الملك لما عين يوسف عليه السلام لامر الخزائن توفى قطفير فى تلك الليالى كما قال المولى الجامى
چويوسف را خدا داد اين بلندى ... بقدر اين بلندى ارجمندى
عزيز مصر را دولت زبون گشت ... لواى حشمت او سر نگون گشت
دلش طاقت نياورد اين خلل را ... بزودى شد هدف تير أجل را
زليخا روى در ديوار غم كرد ... ز بار هجر يوسف پشت خم كرد
نه از جاى عزيزش خانه آباد ... نه از اندوه يوسف خاطر آزاد
فلك كو دير مهر وتيز كين است ... درين حرمان سرا كار وى اينست
يكى را بركشد چون حور بافلاك ... يكى را افكند چون سايه بر خاك
خوش آن دانا بهر كارى وبارى ... كه از كارش بگيرد اعتباري
نه از اقبال او گردن فرازد ... نه از ادبار او جانش گدازد
- حكى- ان زليخا بعد ما توفى قطفير انقطعت عن كل شىء وسكنت فى خرابة من خرابات(4/279)
مصر سنين كثيرة وكانت لها جواهر كثيرة جمعت فى زمان زوجها فاذا سمعت من واحد خبر يوسف او اسمه بذلت منها محبة له حتى نفدت ولم يبق لها شىء وقال بعضهم أصاب زليخا ما أصاب الناس من الضر والجوع فى ايام القحط فباعت حليها وحللها وجميع ما كانت تملكه وذهب نعمتها وبكت بكاء الشوق ليوسف وهرمت
جوانى تيره گشت از چرخ پيرش ... برنگ شير شد موى چوقيرش
بر آمد صبح وشب هنگامه برچيد ... بمشكستان او كافور باريد
به پشت خم از آن بودى سرش پيش ... كه جستى گم شده سرمايه خويش
ثم لما غيرها الجهد واشتد حالها بمقاساة شدائد الخلوة فى تلك الخرابة اتخذت لنفسها بيتا من القصب على قارعة الطريق التي هى ممر يوسف وكان يوسف يركب فى بعض الأحيان وله فرس يسمع صهيله على ميلين ولا يصهل الا وقت الركوب فيعلم الناس انه قد ركب فتقف زليخا على قارعة الطريق فاذا مربها يوسف تناديه بأعلى صوتها فلا يسمع لكثرة اختلاط الا صوات
ز بس بر كوشها ميزد ز هر جا ... صهيل مركبان باد پيما
ز بس بر آسمان ميشد زهر سوى ... نفير چاوشان طرقوا كوى
كس از غوغا بحال او نيفتاد ... بحالي شد كه او را كس مبيناد
چوكردى گوش آن حيران ومهجور ... ز چاووشان صداى دور شو دور
زدى افغان كه من عمريست دورم ... بصد محنت در ان دورى صبورم
ز جانان تا بكى مهجور باشم ... همان بهتر كه از خود دور باشم
بگفتى اين وبيهوش او فتادى ... ز خود كرده فراموش او فتادى
فاقبلت يوما على صنمها الذي كانت تعبده ولا تفارقه وقالت له تبا لك ولمن يسجد لك أما ترحم كبرى وعماى وفقرى وضعفى فى قواى فانا اليوم كافرة بك
بگفت اين را بزد بر سنگ خاره ... خليل آسا شكستش پاره پاره
تضرع كرد ورو بر خاك ماليد ... بدرگاه خداى پاك ناليد
اگر رو در بت آوردم خدايا ... بآن بر خود جفا كردم خدايا
بلطف خود جفاى من بيامرز ... خطا كردم خطاى من بيامرز
ز پس راه خطا پيمايى از من ... ستاندى گوهر بينايى از من
چوآن كرد خطا از من فشاندى ... بمن ده باز آنچهـ از من ستاندى
بود دل فارغ از داغ تأسف ... بچينم لاله از باغ يوسف
فآمنت برب يوسف وصارت تذكر الله تعالى صباحا ومساء فركب يوسف يوما بعد ذلك فلما صهل فرسه علم الناس انه ركب فاجتمعوا لمطالعة جماله ورؤية احتشامه فسمعت زليخا الصهيل فخرجت من بيت القصب فلما مربها يوسف نادت بأعلى صوتها سبحان من جعل الملوك عبيدا بالمعصية وجعل العبيد ملوكا بالطاعة فامر الله تعالى الريح فالقت كلامها فى مسامع يوسف(4/280)
فاثر فيه فبكى ثم التفت فرآها فقال لغلامه اقض لهذه المرأة حاجتها فقال لها ما حاجتك قالت ان حاجتى لا يقضيها الا يوسف فحملها الى دار يوسف فلما رجع يوسف الى قصر نزع ثياب الملك ولبس مدرعة من الشعر وجلس فى بيت عبادته يذكر الله تعالى فذكر العجوز ودعا بالغلام وقال له ما فعلت العجوز فقال انها زعمت ان حاجتها لا يقضيها غيرك فقال ائتنى بها فاحضرها بين يديه فسلمت عليه وهو منكس الرأس فرق لها ورد عليها السلام وقال لها يا عجوز انى سمعت منك كلاما فاعيديه فقالت انى قلت سبحان من جعل العبيد ملوكا بالطاعة وجعل الملوك عبيدا بالمعصية فقال نعم ما قلت فما حاجتك قالت يا يوسف ما اسرع ما نسيتنى فقال من أنت ومالى بك معرفة
بگفت آنم كه چون روى تو ديدم ... ترا از جمله عالم بر گزيدم
فشاندم گنج وگوهر در بهايت ... دل وجان وقف كردم در هوايت
جوانى در غمت بر باد دادم ... بدين پيرى كه مى بينى فتادم
گرفتى شاهد ملك اندر آغوش ... مرا يكبار تو كردى فراموش
أما انا زليخا فقال يوسف لا اله الا الله الذي يحيى ويميت وهو حى لا يموت وأنت بعد فى الدنيا يا رأس الفتنة وأساس البلية فقالت يا يوسف أبخلت علىّ بحياة الدنيا فبكى يوسف وقال ما صنع حسنك وجمالك ومالك قالت ذهب به الذي اخرجك من السجن وأورثك هذا الملك فقال لها ما حاجتك قالت او تفعل قال نعم وحق شيبة ابراهيم فقالت لى ثلاث حوائج الاولى والثانية ان تسأل الله ان يرد علىّ بصرى وشبابى وجمالى فانى بكيت عليك حتى ذهب بصرى ونحل جسمى فدعا لها يوسف فرد الله عليها بصرها وشبابها وحسنها
سفيدى شد ز مشكين مهره اش دور ... در آمد در سواد نرگسش نور
جوانى پيريش را گشت هاله ... پس از چل سالگى شد هـژده ساله
وقال بعضهم كان عمرها يومئذ تسعين سنة والحاجة الثالثة ان تتزوجنى فسكت يوسف واطرق رأسه زمانا فاتاه جبريل وقال له يا يوسف ربك يقرأك السلام ويقول لك لا تبخل عليها بما طلبت
كه ما عجز زليخا را چوديديم ... بتو عرض نيازش را شنيديم
دلش ار تيغ نوميدى نخستيم ... بتو بالاى عرشش عقد بستيم
فتزوج بها فانها زوجتك فى الدنيا والآخرة
چوفرمان يافت يوسف از خداوند ... كه بندد با زليخا عقد و پيوند
دعا سلطان مصر وجميع الاشراف وضاف لهم
بقانون خليل ودين يعقوب ... بر آيين جميل وصورت خوب
زليخا را بعقد خود در آورد ... بعقد خويش يكتا گوهر آورد
ونزلت عليه الملائكة تهنئه بزواجه بها وقالوا هناك الله بما اعطاك فهذا ما وعدك ربك وأنت فى الجب فقال يوسف الحمد لله الذي أنعم على واحسن الىّ وهو ارحم الراحمين ثم قال(4/281)
الهى وسيدى اسألك ان تتم هذه النعمة وترينى وجه يعقوب وتقر عينه بالنظر الىّ وتسهل لاخوتى طريقا الى الاجتماع بي فانك سميع الدعاء وأنت على كل شىء قدير وأرسلت زليخا الى بيت الخلوة فاستقبلتها الجواري بانواع الحلي والحلل فتزينت بها فلما جن الليل ودخل يوسف عليها قال لها أليس هذا خيرا مما كنت تريدين فقالت ايها الصديق لا تلمنى فانى كنت امرأة حسناء ناعمة فى ملك ودنيا وكان زوجى عنينا لا يصل الى النساء وكنت كما جعلك الله فى صورتك الحسنة فغلبتنى نفسى
شكيبايى نبود از تو حد من ... بكش دامان عفوى از بد من
ز جرمى كز كمال عشق خيزد ... كجا معشوق با عاشق ستيزد
فلما بنى بها يوسف وجدها عذراء وأصابها وفك الخاتم
كليد حقه از ياقوت تر ساخت ... گشادش قفل در وى گوهر انداخت
فحملت من يوسف وولدت له ابنين فى بطن أحدهما افرائيم والآخر ميشا وكانا كالشمس والقمر فى الحسن والبهاء وباهى الله بحسنهما ملائكة السموات السبع وأحب يوسف زليخا حبا شديدا وتحول عشق زليخا وحبها الاول اليه حتى لم يبق له بدونها قرار
چوصدقش بود بيرون از نهايت ... در آخر كرد بر يوسف سرايت
وحول الله تعالى عشق زليخا المجازى الى العشق الحقيقي فجعل ميلها الى الطاعة والعبادة وراودها يوسف يوما ففررت منه فتبعها وقدّ قميصها من دبر فقالت فان قددت قميصك من قبل فقد قددت قميصى الآن فهذا بذاك
درين كار از تفاوت بي هراسيم ... به پيراهن درى رأسا برأسيم
چويوسف روى او در بندگى ديد ... وزان نيت دلش را زندگى ديد
بنام او ز زر كاشانه ساخت ... نه كاشانه عبادت خانه ساخت
ووضع فى البيت الذي بناه سريرا مرصعا بالجواهر فاخذ بيدها وأجلسها عليه وقال
درو بنشين پى شكر خدايى ... كزو دارى بهر مويى عطايى
توانگر ساختت بعد از فقيرى ... جوانى داد بعد از ضعف پيرى
بچشم نور رفته نور دادت ... وزان بر رو در رحمت گشادت
پس از عمرى كه ز هر غم چشاندت ... بترياك وصال من رساندت
زليخا هم بتوفيق الهى ... نشسته بر سرير پادشاهى
در ان خلوت سرامى بود خرسند ... بوصل يوسف وفضل خداوند
وسيأتى وفاتهما فى آخر السورة فانظر ايها المنصف ان الدنيا ما شغلتهما عن الله تعالى فاستعملا الأعضاء والجوارح فى خدمة الله تعالى والاشارة قال يوسف القلب لملك الروح اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ ارض الجسد فان لله تعالى فى كل شىء وعضو من أعضاء ظاهر الجسد وباطنه خزانة من القهر واللطف فيها نعمة اخرى كالعين فيها نعمة البصر فان استعملها فى رؤية العين ورؤية الآيات والصنائع فيجد اللطف وينتفع به وان استعملها فى مستلذاتها وشهوات النفس ولم يحفظ(4/282)
وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)
نفسه منها فيجد القهر ويضره ذلك فقس الباقي على هذا المثال ولهذا قال يوسف إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ اى حافظ نفسى فيها عما يضرها عليم بنفعها وضرها واستعمالها فيما ينفع ولا يضر وَكَذلِكَ الكاف منصوبة بالتمكين وذلك اشارة الى ما أنعم الله به عليه من انجائه من غم الحبس وجعل الملك الريان إياه خالصا لنفسه مَكَّنَّا لِيُوسُفَ اى جعلنا له مكانا فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر وكانت أربعين فرسخا فى أربعين كما فى الإرشاد وقال فى المدارك التمكين الاقدار وإعطاء القدرة وفى تاج المصادر مكنه فى الأرض بوأه إياها يتعدى بنفسه واللام كنصحته ونصحت له وقال ابو على يجوز ان يكون على حدردف لكم يَتَبَوَّأُ مِنْها حال من يوسف اى ينزل من بلادها حَيْثُ يَشاءُ ويتخذه مباءة ومنزلا وهو عبارة عن كمال قدرته على التصرف فيها ودخولها تحت سلطانه فكأنها منزله يتصرف فيها كما يتصرف الرجل فى منزله وفى الحديث (رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلنى على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته ولكنه اخر ذلك سنة) وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما انصرمت السنة من يوم سأل الامارة دعاه الملك فتوجه وختمه بخاتمه وردّاه بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدر والياقوت وطول السرير ثلاثون ذراعا وعرضه عشرة اذرع عليه ثلاثون فراشا فقال يوسف اما السرير فاشدّ به ملكك واما الخاتم فادبر به أمرك واما التاج فليس من لباسى ولالباس آبائي فقال الملك فقد وضعته أجلا لا لك وإقرارا بفضلك فجلس على السرير وأتت له الملوك وفوض اليه الملك امره كما قال المولى الجامى
چوشاه از وى بديد اين كار سازى ... بملك مصر دادش سرفرازى
سپهـ را بنده فرمان او كرد ... زمين را عرصه ميدان او كرد
ونعم ما قيل
پيرست چرخ واختر بخت تو نوجوان ... آن به كه پير نوبت خود با جوان دهد
وكان يوسف يومئذ ابن ثلاثين سنة كما فى التبيان واقام العدل فى مصر وأحبته الرجال والنساء وامر اهل كل قرية وبلدة بالاشتغال بالزرع وترك غيره فلم يدعوا مكانا الا زرعوه حتى بطون الاودية ورؤس الجبال مدة سبع سنين وهو يأمرهم ان يدعوه فى سنبله فاخذ منهم الخمس وجعله فى الاهراء وكذا ما زرعه السلطان ثم أقبلت السنون المجدبة فحبس الله عنهم القطر من السماء والنبات من الأرض حتى لم ينبت لهم حبة واحدة فاجتمع الناس وجاؤا له وقالوا له يا يوسف قد فنى ما فى بيوتنا من الطعام فبعنا مما عندك فامر يوسف بفتح الاهراء وباع من اهل مصر فى سنى القحط الطعام فى السنة الاولى بالدراهم والدنانير وفى الثانية بالحلى والجواهر وفى الثالثة بالدواب وفى الرابعة بالعبيد والإماء وفى الخامسة بالضياع والعقار وفى السادسة باولادهم وفى السابعة برقابهم حتى استرقهم جميعا فقالوا ما رأينا ملكا أجل وأعظم منه فقال يوسف للملك كيف رأيت صنع ربى فيما خولنى فما ترى فقال ارى رأيك ونحن لك فقال انى اشهد الله وأشهدك انى قد اعتقت اهل مصر عن آخرهم ورددت عليهم املاكهم قال الكاشفى [حكمت درين آن بود كه مصريان(4/283)
وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)
يوسف را بوقت خريد وفروخت در صورت بندگى ديده بودند قدرت ازلى همه را طوق بندگىء او در گردن نهاد تا كسى را كه درباره او سخنى بى ادبانه نرسد] وكان لا يبيع من أحد من الممتارين اكثر من حمل بعير تقسيطا بين الناس وكان لم يشبع مدة القحط مخافة نسيان الجياع: قال السعدي قدس سره
آنكه در راحت وتنعم زيست ... او چهـ داند كه حال گرسنه چيست
حال درماندگى كسى داند ... كه بأحوال خود فرو ماند
نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا [ميرسانيم برحمت خود از نعيم دينى ودنيوى وصورى ومعنوى] فالباء للتعدية مَنْ نَشاءُ كل من نريد له ذلك لا يمنعنا منه شىء وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ عملهم بل نوفيه بكماله فى الدنيا والآخرة- روى- عن سفيان بن عيينة المؤمن يثاب على حسناته فى الدنيا والآخرة والفاجر يعجل له الخير فى الدنيا وماله فى الآخرة من خلاق وتلاهذه الآية وفى الحديث (ان للمحسنين فى الجنة منازل حتى المحسن الى اهله واتباعه) والإحسان وان كان يعم أمورا كثيرة ولكن حقيقته المشاهدة والعيان وهى ليست رؤية الصانع بالبصر وهو ظاهر بل المراد بها حالة تحصل عند الرسوخ فى كمال الاعراض عما سوى الله تعالى وتمام توجهه الى حضرته بحيث لا يكون فى لسانه وقلبه وهمه غير الله تعالى وسميت هذه الحالة مشاهدة لمشاهدة البصيرة إياه تعالى كما أشار إليها بعض العارفين بقوله
خيالك فى عينى وذكرك فى فمى ... وحبك فى قلبى فاين تغيب
وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ اى أجرهم فى الآخرة فالاضافة للملابسة وهو النعيم المقيم الذي لا نفاد له خَيْرٌ لانه أفضل فى نفسه وأعظم وأدوم لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ الكفر والفواحش [چون يوسف بإحسان وتقوى از قعر چاه بتخت وجاه رسيد]
بدنيا وعقبى كسى قدر يافت ... كه او جانب صبر وتقوى شتافت
وفى الآية اشارة الى ان غير المؤمن المتقى لا نصيب له فى الآخرة قال بعض العارفين لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا فكيف والدنيا خذف فان والآخرة ذهب باق وعن ابى هريرة قال قلنا يا رسول الله مم خلق الجنة قال من الماء قلنا أخبرنا عن بنائها قال (لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ومن يدخلها ينعم ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه وان اهل الجنة ليزدادون كل يوم جمالا وحسنا كما يزدادون فى الدنيا هرما) ولا بد من الطاعات فانها بذر الدرجات واجرة الجنات- حكى- ان ابراهيم بن أدهم أراد ان يدخل الحمام فمنعه الحمامي ان يدخله بدون الاجرة فبكى ابراهيم وقال إذا لم يؤذن ان ادخل فى بيت الشيطان مجانا فكيف لى بالدخول فى بيت النبيين والصديقين يقول الفقير فان كان المراد ببيت النبيين الجنة فلا بد فى دخولها من صدق الأعمال وان كان المراد القلب فلا بد فى دخوله من صدق الأحوال وعلى كلا التقديرين لا بد من العبودية لانها مقتضى الحكمة ولذا قال لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ فمن لا عبودية له لم تكن الآخرة عنده خيرا من الدنيا إذ لو علم خيريتها يقينها لاجتهد فى العبودية لله تعالى والامتثال(4/284)
وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)
بالأمر والاجتناب عن النهى وقد جعل الله التصرف فى عالم الملك والملكوت فى العمل على وفق الشرع وخلاف الطبع إذ فيه المجاهدة التي هى حمل النفس على المكاره وترك الشهوات ألا ترى ان يوسف عليه السلام لما خالف الطبع ومقتضاه ونهى النفس عن الهوى ورضى بما قسم المولى وصبر على مقاساة شدائد الجب والسجن والعبودية جعله الله تعالى سلطانا فى ارض مصر ففسخ له فى مكانه فكان مكافاة لضيق الجب والسجن وسخر له اهل مصر مجازاة للعبودية وزوجه زليخا بمقابلة كف طبعه عن مقتضاه والتقوى لا بد منها لاهل النعمة والمحنة اما اهل النعمة فتقواهم الشكر لانه وقاية من الكفران وجنة منه واما اهل المحنة فتقواهم الصبر لانه جنة من الجزع والاضطراب فعلى العاقل ان يتمسك بعروة التقوى فانها لا انفصام لها ولها عاقبة حميدة واما غيرها من العرى فلها انفصام وانقطاع وليس لها نتيجة مفيدة كما شوهد مرة بعد اخرى اللهم اعصمنا من الزلل فى طريق الهدى واحفظنا عن متابعة النفس والهوى واجعلنا من الذين عرفوك فوقفوا عند أمرك وتوجهوا إليك فرفضوا علاقة المحبة لغيرك وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ [آورده اند كه اثر قحط بكنعان وبلاد شام رسيده كار بر أولاد يعقوب تنك كرديد وگفتند اى پدر در شهر مصر ملكيست كه همه قحط زد كانرا مى نوازد وكار غربا وأبناء سبيل بدلخواه ايشان مى سازد]
ز احسانش آسوده برنا و پير ... وزو گشته خوش دل غريب وفقير
ببخشش ز ابر بهارى فزون ... صفات كمالش ز غايت برون
[اگر فرمايى برويم وطعامى جهت گرسنگان كنعان بياريم يعقوب اجازت فرمود وبنيامين را جهت خدمت خود باز گرفت وده فرزند ديگر هر يك با شترى وبضاعتى كه داشتند روى براه آوردند ويك شتر جهت بنيامين با بضاعت او همراه بردند] وقال بعضهم لما أجدبت بلاد الشام وغلت أسعارها جمع يعقوب بنيه وقال لهم يا بنى أما ترون ما نحن فيه من القحط فقالوا يا أبانا وما حيلتنا قال اذهبوا الى مصر واشتروا منها طعاما من العزيز قالوا يا نبى الله كيف يطيب قلبك ترسلنا الى فراعنة الأرض وأنت تعلم عداوتهم لنا ولا نأمن ان ينالنا منهم شر وكانت تسمى ارض مصر بأرض الجبابرة لزيادة الظلم والجور فقال لهم يا بنى قد بلغني انه ولى اهل مصر ملك عادل فاذهبوا اليه واقرئوه منى السلام فانه يقضى حاجتكم ثم جهز أولاده العشرة وأرسلهم فذلك قوله تعالى وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ اى ممتارين قالوا لما دنا ملاقاة يعقوب بيوسف وتحول الحال من الفرقة الى الوصلة ومن الألم الى الراحة ابتلى الله الخلق ببلاء القحط ليكون ذلك وسيلة الى خروج أبناء يعقوب لطلب المعاش وهو الى المعارفة والمواصلة وكانت بين كنعان ومصر ثمانى مراحل لكن أبهم الله تعالى ليعقوب عليه السلام مكان يوسف ولم يأذن ليوسف فى تعريف حاله له الى مجيئ الوقت المسمى عند الله تعالى فجاؤا بهذا السبب الى يوسف فى مصر فَدَخَلُوا عَلَيْهِ اى على يوسف وهو فى مجلس حكومته على زينة واحتشام فَعَرَفَهُمْ فى بادئ الرأى وأول النظر لقوة فهمه وعدم مباينة أحوالهم السابقة لحالهم يومئذ لمفارقته إياهم وهم رجال وتشابه هيآتهم وزيهم فى الحالين(4/285)
وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59)
ولكون همته معقودة بهم وبمعرفة أحوالهم لا سيما فى زمان القحط وقد أخبره الله حين ما إلقاء اخوته فى الجب لتنبئنهم بامرهم هذا وهم لا يشعرون فعلم بذلك انهم يدخلون عليه البتة فلذلك كان مترصدا لوصولهم اليه فلما رآهم عرفهم وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ اى والحال انهم منكرون ليوسف لطول العهد لما قال ابن عباس رضى الله عنهما انه كان بين ان قذفوه فى البئر وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة ومفارقته إياهم فى سن الحداثة ولاعتقادهم انه قد هلك ولذهابه عن اوهامهم لقلة فكرهم فيه ولبعد حاله التي رأوه عليها من الملك والسلطان عن حاله التي فارقوه عليها طريحا فى البئر مشريا بدراهم معدودة وقلة تأملهم فى حلاه من الهيبة والاستعظام وفى التأويلات النجمية عرفهم بنور المعرفة والنبوة وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ لبقاء ظلمة معاصيهم وحرمانهم من نور التوبة والاستغفار ولو عرفوه حق المعرفة ما باعوه بثمن بخس وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ اى أصلحهم بعدتهم وهى عدة السفر من الزاد وما يحتاج اليه المسافر واوقر ركائبهم اى أثقل بما جاؤا لاجله من الميرة وهى بكسر الميم وسكون الياء طعام يمتاره الإنسان اى يجلبه من بلد الى بلد قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ [بياريد بمن برادرى كه شما راست از پدر شما يعنى علاتيست نه أعياني] والعلة الضرة وبنوا العلات بنوا أمهات شتى من رجل لان الذي تزوجها على الاولى قد كانت قبلها تأهل ثم عل من هذه وبنوا الأعيان اخوة لاب وأم وبنوا الاخياف اخوة أمهم واحدة والآباء شتى ولم يقل بأخيكم مبالغة فى اظهار عدم معرفته لهم فانه فرق بين مررت بغلامك ومررت بغلام لك فانك فى التعريف تكون عارفا بالغلام وفى التنكير أنت جاهل به ولعله انما قاله لما قيل من انهم سألوه حملا زائدا على المعتاد لبنيامين فاعطاهم ذلك وشرطهم ان يأتوا به ليعلم صدقهم وكان يوسف يعطى لكل نفس حملا لا غير تقسيطا بين الناس وقال الكاشفى [هر يك را يك شتر بار گندم دادند گفتند يك شتر وار ديگر بجهت برادر ما كه در خدمت پدر است بدهيد يوسف گفت من شمار مردم ميدهم نه بشمار شتر ايشان مبالغه نمودند قال ائتوني] الآية وقال فى بحر العلوم لا بد من مقدمة سبقت له معهم حتى اجترأ القول هذه المسألة- روى- انه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم أخبروني من أنتم وما شأنكم فانى أنكركم قالوا نحن قوم من اهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادي قالوا معاذ الله نحن اخوة بنوا اب واحد وهو شيخ صديق نبى من الأنبياء اسمه يعقوب قال كم أنتم قالوا كنا اثنى عشر فهلك منا واحد قال فكم أنتم هاهنا قالوا عشرة قال فاين الآخرة الحادي عشر قالوا عند أبيه ليتسلى به من الهالك قال فمن يشهد لكم انكم لستم بعيون وان الذي تقولون حق قالوا انا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا قال فدعوا بعضكم عندى رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم فاقترعوا بينهم فاصابت القرعة شمعون فخلفوه عنده أَلا تَرَوْنَ [آيا نمى بينيد] أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ أتمه لكم قال الكاشفى [من تمام مى پيمايم پيمانه را وحق كسى باز نمى گيرم] وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ والحال انى فى غاية الإحسان فى انزالكم وضيافتكم وقد كان الأمر كذلك [يعنى در إنزال مهمانان وإكرام واحسان(4/286)
فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)
با ايشان دقيقه فرو نميگذاريم] ولم يقله عليه السلام بطريق الامتنان بل لحثهم على تحقيق ما أمرهم به فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ [پس اگر نياريد بمن آن برادر را] فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي من بعد اى فى المستقبل فضلا عن ايفائه والمقصود عدم إعطاء الطعام كيلا وَلا تَقْرَبُونِ بدخول بلادي فضلا عن الإحسان فى الانزال والضيافة قالوا الله امره بطلب أخيه ليعظم اجر أبيه على فراقه وهو اما نهى او نفى معطوف على الجزاء كأنه قيل فان لم تأتونى به تحرموا ولا تقربوا يعنى انه سواء كان خبرا او نهيا يكون داخلا فى حكم الجزاء معطوفا عليه لكن جزمه على الثاني بلا الناهية وعلى الاول بالعطف على ما هو فى محل الجزم قال فى الإرشاد وفيه دليل على انهم كانوا على نية الامتياز مرة بعد اخرى وان ذلك كان معلوما له عليه السلام قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ سنخادعه عنه ونحتال فى انتزاعه من يده ونجتهد فى ذلك وفيه تنبيه على عزة المطلب وصعوبة مناله وَإِنَّا لَفاعِلُونَ ذلك غير مفرطين ولا متوانين عبروا بما يدل على الحال تنبيها على تحقق وقوعه كما فى قوله تعالى وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ وفيه اشارة الى ان لطائف الحيل وسائل فى الوصول الى المراد وان الانخداع كما انه من شأن العامة كذلك هو من شأن خواص العباد بموجب البشرية التي ركبها الله على السوية بين الافراد [آورده اند كه چهار كس در باغي رفتند بي اجازت مالك وبخوردن ميوه مشغول گشتند. يكى از ان جمله دانشمندى بود. ودوم علوى. وسوم لشگرى. و چهارم بازارى خداوند باغ درآمد چون ديد كه دست خيانت دراز كرده اند وميوه بسيار تلف شده با خود انديشه كرد كه اگر نه بنوع از فريب ومكر وحيلت در پيش آيم با ايشان برنيايم. أول روى بمرد عالم آورد وگفت تو مرد دانشمندى ومقتداى مايى ومصالح معاش ومعاد ما ببركت أقلام وحركت أقدام شما منوطست واين بزرگ ديگر از خاندان نبوت واز اهل فتوت است وما از جمله چاكران خاندان وييم ودوستى ايشان بر ما واجبست چنانكه حق تعالى ميفرمايد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى واين عزيز ديگر مرد لشگريست وخانمان وجان ما بتيغ بران وسعى وتدبير ايشان آبادان وباقيست شما اگر در باغ من آييد وتمام ميوها بمصلحت خود صرف كنيد جان ما وباغ ما فداى شما باد اين مرد بازارى كيست واو را حجت چيست وبچهـ سبب در باغ من آمده است ودست دراز كرده گريبان وى بگرفت واو را دست بردى تمام نمود كه آواز پاى درآمد ودست و پايش محكم ببست وبينداخت بعد از ان روى بلشگرى نهاد وگفت من بنده سادات وعلماام تو ندانسته كه من خراج اين باغ بسلطان داده ام اگر سادات وائمه بجان ما حكم فرمايند حاكم باشند اما بگوى كه تو كيستى وبچهـ سبب در باغ من آمدى او را نيز بگرفت وگوشمالى تمام بتقديم رسانيد واو را نيز محكم در بست بعد از ان روى بدانشمند آورد كه همه عالم بندگان ساداتند وحرمت داشتن ايشان بر همه كس واجبست اما تو كه مرد عالمى اين قدر ندانى كه در ملك ديگران بي اجازت نبايد رفت ومال مسلمانان بغصب نبايد برد جان من وخانمان من فداى سادات باد هر جاهل كه خود را دانشمند خواند وهيچ نداند در خور تأديب ومستحق تعذيب باشد او را نيز تمام برنجانيد ومقيد گردانيد بعد از ان(4/287)
وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63) قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)
روى بعلوي آورد وگفت اى لا سيد مكار واى مدعى نابكار اى ننگ سادات عظام واى عاروشين شرفاء كرام بچهـ سبب در باغ من آمده وبكدام دل وزهره اين دليرى نموده رسول فرموده است كه مال امت من بر لا علويان حلالست او را نيز ادب بليغ بتقديم رسانيد ومحكم دست و پاى وى دربست وبلطف حيل هر چار را تأديب كرد وبهاى ميوه كه خورده بودند از ايشان بستاد وبشفاعت ديگران دست از ايشان بداشت اگر حيله در امور دنيوى نبودى صاحب باغ كه يك تن بود تأديب چهار مرد نتوانستى كرد ومقصود او بحصول موصول نگشتى] فاذا انقطع اسباب الحيل يلزم حينئذ الغلظة فى المعاملة ان اقتضت الحال ذلك وإلا يسكت ويسلم
چودست از همه حيلتى در گسست ... حلالست بردن بشمشير دست
وَقالَ يوسف لِفِتْيانِهِ غلمانه الكيالين اى الموكلين على خدمة الكيل جمع فتى وهو المملوك شابا كان او شيخا اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ دسوها فى جواليقهم وذلك بعد أخذها وقبولها وإعطاء بدلها من الطعام. والبضاعة من البضع بمعنى الشق والقطع لانها قطعة من المال. والرحل الوعاء ويقال لمنزل الإنسان ومأواه رحل ايضا ومنه نسى الماء فى رحله وكل بكل رحل من يعبى فيه بضاعتهم التي شروا بها الطعام وكانت نعالا وأدما وقيل دراهم فان مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد بالآحاد وانما فعله عليه السلام تفضلا عليهم وخوفا من ان لا يكون عند أبيه ما يرجعون به مرة اخرى لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها اى يعرفون حق ردها وحق التكرم بإعطاء البدلين إِذَا انْقَلَبُوا اى رجعوا إِلى أَهْلِهِمْ وفتحوا أوعيتهم فالمعرفة مقيدة بالرجوع وتفريغ الاوعية لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لعل معرفتهم بذلك تدعوهم الى الرجوع إلينا مرة اخرى بأخيهم بنيامين فان التفضل عليهم بإعطاء البدلين ولا سيما عند إعادة البضاعة من أقوى الدواعي الى الرجوع فَلَمَّا رَجَعُوا من مصر إِلى أَبِيهِمْ فى كنعان قالُوا قبل ان يشتغلوا بفتح المتاع يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ مصدر كلت الطعام إذا أعطيته كيلا ويجوز ان يراد به المكيال ايضا على طريقة ذكر المحل وارادة الحال اى منع ذلك فيما بعد فى المستقبل وفيه ما لا يخفى من الدلالة على كون الامتيار مرة بعد اخرى معهودا فيما بينهم وبينه عليه السلام قال الكاشفى [يعنى ملك مصر حكم كرد كه ديگر طعام بر ما نه پيمانند اگر بنيامين را نبريم] وذكروا له إحسانه وقالوا انا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا بكرامة لو كان رجلا من آل يعقوب ما أكرمنا كرامته وذكروا انه ارتهن شمعون فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا بنيامين الى مصر وفيه إيذان بان مدار المنع عدم كونه معهم نَكْتَلْ بسببه ما نشاء من الطعام من الاكتيال يقال اكتلت عليه اى أخذت منه كيلا وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ من ان يصيبه مكروه ضامنون برده قالَ يعقوب هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ استفهام فى معنى النفي وآمن فعل مضارع والامن والائتمان بمعنى وهو بالفارسية [أمين داشتن كسى را] إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ منصوب على انه نعت مصدر منصوب اى الا أمنا كامنى إياكم على أخيه يوسف مِنْ قَبْلُ وقد قلتم فى حقه ما قلتم ثم فعلتم به ما فعلتم فلا أثق بكم(4/288)
ولا بحفظكم وانما أفوض الأمر الى الله تعالى فَاللَّهُ خَيْرٌ منى ومنكم حافِظاً تمييز او حال مثل لله دره فارسا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ من اهل السموات والأرضين فارجو ان يرحمنى بحفظه ولا يجمع علىّ مصيبتين وهذا كما ترى ميل منه الى الاذن والإرسال لما رأى فيه من المصلحة قال كعب لما قال يعقوب فالله خير حافظا قال الله تعالى وعزتى لا ردنّ عليك كليهما بعد ما توكلت علىّ فينبغى ان يتوكل على الله ويعتمد على حفظه دون حفظ ما سواه فان ما سواه محتاج فى حفظه الى الأسباب والآلات والله تعالى غنى بالذات مستغن عن الوسائط فى كل الأمور وفى جميع الحالات ولذا حفظ يوسف فى الجب وكذا دانيال عليه السلام فان بخت نصر طرحه فى الجب والقى عليه أسدين فلم يضراه وجعلا يلحسانه ويتبصبصان اليه فاتاه رسول فقال يا دانيال فقال من أنت قال انا رسول ربك إليك أرسلني إليك بطعام فقال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ومن حفظه تعالى ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة ابعد فذهب يوما تحت شجرة فنزع خفيه قال ولبس أحدهما فجاء طائر فاخذ الخف الآخر فحلق به فى السماء فانفلت منه اسود سالخ وهو نوع من الأفعوان شديد السواد وسمى بذلك لانه يسلخ جلده كل عام فقال النبي عليه السلام (هذه كرامة أكرمني الله بها اللهم انى أعوذ بك من شر من يمشى على رجلين ومن شر من يمشى على اربع ومن شر من يمشى على بطنه) ومن لطائف الاخبار ما ذكر فى أنيس الوحدة بالفارسية [مردى را زنى بود صاحب جمال واو از غايت غيرت كه از لوازم محبت است طاقتى نداشتى كه باد بر سر زلف او گذر يافتى يا آفتاب جهان تاب در وى تافتى
باد را گر خبر از غيرت عاشق بودى ... بر سر سنبل زلفش نگذشتى از بيم
أطراف وجوانب خانه چنان محفوظ ومضبوط گردانيده كه از نظر غير دائما مصون ومستور بودى زن چون روزى چند در ان خانه ضيق بماند بتنگ آمد شوهر را گفت مرا تا اين غايت چرا در بند ميدارى در قفص طلبد هر كجا گرفتاريست پيش ازين مرا گرفتار مدار زن اگر بدكار ونابكار باشد هيچ آفريده او را نگاه نتواند داشت وندارد واگر پارسا وعفيفه ونيكوكار باشد سر بهر كه در جهان بلكه بماه آسمان فرو نيارد ازين بند وحبس دست بدار ومرا با مستورى من سپار كه عفت من مرا حافظى بي مثل وراقبى بي نظيرست ازين نوع چندانكه گفت در نگرفت بلكه در محافظت او بيشتر مى كوشيد زن خواست كه او را برهانى نمايد در جوار او زالى بود كه گاه گاهى از شكاف در با او سخن گفتى روزى او را بخواند وبجوانى كه در ان همسايه بود پيغام فرستاد وگفت مدتى است تا در عشق گرفتارم و پى تو عاشق زارم وخواهان دولت مواصلت وآرزومند سعادت ملاقات زال تبليغ رسالت كرد جوان چون وصف حسن وجمال او شنيده بود از شادى در طرب واهتزاز آمد واز مسرت وابتهاج در هواى عشق چون باز بپرواز جواب فرستاد كه(4/289)
وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)
جانا بزبان من سخن ميگويى ... با خود سخن از زبان تو ميگويى
كيست آنكس كه نخواهد كه تو جانش باشى من بعد در سر اين كارم وعشق ترا بجان خريدار اما شوهر مردى عظيم غيورست وتمناى وصالت انديشه دور گفت
راه وصل ما بپاى عاشقان ... گر ترا رغبت بود كامى بود
مصلحت آنست كه بعزم سفر آوازه در اندازى وصندوقى بزرگ بسازى وبشوهر من فرستى كه بسفر ميروم وصندوقى پر از متاع دارم وبجز از تو بهيچ كس اعتماد ندارم ميخواهم كه بخانه تو آرم وبامانت بسپارم اگر قبول كنى لطفى بموقع خود بود ورهين منت كردم او را وداع كنى وبروى وبعد از ان درين صندوق روى وغلامت بخانه ما آرد وهرگاه كه شوهرم بيرون رود
تو ز صندوق خويش بيرون آي ... وز جمالم هميشه مى آساى
جوانرا اين تدبير خوش آمد وبران موجب كار پيش گرفت چون صندوق را بخانه آن فرستاد وموضعى معين كرد كه صندوق بنهد زن پيش شوهر آمد وگفت اين چيست وصندوق كيست شوهر حال باز گفت زن گفت ميدانى كه در صندوق چيست گفت نمى دانم گفت از عقل دور باشد كه صندوقى مقفل بخانه آرى وندانى كه در آنجا چيست اگر فردا خصم بيايد وگويد در آنجا انواع جواهر ولآلى بود وخلاف آن باشد چون از عهده آن بيرون آيى صواب آن باشد كه يكى را از خانه او بيارى وجمعى از محلت حاضر گردانى تا سر صندوق بگشايند وهر چهـ در آنجا باشد بنمايند تا در وقت مطالبت امانت طرق قيل وقال مسدود باشد مرد چون سخن مقبول شنيد صلاح درين ديد غلام آن مرد وجماعتى چند حاضر گردانيد وسر صندوق بگشادند وجوانرا ديدند در آنجا چون مغز در پسته نشسته واز غايت خجالت وشرمسارى زبان نطق بسته شوهر زن صاحب جمال نيك متحير ومتغير شد زن گفت اى خواجه اين جوانرا هيچ گناهى نيست اين كار منست و پيشه من غرض آن بود كه چون پيوسته مرا مقيد ومعذب ميداشتى خواستم كه با تو نمايم كه زنانرا هرگز نگاه نتوان داشت زن بايد كه خود مستور ونيك نام بود اگر چهـ از آنچهـ احتراز ميكردى مرا بدان ميل والتفاتى بودى يا نه عفت من مانع آن حالت كشتى تو بدست خود يارى آورده بودى اما غرض من نمودن برهانست واظهار عفت خود اكنون مرا با عفت خود سپار ودست از محافظت ومراقبت من بدار مرد چون آن حال مشاهده كرد دست از رعايت او بداشت وبيش از ان او را مقيد نداشت وبحفظ حق حواله كرد] وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ الذي حملوه من مصر وهو اسم من متع كالكلام والسلام من كلم وسلم وهو فى الأصل كل ما انتفع به والمراد به هنا اوعية الطعام مجازا إطلاقا للكل على بعض مسمياته ويسمى بعضهم هذا النوع من المجاز اعنى اطلاق الكل على البعض حقيقة قاصرة وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ [يافتند بضاعت خود را كه تسليم ملك كرده بودند] رُدَّتْ إِلَيْهِمْ تفضلا وقد علموا ذلك بدلالة الحال كأنه قيل ماذا قالوا حينئذ فقيل قالُوا لابيهم ولعله كان حاضرا عند الفتح كما فى الإرشاد(4/290)
قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)
ويؤيده ما فى القصص من ان يعقوب قال لهم يا بنى قدموا احمالكم لا دعو لكم فيها بالبركة فقدموا أحمالهم وفتحوها بين يديه فرأوا بضاعتهم فى رؤس أحمالهم فقالوا عند ذلك يا أَبانا ما نَبْغِي ما استفهامية منصوبة بنبغي وهو من البغي بمعنى الطلب اى أي شىء نطلب وراء هذا من الإحسان هذِهِ بِضاعَتُنا [اينست بضاعت ما كه غله بدين بضاعت بما فروخته اند] رُدَّتْ إِلَيْنا اى حال كونها مردودة إلينا تفضلا من حيث لا ندرى بعد ما من علينا بالمنن العظام هل من مزيد على هذا فنطلبه أرادوا الاكتفاء به فى استيجاب الامتثال لامره والالتجاء اليه فى استجلاب المزيد وَنَمِيرُ أَهْلَنا اى نجلب إليهم الطعام من عند الملك وهو معطوف على مقدر اى ردت إلينا فنستظهر بها ونمير أهلنا فى رجوعنا الى الملك يقال مار اهله يميرهم ميرا إذا أتاهم بالميرة وهى الطعام المجلوب من بلد الى بلد ومثله امتار وَنَحْفَظُ أَخانا من الجوع والعطش وسائر المكاره وَنَزْدادُ [وزياده بستانيم بواسطه او] كَيْلَ بَعِيرٍ اى حمل بعير يكال لنا من أجل أخينا لانه كان يعطى باسم كل رجل حمل بعير كأنه قيل أي حاجة الى الازدياد فقيل ذلِكَ اى ما يحمله اباعرنا كَيْلٌ يَسِيرٌ اى مكيل قليل لا يقوم باودنا اى قوتنا قالَ ابو هم لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ بعد ما عاينت منكم ما عاينت حَتَّى تُؤْتُونِ [تا بدهيد مرا] مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ اى عهدا موثوقا به اى معتمدا مؤكدا بالحلف وذكر الله وهو مصدر ميمى بمعنى الثقة استعمل فى الآية بمعنى اسم المفعول اى الموثوق به وانما جعله موثقا منه تعالى لان توكيد العهود به مأذون فيه من جهته تعالى فهو اذن منه تعالى لَتَأْتُنَّنِي بِهِ جواب القسم إذا المعنى حتى تحلفوا بالله لتأتننى به فى كل الأوقات إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ إلا وقت الإحاطة بكم وكونهم محاطا بهم اما كناية عن كونهم مغلوبين مقهورين بحيث لا يقدرون على إتيانه البتة او عن هلاكهم وموتهم جميعا وأصله من العدو فان من أحاط به العدو يصير مغلوبا عاجزا عن تنفيذ مراده او هالكا بالكلية ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر وهو قولهم البلاء موكل بالمنطق فان يعقوب عليه السلام قال اولا فى حق يوسف وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ فابتلى من ناحية هذا القول حيث قالوا أكله الذئب وقال هاهنا لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فابتلى ايضا بذلك واحيط بهم وغلبوا عليه كما سيأتى قال الكاشفى [در تبيان فرموده كه او را بشما ندهم تا سوگند خوريد بحق محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين ايشان قبول نموده بمنزلت حضرت پيغمبر ما سوگند خوردند كه در مهم بنيامين غدر نكنند] فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ عهدهم من الله حسبما أراد يعقوب قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ اى على ما قلنا فى أثناء طلب الموثق وايتائه من الجانبين وكيل مطلع رقيب يريد به عرض ثقته بالله وحثهم على مراعاة ميثاقهم وفيه اشارة الى ان التوكل بعد التوكيد كقوله تعالى فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وفى الكواشي فى قول يعقوب لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ الآية دليل على جواز التعلق بالأسباب الظاهرة مع صحة التوكل: وفى المثنوى
گر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن پس تكيه بر جبار كن
فينبغى للانسان ان يجمع بين رعاية الأسباب المعتبرة فى هذا العالم وبين ان لا يعتمد عليها وان(4/291)
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)
لا يراعيها الا لمحض التعبد بل يربط قلبه بالله وبتقديره ويعتمد عليه وعلى تدبيره ويقطع رجاه عن كل شىء سواء وليس الشأن ان لا تترك السبب بل الشأن ان تترك السبب وإرادتك الأسباب مع اقامة الله إياك فى التجريد انحطاط عن الهمة العلية لان التجريد حال الآخذ من الله بلا واسطة فالمتجرد فى هذه الحالة كمن خلع عليه الملك خلعة الرضى فجعل يتشوق لسياسة الدواب قال بعض المشايخ مثل المتجرد والمتسبب كعبدين للملك قال لاحدهما اعمل وكل من عمل يدك وقال للآخر الزم أنت حضرتى وانا أقوم لك بقسمتي فمتى خرج واحد منهما عن مراد السيد منه فقد أساء الأدب وتعرض لاسباب المقت والعطب والأسباب على انواع فقد قيل من وقع فى مكان بحيث لم يقدر على الطعام والشراب فاشتغل باسم الصمد كفاه والصمدية هى الاستغناء عن الاكل والشرب وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد الله سبحانه ان لا يسأل أحدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه شىء فعجز عن المشي ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى الله عن الإلقاء الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلما همّ بذلك انبعث من خاطره رده عن ذلك العزم ثم قال أموت ولا انقض عهدا بينى وبين الله تعالى فمرت القافلة وانقطع واستقبل القبلة مضجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذا هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وأزال ما به من الضرورة فقال له أتريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف هنا والقافلة تأتيك فوقف وإذا بالقافلة مقبلة من خلفه فانظر أن البقاء فرع الفناء فما دام لم يحصل للمرء الفناء عن الوجود لم يجد البقاء من الله ذى الفيض والجود
يكجو از خرمن هستى نتواند برداشت ... هر كه در كوى فنا در ره حق دانه نكشت
وَقالَ يعقوب ناصحا لبنيه لما از مع على ارسالهم جميعا يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مصر مِنْ بابٍ واحِدٍ وكان لها اربعة أبواب وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ اى من طرق شتى وسكك مختلفة مخافة العين فان العين والسحر حق اى كائن اثرهما فى المعين والمسحور وصاهم بذلك فى هذه الكرة لانهم كانوا ذوى جمال وهيئة حسنة مشتهرين فى مصر بالقربة عند الملك فخاف عليهم ان دخلوا جماعة واحدة ان يصابوا بالعين ولم يوصهم فى الكرة الاولى لانهم كانوا مجهولين حينئذ مغمورين بين الناس غير متجملين تجملهم فى الثانية وكان الداعي إليها خوفه على بنيامين [در لطائف آورده كه يعقوب در أول مهر پدرى پيدا كرد وآخر عجز بندگى آشكار كرد كه گفت] وَما أُغْنِي عَنْكُمْ اى لا أنفعكم ولا ادفع عنكم بتدبيري مِنَ اللَّهِ وقضائه مِنْ من رائدة لتأكيد النفي شَيْءٍ اى شيأ فان الحذر لا يمنع القدر
من جهد مى كنم قضا ميگويد ... بيرون ز كفايت تو كار دگرست
ولم يرد به الغاء الحذر بالمرة كيف لا وقد قال تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وقال خُذُوا حِذْرَكُمْ بل أراد بيان ان ما وصاهم به ليس مما يستوجب المراد لا محالة بل هو تدبير فى الجملة وانما التأثير وترتب المنفعة عليه من العزيز القدير وان ذلك ليس بمدافعة للقدر بل هو استعانة بالله وهرب منه اليه إِنِ الْحُكْمُ اى ما الحكم مطلقا إِلَّا لِلَّهِ لا يشاركه أحد ولا يمانعه شىء فلا يحكم(4/292)
أحد سواه بشئ من السوء وغيره عَلَيْهِ لا على أحد سواء تَوَكَّلْتُ فى كل ما آتى واذر. وفيه دلالة على ان ترتيب الأسباب غير مخل بالتوكل وَعَلَيْهِ دون غيره فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ الفاء لافادة التسبب فان فعل الأنبياء سبب لان يقتدى بهم قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره للعباد على الله ثلاثة أشياء تكليفهم وآجالهم والقيام بامرهم ولله على العباد ثلاثة التوكل عليه واتباع نبيه والصبر على ذلك الى الموت. ومعنى ذلك ان الثلاثة الاول دخول العبد فيها تكلف إذ لا يتصور وجودها بسبب منه ولا يجب على الله شىء. والثلاثة الاخر لا بد من قيام العبد بها إذ لا بد من تسببه فيها واعلم انه قد شهدت باصابة العين تجاريب العلماء من الزمن الأقدم وتطابق ألسنة الأنبياء على حقيتها: قال الكمال
الخجندي
عقل باطل شمرد چشم تو هر خون كه كند ... ظاهرا بى خبر از نكته العين حقست
وفى الحديث ان العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر وعن على رضى الله عنه ان جبريل اتى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقه مغتما فقال يا محمد ما هذا الغم الذي أراه فى وجهك فقال (الحسن والحسين أصابهما عين) فقال يا محمد صدقت فان العين حق وتحقيقه ان الشيء لايعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقص بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها فالتأثير الحاصل عقيبه هو فعل الله على وفق اجراء عادته إذ لا تأثير للعين حقيقة على ما هو مذهب اهل السنة وقال بعضهم تأثير المؤثر فى غيره لا يجب ان يكون مستندا الى القوى الجسمانية بل قد يكون التأثير نفسانيا محضا ويدل عليه ان اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على الأرض يقدر الإنسان على المشي عليه ولو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين يعجز عن المشي عليه وما ذلك الا لان خوفه من السقوط يوجب سقوطه منه فعلمنا ان التأثيرات النفسانية موجودة من غير ان يكون للقوى الجسمانية مدخل لها وايضا إذا تصور الإنسان كون فلان مؤذيا له حصل فى قلبه غضب يسخن بذلك مزاجه جدا فمبدأ تلك السخونة ليس الا ذاك التصور النفساني ولان مبدأ الحركات البدنية ليس الا التصورات النفسانية فلما ثبت ان تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد ايضا ان يكون بعض النفوس بحيث تتعدى تأثيراتها الى سائر الأبدان فثبت انه لا يمتنع فى العقل ان يكون بعض النفوس مؤثرا فى سائر الأبدان فان جواهر النفس مختلفة بالماهية فجاز ان يكون بعض النفوس بحيث يؤثر فى تغيير بدن حيوان آخر بشرط ان يراه ويتعجب منه وقال بعضهم وجه إصابة العين ان الناظر إذا نظر الى شىء واستحسنه ولم يرجع الى الله والى روية صنعه قد يحدث الله فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء من الله لعباده ليقول المحق انه من الله وغيره من غيره فيواخذ الناظر لكونه سببا وقال بعضهم صاحب العين إذا شاهد الشيء واعجب به كانت المصلحة له فى تكليفه ان يغير الله ذلك الشيء حتى لا يبقى قلب المكلف متعلقا به وقال بعضهم لا يستبعد ان ينبعث من عين من بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين فيتضرر بالهلاك والفساد كما قيل مثل ذلك فى بعض الحيات فان من انواع الأفاعي ما إذا وقع بصرها على عين انسان مات من ساعته والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية بل بعضها(4/293)
بالمقابلة والرؤية وبعضها لا يحتاج الى المقابلة بل يتوجه الروح اليه ونحوه. ومن هذا القبيل شر الحسود المستعاذ منه حتى قال بعضهم ان بعض العائنين لا يتوقف عينهم على الرؤية بل ربما يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه بالوصف من غير رؤية قال القزويني ويختص بعض النفوس من الفطرة بامر غريب لا يوجب مثله لغيرها كما ذكر ان فى الهند قوما إذا اهتموا بشئ اعتزلوا عن الناس وصرفوا همتهم الى ذلك الشيء فيقع على وفق اهتمامهم. ومن هذا القبيل ما ذكر ان السلطان محمود غزا بلاد الهند وكانت فيها مدينة كلما قصدها مرض فسأل عن ذلك فقيل له ان عندهم جمعا من الهند إذا صرفوا همتهم الى ذلك يقع المرض على وفق ما اهتموا فاشار اليه بعض أصحابه بدق الطبول ونفخ البوقات الكثيرة لتشويش همتهم ففعل ذلك فزال المرض واستخلصوا المدينة فهذا تأثير الهمة. واما تأثير المحبة فقد حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبه رؤيته من شدة الحزن وانشد يخاطب البدر
شقيقك غيب فى لحده ... وتطلع يا بدر من بعده
فهلا خسفت وكان الخسوف ... لباس الحداد على فقده
فخسف القمر من ساعته فانظر الى صدق هذه المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة مغناطيس القلوب وتأثير الأرواح فى الأجسام امر مشاهد محسوس فالتأثير للارواح ولشدة ارتباطها بالعين نسبت إليها قال بعض الحكماء ودليل ذلك ان ذوات السموم إذا قلت بعد لسعها خف اثر لسعها لان الجسد تكيف بكيفية السم وصار قابلا للانحراف فما دامت حبة فان نفسها تمده بامتزاج الهواء بنفسها وانتشاق الملسوع به وهذا مشاهد ولا أقول ان خاصية قتلها من حصرة فيها فقط بل هى احدى فوائدها المنقولة عنها واصل ذلك كله من إعجاب العائن بالشيء فيتبعه كيفية نفسه الخبيثة فيستعين على تنفيذ سميتها بعينه وقد يعين الرجل نفسه بغير ارادة منه وهذا أردى ما يكون وينبغى ان يعلم ان ذلك لا يختص بالانس بل قد يكون فى الجن ايضا وقيل عيونهم انفذ من أسنة الرماح وعن أم سلمة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام رأى فى بيتها جارية وفى وجهها صفرة فقال استرقوا لها فان بها النظرة وأراد بها العين أصابتها من الجن قال الفقهاء من عرف بذلك حبسه الامام واجرى له النفقة الى الموت فلما كان اصل ذلك استحسانه قال عثمان رضى الله عنه لما رأى صبيا مليحا دسموا نونته لئلا تصيبه العين اى سودوا نقرة ذقنه قالوا ومن هذا القبيل نصب عظام الرؤوس فى المزارع والكرو ووجهه ان النظر الشؤم يقع عليه او لا فتنكسر سورته فلا يظهر اثره وقد جعل الله لكل داء دواء ولكل شىء ضدا فالدعوات والأنفاس الطيبة تقابل الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة والحواس الفاسدة فتزيله- وروى- عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فرأيته معافى فقال (ان جبريل عليه السلام أتاني فرقانى وقال بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ومن كل عين وحاسد الله يشفيك قال عليه السلام فافقت) وفيه وفيما ذكر(4/294)
من حديث أم سلمة دلالة على جواز الاسترقاء وعليه عامة العلماء هذا إذا كانت الرقى من القرآن او الاذكار المعروفة اما الرقى التي لا يعرف معناها فمكروهة وعن عائشة رضى الله عنها انها قالت له صلى الله عليه وسلم (هلا تنشرت) اى تعلمت النشرة وهى الرقية قال بعضهم وفيه دليل على عدم كراهة استعمال النشرة حيث لم ينكر عليه السلام ذلك عليها وكرهها جمع واستدلوا بحديث فى سنن ابى داود مرفوعا (النشرة من عمل الشيطان) وحمل ذلك على النشرة التي تصحبها العزائم المشتملة على الأسماء التي لا تفهم كما قال المطرزي فى المغرب انما تكره الرقية إذا كانت بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخل فيه سحرا وكفرا واماما كان من القرآن وشىء من الدعوات فلا بأس به واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب او الآية المجربة او بعض اسماء الله لدفع البلاء فلا بأس به ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا فى التتار خانية وعند البعض يجوز عدم النزع إذا كان مستورا بشئ والاولى النزع. وكان عليه السلام يعوذ الحسن والحسين رضى الله عنهما فيقول (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة فعوذوا بها أولادكم فان ابراهيم كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق) رواه البخاري فى صحيحه. وكلمات الله كتبه المنزلة على أنبيائه او صفات الله كالعزة والقدرة وغيرهما وكونها تامة لعرائها عن النقص والانفصام. وكان احمد بن حنبل يستدل بقوله بكلمات الله التامة على ان القرآن غير مخلوق ويقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ بمخلوق وما من كلام مخلوق الا وفيه نقص فالموصوف منه بالتمام غير مخلوق وهو كلام الله تعالى يقول الفقير جاءت الاستعاذة بمخلوق فى قول على رضى الله عنه إذا كنت بواد تخاف فيه السبع فقل أعوذ بدانيال وبالجب من شر الأسد وذلك ان دانيال لما ابتلى بالسباع كما ذكرناه عند قوله تعالى فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ جعل الله الاستعاذة به فى ذلك تمنع شر الذي لا يستطاع كما فى حياة الحيوان قال بعضهم هذا مقام من بقي له التفات الى غير الله
فاما من توغل فى بحر التوحيد حيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجئ الا الى الله والنبي عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام قال (أعوذ بك منك) والهامة احدى الهوام وهى حشرات الأرض وقال الخطابي ذوات السموم كالحية والعقرب ونحو هما واما حديث ابن عجرة (أيؤذيك هو أم رأسك) فالمراد بها القمل على الاستعارة واللامة الملمة من المت به اى نزلت وجيئ على فاعلة ولم يقل ملمة للازدواج بهامة ويجوز ان يكون على ظاهرها بمعنى جامعة للشر على المعيون من لمه يلمه إذا جمعه يقال ان دارك تلم الناس اى تجمعهم وفى الفتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء الله تعالى من جنس الكرامات اى اظهار الخواص بالكرامة فان كل أحد لا يقدر استخراج خواص الأشياء وعن عائشة رضى الله عنها يؤمر العائن ان يتوضأ ثم يغتسل منه المعين وهو الذي أصيب بالعين وعن الحسن دواء إصابة العين ان تقرأ هذه الآية وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ وليس فى الباب انفع من هذه الآية لدفع العين وعن عائشة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام كان إذا أوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه فقرأ قل هو الله(4/295)
وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68)
أحد والمعوذتين فنفث فيهما ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه يفعل ذلك ثلاث مرات وقد قيل ان ذلك أمان من السحر والعين والهوام وسائر الأمراض والجراحات والسنة لمن رأى شيأ فاعجبه فخاف عليه العين ان يقول ما شاء الله لا قوة الا بالله ثم يبرك عليه تبريكا فيقول بارك الله فيك وعليك وذكر أن اعجب ما فى الدنيا ثلاثة. البوم لا تظهر بالنهار خوف ان تصيبها العين لحسنها كما قال فى حياة الحيوان ولما تصور فى نفسها انها احسن الحيوان لم تظهر الا بالليل. والثاني الكركي لا يطأ الأرض بقدميه بل بإحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوف ان تخسف الأرض. والثالث الطائر الذي يقف على سوقه فى الماء من الأنهار ويعرف بمالك حزين يشبه الكركي لا يشبع من الماء خشية ان يفنى فيموت عطشا. ونظيره ان دودا بطبرستان يكون بالنهار من المثقال الى الثلاثة يضيئ فى الليل كضوء الشمع ويطير بالنهار فيرى له اجنحة وهى خضراء ملساء لا جناحين له فى الحقيقة غذاؤه التراب لم يشبع قط منه خوفا من ان يفنى تراب الأرض فيهلك جوعا يقول الفقير ذلك الطائر وهذا الدود اشارة الى اهل الحرص والبخل من اهل الثروة فانهم لا يشبعون من الطعام بل من الخبز خوفا من نفاد أموالهم مع كثرتها ونعوذ بالله وقد التقطت الى هنا من انسان العيون وشرح المشارق لابن الملك وشرح الشرعة لابن السيد على أنوار المشارق وشرح الطريقة لمحمد الكردي والاسرار المحمدية ولغة المغرب وحياة الحيوان وشرح الحكم وحواشى ابن الشيخ وحواشى سعد المفتى وَلَمَّا دَخَلُوا [آن هنگام كه در آمدند أولاد يعقوب] مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ من الأبواب المتفرقة فى البلد والجار والمجرور فى موضع الحال اى دخلوا متفرقين ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ رأى يعقوب ودخولهم متفرقين مِنَ اللَّهِ من جهته تعالى مِنْ شَيْءٍ اى شيأ مما قضاه عليهم والجملة جواب لما إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها حاجة منصوبة بالا لكونها بمعنى لكن وقضاها بمعنى أظهرها ووصى بها خبر لكن. والمعنى ان رأى يعقوب فى حق بنيه وهو ان يدخلوا من الأبواب المتفرقة واتباع بنيه له فى ذلك الرأى ما كان يدفع عنهم شيأ مما قضاه الله عليهم ولكن يعقوب اظهر بذلك الرأى ما فى نفسه من الشفقة والاحتراز من ان يعانوا اى يصابوا بالعين ووصى به اى لم يكن للتدبير فائدة سوى دفع الخاطر من غير اعتقاد ان للتدبير تأثيرا فى تغيير التقرير واما إصابة العين فانما لم تقع لكونها غير مقدرة عليهم لا لانها اندفعت بذلك مع كونها مقتضية عليهم: قال فى المثنوى
گر شود ذرات عالم حيله پيچ ... با قضاى آسمان هيچست هيچ «1»
هر چهـ آيد ز آسمان سوى زمين ... نى مقر دارد نه چاره نه كمين
حيله ها و چارها كز اژدهاست ... پيش الا الله انها جمله لاست «2»
وَإِنَّهُ اى يعقوب لَذُو عِلْمٍ جليل لِما عَلَّمْناهُ بالوحى ونصب الادلة ولذلك قال وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لان العين لو قدر ان تصيبهم أصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم وهم مجتمعون وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ اسرار القدر ويزعمون ان يغنى الحذر
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان رجوع بحكايت خواجه وروستايى
(2) در أوائل دفتر سوم در بيان باز دمى آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ(4/296)
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)
تدبير كند بنده وتدبير نداند ... تقدير خداوند بتدبير نماند
وفى التأويلات النجمية وَلكِنَّ ارباب الصورة لا يَعْلَمُونَ ان ما يجرى على خواص العباد انما هو بوحينا والهامنا وتعليمنا فهم يعلمون بما نأمرهم ونحن نفعل ما نشاء بحكمتنا وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ [وآن وقت كه در آمدند أولاد يعقوب بر يوسف ببارگاه او رسيدند يوسف بر تخت نشسته بود ونقاب فرو گذاشته پرسيد كه چهـ كسانيد گفتند كنعانيانيم كه ما را فرموده بوديد كه برادر خود را بياريد او را از پدر خواستيم وبعهد و پيمان آورديم] فقال لهم أحسنتم وستجدون ذلك عندى فاجلسوا فجلسوا على حاشية البساط فاكرمهم ثم أضافهم وأجلسهم مثنى مثنى اى كل اثنين منهم على قصعة وفى التبيان على خوان قال الكاشفى [يوسف فرمود كه هر دو برادر كه از يك پدر ومادرند بر يك خوان طعام خورند هر دو كس بر يك خوان بنشستند بنيامين تنها مانده بگريه در آمد وميگريست تا بيهوش شد يوسف بفرمود تا گلاب بروى او زدند چون بهوش آمد پرسيد كه اى جوان كنعانى ترا چهـ شد كه بيهوش شدى گفت اى ملك حكم فرموديد كه هر كس با برادر أعياني طعام خورد مرا برادرى از مادر و پدر بود كه يوسف نام داشت بياد آمد با خود گفتم لو كان أخي يوسف حيا لا جلسنى معه از شوق اين حال بى طاقت شدم سبب گريه وبيهوشىء من اين بود گفت بيا تا من برادر تو باشم وبا تو بر يك خوان نشينم پس بفرمود تا خوان وبرابر داشتند ودر پس پرده آوردند واو را نيز طلبيده وبدين بهانه] آوى إِلَيْهِ فى الطعام أَخاهُ بنيامين وكذا فى المنزل والمبيت وانزل كل اثنين منهم بيتا ثم قال له هل تزوجت قال نعم ولى عشرة بنين اشتققت أسماءهم من اسم أخ لى هلك وفى القصص رزقت ثلاثة أولاد ذكور قال فما اسماؤهم قال اسم أحدهم ذئب فقال له يوسف أنت ابن نبى فكيف تسمى ولدك بأسماء الوحوش فقال ان إخوتي لما زعموا ان أخي أكله الذئب سميت ابني ذئبا حتى إذا صحت به ذكرت أخي فابكى فبكى يوسف وقال ما اسم الآخر قال دم قال ولم سميت بهذا الاسم فقال إخوتي جاؤا بقميص أخي متضمخا بالدم فسميته بذلك حتى إذا صحت به ذكرت أخي يوسف فابكى فبكى يوسف وقال وما اسم الثالث قال يوسف سميت به حتى إذا صحت به ذكرت أخي فابكى فبكى يوسف وقال فى نفسه الهى وسيدى هذا أخي أراه بهذا الحزن فكيف يكون حال الشيخ يعقوب اللهم اجمع بينى وبينه قبل فراق الدنيا ثم قال له أتحب ان أكون أخاك بدل أخيك الهالك قال من يجد أخا مثلك ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل فبكى يوسف وقام اليه وعانقه وتعرف اليه وعند ذلك قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ يوسف قال الكاشفى [يوسف نقاب بسته دست بطعام كرد چون بنيامين را نظر بر دست يوسف افتاد بگريست يوسف او را پرسيد كه اين چهـ گريه است گفت اى ملك چهـ مانندست دست تو بدست برادرم يوسف كه اين كلمه را شنيد طاقتش نماند نقاب از چهره برداشت وبنيامين را گفت منم برادر تو] وفى القصص جعل بنيامين يأكل ويغص باكله ويطيل النظر الى يوسف فقال له يوسف أراك تطيل النظر الىّ فقال ان أخي الذي أكله الذئب يشبهك فقال له يوسف أنا أخوك فَلا تَبْتَئِسْ فلا تحزن قال فى تهذيب المصادر [الابتئاس: اندوهگين شدن](4/297)
فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)
بِما كانُوا يَعْمَلُونَ بنا فيما مضى فان الله قد احسن إلينا وجمعنا بخير وامره ان لا يخبرهم بل يخفى الحال عنهم. وفيه تنبيه على ان إخفاء المرام وكتمه مما يستحب فى بعض المكان ويعين على تحصيل المقاصد ولذلك ورد فى الأثر (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) وايضا فى الضيافة المذكورة اشارة الى ان اطعام الطعام من سنن الأنبياء العظام كان ابراهيم عليه السلام مضيافا لا يأكل طعاما بلا ضيف وعن جابر رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (ألا أحدثكم بغرف الجنة) قلنا بلى يا رسول الله بأبينا وأمنا قال (ان فى الجنة غرفا من اصناف الجواهر يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وفيها من النعيم واللذات والسرور ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) قال قلت لمن هذه الغرف يا رسول الله قال (لمن أفشى السلام واطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام) ثم ان فى قوله فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اشارة الى ان الله تعالى لا يهدى كيد الحاسدين بل النصر الإلهي والتأييد الرباني مع القوم الصالحين ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه فى الغار لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا لا ترى الى ما فعل أولاد يعقوب فى حق يوسف وأخيه من الحسد والأذى فما وصلوا الى ما أملوا بل الله تعالى جمع بينهما اى الأخوين ولو بعد حين وكذا بين يعقوب ويوسف فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ الجهاز المتاع وهو كل ما ينتفع به اى كال كيلهم واعطى كل واحد منهم حمل بعير وأصلحهم بعدتهم وهى الزاد فى السفر وفى القصص قال يوسف لاخوته أتحبون سرعة الرجوع الى أبيكم قالوا نعم فامر الكيال بكيل الطعام وقال له زدهم وقر بعير ثم جهزهم بأحسن جهاز وأمرهم بالمسير- روى- ان يوسف لما تعرف الى أخيه بنيامين [از هوش برفت وبا خود آمده دست در كردن يوسف افكند وبزبان حال كفت
اين كه مى بينم به بيداريست يا رب يا بخواب ... خويشتن را در چنين راحت پس از چندين عذاب
آنكه دست در دامن زد] قائلا له فانا لا أفارقك قال يوسف قد علمت اغتمام والدي بي فاذا حبستك ازداد غمه ولا سبيل الى ذلك الا ان أشهرك بامر فظيع قال لا أبالي فافعل ما بدا لك قال أدس صاعى فى رحلك ثم أنادي عليك بانك سرقته ليتهيألى ردك بعد تسريحك معهم قال افعل فلما جهزهم بجهازهم جَعَلَ السِّقايَةَ هى مشربة بكسر الميم اى اناء يشرب منه جعلت صواعا يكال به وكانت من فضة وكان الشرب فى اناء الفضة مباحا فى الشريعة الاولى او من بلور او زمردة خضراء او ياقوتة حمراء تساوى مائتى الف دينار ويشرب يوسف منها وقال فى الكواشي كانت من ذهب مرصعة بالجواهر كال بها لاخوته إكراما لهم وقال الكاشفى [ملك از ان آب خوردى درين وقت بجهت عزت ونفاست طعام آنرا پيمانه ساخته بود] فِي رَحْلِ أَخِيهِ بنيامين ولما انفصلوا عن مصر نحو الشام أرسل يوسف من استوقفهم فوقفوا ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ اى نادى مناد من فتيان يوسف واسمه افرائيم أَيَّتُهَا الْعِيرُ [اى كاروانيان] وهى الإبل التي عليها الأحمال لانها تعير اى تذهب وتجيئ والمراد اصحاب الإبل إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال بعضهم هذا الخطاب بامر يوسف(4/298)
قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)
فلعله أراد بالسرقة أخذهم له من أبيه ودخول بنيامين فيه يطريق التغليب وهو من قبيل المبالغة فى التشبيه اى أخذتم يوسف من أبيه على وجه الخيانة كالسراق وقد صدر التعريض والتورية من الأنبياء عليهم السلام- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل قريبا من بدر ركب هو وابو بكر حتى وقفا على شيخ من العرب يقال له سفيان فسأله عليه السلام عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما فقال له عليه السلام إذا اخبرتنا أخبرناك فاخبر الشيخ حسبما بلغه خبرهم فلما فرغ قال من أنتما فقال عليه السلام (نحن من ماء دافق) وأوهم انه من ماء العراق ففيه تورية وأضيف الماء الى العراق لكثرته به- وروى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من الغار وتوجه الى المدينة كان ابو بكر رضى الله عنه رديفا له وإذا سأله اى أبا بكر سائل من هذا الذي معك يقول هذا الرجل يهدينى الطريق يعنى طريق الخير كذا فى انسان العيون قال فى حواشى سعدى المفتى الكذب إذا تضمن مصلحة يرخص فيه [دروغ مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز] وقال بعضهم هذا الخطاب من قبل المؤذن بناء على زعمه وذلك ان يوسف وضع السقاية بنفسه فى رحل أخيه وأخفى الأمر عن الكل او امر بذلك بعض خواصه قال فى القصص انه ابنه وامره بإخفاء ذلك عن الكل ثم ان اصحاب يوسف لما طلبوا السقاية وما وجدوها وما كان هناك أحد غير الذين ارتحلوا غلب على ظنهم انهم هم الذين أخذوها فنادى المنادى من بينهم على حسب ظنه انكم لسارقون قالُوا اى الاخوة وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ جملة حالية من قالوا جيئ بها للدلالة على ازعاجهم مما سمعوه لمباينته لحالهم اى وقد اقبلوا على طالبى السقاية ماذا تَفْقِدُونَ اى تعدمون تقول فقدت الشيء إذا عدمته بان ضل عنك لا بفعلك والمآل ما الذي ضاع منكم قالُوا فى جوابهم نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وصيغة المضارع فى كلا المحلين لاستحضار الصورة ثم قالوا تربية لما تلقوه من قبلهم واراءة لاعتقاد انه انما بقي فى رحلهم اتفاقا وَلِمَنْ جاءَ بِهِ من عند نفسه مظهرا له قبل التفتيش وفى البحر ولمن دل على سارقه وفضحه حِمْلُ بَعِيرٍ من البر جعلاله وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ كفيل اؤديه الى من جاء به ورده لان الملك يتهمنى فى ذلك وهو قول المؤذن وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان من يكون مستأهلا لحمل البعير الذي هو علف الدواب متى يكون مستحقا لمشربة هى من مشارب الملوك قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ قسم فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم والجمهور على ان التاء بدل من الواو مختصة باسم الله تعالى. والمعنى ما اعجب حالكم أنتم تعلمون علما جليا من ديانتنا وفرط أمانتنا اننا بريئون مما تنسبون إلينا فكيف تقولون لنا انكم لسارقون. وقوله لنفسد اى لنسرق فانه من أعظم انواع الفساد وَما كُنَّا سارِقِينَ اى ما كنا نوصف بالسرقة قط وانما حكموا بعلمهم ذلك لان العلم بأحوالهم الشاهدة يستلزم العلم بأحوالهم الغائبة قالُوا اى اصحاب يوسف فَما جَزاؤُهُ على حذف المضاف اى فما جزاء سرقة الصواع عندكم وفى شريعتكم إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ فى جحودكم ونفى كون الصواع فيكم قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ اى أخذ من وجد الصواع فِي رَحْلِهِ واسترقاقه(4/299)
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79) فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)
وكان حكم السارق فى شرع يعقوب ان يسترق سنة بدل القطع فى شريعتنا فَهُوَ جَزاؤُهُ تقرير لذلك الحكم اى فاخذه جزاؤه كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الأدنى نَجْزِي الظَّالِمِينَ بالسرقة تأكيد للحكم المذكور غب تأكيد وبيان بقبح السرقة ولقد فعلوا ذلك ثقة بكمال براءتهم منها وهم عما فعل بهم غافلون فَبَدَأَ يوسف بعد ما رجعوا اليه التفتيش بِأَوْعِيَتِهِمْ باوعية الاخوة العشرة اى بتفتيشها قَبْلَ تفتيش وِعاءِ أَخِيهِ بنيامين لنفى التهمة- روى- ان اصحاب يوسف قالوا أنيخوا نفتش رحالكم فاناخوا واثقين ببراءتهم ففتشوا رحل الأخ الأكبر ثم الذي يليه ثم وثم الى ان بلغت النوبة الى رحل بنيامين فقال يوسف ما أظن أخذ هذا شيأ فقالوا والله لا نتركه حتى ننظر فى رحله فانه أطيب لنفسك وأنفسنا فلما فتحوا متاعه استخرجوه منه وذلك قوله ثُمَّ اسْتَخْرَجَها اى الصواع لانه يذكر ويؤنث مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فلما وجد الصاع مدسوسا فى رحل بنيامين واستخرج منه نكسوا رؤسهم وانقطعت ألسنتهم فاخذوا بنيامين مع ما معه من الصواع وردوه الى يوسف وأخذوا يشتمونه بالعبرانية وقالوا له يا لص ما حملك على سرقة صاع الملك ولا يزال ينالنا منك بلاء كما لقينا من ابن راحيل فقال بنيامين بل ما لقى ابنا راحيل البلاء الا منكم فاما يوسف فقد عملتم به ما فعلتم واما انا فسرّقتمونى اى نسبتمونى الى السرقة قالوا فمن جعل الإناء فى متاعك أليس قد خرج من رحلك قال ان كنتم سرقتم بضاعتكم الاولى وجعلتموها فى رحالكم فكذلك انا سرقت الصاع وجعلته فى رحلى فقال روبيل والله لقد صدق وأراد بنيامين ان يخبرهم بخبر يوسف فذكر وصيته له فسكت كَذلِكَ نصب على المصدرية والكاف مقحمة للدلالة على فخامة المشار اليه وكذا ما فى ذلك من معنى البعد اى مثل ذلك الكيد العجيب وهو عبارة عن ارشاد الاخوة الى الإفتاء المذكور باجرائه على ألسنتهم وبحملهم عليه بواسطة المستفتين من حيث لم يحتسبوا فمعنى قوله تعالى كِدْنا لِيُوسُفَ صنعنا له ودبرنا لاجل تحصيل غرضه من المقدمات التي رتبها من دس الصواع وما يتلوه فاللام ليست كما فى قوله فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً فانها داخلة على المتضرر على ما هو الاستعمال الشائع. والكيد فى الأصل عبارة عن المكر والخديعة وهو ان توهم غيرك خلاف ما تخفيه ما كانَ يوسف لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ استئناف وتعليل لذلك الكيد وصنعه كأنه قيل لماذا فعل يوسف ذلك فقيل لانه لم يكن ليأخذ أخاه بما فعل فى دين ملك مصر فى امر السارق اى فى حكمه وقضائه الا به لان جزاء السارق فى دينه انما كان ضربه وتغريمه ضعف ما أخذ دون الاسترقاق والاستعباد كما هو شريعة يعقوب فلم يكن يتمكن بما صنعه من أخذ أخيه بالسرقة التي نسبها اليه فى حال من الأحوال إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ اى إلا حال مشيئته التي هى عبارة عن إرادته لذلك الكيد وإلا حال مشيئته للاخذ بذلك الوجه قال الكواشي لولا شريعة أبيه لما تمكن من أخذ أخيه انتهى قال فى بحر العلوم وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية التي يتوصل بها الى مصالح ومنافع دينية كقوله لايوب وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ليتخلص من جلدها ولا يحنث وكقول ابراهيم هى اختى لتسلم من يد الكافر وما الشرائع كلها الا مصالح وطرق الى.
التخلص من الوقوع فى المفاسد وقد علم الله فى هذه الحيلة التي لقنها يوسف مصالح عظيمة(4/300)
قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)
فجعلها سلما وذريعة إليها فكانت حسنة جميلة وانزاحت عنها وجوه القبح نَرْفَعُ دَرَجاتٍ اى رتبا كثيرة عالية من العلم وانتصابها على المصدرية او الظرفية او على نزع الخافض اى الى درجات والمفعول قوله تعالى مَنْ نَشاءُ اى نشاء رفعه حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة كما رفعنا يوسف وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ من الخلق عَلِيمٌ ارفع درجة منه فى العلم يعنى ليس من عالم الا وفوقه اعلم منه حتى ينتهى العلم الى الله تعالى
دست شد بالاى دست اين تا كجا ... تا بيزدان كه اليه المنتهى
كان يكى درياست بي غور وكران ... جمله درياها چوسيلى پيش آن
وعن محمد بن كعب ان رجلا سأل عليا رضى الله عنه عن مسألة فقال فيها قولا فقال الرجل ليس هو كذا ولكنه كذا وكذا فقال على أصبت واخطأت وفوق كل ذى علم عليم وفى التأويلات النجمية نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ من عبادنا بان نؤتيه علم الصعود من حضيض البشرية الى ذروة العبودية بتوفيق الربوبية وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ آتيناه علم الصعود عَلِيمٌ يجذبه من المصعد الذي يصعد اليه بالعلم المخلوق الى مصعد لا يصعد اليه الا بالعلم القديم وهو السير فى الله بالله الى الله وهذا صواع لا يسعه اوعية الانسانية انتهى كلام التأويلات قالُوا ان الصواع لما خرج من رحل بنيامين افتضح الاخوة ونكسوا رؤسهم حياء فقالوا تبرئة لساحتهم إِنْ يَسْرِقْ بنيامين فلا عجب فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ يريدون به يوسف واختلف فيما أضافوا الى يوسف من السرقة فقيل كان أخذ فى صباه صنما كان لجده ابى امه لانه كان يعبد الأصنام بحران وهى بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء قرية فى جانب دمشق فقالت راحيل لابنها يوسف خذ الصنم واكسره لعله يترك عبادة الصنم فاخذه يوسف وكسره وألقاه بين الجيف فى الطريق وهو الأصح لما ذكر فى الفردوس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (سرق يوسف صنما لجده ابى امه من فضة وذهب فكسره وألقاه على الطريق) وعيره اخوته بذلك وفيه اشارة الى ان الإنسان الكامل قابل لتهمة السرقة فى بدء الأمر وهى الاستراق من الشهوات الدنيوية النفسانية ويخلص فى النهاية للامور الاخروية الروحانية فبين أول الأمر وآخره فرق كثير وقيل كانت لابراهيم منطقة يتوارثها أكابر ولده فورثها إسحاق ثم وقعت الى ابنته وكانت اكبر أولاده فحضنت يوسف وهى عمته بعد وفاة امه راحيل وكانت تحبه حبا شديدا بحيث لا تصبر عنه فلما شب أراد يعقوب ان ينزعه منها فاحتالت بان شدت المنطقة على وسط يوسف تحت ثيابه وهو نائم وقالت فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها ففتشوا فوجدوها مشدودة على يوسف تحت ثيابه فقالت انه سرقها منى فكان سلما لى وكان حكمهم ان من سرق يسترق فتوسلت بهذه الحيلة الى إمساكه عند نفسها فتركه يعقوب عندها الى ان ماتت فَأَسَرَّها يُوسُفُ اى أكن الحزازة الحاصلة مما قالوا والحزازة وجع فى القلب من غيظ ونحوه كما فى القاموس وقال فى الكواشي فاسرها اى كلمتهم انه سرق فِي نَفْسِهِ لا انه أسرها فى بعض أصحابه كما فى قوله وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ اى لم يظهرها لهم لا قولا ولا فعلا صفحا عنهم وحلما كأنه قيل فماذا قال فى نفسه عند تضاعيف ذلك الاسرار(4/301)
قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)
فقيل قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً اى منزلة حيث سرقتم أخاكم من أبيكم ثم طفقتم تفترون على البريء وعن ابن عباس رضى الله عنهما عوقب يوسف بثلاث حين همّ بزليخا فسجن وحين قال اذكرني عند ربك فلبث فى السجن بضع سنين وحين قال انكم لسارقون فردوا عليه وقالوا فقد سرق أخ له من قبل وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ اى عالم علما بالغا الى أقصى المراتب بان الأمر ليس كما تصفون من صدور السرقة منا بل انما هو افتراء علينا فالصيغة لمجرد المبالغة لا لتفضيل علمه على علمهم كيف لا وليس لهم بذلك من علم وفى البحر اعلم بما تصفون منكم لانه عالم بحقائق الأمور وكيف كانت سرقة أخيه الذي احلتم سرقته عليه انتهى فاعلم على ما قرره على معناه التفضيلى فان قيل لم يكن فيهم علم والتفضيل يقتضى الشركة قلنا يكفى الشركة بحسب زعمهم فانهم كانوا يدعون العلم لانفسهم ألا يرى الى قولهم فقد سرق أخ له من قبل على سبيل الجزم كما فى الحواشي السعدية- روى- انهم كلموا العزيز فى اطلاق بنيامين فقال روبيل ايها الملك لتردّن إلينا أخانا اولا صيحنّ صيحة تضع منها الحوامل فى مصر وقامت شعور جسده فخرجت من ثيابه وكان بنوا يعقوب إذا غضبوا لا يطاقون خلا انه إذا مس من غضب واحد منهم سكن غضبه فقال يوسف لابنه قم الى جنبه فمسه ويروى خذ بيده فمسه فسكن غضبه فقال روبيل ان هنا لبذرا من بذر يعقوب فقال يوسف من يعقوب وروى انه غضب ثانيا فقام اليه يوسف فركضه برجله وأخذ بتلابيبه فوقع على الأرض فقال أنتم معشر العبرانيين تظنون ان لا أحد أشد منكم
خدايى كه بالا وبست آفريد ... ز بر دست هر دست دست آفريد
قال السعدي
كر چهـ شاطر بود خروس بجنگ ... چهـ زند پيش باز رويين چنك
گربه شيرست در گرفتن موش ... ليك موشست در مصاف پلنگ
ولما رأوا ان لا سبيل لهم الى تخليصه خضعوا حيث قالُوا مستعطفين يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فى السن لا يكاد يستطيع فراقه [وبعد از هلاك پسر خود يوسف بدو انس والفت دارد] فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ بدله على وجه الاسترهان او الاسترقاق فلسنا عنده بمنزلته من المحبة والشفقة إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إلينا فى الكيل والضيافة فاتمم إحسانك بهذه النعمة قالَ يوسف مَعاذَ اللَّهِ من اضافة المصدر الى المفعول به اى نعوذ بالله معاذا من أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ غير من وجد الصواع فى رحله لان أخذنا له انما هو بقضية فتواكم فليس لنا الإخلال بموجبها إِنَّا إِذاً اى إذا أخذنا غير من وجد متاعنا عنده ولو برضاه لَظالِمُونَ فى مذهبكم وما لنا ذلك قال فى بحر العلوم وإذا جواب لهم وجزاء لان المعنى ان أخذنا بدله ظلمنا هذا ظاهره واما باطنه فهو ان الله أمرني بالوحى ان آخذ بنيامين لمصالح علمها الله فى ذلك فلو أخذت غيره لكنت ظالما وعاملا بخلاف الوحى وفيه اشارة الى ان العمل بخلاف الإلهام ايضا ظلم لان كل وارد يرد من الله تعالى لا بد ان يعمل به النبي والولي ويضعه فى المحل الذي عينه الله فالانبياء والأولياء منتظرون لامر الله(4/302)
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)
فى كل حادثة فما لم يأمروا به ولم يخبروا لا يصدقونه ولا يتبعونه وكان لسرى تلميذة ولها ولد عند المعلم فبعث به المعلم الى الرحى فنزل الصبى فى الماء فغرق فاعلم المعلم سريا بذلك فقال السرى قوموا بنا الى امه فمضوا إليها وتكلم السرى عليها فى علم الصبر ثم تكلم فى علم الرضى فقال يا أستاذ وأي شىء تريد بهذا فقال لها ان ابنك قد غرق فقالت ابني فقال نعم فقالت ان الله تعالى ما فعل هذا ثم عاد السرى فى كلامه فى الصبر والرضى فقالت قوموا بنا فقاموا معها حتى انتهوا الى النهر فقالت اين غرق قالوا هاهنا فصاحت ابني محمد فاجابها لبيك يا أماه فنزلت وأخذت بيده فمضت به الى منزلها فالتفت السرى الى الجنيد وقال أي شىء هذا فقال أقول قال قل قال ان المرأة مراعية لما لله عليها وحكم من كان مراعيا لما لله عليه ان لا تحدث حادثة حتى يعلم بها فلما لم تكن تعلم هذه الحادثة أنكرت فقالت ان ربى ما فعل هذا ثم ان الظلم على انواع فالحكم بغير ما حكم الله به ظلم وطلب الظلم ظلم والصحبة بغير المجانس ظلم ومن ابتلى بالظلم وسائر الأوزار فعليه التدارك بالتوبة والاستغفار قال سهل إذا أحب الله عبدا جعل ذنبه عظيما فى نفسه وفتح له بابا من التوبة الى رياض أنسه وإذا غضب على عبد جعل ذنبه صغيرا فى عينيه فكلما أدبه لا يتعظ نسأل الله التوبة فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ يئسوا غاية اليأس بدلالة صيغة الاستفعال قال الكاشفى [پس آن وقت كه نوميد شدند از يوسف ودانستند كه برادر را بديشان نمى دهد] خَلَصُوا اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم غيرهم نَجِيًّا متناجين فى تدبير أمرهم على أي صفة يذهبون وماذا يقولون لابيهم فى شأن أخيهم قال فى الكواشي جماعة يتناجون سرا لان النجى من تساره وهو مصدر يعم الواحد والجمع والذكر والأنثى قالَ كَبِيرُهُمْ فى السن وهو روبيل او فى العقل وهو يهودا او رئيسهم وهو شمعون وكانت له الرياسة على اخوته كأنهم اجمعوا عند التناجي على الانقلاب جملة ولم يرض فقال منكرا عليهم أَلَمْ تَعْلَمُوا اى قد علمتم يقينا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ عهدا وثيقا وهو حلفهم بالله وكونه من الله لاذنه فيه وقال الكاشفى [وشما سوكند خوريد بمحمد آخر زمان كه درشان وى غدر نكنيد اكنون اين صورت واقع شد] وَمِنْ قَبْلُ اى من قبل هذا وهو متعلق بالفعل الآتي ما مزيدة فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ اى قصرتم فى شأنه ولم تحفظوا عهد أبيكم وقد قلتم وانا لناصحون وانا له لحافظون فنحن متهمون بواقعة يوسف فليس لنا مخلص من هذه الورطة فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ ضمن معنى المفارقة فعدى الى المفعول اى لن أفارق ارض مصر ذاهبا منها فلن أبرح تامة لا ناقصة لان الأرض لا تحمل على المتكلم حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي فى العود اليه وكأن ايمانهم كانت معقودة على عدم الرجوع بغير اذن يعقوب أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي بالخروج منها على وجه لا يؤدى الى نقض الميثاق او بخلاص أخي بسبب من الأسباب وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ إذ لا يحكم الا بالحق والعدل قال الكاشفى [وميل ومداهنه در حكم او نيست] ارْجِعُوا أنتم إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ على ظاهر الحال وَما شَهِدْنا عليه بالسرقة إِلَّا بِما عَلِمْنا وشاهدنا ان الصواع استخرج من وعائه وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ اى باطن(4/303)
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)
الحال حافِظِينَ فما ندرى أحقيقة الأمر كما شاهدنا أم هى بخلافه: يعنى [بظاهر دزدى او ديدم اما از نفس الأمر خبر نداريم كه برو تهمت كردند وصاع را دربار او نهادند يا خود مباشر اين امر بوده] ثم انهم لما كانوا متهمين بسبب واقعة يوسف أمرهم كبيرهم بان يبالغوا فى ازالة التهمة عن أنفسهم ويقولوا وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها اى وقولوا لابيكم أرسل الى اهل مصر واسألهم عن كنه القصة لتبين لك صدقنا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها العير الإبل التي عليها الأحمال اى اصحاب العير التي توجهنا فيهم وكنا معهم وكانوا قوما من كنعان من جيران يعقوب وَإِنَّا لَصادِقُونَ ثم رجع كبيرهم فدخل على يوسف فقال له لم رجعت قال انك اتخذت أخي رهينة فخذنى معه فجعله عند أخيه واحسن إليهما كأنه قيل فماذا كان عند قول المتوقف لاخوته ما قال فقيل قالَ يعقوب عند ما رجعوا اليه فقالوا له ما قال لهم أخوهم بَلْ إضراب عما يتضمن كلامهم من ادعاء البراءة من التسبب فيما نزل به وانه لم يصدر منهم ما يؤدى الى ذلك من قول او فعل كأنه قيل لم يكن الأمر كذلك بل سَوَّلَتْ لَكُمْ زينت وسهلت أَنْفُسُكُمْ أَمْراً من الأمور أردتموه ففعلتموه وهو فتواكم ان جزاء السارق ان يؤخذ ويسترق والا فما أدرى الملك ان السارق يؤخذ بسرقته لان ذلك انما هو من دين يعقوب لامن دين الملك ولولا فتواكم وتعليمكم لما حكم الملك بذلك ظن يعقوب عليه السلام سوأبهم كما كان فى قصة يوسف قبل فاتفق ان صدق ظنه هناك ولم يتحقق هنا قال السعدي [دروغ كفتن بضربت لازب ماند كه اگر نيز جراحت درست شود نشان بماند چون برادران يوسف بدروغى موسوم شدند بر راست كفتن ايشان نيز اعتماد نماند] قال الله تعالى بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ الآية
كسى را كه عادت بود راستى ... خطا كر كند در كذارند ازو
وكر نامور شد بنا راستى ... دكر راست باور ندارند ازو
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ اى فامرى صبر جميل وهو ان لا يكون فيه شكوى الى الخلق وعن ابى الحسن قال خرجت حاجا الى بيت الله الحرام فبينا انا أطوف وإذا بامرأة قد أضاء حسن وجهها فقلت والله ما رأيت الى اليوم قط نضارة وحسنا مثل هذه المرأة وما ذاك الا لقلة الهم والحزن فسمعت ذلك القول منى فقالت كيف قلت يا هذا الرجل والله انى لوثيقة بالاحزان مكلومة الفؤاد بالهموم والأشجان ما يشركنى فيها أحد فقلت وكيف ذلك قال ذبح زوجى شاة ضحينا بها ولى ولدان صغيران يلعبان وعلى يدى طفل يرضع فقمت لا صنع لهم طعاما إذ قال ابني الكبير للصغير ألا أريك كيف صنع ابى بالشاة قال بلى فاضطجعه وذبحه وخرج هاربا نحو الجبل فاكله ذئب فانطلق أبوه فى طلبه فادركه العطش فمات فوضعت الطفل وخرجت الى الباب انظر ما فعل أبوهم فدب الطفل الى البرمة وهى على النار فالقى يده فيها وصبها على نفسه وهى تغلى فانتشر لحمه عن عظمه فبلغ ذلك ابنة لى كانت عند زوجها فرمت بنفسها الى الأرض فوافقت أجلها فافردنى الدهر من بينهم فقلت لها فكيف صبرك على هذه المصائب العظيمة فقالت ما من أحد ميز الصبر والجزع الا وجد بينهما منهاجا متفاوتا فاما(4/304)
وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)
الصبر بحسن العلانية فمحمود العاقبة واما الجزع فصاحبه غير معوض ثم أعرضت وهى تنشدنى
صبرت وكان الصبر خير معول ... وهل جزع يجدى علىّ فاجزع
صبرت على ما لو تحمل بعضه ... جبال غرور أصبحت تتصدع
ملكت دموع العين حتى رددتها ... الى ناظرى فالعين فى القلب تدمع
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً [شايد كه خداى تعالى آورد همه ايشانرا بمن] اى بيوسف وأخيه والمتوقف بمصر فانهم حين ذهبو الى البادية أول مرة كانوا اثنى عشر فضاع يوسف وبقي أحد عشر ولما أرسلهم الى مصر فى الكرة الثانية عادوا تسعة لان بنيامين حبسه يوسف واحتبس ذلك الكبير الذي قال فلن أبرح الأرض فلما بلغ الغائبون ثلاثة لاجرام أورد صيغة الجمع إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بحالي فى الحزن والأسف الْحَكِيمُ الذي لم يبتلنى الا لحكمة بالغة واعلم ان البلاء على ثلاثة اضرب. منها تعجيل عقوبة للعبد. ومنها امتحان ليبرز ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه. ومنها كرامة ليزداد عنده قربة وكرامة. واما تعجيل العقوبة فمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذي هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ومثل ما نزل بيعقوب كما قال وهب اوحى الله الى يعقوب أتدري لما عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة قال لا الهى قال لانك شويت عناقا وقترت على جارك وأكلت ولم تطعمه- وروى- ان سبب ابتلاء يعقوب انه ذبح عجلا بين يدى امه وهو يخور وقيل اشترى چارية مع ولدها فباع ولدها فبكت حتى عميت- وروى- انه اوحى اليه انما وجدت عليكم لانكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه منها شيأ. واما الامتحان فمثل ما نزل بايوب عليه السلام قال تعالى إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ. واما الكرامة فمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى إسرائيل وفى الكل عظم الاجر والثواب بالصبر وعدم الاضطراب وقام بعضهم ليقضى ورده من الليل فاصابه البرد فبكى من شدته فجازت عليه سنة فقال له قائل ما جزاء ان أنمناهم وأقمناك الا ان تبكى علينا فانتبه واستغفر قال ابو القاسم القشيري سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول فى آخر عمره وقد اشتدت به العلة من امارات التأييد حفظ التوحيد فى اوقات الحكم ثم قال كالمفسر لفعله مفسرا لما كان فيه من حاله وهو ان يقرضك بمقاريض القدرة فى إمضاء الاحكام قطعة قطعة وأنت ساكن خامد: قال الحافظ
عاشقانرا كر در آتش مى پسندد لطف يار ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كنم
وَتَوَلَّى عَنْهُمْ اعرض يعقوب عنهم كراهة لما سمع منهم قال الكاشفى [پس يعقوب از غايت ملال توجه به بيت الأحزان فرمود] قال الجامى
رواى همدم تو در بزم طرب با دوستان خوش زى ... مرا بگذار تا تنها درين بيت الحزن ميرم(4/305)
وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ الأسف أشد الحزن والحسرة وأصله يا أسفي باضافة الأسف الى ياء المتكلم فقلبت الياء الفا طلبا للتخفيف لان الفتحة والالف أخف من الكسرة والياء نادى أسفه وقال يا أسفا تعالى واحضر فهذا أوانك: قال الجامى
كر چويوسف ز ما شوى غائب ... همچويعقوب ما ويا أسفا
: وقال الحافظ
يوسف عزيزم رفت اى برادران رحمى ... كز غمش عجب ديده ام حال پير كنعانى
وانما تأسف على يوسف مع ان الحادث مصيبة أخويه بنيامين والمحتبس والحادث أشد على النفس دلالة به على تمادى أسفه على يوسف وان زرأه اى مصيبته مع تقادم عهده كان غضا عنده طريا ولان زرأ يوسف كان قاعدة المصيبات ولانه كان واثقا بحياتهما عالما بمكانهما طامعا فى إيابهما واما يوسف فلم يكن فى شأنه ما يحرك سلسلة رجائه سوى رحمة الله وفضله وفى الحديث (لم تعط امة من الأمم انا لله وانا اليه راجعون عند المصيبة الا امة محمد صلى الله عليه وسلم) الا يرى الى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع بل قال يا أسفا على يوسف وعن ابى ميسرة قال لو ان الله أدخلني الجنة لعاتبت يوسف بما فعل بابيه حيث لم يكتب كتابا ولم يعلم حاله ليسكن ما به من الغم انتهى يقول الفقير هذا كلام ظاهرى وذهول عما سيأتى من الخبر الصحيح ان هذا كان بامر جبرائيل عن امر الله تعالى والا فكيف يتصور من الأنبياء قطع الرحم وقد كان بين مصر وكنعان
ثمانى مراحل وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ الموجب للبكاء فان العبرة إذا كثرت محقت سواد العين وقلبته الى بياض وقد تعميها كما اخبر عن شعيب عليه السلام فانه بكى من حب الله تعالى حتى عمى فرد الله عليه بصره وكذا بكى يعقوب حتى عمى وهو الأصح لقوله تعالى فَارْتَدَّ بَصِيراً: قال الكمال الخجندي
ز كريه بر سر مردم يقين كه خانه چشم ... فرو رود شب هجران ز بس كه بارانست
- روى- انه ما جفت عينا يعقوب من يوم فراق يوسف الى حين لقائه ثمانين سنة وما على وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب فان قلت لم ذهب بصر يعقوب بفراقه واشتياقه الى يوسف قلت لئلا يزيد حزنه النظر الى أولاده ولسر شهود الجمال لما ورد فى الخبر النبوي يرويه عن جبريل عن ربه قال (يا جبريل ما جزاء من سلبت كريمتيه) يعنى عينيه قال (سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا قال تعالى جزاؤه الخلود فى دارى والنظر الى وجهى وفى الخبر أول من ينظر الى وجه الرب تعالى الأعمى) قال بعض الكبار أورث ذلك العمى بذهاب بصره النظر الى الجمال اليوسفى الذي هو مظهر من مظاهر الجمال المطلق لان الحق تعالى تجلى بنور الجمال فى المجلى اليوسفى فاحبه أبوه وابتلى بحبه اهل مصر من وراء الحجاب وفيه اشارة الى انه ما لم يفن العارف العين الكونى الشهادى لا يصل الى شهود الجمال المطلق
هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت
فالعارف يشاهد الجمال المطلق بعين السر فى مصر الوجود الإنساني وينقاد له القوى والحواس جميعا واستدل بالآية على جواز التأسف والبكاء عند النوائب فان الكف عن ذلك مما لا يدخل(4/306)
قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)
تحت التكليف فانه قل من يملك نفسه عند الشدائد قال انس رضى الله عنه دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابى سيف القين وكان ظئرا لابراهيم ولده عليه السلام فاخذ رسول الله ابراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وابراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله قال (يا ابن عوف انها رحمة) ثم اتبعها اخرى اى دمعة اخرى فقال (ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضى ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون) قال فى الروضة وابراهيم بنى النبي عليه السلام مات فى المدينة وهو ابن ثمانية عشر شهرا انتهى وانما الذي لا يجوز ما يفعله الجهلة من الصياح والنياحة ولطم الحدود والصدور وشق الجيوب وتمزيق الثياب وعنه عليه السلام انه بكى على ولد بعض بناته وهو يجود بنفسه فقيل يا رسول الله تبكى وقد نهيتنا عن البكاء فقال (ما نهيتكم عن البكاء وانما نهيتكم عن صوتين أحمقين صوت عند الفرح وصوت عند الترح) قال فى المغرب الحمق نقصان العقل وانما قيل لصوتى النياحة والترنم فى اللعب احمقان لحمق صاحبهما والبكاء على ثلاثة أوجه من الله وعلى الله والى الله فالبكاء من توبيخه وتهديده والبكاء اليه من شوقه ومحبته والبكاء عليه من خوف الفراق وفرق الله بين يوسف وأبيه لميله اليه ومحبته عليه والمحبوب يورث المحنة والعميان من الأنبياء إسحاق ويعقوب وشعيب ومن الاشراف عبد المطلب بن هاشم وامية بن عبد شمس وزهرة بن كلاب ومطعم بن عدى ومن الصحابة سواء كان أعمى فى عهده او حدث له بعد وفاته عليه السلام البراء بن عازب وجابر بن عبد الله وحسان بن ثابت والحكم بن ابى العاص وسعد بن ابى وقاص وسعيد بن يربوع وصخر بن حرب ابو سفيان والعباس بن عبد المطلب وعبد الله بن الأرقم وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله عمير وعبد الله بن ابى اوفى وعتبان بن مالك وعتبة بن مسعود الهذلي وعثمان بن عامر ابو قحافة وعقيل بن ابى طالب وعمرو بن أم مكتوم المؤذن وقتادة بن النعمان فَهُوَ كَظِيمٌ مملوء من الغيظ على أولاده ممسك له فى قلبه درديست درين سينه كه كفتن نتوانيم قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا اى لا تفتأ ولا تزال وحذفت لا لعدم الالتباس لانه لو كان اثباتا للزمه اللام والنون او إحداهما تَذْكُرُ يُوسُفَ تفجعا عليه حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً مريضا مشرفا على الهلاك أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ اى الميتين وفيه اشارة الى انه لا بد للمحب من ملامة الخلق فاول ملامتى فى العالم آدم عليه السلام حين طعن فيه الملائكة قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ولو أمعنت النظر رأيت أول ملامتى على الحقيقة حضرة الربوبية لقولهم أَتَجْعَلُ فِيها وذلك لانه تعالى كان أول محب ادعى المحبة وهو قوله يُحِبُّهُمْ فطالما يلوم اهل السلوّ المحبين ومن علامة المحب ان لا يخاف فى الله لومة لائم
ملامت كن مرا چندانكه خواهى ... كه نتوان شستن از زنگى سياهى
الَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي
البث أصعب الهم الذي لا يصبر عليه صاحبه فيبثه الى الناس اى ينشره فكأنهم قالوا له ما قالوا بطريق التسلية والاشكاء فقال لهم انى لا أشكو ما بي إليكم(4/307)
أو إلى غيركم حتى تتصدوا للتسلى وانما أشكو همي حُزْنِي إِلَى اللَّهِ
ملتجئا الى جنابه نضرعا لدى بابه فى دفعه
راز كويم بخلق وخوار شوم ... با تو كويم بزركوار شوم
والحزن أعم من البث فاذا عطف على الخاص يراد به الافراد الباقية فيكون المعنى لا اذكر الحزن العظيم والحزن القليل الا مع الله فان قيل لم قال يعقوب فصبر جميل ثم قال يا أسفا على يوسف وقال انما أشكو بثي وحزنى الى الله فكيف يكون الصبر مع الشكوى قيل ليس هذا الا شكاية من النفس الى خالقها وهو جائز ألا ترى ان أيوب عليه السلام قال رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وقال تعالى مع شكواه الى ربه فى حقه إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ لانه شكا منه اليه وبكى منه عليه فهو المعذور لديه لان حقيقة الصبر
ومعناه الحقيقي حبس النفس ومنعها عن الشكوى الى الغير وترك الركون الى الغير وتحمل الأذى والابتلاء لصدوره من قضائه وقدره كما قيل بلسان الحقيقة
كل شىء من المليح مليح ... لكن الصبر عنه غير مليح
وقيل والصبر عنك فمذموم عواقبه ... والصبر فى سائر الأشياء محمود
وذلك لان المحب لا يصبر عن حضرة المحبوب فلا يزال يعرض حاله وافتقاره الى حضرته ولسان العشق لسان التضرع والحكاية لا لسان الجزع والشكاية كما أشار العاشق
بشنو از نى چون حكايت ميكند ... از جداييها شكايت ميكند
يعنى شكاية العارف الواقف فى صورة الشكوى حكاية حاله وتضرعه وافتقاره الى حبيبه وعن انس رضى الله عنه رفعه الى النبي عليه الصلاة والسلام (ان رجلا قال ليعقوب ما الذي اذهب بصرك وحنى ظهرك قال اما الذي اذهب بصرى فالبكاء على يوسف واما الذي حنى ظهرى فالحزن على أخيه بنيامين فاتاه جبريل فقال أتشكو الى غير الله قال انما أشكو بثي وحزنى الى الله قال جبريل الله اعلم بما قلت منك قال ثم انطلق جبريل ودخل يعقوب بيته فقال اى رب اما ترحم الشيخ الكبير أذهبت بصرى وحنيت ظهرى فرد على ريحانتى فاشمهما شمة واحدة ثم اصنع بي بعد ما شئت فاتاه جبريل فقال يا يعقوب ان الله يقرئك السلام ويقول ابشر فانهما لو كانا ميتين لنشرتهما لك لاقر بهما عينك ويقول لك يا يعقوب أتدري لم أذهبت بصرك وحنيت ظهرك ولم فعل اخوة يوسف بيوسف ما فعلوه قال لا قال انه أتاك يتيم مسكين وهو صائم جائع وزبحت أنت وأهلك شاة فطعمتوها ولم تطعموه ويقول انى لم أحب من خلقى شيأ حبى اليتامى والمساكين فاصنع طعاما وادع المساكين) قال انس قال عليه السلام (فكان يعقوب كلما امسى نادى مناديه من كان صائما فليحضر طعام يعقوب وإذا أصبح نادى مناديه من كان مفطرا فليفطر على طعام يعقوب) ذكره فى الترغيب والترهيب: قال السعدي قدس سره
نخواهى كه باشى پراكنده دل ... پراكندگان را ز خاطر مهل
كسى نيك بيند بهر دو سراى ... كه نيكى رساند بخلق خداى
أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ
من لطفه ورحمته الا تَعْلَمُونَ
فارجو ان يرحمنى ويلطف بي ولا يخيب(4/308)
يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)
رجائى او اعلم من الله بنوع من الإلهام ما لا تعلمون من حياة يوسف- وروى- انه رأى ملك الموت فى منامه فسأله عنه فقال هو حى وقيل علم من رؤيا يوسف انه لا يموت حتى يخروا له سجدا- وروى- ان يوسف قال لجبريل ايها الروح الامين هل لك علم بيعقوب قال نعم وهب الله له الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم قال فما قدر حزنه قال حزن سبعين ثكلى قال فما له من الاجر قال اجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة قط وقال السدى لما أخبره ولده بسيرة الملك احست نفسه فطمع وقال لعله يوسف فقال يا بَنِيَّ اذْهَبُوا الى مصر فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ اى تعرفوا من خبرهما بحواسكم فان التحسس طلب الشيء بالحاسة قال فى تهذيب المصادر [التحسس مثل التجسس: آگاهى جستن] وفى الاحياء بالجيم فى تطلع الاخبار وبالحاء فى المراقبة بالعين وقال فى انسان العيون ما بالحاء ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وما بالجيم ان يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى والمراد بأخيه بنيامين ولم يذكر الثالث وهو الذي قال فلن أبرح الأرض واحتبس بمصر لان غيبته اختيارية لا يعسر إزالتها قال ابن الشيخ فان قلت كيف خاطبهم بهذا اللطف وقد تولى عنهم فالجواب ان التولي التجاء الى الله والشكاية اليه والاعراض عن الشكاية الى أحد منهم ومن غيرهم لا ينافى الملاطفة والمكالمة معهم فى امر آخر انتهى قالوا له البنيامين فلا نترك الجهد فى امره واما يوسف فانه ميت وانا لا نطلب الأموات فانه أكله الذئب منذ زمان فقال لهم يعقوب وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ لا تقنطوا من فرجه وتنفيسه واليأس والقنوط انقطاع الرجاء وعن الأصمعي ان الروح ما يجد الإنسان من نسيم الهواء فيسكن اليه وتركيب الراء والواو والحاء يفيد الحركة والاهتزاز فكل ما يلتذ الإنسان ويهتز بوجوده فهو روح قال فى الكواشي أصله استراحة القلب من غمه. والمعنى لا تقنطوا من راحة تأتيكم من الله انتهى وقرئ من روح الله بالضم اى من رحمته التي يحيى بها العباد إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ لعدم علمهم بالله وصفاته فان العارف لا يقنط فى حال من الأحوال اى فى الضراء والسراء ويلاحظ قوله تعالى إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فصنع الله عجيب وفرج الله قريب وفى الحديث (الفاجر الراجي اقرب الى الله من العابد القانط) - وروى- ان رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من أوليائي فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى يا رب أنت تسمع مقالة الناس فى حقه فقال الله تعالى يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة أشياء لو سأل بها جميع المذنبين لغفرت. الاول انه قال يا رب أنت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصي بفعل الشيطان والقرين السوء ولكنى كنت أكرهها بقلبي. والثاني انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصي ولكن الجلوس مع الصالحين كان أحب الى. والثالث لو استقبلني صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح وفى رواية وهب بن منبه قال يا رب لو عفوت عنى لفرح أنبياؤك وأولياؤك وحزن عدوك الشيطان ولو عذبتنى لكان الأمر بالعكس ولا ريب ان فرح الأولياء أحب إليك من فرح الأعداء فارحمنى وتجاوز عنى قال الله تعالى فرحمته فانى غفور رحيم خاصة لمن أقر بالذنب فعلى العاقل ان لا يقنط من رحمة ربه فانه تعالى(4/309)
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)
يكشف الشدائد فى الدنيا والآخرة- حكى- ان رجلا بقي فى جزيرة بلا زاد فقال بطريق اليأس
إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب
فسمع قائلا يقول
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
فلما نظر رأى سفينة فوصل بها الى اهله قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان الواجب على كل مسلم ان يطلب يوسف قلبه وبنيامين سره ولا ييأس ان يجد روح الله اى ريحه منهما بل من وجد قلبه وجد فيه ربه إذ هو سبحانه متجل لقلوب أوليائه المؤمنين وقد وعد الله بوجدانه الطالبين فقال (الا من طلبنى وجدنى) والسر فيه ان طلب الحق تعالى يكون بالقلب لا بالقالب ووجدانه ايضا يكون فى القلب كما قال موسى عليه السلام الهى اين أطلبك قال (انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى) اى من محبتى وفى قوله إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ اشارة الى ان ترك طلب الله واليأس من وجدانه كفر انتهى: وفى المثنوى
كر كران وكر شتابنده بود ... آنكه جويندست يابنده بود
در طلب زن دائما تو هر دو دست ... كه طلب در راه نيكو رهبرست
لنك ولوك وخفته شكل بى ادب ... سوى او مى غيثر واو را مى طلب
كه بكفت وكه بخاموشى وكه ... بوى كردن كير هر سو بوى شه
كفت آن يعقوب با أولاد خويش ... جستن يوسف كنيد از حد بيش
هر خسى خود را درين جستن بجد ... هر طرف رانيد شكل مستعد
كفت از روح خدا لا تيأسوا ... همچوكم كرده پسر رو سو بسو
از ره حس دهان پرسان شويد ... كوش را بر چار راه او نهيد
هر كجا بوى خوش آيد بو بريد ... سوى آن سر كاشناى آن سريد
هر كجا لطفى ببينى از كسى ... سوى اصل لطف ره يابى عسى
اين همه خوشها ز درياييست ژرف ... جزو را بگذار وبر كل دار طرف
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ- روى- ان يعقوب امر بعض أولاده فكتب بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن ابراهيم خليل الله الى عزيز مصر اما بعد فانا اهل بيت موكل بنا البلاء اما جدى ابراهيم فانه ابتلى بنار النمرود فصبر وجعلها الله عليه بردا وسلاما واما ابى إسحاق فابتلى بالذبح فصبر ففداه الله بذبح عظيم واما انا فابتلانى الله بفقد ولدي يوسف فبكيت عليه حتى ذهب بصرى ونحل جسمى وقد كنت اتسلى بهذا الغلام الذي أمسكته عندك وزعمت انه سارق وانا اهل بيت لا نسرق ولانلد سارقا فان رددته علىّ والا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك والسلام [پس نامه بفرزندان داد واندك بضاعتى از پشم وروغن وأمثال آن ترتيب نموده ايشانرا بمصر فرستاد ايشان بمصر آمده برادريرا كه آنجا بود ملاقات كردند وباتفاق روى ببارگاه يوسف نهادند پس آن هنكام در آمدند برادران(4/310)
يوسف بروى] قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ اى الملك القادر الغالب مَسَّنا أصابنا وَأَهْلَنَا وهم من خلفوهم الضُّرُّ الفقر والحاجة وكثرة العيال وقلة الطعام وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ [وآورده ايم بضاعتى] مُزْجاةٍ [اندك وبى اعتبار] اى مردودة مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقارا لها من أزجيته إذا دفعته وطردته وكانت بضاعتهم من متاع الاعراب صوفا وسمنا وقيل هى الصنوبر والحبة الخضراء وهى الفستق او دراهم زيوف لا تؤخذ الا بنقصانها فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ فاتم لنا الكيل الذي هو حقنا قال بعضهم أعطنا بالزيوف كما تبيع بالدراهم الجياد ولا تنقصنا شيأ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا تفضل بالمسامحة وقبول المزجاة فان التصدق التفضل مطلقا واختص عرفا بما يبتغى به ثواب الله ولذا لا يقال فى العرف اللهم تصدق علىّ لانه لا يطلب الثواب من العبد بل يقال أعطني او تفضل علىّ وارحمني ثم هذا اى حمل التصدق على المساهلة فى المعاملة على قول من يرى تحريم الصدقة على جميع الأنبياء وأهليهم أجمعين واما على قول من جعله مختصا بنبينا عليه السلام فالمراد حقيقة الصدقة إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ يثيب المتفضلين احسن الجزاء والثواب قال الضحاك لم يقولوا ان الله يجزيك لانهم لم يعلموا انه مؤمن يقول الفقير دخل يوسف فى لفظ الجمع سواء شافهوه بالجزاء اولا مع ان الجزاء ليس بمقصور على الجزاء الأخروي بل قد يكون دنيويا وهو أعم فافهم ومن آثار الثواب الدنيوي ما حكى عن الشيخ ابى الربيع انه قال سمعت امرأة فى بعض القرى أكرمها الله بشاة تحلب لبنا وعسلا فجئت إليها وحلبت الشاة فوجدتها كما سمعت وسألت عن سببها قالت كانت لنا شاة نتقوّت بلبنها فنزلت علينا ضيف وقد أمرنا بإكرامه فذبحناها له لوجه الله تعالى فعوضنا الله تعالى هذه الشاة ثم قالت انها ترعى فى قلوب المريدين يعنى لما طابت قلوبنا طاب ما عندنا فطيبوا قلوبكم يطب لكم ما عندكم فالاعتقاد الصحيح والنية الخالصة وطيب الخاطر لها تأثير عظيم- حكى- ان السلطان محمود مر على ارض قوم يكثر فيها قصب السكر وكان لم يره بعد فقشر له بعض القصبات فلما مص منه السكر استحسنه والتذ منه فى الغاية فخطر بباله ان يضع فيه شيأ من الرسوم كالباج والخراج حتى يحصل له من هذا القصب فى كل سنة كذا وكذ فلما مص بعد هذه الخاطرة وجده قصبا يابسا خاليا عن السكر فسمعه من تلك القبيلة شيخ عتيق وقال قدهمّ الملك بان يفعل بدعة وظلما فى مملكته او فعلها فلذلك نفد سكر القصب فاستتاب السلطان فى نفسه ورجع عما خطر بباله فلما مصه ثانيا بعد ذلك وجده مملوأ من السكر كما كان فهذا من تأثير النية والهمة ثم ان الصدقة لا تختص بالمال بل كل معروف صدقة ومنها العدالة بين الاثنين والاعانة والكلمة الطيبة والمشي الى الصلاة واماطة الأذى عن الطريق ونحوها وكذا النوافل لا تختص عند اهل الاشارة بالصلوات بل تعم كل خير زائد وفى الحديث القدسي (لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه وبصره) فعلى العاقل الاشتغال بنوافل الخيرات من الصدقات وغيرها: قال السعدي قدس سره
يكى در بيابان سكى تشنه يافت ... برون از رمق در حياتش نه يافت(4/311)
قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)
كله دلو كرد آن بسنديده كيش ... چوحبل اندر آن بست دستار خويش
به خدمت ميان بست وباز وكشاد ... سك ناتوان را دمى آب داد
خبر داد پيغمبر از حال مرد ... كه داور كناهان او عفو كرد
ألا كر جفا كارى انديشه كن ... وفا پيش كيرو كرم پيشه كن
كسى با سكى نيكوى كم نكرد ... كجا كم شود خير با نيك مرد
كرم كن چنان كت بر آيد ز دست ... جهانبان در خير بر كس نبست
كرت در بيابان نباشد چهى ... چراغى إ در زيارتكهى
به قنطار زر بخش كردن ز كنج ... نباشد چوقيراطى از دست رنج
برد هر كسى بار در خورد زور ... كرانست پاى ملخ پيش مور
ثم فى قوله وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ الآية اشارة الى ان طالب الحق ينبغى له عرض الحاجة والفقر والافتقار ورؤية تقصيره فان الفناء محبوب المحبوب وطريق حسن لنيل المطلوب ولذلك لما سمع يوسف كلامهم هذا أدركته الرحمة فرفع الحجاب وخلصهم من ألم الفرقة والاضطراب ومن هذا المقام ما قيل لابى يزيد البسطامي قدس سره خزائننا مملوءة بالأعمال فأين العجز والافتقار والتضرع والسؤال ولا يلزم من هذا ترك العمل فانه لا بد منه فى مقامه ألا ترى ان الاخوة انما قالوا ما قالوا بعد ان جاؤا ببعض الامتعة فللطالب ان يعمل قدر طاقته ولكن لا يغتر بعلمه بل يتقرب اليه بالفناء وترك الرؤية ليكون ذلك وسيلة الى المعرفة والقربة والوصلة: قال ابو بزيد البستامى قدس سره
چار چيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام
- قال- لما رأى يوسف تمسكن اخوته رق لهم فلم يتمالك من ان عرفهم نفسه قال الكاشفى [آن نامه يعقوب بر كوشه تخت نهادند يوسف نامه را بخواند كريه بر وى غلبه كرد عنان تمالك از دست داده كفت اى برادران] هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ اى هل تبتم عن ذلك بعد علمكم بقبحه فهو سؤال عن الملزوم والمراد لازمه وفعلهم بأخيه بنيامين افراده عن يوسف وأذاه بانواع الأذى واذلاله حتى كان لا يقدر ان يكلمهم الا بعجز وذلة إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ [چهـ آن وقت نادان بوديد بقبح آن] فلذلك اقدمتم على ذلك او جاهلون بما يؤول اليه امر يوسف وانما كان كلامه هذا شفقة عليهم وتنصحا لهم فى الدين وتحريضا على التوبة لا معاتبة وتثريبا إيثارا لحق الله على حق نفسه- روى- انه لما قرأ الكتاب بكى وكتب اليه (بسم الله الرحمن الرحيم الى يعقوب إسرائيل الله من ملك مصر اما بعد ايها الشيخ فقد بلغني كتابك وقرأته وأحطت به علما وذكرت فيه آباءك الصالحين وذكرت انهم كانوا اصحاب البلايا فانهم ان ابتلوا وصبروا ظفروا فاصبر كما صبروا والسلام فلما قرأ يعقوب الكتاب قال والله ما هذا كتاب الملوك ولكنه كتاب الأنبياء ولعل صاحب الكتاب هو يوسف) قال الكاشفى [آنكه نقاب افكند وتاج از سر برداشت ايشانرا نظر بر ان(4/312)
قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)
شكل وشمائل افتاد] قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ استفهام تقرير [يعنى البته تويى يوسف كه باين جمال وكمال ديكرى نتواند بود]
كه دارد از همه خوبان رخى چنين كه تو دارى ... تبارك الله ازين روى نازنين كه تو دارى
قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي من ابى وأمي ذكره مبالغة فى تعريف نفسه وتفخيما لشأن أخيه وادخالا له فى قوله قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا فكأنه قال هل علمتم ما فعلتم بنا من التفريق والاذلال فانا يوسف وهذا أخي قد أنعم الله علينا بالخلاص مما ابتلينا به والاجتماع بعد الفرقة والانس بعد الوحشة إِنَّهُ اى الشأن مَنَّ [هر كه] يَتَّقِ اى يفعل التقوى فى جميع أحواله أو يقي نفه عما يوجب سخط الله وعذابه وَيَصْبِرْ على المحن كمفارقة الأوطان والأهل والعشائر والسجن ونحوها او على مشقة الطاعات او عن المعاصي التي تستلذها النفس فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ اى أجرهم وانما وضع المظهر موضع المضمر للتنبيه على ان المحسن من جمع بين التقوى والصبر [چون برادران يوسف را بشناختند روى بتخت آورده خواستند كه در پاى وى افتند يوسف از تخت فروده آمده ايشانرا در كنار كرفت] قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا اختارك وفضلك علينا بالجمال والكمال والجاه والمال وَإِنْ اى وان شأننا وحالنا كُنَّا لَخاطِئِينَ يقال خطئ فعل الإثم عمدا واخطأ فعله غير عمد اى لمتعمدين بالذنب إذ فعلنا بك ما فعلنا ولذلك أعزك وأذلنا وفيه اشعار بالتوبة والاستغفار ولذلك قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ [هيچ سرزنش نيست بر شما امروز ومن هركز ديكر كناه شما را با روى شما نيارم] وهو تفعيل من الثرب وهو الشحم الذي يغشى الكرش ومعناه ازالة الثرب فكان التعبير والاستقصاء فى اللوم يذيب جسم الكريم وثربه لشدته عليه كما فى الكواشي وقال ابن الشيخ سمى التقريع تثريبا تشبيها له بالتثريب فى اشتمال كل منهما على معنى التمزيق فان التقريع يمزق العرض ويذهب ماء الوجه. واليوم منصوب بالتثريب اى لا تثريب عليكم اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بسائر الأيام باليوم الزمان مطلقا ثم ابتدأ فقال يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم او منصوب بيغفر وذلك ان يوسف صفح عن جريمتهم يومئذ فسقط حق العبد وتابوا الى الله فلم يبق حق الله لان الله تعالى يقبل التوبة عن عباده فلذلك قال يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وفى التأويلات النجمية اخبر بصنيعهم فى البداية ولكنه كان سبب رفعة منزلته ونيل مملكته فى النهاية فلذلك قال يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ انتهى ومن كرم يوسف ان اخوته أرسلوا اليه انك تدعونا الى طعامك بكرة وعشيا ونحن تستحيى منك بما فرط منا فيك فقال ان اهل مصر وان ملكت فيهم كانوا ينظرون الىّ بالعين الاولى ويقولون سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ ولقد شرفت بكم الآن وعظمت فى العيون حيث علم الناس انكم إخوتي وانى من حفدة ابراهيم عليه السلام- وروى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بعضادتي باب الكعبة يوم الفتح فقال لقريش (ما تروننى فاعلابكم) قالوا نظن خيرا أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت فقال (أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم) - وروى- ان أبا سفيان لما جاء ليسلم قال له العباس إذا أتيت الرسول فاتل عليه لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ففعل فقال عليه السلام(4/313)
اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)
(غفر الله لك ولمن علمك) وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لان رحمة الراحمين ايضا برحمته أو لأن رحمتهم جزء من مائة جزء من رحمته تعالى والمخلوق إذا رحم فكيف الخالق
بآهى بسوزد جهانى كناه ... بأشكى بشويد درون سياه
بدر مانده تخت شاهى دهد ... پدر ماندكان هر چهـ خواهى دهد
: قال السعدي قدس سره
نه يوسف كه چندان بلا ديد وبند ... چوحكمش روان كشت وقدرش بلند
كنه عفو كرد آل يعقوب را ... كه معنى بود صورت خوب را
بكر دار بدشان مقيد نكرد ... بضاعات مزجات شان رد نكرد
ز لطف همين چشم داريم نيز ... درين بي بضاعت ببخش اى عزيز
بضاعت نياوردم الا اميد ... خدايا ز عفوم مكن نا اميد
قال فى بحر العلوم الذنب للمؤمن سبب للوصلة والقرب من الله فانه سبب لتوبته وإقباله على الله قال ابو سليمان الداراني ما عمل داود عليه السلام عملا انفع له من الخطيئة ما زال يهرب منها الى الله حتى اتصل وقال فى التأويلات النجمية فى قوله وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اشارة الى انه ارحم من ان يجرى على عبد من عباده المقبولين امرا يكون فيه ضرر لعبد آخر فى الحال وانفع فى المآل ثم لا يوفقه لاسترضاء الخصم ليعفو عنه ما جرى منه ويستغفر له حتى يرحمه الله وايضا انه تعالى ارحم للعبد المؤمن من والديه وجميع الرحماء انتهى- حكى- انه اعتقل لسان فتى عن الشهادة حين اشرف على الموت فاخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه وعرض الشهادة فاضطرب ولم يعمل لسانه فقال عليه السلام (أما كان يصلى أما كان يزكى أما كان يصوم) قالوا بلى قال (فهل عق والديه) قالوا نعم قال (هاتوا بامه) فجاءت وهى عجوز عوراء فقال عليه السلام (هلا عفوت أللنار حملته تسعة أشهر أللنار ارضعته سنتين فأين رحمة الام) فعند ذلك انطلق لسانه بالكلمة والنكتة انها كانت رحيمة لا رحمانة فللقليل من رحمتها ما جوزت إحراقه بالنار فالرحمن الرحيم الذي لا يتضرر بجناية العباد كيف يستجيز إحراق المؤمنين المواظب على كلمة الشهادة سبعين سنة اذْهَبُوا لما عرفهم يوسف نفسه وعرفوه سألهم عن أبيه فقال ما فعل ابى بعدي قالوا أذهبت عيناه فاعطاهم فميصه وقال اذهبوا يا إخوتي بِقَمِيصِي هذا حال والباء للملابسة والمصاحبة ويجوز ان تكون للتعدية. فالمعنى بالفارسية [ببريد اين پيراهن مرا] وهو القميص المتوارث كما روى عن انس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اما قوله اذهبوا بقميصي هذا فان نمرود الجبار لما القى ابراهيم فى النار نزل الله جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فالبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه فكسا ابراهيم ذلك القميص إسحاق وكساه إسحاق يعقوب وكساه يعقوب يوسف فجعله فى قصبة من فضة وعلقها اى للحفظ من العين وغيرها وفى التبيان مخافة من اخوته عليه فالقى فى الجب والقميص فى عنقه وكان فيه ريح الجنة لا يقع على مبتلى او سقيم الأصح وعوفى وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان قميص يوسف القلب من ثياب الجنة وهو كسوة كساه الله تعالى(4/314)
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)
من أنوار جماله إذا القى على وجه يعقوب الروح الأعمى يرتد بصيرا ومن هذا السر ارباب القلوب من المشايخ يلبسون المريدين خرقتهم لتعود بركة الخرقة الى أرواح المريدين فيذهب عنهم العمى الذي حصل من حب الدنيا والتصرف فيها انتهى قال بعض الحفاظ من الكذب قول من قال ان عليا البس الخرقة الحسن البصري فان ائمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماعا فضلا عن ان يلبسه الخرقة انتهى يقول الفقير هذا من سنة المشايخ قدس الله أسرارهم فانهم لبسوا الخرقة وألبسوها تبركا وتيمنا وهم قد فعلوا ذلك بالهام من الله تعالى واشارة فليس لاحد ان يدعى انه من الزيادات والبدع القبيحة وزرت فى بلدة قونية مرقد حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره وله فى حجرة الكتب خرقة لطيفة محفوظة يقال انها من البسة الجنة وغسلت طرفا من ذيلها فى طست له يستشفى بمائه وشربت على نية زوال الأمراض الظاهرة والباطنة والحمد لله فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً يصير بصيرا كقولك جاء البناء محكما بمعنى صار ويشهد له فارتد بصيرا ويأت الىّ حال كونه بصيرا ذاهبا بياض عينه وراجعا إليها الضوء وينصره قوله وَأْتُونِي [وبياييد بمن] اى أنتم وابى ففيه تغلب المخاطبين بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ بنسائكم وذراريكم ومواليكم فان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع- روى- ان يهودا حمل القميص وقال انا احزنته بحمل القميص الملطخ بالدم اليه فافرحه كما احزنته فحمله وهو حاف حاسر من مصر الى كنعان ومعه سبعة ارغفة لم يستوف أكلها حتى أتاه وكانت المسافة ثمانين فرسخا قال الكاشفى [پيراهن بوى داد واسباب راه جهت پدر ومتعلقان مهيا ساخته برادران تسليم كرد] وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ يقال فصل من البلد فصولا إذا انفصل منه وجاوز حيطانه وعمرانه قال الكاشفى [وآن وقت كه جدا شد يعنى بيرون آمد كاروان از عمارت مصر وبفضاء صحرا رسيده] قالَ أَبُوهُمْ يعقوب لمن عنده من ولد ولده وغيرهم إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ أوجده الله اى جعله واجدا ريح ما عبق اى لزق ولصق من ريح يوسف من ثمانين فرسخا حين اقبل به يهودا
ايها السالون قوموا واعشقوا ... تلك ريا يوسف فاستنشقوا
: قال فى المثنوى
بوى پيراهان يوسف را ثديد ... آنكه حافظ بود يعقوبش كشيد
وهذا البيت اشارة الى حال اهل السلوك والسكر واصحاب الزهد والعشق وذلك لان الزاهد ذاهل عما عنده كالحمار الغافل عما استصحبه من الكتب فكيف يعرف ما عند غيره والعاشق يستنشق من كل مظهر ريح سر من الاسرار ويدخل فى خيشومه من روائح النفس الرحمانى ما لو عاش الزاهد الف سنة على حاله ماشم شيأ منها قال اهل المعاني ان الله أوصل اليه رائحة يوسف عند انقضاء المحنة ومجيئ وقت الروح والفرح من المكان البعيد ومنع من وصول خبره اليه مع قرب احدى البلدتين من الاخرى وذلك يدل على ان كل سهل فهو فى زمان المحنة صعب وكل صعب فهو فى زمان الإقبال سهل وذكر أن ريح الصبا استأذنت ربها فى ان تأتى(4/315)
يعقوب بريح يوسف قبل ان يأتيه البشير بالقميص فأذن لها فأتته بها: قال المولى الجامى
دير مى جنبد بشير اى باد بر كنعان كذر ... مژده پيراهن يوسف ببر يعقوب را
ولذلك يستروح كل محزون بريح الصبا ويتنسمها المكروبون فيجدون لها روحا وهى التي تأتى من ناحية المشرق وفيها لين إذا هبت على الأبدان نعمتها ولينتها وهيجت الأسواق الى الأحباب والحنين الى الأوطان قال الشاعر
أيا جبلى نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص الى نسيمها
فان الصبا ريح إذا ما تنفست ... على نفس مهموم تجلت همومها
: قال الحافظ
با صبا همراه بفرست از رحت كلدسته ... بو كه بويى بشنويم از خاك بستان شما
وفى التبيان هاجت الريح فحملت ريح القميص من مسافة ثمانين فرسخا واتصلت بيعقوب فوجد ريح الجنة فعلم انه ليس فى الدنيا من ريح الجنة الا ما كان من ذلك القميص انتهى يقول الفقير هذا موافق لما ذكر من انه كان فى القميص ريح الجنة لا يقع على مبتلى الأصح فالخاصية فى ريح الجنة لا فى ريح يوسف كما ذهب اليه البيضاوي واما الاضافة فى قوله رِيحَ يُوسُفَ فللملابسة كما لا يخفى قال الامام الجلدكى فى كتاب الإنسان من كتاب البرهان لعمرى كلما كثفت طينة الإنسان وزادت كثافتها نقصت حواسه فى مدركاتها لحجب الكثافة الطارية على ذات الإنسان من اصل فطرته واما جوهر ذات الإنسان إذا لطف وتزايدت لطافته فان جميع حواسه تقوى ويزيد إدراكها وكثير من اشخاص النوع الإنساني يدركون بحاسة الشم الروائح العطرة من بعد المسافة على مسافة ميل او اكثر من ذلك على مسيرة أميال ولعل من تزايدت لطافته يدرك رائحة ما لا رائحة له من الروائح المعتادة كما قال الله تعالى حكاية عن يعقوب إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ وهذه الحاسة مخصوصة باهل الكشف لا بغيرهم من الناس انتهى: وفى المثنوى
بود واى چشم باشد نور ساز ... شد زبويى ديده ديده يعقوب باز «1»
بوى بد مرديده را تارى كند ... بوى يوسف ديده را يارى كند
بوى كل ديدى كه آنجا كل نبود ... جوش مل ديدى كه آنجا مل نبود
آن شنيدى داستان با يزيد ... كه زحال بو الحسن پيشين چهـ ديد «2»
روزى آن سلطان تقوى ميكذشت ... با مريدان جانب صحرا ودشت
بوى خوش آمد مر او را ناكهان ... از سوادرى ز سوى خارقان
هم بر آنجا ناله مشتاق كرد ... بوى را از باد استنشاق كرد
چون در وآثار مستى شد پديد ... يك مريد او را از ان دم بر رسيد
پس بپرسيدش كه اين احوال خوش ... كه برونست از حجاب پنج وشش
كاه سرخ وكاه زرد وكه سپيد ... مى شود رويت چهـ حالست ونويد
مى كشى بوى وبظاهر نيست كل ... بى شك از غيبست واز كلزار كل
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير آيه ما شاء الله كان إلخ
(2) در اواسط دفتر چهارم در بيان مژده دادن با يزيد از زادن ابو الحسن خرقانى إلخ(4/316)
قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96)
كفت بوى بو العجب آمد بمن ... همچنانكه مصطفى را از يمن
كه محمد كفت برست صبا ... از يمن مى آيدم بوى خدا
از اويس واز قرن بوى عجب ... مر نبى را مست كرد و پر طرب
كفت ازين سو بوى يارى مى رسد ... اندرين ده شهريارى مى رسد
بعد چندين سال مى زايد شهى ... مى زند بر آسمانها خر كهى
رويش از كلزار حق كلبون بود ... از من او اندر مقام افزون بود
چيست نامش كفت نامش بو الحسن ... حليه اش وا كفت از كيسو ذقن
قد او ورنك او وشكل او ... يك بيك وا كفت از كيسو ورو
حليهاى روح او را هم نمود ... از صفات واز طريق وجا وبود
لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ اى تنسبونى الى الفند وهو الخرف ونقصان العقل وفساد الرأى من هرم يقال شيخ مفند ولا يقال عجوز مفندة إذ لم تكن فى شبيبتها ذات رأى فتفند فى كبرها اى نقصان عقلها ذاتى لا حادث من عارض الهرم وجواب لولا محذوف تقديره لولا تفنيدكم لصدقتمونى واعلم ان الخرف بالفارسية [فرتوت شدن] لا يطرأ على الأنبياء والورثة لانه نوع من الجنون الذي هو من النقائص وهم مبرأون مما يشين بهم من الآفات قالُوا اى الحاضرون عنده تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [در همان حيرت قديمى در افراط محبت يوسف وبسيارى ذكر او وتوقع ملاقات او بعد از چهل سال يا هشتاد سال] وكان عندهم قدمات وفيه اشارة الى انه لا بد للعاشق من لائم
يا عاذل العاشقين دع فئة ... اضلها الله كيف ترشدها
مكن بنامه سياهى ملامت من مست ... كه آگهست كه تقدير بر سرش چهـ نوشت
فَلَمَّا أَنْ ان صلة اى زائدة لتأكيد الفعلين واتصالهما حتى كأنهما وجدا فى جزء واحد من الزمان من غير وقت جاءَ الْبَشِيرُ [مژده دهنده] وهو يهودا أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ طرح البشير القميص على وجه يعقوب فَارْتَدَّ الارتداد انقلاب الشيء الى حال كان عليها وهو من الافعال الناقصة اى عاد ورجع بَصِيراً بعد ما كان قد عمى ورجعت قوته وسروره بعد الضعف والحزن
داشت در بيت حزن جامى جاى ... جاءه منك بشير فنجا
قال فى التأويلات النجمية فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ من حضرة يوسف القلب الى يعقوب الروح بقميص أنوار الجمال أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً يشير الى ان الروح كان بصيرا فى بدو الفطرة ثم عمى لتعلقه بالدنيا وتصرفه فيها ثم ارتد بصيرا بوارد من القلب
ورد البشير بما أقر الاعينا ... وشفى النفوس فنلن غايات المنى
وتقاسم الناس المسرة بينهم ... قسما فكان أجلهم حظا انا
وفيه اشارة الى ان القلب فى بدو الأمر كان محتاجا الى الروح فى الاستكمال فلما كمل وصلح لقبول فيضان الحق بين الإصبعين ونال مملكة الخلافة بمصر القربة فى النهاية صار الروح(4/317)
قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)
محتاجا إليها لاستنارته بانوار الحق وذلك لان القلب بمثابة المصباح فى قبول نار نور الالهية والروح بمثابة الزبت فيحتاج المصباح فى البداية الى الزيت فى قبول النار ولكن الزيت يحتاج الى المصباح وتركيبه فى النهاية ليقبل بواسطته النار فان الزيت بلا مصباح وآلاته ليس قابلا للنار فافهم جدا قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ اى ألم اقل لكم يا بنى حين ارسلتكم الى مصر وأمرتكم بالتجسس ونهيتكم عن اليأس من روح الله انى اعلم من الله ما لا تعلمون من حياة يوسف وإنزال الفرج- وروى- انه سأل البشير كيف يوسف فقال هو ملك مصر قال ما اصنع بالملك وعلى أي دين تركته قال على دين الإسلام قال الآن تمت النعمة قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا [آمرزش طلب براى ما از خدا عز وجل] إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ متعمدين للخطيئة والإثم مذنبين بما فعلنا بك وبيوسف وبنيامين ومن حق شفقتك علينا ان تستغفر لنا ذنوبنا فانه لولا ذلك لكنا هالكين قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ سوف وعسى ولعل فى وعد الأكابر والعظماء يدل على صدق الأمر وجده ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت وانما يعنون بذلك اظهار وقارهم وترك استعجالهم فعلى ذلك جرى وعد يعقوب كأنه قال انى استغفر لكم لا محالة وان تأخر كما فى بحر العلوم وعن شعبى قال سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي قال اسأل يوسف ان عفا عنكم استغفر لكم ربى فان عفو المظلوم شرط المغفرة فاخر الاستغفار الى وقت الاجتماع بيوسف فلما قدموا عليه فى مصر قام الى الصلاة فى السحر ليلة الجمعة وكانت ليلة عاشوراء فلما فرغ رفع يديه وقال اللهم اغفر جزعى على يوسف وقلة صبرى عنه واغفر لولدى ما أتوا به أخاهم وقام يوسف خلفه يؤمن وقام اخوته خلفهما اذلة خاشعين فاوحى الله اليه ان الله قد غفر لك ولهم أجمعين ثم لم يزل يدعو لهم كل ليلة جمعة فى نيف وعشرين سنة الى ان حضره الوفاة والتحقيق فى هذا المقام ما قاله حضرة شيخى وسندى قدس الله سره فى بعض تحريراته وهو انه تعالى قال فى حكاية قول يوسف عليه السلام يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وقال فى حكاية قول يعقوب عليه السلام سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وذلك لانه انبعث من غيب قلب يوسف النظر الى ما نال اليه بسبب اخوته من النعماء والآلاء وانبعث ايضا من غيب قلبه النية والارادة للاستغفار لهم فقال بلا توقف ولا تأخر يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اى وهو ارحم بكم منى ومن ابى ومنكم ومن سائر الراحمين وهو يرحمكم ويغفر لكم بسبب استغفاري لكم قدر مانلت اليه بسبب ابتلائى بكم بل فوقه إذ لولا رحمته ومغفرته لكم لما ابتلاني بكم ولما انالنى الى ما رأيتم من السلطنة الظاهرة والباطنة والنعمة التامة الكاملة ولم ينبعث من غيب قلب يعقوب عليه السلام ذلك بل انبعث النظر الى ما وصل اليه بسببهم من العناء والمحن ولم ينبعث النية للاستغفار لهم بل توقف وتأخر الى انبعاث النية من جانب الغيب حتى يستغفر لهم بالنية الصادقة المأذونة من قبل الحق تعالى فقال اشارة الى هذا وتنبيها لهم عليه سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ربى حين تنبعث نية الاستغفار الى قلبى من قبل العزيز الغفار ولا تستعجلوا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ لانه كما انزل علىّ هذه المنح فى صورة المحن من قبلكم(4/318)
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)
يرحمكم ويغفر لكم ولولا إرادته الرحمة والمغفرة لكم لما ابتلاكم بهذا البلاء ولكن هذه الوقعة نعمة فى صورة النقمة ورحمة فى صورة الغضب الحمد لله على ما أنعم وهو الأكرم والأرحم واصل ذلك ارادة الحق سبحانه ان يتجلى لهم بالقبض والجلال من جانب أبيهم وبالبسط والجمال من جانب أخيهم حتى ينالوا الى مرتبة الصبر بالتجلى الاول ويصلوا الى مرتبة الشكر التجلي الثاني وتكون تربيتهم بالقبضتين واليدين ومرتبتهم جامعة بين المرتبتين فلو كان التجلي من كلا الجانبين بالقبضة واليد الواحدة لكان مخالفا لسنته القديمة فانه لا يتجلى لاحد من مجليين الا بصورتين مختلفتين وكذا لا يتجلى لشخصين من مجليين الا بصورتين ألا ترى انه لا يوجد شخصان فى صورة واحدة وان كانا من اب واحد لان فى اتحاد التجلي فيهما تحصيل حاصل وهو نوع عبث تعالى شأنه عن العبث علوا كبيرا فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ- روى- ان يوسف وجه الى أبيه جهازا كثيرا ومائتى راحلة وسأله ان يأتيه باهله أجمعين فتهيأ يعقوب للخروج الى مصر: قال الخجندي
كرد شيرين دهن ما خبر يار عزيز ... كه ز مصرت دكر اينك شكرى مى آيد
فتوجه مع أولاده وأهاليهم الى مصر على رواحلهم فلما قربوا من مصر اخبر بذلك يوسف
صبا ز دوست پيامى بسوى ما آورد ... بهمدمان كهن دوستى بجا آورد
براى چشم ضعيف رمد كرفته ما ... ز خاك مقدم محبوب توتيا آورد
فاستقبله يوسف والملك الريان فى اربعة آلاف من الجند او ثلاثمائة الف فارس والعظماء واهل مصر بأجمعهم ومع كل واحد من الفرسان جنة من فضة وراية من ذهب فتزينت الصحراء بهم واصطفوا صفوفا وكان الكل غلمان يوسف ومراكبه ولما صعد يعقوب تلا ومعه أولاده وحفدته اى أولاد أولاده ونظر الى الصحراء مملوءة من الفرسان مزينة بالألوان نظر إليهم متعجبا فقال له جبريل انظر الى الهواء فان الملائكة قد حضرت سرورا بحالكم كما كانوا محزونين مدة لاجلك. يعنى [ازين لشكر وتجمل عجب ميدارى ببالا نكر جنود ملك از زمين تا فلك بتفرج آمده بشادئ تو مبتهج ومسرورند چنانچهـ درين مدت از اندوه تو محزون ورنجور بودند] ثم نظر يعقوب الى الفرسان فقال أيهم ولدي يوسف فقال جبريل هو ذاك الذي فوق رأسه ظلة فلم يتمالك ان أوقع نفسه من البعير فجعل يمشى متوكئا على يهودا
راه نزديك وبماندم سخت دير ... سير كشتم زين سوارى سير سير
سر نكون خود را ز اشتر در فكند ... كفت سوزندم ز غم تا چند چند
فقال جبريل يا يوسف ان أباك يعقوب قد نزل لك فانزل له فنزل من فرسه وجعل كل واحد منهما يعد والى الآخر فلما تقربا قصد يوسف ان يبدأ بالسلام فقال جبريل لا حتى يبدأ يعقوب به لانه أفضل وأحق فابتدأ به وقال السلام عليك يا مذهب الأحزان
چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ... ببوى آنكه دكر نو بهار باز آيد
فتعانقا وبكيا سرورا وبكت ملائكة السموات وماج الفرسان بعضهم فى بعض وصهلت الخيول وسبحت الملائكة وضرب بالطبول والبوقات فصار كأنه يوم القيامة(4/319)
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)
چهـ خوش حاليست روى دوست ديدن ... پس از عمرى بيك ديكر رسيدن
بكام دل زمانى آرميدن ... بهم كفتن سخن وز هم شنيدن
قال يوسف يا أبت بكيت علىّ حتى ذهب بصرك ألم تعلم ان القيامة تجمعنا فقال بلى ولكن خشيت ان يسلب دينك فيحال بينى وبينك نسأل الله الثبات على الايمان انه الكريم المنان
عروسى بود نوبت ما تمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت
آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ الجمهور على ان المراد بابويه أبوه وخالته ليا لان امه راحيل كانت قد ماتت فى ولادة بنيامين ولذلك سمى بنيامين فان يامين وجع الولادة بلسانهم كما فى تفسير ابى الليث. والرابة وهى موطوءة الأب تدعى اما لقيامها مقام الام او لان الخالة أم كما ان العم اب. والمعنى ضمهما الى نفسه فاعتنقهما وكأنه عليه السلام حين استقبلهم نزلهم فى خيمة او بيت كان له هنالك فدخلوا عليه فى ذلك البيت او الخيمة وضمهما اليه وقال الكاشفى [پس در نزديك مصر موضعى بود از ان يوسف وقصر رفيع در آنجا ساخته بودند يوسف در آنجا نزول فرمود پس آن هنكام كه در آمد بر يوسف در ان منزل آوى اليه أبويه جاى داد بسوى خود پدر وخاله خود را كه بجاى مادرش بود وديكر باره برادران را در كنار كرفت خالته را پرسش فرمود وبرادر زاد كانرا نوازش كرد] وَقالَ لهم قبل ان يدخلوا مصر ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ من الجوع والخوف وسائر المكاره قاطبة لانهم كانوا قبل ولاية يوسف يخافون ملوك مصر ولا يدخلونها الا بإجازتهم لكونهم جبابرة والمشيئة متعلقة بالدخول والامن معا كقولك للغازى ارجع سالما غانما ان شاء الله فالمشيئة متعلقة بالسلامة والغنم معا والتقدير ادخلوا مصر آمنين وذو الحال هو فاعل ادخلوا وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عند نزولهم بمصر وكانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وكانوا حين خرجوا منها مع موسى عليه السلام ستمائة الف وخمسمائة وبضعا وتسعين او سبعين رجلا سوى الذرية والهرمى وكانت الذرية الف الف ومائتى الف عَلَى الْعَرْشِ وهو السرير الرفيع الذي كان يجلس عليه يوسف وهو بالفارسية [تخت] اى أجلسهما معه على سرير الملك تكرمة لهما فوق ما فعله لاخوته واشتركوا فى دخول دار يوسف لكنهم تباينوا فى الإيواء فانفرد الأبوان بالجلوس معه على سرير الملك لبعدهما من الجفاء كذا غدا إذا وصلوا الى الغفران يشتركون فيه فى دخول الجنة ولكنهم يتباينون فى بساط القربة فيختص به اهل الصفاء دون من اتصف اليوم بالالتواء
هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش
وَخَرُّوا لَهُ [وبروى در افتادند پدر وخاله وبرادران مرورا] سُجَّداً حال مقدرة لان السجود بعد الخرور يكون اى حال كونهم ساجدين تحية وتكرمة له فانه كان السجود عندهم جاريا مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الناشئة فى التعظيم والتوقير والرفع مؤخر عن الخرور إذ السجود له كان قبل الصعود على السرير فى أول الملاقاة لان ذلك هو وقت التحية الا انه قدم لفظا للاهتمام بتعظيمه لهما والترتيب الذكرى لا يجب كونه على وقف الترتيب الوقوعى وليصل به ذكر كونه تعبير(4/320)
الرؤيا قال الكاشفى [يوسف كه آن حال مشاهده نمود اظهار مسرت وبهجت فرمود] وَقالَ يا أَبَتِ [اى پدر من] هذا [اين سجده كردن شما را] تَأْوِيلُ رُءْيايَ التي رأيتها وقصصتها عليك مِنْ قَبْلُ فى زمن الصبى يريد قوله إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا صدقا فى اليقظة واقعا بعينها قال بعضهم وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة وإليها ينتهى الرؤيا يقول الفقير فيكون القول بان الاجتماع كان بعد ثمانين سنة مرجوحا واعلم ان السبب فى تأخير ظهور المنامات الجيدة وسرعة الرديئة هو آن القدرة الالهية المظهرة لهذه المنامات تعجل البشارة بالخيرات الكامنة قبل أوانها بمدة طويلة لتكون مدة السرور أطول وتؤخر الانذار بالشرور الكامنة الى زمان يقرب من حصولها ليقصر زمان الهم والحزن قال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح قوله عليه السلام (اصدق المنامات ما رؤى فى السحر) اعلم ان السحر هو زمان اواخر الليل واستقبال أول النهار والليل مظهر الغيب والظلمة والنهار هو زمان الكشف والوضوح ومنتهى سير المغيبات والمقدرات الغيبية فى العلم الإلهي ثم فى عالم المعاني والأرواح ولما كان زمان السحر هو مبدأ
زمان السحر هو مبدأ زمان استقبال كمال الانكشاف والتحقق لزم ان الذي يرى إذ ذاك يكون قريب الظهور والتحقق والى ذلك أشار يوسف بقوله هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا اى ما كملت حقية الرؤيا الا بظهورها فى الحس فان فيه ظهر المقصود من تلك الصورة الممثلة وأينعت ثمراتها انتهى وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا اى أظهرها فى الحس بعد ما كانت فى صورة الخيال فقال النبي عليه السلام (الناس نيام) اى جعل النبي عليه السلام اليقظة ايضا نوعا من انواع النوم لغفلة الناس فيها عن المعاني الغيبية والحقائق الالهية كما يغفل النائم عنها فكان قول يوسف قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا بمنزلة من رأى فى نومه انه استيقظ من رؤيا رآها ثم ذكرها وعبرها ولم يعلم انه فى النوم عينه ما برح فاذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأنى استيقظت وأولتها بكذا هذا مثل ذلك كما قال فى المثنوى
اين جهانرا كه بصورت قائمست ... كفت پيغمبر كه حلم نائمست
او كمان برده كه اين دم خفته أم ... بى خبر زان كوست در خواب دوم
فانظركم بين ادراك محمد وبين ادراك يوسف عليهما السلام فى آخر امره حين قال هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا معناه ثابتا حسا اى محسوسا وما كان الا محسوسا فان الخيال لا يعطى ابدا الا المحسوسات ليس له غير ذلك فالنبى عليه السلام جعل الصورة الحسية ايضا كالصورة الخيالية التي تجلى الحق والمعاني الغيبية فيها وجعل يوسف الصور الحسية حقا ثابتا والصور الخيالية غير ذلك فصار الحس عنده مجالى للحق والمعاني الغيبية دون الخيال فانظر ما اشرف علم ورثة سيد الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وهم اى الورثة الأولياء الكاملون المطلعون على هذه الاسرار والاشارة ان يعقوب هو الروح وزوجته النفس وأولاده أوصاف البشرية والقوى والحواس ويوسف هو القلب والقلب(4/321)
بمثابة العرش وهو على الحقيقة عرش الرحمن والسجدة كانت على الحقيقة لرب العرش لا للعرش وقوله ان شاء الله لانه لا يصل الى مصر حضرة الملك العزيز أحد الا بجذبة مشيئته وقوله آمنين اى من الانقطاع عن تلك الحضرة فانها منزهة عن الاتصال والانفصال والانقطاع عنها فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الوصول الى ان تنفتح بصيرته ويتخلص من الظلمة ولا يقول اين هو كما قال فى المثنوى
اين جهان پر آفتاب ونور ماه ... او بهشت سر فرو برده بچاه
كه اگر حقست پس كو روشنى ... سر ز چهـ بردار وبنكر اى دنى
جمله عالم شرق وغرب آن نور يافت ... تا تو در چاهى نخواهد بر تو تافت
وصحبة هذا النور انما تحصل بالصبر على المعاصي والشرور وإصلاح الطبيعة والنفس بالشريعة والطريقة وحبس الوجود فى ظلمة بيت الخلوة الى اشراق نور الحقيقة ألا ترى الى قول الحافظ الشيرازي
آنكه پيرانه سرم صحبت يوسف بنواخت ... اجر صبريست كه در كلبه احزان كردم
اللهم اجعلنا من الواصلين وَقَدْ أَحْسَنَ بِي قال فى الكواشي المفعول محذوف تقديره احسن بي صنعه والمشهور استعمال الإحسان بالى وقد يستعمل بالباء ايضا كما فى قوله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً والمعنى بالفارسية [وبدرستى كه نيكويى كرده است بمن آفرين كار من] إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ [چون بيرون آورد مرا از زندان] ولم يذكر الجب لئلا يستحيى اخوته ومن تمام الصفح والعفو ان لا يذكر ما تقدم من الذنب ولانه كان فى السجن مع الكفار وفى الجب مع جبرائيل ولانه كان فى وقت دخول الجب صغيرا ولا يجب الشكر على الصبيان ولان عهده بالسجن اقرب من الجب فلذا ذكره والوجه الاول أرجح وقد سبق مثله فى حق زليخا ايضا حيث قال ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ولم يذكر زليخا قال لقمان رضى الله عنه خدمت اربعة آلاف نبى واخترت من كلامهم ثمانى كلمات. ان كنت فى الصلاة فاحفظ قلبك. وان كنت فى بيت الغير فاحفظ عينيك. وان كنت بين الناس فاحفظ لسانك. وإذ كراثنين. وانس اثنين. اما اللذان تذكرهما فالله والموت. واما اللذان تنساهما إحسانك فى حق الغير واساءة الغير فى حقك وفى التأويلات أخرجني من سجن الوجود ولهذا لم يقل من الجب جب البشرية ونعمة إخراجه من سجن الوجود اكبر من نعمة إخراجه من جب البشرية وَجاءَ بِكُمْ [وآورد شما را] مِنَ الْبَدْوِ قال فى القاموس والبدو والبادية خلاف الحضر لكون الصحراء بادية على العين اى ظاهرة سميت بها وكانوا اصحاب المواشي والعمد اى الاخبية ينتقلون فى الماء والمرعى وقال الكاشفى [وآن موضعى بود از زمين فلسطين در زمين شام كه يعقوب آنجا نشستى وآن نزديك كنعان بود يوسف جهت شكر نعمت فرمود كه حق سبحانه وتعالى مرا از زندان بتخت رسانيد وشما را از باديه نزديك من آورد تا با يكديكر برنشينيم] مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي اى أفسد بيننا وحرش واغرى من نزغ الرائض الدابة إذا نخسها وحملها على(4/322)
الجري والحركة ولقد بالغ فى الإحسان حيث نسب ذلك الى الشيطان يقول الفقير الأدب ان يسند الشر الى النفس والشيطان لانهما معدنه ومنشأه وان كان الكل بخلق الله تعالى إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ اى لطيف التدبير لاجله رفيق حتى يجيئ على وجه الحكمة والصواب ما من صعب الا وهو بالنسبة الى تدبيره سهل وقال فى الكواشي ذو لطف بمن يشاء واللطف الإحسان الخفي قال الامام الغزالي رحمه الله انما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح وغوامضها ومادق منها وما لطف ثم يسلك فى إيصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف وإذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى الإدراك تم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا لله تعالى وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله تعالى والتلطف بهم فى الدعوة الى الله والهداية الى سعادة الآخرة من غير از راء وعنف ومن غير تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والأعمال الصالحة فانها أوقع والطف من الألفاظ المزينة: وفى المثنوى
پند فعلى خلق را جذابتر ... كه رسد در جان هربا كوش كر
إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بليغ العلم بوجوه المصالح والتدابير الْحَكِيمُ الذي يفعل كل شىء على قضية الحكمة وقد سبق فى أوائل هذه السورة سر التقدم والتأخر بين اسمى العليم والحكيم- روى- ان يوسف أخذ بيد يعقوب فطاف به فى خزائنه فادخله فى خزائن الورق والذهب وخزائن الحلي وخزائن الثياب وخزائن السلاح وغير ذلك فلما ادخله خزائن القراطيس وهو أول من عملها قال يا بنى ما اعقك عندك هذه القراطيس وما كتبت الىّ على ثمانى مراحل
صد بار شد از عشق توام حال دكركون ... يكبار نكفتى فلان حال تو چون شد
قال
أمرني جبريل قال أو ما تسأله قال أنت ابسط اليه منى فاسأله قال جبريل الله أمرني بذلك لقولك أخاف ان يأكله الذئب قال فهلا خفتنى: قال المولى الجامى
زليخا چون ز يوسف كام دل يافت ... بوصل دائمش آرام دل يافت
تمادى يافت ايام وصالش ... در ان دولت ز چل بگذشت سالش
پياپى داد آن نخل برومند ... بر فرزند بل فرزند فرزند
مرادى در جهان در دل نبودش ... كه بر خوان امل حاصل نبودش
وولد ليوسف من راعيل اى زليخا افرائيم وميشا وحمة امرأة أيوب عليه السلام وولد لافراييم نون ولنون يوشع فتى موسى ولما نزل يعقوب فى قصر يوسف جاء أولاد يوسف فوقفوا بين يدى يعقوب ففرح بهم وقبلهم وحدثه يوسف بحديثه مع زليخا وما كان منه ومنها وأخبره ان هؤلاء أولاده منها فاستدعاها يعقوب فحضرت وقبلت يده وسألته زليخا ان ينزل عندها فقال لا ارضى بزينتكم هذه ولكن اصنعوا لى عريشا من البردي والقصب مثل عريشى بأرض كنعان فصنعوا له عريشا كما أراد ونزل فيه فى أتم سرور وغبطة قال السهيلي كان مساكن نبينا صلى الله عليه وسلم مبنية من جريد النخل عليه طين وبعضها من(4/323)
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)
حجارة مرصوصة وسقفها كلها من جريد وعن الحسن البصري كنت وانا مراهق ادخل بيوت ازواج النبي عليه السلام فى خلافة عثمان رضى الله عنه فاتناول سقفها بيدي وهدمها عمر بن عبد العزيز بعد موت أزواجه عليه السلام وأدخلها فى المسجد قال بعضهم ما رأيت باكيا اكثر من ذلك اليوم وليتها تركت ولم تهدم حتى يقصر الناس عن البناء ويرضون بما رضى الله لنبيه عليه السلام ومفاتيح خزائن الأرض بيده عليه السلام اى فان ذلك مما يزهد الناس فى التكاثر والتفاخر فى البنيان وفى الحديث (ان شر ما ذهب فيه مال المرء المسلم البنيان) وكتب بهلول على حائط من حيطان قصر عظيم بناه اخوه الخليفة هارون يا هارون رفعت الطين ووضعت الدين رفعت الجص ووضعت النص ان كان من مالك فقد أسرفت ان الله لا يحب المسرفين وان كان من مال غيرك ظلمت ان الله لا يحب الظالمين رَبِّ- روى- ان يعقوب اقام مع يوسف أربعا وعشرين سنة واوصى ان يدفنه بالشام الى جنب أبيه إسحاق فنقله يوسف بنفسه فى تابوت من ساج فوافق يوم وفاة عيص فدفنا فى قبر واحد وكانا فى بطن واحد وكان عمرهما مائة وسبعا وأربعين سنة كما فى تفسير ابى الليث ثم عاد الى مصر وعاش بعد أبيه ثلاثا وعشرين سنة وكان عمره مائة وعشرين سنة فلما جمع الله شمله وانتظمت أسبابه واطردت أحواله ورأى امره على الكمال علم انه اشرف على الزوال وان نعيم الدنيا لا يدوم على كل حال قال قائلهم
إذا تم امردنا نقصه ... توقع زوالا إذا قيل تم
فسأل الله الموت بحسن العاقبة قال الكاشفى [يوسف پدر را بخواب ديد كه ميكويد اى يوسف بغايت مشاق لقاى توام بشتاب تا سه روز ديكر نزد من آيى يوسف از خواب در آمد وبرادرانرا طلبيد ووصيتها كرد ويهودا ولى عهد ساخته فرزندانرا برو سپرد وبطريق مناجات كفت اى پروردگار من] قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ اى أعطيتني بعضا منه عظيما وهو ملك مصر إذ لم يكن له ملك كل الدنيا قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره كان فى وجود يوسف عليه السلام قابلية السلطنة واما سلطان الأنبياء صلى الله عليه وسلم فقد أفنى جميع ما فى ملك وجوده من جهة الافعال والصفات فلم يبق شىء فظهر مكانه شىء لا يوصف بحيث وقع تجلى الذات فملكه وسلطانه لا يدانيه شىء ولذا لو قال أحد على وجه التحقير انه كان فقيرا يكفر
شمع سراچهـ أبيت اختر برج لو دنوت ... تارك دينئ دنى مالك ملكت دنا
وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ [وبياموختى مرا از تعبير خوابها] ومن للتبعيض ايضا لانه لم يؤت علم كل التأويل على التفصيل وان جاز ان يؤتى ملكته ويقال من هنا لابانة الجنس لا للتبعيض قال ابن الكمال الأحاديث مبنى على واحده المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على أحدثة ثم جمعوا الجمع على أحاديث كقطيع واقعة وأقاطيع والمراد بالأحاديث الرؤى جمع الرؤيا وتأويلها بيان ما تؤول هى اليه فى الخارج وعلم التعبير من العلوم الجليلة لكنه ليس من لوازم النبوة والولاية فقد يعطيه الله بعض خواصه على التفصيل وبعضهم على(4/324)
