رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5607/ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ/ 4/ مكية
/ الفلق/ 113 5608/ وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ/ 5/ مكية/ الفلق/ 113 5609/ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ/ 3/ مكية/ الفلق/ 113 5610/ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ/ 14/ مكية/ المعارج/ 70 5611/ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً/ 12/ مكية/ الأحقاف/ 46 5612/ وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ/ 159/ مكية/ الأعراف/ 7 5613/ وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا/ 72/ مكية/ الإسراء/ 17 5614/ وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ/ 23/ مكية/ لقمان/ 31 5615/ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
/ 49/ مكية/ الذاريات/ 51 5616/ وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ/ 32/ مكية/ الأحقاف/ 46 5617/ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً/ 13/ مدنية/ الفتح/ 48 5618/ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ/ 25/ مدنية/ النساء/ 4 5619/ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ/ 68/ مكية/ يس/ 36 5620/ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى / 75/ مكية/ طه/ 20 5621/ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ/ 85/ مدنية/ آل عمران/ 3 5622/ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ/ 56/ مدنية/ المائدة/ 5 5623/ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ/ 117/ مكية/ المؤمنون/ 23 5624/ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ/ 130/ مدنية/ البقرة/ 2 5625/ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى / 22/ مكية/ لقمان/ 31 5626/ وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى / 115/ مدنية/ النساء/ 4 5627/ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ/ 44/ مكية/ الشورى/ 42 5628/ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ/ 69/ مدنية/ النساء/ 4 5629/ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ/ 52/ مدنية/ النور/ 24 5630/ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً/ 36/ مكية/ الزخرف/ 23 5631/ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً/ 14/ مدنية/ النساء/ 4 5632/ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً
/ 110/ مدنية/ النساء/ 4 5633/ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ/ 8/ مدنية/ الزلزلة/ 99 5634/ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ/ 124/ مدنية/ النساء/ 4(3/400)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5635/ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً/ 112/ مكية/ طه/ 20 5636/ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً/ 30/ مدنية/ النساء/ 4 5637/ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها/ 93/ مدنية/ النساء/ 4 5638/ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ/ 29/ مكية/ الأنبياء/ 21 5639/ وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها/ 31/ مدنية/ الأحزاب/ 33 5640/ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ
/ 111/ مدنية/ النساء/ 4 5641/ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً
/ 112/ مدنية/ النساء/ 4 5642/ وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً/ 100/ مدنية/ النساء/ 4 5643/ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ/ 37/ مكية/ الزمر/ 39 5644/ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ/ 97/ مكية/ الإسراء/ 17 5645/ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ/ 16/ مدنية/ الأنفال/ 8 5646/ وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى / 20/ مكية/ النجم/ 53 5647/ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ/ 61/ مدنية/ التوبة/ 9 5648/ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ/ 78/ مدنية/ البقرة/ 2 5649/ وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ/ 75/ مدنية/ التوبة/ 9 5650/ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ/ 40/ مدنية/ يونس/ 10 5651/ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ/ 16/ مدنية/ محمد/ 47 5652/ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً/ 25/ مكية/ الأنعام/ 6 5653/ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ/ 42/ مكية/ يونس/ 10 5654/ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي/ 49/ مدنية/ التوبة/ 9 5655/ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً/ 201/ مدنية/ البقرة/ 2 5656/ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ/ 58/ مدنية/ التوبة/ 2 5657/ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ/ 43/ مكية/ يونس/ 10 5658/ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً/ 14/ مكية/ المدثر/ 74 5659/ وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ/ 48/ مكية/ الأعراف/ 7 5660/ وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ/ 44/ مكية/ الأعراف/ 7 5661/ وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ/ 50/ مكية/ الأعراف/ 7 5662/ وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ/ 51/ مكية/ الزخرف/ 43 (- 26- الموسوعة القرآنية- ج 3)(3/401)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5663/ وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي/ 45/ مكية/ هود/ 11 5664/ وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ/ 77/ مكية/ الزخرف/ 43 5665/ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ/ 104/ مكية/ الصافات/ 37 5666/ وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا/ 52/ مكية/ مريم/ 19 5667/ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ/ 28/ مكية
/ القمر/ 54 5668/ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ/ 51/ مكية/ الحجر/ 15 5669/ وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ/ 86/ مكية/ يونس/ 10 5670/ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ/ 18/ مكية/ فصلت/ 41 5671/ وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ/ 76/ مكية/ الصافات/ 37 5672/ وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ/ 71/ مكية/ الأنبياء/ 21 5673/ وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ/ 115/ مكية/ الصافات/ 37 5674/ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ/ 85/ مكية/ الواقعة/ 56 5675/ وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً/ 34/ مكية/ طه/ 20 5676/ وَنَراهُ قَرِيباً/ 7/ مكية/ المعارج/ 70 5677/ وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً/ 80/ مكية/ مريم/ 19 5678/ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ/ 5/ مكية/ القصص/ 28 5679/ وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً/ 9/ مكية/ ق/ 50 5680/ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ/ 108/ مكية/ الأعراف/ 7 5681/ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ/ 33/ مكية/ الشعراء/ 26 5682/ وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ/ 47/ مكية/ الحجر/ 15 5683/ وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ/ 43/ مكية/ الأعراف/ 7 5684/ وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً/ 75/ مكية/ القصص/ 28 5685/ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً/ 86/ مكية/ مريم/ 19 5686/ وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا/ 77/ مكية/ الأنبياء/ 21 5687/ وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ/ 116/ مكية/ الصافات/ 37 5688/ وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ/ 47/ مكية/ الأنبياء/ 21 5689/ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ/ 27/ مكية/ الدخان/ 44 5690/ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ/ 20/ مكية/ ق/ 50(3/402)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5691/ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ/ 51/ مكية/ يس/ 36 5692/ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ/ 68/ مكية/ الزمر/ 39 5693/ وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها/ 7/ مكية/ الشمس/ 91 5694/ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ/ 110/ مكية/ الأنعام/ 6 5695/ وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ/ 15/ مكية/ الغاشية/ 88 5696/ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ/ 6/ مكية/ القصص/ 28 5697/ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ/ 82/ مكية/ الإسراء/ 17 5698/ وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ/ 76/ مكية/ الأنبياء/ 21 5699/ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى / 8/ مكية/ الأعلى/ 87 5700/ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ/ 3/ مكية/ التين/ 95 5701/ وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ/ 50/ مكية/ الأنبياء/ 21 5702/ وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً/ 126/ مكية/ الأنعام/ 6 5703/ وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا/ 155/ مكية/ الأنعام/ 6 5704/ وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ/ 92/ مدنية/ الأنعام/ 6 5705/ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ/ 24/ مكية/ الحج/ 22 5706/ وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ/ 10/ مكية/ البلد/ 90 5707/ وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ/ 118/ مكية/ الصافات/ 37 5708/ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ/ 25/ مكية/ مريم/ 19 5709/ وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى / 9/ مكية/ طه/ 20 5710/ وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ/ 21/ مكية/ ص/ 38 5711/ وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ/ 7/ مكية/ البروج/ 85 5712/ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً/ 37/ مكية/ فاطر/ 35 5713/ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ/ 26/ مكية/ الانعام/ 6 5714/ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ/ 14/ مكية/ البروج/ 85 5715/ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ/ 18/ مكية/ الأنعام/ 6 5716/ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً/ 61/ مكية/ الأنعام/ 6 5717/ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ/ 3/ مكية/ الأنعام/ 6 5718/ وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ/ 70/ مكية/ القصص/ 28(3/403)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5719/ وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ/ 66/ مدنية/ الحج/ 22 5720/ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ/ 48/ مكية/ الفرقان/ 25 5721/ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً/ 99/ مكية/ الأنعام/ 6 5722/ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ/ 141/ مدنية/ الأنعام/ 6 5723/ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ/ 98/ مكية/ الأنعام/ 6 5724/ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ/ 78/ مكية/ المؤمنون/ 23 5725/ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً/ 62/ مكية/ الفرقان/ 25 5726/ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً/ 47/ مكية/ الفرقان/ 25 5727/ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها/ 97/ مكية/ الأنعام/ 6 5728/ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ/ 165/ مكية/ الأنعام/ 6 5729/ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ/ 73/ مكية/ الأنعام/ 6 5730/ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ/ 7/ مكية/ هود/ 11 5731/ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ/ 33/ مكية/ الأنبياء/ 21 5732/ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً/ 54/ مكية/ الفرقان/ 25 5733/ وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ/ 79/ مكية/ المؤمنون/ 23 5734/ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا/ 14/ مكية/ النحل/ 16 5735/ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ/ 84/ مكية/ الزخرف/ 43 5736/ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ/ 24/ مدنية/ الفتح/ 48 5737/ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً/ 3/ مدنية/ الرعد/ 13 5738/ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ/ 53/ مكية/ الفرقان/ 25 5739/ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ/ 27/ مكية
/ الروم/ 30 5740/ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ/ 60/ مكية/ الأنعام/ 6 5741/ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ/ 80/ مكية/ المؤمنون/ 23 5742/ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ/ 57/ مكية/ الأعراف/ 7 5743/ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ/ 25/ مدنية/ الشورى/ 42 5744/ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا/ 28/ مكية/ الشورى/ 42 5745/ وَهُوَ بِالْأُفُقِ/ 7/ مكية/ النجم/ 53 5746/ وَهُوَ يَخْشى / 9/ مكية/ عبس/ 80(3/404)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5747/ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ/ 42/ مكية/ هود/ 11 5748/ وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ/ 142/ مكية/ الأعراف/ 7 5749/ وَوالِدٍ وَما وَلَدَ/ 3/ مكية/ البلد/ 90 5750/ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى / 7/ مكية/ الضحى/ 93 5751/ وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى / 8/ مكية/ الضحى/ 93 5752/ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ/ 24/ مكية/ القيامة/ 75 5753/ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ/ 40/ مكية/ عبس/ 80 5754/ وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ/ 16/ مكية/ النمل/ 27 5755/ وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ/ 132/ مدنية/ البقرة/ 2 5756/ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً/ 15/ مدنية/ الأحقاف/ 46 5757/ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً/ 8/ مدنية/ العنكبوت/ 29 5758/ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ/ 14/ مكية/ لقمان/ 31 5759/ وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ/ 49/ مكية/ الكهف/ 18 5760/ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ/ 2/ مكية/ الشرح/ 94 5761/ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ/ 70/ مكية/ الزمر/ 39 5762/ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ/ 85/ مكية/ النمل/ 27 5763/ وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ/ 30/ مكية/ ص/ 38 5764/ وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا/ 84/ مكية/ الأنعام/ 6 5765/ وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ/ 72/ مكية/ الأنبياء/ 21 5766/ وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ/ 27/ مكية/ العنكبوت/ 29 5767/ وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا/ 43/ مكية/ ص/ 38 5768/ وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا/ 53/ مكية/ مريم/ 19 5769/ وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا/ 50/ مكية/ مريم/ 19 5770/ وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ/ 19/ مكية/ الأعراف/ 7 5771/ وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ/ 52/ مكية/ هود/ 11 5772/ وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ/ 93/ مكية/ هود/ 11 5773/ وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ/ 32/ مكية/ غافر/ 40 5774/ وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ/ 85/ مكية/ هود/ 11(3/405)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5775/ وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا/ 29/ مكية/ هود/ 11 5776/ وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي/ 89/ مكية/ هود/ 11 5777/ وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ/ 41/ مكية/ غافر/ 40 5778/ وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ/ 30/ مكية/ هود/ 11 5779/ وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها/ 64/ مكية/ هود/ 11 5780/ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ/ 27/ مدنية/ الرحمن/ 55 5781/ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ/ 18/ مدنية/ النور/ 24 5782/ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى
/ 11/ مكية/ الأعلى/ 87 5783/ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ/ 57/ مكية/ النحل/ 16 5784/ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ/ 62/ مكية/ النحل/ 16 5785/ وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ/ 56/ مكية/ النحل/ 16 5786/ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ/ 82/ مكية/ يونس/ 10 5787/ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ/ 56/ مدنية/ التوبة/ 9 5788/ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً/ 109/ مكية/ الإسراء/ 17 5789/ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ/ 6/ مدنية/ محمد/ 47 5790/ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ/ 8/ مدنية/ النور/ 24 5791/ وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ/ 11/ مكية/ الإسراء/ 17 5792/ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ/ 15/ مدنية/ التوبة/ 9 5793/ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ/ 6/ مدنية/ سبأ/ 34 5794/ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ/ 3/ مدنية/ الطلاق/ 65 5795/ يُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
/ 81/ مكية/ غافر/ 40 5796/ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً/ 86/ مكية/ مريم/ 19 5797/ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً/ 105/ مكية/ طه/ 20 5798/ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي/ 85/ مكية/ الإسراء/ 17 5799/ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً/ 222/ مدنية/ البقرة/ 2 5800/ وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً/ 83/ مدنية/ الكهف/ 18 5801/ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ/ 13/ مدنية/ الرعد/ 13 5802/ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ/ 26/ مكية/ الشورى/ 420(3/406)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5803/ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ/ 6/ مدنية/ الرعد/ 13 5804/ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ/ 47/ مدنية/ الحج/ 22 5805/ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ/ 53/ مكية/ العنكبوت/ 29 5806/ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ/ 127/ مدنية/ النساء/ 4 5807/ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ/ 53/ مكية/ يونس/ 10 5808/ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي/ 26/ مكية/ طه/ 20 5809/ وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا/ 17/ مدنية/ الإنسان/ 76 5810/ وَيَصْلى سَعِيراً/ 12/ مكية/ الانشقاق/ 84 5811/ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ/ 38/ مكية
/ هود/ 11 5812/ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي/ 13/ مكية/ الشعراء/ 26 5813/ وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا/ 15/ مدنية/ الإنسان/ 76 5814/ وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً/ 8/ مدنية/ الإنسان/ 76 5815/ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ/ 24/ مكية/ الطور/ 52 5816/ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ/ 19/ مدنية/ الإنسان/ 76 5817/ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ/ 18/ مكية/ يونس/ 10 5818/ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً/ 73/ مكية/ النحل/ 16 5819/ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ/ 55/ مكية/ الفرقان/ 25 5820/ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً/ 71/ مدنية/ الحج/ 22 5821/ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ/ 6/ مدنية/ الفتح/ 48 5822/ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ/ 48/ مدنية/ آل عمران/ 3 5823/ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ/ 35/ مكية/ الشورى/ 42 5824/ وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا/ 66/ مكية/ مريم/ 19 5825/ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا/ 53/ مدنية/ المائدة/ 5 5826/ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ/ 20/ مدنية/ محمد/ 48 5827/ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا/ 43/ مدنية/ الرعد/ 13 5828/ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ/ 7/ مدنية/ الرعد/ 13 5829/ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ/ 27/ مكية/ الرعد/ 13 5830/ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا/ 47/ مدنية/ النور/ 24(3/407)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5831/ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ/ 36/ مكية/ الصافات/ 37 5832/ وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا/ 108/ مكية/ الإسراء/ 17 5833/ وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ/ 81/ مدنية/ النساء/ 4 5834/ وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ/ 20/ مكية/ يونس/ 10 5835/ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ/ 28/ مكية/ السجدة/ 32 5836/ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ/ 48/ مكية/ يونس/ 10 5837/ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ/ 38/ مكية/ الأنبياء/ 21 5838/ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ/ 71/ مكية/ النمل/ 27 5839/ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ/ 29/ مكية/ سبأ/ 34 5840/ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ/ 48/ مكية/ يس/ 36 5841/ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ/ 25/ مكية/ الملك/ 67 5842/ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ/ 46/ مدنية/ آل عمران/ 3 5843/ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ/ 7/ مكية/ الجاثية/ 45 5844/ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ/ 1/ مكية/ الهمزة/ 104 5845/ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ/ 1/ مكية/ المطففين/ 83 5846/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 15/ مكية/ المرسلات/ 77 5847/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 19/ مكية/ المرسلات/ 77 5848/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 24/ مكية/ المرسلات/ 77 5849/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 28/ مكية/ المرسلات/ 77 5850/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 34/ مكية/ المرسلات/ 77 5851/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 37/ مكية/ المرسلات/ 77 5852/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 40/ مكية/ المرسلات/ 77 5853/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 45/ مكية/ المرسلات/ 77 5854/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 47/ مكية/ المرسلات/ 77 5855/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 49/ مكية/ المرسلات/ 77 5856/ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ/ 10/ مكية/ المطففين/ 83 5857/ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ/ 12/ مكية/ نوح/ 71 5858/ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ/ 7/ مدنية/ الماعون/ 107(3/408)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5859/ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ/ 61/ مكية/ الزمر/ 39 5860/ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً/ 4/ مكية/ الكهف/ 18 5861/ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً/ 3/ مدنية/ الفتح/ 48 5862/ وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً/ 9/ مكية/ الانشقاق/ 84 5863/ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ/ 60/ مكية/ الزمر/ 39 5864/ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا/ 25/ مكية/ الفرقان/ 25 5865/ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ/ 12/ مكية/ الروم/ 30 5866/ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ/ 55/ مكية/ الروم/ 30 5867/ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ/ 14/ مكية/ الروم/ 30 5868/ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ/ 89/ مكية/ النحل/ 16 5869/ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا/ 84/ مكية/ النحل/ 16 5870/ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا/ 83/ مكية/ النمل/ 27 5871/ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ/ 22/ مكية/ الأنعام/ 6 5872/ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ/ 28/ مكية/ يونس/ 10 5873/ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً/ 47/ مكية/ الكهف/ 18 5874/ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ/ 19/ مكية/ فصلت/ 41 5875/ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ/ 40/ مكية/ سبأ/ 34 5876/ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ/ 128/ مكية/ الأنعام/ 6 5877/ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ/ 45/ مكية/ يونس/ 10 5878/ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ/ 17/ مكية/ الفرقان/ 25 5879/ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ/ 20/ مكية/ الأحقاف/ 46 5880/ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ/ 34/ مكية/ الأحقاف/ 46 5881/ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا/ 27/ مكية/ الفرقان/ 25 5882/ وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ/ 52/ مكية
/ الكهف/ 18 5883/ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ/ 62/ مكية/ القصص/ 28 5884/ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ/ 74/ مكية/ القصص/ 28 5885/ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ/ 65/ مكية/ القصص/ 28 5886/ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ/ 87/ مكية/ النمل/ 27(3/409)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة (الياء) 5887/ يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ/ 45/ مكية/ مريم/ 18 5888/ يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ/ 43/ مكية/ مريم/ 19 5889/ يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ/ 44/ مكية/ مريم/ 19 5890/ يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ/ 76/ مكية/ هود/ 11 5891/ يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ/ 28/ مكية/ مريم/ 19 5892/ يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ/ 15/ مدنية/ المائدة/ 5 5893/ يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ/ 19/ مدنية/ المائدة/ 5 5894/ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ/ 171/ مدنية/ النساء/ 4 5895/ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ/ 65/ مدنية/ آل عمران/ 3 5896/ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ/ 70/ مدنية/ آل عمران/ 3 5897/ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ/ 71/ مدنية/ آل عمران/ 3 5898/ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ/ 27/ مكية/ الفجر/ 89 5899/ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ/ 6/ مكية/ الانشقاق/ 84 5900/ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ/ 6/ مكية/ الانفطار/ 82 5901/ يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً/ 51/ مكية/ المؤمنون/ 23 5902/ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ/ 67/ مدنية/ المائدة/ 5 5903/ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ/ 41/ مدنية/ المائدة/ 5 5904/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ/ 136/ مدنية/ النساء/ 4 5905/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ/ 70/ مدنية/ الأحزاب/ 33 5906/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ/ 102/ مدنية/ آل عمران/ 3 5907/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ/ 28/ مدنية/ الحديد/ 57 5908/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ/ 35/ مدنية/ المائدة/ 5 5909/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا/ 278/ مدنية/ البقرة/ 2 5910/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ/ 119/ مدنية/ التوبة/ 9 5911/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ/ 18/ مدنية/ الحشر/ 59 5912/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ/ 12/ مدنية/ الحجرات/ 49 5913/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً/ 208/ مدنية/ البقرة/ 2(3/410)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5914/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى/ 282/ مدنية/ البقرة/ 2 5915/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ/ 9/ مدنية/ المجادلة/ 58 5916/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ/ 10/ مدنية/ الممتحنة/ 60 5917/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا/ 94/ مدنية/ النساء/ 4 5918/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا/ 6/ مدنية/ المائدة/ 5 5919/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا/ 11/ مدنية/ المجادلة/ 58 5920/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً/ 15/ مدنية/ الأنفال/ 8 5921/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا/ 45/ مدنية/ الأنفال/ 8 5922/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً/ 12/ مدنية/ المجادلة/ 58 5923/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ/ 49/ مدنية/ الأحزاب/ 33 5924/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ/ 9/ مدنية/ الجمعة/ 62 5925/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً/ 41/ مدنية/ الأحزاب/ 33 5926/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ/ 11/ مدنية/ المائدة/ 5 5927/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ/ 9/ مدنية/ الأحزاب/ 33 5928/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا/ 77/ مدنية/ الحج/ 22 5929/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ/ 24/ مدنية/ الأنفال/ 8 5930/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ/ 153/ مدنية/ البقرة/ 2 5931/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا/ 200/ مدنية/ آل عمران/ 3 5932/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ/ 59/ مدنية/ النساء/ 4 5933/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ/ 33/ مدنية/ محمد/ 47 5934/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ/ 20/ مدنية/ الأنفال/ 8 5935/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً/ 29/ مدنية/ الأنفال/ 8 5936/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ/ 149/ مدنية/ آل عمران/ 3 5937/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً/ 100/ مدنية/ آل عمران/ 3 5938/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ/ 7/ مدنية/ محمد/ 47 5939/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا/ 6/ مدنية/ الحجرات/ 49 5940/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ/ 254/ مدنية/ البقرة/ 2 5941/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ/ 267/ مدنية/ البقرة/ 2(3/411)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5942/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ/ 34/ مدنية/ التوبة/ 9 5943/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ/ 14/ مدنية/ التغابن/ 64 5944/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ/ 90/ مدنية/ المائدة/ 5 5945/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ/ 28/ مدنية
/ التوبة/ 9 5946/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ/ 1/ مدنية/ المائدة/ 5 5947/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً/ 8/ مدنية/ التحريم/ 66 5948/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ/ 71/ مدنية/ النساء/ 4 5949/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ/ 106/ مدنية/ المائدة/ 5 5950/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ/ 105/ مدنية/ المائدة/ 5 5951/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ/ 123/ مدنية/ التوبة/ 9 5952/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً/ 6/ مدنية/ تحريم/ 66 5953/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ/ 183/ مدنية/ البقرة/ 2 5954/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى / 178/ مدنية/ البقرة/ 2 5955/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ
/ 172/ مدنية/ البقرة/ 2 5956/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ/ 14/ مدنية/ الصف/ 61 5957/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ/ 135/ مدنية/ النساء/ 4 5958/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ/ 8/ مدنية/ المائدة/ 5 5959/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً/ 130/ مدنية/ آل عمران/ 3 5960/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ/ 29/ مدنية/ النساء/ 4 5961/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى / 264/ مدنية/ البقرة/ 2 5962/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ/ 21/ مدنية/ النور/ 24 5963/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ/ 23/ مدنية/ التوبة/ 9 5964/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ/ 144/ مدنية/ النساء/ 4 5965/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً/ 57/ مدنية/ المائدة/ 5 5966/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ/ 51/ مدنية/ المائدة/ 5 5967/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ/ 118/ مدنية/ آل عمران/ 3 5968/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ/ 1/ مدنية/ الممتحنة/ 60 5969/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ/ 13/ مدنية/ الممتحنة/ 60(3/412)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5970/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ/ 87/ مدنية/ المائدة/ 5 5971/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ/ 2/ مدنية/ المائدة/ 5 5972/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ/ 27/ مدنية/ الأنفال/ 8 5973/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ/ 53/ مدنية/ الأحزاب/ 33 5974/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ/ 27/ مدنية/ النور/ 24 5975/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ/ 2/ مدنية/ الحجرات/ 49 5976/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ/ 101/ مدنية/ المائدة/ 5 5977/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ/ 7/ مدنية/ التحريم/ 66 5978/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ/ 95/ مدنية/ المائدة/ 5 5979/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ/ 1/ مدنية/ الحجرات/ 49 5980/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى / 43/ مدنية/ النساء/ 4 5981/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا/ 104/ مدنية/ البقرة/ 2 5982/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى / 69/ مدنية/ الأحزاب/ 33 5983/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا/ 156/ مدنية/ آل عمران/ 3 5984/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ/ 9/ مدنية/ المنافقون/ 63 5985/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً/ 19/ مدنية/ النساء/ 4 5986/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ/ 11/ مدنية/ الحجرات/ 49 5987/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ/ 2/ مدنية/ الصف/ 61 5988/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ/ 94/ مدنية/ المائدة/ 5 5989/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ/ 58/ مدنية/ النور/ 24 5990/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ/ 38/ مدنية/ التوبة/ 9 5991/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ/ 54/ مدنية/ المائدة/ 5 5992/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ/ 10/ مدنية/ الصف/ 61 5993/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا/ 47/ مدنية/ النساء/ 4 5994/ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ/ 1/ مكية/ المدثر/ 74 5995/ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ/ 1/ مكية/ المزمل/ 73 5996/ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ/ 1/ مدنية/ النساء/ 4 5997/ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ/ 1/ مدنية/ الحج/ 22(3/413)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 5998/ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً/ 33/ مكية/ لقمان/ 31 5999/ يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ/ 3/ مكية/ فاطر/ 35 6000/ يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ/ 21/ مدنية/ البقرة/ 2 6001/ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ/ 5/ مدنية/ الحج/ 22 6002/ يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ/ 15/ مكية/ فاطر/ 35 6003/ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ/ 5/ مكية/ فاطر/ 35 6004/ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى / 13/ مدنية/ الحجرات/ 49 6005/ يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ/ 73/ مدنية/ الحج/ 22 6006/ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ/ 57/ مكية/ يونس/ 10 6007/ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ/ 170/ مدنية/ النساء/ 4 6008/ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ/ 174/ مدنية/ النساء/ 4 6009/ يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً/ 168/ مكية/ البقرة/ 2 6010/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ/ 1/ مدنية
/ الأحزاب/ 33 6011/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ/ 12/ مدنية/ الممتحنة/ 60 6012/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ/ 1/ مدنية/ الطلاق/ 65 6013/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ/ 50/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6014/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً/ 45/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6015/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ/ 73/ مدنية/ التوبة/ 9 6016/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ/ 9/ مدنية/ التحريم/ 66 6017/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ/ 65/ مدنية/ الأنفال/ 8 6018/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ/ 64/ مدنية/ الأنفال/ 8 6019/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ/ 28/ مدنية/ الاحزاب/ 33 6020/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ/ 59/ مدنية/ الاحزاب/ 33 6021/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى / 70/ مدنية/ الانفال/ 8 6022/ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ/ 1/ مدنية/ التحريم/ 66 6023/ يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ/ 35/ مكية/ الأعراف/ 7 6024/ يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ/ 31/ مكية/ الأعراف/ 7 6025/ يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ/ 26/ مكية/ الأعراف/ 7(3/414)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6026/ يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ/ 27/ مكية/ الأعراف/ 7 6027/ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ/ 40/ مدنية/ البقرة/ 2 6028/ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ/ 47/ مدنية/ البقرة/ 2 6029/ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ/ 122/ مدنية/ البقرة/ 2 6030/ يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ/ 80/ مكية/ طه/ 20 6031/ يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ/ 87/ مكية/ يوسف/ 12 6032/ يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ/ 17/ مكية/ لقمان/ 31 6033/ يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ/ 16/ مكية/ لقمان/ 31 6034/ يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ/ 30/ مكية/ يس/ 36 6035/ يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ/ 26/ مكية/ ص/ 38 6036/ يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى / 7/ مكية/ مريم/ 19 6037/ يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ
/ 39/ مكية/ يوسف/ 12 6038/ يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً/ 41/ مكية/ يوسف/ 12 6039/ يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ/ 68/ مكية/ الزخرف/ 43 6040/ يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ
/ 56/ مكية/ العنكبوت/ 29 6041/ يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ/ 21/ مدنية/ المائدة/ 5 6042/ يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ/ 39/ مكية/ غافر/ 40 6043/ يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً/ 51/ مكية/ هود/ 11 6044/ يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ/ 29/ مكية/ غافر/ 40 6045/ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ/ 31/ مكية/ الأحقاف/ 46 6046/ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ/ 27/ مكية/ الحاقة/ 69 6047/ يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ/ 43/ مدنية/ آل عمران/ 3 6048/امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ
/ 139/ مكية/ الأنعام/ 6 6049/ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا/ 33/ مدنية/ الرحمن/ 55 6050/ يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ/ 9/ مكية/ النمل/ 27 6051/ يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ/ 32/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6052/ يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ/ 30/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6053/ يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا/ 28/ مكية/ الفرقان/ 25(3/415)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6054/ يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا/ 12/ مكية/ مريم/ 19 6055/ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ/ 112/ مكية/ الأعراف/ 7 6056/ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ/ 37/ مكية/ الشعراء/ 26 6057/ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ/ 266/ مكية/ البقرة/ 2 6058/ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ/ 9/ مكية/ الذاريات/ 51 6059/ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ/ 114/ مدنية/ آل عمران/ 3 6060/ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ/ 21/ مدنية/ التوبة/ 9 6061/ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ/ 11/ مكية/ المعارج/ 70 6062/ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ/ 17/ مكية/ إبراهيم/ 14 6063/ يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً/ 103/ مكية/ طه/ 20 6064/ يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ/ 23/ مكية/ الطور/ 52 6065/ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ/ 59/ مكية/ النحل/ 16 6066/ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ/ 15/ مكية/ البلد/ 90 6067/ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ/ 27/ مكية/ إبراهيم/ 14 6068/ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ/ 6/ مدنية/ الأنفال/ 8 6069/ يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ/ 64/ مدنية/ التوبة/ 9 6070/ يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ/ 3/ مكية/ الهمزة/ 104 6071/ يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا/ 20/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6072/ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ/ 62/ مدنية/ التوبة/ 9 6073/ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ/ 74/ مدنية/ التوبة/ 9 6074/ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ/ 96/ مدنية/ التوبة/ 9 6075/ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ/ 9/ مدنية/ البقرة/ 2 6076/ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ/ 50/ مكية/ النحل/ 16 6077/ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ/ 74/ مدنية/ آل عمران/ 3 6078/ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ/ 19/ مكية/ الروم/ 30 6079/ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ/ 7/ مكية/ الطارق/ 86 6080/ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ/ 22/ مدنية/ الرحمن/ 55 6081/ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ/ 5/ مكية/ السجدة/ 32(3/416)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6082/ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ/ 31/ مدنية/ الإنسان/ 76 6083/ يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ/ 13/ مدنية
/ الحج/ 22 6084/ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ/ 12/ مدنية/ الحج/ 32 6085/ يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ/ 55/ مكية/ الدخان/ 44 6086/ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا/ 6/ مكية/ مريم/ 19 6087/ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً/ 11/ مكية/ نوح/ 71 6088/ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ/ 35/ مدنية/ الرحمن/ 55 6089/ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً/ 28/ مدنية/ النساء/ 4 6090/ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ/ 26/ مدنية/ النساء/ 4 6091/ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَماذا تَأْمُرُونَ/ 35/ مكية/ الشعراء/ 26 6092/ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ/ 110/ مكية/ الأعراف/ 7 6093/ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها/ 37/ مدنية/ المائدة/ 5 6094/ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ/ 32/ مدنية/ التوبة/ 9 6095/ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ/ 8/ مدنية/ الصف/ 61 6096/ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ/ 1/ مكية/ يس/ 36 6097/ يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ/ 6/ مكية/ القيامة/ 75 6098/ يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ/ 63/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6099/ يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ/ 153/ مدنية/ النساء/ 4 6100/ يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ/ 29/ مدنية/ الرحمن/ 55 6101/ يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ/ 12/ مكية/ الذاريات/ 51 6102/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ/ 1/ مدنية/ الأنفال/ 8 6103/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ/ 189/ مدنية/ البقرة/ 2 6104/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ/ 219/ مدنية/ البقرة/ 2 6105/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها/ 42/ مكية/ النازعات/ 79 6106/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي/ 187/ مكية/ الأعراف/ 7 6107/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ/ 217/ مدنية/ البقرة/ 2 6108/ يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ/ 4/ مدنية/ المائدة/ 5 6109/ يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ/ 215/ مدنية/ البقرة/ 2(3/417)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6110/ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ/ 1/ مدنية/ الجمعة/ 62 6111/ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ/ 1/ مدنية/ التغابن/ 64 6112/ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ/ 20/ مكية/ الأنبياء/ 21 6113/ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ/ 171/ مدنية/ آل عمران/ 3 6114/ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
/ 108/ مدنية/ النساء/ 4 6115/ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها/ 18/ مكية/ الشورى/ 42 6116/ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ/ 54/ مكية/ العنكبوت/ 29 6117/ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ/ 176/ مدنية/ النساء/ 4 6118/ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ/ 25/ مكية/ المطففين/ 83 6119/ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً/ 8/ مكية/ الجاثية/ 45 6120/ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ/ 21/ مكية/ المطففين/ 83 6121/ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ/ 71/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6122/ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ/ 15/ مكية/ الانفطار/ 82 6123/ يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ/ 20/ مدنية/ الحج/ 22 6124/ يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً/ 69/ مدنية/ الفرقان/ 25 6125/ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ/ 71/ مكية/ الزخرف/ 43 6126/ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ/ 45/ مكية/ الصافات/ 37 6127/ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ/ 17/ مكية/ الواقعة/ 56 6128/ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ/ 44/ مدنية/ الرحمن/ 55 6129/ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ/ 94/ مدنية/ التوبة/ 9 6130/ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً/ 120/ مدنية/ النساء/ 4 6131/ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ/ 21/ مكية/ العنكبوت/ 29 6132/ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ/ 41/ مدنية/ الرحمن/ 55 6133/ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ/ 83/ مكية/ النحل/ 16 6134/ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ/ 17/ مدنية/ النور/ 24 6135/ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ/ 19/ مكية/ غافر/ 40 6136/ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ/ 76/ مدنية/ الحج/ 22 6137/ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً/ 110/ مكية/ طه/ 20(3/418)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6138/ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ/ 28/ مكية/ الأنبياء/ 21 6139/ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ/ 4/ مدنية/ التغابن/ 64 6140/ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها/ 2/ مكية/ سبأ/ 34 6141/ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا/ 7/ مكية/ الروم/ 30 6142/ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ/ 12/ مكية/ الانفطار/ 82 6143/ يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ/ 13/ مكية/ سبأ/ 34 6144/ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ/ 11/ مكية/ الدخان/ 44 6145/ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ/ 12/ مدنية/ الصف/ 61 6146/ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى/ 4/ مكية/ نوح/ 71 6147/ يَفْقَهُوا قَوْلِي/ 28/ مكية/ طه/ 20 6148/ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ/ 98/ مكية/ هود/ 11 6149/ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ/ 44/ مكية/ النور/ 24 6150/ يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ/ 10/ مكية/ القيامة/ 75 6151/ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ/ 52/ مكية/ الصافات/ 37 6152/ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً/ 6/ مكية/ البلد/ 90 6153/ يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي/ 24/ مكية/ الفجر/ 89 6154/ يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ/ 10/ مكية/ النازعات/ 79 6155/ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ/ 8/ مدنية/ المنافقون/ 63 6156/ يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ/ 20/ مكية/ البقرة/ 2 6157/ يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ/ 53/ مكية
/ الدخان/ 44 6158/ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ/ 223/ مكية/ الشعراء/ 26 6159/ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ/ 276/ مدنية/ البقرة/ 2 6160/ يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ/ 39/ مدنية/ الرعد/ 13 6161/ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ/ 17/ مدنية/ الحجرات/ 49 6162/ يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى / 14/ مدنية/ الحديد/ 57 6163/ يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ
/ 13/ مكية/ القيامة/ 75 6164/ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ/ 11/ مكية/ النحل/ 16 6165/ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ/ 2/ مكية/ النحل/ 16(3/419)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6166/ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً/ 2/ مكية/ الجن/ 72 6167/ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ/ 16/ مدنية/ المائدة/ 5 6168/ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا/ 29/ مكية/ يوسف/ 12 6169/ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ/ 46/ مكية/ يوسف/ 12 6170/ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ/ 11/ مدنية/ النساء/ 4 6171/ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً/ 7/ مدنية/ الإنسان/ 76 6172/ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ/ 13/ مكية/ فاطر/ 35 6173/ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ/ 6/ مدنية/ الحديد/ 57 6174/ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها/ 111/ مكية/ النحل/ 16 6175/ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ/ 48/ مكية/ إبراهيم/ 14 6176/ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ/ 9/ مكية/ الطارق/ 86 6177/ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ/ 106/ مدنية/ آل عمران/ 3 6178/ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً/ 30/ مدنية/ آل عمران/ 3 6179/ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ/ 12/ مدنية/ الحديد/ 57 6180/ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ/ 14/ مكية/ المزمل/ 73 6181/ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ/ 6/ مكية/ النازعات/ 79 6182/ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
/ 2/ مدنية/ الحج/ 22 6183/ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً/ 44/ مكية/ ق/ 50 6184/ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ/ 24/ مدنية/ النور/ 24 6185/ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ/ 66/ مدنية/ الأحزاب/ 33 6186/ يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ/ 8/ مكية/ المعارج/ 70 6187/ يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً/ 9/ مكية/ الطور/ 52 6188/ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ/ 33/ مكية/ غافر/ 40 6189/ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ/ 19/ مكية/ الانفطار/ 82 6190/ يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ/ 46/ مكية/ الطور/ 52 6191/ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ/ 41/ مكية/ الدخان/ 44 6192/ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ/ 52/ مكية/ غافر/ 40 6193/ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ/ 88/ مكية/ الشعراء/ 26(3/420)
6194/ يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون/ 16/ مكية/ الدخان/ 44 6195/ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً/ 85/ مكية/ مريم/ 19 6196/ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ/ 71/ مكية/ الإسراء/ 17 6197/ يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ/ 104/ مكية/ الأنبياء/ 21 6198/ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ/ 30/ مكية/ ق/ 50 6199/ يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ/ 16/ مكية/ غافر/ 40 6200/ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ/ 13/ مكية/ الذاريات/ 51 6201/ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ/ 105/ مكية/ هود/ 11 6202/ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ/ 18/ مدنية/ المجادلة/ 58 6203/ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا/ 6/ مدنية/ المجادلة/ 58 6204/ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى / 35/ مكية/ النازعات/ 79 6205/ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ/ 109/ مدنية/ المائدة/ 5 6206/ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ/ 9/ مدنية/ التغابن/ 64 6207/ يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ/ 35/ مدنية/ التوبة/ 9 6208/ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً/ 43/ مكية/ المعارج/ 70 6209/ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ/ 52/ مكية/ الإسراء/ 17 6210/ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا/ 13/ مكية/ الطور/ 52 6211/ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ/ 22/ مكية/ الفرقان/ 25 6212/ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ/ 48/ مكية/ القمر/ 54 6213/ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ/ 42/ مكية/ ق/ 50 6214/ يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ
/ 55/ مكية/ العنكبوت/ 29 6215/ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ/ 34/ مكية/ عبس/ 80 6216/ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ/ 13/ مدنية/ الحديد/ 57 6217/ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا/ 38/ مكية/ النبأ/ 78 6218/ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ/ 6/ مكية/ المطففين/ 83 6219/ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ/ 42/ مكية/ القلم/ 78 6220/ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ/ 4/ مكية/ القارعة/ 101 6221/ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً/ 18/ مكية/ النبأ/ 78(3/421)
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6222/ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً/ 102/ مكية/ طه/ 20 6223/ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها/ 4/ مدنية/ الزلزلة/ 99 6224/ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ/ 18/ مكية/ الحاقة/ 69 6225/ يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ/ 109/ مكية/ طه/ 20 6226/ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ/ 108/ مكية/ طه/ 20 6227/ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ/ 6/ مدنية/ الزلزلة/ 99 6228/ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ/ 42/ مدنية/ النساء/ 4 6229/ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ/ 25/ مدنية/ النور/ 24 ملاحظة: هذا العدد تنقصه أرقام قليلة جاءت محمولة على غيرها، أعنى مشارا إليها برقم واحد لاتفاقها مع المحمولة عليها.(3/422)
الجزء الرابع
الباب الثامن وجوه الاعراب فى القران
- 1- الاستفتاح
بسم الله الرّحمن الرّحيم كسرت الباء من «بسم الله» لتكون حركتها مشبهة لعملها، وحذفت الألف خطا لكثرة الاستعمال، أو تخففا، ولا تحذف إلا فى «بسم» فقط، فإن دخلت على «اسم» غير «الباء» لم يجز الحذف.
وموضع «بسم» رفع عند البصريين، على إضمار مبتدأ، تقديره: ابتدائى بسم الله، فالباء على هذا متعلقة بالخبر الذي قامت «الباء» مقامه، تقديره: ابتدائى ثابت، أو مستقر، بسم الله.
ولا يحسن تعلق الباء بالمصدر الذي هو مضمر، لأنه يكون داخلا فى صلته، فيبقى الابتداء بغير خبر.
وقال الكوفيون: «بسم الله» ، فى موضع نصب على إضمار فعل، تقديره: ابتدأت بسم الله، فالباء على هذا متعلقة بالفعل المحذوف.
«الله» ، أصله: «إلاه» ، ثم دخلت الألف واللام فصار: «الإلاه» ، فخففت الهمزة بإلقاء حركتها على اللام الأولى، ثم أدغمت الأولى فى الثانية.
وقيل: أصله «لاه» ، ثم دخلت الألف واللام عليه فلزمتا للتعظيم، ووجب الإدغام لسكون الأول من المثلين
- 1- سورة الحمد
2- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «السورة» ، يحتمل أن يكون معناها: الرفعة، من: سورة البناء، فلا يجوز همزها، ويحتمل أن يكون معناها: قطعة من القرآن، من قولك: أسأرت فى الإناء، أي: أبقيت فيه بقية، فيجوز همزها على هذا. وقد أجمع القراء على ترك همزها، فتحتمل الوجهين جميعا.
«الحمد لله» : الحمد، رفع بالابتداء، و «لله» الخبر. والابتداء عامل معنوى غير ملفوظ به. ويجوز نصبه على المصدر. وكسرت اللام فى «لله» كما كسرت «الباء» فى «بسم» .
وقال سيبويه: أصل اللام أن تكون مفتوحة، بدلالة انفتاحها مع المضمر، والإضمار يرد الأشياء إلى أصولها، وإنما كسرت مع الظاهر، للفرق بينها وبين لام التأكيد، وهى متعلقة بالخبر الذي قامت مقامه، والتقدير:
الحمد ثابت لله، أو مستقر، وشبهه.(4/5)
«رب العالمين» : يجوز نصبه على النداء، أو على المدح، ويجوز رفعه على تقدير: هو رب العالمين، ولكن لا يقرأ إلا بما روى وصح عن الثقات المشهورين عن الصحابة والتابعين.
4- مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ «ملك يوم الدين» يجوز فيه ما جاز في «رب العالمين» . و «يوم الدين» ، ظرف جعل مفعولا على لسعة، فلذلك أضيف إليه «ملك» ، وكذلك فى قراءة من قرأ «مالك» بألف.
وأما من قرأ «ملك» ، فلا بد من تقدير مفعول محذوف، تقديره: ملك يوم الدين الفصل، أو القضاء ونحوه 5- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ «إياك نعبد» : إياك، اسم مضمر أضيف إلى الكاف، ولا يعلم اسم مضمر أضيف غيره.
وقيل: «الكاف» الاسم، و «ايا» أتى بها لتعتمد الكاف عليها، إذ لا تقوم بنفسها.
وقال المبرد: ايا، اسم مبهم أضيف للتخصيص، ولا يعرف اسم مبهم أضيف غيره.
وقال الكوفيون: إياك، بكماله: اسم مضمر، ولا يعرف اسم مضمر متغير آخره غير هذا، فتقول: إياه، وإياها، وإياكم.
وهو منصوب ب «نعبد» ، مفعول مقدم، ولو تأخر لم ينفصل ولصار «كافا» متصلة، فقلت: نعبدك.
«نستعين» ، أصله: نستعون، لأنه من «العون» ، فألقيت حركة الواو على العين، فانكسرت العين وسكنت الواو، فانقلبت ياء، لإنكسار ما قبلها.
6- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «اهدنا» : دعاء وطلب وسؤال، ومجراه فى الإعراب مجرى الأمر، وهو يتعدى إلى مفعولين، وهما هنا:
والصراط، ويجوز الاقتصار على أحدهما.
«المستقيم» : أصله: المستقوم، فانتقلت حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها، فأصبحت الواو ساكنة بعد كسر، فقلبت ياء.
7- صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ «صراط الّذين أنعمت عليهم» ، بدل من «الصراط» الأول، و «الذين» اسم مبهم مبنى ناقص يحتاج إلى صلة وعائد، وهو غير معرب فى الواحد والجمع، ويعرب فى التثنية. و «أنعمت عليهم» صلة «الذين» ، و «الهاء والميم» عائد.
«غير المغضوب» : غير، اسم مبهم، إلا أنه أعرب للزومه الإضافة، وخفض على البدل ب «الذين» ،(4/6)
أو على النعت لهم، إذ لا يقصد قصد أشخاص بأعيانهم، فجروا مجرى النكرة، فجاز أن يكون «غير» نعتا لهم، ومن أصل «غير» أنها نكرة وإن أضيفت إلى معرفة، لأنها لا تدل على شىء معين.
وإن شئت خفضت «غير» على البدل من الهاء، أو نصبتها على الحال من الهاء والميم فى «عليهم» ، أو من «الذين» إذ لفظهما لفظ المعرفة.
وإن شئت نصبته على الاستثناء المنقطع عند البصريين.
ومنعه الكوفيون لأجل دخول «لا» .
وإن شئت نصبته على إضمار «أعنى» .
«عليهم» ، فى موضع رفع، مفعول لم يسم فاعله ل «المغضوب» ، لأنه بمعنى: الذين غضب عليهم ولا ضمير فيه، إذ لا يتعدى إلا بحرف جر، فلذلك لم يجمع.
«ولا الضّالين» : لا، زائدة للتوكيد، عند البصريين، وبمعنى «غير» عند الكوفيين.
ومن العرب من يبدل من الحرف الساكن، الذي قبل المشدد، همزة، فيقول: ولا الضألين، وبه قرأ أيوب السختياني.
- 2- سورة البقرة
1- الم «آلم» : أحرف مقطعة محكية، لا تعرب إلا أن يخبر عنها أو يعطف بعضها على بعض. وموضع «ألم» نصب على معنى: اقرأ «آلم» .
ويجوز أن يكون موضعها رفعا على معنى: هذا آلم، أو ذلك، أو هو.
ويجوز أن يكون موضعها خفضا، على قول من جعله قسما.
والفراء يجعل «الم» ابتداء، و «ذلك» الخبر، وأنكره الزجاج.
2- ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ «ذلك» ، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ، أو على الابتداء وتضمر الخبر، و «ذا» اسم مبهم مبنى. والاسم عند الكوفيين الذال، والألف زيدت لبيان الحركة والتقوية. و «ذلك» ، بكماله، هو الاسم عند البصريين، وجمعه: أولاء.(4/7)
واللام فى «ذلك» ، لام التأكيد، دخلت لتدل على بعد المشار إليه، وقيل: دخلت لتدل على أن «ذا» ليس بمضاف إلى «الكاف» ، وكسرت اللام للفرق بينها وبين لام الملك، وقيل: كسرت لسكونها وسكون الألف قبلها.
والكاف، للخطاب، لا موضع لها من الإعراب، لأنها لا تخلو أن تكون فى موضع رفع أو نصب أو خفض، فلا يجوز أن تكون فى موضع رفع، لأنه لا رافع قبلها، وليست «الكاف» من علامات المضمر المرفوع، ولا يجوز أن تكون فى موضع نصب، إذ لا عامل قبلها ينصبها، ولا يجوز أن تكون فى موضع خفض، لأن ما قبلها لا يضاف، وهو المبهم، فلما بطلت الوجوه الثلاثة علم أنها للخطاب لا موضع لها فى الإعراب.
«الكتاب» ، بدل من «ذا» ، أو عطف بيان، أو خبر «ذلك» .
«لا ريب فيه» : لا مرية، و «لا ريب» ، كاسم واحد، ولذلك بنى «ريب» على الفتح، لأنه مع «لا» كخمسة عشر، وهو فى موضع رفع خبر «ذلك» .
«هدى» : فى موضع نصب على الحال من «ذا» ، أو من «الكتاب» ، أو من المضمر المرفوع فى «فيه» ، والعامل فيه، إذا كان حالا من «ذا» أو من «الكتاب» ، معنى الإشارة، فإن كان حالا من المضمر المرفوع فى «فيه» ، فالعامل فيه معنى الاستقرار، و «فيه» ، الخبر، فتقف على هذا القول على «ريب» .
ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ، أو على أنه خبر «ذلك» ، أو على أنه خبر بعد خبر.
«المتقين» ، وزنه: المفتعلين، وأصله: الموتقين، ثم أدغمت الواو فى الياء فصارت ياء مشددة، وأسكنت الياء الأولى استثقالا للكسرة عليها، ثم حذفت لسكونها وسكون ياء الجمع بعدها.
3- الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «الذين يؤمنون بالغيب» : «الذين» فى موضع خفض نعت «للمتقين» ، أو بدل منهم، أو فى موضع نصب على إضمار: «أعنى» ، أو فى موضع رفع، أو فى موضع إضمار مبتدأ، أو على الابتداء والخبر.
«يقيمون» : أصله: يقومون، بعد حذف الهمزة، ثم ألقيت حركة الواو على القاف، وانكسرت وانقلبت الواو ياء، لسكونها أو لانكسار ما قبلها، ووزنه يفعلون، مثل: يؤمنون.
«الصّلاة» : أصلها: صلوة، دل عليه قولهم «صلوات» ، فوزنها فعلة.
5- أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «أولئك» : خبر «الذين» ، أو مبتدأ، إن لم يجعل «الذين» مبتدأ، والخبر «على هدى» .(4/8)
«هدى» ، مقصور منصرف، وزنه «فعل» ، وأصله «هدى» ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، والألف ساكنة والتنوين ساكن، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، وصار التنوين تابعا لفتحة الدال، فلا يتغير فى كل الوجوه، وكذلك العلة فى جميع ما كان مثله.
«أولئك» : اسم مبهم للجماعة، وهو مبنى على الكسر لا يتغير، وبنى لمشابهة الحروف، و «الكاف» للخطاب، ولا موضع لها من الإعراب، وواحد «أولئك» : ذاك، وإن كان للمؤنث فواحده: «ذى» ، أو: «تى» 6- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «سواء عليهم» : ابتداء، وما بعده من ذكر الإنذار خبره، والجملة خبر «إن» ، و «الذين» اسم «إن» ، وصلته: «كفروا» .
«أأنذرتهم» : الألف ألف تسوية، لأنها أوجبت أن الإنذار لمن سبق له فى علم الله الشقاء، أي: فسواء عليه الإنذار وتركه، سواء عليهم لا يؤمنون أبدا ولفظه (أ) لفظ الاستفهام، ولذلك أتت بعدها «أم» .
ويجوز أن يكون «سواء» خبر، وما بعده فى موضع رفع بفعله. هو «سواء» . ويجوز أن يكون خبر «أن» : لا يؤمنون.
7- خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «وعلى سمعهم» : إنما وحد ولم يجمع كما جمعت «القلوب» ، و «الأبصار» لأنه مصدر.
وقيل: تقديره: وعلى مواضع سمعهم.
«غشاوة» رفع بالابتداء، والخبر «وعلى أبصارهم» ، والوقف على «سمعهم» حسن. وقد قرأ عاصم بالنصب على إضمار فعل، كأنه قال: وجعل على أبصارهم غشاوة، والوقف على «سمعهم» يجوز فى هذه القراءة، وليس كحسنه فى قراءة من رفع.
8- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ «ومن النّاس» : فتحت نون «من» للقائها الساكن، وهو لام التعريف، وكان الفتح أولى بها من الكسر لانكسار الميم مع كثرة الاستعمال. وأصل «الناس» ، عند سيبويه: الأناس، ثم حذفت الهمزة، كحذفها فى «إلاه» ، ودخلت لام التعريف.
وقيل: بل أصله: ناس، لقول العرب فى التصغير: نويس.
قال الكسائي: هما لغتان.
«من يقول» : فى موضع رفع بالابتداء، وما قبله خبره.(4/9)
و «يقول» وزنه: يفعل، وأصله: «يقول» ، ثم ألقيت حركة الواو على القاف، لأنها قد اعتلت فى «قال» .
«آمن» : المدة أصلها همزة ساكنة، وأصله أأمن، ثم أبدلت من الهمزة الساكنة ألفا لانفتاح ما قبلها «الآخر» : المدة، ألف زائدة، لبناء «فاعل» ، وليس أصلها همزة.
«وما هم بمؤمنين» : هم، اسم «ما» ، و «مؤمنين» الخبر، و «الباء» زائدة، دخلت عند البصريين لتأكيد النفي، وهى عند الكوفيين دخلت جوابا لمن قال: إن زيدا لمنطلق.
9- يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ «يخادعون اللَّه» : يجوز أن يكون حالا من «من» ، فلا يوقف دونه، ويجوز أن يكون لا موضع له من الإعراب فيوقف دونه.
10- فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ «فى قلوبهم مرض» : ابتداء وخبر.
«ولهم عذاب أليم» : ابتداء وخبر. و «أليم» ، فعيل بمعنى مفعول، أي: مؤلم.
«بما كانوا يكذبون» : الباء، متعلقة بالاستقرار، أي: وعذاب مؤلم مستقر لهم بكونهم يكذبون بما أتى به نبيهم. و «ما» والفعل مصدر. و «يكذبون» خبر كان.
11- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ «وإذا قيل لهم» : إذا، ظرف، فمن النحويين من أجاز أن يكون العامل فيه «قيل» ، ومنهم من منعه، وقدر فعلا مضمرا، يدل عليه الكلام، يعمل فى «إذا» وكذلك قياس ما هو مثله.
ويجوز أن يكون العامل «قالوا» ، وهو جواب «إذا» .
و «قيل» ، أصلها: قول، على «فعل» ، ثم نقلت حركة الواو إلى القاف، فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
«نحن مصلحون» : ابتداء وخبر، و «ما» فى «إنما» كافة ل «إن» عن العمل و «نحن» اسم مضمر مبنى، ويقع للاثنين والجماعة والمخبرين عن أنفسهم، وللواحد الجليل القدر.
12- أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ «هم المفسدون» : ابتداء وخبر «إن» .
ويجوز أن تكون «هم» فاصلة لا موضع لها من الإعراب، أو: تكون توكيدا للهاء والميم فى «إنهم» ، و «المفسدون» الخبر.(4/10)
13- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ «كما آمن» : الكاف، موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: قالوا أنؤمن إيمانا مثل ما آمن السفهاء وكذلك الكاف الأولى.
15- اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «يعمهون» : حال من المضمر المنصوب فى «يمدهم» .
16- أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ «اشتروا» : أصله «اشتريوا» ، فقلبت الياء ألفا. وقيل: أسكنت استخفافا. والأول أحسن، وأجرى على الأصول، ثم حذفت فى الوجهين، لسكونها وسكون واو الجمع بعدها، وحركت الواو فى «اشتروا» لالتقاء الساكنين. واختير لها الضم للفرق بين واو الجمع والواو الأصلية، نحو: استقاموا.
وقال الفراء: حركت بمثل حركة الياء المحذوفة قبلها.
وقال ابن كيسان: الضمة فى الواو أخف من الكسر، فلذلك اختيرت، إذ هى من جنسها.
وقال الزجاج: اختير لها الضم إذ هى واو جمع، فضمت كما ضمت النون فى «نحن» ، إذ هو جمع أيضا.
وقد قرىء بالكسر على الأصل.
وأجاز الكسائي همزها لانضمامها، وفيه بعد.
وقد قرئت بفتح الواو، استخفافا.
17- مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «أضاءت ما حوله» : ما، فى موضع نصب ب «أضاءت» . و «النار» فاعله، وهى مضمرة فى «أضاءت» .
«ولا يبصرون» : فى موضع الحال من الهاء والميم فى «تركهم» .
18- صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «صمّ» : مرفوع على إضمار مبتدأ، وكذلك ما بعده.
ويجوز نصب ذلك كله على الحال من المضمر فى «تركهم» ، وهى قراءة ابن مسعود وحفص.
ويجوز النصب أيضا على إضمار «أعنى» .
«فهم لا يرجعون» ابتداء وخبر فى موضع الحال أيضا من المضمر فى «تركهم» .
19- أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ «كصيّب» : أصله: صيوب، على وزن «فيعل» ، ثم أدغمت الواو فى الياء، ويجوز التخفيف فى الباء.
وقال الكوفيون: هو فعيل، أصله: صويب، ثم أدغم. ويلزمهم الإدغام فى: طويل، وعويل وذلك لا يجوز.(4/11)
«فيه ظلمات» ، ابتداء وخبر مقدم، والجملة فى موضع النعت ل «الصيب» ، والكاف من «كصيب» فى موضع رفع عطف على الكاف فى قوله: «كمثل الذي» ، أو هى فى موضع رفع خبر لقوله «مثلهم» تقديره:
مثلهم مثل الذي استوقد نارا، أو مثل صيب.
وإن شئت أضمرت مبتدأ تكون الكاف خبره تقديره: أو مثلهم مثل صيب.
«يجعلون» : فى موضع الحال من المضمر فى «تركهم» أي: تركهم فى ظلمات غير مبصرين غير عاقلين جاعلين أصابعهم.
وإن شئت جعلت هذه الأحوال منقطعة عن الأول مستأنفة، فلا يكون لها موضع من الإعراب.
وقد قيل: إن «يجعلون» حال من المضمر فى «فيه» ، وهو يعود على «الصيب» كأنه قال: جاعلين أصابعهم فى آذانهم من صواعقه يعنى: الصيب.
«حذر الموت» : مفعول من أجله.
«واللَّه محيط» : ابتداء وخبر. وأصل: «محيط» : محيط، ثم ألقيت حركة الياء على الحاء.
20- يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «يكاد البرق» : يكاد، فعل للمقاربة، إذا لم يكن معه نفى قارب الوقوع ولم يقع، نحو هذا، وإذا صحبه نفى فهو واقع بعد إبطاء، نحو قوله «فذبحوها وما كادوا يفعلون» الآية: 71 أي: فعلوا الذبح بعد إبطاء.
و «كاد» : الذي للمقاربة أصله: «كود» و «يكاد: يكود» ، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، كخاف يخاف.
«كلّما» : نصب على الظرف ل «مشوا» . وإذا كانت «كلما» ظرفا فالعامل فيها الفعل الذي هو جواب لها، وهو «مشوا» لأن فيها معنى الشرط، فهى تحتاج إلى جواب، ولا يعمل فيها «أضاء» لأنها فى صلة «ما» .
21- يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «يا أيّها النّاس» : أي، منادى مفرد مضموم. و «الناس» نعت له. ولا يجوز نصب «الناس» عند أكثر النحويين، لأنه نعت لا يجوز حذفه، فهو المنادى فى المعنى، كأنه قال: يا ناس.
وأجاز المازني نصبه على الموضع، كما يجوز: يا زيد الظريف، على الموضع.
22- وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً..
«خليفة» : فعيلة بمعنى: فاعلة، أي: يخلف بعضهم بعضا.
23- قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ «وأعلم ما تبدون» : يجوز أن يكون «أعلم» فعلا، ويجوز أن يكون اسما، بمعنى: عالم، فيكون «ما» فى موضع(4/12)
خفض بإضافة «أعلم» إليها، كما يضاف اسم الفاعل. ويجوز تقدير التنوين فى اسم الفاعل، لكنه لا ينصرف، فيكون «ما» فى موضع نصب. والكلام فى «أعلم» الثانية كالكلام فى «أعلم» الأولى، كما تقول فى «هؤلاء حواج بيت اللَّه» فينصب «بيتا» يقدر التنوين فى «حواج» .
32- قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ «سبحانك» منصوب على المصدر. والتسبيح: التنزيه للَّه من السوء. فهو يؤدى معنى: «نسبحك تسبيحا» أي: ننزهك ونبرئك.
«إنّك أنت العليم الحكيم» : إن شئت جعلت «أنت» فى موضع نصب تأكيدا للكاف، وإن شئت جعلتها مرفوعة، مبتدأة، و «العليم» خبرها، وهى وخبرها خبر «إن» . وإن شئت جعلتها فاصلة لا موضع لها من الإعراب، و «الحكيم» نعت ل «العليم» . وإن شئت جعلته خبرا بعد خبر «إن» .
34- وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى ...
«للملائكة» : هو جمع «ملك» وأصل «ملك» : مألك، ثم قلبت الهمزة فردت فى موضع اللام فصارت: ملاك. فأصل وزنه «مفعل» ، مقلوب إلى «معفل» . ثم ألقيت حركة الهمزة على اللام فصارت «ملك» ، فلما جمع رد إلى أصله بعد القلب. فلذلك وقعت الهمزة بعد اللام فى «ملائكة» ، ولو جمع على أصله قبل القلب لقيل:
مآلك، على مفاعل.
«إلّا إبليس» : إبليس، نصب على الاستثناء المنقطع، ولم ينصرف لأنه أعجمى معرفة.
وقال أبو عبيدة: هو عربى مشتق من «أبلس» ، إذا يئس من الخير، لكنه لا نظير له فى الأسماء، وهو معرفة فلم ينصرف لذلك.
35- وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «آدم» : أفعل، مشتق من الأدمة، وهو اللون، فلم ينصرف لأنه معرفة، وأصله الصفة، وهو على وزن الفعل.
وقيل: هو مشتق من أديم الأرض، وهو وجهها، وهذا بعيد لأنه يحتمل أن يكون وزنه فاعلا، كطابق.
يجب صرفه إذ ليس فيه من معنى الصفة شىء، و «أفعل» أصلها الصفة.
«رغدا» : نعت لمصدر محذوف تقديره: أكلا رغدا. وهو فى موضع الحال عند ابن كيسان. أعنى المصدر لمحذوف، وحذفت النون من «فتكونا» لأنه منصوب، جوابا للنهى.
ويجوز أن يكون حذف النون للجزم، فهو عطف على: «ولا تقربا» .(4/13)
36- فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ....
«بعضكم لبعض عدوّ» : ابتداء، وخبر منقطع من الأول. وإن شئت فى موضع الحال من الضمير فى اهبطوا» وفى الكلام حذف «واو» استغنى عنها للضمير العائد على المضمر فى «اهبطوا» ، تقديره: قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو أي: اهبطوا وهذه حالكم. وإثباتها فى الكلام حسن، ولو لم يكن فى الكلام عائد لم يجز دف الواو. ولو قلت: لقيتك وزيد راكب، لم يجز حذف الواو فإن قلت: راكب إليك جاز حذف الواو وإثباتها.
37- فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ «إنه هو التّواب الرّحيم» : هو، فى وجوهها بمنزلة «أنت» فى (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الآية: 32 38- قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ «جميعا» ، حال من المضمر فى «اهبطوا» .
«فإمّا يأتينكم» : إما، حرف للشرط بجزم الأفعال، وهى «إن» التي للشرط زيدت معها «ما» للتأكيد، ودخلت النون المشددة للتأكيد أيضا فى «يأتينكم» ، لكن الفعل مع النون مبنى غير معرب.
«هدى» : فى موضع رفع بفعله «فمن تبع هداى» : من، اسم تام للشرط، مرفوع بالابتداء، يجزم ما بعده من الأفعال المستقبلة وجوابها، ويكون الماضي بعده فى موضع جزم.
39- وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «هم فيها خالدون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «أصحاب» ، أو من «النار» ، تقول: زيد ملك الدار وهو جالس فيها، فقولك «وهو جالس» حال من المضمر فى «ملك» ، أي: ملكها فى حال جلوسه فيها.
وإن شئت جعلته حالا من «الدار» لأن فى الجملة ضميرين: أحدهما يعود على «زيد» ، الآخر يعود على «الدار» فحسن الحال منهما جميعا لأجل الضمير.
ولو قلت: زيد ملك الدار وهو جالس، لم يكن إلا حالا من المضمر فى «ملك» لا غير، إذ لا ضمير فى الجملة يعود على «الدار» .
ولو قلت: ملك زيد الدار وهى مبنية، لم تكن الجملة إلا فى موضع الحال من «الدار» ، إذ لا ضمير يعود على المضمر فى «ملك» . فإن زدت «من ماله» ونحوه، جاز أن يكون حالا من المضمر ومن «الدار» ، فكذلك الآية لما كان فى قوله «هم فيها خالدون» ضميران جاز أن يكون حالا منهما جميعا، فقس عليها ما أشبهها، فإنه أصل يتكرر فى القرآن كثيرا.(4/14)
وقد منع بعض النحويين وقوع الحال من المضاف إليه، لو قلت: رأيت غلام هند قائمة، لم يجز عنده، عامل يعمل فى الحال، وأجازه بعضهم لأن لام الملك مقدرة مع المضاف إليه. فمعنى «الملك» هو العامل فى، أو معنى الملازمة، أو معنى المصاحبة فعلى قول من منع الحال من المضاف إليه لا يكون «هم فيها خالدون» من النار، ومثله فى القياس: «أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون» .
40- يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ «إسرائيل» : اسم معرفة أعجمى، ولذلك لم ينصرف.
«وأوفوا» : أصله «أوفيوا» ، على «أفعلوا» ، فردت حركة الياء على الفاء، وحذفت الياء لسكونها تكون الواو بعدها.
«أوف بعهدكم» : جزم لأنه جواب الأمر.
«وإيّاى فارهبون» : إيّاى، منصوب بإضمار فعل، وهو الاختيار لأنه أمر، ويجوز: وأنا فارهبون، على الابتداء والخبر، وهو بمنزلة قولك: زيد فاضربه لأن الياء المحذوفة من «فارهبون» كالهاء فى «اضربه» ، لكن يقدر الفعل الناصب ل «إياى» بعده تقديره: وإياى ارهبوا فارهبون. ولو قدرته قبله لا تصل به، فكنت تقول: فارهبون فارهبون.
41- وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ...
«مصدقا» : حال من الهاء المحذوفة، من «أنزلت» تقديره: أنزلته لأن «ما» بمعنى «الذي» .
وإن شئت جعلته حالا من «ما» فى «بما» .
«أول كافر» : أول اسم لم ينطق به بفعل عند سيبويه، وزنه «أفعل» ، فاؤه واو وعينه واو، ولذلك لم يستعمل منه فعل، لاجتماع الواوات.
وقال الكوفيون: هو «أفعل» من «وأل» ، إذا لجأ، فأصله: أوأل، ثم خففت الهمزة الثانية بأن أبدل منها واو، وأدغمت الأولى فيها. وانتصب «أول» على خبر «كان» . و «كافر» نعت لمحذوف تقديره: أول فريق كافر، ولذلك جاء بلفظ التوحيد، والخطاب لجماعة. وقيل: تقديره: أول من كفر به.
42- وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(4/15)
«وتكتموا الحق» : تكتموا، منصوب لأنه جواب النهى. وحذف النون على النصب والجزم فيه، فيما كان مثله. ويجوز أن يكون مجزوما عطفا على «تلبسوا» .
«وأنتم تعلمون» ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «ولا تلبسوا» .
43- وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ «وأقيموا» : وزنه «أفعلوا» ، وأصله: أقوموا، فنقلت حركة الواو على الفاء فانكسرت، وسكنت الواو فانقلبت ياء لانكسار ما قبلها. والمصدر منه: إقامة. وعلته كعلة «استعانة» 45- وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «واستعينوا» : قياسه فى علته مثل «نستعين» ، والهاء فى قوله «وإنها لكبيرة» تعود على، على الاستعانة.
ودل على «الاستعانة» قوله «واستعينوا» ، وقيل: بل تعود على «الصلاة» ، وهذا أبين الأقوال لقربها منها.
46- الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «إليه» الهاء، تعود على اللَّه جل ذكره. وقيل: بل تعود على «اللقاء» ، لقوله: «ملاقوا ربهم» .
48- وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً «واتقوا يوما» : يوما، مفعول ل «اتقوا» ، و «لا تجزى» وما بعده، من الجملة التي فى أولها «لا» ، كلها صفات ل «يوم» ، ومع كل جملة ضمير محذوف يعود على «يوم» ، ولولا ذلك لم تجز الصفة، تقديره: لا تجزى فيه، ولا تقبل منها شفاعة فيه، ولا يؤخذ منها عدل فيه، ولا هم ينصرون فيه.
وقيل: التقدير: لا تجزيه نفس، فجعل الظرف مفعولا على السعة، ثم حذف الهاء من الصفة، وحذف الهاء أحسن من حذف «فيه» ، ولولا تقدير هذه الضمائر لأضفت «يوما» إلى «تجزى» كما قال (يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) 77: 35، و (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ) 82: 19، وهو كثير، فإذا أضفته فلا يكون ما بعده صفة له، ولا يحتاج إلى تقدير ضمير محذوف. وقد أجمع القراء على تنوينه.
49- وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ «وإذ» : فى موضع نصب، عطف على «نعمتى» الآية: 47 أي: واذكروا إذ نجيناكم وكذلك قوله تعالى (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) الآية: 50: أي: اذكروا إذ فرقنا.
يعدد سبحانه عليهم نعمه المتقدمة على آبائهم «آل فرعون» ، فرعون، معرفة أعجمى، فلذلك لا ينصرف. و «آل» أصله: أهل، ثم أبدل من «الهاء» همزة، فصارت: آل، ثم أبدل من الهمزة ألفا، لانفتاح ما قبلها وسكونها، فإذا صغرته رددته إلى أصله،(4/16)
فقلت: أهيل. وحكى الكسائي: أويل وإذا جمعته قلت: أألون. فأما «الآل» الذي هو السراب، فجمعه:
أأوال، على «أفعال» .
«يسومونكم» : فى موضع الحال من «آل» .
«يذبحون» : حال من «آل» أيضا. وإن شئت من المضمر فى «يسومون» ، وكذلك: «ويستحيون نساءكم» .
51- وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ «موسى» : «مفعل» ، من «أوسيت» ، وقيل: هو من: «ماس يميس» ، ويفتح السين فى الجمع السالم فى الوجهين، عند البصريين، لتدل على الألف المحذوفة.
وقال الكوفيون: إن جعلته «فعلى» ضممت «السين» فى الرفع وفى الجمع، وكسرتها فى النصب والخفض، كقاض.
«أربعين ليلة» : تقديره: تمام أربعين، فهو مفعول ثان.
«ثم اتخذتم العجل من بعده» : المفعول الثاني ل «اتخذتم» محذوف تقديره: ثم اتخذتم العجل من بعده إلها.
«وأنتم ظالمون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «اتخذتم» ، وكذا: «وأنتم تنظرون» 12: 50، فى موضع الحال من المضمر فى «اتخذتم» .
53- وَإِذْ آتَيْنا (انظر الكلام على «إذ» فى الآية السابقة) 54- وَإِذْ قالَ مُوسى (انظر الكلام على «إذ» فى الآية السابقة) 55- وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ...
«جهرة» : مصدر، فى موضع الحال من المضمر فى «قلتم» .
58- وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ....
«رغدا» : مثل الأول (الآية: 35) .
«سجدا» : حال من المضمر، فى «ادخلوا» .
(م 2- الموسوعة القرآنية ج 4)(4/17)
«حطّة» : خبر ابتداء محذوف تقديره: سؤالنا حطة، أو: رغبتنا، ونحوه.
وقيل: هو حكاية أمروا بقولها، مرفوعة، فحكوها، ولو أعلمت «القول» لنصبت.
«خطاياكم» : جمع: خطية. وسيبويه يرى أنه لا قلب فيه، ولكنه أبدل من الهمزة الثانية، التي هى لام الفعل، ياء: ثم أبدل منها ألفا، فوزنه، عند سيبويه: فعائل، محولة: من «فعايل» .
وقال الفراء: «خطايا» : جمع: خطية، بغير همز، كهدية وهدايا.
61- وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ «يخرج لنا ممّا تنبت الأرض» : المفعول. محذوف، تقديره: يخرج لنا مأكولا. وقيل: المفعول هو «ما» ، و «من» زائدة.
«من بقلها» : بدل من «مما» بإعادة الخافض، ف «من» الأولى للتبعيض، والثانية للتخصيص.
فى قول ابن كيسان.
«الذي هو أدنى» : قيل: الألف، بدل من همزة، وهو من الدناءة، فالألف على هذا فى «أدنى» بدل من همزة وقيل: هو من «الدون» . وأصله: «أدون» ، ثم قلبت وقيل: هو من «الدنو» أي: أقرب فيكون من: دنا يدنو.
«مصرا» : إنما صرفت لأنها نكرة. وقيل: لأنها اسم للبلد، فهو مذكر.
وقال الكسائي: صرفت لخفتها.
«ما سألتم» : فى موضع نصب. اسم «إن» .
62- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ....
«من آمن» : من، رفع بالابتداء، وهى الشرط.
«فلهم» : جواب الشرط، وهو خبر الابتداء، والجملة خبر «إن» .
ويجوز أن يجعل «من» بدلا من «الذي» ، فيبطل الشرط لأن الشرط لا يعمل فيه ما قبله، ويكون الفاء فى «فلهم» .
دخلت لجواب الإبهام، كما تدخل مع «الذي» ، يقول: إن الذي يأتيك فله درهم، وقال اللَّه جل ذكره (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) 63: 8، فلا بد من محذوف يعود على «الذين» من خبرهم، إذا جعلت «من» مبتدأه، تقديره: من آمن منهم.
63- وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ «ما آتيناكم» : العائد على «ما» محذوف، تقديره: ما آتيناكموه. و «ما» منصوبة ب «أخذوا» ، بمعنى: «الذي»(4/18)
64- ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «فلولا فضل اللَّه» : فضل، مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: فلولا فضل اللَّه عليكم تدارككم ولا يجوز إظهاره عند سيبويه، استغنى عن إظهاره لدلالة الكلام عليه.
«لكنتم» : جواب «لولا» .
65- وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ «خاسئين» : خبر ثان ل «كان» . وإن شئت جعلته نعتا ل «قردة» . وقيل فى جعله نعتا لقردة عدولا عن الأصول، إذ الصفة جمع لمن يعقل والموصوف لما لا يعقل. وإن شئت حالا من المضمر فى «كونوا» .
66- فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «فجعلناها» : تعود «الهاء» على «القردة» .
وقيل: بل تعود على «المسخة» التي دل عليها الخطاب. وقيل: بل تعود على «العقوبة» التي دل عليها الكلام.
وكذلك الاختلاف فى الهاء فى «يديها» و «خلفها» .
68- قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ..
«لا فارض» : يجوز رفعه على إضمار مبتدأ أي: لا هى فارض. ويجوز أن يكون نعتا للبقرة، ومثله:
«ولا بكر» ، ومثله: «لا ذلول» الآية: 71.
«عوان» : رفع على إضمار مبتدأ، أي: هى عوان. ويجوز أن يكون نعتا للبقرة. وعلى إضمار مبتدأ، أحسن.
69- قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها «ادع لنا ربّك» : لغة بنى عامر فى «ادع لنا» كسر العين، لسكونها وسكون الدال قبلها، كأنهم يقدرون أن العين لام الفعل فيجزمونها، وهو فعل مجزوم عند الكوفيين، ومبنى عند البصريين.
«يبين لنا ما لونها» : ما، استفهام، مرفوع بالابتداء. و «لونها» الخبر. ولم يعمل فيها «يبين» إذ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. ولو جعلت «ما» زائدة نصبت «لونها» ، كما قال تعالى «أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ» 28: 28، فخفضت «الأجلين» بإضافة «أي» إليهما. و «ما» زائدة.(4/19)
70- قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ....
«إن البقر تشابه علينا «إن شاء اللَّه» ، إن شرط، وجوابها، «إنّ» وما عملت فيه وقال المبرد: الجواب محذوف.
71- قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ....
«تثير: الأرض» : تثير، فى موضع الحال من المضمر فى «ذلول» .
«ولا تسقى الحرث» : فى موضع النعت للبقرة وإن شئت جعلته خبر ابتداء محذوف أي: وتسقى الحرث.
«مسلّمة» : خبر ابتداء، محذوف أي: وهى مسلمة.
«لاشية فيها» : خبر ثان ل «هى» المضمرة.
وإن شئت جعلت «لاشية فيها» فى موضع النعت ل «بقرة» ، وكذلك «مسلمة» .
وأصل «شية» : وشية، ثم حذفت الواو، كما حذفت فى «يشى» ، ونقلت كسرة الواو إلى الشين.
«الآن جئت بالحقّ» : الآن، ظرف للزمان الذي أنت فيه، وهو مبنى لمخالفته سائر ما فيه الألف وإذ دخلتا فيه لغير عهد ولا جنس.
وقيل: أصل «الآن» . أوان، ثم أبدلوا من الواو ألفا، وحذفت إحدى الألفين لالتقاء الساكنين.
73- فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى....
«كذلك يحيى اللَّه الموتى» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف.
74- ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ «لما يتفجر، لما يشقق، لما يهبط» : ما، فى ذلك كله، فى موضع نصب ب «إن» واللامات، لا مات والجار والمجرور خبر «إن» .(4/20)
75- 75 أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «أن يؤمنوا لكم» : أن، فى موضع نصب تقديره: فى أن يؤمنوا، فلما حذف الخافض تعدى الفعل فنصب.
وقال الكوفيون: «أن» ، فى موضع خفض بإضمار الخافض المقدر فيه، وكذلك الاختلاف فى «أن» حيث وقعت إذا حذف معها حرف الجر.
«يسمعون كلام اللَّه» : يسمعون، خبر «كان» ، و «منهم» نعت ل «فريق» .
ويجوز أن يكون «منهم» الخبر، و «يسمعون» نعت ل «فريق» «وهم يعلمون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «يحرفون» .
76- وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ «ليحاجّوكم» : اللام، لام «كى» ناصبة للفعل بإضمار «أن» ، وهى لام الجر التي تدخل فى الأسماء.
و «أن» المضمرة والفعل مصدر. فهى داخلة فى اللفظ على الفعل وفى المعنى على الاسم وبنو العنبر يفتحون لام «كى» ، وبعض النحويين يقول: أصلها الفتح.
78- وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «ومنهم أمّيّون» : ابتداء وخبر.
«لا يعلمون» : نعت ل «أميين» .
«إلا أمانىّ» استثناء ليس من الأول.
«وإن هم إلا يظنّون» : إن، بمعنى «ما» ، وما بعده ابتداء وخبر، و «إلا» تحقيق النفي. وحينما رأيت «إن» مكسورة مخففة، وبعدها «إلا» ف «إن» بمعنى «ما» .
79- فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ...
«فويل للذين» : ابتداء وخبر. ويجوز نصب «ويل» على معنى: ألزمهم اللَّه ويلا.
و «ويل» : مصدر لم يستعمل منه فعل، لأن فاءه وعينه من حروف العلة، وهو ما يدل على أن الأفعال مشتقة(4/21)
من المصادر ولو كان المصدر مشتقا من الفعل- على ما قال الكوفيون- لم يوجد لهذا المصدر فعل، يشتق منه، «ومثله: «ويح» ، و «ويس» .
81- بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «بلى من كسب سيّئة» : بلى، بمنزلة «نعم» ، إلا أن «بلى» لا تكون إلا جوابا لنفى قد تقدم، و «نعم» لا تكون إلا جوابا لإيجاب تقدم. و «الهاء» فى «أحاطت به» تعود على «من» وقيل: تعود على «الكسب» .
و «من» رفع بالابتداء، وهى شرط. و «أولئك» ابتداء ثان و «أصحاب النار» خبره والجملة خبر عن «من» ، و «هم فيها خالدون» ، ابتداء وخبر فى موضع الحال من «أصحاب» ، أو من «النار» ، على اختلاف فى ذلك.
83- وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ...
«لا تعبدون إلا اللَّه» : تقديره، عند الأخفش: أن لا تعبدوا، فلما حذفت «أن» ارتفع الفعل.
وقيل: هو قسم معناه: واللَّه لا تعبدون.
وهو «فى موضع الحال من، بنى إسرائيل» أي: أخذنا ميثاقهم موحدين. ومثله فى جميع وجوهه:
«لا تسفكون» (الآية: 84) .
«إحسانا» : مصدر أي: أحسنوا إحسانا.
وقيل: هو مفعول، بمعنى: استوصوا بالوالدين إحسانا.
«وقولوا للناس حسنا» : تقديره: قولوا ذا حسن، فهو مصدر.
ومن فتح «الحاء والسين» جعله نعتا لمصدر محذوف، تقديره: قولا حسنا.
وقيل: إن القراءتين على لغتين، يقال: الحسن والحسن، بمعنى. فهما جميعا نعتان لمصدر محذوف.
85- ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(4/22)
«ثم أنتم هؤلاء» أنتم، مبتدأ، وخبره «تقتلون أنفسكم» و «هؤلاء» فى موضع نصب، بإضمار أعنى.
وقيل: «هؤلاء» بمعنى «الذين» ، فيكون خبرا ل «أنتم» ، وما بعده صلته.
وقيل: «هؤلاء» ، منادى، أي: يا هؤلاء. ولا يجيزه سيبويه وقيل: «هؤلاء» خبر «أنتم» ، و «تقتلون» حال من «هؤلاء» لا يستغنى عنها، وكما أن نعت المبهم لا يستغنى عنه، فكذلك حاله.
وقال ابن كيسان: أنتم، ابتداء، و «تقتلون» الخبر. ودخلت» هؤلاء» لتخص به المخاطبين، إذ نبهوا على الحال التي هم عليها مقيمون.
«تظاهرون» : من خفف حذف إحدى التاءين، والمحذوفة هى الثانية، عند سيبويه، وهى الأولى عند الكوفيين.
«أسارى» . أجاز أبو إسحاق فتح الهمزة، مثل: سكارى ومنعه أبو حاتم. وأجاز المبرد: أسراء وهى فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «يأتوكم» .
«وهو محرم عليكم إخراجهم» : هو، كناية عن الخبر والحديث، مبتدأ، و «الإخراج» ، مبتدأ ثان.
و «محرم» خبره، والجملة خبر «هو» ، وفى «محرم» ضمير المفعول الذي لم يسم فاعله يعود على، «الإخراج» .
وإن شئت رفعت «محرما» بالابتداء. ولا ضمير فيه، وإخراجهم «مفعول لم يسم فاعله، يسد مسد خبر «محرم» ، والجملة خبر «هو» .
وإن شئت جعلت «هو» يعود على «الإخراج» ، لتقدم ذكر «يخرجون» ، و «محرم» خبره، و «إخراجهم» بدل من «هو» .
ولا يجوز أن يكون «هو» فاصلة، إذ لم يتقدم قبلها شىء، وهذا مثل قوله «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» الإخلاص: 1، أي: الأمر الحق اللَّه أحد.
«فما جزاء» : ما، استفهام، رفع بالابتداء، و «جزاء» وما بعده خبره.
وإن شئت جعلت «ما» نفيا.
«ويوم القيامة» : ظرف منصوب ب «يردون» .
89- وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ(4/23)
و «لما جاءهم كتاب» : جواب «لما» محذوف، تقديره: نبذوه، أو: كفروا به.
وقيل: «كفروا به» المذكور، جواب «لما» الأولى والثانية.
90- بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ...
«بئسما اشتروا به أنفسهم» : ما، فى موضع رفع ب «بئس» ، و «أن يكفروا» بدل من «ما» ، و «أن» فى موضع رفع.
وقيل: «أن» بدل من الهاء فى «به» ، وهى موضع خفض.
وقيل: هى فى موضع رفع على إضمار مبتدأ.
وقال الكوفيون: «بئس» و «ما» اسم واحد فى موضع رفع.
وقال الأخفش: «ما» نكرة، موضعها نصب على التفسير.
وقيل: «ما» نكرة، و «اشتروا به أنفسهم» نعت ل «ما» ، و «أن» فى موضع رفع بالابتداء، أو على إضمار مبتدأ، كما تقول: بئس رجلا ظريفا زيد.
وقال الكسائي: الهاء فى «به» تعود على «ما» المضمرة، و «ما» الظاهرة موضعها نصب، وهى فكرة تقديره: بئس شيئا ما اشتروا به.
«بغيا أن ينزل» : بغيا، مفعول من أجله، وهو مصدر، و «أن» فى موضع نصب، بحذف حرف الخفض منه تقديره: بأن ينزل اللَّه.
91-..... وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ ...
«مصدقا» : حال من «الحق» ، مؤكدة، ولولا أنها مؤكدة ما جاز الكلام، كما لا يجوز: هو زيد قائما لأن «زيدا» قد يخلو من القيام، وهو زيد بحاله و «الحق» لا يخلو أن يكون مصدقا لكتاب اللَّه.
94- قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «خالصة» : خبر كان وإن شئت نصبتها على الحال من «الدار» ، وجعلت «عند اللَّه» خبر «كان» .
«إن كنتم صادقين» : شرط، وما قبله جوابه..
96- وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ....
«وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر» : هو، كناية عن «أحد» ، وهو مبتدأ، و «أن يعمر» فى موضع رفع لأنه فاعل رفعته ب «مزحزح» ، و «الجملة خبر «هو» .(4/24)
ويجوز أن يكون «هو» كناية عن التعمير، مبتدأ، و «أن يعمر» بدلا من «هو» ، و «بمزحزحه» خبر الابتداء.
وأجاز الكوفيون أن يكون «هو» مجهولا مبتدأ، بمعنى الحديث والأمر، وما بعده ابتداء وخبره فى موضع خبر «هو» .
ودخول الباء فى «بمزحزحه» يمنع من هذا التأويل لأن المجهول لا يفسر إلا بالجمل السالمة من حروف الخفض.
100- أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «أو كلّما» : الواو، عند سيبويه، واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
وقال الأخفش: «الواو» زائدة.
وقال الكسائي: هى «أو» حركت الواو منها. ولا قياس لهذا القول.
كلما» على الظرف، والعامل فعل دل عليه «نبذه» .
101- وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ «كأنهم» : الكاف، حرف تشبيه لا موضع لها من الإعراب. وموضع الجملة موضع رفع نعت ل «فريق» .
102- وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «يعلمون النّاس» : هو فى موضع حال من «الشياطين» ، أو من المضمر فى «كفروا» ، وهو أولى وأحسن أي: كفروا فى حال تعليمهم السحر للناس.
وإن شئت جعلته خبرا ثانيا ل «لكن» ، فى قراءة من شدد النون.
وإن شئت جعلت «يعلمون» بدلا من «كفروا» لأن تعليم السحر كفر فى المعنى «وما أنزل على الملكين» : ما، فى موضع نصب، عطف على «واتبعوا ما» .
وقيل: هى حرف ناف أي: لم ينزل على الملكين ببابل شىء.
«فيتعلمون» : معطوف على «يعلمان» .
وقيل: تقديره: فيأتون فيتعلمون. ولا يجوز أن يكون جوابا لقوله «فلا تكفر» .(4/25)
وقيل: هو معطوف على «يعلمون» . ومنع هذا أبو إسحاق وأحسنه أن يكون ف «يتعلمون» مستأنفا.
«لمن اشتراه» : من، فى موضع رفع بالابتداء، وخبره «ماله فى الآخرة من خلاق» ، و «من خلاق» مبتدأ، و «من» زيدت لتأكيد النفي، و «له» خبر الابتداء، والجملة خبر «من» ، واللام لام الابتداء، وهى لام التوكيد، يقطع ما بعدها مما قبلها، ولا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها، كحرف الاستفهام، وكالأسماء التي يجزم بها فى الشرط، وإنما يعمل فى ذلك ما بعده. ومنه قوله «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» 26: 27، ف «أي» نصب ب «ينقلبون» لا ب «سيعلم» .
103- وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «ولو أنّهم آمنوا» : أن، فى موضع رفع بفعل مضمر تقديره: ولو وقع إيمانهم و «لو» حقها أن يليها الفعل، إما مضمرا وإما مظهرا لأن فيها معنى الشرط، والشرط بالفعل أولى وكذلك قوله «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ» 9: 6، ف «أحد» مرفوع بفعل مضمر تقديره: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، وكذلك عند البصريين «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» 84: 1، و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» 81: 1، و «إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ» 82: 1، وشبه ذلك، كله مرفوع بفعل مضمر لأن، «إذا» فيها معنى المجازاة، فهى بالفعل أولى، فالفعل مضمر بعدها، وهو الرافع للاسم، وهو كثير فى القرآن، ولا بد ل «لو» من جواب مضمر أو مظهر، وإنما لم تجزم «لو» ، على ما فيها من معنى الشرط، لأنها لا تجعل الماضي بمعنى المستقبل، فامتنعت من العمل، والجواز لذلك.
«لمثوبة» : مبتدأ، و «خير» خبره، واللام جواب «لو» .
104- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا ...
«راعنا» : فى موضع نصب بالقول، ومن نونه جعله مصدرا أي: لا تقولوا رعونة.
105- ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ «من خير من ربكم» : من خير، فى موضع رفع، مفعول لم يسم فاعله ب «ينزل» ، و «من» زائدة لتأكيد النفي.
و «من ربكم» : من، لابتداء الغاية، متعلقة ب «ينزل» .(4/26)
106- ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها «ما ننسخ من آية أو ننسها» : ما، شرط، فهى فى موضع نصب ب «ننسخ» ، و «من» زائدة للتأكيد وموضع آية «نصب» ب «ننسخ» ، «أو ننسها» عطف على «ننسخ» ، «نأت» جواب الجزاء.
108- أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ «كما سئل موسى» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: سؤالا كما.
109- وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ...
«كفّارا» : مفعول ثان ل «يردونكم» .
وإن شئت حالا من الكاف والميم فى «يردونكم» .
«حسدا» : مصدر.
«من عند أنفسهم» : من، متعلقة ب «حسدا» ، فيجوز الوقوف على «كفارا» ، ولا يوقف على «حسدا» .
وقيل: هى متعلقة ب «ود كثير» ، فلا يوقف على «كفارا» ، ولا على «حسدا» .
111- وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى ...
«هودا» : جمع: هائد» ، وهو التائب.
وقال الفراء: «هود» أصله: «يهودى» ثم حذف ولا قياس يعضد هذا القول.
114- وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ «أن يذكر فيها اسمه» : أن، فى موضع نصب. بدلا من «مساجد» ، وهو بدل الاشتمال.
وقيل: هو مفعول من أجله.
«إلا خائفين» : حال من المرفوع فى «يدخلونها» .
117- وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «فيكون» : من نصبه جعله جوابا لكن فيه بعد فى المعنى.
ومن رفعه قطعه على معنى: فهو يكون. (وانظر: الآية: 40 من سورة النحل) .
118- ... كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ(4/27)
كذلك نصب فى موضع نعت لمصدر محذوف، أي: قولا مثل ذلك قال الذين من قبلهم.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على الابتداء، وما بعد ذلك الخبر.
«مثل قولهم» : نصب ل «قال» . وإن شئت جعلته نعتا لمصدر محذوف.
119- إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ «بشيرا ونذيرا» . حال من الكاف فى «أرسلناك» .
121- الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «الذين» ، مبتدأ، وخبره «أولئك يؤمنون به» ، و «يتلونه» حال من «الكتاب» ، أو من المضمر المنصوب فى «آتيناهم» ، ولا يجوز أن يكون الخبر «يتلونه» لأنه يوجب أن يكون كل من أوتى الكتاب يتلوه حق تلاوته، وليس هم كذلك، إلا أن تجعل «الذين أوتوا الكتاب» : الأنبياء، فيجوز ذلك.
«حق تلاوته» : مصدر، أو نعت لمصدر محذوف، وهو أحسن.
123- وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ...
«واتّقوا يوما لا تجزى» : مثل الأول فى حذف الضمير من النعت، متصلا أو منفصلا (وانظر الآية: 48) 126- وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «من آمن منهم باللَّه» : من، بدل من «أهله» ، بدل بعض من كل.
«قال ومن كفر» : من، فى موضع نصب، «أي» : وأرزق من كفر فأمتعه.
ويجوز أن يكون من الشرط، وينصبها بفعل مضمر بعدها، أي: ومن كفر أرزق، و «فأمتعه» جواب الشرط، ارتفع لدخول الفاء.
ويجوز أن يكون «من» رفعا بالابتداء، و «فأمتعه» خبره والكلام شرط أيضا وجواب 130- وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «إلّا من سفه نفسه» : أي: فى نفسه، فنصب لما حذف حرف الجر.
وقيل: معنى «سفه» : جهل وضيع، فتعدى فنصب «نفسه» .
وقال الفراء: نصب «نفسه» على التفسير.(4/28)
«وإنّه فى الآخرة لمن الصّالحين» : فى، متعلقة بمضمر تقديره: وإنه صالح فى الآخرة لمن الصالحين. ولا يحسن تعلق «فى» «بالصالحين» ، لأن فيه تقديما، وأصله على موصول.
وقيل: قوله: «فى الآخرة» بيان، فيقدم على ذلك.
وقيل: الألف واللام فى «الصالحين» ليستا بمعنى «الذي» ، إنما هما للتعريف، فحسن تقدم حرف الجر عليه، وهو متعلق به، وإن كان مقدما.
133- أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» : إله، بلفظ الواحد، فيحتمل أن يكون واحدا.
و «إبراهيم» بدل منه، و «إسماعيل وإسحاق» عطف عليه.
ويحتمل نصب «إبراهيم» على إضمار «أعنى» ، ويعطف عليه ما بعده. وهى أسماء لا تنصرف للعجمة والتعريف.
وجمع «إبراهيم» و «إسماعيل» : براهيم، وسماعيل. وقيل: براهمة، وسماعلة. والهاء بدل من ياء.
وقال المبرد: جمعها: أباره، وأسامع، وأباريه، وأساميع. فأما إسرائيل. فجمعه: أساريل.
وقال الكوفيون: أسارلة، وأساريل.
«إلها واحدا» : بدل من «إلهك» . وإن شئت جعلته حالا منه.
134- تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ «تلك أمّة قد خلت» : ابتداء وخبر. و «قد خلت» نعت ل «أمة» ، وكذلك «لها ما كسبت» نعت ل «أمة» أيضا. ويجوز أن يكون منقطعا لا موضع له من الإعراب.
135- وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «بل ملّة إبراهيم حنيفا» : انتصب «ملة» على إضمار فعل تقديره: بل نتبع ملة و «حنيفا» حال من «إبراهيم» لأن معنى «بل نتبع ملة إبراهيم» : بل نتبع إبراهيم.
وقيل: انتصب على إضمار «أعنى» ، إذ لا يقع الحال من المضاف إليه.
138- صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ «صبغة اللَّه» : بدل من «ملة إبراهيم» .(4/29)
وقيل: هو منصوب على الإغراء أي: اتبعوا صبغة اللَّه أي: دين اللَّه.
«صبغة» : نصب على التمييز.
143- ... وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ...
«وإن كانت لكبيرة» : كبيرة، «خبر» ، واسم «كان» مضمر فيها أي: وإن كانت التولية نحو المسجد الحرام لكبيرة. و «إن» بمعنى «ما» ، «واللام» بمعنى «إلا» .
147- الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «الحقّ من ربك» : أي: هو الحق، أو هذا الحق، فهو خبر ابتداء.
وإن شئت رفعته بالابتداء وأضمرت الخبر، تقديره: الحق من ربك يتلى عليك، أو يوحى إليك، ونحوه.
148- لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
«ولكل وجهة» : وجهة، مبتدأ، و «لكل» الخبر أي: ولكل أمة قبلة هو موليها.
«هو موليها» : ابتداء وخبر أي: اللَّه موليها إياهم. فالمفعول الثاني ل «مولى» محذوف. وقوله «هو» ضمير، اسم اللَّه جل ذكره. وقيل: هو ضمير «كل» أي: هو موليها نفسه.
فأما قراءة ابن عامر «هو مولاها» فلا يقدر فى الكلام حذف لأن الفعل قد تعدى إلى مفعولين فى اللفظ، أحدهما: مضمر قام مقام الفاعل، مفعول لم يسم فاعله، يعود على «هو» ، والثاني: هو «الهاء والألف» ، يرجع على الوجه.
وقيل: إنها على المصدر، أي مولى التولية.
واللام فى «لكل» تتعلق ب «مولى» ، وهى زائدة كزيادتها فى «ردف لكم» 27: 27، أي: ردوفكم.
«وهو» ضمير «فريق» ، كأنه قال: الفريق مولى لكل وجهة، أي: مولى كل وجهة هذا التقدير على قول من جعل الهاء للمصدر.
151- كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ ...
«كما أرسلنا» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: اهتداء مثل ما أرسلنا، وإما ما مثل ما أرسلنا، لأن قبلها «يهتدون» (الآية: 150) ، وقبلها «ولأتم» (الآية: 150) ، فتحملها على مصدر أيهما شئت.(4/30)
وإن شئت جعلتها نعتا لمصدر: «فاذكرونى» (الآية: 152) ، وفيه بعد لتقدمه.
وإن شئت جعلت «الكاف» فى موضع نصب على الحال من «الكاف والميم» فى «عليكم» .
154- وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ «أموات بل أحياء» : ارتفعا على إضمار مبتدأ أي: هم أموات بل هم أحياء.
158- إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ «فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما» : قرأ ابن عباس، رضى اللَّه عنه: فلا جناح عليه أن يطاف بهما، وأصله «يطتوف» على وزن «يفتعل» ، ثم أبدل من تاء الافتعال طاء، وأدغم الطاء فيها، وقلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
«ومن تطوّع» : يحتمل أن تكون «من» للشرط، فموضع «تطوع» جزم معناه، الاستقبال، وجواب الشرط «فإن اللَّه شاكر عليم» .
ويحتمل أن تكون «من» بمعنى: الذي، فيكون «تطوع» فعلا ماضيا على بابه، ودخلت الفاء فى «فإن» لما فى «الذي» من معنى الإبهام. وهذا على قراءة من خفف الطاء، فأما من شددها وقرأ بالياء، ف «من» للشرط لا غير، والفعل مجزوم به.
161- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ «أولئك عليهم لعنة اللَّه» : لعنة، مبتدأ، و «عليهم» خبره، «والجملة خبر «أولئك» .
وقرأ الحسن: عليهم لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعون، عطف «الملائكة» و «الناس» على موضع اسم «اللَّه» لأنه فى موضع رفع تقديره: أولئك لعنهم اللَّه، كما تقول: كرهت قيام زيد وعمرو وخالد لأن «زيدا» فى موضع رفع.
162- خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ «خالدين» : حال من المضمر فى «عليهم» ، وكذلك. «لا يخفف عنهم العذاب» ، هو حال من المضمر فى «خالدين» ، وكذلك: «ولا هم ينظرون» ، هو ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «خالدين» ، أو من المضمر فى «عنهم» .(4/31)
وإن شئت جعلت «لا يخفف» وما بعده منقطعا من الأول، لا موضع له من الإعراب..
163- وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ «وإلهكم إله واحد» : ابتداء وخبر، ف «إلاه» بدل من «إلهكم» أي: معبودكم معبود واحد، كما تقول: عمرو شخص واحد.
165- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ «يحبونهم» : فى موضع الحال من المضمر فى «يتخذ» ، والمضمر عائد على «من» ، فوحد على لفظ «من» وجمع فى «يحبون» ، رده على معنى «من» .
وإن شئت جعلته نعتا ل «أنداد» .
وإن شئت جعلته فى موضع رفع نعتا ل «من» ، على أن «من» نكرة.
وإنما حسن هذا كله لأن فيه ضميرين: أحدهما يعود على الأنداد» ، والآخر على «من» ، و «من» هو الضمير فى «يتخذ» .
«كحبّ اللَّه» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف أي: حبا مثل حبكم اللَّه.
«أن القوة للَّه» : أن، موضع نصب ب «يرى» ، على قراءة من قرأ بالياء و «يرى» بمعنى «يعلم» ، وسدت «أن» مسد المفعولين.
وإن شئت جعلت «يرى» من رؤية العين، فتكون «أن» مفعولا به، وجواب «لو» محذوف، تقديره: لندموا، أو: لخسروا، ونحوه.
فأما من قرأ «ترى» بالتاء، فهو من رؤية العين، ولا يجوز أن يكون بمعنى «علمت» لأنه يجب أن يكون مفعولا ثانيا، والثاني فى هذا الباب هو الأول، وليس الأمر على ذلك، والخطاب للنبى- صلى اللَّه عليه وسلّم- «الذين ظلموا» مفعول «ترى» ، و «أن» مفعول من أجله.
وقيل: «أن» ، فى موضع نصب على إضمار فعل دل عليه، لأنها تطلب الجواب، فجوابها هو الناصب ل «لأن» تقديره:
ولو ترى يا محمد الذين ظلموا حين يرون العذاب لعلمت أن القوة للَّه، أو لعلموا أن القوة للَّه. والعامل فى «إذ» : «يرى» ، وإنما جاءت «إذ» هنا، وهو لما مضى، ومعنى الكلام لما يستقبل لأن أخبار الآخرة من اللَّه جل ذكره كالكائنة(4/32)
الماضية، لصحة وقوعها وثبات كونها على ما أخبر به الصادق، لا إله إلا هو، فجاز الإخبار عنها بالماضي، إذ هى فى صحة كونها كالشىء الذي قد كان ومضى، وهو كثير فى القرآن.
166- إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ «إذ تبرأ» : العامل فى «إذ» : «شديد العذاب» (الآية: 165) أي: حين نبرأ.
ويجوز أن يكون العامل فعلا مضمرا أي: اذكر يا محمد إذ تبرأ. وهو مثل الأول فى وقوع «إذ» لما يستقبل، ومعناه الذي وضعت له الماضي.
167- وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ «كما تبرءوا منا» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: تبريا مثل ما تبرءوا منا.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من المضمرين فى «تبرءوا» تقديره: فنتبرأ منهم مشبهين تبرئهم منا.
«كذلك يريهم اللَّه أعمالهم حسرات» : الكاف، فى موضع رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره: الأمر كذلك، فيحسن الوقوف عليها والابتداء بها، على هذا.
وقيل: الكاف فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: رؤية مثل ذلك يريهم اللَّه، فلا تقف عليها ويبتدأ بها. و «حسرات» نصب على الحال لأن «يريهم» من رؤية البصر، وهو حال من الهاء والميم فى «يريهم» ، ولو كان من «العلم» لكان «حسرات» مفعولا ثالثا.
168- يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً..
«حلالا طيّبا» : هو نعت لمفعول محذوف أي: كلوا شيئا حلالا طيبا من المأكول الذي فى الأرض.
وقيل: هو مفعول «كلوا» .
وقيل: حال من «مما فى الأرض» .
170- وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ «أو لو كان آباؤهم» : الواو، واو عطف، والألف، للتوبيخ، ولفظها لفظ الاستفهام وجواب «لو» محذوف تقديره: أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون يتبعونهم على خطئهم وضلالتهم؟.
(م 3- الموسوعة القرآنية ج 4)(4/33)
171- وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ «إلا دعاء ونداء» : نصب ب «يسمع» .
«صمّ» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هم صم.
173- إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «إنّما حرّم عليكم الميتة» : ما، كافة ل «إن» عن العمل، ونصبت «الميتة» وما بعدها ب «حرم» .
ولو جعلت «ما» بمعنى «الذي» لأضمرتها مع «حرم» ، ولرفعت «الميتة» وما بعدها على خبر «إن» .
«غير باغ» : نصب على الحال من المضمر فى «اضطر» ، «وباغ» و «عاد» بمنزلة: قاض.
175- أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ «فما أصبرهم» : ما، موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها ويحتمل أن تكون استفهاما، وأن تكون تعجبا، يعجّب اللَّه المؤمنين من جزاء الكافرين على عمل يقربهم إلى النار وكذلك معنى الاستفهام.
177- لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ..
«ليس البر أن تولوا» : البر، اسم «ليس» ، و «أن تولوا» الخبر. ومن نصب «البر» جعل «أن تولوا» اسم «ليس» .
«ولكن البر من آمن باللَّه» : من خفف: النون من «لكن» فالتقدير: ولكن البر بر من آمن، ثم حذف المضاف، و «والبر» الأول هو الثاني.
وقيل: التقدير: ولكن ذو البر من آمن، ثم حذف المضاف أيضا.
ومن شدد النون من «لكن» نصب «البر» ، والتقديرات على حالها.
وإنما احتيج إلى هذه التقديرات ليصح أن يكون الابتداء هو الخبر، إذ الجثث لا تكون خبرا عن المصادر، لا المصادر خبرا عنها.(4/34)
«على حبّه» ، الهاء، تعود على المؤمن المعطى للمال، والمفعول محذوف أو: على حبه المال.
وقيل: «الهاء» تعود على «المال أي: آتى المال على حب المال فأضيف المصدر إلى المفعول، كما تقول:
عجبت من أكل زيد الخبز.
وقيل: «الهاء» تعود على «الإيتاء» أي: وآتى المال على حب الإيتاء.
فإذا كانت «الهاء» ل «المؤمن» جاز أن ينصب «ذوى القربى» بالحب أي: على حب المؤمن ذوى القربى.
وفى الأوجه الأخر تنصب «ذوى القربى» ب «آتى» .
وقيل: «الهاء» تعود على «اللَّه» جل ذكره أي: وآتى المال على حب اللَّه، وعاد الضمير على «اللَّه» لتقدم ذكره فى «آمن باللَّه» .
«والموفون» : عطف على المضمر فى «آمن» ، فى قوله «من آمن» .
«وقيل: ارتفعوا على إضمار «فهم» : على المدح للمضمرين، والمدح داخل فى الصلة.
«والصّابرين» : نصب على إضمار «أعنى» ، أو على العطف على «ذوى القربى» ، فإذا عطفتهم على «ذوى» لم يجز أن يرفع «والموفون» إلا على العطف على المضمر فى «آمن» ، ولا يرفع على العطف على «من» لأنك تفرق بين الصلة والموصول فتعطف «والموفون» على المضمر فى «آمن» ، فيجوز أن يعطف «والصابرين» على «ذوى» ، فإن نصبت «الصابرين» على «أعنى» ، جاز عطف «والموفون» على «من» ، وعلى الضمير فى «آمن» ، وأن ترفع على: «وهم» .
178- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ...
«فمن عفى له من أخيه شىء» : الهاء، فى «له» تعود على «من» ، و «من» اسم القاتل، وكذلك الهاء فى «أخيه» ، والأخ ولى المقتول، و «شىء» يراد به الدم.
وقيل: «من» اسم المولى والأخ، هو القاتل، و «شىء» يراد به الدية وترك القصاص، فنكر «شىء» لأنه فى موضع «عفو» ، و «عفو» نكرة.(4/35)
180- كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «الوصيّة للوالدين» : الوصية، رفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي: فعليكم الوصية، ويبعد رفعها ب «كتب» ، لأنها تصير عاملة فى «إذا» ، ف «إذا» فى صلة الوصية، فقد قدمت الصلة على الموصول، والمفعول الذي لم يسم فاعله ل «كتب» مضمر دلت عليه الوصية تقديره: كتب عليكم الإيصاء إذا حضر، فالإيصاء عامل فى «إذا» ، و «كتب» جواب لها، و «إذا» وجوابها جواب الشرط فى قوله «إن ترك خيرا» .
وقد قال الأخفش: إن «الفاء» مضمرة مع الوصية، وهى جواب الشرط، كأنه قال: فالوصية للوالدين.
فإن جعلت «الوصية» اسما غير مصدر جاز رفعها ب «كتب» ، ولا يجوز أن يكون «كتب» عاملا فى «إذا» لأن الكتاب لم يكتب على العبد وقت موته، بل هو شىء قد تقدم فى اللوح المحفوظ، فالإيصاء هو الذي يكون عند حضور الموت، فهو العامل فى «إذا» .
وأجاز النحاس رفع «الوصية» ب «كتب» ، على أن تقدرها بعد لفظ الموت، وتجعلها وما بعدها جوابا للشرط، فتنوى لها التقديم.
وهذا بعيد، لا يجوز أن يكون الشيء فى موضعه فتنوى به غير موضعه وأيضا فإنه ليس فى الكلام ما يعمل فى «إذا» ، إذا رفعت الوصية ب «كتب» . وفيه نظر.
«حقّا» : مصدر، ويجوز فى الكلام الرفع على معنى: هو حق.
181- فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ الهاء فى قوله «فمن بدله» ، وما بعدها من الهاءات الثلاث، يعدن على الإيصاء إذ الوصية تدل على الإيصاء.
وقيل: يعدن على الكتب لأن «كتب» تدل على «الكتب» .
183- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «كما كتب على الذين من قبلكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: كتبا كما كتب على الذين أو: صوما كما كتب.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من «الصيام» تقديره: كتب عليكم الصيام مشبها لما كتب على الذين من قبلكم.(4/36)
ويجوز أن يكون فى موضع رفع نعت للصيام، إذ هو عام اللفظ لم يأت بيانه إلا فيما بعده.