الإجمال فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى خالقهما وموجدهما من العدم الى الوجود قال ابن عباس رضى الله عنهما كان معنى الفاطر غير ظاهر لى الى ان تقدم رجلان من العرب يدعى كل منهما الملكية فى بئر فقال أحدهما انا فطرتها اى ابتدأت حفرها فعرفت ذلك أَنْتَ وَلِيِّي سيدى وانا عبدك وقال الكاشفى [تويى يار من ومتولئ كار من] اى القائم بامرى فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ [درين سراى ودران سراى] واعلم ان من عرض له حاجة فاراد ان يدعو فعليه ان يقدم الثناء على الله تعالى ولذا قدم يوسف عليه السلام الثناء ثم قال داعيا تَوَفَّنِي مُسْلِماً وهو طلب للوفاة على حال الإسلام لانها تمام النعمة ونحوه وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ويجوز ان يكون تمنيا للموت اى اقبضنى إليك مخلصا بتوحيدك قيل ما تمنى الموت نبى قبله ولا بعده الا هو: وفى المثنوى
پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقااش شادمان اين كودكان «1»
همچنين باد أجل بر عارفان ... نرم وخوش همچون نسيم يوسفان «2»
آتش ابراهيم را دندان نزد ... چون كزيده حق بود چونش كزد
وفى الحديث (الموت تحفة المؤمن) لان الدنيا سجنه لا يزال منها فى عناء بمقاساة نفسه ورياضتها فى شهواتها ومدافعة شيطانه فالموت إطلاقه واستراحته كما قيل موت الأمراء فتنة وموت العلماء مصيبة وموت الأغنياء محنة وموت الفقراء راحة وفى الحديث (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) وقالوا يا رسول الله كلنا نكره الموت قال (ليس ذلك بكراهة للموت ولكن المؤمن إذا احتضر جاء البشير من الله بما يرجع اليه فليس شىء أحب اليه من لقاء الله فاحب الله لقاءه وان الفاجر او الكافر إذا احتضر جاءه النذير بما هو صائر اليه من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه) ومعنى محبة الله افاضة فضله على المؤمن وإكثار العطايا له ومعنى كراهته تبعيد الكافر عن رحمته وارادة نقمته وانما دعا يوسف بهذا الدعاء وهو التوفى مسلما ليقتدى به قومه ومن بعده ممن ليس بآمن على ختمه فلا يترك الدعاء امتثالا له لان ظواهر الأنبياء عليهم السلام كانت لنظر الأمم إليهم ليعلموا موضع الشكر من موضع الاستغفار وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ اى بآبائى المرسلين فى الجنه او بعامة الصالحين فى النعمة والكرامة وهو اسم للانبياء لكمال حالهم واستجماع خصال الخير فيهم قال تعالى وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ قال سعدى المفتى فيه بحث فان يوسف من أكابر الأنبياء والصلاح أول درجات المؤمنين فكيف يليق به ان يطلب اللحاق بمن هو فى البداية ثم قال ويمكن ان يقال سبيله سبيل الاستغفار عن نبينا عليه السلام فان أمثاله تصدر عن الأنبياء هضما للنفس انتهى يقول الفقير هذا معنى ساقط ذهول عن حقيقة الحال وكأنه ذهب بوهمه الى ترتيب قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ ولم يعرف ان مرتبة الصلاح مرتبة عظيمة جامعة لجميع المراتب ان الصالح إذا ترقى من مقامه يسمى شهيدا ثم صديقا ثم نبيا ويلزم منه ان لا يتصف الشهيد مثلا بالصلاح فان تسميته شهيدا انما هى باعتبار صفة غالبة كتسمية الإنسان أميرا ثم وزيرا باعتبار تفاوت درجات
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان معنى حديث من بشرنى بخروج الصفر بشرته بالجنة
(2) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه هلاك كردن باد قوم هود عليه السلام را(4/325)
ولايته مع كونه إنسانا فى نفسه فكما ان ارباب البداية يسمون صلحاء كذلك اصحاب النهاية بشهادة الله تعالى كما قال إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ وقال وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ووجهه ان النهاية هى الرجوع الى البداية فالتوفى مسلما اشارة الى مرتبة الفناء فى الله والإلحاق بالصالحين اشارة الى مرتبة البقاء بالله فان المعنى عند اهل الاشارة توفنى مسلما اى أفنني عنى بك مستسلما والحقنى بالصالحين للبقاء بك بان تغنينى عنى وتبقيني ببقائك الأزلي الابدى فافهم وفقك الله- روى- ان يوسف عليه السلام قص رؤياه المذكورة كما نقل عن الكاشفى على زليخا ودعا بهذا الدعاء فعلمت ان الله يقبل دعاءه وان الأمر يصير الى الفرقة بعد الوصلة فبكت وقالت الهى
ندارم طاقت هجران يوسف ... ز تن كش جان من با جان يوسف
بقانون وفا نيكو نباشد ... كه من باشم بدنيا او نباشد
وكر با من نسازى همره او را ... مرا بيرون بر أول آنكه او را
بديگر او ز يوسف بامدادان ... كه شد دلها ز فيض صبح شادان
ببر كرده لباس شهريارى ... برون آمد بآهنگ سوارى
چو پادر يك ركاب آورد جبريل ... بدو كفتا مكن زين بيش تعجيل
أمان نبود ز چرخ عمر فرساى ... كه سايد در ركاب ديكرت پاى
عنان بگسل ز آمال أماني ... بكش پااز ركاب زندكانى
چويوسف اين بشارت كرد ازو كوش ... ز شادى شد برو هستى فراموش
ز شاهى دامن همت برافشاند ... يكى از وارثان ملك بر خواند
بجاى خود شه آن مر ز كردش ... بخصلتهاى نيك اندرز كردش
دكر كفتار زليخا را بخوانيد ... بميعاد وداع من رسانيد
بگفتند او ز دست غم زبونست ... فتاده در ميان خاك وخونست
ندارد طاقت اين باد جانش ... بحال خويش بگذار آنچنانش
بكف جبريل حاضر داشت سيبى ... كه باغ خلد از آن ميداشت زيبى
چويوسف را بدست آن سيب بنهاد ... روان آن سيب را بوييد وجان داد
چويوسف را از ان بو جان بر آمد ... ز جان حاضران افغان بر آمد
زليخا كفت اين سوز وفغان چيست ... پر از غوغا زمين وآسمان چيست
بدو كفتند كان شاه جوان بخت ... بسوى تخته رو كرد از سر تخت
وداع كلبه تنك جهان كرد ... وطن بر اوج كاخ لا مكان كرد
ز هول اين سخن آن سرو چالاك ... سه روز افتاد همچون سايه بر خاك
چو چارم روز شد زان خواب بيدار ... سماع آن ز خود بردش دكر بار
سه بار اينسان سه روز از خود همى رفت ... بداغ سينه سوز خود همى رفت
چهارم بار چون آمد بخود باز ... ز يوسف كرد أول پرسش آغاز
جز اين از وى خبر بازش ندادند ... كه همچون كنج در خاكش نهادند(4/326)
بيك جنبش ازين اندوه خانه ... برحلت گاه يوسف شد روانه
كهى فرقش همى بوسيد وكه پاى ... فغان ميزد ز دل كاى واى من واى
فرو رفته تو همچون آب در خاك ... به بيرون مانده من چون خار وخاشاك
چودرد وحسرتش از حد برون شد ... برسم خاك بوسى سر نكون شد
بچشمان خود انكشتان در آورد ... دو نركس را ز نركسدان بر آورد
بخاك وى فكند از كاسه سر ... كه نركس كاشتن در خاك بهتر
بخاكش روى خون آلوده بنهاد ... بمسكينى زمين بوسيد وجان داد
خوش آن عاشق كه در هجران چنان مرد ... بخلوتگاه جانان جان چنان برد
نخست از غير جانان ديده بركند ... وزان پس نقد جان بر خاكش افكند
هزاران فيض بر جان وتنش باد ... بجانان ديده جان روشنش باد
حريفان حال او را چون بديدند ... فغان وناله بر كردون كشيدند
ز كرد فرقتش رخ پاك كردند ... بجنب يوسفش در خاك كردند
وقال فى القصص ماتت زليخا قبله فحزن عليها ولم يتزوج بعدها ولما دنت وفاة يوسف وصى الى ولده افرائيم ان يسوس الناس وقال ان يوسف خرج باهله وأولاده واخوته ومن آمن معه من مصر ونزل عليه جبريل فخرق له من النيل خليجا الى الفيوم ولحق به كثير من الناس وبنوا هناك مدينتين وسموهما الحرمين فكان يوسف هناك سنين الى ان مات فتخاصم المصريون فى مدفنه من جانبى النيل كل طائفة أرادت ان يدفن يوسف فى جانبه وسمته تبركا بقبره الشريف وجلبا للخصب حتى هموا بالقتال ثم تصالحوا على ان يدفن سنة فى جانب مصر وسنة فى جانب آخر من البدو فدفن فى الجانب المصري فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر من البدو ثم نقل الى الجانب البدوي فاخصب ذلك الجانب واجدب الجانب الآخر المصري ثم اتفقوا على دفنه فى وسط النيل وقدروا ذلك بسلسلة وعملوا له صندوقا من مرمر
شكاف سنك قيرانداى كردند ... ميان قعر نيلش جاى كردند
يكى شد غرق بحر آشنايى ... يكى لب تشنه در بر جدايى
به بين حيله كه چرخ بى وفا كرد ... كه بعد مركش از يوسف جدا كرد
نمى دانم كه با ايشان چهـ كين داشت ... كه زير خاكشان آسوده نكذاشت
وعن عروة بن الزبير رضى الله عنهما قال ان الله تعالى حين امر موسى عليه السلام بالسير ببني إسرائيل امره ان يحمل معه عظام يوسف وان لا يخلفها بأرض مصر وان يسير بها حتى يضعها فى الأرض المقدسة اى وفاء بما اوصى به يوسف فقد ذكر انه لما أدركته الوفاة اوصى ان يحمل الى مقابر آبائه فمنع اهل مصر أولياءه من ذلك فسأل موسى عمن يعرف موضع قبر يوسف فما وجد أحدا يعرفه الا عجوزا فى بنى إسرائيل فقالت له يا نبى الله انا اعرف مكانه وادلك عليه ان أنت أخرجتني معك ولم تخلفنى بأرض مصر قال افعل. وفى لفظ انها قالت أكون معك فى الجنة فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له أعطها طلبتها فاعطاها وقد كان موسى وعد بنى إسرائيل(4/327)
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)
ان يسير بهم إذا طلع القمر فدعا ربه ان يؤخر طلوع القمر حتى يفرغ من امر يوسف ففعل فخرجت به العجوز حتى ارته إياه فى ناحية من النيل. وفى لفظ فى مستنقعة ماء اى وتلك المستنقعة فى ناحية من النيل فقالت لهم انضبوا عنها الماء اى ارفعوه عنها ففعلوا فقالت احفروا فحفروا وأخرجوه. وفى لفظ انها انتهت به الى عمود على شاطئ النيل اى فى ناحية منه فلا يخالفه ما سبق فى أصله سكة من حديد فيها سلسلة. ويجوز ان يكون حفرهم الواقع فى تلك الرواية كان على اظهار تلك السلسلة فلا مخالفة ووجده فى صندوق من حديد فى وسط النيل فى الماء استخرجه موسى وهو فى صندوق من مرمر اى داخل ذلك الصندوق الذي من الحديد فاحتمله وفى أنيس الجليس ان موسى جاءه شيخ له ثلاثمائة سنة فقال له يا نبى الله ما يعرف قبر يوسف الا والدتي فقال له موسى قم معى الى والدتك فقام الرجل ودخل منزله واتى بقفة فيها والدته فقال لها ألك علم بقبر يوسف قالت نعم ولا ادلك على قبره الا ان دعوت الله ان يرد علىّ شبابى الى سبع عشرة سنة ويزيد فى عمرى مثل ما مضى فدعا موسى لها وقال لهاكم عمرك قالت تسعمائة سنة فعاشت الفا وثمانمائة سنة فارته قبر يوسف وكان فى وسط نيل مصر ليمر النيل عليه فيصل الى جميع مصر فيكونوا شركاء فى بركته فاخصب الجانبان وكان بين دخول يوسف مصر الى يوم خروج موسى اربعمائة سنة وهو اى يوسف أول نبىّ من بنى إسرائيل قال فى بحر العلوم ولقد توارثت الفراعنة من العمالقة بعده مصر ولم تزل بنوا إسرائيل تحت أيديهم على بقايا دين يوسف وآبائه الى ان بعث الله موسى فنجاهم من الفراعنة بعونه وتيسيره وعن عمر بن عبد العزيز ان ميمون بن مهران بات عنده فرآه كثير البكاء والمسألة للموت فقال صنع الله على يديك خيرا كثيرا أحييت سننا وامت بدعا وفى حياتك خير وراحة للمسلمين فقال أفلا أكون كالعبد الصالح لما أقر الله عينه وجمع له امره قال توفنى مسلما والحقنى بالصالحين
كرت ملك جهان زير نكين است ... بآخر جاى تو زير زمين است
ذلِكَ المذكور من نبأ يوسف يا محمد مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ من الاخبار التي غاب عنك علمها نُوحِيهِ إِلَيْكَ على لسان جبريل وهو خبر ثان لقوله ذلك وَما كُنْتَ حاضرا لَدَيْهِمْ اى عند اخوة يوسف إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ حين عزموا على القائه فى غيابة الجب فان الإجماع العزم على الأمر يقال أجمعت الأمر وعليه وَهُمْ يَمْكُرُونَ به وبابيه ليرسله معهم وانما نفى الحضور وانتفاؤه معلوم بغير شبهة تهكما بالمنكرين للوحى من قريش وغيرهم لانه كان معلوما عند المكذبين علما يقينا انه عليه السلام ليس من جملة هذا الحديث وأشباهه ولا قرأ على أحد ولا سمع منه وليس من علم قومه فاذا اخبر به لم يبق شبهة فى انه من جهة الوحى لا من عنده فاذا أنكروه تهكم بهم وقيل لهم قد علمتم يا مكابرين انه لا سماع له من أحد ولا قراءة ولا حضور ولا مشاهدة لمن مضى من القرون الخالية- روى- ان كفار قريش وجماعة من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف على سبيل التعنت فلما أخبرهم على موافقة التوراة لم يسلموا فحزن النبي عليه السلام فعزاه الله بقوله وَما أَكْثَرُ النَّاسِ عام لاهل مكة وغيرهم وَلَوْ حَرَصْتَ على ايمانهم وبالغت فى اظهار الآيات لهم(4/328)
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)
والحرص طلب شىء باجتهاد فى أصابته بِمُؤْمِنِينَ لعنادهم وتصميمهم على الكفر وهذا فى الحقيقة من اسرار القدر لان عدم ايمانهم من مقتضيات استعداداتهم الازلية الغير المجعولة واحوال أعيانهم الثابتة فان قلت فما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدته تمييز من له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما فان قلت لم كان الكفرة اكثر مع ان الله تعالى خلق الخلق للعبادة قلت المقصود ظهور الإنسان الكامل وهو واحد كالف وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ اى على الانباء او الإرشاد بالقرآن مِنْ أَجْرٍ مال يعطونك كما يفعله حملة الاخبار والمراد انا ارخينا العلة فى التكذيب حيث بعثناك مبلغا بلا اجر إِنْ هُوَ اى ما القرآن إِلَّا ذِكْرٌ عظة من الله وإنذار لِلْعالَمِينَ عامة بعثالهم على طلب النجاة وفيه اشارة الى ان الدعوة والإرشاد وسائر افعال الخير لا يطلب فيها المنفعة من الناس فانها لله تعالى وما كان لله لا يجوز ان يشوبه شىء من اعراض الدنيا والآخرة: وفى المثنوى
عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اللاهوتية غير محتاجة الى الناسوتية وان دعتها الى الاستكمال لانها كاملة فى ذاتها مكملة لغيرها وَكَأَيِّنْ قال المولى الجامى فى شرح الكافية من الكناية كأين وانما نبى لان كاف التشبيه دخلت على أي وأي كان معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان نون التنوين لا صورة لها فى الخط اه مِنْ آيَةٍ اى كثير من الآيات الدالة على وجود الصانع وتوحيده وصفاته من العلم والقدرة وغير ذلك فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ صفة آية كالشمس والقمر والنجوم والمطر والشجر والدواب والبحار والأنهار يَمُرُّونَ عَلَيْها خبر كأين اى يمرون على الآيات ويشاهدونها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها والقرآن هو المبين لتلك الآيات فمن لم يكن متصفا بأخلاقه إذا قرأ القرآن ناداه الله مالك ولكلامى وأنت معرض عنى دع عنك كلامى ان لم تتب الىّ ولما سمع المشركون قوله وكأين من آية الآية قالوا انا نؤمن من بالله الذي خلق هذه الأشياء فانزل الله وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ حيث يثبت له شريكا فى المعبودية تقول العرب فى تلبيتهم لبيك لا شريك لك الا شريك هو لك تملكه وما ملك ويقول اهل مكة الله ربنا وحده لا شريك له والملائكة بناته فلم يوحدوه بل أشركوا ويقول عبدة الأصنام الله ربنا وحده والأصنام شركاؤه فى استحقاق العبادة وقالت اليهود ربنا الله وحده وعزيز ابن الله وقالت النصارى ربنا الله وحده والمسيح ابنه وفى التأويلات وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ اكثر الخلق بِاللَّهِ وطلبه إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ برؤية الايمان والطلب انهما منهم لا من الله فان من يرى السبب فهو مشرك ومن يرى المسبب فهو موحد وان كل شىء هالك فى نظر الموحد إلا وجهه انتهى ولما دخل الواسطي نيسابور سأل اصحاب الشيخ ابى عثمان المغربي بم يأمركم شيخكم قالوا يأمرنا بالتزام الطاعة ورؤية التقصير عنها فقال أمركم(4/329)
أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
بالمجوسية المحضة هلا أمركم بالغيبة عنها بشهود منشأها ومجراها أَفَأَمِنُوا يعنى المشركون أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ عقوبة تغشاهم وتشملهم أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً مصدر فى موضع الحال بالفارسية [ناكاه] اى فجأة من غير سابقة علامة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانها غير مستعدين لها فان قيل اما يؤدّى قوله بغتة مؤدّى قوله وهم لا يشعرون فيستغنى عنه قيل لا فان معنى قوله وهم لا يشعرون وهم غافلون لاشتغالهم بامور دنياهم كقوله تأخذهم وهم يخصمون وفى الحديث (موت الفجأ اخذة أسيف) بكسر السين اى غضبان يعنى موت الفجأة اثر غضب الله على العبد والفجاءة بالمد مع الضم وبالقصر مع فتح الفاء هى البغتة دون تقدم مرض ولا سبب وفى الحديث (اكره موتا كموت الحمار) قيل وما موت الحمار قال (موت الفجأة) وانما كره لئلا يلقى المؤمن ربه على غفلة من غير ان يقدم لنفسه عذرا ويجدد توبة ويرد مظالمه- وروى- ان ابراهيم وداود وسليمان عليهم السلام ماتوا فجأة ويقال انه موت الصالحين وحمل الجمهور الاول على من له تعلقات يحتاج الى الإيصاء اما المنقطعون المستعدون فانه تخفيف ورفق بهم كذا فى شرح الترغيب المسمى بالفتح القريب ذكر بعض السلف ان الخضر عليه السلام هو الذي يقتل الذين يموتون فجأة كما فى انسان العيون قال فى التأويلات النجمية وفى الحقيقة يشير بالساعة الى عشق ومحبة من الله بلا سبب من الأسباب وقيل العشق عذاب الله والعشق أخص من المحبة لانه محبة مفرطة والعشق عبارة عن هيجان القلب عند ذكر المحبوب والشوق عبارة عن انزعاج القلب الى لقاء المحبوب وقال حكيم الشوق نور شجرة المحبة والعشق ثمرتها وقال بعض اهل الرياضة الشوق فى قلب المحب كالفتيل فى المصباح والعشق كالدهن: قال المولى الجامى
أسير عشق شو كآزاد باشى ... غمش بر سينه نه تا شاد باشى
نى عشقت دهد گرمى وهستى ... دگر افسردگى وخود پرستى
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي اى هذه السبيل التي هى الدعوة الى الايمان والتوحيد سبيلى اى طريقى وهما يذكران ويؤنثان ثم فسرها بقوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ الى دينه وطاعته وثوابه الموعود يوم البعث عَلى بَصِيرَةٍ بيان وحجة بصيرة اى واضحة مرشدة الى المطلوب فان الدليل إذا كان بصيرا يتمكن من الإرشاد والهداية بخلاف ما إذا كان أعمى أَنَا تأكيد للمستتر فى ادعو وَمَنِ اتَّبَعَنِي عطف عليه اى ادعو اليه انا ويدعو اليه من اتبعنى وَسُبْحانَ اللَّهِ اسم من التسبيح منصوب بفعل مضمر وهو اسبح اى اسبح الله تسبيحا اى انزهه تنزيها من الشركاء وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عطف على وسبحان الله عطف الجملة على الجملة وفى نفائس المجالس قل هذه سبيلى اى الدعوة الى التوحيد الذاتي طريقى المخصوصة بي ثم فسر السبيل بقوله ادعو الى الله الى الذات الاحدية الموصوفة بجميع الصفات على بصيرة انا ومن اتبعنى فكل من يدعو الى ذلك السبيل فهو من اتباعى: قال فى المثنوى
اين چنين فرمود آن شاه رسل ... كه منم كشتى درين درياى كل
با كسى كو در بصيرتهاى من ... شد خليفه راستى بر جاى من(4/330)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)
كشتى نوحيم در دريا كه نا ... رو نكردانى ز كشتى اى فتا
وكان الأنبياء قبله عليه السلام يدعون الى المبدأ والمعاد والى الذات الواحدية الموصوفة ببعض الصفات الالهية الا ابراهيم عليه السلام فانه قطب التوحيد ولذا امر الله نبينا عليه السلام باتباعه بقوله ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً فهو من اتباع ابراهيم باعتبار الجمع دون التفصيل إذ لا متمم لتفاصيل الصفات الا هو ولذا لم يكن غيره خاتما وَسُبْحانَ اللَّهِ انزهه عن اشتراك الغير بل هو الداعي الى ذاته وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ المثبتين للغير فى مقام التوحيد قال بعضهم الداعي الى الله يدعو الخلق به والداعي الى سبيله يدعوهم بنفسه ولذلك كثرت الاجابة الى الثاني لمشاركته الطبع ثم الاتباع شامل للاتباع على الظاهر كما هو حال العامة وللاتباع على الحقيقة كما هو حال الخاصة ولا سبيل الى الدعوة على بصيرة الا بعد الاتباع قولا وفعلا وحالا وهو النتيجة من الاتباع على الظاهر- حكى- ان فقيها قصد الى زيارة ابى مسلم المغربي فسمعه يلحن فى القرآن فقال فى نفسه قد ضاع سعيى ثم سلط أسدين على الفقيه حين خرج للوضوء وقت التهجد فهرب وصاح ودفعهما ابو مسلم ثم قال للفقيه ان كنت لحنت فى القرآن فقد لحنت فى الايمان فنحن نسعى فى تصحيح الباطن فيخاف منا المخلوق وأنتم تسعون فى الظاهر فتخافون الخلق- وحكى- ان ابن الرشيد اختار البقاء على الفناء فعيره أبوه يوما وقال لحقنى العار منك بين الملوك فدعا طيرا فاجابه ثم قال لابيه ادع أنت فدعاه فلم يجب فقال لحقنى العار بين اولياء الله لانك كنت أسير الدنيا والبصيرة قوة للقلب المنور بنور القدس يرى بها حقائق الأشياء وبواطنها بمثابة البصر للنفس يرى به صور الأشياء وظواهرها وهى التي يسميها الحكماء العاقلة النظرية والقوة القدسية وجميع قلوب بنى آدم فى الأصل مائلة للبصيرة بحسب الفطرة لكنها لاشتغالها بالذات والشهوات والاعراض عن الطاعات والعبادات اظلمت وبنور البصيرة والتوفيق آمنت بلقيس وسحرة فرعون ونحوهم واعلم ان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم باب النجاة وطريق السعادة العظمى قال سهل محب الله على الحقيقة يكون اقتداؤه فى أحواله وأقواله وأفعاله بالنبي عليه السلام قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره سأل امام ابراهيم پاشا منى يوما عن تأويلات السلمى لاجل الاذية فقلت له نخلى ذلك فاننا لسنا من اهله ولكن نفتح المثنوى بنيتك ففتحت فجاء
رهرو راه طريقت اين بود ... كاو باحكام شريعت ميرود
فتعجب المرحوم وترك الإنكار بعد ذلك على اولياء الله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا لا ملائكة فهو رد لقولهم لو شاء ربنا لا نزل ملائكة قالوا ذلك تعجبا وإنكارا لنبوته فقال تعالى كيف يتعجبون من أرسلناك إياك والحال ان من قبلك من الرسل كانوا على مثل حالك لان الاستفاضة منوطة بالجنسية وبين البشر والملك مباينة من جهة اللطافة والكثافة ولو أرسل ملك لكان فى صورة البشر كما قال تعالى وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وقس عليه الجن فلا يكون من الجن رسول الى البشر وفى عبارة الرجال دلالة على ان الله تعالى ما بعث رسولا الى الخلق من النسوان لان مبنى حالهن على التستر ومنتهى كما لهن هى الصديقية لا النبوة فمنها آسية(4/331)
ومريم وخديجة وفاطمة وعائشة رضى الله عنهن أجمعين قال الكاشفى [ودر باب سجاح كاهنه كه دعوئ نبوت مى كرده كفته اند]
أصحت نبيتنا أنثى نطوف بها ... ولم تزل أنبياء الله ذكرانا
نُوحِي إِلَيْهِمْ على لسان الملك كما نوحى إليك مِنْ أَهْلِ الْقُرى من اهل الأمصار دون اهل البوادي لغلبة الجهل والقسوة والجفاء عليهم. والمراد بالقرية الحضر خلاف البادية فتشمل المصر الجامع وغيره اى ما يسمى بالفارسية [ده وشهر] لكنه فرق كثير بين المصر الجامع وغيره ولذا قال عليه السلام (لا تسكنوا الكفور فان ساكنى الكفور ساكنوا القبور) والكفور القرى واحدها كفر يريديها القرى النائية البعيدة عن الأمصار ومجتمع اهل العلم لكون الجهل عليهم اغلب وهم الى التبدع اسرع: وفى المثنوى
ده مرو ده مر درا أحمق كند ... عقل را بي نور وبي رونق كند «1»
قول پيغمبر شنو اى مجتبى ... كور عقل آمد وطن در روستا
هر كه در رستا بود روزى وشام ... تا بماهى عقل او نبود تمام
تا بماهى احمقى با او بود ... از حشيش ده جز اينها چهـ درود
وانكه ماهى باشد اندر روستا ... روزكارى باشدش جهل وعمى
فان قيل فما تقول فى قوله تعالى وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ قلنا لم يكن يعقوب وبنوه من اهل البادية بل خرجوا إليها لمواشيهم وفى التأويلات النجمية ان الرسالة لا تستحقها الا الرجال البالغون المستعدون للوحى من اهل قرى الملكوت والأرواح لا من اهل المدائن الملك والأجساد ولذا قيل الرجال من القرى انتهى: وفى المثنوى
ده چهـ باشد شيخ واصل ناشده ... دست در تقليد در حجت زده «2»
پيش شهر عقل كلى اين حواس ... چون خران چشم بسته در خراس
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ آيا سير نمى كنند كافران در زمين شام ويمن وبر ديار عاد وثمود نميكذرند يعنى بايد كه بگذرند] فَيَنْظُرُوا [پس به بينند بنظر عبرت] كَيْفَ كانَ [چهـ كونه بود] عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من المشركين المكذبين الذين اهلكوا بشؤم اشراكهم وتكذيبهم فيحذروهم وينتهوا عنهم والا يحيق بهم مثل ما حاق بهم لان التماثل فى الأسباب يوجب التماثل فى المسببات وَلَدارُ الْآخِرَةِ [وهر آيينه سراى آخرت يعنى بهشت ونعمت او] وهو من اضافة الموصوف الى صفته وأصله وللدار الآخرة كما فى قوله تعالى تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ بهتر است از لذات فانيه دنيا] لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي أَفَلا تَعْقِلُونَ تستعملون عقولكم لتعرفوا انها خير
چهـ نسبت چاه سفلى را بنزهتگاه روحانى ... چهـ ماند كلخن تيره بكاشنهاى سلطانى
- روى- ان عيسى عليه السلام قال لاصحابه لا تجالسوا الموتى فتموت قلوبكم قالوا ومن الموتى قال الراغبون فى الدنيا والمحبون لها وقال بعض الصحابة رضى الله عنهم لصدر التابعين انكم اكثر أعمالا واجتهادا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرا منكم قيل ولم ذاك
__________
(1- 2) در أوائل دفتر سوم در بيان روان شدن خواجه بسوى ده بمهمانى(4/332)
حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
قال كانوا از هدمنكم فى الدنيا وارغب فى الآخرة حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ حتى غاية محذوف دل عليه الكلام اى لا يغررهم تمادى ايامهم فان من قبلهم أمهلوا حتى ايس الرسل من النصر عليهم فى الدنيا او من ايمانهم لانهماكهم فى الكفر مترفهين متمادين فيه من غير رادع وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا بتخفيف الذال وبناء الفعل للمفعول والمكذوب من كان مخاطبا بالكلام الغير المطابق للواقع حتى القى خبر كاذب. والمعنى وظنوا انهم قد كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بانهم ينصرون وعن ابن عباس رضى الله عنهما وظنوا حين ضعفوا وغلبوا انهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر وقال كانوا بشرا وتلا قوله وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ فاراد بالظن ما يخطر بالبال ويهجس فى القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية دون ترجح أحد الجائزين على الآخر لان ذلك غير جائز على المسلمين فما بال رسل الله الذين هم اعرف الخلق بربهم وانه متعال عن خلف الميعاد جاءَهُمْ نَصْرُنا فجأة من غير احتساب. والمعنى ان زمان الامهال قد تطاول عليهم حتى توهموا ان لا نصر لهم فى الدنيا فجاءهم نصرنا بغتة بغير سبق علامة فَنُجِّيَ بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء مَنْ نَشاءُ قائم مقام الفاعل وهم الأنبياء والمؤمنون التابعون لهم وانما لم يعينهم للدلالة على انهم الذين يستأهلون ان شأن نجاتهم لا يشاركهم فيه غيرهم وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عذابنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ إذا نزل بهم قال فى التأويلات النجمية وفى قوله تعالى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ اشارة الى ان النصر كان للرسل منجيا من الابتلاء وللامم المكذبة مهلكا بالعذاب ثم أكد هذا المعنى بقوله وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ اى المكذبين. والمعنى ويرد بأسنا عن القوم المطيعين لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ الضمير للرسل وأممهم اى اخبارهم. وقرئ بكسر القاف جمع قصة عِبْرَةٌ اسم من الاعتبار وهو الاتعاظ حقيقته تتبع الشيء بالتأمل لِأُولِي الْأَلْبابِ لذوى العقول المبرأة من شوائب الالف والركون الى الحس قال فى بحر العلوم اى عظة يتعظ بها ذووا العقول بعدهم فلا يجترئون على نحو ما اخبر هؤلاء من اسباب بأس الله والإهلاك بل يجتنبون عن مثلها لانهم ان أتوا بمثلها يترتب على فعلهم مثل ذلك الجزاء ويسعون فى اسباب النصرة والنجاة إذا سمعوا بحال الأمم الماضية وهوانهم على الله والحاصل ان فى قصص اخوة يوسف فكرة وتدبرا لاولى الألباب وذلك ان من قدر على إعزاز يوسف وتمليكه مصر بعد ما كان عبدا لبعض أهلها قادر على ان يعز محمدا وينصره قال الكاشفى [سلمى از جعفر صادق نقل ميكند كه مراد از اولى الألباب ارباب اسرارست پس اعتبار ازين قصها ارباب اسرار باشد وحقائق الكلام در آيينه دل بي غل ايشان روى نمايد]
ولى در يابد اسرار معانى ... كه روشن شد بنور جاودانى
ما كانَ القرآن وما ذكر فيه حَدِيثاً يُفْتَرى يتقوله بشر وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ اى ولكن كان تصديق ما تقدمه من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء ودليل صحتها لانه معجزة وتلك ليست بمعجزات فهى مفتقرة الى شهادته على صحة ما فيها افتقار المجتمع(4/333)
المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)
عليه الى شهادة الحجة وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وتبيين كل شىء من امور الدين لاستنادها كلها اليه على التفصيل او الإجمال إذ ما من امر منها الا وهو مبتنى على الكتاب والسنة او الإجماع او القياس والثلاثة الاخيرة مستندة اليه بوسط او بغير وسط وَهُدىً من الضلالة وَرَحْمَةً من العذاب لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ من آمن وأيقن وانتصاب الاربعة بعد لكن للعطف على خبر كان واعلم ان القرآن جامع لجميع المراتب ففيه تفصيل ظاهر الدين وباطنه. فالاول للمؤمن بالايمان الرسمى البرهاني. والثاني للمؤمن بالايمان الحقيقي العيانى. وايضا هو هدى على العموم والخصوص ورحمة من عذاب جهنم وعذاب الفرقة والقطيعة فان من اهتدى الى أنواره واطلع على أسراره دخل جنة الذوق والحضور والشهود وأمن من بلاء البشرية والوجود ولله تعالى عباد لهم تجلى حقائق الآفاق ثم تجلى حقائق الأنفس ثم تجلى حقائق القرآن فهذه نسخ ثلاث لا بد للواصل من تلاوة آياته واصل تلك النسخ الثلاث ومبدأها نسخة حقائق الرحمن والى تلك النسخ الأربع الاشارة
بالكتب الاربعة الالهية فعلى العاقل ان يتعظ بمواعظ القرآن ويهتدى الى حقائقه ويتخلق بأخلاقه ولا يقتصر على تلاوة نظمه وانشد ذو النون المصري
منع القرآن بوعده ووعيده ... مقل العيون بليلها لا تهجع
فهموا عن الملك العظيم كلامه ... فهما تذل له الرقاب وتخضع
اللهم اجعل القرآن خلق الجنان وسائر الأركان تمت سورة يوسف فى اواسط شهر الله رجب من سنة ثلاث ومائة والف
تفسير سورة الرعد
وهى مدنية وقيل مكية الا قوله وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا وقوله وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا وآيها خمس وأربعون بسم الله الرحمن الرحيم
المر فى كلام الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره فى قوله تعالى وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ان الشعر محل للاجمال واللغز والتورية اى وما رمزنا لمحمد صلى الله عليه وسلم شيأ ولا لغزنا ولا خاطبناه بشئ ونحن نريد شيأ ولا اجملنا له الخطاب حيث لم يفهمه وأطال فى ذلك وهل يشكل على ذلك الحروف المقطعة فى أوائل السور ولعله رضى الله عنه لا يرى ان ذلك من المتشابه أو أن المتشابه ليس مما استأثر الله بعلمه كذا فى انسان العيون قال ابن عباس معناه انا الله اعلم وارى ما لا يعلم الخلق وما لا يرى من فوق العرش الى ما تحت الثرى فتكون الالف واللام مختصرتين من انا الله الدالين على الذات والميم والراء من اعلم وارى الدالين على الصفة وقال الكاشفى [الف آلاى اوست ولام لطف بي منتهاى او وميم ملك بي زوال وراء رأفت بر كمال] فتكون كل واحدة منها مختصرة من الكلمات الدالة على الصفات الالهية وفى التبيان الالف الله واللام جبريل والميم محمد والراء الرسل اى انا الله الذي أرسل جبريل الى محمد بالقرآن والى الرسل بغيره من الكتب الالهية والصحف الربانية وقال ابن(4/334)
الشيخ الظاهر ان المر كلام مستقل والتقدير هذه السورة مسماة بالمر تِلْكَ اى آيات هذه السورة آياتُ الْكِتابِ اى القرآن وفى التأويلات النجمية ان حروف المر آيات القرآن. فبالالف يشير الى قوله اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ الآية. وباللام يشير الى قوله لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وبالميم الى قوله مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وبالراء الى قوله رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كما ان ق اشارة الى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وهو مرتبة الاحدية التي هى التعين الاول. وص اشارة الى اللَّهُ الصَّمَدُ وهو مرتبة الصمدية التي هى التعين الثاني وَالصَّافَّاتِ صَفًّا اشارة الى التعينات التابعة له وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى القرآن وهو مبتدأ خبره قوله الْحَقُّ ليس كما يقول المشركون انك تأتى به من قبل نفسك باطلا فالايمان به والعمل باحكامه واجب فمن اعتصم به وهو حبل الله ينجيه من الأسفل الذي هبط اليه بقوله اهْبِطُوا مِنْها واعلم ان المنزل من عند الله أعم من الحكم المنزل صريحا كالاحكام الثابتة بصريح نص القرآن ومن الحكم المنزل ضمنا كالتى تثبت بالسنة والإجماع والقياس فالكل حق وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بالقرآن ويجحدون بحقيته وانه حبل من الله يوصل المعتصم به اليه لافراطهم فى العناد وخروجهم عن طريق السداد وعدم تفكرهم فى معانيه واحاطتهم بما فيه وكفرهم به لا ينافى كونه حقا منزلا من عند الله تعالى فان الشمس شمس وان لم يرها الضرير والشهد شهد وان لم يجد طعمه المرور والتربية انما تفيد المستعد والقابل دون المنكر والباطل: قال المولى الجامى
هيچ سودى نكند تربيت ناقابل ... كر چهـ برتر نهى از خلق جهان مقدارش
سبز وخرم نشود از نم باران هركز ... خار خشكى كه نشانى بسر ديوارش
ثم بين دلائل ربوبيته واحديته بقوله اللَّهُ مبتدأ خبره قوله الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ خلقها مرفوعة بينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة عام لا ان تكون موضوعة فرفعها بِغَيْرِ عَمَدٍ بالفتح جمع عماد او عمود وهو بالفارسية [استون] حال من السموات اى رفعها خالية من عمد وأساطين تَرَوْنَها الضمير راجع الى عمد والجملة صفة لها اى خالية من عمد مرئية وانتفاء العمد المرئية يحتمل ان يكون لانتفاء العمد والرؤية جميعا اى لا عمد لها فلا ترى ويحتمل ان يكون لانتفاء الرؤية فقط بان يكون لها عماد غير مرئى وهو القدرة فانه تعالى يمسكها مرفوعة بقدرته فكأنها عماد لها او العدل لان بالعدل قامت السموات اى العلويات والسفليات
آسمان وزمين بعدل بپاست ... شد ز شاهان بغير عدل نخاست
كر نباشد ستون خيمه بجاى ... كى بود خيمه بى ستون بر پاى
ويجوز ان يكون ترونها جملة مستأنفة فالضمير راجع الى السموات كأنه قيل ما الدليل على ان السموات مرفوعة بغير عمد فاجيب بانكم ترونها غير معمودة ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ثم لبيان تفاضل الخلقين وتفاوتهما فان العرش أفضل من السموات لا للتراخى فى الوقت لتقدمه عليها والاستواء فى اللغة بالفارسية [راست بيستادن] والعرش سرير الملك وهو هنا مخلوق عظيم موجود(4/335)
هو أعظم المخلوقات وتحته الماء العذب كما قال تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ وهو بحر عظيم لا يعلم مقدار عظمته الا الله. والمعنى على ما فى بحر العلوم ثم اوفى على العرش يقال اوفى على الشيء إذا اشرف عليه اى اطلع عليه من فوق وفى الحديث (ان الله كبس عرصة جنة الفردوس بيده ثم بناها لبنة من ذهب مصفى ولبنة من مسك مذرى وغرس فيها من كل طيب الفاكهة وطيب الريحان وفجر فيها أنهارها ثم او فى ربنا على عرشه فنظر إليها فقال وعزتى وجلالى لا يدخلك مدمن خمر ولا مصرّ على زنى ولا ديوث ولا قتات ولا قلاع ولا جياف ولاختار) وقال البيضاوي ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ بالحفظ والتدبير فالاستواء على العرش عبارة عن الاستيلاء على الملك والتصرف فيما رفعه بلا عمد يقال استوى فلان على العرش إذا ملك وان لم يقعد عليه البتة قال ابن الشيخ الظاهر ان كلمة ثم لمجرد العطف والترتيب مع قطع النظر عن معنى التراخي لان استيلاءه تعالى على التصرف فيما رفعه ليس بمتراخ عن رفعه والتحقيق ان المراد بهذا الاستواء استواؤه سبحانه لكن لا باعتبار نفسه وذاته تعالى علوا كبيرا عما يقول الظالمون بل باعتبار امره الايجادى وتجليه الحبى الاحدى وانما كان العرش محلى هذه الاستواء لان التجليات التي هى شروط التجليات المتعينة والاحكام الظاهرة والأمور البارزة والشئون المتحققة فى السماء والأرض وفيما بينهما من عالم الكون والفساد بالأمر الإلهي والإيجاد الأزلي انما تمت باستيفاء لوازمها واستكمال جوانبها واستجماع أركانها الاربعة المستوية فى ظهور العرش بروحه وصورته وحركته الدورية لانه لا بد فى استواء تجليات الحق فى هذه العوالم بتجليه الحبى وامره الايجادى من الأمور الاربعة التي هى من هذه التجليات الحبية والايجادية الحسية هى حركة العرش وهى بمنزلة الحد الأكبر ولما استوى امر تمام حصول الأركان الاربعة الموقوف عليها بتوقيف الله التجليات الايجادية الامرية المتنزلة بين السموات السبع والأرضين السبع بحسب مقتضيات استعدادات اهل العصر وموجبات قابليات اصحاب الزمان فى كل يوم بل فى كل آن كما أشير اليه بقوله تعالى يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ وقوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فى العرش كان العرش مستوى الحق بهذا الاعتبار واستواء الأمر الايجادى على العرش بمنزلة استواء الأمر التكليفي الارشادى على الشرع وكل منهما مقلوب الآخر كذ فى الأبحاث البرقيات لحضرة شيخنا الاجل قدس الله سره وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ذللهما لما يراد منهما وهو انتفاع الخلق بهما كما قال فى بحر العلوم معينى تسخيرهما نافعتين للناس حيث يعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر وينوران لهم فى الليل والنهار ويدر آن الظلمات ويصلحان الأرض والأبدان والأشجار والنباتات كُلٌّ منهما يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى اللام بمعنى الى اى الى وقت معلوم وهو فناء الدنيا او تمام دوره وللشمس والقمر منازل كل منهما يغرب فى كل ليلة فى منزل ويطلع فى منزل حتى ينتهى الى أقصى المنازل يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يقضى ويدبر امر ملكوته من الإعطاء والمنع والاحياء والاماتة ومغفرة الذنوب وتفريج الكروب ورفع قوم ووضع آخرين وغير ذلك وفى التأويلات يُدَبِّرُ الْأَمْرَ امر العالم وحده وهو يدل على ان الاستواء اى العلو على العرش بالقدرة لتدبير المكونات لا للتشبيه يُفَصِّلُ الْآياتِ يبين البراهين الدالة على التوحيد والبعث(4/336)
وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)
وكمال القدرة والحكمة لَعَلَّكُمْ [شايد كه شما] بِلِقاءِ رَبِّكُمْ [بديدار پروردگار خود يعنى بديدن جزا كه خواهد داد در قيامت] تُوقِنُونَ [بي كمان كرديد ودانيد كه هر كه قادرست بر آفريدن اين اشيا قدرت دارد بر إعادة وأحيا] قال فى بحر العلوم لعل مستعار لمعنى الارادة لتلاحظ معناها ومعنى الترجي اى يفصل الآيات ارادة ان تتأملوا فيها وتنظروا فتستدلوا بها عليه ووحدته وقدرته وحكمته وتتيقنوا ان من قدر على خلق السموات والعرش وتسخير الشمس والقمر مع عظمها وتدبير الأمور كلها كان على خلق الإنسان مع مهانته وعلى إعادته وجزائه اقدر واعلم انه كان ما كان من إيجاد عالم الإمكان ليحصل للناس المشاهدة والاطمئنان والإيقان: قال المولى الجامى
سير آب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين پيش خشك لب منشين بر سر آب ريب
وعن سيدنا على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا وذلك ان اهل المكاشفة وصلوا من علم اليقين الى عين اليقين الذي يحصل لاهل الحجاب يوم القيامة فلو ارتفع الغطاء وهو دار الدنيا وظهرت الآخرة ما ازدادوا يقينا بل كانوا على ما كانوا عليه فى الدنيا بخلاف اهل الحجاب فان علمهم انما يكون عين اليقين يوم القيامة ويدل عليه قوله عليه السلام (الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا) اى ماتوا موتا اختياريا او اضطراريا حصل لهم اليقظة فعلى العاقل تحصيل اليقين والنظر بالعبرة فى آيات رب العالمين قال الفقيه لاغنية للمؤمن عن ست خصال. أولاها علم يدله على الآخرة والثانية رفيق يعينه على طاعة الله ويمنعه عن معصية الله. والثالثة معرفة عدوه والحذر منه.
والرابعة عبرة يعتبر بها فى آيات الله وفى اختلاف الليل والنهار. والخامسة انصاف الخلق لكيلا يكون له يوم القيامة خصماء. والسادسة الاستعداد للموت ولقاء الرب قبل نزوله كيلا يكون مفتضحا يوم القيامة وَهُوَ الَّذِي [اوست آن قادر مطلق كه] مَدَّ الْأَرْضَ بسطها طولا وعرضا ووسعها لتثبت عليها الاقدام ويتقلب الحيوان اى انشأها ممدودة لا انها كانت مجموعة فى مكان فبسطها وكونها بسيطة لا ينافى كريتها لان جميع الأرض جسم عظيم والكرة إذا كانت فى غاية الكبر كان كل قطعة منها يشاهد كالسطح وفى تفسير ابى الليث بسطها من تحت الكعبة على الماء وكانت تكفأ باهلها كما تكفأ السفينة باهلها فارساها بالجبال الثقال وفى بعض الآثار ان الله تعالى قبل ان يخلق السموات والأرض أرسل على الماء ريحا هفافة فصفقت الريح الماء اى ضرب بعضه بعضا فابرز منه خشفة بالخاء المعجمة وهى حجارة يبست بالأرض فى موضع البيت كأنها قبة وبسط الحق سبحانه من ذلك الموضع جميع الأرض طولها والعرض فهى اصل الأرض وسرتها فى الكعبة وسط الأرض المسكونة واما وسط الأرض كلها عامرها وخرابها فهى قبة الأرض وهو مكان تعتدل فيه الأزمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار فيه ابدا لا يزيد أحدهما على الآخر ولا ينقص واصل طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرة الأرض بمكة ولما تموج الماء رمى بتلك الطينة الى محل مدفنه بالمدينة فلذلك دفن عليه السلام فيها قال بعضهم الأرض مضجعنا وكانت أمنا فيها معايشنا وفيها نقبر وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ من رسا الشيء إذا ثبت جمع راسية والتاء للمبالغة كما فى علامة لا للتأنيث إذ لا يقال جبل راسية. والمعنى وجعل فيها(4/337)
جبالا ثابتة أوتادا للارض لئلا تضطرب فتستقر ويستقر عليها وكان اضطرابها من عظمة الله تعالى قال ابن عباس رضى الله عنهما كان ابو قبيس أول جبل وضع على الأرض قال فى القاموس ابو قبيس جبل بمكة سمى برجل حداد من مذحج كمجلس لانه أول من بنى فيه وكان يسمى الامين لان الركن كان مستودعا فيه قال فى انسان العيون وكان أول جبل وضع عليها أبا قبيس وحينئذ كان ينبغى ان يسمى أبا الجبال وان يكون أفضلها مع ان أفضلها كما قال السيوطي أحد لقوله عليه السلام (أحد يحبنا ونحبه) وهو بضمتين جبل بالمدينة. ذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ ويقال ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول وليس فيها جبل إلا وله عروق من جبل قاف فاذا أراد الله تعالى ان يزلزل الأرض اوحى الى جبل قاف فيحرك ذلك العرق من الجبل فتزلزل: وفى المثنوى
رفت ذو القرنين سوى كوه قاف ... ديد كه را كز زمرد بود صاف
كرد عالم حلقه كشته او محيط ... ماند حيران اندر آن خلق بسيط
كفت تو كوهى دكرها چيستند ... كه به پيش عظم تو باز ايستند
كفت ركهاى منند آن كوهها ... مثل من نبود در حسن وبها
من بهر شهرى ركى دارم نهان ... بر عروقم بسته أطراف جهان
حق چوخواهد زلزله شهرى مرا ... كويد او من بر جهانم عرق را
پس بجنبانم من آن رك را بقهر ... كه بدان رك متصل كشتست شهر
چون بگويد بس شود ساكن ركم ... ساكتم وز روى فعل اندر تكم
همچومرهم ساكن وبس كار كن ... چون خرد ساكن وزوجنبان سخن
نزد آنكس كه نداند عقلش اين ... زلزله هست از يخارات زمين
وَأَنْهاراً جارية ضمها الى الجبال وعلق بهما فعلا واحدا من حيث ان الجبال اسباب لتولدها وذلك ان الحجر جسم صلب فاذا تصاعدت الابخرة من قعر الأرض ووصلت الى الجبل احتبست هناك فلا تزال تتزاحم وتتضاعف حتى تحصل بسبب الجبل مياه عظيمة ثم انها لكثرتها وقوتها تنقب الجبل وتخرج وتسيل على وجه الأرض وفى الملكوت ان الله يرسل على الأرض التلوج والأمطار فتشربها الأرض حتى يعدلها فى طبعها ومشربها فتصير عيونا فى عروق الأرض ثم تنشق الأرض عنها فى المكان الذي يؤمر بالانشقاق فيه فتظهر على وجه الأرض منفعة للخلائق والملك الموكل بذلك ميكائيل وأعوانه ومن الأنهار العظيمة الفرات وهو نهر الكوفة ودجلة وهو نهر بغداد وسيحان بفتح السين المهملة نهر المصيصة وسيحون وهو نهر بالهند وجيحان بفتح الجيم نهر اذنه فى بلاد الأرمن وجيحون وهو نهر بلخ والنيل وهو نهر مصر يقال ان واحدا من الملوك جمع قوما وهيأ لهم السفن ومكنهم من زاد سنة وأمرهم ان يسيروا فى النيل حتى يقفوا على آخره فخرجوا ستة أشهر ولم يصلوا الى آخره الا انهم رأوا هناك قبة فيها خلق على صورة الآدميين خضر الأبدان فاصطادوا منه ليحملوه فلم يزل يضطرب(4/338)
عليهم حتى مات فعالجوه وملحوه واحتملوه ليراه الناس وفى الواقعات المحمودية ان ذا القرنين طلب رأس النيل فلم يجد- وحكى- انهم وصلوا الى جبل فكل من نظر وراءه لم يأت فربطوا فى وسط شخص حبلا فبعد ان نظر جذبوه وسألوا منه فلم ينطق حتى مات قال بعضهم لولا دخول بحر النيل فى الملح الذي يقال له البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج ويختلط بملوحته لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته ولذا يقال ان النيل نهر العسل فى الجنة ومن الأنهار نهر أرس كما قال الشاعر
أرس را در بيابان جوش باشد ... بدريا چون رسد خاموش باشد
وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ متعلق بقوله جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ اثنين تأكيد للزوجين كما هو دأب العرب فى كلامهم اى وخلق فيها من جميع انواع الثمرات زوجين زوجين كالحلو والحامض والأسود والأبيض والأصفر والأحمر والصغير والكبير يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ اى يجعل الليل غاشيا يغشى النهار بظلمته فيذهب بنور النهار اى يجعله مستورا بالليل ويغطيه بظلمته ولم يذكر العكس اكتفاء بأحد الضدين قال البيضاوي يلبسه مكانه فيصير الجوّ مظلما بعد ما كان مضيئا يعنى ان الاغشاء إلباس الشيء الشيء ولما كان اللباس الليل النهار وتغطية النهار به غير معقول لانهما متضادان لا يجتمعان واللباس لا بد ان يجتمع مع اللابس قدر المضاف وهو مكانه ومكان النهار هو الجو وهو الذي يلبس ظلمة الليل شبه احداث الظلمة فى الجو الذي هو مكان الضوء بإلباسها إياه وتغطيته بها فاطلق عليه اسم الاغشاء والإلباس فاشتق منه لفظ يغشى فصار استعارة تبعية إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى كل من الأرض والجبال والأنهار والثمار والملوين لَآياتٍ تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره اما فى الأرض فمن حيث هى ممدودة مدحوة كالبساط لما فوقها وفيها المسالك والفجاج للماشين فى مناكبها وغير ذلك مما فيها من العيون والمعادن والدواب مثلا واما الجبال فمن جهة رسوها وعلوها وصلابتها وثقلها وقد أرسيت الأرض بها كما يرسى البيت بالأوتاد واما الأنهار فحصولها فى بعض جوانب الجبال دون بعض لا بد ان يستند الى الفاعل المختار الحكيم واما الثمار فالحبة إذا وقعت فى الأرض واثرت فيها نداوة الأرض ربت وكبرت وبسبب ذلك ينشق أعلاها وأسفلها فتخرج من الشق الأعلى الشجرة الصاعدة وتخرج من الشق الأسفل العروق الغائصة فى أسفل الأرض وهذا من العجائب لان طبيعة تلك الحبة واحدة وتأثير الطبائع والافلاك والكواكب فيها واحد ثم انه خرج من أحد جانبى تلك الحبة جرم صاعد الى الهواء ومن الجانب الآخر منها جرم غائص فى الأرض ومن المحال ان يتولد من طبيعة واحدة طبيعتان متضادتان فعلمنا ان ذلك انما كان بسبب تدبير المدبر الحكيم ثم ان الشجرة النابتة من تلك الحبة بعضها يكون خشبا وبعضها يكون نورة وبعضها يكون ثمرة ثم ان تلك الثمرة ايضا يحصل فيها
أجسام مختلفة الطبائع فالجوز له اربعة انواع من القشور قشره الأعلى وتحته القشرة الخشبية وتحته القشرة المحيطة باللب وتحت تلك القشرة قشرة اخرى فى غاية الرقة تمتاز عما فوقها حال كون الجوز واللوز رطبا وايضا قد يحصل فى الثمرة الواحدة الطبائع المختلفة فالعنب مثلا(4/339)
وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)
وعجمه باردان يابسان ولحمه وماؤه حاران رطبان فتولد هذه الطبائع المختلفة من الحبة الواحدة مع تساوى تأثيرات الطبائع وتأثيرات الأنجم والافلاك لا بد وان يكون لاجل تدبير الحكيم القدير. واما الملوان فلا يخفى ما فى اختلافهما ووجودهما من الآية اى الدلالة الواضحة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فيستدلون والتفكر تصرف القلب فى طلب معانى الأشياء وكما ان فى العالم الكبير أرضا وجبالا ومعادن وبحارا وأنهارا وجداول وسواقى فكذلك فى الإنسان الذي هو العالم الصغير مثله فجسده كالارض وعظامه كالجبال ومخه كالمعادن وجوفه كالبحر وامعاؤه كالانهار وعروقه كالجداول وشحمه كالطين وشعره كالنبات ومنبت الشعر كالتربة الطيبة وأنسه كالعمران وظهره كالمفاوز ووحشته كالخراب وتنفسه كالرياح وكلامه كالرعد وأصواته كالصواعق وبكاؤه كالمطر وسروره كضوء النهار وحزنه كظلمة الليل ونومه كالموت ويقظته كالحياة وولاته كبدء سفره وايام صباه كالربيع وشبابه كالصيف وكهولته كالخريف وشيخوخته كالشتاء وموته كانقضاء مدة سفره والسنون من عمره كالبلدان والشهور كالمنازل والأسابيع كالفراسخ وأيامه كالاميال وأنفاسه كالخطى فكلما تنفس نفسا كان يخطو خطوة الى اجله فلا بد من التفكر فى هذه الأمور ويقال اخلاق الابدال عشرة أشياء. سلامة الصدور. وسخاوة فى المال. وصدق اللسان. وتواضع النفس. والصبر فى الشدة. والبكاء فى الخلوة. والنصيحة للخلق. والرحمة للمؤمنين، والتفكر فى الأشياء، وعبرة من الأشياء وعن النبي عليه السلام انه مر على قوم يتفكرون فقال لهم (تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق) كذا فى تنبيه الغافلين: وفى المثنوى
بي تعلق نيست مخلوقى بدو ... آن تعلق هست بيچون اى عمو
اين تعلق را خرد چون ره برد ... بسته وصلست وفصلست اين خرد
زين وصيت كرد ما را مصطفى ... بحث كم جوئيد در ذات خدا
آنكه در ذاتش تفكر كرد نيست ... در حقيقت آن نظر در ذات نيست
هست آن پندار او زيرا براه ... صد هزاران پرده آمد تا اله
هر يكى در پرده موصول جوست ... وهم او آنست كان خود عين هوست
پس پيمبر دفع كرد اين وهم ازو ... تا نباشد در غلط سودا پز او
وَفِي الْأَرْضِ خبر مقدم لقوله قِطَعٌ جمع قطعة بالفارسية [پاره] مُتَجاوِراتٌ اى بقاع متلاصقات بعضها طيبة تنبت شيأ وبعضها سبخة لا تنبت وبعضها قليلة الريع وبعضها صلبة وبعضها كثيرة الريع وبعضها رخوة وبعضها يصلح للزرع دون الشجر وبعضها بالعكس ولولا تخصيص قادر موقع لا فعاله على وجه دون وجه لم يكن كذلك لاشتراك تلك القطع وانتظامها فى جنس الارضية وَجَنَّاتٌ عطف على قطع اى بساتين مِنْ أَعْنابٍ جمع عنب بالفارسية [انگور] وسمت العرب العنب الكرم لكرم ثمرته وكثرة حمله وتذلله للقطف ليس بذي شوك ولا بشاق المصعد ويؤكل غضا ويابسا واصل الكرم الكثرة والجمع للخير وبه سمى الرجل كرما لكثرة خصال الخير فيه واعلم ان قلب المؤمن لما فيه من نور الايمان اولى بهذا الاسم ولذا قال عليه السلام (لا يقولن أحدكم الكرم فانما الكرم قلب(4/340)
المؤمن) قال ابن الملك سبب النهى ان العرب كانوا يسمون العنب وشجرته كرما لان الخمر المتخذة منه تحمل شاربها على الكرم فكره النبي صلى الله عليه وسلم هذه التسمية لئلا يتذاكروا به الخمر ويدعوهم حسن الاسم الى شربها وجعل المؤمن وقلبه أحق ان يتصف به لطيبه وذكائه والغرض منه تحريض المؤمن على التقوى وكونه أهلا لهذه التسمية وَزَرْعٌ بالرفع عطف على جنات وتوحيده لانه مصدر فى أصله وَنَخِيلٌ النخل والنخيل بمعنى واحد. بالفارسية [خرما بنان] صِنْوانٌ نعت لنخيل جمع صنو وهى النخلة لها رأسان وأصلهما واحد اى نخلات يجمعهن اصل واحد. وبالفارسية [چند شاخ از يك اصل رسته] وفى الحديث (لا تؤذوني فى العباس فانه بقية آبائي وان عم الرجل صنو أبيه) قال فى القاموس ما زاد فى الأصل الواحد كل واحد منهما صنو ويضم ويقال هو عام فى جميع الشجر وَغَيْرُ صِنْوانٍ ومتفرقات مختلفة الأصول وفى الحديث (أكرموا عمتكم النخلة فانها خلقت من فضلة طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر) - وحكى- المسعودي ان آدم عليه السلام لما هبط من الجنة خرج ومعه ثلاثون قضيبا مودعة اصناف الثمر فيها منها عشرة لها قشر الجوز واللوز والفستق والبندق والشاه بلوط والصنوبر والرمان والنارنج والموز والخشخاش ومنها عشرة لا قشر لها ولثمرها نوى الرطب والزيتون والمشمش والخوخ والاجاص والعناب والغبيراء والدوابق والزعرور والنبق ومنها عشرة ليس لها قشر ولا نوى التفاح والكمثرى والسفر جل والتين والعنب والا ترج والخرنوب والقثاء والخيار والبطيخ وهذا لا ينافى كون هذه الثمرات مخلوقة فى الأرض كما لا يخفى يُسْقى المذكور من القطع والجنات والزرع والنخيل بِماءٍ واحِدٍ والماء جسم رقيق مائع به حياة كل نام وَنُفَضِّلُ بنون العظمة اى ونحن نفضل بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ فى الثمر شكلا وقدر او طعما ورائحة فمنها بياض وسواد وصغير وكبير وحلو ومر وحامض وجيد ورديء وذلك ايضا مما يدل على الصانع الحكيم وقدرته فان إنبات الأشجار بالثمار المختلفة الأصناف والاشكال والألوان والطعوم والروائح مع اتحاد الأصول والأسباب لا يكون الا بتخصيص قادر مختار لانه لو كان ظهور الثمار بالماء والتراب لوجب فى القياس ان لا يختلف الألوان والطعوم ولا يقع التفاضل فى الجنس الواحد إذا نبت فى مغرس واحد بماء واحد. والاكل بضم الكاف وسكونها ما يتهيأ للاكل ثمرا كان او غيره كقوله تعالى فى صفة الجنة أُكُلُها دائِمٌ فانه عام فى جميع المطعومات واطلاق الثمر على الحب لا يصح الا باعتبار التغليب فان الثمر حمل الشجر على ما فى القاموس قال الكاشفى [در تبيان آورده كه اين مثل بنى آدم در اختلاف ألوان وإشكال وهيآت وأصوات با وجود آنكه پدر همه يكيست. در مدارك كفته كه مثل اختلاف قلوبست در آثار وأنوار واسرار وهر دلى را صفتى وهر صفت را نتيجه دمى باشد موصوف بانكار واستكبار كه قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ
وباز دمى آرميده بذكر حضرت پروردگار كه وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ(4/341)
وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)
ببين تفاوت ره كز كجاست تا بكجا قال بعض الكبار العلم الحاصل لاهل الله كالماء فان الماء حياة الأشباح والعلم حياة الأرواح واختلاف العلم مع كونه حقيقة واحدة باختلاف الجوارح والاشخاص كاختلاف الماء فى الطعوم باختلاف البقاع مع كونه حقيقة واحدة فمن الماء عذب فرات كعلم الموحد العارف بالله ومنه ملح أجاج كعلم الجاهل المحجوب بالسوى والغير فانه شاب اللطيفة العلمية عند مروره عليها بما يكفيها ويغيرها عن لطفها الطبيعي: قال الحافظ
پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده
: وقال المولى الجامى
نكته عرفان مجو از خاطر آلودگان ... كوهر مقصود را دلهاى پاك آمد صدف
إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور لَآياتٍ لدلالات واضحة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يعملون على قضية عقولهم وان من قدر على خلق الثمار المختلفة الاشكال والألوان والطعوم والروائح من الأرض والماء ولا تناسب بين التراب والماء وقدر على احياء الأرض بالماء وجعلها قطعا متجاورات وحدائق ذات بهجة قدر على إعادة ما ابدأه بل هذا ادخل فى القدرة من ذلك وأهون فى القياس والاشارة فى ارض الانسانية قطع من النفس والقلب والروح والسر والخفي متقاربات بقرب الجوار مختلفات فى الحقائق فمنها حيوانية ومنها ملكوتية ومنها روحانية ومنها جبروتية ومنها عظموتية وبالجنات يشير الى هذه الأعيان المستعدة لقبول الفيض عند قبولها وتثميرها من أعناب وهى ثمرة النفس فمن الصفات ما تدل على الغفلة والحماقة والسهو واللهو فانها اصل السكر وزرع وهو ثمرة القلب فان القلب بمثابة الأرض الطيبة القابلة للزرع من بذر الصفات الروحانية والنفسانية فبأى بذر صفة من الصفات ازدرعت يتجوهر القلب بجوهر تلك الصفة فتارة يصير بظلمات النفس ظلمانيا وتارة يصير بنور الروح نورانيا وتارة يصير بنور الرب ربانيا كما قال وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَنَخِيلٌ وهو الروح ذو فنون من الأخلاق الحميدة الروحانية كالكرم والجود والسخاء والشجاعة والقناعة والحلم والحياء والتواضع والشفقة صِنْوانٌ وهو السر الجبروتى وبه يكشف اسرار الجبروت التي بين الرب والعبد ولها مثل ومثال ويحكى عنها وَغَيْرُ صِنْوانٍ وهو الخفي المكاشف بحقائق العظموت التي لا مثل لها ولا مثال ولا يحكى عنها كما قال فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
وكما قيل بين المحبين سر ليس يفشيه يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وهو ماء القدرة والحكمة وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ فى الثمرات والنتائج فبعضها اشرف من بعضها وان كان لكل واحدة منها شرف فى موضعه لاحتياج الإنسان فى أثناء السلوك إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ الذين يلتمسون من القرآن اسرارا وآيات تدلهم على السير الى الله وتهديهم الى الصراط المستقيم اليه كما فى التأويلات النجمية وَإِنْ تَعْجَبْ اى ان يقع منك عجب وتعجبت من شىء يا محمد أو أيها السامع فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ خبر ومبتدأ اى فليكن ذلك العجب من قول المشركين أَإِذا كُنَّا تُراباً [آيا آن وقت كه ما باشيم خاك يعنى بعد از مرك كه ما خاك باشيم] والجملة الاستفهامية(4/342)
منصوبة المحل على انها محكية بالقول وإذا ظرف محض ليس فيها معنى الشرط والعامل محذوف دل عليه قوله أَإِنَّا [أياما] لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [باشيم در آفرينش نو] والتقدير إذا كنا ترابا أنبعث ونخلق لا كنا لانه مضاف اليه فلا يعمل ولا خلق جديد لان ما بعد اداة الاستفهام وكذا ان لا يعمل فيما قبله وقال بعضهم وان تعجب من انكار المشركين البعث وعبادتهم الأصنام بعد اعترافهم بالقدرة على ابتداء الخلق فحقيق بان تتعجب منه اى فقد وضعت التعجب فى موضعه لكونه جديرا لان يتعجب منه فان من قدر على إبداء هذه المخلوقات قدر على إعادتها
آنكه پيدا ساختن كارش بود ... زندكى دادن چهـ دشوارش بود
والتعجب حالة انفعالية تعرض للنفس عند ادراك ما لا يعرف سببه فهو مستحيل فى حق الله تعالى فكان المراد ان تعجب فعجب عندك قال فى التأويلات النجمية وَإِنْ تَعْجَبْ
اى تعلم انك يا محمد لا تعجب شيأ لانك ترى الأشياء منا ومن قدرتنا وانك تعلم انى على كل شىء قدير ولكن ان تعجب على عادة اهل الطبيعة إذا رأوا شيأ غير معتاد لهم او شيأ ينافى نظر عقولهم فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ اى فتعجب من
قولهم أَإِذا كُنَّا تُراباً اى صرنا ترابا بعد الموت أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ اى بعود تراب أجسادنا أجسادا كما كان وتعود إليها أرواحنا فنحيى مرة اخرى. معنى الآية انهم يتعجبون من قدرة الله لان الله هو الذي خلقهم من لا شىء فى البداية إذ لم تكن الأرواح والأجساد ولا التراب فالآن أهون عليه ان يخلقهم من شىء وهو التراب والأرواح ولكن العجب تعجبهم بعد ان رأوا ان الله خلقهم من لا شىء من ان يخلقهم مرة اخرى من شىء أُولئِكَ [آن كروه كه منكرينند] الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ لانهم كفروا بقدرته على البعث وفى التأويلات كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ انه خلقهم من لا شىء إذ أنكروا انه لا يخلقهم من شىء وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ [وآن كروهند كه غلها در كردنهاى ايشانست] اى مقيدون بالكفر والضلال لا يرجى خلاصهم يقال للرجل هذا غل فى عنقك للعمل الرديء ومعناه انه لازم لك لا يرجى خلاصك منه والغل طوق يقيد به اليد الى العنق وفى التأويلات هى أغلال الشقاوة التي جعلها التقدير الأزلي فى أعناقهم كما قال وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ويجوز ان يكون على حقيقته اى يغلون يوم القيامة [يعنى روز قيامت غل آتشين بر كردن ايشان نهند وعلامت كفار در دوزخ اين باشد] وفى الحديث (ينشئ الله سحابة سوداء مظلمة فيقال يا اهل النار أي شىء تطلبون فيذكرون بها سحابة الدنيا فيقولون يا ربنا الشراب فتمطرهم أغلالا تزيد فى اغلاقهم وسلاسل تزيد فى سلاسلهم وجمرا يلتهب عليهم) وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ توسيط ضمير الفصيل وتقديم فيها يفيد الحصر اى هم الموصوفون بالخلود فى النار لا غيرهم وان خلودهم انما هو فى النار لا فى غيرها فثبت ان اهل الكبائر لا يخلدون فى النار وفى التأويلات هم الذين قال الله تعالى فيهم فى الأزل وهؤلاء فى النار ولا أبالي فآل أمرهم الى ان يكونوا اصحاب النار الى الابد فالشرك والإنكار من أعظم المعاصي والأوزار وعن النبي عليه السلام مخبرا عن الله تعالى انه(4/343)
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)
قال (عبدى ما عبدتنى رجوتنى ولم تشرك بي شيأ غفرت لك على ما كان منك ولو استقبلتني بملئ الأرض خطايا وذنوبا لاستقلبتك بملئها مغفرة واغفر لك ولا أبالي) اى ان لم تشرك بي شيأ غفرت لك على ما كان منك من نفى جميع الإشراك لان النكرة إذا وقعت فى سياق النفي تفيد العموم وهذا لا يحصل الا بعد إصلاح النفس فالمرء أسير فى يد نفسه والهوى كالغل فى عنقه وهذا الغل الملازم له فى دنياه معنوى وسيصير الى الحس يوم القيامة إذ الباطن يصير هناك ظاهرا- كما حكى- عن بعض العصاة انه مات فلما حفروا قبره وجدوا فيه حية عظيمة فحفروا له قبرا آخر فوجدوها فيه ثم كذلك قبرا بعد قبر الى ان حفروا نحوا من ثلاثين قبرا وفى كل قبر يجدونها فلما رأوا انه لا يهرب من الله هارب ولا يغلب الله غالب دفنوه معها وهذه الحية هى عمله: قال السعدي قدس سره
برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار
ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كرت بر آيد عملهاى خويش
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ الاستعجال طلب تعجيل الأمر قبل مجيئ وقته اى يطلب مشركوا مكة منك العجلة بِالسَّيِّئَةِ بإتيان العقوبة المهلكة وسميت العقوبة سيئة لانها تسوؤهم قَبْلَ الْحَسَنَةِ متعلق بالاستعجال ظرف له او بمحذوف على انه حال مقدرة من السيئة اى قبل العافية والإحسان إليهم بالامهال ومعنى قبل العافية قبل انقضاء الزمان المقدر لعافيتهم وذلك انه عليه السلام كان يهدد مشركى مكة تارة بعذاب القيامة وتارة بعذاب الدنيا وكلما هددهم بعذاب القيامة أنكروا القيامة والبعث وكلما هددهم بعذاب الدنيا استعجلوه وقالوا متى تجيئنا به فيطلبون العقوبة والعذاب والشر بدل العافية والرحمة والخير استهزاء منهم وإظهارا ان الذي يقوله لا اصل له ولذا قالوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ والله تعالى صرف عن هذه الامة عقوبة الاستئصال واخر تعذيب المكذبين الى يوم القيامة فذلك التأخير هو الحسنة فى حقهم فهؤلاء طلبوا منه عليه السلام نزول ملك العقوبة ولم يرضوا بما هو حسنة فى حقهم واعلم ان استعجالهم بالسيئة قبل الحسنة استعجالهم بالكفر والمعاصي قبل الايمان والطاعات فان منشأ كل سعادة ورحمة هو الايمان الكامل والعمل الصالح ومنشأ كل شقاوة وعذاب هو الكفر والشرك والعمل الفاسد وَقَدْ خَلَتْ حال من المستعجلين اى مضت مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ اى عقوبات أمثالهم من المكذبين كالخسف والمسخ والرجفة فما لهم لم يعتبروا بها فلا يستهزئوا
نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند
پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند
جمع مثلة بفتح الثاء وضمها وهى العقوبة لانها مثل المعاقب عليه وهو الجريمة وفى التبيان اى العقوبات المهلكات يماثل بعضها بعضا وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ سترو تجاوز لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ اى مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب والا لما ترك على ظهر الأرض من دابة
پس پرده بيند عملهاى بد ... هم او پرده پوشد بآلاى خود(4/344)
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)
وكر بر جفا پيشه بشتافتى ... هميشه ز قهرش أمان يافتى
وهو حال من الناس اى حال اشتغالهم بالظلم كما يقال رأيت فلانا على أكله والمراد حال اشتغاله بالأكل فدلت الآية على جواز العقوبة بدون التوبة فى حق اهل الكبيرة من الموحدين قال فى التأويلات النجمية هم الذين قال تعالى فيهم (هؤلاء فى الجنة ولا أبالي) وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ لمن شاء من العصاة وفى التأويلات لمن قال فيهم (هؤلاء فى النار ولا أبالي) - روى- انها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لولا عفو الله وتجاوزه لما هنأ أحد العيش ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد) وبالفارسية [اگر عفو خداى نبود عيش هيچ احدى كوارنده نشدى واگر وعيد حق نبودى همه كس تكيه بر عفو كرده از عمل باز ماندى
ز حق مى ترس تا غافل نكردى ... مشو نوميد تابد دل نكردى
محققان بر آنند كه تمهيد قواعد خوف ورجا درين آيت است ميفرمايد كه آمرزنده است تا از رحمت او نوميد نشوند عقوبت كننده است تا از هيبت او ايمن نباشد] ونظير الآية قوله تعالى نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ لقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى على وجه يحيى فقال مالى أراك لاهيا كأنك آمن فقال الآخر مالى أراك عابسا كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى الله تعالى احبكما الىّ احسنكما ظنابى يقال الخوف مادام الرجل صحيحا أفضل وإذا مرض فالرجاء أفضل يعنى إذا كان الرجل صحيحا كان الخوف أفضل حتى يجتهد فى الطاعات ويجتنب المعاصي فاذا مرض وعجز عن العمل كان الرجاء له أفضل واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داود بشر المذنبين وانذر الصديقين قال يا رب كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين قال بشر المذنبين انى لا يتعاظمنى ذنب الا اغفره وانذر الصديقين ان لا يعجبوا بأعمالهم وانى لا أضع عدلى وحسابى على أحد الا هلك
كر بمحشر خطاب قهر كند ... انبيا را چهـ جاى معذرتست
پرده از روى لطف كو بردار ... كاشقيا را اميد مغفرتست
واعلم ان الله تعالى ركب فى الإنسان الجمال والجلال فرجاؤه ناظر الى الجمال وخوفه ناظر الى الجلال والى كليها الاشارة بالجسم والروح لكن رحمته وهو الروح وحاله سبقت على غضبه وهو الجسد وما يتبعه والحكم للسابق لا للاحق فعليك بالرجاء مع العمل الى حلول الاجل وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ حرف تحضيض. والمعنى بالفارسية [چرا فرو فرستاده نمى شود] عَلَيْهِ محمد آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ التنوين للتعظيم اى آية جلية يستعظمها من يدركها فى بادئ نظره وعلامة ظاهرة يستدل بها على صحة نبوته وذلك لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهاونهم فاقترحوا عليه آيات تعنتا لا استرشادا والا لا جيبوا الى مقترحهم وذلك مثل ما اوتى موسى وعيسى وصالح من انقلاب العصا حية واحياء الموتى وخروج الناقة من الصخرة فقيل لرسول الله إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ مرسل للانذار والتخويف لهم من سوء العاقبة كغيرك من الرسل وما عليك الا الإتيان بما تصح به نبوتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك وصحة ذلك حاصلة بأية آية كانت ولو أجيب الى كل ما اقترحوا لادى(4/345)
الى إتيان ما لا نهاية له لانه كلما اتى بمعجزة جاء واحد آخر فطلب منه معجزة اخرى وذلك يوجب سقوط دعوة الأنبياء وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ اى ولكل قوم نبى مخصوص بمعجزة من جنس ما هو الغالب عليهم يهديهم الى الحق ويدعوهم الى الصواب. ولما كان الغالب فى زمان موسى هو السحر جعل معجزته ما هو اقرب الى طريقهم. ولما كان الغالب فى ايام عيسى الطب جعل معجزته ما يناسب الطب وهو احياء الموتى وإبراء الأبرص والأكمه. ولما كان الغالب فى زمان نبينا صلى الله عليه وسلم الفصاحة والبلاغة جعل معجزته فصاحة القرآن وبلوغه فى باب البلاغة الى حد خارج عن قدرة الإنسان فلما لم يؤمنوا بهذه المعجزة مع انها اقرب الى طريقهم وأليق بطباعهم فان لا يؤمنوا عند اظهار سائر المعجزات اولى والمراد بالهادي هو الله اى انما أنت منذر وليس لك هدايتهم ولكل قوم من الفريقين هاد يهديهم هاد لاهل العناية بالايمان والطاعة الى الجنة وهاد لاهل الخذلان بالكفر والعصيان الى النار كما فى التأويلات النجمية قال الغزالي فى شرح الأسماء الحسنى الهادي هو الذي هدى خواص عباده اولا الى معرفة ذاته حتى استشهدوا على الأشياء به وهدى عوام عباده الى مخلوقاته حتى استشهدوا بها على ذاته وهدى كل مخلوق الى ما لا بد له منه فى قضاء حاجاته فهدى الطفل الى التقام الثدي عند انفصاله والفرخ الى التقاط الحب عند خروجه والنحل الى بناء بيته على شكل التسديس لكونه أوفق الاشكال لبدنه والهداة من العباد الأنبياء عليهم السلام ثم العلماء الذين ارشدوا الخلق الى السعادة الاخروية وهدوهم الى صراط الله المستقيم بل الله الهادي لهم على ألسنتهم وهم مسخرون تحت قدرته وتدبيره وفى تفسير الكواشي او المنذر محمد والهادي على رضى الله عنه احتجاجا بقوله عليه السلام (فو الله لان يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النعم) والغرض من الإرشاد اقامة جاه محمد عليه السلام بتكثير اتباعه الكاملين وفى الحديث (تناكحوا تناسلوا فانى مكاثر بكم الأمم) وهذا التناكح والتناسل يشمل ما كان صوريا وما كان معنويا فان السلسلة ممدودة من الطرفين الى آخر الزمان وسيخرج فى أمته مهدى يحكم بشريعته وينفى تحريف المائلين وزبغ الزائغين فى خلافته عن ملته واخرج الطبراني انه عليه السلام قال لفاطمة رضى الله عنها (نبينا خير الأنبياء وهو أبوك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما فى الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك جعفر ومناسبطا هذه الامة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدى) وروى أبو داود فى سننه انه من ولد الحسن وكان سر ترك الحسن الخلافة لله تعالى شفقة على الامة فجعل الله القائم بالخلافة الحق عند شدة الحاجة إليها من ولده ليملأ الأرض عدلا وظهوره يكون بعد ان يكسف القمر فى أول ليلة من رمضان وتكسف الشمس فى النصف منه فان ذلك لم يوجد منذ خلق الله السموات والأرض عمره عشرون سنة
وقيل أربعون ووجهه كوكب درىّ على خده الايمن خال اسود ومولده بالمدينة المنورة ويظهر قبل الدجال بسبع سنين ويخرج الدجال قبل طلوع الشمس من مغربها بعشر سنين وقبل ظهور المهدى اشراط وفتن: قال الحافظ
تو عمر خواه وصبورى كه چرخ شعبده باز ... هزار بازي ازين طرفه تر برانگيزد(4/346)
اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)
حفظنا الله وإياكم من الا كدار وجعلنا فى خير الدار وحسن الجوار اللَّهُ وحده يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى اى حملها على ان ما مصدرية والحمل بمعنى المحمول او ما تحمله من الولدان ذكر او أنثى تام او ناقص حسن او قبيح طويل او قصير سعيد او شقى ولى او عدو جواد او بخيل عالم او جاهل عاقل او سفيه كريم او لئيم حسن الخلق او سيئ الخلق الى غير ذلك من الأحوال الحاضرة والمترقبة فما موصولة والعائد محذوف كما فى قوله وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ اى نقض جميع الأرحام وزيادتها او ما تغيضه وما تزداده فان كلا من غاض وازداد يستعمل لازما ومتعديا. يقال غاض الماء يغيض غيضا إذ قل ونضب وغاضه الله ومنه قوله تعالى وَغِيضَ الْماءُ ويقال زدته فزاد بنفسه وازداد وأخذت منه حقى وازددت منه كذا فان كان لازما فالغيوض والزيادة لنفس الأرحام فى الظاهر ولما فيها فى الحقيقة وان كان متعديا فهما لله تعالى وعلى كلا التقديرين فالاسناد مجازى. والأرحام جمع رحم وهو مبيت للولد فى البطن ووعاؤه واعلم ان رحم المرأة عضلة وعصب وعروق ورأس عصبها فى الدماغ وهى على هيئة الكيس ولها فم بإزاء قبلها ولها قرنان شبه الجناحين تجذب بهما النطفة وفيها قوة الإمساك لئلا ينزل من المنى شىء وقد أودع الله فى ماء الرجل قوة الفعل وفى ماء المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاج يصير منى الرجل كالانفحة الممتزجة باللبن واختلفوا فيما تغيضه الأرحام وما تزداده فقيل هو جثة الولد فانه قد يكون كبيرا وقد يكون صغيرا وقد يكون تام الأعضاء وقد يكون ناقصها وقيل هو مدة ولادته فان أقلها ستة أشهر عند الكل وقد تكون تسعة أشهر وأزيد عليها الى سنتين عند ابى حنيفة والى اربع عند الشافعي والى خمس عند مالك- روى- ان الضحاك بن مزاحم التابعي مكث فى بطن امه سنتين وان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين على ما فى المحاضرات للجلال السيوطي واخبر مالك ان جارة له ولدت ثلاثة أولاد فى اثنتي عشرة سنه تحمل اربع سنين وهرم ابن حبان بقي فى بطن امه اربع سنين ولذلك تسمى هرما وعن الحسن الغيوضة ان تضع لثمانية أشهر او اقل من ذلك والازدياد ان تزيد على تسعة أشهر وعنه الغيض الجنين الذي يكون سقطا لغير تمام والازدياد ما ولد لتمام وفى انسان العيون وقع الاختلاف فى مدة حمله صلى الله عليه وسلم فقيل بقي فى بطن امه تسعة أشهر كملا وقيل عشرة أشهر وقيل ستة أشهر وقيل سبعة أشهر وقيل ثمانية أشهر فيكون ذلك آية كما ان عيسى عليه السلام ولد فى الشهر الثامن كما قيل به مع نص الحكماء والمنجمين على ان من يولد فى الشهر الثامن لا يعيش بخلاف التاسع والسابع والسادس الذي هو اقل مدة حمل وقد قال الحكماء فى بيان سبب ذلك ان الولد عند استكماله سبعة أشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته فى الشهر السادس فان خرج عاش وان لم يخرج استراح فى البطن عقيب تلك الحركة المضعفة له فلا يتحرك فى الشهر الثامن ولذلك تقل حركته فى البطن فى ذلك الشهر فاذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه وفى كلام الشيخ محيى الدين ابن العربي قدس سره لم ار للثمانية صورة فى نجوم المنازل ولهذا كان المولود إذا ولد فى الشهر الثامن يموت ولا يعيش وعلى فرض ان يعيش يكون معلولا لا ينتفع بنفسه وذلك(4/347)
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)
لان الشهر الثامن يغلب فيه على الجنين البرد واليبس وهو طبع الموت انتهى وقيل هو عدة الولد فان الرحم قد يشتمل على ولد واحد وعلى اثنين وثلاثة واربعة- روى- ان شريكا التابعي وهو أحد فقهاء المدينة كان رابع اربعة فى بطن امه وقال الشافعي أخبرني شيخ باليمن ان امرأته ولدت بطونا فى كل بطن خمسة وقيل هو دم الحيض فانه يقل ويكثر وقيل غيض الأرحام الحيض على الحمل فاذا حاضت المرأة الحامل كان نقصانا فى الولد لان دم الحيض غذاء الولد فى الرحم فاذا اهراقت الدم ينتقص الغذاء فينتقص الولد وإذا لم تحض يزداد الولد ويتم فالنقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم والزيادة تمام خلقته باستمساك الدم وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ تعالى بِمِقْدارٍ [باندازه است كه از ان زياده وكم نشود] وفى بحر العلوم مقدر مكتوب فى اللوح معلوم قبل كونه قد علم حاله وزمانه ومتعلقه وفى التبيان اى بحد لا يجاوزه من رزق وأجل عالِمُ الْغَيْبِ خبر مبتدأ محذوف واللام للاستغراق اى هو تعالى عالم كل ما يطلق عليه اسم الغيب وهو ما غاب عن الحس فيدخل فيه المعلومات والاسرار الخفية والآخرة قال بعضهم ما ورد فى القرآن من اسناد علم الغيب الى الله تعالى انما هو بالنسبة إلينا إذ لا غيب بالنسبة الى الله تعالى وقال بعض سادات الصوفية قدس الله أسرارهم لما سقطت جميع النسب والإضافات فى مرتبة الذات البحت والهوية الصرفة انتفت النسبة العلمية فانتفى العلم بالغيب يعنى بهذا الاعتبار واما باعتبار التعينات واثبات الوجودات فى مرتبة الصفات وهى مرتبة الذات الواحدية فالعلم على حاله فافهم
برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست
وَالشَّهادَةِ اى كل ما يطلق عليه اسم الشهادة وهو ما حضر للحس فيدخل فيه الموجودات المدركة والعلانية والدنيا الْكَبِيرُ العظيم الشأن الذي لا يخرج عن علمه شىء الْمُتَعالِ المستعلى على كل شىء بقدرته وفى الكواشي عن صفات المخلوقين وقول المشركين وفى التأويلات اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى ذرة من ذرات المكونات من الآيات الدالة على وحدانيته لانه أودعه فيها وقال سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ: وقال الشاعر
ففى كل شىء له آية ... تدل على انه الواحد
: وقال
جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات
وايضا يعلم ما أودع فيها من الخواص والطبائع وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ أرحام الموجودات وأرحام المعدومات اى وما تغيض من المقدرات أرحام الموجودات بحيث تبقى فى الأرحام ولا تخرج منها وَما تَزْدادُ اى وما تخرج منها وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ اى وكل شىء مما يخرج من أرحام الموجودات والمعدومات وما يبقى فيها عند علمه وحكمته بمقدار معين موافق لحكمة خروج ما خرج وبقاء ما بقي لانه عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ اى عالم بما غاب عن الوجود والخروج بحكمته وبما شاهد فى الوجود والخروج الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ فى ذاته واحاطة علمه بالموجودات والمعدومات وبما فى ارحامهما المتعال فى صفاته بانه متفرد بها وفى شرح الأسماء الحسنى الكبير هو ذو الكبرياء(4/348)
سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)
والكبرياء عبارة عن كمال الذات واعنى بكمال الذات كمال الوجود وكمال الوجود يرجع الى شيئين أحدهما دوامه ازلا وابدا وكل موجود مقطوع بعدم سابق او لا حق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان إذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم وان كان ما طالت مدة وجوده مع كونه محدود مدة البقاء كبيرا فالدائم الأزلي الابدى الذي يستحيل عليه العدم اولى بان بكون كبيرا والثاني ان وجوده هو الوجود الذي يصدر عنه وجود كل موجود فان كان الذي تم وجوده فى نفسه كاملا وكبيرا فالذى فاض منه الوجود لجميع الموجودات اولى بان يكون كاملا كبيرا والكبير من العباد هو الكامل الذي لا يقتصر عليه صفات كمال بل ينتهى الى غيره ولا يجالسه أحد الا ويفيض عليه من كماله شىء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء والمتعال بمعنى العلى الا ان فيه نوع مبالغة وهو الذي لا رتبة فوق رتبته والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لان علوه بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علوه بالاضافة الى الموجودات لا بطريق الوجوب بل يقارنه إمكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذي له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذي يقارنه إمكان نقيضه سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ من مبتدأ خبره سواء ومنكم حال من ضمير سواء لانه بمعنى مستو ولم يثن الخبر مع انه خبر عن شيئين لانه فى الأصل مصدر وان كان هنا بمعنى مستو والاستواء يقتضى شيئين وهما الشخصان المرادان بمن. والمعنى مستو فى علم الله تعالى من أضمر القول فى نفسه ومن أظهره بلسانه منكم ايها الناس وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ الاستخفاء [پنهان شدن] والسروب [برفتن بروز] كما فى تهذيب المصادر. والسرب بفتح السين وسكون الراء الطريق كما فى القاموس وسارب معطوف على من فيتحقق شيآن ومن موصوفة كأنه قيل سواء منكم انسان هو مستتر ومتوار فى الظلمات وآخر ظاهر فى الطرقات كما قال فى بحر العلوم. وسارب اى ذاهب فى سربه بارز بالنهار يراه كل واحد وقال الكاشفى [وهر كه طلب خفاء ميكند ومى پوسد عمل خود را بشب وهر كه ظاهرست وآشكار ميكند عمل خود را بروز يعنى مطلقا هيچ چيز از قول وفعل سر وعلانيه برو پوشيده نيست] لَهُ اى لله تعالى او للانسان الموصوف بما ذكر مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ جمع معقبة والتاء للمبالغة كما فى علامة لا للتأنيث فان الملك لا يوصف بالذكورة ولا بالانوثة وصيغة التفعيل للمبالغة والتكثير كما فى قولك طوف البيت لا للتعدية. والتعقيب [در عقب كسى بيامدن] كما فى التهذيب يقال عقبه تعقيبا جاء بعقبه. والمعقبات ملائكة الليل والنهار كما فى القاموس. وقيل للملائكة الحفظة معقبات لكثرة تعاقب بعضهم بعضا فى النزول الى الأرض بعضهم بالليل(4/349)
وبعضهم بالنهار إذا مضى فريق خلفه فريق اى يعقب ملائكة الليل ملائكة النهار وملائكة النهار ملائكة الليل ويجتمعون فى صلاة الفجر والعصر. والمعنى له ملائكة يتعاقب بعضهم بعضا كائنون من امام الإنسان ووراء ظهره اى يحيطون به من جوانبه يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ من بأسه ونقمته إذا أذنب بدعائهم له ومسألتهم ربهم ان يمهله رجاء ان يتوب من ذنبه وينيب او يحفظونه من المضار التي امر الله بالحفظ منها قال مجاهد ما من عبد الا له ملك موكل به يحفظه فى نومه ويقظته من الجن والانس والهوام فما يأتيه منهم شىء يريده الا قال وراءك الا شىء يأذن الله فيه فيصيبه- وروى- عن عمرو بن ابى جندب قال كنا جلوسا عند سعيد بن قيس بصفين فاقبل على رضى الله عنه يتوكأ على عنزة له بعد ما اختلط
الظلام فقال سعيد أامير المؤمنين قال نعم قال أما تخاف ان يغتالك أحد قال انه ليس من أحد الا ومعه من الله حفظة من ان يتردى فى بئر او يخر من جبل او يصيبه حجر او تصيبه دابة فاذا جاء القدر خلوا بينه وبين القدر قال فى اسئلة الحكم اختلف العلماء فى عدد الملائكة التي وكلت على كل انسان فقيل عشرون ملكا وقيل اكثر والاول أصح لان عثمان رضى الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فذكر عشرين ملكا وقال ملك عن يمينك على حسناتك وهو امير على الملك الذي عن يسارك كما قال تعالى عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ وملكان بين يديك ومن خلفك لقوله تعالى لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وملك قائم على ناصيته إذا تواضع لله رفعه وإذا تجبر على الله قصمه وملكان على شفتيك يحفظان عليك الصلاة على النبي عليه السلام وملك على فيك لا يدع الحية تدخل فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة املاك على كل آدمي فتنزل ملائكة الليل على ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وأولاده بالليل قال بعض الائمة ان قلت الملائكة التي ترفع عمل العبد فى اليوم هم الذين يأتون أم غيرهم قلت الظاهر انهم هم وان ملكى الإنسان لا يتغيران عليه ما دام حيا فاذا مات قالا يا رب قد قبضت عبدك فالى اين نذهب قال تعالى (سمائى مملوءة من ملائكتى وارضى مملوءة من خلقى يطيعوننى اذهبا الى قبر عبدى فسبحانى وحمدانى وهللانى وكبرانى ومجدانى وعظمانى واكتبا ذلك كله لعبدى الى يوم القيامة) وقيل المعقبات أعوان السلطان فهو توبيخ الغافل المتمادى فى غروره والتهكم به على اتخاذه الحراس بناء على توهم انهم يحفظونه من امر الله وقضائه كما يشاهد من بعض الملوك والسلاطين والعاقل يعلم ان القضايا الالهية والنوازل المقدرة مما لا يمكن التحفظ منه فانظروا رأيهم وما ذهبوا اليه
از كمان قضا چوتير قدر ... بدر آمد نشد مفيد سپر
ويقال للمؤمن طاعات وصدقات يحفظونه من عذاب الله عند الموت وفى القبر وفى القيامة قال بعض السلف إذا احتضر المؤمن يقال للملك شم رأسه فيقول أجد فى رأسه القرآن فيقال شم قلبه فيقول أجد فى قلبه الصيام فيقال شم قدميه فيقول أجد فى قدميه القيام فيقال حفظ نفسه حفظه الله إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من العافية والنعمة حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ حتى يتركوا الشكر وينقلبوا من الأحوال الجميلة الى القبيحة(4/350)
گرت هواست كه معشوق نگسلد پيوند ... نگاه دار سر رشته تا نگه دارد
وفى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من الوجود والعدم حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ باستدعاء الوجود والعدم بلسان الاستحقاق للوجود والعدم على مقتضى حكمته ووفق مشيئه انتهى وفى الآية تنبيه لجميع الناس ليعرفوا نعمة الله عليهم ويشكروا له كيلا تزول فدوران اللسان بالذكر والجنان بالفكر من الأمور الجميلة فاذا تحول المرء من الذكر الى النسيان فقد تحول الى الحالة القبيحة فاذا لا يجد من الفيض الإلهي ما يجده قبل وقد غير الله بشؤم المعصية أشياء كثيرة غير إبليس وكان اسمه عزازيل فسماه إبليس قال ابراهيم بن أدهم مشيت فى زرع انسان فنادانى صاحبه يا بقر فقلت غير اسمى بزلة فلو كثرت لغير الله معرفتى وكذا غير اسمى هاروت وماروت وكان اسمهما قبل اقتراف الذنب عزا وعزايا وكذا غير لون حام بن نوح إذ نظر الى عورة أبيه وكان نائما فاخبر نوح بذلك فدعا عليه فسوده الله فالهند والحبشة من نسله وقيل ان نوحا قال لاهل السفينة وهى تطوف بالبيت العتيق انكم فى حرم الله وحول بيته لا يمس أحدا امرأة وجعل بينهم وبين النساء حاجزا فتعدى ولده حام ووطئ زوجته فدعا الله عليه بان يسود لون بنيه فاجاب الله دعاءه وغير الصورة على داود بزلة واحدة وغير الصورة على قوم موسى لاخذهم الحيتان فصيرهم قردة وعلى قوم عيسى فصيرهم خنازير وغير المال والبساطين على آل القطروس حيث منعوا الناس عنها فاحرقتها نار وكذلك هلاك اموال القبط بدعاء موسى رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ الآية فصار ماؤهم دما وأموالهم حجرا وغير العلم على امية بن ابى الصلت كان نائما
فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه وكان من بلغاء قريش وكان يرجو ان يكون هو نبى آخر الزمان او وعد الايمان به فلما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم أنكره وغير المكان على آدم بزلة واحدة وخسف بقارون الأرض حيث منع الزكاة: قال الحافظ
گنج قارون كه فرو ميرود از قهر هنوز ... خوانده باشى كه هم از غيرت درويشانست
وغير اللسان على رجل بسبب العقوق نادته والدته فلم يجبها فصار اخرس وغير الايمان على برصيصا بعد ما عبد الله مائتين وعشرين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين لانه لم يشكر يوما على نعمة الإسلام
شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كفر نعمت از گفت بيرون كند
وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً عذابا وهلاكا فَلا مَرَدَّ لَهُ فلا رد له والعامل فى إذا ما دل عليه قوله فلا مرد له وهو لا يرد وإذا عند نحاة البصرة حقيقة فى الظرف وقد تجيئ للشرط من غير سقوط معنى الظرف نحو إذا قمت قمت اى أقوم وقت قيامك تعليقا لقيامك بقيامه بمنزلة تعليق الجزاء بالشرط ودخوله اما فى امر كائن متحقق فى الحال نحو
إذا ارى الدنيا وأبناءها ... استعصم الرحمن من شرها
أو أمر منتظر لا محالة مثل إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فهى ترد الماضي الى المستقبل لانها حقيقة فى الاستقبال وعند الكوفيين يجئ للظرف والشرط نحو وإذا يحاس الحيس يدعى جندب ونحو(4/351)
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (15) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)
وإذا تصبك خصاصة فتحمل وَما لَهُمْ اى لمن أراد تعالى هلاكه مِنْ دُونِهِ سوى الله تعالى مِنْ والٍ ممن يلى أمرهم ويدفع عنهم السوء. والوالي من اسماء الله تعالى وهو من ولى الأمور وملك الجمهور والولاية تنفيذ القول على الغير شاء الغير او ابى وفيه دليل على ان خلاف مراد الله محال فانه المتفرد بتدبير الأشياء المنفذ للتدبير ولا معقب لحكمه هُوَ تعالى وحده الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ هو الذي يلمع من السحاب من برق الشيء بريقا إذا لمع خَوْفاً اى ارادة خوف او اخافة من الصاعقة وخراب البيوت وَطَمَعاً اى ارادة طمع او اطماعا فى الغيث ورجاء بركته وزوال المشقة والمطر يكون، لبعض الأشياء ضررا ولبعضها رحمة فيخاف منه المسافر ومن فى خزينته التمر والزبيب ومن له بيت لا يكف ويطمع فيه المقيم واهل الزرع والبساتين ومن البلاد ما لا ينتفع اهله بالمطر كاهل مصر فان انتفاعهم انما هو بالنيل وبالمطر يحصل الوطر وفيه اشارة الى ان فى باطن جمال الله تعالى جلالا وفى باطن جلاله جمالا وأسند الاراءة الى ذاته لانه الخالق فى الابصار نورا يحصل به الرؤية للخلائق وهذه الاراءة اما متعلقة بعالم الملك وهى ظاهرة واما متعلقة بعالم الملكوت فمعناها ان الله تعالى إذا ارى السائر برقا من لمعان أنوار الجلال يغلب عليه خوف الانقطاع واليأس وإذا أراه برقا من تلألؤ أنوار الجمال يغلب عليه الرجاء والاستثناء وَيُنْشِئُ السَّحابَ اى يبتدئ إنشاء السحاب اى خلقه وفيه دلالة على ان السحاب يعدمه الله تعالى ثم يخلقه جديدا والسحاب اسم جنس والواحدة سحابة ولذا وصف بقوله الثِّقالَ بالماء جمع واختلف فى ان الماء ينزل من السماء الى السحاب او يخلقه الله فى السحاب فيمطر وفى حواشى ابن الشيخ السحاب جسم مركب من اجزاء رطبة مائية ومن اجزاء هوائية وهذه الاجزاء المائية المشوبة بالاجزاء الهوائية انما حدثت وتكونت فى جو الهواء بقدرة المحدث القادر على ما شاء والقول بان تلك الاجزاء تصاعدت من الأرض فلما وصلت الى الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت فرجعت الى الأرض باطل لان الأمطار مختلفة فتارة تكون قطراتها كبيرة وتارة تكون صغيرة وتارة متقاربة وتارة متباعدة وتارة تدوم زمانا طويلا وتارة لا تدوم فاختلاف الأمطار فى هذه الصفات مع ان طبيعة الأرض واحدة وكذا طبيعة الشمس المسخنة للبخارات واحدة لا بد ان يكون بتخصيص الفاعل المختار وايضا فالتجربة دلت على ان للدعاء والتضرع فى نزول الغيث اثرا عظيما ولذلك كان صلاة الاستسقاء مشروعة فعلمنا ان المؤثر فيه هو قدرة الفاعل لا الطبيعة والخاصية يقول الفقير ان المردود هو اسناد الحوادث الى الكون من غير ملاحظة تأثير الله تعالى فيها واما إذا أسندت الى الأسباب مع ملاحظة المسبب فهو مقبول لان هذا العالم عالم الأسباب والحكمة وما هو ادخل فى القدرة الالهية فهو اولى بالاعتبار وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ اختلف العلماء فنه والتحقيق انه اسم ملك خلق من نور الهيبة الجلالية والرعد صوته الشديد ايضا يسوق السحاب بصوته كما يسوق الحادي الإبل بحدائه فاذا سبح أوقع الهيبة على الخلق كلهم حتى الملائكة يقول الفقير لعل الرعد صوت ذلك الملك واسناد التسبيح الى صوته لكمال فيه بِحَمْدِهِ فى موقع الحال اى حامدين له وملتبسين(4/352)
بحمده [يعنى تسبيح را با تحميد مقترن ميسازد] فيصيح سبحان الله والحمد لله وفى الحديث (البرق والرعد وعيد لاهل الأرض فاذا رأيتموه فكفوا عن الحديث وعليكم بالاستغفار) وإذا اشتد الرعد قال عليه السلام (لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك) وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ من عطف العام على الخاص اى ويسبح الملائكة من خوف الله وخشيته وهيبته وجلاله وذلك لانه إذا سبح الرعد وتسبيحه ما يسمع من صوته لم يبق ملك الا رفع صوته بالتسبيح فينزل القطر والملائكة خائفون من الله وليس خوفهم كخوف ابن آدم فانه لا يعرف أحدهم من على يمينه ومن على يساره ولا يشغله عن عبادة الله طعام ولا شراب ولا شىء أصلا وعن ابن عباس رضى الله عنهما من سمع الرعد فقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كل شىء قدير فاصابته صاعقة فعلىّ ديته وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ جمع صاعقة
وهى نار لا دخان لها تسقط من السماء وتتولد فى السحاب وهى أقوى نيران هذا العالم فانها إذا نزلت من السحاب فربما غاصت فى البحر وأحرقت الحيتان تحت البحر وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان اليهود سألت النبي عليه السلام عن الرعد ما هو فقال (ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله) قالوا فما الصوت الذي يسمع (قال زجره السحاب فاذا شدت سحابة ضمها وإذا اشتد غضبه طارت من فيه نار هى الصاعقة) والمخاريق جمع مخراق وهو فى الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا والمراد به هاهنا آلة يسوق بها الملك السحاب فَيُصِيبُ بِها الباء للتعدية. والمعنى بالفارسية [پس ميرساند آنرا] مَنْ يَشاءُ أصابته فيهلكه والصاعقة تصيب المسلم وغيره ولا تصيب الذاكر يقول الفقير لعل وجهه ان الصاعقة عذاب عاجل ولا يصيب الا الغافل واما الذاكر فهو مع الله ورحمته وبين الغضب والرحمة تباعد وقولهم تصيب المسلم بشير الى ان المصاب بالصاعقة على حاله من الايمان والإسلام ولا اثر لها فيه كما فى اعتقاد بعض العوام وَهُمْ اى هؤلاء الكفار مع ظهور هذه الدلائل يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ حيث يكذبون رسوله فيما يصفه به من العظمة والتوحيد والقدرة التامة والجدال التشدد فى الخصومة من الجدل وهو الفتل وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ اى شديد المكر والكيد لاعدائه يهلكم من حيث لا يحتسبون من محل بفلان إذا كاده وسعى به الى السلطان ومنه تمحل لكذا إذا تكلف فى استعمال الحيلة واجتهد فيه قال فى اسباب النزول ان رسول الله عليه السلام بعث رجلا مرة الى رجل من فراعنة العرب قال (فاذهب فادعه لى) فقال يا رسول الله انه أعتى من ذلك قال (فاذهب فادعه لى) قال فذهبت اليه فقلت يدعوك رسول الله فقال وما الله أمن ذهب هو أمن فضة او من نحاس قال الراوي وهو انس فرجع الى رسول فاخبره وقال قد أخبرتك انه أعتى من ذلك قال لى كذا وكذا قال (فارجع اليه الثانية فادعه) فرجع اليه فاعاد عليه مثل الكلام الاول ورجع الى النبي عليه السلام فاخبره فقال (ارجع اليه) فرجع اليه الثالثة فاعاد عليه مثل ذلك الكلام فبينما هو يكلمه إذ بعث الله سحابة حيال رأسه فرعدت فوقع منها صاعقه فذهبت بقحف رأسه فانزل الله تعالى وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه(4/353)
الآية والتي قبلها فى عامر بن الطفيل وأريد بن قيس وهو أخو لبيد بن ربيعة الشاعر لامه وذلك انهما أقبلا يريدان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من أصحابه يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد اقبل نحوك فقال (دعه فان يرد الله به خيرا يهده) فاقبل حتى قام عليه قال يا محمد مالى ان أسلمت قال (لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم) قال تجعل لى الأمر بعدك قال (لا ليس ذلك الىّ انما ذاك الى الله تعالى يجعله حيث شاء) قال اسلم على ان لك المدر ولى الوبر يعنى لك ولاية القرى ولى ولاية البوادي قال (لا) قال فماذا تجعل لى قال (اجعل لك اعنة الخيل تغزو عليها) قال او ليس ذلك الىّ اليوم وكان اوصى الى اربد إذا رأيتنى أكلمه قدر من خلفه فاضربه بالسيف فجعل يخاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه فدار اربد خلفه عليه السلام ليضربه فاخترط من سيفه شبرا تم حبسه الله فلم يقدر على سله وجعل عامر يومى اليه فالتفت رسول الله فرأى اربد وما يصنع بسيفه فقال (اللهم اكفنيهما بما شئت) فارسل الله على اربد صاعقة فى يوم صائف صاحى فاحرقته وولى عامرها ربا فقال يا محمد دعوت ربك فقتل اربد والله لا ملأن عليك الأرض رجالا الفا أشعر والفا امر دفقال عليه السلام (يمنعك الله من ذلك وأبناء قبيلة) يريد الأوس والخزرج فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم اليه سلاحه وخرج وهو يقول واللات لئن أصحر محمد الىّ وصاحبه يعنى ملك الموت لا نفذنهما برمحى
صعوه كاو با عقاب سازد جنگ ... دهد از خون خود پرش را رنگ
فلما رأى الله ذلك منه أرسل ملكا فلطمه بجناحه فاذراه بالتراب وخرجت على ركبته غدة فى الوقت عظيمة
فعاد الى بيت السلولية وهو يقول غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية ثم مات على ظهر فرسه فانزل الله تعالى فى هذه القصة قوله سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ حتى بلغ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ فالواو فى قوله وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ على هذا للحال اى يصيب بالصاعقة من يشاء فى حال جداله فى الله فان أريد وكذا فرعون العرب فى الرواية الاولى لما جادل فى الله أحرقته الصاعقة. وقوله غدة كغدة البعير اى أصابتني غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية وسلول قبيلة من العرب أقلهم وأرذلهم قال قائل فى حقهم
الى الله أشكو إنني بت طاهرا ... فجاء سلولى فبال على نعلى
فقلت اقطعوها بارك الله فيكمو ... فانى كريم غير مدخلها رجلى
كأن عامرا يقول ابتليت بامرين كل واحد منهما شر من الآخر أحدهما ان غدتى غدة مثل غدة البعير وان موتى موت فى بيت أرذل الخلائق والغدة الطاعون للابل وقلما يسلم منه يقال اغد البعير اى صار ذا غدة وهى طاعونه وفى الآية اشارة الى ان اهل الجدال فى ذات الله وفى صفاته مثل الفلاسفة والحكماء اليونانية الذين لم يتابعوا الأنبياء وما آمنوا بهم وتابعوا العقل دون ادلة السمع. وبعض المتكلمين من اهل الأهواء والبدع هم الذين أصابهم صواعق القهر واحترقت استعداداتهم فى قبول الايمان فظلوا يجادلون فى الله هل هو فاعل مختار او موجب بالذات لا بالاختيار ويجادلون فى صفات الله هل لذاته صفات قائمة به او هو قادر بالذات ولا صفات له ومثل هذه الشبهات المكفرة المضلة عن سبيل الرشاد والله تعالى شديد العقوبة والاخذ لمن جادل فيه(4/354)
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14)
بالباطل كذا فى التأويلات النجمية لَهُ [مر خدايراست] وتقديم الخبر لافادة التخصيص دَعْوَةُ الْحَقِّ اى الدعاء الحق على ان يكون من باب اضافة الموصوف الى الصفة والدعوة بمعنى العبادة والحق بمعنى الحقيق اللائق الغير الباطل. والمعنى ان الدعوة التي هى التضرع والعبادة قسمان ما يكون حقا وصوابا وما يكون باطلا وخطأ فالتى تكون حقا منها مختصة به تعالى لا يشاركه فيها غيره او له الدعوة المجابة على ان يكون الحق بمعنى الثابت الغير الضائع الباطل فانه الذي يجيب لمن دعاه دون غيره قال فى المدارك المعنى ان الله يدعى فيستجيب الدعوة ويعطى السائل الداعي سؤاله فكانت دعوة ملابسة لكونه حقيقا بان يوجه اليه الدعاء بخلاف ما لا ينفع دعاؤه
فرو ماند كانرا برحمت قريب ... تضرع كنانرا بدعوت مجيب
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ اى والأصنام الذين يدعونهم الكفار متجاوزين الله فى الدعاء الى الأصنام فحذف الراجع او والكفار الذين يدعون الأصنام من دونه تعالى فحذف المفعول لا يَسْتَجِيبُونَ اى لا يجيب الأصنام وضمير العقلاء لمعاملتهم إياها معاملة العقلاء لَهُمْ اى الكفار بِشَيْءٍ من مراداتهم إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ استثناء مفرغ من أعم عام المصدر اى الا استجابة مثل استجابة ماد يديه اى كاستجابة الماء من بسط كفيه اليه قال الكاشفى [مكر همچون اجابت كسى كه بگشاده هر دو كف خود را بسوى آب يعنى تشنه كه بر سر چاهى رسد وبا او دلو رسنى نبود هر دو دست خود بسوى چاه بگشايد وبفرياد وزارى آب را مى طلبد] لِيَبْلُغَ فاهُ [تا بدهن او برسد] اى يدعو الماء بلسانه ويشير اليه بيده ليصل الى فمه فاللام متعلق بباسط ففاعل يبلغ هو الماء وَما هُوَ اى الماء بِبالِغِهِ ببالغ فيه لانه جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه وحاجته اليه ولا يقدر ان يجيب دعاءه ويبلغ فاه وكذا ما يدعونه جماد لا يحس بدعائهم ولا يستطيع اجابتهم ولا يقدر على نفعهم والتشبيه من المركب التمثيلى شبه حال الأصنام مع من دعاءهم من المشركين وهو عدم استجابتهم دعاء المشركين وعدم فوز المشركين من دعائهم الأصنام شيأ من الاستجابة والنفع بحال الماء الواقع بمرأى من العطشان الذي يبسط اليه كفيه يطلب منه اى يبلغ فاه وينفعه من احتراق كبده ووجه الشبه عدم استطاعة المطلوب منه اجابة الدعاء وخيبة الطالب عن نيل ما هو أحوج اليه من المطلوب وهذا الوجه كما ترى منتزع من عدة امور وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ يعنى لاصنامهم إِلَّا فِي ضَلالٍ فى ضياع وخسار وباطل لان الآلهة لا تقدر على اجابتهم واما دعاؤهم له تعالى فالمذهب جواز استجابته كما فى كتب الكلام والفتاوى وقد أجاب الله دعاء إبليس وغيره ألا ترى ان فرعون كان يدعو الله فى مكان خال عند نقصان النيل فيستجيب الله دعاءه ويمده فاذا كان الله لا يضيع دعاء الكافرين فما ظنك بالمؤمن والماء وان كان من طبعه التسفل ولكن الله تعالى إذا أراد يحركه من المركز الى جانب المحيط على خلاف طبعه بطريق خرق العادة كما وقع لبعض اولياء الله تعالى فانهم لوصولهم الى المسبب قد لا يحتاجون الى الأسباب- حكى- عن الشيخ ابى عبد الله بن حفيف رضى الله عنه قال دخلت بغداد قاصدا لحج وفى رأسى نخوة الصوفية يعنى حدة الارادة وشدة المجاهدة واطراح ما سوى الله(4/355)
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (15)
تعالى قال ولم آكل أربعين يوما ولم ادخل على الجنيد وخرجت ولم اشرب وكنت على طهارتى فرأيت ظبيا فى البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشان فلما دنوت من البئر ولى الظبى وإذا الماء فى أسفل البئر فمشيت وقلت يا سيدى مالى عندك محل هذا الظبى فسمعت من خلفى يقال جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء ان الظبى جاء بلا ركوة ولا حبل وأنت جئت ومعك الركوة والحبل فرجعت فاذا البئر ملآن فملأت ركوتى فكنت اشرب منها وأتطهر الى المدينة ولم ينفد الماء فلما رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد علىّ قال لو صبرت لنبع الماء من تحت قدمك والاشارة فى الآية ان لله تعالى دعاة يدعون الخلق بالحق الى الحق والذين يدعون لغير الحق لا يقبلون النصح إذا خرج من القلب الساهي ولا يتأثر فهم كمن بسط يده الى الماء اراءة للخلق بان يريد شربه وما هو ببالغه اى فمه فلا يحصل الشرب على الحقيقة وان توهم الخلق انه شارب وهذا مثل ضربه الله للدعاة من اهل الأهواء والبدع يدعون الخلق الى الله لغير الله فلا يستجابون على الحقيقة وان استجيبوا فى الظاهر لانهم استجابوا لهم على الضلال يدل عليه قوله وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ الخلق عن الحق كما فى التأويلات النجمية
ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي ... كاين ره كه تو ميروى بتركستانست
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ حقيقة وهو بوضع الجبهة على الأرض مَنْ فِي السَّماواتِ يعنى الملائكة وأرواح الأنبياء والأولياء واهل الدرجات من المؤمنين وَالْأَرْضِ من الملائكة والمؤمنين من الثقلين طَوْعاً حال اى طائعين حالتى الشدة والرخاء وَكَرْهاً اى كارهين حالة الشدة والضرورة وذلك من الكافرين والمنافقين والشياطين ويقال من ولد فى الإسلام طوعا ومن سبى من دار الحرب كرها وفى الحديث (عجب ربك من قوم يساقون الى الجنة بالسلاسل) وفيه اشارة الى ان من اهل المحبة والوفاء من يطلب لدخول الجنة فيأبى ذلك طلبا للقيام بالخدمة فتوضع فى أعناقهم السلاسل من الذهب فيدخلون بها الجنة: قال الكمال الخجندي
نيست ما را غم طوبى وتمناى بهشت ... شيوه مردم نا اهل بود همت پست
وَظِلالُهُمْ على حذف الفعل اى ويسجد ظلال اهل السموات والأرض بالعرض اى تبعا لذى الظل ويجوز ان يراد بالسجود معناه المجازى وهو انقيادهم لاحداث ما اراده الله فيهم شاؤا او كرهوا وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص ونقلها من جانب الى جانب فالكل مذلل ومسخر تحت الاحكام والتقدير بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ الغدو جمع غداة وهى البكرة والآصال جمع اصيل وهو العشى من حين زوال الشمس الى غيبوبتها كما فى بحر العلوم وقال فى الكواشي وغيره الأصيل ما بين العصر وغروب الشمس والباء بمعنى فى ظرف ليسجد اى يسجد فى هذين الوقتين والمراد بهما الدوام لان السجود سواء أريد به حقيقته او الانقياد والاستسلام لا اختصاص له بالوقتين وتخصيصهما مع ان انقياد الظلال وميلانها من جانب الى جانب وطولها بسبب انحطاط الشمس وقصرها بسبب ارتفاعها لا يختص بوقت دون وقت بل هى مستسلمة منقادة لله تعالى فى عموم الأوقات لان الظلال انما تعظم وتكثر فيهما قال فى التأويلات النجمية وظلالهم اى نفوسهم فان النفوس ظلال الأرواح وليس السجود بالطوع من شأن النفوس لان النفس(4/356)
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)
امارة بالسوء طبعا الا ما رحم الرب تعالى لتسجد طوعا والإكراه على السجود بتبعية الأرواح وايضا ولله يسجد من فى السموات اى سموات القلوب من صفات القلوب والأرواح والعقول طوعا والأرض اى ومن فى ارض النفوس من صفات النفس والحيوانية والسبعية والشيطانية كرها لانه ليس من طبعهم السجود والانقياد اه قال بعض الكبار من اسرار هذا العالم انه ما من حادث إلا وله ظل يسجد لله تعالى سواء كان ذلك الحادث مطيعا او عاصيا فان كان من اهل الموافقة فهو ساجد مع ظلاله وان كان من اهل المخالفة فالظل نائب منابه فى الطاعة [وحقيقت آنست كه طوع ورغبت صفت آنهاست كه لطف ازل نهال ايمان در زمين دل ايشان نشانده ونفرت وكراهيت خاصيت آنانكه قهر لم يزل تخم خذلان در مزرعه نفس نافرمان ايشان فشانده]
بر آن زخمى زند كين بى نيازيست ... برين مرهم نهد كين دلنوازيست
قال الكاشفى [اين سجده دوم است از سجدات قرآنى وحضرت شيخ رضى الله عنه در سفر سابع از فتوحات كه ذكر سجده قرآنى ميكند اين را سجود الظلال وسجود العام گفته وفرموده كه لازم است بنده تصديق كند خدايرا درين خبر وسجده آرد] وقد سبق فى آخر الأعراف ما يتعلق بسجدة التلاوة فارجع واما سجدة الشكر وهى ان يكبر ويخر ساجدا مستقبل القبلة فيحمده تعالى ويشكره ويسبح ثم يكبر فيرفع رأسه فقد قال الشافعي يستحب سجود الشكر عند تجدد النعم كحدوث ولد أو نصر على الأعداء ونحوه وعند دفع نقمة كنجاة من عدو او غرق ونحو ذلك وعن ابى حنيفة ومالك ان سجود الشكر مكروه ولو خضع فتقرب لله تعالى بسجدة واحدة من غير سبب فالارجح انه حرام قال النووي ومن هذا ما يفعله كثير من الجهلة الضالين من السجود بين يدى المشايخ فان ذلك حرام قطعا بكل حال سواء كان الى القبلة او لغيرها وسواء قصد السجود لله او غفل وفى بعض صوره ما يقتضى الكفر كذا فى الفتح القريب قُلْ يا محمد للمشركين مَنْ [كيست] رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خالقهما ومالكهما ومتولى أمرهما قُلْ فى الجواب اللَّهُ إذ لا جواب لهم سواه لانه البين الذي لامراء فيه فكأنه حكاية لاعترافهم به قُلْ إلزاما لهم أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ الهمزة للانكار والفاء للاستبعاداى أبعد إقراركم هذا وعلمكم بانه تعالى صانع العالم ومالكه اتخذتم من دونه تعالى أصناما وهو منكر بعيد من مقتضى العقل لا يَمْلِكُونَ اى تلك الأولياء لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا لا يستطيعون لانفسهم جلب نفع إليها ولا دفع ضرر عنها وإذا عجزوا عن جلب النفع الى أنفسهم ودفع الضرر عنها كانوا عن نفع الغير ودفع الضر عنه أعجز ومن هو كذلك فكيف يعبد ويتخذ وليا وهذا تجهيل لهم وشهادة على غباوتهم وضلالتهم التي ليس بعدها والاشارة قل من رب سموات القلوب وارض النفوس ومن دبر فيهما درجات الجنان بالأخلاق الحميدة ودركات النيران بالأخلاق الذميمة وجعل مشاهدة القلوب مقامات القرب وشواهد الحق ومراتع النفوس شهوات الدنيا ومنازل البعد قل الله اى أجب أنت عن هذا السؤال(4/357)
لان الأجانب منه بمعزل قل للاجانب أفاتخذتم من دونه اولياء من الشياطين والدنيا والهوى لا يملكون لانفسهم ولا لكم نفعا ولا ضرا فى الدنيا والآخرة لانهم مملوكون والمملوك لا يملك شيأ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وارد على التشبيه اى فكما لا يستوى الأعمى والبصير فى الحس كذلك لا يستوى المشرك الجاهل بعظمة الله وثوابه وعقابه وقدرته مع الموحد العالم بذلك قال فى التأويلات النجمية الأعمى من يرى غير الله مالكا ومتصرفا فى الوجود والبصير من لا يرى مالكا ولا متصرفا فى الوجود غير الله وايضا الأعمى هو النفوس لانها تتعلق بغير الله وتحب غيره والبصير القلوب لانها تتعلق بالله وتحبه فالاعمى من عمى بالحق وابصر بالباطل والبصير من ابصر بالحق وعمى بالباطل وايضا الأعمى من ابصر بظلمات الهوى والبصير من ابصر بانوار المولى أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ هذا وارد على التشبيه ايضا اى فكما لا تستوى الظلمات والنور كذلك لا يستوى الشرك والإنكار والتوحيد والمعرفة وعبر عن الشرك بصيغة الجمع لان انواع شرك
النصارى وشرك اليهود وشرك عبدة الأوثان وشرك المجوس وغيرها بخلاف التوحيد وفى التأويلات هل يستوى المستكن فى ظلمات الطبيعة والهوى ومن هو مستغرق فى بحر نور جمال المولى فالاول كالاعمى إذ لا يقدر ان يرى الملكوت من ظلمات الملك والثاني كالبصير فكما اين المستغرق فى البحر والغائص فيه لا يرى غير الماء فكذا لا يرى اهل البصيرة سوى الله: قال المولى الجامى
عاشق اندر ظاهر وباطن نه بيند غير دوست ... پيش اهل باطن اين معنى كه گفتم ظاهرست
أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ بل اجعلوا فأم منقطعة والهمزة للانكار بمعنى لم يكن. والمعنى بالفارسية [يا آيا كافران ساختند براى خداى انبازانى كه] خَلَقُوا كَخَلْقِهِ صفة شركاء داخلة فى حكم الإنكار يعنى انهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين مثل خلق الله فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ حتى يتشابه ويلتبس عليهم خلق الله وخلقهم فيقولوا هؤلاء قدروا على الخلق كما قدر الله عليه فاستحقوا العبادة كما استحقها ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه اقل خلق الله وإذ له وأصغره وأحقره فضلا عن ان يقدروا على ما يقدر عليه الخالق قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ من الأجسام والاعراض لا خالق غير الله فيشاركه فى العبادة جعل الخلق موجب العبادة ولازم استحقاقها ثم نفاه عمن سواه ليدل على قوله وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ يحتمل ان يكون هذا القول داخلا تحت الأمر بقل ويحتمل ان يكون استئنافا اخبارا منه تعالى بهذين الوصفين اى المتوحد بالالوهية الغالب على كل شىء فما سواه مقهور مغلوب له ومن الأشياء آلهتهم فهو يغلبهم فكيف يتوهم ان يكونوا له اولياء وشركاء
نرد خدمت چون بنا موضع بباخت ... شير سنگين را شقى شيرى شناخت
قال المولى الجامى
مده بعشوه صورت عنان دل جامى ... كه هست در پس اين پرده صورت آرايى
وفى التأويلات النجمية الواحد فى ذاته وصفاته القهار لمن دونه اى هو الواحد فى خلق الأشياء وقهرها لا شريك له فيه ولا فى المطلوبية والمحبوبية فالعارف لا يطلب غير الله ولا يرى فى مرآة الأشياء الا الله(4/358)
أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)
شهود يار در اغيار مشرب جاميست ... كدام غير كه لا شىء فى الوجود سواه
والآية اشارة الى انه تعالى خالق الخير والشر- روى- عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ اقبل ابو بكر وعمر فى جماعة من الناس فلما دنوا سلموا على رسول الله فقال بعض القوم يا رسول الله قال ابو بكر الحسنات من الله والسيئات منا وقال عمر الحسنات والسيئات كلها من الله تعالى فتابع بعض القوم أبا بكر وبعض القوم عمر فقال عليه السلام (ما أقضي بينكما الا كما قضى اسرافيل بين جبرائيل وميكائيل اما جبرائيل فقال مثل مقالتك يا عمر واما ميكائيل فقال مثل مقالتك يا أبا بكر فقال جبرائيل إذا اختلف اهل السماء اختلف اهل الأرض فهلم نتحاكم الى اسرافيل فقصا عليه القصة فقضى بينهما ان القدر خيره وشره من الله تعالى) ثم قال النبي عليه السلام (فهذا قضائى بينكما) قال (يا أبا بكر لو شاء الله ان لا يعصى فى الأرض لم يخلق إبليس) : قال الحافظ
در كار خانه عشق در كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوزد گر بو لهب نباشد
نسأل الله التوفيق الى الخير والفلاح والرشاد أَنْزَلَ اى الله تعالى مِنَ السَّماءِ ماءً اى مطرا ينحدر منها الى السحاب ومنه الى الأرض وهو رد لمن زعم انه يأخذه من البحر ومن زعم ان المطر انما يتحصل من ارتفاع ابخرة رطبة من الأرض الى الهواء فينعقد هناك من شدة برد الهواء ثم ينزل مرة اخرى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحر ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء الدنيا ويوحى الى السحاب ان غربله فيغر بله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ولا وزن يقول الفقير هذه الرواية ادل على قدرة الله تعالى مما ذهب اليه الحكماء كما لا يخفى فقول من قال فى التفسير اى من السماء نفسها فان مبادى الماء منها ففى لفظة من مجاز تضييق للامر وعدول عن الحقيقة من غير وجه معتد به والله على كل شىء قدير فَسالَتْ من ذلك الماء والسيلان الجريان أَوْدِيَةٌ جمع واد كاندية جمع ناد وهو الموضع الذي يسيل الماء فيه بكثرة والمراد هاهنا الأنهار بطريق ذكر المحل وارادة الحال ونكرها لان المطر يأتى على طريق المناوبة بين البقاء فيسيل بعض اودية دون بعض بِقَدَرِها بفتح الدال وسكونها صفة لاودية او متعلق بسالت والضمير راجع الى المعنى المجازى للاودية اى بمقدارها الذي علم الله انه نافع للممطور عليهم غير ضار اى بالقدر الذي لا يتضرر الناس به. وبالفارسية [باندازه كه خداى تعالى مقرر كرده كه آن سود رساند وزيان نكند] وذلك لانه ضرب المطر مثلا للحق فوجب ان يكون مطرا خالصا للنفع خاليا من المضرة ولا يكون كبعض الأمطار والسيول الجواحف ويجوز ان يكون الضمير راجعا الى المعنى الحقيقي لها على طريق الاستخدام اى بمقدارها فى الصغر والكبر اى ان صغر الوادي قل الماء وان اتسع الوادي كثر الماء. وبالفارسية [بقدرها باندازه خود يعنى هر وادي بمقدار خود در جزوى وبزرگى وتنگى وفراخى برداشت] فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ اى حمل ورفع زَبَداً هو اسم لكل ما علا وجه الماء من رغوة وغيرها(4/359)
سواء حصل بالغليان او بغيره. وبالفارسية [كف] وأصله كل شىء تولد من شىء مع مشابهته له ومنه الزبد رابِياً عاليا فوق الماء وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ خبر مقدم لقوله زبد مثله وعليه متعلق بيوقدون. والإيقاد جعل النار تحت الشيء ليذوب وفى النار حال من الضمير فى عليه اى ومن الذي يوقد الناس عليه يعنى [ميگذارند] حال كونه ثابتا فى النار وهو يعم الفلزات والفلز بكسر الفاء واللام وشد الزاى جوهر الأرض اى الأجساد السبعة المعدنية التي تذاب وهى الذهب والفضة والحديد والنحاس والآنك والزئبق والصفر ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ مفعول له اى طلب زينة فان اكثر الزين من الذهب والفضة أَوْ مَتاعٍ عطف على حلية وهو ما يتمتع به اى ينتفع به كالنحاس والحديد والرصاص يذاب فيتخذ منه الأواني وآلات
الحروب والحرث زَبَدٌ مِثْلُهُ قوله مثله صفة زبد اى ومنه ينشأ زبد مثل زبد الماء يعلو عليه إذا اذيب وهو الخبث على ان تكون من ابتدائية او بعضه زبد مثله على ان تكون تبعيضية كَذلِكَ فى محل النصب اى مثل ذلك الضرب والبيان والتمثيل يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ اى بينهما ويمثلهما فانه تعالى مثل الحق فى الثبات والنفع بالماء النافع وبالفلز الذي ينتفعون به فى صوغ الحلي منه واتخاذ الامتعة المختلفة وشبه الباطل فى سرعة زواله وقلة نفعه بالزبد الضائع اى بزبد السيل الذي يرمى به وبزبد الفلز الذي يطفو فوقه إذا اذيب فالزبد وان علا الماء فهو ينمحق وكذا الباطل وان علا الحق فى بعض الأحوال فان الله سيمحقه ويبطله بجعل العاقبة للحق واهله كما قيل للحق دولة وللباطل صولة: قال الحافظ
سحر با معجزه پهلو نزند ايمن باش ... سامرى كيست كه دست از يد بيضا ببرد
وبين وجه الشبه وهو الذهاب باطلا مطروحا والثبات نافعا مقبولا بقوله فَأَمَّا الزَّبَدُ [اما كف روى آب وخبث بالاى فلز] وبدأ بالزبد مع تأخره فان ذا الزبد يبقى بعد الزبد ويتأخر وجوده الاستمراري فَيَذْهَبُ جُفاءً قال فى القاموس الجفاء كغراب الباطل وهو حال اى باطلا مر ميابه وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ كالماء وخلاصة الفلز فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ اى يبقى ولا يذهب فينتفع به الناس اما الماء فيثبت بعضه فى منافعه ويسلك بعضه فى عروق الأرض الى العيون والقنى والآبار واما الفلز فيبقى ازمنة متطاولة كَذلِكَ [همچنين كه ذكر كرده شد] يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ ويبينها لا يضاح المشتبهات. والمثل القول الدائر بين الناس والتمثيل أقوى وسيلة الى تفهيم الجاهل الغبي وهو اظهار للوحشى فى صورة المألوف قال الكاشفى [بعضى بدانند كه مراد ازين آب قرآنست كه حيات دل اهل ايمانست وأودية دلهااند كه فراخور استعداد خود از ان فيض ميگيرند وزبد هواجس نفسانى ووساوس شيطانى است] وقال ابو الليث فى تفسيره شبه الباطل بالزبد يعنى احتملت القلوب على قدر هواها باطلا كثيرا فكما ان السيل يجمع كل قذر فكذلك الهوى يحتمل الباطل وكما ان الزبد لا وزن له فكذلك الباطل لا ثواب له والايمان واليقين ينتفع به اهله فى الآخرة كما ينتفع بالماء الصافي فى الدنيا والكفر والشك لا ينتفع به فى الدنيا والآخرة وفى التأويلات النجمية أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من سماء القلوب ماءً المحبة فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ النفوس بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً(4/360)
لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)
من الأخلاق الذميمة النفسانية والصفات البهيمية الحيوانية وانزل من سماء الأرواح ماء مشاهدات أنوار الجمال فسالت اودية القلوب بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا من انانية الروحانية وانزل من سماء الجبروت ماء تجلى صفة الالوهية فسالت اودية الاسرار بقدرها فاحتمل السيل زبد الوجود المجازى: قال فى المثنوى
چون تجلى كرد أوصاف قديم ... پس بسوزد وصف حادث را كليم
لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ خبر مقدم لقوله الْحُسْنى اى للمؤمنين الذين أجابوا فى الدنيا الى ما دعا الله اليه من التوحيد والطاعة المثوبة الحسين فى الآخرة وهى الجنة وسميت بذلك لانها فى نهاية الحسن لكونها من آثار الجمال الصفاتى واما الأحسن فهو الله تعالى وحسنه الأزلي من ذاته لا من غيره فقد علم من هذا ان الداعي الى الحسنى هو الله تعالى والمجيب الى تلك الدعوة الالهية هو المؤمنون والجنة ونعيمها هى الضيافة العظمى وقد ورد (اللهم انى اسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل) قال بعض الكبار من أحب رؤية الله أحب الجنة لانها محلها يقول الفقير فيه تصريح بان الجنة محل الرؤية لا محل الله تعالى حتى يلزم اثبات المكان له ولا يلزم من كونها محل الرؤية كونها محله تعالى لان التقيد بالمكان حال الرائي لا حال المرئي والدنيا والآخرة سواء بالنسبة الى الرائي كما انهما سيان بالنسبة الى المرئي إذ لو رؤى فى الدنيا بحسب ارتفاع الموانع لكان لا يضر إطلاقه وتنزهه وكذا لو رؤى فى الجنة وقد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه فى الدنيا فجعلت الدنيا ظرفا لرؤيته مع ان الله تعالى على تنزهه الأزلي وإذا عرفت هذا عرفت ضعف قول الفقهاء لو قال ارى الله فى الجنة يكفر لانه يزعم ان الله تعالى فى الجنة والحق ان يقال نرى الله فى الجنة انتهى قولهم
مجرد پابيش ز اطلاق وتقييد ... اگر جلباب هستى را كنى شق
وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ وهم الكافرون بالله الخارجون عن الطاعة وهو مبتدأ خبره قوله لَوْ أَنَّ لَهُمْ [اگر باشد مر ايشانرا] ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً من نقودها وأمتعتها وضياعها وَمِثْلَهُ مَعَهُ وضعفه معه [يعنى آن قدر كه نقود واقمشه دينى هست با آن اضافت كنند وهمه در تصرف كافران باشد روز قيامت] لَافْتَدَوْا بِهِ جعلوه فداء أنفسهم من العذاب ولو فادوا به لا يقبل منهم يقول الفقير سر هذا انهم بسبب الدنيا غفلوا عن الله تعالى وحين الانتباه بالموت والبعث صغر فى أعينهم الدنيا وما فيها فلو قدروا لبذلوا الكل وأخذوا الله تعالى بدلا منه فقد قصروا فى وقت القبول وتمنوا ما تمنوا حين لا درهم ولا دينار
مده براحت فانى حيات باقى را ... بمحنت دو سه روز از غم ابد بگريز
أُولئِكَ [آن گروه] لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ هو المناقشة بان يحاسب الرجل بذنبه ولا يغفر منه شىء وعن عائشة رضى الله عنها ان رسول الله عليه السلام قال (ليس أحد يحاسب يوم القيامة الا هلك) قلت أوليس يقول الله فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً فقال انما ذلك العرض ولكن من نوقش فى الحساب يهلك والمناقشة الاستقصاء فى الحساب بحيث لا يترك(4/361)
أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)
منه شىء يقال ناقشه الحساب إذا عاسره فيه واستقصى فلم يترك قليلا ولا كثيرا. ومعنى الحديث ان المناقشة فى الحساب وعدم المسامحة مفض الى الهلاك ودخول النار ولكن الله يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء قال النووي وهذا لمن لم يحاسب نفسه فى الدنيا فيناقش بالصغيرة والكبيرة فاما من تاب وحاسب نفسه فلا يناقش كما فى الفتح القريب
نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد گناه آب چشمش بسى
وَمَأْواهُمْ مرجعهم بعد المناقشة جَهَنَّمُ فان قلت هلا قيل مأواهم النار قلت لان فى ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا ويحتمل ان يكون جهنم هى ابعد النار قعرا من قولهم بئر جهنم بعيدة القعر قال بعضهم جهنم معرب وكأنه فى الفرس [چهـ نم] وَبِئْسَ الْمِهادُ [وبد جايگاهست دوزخ] وهو بمعنى الممهود المبسوط يقال مهدت الفراش مهدا اى بسطته اطلق هاهنا بمعنى المستقر مطلقا اى بئس موضع القرار جهنم- وروى- احمد انه عليه السلام قال لجبريل (ما لى لا ارى ميكائيل ضاحكا) فقال ما ضحك مذ خلقت النار- وروى- ان موسى عليه السلام ناجى ربه فقال يا رب خلقت خلقا وربيتهم بنعمتك ثم تجعلهم يوم القيامة فى نارك قال فى المثنوى
مستفيدى أعجمي شد آن كليم ... تا عجميانرا كند زين سر عليم «1»
فاوحى الله تعالى اليه ان يا موسى قم فازرع زرعا فزرعه فسقاه وقام عليه وحصده وداسه فقال له ما فعلت بزرعك يا موسى قال قدر فعته قال فما تركت منه شيأ قال يا رب تركت ما لا خير فيه قال يا موسى فانى ادخل النار ما لا خير فيه وهو الذي يستنكف ان يقول لا اله الا الله وفى المثنوى
چونكه موسى كشت وشد كشتش تمام ... خوشهايش يافت خوبى ونظام «2»
داس بگرفت ومران را مى بريد ... پس ندا از غيب در گوشش رسيد
كه چرا كشتى كنى و پرورى ... چون كمالى يافت آنرا مى برى
گفت يا رب زان كنم ويران و پست ... كه در اينجا دانه هست وكاه هست
دانه لايق نيست در أنبار كاه ... كاه در أنبار گندم هم تباه
نيست حكمت اين دو را آميختن ... فرق واجب مى كند در بيختن
گفت اين دانش تو از كه يافتى ... كه بدانش بيدرى بر ساختى
گفت تمييزم تو دادى اى خدا ... گفت پس تمييز چون نبود مرا
در خلايق روحهاى پاك هست ... روحهاى تيره وكلناك هست
اين صدفها نيست در يك مرتبه ... در يكى در است ودر ديگر شبه
واجبست اظهار اين نيك وتباه ... همچنا كاظهار گندمها ز كاه
أَفَمَنْ يَعْلَمُ [آيا كسى ميداند كه] أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [آنكه هرچهـ فرو فرستاده اند بسوى تو از پروردگار تو] الْحَقُّ [درست وراستست] يعنى يعلم ان القرآن الذي انزل الله تعالى هو الحق وهو حمزة بن عبد المطلب او عمار كَمَنْ هُوَ أَعْمى
__________
(1- 2) در اواخر دفتر چهارم در بيان مطالبت كردن موسى عليه السلام از حضرت عزت إلخ(4/362)
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)
قلبه فينكر القرآن وهو ابو جهل اى لا يستوى من يبصر الحق ويتبعه ومن لا يبصره ولا يتبعه وهذا عام فيمن كان كذلك: وفى المثنوى
در سرور ودر كشيده چادرى ... رو نهان كرده ز چشمت دلبرى
شاه نامه يا كليله پيش تو ... همچنان باشد كه قرآن از عتو
فرق آنكه باشد از حق ومجاز ... كه كند كحل عنايت چشم باز
ور نه پشك ومشك پيش اخشمى ... هر دو يكسانست چون نبود شمى
گفت يزدان كه ترا هم ينظرون ... نقش حمامند هم لا يبصرون
وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ اى لا يقبل نصح القرآن ولا يعمل به إلا ذوو العقول الصافية من معارضة الوهم قال فى التأويلات هم المستخرجة. عقولهم من قشور آفات الحواس والوهم والخيال المؤيدة بتجلى أنوار الجمال والجلال اعلم ان طالب الحق لا بد له فى التزكية من التفكر ثم التذكر وبينهما فرق فان التذكر فوق التفكر فان التفكر طلب والتذكر وجود يعنى ان التفكر لا يكون الا عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية فتلتمس البصيرة مطلوبه واما التذكر فعند رفع الحجاب وخلوص الخلاصة الانسانية من قشور صفات النفس والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى النفس فى الأزل من التوحيد والمعارف بعد النسيان قال فى حياة الأرواح التذكر لا يكون الا لذى لب قد خلص من قشر غواشى النشأة قال تعالى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ والنسيان انما يحصل بسبب الغواشي كما قال تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وقد امر الله باحكام الشريعة لازالة هذه الغواشي والملابس وعدد الأعضاء المكلفة ثمانية وهى العين والاذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب فعلى كل واحد من هذه الأعضاء تكليف يخصه من انواع الاحكام الشرعية او افعال المحمدة عند الله فالمحمدة كالصلاة والصوم وما أشبه ذلك والمذمة كضربك نفسك بسكين لتقتلها ومنها ما لا يلحقك فيه مذمة ولا محمدة كصنف المباح ولا يجوز لك هذا الفعل الا فى ذاتك واما فى غيرك فلا الا بشرط ما فالذى لذاتك كنظرك الى عورتك والذي هو مع غيرك ثمانية اصناف المال والولد والزوجة وملك اليمين والبهيمة والجار والأجير والأخ الايمانى والطيني الَّذِينَ الموصولات مع صلاتها مبتدأة خبرها قوله أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ عهد الله مضاف الى مفعوله اى بما عقدوه على أنفسهم من الشهادة والاعتراف بربوبيته حين قالوا بلى شهدنا وبالفارسية [آنانكه وفا ميكنند به پيمان خداى تعالى كه در روز ميثاق بسته اند] وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ اى ذلك العهد بينهم وبين الله وكذا عهودهم بينهم وبين الناس فهو تعميم بعد تخصيص وَالَّذِينَ يَصِلُونَ [وآنانكه پيوند ميكنند] ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ المفعول الاول محذوف تقديره ما أمرهم الله به وان يوصل بدل من الضمير المجرور اى يوصله وهذه الآية يندرج فيها امور الاول صلة الرحم واختلف فى حد الرحم التي يجب صلتها فقيل كل ذى رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام والعمات وأولاد الخال والخالات(4/363)
وقيل هو عام فى كل ذى رحم محرما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث وهذا القول هو الصواب قال النووي وهذا أصح والمحرم من لا يحل له نكاحها على التأبيد لحرمتها. فقولنا على التأبيد احتراز عن اخت الزوجة. وقولنا لحرمتها احتراز عن الملاعنة فان تحريمها ليس لحرمتها بل للتغليظ واعلم ان قطع الرحم حرام والصلة واجبة ومعناها التفقد بالزيارة والإهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وإرسال السلام والمكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كذا فى شرح الطريقة. وصلة الرحم سبب لزيادة الرزق وزيادة العمر وهى اسرع اثرا كعقوق الوالدين فان العاق لهما لا يمهل فى الأغلب ولا تنزل الملائكة على قوم فيهم قاطع رحم والثاني الايمان بكل الأنبياء عليهم السلام فقولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض قطع لما امر الله به ان يوصل والثالث موالاة المؤمنين فانه يستحب استحبابا شديدا زيارة الاخوان والصالحين والجيران والأصدقاء والأقارب وإكرامهم وبرهم وصلتهم وضبط ذلك يختلف باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم وينبغى للزائر ان تكون زيارته على وجه لا يكرهون وفى وقت يرتضون فان رأى أخاه يحب زيارته ويأنس به اكثر زيارته والجلوس عنده وان رآه مشتغلا بعبادة او غيرها او رآه يحب الخلوة يقل زيارته حتى لا يشغله عن عمله. وكذا عائد المريض لا يطيل الجلوس عنده الا ان يستأنس به المريض. ومن تمام المواصلة المصافحة عند الملاقاة ويستحب مع المصافحة البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها: قال الحافظ
يارى اندر كس نمى بينيم ياران را چهـ شد ... دوستى كى آخر آمد دوستدارانرا چهـ شد
كس نمى گويد كه يارى داشت حق دوستى ... حق شناسانرا چهـ حال افتاد وياران را چهـ شد
والرابع مراعاة حقوق كافة الخلق حتى الهرة والدجاجة وعن الفضيل ان جماعة دخلوا عليه بمكة فقال من اين أنتم قالوا من اهل خراسان قال اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم واعلموا ان العبد لو احسن الإحسان كله وكانت له دجاجة فاساء إليها لم يكن من المحسنين- وروى- ان امرأة عذبت فى هرة حبستها فلم تطعمها الى ان ماتت وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها وكان اويس القرني يقتات من المزابل ويكتسى منها فنبحه يوما كلب على مزبلة فقال له اويس كل مما يليك وانا آكل مما يلينى ولا تنبحنى فان جزت الصراط فانا خير منك والا فانت خير منى يقول الفقير وذلك لان الإنسان السعيد خير البرية والشقي شر البرية والكلب داخل فى البرية وهذا كلام من مقام الانصاف فان اهل الحق لا يرون لانفسهم فضلا ولذا كانوا يعدون من سواهم أياما كان خيرا. منهم وورد (رب بهيمة خير من راكبها) وهذا العلم أعطاهم مراعاة الحقوق مع جميع الحيوانات وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ اى وعيده عموما وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل ان يحاسبوا وقال ابو هلال العسكرى الخوف يتعلق بالمكروه ومنزل المكروه يقال خفت زيد او خفت المرض كما قال تعالى يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وقال وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ والخشية تتعلق بمنزل المكروه ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية ولهذا قال وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ انتهى وسوء الحساب سبق قريبا والخوف من أجل المنازل وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد(4/364)
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)
هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند
وَالَّذِينَ صَبَرُوا على ما تكرهه النفوس من انواع المصائب ومخالفة الهوى من مشاق التكاليف ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ طلبا لرضاه من غير ان ينظروا الى جانب الخلق رياء وسمعة ولا الى جانب النفس زينة وعجبا واعلم ان مواد الصبر كثيرة منها. الصبر على العمى وفى الحديث القدسي (إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه) اى العينين وسميتا بذلك لانهما أحب الأشياء الى الشخص (فصبر على البلاء راضيا بقضاء الله تعالى عوضته منهما الجنة) والأعمى أول من يرى الله تعالى يوم القيامة. ومنها الصبر على الحمى وصداع الرأس وموت الأولاد والأحباب وغير ذلك من انواع الابتلاء. ومنها الصوم فان فيه صبرا على ما تكرهه النفس من حيث انها مألوفة بالأكل والشرب والصوم ربع الايمان بمقتضى قوله عليه السلام (الصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان) : قال الحافظ
ترسم كزين چمن نبرى آستين گل ... كز گلشنش تحمل خارى نميكنى
- روى- ان شقيق بن ابراهيم البلخي دخل على عبد الله بن المبارك متنكرا فقال له عبد الله من اين أتيت فقال من بلخ قال وهل تعرف شقيقا قال نعم قال كيف طريقة أصحابه فقال إذا منعوا صبروا وإذا اعطوا شكروا فقال عبد الله طريقة كلا بنا هكذا فقال وكيف ينبغى ان يكون الأمر فقال الكاملون هم الذين إذا منعوا شكروا وان اعطوا آثروا قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض مناجاته اللهم انى أحمدك فى السراء والضراء وأقول فى السراء الحمد لله المنعم المفضل نظرا الى النعمة الظاهرة والمنحة الجلية فى السراء وأقول فى الضراء، الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة والمنحة الخفية فى الضراء لكن أشكرك فى السراء وأقول الشكر لله طمعا فى زيادة النعمة والمنحة بمقتضى وعدك فى قولك لئن شكرتم لازيدنكم فاذا دفعت عنى البلية ورفعت المحنة فاشكرك مطلقا كما أحمدك كذلك وأقول الشكر لله مطلقا كما أقول الحمد لله كذلك انتهى وهذا كلام لم ار مثله من المتقدمين حقيق بالقبول والحفظ فرضى الله عن قائله وَأَقامُوا الصَّلاةَ المفروضة اى داوموا على إقامتها وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ اى بعضه الذي وجب عليهم إنفاقه فمن للتبعيض والمراد بالبعض المتصدق به الزكاة المفروضة لاقترانه بالصلاة التي هى اخت الزكاة وشقيقتها او مطلق ما ينفق فى سبيل الله نظرا الى اطلاق اللفظ من غير قرينة الخصوص سِرًّا لمن لا يعرف بالمال يتناول النوافل لانها فى السر أفضل وَعَلانِيَةً لمن عرف به يشمل الفرائض لوجوب المجاهرة بها نفيا للتهمة وانتصابهما على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية او على المصدر اى انفاق سر وعلانية. والمعنى اسرار النوافل من الصدقات والإعلان بالفرائض ومن الانفاق الواجب الانفاق على الأبوين إذا كانا فقيرين قال الفقهاء تقدم الام على الأب فى النفقة إذا لم يكن عند الولد الا كفاية أحدهما لكثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق فى حمله ثم وضعه ثم ارضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة او ساخه وتمريضه وغير ذلك كما فى الفتح القريب قال الشيخ عز الدين الواجب قسمان واجب بالشرع(4/365)
وواجب بالمروءة والسخي هو الذي لا يمنع واجب الشرع ولا واجب المروءة فان منع واجبا منهما فهو بخيل ولكن الذي يمنع واجب الشرع ابخل كالذى يمنع أداء الزكاة والنفقة الواجبة او يؤديها بمشقة فانه بخيل بالطبع متسخ بالتكلف او كان بحيث لا يطيب له ان يعطى من أطيب ماله او من أوسطه فهذا كله بخل واما واجب المروءة المضايقة والاستقصاء فى المحقرات فان ذلك مستقبح واستقباحه يختلف بالأحوال والاشخاص فمن كثر ماله يستقبح منه ما لا يستقبح من الفقير من المضايقة ما لا يستقبح اقل منه فى المبايعة والمعاملة فيختلف ذلك بما فيه المضايقة من ضيافة او معاملة وبما به المضايقة من طعام او ثوب فالبخيل هو الذي يمنع حيث ينبغى ان لا يمنع اما بحكم الشرع واما بحكم المروءة وجاء فى وصف البخيل
لو عبر البحر بامواجه ... فى ليلة مظلمة باردة
وكفه مملوءة خرد لا ... ما سقطت من كفه واحده
وفيه
خواجه در ماهتاب نان ميخورد ... در سرايى كه هيچ خلقى نبود
سايه خويش را كسى پنداشت ... كاسه از پيش خويشتن بربود
واعلم ان الله تعالى أسند الانفاق إليهم وإعطاء الرزق الى ذاته تعالى تنبيها على انهم أمناء الله فيما أعطاهم ووكلاؤه والوكيل دخيل فى التصرف لا اصيل فينبغى له ان يلاحظ جانب الموكل لا جانب نفسه ولا جانب الخلق وقد قالوا من طمع فى شكر أو ثناء فهو بياع لا جواد فانه اشترى المدح بماله والمدح لذيذ مقصود فى نفسه والجود هو بذل الشيء من غير غرض
كرم ولطف بى غرض بايد ... تا از ان مرد متهم نبود
از كرم چون جزا طمع دارى ... آن تجارت بود كرم نبود
ومن الكرم ضيافة الاخوان فى شهر رمضان وفى الحديث (يا أصحابي لا تنسوا امواتكم فى قبورهم خاصة فى شهر رمضان فان أرواحهم يأتون بيوتهم فينادى كل أحد منهم الف مرة من الرجال والنساء اعطفوا علينا بدرهم او برغيف او بكسرة خبز او بدعوة او بقراءة آية او بكسوة كساكم الله من لباس الجنة) كذا فى ربيع الأبرار فاذا كان الرغيف او الكسرة مفيدا مقبولا عند الله تعالى فما ظنك بما فوقه من اللذائذ وفى الحديث (من لقم أخاه لقمة حلوة صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة) وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ويدفعونها بها فيجاوزون الاساءة بالإحسان والظلم بالعفو والقطع بالوصل والحرمان بالعطاء
كم مباش از درخت سايه فكن ... هر كه سنگش زند ثمر بخشش
از صدف ياد گير نكته حلم ... هر كه زد بر سرش گهر بخشش
او المعنى يتبعون الحسنة السيئة فتمحوها واحسن الحسنات كلمة لا اله الا الله إذا التوحيد رأس الدين فلا أفضل منه كما ان الرأس أفضل الجوارح وعن ابن كيسان إذا أذنبوا تابوا فيكون المراد بالحسنة التوبة وبالسيئة المعصية قال عبد الله بن المبارك هذه ثمان خصال مسيرة الى ثمانية أبواب الجنة أُولئِكَ [آن گروه كه بدين صفات موصوفند] لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ عاقبة الدنيا ومرجع(4/366)
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)
أهلها وهى العاقبة المطلقة التي هى الجنة واما النار فانما كانت عقبى الكافرين لسوء اختيارهم وليس كونها عاقبة دار الدنيا مقصودا بالذات بخلاف الجنه جَنَّاتُ عَدْنٍ بدل من عقبى الدار والعدن الاقامة يقال عدن بالبلد يعدن بالكسر اى اقام وسمى منبت الجواهر من الذهب ونحوه المعدن بكسر الدال لقرارها فيه أو لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء يَدْخُلُونَها اى جنات يقيمون فيها ولا يخرجون منها بعد الدخول وقيل هو وسط الجنان وأفضلها وأعلاها وهو مقام التجلي الإلهي والانكشاف الإلهي خلقه الله بيده من غير واسطة يقول الفقير الوجه الثاني أوجه عندى لان الاقامة فى الجنة من شأن كل مؤمن كاملا كان او ناقصا واما الاقامة فى جنة عدن فانما هى من شأن المؤمن الكامل وليس الكمال إلا بإتيان هذه الخصال الثمان وليس كل أحد يكفل بمؤونتها ويتصف بها الا من هداه الله من الخواص وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ عطف على المرفوع فى يدخلونها وانما ساغ للفصل بالضمير قال فى بحر العلوم وآبائهم جمع أبوي كل واحد منهم كأنه قيل من آبائهم وأمهاتهم والمعنى انه يلحق بهم الصلحاء من أبويهم وَأَزْواجِهِمْ جمع زوج. بالفارسية [زن] ويقال للمرأة الزوج والزوجة والزوج افصح وَذُرِّيَّاتِهِمْ أولادهم وان لم يبلغوا مبلغ فضلهم تبعا لهم وتعظيما لشأنهم وتكميلا لفرحهم. ويقال من أعظم سرورهم ان يجتمعوا فيتذاكروا أحوالهم فى الدنيا ثم يشكروا الله على الخلاص منها والفوز بالجنة وهو دليل على ان الدرجة تعلو بالشفاعة فانه إذا جاز ان تعلو بمجرد التبعية للكاملين فى الايمان تعظيما لشأنهم فلان تعلو بشفاعتهم اولى والتقييد بالصلاح دليل على ان النسب المجرد لا ينفع قيل
أتفخر باتصالك من علىّ ... واصل البولة الماء القراح
وليس بنافع نسب زكى ... يدنسه صنائعك القباح
اصل را اعتبار چندان نيست ... روى تر گل ز خار خندان نيست
مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي
وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ من أبواب المنازل فانه يكون لمقامهم ومنازلهم أبواب فيدخلون عليهم من كل باب ملك سَلامٌ عَلَيْكُمْ فى موقع الحال لان المعنى قائلين سلام عليكم يعنى سلمكم الله من العذاب سلامة وما تخافون منه وفى الحديث (ان للعبد من اهل الجنة لسبعين الف قهرمان إذ الملائكة يحبونه ويسلمون عليه ويخبرونه بما أعد الله تعالى) قال مقاتل يدخلون عليهم فى مقدار يوم وليلة من ايام الدنيا ثلاث كرات معهم الهدايا والتحف من الله يقولون سلام عليكم بشارة لهم بدوام السلامة بِما صَبَرْتُمْ اى هذه الكرامة العظمى بسبب صبركم فى الدنيا على الفقر وملازمة الطاعة تلخيصه تعبتم ثمة فاسترحتم هنا [در اخبار آمده كه حضرت رسالت عليه السلام بلال را گفت چنان فقير كن كه بخداى رسى نه غنى] كانجا فقرا از همه مقبولترند وعن انس رضى الله عنه قال بعث الفقراء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا فقال(4/367)
يا رسول الله انى رسول الفقراء إليك فقال (مرحبا بك جئت من عند قوم هم أحب الى) فقال يا رسول الله ان الفقراء يقولون لك ان الأغنياء قد ذهبوا بالخير كله هم يحجون ولا نقدر عليه ويتصدقون ولا نقدر عليه ويعتقون ولا نقدر عليه وإذا مرضوا بعثوا بفضل أموالهم ذخر الهم فقال عليه السلام (بلغ الفقراء عنى ان لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للاغنياء منها شىء. اما الخصلة الاولى فان فى الجنة غرفا من ياقوت احمر ينظر إليها اهل الجنة كما ينظر اهل الدنيا الى النجوم لا يدخلها الا نبى فقير او شهيد فقير او مؤمن فقير. والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو مقدار خمسمائة عام. والخصلة الثالثة إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير فى فضله وتضاعف الثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف در هم وكذلك اعمال البر كلها) فرجع الرسول إليهم وأخبرهم بذلك فقالوا رضينا يا رب فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ المخصوص بالمدح محذوف اى فنعم عقبى الدار جنات عدن واللام فى الدار للجنس لا غير كما فى بحر العلوم وقد وعدهم الله بثلاثة امور الاول الجنة والثاني ان يضم إليهم من آمن من أهلهم ولم يعملوا مثل عملهم والثالث دخول الملائكة عليهم من كل باب مبشرين لهم بدوام السلامة وعن الشيخ عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال كنت فى مركب فطرحتنا الريح الى جزيرة وإذا فيها رجل يعبد صنما فقلنا له يا رجل من تعبد فاومأ الى الصنم فقلنا له ان إلهك هذا مصنوع عندنا من يصنع مثله ما هذا باله يعبد قال فانتم من تعبدون قلنا نعبد الذي فى السماء عرشه وفى الأرض بطشه وفى الاحياء والأموات قضاؤه قال ومن أعلمكم بهذا قلنا وجه إلينا رسولا كريما فاخبرنا بذلك قال فما فعل الرسول فيكم قلنا لما ادى الرسالة قبضه الله اليه وترك عندنا كتابا فاتيناه بالمصحف وقرأنا عليه سورة فلم يزل يبكى حتى ختمنا السورة فقال ينبغى لصاحب هذا الكلام ان لا يعصى ثم اسلم وعلمناه شرائع الدين وسورا من القرآن فلما كان الليل صلينا العشاء وأخذنا مضاجعنا فقال يا قوم هذا الا له الذي دللتمونى عليه ينام إذا جن الليل قلنا لا قال فبئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام فاعجبنا كلامه فلما قدمنا عبادان قلت لا صحابى هذا قريب عهد بالإسلام فجمعناله دراهم وأعطيناه فقال ما هذا قلنا دراهم تنفقها فقال لا اله الا الله دللتمونى على طريق لم تسلكوها انا كنت فى جزائر البحر اعبد صنما من دونه فلم يضيعنى وانا لا أعرفه فكيف يضيعنى الآن وانا أعرفه فلما كان بعد ثلاثة ايام قيل لى انه فى الموت فاتيته فقلت له هل من حاجة قال قضى حوائجى من جاء بكم الى الجزيرة قال عبد الواحد فغلبتنى عيناى فنمت عنده فرأيت روضة خضراء فيها قبة وفى القبة سرير وعلى السرير جارية حسناء لم ير احسن منها وهى تقول بالله ألا ما عجلتم به الىّ فقد اشتد شوقى اليه فاستيقظت فاذا به قد فارق الدنيا فغسلته وكفنته وواريته فلما كان الليل رأيت فى منامى تلك الروضة وفيها تلك القبة وفى القبة
ذلك السرير وعلى السرير تلك الجارية وهو الى جانبها وهو يقرأ هذه الآية وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ واعلم ان استماع سلام الملائكة ورؤيتهم فى الدنيا مخصوص بخواص البشر للطافة(4/368)
وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)
جوهرهم كما قال الامام الغزالي رحمه الله فى المنقذ من الضلال ان الصوفية يشاهدون الملائكة فى يقظتهم اى لحصول طهارة نفوسهم وتزكية قلوبهم وقطعهم العلائق وحسمهم مواد اسباب الدنيا من الجاه والمال وإقبالهم على الله بالكلية علما دائما وعملا مستمرا واما غيرهم فلا يراهم الا فى عالم المثال او فى النشأة الآخرة كما لا يخفى وَالَّذِينَ هم الكفار يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ المأخوذ عليهم بالطاعة والايمان مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ اى من بعد توكيد ذلك العهد بالإقرار والقبول وهو العهد الذي جرى بينهم إذ أخرجهم من ظهر آدم وعاهدهم على التوحيد والعبودية كقوله أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ الآية فالعهد عهد ان عهد على المحبة وهو للخواص وعهد على العبودية وهو للعوام فاهل عهد المحبة ما نقضوا عهودهم ابدا واهل عهد العبودية من كان عهدهم مؤكدا بعهد المحبة ما نقضوه ومن لم يكن عهدهم مؤكدا نقضوه وعبدوا غيره وأشركوا به الأشياء واحبوها للهوى واعلم ان هذا العهد يتذكره اهل اليقظة الكاملة المنسلخون عن كل لباس وغاشية كما قال ذو النون المصري وقد سئل عن سر ميثاق ألست بربكم هل تذكره فقال نعم كأنه الآن فى اذنى وكما قال بعضهم مستقربا اى عادّا لعهد ألست قريبا كأنه بالأمس كان ولذا ما نسوه واما غيرهم وهم اهل الحجاب فاستبعدوه ولم يذكروا منه شيأ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ سبق إعرابه اى يقطعون الأرحام وموالاة المؤمنين وما بين الأنبياء من الوصلة والاتحاد والاجتماع على الحق حيث آمنوا ببعضهم وكفروا ببعضهم وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالدعاء الى عبادة غير الله تعالى وبالظلم وتهييج الحروب والفتن وفى الحديث (الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها) وهى إيقاع الناس فى الاضطراب والاختلال والاختلاف والمحنة والبلية بلا فائدة دينية وذلك حرام لانه فساد فى الأرض وإضرار المسلمين وزيغ والحاد فى الدين: قال السعدي قدس سره
زان همنشين تا توانى گريز ... كه مر فتنه خفته را گفت خيز
فمن الفتنة ان يغرى الناس على البغي والخروج على السلطان وذلك لا يجوز وان كان ظالما لكونه فتنة وفسادا فى الأرض وكذا معاونة المظلومين إذا أرادوا الخروج عليه وكذا المعاونة له لكونه اعانة على الظلم وذلك لا يجوز. ومنها ان يقول للناس ما لا تصل عقولهم اليه وفى الحديث (أمرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم) . ومنها ان يذكر للناس ما لا يعرفه بكنهه ولا يقدر على استخراجه فيوقعهم فى الاختلاف والاختلال والفتنة والبلية كما هو شأن بعض الوعاظ فى زماننا.
ومنها ان يحكم او يفتى بقول مهجور او ضعيف او قوى يعلم ان الناس لا يعلمون به بل ينكرونه او يتركون بسببه طاعة اخرى كمن يقول لاهل القرى والبوادي والعجائز والعبيد والإماء لا تجوز الصلاة بدون التجويد وهم لا يقدرون على التجويد فيتركون الصلاة رأسا وهى جائزة عند البعض وان كان ضعيفا فالعمل به واجب وكمن يقول للناس لا يجوز البيع والشراء والاستقراض بالدار هم والدنانير الا بالوزن لان رسول الله صلى الله عليه وسلم نص عليها بالوزن فهو وزنى ابدا وان ترك الناس فيه الوزن فهذا القول قوى فى نفسه وهو قول الامام ابى حنيفة ومحمد مطلقا وقول ابى يوسف فى غير ظاهر الرواية وهى خروجها عن الوزنية بتعامل الناس الى العددية فهذه الرواية(4/369)
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)
وان كانت ضعيفة فالقول بها واجب ولازم فرارا من الفتنة فيجب على القضاة والمفتين والوعاظ معرفة احوال الناس وعاداتهم فى القبول والرد والسعى والكسل ونحوها فيكلمونهم بالأصلح والأوفق لهم حتى لا يكون كلامهم فتنة للناس وكذا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فانه يجب على الآمر والناهي معرفة احوال الناس وعاداتهم وطبائعهم ومذاهبهم لئلا يكون فتنة للناس وتهييجا للشر وسببا لزيادة المنكر واشاعة المكروه أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ فى الآخرة والجملة خبر والذين ينقضون. واللعنة الابعاد من الرحمة والطرد من باب القرب وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ اى سوء عاقبة الدنيا وهى جهنم فاللعنة وسوء العاقبة لاصقان بهم لا يعدوانهم الى غيرهم وفيه تنفير للمسلمين عن هذه الخصال الثلاث وان لا ترفع همتهم حول ذلك الحمى وفى الحديث (ما نقض قوم العهد الا كان القتل بينهم ولا ظهرت الفاحشة الا سلط الله عليهم الموت ولا منع قوم الزكاة الا حبس عنهم القطر) وفى الحديث (من اخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا) اى فريضة ونافلة كما فى الاسرار المحمدية
وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى ... وگر نه هر كه تو بينى ستمگرى داند
واعلم ان اللعنة لعنتان طرد عن الجنة وهو للكافرين وطرد عن ساحة القربة والوصلة وهو للمؤمنين الناقصين فمن قصر فى العبودية وسعى فى إفساد الأرض الاستعداد وقع فى دار القطيعة والهجران وان كان صورة فى الجنان ورب كامل فى الصورة ناقص فى المعنى وبالعكس: قال المولى الجامى
چهـ غم ز منقصت صورت أهل معنى را ... چوجان ز روم بود كوتن از حبش مى باش
ألا ترى ان ابراهيم عليه السلام إذ القى فى النار كانت بردا وسلاما فلم يضره كونه فى صورة النار والنمرود كان فى صوة النعمة فلم ينفعه ذلك بل وجد فى النعمة نقمة نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الجنة والقربة والوصلة اللَّهُ وحده يَبْسُطُ الرِّزْقَ يوسعه فى الدنيا لِمَنْ يَشاءُ بسطه وتوسيعه وَيَقْدِرُ قال فى تهذيب المصادر. القدر [تنك كردن] وهو من باب ضرب اى يضيق الرزق لمن يشاء ويعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شىء كأنه قيل لو كان من نقض عهد الله ملعونين فى الدنيا ومعذبين فى الآخرة لما فتح الله عليهم أبواب النعم واللذات فى الدنيا فقيل ان فتح باب الرزق فى الدنيا لا تعلق له بالكفر والايمان بل هو متعلق بمجرد مشيئة الله فقد يضيق على المؤمن امتحانا لصبره وتكفيرا لذنوبه ورفعا لدرجاته ومن هذا القبيل موقع لاكثر الاصحاب رضى الله عنهم من المضايقة ويوسع على الكافرين استدراجا ومنه ما وقع لاكثر كفار قريش من الوسعة ثم ان الله تعالى جعل الغنى لبعضهم صلاحا وجعل الفقر لبعضهم صلاحا وقد جعل فى غنى بعضهم فسادا كالفقر وفى الكل حكمة ومصلحة: قال الحافظ
ازين رباط دو در چون ضرورتست رحيل ... رواق طاق معيشت چهـ سر بلند و چهـ پست
بهست ونيست مرنجان ضمير وخوش دل باش ... كه نيستيست سرانجام هر كمال كه هست
ببال و پر مرو از ره كه تير پر تابى ... هوا گرفت زمانى ولى بخاك نشست
وَفَرِحُوا يعنى مشركى مكة. والفرح لذة فى القلب لنيل المشتهى بِالْحَياةِ الدُّنْيا بما بسط(4/370)
لهم من الدنيا فرح بطر وأشر لا فرح شكر وسرور بفصل الله وانعامه عليهم وفيه دليل على ان الفرح بالدنيا حرام
افتخار از رنگ وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان
قال فى شرح الحكم عند قوله تعالى قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا انما لم يؤمر العبد برفض الفرح جملة لان ذلك من ضرورات البشر التي لا يمكن رفعها بل ينبعى صرفها للوجه اللائق بها وكذا جميع الأخلاق كالطمع والبخل والحرص والشهوة والغضب لا يمكن تبدلها بل يصح ان تصرف الى وجه لائق بها حتى لا تتصرف الا فيه وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ ليست ظرفا للحياة ولا للدنيا لانهما لا يقعان فيها بل هى حال والتقدير وما الحياة القريبة كائنة فى جنب حياة الآخرة اى بالقياس إليها ففى للمقايسة وهى الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لا حق إِلَّا مَتاعٌ الا شىء قليل يتمتع به كزاد الراعي وعجالة الراكب وهى ما يتعجل به من تميرات او شربة سويق او نحو ذلك قال الصاحب بن عباد سمعت امرأة فى بعض القبائل تسأل أين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم اى الكلب وأخذ المتاع وهو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وفيه تقبيح لحال الدنيا قال الكاشفى [با متاعى از أمتعة كه وفايى وبقائي ندارد چون أدوات خانه] مثل القصعة والقدح والقدر ينتفع بها ثم تذهب والعاقل لا يفرح بما يفارقه عن قريب ويورثه حزنا طويلا وان حدثته نفسه بالفرح به يكذبها
ومن سره ان لا يرى ما يسوءه ... فلا يتخذ شيأ يخاف له فقدا
- حكى- انه حمل الى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجوهر لم يرله نظير وفرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا قال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر كان مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل إليك فى أمن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا قال فى الحكم العطائية ان أردت ان لا تعزل فلا تتول ولاية لا تدوم لك وكل ولايات الدنيا كذلك وان لم تعزل عنها بالحياة عزلت عنها بالممات قال وقد جعل الله الدنيا محلا للاغيار ومعدنا لوجود الاكدار تزهيدا لك فيها حتى لا يمكنك استناد إليها ولا تعريج عليها وقد قيل ان الله تعالى اوحى الى الدنيا (تضيقى وتشددى على أوليائي وترفهى وتوسعى على أعدائي تضيقى على أوليائي حتى لا يشتغلوا بك عنى وتوسعى على أعدائي حتى يشتغلوا بك عنى فلا يتفرغوا لذكرى وفى التأويلات النجمية اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ الكشوف والشهود لِمَنْ يَشاءُ من عباده المحبين المحبوبين ويضيق لمن فتح عليهم أبواب الدنيا وشهواتها فاغرقهم فيها وَفَرِحُوا بها بِالْحَياةِ الدُّنْيا اى باستيفاء لذاتها وشهواتها وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا بالنسبة الى من عبر عنها ولم يلتفت إليها فيجد فى آخرتها ما يجد الا تمتع ايام قلائل بأدنى شىء خسيس فان: قال الكمال الخجندي
جهان وجمله لذاتش بزنبور وعسل ماند ... كه شيرينيش بسيارست وزان افزون شر وشورش(4/371)
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29) كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)
وقال المولى الجامى
مرد جاهل چاه گيتى را لقلب دولت نهد ... همچنانكه آماس بيند طفل گويد فربه است
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثبتوا واستمروا على كفرهم وعنادهم وهم كفار مكة لَوْلا هلا وبالفارسية [چرا] أُنْزِلَ عَلَيْهِ على محمد آيَةٌ عظيمة كائنة مِنْ رَبِّهِ [بران وجهى كه ما ميخواهيم] مثل آيات موسى وعيسى عليهما السلام من العصا واحياء الموتى ونحوهما لتكون دليلا وعلامة على صدقه قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ إضلاله باقتراح الآيات تعنتا بعد تبين الحق وظهور المعجزات فلا تغنى عنه كثرة المعجزات شيأ إذا لم يهده الله وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ من اقبل الى الحق ورجع عن العناد فضمير اليه راجع الى الحق قال فى القاموس ناب الى الله تاب كاناب والإضلال خلق الضلالة فى العبد والهداية خلق الاهتداء والدلالة على طريق يوصل الى المطلوب مطلقا وقد يسند كل منهما الى الغير مجازا بطريق السبب والقرآن ناطق بكلا المعنيين فيسند الإضلال الى الشيطان فى مرتبة الشريعة والى النفس فى مرتبة الطريقة والى الله فى مرتبة الحقيقة الَّذِينَ آمَنُوا بدل ممن أناب او خبر مبتدأ محذوف اى هم الذين آمنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ [وآرام مى يابد دلهاى ايشان] بِذِكْرِ اللَّهِ إذا سمعوا ذكر الله احبوه واستأنسوا به ودل فى الذكر القرآن فالمؤمنون يستأنسون بالقرآن وذكر الله الذي هو الاسم الأعظم ويحبون استماعها والكفار يفرحون بالدنيا ويستبشرون بذكر غير الله كما قال تعالى وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ أَلا [بدانيد كه] بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قلوب المؤمنين ويستقر اليقين فيها فقلوب العوام تطمئن بالتسبيح والثناء وقلوب الخواص بحقائق الأسماء الحسنى وقلوب الأخص بمشاهدة الله تعالى وفى التأويلات النجمية وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى ستروا الحق بالباطل لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ على من يدعو الخلق الى الحق آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ظاهرة من المعجزات والكرامات كما نزل على بعضهم ليستدلوا بها على صدق دعواهم قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ان يضله فى الأزل بعين الآية ليراها سحرا ويحسبها باطلا ويرشد الى حضرة جلاله من يرجع اليه طالبا مشتاقا الى جماله وفيه اشارة الى ان الطالب الصادق فى الطلب هو من اهل الهداية فى الهداية وليس ممن يشاء الله ضلالته فى الأزل وهم الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله لا بذكر غيره يعنى اهل الهداية هم الذين آمنوا واعلم ان القلوب اربعة. قلب قاس وهو قلب الكفار والمنافقين فاطمئنانه بالدنيا وشهواتها كقوله تعالى رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها. وقلب ناس وهو قلب المسلم المذنب كقوله تعالى فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً فاطمئنانه بالتوبة ونعيم الجنة كقوله فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى. وقلب مشتاق وهو قلب المؤمن المطيع فاطمئنانه بذكر الله كقوله تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ. وقلب وحداني وهو قلب الأنبياء وخواص الأولياء فاطمئنانه بالله وصفاته كقوله تعالى لخليله عليه السلام فى جواب قوله كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بإراءتك إياي كيفية احياء الموتى إذا تتجلى لقلبى بصفة محييك فاكون بك محيى الموتى ولهذا إذا تجلى الله لقلب العبد يطمئن به فينعكس نور الاطمئنان من مرآة قلبه الى(4/372)
نفسه فتصير النفس مطمئنة به ايضا فتستحق لجذبات العناية وهى خطاب ارجعي الى ربك فافهم جدا انتهى قال فى نفائس المجالس الذكر صيقل القلوب وسبب سرور المحبوب فمن ذكر الله فالله يذكره كما قال تعالى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ فالمحجوبون تطمئن قلوبهم بذكر هم له تعالى واما الواصلون فاطمئنان قلوبهم بذكره تعالى- روى- ان النبي عليه السلام بعث بعثا قبل نجد فغنموا ورجعوا فقال رجل ما رأينا بعثا أفضل غنيمة واسرع رجعة من هذا البعث فقال عليه السلام (ألا أدلكم على قوم أفضل غنيمة واسرع رجعة قوم شهدوا صلاة الصبح ثم جلسوا يذكرون الله حتى طلعت الشمس) قال ابو سعيد خرج رسول الله يوما على حلقة من أصحابه فقال (ما اجلسكم) فقالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للاسلام قال (آلله ما اجلسكم الا ذلك) قوله آلله بالجر والمد على القسم اى بالله ما اجلسكم قالوا بالله ما أجلسنا الا ذاك. قال (اما انى لم استحلفكم تهمة ولكن أتاني جبرائيل فاخبرنى ان الله يباهى بكم الملائكة
) فان قلت ما تقول فيما روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه انه سمع قوما اجتمعوا فى المسجد يهللون ويصلون على النبي عليه السلام برفع الصوت جهرا فراح إليهم وقال لهم ما عهدنا هذا على عهد رسول الله وما أراكم إلا مبتدعين فما زال يكرر ذلك حتى أخرجهم من المسجد قلت أجاب عنه صاحب الرسالة التحقيقية فى طريق الصوفية الشيخ سنبل الخلوتى قدس سره بانه كذب وافتراء على ابن مسعود لمخالفته النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وافعال الملائكة قال الله تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ
ولو سلمنا صحة وقوعه فهو لا يعارض الادلة المذكورة لانه اثر والأثر لا يعارض الحديث كما لا يخفى وبطلان الادلة يدل على بطلان المدلولات وفى الحديث (علامة حب الله حب ذكر الله وعلامة بغض الله بغض ذكر الله) واعلم ان نور الذكر قدره على قدر حال الذاكر وذلك بالفناء فى الله والذاكرون على اربعة اصناف الصنف الاول اهل الخلوة ووظيفتهم فى اليوم والليلة من الذكر الخفي القوى بالنفي والإثبات والحركة الشديدة سبعون الف لا اله الا الله وهؤلاء مشتغلون بالحق لا بغيره الصنف الثاني اهل العزلة ووظيفتهم من الذكر الخفي فى اليوم والليلة ثلاثون الف لا اله الا الله وهؤلاء مشتغلون تارة بالحق وتارة بانفسهم الصنف الثالث اصحاب الأوقات وهؤلاء وظيفتهم من الذكر جهرا وخفية اثنا عشر الفا وهؤلاء مشغولون بالحق مرة وبمصالح أنفسهم مرة وبالخلق اخرى الصنف الرابع اصحاب الخدمة وهؤلاء وظيفتهم ذكر الجهر على كل حال من الأحوال ليلا ونهارا بعد المداومة على الوضوء قال بعض الأكابر من قال فى الثلث الأخير من ليلة الثلاثاء لا اله الا الله الف مرة بجمع همة وحضور قلب وأرسلها الى ظالم عجل الله دماره وخرب دياره وسلط عليه الآفات وأهلكه بالعاهات قال الشيخ ابو العباس احمد البونى قدس الله روحه من قال الف مرة لا اله الا الله وهو على طهارة فى كل صبيحة يسر الله عليه اسباب الرزق من نسبته وكذلك من قالها عند منامه العدد المذكور باتت روحه تحت العرش تتغذى من ذلك العالم حسب قواها: قال المولى الجامى قدس سره(4/373)
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29)
دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چراست
صيقلى وار صيقلى ميزن ... باشد آيينه ات شود روشن
صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله
ومن شرط الذكر ان يأخذه الذاكر بالتلقين من اهل الذكر كما اخذه الصحابة بالتلقين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقن الصحابة التابعين والتابعون المشايخ شيخا بعد شيخ الى عصرنا هذا والى ان تقوم القيامة كذا فى ترويح القلوب بلطائف الغيوب للشيخ عبد الرحمن البسطامي قدس سره الخطير الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الذين جمعوا بين الايمان بالقلب والعمل الصالح بالجوارح وهو مبتدأ خبره طُوبى لَهُمْ [زندگانى خوش است ايشانرا] واللام للبيان كما فى سلام لك وهو مصدر من طاب كزلفى وبشرى أصله طيبى انقلبت الياء واوا لضم ما قبلها كما فى موقن وفى التبيان غبطة وسرور لهم وفرح وقيل نعم حالهم وَحُسْنُ مَآبٍ اى مرجع يعنى ولهم حسن منقلب ومرجع ينقلبون ويرجعون اليه فى الآخرة وهو الجنة وقال بعضهم طوبى علم لشئ بعينه كما قال كعب الأحبار سألت رسول الله عن أشجار الجنة فقال (ان اكبر أشجارها شجرة طوبى وخيمتى تحتها أصلها من در وأغصانها من زبرجد وأوراقها من سندس عليها سبعون الف غصن أقصى أغصانها يلحق بساق العرش وادنى أغصانها فى سماء الدنيا ليس فى الجنة دار ولا بحبوحة ولا قصر ولا قبة ولا غرفة ولا حجرة ولا سرير الا وفيها غصن منها فتظل عليها وفيها من الثمار ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) قال فى الفتح القريب أصلها فى دار محمد صلى الله عليه وسلم ثم تنقسم فروعها على جميع منازل اهل الجنة كما انتشر منه العلم والايمان على جميع اهل الدنيا وقد غرسها الله بيده وينبع من أصلها عينان الكافور والسلسبيل وفيها من جميع الثمار والازهار والألوان الا السواد وكل ورقة تظل امة وعلى كل ورقة منها ملك يسبح الله بانواع التسبيح عظيمة الجسد لا يدرك آخرها يسير الراكب الجادّ تحت ظلها مائة عام وقيل الف عام ما يقطعها قال بعض الكبار المراد بالعمل الصالح التزكية وطوبى لهم بالوصول الى الفطرة الاصلية وكمال الصفات وحسن مآب بالدخول فى جنة القلب اعنى جنة الصفات قال الحريري طوبى لمن طاب قلبه مع الله لحظة فى عمره ورجع الى ربه بقلبه فى وقت من الأوقات قال الجنيد طاب اوقات العارفين بمعرفتهم والعمل الصالح ما أريد به وجه الله تعالى وهو المثمر والمفيد لا غيره
شاخ بى ميوه گر همه طوبيست ... ببريدش بميوه پيونديد
فالعمل الذي للجنة ليس لوجه الله تعالى فانه تعالى لو لم يخلق جنة ولا نارا لم يكن مستحقا لان يعبد
هر زاهد خشكى چهـ سزاوار بهشت است ... شايسته آتش شمر آنها كه چنانند
وفى التأويلات النجمية الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يشير الى الذين غرسوا غرس الايمان وهى كلمة لا اله الا الله فى ارض القلب وربوه بماء الشريعة ودهقنة الطريقة وهو الأعمال الصالحة حتى صار شجرة طيبة كما ضرب الله لهذا مثلا فقال ضرب الله مثلا(4/374)
كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30)
كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ فلما كلمت الشجرة وأثمرت الحقيقة كانت طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ وهى الرجوع والإياب الى الله نفسه لا الى ما سواه وهذا هو الثمرة الحقيقية يدل عليه قوله فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً فعلى هذا يشير بطوبى الى حقيقة شجرة لا اله الا الله فى قلب النبي عليه السلام وفى قلب كل مؤمن منها غصن فافهم جدا: قال الشيخ العطار قدس سره
هر دو عالم بسته فتراك او ... عرش وكرسى كرده قبله خاك او
پيشواى اين جهان وآن جهان ... مقتداى آشكارا ونهارا
كَذلِكَ اى مثل ارسالنا الرسل الى أممهم قبلك يا محمد أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ بمعنى الى كما فى قوله تعالى فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وفى بحر العلوم وانما عدى الإرسال بفي وحقه ان يعدى بالى لان الامة موضع الإرسال قَدْ خَلَتْ مضت وتقدمت مِنْ قَبْلِها عائد الى امة على لفظها أُمَمٌ أرسلوا إليهم فليس ببدع ارسالك الى أمتك ثم علل الإرسال فقال لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ضمير عليهم راجع الى امة على معناها اى لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذي أوحينا إليك وهو القرآن وما فيه من شرائع الإسلام وتزينهم بحلية الايمان فان المقصود من نزول القرآن هو العمل بما فيه وتحصيل السيرة الحسنة لا التلاوة المحضة والاستماع المجرد فالعامى المتعبد راجل سالك والعالم المتهاون راكب نائم: قال السعدي [تلميذ بى ارادت عاشق بى زرست ورونده بى معرفت مرغ بي پر وعالم بي عمل درخت بي بر وزاهد بي علم خانه بي در] وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ حال من فاعل أرسلناك اى وحالهم انهم يكفرون بالله الواسع الرحمة ولا يعرفون قدر رحمته وانعامه إليهم بإرسالك وإنزال القرآن العظيم عليهم- وروى- ان أبا جهل سمع النبي عليه السلام وهو فى الحجر يدعو يا الله يا رحمن فرجع الى المشركين وقال ان محمدا يدعو الهين يدعو الله ويدعو آخر يسمى الرحمن ولا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة يعنى به مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة وهى بلدة فى البادية فنزلت هذه الآية قُلْ لهم يا محمد هُوَ اى الرحمن الذي كفرتم به وانكرتم معرفته رَبِّي خالقى ومتولى امرى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خبر بعد خبر اى هو مجامع لهذين الوصفين من الربوبية والالوهية فلا مستحق للعبادة سواه ومعنى لا اله الا هو الواحد المختص بالالهية عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اليه أسندت امرى فى العصمة من شركم والنصرة عليكم وَإِلَيْهِ لا الى غيره مَتابِ مصدر تاب يتوب وأصله متابى اى مرجعى ومرجعكم فيرحمنى وينتقم لى منكم والانتقام من الرحمن أشد ولدا قيل نعوذ بالله من غصب الحليم: قال الحافظ
بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه گفت كه اين زال ترك دستان گفت
والاشارة ان الأمم لما كفروا بالله كفروا بالرحمن لان الرحمانية قد اقتضت إيجاد المخلوقات فان القهارية كانت مقتضية الواحدية بان لا يكون معه أحد فسبقت الرحمانية القهارية فى إيجاد المخلوقات ولهذا السر قال تعالى إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً فارسل الله الرسل وانزل معهم الكتب ليقرأوا عليهم ويذكروهم بايام الله التي كان الله ولم يكن معه شىء ثم أوجدهم وأخرجهم من العدم الى الوجود وهو الذي رب كل شىء وخالقه ولا اله الا هو واليه المرجع والمآب(4/375)
وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)
كما فى التأويلات النجمية يقول الفقير عبارة الخطاب فى أرسلناك للنبى صلى الله عليه وسلم فهو المرسل لغة واصطلاحا وصاحب الوحى والدعوة وإشارته لكل واحد من ورثته الذين هم على مشربه الى يوم القيامة بحسب كونه مظهرا لارثه فهو المرسل لغة لا اصطلاحا وصاحب الإلهام والإرشاد وكما ان لكل زمان صاحب دولة وظهور فكذاله صاحب رحمة وتصرف معنوى ولذا قال عليه السلام (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) فاثبت لهم النبوة بمعنى الاخبار عن الله بالإلهام وفى قوله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ اشارة الى ان المنعم عليه يجب ان لا يكفر المنعم بل يشكره بالايمان والاعتقاد كما دل عليه ما قبله والكفر والإنكار من أقبح القبائح كما ان الايمان والإقرار من احسن المحاسن ولحسن الظن والاعتقاد الحسن تأثير بليغ- روى- ان جماعة من السراق نزلوا على اهل رباط فسأل عنهم صاحب الرباط فاستحيوا منه وقالوا نحن الغزاة فهيأ لهم طعاما وجاءت امرأة بسطت ليغسلوا أيديهم قبل الطعام وقالت ان لى بنتا عمياء اغسلها تبركا بغسالة الغزاة فغسلوا فغسلت المرأة وجه ابنتها بها فاصبحت سالمة من العمى وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً- روى- ان نفرا من مشركى مكة معهم ابو جهل ابن هشام وعبد الله بن امية قالوا يا محمد ان يسرك ان نتبعك فسير لنا بقرءانك الجبال عن حوالى مكة فانها ضيقة حتى تتسع لنا الأرض فنتخذ البساتين والمحارث وشقق الأرض وفجر لنا الأنهار والعيون كما فى ارض الشام واحى رجلين او ثلاثة ممن مات من آبائنا منهم قصى بن كلاب ليكلمونا ونسألهم عن أمرك أحق ما تقول أم باطل فلما اقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم هذه الآيات نزل قوله وَلَوْ أَنَّ إلخ وجواب الشرط محذوف كما سيأتى. والمعنى بالفارسية [واگر كتابى بودى كه درين عالم] سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ التسيير بالفارسية [برفتن آوردن] اى نقلت من أماكنها وأذهبت عن وجه الأرض بالفارسية [رانده شدى بوى كوهها يعنى در وقت خواندن وى از مواضع خود برفتى] أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ شققت فجعلت أنهارا وعيونا. وبالفارسية [يا شكافته شدى بدو زمين چون برو خواندندى] أَوْ كُلِّمَ احيى بِهِ الْمَوْتى [يا بسخن در آوردندى از بركت خواندن او مرد كانرا] اى لكان هذا القرآن لكونه غاية فى الاعجاز ونهاية فى التذكير والمراد منه تعظيم شأن القرآن والرد على المشركين الذين كابروا فى كون القرآن آية واقترحوا آية غيرها والتنبيه على ان ما ينفعهم فى دينهم خير لهم مما ينفعهم فى دنياهم كالزراعة ونحوها مع ان فى القرآن تأثيرات وخاصيات انفسية عجيبة فلو كان لهم استعداد لظهور تلك التأثيرات لسيرت به جبال نفوسهم وقطعت به ارض بشريتهم واحيى به قلوبهم الموتى بَلْ [نه چنانست كه كافران ميگويند بقرآن تو يا بفرمان تو بايد اينها واقع شود] لِلَّهِ الْأَمْرُ اى امر خلقه جَمِيعاً فله التصرف فى كل شىء وله القدرة على ما أراد وهو قادر على الإتيان بما اقترحوه من الآيات الا ان إرادته لم تتعلق بذلك لعلمه بانه لا تنفعهم الآيات- روى- انه لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام (والذي نفسى بيده لقد أعطاني ما سألتم ولو شئت لكان ولكن خيرنى بين ان تدخلوا فى باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم وبين ان يكلكم الى ما اخترتم لانفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فاخترت باب الرحمة وأخبرني انه ان اعطاكم ذلك ثم كفرتم ان يعذبكم عذابا لم يعذبه أحدا من العالمين) كما فى اسباب النزول للامام(4/376)
الواحدي واعلم ان الكفار ما ابصروا نور القرآن فعموا عن رؤية البرهان وكذا اهل الإنكار غفلوا عن سره القرآن فحرموا من المشاهدة والعيان: وفى المثنوى
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نه بيند جز كه طين
ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
ولا شك ان من تخلق بالقرآن الذي هو صفة الله تعالى قدر على ما لم يقدر عليه غيره وفى الحديث (لو كان القرآن فى إهاب ما مسته النار) اى لو صور القرآن وجعل فى إهاب والقى فى النار ما مسته ولا أحرقته ببركة القرآن فكيف بالمؤمن الحامل له المواظب على تلاوته ومن الحكايات اللطيفة ان عليا رضى الله عنه مرض فقال ابو بكر رضى الله عنه لعمر وعثمان رضى الله عنهما ان عليا قد مرض فعلينا العبادة فاتوا بابه وهو يجد خفة من المرض ففرح فرحا فتموج بحر سخائه فدخل بيته فلم يجد شيأ سوى عسل يكفى لواحد فى طست وهو ابيض وأنور وفيه شعر اسود فقال ابو بكر الصديق رضى الله عنه لا يليق الاكل قبل المقالة فقالوا أنت أعزنا وأكرمنا وسيدنا فقل اولا فقال الدين أنور من الطست وذكر الله تعالى احلى من العسل والشريعة أدق من الشعر فقال عمر رضى الله عنه الجنة أنور من الطست ونعيمها احلى من العسل والصراط أدق من الشعر فقال عثمان رضى الله عنه القرآن أنور من الطست وقراءة القرآن احلى من العسل وتفسيره أدق من الشعر فقال على رضى الله عنه الضيف أنور من الطست وكلام الضيف احلى من العسل وقلبه أدق من الشعر نور الله تعالى قلوبنا بنور العرفان وأوصلنا وإياكم الى سر القرآن آمين يا الله يا رحمن أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا اليأس قطع الطمع عن الشيء والقنوط منه والاستفهام بمعنى الأمر- روى- ان طائفة من المؤمنين قالوا يا رسول الله أجب هؤلاء الكفار يعنون كفار مكة الى ما اقترحوا من الآيات فعسى ان يؤمنوا فقال تعالى أفلم يقنط المؤمنون من ايمان هؤلاء الكفرة بعد ما رأوا كثرة عنادهم بعد ما شاهدوا الآيات أَنَّ اى علما منهم انه لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً فآمنوا وقد يستعمل اليأس بمعنى العلم مجازا لانه مسبب عن العلم بان ذلك الشيء لا يكون فان المخففة مع ما فى حيزها فى محل النصب على انهار مفعول اليأس بمعنى العلم. والمعنى أفلم يعلم الذين آمنوا ان الله تعالى لا يهدى الناس جميعا لعدم تعلق مشيئة باهتداء الجميع فيهدى من يشاء ويضل من يشاء بمقتضى قبضتيه الجمالية والجلالية: قال الحافظ
در كارخانه عشق از كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوزد گر بو لهب نباشد
وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا بالرحمن وهم كفار مكة تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا اى بسبب ما فعلوا من كفرهم وأعمالهم الخبيثة قارِعَةٌ داهية تقرعهم وتفجأهم من القتل والاسر والحرب والجدب واصل القرع الضرب والصدع تلخيصه لا يزال كفار مكة معذبين بقارعة أَوْ تَحُلُّ القارعة اى تنزل قَرِيباً [بموضعي نزديك] مِنْ دارِهِمْ اى مكة فيفزعون فيها ويقلعون ويتطاير عليهم شرارها ويتعدى إليهم شرورها ويجوزان يكون تحل خطابا للنبى عليه السلام فانه حل بجيشه قريبا من دارهم عام الحديبية فاغار على أموالهم ومواشيهم(4/377)
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)
وفى التأويلات النجمية قارِعَةٌ من الاحكام الازلية تقرعهم فى انواع المعاملات التي تصدر منهم موجبة للشقاوة وبقوله أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ يشير الى ان الاحكام الازلية تارة تصدر منهم وتارة من مصاحبهم فتوافقوا فى اسباب الشقاوة وترافقوا الى ما أوعدهم الله من درك الشقاء كما قال حَتَّى يعنى [بلا بديشان خواهد رسد تا وقتى كه] يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وهو موتهم او يوم القيامة او فتح مكة إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ لامتناع الخلف لكونه نقصا منافيا للالوهية وكمال الشيء والميعاد بمعنى الوعد كالميلاد والميثاق بمعنى الولادة والتوثقة والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ كاستهزاء قومك بك والتنكير للتكثير اى بجميع الرسل من قبلك ويدل عليه قوله تعالى وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ومعنى الاستهزاء الاستحقار والاستهانة والأذى والتكذيب فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا اى للمستهزئين الذين كفروا. والاملاء الامهال وان يترك ملاوة من الزمان اى مدة طويلة منه فى دعة وأمن كالبهيمة فى المرعى اى أطلت لهم المدة فى أمن وسعة بتأخير العقوبة ليتمادوا فى المعصية ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ بالعقوبة بعد الاملاء والاستدراج فَكَيْفَ كانَ [پس چهـ گونه بود] عِقابِ عقابى إياهم كيف رأيت ما صنعت بمن استهزأ برسلى ولم ير النبي عليه السلام عقوبتهم الا انه علم بالتحقيق فكأنه رأى عيانا وفى بحر العلوم فانكم تمرون على بلادهم ومساكنهم فتشاهدون اثر ذلك وهذا تعجيب من شدة اخذه لهم سلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزائهم به واذاهم وتكذيبهم واقتراحهم الآيات بان له فى الأنبياء أسوة وان جزاء ما يفعلون به ينزل بهم كما نزل بالمستهزئين بالأنبياء جزاء ما فعلوا وفيه اشارة الى ان من امارات الشقاء الاستهزاء بالأنبياء والأولياء وفى الحديث (من أهان لى) ويروى (من عادى لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) اى من اغضب وآذى واحدا من أوليائي فقد حاربنى والله اسرع شىء الى نصرة أوليائه لان الولي ينصر الله فيكون الله ناصره- وروى- ان الله تعالى قال لبعض أوليائه اما زهدك فى الدنيا فقد تعجلت راحة نفسك واما ذكرك إياي فقد تشرفت بي فهل واليت فىّ وليا وهل عاديت فىّ عدوا فمحبة اولياء الله تعالى وموالاتهم من انفع الأعمال عند الله وبغضهم وعداوتهم واستحقارهم والطعن فيهم من أضر الأعمال عنده تعالى واكبر الكبائر [آورده اند كه سپهسالارى بود ظالم وباتباع خود بخانه يكى از مشايخ كبار فرود آمد خداوند خانه گفت من منشورى دارم؟؟؟ بخانه من فرود ميا گفت منشور بنما شيخ در خانه رفت ومصحفى عزيز داشت ودر پيش آمد وباز كرد اين آيت بر آمد كه] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها [سپهسالار گفت من پنداشتم كه منشور امير دارى بدان التفات نكرد ودر خانه شيخ فرود آمد آن شب قولنجش بگرفت وهلاك شد] قال الصائب
نتيجه نفس كرم عندليبانست ... كه عمر شبنم گستاخ يكزمان باشد
ولا شك ان مثل هذه المعاملات القبيحة من غلبة أوصاف النفس فعلى العاقل ان يزكى نفسه(4/378)
أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)
عن سفساف الأخلاق حتى يتخلص من قهر القهار الخلاق ألا ترى ان المؤمنين نظروا الى النبي عليه السلام بعين التعظيم وبدلوا الكبر بالتواضع والفناء ودخلوا فى الاستسلام فاستسعدوا لسعادة الدارين واما الكفرة فعتوا عتوا كبيرا فاستأصلهم الله من حيث لا يحتسبون فشقوا شقاوة ابدية وهكذا حال سائر المؤمنين والمنكرين الى يوم القيامة فان الأولياء ورثة الرسول عليه السلام والمعاملة معهم كالمعاملة معه: قال الكمال الخجندي
مقربان خدااند وارثان رسول ... تو از خداى چنين دور واز رسولى چيست
أَفَمَنْ [آيا كسى كه] فمن موصولة مرفوعة المحل على الابتداء والخبر محذوف والاستفهام بمعنى النفي اى أفالله الذي هُوَ قائِمٌ رقيب عَلى كُلِّ نَفْسٍ صالحة او طالحة بِما كَسَبَتْ
من خير وشر يحفظه عليها فيجازيها به يعنى ان أراد المجازاة ولم يغفر كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وهذا كقوله أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ اى لا يكون من هو قائم على كل نفس يعلم خيرها وشرها ويجازيها على حسب ذلك كمن ليس بقائم على شىء متناه فى العجز والضعف والجهل ومعنى القيام التولي لامور خلقه والتدبير للارزاق والآجال وإحصاء الأعمال للجزاء يقال قام فلان إذا كفاه وتولاه وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ اى الأصنام وهو استئناف يعنى ان الكفار سووا بين الله وبين الأصنام واتخذوها شركاء له فى العبادة وانما تكون سواء وشركاء فيها لو كانت سواء وشركاء فى القيام على كل نفس فما اعجب كفرهم واشراكهم وتسويتهم مع علمهم التفات بينهما اى تعجبوا من ذلك قُلْ سَمُّوهُمْ بينوا شركاءكم بأسمائهم وصفوهم بصفاتهم فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة والشركة يشير الى ان الأسماء مأخذها من الصفات فان لم تروا منهم شيأ من صفات الله فكيف تسمونهم كما قال الكاشفى [مراد آنست كه حق را حى وقادر وخالق ورزاق وسميع وبصير وعليم وحكيم ميگويند واطلاق هيچ يك ازين اسما بر أصنام نمى تواند كرد] قال فى بحر العلوم قوله قُلْ سَمُّوهُمْ من فن الكناية وذلك لان معنى سموهم عينوا أساميهم ولما كان تعيين الشيء بالاسم من لوازم وجوده جعل عدم التعيين كناية عن عدم وجود الشيء يعنى ليس لهم عندنا اسام يستحقون بها العبادة وان كانت عندكم فسموهم بها وانظروا هل يستحقون بها ولما لم تكن لهم عندهم ايضا اسام تقتضى استحقاق العبادة لم يستحقوها ولم يتحقق لهم العبادة والشركة أَمْ تُنَبِّئُونَهُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة الانكارية اى بل أتخبرون الله تعالى بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ اى بما لا وجود له ولا علم الله متعلق بوجوده وهو الشركاء المستحقون للعبادة وهو نفى للملزوم بنفي اللازم بطريق الكناية اى لا شريك له ولا علم إذ لو كان الشريك موجودا لكان معلوما لله تعالى لان علم الله لازم لوجود الشيء والا يلزم جهله تعالى الله عن ذلك فاذا لم يكن وجوده معلوما له وجب ان لا يكون موجودا لاستلزام انتفاء اللازم انتفاء ملزومه قال فى بحر العلوم أَمْ تُنَبِّئُونَهُ إضراب عن ذكر تسميتهم وتعيين أساميهم الى ذكر تنبئتهم ومعنى الهمزة فى أم الإنكار بمعنى ما كان ينبغى او لا ينبغى ان يكون ذلك وفى التبيان تأويل الآية فان سموهم بصفات الله فقل أتنبئونه بما لا يعلم(4/379)
لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)
فى الأرض أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بل تسمونهم شركاء بكلام لا حقيقة له كتسمية الزنجي كافورا وفى بحر العلوم هو إضراب عن ذكر تنبئتهم واخبارهم الى ذكر تسميتهم الأصنام بشركاء بظاهر من القول من غير حقيقة واعتبار معنى ومعنى الهمزة فى أم الإنكار والتعجب كأنه قال دع ذلك المذكور واسمع قولهم المستنكر المقضى منه العجب وذلك ان قولهم بالشركاء قول لا يعضده برهان فما هو الا لفظ يتفوهون به فارغ عن معنى تحته كالالفاظ المهملة التي هى اجراس لا تدل على معان ولا يتكلم بها عاقل تنفرا منها واستقباحا بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ أنفسهم بتخيلهم أباطيل ثم ظنهم إياها حقا وهو اتخاذهم الله شركاء خذلانا من الله. والمكر صرف الغير عما يقصده بحيلة والمزين اما الشيطان بوسوسته كقوله تعالى وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ او الله تعالى كقوله زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ وفى الحديث (بعثت داعيا ومبلغا وليس لى من الهدى شىء وخلق إبليس مزينا وليس اليه من الضلالة شىء)
حق فاعل وهر چهـ جز حق آلات بود ... تأثير ز آلت از محالات بود
وَصُدُّوا من الصد وهو المنع عَنِ السَّبِيلِ سبيل الحق وَمَنْ [هر كه] يُضْلِلِ اللَّهُ يخذله عن سبيله قال سعدى المفتى ولا منع عند اهل السنة ان يفسر الإضلال بخلق الضلال وكذا الهداية يجوز ان تفسير بخلق الاهتداء فَما لَهُ مِنْ هادٍ فما له من أحد يقدر على هدايته ويوفقه لها لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
بالقتل والاسر وسائر ما ينالهم من المصائب والمحن ولا يلحقهم الا عقوبة لهم على الكفر ولذلك سماه عذابا واصل العذاب فى كلام العرب من العذب وهو المنع يقال عذبته عذبا إذا منعته وسمى الماء عذبا لانه يمنع العطش وسمى العذاب عذابا لانه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه ويمنع غيره من مثل فعله وفى التأويلات النجمية وهو عذاب البعد والحجاب والغفلة والجهل وعذاب عبودية النفس والهوى والدنيا وشياطين الجن والانس وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ
أشد وأصعب لدوامه وهو عذاب النار وعذاب نار القطيعة والم البعد وحسرة التفريط فى طاعة الله تعالى وندامة الافراط فى الذنوب والمعاصي والحصول على الخسارات والهبوط من الدرجات ونزول الدركات وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ
اى من عذابه مِنْ واقٍ
حافظ ومانع حتى لا يعذبوا. من الثانية زائدة والاولى متعلقة بواق وفى التأويلات وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ
من خذلان الله فى الدنيا وعذاب الله فى الآخرة مِنْ واقٍ
يقيهم من الخذلان والعذاب وفى حديث المعراج (ثم اتى على واد فسمع صوتا منكرا فقال يا جبريل ما هذا الصوت قال صوت جهنم تقول يا رب ائتنى باهلى وبما وعدتني فقد كثرت سلاسلى واغلالى وسعيرى وحميمى وغساقى وغسلينى وقد بعد قعرى واشتد حرى ائتنى بما وعدتني قال لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب قاليت رضيت) كما فى الترغيب والترهيب وكان ابن مرثد لا تنقطع دموع عينيه ولا يزال باكيا فسئل عن ذلك فقال لو أن الله أوعدني بانى لو أذنبت لحبسنى فى الحمام ابدا لكان حقيقا على انها لا تنقطع دموعى فكيف وقد أوعدني بان يحبسنى فى نار قد او قد عليها ثلاثة آلاف سنة او قد عليها الف سنة حتى احمرت ثم اخرى حتى ابيضت ثم اخرى(4/380)
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)
حتى اسودت فهى سوداء مظلمة كالليل المظلم فهذه حال المعذب بالنار الصغرى واما المعذب بالنار الكبرى وهى تار القطيعة والهجر فحاله أشد وأعظم
بر رخ جامى بود بي رويت از دوزخ درى ... گر ز روضه خازن اندر قبر او روزن كند
نسأل الله العصمة والتوفيق لطريق الحق والتحقيق مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ من الشرك والمعاصي وهو مبتدأ خبره محذوف اى فيما قصصنا عليك مثل الجنة اى صفتها التي هى كالمثل السائر فى الغرابة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ حال من العائد المحذوف من الصلة والتقدير وعد بها المتقون مقدرا جريان أنهارها اربعة من تحت أشجارها بمقابلة المراتب الأربع التي هى الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة وتعطى هذه الأنهار على الكمال لمن جمع بين هذه المراتب الأربع وهم المقربون واما غيرهم من الأبرار وارباب البرازخ فانهم وان كانوا يشربون منها لكنهم لا يجدون فيها ما يجده أولئك المقربون من زيادة اللذة لتفاوت معرفتهم بالله
هر كسى از همت والاى خويش ... سود برد در خور كالاى خويش
أُكُلُها [ميوه آن بستان] قال فى الكواشي ما يؤكل فيها دائِمٌ لا ينقطع ولا يمنع منه بخلاف ثمر الدنيا وَظِلُّها اى وظلها دائم لا ينسخ كما ينسخ فى الدنيا بالشمس لانه لا شمس فى الجنة ولا حر ولا برد فالمراد بدوام الظل دوام الاستراحة وانما عبر عنه به لندرة الظل عند العرب وفيه معظم استراحاتهم فى ارضهم والمراد بدوام الاكل الدوام بالنوع لا الدوام بالجزء والشخص فانه إذا فنى منه شىء جيئ ببدله وهذا لا ينافى الهلاك لحظة كما قال تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ على ان دوامه مضاف الى ما بعد دخول الجنة كما يقتضيه سوق الكلام فهلاكه لحظة عند هلاك كل شىء قبل الدخول لا ينافى وجوده وبقاءه بعده وفى الآية رد على الجهمية حيث قالوا ان نعيم الجنة يفنى ومن مقالات لبيد قبل إسلامه
ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
ولما أنشده فى مجلس من قريش وقال ألا كل شىء ما خلا الله باطل قال عثمان ابن مظعون رضى الله عنه صدقت ولما قال وكل نعيم لا محالة زائل قال كذبت لما فهم انه أراد بالنعيم ما هو شامل لنعيم الآخرة [امام قشيرى فرموده كه اهل ايمان امروز در ظل رعايتند وفردا در ظل حمايت وعارفان بدنيا وعقبى در ظل عنايت كه پيوسته است]
سايه دولت او در دو جهان جاويدست ... اى خوش آن بنده كه اين سايه فتد بر سر او
تِلْكَ الجنة التي بلغك وصفها وسمعت بذكرها عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا مآلهم وعاقبة أمرهم وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ لا غيره فالتقوى طريق الى الجنة والكفر طريق الى النار والاشارة ان الله تعالى يشير الى حقيقة امر الجنة التي وعدها للمتقين ووصفها بانها تجرى من تحتها الأنهار وهى انهار الفضل والكرم ومياه العناية والتوفيق أُكُلُها دائِمٌ وهى مشاهدات الجمال ومكاشفات الجلال وَظِلُّها اى وهم فى ظل هذه المقامات والأحوال التي هى من وجوده لا من شمس وجودهم على الدوام بحيث لا تزول ابدا وتلك الأحوال والمقامات عاقبة من اتقى(4/381)
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)
بالله عما سواه وعاقبة من اعرض عن هذه المقامات والأحوال نار القطيعة والحسرة كما فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى
جور دوران وهر آن رنجى كه هست ... سهلتر از بعد حق وغفلتست
زانكه اينها بگذرد آن نگذرد ... دولت آن دارد كه جان آگه برد
[شبلى ديد زنى را كه ميگريد وميگويد يا ويلاه من فراق ولدي. شبلى گريست وگفت يا ويلاه من فراق الأحد. آن زن گفت چرا چنين ميگويى. شبلى گفت تو گريه ميكنى بر فراق مخلوقى كه هر آينه فانى خواهد شد من چرا گريه نميكنم بر فراق خالقى كه باقى باشد]
فرزند ويار چونكه بميرند عاقبت ... اى دوست دل مبند بجز حى لا يموت
عصمنا الله وإياكم من نار العبد والعذاب الأليم وشرفنا بالذوق الدائم والنعيم المقيم وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يريد المسلمين من اليهود كعبد الله بن سلام وأصحابه ومن النصارى وهم ثمانون رجلا أربعون بنجران وثمانية باليمن واثنان وثلاثون بالحبشة فالمراد بالكتاب التوراة والإنجيل يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ بجميعه وهو القرآن كله لانه من فضل الله ورحمته على العباد ولا شك ان المؤمن الموقن يسره ما جاء اليه من باب الفضل والإحسان وَمِنَ الْأَحْزابِ ومن أحزابهم وهم كفرتهم الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة نحو كعب بن الأشرف واتباعه والسيد والعاقب اسقفى نجران وأشياعهما وبالفارسية [واز لشكرهاى كفر وضلالت] مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ وهو ما يخالف شرائعهم وفى الكواشي لانهم وافقوا فى القصص وأنكروا غيرها وعن ابن عباس رضى الله عنهما آمن اليهود بسورة يوسف وكفر المشركون بجميعه واعلم ان القرآن يشتمل على التكاليف والاحكام وعلى الاسرار والحقائق فالروح والقلب والسر يفرحون بالكل. واما النفس والهوى والقوى فينكر بعضه لثقل تكاليفه وجهل فوائده اللهم ارفع عنا تعب التكاليف واجعلنا بالقرآن خير اليف واحفظنا من المخالفة والإنكار واحشرنا مع اهل القبول والإقرار
مزن ز چون و چرا دم كه بنده مقبل ... قبول كرد بجان هر سخن كه جانان گفت
قُلْ يا محمد فى جواب المنكرين إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ اى انما أمرت فيما انزل الىّ بان اعبد الله وأوحده وهو العمدة فى الدين ولا سبيل لكم الى إنكاره. واما ما تنكرونه لما يخالف شرائعكم فليس ببدع مخالفة الشرائع والكتب الالهية فى جزئيات الاحكام لان الله الحكيم ينزل بحسب ما يقتضيه صلاح اهل العالم كالطبيب يعامل المريض بما يناسب مزاجه من التدبير والعلاج إِلَيْهِ اى الى الله وتوحيده لا الى غيره أَدْعُوا العباد او اخصه بالدعاء اليه فى جميع مهامى وَإِلَيْهِ مَآبِ اى مرجعى ومرجعكم للجزاء لا الى غيره وهذا هو القدر المتفق عليه بين الأنبياء. فاما ما عدا ذلك من التفاريع فمما يختلف بالاعصار والأمم فلا معنى لانكار المخالف فيه وَكَذلِكَ اى وكما أنزلنا الكتاب على الأنبياء بلغة أممهم كما قال كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ او ومثل هذا الانزال المشتمل على اصول الديانات(4/382)
المجمع عليها كما هو المشهور فى مثله أَنْزَلْناهُ يعنى القرآن حُكْماً يحكم فى كل شىء يحتاج اليه العباد على مقتضى الحكمة والصواب. فالحكم مصدر بمعنى الحاكم لما كان جميع التكاليف الشرعية مستنبطا من القرآن كان سببا للحكم فاسند اليه الحكم اسنادا مجازيا ثم جعل نفس الحكم على سبيل المبالغة ويقال حكما اى محكما لا يقبل النسخ والتغيير عَرَبِيًّا مترجما بلسان العرب ليسهل لهم فهمه وحفظه وانتصاب حكما على انه حال موطئة وعربيا صفته والحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فكأن الاسم الجامد وطأ الطريق لما هو حال فى الحقيقة لمجيئه قبلها موصوفا بها- روى- ان المشركين كانوا يدعونه عليه السلام الى اتباع ملة آبائهم المشركين وكان اليهود يدعونه الى الصلاة الى قبلتهم اى بيت المقدس بعد ما حول عنها فقال تعالى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ التي يدعونك إليها لتقرير دينهم جعل ما يدعونه اليه من الدين الباطل والطريق الزائغ هوى وهو ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند مقبول ودليل معقول لكونه هوى محضا بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ من الدين المعلوم صحته بالبراهين ما لَكَ مِنَ اللَّهِ من عذابه مِنْ وَلِيٍّ ينصرك وَلا واقٍ يحفظك ويمنع عنك العذاب وهذا خطاب له عليه السلام والمراد تحريض أمته على التمسك بالدين وتحذيره من التزلزل فانه إذا حذر من كان ارفع منزلة من الكل هذا التحذير كان غيره اولى بذلك اعانك الله
وإياي فى كل مقام فعلى العاقل ان يسلك طريق العبودية الى عالم الربوبية ولا يشرك شيأ من الدنيا والآخرة بل يكون مخلصا فى طلبه ومن اتبع الشرك بعد ما جاءه من العلم وهو طلب الوحدانية ببذل الا نانية ماله من الله من ولى يخرجه من ظلمات الاثنينية الى نور الوحدانية ولا واق يقيه من عذاب البعد وحجاب الشركة فى الوجود بالوجود فطريق الخلاص انما هى العبودية قال الامام الفخر الرازي فى الكبير وقد بلغ شرف العبودية مبلغا بحيث اختلف العلماء فى العبودية والرسالة المستجمعتين فى المرسلين أيهما أفضل فقالوا ان العبودية أفضل واستدلوا عليه بانه بالعبودية ينصرف من الخلق الى الحق وبالرسالة ينصرف من الحق الى الخلق والعبودية ان يكل أموره الى سيده فيكون هو المتكفل تعالى بإصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الامة وشتان ما بينهما هذا آخر كلامه والعبودية هى مقام الجمع والرسالة مقام التفرقة انظر الى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان فى تمحض عبوديته مع ربه كما اخبر عنه (أبيت عند ربى هو يطعمنى ويسقينى) وفى حال رسالته يقول (كلمينى يا حميراء) لينقطع من الحق الى الخلق وكفى شرفا تقديم العبد على الرسول فى اشهد ان محمدا عبده ورسوله وفى العبودية معنى الكرامة والتشريف كما قال إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ: قال الحافظ
گدايئ در جانان بسلطنت مفروش ... كسى ز سايه اين در بآفتاب رود
وعن على رضى الله عنه كفانى شرفا ان تكون لى ربا وكفانى عزا ان أكون لك عبدا وكما ان الله تعالى هو خالق العبد فكذا لا جاعل للعبد عبدا وذلك برفع هواه الا هو ألا ترى الى قوله تعالى بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ابدا لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فان المطهر بالكسر فى الحقيقة هو الله تعالى(4/383)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)
وما سواه اسباب ووسائط وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ بشرا مثلك يا محمد وهو جواب لقول قريش ان الرسول لا بد وان يكون من جنس الملائكة وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً اى نساء وأولادا كما هى لك فلما جاز ذلك فى حقهم فلم لا يجوز مثله ايضا فى حقك وهو جواب لقول اليهود ما نرى لهذا الرجل همة الا فى النساء والنكاح ولو كان نبيا لاشتغل بالزهد والعبادة- روى- انه كان لداود عليه السلام مائة امرأة منكوحة وثلاثمائة سرية ولابنه سليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية وسبعمائة سرية فكيف يضر كثرة الأزواج لنبينا عليه السلام وفى التأويلات النجمية ان الرسل لما جذبتهم العناية فى البداية رقتهم من دركات البشرية الحيوانية الى درجات الولاية الروحانية ثم رقتهم منها الى معارج النبوة والرسالة الربانية فى النهار فلم يبق فيهم من دواعى البشرية واحكام النفسانية ما يزعجهم الى طلب الأزواج بالطبيعة والركون الى الأولاد بخصائص الحيوانية بل جعل لهم رغبة فى الأزواج والأولاد على وفق الشريعة بخصوصية الخلافة فى اظهار صفة الخالقية كما قال تعالى أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ انتهى وقال الحكيم الترمذي فى نوادر الأصول الأنبياء زيدوا فى القوة بفضل تبوتهم وذلك ان النور إذا امتلأت منه الصدور ففاض فى العروق التذت النفس والعروق فاثار الشهوة وقواها انتهى وفى الحديث (فضلت على الناس بأربع بالسخاء والشجاعة وقوة البطش وكثرة الجماع) وطاف عليه السلام على نسائه التسع ليلة وتطهر من كل واحدة قبل ان يأتى الاخرى وقال هذا أطيب واطهر واوتى عليه السلام قوة أربعين رجلا من اهل الجنة فى الجماع وقوة الرجل من اهل الجنة كمائة من اهل الدنيا فيكون اعطى عليه السلام قوة اربعة آلاف رجل وسليمان عليه السلام قوة مائة رجل وقيل الف رجل من رجال الدنيا قال فى انسان العيون لا يخفى ان أزواجه عليه السلام المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة وكان له اربع سرارى وفى بستان العارفين ما تزوج من النساء اربع عشرة نسوة وفى الواقعات المحمودية ان فخر الأنبياء عليه وعليهم السلام قد تزوج احدى وعشرين امرأة ومات عن تسع نسوة قال سفيان بن عيينة كثرة النساء ليست من الدنيا لان عليا رضى الله عنه كان ازهد اصحاب النبي عليه السلام وكان له اربع نسوة وسبع عشرة سرية وتزوج المغيرة بن شعبة ثمانين امرأة وكان الحسن بن على رضى الله عنهما منكاحا حتى نكح زيادة على مائتى امرأة وقد قال عليه السلام (أشبهت خلقى وخلقى) يقول الفقير قد تزوج شيخى وسندى روح الله روحه قدر عشرين وجمع بين اربع مهرية وخمس عشرة سرية وكان يقول للعامى حين يسأل عن كثرة نكاحه ان لكل أحد ابتلاء فى هذه الدار وقد ابتليت بكثرة النكاح ويقول لهذا الفقير فى خلوته انها من اسرار النبوة وخصائص خواص هذه الامة وأشار به الى الحديث المشهور (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فهذا العشق والمحبة انما يكون لاصحاب النفوس القدسية وهم يطالعون فى كل شىء ما لا يطالعه غيرهم: ونعم ما قيل
منعم كنى ز عشق وى اى مفتئ زمان ... معذور دارمت كه تو او را نديده
وَما كانَ لِرَسُولٍ وما صح لواحد منهم ولم يكن فى وسعه أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ تقترح عليه(4/384)
يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)
إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ اى بامره لا باختيار نفسه ورأيه فانهم عبيد مربوبون منقادون وهو جواب لقول المشركين لو كان رسولا من عند الله لكان عليه ان يأتى بأى شىء طلبنا منه من المعجزات ولا يتوقف فيه وفيه اشارة الى ان حركات عامة الخلق وسكناتهم بمشيئة الله تعالى وإرادته وان حركات الرسل وسكناتهم بإذن الله ورضاه لِكُلِّ أَجَلٍ وقت كِتابٌ حكم مكتوب مفروض يليق بصلاح حال اهله فان الحكمة تقتضى اختلاف الاحكام على حسب اختلاف الاعصار والأمم وهو جواب لقولهم لو كان نبيا ما نسخ اكثر احكام التوراة والإنجيل وقال الشيخ فى تفسيره اى لكل شىء قضاه الله وقت مكتوب معلوم لا يزاد عليه ولا ينقص منه او لا يتقدم ولا يتأخر عنه [با هر اجلى را از آجال خلائق كتابيست نزديك خداى تعالى كه جز وى كسى را بر آجال خلق اطلاع نباشد] يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ محوه وَيُثْبِتُ ما يشاء إثباته فينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله ما هو خير منه او مثله ويترك ما يقتضيه حكمته غير منسوخ. او يمحو سيآت التائب ويثبت الحسنات مكانها. او يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة وذلك لانهم مأمورون بكتب جميع ما يقول الإنسان ويفعل فاذا كان يوم الاثنين والخميس يعارض ما كتبه الحفظة بما فى اللوح المحفوظ فينفى من كتاب الحفظة ما لا جزاء له من ثواب وعقاب ويثبت ماله جزاء من أحدهما ويترك مكتوبا كما هو فان كان فى أول الديوان وآخره خير يمحو الله ما بينهما من السيئات وان لم يكن فى اوله وآخره حسنات اثبت ما فيه من السيئات واختلف هل يكتب الملك ذكر القلب فسئل سفيان بن عيينة هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبان ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه إذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيثبتونها واذاهم بسيئة واستقر عليها قلبه فاح منه ريح منتنة. وجعل النووي هذا اى كونهم يكتبون عمل القب أصح وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم انتهى. ويؤيده ما فى ريحان القلوب ان الذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له أسوة حسنة انتهى يقول الفقير يحتمل ان الإنسان الكامل لكونه حامل امانة الله ومظهر أسراره وخير البرية لا يطلع عليه الملك ويطلع على حال غيره بعلامات خفية عن البشر إلزاما وإحصاء لعمله كما قال تعالى لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها او يمحو ويثبت فى السعادة والشقاوة والرزق والاجل- روى- عن عمر رضى الله عنه انه كان يطوف بالبيت وهو يبكى ويقول اللهم ان كنت كتبتنى فى اهل السعادة فاثبتنى فيها وان كنت كتبتنى فى اهل الشقاوة فامحنى وأثبتني فى اهل السعادة والمغفرة لانك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب وفى الأثر ان الرجل يكون قد بقي من عمره ثلاثون سنة فيقطع رحمه فيرد الى ثلاثة ايام ويكون قد بقي من عمره ثلاثة ايام فيصل رحمه فيرد الى ثلاثين سنة قال فى التأويلات النجمية لاجل اهل المشيئة والارادة فى حركاتهم وقت معين لوقوع الفعل فيه وكذا لاهل الاذن والرضى ثم يمحو الله ما يشاء لاهل السعادة من أفاعيل اهل الشقاوة ويثبت لهم من أفاعيل اهل السعادة ويمحو ما يشاء لاهل الشقاوة من أفاعيل اهل السعادة ويثبت لهم من أفاعيل اهل الشقاوة(4/385)
وعنده أم الكتاب الذي مقدر فيه حاصل امر كل واحد من الفريقين وخاتمتهم فلا يزيد ولا ينقص انتهى يقول الفقير ان التغير والتبدل والمحو والإثبات انما هو بالنسبة الى السعادة والشقاوة العارضتين فانهما تقبلان ذلك بخلاف الاصليتين كما روى انه عليه السلام قال إذا مضت على النطفة خمس وأربعون ليلة يدخل الملك على تلك النطفة فيقول يا رب أشقى أم سعيد فيقضى الله ويكتب الملك فيقول يا رب أذكر أم أنثى فيقضى الله ويكتب الملك فيقول عمله ورزقه فيقضى الله ويكتب الملك ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقض منها) فعلم ان بطن الام ناظر الى
لوح الأزل فلا يتغير ابدا واما عالم الحس فناظر الى اللوح وعلى هذا يحمل قول بعضهم ان الله يمحوا ما يشاء ويثبت الا الشقاوة والسعادة والموت والحياة والرزق والعمر والاجل والخلق والخلق: كما قال السعدي قدس سره
خوى بد در طبيعتى كه نشست ... نرهد جز بوقت مرگ از دست
فمعنى زيادة العمر بصلة الرحم ان يكتب ثواب عمله بعد موته فكأنه زيد فى عمره او هو من باب التعليق او الفرض والتقدير ويمحو الأحوال ويثبت أضدادها من نحو تحويل النطفة علقة ثم مضغة الى آخرها ويمحو الأعمال إذا كان كافرا ثم اسلم فى آخر عمره محيت الأعمال التي كانت فى حال كفره فابدلت حسنات كما قال تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وإذا كان مسلما ثم كفر فى آخر عمره محيت اعماله الصالحة فلم ينتفع بها كما قال تعالى وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فالله تعالى يمحو الكفر ويثبت الايمان ويمحو الجهل ويثبت العلم والمعرفة ويمحو الغفلة والنسيان ويثبت الحضور والذكر ويمحو البغض ويثبت المحبة ويمحو الضعف ويثبت القوة ويمحو الشك ويثبت اليقين ويمحو الهوى ويثبت العقل ويمحو الرياء ويثبت الإخلاص ويمحو البخل ويثبت الجود ويمحو الحسد ويثبت الشفقة ويمحو التفرقة ويثبت الجمع على هذا النسق ودليله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ محوا واثبا قال الكاشفى [ابو درداء رضى الله عنه از حضرت نقل ميكند كه چون سه ساعت از شب باقى ماند حق سبحانه وتعالى نظر ميكند در كتابى كه غير ازو هيچكس در ان اطلاع نمى كند هر چهـ خواهد ازو محو كند وهر چهـ خواهد ثبت كند در فصول آورده كه محو كند رقوم انكار از قلوب ابرار واثبات كند بجاى آن رموز واسرار] وقال الشبلي رحمه الله يمحو ما يشاء من شهود العبودية وأوصافها ويثبت ما يشاء من شهود الربوبية ودلائلها وقال ابن عطاء يمحو الله اوصافهم ويثبت أسرارهم لانها موضع المشاهدة وفى التأويلات النجمية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ من الأخلاق الذميمة النفسانية وَيُثْبِتُ ما يشاء من الأخلاق الحميدة الروحانية للعوام ويمحو من الأخلاق الروحانية ويثبت من الأخلاق الربانية للخواص ويمحو آثار الوجود ويثبت آثار الجود لاخص الخواص كل شىء هالك إلا وجهه [امام قشيرى ميفرمايد كه محو حظوظ نفسانى ميكند واثبات حقوق ربانى يا شهود خلق ميبرد وشهود حق مى آرد يا آثار بشريت محو ميكند وأنوار احديت ثابت ميسازد از ان بنده مى كاهد واز ان خود مى افزايد تا چنانچهـ باول خود بود بآخر هم خود باشد. شيخ الإسلام فرموده كه(4/386)
الهى جلال وعزت تو جاى اشارت نگذاشت محو اثبات تو راه اضافت برداشت از ان من كاست واز ان تو مى فزود بآخر همان شد كه باول بود]
محنت همه در نهاد آب وگل ماست ... پيش از دل وگل چهـ بود آن حاصل ماست
در عالم نيست خانه داشته ايم ... رفتيم بدان خانه كه سر منزل ماست
وَعِنْدَهُ تعالى أُمُّ الْكِتابِ العرب تسمى كل ما يجرى مجرى الأصل اما ومنه أم الرأس للدماغ وأم القرى لمكة اى أصله الذي لا يتغير منه شىء وهو ما كتبه فى الأزل وهو العلم الأزلي الابدى السرمدي القائم بذاته وقد أحاط بكل شىء علما بلا زيادة ولا نقصان وكل شىء عنده بمقدار وهو لوح القضاء السابق فان الألواح اربعة لوح القضاء السابق الخالي عن المحو والإثبات وهو لوح العقل الاول ولوح القدر اى لوح النفوس الناطقة الكلية التي يفصل فيها كليات اللوح الاول ويتعلق بأسبابها وهو المسمى باللوح المحفوظ ولوح النفوس الجزئية السماوية التي ينتقش فيها كل ما فى هذا العالم بشكله وهيآته ومقداره وهو المسمى بالسماء الدنيا وهو بمثابة خيال العالم كما ان الاول بمثابة روحه والثاني بمثابة قلبه ثم لوح الهيولى القابل للصور فى عالم الشهادة وفى الواقعات المحمودية اعلم ان اللوح معنوى وصورى. فالصورى ثمانية عشر الفا أصغرها فى هذا التعين وهو قابل للتغير والتبدل وقوله تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ناظر اليه. واما المعنوي فلا يقبل التغير والتبدل وليس له زمان ولا حجم وما ذكروا من ان اللوح ياقوتة حمراء أطرافه من زبرجد فهو اللوح الصوري. واما المعنوي ففى علم الله تعالى الأزلي وهو لا يتغير ابدا وقد وقع الكل بارادة واحدة وفى الوجود الإنساني ايضا لوحان جزئيان معنوى وصورى فالمعنوى الجزئى باب اللوح المعنوي الكلى والصوري للصورى فالصورى ينكشف لاكثر الأولياء واما المعنوي فلا يحصل الا لواحد بعد واحد. وفى موضع آخر منها جميع ما سوى الله تعالى مما كان وما سيكون من ارادة واحدة ازلية لا تكثر فيها ولا تغير ولا تبدل وهى المراد من قوله ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ واما قوله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ فناظر الى تعلقات تلك الارادة الازلية التي هى من الصفات الحقيقية بالمحدثات على ما تقتضيه حكمته ومن جملتها افعال العبودية فتصدر منهم بإرادتهم الحادثة واختيارهم الجزئى بمعنى انهم يصرفون اختيارهم الى جانب أفعالهم فيخلقها الله سبحانه فالكسب منهم والخلق من الله فلا يلزم الجبر والأعمال اعلام فمن قدر له السعادة ختم بالسعادة ومن قدر له الشقاوة ختم بالشقاوة وفى الحديث (ان أحدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى لا يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها) وفى قوله عليه السلام فى الحديث (فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها) وقوله (فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها) تنبيه على سببية العمل فى الجانبين حيث لم يقل فيسبق عليه الكتاب فيدخل النار او الجنة بل ذكر العمل ايضا كما لا يخفى على المتفطن واعلم ان الله تعالى علق كثيرا من العطايا على الأعمال الصالحة وامر العباد بها وفى الحديث (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) وفى الاحياء ان قيل ما فائدة الدعاء والقضاء لامر دله قلنا ان من جملة(4/387)
وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)
القضاء كون الدعاء سببا لرد البلاء واستجلاب الرحمة وصار كالترس فانه لما كان لرد السهم لم يكن حمله مناقضا للاعتراف بالقضاء فكذا الدعاء فقدر الله الأمر وقدر سببه قال الحسن البصري طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وقال علامة الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك العمل فعلى العاقل ان يجتهد فى اعمال البر ويكف النفس عن الهوى الى ان يجيئ الاجل: قال الكمال الخجندي قدس سره
بكوش تا بكف آرى كليد گنج وجود ... كه بي طلب نتوان يافت گوهر مقصود
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ فى حياتك يا أفضل الرسل وأصله وان نرك وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط ومن ثمة ألحقت النون بالفعل بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ اى مشركى مكة من العذاب والزلازل والمصائب والجواب محذوف اى فذاك شافيك من أعدائك
پس از مرگ آنكس نبايد گريست ... كه روزى پس از مرگ دشمن بزيست
أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ اى نقبض روحك الطاهرة قبل اراءة ذلك فلا تحزن فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ اسم أقيم مقام التبليغ كالاداء مقام التأدية اى تبليغ الرسالة وأداء الامانة لا غير وَعَلَيْنَا الْحِسابُ اى مجازاتهم يوم القيامة لا عليك فننتقم منهم أشد الانتقام فلا يهمنك اعراضهم ولا تستعجل بعذابهم ونظيره قوله تعالى فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ يعنى لا يتخلصون من عذاب الله مت او بقيت حيا وفى التأويلات النجمية وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بالكشف والمشاهدة بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ وعندنا هم من العذاب والثواب قبل وفاتك كما كان صلى الله عليه وسلم يخبر عن العشرة المبشرة وغيرهم بدخولهم الجنة وقد اخبر السائل عن أبيه حين قال اين أبوك قال (ابى وأبوك فى النار) وقال صلى الله عليه وسلم (رأيت الجنة وفيها فلان ورأيت النار وفيها فلان) أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ان نريك من أحوالهم فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ فيما امرناك بتبليغه ولا عليك القبول فيما تقول وَعَلَيْنَا الْحِسابُ فى الرد والقبول انتهى وكأن الكفرة قالوا اين ما وعد ربك ان يريك فقال تعالى أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ اى يأتى أمرنا ارض الكفرة نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها حال من فاعل نأتى او من مفعوله اى نفتح ديار الشرك بمحمد والمؤمنين به فما زاد فى بلاد الإسلام باستيلائهم عليها جبرا وقهرا نقص من ديار الكفرة والله تعالى إذا قدر على جعل بعض ديار الكفرة للمسلمين فهو قادر على ان يجعل الكل لهم أفلا يعتبرون وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ محل لا مع المنفي النصب على الحال اى يحكم نافذا حكمه خاليا عن المعارض والمناقض وحقيقته الذي يعقب الشيء بالرد والابطال. والمعنى انه حكم للاسلام بالغلبة والإقبال وعلى الكفر بالادبار والانتكاس وذلك كائن لا يمكن تغييره وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيحاسبهم عما قليل فى الآخرة بعد عذاب الدنيا من القتل والاجلاء يقول الفقير نقص الأرض انما يكون بالفتح المبنى على الأمر بالجهاد وهو انما فرض بالمدينة فالاظهر ان الآية مدنية لا مكية كما لا يخفى وكون السورة مكية لا ينافيه وقد تعرض من ذهب الى كونها مكية لاستثناء آيتين كما أشير إليهما فى عنوان السورة ولم يتعرض لهذه الآية والحق ما قلنا وقال بعضهم نقص الأرض ذهاب البركة او خراب النواحي او موت الناس(4/388)
وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)
او موت العلماء والفقهاء والخيار وفى الحديث (ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فافتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) وفى ذكر إذا دون ان اشارة الى انه كائن لا محالة بالتدريج وقال سلمان رضى الله عنه لا يزال الناس بخير ما بقي الاول حتى يتعلم الآخر فاذا هلك الاول ولم يتعلم الآخر هلك الناس وقال ابن المبارك ما جاء فساد هذه الامة الا من قبل الخواص وهم خمسة العلماء والغزاة والزهاد والتجار والولاة اما العلماء فهم ورثة الأنبياء واما الزهاد فعماد الأرض واما الغزاة فجند الله فى الأرض واما التجار فامناء الله فى الامة واما الولاة فهم الرعاة فاذا كان العالم للدين واضعا وللمال رافعا فبمن يقتدى الجاهل وإذا كان الزاهد فى الدنيا راغبا فبمن يقتدى التائب وإذا كان الغازي طامعا فكيف يظفر بالعدو وإذا كان التاجر خائنا فكيف تحصل الامانة وإذا كان الراعي ذئبا فكيف تحصل الرعاية
نكند جور پيشه سلطانى ... كه نيايد ذكرك چوبانى
والاشارة أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ البشرية نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها من أوصافها بالازدياد فى أوصاف الروحانية وارض الروحانية ننقصها من أخلاقها بالتبديل بالأخلاق الربانية وارض العبودية ننقصها من آثار الخلقية بإظهار أنوار الربوبية وَاللَّهُ يَحْكُمُ من الأزل الى الابد لا مُعَقِّبَ لا مقدم ولا مؤخر ولا مبدل لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيما قدر ودبر وحكم فلا يسوغ لاحد تغيير حكم من أحكامه وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى مكر الذين قبل مشركى مكة بانبيائهم والمؤمنين بهم كما مكر اهل مكة بمحمد عليه السلام ومكرهم ما اخفوه من تدبير القتل والإيذاء بهم مكر نمرود بإبراهيم عليه السلام وبنى الصرح وقصد السماء ليقتل رب ابراهيم ومكر فرعون بموسى عليه السلام واليهود بعيسى عليه السلام وثمود بصالح عليه السلام كما قالوا لنبيتنه واهله اى لنقتلهم ليلا ومكر كفار مكة فى دار الندوة حين أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً مكر الله إهلاكهم من حيث لا يشعرون شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة وفى الكواشي اسباب المكر وجزاؤه بيد الله لا يغلبه أحد على مراده فيجازيهم جزاء مكرهم وينصر أنبياءه ويبطل مكر الكافرين إذا هو من خلقه فالمكر جميعا مخلوق له ليس يضر منه شىء الا باذنه ثم بين قوة مكره وكماله بقوله يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ من خير وشر فيعد جزاءها وفى التأويلات النجمية فى اهل كل زمان وقرن مكروهم يمكرون به فلله المكر جميعا فانه مكر بهم ليمكروا بمكره مكرا مع اهل الحق ليبتليهم الله بمكرهم ويصبروا على مكرهم ثقة بالله انه هو خير الماكرين: وفى المثنوى
مر ضعيفانرا تو بي خصمى مدان ... از نبى إذ جاء الله بخوان
كرد خود چون كرم پيله بر متن ... بهر خود چهـ ميكنى اندازه كن
كر تو پيلى خصم تو از تو رميد ... نك جزا طيرا ابابيلت رسيد
كر ضعيفى در زمين خواهد أمان ... غلغل افتد در سپاه آسمان
كر بد ندانش كزى پر خون كنى ... درد دندانت بگيرد چون كنى(4/389)
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)
وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ من الفريقين حيثما يأتيهم العذاب المعد لهم وهم فى غفلة منه واللام تدل على ان المراد بالعقبى العاقبة المحمودة والمراد بالدار الدنيا وعاقبتها ان يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقى الملائكة بالبشرى عند الموت ودخول الجنة قال سعدى المفتى ثم لا يبعد ان يكون المراد والله اعلم سيعلم الكفار من يملك الدنيا آخرا فاللام للملك انتهى فينبعى للمؤمن ان يتوكل على المولى ويعتمد على وعده ويوافقه باستعجال ما عجله واستئجال ما اجله وكما انه تعالى نصر رسوله فكان ما كان كذلك ينصر من نصر رسوله فى كل عصر وزمان فيجعله غالبا على أعدائه الظاهرة والباطنة- روى- انه عليه السلام امر فى غزوة بدر ان يطرح جيف الكفار فى القليب وكان إذا ظهر على قوم اقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان اليوم الثالث امر عليه السلام براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه حتى وقف على شفة القليب وجعل يقول (يا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدني الله حقا) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا روح فيها فقال عليه السلام (ما أنتم باسمع لما أقول منهم) وفى رواية (لقد سمعوا ما قلت غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ) وعن قتادة رضى الله عنه أحياهم الله حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة وكان ابو لهب قد تأخر فى مكة وعاش بعد ان جاء الخبر عن مصاب قريش ببدر أياما قليلة ورمى بالعدسة وهى بثرة تشبه العدسة من جنس الطاعون فقتلته فلم يحفروا له حفيرة ولكن أسندوه الى حائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه لان العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها ويرون انها تعدى أشد العدوى فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه وبقي بعد موته ثلاثا لا يقرب جنازته ولا يحاول دفنه حتى أنتن فلما خافوا السبة اى سب الناس لهم فعلوا به ما ذكر وفى رواية حفروا له ثم دفعوه بعود فى حفرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه فوجد جزاء مكره برسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة رضى الله عنها إذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها قال فى النور وهذا القبر الذي يرجم خارج باب شبيكة الآن ليس بقبر ابى لهب وانما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة وذلك فى دولة بنى العباس فان الناس أصبحوا ووجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة فرصدوا للفاعل فامسكوهما بعد ايام فصلبا فى ذلك الموضع فصارا يرجمان الى الآن فهذا جزاؤهما فى الدنيا وقد مكر الله بهما بذلك فقس على هذا جزاء من استهزأ بدين الله واهل دينه من العلماء الأخيار والأتقياء الأبرار وقد مكر بعض الوزراء بحضرة شيخى وسندى فى اواخر عمره فاماته الله قبله بايام فرؤى فى المنام وهو منكوس الرأس لا يرفعها حياء مما صنع بحضرة الشيخ اللهم احفظنا واعصمنا من سوء الحال وسيآت الأعمال وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعنى مشركى مكة او رؤساء اليهود فتكون الآية مدنية لَسْتَ يا محمد مُرْسَلًا فيه اشارة الى ان من يقول للرسول صلى الله عليه وسلم انه ليس مرسلا من الله كما قالت الفلاسفة انه حكيم وليس برسول فقد كفر قال فى هدية المهديين اما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الأنبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا(4/390)
شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل وخواجه پيغمبران
قُلْ كَفى بِاللَّهِ الباء دخلت على الفاعل شَهِيداً تمييز بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [بآنكه من پيغمبرم بشما] والمراد بشهادة الله تعالى اظهار المعجزات الدالة على صدقه فى دعوى الرسالة وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ وهو الذي علمه الله القرآن وعلمه البيان واراه آيات القرآن ومعجزاته فبذلك علم حقية رسالته وشهد بها وهم المؤمنون فالمراد بالكتاب القرآن وعن عبد الله بن سلام ان هذه الآية نزلت فىّ فالمراد به التوراة فان عبد الله بن سلام وأصحابه وجدوا نعته عليه السلام فى كتابهم فشهدوا بحقية رسالته وكانت شهادتهم ايضا قاطعة لقول الخصوم واعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل الى الخلق كافة الانس والجن والملك
والحيوان والنبات والحجر: قال العطار قدس سره
داعئ ذرات بود آن پاك ذات ... در كفش تسبيح از آن كفتى حصات
وفى المثنوى
سنكها اندر كف بوجهل بود ... كفت اى احمد بگو اين چيست زود
كر رسولى چيشت در مشتم نهان ... چون خبر دارى زر از آسمان
كفت چون خواهى بگويم آن چهاست ... يا بگويند آنكه ما حقيم وراست
كفت بو جهل اين دوم نادرترست ... كفت آرى حق از آن قادر ترست
از ميان مشت او هر پاره سنك ... در شهادت كفتن آمد بي درنك
لا اله كفت والا الله كفت ... كوهر احمد رسول الله سفت
چون شنيد از سنكها بو جهل اين ... زد ز خشم آن سنكها را بر زمين
وقد أخذ الله تعالى بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله من خواص عباده ولو لم يكن سر الحياة ساريا فى جميع العالم لما سبح الحصى ونحوه وقد ورد (ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له) ولا يشهد الا من كان حيا عالما وكذا لا يحب الا من كان كذلك وقد ورد فى حق جبل أحد قوله عليه السلام (أحد يحبنا ونحبه) ثم ان الا كوان مملوءة من اعلام الرسالة وشواهد النبوة ولقد خلق الله العرش الذي هو أول الأجسام وأعظمها فكتب عليه قبل كل شىء الكلمة الطيبة كما روى ان آدم عليه السلام لما اقترف الخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد إلا غفرت قال وكيف عرفت محمدا قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش لا اله الا الله محمد رسول الله فعلمت انك لم تضف الى اسمك الا أحب الخلق إليك قال صدقت يا آدم انه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن وعن بعضهم رأيت فى جزيرة شجرة عظيمة لها ورق كبير طيب الرائحة مكتوب عليه بالحمرة والبياض فى الخضرة كتابة واضحة خلقة ابدعها الله بقدرته فى الورقة ثلاثة اسطر الاول لا اله الا الله والثاني محمد رسول الله والثالث ان الدين عند الله الإسلام وفى الواقعات المحمودية كل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا كلمة لا اله الا الله فانه غير قابل فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد تمت سورة الرعد فى الحادي والعشرين من شوال المنتظم فى سلك شهور سنة ثلاث ومائة والف(4/391)
الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)
تفسير سورة ابراهيم
وهى مكية الا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا الآيتين وهى احدى ومائتان او اربع او خمس وخمسون آية
بسم الله الرحمن الرحيم يشير الى ان ببركة اسم الله وهو اسم ذاته تبارك وهو الاسم الأعظم ابتدأت بخلق العالمين إظهارا لصفة الرحمانية فالرحيمية ليكون عالم الدنيا مظهر صفة رحمانيته ولهذا يقال يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة وذلك لان المخلوقات من الحيوان والجماد والمؤمن والكافر والسعيد والشقي عامة ينتفعون فى الدنيا بصفة رحمانيته التي على صيغة المبالغة فى الرحمة وفى الآخرة لا ينتفع بصفة رحيميته الا المؤمنون خاصة كما قال وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً كما فى التأويلات النجمية
جامى اگر ختم نه بر رحمتست ... بهر چهـ شد خاتمه آن رحيم
الر يشير بالألف الى القسم بآلائه ونعمائه وباللام الى لطفه وكرمه وبالراء الى القرآن يعنى قسما بآلائى ونعمائى ان صفة لطفى وكرمى اقتضت إنزال القرآن وهو كتاب إلخ كما فى التأويلات النجمية وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره اهل السلوك يعرفون المتشابهات على قدر مرتبتهم فمثل قوله تعالى ق ون اشارة الى مرتبة واحدة فى ملك وجوده ومثل حم اشارة الى مرتبتين ومثل الم الر اشارة الى ثلاث مراتب ومثل كهيعص. وحم عسق اشارة الى خمس مراتب. وفى البعض اشارة الى سبع مراتب فقوله عليه السلام (ان للقرآن ظهرا وبطنا) لا يعرفه غير اهل السلوك وما ذكره العلماء تأويله لا تحقيقه فمثل القاضي وصاحب الكشاف سلوكهم من جهة اللفظ لا المعنى وكان فى تفسير القاضي روحانية لكنه بدعاء عمر النسفي صاحب تفسير التيسير والمنظومة فى الفقه وكان هو مدرس الثقلين- روى- ان شخصا رأى الامام عمر النسفي بعد موته فى المنام فقال كيف كان سؤال منكر ونكير فقال رد الله الى روحى فسألانى فقلت لهما اخبر كما فى رد الجواب نظما او نثرا فقالا قل نظما فقلت
ربى الله لا اله سواه ... ونبيى محمد مصطفاه
دينى الإسلام وفعلى ذميم ... اسأل الله عفوه وعطاه
فانتبه ذلك الشخص من المنام وقد حفظ البيتين يقول الفقير علم الحروف المقطعة من نهايات علوم الصوفية المحققين فانهم انما يصلون الى هذا العلم الجليل بعد أربعين سنة من أول السلوك بل أول الفتح فهو من الاسرار المكتومة ولا بد لطالبه من الاجتهاد الكثير على يدى انسان كامل: قال الكمال الخجندي قدس سره
كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكو كن چهـ سود از خواندن اسما
بنا اهل ار نشان دادى كمال از خاك دركاهش ... كشيدى كحل بينايى ولى در چشم نابينا(4/392)
قال الكاشفى [در شرح تأويلات از امام ماتريدى مذكور است كه حروف مقطعه ابتلاست مر تصديق مؤمن وتكذيب كافر را وخداى تعالى بندگانرا بهر چهـ ميخواهد امتحان كند] كِتابٌ اى القرآن المشتمل على هذه السورة وغيرها كتاب فهو خبر مبتدأ محذوف وفى تفسير الكاشفى [جمعى بر آنند كه اين حروف أسامي قرآنند وبدين وجه توان كفت كه الر يعنى قرآن كتاب] أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ يا محمد بواسطة جبرائيل حال كونه حجة على رسالتك باعجازه يناسب قوله تعالى فيما بعد وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا ثم بين المصلحة فى إنزال الكتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله لِتُخْرِجَ النَّاسَ كافة بدعائك وإرشادك إياهم الى ما تضمنه الكتاب من العقائد الحقة والاحكام النافعة مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ اى من انواع الضلالة الى الهدى ومن ظلمة الكفر والنفاق والشك والبدعة الى نور الايمان والإخلاص واليقين والسنة ومن ظلمة الكثرة الى نور الوحدة ومن ظلمة حجب الافعال وأستار الصفات الى نور وحدة الذات ومن ظلمة الخلقية الى نور تجلى صفة الربوبية وذلك ان الله تعالى خلق عالم الآخرة وهو عالم الأرواح من النور وجعل زبدته روح الإنسان وخلق عالم الدنيا وهو عالم الأجسام وجعل زبدته جسم الإنسان وكما انه تعالى جعل عالم الأجسام حجابا لعالم الأرواح جعل ظلمات صفات جسم الإنسان حجابا لنور صفات روح الإنسان وجعل العالمين بظلماتهما وانوارهما حجابا لنور صفة ألوهيته كما قال صلى الله عليه وسلم (ان لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفت لا حترقت سبحات وجه ما انتهى إليها بصره) وما جعل الله لنوع من انواع الموجودات استعداد للخروج من هذه الحجب الا للانسان لا يخرج منها أحد الا بتخريجه إياه منها واختص المؤمن بهذه الكرامة كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن من اسباب تخريج المؤمنين من حجب الظلمات الى النور بِإِذْنِ رَبِّهِمْ اى بحوله وقوته اى لا سبيل له الى ذلك الا به وانما قال ربهم لانه تعالى مر بيهم وما قال بإذن ربك ليعلم ان هذه التربية من الله لا من النبي عليه السلام كذا فى التأويلات النجمية وقال اهل التفسير الباء متعلق بتخرج اى تخرج منها اليه لكن لا كيف ما كان فانك لا تهدى من أحببت بل بإذن ربهم فانه لا يهتدى مهتد الا بإذن ربه اى بتيسيره وتسهيله ولما كان الاذن من اسباب التيسير اطلق عليه فان التصرف فى ملك الغير متعذر فاذا اذن تسهل وتيسر واعلم ان الدعوة عامة والهداية خاصة كما قال تعالى وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ واذن الله شامل لجميع الناس فى الظلمات إذ المقصود من إيجاد العوالم وإنشاء النشآت كلها ظهور الإنسان الكامل وقد حصل وهو الواحد الذي كالالف وهو السواد الأعظم فلا تقتضى الحكمة اتفاق الكل على الحق لان لله تعالى جمالا وجلالا لا بد لكليهما من اثر
در كارخانه عشق ز كفرنا كزيرست ... آتش كرا بسوزد كر بو لهب نباشد
إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ بدل من قوله الى النور بتكرير العامل واضافة الصراط الى العزيز وهو الله على سبيل التعظيم له والمراد دين الإسلام فانه طريق موصل الى الجنة والقربة والوصلة والعزيز الغالب الذي ينتقم لاهل دينه من أعدائهم والحميد المحمود الذي يستوجب(4/393)
اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)
بذلك الحمد من عباده وفيه اشارة الى ان العبور على الظلمات الجسمانية والأنوار الروحانية هو الطريق الى الله تعالى وهو العزيز الذي لا يصل العبد اليه الا بالخروج من هذه الحجب وهو الحميد الذي يستحق من كمالية جماله وجلاله ان يحتجب بحجب العزة والكبرياء والعظمة اللَّهِ بالجر عطف بيان للعزيز الحميد لانه علم للذات الواجب الوجود الخالق للعالم الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الموجودات من العقلاء وغيرهم وفيه اشارة الى ان سير السائرين الى الله لا ينتهى بالسير فى الصفات وهى العزيز الحميد وانما ينتهى بالسير فى الذات وهو الله فالمكونات أفعاله فمن بقي فى أفعاله لا يصل الى صفاته ومن بقي فى صفاته لا يصل الى ذاته ومن وصل الى ذاته وصولا بلا اتصال ولا انفصال بل وصولا بالخروج من انانيته الى هويته تعالى ينتفع به فى صفاته وأفعاله: قال الكمال الخجندي قدس سره
وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست
وقال المولى الجامى قدس سره
سبحانك لا علم لنا الا ما ... علمت وألهمت لنا إلهاما
ما را برهان ز ما وآگاهى ده ... از سر معينى كه دارى با ما
وَوَيْلٌ الويل الهلاك وقال الكاشفى [رنج ومشقت] وهو مبتدأ خبره قوله لِلْكافِرِينَ بالكتاب وأصله النصب كسائر المصادر الا انه لم يشتق منه فعل لكنه عدل به الى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه فيقال ويل لهم كسلام عليكم مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ من لتبيين الجنس صفة لويل او حال من ضميره فى الخبر او ابتدائية متعلقة بالويل على معنى انهم يولون من عذاب شديد ويضجون منه ويقولون يا ويلاه كقوله تعالى دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ محل الموصول الجر على انه بدل من الكافرين او صفة له. والاستحباب استفعال من المحبة. والمعنى يختارون الحياة الدنيا ويؤثرونها على الحياة الآخرة الابدية فان المؤثر للشئ على غيره كأنه يطلب من نفسه ان يكون أحب إليها وأفضل عندها من غيره قال ابن عباس رضى الله عنهما يأخذون ما تعجل فيها تهاونا بامر الآخرة وهذا من أوصاف الكافر الحقيقي فانه يجد ويجتهد فى طلب الدنيا وشهواتها ويترك الآخرة باهمال السعى فى طلبها واحتمال الكلفة والمشقة فى مخالفة هوى النفس وموافقة الشرع فينبغى للمؤمن الحقيقي ان لا يرضى باسم الإسلام ولا يقنع بالايمان التقليدى فانه لا يخلو عن الظلمات بخلاف الايمان الحقيقي فانه نور محض وليس فيه تغيير أصلا
كى سيه كردد ز آتش روى خوب ... كو نهد كلكونه از تقوى القلوب
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى ويمنعون الناس عن قبول دين الله وفيه اشارة الى ان اهل الهوى يصرفون وجوه الطالبين عن طلب الله ويقطعون عليهم طريق الحق فى صورة النصيحة ويلومون الطلاب على ترك الدنيا والعزلة والعزوبة والانقطاع عن الخلق للتوجه الى الحق وَيَبْغُونَها اى ويبغون لها فحذف الجار وأوصل الفعل الى الضمير اى يطلبون لها عِوَجاً زيغا واعوجاجا اى يقولون لمن يريدون صده وإضلاله انها سبيل(4/394)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
ناكبة وزائغة غير مستقيمة [يعنى اين راه كج است وبمنزل مقصود نميرسد] والزيغ الميل عن الصواب والنكوب الاعراض أُولئِكَ الموصوفون بالقبائح المذكورة فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ اى ضلوا عن طريق الحق ووقعوا عنه بمراحل والبعد فى الحقيقة من احوال الضال لانه هو الذي يتباعد عن الطريق فوصف به فعله مجازا للمبالغة وفى جعل الضلال محيطا بهم احاطة الظرف بما فيه ما لا يخفى من المبالغة وليس فى طريق الشيطان فوق من هو ضال ومضل كما انه ليس فى طريق الرحمن فوق من هو مهتد وهاد وقد أشير الى كليهما فى هذه الآيات فان إنزال الكتاب على رسول الله اشارة الى اهتدائه به كما قال تعالى فى مقام الامتنان ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وقوله لتخرج صريح فى هدايته وإرشاده ولكل وارث من ورثته الأكملين حظ اوفى من هذين المقامين وهم المظاهر للاسم الهادي وقوله تعالى يستحبون ويصدون اشارة الى الضلال والإضلال وهم ورثة الشيطان فى ذلك اى المظاهر للاسم المضل فعلى العاقل ان يحقق إيمانه بالذكر الكثير وينقطع من الدنيا وما فيها الى العليم الخبير وسئل سلطان العارفين ابو يزيد البسطامي قدس سره عن السنة والفريضة فقال السنة ترك الدنيا والفريضة الصحبة مع المولى لان السنة كلها تدل على ترك الدنيا والكتاب كله يدل على صحبة المولى فمن عمل بالسنة والفريضة فقد كملت النعمة فى حقه ووجب عليه الشكر الكثير شرفنا الله وإياكم بالسلوك الى طريق الأخيار والأبرار وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ [در زاد المسير آورده كه قريش ميكفتند چهـ حالتست كه همه كتب منزل بلغة عجمى فرود آمده وكتابى كه بمحمد مى آيد عربيست آيت آمد كه] وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا ملتبسا بِلِسانِ قَوْمِهِ لفظ اللسان يستعمل فيما هو بمعنى العضو وبمعنى اللغة والمراد هنا هو الثاني اى بلغة قومه الذين هو منهم وبعث فيهم [يعنى كروهى كه او از ايشان زاده ومبعوث شده بديشان چهـ هر پيغمبرى را أول دعوت نزديكان خود بايد كرد] ويدل عليه قوله تعالى وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ونحو ذلك ولا ينتقض بلوط عليه السلام فانه تزوج منهم وسكن فيما بينهم فحصل المقصود الذي هو معرفة قومه بلسانه وديانته. وعمم المولى ابو السعود حيث قال الا ملتبسا بلسان قومه متكلما بلغة من أرسل إليهم من الأمم المتفقة على لغة سواء بعث فيهم أم لا انتهى لِيُبَيِّنَ كل رسول لَهُمْ اى لقومه ما دعوا اليه وأمروا بقبوله فيفقهوه عنه بسهولة وسرعة ثم ينقلوه ويترجموه لغيرهم فانهم اولى الناس بان يدعوهم وأحق بان ينذرهم ولذلك امر النبي عليه السلام بانذار عشيرته اولا ولقد بعث عليه السلام الى الناس جميعا بل الى الثقلين ولو نزل الله كتبه بألسنتهم مع اختلافها وكثرتها استقل ذلك بنوع من الاعجاز لكن ادى الى التنازع واختلاف الكلمة وتطرق أيدي التحريف واضاعة فضل الاجتهاد فى تعلم الألفاظ ومعانيها والعلوم المتشعبة منها وما فى اتعاب النفوس وكذا القرائح فيه من القرب والطاعات المقتضية لجزيل الثواب وايضا لما جعله الله تعالى سيد الأنبياء وخيرهم وأشرفهم وشريعته خير الشرائع وأشرفها وأمته خير الأمم(4/395)
وأفضلهم أراد ان يجمع أمته على كتاب واحد منزل بلسان هو سيد الالسنة وأشرفها وأفضلها إعطاء للاشرف الأشرف وذلك هو اللسان العربي الذي هو لسان قومه ولسان اهل الجنة فكان سائر الالسنة تابعا له كما ان الناس تابع للعرب مع ما فيه من الغنى عن النزول بجميع الالسنة لان الترجمة تنوب عن ذلك وتكفى التطويل اى يبعث الرسل الى الأطراف يدعونهم الى الله ويترجمون لهم بألسنتهم يقال ترجم لسانه إذا فسره بلسان آخر ومنه الترجمان كما فى الصحاح قال فى انسان العيون اما قول اليهود او بعضهم وهم العيسوية طائفة من اليهود اتباع عيسى الاصفهانى انه عليه السلام انما بعث للعرب خاصة دون بنى إسرائيل وانه صادق ففاسد لانهم إذا اسلموا انه رسول الله وانه صادق لا يكذب لزمهم التناقض لانه ثبت بالتواتر عنه انه رسول الله لكل الناس ثم قال ولا ينافيه قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لانه لا يدل على اقتصار رسالته عليهم بل على كونه متكلما بلغتهم ليفهموا عنه اولا ثم
يبلغ الشاهد الغائب ويحصل الافهام لغير اهل تلك اللغة من الأعاجم بالتراجم الذين أرسلوا إليهم فهو صلى الله عليه وسلم مبعوث الى الكافة وان كان هو وكتابه عربيين كما كان موسى وعيسى عليهما السلام مبعوثين الى بنى إسرائيل بكتابيهما العبراني وهو التوراة والسرياني وهو الإنجيل مع ان من جملتهم جماعة لا يفهمون بالعبرانية ولا بالسريانية كالاروام فان لغتهم اليونانية انتهى والحاصل ان الإرشاد. لا يحصل الا بمعرفة اللسان- حكى- ان اربعة رجال عجمى وعربى وتركى ورومى وجدوا فى الطريق درهما فاختلفوا فيه ولم يفهم واحد منهم مراد الآخر فسألهم رجل آخر يعرف الالسنة فقال للعربى أي شىء تريد وللعجمى [چهـ ميخواهى] وللتركى «نه استرسين» وعلم ان مراد الكل ان يأخذوا بذلك الدرهم عنبا ويأكلوه فاخذ هذا العارف الدرهم منهم واشترى لهم عنبا فارتفع الخلاف من بينهم بسبب معرفة ذلك الرجل لسانهم- وحكى- ان بعض اهل الإنكار ألحوا على بعض من المشايخ الأميين ان يعظ لهم باللسان العربي تعجيز اله وتفضيحا فحزن لذلك فرأى فى المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره بما التمسوا منه من الوعظ فاصبح متكلما بذلك اللسان وحقق القرآن بحقائق عجزوا عنها وقال أمسيت كرديا وأصبحت عربيا: وفى المثنوى
خويش را صافى كن از أوصاف خويش ... تا ببينى ذات پاك صاف خويش
بينى اندر دل علوم انبيا ... بي كتاب وبي معيد واوستا
سر أمسينا لكرديا بدان ... راز أصبحنا عرابيا بخوان
فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ إضلاله اى يخلق فيه الكفر والضلال لمباشرة الأسباب المؤدية اليه قال الكاشفى [پس كمراه كرداند خداى تعالى هر كه را خواهد يعنى فرو كذارد تا كه كمراه شود] والفاء فصيحة مثلها فى قوله تعالى فقلنا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ كأنه قيل فبينوه لهم فاضل الله منهم من شاء إضلاله لما لا يليق الا به وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته اى يخلق فيه الايمان والاهتداء لاستحقاقه له لما فيه من الانابة والإقبال الى الحق قال الكاشفى [وراه نمايد هر كه را خواهد يعنى توفيق دهد تا راه يابد] وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على كل شىء فلا يغالب فى مشيئته الْحَكِيمُ الذي لا يفعل شيأ من الإضلال والهداية الا لحكمة بالغة وفيه ان(4/396)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)
ما فوض الى الرسل انما هو تبليغ الرسالة وتبيين طريق الحق واما الهداية والإرشاد اليه فذلك بيد الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وفى التأويلات النجمية وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ اى ليتكلم معهم بلسان عقولهم لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الطريق الى الله وطريق الخروج من ظلمات انانيتهم الى نور هويته فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ فى انانيته وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ بالخروج الى هويته وَهُوَ الْعَزِيزُ اى هو أعز من ان يهدى كل واحد الى هويته الْحَكِيمُ بان يهدى من هو المستحق للهداية اليه فمن هذا تحقق انه تعالى هو الذي يخرجهم من الظلمات الى النور لا غيره انتهى فعلى العاقل ان يصرف اختياره فى طريق الحق ويجتهد فى الخروج من بوادي الانانية فقد بين الله الطريق وارشد الى الأسباب فلم يبق الا الدخول والانتساب قال بعض الكبار النظر الصحيح يؤدى الى معرفة الحق وذلك بالانتقال من معلوم الى معلوم الى ان ينتهى الى الحق لكن طريق التصور والفكر واهله لا يتخلص من الانانية والاثنينية واما المكاشفة فليس فيها الانتقال المذكور وطريقها الذكر ألا ترى الى قوله تعالى الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كيف قدم الذكر على الفكر فالطريقة الاولى طريقة الإشراقيين والثانية طريقة الصوفية المحققين قال الامام الغزالي كرم الله وجهه من عرف الله بالجسم فهو كافر ومن عرف الله بالطبيعة فهو ملحد ومن عرف الله بالنفس فهو زنديق ومن عرف الله بالعقل فهو حكيم ومن عرف الله بالقلب فهو صديق ومن عرف الله بالسر فهو موقن ومن عرف الله بالروح فهو عارف ومن عرف الله بالخفي فهو مفرد ومن عرف الله بالله فهو موحد اى بالتوحيد الحقيقي
طالب توحيد را بايد قدم بر «لا» زدن ... بعد زان در عالم وحدت دم «الا» زدن
رنك وبويى از حقيقت كر بدست آورده ... چون كل صد برك بايد خيمه بر صحرا زدن
وانما منع الأغيار من شهود الآثار غيرة من الله العزيز القهار
معشوق عيان ميكذرد بر تو وليكن ... اغيار همى بيند از آن بسته نقابست
ومعنى الوحدة الحاصلة بالتوحيد زوال الوجود المجازى الموهم للاثنينية وظهور الوجود الحقيقي على ما كان عليه
هر موج ازين محيط انا البحر ميزند ... كر صد هزار دست بر آيد دعا يكيست
حققنا الله وإياكم بحقائق التوحيد ووصلنا وإياكم الى سر التجريد والتفريد وجعلنا من المهديين الهادين والى طريق الحق داعين وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى ملتبسا بِآياتِنا يعنى اليد والعصا وسائر معجزاته الدالة على صحة نبوته أَنْ مفسرة لمفعول مقدر للفظ دال على معنى القول مؤد معناه اى أرسلناه بامر هو أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ من انواع الضلال التي كلها ظلمات محض كالكفر والجهالة والشبهة ونحوها إِلَى النُّورِ الى الهدى كالايمان والعلم واليقين وغيرها وقال المولى ابو السعود رحمه الله الآيات معجزاته التي أظهرها لبنى إسرائيل والمراد إخراجهم بعد مهلك فرعون من الكفر والجهالات التي ادتهم الى ان يقولوا يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة الى الايمان بالله وتوحيده وسائر ما أمروا به(4/397)
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)
انتهى يقول الفقير قد تقرر ان القرآن يفسر بعضه بعضا فقوله تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ ينادى بأعلى صوته على ان المراد بالآيات غير التوراة وبالقوم القبط وهم فرعون واتباعه وان الآية محمولة على أول الدعوة ولما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم مبعوثا الى الكافة قال الله تعالى فى حقه لِتُخْرِجَ النَّاسَ ولم يقل لتخرج قومك كما خصص وقال هنالك بِإِذْنِ رَبِّهِمْ وطواه هنا لان الإخراج بالفعل قد تحقق فى دعوته عليه السلام فكان أمته امة دعوة واجابة ولم يتحقق فى دعوة موسى إذ لم يجبه القبط الى ان هلكوا وان اجابه بنوا إسرائيل والعمدة فى رسالته كان القبط ومن شأن الرسول تقديم الانذار حين الدعوة كما قال نوح عليه السلام فى أول الأمر إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ولذا وجب حمل قوله تعالى وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ على التذكير بالوقائع التي وقعت على الأمم الماضية قبل قوم نوح وعاد وثمود. والمعنى وعظهم وانذرهم مما كان فى ايام الله من الوقائع ليحذروا فيؤمنوا كما يقال رهبوت خير من رحموت اى لان ترهب خير من ان ترحم وايام العرب ملاحمها وحروبها كيوم حنين ويوم بدر وغيرهما وقال بعضهم ذكرهم نعمائى ليؤمنوا بي كما روى ان الله تعالى اوحى الى موسى ان حببنى الى عبادى فقال يا رب كيف أحببك الى عبادك والقلوب بيدك فاوحى الله تعالى ان ذكرهم نعمائى ومن هنا وجب الكلام عند الكلام بما يرجح رجاءه فيقال له لا تحزن فقد وفقك الله للحج او للغزو او لطلب العلم او نحو ذلك من وجوه الخير ولو لم يرد بك خيرا لما فعله فى حقك فهذا تذكير أي تذكير وايام الله فى الحقيقة هى التي كان الله ولم يكن معه شىء من ايام الدنيا ولا من ايام الآخرة فعلى السالك ان يتفكر ثم يتذكر كونه فى مكنون علم الله تعالى ويخرج من الوجود المجازى المقيد باليوم والليل ويصل الى الوجود الحقيقي الذي لا يوم عنده ولاليل إِنَّ فِي ذلِكَ اشارة الى ايام الله لَآياتٍ عظيمة او كثيرة دالة على وحدانية الله وقدرته وعلمه وحكمته لِكُلِّ صَبَّارٍ مبالغ فى الصبر على طاعة الله وعلى البلايا شَكُورٍ مبالغ فى الشكر على النعم والعطايا كأنه قال لكل مؤمن كامل إذ الايمان نصفيان نصفه صبر ونصفه شكر وتخصيص الآيات بهم لانهم المنتفعون بها لا لانها خافية عن غيرهم فان التبيين حاصل بالنسبة الى الكل
وتقديم الصبر لكون الشكر عاقبته ... آخر هر كريه آخر خنده ايست
فالمنذرون المذكرون بالكسر صبروا على الأذى والبلاء فظفروا والعاقبة للمتقين والمنذرون المذكرون بالفتح تمادوا فى الغى والضلال فهلكوا ألا بعدا للقوم الظالمين: وفى المثنوى
عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد
ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اى اذكر للناس يا أفضل المخلوق وقت قول موسى لقومه وهم بنوا إسرائيل والمراد بتذكير الأوقات تذكير ما وقع فيها من الحوادث المفصلة إذ هي محيطة بذلك فاذا ذكرت ذكر ما فيها كأنه مشاهد معاين اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ اى انعامه عليكم وقت انجائه إياكم من فرعون واتباعه واهل دينه وهم القبط يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ استئناف لبيان انجائهم او حال من آل فرعون قال(4/398)
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)
فى تهذيب المصادر [السوم: چشانيدن عذاب وخوارى] قال الله تعالى يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ انتهى وفى بحر العلوم من سام السلعة إذا طلبها والمعنى. يذيقونكم او يبغونكم شدة العذاب ويريدونكم عليه والسوء مصدر ساء يسوء وهو اسم جامع للآفات كما فى التبيان والمراد جنس العذاب السيئ او استعبادهم واستعمالهم فى الأعمال الشاقة والاستهانة بهم وغير ذلك مما لا يحصر وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ المولودين من عطف الخاص على العام كأن التذبيح لشدته وفظاعته وخروجه عن مرتبة العذاب المعتاد جنس آخر ولو جاء بحذف الواو كما فى البقرة والأعراف لكان تفسيرا للعذاب وبيانا له وانما فعلوا لان فرعون رأى فى المنام ان نارا أقبلت من نحو بيت المقدس فاحرقت بيوت القبط دون بيوت بنى إسرائيل فخوفه الكهنة وقالوا له انه سيولد منهم ولد يكون على يده هلاكك وزوال ملكك فشمر عن ساق الاجتهاد وحسر عن ذراع العناد وأراد ان يدفع القضاء وظهوره ويأبى الله الا ان يتم نوره
صعوه كه با عقاب سازد جنك ... دهد از خون خود پرش را رنك
وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ اى يبقون نساءكم وبناتكم فى الحياة للاسترقاق والاستخدام وكانوا يفردون النساء عن الأزواج وذلك من أعظم المضار والابتلاء إذ الهلاك أسهل من هذا وَفِي ذلِكُمْ اى فيما ذكر من أفعالهم الفظيعة بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ اى محنة عظيمة لاتطاق فان قلت كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم قلت أقدار الله إياهم وإمهالهم حتى فعلوا ما فعلوا ابتلاء من الله ويجوز ان يكون المشار اليه الانجاء من ذلك والبلاء الابتلاء بالنعمة كما قال تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً والله تعالى يبلو عباده بالشر ليصبروا فيكون محنة وبالخير ليشكروا فيكون نعمة وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ من جملة مقال موسى لقومه معطوف على نعمة اى اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا حين تأذن وتأذن بمعنى آذان اى اعلم اعلاما بليغا لا يبقى معه شائبة شبهة أصلا لما فى صيغة التفعل من معنى التكلف المحمول فى حقه تعالى على غايته التي هى الكمال وقال الخليل تأذن لكذا أوجب الفعل على نفسه. والمعنى أوجب ربكم على نفسه لَئِنْ شَكَرْتُمْ اللام لام التوطئة وهى التي تدخل على الشرط تقدم القسم لفظا او تقديرا لتؤذن ان الجواب له لا للشرط وهو مفعول تأذن على انه اجرى مجرى قال لانه ضرب من القول او مقول قول محذوف. والمعنى وإذ تأذن ربكم فقال لئن شكرتم يا بنى إسرائيل نعمة الانجاء وإهلاك العدو وغير ذلك وقابلتموها بالثبات على الايمان والعمل الصالح لَأَزِيدَنَّكُمْ نعمة الى نعمة ولا ضاعفن لكم ما آتيتكم واللام ساد مسد جواب القسم والشرط جميعا قال الكاشفى [شيخ عبد الرحمن سلمى قدس سره از ابو على جرجانى قدس سره اگر شكر كنيد بر نعمت اسلام زياده كنم آنرا بايمان واگر سپاس دارى كنيد بر ايمان افزون كردانم بإحسان واگر بران شكر كوييد زياده سازم آنرا بمعرفت واگر بر آن شاكر باشيد برسانم بمقام وصلت واگر آنرا شكر كوييد بالا برم بدرجه قربت وبشكران نعمت در آرم بخلوتگاه انس ومشاهده وازين كلام حقائق اعلام معلوم ميشود كه شكر مرقات ترقى ومعراج تصاعد بر درجاتست] : وفى المثنوى(4/399)
شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كس زيان بر شكر كفتى چون كند
شكر باشد دفع علتهاى دل ... سود دارد شاكر از سوداى دل
وقال فى التأويلات النجمية لَئِنْ شَكَرْتُمْ التوفيق لَأَزِيدَنَّكُمْ فى التقرب الى لَئِنْ شَكَرْتُمْ التقرب الىّ لَأَزِيدَنَّكُمْ فى تقربى إليكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ تقربى إليكم لَأَزِيدَنَّكُمْ فى المحبة لَئِنْ شَكَرْتُمْ المحبة لَأَزِيدَنَّكُمْ فى محبتى لكم لَئِنْ شَكَرْتُمْ محبتى لَأَزِيدَنَّكُمْ فى الجذبة الى لَئِنْ شَكَرْتُمْ الجذبة لَأَزِيدَنَّكُمْ فى البقاء لَئِنْ شَكَرْتُمْ البقاء لَأَزِيدَنَّكُمْ فى الوحدة لَئِنْ شَكَرْتُمْ الوحدة لَأَزِيدَنَّكُمْ فى الصبر على الشكر والشكر على الصبر والصبر على الصبر والشكر على الشكر لتكونوا صبارا شكورا وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ اى لم تشكروا نعمتى وقابلتموها بالنسيان والكفران اى لا عذبنكم فيكون قوله إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ تعليلا للجواب المحذوف او فعسى يصيبكم منه ما يصيبكم ومن عادة الكرام التصريح بالوعد والتعريض بالوعيد فما ظنك بأكرم الأكرمين حيث لم يقل ان عذابى لكم ونظيره قوله تعالى نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ قال سعدى المفتى ثم المعهود فى القرآن انه إذا ذكر الخير أسنده الى ذاته تعالى وتقدس وإذا ذكر العذاب بعده عدل عن نسبته اليه وقد جاء التركيب هنا على ذلك ايضا فقال فى الاول لازيدنكم وفى الثاني ان عذابى لشديد ولم يأت التركيب لا عذبنكم انتهى ثم ان شدة العذاب فى الدنيا بسلب النعم وفى العقبى بعذاب جهنم وفى التأويلات النجمية ان عذاب مفارقتى بترك مواصلتى لشديد فان فوات نعيم الدنيا والآخرة شديد على النفوس وفوات نعيم المواصلات أشد على القلوب والأرواح قال فى بحر العلوم لقد كفروا نعمه حيث اتخذوا العجل وبدلوا القول فعذبهم بالقتل والطاعون وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال من رزق ستالم يحرم ستا من رزق الشكر لم يحرم الزيادة لقوله تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ومن رزق الصبر لم يحرم الثواب لقوله تعالى إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ: قال المولى الجامى
اگر ز سهم حوادث مصيبتى رسدت ... درين نشمين حرمان كه موطن خطرست
مكن بدست جزع خرقه صبورى چاك ... كه فوت اجر مصيبت مصيبت دكرست
ومن رزق التوبة لم يحرم القبول لقوله تعالى وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ومن رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة لقوله تعالى اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ومن رزق الدعاء لم يحرم الاجابة لقوله تعالى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وذلك لان الله تعالى لا يمكن العبد من الدعاء الا لاجابته ومن رزق النفقة لم يحرم الخلف لقوله تعالى وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ: وفى المثنوى
كفت پيغمبر كه دائم بهر پند ... دو فرشته خوش منادى مى كنند
كاى خدايا منفقانرا سير دار ... هر در مشانرا عوض ده صد هزار
اى خدايا ممسكانرا در جهان ... تو مده الا زيان اندر زيان
فعلى العاقل ان يشكر النعمة ويرجو من الله الملك القادر الخلق الرزاق ان لا يفتر القلب واللسان واليد من الفكر والذكر والانفاق ولقد ترك بلعم بن باعورا شكر نعمة الإسلام(4/400)
وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)
والايمان فعوقب بالحرمان ونعوذ بالله من الخذلان اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين والمطيعين الصابرين القانعين انك أنت المعين فى كل حين آمين وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا نعمه تعالى ولم تشكروها أَنْتُمْ يا بنى إسرائيل وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من الثقلين جَمِيعاً حال من المعطوف والمعطوف عليه فَإِنَّ اللَّهَ تعليل للجواب المحذوف اى ان تكفروا لم يرجع وباله الا عليكم فان الله لَغَنِيٌّ عن شكركم وشكر غيركم حَمِيدٌ محمود فى ذاته وصفاته وأفعاله لا تفاوت له بايمان أحد ولا كفره قال الكاشفى [ذرات مخلوقات بنعمت او ناطق والسنه جميع اشيا بتسبيح وحمد او جارى]
بذكرش جمله ذرات كويا ... همه او را ز روى شوق جويا
قال السعدي قدس سره
بذكرش هر چهـ بينى در خروشست ... دلى داند درين معنى كه كوشست
نه بلبل بر گلش تسبيح خوانيست ... كه هر خارى بتوحيدش زبانيست
أَلَمْ يَأْتِكُمْ من كلام موسى استفهم عن انتفاء الإتيان على سبيل الإنكار فافاد اثبات الإتيان وإيجابه فكأنه قيل أتاكم نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى اخبارهم قَوْمِ نُوحٍ اغرقوا بالطوفان حيث كفروا ولم يشكروا نعم الله وقوم نوح بدل من الموصول وَعادٍ اهلكوا بالريح معطوف على قوم نوح وَثَمُودَ اهلكوا بالصيحة وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد هؤلاء المذكورين من قوم ابراهيم واصحاب مدين والمؤتفكات وغير ذلك وهو عطف على قوم نوح وما عطف عليه لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ اعتراض اى لا يعلم عدد تلك الأمم لكثرتهم ولا يحيط بذواتهم وصفاتهم واسمائهم وسائر ما يتعلق بهم الا الله تعالى فانه انقطعت اخبارهم وعفت آثارهم وكان مالك بن انس يكره ان ينسب الإنسان نفسه أبا أبا الى آدم وكذا فى حق النبي عليه السلام لان أولئك الآباء لا يعلم أحد الا الله وكان ابن مسعود رضى الله عنه إذا قرأ هذه الآية قال كذب النسابون يعنى انهم يدعون علم الأنساب وقد نفى الله علمها عن العباد وقال فى التبيان النسابون وان نسبوا الى آدم فلا يدعون إحصاء جميع الأمم انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا اى قرنا لا يعرفون وقيل أربعون وقيل سبعة وثلانون وفى النهر لابى حيان ان ابراهيم عليه السلام هو الجد الحادي والثلاثون لنبينا عليه السلام قال فى انسان العيون كان عدنان فى زمن موسى عليه السلام وهو النسب المجمع عليه لنبينا عليه السلام وفيما قبله الى آدم اختلاف سبب الاختلاف فيما بين عدنان وآدم ان قدماء العرب لم يكونو اصحاب كتب يرجعون إليها وانما كانوا يرجعون الى حفظ بعضهم من بعض والجمهور على ان العرب قسمان قحطانية وعدنانية والقحطانية شعبان سبأ وحضر موت والعدنية شعبان ربيعة ومضر واما قضاعة فمختلف فيها فبعضهم ينسبونها الى قحطان وبعضهم الى عدنان. ثم ان الشيخ عليا السمرقندي رحمه الله قال فى تفسيره الموسوم ببحر العلوم لقائل ان يقول يشكل بالآية قول النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله تعالى قد رفع الى الدنيا فانا انظر إليها والى ما هو كائن فيها الى يوم القيامة كما انظر الى كفى هذه) جليا جلاها الله لنبيه كما جلاها للنبيين قبل لدلالته صريحا على ان جميع الكوائن الى يوم القيامة(4/401)
قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)
مجلى ومكشوف كشفا تاما للانبياء عليهم السلام والحديث مسطور فى معجم الطبراني والفردوس يقول الفقير ان الله تعالى اعلم حبيبه عليه السلام ليلة المعراج جميع ما كان وما سيكون وهو لا ينافى الحصر فى الآية لقول تعالى فى آية اخرى فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ يعنى به جنابه عليه السلام ولئن سلم فالذى علمه انما هو كليات الأمور لا جزئياتها وكلياتها جميعا ومن ذلك المقام وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم فصح الحصر والله اعلم فاعرف هذه الجملة جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ ملتبسين بِالْبَيِّناتِ وقال الكاشفى [آوردند] فالباء للتعدية اى بالمعجزات الواضحة التي لا شبهة فى حقيتها فبين كل رسول لامته طريق الحق وهو استيناف لبيان نبأهم فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ اى اشاروا بها الى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم انا كفرنا بما أرسلتم به اى هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره إقناطا لهم من التصديق أوردوا أيديهم فى أفواه أنفسهم اشارة بذلك الى الرسل ان انكفوا عن مثل هذا الكلام فانكم كذبة ففى بمعنى على كما فى الكواشي وقال قتادة كذبوا الرسل وردوا ما جاؤا به يقال رددت قول فلان فى فيه اى كذبته وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم من الكتب والرسالة قال المولى ابو السعود رحمه الله هى البينات التي أظهروها حجة على رسالاتهم ومرادهم بالكفر بها الكفر بدلالتها على صحة رسالاتهم وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ عظيم مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ من الايمان بالله والتوحيد قال سعدى المفتى المراد اما المؤمن به او صحة الايمان إذ لا معنى لشكهم فى نفس الايمان فان قلت الشك ينافى الجزم بالكفر بقولهم انا كفرنا قلت متعلق الكفر هو الكتب والشرائع التي أرسلوا بها ومتعلق الشك هو ما يدعونهم اليه من التوحيد مثلا والشك فى الثاني لا ينافى القطع فى الاول مُرِيبٍ موقع فى الريبة وهى قلق النفس وعدم اطمئنانها بالشيء وهى علامة الشر والسعادة [يعنى كمانى كه نفس را مضطرب ميسازد ودلرا راآم؟؟؟ نمى دهد وعقل را شوريده كرداند] وهو صفة توكيدية لشك قالَتْ رُسُلُهُمْ استئناف بيانى اى قالوا منكرين عليهم ومتعجبين من مقالتهم الحمقاء أَفِي اللَّهِ شَكٌّ اى أفي شأنه سبحانه من وجوده ووحدته ووجوب الايمان به وحده شك ما وهو اظهر من كل ظاهر حتى تكونوا من قبله فى شك مريب اى لا شك فى الله ادخلت همزة الإنكار على الظرف لان الكلام فى المشكوك فيه لا فى الشك انما ندعوكم الى الله وهو لا يحتمل الشك لكثرة الادلة وظهور دلالتها عليه واشاروا الى ذلك بقوله فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ صفة للاسم الجليل اى مبدعهما وما فيهما من المصنوعات فهما تدلان على كون فاطر فطرهما فان كينونتهما بلا كون مكون واجب الكون محال لانه يؤدى الى التسلسل والتسلسل محال وذلك المكون هو الله تعالى [روزى امام أعظم رحمه الله در مسجد نشسته بود جماعتى از زنادقه در آمدند وقصد هلاك او كردند امام كفت يك سؤال را جواب دهيد بعد از ان تيغ ظلم را آب دهيد كفتند مسئله چيست كفت من سفينه ديدم پر بار كران بر روى دريا روان چنانكه هيچ ملاحى محافظت نميكرد كفتند اين محالست زيرا كه كشتى بى ملاح بر يك نسق رفتن محال باشد كفت سبحان الله سير جمله أفلاك وكواكب ونظام عالم علوى وسفلى از سير يك سفينه عجب تر است همه ساكت كشتند واكثر مسلمان(4/402)
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)