فإذا جعلت «الكاف» نعتا للصيام نصبت «أياما معدودات» بالصيام لأنه كله داخل فى صلته، ولا يجوز نصب «أيام معدودات» بالصيام على الأوجه الأخر التي فى الكاف لأنك تفرق بين الصلة والموصول، إذ الكاف وما بعدها لا تكون داخلة فى صلة «الصيام» ، و «أياما» إذا نصبتها بالصيام، هى داخلة فى صلة الصيام، فقد فرقت بين الصلة والموصول، ولكن تنصب «أياما» ب «كتب» ، تجعلها مفعولا على السعة.
فإن جعلت نصب «الأيام» على الظرف، والعامل فيها «الصيام» ، جاز جميع ما امتنع، إذا جعلت «الأيام» مفعولا بها لأن الظروف يتسع فيها وتعمل فيها المعاني، وليس كذلك المفعولات.
وفى جواز ذلك فى الظروف اختلاف.
184- أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ...
«فعدة» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: فعليه عدة.
ولو نصب فى الكلام جاز، على تقدير: فليصم عدة.
«فدية» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف، تقديره: فعليه فدية.
ومن نون جعل «طعام» بدل من «فدية» ، ومن لم ينون أضاف «الفدية» إلى «طعام» .
185- شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» : شهر رمضان، رفع بالابتداء. و «الذي أنزل فيه القرآن» خبره. ومن نصبه فعلى الإغراء أي: صوموا شهر رمضان، ويكون «الذي» نعته. ولا يجوز نصبه ب «تصوموا» لأنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر، وهو «خير لكم» .
والهاء فى قوله «أنزل فيه القرآن» يرجع على «شهر رمضان» ، على معنيين:
أحدهما: أن يكون المعنى: الذي أنزل القرآن إلى سماء الدنيا جملة فيه، فيكون «فيه» ظرفا لنزول القرآن.
والثاني: أن يكون المعنى: الذي أنزل القرآن بفرضه، كما تقول قد أنزل اللَّه قرآنا فى عائشة، رضى اللَّه عنها، فلا يكون «فيه» ظرفا لنزول القرآن، إنما يكون معدى إليه الفعل بحرف، كقوله تعالى (واهجروهن فى المضاجع)(4/37)
النساء: 34 أي: من أجل تخلفهن عن المضاجع، فليس «فى المضاجع» ظرفا للهجران، إنما هو سبب للهجران معناه: واهجروهن من أجل تخلفهن عن المضاجعة معكم.
«هدى للنّاس وبينات» : حالان من «القرآن» .
«فمن شهد منكم الشهر» : الشهر، نصب على الظرف، ولا يكون مفعولا به لأن «الشهادة» بمعنى الحضور فى المصر والتقدير: فمن حضر منكم المصر فى الشهر.
ولتكملوا العدّة» أي: ويريد اللَّه لتكملوا العدة.
وقيل: المعنى: ولتكملوا العدة فعل ذلك، فاللام متعلّقة بفعل مضمر فى أول الكلام، أو فى آخره.
186- وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ «دعوة» : خبر ثان ل «إن» ، و «قريب» خبر أول.
187- أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ ...
«ليلة الصّيام الرّفث» : ليلة، ظرف للرفث، وهو الجماع، والعامل فيه «أحل» ، و «الرفث» مفعول لم يسم فاعله.
«وأنتم عاكفون فى المساجد» : ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «ولا تباشروهن» .
188- وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ ...
«وتدلوا بها إلى الحكّام» : جزم على العطف على «تأكلوا» .
ويجوز أن يكون «تدلوا» منصوبا، تجعله جوابا المنهي بالواو.
189- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى ...
«ولكنّ البرّ من اتّقى» : مثل الأول فى جميع وجوهه (الآية: 175 فأما قوله «وليس البر بأن تأتوا» فلا يجوز فى «البر» إلا الرفع، لدخول التاء فى الخبر.(4/38)
196- وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ...
«فما استيسر من الهدى» : ما، فى موضع رفع بالابتداء أي: فعليه ما استيسر.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب، على تقدير: فليهد ما استيسر.
197- الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ ...
«الحج أشهر معلومات» : ابتداء وخبر، وفى الكلام حذف مضاف، فيكون الابتداء هو الخبر فى المعنى تقديره: أشهر الحج أشهر معلومات، ولولا هذا الإضمار لكان القياس نصب «أشهر» على الظرف، كما تقول: القيام اليوم، والخروج الساعة.
«فلا رفث ولا فسوق» : من نصب فعلى التبرية، مثل: لا ريب فيه ومن رفع جعل «لا» بمعنى «ليس» ، وخبر «ليس» محذوف أي: ليس رفث فيه.
198- لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ ...
«عرفات» : أجمع القراء على تنوينه لأنه اسم لبقعة، وقياس النحو أنك لو سميت امرأة ب «مسلمات» لتركت التنوين على حاله ولم تحذفه لأنه لم يدخل فى هذا الاسم فرقا بين ما ينصرف وما لا ينصرف، وإنما هو كحرف من الأصل. وحكى سيبويه أن بعض العرب تحذف التنوين من «عرفات» ، لما جعلها اسما معرفة حذف التنوين، وترك التاء مكسورة فى النصب والخفض.
وحكى الأخفش والكوفيون فتح التاء من غير تنوين فى النصب والخفض، أجروها مجرى هاء التأنيث، فى: فاطمة، وعائشة.
«كما هداكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، أي: هديا كهديكم 200- فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ...
«كذكركم آباءكم» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف، أي: ذكرا كذكركم.
ويجوز أن تكون الكاف فى موضع الحال من المضمر فى «فاذكروا» أي: فاذكروه مشبهين ذكركم آباءكم «أو أشد ذكرا» : أشد، فى موضع خفض عطف على «كذكركم» .
ويجوز أن يكون منصوبا على إضمار فعل تقديره: واذكروه ذكرا أشد ذكرا من ذكركم لآبائكم، فيكون نعتا لمصدر فى موضع الحال أي: اذكروه مبالغين فى الذكر له.(4/39)
203- وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ...
«لمن اتقى» : اللام، متعلقة «بالمغفرة» ، أي: المغفرة لمن اتقى المحرمات.
وقيل: لمن اتقى الصيد.
وقيل: تقديره: الإباحة فى التأخير والتعجيل لمن اتقى.
وقيل: الذكر لمن اتقى.
204- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وهو ألد الخصام «ألد الخصام» : هو جمع «خصم» . وقيل: هو مصدر «خاصم» .
208- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ...
«كافة» : نصب على الحال من المضمر فى «ادخلوا» ، ومعناه: لا يمنع أحد منكم من الدخول أي: يكف بعضكم بعضا من الامتناع.
211- سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ...
«كم آتيناهم» : كم، فى موضع نصب بإضمار فعل بعدها تقديره: كم أتينا آتيناهم.
«من آية» : فى موضع المفعول الثاني ل «آتيناهم» ، ويجوز أن يجعل «كم» مفعولا ثانيا ل «آتيناهم» .
وإن شئت جعلتها فى موضع رفع على إضمار عائد تقديره: كم آتيناهموه، وفيه ضعف لحذف الهاء، وهو بمنزلة قولك: أيها أعطيتكه، فترفع.
والاختيار: النصب بإضمار فعل بعد «أي» ، تقديره: أيها أعطيتك، ويصح الرفع مع حذف الهاء، ولم يجزه سيبويه إلا فى الشعر، ولا يجوز أن يعمل «سل» فى «كم» لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، فالرفع فى «كم» بعيد، لحذف الهاء، ولا يعمل فى «كم» ما قبلها، وهو «سل» لأن لها صدر الكلام، إذ هى استفهام، ولا يعمل ما قبل الاستفهام فيه، وإنما دخلت «من» مع «كم» ، وهى استفهام، للتفرقة بينهما وبين المنصوب.
و «كم» : اسم غير معرب لمشابهته الحروف لأنه يستفهم به كما يستفهم بالألف، ولو حذفت «من» نصبت «آية» على التفسير، إذا جعلت «كم» مفعولا ثانيا ل «آتينا» .
213- كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ...(4/40)
«مبشّرين ومنذرين» : حالان من «النبيين» .
«بغيا بينهم» : مفعول من أجله.
214- أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ «أن تدخلوا الجنة» : أن، فى موضع المفعولين ل «حسب» .
«حتى» : كتبت بالياء، لأنها أشبهت «سكرى» ، وقد أمالها نصير عن الكسائي، ولا تكتب إلا بالياء، ولا تكتب «أما» بالياء قياسا على «حتى» لأنها «أن» ضمت إليها «ما» .
«يقول الرسول» : من رفع «يقول» فلأنه فعل قد ذهب وانقضى، وإنما نخبر عن الحال التي كان عليها الرسول فيما مضى، فالفعل دال على الحال التي كانوا عليها فيما مضى، ف «حتى» داخلة على جملة فى المعنى، وهى لا تعمل فى الجمل.
ويجوز فى الكلام أن ترفع وتخبر عن الحال التي هى الآن، وذلك مثل قولك: مرض حتى لا يرجونه أي:
مرض فيما مضى حتى هو الآن لا يرجى، فتحكى الحال التي هو عليها، فلا سبيل للنصب فى هذا المعنى، ولو انتصبت لا نقلب المعنى وصرت تخبر عن فعلين قد مضيا وذهبا، ولست تحكى حالا كان عليها، وتقديره: أن تحكى حالا كان النبي عليها فتقديره: وزلزلوا حتى قال الرسول، كما تقول: سرت حتى أدخلها: أي: كنت سرت فدخلت، فصارت «حتى» داخلة على جملة، وهى لا تعمل فى الجمل، فارتفع الفعل بعدها، ولم تعمل فيه.
فأما وجه من نصب، فإنه جعل «حتى» غاية، بمعنى: «إلى أن» ، فنصب بإضمار «أن» : وجعل قول الرسول غاية لخوف أصحابه لأن «زلزلوا» معناه: خوفوا، فمعناه: وزلزلوا إلى أن قال الرسول فالفعلان قد نصبا.
«ألا إن نصر الله قريب» : قريب، خبر «إن» ، ويجوز «قريبا» تجعله نعتا لظرف محذوف أي: مكانا قريبا، ولا يثنى ولا يجمع فى هذا المعنى ولا يؤنث فإن قلت: هو قريب منى، تريد المكان، لم تثن، ولم تجمع، ولم تؤنث، فإن أردت النسب ثنيت وجمعت وأنثت.
215- يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ «يسألونك ماذا ينفقون» : ما، استفهام، ولذلك لم يعمل فيها «يسألونك» ، فهى فى موضع رفع بالابتداء.
و «ذا» بمعنى «الذي» ، وهو الخبر، والهاء، محذوفة من «ينفقون» لطول الاسم لأنه صلة «الذي»(4/41)
تقديره: يسألونك أي شىء الذي ينفقونه. وإن شئت جعلت «ما» و «ذا» اسما واحد، فتكون «ما» فى موضع نصب ب «ينفقون» ، ولا تقدرها محذوفة، كأنك قلت: يسألونك أي شىء ينفقونه.
«ما أنفقتم» : ما، شرط، فى موضع نصب ب «أنفقتم» ، وكذلك «وما تفعلوا» ، والفاء، جواب الشرط فيهما 217- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ...
«قتال فيه» : بدل من «الشهر» ، وهو بدل الاشتمال.
وقال الكسائي: هو مخفوض على التكرير، تقديره عنده: عن الشهر عن قتال.
وكذا قال الفراء، وهو مخفوض بإضمار «عن» .
وقال أبو عبيدة: هو مخفوض على الجوار.
«وصدّ عن سبيل الله» : ابتداء.
«وكفر، وإخراج» عطف على «صد» ، و «أكبر عند الله» خبره.
وقال الفراء: وصد وكفر، عطف على «كبير» : فيوجب ذلك أن يكون القتال فى الشهر الحرام كفرا، وأيضا فإن بعده «وإخراج أهله منه أكبر عند الله» ، ومحال أن يكون إخراج أهل المسجد الحرام عند الله أكبر من الكفر بالله.
وقيل: إن «الصد» مرفوع بالابتداء، و «كفر» عطف عليه، والخبر محذوف تقديره: كبيران عند الله لدلالة «كبير» الأول عليه ويجب على هذا القول أن يكون: إخراج أهل المسجد الحرام منه عند الله أكبر من الكفر وإخراجهم منه إنما هو بعض خلال الكفر.
«والمسجد الحرام» : عطف على «سبيل الله» أي: قتال فى الشهر الحرام كبير، وهو صد عن سبيل الله، وعن المسجد.
وقال الفراء: «والمسجد» معطوف على «الشهر الحرام» وفيه بعد لأن سؤالهم لم يكن عن المسجد الحرام، إنما سألوه عن الشهر الحرام: هل يجوز فيه القتال؟ فقيل لهم: القتال فيه كبير الإثم، ولكن الصد عن سبيل(4/42)
الله، وعن المسجد الحرام، والكفر بالله، وإخراج أهل المسجد الحرام منه، أكبر عند الله إثما من القتال فى الشهر الحرام. ثم قيل لهم: والفتنة أكبر من القتل أي: والكفر بالله الذي أنتم عليه أيها السائلون أعظم إثما من القتل فى الشهر الحرام الذي سألتم عنه وأنكرتموه فهذا التفسير يبين إعراب هذه الآية.
219- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ «ماذا ينفقون قل العفو» : هو مثل الأول، إلا أنك إذا جعلت «ذا» بمعنى «الذي» رفعت المفعول لأن «ما» فى موضع رفع بالابتداء، فجوابها مرفوع مثلها، وأضمرت «الهاء» مع «ينفقون» تعود على الموصول، وحذفتها لطول الاسم.
وإذا جعلت «ما» و «ذا» اسما واحدا، فى موضع نصب ب «ينفقون» نصبت «العفو» لأنه جواب «ما» .
فوجب أن يكون إعرابه مثل إعرابها، ثم تضمرها.
220- فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ...
«فى الدنيا والآخرة» : فى، متعلقة ب «يتفكرون» ، فهى ظرف للتفكر تقديره: يتفكرون فى أمور الدنيا والآخرة وعواقبها.
وقيل: فى، متعلقة ب «يبين» الآية: 219 تقديره: كذلك يبين الله لكم الآيات فى أمور الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون. و «الكاف» من «كذلك» فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف أي: تبيينا مثل ذلك يبين الله لكم الآيات.
«المفسد من المصلح» : اسمان شائعان، ولم تدخل الألف واللام فيهما للتعريف، إنما دخلت للجنس، كما تقول:
أهلك الناس الدينار والدرهم، وكقوله تعالى (إن الإنسان لفى خسر) العصر: 2، لم يرد دينارا بعينه، ولا درهما بعينه، ولا إنسانا بعينه، إنما أراد هذا الجنس، كذلك معنى قوله «المفسد من المصلح» أي: يعلم هذين الصنفين.
224- وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «أن تبروا» : أن، فى موضع نصب على معنى: فى أن تبروا، فلما حذف حرف الجر تعدى الفعل.
وقيل: كراهة أن.
وقيل: لئلا أن.(4/43)
وقال الكسائي: موضع «أن» خفض على إضمار الخافض، ويجوز أن يكون موضعها رفعا بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أولى وأمثل.
229- الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ ...
«الطّلاق مرّتان» : ابتداء وخبر تقديره: عدة الطلاق الذي تجب بعده الرجعة مرتان.
«فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» : ابتداء والخبر محذوف تقديره: فعليكم إمساك ومثله:
«أو تسريح بإحسان» . ولو نصب فى غير القرآن لجاز.
«إلّا أن يخافا» : أن، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
«أن لا يقيما» : أن، فى موضع نصب لعدم حرف الجر تقديره: من أن لا يقيما، أو: بأن لا يقيما، أو: على أن لا يقيما.
231- ... وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ...
«ضرارا» : مفعول من أجله.
232- وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ ...
«أن ينكحن» : أن فى موضع نصب ب «تعضلوهن» أي: لا تمنعوهن نكاح أزواجهن.
233- ... لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ ...
«لا تضارّ والدة» : مفعول لم يسم فاعله. و «تضار» بمعنى: تضر ويجوز «أن ترتفع بفعلها على أن يكون «تضار» بمعنى «تفاعل» وأصله: تضارر، ويقدر مفعول محذوف تقديره: ولا تضار والدة بولدها أباه، ولا يضار مولود له بولدها أمه.
«وعلى الوارث مثل ذلك» أي: على وارث المولود أن لا يضار أمه.
وقيل: معناه: وعلى الوارث الإنفاق على المولود.
234- وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ...
«والذين يتوفوّن منكم» . الذين، مبتدا.
وفى تقدير خبر الابتداء اختلاف، لعدم ما يعود على المبتدأ من خبره:(4/44)
قال الأخفش: «يتربصن» الخبر، وفى الكلام حذف العائد على المبتدأ تقديره: يتربصن بأنفسهن بعدهم.
أو بعد موتهم، ثم حذف، إذ قد علم أن التربص إنما يكون بعد موت الأزواج.
وقال الكسائي: تقدير الخبر: يتربص أزواجهم.
وقال المبرد: التقدير: ويذر أزواجهم أزواجا يتربصن بأنفسهن.
وقيل: الحذف إنما هو فى أول الكلام تقديره: وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن بأنفسهن.
وقيال قول سيبويه: إن الخبر محذوف، تقديره: وفيما يتلى عليكم الذين يتوفون منكم، مثل: (والسارق والسارقة) المائدة: 38 235- ... وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ ...
«ولكن لا تواعدوهنّ سرّا» أي: على سر أي: على نكاح.
فإن جعلته من السر، الذي هو الإخفاء، كان نصبه على الحال من المضمر فى «تواعدوهن» ، وتقديره: ولكن لا تواعدوهن النكاح متسارين، لا مظهرين له.
«إلّا أن تقولوا قولا معروفا» : أن، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
«ولا تعزموا عقدة النّكاح» أي: على عقدة، فلما حذف الحرف نصب، كما تقول: ضرب زيد الظهر والبطن أي: على الظهر وعلى البطن.
وقيل: «عقدة» ، منصوب على المصدر، و «تعزموا» بمعنى: تعقدوا.
236- ... مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ «متاعا» : نصب على المصدر. وقيل: حال.
237- ... فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ...
«فنصف ما فرضتم» : نصف، مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: فعليكم نصف ما فرضتم.
ولو نصب فى الكلام جاز، على معنى: فأدوا نصف ما فرضتم.
240- وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ...
«والّذين يتوفّون منكم» : الذين: رفع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: يوصون وصية.(4/45)
وإن رفعت «وصية» ، فتقديره: فعليهم وصية، برفع «وصية» بالابتداء، و «عليهم» المضمر، خبرها، والجملة خبر «الذين» .
«متاعا» : مصدر، عند الأخفش وحال، عند المبرد، على تقدير: ذوى متاع.
«غير إخراج» : نصب «غير» على المصدر، عند الأخفش تقديره: لا إخراجا، ثم جعل «غير» موضع «لا» ، فإعرابها بمثل إعراب ما أضيفت إليه، وهو «الإخراج» .
وقيل: «غير» ينصب بحذف الجار، كأن تقديره: من غير إخراج فلما حذف «من» انتصب انتصاب المفعول به.
وقيل: انتصب على الحال من الموصين المتوفين تقديره: متاعا إلى الحول غير ذوى إخراج أي: غير مخرجين لهن.
241- وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «حقّا على المتّقين» : حقا، مصدر، و «على» متعلقة بالفعل المضمر الناصب ل «حق» .
245- مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ ...
«من ذا الّذى يقرض الله» : من، مبتدأ. و «ذا» خبر. و «الذي» نعت ل «ذا» ، أو بدل منه، ومثله: «من ذا الذي يشفع عنده» الآية: 255، ولا يحسن أن تكون «ذا» و «من» اسما واحدا، كما كانت مع «ما» لأن «ما» مبهمة، فزيدت «ذا» معها، لأنها مبهمة مثلها، وليس «من» كذلك فى الإبهام.
«قرضا» : اسم للمصدر.
«فيضاعفه له» : من رفعه عطفه على ما فى الصلة، وهو «يقرض» ، ويجوز رفعه على القطع مما قبله.
ومن نصبه حمله على العطف بالفاء على المعنى دون اللفظ، فتنصبه ووجه نصبه له أنه حمله على المعنى فأضمر بعد الفاء «أن» ليكون مع الفعل مصدرا، فيعطف مصدرا على مصدر، فلما أضمر «أن» نصبت الفعل.
ومعنى حمله على المعنى. أن معنى «من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا» : من يكن منه قرض يبيعه أضعافا، فلما كان معنى صدر الكلام المصدر، جعل الباقي المعطوف بالفاء مصدرا، ليعطف مصدرا على مصدر، فاحتاج إلى إضمار «أن» ليكون مع الفعل مصدرا، فنصبت الفعل فالفاء عاطفة للترتيب على أصلها فى باب العطف.
ولا يحسن أن يجعل «فيضاعفه» ، فى قراءة من نصب، جواب الاستفهام بالفاء لأن «القرض» ليس مستفهما عنه، إنما الاستفهام عن فاعل، ألا ترى أنك لو قلت: أزيد يقرضنى فأشكره؟ لم يجز النصب على جواب الاستفهام، وجاز على الحمل على المعنى، كما مر فى تفسير الآية لأن الاستفهام لم يقع على «القرض» إنما وقع(4/46)
على «زيد» . ولو قلت: أيقرضني زيد فأشكره؟ جاز النصب على جواب الاستفهام لأن الاستفهام، عن «القرض» وقع.
وقد قيل: إن النصب فى الآية على جواب الاستفهام محمول على المعنى لأن «من يقرض الله» و «من ذا الذي يقرض الله» سواء فى المعنى، والأول عليه أهل التحقيق والنظر والقياس.
246- أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...
«نقاتل» : جزم لأنه جواب الطلب، ولو رفع فى الكلام لجاز، على معنى: ونحن نقاتل. فأما ما روى عن الضحاك وابن أبى عبلة أنهما قرءا بالياء، فالأحسن فيه الرفع لأنه نعت ل «ملك» ، وكذلك قرءا.
ولو جزم على الجواب لجاز، فالجزم مع النون أجود، والرفع يجوز والرفع مع الياء أجود، والجزم يجوز.
«أن لا تقاتلوا» : أن، فى موضع نصب خبر «عسى» ، فهى وما بعدها مصدر لا يحسن اللفظ به بعد «عسى» لأن المصدر لا يدل على زمان محصل، و «عسى» تحتاج إلى أن يؤتى بعدها بلفظ المستقبل، ولا تستعمل «عسى» إلا مع «أن» إلا فى شعر.
«وما لنا أن لا نقاتل» : أن، فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: وما لنا فى أن لا تقاتل.
وقال الأخفش: «أن» ، زائدة.
247- وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً «ملكا» : نصب على الحال، من «طالوت» .
248- وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ.
«فيه سكينة من ربّكم» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «التابوت» أيضا.
«تحمله الملائكة» : فى موضع الحال من «التابوت» أيضا.
249- فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ «إلّا من اغترف» : من، فى موضع نصب على الاستثناء من المضمر فى «يطعمه» .(4/47)
«كم من فئة قليلة غلبت» : كم، فى موضع رفع بالابتداء، و «غلبت» خبرها 251- ... وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ.
«ببعض» : فى موضع المفعول.
252- تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «نتلوها» : فى موضع الحال، من «آيات الله» .
253- تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ...
«تلك الرسل فضلنا» : ابتداء، و «الرسل» عطف بيان، و «فضلنا» ، وما بعده، الخبر.
«منهم من كلم الله» : من، ابتداء، و «منهم» الخبر، والهاء محذوفة من «كلم» أي: كلمه الله.
و «تلك» : اسم مبهم، والتاء، هو الاسم، واللام دخلت لتدل على بعد المشار إليه، والكاف، للخطاب، لا موضع لها من الإعراب.
«درجات» أي: إلى درجات، فلما حذف «إلى» نصب.
254- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ «لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة» : كل هذه الجمل فى موضع النعت المذكور «ليوم» والفتح والرفع فى هذا بمنزلة «فلا رفث ولا فسوق» الآية: 197، إذ هو كله أصله الابتداء والخبر، والجملة فى موضع النعت ل «يوم» .
255- اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ...
«الله لا إله إلا هو» : ابتداء وخبر، وهو بدل من موضع «لا إله» . وحقيقته أن «الله» مبتدأ، و «لا إله» ابتداء ثان، وخبره محذوف أي: الله لا إله معبود إلا هو، و «إلا هو» بدل من موضع «لا إله» ، والجملة خبر عن «الله» ، وكذلك قوله «لا إله إلا الله» فى موضع رفع بالابتداء. والخبر محذوف، و «إلا الله» بدل من موضع «لا إله» ، وصفة له على الموضع.
وإن شئت جعلت «إلا الله» خبر «لا إله» ، ويجوز النصب على الاستثناء.
«القيّوم» : هو «فيعول» من «قام» وأصله: «قيوم» ، فلما سبقت الياء الواو، والأول ساكن، أبدل من الواو ياء، وأدغمت الياء فى الياء، وكان الرجوع إلى الياء أخف من رجوع الياء إلى الواو.
وهو نعت ل «الله» ، أو خبر بعد خبر، أو بدل من «هو» ، ورفع على إضمار مبتدأ ومثله «الحي» .(4/48)
ولو نصب فى غير القرآن لجاز على المدح.
«سنة» : أصله: وسنة، ثم حذفت الواو، كما حذفت فى «يسن» ، ونقلت حركة الواو إلى السين «من ذا الذي يشفع» : مثل «من ذا الذي يقرض» الآية: 245.
256- لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «الطّاغوت» : هو اسم، يكون للواحد والجمع، ويؤنث ويذكر، وهو مشتق من «طغى» ، لكنه مقلوب، وأصله: «طغيوت» مثل: «جبروت» ، ثم قلبت الياء فى موضع الغين، فصار «طيغوتا» ، فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار: طاغوتا فأصله «فعلوت» مقلوب إلى «فلعوت» .
وقد يجوز أن يكون أصل لامه واوا، فيكون أصله: «طغووت» لأنه يقال: طغى يطغو، وطغيت وطغوت ومثله فى القلب والاعتلال والوزن: حانوت لأنه من: حنا يحنو، فأصله: حنووت، ثم قلب وأعل. ولا يجوز أن يكون من «حان يحين» لقولهم فى الجمع: حوانيت.
«لا انفصام لها» : يجوز أن يكون فى موضع نصب، على الحال من «العروة الوثقى» ، وهى: لا إله إلا الله، فى قول ابن عباس.
258- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ ...
«أن أتاه الله» : مفعول من أجله.
«إذ قال» : العامل فى «إذ» : «تر» ، والهاء فى «ربه» تعود على «الذي» ، وهو نمرود.
259- أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ...
«أو كالّذى» : الكاف، فى موضع نصب، معطوفة على معنى الكلام تقديره، عند الفراء والكسائي:
هل رأيت كالذى حاج إبراهيم؟ أو كالذى مر على قرية؟
«كم لبثت» : كم، فى موضع نصب على الظرف، فهى هنا ظرف زمان.
«يتسنه» : يحتمل أن يكون معناه: لم تتغير ريحه أو طعمه، من قولهم: سن الطعام، إذا تغير ريحه أو طعمه، فيكون أصله: يتسنن، على «يتفعل» بثلاث نونات، فأبدل من الثالثة ألفا، لتكرر الأمثال، فصار «يتسنى» ، فحذفت الألف للجزم، فبقى: يتسن، فجىء بالهاء لبيان حركة النون فى الوقف.
(م 4- الموسوعة القرآنية ج 4)(4/49)
ويحتمل أن يكون معناه: لم تغيره السنون، فتكون الهاء فيه أصلية، لام الفعل لأن أصل سنة: سنهة، ويكون سكونها للجزم، فلا يجوز حذفها فى الوصل ولا الوقف.
260- وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «وإذ قال إبراهيم» : العامل فى «إذ» فعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ قال إبراهيم.
«كيف يحي» : كيف، فى موضع نصب، وهى سؤال عن حال تقديره: رب أرنى بأى حال تحي الموتى؟
«ليطمئن قلبى» : اللام، متعلقة بفعل مضمر تقديره: ولكن سألتك ليطمئن قلبى، أو: ولكن أرنى ليطمئن قلبى.
«على كل جبل منهن جزءا» أي: على كل جبل من كل واحد جزءا، وذلك أعظم فى القدرة.
«سعيا» : مصدر فى موضع الحال.
261- مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ...
«مائة حبة» : ابتداء، وما قبله خبره، ويجوز فى الكلام «مائة» بالنصب، على معنى: أنبتت مائة حبة.
263- قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ.
«قول معروف» : ابتداء ونعته، والخبر محذوف تقديره: قول معروف أولى بكم.
«ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى» : ابتداء وخبر، و «يتبعها» نعت ل «صدقة» فى موضع خفض «أذى» : مقصور، لا يظهر فيه الإعراب، كهدى، وموضعه رفع بفعله.
264- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ ...
«كالذى ينفق» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: إبطالا كالذى وكذلك:
«رثاء» ، نعت لمصدر محذوف تقديره: إنفاقا رثاء.
ويجوز أن يكون «رثاء» مفعولا من أجله.
ويجوز أن يكون فى موضع الحال.(4/50)
«الصفوان» ، عند الكسائي: واحد، وجمعه: صفى، صفىّ، وصفىّ.
وقيل: يجوز أن يكون جمعا وواحدا.
وقيل: صفوان، بكسر الأول، جمع: «صفى» ، كأخ وإخوان.
وقال الأخفش: صفوان، بالفتح: جمع: صفوانة، وإنما قال «عليه» لأن الجمع يذكر.
«عليه تراب» : ابتداء وخبر، فى موضع خفض، نعت ل «صفوان» .
265- وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ ...
«ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا» : كلاهما مفعول من أجله.
«أصابها وابل» : فى موضع خفض على النعت ل «حبة» ، أو ل «ربوة» كما تقول: مررت بجارية دار اشتراها زيد.
266- أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ...
«من نخيل وأعناب» : فى موضع رفع، نعت ل «جنة» .
«تجرى من تحتها» : نعت ثان، أو فى موضع نصب على الحال من «جنة» لأنها قد نعتت.
ويجوز أن يكون خبر «كان» .
268- الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ...
«الشّيطان يعدكم» : شيطان، فيعال من: شيطن، إذا بعد، ولا يجوز أن يكون «فعلان» من تشيط، وشاط لأن سيبويه حكى: شيطنه فتشيطن، فلو كان من «شاط» ، لكان: شيطنته، على وزن «فعلنته» ، وليس هذا البناء فى كلام العرب، وهو إذا: فيعلته، كبيطرته، فالنون، أصلية والياء زائدة، فلا بد أن يكون النون لاما، وأن يكون «شيطان» : فيعال، من «شيطن» ، إذا بعد، كأنه لما بعد من رحمة الله سمى بذلك.
270- وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ...
«وما أنفقتم» : فى موضع نصب، بوقوع الفعل الذي بعده عليه وهو شرط.
«فإنّ الله يعلمه» : الهاء، يعود على النذر، أو: على الإنفاق.(4/51)
271- إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «فنعمّا هى» : فى «نعم» أربع لغات: نعم، مثل «علم» : ونعم، بكسر النون والعين لأنه حرف حلق يتبعه ما قبله فى الحركة فى أكثر اللغات ونعم، بترك النون مفتوحة على أصلها، وتسكن العين استخفافا، ونعم، بكسر النون لكسرة العين، ثم تسكن العين استخفافا.
فمن كسر النون والعين من القراء، احتمل أن يكون كسر العين على لغة من كسرها وأتبع النون بها، ويحتمل أن يكون على لغة من أسكن العين مع الإدغام. وهذا محال لا يجوز، ولا يتمكن فى النطق.
ومن فتح النون وكسر العين، جاز أن يكون قراءة على لغة من قال: نعم، كعلم. ويجوز أن يكون، أسكن العين استخفافا فلما، اتصلت بالمدغم كسرها لالتقاء الساكنين.
و «ما» : فى موضع نصب، على التفسير. وفى «نعم» مرفوع، وهو ضمير الصدقات، و «هى» مبتدأ، وما قبلها الخبر تقديره: إن تبدوا الصدقات فهى نعم شيئا.
«ويكفر عنكم من سيئاتكم» : من جزمه عطفه على موضع «الفاء» فى قوله «فهو خير لكم» ومن رفع فعلى القطع، ومن قرأ بالنون ورفع، قدّره: ونحن نكفر، ومن قرأ بالياء ورفع، قدّره: والله يكفر عنكم.
272- لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ «وما تنفقوا» : ما، فى موضع نصب بوقوع الفعل الذي بعده عليه، وهو شرط.
«وما تنفقون» : ما، حرف ناف.
«وأنتم لا تظلمون» : ابتداء وخبر، فى موضع نصب على الحال، من الكاف والميم فى «إليكم» .
273- لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ...
«للفقراء» : اللام، متعلقة بمحذوف تقديره: أعطوا للفقراء.(4/52)
«لا يستطيعون ضربا فى الأرض» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أحصروا» ، و «يحسبهم» حال من «الفقراء» أيضا، وكذلك «تعرفهم» ، وكذلك «لا يسألون الناس إلحافا» . ويحسن أن يكون ذلك كله حالا من المضمر فى «أحصروا» . ويحتمل أن يكون ذلك كله منقطعا مما قبله لا موضع له من الإعراب، و «إلحاقا» : مصدر فى موضع الحال.
274- الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «الذين ينفقون أموالهم» : ابتداء وخبر.
«سرا وعلانية» : حالان من المضمر، فى «ينفقون» .
«فلهم أجرهم» : ابتداء وخبر أيضا، ودخلت الفاء، لما فى «الذين» من الإبهام، فشابه بإبهامه الإبهام الذي فى الشرط، فدلت الفاء فى جوابه على المشابهة بالشرط، وإنما تشابه «الذي» الشرط إذا كان فى صلته فعل، نحو:
الذي يأتينى فله درهم، ولو قلت: الذي زيد فى داره فله درهم، صح دخول الفاء فى خبره، إذ لا فعل فى صلته، ولا يكون هذا فى «الذي» إلا إذا لم يدخل عليه عامل يغير معناه، فإن دخل عليه ما يغير معناه لم يجز دخول الفاء فى خبره، نحو: إن الذي يقوم زيد، وليت الذي يخرج عمرو: فلا يجوز دخول الفاء فى خبره لتغير معناه بما دخل عليه.
275- الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ...
«الذين يأكلون» : ابتداء، وخبره: «لا يقومون» وما بعده.
«الرّبا» : من الواو، وتثنيته: ربوان، عند سيبويه، بالألف. وقال الكوفيون: بالياء. ويثنى بالياء لأجل الكسرة التي فى أوله، وكذلك يقولون فى ذوات الواو الثلاثية إذا انكسر الأول أو انضم، نحو: ربا، وضحى فإن انفتح الأول كتبوه بالألف وبنوه بالألف، كما قال البصريون، نحو: صفا.
«فمن جاءه موعظة» : ذكّر «جاءه» حمله على المعنى لأنه بمعنى: فمن جاءه وعظ.
وقيل: ذكر لأن تأنيث الموعظة غير حقيقى، إذ لا ذكر لها من لفظها.
وقيل: ذكر، لأنه فرق بين فعل المؤنث وبينه بالهاء.(4/53)
280- وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «وإن كان ذو عسرة» : كان، تامة لا تحتاج إلى خبر تقديره: إن وقع ذو عسرة فهو شائع فى كل الناس. ولو نصب «ذا» على خبر «كان» لصار مخصوصا فى قوم ناعتا لهم، فلهذه العلة أجمع القراء المشهورون على رفع «ذو» .
«فنظرة إلى ميسرة» : ابتداء وخبر، وهو من التأخير.
«وأن تصدّقوا» : أن، فى موضع رفع على الابتداء، و «خير» خبره.
281- وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ...
«ترجعون فيه» : فى موضع نصب، نعت ل «يوم» .
282- وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ..
«فرجل وامرأتان» : ابتداء، والخبر محذوف تقديره: فرجل وامرأتان يقومان مقام الرجلين. وفى «يكون» ضمير «الشهيدين» ، وهو اسم «كان» ، و «رجلين» خبرها.
وقيل: التقدير: فرجل وامرأتان يشهدون. وهذا الخبر المحذوف هو العامل فى «أن تضل» .
«أن تضلّ» : موضع نصب، والعامل فيه الخبر المحذوف، وهو «يشهدون» ، على تقدير: «لأن» ، كما تقول: أعددت الخشبة ليميل الحائط فأدعمه وكقول الشاعر:
فلموت ما تلد الوالده
فأخير بعاقبة الأمر وسببه.
ومن كسر «أن» جعله شرطا، وموضع الشرط وجوابه رفع، نعت ل «امرأتين» .
«ممّن ترضون من الشهداء» : فى موضع رفع، صفة ل «رجل وامرأتين» . ولا يدخل معهم فى الصفة(4/54)
«شهيدين» ، لاختلاف الإعراب فى الموضعين، ولا يحسن أن يعمل فى «أن تضل» : «فاستشهدوا» لأنهم لم يؤمروا بالإشهاد لأن تضل إحدى المرأتين.
«صغيرا أو كبيرا» ، حالان من الهاء فى «تكتبوه» ، وهى عائدة على «الذين» .
«ألا ترتابوا» : أن، فى موضع نصب تقديره: وأدنى من أن لا ترتابوا.
«إلا أن تكون تجارة» : أن، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
ومن رفع «تجارة» جعل «كان» بمعنى: وقع وحدث، و «تديرونها» : نعت للتجارة.
وقيل: هو خبر «كان» .
ومن نصب «تجارة» أضمر فى «كان» اسمها وتقديره: إلا أن تكون التجارة تجارة مدارة بينكم.
«أن لا تكتبوها» : أن، فى موضع نصب تقديره، فليس عليكم جناح فى أن لا تكتبوها.
«ولا يضار كاتب ولا شهيد» : يجوز أن يكونا فاعلين، ويكون «يضار» يفاعل.
ويجوز أن يكونا مفعولين لم يسم فاعلهما، ويكون «يضار» يفاعل. والأحسن أن يكون «يفاعل» ، لأن بعده: «وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم» ، يخاطب الشهداء. والهاء فى «فإنه» تعود على «الذين» وقيل: بل تعود على المطلوب.
283- وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ «فرهان مقبوضة» : فرهان، مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: فرهان مقبوضة تكفى من ذلك.
و «رهان» : جمع: رهن، كبغل وبغال.
ومن قرأ «فرهن» ، فهو جمع: رهان، ككتاب وكتب، ومن أسكن الهاء فعلى الاستخفاف.
وقد قيل: إن «رهنا» ، جمع رهن، كسقف وسقف.
«فليؤدّ الذي اؤتمن» : الياء التي فى اللفظ فى «الذي» ، فى قراءة ورش، بدل من الهمزة الساكنة التي هى فاء الفعل فى «اؤتمن» ، وياء «الذي» ، حذفت لالتقاء الساكنين، كما حذفت إذا خففت الهمزة.
«فإنه آثم قلبه» : آثم، خبر «إن» ، و «قلبه» رفع بفعله، وهو: أثم.
ويجوز أن يرفع «آثم» بالابتداء، و «قلبه» بفعله، ويسد مسد الخبر. والجملة خبر «إن» .(4/55)
ويجوز أن يرفع «القلب» بالابتداء، و «آثم» خبره، والجملة خبر «إن» .
أو أن يجعل «آثم» خبر «إن» ، و «وقلبه» بدل من الضمير فى «آثم» ، وهو بدل البعض من الكل.
وأجاز أبو حاتم نصب «قلبه» ب «آثم» فنصب على التفسير وهو بعيد لأنه معرفة.
284- لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء» : من جزم عطف على «يحاسبكم» ، الذي هو جواب الشرط.
وروى عن ابن عباس والأعرج أنهما قرآه بالنصب، على إضمار «أن» ، وهو عطف على المعنى كما قدمنا فى «فيضاعفه» فالفاء لعطف مصدر على مصدر حملا على المعنى الأول.
وقرأ عاصم وابن عامر: بالرفع، على القطع من الأول.
285- آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
«كلّ آمن بالله» : ابتداء وخبر. ووحد «آمن» ، لأنه حمل على لفظ «كل» ، ولو حمل على المعنى لقال: كل آمنوا.
«سمعنا وأطعنا» : معناه: قبلنا ما أمرتنا به، ومنه قول المصلى: سمع الله لمن حمده أي: قبل منه حمده. ولفظه لفظ الخبر، ومعناه الدعاء والطلب مثل قولك: غفر الله لى، معناه: اللهم اغفر لى.
286- لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «لا تؤاخذنا، ولا تحمل علينا، ولا تحمّلنا» : لفظه كله لفظ النهى، ومعناه: الطلب، وهو مجزوم.
«ولا تؤاخذنا» : حكى الأخفش، آخذه الله بذلك، وواخذه، لغتان.
«واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، فانصرنا» : لفظه كله لفظ الأمر، ومعناه: الطلب، وهو مبنى على الوقف عند البصريين، ومجزوم عند الكوفيين.
«ربّنا» : نداء مضاف.(4/56)
- 3- سورة آل عمران
1- الم «الم» : مثل: «الم ذلك» البقرة: 1، 2، فأما فتحة الميم، فيجوز أن تكون فتحت لسكونها وسكون اللام بعدها، ويجوز أن تكون فتحت، لأنه نوى عليها الوقف، فألقيت عليها حركة ألف الوصل المبتدأ بها، كما قال:
واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، فألقوا حركة همزة «أربعة» على الهاء من «ثلاثة» وتركوها على حالها، ولم يقلبوها تاء عند تحركها، إذ النية فيها الوقف.
وقال ابن كيسان: ألف «الله» ، وكل ألف مع لام التعريف، ألف قطع، بمنزلة «قد» ، وإنما وصلت لكثرة الاستعمال، فمن حرك الميم ألقى عليها حركة الهمزة التي بمنزلة القاف من «قد» ، ففتحها بفتحة الهمزة.
وأجاز الأخفش كسر الميم لالتقاء الساكنين وهو غلط لا قياس له، لنقله 2- اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ «الله لا إله إلا هو» : الله، مبتدأ. وخبره «نزل عليك الكتاب» الآية: 3.
«لا إله إلا هو» : لا إله، فى موضع رفع بالابتداء، وخبره محذوف، و «إلا» هو بدل من موضع «لا إله» .
وقيل: هو ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «الله» .
وقيل: من المضمر فى «نزل» تقديره: الله نزل عليك الكتاب متوحد بالربوبية.
وقيل: هو بدل من موضع «لا إله» .
«الحىّ القيوم» : نعتان لله. و «القيوم» فيعول، من: قام بالأمر.
3- نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ «بالحق» : فى موضع الحال من «الكتاب» ، فالباء متعلقة بمحذوف تقديره: نزل عليك الكتاب ثابتا بالحق. ولا تتعلق الباء ب «نزل» لأنه قد تعدى إلى ثالث.
«مصدقا» : حال من المضمر فى «بالحق» تقديره: نزل عليك الكتاب محققا مصدقا لما بين يديه وهما حالان مؤكدان.
«التّوراة» : وزنها: فوعلة، وأصلها: وورية، مشتقة من: ورى الزند، فالتاء بدل من واو، ومن:(4/57)
ورى الزند، ومن قوله: «تورون» الواقعة: 71، وقوله: فالموريات «قدحا» العاديات: 2، وقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها هذا مذهب البصريين.
وقال الكوفيون: وزنها: تفعلة، من: ورى الزند، أيضا، فالتاء غير منقلبة عندهم من واو، أصلها عندهم: تورية، وهذا قليل فى الكلام، و «فوعلة» كثير فى الكلام، فحمله على الأكثر أولى، وأيضا فإن التاء لم تكثر زيادتها فى الكلام كما كثرت زيادة الواو ثانية.
7- هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ «ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله» : مفعولان من أجلهما.
«والرّاسخون فى العلم» : عطف على «الله» جل ذكره، فهم يعلمون المتشابه، ولذلك وصفهم الله بالرسوخ فى العلم، ولو كانوا جهالا بمعرفة المتشابه ما وصفهم الله بالرسوخ فى العلم.
فأما ما روى عن ابن عباس أنه قرأ: «ويقول الراسخون فى العلم آمنا به» ، فهى قراءة تخالف المصحف وإن صحت فتأويلها: ما يعلمه إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به، ثم أظهر الضمير الذي فى «يقولون» ، فقال: ويقول الراسخون. و «الهاء» فى «تأويله» تعود على «المتشابه» وقيل: تعود على «الكتاب» ، وهو القرآن كله.
11- كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا ...
«كدأب آل فرعون» : الكاف، فى موضع نصب، على النعت لمصدر محذوف تقديره، عن الفراء:
كفرت العرب كفرا ككفر آل فرعون وفى هذا القول إيهام للتفرقة بين الصلة والموصول.
13- قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ «فئة» أي: إحداهما فئة.
«تقاتل» . فى موضع النعت ل «فئة» ، ولو خفضت على البدل من «فئتين» لجاز، وهى قراءة الحسن ومجاهد، ويكون «أخرى» فى موضع خفض.(4/58)
«وأخرى» : فى موضع رفع على خبر الابتداء، وهى صفة قامت مقام الموصوف، وهو «فئة» تقديره:
والأخرى فئة أخرى كافرة.
ويجوز النصب فيهما على الحال أي: التقتا مختلفتين.
«يرونهم» : من قرأ بالتاء، فموضعه نصب على الحال من الكاف والميم فى «لكم» ، أو فى موضع رفع على النعت ل «أخرى» ، أو فى موضع خفض على النعت ل «أخرى» ، إن جعلتها فى موضع خفض على العطف على «فئة» ، فى قراءة من خفضها على البدل من «فئتين» .
والخطاب فى «لكم» لليهود وقيل: للمسلمين.
وفى هذه الآية وجوه من الإعراب والمعاني على قدر الاختلاف فى رجوع الضمائر فى قوله «يرونهم مثليهم» وعلى اختلاف المعاني فى قراءة من قرأ بالتاء وبالياء فى «يرونهم» .
«مثليهم» : نصب على الحال من الهاء والميم فى «يرونهم» لأنه من رؤية البصر، بدلالة قوله «رأى العين» ، والمضمر المنصوب فى «يرونهم» يعود على الفئة الأخرى الكافرة، والمرفوع، فى قراءة من قرأ بالياء، يعود على الفئة المقاتلة فى سبيل الله والهاء والميم فى «مثليهم» يعودان على الفئة المقاتلة فى سبيل الله.
هذا أبين الأقوال، وفيها اختلاف كثير.
14- ... ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ «والله عنده حسن المآب» : الله، مبتدأ، و «حسن» ابتداء ثان: و «عنده» خبر «حسن» ، و «حسن» وخبره خبر عن «الله» .
و «المآب» : وزنه: مفعل، وأصله: مأوب، ثم نقلت حركة الواو على الهمزة، وأبدل من الواو ألف، مثل:
مقال، ومكال.
15- قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...
«جنّات» : ابتداء، و «للذين» الخبر، واللام متعلقة بالخبر المحذوف، الذي قامت اللام مقامه، بمنزلة قولك: لله الحمد.
ويجوز الخفض فى «جنات» على البدل من «بخير» ، على أن يجعل اللام فى «للذين» متعلقة ب «أؤنبئكم» ،(4/59)
أو تجعلها صفة ل «خير» ولو جعلت اللام متعلقة بمحذوف قامت مقامه لم يجز خفض «جنات» لأن حروف الجر والظروف إذا تعلقت بمحذوف تقوم مقامه صار فيها ضمير مقدر مرفوع، واحتاجت إلى ابتداء يعود عليه ذلك الضمير، كقولك: لزيد مال، وفى الدار زيد، وخلفك عمرو فلا بد من رفع «جنات» إذا تعلقت اللام بمحذوف.
ولو قدرت أن تتعلق اللام بمحذوف، على أن لا ضمير فيها، رفعت «جنات» بفعلها وهو مذهب الأخفش فى رفعه ما بعد الظروف وحروف الخفض بالاستقرار. وإنما يحسن ذلك عند حذاق النحويين إذا كانت الظروف، أو حروف الخفض، صفة لما قبلها، فحينئذ يتمكن ويحسن رفع الاسم بالاستقرار، وكذلك إن كانت أحوالا مما قبلها.
16- الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ «الذين» ، فى موضع الخفض بدل من «للذين اتقوا» الآية: 15، وإن شئت: فى موضع رفع على تقدير «هم» ، وإن شئت: فى موضع نصب على المدح.
17- الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ ...
«الصّابرين» : بدل من «الذين» ، على اختلاف الوجوه المذكورة.
18- شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ «قائما بالقسط» : حال مؤكدة.
19- إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ من فتح «إن» ، وهى قراءة الكسائي، جعلها بدلا من «أن» الأولى فى قوله شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الآية: 17، بدل الشيء من الشيء، وهو هو.
ويجوز أن يكون البدل بدل الاشتمال، على تقدير اشتمال الثاني على الأول لأن الإسلام يشتمل على شرائع كثيرة، منها التوحيد المتقدم ذكره، وهو بمنزلة قولك: سلب زيد ثوبه.
ويجوز أن تكون «أن» فى موضع خفض بدلا من «القسط» ، بدل الشيء من الشيء، وهو هو.
«بغيا بينهم» ، مفعول من أجله وقيل: حال من «الذين» .
«ومن يكفر بآيات الله» : من، شرط، فى موضع رفع بالابتداء، و «فإنّ الله سريع الحساب» :(4/60)
خبره، والفاء، جواب الشرط، والعائد على المبتدأ من خبره محذوف تقديره: سريع الحساب له.
ويجوز رفع «يكفر» ، على أن يجعل «من» بمعنى «الذي» ، وتقدير حذف «له» من الخبر 20- فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ...
«ومن اتّبعن» : من، فى موضع رفع، عطف على التاء فى «أسلمت» ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: ومن اتبعنى أسلم وجهه لله.
ويجوز أن يكون فى موضع خفض عطفا على «الله» .
21- إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «فبشرهم» خبر «إن الذين يكفرون» ، ودخلت الفاء للإبهام الذي فى «الذي» ، وكون الفعل فى صلة «الذي» ، مع أن «الذي» لم يغير معناه العامل، فلا يتم دخول الفاء فى خبر «الذي» حتى يكون الفعل فى صلته، ويكون لم يدخل عليه عامل يغير معناه، فبهذين الشرطين تدخل الفاء فى خبر «الذي» ، فمتى نقصا، أو نقص واحد منهما، لم يجز دخول الفاء فى خبره.
23- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ «وهم معرضون» : ابتداء وخبر، فى موضع النعت ل «فريق» ، أو فى موضع الحال، لأن النكرة قد نعتت، ولأن الواو واو الحال.
25- فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «فكيف إذا جمعناهم» : كيف، سؤال عن حال، وهى هنا تهديد ووعيد، وموضعها نصب على الظرف، والعامل فيها المعنى الذي دلت عليه «كيف» تقديره: فعلى أي حال يكونون حين يجمعون ليوم لا شك فيه. والعامل فى «إذا» ما دلت عليه «كيف» ، والظرف متسع فيها، تعمل فيها المعاني التي يدل عليها الخطاب، بخلاف المفعولات فهذا أصل يكثر دوره فى القرآن والكلام.
«لا ريب فيه» : فى موضع خفض، نعت ل «يوم» .
«وهم لا يظلمون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «كسب» .(4/61)
26- قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «مالك الملك» : نصب على النداء المضاف، ولا يجوز عند سيبويه أن يكون نعتا لقوله «اللهم» ، ولا يوصف، عنده: «اللهم» لأنه قد تغير بما فى آخره.
وأجاز غيره من البصريين والكوفيين أن يكون «مالك الملك» صفة ل «اللهم» ، كما جاز مع «الله» .
«تؤتى الملك من تشاء» : فى موضع الحال من المضمر فى «مالك» ، وكذلك: «وتنزع الملك» ، وكذلك: «وتعز» و «وتذل» .
ويجوز أن يكون هذا كله خبر ابتداء محذوف، أي: أنت تؤتى الملك وتنزع الملك.
«بيدك الخير» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «مالك» .
ويجوز أن تكون الجملة خبر ابتداء محذوف وتقديره: أنت بيدك الخير.
27- تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ «تولج الليل فى النهار وتولج النهار فى اللّيل» : مثل: «تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ» الآية: 26، فى وجهيه.
وكذلك: «تخرج» و «وترزق» .
28- ... إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ «تقاة» : وزنها: فعلة، وأصلها: وقية، أبدلوا من الواو تاء، فصارت: تقية، ثم قلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، قصارت: تقاة.
30- يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «يوم تجد» : يوم، منصوب ب «يحذركم» أي: ويحذركم الله نفسه فى يوم تجد. وفيه نظر.
ويجوز أن يكون العامل فيه فعلا مضمرا أي: اذكر يا محمد يوم تجد.
ويجوز أن يكون العامل فى «يوم» : «المصير» أي: وإليه المصير فى يوم تجد.(4/62)
ويجوز أن يكون العامل «قدير» أي: قدير فى يوم تجد.
«محضرا» : حال من المضمر المحذوف من صلة «ما» تقديره: ما عملته من خير محضرا.
«وما عملت من سوء» : ما، فى موضع نصب، عطف على «ما» الأولى، و «تود» حال من المضمر المرفوع فى «عملت» الثاني، فإن قطعتها مما قبلها وجعلتها للشرط جزمت «تود» ، تجعله جوابا للشرط وخبر ل «ما» .
ويجوز أن تقطعها من الأولى، على أن تكون بمعنى «الذي» ، فى موضع رفع بالابتداء، و «تود» الخبر.
34- ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «ذرّيّة» : نصب على الحال من الأسماء التي قبلها، بمعنى: متناسبين بعضهم من بعض.
وقيل: هى بدل مما قبلها.