شدند] يَدْعُوكُمْ الى طاعته بالرسل والكتب لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ اى بعضها وهو ماعدا المظالم وحقوق العباد مما بينهم وبينه تعالى فان الإسلام يجبه اى يقطعه ومنع سيبويه زيادة من فى الإيجاب واجازه ابو عبيدة وفى التأويلات النجمية يَدْعُوكُمْ من المكونات الى المكون لا لحاجته إليكم بل لحاجتكم اليه لِيَغْفِرَ لَكُمْ بصفة الغفارية مِنْ ذُنُوبِكُمْ التي أصابتكم من حجب ظلمات خلقية السماوات والأرض فاحتجبتم بها عنه وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى الى وقت سماه الله وجعله آخر اعماركم يبلغكموه ان آمنتم والا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت فهو مثل قوله عليه السلام (الصدقة تزيد فى العمر) فلا يدل على تعدد الاجل كما هو مذهب اهل الاعتزال قالُوا للرسل وهو استئناف بيانى إِنْ أَنْتُمْ اى ما أنتم فى الصورة والهيآت إِلَّا بَشَرٌ آدميون مِثْلُنا من غير فضل يؤهلكم لما تدعون من النبوة فلم تخصون بالنبوة دوننا ولو شاء الله ان يرسل الى البشر رسلا لارسل من جنس أفضل منهم وهم الملائكة على زعمهم من حيث عدم التدنس بالشهوات وما يتبعها تُرِيدُونَ بدعوى النبوة أَنْ تَصُدُّونا تصرفونا بتخصيص العبادة بالله عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا اى عن عبادة ما استمر آباؤنا على عبادته وهو الأصنام من غير شىء يوجبه وان لم يكن الأمر كما قلنا بل كنتم رسلا من جهة الله كما تدعونه فَأْتُونا [پس بياريد] بِسُلْطانٍ مُبِينٍ ببرهان ظاهر على صدقكم وفضلكم واستحقاقكم لتلك الرتبة حتى نترك ما لم نزل نعبده أبا عن جد كأنهم لم يعتبروا ما جاءت به رسلهم من الحجج والبينات واقترحوا عليهم آية اخرى تعنتا ولجاجا قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ زاد لفظ لهم لاختصاص الكلام بهم حيث أريد إلزامهم بخلاف ما سلف من انكار وقوع الشك فى الله فان ذلك عام وان اختص بهم ما يعقبه اى قالوا لهم معترفين بالبشرية ومشيرين الى منة الله عليهم إِنْ ما نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ كما تقولون لا ننكره وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ ينعم بالنبوة والوحى عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وفيه دلالة على ان النبوة عطائية كالسلطنة لا كسبية كالولاية والوزارة وَما كانَ وما صح وما استقام لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ اى بحجة من الحجج فضلا عن السلطان المبين بشئ من الأشياء وسبب من الأسباب إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فانه امر يتعلق بمشيئة الله ان شاء كان والا فلا تلخيصه انما نحن عبيد مربوبون
ناتوانى وعجز لازم ماست ... قدرت واختار از ان خداست
كارها را بحكم راست كند ... او تواناست هر چهـ خواست كند
وَعَلَى اللَّهِ دون ما عداه مطلقا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وحق المؤمنين ان لا يتوكلوا على غير الله فليتوكل على الله فى الصبر على معاندتكم ومعاداتكم وَما لَنا اى أي عذر ثبت لنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ اى فى ان لا نتوكل عليه وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا اى والحال انه ارشد كلامنا سبيله ومنهاجه الذي شرع له وأوجب عليه سلوكه فى الدين وهو موجب للتوكل ومستدع له قال فى التأويلات وهى الايمان والمعرفة والمحبة فانها سبل الوصول ومقاماته انتهى وحيث كانت اذية الكفار مما يوجب الاضطراب القادح فى التوكل قالوا على سبيل التوكيد(4/403)
القسمي مظهرين لكمال العزيمة وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا فى أبداننا وأعراضنا او بالتكذيب ورد الدعوة والاعراض عن الله والعناد واقتراح الآيات وغير ذلك مما لا خير فيه وهو جواب قسم محذوف وَعَلَى اللَّهِ خاصة فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ اى فليثبت المتوكلون على ما أحد ثوه من التوكل المسبب عن الايمان فالاول لاحداث التوكل والثاني للثبات عليه فلا تكرار والتوكل تفويض الأمر الى من يملك الأمور كلها وقالوا المتوكل من ان دهمه امر لم يحاول دفعه عن نفسه بما هو معصية الله فعلى هذا إذا وقع الإنسان فى شدة ثم سأل غيره خلاصه لم يخرج من حد التوكل لانه لم يحاول دفع ما نزل به عن نفسه بمعصية الله وفى التأويلات النجمية للتوكل مقامات فتوكل المبتدئ قطع النظر عن الأسباب فى طلب المرام ثقة بالمسبب وتوكل المتوسط قطع تعلق الأسباب بالمسبب وتوكل المنتهى قطع التعلق بما سوى الله للاعتصام بالله انتهى قال القشيري رحمه الله وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وقد حقق لنا ما سبق به الضمان من وجوه الإحسان وكفاية ما اظلنا من الامتحان وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا والصبر على البلاء يهون على رؤية المبلى وانشدوا فى معناه
مرما مربى؟؟؟ لاجلك حلو ... وعذابى لأجل حبك عذب
قال الحافظ
اگر بلطف بخوانى مزيد الطافست ... وكر بقهر برانى درون ما صافست
قيل لما قدم الحلاج لتقطع يده فقطعت يده اليمنى اولا ضحك ثم قطعت اليسرى فضحك ضحكا بليغا فخاف ان يصفر وجهه من نزف الدم فاكب بوجهه على الدم السائل ولطخ وجهه وبدنه وانشأ يقول
الله يعلم ان الروح قد تلفت ... شوقا إليك ولكنى امنيها
ونظرة منك يا سؤلى ويا املى ... أشهى الى من الدنيا وما فيها
يا قوم انى غريب فى دياركمو ... سلمت روحى إليكم فاحكموا فيها
لم اسلم النفس للاسقام تتلفها ... الا لعلمى بان الوصل يحييها
نفس المحب على الآلام صابرة ... لعل مسقمها يوما يداويها
ثم رفع رأسه الى السماء وقال يا مولاى انى غريب فى عبادك وذكرك اغرب منى والغريب يألف الغريب ثم ناداه رجل قال يا شيخ ما العشق قال ظاهره ما ترى وباطنه دق عن الورى ومن لطائف هذه الآية الكريمة ما روى المستغفري عن ابى ذر رفعه إذا آذاك البرغوث فخذ قدحا من ماء واقرأ عليه سبع مرات وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ الآية ثم قل ان كنتم مؤمنين فكفوا شركم وإذا كم عنا ثم رشه حول فراشك فانك تبيت آمنا من شرهم ولابن ابى الدنيا فى التوكل له ان عامل افريقية كتب الى عمر بن عبد العزيز يشكو اليه الهوام والعقارب فكتب اليه وما على أحدكم إذا امسى وأصبح ان يقول وما لنا ان لا نتوكل على الله الآية قال زرعة ابن عبد الله أحد رواته وينفع من البراغيث كذا فى المقاصد الحسنة قال بعض العارفين ان مما أخذ الله على الكلب إذا قرئ عليه وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لم يؤذ ومما أخذ الله على(4/404)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)
العقرب انه إذا قرئ عليها سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ لم تؤذ ومما أخذ الله على البراغيث وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ الآية ومن أراد الامن من شرها فليأخذ ماء ويقرأ عليه هذه الآية سبع مرات ثم ليقل سبع مرات ان كنتم آمنتم بالله فكفوا شركم عنا أيتها البراغيث ويرشه حول مرقده
غنيمت شمارند مردان دعا ... كه چوشن بود پيش تير بلا
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا من مدينتنا وديارنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا عاد بمعنى صار والظرف خبر اى لتصيرن فى اهل ملتنا فان الرسل لم يكونوا فى ملتهم قط الا انهم لما لم يظهروا المخالفة لهم قبل الاصطفاء اعتقدوا انهم على ملتهم فقالوا ما قالوا على سبيل التوهم او بمعنى رجع والظرف صلة والخطاب لكل رسول ومن آمن به فغلبوا فى الخطاب الجماعة على الواحد اى لتدخلن فى ديننا وترجعن الى ملتنا وهذا كله تعزية للنبى عليه السلام ليصبر على أذى المشركين كما صبر من قبله من الرسل فَأَوْحى إِلَيْهِمْ اى الى الرسل رَبُّهُمْ مالك أمرهم عند تناهى كفر الكفرة بحيث انقطع الرجاء عن ايمانهم وقال لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ اى المشركين فان الشرك لظلم عظيم وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ اى ارض الظالمين وديارهم مِنْ بَعْدِهِمْ اى من بعد إهلاكهم عقوبة لهم على قولهم لنخرجنكم من ارضنا وفى الحديث (من آذى جاره ورثه الله داره) قال الزمخشري فى الكشاف ولقد عاينت هذه فى مدة قريبة كان لى خال يظلمه عظيم القرية التي انا منها ويؤذينى فيه فمات ذلك العظيم وملكنى الله ضيعته فنظرت يوما الى أبناء خالى يترد دون فيها ويدخلون فى داره ويخرجون ويأمرون وينهون فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من آذى جاره ورثه الله داره) وحدثتهم وسجدنا شكر الله تعالى: قال السعدي قدس سره
تحمل كن اى ناتوان از قوى ... كه روزى تواناتر از وى شوى
لب خشك مظلوم را كو بخند ... كه دندان ظالم بخواهند كند
ذلِكَ اشارة الى الموحى به وهو إهلاك الظالمين واسكان المؤمنين ديارهم اى ذلك الأمر والوعد محقق ثابت لِمَنْ خافَ الخوف غم يلحق لتوقع المكروه مَقامِي موقفى وهو موقف الحساب لانه موقف الله الذي يقف فيه عباده يوم القيامة يقومون ثلاثمائة عام لا يؤذن لهم فيقعدون اما المؤمنون فيهوّن عليهم كما يهوّن عليهم الصلاة المكتوبة ولهم كراسى يجلسون عليها ويظلل عليهم الغمام ويكون يوم القيامة عليهم ساعة من نهار قال فى التأويلات النجمية العوام يخافون دخول النار والمقام فيها والخواص يخافون فوات المقام فى الجنة لانها دار المقامة وأخص الخواص يخافون فوات مقام الوصول وَخافَ وَعِيدِ بحذف الياء اكتفاء بالكسرة اى وعيدي بالعذاب وعقابى. والمعنى ان ذلك حق لمن جمع بين الخوفين اى للمتقين كقوله وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَاسْتَفْتَحُوا معطوف على فاوحى والضمير للرسل اى استنصروا الله وسألوه الفتح والنصرة على أعدائهم او للكفار وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ اى فنصروا عند استفتاحهم وظفروا بما سألوا وأفلحوا وخسر وهلك عند نزول(4/405)
مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)
العذاب قومهم المعاندون فالخيبة بمعنى مطلق الحرمان دون الحرمان من المطلوب وان كان الاستفتاح من الكفرة فهى بمعنى الحرمان من المطلوب غب الطلب وهو أوقع حيث لم يحصل ما توقعوه لانفسهم الا لاعدائهم وهذا كمال الخيبة التي عدم نيل المطلوب وانما قيل وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ذما لهم وتسجيلا عليهم بالتجبر والعناد لا ان بعضهم ليسوا كذلك وانه لم تصبهم الخيبة والجبار الذي يجبر الخلق على مراده والمتكبر عن طاعة الله والمتعظم الذي لا يتواضع لامر الله. والعنيد بمعنى المعاند الذي يأبى ان يقول لا اله الا الله او المجانب للحق المعادى لاهله وقال الكاشفى [نوميد ماند وبي بهره كشت از خلاص هر كردنكشى كه ستيزنده شود با حق يا معرض از طاعت او] قال الامام الدميري فى حياة الحيوان حكى الماوردي فى كتاب ادب الدنيا والدين ان الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما فى المصحف فخرج قوله تعالى وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ فمزق المصحف وانشأ يقول
أتوعد كل جبار عنيد ... فها انا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقنى الوليد
فلم يلبث أياما حتى قتل شرّ قتلة وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده انتهى قال فى انسان العيون مروان كان سببا لقتل عثمان رضى الله عنه وعبد الملك ابنه كان سببا لقتل عبد الله بن الزبير رضى الله عنه ووقع من الوليد بن يزيد بن عبد الملك الأمور الفظيعة انتهى يقول الفقير رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى امية فى صورة القردة فلعنهم فقال (ويل لبنى امية) ثلاث مرات ولم يجئ منهم الخير والصلاح الا من اقل القليل وانتقلت دولتهم بمعاونة ابى مسلم الخراسانى الى آل العباس وقد رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاورون منبره فسره ذلك وتفصيله فى كتاب السير والتواريخ مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ هذا وصف حال كل جبار عنيد وهو فى الدنيا اى بين يديه وقدامه فانه معد لجهنم واقف على شفيرها فى الدنيا مبعوث إليها فى الآخرة او من وراء حياته وهو ما يعد الموت فيكون ورلء بمعنى خلف كما قال الكاشفى [از پس او دور خست يعنى در روز حشر رجوع او بدان خواهد بود] وحقيقته ما توارى عنك واحتجب واستتر فليس من الاضداد بل هو موضع لامر عام يصدق على كل من الضدين وقال المطرزي فى الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام وقد يستعار للزمان وَيُسْقى عطف على مقدر جوابا عن سؤال سائل كأنه قيل فماذا يكون اذن فقيل يلقى فيها ويسقى مِنْ ماءٍ مخصوص لا كالمياه المعهودة صَدِيدٍ هو القبح المختلط بالدم او ما يسيل من أجساد اهل النار وفروج الزناة وهو عطف بيان لماء أبهم اولا ثم بين بالصديد تعظيما وتهويلا لامره وتخصيصه بالذكر من بين عذابها يدل على انه من أشد أنواعه او صفة عند من لا يجيز عطف البيان فى النكرات وهم البصريون فاطلاق الماء عليه لكونه بدله فى جهنم ويجوز ان يكون الكلام من قبيل زيد أسد فالماء على حقيقته كما قال ابو الليث ويقال ماء كهيئة الصديد وفى الحديث (من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكران وبعث من قبره سكران وامر به الى النار سكران فيها عين(4/406)
يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)
يجرى منها القبح والدم هو طعامهم وشرابهم ما دامت السماوات والأرض يَتَجَرَّعُهُ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا يفعل به فقيل يتجرعه وفى التفعل تكلف ومعنى التكلف ان الفاعل يتعانى ذلك الفعل ليحصل بمعاناته كتشجع إذ معناه استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل فالمعنى. لغلبتة العطش واستيلاء الحرارة عليه يتكلف جرعه مرة بعد اخرى لا بمرة واحدة لمرارته وحرارته ورائحته المنتنة وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ اى لا يقارب ان يسيغه ويبتلعه فضلا عن الاساغة بل يغص به فيشر به باللتيا والتي جرعة غب جرعة فيطول عذابه تارة بالحرارة والعطش واخرى بشربه على تلك الحال فان السوغ انحدار الشراب فى الحلق بسهولة وقبول نفس ونفيه لا يوجب نفى ما ذكر جميعا وفى الحديث (انه يقرب اليه فيتكرهه فاذا ادنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فاذا شرب قطع امعاءه حتى تخرج من دبره) وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ اى أسبابه من الشدائد والآلام مِنْ كُلِّ مَكانٍ ويحيط به من الجهات الست فالمراد بالمكان الجهة او من كل مكان من جسده حتى من اصول شعره وإبهام رجله وهذا تفظيع لما يصيبه من الألم اى لو كان ثمة موت لكان واحد منها مهلكا وَما هُوَ بِمَيِّتٍ اى والحال انه ليس بميت حقيقة فيستريح وَمِنْ وَرائِهِ من بين يديه اى بعد الصديد وقال الكاشفى [ودر پس اوست با وجود چنين محنتى كه] عَذابٌ غَلِيظٌ لا يعرف كنهه اى يستقبل كل وقت عذابا أشد وأشق مما كان قبله ففيه رفع ما يتوهم من الخفة بحسب الاعتبار كما فى عذاب الدنيا وعن الفضيل هو قطع الأنفاس وحبسها فى الأجساد ولذا جاء الصلب أشد انواع العذاب نعوذ بالله واستثنى من شدة العذاب عما النبي عليه السلام ابو لهب وابو طالب اما ابو لهب فكان له جارية يقال لها ثويبة وهى أول من ارضعته عليه السلام بعد إرضاع امه له فبشرته بولادته عليه السلام وقالت له أشعرت ان آمنة ولدت ولدا وفى لفظ غلاما لاخيك عبد الله فاعتقها ابو لهب وقال أنت حرة فجوزى بتخفيف العذاب عنه يوم الاثنين بان يسقى ماء فى جهنم فى تلك الليلة اى ليلة الاثنين فى مثل النقرة التي بين السبابة والإبهام وفى المواهب رؤى ابو لهب بعد موته فى المنام فقيل له ما حالك قال فى النار الا انه يخفف عنى كل ليلة اثنين وامص من بين إصبعي هاتين ماء وأشار برأس إصبعيه وان ذلك باعتاقى لثويبة عند ما بشرتنى بولادة النبي صلى الله عليه وسلم بارضاعها له كذا فى انسان العيون واما ابو طالب فقال العباس رضى الله عنه قلت يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشئ فانه كان يحوطك قال (نعم هو فى ضحضاح من النار ولولا انا لكان فى الدرك الأسفل من النار) وفى الحديث (ان الكافر يخفف عنه العذاب بالشفاعة) لعل هذا يكون مخصوصا بابى طالب كما فى شرح المشارق لابن الملك قال فى انسان العيون قبول شفاعته عليه السلام فى عمه ابى طالب عدّ من خصائصه عليه السلام فلا يشكل بقوله تعالى فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة شفعت لابى وأمي وعمى ابى طالب وأخ لى كان فى الجاهلية) يعنى أخاه من الرضاعة من حليمة ويجوز ان يكون ذكر شفاعته لأبويه كان قبل احيائهما وإيمانهما به وكذا لاخيه فانه كان قبل ان يسلم وقد صح ان حليمة وأولادها اسلموا انتهى الكل فى الإنسان وفى الحديث (يقال لاهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو ان لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفدى به فيقول نعم(4/407)
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)
فيقال أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي شيأ فما أردت الا ان تشرك بي شيأ) كما فى المصابيح مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ اى صفتهم وحالهم العجيبة الشأن التي هى كالمثل فى الغرابة وهو مبتدأ خبره قوله تعالى أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ كقولك صفة زيد عرضه مهتوك وماله منهوب او خبره محذوف اى فيما يتلى عليكم مثلهم وقوله أعمالهم جملة مستأنفة مبنية على سؤال من يقول كيف مثلهم فقيل أعمالهم كرماد اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ الاشتداد هنا بمعنى العدو والباء للتعدية اى حملته وأسرعت فى الذهاب به وقال الكاشفى [همچوخاكستريست كه سخت بگذرد بر وباد] فِي يَوْمٍ عاصِفٍ ريحه اى شديد قوى فحذفت الريح ووصف اليوم بالعصوف مجازا كقولك يوم ماطر وليلة ساكنة وانما السكون لريحها لا يَقْدِرُونَ يوم القيامة مِمَّا كَسَبُوا فى الدنيا من اعمال الخير عَلى شَيْءٍ ما اى لا يرون له اثرا من ثواب وتخفيف عذاب كما لا يرون اثرا من الرماد المطير فى الريح ذلِكَ اى ما دل عليه التمثيل دلالة واضحة من ضلالهم. يعنى كفرهم وأعمالهم المبنية عليه وعلى التفاخر والرياء مع حسبانهم محسنين وهو جهل مركب وداء عضال حيث زين لهم سوء أعمالهم فلا يستغفرون منها ولا يتوبون بخلاف عصاة المؤمنين ولذا قال هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ صاحبه عن طريق الحق والصواب بمراحل او عن نيل الثواب فاسند البعد الذي هو من احوال الضال الى الضلال الذي هو فعله مجازا مبالغة شبه الله صنائع الكفار من الصدقة وصلة الرحم وعتق الرقاب وفك الأسير واغاثة الملهوفين وعقر الإبل للاضياف ونحو ذلك مما هو من باب المكارم فى حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير أساس من معرفة الله والايمان به وكونها لوجهه برماد طيرته الريح العاصف [يعنى مانند توده خاكسترست كه باد سخت بر ان وزد بهوا برده در أطراف پراكنده سازد وهيچ كس بر جمع آن قادر نبود واز ان نفع نكيرد فكما لا ينتفع بذلك الرماد المطير كذلك لا ينتفع بالأعمال المقرونة بالكفر والشرك ففيه رد اعمال الكفار واعمال اهل البدع والأهواء لاعتقادهم السوء فدل على ان الأعمال مبنية على الايمان وهو على الإخلاص كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل روى الطبراني عن أم سلمة رضى الله عنها ان الحارث ابن هشام رضى الله عنه اى أخا ابى جهل بن هشام اتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع فقال يا رسول الله انك تحث على صلة الرحم والإحسان الى الجار وإيواء اليتيم واطعام الضيف واطعام المسكين وكل هذا مما يفعله هشام يعنى والده فما ظنك به يا رسول الله فقال عليه السلام (كل قبر لا يشهد صاحبه ان لا اله الا الله فهو جذوة من النار وقد وجدت عمى أبا طالب فى طمطام من النار فاخرجه الله لمكانه منى وإحسانه الىّ فجعله فى ضحضاح من النار) اى مقدار ما يغطى قدميه وهذا مخصوص بابى طالب كما سبق- حكى- ان عبد الله بن جدعان وهو ابن عم عائشة رضى الله عنها كان فى ابتداء امره صعلوكا وكان مع ذلك شريرا فاتكا يجنى الجنايات فيعقل عنه أبوه وقومه حتى أبغضته عشيرته فخرج هائما فى شعاب مكة يتمنى الموت فرأى شقا فى جبل فلما قرب منه حمل عليه ثعبان عظيم له عينان تتقدان كالسراجين فلما تأخر انساب اى رجع عنه فلا زال كذلك حتى غلب على ظنه ان هذا مصنوع فقرب منه وامسك بيده فاذا هو من(4/408)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)
ذهب وعيناه ياقوتتان فكسره ثم دخل المحل الذي كان هذا الثعبان على بابه فوجد فيه رجالا من الملوك ووجد فى ذلك المحل أموالا كثيرة من الذهب والفضة وجواهر كثيرة من الياقوت واللؤلؤ والزبرجد فاخذ منه ما أخذ ثم اعلم ذلك الشق بعلامة وصار ينقل منه شيأ فشيأ ووجد فى ذلك الكنز لوحا من رخام فيه انا نفيلة بن جرهم بن قحطان بن هود نبى الله عشت خمسمائة عام وقطعت غور الأرض ظاهرها وباطنها فى طلب الثروة والمجد والملك فلم يكن ذلك منجيا من الموت
جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست
نه بر باد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام
بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت
ثم بعث عبد الله بن جدعان الى أبيه بالمال الذي دفعه فى جناياته ووصل عشيرته كلهم فسادهم وجعل ينفق من ذلك الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف وكانت جفنته يأكل منها الراكب على البعير وسقط فيها صبى فغرق اى مات قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ينفعه ذلك يوم القيامة فقال (لا لانه لم يقل يوما يا رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين) اى لم يكن مسلما لانه ممن أدرك البعثة ولم يؤمن كما فى انسان العيون- وروى- لما اتى عليه السلام بسبايا طىّ وقعت جارية فى السبي فقالت يا محمد ان رأيت ان تخلى عنى ولا تشمت بي احياء العرب فانى بنت سيد قومى وان ابى كان يحمى الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويطعم الطعام ويفشى السلام ولم يرد طالب حاجة قط انى بنت حاتم طى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه وقال خلوا عنها فان أباها كان يحب مكارم الأخلاق وان الله يحب مكارم الأخلاق) قال فى أنيس الوحدة وجليس الخلوة قيل لما عرج النبي عليه السلام اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام ما بال هذا الرجل فى هذه الحظيرة لا تمسه النار فقال جبريل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخاته وجوده: قال السعدي
كنون بر كف دست نه هر چهـ هست ... كه فردا بدندان كزى پشت دست
مكردان غريب از درت بى نصيب ... مبادا كه كردى بدرها غريب
نه خواهنده بر در ديكران ... بشكران خواهنده از در مران
پريشان كن امروز كنجينه چست ... كه فردا كليدش نه در دست تست
أَلَمْ تَرَ خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد أمته بدليل يذهبكم والامة امة الدعوة والرؤية رؤية القلب وفى التأويلات النجمية يخاطب روح النبي صلى الله عليه وسلم فان أول ما خلق الله روحه ثم خلق السماوات والأرض وروحه ناظر مشاهد خلقتها اى ألم تعلم أو لم تنظر والاستفهام للتقرير اى قدر رأيت أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قال فى بحر العلوم آثار فعل الله بالسماوات والأرض وسعة الاخبار به متواترة فقامت لك مقام المشاهدة بِالْحَقِّ ملتبسة بالحكمة البالغة والوجه الصحيح الذي ينبغى ان يخلق عليه لا باطلا ولا عبثا إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ(4/409)
وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)
يعدمكم بالكلية ايها الناس وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ اى يخلق بدلكم خلقا آخر من جنسكم آدميين او من غيره خيرا منكم وأطوع لله وفى التأويلات النجمية إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ايها الناس المستعد لقبول فيض اللطف والقهر وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ مستعد لقبول فيض لطفه وقهره من غير الإنسان انتهى رتب قدرته على ذلك على خلق السماوات والأرض على هذا النمط البديع إرشادا الى طريق الاستدلال فان من قدر على خلق مثل هاتيك الاجرام العظيمة كان على تبديل خلق آخر بهم اقدر ولذلك قال وَما ذلِكَ اى اذهابكم والإتيان بخلق جديد مكانكم عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ بمتعذر او متعسر بل هو هين عليه يسير فانه قادر لذاته على جميع الممكنات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون
كار اگر مشكل اگر آسانست ... همه در قدرت او يكسانست
ومن هذا شأنه حقيق بان يؤمن به ويعبد ويرجى ثوابه ويخشى عقابه والآية تدل على كمال قدرته تعالى وصبوريته حيث لا يؤاخذ العصاة على العجلة وفى صحيح البخاري ومسلم عن ابى موسى (لا أحد اصبر على أذى سمعه من الله انه يشرك به ويجعل له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم) ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر فعلى العاقل ان يخشى الله تعالى على كل حال فانه ذو القهر والكبرياء والجلال وعن جعفر الطيار رضى الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال الجبل بنطق لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ بكيت بخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فى ماء ثم ان هذا التهديد فى الآية انما نشأ من الكفر والمعصية ولو كان مكانهما الايمان والطاعة لحصل التبشير وكل منهما جار الى يوم القيامة وعن إسماعيل المحاملي قال رأيت فى المنام كأنى على فضاء من الأرض انظر شرق الأرض وغربها وكأن شخصا نزل من السماء فبسط يمينه وشماله الى أطراف الأرض فجمع بكلتا يديه شيأ من وجه الأرض ثم ضمهما الى صدره وارتفع الى السماء ثم نزل كذلك وفعل كالاول ثم نزل فى المرة الثالثة وبسط يديه وهم بان يجمع شيأ ثم ترك وأرسل يديه ولم يأخذوهم بالصعود فقال ألا تسألنى فقلت بلى من أنت قال انا ملك أرسلني الله فى المرة الاولى ان أخذ الخير والبركة عن وجه الأرض فاخذت وفى الثانية ان أخذ الشفقة والرحمة فاخذت وفى الثالثة ان آخذ الايمان فنوديت ان محمدا يشفع الىّ وانى قد شفعته فلا أسلب الايمان من أمته فاترك فتركت فصعد الى السماء ويداه مرسلتان كذا فى زهرة الرياض وعند قرب القيامة يسلب الله الايمان والقرآن فيبقى الناس فى صورة الآدميين دون سيرتهم ثم يذهبهم الله جميعا ويظهر ان العزة والملك لله تعالى: قال الجامى
با غير او اضافت شاهى بود چنانك ... بر يك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه
وَبَرَزُوا اى برز الموتى من قبورهم يوم القيامة الى ارض المحشر اى يظهرون(4/410)
ويخرجون عند النفخة الثانية حين تنتهى مدة لبثهم فى بطن الأرض قال الله تعالى ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق وقوعه لِلَّهِ اى لامر الله ومحاسبته فاللام تعليلية وصلة برزوا محذوفة اى برزوا من القبور الموتى جَمِيعاً اى جميعهم من المؤمنين والكافرين كما فى تفسير الكاشفى او القادة والاتباع اجتمعوا للحشر والحساب وهذا كقوله وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً كما فى تفسير ابى الليث فَقالَ الضُّعَفاءُ الاتباع والعوام جمع ضعيف والضعف خلاف القوة وقد يكون فى النفس وفى البدن وفى الحال وفى الرأى والمناسب للمقام هو الأخير فانه لو كان فى رأيهم قوة لما اتبعوهم فى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم يقول الفقير فى هذه الشرطية نظر لانه ربما يكون الرجل قوة رأى وجودة فكر مع انه لا يستقل
به لكونه ضعيف الحال خائفا من سطوة المتغلبة من اهل الكفر والضلال فالاولى ان يكون الضعيف بمعنى المستذل المقهور كما فى قوله تعالى وَالْمُسْتَضْعَفِينَ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى لرؤسائهم المستكبرين الخارجين عن طاعة الله إِنَّا كُنَّا فى الدنيا لَكُمْ تَبَعاً جمع تابع كخدم جمع خادم وهو المستنّ بآثار من يتبعه اى تابعين فى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم مطيعين لكم فيما أمرتمونا به فَهَلْ أَنْتُمْ [پس هيچ هستيد شما] مُغْنُونَ دافعون عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من الاولى للبيان واقعة موقع الحال قدمت على صاحبها لكونه نكرة والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول اى بعض الشيء الذي هو عذاب الله والفاء للدلالة على سببية الاتباع للاغناء والمراد التوبيخ والعتاب لانهم كانوا يعلمون انهم لا يغنون عنهم شيأ مما هم فيه قالُوا اى المستكبرون جوابا عن معاتبة الاتباع واعتذارا عما فعلوا بهم يا قوم لَوْ هَدانَا اللَّهُ الى الايمان ووفقنا له لَهَدَيْناكُمْ ولكن ضللنا فاضللناكم اى اخترنا لكم ما اخترناه لانفسنا وقال الكاشفى [اگر خداى تعالى نمودى طريق نجات را از عذاب هر آيينه ما نيز شما را راه مينموديم بدان اما طرق خلاصى مسدود است وشفاعت ما درين دركاه مردود] وفى التأويلات النجمية قالُوا يعنى اهل البدع للمتقلدة لَوْ هَدانَا اللَّهُ الى طريق اهل السنة والجماعة وهو الطريق الى الله وقربته لَهَدَيْناكُمْ اليه وفيه اشارة الى ان الهداية والضلالة من نتائج لطف الله وقهره ليس الى أحد من ذلك شىء فمن شاء جعله مظهر الصفات لطفه ومن شاء جعله مظهر الصفات قهره: قال الحافظ
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا فى طلب النجاة من ورطة الهلاك والعذاب والجزع عدم الصبر على البلاء أَمْ صَبَرْنا على مالقينا انتظارا للرحمة اى مستو علينا الجزع والصبر فى عدم الانجاء ففيه اقناط الضعفاء والهمزة وأم لتأكيد التسوية ونحوه اصبروا او لا تصبروا سواء عليكم ولما كان عتاب الاتباع من باب الجزع ذيلوا جوابهم ببيان ان لا جدوى فى ذلك فقالوا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ من منجى ومهرب من العذاب. وبالفارسية [كريز كاهى و پناهى](4/411)
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)
من الحيص وهو العدول على جهة الفرار يقال حاص الحمار إذا عدل بالفرار وفى التأويلات ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ من مخلص للنجاة لانه ضاع منا آلة النجاة وأوانها ويجوز ان يكون قوله سواء علينا كلام الضعفاء والمستكبرين جميعا ويؤيده انهم يقولون تعالوا نجزع فيجزعون خمسمائة عام فلا ينفعهم فيقولون تعالوا نصبر اى رجاء ان يرحمهم الله بصبرهم على العذاب كما رحم المؤمنين بصبرهم على الطاعات فيصبرون كذلك فلا ينفعهم [يعنى از هيچ يك فائده نمى رسد] فعند ذلك يقولون ذلك: قال السعدي قدس سره
فراشو چوبينى در صلح باز ... كه نا كه در توبه كردد فراز
تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب
كنون كرد بايد عمل را حساب ... نه روزى كه منشور كردد كتاب
وَقالَ الشَّيْطانُ الذي أضل الضعفاء والمستكبرين لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ اى احكم وفرغ منه وهو الحساب ودخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار أو أمر اهل السعادة بالسعادة وامر اهل الشقاوة بالشقاوة قال الكاشفى [تمامت دوزخيان مجتمع شده زبان ملامت بر إبليس دراز كنند إبليس بر منبر آتشين بر آيد وكويد باشقياء انس كه اى ملامت كنندكان] إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [وعده راست ودرست كه حشر وجزا خواهد بود] فوفى لكم بما وعدكم وَوَعَدْتُكُمْ اى وعد الباطل وهو ان لا بعث ولا حساب ولئن كان فالاصنام شفعاؤكم ولم يصرح ببطلانه لمادل عليه قوله فَأَخْلَفْتُكُمْ اى موعدى على حذف المفعول الثاني اى نقضته والأخلاف حقيقة هو عدم انجاز من يقدر على انجاز وعده وليس الشيطان كذلك فقوله اخلفتكم يكون مجازا جعل تبين خلف وعده كالاخلاف منه كأنه كان قادرا على إنجازه وانى له ذلك [يعنى امروز ظاهر شد كه من دروغ كفته بودم] وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ اى تسلط وقهر فالجئكم الى الكفر والمعاصي قال فى بحر العلوم لقائل ان يقول قول الشيطان هذا مخالف لقوله الله انما سلطانه على الذين يتولونه فما حكم قول الشيطان أحق هوام باطل على انه لا طائل تحته فى النطق بالباطل فى ذلك المقام انتهى يقول الفقير جوابه ان نفى السلطان بمعنى القهر والغلبة لا ينافى إثباته بمعنى الدعوة والتزيين فالشيطان ليس له سلطان بالمعنى الاول على المؤمنين والكافرين جميعا وله ذلك بالمعنى الثاني على الكفار فقط كما دل عليه قوله تعالى إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ واما المؤمنون وهم اولياء الله فيتولون الله بالطاعة فهم خارجون عن دائرة الاتباع بوسوسته إذ هو يجرى فى عالم الصفات وهو عالم الافعال واما عالم الذات فيخلص للمؤمن فأنى للشيطان سبيل اليه ولو كان لآمن فافهم هداك الله إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ الا دعائى إياكم الى طاعتى بوسوسة وتزيين وهو ليس من جنس السلطان والولاية فى الحقيقة فَاسْتَجَبْتُمْ لِي أجبتم لى طوعا واختيارا فَلا تَلُومُونِي فيما وعدتكم بالباطل لانى خلقت لهذا ولانى عدو مبين لكم وقد خذركم الله عداوتى كما قال لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ لا يفتننكم الشيطان ومن تجرد للعداوة لا يلام إذا دعا الى امر قبيح وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ يعنى باختياركم المعصية وحبكم لها صدقتمونى فيما كذبتكم(4/412)
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)
وكذبتم الله فيما صدقكم وذلك لان مقالى كان ملائما لهوى أنفسكم وكلام الحق مخالف لهواها ومر على مزاق النفوس اى فانتم أحق باللوم منى ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ بمغيثكم مما أنتم فيه من العذاب وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ مما انا فيه يعنى لا ينجى بعضنا بعضا من عذاب الله والاصراخ الاغاثة والمصرخ بالفارسية [فرياد رس] وانما تعرض لذلك مع انه لم يكن فى حيز الاحتمال مبالغة فى بيان عدم اصراخه إياهم وإيذانا بانه ايضا مبتلى بمثل ما ابتلوا به ومحتاج الى الاصراخ فكيف من اصراخ الغير إِنِّي كَفَرْتُ اليوم بِما أَشْرَكْتُمُونِ باشراككم إياي الله فى الطاعة. وبالفارسية [بانچهـ شريك مى كرديد مرا با خداى تعالى در فرمان بردارى] مِنْ قَبْلُ اى قبل هذا اليوم اى فى الدنيا بمعنى تبرأت منه واستنكرته [يعنى بيزاز شدم از شرك شما] قال فى الإرشاد يعنى ان اشراككم لى بالله هو الذي يطمعكم فى نصرتى لكم بان كان لكم على حق حيث جعلتمونى معبودا وكنت اودّ ذلك وارغب فيه فاليوم كفرت بذلك ولم احمده ولم اقبله منكم بل تبرأت منه ومنكم فلم يبق بينى وبينكم علاقة إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ تتمة كلامه او ابتداء كلام من الله تعالى. والظالمون هم الشيطان ومتبعوه من الانس لان الشيطان وضع الدعوة الى الباطل فى غير موضعها وانهم وضعوا الاتباع فى غير موضعه وفى حكاية أمثاله لطف للسامعين وإيقاظ لهم حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبروا عواقبهم
هر كه نقص خويش را ديد وشناخت ... اندر استكمال خود ده اسب تاخت «1»
هر كه آخربين تر او مسعودتر ... هر كه آخوربين تر او مبعودتر «2»
ثم اخبر عن حال المؤمنين ومآلهم بقوله وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جمعوا بين الايمان والعمل الصالح والمدخلون هم الملائكة جَنَّاتٍ [در بهشتهاى كوناكون كه] تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [ميرود از زير درختان جويها] خالِدِينَ فِيها [در حالتى كه جاويدان باشند دران] بِإِذْنِ رَبِّهِمْ متعلق بادخل اى بامره او بتوفيقه وهدايته وفيه اشارة الى ان الإنسان إذا خلى وطبعه لا يؤمن ولا يعمل الصالحات والجنات ان لم تكن العناية لا يبقى أحد فى جنة القلب ساعة كما لم يبق آدم فى الجنة خالدا كما فى التأويلات النجمية تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ التحية دعاء بالتعمير واضافتها الى الضمير من اضافة المصدر الى المفعول اى تحييهم الملائكة فى الجنات بالسلام من الآفات او يحيى المؤمنون بعضهم بعضا بالسلام والسلام تحية المؤمنين فى الدنيا ايضا وأصله صدر من أبينا آدم عليه السلام على ما روى وهب بن منبه ان آدم لما رأى ضياء نور نبينا صلى الله عليه وسلم سأل الله عنه فقال هو نور النبي العربي محمد من أولادك فالانبياء كلهم تحت لوائه فاشتاق آدم الى رؤيته فظهر نور النبي عليه السلام فى انملة مسبحة آدم فسلم عليه فرد الله سلامه من قبل النبي عليه السلام فمن هنا بقي السلام سنة لصدوره عن آدم وبقي رده فريضة لكونه عن الله تعالى. ونظيره ركعات الوتر فانه عليه السلام لما أم الأنبياء فى بيت المقدس أوصاه موسى عليه السلام ان يصلى له ركعة عند سدرة المنتهى قال الله تعالى فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ اى لقاء موسى ليلة المعراج فلما صلى ركعة ضم إليها
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان كفتن مهمان عليه السلام را كه ارمغان بهر تو إلخ
(2) در اواسط دفتر چهارم در بيان نصحت دينا اهل دينا كه إلخ(4/413)
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)
ركعة اخرى لنفسه فلما صلاهما اوحى الله تعالى اليه ان صل ركعة اخرى فلذلك صاروترا كالمغرب فلما قام إليها ليصليها غشاه الله بالرحمة والنور فانحل يداه بلا اختيار منه فلذلك كان رفع اليد سنة واليه أشار النبي عليه السلام بقومه (ان الله زادكم صلاة ألا وهى الوتر) وقيل لما صلى الركعة الثانية وقام الى الثالثة رأى والديه فى النار ففزع وانحل يداه تم جمع قلبه فكبر وقال (اللهم انا نستعينك) إلخ كما فى التقدمة شرح المقدمة فما صلاه عليه السلام لنفسه صار سنة وما صلاه لموسى صار واجبا وما صلاه لله تعالى صار فريضة ولما كان اصل هذه الصلاة وصية موسى اطلق عليها الواجب وقال الفقهاء يقول فى الوتر نويت صلاة الوتر للاختلاف فى وجوبه أَلَمْ تَرَ ألم تشاهد بنور النبوة يا محمد كما فى التأويلات النجمية وقال الكاشفي [آيا نديدى وندانستى اى بنده بينا ودانا كه براى تفهيم شما] كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا بين شبها ووضعه فى موضعه اللائق به وكيف فى محل النصب بضرب لا بألم تر لما فى كيف من معنى الاستفهام فلا يتقدم عليه عامله كَلِمَةً طَيِّبَةً منصوب بمضمر والجملة تفسير لقوله ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كقولك شرف الأمير زيدا كساه حلة وحمله على فرس اى جعل كلمة طيبة وهى كلمة التوحيد اى شهادة ان لا اله الا الله ويدخل فيها كل كلمة حسنة كالقرآن والتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة الى الإسلام ونحوها مما أعرب عن حق او دعا الى صلاح كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ اى حكم بانها مثلها لا انه تعالى صيرها مثلها قال عليه السلام (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الا ترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمر لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر) والحنظل بالفارسية [هندوانه ابو جهل] ثم ان النخلة أكرم الأشجار على الله فانها خلقت من فضلة طينة آدم وولدت تحتها مريم كما ورد فى أحاديث المقاصد الحسنة ولذا جاء ثمرتها احلى وأطيب من سائر الثمار أَصْلُها ثابِتٌ اى أسفلها ذاهب بعروقه فى الأرض متمكن فيها وَفَرْعُها اى أعلاها ورأسها فِي السَّماءِ فى جهة العلو تُؤْتِي أُكُلَها تعطى ثمرها كُلَّ حِينٍ وقته الله لا ثمارها وهى السنة الكاملة لان النخلة تثمر فى كل سنة مرة ومدة اطلاعها الى وقت سرامها ستة أشهر وقال بعضهم كل حين اى ينتفع بها على الأحيان كلها لان ثمر النخل يؤكل ابدا ليلا ونهارا صيفا وشتاء وفى كل ساعة اما تمرا او رطبا او بسرا كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار وآخره لا ينقطع ابدا كصعود هذه الشجرة ولا يكون فى كلمة الإخلاص زيادة ولا نقصان لكن يكون لها مدد وهو التوفيق بالطاعات فى الأوقات كما يحصل النماء لهذه الشجرة بالتربية بِإِذْنِ رَبِّها بارادة خالقها وتيسيره وتكوينه وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ [وميراند خداى تعالى مثلها را يعنى بيان ميكند براى مردمان] لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتفطنون بضرب الأمثال لان فى ضربها زيادة إفهام وتذكير فانه تصوير للمعانى بصور المحسوسات. وفى الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال وهى فى كلام الأنبياء والعلماء والحكماء كثيرة لا تحصى وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ هى كلمة الكفر ويدخل(4/414)
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)
فيها كل كلمة قبيحة من الدعاء الى الكفر وتكذيب الحق ونحوهما كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ كمثل شجرة خبيثة اى صفتها كصفتها وهى الحنظل ويدخل فيها كل مالا يطيب ثمرها من الكسوب وهو نبت يتعلق باغصان الشجر من غير ان يضرب بعرق فى الأرض ويقال له اللبلاب والعشقة والثوم قد يقال انها من النجم لا الشجر والظاهر انه من باب المشاكلة قال فى التبيان وخبثها غاية مرارتها ومضرتها وكل ما خرج عن اعتداله فهو خبيث وقال الشيخ الغزالي رحمه الله شبه العقل بشجرة طيبة والهوى بشجرة خبيثة فقال أَلَمْ تَرَ كَيْفَ إلخ انتهى فالنفس الخبيثة الامارة كالشجرة الخبيثة تتولد منها الكلمة الخبيثة وهى كلمة تتولد من خباثة النفس الخبيثة الظالمة لنفسها بسوء اعتقادها فى ذات الله وصفاته او باكتساب المعاصي والظالمة لغيرها بالتعرض لعرضه او ماله اجْتُثَّتْ الجث القطع باستئصال اى اقتلعت جثتها وأخذت بالكلية مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ لكون عروقها قريبة منها ما لَها مِنْ قَرارٍ استقرار عليها. يقال قر الشيء قرارا نحو ثبت ثباتا: قال الكاشفى [نيست او را ثبات واستحكام يعنى نه بيخ دارد بر زمين ونه شاخ در هوا]
نه بيخى كه آن باشد او را مدار ... نه شاخى كه كردد بدان سايه دار
كياهيست افتاده بر روئ خاك ... پريشان وبى حاصل وخورناك
[حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد درخت ايمانرا كه اصل آن در دل مؤمن ثابتست واعمال او بجانب اعلاى عليين مرتفع وثواب او در هر زمان بدو واصل بدرخت خرما كه بيخ او مستقر است در منبت او وفرع متوجه بجانب علو ونفع او در هر وقت دهنده بخلق وتمثيل نمود كلمه كفر وعبادت أصنام را كه در دل كافر مقلد بجهت عدم حجت وبرهان بران ثباتى ندارد وعملى كه نيز بمقصد قبول رسد ازو صادر نميشود بشجره حنظل كه نه اصل او را قراريست ونه فرع او را اعتباري]
نهال سايه ورى شرع ميوه دارد ... چنان لطيف كه بر هيچ شاخسارى نيست
درخت زندقه شاخيست خشك وبي سايه ... كه پيش هيچكسش هيچ اعتباري نيست
وفى الكواشي قالوا شبه الايمان بالشجرة لان الشجرة لا بدلها من اصل ثابت وفرع قائم ورأس عال فكذا الايمان لا بدله من تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأبدان وقال ابو الليث المعرفة فى قلب المؤمن العارف ثابتة بل هى اثبت من الشجرة فى الأرض لان الشجرة تقطع ومعرفة العارف لا يقدر أحد ان يخرجها من قلبه الا المعرف الذي عرفه يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ هو كلمة التوحيد لانها راسخة فى قلب المؤمن كما قال الكاشفى [قول ثابت كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله است كه خداى تعالى بران ثابت ميدارد مؤمنانرا] فِي الْحَياةِ الدُّنْيا اى قبل الموت فاذا ابتلوا ثبتوا ولم يرجعوا عن دينهم ولو عذبوا انواع العذاب كمن تقدمنا من الأنبياء والصالحين مثل زكريا ويحيى وجرجيس وشمعون والذين قتلهم اصحاب الأخدود والذين مشطت لحومهم بامشاط الحديد قال سعدى المفتى روى ان جرجيس كان من الحواريين علمه الله الاسم الذي يحيى به الموتى وكان بأرض الموصل جبار يعبد الصنم فدعاه جرجيس الى عبادة الله وحده فامر به فشد رجلاه ويداه ودعا بامشاط من الحديد فشرح بها(4/415)
صدره ويديه ثم صب عليه ماء الملح فصبره الله تعالى ثم دعا بمسامير من حديد فسمر بها عينيه واذنيه فصبره الله تعالى عليه ثم دعا بحوض من نحاس فأوقد تحته حتى ابيض تم القى فيه فجعله الله بردا وسلاما ثم قطع أعضاءه اربا اربا فاحياه الله تعالى ودعاهم الى الله تعالى ولم يؤمن الملك فاهلكه الله مع قومه بان قلب المدينة عليهم وجعل عاليها سافلها وشمعون كان من زهاد النصارى وكان شجاعا يحارب عبدة الأصنام من الروم ويدعوهم الى الدين الحق وكان يكسر بنفسه جنودا مجندة واحتال عليه ملك الروم بانواع من الحيل ولم يقدر عليه الى ان خدع امرأته بمواعيد فسألته فى وقت خلوة كيف يغلب عليه فقال ان أشد بشعرى فى غير حال الطهارة فانى حينئذ لم اقدر على الحل فاحاطوا به فى منامه وشدوه كذلك والقوه من قصر الملك فهلك وفى نفائس المجالس عمدوا الى قتله بالاذية فدعا الله تعالى ان ينجيه من الأعداء فانجاه الله تعالى فاخذ عمود البيت وخرّ عليهم السقف فهلكوا وَفِي الْآخِرَةِ اى يثبتهم فى القبر عند سؤال منكر ونكير وفى سائر المواطن والقبر من الآخرة فانه أول منزل من منازل الآخرة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ اى يخلق الله فى الكفرة والمشركين الضلال فلا يهديهم الى الجواب بالصواب كما ضلوا فى الدنيا وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ من تثبيت اى خلق ثبات فى بعض وإضلال اى خلق ضلال فى آخرين من غير اعتراض عليه وفى التأويلات النجمية يمكنهم فى مقام الايمان بملازمة كلمة لا اله الا الله والسير فى حقائقها فى مدة بقائهم فى الدنيا وبعد مفارقة البدن يعنى ان سير اصحاب الأعمال ينقطع عند مفارقة الروح عن البدن وسير ارباب الأحوال يثبت بتثبيت الله أرواحهم بانوار الذكر وسيرهم فى ملكوت السموات والأرض بل طيرهم فى عالم الجبروت بأجنحة أنوار الذكر وهى جناحا النفي والإثبات فان نفيهم بالله عما سواه واثباتهم بالله فى الله لا ينقطع ابد الآباد والآية دليل على حقية سؤال القبر وعلى تنعيم المؤمنين فى القبر فان تثبيت الله عبده فى القبر بالقول الثابت هو النعمة كل النعمة قال الفقيه ابو الليث قد تكلم العلماء فى عذاب القبر قال بعضهم يجعل الروح فى جسده كما كان فى الدنيا ويجلس اى يأتيه ملكان أسودان أزرقان فظان غليظان أعينهما كالبرق الخاطف وأصواتها كالرعد القاصف معهما مرزبة فيقعدان الميت ويسألانه فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول المؤمن الله ربى والإسلام دينى ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيى فذلك هو الثبات واما الكافر والمنافق فيقول لا أدرى فيضرب بتلك المرزبة فيصيح صيحة يسمعها ما بين الخافقين الا الجن والانس وقال بعضهم يكون الروح بين جسده وكفنه وقال بعضهم يدخل الروح فى جسده الى صدره وفى كل ذلك قد جاءت الآثار والصحيح ان يقر الإنسان بعذاب القبر ولا يشتغل بكيفيته وفى اسئلة الحكم الأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى لكن ذلك نعيم او عذاب معنوى
حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتنعم عند ذلك حسا ومعنى ألا ترى الى بشر الحافى رحمه الله لما رؤى فى النوم قيل ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة يعنى روحه منعمة بالجنة فاذا حشر ودخل الجنة ببدنه يكمل النعيم بالنصف الآخر وهل عذاب القبر دائم او ينقطع فالجواب نوع دائم بدليل قوله تعالى(4/416)
النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ونوع منقطع وهو بعض العصاة الذين خفت جرائمهم فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه كما يعذب فى النار مدة ثم يزول عنه العذاب وقد ينقطع عنه العذاب بدعاء او صدقة او استغفار او ثواب بحج او فراءة تصل اليه من بعض أقاربه او غيرهم كما فى الفتح القريب وفى الحديث (اللهم انى أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك ان أردّ الى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدجال وأعوذ بك من عذاب القبر) وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال (استغفروا لاخيكم وسلوا له التثبت فانه الآن يسال) - وروى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن ولده ابراهيم وقف على قبره فقال (يا بنى القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب انا لله وانا اليه راجعون يا بنى قل الله ربى والإسلام دينى ورسول الله ابى) فبكت الصحابة منهم عمر رضى الله عنه حتى ارتفع صوته فالتفت اليه رسول الله فقال (ما يبكيك يا عمر) فقال يا رسول الله هذا ولدك وما بلغ الحلم ولا جرى عليه القلم ويحتاج الى تلقين مثلك يلقنه التوحيد فى مثل هذا الوقت فما حال عمر وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم وليس له ملقن مثلك فبكى النبي عليه السلام وبكت الصحابة معه فنزل جبريل بقوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ فتلا النبي عليه السلام الآية فطابت الأنفس وسكنت القلوب وشكروا الله وقال بعضهم الأنبياء والصبيان والملائكة لا يسألون وقد اختص نبينا صلى الله عليه وسلم بسؤال أمته عنه بخلاف بقية الأنبياء وما ذاك الا ان الأنبياء قبل نبينا كان الواحد منهم إذا اتى أمته وأبوا عليه اعتزلهم وعوجلوا بالعذاب واما نبينا عليه السلام فبعث رحمة بتأخير العذاب ولما أعطاه الله السيف دخل فى دينه قوم مخافة من السيف فقيض الله فتانى القبر ليستخرجا بالسؤال ما كان فى نفس الميت فيثبت المسلم ويزل المنافق وفى بعض الآثار يتكرر السؤال فى المجلس الواحد ثلاث مرات وفى بعضها ان المؤمن يسأل سبعة ايام والمنافق أربعين يوما. ولا يسأل من مات يوم الجمعة وليلته من المؤمنين. وكذا فى رجب وشعبان ورمضان وهو بعد العيد فى ميشئة الله تعالى لكن الله تعالى هو أكرم الأكرمين فالظن على انه لا يؤمر بالسؤال كما فى الواقعات المحمودية وفى كلام الحافظ السيوطي لم يثبت فى التلقين حديث صحيح او حسن بل حديثه ضعيف باتفاق جمهور المحدثين والحديث الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال فعلى العاقل ان يموت قبل ان يموت ويحيى بالحياة الطيبة وذلك بظهور سر الحياة له بتربية مرشد كامل كما قال فى المثنوى
هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما
جانهاى مرده اندر كور تن ... بر جهد ز آوازشان اندر كفن
كويد اين آواز ز آواها جداست ... زنده كردن كار آواز خداست
ما بمرديم وبكلى كاستيم ... بانك حق آمد همه برخاستيم
مطلق ان آواز خود از شه بود ... كر چهـ از حلقوم عبد الله بود
كفت او را من زبان و چشم تو ... من حواس ومن رضا وخشم تو
رو كه بي يسمع وبي يبصر توئى ... سر توئى چهـ جاى صاحب سر توئى(4/417)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32)
چون شدى من كان لله ازوله ... حق ترا باشد كه كان الله له
كه توئى كويم ترا كاهى منم ... هر چهـ كوئى آفتاب روشنم
هر كجا تابم ز مشكات دمى ... حل شد آنجا مشكلات عالمى
ظلمتى را كافتا بش بر نداشت ... از دم ما كردد آن ظلمت چو چاشت
وكما ان لا نفاس الأولياء بركة ويمنا للاحياء فكذا للاموات حين التلقين فانه فرق بين تلقين الغافل الجاهل وبين تلقين المتيقظ العالم بالله نسأل الله تعالى ان يثبتنا وإياكم على الحق المبين الى ان يأتى اليقين ويجعلنا من الصديقين الذين يتمكنون فى مقام الا من عند خوف اهل التلوين أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ من رؤية البصر وهو تعجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى هل رأيت عجبا مثل هؤلاء بَدَّلُوا غيروا نِعْمَتَ اللَّهِ على حذف المضاف اى شكر نعمته كُفْراً بان وضعوه مكانه او بدلوا نفس النعمة كفرا فانهم لما كفروها سلبت منهم فصاروا تاركين لها محصلين الكفر بدلها كأهل مكة خلقهم الله تعالى وأسكنهم حرمه وجعلهم قوّام بيته ووسع عليهم أبواب رزقه وشرفهم بمحمد صلى الله عليه وسلم فكفروا ذلك فقحطوا سبع سنين وأسروا وقتلوا يوم بدر فصاروا أذلاء مسلوبى النعمة وعن عمر وعلى رضى الله عنهما هم الأفجران من قريش بنوا المغيرة وبنوا امية اما بنوا المغيرة فكفيتموهم يوم بدر واما بنوا امية فمتعوا الى حين كأنهما يتأولان ما سيتلى من قوله تعالى قُلْ تَمَتَّعُوا الآية وَأَحَلُّوا انزلوا قَوْمَهُمْ بإرشادهم إياهم الى طريقة الشرك والضلال وعدم التعرض لحلولهم لدلالة الاحلال عليه إذ هو فرعه كقوله تعالى يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وأسند الاحلال وهو فعل الله الى أكابرهم لان سببه كفرهم وسبب كفرهم امر أكابرهم إياهم بالكفر دارَ الْبَوارِ اى الهلاك جَهَنَّمَ عطف بيان لها يَصْلَوْنَها حال منها اى داخلين فيها مقاسين لحرها يقال صلى النار صليا قاسى حرها كتصلاها وَبِئْسَ الْقَرارُ اى بئس المقر جهنم وَجَعَلُوا عطف على أحلوا داخل معه فى حكم التعجب اى جعلوا فى اعتقادهم الباطل وزعمهم الفاسد لِلَّهِ الفرد الأحد الذي لا شريك له فى الأرض ولا فى السماء أَنْداداً اشباها فى التسمية حيث سموا الأصنام آلهة او فى العبادة لِيُضِلُّوا قومهم الذين يشايعونهم حسبما ضلوا عَنْ سَبِيلِهِ القويم الذي هو التوحيد ويوقعوهم فى ورطة الكفر والضلال وليس الإضلال غرضا حقيقيا لهم من اتخاذ الانداد ولكن لما كان نتيجة له كما كان الإكرام فى قولك جئتك لتكرمنى نتيجة المجيء شبه بالغرض وادخل اللام عليه بطريق الاستعارة التبعية ونسب الإضلال الذي هو فعل الله إليهم لانهم سبب الضلالة حيث يأمرون بها ويدعون إليها قُلْ تهديدا لاولئك الضالين المضلين تَمَتَّعُوا انتفعوا بما أنتم عليه من الشهوات التي من جملتها كفران النعم العظام واستتباع الناس فى عبادة الأصنام. وبالفارسية [بگذرانيد عمرهاى خود با آرزوها وعبادت بتان] فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ يوم القيامة إِلَى النَّارِ ليس الا فلا بد لكم من تعاطى ما يوجب ذلك او يقتضيه من أحوالكم والمصير مصدر صار التامة بمعنى رجع وخبر ان هو قوله الى النار دلت الآيتان على امور الاول ان الكفران سبب لزوال النعمة بالكلية كما ان الشكر سبب لزيادتها(4/418)
قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)
شكر نعمت تعمتت افزون كند ... كفر نعمت از كفت بيرون كند
وفى حديث المعراج (ان الله شكا من أمتي شكايات. الاولى انى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد. والثانية انى لا ادفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى.
والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والرابعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العزة من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافروهم يجتهدون ان يوقعوا أنفسهم فيها) والثاني ان القرين السوء يجرّ المرء الى النار ويحله دار البوار فينبغى للمؤمن المخلص السنى ان يجتنب عن صحبة اهل الكفر والنفاق والبدعة حتى لا يسرق طبعه من اعتقادهم السوء وعملهم السيئ ولهم كثرة فى هذا الزمان وأكثرهم فى زى المتصوفة
اى فغان از يار ناجنس اى فغان ... همنشين نيك جوييد اى مهان
والثالث ان جهنم دار الفرار للاشرار وشدة حرها مما لا يوصف. وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان أهون اهل النار عذابا رجل فى اخمص قدميه جمرتان يغلى منهما دماغه كما يغلى المرجل بالقمقمة) والأخمص بفتح الهمزة هو المتجافى من الرجل اى من بطنها عن الأرض والغليان شدة اضطراب الماء ونحوه على النار لشدة إيقادها. والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم قدر معروف سواء كان من حديد او نحاس او حجارة او خزف هذا هو الأصح. وقيل هو القدر من النحاس خاصة وفى الآية اشارة الى نعمة الوهية وخالقية ورازقية عليهم بدلوها بالكفر والإنكار والجحود وأحلوا أرواحهم وقلوبهم ونفوسهم وأبدانهم دار الهلاك وانزلوا أبدانهم جهنم يصلونها وبئس القرار وهى غاية البعد عن الحضرة والحرمان عن الجنان وانزلوا نفوسهم الدركات وقلوبهم العمى والصمم والجهل وأرواحهم العلوية أسفل سافلين الطبيعة بتبديل نعم الأخلاق الملكية الحميدة بالأخلاق الشيطانية السبعية الذميمة وجعلوا لله أندادا من الهوى والدنيا وشهواتها ليضلوا الناس بالاستتباع عن طلب الحق تعالى والسير اليه على أقدام الشريعة والطريقة الموصل الى الحقيقة قل تمتعوا بالشهوات الدنيا ونعيمها فان مصيركم نار جهنم للابدان ونار الحرمان للنفوس ونار الحسرة للقلوب ونار القطيعة للارواح كما فى التأويلات النجمية قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا قال بعض الحكماء شرف الله عباده بهذه الياء وهى خير لهم من الدنيا وما فيها لان فيها اضافة الى نفسه والاضافة تدل على العتق لان رجلا لو قال لعبده يا ابن او ولد لا يعتق ولو قال يا ابني او ولدي يعتق بالاضافة الى نفسه كذلك إذا أضاف العباد الى نفسه فيه دليل ان يعتقهم من النار ولا شرف فوق العبودية: قال الجامى
كسوت خواجكى وخلعت شاهى چهـ كند ... هر كرا غاشيه بندگيت بر دوشست
وكان سلطان العارفين ابو يزيد البسطامي قدس سره يقول الخلق يفرون من الحساب وانا اطلبه فان الله تعالى لو قال لى أثناء الحساب عبدى لكفانى شرفا والمقول هنا محذوف دل عليه الجواب اى قل لهم اقيموا وأنفقوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ اى يداوموا على ذلك. وبالفارسية [بگو اى محمد صلى الله عليه وسلم يعنى امر كن مر بندگان مرا كه ايمان(4/419)
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32)
آورده اند برين وجه كه نماز كزاريد ونفقه كنيد تا ايشان بامر تو نماز كزارند ونفقه دهند از آنچهـ عطا داده با ايشان از اموال] ويجوز ان يكون المقول يقيموا وينفقوا على ان يكونا بمعنى الأمر وانما اخرجا عن صورة الخبر للدلالة على التحقق بمضمونهما والمسارعة الى العمل بهما فان قيل لو كان كذلك لبقى إعرابه بالنون قلنا يجوز ان يبنى على حذف النون لما كان بمعنى الأمر سِرًّا وَعَلانِيَةً منتصبان على المصدر من الأمر المقدر اى أنفقوا انفاق سر وعلانية او على الحال اى ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين او على الظرف اى وقتى سر وعلانية والأحب فى الانفاق إخفاء المتطوع وإعلان الواجب وكذا الصلوات والمراد حث المؤمنين على الشكر لنعم الله تعالى بالعبادة البدنية والمالية وترك التمتع بمتاع الدنيا والركون إليها كما هو صنيع الكفرة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قال فى الإرشاد الظاهر ان من متعلقة بانفقوا يَوْمٌ وهو يوم القيامة لا بَيْعٌ فِيهِ فيبتاع المقصر ما يتلافى تقصيره به وتخصيص البيع بالذكر لاستلزام نفيه نفى الشراء وَلا خِلالٌ ولا مخالة فيشفع له خليل والمراد المخالة بسبب ميل الطبع ورغبة النفس فلا يخالف قوله تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ لان الواقع فيما بينهم المخالة لله او من قبل ان يأتى يوم القيامة الذي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة وانما ينتفع فيه بالطاعة التي من جملتها اقامة الصلاة والانفاق لوجه الله تعالى وادخار المال وترك إنفاقه انما يقع غالبا للتجارات والمهاداة فحيث لا يمكن ذلك فى الآخرة فلا وجه لادخاره الى وقت الموت وفى الآية اشارة الى الأعمال الباطنة القلبية كالايمان والى الأعمال الظاهرة القالبية كاقامة الصلاة والانفاق قال ابو سعيد الخراسانى قدس سره خزائن الله فى السماء وخزائنه فى الأرض القلوب لانه تعالى خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ثم أرسل ريحا فهبت فيه فكنسته من الكفر والشرك والنفاق والغش ثم انشأ سحابة فامطرت فيه ثم أنبت شجرة فاثمرت الرضى والمحبة والشكر والصفوة والإخلاص والطاعة ثم طاب الظاهر بحسب طيب الباطن وعن مكحول الشامي رحمه الله إذا تصدق المؤمن بصدقة ورضى عنه ربه تقول جهنم يا رب ائذن لى بالسجود شكرا لك فقد اعتقت أحدا من امة محمد من عذابى ببركة صدقته لانى استحيى من محمد ان أعذب أمته مع ان طاعتك واجبة علىّ: قال المولى الجامى
هر چهـ دارى چون شكوفه برفشان زيرا كه سنك ... بهر ميوه ميخور دهر دم ز دست سفله شاخ
والاشارة قُلْ لِعِبادِيَ لا عباد الهوى الَّذِينَ آمَنُوا بنور العناية وعرفوا قدر نعمة الوهيتى ولم يبدلوها كفرا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ليلازموا عتبة العبودية ويديموا العكوف على بساط القربة ويثبتوا فى المناجاة والمكالمة وَيُنْفِقُوا على الطالبين المريدين مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا من اسرار الالوهية وَعَلانِيَةً من احكام العبودية فى طريق الربوبية مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ وهو يوم مفارقة الأرواح عن الأبدان لا بَيْعٌ فِيهِ اى لا يقدر على الانفاق بطريق طلب المعاوضة وَلا خِلالٌ اى ولا بطريق المخالة من غير طلب العوض لان آلة الانفاق خرجت من يده وبطل استعداد دعوة الخلق الى الحق وتربيتهم بالتسليك والتزكية والتهذيب والتأديب كما فى التأويلات النجمية اللَّهُ مبتدأ خبره الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ(4/420)
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)
وما فيها من الاجرام العلوية وَالْأَرْضَ وما فيها من انواع المخلوقات وقدم السماوات لانها بمنزلة الذكر من الأنثى وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ اى من السحاب فان كل ما علاك سماء او من الفلك فان المطر منه يبتدئ الى السحاب ومنه الى الأرض على ما دلت عليه ظواهر النصوص يقول الفقير هو الأرجح عندى لان الله تعالى زاد بيان نعمه على عباده فبين اولا خلق السماوات والأرض ثم أشار الى ما فيها من كليات المنافع لكنه قدم واخر كتأخير تسخير الشمس والقمر ليدل على ان كلا من هذه النعم نعمة على حدة ولو أريد السحاب لم يوجد التقابل التام وأياما كان فمن ابتدائية ماءً اى نوعا منه وهو المطر فَأَخْرَجَ بِهِ اى بسبب ذلك الماء الذي أودع فيه القوة الفاعلية كما انه أودع فى الأرض القوة القابلية مِنَ الثَّمَراتِ من انواع الثمرات رِزْقاً لَكُمْ تعيشون به وهو بمعنى المرزوق شامل للمطعوم والملبوس مفعول لاخرج ومن للتبيين حال منه ولكم صفة كقولك أنفقت من الدراهم الفا او للتبعيض بدليل قوله تعالى فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ كأنه قيل انزل من السماء بعض الماء فاخرج به بعض الثمرات ليكون بعض رزقكم إذ لم ينزل من السماء كل الماء ولا اخرج بالمطر كل الثمار ولاجل كل الرزق ثمر او كان أحب الفواكه الى نبينا عليه السلام الرطب والبطيخ وكان يأكل البطيخ بالرطب ويقول (يكسر حر هذا ببرد هذا وبرد هذا بحر هذا) فان الرطب حار رطب والبطيخ بارد رطب كما فى شرح المصابيح وفى الحديث (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر) قوله تصبح اى أكل وقت الصباح قبل ان يأكل شيأ آخر وعجوة عطف بيان لسبع تمرات وهى ضرب من أجود التمر فى المدينة يضرب الى السواد يحتمل ان يكون هذه الخاصية فى ذلك النوع من التمر ويحتمل ان يكون بدعائه له حين قالوا احرق بطوننا تمر المدينة وفى الحديث (كلوا التمر على الريق فانه يقتل الديدان فى البطن) وكان عليه السلام يأخذ عنقود العنب بيده اليسرى ويتناول حبة حبة بيده اليمنى كذا فى الطب النبوي وفى البطيخ والرمان قطرة من ماء الجنة وروى عن على كلوا الرمان فليس منه حبة تقع فى المعدة الا أنارت القلب وأخرست الشيطان أربعين يوما وقال جعفر بن محمد ريح الملائكة ريح الورد وريح الأنبياء ريح السفر جل وريح الحور ريح الآس وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ بان أقدركم على صنعتها واستعمالها بما ألهمكم كيفية ذلك لِتَجْرِيَ اى الفلك لانه جمع فلك فِي الْبَحْرِ [در دريا] بِأَمْرِهِ بإرادته الى حيث توجهتم وانطوى فى تسخير الفلك تسخير البخار وتسخير الرياح قال فى شرح حزب البحر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لعمرو بن العاص صف لى البحر فقال يا امير المؤمنين مخلوق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود وفى أنوار المشارق يجوز ركوب البحر للرجال والنساء عند غلبة السلامة كذا قال الجمهور. وكره ركوبه للنساء لان الستر فيه لا يمكنهن غالبا ولا غض البصر عن المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن فى تصرفهن لا سيما فيما صغر من السفن مع ضرورتهن الى قضاء الحاجة بحضرة الرجال وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ اى المياه العظيمة الجارية فى الأنهار العظام وتسخيرها جعلها معدة لانتفاع الناس حيث يتخذون منها جداول يسقون بها زروعهم وجنانهم وما أشبه(4/421)
وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)
ذلك قال فى بحر العلوم اللام فيها للجنس او للعهد أشير بها الى خمسة انهار سيحون نهر الهند وجيحون نهر بلخ ودجلة والفرات نهرى العراق والنيل نهر مصر أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة فاستودعها الجبال وأجراها فى الأرض وسخرها للناس وجعل فيها منافع لهم فى اصناف معاشهم وسائر الأنهار تبع لها وكأنها أصولها وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حال كونهما دائِبَيْنِ قال فى تهذيب المصادر الدأب [دائم شدن] فالمعنى دائمين متصلين فى سيرهما لا ينقطعان الى يوم القيامة وقال فى القاموس دأب فى عمله كمنع دأبا ويحرك ودؤوبا بالضم جدّ وتعب. فالمعنى مجدين فى سيرهما وانارتهما ودرئهما الظلمات واصلاحهما يصلحان الأرض والأبدان والنبات لا يفتران أصلا ويفضل الشمس على القمر لان الشمس معدن الأنوار الفلكية من البدور والنجوم وأصلها فى النورانية وان أنوارهم مقتبسة من نور الشمس على قدر تقابلهم وصفوة اجرامهم وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان بالزيادة والنقصان والاضاءة والاظلام والحركة والسكون فيهما اى لمعاشكم ومنامكم ولعقد الثمار وانضاجها واختلفوا فى الليل والنهار أيهما أفضل قال بعضهم قدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمة الخلق ومعارج الأنبياء عليهم السلام كانت بالليل ولذا قال الامام النيسابورى الليل أفضل من النهار يقول الفقير الليل محل السكون ففيه سر الذات وله المرتبة العليا والنهار محل الحركة ففيه سر الصفات وله الفضيلة العظمى وأول المراتب وآخرها السكون كما أشار اليه قوله تعالى فى الحديث القدسي (كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق) فالخلق يقتضى الحركة المعنوية وما كان قبل الحركة والخلق إلا سكون محض وذات بحت فافهم. وسيد الأيام يوم الجمعة وإذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة تضاعف الحج لسبعين حجة على غيره وبهذا ظهر فضل يوم الجمعة على يوم عرفة. وأفضل الليالى ليلة المولد المحمدي لو لاه ما نزل القرآن ولا نعتت ليلة القدر وهو الأصح وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ اى اعطاكم مصلحة لكم بعض جميع ما سألتموه فان الموجود من كل صنف بعض ما قدره الله وهذا كقوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ
فمن للتبعيض او كل ما سألتموه على ان من للبيان وكلمة كل للتكثير كقولك فلان يعلم كل شىء وأتاه كل الناس وعليه قوله تعالى فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ قال الكاشفى [وبداد شما را از هر چهـ خواستيد يعنى آنچهـ محتاج اليه شما بود خواسته وناخواسته بشما ارزانى داشت] وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ التي أنعم بها عليكم بسؤال وبغيره لا تُحْصُوها لا تطيقوا حصرها وعدها ولو اجمالا لكثرتها وعدم نهايتها وفيه دليل على ان المفرد يفيد الاستغراق بالاضافة واصل الإحصاء ان الحساب كان إذا بلغ عقدا معينا من عقود الاعداد وضعت له حصاة ليحفظ بها ثم استؤنف العدد. والمعنى لا توجد له غاية فتوضع له حصاة والنعم على قسمين نعمة المنافع لصحة البدن والامن والعافية والتلذذ بالمطاعم والمشارب والملابس والمناكح والأموال والأولاد ونعمة دفع المضار من الأمراض والشدائد والفقر والبلاء وأجل النعم استواء الخلقة والهام المعرفة [سلمى قدس سره فرمود كه مراد ازين نعمت حضرت(4/422)
پيغمبر ماست صلى الله عليه وسلم كه سفر بزركتر وواسطه نزديكتر ميان حق وخلق اوست وفى نفس الأمر حصر صفات كمال وشرح أنوار جمال او از دائره تصور وتخيل بيرون واز اندازه تأمل وتفكر افزونست]
بر ذروه معارج قدر رفيع تو ... نى عقل راه يابد ونى فهم پى برد
إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ لبليغ فى الظلم يظلم النعمة باغفال شكرها او بوضعها فى غير موضعها او يظلم نفسه بتعريضها للحرمان كَفَّارٌ شديد الكفران لها او ظلوم فى الشدة يشكو ويجزع كفار فى النعمة يجمع ويمنع. واللام فى الإنسان للجنس ومصداق الحكم بالظلم والكفران بعض من وجد فيه من افراده كما فى الإرشاد- روى- انه شكا بعض الفقراء الى واحد من السلف فقره واظهر شدة اهتمامه به فقال أيسرّك انك أعمى ولك عشرة آلاف درهم فقال لا فقال اقطع اليدين والرجلين ولك عشرون الف درهم فقال لا فقال أيسرّك جعل
الله انك مجنون ولك عشرة آلاف قال لا فقال اما تستحيى انك تشكو مولاك وعندك عروض بأربعين الف ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوزماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعط هذه الشربة الا ببذل جميع أموالك والا بقيت عطشان فهل كنت تعطيه قال نعم قال ولو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يساوى شربة ماء وان نعمة على العبد فى شربة ماء عند العطش أعظم من ملك الأرض كلها بل كل نفس لا يستوى بملك الأرض كلها فلو أخذ لحظة حتى انقطع الهواء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام فيه هواء حار او فى بئر فيه هواء ثقيل برطوبة الماء مات غما ففى كل ذرة من بدنه نعم لا تحصى
نعمت حق شمار وشكر كذار ... نعتش را اگر چهـ نيست شمار
شكر باشد كليد كنج مزيد ... كنج خواهى منه ز دست كليد
والاشارة اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ سموات القلوب وَالْأَرْضَ ارض النفوس وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من سماء القلوب ماءً ماء الحكمة فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ من ثمرات الطاعات رِزْقاً لارواحكم فان الطاعات غذاء الأرواح كما ان الطعام غذاء الأبدان وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ فلك الشريعة لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ فى بحر الطريقة بِأَمْرِهِ بامر الحق لا بامر الهوى والطبع لان استعمال فلك الشريعة إذا كان بامر الهوى والطبع سريعا ينكسر ويغرق ولا يبلغ ساحل الحقيقة الا بامر اولى الأمر وملاحيه وهو الشيخ الواصل الكامل المكمل كما قال تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وقال النبي عليه السلام (من أطاع أميري فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله) وكم من سفن لارباب الطلب لما شرعت فى هذا البحر بالطبع انكسرت بنكباء الأهواء وتلاطم امواج الغرة وانقطعت دون ساحلها وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ انهار العلوم اللدنية وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ شمس الكشوف وَالْقَمَرَ قمر المشاهدات دائِبَيْنِ بالكشف والمشاهدة وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ليل البشرية وَالنَّهارَ نهار الروحانية وتسخير هذه الأشياء عبارة عن جعلها سببا لاستكمال استعداد الإنسان فى قبول الفيض الإلهي المختص به من بين سائر المخلوقات وفى قوله وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ(4/423)
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)
اشارة الى انه تعالى اعطى الإنسان فى الأزل حسن استعداد استدعى منه لقبول الفيض الإلهي وهو قوله تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثم للابتلاء رده الى أسفل سافلين ثم آتاه من كل ما سأله من الأسباب التي تخرجه من أسفل سافلين وتصعده الى أعلى عليين فاذا أمعنت النظر فى هذه الآيات رأيت ان العالم بما فيه خلق تبعا لوجود الإنسان وسببا لكماليته كما ان الشجرة خلقت تبعا لوجود الثمرة وسببا لكماليتها فالانسان البالغ الكامل الواصل ثمرة شجرة المكونات فافهم جدا وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها لان نعمته على الإنسان قسمان قسم يتعلق بالمخلوقات كلها وقد بينا انها خلقت لاستكمال الإنسان وهذه النعمة لا يحصى عدها لان فوائدها عائدة الى الإنسان الى الابد وهى غير متناهية فلا يحصى عدها وقسم يتعلق بعواطف ألوهيته وعوارف ربوبيته فهى ايضا غير متناهية إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ لنفسه بان يفسد هذا الاستعداد الكامل بالاعراض عن الحق والإقبال على الباطل كَفَّارٌ لا نعم الله إذ لم يعرف قدرها ولم يشكر لها وجعلها نقمة لنفسه بعد ما كانت نعمة من ربه كما فى التأويلات النجمية وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ واذكر وقت قول ابراهيم فى مناجاته اى بعد الفراغ من بناء البيت رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ [اين شهر مكه را] آمِناً اهله بحيث لا يخاف فيه من المخاوف والمكاره كالقتل والغارة والأمراض المنفرة من البرص والجذام ونحوهما فاسناد الامن الى البلد مجاز لوقوع الامن فيه وانما الآمن فى الحقيقة اهل البلد وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ يقال جنبته كنصرته واجنبته وجنبته اى أبعدته. والمعنى بعدنى وإياهم أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ واجعلنا منه فى جانب بعيد اى ثبتنا على ما كنا عليه من التوحيد وملة الإسلام والبعد عن عبادة الأصنام قال بعضهم رأى القوم يعبدون الأصنام فخاف على بنيه فدعا يقول الفقير الجمهور على ان العرب من عهد ابراهيم استمرت على دينه من رفض عبادة الأصنام الى زمن عمرو بن لحى كبير خزاعة فهو أول من غير دين ابراهيم وشرع للعرب الضلالات وهو أول من نصب الأوثان فى الكعبة وعبدها وامر الناس بعبادتها وقد كان اكثر الناس فى الأرض المقدسة عبدة الأصنام وكان ابراهيم يعرفه فخاف سرايته الى كل بلد فيه واحد من أولاده فدعا فعصم أولاده الصلبية من ذلك وهى المرادة من قوله وَبَنِيَّ فانه لم يعبد أحد منهم الصنم لاهى وأحفاده وجميع ذريته وذلك لان قريشا مع كونهم من أولاد إسماعيل عبادتهم الأصنام مشهورة واما قوله تعالى فى حم الزخرف وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فالصحيح ان هذا لا يستلزم تباعد جميع الأحفاد عن عبادة الأصنام بل يكفى فى بقاء كلمة التوحيد فى عقبه ان لا ينقرض قرن ولا ينقضى زمان الا وفى ذريته من هو من اهل التوحيد قلوا او كثروا الى زمان نبينا صلى الله عليه وسلم وقد اشتهر فى كتب السير ان بعض آحاد العرب لم يعبد الصنم قط ويدل عليه قوله عليه السلام (لا تسبوا مضر فانه كان على ملة ابراهيم) هذا ما لاح لى من التحقيق ومن الله التوفيق. وانما جمع الأصنام ليشتمل على كل صنم عبد من دون الله لان الجمع المعرف باللام يشمل كل واحد من الافراد كالمفرد باتفاق جمهور ائمة التفسير والأصول والنحو اى واجنبنا ان نعبد أحدا مما سمى بالصنم كما فى بحر العلوم(4/424)
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)
وخصصها الامام الغزالي بالحجرين اى الذهب والفضة إذ رتبة النبوة أجل من ان يخشى فيها ان تعتقد الالهية فى شىء من الحجارة فاستعاذ ابراهيم من الاغترار بمتاع الدنيا يقول الفقير الظاهر ان الامام الغزالي خصص الحجرين بالذكر بناء على انهما أعظم ما يضل الناس وقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاب الدراهم والدنانير بعبدة الحجارة فقال (تعس عبد الدراهم تعس عبد الدنانير) والا فكل ما هو من قبيل الهوى فهو صنم ألا ترى الى قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ولذا قال فى التأويلات النجمية. صنم النفس الدنيا. وصنم القلب العقبى. وصنم الروح الدرجات العلى. وصنم السر عرفان القربات. وصنم الخفي الركون الى المكاشفات والمشاهدات وانواع الكرامات فلا بد من الفناء عن الكل
سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست
قال شيخى وسندى روّح الله روحه فى بعض المجالس معى اهل الدنيا كثير واهل العقبى قليل واهل المولى اقل من القليل وذلك كالسلاطين والملوك فانهم بالنسبة الى الوزراء اقل وهم بالنسبة الى سائر ارباب الجاه كذلك وهم بالنسبة الى الرعية كذلك فالرعايا كثيرون واقل منهم ارباب الجاه واقل منهم الوزراء واقل منهم السلاطين فلا بد من ترك الأصنام مطلقا وأعظم الحجب والأصنام الوجود المعبر عنه بالفارسية
هستى بود وجود مغربى لات ومنات او بود ... نيست بتى چوبود او در همه سومنات تو
وفى الآية دليل على ان عصمة الأنبياء بتوفيق الله تعالى وحقيقة العصمة ان لا يخلق الله تعالى فى العبد ذنبا مع بقاء قدرته واختياره ولهذا قال الشيخ ابو منصور العصمة لا تزيل المحنة اى التكليف فينبغى للمؤمن ان لا يأمن على إيمانه وينبغى ان يكون متضرعا الى الله ليثبته على الايمان كما سأل ابراهيم لنفسه ولبنيه الثبات على الايمان- وروى- عن يحيى بن معاذ انه كان يقول اللهم ان جميع سرورى بهذا الايمان وأخاف ان تنزعه منى فما دام هذا الخوف معى رجوت ان لا تنزعه منى رَبِّ [اى پروردگار من] إِنَّهُنَّ اى الأصنام أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ولذلك سألت منك ان تعصمنى وبنى من اضلالهن واستعذت بك منه يقول بهن ضل كثير من الناس فكان الأصنام سببا لضلالتهم فنسب الإضلال إليهن وان لم يكن منهن عمل فى الحقيقة كقوله تعالى وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا اى اغتروا بسببها وقال بعضهم كان الإضلال منهن لان الشياطين كانت تدخل أجواف الأصنام وتتكلم- كما حكى- ان واحدا من الشياطين دخل جوف صنم ابى جهل فاخذ يتحرك ويتكلم فى حق النبي عليه السلام كلمات قبيحة فامر الله واحدا من الجن فقتل ذلك الشيطان ثم لما كان الغد واجتمع الناس حول ذلك الصنم أخذ يتحرك ويقول لا اله الا الله محمد رسول الله وانا صنم لا ينفع ولا يضر ويل لمن عبدنى من دون الله فلما سمعوا ذلك قام ابو جهل وكسر صنمه وقال ان محمدا سحر الأصنام: قال الكمال الخجندي قدس سره
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست
فَمَنْ [هر كس كه] تَبِعَنِي منهم فيما ادعو اليه من التوحيد وملة الإسلام فَإِنَّهُ مِنِّي(4/425)
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)
من تبعيضية فالكلام على التشبيه اى كبعضى فى عدم الانفكاك عنى وكذلك قوله (من غشنا فليس منا) اى ليس بعض المؤمنين على ان الغش ليس من أفعالهم واوصافهم وَمَنْ عَصانِي اى لم يتبعنى فانه فى مقابلة تبعني كتفسير الكفر فى مقابلة الشكر بترك الشكر فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قادر على ان تغفر له وترحمه ابتداء وبعد توبته وفيه دليل على ان كل ذنب فلله تعالى ان يغفره حتى الشرك الا ان الوعيد فرق بينه وبين غيره فالشرك لا يغفر بدليل السمع وهو قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وان جاز غفرانه عقلا فان العقاب حقه تعالى فيحسن إسقاطه مع ان فيه نفعا للعبد من غير ضرر لاحد وهو مذهب الأشعري وفى التأويلات النجمية قد حفظ الأدب فيما قال ومن عصانى وما قال ومن عصاك لانه بعصيان الله لا يستحق المغفرة والرحمة والاشارة فيه ان من عصانى لعلى لا اغفر له ولا ارحم عليه فان المكافاة فى الطبيعة واجبة ولكن من عصانى فتغفر له وترحم عليه فيكون من غاية كرمك وعواطف إحسانك فانك غفور رحيم وفى الحديث (ينادى مناد من تحت العرش يوم القيامة يا امة محمد امّا ما كان لى من قبلكم فقد وهبت لكم) [يعنى كناهى كه در ميان من وشماست بخشيدم] (وبقيت التبعات فتواهبوها وادخلوا الجنة برحمتي) والتبعات جمع تبعة بكسر الباء ما اتبع به من الحق وذكر ان يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله قال الهى ان كان ثوابك للمطيعين فرحمتك للمذنبين انى وان كنت لست بمطيع فارجو ثوابك وانا من المذنبين فارجو رحمتك
نصيب ماست بهشت اى خدا شناس برو ... كه مستحق كرامت كناهكارانند
رَبَّنا [اى پروردگار ما] والجمع لان الآية متعلقة بذريته فالتعرض لوصف ربوبيته تعالى لهم ادخل فى القبول إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي اى بعض ذريتى وهم إسماعيل ومن ولد منه فان إسكانه متضمن لاسكانهم بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ هو وادي مكة فانها حجرية لا تنبت اى لا يكون فيها شىء من زرع قط كقوله تعالى قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج وما فيه الا الاستقامة لا غير وفى تفسير الشيخ لانها واد بين جبلين لم يكن بها ماء ولا حرث وفى بحر العلوم واما فى زماننا فقد رزق الله اهله ماء جاريا عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ظرف لاسكنت كقولك صليت بمكة عند الركن وهو الكعبة والاضافة للتشريف وسمى محرما لانه عظيم الحرمة حرم الله التعرض له بسوء يوم خلق السماوات والأرض وحرم فيه القتال والاصطياد وان يدخل فيه أحد بغير إحرام ومنع عنه الطوفان فلم يستول عليه ولذلك سمى عتيقا لانه أعتق منه وفى التأويلات النجمية عند بيتك المحرم وهو القلب المحرم ان يكون بيتا لغير الله كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن)
آنكه ترا كوهر كنجينه ساخت ... كعبه جان در حرم سينه ساخت
رَبَّنا كرر النداء لاظهار كمال العناية بما بعده لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ اللام لام كى متعلقة باسكنت اى ما اسكنتهم بهذا الوادي البلقع الخالي من كل مرتفق ومرتزق الا لاقامة الصلاة عند بيتك المحرم لدلالة قوله بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ على انه لا غرض له دنيوى فى إسكانهم عند(4/426)
البيت المحرم وتخصيص الصلاة بالذكر من بين سائر شعائر الدين لفضلها ولان بيت الله لا يسعه الا الصلاة وما فى معناها وهى الأصل فى إصلاح النفس وكان قريش يمتنعون عن ذلك لزيادة كبرهم فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ جمع فؤاد وهى القلوب ومن للتبعيض تَهْوِي إِلَيْهِمْ تسرع إليهم شوفا وتطير نحوهم محبة يقال هوى يهوى من باب ضرب هويا وهويا سقط من علو الى سفل سرعة. وايضا صعد وارتفع كما فى كتب اللغة واما ما يكون من باب علم فهو بمعنى أحب يقال هويه هوى فهو هو أحبه وتعديته بالى التضمنه معنى الشوق والنزوع. والمعنى بالفارسية [پس نكردان دلهاى بعضى از مردمان را كه بكشش محبت بشتابند بسوى ايشان] اى إسماعيل وذريته وهم المؤمنون ولو قال فائدة الناس بدون من التبعيضية لازدحمت عليهم فارس والروم والترك والهند
آنرا كه چنان جمال باشد ... كر دل ببرد حلال باشد
وآنكس كه بر آنچنان جمالى ... عاشق نشود وبال باشد
قال المولى الجامى قدس سره
رو بحرم نه كه بران خوش حريم ... هست سيه بوش نكارى مقيم
قبله خوبان عرب روى او ... سجده شوخان عجم سوى او
وَارْزُقْهُمْ اى ذريتى الذين اسكنتهم هناك او مع من ينحاز إليهم من الناس وانما لم يخص الدعاء بالمؤمنين كما فى قوله وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اكتفاء بذكر اقامة الصلاة مِنَ الثَّمَراتِ من أنواعها بان يجعل بقرب منه قرى يحصل فيها ذلك او يجبى اليه من الأقطار البعيدة وقد حصل كلاهما حتى انه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية فى يوم واحد- روى- عن ابن عباس ان الطائف وهى على ثلاث مراحل من مكة كانت من ارض فلسطين فلما دعا ابراهيم بهذه الدعوة رفعها الله ووضعها رزقا للحرم لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ تلك النعمة باقامة الصلاة وأداء سائر مراسم العبودية يقول الفقير اختلف العلماء فى ان هذا الدعاء بعد بناء البيت او قبله أول ما قدم مكة ويؤيد الاول قوله رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ فان الظاهر ان الاشارة حسية وقوله عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ وقوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ فان إسحاق لم يكن موجودا قبل البناء وقال بعضهم الاشارة فى هذا البلد الى الموجود فى الذهن قبل تحقق البلدية فان الله لما ابان موضعه صحت إشارته اليه والمسئول توجيه القلوب الى الذرية للمساكنة معهم لا توجيهها الى البيت للحج فقط وإلا لقيل تهوى اليه وهو عين الدعاء بالبلدية يقول الفقير فيه نظر لانه لم لا يجوز ان يكون المعنى على حذف المضاف اى تهوى الى موضعهم الشريف للحج وقد أشار اليه فى التيسير حيث قال عند قوله تَهْوِي إِلَيْهِمْ حبب هذا البيت الى عبادك ليأتوه فيحجوه قال فى الإرشاد تسميته إذ ذاك بيتا ولم يكن له بناء وانما كان نشزا اى مكانا مرتفعا تأتيه السيول فتأخذ ذات اليمين وذات الشمال باعتبار ما كان من قبل فان تعدد بناء الكعبة المعظمة مما لا ريب فيه وانما الاختلاف فى كمية عدده كما قال الكاشفى عند(4/427)
قوله بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [مراد موضع خانه ضراح است كه در زمان آدم بوده واگر نه بوقت دعاء ابراهيم خانه نبوده] والضراح كغراب البيت المعمور فى السماء الرابعة كما فى القاموس ويؤيد هذا ما روى ان ابراهيم عليه السلام كان يسكن فى ارض الشام وكانت لزوجته سارة جارية اسمها هاجر فوهبتها من ابراهيم فلما ولدت له إسماعيل غارت سارة وحلفته ان يخرجهما من ارض الشام الى موضع ليس فيه ماء ولا عمارة فتأمل ابراهيم فى ذلك كما قال الكاشفى [خليل متأمل شد وجبرائيل وحي آورد كه هر چهـ ساره ميكويد چنان كن پس ابراهيم ببراقى نشسته وهاجر وإسماعيل را سوار كرده باندك زمانى از شام بزمين حرم آمد] فلما أخرجهما الى ارض مكة جاء بها وبابنها وهى ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم فى أعلى المسجد ولم يكن بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ووضع عندها جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم عاد متوجها الى الشام فتبعته أم إسماعيل وجعلت تقول له الى من تكلنا فى هذا البلقع وهو لا يرد عليها جوابا حتى قالت آلله أمرك بهذا بان تسكننى وولدي فى هذا البلقع فقال ابراهيم نعم قالت إذا لا يضيعنا فرضيت ورجعت الى ابنها ومضى ابراهيم حتى إذا استوى على ثنية كداء وهو كسماء جبل بأعلى مكة اقبل على الوادي اى استقبل بوجهه نحو البيت ورفع يديه فقال رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ الآية وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتأكل التمر وتشرب الماء فنفد التمر والماء فعطشت هى وابنها فجعل يتلبط فذهبت عنه لئلا تراه على تلك الحالة فصعدت الصفا تنظر لترى أحدا فلم تر ثم نزلت أسفل الوادي ورفعت طرف درعها ثم سعت سعى الإنسان المجهود حتى أتت المروة وقامت عليها ونظرت لترى أحدا فلم تر فعلت ذلك سبع مرات فلذلك سعى الناس بينهما بعد الطواف سبع مرات فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فاذا هى بالملك عند موضع زمزم فبحث اى حفر بجناحه حتى ظهر الماء قال الكاشفى [چشمه زمزم بر كف جبريل يا بأثر قدم إسماعيل پديد آمد] فجعلت تحوضه بيدها وتغرف من الماء لسقائها وهو يفور بعد ما تغرف قال صلى الله عليه وسلم (رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم) او قال (لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا) اى جارية ظاهرة على وجه الأرض فشربت
وأرضعت ولدها فقال الملك لا تخافوا الضيعة فان هاهنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه وان الله لا يضيغ اهله كما فى تفسير الشيخ قال فى الإرشاد وأول آثار هذه الدعوة ما روى انه مرت رفقة من جرهم تريد الشام وهم قبيلة من اليمن فرأوا الطير تحوم على الجبل فقالوا لا طير الا على الماء فقصدوا إسماعيل وهاجر فرأوهما وعندهما عين ماء فقالوا اشركينا فى مائك نشركك فى ألباننا ففعلت وكانوا معها الى ان شب إسماعيل وماتت هاجر فتزوج إسماعيل منهم كما هو المشهور قال الكاشفى [قبيله جرهم آنجا داعيه اقامت نمودند وروز بروز شوق مردم بران جانب در تزايدست وفى التأويلات النجمية قوله إِنِّي أَسْكَنْتُ الآية يشير الى محمد صلى الله عليه وسلم فانه كان من ذريته وكان فى صلب إسماعيل فتوسل بمحمد صلى الله عليه وسلم الى الله تعالى فى اعانة هاجر وإسماعيل يعنى ان ضيعت إسماعيل ليهلك فقد ضيعت محمدا وأهلكته(4/428)
رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)
بيشتر از آمدن زربكان ... سكه تو بود بعالم عيان
رَبَّنا [اى پروردگار ما] إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ من الحاجات وغيرها ومقصده ان اظهار هذه الحاجات ليس لكونها غير معلومة لك بل انما هو لاظهار العبودية والافتقار الى رحمتك والاستعجال لنيل أياديك
جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار
وَما يَخْفى دائما إذ لا ماضى ولا مستقبل ولا حال بالنسبة الى الله تعالى عَلَى اللَّهِ علام الغيوب مِنْ للاستغراق شَيْءٍ ما فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ لانه العالم بعلم ذاتى تستوى نسبته الى كل معلوم
آنچهـ پيدا وآنچهـ پنهانست ... همه با دانش تو يكسانست
لا عارضى ولا كسبى ليختص بمعلوم دون معلوم كعلم البشر والملك تلخيصه لا يخفى عليك شىء ما فى مكان فافعل بنا ما هو مصلحتنا فالظرف متعلق بيخفى او شىء ما كائن فيهما على انه صفة لشئ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ على هاهنا بمعنى مع وهو فى موقع الحال اى وهب لى وانا كبير آيس من الولد قيد الهبة بحال الكبر استعظاما للنعمة وإظهارا لشكرها لان زمان الكبر زمان العقم إِسْماعِيلَ سمى إسماعيل لان ابراهيم كان يدعو الله ان يرزقه ولدا ويقول اسمع يا ايل وايل هو الله فلما رزق به سماه به كما فى معالم التنزيل وقال فى انسان العيون معناه بالعبرانية مطيع الله روى انه ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة وَإِسْحاقَ اسمه بالعبرانية الضحاك كما فى انسان العيون روى انه ولد له إسحاق وهو ابن مائة وثنتى عشرة سنة وإسماعيل يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة إِنَّ رَبِّي ومالك امرى لَسَمِيعُ الدُّعاءِ اى لمجيبه من قولهم سمع الملك كلامه إذا اعتد به وفيه اشعار بانه دعا ربه وسأل منه الولد كما قال رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فاجابه ووهب له سؤله حين ما وقع اليأس منه ليكون من أجل النعم وأجلاها رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ معدّ لا لها من أقمت العود إذا قومته او مواظبا عليها من قامت السوق إذا نفقت اى راجت او مؤديا لها والاستمرار يستفاد من العدول من الفعل الى الاسم حيث لم يقل اجعلنى أقيم الصلاة وَمِنْ ذُرِّيَّتِي اى وبعض ذريتى عطف على المنصوب فى اجعلنى وانما بعض لعلمه باعلام الله تعالى واستقرار عادته فى الأمم الماضية ان يكون فى ذريته كفار وهو يخالف قوله وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ والاشارة فى اقامة الصلاة الى ادامة العروج فان الصلاة معراج المؤمن وبه يشير الى دوام السير فى الله بالله رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ واستجب دعائى هذا المتعلق باجعلنى وجعل بعض ذريتى مقيمى الصلاة ثابتين على ذلك مجتنبين عن عبادة الأصنام ولذلك جيئ بضمير الجماعة رَبَّنَا اغْفِرْ لِي اى ما فرط منى من ترك الاولى فى باب الدين وغير ذلك مما لا يسلم منه البشر وَلِوالِدَيَّ وهذا الاستغفار منه انما كان قبل تبين الأمر له عليه السلام. يعنى [قبل از نهى بوده وهنوز يأس از ايمان ايشان نداشت] قال فى الكواشي استغفر لابويه وهما حيان طمعا فى هدايتهما أو أن امه أسلمت فاراد اسلام أبيه وذلك انهم(4/429)
صرحوا بان امه كانت مؤمنة ولذا قرأ بعضهم ولوالدتى وقال الحافظ السيوطي يستنبط من قول ابراهيم رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وكان ذلك بعد موت عمه بمدة طويلة ان المذكور فى القرآن بالكفر والتبري من الاستغفار له اى فى قوله وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ هو عمه لا أبوه الحقيقي والعرب تسمى العم أبا كما تسمى الخالة امّا قال فى حياة الحيوان فى الحديث (يلقى ابراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له ابراهيم ألم اقل لك لا تعص فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول ابراهيم يا رب انك وعدتني ان لا تخزيني يوم يبعثون فأى خزى اخزى من ابى ان يكون فى النار فيقول الله تعالى انى حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا ابراهيم ما تحت رجليك فينظر فاذا هو بذيخ متلطخ والذيخ بكسر الذال ذكر الضباع الكثيرة الشعر فيؤخذ بقوائمه ويلقى فى النار والحكمة فى كونه مسخ ضبعا دون غيره من الحيوان ان الضبع لما كان يغفل عما يجب التيقظ له وصف بالحمق فلما لم يقبل آزر
النصيحة من اشفق الناس عليه وقبل خديعة عدوه الشيطان أشبه الضبع الموصوفة بالحمق لان الصياد إذا أراد ان يصيدها رمى فى حجرها بحجر فتحسبه شيأ تصيده فتخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك ولان آزر لو مسخ كلبا او خنزيرا كان فيه تشويه لخلقه فاراد الله إكرام ابراهيم بجعل أبيه على هيئة متوسطة قال فى المحكم يقال ذيخته اى ذللته فلما خفض ابراهيم له جناح الذل من الرحمة لم يحشر بصفة الذل يوم القيامة انتهى كلام الامام الدميري فى حياة الحيوان وَلِلْمُؤْمِنِينَ كافة من ذريته وغيرهم واكتفى بذكر مغفرة المؤمنين دون مغفرة المؤمنات لانهن تبع لهم فى الاحكام وللايذان باشتراك الكل فى الدعاء بالمغفرة جيئ بضمير الجماعة وفى الحديث (من عمم بدعائه المؤمنين والمؤمنات استجيب له) فمن السنة ان لا يختص نفسه بالدعاء قال فى الاسرار المحمدية اعلم انه يكره للامام تخصيص نفسه بالدعاء بان يذكر ما يذكر على صيغة الافراد لاعلى صيغة الجمع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤم عبد قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فان فعل فقد خانهم) رواه ثوبان بل الاولى ايضا ان كان منفردا ان يأتى بصيغة الجمع فينوى نفسه وآباءه وأمهاته وأولاده وإخوانه وأصدقاءه المؤمنين الصالحين فيعممهم بالدعاء وينالهم بركة دعائه وينال الداعي بركات هممهم وتوجههم بأرواحهم اليه- روى- عن السلف بل عن النبي صلى الله عليه وسلم ان يصيبه بعدد كل مؤمن ومؤمنة ذكره حسنة يعنى ان نواه بقلبه حين دعائه فهكذا افهم واعمل فى جميع دعواتك انتهى كلام الاسرار يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ اى يثبت ويتحقق محاسبة اعمال المكلفين على وجه العدل استعير له من ثبوت القائم على الرجل بالاستقامة ومنه قامت الحرب على ساق وفى التأويلات رَبَّنَا اغْفِرْ لِي اى استرني وامحنى بصفة مغفرتك لئلا ارى وجودى فانه حجاب بينى وبينك
خمير مايه هر نيك وبد تويى جامى ... خلاص از همه مى بايدت ز خود بگريز
وَلِوالِدَيَّ اى ولمن كان سبب وجودى من آبائي العلوي وأمهاتي اسفلى لكيلا يحجبونى وعن رؤيتك لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ وهو يوم كان فى حساب الله فى الأزل يقوم(4/430)
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)
لكمالية كل نفس او نقصانيته انتهى يقول الفقير دعا ابراهيم عليه السلام بالمغفرة وقيدها بيوم القيامة لان يوم القيامة آخر الأيام والخلاص فيه من المحاسبة والمناقشة يؤدّى الى نجاة الابد والفوز بالدرجات لانه ليس بعد التخلية بالمعجمة الا التحلية بالمهملة فقدّم الأهم والأصل ولشدة هذا اليوم قال الفضيل بن عياض رحمه الله انى لا أغبط ملكا مقربا ولانبيا مرسلا ولا عبدا صالحا أليس هؤلاء يعاينون القيامة وأهوالها وانما أغبط من لم يخلق لانه لا يرى اهوال القيامة وشدائدها قال ابو بكر الواسطي، رحمه الله الدول ثلاث دولة فى الحياة ودولة عند الموت ودولة يوم القيامة. فاما دولة الحياة فبان يعيش فى طاعة الله. ودولة الموت بان تخرج روحه مع شهادة ان لا اله الا الله. واما دولة النشر فحين يخرج من قبره فيأتيه البشير بالجنة جعلنا الله وإياكم من اهل هذه الدول الثلاث التي لا دولة فوقها فى نظر اهل السعادة والعناية وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ الحسبان بالكسر بمعنى الظن والغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقيقة الأمور والظالمون اهل مكة وغيرهم من كل اهل شرك وظلم وهو خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد تثبيته على ما كان عليه من عدم حسبانه تعالى كذلك نحو قوله تعالى وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مع ما فيه من الإيذان لكونه واجب الاحتراز عنه فى الغاية حتى نهى من لا يمكن تعاطيه. والمعنى دم على ما كنت عليه من عدم حسبانه تعالى غافلا عن أعمالهم ولا تحزن بتأخير ما يستوجبونه من العذاب الأليم إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تعليل للنهى اى لا يؤخر عذابهم الا لاجل يوم هائل تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ ترتفع فيه أبصار اهل الموقف اى تبقى أعينهم مفتوحة لا تتحرك اجفانهم من هول ما يرونه يعنى ان تأخيره للتشديد والتغليظ لا للغفلة عن أعمالهم ولا لاهمالهم يقال شخص بصر فلان كمنع وأشخصه صاحبه إذا فتح عينيه ولم يطرف بجفنيه مُهْطِعِينَ حال مقدرة من مفعول يؤخرهم اى مسرعين الى الداعي مقبلين عليه بالخوف والذل والخشوع كاسراع الأسير والخائف. وبالفارسية [بشتابند بسوى اسرافيل كه ايشانرا بعرصه محشر خواند] يقال اهطع البعير فى السير إذا اسرع مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ اى رافعيها مع ادامة النظر من غير التفات الى شىء قال فى تهذيب المصادر الاقناع ان يرفع رأسه ويقبل بطرفه الى ما بين يديه وعن الحسن وجوه الناس يوم القيامة الى السماء لا ينظر أحد الى أحد لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ لا يرجع إليهم تحريك اجفانهم حسب ما يرجع إليهم كل لحظة بل تبقى أعينهم مفتوحة لا تطرف اى لا تضم وفى الكواشي اصل الطرف تحريك الجفون فى النظر ثم سميت العين طرفا مجازا والمعنى انهم لا يلتفتون ولا ينظرون مواقع أقدامهم لما بهم انتهى وَأَفْئِدَتُهُمْ قلوبهم هَواءٌ خالية من العقل والفهم لفرط الحيرة والدهش كأنها نفس الهواء الخالي عن كل شاغل وفى الكواشي تلخيصه الابصار شاخصة والرؤوس مقنعة والقلوب فارغة زائلة لهول ذلك اليوم ثبتك الله وإيانا فيه والآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزية للمظلوم وتهديد للظالم قال احمد بن حضرويه لو اذن لى فى الشفاعة ما بدأت الا بظالمى قيل له وكيف قال لانى نلت به ما لم انله بوالدي قيل وما ذاك قال تعزية الله فى قوله وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ: وفى المثنوى(4/431)
وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)
آن يكى واعظ چوبر تخت آمدى ... قاطعان راه را داعى شدى
دست بر مى داشت يا رب رحم ران ... بر بدان ومفسدان وطاغيان
بر همه تسخر كنان اهل خير ... بر همه كافر دلان واهل دير
او نكردى آن دعا بر اصفيا ... مى نكردى جز خبيثانرا دعا
مرو را گفتند كين معهود نيست ... دعوت اهل ضلالت جود نيست
كفت نيكويى أزينها ديده ام ... من دعاشان زين سبب بگزيده ام
خبث وظلم وجور چندان ساختند ... كه مرا از شر بخير انداختند
هر كهى كه رو بدنيا كرد مى ... من ازيشان زخم وضربت خوردمى
كردمى از زخم آن جانب پناه ... باز آوردند مى كركان براه
چون سبب ساز صلاح من شدند ... پس دعاشان بر منست اى هوشمند
وفى الكواشي واستدل بعضهم على قيام الساعة بموت المظلوم مظلوما قالوا وجد على جدار الصخرة
نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم
قال السعدي قدس سره
نخفتست مظلوم از آهش بترس ... زدود دل صبحكاهش بترس
نترسى كه پاك اندرونى شبى ... بر آرد سوز جكر يا ربى
نمى ترسى از كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد
والاشارة وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا اى فى الأزل عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ اليوم يعنى كل عمل يعمله الظالمون لم يكن الله غافلا عنه فى الأزل بل كل ذلك كان بقضائه وقدره وإرادته مبنيا على حكمته البالغة جعل سعادة اهل السعادة وشقاوة اهل الشقاوة مودعة فى أعمالهم والأعمال مودعة فى أعمارهم ليبلغ كل واحد من الفرقتين على قدمى أعمالهم الشرعية والطبيعية الى منزل من منازل السعداء ومنزل من منازل الأشقياء يوم القيامة فلذا اخر الظالمين ليزدادوا اثما يبلغهم منازل الأشقياء وَأَنْذِرِ النَّاسَ اى خوفهم جميعا يا محمد يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ اى من يوم القيامة او من يوم موتهم فانه أول ايام عذابهم حيث يعذبون بالسكرات وهذا الانذار للكفرة أصالة وللمؤمنين تبعية وان لم يكونوا معذبين فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا منهم بالشرك والتكذيب رَبَّنا أَخِّرْنا ردنا الى الدنيا وأمهلنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ الى أمد وحدّ من الزمان قريب قال سعدى المفتى لعل فى النظم تضمينا والتقدير ردنا الى ذى أجل قريب اى قليل وهو الدنيا مؤخرا عذابنا وقال الكاشفى [عذاب ما را تأخير كن وما را بدنيا فرست ومهلت ده تا مدتى نزديك او] اخر آجالنا وابقنا مقدار ما نؤمن بك ونجيب دعوتك نُجِبْ دَعْوَتَكَ جواب للامر اى الدعوة إليك والى توحيدك وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ فيما جاؤنا به اى نتدارك ما فرطنا فيه من اجابة الدعوة واتباع الرسل أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ على إضمار القول عطفا على فيقول اى فيقال لهم توبيخا وتبكيتا(4/432)
وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)
ألم تؤخروا فى الدنيا ولم تكونوا أقسمتم اى حلفتم إذ ذاك بألسنتكم تكبرا وغرورا ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ مما أنتم عليه من التمتع جواب للقسم او بألسنة الحال حيث بنيتم شديدا واملتم بعيدا ولم تحدثوا أنفسكم بالانتقال عن هذه الحال وفيه اشعار بامتداد زمان التأخير وما لكم من زوال من هذه الدار الى دار اخرى للجزاء فالاول مبنى على انكار الموت والثاني على انكار البعث وفى التأويلات النجمية يشير به الى التناسخية فانهم يزعمون ان لازوال لهم ولا للدنيا بان واحدا منهم إذا مات انتقل روحه الى قالب آخر فاراد بهذا الجواب ان لو رجعناكم الى الدنيا لتحقق عندكم مذهب التناسخ وما أقسمتم من قبل على انه ما لكم من زوال قال فى التعريفات التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمان بين التعلقين للتعشق الذاتي بين الروح والجسد وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالشرك والمعاصي كعاد وثمود غير محدثين لانفسكم بما لقوا من العذاب بسبب ما اكتسبوا من السيئات وَتَبَيَّنَ لَكُمْ بمشاهدة الآثار وتواتر الاخبار كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ من الإهلاك والعقوبة بما فعلوا من الظلم والفساد وليس الجملة فاعلا لتبين لان الاستفهام له صدر الكلام ولان كيف لا يكون الا ظرفا او خبرا او حالا بل فاعله ما دلت هى عليه دلالة واضحة اى فعلنا العجيب بهم وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ اى بينالكم فى القرآن العظيم صفات ما فعلوا وما فعل بهم من الأمور التي هى فى الغرابة كامثال المضروبة لكل ظالم لتعتبروا بها وتقيسوا أعمالكم على أعمالهم ومآلكم على مآلهم وتنتقلوا من حلول العذاب العاجل الى حلول العذاب الآجل فترتدعوا عما كنتم فيه من الكفر والمعاصي يعنى انكم سمعتم هذا كله فى الدنيا فلم تعتبروا فلو رجعتم بعد هذا اليوم لا ينفعكم الموعظة ايضا: وفى المثنوى
قصه آن آبگيرست اى عنود ... كه در اوسه ماهئ اشكرف بود
چند صيادى سوى آن آبگير ... بر كذشتند وبديدند آن ضمير
پس شتابيدند تا دام آورند ... ماهيان واقف شدند وهوشمند
آنكه عاقل بود عزم راه كرد ... عزم راه مشكل ناخواه كرد
كفت با اينها ندارم مشورت ... كه يقين شستم كنند از مقدرت
مهرزاد وبود بر جانشان تند ... كاهلى وحمقشان بر من زند
مشورت را زنده بايد نكو ... كه ترا زنده كند آن زنده كو
اى مسافر با مسافر رأى زن ... زانكه پايت بسته دارد رأى زن
از دم حب الوطن بگذر مأيست ... كه وطن آن سوست جان اين سوى نيست
كفت آن ماهئ زيرك ره كنم ... دل ز رأى ومشورتشان بر كنم
نيست وقت مشورت هين راه كن ... چون على تو آه اندر چاه كن
شب رو پنهان روى كن چون عسس ... سوى دريا عزم كن زين آبگير
محرم آن آه كميابست وبس ... بحر جو وترك اين كرداب كير
سينه را پاساخت مى رفت آن حذور ... از مقام با خطر تا بحر نور(4/433)
وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)
همچوآهو كز پى او سك بود ... مى دود تا در تنش يكرك بود
خواب خركوش وسك اندر پى خطاست ... خواب خود در چشم ترسنده كجاست
رنجها بسيار ديد وعاقبت ... رفت آخر سوى أمن وعافيت
خويشتن افكند در درياى ژرف ... كه نيابد حد آن را هيچ طرف
پس چوصيادان بياوردند دام ... نيم عاقل را از آن شد تلخ كام
كفت آه من فوت كردم فرصه را ... چون نكشتم همره آن رهنما
بر كذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست
كفت ماهئ دكر وقت بلا ... چونكه ماند از سايه عاقل جدا
كو سوى دريا شد واز غم عتيق ... فوت شد از من چنان نيكو رفيق
ليك زان ننديشم وبر خود زنم ... خويشتن را اين زمان مرده كنم
پس بر آرم اشكم خود بر زبر ... پشت زيرم مى روم بر آب بر
مى روم برى چنانكه خس رود ... نى بسباحى چنانكه كس رود
مرده كردم خويش وبسپارم بآب ... مرك پيش از مرك امنست وعذاب
همچنان مرد وشكم بالا فكند ... آب مى بردش نشيب وكه بلند
هر يكى زان قاصدان غصه بس برد ... كه دريغا ماهئ بهتر بمرد
پس كرفتش يك صياد ارجمند ... پس برو تف كرد وبر خاكش فكند
غلط وغلطان رفت پنهان اندر آب ... ماند آن أحمق همى كرد اضطراب
دام افكندند اندر دام ماند ... احمقى او را در ان آتش فشاند
بر سر آتش بيشت تابه ... با حماقت كشته او همخوابه
او همى جوشيد از تف سعير ... عقل مى كفتش ألم يأتك نذير
او همى كفت از شكنجه وز بلا ... همچوجان كافران قالوا بلى
باز مى كفتى كه اگر اين بار من ... وارهم زين محنت كردن شكن
من نسازم جز بدريايى وطن ... آبگيري را نسازم من سكن
آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود
مى كند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا مى زند
فينبغى للمؤمن ان يكثر ذكر الموت فانه لاغنية للمؤمن عن ست خصال. أولاها علم يدله على الآخرة. والثانية رفيق يعينه على طاعة الله ويمنعه عن معصية الله. والثالثة معرفة عدوه والحذر منه. والرابعة عبرة يعتبربها. والخامسة انصاف الخلق لكيلا تكون له يوم القيامة خصماء. والسادسة الاستعداد للموت قبل نزوله لكيلا يكون مفتضحا يوم القيامة وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ اى فعلنا بالذين ظلمو ما فعلنا والحال انهم قد مكروا فى ابطال الحق وتقرير الباطل مكرهم العظيم الذي استفرغوا فى عمله المجهود وجاوزوا فيه كل حد معهود بحيث لا يقدر عليه غيرهم والمكر الخديعة وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ اى جزاء مكرهم الذي فعلوه(4/434)
فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)
وَإِنْ وصلية كانَ مَكْرُهُمْ فى العظم والشدة لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ مسوى لازالة الجبال عن مقارّها معدا لذلك قال فى الإرشاد اى وان كان مكرهم فى غاية المتانة والشدة وعبر عن ذلك بكونه مسوى ومعدا لذلك لكونه مثلا فى ذلك فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ بتعذيب الظالمين ونصر المؤمنين وأصله مخلف رسله وعده وقدم المفعول الثاني اعلاما بان لا يخلف وعده أحدا فكيف يخلف رسله الذين هم خيرته وصفوته والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها. والمعنى دم على ما كنت عليه من اليقين بعدم اخلافنا رسلنا وعدنا إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب لا يماكر قادر لا يدافع ذُو انتِقامٍ لاوليائه من أعدائه قال فى القاموس انتقم منه عاقبه [ودر معالم از مرتضى على رضى الله عنه نقل ميكند كه اين آيت در قصه نمرود جبار است كه چون سلامت ابراهيم از آتش مشاهده كرد كفت بزرك خدايى دارد ابراهيم كه او را از آتش رهانيد من خواهم كه بر آسمان روم واو را به بينم اشراف مملكت كفتند كه آسمان بغايت مرتفع است وبدو رفتن با آسانى ميسر نشود نمرود نشنيد وفرمود تا صرحى سازند در سه سال بغايت بلند كه ارتفاع آن پنجهزار كز بود ودو فرسخ عرض آن بود و چون بر آنجا رفت آسمان را همچنان ديد كه در زمين ميديد روز ديكر آن بنا بنهاد وبادى مهيب بوزيد وآن بنا را از بيخ وبنياد بكند و چون آن صرح از پاى در آمد وخلق بسيار هلاك شد نمرود خشم كرفت وكفت بر آسمان روم وبا خداى ابراهيم كه مناره مرا بيفكند جنك كنم پس چهار كركس پرورش داد تا قوت تمام كرفتند وصندوقى چهار كوشه ساخت ودو در يكى فوقانى وديكرى تحتانى در راست كرد بر چهار طرف او چهار نيزه كه زير وبالا توانستى شد تعبيه نمود پس كركسانرا كرسنه داشتند و چهار مردار بر سر نيزها كرده أطراف صندق را بر تن كركسان بستند ايشان از غايت جوع ميل ببالا كرده جانب مردار پرواز نمودند وصندوق را كه نمرود با يك تن در آنجا بود بهوا بعد از شبانروزى نمرود در فوقانى كشاده آسمان را بر همان حال ديد كه بر زمين ميديد رفيق را كفت تا در تحتانى بگشاد كفت بنكر تا چهـ مى بينى آنكس نكاه كرد وجواب داد كه غير آب چيزى ديكر نمى بينم بعد از شبانروزى ديكر كه باب فوقانى بگشاد همان حال بود كه روز سابق مشاهده نمود ورفيق كه باب تحتانى بگشود بجز دود وتاريكى چيزى مشهود نبود نمرود بترسيدى] فنودى ايها الطاغي اين تريد قال عكرمة كان معه فى التابوت غلام قد حمل القوس والنشاب فرمى بسهم فعاد اليه السهم متلطخا بدم سمكة قذفت نفسها من بحر فى الهواء وقيل طائر أصابه السهم فقال كفيت شغل اله السماء ثم امر نمرود صاحبه ان يصوب الخشبات وينكس اللحم ففعل فهبطت النسور بالتابوت فسمعت الجبال هفيف التابوت والنسور ففزعت فظنت انه قد حدث حادث فى السماء وان الساعة قد قامت فكادت تزول عن أماكنها وهو المراد من مكرهم يقال ان نمرود أول من تجبر وقهر وسن سنن السوء وأول من لبس التاج فاهلكه الله ببعوضة دخلت فى خياشيمه فعذب بها أربعين يوما ثم مات(4/435)
يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49)
سوى او خصمى كه تير انداخته ... پشه كارش كفايت ساخته
وفى المثنوى
اى خنك انرا كه ذلت نفسه ... واى آن كز سركشى شد چون كه او «1»
بندگئ او به از سلطانى است ... كه انا خير دم شيطانى است «2»
فرق بين وبر كزين تو اى جليس ... بندگئ آدم از كبر بليس
ايها المؤمنون اين الأنبياء والمرسلون واين الأولياء المقربون واين الملوك الماضية والجبارون المتكبرون ما لكم لا تنظرون إليهم ولا تعتبرون فاجتهدوا فى الطاعات ان كنتم تعقلون واتقوا يوم ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ اى اذكر يوم تبدل هذه الأرض المعروفة أرضا اخرى غير معرفة وتبدل السموات غير السموات ويكون الحشر وقت التبديل عند الظلمة دون الجسر او يكون الناس على صراط كما روى عن عائشه رضى الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل تذكرون أهاليكم يوم القيامة قال (اما عند مواطن ثلاثة فلا عند الصراط والكتاب والميزان) قالت قلت يا رسول الله يوم تبدل الأرض غير الأرض اين الناس يومئذ قال (سألتنى عن شىء ما سألنى أحد قبلك الناس يومئذ على الصراط) والتبديل قد يكون فى الذات كما بدلت الدراهم دنانير وقد يكون فى الصفات كما فى قولك بدلت الحلقة خاتما إذا اذبتها وغيرت شكلها والآية تحتملهما نقل القرطبي عن صاحب الإفصاح ان الأرض والسماء تبدلان مرتين المرة الاولى تبدل صفتهما فقط وذلك قبل نفخة الصعق فتتناثر كواكبها وتخسف الشمس والقمر اى يذهب نورهما ويكون مرة كالدهان ومرة كالمهل وتكشف الأرض وتسير جبالها فى الجو كالسحاب وتسوى أوديتها وتقطع أشجارها وتجعل قاعا صفصفا اى بقعة مستوية والمرة الثانية تبدل ذاتهما وذلك إذا وقفوا فى المحشر فتبدل الأرض بأرض من فضة لم يقع عليها معصية وهى الساهرة والسماء تكون من ذهب كما جاء عن على رضى الله عنه والاشارة تبدل ارض البشرية بأرض القلوب فتضمحل ظلماتها بانوار القلوب وتبدل سموات الاسرار بسموات الأرواح فان شموس الأرواح إذا تجلت لكواكب الاسرار انمحت أنوار كواكبها بسطوة أشعة شموسها بل تبدل ارض الوجود المجازى عند اشراق تجلى أنوار الربوبية بحقائق أنوار الوجود الحقيقي كما قال وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَبَرَزُوا اى خرج الخلائق من قبورهم لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ اى لمحاسبته ومجازاته وتوصيفه بالوصفين للدلالة على ان الأمر فى غاية الصعوبة كقوله لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ فان الأمر إذا كان لواحد غلاب لا يغالب فلا مستغاث لاحد الى غيره ولا مستجار يقول الفقير سمعت شيخى وسندى قدس سره وهو يقول فى هذه الآية هذا ترتيب أنيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى قال فى المفاتيح القهار هو الذي لا موجود الا وهو مقهور تحت قدرته مسخر لقضائه عاجز فى قبضته وقيل هو الذي أذل الجبابرة وقصم ظهورهم بالإهلاك وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ اى يوم هم بارزون مُقَرَّنِينَ حال من المجرمين قرن بعضهم مع بعض بحسب مشاركتهم
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان تزيف سخن هامان إلخ [.....]