ووزنها: فعولة، من: ذرأ الله الخلق. وكان أصلها على هذا: ذروءة، فأبدلوا من الهمزة ياء، فاجتمع ياء وواو، والأول ساكن، فأدغموا الياء فى الواو، على إدغام الثاني فى الأول، وكسرت الراء له لتصح الياء الساكنة المدغمة.
وقيل: ذرية: فعلية، من، الذر، فكان أصل «الذرية» أن تكون اسماء لصغار ولد الرجل، ثم اتسع فيه.
وكان أصلها- على هذا- ذريرة، ثم أبدلوا من الراء الأخيرة ياء، وأدغمت الأولى فيها، وذلك لاجتماع الراءات، كما قالوا: نظنيت، فى «تظننت» ، لاجتماع النونات.
وقيل: وزن «ذرية» : فعولة، من. ذررت، فأصلها- على هذا- ذرورة، ثم فعل لها مثل الوجه المتقدم الذي قبل هذا، وكسرت الراء المشددة لتصبح الياء الساكنة.
35- إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «إذ قالت» : العامل فى «إذ» : «سميع عليم» أي: والله سميع عليم حين قالت.
وقيل: العامل: «اصطفى» الآية: 33 أي: واصطفى آل عمران إذا قالت. وفيه نظر.
وقيل: العامل فيه مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ قالت فعلى هذا القول يحسن الابتداء بها، ولا يحسن على غيره.(4/63)
«محرّرا» : حال من «ما» ، وقيل: تقديره: غلاما محررا أي: خالصا لك. ووقعت «ما» لما يعقل، للإبهام، كما تقول: خذ من عبيدى ما شئت.
وحكى سيبويه: سبحان ما سبح الرعد بحمده كما قال تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) النساء: 3 والهاء، فى «وضعتها» الآية: 36، تعود على «ما» ، ومعناها التأنيث.
36- فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ ...
«وضعتها أنثى» : حال من المضمر المنصوب فى «وضعتها» .
ويجوز أن يكون بدلا منه.
«والله أعلم بما وضعت» : من ضم التاء وأسكن العين لم يبتدىء، بقوله «والله أعلم بما وضعت» لأنه من كلام أم مريم، ومن فتح العين وأسكن التاء ابتدأ به لأنه ليس من كلام أم مريم، ومثله من كسر التاء وأسكن العين، وهى قراءة تروى عن ابن عباس.
37- فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً ...
«زكريّاء» : همزته للتأنيث، ولا يجوز أن تكون للإلحاق لأنه ليس فى أصول الأبنية مثال على وزنه، فيكون ملحقا به، ولا يجوز أن تكون منقلبة لأن الانقلاب لا يخلو أن يكون من حرف من نفس الكلمة، والياء والواو لا يكونان أصلا فيما كان على أربعة أحرف، ولا يجوز أن يكون من حروف الإلحاق، إذ ليس فى أصول الأبنية بناء يكون هذا ملحقا به.
فلا يجوز أن تكون الهمزة إلا للتأنيث، وكذلك الكلام على قراءة من قصر الألف التي هى للتأنيث، لهذه الدلائل.
«كلّما دخل» : كلما، ظرف زمان، والعامل فيه «وجد» أي: أي وقت دخل عليها وجد عندها رزقا.
38- هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ «هنالك» : ظرف زمان، والعامل فيه «دعا» أي: دعا ذكريا ربه فى ذلك الحين.
وقد تكون «هنالك» فى موضع آخر، ظرف زمان، وإنما اتسع فيها فوقعت للزمان، بدلالة الحال والخطاب.(4/64)
وربما احتملت الوجهين جميعا، نحو قوله: (هنالك الولاية لله) الكهف: 44 ويدل على أن أصلها: المكان، أنك تقول: اجلس هنالك، تريد: المكان، ولا يجوز: سر هنالك، تريد الزمان، والظرف قولك «هنا» ، واللام للتأكيد، والكاف للخطاب، ولا موضع لها من الإعراب.
39- فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ «وهو قائم يصلّى» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من الهاء فى «فنادته» ، و «يصلى» فى موضع الحال من المضمر فى «قائم» .
«مصدقا» : حال من «يحيى» ، أو هى حال مقدرة وكذلك: وسيدا، وحصورا، ونبيا.
40- قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ «عاقر» : إنما جاء بغير هاء، على التشبيه، ولو أتى على الفعل لقال: عقرى، بمعنى: معقورة أي: بها عقر فمنعها من الولد.
«كذلك الله يفعل» : الكاف، فى موضع نصب على تقدير: يفعل الله ما يشاء فعلا كذلك.
41- قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ «اجعل لى آية» : اجعل، بمعنى: صير، فهو يتعدى إلى مفعولين، أحدهما جر: «لى» ، و «آية» .
«أن لا تكلّم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا» : أن، فى موضع رفع خبر «آيتك» ويجوز رفع «تكلم» ، على أن يضمر الكاف فى «أن» أي: آيتك أنك لا تكلم الناس.
و «ثلاثة» : ظرف.
«إلا رمزا» : استثناء ليس من الأول، وكل استثناء ليس من جنس الأول فالوجه فيه النصب.
«كثيرا» : نعت لمصدر محذوف أي: ذكرا كثيرا.(4/65)
42- وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ ...
«وإذ قالت الملائكة» : إذ، معطوفة على «إذ قالت امرأة عمران» الآية: 35، إذا جعلتها فى موضع نصب على «واذكر» الآية: 41 «أيهم يكفل مريم» : ابتداء، والجملة «فى موضع نصب بفعل دل عليه الكلام تقديره: إذ يلقون أقلامهم ينظرون أيهم يكفل مريم ولا يعمل الفعل فى لفظ «أي» لأنها استفهام، ولا يعمل فى الاستفهام ما قبله 45- إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ «إذ قالت الملائكة» : العامل فى «إذ» : «يختصمون» الآية: 44 أي: يختصمون حين قالت الملائكة.
ويجوز أن يعمل فيها: «وما كنت لديهم» الثاني، الآية: 44، كما عمل الأول فى «إذ يلقون» .
«وجيها ومن المقربين، ويكلم الناس فى المهد وكلها، ومن الصالحين» : كل ذلك حال من «عيسى» .
وكذلك قوله: «ويعلمه» الآيتان: 46، 48 «بكلمة» : من جعلها اسما لعيسى، جاز على قوله فى غير القرآن «وجيه» بالخفض، على النعت ل «كلمة» .
49- وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ ...
«رسولا» : حال من «عيسى» .
وقيل: تقديره: ويجعله رسولا، فهو مفعول به.
وقيل: هو حال تقديره: ويكلمهم رسولا.
«أنّى أخلق» : أن، بدل من الأولى والأولى. فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الخفض تقديره:
بأنى قد جئتكم.
ومن كسر «إنى» ، فعلى القطع والابتداء.
ويجوز أن يكون من فتح «أنى أخلق» يجعلها بدلا من «أنه» ، فيكون «أن» فى موضع خفض.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع، على تقدير حذف مبتدأ تقديره: هى أنى أخلق.
«كهيئة الطّير فأنفخ فيه» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: خلقا مثل هيئة الطير. والهاء فى «فيه» تعود على «الهيئة» ، وهى الصورة. والهيئة إنما هى فى المصدر اسم الفعل ل «أنفخ» ، لكن وقع المصدر موقع المفعول، كما قال: هذا خلق الله، أي: مخلوقه، وهذا درهم ضرب الأمير، أي: مضروبه.(4/66)
وقد يجوز أن تعود «الهاء» على «المخلوق» لأن «أخلق» يدل عليه، إذ هو دال على الخلق من حيث كان مشتقا منه، والخلق يدل على المخلوق.
50- وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ ...
«مصدّقا» : نصب على الحال من «التاء» فى «جئتكم» الآية: 49 أي: وجئتكم مصدقا. ولا يحسن أن تعطف «ومصدقا» على «وجيها» لأنه يلزم أن يكون اللفظ «لما بين يديه» ، والتلاوة: «لما بين يدى» .
55- إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...
«إذ» : فى موضع نصب ب «اذكر» مضمرة.
«وجاعل» : غير معطوف على ما قبلها لأنها خطاب للنبى محمّد- صلّى الله عليه وسلّم- والأول لعيسى وقيل: هو معطوف على الأول، وكلاهما، لعيسى- صلّى الله عليه وسلّم-.
60- الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «الحقّ من ربّك» : خبر ابتداء محذوف أي: هو الحق، وهذا الحق.
62- إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ ...
«إلاه» : مبتدأ، و «من» ، زائدة، و «إلا الله» خبره، كما تقول: ما من أحد إلا الفضل شاكرك ف «أحد» ، فى موضع رفع بالابتداء، و «من» ، زائدة للتوكيد، و «إلا شاكرك» ، خبر الابتداء.
ويجوز أن يكون خبر الابتداء محذوفا. و «إلا الله» بدل من» إله» على الموضع تقديره: ما إله معبودا وموجودا إلا الله.
64- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ...
«إلى كلمة سواء» : سواء، نعت للكلمة.
وقرأ الحسن: سواء، بالنصب، على المصدر، فهو فى موضع: استواء أي: استواء.
«ألّا نعبد» : أن، فى موضع خفض بدل من «كلمة» .(4/67)
وإن شئت فى موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره: هى أن لا نعبد.
ويجوز أن يكون معنى «أن» مفسرة، على أن يجزم «نعبد» و «نشرك» ب «لا» .
ولو جعلتها مخففة من الثقيلة رفعت «نعبد» و «نشرك» وأضمرت الهاء مع «أن» .
68- إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ ...
«وهذا النّبىّ» : النبي، مرفوع على النعت ل «هذا» ، أو على البدل، أو على عطف البيان و «هذا» فى موضع رفع، على العطف على «الذي» .
ولو قيل فى الكلام: هذا النبي، بالنصب، لحسن، لعطفه على الهاء فى «اتبعوه» .
73- وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ ...
«أن يؤتى» : مفعول ب «تؤمنوا» وتقدير الكلام: ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا من تبع دينكم. فاللام، على هذا، زائدة و «من» فى موضع نصب استثناء ليس من الأول وقيل: التقدير: ولا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم بأن يؤتى أحد.
وقال الفراء: انقطع الكلام عند قوله «دينكم» ، ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ف «لا» مقدرة.
ويجوز أن تكون اللام غير زائدة، وتتعلق بما دل عليه الكلام، لأن معنى الكلام: لا تقروا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم، فيتعلق الحرفان ب «تقروا» ، كما تقول: أقررت لزيد بالمال، وجاز ذلك، لأن الأول كالظرف فصار بمنزلة قولك: مررت فى السوق يزيد.
وإنما دخلت «أحد» لتقدم لفظ النفي فى قوله «ولا تؤمنوا» ، فهى نهى، ولفظه لفظ النفي. فأما من مده واستفهم- وهى قراءة ابن كثير- فإنه أتى به على معنى الإنكار من اليهود أن يؤتى أحد مثل ما أوتوا، حكاية عنهم. فيجوز أن تكون «أن» فى موضع رفع بالابتداء، إذ لا يعمل فى «أن» ما قبلها لأجل الاستفهام، وخبر الابتداء محذوف تقديره: أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تصدقون؟ أو تقرون؟ ونحوه. وحسن الابتداء ب «أن» ، لانها قد اعتمدت على حرف الاستفهام، فهو فى التمثيل بمنزلة: أزيدا ضربته؟
ويجوز أن يكون «أن» فى موضع نصب، وهو الاختيار، كما كان فى قولك: أزيدا ضربته؟ النصب الاختيار،(4/68)
لأن الاستفهام عن الفعل، فتضمر فعلا، بين الألف وبين «أن» ، تقديره: أتذيعون أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؟
أو أتشيعون؟ أو أتذكرون، ونحو هذا مما دل عليه الإنكار الذي قصدوا اليه بلفظ الاستفهام، ودل على قصدهم لهذا المعنى قوله تعالى عنهم فيما قالوا لأصحابهم (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) 2: 76، يعنون: أتحدثون المسلمين بما وجدتم من صفة نبيهم فى كتابهم ليحاجوكم به عند ربكم.
و «أحد» ، فى قراءة من مد، بمعنى: واحد، وانما جمع فى قوله «أو يحاجوكم به» لأنه رده على معنى «أحد» ، لأنه بمعنى الكثرة، ولكن «أحد» ، إذ كان فى النفي أقوى فى الدلالة على الكثرة منه إذا كان فى الإيجاب، حسن دخول «أحد» بعد لفظ الاستفهام، لأنه بمعنى الإنكار والحجة، فدخلت «أحد» بعد الحجة الملفوظ بها، فيصلح أن تكون على أصلها فى العموم، وليست بمعنى «واحد» .
75- وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ...
«دمت» : من ضم الدال جعله: فعل يفعل، مثل: قال يقول، ودام يدوم ومن كسر الدال، جعله:
فعل يفعل، مثل خاف يخاف، على دام يدام، وكذلك «مت» فيمن كسر الميم أو ضمها.
78- وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ ...
«يلوون» : قرأ حميد: بواو واحدة مع ضم اللام، وأصل هذه القراءة: يلوون، ثم همز الواو الأولى لانضمامها، ثم ألقى حركة الهمزة على اللام على أصل التخفيف المستعمل فى كلام العرب.
80- وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «ولا يأمركم أن تتّخذوا» : من نصب «يأمركم» عطفه على «أن يؤتيه الله» الآية: 79، وعلى «ثم يقول» الآية: 79، والضمير فى «يأمركم» ل «بشر» الآية: 79.
ومن رفعه قطعه مما قبله. أو جعل «لا» بمعنى «ليس» ، ويكون الضمير فى «يأمركم» لله جل ذكره.
81- وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ...
«لما» : من كسر اللام- وهو حمزة- علقها ب «الأخذ» أي: أخذ الله الميثاق لما أعطوا من الكتاب والحكمة، لأن من أوتى ذلك فهو الأفضل وعليه يؤخذ الميثاق. و «ما» بمعنى «الذي» .(4/69)
فاما من فتح اللام فهى لام الابتداء، وهى جواب لما دل عليه الكلام من معنى القسم، لأن أخذ الميثاق، إنما يكون بالأيمان والعهود، فاللام جواب القسم، و «ما» بمعنى «الذي» فى موضع رفع بالابتداء، والهاء محذوفة من «آتيتكم» تقديره: آتيتكموه من كتاب، و؟؟؟؟؟؟ كتاب وحكمة» ، و «من» زائدة.
وقيل: الخبر «لتؤمنن به» ، وهو جواب قسم محذوف، تقديره: والله لتؤمنن به. والعائد من الجملة المعطوفة على الصلة على «ما» محمول على المعنى، عند الأخفش لأن «ما معكم» معناه: لما أوتيتموه، كما قال تعالى:
(إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) 12: 90، فحمله على المعنى والضمير، إذ هو بمعنى: فإن الله لا يضيع أجرهم ولا بد من تقدير هذا العائد فى الجملة المعطوفة على الصلة، وهى: «ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم» ، فهما جملتان لموصولين، حذف الثاني للاختصار، وقام حرف العطف مقامه، فلا بد من عائد فى الصلتين على الموصولين ألا ترى لو أنك قلت: الذي قام أبوه ثم الذي منطلق عمرو، لم يجز حتى تقول: إليه، ومن أجله، ونحو ذلك، فيكون فى الجملة المعطوفة ما يعود على «الذي» المحذوف، كما كان فى الجملة التي هى صلة للذى ثم تأتى بخبر الابتداء بعد ذلك.
ويحتمل أن يكون العائد من الصلة الثانية محذوفا تقديره: ثم جاءكم رسول به أي: بتصديقه أي: بتصديق ما أتيتكموه وهذا الحرف على قياس ما أجازه الخليل من قولك: ما أنا بالذي قائل لك شيئا أي: بالذي هو قائل وكما قرىء (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) 6: 154، بالرفع؟؟؟؟: هو أحسن، بالرفع، ثم حذف الضمير من الصلة، وإنما يبعد هذا الحذف عند البصريين لاتصال الضمير بحرف الجر، فالمحذوف من الكلام هو ضمير وحرف، فبعد لذلك.
ويجوز أن يكون «ما» فى قراءة من فتح اللام، للشرط، فيكون فى موضع نصب ب «أتيتكم» ، و «أتيتكم» فى موضع جزم ب «ما» ، و «ثم جاءكم» معطوف عليه فى موضع جزم أيضا، وتكون اللام فى «لما» لام التأكيد، وليست بجواب القسم، كما كانت فى الوجه الأول، ولكنها دخلت لتلقى القسم، بمنزلة اللام فى (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) 33: 60، تنذر بإتيان القسم بعدها، وهو قوله «لتؤمنن به» ، فهى توطئة للقسم وليست بجواب للقسم، كما كانت فى الوجه الأول لأن الشرط غير متعلق بما قبله ولا يعمل فيه ما قبله، فصارت منقطعة مما قبلها، بخلاف ما إذا جعلت «ما» بمعنى: الذي لأنه كلام متصل بما قبله وجواب له، وحذفها جائز، قال الله تعالى (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ) 5: 73، فإذا كانت «ما» للشرط لم «تحتج الجملة المعطوفة إلى عائد، كما لم تحتج إليه الأولى، ولذلك اختار الخليل وسيبويه، لما لم يريا فى الجملة الثانية عائدا، جعلاها للشرط. وهذا تفسير المازني وغيره لمذهب الخليل وسيبويه.(4/70)
والهاء فى «به» تعود على «ما» ، إذا كانت بمعنى «الذي» ، ولا يجوز أن تعود على «رسول» . فإن جعلت «ما» للشرط جاز أن تعود على «رسول» . والهاء فى «لينصرنه» تعود على «رسول» فى الوجهين جميعا.
83- ... وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «طوعا وكرها» : مصدران فى موضع الحال أي: طائعين ومكرهين.
84- قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا ...
أي: قل قولوا: آمنا، فالضمير فى «آمنا» للمأمورين، والآمر لهم: النبي- صلّى الله عليه وسلّم-.
ويجوز أن يكون الأمر للنبى عليه السلام، يراد به أمته.
85- وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ «دينا» : نصب على البيان، و «غير» مفعول «يبتغ» ، ويجوز أن يكون «غير» حالا، و «دينا» مفعول «يبتغ» .
«وهو فى الآخرة من الخاسرين» : الظرف متعلق بما دل عليه الكلام، وهو خاسر فى الآخرة من الخاسرين.
ولا يحسن تعلقه ب «الخاسرين» لتقدم الصلة على الموصول، إلا أن نجعل الألف واللام للتعريف، بمعنى «الذي» ، فيحسن.
87- أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ ...
«أنّ عليهم» : فى موضع رفع، خبر «جزاؤهم» ، و «جزاؤهم» وخبره خبر «أولئك» .
ويجوز أن يكون «جزاؤهم» بدلا من «أولئك» ، بدل الاشتمال، و «أن» خبر «جزاؤهم» .
88- خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ «خالدين فيها» : حال من الضمير الملفوظ فى «عليهم» .
«لا يخفف عنهم» : مثله، ويجوز أن يكون منقطعا من الأول.
91- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ «وماتوا وهم كفار» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من الضمير فى «ماتوا» .
«وما لهم من ناصرين» : ابتداء وخبر، و «ما» نافية، و «من» زائدة، والجملة فى موضع الحال من المضمر المخفوض فى «لهم» الأول.(4/71)
96- إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ «مباركا وهدى» : حالان من المضمر فى «وضع» .
ويجوز الرفع على: هو مبارك وهدى.
ويجوز الخفض على النعت ل «بيت» .
97- فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ «مقام إبراهيم» أي: من الآيات مقام إبراهيم، فهو مبتدأ محذوف خبره.
ويجوز أن يكون «مقام» بدلا من «آيات» ، على أن يكون «مقام إبراهيم» : الحرم كله، ففيه آيات كثيرة، وهو قول مجاهد، ودليله «ومن دخله كان آمنا» ، يريد: الحرم، بلا اختلاف.
وقيل: ارتفع على إضمار مبتدأ أي: هو مقام إبراهيم.
«ومن دخله كان آمنا» : من، معطوفة على «مقام» على وجوهه. ويجوز أن تكون مبتدأة منقطعة، و «كان آمنا» الخبر.
«من استطاع» : فى موضع خفض بدل من «الناس» ، وهو بدل بعض من كل.
وأجاز الكسائي أن يكون «من» شرطا، فى موضع رفع بالابتداء، و «استطاع» فى موضع جزم ب «من» ، والجواب محذوف تقديره: فعليه الحج، ودل على ذلك قوله: «ومن كفر فإن الله» ، هذا شرط بلا اختلاف، والأول مثله.
وهو عند البصريين منقطع من الأول، مبتدأ شرط، والهاء فى «إليه» تعود على «البيت» ، وقيل:
على الحج.
99- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ «وأنتم شهداء» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «تبغونها» .
101- وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ...
«وأنتم تتلى عليكم» ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «تكفرون» ومثله: «وفيكم رسوله» .(4/72)
102- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «تقاته» : «أصله» وقية، وقد تقدم علته فى «تقاة» 2: 28 «وأنتم مسلمون» ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «تموتن» أي: الزموا هذه الحال حتى يأتيكم الموت وأنتم عليها.
103- وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ...
«جميعا» : حال.
«إخوانا» : خبر «أصبح» 111- لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً ...
«إلّا أذّى» : فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
113- لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ «ليسوا سواء» : ليس، فيها اسمها، و «سواء» ، خبرها أي: ليس المؤمنون والفاسقون، المتقدم ذكرهم، سواء.
«من أهل الكتاب أمة» : ابتداء وخبر وأجاز الفراء رفع «أمة» ب «سواء» ، فلا يعود على اسم «ليس» من خبره شىء، وهو لا يجوز، مع قبح عمل «سواء» ، لأنه ليس بجار على الفعل، مع أنه يضمر فى «ليس» ما لا يحتاج إليه، إذ قد تقدم ذكر الكافرين قال أبو عبيدة: «أمة» اسم «ليس» ، و «سواء» خبرها، وأتى الضمير فى «ليس» على لغة من قال:
أكلونى البراغيث.
وهذا بعيد لأن المذكورين قد تقدموا قبل «ليس» ، ولم يتقدم فى «أكلونى» شىء، فليس هذا مثله.
«يتلون آيات الله» : فى موضع رفع نعت ل «آية» ، وكذلك: «وهم يسجدون» موضع الجملة رفع نعت ل «أمة» . وإن شئت جعلت موضعها نصبا على الحال من المضمر فى «قائمة» ، أو من «أمة» ، إذا رفعتها ب «سواء» ، وتكون حالا مقدرة لأن التلاوة لا تكون فى السجود ولا فى الركوع.(4/73)
والأحسن فى ذلك أن تكون جملة لا موضع لها من الإعراب لأن النكرة إذا قربت من المعرفة تحسن الحال منها، كما قال تعالى: (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا) 46: 12 «آناء اللّيل» : نصب على الظرف، وهو ظرف زمان، بمعنى: ساعاته، وواحده: إنى، وقيل: أنى.
114- يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ «يؤمنون» : فى موضع النعت ل «أمة» أيضا، أو فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «يسجدون» ، أو من المضمر فى «يتلون» ، أو من المضمر فى «قائمة» ومعنى «قائمة» : مستقيمة، ومثله: «ويأمرون» ، «وينهون» ، و «ويسارعون» .
ويجوز أن يكون كل ذلك مستأنفا.
117-ثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ...
«فيها صرّ» : ابتداء وخبر، فى موضع خفض على النعت، ل «ريح» وكذلك: «أصابت حرث قوم» .
«ظلموا أنفسهم» : الجملة فى موضع خفض، نعت ل «قوم» .
118- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا «خبالا» : نصب على التفسير، و «لا يألونكم خبالا» : فى موضع نعت ل «بطانة» ، وكذلك: «ودوا ما عندتم» ، ولا يحسن أن يكون «ودوا» حالا إلا بإضمار «قد» لأنه ماض.
119- ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ ...
«ها أنتم» : يجوز أن تكون الهاء بدلا من همزة، ويجوز أن تكون «ها» التي للتنبيه، إلا فى قراءة قنبل عن ابن كثير «هأنتم» بهمزة مفتوحة بعد الهاء، فلا تكون إلا بدلا من همزة.
«تحبّونهم» : فى موضع الحال من المبهم، أو صلة له، إن جعلته بمعنى «الذي» ، وهو مثل الذي فى البقرة «ثم أنتم هؤلاء» . و «تؤمنون» عطف على «يحبونهم» .
120- إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ «لا يضرّكم» : من شدده وضم الراء، احتمل أن يكون مجزوما على جواب الشرط، لكنه لما احتاج إلى تحريك المشدد حركه بالضم، فأتبعه ضم ما قبله.(4/74)
وقيل: هو مرفوع على إضمار الفاء.
وقيل: هو مرفوع على نية التقديم أي: لن يضركم أن تصبروا، كما قال:
إنك إن يصرع أخوك تصرع
فرفع «يصرع» على نية التقديم.
والأول أحسنها، على أن فيه بعض الإشكال.
وقد حكى عن عاصم أنه قرأ بفتح الراء مشددة، وهو أحسن من الضم.
ومن خفف جزم الراء لأنه جواب الشرط.
121- وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «إذ» : فى موضع نصب ب «اذكر» ، مضمرة.
«تبوّىء المؤمنين» . فى موضع الحال من التاء فى «غدوت» .
122- إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما ...
«إذ» : فى موضع نصب، والعامل فيها «سَمِيعٌ عَلِيمٌ» الآية: 121.
وقيل: العامل «تبوىء» الآية: 121.
والأول أحسن.
123- وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ...
«وأنتم أذلّة» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من الكاف والميم فى «نصركم» .
124- إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ «إذ تقول» : العامل فى «إذ» : «نصركم» .
«أن يمدّكم» : أن، فى موضع رفع فاعل ل «يكفى» تقديره: ألن يكفيكم إمداد ربكم إياكم بثلاثة آلاف.
«منزلين» : نعت ل «ثلاثة» ، و «مسومين» نعت ل «خمسة» .
126- وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ...
«وما جعله الله» : الهاء، تعود على «الإمداد» ، ودل عليه «يمدكم» .(4/75)
وقيل: تعود على «المدد» ، وهم الملائكة.
وقيل: تعود على «التسويم» ، ودل عليه «مسومين» . والتسويم: التعليم أي: معلمين يعرفونهم بالعلامة.
وقيل: تعود على «الإنزال» ، دل عليه «منزلين» .
وقيل: تعود على «العدد» ، دل عليه خمسة آلاف، وثلاثة آلاف، وذلك عدد.
127- لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ «ليقطع» : اللام، متعلقة بفعل دل عليه الكلام تقديره: ليقطع طرفا نصركم. ويجوز أن يتعلق ب «يمدكم» .
«أو يكبتهم» : الأصل فيه، عند كثير من العلماء: يكبدهم، ثم أبدل من الدال تاء، كما قالوا: هرت الثوب، وهرده إذا خرقه، فهو مأخوذه من: أصاب الله كبده بشر أو حزن أو غيظ.
128- لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ «أو يتوب عليهم أو يعذّبهم» : هذا معطوف على «ليقطع» الآية: 126، وفى الكلام تقديم وتأخير.
وقيل: هو نصب بإضمار «أن» ، معناه: وأن يتوب، وأن يعذبهم.
130- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «أضعافا مضاعفة» : أضعافا، نصب على الحال، و «مضاعفة» نعته.
133- وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ «عرضها السّموات والأرض» : ابتداء وخبر، فى موضع خفض نعت ل «جنة» ، وكذلك: «أعدت للمتقين» .
136- أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ «تجرى» : فى موضع رفع، نعت ل «جنات» .
«خالدين» : حال من «أولئك» .
140- إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «قرح» : من ضمه، أراد: ألم الجرح ومن فتحه: أراد الجرح نفسه.(4/76)
وقيل: هما لغتان، بمعنى: الجراح.
«نداولها» : فى موضع نصب، حال من «الأيام» .
«ليعلم» : نصب بإضمار «أن» .
143- وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ «من قبل أن تلقوه» : قرأ مجاهد بضم اللام من «قبل» ، جعلها غاية، فيكون موضع «أن» فى موضع نصب على البدل من «الموت» ، وهو بدل الاشتمال.
ومن كسر لام «قبل» فموضع «أن» موضع خفض بإضافة «قبل» إليها. والهاء فى «تلقوه» راجعة على «الموت» ، وكذلك التي فى «رأيتموه» ، ويعنى ب «الموت» هنا: لقاء العدو لأنه من أسباب الموت والموت نفسه لا تعاين حقيقته.
145- وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا ...
«وما كان لنفس أن تموت» : أن، فى موضع رفع، اسم «كان» . و «إلا بإذن الله» الخبر.
و «لنفس» : تبيين مقدم.
146- وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ «وكأيّن» : هى «أي» دخلت عليها كاف التشبيه، فصار الكلام بمعنى «كم» ، وكتبت فى المصاحف بعد الياء نون لأنها كلمة نقلت عن أصلها، فالوقف عليها بالنون اتباع للمصحف. وعن أبى عمرو: أنه وقف بغير نون، على الأصل لأنه تنوين.
فأما من أخر الهمزة وجعله مثل: فاعل- وهو ابن كثير- فقيل: إنه «فاعل» من «الكون» وذلك بعيد، لإتيان «من» بعده، ولبنائه على السكون.
وقيل: هى كاف التشبيه دخلت على «أي» ، وكثر استعمالها بمعنى «كم» فصارت كلمة واحدة، فنقلت الياء قبل الهمزة، فصارت: كين، فخففت المشددة، كما خففوا: ميتا وهينا، فصارت كيين، مثل: فعيل فأبدلوا من الياء الساكنة ألفا كما أبدلوا فى «آية» ، وأصلها: آيية، فصارت: كأين، وأصل النون التنوين، والقياس حذفه فى الوقف، ولكن من وقف بالنون أعلّ، لأن الكلمة تعرت وقلبت، فصار التنوين حرفا من الأصل.
وقال بعض البصريين: الأصل فى هذه القراءة: كأى، ثم قدمت إحدى الياءين فى موضع الهمزة، فتحركت(4/77)
بالفتح كما كانت الهمزة، وصارت الهمزة ساكنة فى موضع الياء المقدمة، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، والألف ساكنة، فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين، وبقيت إحدى الياءين متطرفة، فأذهبها التنوين بعد زوال الحركة استثقالا، كما تحذف ياء: قاض، وغاز.
«معه ربّيّون كثير» : فى موضع خفض صفة ل «نبى» ، إذا أسندت القتل للنبى وجعلته صفة له.
و «ربيون» على هذا، مرفوع بالابتداء، أو بالظرف، وهو أحسن لأن الظرف صفة لما قبله، ففيه معنى الفعل، فيقوى الرفع، وإنما يضعف الرفع بالاستقرار إذا لم يعتمد الظرف على شىء قبله كقولك: فى الدار زيد، فإن قلت: مررت برجل فى الدار أبوه، حسن رفع «الأب» بالاستقرار لاعتماد الظرف على ما قبله، فيتبين فيه معنى الفعل، والفعل أولى بالعمل من الابتداء لأن الفعل عامل لفظى، والابتداء عامل معنوى، واللفظي أقوى من المعنوي.
والهاء فى «معه» تعود على «نبى» .
ويجوز أن يجعل «معه ربيون» فى موضع نصب على الحال من «نبى» ، أو من المضمر فى «قتل» ، وتكون الهاء فى «معه» تعود على المضمر فى «قتل» ، و «معه» فى الوجهين، تتعلق بمحذوف قامت مقامه، وفيه ذكر المحذوف، كأنك قلت: مستقر معه ربيون كثير.
فإن أسندت الفعل إلى «ربيون» ارتفعوا ب «قتل» ، وضار «معه» متعلقا ب «قتل» ، فيصير «قتل» وما بعده صفة ل «نبى» .
فأما خبر «كأين» فإنك إذا أسندت «قاتل» إلى «نبى» جعلت «معه ربيون» الخبر، وإن شئت جعلته صفة ل «نبى» ، أو حالا من المضمر فى «قتل» ، أو من «نبى» لأنك قد وصفته على ما ذكرنا، أضمرت الخبر تقديره: وكأين من نبى مضى، أو فى الدنيا، ونحوه.
وإذا أسندت القتل إلى «الربيين» جعلت «قتل معه ربيون» الخبر، وإن شئت جعلته صفة ل «نبى» ، وأضمرت الخبر كما تقدم.
وكذلك تقدير هذه الآية على قراءة من قرأ «قاتل» ، الأمر فيهما واحد.
و «كأين» بمعنى «كم» وليس فى الكاف معنى تشبيه فى هذا، وهو أصلها، لكنها تغيرت عنه وجعلت مع «أي» كلمة واحدة تدل على ما تدل عليه «كم» فى الخبر، فهى فى زوال معنى التشبيه عنها بمنزلة قولك: له كذا وكذا أصل «الكاف» : التشبيه، لكنها جعلت مع «ذا» كلمة واحدة، فزال معنى التشبيه منها.(4/78)
150- بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ أجاز الفراء: «بل الله مولاكم» ، بالنصب على معنى: بل أطيعوا الله.
151- سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ «ما لم ينزّل» : ما، مفعول «أشركوا» .
154- ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «أمنة نعاسا» : مفعول «أنزل» ، و «نعاسا» بدل من «أمنة» .
وقيل: «أمنة» : مفعول من أجله، و «نعاسا» : منصوب ب «أنزل» .
«وطائفة قد أهمّتهم» : ابتداء، و «قد أهمتهم» الخبر، والجملة فى موضع نصب على الحال. وهذه «الراو» ، قيل: هى واو الابتداء وقيل: واو الحال وقيل: هى بمعنى «إذ» .
«يظنّون» و «يقولون» : كلاهما فى موضع رفع، على النعت ل «طائفة» ، أو فى موضع نصب على الحال من المضمر المنصوب فى «أهمتهم» .
«كلّه لله» : من نصبه جعله تأكيدا ل «الأمر» ، و «لله» خبر «إن» .
وقال الأخفش: هو بدل من «الأمر» .
ومن رفعه فعلى الابتداء، و «لله» خبره، والجملة خبر «إن» .
«وليبتلى الله ما فى صدوركم» : اللام، متعلقة بفعل دل عليه الكلام تقديره: وليبتلى الله ما فى صدوركم فرض عليكم القتال.(4/79)
«وليمحّص» : عطف على «ليبتلى» .
158- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ...
«فبما رحمة» : رحمة، مخفوضة بالباء، و «ما» زائدة للتوكيد.
وقال ابن كيسان: ما، نكرة فى موضع خفض بالباء، و «رحمة» بدل من «ما» ، أو نعت لها.
ويجوز رفع «رحمة» على أن يجعل «ما» بمعنى «الذي» ، ويضمر «هو» فى الصلة وتحذفها، كما قرىء:
(تماما على الذي أحسن) 6: 154.
160- إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ...
«من بعده» : الهاء، تعود على «الله» جل ذكره.
وقيل: بل تعود على «الخذلان» .
161- وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ...
«أن يغلّ» : أن، فى موضع رفع اسم «كان» . ومن قرأ: يغل: بفتح الياء وضم الغين، فمعناه: ما كان لنبى أن يخون أحدا فى مغنم ولا غيره. ومن قرأ بضم الياء وفتح الغين، فمعناه: ما كان لنبى أن يوجد غالا، كما تقول:
أحمدت الرجل: وجدته محمودا وأحمقته: وجدته أحمق. وقيل: معناه ما كان لنبى أن يخان، أي: أن يخونه أصحابه فى مغنم ولا غيره.
168- الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا ...
«الّذين قالوا» : الذين، فى موضع نصب على النعت ل «الذين نافقوا» الآية: 167، أو على البدل، أو على إضمار: أعنى، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ.
170- فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «فرحين» : نصب على الحال من المضمر فى «يرزقون» ، الآية: 169 ولو كان فى الكلام «فرحون» لجاز على النعت.
«أن لا خوف عليهم» : أن، فى موضع خفض ل «أحياء» ، بدل من «الذين» ، وهو بدل الاشتمال.(4/80)
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على معنى: نازلا.
172- الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ...
«الّذين استجابوا» : ابتداء، وخبره: «للذين أحسنوا منهم» .
ويجوز أن يكون «الذين» فى موضع خفض بدلا من «المؤمنين» الآية: 171، أو من «الذين لم يلحقوا بهم» الآية: 170 173- الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ...
«الّذين قال لهم النّاس» : بدل من «الذين استجابوا» الآية: 172 178- وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ «ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملى» : أن، تقوم مقام مفعولى «حسب» ، و «الذين» فاعلون، و «ما» فى «إنما» بمعنى: «الذي» ، والهاء محذوفة من «نملى» هذا على قراءة من قرأ بالياء، و «خير» : خبر «إن» .
وإن شئت جعلت «ما» و «نملى» مصدرا، فلا تضمرها تقديره: لا يحسبن الذين كفروا أن الإملاء لهم خير لهم.
فأما من قرأ بالتاء وكسر «أن» من «أنما» ، فإنما يجوز على أن يعلق «حسب» ، ويقدر القسم، كما تفعل بلام الابتداء فى قولك: لا يحسبن زيد لأبوه أفضل من عمرو، وكأنك قلت: والله لأبوه أفضل من عمرو.
فأما من قرأ بالتاء- وهو حمزة- فإنه جعل «الذين» مفعولا أول ل «حسب» ، والفاعل هو المخاطب، وهو النبي صلى الله عليه وسلم وجعل «إنما» ، وما بعدها، بدلا من «الذين» ، فتسد مسد المفعولين. كما مضى فى قراءة من قرأ بالتاء. و «ما» بمعنى «الذي» فى هذه القراءة، والهاء محذوفة من «نملى» ، أو تجعل «أن» مفعولا ثانيا ل «حسب» لأن الثاني فى هذا الباب هو الأول فى المعنى، إلا أن تضمر محذوفا تقديره: ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم فتجعل «ما» ونملى» مصدرا على هذا. فإن لم تقدر محذوفا فجوازه على أن يكون «أن» بدلا من «الذين» : ويسد مسد المفعولين. و «ما» بمعنى «الذي» . وفى جواز «ما» والفعل مصدر، و «أن» بدل من «الذين» : نظر.
وقد كان وجه القراءة لمن قرأ بالتاء أن يكسر «إنما» ، فتكون الجملة فى موضع المفعول الثاني، ولم يقرأ به أحد.(4/81)
وقد قيل: إن من قرأ بالتاء فجوازه على التكرير، تقديره: لا تحسبن الذين كفروا، ولا تحسبن إنما نملى لهم، ف «إنما» سدت مسد المفعولين ل «حسب» الثاني، وهى وما عملت فيه مفعول ثان ل «حسب» الأول كما أنك لو قلت: الذين كفروا لا تحسبن إنما نملى لهم خير لأنفسهم، لجاز، فيدخل «حسب» الأول على المبتدأ.
180- وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ ...
من قرأ بالياء جعل «الذين» فاعلين» ل «حسب» ، وحذف المفعول الأول، لدلالة الكلام عليه، و «هو» .
فاصلة، و «خيرا» مفعول ثان وتقديره: ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل خيرا لهم، فدل «يبخلون» على البخل، فجاز حذفه.
فأما من قرأ بالتاء- وهو حمزة- فإنه جعل المخاطب هو الفاعل، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، و «الذين» مفعولا أول، على تقدير حذف مضاف وإقامة «الذين» مقامه، و «هو» فاصلة» ، و «خيرا» مفعول ثان، تقديره: ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيرا لهم ولا بد من هذا الإضمار ليكون المفعول الثاني هو الأول فى المعنى، وفيها نظر، لجواز تقدير «ما» فى الصلة تفسير ما قبل الصلة.
على أن فى هذه القراءة مزية على القراءة بالياء لأنك حذفت المفعول وأبقيت المضاف إليه يقوم مقامه، وإذا حذفت المفعول فى قراءة «الياء» لم يبق ما يقوم مقامه وفى القراءة أيضا مزية على القراءة بالياء، وذلك أنك حذفت «البخل» بعد تقدم «يبخلون» ، وفى القراءة بالتاء حذفت «البخل» قيل إثبات «يبخلون» ، وجعلت «ما» فى صلة «الذين» تفسير ما قبل الصفة.
والقراءتان متوازيتان فى القوة والرتبة.
183- الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ «الذين» : فى موضع خفض بدل من «الذين» فى قوله (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ) الآية: 181، أو فى موضع نصب على إضمار «أعنى» ، أو فى موضع رفع على إضمار «هم» .
«ألّا نؤمن» : أن، فى موضع نصب، على تقدير حذف حرف الجر أي: بألا نؤمن.
و «أن» تكتب منفصلة من «لا» ، إلا إذا أدغمتها فى اللام بغنة، فإن أدغمتها بغير غنة كتبتها منفصلة.
وقال غيره: بل تكتب منفصلة على كل حال.
وقيل: إن قدرتها مخففة من الثقيلة كتبتها منفصلة، لأن معها مضمرا يفصلها مما بعدها، وإن قدرتها الناصبة للفعل كتبتها متصلة، إذ ليس بعدها مضمر مقدر.(4/82)
185- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ...
«إنما توفّون أجوركم» : ما، كافة ل «إن» عن العمل، ولا يحسن أن يكون «ما» بمعنى «الذي» ، لأنه يلزم رفع «أجوركم» ، ولم يقرأ به أحد لأنه يصير التقدير: وإن الذي توفونه أجوركم وأيضا فإنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء.
188- لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «لا تحسبنّ الّذين يفرحون» : من قرأه بالياء جعل الفعل غير متعد، و «الذين يفرحون» فاعلون.
ومن قرأ «فلا يحسبنهم» بالياء، جعله بدلا من «لا يحسبن الذين يفرحون» ، على قراءة من قرأه بالياء والفاء فى «فلا يحسبنهم» زائدة، فلم يمنع من البدل. ولما تعدى «فلا يحسبنهم» إلى مفعولين استغنى بذلك عن تعدى «لا يحسبن الذين يفرحون» لأن الثاني بدل منه، فوجه القراءة لمن قرأ «لا يحسبن الذين يفرحون» بالياء، أن يقرأ «فلا يحسبنهم» بالياء، ليكون بدلا من الأول، فتستغنى بتعديته عن تعدى الأول.
فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء، فلا يحسن فيه البدل، لاختلاف فاعليهما ولكن يكون مفعولا أول حذف لدلالة مفعولى الثاني عليهما.
فأما من قرأ «لا تحسبن الذين يفرحون» بالتاء- وهم الكوفيون- فإنهم أضافوا الفعل إلى المخاطب، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، و «الذين يفرحون» مفعول أول ل «حسب» ، وحذف الثاني لدلالة ما بعده عليه، وهو «بمفازة من العذاب» .
وقد قيل: إن «بمفازة من العذاب» هو المفعول الثاني ل «حسب» الأول، على تقدير التقديم، ويكون المفعول الثاني ل «حسب» الثاني محذوفا لدلالة الأول عليه تقديره: لا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أوتوا بمفازة من العذاب، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب، ثم حذف الثاني، كما تقول: ظننت زيدا ذاهبا، وظننت عمرا بزيد ذاهبا، فتحذفه لدلالة الأول عليه.
ويجوز أن يكون «يحسبنهم» ، فى قراءة من قرأة بالياء، بدلا من «تحسبن الذين يفرحون» ، فى قراءة من قرأه بالياء أيضا، لاتفاق الفاعلين والمفعولين، والفاء زائدة لا تمنع من البدل.
فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء، فلا يحسن الثاني البدل، لاختلاف فاعليهما، ولكن يكون المفعول(4/83)
الثاني ل «حسب» الأول محذوفا، لدلالة ما بعده عليه، أو يكون «بمفازة» من العذاب هو المفعول الثاني، ويكون المفعول الثاني ل «حسب» الثاني محذوفا، كما ذكر أولا.
190- إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ واحد «أولى» : ذى، المضاف فإن كان منصوبا نحو: «يا أولى الألباب» ، فواحدهم: ذا، المضاف فإن كان مرفوعا نحو «أولو قوة» فواحدهم: ذو، المضاف. وقد ذكرنا أن واحد «أولئك» : ذا المبهم، من قولك «هذا» .
191- الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ «الذين» : فى موضع خفض بدل من «أولى» الآية: 190، أو فى موضع نصب على «أعنى» ، أو فى موضع رفع على: هم الذين يذكرون.
«قياما وقعودا» : حالان من المضمر فى «يذكرون» .
«وعلى جنوبهم» : حال منه أيضا، فى موضع نصب، كأنه قال: ومضطجعين.
«ويتفكرّون» : عطف على «يذكرون» ، داخل فى صلة «الذين» .
«باطلا» : مفعول من أجله أي: للباطل.
«سبحانك» : منصوب على المصدر، فى موضع «تسبيحا» أي: تسبيحا ومعناه: ننزهك من السوء تنزيها ونبرئك منه تبرئة.
193- رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ «أن آمنوا» : أن، فى موضع نصب على حذف حرف الخفض أي: بأن آمنوا.
«وتوفّنا مع الأبرار» ، أي: توفنا أبرارا مع الأبرار.
195- فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ «أنى لا أضيع» : أنى، فى موضع نصب، أي: بأنى.(4/84)
وقرأ أبو عمرو بالكسر، على تقدير: فقال: إنى لا أضيع.
«فالّذين هاجروا» : مبتدأ، وخبره «لأكفرن» .
«ثوابا من عند الله» : نصب على المصدر، عند البصريين، فهو مصدر مؤكد.
وقال الكسائي: هو منصوب على القطع، أي على الحال.
وقال الفراء: هو منصوب على التفسير.
«والله عنده حسن الثواب» : الله، مبتدأ و «حسن» ، ابتداء ثان، و «عنده» خبر «حسن» ، وهو وخبره خبر عن اسم الله.
197- مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ «متاع قليل» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هو متاع، أو: ذلك متاع، ونحوه.
198- لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ «تجرى من تحتها الأنهار» : فى موضع رفع، على النعت ل «جنات» .
وإن شئت فى موضع نصب على الحال، من المضمر المرفوع فى «لهم» .
أو هو كالفعل المتأخر بعد الفاعل، إن رفعت «جنات» بالابتداء، فإن رفعتها بالاستقرار لم يكن فى «لهم» ضمير مرفوع إذ هو كالفعل المتقدم على فاعله.
«خالدين فيها» : حال من المضمر، والعامل فى الحال الناصب لها أبدا هو العامل فى صاحب الحال لأنها هو.
«نزلا» : القول فيه والاختلاف، مثل «ثوابا» الآية: 195 199- وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا ...
«خاشعين» : حال من المضمر فى «يؤمن» ، أو فى «إليهم» ، وكذلك: «لا يشترون» مثل: «خاشعين» .(4/85)
- 4- سورة النساء
1- يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً «يا أيّها النّاس» : أي، نداء مفرد، فلذلك ضم، وضمه بنا وليس بإعراب، وموضعه موضع نصب، لأنه مفعول فى المعنى و «الناس» نعت ل «أي» ، وهو نعت لا يغنى عنه، لأنه هو المنادى فى المعنى. ولا يجوز عند سيبويه نصبه على الموضع، كما جاز فى: يا زيد الظريف لأن هذا نعت يستغنى عنه.
وقال الأخفش: «الناس» صلة ل «أي» ، فلذلك لا يجوز حذفه ولا نصبه.
وأجاز المازني نصب «الناس» قياسا على: يا زيد الظريف.
«والأرحام» : من نصبه عطفه على: اسم «الله» أي: واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
ويجوز أن يكون عطفه على موضع «به» ، كما نقول: مررت بزيد وعمرا، فعطفه على موضع «زيد» ، لأنه مفعول فى موضع نصب وإنما ضعف الفعل فتعدى بحرف.
ومن خفضه عطفه على الهاء فى «به» ، وهو قبيح عند سيبويه لأن المضمر المخفوض بمنزلة التنوين لأنه يعاقب التنوين فى مثل: غلامى، وغلامك، ودارى، ودارك ونحوه. ويدل على أنه كالتنوين أنهم حذفوا الياء فى النداء، إذ هو موضع يحذف فيه التنوين، تقول: يا غلام أقبل فلا يعطف على ما قام مقام التنوين، كما لا يعطف على التنوين.
وقال المازني: كما لا تعطف الأول على الثاني، إذ لا ينفرد بعد حرف العطف، كذلك لا تعطف الثاني على الأول، فهما شريكان لا يجوز فى أحدهما إلا ما يجوز فى الآخر.
3- وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا «ما طاب لكم» : ما، والفعل مصدر أي: فانكحوا الطيب أي: الحلال. و «ما» يقع لما لا يعقل ولنعوت ما يعقل فلذلك وقعت هنا لنعت ما يعقل.(4/86)
«مثنى وثلاث ورباع» : مثنى، فى موضع نصب بدل من «ما» ، ولم ينصرف، لأنه معدول عن:
اثنين اثنين، دال على التكثير ولأنه معدول عن مؤنث، لأن العدد مؤنث.
وقال الفراء: لم ينصرف لأنه معدول عن معنى الإضافة، وفيه تقدير دخول الألف واللام وأجاز صرفه فى العدد على أنه نكرة.
وقال الأخفش: إن سميت به صرفته فى المعرفة والنكرة لأنه قد زال عنه العدل.
وقيل: لم ينصرف لأنه معدول عن لفظه وعن معناه.
وقيل: امتنع من الصرف، لأنه معدول، ولأنه جمع.
وقيل: امتنع لأنه معدول، ولأنه عدل على غير أصل العدل لأن أصل العدل إنما هو للمعارف، وهذا نكرة بعد العدل.
و «ثلاث ورباع» : مثل «مثنى» فى جميع علله.
«فواحدة» : من نصبه فمعناه: فانكحوا واحدة.
وقرأ الأعرج: بالرفع، على معنى: فواحدة تقنع وهو ابتداء محذوف الخبر.
«أو ما ملكت أيمانكم» : عطف على «فواحدة» فى الوجهين جميعا و «ما ملكت» مصدر، فلذلك وقعت لما يعقل، فهو لصفة من يعقل.
4- وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً «نحلة» : مصدر وقيل: هو مصدر فى موضع الحال.
«نفسا» : تفسير، وتقديمه لا يجوز، عند سيبويه، البتة وأجازه المبرد والمازني، إذا كان العامل منصرفا.
«هنيئا مريئا» : حالان من الهاء فى «فكلوه» ، تقول: هنأنى ومرأنى: فإن أفردت «مرأنى» لم تقل إلا «امرأني» والضمير المرفوع فى «فكلوه» يعود على «الأزواج» وقيل: على «الأولياء» . والهاء فى «فكلوه» تعود على «شىء» .
5- وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً ...
«قياما» : من قرأه بغير ألف، جعله جمع «قيمة» ، كديمة وديم ويدل على أنه جمع: أنه اعتل فانقلبت واوه(4/87)
ياء، لانكسار ما قبلها، ولو كان مصدرا لم يعتل، كما لم يعتل: «الحول» و «العور» فمعناه: التي جعلها الله لكم قيمة لأمتعتكم ومعايشكم.
وإنما قال «التي» ولم يعقل «اللاتي» ، لأنه جمع لا يعقل، فجرى على لفظ الواحد كما قال: (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي) 11: 101، وقال (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي) 19: 61، ولو كان يعقل لقال «اللاتي» ، كما قال (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي) 4: 23، (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي) 4: 23، (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي) 24: 60، وهذا هو الأكثر فى كلام العرب وقد يجوز فيما لا يعقل «اللاتي» ، وفيما يعقل «التي» ، وقد ترىء «أموالكم اللاتي» بالجمع.
ومن قرأ «قياما» جعله اسما، من «أقام الشيء» ، وإن شئت مصدر: قام يقوم قياما، وقد يأتى فى معناه «قوام» ، فلا يعتل.
6- ... وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا ...
«إسرافا» : مفعول من أجله. وقيل: هو مصدو فى موضع الحال. و «بدارا» ، مثله.
«أن يكبروا» : أن فى موضع نصب ل «بدار» .
7- ... مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً «نصيبا مفروضا» : حال. وقيل: هو مصدر.
8- وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ...
«فارزقوهم منه» : الهاء، تعود على «المقسوم» ، لأن لفظة القسمة دلت عليه.
11- يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ. فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً «للذّكر مثل حظّ الأنثيين» : ابتداء وخبر، فى موضع نصب، تبيين للوصية وتفسير لها.(4/88)
«فإن كنّ نساء» : فى «كان» اسمها و «نساء» خبرها تقديره: فإن كانت المتروكات نساء فوق الاثنتين وإنما أعطى الاثنتان الثلثين بالسنة وبدلالة النص وليس فى النص هاهنا لهما دليل على أخذهما للثلثين، لكن فى النص على الثلثين الأختين، وسكت عن البنتين، فحملا على حكم الأختين، بدليل النص والسنة.
«وإن كانت واحدة» : من رفع، جعل «كان» تامة لا تحتاج إلى خبر، بمعنى: وقع وحدث فرفع «واحدة» بفعلها وهى قراءة نافع وحده ومن نصب «واحدة» جعل «كان» هى الناقصة التي تحتاج إلى خبر، فجعل «واحدة» خبرها، وأضمر فى «كان» اسمها تقديره: وإن كانت المتروكة واحدة.
«السّدس» : رفع بالابتداء، وما قبله خبره وكذلك: الثلث، والسدس وكذلك: «نصف ما ترك» ، وكذلك: «فلكم الربع» ، وكذلك: «ولهن الربع» ، و «فلهن الثمن» وكذلك: «لكل واحد منهما السدس» الآية: 12 «من بعد وصيّة يوصى بها» أي: وصية لا دين معها لأن الدين هو المقدم على الوصية.
«نفعا» : نصب على التفسير.
«فريضة من الله» : مصدر.
12- ... وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ «وإن كان رجل يورث كلالة» : كان، بمعنى: وقع و «يورث» نعت ل «رجل» و «رجل» رفع ب «كان» و «كلالة» نصب على التفسير.
وقيل: هو نصب على الحال، على أن «الكلالة» هو الميت فى هذين الوجهين.
وقيل: هو نصب على أنه نعت لمصدر محذوف تقديره: يورث وراثة كلالة على أن «الكلالة» هو المال الذي لا يرثه ولد ولا والد وهذا قول عطاء.
وقيل: هو خبر «كان» ، على أن الكلالة اسم للورثة وتقديره: ذا كلالة.
فأما من قرأ «يورث» بكسر الراء، وبكسرها والتشديد، ف «كلالة» مفعولة ب «يورث» ، و «كان» بمعنى: «وقع» .(4/89)
«غير مضارّ» : نصب على الحال من المضمر فى «يوصى» .
13- تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «تجرى من تحتها الأنهار» : الجملة فى موضع نصب، على النعت ل «جنات» .
«خالدين» : حال من الهاء فى «يدخله» وإنما جمع لأنه حمل على معنى «من» ، ولو أفردت «خالدا» لكان محمولا على لفظ «من» ولو جعلت «خالدا» نعتا لجاز فى الكلام ولكنك تظهر الضمير الذي فى «خالدا» فتقول: خالدا هو.
16- وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً «اللّذان يأتيانها منكم» : الاختيار، عند سيبويه، فى «اللذان» الرفع وإن كان معنى الكلام الأمر، لأنه لما وصل «الذي» بالفعل تمكن معنى الشرط فيه، فلم يعمل فيه، إذ لا يقع على شىء بعينه فلما تمكن الشرط والإبهام فيه جرى مجرى الشرط، فلم يعمل فيه ما قبله من الإضمار، كما لا يعمل فى الشرط ما قبله من مضمر أو مظهر فلما بعد أن يعمل فى «اللذين» ما قبلهما من الإضمار، لم يحسن الإضمار فلما لما يحسن إضمار الفعل قبلهما لينصبهما رفعا بالابتداء، كما يرفع الشرط، والنصب جائز على تقدير إضمار فعل، لأنه إنما أشبه الشرط، وليس المشبه بالشيء فى حكمه، فلو وصلت «الذي» بظرف بعد شبهه بالشرط، فيصير النصب هو الاختيار، وإذا كان فى الكلام معنى الأمر والنهى، نحو قولك: اللذين عندك فأكرمهما النصب فيه الاختيار، ويجوز الرفع والرفع فيما وصل بفعل الاختيار، ويجوز النصب، على إضمار فعل يفسره الخبر، ويصح أن يفسره ما فى الصلة.
ولو حذفت «الهاء» من الخبر لم يحسن عمله فى «اللذين» ، لأن «الفاء» تمنع من ذلك، إذ ما بعدها منقطع مما قبلها.
19- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً «أن ترثوا النّساء كرها» : أن، فى موضع رفع ب «يحل» ، وهو نهى عن تزويج المرأة مكرهة، وهو شىء كان يفعله أهل الجاهلية، يكون الابن أو القريب أولى بزوجة الميت من غيره وإن كرهت ذلك المرأة.(4/90)
«كرها» : مصدر فى موضع الحال، ومثله: «بهتانا» الآية: 20.
«إلّا أن يأتين بفاحشة» : أن، استثناء ليس من الأول، فى موضع نصب.
«فعسى أن تكرهوا» : أن، فى موضع رفع ب «عسى» لأن معناها: فربّ كراهتكم لشىء وجعل الله فيه خيرا، و «أن» والفعل، مصدر.
22- وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ ...
«إلّا ما قد سلف» : ما، فى موضع نصب، استثناء منقطع.
23- حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ... وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً «وأن تجمعوا بين الأختين» : أن، فى موضع رفع، عطف على «أمهاتكم» ، أي: وحرم عليكم الجمع بين الأختين، وكذلك: «والمحصنات» الآية: 24، رفع، عطف على «أمهاتكم» .
24- وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً «إلا ما ملكت أيمانكم» : ما، فى موضع نصب على الاستثناء، و «ما ملكت» مصدر، ولذلك وقعت «ما» لما يعقل، لأن المراد بها صفة من يعقل، و «ما» يسأل بها عما لا يعقل، وعن صفات من يعقل.
«كتاب الله عليكم» : نصب على المصدر، على قول سيبويه لأنه لما قال: «حرمت عليكم أمهاتكم» علم أن ذلك مكتوب، فكأنه قال: كتب الله عليكم كتابا.
وقال الكوفيون: هو منصوب على الإغراء أي، فعليكم. وهو بعيد لأن ما انتصب بالإغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل، وهو «عليكم» ، وقد تقدم فى هذا الموضع، ولو كان النص «عليكم كتاب الله» لكان نصبه على الإغراء أحسن من المصدر.
«أن تبتغوا» : أن، فى موضع نصب على البدل من «ما» ، فى قوله «ما وراء ذلكم» ، أو فى موضع رفع- على قراءة من قرأ «وأحل» على ما يسم فاعله- بدل من «ما» أيضا.(4/91)
«محصنين» : حال من المضمر فى «يبتغوا» ، وكذا «غير مسافحين» .
«فما استمتعتم» : ما، رفع بالابتداء، وهى شرط، وجوابه «فآتوهن» ، وهو خبر الابتداء.
«فريضة» : حال. وقيل: مصدر فى موضع الحال.
25- وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «أن ينكح» : أن، فى موضع نصب، بحذف حرف الجر تقديره: إلى أن ينكح.
«محصنات» : حال من الهاء والنون فى «منهن» ، وكذا: «غير مسافحات» ، وكذا:
«ولا متخذات أخدان» .
«ذلك لمن خشى» : ذلك، مبتدأ، وما بعده خبره أي: الرخصة فى نكاح الإماء لمن خشى العنت.
«وأن تصبروا خير لكم» : أن، فى موضع رفع، بالابتداء، و «خير» خبره تقديره: والصبر عن تزويج الإماء خير لكم.
28- يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً «ضعيفا» : نصب على الحال أي: خلق يغلبه هواه وشهوته وغضبه ورضاه، فاحتاج أن يخفف الله عنه.
29- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ...
«إلا أن تكون تجارة» من رفع جعل «كان» تامة، بمعنى: «وقع» ومن نصب جعلها خبر «كان» ، وأضمر فى «كان» اسمها تقديره: إلا أن تكون الأموال أموال تجارة ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
وقيل: تقديره: إلا أن تكون التجارة تجارة.
والتقدير الأول أحسن، لتقدم ذكر «الأموال»(4/92)
و «أن» فى قوله: «إلا أن» ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
ومثل «تجارة» قوله: «وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً» 4: 40، فى الرفع والنصب.
30- وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً «عدوانا وظلما» : مصدران فى موضع الحال، كأنه قال: متعديا وظالما.
31- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً «مدخلا» : مصدر «أدخل» ، فمن فتح الميم جعله مصدر «دخل» ، و «ندخلكم» يدل على «أدخل» .
33- وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ...
«ولكلّ جعلنا» : المضاف إليه محذوف مع «كل» تقديره: ولكل أحد، أو نفس.
وقيل: تقديره: ولكل شىء مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالى، أو وارثا، له.
34- الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ ...
«بما حفظ الله» أي: حفظ الله لهن. وقرأ ابن القعقاع «الله» بالنصب، على معنى: بحفظهن الله.
«واهجروهنّ فى المضاجع» : ليس فى «المضاجع» ظرف للهجران، إنما هو سبب للتخلف فمعناه: واهجروهن من أجل تخلفهن عن المضاجعة معكم.
37- الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ...
«الّذين» : فى موضع نصب، بدل من «من» فى قوله: «لا يحب من» الآية: 36.
38- وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ...
«رئاء» : مفعول من أجله ويجوز أن يكون مصدرا فى موضع الحال من «الذين» ، فيكون «ولا يؤمنون» منقطعا لا معطوفا على «ينفقون» لأن الحال من «الذين» غير داخل فى صلته، فيفرق بين الصلة والموصول بالحال، إن عطفت «ولا يؤمنون» على «ينفقون» .
وإن جعلته حالا من المضمر فى «ينفقون» جاز أن يكون «ولا يؤمنون» معطوفا على «ينفقون» ، داخلا فى فى الصلة لأن الحال داخلة فى الصلة، إذ هى حال لما هو فى الصلة.(4/93)
1- فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً «شهيدا» : حال من الكاف فى «بك» .
42- يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً «يومئذ» : العامل فيه «يود» .
43- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ...
«وأنتم سكارى» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «تقربوا» .
«ولا جنبا» : حال أيضا منه، وكذلك، «إلا عابرى سبيل» ، بمعنى: لا مسافرين، فتتيممون للصلاة وتصلون وأنتم جنب.
وقيل: معناه: إلا مجتازين، على أن الصلاة يراد بها موضع الصلاة.
44- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ «يشترون الضّلالة» : فى موضع الحال من «الذين» ، ومثله: «ويريدون» .
45- وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً «كفى بالله» : الباء، زائدة، و «الله» فى موضع رفع ب «كفى» ، وإنما زيدت الباء مع الفاعل ليؤدى الكلام معنى الأمر، لأنه فى موضع: اكتفوا بالله فدلت «الباء» على هذا المعنى.
«وليا، ونصيرا» : تفسيران، وإن شئت: حالين.
46- مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا «من الّذين هادوا» : من، متعلقة ب «نصيرا» ، أي: اكتفوا بالله ناصرا لكم من الذين هادوا.
«يحرّفون» : حال من «الذين هادوا» ، فلا تقف على «نصيرا» على هذا القول.
وقبل: «من الذين هادوا» ، متعلقة بمحذوف، هو خبر ابتداء محذوف، تقديره: من الذين هادوا قوم يحرفون، فيتعلق «من» بمحذوف، كما تتعلق حروف الجر إذا كانت أخبارا ويكون «يحرفون» نعت للابتداء المحذوف، فتقف على «نصيرا» فى هذا القول.(4/9441)
وقيل: متعلقة ب «الذين أوتوا نصيبا من الكتاب» الآية: 44، بيّن أنهم من الذين هادوا، فلا تقف على «نصيرا» أيضا.
وقيل: التقدير: من الذين هادوا من يحرف الكلم مبتدأ محذوف، و «من الذين هادوا» خبر مقدم فتقف على «نصيرا» على هذا، ومثله فى حذف «من» قوله تعالى «وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ» 37: 164 أي:
من له مقام.
«غير مسمع» : نصب على الحال من المضمر فى و «اسمع» والمراد: واسمع غير مسمع مكروها.
وقيل: إنهم يريدون: غير مسمع منك أي: غير مجاب.
«ليّا» : مصدر وأصله: لويا، ثم أدغمت الواو فى الياء.
وقيل: هو مفعول من أجله، ومثله: «وطعنا فى الدين» .
«ولو أنهم قالوا» : أن، فى موضع رفع بالابتداء أبدا، عند سيبويه ولم يجز سيبويه وقوع الابتداء بعد «لو» إلا مع «أن» خاصة، لوجود لفظ الفعل بعد «أن» ، فإن وقع بعد «لو» اسم ارتفع بإضمار فعل عنده.
وقال غيره: «أن» وغيرها لا ترتفع بعد «لو» إلا بإضمار فعل.
«إلّا قليلا» : نعت لمصدر محذوف، تقديره: إلا إيمانا قليلا، وإنما قل: لأنهم لا يتمارون عليه، ولأن باطنهم خلاف ما يظهرون ولو كان على الاستثناء لكان على الوجه، رفع «قليل» على البدل من المضمر فى «يؤمنون» فإن جعلته مستثنى من «لعنهم» لم يحسن لأن من كفروا ملعونون لا يستثنى منهم أحد.
47- ... أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا «كما لعنّا» : الكاف فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره لعناهم مثل لعننا لأصحاب السبت.
51- ... وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا «سبيلا» : نصب على التفسير والنصب على التفسير، وعلى البيان، وعلى التمييز، سواء إلا أن التمييز يستعمل فى الأعداد.
53- أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً لا يجوز عند أكثر النحويين «إذن» إلا بالنون وأجاز الفراء أن تكتب بالألف.(4/95)
و «إذن» هنا، ملغاة غير عاملة، لدخول واو العطف عليها وهى الناصبة للفعل عند سيبويه، إذا نصبت.
والناصب عند الخليل «أن» مضمرة.
55- فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «من آمن به، من صدّ عنه» : كلاهما مبتدأ، وما قبل كل مبتدأ خبره أي: «فمنهم» و «منهم» .
«سعيرا» : انتصب على التفسير.
56- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها «كلما نضجت» : الناصب ل «كلما» قوله «بدلناهم» .
57- وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا «تجرى من تحتها الأنهار» : تجرى، فى موضع نعت ل «جنات» .
«خالدين فيها» : حال من الهاء والميم، فى «سندخلهم» .
«لهم فيها أزواج» : أزواج، ابتداء، وخبره «لهم» ، والجملة يحتمل موضعها من الإعراب ما يحتمل «خالدين فيها» .
58- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ...
«أن تؤدوا، أن تحكموا» : أن، فيهما، فى موضع نصب بحذف الخافض، أصله: بأن تؤدوا، وبأن تحكموا.
59- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا «وأولى الأمر» : واحد «أولى» : ذا، المضاف لأنه منصوب وواحد «أولو» : ذو، من غير لفظه كذلك واحد «أولات» : ذات.
«تأويلا» : نصب على التفسير.(4/96)
61- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً «صدرا» : اسم للمصدر، عند الخليل، والمصدر: الصد، فهو نصب على المصدر.
66- وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً «إلا قليل» : رفع على البدل من المضمر فى «فعلوه» ، وقرأ ابن عامر بالنصب، على الاستثناء، وهو بعيد فى النفي، لكنه كذلك بالألف فى مصاحف أهل الشام.
«تثبيتا» : نصب على التفسير.
68- وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً «صراطا» : مفعول ثان ل «هدينا» .
69- ... وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «رفيقا» : تفسير.
وقال الأخفش: رفيقا، حال، و «أولئك» فى موضع رفع ب «حسن» .
70- ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً «عليما» : تفسير.
71- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً «ثبات، جميعا» : حالان من المضمر فى «انفروا» فى اللفظين.
و «ثبات» : مفترقين وواحدها: ثبة وتصغيرها، وثيبة. فأما «ثبة الحوض» ، وهو وسطه، فتصغيرها: ثويبة.
73- وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً «كأن لم تكن بينكم وبينه مودّة» : اعتراض بين القول والمقول، وليس هو من قول الذي أبطأ عن الجهاد، والمراد به التأخير بعد جواب التمني، و «مودة» : اسم «تكن» ، و «بينكم» الخبر، ولا يحسن كون «تكن» بمعنى: تقع لأن الكلام لا يتم معناه دون «بينكم وبينه» ، فهو الخبر وبه تتم الفائدة.
«فأفوز فوزا عظيما» : نصب على جواب التمني فى قوله: «يا ليتنى كنت معهم» .(4/97)
75- وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً «وما لكم لا تقاتلون» : لا تقاتلون، فى موضع نصب على الحال من «لكم» ، كما تقول: مالك قائما، وكما قال تعالى: (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) 4: 88، و (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) 74: 49، و «ما» فى جميع ذلك، مبتدأ، والمجرور خبره.
«والمستضعفين» : عطف على اسم «الله» ، فى موضع خفض.
وقيل: هو معطوف على «سبيل» .
«الظّالم أهلها» : نعت ل «القرية» وإنما جاز ذلك- و «الظالم» ليس لها للعائد عليها من نعتها، وإنما وحّد لجريانه على موحد، ولأنه لا ضمير فيه، إذ قد رفع ظاهرا بعده، وهو الأصل، ولو كان فيه ضمير لم يجز استتاره ولظهر- لأن اسم الفاعل، إذا كان خبرا أو صفة أو حالا لغير من هو له، لم يستتر فيه ضمير البتة، ولا بد من إظهاره، فكذلك إن عطف على غير من هو له والفعل بخلاف ذلك، يستتر الضمير فيه لقوته، وإن كان خبرا أو صفة أو حالا لغير من هو له.
77- ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ...
«إذا فريق منهم» : فريق، رفع بالابتداء، و «منهم» نعت ل «فريق» فى موضع رفع، و «يخشون» خبر الابتداء.
«كخشية الله» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: خشية مثل خشيتهم الله.
«أو أشدّ» : نصب، أو عطف على «الكاف» .
78- أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ...
«أينما» : أين، ظرف مكان، فيه معنى الاستفهام والشرط، ودخلت «ما» لتمكن الشرط، و «تكونوا» جزم بالشرط، و «يدركم» جوابه.(4/98)
79- ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً «ما أصابك من حسنة، وما أصابك من سيّئة» : ما، فيهما بمعنى «الذي» ، وليست للشرط، لأنها نزلت فى شىء بعينه، وهو الجدب والخصب، والشرط لا يكون إلا مبهما، يجوز أن يقع ويجوز ألا يقع وإنما دخلت الفاء للإبهام الذي فى «الذي» ، وأيضا فإن اللفظ «ما أصابك» ، ولم يقل «ما أصبت» .
«وأرسلناك للناس رسولا» : رسولا، مصدر مؤكد، يعنى: ذا رسالة.
«شهيدا» : تفسير وقيل: حال.
81- وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «طاعة» : رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره: ويقولون: أمرنا طاعة.
ويجوز فى الكلام النصب: على المصدر.
83- وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا «لاتّبعتم الشّيطان إلا قليلا» : قليلا، منصوب على الاستثناء من الجمع المضمر فى «أذاعوا» .
وقيل: من المضمر فى «يستنبطونه» .
وقيل: من الكاف والميم فى «عليكم» على تقدير: لولا فضل الله عليكم بأن بعث فيكم رسوله فآمنتم به لكفرتم إلا قليلا منكم وهم الذين كانوا على الإيمان قبل بعث الرسول عليه السلام.
و «لولا» : يقع بعدها الابتداء والخبر محذوف ف «فضل» مبتدأ، والخبر محذوف، وإظهاره لا يجوز عند سيبويه.
86- وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً «تحيّة» : وزنها: تفعلة وأصلها: تحية فألقيت حركة الياء على الحاء، وأدغمت فى الثانية.(4/99)
87- اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً «الله لا إله إلا هو» : الله: مبتدأ، و «لا إله» مبتدأ ثان، وخبره محذوف، والجملة خبر عن «الله» ، و «إلا هو» بدل من موضع «لا إله» .
88- فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ...
«فئتين» : نصب على الحال من الكاف والميم من «لكم» ، كما تقول: مالك قائما.
89- وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً «كما كفروا» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف أي: كفرا مثل كفرهم.
90- إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ ...
«إلّا الذين يصلون» : الذين، فى موضع نصب، استثناء من الهاء والميم فى «واقتلوهم» الآية: 89.
«حصرت صدورهم» : لا يكون «حصرت» حالا من المضمر المرفوع فى «جاءوكم» ، إلا أن يضمر معه «قد» ، فإن لم تضمر فهو دعاء كما تقول: لعن الله الكافر.
وقيل: «حصرت» فى موضع خفض، نعت ل «قوم» .
فأما من قرأ «حصرة» ، بالتنوين، فجعله اسما، فهو حال من المضمر المرفوع فى «جاءوكم» ، ولو خفض على النعت ل «قوم» جاز.
«أن يقاتلوكم» : أن، فى موضع نصب، مفعول من أجله.
92- وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ... تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً «أن يقتل» : أن، فى موضع رفع اسم «كان» ، و «إلا خطأ» استثناء منقطع، ومثله «أن» فى:
«إلا أن يصدقوا» .(4/100)
«فتحرير رقبة» : ابتداء، وخبره محذوف تقديره: فعليه تحرير رقبة، و «دية مسلمة» مثله، وكذلك: «فصيام شهرين» أي: فعليه صيام شهرين.
«توبة من الله» : نصبت على المصدر، أو على المفعول من أجله والرفع فى الكلام جائز، على تقدير:
ذلك توبة.
95- لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً «غير أولى الضّرر» : من نصب «غير» فعلى الاستثناء من «القاعدين» ، وإن شئت من «المؤمنين» ، وإن شئت نصبته على الحال من «القاعدين» أي: لا يستوى القاعدون فى حال صحتهم.
ومن نصب «غير» جعله نعتا ل «القاعدين» لأنهم غير معنيين، لم يقصد بهم قوم بأعيانهم، فصاروا كالنكرة، فجاز أن يوصفوا ب «غير» ، وجاز الحال منهم، لأن لفظهم لفظ المعرفة، وقد تقدم نظيره فى نصب «غير المغضوب» 1: 7، وخفضه.
والأحسن أن يكون الرفع فى «غير» على البدل من «القاعدين» .
وقد قرأ أبو حيوة «غير» بالخفض، جعله نعتا ل «المؤمنين» .
«وكلّا وعد الله الحسنى» : كلا، نصب ب «وعد» .
«أجرا» : نصب بفعل وإن شئت على المصدر.
96- دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «درجات» : نصب على البدل من «أجر» .
97- إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ...
«ظالمى أنفسهم» : نصب على الحال من الهاء والميم فى «توفاهم» ، وحذفت النون للإضافة.
«فيم كنتم» : حذفت ألف «ما» ، لدخول حرف الجر عليها، للفرق بين الخبر والاستفهام، فتحذف الألف فى الاستفهام وتثبت فى الخبر، ومثله (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) 78: 1، و (لِمَ أَذِنْتَ) 9: 43 و (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) 15:
54، وشبهه.(4/101)
98- إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «إلا المستضعفين» : استثناء، فى موضع نصب من «الذين توفاهم» الآية: 97.
«لا يستطيعون» : فى موضع نصب، على الحال من «المستضعفين» ، وكذلك: «ولا يهتدون سبيلا» .
100- ... وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...
«مهاجرا» : نصب على الحال، من المضمر فى «يخرج» .
101- وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً «أن تقصروا من الصلاة» : أن، فى موضع نصب، بحذف حرف الجر تقديره: فى أن تقصروا «عدوا» : إنما وحد، وقبله جمع، لأنه بمعنى المصدر وتقديره: كانوا لكم ذوى عداوة.
103- فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ ...
«قياما وقعود» : حالان، من المضمر فى «اذكروا» ، وكذلك: «وعلى جنوبكم» ، لأنه فى موضع.
مضطجعين.
105- إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً «بالحق» : فى موضع الحال، من «الكتاب» ، وهى حال مؤكدة، ولا يجوز أن يكون تعدى إليه «أنزلنا» .
بحرف لأنه قد تعدى إلى مفعول بغير حرف وإلى آخر بحرف.
109- ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
«ها أنتم هؤلاء جادلتم» : هو مثل قوله «ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ» 2: 85، وقد مضى شرحه والاختلاف فيه إلا أنك فى هذا لا تجعل «جادلتم» حالا، إلا أن تضمر فيه «قد» .
«فمن يجادل» : من، ابتداء، و «يجادل» الخبر، و «أم من يكون» مثلها، عطف عليها.(4/102)
114- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً «إلا من أمر بصدقة» : من، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع، إن جعلت «نجواهم» اسما لما يتناجون به، ومعنى الاستثناء المنقطع، والاستثناء الذي ليس من الأول، هما شىء واحد.
وإن جعلت «نجواهم» بمعنى: جماعتهم الذين يتناجون، كانت «من» فى موضع خفض على البدل من «من نجواهم» ، وهو بدل بعض من كل.
«ابتغاء مرضاة الله» : ابتغاء، مفعول من أجله.
115- وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً «وساءت مصيرا» : نصب على التفسير.
122- ... وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا «قيلا» : نصب على التفسير أيضا، يقال: قيلا، وقولا، وقالا بمعنى 123- لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ...
اسم «ليس» فيها مضمر، يعود على ما ادعى عبدة الأوثان من أنهم لن يبعثوا، وعلى ما قالت اليهود والنصارى:
(لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) 2: 111، فأنزل الله «ليس بأمانيكم» ، يعنى: يا عبدة الأوثان، ولا بأمانى أهل الكتاب والمعنى: ليس الكائن من أموركم يوم القيامة ما تتمنون.
وقيل: تقديره: ليس ثواب الله بأمانيكم.
125- وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا «حنيفا» : حال من المضمر فى «اتبع» .
127- وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ ...
«وما يتلى عليكم» : ما، فى موضع رفع عطف على اسم «الله» أي: «الله يفتيكم» ، والمتلو فى الكتاب يفتيكم، وهو القرآن.(4/103)
«وترغبون أن تنكحوهن» : أن، فى موضع نصب بحذف الخافض تقديره: فى أن تنكحوهن.
«والمستضعفين» : مخفوض: عطف على «يتامى النساء» ومثله، «أن» فى قوله: «وأن تقوموا» والتقدير: الله يفتيكم فى النساء، والقرآن الذي يتلى عليكم فى النساء، وفى المستضعفين من الولدان، وفى أن تقوموا لليتامى بالقسط، يفتيكم أيضا، و «ما» : هو ما قصه الله من ذكر اليتامى فى أول السورة.
وقال الفراء: «ما» فى «وما يتلى» فى موضع خفض، عطف على الضمير فى «فيهن» وذلك غير جائز عند.
البصريين، لأنه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.
128- وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً ...
«وإن امرأة» : رفع عند سيبويه، بفعل مضمر تقديره: وإن خافت امرأة خافت، وهو رفع بالابتداء عند غيره:
«أن يصلحا» : مثل «أن تنكحوهن» الآية: 127 أي: فى أن يصلحا.
«صلحا» : مصدر، على تقدير: إلا أن يصلحا بينهما فيصلح الأمر صلحا.
131- وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ...
«أن اتّقوا الله» أي: بأن اتقوا الله.
135- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً «شهداء» : نعت ل «قوامين» ، أو خبر ثان ويجوز أن يكون حالا من المضمر فى «قوامين» .
«بهما» : مثنى، وقبله الإيجاب لأحد الشيئين ب «أو» ف «أو» ، عند الأخفش، فى موضع الواو.
وقيل: تقديره: أن يكون الخصمان غنيين أو فقيرين فالله أولى بهما.
وقيل: هو مثل قوله: «وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا» 4: 12.(4/104)
وقيل: لما كان معناه: فالله أولى يعنى: غنى الغني وفقر الفقير، عاد الضمير عليهما.
وقيل: إنما رجع الضمير إليهما، لأنه لم يقصد قصد فقير بعينه ولا غنى بعينه.
«أن تعدلوا» : أن، فى موضع نصب على حذف الخافض أي: فى أن لا تعدلوا، فلا معذرة.
وأن تلووا» : من قرأ بضم اللام وواو واحدة، احتمل أن يكون من: ولى يلى وأصله: توليوا ثم أعل بحذف الواو، لوقوعها بين ياء وكسرة، ثم ألقى حركة الياء على اللام وحذف الياء، لسكونها وسكون الواو بعدها.
ويحتمل أن يكون من: لوى فأصلها: تلووا، كقراءة الجماعة، إلا أنه أبدل من الواو همزة، لانضمامها، وألقى حركتها على اللام، فصارت مضمومة.
140- وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ...
«أن إذا سمعتم» : أن، موضع رفع، مفعول به لم يسم فاعله، على قراءة من قرأ «نزل» بالضم.
فأما من قرأ «نزل» بالفتح، فإنه مفعول به ب «نزل» .
142، 143- إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا
«كسالى» : حال من المضمر فى «قاموا» وكذلك: «يراءون» حال. أيضا، ومثله: «ولا يذكرون» ، ومثله: «مذبذبين» حال من المضمر فى «يذكرون» .
ومعنى «مذبذبين» : مضطربين، لا مع المسلمين ولا مع الكافرين.
146- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً «فأولئك مع المؤمنين» : أولئك، مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: فأولئك مؤمنون مع المؤمنين.
147- ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً «ما يفعل الله» : ما، استفهام، فى موضع نصب ب «يفعل» .(4/105)
148- لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً «إلّا من ظلم» : من، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على البدل من المعنى لأن معنى الكلام: لا يحب الله أن يجهر واحد بالسوء إلا من ظلم، فتجعل «من» بدلا من «أحد» المقدّرة.
150- إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا «بين ذلك سبيلا» : ذلك، تقع إشارة لواحد ولاثنين ولجماعة، لذلك أتت إشارة بعد شيئين فى هذه الآية، وهما: نؤمن ببعض ونكفر ببعض فمعناه: تريدون أن تتخذوا طريقا بين الإيمان والكفر.
153- ... فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ...
«جهرة» : حال من المضمر فى «قالوا» أي: قالوا ذلك مجاهرين.
ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف تقديره: رؤية جهرة.
154- وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ...
«سجّدا» : حال من المضمر فى «ادخلوا» 155- فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ ...
«فيما نقضهم ميثاقهم» : ما، زائدة للتأكيد، و «نقضهم» خفض بالباء.
وقيل: ما، نكرة فى موضع خفض، و «نقضهم» بدل من «ما» .
156- وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً «بهتانا» : حال. وقيل: مصدر.
157- ... ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً «إلّا اتّباع الظنّ» : نصب على الاستثناء، الذي ليس من الأول.
ويجوز فى الكلام رفعه على البدل من موضع «من علم» ، ومن «زائدة» ، «وعلم» رفع بالابتداء.(4/106)
160- فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً «كثيرا» : نعت لمصدر محذوف أي: صدودا كثيرا.
162- لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً «والمقيمين الصّلاة» : انتصب على المدح، عند سيبويه.
وقال الكسائي: هو فى موضع خفض عطف على «ما» فى قوله «بما أنزل إليك» ، وهو بعيد لأنه يصير المعنى: يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين الصلاة وإنما يجوز على أن يجعل «المقيمين الصلاة» هم الملائكة، فتخبر عن الراسخين فى العلم وعن المؤمنين بما أنزل الله على محمد، ويؤمنون بالملائكة الذين من صفتهم إقامة الصلاة، بقوله «يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ» 21: 20.
وقيل: «المقيمين» معطوفون على الكاف فى «قبلك» أي: ومن قبل المقيمين الصلاة وهو بعيد لأنه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.
وقيل: هو معطوف على الهاء والميم فى «منهم» .
وكلا القولين فيه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.
وقيل: هو عطف على «قبل» كأنه قال: وقبل المقيمين، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
ومن جعل نصب «المقيمين» على المدح جعل خبر «الراسخين» : يؤمنون.
فإن جعل الخبر فى قوله «أولئك سنؤتيهم» لم يجز نصب «والمقيمين» على المدح، إلا بعد تمام الكلام.
«والمؤتون الزكاة» : رفع عند سيبويه، على الابتداء.
وقيل: على إضمار مبتدأ أي: وهم المؤتون.
وقيل: هو معطوف على المضمر فى «المقيمين» .
وقيل: على المضمر فى «يؤمنون» .
وقيل: على «الراسخين» .(4/107)
163- إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ ...
«كما أوحينا» : الكاف، نعت لمصدر محذوف أي: إيحاء.
164- وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ ...
«ورسلا قد قصصناهم» : نصب بإضمار فعل أي: وقصصنا رسلا قصصناهم عليك من قبل.
وقيل: هو محمول على المعنى، عطف على ما قبله لأن معنى «أوحينا» : أرسلنا، فيصير تقديره: إنا أرسلناك وأرسلنا رسلا.
165- رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ...
«رسلا» : بدل من «ورسلا» الآية: 64.
وقيل: هو نصب على إضمار فعل أي: أرسلنا رسلا مبشرين.
وقيل: هو حال، و «مبشرين» نعت له.
170- يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ...
«خيرا» : منصوب، عند سيبويه، على إضمار فعل تقديره: ائتوا خيرا لكم لأن «آمنوا» دل على إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير لهم.
وقال الفراء: هو نعت لمصدر محذوف تقديره: إيمانا خيرا لكم.
وقال أبو عبيدة: هو خبر «كان» مضمر تقديره: فآمنوا يكن خيرا لكم أي: يكن الإيمان خيرا لكم.
171- يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «ولا تقولوا ثلاثة» : ثلاثة، خبر ابتداء محذوف تقديره: آلهتنا ثلاثة.
«انتهوا خيرا لكم» : خيرا، عند سيبويه، انتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره لأنك إذا قلت:
انته، فأنت تخرجه من أمر وتدخله فى أمر آخر، فكأنك قلت: ائت خيرا لك.(4/108)
وقال الفراء: هو نعت لمصدر محذوف تقديره: انتهوا انتهاء خيرا لكم.
وقال أبو عبيدة: هو خبر «كان» محذوفه تقديره: انتهوا يكن خيرا لكم.
وحكى عن بعض الكوفيين أن نصبه على الحال وهو بعيد.
«إنما الله إله واحد» : ما، كافة ل «إن» عن العمل و «والله» مبتدأ و «إله» خبر و «واحد» نعت تقديره: إنما الله منفرد فى الألوهية.
وقيل: «واحد» تأكيد، بمنزلة: لا تتخذوا إلهين اثنين.
ويجوز أن يكون «إله» بدل من الله، و «واحد» خبره تقديره: إنما المعبود واحد.
«سبحانه» : نصبه على المصدر.
«أن يكون» : أن، فى موضع نصب بحذف حرف الجر تقديره: سبحانه عن أن يكون، ومن أن يكون أي: تنزيها له من ذلك وبراءة له.
«وكيلا» : نصب على البيان وإن شئت على الحال. ومعنى «وكيل» : كاف لأوليائه.
172-نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ ...
«أن يكون عبدا» : أن، فى موضع نصب بحذف حرف الجر تقديره: بأن يكون عبد الله.
175- فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً «ويهديهم إليه صراطا» : صراطا، نصب على إضمار فعل تقديره: يعرفهم صراطا ودل «يهديهم» على المحذوف.
ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ل «يهدى» تقديره: ويهديهم صراطا مستقيما إلى ثوابه وجزائه.
176- يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ «فإن كانتا اثنتين» : إنما ثنى الضمير فى «كانتا» ، ولم يتقدم إلا ذكر واحد، لأنه محمول على المعنى.
لأن تقديره، عند الأخفش: فإن كانتا من ترك اثنتين ثم بنى الضمير على معنى «من» .(4/109)
«أن تضلّوا» : أن، فى موضع نصب ب «يبين» معناه: يبين الله لكم الضلال لتجتنبوه.
وقيل: «لا» ، مقدرة محذوفة من الكلام تقديره. يبين الله لكم لا أن تضلوا.
وقيل: معناه: كراهة أن تضلوا، فهى مفعول من أجله.
- 5- سورة المائدة
1- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ «إلا ما يتلى عليكم» : ما، فى موضع نصب على الاستثناء من «بهيمة» .
«غير محلّى الصّيد» : نصب على الحال من المضمر فى «أوفوا» .
«وأنتم حرم» : ابتداء وخبر، فى موضع نصب على الحال، من المضمر فى «محلين» ، ونون «محلين» سقطت لإضافته إلى «الصيد» .
2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «يبتغون» : فى موضع النصب، ل «آمين» .
«أن صدّوكم» : من كسر «إن» ، فمعناه: إن وقع صد لكم، فلا يكسبنكم بعض من صدكم أن تعتدوا، فالصد منتظر ودل على ذلك أن فى حرف ابن مسعود: «أن يصدوكم» فالمعنى: إن وقع صد مثل الذي فعل بكم أولا فلا تعتدوا.
ومن قرأ بالفتح، ف «أن» فى موضع نصب، مفعول من أجله، وعليه أتى التفسير لأن الصد قد كان وقع قبل نزول الآية لأن الآية نزلت عام الفتح سنة ثمان، وصد المشركون المسلمين عن البيت الحرام عام الحديبية سنة ست.(4/110)
فالفتح، لأنه علته، بدليل التفسير والتاريخ، والكسر يدل على أمر لم يقع، والفتح يدل على أمر قد كان وانقضى.
ونظير ذلك لو قال رجل لامرأته، وقد دخلت داره: أنت طالق إن دخلت الدار، فكسر «إن» ، لم تطلق عليه بدخولها الأول لأنه أمر منتظر ولو فتح، لطلقت عليه، لأنه أمر قد كان، وفتح، «أن» ، إنما هو علة لما كان، وكسرها إنما يدل على أمر منتظر قد يكون أو لا يكون فالوجهان حسنان على معنييهما.
«أن تعتدوا» : أن، فى موضع نصب ب «يجرمنكم» و «شنآن» مصدر، وهو الفاعل ل «يجرمنكم» والنهى واقع فى اللفظ على «الشنآن» ، ويعنى به المخاطبين، كما تقول: لأرينك هاهنا فالنهى فى اللفظ على المتكلم والمراد به المخاطب، ومثله (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) 2: 132، ومثله: (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) 11: 89 ومن أسكن نون «شنآن» جعله اسما.
3- ... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «فمن اضطرّ» : من، ابتداء، وهى شرط، والجواب: «فإن الله غفور رحيم» ، وهو الخبر، ومعه ضمير محذوف تقديره: فإن الله غفور رحيم له.
4- يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ...
«ماذا أحلّ لهم» : «ما» و «ذا» ، اسم فى موضع رفع بالابتداء و «أحل لهم» الخبر.
وإن شئت جعلت «ذا» بمعنى «الذي» ، فيكون هو خبر الابتداء و «أحل لهم» صلته.
ولا يعمل «يسألونك» فى «ما» فى الوجهين: لأنها استفهام، ولا يعمل فى الاستفهام ما قبله.
«مكلّبين» : حال من التاء والميم فى «علمتم» .
5- ... إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ «محصنين» : حال من المضمر المرفوع فى «آتيتموهن» ، ومثله: «غير مسافحين» ، ومثله(4/111)
«ولا متخذى أخدان» ، وهو عطف على «غير مسافحين» ، ولا تعطفه على «محسنين» ، لدخول «لا» معه تأكيدا للنفى المتقدم، ولا يقع مع «محصنين» .
وإن شئت جعلت «غير مسافحين ولا متخذى» نعتا ل «محصنين» ، أو حالا من المضمر فى «محصنين» .
«وهو فى الآخرة من الخاسرين» : العامل فى الظرف محذوف تقديره: وهو خاسر فى الآخرة ودل على الحذف الألف واللام فى قوله «من الخاسرين» . فإن جعلت الألف واللام فى «الخاسرين» ليستا بمعنى «الذين» ، جاز أن يكون العامل فى الظرف «الخاسرين» .
6- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ...
«وأرجلكم» : من نصبه عطفه على «الأيدى» و «الوجوه» ومن خفضه عطفه على «الرءوس» وأضمر ما يوجب الغسل، فالآية محكمة، كأنه قال: وأرجلكم غسلا.
وقال الأخفش، وأبو عبيدة: الخفض فيه على الجوار، والمعنى، بالغسل، وهو بعيد لا يحمل القرآن عليه.
وقال جماعة: هو عطف على «الرءوس» محكم اللفظ، لكن التحديد يدل على الغسل، فلما حد غسل الأيدى إلى المرفقين على أنه غسل كالأيدى.
وقيل: «المسح» ، فى اللغة: يقع بمعنى: الغسل يقال: تمسحت للصلاة أي: توضأت، وبينت السنة أن المراد بمسح الأرجل، إذا خفضت: الغسل.
«فتيمّموا صعيدا» : من جعل «الصعيد» : الأرض، أو وجه الأرض، نصب «صعيدا» على الظرف.
ومن جعل «الصعيد» : التراب، نصبه على أنه مفعول به، حذف منه حرف الجر أي: بصعيد طيبا نعته أي: نظيفا.
وقيل: «طيبا» ، معناه: حلالا فيكون نصبه على المصدر، أو على الحال.(4/112)
8- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ ...
«شهداء» : حال من المضمر فى قوله: «قوامين» .
ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «كان» .
وقيل: هو نعت ل «قوامين» .
9- وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ «وعد الله الذين آمنوا» : أصل «وعد» أن يتعدى إلى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما، وكذلك وقع فى هذه الآية، تعدى إلى مفعولين: واحد، هو «الذين» ، ثم فسر المفعول المحذوف وهو «العدة» بقوله:
«لهم مغفرة وأجر عظيم» .
13- فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ...
«فبما نقضهم» ، كالذى فى «النساء» 4: 155.
«يحرّفون» : حال من أصحاب القلوب.
14- وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ...
«من» : متعلقة ب «أخذنا» أي: وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم مثل قولك: من زيد أخذت درهمه ولا يجوز أن تنوى ب «الذين» التأخير بعد «الميثاق» ، لتقدم المضمر على المظهر، إنما ينوى به أن يكون بعد «أخذنا» ، وقبل «الميثاق» لأنهما مفعولان ل «أخذنا» ، فليس لأحدهما مزية فى التقدم على الآخر.
والهاء والميم يعودان على «الذين» ، وليس موضع «الذين» أن يكون بعد «ميثاقهم» ، فلذلك جاز، ألا ترى أنك لو قلت: ضرب غلامه زيدا، لم يجز، ولا يجوز أن ينوى بالغلام التأخير، لأنه فى حقه ورتبته ذحق الفاعل أن يكون قبل المفعول، فلا ينوى به غير موضعه، فإن نصبت «الغلام» ورفعت «زيدا» جاز أنك تنوى بالغلام والضمير التأخير لأن التأخير هو موضعه، فينوى به موضعه بعد الفاعل.
يمنع الكوفيون أكثر هذا.
وقد رووا الآية على حذف، تقديره عندهم: ومن الذين قالوا إنا نصارى من أخذنا ميثاقهم فالهاء والميم يعودان(4/113)
على «من» المحذوفة، وهى مقدرة قبل المضمر، وجاز عندهم حذف «من» كما جاز فى قوله: وما منا إلا له مقام 37: 164 أي: من له، وكما قال: (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ) الآية: 64 أي: من يحرفون.
15- يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ «يبيّن» : فى موضع الحال من «رسولنا» ، ومثله: «ويعفو» .
16- يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «يهدى به الله» : يهدى، فى موضع رفع على النعت ل «كتاب» الآية: 15 وإن شئت فى موضع نصب على الحال من «كتاب الآية: 12 لأنك قد نعته ب «مبين» ، فقرب من المعرفة، فحسنت الحال منه ومثله: «ويخرجهم» ، و «يهديهم» .
«سبل السلام» : مفعول، حذف منه حرف الجر أي: إلى سبل السلام.
19- يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ...
«أن تقولوا» : مفعول من أجله.
21- ... وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ «خاسرين» : حال من المضمر فى «تنقلبوا» .
23- قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ...
«أنعم الله» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «يخافون» .
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على النعت ل «رجلين» وكذلك قوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ.
24- قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها ...
«أبدا» : ظرف زمان.
«ما داموا» : بدل من «أبدا» ، وهو بدل بعض من كل.(4/114)
25- قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ «أخى» : فى موضع نصب عطف على «نفسى» .
وإن شئت عطفته على اسم «إن» ، وتحذف خبره، لدلالة الأول عليه، كأنه قال: وإن أخى لا يملك إلا نفسه.
وإن شئت جعلت «الأخ» فى موضع رفع بالابتداء، عطف على موضع «إن» وما عملت فيه، وتضمر الخبر كالأول.
وإن شئت عطفته على المضمر فى «أملك» ، فيكون فى موضع رفع.
26- قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ «أربعين» : ظرف زمان والعامل فيه «يتيهون» ، على أن يجعل التحريم لا أمد له، كما جاء فى التفسير:
أنه لم يدخلها أحد منهم، وإنما دخلها أبناؤهم وماتوا هم كلهم فى التيه فيكون «يتيهون» على هذا القول حالا من الهاء والميم فى «عليهم» ولا تقف على «عليهم» فى هذا القول، إلا أن يجعل «يتيهون» منقطعا مما قبله، فتقف على «عليهم» .
وإن جعلت للتحريم أمدا، هو أربعون سنة، نصبت «أربعين» ، ب «محرمة» ، ويكون «يتيهون» حالا من الهاء والميم أيضا فى «عليهم» ، ولا يجوز الوقف، على هذا القول، على «عليهم» البتة ولا تقف على «أربعين سنة» فى القول الأول البتة وتقف عليه فى هذا القول، إذا جعلت، «يتيهون» منقطعا عن حال.
29- إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ...
«إنى» ، و «إنا» ، و «لكنى» ، و «لكنا» ، وشبهه، كله أصله ثلاث نونات، ولكن حذفت.
واحدة استخفافا، لاجتماع ثلاثة أمثال لا حاجز بينهن. وقد استعمل فى كثير من القرآن على الأصل بغير حذف.
ومذهب الخليل، فيما حكى عنه سيبويه، أن المحذوفة هى التي قبل «الياء» ، يريد الثالثة.
والذي يوجبه النظر، وعليه العلم، هو أن المحذوفة من هذه النونات هى الثانية، لأنه لو حذفت الثالثة لوجب تغيير الثانية إلى الكسر فى «إنى» ، و «لكنى» ، فيجتمع حذف وتغيير، وذلك مكروه ولو حذفت الأولى لوجب إدغام الثانية فى الثالثة بعد إزالة حركتها وإسكانها، وذلك حذفان وتغيير، فكان حذف الثانية أولى.
وأيضا فإن «إنى» قد تحذف منها الثانية، وهما نونان، فحذفها بعينها، إذا صارت ثلاث نونات، أولى من(4/115)
حذف غيرها، ولو حذفت الثالثة من «إنى» لوجب حذف الثالثة فى «إننا» ، ولكننا» ، فتحذف علامة المضمر وذلك لا يجوز لأنه اسم، والأسماء لا تحذف ولا يحذف بعضها، لاجتماع أمثال.
32- مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...
«أو فساد فى الأرض» : عطف «على نفس» أي: بغير فساد.
وقرأ الحسن بالنصب، على معنى: أو فسد فسادا، فهو مصدر.
33- إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ...
«أن يقتّلوا» : أن، فى موضع رفع خبر عن «جزاء» لأن «أن» وما بعدها مصدر، فهو خبر عن مصدر، وهو هو.
«أو يصلّبوا» : أو، هنا، وفيما بعده، للتخيير للإمام على اجتهاده، وللعلماء فى ذلك أقوال.
34- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «إلا الّذين تابوا» : نصب على الاستثناء.
38- وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «والسّارق والسّارقة» : رفع على الابتداء، والخبر محذوف، عند سيبويه تقديره: ومما يتلى عليكم السارق أو: وفيما فرض عليكم.
وكان الاختيار، على مذهب سيبويه، فيه النصب لأنه أمر، وهو بالفعل أولى، وبه قرأ عيسى بن عمر.
والاختيار فيه، عند الكوفيين: الرفع، على قراءة الجماعة لأنه لم يقصد به سارق بعينه، فهو عندهم مثل (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها) 4: 16، لا يراد به «اثنان» بأعيانهما، فلذلك اختير الرفع فى (الَّذانِ يَأْتِيانِها) ، وليس فى قوله «والسارق والسارقة» ما فى «واللذان» من العلة.
«جزاء بما كسبا» مفعول من أجله وإن شئت مصدرا، ومثله: «نكالا» .(4/116)
41- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ...
«سماعون» ، و «يحرفون» : صفتان لمحذوفين مرفوعين بالابتداء، وما قبلهما الخبر تقديره: فريق سماعون وفريق يحرفون الكلم ليكذبوا، لم يرد أنهم يسمعون الكلم وينقلونه، إنما أراد يسمعون ليكذبوا ويقولون ما لم يسمعوا، ودل على ذلك قوله تعالى: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) ويجوز أن يكون «يحرفون» حال من المضمر فى «سماعون» . وتكون هى الحال المقدرة، أي: يسمعون مقدرين التحريف، مثل قوله (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) 5: 95 «آخرين لم يأتوك» : صفتان ل «قوم» .
«يقولون إن أوتيتم» : حال من المضمر فى «يحرفون» ، فتقف على «قلوبهم» فى هذا القول، وتبتدئ «ومن الذين هادوا» ، وهو خبر الابتداء.
وقد قيل: إن «سماعون» رفع على «هم سماعون» ، ابتداء وخبر، فتقف على «هادوا» فى هذا القول.
والقول الأول أحسن وأولى.
42- سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ «سماعون للكذب» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هم سماعون للكذب أكالون للسحت.
44- إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ...
«الذين» : صفة «النبيين» ، على معنى المدح والثناء، لا على معنى الصفة التي تأتى للفرق بين الموصوف وبين ما ليس صفته كما تقول: رأيت زيدا العاقل، فتحتمل هذه الصفة أن تكون جئت بها لتفرق بين زيد العاقل وبين زيد آخر ليس بعاقل، وهذا لا يجوز فى الآية، لأنه لا يمكن أن يكون ثم نبيون غير مسلمين كما يحتمل أن يكون، ثم زيد آخر غير عاقل، فإن قلت: رأيت زيدا الأحمر، فهذه صفة جئت بها لتفرق بين زيد الأحمر وبين زيد، أو زيود أخر، ليسوا بحمر فلا تحتمل هذه الصفة غير هذا المعنى. ولو كان «زيد» لا يعرف إلا بأحمر، لم يجز حذف الأحمر، لأنه كان من تمام اسمه.(4/117)
45- وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ...
«والعين بالعين» : من نصبه، وما بعده من الأسماء، عطفه على ما عملت فيه «أن» ، وهو «النفس» ، و «بالنفس» خبر «أن» ، وكذلك كل مخفوض خبر لما قبله.
ومن رفع «والعين» ، و «الأنف» ، و «السن» ، عطفه على المعنى لأن معنى «كتبنا عليهم» : قلنا لهم: النفس بالنفس، فرفع على الابتداء.
وقيل: هو مبتدأ مقطوع مما قبله.
وقيل: هو معطوف على المضمر المرفوع فى «بالنفس» ، وإن كان لم يؤكد، فهو جائز، كما قال تعالى:
(ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) 6: 148، وليس فى زيادة «لا» بعد حرف العطف حجة تنفى أنها فصلت لأنها بعد حروف العطف، والمخفوض خبر كل ابتداء.
«والجروح قصاص» : من نصبه عطفه على «النفس» ، و «قصاص» الخبر ودل على أنه مكتوب فى التوراة كغيره.
ومن عطفه على موضع «أن» وما عملت فيه، فهو مبتدأ، مكتوب أيضا، «وقصاص» خبر الابتداء.
وقيل: هو ابتداء منقطع مما قبله، على أنه غير مكتوب، وإنما يكون هذا منقطعا على قراءة من نصب «العين» وما بعده، ورفع «الجروح» .
فأما من رفع «العين» وما بعده، ورفع «الجروح» فهو كله معطوف بعضه على بعض وهى قراءة الكسائي.
46- وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «مصدّقا» الأول: حال من «عيسى» ، و «مصدقا» الثاني، إن شئت عطفته على الأول، حالا من «عيسى» أيضا، على التأكيد وإن شئت جعلته حالا من «الإنجيل» .
«وهدى وموعظة» : نصب، عطف على «مصدقا» .(4/118)
وقد قرأ الضحاك برفع «موعظة» ، وقال: على أن «هدى» فى موضع رفع، والرفع فى ذلك عن العطف على قوله «فيه هدى ونور» .
48- وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ...
«مصدّقا، ومهيمنا» : حالان من «الكتاب» 49- وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ...
«وأن احكم» : أن، فى موضع نصب عطف على «الكتاب» .
«واحذرهم أن يفتنوك» : أن، فى موضع نصب على البدل من الهاء والميم فى «واحذرهم» ، وهو بدل الاشتمال، وإن شئت جعلته مفعولا من أجله.
52- فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ...
«فعسى الله أن يأتى» : أن، فى موضع نصب ب «عسى» ، ولو قدمت فقلت: فعسى أن يأتى الله، لكانت فى موضع رفع ب «عسى» ، وتسد مسد خبر «عسى» .
53- وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ «ويقول الذين آمنوا» : من نصبه عطفه على المعنى، كأنه قدر تقديم «أن يأتى» ، بعد «عسى» ، فعطفه عليه، إذ معنى: فعسى أن يأتى الله، وعسى الله أن يأتى، واحد، فعطف على المعنى ولو عطف على اللفظ على «أن يأتى» وهو مؤخر بعد اسم الله، لم يجز، كما يبعد أن تقول: عسى زيد أن يقوم ويأتى عمرو، إذ لا يجوز:
عسى زيد أن يأتى عمرو.
فأما إذا قدمت «أن» بعد «عسى» فهو حسن، كما تقول: عسى أن يقوم زيد ويأتى عمرو، فيحسن كما يحسن: عسى أن يقوم زيد ويأتى عمرو.
ولو كان فى الجملة الثانية هاء تعود على الأول، لجاز كل هذا، نحو: عسى أن يقوم زيد ويأتى أبوه، وعسى(4/119)
زيد أن يأتى ويقوم أبوه كل هذا حسن جائز، بخلاف الأول لأنك لو قلت: عسى زيد أن يقوم أبوه، حسن، وهذا كله بمنزلة: ليس زيد بخارج ولا قائم عمرو، وهذا لا يجوز وإن كان فى موضع «عمرو» :
«أبوه» ، جاز.
وقد قيل: «ويقول» معطوف على «الفتح» لأنه بمعنى: أن يفتح، فهو معطوف على اسم، فاحتيج إلى إضمار «أن» ، ليكون مع «يقول» مصدرا، فتعطف اسما على اسم، فيصير بمنزلة قول الشاعر:
للبس عباءة وتقر عينى
والرفع فى «ويقول» ، على القطع.
«جهد أيمانهم إنهم» : إنهم، نصب على المصدر وكسرت «إن» من «إنهم» على إضمار: قالوا إنهم، لأن اللام فى خبرها.
54- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «يحبهم ويحبونه» : نعت ل «قوم» ، وكذلك «أذلة» ، و «أعزة» ، و «يجاهدون» ، نعت أيضا لهم.
ويجوز أن يكون حالا منهم، والإشارة بالقوم الموصوفين فى هذا الموضع هى إلى الخلفاء الراشدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعهم، وهذا يدل على تثبيت خلافتهم رضى الله عنهم أجمعين.
55- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ «وهم راكعون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «يؤتون» أي يعطون ما يزكيهم عند الله فى حال ركوعهم أي: وهم فى صلاتهم، فالواو واو الحال، والآية على هذا المعنى نزلت فى على بن أبى طالب، صلوات الله عليه.