(2) در اواخر دفتر چهارم در بيان آنكه عقل جزوى تا بكور پيش إلخ(4/436)
سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)
فى العقائد الفاسدة او قرنوا مع الشياطين الذين أغووهم او قرنت أيديهم وأرجلهم الى رقابهم بالاغلال فِي الْأَصْفادِ متعلق بمقرنين اى يقرنون فى الأصفاد وهى القيود كما فى القاموس جمع صفد محركة وأصله الشد يقال صفدته إذا شددنه شدا وثيقا سَرابِيلُهُمْ اى قمصانهم جمع سربال مِنْ قَطِرانٍ هو عصارة الأبهل والارز ونحوهما قال فى التفاسير هو ما يتحلب من الأبهل فيطبخ فتهنأ به الإبل الجربى فيحرق الجرب بحدته وقد تصل حرارته الى الجوف وهوا سود منتن يسرع فيه اشتعال النار يطلى به جلود اهل النار يعود طلاؤه لهم كالسرابيل ليجتمع عليهم الألوان الاربعة من العذاب لذع القطران وحرقته واسراع النار فى جلودهم واللون الموحش ونتن الريح على ان التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين فانه ورد (وان ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم) وقس عليها القطران ونعوذ بالله من عذابه كله فى الدنيا والآخرة وما بينهما وقال فى التبيان القطران فى الآخرة ما يسيل من أبدان اهل النار وعن يعقوب مِنْ قَطِرانٍ والقطر النحاس او الصفر المذاب والآنى المتناهي حره وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ اى تعلوها وتحيط بها النار التي تمس جلدهم المسربل بالقطران لانهم لم يتوجهوا بها الى الحق ولم يستعملوا فى تدبره مشاعرهم وحواسهم التي خلقت فيها لاجله كما تطلع على افئدتهم لانها فارغة عن المعرفة مملوءة بالجهالات وفى بحر العلوم الوجه يعبر به عن الجملة والذات مجازا وهو ابلغ من الحقيقة اى وتشملهم النار وتلبسهم لان خطاياهم شملتهم من كل جانب فجوزوا على قدرها حتى الإصرار والاستمرار لِيَجْزِيَ اللَّهُ متعلق بمضمر اى يفعل بهم وذلك ليجزى كُلَّ نَفْسٍ مجرمة ما كَسَبَتْ من انواع الكفر والمعاصي جزاء موافقا لعملها إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ إذ لا يشغله حساب عن حساب فيتمه فى اعجل ما يكون من الزمان فيوفى الجزاء بحسبه او سريع المجيء يأتى عن قريب وفى التأويلات وترى المجرمين وهم أرواح أجرموا إذا تبعوا النفوس ووافقوها فى طلب الشهوات والاعراض عن الحق يومئذ اى يوم التجلي مقيدين فى النفوس بقيود صفاتها الذميمة الحيوانية ولا يستطيعون للبروز والخروج لله سرابيلهم من قطران المعاصي وظلمات النفوس وهم محجوبون بها عن الله وتغشى وجوههم نار الحسرة والقطيعة والحرمان ليجزى الله كل نفس اى كل روح بما كسبت من صحبة النفس وموافقتها ان الله سريع الحساب اى يحاسب الأرواح بالسرعة فى الدنيا ويجزيهم بما كسبوا فى متابعة النفوس من العمى والصمم والجهل والغفلة والبعد وغير ذلك من الآفات قبل يوم القيامة هذا القرآن بما فيه من فنون العظات والقوارع بَلاغٌ لِلنَّاسِ كفاية لهم فى الموعظة والتذكير قال فى القاموس البلاغ كسحاب الكفاية وَلِيُنْذَرُوا بِهِ عطف على مقدر واللام متعلقة بالبلاغ اى كفاية لهم فى ان ينصحوا وينذروا به وفى التأويلات اى لينتبهوا بهذا البلاغ قبل المفارقة عن الأبدان فينتفعوا به فان الانتباه بالموت لا ينفع وَلِيَعْلَمُوا بالتأمل فيما فيه من الآيات أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ [آنكه اوست خداى يكتا] اى لا شريك له فيعبدوه ولا يعبدوا الها غيره من الدنيا والهوى والشيطان وما يعبدون من دون الله وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ(4/437)
اى لتذكروا ما كانوا يعملون من قبل من التوحيد وغيره من شؤون الله ومعاملته مع عباده فيرتدعوا عما يرديهم من الصفات التي يتصف بها الكفار ويتدرعوا بما يحصنهم من العقائد الحقة والأعمال الصالحة قال البيضاوي اعلم انه سبحانه ذكر لهذا البلاغ ثلاث فوائد هى الغاية والحكمة فى إنزال الكتب تكميل الرسل للناس واستكمال القوة النظرية التي منتهى كما لها التوحيد واستصلاح القوة العملية التي هو التدرع بلباس التقوى قال فى بحر العلوم وليذكر أولوا الألباب اى وليتعظ ذووا العقول فيختاروا الله ويتقوه فى المحافظة على أوامره ونواهيه وبذلك وصى جميع اولى الألباب من الأولين والآخرين قال الله تعالى وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ويكفيهم ذلك عظة ان اتعظوا والعقول فى ذلك متفاوتة فيجزى كل أحد منهم على قدر عقله قال النبي صلى الله عليه وسلم (ان فى الجنة مدينة من نور لم ينظر إليها ملك مقرب ولا نبى مرسل جميع ما فيها من القصور والغرف والأزواج والخدام من النور
أعدها الله للعاقلين فاذا ميز الله اهل الجنة من اهل النار ميز اهل العقل فجعلهم فى تلك المدينة فيجزى كل قوم على قدر عقولهم فيتفلوتون فى الدرجات كما بين مشارق الأرض ومغاربها بألف ضعف) يقول الفقير أشير بالعقلاء هاهنا الى من اختاروا الله على غيره وان كانوا متفاوتين فى مراتبهم بحسب تفاوت عقولهم وعلومهم بالله وهم المرادون فيما ورد (اكثر اهل الجنة البله) والعقلاء فى عليين فالابله وهو من اختار الجنة ونعميها دون من اختار الله وقربه فى المرتبة فانه العابد بالمعاملات الشرعية وهذا العارف بالاسرار الالهية والعارف فوق العابد ألا ترى ان مقامه من نور ومقام العابد من الجوهر والنور فوق الجوهر فى اللطافة: قال الكمال الخجندي
نيست ما را غم طوبى وتمناى بهشت ... شيوه مردم نا اهل بود همت پست
وقال المولى الجامى
يا من ملكوت كل شىء بيده ... طوبى لمن ارتضاك ذخرا لغده
اين پس كه دلم جز تو ندارد كامى ... تو خواه بده كام دلم خواه مده
جعلنا الله ممن اختاره على غيره فى المحافظة على حدوده واتعظ بموعظته ونصيحته وخلص له امر محياه ومماته ورزقنا الفوز بشرف عفوه ومرضاته برسوله محمد وعترته الطيبين الطاهرين آمين تمت سورة ابراهيم بعون الله الكريم صبيحة اليوم الاول من ذى الحجة من سنة ثلاث ومائة والف(4/438)
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)
الجزء الرابع عشر من الاجزاء الثلاثين
تفسير سورة الحجر
وهى مكية وآيها تسع وتسعون كما فى التفاسير الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم الر اسم للسورة وعليه الجمهور اى هذه السورة مسماة بالر وقال الكاشفى (علما را در حروف مقطعه أقاويل بسيارست جمعى بر آنند كه مطلقا در باب آن سخن گفتن سلوك سبيل جرأتست. ودر ينابيع آورده كه فاروق را از معنى اين حروف پرسيدند فرمودند اگر در وى سخن گويم متكلف باشم وحق تعالى پيغمبر خود را فرموده كه بگو وما انا من المتكلفين] يقول الفقير انما عد حضرة الفاروق رضى الله عنه المقال فيه من باب التكلف لا من قبيل ما يعرف بالذوق الصحيح والمشرب الشافي واللسان قاصر عن إفادة ما هو كذلك على حقيقته لانه ظرف الحروف والألفاظ لا ظرف المعاني والحقائق ولا مجال له لكونه منتهيا مقيدا ان يسع فيه ما لا نهاية له وفيه اشعار بان الكلام فيه ممكن فى الجملة. واما قول من قال ان هذه الحروف من اسرار استأثر الله بعلمها ففى حق القاصرين عن فهم حقائق القرآن والخالين عن ذوق هذا الشأن وعلم عالم المشاهدة والعيان والا فالذى استأثر الله بعلمه انما هى الممتنعات وهى ما لم يشم رائحة الوجود بل بقي فى غيب العلم المكنون بخلاف هذه الحروف فانها ظهرت فى عالم العين وما هو كذلك لا بد وان يتعلق به علم الأكملين لكونه من مقدوراتهم فالفرق بين علم الخالق والمخلوق ان علم الخالق عام شامل بخلاف علم المخلوق فافهم هداك الله [وبعضى گويند هر حرفى اشارت باسميست چنانچهـ در الر الف اشارت باسم الله است ولام باسم جبريل ورا باسم حضرت رسول صلى الله عليه وسلم اين كلام از خداى تعالى بواسطه جبريل برسول رسيده] تِلْكَ السورة العظيمة الشأن آياتُ الْكِتابِ الكامل الحقيق باختصاص اسم الكتاب على الإطلاق على ما يدل عليه اللام اى بعض من جميع القرآن او من جميع المنزل إذ ذاك او آيات اللوح المحفوظ وَقُرْآنٍ عظيم الشأن مُبِينٍ مظهر لما فى تضاعيفه من الحكم والمصالح او لسبيل الرشد والغى او فارق بين الحق والباطل والحلال والحرام فهو من ابان المتعدى ويمكن ان يجعل من اللازم الظاهر امره فى الاعجاز او الواضحة معانيه للمتدبرين او البين للذين انزل عليهم لانه بلغتهم وأساليبهم وعطف القرآن على الكتاب من عطف احدى الصفتين على الاخرى اى الكلام الجامع بين الكتابية والقرآنية وفى التأويلات النجمية يشير بكلمة تِلْكَ الى قوله الر اى كل حرف(4/439)
رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)
من هذه الحروف حرف من آية من آياتُ الْكِتابِ وَهى قُرْآنٍ مُبِينٍ فالالف اشارة الى آية اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ واللام اشارة الى آية وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ والراء اشارة الى آية رَبَّنا ظَلَمْنا فالله تعالى اقسم بهذه الآيات الثلاث باشارة هذه الحروف الثلاثة ثم اقسم بجميع القرآن بقوله وَقُرْآنٍ مُبِينٍ رُبَما رب هاهنا للتكثير كما فى مغنى اللبيب. والمعنى بالفارسية اى بسا وقت كه يَوَدُّ يتمنى فى الآخرة الَّذِينَ كَفَرُوا بالقرآن وبكونه من عند الله لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ يعنى فى الدنيا مستسلمين لاحكام الله تعالى وأوامره ونواهيه ومفعول يود محذوف لدلالة لو كانوا مسلمين عليه اى يودون الإسلام على ان لو للتمنى حكاية لودادتهم فلا تقتضى جوابا وانما جيئ بها على لفظ الغيبة نظرا الى انهم مخبر عنهم ولو نظر الى الحكاية لقيل لو كنا مسلمين واما من جعل لو الواقعة بعد فعل يفهم منه معنى التمني حرفا مصدرية فمفعول يود عنده لو كانوا مسلمين على ان يكون الجملة فى تأويل المفرد وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة واجتمع اهل النار ومعهم من شاء الله من اهل القبلة قال الكفار لمن فى النار من اهل القبلة ألستم مسلمين فقالوا بلى قالوا فما اغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا فى النار قالوا كانت لنا ذنوب فاخذنا بها فيغضب الله لهم بفضل رحمته فيأمر بكل من كان من اهل القبلة فى النار فيخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) وفى الحديث (لا يزال الرب يرحم ويشفع اليه حتى يقول من كان من المسلمين فليدخل الجنة فعند ذلك يتمنون الإسلام) اى يتمنونه أشد التمني ويودونه أشد الودادة وإلا فنفس الودادة ليست بمختصة بوقت دون وقت بل هى مستمرة فى كل آن يمر عليهم قبل دخول النار وبعده كما يدل عليه رب التكثيرية وقال بعضهم ربما يود الذين فسقوا لو كانوا مطيعين وربما يود الذين كسلوا لو كانوا مجتهدين وربما يود الذين غفلوا لو كانوا ذاكرين
اگر مرده مسكين زبان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى
كه اى زنده چون هست إمكان گفت ... لب از ذكر چون مرده بر هم مخفت
چوما را بغفلت بشد روزگار ... تو بارى دمى چند فرصت شمار
وقال عبد الله بن المبارك ما خرج أحد من الدنيا من مؤمن وكافر الا على ندامة وملامة لنفسه فالكافر لما يرى من سوء ما يجازى به والمؤمن لرؤية تقصيره فى القيام بموجب الخدمة وترك الحرمة وشكر النعمة وقال ابن العرجى الكفران هنا كفران النعمة ومعناه ربما يود الذين جهلوا نعم الله عندهم وعليهم ان لو كانوا شاكرين عارفين برؤية الفضل والمنة يقول الفقير عبارة الكفر وان كانت شاملة لكفر الوحدة وكفر النعمة لكن الآية نص فى الاول ولا مزاحمة فى باب المعاني الثواني التي هى من قبيل الإشارات القرآنية والمدلولات المحتملة فعليك العمل بالكل فانه سلوك لخير السبل ذَرْهُمْ اى دع الكفار يا محمد عن النهى عماهم عليه بالتذكرة والنصيحة لا سبيل الى ارعوائهم عن ذلك والآية منسوخة بآية القتال كما فى بحر العلوم قال الكاشفى [امر تهوين وتحقير است يعنى كافران در چهـ حسابند دست ازيشان بدار تا در دنيا] يَأْكُلُوا كالانعام وَيَتَمَتَّعُوا بدنياهم وشهواتها والمراد(4/440)
وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)
دوامهم على ذلك لا احداثه فانهم كانوا كذلك وهما أمران بتقدير اللام لدلالة ذرهم عليه او جواب امر على التجوز لان الأمر بالترك يتضمن الأمر بهما اى دعهم وبالغ فى تخليتهم وشأنهم بل مرهم بتعاطى ما يتعاطون وَيُلْهِهِمُ اى يشغلهم عن اتباعك او عن الاستعداد للمعاد الْأَمَلُ التوقع لطول الأعمار وبلوغ الأوطار واستقامة الأحوال وان لا يلقوا فى العاقبة والمآل إلا خيرا: قال الصائب
در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه
قال فى بحر العلوم ان الأمل رحمة لهذه الامة لو لاه لتعطل كثير من الأمور وانقطع اغلب اسباب العيش والحياة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انما الأمل رحمة الله لا متى لولا الأمل ما أرضعت أم ولدا ولا غرس غارس شجرا) رواه انس والحكمة لا تقتضى اتفاق الكل على الإخلاص والإقبال الكلى على الله فان ذلك مما يخل بامر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا قال بعضهم لو كان الناس كلهم عقلاء لما أكلنا رطبا ولا شربنا ماء باردا يعنى ان العقلاء لا يقدمون على صعود النخيل لا جتناء الرطب ولا على حفر الآبار لاستنباط الماء البارد كما فى اليواقيت قال فى شرح الطريقة الأمل ارادة الحياة للوقت للتراخى بالحكم والجزم اعنى بلا استثناء ولا شرط صلاح وهو مذموم فى الشرع جدا وغوائله اربع الكسل فى الطاعة وتأخيرها وتسويف التوبة وتركها وقسوة القلب بعد ذكر الموت والحرص على جمع الدنيا والاشتغال بها عن الآخرة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ سوء صنيعهم إذا عاينوا جزاءه وهو وعيد لهم قال فى التأويلات النجمية قوله ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ تهديد لنفس ذاقت حلاوة الإسلام ثم عادت الى طبعها الميشوم واستحلت مشار بها من نعيم الدنيا واستحسنت زخارفها فيهددها بأكل شهوات الدنيا والتمتع بنعيمها ثم قال فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ما خسروا من انواع السعادات والكرامات والدرجات والقربات ومافات منهم من الأحوال السنية والمقامات العلية وما أورثتهم الدنيا الدنية من البعد من الله والمقت وعذاب نار القطيعة والحرمان وَما أَهْلَكْنا شروع فى بيان سر تأخير عذابهم الى يوم القيامة وعدم نظمهم فى سلك الأمم الدارجة فى تعجيل العذاب اى وما أهلكنا مِنْ قَرْيَةٍ من القرى بالخسف بها وباهلها كما فعل ببعضها او باخلائها عن أهلها غب إهلاكهم كما فعل بآخرين إِلَّا وَلَها فى ذلك الشأن كِتابٌ اى أجل مقدر مكتوب فى اللوح المحفوظ واجب المراعاة بحيث لا يمكن تبديله لوقوعه حسب الحكمة المقتضية له مَعْلُومٌ لا ينسى ولا يغفل حتى يتصور التخلف عنه بالتقدم والتأخر. فكتاب مبتدأ خبره الظرف والجملة حال من قرية فانها لعمومها لا سيما بعد تأكده بكلمة من فى حكم الموصوفة كما أشير اليه. والمعنى وما أهلكنا قرية من القرى فى حال من الأحوال إلا حال ان يكون لها كتاب اى أجل مؤقت لهلكها قد كتبناه لا نهلكها قبل بلوغه معلوم لا يغفل عنه حتى تمكن مخالفته بالتقدم والتأخر او صفة للقرية المقدرة التي هى بدل من المذكورة على المختار فيكون بمنزلة كونه صفة للمذكورة اى وما أهلكنا قرية من القرى الا قرية لها كتاب معلوم وتوسيط الواو بينهما وان كان القياس عدمه للايذان(4/441)
مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)
بكمال الالتصاق بينهما من حيث ان الواو شأنها الجمع والربط ما تَسْبِقُ ما نافية مِنْ زائدة أُمَّةٍ من الأمم الهالكة وغيرهم أَجَلَها المكتوب فى كتابها اى لا يجيئ هلاكها قبل مجيئ كتابها وَما يَسْتَأْخِرُونَ اى وما يتأخرون عنه وانما حذف لانه معلوم ولرعاية الفواصل وصيغه الاستفعال للاشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له واما تأنيث ضمير امة فى أجلها وتذكيره فى يستأخرون فللحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى اخرى وفى التأويلات النجمية ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها حتى يظهر منها ما هو سبب هلاكها وتستوفى نفسها من الحظوظ ما يبطل الحقوق وَما يَسْتَأْخِرُونَ لحظة بعد استيفاء اسباب الهلاك والعذاب: قال السعدي
طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانگيز وعذرى بگوى
كه يك لحظه صورت نه بندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان
فعلى العاقل ان يجتهد فى تزكية النفس الامارة وازالة صفاتها المتمردة ومن المعلوم ان الدنيا كالقرية الصغيرة والآخرة كالبلدة الكبيرة ولم يسلم من الآفات الا من توجه الى السواد الأعظم فانه ما من لكل نفس فلو مات عند الطريق فقد وقع اجره على الله ولو تأخر واجتهد فى عمارة قرية الجسد واشتغل بالدنيا وأسبابها هلك مع الهالكين وإذا كان لكل نفس أجل لا تموت الا عند حلوله وهو مجهول فلا بد من التهيؤ فى كل زمان وذكر الموت كل حين وآن وقصر الأمل وإصلاح العمل ودفع الكسل وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه انه اشترى اسامة ابن زيد من زيد بن ثابت وليدة بمائة دينار الى شهر فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ألا تعجبون من اسامة المشترى الى شهر ان اسامة لطويل الأمل والذي نفسى بيده ما طرفت عيناى إلا ظننت ان شفرى لا يلتقيان حتى يقبض الله روحى ولا رفعت طرفى فظننت انى واضعه حتى اقبض ولا لقمت لقمة الا ظننت انى لا أسيغها حتى أغص بها من الموت ثم قال يا بنى آدم ان كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى والذي نفسى بيده انما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين) اى لا تقتدرون على اعجاز الله عن إتيان ما توعدون به من الموت والحشر والحساب وغيرها من احوال القيامة وأهوالها وَقالُوا اى مشركوا مكة وكفار العرب لغاية تماديهم فى العتو والغى وفى بعض التفاسير نزلت فى عبد الله بن امية يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ نادوا به النبي عليه السلام على وجه التهكم ولذا جننوه بقولهم إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ إذ لا يجتمع اعتقاد نزول الذكر عليه ونسبة الجنون اليه. والمعنى انك لتقول قول المجانين حين تدعى ان الله نزل عليك الذكر اى القرآن وقال الكاشفى [بدرستى تو ديوانه كه ما را از نقد بنسيه مى خوانى] وجواب هذه الآية قوله تعالى فى سورة القلم ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ اى ما أنت بمجنون حال كونك منعما عليك بالنبوة وكمال العقل يقول الفقير الجنون من أوصاف النقصان يجب تبرئة ساحة الأنبياء وكمل الأولياء منه وعد نسبته إليهم من الجنون إذ لا سفه أشد من نسبة النقصان وسخافة العقل والإذعان الى المراجيح الرزان ولا عقل من العقول الا وهو مستفيض من العقل الاول الذي هو الروح المحمدي والعاقل بالعقل المعادى مجنون عند العاقل بالعقل المعاشى وبالعكس ولا يكون مجنونا بالجنون المقبول الا بعد دخول دائرة العشق قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر(4/442)
لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)
جننا مثل مجنون بليلى ... شغفنا حب جيران بسلمى
يعنى جننا من الأزل الى الابد بجنون عشق المعشوق الوجه الحق وحب المحبوب الجمال المطلق كما جن مجنون بجنون عشق المعشوق ليلى الخلق وحب المحبوب الجمال المقيد: قال الصائب
روزن عالم غيبست دل اهل جنون ... من وآن شهر كه ديوانه فراوان باشد
لَوْ ما حرف تحضيض بمعنى هلا وبالفارسية [چرا] تَأْتِينا [نمى آرى] فالباء للتعدية فى قوله بِالْمَلائِكَةِ يشهدون بصحة نبوتك ويعضدونك فى الانذار كقوله تعالى لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً يعنى [اگر راست مى گويى كه پيغمبرى فرشتگانرا حاضر كن تا بحضور ما گواهى دهند برسالت تو] او يعاقبوننا على التكذيب كما أتت الأمم المكذبة لرسلهم إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى دعواك فان قدرة الله على ذلك مما لا ريب فيه وكذا احتياجك اليه فى تمشية أمرك فقال الله تعالى فى جوابهم ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ اى ملتبسا بالوجه الذي يحق ملابسة التنزيل به مما تقتضيه الحكمة وتجرى به السنة الالهية والذي اقترحوه من التنزيل لاجل الشهادة لديهم وهم هم ومنزلتهم فى الحقارة والهوان منزلتهم مما لا يكاد يدخل تحت الصحة والحكمة أصلا فان ذلك من باب التنزيل بالوحى الذي لا يكاد يفتح على غير الأنبياء العظام من افراد كمل المؤمنين فكيف على أمثال أولئك الكفرة اللئام وانما الذي يدخل فى حقهم تحت الحكمة فى الجملة هو التنزيل للتعذيب والاستئصال كما فعل باضرابهم من الأمم السالفة ولو فعل ذلك لا ستؤصلوا بالمرة وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ اذن جواب وجزاء لشرط مقدر وهى مركبة من إذ وهو اسم بمعنى الحين ثم ضم اليه ان فصار أذان ثم استثقلوا الهمزة فحذفوها فمجيئ لفظة ان دليل على إضمار فعل بعدها والتقدير وما كانوا أذان كان ما طلبوه منظرين والانظار التأخير. والمعنى ولو نزلنا الملائكة ما كانوا مؤخرين بعد نزولهم طرفة عين كدأب سائر الأمم المكذبة المستهزئة ومع استحقاقهم لذلك قد جرى قلم القضاء بتأخير عذابهم الى يوم القيامة لتعلق العلم والارادة بازديادهم عذابا وبايمان بعض ذراريهم وفى تفسير الكاشفى ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ مكر بوحي نازل بعذاب: يعنى ملك را بصورت أصلي وقتى توانند ديد كه بجهت عذاب نازل شوند چنانچهـ قوم ثمود جبريل را در زمان صيحه ديدند يا بوقت مرگ چنانچهـ همه كس مى بينند وَما كانُوا إِذاً ونباشند آن هنگام كه ملائكه را بدين صورت فرستيم مُنْظَرِينَ از مهلت داد كان يعنى فى الحال معذب شوند] إِنَّا نَحْنُ لعظم شأننا وعلو جنابنا ونحن ليست بفصل لانها بين اسمين وانما هى مبتدأ كما فى الكواشي نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ذلك الذكر الذي أنكروه وأنكروا نزوله عليك ونسبوك بذلك الى الجنون وعموا منزله حيث بنوا الفعل للمفعول ايماء الى انه امر لا مصدر له وفعل لا فاعل له قال الكاشفى [وذكر بمعنى شرف نيز مى آيد يعنى اين كتاب موجب شرف خوانندگانست] يعنى فى الدنيا والآخرة كما قال تعالى بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ اى بما فيه شرفهم وعزهم وهو الكتاب وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ فى كل وقت من كل ما لا يليق به كالطعن فيه والمجادلة فى حقيته والتكذيب له والاستهزاء به والتحريف والتبديل(4/443)
والزيادة والنقصان ونحوها واما الكتب المتقدمة فلما لم يتول حفظها واستحفظها الناس تطرق إليها الخلل وفى التبيان او حافظون له من الشياطين من وساوسهم وتخاليطهم: يعنى [شيطان نتواند كه درو چيزى از باطل بيفزايد يا چيزى از حق كم كند] قال فى بحر العلوم حفظه إياه بالصرفة على معنى ان الناس كانوا قادرين على تحريفه ونقصانه كما حرفوا التوراة والإنجيل لكن الله صرفهم عن ذلك او بحفظ العلماء وتصنيفهم الكتب التي صنفوها فى شرح ألفاظه ومعانيه ككتب التفسير والقراآت وغير ذلك: وفى المثنوى
مصطفى را وعده كرد الطاف حق ... گر بميرى تو نميرد اين سبق
من كتاب معجزت را رافعم ... بيش وكم كن را ز قرآن ما نعم
من ترا اندر دو عالم حافظم ... طاعنانرا از حديثت دافعم
كس نتاند بيش وكم كردن درو ... تو به از من حافظى ديگر مجو
رونقت را روز روز افزون كنم ... نام تو بر زر وبر نقره زنم
منبر ومحراب سازم بهر تو ... در محبت قهر من شد قهر تو
چاكرانت شهرها گيرند وجاه ... دين تو گيرد ز ماهى تا بماه
تا قيامت باقيش داريم ما ... تو مترس از نسخ دين اى مصطفى
وعن ابى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) ذكره ابو داود فى سننه وفيما ذكر اشارة الى ان القرآن العظيم مادام بين الناس لا يخلو وجه الأرض عن المهرة من العلماء والقراء والحفاظ- روى- (انه يرفع القرآن فى آخر الزمان من المصاحف فيصبح الناس فاذا الورق ابيض يلوح ليس فيه حرف ثم ينسخ القرآن من القلوب فلا يذكر منه كلمة ثم يرجع الناس الى الاشعار والأغاني واخبار الجاهلية) كما فى فصل الخطاب فعلى العاقل التمسك بالقرآن وحفظه نظما ومعنى فان النجاة فيه وفى الحديث (من استظهر القرآن خفف عن والديه العذاب وان كانا مشركين) وفى حديث آخر (اقرأوا القرآن واستظهروه فان الله لا يعذب قلبا وعى القرآن) وفى حديث آخر (لو جعل القرآن فى إهاب ثم القى فى النار ما احترق) اى من جعله الله حافظا للقرآن لا يحترق وسئل الفرزدق لم يهجوك جرير بالقيد فقال قال لى ابى يوما تعالى فذهبت اثره حتى جئنا الى بادية فرأينا من بعيد شخصا يجلس تحت شجرة مشغولا بالعبادة فغير ابى أوضاعه فمشى على مسكنة وذلة فلما قرب منه خلع نعليه وسلم بالخضوع والخشوع عليه وهو لم يلتفت اليه ثم تضرع ثانيا فرفع رأسه ورد سلامه ثم خاطبه ابى بالتواضع اليه وقال ان هذا ابني وله قصائد من نفسه فقال مرة قل لابنك تعلم القرآن واحفظه
در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كه سراسر سخنش حكمت يونان گردد
كما قال مولانا سيف الدين المناري وكان من كبار العلماء رأيت لبعضهم كلمات فى الدنيا عالية ثم رأيته حال الرحلة عن الدنيا فى غاية الضعف والتشويش وقد ذهب عنه التحقيقات والمعارف فى ذلك الوقت فان الأمر الحاصل بالتعمل والتكلف كيف يستقر حال الهرم والأمراض(4/444)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)
وضعف الطبيعة سيما حال مفارقة الروح قال ثم رجعنا من عنده فبكيت فقال ابى لم تبكى يا بنى ونور عينى قلت لم لا ابكى وقد التفت الى شخص وأنت من فضلاء الدهر وفصحائه وهو لم يلتفت إليك أصلا قال اسكت هو امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى الله عنه فقلت الآن هو أمرني بحفظ القرآن فقال نعم فعهدت ان احفظه وقيت قدمىّ بالأدهم حتى حفظته ثم أطلقت فانظر الى اهتمامه وحفظه قيل اشتغل الامام زفر رحمه الله فى آخر عمره بتعليم القرآن وتلاوته سنتين ثم مات ورآه بعض شيوخ عصره فى منامه فقال لولا سنتان لهلك زفر قال الكاشفى [وگويند ضمير عائد بحضرت رسالت است يعنى نگهبان وبيم از مضرت اعدا] كما قال تعالى وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
گر جمله جهانم خصم گردند ... نترسم چون نگهدارم تو باشى
ز شادى در همه حالم نگنجم ... اگر يك لحظه غمخوارم تو باشى
والاشارة إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ فى قلوب المؤمنين وهو قول لا اله الا الله نظيره قوله تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وقوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ فالمنافق يقول لا اله الا الله ولكن لم ينزله الله فى قلبه ولم يحصل فيه الايمان وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ اى فى قلوب المؤمنين ولو لم يحفظ الله الذكر والايمان فى قلوب المؤمن لما قدر المؤمن على حفظه لانه ناس وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى رسلا وانما لم يذكر لدلالة ما بعده عليه مِنْ قَبْلِكَ متعلق بأرسلنا فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ اى فرقهم وأحزابهم جمع شيعة وهى الفرقة المتفقه على طريقة ومذهب سموا بذلك لان بعضهم يشايع بعضا ويتابعه من شايعه إذا تبعه ومنه الشيعة وهم الذين شايعوا عليا وقالوا انه الامام بعد رسول الله واعتقدوا ان الامامة لا تخرج عنه وعن أولاده وإضافته الى الأولين من اضافة الموصوف الى صفة عند الفراء والأصل فى الشيع الأولين ومن حذف الموصوف عند البصريين اى فى شيع الأمم الأولين ومعنى ارسالهم فيهم جعل كل منهم رسولا فيما بين طائفة منهم ليتابعوه فى كل ما يأتى وما يذر من امور الدين وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ اى ما اتى شيعة من تلك الشيع رسول خاص بها إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ كما يفعله هؤلاء الكفرة وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بان هذه عادة الجهال مع الأنبياء والجملة فى محل النصب على انها حال مقدرة من ضمير مفعول فى يأتيهم إذا كان المراد بالإتيان حدوثه او فى محل الرفع على انها صفة لرسول فان محله الرفع على الفاعلية اى الا رسول كانوا به يستهزئون كَذلِكَ اى كاد خالنا الاستهزاء فى قلوب الأولين نَسْلُكُهُ اى ندخل الاستهزاء. والسلك إدخال الشيء فى الشيء كادخال الخيط فى المخيط اى الابرة والرمح فى المطعون فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ على معنى انه يخلقه ويزينه فى قلوبهم والمراد بالمجرمين مشركوا مكة ومن شايعهم فى الاستهزاء والتكذيب لا يُؤْمِنُونَ بِهِ اى بالذكر وهو بيان للجملة السابقة واختار المولى ابو السعود رحمه الله ان يكون ذلك اشارة الى ما دل عليه الكلام السابق من إلقاء الوحى مقرونا بالاستهزاء وان يعود ضمير نسلكه وبه الى الذكر على ان يكون لا يؤمنون به حالا من ضمير نسلكه. والمعنى اى مثل ذلك المسلك الذي سلكناه فى قلوب أولئك المستهزئين(4/445)
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)
برسلهم وبما جاؤا به من الكتب نسلك الذكر فى قلوب اهل مكة او جنس المجرمين حال كونه مكذبا غير مؤمن به لانهم كانوا يسمعون القرآن بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فى قلوبهم ومع ذلك لا يؤمنون لعدم استعدادهم لقبول الحق لكونهم من اهل الخذلان: قال السعدي قدس سره
كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هرگز كه حق بشنود
ز علمش ملال آيد از وعظ ننگ ... شقائق بباران نرويد ز سنگ
قال سعدى المفتى مكذبا اى حال الإلقاء من غير توقف كقوله تعالى فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ اى فى ذلك الزمان من غير توقف وتفكر فلا حاجة الى جعلها حالا مقدرة اى كما فعله الطيبي وفى التأويلات النجمية كَذلِكَ نَسْلُكُهُ اى الكفر فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ بواسطة جرمهم فان بالجرم يسلك الكفر فى القلوب كما يسلك الايمان بالعمل الصالح فى القلوب نظيره بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ اى قد مضت طريقتهم التي سنها الله فى إهلاكهم حين فعلوا ما فعلوا من التكذيب والاستهزاء: يعنى [هر كه از ايشان هلاك شده بترك قبول حق وتكذيب رسل بوده] وفيه وعيد لاهل مكة على استهزائهم وتكذيبهم
نه هرگز شنيدم درين عمر خويش ... كه بد مرد را نيكى آمد به بيش
وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ اى على هؤلاء المقترحين المعاندين الذين يقولون لو ما تأتينا بالملائكة باباً مِنَ السَّماءِ اى بابا ما لا بابا من ابوابها المعهودة كما قيل ويسرنا لهم الرقى والصعود اليه فَظَلُّوا قال فى بحر العلوم الظلول بمعنى الصيرورة كما يستعمل اكثر الافعال الناقصة بمعناها اى فصاروا فِيهِ اى فى ذلك الباب يَعْرُجُونَ يصعدون بآلة او بغيرها ويرون ما فيها من العجائب عيانا او فظل الملائكة يصعدون وهم يشاهدونهم. ويقال ظل يعمل كذا إذا عمله بالنهار دون الليل. فالمعنى فظل الملائكة الذين اقترحوا إتيانهم يعرجون فى ذلك الباب وهم يرونه عيانا مستوضحين طول نهارهم كما قال الكاشفى [پس باشند همه روز فرشتگان در نظر ايشان در ان بر بالا ميروند واز ان در زير مى آيند] لَقالُوا لغاية عنادهم وتشكيكهم فى الحق إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا اى سدت من باب الاحساس: يعنى [اين صورت در خارج وجود ندارد] قال فى القاموس قوله تعالى سُكِّرَتْ أَبْصارُنا اى حبست عن النظر وحيرت او غطيت وغشيت وفى تهذيب المصادر السكر [بند بستن] كما قال الكاشفى [جزين نيست كه بر بسته اند چشمهاى ما را وخيره ساخته] بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ قد سحرنا محمد كما قالوه عند ظهور سائر الآيات الباهرة كما قال تعالى حكاية عنهم وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ
تلخيصه لو أوتوا بما طلبوا لكذبوا لتماديهم فى الجحود والعناد وتناهيهم فى ذلك كما فى الكواشي. وفى كلمتى الحصر والاضراب دلالة على انهم يبتون القول بذلك وان ما يرونه لا حقيقة له وانما هو امر خيل إليهم بنوع من السحر قالوا كلمة انما تفيد الحصر فى المذكور آخرا فيكون الحصر فى الابصار لا فى التسكير فكأنهم قالوا سكرت أبصارنا لا عقولنا فنحن وان(4/446)
وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)
نتخايل بأبصارنا هذه الأشياء لكنا نعلم بعقولنا ان الحال بخلاقه ثم قالوا بل نحن كأنهم اضربوا عن الحصر فى الابصار وقالوا بل جاوز ذلك الى عقولنا بسحر سحره لنا
اى رسول ما تو جادو نيستى ... آنچنانكه هيچ مجنون نيستى «1»
واعلم ان السحر من خرق العادة وخرق العادة قد يصدر من الأولياء فيسمى كرامة وقد يصدر من اصحاب النفوس القوية من اصل الفطرة وان لم يكونوا اولياء وهم على قسمين اما خير بالطبع او شرير والاول ان وصل الى مقام الولاية فهو ولىّ وان لم يصل فهو من الصلحاء المؤمنين والمصلحين والثاني خبيث ساحر ولكل منهما التصرّف فى العالم الشهادى بحسب مساعدة الأسباب المهيأة لهم فان ساعدتهم الأسباب الخارجية استولوا على اهل العالم كالفراعنة من السحرة وان لم تساعدهم ليس لهم ذلك الا بقدر قوّة اشتغالهم بأسبابهم الخاصة والسحر لا بقاء له بخلاف المعجزة كالقرآن فانه باق على وجه كل زمان والسحر يمكن معارضته بخلافها ولا يظهر السحر الا على يد فاسق وكذا الكهانة والضرب بالرمل والحصى ونحو ذلك والضرب بالحصى هو الذي يفعله النساء ويقال له الطرق وقيل الخط فى الرمل وأخذ العوض عليه حرام كما فى فتح القريب قال الشيخ صلاح الدين الصفدي فى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة وقال الامام ابو حنيفة لا حقيقه له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال جعفر الاسترابادى من الشافعية وتعلمه حرام بالإجماع وكذا تعلم الكهانة والشعبذة والتنجيم والضرب بالشعير واما المعزم الذي يعزم على المصروع ويزعم انه يجمع الجن وانها تطيعه فذكره أصحابنا فى السحرة- روى- عن الامام احمد انه توقف فيه وسئل سعيد بن المسيب عن الرجل الذي يؤخذ عن امرأته ويلتمس من يداويه فقال انما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع فان استطعت ان تنفع أخاك فافعل انتهى ما فى اختلاف الائمة باختصار وكون السحر اشراكا مبنى على اعتقاد التأثير منه دون الله والتطير والتكهن والسحر على اعتقاد التأثير كفر وكذا الذي تطير له او تكهن له او سحر له ان اعتقد ذلك وصدقه كفر والا فحرام وليس بكفر فعلى الاول معنى قوله عليه السلام (ليس منا من تطير او تطير له او تكهن او تكهن له او سحر او سحر له) انه كافر وعلى الثاني ليس من اهل سنتنا وعامل طريقتنا ومستحق شفاعتنا واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب او الآية المجربة او بعض اسماء الله تعالى لدفع البلاء فلا بأس ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا فى التاتار خانية وعند البعض يجوز عدم النزع إذا كان مستورا بشئ والاولى النزع كذا فى شرح الكردي على الطريقة وَلَقَدْ جَعَلْنا الجعل هنا بمعنى الخلق والإبداع. والمعنى بالفارسية [وبدرستى كه ما آفريديم و پيدا كرديم] فِي السَّماءِ متعلق بجعلنا بُرُوجاً قصورا ينزلها السيارات السبع فى السموات السبع كما أشار إليها فى نصاب الصبيان على الترتيب بقوله
هفت كوكب هست گيتى را ... گاه ازيشان مدار وگاه خلل
قمرست وعطارد وزهره ... شمس ومريخ ومشترى وزحل
__________
(1) صادقى خرقه موسيستى در أوائل دفتر سوم در بيان تشبيه كردن قرآن مجيد بعصاي موسى عليه السلام إلخ(4/447)
وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)
وهى البروج الاثنا عشر المشهورة المختلفة الهيئات والخواص واسماؤها الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت وقد بسطنا القول فى البروج والمنازل فى أوائل سورة يونس فليراجع ثمة وانما سميت البروج التي هى القصور المرفوعة لانها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها واشتقاق البرج من التبرج لظهورها وفى شرح التقويم البرج فى اللغة الحصن وغاية الحصن المنع عن الدخول والوصول الى ما فيه ويقسم دور الفلك ويسمى كل قسم منها برجا طول كل واحد ثلاثون درجة وعرضه مائة وثمانون من القطب الى القطب وكل ما يقع فى كل قسم يكون فى ذلك البرج ولما كانت هذه الاقسام المتوهمة فى الفلك كالموانع عن تصرفات اشخاص العالم السفلى فيما فيها من الأنجم وغيرها كما أشير اليه فى الكتاب الهى بقوله وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً اعتبر المناسبة وسميت بالبروج وَزَيَّنَّاها اى السماء بتلك البروج المختلفة الاشكال والكواكب سيارات كانت او ثوابت وسميت السيارة لسرعة حركاتها وسميت الثابتة بالثوابت اما لثبات أوضاعها ابدا واما لقلة حركاتها الثابتة وغاية بطئها فان السماويات ليست بساكنة وحركات الثوابت على رأى اكثر المتأخرين درجة واحدة فى ست وستين سنة شمسية وثمان وستين سنة قمرية فيتم برجا فى الفى سنة ودورة فى اربعة وعشرين الف سنة وتسمى الثوابت بالكواكب البيابانية إذ يهتدى بها فى الفلاة وهى البيابان بالعجمية والكواكب الثابتة بأجمعها على الفلك الثامن وهو الكرسي وفوقه الفلك الأطلس اى فلك الافلاك وهو العرش سمى بالاطلس لخلوه عن الكواكب تشبيها له بالثوب الأطلس الخالي عن النقش ثم حركة الافلاك بالارادة وحركة الكواكب بالعرض إذ كل منها مركوز فى الفلك كالكرة المنغمسة فى الماء والكواكب التي أدركها الحكماء بإرصادهم الف وتسعة وعشرون فمنها سيارة ومنها ثوابت والكل مما أدركوا وما لم يدركوا زينة السماء كما ان فى الأرض زينة لها لِلنَّاظِرِينَ لكل من ينظر إليها فمعنى التزيين ظاهر او للمتفكرين المعتبرين المستدلين بذلك على قدرة مقدرها وحكمة مدبرها فتزيينها ترتيبها على نظام بديع مستتبع للآثار الحسنة وتخصيصهم لانهم هم المنتفعون بها واما غيرهم فنظرهم كلا نظر قال السعدي قدس سره
دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو گير ودوست
غبار هوا چشم عقلت بدوخت ... سموم هوا گشت عمرت بسوخت
بكن سرمه غفلت از چشم پاك ... كه فردا شوى سرمه در چشم خاك
وَحَفِظْناها اى السماء مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ مرمى بالنجوم فلا يقدر ان يصعد إليها ويوسوس فى أهلها ويتصرف فى أهلها ويقف على أحوالها فيلاحظ فى الكلام معنى الاضافة إذ الحفظ لا يكون من ذات الشيطان وفى كلمة كل هاهنا دلالة على ان اللام فى الشيطان الرجيم فى الاستعاذة لاستغراق الجنس كما فى بحر العلوم وقال بعضهم هل المراد فى الاستعاذة كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبليس اما نحن فلان(4/448)
إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)
الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضر شيأ والعاقل لا يستعيذ مما لا يؤذيه واما الرسول عليه السلام فلانه لما قيل له ولا أنت يا رسول الله قال (ولا انا ولكن الله تعالى أعانني عليه حتى اسلم فلا يأمرنى الا بخير) فاذا كان قرينه عليه السلام قد اسلم فلا يستعيذ منه فالاستعاذة حينئذ من غيره وغيره يتعين ان يكون إبليس او أكابر جنوده لانه قد ورد فى الحديث (ان عرش إبليس على البحر الأخضر وجنوده حوله وأقربهم اليه أشدهم بأسا ويسأل كلا منهم عن عمله واغوائه ولا يمشى هو الا فى الأمور العظام) والظاهر ان امر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم المهمات عنده فلا يؤثر به غيره من ذريته يقول الفقير انما يستعيذ عليه السلام من الشيطان امتثالا للامر الإلهي لا غير إذ لا تسلط له على افراد أمته المخلصين بالفتح فضلا عن التسلط عليه وهو آيس من وسوسته صلى الله عليه وسلم لانه يحترق من نوره عليه السلام فلا يقرب منه واما قوله تعالى وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ففرض وتقدير وتشريع وكذا قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ لا يدل على وقوع المس فى حق كل متق بل يكفى وجوده فى حق بعض افراد الامة فى الجملة ولئن سلم كما يدل عليه قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ اى إذا قرأ وناجى القى الوسوسة فى قراءته ومناجاته فهو يعلم انه عليه السلام لا يعمل بمقتضى وسوسته لانه نفسه اخرج المخلصين بالفتح من ان يتعرض لهم إغواء او يؤثر فيهم وسوسة ولا مانع من الاستعاذة من كل شيطان سواء كان مؤذيا أم لا إذ عداوته القديمة لبنى آدم مصححة لها ومن نصب نفسه للعداوة فاولاده تابعة له فى ذلك وقد ذكروا ان لوسوسته اليوم فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة واحدة وهو كقبض عزرائيل عليه السلام الأرواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة وهو فى مكان واحد إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ محله النصب على انه استثناء متصل لان المسترق من جنس الشيطان الرجيم اى ان فسر الحفظ بمنع الشياطين عن التعرض لها على الإطلاق والوقوف على ما فيها فى الجملة او منقطع اى ولكن من استرق السمع ان فسر ذلك بالمنع عن دخولها او التصرف فيها والاستراق افتعال وبالفارسية [بدزديدن] والمسترق المستمع مختفيا كما فى القاموس والسمع بمعنى المسموع كما قال الكاشفى [بدزدد سخنى مسموع] واستراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم اليسيرة من قطاع السموات لما بينهم من المناسبة فى الجوهر فَأَتْبَعَهُ اى تبعه ولحقه وبالفارسية [پس از پى در آيدش وبدو رسد وبسوزدش] قال ابن الكمال الفرق قائم بين تبعه واتبعه يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه شِهابٌ لهب محرق وهى شعلة نار ساطعة مُبِينٌ ظاهر امره للمبصرين ومما يجب التنبه له ان هذا حكاية فعل قبل النبي صلى الله عليه وسلم وان الشياطين كانت تسترق فى بعض الأحوال قبل ان يبعثه الله فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر الرجم وزاد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الانس والجن ومنع الاستراق رأسا وبالكلية
مهى بر آمد وبازار تيرگى بشكست ... گلى شكفت وهياهوى خار آخر شد(4/449)
ويعضده ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان الشياطين كانوا لا يحجبون عن السموات فلما ولد عيسى منعوا من ثلاث سموات ولما ولد محمد عليه السلام منعوا من السموات كلها بالشهب وما يوجد اليوم من اخبار الجن على ألسنة المخلوقين انما هو خبر منهم عما يرونه فى الأرض مما لا نراه نحن كسرقة سارق او خبية فى مكان خفى ونحو ذلك وان أخبروا بما سيكون كان كذبا كما فى آكام المرجان وفى الحديث (ان الملائكة تنزل الى العنان فتذكر الأمر الذي قضى فى السماء فيسترق الشيطان السمع فيوحيه الى الكهان فيكذبون مائة كذبة من عند أنفسهم) وفى بعض التفاسير ان الشياطين كانوا يركب بعضهم بعضا الى السماء الدنيا او كان الشيطان المارد يصعد ويكون الآخر أسفل منه فاذا سمع قال للذى هو أسفل
منه قد كان من الأمر كذا وكذا فيهرب الأسفل لاخبار الكهنة ويرمى المستمع بالشهاب فهم لا يرمون بالكواكب نفسها لانها قارة بالفلك على حالها وما ذاك الا كقبس يؤخذ من نار والنار ثابتة كاملة لا تنقص فمنهم من يحرق وجهه وجبينه ويده وحيث يشاء الله ومنهم من يخبل اى يفسد عقله حتى لا يعود الى الاستماع من السماء فيصير غولا فيضل الناس فى البوادي ويغتالهم اى يهلكهم ويأخذهم من حيث لم يدروا قال ابن الأثير فى النهاية الغول أحد الغيلان وهى جنس من الجن والشيطان وكانت العرب تزعم ان الغول فى الفلاة تترا أي للناس فتتلون تلونا فى صور شتى تضلهم عن الطريق وتهلكهم انتهى وفيه اشارة الى ان وجود الغول لا ينكر بل المنكر تشكلهم باشكال مختلفة وإهلاكهم بنى آدم وهو مخالف لما سبق آنفا من التفاسير اللهم الا ان يراد ان ذلك قبل بعثة النبي عليه السلام وقد أبطله عليه السلام بقوله (لا غول ولكن السعالى) اى لا يستطيع الغول ان يضل أحدا فلا معنى للزعم المذكور. والسعالى بالسين المفتوحة والعين المهملة سحرة الجن جمع سعلاة بالكسر ولكن فى الجن سحرة تتلبس وتتخيل لهم قال فى أنوار المشارق والذي ذهب اليه المحققون ان الغول شىء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر
الجود والغول والعنقاء ثالثة ... اسماء أشياء لم توجد ولم تكن
وتزعم العرب انه إذا انفرد رجل فى الصحراء ظهرت له فى خلقة انسان ورجلاها رجلا حمار انتهى واما قول صاحب المثنوى قدس سره
ذكر حق كن بانگ غولانرا بسوز ... چشم نرگس را ازين كركس بدوز
فيشير الى الشياطين الخبيثة المفسدة بل الى كل مضل للطالب عن طريق الحق على سبيل التشبيه وفائدة الذكر كونه دافعا لوساوسه لانه إذا ذكر الله خنس الشيطان اى تأخر ولعل المراد والله اعلم ان الجن ليس لهم دماغ كادمغة بنى آدم فلا تحمل لهم على استماع الصوت الجهوري الشديد فالذاكر إذا رفع صوته بالذكر طرد عن نفسه الشيطان وأحرقه بنور ذكره وأفسد عقله بشدة صوته وشهاب نفسه المؤثر ذكر ابو بكر الرازي ان التكبير جهرا فى غير ايام التشريق لايسن الا بإزاء العدو واللصوص تهييبا لهم انتهى يقول الفقير لما كان أعدى العدو هى النفس وأشد اللصوص والسراق هو الشيطان اعتاد الصوفية بجهر الذكر فى كل زمان ومكان تهييبا لهما وطردا لوسوستهما وإلقاءاتهما والعاقل لا يستريب فيه أصلا(4/450)
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23)
ولا يصيخ الى قول المنكر رأسا وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد أختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه وأوقع فى قلوبهم انتهى وفيه اشارة الى ان الروح مع القوى والأعضاء كالسلطان مع الاتباع والرعايا فما هو ملتزم فى الآفاق ملتزم فى الأنفس الا ان ترتفع الحاجة والضرورة بان أوقع المكالمة مع الندماء لكون المقام مقام الانبساط وقس عليه حال اهل الشهود والوصول الى الله والحصول عنده بحيث ما غابوا لحظة وَالْأَرْضَ نصب على الحذف على شريطة التفسير مَدَدْناها بسطناها ومهدناها للسكنى. وبالفارسية [وزمين را باز كشيدم بر روى آب از زير خانه كعبه] عن ابى هريرة رضى الله عنه خلقت الكعبة اى موضعها قبل الأرض بألفي سنة كانت خشفة على الماء عليها ملكان يسبحان الله فلما أراد الله ان يخلق الأرض دحاها منها اى بسطها فجعلها فى وسط الأرض وفى بعض الآثار ان الله سبحانه وتعالى قبل ان يخلق السموات والأرض كان عرشه على الماء اى العذب فلما اضطرب العرش كتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن فلما أراد ان يخلق السموات والأرض أرسل الريح على ذلك الماء فتموج فعلاه دخان فخلق من ذلك الدخان السموات ثم أزال ذلك الماء عن موضع الكعبة فيبس. وفى لفظ أرسل على الماء ريحا هفافة فصفقت الريح الماء اى ضرب بعضه بعضا فابرز عنه خشفة بالخاء المعجمة وهى حجارة يبست بالأرض فى موضع البيت كأنها قبة وبسط الحق سبحانه من ذلك الموضع جميع الأرض طولها وعرضها وهى اصل الأرض وسرتها اى وسط الأرض المعمورة المسكونة واما وسط الأرض عامرها وخرابها فقبة الأرض وهو مكان معتدل فيه الا زمان فى الحر والبرد ومستوفية الليل والنهار ابدا واعلم ان من الامكنة الارضية ما يلحق بعالم الجنان كمكة والمدينة وبيت المقدس والمساجد والبقاع للعبودية خصوصا ما بين قبر النبي عليه السلام ومنبره روضة من رياض الجنة ومن دخله وزاره بالاعتقاد الخالص والنية الصادقة كان آمنا من المكاره والمخاوف فى الدنيا والآخرة
اين چهـ زمين است كه عرش برين ... رشك برد با همه رفعت بدين
چونكه نيم محرم ديوار تو ... مى نگرم بر در وديوار تو
آنكه شرف يافت بديدار تو ... جان چهـ بود تا كند إيثار تو
وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ اى جبالا ثوابت لو لاهى لمارت فلم يستقر له أحد على ظهرها يقال رسارسوا ورسوّا ثبت كأرسى شبه الجبال الرواسي استحقارا لها واستقلالا لعددها وان كانت خلقا عظيما بحصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن وما هو الا تصوير لعظمته وتمثيل لقدرته وان كل فعل عظيم يتحير فيه الأذهان فهو هين عليه. والمعنى وجعلنا فى الأرض رواسى بقدرتنا الباهرة وحكمتنا البالغة وذلك بان قال لها كونى فكانت فاصبحت الأرض وقد أرسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا فلم يدر أحد مم خلقت وعدد الجبال سوى التلول ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون على ما فى زهرة الرياض وأول جبل نصب على وجه الأرض ابو قبيس وهو جبل بمكة وأفضل الجبال على ما قاله السيوطي أحد بضمتين وهو جبل بالمدينة لقوله(4/451)
وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)
عليه السلام (أحد يحبنا ونحبه) وكان مهبط آدم عليه السلام بأرض الهند بجبل عال يراه البحريون من مسافة ايام وفيه اثر قدم آدم مغموسة فى الحجر ويرى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ولا بد له فى كل يوم من مطر يغسل قدمى آدم وذروة هذا الجبل اقرب ذرى جبال الأرض الى السماء كما فى انسان العيون ويضاف هذا الجبل الى سر نديب وهو بلد بالهند والجبال خزائن الله فى ارضه لمنافع عباده وانها بمنزلة الرجال فى الأكوان يقال للرجال الكامل جبل- حكى- ان بعض الأولياء رأى مناما فى الليلة التي هلك فيها رجال بغداد على يد هولاكوخان ان جبال العراقين ذهبت من وجه الأرض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر ان هولاكوخان قد دخل مدينة بغداد فى تلك الليلة وقتل من الأولياء والعلماء والصلحاء والأمراء وسائر الناس ما لا يحصى عددا
سرگشته بود خواه ولى خواه نبى ... در وادي ما أدرى ما يفعل بي
وفى التأويلات النجمية والأرض مددناها اى ان ارض البشرية تميد كنفس الحيوانات الى ان أرساها الله بجبال العقل وصفات القلب
كشتىء بى لنگر آمد مرد شر ... كه ز باد كژ نمى يابد حذر
لنگر عقلست عاقل را أمان ... لنگرى در پوزه كن از عاقلان
وَأَنْبَتْنا فِيها اى فى الأرض لان الفواكه الجبلية غير منتفع بها فى الأكثر أو لأن الأرض تعمها فانها لما ألقيت فيها صارت منها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ بميزان الحكمة ذاتا وصفة ومقدارا اى مستحسن مناسب من قولهم كلام موزون. يعنى [برويانيديم از زمين چيزهاى نيكو مشتمل بر منافع كليه از أشجار ومزروعات با آنكه وزن كنند وبه پيمانند] وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ بالياء التصريحية لانه من العيش فالياء اصلية فوجب تصريحا وهو جمع معيشة اى ما تعيشون به من المطاعم والملابس وغيرها مما يتعلق به البقاء وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ [روزى دهندگان] وهو عطف على معايش كأنه قيل جعلنا لكم معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقيه من العيال والمماليك والخدم والدواب وما أشبهها على طريقة التغليب وذكرهم بهذا العنوان لرد حسبانهم انهم يكفون مؤوناتهم ولتحقيق ان الله تعالى هو الذي يرزقهم وإياكم او عطف على محل لكم وهو النصب كأنه قيل وجعلنا لكم معايش ولمن لستم له برازقين فيكون من عطف الجار والمجرور على الحار والمجرور وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ اى ما من شىء من الأشياء الممكنة إِلَّا عِنْدَنا يعنى [در تحت فرماننا] خَزائِنُهُ جمع خزانة بمعنى المخزن وهى ما يحفظ فيه نفائس الأموال لا غير غلب فى العرف على ما للملوك والسلاطين من خزائن أرزاق الناس شبهت مقدوراته تعالى فى كونها مستورة عن علوم العالمين ومصونة من وصول أيديهم مع كمال افتقارهم إليها ورغبتهم فيها وكونها مهيأة متأتية لا يجاده وتكوينه بحيث متى تعلقت الارادة بوجودها وجدت بلا تأخير بنفائس الأموال المخزونة فى الخزائن السلطانية فذكر الخزائن على طريقة الاستعارة التخييلية يقول الفقير سمعت من حضرة شيخى وسندى قدس سره ان الاشارة بالخزائن الى الأعيان الثابتة فلا يفيض شىء الا من(4/452)
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)
الأعيان الثابتة وعلم الله تابع المعلوم وما يقتضيه من الأحوال فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وَما نُنَزِّلُهُ اى ما نوجد وما نكون شيأ من تلك الأشياء ملتبسا بشئ من الأشياء إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ اى الا ملتبسا بمقدار معين يقتضيه الحكمة ويستدعيه المشيئة التابعة لها وفى الكواشي وما نوجده مع كثرته وتمكننا منه الا بحد محسوب على قدر المصلحة. وبالفارسية [مگر باندازه دانسته شده كه نه كم از ان شايد ونه زياده بر ان بايد] وحيث كان إنشاء ذلك بطريق التفضل من العالم العلوي الى العالم السفلى كما فى قوله تعالى وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ وكان ذلك بطريق التدريج عبر عنه بالتنزيل وفى تفسير ابى الليث وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ اى مفاتيح رزقه ويقال خزائن المطر وَما نُنَزِّلُهُ اى المطر إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ يعنى بكيل ووزن معروف قال ابن عباس رضى الله عنها يعنى يعلمه الخزان الا يوم الطوفان الذي أغرق الله فيه قوم نوح فانه طغى على خزانه وكثر فلم يحفظوا ما خرج منه يومئذ أربعين يوما وفى بحر العلوم وما من شىء ينتفع به العباد الا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والانعام بأضعاف ما وجد وما نعطيه الا بمقدار فعلم ان ذلك خير لهم واقرب الى جمع شملهم او بتقدير علمنا انهم يسلمون معه من المضرة ويصلون الى المنفعة ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير وفى التأويلات النجمية ان لكل شىء خزائن مختلفة مناسبة له كما لو قدرنا شيأ من الأجسام فله خزانة لصورته وخزانة لاسمه وخزانة لمعناه وخزانة للونه وخزانة لرائحته وخزانة لطعمه وخزانة لطبعه وخزانة لخواصه وخزانة لاحواله المختلفة الدائرة عليه بمرور الأيام وخزانة لنفعه وضره وخزانة لظلمته ونور وخزانة لملكوته وغير ذلك وهو خزانة لطف الله وقهره وما من شىء الا وفيه لطف الله وقهره مخزون وقلوب العباد خزائن صفات الله تعالى بأجمعها وما ننزل شيأ مما فى خزائنه الا بقدر ما هو معلومنا فى الأزل لحكمتنا البالغة المقتضية لايجاده وانزاله وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ حال مقدرة جمع ريح لاقح إذا أتت بسحاب ماطر من لقحت الناقة تلقح حبلت والقحها الفحل إذا أحبلها وحملها الماء فكان الريح حملت الماء وحملته السحاب فشبهت الريح التي تجيئ بالخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه بالعقيم ما لا يكون كذلك وقال ابو عبيدة لواقح بمعنى ملاقح جمع ملقحة لانها تلقح السحاب والأشجار بان تقويها وتنميها الى ان يخرج ثمرها وقيل بان تجرى الماء فيها حتى تهتز وتخرج الزهر قالوا الرياح للخير والريح للشر لقوله عليه السلام (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) واما قوله تعالى وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ نقد جاء فيه الريح المفردة بمعنى الخير والنفع باعتبار قيدها لا باعتبار إطلاقها قال محمد بن على رضى الله عنه ما هبت ريح ليلا ولا نهارا الا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعد وقال (اللهم ان كان بك اليوم سخط على أحد من خلقك بعثتها تعذيبا له فلا تهلكنا فى الهالكين وان كنت بعثتها رحمة فبارك لنا فيها) فاذا قطرت قطرة قال (رب لك الحمد ذهب السخط ونزلت الرحمة) قال مطرف رحمه الله لو حبست الريح عن الناس لانتن ما بين السماء والأرض فَأَنْزَلْنا بعد ما انشأنا بتلك الرياح سحابا ماطرا مِنَ السَّماءِ(4/453)
وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23)
من جانب العلو فان كل ما علاك سماء وهو ظاهر هناك لا الفلك ماءً اى بعض الماء كما يفيده التنكير فانه معلوم عند الناس علما يقينيا انه لم ينزل من السماء الماء كله بل قدر ما يصلون به الى المنفعة ويسلمون معه من المضرة فَأَسْقَيْناكُمُوهُ اى جعلنا المطر لكم سقيا تشربونه وتسقونه المواشي والضياع. وبالفارسية [پس بخوارانيديم شما را آن آب وتصرف داديم در ان] وسقى وأسقي واحد قال فى الإرشاد هو ابلغ من سقينا كموه لما فيه من الدلالة على جعل الماء معدا لهم يرتفقون به متى شاؤا وهى أطول كلمة فى القرآن وحروفها أحد عشر وحروف أنلزمكموها عشرة وَما أَنْتُمْ لَهُ اى للمطر المنزل بِخازِنِينَ اى نحن القادرون على إيجاده وخزنه فى السحاب وانزاله وما أنتم على ذلك بقادرين. وقيل ما أنتم بخازنين له بعد ما أنزلناه فى الغدران والآبار والعيون بل نحن نخزن فى هذه المخازن ونحفظ فيها لنجعلها سقيا لكم مع ان طبيعة الماء تقتضى الغور وهو بالفارسية [فروشدن آب در زمين امام ما تريدى در تأويلات فرموده كه نيستند شما مر خدايرا خزينه داران يعنى خزاين او در دست شما نيست ز آنچهـ شما خزينه نهيد همه از آن اوست] وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي بايجاد الحياة فى بعض الأجسام القابلة لها وتقديم الضمير للحصر وهو اما تأكيد للاول او مبتدأ خبره الفعل والجملة خبر لانا ولا يجوز كونه ضمير الفصل لانه يقع بين الاسمين وَنُمِيتُ باعدامها وإزالتها عنها وقد يعم الاحياء والاماتة لما يشمل الحيوان والنبات والله تعالى يحيى الأرض بالمطر ايام الربيع ويميتها ايام الخريف ويحيى بالايمان ويميت بالكفر [در لطائف قشيرى مذكور است كه زندگى ميدهيم دلها را بانوار مشاهده ومى ميرانيم نفوس را در نار مجاهده يا زنده مى سازيم بموافقت طاعات ومرده مى گردانيم بمتابعت شهوات] ومن مقالات حضرة الشيخ الأكبر لولده صدر الدين القنوى قدس الله سر هما وكم قتلت وأحييت من الأولاد والاصحاب ومات من مات وقتل من قتل ولم يحصل له ما حصل لك وهو شهود تجلى الذات الدائم الابدى الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه فقال صدر الدين يا سيدى الحمد لله على اختصاصى بهذه الفضيلة اعلم انك تحيى وتميت وتفصيله فى شرح الفصوص قال الامام الغزالي رحمه الله معنى المحيي والمميت الموجد ولكن الوجود إذا كان هو الحياة سمى فعله احياء وإذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا الله فمرجع هذين الاسمين الى صفات الفعل وَنَحْنُ الْوارِثُونَ قيل للباقى وارث الميت لانه يبقى بعد فنائه. فالمعنى ونحن الباقون بعد فناء الخلق جميعا المالكون للملك عند انقضاء زمان الملك المجازى الحاكمون فى الكل اولا وآخر او ليس لهم الا التصرف الصوري والملك المجازى وفيه تنبيه على ان المتأخر ليس بوارث للمتقدم كما يترا أي من طاهر الحال والمكاشفون المشاهدون المعاينون يرون الأمر الآن على ما هو عليه من العدم فان قيامة العارفين دائمة فهم سامعون الآن من الله تعالى من غير حرف ولا صوت نداء لمن الملك اليوم موقنون بان الملك لله الواحد القهار فى كل يوم وفى كل ساعة وفى كل لحظة وفى التأويلات النجمية وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي قلوب أوليائنا بانوار جمالنا وَنُمِيتُ نفوسهم بسطوة نظرات جلالنا وَنَحْنُ الْوارِثُونَ بعدا إفناء وجودهم ليبقوا ببقائنا: وفى المثنوى(4/454)
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)
پشه آمد از حديقه وز گياه ... وز سليمان كشته پشه داد خواه
كاى سليمان معدلت مى گسترى ... بر شياطين وآدمي زاد و پرى
مشكلات هر ضعيفى از تو حل ... پشه باشد در ضعيفى خود مثل
داد ده ما را ازين غم كن جدا ... دست گير اى دست تو دست خدا
پس سليمان گفت اى انصاف وجو ... داد وانصاف از كه ميخواهى بگو
كيست آن ظالم كه از باد بروت ... ظلم گرست وخراشيده است روت
گفت پشه داد من از دست باد ... كو دو دست ظلم ما را برگشاد
بانگ زد آن شه كه اى باد صبا ... پشه افغان كرد از ظلمت بيا
هين مقابل شو تو با خصم وبگو ... پاسخ خصم وبكن دفع عدو
باد چون بشنيد آمد تيز تيز ... پشه بگرفت آن زمان راه گريز
پس سليمان گفت اى پشه كجا ... باش تا بر هر دورانم من قضا
گفت اى شه مرگ من از بود اوست ... خود سياه اين روز من از دود اوست
او چون آمد من كجا يابم قرار ... كو بر آرد از نهاد من دمار
همچنين جوياى درگاه خدا ... چون جدا؟؟؟ آمد شود جوينده لا
گرچهـ آن وصلت بقا اندر بقاست ... ليك ز أول ان بقا اندر فناست
سايهايى كه بود جوياى نور ... نيست گردد چون كند نورش ظهور
عقل كى ماند چوباشد سرده او ... كل شىء هالك الا وجهه
هالك آمد پيش وجهش هست ونيست ... هست اندر نيستى خود طرفه ايست
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ استقدم بمعنى تقدم اى من تقدم منكم ولادة وموتا يعنى الأولين من زمان آدم الى هذا الوقت وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ استأخر بمعنى تأخر اى من تأخر منكم ولادة وموتا يعنى الآخرين الى يوم القيامة او من تقدم فى الإسلام والجهاد وسبق الى الطاعة ومن تأخر فى ذلك لا يخفى علينا شىء من أحوالكم وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ لا غير يَحْشُرُهُمْ اى يجمع المتقدمين والمتأخرين يوم القيامة للجزاء وهو القادر على ذلك والمتولى له لا غير فهو رد لمنكرى البعث إِنَّهُ حَكِيمٌ بالغ الحكمة متقن فى أفعاله فانها عبارة عن العلم بحقائق الأشياء على ما هى عليه والإتيان بالافعال على ما ينبغى وهى صفة من صفاته تعالى لا من صفات المخلوقين وما يسمونه الفلاسفة الحكمة هى المعقولات وهى من نتائج العقل والعقل من صفات المخلوقين فكما لا يجوز ان يقال لله العاقل لا يجوز للمخلوق الحكيم الا بالمجاز لمن آتاه الله الحكمة كما فى التأويلات النجمية عَلِيمٌ وسع علمه كل شىء ولعل تقديم صفة الحكمة للايذان باقتضائها للحشر والجزاء وقال الامام الواحدي فى اسباب النزول عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كانت تصلى خلف النبي عليه السلام امرأة حسناء فى آخر النساء فكان بعضهم يتقدم فى الصف الاول ليراها وكان بعضهم فى الصف المؤخر فاذا ركع نظر من تحت إبطه فنزلت وقيل كانت النساء يخرجن الى الجماعة فيقفن خلف الرجال فربما(4/455)
كان من الرجال من فى قلبه ريبة يتأخر الى آخر صف الرجال ومن النساء من فى قلبها ريبة تتقدم الى أول صف النساء لتقرب من الرجال فنزلت وفى الحديث (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) قال فى فتح القريب هذا ليس على عمومه بل محمول على ما إذا اختلطن بالرجال فاذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال ومن صلى منهن فى جانب بعيد عن الرجال فاول صفوفهن خير لزوال العلة والمراد بشر الصفوف فى الرجال والنساء كونها اقل ثوابا وفضلا وأبعدها عن مطلوب الشرع وخيرها بعكسه. وانما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهن عند رؤية حركاتهن وسماع كلامهن ونحو ذلك. وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والصف الاول الممدوح الذي وردت الأحاديث بفضله والحث عليه هو الذي يلى الامام سواء كان صاحبه على بعد من الامام او قرب وسواء تخلله مقصورة او منبرا واعمدة ونحوها أم لا هذا هو الصحيح وقيل الصف الاول هو المتصل من طرف المسجد الى طرفه لا تتخلله مقصورة ونحوها فان تخلل الذي يلى الامام شىء فليس باول بل الاول ما لم يتخلله شىء وان تأخر وقيل الصف الاول عبارة عن مجيئ الإنسان الى المسجد اولا وان صلى فى صف متأخر وعن انس رضى الله تعالى عنه حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الاول فى الصلاة فازدحم الناس عليه وكان بنو عذرة دورهم قاصية عن المسجد فقالوا نبيع دورنا ونشترى دورا قريبة من المسجد فانزل الله تعالى هذه الآية يعنى انما يؤجرون بالنية وفى الحديث (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات) قالوا بلى يا رسول الله قال (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة) قال فى فتح القريب الدار البعيدة لمن يقدر على المشي أفضل وهذا فى حق من هو متفرغ لذلك ولا يفوته بكثرة خطاه او مشيه الى المسجد مهم من مهمات الدين فان كان يفوته ذلك كالاشتغال بالعلم والتعلم والتعليم ونحو ذلك من فروض الكفاية فالدار القريبة فى حقه أفضل وكذا الضعيف عن المشي ونحوه فان قيل روى الامام احمد فى مسنده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (فضل البيت القريب من المسجد على البعيد منه كفضل المجاهد على القاعد عن الجهاد) فالجواب ان هذا فى نفس البقعة وذاك فى الفعل فالبعيد دارا مشيه اكثر وثوابه أعظم والبيت القريب أفضل من البيت البعيد ولهذا قيل فى قوله صلى الله عليه وسلم (الشؤم فى ثلاث المرأة والدار والفرس) ان شؤم الدار ان تكون بعيدة عن المسجد لا يسمع
ساكنها الاذان قال العلماء ينبغى ان يستثنى من افضلية الا بعد الامام فان النبي عليه السلام والائمة بعده لم تتباعد عن المسجد لطلب الاجر واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الأفضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الأبعد فقالت طائفة الصلاة فى الأبعد أفضل عملا بظاهر الأحاديث وقيل الصلاة فى الأقرب أفضل لما روى الدار قطنى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد) ولاحياء حق المسجد ولما له من الجوار فان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه تحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار أفضل على المذهب لما فى ذلك من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة اما لو كان(4/456)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26)
إذا صلى فى المسجد الجوار صلى وحده فالبعيد أفضل ولو كان إذا صلى فى بيته صلى جماعة وإذا صلى فى المسجد صلى وحده ففى بيته أفضل قال بعضهم جار المسجد أربعون دارا من كل جانب وقيل جار المسجد من سمع النداء ويقال أراد بالآية المصلين فى أول الوقت والمؤخرين الى آخره وفى الحديث (أول الوقت رضوان الله ووسط الوقت رحمة الله وآخر الوقت عفو الله تعالى) قال فى شرح كتاب الشهاب للقضاعى عند قوله عليه السلام (نور وأبا لفجر فانه أعظم للاجر) [گفت نماز بامداد بروشنايى كنيد كه مزد بزرگتر باشد يعنى بآخر وقت واين مذهب ابو حنيفه رحمه الله باشد كه نماز بآخر وقت فاضلتر باشد يعنى كه وجوب متأكدتر باشد كه بفوات نزديكتر باشد ومذهب امام شافعى رحمه الله گفت أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو الله وعفو نباشد الا از گناه پس معلوم گشت كه أول وقت فاضلتر باشد] قال ابو محمد النيسابورى المراد بآخر الوقت بعد خروجه لان العفو يقتضى ذلك لانه لا يكون الا عن ذنب فالمراد باول الوقت عنده جميع الوقت كما قال فى اسئلة الحكم الوقت وقتان وقت الأداء ووقت القضاء فوقت الأداء هو أول الوقت المرضى عند الله ووقت القضاء هو الوقت المرخص فيه وآخر الوقت هو القضاء وهو عفو الله عمن قضى الصلاة خارج وقتها فان قيل ما معنى أول الوقت رضوان الله والجواب ان أول الوقت بمنزلة المفتاح فاذا حصل وعرف قدره فقد استعد لرضى الله تعالى لان العبرة للفاتح والخاتم فاذا حصل المفتاح حصل الختم وينبغى ان يشتغل بأسباب الصلاة عند دخول الوقت او يقدم ما يمكن تقديمه من الأسباب قبل دخول الوقت ويشرع فى الصلاة إذا دخل الوقت لتنطبق الصلاة على أول الوقت ويستحب التأخير فى مسائل. منها الإبراد بالظهر. ومنها فقد الماء أول الوقت وكان ذائقة من وجوده آخر الوقت. ومنها إذا كان بحضرة طعام تتوق نفسه اليه. ومنها إذا كان يتحقق الجماعة آخر الوقت. ومنها إذا كان بمواضع منهى عنها كمواضع المكس والأسواق والربا ومن أعظم مواضع الربا الصاغة فانه يحرم دخولها بغير حاجة لغلبة الربا فيها قال فى شرح المهذب فاذا تيقنت بهذا المذكور فعليك بالاقدام على الطاعات والمسارعة الى العبادات حتى لا يظفريك النفس والشيطان فى جميع الحالات واحذر من التسويف ولعلك لا تنال ما أملت من عمر وزمان: وفى المثنوى
صوفى ابن الوقت باشد اى رفيق ... نيست فردا گفتن از شرط طريق
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى هذا النوع بان خلقنا أصله وأول فرد من افراده خلقا بديعا منطويا على خلق سائر افراده انطواء اجماليا مِنْ صَلْصالٍ من طين يابس غير مطبوخ يصلصل اى يصوّت عند نقره وإذا طبخ اى مسته النار فهو فخار مِنْ حَمَإٍ اى كان ذلك الصلصال من طين تغير واسود بطول مجاورة الماء مَسْنُونٍ صفة حمأ اى منتن. وبالفارسية [بوى گرفته بواسطه بسيار بودن در آب چون لايى كه درنگ حوض وجوى باشد] او مصور من سنة الوجه وهى صورته او مصبوب من سن الماء صبه اى مفرغ على هيئة الإنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة فى القوالب كالرصاص والنحاس ونحوهما كأنه سبحانه افرغ الحمأ فصوّر من ذلك تمثال انسان أجوف فيبس حتى إذا نقر صوت ثم غيره الى جوهر آخر(4/457)
وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28)
فتبارك الله احسن الخالقين قال الكاشفى [صاحب تبيان گفته كه حق سبحانه وتعالى آدم را از خاك آفريد بران وجه كه آب بر خاك بارانيد تا گل شد ومدتى بگذشت تا حمأ گشت پس آنرا تصوير كرد مسنون بمعنى مصور است آنكه بگذاشت تا خشك شد وبمرتبه صلصال رسيد] وكان بين خلقه ونفخ روحه اربع جمع من الآخرة وخلق بعد العصر يوم الجمعة والظاهر انه خلق فى جنة من جنات الدنيا بغربيها وعليه أكابر اهل الله تعالى وَالْجَانَّ أبا الجن قال فى الروضة إبليس هو ابو الجن والجان اسم جمع للجن كما فى القاموس وسمى بذلك لانه يجن اى يستتر ويجوز ان يراد به الجنس كما هو الظاهر من الإنسان لان تشعب الجنس لما كان من فرد واحد مخلوق من مادة واحدة كان الجنس باسره مخلوقا منها خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ من قبل خلق الإنسان مِنْ نارِ السَّمُومِ من نار الشديد الحرفان السموم فى اللغة الريح الحارة والريح الحارة فيها نار. والفرق بين السموم والحرور ان السموم تكون غالبا بالنهار والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار كما فى القاموس. وقيل سميت سموما لانها بلطفها تنفذ فى مسام البدن وهى ثقبه كالفم والمنخر والاذن. وقيل نار السموم نار لا دخان لها والصواعق تكون منها وهى نار بين السماء والحجاب فاذا أحدث الله امرا خرقت الحجاب فهوت الى ما أمرت فالهدة التي تسمعون خرق ذلك وقدم خلق الإنسان على الجان مع انه خلق قبله تعظيما لشأنه وإظهارا لفضله وكان بين خلق آدم والجن ستون الف سنة واتفق اهل العلم من اهل التحقيق ان عالم الملك مقدم خلقة على عالم الجان وعالم الجان مقدم على عالم الإنسان وانتقل ملك الدنيا الى آدم ليحصل له الاعتبار بالسابقين ويظهر له الفضل على الكل بتأخيره عن جميع المخلوقات لانه كالخاتم على الباب وهو خاتم المخلوقات ونتيجة الكائنات ونسخة الكليات من المحسوسات والمعقولات وبه تم كمال الوجود لتحققه بوصفى الجمال والجلال واللطف والقهر بخلاف الملك فانه مخلوق على جناح واحد وهو اللطف: قال المولى الجامى
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
ولم يكن قبل آدم خلق من التراب فخلق آدم منه ليكون عبدا خضوعا وضوعا ذلولا مائلا الى السجود لانه مقام العبودية الكاملة فكل جنس يميل الى جنسه ولهذا تواضع آدم لله واستكبر إبليس عن التواضع فابى وعلا وتكبر فمال الى جنسه لانه خلق من نار قال اهل الحكمة لا شك ان الله تعالى قادر خلق آدم ابتداء على هيئة خاصة من مادة خاصة وانما خلقه من تراب ثم من طين ثم من حمأ مسنون ثم من صلصال كالفخار اما لمحض المشيئة الالهية التي هى محض الحكمة الجامعة او لما فيه من دلالة الملائكة ومصلحتهم ومصلحة الخلق لان خلق الإنسان من هذه الأمور اعجب من خلق الشيء من شكله وجنسه وَإِذْ قالَ رَبُّكَ اى اذكر يا محمد وقت قوله تعالى لِلْمَلائِكَةِ [بجهت خلافت زمين] يقول الفقير ان فى هؤلاء الملائكة اختلافا شديدا والحق ما ذهب اليه أكابر اهل الله تعالى من ان المقول لهم القول الآتي والساجدين لآدم عليه السلام هم الذين تنزلوا من مرتبة الأرواح الى مرتبة الأجسام فدخل فيهم جبريل ونحوه من أكابر الملائكة وأصاغرهم سماوية كانت او ارضية لان كلهم ملتبسون(4/458)
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)
بملابس الجسمانية اللطيفة فاللام لاستغراق الجنس واما المراد بالعالين فى قوله تعالى أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ الملائكة المهيمون الذين بقوا فى عالم الأرواح واستغرقوا فى نور شهود الحق وليس لهم شعور بنفوسهم فضلا عن آدم وغيره وهم خير من هذا النوع الإنساني فى شرف الحال لا فى الجمعية والكمال والإنسان فوق الملائكة الارضية والسماوية فى رتبة الفضيلة والكمال بل فى شرف الحال ايضا لانهم كلهم عنصريون مخلوقون بيد واحدة فليس لهم شرف حاله ولا رتبة كماله: قال الحافظ
فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخوان جام وگلابى بخاك آدم ريز
إِنِّي خالِقٌ فيما سيأتى البتة كما يدل عليه التعبير باسم الفاعل الدال على التحقق بَشَراً قال فى القاموس البشر محركة الإنسان ذكرا او أنثى واحدا او جمعا وقد يثنى ويجمع ابشارا وظاهر جلد الإنسان مِنْ صَلْصالٍ متعلق بخالق او صفة لبشرا اى بشرا كائنا من صلصال كائن مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ تقدم تفسيره شاورهم الله تعالى بصورة الامتحان ليميز الطيب اى الملك من الخبيث اى إبليس فسلم الملك وهلك إبليس ولذلك قيل عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان وقيل أخبرهم سبحانه بتكوين آدم قبل ان يخلقه ليوطنوا أنفسهم على فناء الدنيا وزوال ملكوتها كما قال تعالى لآدم اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ والسكنى لا تكون الأعلى وجه العارية ليوطن نفسه على الخروج من الجنة: قال الصائب
مهياى فنا را از علائق نيست پروايى ... نينديشد ز خاك آنكس كه دامن در كمر دارد
وانما خلق الله آدم بعد جميع المخلوقات ليكون خاتم المخلوقات كسيد المرسلين خاتم الأنبياء فظهر فيه شرف الختم فهو بمنزلة خاتم الملك على باب الكنز الخاص فَإِذا سَوَّيْتُهُ اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صالح لا مساكها والامتلاء بها وهو كناية عن إيجاد الحياة ولا نفخ ثمة ولا منفوخ بل ليس عند الحقيقة الإلقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه قال الشيخ عز الدين النفخ عبارة عما أشعل نور الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشعال وصورة النفخ فى حق الله تعالى محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال واما السبب الذي اشتعل به نور الروح فهو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذي هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة ومثالها فيضان نور الشمس على كل قابل الاستنارة عند ارتفاع الحجاب بينهما والقابل هو الملونات دون الهواء الذي لا تلون له واما صفة المحل القابل فالاستواء والاعتدال الحاصل فى التسوية كما قال تعالى فَإِذا سَوَّيْتُهُ ومثال صفة القابل صقالة المرآة فان المرآة قبل صقالتها لا تقبل الصورة وان كانت محاذية لها فاذا صقلت حدثت صورة من ذى الصورة المحاذية لها فكذلك إذا حصل الاستواء فى النطفة حدث فيها الروح
آن صفاى آينه وصف دلست ... صورت بى منتها را قابلست(4/459)
اهل صيقل رسته انداز بو ورنگ ... هر دمى بينند خوبى بي درنگ
وانما أضاف النفخ الى ذاته لانه تعالى باشر تسويته وتعديله فخلقه وسواه وعدله بيديه المقدستين ثم نفخ بذاته دون واسطة فيه من روحه الإضافي وهو نفسه الرحمانى الذي يقال له الوجود الظلي المشار اليه بقوله أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ نفخا استلزم لكونه نفخا بالذات فيما بوشرت تسويته باليدين معرفة الأسماء كلها جمالية لطفية كانت او جلالية قهرية قال الشيخ عز الدين الروح منزهة عن الجهة والمكان وفى قوتها العلم بجميع الأشياء والاطلاع عليها وهذه مناسبة ومضاهاة ليست لغيره من الجسمانيات فلذلك اختصت بالاضافة الى الله تعالى قال الامام الجلدكى فى كتاب الإنسان من كتاب البرهان جوهر الإنسان حقيقة واحدة فى الفطرة الاولى ذات قوى كثيرة وهو المسمى عند الصوفية روحا وقلبا وعند الحكيم نفسا ناطقة فاذا تعلق بالبدن انتشرت قواه واختفى نوره وحصل له مراتب كثيرة وعند احتجابه بغواشى النشأة واستحالته بالأمور الطبيعية يسمى نفسا وعند تجرده وظهور نوره يسمى عقلا وعند إقباله على الحق ورجوعه الى العالم القدسي ومشاهدته يسمى روحا وباعتبار اطلاعه ومعرفته للحق وصفاته وأسمائه جمعا وتفصيلا يسمى قلبا وباعتبار إدراكه للجزئيات فقط
واتصافه بالملكات والهيآت التي هى مصادر الافعال يسمى نفسا انتهى كلامه يقول الفقير ذهب جمع من اهل السنة والجماعة منهم الغزالي والامام الرازي وفاقا للحكماء والصوفية الى ان الروح اثر مجرد غير حال بالبدن يتعلق به تعلق العاشق بالمعشوق يدبر امره على وجه لا يعلمه الا الله تعالى. وتحقيق المقام ان الروح سلطانى وحيوانى فالاول من عالم الأمر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى الأعضاء ومحل تعينه هو القلب الصنوبري والقلب من عالم الملكوت قال فى التعريفات الروح الأعظم هو الروح الإنساني مظهر الذات الالهية من حيث ربوبيتها والثاني من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سار فى جميع أعضاء البدن كما قال فى التعريفات الروح الحيواني جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني وينتشر بواسطة العروق الضوارب الى سائر اجزاء البدن وأقوى مظاهره الدم ومحل تعينه هو الدماغ وهو اثر الروح السلطاني ومبدأ الافعال والحركات وهو بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال تتفرع على اجتماع الروح السلطاني بالروح الحيواني وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى بطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيواني كان بالقوة فى باطن الروح السلطاني قبل تعلقه بهذا البدن قال حضرة شيخى قدس سره فى بعض تحريراته غيب السر وهو السر الأخفى اى سر السر مظهر الوجود المطلق عن جميع التعينات السلبية والايجابية بالإطلاق الذاتي الأصلي الحقيقي الوجودي لا بالإطلاق الإضافي النسبي الوهمي الاعتباري والسر مظهر التعين الاول الذاتي الاحدى الجمعى والروح السلطاني مظهر التعين الثاني الصفاتى الواحد الفرقى والروح الحيواني مظهر التعين الثالث الفعلى ولا حجاب الا جهالة النفس بنفسها(4/460)
وغفلتها عنها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الأمر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها اللهم ارفع الحجب عن القلوب حتى تنفتح أبواب الغيوب انتهى بعبارته قال الله تعالى فى بعض كتبه المنزلة اعرف نفسك يا انسان تعرف ربك وقال عليه الصلاة والسلام (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه) ومن فضل الله تعالى على الإنسان ان علمه طريق معرفته بان جمع فى شخصه مع صغر حجمه من العجائب ما يكاد يوازى عجائب كل العالم حتى كأنه نسخة مختصرة من هيئة العالم
آدمي چيست برزخى جامع ... صورت خلق وحق درو واقع
متصل با دقائق جبروت ... مشتمل بر حقائق ملكوت
ليتوسل الإنسان بالتفكر فيها الى العلم بالله الذي هو أجل العلوم واشرف المعارف. ومعنى الآية فاذا كملت استعداده وجعلت فيه الروح حتى جرى آثاره فى تجاويف أعضائه فحيى وصار حساسا متنفسا فَقَعُوا لَهُ امر من وقع يقع وفيه دليل على انه ليس المأمور به مجرد الانحناء كما قيل اى اسقطوا له ساجِدِينَ امتثالا لامر الله تعالى وتحية لآدم وتعظيما وتكريما له واسجدوا لله على انه عليه السلام بمنزلة القبلة حيث ظهر فيه تعاجيب آثار قدرته وحكمته يقول الفقير لى رؤيا صادقة فى هذا المقام وهى انى رأيت حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى المنام فى غاية من الانبساط فسألته عن بعض ما يتعلق بالموت فقال كنت على الطهارة الكاملة الى آخر النفس فلما قبض روحى دخلت فجا يجرى فيه عين ماء فتوضأت منه لانه وقع الحدث بالنزع ثم عرج بي الى السماء ثم رجعت الى جنازتى فصليت على مع الحاضرين فقلت له هل يبقى العقل والإدراك الذي فى هذه النشأة الدنيوية على حاله قال نعم ثم أخذ بيدي وهو متبسم فقال لى مرتين كن معتقدا لى كأنه اظهر السرور من حسن اعتقادي له فاستيقظت ففى هذه الرؤيا امور. منها ان الوضوء ينتقض عند النزع وعليه بنى مشروعية الغسل فى الأصح والمؤمن الكامل طاهر فى حياته ومماته فلا يتنجس والحدث غير التنجس ولو سلم فهو بالنسبة الى الناقص والحاصل انه يغسل الكامل غسل الناقص لانه على غير وضوء بحسب الظاهر ولانه فى هذه النشأة الدنيوية تابع للناقص فيما يتعلق بالأمور الظاهرة. ومنها بيان بقاء العقل والإدراك على حاله لان العقل والايمان والولاية ونحوها من صفات الروح وهو لا يتغير بالموت. ومنها ان الروح الكامل يشهد جنازته فيكون أسوة للناس فى الصلاة فصلاته على نفسه اشارة الى ان الكامل هو الساجد والمسجود له فى مرتبة الحقيقة فعبادته له لا لغيره فافهم جدا وصلاة الناس عليه اشارة الى سجود الملائكة لآدم ولهذا شرعت صلاة الجنازة مطلقا تحقيقا لهذا السر العظيم ولا ينافيه كونها دعاء وثناء فى مرتبة الشريعة إذ لكل مرتبة حد بحسب الوقوف عنده قال فى التأويلات النجمية فَإِذا سَوَّيْتُهُ تسوية نجعله قابلا لنفختى وللروح المضاف الىّ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي يشير بتشريف هذه الاضافة الى اختصاص الروح بأعلى المراتب من الملكوت الأعلى وكمال قربه الى الله كما قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ والى اختصاصه بقبول النفخة فانه تشرف بهذا(4/461)
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)
التشريف وخص به من سائر المخلوقات فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ وذلك لان الروح لما أرسل من أعلى مراتب القرب بنفخة الحق تعالى الى أسفل سافلين القالب كان عبوره على الروحانيات والملائكة المقربين وهم خلقوا من نور فاندرجت أنوار صفاتهم فى نور صفاته كما تندرج أنوار الكواكب فى نور الشمس ثم عبر على الجن والشياطين فاتخذ زبدة خواص صفاتهم ثم عبر على الحيوانات فاستفاد منهم الحواس والقوى ثم تعلق بالقالب المخلوق بيد الله المخمر فيه لطف الله وقهره المستعد لقبول التجلي فلما خلق الله آدم وتجلى فيه قال لاهل الخطاب وهم الملائكة فقعوا له ساجدين لاستحقاق كماله فى الخلقة وشرفه بالعلم وقابليته للتجلى فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ اى فخلقه فسواه فنفخ فيه الروح فسجد له الملائكة كُلُّهُمْ بحيث لم يشذ منهم أحد ارضيا كان او سماويا أَجْمَعُونَ بحيث لم يتأخر فى ذلك أحد منهم عن أحد بل سجدوا مجتمعين يقول الفقير هذا فى الحقيقة تعظيم للنور المنطبع فى مرآة آدم عليه السلام وهو النور المحمدي والحقيقة الاحمدية ولله در الحافظ فى قوله
ملك در سجده آدم زمين بوس تو نيت كرد ... كه در حسن تو لطفى يافت بيش از طور انسانى
قوله أجمعون تأكيد بعد تأكيد لكنه لوحظ فيه معنى الجمع والمعية بحسب الوضع كما تلاحظ المعاني الاصلية فى الكنى إذ لا ينافى إقامته مقام كل فى إفادة معنى الإحاطة إفادة معنى زائد يقصد ضمنا وتبعا فاذا فهمت الإحاطة من لفظ آخر لم يكن بدّ من مراعاة الأصل صونا للكلام عن الإلغاء ولا ريب فى ان السجود معا أكمل اصناف السجود فيحمل عليه قال فى بحر العلوم قالوا هو نظير المفسر فان قوله فسجد الملائكة ظاهر فى سجود جميع الملائكة لان الجمع المعرف باللام ظاهر فى العموم يتناول كل واحد من الافراد كالمفرد لكنه يحتمل التخصيص وارادة البعض كما فى قوله وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ اى جبريل فبقوله كلهم انقطع ذلك الاحتمال وصار نصا لازدياد وضوحه على الاول ولكنه يحتمل التأويل والحمل على التفرق فبقوله أجمعون انسد ذلك الاحتمال وصار مفسرا لانقطاع الاحتمال عن اللفظ بالكلية فان قلت قد استثنى إبليس فيكون محتملا للتخصيص قلت الاستثناء ليس بتخصيص إِلَّا إِبْلِيسَ ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي انتهى وعلى الثاني ليس فيه اشتقاق وهو الأصح عند الجمهور والاستثناء متصل لانه الأصل لانه كان جنيا مفردا مستورا فيما بين الملائكة فامر بالسجود معهم فغلبوا عليه فى قوله فسجد الملائكة تغليب الذكر على الأنثى ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا ونظيره قولك رأيتهم الا هندا وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال الله لجماعة من الملائكة اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فارسل عليهم نارا فاحرقتهم ثم قال لجماعة اخرى اسجدوا لآدم فسجدوا الا إبليس يقول الفقير فيه إشكالان الاول ان عبادة الملائكة طبيعية فلا يتصور منهم التردد فضلا عن الامتناع عن الامتتال للامر الإلهي لا سيما ان إبليس لو شاهد تلك الحال لبادر الى الامتثال خوفا من سطوة الجلال اللهم الا ان لا يكون بحضوره والثاني ان التأكيدين افادا المعية والاجتماع وذلك بالنظر الى جميع الملائكة وفيما ذكره تفريق لطائفة عن اخرى أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ابى الشيء(4/462)
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)
يأباه ويأبيه اباء واباءة كرهه وأبيته إياه كما فى القاموس وهو جواب قائل قال لم لم يسجد اى عدم سجوده لم يكن من تردده بل من ابائه واستكباره ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا فيتصل به ما بعده اى لكن إبليس أبى ان يكون معهم فى السجود لآدم وفيه دلالة على كمال ركاكة رأيه حيث ادمج فى معصية واحدة ثلاث معاص مخالفة الأمر والاستكبار مع تحقير آدم ومفارقة الجماعة والإباء عن الانتظام فى سلك أولئك المقربين الكرام قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره فى روح القدس اعلم انه لا شىء أنكى على إبليس من آدم فى جميع أحواله فى صلاته من سجوده لانها خطيئته فكثرة السجود وتطويله يحزن الشيطان وليس الإنسان بمعصوم من إبليس فى صلاته الا فى سجوده لانه حينئذ يتذكر الشيطان معصيته فيحزن فيشتغل بنفسه عنه ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلتى امر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فابيت فلى النار) فالعبد فى سجوده معصوم من الشيطان غير معصوم من النفس فخواطر السجود اما ربانية او ملكية او نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فاذا اقام من سجوده غابت تلك الصفة عن إبليس فزال حزنه فاشتغل به: وفى المثنوى
آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست
خلق پنهان زشتشان وخوبشان ... مى زند بر دل بهر دم كوبشان
بهر غسل ار در روى در جويبار ... بر تو آسيبى زند در آب خار
گرچهـ پنهان خار در آبست پست ... چونكه دو تو مى خلد دانى كه هست
خار خار وحيلها ووسوسه ... از هزاران كس بود يك كسه
باش تا خسهاى تو مبدل شود ... تا بينى شان ومشكل حل شود
قالَ استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال تعالى عند ذلك فقيل قال الله يا إِبْلِيسُ ما لَكَ اى أي سبب لك أَلَّا تَكُونَ فى ان لا تكون مَعَ السَّاجِدِينَ لآدم مع انهم ومنزلتهم فى الشرف منزلتهم وما كان التوبيخ عند وقوعه لمجرد تخلفه عنهم بل لكل من المعاصي الثلاث المذكورة قالَ إبليس وهو ايضا استئناف بيانى لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ اللام لتأكيد النفي اى ينافى حالى ولا يستقيم منى ان اسجد. لِبَشَرٍ اى جسم كثيف وانا جوهر روحانى خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ [از گل خشك] مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [از لاى سياه بوى ناك] وقد تقدم تفسيره: يعنى [او را از اخس عناصر آفريدى كه خاكست ومرا از اشرف آن كه آتش است پس روحانئ لطيف چرا فرمان جسمانئ كثيف برد واو را سجده كند إبليس نظر بظاهر آدم داشت واز باطن او غافل بود صورتش را ويرانه ديد ندانست كه كنج اسرار در ان خرابه مدفونست
كجست درين خانه كه در كون نگنجد ... اين كنج خراب از پى آن كنج نهانست
فى الجملة هر آنكس كه درين خانه رهى يافت ... سلطان زمين است وسليمان زمانست
وفى التأويلات النجمية فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ لما فيهم من خصوصية انقياد النورية(4/463)
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)
واختصاص العلم بقبول النصح إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ لاختصاصه بالتمرد وتمرد النارية والجهل الذي هو مركوز فيه ولحسبانه انه عالم إذ قالَ له ربه يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ اى ما حجتك فى الامتناع عن السجود قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ اى حجتى انك خلقتنى من نار وهى جوهر لطيف نورانى علوى وخلقته من طين وهو كثيف ظلمانى سفلى فانا خير منه بهذا الدليل فاشار بهذا الاستدلال الى ان آدم لا ينبغى ان يسجد له لفضله عليه ومن غاية جهالته وسخافة عقله يشم من نتن كلامه ان الله اخطأ فيما امره وامر الملائكة من السجود لآدم وحسب ان الله جعل استحقاق آدم لسجود الملائكة فى بشرية آدم وخلقته من الطين وهو بمعزل عما جعل الله استحقاقه للسجود فى سر الخلافة المودعة فى روحه المشرف بشرف الاضافة الى حضرته المختص باختصاص نفخته المتعلم للاسماء كلها المستعد لتجلى جماله وجلاله فيه ومن هاهنا قيل لابليس انه اعور لانه كان بصيرا بإحدى عينيه التي يشاهد بها بشرية آدم وما أودع فيها من الصفات الذميمة الحيوانية السبعية المذمومة المتولد منها الفساد وسفك الدماء وانه كان أعمى بإحدى عينيه التي يشاهد بها سر الخلافة المودع فى روحانيته وما كرم به من علم الأسماء والنفخة الخاصة وشرف الاضافة الى نفسه وغير ذلك من الاصطفاء والاجتباء قال حضرة شيخى وسندى فى بعض تحريراته الأرض وحقائق الأرض فى الطمأنينة والإحسان بالوجود لذلك لا يزال ساكنا وسكونا وساكتا وسكوتا لفوزه بوجود مطلوبه فكان أعلى مرتبة العلو فى عين السفل وقام بالرضى المتعين من قلب الأرض فمقامه رضى وحاله تسليم ودينه اسلام انتهى ويشير الى سر كلام حضرة الشيخ قول من قال
أرس را در بيابان جوش باشد ... بدريا چون رسد خاموش باشد
: وقول الصائب ايضا
عاشقانرا تا فنا از شادى وغم چاره نيست ... سيل را پست وبلندى هست تا دريا شدن
قالَ الله تعالى فَاخْرُجْ مِنْها امر اهانة وابعاد كما فى قوله تعالى قالَ فَاذْهَبْ والضمير للجنة وخروجه منها لا ينافى دخولها بطريق الوسوسة وكذا يستلزم خروجه من السموات ايضا ومن زمرة الملائكة المقربين ومن الخلقة التي كان عليها وهى الصورة الملكية وصفاتها كما هو شأن المطرودين المغضوبين وقد كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان ابيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا قال ابو القاسم الأنصاري ان الله باين بين الملائكة والجن والانس فى الصور والاشكال فان قلب الله تعالى الملك الى بنية الإنسان ظاهرا وباطنا خرج عن كونه ملكا وقس عليه غيره فَإِنَّكَ رَجِيمٌ من الرجم بالحجر اى الرمي به وهو كناية عن الطرد لان من يطرد يرجم بالحجارة على اثره اى مطرود من رحمة الله ومن كل خير وكرامة او من الرجم بالشهب وهو كناية عن كونه شيطانا اى من الشياطين الذين يرجمون بالشهب وهو وعيد يتضمن الجواب عن شبهته فان من عارض النص بالقياس فهو رجيم ملعون وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ الابعاد عن الرحمة وحيث كان من جهة الله(4/464)
قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)
تعالى وان كان جاريا على ألسنة العباد وقيل فى سورة ص وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ الى يوم الجزاء والعقوبة وفيه اشعار بتأخير عقابه وجزائه اليه وان اللعنة مع كمال فظاعتها ليست جزاء لفعله وانما يتحقق ذلك يومئذ وحد اللعن بيوم الدين لان عليه اللعنة فى الدنيا فاذا كان يوم الدين اقترن له باللعنة عذاب ينسى عنده اللعنة وفى التبيان هذا بيان للتأبيد لا للتوقيت كقوله ما دامَتِ السَّماواتُ فى التأبيد ويؤيده وقوع اللعن فى ذلك اليوم كما قال تعالى فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وهو لعن مقارن بالعذاب الأليم نسأل الله الفوز والعاقبة وانما حكم عليه باللعنة لاستحقاقه لذلك بحسب الفطرة وفى الأزل فكانت غذاءه الى ابد الآباد: وفى المثنوى
گر جهان باغي پر از نعمت شود ... قسم مور ومار هم خاكى بود
كرم سر كين در ميان آن حدث ... در جهان نقلى نداند جز خبث
وفيه اشارة الى ان إبليس النفس مأمور بسجود آدم الروح ومن دأبه وطبعه الإباء عن طاعة الله تعالى والاستكبار عن خليفة الله والامتناع عن سجوده وذلك فى بدء خلقتهما على فطرة الله التي فطر الناس عليها فلما امر إبليس بسجوده وابى قال فَاخْرُجْ مِنْها اى من فطرة الله المستعدة لقبول الكفر والايمان فَإِنَّكَ رَجِيمٌ مطرود عن جوارنا لانك قبلت الكفر دون الايمان وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ وهى من نتائج صفات القهر اى مقهورا مبعدا عن مقام عبادنا المقبولين إِلى يَوْمِ الدِّينِ اى الى ان نولج ليل الدين فى نهار الدين وتطلع شمس شواهدنا من مشرق الروح وتصير ارض النفوس مشرقة بانوار الشواهد فتكون مطمئنة بها متبدلة صفاتها الذميمة الحيوانية المظلمة بأخلاق الروحانية الحميدة النورانية المستحقة لخطاب ارجعي كما فى التأويلات النجمية قالَ إبليس عليه ما يستحق رَبِّ [اى پروردگار] فَأَنْظِرْنِي الفاء متعلقة بمحذوف دل عليه فاخرج منها فانك رجيم اى إذا جعلتنى رجيما فامهلنى وأخرني إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ اى آدم وذريته للجزاء بعد فنائهم والبعث احياء الميت كالنشر وأراد بذلك ان يجد لاغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت إذ لا موت بعد يوم البعث فاجابه الى الاول دون الثاني كما قال تعالى قالَ الله تعالى فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ اى من جملة الذين أخرت آجالهم ازلا ودل على ان ثمة منظرين غير إبليس وهم الملائكة فانهم ليسوا بذكور ولا إناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون الى آخر الزمان واما الشياطين فذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون كما خلد إبليس واما الجن فيتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون بلغ الحجاج بن يوسف ان بأرض الصين مكانا إذا اخطأوا فيه الطريق سمعوا صوتا يقول هلموا الى الطريق ولا يرون أحدا فبعث ناسا وأمرهم ان يتخاطأوا الطريق عمدا فاذا قالوا لكم هلموا الى الطريق فاحملوا عليهم فانظروا ما هم ففعلوا ذلك قال فدعوهم فقالوا هلموا الى الطريق فحملوا عليهم فقالوا انكم لن ترونا فقلت منذكم أنتم هاهنا قالوا ما نحصى السنين غير ان الصين خربت ثمانى مرات وعمرت ثمانى مرات ونحن هاهنا والصين موضع بالكوفة ومملكة بالمشرق منها الأواني الصينية وبلدة بأقصى الهند وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان إبليس إذا مرت عليه الدهور وحصل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة ويقال ان الخضر عليه السلام يجدده(4/465)
إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)
الله تعالى فى بدنه فى كل مائة وعشرين سنة فيعود شابا وهو من المنظرين كما فى الاخبار الصحيحة وهذه المخاطبة وان لم تكن بواسطة لكن لا تدل على علو منصب إبليس لان خطاب الله تعالى له على سبيل الاهانة والاذلال كما فى التفاسير وقال بعضهم الصحيح انه لا يجوز ان يكون كلمه كفاحا اى شفاها ومواجهة وانما كلمه على لسان ملك لان كلام الباري لمن كلمه رحمة ورضى وتكرّم وإجلال ألا ترى ان موسى عليه السلام فضل بذلك على سائر الأنبياء ما عدا الخليل ومحمدا عليهما السلام وجميع الآي الواردة محمولة على انه أرسل اليه بملك يقول له فان قلت أليس رسالته اليه ايضا تشريفا قيل مجرد الإرسال ليس بتشريف وانما يكون لاقامة الحجة بدلالة ان موسى عليه السلام أرسل الى فرعون وهامان ولم يقصد إكرامهما وتشريفهما كذا فى آكام المرجان إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ اى المعين عند الله تعالى لا يتقدم ولا يتأخر وهو وقت موت الخلق عند النفخة الاولى ثم لا يبقى بعد ذلك حى الا الله تعالى أربعين سنة الى النفخة الثانية
همه تخت وملكى پذيرد زوال ... بجز ملك فرمان ده لا يزال
قال الكاشفى: يعنى [زمان فناء خلق بنفخه أول كه نفخه صعقه گويند چهـ قول جمهور آنست كه نفخه أول نفخه موت باشد ونفخه ثانى نفخه احياء وميان دو نفخه بقول أشهر چهل سال خواهد بود پس إبليس چهل سال مرده باشد پس انگيخته شود] قال فى السيرة الحلبية هذه النفخة التي هى نفخة الصعق مسبوقة بنفخة الفزع التي يفزع بها اهل السموات والأرض فتكون الأرض كالسفينة فى البحر تضربها الأمواج وتسير الجبال كسير السحاب وتنشق السماء وتكسف الشمس ويخسف القمر وعن وهب ان اليوم المعلوم الذي انظر اليه إبليس هو يوم بدر قتلته الملائكة فى ذلك اليوم وقيل وقت طلوع الشمس من مغربها بدليل قول النبي عليه السلام (إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجدا ينادى ويجهر الهى مرنى ان اسجد لمن شئت فيجتمع ذرياته فيقولون يا سيدنا ما هذا التضرع فيقول انما سألت ربى ان ينظرنى الى الوقت المعلوم وهذا الوقت المعلوم ثم تخرج دابة الأرض من صدع فى الصفا فاول خطوة تضعها بانطاكية فيأتى إبليس فتلطمه وتقتله بوطئها) والقول الاول أشهر قال أحنف بن قيس قدمت المدينة أريد امير المؤمنين عمر رضى الله عنه فاذا انا بحلقة عظيمة وكعب الأحبار فيها يحدث الناس ويقول لما حضر آدم عليه السلام الوفاة قال يا رب سيشمت بي عدوى إبليس إذا رآنى ميتا وهو منظر الى يوم القيامة فاجيب ان يا آدم انك سترد الى الجنة ويؤخر اللعين الى النظرة ليذوق الم الموت بعدد الأولين والآخرين ثم قال لملك الموت صف كيف تذيقه الموت فلما وصفه قال يا رب حسبى فضج الناس وقالوا يا أبا إسحاق كيف ذلك فابى فالحوا فقال يقول الله تعالى لملك الموت عقيب النفخة الاولى قد جعلت فيك قوة اهل السموات السبع واهل الأرضين السبع وانى البستك اليوم أثواب السخط والغضب كلها فانزل بغضبي وسطوتى على رجيمى إبليس فاذقه الموت واحمل عليه مرارة الأولين والآخرين من الثقلين أضعافا مضاعفة وليكن معك من الزبانية سبعون(4/466)
قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)
الفا قد امتلأوا غيظا وغضبا وليكن مع كل منهم سلسلة من سلاسل جهنم وغل من أغلالها وانزع روحه المنتن بسبعين الف كلاب من كلاليبها وناد مالكا ليفتح أبواب النيران فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إليها اهل السموات والأرضين لما توا بغتة من هولها فينتهى الى إبليس فيقول قف لى يا خبيث لا ذيقنك الموت كم من عمر أدركت وقرون أضللت وهذا هو الوقت المعلوم قال فيهرب اللعين الى المشرق فاذا هو بملك الموت بين عينيه فيهرب الى المغرب فاذا هو بين عينيه فيغوص البحار فتتنزه عنه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب فى الأرض ولا محيص له ولا ملاذ ثم يقوم فى وسط الدنيا عند قبر آدم عليه السلام ويتمرغ فى التراب من المشرق الى المغرب ومن المغرب الى المشرق حتى إذا كان فى الموضع الذي اهبط فيه آدم عليه السلام وقد نصبت له الزبانية الكلاليب وصارت الأرض كالجمرة احتوشته الزبانية وطعنوه بالكلاليب ويبقى فى النزع والعذاب الى حيث شاء الله تعالى هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت ويقال لآدم وحواء عليهما السلام اطلعا اليوم الى عدو كما كيف يذوق الموت فيطلعان فينظر ان الى ما هو فيه من شدة العذاب فيقولان ربنا أتممت علينا نعمتك
شكر خدا كه هر چهـ طلب كردم از خدا ... بر منتهاى همت خود كامران شدم
قال فى اسئلة الحكم انما استجاب الله دعاءه بانظاره الى يوم الدين مكافاة له بعبادته التي مضت فى السماء وعلى وجه الأرض ليعلم انه لا يضيع اجر العاملين فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره اما فى الدنيا معجلا مثوبته واما فى الآخرة فى حق المؤمن وقال فى موضع آخر أهلك الله تعالى اعداء سائر الأنبياء كفرعون ونمرود وشداد وأبقى عدو آدم الصفي وهو إبليس وذريته لان إبليس لم يكن عدو آدم فحسب انما كان عدو الله فامهله وأبقاه الى آخر الدهر استدراجا من حيث لا يعلم ليتحمل من الأوزار ما لا يتحمله غيره من الأشرار والكفار فانظره الى يوم القرار ليحصل به الاعتبار لذوى الأبصار بأن أطول الأعمار فى هذه الدار لرئيس الكفار وقائد زمرة الفجار وأساء الأدب ودعا لنفسه بالبقاء والكبرياء والفراعنة لم يدعوا بالبقاء لانفسهم وما أصروا على الاستكبار فى جميع أعمارهم قالَ إبليس رَبِّ [اى پروردگار من] بِما أَغْوَيْتَنِي الباء للقسم وما مصدرية والجواب لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ اى اقسم باغوائك إياي لازينن لهم اى لذرية آدم المعاصي والشهوات واللذات فالمفعول محذوف. والإغواء [بي راه كردن] يقال غوى غواية ضل. والتزيين [بياراستن] فِي الْأَرْضِ اى فى الدنيا التي هى دار الغرور كما فى قوله تعالى أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ لان الأرض محل متاعها ودارها وفى التبيان ازين لهم المقام فى الأرض كى يطمئنوا إليها واقسامه بعزة الله المفسرة بسلطانه وقهره كما فى قوله فَبِعِزَّتِكَ لا ينافى اقسامه بهذا فانه فرع من فروعها واثر من آثارها فلعله اقسم بهما جميعا فحكى تارة قسمه بصفة فعله وهو الإغواء واخرى بصفة ذاته وهى العزة قال الكاشفى [برخى برانند كه دربما أغويتني با سببى است يعنى سبب آنكه مرا گمراه كردى من بيارايم معاصى را بچشم مردمان] وجعله سعدى المفتى اولى لان جعل الإغواء مقسما به غير متعارف(4/467)
إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)
إذ الايمان مبنية على العرف [هر چهـ بعرف مردمان آنرا سوگند توان گفت يمين است والا لا] يقول الفقير حفظه الله القدير سمعت من حضرة شيخى وسندى روح الله روحه ان آدم عليه السلام كاشف عن شأنه الذاتي فسلك طريق الأدب حيث قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا واما إبليس فلم يكن له ذلك ولذلك قال بِما أَغْوَيْتَنِي حيث أسند الإغواء الى الله تعالى إذ تلك الغواية كانت ثابتة فى عينه العلمية وشأنه الغيبى فاقتضت الظهور فى هذا العالم فاظهرها الله تعالى ومن المحال ان يظهر الله تعالى ما ليس بثابت ولا مقدر وقولهم السعادة الازلية والعناية الرحمانية من طريق الأدب والا فاحوال كل شىء تظهر لا محالة فاسمع واحفظ وصن: قال الحافظ
پير ما گفت خطا بر قلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر پاك خطا پوشش بود
وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ولا حملنهم أجمعين على الغواية والضلالة إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ الذين أخلصتهم لطاعتك وطهرتهم من شوائب الشرك الجلى والخفي فلا يعمل فيهم كيدى فانهم اهل التوحيد الحقيقي على بصيرة من أمرهم ويقظة وفى التأويلات النجمية أخلصتهم من حبس الوجود بجذبات الألطاف وأفنيتهم عنهم بهويتك ومما كتب لى حضرة شيخى وسندى قدس سره فى بعض مكاتيبه الشريفة ان الصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو التخلص ايضا من شوائب الغيرية والثاني أوسع فلكا واكثر احاطة فاجتهد فى اللحوق باصحاب الثاني حتى تأمن من جميع الأغيار والاكدار وكفاك فى شرف الصدق ان اللعين ما رضى لنفسه الكذب حتى استثنى المخلصين: قال الحافظ
طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن
وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (قال إبليس لربه عز وجل بعزتك وجلالك لا أبرح اغوى بنى آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال الله تعالى وعزتى وجلالى لا أزال اغفر لهم ما استغفرونى) وفى الحديث (لما لعن إبليس قال فبعزتك لا أفارق قلب ابن آدم حتى يموت قال قيل له وعزتى لا احظر عنه التوبة حتى يغرغر بالموت) وانما خلق الله إبليس ليميز به العدو من الحبيب والشقي من السعيد فخلق الله الأنبياء ليقتدى بهم السعداء وخلق إبليس ليقتدى به الأشقياء ويظهر الفرق بينهما فابليس دلال وسمسار على النار والخلاف وبضاعته الدنيا ولما عرضها على الكافرين قيل ما ثمنها قال ترك الدين فاشتروها بالدين وتركها الزاهدون واعرضوا عنها والراغبون فيها لم يجدوا فى قلوبهم ترك الدين ولا الدنيا فقالوا له أعطنا مذاقة منها حتى ننظر ما هى فقال إبليس أعطوني رهنا فاعطوه سمعهم وأبصارهم ولذا يحب ارباب الدنيا استماع اخبارها ومسارها ومشاهدة زينتها لان سمعهم وبصرهم رهن عند إبليس فاعطاهم المذاقة بعد قبض الرهن فلم يسمعوا من الزهاد عيب الدنيا ولم يبصروا قبائحها بل استحسنوا زخرفها ومتاعها فلذلك قيل حبك الشيء يعمى ريصم ودخل قوم على ابى مدين فشكوا وسوسة الشيطان فقال قد خرج من عندى الساعة وشكا منكم وقال قل لاصحابك يتركوا دنياى حتى اترك لهم دينهم ومتى تعرضوا لمتاعى(4/468)
قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)
الدنيا اتشبث بمتاعهم الآخرة قال احمد بن حنبل رحمه الله اعداؤك اربعة الدنيا وسلاحها لقاء الخلق وسجنها العزلة
جامى بملك ومال چوهر سفله دل مبند ... كنج فراع وكنج قناعت ترا بس است
والشيطان وسلاحه الشبع وسجنه الجوع
جوع باشد غذاى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا
والنفس وسلاحها النوم وسجنها السهر
نرگس اندر خواب غفلت يافت بلبل صد وصال ... خفته تا بينا بود دولت به بيداران رسد
والهوى وسلاحه الكلام وسجنه الصمت
اگر بسيار دانى اندكى گوى ... يكى را صد مگو صد را يكى گوى
قالَ الله تعالى لابليس هذا اى تخلص المخلصين من اغوائك صِراطٌ [راهيست كه حق است] عَلَيَّ [بر من رعايت آن] اى كالحق الذي يجب مراعاته فى تأكد ثبوته وتحقق وقوعه إذ لا يجب على الله شىء عند اهل السنة مُسْتَقِيمٌ لا عوج فيه ولا انحراف عنه. ويجوز ان يكون هذا اشارة الى الإخلاص على معنى انه طريق يؤدى الى الوصول الى من غير اعوجاج وضلال فايثار حرف الاستعلاء على حرف الانتهاء لتأكيد الاستقامة والشهادة باستعلاء من ثبت عليه فهو ادل على التمكين من الوصول وهو تمثيل إذ لا استعلاء لشئ على الله تعالى إِنَّ عِبادِي وهم المشار إليهم بالمخلصين الجديرون بالاضافة الى جنابه تعالى لخلوصهم فى الايمان وسلامتهم من اضافة الوجود الى أنفسهم وحريتهم عما سوى الله تعالى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ على قلوبهم سُلْطانٌ تسلط وتصرف بالإغواء قال فى الاسئلة قيل للشيطان ما حالك مع ابى مدين قال كمثل رجل يبول فى البحر المحيط يريد ان يلوثه هل أسفه منه او كمثل رجل يريدان يطفئ أنوار الشمس بنفسه هل ترى أجهل منه وقيل لبعضهم كيف مجاهدتك للشيطان قال ما الشيطان نحن قوم صرفنا هممنا الى الله تعالى فكفانا من دونه وفى معناه انشد
تسترت عن دهرى بظل جنابه ... فعينى ترى دهرى وليس يرانيا
فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت؟؟؟ ... واين مكانى ما عرفن مكانيا
إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ [مگر آنكس كه متابعت تو كند از گمراهان كه تو بدو مسلط توانى شد] وفيه اشارة الى ان إغواءه للغاوين ليس بطريق السلطان بمعنى القهر والجبر بل بطريق اتباعهم له بسوء اختيارهم فيتسلط عليهم بالوسوسة والتزيين فان قلت ان الله تعالى لم يمنع إبليس عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت سلطه عليه ثم عصمه منه ولذا اسلم شيطانه على يديه واخذه مرة وجعل رداءه فى عنقه حتى استعاذ منه فهو كمثل الفراش يريد ان يطفئ نور السراج فيحرق نفسه قال على رضى الله عنه الفرق بين صلاتنا وصلاة اهل الكتاب وسوسة الشيطان لانه فرغ من عمل الكفار لانهم وافقوه يقول إذا كفر أحد انى بريئ منك والمؤمن يخالفه والمحاربة تكون مع المخالفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الشيطان يوسوس(4/469)
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)
لكم ما لو تكلمتم به لكفرتم فعليكم بقراءة قل هو الله أحد) قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه وَعِبادُ الرَّحْمنِ العلماء الصلحاء الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وهم الذين قال الله تعالى فى حقهم إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ والعلماء الفسقاء الجهلاء الذين يمشون على الأرض كبرا وتعظما وإذا خاطبهم العالمون قالوا كلاما شنيعا وملاما قبيحا وهم الذين قال الله فى حقهم إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ فاتقوا الله يا اولى الألباب من العلم الخبيث الذي مال اليه الخبيثون إذ الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات واطلبوا يا ذوى القلوب العلم الطيب الذي قصد اليه الطيبون إذ الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك هم الراشدون المهديون لعكم تفلحون فى الدنيا والآخرة بالعلم النافع والعمل الصالح وانفع جميع العلوم النافعة هو العلم الإلهي الحاصل بالتجلى الإلهي والفيض الرحمانى والإلهام الرباني المؤيد بالكتاب الإلهي والحديث النبوي ولا يحصل ذلك العلم بهذا التجلي والفيض والإلهام الا عند إصلاح الطبيعة بالشريعة وتزكية النفس بالطريقة وتخلية القلب وتحلية الفؤاد بالمعرفة وتجلية الروح وتصفية السر بالحقيقة بأكمل التوحيد وأشمل التجريد وأفضل التفريد من جميع ما سوى الله حتى لا يبقى فى الطلب والقصد والتوجه والمحبة شىء مما سواه من السلفات الفانية ففروا الى الله من جميع ما سوى الله سبق المفردون السابقون السابقون أولئك المقربون انتهى كلام الشيخ فى اللائحات البرقيات: قال الجامى
از عالم صورت كه همه نقش خيالست ... ره سوى حقيقت نبرى در چهـ خيالى
وَإِنَّ جَهَنَّمَ معرب فارسى الأصل يقال ركية جهنام اى بعيدة الغور وكأنه فى الفرس [چهـ نم] وفى تفسير الفاتحة للفنارى سميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر وقعرها خمس وسبعون مائة من السنين وهى أعظم المخلوقات وهى سجن الله فى الآخرة لَمَوْعِدُهُمْ مكان الوعد للمتبعين اى مصيرهم أَجْمَعِينَ تأكيد للضمير والعامل الاضافة يعنى الاختصاص لا اسم مكان فانه لا يعمل لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ يدخلون منها كل باب فوق باب على قدر الطبقات لكل طبقة باب لِكُلِّ بابٍ من تلك الأبواب المنفتح على طبقة من الطبقات وقوله مِنْهُمْ اى من الاتباع حال من قوله جُزْءٌ مَقْسُومٌ ضرب معين مفرز من غيره حسبما يقتضيه استعداده فللطبقة الاولى وهى العليا العصاة من المسلمين وعن الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انه قال تبقى جهنم خالية ومراده الطبقة العالية فانها مقر عصاة المؤمنين ولا ريب ان من كان فى قلبه مثقال ذرة من ايمان اى من معرفة الله تعالى فانه لا يبقى مخلدا فتبقى جهنم خالية. واما الطبقات السافلة فاهلها مخلدة يقول الفقير لكلامه محمل آخر عندى معلوم عند القوم لا يصح كشفه وللطبقة الثانية اليهود وللثالثة النصارى وللرابعة الصابئون وللخامسة المجوس وللسادسة المشركون وللسابعة المنافقون واختلف الروايات فى ترتيب طبقات النار وفى الأكثر جهنم أولها وفيما بعدها اختلاف ايضا كما فى حواشى سعدى چلبى المفتى. وسميت جهنم لما سبق. ولظى لشدة إيقادها. والحطمة لانها تحطم. والسعير لتوقدها. وسقر لشدة الالتهاب. والجحيم لعمقها. والهاوية لهويها وتسفلها وفى بحر العلوم اعلم انه لا يتعين(4/470)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48) نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)
لتلك الأبواب السبعة الا من عصى الله تعالى بالأعضاء السبعة العين والاذن واللسان والبطن والفرج والرجل والاولى فى الترتيب ما فى الفتوحات ان كونها سبعة أبواب بحسب أعضاء التكليف وهى السمع والبصر واللسان واليدان والقدمان والفرج والبطن فالاعضاء السبعة مراتب أبواب النار فاحفظها كلها من كل ما نهاه الله وحرمه والا يصير ما كان لك عليك وتنقلب النعمة عقوبة
هفت در دوزخند در تن تو ... ساخته نقششان درو در بند
هين كه در دست تست قفل امروز ... در هر هفت محكم اندر بند
وفى التأويلات النجمية وَإِنَّ جَهَنَّمَ البعد والاحتراق من الفراق لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ من الحرص والشره والحقد والحسد والغضب والشهوة والكبر لِكُلِّ بابٍ من الأرواح المتبعين لا بليس النفس المتصفين بصفاتها جُزْءٌ مَقْسُومٌ بحسب الاتصاف بصفاتها وقيل خلق الله تعالى للنار سبعة أبواب دركات بعضها تحت بعض. وللجنة ثمانية أبواب درجات بعضها فوق بعض لان الجنة فضل والزيادة فى الفضل والثواب كرم وفى العذاب جور. وقيل الاذان سبع كلمات والاقامة ثمان فمن اذن واقام غلقت عنه أبواب النيران وفتحت له أبواب الجنة الثمانية واعلم ان أشد الخلق عذابا فى النار إبليس الذي سن الشرك وكل مخالفة وعامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه فى اصل خلقته وهى النار فيعذب غالبا بما فى جهنم من الزمهرير إِنَّ الْمُتَّقِينَ الاتقاء على ثلاثة أوجه اتقاء عن محارم الله باوامر الله واتقاء عن الدنيا وشهواتها بالآخرة ودرجاتها واتقاء عما سوى الله تعالى بالله وصفاته والاول تقوى العوام والثاني تقوى الخواص والثالث تقوى الأخص فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ مستقرون فيها لكل واحد منهم جنة وعين على ما تقتضى قاعدة مقابلة الجمع بالجمع والاستغراق هو المجموعى او لكل منهم عدة منهما على ان يكون الالف واللام للاستغراق الافرادى قال الكاشفى يعنى [باغها كه در ان چشمها روان بود از شير وخمر وانگبين وآب] يقول الفقير جعل ما يستقرون فيه فى الآخرة كأنهم مستقرون فيه فى الدنيا لشدة أخذهم بالأسباب المؤدية اليه ونظيره فى حق اهل النار إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ادْخُلُوها اى يقال لهم من ألسنة الملائكة عند وصولهم الى الباب وعند توجههم من جنة الى جنة ادخلوا ايها المتقون تلك الجنات ملتبسين بِسَلامٍ اى حال كونكم سالمين من كل مخوف او مسلما عليكم يسلم الله تعالى عليكم والسلام من الله هو الجذبة الالهية كما فى التأويلات النجمية آمِنِينَ من الآفات حال اخرى وفى التأويلات آمِنِينَ من الموانع للدخول والخروج بعد الوصول وفيه اشارة الى ان السير فى الله لا يمكن الا بالله وجذباته كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج حين تأخر عنه جبريل فى سدرة المنتهى
چنان گرم در تيه قربت براند ... كه در سدره جبريل ازو باز ماند
ونفى عنه الرفرف فى مقام قاب قوسين وما وصل الى مقام او ادنى وهو كمال القرب الا بجذبة ادن منى فبسلام الله سلم من موانع الدخول والخروج بعد الوصول وَنَزَعْنا
[وبيرون(4/471)
لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)
كشيم] ما فِي صُدُورِهِمْ [آنچهـ در سينهاى بهشتيان باشد] مِنْ غِلٍّ اى حقد كامن فى القلب بسبب عداوة كانت منهم فى الدنيا عن على رضى الله عنه أرجو ان أكون انا وعثمان وطلحة والزبير منهم وفيه اشارة الى ان غل أوصاف البشرية من امارية النفس وصفاتها الذميمة لا ينتزع من النفوس الا بنزع الله تعالى إياه ومن لم ينزع عنه الغل لم يأمن من الخروج بعد الدخول كما كان حال آدم عليه السلام لما ادخل الجنة قبل تزكية النفس ونزع صفاتها عنها اخرج منها بالغل الذي كان من نتائجه وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه ونزع عنه الغل بالتوبة وهداه الى الجنة يقول الفقير انتزاع الغل اما ان يكون فى الدنيا وذلك بتزكية النفس عن الأوصاف القبيحة وتخلية القلب عن سفساف الأخلاق وهو للكاملين واما ان يكون فى الآخرة وهو للناقصين جعلنا الله وإياكم من المتصافين إِخْواناً حال من الضمير فى جنات قال الكاشفى [در آيند ببهشت در حالتى كه برادران باشند يكديگريرا يعنى در مهربانى ودوستارى] وزاد فى هذه السورة إخوانا لانها نزلت فى اصحاب رسول الله عليه السلام وما سواها عام فى المؤمنين يقول الفقير فهم إذا كانوا إخوانا يعنى على المصافاة لم يبق بينهم التحاسد لا فى الدنيا على العلوم والمعارف ولا فى الآخرة على درجات الجنة ومراتب القرب عَلى سُرُرٍ [برادران نشسته بر تختها از زر مكلل بجواهر مُتَقابِلِينَ رويها بيكديگر آورده اند بهشتيان قفاى يكديگر نمى بينند] قال مجاهد تدور بهم الاسرة حيث ما أرادوا فهم متقابلون فى جميع أحوالهم يرى بعضهم بعضا وذلك من نتائج مصافاتهم فى الدنيا لا يَمَسُّهُمْ [نميرسد ايشانرا] فِيها [در بهشت] نَصَبٌ [رنجى ومشقتى كه آن سراى تنعم وراحتست] اى شىء منه إذ التنكير للتقليل لا غير قال فى الإرشاد اى تعب بان لا يكون لهم فيها ما يوجبه من الكد فى تحصيل ما لا بد لهم منه لحصول كل ما يريدونه من غير مزاولة عمل أصلا او بان لا يعتريهم ذلك وان باشروا الحركات العنيفة لكمال قوتهم وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ ابد الآباد لان تمام النعمة بالخلود وفى التأويلات النجمية لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ من الحسد لبعضهم على درجات بعض واهل كل درجة مقيمون فى تلك الدرجة لا خروج لهم منها الى درجة تحتها ولا فوقها وهم راضون بذلك لان غل الحسد منزوع منهم
پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدر آي ... كه صفايى ندهد آب تراب آلوده
وفى الحديث [أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب وامشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الالوة ورشحهم المسك لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض فى قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا] رواه البخاري قال فى فتح القريب اى يصبحون الله بقدر البكرة والعشى فاوقات الجنة من الأيام والساعات تقديرات فان ذلك انما يجيئ من اختلاف الليل والنهار وسير الشمس والقمر وليس فى الجنة شىء من ذلك قال القرطبي هذا التسبيح ليس عن تكليف والزام لان الجنة ليست بمحل التكليف وانما هى محل(4/472)
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)
جزاء وانما هو عن تيسير والهام كما قال فى الرواية الاخرى (يلهمون التسبيح والتحميد والتكبير كما يلهمون النفس) ووجه التشبيه ان نفس الإنسان لا بدله منه ولا كلفة عليه ولا مشقة فى فعله وسر ذلك ان قلوبهم قد تنورت بمعرفته وأبصارهم قد تمتعت برؤيته وقد غمرتهم سوابغ نعمه وامتلأت افئدتهم بمحبته ومخالته فألسنتهم ملازمة ذكره ورهينة شكره فمن أحب شيأ اكثر ذكره نَبِّئْ عِبادِي [آورده اند كه روزى حضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم در باب بنى شيبه بمسجد الحرام در آمد جمعى از صحابه را ديد كه مى خندند فرمود كه (مالى أراكم تضحكون) چيست كه شما را خندان مى بينم صحابه رايحه عتابى ازين سخن استشمام نمودند وآن حضرت در گذشت وهنوز بحجره نارسيده بازگشت وگفت جبرائيل آمد و پيغام آورد كه چرا بندگان مرا نااميد سازى] نَبِّئْ عِبادِي اى اعلم عبادى وأخبرهم أَنِّي اى بانى أَنَا وحدي فهو لقصر المسند على المسند اليه الْغَفُورُ [من آمرزنده ام كسى را كه آمرزش طلبد] الرَّحِيمُ [وبخشنده ام بر كسى كه توبه كند] اى لا يستر عليهم ولا يمحو ما كان منهم ولا ينعم عليهم بالجنة الا انا وحدي ولا يقدر على ذلك غيرى وَأَنَّ عَذابِي [وبآنكه عذاب من بر عاصى كه از توبه واستغفار منحرفست] هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ هو مثل انا المذكور اى وأخبرهم بان ليس عذابى الا العذاب الأليم وفى توصيف ذاته بالغفران والرحمة دون التعذيب حيث لم يقل على وجه المقابلة وانى المعذب المؤلم إيذان بانهما مما يقتضيهما الذات وان العذاب انما يتحقق بما يوجبه من خارج وترجيح وعد اللطف وتأكيد صفة العفو
گر چهـ جرم من از عدد بيش است ... سبقت رحمتى از ان پيش است
چهـ عجب گر عذاب ننمايد ... بر گنه پيشگان ببخشايد
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان المختصين بعبوديته هم الأحرار عن رق عبودية ما سواه من الهوى والدنيا والعقبى وهم مظاهر صفات لطفه ورحمته والعذاب لمن يكون عبد الهوى والدنيا وما سوى الله وانه مظهر صفات قهره وعزته وفيه اشارة اخرى الى ان سير السائرين وطيران الطائرين فى هواء العبودية وفضاء الربوبية انما يكون على قدمى الخوف والرجاء وبجناحي الانس والهيبة معتدلا فيهما من غير زيادة إحداهما على الاخرى وفى الروضة لقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى على وجه يحيى فقال مالى أراك لاهيا كأنك آمن فقال مالى أراك عابسا كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى الله تعالى احبكما الىّ احسنكما ظنا بي وروى احبكما الى الطلق البسام ولم يزل زكريا عليه السلام يرى ولده يحيى مغموما باكيا مشغولا بنفسه فقال يا رب طلبت ولدا انتفع به قال طلبته وليا والولي لا يكون الا هكذا قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان الله تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار يقول الفقير الذي ينبغى ان يقدمه العبد هو الخوف لانه الأصل وفيه تخلية القلب من الأماني الفاسد ولا ينافيه كون متعلق الرجاء هو السابق وهو رحمة الله الواسعة فانها الأصل وهو بالنسبة الى صفات الله ولذا جاء فى الحديث (لو يعلم العبد قدر رحمة الله(4/473)
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55)
ما تورع عن حرام ولو يعلم العبد قدر عقوبة الله لبخع نفسه) اى أهلكها فى عبادة الله تعالى (ولما اقدم على ذنب) واعلم ان اسباب المغفرة كثيرة أعظمها العشق والمحبة فان الله تعالى انما خلق الانس والجن للعبادة الموصلة الى المعرفة الالهية والجذبة الربانية: قال الحافظ
هر چند غرق بحر گناهم ز شش جهت ... گر آشناى عشق شوم غرق رحمتم
واسباب العذاب ايضا كثيرة أعظمها الجهل بالله تعالى وصفاته فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العشق والمحبة والمعرفة الى ان يصل الى المراد ويستريح من تعب الطلب والاجتهاد فان الواصل الى المنزل مستريح وقد قيل الصوفي من لا مذهب له واما من بقي فى الطريق فهو فى إصبعي الرحمن لا يزال يتقلب من حال الى حال ومن أمن الى خوف وبالعكس الى ان تنقطع الإضافات وعند ذلك يعتدل حاله ويستقيم ميزان علمه وعمله فيعبد الله تعالى الى ان يأتيه اليقين وهو الموت وَنَبِّئْهُمْ واخبر أمتك يا محمد عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ يستوى فيه القليل والكثير اى أضيافه وهو جبريل مع أحد عشر ملكا على صورة الغلمان الوضاء وجوههم جعلهم ضيفا لانهم كانوا فى صورة الضيف او لكونهم ضيفا فى حسبان ابراهيم عليه السلام إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ ظرف لضيف فانه مصدر فى الأصل فَقالُوا عند دخولهم عليه سَلاماً اى نسلم سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل اليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالَ ابراهيم إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ خائفون فان الوجل اضطراب النفس لتوقع مكروه وانما قاله عليه السلام حين امتنعوا من أكل ما قربه إليهم من العجل الحنيذ لما ان المعتاد عندهم انه إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا انه لم يجيئ بخير لا عند ابتداء دخولهم قالُوا اى الملائكة لا تَوْجَلْ لا تخف يا ابراهيم إِنَّا نُبَشِّرُكَ استئناف فى معنى التعليل للنهى عن الوجل فان المبشريه لا يكاد يحوم حول ساحته خوف ولا حزن كيف لا وهو بشارة ببقائه وبقاء اهله فى عافية وسلامة زمانا طويلا. والبشارة هو الاخبار بما يظهر سرور المخبر به. والمعنى بالفارسية [بدرستى ترا مژده ميدهيم] بِغُلامٍ [به بشرى إسحاق نام] عَلِيمٍ اى إذا بلغ. يعنى [وقتى كه بلوغ رسد علم نبوت بوى خواهد رسيد] قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي [آيا بشارت ميدهيد مرا] عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ واثر فىّ والاستفهام للتعجب والاستبعاد عادة وعلى بمعنى مع اى مع مس الكبر بان يولد لى اى ان الولادة امر مستنكر عادة مع الكبر وامر عجيب من بين هرمين وهو حال اى أبشرتموني كبيرا او بمعنى بعد اى بعد ما أصابني الكبر والهرم فَبِمَ تُبَشِّرُونَ هى ما الاستفهامية دخلها معنى التعجب كأنه قيل فبأى اعجوبة تبشرون وفى التفسير الفارسي [پس بچهـ نوع مژده ميدهيد مرا] وهو بفتح النون مع التخفيف لانها نون الجماعة وقرئ بكسر النون مع التخفيف لان أصله تبشروني حذفت الياء وأقيم الكسر مقامها قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ اى بما يكون لا محالة فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ من الآيسين من ذلك فان الله تعالى قادر على ان يخلق بشرا بغير أبوين فكيف من شيخ فان وعجوز عاقر وكان مقصده عليه السلام استعظام نعمته تعالى عليه فى ضمن التعجب العادي المبنى على سنة الله المسلوكة(4/474)
قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59)
فيما بين عباده لا استبعاد ذلك بالنسبة الى قدرته تعالى كما ينبئ عنه قوله تعالى بطريق الحكاية مِنَ الْقانِطِينَ دون من الممترين ونحوه قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ استفهام إنكاري اى لا يقنط مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ [از بخشش آفريده گار خود] إِلَّا الضَّالُّونَ اى المخطئون طريق المعرفة والصواب فلا يعرفون سعة رحمته وكما علمه وقدرته كما قال يعقوب عليه السلام لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ ومراده نفى القنوط عن نفسه على ابلغ وجه اى ليس بي قنوط من رحمته تعالى وانما الذي أقول البيان منافاة حالى لفيضان تلك النعمة الجليلة على وفيه اشارة الى ان بشارته بغلام عليم مع كبره وكبر امرأته بشارة للطالب الصادق وانه وان كان مسنا قد ضعف جسمه وقواه وعجز عن جهاد النفس ومكابدتها واستعمالها فى مباشرة الطاعات والأعمال البدنية ويوئسه الشيطان من نيل درجات القرب لان اسباب تحصيل الكمال قد تناهت ومعظمها العمر والشباب ولهذا قال المشايخ الصوفي بعد الأربعين بارد فلا يقنط من رحمة ربه ويتقرب اليه باعمال القلبية ليتقرب اليه ربه بأصناف الطاف الربوبية وجذبات أعطافه فيخرج من صلب روحه ورحم قلبه غلاما عليما بالعلوم اللدنية والرسوم الدنية وهو واعظ الله الذي فى قلب كل مؤمن وقد اشتغل افراد كالقفال والقدورى بعد كبرهم ففاقوا على علمهم وراقوا بمنظرهم ولطف الله تعالى واصل على كل حال قال فى شرح الحكم من استغرب ان ينقذه الله من شهوته التي اعتقلته عن الخيرات وان يخرجه من وجود غفلته التي شملته فى جميع الحالات فقد استعجز القدرة الالهية والله تعالى يقول وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً فابان سبحانه ان قدرته شاملة صالحة لكل شىء وهذا من الأشياء وان أردت الاستعانة على تقوية رجائك فى ذلك فانظر لحال من كان مثلك ثم أنقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن أدهم والفضيل ابن عياض وابن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من مجرمى البداية
تا سقاهم ربهم آيد جواب ... تشنه باش والله اعلم بالصواب
قال فى تاج العروس من قصر عمره فليذكر بالاذكار الجامعة مثل سبحان الله عدد خلقه ونحو ذلك والمراد بقصر العمر ان يكون رجوعه الى الله فى معترك المنايا ونحوها من الأمراض المخوفة والاعراض المهولة دع التكاسل تغنم قد جرى مثل كه زاد راهروان چستيست و چالاكى قالَ ابراهيم فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ اى أمركم وشأنكم الخطر لعل ابراهيم عليه السلام علم بالقرائن ان مجيئ الملائكة ليس لمجرد البشارة بل لهم شأن آخر لاجله أرسلوا فكأنه قال ان لم يكن شأنكم مجرد البشارة فماذا هو قالُوا اى الملائكة إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ مصرين على اجرامهم متناهين فى آثامهم وهم قوم لوط إِلَّا آلَ لُوطٍ استثناء متصل من الضمير فى مجرمين اى الى قوم أجرموا جميعا الا آل لوط يريد اهله المؤمنين فالقوم والإرسال شاملان للمجرمين وغيرهم. والمعنى انا أرسلنا الى قوم أجرم كلهم الا آل لوط لنهلك الأولين وننجى الآخرين واكتفى بنجاة الآل لانهم إذا نجوا وهم تابعون فالمتبوع وهو لوط اولى بذلك ولوط بن هاران بن تارخ وهو ابن أخي ابراهيم(4/475)
إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60) فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)
الخليل كان قد آمن به وهاجر معه الى الشام بعد نجاته من النار واختتن لوط مع ابراهيم وهو ابن ثلاث وخمسين وابراهيم ابن ثمانين او مائة وعشرين فنزل ابراهيم فلسطين وهى البلاد التي بين الشام ومصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها ونزل لوط الاردنّ وهى كورة بالشام فارسل الله لوطا الى اهل سدوم بالدال وكانت تعمل الخبائث فارسل الله إليهم ملائكة للاهلاك إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ اى مما يصيب القوم من العذاب وهو قلب مدائنهم إِلَّا امْرَأَتَهُ استثناء من الضمير واسمها واهلة قَدَّرْنا حكمنا وقضينا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ الباقين مع الكفرة لتهلك معهم وأسند الملائكة فعل التقدير الى أنفسهم وهو فعل الله تعالى لما لهم من القرب والاختصاص كما يقول خاصة الملك أمرنا بكذا والآمر هو الملك فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ اى الملائكة قالَ لوط إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ غرباء لا يعرفون او ليس عليكم زى السفر ولا أنتم من اهل الحضر فاخاف ان تطرقونى بشر قالُوا ما جئناك بما تنكرنا لاجله بَلْ جِئْناكَ [بلكه آمده ايم بتو] بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ اى بما فيه سرورك وتشفيك من عدوك وهو العذاب الذي كنت تتوعدهم بنزوله فيمترون فى وقوعه اى يشكون ويكذبونك جهلا وعنادا وَأَتَيْناكَ [آورده ايم بتو] بِالْحَقِّ بالمتيقن الذي لا مجال فيه للامتراء والشك وهو عذابهم وَإِنَّا لَصادِقُونَ فى الاخبار بنزوله بهم فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ فاذهب بهم من السرى وهو السير فى الليل قال الكاشفى [پس برون بر از شهر اهل خود را بشب] بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ فى طائفة من الليل اى بعض منه. وبالفارسية [در پاره كه از شب بگذرد] وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ جمع دبر وهو من كل شىء عقبه ومؤخره اى وكن على اثرهم لتسوقهم وتسرع بهم وتطلع على أحوالهم فلا تفرط منهم التفاتة استحياء منك ولا غيرها من الهفوات قال فى برهان القرآن لانه إذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ اى منك ومنهم أَحَدٌ فيرى ماوراءه من الهول فلا يطيقه او جعل الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التواني والتوقف لان من يلتفت لا بد له من ادنى وقفة ولم يقل ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك كما فى هود اكتفاء بما قبله وهو قوله الا امرأته وَامْضُوا [وبرويد] حَيْثُ تُؤْمَرُونَ حيث أمركم الله بالمضي اليه وهو الشام او مصر او زغر وهى قرية بالشام قال الكاشفى [شهرستان پنجم است اهل آن هلاك نخواهند شد] وَقَضَيْنا إِلَيْهِ وأوحينا الى لوط مقتضيا مبتوتا ذلِكَ الْأَمْرَ مبهم يفسره أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ المجرمين اى آخرهم مَقْطُوعٌ [بريده وبركنده است] اى مهلك يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد مُصْبِحِينَ حال من هؤلاء اى وقت دخولهم فى الصبح وهو تعين وقت هلاكهم كما قال الله تعالى إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ وتلخيصه أوحينا اليه انهم يهلكون جميعا وقت الصبح فكان كذلك وفى الآيات إشارات الاولى ان لا عبرة بالنسب والقرابة والصحبة بل بالعلم النافع والعمل الصالح ألا ترى ان الله استثنى امرأة لوط فجعلها فى الهالكين ولم تنفعها الزوجية بينها وبين لوط كما لم تنفع الابوة والنبوة بين نوح وابنه كنعان ولله در من قال(4/476)
وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71)
با بدان يار گشت همسر لوط ... خاندان نبوتش گم شد
وذلك انها صحبت لوطا صورة لا سيرة وصحبت الكفرة صورة وسيرة فلم تنفعها الصورة
بيش اند ناس صورت ونسناس سيرتان ... خلقى كه آدم اند بخلق وكرم كم اند
والنسناس حيوان بحرى صورته كصورة الإنسان وقيل غير ذلك والثانية ان الشك من صفات الكفرة كما ان اليقين من صفات المؤمنين: وفى المثنوى
افت وخيزان ميرود مرغ كمان ... با يكى پر بر اميد آشيان
چون ز ظن وارست علمش رو نمود ... شد دو پر آن مرغ پرها را گشود
والثالثة ان سالك طريق الحق ينبغى ان لا يلتفت الى شىء سوى الله تعالى لانه المقصد الأقصى والمطلب الأعلى بل يمضى الى حيث امر وهو عالم الحقيقة ألا ترى ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتفت الى يمينه ويساره ليلة المعراج بل توجه الى مقام قاب قوسين وهو عالم الصفات ثم الى مقام او ادنى وهو عالم الذات ولم يعقه عائق أصلا وهكذا شأن من له علوهمة من المهاجرين من بلد الى بلد ومن مقام الى مقام: قال المولى الجامى قدس سره
نشان عشق چهـ پرسى ز هر نشان بگسل ... كه تا أسير نشانى به بي نشان نرسى
نسأل الله العصمة من الوقوف فى موطن النفس والوصول الى حظيرة القدس والانس وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ [چون زن لوط مهمانان نيكو رو را ديد خبر بقوم فرستاد] وجاء اهل سدوم التي ضرب بقاضيها المثل فى الجور منزل لوط ومدائن قوم لوط كانت أربعا وقيل سبعا وأعظمها سدوم وفى درياق الذنوب لابن الجوزي كانت خمسين قرية يَسْتَبْشِرُونَ الاستبشار [شاد شدن] اى مظهرين السرور بانه نزل بلوط عدّة من المرد فى غاية الحسن والجمال قصدا الى ارتكاب الفاحشة قالَ لوط لهم لما قصدوا أضيافه إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي اطلاق الضيف على الملائكة بحسب اعتقاده عليه السلام لكونهم فى زى الضيف فَلا تَفْضَحُونِ [پس مرا رسواى مكنيد در نزد ايشان] بان تتعرضوا لهم بسوء فيعلموا انه ليس لى قدر وحرمة او لا تفضحون بفضيحة ضيفى فان من اهين ضيفه او جاره فقداهين كما ان الإكرام كذلك. يقال فضحه كمنعه كشف مساويه واظهر من امره ما يلزمه العار وَاتَّقُوا اللَّهَ فى مباشرتكم لما يسوءنى او فى ركوب الفاحشة واحفظوا ما أمركم به ونهاكم عنه وَلا تُخْزُونِ ولا تذلونى ولا تهينونى بالتعرض لمن أجرتهم بمثل تلك الفعلة القبيحة. وبالفارسية [ومرا خار وخجل مسازيد پيش مهمانان] من الخزي وهو الهوان قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ [از حمايت عالميان يعنى غريبان كه فاحشه ايشان مخصوص بغربا بوده] قال فى الإرشاد الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر اى ألم نقدم إليك ولم ننهك عن التعرض لهم بمنعهم عنا وكانوا يتعرضون لكل واحد من الغرباء بالسوء وكان عليه السلام يمنعهم عن ذلك بقدر وسعه وهم ينهونه عن ان يجير أحد او يوعدونه بقولهم لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين ولما رآهم لا يقلعون عماهم عليه قالَ هؤُلاءِ بَناتِي اى بنات قومى فازوجهن إياكم او تزوجوهن ففى الكلام حذف وانما جعل بنات(4/477)
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)
قومه كبناته فان كل نبى ابو أمته من حيث الشفقة والتربية رجالهم بنوه ونساؤهم بناته او أراد بناته الصلبية اى فتزوجوهن ولا تتعرضوا للاضياف وقد كانوا من قبل يطلبونهن ولا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لعدم مشروعية المناكحة بين المسلمات والكفار فان نكاح المؤمنات من الكفار كان جائزا فاراد ان يقى أضيافه ببناته كرما وحمية وقيل كان لهم سيدان مطاعان فاراد ان يزوجهما ابنتيه ايثا وزعورا إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ قضاء الشهوة فيما أحل الله دون ما حرم فان الله تعالى خلق النساء للرجال لا الرجال للرجال وفى الآيات فوائد الاولى ان إكرام الضيف ورعاية الغرباء من اخلاق الأنبياء والأولياء وهو من اسباب الذكر الجميل: قال الحافظ
تيمار غريبان سبب ذكر جميلست ... جانا مگر اين قاعده در شهر شما نيست
: وقال السعدي قدس سره
غريب آشنا باش وسياح دوست ... كه سياح جلاب نام نكوست
وفى الحديث (من اقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة) كما فى الترغيب والثانية انه لا بد لكل مؤمن متق ان يسد باب الشر بكل ما أمكن له من الوجوه ألا ترى ان لوطا عليه السلام لما لم يجد مجالا لدفع الخبيثين عرض عليهم بناته بطريق النكاح وان كانوا غيرا كفاء دفعا للفساد والثالثة ان محل التمتع هى النساء لا الرجال كما قالوا ضرر النظر فى الأمرد أشد لامتناع الوصول فى الشرع لانه لا يحل الاستمتاع بالامرد ابدا: قال السعدي قدس سره
خرابت كند شاهد خانه كن ... برو خانه آباد گردان بزن
نشايد هوس باختن با گلى ... كه هر بامدادش بود بلبلى
مكن بد بفرزند مردم نگاه ... كه فرزند خويشت بر آيد تباه
چرا طفل يكروزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خرد
محقق همى بيند از آب وگل ... كه در خوبرويان چين و چكل
لَعَمْرُكَ قسم من الله تعالى بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو المشهور وعليه الجمهور والعمر بالفتح والضم واحد وهو البقاء الا انهم خصوا القسم بالمفتوح لايثار الأخف لان الحلف كثير الدور على ألسنتهم ولذلك حذفوا الخبر وتقديره لعمرك قسمى كما حذفوا الفعل فى قولهم تالله إِنَّهُمْ اى قوم لوط لَفِي سَكْرَتِهِمْ غوايتهم او شدة غلمتهم التي أزالت عقولهم وتمييزهم بين الخطأ الذي هم عليه والصواب الذي يشار به إليهم من ترك البنين الى البنات يَعْمَهُونَ يتحيرون ويتمارون فكيف يسمعون النصح قال فى القاموس العمه التردد فى الضلال والتحير فى منازعة او طريق او ان لا يعرف الحجة عمه كجعل وفرح عمها وعموها وعموهة وعمهانا فهو عمه وعامه انتهى. ويعمهون حال من الضمير فى الجار والمجرور كما فى بحر العلوم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما خلق الله تعالى نفسا أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله اقسم بحياة أحد غيره وفى التأويلات النجمية هذه مرتبة(4/478)
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)
مانالها أحد من العالمين الا سيد المرسلين وخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام من الأزل الى الابد وهو انه تعالى اقسم بحياته فانيا عن نفسه باقيا بربه كما قال تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ اى ميت عنك حى بنا وهو مختص بهذا المقام المحمود انتهى
چون نبى از هستىء خود سر بتافت ... فرق پاكش از لعمرك تاج يافت
داشت از حق زندگى در بندگى ... شد لعمرك جلوه آن زندگى
واعلم ان الله تعالى قد اقسم بنفسه فى القرآن فى سبعة مواضع والباقي من القسم القرآنى قسم بمخلوقاته كقوله وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَالصَّافَّاتِ. وَالشَّمْسِ. وَالضُّحى ونحوها فان قلت ما الحكمة فى معنى القسم من الله تعالى فان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده قلت ان القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم إذا أرادت ان تؤكد امرا فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى قد اقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير الله تعالى قلت فى ذلك وجوه أحدها انه على حذف مضاف اى ورب التين ورب الشمس وواهب العمر والثاني ان العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظم المقسم او يجله وهو فوقه والله تعالى ليس فوقه شىء فاقسم ثارة بنفسه وثارة بمصنوعاته فان القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل فهو يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد ان يقسم الا بالله وهذا كالنهى عن الامتنان قال الله تعالى بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ وعن تزكية النفس ومدحها وقد مدح الله تعالى نفسه وقد اقسم الله تعالى بالنبي عليه الصلاة والسلام فى قوله لَعَمْرُكَ ليعرف الناس عظمته عند الله ومكانته لديه فالقسم اما لفضيلة او لمنفعة كقوله وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وكان الحلف بالآباء معتادا فى الجاهلية فلما جاء الله تعالى بالإسلام نهاهم الرسول عليه السلام عن الحلف بغير الله تعالى واختلف فى الحلف بمخلوق والمشهور عند المالكية كراهيته وعند الحنابلة حرام وقال النووي هو عند أصحابنا مكروه وليس بحرام قيد العراقي ذلك فى شرح الترمذي بالحلف بغير اللات والعزى وملة الإسلام فاما الحلف بنحو هذا فحرام والحكمة فى النهى عن الحلف بغير الله تعالى ان الحلف يقتضى تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى لا يضاهى بها غيرها وقسمه تعالى بما شاء من مخلوقاته تنبيه على شرف المحلوف به فهو سبحانه ليس فوقه عظيم يحلف به فتارة يحلف بنفسه وتارة بمخلوقاته كما فى الفتح القريب. ويمكن ان يكون المراد بقولهم لعمرى وأمثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لانه أقوى من سائر المؤكدات واسلم من التأكيد بالقسم بالله تعالى لوجوب البر به وليس الغرض اليمين الشرعي وتشبيه غير الله تعالى به فى التعظيم وذكر صورة القسم على هذا الوجه لا بأس به كما قال عليه السلام (قد أفلح وأبيه) كذا فى الفروق فَأَخَذَتْهُمُ اى قوم لوط الصَّيْحَةُ اى صيحة جبريل عليه السلام مُشْرِقِينَ اى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس وهو بالفارسية [بر آمدن خورشيد] وكان ابتداء العذاب حين أصبحوا كما قال أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ وتمامه حين اشرقوا لان جبريل قلع الأرضين بهم(4/479)
فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)
ورفعها الى السماء ثم هوى بها نحو الأرض ثم صاح بهم صيحة عظيمة فالجمع بين مصبحين ومشرقين باعتبار الابتداء والانتهاء فمقطوع على حقيقته فان دلالة اسمى الفاعل والمفعول على الحال وحال القطع هو حال المباشرة لا حال انقضائه لانه مجاز حينئذ وذلك ان تقول مقطوع بمعنى بقطع عن قريب فَجَعَلْنا عالِيَها [زبر آن شهرستانها را] سافِلَها زير آن يعنى زير وبر كردانيم آنرا] وذلك بان رفعناها الى قريب من السماء على جناح جبريل ثم قلبناها عليهم فصارت منقلبة بهم وقوله عاليها مفعول أول لجعلنا وسافلها مفعول ثان له وهو ادخل فى الهول والفظاعة من العكس وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ فى تضاعيف ذلك قبل تمام الانقلاب حِجارَةً كائنة مِنْ سِجِّيلٍ من طين متحجر عليه اسم من يرمى به فهلكوا بالخسف والحجارة قال فى القاموس السجيل كسكيت حجارة كالمدر معرب [سنك كل] او كان طبخت بنار جهنم وكتب فيها اسماء القوم او قوله تعالى مِنْ سِجِّيلٍ اى من سجل مما كتب لهم انهم يعذبون بها قال تعالى وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ والسجيل بمعنى السجين قال الأزهري هذا أحسن ما مر عندى وأبينها انتهى وفى الكواشي وأمطرنا على شذاذهم اى على من غاب عن تلك البلاد إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من القصة من تعرض قوم لوط لضيف ابراهيم طمعا فيهم وقلب المدينة على من فيها وامطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم لَآياتٍ لعلامات يستدل بها على حقيقة الحق ويعتبر لِلْمُتَوَسِّمِينَ اى المتفكرين المتفرسين الذين يبسطون فى نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشيء وباطنه بسمته. وبالفارسية [مر خداوندان فراست را كه بزيركى در نكرند وحقيقت ايشان بسمات آن بشناسند] يقال تو سمت فى فلان كذا اى عرفت وسمه فيه اى اثره وعلامته وتوسم الشيء تحيره وتفرسه وَإِنَّها [وبدرستى كه آن شهرستانهاى مؤتفكه] لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ اى طريق ثابت يسلكه الناس ويرون آثار تلك البلاد بين مكة والشام لم تندرس بعد فاتعظوا بآثارهم يا قريش إذ أذهبتم الى الشام لانها فى طريقكم إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى كون آثار تلك القرى بمرأى من الناس يشاهدونها فى ذهابهم وإيابهم لَآيَةً عظيمة لِلْمُؤْمِنِينَ بالله رسوله فانهم الذين يعرفون ان ما حاق بهم من العذاب الذي ترك ديارهم بلاقع انما حاق بهم لسوء صنيعهم واما غيرهم فيحملون ذلك على الاتفاق او الأوضاع الفلكية. وافراد الآية بعد جمعها فيما سبق لما ان المشاهد هاهنا بقية الآثار لاكل القصة كما فيما سلف وقال فى برهان القرآن ما جاء فى القرآن من الآيات فلجمع الدلائل وما جاء من الآية فلو حدانية المدلول عليه فلما ذكر عقيبه المؤمنين وهم مقرون بوحدانية الله تعالى وحد الآية انتهى وفى الآيات فائدتان الاولى مدح الفراسة وهى الاصابة فى النظر وفى الحديث (ان كان فيما مضى قلبكم من الأمم محدثون) المحدث بفتح الدال المشددة هو الذي يلقى فى نفسه شىء فيخبر به فراسة ويكون كما قال وكأنه حدثه الملأ الأعلى وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء (فانه ان كان فى أمتي هذه فانه عمر بن الخطاب) لم يرد النبي عليه السلام بقوله ان كان فى أمتي التردد فى ذلك لان أمته أفضل الأمم وإذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل أراد بها التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يريد بذلك اختصاصه(4/480)
وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83)
بكمال الصداقة لا نفى سائر الأصدقاء وفى الحديث (اتقوا فراسة العلماء لا يشهدوا عليكم بشهادة فيكبكم الله بها يوم القيامة على مناخركم فى النار فو الله انه لحق يقذفه الله فى قلوبهم ويجعله على أبصارهم) وعنه عليه السلام (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله ثم قرأ ان فى ذلك لآيات للمتوسمين) كذا فى بحر العلوم [آورده اند كه خواجه بزركوار قطب الأخيار خواجه عبد الخالق عجدوانى قدس سره روزى در معرفت سخن مى كفت ناكاه جوانى در آمد بصورت زاهدان خرقه در بر وسجاده بر كتف در كوشه بنشست وبعد از زمانى برخاست وكفت حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم فرموده كه (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله) سراين حديث چيست حضرت خواجه فرمودند كه سر اين حديث آنست كه زنار ببرى وايمان آرى جوان كفت نعوذ بالله كه در من زنار باشد خواجه بخادم كفت خزقه از سر جوان بركش زنارى پديد آمد جوان فى الحال زنار ببريد وايمان آورد وحضرت خواجه فرمودند كه اى ياران بياييد تا بر موافقت اين نو عهد كه زنار ظاهر ببريد زنارهاى باطن را قطع كنيم خروش از مجلسيان بر آمد ودر قدم خواجه افتادند تجديد توبه كردند
توبه چون باشد پشيمان آمدن ... بر در حق نو مسلمان آمدن
عام را توبه زكار بد بود ... خاص را توبه ز ديد خود بود
والفائدة الثانية ان فى إهلاك الأمم الماضية وإنجاء المؤمنين منهم ايقاظا وانتباها ووعدا ووعيدا وتأديبا لهذه الامة المعتبرين فاعتبروا بأحوالهم واجتنبوا عن أفعالهم وابكوا فهذه ديار الظالمين ومصارعهم وكان يحيى بن زكريا عليه السلام يبكى حتى رق خده وبدت أضراسه هذا وقد كان على الجادة فكيف بمن حادا خوانى الدنيا سموم قاتله والنفوس عن مكايدها غافله كم من دار دارت عليها دوائر النعم فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس وقفنا الله وإياكم للهدى وعصمنا من اسباب الجهل والردى وسلمنا من شر النفوس فانها شر العدى وجعلنا من المنتفعين بوعظ القرآن والمعتبرين بآيات الفرقان مادام هذا الروح فى البدن وقام فى المقام والوطن وَإِنْ كانَ ان مخففة من ان وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى وان الشأن كان أَصْحابُ الْأَيْكَةِ وهم قوم شعيب عليه السلام. والايكة الشجر الملتف المتكاثف وكانت عامة شجرهم المقل قال فى القاموس المقل المكي ثمر شجر الدوم وكانوا يسكنونها بعثه الله إليهم كما بعثه الى اهل مدين فكذبوه وقال بعضهم مدين وايكة واحد لان الايكة كانت عند مدين وهذا أصح كما فى تفسير ابى الليث قال الجوهري من قرأ اصحاب الايكة فهى الغيضة ومن قرأ ليكة فهى اسم القرية لَظالِمِينَ متجاوزين عن الحد فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ [پس انتقام كشيديم از ايشان بعذاب يوم الظلة] قال فى التبيان أهلك الله اهل مدين بالصيحة واهل الايكة بالنار وذلك ان الله أرسل عليهم حرا شديدا سبعة ايام فخرجوا ليستظلوا بالشجر من شدة الحر فجاءت ريح سموم بنار فاحرقتهم وفى بعض التفاسير بعث الله سحابة فالتجأوا إليها يلتمسون الروح فبعث الله عليهم منها نارا فاحرقتهم فهو عذاب يوم الظلة ونعم ما قيل والشر إذا جاء(4/481)