ويجوز أن يكون لا موضع للجملة، وإنما هى جملة معطوفة على الموصول، وليست بواو الحال، والآية عامة.(4/120)
57- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «والكفار» : من خفضه عطفه على «الذين» فى قوله «من الذين أوتوا» ، فيكونون موصوفين باللعب والهزء، كما وصف به الذين أوتوا الكتاب، لقوله: (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) 15: 95، يريد به:
كفار قريش.
ومن نصبه عطفه على «الذين» فى قوله «لا تتخذوا الذين» ، ويخرجون من الوصف بالهزء واللعب.
59- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ «إلا أن آمنا» : أن، فى موضع نصب ب «تنقمون» .
«وأن أكثر» : عطف عليها.
60- قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ «وعبد الطّاغوت» : من فتح الباء، جعله فعلا ماضيا، ونصب به «الطاغوت» .
وفى «عبد» : ضمير «من» فى قوله «من لعنه الله» ، ولم يظهر ضمير جمع فى «عبد» حملا على لفظ «من» ، ومعناها: الجمع ولذلك قال «منهم» .
ولو حمل على المعنى، لقال: «وعبدوا» .
و «من» فى قوله «من لعنه الله» . فى موضع رفع، على حذف المضاف تقديره: لعن من لعنه الله أي:
هو لعن، فالابتداء والمضاف محذوفان.
وقيل: من، فى موضع خفض على البدل من «شر» ، بدل الشيء من الشيء، وهو هو.
ومن ضم الباء من «عبد» ، جعله اسما على «فعل» مبنيا، للمبالغة فى عبادة الطاغوت، كقولهم: رجل يقظ، أي تكثر منه الفطنة والتيقظ، فالمعنى: وجعل منهم من يبالغ فى عبادة الطاغوت. وأصل هذا البناء للصفات(4/121)
و «عبد» أصله الصفة ولكنه استعمل فى هذا استعمال الأسماء، وجرى فى بناء الصفات على أصله، كما استعملوا الأبطح والأبرق استعمال الأسماء، وكسرا تكسيرا الأسماء، فقيل: الأباطح والأبارق، ولم يصرفا، كأحمر، وأصلهما الصفة.
61- وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ «وقد دخلوا بالكفر» : فى موضع الحال، وكذلك: «به» ، والمعنى: دخلوا كافرين وخرجوا كافرين، لم يخبر عنهم أنهم دخلوا حاملين شيئا، إنما أخبر عنهم أنهم دخلوا معتقدين كفرا.
64- ... وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ، وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ...
«ما أنزل» : ما، فى موضع رفع بفعله، وهو: ليزيدن، و «كلما» ظرف، والعامل فيه «أطفأها» ، أو فيه معنى الشرط، «فلا بد له من جواب» ، وجوابه: «أطفأها» 69- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «والصّابئون» : مرفوع على العطف على موضع «إن» وما عملت فيه، وخبر «إن» منوى قبل «الصابئين» ، فلذلك جاز العطف على الموضع والخبر هو «من آمن» ، فنوى به التقديم، فحق: «والصائبون والنصارى» إن وقع بعد «يحزنون» وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأن العطف فى «إن» على الموضع لا يجوز إلا بعد تمام الكلام وانقضاء اسم «إن» وخبرها، فتعطف على موضع الجملة.
وقال الفراء: هو عطف على المضمر فى «هادوا» ، وهو غلط لأنه يوجب أن يكون الصابئين والنصارى:
يهودا وأيضا فإن العطف على المضمر المرفوع قبل أن تؤكده، أو تفصل بينهما بما يقوم مقام التأكيد، قبيح عند بعض النحويين.
وقيل: «الصابئون» مرفوع على أصله قبل دخول «إن» وقيل: إنما رفع «الصابئون» لأن «إن» لم يظهر لها عمل فى «الذين» ، فبقى المعطوف مرفوع على أصله قبل دخول «إن» على الجملة.(4/122)
وقيل: إنما رفع، لأنه جاء على لغة بلحارث، الذين يقولون: رأيت الزيدان، بالألف.
وقيل: «إن» ، بمعنى: نعم.
وقيل: إن خبر «إن» مضمر، دل عليه الثاني فالعطف ب «الصابئين» إنما أتى بعد تمام الكلام وانقضاء اسم «إن» وخبرها وإليه يذهب الأخفض، والمبرد.
ومذهب سيبويه: أن خبر الثاني هو المحذوف، وخبر «إن» هو الذي فى آخر الكلام، يراد به التقديم قبل:
«الصابئين» ، فيصير العطف على الموضع بعد خبر «إن» فى المعنى.
71- وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «وحسبوا أن لا تكون فتنة» : من رفع «تكون» جعل «إن» مخففة من الثقيلة، وأضمر معها الهاء، و «تكون» خبر «أن» وجعل «حسبوا» بمعنى: أيقنوا لأن «أن» للتأكيد، والتأكيد لا يجوز إلا مع اليقين، فهو نظيره وعديله، و «أن» فى موضع نصب ب «حسب» ، سدت مسد مفعولى «حسب» تقديره: أنه لا تكون فتنة.
وحق «أن» أن تكتب منفصلة على هذا التقدير، لأن الهاء المضمرة تحول بين «أن» ولام «لا» فى المعنى، فيمتنع اتصالها باللام.
ومن نصب «تكون» جعل «أن» هى الناصبة للفعل، وجعل «حسب» بمعنى: الشك، لأنها لم يتبعها تأكيد، لأن «أن» الخفيفة ليست للتأكيد إنما هى لأمر يقع وقد لا يقع، فالشك نظير ذلك وعديله، والمشددة إنما تدخل لتأكيد وقع وثبت، فلذلك كان «حسب» ، مع «أن» المشددة لليقين، ومع الخفيفة للشك ولو كان قبل «أن» فعل لا يصلح للشك لم يجز أن تكون إلا مخففة من الثقيلة، لم يجز نصب الفعل بها، قوله (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ) 20: 89، و (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ) 73: 2، و «لا» و «السين» عوض من حذف تشديد «أن» .
ولو وقع قبل «أن» فعل لا يصلح إلا لغير الإثبات لم يجز فى الفعل إلا النصب، نحو قولك: طمعت أن تقوم، وأشفقت أن تقوم، وأخشى أن تقوم هذا لا يجوز فيه إلا النصب بعد «أن» ، ولا تكون «أن» معه مخففة من الثقيلة.
فهذه ثلاثة أقسام:(4/123)
1- فعل، بمعنى الثبات واليقين، لا يكون معه إلا الرفع بعد «أن» ، ولا تكون «أن» إلا مخففة من الثقيلة.
2- وفعل، بضد معنى الثبات واليقين، لا يكون معه إلا النصب، ولا تكون «أن» معه إلا غير مخففة من الثقيلة.
3- وفعل ثالث يحتمل الوجهين: فيجوز معه الوجهان.
هذه الأصول هى الاختيار عند أهل العلم، وقد يجوز غيرها على مجاز وسعة.
«فعموا وصمّوا» : إنما جمع الضمير، ردا على المذكورين.
«ثم عموا وصموا كثير منهم» : «كثير» ، بدل من الضمير.
وقيل: «كثير» : رفع على إضمار مبتدأ دل عليه «عموا وصموا» ، وإنما جمع الضمير ردا على المذكورين، و «كثير» : بدل من الضمير.
وقيل: كثير، وقع على إضمار مبتدأ دل عليه «عموا وصموا» تقديره: العمى والصم كثير منهم.
وقيل: التقدير: العمى والصم منهم كثير.
وقيل: جمع الضمير، وهو متقدم، على لغة من قال: أكلونى البراغيث، و «كثير» رفع لما قبله.
ولو نصبت «كثيرا» فى الكلام، لجاز، تجعله نعتا لمصدر محذوف أي: عمّى وصمعا كثيرا.
73- لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ ...
«ثالث ثلاثة» لا يجوز تنوين «ثالث» لأنه بمعنى: أحد ثلاثة فلا معنى للفعل فيه، وليس بمنزلة:
هذا ثالث اثنين، لأن فيه معنى الفعل، إذ معناه: يصير اثنين ثلاثة بنفسه، فالتنوين فيه جائز.
«وما من إله إلا إله واحد» : إلاه بدل من موضع «من إله» لأن «من» زائدة، فهو مرفوع.
ويجوز فى الكلام النصب «إلا إلها واحدا» على الاستثناء.
وأجاز الكسائي الخفض على البدل من لفظ «إله» ، وهو بعيد لأن «من» لا يراد فى الواجب.
79- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ «لبئس ما كانوا يفعلون» : ما، فى موضع نصب، نكرة. أي: لبئس شيئا كانوا يفعلونه، فما بعد «ما» صفة لها.(4/124)
وقيل: «ما» بمعنى: الذي، فى موضع رفع ب «بئس» أي: لبئس الشيء الذي كانوا يفعلونه. والهاء محذوفة من الصفة والصلة.
80- تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ «أن» : فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ تقديره: هو أن سخط الله.
وقيل: هو فى موضع رفع على البدل من «ما» فى «لبئس» ، على أن «ما» معرفة.
وقيل: فى موضع نصب على البدل من «ما» ، على أن «ما» نكرة.
وقيل: على حذف اللام أي: لأن سخط.
82- لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ...
«عداوة» : نصب على التفسير ومثله: «مودة» .
83- وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ...
«تفيض» : فى موضع نصب على الحال «من» أعينهم لأن «ترى» من رؤية العين.
84- وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ ...
«لا نؤمن» : فى موضع نصب، على الحال من المخبرين فى «لنا» ، كما تقول: فما لك قائما؟
85- فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ «تجرى من تحتها الأنهار» : فى موضع نصب على النعت ل «جنات» .
«خالدين» : حال من الهاء والميم فى «فأثابهم» .
89- ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ ...
«فصيام ثلاثة أيام» : رفع على الابتداء، والخبر محذوف أي: فعليه صيام ثلاثة أيام.
94- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ ...
«بشىء من الصّيد» : من، للتبعيض لأن المحرم صيد البحر خاصة لأن التحريم إنما وقع فى حال الإحرام خاصة.(4/125)
وقيل: «من» لبيان الجنس فلما قال: ليبلونكم الله بشىء، لم يعلم من أي جنس هو؟ فبين، فقال:
من الصيد، كما تقول: لأعطينك شيئا من الذهب.
95- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ ...
«وأنتم حرم» : ابتداء وخبر، فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «تقتلوا» .
«متعمدا» : حال من المضمر المرفوع فى «قتله» .
«فجزاء مثل ما قتل من النعم» : جزاء، مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف أي: فعليه جزاء.
ومن نون «جزاء» جعل «مثل» صفة له و «من النعم» صفة أخرى ل «جزاء» .
ويجوز أن يكون «مثل» بدل من «جزاء» .
و «من» فى قوله «من النعم» لا تتعلق ب «جزاء» ، لأنها تصير فى صفته، والصفة لا تدخل فى صلة الموصوف، لأنها لا تكون إلا بعد تمام الموصوف بصلته.
ولو جعلت «من» متعلقة ب «جزاء» دخلت فى صلته، وأنت قد قدمت مثل هذا، وهو بدل أو صفة، والبدل والصفة لا يأتيان إلا بعد تمام الموصول بصلته، فيصير ذلك إلى التفرقة بين الصلة والموصول بالبدل أو النعت، وليس هذا بمنزلة «جزاء سيئة بمثلها» 10: 27، فى جواز تعلق الباء ب «جزاء» لأنه لم يوصف ولا أبدل منه، إنما أضيف، والمضاف إليه داخل فى الصلة، فذلك حسن جائز، و «مثل» فى هذه القراءة، بمعنى:
مماثل والتقدير، فجزاء مماثل لما قتل، يعنى فى القيمة أو فى الخلقة، على اختلاف العلماء فى ذلك.
ولو قدرت «مثلا» على لفظه لصار المعنى: فعليه جزاء مثل المقتول من الصيد، وإنما يلزم جزاء المقتول عينه لا جزاء أمثاله لأنه إذا أدى جزاء من المقتول صار إنما يؤدى جزاء ما لم يقتل لأن مثل المقتول لم تقتله، فصح أن المعنى: فعليه جزاء مماثل للمقتول يحكم به ذوا عدل، ولذلك تعددت القراءة بالإضافة عند جماعة لأنها توجب أن يلزم القاتل جزاء مثل الصيد الذي قتل، وإنما جازت الإضافة عندهم على معنى قول العرب: إنى لأكرم مثلك، يريدون: أكرمك، فعلى هذا أضاف الجزاء إلى مثل المقتول، يراد به: المقتول(4/126)
بعينه فكأنه فى التقدير: فعليه جزاء المقتول من الصيد وعلى هذا تأويل العلماء قول الله جل ثناوه (كمن مثله فى الظلمات) 6: 122 معناه: كمن هو هو فى الظلمات ولو حمل على الظاهر لكان: مثل الكافر فى الظلمات لا الكافر، والمثل والمثل واحد.
و «من النعم» ، فى قراءة من أضاف «الجزاء» «إلى» مثل، صفة «جزاء» ، ويحسن أن يتعلق «من» بالمصدر فلا يكون صفة له وإنما المصدر معدى إلى «من النعم» ، فإذا جعلته صفة، ف «من» متعلقة بالخبر المحذوف، وهو: «فعليه» ، وإذا لم تجعلها صفة تعلقت ب «جزاء» ، كما تعلقت فى قوله له تعالى «جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها» 10: 27، لأن الجزاء لم يوصف ولا أبدل منه، فلا تفرقة فيه بين الصلة والموصول، فأما إذا نونت «جزاء» فلا يحسن تعلق «من» ب «جزاء» لما قدمنا.
«هديا» : انتصب على الحال من الهاء فى «به» ، ويجوز أن يكون انتصب على البيان، أو على المصدر.
«بالغ» : نعت ل «هدى» ، والتنوين مقدر فيه، فلذلك وقع نعتا لنكرة.
«أو كفارة» : عطف على «جزاء» أي: أو عليه كفارة.
«صياما» : نصب على البيان.
96- أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «متاعا» : نصب على المصدر لأن قوله «أحل لكم» بمعنى: أمتعتم به إمتاعا بمنزلة:
«كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» 4: 24 «حرما» : خبر «دام» .
97- جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ «ذلك لتعلموا» : ذلك، فى موضع رفع، على معنى: الأمر ذلك ويجوز أن يكون فى موضع نصب، على:
فعل الله ذلك لتعلموا.(4/127)
101- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ...
«أشياء» : قال الخليل، وسيبويه، والمازني: أصلها: شيئاء: على وزن فعلاء فلما كثر استعمالها استثقلت همزتان بينهما ألف، فنقلت الهمزة الأولى هى لام الفعل، قبل فاء الفعل، وهى الشين، فصارت «أشياء» .
على «لفعاء» ، ومن أجل أن أصلها: فعلاء، كحمراء، امتنعت من الصرف، وهى عندهم: اسم للجمع، وليست بجمع «شىء» .
«إن تبد لكم تسؤكم» : شرط وجوابه، والجملة فى موضع خفض على النعت ل «أشياء» .
103- ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ «من بحيرة» : من، زائدة للتأكيد، و «بحيرة» : فى موضع نصب ب «جعل» .
104- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا ...
«حسبنا» : ابتداء، وخبره: «ما وجدنا» .
106- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ «إذا حضر» : العامل في «إذا» : «شهادة» ، ولا تعمل فيها «الوصية» لأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، وأيضا فإن «الوصية» مصدر، فلا يقدم ما عمل فيه عليه، والعامل فى «حين الوصية» : أسباب الموت، كما قال تعالى: (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) 6: 61، والقول لا يكون بعد الموت، ولكن معناه:
حتى إذا جاء أحدكم أسباب الموت.
وقيل: العامل فى «حين» : «حضر» .
وقيل: هو بدل من «إذا» ، فيكون العامل فى «حين» : «الشهاد» أيضا.
«اثنان» : مرفوع، على خبر «شهادة» ، على حذف مضاف تقديره: شهادة اثنين لأن الشهادة لا تكون هى الاثنان، إذ العدد لا يكون خبرا عن المصادر، فأضمرت مصدرا ليكون خبرا عن مصدر.(4/128)
«وآخران» : عطف على «اثنان» على تقدير حذف مضاف أيضا تقديره: أو شهادة آخرين.
وقيل: «إذا حضر» ، هو خبر «شهادة» ، و «اثنان» ارتفعا بفعلهما، وهو «شهادة» .
«إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت» : اعتراض بين الموصوف وصفته واستغنى عن جواب «إن» ، التي هى للشرط، بما تقدم فى الكلام لأن معنى: «اثنان ذوا عدل منكم وآخران من غيركم» : معنى الأمر بذلك، لفظه لفظ الخبر، واستغنى عن جواب «إذا» ، أيضا، بما تقدم من الكلام، وهو قوله «شهادة بينكم» لأن معناه: ينبغى أن تشهدوا إذا حضر أحدكم الموت.
«تحبسونهما من بعد الصّلاة» : صفة ل «آخران» ، فى موضع رفع.
«فيقسمان بالله» : الفاء، لعطف جملة على جملة، ويجوز أن يكون جواب جزاء «إن» : «تحبسونهما» ، معناه: الأمر بذلك، فهى جواب الأمر الذي دل عليه الكلام، كأنه قال: إذا حبستموهما أقسما.
«لا نشترى» : جواب لقوله «فيقسمان» لأن «أقسم» يجاب بما يجاب به القسم.
«به» : الهاء: تعود على المعنى، لأن التقدير: لا نشترى بتحريف شهادتنا ثمنا ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
وقيل: الهاء، تعود على «الشهادة» ، لكن ذكّرت لأنها قول، كما قال: «فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ» 4: 8، فرد الهاء على المقسوم، لدلالة القسمة على ذلك.
«ثمنا» : معناه: ذا ثمن لأن الثمن لا يشترى، إنما يشترى ذو الثمن، وهو المثمن، وهو كقوله:
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً) 9: 9 أي: ذا ثمن.
«ولو كان ذا قربى» : فى «كان» اسمها أي: ولو كان المشهود له ذا قربى من الشاهد.
«ولا نكتم شهادة الله» : إنما أضيفت الشهادة إلى الله، لأنه هو أمر بأدائها ونهى عن كتمانها.
107- فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ «فآخران يقومان» : فآخران، رفع بفعل مضمر، أو بالابتداء، و «يقومان» نعت لهما، و «من الذين» : خبره.
«الأوليان» . من رفعه وبناه جعله بدلا من «آخران» ، أو من المضمر فى «يقومان» .(4/129)
وقيل: هو مفعول لم يسم فاعله ل «استحق» ، على قراءة من ضم التاء، على تقدير حذف مضاف تقديره:
من الذين استحق عليهم إثم الأوليين ويكون «عليهم» بمعنى: فيهم.
ومن قرأه «الأولين» ، على أنه جمع «أول» ، فهو فى موضع خفض على البدل من «الذين» ، أو من الهاء والميم فى «عليهم» .
«لشهادتنا» : اللام، جواب القسم فى قوله «فيقسمان» .
108- ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها ...
«أن يأتوا» : «أن» ، فى موضع نصب على حذف حرف الجر تقديره: لأن يأتوا.
110- ... وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ «فتنفخ فيها» : الهاء، تعود على «الهيئة» والهيئة، مصدر فى موضع: المهيأ لأن النفخ لا يكون فى الهيئة إنما يكون فى المهيأ.
ويجوز أن يعود على الطير، لأنه مؤنث.
ومن قرأ «طائرا» ، أجاز أن يكون «طائرا» جمعا، فيؤنث الضمير فى «فيها» ، لأجل رجوعه على الجمع.
«إن هذا إلا سحر» : إن، بمعنى «ما» ، و «هذا» : إشارة إلى ما جاء به عيسى صلى الله عليه وسلم.
ويجوز أن يكون «هذا» : إشارة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم- على تقدير حذف مضاف تقديره: إن هذا إلا ذو سحر.
فأما من قرأ «ساحر» ، بألف، فهذا إشارة إلى النبي عيسى عليه السلام، بغير حذف، ويحتمل أن يكون إشارة إلى الإنجيل، فيكون اسم الفاعل فى موضع المصدر كما قالوا: عائذا بالله من شرها يريدون:
عياذا بالله.(4/130)
116- وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ «أنت» : تأكيد للكاف أو مبتدأ، أو فاصلة لا موضع لها من الإعراب.
117- ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «أن اعبدوا الله» : أن، مفسرة، لا موضع لها من الإعراب بمعنى: أي.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب على البدل من «ما» .
«ما دمت فيهم» : ما، فى موضع نصب على الظرف، والعامل «شهيدا» .
118- إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «أنت العزيز» : أنت، تأكيد ل «الكاف» ، أو مبتدأ، أو فاصلة لا موضع لها من الإعراب.
119- قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «ينفع» : من رفع «يوم» جعله خبرا ل «هذا» ، و «هذا» إشارة إلى يوم، «والجملة» فى موضع نصب بالقول.
فأما من نصب «يوما» ، فإنه جعله ظرفا للقول، و «هذا» إشارة إلى القصص والخبر الذي تقدم أي:
يقول الله هذا الكلام فى يوم ينفع، ف «هذا» إشارة إلى ما تقدم من القصص، وهو قوله: (وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى) الآية: 116، إلى قوله (مِنْ دُونِ اللَّهِ) الآية: 116، فأخبر الله عما لم يقع بلفظ الماضي، لصحة كونه وحدوثه.
وجاز أن يقع «يوم» خبرا عن «هذا» لأنه إشارة إلى حدث، وظروف الزمان تكون أخبارا عن الحدث.(4/131)
ويجوز على قول الكوفيين أن يكون «يوم ينفع» مبنيا على الفتح، لإضافته إلى الفعل، فإذا كان كذلك احتمل موضعه النصب والرفع، على ما تقدم من التفسير، وإنما يقع البناء فى الظرف إذا أضيف إلى الفعل عند البصريين، إذا كان الفعل مبنيا، فأما إذا كان معربا فلا يبنى الظرف إذا أضيف إليه، عندهم.
«خالدين» : حال من الهاء والميم فى «لهم» ، و «أبدا» : ظرف زمان.
«رضى» : الياء فيها، بدل من واو، لانكسار ما قبلها لأنه من «الرضوان» .
- 6- سورة الأنعام
3- وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ إن جعلت «وفى الأرض» متعلقا بما قبله وقفت على «وفى الأرض» ، ورفعت «يعلم» على الاستئناف أي:
وهو المعبود فى السموات وفى الأرض.
وإن جعلت «فى الأرض» متعلقا ب «يعلم» وقفت على «فى السموات» .
6- أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً ...
«كم» : فى موضع نصب «أهلكنا» لا ب «يروا» لأن الاستفهام وما أجرى مجراه وضارعه لا يعمل فيه ما قبله.
«مدرارا» : نصب على الحال من «السماء» .
10- وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ «ما» : فى موضع رفع ب «حاق» وتقديره: عقاب ما كانوا أي: عقاب استهزائهم.
11- قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ «عاقبة» : اسم كان و «كيف» خبر «كان» .
ولم يقل «كانت» لأن عاقبتهم بمعنى: مسيرهم، وإن تأنيث «العاقبة» غير حقيقى.(4/132)
12- قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «ليجمعنّكم» : فى موضع نصب، على البدل من «الرحمة» ، واللام لام القسم، فهى جواب «كتب» لأنه بمعنى: أوجب ذلك على نفسه ففيه معنى القسم.
«الذين» : رفع بالابتداء، و «فيهم لا يؤمنون» : ابتداء وخبر، فى موضع خبر «الذين» .
وأجاز الأخفش أن يكون «الذين» فى موضع نصب على البدل من الكاف والميم فى «ليجمعنكم» ، وهو بعيد، لأن المخاطب لا يبدل منه غير مخاطب، لا تقول: رأيتك زيدا، على البدل.
16- مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ من فتح الياء وكسر الراء فى «يصرف» أضمر الفاعل، وهو الله جل وعز وأضمر مفعولا محذوفا تقديره:
من يصرف الله عنه العذاب يومئذ.
ومن ضم الياء وفتح الراء أضمر مفعولا لم يسم فاعله لا غير تقديره: من يصرف عنه العذاب يومئذ.
فهذا أقل إضمارا من الأول، وكلما قل الإضمار عند سيبويه كان أحسن.
19- قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى ...
«شهادة» : نصب على البيان.
«ومن بلغ» : من، فى موضع نصب، عطف على الكاف والميم فى «لأنذركم» أي: وأنذر من بلغه القرآن.
وقيل: من بلغ الحلم.
20- الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «الذين آتيناهم» : الذين، مبتدأ، وخبره: «يعرفونه» .
«الّذين خسروا» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هم الذين خسروا.
21- وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ «من» : فى موضع رفع بالابتداء، وهى استفهام بمعنى التوبيخ، متضمنة معنى النفي تقديره: لا أحد أظلم(4/133)
ممن افترى على الله كذبا، وأضمر خبر الابتداء، إلا إنه يحتاج إلى تمام لأن «ممن افترى على الله كذبا» تمام «أظلم» ، وكذلك «أفعل من كذا» حيث وقع، «من» وما بعدها، من تمام «أفعل» 23- ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ من قرأ «تكن» ، بالتاء، أنث لتأنيث لفظ «الفتنة» ، وجعل، الفتنة، اسم «كان» .
وقيل: هى خبر «كان» ، و «أن» اسم «كان» ، وأنث «تكن» على المعنى لأن «أن» وما بعدها هو الفتنة فى المعنى لأن اسم «كان» هو الخبر فى المعنى إذ هى داخلة على الابتداء والخبر.
وجعل «أن» اسم «كان» هو الاختيار عند أهل النظر لأنها لا تكون إلا معرفة، لأنها لا توصف، فأشبهت المضمر، والمضمر أعرف المعارف، فكان الأعرف اسم «كان» أولى مما هو دونه فى التعريف إذ الفتنة إنما تعرفت بإضافتها إلى المضمر، فهى دون تعريف «أن» بكثير.
ومن قرأ «يكن» ، بالياء، ورفع «الفتنة» ، ذكّر لأن تأنيث الفتنة غير حقيقى لأن الفتنة يراد بها المعذرة، والمعذرة والعذر سواء، فحمله على المعنى، فذكّر ولأن الفتنة، هى القول فى المعنى، فذكر حملا على المعنى.
25- وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «من» : مبتدأ، وما قبلة خبره، وهو «ومنهم» . ووحد «يستمع» لأنه حمله على لفظ «من» ، ولو جمع فى الكلام على المعنى، لحسن كما قال فى يونس «ومنهم من يستمعون إليك» الآية: 42 «أساطير» : واحدها: أسطورة وقيل: إسطارة وقيل: هى جمع الجمع، واحده: إسطار، وإسطار:
جمع: سطر، ولكنه جمع قليل، وأساطير: جمع كثير.
27- وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون» : من رفع الفعلين عطفهما على «نرد» ، وجعله كله مما تمناه الكفار يوم القيامة، تمنوا ثلاثة أشياء: أن يردوا، وأن لا يكونوا قد كذبوا بآيات الله فى الدنيا، وتمنوا أن يكونوا من المؤمنين.(4/134)
ويجوز أن يرفع «نكذب» و «نكون» على القطع، فلا يدخلان فى التمني وتقديره: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب، ونحن نكون من المؤمنين، رددنا أو لم نرد، كما حكى سيبويه: دعنى ولا أعود، بالرفع أي:
وأنا لا أعود، تركتنى أو لم تتركنى.
فأما من نصب الفعلين، فعلى جواب التمني لأن التمني غير واجب، فيكون الفعلان داخلين فى التمني، كالأول من وجهى الرفع والنصب، بإضمار «أن» حملا على مصدر «نرد» ، فأضمرت «أن» لتكون مع الفعل مصدرا، فتعطف الواو مصدرا على مصدر تقديره: يا ليت لنا ردا وانتفاء من التكذيب، وكونا من المؤمنين.
فأما من رفع «نكذب» ونصب «ونكون» ، فإنه رفع «نكذب» على أحد الوجهين الأولين: إما أن يكون داخلا فى التمني فيكون كمعنى النصب، أو يكون وقع على الثبات والإيجاب كما تقدم أي: ولا نكذب، رددنا أو لم نرد، ونصب «يكون» على جواب التمني على ما تقدم، فيكون داخلا فى التمني.
28- بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «وإنّهم لكاذبون» : دل على تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم بذلك ولم يتمنوه لأن التمني لا يقع جوابه التكذيب فى الخبر.
وقال بعض أهل النظر: الكذب لا يجوز وقوعه فى الآخرة، إنما يجوز وقوعه فى الدنيا، وتأويل قوله تعالى «وإنهم لكاذبون» أي: كاذبون فى الدنيا، فى تكذيبهم الرسل وإنكارهم البعث، فيكون ذلك خطابه، للحال التي كانوا عليها فى الدنيا.
وقد أجاز أبو عمرو وغيره وقوع التكذيب لهم فى الآخرة، لأنهم ادعوا أنهم لو ردوا لم يكذبوا بآيات الله، وأنهم يؤمنون، فعلم الله ما يكون لو كان كيف كان يكون وأنهم لو ردوا لم يؤمنوا وكذبوا بآيات الله، فأكذبهم الله فى دعواهم.
31- قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ «بغتة» : مصدر فى موضع الحال، ولا يقاس عليه عند سيبويه لو قلت: جاء زيد إسراعا، لم يجز.
«ما يزرون» : ما، نكرة فى موضع نصب ب «ساء» ، وفى «ساء» ضمير مرفوع تفسيره ما بعده، كنعم، وبئس.
وقيل: «ما» : فى موضع رفع ب «ساء» .(4/135)
32- وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ «الدار» : مبتدأ، و «الآخرة» نعت ل «الدار» ، و «خير» هو خبر الابتداء.
وقد اتسع فى «الآخرة» فأقيمت مقام الموصوف، وأصلها الصفة قال الله تعالى: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ) الضحى: 4 فأما من قرأ «ولدار» بلام واحدة، وأضافها إلى «الآخرة» ، فإنه لم يجعل «الآخرة» صفة ل «دار» ، وإنما «الآخرة» صفة لموصوف محذوف تقديره: ولدار الساعة الآخرة، ثم حذفت «الساعة» وأقيمت الصفة.
مقام الموصوف، فأضيفت «الدار» إليها.
فالآخرة والدنيا، أصلهما الصفة، لكن اتسع فيهما فاستعملتا استعمال الأسماء، فأضيف إليهما.
33- قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «يكذّبونك» : من شدده حمله على معنى: ينسبونك إلى الكذب كما يقال: فسقت الرجل وخطأته، إذا نسبته إلى الفسق والخطأ.
وأما من خففه، فإنه حمله على معنى: لا يجدونك كاذبا كما يقال: أحمدت الرجل وأبخلته، إذا أصبته بخيلا أو محمودا.
وقد يجوز أن يكون معنى التخفيف والتشديد سواء، كما يقال: قللت وأقللت وكثرت وأكثرت، بمعنى واحد.
40- قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «قل أرأيتكم» : الكاف والميم، للخطاب، لا موضع لها من الإعراب، عند البصريين. وقال الفراء:
لفظها منصوب، ومعناها معنى مرفوع.
وهذا محال، لأن الناهي الكاف فى «رأيتك» ، فكان يجب أن يظهر علامة جمع فى التاء وكان يجب أن يكون فاعلان لفعل واحد، وهما لشىء واحد ويجب أن يكون قولك: رأيتك زيدا ما صنع؟ معناه: أرأيت نفسك زيدا ما صنع؟ لأن الكاف هو المخاطب، وهذا الكلام محال فى المعنى ومناقض فى الإعراب والمعنى لأنك تستفهم عن نفسه فى صدر السؤال، ثم ترد السؤال عن غيره فى آخر الكلام، وتخاطب أولا ثم تأتى بغائب آخرا، ولأنه يصير ثلاثة مفعولين ل «رأيت» وهذا كله لا يجوز، لو قلت: رأيت عالما بزيد، كانت الكاف فى موضع نصب لأن تقديره: رأيت نفسك عالما بزيد، وهذا كلام صحيح قد تعدى «رأيت» إلى مفعولين لا غير.(4/136)
48- وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «إلّا مبشّرين ومنذرين» : حالان، من «المرسلين» .
«فمن آمن» : من، مبتدأ، والخبر: «فلا خوف عليهم» .
52- وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ «بالغداة» : إنما دخلت الألف واللام على «غداة» ، لأنها نكرة، وأكثر العرب بجعل «غدوة» نكرة.
«من حسابهم من شىء» : «من» ، الأولى، للتبعيض، والثانية زائدة و «شيء» فى موضع رفع اسم «ما» ، ومثله: «وما من حسابك عليهم من شيء» .
«فتطردهم» : نصب، لأنه جواب النفي، و «فتكون» ، جواب النهى فى قوله «ولا تطرد الذين» .
53- وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ «ليقولوا» : هذه لام «كي» ، وإنما دخلت على معنى: إن الله جل ذكره قد علم ما تقولون قبل أن تقولوا، فصار: إنما فتنوا ليقولوا على ما تقدم فى علم الله، فهو على سبيل الإنكار منهم، وقيل: بل على سبيل الاستحياء، وقالوا: أهؤلاء الذين من الله عليهم؟.
54- وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ إن من فتح «أن» فى الموضعين جعل الأولى بدلا من الرحمة، بدل الشيء، من الشيء، وهو هو، فهى فى موضع نصب ب «كتب» ، وأضمر الثانية خبرا، وجعلها فى موضع رفع بالابتداء، أو بالظرف تقديره:
فله أن ربه غفور له أي: فله غفران ربه. ويجوز أن يضمر مبتدأ، وبجعل «أن» خبره، تقديره: فأمره أن ربه غفور له، أي: فأمره غفران ربه، ومثله فى التقدير والحذف والإعراب: (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) التوبة: 63 وقد قيل: «أن» من: «فأنه» تكرير، فتكون فى موضع نصب ردا على الأول، كأنها بدل من الأول.(4/137)
وفيه بعد، لان «من» إن كانت موصولة بمعنى «الذي» وجعلت «فأنه» بدلا من «أن» الأولى بقي الابتداء، وهو «من» بغير خبر، وإن كانت «من» للشرط، بقي الشرط بغير جواب، مع أن ثبات الفاء يمنع من البدل، لأن البدل لا يحول بينه وبين المبدل منه شىء غير الاعتراضات، والفاء ليست من الاعتراضات، فإن جعلت «الفاء» زائدة، لا يجوز، لأنه يبقى الشرط بغير جواب وإن جعلت «أن» الثانية بدلا من الأولى، فأما الكسر فيهما فعلى الاستئناف، أو على إضمار، والكسر فيهما بعد الفاء أحسن لأن الفاء يبتدأ بما بعدها فى أكثر الكلام، والكسر بعدها حسن.
55- وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ «ولتستبين سبيل» : من قرأ بالتاء ونصب «السبيل» ، جعل التاء علامة خطاب واستقبال، وأضمر اسم «النبي» فى الفعل.
ومن رأ بالتاء ورفع «السبيل» رفعه بفعله حكى سيبويه: استبان الشيء، واستبنته أنا.
فأما من قرأ بالياء ورفع «السبيل» فإنه ذكّر «السبيل» ، لأنه يذكر ويؤنث، ورفعه بفعله.
ومن قرأ بالياء ونصب «السبيل» أضمر اسم «النبي» فى الفعل، وهو الفاعل، ونصب «السبيل» ، لأنه مفعول به.
واللام فى «ولتستبين» متعلقة بفعل محذوف تقديره: ولتستبين سبيل المجرمين فصلناها.
56- قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ...
«أن» : فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: نهيت عن أن أعبد.
57- قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ...
«وكذّبتم به» : الهاء، تعود على «البينة» ، وذكّرها لأنها بمعنى البيان.
58- قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ «أن» : فى موضع رفع بفعله، على إضمار فعل(4/138)
59- وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «من ورقة» : من، زائدة للتأكيد، أفادت العموم و «ورقة» : فى موضع رفع ب «تسقط» وكذلك: «ولا حبة» .
ويجوز رفع «حبة» على الابتداء، وكذلك: «ولا رطب ولا يابس» .
وقد قرأ الحسن، وابن أبى إسحاق بالرفع فى «رطب ولا يابس» ، على الابتداء، والخبر: «إلا فى كتاب مبين» .
62- ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ «مولاهم» : بدل من اسم الله، و «الحق» نعت ل «مولاهم» .
وقرأ الحسن «الحق» ، بالنصب، على المصدر، أو على: «أعنى» .
63- قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ «تضرّعا» : مصدر وقيل: حال، بمعنى: ذوى تضرع.
65- قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ «شيعا» : مصدر وقيل: حال 69- وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «ولكن ذكرى» : فى موضع نصب على المصدر، أو فى موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف:
تقديره: ولكن عليهم ذكرى.(4/139)
70- وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ ...
«أن تبسل» : أن، فى موضع نصب مفعول من أجله أي: لئلا تبسل، ومخافة أن تبسل.
71- قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «حيران» : نصب على الحال، ولكن لا ينصرف، لأنه كغضبان.
72- وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «أن» : فى موضع نصب، بحذف حرف الجر تقديره: وبأن أقيموا.
وقيل: هو معطوف على معنى «لنسلم» الآية: 71، لأن تقديره: لأن نسلم.
وقيل: هو معطوف على معنى «ائتنا» الآية: 71، لأن معناه: أن ائتنا.
73- وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ «يوم يقول» : انتصب «يوم» على العطف على الهاء فى «اتقوه» الآية: 72 أي: واتقوا يوم يقول.
ويجوز أن يكون معطوفا على «السموات» أي: خلق السموات وخلق يوم يقول.
وقيل، هو منصوب على: اذكر يا محمد يوم يقول.
«كن فيكون» أي: فهو يكون، فلذلك رفعه، وفى «يكون» اسمها، وهى تامة لا تحتاج إلى خبر، ومثلها: «كن» ، والضمير، هو ضمير «الصور» الذي ذكره بعده، يراد به التقديم قبل «فيكون» .
وقيل: تقدير المضمر فى «فيكون» : فيكون جميع ما أراد.
وقيل: «قوله» هو اسم «فيكون» ، و «الحق» نعته.(4/140)
وقيل: «قوله» : مبتدأ، و «الحق» : خبره.
«يوم ينفخ فى الصور» : يوم، بدل من «ويوم يقول» .
وقيل: الناصب له «الملك» أي: له الملك فى يوم ينفخ فى الصور.
«عالم الغيب» : نعت ل «الذي» ، أو رفع على إضمار مبتدأ أي: هو عالم الغيب، ويجوز رفعه حملا على المعنى، أي: ينفخ فيه عالم الغيب، كأنه لما قال «يوم ينفخ فى الصور» ، قيل: من ينفخ فيه؟ قيل: ينفخ فيه عالم الغيب.
وقرأ الحسن، والأعمش «عالم» ، بالخفض، على البدل من الهاء فى «له» .
74- وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ من نصب «آزر» جعله فى موضع خفض بدلا من الأب، كأنه اسم له.
وقد قرأ يعقوب وغيره بالرفع على النداء، كأنه قال: آزر، نعتا له تقديره: يا معوج الدين تتخذ أصناما آلهة؟
75- وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «وليكون» : اللام، متعلقة بفعل محذوف، تقديره: وليكون من الموقنين أريناه الملكوت.
80- وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ «أتحاجّونى» : من خفف النون فإنما حذف الثانية التي دخلت مع الياء، التي هى ضمير المتكلم، لاجتماع المثلين مع كثرة الاستعمال، وترك النون، التي هى علامة الرفع، فيه فتح لأنه قد كسرها لمجاورتها الياء وحقها الفتح، فوقع فى الكلمة حذف وتغيير.
ومن شدد أدغم النون الأولى فى الثانية، وله نظائر.
ومن زعم أن الأولى هى المحذوفة، فإنما استدل على ذلك بكسرة النون الباقية، وذلك لا يجوز، لأن النون الأولى علامة الرفع من الأفعال لغير جازم ولا ناصب.
وقيل: إن الثانية هى المحذوفة دون الأولى، لأن الاستقبال إنما يقع بالثاني، ويدل عليه أيضا قولهم فى(4/141)
«ليتنى» : ليتى، فيحذفون النون التي هى مع الياء.
«علما» : نصب على التفسير.
82- الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ «الذين» : مبتدأ، و «أولئك» : بدل من «الذين» ، ابتداء ثان، و «الأمن» : ابتداء ثالث، أوثان، و «لهم» : خبر «الأمن» ، و «الأمن» وخبره خبر: «أولئك» ، و «أولئك» وخبره: خبر «الذين» .
«وهم مهتدون» : ابتداء وخبر.
83- وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ من نون «درجات» أوقع «نرفع» على «من» ، ونصب «درجات» على الظرف، أو على حذف حرف الجر تقديره: إلى درجات، كما قال «وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ» 2: 253 ومن لم ينون نصب «درجات» ب «نرفع» على المفعول به، وأضافها إلى «من» .
84- وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ «كلّا هدينا» : نصب «كلا» ب «هدينا» ، وكذلك: «ونوحا هدينا» و «داود» ، وما بعده عطف على «نوح» .
والهاء فى «ذريته» تعود على «نوح» ، ولا يجوز أن تعود على «إبراهيم» ، لأن بعده: «ولوطا» ، وإنما كان فى زمن إبراهيم، فليس هو من ذرية إبراهيم. وقد قيل: أنه كان ابن أخى إبراهيم وقيل:
ابن أخته.
86- وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ «اليسع» : هو اسم أعجمى معرفة، والألف واللام فيه زائدتان. وقيل: هو فعل مستقبل سمى به ونكر، فدخله حرفا التعريف.
ومن قرأه بلامين جعله أيضا اسما أعجميا على «فيعل» ، ونكره فدخله حرفا التعريف وأصله: ليسع والأصل فى القراءة الأخرى: «يسع» .(4/142)
فأصله على قول من جعله فعلا مستقبلا سمى به: يوسع، حذفت الواو كما حذفت فى «يعد» ، ولم تعمل الفتحة فى السين لأنها فتحة مجتلبة أوجبتها العين، وأصلها الكسر، فوقع الحذف على الأصل.
89- أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ «ليسوا بها بكافرين» : الباء الأولى متعلقة ب «كافرين» ، والثانية دخلت لتأكيد النفي، وهو خبر «ليس» .
90- أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ «فبهداهم اقتده» : الهاء، دخلت لبيان حركة الدال، وهى هاء السكت.
فأما من كسرها فيمكن أن يكون جعلها هاء الإضمار، أضمر المصدر. وقيل: إنه شبه هاء السكت بهاء الإضمار، فكسرها وهذا بعيد.
91- وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ «من شىء» : شىء، فى موضع نصب، و «من» : زائدة للتأكيد والعموم.
«نورا وهدى» : حالان من «الكتاب» ، أو من الهاء فى «به» ، وكذلك: «يجعلونه» : حال من «الكتاب» . و «تبدونها» : نعت ل «قراطيس» والتقدير: تجعلونه فى قراطيس، فلما حذف الحرف انتصب.
«وتخفون» : مبتدأ، لا موضع له من الإعراب.
«يلعبون» : حال من الهاء والميم فى «ذرهم» .
92- وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ «مصدّق الّذى» : نعت ل «كتاب» ، على تقدير حذف التنوين من «مصدق» ، لالتقاء الساكنين.
و «الذي» : فى موضع نصب ب «مصدق» .
وإن لم يقدر حذف التنوين كان «مصدق الذي» خبرا بعد خبر، و «الذي» : فى موضع خفض.(4/143)
«ولتنذر» : اللام، متعلقة بفعل محذوف تقديره: لتنذر أم القرى أنزلناه.
93- وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ «ومن قال سأنزل» : من، فى موضع خفض، عطف على «من» فى قوله: «ممن افترى» .
«والملائكة باسطو أيديهم» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «الظالمين» ، والهاء والميم فى «أيديهم» للملائكة والتقدير: والملائكة باسطو أيديهم بالعذاب على الظالمين يقولون لهم: أخرجوا أنفسكم، «والقول» مضمر ودل على هذا المعنى قوله فى موضع آخر: «يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ» 8: 15 ومعنى قوله «أخرجوا أنفسكم» أي: خلصوا أنفسكم اليوم مما حل بكم، فالناصب ل «يوم» : أخرجوا وعليه يحسن الوقف.
وقيل: الناصب له «تجزون» ، فلا يوقف عليه ويبتدأ به، وجواب «لو» محذوف تقديره: ولو ترى يا محمد حين الظالمين فى غمرات الموت لرأيت أمرا عظيما.
94- وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «جئتمونا» ، ولم ينصرف، لأن فيه ألف التأنيث.
وقد قرأ أبو عمرو، وحيوة، بالتنوين، وهى لغة لبعض بنى تميم.
والكاف، من «كما» فى: موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: ولقد جئتمونا منفردين انفرادا مثل حالكم أول مرة.
«لقد تقطّع بينكم» : من رفع «بينكم» جعله فاعلا ل «تقطع» ، وجعل «البين» بمعنى: الوصل تقديره: لقد تقطع وصلكم أي: تفرق.
وأصل «بين» : الافتراق، ولكن اتسع فيه فاستعمل اسما غير ظرف، بمعنى الوصل.
فأما من نصبه فعلى الظرف، والعامل فيه ما دل عليه الكلام من عدم وصلهم فتقديره: لقد تقطع وصلكم بينكم، ف «وصلكم» المضمر، هو الناصب ل «بين» .(4/144)
وقد قيل: إن من نصب «بينكم» جعله مرفوعا فى المعنى ب «تقطع» ، لكنه لما جرى فى أكثر الكلام منصوبا تركه على حاله وهو مذهب الأخفش، فالقراءتان على هذا بمعنى واحد.
96- فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «والشّمس والقمر» : انتصب على العطف على موضع «الليل» ، لأنه فى موضع نصب.
وقيل: بل على تقدير: «وجعل» .
فأما من قرأ «وجعل الشمس» ، فهو عطف على اللفظ والمعنى.
«حسبانا» : قال الأخفش: معناه: «بحسبان» ، فلما حذف الحرف نصب.
وقيل: إن «حسبانا» : مصدر: حسب الشيء حسبانا والحساب، هو الاسم.
98- وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ «فمستقرّ ومستودع» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف أي: فمنكم مستقر ومنكم مستودع.
ومن فتح القاف، كان تقديره: فلكم مستقر أي: مستقر فى الرحم ومستودع فى الأرض.
وقيل: المستودع: ما كان فى الصلب.
وقيل: «مستقر» ، معناه: فى القبر.
وعلى قراءة من كسر القاف، فممكن هذه المعاني.
99- وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «وجنّات من أعناب» : من نصب «جنات» عطفها على «نبات» ، وقد روى الرفع عن عاصم، على معنى: ولهم جنات، على الابتداء ولا يجوز عطفه على «قنوان» ، لأن «الجنات» لا تكون من النخل.(4/145)
«انظروا إلى ثمره» : من قرأ بفتحين، جعله جمع: ثمرة، كبقرة وبقر، وجمع الجمع على: ثمار، مثل إكام.
ومن قرأه بضمتين جعله أيضا جمع: ثمرة، كخشبة وخشب.
وقيل: هو جمع، كأنه جمع: ثمار، كحمار وحمر وثمر: جمع: ثمار وثمر: جمع، ثمرة.
100- وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ «الجن» : مفعول أول ب «جعل» و «شركاء» : مفعول ثان مقدم واللام فى «لله» متعلقة ب «شركاء» .
وإن شئت جعلت «شركاء» مفعولا أول، و «الجن» بدلا من «شركاء» ، و «الله» فى موضع المفعول الثاني، واللام متعلقة ب «جعل» .
وأجاز الكسائي رفع «الجن» على معنى: هم الجن.
105- وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «وكذلك نصرّف» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: ونصرف الآيات تصريفا مثل ما تلونا عليك.
«وليقولوا درست» : اللام، متعلقة بمحذوف تقديره: «وليقولوا درست صرفنا الآيات ومثله:
«ولنبينه» .
ومعنى «درست» ، فى قراءة من فتح التاء: تعلمت وقرأت ومن أسكنها، فمعناه: انقطعت وانمحت ومن قرأ بالألف، فمعناه: دارست أهل الكتاب ودار سوك.
108- وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ...
«عدوا» : مصدر، وقيل: مفعول من أجله.
109- وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ «أنها» : من فتح «أن» جعلها بمعنى: لعل.(4/146)
وحكى الخليل عن العرب: أتيت السوق أنك تشترى لنا شيئا أي: لعلك؟
و «ما» : استفهام، فى موضع رفع بالابتداء وفى «يشعركم «ضمير» الفاعل يعود على «ما» ، والمعنى:
وأي شىء يدريكم إيمانهم، إذا جاءتهم الآية، لعلها إذا جاءتهم لا يؤمنون؟ ففى الكلام حذف دل عليه ما بعده، والمحذوف هو المفعول الثاني ل «يشعركم» يقال: شعرت بالشيء: دريته.
ولو حملت «أن» على بابها، لكان ذلك عذرا لهم، لكنها بمعنى «لعل» .
وقد قيل: إن «أن» منصوبة ب «يشعركم» ، «لكن» لا «زائدة فى قوله» لا يؤمنون، والتقدير:
وما يشعركم بأن الآية إذا جاءتهم يؤمنون، وهو خطاب للمؤمنين، يعنى أن الذين اقترحوا الآية من الكفار لو أتتهم لم يؤمنوا، ف «أن» هو المفعول الثاني ل «يشعر» ، على هذا القول، ولا حذف فى الكلام.
110- وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «أوّل مرّة» : نصب على الظرف، يعنى: فى الدنيا.
111- وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ «قبلا» : من كسر القاف وفتح الباء، نصبه على الحال، من المفعول، وهو بمعنى: معاينة، أو عيانا أي: يقابلونه.
وكذلك من قرأ بضم القاف والباء، هو نصب على الحال أيضا، بمعنى: مستقبلا، أو بمعنى: قبيل قبيل.
«إلّا أن يشاء الله» أن، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
112- وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ «شياطين الإنس» : نصب من المبدل من «عدوا» ، أو: على أنه مفعول ثان ل «جعل» .
«غرورا» : نصب على أنه مصدر، فى موضع الحال.(4/147)
114- أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «حكما» : نصب على البيان أو على الحال، و «أبتغى» معدى إلى غيره.
«بالحق» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «منزل» ، ولا يجوز أن يكون مفعولا ل «منزل» لأن «منزلا» قد تعدى إلى مفعولين، أحدهما بحرف جر، وهو «من ربك» ، والثاني مضمر فى «منزل» ، وهو الذي قام مقام الفاعل، فهو مفعول لم يسم فاعله يعود على «الكتاب» .
115- وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «صدقا وعدلا» : مصدران.
وإن شئت جعلتهما مصدرين فى موضع الحال، بمعنى: صادقة وعادلة.
117- إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «من يضلّ» : من، رفع بالابتداء، وهى استفهام، و «يضل عن سبيله» : الخبر.
وقيل: «من» فى موضع نصب بفعل دل عليه «أعلم» ، وهو بمعنى: الذي تقديره: وهو أعلم أعلم من يضل ويبعد أن ينصب «من» ب «أعلم» ، لبعده من مضارعة الفعل» ، والمعاني لا تعمل فى المفعولات كما تعمل فى الظروف، ويحسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه، لأنه بلفظ الإخبار عن الغائب، ولا يحسن أن يكون «أفعل» بمعنى: فاعل: إذ لم يحسن أن يكون فعلا، وإنما يكون «أفعل» بمعنى فاعل، إذا حسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه، ولا يحسن تقدير حذف حرف الجر، لأنه من ضرورات الشعر، ولا تحسن فيه الإضافة، لأن «أفعل» لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه، إلا أن يكون بمعنى: فاعل، فتحسن إضافته لما ليس هو بعضه.
119- وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ...
«ألّا تأكلوا» : أن، فى موضع نصب بحذف حرف الجر و «ما» استفهام فى موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها تقديره: وأي شىء لكم فى أن لا تأكلوا مما ذكر اسم عليه.
«إلّا ما اضطررتم إليه» : فى موضع نصب على الاستثناء.(4/148)
122- أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «أو من كان ميتا» : من، بمعنى «الذي» رفع بالابتداء والكاف فى «كمن» : خبره وفى «كان» اسمها، يعود على «من» ، و «ميتا» : خبر «كان» .
«كمن مثله» : مثله، مبتدأ و «فى الظلمات» : خبره والجملة صلة «من» وتقديره: كمن هو فى الظلمات.
«ليس بخارج منها» : فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى الظلمات» .
«كذلك زين» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: تزيينا مثل ذلك أي: زين للكافرين عملهم.
123- وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ «مجرميها» : فى موضع نصب ب «جعلنا» ، مفعول أول، وتجعل «أكابر» مفعولا ثانيا، كما قال تعالى:
(أَمَرْنا مُتْرَفِيها)
17: 16 أي: كثرناهم وكما قال: (وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) 13: 33 أي: نعمناهم.
«ليمكروا فيها» : اللام، لام كى، ومعناها: أنه لما علم الله أنهم يمكرون صار المعنى: أنه إنما زين لهم ليمكروا، إذ قد تقدم فى علمه وقوع ذلك منهم.
125- فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ «ضيّقا» : مفعول ثان ل «جعل» ، و «حرجا» : نعت له.
وإن شئت مفعولا أيضا، على التكرير، كما جاز أن يأتى خبر ثان فأكثر لمبتدأ واحد، وكذلك يجوز مفعولان فأكثر فى موضع مفعول واحد وإنما يكون هذا فيما يدخل على الابتداء والخبر تقول: طعامك حلو حامض فهذه ثلاثة أخبار عن الطعام، معناها: طعامك جمع هذه الطعوم.
فإن أدخلت على المبتدأ فعلا ناصبا لمفعولين، أو «كان» ، أو «أن» ، انتصبت الأخبار كلها، وارتفعت(4/149)
كلها على خبر «أن» ، تقول: ظننت طعامك حلوا حامضا مرا، وكذلك «كان» ، فما كان فى الابتداء جاز فيما يدخل على الابتداء.