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)
من حيث لا يحتسب كان أغم وَإِنَّهُما يعنى سدوم التي هى أعظم مدائن قوم لوط والايكة لَبِإِمامٍ مُبِينٍ لبطريق واضح. وبالفارسية [بر راهى روشن وهويداست كه مردم ميكذرند ومى بينند] والامام اسم ما يؤنم به قال الله تعالى إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً اى يؤتم ويقتدى بك ويسمى به الكتاب ايضا لانه يؤتم بما أحصاه الكتاب قال الله تعالى يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ اى بكتابهم وقال وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ يعنى فى اللوح المحفوظ وهو الكتاب ويسمى الطريق اماما لان المسافر يأتم به ويستدل به ويسمى مطمر البناء اماما وهو الزيج اى الخيط الذي يكون مع البنائين [معرّب زه] قال ابو الفرج بن الجوزي كان قوم شعيب مع كفرهم يبخسون المكاييل والموازين فدعاهم الى التوحيد ونهاهم عن التطفيف- روى- عن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله كيف يبيع فاخبره فاوحى الله اليه ان ادخل يدك فيه فاذا هو مبلول فقال عليه الصلاة والسلام (ليس منا من غش) قال فى القاموس غشه لم يمحضه النصح او اظهر خلاف ما أضمر والمغشوش الغير الخالص والاسم الغش بالكسر وفى تهذيب المصادر الغش [خيانت كردن] واشتقاقه من الغشش وهو الماء الكدر وفى الفتح القريب أصله اى الغش من اللبن المغشوش وهو المخلوط بالماء تدليسا وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وقد حسنه صاحبه فادخل يده فيه فاذا هو طعام رديئ فقال (بع هذا على حدة وهذا على حدة فمن غشنا فليس منا) وعن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام ان رجلا كان يبيع الخمر فى سفينة له ومعه قرد فى السفينة وكان يشوب الخمر بالماء فاخذ القرد الكيس فصعد الذروة وفتح الكيس فجعل يأخذ دينارا فيلقيه فى السفينة ودينارا فى البحر حتى جعله نصفين وفى الحديث (إذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة) وفى الحديث (ليأتين على الناس زمان لا يبالى المرء مم أخذ المال من حلال او من حرام) يا ابن آدم عينك مطلقة فى الحرام ولسانك مطلق فى الآثام وجسدك يتعب فى كسب الحطام تيقظ يا مسكين مضى عمرك وأنت فى غفلتك فاين الدليل على سلامتك
عليك بالقصد لا تطلب مكاثرة ... فالقصد أفضل شىء أنت طالبه
فالمرؤ يفرح بالدنيا وبهجتها ... ولا يفكر ما كانت عواقبه
حتى إذا ذهبت عنه وفارقها ... تبين الغبن فاشتدت مصائبه
: قال السعدي قدس سره
قناعت كن اى نفس بر اندكى ... كه سلطان ودرويش بينى يكى
مبر طاعت نفس شهوت پرست ... كه هر ساعتش قبله ديكرست
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ الحجر بكسر الحاء اسم لارض ثمود قوم صالح عليه السلام بين المدينة والشام عند وادي القرى كانوا يسكنونها وكانوا عربا وكان صالح عليه السلام من أفضلهم نسبا فبعثه الله إليهم رسولا وهو شاب فدعاهم حتى شمط ولم يتبعه الا قليل مستضعفون(4/482)
وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83)
كوى توفيق وسلامت در ميان افكنده اند ... كس بميدان در نمى آيد سوارانرا چهـ شد
فكذب اصحاب الحجر اى ثمود المرسلين اى صالحا فان من كذب واحدا من الأنبياء فقد كذب الجميع لاتفاقهم على التوحيد والأصول التي لا تختلف باختلاف الأمم والاعصار ونظيره قولهم فلان يلبس الثياب ويركب الدواب وماله إلا ثوب ودابة يقول الفقير كما لا اختلاف بين الأنبياء فى اصول الشرائع كذلك لا اختلاف بين الأولياء فى اصول الحقائق بل وقد تتحد العبارات ايضا اذ الكل آخذون من مشرب واحد مكاشفون عن ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ومن فرق بينهم كان مكذبا للكل
بى خبر كازار اين آزار اوست ... آب اين خم متصل با آب چوست
وَآتَيْناهُمْ اى ثمود آياتِنا هى الناقة كان فيها آيات كما قال الكاشفى [خروج ناقه از سنك معجزه ايست مشتمل بر بسيارى از غرائب چون بزركى خلقت كه هركز شترى بعظمت او نبوده وزادن بعد از خروج يعنى ولادتها مثلها فى العظم فى الحال وبسيارى شير كه همه ثمود را كافى بود وبر سر چاه آمدن آب در روز نوبت او وخوردن تمام آب را بيك نوبت] قال فى الفتح القريب لما طال دعاؤه اقترحوا ان يخرج لهم الناقة آية فكان من أمرها وأمرهم ما ذكر الله تعالى فى كتابه العزيز فَكانُوا عَنْها اى عن تلك الآيات مُعْرِضِينَ إعراضا كليا بل كانوا معارضين لها حيث فعلوا بالناقة ما فعلوا. والاعراض [روى بگردانيد از چيز] وكان عقر الناقة وقسم لحمها يوم الأربعاء قال ابن الجوزي لا بالناقة اعتبروا ولا بتعويضهم اللبن شكروا عتوا عن المنع وبطروا وعموا عن الكرم فما نظروا وكلما رأوا آية من الآيات كفروا الطبع الخبيث لا يتغير والمقدر عليه ضلالة لا يزول: قال الحافظ
بآب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد ... كليم بخت كسى را كه بافتند سياه
وَكانُوا يَنْحِتُونَ النحت بالفارسي [بتراشيدن] مِنَ الْجِبالِ جمع جبل. وبالفارسية [كوه] قال فى القاموس الجبل محركة كل وتد للارض عظم وطال فان انفرد فاكمة أو قنة بُيُوتاً جمع بيت وهى اسم مبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة سواء كان حيطانه اربعة او ثلاثة والدار تطلق على العرصة المجردة بلا ملاحظة البناء معها آمِنِينَ من الانهدام ونقب اللصوص وتخريب الأعداء لوثاقتها فهو حال مقدرة او من العذاب والحوادث لفرط غفلتهم فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ اى صيحة جبريل فانه صاح فيهم صيحة واحدة فهلكوا جميعا وقيل أتتهم من السماء صيحة فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شىء فى الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وفى سورة الأعراف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ
اى الزلزلة ولعلها لوازم الصيحة المستتبعة لتموج الهواء تموجا شديدا يفضى إليها فهى مجاز عنها مُصْبِحِينَ حال من الضمير المنصوب اى داخلين فى وقت الصبح فى اليوم الرابع وهو يوم الأحد والصبح يطلق على زمان ممتد الى الضحوة وأول يوم من الثلاثة اصفرت وجوه القوم وفى الثاني احمرت وفى الثالث اسودت فلما كلمت الثلاثة صح استعدادهم للفساد والهلاك فكان اصفرار وجوه الأشقياء فى موازنة اسفار وجوه السعداء قال تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ(4/483)
فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (84) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)
ثم جاء فى موازنة الاحمرار قوله تعالى فى السعداء وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ فان الضحك من الأسباب المولدة لاحمرار الوجوه فالضحك فى السعداء احمرار الوجنات ثم جعل فى موازنة تغيير بشرة الأشقياء بالسواد قوله تعالى مُسْتَبْشِرَةٌ وهو ما اثره السرور فى بشرتهم كما اثر السواد فى بشرة الأشقياء فَما أَغْنى عَنْهُمْ اى لم يدفع عنهم ما نزل بهم يقال ما يغنى عنك هذا اى ما يجدى عنك وما ينفعك ما كانُوا يَكْسِبُونَ من بناء البيوت الوثيقة والأموال الوافرة والعدد المتكاثرة- روى- ان صالحا عليه السلام انتقل بعد هلاك قومه الى الشام بمن اسلم معه فنزلوا رملة فلسطين ثم انتقل الى مكة فتوفى بها وهو ابن ثمان وخمسين سنة وكان اقام فى قومه عشرين سنة وعن جابر رضى الله عنه مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر فقال لنا (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم الا ان تكونوا باكين حذرا ان يصيبكم مثل ما أصاب هؤلاء) ثم زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته فاسرع حتى خلفها وكان هذا فى غزوة تبوك خشى صلى الله عليه وسلم على أصحابه رضى الله عنهم ان يجتازوا على تلك الديار غير متعظين بما أصاب اهل تلك الديار فنبه عليه الصلاة والسلام على ان الإنسان لا ينبغى له السكنى فى أماكن الظلمة مخافة ان يصيبهم بلاء فيصاب به او تسرق طباعه من طباعهم ولو كانت خالية منهم لان آثارهم مذكرة بأحوالهم وربما أورثت قسوة وجبروتا يقول الفقير إذا كان لا ينبغى للمؤمن السكنى فى أماكن الظلمة لا ينبغى له أداء الصلاة فيها ولا الحركة إليها بلا ضرورة قوية فان الله تعالى خلق الأماكن على التفاوت كما خلق الأزمان كذلك وشان التقوى العزيمة دون الرخصة والمرء إذا اطلق أعضاءه الظاهرة اطلق قواه الباطنة وفيه اختلال الحال وميل القلب الى ما سوى الله المتعال ولن يكون عارفا الا بالتوجه الى الحضرة العلياء ذو النون المصري قدس سره [ميكويد روزى در أثناء سفر بدر شهرى رسيدم خواستم كه در اندرون شهر روم بر در آن شهر كوشكى ديدم وجويى روان بنزديك جوى رفتم وطهارت كردم چون چشم بر بام كوشك افتاد كنيزكى ديدم ايستاده در غايت حسن وجمال چون نظر او بمن افتاد كفت اى ذو النون چون ترا از دور ديدم پنداشتم كه مجنونى و چون طهارت كردى تصور كردم كه عالمى و چون از طهارت فارغ شدى و پيش آمدى پنداشتم كه عارفى اكنون محقق شدم كه نه مجنونى ونه عالمى ونه عارفى كفتم چرا كفت اگر ديوانه بودى طهارت نكردى واگر عالم بودى نظر بخانه بيكانه ونامحرم نكردى واگر عارف بودى دل تو بما سوى الله مائل نبودى: قال الخجندي
سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست
آستين كوتهى چهـ سودانرا ... كه ز دنياش دست كوته نيست
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما اى بين جنسى السموات والأرضين ولو أراد بين اجزاء المذكور لقال بينهن وفيه اشارة الى ان اصل السموات واحدة عند بعضهم ثم قسمت كذا فى الكواشي إِلَّا بِالْحَقِّ اى الا خلقا ملتبسا بالحق والحكمة لا باطلا وعبثا او للحق والباء توضع موضع اللام يعنى لينظر عبادى إليهما فيعتبروا(4/484)
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)
دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست
در معرفت ديده آدميست ... كه بگشوده بر آسمان وزميست
وَإِنَّ السَّاعَةَ اى القيامة لتوقعها كل ساعة كما فى المدارك وقال ابن ملك هى اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم وقال ابن الشيخ سميت الساعة ساعة لسعيها الى جانب الوقوع ومسافتها الأنفاس لَآتِيَةٌ لكائنة لا محالة كما قيل [كر چهـ قيامت دير آمد ولى مى آمد] اى فينتقم الله لك يا محمد فيها من أعدائك وهم المكذبون ويجازيك على حسناتك وإياهم على سيآتهم فانه ما خلق السموات والأرض وما بينهما الا ليجزى كل محسن بإحسانه وكل مسيئ بإساءته فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ يقال صفح عنه عفا وصفح اعرض وترك اى فاعرض عن المكذبين إعراضا جميلا وتحمل اذيتهم ولا تعجل بالانتقام منهم وعاملهم معاملة الصفوح الحليم قال الكاشفى يعنى [عفو كن حق نفس خود را ودر صدد مكافات مباش] إِنَّ رَبَّكَ الذي يبلغك الى غاية الكمال هُوَ الْخَلَّاقُ لك ولهم ولسائر الموجودات على الإطلاق قال الكاشفى [اوست آفريننده خلائق وأفلاك نظم خالق أفلاك وأنجم بر علا مردم وديو و پرى ومرغ را]
خالق دريا ودشت وكوه وتيه ... ملكت او بي حد واو بي شبيه
نقش او كر دست ونقاش من اوست ... غير اگر دعوى كند او ظلم جوست
الْعَلِيمُ [دانا باهل وفاق ونفاق] وفى الإرشاد بأحوالك وأحوالهم بتفاصيلها فلا يخفى عليه شىء مما جرى بينك وبينهم فهو حقيق بان تكل جميع الأمور اليه ليحكم بينهم وفى الآية امر بالمخالفة بالخلق الحسن وكان صلى الله عليه وسلم احسن الناس خلقا وأرجح الناس حلما وأعظم الناس عفوا وأسخى الناس كفا قال الفضيل الفتوة الصفح عن عثرات الاخوان وكان زين العابدين عظيم التجاوز والصفح والعفو حتى انه سبه رجل فتغافل عنه فقال له إياك اعنى فقال وعنك اعرض أشار الى آية خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين ولما ضرب جعفر بن سليمان العباسي والى المدينة مالكا رضى الله عنه ونال منه وحمل مغشيا وأفاق قال أشهدكم انى جعلت ضاربى فى حل ثم سئل فقال خفت ان أموت والقى النبي صلى الله عليه وسلم واستحيى منه ان يدخل بعض آله النار بسببى ولما قدم المنصور المدينة ناداه ليقتص له من جعفر فقال أعوذ بالله والله ما ارتفع منها سوط الا وقد جعلته فى حل لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل الحلم ملح الأخلاق وكانت عائشة رضى الله عنها تبكى على جارية فقيل لها فى ذلك فقالت ابكى حسرة على ما فاتنى من تحمل السفه منها والحلم عن سوء خلقها فانها سيئة الخلق والاشارة وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ اى الا مظهر الآيات الحق بالحق لارباب الحق المكاشفين بصفات الحق فانه لا شعور للسموات والأرض وما بينهما من غير الإنسان بانها مظهر لآيات الحق وانما الشعور بذلك للانسان الكامل كما قال إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ وهم الذين خلص لب اخلاقهم الربانية من قشر صفاتهم الانسانية وفيه معنى آخر وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ اى سموات الأرواح(4/485)
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)
وَالْأَرْضَ اى ارض الأشباح وَما بَيْنَهُما من النفوس والقلوب والاسرار والخفيات إِلَّا بِالْحَقِّ اى الا لمظهر الحق ومظهره الإنسان فانه مخصوص به من بين سائر المخلوقات والمكونات لانه بجميع مبانيه الظاهرة ومعانيه الباطنة مرآة لذات الحق تعالى وصفاته فهو مظهره عند التزكية والتصفية ومظهره عند التخلية والتحلية لشعوره بذلك كما كان حال من صقل مرآته عن صدأ انانيته وتجلى بشهود هويته عند تجلى ربوبيته بالحق فقال انا الحق ومن قال بعد فناء انانيته عند بقاء السبحانية سبحانى ما أعظم شأنى وفى قوله وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ اشارة الى ان قيامة العشق لآتية لنفوس الطالبين الصادقين من اصحاب الرياضات فى مكابدة النفس ومجاهدتها لان الطلب والصدق والاجتهاد من نتائج عشق القلب وانه سيتعدى الى النفس لكثرة الاجتهاد فى رياضتها فتموت عن صفاتها فى قيامة العشق ومن مات فقد قامت قيامته فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ يا ايها الطالب الصادق عن النفس المرتاضة بان تواسيها وتدارسها ولا تحمل عليها إصرا ولا تحملها ما لا طاقة لها به فان فى قيامة العشق يحصل من تزكية العشق فى لحظة واحدة ما لا يحصل بالمجاهدة فى سنين كثيرة لان العشق جذبة الحق وقال صلى الله عليه وسلم (جذبة من جذبات الحق توازى عمل الثقلين) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ يشير بالخلاق وهو للمبالغة الى انه تعالى خالق لصور المخلوقات ومعانيها وحقائقها العليم بمن خلقه مستعدا لمظهرية ذاته وصفاته ومظهريتهما له شعوره بهما كذا فى التأويلات النجمية وَلَقَدْ آتَيْناكَ قال الحسين بن الفضل ان سبع قوافل وافت من بصرى وأذرعات ليهود قريظة والنضير فى يوم واحد بمكة فيها انواع من البز وأفاويه الطيب والجوهر وامتعة البحر فقالت المسلمون لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها فى سبيل الله فانزل الله هذه الآية وقال قد أعطيتكم سبع آيات هى خير لكم من هذه السبع القوافل ويدل على صحة هذا قوله تعالى على اثرها لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية كما فى اسباب النزول للامام الواحدي [ودر تيسير آورده كه هفت كاروان قريش در يكروز بمكة در آمدند بامطاعم بسيار وملابس بيشمار ودر خاطر مبارك حضرت خطور فرمود كه مؤمنان را كرسنه وبرهنه كذرانند ومشركانرا اين همه مال باشد] فقال الله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ يا محمد سَبْعاً هى الفاتحة لانها مائة وثلاثة وعشرون حرفا وخمس وعشرون كلمة وسبع آيات بالاتفاق غير ان منهم من عد أنعمت عليهم دون التسمية ومنهم من عكس مِنَ الْمَثانِي وهى القرآن ومن للتبعيض كما قال تعالى فى سورة الزمر اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ جمع مثنى لانه ثنى فيه اى كرر فى القرآن الوعد والوعيد والأمر والنهى والثواب والعقاب والقصص كما فى الكواشي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [وديكر داديم ترا قرآن عظيم كه نزد ما قدر او بزرك وثواب او بسيارت] وهو من عطف الكل على البعض وهو السبع ويجوز ان يكون من للبيان فالسبع هى المثاني كقوله فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ يعنى اجتنبوا الأوثان وتسمية الفاتحة مثانى لتكرر قراءتها فى الصلاة ولانها تثنى بما يقرأ بعدها فى الصلاة من السورة والآيات لان نصفها ثناء العبد لربه ونصفها عطاء الرب للعبد ويؤيد هذا الوجه قوله عليه السلام لابى سعيد لا علمنك سورة هى أعظم سورة فى القرآن قال ما هى قال (الحمد لله(4/486)
لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)
رب العالمين وهى السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) وهذا يدل على جواز اطلاق القرآن على بعضه قال فى فتح القريب عطف القرآن على السبع المثاني ليس من باب عطف الشيء على نفسه وانما هو من باب ذكر الشيء بوصفين أحدهما معطوف على الآخر اى هى الجامعة لهذين الوصفين يقول الفقير لما كانت الفاتحة أعظم ابعاض القرآن من حيث اشتمالها على حقائقه صح اطلاق الكل عليها واما كونها مثانى فباعتبار تكرر كل آية منها فى كل ركعة ولا يبعد كل البعد ان يقال ان تسميتها بالمثاني باعتبار كونها من أوصاف القرآن والجزء إذا كان كأنه الكل صح اتصافه بما اتصف به الكل لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اى نظر عينيك ومد النظر تطويله وان لا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه اى ولا تطمح ببصرك طموح راغب ولا تدم نظرك إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ من زخارف الدنيا وزينتها ومحاسنها وزهرتها إعجابا به وتمنيا ان يكون لك مثله أَزْواجاً مِنْهُمْ أصنافا من الكفرة كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأصنام فان ما فى الدنيا من اصناف الأموال والذخائر بالنسبة الى ما أوتيته من النبوة والقرآن والفضائل والكمالات مستحقر لا يعبأ به فان ما أوتيته كمال مطلوب بالذات مفض الى دوام اللذات يعنى قد أعطيت النعمة العظمى
پيش درياى قدر حرمت تو ... نه محيط فلك حبابى نيست
دارى آن سلطنت كه در نظرت ... ملك كونين در حسابى نيست
فاستغن بما أعطيت ولا تلتفت الى متاع الدنيا ومنه الحديث (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) ذكر الحافظ لهذا الحديث اربعة أوجه: أحدها ان المراد بالتغنى رفع الصوت. والثاني الاستغناء بالقرآن عن غيره من كتاب آخر ونحوه لفضله كما قال ابو بكر رضى الله عنه من اوتى القرآن فرأى ان أحدا اوتى من الدنيا أفضل مما اوتى فقد صغر عظيما وعظم صغيرا. والثالث تغريد الصوت بحيث لا يخل بالمعنى فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يترك العرب التغني بالاشعار بقراءة القرآن على الصفة التي كانوا يعتادونها فى قراءة الاشعار. والرابع تحسين الصوت وتطييبه بالقراءة من غير تغريد الصوت وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على الكفرة حيث لم يؤمنوا ولم ينتظموا فى سلك اتباعك ليتقوى بهم ضعفاء المسلمين لان مقدورى عليهم الكفر وقال الكاشفى [واندوه مخور بر ياران خود به بى نوايى ودرويشى] وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وارفق بهم وطب نفسا عن ايمان الأغنياء مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد ان ينخط قال فى تهذيب المصادر الخفض [فرو بردن] وهو ضد الرفع قال الله تعالى خافِضَةٌ رافِعَةٌ اى ترفع قوما الى الجنة وتخفض قوما الى النار [ودر كشف الاسرار كفته كه خفض جناح كنايتست از خوش خويى ومقرر است كه خلعت خلق عظيم جز بر بالاى آن حضرت نيامده]
ذات ترا وصف نكو خوييست ... خوى تو سرمايه نيكوييست
روز ازل دوخته حكيم قديم ... بر قد تو خلعت خلق عظيم
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ اى المنذر المظهر لنزول عذاب الله وحلوله وقال فى انسان(4/487)
كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)
العيون ذكر فى سبب نزول قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ان عيرا لابى جهل قدمت من الشام بمال عظيم وهى سبع قوافل ورسول الله وأصحابه ينظرون إليها واكثر أصحابه بهم عرى وجوع فخطر ببال النبي عليه السلام شىء لحاجة أصحابه فنزلت اى أعطيناك سبعا من المثاني مكان سبع قوافل فلا تنظر لما أعطيناه لابى جهل وهو متاع الدنيا الدنية ولا تحزن على أصحابك واخفض جناحك لهم فان تواضعك لهم أطيب لقلوبهم من ظفرهم بما يحب من اسباب الدنيا ففى زوائد الجامع الصغير (لو ان فاتحة الكتاب جعلت فى كفة الميزان والقرآن فى الكفة الاخرى لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات) وفى لفظ (فاتحة الكتاب شفاء من كل داء) ذكر فى خواص القرآن انه إذا كتبت الفاتحة فى اناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل وجه المريض بها عوفى بإذن الله تعالى وإذا كتبت بمسك فى اناء زجاج ومحيت بماء الورد وشرب ذلك الماء البليد الذهن الذي لا يحفظ سبعة ايام زالت بلادته وحفظ ما يسمع والاشارة قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو الإنسان الكامل وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً هى سبع صفات ذاتية لله تبارك وتعالى السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة مِنَ الْمَثانِي اى من خصوصية المثاني وهى المظهرية والمظهرية لذاته وصفاته مختصة بالإنسان فان غير الإنسان لم توجد له المظهرية ولو كان ملكا ومن هاهنا يكشف سر من اسرار وعلم آدم الأسماء كلها فمنها اسماء صفات الله وذاته لان آدم كان مظهرها ومظهرها وكان الملك مظهر بعض صفاته ولم يكن مظهرا ولذا قال تعالى ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فلما لم يكونوا مظهرها وكانوا مظهر بعضها قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا ولهذا السر اسجد الله الملائكة لآدم عليه السلام وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ اى حقائقه القائمة بذاته تعالى وخلقا من أخلاقه القديمة بان جعل القرآن العظيم خلقه العظيم كما قال تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ولما سئلت عائشة رضى الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن وفى قوله لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ اشارة الى ان الله تعالى إذا أنعم على عبده ونبيه بهذه المقامات الكريمة والنعم العظيمة يكون من نتائجها ان لا يمد عينيه لا عين الجسماني ولا عين الروحاني الى ما متع الله به أزواجا من الدنيا والآخرة منهم اى من أهلها وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على ما فاته من مشاركتهم فيها كما كان حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج إذ يغشى السدرة ما يغشى من نعيم الدارين ما زاغ البصر برؤيتها وما طغى بالميل إليها ثم قال وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ فى هذا المقام قياما بأداء تشكر نعم الله وتواضعا له لنزيدك بهما فى النعمة والرفعة وفيه معنى آخر واخفض بعد وصولك الى مقام المحبوبية جناحك لمن اتبعك من المؤمنين لتبلغهم على جناح همتك العالية الى مقام المحبوبية يدل على هذا التأويل قوله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ كما فى التأويلات النجمية كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ هو من قول الله تعالى لا من قول الرسول عليه الصلاة والسلام متعلق بقوله ولقد آتيناك لانه بمعنى أنزلنا اى أنزلنا عليك سبعا من المثاني والقرآن العظيم(4/488)
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)
انزالا مماثلا لانزال الكتابين على اليهود والنصارى المقتسمين الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ المنزل عليك يا محمد عِضِينَ اجزاء. وبالفارسية [پاره پاره يعنى پخش كردند قرآنرا] والموصول مع صلته صفة مبينة لكيفية اقتسامهم اى قسموا القرآن الى حق وباطل حيث قالوا عنادا وعدوانا بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما وهذا المعنى مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما. والغرض بيان المماثلة بين الايتاءين لا بين متعلقيهما كما فى الصلوات الخليلية فان التشبيه فيها ليس لكون رحمة الله الفائضة على ابراهيم وآله أتم وأكمل مما فاض على النبي عليه الصلاة والسلام وانما ذلك للتقدم فى الوجود فليس فى التشبيه اشعار بافضلية المشبه به من المشبه فضلا عن إيهام افضلية ما تعلق به الاول مما تعلق به الثاني فانه عليه الصلاة والسلام اوتى ما لم يؤت أحد قبله ولا بعد مثله. وعضين جمع عضة وهى الفرقة والقطعة أصلها عضوة فعلة من عضى الشاة تعضية إذا جعلها أعضاء وانما جمعت جمع السلامة جبرا للمحذوف وهو الواو كسنين وعزين والتعبير عن تجزية القرآن بالتعضية التي هى تفريق الأعضاء من ذى الروح المستلزم لازالة حياته وابطال اسمه دون مطلق التجزئة والتفريق اللذين يوجدان فيما لا يضره التبعيض من المثليات للتنصيص على كمال قبح ما فعلوه بالقرآن العظيم هذا وقد قال بعضهم المقتسمون اثنا عشر او ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة ايام موسم الحج فاقتسموا عقاب مكة وطرقها وقعدوا على ابوابها فاذا جاء الحاج قال واحد منهم لا تغتروا بهذا الرجل فانه مجنون وقال آخر كاهن وآخر عرّاف وآخر شاعر وآخر ساحر فثبط كل واحد منهم الناس عن اتباعه عليه الصلاة والسلام ووقعوا فيه عندهم فاهلكهم الله يوم بدر وقبله بآفات وعلى هذا فيكون الموصول مفعولا اولا لانذر الذي تضمنه النذير اى انذر المعضين الذين يجزؤن القرآن الى شعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين مثل ما أنزلنا على المقتسمين اى سننزل على ان يجعل المتوقع كالواقع وهو من الاعجاز لانه اخبار بما سيكون وقد كان وهذا المعنى هو الأظهر ذكره ابن إسحاق كذا فى التكملة لابن عساكر فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ اى لنسألن يوم القيامة اصناف الكفرة من المقتسمين وغيرهم سئوال توبيخ وتقريع بان يقال لم فعلتم وقوله تعالى فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ اى لا يسألون أي شىء فعلتم ليعلم ذلك من جهتهم لان سئوال الاستعلام محال على الملك العلام ويجوز ان يكون السؤال مجازا عن المجازاة لانه سببها عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ فى الدنيا من قول وفعل وترك وقال فى بحر العلوم فان قلت قد ناقض هذا قوله فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ قلت ان يوم القيامة يوم طويل مقدار خمسين الف سنة ففيه ازمان واحوال مختلفة فى بعضها لا يسألون ولا يتكلمون كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (تمكثون الف عام فى الظلمة يوم القيامة لا تتكلمون) وفى بعضها يسألون ويتساءلون قال الله تعالى وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ وفى بعضها يتخاصمون وقال كثير من العلماء يسألهم عن لا اله الا الله وهى كلمة النجاة وهى كلمة الله العليا لو وضعت فى كفة والسموات والأرضون السبع فى كفة لرجحت بهن من قالها مرة غفر له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر: قال المغربي(4/489)
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)
اگر چهـ آيينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بردار ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار
وفى التأويلات النجمية كان النبي عليه الصلاة والسلام مأمورا بإظهار مقامه وهو النبوة وبتعريف نفسه انه نذير للكافرين كما انه بشير للمؤمنين وانه لما امر بالرحمة والشفقة ولين الجانب للمؤمنين بقوله وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ إظهارا للطف امر بالتهديد والوعيد والانذار بالعذاب للكافرين إظهارا للقهر بقوله وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ اى ننزل عليكم العذاب كما أنزلنا على المقتسمين وهو الذين اقتسموا قهر الله المنزل على أنفسهم بالأعمال الطبيعية غير الشرعية فانها مظهر قهر الله وخزانته كما ان الأعمال الشرعية مظهر لطف الله وخزانته فمن قرع باب خزانة اللطف أكرم به وأنعم به عليه ومن دق باب خزانة القهر اهين به وعذب ثم اخبر عن أعمالهم التي اقتسموا قهر الله بها على أنفسهم بقوله الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ اى جزأوه اجزاء فى الاستعمال فقوم قرأه وداموا على تلاوة ليقال لهم القراء وبه يأكلون وقوم حفظوه بالقراءات ليقال لهم الحافظ وبه يأكلون وقوم حصلوا تفسيره وتأويله طلبا للشهرة وإظهارا للفضل ليأكلوا به وقوم استخرجوا معانيه واستنبطوا فقهه وبه يأكلون وقوم شرعوا فى قصصه واخباره ومواعظه وحكمه وبه يأكلون وقوم أولوه على وفق مذاهبهم وفسروه بآرائهم فكفروا لذلك ثم قال فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ انما عملوه بالله وفى الله ولله او بالطبع فى متابعة النفس للمنافع الدنيوية نظيره قوله لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ انتهى ما فى التأويلات قوله عن صدقهم اى عنده تعالى لا عندهم كذا فسره الجنيد قدس سره وهو معنى لطيف عميق فان الصدق والإسلام عند الخلق سهل ولكن عند الحق صعب فتسأل الله تعالى ان يجعل اسلامنا وصدقنا حقيقيا مقبولا لا اعتباريا مردودا وعن ابى القاسم الفقيه انه قال اجمع العلماء على ثلاث خصال انها إذا صحت ففيها النجاة ولايتم بعضها الا ببعض الإسلام الخالص عن الظلمة وطيب الغذاء والصدق لله فى الأعمال قال فى درياق الذنوب وكان عمر بن عبد العزيز يخاف مع العدل ولا يأمن العدول رؤى فى المنام بعد موته باثنتي عشرة سنة فقال الآن تخلصت من حسابى فاعتبر من هذا يا من أكب على الأذى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ما موصولة والعائد محذوف اى فاجهر بما تؤمر به من الشرائع اى تكلم به جهارا وأظهره وبالفارسية [پس آشكارا كن وبظاهر قيام نماى بآنچهـ فرستاده اند از أوامر ونواهى] يقال صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا من الصديع وهو الفجر اى الصبح او فاصدع فافرق بين الحق والباطل واكشف الحق وابنه من غيره من الصدع فى الزجاجة وهو الإبانة كما قال فى القاموس الصدع الشق فى شىء صلب ثم قال وقوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ اى شق جماعاتهم بالتوحيد وفى تفسير ابى الليث كان رسول الله عليه السلام قبل نزول هذه الآية مستخفيا لا يظهر شيأ مما انزل الله تعالى حتى نزل فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ يقول الفقير كان عليه الصلاة والسلام مأمورا بإظهار ما كان من قبيل الشرائع والاحكام لا ما كان من قبيل المعارف(4/490)
إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)
والحقائق فانه كان مأمورا بإخفائه الا لاهله من خواص الامة وقد توارثه العلماء بالله الى هذا الآن كما قال المولى الجامى
رسيد جان بلب ودم نمى توانم زد ... كه سر عشق همى ترسم آشكار شود
واما ما صدر من بعضهم من دعوى المأمورية فى اظهار بعض الأمور الباعثة على تفرق الناس واختلافهم فى الدين فمن الجهل بالمراتب وعدم التمييز بين ما كان ملكليا ورحمانيا وبين ما كان نفسانيا وشيطانيا فان الطريق والمسلك والمطلب عزيز المنال والله الهادي الى حقيقة الحال
نكته عرفان مجو از خاطر آلودگان ... جوهر مقصود را دلهاى پاك آمد صدف
وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ اى لا تلتفت الى ما يقولون ولا تبال بهم ولا تقصد الانتقام منهم فان قلت قد دعا النبي عليه الصلاة والسلام على بعض الكفار فاستجيب له كما روى انه مر بالحكم ابن العاص فجعل الحكم يغمز به عليه السلام فرآه فقال (اللهم اجعل به وزغا) فرجف وارتعش مكانه والوزغ الارتعاش وهذا لا ينافى ما هو عليه من الحلم والإغضاء على ما يكره قلت ظهر له فى ذلك اذن من الله تعالى ففعل ما فعل وهكذا جميع أفعاله وأقواله فان الوارث الكامل لا يصدر منه الا ما فيه اذن الله تعالى فما ظنك بأكمل الخلق علما وعملا وحالا إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بقمعهم وإهلاكهم قال الكاشفى [بدرستى كه ما كفايت كرديم از تو شر استهزا كنندكان] الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ [آنانكه ميزنند وشريك ميكنند با خداى حق] إِلهاً آخَرَ [خداى ديكر باطل] يعنى الأصنام وغيرها والموصول منصوب بانه صفة المستهزئين ووصفهم بذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهوينا للخطب عليه بإعلامه انهم لم يقتصروا على الاستهزاء به عليه الصلاة والسلام بل اجترءوا على العظيمة التي هى الإشراك بالله سبحانه فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [پس زود بدانند عاقبت كار وبينند مكافات كردار خود را] فهو عبارة عن الوعيد وسوف ولعل وعسى فى وعد الملوك ووعيدهم يدل على صدق الأمر وجده ولا مجال للشك بعده فعلى هذا جرى وعد الله ووعيده والجمهور على انها نزلت فى خمسة نفر ذوى شأن وخطر كانوا يبالغون فى إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به فاهلكهم الله فى يوم واحد وكان إهلاكهم قبل بدر منهم العاص بن وائل السهمي والدعمر وبن العاص رضى الله عنه كان يخلج خلف رسول الله بانفه وفمه يسخر به فخرج فى يوم مطير على راحلة مع ابنين له فنزل شعبا من تلك الشعاب فلما وضع قدمه على الأرض قال لدغت فطلبوا فلم يجدوا شيأ فانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير فمات مكانه ومنهم الحارث بن القيس بن العطيلة أكل حوتا مالحا فاصابه عطش شديد فلم يزل يشرب الماء حتى انقد اى انشق بطنه فمات فى مكانه ومنهم الأسود بن المطلب بن الحارث خرج مع غلام له فاتاه جبريل وهو قاعد الى اصل شجرة فجعل ينطح اى يضرب جبريل رأسه على الشجرة وكان يستغيث بغلامه فقال غلامه لا أرى أحدا يصنع بك شيأ غير نفسك فمات مكانه وكان هو وأصحابه يتغامزون بالنبي وأصحابه ويصفرون إذا رأوه ومنهم اسود بن عبد يغوث خرج(4/491)
من اهله فاصابه السموم فاسود حتى صار كالفحم واتى اهله فلم يعرفوه فاغلقوا دونه الباب ولم يدخلوه دارهم حتى مات قال فى انسان العيون هواى الأسود هذا ابن خال النبي عليه الصلاة والسلام وكان إذا رأى المسلمين قال لاصحابه استهزاء بالصحابة قد جاءكم ملوك الأرض الذين يرثون كسرى وقيصر وذلك لان ثياب الصحابة كانت رثة وعيشهم خشنا ومنهم الوليد ابن المغيرة والد خالد رضى الله عنه وعم ابى جهل خرج يتبختر فى مشيته حتى وقف على رجل يعمل السهام فتعلق سهم فى ثوبه فلم ينقلب لينحيه تعاظما فاخذ طرف ردائه ليجعله على كتفه فاصاب السهم اكحله فقطعه ثم لم ينقطع عنه الدم حتى مات وقال الكاشفى فى تفسيره [آورده اند كه پنج تن از اشراف قريش در إيذاء وآزار سيد عالم صلى الله عليه وسلم بسيار كوشيدندى وهر جا كه ويرا ديدندى بفسوس واستهزاء پيش آمدندى روزى آن حضرت در مسجد حرام نشسته بود با جبرائيل اين پنج تن بر آمدند وبدستور معهود سخنان كفته بطواف حرم مشغول شدند جبرائيل فرمود يا رسول الله
مرا فرموده اند كه شر ايشانرا كفايت كنم پس اشارت كرد بساق وليد بن مغيره وبكف پاى عاص بن وائل وبه بينى حارث بن قيس وبر وى اسود بن عبد يغوث وبچشم اسود بن مطلب وهر پنج ازيشان در اندك زمانى هلاك شدند وليد بدكان تير تراشى بگذشت و پيكانى در دامن او آويخت از روى عظمت سر زير نكرد كه از جامه باز كند آن پيكان ساق ويرا مجروح ساخت ورك شريانى از آن بريده كشت وبدوزخ رفت وخارى در كف پاى عاص خليده پايش ورم كرد وبدان بمرد واز بينى حارث خون وقبح روان شد وجان بداد واسود روى خود را بخاك وخاشاك ميزد تا هلاك شد و چشم اسود بن مطلب نابينا شد از غضب سر بر زمين زد تا جانش بر آمد] وحينئذ يكون معنى كفاية هذا له عليه الصلاة والسلام انه لم يسع ولم يتكلف فى تحصيل ذلك كما فى انسان العيون وهؤلاء هم المرادون بقوله إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ وان كان المستهزءون غير منحصرين فيهم فقد جاء ان أبا جهل وأبا لهب وعقبة والحكم بن العاص ونحوهم كانوا مستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم فى اكثر الأوقات بكل ما أمكن لهم من طرح القذر على بابه والغمز ونحوهما: وفى المثنوى
آن دهان كژ كرد واز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند
باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن
من تر أفسوس مى كردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد
ور خدا خواهد كه پوشد عيب كس ... كم زند در عيب معيوبان نفس
وفى التأويلات إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الذين يستعملون الشريعة بالطبيعة للخليقة ويرائون انهم لله يعملون استهزاء بدين الله الله يستهزئ بهم الى قوله وما كانوا مهتدين لانهم الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وهو الخلق والهوى والدنيا فى استعمال الشريعة بالطبيعة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حين يجازيهم الله بما يعملون لمن عملوا كما قيل(4/492)
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)
سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ [تنك ميشود سينه تو] بِما يَقُولُونَ [بآنچهـ كافران ميكويند] من كلمات الشرك والطعن فى القرآن والاستهزاء بك وبه: يعنى [دشوار مى آيد ترا كفتار كفار] وادخل قد توكيدا لعلمه بما هو عليه من ضيق الصدر بما يقولون ومرجع توكيد العلم الى توكيد الوعد والوعيد لهم. ذكر ابن الحاجب انهم نقلوا قد إذا دخلت على المضارع من التقليل الى التحقيق كما ان ربما فى المضارع نقلت من التقليل الى التحقيق فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فافزع اليه تعالى والتجئ فيما نابك اى نزل بك من ضيق الصدر والحرج بالتسبيح والتقديس ملتبسا بحمده قال الكاشفى [پس تسبيح كن تسبيحى مقترن بحمد پروردگار تو يعنى بگو سبحان الله والحمد لله] واعلم ان سبحان الله كلمة مشتملة على سلب النقص والعيب عن ذات الله وصفاته فما كان من أسمائه سلبا فهو مندرج تحت هذه الكلمة كالقدوس وهو الطاهر من كل عيب والسلام وهو الذي سلم من كل آفة والحمد لله كلمة مشتملة على اثبات ضروب الكمال لذاته وصفاته تعالى فما كان من أسمائه متضمنا للاثبات كالعليم والقدير والسميع والبصير ونحوها فهو مندرج تحتها فنفينا بسبحان الله كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه وأثبتنا بالحمد لله كل كمال عرفناه وكل جلال أدركناه وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ اى المصلين يكفك ويكشف الغم عنك- روى- انه عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه امر فزع الى الصلاة اى لجأ وفى بحر العلوم وكن من الذين يكثرون السجود له لان المراد بالساجدين الكاملون فى السجود المبالغون فيه وذلك ما يكون الا بإكثاره يقول الفقير كثرة السجود فى الظاهر باعثة لدوام التوجه الى الله وهو المطلوب هذا باعتبار الابتداء واما باعتبار الانتهاء فالذى وصل الى دوام الحضور يجد فى نفسه تطبيق حاله بالظاهر فلا يزال يسجد شكرا آناء الليل وأطراف النهار بلا تعب ولا كلفة ويجد فى صلاته ذوقا لا يجده حين فراغه منها
ليك ذوق سجده پيش خدا ... خوشتر آيد از دو صد دولت ترا
قال الكاشفى [صاحب كشف الاسرار آورده كه از تنكدلئ تو آگاهيم وآنچهـ بتو ميرسد از غصه بيكانكان خبر داريم تو بحضور دل بنماز درآى كه ميدان مشاهده است وبا مشاهده دوست بار بلا كشيدن آسان باشد يكى از پيران طريقت كفته كه در بازار بغداد ديدم كه يكى را صد تازيانه زدند آهى نكرد از وى پرسيدم كه اى جوانمردان همه زخم خوردى ونناليدى كفت آرى شيخا معذورم دار كه معشوقم در برابر بود وميديد كه مرا براى او ميزنند از نظاره وى بالم زحم شعور نداشتم]
تو تيغ ميزن وبگذار تا من بيدل ... نظاره كنم آن چهره نكارين را
قال فى شرح الحكم ما تجده القلوب من الهموم والأحزان يعنى عند فقدان مرادها وتشويش معتادها فلاجل ما منعت من وجود العيان إذ لو عاينت جمال الفاعل جمل عليها ألم البعد كما اتفق فى قصة النسوة اللاتي قطعن أيديهن- ويحكى- ان شابا ضرب تسعة وتسعين سوطا ما صاح ولا استغاث ولا تأوه فلما ضرب الواحدة التي كملت بها المائة صاح واستغاث فتبعه الشبلي(4/493)
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)
قدس سره فسأله عن امره فقال ان العين التي ضربت من أجلها كانت تنظر الى فى التسعة والتسعين وفى الواحدة حجبت عنى وقد قال الشبلي من عرف الله لا يكون عليه غم ابدا وَاعْبُدْ رَبَّكَ دم على ما أنت عليه من عبادته تعالى حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ اى الموت فانه متيقن اللحوق بكل حى مخلوق ويزول بنزوله كل شك واسناد الإتيان اليه للايذان بانه متوجه الى الحي طالب للوصول اليه. والمعنى دم على العبادة ما دمت حيا من غير إخلال بها لحظة كقوله وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ووقت العبادة بالموت لئلا يتوهم ان لها نهاية دون الموت فاذا مات انقطع عنه عمله وبقي ثوابه وهذا بالنسبة الى مرتبة الشريعة. واما الحقيقة فباقية فى كل موطن إذ هى حال القلب والقلب من الملكوت ولا يعرض الفناء والانقطاع لا حوال الملكوت نسأل الله الوصول اليه والاعتماد فى كل شىء عليه وفى الحديث (ما اوحى الى ان اجمع المال وكن من التاجرين ولكن اوحى الىّ ان سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) وفى التأويلات النجمية وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ من ضيق البشرية وغاية الشفقة وكمال الغيرة بِما يَقُولُونَ من اقوال الأخيار ويعملون عمل الأشرار فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ انك لست منهم وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ لله سجدة الشكر وَاعْبُدْ رَبَّكَ بالإخلاص حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ اى الى الابد وذلك ان حقيقة اليقين المعرفة ولا نهاية لمقامات المعرفة فكما ان الواصل الى مقام من مقامات المعرفة يأتيه يقين بذلك المقام فى المعرفة كذلك يأتيه شك بمعرفة مقام آخر فى المعرفة فيحتاج الى يقين آخر فى ازالة هذا الشك الى ما لا يتناهى فثبت ان اليقين هاهنا اشارة الى الابد انتهى كلامه قال فى العوارف منازل طريق الوصول لا تقطع ابد الآباد فى عمر الآخرة الابدى فكيف فى العمر القصير الدنيوي
اى برادر بي نهايت در كهيست ... هر كجا كه ميرسى بالله مائست
قيل اليقين اسم ورسم وعلم وعين وحق فالاسم والرسم للعوام والعلم علم اليقين للاولياء وعين اليقين لخواص الأولياء وحق اليقين للانبياء وحقيقة حق اليقين اختص بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تمت سورة الحجر فى الثالث عشر من شهر ربيع الاول فى سنة اربع ومائة والف 1104 ثم الجلد الرابع بتوفيق الله تعالى من تفسير القرآن المسمى ب «روح البيان» ويليه الجلد الخامس ان شاء الله تعالى اوله تفسير سورة النحل(4/494)
أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)
الجزء الخامس
من تفسير روح البيان
تفسير سورة النحل
وهى مكية الا من وَإِنْ عاقَبْتُمْ الى آخرها وهى مائة وثمان وعشرون آية بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَتى أَمْرُ اللَّهِ روى ان كفار قريش كانوا يستبطئون نزول العذاب الموعود لهم سخرية بالنبي عليه السلام وتكذيبا للوعد ويقولون ان صح ما يقولون من مجيئ العذاب فالاصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت وامر الله هو العذاب الموعود لان تحققه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع فى سلك الواقع وقد وقع يوم بدر. والمعنى دنا واقترب ما وعدتم به ايها الكفرة فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى امر الله ووقوعه إذ لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه واستعجالهم وان كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم والاستعجال طلب الشيء قبل حينه سُبْحانَهُ [پاكست خداى] وَتَعالى [وبرترست] عَمَّا يُشْرِكُونَ اى تبرأ وتقدس بذاته عن ان يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم بوجه من الوجوه ولما كان المنزه للذات الجليلة هو نفس الذات آل التنزيه الى معنى التبري قال ابن عباس رضى الله عنهما لما انزل الله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قال الكفار بعضهم لبعض ان هذا يزعم ان القيامة قد قربت فامسكوا بعض ما كنتم تعملون حتى تنظر ما هو كائن فلما رأوا انه لا ينزل شىء قالوا ما نرى شيأ فانزل اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ الآية فاشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيأ مما تخوفنا به فانزل الله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فوثب النبي عليه السلام قائما مخافة الساعة وحذر الناس من قيامها ورفع الناس رؤسهم فنزل فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اى(5/2)
يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)
لا تطلبوا الأمر قبل حينه فاطمأنوا وجلس النبي عليه السلام بعد قيامه وليس فى هذه الرواية استعجال المؤمنين بل خوفهم وظنهم ثم ان الاستعجال بها لا يوصف به المؤمنون قال الله تعالى يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها بل الظاهر انهم لما سمعوا أول الآية اضطربوا لظن انه وقع ثم لما سمعوا خطاب الكفار بقوله فلا تستعجلوه اطمأنوا كما فى حواشى سعدى المفتى ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم (بعثت انا والساعة كهاتين) يعنى إصبعيه المسبحة والوسطى معناه ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على المسبحة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحي لتصوير غاية قرب الساعة وفى حديث آخر (مثلى ومثل الساعة كفرسى رهان) قال فى القاموس كفرسى رهان يضرب للاثنين يسبقان الى غاية فيستويان وهذا التشبيه فى الابتداء لان الغاية تجلى عن السابق لا محالة انتهى والاشارة الى ان قوله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ كلام قديم كان الله فى الأزل به متكلما والمخاطبون به بعد فى العدم محبوسون وهم طبقات ثلاث منهم الغافلون والعاقلون والعاشقون فكان الخطاب مع الغافلين بالعتاب إذ كانوا مشتاقين الى الدنيا وزخارفها ولذاتها وشهواتها وهم اصحاب النفوس
نفس اگر چهـ زيركست وخرده دان ... قبله اش دنياست او را مرده دان
والخطاب مع العاقلين بوعد الثواب إذ كانوا مشتاقين الى الطاعات والعبادات والأعمال الصالحات التي تبلغهم الى الجنة ونعيمها الباقية وهم ارباب العقول
نصيب ماست بهشت اى خداشناس برو ... كه مستحق كرامت گناهكارانند
والخطاب مع العاشقين بوصلة رب الأرباب إذ كانوا مشتاقين الى مشاهدة جمال ذى الجلال
چهـ سود از روزن جنت اگر شيرين معاذ الله ... ز كوى خود درى در روضه فرهاد نكشايد
فاستعجل أرواح كل طبقة منهم للخروج من العدم الى الوجود لنيل المقصود وطلب المفقود فتكلم الله فى الأزل بقوله أَتى أَمْرُ اللَّهِ اى سيأتى امر الله للخروج من العدم لاصابة ما كتب لكل طبقة منكم فى القسمة الازلية فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ فانه لا يفوتكم يدل عليه قوله تعالى وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ اى فى العدم وهو يسمع خفيات اسراركم ويبصر خفيات سرائركم المعدومة سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ اى هو منزه فى ذاته ومتعال فى صفاته ان يكون له شريك يعمل عمله او شبيه يكون بدله
قهار بي منازع وغفار بي ملال ... ديان بي معادل وسلطان بي سپاه
با غير او اضافت شاهى بود چنانك ... بريك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه
يُنَزِّلُ الله تعالى الْمَلائِكَةَ اى جبريل لان الواحد يسمى بالجمع إذا كان رئيسا تعظيما لشأنه ورفعا لقدره او هو ومن معه من حفظة الوحى كما قال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ يعنى ملائكة الوحى وهم جبريل وقال الملائكة بالجمع لانه قد ينزل بالوحى مع غيره- وروى- عن عامر الشعبي بإسناد صحيح قال وكل اسرافيل بمحمد صلى الله عليه وسلم ثلاث(5/3)
سنين وكان يأتيه بالكلمة والكلمتين ثم نزل عليه جبريل بالقرآن والحكمة فى توكيل اسرافيل به انه الموكل بالصور الذي فيه هلاك الخلق وقيام الساعة ونبوته صلى الله عليه وسلم مؤذنة بقرب الساعة وانقطاع الوحى وفى صحيح مسلم انه نزل عليه بسورة الحمد اى فاتحة الكتاب ملك لم ينزل بها جبريل كما قال بعضهم وهو بشيع. وذكر ابن ابى حيثمة خالد بن سنان العبسي وذكر نبوته وانه وكل به من الملائكة مالك خازن النار وكان من اعلام نبوته ان نارا يقال لها نار الحدثان كانت تخرج على الناس من مغارة فتأكلهم والزرع والضرع ولا يستطيعون ردها فردها خالد بن سنان بعصاه حتى رجعت هاربة منه الى المغارة التي خرجت منها فلم تخرج بعد وفى الحديث (وكان نبيا ضيعه قومه) يعنى خالد بن سنان اى ضيعوا وصية نبيهم حيث لم يبلغوه مراده من اخبار احوال القبر وقوله عليه السلام (انى اولى الناس بعيسى بن مريم فانه ليس بينى وبينه نبى) اى نبى داع للخلق الى الله وشرع وسبق تفصيل القصة فى سورة المائدة عند قوله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا الآية فلينظر هناك. وذكر ان ملكا يقال له زياقيل كان ينزل على ذى القرنين وذلك الملك هو الذي يطوى الأرض يوم القيامة ويقبضها فتقع أقدام الخلائق كلهم بالساهرة فيما ذكره بعض اهل العلم وهذا مشاكل لتوكيله بذي القرنين الذي قطع مشارق الأرض ومغاربها كما ان قصة خالد بن سنان وتسخير النار له مشاكلة لحال الملك الموكل به كذا فى كتاب التعريف واسئلة الحكم بِالرُّوحِ اى بالوحى الذي من جملته القرآن على نهج الاستعارة فانه يحيى القلوب الميتة بالجهل او يقوم فى الدين مقام الروح فى الجسد يعنى ان الروح استعارة تحقيقية عن الوحى ووجه التسمية أحد هذين الوجهين والقرينة ابدال ان انذروا من الروح وقال بعضهم الباء بمعنى مع اى ينزل الملائكة مع جبريل قال الكاشفى [در تبيان ميگويد كه هيچ ملكى فرو نيايد الا كه روح با اوست ورقيبب برو چنانچهـ بر آدميان حفظه ميباشند] مِنْ أَمْرِهِ بيان للروح الذي أريد به الوحى فانه امر بالخير وبعث عليه وايضا هو من عالم الأمر المقابل لعالم الخلق وان كان جبريل من عالم الخلق او هو متعلق بينزل ومن للسببية كالباء مثلها فى قوله تعالى مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ اى ينزلهم بالروح بسبب امره وأجل إرادته عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ان ينزلهم به عليهم لاختصاصهم بصفات تؤهلهم ذلك أَنْ أَنْذِرُوا بدل من الروح اى ينزلهم ملتبسين بان انذروا اى بهذا القول والمخاطبون به الأنبياء الذين نزلت الملائكة عليهم والأمر هو الله والملائكة نقلة للامر كما يشعر به الباء فى المبدل منه وان مخففة من الثقيلة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف اى ينزلهم ملتبسين بان الشأن أقول لكم انذروا والانذار الاعلام خلا أنه مختص باعلام المحذور من نذر بالشيء كفرح علمه فحذره وأنذره بالأمر انذارا اعلمه وحذره وخوفه فى إبلاغه كذا فى القاموس اى اعلموا الناس ايها الأنبياء أَنَّهُ اى الشأن لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [كس نيست خداى مستحق عبادت مكر من كه آفريننده وروزى دهنده همه ام] وانباؤه عن المحذور ليس لذاته بل من حيث اتصاف المنذرين بما يضاده من الإشراك وذلك كاف فى كون اعلامه انذارا كما قال سعدى المفتى فى حواشيه التخويف بلا اله الا انا من حيث انهم كانوا يثبتون له تعالى ما لا يليق لذاته الكريمة من الشركاء(5/4)
والانداد فاذا كان ما أسندوه خلاف الواقع وهو مستبد بالالوهية فالظاهر انه ينتقم منهم على ذلك فَاتَّقُونِ [پس بترسيد از من وجز مرا پرستش مكنيد]
مرا بندگى كن كه دارا منم ... تو از بندگانى ومولا منم
وفى الآية دلالة على ان الملائكة وسائط بين الله وبين رسله
وأنبيائه فى إبلاغ كتبه ورسالاته وانهم ينزلون بالوحى على بعضهم دفعة فى وقت واحد كما نزلوا بالتوراة والإنجيل والزبور على موسى وعيسى وداود والدال عليه قراءة ابن كثير وابى عمرو وينزل من انزل وعلى بعضهم منجما موزعا على حسب المصالح وكفاء الحوادث كما نزلو بالقرآن منجما فى عشرين سنة او فى ثلاث وعشرين على ما يدل عليه قراءة الباقين لان فى التنزيل دلالة على التدرج والتكثر والانزال بشموله التدريجي والدفعى أعم منه وانه ليس ذلك النزول بالوحى جملة واحدة او متفرقا الا بامر الله وعلى ما يراه خيرا وصوابا وان النبوة موهبة الله ورحمته يختص بها من يشاء من عباده وان المقصود الأصلي فى ذلك اعلامهم الناس بتوحيد الله تعالى وتقواه فى جميع ما امر به ونهى عنه والاول هو منتهى كمال القوة العلمية والثاني هو أقصى كمالات القوة العلمية قال فى بحر العلوم واتقاء الله باجتناب الكفر والمعاصي وسائر القبائح يشمل رعاية حقوقها بين الناس والاشارة يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ اى بالوحى وبما يحيى القلوب من المواهب الربانية من امره اى من امر الله وامره على وجوه منها ما يرد على الجوارح بتكاليف الشريعة ومنها ما يرد على النفوس بتزكيتها بالطريقة ومنها ما يريد على الأرواح بملازمة الحضرة للمكاشفات ومنها ما يريد على الخفيات بتجل الصفات لا فناء الذوات عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ من الأنبياء والأولياء أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا اى اعلموا أوصاف وجودكم يبذلها فى انانيتى ان لا اله الا انا فَاتَّقُونِ اى فاتقوا من انانيتكم بانانيتى كذا فى التأويلات النجمية قال شيخى وسندى روحه الله روحه فى بعض تحريراته المتقى اما ان يتقى بنفسه عن الحق سبحانه واما بالحق عن نفسه والاول هو الاتقاء بإسناد النقائص الى نفسه عن إسنادها الى الحق سبحانه فيجعل نفسه وقاية لله تعالى والثاني هو الاتقاء بإسناد الكمالات الى الحق سبحانه عن إسنادها الى نفسه فيجعل الحق سبحانه وقاية لنفسه والعدم نقصان والوجود كمال فاتقوا الله حق تقاته بان تضيفوا العدم الى أنفسكم مطلقا ولا تضيفوا الوجود إليها أصلا وتضيفوا الوجود الى الله مطلقا ولا تضيفوا العدم اليه أصلا فان الله تعالى موجود دائما ازلا وابدا وسرمدا لا يجوز فى حقه العدم أصلا ونفوسكم من حيث هى هى معدومة دائما وازلا وابدا وسرمدا لا يجوز فى حقها الوجود أصلا وطريان الوجود عليها من حيث فيضان الجود الوجودي عليها من الحق تعالى لا يوجب وجودها أصلا من حيث هى هى عند هذا الطريان على عدمها الأصلي من حيث هى دائما مطلقا فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا انتهى كلام الشيخ گر تويى جمله در فضاى وجود هم خود انصاف ده بگو حق گو در همه اوست پيش چشم شهود چيست پندارى هستى من وتو پاك كن جامى از غبار دويى لوح خاطر كه حق يكيست نه دو(5/5)
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى الاجرام العلوية والآثار السفلية يقال قبل ان يخلق الله الأرض كان موضع الأرض كله ما فاجتمع الزبد فى موضع الكعبة فصارت ربوة حمراء كهيئة التل وكان ذلك يوم الأحد ثم ارتفع بخار الماء كهيئة الدخان حتى انتهى الى موضع السماء وما بين السماء والأرض مسيرة خمسائة عام كما بين المشرق والمغرب فجعل الله درة خضراء فخلق منها السماء فلما كان يوم الاثنين خلق الشمس والقمر والنجوم ثم بسط الأرض من تحت الربوة بِالْحَقِّ اى بالحكمة والمصلحة لا بالباطل والبعث ونعم ما قيل
انما الكون خيال ... وهو حق فى الحقيقة
ويقال جعل الله الأرواح العلوية والأشباح السفلية مظاهر أفاعيله فهو الفاعل فيما يظهر على الأرواح والأشباح تَعالى وتقدس. وبالفارسية [برترست خداى تعالى وبزرگتر] عَمَّا يُشْرِكُونَ عن شركة ما يشركونه به من الباطل الذي لا يبدئ ولا يعيد فينبغى للسالك ان يوحد الله تعالى ذاتا وصفة وفعلا فان الله تعالى هو الفاعل خلق حجاب الوسائط لا بالوسائط بل بالذات فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا وهو ما أريد به وجه الله ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقيل للمرائى مشرك
مرايى هر كسى معبود سازد ... مرايى را از ان گفتند مشرك
خَلَقَ الْإِنْسانَ اى بنى آدم لا غير لان أبويهم لم يخلقا من النطفة بل خلق آدم من التراب وحواء من الضلع الأيسر منه مِنْ نُطْفَةٍ قال فى القاموس النطفة ماء الرجل. والمعنى بالفارسية [از آب منى كه جماديست بي حس وحركت وفهم وهيولائى كه وضع وشكل نپذيرد پس او را فهم وعقل داد] فَإِذا هُوَ [پس آنگاه او] اى الإنسان بعد الخلق واتى بالفاء اشارة الى شرعة نسيانهم ابتداء خلقهم خَصِيمٌ بليغ الخصومة شديد الجدل مُبِينٌ اى مظهر للحجة او ظاهر لا شبهة فى زيادة خصومته وجدله: يعنى [مناظره ميكند وميخواهد كه سخن خود را بحجت ثابت سازد] قال فى التكملة الظاهر ان الآية على العموم وقد حكى المهدوى ان المراد به ابى بن خلف الجمحي فانه اتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم فقال يا محمد أترى الله تعالى اى أتظن ان الله يحيى هذا بعد ما قد رم فنزلت ومثلها الآية التي فى آخر سورة يس وفيه نزلت: يعنى [او در أول جمادى بوده وما او را حس ونطق داديم اكنون با ما مجادله ميكند چرا استدلال نمى كند بابداء بر إعادة كه هر كه بر إبداء قادر بود هر آيينه برين نيز قدرت دارد] وفى التأويلات النجمية اى جعل الإنسان من نطفة ميتة لا فعل لها ولا علم بوجودها فاذا أعطيت العلم والقدرة صارت خصيما لخالقها مبينا وجودها مع وجود الحق وادعت الشركة معه ففى الوجود والأفاعيل انتهى والآية وصف الإنسان بالإفراط فى الوقاحة والجهل والتمادي فى كفران النعمة قالوا خلق الله تعالى جوهر الإنسان من تراب اولا ثم من نطفة ثانيا وهم ما ازدادوا الا تكبرا وما لهم والكبر يعد ان خلقوا من نطفة نجسة فى قول عامة العلماء نه در ابتدا بودى آب منى اگر مردى از سر بدر كن منى وفى انسان العيون ان فضلاته صلى الله عليه وسلم طاهرة انتهى وهو من خصائصه عليه السلام كما صرحوا به فى كتب السير وحكم النطفة أسهل من الفضلات لانها أخف منها- يحكى- ان بعض(5/6)
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)
اهل الرياضة المحققين من اهل التوحيد الحقانى كان يشم من فضلاتهم رايحة المسك وذلك ليس ببعيد لصفوة باطنهم وسريان آثار حالهم الى جميع أعضائهم واجزائهم فهم من النطفة صورة ومن النور معنى وليس غيرهم مثلهم لان معناهم ظهر فى صورة الوجود فغابوا من الغيبة ووصلوا الى عالم الشهود بخلاف غيرهم من ارباب الغفلة فان أنت تطمع فى الوصول الى ما وصلوا او الحصول عند ما حصلوا فعليك بإخلاص العمل وترك المراء والجدل فان حقيقة التوحيد لا تحصل للخصم العنيد بل هى منه بمكان بعيد وَالْأَنْعامَ جمع نعم وقد يسكن عينه وهى الإبل والبقر والغنم والمعز وهى الأجناس الاربعة المسماة بالأزواج الثمانية اعتبارا للذكر والأنثى لان ذكر كل واحد من هذه الأنواع زوج بانثاه وانثاه زوج بذكره فيكون مجموع الأزواج ثمانية بهذا الاعتبار من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين فالخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام واكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل وانتصابها بمضمر يفسره قوله تعالى خَلَقَها لَكُمْ ولمنافعكم ومصالحكم يا بنى آدم وكذا سائر المخلوقات فانها خلقت لمصالح العباد ومنافعهم لا لها يدل عليه قوله تعالى خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وقوله سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ واما الإنسان فقد خلق له تعالى كما قال وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي فالانسان مرآة صفات الله تعالى ومجلى أسمائه الحسنى فِيها دِفْءٌ [در ايشان پوستست گرم كننده يعنى جامعها از پشم وموى كه سرما باز دارد] والدفئ نقيض حدة البرد اى بمعنى السخونة والحرارة ثم سمى به كل ما يدفأ به اى يسخن به من لباس معمول من صوف الغنم او وبر الإبل او شعر المعز هذا واما الفر وفلا بأس به بعد الدباغة من أي صنف كان وقد عد الامام الشافعي رحمه الله لبس جلد السباع مكروها وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة فنك يلبسها فى الأعياد والفنك بالتحريك دابة فروتها أطيب انواع الفراء وأشرفها وأعدلها صالح لجميع الامزجة المعتدلة كما فى القاموس ثم ان اسباب التسخين انما تلزم للعامة وقد اشتهر ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصطل بالنار وكذا بعض الخواص فان حرارة باطنهم تغنى عن الحرارة الظاهرة: قال الصائب
جمعى كه پشت گرم بعشق ازل نيند ... ناز سمور ومنت سنجاب ميكشند
وَمَنافِعُ نسلها ودرها وركوبها والحراثة بها وثمنها وأجرتها وَمِنْها تَأْكُلُونَ من للتبعيض اى تأكلون ما يؤكل منها من اللحوم والشحوم وغير ذلك بخلاف الغدة والقبل والدبر والذكر والخصيتين والمرارة والمثانة ونخاع الصلب والعظم والدم فانها حرام. وتقديم الظرف لرعاية الفاصلة او لان الاكل منها هو الأصل الذي يعتمده الناس فى معائشهم واما الاكل من غيرها من الطيور وصيد البر والبحر فعلى وجه التداوى او التفكه والتلذذ فيكون القصر إضافيا بالنسبة الى سائر الحيوانات حتى لا ينتقض بمثل الخبز ونحوه من المأكولات المعتادة وَلَكُمْ فِيها مع ما فصل من انواع المنافع الضرورية جَمالٌ اى زينة فى أعين الناس ووجاهة عندهم حِينَ تُرِيحُونَ تردونها من مراعيها الى مراحها ومباركها بالعشي اى فى آخر النهار من أراح الإبل إذا ردها الى المراح بضم الميم وهو موضع اراحة الإبل والبقر والغنم. والاراحة بالفارسية [شبانگاه باز آوردن اشتر وگوسفند] وَحِينَ تَسْرَحُونَ(5/7)
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)
ترسلونها بالغداة اى فى أول النهار فى المرعى وتخرجونها من حظائرها الى مسارحها من سرح الراعي الإبل إذا رعاها وأرسلها فى المرعى قال فى تهذيب المصادر والسروح [بچرا هشتن] وسرح لازم ومتعد يقال سرحت الماشية وسرحت الماشية انتهى وتعيين الوقتين لان الرعاة إذا اراحوا بالعشي وسرحوها بالغداة تزينت الافنية بها اى ما اتسع من امام الدار كما فى القاموس وتجاوب الثغاء والرغاء الاول صوت الشاة والمعز والثاني ذوات الخف فيجل بكسر الجيم اى يعظم أهلها فى أعين الناظرين إليها ويكسبون الجاه والحرمة عند الناس واما عند كونها فى المراعى فينقطع اضافتها الحسية الى أربابها وعند كونها فى الحظائر لا يراها راء ولا ينظر إليها ناظر وقدم الاراحة على السرح وان كانت بعده لان الجمال فيها اظهر إذ هي حضور بعد غيبة واقبال بعد ادبار على احسن ما يكون ملأى البطون مرتفعة الضلوع حافلة الضروع قال فى القاموس الجمال الحسن فى الخلق والخلق وتجمل تزين وجمله زينه وفى الحديث (جمال الرجل فصاحة لسانه) وفى حديث آخر (الجمال صواب المقال والكمال حسن الفعال)
بهايم خموشند وگويا بشر ... پراكنده گوى از بهايم بتر
وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ جمع ثقل بفتح الثاء والقاف وهو متاع المسافر وحشمه اى تحمل أمتعتكم واحمالكم إِلى بَلَدٍ بعيد أياما كان فيدخل فيه إخراج اهل مكة متاجرهم الى اليمن ومصر والشام لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ واصلين اليه بانفسكم مجردين عن الأثقال لولا الإبل اى لو لم تخلق الإبل فرضا إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ فضلا عن استصحابها معكم اى عن ان تحملوها على ظهوركم اليه. والشق بالكسر والفتح الكلفة والمشقة وهو استثناء مفرغ من أعم الأشياء اى لم تكونوا بالغيه بشئ من الأشياء الا بشق الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ عظيم الرأفة بكم وعظيم الانعام عليكم حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وأنعمها عليكم لانتفاعكم وتيسير الأمر عليكم عن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى بعض مغازيه فبينما هم يسيرون إذا خذوا فرخ طائر اى ولده فاقبل أحد أبويه حتى سقط فى أيدي الذين أخذوا الفرخ فقال عليه الصلاة والسلام (ألا تعجبون لهذا الطير أخذ فرخه فاقبل حتى سقط فى ايديكم والله لله ارحم بعباده من هذا الطائر بفرخه)
فروماندكانرا برحمت قريب ... تضرع كنانرا بدعوت مجيب
وفى الآية اشارة الى ان فى خلق الحيوانات انتفاعا للانسان فانهم ينتفعون بها حين اطلاعهم على صفاتها الحيوانية الذميمة بالصفات الملكية الحميدة احترازا عن الاحتباس فى حيزها واجتنابا عن شبهها بقوله أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ وهذه الصفات الحيوانية انما خلقت فيهم لتحمل أثقال أرواحهم الى بلد عالم الجبروت ولذا ورد (نفسك مطيتك فارفق بها) واعلم ان الله تعالى من على عباده بخلق الإبل والبقر والغنم والمعز وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابل يركبها وهى الناقة القصوى اى المقطوع طرف اذنها والجدعاء اى المقطوعة الانف او مقطوعة الاذن كلها والعضباء اى المشقوقة الاذن قال بعضهم وهذه القاب ولم يكن بتلك شىء من ذلك والعضباء هى التي كانت لا تسبق فسبقت فشق ذلك على المسلمين فقال رسول الله صلى الله(5/8)
عليه وسلم (ان حقا على الله ان لا يرفع شيأ من الدنيا الا وضعه) وهى التي لم تأكل بعد وفاة رسول الله ولم تشرب حتى ماتت وجاء ان ابنته فاطمة رضى الله عنها تحشر عليها قال السعدي [حلم شتر چنانكه معلومست اگر طفلى مهارش گيرد وصد فرسنگ ببرد گردن از متابعت او نپيچد اما اگر درره هولناك پيش آيد كه موجب هلاك باشد وطفل بنادانى خواهد كه آن جايكه برود زمام از كفش بگسلاند وديگر مطاوعت نكند كه هنگام درشتى ملاطفت مذموم است وگفته اند كه دشمن بملاطفت دوست نگردد بلكه طمع زياده كند]
كسى كه لطف كند با تو خاك پايش باش ... وگر خلاف كند در دو چشمش آكن خاك
سخن بلطف وكرم با درشت گوى مگوى ... كه ژنك خورده نگردد بنرم سوهان پاك
قال فى حياة الحيوان وإذا احرق وبر الجمل وذر على الدم السائل قطعه وقراده يربط فى كم العاشق فيزول عشقه ولحمه يزيد فى الباءة اى الجماع. والبقر من بقر إذا شق لانها تشق الأرض بالحراثة وقيل لمحمد بن الحسين بن على رضى الله عنهم الباقر لانه شق العلم ودخل فيه مدخلا بليغا وإذا أردت ان ترى عجبا فادفن جرة فى الأرض الى حلقها وقد طلى باطنها بشحم البقر فان البراغيث كلها تجتمع إليها وإذا بخر البيت بشحمه مع الزرنيخ اذهب الهوام خصوصا العقارب ولم ينقل انه صلى الله عليه وسلم ملك شيأ منها اى من البقر للقنية فلا ينافى انه ضحى عن نسائه بالبقر كما فى انسان العيون يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر والمراد القصاب المعتاد لذلك وفى الحديث (عليكم بالبان البقر وأسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وأسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) قال الامام السخاوي قد صح ان النبي عليه الصلاة والسلام ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر لتلك اليبوسة وجواب آخر انه عليه السلام ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره انتهى كلام السخاوي وفى الحديث (صوفها رياش وسمنها معاش) يعنى الغنم الرياش اللباس الفاخر يعنى ان ما على ظهرها سبب الرياش ومادتها وما فى بطنها سبب المعاش وهو الحياة وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال امر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء باتخاذ الغنم وامر الفقراء باتخاذ الدجاج وقال (الدجاج غنم فقراء أمتي والجمعة حج فقرائها) وعند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى وجاء (اتخذوا الغنم فانها بركة) قال فى حياة الحيوان جعل الله البركة فى نوع الغنم وهى تلد فى العام مرة ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلئ منها جوف الأرض بخلاف السباع فانها تلد ستا وسبعا ولا يرى منها الا واحدة فى أطراف الأرض وكان له صلى الله عليه وسلم مائة من الغنم وسبعة اعنز كانت ترعاها أم ايمن رضى الله عنها وكان له عليه السلام شاة يختص بشرب لبنها وماتت له عليه الصلاة والسلام شاة فقال (ما فعلتم باهابها) قالوا انها ميتة قال (دباغها طهورها) قال الامام الدميري كبد الكبش إذا أحرقت طرية ودلك بها الأسنان بيضتها وقرن الكبش إذا دفن تحت شجرة يكثر حملها وإذا نحملت المرأة بصوف النعجة قطعت الحبل وإذا غطى الإناء بصوف الضأن الأبيض وفيه(5/9)
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)
عسل لا يقربه النمل وَالْخَيْلَ عطف على الانعام اى خلق الله الخيل وهو اسم جنس للفرس لا واحد له من لفظه كالابل. والخيل نوعان عتيق وهجين والفرق بينهما ان عظم البرذون أعظم من عظم الفرس وعظم الفرس أصلب وانقل والبرذون أجمل من الفرس والفرس اسرع منه والعتيق بمنزلة الغزال والبرذون بمنزلة الشاة فالعتيق ما أبواه عربيان سمى بذلك لعتقه من العيوب وسلامته من الطعن فيه بالأمور المنقصة. وسميت الكعبة بالبيت العتيق لسلامتها من عيب الرق لانه لم يملكها مالك قط. والهجين الذي أبوه عربى وامه عجمية. وخلق الله الخيل من ريح الجنوب وكان خلقها قبل آدم عليه السلام لان الدواب خلقت يوم الخميس وآدم خلق يوم الجمعة بعد العصر والذكر من الخيل خلق قبل الأنثى لشرفه كآدم وحواء. وأول من ركب الخيل إسماعيل عليه السلام وكانت وحوشا ولذلك قيل لها العراب وفى الحديث (اركبوا الخيل فانها ميراث أبيكم إسماعيل) وقد سبق قصة انقيادها لاسماعيل فى سورة البقرة عند قوله تعالى وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ الآية وعن انس رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن شىء أحب اليه بعد النساء من الخيل وفى الحديث (لما أراد ذو القرنين ان يسلك فى الظلمة الى عين الحياة سأل أي الدواب فى الليل ابصر فقالوا الخيل فقال أي الخيل ابصر فقالوا الإناث قال فأى الإناث ابصر فقالوا البكارة فجمع من عسكره ستة آلاف فرس كذلك) وكان له صلى الله عليه وسلم سبعة أفراس. الاول الكسب شبه بكسب الماء وانصبابه لشدة جريه. والثاني المر تجز سمى به لحسن صهيله مأخوذ من الرجز الذي هو ضرب من الشعر والثالث اللحيف كامير او زبير كأنه يلحف الأرض بذنبه لطوله اى يغطيها وقيل هو بالخاء المعجمة كامير وزيبر. والرابع اللزاز مأخوذ من لاززته اى لاصقته فكأنه يلحق بالمطلوب لسرعته. والخامس الورد وهو ما بين الكميت والأشقر الكميت كزبير الذي خالط حمرته قنوء وقنأ قنوأ اشتدت حمرته والأشقر من الدواب الأحمر فى مغرة حمرة يحمر منها العرف والذنب ومن الناس من تعلو بياضه حمرة. والسادس الطرف بكسر الطاء المهملة واسكان الراء وبالفاء الكريم الجيد من الخيل. والسابع السبحة بفتح السين المهملة واسكان الموحدة وفتح الحاء المهملة اى سريع الجري وفى الحديث (ما من ليلة الا والفرس يدعو فيها ويقول رب انك سخرتنى لابن آدم وجعلت رزقى فى يده اللهم فاجعلنى أحب اليه من اهله وولده) وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الفرس يقول إذا التقت الفئتان سبوح قدوس رب الملائكة والروح ولذلك قيل رب بهيمة خير من راكبها وكان له فى الغنيمة سهمان وعن النبي عليه السلام (لا يعطى الا لفرس واحد) عربيا كان او غيره لان الله تعالى قال وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ولم يفرق بين العربي وغيره ويقال ان الفرس لا طحال له وهو مثل لسرعته وحركته كما يقال للبعير لا مرارة له اى لا جسارة له والفرس يرى المنامات كبنى آدم وزبله إذا دخن به اخرج الولد من البطن قال الحافظ شرف الدين الدمياطي فى كتاب الخيل إذا ربط الفرس العتيق فى بيت لم يدخله الشيطان واما الفرس الذي فيه شئوم فهو الذي لا يغزى عليه ولا يستعمل فى مصلحة حميدة ولا يركبه صالح وفى الحديث (من نقى شعيرا لفرسه ثم جاء به حتى يعلق عليه(5/10)
كتب الله له بكل شعيرة حسنة) قال موسى للخصر أي الدواب أحب إليك قال الفرس والحمار والبعير لان الفرس مركب اولى العزم من الرسل والبعير مركب هود وصالح وشعيب ومحمد عليهم السلام والحمار مركب عيسى والعزيز عليهما السلام فكيف لا أحب شيأ أحياه الله بعد موته قبل الحشر وَالْبِغالَ جمع بغل وهو مركب من الفرس والحمار ويقال أول من استنتجها قارون وله صبر الحمار وقوة الفرس وهو مركب الملوك فى أسفارهم ومعبرة الصعاليك فى قضاء اوطارهم وعن على بن ابى طالب رضى الله عنه ان البغال كانت تتناسل وكانت اسرع الدواب فى نقل الحطب لنار ابراهيم خليل الرحمن فدعا عليها فقطع الله نسلها وهذه
الرواية تستدعى ان يكون استنتاجها قبل قارون لان ابراهيم مقدم على موسى بأزمنة كثيرة وإذا بخر البيت بحافر البغل الذكر هرب منه الفأر وسائر الهوام كما فى حياة الحيوان وكان له صلى الله عليه وسلم بغال ست. منها بغلة شهباء يقال لها دلدل أهداها اليه المقوقس والى مصر من قبل هر قل والدلدل فى الأصل القنفذ وقيل ذكر القنافذ وقيل عظيمها وكان عليه الصلاة والسلام يركبها فى المدينة وفى الاسفار وعاشت حتى ذهبت اسنانها فكان يدق لها الشعير وعميت وقاتل على رضى الله عنه عليها مع الخوارج بعد ان ركبها عثمان رضى الله عنه وركبها بعد على رضى الله عنه ابنه الحسن ثم الحسين ثم محمد بن الحنيفة رضى الله عنهم يقول الفقير انما ركبوها وقد كانت مركبه عليه الصلاة والسلام طلبا للنصرة والظفر فالظاهر انهم لم يركبوها فى غير الوقائع لان من آداب التابع ان لا يلبس ثياب متبوعه ولا يركب دابته ولا يقعد فى مكانه ولا ينكح امرأته. ومنها بغلة يقال لها فضة. ومنها الايلية. وبغلة أهداها اليه كسرى. واخرى من دومة الجندل. واخرى من عند النجاشي وَالْحَمِيرَ جمع حمار وكان له صلى الله عليه وسلم من الحمر اثنان يعفور وعفير والعفرة الغبرة وفى كتاب التعريف والاعلام ان اسم حماره عليه الصلاة والسلام عفير ويقال له يعفور- روى- ان يعفورا وجده صلى الله عليه وسلم بخيبر وانه تكلم فقال اسمى زياد بن شهاب وكان فى آبائي ستون حمارا كلهم ركبهم نبى وأنت نبى الله فلا يركبنى أحد بعدك فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم القى الحمار نفسه فى بئر جزعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات وذكر ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يرسله إذا كانت له حاجة الى أحد من أصحابه فيأتى الحمار حتى يضرب برأسه باب الصحاب فيخرج اليه فيعلم ان النبي عليه الصلاة والسلام يريده فينطلق مع الحمار اليه والحمار من أذل خلق الله تعالى كما قال الشاعر ولا يقيم على ضيم يراد به الا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشبح فلا يرثى له أحد اى لا يصبر على ظلم يراد به فى حقه الا الأذلان اللذان هما فى غاية الذل ولفظ البيت خبر والمعنى نهى عن الصبر على الظلم وتحذير وتنفير للسامعين عنه وفى الحديث (من لبس الصوف وحلب الشاة وركب الأتن فليس فى جوفه شىء من الكبر) والأتن جمع أتان وهى الحمارة لِتَرْكَبُوها تعليل بمعظم منافعها والا فالانتفاع بها بالحمل ايضا مما لا ريب فى تحققه وَزِينَةً انتصابها على المفعول له عطفا على محل لتركبوها وتجريده عن اللام لكونه فعلا لفاعل الفعل المعلل به(5/11)
دون الاول فان الركوب فعل الراكب وهو المخلوق والزينة فعل الزائن وهو الخالق او مصدر لفعل محذوف اى وتتزينوا بها زينة وقد احتج به ابو حنيفة رحمه الله تعالى على حرمة أكل لحم الحليل لانه علل خلقها للركوب والزينة ولم يذكر الاكل بعد ما ذكره فى الانعام ومنفعة الاكل أقوى والآية سيقت لبيان النعمة ولا يليق بالحكيم ان يذكر فى موضع المنة ادنى النعمتين ويترك أعلاهما كذا فى المدارك. وفى الحمر الاهلية خلاف مالك. وفى الخيل خلاف ابى يوسف ومحمد والشافعي كما فى بحر العلوم والتفصيل فى كتاب الذبائح من الكتب الفقهية وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ من انواع المخلوقات من الحشرات والهوام والطيور وحيوانات البحر ومخلوقات ماوراء جبل قاف وفى الحديث (ان الله تعالى خلق الف امة ستمائة منها فى البحر واربعمائة فى البر ومن انواع السمك ما لا يدرك الطرف أولها وآخرها وما لا يدركها الطرف لصغرها) وفى الحديث (ان الله خلق أرضا بيضاء مثل الدنيا ثلاثين مرة محشوة خلقا من خلق الله لا يعلمون ان الله تعالى يعصى طرفة عين) قالوا يا رسول الله أمن ولد آدم هم قال (لا يعلمون ان الله خلق آدم) قالوا فأين إبليس منهم قال (لا يعلمون ان الله خلق إبليس) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ كما فى البستان وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان
عن يمين العرش نهرا من نور مثل السموات السبع والأرضين السبع والبحار السبعة يدخل فيه جبريل كل سحر فيغتسل فيزداد نورا الى نور وجمالا الى جمال وعظما الى عظم ثم ينتفض فيخلق الله من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا الف ملك فيدخل منهم كل يوم سبعون الف ملك البيت المعمور وسبعون ألف ملك الكعبة لا يعودون اليه الى يوم القيامة كما فى الإرشاد وفى الحديث (إذا ملئت جهنم تقول الجنة ملأت جهنم بالجبابرة والملوك والفراعنة ولم تملأنى الا من ضعفاء خلقك فينشئ الله خلقا عند ذلك فيدخلهم الجنة فطوبى لهم من خلق لم يذوقوا موتا ولم يروا سوأ بأعينهم) كما فى بحر العلوم واعلم ان الله تعالى قال وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وكيف يحصر من كان قليل العلم مخلوقات الله الغير المحصورة التي هى مظاهر كلماته التامة وأسمائه العامة فالاولى السكوت وقد اظهر الأنبياء عليهم السلام العجز مع سعة علومهم واحاطة قلوبهم فما ظنك فى حق افراد الامة
در محفلى كه خورشيد اندر شمار ذره است ... خود را بزرگ ديدن شرط ادب نباشد
وفى التأويلات النجمية وَيَخْلُقُ فيكم بعد رجوعكم بالجذبة الى مستقركم ما لا تَعْلَمُونَ قبل الرجوع اليه وهو قبول فيض نور الله تعالى بلا واسطة انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر سكت النبي عليه السلام عن الاستخلاف إذ فى أمته من يأخذ الأمر عن ربه فيكون بباطنه خليفة الله وبظاهره خليفة رسول الله فهو تابع ومتبوع وسامع ومسموع ومع ذلك فهو يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الموحى الى الرسول والمعدن الذي يأخذ منه الرسول وقد نبه سبحانه على ذلك بقوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي بيد انّ الرسول قابل للزيادة فى ظاهر الاحكام والخليفة الولي ليس كذلك ناقص عن رتبة النبوة انتهى فانظر الى استعداد كاملى هذه الامة كيف أخذوا الفيض من الله بلا واسطة نسأل الله تعالى(5/12)
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)
ان يملأ قلوبنا بمحبتهم واعتقادهم ويوفقنا لاعمالهم ورشادهم ويحشرنا معهم وتحت لوائهم ويدخلنا الجنة ونحن من رفقائهم وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ القصد مصدر بمعنى الفاعل يقال سبيل قصد وقاصد اى مستقيم على نهج اسناد حال سالكه اليه كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه والمراد بالسبيل الطريق بدليل اضافة القصد اليه اى حق عليه سبحانه بموجب رحمته ووعده المحتوم لا واجب إذ لا يجب عليه شىء من بيان الطريق المستقيم الموصل لمن يسلكه الى الحق الذي هو التوحيد بنصب الادلة وإرسال الرسل وإنزال الكتب لدعوة الناس اليه وَمِنْها فى محل الرفع على الابتداء اما باعتبار مضمونه واما بتقدير الموصوف اى بعض السبيل او بعض من السبيل فانها تذكر وتؤنث قال ابن الكمال الفرق بين الطريق والصراط والسبيل انها متساوية فى التذكير والتأنيث اما فى المعنى فبينها فرق لطيف وهو ان الطريق كل ما يطرقه طارق معتادا كان او غير معتاد والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد فهو أخص جائِرٌ اى مائل عن الحق منحرف عنه لا يوصل سالكه اليه وهو طريق الضلال التي لا يكاد يحصى عددها المندرج كلها تحت الجائر كاليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر ملل الكفر واهل الأهواء والبدع ومن هذا علم ان قصد السبيل هو دين الإسلام والسنة والجماعة جعلنا الله وإياكم على قصد السبيل وحسن الاعتقاد والعمل وحفظنا وإياكم من الجائر والزيغ والزلل قال مرجع طريقة الجلوتية بالجيم اعنى حضرة الشيخ محمود هدايى الاسكدارى قدس سره رأيت صور اعلام اهل الأديان فى مبشرتى ليلة الاثنين والعشرين من جماد الآخرة لسنة اثنتي عشرة والف وهى هذه- هذا علم اهل الايمان وصورة استمداد هم من الحق تعالى بالتوجه الى العلو اقتداء بمن قال فى حقه المولى الأعلى ما زاغ البصر وما طغى 88 هذا علم النصارى وصورة انحرافهم عن الحق 88 هذا علم اليهود وصورة انحرافهم عن الحق اكتفاء بالقلب انتهى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ اى ولو شاء الله ان يهديكم الى ما ذكر من التوحيد هداية موصلة اليه البتة مستلزمة لاهتدائكم أجمعين لفعل ذلك ولكن لم يشأ لان مشيئته تابعة للحكمة الداعية إليها ولا حكمة فى تلك المشيئة لما ان مدار التكليف والثواب والعقاب انما هو الاختيار الجزئى الذي يترتب عليه الأعمال التي بها نيط الجزاء وقال أبو الليث فى تفسيره لو علم الله ان الخلق كلهم اهل للتوحيد لهداهم انتهى يقول الفقير هو معنى لطيف مبنى على ان العلم تابع للمعلوم فلا يظهر من الأحوال الا ما أعطته الأعيان الى العلم الإلهي كالايمان والكفر والطاعة والعصيان والنقصان والكمال فمن كان مقتضى ذاته الايمان والطاعة والكمال وكان أهلا لها فى عالم عينه الثابتة أعطاها للعلم فشاء الله هدايته فى هذه النشأة بحكمته ومن كان مقتضى استعداده خلاف لم يشأ الله هدايته حين النزول الى مرتبة وجوده العنصري وإلا لزم التغير فى علم الله تعالى وهو محال وفى الحديث (انما انا رسول وليس الى شىء من الهداية ولو كانت الهداية الى لآمن كل من الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء) كذا فى تلقيح الأذهان قال الحافظ(5/13)
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)
مكن بچشم حقارت ملامت من مست ... كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او
وقال
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه پرورشم مى دهند ومى رويم
وقال
رضا بداده بده وزجبين گره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشادست
فعليك بترك القيل والقال ورفض الاعتزال والجدال فان الرضى والتسليم سبب القبول وخلافه يؤدى الى غصب الحبيب المقبول- يحكى- عن حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انه قال أقمت بمدينة قرطبة بمشهد فارانى الله اعيان رسله عليهم السلام من لدن آدم الى نبينا عليه الصلاة والسلام فخاطبنى منهم هود عليه السلام وأخبرني فى سبب جمعيتهم وهو انهم اجتمعوا شفعاء للحلاج الى نبينا عليه الصلاة والسلام وذلك انه كان قد أساء الأدب بان قال فى حياته الدنيوية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم همته دون منصبه قيل له ولم ذلك قال لان الله تعالى قال وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وكان من حقه لا يرضى الا ان يقبل الله تعالى شفاعته فى كل كافر ومؤمن لكنه ما قال الا (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فلما صدر منه هذا القول جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى واقعة وقال له يا منصور أنت الذي أنكرت على الشفاعة فقال يا رسول الله قد كان ذلك فقال ألم تسمع اننى حكيت عن ربى عز وجل (إذا أحببت عبدا كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا) فقال بلى يا رسول الله فقال أو لم تعلم انى حبيب الله قال بلى يا رسول الله قال فاذا كنت حبيب الله كان هو لسانى القائل فاذا هو الشافع والمشفوع اليه وانا عدم فى وجوده فأى عتاب على يا منصور فقال يا رسول الله انا تائب من قولى هذا فما كفارة ذنبى قال قرب نفسك لله قربانا فاقتل نفسك بسيف شريعتى فكان من امره ما كان ثم قال هود عليه السلام وهو من حيث فارق الدنيا محجوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآن هذه الجمعية لاجل الشفاعة له الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى بقول الفقير سامحه الله القدير فى هذه القصة أمران أحدهما عظم شأن الحلاج قدس سره بدلالة عظم شأن الشفعاء والثاني انه قتل فى بغداد فى آخر سنة ثلاثمائة وتسع ومات حضرة الشيخ الأكبر بالشام سنة ثمان وثلاثين وستمائة فبينهما من المدة ثلاثمائة وتسع وعشرون سنة والظاهر والله اعلم ان روح الحلاج كان محجوبا عن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر من ثلاثمائة سنة تقريبا وذلك بسبب كلمة صدرت منه على خلاف الأدب فان من كان على بساط القرب والحضور ينبغى ان يراعى الأدب فى كل امر من الأمور فماظنك بمن جاوز حد الشريعة ورخص نظم القرآن ومعانيه اللطيفة وعمل بالخيالات والأوهام فليس أولئك الا كالانعام نسأل الله العافية والعفو والانعام هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بقدرته القاهرة مِنَ السَّماءِ الى السحاب ومنه الى الأرض ماءً نوعا منه وهو المطر وفى بحر العلوم تنكيره للتبعيض اى بعض الماء فانه لم ينزل من السماء الماء كله لَكُمْ مِنْهُ اى من ذلك الماء المنزل شَرابٌ اى ما تشربونه والظرف الاول وهو لكم خبر مقدم لشراب والثاني حال منه ومن تبعيضية وَمِنْهُ شَجَرٌ(5/14)
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)
من ابتدائية اى ومنه وبسببه يحصل شجر ترعاه المواشي والمراد به ما ينبت من الأرض سواء كان له ساق اولا وفى حديث عكرمة (لا تأكلوا ثمن الشجر فانه سحت) يعنى الكلأ وهو بالقصر ما رعته الدواب من الرطب واليابس وانما كان ثمنه سحتا لما فى حديث آخر (الناس شركاء فى ثلاث الماء والكلأ والنار) اى فى اصطلائها وضوئها لا فى الجمر كما ان المراد بالماء ماء الأنهار والآبار لا الماء المحرز فى الظروف والحيلة فيه ان يستأجر موضعا من الأرض ليضرب فيه فسطاطا او ليجعله حظيره لغنمه فتصح الاجارة ويبيح صاحب المرعى الانتفاع له بالرعي فيحصل مقصودهما كذا فى الكافي ويجوز بيع الأوراق على الشجرة لا بيع الثمرة قبل ظهورها والحيلة فى ذلك بيعها مع الأوراق أول ما تخرج من وردها فيجوز البيع فى الثمر تبعا للبيع فى الأوراق كما فى أنوار المشارق فِيهِ تُسِيمُونَ الاسامة بالفارسية [بيرون هشتن رمه بچرا] يقال سامت الماشية رعت وأسامها صاحبها من السومة بالضم وهى العلامة لانها تؤثر بالرعي علامات فى الأرض اى ترعون مواشيكم قدم الشجر لحصوله بغير صنع من البشر ثم استأنف اخبارا عن منافع الماء فقال لمن قال هل له منفعة غير ذلك يُنْبِتُ الله تعالى لَكُمْ لمصالحكم ومنافعكم بِهِ اى بما انزل من السماء الزَّرْعَ الذي هو اصل الاغذية وعمود المعاش قال الكاشفى [مراد حبوب غاذيه است كه زراعت ميكنند] قال فى بحر العلوم الزرع كل ما استنبت بالبذر مسمى بالمصدر وجمعه زروع قال كعب الأحبار لما اهبط الله تعالى آدم جاء ميكائيل بشئ من حب الحنطة وقال هذا رزقب ورزق أولادك قم فاضرب الأرض وابذر البذر قال ولم يزل الخب من عهد آدم الى زمن إدريس كبيضة النعام فلما كفر الناس نقص الى بيضة الدجاجة ثم الى بيضة الحمامة ثم الى قدر البندقة ثم الى قدر الحمصة ثم الى المقدار المحسوس الا ان يقال ان البوم لا يأكل الحنطة ولا يشرب الماء اما الاول فلان آدم عصى بالحنطة ربه واما الثاني فلان قوم نوح اهلكوا بالماء وَالزَّيْتُونَ الذي هو ادام من وجه وفاكهة من وجه وقال الكاشفى يعنى [درخت زيتون را] قال فى انسان العيون شجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة وكان زاده صلى الله عليه وسلم وقت تخليه بغار حراء بالمد والقصر الكعك والزيت وجاء (ائتدموا بالزيت وادهنوا به فانه يخرج من شجرة مباركة) وهى الزيتون وقبل لها مباركة لانها لا تكاد تنبت الا فى شريف البقاع التي بورك فيها كارض بيت المقدس وَالنَّخِيلَ [وخرمابنان را] والنخيل والنخل بمعنى واحد وهو اسم جمع والواحدة نخلة كالثمرة والثمر وفى الحديث (أكرموا عمتكم النخلة فانها خلقت من فضل طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران فاطعموا نساءكم الولد الرطب فان لم يكن رطب فتمر) كما فى المقاصد الحسنة وَالْأَعْنابَ [وتاكها را] جمع الأعناب للاشارة الى ما فيها من الاشتمال على الأصناف المختلفة وفيه اشارة الى ان تسمية العنب كرما لم يكن يوضع الواضع ولكنه كان من الجاهلية كأنهم قصدوا به الاشتقاق من الكرم لكون الخمر المتخذة منه تحت على الكرم والسخاء فنهى النبي عليه السلام عن ان يسموه بالاسم الذي وضعه الجاهلية وأمرهم بالتسمية اللغوية بوضع الواضع حيث قال (لا تقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة) ثم بين قبح تلك الاستعارة(5/15)
بقوله (انما الكرم قلب المؤمن) يعنى ان ما ظنوه من السخاء والكرم فانما هو من قلب المؤمن لا من الخمر إذ اكثر تصرفات السكران عن غلبة من عقله فلا يعتبر ذلك الغطاء كرما ولا سخاء إذ هو فى تلك الحالة كصبى لا يعقل السخاء ويؤثر بماله سرفا وتبذيرا فكما لا يحمل ذلك على الكرم فكذا إعطاء السكران كذا فى أبكار الافكار وخصص هذه الأنواع المعدودة بالذكر للاشعار بفضلها وشرفها ثم عمم فقال وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ من تبعضية اى بعض كلها لانه لم يخرج بالمطر جميع الثمرات وانما يكون فى الجنة اى لم يقل كل الثمرات لان كلها لا تكون الا فى الجنة وانما أنبت فى الأرض من كلها للتذكرة ولعل المراد ومن كل الثمرات التي يحتملها هذه النشأة الدنيوية وترى بها وهى الثمرات المتعارفة عند الناس بانواعها وأصنافها فتكون كلمة من صلة
كما فى قوله تعالى يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ على رأى الكوفية وهو اللائح إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى إنزال الماء وإنبات ما فصل لَآيَةً عظيمة دالة على تفرده تعالى بالالوهية لاشتماله على كمال العلم والقدرة والحكمة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فان من تفكر فى ان الحبة والنواة تقع فى الأرض وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشق أسفلها فيخرج منه عروق تنبسط فى اعماق الأرض وينشق أعلاها ان كانت منتكسة فى الوقوع ويخرج منه ساق فينمو ويخرج منه الأوراق والازهار والحبوب والثمار على أجسام مختلفة الاشكال والألوان والخواص والطبائع وعلى نواة قابلة لتوليد الأمثال على النمط المحرر لا الى نهاية مع اتحاد المواد واستواء نسبة الطبائع السفلية والتأثيرات العلوية بالنسبة الى الكل علم ان من هذه أفعاله وآثاره لا يمكن ان يشبهه شىء فى شىء من صفات الكمال فضلا عن ان يشاركه اخس الأشياء فى صفاته التي هى الالوهية واستحقاق العبادة تعالى عن ذلك علوا كبيرا
روضه جانبخش جانها آفريد ... بغچهـ كون ومكانها آفريد
كرد از هر شاخها گل برك وبار ... جلوه او نقش ديگر آشكار
والتفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب قالوا الذكر طريق والفكر وسيلة المعرفة التي هى أعظم الطاعات قال بعضهم الذكر أفضل للعامة لما فى الفكر لهم من خوف الوقوع فى الأباطيل وتمكن الشبه عندهم كما يعرض ذلك لكثير من العوام فى زماننا والفكر أفضل لارباب العلم عند التمكن من الفكر المستقيم فانهم كلما عرضت لهم شبهة تطلبوا دليلا يزيلها فكان الفكر لهم أفضل من الذكر إذا لم يتمكنوا من حصول الفكر البليغ مع الذكر واليه أشار عليه السلام بقوله (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة) - روى- ان عثمان رضى الله عنه ختم القرآن فى ركعة الوتر لتمكنه من التدبر والتفكر ولم يبح ذلك لمن لم يتمكن من تدبره ومعرفة فقهه وأجل له مدة يتمكن فيها من ذلك كالثلاثة والسبعة والاشارة فى الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً الفيض لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ المحبة لقلوبكم وَمِنْهُ شَجَرٌ قوى البشرية ودواعيها فيه ترعون مواشى نفوسكم ينبت لغذاء أرواحكم به زرع الطاعات وزيتون الصدق ونخيل الأخلاق الحميدة وأعناب الواردات الربانية ومن كل ثمرات المعقولات والمشاهدات والمكاشفات والمكالمات والأحوال كلها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(5/16)
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)
بنظر العقل فى هذه الصنائع الحكمية وَسَخَّرَ لَكُمُ اى لمنامكم ومعاشكم ولعقد الثمار وانضاجها اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يتعاقبان خلفة كما قال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً قال بعضهم الليل ذكر كآدم والنهار أنثى كحواء والليل من الجنة والنهار من النار ومن ثمة كان الانس بالليل اكثر وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ تسخرا فى سيرهما وانارتهما أصالة وخلافة واصلاحهما لما نيط بهما صلاحه كل ذلك لمصالحكم ومنافعكم: قال السعدي
ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى
همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى
والتسخير بالفارسية [رام گردانيدن] وليس المراد بتسخير هذه لهم تمكنهم من تصريفها كيف شاؤا كما فى قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا ونظائره بل هو تصريفه تعالى لها حسبما يترتب عليه منافعهم ومصالحهم لا ان ذلك تسخير لهم وتصرف من قبلهم حسب إرادتهم وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ مبتدأ وخبر اى سائر النجوم فى حركاتها وأوضاعها من التثليث والتربيع ونحوهما مسخرات اى مذللات لله خلقها ودبرها كيف شاء او لما خلقن له بامره اى بإرادته ومشيئته وحيث لم يكن عود منافع النجوم إليهم فى الظهور بمثابة ما قبلها من الملوين والقمرين لم ينسب تسخيرها إليهم بأداة الاختصاص بل ذكر على وجه يفيد كونها تحت ملكوته تعالى من غير دلالة على شىء آخر ولذلك عدل عن الجملة الفعلية الدالة على الحدوث الى الاسمية المفيدة للدوام والاستمرار. وقرئ بنصب النجوم على تقدير وجعل النجوم مسخرات بامره او على انه معطوف على المنصوبات المتقدمة ومسخرات حال من الكل والعامل ما فى سخر من معنى نفع اى نفعكم بها حال كونها مسخرات لله او لما خلقن له بايجاده وتقديره إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من التسخير المتعلق بما ذكر مجملا ومفصلا لَآياتٍ باهرة متكاثرة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يفتحون عقولهم للنظر والاستدلال ويعتبرون وحيث كانت هذه الآثار العلوية متعددة ودلالة ما فيها من عظيم القدرة والعلم والحكمة على الوحدانية اظهر جميع الآيات علقت بمجرد العقل من غير حاجة الى التأمل والتفكر قال اهل العلم العقل جوهر مضيئ خلقه الله فى الدماغ وجعل نوره فى القلب يدرك الغائبات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة وهو للقلب بمنزلة الروح للجسد فكل قلب لا عقل له فهو ميت وهو بمنزلة قلب البهائم وسئل النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس عقلا قال (المسارع الى مرضاة الله تعالى والمجتنب عن محارم الله تعالى) قالوا أخف حلما من العصفور قال حسان بن ثابت الأنصاري رضى الله عنه
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير
وَما ذَرَأَ لَكُمْ عطف على قوله والنجوم رفعا ونصبا على انه مفعول لجعل المقدر اى وما خلق فِي الْأَرْضِ من حيوان ونبات حال كونه مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اى اصنافه فان اختلافها غالبا يكون باختلاف اللون سخر لله تعالى او لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات او جعل ذلك مختلف الأصناف لتتمتعوا من ذلك بأى صنف شئتم وفى بحر العلوم(5/17)
وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)
مختلفا ألوانه هيآته من خضرة وبياض وحمرة وسواد وغير ذلك وفى اكثر التفاسير وماذرأ معطوف على الليل والنهار اى وسخر لكم ما خلق لاجلكم وتعقب بان ذكر الخلق لهم مغن عن ذكر التسخير واعتذر بان الاول لا يستلزم الثاني لزوما عقليا لجواز كون ما خلق لهم عزيز المرام صعب المنال إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من التسخيرات ونحوها لَآيَةً دالة على ان من هذا شأنه واحد لا شريك له لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ فان ذلك غير محتاج الا الى تذكر ما عسى يغفل عنه من العلوم الضرورية والاشارة وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ليل البشرية وَالنَّهارَ نهار الروحانية وَالشَّمْسَ شمس الروح وَالْقَمَرَ قمر القلب وَالنُّجُومُ نجوم القوى والحواس الخمس مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ وهو خطاب وتسخيرها استعمالها على وفق الشريعة وقانون الطريقة بمعالجة طبيب حاذق البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية مخصوص بالعناية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لشاهدات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بشواهد الحق من غير التفكر بل بالمعاينات وَما ذَرَأَ لَكُمْ وما خلق لمصالحكم فِي الْأَرْضِ فى ارض جبلتكم من الاستعدادات مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ منها ملكية ومنها شيطانية ومنها حيوانية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ عبور أرواحهم على هذه العوالم المختلفة وتلونها فى كل عالم بلون ذلك العالم من عوالم الملكية والشيطانية والحيوانية الى ان ردت الى أسفل سافلين القالب كذا فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يتخلص من قيد الغفلة ويربط نفسه بسلسلة اهل التذكر قال محمد بن فضل ذكر اللسان كفارات ودرجات وذكر القلب زلفى وقربات والتذكر من شأن القلب والقلب امير الجسد وأسير الحق وفى الحديث (لولا ان الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا الى ملكوت السموات) وفى هذه اشارة الى الأسباب التي هى حجاب بين القلب وبين الملكوت واصحاب القلوب من الانس ثلاثة صنف كالبهائم قال الله تعالى لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وصنف أجسادهم أجساد بنى آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف فى ظل الله تعالى يوم لا ظل الا ظله كذا فى الخالصة: قال السعدي قدس سره
ترا ديده در سر نهادند وكوش ... دهن جاى گفتار ودل جاى هوش
مگر باز دانى نشيب از فراز ... نكويى كه اين كوتهست يا دراز
يعنى ان الله تعالى خلق كل عضو من الأعضاء بالحكمة فاستعملوها فيما خلقت له وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ قال فى القاموس البحر الماء الكثير او الملح فقط والجمع أبحر وبحور وبحار انتهى وفى الكواشي سخر البحر العذب والملح اى جعله بحيث تتمكنون من الانتفاع به بالركوب والغوص والاصطياد قال بعضهم هذه البحور على وجه الأرض ماء السماء النازل وقت الطوفان فان الله تعالى امر الأرض بعد هلاك القوم فابتلعت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جزر عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده ويجوز ركوب البحر بشرط علم السباحة وعدم دوران الرأس والا فقد القى نفسه الى التهلكة واقدم على ترك الفرائض وذلك للرجال والنساء كما قاله الجمهور وكره ركو به للنساء لان حالهن على الستر وذا متعسر فى السفينة غالبا لا سيما فى الزورق وهى السفينة الصغيرة لِتَأْكُلُوا مِنْهُ(5/18)
اى من العذب والملح كما فى الكواشي لَحْماً طَرِيًّا من الطراوة فلا يهمز وهو بالفارسية [تازه] والمراد السمك والتعبير عنه باللحم مع كونه حيوانا للتلويح بانحصار الانتفاع به فى الاكل كما فى الإرشاد وللايذان بعدم احتياجه للذبح كسائر الحيوانات غير الجراد كما هو اللائح وصفه بالطراوة إرشادا لان يتناول طريا فان أكله قديدا أضر ما يكون كما هو المقرر عند الأطباء وفيه بيان لكمال قدرته حيث خلقه عذبا طريا فى ماء زعاق وهو كغراب الماء المر الغليظ لا يطاق شربه ومن اطلاق اللحم عليه ذهب مالك والثوري الى ان من حلف لا يأكل اللحم حنث باكله والجواب ان مبنى الايمان العرف ولا ريب فى انه لا يفهم من اللحم عند الإطلاق ألا ترى ان الله تعالى سمى الكافر دابة حيث قال إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ولا يحنث يركوبه من حلف لا يركب دابة وفى حياة الحيوان المذهب المفتى به حل الجميع من الحيوانات التي فى البحر الا السرطان والضفدع والتمساح سواء كان على صورة كلب او خنزير أم لا وفى الحديث (أكل السمك يذهب بالحسد) كما فى بحر العلوم. والسمك يستنشق الماء كما يستنشق بنوا آدم وحيوان البر الهواء الا ان حيوان البر يستنشق الهواء بالأنوف ويصل بذلك الى قصبة الرئة والسمك يستنشق باصداغه فيقوم له الماء قى تولد الروح الحيواني فى قلبه مقام الهواء فى اقامة الحياة ولم نستغن نحن وما أشبهنا من الحيوان عنه لان عالم السماء والأرض دون عالم الهواء ونحن من عالم الأرض ونسيم البرّ لو مرّ على السمك ساعة لهلك: وفى المثنوى
ماهيانرا بحر نگذارد برون ... خاكيانرا بحر نگذارد درون
اصل ماهى آب وحيوان از گلست ... حيله وتدبير اينجا باطلست «1»
وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ اى من البحر الملح حِيلَةً الحيلة الزينة من ذهب او فضة والمراد بها فى الآية اللؤلؤ والحجر الأحمر الذي يقال له المرجان تَلْبَسُونَها تنزين بها نساؤكم وانما أسند إليهم لكونهن منهم ولبسهن لاجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم وَتَرَى الْفُلْكَ اى لو حضرت ايها المخاطب لرأيت السفن مَواخِرَ فِيهِ جوارى فى البحر مقبلة ومدبرة ومعترضة بريح واحدة بحيزومها من المخر وهو شق الماء يقال مخرت السفينة كمنع جرت وشقت الماء بجآجئها جمع جؤجؤ بالضم وهو صدر السفينة وقال الفراء المخر صوت جرى الفلك بالرياح وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ عطف على تستخر جوا اى لتطلبوا من سعة رزقه بركوبها للتجارة فان تجارته اربح من تجارة البر واليه أشار حضرة سعدى بقوله
سود دريانيك بودى كر نبودى بيم موج ... صحبت كل خوش بدى گر نيستى تشويش خار
وفى الحديث (من ركب البحر فى ارتجاجه فقرق برئت منه الذمة) وارتجاجه هيجانه من الموج وهو الحركة الشديدة ومعناه ان لكل أحد من الله عهدا وذمة بالحفظ فاذا القى نفسه الى التهلكة فقد انقطع عنه عهد الله فلندور السلامة حين الموج الشديد لم يجز ركوبه وعصى فاعله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى تعرفون حقوق نعمه الجليلة فتقومون بأدائها بالطاعة والتوحيد ولعل مستعار لمعنى الارادة كما فى بحر العلوم ولعل تخصيصه بتعقيب الشكر لانه أقوى فى باب الانعام من حيث انه جعل المهالك سببا للانتفاع وتحصيل المعاش قال صاحب كشف الاسرار
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه نماز باره بود إلخ(5/19)
وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15)
[آورده اند كه حق سبحانه وتعالى از روى ظاهر در زمين درياها آفريد چون قلزم وعمان ومحيط وجزائر وبراى عبور بران كشتيها مقرّر فرموده واز روى باطن در نفس آدمي درياها پديد كرده چون درياهاى شغل وغم وحرص وغفلت وتفرقه وبراى عبور از ان كشتيها تعيين نموده. هر كه در كشتى توكل نشيند از درياى شغل بساحل فراغت رسد. وهر كه در كشتى رضا در آيد از بحر غم بساحل فرح رسد. وهر كه در كشتى قناعت جاى كند از درياى حرص بساحل زهد آيد وهر كه در كشتى ذكر نشيند از درياى غفلت بساحل آگاهى رسد. وهر كه بكشتى توحيد درآيد از درياى تفرقه بساحل جمعيت رسد وبحقيقت تفرقه در بقاست وجمعيت در فنا با وجود آن در مملكت تفرقه وبيخودان در مرتبه جمع]
بحساب خودى قلم دركش ... در ره بيخودى علم بركش
تا بجاروب «لا» نرو بي راه ... كى رسى در حريم الا الله
والاشارة وهو الذي سخر لكم بحر العلوم لتأكلوا منه الفوائد الغيبية والمواهب السنية وتستخرجوا من بحر العلوم جواهر المعاني ودرر الحقائق حلية لقلوبكم تلبس بها أرواحكم النور والبهاء وترى سفائن الشرائع والمذاهب جاريات فى بحر العلوم ولتبتغوا من فضله وهو الاسرار الخفيات عن الملائكة المقربين ولعلكم تشكرون هذه النعم الجسيمة والعطيات العظيمة التي اختصكم بها عن العالمين كما فى التأويلات النجمية وَأَلْقى الله تعالى بقدرته القاهرة فِي الْأَرْضِ هى كروبة الشكل محلها وسط العالم وسميت بالأرض لانها تأرض اى تأكل أجساد بنى آدم رَواسِيَ اى جبالا ثوابت من غير سبب ولا ظهير كأنها حصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن فى الأرض فهو تصوير لعظمة وتمثيل لقدرته وان كل عسير فهو عليه يسير اى وجعل فيها رواسى بان قال لها كونى فكانت فاصبحت الأرض وقد أرسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا فلم يدر أحد مم خلقت من رسا الشيء إذا نبت جمع راسية والتاء للتأنيت على انها صفة جبال أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ مفعول له والميد الحركة والميل يقال ماد يميد ميدا تحرك ومنه سميت المائدة. والمعنى كراهة ان تميل بكم وتضطرب. وبالفارسية [تأميلي نكند بشما زمين يعنى متحرك ومضطرب نگردد وشما را نيكو دارد] وقد خلق الله الأرض مضطربة لكونها على الماء ثم أرساها بالجبال وهى ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول على جريان عادته فى جعل الأشياء منوطة بالأسباب فالارض بلا جبال كاللحم بلا عظام فكما ان وجود الحيوان وجسده انما يستمسك بالعظم فكذا الأرض انما تقوم بالرواسى ألا ترى ان سطيحا الكاهن لم يكن فى بدنه عظم سوى القفا لكونه من ماء المرأتين وكان لا يستمسك وانما يخرج فى السنة مرة ملفوفا فى خرقة او موضوعا على صحيفة من فضة وَأَنْهاراً جمع نهر ويحرك مجرى الماء اى وجعل فيها أنهارا لان فى القى معنى الجعل إذا لالقاء جعل مخصوص وذلك مثل الفرات نهر الكوفة ودجلة نهر بغداد وجيحون نهر بلخ وجيحان نهر اذنه فى بلاد الأرمن وسيحون نهر الهند وسيحان نهر المصيصة والنيل نهر مصر وغيرها من الأنهار الجارية فى أقطار الأرض وَسُبُلًا وطرقا مختلفة جمع سبيل وهو الطريق وما وضح(5/20)
وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)
يعنى [پديد كرديم در زمين راهها از هر موضعى بموضعي] لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ارادة ان تهتدوا بها الى مقاصدكم ومنازلكم قال بعضهم خذوا الطريق ولو دارت واسكنوا المدن ولو جارت وتزوجوا البكر ولو بارت اى ولو كانت البكر بورا اى فاسدة هالكة لا خير فيها
زن نو كن اى دوست هر نو بهار ... كه تقويم پارين نيايد بكار
وَعَلاماتٍ اى وجعل فيها معالم يستدل بها السابلة وهى القوم المختلفة على الطريق بالنهار من جبل وسهل ومياه وأشجار وريح كما قال الامام رأيت جماعة يشمون التراب وبواسطة ذلك الشم يتعرفون الطرقات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ بالليل فى البراري والبحار حيث لا علامة غيره ولعل الضمير لقريش فانهم كانوا كثيرى التردد للتجارة مشهورين بالاهتداء بالنجوم فى أسفارهم وصرف النظم عن سنن الخطاب وتقديم النجم واقحام الضمير للتخصيص كأنه قيل وبالنجم خصوصا هؤلاء يهتدون فالاعتبار بذلك الزم لهم والشكر عليه أوجب عليهم والمراد بالنجم الجنس او هو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدى وذلك لانها تعلم بها الجهات ليلا لانها دائرة حول القطب الشمالي فهى لا تغيب والقطب فى وسط بنات نعش الصغرى والجدى هو النجم المفرد الذي فى طرفها والفرقدان هما النجمان اللذان فى الطرف الآخر. وهما من النعس والجدى من البنات ويقرب من بنات نعش الصغرى بنات نعش الكبرى وهى سبعة ايضا اربعة نعش وثلاث بنات وبإزاء الأوسط من البنات السهى وهو كوكب خفى صغير كانت الصحابة رضى الله عنهم تمتحن فيه أبصارهم كذ فى التكملة لابن عسكر قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه تعلموا من النجوم ما تهتدون به فى طرقكم وقبلتكم ثم كفوا وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم قيل أول من نظر فى النجوم والحساب إدريس النبي عليه السلام قال بعض السلف العلوم اربعة الفقه للاديان والطب للابدان والنجوم للازمان والنحو للسان واما قوله عليه السلام (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر) اى تعلم قطعة منه فقد قال الحافظ المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية من مستقبل الزمان كمجيئ المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك ويزعمون انهم يدركون هذا بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها فى بعض الزمان دون بعض وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره كما حكى انه لما وقع قران الكواكب السبعة فى دقيقة من الدرجة الثالثة من الميزان سنة احدى وثمانين وخمسمائة حكم المنجمون بخراب الربع المسكون من الرياح وكان وقت البيدر ولم يتحرك ريح ولم يقدر الدهاقين على رفع الحبوب ولذا استوصى تلميذ من شيخه بعد التكميل عند افتراقه فقال ان أردت ان لا تحزن ابدا فلا تصحب منجما وان أردت ان تبقى لذة فمك فلا تصحب طبيبا قال الشيخ [منجمى بخانه خود در آمد مرد بيگانه را ديد با زن او بهم نشسته دشنام داد وسقط گفت وفتنه وآشوب برخاست صاحب دلى برين حال واقف شد وگفت
تو بر اوج فلك چهـ دانى چيست ... چوندانى كه در سراى تو كيست
فاما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فانه غير داخل فى النهى انتهى كلام الحافظ مع زيادة يقول الفقير اصحاب النظر والاستدلال(5/21)
أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24)
محتاجون الى معرفة شىء من علم النجوم والحكمة والهيئة والمهندسة ونحوها مما يساعده ظاهر الشرع الشريف إذ هو ادخل فى التفكر وقد قال تعالى وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
ولا يمكن صرف التفكر الى المجهول المطلق فلا بد من معلومية الأمر ولو بوجه ما وهذا القدر خارج عن الطعن والجرح كما قال السيد الشريف النظر فى النجوم ليستدل بها على توحيد الله تعالى وكمال قدرته من أعظم الطاعات واما ارباب الشهود والعيان فطريقهم الذكر وبه يصلون الى مطالعة أنوار الملك والملكوت ومكاشفة اسرار الجبروت واللاهوت فيشاهدون فى الأنفس والآفاق ما غاب عن العيون ويعاينون فى الظاهر والباطن ما تخير فيه الحكماء والمنجمون ثم ان الاهتداء اما بنجوم عالم الآفاق وهو للسائرين من ارض الى ارض واما بنجوم عالم الأنفس وهو للمهاجرين من حال الى حال وفى الحديث (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وهذا الاقتداء والاهتداء مستمر باق الى آخر الزمان بحسب التوارث فى كل عصر فلا بد من الدليل وهو صاحب البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية المخصوص بالعناية: قال الحافظ
بكوى عشق منه بي دليل راه قدم ... كه من بخويش نمودم صد اهتمام ونشد
وفى التأويلات النجمية والقى فى ارض البشرية جبال الوقار والسكينة لئلا تميل بكم صفات البشرية عن جادة الشريعة والطريقة وأنهارا من ماء الحكمة وطريق الهداية لعلكم تهتدون الى الله تعالى وعلامات من الشواهد والكشوف وبنجم الهداية من الله يهتدون الى الله وهو جذبة العناية يخرجكم بها من ظلمات وجودكم المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى قال الشيخ ابو القاسم الخزيمي الغرارى فى كتاب الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة قوله تعالى وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ الى قوله لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فيه دليل انه تعالى أراد من الكل الاهتداء والشكر وان كل من لا يهتدى فليس ذلك بإرادته تعالى والجواب المراد به ان يذكرهم النعم التي يستحق عليها الشكر فى قوله تعالى خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الى قوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها ثم بين تعالى ان هذه النعم كلها توجب الشكر والهداية ثم يختص بها من يشاء كما قال تعالى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ هذه المصنوعات العظيمة وهو الله تعالى. وبالفارسية [آيا كسى كه مرا آفريند اين همه مخلوقات را كه مذكور شد] كَمَنْ لا يَخْلُقُ كمن لا يقدر على شىء أصلا وهو الأصنام ومن للعقلاء لانهم سموها آلهة فاجريت مجرى العقلاء أو لأنه قابله بالخالق وجعله معه كقوله تعالى فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ والهمزة للانكار اى ابعد ظهور دلائل التوحيد تتصور المشابهة والمشاركة: يعنى [خالق را با مخلوق هيچ مشابهتى نيست پس عاجز را شريك قادر ساختن غايت عناد ونهايت جهلست] واختير تشبيه الخالق بغير الخالق مع اقتضاء المقام بظاهره عكس ذلك مراعاة لحق سبق الملكة على العدم أَفَلا تَذَكَّرُونَ اى ألا تلاحظون فلا تذكرون ذلك فتعرفون فساد ما أنتم عليه يا اهل مكة فانه بوضوحه بحيث لا يفتقر الى شىء سوى التذكر وهو بالفارسية [ياد كردن] وَإِنْ تَعُدُّوا العد بالفارسية [شمردن(5/22)
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20)
نِعْمَةَ اللَّهِ الفائضة عليكم مما لم يذكر لا تُحْصُوها لا تطيقوا حصرها وضبط عددها ولو اجمالا فضلا عن القيام بشكرها يقال أحصاه اى عده كما فى القاموس وأصله ان الحساب كان إذا بلغ عقدا وضعت له حصاة ثم استؤنف العدد. والمعنى لا توجد له غاية فتوضع له حصاة
عطاييست هر مو از وبر تنم ... چگونه بهر موى شكرى كنم
إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ ستور يتجاوز عن تقصيركم فى شكرها رَحِيمٌ عظيم الرحمة والنعمة لا يقطعها عنكم مع استحقاقكم للقطع والحرمان بسبب ما أنتم عليه من العصيان ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها وتقديم وصف المغفرة على نعت الرحمة لتقدم التخلية على التحلية قال ابن عطاء ان لك نفسا وقلبا وروحا وعقلا ومحبة ودينا ودنيا وطاعة ومعصية وابتداء وانتهاء وحينا وأصلا وفصلا فنعمة النفس الطاعات والإحسان والنفس فيهما تتقلب ونعمة القب اليقين والايمان وهو فيهما يتقلب ونعمة الروح الخوف والرجاء وهو فيهما يتقلب ونعمة العقل الحكمة والبيان وهو فيهما يتقلب ونعمة المعرفة الذكر والقرآن وهى فيهما تتقلب ونعمة المحبة الالفة والمواصلة والامن من الهجران. وهى فيها تتقلب وهذا تفسير قوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها انتهى واعلم انه لو صرف جميع عمر الإنسان الى الأعمال الصالحة واقامة الشكر لما كافأ نعمة الوجود فضلا عن سائر النعم لو عشت الف عام فى سجدة لربى شكر الفضل يوم لم اقض بالتمام والعام الف شهر والشهر الف يوم واليوم الف حين والحين الف عام قال الشيخ سعدى قدس سره
عذر تقصير خدمت آوردم ... كه ندارم بطاعت استظهار
عاصيان از گناه توبه كنند ... عارفان از عبادت استغفار
المراد رؤية العمل لا ترك العمل وينبغى للعبد از يكون تحت طاعة المولى لا تحت طاعة النفس والشيطان فان المطيع والعاصي لا يستويان- حكى- ان عابدا من بنى إسرائيل عبد الله تعالى سبعين سنة فاراد الله ان يظهره على الملائكة فارسل اليه ملكا يخبره انه مع تلك العبادة لا يليق بالجنة فقال العابد نحن خلقنا للعبادة فينبغى ان نعبد خالقنا امتثالا لامره فرجع الملك فقال الهى أنت تعلم بما قال فقال الله تعالى إذا لم يعرض عن عبادتنا فنحن مع الكرم لا نعرض عنه اشهدوا انى قد غفرت له فللعبد ان يكون قصده مراعاة الأمر وإخراج النفس عن البين وهو حجاب عظيم للوصول الى الحقيقة وعلى تقدير الزلة فالمسارعة الى الاستغفار فانه نعم المطهر من درن الذنوب والأوزار وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ ما تضمرون من العقائد والأعمال وَما تُعْلِنُونَ اى تظهرونه منهما اى يستوى بالنسبة الى علمه المحيط سركم وعلنكم فحقه ان يتقى ويحذر ولا يجترأ على شىء مما يخالف رضاه وَالَّذِينَ يَدْعُونَ اى والآلهة الذين يعبدهم الكفار والدعاء بمعنى العبادة فى القرآن كثير(5/23)
أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23)
مِنْ دُونِ اللَّهِ نصب على الحال اى متجاوزين الله فان معنى دون ادنى مكان من الشيء ثم استعير للتفاوت فى الأحوال والرتب ثم اتسع فيه فاستعمل فى كل من تجاوز حدا الى حد وتخطى حكما الى حكم لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً من الأشياء أصلا اى ليس من شأنهم ذلك لانهم عجزة وَهُمْ يُخْلَقُونَ اى شأنهم ومقتضى ذاتهم المخلوقية لانها ذوات ممكنة مفتقرة فى ماهيتها ووجوداتها الى الموجد قال فى القاموس الخالق فى صفاته المبدع للشئ المخترع على غير مثال سبق أَمْواتٌ جمع ميت خبرثان للموصول اى جمادات لا حياة فيها وبالفارسية [وايشان با وجود مخلوقيت مردكانند] ولم يقل موات لانهم صوروا على شكل من تحله الروح قال فى القاموس الموات كغراب وكسحاب ما لا روح فيه وارض لا مالك لها غَيْرُ أَحْياءٍ جمع حى ضد الميت اى غير قابلين للحياة كالنطفة والبيضة فهى أموات على الإطلاق وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ الشعور [بدانستن] يقال شعر به كنصر وكرم شعرا وشعورا علم به وفطن له وعقله. وأيان مركب من أي التي للاستفهام وآن بمعنى الزمان فلذلك كان بمعنى متى اى سؤالا عن الزمان كما كان اين سؤالا عن المكان فلما ركبا وجعلا اسما واحدا بنيا على الفتح كبعلبك وبعث الموتى نشرهم اى احياؤهم كما فى القاموس. والمعنى ما يعلم أولئك الإلهية متى يبعث عبدتهم من القبور. وفيه إيذان بان معرفة وقت البعث مما لا بد منه فى الالوهية وتعريض بانهم كما لا بد لهم من الموت لا بد لهم من البعث وهم منكرون لذلك وهو اللائح إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [يكتا ويگانه است] لا نشاركه شىء فى شىء فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وأحوالها من البعث والجزاء وغير ذلك والايمان فى اللغة التصديق بالقلب وفى الشريعة هو الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان قال السهيلي فى كتاب الأمالي الفرق بين التصديق والايمان ان التصديق لا بد ان يكون فى مقابلة خبر والايمان قد يكون فى مقابلة خبر صادق وقد يكون عن فكر ونظر فاذا نظرت فى الصنعة وعرفت بها الصانع آمنت ولم تكن مصدقا بخبر إذ لا خبر هناك فاذا جاء الخبر بما آمنت به وأقررت صدقت الخبر وايضا ان التصديق قد يكون بالقلب وأنت ساكت تقول سمعت الحديث قصدقته والايمان لا بد من اجتماع اللفظ مع العقد فيه لغة وشرعا انتهى قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ للوحدانية متصفة بالنكارة لا بالمعرفة وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ اى وهم قوم لا يزال الاستكبار عن اعتراف الوحدانية والتعظيم عن قبول الحق دأبهم كما ان الإنكار سجيتهم لا جَرَمَ [هر آيينه راست است] أَنَّ اللَّهَ [آنكه خداى تعالى] يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ من انكار قلوبهم وَما يُعْلِنُونَ من استكبارهم. لا جرم للتحقيق والتأكيد بمنزلة حقا قال ابو البقاء فى لا جرم اربعة اقوال. أحدها ان لا رد لكلام ماض اى ليس الأمر كما زعموا وجرم فعل بمعنى كسب وفاعله مضمر فيه وان ما بعده فى موضع النصب على المفعول به. والقول الثاني ان لا جرم كلمتان ركبتا وصار معناهما حقا وما بعدها فى موضع رفع بانه فاعل لحق. والثالث ان المعنى لا محالة فيكون ما بعدها فى موضع رفع ايضا وقيل فى موضع نصب او جر. والرابع ان التقدير لا منع إِنَّهُ اى الله تعالى لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن التوحيد(5/24)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24)
اى جنس المستكبرين سواء كانوا مشركين او مؤمنين. والاستكبار رفع النفس فوق قدرها وجحود الحق والفرق بين المتكبر والمستكبر ان التكبر عام لاظهار الكبر الحق كما فى أوصاف الحق تعالى فانه جاء فى أسمائه الحسنى الجبار المتكبر وفى قوله عليه السلام (التكبر على المتكبر صدقة) ولاظهار الكبر الباطل كما فى قوله تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ والاستكبار اظهار الكبر باطلا كما فى قوله تعالى فى حق إبليس اسْتَكْبَرَ ومنه ما فى هذا المقام وفى العوارف الكبر ظن الإنسان انه اكبر من غيره والتكبر إظهاره ذلك وفى الحديث (لا يدخل الجنة من فى قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من فى قلبه مثقال ذرة من ايمان) قال الخطابي فيه تأويلان أحدهما ان المراد كبر الكفر ألا ترى انه قابله فى نقيضه بالايمان والآخر انه تعالى إذا أراد ان يدخله الجنة نزع ما فى قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر قال فى فتح القريب هذان التأويلان فيهما بعد فان الحديث ورد فى سياق النهى عن الكبر المعروف وهو الارتفاع على الناس واحقارهم ودفع الحق وقيل لا يدخلها دون مجازاة ان جازاه وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة وعن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (قال الله تعالى يا بنى آدم خلقتكم من التراب ومصيركم الى التراب فلا تتكبروا على عبادى فى حسب ولا مال فتكونوا علىّ أهون من الذر وانما تجزون يوم القيامة بأعمالكم لا بأحسابكم وان المتكبرين فى الدنيا اجعلهم يوم القيامة مثل الذر يطأهم الناس كما كانت البهائم تطأه فى الدنيا) - وحكى- انه افتخر رجلان عند موسى عليه السلام بالنسب والحسب فقال أحدهما انا فلان ابن فلان حتى عدّ تسعة فاوحى الله تعالى اليه قل له هم فى النار وأنت عاشرهم وانشد بعضهم ولا تمش فوق الأرض الا تواضعا فكم تحتها قوم همو منك ارفع فان كنت فى عز وحرز ورفعة فكم مات من قوم همو منك امنع قعليك بالتواضع وعدم الفخر على أحد فان التواضع باب من أبواب الجنة والفخر باب من أبواب النار واللازم فتح أبواب الجنان وسد أبواب النيران وتحصيل الفقر المعنوي الذي ليس الفخر فى الحقيقة إلا به فانه لا يليق المرء بدولة المعنى ورياسة الحال وسلطنة المقام الا بتحلية ذاته بحلية التواضع وزينة الفناء: قال الحافظ
تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى ... ور خود از گوهر جمشيد وفريدون باشى
اللهم اجعلنا من اهل التواضع لا من ارباب التملق واجعلنا من اصحاب التحقق بعد التخلق وَإِذا قِيلَ لَهُمْ عن السعدي اجتمعت قريش فقالوا ان محمدا رجل حلو اللسان إذا كلم رجلا ذهب بقلبه فانظروا أناسا من اشرافكم فابعثوهم فى كل طريق مكة على رأس ليلة او ليلتين فمن جاء يريده ردوه عنه فخرج ناس منهم من كل طريق فكان إذا جاء وافد من القوم ينظر ما يقول محمد فنزل بهم قالوا له هو رجل كذاب ما يتبعه الا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه واما أشياخ قومه واخيارهم فهم مفارقوه فيرجعه أحدهم وإذا كان الوافد ممن هداه الله يقول بئس الوافد انا لقومى ان كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل ان القى هذا الرجل فانظر ما يقول فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول لهم فيقولون خيرا فذلك(5/25)
لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30)
قوله تعالى وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى لهؤلاء المشركين المستكبرين المقتسمين من قبل الوفود او وفود الحاج فى الموسم ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ماذا منصوب بانزل بمعنى أي شىء انزل ربكم على محمد قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ عدلوا عن الجواب فقالوا هذا أساطير الأولين على ان يكون خبر مبتدأ محذوف لانهم أنكروا إنزال القرآن بخلاف قوله وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً
كما يجيئ ويجوز ان يكون ماذا مرفوعا بالابتداء اى ما الذي أنزله ربكم قالوا أساطير الأولين اى ما تدعون نزوله أحاديث الأمم السالفة وأباطيلهم وليس من الانزال فى شىء: يعنى [هيچ نفرستاده وآنچهـ آدمي خواند أساطير الأولين است] قال فى القاموس الأساطير الأحاديث لا نظام لها جمع اسطار واسطير بكسرهما واسطور وبالهاء فى الكل لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ [بار گناهان خود را] واللام للعاقبة إذ لم يكن داعيهم الى ذلك القول حمل الأوزار ولكن الإضلال غير ان ذلك لما كان نتيجة قولهم وثمرته شبه بالداعي الذي لاجله يفعل الفاعل الفعل كما فى بحر العلوم وقال فى الإرشاد اللام للتعليل فى نفس الأمر من غير ان يكون غرض اى قالوا ما قالوا ليحملوا أوزارهم الخاصة بهم وهى أوزار ضلالهم اى تحتم حمل الأوزار عليهم على تقدير التعليل. والأوزار جمع وزر وهو الثقل والحمل الثقيل كامِلَةً لم يكفر منها شىء بنكبة أصابتهم فى الدنيا كما يكفر بها أوزار المؤمنين فان ذنوبهم تكفر عنهم من الصلاة الى الصلاة ومن رمضان الى رمضان ومن الحج الى الحج وتكفر بالشدائد والمصائب اى المكروهات من الآلام والأسقام والقحط حتى خدش العود وعثرة القدم يَوْمَ الْقِيامَةِ ظرف ليحملوا وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ اى وبعض أوزار من ضل باضلالهم وهو وزر الإضلال والتسبيب للضلال لانهما شريكان هذا يضله وهذا يطاوعه فيتحاملان الوزر وفى الحديث (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) : وفى المثنوى
هر كه بنهد سنت بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق از عمى
جمع گردد بروى آن جمله بزه ... كو سرى بوده است وايشان دم غزه
بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من الفاعل اى يضلونهم غير عالمين بان ما يدعون اليه طريق الضلال وبما يستحقونه من العذاب الشديد فى مقابلة الإضلال او من المفعول اى يضلون من لا يعلم انهم ضلال وفائدة التقييد بها الاشعار بان مكرهم لا يروج عند ذوى لب وانما يتبعهم الأغبياء والجهلة والتنبيه على ان جهلهم ذلك لا يكون عذرا إذ كان يجب عليهم ان يبحثوا ويميزوا بين المحقق الحقيق بالاتباع وبين المبطل
چشم باز وگوش باز ودام پيش ... سوى دامى مى پرد با پر خويش
أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ساء فى حكم بئس والضمير الذي فيه يجب ان يكون مهما يفسره ما يزرون والمخصوص بالذم محذوف اى بئس شيأ يزرونه اى يحملونه فعلهم. وبالفارسية [بدانيد كه بد كاريست آن بارى كه ايشان مى كشند] واعلم انه لا يحمل أحد وزر أحد إذ كل نفس تحمل ما كسبت هى لا ما كسبت غيرها إذ ليس ذلك من مقتضى الحكمة الالهية(5/26)
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26)
واما حمل وزر الإضلال فهو حمل وزر نفسه لانه مضاف اليه لا الى غيره فعلى العاقل ان يجتنب من الضلال والإضلال فى مرتبة الشريعة والحقيقة فمن حمل القرآن على الأساطير ودعا الناس الى القول بها فقد ضل وأضل وكذا من حمل إشارات القرآن على الأباطيل لا على الحقائق فانه ضل بالإنكار وأضل طلاب الحق عن طريق الإقرار فحمل حجاب الضلال وحجاب الإضلال وكلما تكاثف الحجب وتضاعف الأستار بعد المرء عن درك الحق ورؤية الآثار والمراد بالاشارات الصحيحة المشهود لحقيتها بالكتاب والسنة وهى الإشارات الملهمة الى اهل الوصول لا الإشارات التي تدعيها الملاحدة وجهلة المتصوفة مما يوافق هواهم فانها ليست من الإشارات فى شىء كما قال فى المثنوى
بر هوا تأويل قرآن ميكنى ... پست وكژ شد از تو معنئ سنى
آن مگس بر برك كاه وبول خر ... همچوكشتيبان همى افراشت سر «1»
گفت من دريا وكشتى خوانده ام ... مدتى در فكر آن مى مانده ام
اينك اين دريا واين كشتى ومن ... مرد كشتيبان واهل ورأى زن
بر سر دريا همى راند او عمد ... مى نمودش آن قدر بيرون ز حد
صاحب تأويل باطل چون مگس ... وهم او بول خر وتصوير خس
گر مگس تأويل بگذارد براى ... آن مگس را بخت گرداند هماى
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ المكر الخديعة يعنى قد مكر اهل مكة كما مكر الذين من قبلهم وصار المكر سببا لهلاكهم لا لهلاك غيرهم لان من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا قال فى المدارك الجمهور على ان المراد نمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل وكان قصرا عظيما طوله خمسة آلاف ذراع وعرضه فرسخان ليقاتل عليه من فى السماء بزعمه ويطلع على اله ابراهيم عليه السلام فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ البنيان البناء والجمع ابنية والقواعد جمع قاعدة وقواعد البيت أساسه او أساطينه اى قصد الله تخريب بنائهم من جهة أصوله وأساسه وأتاه امره وحكمه وبأسه او من جهة الأساطين التي بنوا عليها بان ضعفت فَخَرَّ اى سقط عَلَيْهِمُ السَّقْفُ اى سقف بنائهم مِنْ فَوْقِهِمْ يعنى [أول بام بر ايشان فرود آمد پس ديوارها] إذ لا يتصور البناء بعد هدم القواعد وجاء بفوقهم وعليهم للايذان بانهم كانوا تحته فان العرب لا تقول سقط علينا البيت وليسوا تحته- روى- انه هبت عليه ريح هائلة فالقت رأسه فى البحر وخر الباقي عليهم ولما سقط الصرح تبلبلت الألسن من الفزع يومئذ: يعنى [بهم بر آمد وسخن ايشان مختلف گشت هر قومى بزبانى سخن گفتن آغاز كردند وهيچ يك زبان آن ديگر ندانست] فتكلموا ثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت ببابل وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية وَأَتاهُمُ الْعَذابُ اى الهلاك بالريح مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه منه بل يتوقعون إتيان مقابله مما يريدون ويشتهون. والمعنى ان هؤلاء الماكرين القائلين للقرآن العظيم أساطير الأولين سيأتيهم فى الدنيا من العذاب مثل ما أتاهم وهم لا يحتسبون [دمياطى آورده كه مراد ازين عذاب بعوضة است كه بر لشكر نمرود مسلط شد. در لباب
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان زيافت تأويل مكس وركيك ظن او(5/27)
ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)
فرموده كه خداى تعالى نمرود را مبتلا گردانيد به پشه كه در بينى او رفته بود ودر دماغ وى جاى گرفته وبزرگ شد و چهار صد سال در آنجا بماند ودرين مدت پيوسته مطرقه بر سر او ميزدند تا فى الجملة آرام يافت. شيخ فريد الدين عطار قدس سره در منطق الطير آورده
نيم پشه بر سر دشمن گماشت ... در سر او چارصد سالش بداشت
چون دهد حكمش ضعيفى را مدد ... سبلت خصم قوى را بر كند
ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى هذا العذاب جزاؤهم فى الدنيا ويوم القيامة يُخْزِيهِمْ [رسواى گرداند ايشانرا] اى يذل أولئك المفترين والماكرين الذين من قبلهم جميعا بعذاب الخزي على رؤس الاشهاد واصل الخزي ذل يستحيى منه وثم لتفاوت ما بين الجزاءين وَيَقُولُ لهم تفضيحا وتوبيخا فهو الى آخره بيان للاخزاء أَيْنَ شُرَكائِيَ بزعمكم الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ أصله تشاققون اى تخاصمون الأنبياء والمؤمنين فِيهِمْ اى فى شأنهم بانهم شركاء أحقاء حين بينوا لكم بطلانها. والمراد بالاستفهام استحضارها للشفاعة او المدافعة على طريق الاستهزاء والتبكيت والاستفسار عن مكانهم لا يوجب غيبتهم حقيقة بل يكفى فى ذلك عدم حضورهم بالعنوان الذي كانوا يزعمون انهم متصفون به من عنوان الالهية فليس هناك شركاء ولا اما كنها قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من اهل الموقف وهم الأنبياء والمؤمنون الذين أوتوا علما بدلائل التوحيد وكانوا يدعونهم فى الدنيا الى التوحيد فيجادلونهم ويتكبرون عليهم اى يقولون توبيخا لهم وإظهارا للشماتة بهم إِنَّ الْخِزْيَ اى الفضيحة والذل والهوان وبالفارسية [خوارى ورسوايى] الْيَوْمَ متعلق بالخزي وإيراده للاشعار بانهم كانوا قبل ذلك فى عزة وشقاق وَالسُّوءَ اى العذاب عَلَى الْكافِرِينَ بالله تعالى وبآياته ورسله وهو قصر للجنس الادعائى كأن ما يكون من الذل وهو العذاب لعصاة المؤمنين لعدم بقائه ليس من ذلك الجنس الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ فى محل الجر على انه نعت للكافرين وفائدة تخصيص الخزي والسوء بمن استمر كفره الى حين الموت دون من آمن منهم ولو فى آخر عمره اى على الكافرين المستمرين على الكفر الى ان تتوفاهم الملائكة اى يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ اى حال كونهم مستمرين على الكفر والاستكبار فانه ظلم منهم على أنفسهم وأي ظلم حيث عرضوها للعذاب المخلد بوضعها بالاستكبار على الملك الجبار غير موضعها وبدلوا فطرة الله تبديلا فَأَلْقَوُا السَّلَمَ عطف على قوله تعالى وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ والسلم بالتحريك الاستسلام اى فيلقون الاستسلام والانقياد فى الآخرة حين عاينوا العذاب ويتركون المشاقة وينزلون عما كانوا عليه فى الدنيا من التكبر والعلو وشدة الشكيمة قائلين ما كُنَّا نَعْمَلُ فى الدنيا مِنْ سُوءٍ اى من شرك قالوه منكرين لصدوره عنهم قصدا لتخليص نفوسهم من العذاب بَلى رد عليهم من قبل اولى العلم واثبات لما نفوه اى بلى كنتم تعملون ما تعملون إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فهو يجازيكم عليه وهذا أوانه فلا يفد انكاركم وكذبكم على أنفسكم فَادْخُلُوا الفاء للتعقيب أَبْوابَ جَهَنَّمَ اى كل صنف بابه المعد له خالِدِينَ فِيها ان أريد بالدخول حدوثه فالحال مقدرة(5/28)
وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30)
وان أريد مطلق الكون فيها فمقارنة فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ الفاء عطف على فاء التعقيب واللام للتأكيد تجرى مجرى القسم والمثوى المنزل والمقام والمخصوص بالذم محذوف وهو جهنم: والمعنى بالفارسية [پس هر آينه بد مقامى وبد آرامگاهيست متكبرانرا جهنم] وذكرهم بعنوان التكبر للاشعار بعليته لثوآئهم فيها اى إقامتهم والمراد المتكبر عن التوحيد او كل متكبر من المشركين والمسلمين قال حضرة الشيخ على السمرقندي قدس سره فى تفسيره المسمى ببحر العلوم التكبر ينقسم على ثلاثة اقسام. التكبر على الله وهو أخبث انواع الكبر وأقبحها وما منشأه الا الجهل المحض. ثم التكبر على الرسل من تعزز النفس وترفعها عن الانقياد لبشر مثل سائر الناس وهذا كالتكبر على الله تعالى فى القيامة واستحقاق العذاب السرمدي. والثالث التكبر على العباد وهو بان يستعظم نفسه ويستحقر غيره فيأبى عن الانقياد لهم ويدعوه الى الرفع عليهم فيزدريهم ويستصغرهم ويستنكف عن مساواتهم وهو ايضا قبيح وصاحبه جاهل كبير يستأهل سخطا عظيما لو لم يتب وان كان دون الأولين للدخول تحت عموم قوله مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ وايضا من تكبر على أحد من عباد الله فقد نازع الله فى ردائه وفى صفة من صفاته قال ابو صالح حمدان بن احمد القصار رحمة الله عليه من ظن ان نفسه خير من نفس فرعون فقد اظهر الكبر: وفى المثنوى
آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست ... ليك اژدرهات محبوس چهست «1»
آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه چون فرعون او را عون نيست
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال انى آمركما باثنين وانها كما عن اثنين آمركما بلا اله الا الله فلو ان السموات السبع والأرضين السبع وضعن فى كفة ولا اله الله فى كفة لرجحت بهن ولو ان السموات السبع والأرضين السبع حلقة مبهمة لقصمتهن لا اله الا الله وآمركما بسبحان الله وبحمده فانها صلاة كل نبى بها يرزق الخلق وانها كما عن الكفر والكبر) وَقِيلَ- روى- ان احياء العرب كانوا يبعثون ايام موسم الحج من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فاذا جاء الوافد كفه المقتسمون الذين اقتسموا طرق مكة وأمروه بالانصراف وقالوا ان لم تلقه كان خيرا لك فانه ساحر كاهن كذاب مجنون فيقول انا شر وافد ان رجعت الى قومى دون ان استطلع امر محمد واراه فيلقى اصحاب النبي عليه السلام فيخبرونه بصدقه فذلك قوله وقيل اى من طرف الوافدين لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عن الكفر والشرك وهم المؤمنون المخلصون ماذا اى أي شىء فهو مفعول قوله أَنْزَلَ رَبُّكُمْ على محمد قالُوا فى جوابه انزل خَيْراً وفى تطبيق الجواب بالسؤال اشارة الى ان الانزال واقع وانه نبى حق قال الكاشفى [مراد از خير قرآنست كه جامع جميع خيرات ومستجمع مجموع حسنات وبركات اوست ونيكوهاى دينى ودنياوى وخوبيهاى صورى ومعنوى ناشى ازو] لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا أعمالهم وقالوا لا اله الا الله محمد رسول الله فانه احسن الحسنات وهو كلام مستأنف جيئ به لمدح المتقين فِي هذِهِ الدار الدُّنْيا حَسَنَةٌ اى مثوبة حسنة مكافاة فيها بإحسانهم وهى عصمة
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى عليه السلام إلخ(5/29)
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (34) وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)
الدماء والأموال واستحقاق المدح والثناء والظفر على الأعداء وفتح أبواب المكاشفات والمشاهدات الذي من أوتيه فقد فاز بالقدح المعلى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من احسن اعماله بالصالحات وأخلاقه بالحميدات وأحواله بالانقلاب عن الخلق الى الحق فله حسنة من الله وهو ان ينزله منازل الواصلين الكاملين فى الدنيا وَلَدارُ الْآخِرَةِ اى ولثوابهم فيها خَيْرٌ مما أوتوا فى الدنيا من المثوبة او دار الآخرة خير من الدنيا على الإطلاق فان الآخرة كالجوهر والدنيا كالخزف وقيمة الجوهر ارفع من قيمة الخزف بل لا مناسبة بينهما أصلا وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [ونيكو سراييست مر پرهيزكاران را سراى آخرت] قال الحسن دار المتقين الدنيا لانهم منها يتزودون للآخرة يقول الفقير فيه مدح للدنيا باعتبار انها متاع بلاغ فانها باعتبار انها متاع الغرور مذمومة كما قال فى المثنوى
چيست دنيا از خدا غافل شدن ... نى قماش ونقره وميزان وزن «1»
مال را كز بهر دين باشى حمول ... نعم مال صالح خواندش رسول
آب در كشتى هلاك كشتى است ... آب اندر زير كشتى پشتى است
چونكه مال وملك را از دل براند ... زان سليمان خويش جز مسكين نخواند
كوزه سر بسته اندر آب رفت ... از دل پر باد فوق آب رفت
باد درويشى چودر باطن بود ... بر سر آب جهان ساكن بود
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للاتقياء الواصلين دارا غير دار الدنيا ودار الآخرة فدارهم مقعد الصدق فى مقام العندية ونعم الدار جَنَّاتُ عَدْنٍ عدن علم اى لهم بساتين عدن حال كونهم يَدْخُلُونَها حال كونها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى من تحت منازلها الأنهار الاربعة على ان يكون المنبع فيها بشهادة من لَهُمْ خبر مقدم فِيها اى فى تلك الجنات حال من المبتدأ المؤخر وهو قوله ما يَشاؤُنَ ويحبون من انواع المشتهيات قال البيضاوي فى تقديم الظرف تنبيه على ان الإنسان لا يجد جميع ما يريده الا فى الجنة يقول الفقير ان قلت هل يجوز للمرء ان يشتهى فى الجنة اللواطة وقد ذهب اليه من لا وقوف له على جلية الحال فالجواب ان الاشتهاء المذكور مخالف لحكمة الرب الغفور ولو جاز هو لجاز نكاح الأمهات فيها على تقدير الاشتهاء وانه مما لا يستريب عاقل فى بطلانه ألا ترى ان الذكور وكذا الزنى واللواطة والكذب ونحوها كان حراما مؤبدا فى الدنيا فى جميع الأديان لكونه مما لا تقتضى الحكمة حله بخلاف الخمر ونحوها ولذا كانت هى أحد الأنهار الجارية فيها فنسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن لا يستطيب ما استخبثته الطباع السليمة قال الكاشفى [ودر جواب كسى كه گويد شايد بهشتى خواهد كه بدرجات انبيا ومنازل أوليا ومراتب شهدا برسد وگفته اند در بهشت غيظ وحسد كه موجب تمناها باشد نيست با آنكه هر يك از بهشتيان بآنچهـ دارند راضى اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من الأتقياء من مشيئته الجنة ونعيمها ومن مشيئته العبور على الجنة والخروج الى مقعد الصدق فى مقام العندية فلهم ما يختارون من الجنة ومقعد الصدق كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء الاوفى
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان ترجيح دادن شير جهد را إلخ(5/30)
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)
يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ اى كل من يتقى عن الشرك والمعاصي الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ نعت للمتقين اى يقبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم حال كونهم طَيِّبِينَ اى طاهرين عن دنس الظلم لانفسهم بتبديل فطرة الله. وفائدته الإيذان بان ملاك الأمر فى التقوى هو الطهارة عما ذكر الى وقت توفيهم. ففيه حث للمؤمنين على ذلك ولغيرهم على تحصيله. وقيل طيبين بفيض أرواحهم لتوجه نفوسهم بالكلية الى جناب القدس جعلنا الله وإياكم منهم: وفى المثنوى
همچنين باد أجل با عارفان ... نرم وخوش همچون نسيم يوسفان «1»
وفى التأويلات النجمية اى طيبى الأعمال عن دنس الشهوات والمخالفات. وطيبى الأخلاق عن المذمومات الملوثة بالطبعيات دون الشرعيات. وطيبى الأحوال عن وصمة ملاحظات الكونين يَقُولُونَ حال من الملائكة اى قائلين لهم على وجه التعظيم والتبشير سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا يخيفكم بعد مكروه قال القرطبي إذا استدعيت نفس المؤمن جاءه ملك الموت فقال السلام عليك يا ولى الله الله يقرئك السلام وبشره بالجنة ادْخُلُوا الْجَنَّةَ اى جنات عدن فانها معدة لكم فاللام للعهد والمراد دخولهم لها فى وقته كما قال الكاشفى [بعد از سلام گويند فردا كه مبعوث شويد درآييد در بهشت كه براى شما آماده است] والقبر روضة من رياض الجنة ومقدمة لنعيمها ومن دخله على حسن الحال والأعمال فكأنه. دخل جنته ووجد نعيما لا يزول ولا يزال بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بسبب ثباتكم على التقوى والطاعة والعمل وان لم يكن موجبا للجنة لان الدخول فيها محض فضل من الله الا ان الباء دلت على ان الدرجات انما تنال بالأعمال وصدق الأحوال فان المراد من دخول الجنة انما هو اقتسام المنازل بحسب الأعمال [وگفته اند] زرع يومك حصاد غدك
بكوش امروز تا تخمى بپاشى ... كه فردا بر جوى قادر نباشى
گر اينجا كشت كردن را نورزى ... در ان خرمن به از ارزن نيرزى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان دخول الجنة للاتقياء جزاء لاصلاح أعمالهم والعبور عليها جزاء لاصلاح اخلاقهم والخروج الى مقعد الصدق جزاء لاصلاح أحوالهم فلكل متق مقام بحسب معاملته مع الله تعالى وفى الحديث (عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النبيون والصديقون والشهداء يقول الله تعالى طوبى لمن دخلك) قال فى بحر العلوم المراد بالصديق كل من آمن بالله ورسله ولم يفرق بين أحد منهم بدليل قوله تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ويدل عليه ايضا الآية التي نحن فيها كما لا يخفى ويعضده قول النبي عليه السلام (الله تعالى بنى جنات عدن بيد قدرته وجعل ملاطها المسك وترابها وحصباءها اللؤلؤ لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرس غرسها بيد قدرته وقال لها تكلمى قالت قد أفلح المؤمنون فقال طوبى لك منزل الملوك) وفى قولها قد أفلح المؤمنون تنبيه على ان سكانها اهل الايمان بالله ورسله انتهى يقول الفقير لا شك ان اهل الايمان كلهم يدخلون الجنة لكن بحسب تفاوت درجاتهم فى مراتب
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه هلاك كرد باد قوم هود عليه السلام را(5/31)
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (34) وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)
الايمان تتفاوت منازلهم الجنانية فالفردوس وعدن للخواص ومن يلحق بهم وغيرهما للعوام وكمال الايمان انما يحصل بمكاشفة اسرار الملكوت ومشاهدة أنوار الجبروت وصاحبه الصديق الأكبر والدليل على ما قلنا قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا فانهم قد قالوا فى التفسير ان أهلها هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وهو الوصف الزائد على مطلق الايمان ولذا وعدوا بتلك الجنان إذ من كان ارفع مرتبة فى الدنيا بحسب العلوم النافعة والأخلاق الفاضلة كان أعلى درجة فى الجنةلْ يَنْظُرُونَ
[آيا انتظار ميبرند كفار مكه] اى ما ينتظرون لَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ
اى ملك الموت وأعوانه لقبض أرواحهم بالعذاب لمواظبتهم على الأسباب الموجبة له المؤدية اليه فكأنهم يقصدون إتيانه ويترصدون لوروده وْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ
اى العذاب الدنيوي وقد اتى يوم بدرذلِكَ
مثل فعل هؤلاء من الشرك والظلم والتكذيب والاستهزاءعَلَ الَّذِينَ
خلوانْ قَبْلِهِمْ
من الأمم ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ
بما سيتلى من عذابهم لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
بالكفر والمعاصي المؤدية اليه فَأَصابَهُمْ عطف على قوله فعل الذين من قبلهم. والمعنى بالفارسية [رسيد ايشانرا بحكم عدل] سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا اى اجزية أعمالهم السيئة على طريقة تسمية المسبب باسم سببه إيذانا بفضاعته لا على حذف المضاف فانه يوهم ان لهم أعمالا غير سيآتهم وَحاقَ بِهِمْ اى أحاط بهم ونزل من الحيق الذي هو احاطة الشر كما فى القاموس الحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب الموعود وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا اى اهل مكة لَوْ شاءَ اللَّهُ عدم عبادتنا لشئ غيره ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ [بجز خداى تعالى] مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا الذين نقتدى بهم فى ديننا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ [بجز خداى تعالى] مِنْ شَيْءٍ يعنى تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ومذهب اهل السنة ان الكفر والمعاصي وسائر افعال العباد بمشيئة الله وخلقه والكفار وان قالوا ان الشرك وغيره بمشيئة الله لكنهم يستدلون بذلك على اباحة تحريم الحلال وسائر ما يرتكبون من المعاصي ويزعمون ان الشرك والمعاصي إذا كانت بمشيئة الله تعالى ليست معصية ولا عليها عذاب فهذا كلام حق أريد به الباطل فصار باطلا وفى المدارك هذا الكلام صدر منهم استهزاء ولو قالوه اعتقادا لكان صوابا انتهى [حسين بن فضل گفته كه اگر كفار اين سخن از روى تعظيم وإجلال ومعرفت الهى گفتندى حق سبحانه وتعالى ايشانرا بدان عيب نكردى] : قال الحافظ
درين چمن نكنم سرزنش بخودرويى ... چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
: وقال
نقش مستورى ورندى نه بدست من وتست ... آنچهـ سلطان ازل گفت بكن آن كردم
يقول الفقير فرق بين الجاهل الغافل المحجوب وبين العارف المتيقظ الواصل الى المطلوب والأدب اسناد المقابح الى النفس والمحاسن الى الله تعالى فانه توحيد أي توحيد كَذلِكَ اى مثل ذلك الفعل الشنيع فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم اى أشركوا بالله وحرموا(5/32)
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (39) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)
حله وعصوا رسله وجادلوهم بالباطل حين نبهوهم على الخطأ وهدوهم الى الحق فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ [پس هست بر فرستادگان يعنى نيست بر ايشان] إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى ليست وظيفتهم الا تبليغ الرسالة تبليغا واضحا واطلاع الخلق على بطلان الشرك وقبحه لا ألجأهم الى قبول الحق وتنفيذ قولهم عليهم شاؤا او أبوا وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم. وبالفارسية [در ميان هر گروهى] رَسُولًا خاصا بهم كما بعثناك أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ان مفسرة لبعثنا اى قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله وحده وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ هو الشيطان وكل ما يدعوا الى الضلالة وذلك لالزام الحجة وقطع المعذرة مع علمه ان منهم من لا يأتمر بالأوامر ولا يؤمن. والطاغوت فعلوت من الطغيان كالجبروت والملكوت من الجبر والملك وأصله طغيوت فقدم اللام على العين وتاؤه زائدة دون التأنيث فَمِنْهُمْ اى من تلك الأمم والفاء فصيحة اى فبلغوا ما بعثوا به من الأمر بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت فتفرقوا فمنهم مَنْ هَدَى اللَّهُ خلق فيه الاهتداء الى الحق الذي هو عبادته واجتناب الطاغوت بعد صرف قدرتهم واختيارهم الجزئى الى تحصيله وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [گمراهى بسبب خذلان الهى] اى وجبت وثبتت الى حين الموت لعناده وإصراره عليها وعدم صرف قدرته فلم يخلق فيه الاهتداء ولم يرد ان يطهر قلبه فَسِيرُوا سافروا يا معشر قريش إذ الكلام معهم فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا فى أكنافها وفى الفاء الموضوعة للتعقيب اشارة الى وجوب المبادرة الى النظر والاستدلال المؤديين الى الإقلاع عن الضلال كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من عاد وثمود ومن سار بسيرتهم ممن حقت عليه الضلالة لعلكم تعتبرون حين تشاهدون من منازلهم وديارهم آثار الهلاك والعذاب إِنْ تَحْرِصْ يا محمد عَلى هُداهُمْ اى ان تطلب هداية قريش بجهدك. وبالفارسية [اگر سخت كوشى وحرص ورزى] فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ اى فاعلم ان الله لا يخلق الهداية جبرا وقهرا فيمن يخلق فيه الضلالة بسوء اختياره وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ من ينصرهم برفع العذاب عنهم وصيغة الجمع فى الناصرين باعتبار الجمعية فى الضمير فان مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد الى الآحاد واعلم ان سرّ بعثة الأنبياء عليهم السلام الى الخلق ان يأمروهم بعبادة الله واجتناب طاغوت الهوى وما يعبدون من دون الله ويعلموهم كيفية العبادة الخالصة من الشوائب وكيفية الاجتناب عما سوى الله ليصلوا بهذين القدمين الى حضرة الجلال كما قال بعضهم خطوتان وقد حصلت. فالخطوة الاولى عبادة الله بالتوحيد وهو التوجه الى الله تعالى بالكلية طلبا وشوقا ومحبة. والثانية الخروج عما سوى الله بالكلية صدقا واجتهادا بليغا لينالوا ما نال من قال لربه- كلى بكلك مشغول فقال كلى لكلك مبذول- كما فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العبودية وهى رفض المشيئة لان العبد لا مشيئة له لانه لا يملك ضرا ولا نفعا- وحكى- ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله اشترى عبدا فقال له أي شىء تأكل قال ما تطعمنى قال أي شىء تعمل قال ما تستعملنى قال أي شىء لك ارادة قال واين تبقى ارادة العبد فى جنب ارادة سيده ثم راجع ابراهيم نفسه وقال يا مسكين ما كنت لله فى عمرك ساعة مثل ما كان هذا لك فى هذه الحالة ان قلت الطاعة(5/33)
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (39)
راجحة أم ترك المخالفات قلت الاحتماء غالب على المعالجة بالادوية كما يفعله اهل الهند فانهم يداوون مرضاهم بترك الاكل أياما وقد قال ابو القاسم لا تطلبوا الآخرة بالبذل والإيثار واطلبوا بالترك والكف. وهذا عكس ما عليه اهل الزمان فان عبادهم يأتون ما أمكن لهم من الطاعات وهم غرقى فى بحر المخالفات إذ ليس مبالاة فى باب التروك فلوانهم اقتصروا على الفرائض والواجبات واجتهدوا فى باب الكف عن الرذائل والمخالفات لكان خيرا لهم ولذا قال فى المثنوى
بهر اين بعض صحابه از رسول ... ملتمس بودند مكر نفس غول
گو چهـ آميزد ز اغراض نهان ... در عبادتها ودر اخلاص جان
فضل طاعت را نجستندى ازو ... عيب ظاهر را نجستندى كه كو «1»
مو بمو وذره ذره مكر نفس ... مى شناسيدند چون كل از كرفس
نسأل الله تعالى ان يهدينا الى حق اليقين ويعصمنا من اعمال من قال فى حقهم وما لهم من ناصرين وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ الاقسام [سوگند خوردن] والقسم محركة اليمين بالله. والمعنى بالفارسية [سوگند خوردند بخداى تعالى] عن ابى العالية كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فاتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به والذي أرجوه بعد الموت انه لكذا: يعنى [در أثناء مكالمه گفت بدان خداى كه بعد از مرك بلقاء او اميدوارم] فقال المشرك انك لتزعم انك تبعث بعد الموت [اى گفت تو اميدوارى كه بعد از مرك زنده شوى مسلمان گفت آرى آن كافر بايمان غلاظ وشداد كه در كيش او مقرر بود سوگند ياد كرد كه هيچكس بعد از مرك زنده نشود] فانزل الله تعالى هذه الآية جَهْدَ أَيْمانِهِمْ [سخترين سوگند ايشان يعنى جهد كردند در تغليظ سوگند] يقال جهد الرجل فى كذا كمنع جد فيه وبالغ واجتهد قال فى القاموس وقوله تعالى جَهْدَ أَيْمانِهِمْ اى بالغوا فى اليمين واجتهدوا انتهى مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم اى حلفوا بالله مبالغين فى ايمانهم حتى بلغوا غاية شدتها ووكادتها وفى تفسير ابى الليث كل من حلف بالله فهو جهد اليمين لانهم كانوا يحلفون بالأصنام وبآبائهم ويسمون اليمين بالله جهد ايمانهم لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ مقسم عليه بَلى اثبات لما بعد النفي اى بلى يبعثهم وَعْداً اى وعد بذلك وعدا ثابتا عَلَيْهِ إنجازه لامتناع الخلف فى وعد الله تعالى حَقًّا اى حق حقا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انهم يبعثون والقول بعدمه لجهلهم بشئون الله تعالى من العلم والقدرة والحكمة وغيرها من صفات الكمال وبما يجوز عليه وما لا يجوز وعدم وقوفهم على سر التكوين والغاية القصوى منه لِيُبَيِّنَ لَهُمُ عبارة عن اظهار ما كان مبهما قبل ذلك اى يبعث الله كل من يموت مؤمنا كان او كافرا ليبين لهم الشان الَّذِي يَخْتَلِفُونَ مع المؤمنين فِيهِ من الحق المنتظم للبعث والجزاء وجميع ما خالفوه مما جاء به الشرع المبين والمؤمنون وان كانوا عالمين بذلك عند معاينة حقيقة الحال يتضح الأمر فيصل علمهم الى مرتبة عين اليقين لانه يحصل لهم مشاهدة الأحوال كما هى ومعاينتها بصورها الحقيقية وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله تعالى بالاشراك وانكار البعث
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان قبول كردن نصرانيان او را از پوشش وضعف(5/34)
إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)
وتكذيب وعده الحق عند ما خرجوا من قبورهم أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ فى قولهم لا يبعث الله من يموت ونحوه وهو اشارة الى السبب الداعي الى البعث المقتضى له من حيث الحكمة وهو التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل بالثواب والعقاب إِنَّما ما كافة قَوْلُنا مبتدأ لِشَيْءٍ اى أي شىء كان مما عزوهان متعلق بقولنا على ان اللام للتبليغ كهى فى قولنا قلت له قم فقام فان قلت فيه دليل على ان المعدوم شىء لانه سماه قبل كونه قلت التعبير عنه بذلك باعتبار وجوده عند تعلق مشيئته تعالى لا انه كان شيأ قبل ذلك وفى التأويلاث النجمية فى الآية دلالة على ان المعدوم الذي فى علم الله إيجاده قبل إيجاده شىء بخلاف المعدوم الذي فى علم الله عدمه ابدا إِذا أَرَدْناهُ ظرف لقولنا اى وقت ارادتنا لوجوده أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ خبر للمبتدأ اى أحدث لانه من كان التامة بمعنى الحدوث التام فَيَكُونُ عطف على مقدر اى فنقول ذلك فيكون او جواب لشرط محذوف اى فاذا قلنا ذلك فهو يكون ويحدث عقيب ذلك وهذا الكلام مجاز عن سرعة الإيجاد وسهولته على الله وتمثيل الغائب وهو تأثير قدرته فى المراد بالشاهد وهو امر المطاع للمطيع فى حصول المأمور به من غير امتناع وتوقف ولا افتقار الى مزاولة عمل واستعمال آلة وليس هناك قول ولا مقول له ولا آمر ولا مأمور حتى يقال انه يلزم أحد المحالين اما خطاب المعدوم او تحصيل الحاصل. والمعنى ان إيجاد كل مقدور على الله بهذه السهولة فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو من بعض المقدورات
آنكه پيش از وجود جان بخشد ... هم تواند كه بعد از ان بخشد
چون در آورد از عدم بوجود ... چهـ عجب باز اگر كند موجود
وذهب فخر الإسلام وغيره الى ان حقيقة الكلام مرادة بان اجرى الله سنته فى تكوين الأشياء ان يكوّنها بهذه الكلمة إذ لم يمتنع تكوينها بغيرها. والمعنى يقول له أحدث فيحدث عقيب هذا القول لكن المراد هو الكلام النفسي المنزه عن الحروف والأصوات لا الكلام اللفظي المركب منهما لانه حادث يستحيل قيامه بذاته تعالى يقول الفقير أفادني شيخى وسندى روح الله روحه فى قوله عليه السلام (ان الله فرد يحب الفرد) ان مقام الفردية يقتضى التثليث فهو ذات وصفة وفعل وامر الإيجاد يبنى على ذلك واليه الاشارة بقوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فهو ذات وارادة وقول والقول مقلوبه بعد الاعلال اللقا فليس عند الحقيقة هناك قول وانما هو لقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه فافهم هذه الدقيقة. قال الروح ينزل بالمطر وله تعين فى كل نشأة بما يناسب حاله فعند تمام الخلقة فى الرحم ينفخ الله تعالى الروح وهو عبارة عن تعين الروح وظهوره كظهور النار من غير إيقاد ولكن عبر عنه بالنفخ تفخيما لان العقل قاصر عن دركه ولذا قال العلماء لا يبحث عن ذات الباري تعالى وكيفية تعلق القدرة بالمعدومات وكيفية العذاب بعد الموت وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ اى فى شأن الله ورضاه وفى حقه والتمكين من طاعته ولوجهه مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا هم الذين ظلمهم اهل مكة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجوهم من ديارهم فهاجروا الى الحبشة ثم الى المدينة فجمعوا بين الهجرتين(5/35)
الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)
لا المهاجرون مطلقا فان السورة مكية- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين نذهب قال (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) فهاجر إليها ناس ذو عدد قال بعضهم كانوا فوق ثمانين مخافة الفتنة فرارا الى الله تعالى بدينهم منهم من هاجر الى الله باهله كعثمان بن عفان رضى الله عنه هاجر ومعه زوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول خارج ومنهم من هاجر بنفسه وفى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب له الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليها السلام) لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم فِي الدُّنْيا حَسَنَةً اى مباءة حسنة وهى المدينة المنورة حيث آواهم أهلها ونصروهم. يقال بوأه منزلا أنزله والمباءة المنزل فهى منصوبة على الظرفية او على انها مفعول ثان ان كان لنبوئنهم فى معنى لنعطينهم وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ المعد لهم فى مقابلة الهجرة أَكْبَرُ مما يعجل لهم فى الدنيا فى المدارك الوقف لازم عليه لان جواب قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ محذوف والضمير للكفار اى لو علموا ان الله تعالى يجمع لهؤلاء المهاجرين خير الدارين لوافقوهم فى الدين ويجوز ان يعود الى المؤمنين المهاجرين فانهم لو علموا علم المشاهدة لازدادوا فى المجاهدة والصبر وأحبوا الموت وليس الخبر كالمعاينة الَّذِينَ اى المهاجرون هم الذين صَبَرُوا على مفارقة الوطن الذي هو حرم الله المحبوب فى كل قلب فكيف بقلوب قوم هو مسقط رؤسهم- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما توجه مهاجرا الى المدينة وقف ونظر الى مكة وبكى وقال (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله تعالى وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قال الهمام
مشتاب ساربان كه مرا پاى در كلست ... در كردنم ز حلقه زلفش سلاسلست
تعجيل ميكنى تو و پايم نمى رود ... بيرون شدن ز منزل اصحاب مشكلشت
چون عاقبت ز صحبت ياران بريد نيست ... پيوند با كسى نكند هر كه عاقلست
وكذا صبروا على مفارقة الأهل والشدائد من اذية الكفار وبذل الأرواح ونحو ذلك وَعَلى رَبِّهِمْ خاصة يَتَوَكَّلُونَ منقطعين اليه معرضين عما سواه مفوضين اليه الأمر كله والمعنى على المضي والتعبير بصيغة المضارع لاستحضار صورة توكلهم البديعة والاشارة وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ بالأبدان عما نهى الله عنه بالشريعة وهاجروا بالله بالقلوب عن الحظوظ الاخروية برعاية الطريقة وهاجروا الى الله بالأرواح عن مقامات القربة ورؤية الكرامات بجذبات الحقيقة بل هاجروا عن الوجود المجازى مستهلكا فى بحر الوجود الحقيقي حتى لم يبق لهم فى الوجود سوى الله من بعد ما ردوا الى أسفل السافلين لننزلنهم على اقرب القرب فى حال حياتهم ولا جر الآخرة اى بعد الخروج من الدنيا والخلاص من حبس أوصاف البشرية وتلوثها بها اكبر اى أعظم وأجل وأصفى وأهنى وامرى مما كان لهم من حسنات الدنيا لو كانوا(5/36)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)
يعلمون قدره ويؤدون شكره الذين صبروا على الائتمار بالأوامر وعلى الانتهاء عن النواهي بل صبروا على المجاهدات والمكابدات لنيل المشاهدات والمواصلات وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
صبروا بالله فى طلبه وتوكلوا على الله فى وجدانه فبالصبر ساروا وبالتوكل طاروا ثم فى الله حاروا حيرة لا نهاية لها الى الابد كما فى التأويلات النجمية اعلم ان من توكل على الله وانقطع اليه كفاه الله كل مؤونة ومن انقطع الى الدنيا وأهلها لا يتم امره فان اهل الدنيا لا تقدر على النفع وإيصال الخير ما لم يرد الله قال ابو سعيد الخراز قدس سره أقمنا بمكة ثلاثة ايام لم نأكل شيأ وكان بحذائنا فقير معه ركوة مغطاة بحشيش وربما أراه يأكل خبزا حوارى فقلت له نحن ضيفك فقال نعم فلما كان وقت العشاء مسح يده على سارية فناولنى درهمين فاشترينا خبزا فقلت بم وصلت الى ذلك فقال يا أبا سعيد بحرف واحد تخرج قدر الخلق من قلبك تصل الى حاجتك وَما أَرْسَلْنا وذلك ان مشركى قريش لما بلغهم النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة ودعاهم الى عبادة الله تعالى أنكروا ذلك وقالوا الله أعظم من ان يكون رسوله بشرا ولو أراد ان يبعث إلينا رسولا لبعث من الملائكة الذين عنده فنزل قوله تعالى وما أرسلنا مِنْ قَبْلِكَ اى الأمم الماضية إِلَّا رِجالًا آدمين لا ملكا وقوله تعالى جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا اى الى الملائكة او الى الأنبياء ولا امرأة إذ مبنى حالها على الستر والنبوة تقتضى الظهور ولا صبيا ونبوة عيسى فى المهد لا تنافيه إذ الرسالة أخص قال ابن الجوزي اشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشئ نُوحِي إِلَيْهِمْ على ألسنة الملائكة فى الأغلب واكثر الأمر وفيه اشارة الى ان الرسالة والنبوة والولاية لا تسكن الا فى قلوب الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
نه هر كس سزاوار باشد بصدر ... كرامت بفضلست ورتبت بقدر
فَسْئَلُوا اى فان شككتم فى ذلك فاسألوا يا معشر قريش أَهْلَ الذِّكْرِ علماء اهل الكتاب ليخبروكم ان الله تعالى لم يبعث الى الأمم السالفة إلا بشرا وكانوا يشاورونهم فى بعض الأمور ولذلك أحالهم الى هؤلاء للالزام إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذلك وفى الآية اشارة الى وجوب المراجعة الى العلماء فيما لا يعلم وسئل الامام الغزالي رحمه الله من اين حصل لك الإحاطة بالعلوم أصولها وفروعها فتلا هذه الآية اى أفاد ان ذلك العلم الكلى انما حصل باستعلام المجهول من العلماء وترك العار وقدورد [الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها] يعنى ينبغى للمؤمن ان يطلب الحكمة كما يطلب ضالته بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ بالمعجزات والكتب والباء متعلقة بمقدر وقع جوابا عن سؤال من قال بم أرسلوا فقيل أرسلوا بالبينات والزبر. والبينات جمع بينة وهى الواضحة. والزبر جمع زبور وهو الكتاب بمعنى المزبور اى المكتوب وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ اى القرآن انما سمى به لانه تذكير وتنبيه للغافلين. يعنى انه سبب الذكر فاطلق عليه المسبب لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ كافة العرب والعجم ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فى ذلك الذكر من الاحكام والشرائع وغير ذلك من احوال القرون المهلكة بافانين العذاب حسب أعمالهم الموجبة لذلك على وجه التفصيل بيانا شافيا كما ينبئ عنه صيغة التفعيل فى الفعلين وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(5/37)
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45)
التفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب اى وإرادة ان يجيلوا فيه افكارهم فيتنبهوا للحقائق وما فيه من العبر ويحترزوا عما يؤدى الى مثل ما أصاب الأولين من العذاب وفى التأويلات النجمية ولعلهم اى وفى إنزال الذكر إليك حكمة اخرى وهى لعل الناس يتفكرون فيما يسمعون من بيان القرآن والاحكام منك على انك أمي ما قرأت الكتب المنزلة ولا تعلمت العلوم وانما تبين لهم من نور الذكر فيلازمون الذكر ويواظبون عليه ليصلوا الى مقام المذكورين فى متابعتك ورعاية سنتك ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن جلاء القلب قال (ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة علىّ) ولا شك ان خير الاذكار كلمة التوحيد قال ابراهيم الخواص رحمه الله دواء القلب خمسة. قراءة القرآن بالتدبر. وخلاء البطن. وقيام الليل. والتضرع الى الله عند السحر. ومجالسة الصالحين وفى أبكار الافكار أفضل الذكر قراءة القرآن فانها أفضل من الدعوة الغير المأثورة. واما المأثورة فقيل انها أفضل منها وقيل القراءة أفضل انتهى وفى نفائس المجالس مما يجب فيه التدبر والتذكر قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا فالله تعالى امر المؤمنين بالايمان اى بتكرار عقد القلب وتجديده كما ورد (جددوا ايمانكم بقول لا اله الا الله) قال بعض الكبار قد علم بحديث التجديد ان الايمان يقبل البلى وذلك بزوال الحب وتجديده بالتوحيد وكلمة التوحيد مركبة من النفي والإثبات فبنفى ما سوى المعبود واثبات ما هو المقصود يصل الموحد الى كمال الشهود وحصول ذلك بنور التلقين والكينونة التامة مع الصادقين كما قال تعالى وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ والكينونة صورية وهى بملازمة اهل الصدق ومجالستهم ومعنوية وهى باتخاذ الاسرار وتحصيل المناسبة المعنوية فلا بد من الارتباط بواحد من الصادقين ز من اى دوست اين يك پند بپذير برو فتراك صاحب دولتى گير كه قطره تا صدف را در نيايد نكردد گوهر وروشن نتابد واعلم ان التبيين حق اهل الدعوة والإرشاد إذ ليس عليهم الا البلاغ المبين والعمل بموجب الدعوة على العباد إذ ليس عليهم إلا قبول ما جاء من طرف النبي الامين فاذا قبلوا ذلك ورجعوا فى المشكلات اليه أو إلى وارث من ورثته الكمل علموا ما لم يعلموا ووصلوا الى كمال العلم والعمل وحصلوا عند المقصود من نزول القرآن فطوبى لهم فلهم درجات الجنان ورؤية المنان أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ هم اهل مكة الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وراموا صدّ أصحابه عن الايمان واحتالوا فى ابطال الإسلام والفاء عطف على مقدر والإنكار موجه الى المعطوفين معا. والسيئات نعت لمصدر محذوف اى ألم يتفكروا فامن الذين مكروا المكرات السيئات التي قصت عنهم او مفعول به لمكروا على تضمينه معنى فعلوا اى فعلوا السيئات وعملوا الكفر والمعاصي أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ مفعول لا من اى ان يغوّ ربهم الأرض حتى يدخلوا فيها الى الأرض السفلى كما فعل بقارون وأصحابه. وبالفارسية [از آنكه فرو برد خداى تعالى ايشانرا در زمين] ذكر الحافظ ان الكركي لا يطأ الأرض بقدميه بل بإحداهما فاذا وطئها لم يعتمد عليها خوفا ان تخسف الأرض فاذا لم يأمن الطير من الخسف فما بال(5/38)
أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)
الإنسان العاقل يمشى على الأرض وهو غافل أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه اى فى حال غفلتهم
ديدى آن قهقه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود
أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ التقلب [بركشتن] وفى القاموس تقلب فى الأمور تصرف كيف شاء انتهى اى فى حالتى تقلبهم فى مسايرتهم ومتاجرهم واسباب دنياهم وقال سعدى المفتى الظاهر ان المراد من قوله او يأتيهم إلخ حال نومهم وسكونهم ولا يلزم ان يكون من جانب السماء ومن الثانية إتيانه حال يقظتهم وتصرفهم كقوله تعالى فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ بناجين من عذاب الله القهار سابقين قضاءه بالهرب والفرار على ما يوهمه التقلب والسير فى الديار وفى الحديث (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته) اى ليمهل ويطول عمره حتى يكثر منه الظلم ثم يأخذه أخذا شديدا فاذا اخذه لم يتركه ولم يخلصه أحد من الله وفى الحديث تسلية للمظلوم ووعيد للظالم لئلا يغتر بامهاله: قال الشيخ سعدى قدس سره
مها زورمندى مكن بركهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان
نمى ترسى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد
أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ قال فى القاموس تخوف الشيء تنقصه ومنه او يأخذهم على تخوف انتهى. ولقى رجل أعرابيا فقال يا فلان ما فعل دينك فقال تخوفته يعنى تنقصته كما فى تفسير ابى الليث. والمعنى او يأخذهم على ان ينقصهم شيأ بعد شىء فى أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا ولا يهلكهم فى حالة واحدة فيكون المراد مما قبلها عذاب الاستئصال ومنها الاخذ شيأ فشيأ والمراد بذكر الأحوال الثلاث بيان قدرة الله تعالى على إهلاكهم بأى وجه كان لا الحصر فيها فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث لا يعاجلكم بالعقوبة ويحلم عنكم مع استحقاقكم لها والمعنى انه إذا لم يأخذكم مع ما فيه فانما رأفته تقيكم ورحمته تحميكم وفى التأويلات النجمية رؤف بالعباد إذا عطاهم حسن الاستعداد رحيم عليهم عند إفساد استعدادهم بالمعاصي بان لا يأخذهم فى الحال ويتوب عليهم فى المآل ويقبل توبتهم بالفضل والنوال ومن المعاصي التقلب من اعمال الدنيا الى اعمال الآخرة بالرياء او من اعمال الآخرة الى اعمال الدنيا بالهوى وعذابه الرد من حرم القبول والرجع من درجات الوصول فعلى العاقل التيقظ فى الأمور وترك السيئات والشرور فانه لا يشعر من اين يأتى العذاب من قبل الأعمال الدنيوية او من قبل الأعمال الاخروية ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيئ الأدب بإظهار دعوى مثلا فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد وأوجب الابعاد اعتبارا بظاهر الأمر وما ذلك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال بعضهم الزم الأدب ظاهرا وباطنا فما أساء أحد الأدب فى الظاهر إلا عوقب ظاهرا ولا أساء أحد الأدب فى الباطن الا عوقب باطنا من ضيع الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب ومردود من حيث(5/39)
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)
يظن القبول وقال رويم لابن خفيف اجعل عملك ملحا وأدبك دقيقا: وفى المثنوى
از خدا جوييم توفيق وادب ... بي ادب محروم كشت از لطف رب «1»
بي ادب تنها نه خود را داشت بد ... بلكه آتش در همه آفاق زد
هر كه نامردى كند در راه دوست ... رهزن مردان شد ونامرد اوست
اللهم اجعلنا من المتأدبين بآداب حبيبك وأصحابه الى يوم السؤال وجوابه أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار وهى داخلة فى الحقيقة على النفي وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات. والرؤية هى البصرية المؤدية الى التفكر والضمير لكفار مكة اى ألم ينظروا ولم يروا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ اى قد رأوا أمثال هذه الصنائع فما لهم لم يتفكروا فيه ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه مِنْ شَيْءٍ بيان لما الموصولة اى من كل شىء يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ اى ترجع شيأ فشيأ من جانب الى جانب وتدور من موضع الى موضع حسبما تقتضيه ارادة الخالق فان التفيؤ مطاوع الافاءة قال فى تهذيب المصادر التفيؤ [باز آمدن سايه بعد از انتصاف النهار] ولا يكون التفيؤ الا بالعشي قال الله تعالى يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ انتهى. والظلال جمع الظل وهو بالفارسية [سايه] والجملة صفة لشئ قال فى الإرشاد ولعل المراد بالموصول الجمادات من الجبال والأشجار والأحجار التي لا يظهر لظلالها اثر سوى التفيؤ بارتفاع الشمس وانحدارها واما الحيوان فظله يتحرك بتحركه وفى التبيان يريد به الشجر والنبات وكل جسم قائم له ظل عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ متعلق بيتفيئ. والشمائل جمع شمال.؟؟؟ ضد اليمين وبالفتح الريح التي مهبها بين مطلع الشمس وبنات نعش او من مطلع النعش الى مسقط النسر الطائر كما فى القاموس اى ألم يروا الأشياء التي لها ظلال متفيئة عن إيمانها وشمائلها اى عن جانبى كل واحد منها وشقيه وفى التبيان اى فى أول النهار عن اليمين وفى آخره عن الشمال يعنى من جانب الى جانب إذا كنت متوجها الى القبلة استعارة من يمين الإنسان وشماله لجانبى الشيء وتوحيد اليمين وجمع الشمائل لان مذهب العرب إذا اجتمعت علامتان فى شىء واحد ان يلغى واحد ويكتفى بأحدهما كقوله تعالى وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ وقوله تعالى يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ كذا فى الاسئلة المقحمة والاشارة ان المخلوقات على نوعين. منها ما خلق من شىء كعالم الخلق وهو عالم الأجسام. ومنها ما خلق من غير شىء كعالم الأمر وهو عالم الأرواح كما قال تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وانما سمى عالم الأرواح الأمر لانه خلقه بامر كن من غير شىء بلا زمان كما قال تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً يعنى خلقت روحك من قبل خلق جسدك ومنه قوله عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) كذا فى التأويلات النجمية سُجَّداً لِلَّهِ اى حال كون تلك الظلال ساجدين لله دائرين على مراد الله فى الامتداد والتقلص وغيرهما غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيؤ وَهُمْ داخِرُونَ يقال دخر كمنع وفرح دخورا ودخرا صغر وذل وادخره كما فى القاموس وهو حال من الضمير فى ظلاله والجمع باعتبار المعنى إذ المراد ظلال كل شىء وإيراد صيغة الخاصة بالعقلاء لان الدخور من خصائصهم أو لأن من جملة ذلك من يعقل
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان خواستن توفيق رعايت ادب ووخامت بي ادبى(5/40)
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)
فغلب. والمعنى ترجع الظلال من جانب الى جانب بارتفاع الشمس وانحدارها منقادة لما قدر لها من التفيؤ والحال ان أصحابها من الاجرام داخرة اى صاغرة منقادة لحكمه تعالى ووصفها بالدخور منن عن وصف ظلالها به وبعد ما بين سجود الظلال من الاجرام السفلية الثابتة فى أحيازها ودخورها له سبحانه شرع فى بيان سجود المخلوقات المتحركة بالارادة سواء كانت لها ظلال أم لا فقيل وَلِلَّهِ يَسْجُدُ اى له تعالى وحده ويخضع وينقاد لا لشئ غيره استقلالا واشتراكا فالقصر ينتظم القلب والافراد ما فِي السَّماواتِ من العلويات قاطبة ودخل فيه الشمس والقمر والنجوم وَما فِي الْأَرْضِ كائنا ما كان مِنْ دابَّةٍ بيان لما فى الأرض فان قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ يدل على اختصاص الدابة بما فى الأرض لان ما فى السماء لا يخلق بطريق التولد وليس لهم دبيب بل لهم اجنحة يطيرون بها بقول الفقير الظاهر ان الطيران لا ينافى الدبيب وقد نقل ان فى السماء خلقا يدبون ودبيبه لا يستلزم كونه مخلوقا من الماء المعهود إذ من الماء كل شىء حى فيكون من دابة بيانا لما فى السماء والأرض وما عام للعقلاء وغيرهم وفى الاسئلة المقحمة ان ما لا يعقل اكثر عددا ممن يعقل فغلب جانب ما لا يعقل لانه اكثر عددا وَالْمَلائِكَةُ عطف على ما فى السموات عطف جبريل على الملائكة تعظيما وإجلالا وَهُمْ اى والحال ان الملائكة مع علو شأنهم لا يَسْتَكْبِرُونَ لا يتعظمون عن عبادته والسجود له بل يتذللون فكل شىء بين يدى صانعه ساجد بسجود يلائم حاله كما ان كل شىء يسبح بحمده تسبيحا يلائم حاله فتسبيح بعضهم بلسان القال وتسبيح بعضهم بلسان الحال والله يعلم لسان حالهم كما يعلم لسان قالهم: وفى المثنوى
چون مسبح كرده هر چيز را ... ذات بي تمييز وبا تمييز را
هر يكى تسبيح بر نوع دكر ... كويد او از حال آن اين بي خبر
آدمي منكر ز تسبيح جماد ... وان جماد اندر عبادت او ستاد «1»
واعلم ان الله تعالى اعطى لكل شىء من اصناف المخلوقات من الحيوانات الى الجمادات سمعا وبصرا ولسانا وفهما به يسمع كلام الحق ويبصر شواهد الحق ويكلم الحق ويفهم اشارة الحق كما اخبر الله تعالى عن حال السموات والأرض وهما فى العدم أعطاهما سمعا به سمعتا قوله ائتيا طوعا او كرها وأعطاهما فهما به فهمتا كلامه وأعطاهما لسانا به قالتا اتينا طائعين فكل شىء يسبح الله بذلك اللسان ويسجد له بذلك الطوع فمن هذا اللسان الملكوتي معجزة النبي عليه السلام كانت الحصى تسبح فى يده. وكذلك الأحجار الثلاثة كلمت داود عليه السلام واوّبت الجبال معه ولما قال الله تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فلا يبعد ان يسجد لله كل شىء وان لم نفقه سجوده قال الكاشفى [درين آيت سجده بايد كرد واين سجده سوم است از سجدهاى قرآنى. وحضرت شيخ قدس سره در فتوحات اين را سجود عالم بالا وادنا خوانده كه در مقام ذلت وخوف حق را سجده مى كنند پس بنده بايد كه درين محل بدين صفت موسوم شود خود را بزمره ساجدان گنجايش دهد] يَخافُونَ رَبَّهُمْ اى مالك أمرهم والجملة حال من الضمير فى لا يستكبرون مِنْ فَوْقِهِمْ
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان دو بدن كاوى در خانه آن دعا كننده بإلحاح إلخ(5/41)
وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)
اى يخافونه تعالى خوف هيبة وإجلال وهو فوقهم بالقهر لقوله تعالى وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ فهو حال من ربهم قال فى التبيان عند قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ يعنى الغالب عباده وفوق صلته انتهى. او يخافون ان يرسل عليهم عذابا من فوقهم فهو متعلق بيخافون قال فى التأويلات النجمية معنى يَخافُونَ رَبَّهُمْ اى يأتيهم العذاب مِنْ فَوْقِهِمْ ان عصوه وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ اى ما يأمرهم الخالق من الطاعات والتدبيرات من غير تثاقل عنه وتوان فيه وفيه ان الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهى والوعد والوعيد وبين الخوف والرجاء وفى الحديث (ان لله ملائكة فى السماء السابعة سجد منذ خلقهم الله الى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا ما عبدناك حق عبادك) كذا فى تفسير ابى الليث ويقال من لسان الاشارة ان الأمطار والمياه دموع الملائكة والأرض فهم يخافون الله تعالى بقدر ما وسعهم من معرفة جلاله فما بال الإنسان يمشى آمنا ضاحكا مع سوء حاله والله الهادي وَقالَ اللَّهُ لجميع المكلفين لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ تأكيد إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ لا شريك له ولا شبيه
از همه در صفات ذات خدا ... ليس شىء كمثله ابدا
فَإِيَّايَ لا غيرى فَارْهَبُونِ خافون وَلَهُ وحده خلقا وملكا ما فِي السَّماواتِ من الملائكة وَالْأَرْضِ من الجن والانس وَلَهُ الدِّينُ اى الطاعة والانقياد من كل شىء فى السموات والأرض وما بينهما واصِباً حال من الدين اى واجبا ثابتا لا زوال له لانه الإله وحده الواجب ان يرهب منه يقال وصب يصب وصوبا اى دام وثبت أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر اى أبعد العلم بما ذكر من التوحيد واختصاص الكل به خلقا وملكا غير الله تطيعون فتتقون وَما بِكُمْ اى أي شىء يلابسكم ويصاحبكم مِنْ نِعْمَةٍ
أي نعمة كانت كالغنى وصحة الجسم والخصب ونحوها فَمِنَ اللَّهِ فهى من قبل الله فما شرطية او موصولة متضمنة لمعنى الشرط باعتبار الاخبار دون الحصول فان ملابسة النعمة بهم سبب للاخبار بانها منه تعالى لا لحصولها منه ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ اى الفقر والبلاء فى جسدكم والقحط ونحوها مساسا يسيرا فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ تتضرعون فى كشفه لا الى غيره. والجؤار رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا [ناكاه] فَرِيقٌ مِنْكُمْ وهم كفاركم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بعبادة غيره بِما آتَيْناهُمْ من نعمة الكشف عنهم كأنهم جعلوا غرضهم فى الشرك كفران النعمة ففى اللام استعارة تبعية وقوله ليكفروا من الكفران وقيل اللام لام العاقبة فَتَمَتَّعُوا بقية آجالكم اى فعيشوا وانتفعوا بمتاع الحياة الدنيا أياما قليلة وهو امر تهديد فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة أمركم وما ينزل بكم من العذاب وفى الآيات إشارات. منها ان اكثر الخلق اتخذوا مع الله الها آخر وهو الهوى وهو ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند مقبول ودليل معقول قال تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ فلهذا قال إِلهَيْنِ وما قال آلهة لانه ما عبد الها آخر الا بالهوى ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (ما عبد اله(5/42)
وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)
ابغض على الله من الهوى) فقال إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ اى الذي خلق الهوى وسائر الآلهة فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فانى انا الذي يستحق ان يرغب اليه ويرهب منه لا الهوى والآلهة فانهم لا يقدرون على نفع ولا ضر وعن بعضهم قال انكسرت بنا السفينة وبقيت انا وامرأتى على لوح وقد ولدت فى تلك الحالة صبية فصاحت بي وقالت يقتلنى العطش فقلت هو ذا يرى حالنا فرفعت راسى فاذا رجل فى الهواء جالس وفى يده سلسلة من ذهب فيها كوز من ياقوت احمر فقال هاك اشربا فاخذت الكوز وشربنا منه فاذا هو أطيب رائحة من المسك وأبرد من الثلج واحلى من العسل فقلت من أنت يرحمك الله فقال عبد لمولاك فقلت بم وصلت الى هذا قال تركت الهوى لمرضاته فاجلسنى على الهواء ثم غاب عنى فلم أره رضى الله عنه ومن الإشارات ان كاشف الضر هو الله تعالى فمن أراد كشفه عن الأسباب لا عن المسبب فقد أشرك ألا ترى ان وكيل السلطان إذا قضى لك حاجة فانت وان كنت شاكرا لفعله ولكن انما تدعو فى الحقيقة للسلطان حيث قلد العمل لمثل هذا فحاجتك انما قضيت فى الحقيقة من قبل السلطان من حيث ان فعل هذا خلف حجاب الأسباب لا بالأسباب فافهم. ومنها ان الكفران سبب لزوال النعمة: وفى المثنوى
باشد آن كفران نعمت در مثال ... كه كنى با محسن خود تو جدال
كه نمى آيد مرا اين نيكوئى ... من برنجم زين چهـ رنجه ميشوى
لطف كن اين نيكوئى را دور كن ... من نخواهم عاقبت رنجور كن
نسأل الله العصمة من الكفار وعذابه وَيَجْعَلُونَ اى كفار مكة لِما لا يَعْلَمُونَ اى للاصنام التي لا يعلم الكفار حقيقتها وقدرها الخسيس ويعتقدون فيها انما تضر وتنفع وتشفع عند الله تعالى نَصِيباً [بهره] مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الزرع والانعام وغيرهما تقربا إليها فقالوا هذا الله بزعمهم وهذا لشركائنا وهو مذكور فى الانعام ويحتمل ان يعود ضمير لا يعلمون الى الأصنام وصيغة جمع العقلاء لكون ما عبارة عن آلهتهم التي وصفوها بصفات العقلاء اى الأشياء التي غير موصوفة بالعلم ولا تشعرأ جعلوا لها نصيبا وحظا فى أنعامهم وزروعهم أم لا تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ سؤال توبيخ وتقريع عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ فى الدنيا بانها آلهة حقيقة بان يتقرب إليها وفيه اشارة الى ان اصحاب النفوس والأهواء يجعلون مما رزقهم الله من الطاعات نصيبا بالرياء لمن لا علم لهم بأحوالهم ليحسنوا فى حقهم ظنا ويكتسبوا عندهم منزلة وهم غافلون فارغون عن توهمهم وافترائهم فى نفوسهم عليهم
بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش با خدا در توانى فروخت
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ هم خزاعة وكنانة كانوا يقولون الملائكة بنات الله [وسخن بعضى از كفار اين بود كه حق تعالى با جن مصاهرت كرد وملائكه متولد شد نعوذ بالله] سُبْحانَهُ [پاكست خداى از قول ايشان كه ميكويند خداى تعالى دختران دارد] وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ من البنين اى يختارون لانفسهم الأولاد الذكور ما مرفوعة المحل على انها مبتدأ والظرف المقدم خبره والجملة حالية ثم وصف كراهتهم البنات لانفسهم فقال(5/43)
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)
وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى البشارة بمعنى الاخبار على الوضع الأصلي والمضاف مقدر اى اخبر بولادتها [يعنى چون كسى را از كافران خبر دهند كه ترا دخترى متولد شده] ظَلَّ وَجْهُهُ اى صار من الظلول بمعنى الصيرورة كما يستعمل اكثر الافعال الناقصة بمعناها او هو بمعناه يقال ظل يفعل كذا إذا فعله نهارا اى دام النهار كله لان اكثر الوضع يتفق بالليل ويتأخر اخبار المولود الى النهار وخصوصا بالأنثى فيظل نهاره مُسْوَدًّا [سياه از اندوه وغم وشرمندكى در ميان قوم] واسوداد الوجه كناية عن الاغتمام والتشوير وهو بالفارسية [خجل كردن] يقال شور به فعل به فعلا يستحيى منه فتشور وَهُوَ كَظِيمٌ مملوء غضبا على المرأة لاجل ولادتها الأنثى. ومن هنا أخذ المعبرون من رأى او رؤى له ان وجهه اسود فان امرأته تلد أنثى يَتَوارى يستخفى مِنَ الْقَوْمِ [از كروه آشنايان وخويشان] مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ اى من أجل سوء المبشر به ومن أجل تعييرهم والتعبير عنها بما لا سقاطها عن درجة العقلاء أَيُمْسِكُهُ التذكير باعتبار ما اى مترددا فى امره ومحدثا نفسه فى شأنه أيمسك ذلك المولود ويتركه عَلى هُونٍ ذل وهوان للعمل والاستقاء والخدمة فهو حال من المفعول اى يمسكها مهانة ذليلة ويحتمل ان يكون حالا من الفاعل اى يمسكها مع رضاه بهوان نفسه أَمْ يَدُسُّهُ يخفيه فِي التُّرابِ بالوأد: يعنى [زنده در كور كند چنانچهـ بنو تميم وبنو مضر ميكردند] ولقد بلغ بهم المقت الى ان يهجر بعضهم البيت الذي فيه المرأة إذا ولدت أنثى أَلا ساءَ [بدانيد كه بدست] ما يَحْكُمُونَ [آنچهـ حكم ميكنند مشركان يعنى دخترانرا كه پيش ايشان قدر وحرمت نداند بخداى نسبت ميدهند] ويختارون لانفسهم البنين فمدار الخطأ جعلهم ذلك لله مع ابائهم إياه لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ممن ذكرت قبائحهم مَثَلُ السَّوْءِ صفة السوء الذي هو كالمثل فى القبح وهى الحاجة الى الولد ليقوم مقامهم عند موتهم وإيثار الذكور للاستظهار بهم وودأ البنات لدفع العار وخشية الاملاق مع احتياجهم إليهن طلب النكاح المنادى كل ذلك بالعجز والقصور والشح البالغ المنفور وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى اى الصفة العجيبة الشأن التي هى مثل فى العلو مطلقا وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق والوجود الواسع والنزاهة عن صفات المخلوقين وَهُوَ الْعَزِيزُ المتفرد بكمال القدرة لاسما على مؤاخذتهم الْحَكِيمُ الذي يفعل كل ما يفعل بمقتضى الحكمة البالغة ومن حكمته ان خلق الذكور والإناث فعلى العاقل ان يستسلم لامر الله تعالى وينقاد لحكمه فان كل ظهور انما هو منه تعالى وبإرادته والله إذا أراد شيأ فليس للعبد ان يريد خلافه فانه لا يكون ابدا: قال الحافظ
بدرد وصاف ترا نيست حكم دم دركش ... كه هر چهـ ساقئ ما كرد عين الطافست
وفى الشرعة ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية وفى الحديث (من بركة المرأة تبكيرها بالبنات) اى يكون أول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ حيث بدأ بالإناث وفى الحديث (من ابتلى من هذه البنات بشئ فاحسن إليهن كن له سترا من النار) والابتلاء هو الامتحان لكن اكثر استعمال الابتلاء فى المحن والبنات قد تعد(5/44)
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)
منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور وفسر بعض شراح المصابيح الإحسان إليهن بالتزويج بالاكتفاء لكن الاوجه ان يعمم قال بعض الفقهاء لا يزوج بنته معتزليا فان اختلاف الاعتقاد بين السنى والبدعى كاختلاف الدين وشأن التقوى الاحتراز عن صحبة غير المجانس ومصاهرته
آن يكى را صحبت أخيار يار ... لا جرم شد پهلوى فجار جار «1»
وقال صلى الله عليه وسلم (سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات) وقال (لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات) ومن لطائف الروضة سأل الحجاج بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال أحدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله فى جوف الليل قال ذلك الحسن وقال آخر ما سمت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا وأتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال وا حسناه فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت قط اعجب الى من ان أكون جائعا فاسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بنى تميم الا الزاد
ايها المحبوس فى رهن الطعام ... سوف تنجو ان تحملت الفطام
چون ملك تسبيح حق را كن غذا ... تا رهى همچون ملائك از أذى
وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ فاعل هنا بمعنى فعل النَّاسَ اى الكفار بِظُلْمِهِمْ بكفرهم ومعاصيهم ما تَرَكَ عَلَيْها اى على الأرض المدلول عليها بالناس وبقوله مِنْ دَابَّةٍ لانها ما يدب على الأرض والعرب تقول فلان أفضل من عليها وفلان أكرم من تحتها فيردون الكناية الى الأرض والسماء من غير سبق ذكر لظهور الأمر بين يدى كل متكلم وسامع ومن هذا القبيل قولهم والذي شقهن خمسا من واحدة يعنى الأصابع من اليد ولم يقل على ظهرها احترازا عن الجمع بين الظاءين فى كلام واحد وهو لو وجوابه فانه ثقيل فى كلام العرب. والمعنى ما ترك على وجه الأرض من دابة قط بل أهلكها بالكلية بشؤم ظلم الظالمين كقوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً فهلاك الدواب بآجالها وهلاك الناس عقوبة وعن ابى هريرة انه سمع رجلا يقول ان الظالم لا يضر الا نفسه فقال بلى والله حتى ان الحبارى لتموت فى وكرها بظلم الظالم وعن ابن مسعود رضى الله عنه لو عذب الله الخلائق بذنوب بنى آدم لاصاب العذاب جميع الخلائق حتى الجعلان فى جحرها ولامسكت السماء عن الأمطار ولكن آخرهم بالعفو والفضل يقول الفقيران اثر الظلم ضار صورة ومعنى وذلك ان أحدا إذا احرق بيته يسرى ذلك الى بيوت المحلة بل البلدة ويحترق بسببه الدواب والهوام
بي ادب تنها نه خود را داشت بد ... بلكه آتش در همه آفاق زد «2»
وَلكِنْ لا يؤاخذهم بذلك بل يُؤَخِّرُهُمْ يمهلهم بحلمه إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى معين لاعمارهم او لعذابهم كى يتوالدوا ويتناسلوا او يكثر عذابهم فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] أَجَلُهُمْ المسمى لا يَسْتَأْخِرُونَ عن ذلك الاجل اى لا يتأخرون. وصيغة الاستفعال للاشعار بعجزهم عنه مع طلبهم له
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان در خواستن توفيق إلخ
(2) در أوائل دفتر پنجم در بيان آنكه نورى كه غذاى جان است غذاى جسم اولياست إلخ(5/45)
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)
كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان
ساعَةً اقصر وقت وهى مثل فى قلة المدة وَلا يَسْتَقْدِمُونَ اى لا يتقدمون وانما تعرض لذكره مع انه لا يتصور الاستقدام عند مجيئ الاجل مبالغة فى عدم الاستيخار بنظمه فى سلك ما يمتنع وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ اى يثبتون له سبحانه وينسبون اليه فى زعمهم ما يَكْرَهُونَ لانفسهم من البنات ومن الشرك فى الرياسة وَمع ذلك تَصِفُ تقول أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ مفعول تصف وهو أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى بدل الكل من الكذب اى العاقبة الحسنى عند الله وهى الجنة ان كان البعث حقا كقوله تعالى وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فلا ينافى قولهم لا يبعث الله من يموت فانه يكفى فى صحته الفرض والتقدير وعن بعضهم انه قال لرجل من الأغنياء كيف تكون يوم القيامة إذا قال الله هاتوا ما دفع الى السلاطين وأعوانهم فيؤتى بالدواب والثياب وانواع الأموال الفاخرة وإذا قال ما دفع الىّ فيؤتى بالكسر والخرق وما لا مؤونة له أما تستحيى من ذلك الموقف وقرأ هذه الآية لا جَرَمَ رد لكلامهم ذلك واثبات لنقيضه وهو مصدر بمعنى حقا. وبالفارسية [حق چنين است كه فردا قيامت] أَنَّ لَهُمُ مكان ما أملوا من الحسنى النَّارَ التي ليس وراءها عذاب وهى علم فى السوء وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ اى مقدمون الى النار معجلون إليها من افرطته إذا قدمته فى طلب الماء او منسيون متركون فى النار من أفرطت فلانا خلفى إذا خلفته ونسيته خلفك ثم سلى رسوله عما يناله من جهالات الكفرة ليصبر على اذاهم فقال تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ اى رسلا الى من تقدمك من الأمم فدعوهم الى الحق فلم يجيبوا الى ذلك فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ القبيحة من الكفر والتكذيب بالرسل فعكفوا عليها مصرين فَهُوَ اى الشيطان وَلِيُّهُمُ اى قرينهم وبئس القرين الْيَوْمَ اى يوم زين لهم الشيطان أعمالهم فيه على طريقة حكاية الحال الماضية او فى الدنيا تولى اضلالهم بالغرور فجعل اليوم عبارة عن زمان الدنيا ويوم القيامة وهو عاجز عن نصر نفسه فكيف ينصر غيره فهذه حكاية حال آتية اى فى حال كونهم معذبين فى النار والولي بمعنى الناصر يقول الفقير الظاهر ان المراد باليوم يوم النبي صلى الله عليه وسلم وعصره وبالضمير فى وليهم أعقابهم وأنسابهم من الكفرة المعاصرين والله اعلم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ هو عذاب النار وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن لعلة من العلل إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ اى للناس الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ من التوحيد واحوال المعاد والحلال والحرام والمراد بالمختلفين المؤمنون والكافرون كما فى الكواشي وَهُدىً وَرَحْمَةً معطوفان على محل لتبين وانتصابهما لانهما فعلا الذي انزل الكتاب بخلاف التبيين فانه فعل المخاطب لا فعل المنزل اى وللهداية من الضلالة والرحمة من العذاب لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وتخصيصهم لانهم المنتفعون بالقرآن قال سهل بن عبد الله لا يتصل أحد بالله حتى يتصل بالقرآن ولا يتصل بالقرآن حتى يتصل بالرسول ولا يتصل بالرسول حتى يتصل بالأركان التي قام بها الإسلام- وحكى- عن مالك بن دينار انه قال يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن(5/46)
وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)
فى قلوبكم فان القرآن ربيع المؤمن كما ان الغيث ربيع الأرض وعن على بن ابى طالب كرم الله وجهه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (انها ستكون فتنة) قلت ما المخرج منها يا رسول الله قال (كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما كان بعدكم وحكم ما بينكم وهو العلم وهو الفصل ليس بالهزل لا تشبع منه العلماء وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به اجر ومن دعا اليه فقد هدى الى صراط مستقيم) ثم ان تبيين احكام القرآن للعامة وحقائقه للخاصة انما هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاصالة والاستقلال ولورثته بعده قرنا بعد قرن بالفرعية والتبعية. فعلماء الظواهر يخلصون الناس من الاختلاف فيما يتعلق بالظواهر بالبيان الصريح. وعلماء البواطن يخلصونهم من الاختلاف فيما يتعلق بالبواطن بالكشف الصحيح ولكل منهم مشرب لا يخيب وارده وهم أساطين الدين وسلاطين المسلمين واعلم ان الاتعاظ بالمواعظ القرآنية يدخل العبد فى السعادة الباقية ويخلصه من الحظوظ النفسانية- حكى- ان ابراهيم بن أدهم سر ذات يوم بمملكته ونعمته ثم نام فرأى رجلا أعطاه كتابا فاذا فيه مكتوب لا تؤثر الفاني على الباقي ولا تغتر بملكك فان الذي أنت فيه جسيم لولا انه عديم فسارع الى امر الله فانه يقول وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله تعالى وموعظة وهدى ورحمة فتاب الى الله واشتغل بالطاعة: قال المولى الجامى قدس سره
هر كه دل بر عشوه كيتى نهاد ... بر حذر باش از غرور وجهل او «1»
دامن او كير كز همت فشاند ... آستين بر دنبى وبر اهل او
شرفنا الله وإياكم بالعصمة عن الهوى وبالتمسك بأسباب الهدى وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ الى السحاب ومنه الى الأرض ماءً نوعا خاصا من الماء وهو المطر فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ اى أنبت بسبب المطر فى الأرض انواع النباتات بَعْدَ مَوْتِها اى بعد يبسها شبه تهيج القوى النامية فى الأرض واحداث نضارتها بانواع النباتات بالاحياء وهو إعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة وشبه يبوستها بعد نضارتها بالموت بعد الحياة وما يفيده الفاء من التعقيب العادي لا ينافيه ما بين المعطوفين من المهلة إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى إنزال الماء من السماء واحياء الأرض الميتة به لَآيَةً دالة على وحدته تعالى وعلمه وقدرته وحكمته إذ الأصنام وغيرها لا تقدر على شىء لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ هذا التذكير ونظائره سماع تفكر وتدبر فكأن من ليس كذلك أصم لا يسمع: وفى المثنوى
چون سليمان سوى مرغان سبا ... يك صفيرى كرد آن جمله را
جز مكر مرغى كه بد بى جان و پر ... يا چوماهى كنك بد از اصل كر
نى غلط كفتم كه كر كر سر نهد ... پيش وحي كبريا سمعش دهد
وقال بعضهم وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً قرآنا هو سبب حياة المؤمنين فاحي به قلوب الميتة بالجهل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ القرآن بسمع يسمع به كلام الله من الله فان الله تعالى متكلم بكلام ازلى ابدا ولا يسمع كلامه الا من أكرمه الله بسمع يسمع كلامه كقوله تعالى
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان آزاد شدن بلقيس از ملك ومست شدن او إلخ(5/47)
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)
ولو علم الله فيهم خيرا لا سمعهم والحق تعالى تارة يتلو عليك الكتاب من الكبير الخارج وتارة يتلو عليك من نفسك فاسمع وتأهب لخطاب مولاك إليك فى أي مقام كنت وتحفظ من الوقر والصمم فالصمم آفة تمنعك عن ادراك تلاوته عليك من الكتاب الكبير وهو الكتاب المعبر عنه بالفرقان والوقر آفة تمنعك من ادراك تلاوته عليك من نفسك المختصرة وهو الكتاب المعبر عنه بالقرآن إذ الإنسان محل الجمع لما تفرق فى العالم الكبير وعلامة السامعين المتحققين فى سماعهم انقيادهم إلى كل عمل مقرب الى الله تعالى من جهة سماعه اعنى من التكليف المتوجه على الاذن من امر او نهى كسماعه للعلم والذكر والثناء على الحق تعالى والموعظة الحسنة والقول الحسن ومن علامته ايضا التصامم عن سماع الغيبة والبهتان والسوء من القول والخوض فى آية الله والرفث والجدال وسماع القينات وكل محرم حجر الشارع عليك سماعه قال الله تعالى أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ فالكافر الخائض والمنافق الجليس له المستمع لخوضه كذلك من جالس الصديقين والعارفين فى مجالسهم المطهرة وأنديتهم المقدسة فانه شريك لهم فى كل خير ينالون من الله تعالى وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام فيهم (انهم القوم لا يشقى بهم جليسهم) فالمرؤ مع من جالس فى الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفى الآخرة بالمعاينة والقرب المشهدي نسأل الله تعالى ان يجعلنا مع الصلحاء فى الدنيا والآخرة انه الفياض الوهاب وَإِنَّ لَكُمْ ايها الناس فِي الْأَنْعامِ جمع نعم بالتحريك وهى الأنواع الاربعة التي هى الإبل والبقر والضأن والمعز. والمعنى بالفارسية [در وجود چهار پايان] لَعِبْرَةً دلالة يعبر بها من الجهل الى العلم كأنه قيل كيف العبرة فقيل نُسْقِيكُمْ [مى آشامانيم شما را] قال الزجاج سقيته وأسقيته بمعنى واحد وفى الاسئلة المقحمة يقال أسقيته إذا جعلت له سقيا دائما وسقيته إذا أعطيته شربه مِمَّا فِي بُطُونِهِ من للتبعيض لان اللبن بعض ما فى بطونه والضمير يعود الى بعض الانعام وهو الإناث لان اللبن لا يكون للكل او الى المذكور اى فى بطون ما ذكرنا قاله الكسائي. والمعنى بالفارسية [بعضى از آنچهـ كه در شكمهاى ذوات ألبانست از جنس نعم] مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً من ابتدائية متعلقة بنسقيكم لان بين الفرث والدم مبدأ الاسقاء والفرث فضالة العلف فى الكرش وثفله والكرش للحيوان بمنزلة المعدة للانسان خالِصاً صافيا ليس عليه لون الدم ولا رائحة الفرث سائِغاً بالفارسية [كوارنده] لِلشَّارِبِينَ اى سهل المرور فى حلقهم قيل لم يغص أحد باللبن قط وليس فى الطعام والشراب انفع منه ألا يرى الى قوله عليه السلام (إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا شرب لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فأنى لا اعلم شيأ انفع فى الطعام والشراب منه) قال فى الكواشي المعنى خلق الله اللبن فى مكان وسط بين الفرث والدم وذلك ان الكرش إذا طبخت العلف صار أسفله فرثا وأوسطه لبنا خالصا لا يشوبه شىء وإعلاء دما وبينه وبينهما حاجز من قدرة الله لا يختلط أحدهما بالآخر بلون ولا طعم ولا رائحة مع شدة الاتصال ثم تسلط الكبد على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها فتجرى الدم فى العروق واللبن فى الضروع ويبقى الفرث فى الكرش ثم ينحدر فان قلت ان اللبن(5/48)
وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)
والدم لا يتولدان فى الكرش إذ البهائم إذا ذبحت لم يوجد فى كرشها لبن ولا دم قلت المراد كان أسفله مادة الفرث وأوسطه مادة اللبن وأعلاه مادة الدم فالمنحدر الى الضروع مادة اللبن لا مادة الدم وقول بعضهم ان الدم ينحدر الى الضروع فيصير لبنا ببرودة الضرع بدليل ان الضرع إذا كانت فيه آفة يخرج منه الدم مكان اللبن مدفوع بانه يجوز ان يتلون اللبن بلون الدم بسبب الآفة وهو اللائح بالبال ومن بلاغات الزمخشري
كما يحدث بين الخبيثين ابن لا يؤبن ... الفرث والدم يخرج منهما اللبن
اى كما ان اللبن الطيب الطاهر يخرج من بين الخبيثين اللذين هما الفرث والدم بحيث لا يشوبه شىء من اوصافهما مع كمال الاتصال والاكتناف كذلك يخرج الابن الطيب الطاهر الذي لا يعاب بشئ أصلا من بين الأبوين الخبيثين بحيث لا يوجد فيه شىء من اوصافهما الخبيثة
مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي
مكو زنهار اصل عود چوبست ... به بين دودش چهـ مستثنى وخوبست
- وسئل- شقيق عن الإخلاص فقال تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من بين فرث ودم [در قوت القلوب فرموده كه تمامى نعمت بخلوص لبن است يعنى اگر در وى يكى از وصفين فرث ودم باشد تمام نعمت نبود وطبع او را قبول نكند همچنين معامله بندگان با حق بايد كه خالص بود اگر بشوب فرث ريا ودم هوا آميخته كردد از خلوص دور واز نظر قبول مهجور خواهد بود زيرا كه ريا در عمل شرك خفيست وصفاى عمل بسبب شوب هوا منتفى در ريا نظر بر دم است ودر هوا بر غرض خود وبر هر وجه عمل خالى از آلودگى نيست
طاعت آلوده نيايد بكار ... مشك جكر سوده نيايد بكار
هر كه ز آلودگى افتاد پاك ... پيش نظرها نبود تابناك
وفى الآية اشارة الى اعتبار العاقل فيما سقاه الله مما فى بطون انعام النفوس فانها كالانعام من بين فرث الخواطر الشيطاني ودم الخواطر النفساني لبنا خالصا من الإلهام الرباني جائز الأهل هذا الشرب على الصراط المستقيم من غير تلعثم كذا فى التأويلات النجمية وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ [ومى آشامانيم شما را از كونه ميوها وى درختان خرما ودرختان انگورها] ونسقيكم ايها الناس من عصيرها ونطعمكم ثم بين كنه الاسقاء والإطعام وكشفه بقوله تَتَّخِذُونَ مِنْهُ اى من عصيرها سَكَراً قال فى القاموس السكر محركة الخمر ونبيذ يتخذ من التمر. فالآية سابقة على تحريم الخمر دالة على كراهتها حيث قوبل السكر بالرزق الحسن ومقابل الحسن لا يكون حسنا وَرِزْقاً حَسَناً كالتمر والدبس والزبيب والرب والخل وفى الحديث (خير خلكم خل خمركم) قال فى الروضة خطب المأمون بمرو فسعل الناس فنادى بهم ألا من كان له سعال فليتداو بشرب خل الخمر ففعلوا فانقطع سعالهم قال بعضهم انظر الى الاخبار عن نعمة اللبن ونعمة السكر والرزق الحسن لما كان اللبن لا يحتاج الى معالجة من الناس اخبر عن نفسه بقوله نُسْقِيكُمْ ولما كان السكر والرزق الحسن يحتاج الى معالجة قال تَتَّخِذُونَ فاخبر عنهم باتخاذهم منه السكر والرزق الحسن إِنَّ فِي ذلِكَ(5/49)
وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)
الاسقاء لَآيَةً باهرة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم فى الآيات بالنظر والتأمل وفى التأويلات النجمية ومن ثمرات نخيل الطاعات وأعناب المجاهدات تتخذون من ثمرات الطاعات والمجاهدات وهى المكاشفات والمشاهدات ووقائع ارباب الطلب وأحوالهم العجيبة سكرا ورزقا حسنا السكر ما يجعل منها شرب النفس فتسكر النفس فتارة تميل عن الحق والصراط المستقيم ميلان السكران وتارة تظهر رعوناتها بالافعال والأقوال رياء وسمعة وشهرة والرزق الحسن ما يكون منها شرب القلب والروح فيزداد منه الشوق والمحبة والصدق والطلب كما قال بعضهم
شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب وما رويت
وقالوا
سقانى شربة احيى فؤادى ... بكأس الحب من بحر الوداد
ان فى ذلك الاعتبار لدلالة لقوم يدركون بالعقل إشارات الحق ويفهمونها انتهى ما فى التأويلات قال اهل التحقيق العقل شجرة ثمرها العلم والحلم فشرف الثمر دال على شرف المثمر وصاحب العقل فى قومه كالنبى فى أمته قال بعض العلماء قسم العقل بألفي جزء الف للانبياء والرسل والملائكة وتسعمائة وتسعة وتسعون جزأ لمحمد صلى الله عليه وسلم ومن الواحد اربعة دوانق للعلماء ودانق لعامة الرجال ونصف دانق للنساء ونصف لأهل القرى والرساتيق. والدانق بفتح النون وكسرها سدس الدرهم قال حكيم العمر فى الدنيا قليل والحسرة فى الآخرة طويلة والعبد بعمل نفسه فى الآخرة اما عزيز واما ذليل. فعلى كل عاقل واجب ان يجتهد فى إصلاح نفسه قبل ان يأتيه اليقين ويأخذ اشارة من كل رطب ويابس وغث وسمين ويصحو من سكر الغفلة والهوى ويشرب من مشرب التيقظ والهدى: وفى المثنوى
عقل جزؤى را وزير خود مكير ... عقل كل را ساز اى سلطان وزير «1»
كين هوا پر حرص وحالى بين بود ... عقل را انديشه يوم الدين بود
وَأَوْحى رَبُّكَ يا محمد إِلَى النَّحْلِ هو ذباب العسل وزنبوره اى ألهمها وقذف فى قلوبها وعلمها بوجه لا يعلمه الا هو مثل قوله بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها والوحى يقع على كل تنبيه خفى والله تعالى ألهم كل حيوان ان يلتمس منافعه ويجتنب مضاره وقد الهم الله الغراب ان يبحث فى الأرض ليرى قابيل كيف يوارى سوءة أخيه هابيل: كما فى المثنوى
پس بچنگال از زمين انگيخت كرد ... زود زاغ مرده را در كور كرد «2»
دفن كردش پس بپوشيدش بخاك ... زاغ از الهام حق بد علمناك
قال الزجاج سميت نحلا لان الله تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج منها إذ النحلة العطية وكفاها شرفا قول الله تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ وكل ذباب فى النار إلا ذباب العسل قال فى عجائب المخلوقات يقال ليوم عيد الفطر يوم الرحمة وفيه اوحى ربك الى النحل صنعة العسل قال فى حياة الحيوان يحرم أكل النحل وان كان العسل حلالا كالآدمية لبنها حلال ولحمها حرام ويكره قتلها واما بيعها فى الكوارة فصحيح ان يشاهد جميعها والا فهو
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان مانستن بدرائى اين وزير دون در إفساد مروت شاه إلخ [.....]
(2) در أوائل دفتر چهارم در بيان آموختن پيشه كوركنى قابيل از زاغ إلخ(5/50)
ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)
بيع غائب فان باعها وهى ظاهرة. ففى التتمة يصح. وفى التهذيب عكسه وقال ابو حنيفة لا يصح بيع النحل كالزنبور وسائر الحشرات ويجوز بيع دود القز من الذي يصنع به أَنِ اتَّخِذِي لنفسك اى بان اتخذي فان مصدرية وصيغة التأنيث لان النحل يذكر ويؤنث مِنَ الْجِبالِ [از شكاف كوهها] بُيُوتاً [خانه هاى مسدس] اى مساكن تأوى إليها وسمى ما تنبيه لتعسل فيه بيتا تشبيها ببناء الإنسان لما فى بيوته المسدسة المتساوية بلا بر كار ومسطر من الحذاقة وحسن الصنعة التي لا يقوى عليها حذاق المهندسين الا بآلات وانظار دقيقة واختارت المسدس لانه أوسع من المثلث والمربع والمخمس ولا يبقى بينها فرج خالية كما تبقى بين المدورات وما سواها من المضلعات ومن للتبعيض لانها لا تبنى فى كل جبل وكذا قوله وَمِنَ الشَّجَرِ لانها لا تبنى فى كل شجر. والمعنى بالفارسية [واز ميان درختان نيز خانه گيريد يعنى در بعضى شجر جاى كنيد در جانب كوه وقتى كه مالكى وصاحبى نداشته باشد] وكذا فى قوله وَمِمَّا يَعْرِشُونَ لانها لا تبنى فى كل ما يعرشه الناس اى يرفعه من الأماكن لتعسل فيها وهذا إذا كان لملاك وقال بعضهم ومما يعرشون من كرم او سقف او جدران او غير ذلك ولما كان أهم شىء للحيوان بعد الراحة من هم المقيل الاكل ثنى به ولما كان عاما فى كل ثمر ذكره بحرف التراخي اشارة الى عجيب الصنع فى ذلك وتيسره لها فقال ثُمَّ كُلِي وأشار الى كثرة الرزق بقوله مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فهو للتكثير كقوله تعالى وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ او من كل الثمرات المشتهاة عندك من حلوها وحامضها ومرها وغير ذلك فهو عام مخصوص بالعادة فَاسْلُكِي جواب شرط محذوف اى فاذا أكلت الثمار فى المواضع البعيدة من بيوتك فادخلى سُبُلَ رَبِّكِ فى الجبال وفى خلال الشجر اى طرق ربك التي ألهمك وعرفك الرجوع فيها الى مكانك من الخلية بعد بعدك عنها حال كون السبل ذُلُلًا جمع ذلول اى موطأة للسلوك مسهلة وذلك انها إذا اجدب عليها ما حولها سافرت الى المواضع البعيدة فى طلب النجعة ثم ترجع الى بيوتها من غير التباس وانحراف وأشار باسم الرب الى انه لولا عظيم إحسانه فى تربيتها لملاهدت الى ذلك وهذا كما يقال فى القطا وهو طائر معروف يضرب به المثل فى الهداية ويقال «اهدى من قطاة» وذلك انه يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة ايام واكثر فيرده فيما بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطى لا صادرا ولا واردا اى ذهابا وإيابا كذا فى شرح الشفاء ثم اتبعه نتيجة ذلك جوابا لمن قال ماذا يكون من هذا كله فقال يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها اى بطون النحل بالقيء شَرابٌ اى عسل لانه مشروب وذلك ان النحل تأكل الاجزاء اللطيفة الطلية الحلوة الواقعة على أوراق الأشجار والازهار وتمص من الثمرات الرطبة والأشياء العطرة ثم تقيئ فى بيوتها ادخارا للشتاء فينعقد عسلا بإذن الله تعالى والى هذا أشار ظهير الفاريابي بقوله
بدان طمع كه دهن خوش كنى زغايت حرص ... نشسته مترصد كه قى كند زنبور
واما قول على رضى الله عنه فى تحقير الدنيا اشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة واشرف(5/51)
شرابه رجيع نحلة فوارد على طريق التقبيح وان كان العسل فى نفسه مما يستلذ ويستطاب على ان اطلاق الرجيع عليه انما هو لكونه مما يحويه البطن وفى حياة الحيوان قد جمع الله تعالى فى النحلة السم والعسل دليلا على كمال قدرته واخرج منها العسل ممزوجا بالشمع وكذلك عمل المؤمن ممزوج بالخوف والرجاء وهى تأكل من كل الشجر ولا يخرج منها الا حلو إذ لا يغيرها اختلاف مآكلها والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه: وفى المثنوى
اين كه كرمناست وبالا ميرود ... وحيش از زنبور كى كمتر بود «1»
چونكه اوحى الرب الى النحل آمدست ... خانه وحيش پر از حلوا شدست
او بنور وحي حق عز وجل ... كرد عالم را پر از شمع وعسل
وللعسل اسماء كثيرة. منها الحافظ الامين لانه يحفظ ما يودع فيه فيحفظ الميت ابدا واللحم ثلاثة أشهر والفاكهة ستة أشهر وكل ما اسرع اليه الفساد إذا وضع فى العسل طالت مدة مقامه وكان عليه السلام يحب الحلواء والعسل قال العلماء المراد بالحلواء هاهنا كل حلو وذكر العسل بعدها تنبيها على شرفه ومزيته وهو من باب ذكر الخاص بعد العام وفيه جواز أكل لذيذ الاطعمة والطيبات من الرزق وان ذلك لا ينافى الزهد والمراقبة لا سيما إذا حصل انفاق وفى الحديث (أول نعمة ترفع من الأرض العسل) وقال على رضى الله عنه انما لدنيا ستة أشياء مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب ومنكوح ومشموم. فاشرف المطعومات العسل وهو مذقة ذباب. واشرف المشروبات الماء يستوى فيه البر والفاجر. واشرف الملبوسات الحرير وهو نسج دودة. واشرف المركوبات الفرس وعليه يقتل الرجال. واشرف المشمومات المسك وهودم حيوان. واشرف المنكوحات المرأة وهى مبال فى مبال مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ من ابيض واخضر واصفر واسود بسبب اختلاف سن النحل فالا بيض يلقيه شباب النحل والأصفر كهولها والأحمر شيبها وقد يكون الاختلاف بسبب اختلاف لون النور قال حكيم يونان لتلامذته كونوا كالنحل فى الخلايا وهى بيوتها قالوا وكيف النحل فى خلاياها قال انها لا تترك عندها بطالا الا نفته وأقصته عن الخلية لانه يضيق المكان ويفنى العسل وانما يعمل النشيط لا الكسل وعن ابن عمر رضى الله عنهما مثل المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتصنع طيبا ووجه المشابهة بينهما حذق النحل وفطنته وقلة أذاه ومنفعته وتنزهه عن الاقذار وطيب أكله وانه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لا ميره وان للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تغيره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السفه ونار الجوى فِيهِ اى فى الشراب وهو العسل شِفاءٌ لِلنَّاسِ اى شفاء الأوجاع التي يعرف شفاؤها منه يعنى انه من جملة الاشفية المشهورة النافعة لا مراض الناس وليس المراد انه شفاء لكل مرض كما قال فى حياة الحيوان قوله فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ لا يقتضى العموم لكل علة وفى كل انسان لانه نكرة فى سياق الإثبات بل المراد انه يشفى كما يشفى غيره من الادوية فى حال وكان ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم يحملانه على العموم قال البيضاوي فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ اما بنفسه كما فى الأمراض البلغمية او مع غيره كما فى سائر
__________
(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان سؤال كردن شاه از مدعى پيغمبرى كه چهـ وحي تو آمده(5/52)
الأمراض إذ قلما يكون معجون الا والعسل جزؤمنه واما السكر فمختص به بعض البلاد وهو محدث ولم يكن فيما تقدم من الأزمان يجعل فى الاشربة والادوية الا العسل- روى- ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان أخي قد اشتكى بطنه فقال (اسقه عسلا) فسقاه عسلا فما زاده الا استطلاقا فعاد الى النبي عليه الصلاة والسلام فذكر له ذلك فقال (اسقه عسلا) فسقاه ثانيا فمازاده الا استطلاقا ثم رجع فقال يا رسول الله سقيته فما نفع فقال (اذهب فاسقه عسلا فقد صدق الله وكذب بطن أخيك) فسقاه فشفاه الله فبرئ كانما انشط من عقال وفى الحديث (ان الله جعل الشفاء فى اربعة الحبة السوداء والحجامة والعسل وماء السماء) وجاء رجل الى على بن ابى طالب كرم الله وجهه وشكاله سوء الحفظ فقال أترجع الى اهل قال نعم فقال قل لها تعطيك من مهرها درهمين عن طيب نفس فاشتر بهما لبنا وعسلا واشربهما مع شربة من ماء المطر على الريق ترزق حفظا فسئل الحسن بن الفضل عن هذا فقال اخذه من قوله تعالى وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً وفى اللبن خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ وفى العسل فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ وفى المهر فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً فاذا اجتمعت البركة والشفاء والهنيء والمريء والخالص السائغ فلا عجب ان ينفع- وروى- عن عوف بن مالك انه مرض فقال ائتوني بماء فان الله تعالى قال وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ثم قال ائتوني بعسل وقرأ الآية ثم قال ائتوني بزيت من شجرة مباركة فخلط الجميع ثم شربه فشفى وكان بعضهم يكتحل بالعسل ويتداوى به من كل سقم وإذا خلط العسل الذي لم يصبه ماء ولانار ولادخان بشئ من المسك واكتحل به نفع من نزول الماء فى العين والتلطخ به يقتل القمل. والمطبوخ منه نافع للسموم ولعقه علاج لعضة الكلب قال امام الأولياء محمد بن على الترمذي قدس سره انما كان العسل شفاء للناس لان النحل ذلت لله مطيعة وأكلت من كل الثمرات حلوها ومرها محبوبها ومكروهها تاركة لشهوانها فلما ذلت لامر الله صار هذا الاكل كله لله فصار ذلك شفاء للاسقام. فكذلك إذا ذل العبد لله مطيعا وترك هواه صار كلامه شفاء للقلوب السقيمة انتهى وفى العسل ثلاثة أشياء الشفاء والحلاوة واللين. وكذلك المؤمن قال الله تعالى ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ويخرج من الشاب خلاف ما خرج من الكهل والشيخ كذلك حال المقتصد والسابق وعن ابن مسعود رضى الله عنه العسل شفاء من كل داء اى فى الأبدان والقرآن شفاء لما فى الصدور فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل
ريح اگر بسيار شد كى غم خورم ... چون شفاوى جان بيمارم تويى
إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى امر نحل العسل لَآيَةً حجة ظاهرة دالة على القدرة الربانية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ اى للذين تفكروا فعلوا ان النحلة على صغر جسمها وضعف خلقتها لا تهتدى لصنعة العسل بنفسها فان ذلك بصانع صنعها خالف بينها وبين غيرها من الحشرات الطائرة فاستدل بذلك على خالق واحد قادر لا شريك له ولا شبيه قال الكاشفى (لقوم يتفكرون) [مر گروهى را كه تفكر كنند در اختصاص بصنايع دقيقه وامور رقيقه وهر آينه اينها بوجود نگيرد الا از الهام توانايى ودانايى كه چندين حكمت در جانورى ضعيف وديعت نهد انقيادي دارند كه از راه فرمان منحرف نشوند أمانتي كه ميوه تلخ(5/53)
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)
خورند وعسل شيرين باز دهند ورعى كه جز پاك و پاكيزه نخورند طاعتى كه هرگز خلاف فرمان نكنند تمكنى كه فرسنگها بروند وباز با وطن خود رجوع نمايند طهارتى كه هرگز بر قازورات ننشينند واز ان نخورند وصناعتى كه اگر همه بنايان عالم جميع شوند همچوخانهاى مسدس ايشان نتوانند ساخت پس همچنانچهـ از عسل ايشان شفاى الم ظاهر حاصل شود از تفكر احوال ايشان شفاء مرض باطن كه جهلست دست دهد]
فكر دلرانيك وهم نمكين كند ... كام جانرا چون عسل شيرين كند
شربت فكر ار بكام جان رسد ... چاشنئ آن بماند تا ابد
قال القشيري رحمه الله ان الله تعالى اجرى سنته ان يخفى كل عزيز فى شىء حقير جعل الإبريسم فى الدود وهو أصغر الحيوانات وأضعفها والعسل فى النحل وهو أضعف الطيور وجعل الدر فى الصدف وهو أوحش حيوان من حيوانات البحر وأودع الذهب والفضة والفيروزج فى الحجر وكذلك أودع المعرفة والمحبة فى قلوب المؤمنين وفيهم من يخطى وفيهم من يعصى ومنهم من يعرف ومنهم من يجعل امره
كسى را كه نزديك ظنت بد اوست ... ندانى كه صاحب ولايت هم اوست
قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان تصرف كل حيوان فى الأشياء مع كثرتها واختلاف أنواعها انما هو بتعريف الله تعالى إياه والهامه على قانون حكمته وإرادته القديمة لا من طبعه وهواه. وانما خص النحل بالوحى وهو الإلهام والرشد من بين سائر الحيوانات لانها أشبه شىء بالإنسان لا سيما باهل السلوك فان من دأبهم وهجيراهم ان يتخذوا من الجبال بيوتا اعتزالا عن الخلق وتبتلا الى الله تعالى كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يتخنث الى حراء اسبوعا واسبوعين وشهرا وان من شأنهم النظافة فى الموضع والملبوس والمأكول كذلك النحل من نظافتها تضع ما فى بطنها على الحجر الصافي او على خشب نظيف لئلا يخالطه طين او تراب ولا تقعد على جيفة ولا على نجاسة احترازا عن التلوث كما يحترز الإنسان عنه وثمرات البدن الأعمال الصالحة وثمرات النفوس الرياضات والمجاهدات ومخالفات الهوى وثمرات القلوب ترك الدنيا وطلب العقبى والتوجه الى حضرة المولى وثمرات الاسرار شواهد الحق والتطلع على الغيوب والتقرب الى الله فهذه كلها اغذية الأرواح والله تعالى قال للنحل كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وقال مثله للسالكين كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً وَاللَّهُ المحيط بكل شىء علما وقدرة خَلَقَكُمْ أوجدكم وأخرجكم من العدم الى الوجود. وبالفارسية [از ظلمت آباد نابود بصحراى أنوار وجود آورد] ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ اى يقبض أرواحكم على اختلاف الأسنان صبيانا وشبانا وكهولا فلا يقدر الصغير على ان يؤخر ولا الكبير على ان يقدم فمنكم من يموت حال قوته وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ قبل توفيه اى يعاد إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ اخسه وأحقره وهو الهرم والخرف الذي يعود فيه كهيئته الاولى فى أوان طفوليته ضعيف البنية ناقص القوة والعقل قليل الفهم وليس له حد معلوم فى الحقيقة لانه رب ابن ستين انتهى الى أرذل(5/54)
العمر ورب ابن مائة لم يرد اليه وقال قتادة إذا بلغ تسعين سنة يتعطل عن العمل والتصرف والاكتساب والحج والغزو ونحوها ولذا دعا محمد بن على الواسطي لنفسه فقال يا رب لا تحيني الى زمن أكون فيه كلا على أحد خذبيدى قبل ان أقول لمن ألقاه عند القيام خذبيدى وسأل الحجاج شيخا كيف طعمك قال إذا أكلت ثقلت وإذا تركت ضعفت فقال كيف نومك قال أنام فى المجمع واسهر فى المهجع فقال كيف قيامك وقعودك قال إذا قعدت تباعدت عنى الأرض وإذا قمت لزمتنى فقال كيف مشيك قال تعقلنى الشعرة وتعثرنى البعرة لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً ليصير الى حالة شبيهة بحال الطفولية فى سوء الفهم والنسيان وان يعلم شيأ ثم يسرع فى نسيانه فلا يعلمه ان سئل عنه فمؤدى الكلام لينسى ما يعلم وهو يستلزم ان لا يعلم زيادة علم على علمه لانه إذا كان حاله بحيث ينسى ما علم فكيف يزيد علمه واللام فى لكى هى لام كى دخلت على كى للتأكيد وهى متعلقة بيرد. وقال بعضهم اللام جارة وكى حرف مصدرى كأن وشيأ مفعول لا يعلم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بمقادير اعماركم قال الكاشفى [داناست وجهل بر دانايى او طارى نشود] قَدِيرٌ [تواناست وعجز بر توانايى او راه نيايد] اى قدير على كل شىء يميت الشاب النشيط ويبقى الهرم الفاني: قال الشيخ سعدى قدس سره
اى بسا اسب تيزرو كه بماند ... كه خرلنك جان بمنزل برد
پس كه در خاك تن درستانرا ... دفن كردند وزخم خورده نمرد
وفيه تنبيه على ان تفاوت الآجال ليس الا بتقدير قادر حكيم ركب أبنيتهم وعدل أمزجتهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوت هذا المبلغ قالوا أسنان الإنسان سبعة أطوار. طور الطفولية الى سبع سنين. ثم الصبى الى اربع عشرة سنة. ثم الشباب الى اثنين وثلاثين سنة. ثم الكهولة. ثم الشيخوخة. ثم الهرم الى منتهى العمر وفى الإرشاد ضبطوا مراتب العمر فى اربع. الاولى سن النشو والنماء. والثانية سن الوقوف وهى سن الشباب. والثالثة سن الانحطاط القليل وهى سن الكهولة. والرابعة سن الانحاط الكثير وهى سن الشيخوخة ولا عمر أسوأ حالا من عمر الهرم الذي يشبه الطفل فى نقصان العقل والقوة وعند إخلاله لا يوجد له شفاء ولا يمنعه دواء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو (أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات) قال بعضهم حكم الهرم انما يظهر فى حق الكافر لان المسلم يزداد عقله لصلاحه فى طول عمره كرامة له وفى الحديث (من قرأ القرآن لم يردّ الى أرذل العمر) وكذا من يتدبره ويعمل به كما فى تفسير العيون يقول الفقير لا شك ان الجنون والعته ونحوهما من صفات النقصان فالله تعالى لا يبتلى كامل الإنسان أنبياء واولياء فالمراد بقولهم ان العلماء لا يعرض لهم العته وان بلغوا الى أرذل العمر علماء الآخرة والعلماء بالله لا مطلق العلماء كما لا يخفى إذ قد شاهدنا من علماء زماننا من صار حاله الى حال الطفولية ثم ان أرذل العمر وان كان أشد الأزمان وأصعبها لكنه او ان المغفرة ورفعة الدرجة وفى الحديث (إذا بلغ المرء ثمانين سنة أنبتت حسناته ومحيت سيآته وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله(5/55)
وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)
ذنبه ما تقدم منه وما تأخر وكان أسير الله فى الأرض وشفيعا لاهل بيته يوم القيامة) - روى- ان رجلا قال للنبى عليه الصلاة والسلام أصابني فقر فقال (لعلك مشيت امام شيخ) وأول من شاب من ولد آدم ابراهيم عليه السلام فقال يا رب ما هذا قال هذا نورى فقال رب زدنى من نورك ووقارك وكان الرجل فى القرون الاولى لا يحتلم حتى يأتى عليه ثمانون سنة وعن وهب ان أصغر من مات من ولد آدم ابن مائتى سنة قال بعض المشايخ هذه الامة وان كانت أعمارهم قصارا قليلة لكن امدادهم كثيرة وهم ينالون فى زمن قصير ما ناله الأقدمون فى مدة طويلة من المرتبة وهذا فضل من الله تعالى قال حكيم ان خير نصفى عمر الرجل آخره يذهب جهله ويثوب حلمه ويجتمع رأيه وشرّ نصفى عمر المرأة آخره يسوء خلقها ويحد لسانها ويعقم رحمها وفى الحديث (خير شبابكم من تشبه بكهولكم وشر كهولكم من تشبه بشبابكم) يقول الفقير هذا يشمل التشبه بانواعه فى الأقوال والأحوال والافعال والقيام والقعود واللباس ونحوها فالصوفى شيخ فى المعنى لان مراده الفناء عن الأوصاف كلها فينبغى له ان يلبس لباس الكهول وان كان شابا وفى الحديث (من اتى عليه أربعون سنة ثم لم يغلب خيره شره فليتجهز الى النار) قال يحيى بن معاذ رحمه الله مقدار عمرك فى جنب عيش الآخرة كنفس واحد فاذا ضيعت نفسك فخسرت الابد انك لمن الخاسرين وفى الآية اشارة الى الفناء والبقاء فالمتوفى هو الفاني عن اثبات وجوده والمردود هو الباقي بوجود موجد وجوده وقوله لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً اى ليكون عاقبة امره ان لا يعلم بعد فناء علمه شيأ بعلمه بل يعلم بربه الأشياء كما هى كما فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ تعالى وحده فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ اى جعلكم متفاوتين فيه فمنكم غنى ومنكم فقير ومنكم مالك ومنكم مملوك. والرزق ما يسوقه الله تعالى الى الحيوان من المطعومات والمشروبات. وفيه تنبيه على ان غنى المكثر ليس من كياسته ووفور عقله وكثرة سعيه ولا فقر المقل من بلادته ونقصان عقله وقلة سعيه بل من الله تعالى ليس الا
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
قال الحافظ
سكندر را نمى بخشند آبى ... بزور وزر ميسر نيست اين كار
قال ابن الشيخ وهذا التفاوت غير مختص بالمال بل هو واقع فى الذكاء والبلادة والرشد والدناءة والحسن والقباحة والصحة والسقامة وغير ذلك
كنج زر گر نبود گنج قناعت باقيست ... آنكه آن داد بشاهان بگدايان اين داد
وفى التأويلات النجمية فضل الله الأرواح على القلوب فى رزق المكاشفات والمشاهدات بعد الفناء والرد الى البقاء. وفضل القلوب على النفوس فى رزق الزهد والورع والتقوى والصدق واليقين والايمان والتوكل والتسليم والرضى. وفضل النفوس على الأبدان فى رزق التزكية ومقاساة شدائد المجاهدات والصبر على المصائب والبلايا وحمل أعباء الشريعة بإشارات الطريقة وتبديل الأخلاق الذميمة بالحميدة وفضل أبدان المؤمنين. على أبدان الكافرين فى رزق(5/56)
الأعمال التي هى اركان الشريعة وقراءة القرآن والذكر باللسان مشرفة بإخلاص بالجنان فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا اى فليس الموالي الذين فضلوا فى الرزق على المماليك بِرَادِّي رِزْقِهِمْ اى بمعطى رزقهم الذي رزقهم إياه أصله رادين سقط النون للاضافة عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ على مماليكهم الذين هم شركاؤهم فى المخلوقية والمرزوقية فَهُمْ اى الملاك والمماليك فِيهِ فى الرزق سَواءٌ فى الفاء دلالة على ترتب التساوي على الرد اى لا يردون عليهم ردا مستتبعا للتساوى فى التصرف والتشارك فى التدبير وانما يردون عليهم منه شيأ يسيرا والحاصل انهم لا يجعلون ما رزقناهم من الأموال وغيرها شركة بينهم وبين مماليكهم بحيث لا يرضون بمساواة مماليكهم لا نفسهم وهم أمثالهم فى البشرية والمخلوقية فما بالهم كيف جعلوا مماليكه تعالى ومخلوقه شركاء له مع كمال علوه فأين التراب ورب الأرباب. وهذا كما ترى مثل ضرب لكمال قباحة ما فعله المشركون تقريعا عليهم وكانوا يقولون فى التلبية لبيك لا شريك لك الا شريك هولك أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ الفاء للعطف على مقدر وهى داخلة فى المعنى على الفعل والجحود الإنكار والباء لتضمينه معنى الكفر. والمعنى
أبعد علمهم بان الرزاق هو الله تعالى يشركون به فيجحدون نعمته فان الإشراك يقتضى ان يضيفوا نعم الله الفائضة عليهم الى شركائهم وينكروا كونها من عند الله تعالى فالله تعالى يدعو عباده بهذه الآية إلى التوحيد ونفى الشرك حتى. يتخلصوا من الشرك والظلمات ويتشرفوا بالتوحيد الخالص والأنوار العاليات فعلى العبد الطاعة والسعى الى تحصيل الرضوان والعرفان وانما الرزق على المولى الكريم المنان ومن الكلمات التي نقلها كعب الأحبار عن التوراة «يا ابن آدم خلقتك لعبادتى فلا تلعب وقسمت رزقك فلا تتعب وفى اكثر منه لا تطمع ومن اقل منه لا تجزع فان أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندى محمودا وان كنت لم ترض به وعزتى وجلالى لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش فى البر ولا ينالك منها الا ما قسمته لك وكنت عندى مذموما يا ابن آدم خلقت لك السموات والأرضين. ولم اعى بخلقهن أيعييني رغيف اسوقه إليك من غير تعب. يا ابن آدم أنا لك محب فبحبى عليك كن لى محبا يا ابن آدم لا تطالبنى برزق غد كمالا اطالبك بعمل غد فانى لم انس من عصانى فكيف من أطاعني» واعلم ان عباد الله فى باب الرزق على وجوه. منهم من جعل رزقه فى الطلب فمن جعل رزقه فى الطلب فعليه بكسب الحلال الطيب كعمل اليد مثلا. ومنهم من جعل رزقه فى القناعة وهى فى اللغة الرضى بالقسمة وفى اصطلاح اهل الحقيقة هى السكون عند عدم المألوفات. ومنهم من جعل رزقه فى التوكل وهو الثقة بما عند الله واليأس مما فى أيدي الناس. ومنهم من جعل رزقه فى المشاهدة والمجاهدة كما قال صلى الله عليه وسلم (أبيت عند ربى يعطعمنى ويسقينى) وهو اشارة الى المشاهدة وقال (جعل رزقى تحت ظل رمحى) وهو اشارة الى المجاهدة فعلى العاقل المجاهدة والعبادة لله تعالى حالصا لا لأجل تنعم النفس فى الجنة والخلاص من النار فانها معلولة والمعبود فى الحقيقة هو الثواب والعقاب ولذا قال فى المثنوى
هشت جنت هفت دوزخ پيش من ... هست پيدا همچوبت پيش وثن «1»
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان پرسيدن پيغمبر صلى الله عليه وسلم مر زيد را إلخ(5/57)
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
وَاللَّهُ تعالى وحده جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ من جنسكم أَزْواجاً نساء لتأنسوابها وتقيموا بذلك جميع مصالحكم ويكون أولادكم أمثالكم. ومن هنا أخذ بعض العلماء انه يمتنع ان يتزوج المرء امرأة من الجن إذ لا مجانسة بينهما فلا مناكحة وأكثرهم على إمكانه ويدل عليه ان أحد أبوي بلقيس كان جنيا قال ابن الكلبي كان أبوها من عظماء الملوك فتزوج امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وفيه حكايات اخر فى آكام المرجان فان قيل غلبة عنصر النار فى الجن تمنع من ان تتكون النطفة الانسانية فى رحم الجنية لما فيها من الرطوبات فتضمحل ثمة لشدة الحرارة النيرانية وقس عليه نكاح الجنى الانسية قلت انهم وان خلقوا من نار فليسوا بباقين على عنصرهم الناري بل قد استحالوا عنه بالا كل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنوا آدم عن عنصرهم الترابي بذلك على ان الذي خلق من نار هو ابو الجن كما خلق آدم ابو الانس من تراب واما كل واحد من الجن غير ابيهم فليس مخلوقا من النار كما ان كل واحد من بنى آدم ليس مخلوقا من تراب. وذكروا ايضا جواز المناكحة بين الإنسان وانسان الماء كما قال فى حياة الحيوان ان فى بحر الشام فى بعض الأوقات من شكله شكل انسان وله لحية بيضاء يسمونه شيخ البحر فاذا رآه الناس استبشروا بالخصب- وحكى- ان بعض الملوك حمل اليه انسان ماء فاراد الملك ان يعرف حاله فزوجه امرأة فاتاه منها ولد يفهم كلام أبويه فقيل للولد ما يقول أبوك قال يقول أذناب الحيوان كلها فى أسفلها فما بال هؤلاء اذنابهم فى وجوههم. وذكروا ايضا بنات الماء ومناكحة الإنسان اياهن وتولد الأولاد منهن وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ اى جعل لكل منكم من زوجه لا من زوج غيره بَنِينَ [فرزندان] وَحَفَدَةً جمع حافد وهو الذي يسرع فى الخدمة والطاعة ومنه قول القانت وإليك نسعى ونحفد اى جعل لكم خدما يسرعون فى خدمتكم وطاعتكم ويعينونكم كاولاد الأولاد ونحوهم يقول الفقير حمل الحفدة على البنات كما فعله البعض بناء على انهن يخدمنه فى البيوت أتم خدمة ضعيف لان الخطاب لكون السورة مكية مع المشركين وهم كانوا تسودّ وجوههم حين الاخبار بالبنات فلا يناسب مقام الامتنان حملها عليهن وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من اللذائذ كالعسل ونحوه ومن للتبعيض لان كل الطيبات فى الجنة وما طيبات الدنيا الا أنموذج منها يقول الفقير المقصود الطيبات المنفهمة بحسب العرف وهى طيبات البلدة والناحية والإقليم لا الطيبات المشتملة عليها الدنيا والجنة فكل الطيبات مرزوق بها العباد أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ الفاء فى المعنى داخلة على الفعل وهى للعطف على مقدر اى أيكفرون بالله الذي شأنه هذا فيؤمنون بالباطل وهو ان الأصنام تنفعهم وان البحاثر ونحوها حرام وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ حيث يضيفونها الى الأصنام او المراد بالباطل الأصنام وما يفضى الى الشرك وبنعمة الله الإسلام والقرآن وما فيه من التوحيد والاحكام. والباطل عند اهل الحقيقة قسمان باطل حقيقى وهو ما لا تحقق ولا وجود ولا ثبوت له بان لم يقع التجلي الإلهي فى عالمه أصلا وقسم باطل مجازى وهو التعينات الموجودة كلها اما بطلانه فلكونه عدما فى نفسه «ألا كل شىء ما خلا الله باطل» واما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الإضافي والحق المجازى والمؤمن بالباطل مطلقا كافر بالله تعالى(5/58)
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)
سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً الرزق مصدر وشيأ نصب على المفعولية منه والمراد من الموصول الآلهة اى مالا يقدر على ان يرزق منهم شيأ لا من السموات مطرا ولا من الأرض نباتا وَلا يَسْتَطِيعُونَ ان يملكوه إذ لا استطاعة لهم أصلا لانهم جماد فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ اى فلا تشبهوا الله بشئ من خلقه وتشركوا به قال ضرب المثل تشبيه حال بحال وقصة بقصة والله تعالى واحد حقيقى لا شبه له ازلا وابدا
در تصور ذات او را كنج كو ... تا در آيد در تصور مثل او «1»
قال فى الإرشاد اى لا تشبهوا بشأنه تعالى شأنا من الشؤون واللام مثلها فى قوله تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ لا مثلها فى قوله تعالى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ ونظائره أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كنه ما تفعلون وعظمه وهو معاقبكم عليه بما يوازيه فى العظم وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذلك ولو علمتموه لما جرأتم عليه فالله تعالى هو العالم بالخطأ والصواب ومن خطأ الإنسان عبادته الدنيا والهوى وطلب المقاصد من المخلوقين وجعلهم أمثال الله وليس فى الوجود مؤثر الا الله تعالى فهو المقصود ومنه الوصول اليه وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم) وذلك لان الله تعالى ليس له زمان ولا مكان وان كان الزمان والمكان مملوءين من نوره فاهل السماء والأرض فى طلبه سواء وقال موسى عليه السلام أين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت إلىّ أشار تعالى الى ان القاصد واصل بغير زمان ومكان وانما الكلام فى القصد الوجدانى الجمعى والميل الكلى لان من طلب وجدّ وجد ومن قرع الباب ولجّ ولج والباب هو باب القلب فان منه يدخل المرء بيت المعرفة الالهية ثم يصل الى صدر المشاهدة الربانية فيحصل الانس والحضور والذوق والصفاء ويرتفع الهيبة والحيرة والوحشة والغفلة والكدر والجفاء اللهم اجعلنا من الواصلين آمين ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ضرب المثل تشببه حال بحال وقصة بقصة اى ذكر وأورد شيأ يستدل به على تباين الحال بين جنابه وبين ما أشركوا به وليس المراد حكاية ضرب الماضي بل المراد انشاؤه بما ذكر عقيبه عَبْداً مَمْلُوكاً بدل من مثلا وتفسير له والمثل فى الحقيقة حالته العارضة له من المملوكية والعجز التام وبحسبها ضرب نفسه مثلا ووصفه بالمملوكية ليخرج عنه الحر لاشتراكهما فى كونهما عبد الله تعالى لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وصفه بعدم القدرة لتمييزه عن المكاتب والمأذون اللذين لهما تصرف فى الجملة وَمَنْ رَزَقْناهُ من موصوفة معطوفة على عبدا كأنه قيل وحرا رزقناه بطريق الملك ليطابق عبدا مِنَّا من جانبنا الكبير المتعال رِزْقاً حَسَناً حلالا طيبا او مستحسنا عند الناس مرضيا قال الكاشفى [روزى نيكو يعنى بسيار وبي مزاحم كه در وتصرف تواند كرد] فَهُوَ [پس اين مرزوق] يُنْفِقُ مِنْهُ أي من ذلك الرزق الحسن سِرًّا وَجَهْراً اى حال السر والجهر وقدم السر على الجهر للايذان بفضله عليه قال الكاشفى [پنهان وآشكارا يعنى هر نوع كه ميخواهد خرج ميكند واز كس نميترسد] هَلْ يَسْتَوُونَ جمع الضمير للايذان بان المراد مما ذكر من اتصف
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در ميان بودن پادشاه طبيب غيبى را إلخ(5/59)
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)
بالأوصاف المذكورة من الجنسين المذكورين لا فردان متعينان منهما. والمعنى بالفارسية [آيا برابرند يعنى مساوى نباشند بندگان بي اختيار با خواجكان صاحب اقتدار پس چون مملوك عاجز با مالك قادر متصرف برابر نيست پس بتان كه أعجز مخلوقاتند شريك قادر على الإطلاق چكونه توانند بود]
راه تو بنور لا يزالى ... از شرك وشريك هر دو خالى
آن بنده كه عاجزست ومحتاج ... كى راه برد بصاحب تاج
ما للتّراب ورب الأرباب [صاحب كشف المحجوب آورده كه روزى بخلوت شيخ ابو العباس شيبانى در آمدم ويرا ديدم كه اين آيت ميخواند وميكريست ونعره مى زد پنداشتم كه از دنيا بخواهد رفت كفتم اى شيخ اين چهـ حالتست فرمود كه يازده سال ميكذرد تا ورد من اينجا رسيده است واز اينجا در نميتوانم كذشت آرى حدوث در قدم نميتواند رسيد وممكن از كنه واجب خبر نتواند داد]
نيست با هست چون زند پهلو ... قطره با بحر چون كند دعوى
الْحَمْدُ لِلَّهِ اعتراض اى كل الحمد لله تعالى لانه معطى جميع النعم وان ظهرت على أيدي بعض الوسائط وليس شىء من الحمد للاصنام لعدم استحقاقها إياه فضلا عن العباد بَلْ أَكْثَرُهُمْ [بلكه اكثر مشركان. يعنى همه ايشان] لا يَعْلَمُونَ ذلك فيضيفون نعمه تعالى الى غيره ويعبدونه لاجلها وفى الإرشاد نفى العلم عن أكثرهم للاشعار بان بعضهم يعلمون ذلك وانما لا يعلمون بموجبه عنادا كقوله تعالى يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا آخر يدل على ما يدل عليه المثل السابق على أوضح وجه وأظهره رَجُلَيْنِ قال فى الكواشي تقديره مثلا مثل رجلين فمثلا الاول مفعول والثاني بدل منه او بيان فحذف الثاني وأقيم مقامه رجلين أَحَدُهُما أَبْكَمُ وهو من ولد أخرس ولا بد ان يكون أصم كما قال الكاشفى [وبي شبهه كنك مادر زاد نشود] لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ من الأشياء المتعلقة بنفسه او بغيره بحدس او فراسة لقلة فهمه وسوء إدراكه وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ ثقل وعيال على من يعوله ويلى امره وهذا بيان لعدم قدرته على اقامة مصالح نفسه بعد ذكر عدم قدرته على شىء مطلقا أَيْنَما يُوَجِّهْهُ اى حيث يرسله مولاه فى امره وكفاية مهم وهو بيان لعدم قدرته على اقامة مصالح مولاه ولو كانت مصلحة يسيرة لا يَأْتِ بِخَيْرٍ [باز نيامد به نيكويى يعنى كارى نسازد وكفايتى نكند لا يفهم ولا يفهم] هَلْ يَسْتَوِي هُوَ [آيا برابر باشد اين ابكم] مع ما فيه من الأوصاف المذكورة وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ اى من هو منطيق فهم ذو رأى وكفاية ورشد ينفع الناس بحثهم على العدل الجامع لجميع الفضائل والمكارم وهذا كسحبان وباقل فان سحبان كان رجلا فصيحا بليغا متكلما بحيث لا يقطع الكلام ولو سرده يوما وليلة ولا يكرر ولو اقتضى الحال فبعبارة اخرى ولا يتتحنح وان باقلا كان رجلا اشترى ظبيا بأحد عشر درهما فسئل عن شرائه ففتح كفيه واخرج لسانه يشير الى ثمنه فانفلت الظبى فضرب به المثل فى العي وَهُوَ فى نفسه مع ما ذكر من نفعه العام للخاص والعام عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [بر راهى راستست وسيرتى درست وطريقه(5/60)
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)
پسنديده كه بهر مطلب كه توجه نمايد زود بمقصد ومقصود رسد پس چنانكه بجاهل مساوى اين كامل فاضل نيست پس بتان بي اعتبار را مساوات با حضرت پروردگار جل شانه نباشد] وقال الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام فيما أبهم من القرآن. ان الأبكم هو ابو جهل واسمه عمر وبن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. والذي يأمره بالعدل عمار بن ياسر العنسي وعنس بالنون حى من مدلج وكان حليفا لبنى مخزوم رهط ابى جهل وكان ابو جهل يعذبه على الإسلام ويعذب امه سمية وكانت مولاة لابى جهل وقال لها ذات يوم انما آمنت بمحمد لانك تحبينه لجماله ثم طعنها بالرمح فى فيها فماتت فكانت أول شهيدة فى الإسلام وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة لا تقدر على شىء من الخير لان من شأنها متابعة هواها ومخالفة مولاها وان الروح من شأنه ان يأمر النفس بطاعة الله وحسن عبوديته كما ان النفس تأمر الروح بمعاصي الله وعبودية هواها فالتوفيق فى جانب الروح واعداء المؤمن ثلاثة النفس والشيطان والدنيا فحارب النفس بالمخالفة وحارب الشيطان بالذكر وحارب الدنيا بالقناعة وعن حكيم نفسك لصك فاحفظها وهى عدوك فجاهدها كذا فى الخالصة وَلِلَّهِ تعالى خاصة لا لاحد غيره استقلالا ولا اشراكا وكان كفار قريش يستعجلون وقوع القيامة استهزاء فانزل الله تعالى هذه الآية غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى علم ماغاب فيهما عن العباد قال فى الإرشاد فيه اشعار بان علمه سبحانه حضورى فان تحقق الغيوب فى أنفسها علم بالنسبة اليه تعالى ولذلك لم يقل ولله علم غيب السموات والأرض وَما أَمْرُ السَّاعَةِ الساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم اى وما شأن قيام القيامة التي هى من الغيوب فى سرعة المجيء إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اللمح النظر بسرعة اى كرجع الطرف من أعلى الحدقة الى أسفلها. يعنى [آوردن خداى تعالى مر قيامت را آسانترست از آنكه شما ديده بر هم زنيد] أَوْ هُوَ اى بل أمرها فيما ذكر من السرعة والسهولة أَقْرَبُ من لمح البصر واسرع زمانا قال الكاشفى [اقرب نزديكتر است چهـ لمح بصر دو فعل است وضع جفن ورفع آن وإيقاع قيامت بإحياء موتى يك فعل پس ممكن است ووقوع آن در نصف زمان اين حركت] وأو ليست للشك بل للتخيير اى تخيير المخاطبين بين ان يشبهوا امر قيامها بلمح البصر وان يقولوا هو اقرب وانما ضرب به المثل لانه لا يعرف زمان اقل منه إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ. قَدِيرٌ فهو يقدر على ان يقيم الساعة ويبعث الخلق لان بعض المقدورات. يعنى [تواند احياء خلائق دفعة چنانچهـ قادر است بر احياء ايشان بر سبيل تدريج پس از ابتداء طهور ايشان خبر داد تا از مبدأ وبر معاد استدلال كنند] واعلم انهم قالوا [كر چهـ قيامت دير آمد ولى مى آمد] يعنى هودان عند الله تعالى وان كان بعيدا عندنا فلابد من التهيؤ له وعن انس بن مالك رضى الله عنه ان رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم متى الساعة فقال عليه السلام (ما اعددت لها) قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله نقال (أنت مع من أحببت) وشرط كون المرء مع من أحب ان يشترك معه فى الدين ويتحد ومن مقتضاه إتيان المأمورات وترك المحظورات فان المحبة الكاملة لا تحصل الا به فمن خالف امر الله تعالى وامر نبيه فقد فارقهما فكيف يحبهما مع البينونة: قال الشيخ سعدى قدس سره(5/61)
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)
نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو
ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى
ثم اعلم ان رجوع النفس الى ربها يكون باماتتها عن أوصافها وإحيائها بصفات الله والاماتة تكون بتجلى صفة الجلال والاحياء بتجلى صفة الجمال فاذا تجلى الله لعبد لا يبقى له زمان ولا مكان إذ هو فان عن وجوده باق ببقاء الحق ان الله على كل شىء من المواهب التي يعزبها أولياءه قدير وان لم يفهم الأغبياء بعقولهم كيفية تلك المعارف والكمالات بل العقلاء بعقولهم السليمة بمعزل من ادراك تلك الحقائق وذلك لانها خارجة عن طور العقل سيل ضعيف واصل دريا نميشود والتجليات ثلاثة. الاول التجلي العلمي واهله من اصحاب البرازخ لا يصح ان يكون مرشدا الا تقليدا. والثاني التجلي العيني. والثالث التجلي الحقي وأهلهما من ارباب اليقين والوصول من شانهم ارشاد الناس فى جميع المراتب اى فى مرتبة الطبيعة والنفس والقلب والروح والطريقة والمعرفة والحقيقة وهم اهل البصيرة الذين أشير إليهم فى قوله تعالى قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي فعليك بالاقتداء بهم دون غيرهم فان قلت ما الفرق بين اهل التجلي الثاني والثالث قلت انهما بعد اشتراكهما فى ان كلا منهما قطب ارشاد يتميز الثالث بالقطبية الكبرى التي هى أعلى المناسب وَاللَّهُ تعالى وحده أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ جمع الام زيدت الهاء فيها كما زيدت فى الإهراق من أراق لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً اى حال كونكم غير عالمين شيأ أصلا من امور الدنيا والآخرة ولا مما كانت أرواحكم تعلم فى عالم الأرواح ولا مما كانت ذراتكم تعلم من فهم خطاب ربكم إذ قال ألست بربكم ولا مما علمت إذ قالت بالجواب بلى ولا مما تعلم الحيوانات حين ولادتها من طلب غذائها ومعرفة أمها والرجوع إليها والاهتداء الى ضروعها وطريق تحصيل اللبن منها ومشيها خلفها وغير ذلك مما تعلم الحيوانات وتهتدى اليه ولا يعلم الطفل منه شيأ ولا يهتدى اليه قال الشيخ سعدى قدس سره
مرغك از بيضه برون آيد وروزى طلبد ... آدمي بچهـ ندارد خبر وعقل وتميز
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ قدمه على البصر لما انه طريق تلقى الوحى ولذا ابتلى بعض الأنبياء بالعمى دون الصم أو لأن إدراكه اقدم من ادراك البصر ألا ترى ان الوليد يتأخر انفتاح عينيه عن السمع وافراده باعتبار كونه مصدرا فى الأصل وَالْأَبْصارَ جمع بصر وهى محركة حس العين وَالْأَفْئِدَةَ جمع فؤاد وهو وسط القلب وهو من القلب كالقلب من الصدر وهو من جموع القلة التي جرت مجرى جموع الكثرة قال فى بحر العلوم استعملت فى هذه الآية وفى سائر آيات وردت فيها فى الكثرة لان الخطاب فى جعل لكم وانشأ لكم عام. والمعنى جعل لكم هذه الأشياء آلات تحصلون بها العلم والمعرفة بان تحسوا بمشاعركم جزئيات الأشياء وتدركوها بافئدتكم وتتنبهوا لما بينهما من المشاركات والمباينات بتكرر الاحساس فيحصل لكم علوم بديهية تتمكنون بالنظر فيها من تحصيل العلوم الكسبية(5/62)
أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)
واعلم ان قوله وجعل عطف على أخرجكم وليس فيه دلالة على تأخر الجعل المذكور عن الإخراج لما ان مدلول الواو هو الجمع مطلقا لا الترتيب على ان اثر ذلك الجعل لا يظهر قبل الإخراج كما فى الإرشاد. والتحقيق ان الله تعالى صفات سبعا مرتبة وهى الحياة والعلم والارادة والقدرة والسمع والبصر والكلام وإذا قلب الكلام يصير كمالا فآخر الكمال الكلام كما ان أول الكمال الكلام لان أول التعينات الالهية هى الهوية الذاتية وآخرها الكلام مطلقا وعلى هذا يدور الأمر فى المظهر الإنساني ألا ترى ان أول ما يبدو فى الجنين حس السمع ثم البصر ثم الكلام ولذا حرم تزوج الحبلى من النكاح اتفاقا ومن الزنى اختلافا لما قال عليه السلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يسقين ماءه زرع غيره) فان قيل فم الرحم منسد بالحبل فكيف يوجد سقى الزرع قلنا قد جاء فى الخبر (ان سمع الحمل وبصره يزداد حدة بالوطئ) فظهر ان آخر ما يظهر بعد الولادة هو الكلام ومقتضى مقام الامتنان ان هذه القوى انما تظهر آثارها بعد الإخراج من بطون الأمهات وهذا لا ينافى حصولها قبله بالقوة القريبة من الفعل لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ارادة ان تشكروا هذه الآلات وشكرها استعمالها فيما خلقت لاجله من استماع كلام الله وأحاديث رسول الله وحكم أوليائه وما ليس فيه ارتكاب منهى ومن النظر الى آيات الله والاستدلال بها على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته فمن استعملها فى غير ما خلقت له فقد كفر جلائل نعم الله تعالى وخان فى أماناته: قال الشيخ السعدي قدس سره
كذرگاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان وباطل شنيدن مكوش
دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست
وقال الصائب
ترا بگوهر دل كرده اند امانتدار ... ز دزد امانت حق را نكاهدار مخسب
وفى التأويلات النجمية وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لاجسادكم كما جعل للحيوانات لتسمعوا بها وتبصروا وتفهموا ما يسمع الحيوان ويبصر ويفهم وجعل لارواحكم سمعا تسمعون به ما تسمع الملائكة وبصرا تبصرون به ما تبصر الملائكة وفؤادا تفهمون به ما تفهم الملائكة وجعل لاسراركم سمعا تسمعون بالله وبصرا تبصرون بالله وفؤادا تعرفون بالله وهذه الحواس مستفادة من قوله تعالى كنت له سمعا وبصرا ولسانا فبى يسمع وبى يبصر وبى ينطق لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بهذه الآلات نعم الله وأداء شكر نعم الله باستعمالها وصرفها فى طلب الله وترك الالتفات الى النعم بل للمنعم وفى الآية اشارة اخرى والله أخرجكم من بطون أمهاتكم اى من العدم وهو الام الحقيقي لا تعلمون شيأ قبل ان يعلمكم الله اسماء كل شىء وجعل لكم السمع والابصار والافئدة حين خاطبكم بقوله ألست بربكم فتجلى لكم بربوبيته فبنور سمعه اعطاكم لسانا تجيبونه بقولكم بلى لعلكم تشكرون فلا تسمعون بهذا السمع الا كلامه ولا تبصرون بهذا البصر إلا جماله ولا تحبون بهذا الفؤاد الا ذاته ولا تكلمون بهذا اللسان الا معه أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ تقرير لمن ينظر إليهن وتعجيب من شأنهن. والطير جمع طائر اى ألم ينظروا(5/63)
إليها ليستدلوا بها على قدرة الله تعالى مُسَخَّراتٍ مذللات للطيران بما خلق لها من الاجنحة والأسباب المساعدة له. وفيه مبالغة من حيث ان التسخير جعل الشيء منقادا للآخر يتصرف فيه كيف يشاء كتسخير البحر والفلك والدواب للانسان والواقع هنا تسخير الهواء للطير لتطير فيه كيف تشاء فكان مقتضى طبيعة الطير السقوط فسخرها الله للطيران وفيه تنبيه على ان الطيران ليس بمقتضى طبع الطير بل ذلك بتسخير الله تعالى وكذا إحراق النار وإهلاك البرد ليسا بذاتهما بل بتأثير الله تعالى وعلى هذا فِي جَوِّ السَّماءِ فى الهواء غير متباعد من الأرض وإضافته الى السماء لما انه فى جانبها من الناظر قال فى القاموس الجو الهواء ما يُمْسِكُهُنَّ فى الجو عن السقوط حين قبض أجنحتهن وبسطها ووقوفهن إِلَّا اللَّهُ بقدرته الواسعة وتدبيره لهن من الريوش الكبار والصغار فان ثقل جسدها ورقة قوام الهواء يقتضيان سقوطها ولا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها تمسكها والهواء للطائر كالماء للسابح فهو يقبض يديه ويبسطها ولا يغرق مع ثقل جسده ورقة الماء واعجب من ذلك وادل فيه على القدرة الباهرة تعشيش بعض الطير فى الهواء ومن اخبار الرشيد أنه خرج يوما للصيد فارسل بازا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفة الخلق فيه دواب بيض تفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك وأكرمه. ومن ذلك الطير الأبابيل التي رمت اصحاب الفيل بحجارة من سجيل وهى الطير السود على هيئة الخطاطيف. ومن ذلك ما يقال له بالفارسية [هما] فانه من سكان الهواء يبيض ويفرخ فيه وليس له رجل وهو فى جثة العقعق الا انه سكرى اللون ويوجد جسده بعد وفاته فى صحارى الهند. ومن عجائب الطيور الرخ بالضم وهو طير فى جزائر الصين يكون جناحه الواحد عشرة آلاف باع قال فى القاموس هو طائر كبير يحمل الكركدان انتهى وكان وصل الى المغرب رجل من التجار ممن سافر فى بحر الصين وألقتهم الريح الى جزيرة عظيمة فخرج إليها اهل السفينة ليأخذوا الماء والحطب فرأوا قبة عظيمة أعلى من مائة ذراع لها لمعان وبريق فعجبوا منها فلما دنوا منها إذا هى بيضة الرخ فجعلوا يضربونها بالخشب والفؤوس والحجارة حتى انشقت عن فرخ كأنه جبل فتعلقوا بريش جناحه فجروه فنفض جناحه فبقيت هذه الريشة معهم خرج أصلها من جناحه ولم يكمل بعد خلقه نقتلوه وحملوا ما قدروا عليه من لحمه فلما طلعت الشمس إذ الرخ قد اقبل فى الهواء كالسحابة العظيمة فى رجله قطعة حجر كالبيت العظيم اكبر من السفينة فلما حاذى السفينة القى
ذلك الحجر بسرعة فوقع الحجر فى البحر وسبقت السفينة وتجاهم الله تعالى بفضله ورحمته كذا فى حياة الحيوان إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من تسخير الطير للطيران بان خلقها خلقة يمكن معها الطيران بان جعل لها اجنحة خفيفة واذنابا كذلك وخلق الجوّ بحيث يمكن الطيران فيه وإمساكها فى الهواء على خلاف طباعها لَآياتٍ [نشانها ظاهرست] لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ اى من شأنهم ان يؤمنوا وانما(5/64)
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)
خص ذلك بهم لانهم المنتفعون به حيث يطيرون فى هواء المعرفة بجناح التفكر فيما ذكر ويصلون الى وكرالكرامة
فكر ازين خانه فرازت كشد ... سوى سرا پرده رازت كشد «1»
وفى المثنوى
كر بينى ميل خود سوى سبا ... پر دولت بر كشا همچون هما
ور بينى ميل خود سوى زمين ... نوحه ميكن هيچ منشين از حنين
وفى الحديث (كونوا فى الدنيا اضيافا واتخذوا المساجد بيوتا وعودوا قلوبكم الرقة وأكثروا من التفكر والبكاء ولا يختلفن بكم الأهواء) وعن محمد عبد الله انه قال الفكرة على خمسة أوجه فكرة فى آيات الله يتولد منها المعرفة. وفكرة فى آلاء الله ونعمائه يتولد منها المحبة. وفكرة فى وعد الله وثوابه يتولد منها الرغبة. وفكرة فى وعد الله وعقابه يتولد منها الرهبة. وفكرة فى جفاء النفوس بجنب احسان الله إليها يتولد منها الحياء والندم وفى الآية اشارة الى ان طير الأرواح مسخرة فى جو سماء القلوب لا يمسكهن الا الله لان الأرواح علويات وانما سكونها فى سفل الأجساد بتسخير الله إياها كقوله وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وقوله ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ وهذا كسلطان نزل فى خراب بحسب الاقتضاء والا فشأنه أعلى من ذلك وجاهه ارفع منه كما لا يخفى وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ المعهودة التي تبنونها من الحجر والمدر وهو تبيين لذلك المجعول المبهم فى الجملة سَكَناً فعل بمعنى مفعول اى موضعا تسكنون فيه وقت اقامتكم. وبالفارسية [آرامگاهى] قال فى الكواشي كل ما يسكن اليه او فيه سكن بمعنى مسكن وفى الواقعات المجمودية للسلوك شروط ثلاثة الزمان والمكان والاخوان. اما الأولان فلانه لا بد من خلو الزمان عن الفترة وكذا المكان. واما الاخوان فلتدارك حوائج السالك لئلا يتقيد بها فلا بد من الشرائط المذكورة لدوام السلوك واستمراره من غير انقطاع انتهى. والظاهر ان المكان اقدم للسلوك ثم الزمان ثم الاخوان ثم صفاء الخاطر وفى الاسرار المحمدية الغرض فى المسكن دفع المطر والبرد واقل الدرجات فيه معلوم وما زاد عليه فهو من الفضول والاقتصار على الأقل والأدنى يمكن فى الديار الحارة اما فى البلاد الباردة فى غلبة البرد ونفوذه من الجدران الضعيفة حتى كاد يهلك او يمرض فالبناء بالطين وأحكامه لا يخرجه عن حد الزاهدين وكذا فى ايام الصيف عند اشتداد الحر واستضرار أولاده بالبيت الشتوي السفلى لعدم نفوذ الهواء البارد فيه ومن البراغيث فى الليل المزعجات عن النوم وانواع الحشرات فيه فلا يجوز حملهم على الزهد بان يتركهم على هذه الحال بل عليه ان يبنى لهم صيفيا علويا لما روينا عن النبي عليه الصلاة والسلام (من بنى بنيانا فى غير ظلم ولا اعتداء او غرس غراسا فى غير ظلم ولا اعتداء كان له اجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن) انتهى وكتب بهلول على حائط من حيطان قصر عظيم بناه اخوه الخليفة هارون الرشيد يا هارون رفعت الطين ووضعت الدين رفعت الجص ووضعت النص ان كان من مالك فقد أسرفت ان الله لا يحب المسرفين وان كان من مال غيرك ظلمت ان الله لا يحب الظالمين وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ [از پوست چهارپايان] جمع نعم بالفتح وهو مخصوص بالأنواع الاربعة التي هى الإبل والبقر والغنم والمعز بُيُوتاً
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت آن درويش كه در كوه خلوت كرده بود إلخ(5/65)
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85)
اخر مغايرة لبيوتكم المعهودة وهى الخيام والقباب والاخبية والفساطيط من الانطاع والادم تَسْتَخِفُّونَها تجدونها خفيفة يخف عليكم نقضها وحملها ونقلها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ اى وقت ترحلكم وسفركم وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وقت نزولكم فى الضرب والبناء وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها جمع صوف ووبر وشعر والكنايات راجعة الى الانعام اى وجعل لكم من أصواف الضأن وأوبار الإبل واشعار المعز أَثاثاً اى متاع البيت مما يلبس ويفرش وَمَتاعاً اى شيأ يمتع به بفنون التمتع إِلى حِينٍ الى مدة من الزمان فانها لصلابتها تبقى مدة مديدة قال الجاحظ اتفقوا على ان الضأن أفضل من المعز بدليل الاضحية ويفضل المعز على الضأن لغزارة اللبن وثخانة الجلد وما نقص من ألية المعز يزيد فى شحمه ولذلك قالوا زيادة المعز فى بطنه ولما خلق الله جلد الضأن رقيقا غزر صوفه ولما خلق الله جلد المعز ثخينا قل شعره كذا فى حياة الحيوان فالله تعالى خلق هذه الانعام للانتفاع بجلودها ولحومها وأصوافها واوبارها واشعارها ويجوز الانتفاع بشحوم الميتة وعن جابر بن عبد الله انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة (ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فانه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال (لا هو حرام) والاستصباح [چراغ فرا كرفتن] وكما ان هذه الحيوانات وما يتبعها ينتفع بها الإنسان فى سفره وحضره فكذا القوى الحيوانية والحواس الخمس ينتفع بها السالك فى السير الى الله فانها مطية وفى وقت الوقفة للاستراحة والتربية فانها مما لا بد منه لكونها من الأسباب المعينة: قال الكمال الخجندي
با كرم روى واقف اين راه چنين كفت ... آهسته كه اين ره بدويدن نتوان يافت
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ من غير صنع من قبلكم ظِلالًا جمع ظل وهو ما يستظل به اى أشياء تستظلوا بها من الحر كالغمام والشجر والجبل وغيرها امتنّ سبحانه بذلك لما ان تلك الديار غالبة الحرارة وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً [پوششها] جمع كن وهو ما يستكن فيه اى مواضع تستكنون فيها من الكهوف والغيران والسروب قال عطاء انما انزل القرآن على قدر معرفتهم ألا ترى انه تعالى قال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وما جعل من السهولة أعظم منه ولكنهم كانوا اصحاب جبال وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ جمع سربال وهو كل ما يلبس اى جعل لكم ثيابا من القطن والكتان والصوف وغيرها تَقِيكُمُ الْحَرَّ [نكاه ميدارد شما را از ضرر كرما] ولم يذكر البرد لدلالته عليه لانه نقيضه او لان وقايته هى الأهم عندهم لكون البرد يسيرا محتملا بخلاف الديار الرومية فانها غالبة البرودة ولذا قيل الحر يؤذى الرجل والبرد يقتله قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره برد الربيع غير مضر لكن هذا فى ديار العرب فان فى برد تلك الديار اعتدالا بخلاف ديارنا وفى الحديث (اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم واجتنبوا برد الخريف فانه يعمل بأبدانكم كما يعمل بأشجاركم) : وفى المثنوى
آن خزان نزد خدا نفس وهواست ... عقل وجان عين بهارست وبقاست «1»
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث اغتنموا برد الربيع فانه يعمل بأبدانكم إلخ(5/66)
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)
مر ترا عقلست جزؤى در نهان ... كامل العقلي بجو اندر جهان
جزؤ تو از كل او كلى شود ... عقل كل بر نفس چون غلى شود
پس بتأويل اين بود كانفاس پاك ... چون بهارست وحيات برك تاك
از حديث أوليا نرم ودرشت ... تن مپوشان ز انكه دينت راست پشت
كرم كويد سرد كويد خوش بكير ... تا ز گرم وسرد بجهى واز سعير
كرم وسردش نوبهار زندكيست ... مايه صدق ويقين بندگيست
ز انكه زان بستان جانها زنده است ... زين جواهر بحر دل آكنده است
وَسَرابِيلَ ودروعا من الحديد تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ اى البأس والألم الذي يصل الى بعضكم من بعض فى الحرب من الضرب والطعن. والبأس الشدة فى الحرب والقتل والجراحة كما فى التبيان وأول من عمل الدرع دواد عليه السلام فان الله تعالى ألان له الحديد كالشمع كما قال وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ وصحب لقمان داود شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال نعم لبس الحرب أنت
چولقمان ديد كاندر دست داود ... همى آهن بمعجز موم كردد
نه پرسيدش چهـ ميسازى كه دانست ... كه بي پرسيدنش معلوم كردد
كَذلِكَ كاتمام هذه النعم التي تقدمت يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ يا معشر قريش لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ الإسلام هاهنا بمعنى الاستسلام والانقياد وضع موضع سببه وهو تنظرون وتتفكرون اى ارادة ان تنظروا فيما أسبغ عليكم من النعم الظاهرة والباطنة والانفسية والآفاقية فتعرفوا حق منعهما فتؤمنوا به وحده وتذروا ما كنتم به نشركون وتنقادوا لأمره فَإِنْ تَوَلَّوْا فعل ماض اى فان اعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا منك ما القى إليهم من البينات والعبر والعظات وفى صيغة التفعل اشارة الى ان الفطرة الاولى داعية الى الإقبال على الله والاعراض لا يكون الا بنوع تكلف ومعالجة فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى فلا قصور من جهتك لان وظيفتك هى البلاغ الموضح او الواضح وقد فعلته بما لا مزيد عليه فهو من باب وضع السبب موضع المسبب عكس لعلكم تسلمون: قال الشيخ سعدى قدس سره
ما نصيحت بجاى خود كرديم ... روزكارى درين بسر برديم
كر نيايد بكوش رغبت كس ... بر رسولان پيام باشد وبس
وقال
بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان برآرد خروش ... كه اوخ چرا حق نكردم بكوش
يَعْرِفُونَ اى بعض المشركين نِعْمَتَ اللَّهِ المعدودة فى هذه السورة ويعترفون انها من الله ثُمَّ يُنْكِرُونَها بأفعالهم حيث يعبدون غير منعمها او بقولهم انها بشفاعة آلهتنا او بسبب كذا ومعنى ثم استبعاد الإنكار بعد حصول المعرفة وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ اى المنكرون بقلوبهم غير المعترفين بما ذكر وفى التأويلات النجمية يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ(5/67)
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85)
بتعريفك وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ بك وبنعمة الله إظهارا للقهر فمن وصل اليه النعمة من يد أحد فلابد من الشكر فانه الواسطة والا فقد تعرض لحرمان كثير من النعم الالهية
چوبيابى تو نعمتى در چند ... خرد باشد چونقطه موهوم
شكر آن يافته فرو مكذار ... كه زنا يافته شوى محروم
قال السرى السقطي قدس سره الشكر على ثلاثة أوجه. شكر القلب. وشكر البدن. وشكر اللسان. فشكر القلب ان يعرف العبد ان النعم كلها من الله تعالى. وشكر البدن ان لا يستعمل جارحة من جوارحه الا فى طاعة الله. وشكر اللسان دوام حمد الله- وروى- ان عيسى عليه السلام مرّ بغنى فاخذ بيده فذهب به الى فقير فقال هذا أخوك فى الإسلام وقد فضلك الله عليه بالسعة فاشكر لله على ذلك ثم أخذ بيد الفقير فذهب به الى مريض فقال ان كنت فقيرا فلست بمريض ما كنت تصنع لو كنت فقيرا مريضا فاشكر لله ثم ذهب بالمريض الى كافر فقال ما كنت تصنع لو كنت فقيرا مريضا كافرا فاشكر لله فهداهم الى الشكر بطريق المشاهدة ومقابلة حالهم بحال من سواهم ونبههم من الغفلة ليقبلوا على الشكر ويحترزوا عن الكفران واعلم ان الكفر بالله أشد من الكفر بنعمة الله لان الاول لا يفارق الثاني بخلاف العكس لان بعض الكفرة قد يكفر بنعمة الله ولا يكفر بالله فيجمع بين الايمان بالله والكفر بنعمته ولذا قال الله تعالى عبارة وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وكنى اشارة عن انه ما يؤمن أقلهم بالله إلا وهم موحدون وهم المؤمنون حقا وصدقا فاولئك هم المخلصون المفلحون وَيَوْمَ نَبْعَثُ اى اذكر يا أفضل الرسل يوم نحشر وهو يوم القيامة مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ [از ميان هر كروهى] شَهِيداً نييا يشهد لهم بالايمان والطاعة وعليهم بالكفر والعصيان ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا فى الاعتذار إذ لا عذر لهم. والعذر فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت ولا أعود وثم للدلالة على ان ابتلاءهم بالمنع عن الاعتذار المنبئ عن الاقناط الكلى وهو عند ما يقال لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء عليهم السلام فهى للتراخى الرتبى وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ يسترضون اى لا يقال لهم ارضوا ربكم ولا يطلب منهم ما يوجب العتبى وهى الرضى وذلك لان الرضى انما يكون بالايمان والعمل الصالح والآخرة دار الجزاء لا دار العمل والتكليف والدنيا مزرعة الآخرة فكل بذر فسد فى الأرض وبطل استعداده لقبول التربية ولم يتم امر نباته إذا حصد وحصل فى البيدر لا يفيده اسباب التربية لتغيير أحواله فالارواح بذور فى ارض الأشباح ومربيها ومنبتها وثمرها اعمال الشريعة بشرط الايمان ومفسدها ومبطلها ومغيرها عن أحوالها الكفر واعمال الطبيعة والموت حصادها والقيامة بيدرها: قال الحافظ
كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد ... روزيكه رخت جان بجهان دكر كشيم
وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا كفروا الْعَذابَ الذي يستوجبونه بظلمهم وهو عذاب جهنم صاحوا وطلبوا من مالك تخفيف العذاب فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ذلك العذاب بعد الدخول وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ اى لا يمهلون قبله ليستريحوا [اى زمانى ايشانرا مهلت ندهند(5/68)
وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)
وبي عذاب نكذارند] فكل من وضع الكفر واعمال الطبيعة موضع الايمان واعمال الشريعة فلا يخفف عنه أثقال الأخلاق الذميمة ولا يؤخر لتبديل مذمومها يمحمودها وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أوثانهم التي عبدوها قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا اى آلهتنا التي جعلناها شركاء الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ اى تعبدهم متجاوزين عبادتك وهو اعتراف بانهم كانوا مخطئين فى ذلك والتماس بتوزيع العذاب بينهم فَأَلْقَوْا اى شركاؤهم إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ يقال ألقيت الى فلان كذا اى قلت اى أنطقهم الله تعالى فاجابوهم بالتكذيب وقالوا لهم إِنَّكُمْ ايها المشركون لَكاذِبُونَ فى ادعائكم اننا شركاء لله إذ ما أمرناكم بعبادتنا وكنا مشغولين بتسبيح الله وطاعته فارغين عنكم وعن أحوالكم كما قال تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَأَلْقَوْا اى المشركون إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ الاستسلام والانقياد لحكمه بعد الاستكبار عنه فى الدنيا چون كار ز دست رفت فرياد چهـ سود وَضَلَّ عَنْهُمْ اى ضاع وبطل ما كانُوا يَفْتَرُونَ من ان لله شركاء وانهم ينصرونهم ويشفعون لهم وذلك حين كذبوهم وتبرأوا منهم الَّذِينَ كَفَرُوا فى أنفسهم وَصَدُّوا غيرهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر زِدْناهُمْ عَذاباً لصدهم فَوْقَ الْعَذابِ اى كانوا يستحقونه بكفرهم. والمعنى بالفارسية [بيفزاييم ايشانرا عذابى بر عذابى] بِما كانُوا يُفْسِدُونَ اى زدنا عذابهم بسبب استمرارهم على الإفساد وهو الصد المذكور قال ابن جبير فى زيادة عذابهم هى عقارب أمثال البغال وحيات أمثال البخت تلسع إحداهن للسعة فيجد صاحبها حميتها أربعين خريفا ويقال يسألون الله تعالى الف سنة المطر ليسكن ما بهم من شدة الحر فيظهر لهم سحابة فيظنون انها تمطر فجعلت السحابة تمطر عليهم بالحيات والعقارب فيشتد المهم لانه إذا جاء الشر من حيث يؤمل الخير كان أغم وقال ابن عباس ومقاتل خمسة انهار من صفر مذاب كالنار تسيل من تحت العرش يعذبون بها ثلاثة على مقدار الليل واثنان على مقدار النهار: يعنى [پنج جوى از روى كداخته بطرف ايشان روان كردد وبسر جوى از ان معذب شوند در مقدار ساعات شبى از شبهاى دنيا وبد وجوى ديكر در مدت اندازه روزى از روزهاى اين جهان] يقول الفقير لعل سر هذا العدد ان اركان الإسلام خمسة لا سيما ان الصلوات الخمس فى تطهير الباطن كالانهار الخمسة الجارية لتطهر الظاهر فلما أضاعوا هذه الأركان وما أقاموها بدل الله بها خمسة انهار من الصفر المذاب ليعذبوابها ولكل عمل جزاء وفاق وَيَوْمَ نَبْعَثُ تكرير لما سبق تثنية للتهديد فِي كُلِّ أُمَّةٍ [وياد كن اى محمد روزيرا كه برانگيزانيم در ميان هر كروهى] شَهِيداً عَلَيْهِمْ اى نبيا مِنْ أَنْفُسِهِمْ من جنسهم قطعا لمعذرتهم لانه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم ولوط عليه السلام لما تأهل فيهم وسكن فيما بينهم كان منهم وفى قوله عليهم اشعار بان شهادة أنبيائهم على الإثم تكون بمحضر منهم وَجِئْنا بِكَ [وبياريم ترا يا محمد] شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ الأمم وشهدائهم كقونه تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً(5/69)
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)
وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ الكامل فى الكتابية الحقيق بان يخص به اسم الجنس وهو القرآن العظيم تِبْياناً بيانا بليغا لِكُلِّ شَيْءٍ يتعلق بامور الدين ومن ذلك احوال الأمم مع أنبيائهم فان قلت كيف هذا ومعلوم ان اكثر الاحكام غير مبنية فى القرآن ولذلك اختلف العلماء فيها الى قيام الساعة قلت كونه تبيانا لكل شىء من امور الدين باعتبار ان فيه نصا على بعضها واحالة لبعضها على السنة حيث امر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته وقيل فيه وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى وحثا على الإجماع وقد رضى رسول الله لامته باتباع أصحابه حيث قال (أصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم) وقد اجتهدوا وقاسوا ووطأوا طرق الاجتهاد فكانت السنة والإجماع والقياس مستندة الى تبيان الكتاب ولم يضر ما فى البعض من الخفاء فى كونه تبيانا فان المبالغة باعتبار الكمية دون الكيفية وَهُدىً وكاملا فى الهداية من الضلالة وَرَحْمَةً للعالمين فان حرمان الكفرة من مغانم آثاره من تفريطهم لا من جهة الكتاب وَبُشْرى وبشارة بالجنة لِلْمُسْلِمِينَ خاصة وفيه اشارة الى ان فى الكتاب بيان كل شىء يحتاج اليه السالك فى أثناء السلوك والسير الى الله الى ان يصل الى أقصى مقام الكمال المقدر للانسان وهذا الكتاب هاد يهدى الى الله عباده برحمته وبشارة لمن اسلم وجهه لله وتابع النبي صلى الله عليه وسلم بالوصول الى مقام الكمال وحضرة الجلال وكما ان المنزل عليه هو الرسول والبيان من لسانه يؤخذ لا من لسان غيره فكذا الملهم عليه هو وارث الرسول والإرشاد من تربية غيره فمن اسلم اى استسلم وانقاد لتربية الوسائط ولم يتحرك بشئ من عند نفسه كالميت على يد الغسال فقد هدى الى طريق التطهر عن الأدناس النفسانية ووصل الى درجات العارفين: قال الحافظ
من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه ... قطع اين مرحله با مرغ سليمان كردم
واعلم ان القرآن كاف لاهل الشريعة والحقيقة فمن مشى على ما صرح به وأشار فقد أمن من العثار ومن خرج عن العمل به واتبع نفسه وهواه فقد بعد عن الله وأسخط مولاه قال سهل بن عبد الله اصول الدين على ركنين التمسك بكتاب الله والاقتداء بسنة رسول الله وعن ابى يزيد قدس سره ستة أشياء حصن الأعضاء السبعة استعمال العلم وحسن الأدب ومحاسبة النفس وحفظ اللسان وكثرة العبادة ومتابعة السنة وقال جنيد البغدادي قدس سره مذهبنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وقال على رضى الله عنه الطريق كلها مسدودة على الخلق الا من اقتفى اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ فى القرآن بِالْعَدْلِ بان لا تظلموا أنفسكم وغيركم ولا تجوروا اى بالتسوية فى الحقوق فيما بينكم وترك الظلم وإيصال كل حق الى ذى حفه او يأمر بمراعاة التوسط بين الأمور اعتقادا كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك والقول بالكسب المتوسط بين الجبر والقدر وكذا القول بان الله لا يؤاخذ عبده المؤمن بشئ من الذنوب مساهلة عظيمة والقول بانه يخلده فى النار بالمعاصي تشديد عظيم والعدل مذهب اهل السنة وعملا كالتعبد بأداء الفرائض والواجبات المتوسطة بين البطالة والترهب وخلقا كالجود المتوسط بين البخل والتبذير والشجاعة المتوسطة بين(5/70)
التهور والجبن والواجب معرفة الوسط فى كل شىء فان القصد ممدوح والافراط والتفريط مذمومان وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله مستشيرا فى الترهب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره إياه (ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) ولما رأى صلى الله عليه وسلم عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته فسأله فقال اوقظ الوسنان واطرد الشيطان قال عليه السلام (اخفض من صوتك قليلا) واتى أبا بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد أسمعت من ناجيت فقال عليه السلام له (ارفع من صوتك قليلا) ومثله الامام. فانه لا يجهر فوق حاجة الناس ولا يخافت خافضا صوته بحيث يشتبه عليهم تلاوته فيراعى بين ذلك حذا وسطا والا فهو مسيئ وفى التأويلات النجمية العدل صرف ما اعطاك الله من الآلات الجسمانية والروحانية ومن الأموال الدنيوية ومن شرائع الدين واعماله فى طلب الله
والسير منك به اليه لان صرفه فى طلب غيره ظلم: قال الحافظ
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد
وَالْإِحْسانِ وان تحسنوا الأعمال مطلقا لقوله عليه السلام (ان الله كتب الإحسان فى كل شىء) وعن فضيل انه قال لو احسن الرجل الإحسان كله وكان له دجاجة فاساء إليها لم يكن من المحسنين- وروى- ان امرأة عذبت فى هرة حبستها ولم تطعمها الى ان ماتت. وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها- وحكى- ان حضرة الشيخ الشبلي رحمه الله مر فى بعض طرق بغداد بهرّة ترعد من برد الهواء فاخذها وجعلها فى كمه رحمة لها فكان ذلك سبب قبوله عند الله ووصوله الى درجة الولاية ويدخل فيه العفو عن الجرائم والإحسان الى من أساء هر كه سنكت دهد ثمر بخشش والصبر على الأوامر والنواهي وأداء النوافل فان الفرض لا بد من ان يقع فيه تفريط فيجبره الندب وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) كما فى المقاصد الحسنة وايضا الإحسان هو المشاهدة كما قال عليه السلام (الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن تراه فانه يراك) وليست المشاهدة رؤية الصانع بالبصر وهو ظاهر بل المراد بها حالة تحصل عند الرسوخ فى كمال الاعراض عما سوى الله وتمام توجهه الى حضرته بحيث لا يكون فى لسانه وقلبه وهمه غير الله وسميت هذه الحالة المشاهدة لمشاهدة البصيرة إياه تعالى كما أشار إليها بعض العارفين بقوله خيالك فى عينى وذكرك فى فمى وحبك فى قلبى فاين لغيب كذا فى الرسالة الرومية وفى التأويلات النجمية الإحسان ان تحسن الى الخلق بما اعطاك الله وأراك سبل الرشاد فترشدهم وتسلك بهم طريق الحق للوصول او الوصال يدل عليه قوله تعالى وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ انتهى وايضا العدل الاعراض عما سوى الله والإحسان الإقبال على الله وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى القربى بمعنى القرابة اى إعطاء الأقارب ما يحتاجون اليه من المال والدعاء بالخير وهو داخل فى الإحسان وانما أفرد بالذكر إظهارا لجلالة صلة الرحم(5/71)
وتنبيها على فضيلتها كقوله تعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ والرحم عام فى كل رحم محرما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث من أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات وغير ذلك وقطع الرحم حرام موجب لسخط الله وانقطاع ملائكة الرحمة عن بيت القاطع والصلة واجبة باعثة على كثرة الرزق وزيادة العمر سريعة التأثير ومعناها التفقد بالزيارة والإهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وإرسال السلام او المكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كما فى شرح الطريقة قال الكاشفى [در فصول عبد الوهاب فرموده كه عدل توحيد است ومحبت خداى واحسان دوستى حضرت پيغمبر وفرستادن صلوات بر او إيتاء ذى القربى محبت اهل بيت است] ودعاء أصحابه رضى الله عنهم وفى التأويلات النجمية اقرب القربى إليك نفسك فصلة رحمها ان تنجيها من المهالك وترجع بها الى مالك الممالك وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ عن الذنوب المفرطة فى القبح قولا وفعلا كالكذب والبهتان والاستهانة بالشريعة والزنى واللواطة ونحوها وفى التأويلات هى ما يحجبك عن الله ويقطعك عنه أياما كان من مال او ولد او نحوهما فانه لا أقبح من الانقطاع عن الله ومثله أسبابه فان ما يجر الى الأقبح أقبح والعياذ بالله تعالى وَالْمُنْكَرِ وعما تنكره النفوس الزاكية السليمة ولا ترتضيه كما فى بحر العلوم او هو الشرك او مما لا يعرف فى شريعة ولا سنة او الإصرار على الذنب او ما أسخط الله تعالى وفى التأويلات ما ينكر به عليك من إضلال اهل الحق واغوائهم واحداث البدع واثارة الفتن كما فى اهالى هذا الزمان خصوصا متصوفهم وَالْبَغْيِ والظلم والاستيلاء على الناس والتطاول عليهم بلا سبب وتجسس عيوبهم وغيبتهم والطعن عليهم والتجاوز من الحق الى الباطل ونحو ذلك وفى التأويلات هو ما ثار من سورة صفات نفسك فيصيب الخلق منك ما يضرهم ويؤذيهم [وآنرا بقوت رياضت ببايد شكست تا قواعد
سلوك درستى يابد زيرا بحكم أعدى عدوك بدترين دشمن نفس است]
اين سك نفس شوم وبدكاره ... كه در آغوش تست همواره
بدترين قاصديست جان ترا ... مى خورد مغز استخوان ترا
بيشتر گر ترا ببندد جست ... محكمش بند كن كه دشمن تست
[در لطائف التقرير در تفسير اين آيت آورده كه استقامت ملك بسه چيز بود واضطراب اين بسه چيز منهى عنه وهر يك أزينها ثمره پس ثمره عدل نصر تست ونتيجه احسان ثنا ومدحست وفائده صله رحم انس والفت اما نتيجه فحشاء فساد دين وثمره منكر برانگيختن اعدا وحاصل بغى محروم ماندن از متمنى] يَعِظُكُمْ [پند ميدهد خداى تعالى شما را] يعنى بامر هذه المستحسنات ونهى هذه المستقبحات لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ طلبا لان تتعظوا فتأتمروا بالأمر وتنتهوا بالنهى وقد امر الله تعالى فى هذه الآية بثلاثة أشياء ونهى عن ثلاثة أشياء وجمع فى هذه الأشياء الستة علم الأولين والآخرين وجميع الخصال المحمودة والمذمومة ولذلك قال ابن مسعود رضى الله عنه هى اجمع آية فى القرآن للخير والشر ولذا يقرأها كل خطيب على المنبر فى آخر كل خطبة لتكون عظة جامعة لكل مأمور ومنهى كما فى المدارك(5/72)
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)
وحين أسقطت من الخطب لعنة اللاعنين لعلى امير المؤمنين رضى الله عنه أقيمت هذه الآية مقامها كما فى بحر العلوم وقال الامام السيوطي فى كتاب الوسائل الى معرفة الأوائل أول من قرأ فى آخر الخطبة (ان الله يأمر بالعدل والإحسان) إلخ عمر بن عبد العزيز ولزمها الخطباء الى عصرنا هذا تولى عمر الخلافة سنة تسع وتسعين ومدة خلافته سنتان وخمسة أشهر وكان صاحب المائة الاولى بالإجماع. وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ «ق» اى فى آخر الخطبة. وكان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه يقرأ إذا الشمس كورت الى قوله ما أحضرت. وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه يقرأ آخر سورة النساء يستفتونك الآية. وكان على بن ابى طالب رضى الله عنه يقرأ الكافرون والإخلاص ذكر ذلك ابن الصلاح يقول الفقير انظر ان كلامنهم اختار ما يناسب الحال والمقام بحسب اختلاف الزمان والا لكفى لهم الاقتداء بالنبي عليه السلام فى تلاوة سورة «ق» ومنه يعرف استحباب الترضية والتصلية فانها كانت بحسب المصلحة المقتضية لها وهى رد الروافض ومن يتبعهم فى البغض ولا شك ان مثل ذلك من مهمات الدين فليس هذا بمنكر وانما المنكر ترجيعات المؤذنين ولحون الائمة والخطباء بحيث يحرفون الكلم عن مواضعه رعاية للنغمات والمقامات الموسيقية نعم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره إذا كان الذكر بنغمة لذيذة فله فى النفس اثر كما للصورة الحسنة فى النظر. وأول من قرأ فى الخطبة ان الله وملائكته يصلون على النبي الآية المهدى العباسي وعليه العمل فى هذا الزمان اى فى الخطب المطولة واما فى الخطب المختصرة لبعض العارفين فليس ذلك فيه لكن المؤذن يقرأه عند خروج الخطيب والأحوط فى هذا الزمان ان يقرأ عنده ما اختاره حضرة الشيخ وفا قدس سره وهو عن ابى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت فاستمعوا وانصتوا رحمكم الله) وذلك لان اكثر المؤذنين اعتادوا فى الآية المذكورة ما يخرجها عن القرآنية من اللحن الفاحش ولنبك على غربة الدين ووحشة اهل اليقين وظهور البدع بين المسلمين وَأَوْفُوا اى استمروا على الإيفاء وهو بالفارسية [وفا كردن] قال الكاشفى [نزول آيت در شان جمعيست كه با حضرت رسالت صلى الله عليه وسلم در مكه عهد بستند وغلبه قريش وضعف مسلمانان مشاهده كرده جزع واضطراب در ايشان پديد آمد شيطان خواست كه ايشانرا بفريبد تا نقض عهد پيغمبر كنند حق سبحانه وتعالى بدين آيت ايشانرا ثابت قدم كردانيد وفرموده كه وفا كنيد] بِعَهْدِ اللَّهِ وهو البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فانها مبايعة لله تعالى لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ لان الرسول فان فى الله باق بالله وفى الحديث (الحجر الأسود يمين الله فى ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله) والمبايعة من جهة الرسول هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته وسميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية ثم هو عام لكل عهد يلتزمه الإنسان باختياره لان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم إِذا عاهَدْتُمْ إذا عاقدتم وواثقتم والعهد العقد والميثاق وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ التي تحلفون بها عند المعاهدة اى لا تحنثوا فى الحلف بَعْدَ تَوْكِيدِها(5/73)
وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92)
حسبما هو المعهود فى أثناء العهود اى توثيقها بذكر الله وتشديدها باسمه كما فى بحر العلوم وقال سعدى المفتى الظاهر ان المراد بالايمان الأشياء المحلوف عليها كما فى قوله عليه السلام (من حلف على يمين) إلخ لانه لو كان المراد باليمين ذكر اسم الله فهو غير التأكيد لا المؤكد فتأمل وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا شاهدا رقيبا فان الكفيل من يراعى لحال المكفول به محافظة عليه إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ من نقض الايمان والعهود فيجازيكم على ذلك واعلم ان الوفاء تأدية ما أوجبت على نفسك اما بالقبول او بالنذر وعن بعض المتكلمين إذا رأيتم الرجل اعطى من الكرامات حتى يمشى على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه فى حفظ الحدود والوفاء بالعهود ومتابعة الشريعة قيل لحكيم أي شىء اعمل حتى أموت مسلما قال لا تصحب مع الله الا بالموافقة ولا مع الخلق الا بالمناصحة ولا مع النفس الا بالمخالفة ولا مع الشيطان الا بالعداوة ولا مع الدين الا بالوفاء وفى التأويلات النجمية وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ بائتمار أوامر الله وانتهاء نواهيه إِذا عاهَدْتُمْ مع الله يوم الميثاق وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ مع الله بَعْدَ تَوْكِيدِها وهو اشهادكم على أنفسكم وقولكم بلى شهدنا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا بجزاء وفائكم وهو تكفل منكم بالوفاء بما عهد معكم على الجزاء كما قال وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وتفصيل الوفاء من الله والعبد ما شرح النبي صلى الله عليه وسلم فى حديث معاذ رضى الله عنه فقال (هل تدرى يا معاذ ما حق الله على الناس) قال قلت الله اعلم ورسوله قال (حقه عليهم ان يعبدوه ولا يشركوا به شيأ) اى يطلبوه بالعبادة ولا يطلبوا معه غيره ثم قال (أتدري يا معاذ ما حق الناس على الله إذا فعلوا ذلك) قال قلت الله ورسوله اعلم قال (فان حق الناس على الله ان لا يعذبهم) يعنى بعذاب الفراق والقطيعة بل يشرفهم بالوجدان والوصال كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) وفى المثنوى
ما درين دهليز قاضىّ قضا ... بهر دعوىّ ألستم وبلى «1»
چون بلى گفتيم آنرا ز امتحان ... فعل وقول ما شهود است وبيان
از چهـ در دهليز قاضى تن زديم ... نى كه ما بهر كواهى آمديم
تا كه ندهى آن كواهى اى شهيد ... تو ازين دهليز كى خواهى رهيد
فعل وقول آمد كواهان ضمير ... هر دو پيدايى كند سر ستير «2»
جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت «3»
پس پيمبر كفت بهر اين طريق ... با وفاتر از عمل نبود رفيق «4»
گر بود نيكى ابد يارت شود ... ور بود بد در لحد مارت شود
وَلا تَكُونُوا ايها المؤمنون فى نقض العهد كَالَّتِي كالمرأة التي نَقَضَتْ النقض فى البناء والحبل وغيره ضد الإبرام كما فى القاموس. وبالفارسية [شكستن پيمان و پشم باز كردن يا ريسمان] غَزْلَها الغزل [ريسمان رستن] وهو هاهنا مصدر بمعنى المغزول اى ما غزلته من صوف وغيره مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ متعلق بنقضت اى من بعد إبرام ذلك الغزل وأحكامه فجعلته أَنْكاثاً حال من غزلها جمع نكث بمعنى المنكوث وهو كل ما ينكث فتله اى يحل
__________
(1) در أوائل دفتر پنجم در بيان نواختن مصطفى عليه السلام مهمان را ومسلمان شدن إلخ.
(2) لم نجد بعينه.
(3) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفسير آيه إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ.
(4) در أوائل دفتر پنجم در بيان معنى حديث شريف لا بد من قرين يدفن معك إلخ.(5/74)
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)
غزلا كان او حبلا. والمعنى طاقات نكشت فتلها والمراد تقبيح حال النقض بتشبيه حال الناقض بمثل هذه المرأة المعتوهة من غير تعيين إذ لا يلزم فى التشبيه ان يكون للمشبه به وجود فى الخارج وقال الكلبي ومقاتل هى ربطة بنت سعد بن تيم القرشية المكية وكانت خرقاء موسوسة اتخذت مغزلا قدر ذراع وستارة مثل إصبع وهى بالكسر الحديدة فى رأس المغزل وفلكة عظيمة على قدرها فكانت تغزل هى وجواريها من الغداة الى نصف النهار تأمرهن بنقض جميع ما غزلن قال الكاشفى [حق سبحانه وتعالى تشبيه ميفرمايد شكستن عهد را به پاره كردن رسن وميفرمايد كه چنانچهـ آن زن حمقا رسن تاب داده خود را ضايع ميكند مردم عاقل بايد كه هر رشته خود بسر انكشت نقض پاره نكند تا بحكم وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ جزاء وفا بيايد
كرت هوا است كه دلدار نكسلد پيمان ... نكاه دار سر رشته تا نكهدارد
تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ حال من الضمير فى لا تكونوا اى مشابهين بامرأة شأنها هذا حال كونكم متخذين ايمانكم مفسدة ودخلا بينكم واصل الدخل ما يدخل فى الشيء ولم يكن منه أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ اى بسبب ان تكون جماعة قريش هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أزيد عدد وأوفر مالا من جماعة المؤمنين وهذا نهى لمن يحالف قوما فان وجد أيسر منهم واكثر ترك من حالف وذهب اليه. ومحل هى اربى من امة نصب خبر كان وفى المدارك هى اربى مبتدأ وخبر فى موضع الرفع صفة لامة وامة فاعل يكون وهى تامة إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ اى بان تكون امة هى اربى من امة اى يعاملكم بذلك معاملة من يختبركم لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وبيعة رسوله أم تغترون بكثرة قريش وشوكتهم وقلة المؤمنين وضعفهم بحسب ظاهر الحال والظبى وان كان واحدا فهو خير من قطيع الخنزير والسواد الأعظم هو الواحد على الحق ويقال سمى الدجال دجالا لانه يغطى الأرض بكثرة جموعه ولا يلزم منه كونه على الحق وأفضل من فى الأرض يومئذ لان الله تعالى لا ينظر الى الصور والأموال بل الى القلوب والأعمال فاذا كانت للناس قلوب واعمال صالحة يكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لهم صور حسنة واموال فاخرة أم لا والا فلا: قال الشيخ سعدى قدس سره
ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست
وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فى الدنيا إذا جازاكم على أعمالكم بالثواب والعقاب وهو إنذار وتخويف من مخالفة ملة الإسلام ودين الحق فانها مؤدية الى العذاب الابدى وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مشيئة قسر والجاء لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً متفقة على الإسلام وَلكِنْ لا يشاء ذلك لكونه مزاحما لقضية الحكمة بل يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ إضلاله اى يخلق فيه الضلال حسبما يصرف اختياره الجزئى اليه وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته حسبما يصرف اختياره الى تحصيلها فالاضلال والهداية مبنيان على الاختيار. وفيه سر عظيم لا يعرفه الا الأخيار وَبالله لَتُسْئَلُنَّ جميعا يوم القيامة سؤال تبكيت ومجازاة لا سؤال تفهم عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الوفاء والنقض ونحوهما فتجزون به واعلم ان العهود مواطنها لكثيرة ومن العهود(5/75)
وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)
الحقة ما يجرى بين المريدين الصادقين والشيوخ الكاملين من البيعة وهى لازمة حتى يلقوا الله تعالى وفى الآية اشارة الى المريد الذي تعلق بذيل ارادة صاحب ولاية من المشايخ وعاهده على صدق الطلب والثبات عليه عند مقاساة شدائد المجاهدات والتصبر على مخالفات النفس والهوى وملازمات الصحبة والانقياد للخدمة والتحمل على الاخوان وحفظ الأدب معهم ففى أثناء تحمل هذه المشاق تسأم نفسه وتضعف عن حمل هذه الأثقال فينقض عهده ويفسخ عزمه ويرجع قهقرى ثم يتخذ ما كان اسباب طلب الله من الارادة والمجاهدة ولبس الخرقة وملازمة الصحبة والخدمة والفتوحات التي فتح الله له فى أثناء الطلب والسير آلات طلب الدنيا وأدوات تحصيل شهوات نفسه بالتصنع والمرأة والسمعة ابتلاء من الله إظهارا للعزة إذا عظمت النفس وشهواتها فى نظر النفس وأعرضت عن الله فى طلبها فمثل هذا حسبه جهنم البعد والقطيعة قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره هنا رجل ابن ابن المولى جلال يقال له ديوانه چلبى يأكل ويشرب ويشتغل بالشهوات ويزعم ان له نظرا الى الحقيقة من المظاهر حفظنا الله تعالى من الإلحاد ففى حالة الاحتضار استغفر وقال يا حسرتا لم أعرف الطريق ويرجى ان يعفى لسبق ندامته وكان له كشوف سفلية وقطع بخطوة واحدة سبعين خطوة واكثر ولكن الكشوف السفلية مثلها مما كان فى مرتبة الطبيعة غير مقبولة بل هى من الشيطان وعوام الناس يعدون اصحاب أمثال هذه الكشوف الشيطانية الاقطاب بل الغوث الأعظم لكونهم على الجهل الجمادى لا يميزون بين الخير والشر ولصعوبة هذا الأمر قال المولى الجامى قدس سره فى بعض رباعياته.