وكذلك «جعل» تدخل على الابتداء، كأنه كان قبل دخولها: صدره ضيق حرج ف «ضيق» و «حرج» :
خبر بعد خبر، فلما دخلت نصبت المبتدأ وخبره.
هذا على قراءة من قرأ بكسر الراء، لأنه جعله اسم فاعل كدنف، وفرق ومعنى «حرج» ، كمعنى:
ضيق كدر، لاختلاف لفظه للتأكيد.
فأما من فتح الراء، فهو مصدر وقيل: هو جمع: حرجة، كقصبة وقصب.
«كأنّما يصّعّد فى السّماء» : الجملة فى موضع نصب على الحال، من المضمر المرفوع فى «حرج» ، أو فى «ضيق» .
«كذلك يجعل الله» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: جعلا مثل ذلك يجعل الله.
126- وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ «مستقيما» : نصب على الحال من «صراط» ، وهذا الحال يقال لها: الحال المؤكدة لأن صراط الله لا يكون إلا مستقيما، فلم يؤت بها لتفرق بين حالتين، إذ لا تغيير لصراط الله عن الاستقامة أبدا، وليست هذه الحال كالحال فى قولك: هذا زيد راكبا لأن «زيدا» قد يخلو من الركوب فى وقت آخر إلى ضد الركوب، وصراط الله لا يخلو من الاستقامة أبدا، وهذا هو الفرق بين معنى الحال المؤكدة ومعنى الحال المفرقة بين الأفعال التي تختلف وتتبدل.
128- وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ «يوم» : منصوب بفعل مضمر، معناه. واذكر يا محمد يوم نحشرهم.
وقيل: انتصب ب «قول» مضمر.(4/150)
«جميعا» : نصب على الحال من الهاء والميم، فى «نحشرهم» .
«إلّا ما شاء الله» : ما، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع، فإن جعلت «ما» لمن يعقل، لم يكن منقطعا.
130-امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا ...
«يقصّون» : فى موضع رفع على النعت ل «رسل» ومثله: «وينذرونكم» .
131- ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ.
«ذلك» ، فى موضع رفع، خبر ابتداء محذوف تقديره: والأمر ذلك.
وأجاز الفراء أن يكون «ذلك» فى موضع نصب نعت، على تقدير: فعل الله ذلك و «أن» فى موضع نصب، تقديره: لأن لم يكن، فلما حذف الحرف انتصب.
133- وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ «كما أنشأكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، تقديره: استخلافا مثل ما أنشأكم.
134- إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ «إن ما» : ما، بمعنى: الذي، اسم «إن» . والهاء، محذوفة مع «توعدون» تقديره توعدونه، فحذفت لطول الاسم، و «لآت» : خبر «إن» ، واللام: لام توكيد.
135- قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ إن جعلت «من» استفهاما، كانت فى موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها، والجملة فى موضع نصب ب «تعلمون» .
وإن جعلتها بمعنى: خبر، كانت فى موضع نصب ب «تعلمون» .(4/151)
136- وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ «ساء ما يحكمون» : ما، فى موضع رفع ب «ساء» .
137- وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ ...
من قرأ «زين» بالضم، على ما لم يسم فاعله، رفع «قتل» على أنه مفعول لم يسم فاعله، وأضافه إلى «الأولاد» ، ورفع «الشركاء» حملا على المعنى، كأنه قيل: من زين لهم؟ قال: شركاؤهم وأضيفت «الشركاء» إليهم لأنهم هم استحدثوها وجعلوها شركاء لله، تعالى عن ذلك، فباستحداثهم لها أضيفت إليهم.
ومن قرأ هذه القراءة ونصب «الأولاد» وخفض «الشركاء» ، فهى قراءة بعيدة، وقد رويت عن ابن عامر ومجازها على التفرقة بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وذلك لا يجوز عند النحويين إلا فى الشعر وأكثر ما يأتى فى الظروف.
وروى عن ابن عامر أنه قرأ بضم الزاى من «زين» ، ورفع «قتل» ، وخفض «الأولاد» و «الشركاء» ، وفيه أيضا بعد ومجازه أن يجعل «الشركاء» بدلا من «الأولاد» فيصير «الشركاء» اسما للأولاد، لمشاركتهم لآباءهم فى النسب والميراث والدين.
138- وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ «من نشاء» : من، فى موضع رفع ب «يطعم» .
«افتراء» : مصدر.
139- وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ «ما فى بطون» : رفع بالابتداء، وخبره «خالصة» ، وإنما أنث الخبر لأن ما فى بطون الأنعام أنعام فحمل التأنيث على المعنى ثم قال «ومحرم» فذكر، حمله على لفظ «ما» ، وهذا نادر لا نظير له وإنما يأتى(4/152)
فى «من» و «ما» حمل الكلام على اللفظ أولا، ثم على المعنى بعد ذلك، وهذا أتى اللفظ أولا محمولا إلى المعنى، ثم حمل على اللفظ بعد ذلك وهو قليل.
وقيل: أنث على المبالغة، كرواية وعلامة.
وقد قرأ قتادة «خالصة» ، بالنصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى بطون» ، وخبر «ما» :
«لذكورنا» ، لأن الحال لا يتقدم على العامل، عند سيبويه وغيره، إذا كان لا ينصرف ولو قلت: زيد قائما فى الدار، لم يجز وقد أجازه الأخفش.
ويجوز أن يكون «خالصة» بدلا من «ما» ، بدل الشيء من الشيء وهو بعضه، و «لذكورنا» الخبر.
وقرأ الأعمش «خالص» بغير هاء، رده على لفظ «ما» ، ورفعه، وهو ابتداء ثان، و «لذكورنا» : الخبر، والجملة خبر «ما» .
«وإن يكن ميتة» : من نصب «ميتة» ، وقرأ «يكن» بالياء، رده على لفظ «ما» ، وأضمر فى «يكن» اسمها، و «ميتة» خبرها تقديره: وإن يكن ما فى بطونها ميتة.
ومن نصب «ميتة» ، وقرأ «تكن» بالتاء، أنث على تأنيث الأنعام التي فى البطون تقديره: وإن تكن الأنعام التي فى بطونها ميتة.
ومن رفع «ميتة» جعل «كان» بمعنى: وقع وحدث، تامة لا تحتاج إلى خبر.
وقال الأخفش: يضمر الخبر، تقديره عنده: وإن تكن ميتة فى بطونها.
140- قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ...
«سفها» : مصدر.
وإن شئت مفعولا من أجله.
141- وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ ...
«والنّخل والزّرع» : عطف على «جنات، و «مختلفا» : حال مقدرة أي: سيكون كذلك، لأنها فى أول(4/153)
خروجها من الأرض لا أكل فيها، فتوصف باختلاف الطعوم لكن اختلاف ذلك يكون فيها عند إطعامها، فهى حال مقدرة أي: سيكون الأمر على ذلك، فأنت إذا قلت: رأيت زيدا قائما، فإنما أخبرت أنك رأيته فى هذه الحال، فهى حالة واقعة غير منتظرة فإذا قلت: خلق الله النخل مختلفا أكله، لم تخبر أنه خلق فيه أكل مختلف اللون والطعم، وإنما ذلك شىء ينتظر أن يكون فيه عند إطعامه، فهى حال منتظرة مقدرة، وكذلك إذا قلت:
رأيت زيدا مسافرا غدا، فلم تره فى حال سفره، إنما هو أمر تقدره أن يكون غدا، وهذا هو الفرق بين الحال الواقعة، والحال المقدرة والمنتظرة، والحال المؤكدة التي ذكرت فى قوله «صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً» 6: 126 فهذه ثلاثة أحوال مختلفة المعاني، وفى القرآن منه كثير، ومنه قوله تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) 48: 27 ف «آمنين» : حال مقدرة منتظرة ومثله كثير.
142- وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ «حمولة وفرشا» : نصب على العطف على «جنات» أي: وأنشأ من الأنعام حمولة وهى الكبار المذللة ذات الطاقة على حمل الأثقال، و «فرشا» ، وهى الصغار.
143- ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «ثمانية أزواج» : قال الكسائي: نصب «ثمانية» بإضمار فعل تقديره: أنشأ ثمانية.
وقال الأخفش: هو بدل من «حمولة وفرشا» . الآية: 142 وقال على بن سليمان: هو نصب بفعل مضمر تقديره: كلوا لحم ثمانية أزواج، فحذف الفعل والمضاف، وأقام المضاف إليه، وهو الثمانية، مقام المضاف، وهو لحم.
وقيل: هو منصوب على البدل من «ما» ، فى قوله «كلوا مما رزقكم» الآية: 142، على الموضع.
«آلذكرين» نصب ب «حرم، و «أم الأنثيين» عطف على «آلذكرين» ، و «ما» عطف أيضا عليه فى قوله «أما اشتملت» .(4/154)
145- قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «يطعمه» : قرأ أبو جعفر: بتشديد الطاء وكسر العين وتخفيفها، وأصلها: يتطعمه، على وزن يفتعله، ثم أبدل من الباء طاء، وأدغم فيها الطاء الأولى.
«إلا أن يكون ميتة» : من قرأ «يكون» بالياء، ونصب «ميتة» ، أضمر فى «كان» اسمها تقديره:
إلا أن يكون المأكول ميتة، أو ذلك ميتا.
ومن قرأ «تكون» بالتاء، ونصب «ميتة» . أضمر «المأكول» .
وقرأ أبو جعفر: «إلا أن تكون» بالتاء، بالرفع، جعل «كان» بمعنى: وقع وحدث، و «أن» : فى موضع نصب، على الاستثناء المنقطع.
وكان يلزم أبا جعفر أن يقول: «أو دم» ، بالرفع، وكذلك ما بعده لكنه عطفه على «أن» ولم يعطفه على «ميتة» .
ومن نصب «ميتة» عطف، «أو دما» وما بعده، عليها.
«فإنّه رجس» : اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه، يراد به التأخير بعد «أو فسقا» :
«أو فسقا» ، عطف على «لحم خنزير» وما قبله.
«غير باغ» : نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «اضطر» .
146- ... حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ «أو ما» : ما، فى موضع رفع، عطف على «ظهورهما» ، و «ما» فى قوله «إلا ما حملت» : فى موضع نصب على الاستثناء من «الشحوم» .
«الحوايا» : واحدها: حوية وقيل: حاوية وقيل: حاوياء، مثل: «نافقاء، و «الحوايا» فى موضع رفع، عند الكسائي، على العطف على «الظهور» ، على معنى: وإلا ما حملت الحوايا.
وقال غيره: هى فى موضع نصب، عطف على «ما» ، فى قوله:، إلا ما حملت» .(4/155)
«ذلك جزيناهم» : ذلك، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ التقدير: الأمر ذلك ويجوز أن يكون فى موضع نصب ب «جزيناهم» .
147- فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أصل «ذو» : ذوى، مثل: عصى، ولذلك قال فى التثنية: «ذَواتا أَفْنانٍ» 55: 48 150- قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا.
«هلمّ» ، أصله: ها المم، فألقيت حركة الميم الأولى على اللام، وأدغمت فى الثانية، فلما تحركت اللام استغنى عن ألف الوصل، فاجتمع ساكنان: ألف الهاء ولام الميم لأن حركتها عارضة، فحذفت ألفها لالتقاء الساكنين، فاتصلت الهاء باللام مضمومة، وبعدها ميم مشددة، فصارت: هلم، كما هى فى التلاوة لما تغير معناها واستعملت بمعنى: تعال وبمعنى: ائت.
151- قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «ألّا تشركوا» : أن، فى موضع نصب بدل من «ما» فى قوله «أتل ما» ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع، على تقدير ابتداء محذوف تقديره: هو أن لا تشركوا.
«ذلكم وصّاكم» : ابتداء، وخبره.
153- وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ...
«وأنّ هذا» : أن، فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر أي: لأن هذا.
ومن كسرها جعلها مبتدأة.
ومن فتح وخفف جعلها مخففة من الثقيلة، فى موضع نصب، مثل الأول.
«مستقيما» : حال من «صراطى» ، وهى الحال المؤكدة.
154- ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ ...
«تماما» : مفعول من أجله، أو مصدر.(4/156)
«على الذي أحسن» : من رفع «أحسن» أضمر «هو» مبتدأ، و «أحسن» خبره والجملة صلة «الذي» : ومن فتح جعله فعلا ماضيا، وفيه ضمير يعود على «الذي» تقديره: تماما على المحسن.
وقيل: لا ضمير فى «أحسن» ، والفاعل محذوف. والهاء محذوفة تقديره: تماما على الذي أحسنه الله إلى موسى من الرسالة.
156- أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ «أن تقولوا» : أن، فى موضع نصب مفعول من أجله.
«وإن كنّا عن دراستهم لغافلين» : أن، مخففة من الثقيلة، عند البصريين، واسمها مضمر معها تقديره: وإنه كنا.
وقال الكوفيون: «إن» بمعنى «ما» واللام، بمعنى: إلا تقديره: وما كنا عن دراستهم إلا غافلين.
158- هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها ...
«لا ينفع» : قرأ ابن سيرين بالتاء، على ما يجوز من تأنيث المصدر وتذكيره لأن الإيمان، الذي هو فاعل «ينفع» : مصدر.
وقيل: إنما أنث «الإيمان» لاشتماله على النفس.
160- مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «فله عشر أمثالها» : من أضاف «عشرا» فمعناه: عشر حسنات أمثال حسنة ومن نون «عشرا» ، وهى قراءة الحسن، وابن جبير، والأعمش، قدره: حسنات عشر أمثالها، وهو كله ابتداء، والخبر: «له» ، ويزيد الله فى التضعيف ما يشاء لمن يشاء، والعشر هى أقل الجزاء، والفضل بعد ذلك لمن شاء الله.
161- قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «دينا قيما» : انتصب «دينا» ب «هدانى» مضمرة، دلت عليها «هدانى» الأولى.(4/157)
وقيل: تقديره: عرفنى دينا.
وقيل: هو بدل من «صراط» على الموضع لأن «هدانى إلى الصراط» ، و «هدانى صراطا» ، واحد، فحمله على المعنى فأبدل «دينا» من «صراط» .
ومن قرأ «قيما» مشددا، فأصله: قيوم، على: فيعل، ثم أبدل من الواو ياء، وأدغم الياء فى الياء.
ومن خففه بناه على: فعل وكان أصله أن يأتى بالواو، فيقول: قوما، كما قالوا: عوض، وحول لكنه شذ عن القياس.
«ملة إبراهيم» : بدل من «دينا» .
«حنيفا» : حال من «إبراهيم» . وقيل: نصب على إضمار: «أعنى» .
162- قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «ومحياى» : حق الياء أن تكون مفتوحة، كما كانت الكاف فى «رأيتك» ، والتاء فى «قمت» ، لكن الحركة فى الياء ثقيلة، فمن أسكنها فعلى الاستخفاف، لكنه جمع بين ساكنين، والجمع بين ساكنين جائز، إذا كان الأول حرف مدولين لأن المد الذي فيه يقوم مقام حركة يستراح عليها، فيفصل بين الساكنين.
164- قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ...
«أغير الله» : نصب ب «أبغى» ، وربما نصب على التفسير.
165- وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ...
«درجات» : أي: إلى درجات، فلما حذف الحرف نصب.
- 7- سورة الأعراف
1، 2- المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ «آلمص» : من جعلها فى موضع رفع بالابتداء، كان «كتاب» : خبره.(4/158)
ويجوز أن يضمر الخبر ويرفع «كتاب» على إضمار مبتدأ.
«وذكرى» : فى موضع رفع على العطف على «كتاب» ، وإن شئت: على إضمار مبتدأ.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على المصدر، أو على أن تعطفها على موضع الهاء فى «به» .
وقيل: «ذكرى» فى موضع خفض على «لينذر» لأن معناه: الإنذار، فعطف على المعنى.
3- اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ «قليلا ما تذكّرون» : منصوب بالفعل الذي بعده و «ما» زائدة وتقدير النصب أنه نعت لظرف محذوف أو لمصدر محذوف تقديره: تذكرا قليلا ما تذكرون أو: وقتا قليلا تذكرون. فإن جعلت «ما» والفعل مصدرا لم يحسن أن تنصب «قليلا» بالفعل الذي بعده لأنك تقدم الصلة على الموصول.
4- وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ «وكم من قرية» : كم، فى موضع رفع بالابتداء، لاشتغال الفعل بالضمير، وهو «أهلكنا» ، وما بعدها خبرها وهى خبر.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب بإضمار فعل بعدها تقديره: وكم أهلكنا من قرية أهلكناها فلا يجوز أن يقدر الفعل المضمر قبلها لأنها لا يعمل فيها ما قبلها، لمضارعتها «كم» فى الاستفهام، ولأن لها صدر الكلام، أو هى على تقدير «رب» التي لها صدر الكلام أيضا.
وتقدير الآية: وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا كما قال جل وعز: (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) 16: 98 «تبياتا» : مصدر، فى موضع الحال من «أهل القرية» .
5- فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ «إلا أن قالوا» : أن، فى موضع نصب خبر «كان» ، و «دعواهم» : الاسم.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على اسم «كان» ، و «دعواهم» : الخبر، مقدما.(4/159)
8- وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «الحق» : نعت للوزن، و «الوزن» : مبتدأ، و «يومئذ» : خبره.
وإن شئت جعلت «الحق» خبرا عن «الوزن» ، و «يومئذ» ظرف ماض تنصبه ب «الوزن» .
ويجوز نصب «الحق» على المصدر، و «يومئذ» خبر «الوزن» .
وإن شئت نصبت «يومئذ» على الظرف للوزن، فهو عامل فيه، وإن شئت على المفعول، على السعة.
و «يومئذ» فى صلة المصدر فى الوجهين جميعا.
وإذا جعلت «يومئذ» خبرا عن «الوزن» لم يكن فى الصلة، وانتصب بمحذوف قام «يومئذ» مقامه تقديره: والوزن الحق ثابت يومئذ أو مستقر يومئذ، ونحوه. ويحسن أن يكون «الحق» ، على هذا الوجه، بدلا من المضمر الذي فى الظرف، ولا يحسن تقديمه على الظرف.
وإن جعلت «الحق» نعتا للوزن، والظرف خبرا للوزن، جاز تقديم «الحق» على الظرف، ولا يجوز تقديم «الحق» على «الوزن» فى الوجهين.
فإن جعلت «الحق» خبرا ل «الوزن» جاز تقديمه على «الوزن» ولا يجوز تقديمه على الظرف، لأن الظرف فى صلة «الوزن» ، وليس «الحق» الذي هو خبر «الوزن» فى صلته، فلا تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء.
10- وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ «معايش» : جمع معيشة ووزنه: مفاعل، ووزن «معيشة» : مفعلة وأصلها: معيشة، ثم ألقيت حركة الياء على العين، والميم زائدة، لأنه من «العيش» ، فلا يحسن همزها، لأنها أصلية، كان أصلها فى الواحد الحركة، ولو كانت زائدة أصلها فى الواحد السكون، لهمزتها فى الجمع، نحو: سفائن واحدها: سفينة، على فعيلة، فالياء زائدة وأصلها السكون، وكذلك تهمز فى الجمع إذا كان موضع الياء ألفا، أو واوا، زائدتين، نحو: عجائز، ورسائل لأن الواحد: عجوز، ورساله.
وقد روى خارجة عن نافع: همز «معايش» ، ومجازه أنه شبه الياء الأصلية بالزائدة، فأجراها مجراها، وفيه بعد، وكثير من النحويين لا يجيزه.
«قليلا ما تشكرون» : مثل: «قليلا ما تذكرون» الآية: 3(4/160)
11- وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ «إلا إبليس» : نصب على الاستثناء من غير الجنس وقيل: هو من الجنس.
12- قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ...
«ما» : استفهام، معناها الإنكار، وهى رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها، و «أن» : فى موضع نصب ب «منعك» مفعول بها، و «لا» زائدة والتقدير: أي شىء منعك من السجود ففى «منعك» ضمير الفاعل يعود على «ما» ، و «إذ» : ظرف زمان ماض، والعامل فيها «تسجد» .
16- قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ «صراطك» : أي، على صراطك، بمنزلة: ضرب زيد الظهر والبطن أي: على الظهر والبطن.
18- قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً ...
«مذءوما مدحورا» : نصب على الحال من المضمر فى «اخرج» .
19- وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «فتكونا» : نصب على جواب النهى.
20- فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ «إلا أن تكونا» : أن، فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تكونا، أو: لئلا تكونا. والهاء من «هذه» بدل من ياء، وهى للتأنيث. ومن أجل أنها بدل من ياء انكسر ما قبلها، وبقيت بلفظ الهاء فى الوصل، وليس فى كلام العرب هاء تأنيث قبلها كسرة، ولا هاء تأنيث تبقى بلفظ الهاء فى الوصل غير «هذه» ، وأصلها: هاذى.
21- وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ اللام فى «لكما» متعلقة بمحذوف تقديره: إنى ناصح لكما لمن الناصحين.(4/161)
فإن جعلت الألف واللام فى «الناصحين» للتعريف، وليستا بمعنى «الذين» ، جاز أن تتعلق ب «الناصحين» ، وهو قول المازني.
23- قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ نداء الرب، قد كثر حذف الياء منه فى القرآن، وعلة ذلك فى حذف «يا» من نداء الرب تعالى فيه معنى التعظيم له والتنزيه، وذلك أن النداء فيه طرف من معنى الأمر لأنك إذا قلت: يا زيد، فمعناه: تعال يا زيد، أدعوك يا زيد، فحذفت «يا» من نداء الرب ليزول معنى الأمر وينتفى، لأن «يا» يؤكده ويظهر معناه، فكان فى حذف «يا» : التعظيم والإجلال والتنزيه، فكثر حذفها فى القرآن، والكلام فى نداء «رب» لذلك المعنى.
«وإن لم تغفر لنا» : دخلت «إن» على «لم» ليرد الفعل إلى أصله فى لفظه، وهو الاستقبال لأن «لم» يرد لفظ المستقبل إلى معنى المضي، و «إن لم» يرد الماضي إلى معنى الاستقبال، كما صارت «لم» ، ولفظ المستقبل بعدها بمعنى الماضي، ردتها «إن» إلى الاستقبال لأن «إن» ترد الماضي إلى معنى الاستقبال.
24- قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ «جميعا» : حال من المضمر فى «اهبطا» .
«بعضكم لبعض عدو» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال أيضا وكذلك: «ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين» .
26- يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ «قد أنزلنا عليكم لباسا» : يعنى: ما أنزل من المطر فنبت به الكتان والقطن، ونبت به الكلأ الذي هو سبب ثياب الصوف والوبر والشعر على ظهر البهائم، وهذا المعنى يسمى التدريج لأنه تعالى سمى الشيء باسم ما تدرج عنه.
«ولباس التّقوى» : من نصبه عطفه على «لباس» المنصوب ب «أنزلنا» ، ومن رفعه، فعلى الابتداء بالقطع مما قبله و «ذلك» : نعته، أو بدل منه، أو عطف بيان عليه و «خير» : خيره.(4/162)
ويجوز رفع «لباس» على إضمار مبتدأ تقديره: وستر العورة لباس التقوى أي: المتقين، يريد: لباس أهل التقوى، ثم حذف المضاف.
فأما من نصب «لباس» فإن ذلك يكون إشارة إلى اللباس وإلى كل ما تقدم، وهى مبتدأ، و «خير» : خبر «ذلك» ، إذا نصبت «لباس التقوى» .
ويكون معنى الآية فى الرفع: ولباس التقوى خير لكم عند الله من لباس الثياب التي هى للزينة.
وقد قيل فى «لباس التقوى» ، فى قراءة من رفع: إنه لباس الصوف والخشن ومما يتواضع به لله.
27- يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ «لا يفتننّكم» : معناه: اثبتوا على طاعة الله والرجوع عن معاصيه مثل قوله «فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» 2: 132 3: 102 «ينزع عنهما» : ينزع، فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أخرج» .
«من حيث» : مبنية، وإنما بنيت، لأنها تدل على موضع بعينه، ولأن ما بعدها من تمامها كالصلة من الموصول، وبنيت على حركة، لأن قبل آخرها ساكنا، وكان الضم أولى بحركتها لأنها غاية: فأعطيت غاية الحركات، وهى الضمة لأنها أقصى الحركات.
وقيل: بنيت على الضم لأن أصلها: حوث، فدلت الضمة على الواو.
ويجوز فتحها.
29- قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ «مخلصين» : حال من المضمر المرفوع فى «ادعوه» .
«كما بدأكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: تعودون عودا كما بدأكم.
وقيل: تقديره: تخرجون خروجا مثل ما بدأكم.(4/163)
30- فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ «فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة» : فريقا، نصب ب «هدى» ، «وفريقا» : نصب بإضمار فعل فى معنى ما بعده تقديره: وأضل فريقا.
ونقف على «تعودون» ، على هذا التقدير.
وإن نصبت «فريقا» و «فريقا» على الحال من المضمر فى «تعودون» ، لم تقف على «تعودون» وتقف على «الضلالة» والتقدير: كما بدأكم تعودون فى هذه الحال.
وقد قرأ أبى بن كعب: «تعودون فريقين فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة» ، فهذا يبين أنه نصب على الحال، فلا تقف على «تعودون» ، إذا نصبت على الحال.
32- قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «فى الحياة الدّنيا خالصة» : من رفع «خالصة» ، وهى قراءة نافع وحده، رفع على خبر المبتدأ أي: هى خالصة، ويكون قوله «للذين آمنوا» سببا للخلوص ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «هى» ، والمعنى: هى تخلص للمؤمنين فى يوم القيامة.
ومن نصب «خالصة» نصب على الحال من المضمر فى «الذين» ، والعامل فى الحال: الاستقرار والثبات الذي قام «للذين آمنوا» مقامه فالظروف وحروف الجر تعمل فى الأحوال، إذا كانت أخبارا عن المبتدأ لأن فيها ضميرا يعود على المبتدأ، ولأنها قامت مقام محذوف جار على الفعل، هو العامل فى الحقيقة، وهو الذي فيه الضمير على الحقيقة، ألا ترى أنك إذا قلت: زيد فى الدار، وثوب على زيد فتقديره: زيد مستقر فى الدار، أو ثابت فى الدار، وثوب مستقر، وثابت على زيد، ففى «ثابت» ، و «مستقر» ضمير مرفوع على المبتدأ.
فإذا حذفت «ثابتا» أو «مستقرا» ، وأقمت الظرف مقامه، أو حرف الجر، قام مقامه فى العمل وانتقل الضمير فصار مقدرا متوهما فى الظرف وفى حرف الجر.(4/164)
«واللام» فى «للذين» ، و «فى» فى قولك «فى الدار زيد» ، و «على» من قولك، على زيد ثوب، متعلقات بذلك المحذوف الذي قامت مقامه فالحال هى من ذلك الضمير الذي انتقل إلى حرف الجر. والرافع لذلك الضمير هو الناصب للحال والتقدير: قل هى ثابتة للذين آمنوا فى حال خلوصا لهم يوم القيامة.
وقد قال الأخفش: إن قوله «فى الحياة الدنيا» متعلق بقوله «أخرج لعباده» ، ف «أخرج» هو العامل فى الظرف الذي هو «فى الحياة الدنيا» .
وقيل: قوله: «فى الحياة الدنيا» متعلق ب «حرم» ، فهو العامل فيه فالمعنى، على قول الأخفش: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده فى الحياة الدنيا وعلى قول غيره: قل من حرم فى الحياة الدنيا زينة الله التي أخرج لعباده.
ولا يحسن أن يتعلق الظرف ب «زينة» لأنه قد نعت، ولا يعمل المصدر، ولا اسم الفاعل، إذا نعت، لأنه يخرج عن شبه الفعل، ولأنه يقع فيه تفريق بين الصلة والموصول وذلك أن معمول المصدر فى صفته ونعته ليس فى صلته، فإذا قدمت النعت على المعمول قدمت ما ليس فى الصلة على ما هو فى الصلة.
وفى قول الأخفش تفريق بين الصلة والموصول لأنه إذا علق الظرف ب «أخرج» صار فى صلة «التي» ، وقد فرق بينه وبين تمام الموصول، و «فى الحياة الدنيا» من تمام الموصول، فقد فرق بين بعض الاسم وبعض، بقوله «والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا» .
ويجوز أن يكون «فى الحياة الدنيا» متعلقا ب «الطيبات من الرزق» ، فيكون التقدير: ومن حرم الطيبات من الرزق فى الحياة الدنيا.
ولا يحسن تعلق «فى الحياة» ب «الرزق» لأنك قد فرقت بينهما بقوله: «قل هى للذين آمنوا» .
ويجوز أن يكون تعلق الظرف ب «آمنوا» .
33- قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ «ما ظهر» : ما، فى موضع نصب، على البدل من «الفواحش» .
«وأن تشركوا، وأن تقولوا» : وأن، فيهما، فى موضع نصب، عطف على «الفواحش» .(4/165)
35- يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «أما» : حرف للشرط، ودخلت النون المشددة لتأكيد الشرط لأنه غير واجب، وبنى للفعل مع النون على الفتح.
38- قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً ...
«كلّما» : نصب ب «لعنت» ، وفيها معنى الشرط.
«ادّاركوا» : أصلها: «تداركوا» ، على «تفاعلوا» ، ثم أدغمت التاء فى الدال، فسكن أول المدغم فاحتيج إلى ألف الوصل فى الابتداء بها، فثبتت الألف فى الخط.
«جميعا» : نصب على الحال من الضمير فى «اداركوا» .
41- لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ «ومن فوقهم غواش» : غواش، مبتدأ، والمجرور خبرها. وأصلها ألا تنصرف، لأنها على فواعل جمع: غاشية، إلا أن التنوين دخلها عوض من الياء وقيل: عوض من ذهاب حركة الياء، وهو أصلح، فلما التقى الساكنان: الياء ساكنة والتنوين ساكن، حذفت لالتقاء الساكنين، فصار التنوين تابعا للكسرة التي كانت قبل الياء المحذوفة.
وقيل: بل حذفت الياء حذفا، فلما نقص البناء عن «فواعلة» دخله التنوين.
43- وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «تجرى» : فى موضع نصب على الحال، من الهاء والميم فى «صدورهم» .
«لولا أن هدانا الله» : أن، فى موضع نصب، رفع بالابتداء، والخبر محذوف أي: لولا هداية الله لنا مذخورة، أو حاضرة، لهلكنا ولشقينا واللام وما بعدها جواب «لولا» .(4/166)
«أن تلكم الجنة» : أن، مخففة من الثقيلة، وهى فى موضع نصب على حذف حرف الجر أي: بأن تلكم.
وقيل: هى تفسير بمعنى: «أي» ، لا موضع لها من الإعراب.
«أورثتموها» : فى موضع نصب على الحال من «تلكم» ، أعنى: من الكاف والميم والكاف والميم فى «تلكم» للخطاب، لا موضع لها من الإعراب.
44- وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ «أن قد وجدنا» : أن، فى موضع نصب ب «نادى» على تقدير حذف حرف الجر.
«أن لعنة الله» : من فتح «أن» ، أو شددها، فموضعها نصب ب «أذن» ، أو ب «مؤذن» ، على تقدير حذف حرف الجر أي: بأن وثم «هاء» مضمرة، إذا خفّفت.
ويجوز أن يكون فى حال التخفيف بمعنى: «أي» التي للتفسير، فلا موضع لها من الإعراب.
وقد قرأ الأعمش بالتشديد والكسر على إضمار القول أي: فقال: إن لعنة الله و «بينهم» : ظرف، والعامل فيه «مؤذن» ، أو «أذن» .
فإن جعلت «بينهم» نعتا ل «مؤذن» جاز، ولكن لا تعمل فى «أن» : «مؤذن» . إذ قد نعته.
«يعرفون كلّا» : فى موضع رفع، نعت ل «رجال» .
46- وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ «لم يدخلوها وهم يطمعون» : إن حملت المعنى على أنهم دخلوا، كان «وهم يطمعون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «يدخلوها» ، معناه: أنهم يئسوا من الدخول فلم يكن لهم طمع فى الدخول، لكن دخلوا وهم على يأس من ذلك أي: لم يدخلوها فى حال طمع منهم بالدخول، بل دخلوا وهم على يأس من الدخول.
وإن جعلت معناه أنهم لم يدخلوا بعد، ولكنهم يطمعون فى الدخول، لم يكن للجملة موضع من الإعراب، وتقديره: لم يدخلوها ولكنهم يطمعون فى الدخول برحمة الله.
وقد روى ذلك فى التفسير عن الصحابة والتابعين.
وقيل: إن «طمع» هاهنا، بمعنى: علم، أي: وهم يعلمون أنهم سيدخلون.(4/167)
47- وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «تلقاء» : نصب على الظرف، وجمع «تلقاء» : تلاقى.
51- ... فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ «وما كانوا بآياتنا» : ما، فى موضع خفض، عطف على «ما» الأولى.
52- وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «هدى ورحمة» : حالان من الهاء فى «فصلناه» تقديره: هاديا وذا رحمة.
وأجاز الفراء والكسائي: هدى ورحمة، بالخفض، يجعلانه بدلا من «علم» و «هدى» ، فى موضع خفض أيضا، على هذا المعنى.
ويجوز «رحمة» ، بالرفع، على تقدير: هو هدى ورحمة.
53- هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ «يوم» : منصوب ب «يقول» .
«أو نرد» : مرفوع، عطف على الاستفهام، على معنى: أو هل نرد، لأن معنى «هل لنا من شفعاء» :
هل يشفع لنا أحد وهل نرد، فعطفه على المعنى.
«فنعمل» : نصب لأنه جواب التمني بالفاء، فهو على إضمار «أن» ، حملا على مصدر ما قبله، فالفاء.
فى المعنى يعطف مصدرا على مصدر.
54- إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «حثيثا» : نعت لمصدر محذوف تقديره: طلبا حثيثا.
ويجوز أن يكون نصبا على الحال أي: حاثا.(4/168)
«والشّمس والقمر» : عطف على «السموات» ، ومن رفع، فعلى الابتداء، و «مسخرات» : الخبر، وكذلك من رفع «النجوم» فى سورة النحل: 12، رفع على القطع والابتداء، و «مسخرات» الخبر.
55- ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ «تضرّعا وخفية» : نصب على المصدر: أو على الحال، على معنى: ذوى تضرع.
56- وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ «إنّ رحمة الله قريب» : ذكّر «قريبا» لأن الرحم والرحمة سواء، فحمله على المعنى.
وقال الفراء: إنما أتى «قريب» بغير «هاء» ، لتفرق بين «قريب» من النسب، وقريب، من القرب وقال أبو عبيد: ذكّر «قريب» ، على تذكير المكان، أي: مكانا قريبا.
وقال الأخفش: الرحمة، هنا: المطر، فذكر على المعنى وقال: إنما ذكر على النسب أي: ذا قرب.
وقيل: إن القريب والبعيد، يصلحان للواحد والجماعة والمذكر والمؤنث، كما قال: (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) 33: 63، و (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) 11: 82 أو للفرق بين النسب والمسافة، يقال: هذه قريبة فى النسب، وقريب منه فى المسافة.
57- وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ...
«بشرا» : من قرأ بالنون، وفتح النون، جعله مصدرا فى موضع الحال ومن ضم النون والشين جعله جمع «نشور» ، الذي يراد به فاعل كظهور: بمعنى ظاهر كأن الريح ناشرة للأرض أي: محيية لها، أو تأتى بالمطر.
ويجوز أن يكون جمع «نشور» بمعنى: مفعول، كركوب وحلوب، كأن الله أحياها لتأتى بالمطر.
وقيل: هو جمع «ناشر» ، كقاتل وقتل.
وكذلك القول فى قراءة من ضم النون وأسكن الشين تخفيفا.
وقد قيل: إن من فتح النون وأسكن الشين، فعلى أنه مصدر بمنزلة: «كتاب الله» أعمل فيه معنى الكلام.(4/169)
فأما من قرأ بالباء مضمومة، فهو جمع: بشير جمعه على بشر ثم أسكن الشين تخفيفا، جمع «فعيلا» على: فعل، كما جمع «فاعل» على: فعل، ونصبه على الحال أيضا.
58- وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ «إلا نكدا» : حال من المضمر فى «يخرج» ، ويجوز نصبه على المصدر، على معنى: ذى نكد، وكذلك هو مصدر. على قراءة أبى جعفر، بفتح الكاف.
وقرأ طلحة بإسكان الكاف، تخفيفا كما يخفف «كتفا» .
59- لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ من رفع «غير» جعله نعتا ل «إله» ، على الموضع، أو جعل «غير» بمعنى «إلا» ، فأعربها بمثل إعراب ما يقع بعد «إلا» فى هذا الموضع، وهذا الرفع على البدل من «إله» على الموضع كما قال تعالى: (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ) 3: 62، فرفع على البدل من موضع «إله» ، وكذلك: (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) 37: 35، «إلا الله» ، بدل من «إله» على الموضع.
و «لكم» : الخبر، عن «إله» .
ويجوز أن يضمر الخبر تقديره: ما لكم من إله غيره فى الوجود، أو فى العالم، ونحوه. والخفض فى «غير» على النعت على اللفظ، ولا يجوز على البدل على اللفظ، كما لا يجوز دخول «من» ، لو حذفت البدل منه، لأنها لا تدخل فى الإيجاب.
80- وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ «ولوطا» : تقديره: أي وأرسلنا لوطا.
وإن شئت نصبته على معنى: واذكر لوطا.
89- قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا ...
«إلّا أن يشاء الله» : أن، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.(4/170)
وقيل: تقديره: إلا مشيئة الله.
100- أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ...
«أن لو نشاء» : أن، فى موضع رفع فاعل «يهد» .
وقرأ مجاهد: «نهد» ، بالنون، ف «أن» على قراءته فى موضع نصب ب «نهد» .
102- وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ «وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين» : إن، عند سيبويه: مخففة من الثقيلة، ولزمت اللام فى خبرها، عوضا من التشديد.
وقيل: لزمت اللام لتفرق بين «إن» المخففة من الثقيلة وبين «إن» ، إذا كانت بمعنى «ما» .
وقال الكوفيون: إن بمعنى: ما، واللام، بمعنى: إلا تقديره: وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين.
105- حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ «أن» : فى موضع نصب على حذف حرف الجر تقديره: بأن لا أو فى موضع رفع بالابتداء، وما قبله خبره.
110- يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ «ما» : استفهام، فى موضع رفع بالابتداء، و «ذا» بمعنى: الذي، وهو خبر الابتداء، وثم «هاء» محذوفة من الصلة تقديره: فأى شىء الذي تأمرون به.
ويجوز أن يجعل «ما» و «ذا» اسما واحدا، فى موضع نصب ب «تأمرون» ، ولا يضمر محذوفا.
115- قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ «أن» : فى موضع نصب فيهما، عند الكوفيين، كأنه قال: إما أن تفعلوا الإلقاء كما قال:
قالوا الركوب فقلنا تلك عادتنا
فنصب «الركوب» .
وأجاز بعض النحويين أن تكون «أن» فى موضع رفع، على معنى: إما هو الإلقاء.
117- وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ «أن» : فى موضع نصب أي: بأن ألق.(4/171)
ويجوز أن يكون تفسيرا بمعنى: أي، فلا يكون لها موضع من الإعراب.
«فإذا هى تلقف» : إذا، للمفاجأة، بمنزلة قولك: خرجت فإذا زيد قائم.
ويجوز نصب «قائم» على الحال، ف «إذا» خبر الابتداء، و «إذا» التي للمفاجأة، عند المبرد، ظرف مكان، فلذلك جاز أن يكون خبرا عن الجثث.
وقال غيره: هى ظرف زمان على حالها فى سائر الكلام، ولكن إذا قلت: خرجت فإذا زيد تقديره:
فإذا حدوث زيد، أو وجود زيد، أو نحوه من المصادر، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كما تقول:
الليلة الهلال، ثم حذف على ذلك التقدير. وظروف الزمان تكون خبرا عن المصادر. ومثله، «فإذا هى بيضاء للناظرين» الآية: 108 132- وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ «مهما» : حرف للشرط وأصله: ماما «ما» الأولى للشرط، والثانية تأكيدا، فاستثقل حرفان بلفظ واحد، فأبدلوا من ألف «ما» الأولى هاء.
وقيل هى: «مه» التي للزجر، دخلت على «ما» التي للشرط، وجعلتا كلمة واحدة.
وحكى ابن الأنبارى: مهمن يكرمنى أكرمه، وقال: الأصل: من من يكرمنى، «من» الثانية تأكيد بمنزلة «ما» ، وأبدل من نون «من» الأولى هاء، كما أبدلوا من ألف «ما» الأولى فى «مهما» هاء، وذلك لمؤاخاة «ما» : «من» فى أشياء، وإن افترقا فى شىء واحد، فكره اجتماع لفظ «من» مرتين، كما كره ذلك فى «ما» .
133- فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ «الطّوفان» : جمع: طوفانة وقيل: مصدر، كالنقصان.
«الجراد» : واحدته: جرادة، تقع للذكر والأنثى، ولا تفرق بينهما إلا أن تقول: رأيت جرادة، ذكرا أو أنثى.
«آيات مفصّلات» : نصب على الحال مما قبله.(4/172)
135- فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ «هم بالغوه» : ابتداء وخبر، فى موضع النعت ل «أجل» .
137- وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ «التي باركنا فيها» : التي، فى موضع نصب على النعت للمشارق والمغارب و «مشارق» : مفعول ثان ل «أورثنا» .
ويجوز أن يكون «التي» فى موضع خفض على النعت ل «الأرض» .
ويجوز أن تكون «التي» نعتا لمفعول ثان ل «أورثنا» تقديره: وأورثنا الأرض التي باركنا فيها القوم الذين كانوا ويكون «مشارق» و «مغارب» ظرفين ل «الاستضعاف» .
وفيه بعد، فهو لا يجوز إلا على حذف حرف الجر.
والهاء فى «فيها» تعود على المشارق والمغارب، أو على «الأرض» ، أو على «التي» إذا جعلتها نعتا للأرض المحذوفة.
«ودمرنا ما كان يصنع فرعون» : فى «كان» اسمها يعود على «ما» ، والجملة خبر «ما» ، والهاء محذوفة من «يصنع» يعود على اسم «كان» ، وهو ضمير «ما» .
وقيل: «كان» ، زائدة.
وأجاز بعض البصريين أن يكون «فرعون» اسم كان، يراد به التقديم، و «يصنع» الخبر، وهو بعيد وكذلك قيل فى قوله (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) 72: 4، إن «سفيهنا» : اسم «كان» .
وأكثر البصريين لا يجيزه لأن الفعل الثاني أولى يرفع الاسم الذي بعده من الفعل الأول، ويلزم من أجاز هذا أن يجير: يقوم زيد، على الابتداء والخبر، والتقديم ولم يجزه أحد.
138- وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ ...
«أصنام لهم» : لهم، فى موضع خفض، نعت ل «أصنام» .(4/173)
140- قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ «أبغيكم إلها» : الهاء، نصب على البيان، لأن «أبغيكم» قد تعدى إلى مفعولين: «غير» ، و «الكاف والميم» .
141- وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ «يسومونكم» : فى موضع نصب على الحال من «آل فرعون» .
«يقتّلون» : بدل من «يسومونكم» ، أو حال من المضمر المرفوع فى «يسومونكم» .
142- وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...
«ثلاثين ليلة» : تقديره: تمام ثلاثين ليلة، أو انقضاء ثلاثين ولا يحسن نصب «ثلاثين» على الظرف للوعد لأن الوعد لم يكن فيها، فهى مفعول ثان ل «واعد» ، على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.
«فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة» : أعاد ذكر «الأربعين» : للتأكيد وقال: ليعلم أن «العشر» ليال، وليست بساعات وقيل: ليعلم أن «الثلاثين» تمت لغير «العشر» ، إذ يحتمل أن يكون «الثلاثين» إنما تمت ب «العشر» ، فأعاد ذكر «الأربعين» ليعلم أن «العشر» غير «الثلاثين» وانتصب «الأربعين» على موضع الحال كله قال: فتم ميقات ربه معدودا، أو معدودا هذا القدر.
143- وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ...
«دكا» : من مده فعلى تقدير حذف مضاف أي: مثل أرض دكاء والأرض الدكاء، هى المستوية.
وقيل: مثل ناقة دكاء، وهى التي لا سنام لها مستوية الظهر فمعناه: جعله مستويا بالأرض لا ارتفاع له على الأرض، ولم ينصرف لأنه مثل «حمراء» فيه ألف التأنيث، وهو صفة، وذلك علتان.
ومن نونه لم يمده، جعله مصدر: «دكت الأرض دكا» أي: جعلها مستوية.(4/174)
وقال الأخفش: هو مفعول، وفيه حذف مضاف أيضا لأن الفعل الذي قبله، وهو «جعله» ، ليس من لفظه وتقديره: جعله ذا دك أي: ذا استواء.
«صعقا» : حال من «موسى» .
145- وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ «فخذها» : أصله: فأخذها، وأصل «خذ» : اؤخذ، لكن لم يستعمل الأصل وحذف تخفيفا لاجتماع الضمات والواو وحرف الحلق وقد قالوا: أؤمر، وأؤخذ، فاستعمل على الأصل ومنه قوله: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) 20: 132، ولو استعملت على التخفيف، لقال: ومر أهلك، وهو جائز فى الكلام.
148- وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً ...
«من حليّهم» : أصله: حلويهم، جمع حلى، فعل على فعول، مثل: كعب وكعوب، ثم أدغمت الواو فى الياء بعد كسر ما قبلها، وهو اللام، ليصح سكون الياء، وبقيت الحاء على ضمتها، ومن كسرها أتبعها كسرة اللام.
150- وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «ابن أمّ» : من فتح الميم جعل الاسمين اسما واحدا، كخمسة عشر.
وقيل: الأصل: ابن أما، ثم حذفت الألف وذلك بعيد، لأن الألف عوضا من ياء، وحذف الياء إنما يكون فى النداء، وليس «أم» بمنادى.
ومن كسر الميم أضاف «ابنا» إلى «أم» ، وفتحة «ابن» فتحة الإعراب لأنه منادى مضاف.
154- وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ «وفى نسختها هدى» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «الألواح» .(4/175)
155- وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا ...
«واختار موسى قومه سبعين» : «قومه» ، و «سبعين» مفعولان ل «اختار» ، و «قومه» انتصب على تقدير حذف حرف الجر أي: من قومه.
160- وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً ...
«اثنتي عشرة أسباطا أمما» : أنث، على تقدير حذف «أمة» تقديره: اثنتي عشرة أمة و «أسباط» بدل من «اثنتي عشرة» ، و «أمم» نعت ل «أسباط» .
163- وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً ...
«إذ يعدون» : العامل فى «إذ» : «رسل» وتقديره: سلهم عن وقت عدوهم فى السبت.
«شرّعا» : نصب على الحال من «الحيتان» وأفصح اللغات نصب الظرف مع السبت والجمعة فتقول:
اليوم السبت، واليوم الجمعة، فينصب اليوم على الظرف، ويرفع مع سائر الأيام فيقول: اليوم الأحد، واليوم الأربعاء لأنه لا معنى فعل فيها، والابتداء هو الخبر، فترفعهما.
164- وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ من نصب «معذرة» فعلى المصدر، ومن رفعه فعلى خبر الابتداء واختار سيبويه الرفع، لأنهم لم يريدوا أن يعتذروا من أمر لزمهم اللوم عليه، ولكن قيل لهم: لم تعظون؟ فقالوا: موعظتنا معذرة.
165- فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ من قرأ «بيس» بالياء من غير همز، فأصله: بئس، على وزن «فعل» ، ثم أسكن الهمزة التي هى حرف الحلق، إذ كان عينا، بعد أن كسر الياء لكسرة الهمزة على الإتباع، ثم أبدل من الهمزة ياء.
وقيل: إنه فعل ماض، منقول إلى التسمية، ثم وصف به، مثل ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه(4/176)
قال: إن الله ينهى عن قيل وقال فأصل الياء همزة، وأصله «بئس» ، مثل: علم، ثم كسرت الياء للاتباع، ثم سكن على لغة من قال فى «علم» : علم، ثم أبدل من الهمزة ياء.
فأما من قرأ بالهمزة على «فعيل» فإنه جعله مصدر «بئس» ، حكى أبو زيد، بئس يبأس بئيسا والتقدير على هذا: بعذاب بئيس أي: ذى بؤس.
فأما من قرأه على «فيعل» ، فإنه جعله صفة للعذاب، فهو بناء ملحق ب «جعفر» .
وقد روى عن عاصم، كسر الهمزة على «فيعل» ، وهو بعيد لأن هذا البناء يكون فى المعتل العين، كسيد، وميت.
170- وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ «إنا لا نضيع أجر المصلحين» : تقديره: منهم، ليعود على المبتدأ من خبره عائد، وهو «الذين يمسكون» .
171- وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ...
«كأنه ظلة» : الجملة فى موضع نصب على الحال.
وقيل: الجملة فى موضع رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره: هو كأنه ظلة.
و «إذ» : فى موضع نصب ب «اذكر» مضمرة، ومثله: «وإذ أخذ ربك» الآية: 173 173- وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ «من ظهورهم» : بدل من «بنى آدم» ، بإعادة الخافض، وهو بدل بعض من كل.
«أن تقولوا» : أن، فى موضع نصب، مفعول من أجله.
177- ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ فى «ساء» : ضمير فاعل، و «مثلا» : تفسير، و «القوم» : رفع بالابتداء، وما قبلهم خبرهم، ورفع على إضمار مبتدأ تقديره: ساء المثل مثلا هم القوم الذين مثل: نعم رجلا زيد.(4/177)
وقال الأخفش: تقديره: ساء مثلا مثل القوم.
186- مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «ويذرهم» : من رفعه قطعه مما قبله ومن جزمه عطفه على موضع الفاء فى قوله «فلا هادى له» ، لأنها فى موضع جزم، إذ هو جواب الشرط.
187- يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ...
«أيان مرساها» : مرسى، فى موضع رفع على الابتداء و «أيان» خبر الابتداء، وهو ظرف مبنى على الفتح وإنما بنى لأن فيه معنى الاستفهام.
«إلا بغتة» : نصب على أنها مصدر فى موضع الحال.
188- قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ ...
«إلا ما شاء الله» : ما فى موضع نصب، على الاستثناء المنقطع.
189- هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ «آتيتنا صالحا» : صالحا، نعت لمصدر محذوف، تقديره: إتيانا صالحا.
190- فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ «شركاء» أي: ذا شرك أو ذوى شرك، فهو راجع إلى قراءة من قرأ «شركاء» ، جمع شريك، ولو لم يقدر الحذف فيه لم يكن ذما لهما لأنه يصير المعنى: أنهما جعلا لله نصيبا فيما أتاهما من مال وزرع وغيره، وهذا مدح فإن لم يقدر حذف مضاف فى آخر الكلام قدرته فى أول الكلام، لا بد من أحد هذين الوجهين فى قراءة من قرأ «شركاء» ، فإن لم يقدر حذفا انقلب المعنى وصار الذم مدحا.
194- إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ(4/178)
قراءة ابن جبير، بنصب «عباد» ، و «أمثالكم» ، وتخفيف «إن» يجعلها بمعنى «ما» ، فنصب على خبر «ما» .
وسيبويه يختار فى «أن» المخففة التي بمعنى «ما» رفع الخبر، لأنها أضعف من «ما» .
والمبرد يجريها مجرى «ما» .
201- إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ «طائف» : من قرأه «طيف» ، على «فعل» . جعله مصدر: طاف يطيف.
وقيل: هو مخفف من «طيّف» ، كميت 205- وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ «تضرعا» : مصدر وقيل: هو فى موضع الحال.
«الآصال» : جمع: أصل وأصل: جمع أصيل.
وقيل: الآصال: جمع أصيل، وهو العشى وقرىء بكسر الهمزة، جعل مصدر «أصلنا» أي: دخلنا فى العشى.
- 8- سورة الأنفال
1- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «ذات بينكم» : أصل «ذات» ، عند البصريين: ذوات، فقلبت الواو ألفا، وحذفت لسكونها وسكون الألف بعدها، فبقى: ذات، ودل على ذلك قوله تعالى: (ذَواتا أَفْنانٍ) 55: 48، فرجعت الواو إلى أصلها.
وكل العلماء والقراء وقف على «ذات» بالتاء، إلا أبا حاتم، فإنه أجاز الوقف عليها بالهاء.
وقال قطرب: الوقف على «ذات» بالهاء حيث وقعت لأنها هاء تأنيث.(4/179)
2- إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «وجلت قلوبهم» : مستقبل «وجل» : يوجل ومن العرب من يقول: ييجل، فيقلب من الواو ياء، ومنهم من يكسر الياء الأولى، ومنهم من يفتح الياء الأولى ويبدل من الثانية ألفا، كما قالوا: رأيت الزيدان، فأبدلوا من الياء ألفا، فتقول: يا جل.
5- كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ الكاف فى «كما» : فى موضع نصب، نعت لمصدر «يجادلونك» أي: جدالا كما.
وقيل: وهو نعت لمصدر دل عليه معنى الكلام تقديره: قل الأنفال ثابتة لله وللرسول ثبوتا كما أخرجك.
وقيل: هى نعت ل «حق» أي: هم المؤمنون حقا كما.
وقيل: الكاف، بمعنى الواو للقسم أي: وإن الأنفال لله والرسول والذي أخرجك.
وقيل: الكاف، فى موضع رفع التقدير: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق بقوة الله، فهو ابتداء وخبره.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع، نعتا ل «رزق» الآية: 4، فيكون نعتا بعد نعت أي: رزق يماثل الإخراج.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع خبر مبتدأ محذوف أي: ذلك.