در مسجد وخانقه بسى كرديدم ... بس شيخ ومريد را كه پابوسيدم
نه يكساعت از هستى خود رستم ... نه آنكه ز خويش رسته باشد ديدم
اللهم اعصمنا من الدعوى واجعلنا من اهل التقوى وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ مكرا وغدرا فَتَزِلَّ [بلغزد] نصب فى جواب النهى قَدَمٌ اى أقدامكم ايها المؤمنون عن محجة الحق بَعْدَ ثُبُوتِها عليها ورسوخها فيها بالايمان وافراد القدم وتنكيرها للايذان بان زلل قدم واحدة اىّ قدم كانت عزت او هانت محذور عظيم فكيف باقدام كثيرة وَتَذُوقُوا السُّوءَ أي العذاب الدنيوي بِما صَدَدْتُمْ بصدودكم وخروجكم او بصدكم ومنعكم غيركم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي ينتظم الوفاء بالعهود والايمان فان من نقض البيعة وارتد جعل ذلك سنة لغيره وَلَكُمْ فى الآخرة عَذابٌ عَظِيمٌ شديد وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ اى لا تأخذوا بمقابلة عهده تعالى وبيعة رسوله ثَمَناً قَلِيلًا اى لا تستبدلوا بها عوضا يسيرا وهو ما كانت قريش يعدون ضعفة المسلمين ويشترطون لهم على الارتداد من حطام الدنيا إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ من النصر والتغنيم فى الدنيا والثواب فى الآخرة هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مما يعدونكم إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ اى ان كنتم من اهل العلم والتمييز ما عِنْدَكُمْ من اعراض الدنيا وان كثرت يَنْفَدُ يفنى وينقضى وَما عِنْدَ اللَّهِ من انواع رحمة المخزونة باقٍ لا نفاد له وهو حجة على الجهمية لأنهم يقولون بان نعيم الجنة يتناهى وينقطع وَلَنَجْزِيَنَّ(5/76)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)
اى والله لنعطين الَّذِينَ صَبَرُوا على اذية المشركين ومشاق الإسلام التي من جملتها الوفاء بالعهود والفقر أَجْرَهُمْ الخاص بهم بمقابلة صبرهم على الأمور المذكورة وهو مفعول ثان لنجزين بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لنجزينهم بما كانوا يعملونه من الصبر المذكور وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما فى قوله تعالى وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ فقد علم من الآيات ان للوفاء بالعهد والثبات على الايمان والصبر على المشاق ثمرات دنيويه واخروية. فعلى العاقل ان لا ينقض المعاهدة التي بينه وبين الله وكذا بين العلماء العاملين والصلحاء الكاملين وعن بعض اهل العلم كنت بالمصيصة فاذا برجلين يتكلمان فى الخلوة مع الله تعالى فلما أرادا ان ينصرفا قال أحدهما للآخر تعال نجعل لهذا العلم ثمرة ولا يكون حجة علينا فقال له اعزم على ما شئت فقال ان لا آكل ما لمخلوق فيه صنع قال فتبعتهما وقلت انا معكما فقالا على الشرط قلت على أي شرط شرطتما فصعدا جبل لكام ودلانى على كهف وقالا تعبد فيه فدخلت فيه وجعل كل واحد يأتينى بما قسم الله تعالى وبقيت مدة ثم قلت الى متى أقيم هاهنا انا أسير الى طرطوس وآكل من الحلال واعلم الناس العلم واقرئ القرآن فخرجت ودخلت طرطوس وأقمت بها سنة فاذا انا برجل منهما قد وقف علىّ وقال يا فلان خنت فى عهدك ونقضت الميثاق ألا انك لو صبرت كما صبرنا لوهب لك ما وهب لنا قلت ما الذي وهب لكما قال ثلاثة أشياء طى الأرض من المشرق الى المغرب بقدم واحد والمشي على الماء والحجبة إذا شئنا ثم احتجب عنى ففى هذه الحكاية ما يغنى العاقل عن التصريح فانظر الى ذلك العالم كيف اختار ما عند الناس فحرم مما عند الله من الكرامات والكمالات وذلك ان نقض العهد بسبب عرض دنيوى فى صورة امر دينى فان التعليم واقرأ الناس وان كان من الأمور الاخروية الا انه لا بد لطالب الحق حين تخليه وانقطاعه من التجرد عن كل اسم ورسم وصورة: فان قيل منصب تعليم نوع شهوتيست وما يعقل هذا المقام الا العالمون وفى المثنوى
كر نبودى امتحان هر بدى ... هر مخنث دروغا رستم بدى
خود مخنث را زره پوشيده گير ... چون به بيند زحم كردد چون أسير
ونعم ما قيل وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان فمن زل عند الامتحان فقد افتضح وذاق وجع القطيعة والفراق وماله من خلاق ومن ثبت وصبر وافتكر العاقبة ظفر بالمراد وجوزى جزاء لا يعلمه الا رب العباد فانه أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مَنْ [هر كه] عَمِلَ [بكند] صالِحاً اى عملا صالحا اى عمل كان وهو ما كان لوجه الله تعالى ورضاه ليس فيه هوى ولا رياء والفرق بينهما ان الهوى بالنسبة الى النفس والرياء بالنسبة الى الخلق مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى اى حال كون ذلك العامل من رجل او امرأة بينه بالنوعين ليعمهما الوعد الآتي ولا يتوهم التخصيص بالذكور بناء على كثرة استعمال لفظ من فيهم وان الإناث لا يدخلن فى اكثر الاحكام والمحاورات آلا بطريق التغليب او التبعية وَهُوَ اى والحال ان ذلك العامل(5/77)
مُؤْمِنٌ قيده به إذ لا اعتداد باعمال الكفرة فى استحقاق الثواب وانما المتوقع عليها تخفيف العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله تعالى يأمر بالكافر السخي الى جهنم فيقول لمالك خازن جهنم عذبه وخفف عنه العذاب على قدر سخائه الذي كان فى دار الدنيا) كما فى تفسير السمرقندي ويؤيده ما قيل انه لما عرج النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال جبرائيل عليه السلام هذا حاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده كما فى أنيس الوحدة فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً فى الدنيا يعيش عيشا طيبا لانه ان كان موسرا فظاهر وان كان معسرا فيطيب عيشه بالقناعة والرضى بالقسمة وتوقع الاجر العظيم فى الآخرة كالصائم يطيب نهاره بملاحظة نعيم ليله بخلاف الفاجر فانه ان كان معسرا فظاهر وان كان موسرا فلا يدعه الحرص وخوف الفوت ان يتهنأ بعيشه وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى ولنعطينهم فى الآخرة أجرهم الخاص بهم بما كانوا يعملون من الصالحات وانما أضيف اليه الأحسن للاشعار بكمال حسنه كما سبق فى حق الصابرين وفى التأويلات النجمية يشير بالذكر الى القلب وبالأنثى الى النفس فالعمل الصالح من النفس استعمال الشريعة بتقوى الله وصدقه على وفق الطريقة تزكية عن صفاتها الذميمة وافعالها الطبيعية والعمل الصالح من القلب حسن توجهه الى الله بالكلية لطلب الله والاعراض عما سواه تصفية للتحلية بصفات الله والتخلق بأخلاقه وبقوله فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً يشير الى احياء كل واحد منهما بالحياة الطيبة على قدر صلاحية عمله وحسن استعداد فى قبولها فاحياء النفس بالحياة الطيبة ان تصير مزكاة عن صقاتها متحلية بأخلاق القلب الروحاني مطمئنة بذكر الله راجعة الى ربها راضية مرضية واحياء القلب بالحياة الطيبة ان يصير متخلقا بأخلاق الله ويكون فانيا عن انانيته بهويته حيا بحياته طيبا عن دنس الاثنينية ولوث الحدوث فان الله طيب عن هذه الأوصاف فلا يقبل إلا طيبا ثم اعلم ان صلاحية اعمال العباد انما تكون على قدر صدقهم فى المعاملات وحسن استعدادهم فى قبول الفيض الإلهي فيكون طيب حياتهم بإحياء الله إياهم بحسب ذلك ولنجزينهم فى الآخرة اجر كل طائفة منهم باوفر ما كانوا يظنون ان يجازيهم الله على أعمالهم بيانه قوله وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً وعن بعض اصحاب الامام احمد بن حنبل رحمه الله قال لما مات احمد رأيته فى المنام وهو يمشى ويتبختر فى مشيه فقلت له يا أخي أي مشية هذه قال مشية الخدام فى دار السلام فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لى وألبسني تعلين من ذهب وقال هذا جزاء قولك القرآن كلام الله المنزل غير مخلوق وقال يا احمد قم حيث شئت فدخلت الجنة فاذا سفيان الثوري رحمه الله له جناحان أخضران يطير بهما من نخلة الى نخلة وهو يقرأ هذه الآية الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فقلت له أي شىء خبر عبد الواحد الوراق رحمه الله قال تركته فى بحر من النور يراد به الملك الغفور فقلت ما فعل بشر بن الحارث رحمه الله فقال بخ بخ ومن مثل بشر تركته بين يدى الجليل والجليل سبحانه مقبل عليه وهو يقول كل يا من لم
يأكل واشرب(5/78)
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)
يا من لم يشرب وتنعم يا من لم يتنعم وقال بعض الأخيار رأيت الشيخ أبا إسحاق ابراهيم بن على ابن يوسف الشيرازي رحمه الله فى المنام بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم فعلم من هذا المذكور ان من عمل صالحا لا بد ان يصل اليه جزاء عمله وان الجزاء من جنس العمل وانه يختلف بحسب اختلاف حال العامل فعلى العاقل المبادرة الى الأعمال الصالحة والصبر على مشاق الطاعات الى ان يجيئ وعد الله تعالى قال الحافظ
صبر كن حافظ بسختى روز وشب ... عاقبت روزى بيابى كام را
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ اى أردت قراءته عبر عن الارادة بالقراءة على طريقة اطلاق اسم المسبب على السبب إيذانا بان المراد هى الارادة المتصلة بالقراءة فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ اى فاسأله تعالى ان يعيذك ويحفظك مِنَ الشَّيْطانِ البعيد عن الخير الرَّجِيمِ المرجوم بالطرد واللعن اى من وساوسه وخطراته كيلا يوسوسك عند القرآن فان ناصية كل مخلوق بيده او قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو المختار من الروايات الأربع عشرة الواردة فى ألفاظ الاستعاذة كما فى تفسير خواجه پارسا قدس سره إِنَّهُ اى الشيطان او الشان لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ تسلط وولاية عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ على اولياء الله المؤمنين به والمتوكلين عليه فان وسوسته لا توثر فيهم لما امر القارئ بان يسأل الله تعالى ان يعيذه من وساوسه وتوهم منه ان له تسلطا وولاية على إغواء بنى آدم كلهم بين الله تعالى ان لا تسلط له على المؤمنين المتوكلين فقوله انه إلخ فى معرض التعليل للامر باللاستعاذة واشارة الى ان مجرد القول لا ينفع بل لا بد لمن أراد ان لا يكون للشيطان سبيل عليه ان يجمع بين الايمان والتوكل إِنَّما سُلْطانُهُ اى تسلطه وغلبته بدعوته المستتبعة للاستجابة لا سلطانه بالقسر والإلجاء فانه منتف عن الفريقين لقوله تعالى حكاية عنه وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي وقد افصح عنه قوله تعالى عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ اى يتخذونه وليا ويستجيبون دعوته ويطيعونه فان المقسور بمعزل عن ذلك كذا فى الإرشاد وهو جواب عما قال السمرقندي فى تفسيره من ان فى بناء الكلام على الحصر والاختصاص ردا للشيطان فى قوله للكفرة فى جهنم وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ وتكذيباله انتهى وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ سبحانه وتعالى مُشْرِكُونَ مثبتون الشريك فى الالوهية او بسبب الشيطان إذ هو الذي حملهم على الإشراك بالله قال فى التأويلات النجمية الخطاب فى هذه الآية مع الامة وان خص النبي صلى الله عليه وسلم لان الشيطان كان يفر من ظل عمر رضى الله عنه وهو أحد تابعيه فكيف يقدر على ان يدور اليه سيما اسلم شيطانه على يده صلى الله عليه وسلم يدل عليه قوله (انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) يعنى سلطان نور الايمان والتوكل غالب على سلطان وسوسة الشيطان فاذا كان هذا حال الامة مع الشيطان فكيف يكون حال النبوة معه فثبت ان المراد بالخطاب الامة وانما خص النبي صلى الله عليه وسلم به لتعتبر الامة وتتنبه ان مثل النبي صلى الله عليه وسلم مهما(5/79)
يكن مأمورا بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فتكون الامة بها اولى وأحق قال بعضهم هل المراد كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبليس اما نحن فلان الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضره شيأ والعاقل لا يستعيذ ممن لا يؤذيه واما الرسول صلى الله عليه وسلم فان قريته لما اسلم تعين ان يكون الاستعاذة من إبليس او أكابر جنوده وتخصيص الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن من الشيطان الرجيم لمعان وفوائد أولها كى يتذكر القارئ واقعة الشيطان وبتفكر فى امره انه انما صار شيطانا رجيما بعد ان كان ملكا كريما لانه فسق عن امر ربه وخالفه وابى ان يسجد لآدم واستكبر وكان من الكافرين اى فصار من الكافرين فيتنبه بذلك عند قراءة القرآن ويصفى نيته قبل القراءة على ان يأتمر بما امره الله فى القرآن وينتهى عما نهاه عنه احترازا عن المخالفة
فان فيها الطرد واللعن والرجم والفسق والكفر وانها مظنة للخلود فى النار وثانيها لان العبد لا يخلو من حديث النفس وهواجسها ومن إلقاء الشيطان ووساوسه وقلبه لا بد يتشوش بذلك فلا يجد حلاوة كلام الله فامر بالاستعاذة وتزكيته للنفس عن هواجسها وتصفيته للقلب عن وساوس الشيطان ليتجلى بنور القرآن فان التجلية تكون بعد التزكية والتصفية وثالثها لان فى كل كلمة من كلمات القرآن لله تعالى إشارات ومعانى وحقائق لا يفهمها الا قلب مطهر عن تلوثات الهواجس والوساوس معطر بطيب أنفاس الحق وذلك مودع فى الاستعاذة بالله فامر بها لحصول الفهم- وروى- جبير بن مطعم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فقال (الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه) قال ابن مسعود رضى الله عنه نفخه الكبر ونفثه الشعر وهمزه الموتة يعنى الجنون وفى قوله إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ الآية اشارة الى ان تصرف الشيطان وقدرته بالإغواء والإضلال على الإنسان انما ينقطع بقدر نور الايمان وقوة التوكل فمهما يكمل الايمان والتوكل يكون المؤمن زاهدا عن الدنيا راغبا فى الآخرة متبتلا الى الله تعالى فلا يبقى للشيطان عليه سلطان فى إضلاله واغوائه ولكن يأول امره الى الوسوسة وفيها صلاح المؤمن فان إبريز اخلاص قلبه عن غش صفات نفسه لا يتخلص الا بنار وسوسة الشيطان لانه يطلع على بقايا صفات نفسه بما تكون الوسوسة من جنسه فيزيد فى الرياضة ومجاهدة النفس وملازمة الذكر فبها تنقص وتنمحى بقية صفات النفس ويزداد نور الايمان وقوة التوكل وقربة الحق وقبوله وفى بعض الاخبار ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان إبليس قال يا رب قلت فى كتابك ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فمن هم فقال تعالى من كان نور وجهه من عرشى وطينه من طين ابراهيم ومحمد عليهما السلام وقلبه خزينتى قال إبليس فمن هم فقال تعالى من كان نادما على ذنبه وخائفا من خاتمته فنور وجهه من نور عرشى ومن كان يطعم الطعام ويرحم العباد فطينه من طينهما ومن كان راضيا بحكمي مسارعا الى ابتغاء مرضاتى فقلبه خزينتى) وفى الخبر (إذا لعن المؤمن(5/80)
وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)
شيطانا يقول لعنت لعينا وإذا قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يقول قصم ظهرى لانه يحيل الى القادر) وفى الخبر (من استعاذ بالله فى اليوم عشر مرات من الشيطان وكل الله به ملكا يرد عنه الشياطين) : قال الحافظ
در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن
واعلم ان الاستعاذة واجبة على كل من شرع فى قراءة القرآن سواء بدأ من أوائل السور او من اجزائها مطلقا وان أراد به افتتاح الكتب او الدرس كما يقرأ التلميذ على الأستاذ لا يتعوذ كذا فى أنوار المشارق. والوجوب مذهب الجمهور كما فى الإرشاد وقال الفنارى فى تفسير الفاتحة والاستعاذة غير واجبة عند الجمهور والأمر فى فاستعذ للندب انتهى وقال الكاشفى فى تفسيره [وامر باستعاذه قبل از قراءت بقول جمهور امر استحبابست وباختيار جمعى از كبرا بر سبيل إيجاب. در تفسير قرطبى قولى هست كه استعاذه بر حضرت رسول صلى الله عليه وسلم تنها فرض بوده بوقت قراءت واقتداء امت برو بر سبيل سنت است] انتهى والتعوذ فى الصلاة ينبغى ان يكون واجبا لظاهر الأمر الا ان السلف اجمعوا على سنته كما فى الكافي قال القرطبي ابو حنيفة والشافعي رحمهما الله يتعوذان فى الركعة الاولى فى الصلاة ويريان قراءة الصلاة كلها قراءة واحدة كما فى حواشى سعدى المفتى. والغرض نفى الوسوسة فى التلاوة فشرع لافتتاح القراءة قال جعفر الصادق رضى الله عنه ان التعوذ تطهير الفم عن الكذب والغيبة والبهتان تعظيما لقراءة القرآن
زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نكرداندش حق شناس
وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ قال سلطان المفسرين ترجمان القرآن ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه آية فيها شدة أخذ الناس بها وعملوا ما شاء الله ان يعملوا فيشق ذلك عليهم فينسخ الله هذه الشدة ويأتيهم بما هو ألين منها وأهون عليهم رحمة من الله تعالى فيقول لهم كفار قريش ان محمدا يسخر بأصحابه يأمرهم اليوم بامر وينهاهم عنه غدا ويأتيهم بما هو أهون عليهم وما هو الا مفتر يقوله من تلقاء نفسه. والمعنى إذا أنزلنا آية من القرآن مكان آية منه وجعلناها بدلا منها بان نسخناها وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ جملة معترضة بين الشرط وجوابه وهو قالوا لتوبيخ الكفرة على قولهم والتنبيه على فساد سندهم اى اعلم بما ينزل اولا وآخرا من الاحكام والشرائع التي هى مصالح ورب شىء يكون مصلحة فى وقت يكون مفسدة فى وقت آخر فينسخه ويثبت مكانه ما يكون مصلحة لخلقه قالُوا اى الكفرة إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ على الله متقول من عند نفسك بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان الله امر بأشياء نظرا لصلاح عباده وأقلهم يعلم الحكمة فى النسخ ولكن ينكر عنادا قُلْ
ردا عليهم نَزَّلَهُ اى القرآن المدلول عليه بالآية رُوحُ الْقُدُسِ اى الروح المقدس المطهر من الأدناس البشرية وهو جبريل عليه السلام واضافة الروح الى القدس وهو الطهر كاضافة حاتم الى الجود حيث قيل حاتم الجود للمبالغة فى ذلك الوصف كأنه طبع منه فالمراد الروح(5/81)
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)
المقدس وحاتم الجواد وفى صيغة التفعيل فى الموضعين اشعار بان التدريج فى الانزال مما يقتضيه الحكمة البالغة مِنْ رَبِّكَ من سيدك ومتولى أمرك بِالْحَقِّ فى موقع الحال اى نزله ملتبسا بالحق الثابت الموافق للحكمة المقتضية له بحيث لا يفارقها إنشاء ونسخا وفيه دلالة على ان النسخ حق لِيُثَبِّتَ الله تعالى او جبريل مجازا الَّذِينَ آمَنُوا على الايمان بانه كلامه فانهم إذا سمعوا الناسخ وتدبروا ما فيه من رعاية المصالح اللائقة بالحال رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم على ان الله حكيم فلا يفعل الا ما هو حكمة وصواب وَهُدىً من الضلالة وَبُشْرى بالجنة لِلْمُسْلِمِينَ المنقادين لحكمه تعالى وهما معطوفان على محل ليثبت والتقدير تثبيتا لهم وهداية وبشارة. وفيه تعريض بحصول أضداد الأمور المذكورة لمن سواهم من الكفار قال فى التأويلات النجمية ان الله تعالى هو الطبيب والقرآن هو الدواء يعالج به من مرض القلوب كقوله تعالى وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ كما ان الطبيب يداوى المريض كل وقت بنوع من الادوية على حسب المزاج والعلة لازالتها ويبدل الاشربة والمعاجين بنوع آخر وهو اعلم بالمعالجة من غيره وكذلك الله عز وجل يعالج قلوب العباد بتبديل آية وإنزال آية مكانها والله اعلم بما ينزل ويعالج به العبد فالذين لا يعلمون قوانين الأمراض والمعالجات يحملون ذلك على الافتراء وفى التنزيل والتبديل تثبيت الايمان فى قلوب المؤمنين بازالة امراض الشكوك عن قلوبهم فان القرآن شفاء وهدى لصحة الدين وسلامة القلوب وبشارة للمسلمين الذين استسلموا للطبيب والمعالجة لصحة دينهم وكان الصحابة رضى الله عنهم يكتفون ببعض السور القرآنية ويشتغلون فى العمل بها فان المقصود من القرآن العمل به- روى- ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال علمنى مما غلمك الله فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ حتى بلغ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فقال الرجل حسبى فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال (دعوه فقد فقه الرجل) : قال الشيخ سعدى قدس سره
علم چندانكه بيشتر خوانى ... چون عمل در تو نيست نادانى
نه محقق بود نه دانشمند ... چارپايى برو كتابى چند
آن تهى مغز را چهـ علم وخبر ... كه برو هيزم است ويا دفتر
وقال [عالم ناپرهيزكار كوريست شعله دار. بي فائده هر كه عمر دريافت چيزى نخريد وزر بينداخت] اى أضاع المال ولم يكن على شىء نسأل الله التوفيق للتقوى والعمل بالقرآن فى كل مكان وزمان وَلَقَدْ نَعْلَمُ ادخل قد توكيدا لعلمه بما يقولون ومرجع توكيد العلم الى توكيد الوعد والوعيد لهم ذكر ابن الحاجب انهم نقلوا قد إذا دخلت على المضارع من التقليل الى التحقيق كما ان ربما فى المضارع نقلت من التقليل الى التحقيق أَنَّهُمْ اى كفار مكة يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ اى القرآن بَشَرٌ قال الامام الواحدي فى اسباب النزول عن عبيد بن مسلمة قال كان لنا غلامان نصرانيان من اهل عين التمر اسم أحدهما يسار(5/82)
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105) مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109)
والآخر جبر وكانا صيقلين [يعنى شمشيرها را صيقل زدندى] فكانا يقرآن كتابا لهم بلسانهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهما ويسمع قراءتهما فكان المشركون يقولون يتعلم منهما فانزل الله تعالى هذه الآية وأكذبهم فالمراد بالبشر ذانك الغلامان لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ مبتدأ وخبر وكذا ما بعده لابطال طعنهم. والإلحاد الامالة من ألحد القبر إذا مال حفره عن الاستقامة فحفر فى شق منه ثم استعير لكل امالة عن الاستقامة فقالوا ألحد فلان فى قوله وألحد فى دينه ومنه الملحد لانه امال مذهبه عن الأديان كلها ولم يمله عن دين الى دين والأعجمي هو الذي لا يفصح وان كان عربيا والعجمي المنسوب الى العجم وان كان فصيحا. والمعنى لغة الرجل الذي يميلون اليه القول عن الاستقامة ويشيرون اليه انه يعلم محمدا أعجمية غير بينة وَهذا القرآن الكريم لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ذو بيان وفصاحة فكيف يصدر عن أعجم. يعنى ان القرآن معجز بنظمه كما انه معجز بمعناه لاشتماله على الاخبار عن الغيب فان زعمتم ان بشرا يعلمه معناه فكيف يعلمه هذا النظم الذي أعجز جميع اهل الدنيا وفى التأويلات النجمية الأعجمي هو الذي لا يفهم من كلام الله تعالى ما أودع الله فيه من الاسرار والإشارات والمعاني والحقائق فانه لا يحصل ذلك الا لمن رزقه الله فهما يفهم به واللسان العربي هو الذي يسره الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وبين له معانيه وحقائقه كما قال تعالى فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ وقال فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
فالعربى المبين هو الذي أعطاه الله قلبا فيهما ولسانا مبينا فافهم جدا إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ اى لا يصدقون انها من عند الله بل يقولون فيها ما يقولون يسمونها تارة افتراء واخرى أساطير معلمة من البشر لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ الى سبيل النجاة هداية موصلة الى المطلوب لما علم انهم لا يستحقون ذلك لسوء حالهم وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك بجهت كفر ايشان بقرآن ونسبت افتراء بحضرت پيغمبر صلى الله عليه وسلم وحال آنكه مفترى ايشانند] إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ التصريح بالكذب للمبالغة فى بيان قبحه والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه وفاعل يفترى هو قوله الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ رد لقولهم انما أنت مفتر يعنى انما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن لانه لا يترقب عقابا عليه ليرتدع عنه واما من يؤمن بها ويخاف ما نطقت به من العقاب فلا يمكن ان يصدر عنه افتراء البتة قال فى التأويلات النجمية وجه الاستدلال ان الافتراء من صفات النفس الامارة بالسوء وهى نفس الكافر الذي لا يؤمن بآيات الله فان نفس المؤمن مأمورة لوامة ملهمة من عند الله مطمئنة بذكر الله ناظرة بنور الله مؤمنة بآيات الله لان الآيات لا ترى الا بنور الله كما قال صلى الله عليه وسلم (المؤمن ينظر بنور الله) فاذا كان من شأن المؤمن ان لا يفترى الكذب إذ هو ينظر بنور الله فكيف يكون من شأن رسول الله ان يفترى الكذب وهو نور من الله ينظر بالله وَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من عدم الايمان بآيات الله هُمُ الْكاذِبُونَ على الحقيقة لا على الزعم بخلاف رسول الله صلى الله(5/83)
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)
عليه وسلم فان حاله على العكس او الكاملون فى الكذب إذ لا كذب أعظم من تكذيب آياته والطعن فيها بامثال هاتيك الأباطيل. فاللام للجنس والحقيقة ويدعى قصر الجنس فى المشار إليهم مبالغة فى كمالهم فى الكذب وعدم الاعتداد بكذب غيرهم قال فى الإرشاد الضر فى ذلك ان الكذب الساذج الذي هو عبارة عن الاخبار بعدم وقوع ما هو واقع فى نفس الأمر بخلق الله تعالى او بوقوع ما لم يقع كذلك مدافعة لله تعالى فى فعله فقط والتكذيب مدافعة له سبحانه فى فعله وقوله المنبئ عنه معا انتهى قيل للنبى صلى الله عليه وسلم المؤمن يزنى قال (قد يكون ذلك) قيل المؤمن يسرق قال (قد يكون ذلك) قيل المؤمن يكذب قال (لا) ويكفى فى قبح الكذب ان الشيطان استثنى العباد المخلصين من اهل الإغواء ولم يكذب فانه يعلم ان وسوسته لا تؤثر فيهم قال ارستطاليس فضل الناطق على الأخرس بالنطق وزين النطق الصدق والأخرس والصامت خير من الكاذب
بهائم خموشند وكويا بشر ... پراكنده كوى از بهائم بتر
وقد قالوا النجاة فى الصدق كما ان الهلاك فى الكذب- خطب الحجاج- يوما فاطال فقام رجل وقال الصلاة الصلاة الوقت يمضى ولا ينتظرك يا امير الحبشة فقال قومه انه مجنون قال ان أقر بجنته فقيل له فقال معاذ الله ان أقول ابتلاني وقد عافانى فبلغه فعفا عنه لصدقه فصار الصدق سببا للنجاة اللهم اجعلنا من الصادقين مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اى تلفظ بكلمة الكفر مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ به تعالى كابن حنظل وطعمة ومقيس وأمثالهم ومن موصولة ومحلها الرفع على الابتداء والخبر محذوف لدلالة الخبر الآتي عليه وهو قوله (فعليهم غضب) وقدره الكاشفى بقوله [در معرض غضب ربانى باشد] لكنه جعل من شرطية كما يدل عليه تعبيره بقوله [هر كه كافر شود بخداى تعالى از پس ايمان خويش ومرتد كردد] ويجوز ان يكون الخبر الآتي خبرا لهما معا إِلَّا مَنْ [مكر كسى كه] أُكْرِهَ اجبر على ذلك التلفظ بامر يخاف على نفسه او على عضو من أعضائه وهو استثناء متصل من حكم الغضب والعذاب لان الكفر لغة يعم القول والعقد كالايمان اى لا من كفر بإكراه وقيل منقطع لان الكفر اعتقاد والإكراه على القول دون الاعتقاد. والمعنى لكن المكره على الكفر باللسان وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ [آرميده باشد] بالايمان حال من المستثنى اى والحال ان قلبه مطمئن بالايمان لم تتغير عقيدته وفيه دليل على ان الايمان المنجى المعتبر عند الله هو التصديق بالقلب وَلكِنْ مَنْ لم يكن كذلك بل شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً اى اعتقده وطاب به نفسا. وبالفارسية [وليكن هر كس كه بگشايد بكفر سينه را] فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ عظيم مِنَ اللَّهِ فى الحديث (ان غضب الله هو النار) وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ العذاب والعقاب الايجاع الشديد وتقديم الظرف فيهما للاختصاص والدلالة على انهم أحقاء بغضب الله وعذابه العظيم لاختصاصهم بعظم الجرم وهو الارتداد قال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت الآية فى عمار رضى الله عنه وذلك ان كفار قريش أخذوه وأبويه ياسر وسمية وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما فعذبوهم ليرتدوا فابى أبواه فربطوا سمية بين بعيرين ووجئ اى ضرب بحربة فى قلبها وقالوا انما أسلمت من أجل الرجال والتعشق بهم(5/84)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109)
فقتلوها وقتلوا ياسرا وهما أول قتيلين فى الإسلام واما عمار فكان ضعيف البدن فلم يطق لعذابهم فاعطاهم بلسانه ما أكرهوه عليه وهو سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الأصنام بخير فقالوا يا رسول الله ان عمارا كفر فقال عليه الصلاة والسلام (كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه) فأتى عمار رسول الله وهو يبكى فجعل رسول الله يمسح عينيه وقال (مالك ان عادوا لك فعدلهم بما قلت) وهو دليل على جواز التكلم بكلمة الكفر عند الإكراه الملجئ وان كان الأفضل ان يجتنب عنه ويصبر على الأذى والقتل كما فعله أبواه كما روى ان مسيلمة الكذاب أخذ رجلين فقال لاحدهما ما تقول فى محمد قال رسول الله قال فما تقول فىّ قال فانت ايضا فخلاه وقال للآخر ما تقول فى محمد قال رسول الله قال فما تقول فى قال انا أصم فاعاد ثلاثا فاعادجوا به فقتله فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اما الاول فقد أخذ برخصة الله واما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له وفى الحديث (أفضل الجهاد كلمة العدل عند سلطان جائر) وانما كان أفضل الجهاد لان من جاهد العدو كان مترددا بين خوف ورجاء ولا يدرى هل يغلب او يغلب وصاحب السلطان مقهور فى يده فهو إذا قال الحق وامره بالمعروف فقد تعرض للتلف فصار ذلك أفضل انواع الجهاد من أجل غلبة الخوف كذا فى أبكار الافكار فى مشكل الاخبار ذلِكَ الكفر بعد الايمان بِأَنَّهُمُ اى بسبب انهم اسْتَحَبُّوا [دوست داشتند وبرگزيدند] فتعدية الاستحباب بعلى لتضمنه معنى الإيثار الْحَياةَ الدُّنْيا [زندكانى دنيا را] عَلَى الْآخِرَةِ [بر نعيم آخرت] وَأَنَّ اللَّهَ [وديكر بجهت آنست كه خداى تعالى] لا يَهْدِي الى الايمان والى ما يوجب الثبات عليه هداية قسر والجاء الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فى علمه المحيط فلا يعصمهم من الزيغ وما يؤدى اليه من الغضب والعذاب العظيم ولولا أحد الامرين اما إيثار الحياة الدنيا على الآخرة واما عدم هداية الله سبحانه للكافرين هداية قسر بان آثروا الآخرة على الحياة الدنيا او بان هداهم الله تعالى هداية قسر لما كان ذلك لكن الثاني مخالف للحكمة والاول مما لا يدخل تحت الوقوع واليه أشير بقوله تعالى أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من القبائح الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ [مهر نهاد خداى تعالى] عَلى قُلُوبِهِمْ [بر دلهاى ايشان تا قول حق در نيافتند] وَسَمْعِهِمْ [وبر كوشهاى ايشان تا سخن حق نشنوند] وَأَبْصارِهِمْ [وبر ديدهاى ايشان تا آثار قدرت حق نديدند] وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ اى الكاملون فى الغفلة أعظم من الغفلة عن تدبر العواقب لا جَرَمَ أَنَّهُمْ [حقا كه در ان هيچ شك نيست كه ايشان] فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ إذا ضيعوا أعمارهم وصرفوها الى العذاب المخلد. وبالفارسية [در ان سراى ديكر ايشانند زيان زدكان چهـ سرمايه عمر ضايع كرده در بازار دينى سودى بدست نياوردند ومفلس وار در شهر قيامت جز دست تهى ودل پر حسرت وندامت نخواهد بود] : قال الشيخ سعدى
قيامت كه بازار مينو نهند ... منازل باعمال نيكو دهند
بضاعت بچندان آنكه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسارى برى(5/85)
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)
كه بازار چندانكه آكنده تر ... تهى دست را دل پراكنده تر
كسى را كه حسن عمل بيشتر ... بدرگاه حق منزلت پيشتر
قال فى التأويلات النجمية يعنى اهل الغفلة فى الدنيا هم اهل الخسارة فى الآخرة وفيه اشارة اخرى وهى ان التغافل بالأعضاء عن العبودية تورث خسران القلوب عن مواهب الربوبية انتهى قال بعض الأكابر ولا حجاب الا جهالة النفس بنفسها وغفلتها عنها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الأمر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها قال وهب بن منبه خلق ابن آدم ذا غفلة ولولا ذلك ما هنئ عيشه: وفى المثنوى
استن اين عالم اى جان غفلتست ... هوشيارى اين جهانرا آفتست
هوشيارى زان جهانست و چون آن ... غالب آمد پست كردد اين جهان
هوشيارى آفتاب وحرص يخ ... هوشيارى آب واين عالم وسخ «1»
اللهم اجعلنا من اهل اليقظة والانتباه ولا تجعلنا ممن اتخذ الهه هواه وشرفنا بمقامات المكاشفين العارفين وأوصلنا الى حقيقة اليقين والتحقيق والتمكين انك أنت النصير والمعين ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ قال قتادة ذكر لنا انه لما انزل الله تعالى ان اهل مكة لا يقبل منهم الإسلام حتى يهاجروا كتب بها اهل المدينة الى أصحابهم من اهل مكة فلما جاءهم ذلك خرجوا فلحقهم المشركون فردوهم فنزل الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ فكتبوا بها إليهم فتبايعوا بينهم على ان يخرجوا فان لحقهم المشركون من اهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا او يلحقوا بالله فادركهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فانزل الله تعالى هذه الآية كذا فى اسباب النزول للواحدى. وثم للدلالة على تباعد رتبة حالهم عن رتبة حالهم التي يفيدها الاستثناء من مجرد الخروج عن حكم الغضب والعذاب بطريق الاشارة لا عن رتبة حال الكفرة كذا فى الإرشاد لِلَّذِينَ هاجَرُوا الى دار الإسلام وهم عمار وصهيب وخباب وسالم وبلال ونحوهم. واللام متعلقة بالخبر وهو الغفور على نية التأخير وان الثانية تأكيد للاولى لطول الكلام مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا اى عذبوا على الارتداد واكرهوا على تلفظ كلمة الكفر فتلفظوا بما يرضيهم اى الكفرة مع اطمئنان قلوبهم ثُمَّ جاهَدُوا فى سبيل الله وَصَبَرُوا على مشاق الجهاد إِنَّ رَبَّكَ من بعدها من بعد المهاجرة والجهاد والصبر لَغَفُورٌ بما فعلوا من قبل اى لستور عليهم محاء لما صدر منهم رَحِيمٌ منعم عليهم من بعد بالجنة جزاء على تلك الافعال الحميدة والخصال المرضية واعلم ان المهاجرة مفاعلة من الهجرة وهى الانتقال من ارض الى ارض والمجاهدة مفاعلة من الجهد وهو استفراغ الوسع وبذل المجهود قال فى التعريفات المجاهدة فى اللغة المحاربة وفى الشرع محاربة النفس الامارة بالسوء بتحميلها ما يشق عليها مما هو مطلوب فى الشرع انتهى وكل من المهاجرة الصورية والمعنوية وكذا المجاهدة مقبولة مرضية إذ من كان فى ارض لا يقيم فيها شعائر دينه وأهلها ظالمون فهاجر منها لدينه ولو شبرا وجبت له الجنة ومن فارق موطن النفس والمألوفات وحارب الأعداء الباطنة وجبت له القربة ومرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وعن عمر بن الفارض
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن عائشه كه يا رسول الله سر باران امروز چهـ بود(5/86)
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)
قدس سره انه حضر جنازة رجل من اولياء الله تعالى قال فلما صلينا عليه امتلأ الجو بطيور خضر فجاء طير كبير فابتلعه ثم طار فتعجبت فقال لى رجل كان قد نزل من السماء وحضر الصلاة لا تتعجب فان أرواح الشهداء فى حواصل الطيور خضر ترعى فى الجنة أولئك شهداء السيوف واما شهداء المحبة فاجسادهم أرواح إذ آثار الأرواح اللطيفة تسرى الى الأجساد فتحصل اللطافة لها ايضا ولذا لا تبلى أجساد الكمل ولا بد لمن أراد ان يصل الى هذه الرتبة ويحيى حياة ابدية من ان يميت نفسه الامارة ويزكيها عن سفساف الأخلاق ورذائل الأوصاف كالكبر والعجب والرياء والغضب والحسد وحب المال وحب الجاه يقال ان الدركات السبع للنار بمقابلة هذه الصفات السبع للنفس فالخلاص من هذه الصفات سبب الخلاص من تلك الدركات: قال الشيخ سعدى قدس سره
ترا شهوت وكبر وحرص وحسد ... چوخون در ركند و چوجان در جسد
كر اين دشمنان تقويت يافتند ... سر از حكم ورأى تو بر تافتند
تو بر كره توسنى در كمر ... نكر تا نپيچد ز حكم تو سر
اگر پالهنك از كفت در كسيخت ... تن خويشتن كشت وخون تو ريخت
ثم ان الله تعالى غفور من حيث الافعال يتجلى لاهل التزكية من مرتبة توحيد الافعال وغفور من حيث الصفات يتجلى لهم من مرتبة توحيد الصفات وغفور من حيث الذات يتجلى لهم من مرتبة توحيد الذات فيستر أفعالهم وصفاتهم وذواتهم وينعم عليهم بآثار أفعاله وأنوار صفاته واسرار ذاته فيتخلّصون من الفاني ويصلون الى الباقي ويجدون ثمرات المجاهدات وهى المشاهدات ونتائج المفارقات وهى المواصلات وعواقب المعاقبات وهى التنعم فى الجنات العاليات والاستراحة الدائمة فى مقامات القربات اللهم أعنا على سلوك سبيل الهجرة والصبر والجهاد واحفظنا من فتنة اهل البغي والفساد انك أنت الأهل للاعانة والامداد يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ منصوب با ذكر والمراد يوم القيامة تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها أضاف النفس الى النفس لانه يقال لعين الشيء نفسه ولنقيضه غيره والنفس جملة الشيء ايضا فالنفس الاولى بمعنى الجملة والثانية بمعنى العين والذات. والمعنى اذكر يا محمد ويأكل من يصلح للخطاب يوم يأتى كل انسان يجادل ويخاصم عن ذاته يسعى فى خلاصه بالاعتذار كقولهم هؤلاء أضلونا وما كنا مشركين لا يهمه شان غيره فيقول نفسى نفسى وذلك حين زفرت جهنم زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا جثا على ركبتيه حتى خليل الرحمن عليه السلام وقال رب نفسى اى أريد نجاة نفسى قال احمد الدورقي مات رجل من جيراننا شاب فرأيته فى الليل وقد شاب فقلت ما قصتك قال دفن بشر المريسي فى مقبرتنا فزفرت جهنم زفرة شاب منها كل من فى المقبرة وبشر أخذ الفقه عن ابى يوسف القاضي الا انه اشتغل بالكلام وقال بخلق القرآن وأضل خلقا كثيرا ببغداد فى زمن المأمون وقطعه عبد العزيز الكتاني وبالجملة كان بشر من جملة شياطين الانس حتى نصبه الشيطان خليفة لمن فى بغداد إذ فعل بالخلق ما فعله الشيطان من الإضلال: قال الحافظ
دام سختست مكر لطف خدايا شود ... ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم(5/87)
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)
وقال
سزدم چوابر بهمن كه درين چمن بكريم ... طرب آشيان بلبل بنكر كه زاغ دارد
قال فى التأويلات النجمية كُلُّ نَفْسٍ على قدر بقاء وجودها تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها اما دفعا لمضارها او جذبا لمنافعها حتى الأنبياء عليهم السلام يقولون نفسى نفسى الا محمدا صلى الله عليه وسلم فانه فان عن نفسه باق بربه فانه يقول أمتي أمتي لانه المغفور من ذنب وجوده المتقدم فى الدنيا والمتأخر فى الآخرة بما فتح له ليلة المعراج إذ واجهه بخطاب السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته ففنى عن وجوده بالسلام وبقي بوجوده بالرحمة وكان رحمة مهداة أرسل ببركاته الى الناس كافة ولكنه رفع المنزلة من تلك الضيافة خاصة لخواص متابعيه كما قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يعنى الذين صلحوا لبذل الوجود فى طلب المقصود ونيل الجود فما بقي لهم مجادلة عن نفوسهم مع الخلق والخالق كما قال بعضهم كل الناس يقولون غدا نفسى نفسى وانا أقول ربى ربى وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ برة او فاجرة اى تعطى وافيا كاملا وبالفارسية [تمام داده شود هر نفس را] ما عَمِلَتْ اى جزاء ما عملت بطريق اطلاق اسم السبب على المسبب اشعارا بكمال الاتصال بين الاجزية والأعمال وإيثار الإظهار على الإضمار للايذان باختلاف وقتى المجادلة والتوفية وان كانتا فى يوم واحد وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ لا ينقصون أجورهم ولا يعاقبون بغير موجب ولا يزاد فى عقابهم على ذنوبهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى يخاصم الروح الجسد يقول الروح يا رب لم يكن لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها ويقول الجسد خلقتنى كالخشب ليست لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها فجاء هذا كشعاع النور فيه نطق لسانى وأبصرت عينى ومشت رجلى قال فيضرب لهما مثلا مثل أعمى ومقعد دخلا حائطا وفيه ثمار فالاعمى لا يبصر الثمار والمقعد لا ينالها فحمل الأعمى المقعد فاصابا من الثمر فعليهما العذاب كذا فى تفسير السمرقندي وفيه اشارة الى ان كل نفس عملت سوأ توفى العذاب بنار الجحيم ونار القطعية وكل نفس عملت خيرا توفى الثواب من نعيم الجنان ولقاء الرحمن فلا يعذب اهل النعيم ولا يثاب اهل الجحيم كذا فى التأويلات النجمية وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً اى قصة اهل قرية كانت فى قرى الأولين وهى ايلة كما فى الكواشي وهى بلد بين ينبع ومصر وضرب المثل صنعه واعتماله ولذا قال الكاشفى فى تفسيره [و پيدا كرد خدا مثلى] ولا يعتدى الا الى مفعول واحد وانما عدى الى اثنين لتضمينه معنى الجعل وتأخير قرية مع كونها مفعولا اولا لئلا يحول المفعول الثاني بينها وبين صفتها وما يترتب عليها إذ التأخير عن الكل مخل بتجاذب أطراف النظم وتجاوبها. والمعنى جعل أهلها مثلا لاهل مكة خاصة أو لكل قوم أنعم الله عليهم فابطرتهم النعمة ففعلوا ما فعلوا فبدل الله بنعمتهم نقمة ودخل فيهم اهل مكة دخولا أوليا كانَتْ آمِنَةً ذات أمن من كل مخوف قال الكاشفى [ايمن از نزول قياصره وقصه جبابره] مُطْمَئِنَّةً [آرميده واهل آن آسوده] قال فى الكواشي لا ينتقلون عنها الى غيرها لحسنها يَأْتِيها رِزْقُها أقوات أهلها صفة ثانية لقرية وتغير سبكها عن الصفة الاولى لما ان إتيان رزقها متجدد وكونها(5/88)
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)
آمنة مطمئنة ثابت مستمر رَغَداً واسعا مِنْ كُلِّ مَكانٍ من نواحيها من البر والبحر فَكَفَرَتْ اى كفر أهلها بِأَنْعُمِ اللَّهِ اى بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وادرع والمراد بها نعمة الرزق والامن المستمر وإيثار جمع القلة للايذان بان كفران نعمة قليلة حيث أوجب هذا العذاب فما ظنك بكفران نعم كثيرة- روى- ان اهل ايلة كانوا يستنجون بالخبز كما فى الكواشي يقول الفقير الخبز هو الأصل بين النعم الإلهية ولذا امر آدم عليه السلام الذي هو اصل البشر بالحراثة فمن كفر به فقد كفر بجميع النعم وتعرض لزوالها وكذا الاعتقاد الصحيح الذي عليه اهل السنة والجماعة هو الأساس المبنى عليه قبول الأعمال الصالحة فمن أفسد اعتقاده فقد أفسد دينه وتعرض لسخط الله تعالى
بآب زمزم اگر شست خرقه زاهد شهر ... چهـ سود از ان چوندارد طهارت ازلى
والمقصود طهارة الوجود والقلب عن لوث الانية والتعلق بغير الله تعالى فَأَذاقَهَا اللَّهُ اى أذاق أهلها. وبالفارسية [پس بچشانيد خداى تعالى اهل آنرا] واصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الابتلاء والاختبار كما فى تفسير ابى الليث لِباسَ الْجُوعِ حتى أكلوا ما تغوطوه لان الجزاء من جنس العمل قال فى الاسئلة المقحمة فى الاجوبة المفحمة كيف سمى الجوع لباسا قيل لانه يظهر من الهزال وشحوب اللون وضيق الحال ما هو كاللباس وَالْخَوْفِ قال فى الإرشاد شبه اثر الجوع والخوف وضرهما المحيط بهم باللباس الغاشى للابس فاستعير له اسمه وأوقع عليه الاذاقة المستعارة لمطلق الإيصال المنبئة عن شدة الاصابة بما فيها من اجتماع ادراك الملامسة والذائقة على نهج التجريد فانها لشيوع استعمالها فى ذلك وكثرة جريانها على الالسنة جرت مجرى الحقيقة بِما كانُوا يَصْنَعُونَ فيما قبل من الكفران ثم بين ان ما فعلوه من كفران النعم لم يكن مزاحمة منهم لقضية العقل فقط بل كان ذلك معارضة لحجة الله على الخلق ايضا فقال وَلَقَدْ جاءَهُمْ اى اهل تلك القرية رَسُولٌ مِنْهُمْ اى من جنسهم يعرفونه بأصله ونسبه فاخبرهم بوجوب الشكر على النعمة وانذرهم سوء عاقبة الكفران فَكَذَّبُوهُ فى رسالته فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ المستأصل غب ما ذاقوا نبذة من ذلك وَهُمْ ظالِمُونَ حال كونهم ظالمين بالكفران والتكذيب حيث جعلوا الاول موضع الشكر والثاني موضع التصديق وترتيب العذاب على التكذيب جرى على سنة الله تعالى كما قال وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا قال ابن عباس رضى الله عنهما هذا المثل لاهل مكة فانهم كانوا فى حرم آمن ويتخطف الناس من حولهم وما يمر ببالهم طيف من الخوف وكانت تجبى اليه ثمرات كل شىء ولقد جاءهم رسول منهم فكفروا بانعم الله وكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصابهم بدعائه صلى الله عليه وسلم بقوله (اللهم اعنى عليهم بسبع كسبع يوسف) ما أصابهم من القحط والجدب حتى أكلوا الجيف والكلاب الميتة والجلود والعظام المحرقة والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع قد ضاقت عليهم الأرض بما رجت من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة حيث كانوا يغيرون على مواشيهم وعيرهم وقوافلهم(5/89)
فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)
فوقعوا فى خوف عظيم من اهل الإسلام حتى تركوا سفر الشام والتردد اليه ثم أخذهم يوم بدر ما أخذهم من العذاب وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة بالسوء إذا كفرت فى قرية شخص الإنسان بنعم الطاعات والتوفيق واتبعت هواها وتمتعت بشهواتها ابتليت بانقطاع مبرة الحق وأكل جيفة الدنيا وميتة المستلذات وخوف العذاب بسوء صنيعها فلا بد للسالك ان يقتفى اثر رسول الخاطر الروحاني المؤيد بالإلهام الرباني ويترك الاقتداء بالنفس والشيطان فانهما يجران الى الأخلاق الذميمة المستتبعة للآثار القبيحة وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم لا تمام الأخلاق الحميدة على وفق الشريعة كما قال (بعثت لاتمم مكارم الأخلاق) والمكارم جمع مكرمة كالمصالح جمع مصلحة وإضافته الى الأخلاق من قبيل اضافة الصفة الى الموصوف اى بعثت لاتمم الأخلاق الكريمة والشيم الحسنة وذلك ان الأنبياء عليهم السلام كل واحد منهم مبعوث بسر وحكمة الهية راجعة الى تكميل البشر وتحسين اخلاقهم ونبينا عليه السلام مبعوث لتتميم تلك الأخلاق الكريمة وتكميلها على وجه التفصيل ولهذا جاء بشرع جامع لجميع جهات الحسن وهذا سر قوله (لا بنى بعدي) فمن ادعى نبيا بعده جهل بقدره وقدر علماء أمته كما لا يخفى فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ اى وإذ قد استبان لكم يا اهل مكة حال من كفر بانعم الله وكذب رسوله وما حل بهم بسبب ذلك من اللتيا والتي اولا وآخرا فانتهوا عما أنتم عليه من كفران النعم وتكذيب الرسول كيلا يحل بكم مثل ما أحل بهم واعرفوا حق نعم الله وأطيعوا رسوله فى امره ونهيه وكلوا من رزق الله من الحرث والانعام وغيرهما حال كونه حَلالًا طَيِّباً اى لذيذا تستطيبه النفوس وذروا ما تفترون من تحريم البحائر وتحوها فحلالا حال من ما رزقكم الله ويجوز ان يكون مفعول كلوا وفيه اشارة الى ان أنوار الشريعة واسرار الحقيقة رزق معنوى للعاسق الصادق وما قبلته الشريعة والحقيقة فهو حلال طيب وما ردته فهو حرام خبيث ولذا قيل
علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير ازين كردد خبيث
اى العلم المقبول النافع هذه العلوم وما شهدت هى له بالقبول من الظواهر والبواطن وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ واعرفوا حقها ولا تقابلوها بالكفران والفناء فى المعنى داخلة على الأمر بالشكر وانما دخلت على الأمر بالأكل لكون الاكل ذريعة الى الشكر فكأنه قيل فاشكروا نعمة الله غب أكلها حلالا طيبا إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ اى تطيعون وتريدون رضاه ان تستحلوا ما أحل الله وتحرموا ما حرم الله إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ اى أكلها وهى ما لم تلحقه الذكاة. وبالفارسية [مردار] فاللحم القديد المجلوب الى الروم من افلاق حرام لانهم انما يضربون رأس البقر بالمقمعة ولا يذكون وَالدَّمَ المسفوح اى المصبوب من العروق واما المختلط باللحم فمعفو والاولى غسله وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ اى رفع الصوت للصنم به وذلك قول اهل الجاهلية باللات والعزى اى انما حرم هذه الأشياء دون ما تزعمون حرمته من البحائر والسوائب ونحوهما وتنحصر المحرمات فيها الا ما ضمنه إليها دليل كالسباع والحمر الاهلية- روى- انه عليه السلام نهى عن أكل ذى مخلب من(5/90)
الطيور وكل ذى ناب من السباع- وروى- خالد بن الوليد رضى الله عنه انه عليه السلام نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير وفيه حجة لابى حنيفة على صاحبيه فى تحليلهما أكل لحوم الخيل وما روياه عن جابر رضى الله عنه انه قال نهى النبي عليه السلام عن لحوم الحمر الاهلية واذن فى لحم الخيل معارض لحديث خالد والترجيح للمحرم كذا فى حواشى الفاضل سنان چلبى والاشارة ان الميتة جيفة الدنيا والحيوان هى الدار الآخرة ولو لم يكن للآخرة حباة لكانت جيفة [جيفه را براى مرد كيش جيفه كويند نى براى بوى زشت وصورت قبيحه] فاعرف: وفى المثنوى
آن جهان چون ذره ذره زنده اند ... نكته دانند وسخن كوينده اند
در جهان مرده شان آرام نيست ... كين علف جز لائق انعام نيست «1»
هر كرا كلشن بود بزم وطن ... كى خورد او باده اندر كولخن
جاى روح پاك عليين بود ... كرم باشد كش وطن سركين بود
وان الدم شهوات الدنيا. ولحم الخنزير الغيبة والحسد والظلم. وما اهل لغير الله به مباشرة كل عمل مباح لالله وللتقرب اليه بل لهوى النفس وطلب حظوظها كما فى التأويلات النجمية فَمَنِ اضْطُرَّ الاضطرار الاحتياج الى الشيء واضطره اليه أحوجه والجأه فاضطر بضم الطاء والضرورة الحاجة قال الكاشفى [پس هر كه بيچاره شود ومحتاج كردد بخوردن يكى از محرمات] فتناول شيأ من ذلك حال كونه غَيْرَ باغٍ اى على مضطر آخر بالاستئثار عليه فان هلاك الآخر ليس باولى من هلاكه فهو حال من فعل مقدر كما أشير اليه. والباغي من البغي يقال بغى عليه بغيا علا وظلم وَلا عادٍ اى متجاوز قدر الضرورة وسد الجوع يقال عدا الأمر وعنه جاوزه فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
اى لا يؤاخذه بذلك فاقيم سببه مقامه قال فى التأويلات النجمية فَمَنِ اضْطُرَّ الى نوع منها مثل طلب القوت بالكسب الحلال او التأهل للتوالد والتناسل او الاختلاط مع الخلق للمناصحة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وغير ذلك من أبواب البر غير معرض عن طلب الحق ولا مجاوز عن حد الطريقة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما اضطروا اليه رَحِيمٌ على الطالبين بان يبلغهم مقاصدهم واعلم ان مواضع الضرورة مستثناة ولذا قال فى التهذيب يجوز للعليل شرب البول والدم لنتداوى إذا أخبره طبيب مسلم ان شفاءه فيه ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه. وأجاز بعضهم استشارة اهل الكفر فى الطب إذا كانوا من اهله كما فى انسان العيون. والاولى التجنب عنه لان المؤمن ولى الله والكافر عدو الله ولا خير لولى من عدو الله فلا بد للمريض من المراجعة الى المجانس واهل الوقوف والتجربة: قال الصائب
ز بي دردان علاج درد خود جستن بآن ماند ... كه خار از پابرون آرد كسى با نيش عقربها
وفى الاشتباه يرخص للمريض التداوى بالنجاسات وبالخمر على أحد القولين واختار قاضيخان عدمه واساغة اللقيمة بها إذا غص اتفاقا واباحة النظر للطبيب حتى للعورة والسوءتين انتهى قال الفقيه ابو الليث رحمه الله يستجب للرجل ان يعرف من الطب مقدار ما يمتنع به عما يضر ببدنه انتهى- وروى- عن على كرم الله وجهه انه قال لحم البقر داء ولبنها شفاء وسمنها
__________
(1) در اواخر دفتر پنجم در بيان معنى آية وان الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون إلخ(5/91)
وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)
دواء وقد صح عن النبي عليه السلام انه ضحى عن نسائه بالبقر قال الحليمي هذا ليبس الحجاز ويبوسة لحم البقر ورطوبة لبنها وسمنها فكأنه يرى اختصاص ذلك به وهذا التأويل مستحسن والا فالنبى عليه السلام لا يتقرب الى الله تعالى بالداء فهو انما قال ذلك فى البقر كما قال (عليكم بألبان البقر وسمانها وإياكم ولحومها فان ألبانها وسمانها دواء وشفاء ولحومها داء) لتلك اليبوسة. وجواب آخر انه ضحى بالبقر لبيان الجواز او لعدم تيسر غيره كذا فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي وَلا تَقُولُوا يا أهل مكة لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ما موصولة واللام صلة لا تقولوا مثل ما فى قوله تعالى وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ اى لا تقولوا فى شأن ما تصف ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة فى قولكم ما فى بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير ترتيب ذلك الوصف على ملاحظة وفكر فضلا عن استناده الى وحي او قياس مبنى عليه الْكَذِبَ ينتصب بلا تقولوا على انه مفعول به وقوله تعالى هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ بدل منه فالمعنى لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لما تصفه ألسنتكم بالحل والحرمة فقدم عليه كونه كذبا وأبدل منه هذا حلال وهذا حرام مبالغة واللام صلة مثل ما يقال لا تقل للنبيذ انه حرام اى فى شأنه وذلك لاختصاص القول بانه فى شأنه وفيه ايماء الى ان ذلك مجرد وصف باللسان لا حكم عليه عقد كذا فى حواشى سعدى المفتى ويقال فى الآية تنبيه للقضاة والمفتين كيلا يقولوا قولا بغير حجة وبيان كما فى تفسير ابى الليث لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فان مدار الحل والحرمة ليس الا امر الله فالحكم بالحل والحرمة اسناد للتحليل والتحريم الى الله من غير ان يكون ذلك منه. واللام لام العاقبة لا الغرض لان الافتراء لم يكن غرضا لهم وفى الآية اشارة الى ما تقولت النفوس بالحسبان والغرور انا قد بلغنا الى مقام يكون علينا بعض المحرمات الشرعية حلالا وبعض المحللات حراما فيفترون على الله الكذب انه أعطانا هذا المقام كما هو من عادة اهل الإباحة كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فى امر من الأمور لا يُفْلِحُونَ لا يفوزون بمطالبهم التي ارتكبوا الافتراء للفوز بها مَتاعٌ قَلِيلٌ خبر مبتدأ محذوف اى منفعتهم فيما هم عليه من افعال الجاهلية منفعة قليلة تنقطع عن قريب وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ لا يكتنه كنههم وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا يعنى على اليهود خاصة دون غيرهم من الأولين والآخرين حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ اى بقوله حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما الآية مِنْ قَبْلُ اى من قبل نزول الآية فهو متعلق بقصصنا او من قبل التحريم على هذه الامة فهو متعلق بحرمنا وهو تحقيق لما سلف من حصر المحرمات فيما فصل بابطال ما يخالفه من قرية اليهود وتكذيبهم فى ذلك فانهم كانوا يقولون لسنا أول من حرمت عليه وانما كانت محرمة على نوح وابراهيم ومن بعدهما حتى انتهى الأمر إلينا وَما ظَلَمْناهُمْ بذلك التحريم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه حسبما نعى عليهم فى قوله تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ الآية ولقد القمهم الحجر قوله تعالى كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ(5/92)
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)
فائتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين- روى- انه صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك بهتوا ولم يجرأوا ان يخرجوا التوراة كيف وقد بين فيها ان تحريم ما حرم عليهم من الطيبات لظلمهم وبغيهم عقوبة وتشديدا أوضح بيان وفيه تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم فى التحريم ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ [بسبب غفلت ونادانى وعدم تفكر در عواقب امور] وعن ابن عباس رضى الله عنهما كل من يعمل سوأ فهو جاهل وان كان يعمل ان ركوبه سيئة. والسوء يحتمل الافتراء على الله وغيره. واللام متعلقة بالخير وهو لغفور وان الثانية تكرير على سبيل التأكيد لطول الكلام ووقوع الفصل كما مر فى قوله تعالى ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا الآية ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما عملوا السوء والتصريح به مع دلالة ثم عليه للتأكيد والمبالغة وَأَصْلَحُوا أعمالهم او دخلوا فى الصلاح إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها من بعد التوبة كقوله اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى فى ان الضمير عائد الى مصدر الفعل قال سعدى المفتى لم يذكر الإصلاح لانه تكميل التوبة فانها الندم على المعصية من حيث انها معصية مع عزم ان لا يعود فعدم العود والإصلاح تحقيق لذلك العزم لَغَفُورٌ لذلك السوء اى ستور له محاء رَحِيمٌ يثبت على طاعته تركا وفعلا وتكرير قوله تعالى ان ربك لتأكيد الوعد واظهار كمال العناية بانجازه فعلى العاقل ان يرجع عن الاعراض عن الله ويقبل عليه بصدق الطلب واخلاص العمل والتوبة بمنزلة الصابون فكما ان الصابون يزيل الأوساخ الظاهرة فكذلك التوبة تزيل الأوساخ الباطنة اعنى الذنوب وفى المثنوى
كر سيه كردى تو نامه عمر خويش ... توبه كن ز انها كه كردستى تو پيش «1»
عمر اگر بگذشت ببخش اين دم است ... آب توبه اش ده اگر او بي نم است
بيخ عمرت را بده آب حيات ... تا درخت عمر كردد بإثبات
جمله ماضيها ازين نيكو شوند ... زهر پارينه از اين كردد چوقند
واعلم ان توبة العوام من السيئات وتوبة الخواص من الزلات والغفلات وتوبة الأكابر من رؤية الحسنات والالتفات الى الطاعات لا تركها والعبد إذا رجع عن السيئة وأصلح عمله أصلح الله شأنه وأفضل الأعمال خلاف هوى النفس والذكر بلا اله الا الله وفى الحديث (ان الله عمودا من ياقوت أحمر رأسه تحت العرش وأسفله على ظهر الحوت فى الأرض السفلى فاذا قال العبد لا اله الا الله محمد رسول الله عن نية صادقة اهتز العرش فتحرك الحوت والعمود فيقول الله تعالى أسكن يا عرشى فيقول العرش كيف اسكن وأنت لا تغفر لقائلها فيقول الله تعالى اشهدوا يا سكان سمواتى انى قد غفرت لقائلها الذنوب صغيرها وكبيرها سرها وعلانيتها فبذكر الله تعالى يتخلص العبد من الذنوب وبه تحصل تزكية النفس وتصفية القلوب إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً على حدة لحياذته من الفضائل البشرية ما لا يكاد يوجد الا متفرقا فى امة جمة كما قيل
ليس على الله بمستنكر ... ان يجمع العالم فى واحد
جانا تو يكانه ولى ذات تو هست ... مجموعه آثار كمالات همه
__________
(1) در اواسط دفتر پنجم در بيان رسيدن زنى بخانه وجدا شدن زاهد از كنيزك(5/93)
شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124) ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
وفى الحديث (حسين سبط من الأسباط) كما فى المصابيح بمعنى انه من الأمم يقوم وحده مقامها او بمعنى انه يتشعب منه الفروع الكثيرة إذا السادات من نسل زين العابدين بن الحسين رضى الله عنهما. فلا دلالة فى الحديث على نبوة الحسين كما ادعاه بعض المفترين فى زماننا هذا نعوذ بالله ومن قال بعد نبينا نبى يكفر كما فى بحر الكلام. ويقال امة بمعنى مأموم اى يؤمه الناس ويقصدونه ليأخذوا منه الخير ومعلم الخير امام فى الدين وهو عليه السلام رئيس اهل التوحيد وقدوة اصحاب التحقيق جادل اهل الشرك وألقمهم الحجر ببينات باهرة وأبطل مذاهبهم بالبراهين القاطعة قانِتاً لِلَّهِ مطيعا له قائما بامره حَنِيفاً مائلا عن كل دين باطل الى الدين الحق وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فى امر من امور دينهم أصلا وفرعا. وفيه رد على كفار قريش فى قولهم نحن على ملة أبينا ابراهيم شاكِراً لِأَنْعُمِهِ جمع نعمة صفة ثالثة لامة- روى- انه كان لا يأكل الا مع ضيف ولم يجد ذات يوم ضيفا فاخر غداءه فجاءه فوج من الملائكة فى زى البشر فقدم لهم الطعام فخيلوا اليه ان بهم جذاما فقال الآن وجبت مؤاكلتكم شكرا لله على ان عافانى وابتلاكم ويقال انه أراد الضيافة لامة محمد ثم دعا الله لاجلها وقال انى عاجز وأنت قادر على كل شىء فجاء جبريل فاتى بكف من كافور الجنة فاخذ ابراهيم فصعد الى جبل ابى قبيس ونثره فاوصله الله الى جميع أقطار الدنيا فحيثما سقطت ذرة من ذراته كان معدن الملح فصار الملح ضيافة ابراهيم عليه السلام: قال الشيخ سعدى قدس سره
خور و پوش بخشاى وراحت رسان ... نكه مى چهـ دارى ز بهر كسان
غم شادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك
اجْتَباهُ اختاره للنبوة وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه وهو ملة الإسلام المشتمل على التسليم وقد اوتى تسليما أي تسليم وآتيناه فى الدنيا حسنة حالة حسنة من الذكر الجميل والثناء فيما بين الناس قاطبة والأولاد الأبرار والعمر الطويل فى السعة والطاعة وان حضرة الرسالة صلى الله عليه وسلم من نسله وان الصلاة عليه مقرونة بصلاة النبي عليه السلام كما يقول المصلى من هذه الامة كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ اصحاب الدرجات العالية فى الجنة وهم الأنبياء عليهم السلام فالمراد الكاملون فى الصلاح والواصلون الى غاية الكمال ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مع علو طبقتك وسمو رتبتك وما فى ثم من التراخي فى الرتبة للتنبيه على ان أجل ما اوتى ابراهيم اتباع الرسول ملته أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الملة اسم لما شرعه الله لعباده على لسان الأنبياء من أمللت الكتاب إذا مليته وهى الدين بعينه لكن باعتبار الطاعة له والمراد بملته الإسلام المعبر عنه بالصراط المستقيم حَنِيفاً حال من المضاف اليه لما ان المضاف لشدة اتصاله به جرى منه مجرى البعض فعد بذلك من قيل رأيت وجه هند قائمة وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بل كان قدوة الموحدين وهو تكرير لما سبق لزيادة تأكيد وتقرير لنزاهته عما هم عليه من عقد وعمل قال العلماء المأمور به الاتباع فى الأصول دون الفروع المتبدلة بتبدل الاعصار واتباعه له بسبب كونه مبعوثا بعده والا فهو أكرم الأولين والآخرين على الله(5/94)
إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)
تو اصل وباقى طفيل تواند ... تو شاهى ومجموع خيل تواند
وكان صلى الله عليه وسلم على دين قومه قبل النبوة اى على ما بقي فيهم من ارث ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام فى حجهم ومناكسهم وبيوعهم وأساليبهم واما التوحيد فانهم كانوا قد بدلوه والنبي عليه السلام لم يكن الا عليه قال فى التأويلات النجمية لما سلك النبي صلى الله عليه وسلم طريق متابعته واسلم وجهه لله ليذهب الى الله كما ذهب ابراهيم وقال انى ذاهب الى ربى نودى فى سره ان ابراهيم كان خليلنا وأنت حبيبنا فالفرق بينكما ان الخليل لو كان ذاهبا يمشى بنفسه فالحبيب يكون راكبا اسرى به فلما بلغ سدرة المنتهى وجد مقام الجليل عندها فقيل له ان السدرة مقام الخليل لو رضيت بها لنزينها لك إذ يغشى السدرة ما يغشى ولعلو همته الحبيبية ما زاغ البصر بالنظر إليها وما طغى باتخاذ المنزل عندها ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى وهو مقام الحبيب فبقى مع بلا هو فى خلوة لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب وهو جبريل ولا نبى مرسل وهو هويته عليه السلام لما جاوز حد المتابعة صار متبوعا فان كان صلى الله عليه وسلم فى الدنيا محتاجا الى متابعة الخليل فالخليل يكون فى الآخرة محتاجا الى شفاعته كما قال (الناس محتاجون الى شفاعتى يوم القيامة حتى ابراهيم) انتهى ما فى التأويلات ثم الآية تدل على شرف المتابعة فان الحبيب مع شرفه العظيم إذا كان مأمورا بالمتابعة فما ظنك بغيره من افراد الامة ففى المتابعة وصحبة الأخيار والصلحاء شرف وسعادة عظمى ألا يرى ان عشرة من الحيوانات من اهل الجنة بشرف القرين كناقة صالح وكبش إسماعيل ونملة سليمان وكلب اصحاب الكهف ولله در من قال
سك اصحاب كهف روزى چند ... پى مردم كرفت ومردم شد
وعن النبي عليه السلام (ان رجلا يبقى متحيرا من الإفلاس فيقول الله يا عبدى أتعرف العبد الفلاني او العارف الفلاني فيقول نعم فيقول الله فاذهب فانى قد وهبتك له) وعن الشيخ بهاء الدين ان خادم الشيخ ابى يزيد البسطامي قدس سره كان رجلا مغربيا فجرى الحديث عنده فى سؤال منكر ونكير فقال المغربي والله ان يسألانى لا قولن لهما فقالوا له ومن يعلم ذلك فقال اقعدوا على قبرى حتى تسمعونى فلما انتقل المغربي جلسوا على قبره فسمعوا المسألة وسمعوه يقول أتسألونني وقد حملت فروة ابى يزيد على عنقى فمضوا وتركوه إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ اى فرض تعظيم يوم السبب والتخلي فيه للعبادة وترك الصد فيه فتعدية جعل بعلى لتضمينه معنى فرض والسبت يوم من ايام الأسبوع بمعنى القطع والراحة فسمى به لانقطاع الأيام عنده إذ هو آخر ايام الأسبوع وفيه فرغ الله من خلق السموات والأرض أو لأن اليهود يستريحون فيه من الاشغال الدنيوية ويقال اسبتت اليهود إذا عظمت سبتها وكان اليهود يدعون ان السبت من شعائر الإسلام وان ابراهيم كان محافظا عليه اى ليس السبت من شعائر ابراهيم وشعائر ملته التي أمرت يا محمد باتباعها حتى يكون بينه صلى الله عليه وسلم وبين بعض المشركين علاقة فى الجملة وانما شرع ذلك لبنى إسرائيل بعد مدة طويلة قال الكاشفى [در زاد المسير آورده كه آن روز حضرت موسى عليه السلام يكى را ديد كه متاعى را برداشته بجايى ميبرد بفرمود تا كردنش بزدند وتنش را در محلى(5/95)
بيفكندند كه مرغان مردارخوار چهل روز اجزا واحشاى او مى خوردند] وذلك لهتك حرمة شريعته بمثل ذلك العمل
كرا شرع فتوى دهد بر هلاك ... الا تا ندارى ز كشتنش باك
عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ منشأ الاختلاف هو الطرف المخالف للحق وذلك ان موسى عليه السلام امر اليهود ان يجعلوا فى الأسبوع يوما واحدا للعبادة وان يكون ذلك يوم الجمعة فابوا عليه وقالوا نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السموات والأرض وهو السبت الا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة فاذن الله لهم فى السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه فاطاع امر الله تعالى الراضون بالجمعة فكانوا لا يصيدون واما غيرهم فلم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله قردة دون أولئك المطيعين يقول الفقير اما الفرقة الموافقة فنجوا لانقيادهم لامر الله تعالى وفناء باطنهم عن الارادة التي لم تنبعث من الله تعالى واما الفرقة المخالفة فهلكوا لمخالفتهم لامر الله تعالى
وبقائهم بنفوسهم الامارة ولا شك ان من اجبر وفق ومن تحرك بإرادته وكل الى نفسه وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ اى بين الفريقين المختلفين فيه يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اى يفصل ما بينهما من الاختلاف فيجازى الموافق بالثواب والمخالف بالعقاب وفيه ايماء الى ان ما وقع فى الدنيا من مسخ أحد الفريقين وإنجاء الآخر بالنسبة الى ما سيقع فى الآخرة شىء لا يعتد به وفى الحديث (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة أوتينا من بعدهم) يعنى يوم الجمعة فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فلنا اليوم وللبهود غدا وللنصارى بعد غد وفى الآية اشارة الى ان الاختلاف فيما ارشد الله به الناس الى الصراط المستقيم من الأوامر والنواهي لاستحلال بعضها وتحريم بعضها ابتداعا منهم على وفق الطبع والهوى وان كان التشديد فيه على أنفسهم يكون وبالا عليهم وضلالا عن الصراط المستقيم. فالواجب على العباد فى العبادات والطاعات والمجاهدات وطلب الحق الاتباع وترك الابتداع كما قال صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة فضلالة) وجاء رجل للشيخ ابى محمد عبد السلام بن يشيش قدس سره فقال يا سيدى وظف علىّ وظائف واورادا فغضب الشيخ وقال أرسول انا فاوجب الواجبات الفرائض معلومة والمعاصي مشهورة فكن للفرائض حافظا وللمعاصى رافضا واحفظ قلبك من ارادة الدنيا واقنع من ذلك كله بما قسم لك فاذا خرج لك مخرج الرضى فكن لله فيه شاكرا وإذا خرج لك مخرج السخط فكن عليه صابرا وفى قوله تعالى وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ الآية اشارة الى ان الله تعالى يحكم بعدله بين اهل السنة واهل البدع فيقول هؤلاء فى الجنة بفضلي ولا أبالي وهؤلاء فى النار بعدي ولا أبالي واهل البدعة ثنتان وسبعون فرقة من اهل الظواهر واحدي عشرة فرقة من اهل البواطن كلهم على خلاف الحق من حيث الاعتقاد وكلهم فى النار والفرقة الناجية من المتصوفة وغيرهم هم الموافقون للكتاب والسنة عقدا وعملا نسأل الله تعالى ان يحفظنا من الزيغ والضلال ولا بد من أخ ناصح فى الدين كامل فى طريق اليقين مرشد الى الحق المتين قال الحافظ قدس سره(5/96)
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)
قطع اين مرحله بي همرهى خضر مكن ... ظلماتست بترس از خطر كمراهى
ادْعُ الناس يا أفضل الرسل من سبيل الشيطان إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ وهو الإسلام الموصل
الى الجنة والزلفى ... قال حضرة الشيخ العطار قدس سره
نور او چون اصل موجودات بود ... ذات او چون معطئ هر ذات بود
واجب آمد دعوت هر دو جهانش ... دعوت ذرات پيدا ونهانش
واعلم ان كل عين من الأعيان الموجودة مستند الى اسم من الأسماء الالهية واصل من طريق ذلك الاسم الى الله الذي له احدية جميع الأسماء لا يقال فما فائدة الدعوة حينئذ لانا نقول الدعوة من المضل الى الهادي ومن الجائر الى العدل بِالْحِكْمَةِ بالحجة القطعية المفيدة للعقائد الحقة المزيحة لشبهة من دعى إليها فهى لدعوة خواص الامة الطالبين للحقائق وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ اى الدلائل الاقناعية والحكايات النافعة فهى لدعوة عوامهم. يقال وعظه يعظه وعظا وعظة وموعظة ذكره ما يلين قلبه من الثواب والعقاب فاتعظ كما فى القاموس وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اى ناظر معانديهم بالطريقة التي هى احسن طرق المناظرة والمجادلة من الرفق واللين واختيار الوجه الأيسر واستعمال المقدمات المشهورة تسكينا لشغبهم واطفاء للهبهم كما فعله الخليل عليه السلام. والآية دليل على ان المناظرة والمجادلة فى العلم جائزة إذا قصد بها اظهار الحق قال الشيخ السمرقندي فى تفسيره فى هذه الآية تنبيه على المدعو الى الحق فرق ثلاث. فان المدعو الى الله بالحكمة قوم وهم الخواص. وبالموعظة قوم وهم العوام. وبالمجادلة قوم وهم اهل الجدال وهم طائفة ذووا كياسة تميزوا بها عن العوام ولكنها ناقصة مدنسة بصفات رديئة من خبث وعناد وتعصب ولجاج وتقليد ضال تمنعهم عن ادراك الحق وتهلكهم فان الكياسة الناقصة شر من البلاهة بكثير الم تسمع ان اكثر اهل الجنة البله فليستعمل كل منها مع يناسبها فانه لو استعمل الحكمة للعوام لم يفد شيأ حيث لم يفهموها لسوء بلادتهم وعدم فطنتهم نكته كفتن پيش كژ فهمان ز حكمت بي كمان جوهرى چند از جواهر ريختن پيش خر است وفى المثنوى
كى توان با شيعه كفتن از عمر ... كى توان بربط زدن در پيش كر «1»
وان استعمل الجدال مع اهل الحكمة تنفروا منه تنفر الرجل من الإرضاع بلبن الطفل وفى التأويلات النجمية قوله ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ اشارة الى ان دعاء العوام الى سبيل ربك وهو الجنة بالحكمة وهو الخوف والرجاء لانهم يدعون ربهم خوفا من النار وطمعا فى الجنة والموعظة الحسنة هى الرفق والمداراة ولين الكلام والتعريض دون التصريح وفى الخلا دون الملا فان النصح على الملا تقريع
كر نصيحت كنى بخلوت كن ... كه جز اين شيوه نصيحت نيست
هر نصيحت كه برملا باشد ... آن نصيحت بجز فضيحت نيست
ودعاء الخواص الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وهى ان تحبب الله إليهم وتوفر دواعيهم فى الطلب وترشدهم وتهديهم الى صراط الله وتسلكهم فيه وتكون لهم دليلا وسراجا منيرا الى ان يصلوا فى متابعتك وتزكيتك إياهم الى مراتب المقربين وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ لكل
__________
(1) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را سفيد إلخ [.....](5/97)
طائفة منها فجادل اهل النفاق واغلظ عليهم وجادل اهل الوفاق باللطف والرحمة واخفض جناحك للمؤمنين واعف عنهم واستغفر لهم وقال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى كتابه المسمى باللائحات البرقيات بالحكمة اى بالبصيرة على رعاية المناسبة فى مقتضيات الأحوال والمقامات بالتليين والتخفيف والتعريض فى مقاماتها والتغليظ والتشديد والتصريح فى مقاماتها ونحو ذلك من المناسبات الحكمية الجالبة للمصالح والسالبة للمفاسد والموعظة الحسنة اى المتضمنة للحسنات والمشتملة على الترغيبات والمتناولة للترهيبات والجالبة للقلوب الى الحبوبات والسالبة للنفوس عن المقبوحات وغير ذلك مما يختص ويليق بالموعظة الحسنة التي هى الموعظة بالحق والعلم الكامل والعقل والتام لا الموعظة بالنفس والجهل والحمق قان تلك الموعظة انما هى بالبصيرة الشاملة الصحيحة وهذه الموعظة انما هى بالغفلة العامة الفاسدة وفى الحقيقة الموعظة الحسنة هى الموعظة الجامعة لجوامع الكلم وجادلهم بالتي اى بالمجادلة التي هى احسن وهى المجادلة الحقانية التي تكون بالرفق واللين والصفح والعفو والسمح والكلام بقدر العقول والنظر الى عواقب الأمور والصبر والتأنى والتحمل والحلم وغير ذلك من خواص المجادلة التي هى احسن مثل كون المراد منها اظهار الحق وبيان الصدق لمن خالف الحق والصدق بكمال الاعراض عن جميع الأغراض والاعراض وتمام الترحم للمخالفين المعاندين الضالين عن سبيل الحق والصدق والجاهلين الغافلين السائرين الى سبيل الباطل والكذب وما سوى ذلك من الخواص واللوازم إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ [بآنكس كه كمراه شد از راه حق كه اسلامست] واعرض عن قبول الحق بعد ما عاين من الحكم والمواعظ والعبر وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بذلك اى ما عليك الا ما ذكر من الدعوة والتبليغ والمجادلة بالأحسن واما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما فلا عليك بل الله اعلم بالضالين والمهتدين فيجازى كلا منهم بما يستحقه فكأنه قيل ان ربك اعلم بهم فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل والنصيحة اليسيرة ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل وكأنك تضرب منه فى حديد بارد: قال الشيخ سعدى قدس سره
توان پاك كردن زژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه
وقال الحافظ
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك وكلى لؤلؤ ومرجان نشود
واعلم ان الناس ثلاثة اصناف. صنف مقطوع بحسن خاتمتهم مطلقا كالانبياء عليهم السلام والعشرة المبشرة. وصنف مقطوع بسوء عاقبتهم كأبى جهل وقارون وهامان وفرعون وغيرهم ممن قطع بسوء خاتمتهم مطلقا. وصنف مشكوك فى حسن خاتمتهم وسوء خاتمتهم مطلقا كعامة المؤمنين الأبرار وكافة الكافرين الفجار فان الأبرار كانوا ممدوحين فى ظاهر الشريعة من جهة العقائد والأعمال فى الحال والفجار كانوا مذمومين فى ظاهر الشريعة من تلك الجهة فى الحال لكن أمرهم فى المآل مفوض الى الله تعالى والله يعلم المفسد من المصلح ويميز بينهما فى الآخرة والعاقبة فكم من ولى فى الظاهر يعود عدو الله ووليا للشيطان نعوذ بالله(5/98)
وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)
لكون ضلاله ذاتيا قد تداخله الاهتداء العارضى فاستترت ظلمته بصورة نور الاهتداء كاستتار ظلمة الليل بنور النهار عند ابلاج الليل فى النهار وكم من عدو فى الظاهر يعود وليا لله وعدوا للشيطان لكون اهتدائه اصليا قد تداخله الضلال العارضى فاستتر نوره بظلمة الضلال العارضى كاستتار نور النهار بظلمة الليل عند إيلاج النهار فى الليل فكما لا ينفع الاول الاهتداء العارضى ويكون غايته الى الهلاك كذلك لا يضر هذا الثاني الضلال العارضى ويكون خاتمته الى النجاة وعن ابى إسحاق رحمه الله تعالى قال كان رجل يكثر الجلوس إلينا ونصف وجهه مغطى فقلت له انك تكثر الجلوس إلينا ونصف وجهك مغطى اطلعنى على هذا قال وتعطينى الامان قلت نعم قال كنت نباشا فدفنت امرأة فاتيت قبرها فنبشت حتى وصلت الى اللبن فرفعت اللبن ثم ضربت بيدي الى الرداء ثم ضربت بيدي الى اللفافة فمددتها فجعلت تمدها هى فقلت أتراها تغلبنى فجثيت على ركبتى فجردت اللفافة فرفعت يدها فلطمتنى وكشف وجهه فاذا أثر خمس أصابع فى وجهه فقلت له ثم مه قال ثم رددت عليها لفافتها وإزارها ثم ردت التراب وجعلت على نفسى ان لا انبش ما عشت قال فكتبت بذلك الىّ الأوزاعي فكتب الىّ الأوزاعي ويحك اسأله عمن مات من اهل التوحيد ووجهه الى القبلة فسألته عن ذلك فقال أكثرهم حول وجهه عن القبلة فكتبت بذلك الى الأوزاعي فكتب الىّ انا لله وانا اليه راجعون ثلاث مرات اما من حول وجهه عن القبلة فانه مات على غير السنة اى على غير ملة الإسلام وذلك لان ترك العمل بالكتاب والسنة والإصرار على المعاصي يجر كثير من العصاة الى الموت على الكفر والعياذ بالله: قال الشيخ سعدى قدس سره
عروسى بود نوبت ما تمت ... كرت نيك روزى بودى خاتمت
نسأل الله سبحانه ان يحفظ نور أيماننا وشمع اعتقادنا من صرصر الزوال ويثبت أقدامنا بالقول الثابت فى جميع الأوقات وعلى كل حال وَإِنْ عاقَبْتُمْ اى أردتم المعاقبة على طريقة قول الطبيب للمحمى ان أكلت فكل قليلا فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ اى بمثل ما فعل بكم وقد عبر عنه بالعقاب على طريقة اطلاق اسم المسبب على السبب نحو كما تدين تدان اى كما تفعل تجازى سمى الفعل المجازى عليه باسم الجزاء على الطريقة المذكورة او على نهج المشاكلة والمزاوجة يعنى تسمية الأذى الابتدائى معاقبة من باب المشاكلة والا فانها فى وضعها الأصل تستدعى ان تكون عقيب فعل نعم العرف جار على إطلاقها على ما يعذب به أحد وان لم يكن جزاء فعل كما فى حواشى سعدى المفتى قال القرطبي أطبق جمهور اهل التفسير ان هذا الآية مدنية نزلت فى شأن سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ان المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد بقروا بطونهم وجدعوا أنوفهم وآذانهم وقطعوا مذاكيرهم ما بقي أحد غير ممثول به إلا حنظلة بن الراهب لان أباه عامر الراهب كان مع ابى سفيان فتركوه لذلك ولما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله عليه الصلاة والسلام فرأى منظرا ساءه رأى حمزة قد شق بطنه واصطلم انفه وجدعت أذناه ولم ير شيأ كان أوجع لقلبه منه فقال (رحمة الله عليك كنت وصولا(5/99)
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)
للرحم فعالا للخير لولا ان تحزن النساء او يكون سنة بعدي لتركتك حتى يبعثك الله من بطون السباع والطير اما والله لئن اظفرنى الله بهم لا مثلن بسبعين مكانك) وقال المؤمنين ان أظهرنا الله عليهم لنزيدن على صنعهم ولنمثلن مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط ولنفعلن ثم دعا عليه السلام ببردته فغطى بها وجه حمزة فخرجت رجلاه فجعل على رجليه شيأ من الاذخر ثم قدمه فكبر عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة وكان القتلى سبعين وفى التبيان صلى النبي عليه السلام على عمه حمزة سبعين تكبيرة او صلاة انتهى- روى- ان أبا بكر رضى الله عنه صلى على فاطمة رضى الله عنها وكبر أربعا وهذا أحد ما استدل به فقهاء الحنفية على تكبيرات الجنازة اربع كما فى أنوار المشارق قال فى اسباب النزول ما حاصله ان حمزة رضى الله عنه قتله وحشي الحبشي وكان غلاما لجبير بن مطعم بن عدى بن نوفل وكان عمه طعيمة بن عدى قد أصيب يوم بدر فلما سارت قريش الى أحد قال له جبير ان قتلت حمزة عم محمد لعمى طعيمة فانت عتيق فأخذ الوحشي حربته فقذفه بها وكانت لا تخطئ حربة الحبشة حين قذفوا فكان ما كان ثم اسلم الوحشي وقال له صلى الله عليه وسلم (هل تستطيع ان تغيب عنى وجهك) وذلك انه عليه السلام كرهه لقتله حمزة فخرج فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج الناس الى مسيلمة الكذاب قال الوحشي لا خرجن الى مسيلمة لعلى اقتله فاكافئ به حمزة فخرج مع الناس فوفقه الله لقتله. ثم ان القتلى لما دفنوا وفرغ منهم نزلت هذه الآية فكفر عليه السلام عن يمينه وكفه عما اراده والأمر وان دل على اباحة المماثلة فى المثلة من غير تجاوز لكن فى تقييده بقوله وَإِنْ عاقَبْتُمْ حث على العفو تعريضا قال فى البحر العلوم لا خلاف فى تحرير المثلة وقد وردت الاخبار بالنهى عنها حتى الكلب العقور وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ اى عن المعاقبة بالمثل وعفوتم وهو تصريح بما علم تعريضا لَهُوَ اى لصبركم هذا خَيْرٌ لكم من الانتصار بالمعاقبة اى العفو خير للعافين من الانتقام وانما قيل لِلصَّابِرِينَ مدحا لهم وثناء عليهم بالصبر وعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم (بل نصبر يا رب) قال فى الخلاصة رجل قال لآخر يا خبيث هل يقول له بلى أنت الأحسن ان يكف عنه ولا يجيب ولو رفع الأمر الى القاضي ليؤديه يجوز ومع هذا لواجاب لا بأس به. وفى مجمع الفتاوى لو قال لغيره يا خبيث فجازاه بمثله جاز لانه انتصار بعد الظلم وذلك مأذون فيه قال الله تعالى وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ والعفو أفضل قال الله تعالى فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
وان كانت تلك الكلمة موجبة للحد لا ينبغى ان يجيبه بمثله تحرزا عن إيجاب الحد على نفسه. وفى تنوير الابصار للامام التمر تاشى ضرب غيره بغير حق وضرب المضروب يعزران ويبدأ باقامة التعزير بالبادى انتهى. ثم امر به صلى الله عليه وسلم صريحا لانه اولى الناس بعزائم الأمور لزيادة علمه بشؤونه تعالى ووفور وثوقه به فقيل وَاصْبِرْ على ما أصابك من جهتهم من فنون الآلام والاذية وعاينت من اعراضهم عن الحق بالكلية وصبره عليه السلام مستتبع لاقتداء الامة كقول من قال لابن عباس رضى الله عنهما عند التعزية اصبر نكن بك صابرين فانما صبر الرعية عند صبر الرأس(5/100)
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ بتوفيق الله واعانته لك على الصبر لان الصبر من صفات الله ولا يقدر أحد ان يتصف بصفاته اى إلا به بان يتحلى بتلك الصفة قال جعفر الصادق رضى الله عنه امر الله أنبياءه بالصبر وجعل الحظ الا على منه للنبى صلى الله عليه وسلم حيث جعل صبره بالله لا بنفسه وقال (وما صبرك الا بالله) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اى على الكافرين بوقوع اليأس من ايمانهم بك ومتابعتهم لك نحو فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ وَلا تَكُ أصله لا تكن حذفت النون تخفيفا لكثرة استعماله بخلاف لم يصن ولم يخن ونحوهما ومعنى كثرة الاستعمال انهم يعبرون بكان ويكون عن كل الافعال فيقولون كان زيد يقول وكان زيد يجلس فان وصلت بساكن ردت النون وتحركت نحو وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ ولَمْ يَكُنِ الَّذِينَ الآية فِي ضَيْقٍ اى لا تكن فى ضيق صدر من مكرهم فهو من الكلام المقلوب الذي يسجع عليه عند أمن الالتباس لان الضيق وصف فهو يكون فى الإنسان ولا يكون الإنسان فيه. وفيه لطيفة اخرى وهى ان الضيق إذا عظم وقوى صار كالشئ المحيط به من جميع الجوانب مِمَّا يَمْكُرُونَ اى من مكرهم بك فيما يستقبل فاول نهى عن التأثم بمطلوب من قبلهم فات والثاني عن التأثم بمحذور من جهتهم آت إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا اجتنبوا المعاصي ومعنى المعية الولاية والفضل وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فى أعمالهم ويقال مع الذين اتقوا مكافاة المسيئ والذين هم محسنون الى من يعادى إليهم فالاحسان على الوجه الاول بمعنى جعل الشيء جميلا حسنا وعلى الثاني ضد الاساءة وفى الحديث (ان للمحسن ثلاث علامات يبادر فى طاعة الله ويجتنب محارم الله ويحسن الى من أساء اليه)
ز احسان خاطر مردم شود شاد ... بتقوى خانه دين كردد آباد
بسوى اين صفتها كر شتابى ... رضاى خلق وخالق هر دو يابى
قال ممشاد الدينوري رأيت ملكا من الملائكة يقول لى كل من كان مع الله فهو هالك الا رجل واحد قلت من هو قال من كان الله معه وهو قوله إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وذلك لان المقصود كينونة المحبوب مع الحب إذ هو يشعر بالرضى والإقبال واما كينونة المحب مع المحبوب فقد تحصل مع سخط المحبوب وإدباره وعن هرم بن حيان انه قيل له حين احتضر أوص فقال انما الوصية من المال ولا مال لى أوصيكم بخواتيم سورة النحل اى من ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ الى آخرها يقول الفقير سامحه الله القدير جمع شيخى وسندى روح الله روحه أصحابه قبل وفاته بيوم فقال اعلموا ايها الاصحاب انه لا مال لى حتى اوصى به ولكنى على مذهب اهل السنة والجماعة شريعة وطريقة ومعرفة وحقيقة فاعرفونى هكذا واشهدوا لى بهذا فى الدنيا والآخرة فهذا وصيتي وأشار حضرة الشيخ بهذا الى انه لا زيغ ولا الحاد فى اعتقاده وفى طريقه أصلا فانهم قالوا ان اهل التصوف تفرقت على اثنتي عشرة فرقة فواحدة منهم سنيون وهم الذين اثنى عليهم العلماء والبواقي بدعيون. ويعلم السنى بشاهدين. أحدهما ظاهر والآخر باطن فالظاهر استحكام الشريعة والباطن السلوك على البصيرة واليقظة والعلم لا على العمى والغفلة والجهل فمن عمل بخواتيم هذه السورة واتصف(5/101)
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)
بحقيقة العفو والصبر والحلم والانشراح فى المنشط والمكره وترك الحزن والغم على الفائت والآتي. وبالتقوى على مراتبها وبالإحسان بانواعه فقد جعل لنفسه علامة الولاية والمغية والايمان الكامل وحسن الخاتمة وخير العاقبة اللهم احفظنا من الميل الى السوي والغير واختم عواقبنا بالخير يا رب تمت سورة النحل بما تحتويه من شواهد العقل والنقل فى يوم السبت التاسع عشر من شعبان المبارك المنتظم فى سلك شهور سنة اربع ومائة والف الجزء الخامس عشر من الاجزاء الثلاثين
تفسير سورة الاسراء
وهى مائة واحدى عشرة آية مكية قال فى الكواشي إلا من وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ الى نَصِيراً او فيها من المدني من قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ. وإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ. وإِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ. وإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ. ولَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ والتي تليها انتهى بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحانَ اسم بمعنى التسبيح الذي هو التنزيه ومتضمن معنى التعجب وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره تقديره اسبح الله عن صفات المخلوقين سبحانا بمعنى تسبيحا ثم نزل منزلة الفعل فناب منابه كقولهم معاذ الله وغفرانك وغير ذلك. وقيل هو مصدر كغفران بمعنى التنزه وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عما ذكره بعده وهو لا ينافى التعجب قال فى التأويلات النجمية كلمة سبحان للتعجب بها يشير الى اعجب امر من أموره تعالى جرى بينه وبين حبيبه وفى الاسئلة الحكم اما اقتران الاسراء بالتسبيح ليتقى بذلك ذو العقل وصاحب الوهم ومن يحكم عليه خياله من اهل التشبيه والتجسيم مما يخيله فى حق الخالق من الجهة والجسد والحد والمكان. وانما تعجب بعروجه دون نزوله عليه السلام لانه لما عرج كان مقصده الحق تعالى ولما نزل كان مقصد. الخلق والمقصود من التعجب التعجب بعروجه. وايضا ان عروجه اعجب من نزوله لان عروج الكثيف الى العلو من العجائب الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ قال الكاشفى [پاكى وبي عيبى آنرا كه بجهت كرامت ببرد بنده خود را كه محمد است صلى الله عليه وسلم] الاسراء السير بالليل خاصة كالسرى يقال اسرى وسرى اى سار ليلا ومنه السرية لواحدة السرايا لانها تسرى فى خفية واسرى به اى سيره ليلا قال النضر سقط السؤال والاعتراضات على المعراج بقوله اسرى دون سار ونظيره قوله عليه السلام (حببّ الى من دنياكم ثلاث) حيث لم يقل أحببت. وانما قال بعبده دون بنبيه لئلا يتوهم فيه نبوة والوهة كما توهموا فى عيسى(5/102)
ابن مريم عليهما السلام بانسلاخه عن الأكوان وعروجه بجسم الى الملأ الأعلى مناقضا للعادات البشرية وأطوارها. وادخل الباء للمناسبة بين العبودية التي هى الذلة والتواضع وبين الباء التي هى حرف الخفض والكسر فان كل ذليل منكسر وفيه اشارة الى شرف مقام العبودية حتى قال الامام فى تفسيره ان العبودية أفضل من الرسالة لان بالعبودية ينصرف من الخلق الى الحق فهى مقام الجمع وبالرسالة ينصرف من الحق الى الخلق فهى مقام الفرق والعبودية ان يكل أموره الى سيده فيكون هو المتكفل بإصلاح مهامه والرسالة التكفل بمهام الامة وشتان ما بينهما قال الشيخ الأكبر قدس سره ان معراجه عليه السلام اربع وثلاثون مرة واحدة بجسده والباقي بروحه رؤيا رآها اى قبل النبوة وبعدها وكان الاسراء الذي حصل له قبل ان يوحى اليه توطئة له وتيسيرا عليه كما كان بدأ نبوته الرؤيا الصادقة والذي يدل على انه عليه السلام عرج مرة بروحه وجسده معا قوله اسرى بعبده فان العبد اسم للروح والجسد جميعا وايضا ان البراق الذي هو من جنس الدواب انما يحمل الأجساد وايضا لو كان بالروح حال النوم او حال الفناء او الانسلاخ لما استبعده المنكرون إذ المتهيئون من جميع الملل يحصل لهم مثل ذلك ويتعارفونه بينهم قال الكاشفى [آنانكه درين قصه ثقل جسد را مانع دانند از صعود ارباب بدعت اند ومنكر قدرت]
آنكه سرشت تنش از جان بود ... سير وعروجش بتن آسان بود
وقد ذكروا ان جبريل عليه السلام أخذ طينة النبي صلّى الله عليه وسلم فعجنها بمياه الجنة وغسلها من كل كثافة وكدورة فكأن جسده الطاهر كان من العالم العلوي كروحه الشريف فان قلت ففيم اسرى به قلت قال صلّى الله عليه وسلم (اسرى بي فى قفص من لؤلؤ فراشه من ذهب) كما فى بحر العلوم لَيْلًا نصب على الظرف وهو تأكيد إذا الاسراء فى لسان العرب لا يكون الا ليلا حتى لا يتخيل انه كان نهارا ولا يظن انه حصل بروحه او لافادة تقليل مدة الاسراء فى جزء من الليل لما فى التنكير من الدلالة على البعضية من حيث الافراد فان قولك سرت ليلا كما يفيد بعضية زمان سيرك من الليالى يفيد بعضيته من فرد واحد منها بخلاف ما إذا قلت سرت الليل فانه يفيد استيعاب السير له جميعا فيكون معيارا للسير لا ظرفاله وهى ليلة سبع وعشرين من رجب ليلة الاثنين وعليه عمل الناس قالوا انه عليه السلام ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين واسرى به ليلة الاثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين ومات يوم الاثنين ولعل سره ان يوم الاثنين اشارة الى التعين الثاني الذي هو مبدأ الفياضية ونظيره الباء كما ان الباء من الحروف الهجائية
له التعين الثاني فكذا يوم الاثنين فكان الالف ويوم الأحد بمنزلة تعين الذات والباء ويوم الاثنين اى تعينهما بمنزلة تعين الصفات فافهم وفى وصف هذه الليلة: قال المولى الجامى قدس سره
ز قدر او مثالى ليلة القدر ... ز نور او براتى ليلة البدر
سواد طره اش خجلت ده حور ... بياض غره اش نور على نور
نسيمش جعد سنبل شانه كرده ... هوايش أشك شبنم دانه كرده(5/103)
بمسمار ثوابت چرخ سيار ... به بسته در جهان درهاى ادبار
طرب را چون سخن خندان از ولب ... كريزان روز محنت زو شباشب
فان قلت فلم جعل المعراج ليلا ولم يجعل نهارا حتى لا يكون إشكال وطعن قلت ليظهر تصديق من صدق وتكذيب من كذب. وايضا ان الليل محل الخلوة بالحبيب فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق والليل مظهر البطون والنهار مظهر الظهور والليل راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار وكان الاسراء قبل الهجرة بسنة: يعنى [در سال دوازدهم از مبعث بوده] مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أصح الروايات على ان الاسراء كان من بيت أم هانئ بنت ابى طالب وكان بيتها من الحرم والحرم كله مسجد. قالوا حدود الحرم من جهة المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال ومن طريق الطائف على سبعة أميال ومن طريق جدة على عشرة أميال والمواقيت الخمسة التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وعينها للاحرام فناء للحرام وهو فناء للمسجد الحرام وهو فناء للبيت شرفه الله تعالى فابيت اشارة الى الذات الالهية والمسجد الحرام الى الصفات والحرم الى الافعال وخارج المواقيت الى الآثار ومن قصد مكة سواء كان للزيارة او غيرها لا يحل له التجاوز من هذه الافنية غير محرم تعظيما لها وقس عليه دخول المساجد وحضور المشايخ اصحاب القلوب للصلاة والزيارة فانه لا بد من ادب الظاهر والباطن فى كل منهما- ذكروا- ان الحجر الأسود اخرج من الجنة وله ضوء فكل موضع بلغ ضوءه كان حرما وعن ابن عباس رضى الله عنهما لما اهبط آدم الى الأرض خر ساجدا معتذرا فارسل الله تعالى جبريل بعد أربعين سنة يعلمه بقبول توبته فشكا الى الله تعالى ما فاته من الطواف بالعرش فاهبط الله له البيت المعمور وكان ياقوتة حمراء فاضاء ما بين المشرق والمغرب فنفرت من ذلك النور الجن والشياطين وفزعوا وتفرقوا فى الجو ينظرونه فلما رأوه اى النور من جانب مكة اقبلوا يريدون الاقتراب اليه فارسل الله تعالى ملائكته فقاموا حوالى الحرم فى مكان الاعلام اليوم ومنعوهم فمن ثمة تسمى الحرم بالحرم إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى اى بيت المقدس وسمى بالأقصى اى الأبعد لانه لم يكن حينئذ ورآه مسجد فهو ابعد المساجد من مكة وكان بينهما اكثر من مسيرة شهر قال بعض العارفين أشار بالمسجد الحرام الى مقام القلب المحرم ان يطوف به مشركوا القوى البدنية الحيوانية وترتكب فيه فواحشها وخطاياها وتحجه غير القوى الحيوانية من الصفات البهيمية والسبعية. وأشار بالمسجد الأقصى الى مقام الروح الا بعد من العالم الجسماني لشهود تجليات الذات قال فى هدية المهديين معراج النبي عليه السلام الى المسجد الأقصى ثابت بالكتاب وهو فى اليقظة وبالجسد بإجماع القرن الثاني ثم الى السماء بالخبر المشهور ثم الى الجنة او العرش او الى طواف العالم بخبر الواحد انتهى قال الكاشفى [رفتن آن حضرت از مكه ببيت المقدس بنص قرآن ثابتست ومنكر آن كافر وعروج بر آسمانها ووصول بمرتبه قربت بأحاديث صححه مشهوره كه قريبست بحد تواتر ثابت كشت وهر كه انكار آن كند ضال ومبتدع باشد](5/104)
شاهد معراج نبى وافرست ... وآنكه مقر نيست بدين كافرست
دستكه سلطنت اين وصال ... نيست به پامزدى خيل خيال
عقل چهـ داند چهـ مقامست اين ... عشق شناست كه چهـ دامست اين
الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ [آن مسجدى كه بركت كرديم بر كرد او] ببركات الدين والدنيا لانه مهبط الوحى والملائكة ومتعبد الأنبياء من لدن موسى عليه السلام ومحفوف بالأنهار والأشجار المثمرة فدمشق والأردن فلسطين من المدائن التي حوله لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا غاية للاسراء واشارة الى ان الحكمة فى الاسراء به اراءة آيات مخصوصة بذاته تعالى التي ما شرف بإراءتها أحدا من الأولين والآخرين إلا سيد المرسلين وخاتم النبيين فانه تبارك وتعالى أرى خليله عليه السلام وهو أعز الخلق عليه بعد حبيبه الملكوت كما قال وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وأرى حبيبه آيات ربوبيته الكبرى كما قال لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ليكون من المحبين المحبوبين فمن تبعضية لان ما أراه الله تعالى فى تلك الليلة انما هو بعض آياته العظمى واضافة الآيات الى نفسه على سبيل التعظيم لها لان المضاف الى العظيم عظيم وسقط الاعتراض بان الله تعالى ارى ابراهيم ملكوت السموات والأرض وأرى نبينا عليه السلام بعض آياته فيلزم ان يكون معراج ابراهيم أفضل وحاصل الجواب انه يجوز ان يكون بعض الآيات المضافة الى الله تعالى أعظم واشرف من ملكوت السموات والأرض كلها كما قال تعالى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى قالوا فى التفاسير هى ذهابه فى بعض الليل مسيرة شهر ومشاهدة بيت المقدس وتمثل الأنبياء له ووقوفه على مقاماتهم العلية ونحوها قال فى اسئلة الحكم اما الآيات الكبرى. فمنها فى الآفاق ما ذكره عليه السلام من النجوم والسموات والمعارج العلى والرفرف الأدنى وصرير الأقلام وشهود الألواح وما غشى الله سدرة المنتهى من الأنوار وانتهاء الأرواح والعلوم والأعمال إليها ومقام قاب قوسين من آيات الآفاق ومنها آيات الأنفس كما قال سبحانه سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ وقوله أَوْ أَدْنى من آيات الأنفس وهو مقام المحبة والاختصاص بالهو فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
مقام المسامرة وهو الهوّ غيب الغيب وأيده ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى والفؤاد قلب القلب وللقلب رؤية وللفؤاد رؤية فرؤية القلب يدركها العمى كما قال تعالى وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ والفؤاد لا يعمى لانه لا يعرف الكون وما له تعلق الا بسيده فان العبد هنا عبد من جميع الوجوه منزه مطلق التنزيه فى عبوديته فما نقل عبده من مكان الى مكان الا ليريه من آياته التي غابت عنه كانه تعالى قال ما أسريت به الا لرؤية الآيات لا الىّ فانى لا يحدنى مكان ولا يقيدنى زمان ونسبة الامكنة والازمنة الى نسبة واحدة وانا الذي وسعني قلب عبدى فكيف اسرى به الىّ وانا عنده ومعه أينما كان نزولا وعروجا واستواء إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لا قواله صلى الله عليه وسلم بلا اذن كما يتكلم من غير آلة الكلام وهو اللسان ويعلم من غير اداة العلم وهو القلب الْبَصِيرُ بأفعاله بلا بصر حسبما يؤذن به القصر فيكرمه ويقربه بحسب ذلك وفيه ايماء الى ان الاسراء المذكور ليس الا لتكرمته ورفع منزلته والا فالاحاطة بأقواله وأفعاله حاصلة من غير حاجة(5/105)
الى التقريب وفى التأويلات وفى قوله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ اشارة الى ان النبي صلى الله عليه وسلم هو السميع الذي قال الله (كنت له سمعا فبى يسمع وبي يبصر) فتحقيقه لنريه من آياتنا المخصوصة بجمالنا وجلالنا انه هو السميع بسمعنا البصير ببصرنا فانه لا يسمع كلامنا الا بسمعنا ولا يبصر جمالنا الا ببصرنا
چودر مكتب بي نشانى رسيد ... چكويم كه آنجا چهـ ديد وشنيد
ورق در نوشتند وكم شد سبق ... شنيدن بحق بود وديدن بحق
(وتفصيل القصة) انه عليه السلام بات ليلة الاثنين ليلة السابع والعشرين من رجب كما سبق فى بيت أم هانى بنت ابى طالب واسمها على الأشهر فاختة أسلمت يوم الفتح وهرب زوجها جبيرة الى نجران ومات بها على كفره واضطجع عليه السلام هناك بعد ان صلى الركعتين اللتين كان يصليهما وقت العشاء ونام ففرج عن سقف بيتها ونزل جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام ومع كل واحد منهم سبعون الف ملك وأيقظه جبريل بجناحه كما قال المولى الجامى
در ين شب آن چراغ چشم بينش ... سزاى آفرين از آفرينش
چودولت شد ز بد خواهان نهانى ... سوى دولت سراى ام هانى
به پهلو تكيه بر مهد زمين كرد ... زمين را مهد جان نازنين كرد
دلش بيدار چشمش در شكر خواب ... نديده چشم بخت اين خواب در خواب
در آمد ناكهان ناموس اكبر ... سبك روتر ازين طاوس اخضر
برو ماليد پر كاى خواجه برخيز ... كه امشب خوابت آمد دولت انگيز
برون بر يكزمان زين خوابكه رخت ... تو بخت عالمى بيخواب به بخت
قال عليه السلام (فقمت الى جبريل فقلت أخي جبريل مالك فقال يا محمد ان ربى تعالى بعثني إليك أمرني ان آتيه بك فى هذه الليلة بكرامة لم يكرم بها أحد قبلك ولا يكرم بها أحد بعدك فانك تريد ان تكلم ربك وتنظر اليه وترى فى هذه الليلة من عجائب ربك وعظمته وقدرته) قال عليه السلام (فتوضأت وصليت ركعتين) وشق جبريل صدره الشريف من الموضع المنخفض بين الترقوتين الى أسفل بطنه اى أشار الى ذلك فانشق فلم يكن الشق بآلة ولم يسل دم ولم يجد له عليه السلام الما لانه من خرق العادة وظهور المعجزات فجاء بطست من ماء زمزم واستخرج قلبه عليه السلام فغسل ثلاث مرات ونزع ما كان فيه من أذى وفيه اشارة الى فضل زمزم على المياه كلها جنانية او غيرها ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ ايمانا وحكمة فافرغ فيه لان المعاني تمثل بالأجسام كالعلم بصورة اللبن ووضعت فيه السكنة ثم أعاد القلب الى مكانه والتأم صدره الشريف فكانوا يرون اثرا كأثر المخيط فى صدره وهو اثر مروريد جبريل ووقع له عليه السلام شق الصدر ثلاث مرات- والمرة الاولى- حين كان فى بنى سعد وهو ابن خمس سنين على ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما واخرج فى هذه المرة الفلقة السوداء من القلب التي هى حظ الشيطان ومحل غمزه اى محل ما يلقيه من الأمور التي لا تنبغى فلم يكن(5/106)
للشيطان فى قلب النبي عليه السلام حظ وكذا لم يكن لقلبه الطاهر ميل الى لعب الصبيان ونحوه وهو مما اختص به دون الأنبياء عليهم السلام إذ لم يكن لهم شرح الصدر على هذا الأسلوب وللورثة الكمل حظ من هذا المعنى فانه يخرج من بعضهم الدم الأسود بالقيء فى حال اليقظة ومن بعضهم حال الفناء والانسلاخ والاول أتم لانه يزول القلب بالكلية فينشط للعبادات كالعادات وجاء جبريل فى هذه المرة بخاتم من نور يحار الناظرون دونه فختم به قلبه عليه السلام لحفظ ما فيه وختم ايضا بين كتفيه بخاتم النبوة اى الذي هو علامة على النبوة وكان حوله خيلان فيها شعرات سود مائلة الى الحضرة وكان كالتفاحة او كبيض الحمامة او كزر الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة كالقطاة احمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر وزرها بيضتها قال الترمذي والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزرها الذي يدخل فى عروتها كما فى حياة الحيوان مكتوب عليه «لا اله الا الله محمد رسول الله» او «محمد نبى أمين» او غير ذلك والتوفيق بين الروايات بتنوع الحظوظ بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين قال الامام الدميري ان بعض الأولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق هيكل الإنسان فى صورة بلور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتحسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله تعالى فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب ولهذا السر الإلهي كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه اشارة الى عصمته من وسوسته لقوله (أعانني الله عليه فاسلم) اى بالختم الإلهي أيده به وخصه وشرفه وفضله بالعصمة الكلية فاسلم قرينه وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك- والمرة الثانية- عند مجيئ الوحى فى بلوغه سن أربعين ليحصل له التحمل لا عباء الرسالة- والمرة الثالثة- ليلة الاسراء وهو ابن ثنتين وخمسين ليتسع قلبه لحفظ الاسرار الالهية والكلمات الربانية وجاء جبريل هذه الليلة بدابة بيضاء ومن ثمة قيل لها البراق بضم الموحدة لشدة بريقها او لسرعتها فهى كالبرق الذي يلمع فى الغيم كما قال المولى الجامى قدس سره
پسيج راه عرشت كردم اينك ... يراقى برق سير آوردم اينك
جهنده بر زمين خوش بادپايى ... پرنده در هوا فرخ همايى
چوعقل كل سوى أفلاك كردى ... چوفكر هندسه كيتى نوردى
نه دست كس عنان او بسوده ... نه از پايى ركابش كشته سوده
وهى دابة فوق الحمار دون البغل قال صاحب المنتقى الحكمة فى كونه على هيئة بغل ولم يكن على هيئة فرس التنبيه على ان الركوب فى سلم وأمن لا فى خوف وحرب او لاظهار الآية فى الاسراع العجيب فى دابة لا يوصف شكلها بالاسراع فانه كان يضع خطوه عند أقصى طرفه ويؤخذ من هذا انه أخذ من الأرض الى السماء فى خطوة لان بصر من فى الأرض يقع على السماء(5/107)
والى السموات السبع فى سبع خطوات لان بصر من يكون فى السماء يقع على السماء التي فوقها وبه يرد على من استبعد من المتكلمين إحصار عرش بلقيس فى لحظة واحدة وقال فى ربيع الأبرار خد البراق كخد الإنسان وقوائمها كقوائم البعير وعرفها كعرف الفرس وعليها سرج من لؤلؤة بيضاء وركابان من زبرجد اخضر وعليها لجام من ياقوت احمر يتلألأ نورا قال فى انسان العيون لا ذكر ولا أنثى ومن لا يوصف بوصف المذكر والمؤنث فهو حقيقة ثالثة ويكون خارجا من قوله تعالى وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ كما خرجت الملائكة من ذلك فانهم ليسوا ذكورا ولا إناثا قال عليه السلام (فما رأيت دابة احسن منها وانى لمشتاق إليها من حسنها فقلت يا جبريل ما هذه الدابة فقال هذا البراق فاركب عليه حتى تمضى الى دعوة ربك فاخذ جبريل بلجامها وميكائيل بركابها واسرافيل من خلفها فقصدت الى ان اركبها فجمحت الدابة وأبت فوضع جبريل يده على وركها وقال لها أما تستحيين مما فعلت فو الله ما ركبك أحد أكرم على الله من محمد فرشحت عرقا من الحياء) قال ابن دحية لم يركب البراق أحد قبله عليه السلام ووافقه الامام النووي فقول جبريل ما ركبك لا ينافيه لان السالبة تصدق بنفي الموضوع فقالت يا جبريل لم استصعب منه الا ليضمن ان يشفع لى يوم القيامة لانه أكرم الخلائق على الله فضمن لها ذلك. قالوا الورد الأبيض خلق من عرق جبريل والأصفر من عرق البراق وعن انس رضى الله عنه رفعه (لما عرج بي الى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت الأصفر من نباتها فلما رجعت قطر عرقى على الأرض فنبت ورد احمر ألا من أراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الأحمر) قال ابو الفرج النهرواني هذا الخبر يسير من كثير مما أكرم الله تعالى به نبيه عليه السلام ودل على فضله ورفيع منزلته كما فى المقاصد الحسنة يقول الفقير هذا لا يستلزم ان لا يكون قبل هذا ورد احمر وابيض واصفر إذ ذلك من باب الكرامة ونظير ذلك ان حواء عليها السلام حين أهبطت الى الأرض بكت فما وقع من قطرات دموعها فى البحر صار لؤلؤا وهذا لا يستلزم ان لا يكون قبل هذا در فى البحر وقس عليه الملح فان ابراهيم عليه السلام اتى بكف من كافور الجنة فذراه فحيثما وقع ذرة منه فى أطراف العالم انقلب مملحة وكان قبل هذا ملح لكن لا بهذه المثابة قال عليه السلام (فركبتها)
از ان دولت سرا چون خواجه دين ... خرامان شد بعزم خانه زين
شد از سبوحيان كردون صداده ... كه سبحان الذي اسرى بعبده
واختلفوا هل ركبها جبريل معه قال صاحب المنتقى الظاهر عندى انه لم يركب لانه عليه السلام مخصوص بشرف الاسراء فانطلق البراق يهوى به يضع حافره حيث أدرك طرفه حتى بلغ أرضا فقال له جبريل انزل فصل هاهنا ففعل ثم ركب فقال له جبريل أتدري اين صليت قال (لا) قال صليت بمدين وهى قرية تلقاء غزة عند شجرة موسى سميت باسم مدين بن موسى لما نزلها فانطلق البراق يهوى به فقال له جبريل انزل فصل ففعل ثم ركب فقال له أتدري أين صليت قال (لا) قال صليت ببيت لحم وهى قرية تلقاء بيت المقدس حيث ولد عيسى عليه السلام وبينا هو صلى الله عليه وسلم على البراق إذ رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار(5/108)
كلما التفت رآه فقال له جبريل ألا أعلمك كلمات تقولهن إذا أنت قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه فقال عليه السلام (بلى) فقال جبريل قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ فى الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار الا طارقا يطرق بخير يا رحمن فقال عليه السلام (ذلك) فانكب لفيه وطفئت شعلته ورآى صلى الله عليه وسلم حال المجاهدين فى سبيل الله اى كشف له عن حالهم فى دار الجزاء بضرب مثال. فرأى قوما يزرعون ويحصدون من ساعته وكلما حصدوا عاد كما كان فقال (يا جبرائيل ما هذا) قال هؤلاء المجاهدون فى سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من خير فهو يخلفه والمراد تكرير الجزاء لهم ونادى مناد عن يمينه يا محمد أنظرني اسألك فلم يجبه فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا داعى اليهود أما انك لو أجبته لتهودت أمتك اى لتمسكوا بالتوراة والمراد غالب الامة ونادى مناد عن يساره كذلك فلم يجبه فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا داعى النصارى أما انك لو أجبته لتنصرت أمتك اى لتمسكوا بالإنجيل وكشف له عليه السلام عن حال الدنيا بضرب مثال فرأى امرأة حاسرة عن ذراعيها لان ذلك شأن المقتنص لغيره وعليها من كل زينة خلقها الله تعالى ومعلوم ان النوع الواحد من الزينة يجلب القلوب اليه فكيف بوجود سائر انواع الزينة: قال الحافظ
خوش عروسيست جهان از سر صورت ليكن ... هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد
: وقال
از ره مرو بعشوه دنيى كه اين عجوز ... مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود
فقالت يا محمد أنظرني اسألك فلم يلتفت إليها فقال (من هذه يا جبريل) فقال تلك الدنيا أما انك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ورأى صلى الله عليه وسلم على جانب الطريق عجوزا فقالت يا محمد أنظرني فلم يلتفت إليها فقال (من هذه يا جبريل) فقال انه لم يبق شىء من عمر الدنيا الا ما بقي من عمر تلك العجوز وفى كلام بعضهم قد يقال لها شابة وعجوز بمعنى يتعلق بذاتها وبمعنى يتعلق بغيرها. الاول وهوانها من أول وجود هذا النوع الإنساني الى ايام ابراهيم عليه السلام تسمى الدنيا شابة وفيما بعد ذلك الى بعثة نبينا عليه السلام كهلة ومن بعد ذلك الى يوم القيامة تسمى عجوزا وهذا بالنسبة الى القرن الإنساني والا فقد خلق آدم عليه السلام والدنيا عجوز ذهب شبابها ونضارتها كما ورد فى بعض الاخبار فان قلت الشباب ومقابله انما يكون فى الحيوان قلت الغرض من ذلك التمثيل وكشف له عليه السلام عن حال من يقبل الامانة مع عجزه عن حفظها بضرب مثال فاتى على رجل جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال (ما هذا يا جبريل) قال هذا الرجل من أمتك يكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ويريدان يتحمل عليها قيل «اتقوا الواوات» اى اتقوا مدلولات الكلمات التي أولها واو كالولاية والوزارة والوصاية والوكالة والوديعة وكشف له عن حال من ترك الصلاة المفروضة فى دار الجزاء فاتى على قوم ترضخ رؤسهم كلما رضخت عادت كما كانت فقال(5/109)
(يا جبريل من هؤلاء) قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤسهم عن الصلاة المكتوبة اى المفروضة عليهم وكشف له عن حال من يترك الزكاة الواجبة عليه فاتى على قوم على
إقبالهم رقاع وعلى ادبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع وهو اليابس من الشوك والزقوم ثمر شجر مر له زفرة قيل انه لا يعرف شجره فى الدنيا وانما هو شجر فى النار وهى المذكورة فى قوله تعالى إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ويأكلون رضف جهنم اى حجارتها المحماة التي تكون بها فقال (من هؤلاء يا جبريل) قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم المفروضة عليهم وكشف له عن حال الزناة بضرب مثل فاتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج فى قدور ولحم نيئ ايضا فى قدور خبيث فجعلوا يأكلون من ذلك النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب فقال (ما هذا يا جبريل) قال هذا الرجل من أمتك يكون عنده المرأة الحلال الطيب فيأتى امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتى رجلا خبيثا فتبيت عنده حتى تصبح «وكشف له عن حال من يقطع الطريق بضرب مثال فاتى عليه السلام على خشبة لا يمر بها ثوب ولا شىء إلا خرقته فقال (ما هذه يا جبريل) قال هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه وتلا وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وفيه اشارة الى الزناة المعنوية وقطاع الطريق عن اهل الطلب وهم الدجاجلة والائمة المضلة فى صورة السادة القادة الاجلة فانهم يفسدون أرحام الاستعدادات والاعتقادات بما يلقون فيها من نطف خلاف الحق ويصرفون المقلدين عن طريق التحقيق ويقطعون عليهم خير الطريق فاولئك يحشرون مع الزناة والقطاع وكشف له عن حال من يأكل الربا اى حالته التي يكون عليها فى دار الجزاء فرأى رجلا يسبح فى النهر من دم يلقم الحجارة فقال (من هذا) فقال آكل الربا وكشف له عن حال من يعظ ولا يتعظ فاتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت فقال (من هؤلاء يا جبريل) فقال هؤلاء خطباء الفتنة خطباء أمتك يقولون ما لا تفعلون.
از من بكوى عالم تفسير كوى را ... كر در عمل نكوشى تو نادان مفسرى
بار درخت علم ندانم بجز عمل ... با علم اگر عمل نكنى شاخ بي برى
وكشف له عن حال المغتابين للناس فمر على قوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقال (من هؤلاء يا جبريل) فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى اعراضهم وكشف له عن حال من يتكلم بالفحش بضرب مثال فأتى على حجر يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد ان يرجع من حيث يخرج فلا يستطيع فقال (ما هذا يا جبريل) فقال هذا الرجل من أمتك يتكلم الكلمة العظيمة ثم يندم عليها أفلا يستطيع ان يردها وكشف له عن حال من احوال الجنة فأتى على واد فوجده طيبا باردا ريحه ريح المسك وسمع صوتا فقال (يا جبريل ما هذا) قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتنى ما وعدتني وكشف له عن حال من احوال النار فأنى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا خبيثة فقال (ما هذا يا جبريل) قال صوت جهنم تقول يا رب ائتنى ما وعدتني: وفى المثنوى(5/110)
ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خود را هر يكى چون كهرباست «1»
معده نانرا مى كشد تا مستقر ... مى كشد مر آب را تف جگر
چشم جذاب بتان ز اين كويهاست ... مغز جويان از كلستان بويهاست
ومر عليه السلام على شخص متنحيا عن الطريق يقول هلم يا محمد قال جبريل سر يا محمد قال عليه السلام (من هذا) قال عدو الله إبليس أراد ان تميل اليه
آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست «2»
ومر عليه السلام على موسى وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الأحمر وهو يقول برفع صوته أكرمته وفضلته فقال (من هذا يا جبريل) قال هذا موسى بن عمران عليه السلام قال (ومن يعاتب) قال له يعاتب ربه فيك. والعتاب مخاطبة فيها إدلال والظاهر انه عليه السلام نزل عند قبره فصلى ركعتين ومر عليه السلام على شجرة تحتها شيخ وعياله فقال (من هذا يا جبريل) قال هذا أبوك ابراهيم عليه السلام فسلم عليه فرد عليه السلام فقال من هذا الذي معك يا جبريل قال هذا ابنك محمد صلى الله عليه وسلم قال مرحبا بالنبي العربي الأمي ودعاله بالبركة وكان قبر ابراهيم تحت تلك الشجرة فنزل عليه السلام وصلى هناك ركعتين ثم ركب وسار حتى اتى الوادي الذي فى بيت المقدس فاذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي وهى النمارق اى الوسائد فقيل يا رسول الله كيف وجدتها قال (مثل الحممة) اى الفحمة ومضى عليه السلام حتى انتهى الى ايليا من ارض الشام وهو بالكسر مدينة القدس واستقبله من الملائكة جم غفير لا يحصى عددهم فدخلها من الباب اليماني الذي فيه مثال الشمس والقمر ثم انتهى الى بيت المقدس وكان بباب المسجد حجر فادخل جبريل يده فيه فخرقه فكان كهيئة الحلقة وربط به البراق. وفى حديث ابى سفيان رضى الله عنه قبل إسلامه انه قال لقيصر يحط من قدره صلى الله عليه وسلم ألا أخبرك ايها الملك عنه خبرا تعلم منه انه يكذب فقال وما هو قال انه يزعم انه خرج من ارضنا ارض الحرم فجاء مسجدكم هذا ورجع إلينا فى ليلة واحدة فقال بطريق انا اعرف تلك الليلة فقال له قيصر ما أعلمك بها قال انى كنت لا أبيت ليلة حتى اغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير واحد وهو الباب الفلاني غلبنى فاستعنت عليه بعمالى ومن يحضرنى فلم يفد فقالوا ان البناء نزل عليه فاتركوه الى غد حتى يأتى بعض النجارين فيصلحه فتركته مفتوحا فلما أصبحت غدوت فاذا الحجر الذي من زاوية الباب مثقوب وإذا فيه اثر مربط الدابة ولم أجد بالباب ما يمنعه من الاغلاق فعلمت انه انما امتنع لاجل ما كنت أجده فى العلم القديم ان نبيا يصعد من بيت المقدس الى السماء وعند ذلك قلت لاصحابى ما حبس هذا الباب الليلة الا لهذا الأمر ولا يخفى ان عدم انغلاق الباب انما كان ليكون آية والا فجبريل لا يمنعه باب مغلق ولا غيره وكذا خرق المربط وربط البراق والا فالبراق لا يحتاج الى الربط كسائر الدواب الدنيوية فان الله تعالى قد سخره لحبيبه عليه السلام ولما استوى عليه السلام على الحجر المذكور قال جبريل يا محمد هل سألت ربك ان يريك الحور العين قال (نعم) قال جبريل فانطلق الى أولئك النسوة فسلم عليهن فسلم عليه السلام عليهن فرددن
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان حكايت سلطان عمود غزقوى ورفاقت او شب با دزدان
(2) در أوائل دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وميان فضيلت ومنافع دانش(5/111)
عليه السلام فقال من أنتن قلن خيرات حسان نساء قوم ابرار تقوا فلم يدرنوا وأقاموا فلم يظعنوا وخلدوا فلم يموتوا ثم دخل عليه السلام المسجد ونزلت الملائكة واحيى الله له آدم ومن دونه من الأنبياء من سمى الله ومن لم يسم حتى لم يشذ منهم أحد فرآهم فى صورة مثالية كهيئتهم الجسدانية الا عيسى وإدريس والخضر والياس فانه رآهم بأجسادهم الدنيوية لكونهم من زمرة الاحياء كما هو الظاهر فسلموا عليه وهنأوه بما أعطاه الله تعالى من الكرامة وقالوا الحمد لله الذي جعلك خاتم الأنبياء فنعم النبي أنت ونعم الأخ أنت وأمتك خير الأمم ثم قال جبريل تقدم يا محمد وصل بإخوانك من الأنبياء ركعتين فصلى بهم ركعتين وكان خلف ظهره ابراهيم وعن يمينه إسماعيل وعن يساره إسحاق عليهم السلام وكانوا سبعة صفوف ثلاثة صفوف من الأنبياء المرسلين واربعة من سائر الأنبياء قال فى انسان العيون والذي يظهر والله اعلم ان هذه الصلاة كانت من النفل المطلق ولا يضر وقوع الجماعة فيها انتهى وفى منية المفتى ايضا امامة النبي عليه السلام ليلة المعراج لارواح الأنبياء وكانت فى النافلة انتهى قال عليه السلام (لما وصلت الى بيت المقدس وصليت فيه ركعتين) اى اماما بالأنبياء والملائكة (أخذني العطش أشد ما أخذني فأتيت باناءين فى أحدهما لبن وفى الآخر خمر فاخذت الذي فيه اللبن وكان ذلك بتوفيق ربى فشربته الا قليلا منه وتركت الخمر فقال جبريل أصبت الفطرة يا محمد) لان فطرته هى الملائمة للعلم والحلم والحكمة (اما انك لو شربت الخمر لغوت أمتك كلها ولو شربت اللبن كله لما ضل أحد من أمتك بعدك فقلت يا جبريل اردد علىّ اللبن حتى اشربه كله فقال جبريل قضى الأمر ليقضى الله امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وان الله لسميع عليم) قال بعضهم انه لم يختلف أحد أنه عرج به صلى الله عليه وسلم من عند الهبة التي يقال لها قبة المعراج عن يقين الصخرة وقد جاء (صخرة بيت المقدس من صخور الجنة) وفيها اثر قدم النبي عليه السلام قال ابى بن كعب ما من ماء عذب الا وينبع من تحت صخرة بيت المقدس ثم يتفرق فى الأرض وهذه الصخرة من عجائب الله فانها صخرة شعثاء فى وسط المسجد الأقصى قد انقطعت من كل جهة لا يمسكها الا الذي يمسك السماء ان تقع على الأرض الا باذنه ومن تحتها المغارة التي انفصلت من كل جهة فهى معلقة بين السماء والأرض قال الامام ابو بكر بن العربي فى شرح الموطأ امتنعت لهيبتها ان ادخل من تحتها لانى كنت أخاف ان تسقط علىّ بالذنوب ثم بعد مدة دخلتها فرأيت العجب العجاب تمشى فى جوانبها من كل جهة فتراها منفصلة عن الأرض لا يتصل بها من الأرض شىء ولا بعض شىء وبعض الجهات أشد انفصالا من بعض قال بعضهم بيت المقدس اقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلا وباب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس اى ولهذا اسرى به عليه السلام من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ليحصل العروج مستويا من غير تعويج يقول الفقير رقاه الله القدير الى معرفة سر المعراج المنير لعل وجه الاسراء الى بيت المقدس هو التبرك بقدمه الشريفة لكون مدينة القدس ومسجدها متعبد كثير من الأنبياء ومدفنهم لا لانه يحصل العروج مستويا فان ذلك من باب قياس الغائب على الشاهد وتقدير الملكوت بالملك إذ الأرواح الطيبة وألطفها(5/112)
النبي عليه السلام بجسمه وروحه لا حائل لهم واعتبار الاستواء والتعويج من باب التكلف الذي لا يناسب حال المعراج وقد ثبت ان عيسى عليه السلام سينزل الى المنارة البيضاء الدمشقية ولم يعهد انها حيال باب السماء فالجواب العقلي لا يتمشى هاهنا قال فى ربيع الأبرار (ثم قال لى جبريل قم يا محمد فقمت فاذا بسلم من ذهب قوائمه من فضة مركب من اللؤلؤ والياقوت يتلألأ نوره وإذا أسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه فى السماء فقيل لى يا محمد اصعد فصعدت) وفى انسان العيون عرج الى السماء من الصخرة على المعراج لا على البراق. والمعراج بكسر الميم وفتحها الذي تعرج أرواح بنى آدم فيه وهو سلم له مرقاة من ذهب وهذا المعراج لم تر الخلائق احسن منه أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا
الى السماء اى بعد خروج روحه فان ذلك عجبه بالمعراج الذي نصب لروحه لتعرج عليه وذلك شامل للمؤمن والكافر الا ان المؤمن يفتح لروحه باب السماء دون الكافر فترد بعد عروجها تحسرا وندامة وتبكيتا له وذلك المعراج اتى به من جنة الفردوس وانه منضد باللؤلؤ اى جعل فيه اللؤلؤ بعضه على بعض عن يمينه ملائكة ويساره ملائكة فصعد صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل وفى كلام بعض المشايخ ان المراد بالمعراج صورة الجذب والانجذاب وتمثيل الصعود والا فالآلة لا تتمشى هناك إذ لا يقاس السير الملكوتي على السير الملكي والظاهر ان عالم الملكوت مشتمل على ما هو صورة ومعنى الصورة هناك تابعة للمعنى كحال صاحب السير والاسراء فانه لو لم يكن جسده تابعا لروحه لتعذر العروج فلصورته صورة ولمعناه معنى وكل منهما خلاف ما تتصوره الأوهام وهو اللائح بالبال والحمد الله الملك المتعال واعلم ان المعدن والنبات والحيوان مركبات تسمى بالمواليد الثلاثة آباؤها الا ثيريات اى الاجرام الاثيرية التي هى الافلاك بما فيها من الاجرام النيرة وأمهاتها العنصريات والعناصر اربعة الأرض والماء والهواء والنار فالارض ثقيل على الإطلاق والماء ثقيل بالاضافة الى الهواء والنار وهو ميحط بأكثر الأرض والهواء خفيف مضاف الى الثقلين يطلب العلو وهو محيط بكرة الأرض والماء والنار خفيف على اطلاق يحيط بكرة الهواء والنبي صلى الله عليه وسلم جاوز هذه العناصر ليلة المعراج بالحركة القسرية والحركة القسرية غير منكورة عندنا وعند المحيلين لهذا الاسراء الجسماني فانا نأخذ الحجر وطبعه النزول فنرمى به فى الهواء فصعوده فى الهواء بخلاف طبعه وبطبعه اما قولنا بخلاف طبعه فان طبعه يقتضى الحركة نحو المركز فصعوده فى الهواء عرضى بالحركة القسرية وهى الرمي به علوا واما قولنا وبطبعه فانه على طبيعة يقبل بها الحركة القسرية ولو لم يكن ذلك فى طبعه لما انفعل لها ولا قبلها وكذلك اختراقه عليه السلام الفلك الاثيرى وهو نار والجسم الإنساني مهيأ مستعد لقبول الاحتراق ثم ان المانع من الاحتراق امور يسلمها الخصم فتلك الأمور كانت الحجب التي خلقها الله سبحانه فى جسم المسرى به فلم يكن عنده استعداد الانفعال للحرق كبعض الأجسام المطلية بما يمنعها من الاحتراق بالنار او امر آخر وهو ان الطريق الذي اخترقه ليس النار فيه الا محمولة فى جسم لطيف ذلك الجسم هو المحرق بالنار فسلب عنه النار وحل به ضدها كنار ابراهيم عليه السلام قال عليه السلام (انتهيت الى بحر اخضر عظيم أعظم(5/113)
ما يكون من البحار فقلت يا جبرائيل ما هذا البحر فقال يا محمد هذا بحر فى الهواء لا شىء من فوقه يتعلق به ولا شىء من تحته يقر فيه ولا يدرى قعره وعظمته الا الله تعالى ولولا ان هذا البحر كان حائلا لاحترق ما فى الدنيا من حر الشمس) ثم قال (ثم انتهيت الى السماء الدنيا واسمها رفيع فأخذ جبريل بعضدي وضرب بابها به وقال افتح الباب) وانما استفتح لكون انسان معه ولو انفرد لما طلب الفتح ولكون مجيئه على خلاف ما كانوا يعرفونه قبل (قال الحارس من أنت قال جبريل قال ومن معك فانه رأى شخصا معه لم يعرفه قال محمد قال أو قد بعث محمد قال نعم) وذلك لجواز ان يعرف ولادته عليه السلام ويخفى عليه بعثته قال (الحمد لله فتح لنا الباب ودخلنا فلما نظر الىّ قال مرحبا بك يا محمد ولنعم المجيء مجيئك فقلت يا جبريل من هذا قال هذا إسماعيل خازن السماء الدنيا وهو ينتظر قدومك فاذن وسلم عليه فدنوت وسلمت فرد عليه السلام وهنأنى فلما صرت اليه قال ابشر يا محمد فان الخير كله فيك وفى أمتك فحمد الله على ذلك) وهذا الملك لم يهبط الى الأرض قط الا مع ملك الموت لما نزل لقبض روحه الشريفة (تحت يده سبعون الف ملك تحت يد كل ملك سبعون الف ملك قال وإذا جنوده قائمون صفوفا ولهم زجل بالتسبيح يقولون سبوحا سبوحا لرب الملائكة والروح قدوسا قدوسا لرب الأرباب سبحان العظيم الأعظم وكان قراءتهم سورة الملك فرأيت فيها كهيئة عثمان بن عفان فقلت بم بلغت الى هنا قال بصلاة الليل)
هر كنج سعادت كه خدا داد بحافظ ... از يمن دعاى شب وورد سحرى بود
قال
(ثم انتهيت الى آدم فاذا هو كهيئة يوم خلقه الله تعالى) اى على غاية من الحسن والجمال (وكان تسبيحه سبحان الجليل الاجل سبحان الواسع الغنى سبحان الله العظيم وبحمده فاذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة خرجت من جسد طيب اجعلوها فى عليين وتعرض عليه أرواح ذريته الكفار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة خرجت من جسد خبيث اجعلوها فى سجين) فان قلت أرواح الكفار لا تفتح لها أبواب السماء فكيف تعرض عليه وهو فى السماء. قلت المراد بعض أرواح ذريته الكفار يقع نظره عليها وهى دون السماء لانها شفافة فان قلت ما ذكر يقتضى ان يكون أرواح المؤمنين كلهم فى عليين فى السماء السابعة وقد ثبت ان أرواح العصاة محبوسة بين السماء والأرض قلت التحقيق ان مبدأ مراتب السعداء من السماء الدنيا على درجات متفاوتة الى عليين ومبدأ مراتب الأشقياء من مقعر سماء الدنيا الى منازل مختلفة الى سجين تحت السابعة وهو مسكن إبليس وذريته فمراتب أرواح الكفار انزل من مراتب أرواح عصاة المؤمنين تلتحق بعد التهذيب الى مقارها العلوية قال عليه السلام (فتقدمت اليه وسلمت عليه فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح) اى لقيت رحبا وسعة وكان مقره فلك القمر لمناسبته فى السرعة فان القمر يسير فى الشهر ما يسير الشمس فى السنة من المنازل فناسب فى سرعة حركاته حركات الذهنية وانتقالاته الباطنية وموجب هذه الرؤية الخاصة اى رؤيته عليه السلام لآدم فى السماء الدنيا دون غيره من الأنبياء عليهم السلام مناسبة صفاتية او فعلية او حالية فلا تنافى ان يشارك(5/114)
آدم فى هذه السماء غيره من بعض الأنبياء وقس عليها الرؤية فيما فوقها من السموات كما سيجئ قال فى تفسير المناسبات فى سورة النجم فاول ما رأى صلى الله عليه وسلم من الأنبياء عليهم السلام آدم عليه السلام الذي كان فى أمن الله وجواره فاخرجه إبليس عدوه منهما وهذه القصة تشبهها الحالة الاولى من احوال النبي عليه السلام حين أخرجه اعداؤه من حرم الله وجوار بيته فأشبهت قصته فى هذا قصة آدم مع ان آدم يعرض عليه ذريته البر والفاجر منهم فكان فى السماء الدنيا بحيث يرى الفريقين لان أرواح اهل الشقاء لا تلج فى السماء ولا تفتح لهم ابوابها انتهى قال عليه السلام (ورأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل) اى كشفاه الإبل (وفى أيديهم قطع من نار كالافهار) اى الحجارة (التي كل واحد منها ملئ الكف يقذفونها فى أفواههم تخرج من ادبارهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال أكلة اموال اليتامى ظلما) وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الأرض ولعل المراد بالرجال الاشخاص او خصوا بذلك لانهم اولياء للايتام غالبا (ثم رأيت رجالا لهم بطون أمثال البيوت فيها حيات ترى من خارج البطون بطريق آل فرعون يمرون عليهم كالابل المهيومة حين يعرضون على النار لا يقدرون ان يتحولوا من مكانهم ذلك) اى فتطأهم آل فرعون الموصوفون بما ذكر المقتضى لشدة وطئهم لهم والمهيومة التي أصابها الهيام وهوداء يأخذ الإبل فتهيم فى الأرض ولا ترعى او العطاش والهيام شدة العطش. وفى رواية (كلما نهض أحدهم خر) اى سقط (قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة الربا) وتقدمت رؤيته عليه السلام لهم فى الأرض لا بهذا الوصف بل ان الواحد منهم يسبح فى نهر من دم يلقم الحجارة ولا مانع من اجتماع الوصفين لهم اى فيخرجون من ذلك النهر ويلقون فى طريق من ذكر وهكذا عذابهم دائما (ثم رأيت اخونة عليها لحم طيب ليس عليها أحد واخرى عليها لحم منتن عليها ناس يأكلون قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يتركون الحلال ويأكلون الحرام) اى من الأموال أعم مما قبله وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم فى الأرض (ثم رأيت نساء متعلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي ادخلن على الرجال ما ليس من أولادهن اى بسبب زناهن) وفى رواية (انه عليه السلام رأى فى هذه السماء النيل والفرات) وذلك لان منبعهما من تحت سدرة المنتهى ويمران فى الجنة ويجاوزانها الى السماء الدنيا فينصبان الى الأرض من طرف العالم فيجريان. وفى زيادة الجامع الصغير (ان النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يسيح لوجدتم فيه من ورقها) قال صلى الله عليه وسلم (ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد
بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا با بنى الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم السلام) اى شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما (ومعهما نفر من قومهما فرحبابى ودعوا لى بخير) وكونهما ابن الخالة اى ان أم كل خالة الآخر هو المشهور والتفصيل فى آل عمران قال فى تفسير المناسبات ثم رأى فى الثانية عيسى ويحيى وهما الممتحنان باليهود اما عيسى فكذبته اليهود وآذته وهموا بقتله فرفعه الله واما يحيى فقتلوه: قال فى المثنوى(5/115)
چون سفيهانر است اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الأنبياء
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله الى المدينة صار الى حالة ثانية من الامتحان وكانت محنته فيها باليهود وآذوه وظاهروا عليه وهموا بإلقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجاه الله كما نجى عيسى منهم ثم سموه فى الشاة فلم تزل تلك الاكلة تعاده حتى قطعت أبهره كما قال عند الموت وهكذا فعلوا بابني الخالة عيسى ويحيى. قوله تعاده يقال عادته اللسعة إذا أتته لعداد بالكسر اى لوقت وفى الحديث (ما زالت أكلة خيبر تعادنى فهذا أوان قطعت أبهري) وهو عرق فى الظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه وذلك ان يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة فاكل منها وأكل القوم فقال عليه السلام (ارفعوا ايديكم فانها أخبرتني انها مسمومة) فمات بشر بن البراء منه فجيئ بها الى رسول الله فسألها عن ذلك فقالت أردت ان أقتلك فقال عليه السلام (ما كان الله ليسلط على ذلك) اى على قتلى قال الشيخ افتاده قدس سره وانما لم يؤثر السم فيه عليه السلام الى الاحتضار لان إرشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان من مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه الى الاحتضار فلما احتضر تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه (ثم عرج بنا الى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بيوسف عليه السلام ومعه نفر من قومه وإذا هو اعطى شطر الحسن) اى نصف الحسن الذي أعطيه الناس غير نبينا عليه السلام وفى كلام بعضهم اعطى شطر الحسن الذي أوتيه نبينا عليه السلام وكان نبينا عليه السلام أملح وان كان يوسف ابيض: قال المولى الجامى
دبير صنع نوشت است كرد عارض تو ... بمشك ناب كه الحسن والملاحة لك
وذلك ان الحسن والملاحة من عالم الصفات ولم يحصل لغيره عليه السلام ما حصل له من تجليات الصفات على الكمال صورة ومعنى إذ هو أفضل من الكل فالتجلى له أكمل وهو اللائح بالبال قال عليه السلام (فرحب بي ودعالى بخير قال فى تفسير المناسبات اما لقاؤه ليوسف عليه السلام فى السماء فانه يوذن بحالة ثالثة تشبه حالة يوسف عليه السلام وذلك ان يوسف ظفر بإخوته بعد ما أخرجوه من بين ظهرانيهم فصفح عنهم وقال (لا تثريب عليكم اليوم) الآية وكذلك نبينا عليه السلام اسر يوم بدر جملة من أقاربه الذين أخرجوه فيهم عمه العباس وابن عمه عقيل فمنهم من أطلقه ومنهم من فداه ثم ظهر عليهم بعد ذلك عام الفتح فجمعهم فقال لهم (أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم) (ثم عرج بنا الى السماء الرابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال قد بعث اليه ففتح لنا فاذا انا بإدريس عليه السلام فرحب بي ودعالى بخير) قال الله تعالى فى حقه وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا اى السماء الرابعة حال حياته على أحد الوجوه وكونه فى الجنة كما فى بعض الروايات لا ينافى وجوده فى السماء المذكورة تلك الليلة. قيل رفع الى السماء من مصر بعد ان خرج منها ودار الأرض كلها وعاد إليها ودعا الخلائق الى الله تعالى باثنتين وسبعين لغة خاطب كل قوم بلغتهم(5/116)
وعلمهم العلوم وهو أول من استخرج علم النجوم اى علم الحوادث التي تكون فى الأرض باقتران الكواكب وهو علم صحيح لا يخطئ فى نفسه وانما الناظر فى ذلك هو الذي يخطئ لعدم استيفائه النظر قال فى المناسبات ثم لقاؤه لادريس عليه السلام فى السماء الرابعة وهو المكان الذي سماه الله مكانا عليا وإدريس أول من آتاه الله الخط
بالقلم فكان ذلك موذنا بحالة رابعة وهو شأنه صلى الله عليه وسلم حتى أخاف الملوك وكتب إليهم يدعوهم الى طاعته حتى قال ابو سفيان وهو عند ملك الروم حين جاء كتاب النبي عليه السلام ورأى ما رأى من خوف هر قل لقد امر امر ابن أبى كبشه حين أصبح يخافه ملك ابن ابى الأصفر وكتب بالقلم الى جميع ملوك الأرض فمنهم من اتبعه على دينه كالنجاشى وملك عمان ومنهم من هادن واهدى اليه وأتحفه المقوقس ومنهم من تعصى عليه فاظفره الله به وهذا مقام علىّ وخط بالقلم على نحو ما اوتى إدريس عليه السلام (ثم عرج بنا الى السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بهارون عليه السلام ونصف لحيته بيضاء ونصف لحيته سوداء تكاد تضرب الى سرته من طولها وحوله قوم من بنى إسرائيل وهو يقص عليهم فرحب بي ودعالى بخير) وكان هارون محببا فى قومه لانه كان ألين إليهم من موسى لان موسى كان فيه بعض الشدة عليهم ومن ثمة كان له منهم بعض الأذى قال فى المناسبات لقاؤه عليه السلام فى السماء الخامسة لهارون المحب فى قومه يوذن بحب قريش وجميع العرب له بعد بغضهم فيه قال وهب بن منبه وجدت فى أحد وسبعين كتابا ان الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا الى انقضائها من العقل فى جنب عقله صلى الله عليه وسلم الا كحبة بين رمال الدنيا. ومما يتفرع على العقل اقناء الفضائل واجتناب الرذائل وإصابة الرأى وجودة الفطنة وحسن السياسة والتدبير وقد بلغ من ذلك صلى الله عليه وسلم الغاية التي لم يبلغها بشر سواه ومما لا يكاد يقضى منه العجب حسن تدبيره صلى الله عليه وسلم للعرب الذين هم كالوحوش الشاردة كيف ساسهم واحتمل جفاءهم وصبر على اذاهم الى ان انقادوا اليه واجتمعوا عليه واختاروه على أنفسهم وقاتلوا دونه أهلهم وآباءهم وأبناءهم وهجروا فى رضاه أوطانهم (ثم عرج بنا الى السماء السادسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بموسى عليه السلام فرحب بي ودعالى بخير) وكان موسى رجلا آدم طوالا كثير الشعر مع صلابته لو كان عليه قميصان لنفذ الشعر منهما وكان إذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته لشدة غضبه ولشدة غضبه لما فر الحجر بثوبه صار يضربه حتى ضربه ست ضربات او سبعا مع انه لا ادراك له ووجه بانه لما فر صار كالدابة والدابة إذا جمحت فصاحبها يؤدبها بالضرب يقول الفقير انما فر الحجر لان للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى وربما يظهر اثرها فى الظاهر فتصير فى حكم الاحياء من ذوى الروح واليه الاشارة بهذه الأبيات المثنوية
باد را بي چشم اگر بينش نداد ... فرق چون مى كرد اندر قوم عاد «1»
كر نبودى نيل را آن نور ديد ... از چهـ قبطى را ز سبطى مى كزيد
__________
(1) در اواخر چهارم در بيان آنكه هر؟؟؟ مدرك را ز آدمي نيز مدركاتى ديگر است إلخ(5/117)
كر نه كوه وسنك با ديدار شد ... پس چرا داود را او يار شد
اين زمين را كر نبودى چشم وجان ... از چهـ قارون را فرا خوردى چنان
قال عليه السلام (فلما جاوزت اى عن موسى بكى فقيل له ما يبكيك قال ابكى لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته اكثر ممن يدخل من أمتي) اى بل ومن سائر الأمم لان اهل الجنة من الأمم مائة وعشرون صفا هذه الامة منها ثمانون صفا وسائر الأمم أربعون قال ابن الملك انما بكى موسى إشفاقا على أمته حيث قصر عددها عن عدد امة محمد لا حسدا عليه لانه لا يليق به واما قوله ان غلاما بعث بعدي فلم يكن على سبيل التحقير بل على معنى تعظيم المنة لله تعالى لان محمدا مع كونه غير طويل العمر فى عبادة ربه خصه بهذه الفضيلة يقول الفقير بكاء موسى عليه السلام هو المناسب لمقامه لانه كان له غيرة غالبة ولذا لما مر عليه السلام عليه وهو يصلى فى قبره عند الكثيب الأحمر سمع منه وهو يقول برفع صوته أكرمته فضلته يخاطب ربه ويعاتبه إدلالا وهو لا يستلزم الحسد والتحقير لان كمل افراد الامة مطهرون عن مثل هذا فكيف الأنبياء خصوصا أولوا العزم منهم ومن البين ان اهل الجنة يرضون بما أوتوا من الدرجات على حسب استعداداتهم فلا يتمنى بعضهم مقام بعض لكونه خارجا عن الحكمة فكذا الأنبياء والأولياء فى مقاماتهم المعنوية والا لما استراحوا وهو مخل برتبتهم قال فى المناسبات ولقاؤه فى السماء السادسة لموسى عليه السلام يوذن بحالة تشبه حالة موسى عليه السلام حين امر بغزوة الشام وظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وادخل بنى إسرائيل البلد الذي خرجوا منه بعد إهلاك عدوهم وكذلك غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك من ارض الشام وظهر على صاحب دومة الجندل حتى صالحه على الجزية بعد ان اتى به أسيرا وافتتح مكة ودخل أصحابه البلد الذي خرجوا منه (ثم عرج بنا الى السماء السابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد بعث اليه قال نعم ففتح لنا فاذا انا بإبراهيم عليه السلام قال هذا أبوك ابراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح) قال الامام التور بشتى امر النبي عليه السلام بالتسليم على الأنبياء وان كان أفضل لانه كان عابرا عليهم وكان فى حكم القائم وهم فى حكم القعود والقائم يسلم على القاعد والمرئي كان أرواح الأنبياء مشكلة بصورهم التي كانوا عليها الا عيسى فانه مرئى بشخصه قال عليه السلام (وإذا ابراهيم رجل اشمط جالس عند باب الجنة) اى فى جهتها والا فالجنة فوق السماء السابعة (على كرسى مسندا ظهره الى البيت المعمور) وهو من عقيق محاذ للكعبة بحيث لو سقط سقط عليها (يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون كالانفاس الانسانية يدخلون من الباب الواحد ويخرجون من الباب الآخر) فالدخول من باب مطالع الكواكب والخروج من باب مغاربها قال عليه السلام (وإذا انا بامتى شطرين شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمدة فدخلت البيت المعمور ودخل معى الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب الرمدة فصليت انا ومن معى فى البيت المعمور) اى ركعتين والظاهر انه ليس المراد بالشطر النصف(5/118)
حتى يكون العصاة من أمته بقدر الطائعين منهم يقول الفقير المراد بالشطرين الفرقتان والفرقة التي عليهم ثياب بيض طائفة بالنسبة الى الذين عليهم ثياب رمدة لان الحكمة الالهية اقتضت كون اهل العصيان والنفس اكثر من اهل الطاعة والتزكية إذ المقصود ظهور الإنسان الكامل وهو حاصل مع ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم فيكون اهل الطاعة كالشطر بالنسبة الى اهل العصيان نسأل الله تعالى ان يدخلنا بيت القلب مع الداخلين ويزيل أوساخ وجوداتنا بحرمة النبي الامين قال السهيلي قد ثبت فى الصحيح ان أطفال المؤمنين والكافرين فى كفالة سيدنا ابراهيم عليه السلام وان رسول الله قال لجبريل حين رآهم مع ابراهيم (من هؤلاء يا جبرائيل قال هؤلاء أولاد المؤمنين الذين يموتون صغارا) قال له (وأولاد الكافرين) قال وأولاد الكافرين وقد روى فى أطفال الكافرين ايضا (انهم خدم لاهل الجنة) وجاء ان ابراهيم عليه السلام قال لرسول الله «اقرئ أمتك منى السلام وأخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر
» كما قال المولى الجامى
ياد كن آنكه در شب اسرا ... با حبيب خدا خليل خدا
كفت كو وى از من اى رسول كرام ... امت خويش را ز بعد سلام
كه بود پاك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت
خاك او پاك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده
غرس اشجار آن بسعى جميل ... بسمله حمد له است پس تهليل
هست تكبير نيز از آن أشجار ... خوش كسى كش جزين نيايد كار
باغ جنات تحتها الأنهار ... سبز وخرم شود از ان أشجار
قال عليه السلام (واستقبلتني جارية لعساء وقد أعجبتني فقلت لها يا جارية أنت لمن قالت لزيد بن حارثة) واللعس لون الشفة إذا كان تضرب الى السواد قليلا وذلك مستملح يقول الفقير زيد هذا هو الذي تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت زينب تحت نكاحه فطلقها ليتزوجها رسول الله فلما آثر النبي عليه السلام بها أبدل الله مكانها زوجا له من الحور مليحة جدا وجازاه بها فان لكل فناء وترك مشروع اثرا معنويا فما انتقص شىء فى الظاهر الا وقد انتقل فى الباطن والآخرة باطن بالنسبة الى الدنيا فمن ترك حظه فيها وجده فى الآخرة أعلى منه وأوفر. ورأى عليه السلام فى السماء السابعة فوجا من الملائكة نصف أبدانهم من النار ونصفها من الثلج فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار وهم يقولون اللهم كما الفت بين النار والثلج فالف بين قلوب عبادك المؤمنين حمله بعض الأكابر على معنى ان نصف اجزائه ثلج ونصف اجزائه نار فامتزجا وحصل بينهما مزاج واحد والظاهر ان الاول ادل على القدرة فان اجتماع الاضداد بالمعنى الذي ذكره موجود فى اكثر المركبات قال فى المناسبات ثم لقاؤه فى السماء السابعة ابراهيم عليه السلام لحكمتين إحداهما انه رآه عند البيت المعمور مسندا ظهره اليه والبيت المعمور حيال الكعبة(5/119)
أي بإزائها ومقابلتها واليه تحج الملائكة كما ان ابراهيم هو الذي بنى الكعبة واذن فى الناس بالحج والحكمة الثانية ان آخر احوال النبي عليه السلام حجه الى البيت الحرام وحج معه ذلك العام نحو من سبعين الفا من المسلمين ورؤية ابراهيم عند اهل التأويل توذن بالحج لانه الداعي اليه والرافع لقواعد الكعبة المحجوجة قال صلى الله عليه وسلم (ثم ذهب بي) اى جبريل (الى سدرة المنتهى) وهى شجرة فوق السماء السابعة فى أقصى الجنة إليها ينتهى الملائكة باعمال اهل الأرض من السعداء وإليها تنزل الاحكام العرشية والأنوار الرحمانية (وإذا أوراقها كآذان الفيلة) جمع الفيل اى فى الشكل وهو الاستدارة لا فى السعة إذا الواحدة منها تظل الخلق كما فى بعض الروايات (وثمرها كالقلال) جمع قلة وهى الجرة العظيمة وهذه الشجرة هى الحد البرزخى بين الدارين فاغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار ولا فنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيعات عجيبة الالحان تطرب لها الأرواح وتظهر عليها الأحوال وأم فيها رسول الله ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء ويخرج من اصل تلك الشجرة اربعة انهار تهران باطنان اى يبطنان ويبغيان فى الجنة بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة وهما الكوثر ونهر الرحمة ونهران ظاهران اى يستمران ظاهرين بعد خروجهما من اصل تلك الشجرة فيجاوزان الجنة وهما النيل نهر مصر والفرات نهر الكوفة قال بعضهم لولا دخول بحر النيل فى الملح الذي يقال له البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته ومر الفرات فى بعض السنين فوجد فيه رمان مثل البعير فيقال انه رمان الجنة يقول الفقير لعله من البساتين التي يقال لها جنان الأرض إذ سقوط الثمار من أماكنها من الفساد غالبا وليس لثمار الجنة ذلك اللهم الا ان يقال وجود ذلك الرمان فى الفرات على تقدير ان يكون من رمان الجنة انما هو ليكون آية لذوى الاستبصار ودخل عليه السلام الجنة فاذا فيها جنابذ اى قباب الدرّ وإذا ترا بها المسك ورمانها كالدلاء وطيرها كالبخت وانتهى الى الكوثر فاذا فيه آنية الذهب والفضة فشرب منه فاذا هو احلى من العسل وأشد رائحة من المسك وفى الحديث (ما فى الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة الا وهى فى الجنة حتى الحنظل والذي نفس محمد بيده لا يقطف رجل ثمرة من الجنة فتصل الى فيه حتى يبدل الله مكانها خيرا منها) وهذا القسم يرشد الى ان ثمرة الجنة كلها حلوة تؤكل وانها تكون على صورة ثمرة الدنيا المرة وغشى السدرة ما غشى من نور الحضرة الالهية فصار لها من الحسن غير تلك الحالة التي كانت عليها فما أحد من خلق يستطيع ان ينعتها من حسنها لان رؤية الحسن تدهش الرائي ورأى عليه السلام جبرائيل
عند تلك السدرة على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق اى ما بين المشرق والمغرب يتاثر من أجنحته الدر والياقوت- ويروى- ان جبريل لما وصل الى السدرة التي هى مقامه تأخر فلم يتجاوز فقال عليه السلام (أفي مثل هذا المقام يترك الخليل خليله) فقال لو تجاوزت لاحرقت بالنور. وفى رواية لو دنوت انملة لاحرقت: قال الشيخ سعدى قدس سره(5/120)
چنان كرم در تيه قربت براند ... كه در سدره جبريل از وباز ماند
بدو كفت سالار بيت الحرام ... كه اى حامل وحي برتر خرام
چودر دوستى مخلصم يافتى ... عنانم ز صحبت چرا تافتى
بگفتا فرا تر مجالم نماند ... بماندم كه نيروى بالم نماند
اگر يك سر موى برتر پرم ... فروغ تجلى بسوزد پرم
فقال عليه السلام (يا جبريل هل لك من حاجة الى ربك قال يا محمد سل الله لى ان ابسط جناحى على الصراط لامتك حتى يجوزوا عليه) قال عليه السلام (ثم زج بي فى النور فخرق بي سبعون الف حجاب ليس فيها حجاب يشبه حجابا غلظ كل حجاب خمسمائة عام وانقطع عنى حس كل ملك فلحقنى عند ذلك استيحاش فعند ذلك نادى مناد بلغة ابى بكر قف فان ربك يصلى) اى يقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى وجاء نداء من العلى الأعلى (ادن يا خير البرية ادن يا احمد ادن يا محمد فادنانى ربى حتى كنت كما قال ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى) - وروى- انه عليه السلام عرج من السماء السابعة الى السدرة على جناح جبريل ثم منها على الرفرف وهو بساط عظيم قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني هو نظير المحفة عندنا ونادى جبريل من خلفه يا محمد ان الله يثنى عليك فاسمع وأطع ولا يهولنك كلامه فبدأ عليه السلام بالثناء وهو قوله (التحيات لله والصلوات والطيبات) اى العبادات القولية والبدنية والمالية فقال تعالى (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فعمم عليه السلام سلام الحق فقال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فقال جبريل (اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله) وتابعه جميع الملائكة قال بعض الكبار اخترق الافلاك من غير ان تسكن عن تحريكها كاختراق الماء والهواء الى ان وصل سدرة المنتهى فقعد على الرفرف فاخترق عوالم الأنوار الى ان جاز موضع القدمين الى العرش اى المستوي المفهوم من قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى كل ذلك بجسمه فعاين محل الاستواء فلما فارق عالم التركيب والتدبير لم يبق له أنيس من جنسه فاستوحش من حيث مركبه فنودى بصوت ابى بكر (قف يا محمد ان ربك يصلى) فسكن وتلا عليه عند ذلك هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ هذا لسان الأحباب وخطاب الأخلاء والاصحاب وهذا أول الأبواب المعنوية من هنا تقع فى بحر الإشارات والمعاني وهو الاسراء البسيط فتقع المشاهدة بالبصر لا بالجارحة لا عيان الأرواح المهيمة التي لا مدخل لها فى عالم الأجسام فترك الرفرف ومشاهدة الجسم وانسلخ من الرسم والاسم وسافر برفرف همته فحطت العين بساحل بحر العمى حيث لا حيث ولا اين فادركت ما أدركت من خلف حجاب العزة الاحمى الذي لا يرتفع ابدا ثم عادت بلا مسافة الى شهود عينها ثم الى تركيب كونها المتروك بالمستوى مع الرفرف فقوله ثُمَّ دَنا اشارة الى العروج والوصول وقوله فَتَدَلَّى الى النزول والرجوع وقوله فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ بمنزلة النتيجة اشارة الى الوصول الى مرتبة الذات الواحدية اى عالم الصفات المشار اليه بقوله تعالى اللَّهُ الصَّمَدُ وقوله تعالى أَوْ أَدْنى اشارة الى مرتبة الذات الاحدية اى عالم الذات المشار اليه بقوله تعالى اللَّهُ أَحَدٌ وكان المعراج فى صورة الصعود والهبوط لانه(5/121)