كما يجوز أن يكون فى موضع نصب متعلق بفعل أمر أي: امض كما أخرجك، كما تقول: افعل كما أمرك.
واخرج كما أخرجك وإلى هذا أشار قطرب.
ويجوز أن يكون أمر صلى الله عليه وسلم بإمضاء قسمة أمر الغنائم على كره من السائلين المساكين، كما أمر بإمضاء الخروج للقتال على كره من مفارقة بيوتهم، وإلى هذا المعنى أشار الفراء، فتكون الكاف فى موضع نصب على الحال أي: كرها كما أخرجت على كره من فريق.
وأما القسم، الذي ذكر، فهو قول أبى عبيدة لأن الناس يقولون: كما تصدقت على بالعافية لأتوبن، لأفعلن، ونحوه، فخرج القسم، وهو غريب.
فهذه تسعة أوجه.(4/180)
7- وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ ...
«وإذ يعدكم الله» : فى موضع نصب بفعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ يعدكم.
«أنّها لكم» : أن، بدل من إحدى، وهو بدل الاشتمال و «إحدى» ، مفعول ثان ل «يعد» ، وتقديره: وإذ يعدكم الله ملك إحدى الطائفتين وإنما قدرت حذف مضاف لأن الوعد لا يقع على الأعيان، وإنما يقع على الأحداث.
9- إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ روى عن عاصم أنه قرأ: آلف، جعله جمع «ألف» ، جمع فعلا، على أفعل، كفلس، وأفلس. وتصديق هذه القراءة قوله «بِخَمْسَةِ آلافٍ» 3: 125، فآلاف جمع «ألف» ، لما دون العشرة، فهى واقعة على خمسة آلاف المذكورة فى آل عمران.
«مردفين» : من فتح الدال جعله حالا من الكاف والميم فى «ممدكم» ، أو نعت ل «ألف» تقديره:
متبعين بألف والهاء فى «جعله» تعود على «الألف» لأنه مذكر.
وقيل: تعود على «الإرداف» ودل عليه قوله «مردفين» .
وقيل: تعود على الإمداد، ودل عليه قوله «ممدكم» .
وقيل: تعود على قبول الدعاء ودل عليه قوله «فاستجاب لكم» .
وكذلك الهاء فى «به» يحتمل الوجوه كلها، ويحتمل أن يعود على «البشرى» لأنها بمعنى الاستبشار.
ومن كسر الدال فى «مردفين» جعله صفة ل «ألف» معناه: أردفوا بعدد آخر خلفهم، والمفعول محذوف، وهو «عدد» .
وقيل: معنى الصفة أنهم جاءوا بعد اليأس أردفوهم بعد استعانتهم.
حكى أبو عبيد: ردفنى، وأردفنى، بمعنى: تبعني، وأكثر النحويين على أن «أردفه» : حمله خلفه، و «ردفه» : تبعه، وحكاه النحاس عن أبى عبيد أيضا، فلا يحسن على هذا أن يكون صفة للملائكة، إذ لا يعلم من صفتهم أنهم حملوا خلفهم أحدا من الناس.(4/181)
11- إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ...
«أمنة» : مفعول من أجله.
12- إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ «فوق الأعناق» أي: الرءوس، و «فوق» ، عند الأخفش: زائدة، والمعنى: اضربوا الأعناق قال المبرد: «فوق» : يدل على إباحة ضرب وجوههم لأنها فوق الأعناق.
«كلّ بنان» : يعنى: الأصابع وغيرها من الأعضاء.
13-لِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
«ذلك بأنّهم» : ذلك، فى موضع رفع على الابتداء أو على أنه خبر ابتداء تقديره: الأمر ذلك أو: ذلك الأمر.
«ومن يشاقق الله» : من، شرط فى موضع رفع بالابتداء، والخبر: «فإن الله شديد العقاب» .
14- ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ «أن» : فى موضع رفع، عطف على «ذلكم» ، و «ذلكم» فى موضع رفع، مثل «ذلك» المتقدم، الآية: 13 وقال الفراء: «وأن للكافرين» : فى موضع نصب، على تقدير حذف حرف الجر، أي: وبأن للكافرين.
ويجوز أن يضمر: واعلم أن.
والهاء فى «فذوقوه» ترجع إلى «ذلكم» ، وذلكم: إشارة إلى القتل يوم بدر.
15- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ «زحفا» : مصدر، فى موضع الحال.
16- وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «متحرّفا، أو متحيزا» : نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «يولهم» .(4/182)
17- فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «منه بلاء» : الهاء فى «منه» : تعود على الظفر بالمشركين.
وقيل: على الرمي.
18- ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ «وأنّ الله» : أن، فى موضع نصب، على تقدير: ولأن الله.
ويجوز الكسر على الاستئناف.
20- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ «وأنتم تسمعون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «تولوا» ، ومثله: «وهم معرضون» الآية: 23 27- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ «وتخونوا» : جزم على العطف على «لا تخونوا» .
وإن شئت كان نصبا على جواب النهى بالواو.
32- وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ «هو» : فاصلة، تؤذن أن الخبر معرفة، أو قارب المعرفة.
وقيل: دخلت لتؤذن أن «كان» ليست بمعنى: وقع وحدث وأن الخبر منتظر.
وقيل: دخلت لتؤذن أن ما بعدها خبر، وليس بنعت لما قبلها.
وقال: الأخفش: «هو» : زائدة، كما زيدت «ما» .
وقال الكوفيون: «هو» : عماد.
34- وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...
«لا يعذّبهم» : «أن» ، فى موضع نصب تقديره: من أن لا يعذبهم.(4/183)
وذكر الأخفش أن «أن» زائدة، وهو قد نصب بها، وليس هذا حكم الزائد.
«وهم يصدّون» ، ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر المنصوب فى «يعذبهم الله» .
35- وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً ...
«المكاء» : الصفير، وهو مصدر كالدعاء، والهمزة بدل من واو، لقولهم: مكا يمكو، إذا نفخ.
وقرأ الأعمش «وما كان صلاتهم» بالنصب، و «إلا مكاء وتصدية» ، بالرفع، وهذا لا يجوز إلا فى شعر عند ضرورة، لأن اسم «كان» هو المعرفة وخبرها هو النكرة، فى أصول الكلام والنظر والمعنى.
«وتصدية» : من صد يصد، إذا ضج، وأصله: تصدد، فأبدلوا من إحدى الدالين ياء، ومعناه:
ضجا بالتصفيق.
وقيل: هو من: صد يصد، إذا منع.
وقيل: هو من «الصدى» : المعارض لصوتك من جبل أو هواء فكان المصفق يعارض بتصفيقه من يريد فى صلاته، فالياء أصلية على هذا.
41- وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ...
«أنّما غنمتم» : ما، بمعنى، الذين، والهاء، محذوفة من الصلة تقديره: غنمتموه والخبر «فأن لله خمسه» . وعلة فتح «أن» فى هذا أنها خبر ابتداء محذوف تقديره: فحكمه أن لله خمسه.
وقيل: «أن» : مؤكد للأولى، وهذا لا يجوز، لأن «أن» الأولى تبقى بغير خبر، ولأن الفاء تحول بين المؤكد وتأكيده، ولا يحسن زيادتها فى مثل هذا الموضع.
42- إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ «أسفل» : نعت لظرف محذوف تقديره: والركب مكانا أسفل.
وأجاز الأخفش والفراء، والكسائي «أسفل» ، بالرفع، على تقدير محذوف من أول الكلام تقديره:
وموضع الركب أسفل منكم.(4/184)
«من حىّ» : من أظهر الياءين جعل الماضي تبعا للمستقبل، فلما لم يجز الإدغام فى المستقبل، لأن حركته غير لازمة، يتنقل من رفع إلى نصب أو إلى جزم، أجرى الماضي مجراه، وإن كانت حركة لامه لازمة، على أن حركة لام الماضي قد تسكن أيضا لاتصالها بمضمر مرفوع، فقد صارت هى مثل «لام» المستقبل، فجرت فى الإظهار مجراه.
فأما من أدعم فللفرق بين ما تلزم لامه الحركة كالماضى، وما تلزم لامه حركة تتنقل، كالمستقبل فى قوله (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) 22: 6، هذا لا يجوز إدغامه، فأدغم الماضي لاجتماع المثلين، وحسن الإدغام للزوم الحركة «لامه» .
وقد انفرد الفراء بجواز الإدغام فى المستقبل، ولم يجزه غيره.
43- إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا ...
«إذ يريكهم» : العامل فى «إذ» : فعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ يريكهم.
44- وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا ...
«وإذ يريكموهم» : عطف على «إذ» الأولى، ورجعت الواو مع ميم الجمع مع المضمر لأن المضمر يرد المحذوفات إلى أصولها.
وأجاز يونس حذف الواو مع المضمر، أجاز «يريكهم» ، بإسكان الميم وبضمها من غير واو والإثبات أحسن وأفصح، وبه أتى القرآن.
47- وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ ...
«بطرا» : مصدر فى موضع الحال والبطر: أن يتقوى بنعم الله على المعاصي.
48- وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ «جار» : تجمع على: أجوار، فى القليل، وجيران، فى الكثير، وعلى: جيرة.
50- وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ «يضربون» : فى موضع نصب على الحال من «الملائكة» ولو جعلته حالا من «الذين كفروا» لجاز.
ولو كان فى موضع «يضربون» : ضاربين، لم يجز، حتى يظهر الضمير لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة أو حالا أو خبرا أو عطف على غير ما هو له، لم يجز أن يستتر فيه ضمير فاعله، ولا بد من إظهاره لو قلت: رأيت معه امرأة ضاربها غدا والساعة، فرفعت «ضاربها» على النعت للمرأة، لم يجز حتى تقول: ضاربها هو لأن الفعل ليس لها، فإن نصبت على النعت ل «رجل» جاز ولم تحتج إلى إظهار الضمير لأن الفعل له، فإن كان فى موضع «ضاربها» : يضربها، جاز على الوجهين.(4/185)
51- ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «أن» : فى موضع خفض عطف على «ما» فى قوله «بما قدمت» .
وإن شئت: فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: وبأن الله.
وإن شئت: فى موضع رفع عطف على «ذلك» ، أو على: إضمار «ذلك» .
52- كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ «آل فرعون» : الكاف ف «كدأب» ، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: فعلنا بهم ذلك فعلا مثل عادتنا فى آل فرعون إذ كفروا. والدأب: العادة، ومثله الثاني (الآية: 54) ، إلا أن الأول للعادة، فى التعذيب، والثاني للعادة فى التغيير وتقدير الثاني: غيرنا بهم لما غيروا تغييرا مثل عادتنا فى آل فرعون لما كذبوا.
58- وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ «فانبذ إليهم» : المفعول محذوف تقديره: فانبذ إليهم العهد وقاتلهم على إعلامك لهم.
وفى صدر الآية حذف آخر تقديره: وإما تخافن من قوم، بينك وبينهم عهد، خيانة فانبذ إليهم ذلك العهد أي: رده عليهم إذا خفت نقضهم العهد، وقاتلهم على إعلام منك لهم، وهذا من لطيف معجز القرآن واختصاره، إذ قد جمع المعاني الكثيرة الأوامر والأخبار فى اللفظ اليسير.
59- وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ «يحسبنّ» : من قرأه بالتاء جعله خطابا للنبى- صلى الله عليه وسلم- لتقدم مخاطبته فى صدر الكلام و «الذين» مفعول أول، و «سبقوا» فى موضع المفعول الثاني.
ومن قرأه بالياء جعله للكفار، ففيه ضميرهم، لتقدم ذكرهم فى قوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) الآية: 55، وفى قوله (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) الآية: 56، و (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الآية: 57(4/186)
وقوله «إليهم» الآية: 58، فالمفعول الأول مضمر، و «سبقوا» فى موضع الثاني تقديره: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا.
وقيل: «أن» مضمرة مع «سبقوا» ، فسدت مسد المفعولين، كما سدت فى قوله: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) الآية 29: 2 تقديره: ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا.
قال سيبويه فى قوله: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) الآية 29: 64 أن تقديره: أن أعبد، ثم حذفت «أن» فرفع الفعل.
وقيل: الفاعل، فى قراءة من قرأ بالياء، هو النبي- عليه السلام- فيكون مثل قراءة التاء، و «الذين كفروا» و «سبقوا» : مفعولا «حسب» .
وقيل: فاعل «حسب» مضمر فيه تقديره: ولا يحسبن من خلفهم الذين كفروا سبقوا، ف «الذين كفروا» و «سبقوا» : مفعولا «حسب» .
ومن فتح «أنهم لا يعجزون» جعل الكلام متعلقا بما قبله تقديره: سبقوا لأنهم، ف «أن» فى موضع نصب بحذف حرف الجر معناه: ولا تحسبن الذين كفروا فاتوا الله لأنهم لا يفوتون الله.
ومن كسر «إن» فعلى الابتداء والقطع.
60- وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ ...
«به» : الهاء، تعود على «ما» .
وقيل: على «الرباط» .
وقيل: على الإعداد.
«والقوة» : هى الرمي، وقيل: هى الحصون، وقيل: ركوب الخيل.
و «رباط الخيل» ب: الإناث.
«وآخرين من دونهم» : منصوب: على «عدو الله» .
64- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «من» : فى موضع نصب على العطف، على معنى الكاف فى «حسبك» لأنها فى التأويل فى موضع نصب لأن معنى «حسبك الله» : يكفيك الله، فعطفت «من» على المعنى.(4/187)
وقيل: «من» ، فى موضع رفع، عطف على اسم الله- عز وجل- أو على الابتداء، وتضمر الخبر أي:
ومن اتبعك من المؤمنين كذلك.
وقيل: فى موضع رفع عطف على «حسب» : لقبح عطفه على اسم الله، لما جاء من الكراهة فى قول المرء:
ما شاء الله وشئت، ولو كان ب «الفاء» و «ثم» لحسن العطف على اسم الله- جل ذكره.
68- لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «كتاب» : رفع بالابتداء، والخبر المحذوف تقديره: لولا كتاب من الله تدارككم، وهو ما تقدم فى اللوح المحفوظ من إباحة الغنائم لهذه الأمة.
وقيل: هو ما سبق أن الله لا يعذب إلا بعد إنذار.
وقيل: هو ما سبق أن الله يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر.
وقيل: هو ما سبق أن الله يغفر لأهل بدر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر «لمسّكم» : جواب «لولا» .
69- فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «حلالا طيّبا» : حال من المضمر فى «فكلوا مما» .
71- وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «خيانة» : تجمع على: خياين، وأصل «الياء» الأولى: الواو لأنه من: خان يخون، إلا أنهم فرقوا بالياء بينه وبين جمع: خائنة وخوائن.
72- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ، بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا ...
«من ولايتهم» : من فتح الواو، جعله مصدر «الولي» يقال: هو الولي، ومولى بين الولاية، بالفتح.
ومن كسر الواو، جعله مصدر ل «وال» ، يقال: هو وال بين الولاية.
وقد قيل: هما لغتان فى مصدر «الولي» .(4/188)
73- وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ «إلا تفعلوه» : الهاء، تعود على: التناصر، وقيل: تعود على: التوارث أي: إلا تفعلوا التوارث على القرابات، كما تعبدكم الله، وتتركوا التوارث بالهجرة، يكن فى الأرض فتنة وفساد، وإلا تفعلوا التناصر فى الدين تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير بالكفر.
- 9- سورة التوبة
1- بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «براءة» : مصدر مرفوع بالابتداء، و «من الله» : نعت، ولذلك حسن الابتداء بالنكرة.
ولك أن ترفع «براءة» على إضمار مبتدأ أي: هذه براءة.
«من الله» : فتحت النون لالتقاء الساكنين، وكان الفتح أولى بها لكثرة الاستعمال، ولئلا تجتمع كسرتان.
وبعض العرب يكسر على القياس.
3- وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ...
«وأذان» : عطف على «براءة» ، وخبره: «إلى الناس» ، فهو عطف جملة على جملة.
وقيل: خبر الابتداء: «أن الله برىء» ، على تقدير: لأن الله.
«من الله» : نعت ل «أذان» ، ولذلك حسن الابتداء، بالنكرة، ومعنى «أذان من الله» : إعلام من الله.
«يوم الحج» : العامل فيه الصفة، لا «أذان» .
وقيل: العامل فيه «مخزى» الآية: 2، ولا يحسن أن يعمل فيه «أذان» لأنك قد وصفته فخرج عن حكم الفعل.(4/189)
«أنّ الله برىء» : أن، فى موضع نصب، على تقدير: اللام أو الباء لأنك إن جعلته خبرا ل «أذان» فليس هو هو، فلا بد من تقدير حذف الجر على كل حال.
«ورسوله» : ارتفع على الابتداء، والخبر محذوف أي: ورسوله برىء أيضا من المشركين، فحذف لدلالة الأول عليه.
وقد أجاز قوم رفعه على العطف على موضع اسم الله قبل دخول «أن» ، وقالوا: «الأذان» بمعنى: القول، فكأنه لم يغير معنى الكلام بدخوله.
ومنع ذلك جماعة، لأن «أن» المفتوحة قد غيرت معنى الابتداء، إذ هى وما بعدها مصدر، فليست كالمكسورة التي لا تدل على غير التأكيد، فلا يغير معنى الابتداء دخولها.
فأما عطف «ورسوله» على المضمر المرفوع فى «برىء» ، فهو قبيح عند كثير من النحويين حتى تؤكده، لأن المجرور يقوم مقام التأكيد، فعطفه على المضمر المرفوع فى «برىء» حسن جيد. وقد أتى العطف على المضمر المرفوع فى القرآن من غير تأكيد، ولا ما يقوم مقام التأكيد قال الله جل ذكره: (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) 6: 148، فعطف «الآباء» على المضمر المرفوع، ولا حجة فى دخول «لا» لأنها إنما دخلت بعد واو العطف.
والذي يقوم مقامه التأكيد، إنما يأتى قبل واو العطف فى موضع التأكيد، والتأكيد لو أتى به لم يكن إلا قبل واو العطف، نحو قوله: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) 5: 27، ولكن جاز ذلك، لأن الكلام قد طال بدخول «لا» ، فقام الطول مقام التأكيد.
وقرأ موسى بن عمر: «ورسوله» ، بالنصب، عطفا على اللفظ.
5- فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ...
«كلّ مرصد» : تقديره: على كل، فلما حذف «على» نصب.
وقيل: هو ظرف 6- وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ ...
«وإن أحد» : ارتفع «أحد» بفعله، تقديره وإن استجارك أحد لأن «إن» من حروف الجزاء، فهى بالفعل أن يليها أولى.(4/190)
8- كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ...
«كيف وإن يظهروا» : المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف لا تقتلونهم؟.
وقيل: التقدير: كيف يكون لهم عهد.
12- ... فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ وزن «أئمة» : أفعلة جمع: إمام فأصلها: أأممة، ثم ألقيت حركة الميم الأولى على الهمزة الساكنة.
وأدغمت فى الميم الثانية، وأبدل من الهمزة المكسورة ياء مكسورة.
13- أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «فالله أحق أن تخشوه» : مبتدأ، و «أن تخشوه» : ابتداء ثان، و «أحق» : خبر، والجملة خبر الأول.
ويجوز أن يكون «الله» : مبتدأ، و «أحق» : خبره، و «أن» : فى موضع نصب على حرف الجر، ومثله:
«أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ» 9: 62 و «أحق» ، فى الموضعين: أفعل، معها تقدير حذف به يتم الكلام، تقديره: «فالله أحق من عبده بالخشية» إن قدرت حرف الجر.
وإن جعلت «إن» بدلا، أو ابتداء ثانيا فالتقدير: فخشية الله أحق من خشية غيره.
وكذلك تقدير: «أحق أن يرضوه» .
16- أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ...
«أن تتركوا» : أن، فى موضع نصب ب «حسب» ، ويسد مسد المفعولين، ب «حسب» ، عند سيبويه.
وقال المبرد: هى مفعول أول، والمفعول الثاني محذوف.
19- أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ...
فى هذا الكلام حذف مضاف من أوله، أو من آخره تقديره، إن كان الحذف من أوله: أجعلتم أصحاب سقاية الحاج وأصحاب عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله؟
وإن قدرت الحذف من آخره، كان تقديره: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله؟
وإنما احتيج إلى هذا ليكون المبتدأ هو الخبر فى المعنى، وبه يصح الكلام والفائدة.(4/191)
21- يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ «لهم فيها نعيم» : ابتداء وخبر فى موضع النعت ل «جنات» ، فالهاء فيها ل «جنات» ، وهو جمع بالألف والتاء يراد به الكثرة.
وقيل: هى ترجع على الرحمة، وقيل: هى ترجع إلى البشرى، ودل على ذلك قوله «يبشرهم» .
25- لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ «ويوم حنين» : نصب «يوما» على العطف على موضع فى «مواطن» تقديره: ونصركم يوم حنين.
«ثمّ ولّيتم مدبرين» : نصب «مدبرين» على الحال المؤكدة، ولا يجوز أن يكون على الحال المطلقة لأن قوله «ثم وليتم» يدل على الابتداء، والحال مؤكدة لما دل عليه صدر الكلام، بمنزلة قوله تعالى «وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً» 2: 91، وقوله «وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً» 6: 153 30- وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ...
من نون «عزيرا» رفعه بالابتداء، و «ابن» : خبره، ويحسن حذف التنوين على هذا من «عزير» لالتقاء الساكنين، ولا تحذف ألف «ابن» من الخط، وتسكن النون لالتقاء الساكنين.
ومن لم ينون «عزيرا» جعله أيضا مبتدأ، و «ابن» : صفة له، فيحذف التنوين على هذا استخفافا ولالتقاء الساكنين، ولأن الصفة والموصوف كاسم واحد، وتحذف ألف «ابن» من الخط، والخبر مضمر تقديره:
عزير بن الله صاحبنا، أو نبينا أو يكون هذا المضمر هو المبتدأ، «وعزير» : خبره.
ويجوز أن يكون «عزير» مبتدأ، و «ابن» : خبره، ويحذف التنوين لالتقاء الساكنين، إذ هو شبيه بحروف المد واللين، فثبتت ألف «ابن» فى الخط، إذ جعلته خبرا.
وأجاز أبو حاتم أن يكون «عزيرا» اسما أعجميا لا ينصرف، وهو بعيد مردود لأنه لو كان أعجميا لانصرف، لأنه على ثلاثة أحرف، وياء التصغير لا يعتد بها، ولأنه عند كل النحويين «عزير» مشتق من قوله «وَتُعَزِّرُوهُ» 48: 9 32- يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ «إلا أن يتم» : إنما دخلت «إلا» لأن «يأبى» فيه معنى المنع، والمنع من باب النفي، فدخلت «إلا»(4/192)
«للإيجاب وفى الكلام حذف تقديره: ويأبى الله كل شىء يريدونه من كفر إلا أن يتم نوره، ف «إن» فى موضع نصب على الاستثناء.
34- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «ولا ينفقونها» : الهاء، تعود على «الكنوز» ، ودل عليه قوله «يكنزون» .
وقيل: تعود على «الأموال» لأن الذهب والفضة: أموال.
وقيل: تعود على «الفضة» ، وحذف ما يعود على الذهب لدلالة الثاني عليه.
وقيل: تعود على «الذهب» لأنه يؤنث ويذكر.
وقيل: تعود على «النفقة» ودل على ذلك «ينفقون» .
وقيل: إنها تعود على الذهب والفضة، بمعنى: «ولا ينفقونهما» ، ولكن اكتفى برجوعها على «الفضة» من رجوعها على «الذهب» كما تقول العرب: أخوك وأبوك رأيته يريدون: رأيتهما.
والهاء ان فى قوله: «عليها» ، و «بها» : تحتمل كل واحدة منهما الوجوه التي فى الهاء فى «ينفقونها» المذكورة.
36- إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ «كافة» : مصدر فى موضع الحال، بمنزلة قولك: عافاك الله عافية، ورأيتهم عامة وخاصة.
«كتاب» : مصدر عامل فى «يوم» ، ولا يجوز أن يكون «كتاب» هنا، يعنى به الذكر ولا غيره من الكتب، لأنه يمتنع حينئذ أن يعمل فى «يوم» لأن الأسماء التي تدل على الأعيان لا تعمل فى الظروف إذ ليس فيها من معنى الفعل شىء، فأما «فى» فهى متعلقة بمحذوف هو صفة ل «اثنى عشر» ، الذي هو خبر، كأنه قال: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا مثبتة فى كتاب الله يوم خلق ولا يحسن أن يتعلق «فى» ب «عدة» ، لأنك تفرق بين الصلة والموصول بالخبر، وهو: اثنا عشر.(4/193)
40- إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «ثانى اثنين» : ثانى، نصب على الحال من الهاء فى «أخرجه» ، وهو يعود على النبي- عليه السلام- تقديره: إذ أخرجه الذين كفروا منفردا من جميع الناس إلا أبا بكر، ومعناه: أحد اثنين.
وقيل: هو حال من مضمر محذوف تقديره: فخرج ثانى اثنين، والهاء فى «عليه» : تعود على أبى بكر رضى الله عنه لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قد علم أنه لا يضره شىء، إذ كان خروجه بأمر الله- عز وجل- له.
وأما قوله «فأنزل الله سكينته على رسوله» ، والسكينة على الرسل نزلت يوم حنين، لأنه خاف على المسلمين ولم يخف على نفسه، فنزلت عليه السكينة من أجل المؤمنين، لا من أجل خوفه على نفسه.
«وكلمة الله هى العليا» : كل القراء على رفع «كلمة» على الابتداء، وهو وجه الكلام.
وقد قرأ الحسن ويعقوب الحضرمي بالنصب فى «كلمة» الثانية ب «جعل» ، وفيه بعد من المعنى ومن الإعراب.
أما المعنى: فإن «كلمة الله» لم تزل عالية، فبعد نصبها ب «جعل» ، لما فى هذا من أنها صارت عليا وحدث ذلك فيها، ولا يلزم ذلك فى «كلمة الذين كفروا» لأنها لم تزل مجعولة كذلك سفلى بكفرهم.
وأما امتناعه من الإعراب، فإنه يلزم ألا يظهر الاسم، وأن يقال: وكلمته هى العليا، وإنما جاز إظهار الاسم فى مثل هذا فى الشعر وقد أجازه قوم فى الشعر وغيره، وفيه نظر، لقوله تعالى: (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) 99: 2 41- انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ...
«خفافا وثقالا» : نصب على الحال من الضمير فى «انفروا» أي: انفروا رجالا وركبانا.
وقيل: معناه: شبابا وشيوخا.
44- لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا ...
«أن يجاهدوا» : أن، فى موضع نصب على حذف «فى» أي: فى أن يجاهدوا.(4/194)
وقيل: تقديره: كراهية أن يجاهدوا.
47- لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ «يبغونكم» : فى موضع الحال من المضمر فى «ولأوضعوا» ، و «خلالكم» : نصب على الظرف.
51- قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «إلا ما كتب» : ما، فى موضع رفع ب «يصيبنا» .
53- قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ «طوعا أو كرها» : مصدران فى موضع الحال أي: طائعين أو كارهين.
54- وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ...
«أن تقبل» : أن، فى موضع نصب، و «أن» فى قوله «أنهم» فى موضع رفع ب «منع» لأنها فاعلة.
61- وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ «قل أذن خير لكم» أي: هو مستمع ما يجب استماعه وقابل ما يجب قبوله. والمراد «بالأذن» : هو جملة صاحب الأذن، وهو النبي عليه السلام أي: هو مستمع خير وصلاح، لا مستمع شر وفساد.
«ورحمة» : من رفع عطفها على «أذن» أي: هو مستمع خير، وهو رحمة للذين آمنوا، فجعل النبي هو الرحمة، لكثرة وقوعها به وعلى يديه.
وقيل: تقديره: هو ذو رحمة.
وقد قرأ حمزة بالخفض فى «رحمة» ، عطفها على «خير» أي: هو إذن رحمة أي: مستمع رحمة، فكما أضاف «أذنا» إلى «الخير» أضافه إلى الرحمة لأن الرحمة من الخير، والخير من الرحمة.
ولا يحسن عطف «رحمة» على «المؤمنين» لأن اللام فى «المؤمنين» زائدة وتقديره: ويؤمن للمؤمنين أي: يصدقهم.
ولا يحسن أن يصدق الرحمة إلا أن يجعل «الرحمة» هنا: القرآن، فيجوز عطفها على «المؤمنين» وتنقطع مما قبلها.(4/195)
والتفسير يدل على أنها متصلة ب «أذن خير لكم» لأن فى قراءة أبى وابن مسعود: «ورحمة لكم» بالخفض، وكذلك قراءة الأعمش، فهذا يدل على العطف على «الخير» ، وهو وجه الكلام.
62- يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ مذهب سيبويه أن الجملة الأولى حذفت لدلالة الثانية عليها تقديره عنده: والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه فحذف «أن يرضوه» الأول، لدلالة الثاني عليه، فالهاء على قوله فى «يرضوه» تعود على الرسول عليه السلام.
وقال المبرد: لا حذف فى الكلام، ولكن فيه تقديم وتأخير تقديره عنده: أحق أن يرضوه ورسوله فالهاء، فى «يرضوه» ، على قول المبرد، تعود على الله جل ذكره.
وقال الفراء: المعنى: ورسوله أحق أن يرضوه و «الله» : افتتاح كلام.
ويلزم المبرد من قوله أن يجوز: ما شاء الله وشئت، بالواو، لأنه يجعل الكلام جملة واحدة. ولا يلزم سيبويه ذلك لأنه يجعل الكلام جملتين فقول سيبويه هو المختار فى الآية. و «الله» مبتدأ، و «أن يرضوه» : بدل، و «أحق» : الخبر.
وإن شئت كان «الله» : مبتدأ، و «أن يرضوه» : ابتداء ثان، و «أحق» : خبره، والجملة: خبر الأول.
ومثله (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) الآية: 13، وقد مضى شرحه بأبين من هذا.
63- أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ «فأنّ له نار جهنم» : مذهب سيبويه أن «أن» مبدلة من الأولى، فى موضع نصب ب «تعلموا» .
وقال الجرمي، والمبرد: هى مؤكدة للأولى، فى موضع نصب ب «تعلموا» .
والفاء: زائدة، على هذين القولين.
ويلزم فى القولين، جواز البدل والتأكيد قبل تمام المؤكد، فالقولان عند أهل النظر ناقصان لأن «أن» من قوله: «ألم يعلموا أنه» يتم الكلام قبل الفاء، فكيف يبدل منها ويؤكد قبل تمامها وتمامها هو الشرط وجوابه، لأن الشرط وجوابه خبر «أن» ، ولا يتم إلا بخبرها.(4/196)
وقال الأخفش: هى فى موضع رفع لأن الفاء قطعت ما قبلها مما بعدها تقديره: فوجوب النار له.
وقال على بن سليمان: «أن» : خبر ابتداء محذوف تقديره: فالواجب أن له نار جهنم.
فالفاء فى هذين القولين: جواب الشرط، والجملة خبر «أن» .
وقال غيرهما: إن «أن» من ف «أن» مرفوعة بالاستقرار، على إضمار مجرور بين الفاء و «أن» تقديره:
فله أن نار جهنم وهو قول الفارسي واختياره.
64- يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ ...
«أن تنزّل» : أن، فى موضع نصب، على حذف حرف الجر، تقديره: «من أن تنزل» .
ويجوز على قياس قول الخليل وسيبويه، أن يكون فى موضع خفض على زيادة «من» لأن حرف الجر قد كثر حذفه مع «أن» فعمل مضمرا، ولا يجوز ذلك عندهما مع غير «أن» ، لكثرة حذفه مع «أن» خاصة 69- كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ ...
«كالذين من قبلكم» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف، تقديره: وعدا كما وعد الذين من قبلكم.
«كما استمتع» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، تقديره: استمتاعا كاستمتاع الذين من قبلكم.
79- الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ...
«والذين لا يجدون» : الذين، فى موضع خفض، عطف على «المؤمنين» ، ولا يجوز عطفه على «المطوعين» ، لأنه لم يتم اسما بعد، لأن «يسخرون» عطف على «يلمزون» .
81- فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ ...
«خلاف رسول الله» : مفعول من أجله.
وقيل: هو مصدر.
87- رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ «الخوالف» : النساء، واحدتها: خالفة، ولا يجمع «فاعل» على، فواعل، إلا فى شعر، أو قليل من(4/197)
الكلام، قالوا: فارس وفوارس وهالك وهوالك. وقد قالوا للرجل: خالفة وخالف، إذا كان غير نجيب.
94- يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ...
«نبأ» : بمعنى: أعلم، وأصله أن يتعدى إلى ثلاثة مفعولين، ويجوز أن يقتصر على واحد ولا يقتصر به على اثنين دون الثالث وكذلك لا يجوز أن تقدر زيادة «من» فى قوله «أخباركم» لأنك لو قدرت زيادتها لصار «نبأ» قد تعدى إلى مفعولين دون ثالث، وذلك لا يجوز، فإنما تعدى إلى مفعول واحد، وهو تام تعدى بحرف جر، ولو أضمرت مفعولا ثالثا لحسن تقدير زيادة «من» على مذهب الأخفش، لأنه قد أجاز زيادة «من» فى الواجب، ويكون التقدير: قد نبأنا الله أخباركم مشروحة.
98- وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ من فتح السين فى «دائرة السوء» ، فمعناه: الفساد، ومن ضمها فمعناه: الهزيمة والبلاء والضرر والمكروه.
والدوائر: هو ما يحيط بالإنسان حتى لا يكون له منه مخلص، وأضيفت إلى «السوء» على وجه التأكيد والبيان، بمنزلة قولهم: شمس النهار، ولو لم يذكر ت النهار» لعلم المعنى، كذا لو لم يذكر «السوة» لعلم المعنى بلفظ «الدائرة» فقط.
101- وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ ...
«مردوا» : نعت لمبتدأ محذوف تقديره: ومن أهل المدينة قوم مردوا، والمجرور خبر الابتداء، و «لا تعلهم» : نعت أيضا للمحذوف.
103- خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ...
«تطهّرهم وتزكيهم» : حال من المضمر فى «خذ» ، وهو النبي- صلّى الله عليه وسلّم- والتاء فى أول الفعلين للخطاب.
ويجوز أن تكون «تطهرهم» نعتا للصدقة، و «تزكيهم» حالا من المضمر، فى «خذ» ، والتاء فى «تطهرهم» لتأنيث الصدقة لا للخطاب، و «تزكيهم» للخطاب.(4/198)
106- وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ ...
«مرجون» : من همزه جعله من: أرجأت الأمر أي: أخرته، ومن لم يهمزه جعله من «الرجاء» . هذا قول المبرد.
وقيل: هو أيضا من التأخير، يقال: أرجأت الأمر، وأرجيته، بمعنى: أخرته، لغتان.
107- وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «الذين» : رفع بالابتداء والخبر: «لا يزال بنيانهم» : الآية: 110 «ضرارا وكفرا وتفريقا وإرصادا» : كلها انتصبت على المصدر.
ويجوز أن تكون مفعولات من أجلها.
109- أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ ...
الهاء فى «بنيانه» ، فى قراءة من ضم أو فتح: تعود على «من» ، الذي هو صاحب البنيان.
والبنيان: مصدر: بنى، حكى أبو زيد: بنيت بنيانا، وبناء، وبنية.
وقيل: البنيان: جمع بنيانة، كثمرة وثمر.
«هار» : أصله: هائر.
وقال أبو حاتم: أصله: هاور، ثم قلب فى القولين جميعا، فصارت الواو والياء آخرا، فتحذفهما للتنوين، كما حذفت الواو من: غاز، ورام، وذلك فى الرفع والخفض.
وحكى الكسائي: تهور، وتهير.
وحكى الأخفش: هرت تهار، كخفت تخاف.
وأجاز النحويون أن تجرى «هار» على الحذف، ويقدر المحذوف، لكثرة استعماله مقلوبا، فيصير كالصحيح، تعرب الراء بوجوه الإعراب، ولا يرد المحذوف فى النصب، كما يفعل بغاز ورام ومن هذا جعله على وزن «فعل» ، كما قالوا: راح، فرفعوا، وهو مقلوب من «رائح» ، لكنهم لما كثر استعمالهم له مقلوبا جعلوه «فعلا» وأعربوه بوجوه الإعراب.(4/199)
ويجوز عندهم أن يجرى على القياس، كغاز ورام، فيكون وزنه «فاعلا» ، ومقلوبا إلى «فالع» ، ثم «فعل» ، لأجل استثقال الحركة على حرف العلة ودخول التنوين، كما أعلوا قولهم: قاض وغاز، فى الرفع والخفض، وصححوه فى النصب لخفة الفتح.
111- إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ...
«وعدا عليه حقا» : مصدران مؤكدان.
112- التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ...
«التّائبون» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هم التائبون، أو على الابتداء، والخبر محذوف.
وقيل: الخبر قوله: «الآمرون» وما بعده.
117- لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «كاد» : فيها إضمار الحديث، فلذلك ولى «كاد» : «يزيغ» ، و «القلوب» رفع ب «يزيغ» .
وقيل: «القلوب» : رفع ب «كاد» ، و «يزيغ» ينوى به التأخير، كما أجازوا ذلك فى «كان» فى مثل قوله (ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ) 7: 126، وفى قوله (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) 72: 4 وقال أبو حاتم: من قرأ «يزيغ» بالياء، لم يرفع القلوب ب «كاد» .
وقيل: إن فى «كاد» اسمها، وهو ضمير الحرب، أو الفريق، أو القتيل لتقدم ذكر أصحاب النبي عليه السلام فيرتفع «القلوب» ب «يزيع» .
والياء والتاء فى «يزيغ» سواء لأن: تذكير الجمع وتأنيثه، جائز على معنى الجمع، وعلى معنى الجماعة.
وإنما جاز الإضمار فى «كاد» ، وليست مما يدخل على الابتداء، والخبر لأنها يلزم الإتيان لها بخبر أبدا فصارت كالداخل على الابتداء والخبر من الأفعال، فجاز إضمار اسمها فيها، وإضمار الحديث فيها، ولا يجوز مثل ذلك فى «عسى» لأنها قد يستغنى عن الخبر إذا وقعت «أن» ، بعدها، ولأن خبرها لا يكون إلا «أن» وما بعدها(4/200)
ولا يقع «أن» بعد «كاد» خبرا لها إلا فى ضرورة شعر، وكذلك لا تحذف «أن» بعد «عسى» إلا فى ضرورة شعر.
121- وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «واديا» : جمعه: أودية، ولم يأت «فاعل وأفعلة» إلا فى هذا الموضع وحده.
128- لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «ما» : فى موضع رفع ب «عزيز» ، و «عزيز» : نعت ل «رسول» . ويجوز أن يكون «ما» مبتدأ، و «عزيز» خبره والجملة: نعت ل «رسول» . ويجوز أن يكون «عزيز» ، مبتدأ و «ما» : فاعله، تسد مسد الخبر والجملة: نعت ل «رسول» .
- 10- سورة يونس
2- أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ...
اللام فى «للناس» متعلقة ب «عجب» ، ولا يتعلق ب «كان» ، لأنه فعل لا يدل على حدث، إنما يدل على الزمان فقط، فضعف فلا تتعلق به حروف الجر ومثله: (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) 12: 43، اللام فى «للرؤيا» متعلقة بمحذوف يدل على المحذوف «تعبرون» وفيه اختلاف.
و «عجبا» : خبر «كان» ، و «أن أوحينا» : اسم «كان» تقديره: أكان عجبا للناس وحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس.
4- إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ...
«مرجعكم» : ابتداء، والخبر «إليه» ، و «جميعا» : انتصب على الحال من «الكاف والميم» فى «مرجعكم» .
«وعد الله حقّا» : مصدران، والعامل فى «وعد» : «مرجعكم» لأنه بمعنى: وعدكم وعدا.(4/201)
وأجاز الفراء رفع «وعد» ، جعله خبرا ل «مرجعكم» ، وأجاز رفع «وعد» ، و «حق» على الابتداء والخبر، وهو حسن، ولم يقرأ به.
5- هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ...
«ضياء» : مفعول ثان ل «جعل» معناه: جعل الشمس ذات ضياء.
ومن قرأه بهمزتين، وهى قراءة قنبل، عن ابن كثير، فهو على القلب قدّم الهمزة، التي هى لام الفعل، فى موضع الياء المنقلبة عن واو، التي هى عن الفعل فصارت الياء بعد الألف والهمزة قبل الألف، فأبدل من الياء همزة لوقوعها، وهى أصلية، بعد ألف زائدة، كما قالوا: سقاء، وأصله: سقاى، لأنه من: سقا يسقى.
ويجوز أن تكون الياء لما نقلت بعد الألف رجعت إلى الواو، الذي هو أصلها، فأبدل منها همزة كما قالوا:
دعاء وأصله: دعاو لأنه من: دعا يدعو فيكون وزن «ضياء» ، على قراءة قنبل: فلاعا وأصلها: فعال.
9- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ أصل «هدى» أن يتعدى بحرف جر وبغير حرف، كما قال الله تعالى: (اهْدِنَا الصِّراطَ) 1: 5، وقال:
(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) 37: 23 11- وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ...
«استعجالهم» : مصدر تقديره: استعجالا مثل استعجالهم، ثم أقام الصفة، وهى: «مثل» مقام الموصوف، وهو «الاستعجال» ، ثم أقام المضاف إليه، وهو «استعجالهم» مقام المضاف، وهو «مثل» هذا مذهب سيبويه.
وقيل: تقديره: فى استعجالهم، فلما حذف حرف الجر نصب، ويلزم من قدر حذف الجر منه أن يجيز: زيد الأسد، ينصب «الأسد» على تقدير: كالأسد.
16- قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ ...
«ولا أدراكم» : روى أن الحسن قرأ بالهمز، ولا أصل له فى الهمز لأنه إنما يقال: درأت، إذا دفعت، ودريت، بمعنى: علمت وأدريت غيرى أي: أعلمته.(4/202)
21- وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا ...
«وإذا أذقنا» : فيها معنى الشرط، ولا تعمل ولا تحتاج إلى جواب مجزوم إلا فى شعر، فإنه قد يقدر فى الجواب الجزم فى الشعر، فيعطف على معناه، فيجزم المعطوف على الجواب، كما قال:
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب
فجزم «فنضارب» عطفا على موضع جواب «إذا» ، وهو «كان» وجوابها عند البصريين فى هذه الآية قوله «إذا لهم مكر» ، ف «إذا» جواب «إذا» تقديره عندهم: «مكروا» ، ومعناه: استهزءوا وكذبوا.
23- فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من رفع «متاع» جعله خبرا للبغى، والظرف ملغى، وهو «على أنفسكم» ، و «على» : متعلقة بالبغي، ولا ضمير فى «على أنفسكم» ، لأنه ليس بخبر للابتداء.
ويجوز أن يرفع «متاع» على إضمار مبتدأ أي: ذلك متاع، أو: هو متاع، فيكون «على أنفسكم» خبر «بغيكم» ، ويكون فيه ضمير يعود على المبتدأ، و «على» : متعلقة بالاستقرار وبالثبات، أو نحوه تقديره:
إنما بغيكم ثابت، أو مستقر، على أنفسكم، هو متاع الحياة الدنيا.
فإذا جعلت «على أنفسكم» خبرا عن «البغي» كان معناه: إنما بغيكم راجع عليكم مثل قوله:
(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) 172: 8 وإن جعلت «متاعا» خبرا ل «البغي» كان معناه: إنما بغى بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا مثل قوله:
(فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) 24: 61 وقد قرأ حفص عن عاصم «متاع الحياة» ، بالنصب، جعل على «أنفسكم» متعلقا ب «بغيكم» ، ورفع «البغي» بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: إنما بغيكم على أنفسكم لأجل متاع الحياة الدنيا مذموم أو منهى عنه أو مكروه، ونحوه، وحسن الحذف الطول الكلام.
ولا يحسن أن يكون «على أنفسكم» الخبر لأن «متاع الحياة» داخل فى الصلة، فنفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء، وذلك لا يجوز، فلا بد من تقدير حرف الجر، إلا أن تنصب «متاع الحياة» بإضمار فعل، على تقدير: يمتعون متاع أو يبغون متاع فيجوز أن يكون «على أنفسكم» الخبر، ثم نصب «متاع» ، جعله مفعولا من أجله تعدى إليه «البغي» ، واضمر الخبر على ما ذكرنا و «على» : متعلقة بالاستقرار، أو نحوه،(4/203)
إذا جعلت «على أنفسكم» الخبر، وفى المجرور ضمير يعود على المبتدأ.
ويجوز نصب «متاع» على المصدر المطلق تقديره: يمتعون متاع الحياة، أو على إضمار فعل دل عليه البغي، أو يبغون متاع الحياة الدنيا.
24- إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها ...
«وأزينت» : أصله: تزينت، ووزنه: تفعلت، ثم أدغمت التاء فى الزاى، فسكنت الأولى، فدخلت ألف الوصل لأجل سكون أول الفعل وإنما سكن الأول عند الإدغام لأن كل حرف أدغمته فيما بعده فلا بد من إسكان الأول أبدا، فلما أدغمت التاء فى الزاى سكنت التاء، فاحتيج عند الابتداء إلى ألف وصل وله نظائر كثيرة فى القرآن.
وروى عن الحسن أنه قرأ: «وأزينت» ، على وزن «أفعلت» ، معناه: جاءت بالزينة، لكنه كان يجب على مقاييس العربية أن يقال: وازانت، فتقلب الياء ألفا، لكن أتى به على الأصل ولم يعله، كما أتى «استحوذ» على الأصل، وكان القياس: استحاذ.
وقد قرىء: وازيانت، مثل: احمارت وقرىء: وازاينت، والأصل: تزاينت، ثم أدغمت التاء فى الزاى، على قياس ما تقدم ذكره فى قراءة الجماعة، ودخلت ألف الوصل أيضا فيه فى الابتداء، على قياس ما تقدم.
27- وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «مظلما» : حال من «الليل» ولا يكون نعتا ل «قطع» لأنه يجب أن يقال: مظلمة. فأما على قراءة الكسائي وابن كثير: «قطعا» ، بإسكان الطاء، فيجوز أن يكون «مظلما» نعتا ل «قطع» ، بإسكان الطاء، وأن يكون حالا من «الليل» .
28- وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ «فزيلنا» : فعلنا، من: زلت الشيء عن الشيء، فأنا أزيله، إذا تحيته، والتشديد للتكثير. ولا يجوز أن يكون «فعلنا» من: زال يزال لأنه يلزم فيه الواو، فيقال: زولنا.
وحكى عن الفراء أنه قرأ «فزايلنا» من قولهم: لا أزايل فلانا، أي: لا أفارقه. فأما قوله، لا أزاوله، فمعناه: أخاتله ومعنى «زايلنا» و «زيلنا» واحد.(4/204)
29- فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ «شهيدا» : نصب على التمييز، وهو عند أبى إسحاق: حال من «الله» جل ذكره، و «بالله» فى قوله «كفى بالله» : فى موضع رفع، وهو فاعل «كفى» ، تقديره: كفى الله شهيدا، والباء زائدة، معناها ملازمة الفعل لما بعده، فالله لم يزل هو الكافي، بمعنى: سيكفى، لا يحول عن ذلك أبدا.
30- هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ «مولاهم» : بدل من «الله» ، أو نعت و «الحق» : نعت أيضا له.
ويجوز نصبه على المصدر، ولم يقرأ به.
33- كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «أن» : فى موضع نصب، تقديره: بأنهم، أو لأنهم فلما حذف الحرف تعدى الفعل فنصب الموضع.
و «أن» المفتوحة أبدا، مشددة أو مخففة، هى حرف على انفرادها، وهى اسم مع ما بعدها، لأنها وما بعدها مصدر يحكم عليها بوجه الإعراب على قدر العامل الذي قبلها.
ويجوز أن يكون فى موضع خفض بحرف الجر المحذوف، وهو مذهب الخليل، لما كثر حذفه مع «أن» :
إذ هو يعمل محذوفا عمله موجودا فى اللفظ.
وقيل: «أن» ، فى هذه الآية: فى موضع رفع على البدل من «كلمة» ، وهو قول حسن، وهو بدل الشيء من الشيء، وهو هو.
35- قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع» : من، رفع بالابتداء، و «أحق» : الخبر، وفى الكلام حذف تقديره: أحق ممن لا يهدى، و «أن» : فى موضع نصب، على تقدير حذف الخافض.
وإن شئت: جعلتها فى موضع رفع على البدل من «من» ، وهو بدل الاشتمال و «أحق» : الخبر.
وإن شئت جعلت «أن» مبتدأ ثانيا، و «أحق» : خبرها. مقدم عليها، والجملة خبر عن «من» .(4/205)
«فمالكم» : ما، فى موضع رفع بالابتداء، وهى استفهام معناه التوبيخ والتنبيه، «ولكم» : الخبر والكلام تام على «لكم» والمعنى: أي شىء لكم فى عبادة الأصنام؟
37- وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ...
خبر «كان» مضمر تقديره: ولكن كان تصديق، ففى «كان» اسمها. هذا مذهب الفراء والكسائي، ويجوز عندهما الرفع على تقدير: ولكن هو تصديق.
44- إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ الاختيار عند جماعة من النحويين إذا أتت «لكن» مع الواو أن تشدد، وإذا كانت بغير واو قبلها أن تخفف.
قال الفراء: لأنها إذا كانت بغير واو قبلها أشبهت «بل» فخففت، فتكون مثلها فى الاستدراك، وإذا أتت الواو قبلها خالفت فشددت.
وأجاز الكوفيون إدخال اللام فى خبرها «كأن» .
ومنعه البصريون لمخالفة معناها معنى «أن» ، فمن شددها أعملها فيما بعدها فنصبه بها لأنها من أخوات «أن» ، ومن خففها رفع ما بعدها على الابتداء وما بعدها خبره.
45- وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ ...
الكاف، فى «كان» وما بعدها: فى موضع نصب صفة ل «يوم» وفى الكلام حذف ضمير يعود على الموصوف تقديره: كأن لم يلبثوا قبله، فحذف «قبله» فصارت الهاء متصلة ب «لبثوا» فحذفت لطول الاسم، كما تحذف من الصلات.
ويجوز أن يكون الكاف من «كان» فى موضع نصب، صفة لمصدر محذوف، تقديره: ويوم يحشرهم حشرا كأن لم يلبثوا قبله إلا ساعة.
ويجوز أن يكون، «الكاف» فى موضع نصب على الحال من، «الهاء والميم» ، فى «يحشرهم» ، والضمير فى «يلبثوا» راجع على صاحب الحال، ولا حذف فى الكلام وتقديره: ويوم يحشرهم مشبهة أحوالهم أحوال من لم يلبث إلا ساعة، والناصب ل «يوم» : «اذكر» مضمرة.(4/206)
ويجوز أن يكون الناصب له: «يتعارفون» .
50- قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ «ما» : استفهام، رفع بالابتداء ومعنى الاستفهام، هنا: التهديد، و «ذا» : خبر الابتداء، بمعنى: الذي، والهاء، فى «منه» تعود على «العذاب» .
وإن شئت جعلت «ما» و «ذا» اسما واحدا، فى موضع رفع بالابتداء، والخبر فى الجملة التي بعده. والهاء.
فى «منه» تعود على «الله» جل ذكره، و «ما» و «ذا» اسما واحدا، كانت فى موضع نصب ب «يستعجل» والمعنى: أي شىء يستعجل المجرمون من الله؟
53- وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ «أحق هو» : ابتداء وخبر، فى موضع المفعول الثاني ل «يستنبئونك» ، إذا جعلته بمعنى: يستخبرونك.
فإن جعلته بمعنى «يستعلمونك» كان «أحق» هو ابتداء وخبر فى موضع المفعولين له لأن «أنبأ» إذا كان بمعنى: أعلم، تعدى إلى ثلاثة مفعولين، يجوز الاكتفاء بواحد ولا يجوز الاكتفاء باثنين دون الثالث.
وإذا كانت «أنبأ» بمعنى: أخبر، تعدت إلى مفعولين، لا يجوز الاكتفاء بواحد دون الثاني.
ونبّأ، وأنبأ، فى التعدي، سواء.
61- وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «منه» : الهاء، عند الفراء، تعود على «الشأن» ، على تقدير حذف مضاف، تقديره: وما تتلو من أجل الشأن أي: يحدث لك شأن فتتلو القرآن من أجله.
«ولا أصغر من ذلك ولا أكبر» : أصغر، وأكبر، فى قراءة من فتح، فى موضع خفض، عطف على لفظ «مثقال ذرة» .
وقرأ حمزة بالرفع فيهما، عطفهما على موضع «المثقال» لأنه فى موضع رفع ب «يعزب» .
63- الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ «الذين» : فى موضع نصب على البدل من اسم «إن» ، وهو «أولياء» الآية: 62، أو على: «أعنى» .
ويجوز الرفع على البدل من الموضع، وعلى النعت من الموضع، أو على إضمار مبتدأ، أو على الابتداء.(4/207)
64-هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ...
«لهم البشرى» : ابتداء وخبر، فى موضع خبر «الذين» الآية: 63 66- أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ انتصب «شركاء» ب «يدعون» ، ومفعول «يتبع» قام مقام «إن يتبعون إلا الظن» لأنه هو ولا ينتصب «الشركاء» ب «يتبع» لأنك تنفى عنهم ذلك، والله قد أخبر به عنهم.
ولو جعلت «ما» استفهاما، بمعنى: الإنكار والتوبيخ، كانت «ما» ، و «ذا» فى موضع نصب ب «يتبع» .
وعلى القول الأول تكون «ما» حرفا نافيا.
71- وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ «فأجمعوا» : كل القراء قرأ بالهمز وكسر الميم، من قولهم: أجمعت على أمر كذا وكذا، إذا، عزمت عليه، وأجمعت الأمر أيضا، حسن بغير حرف جر، كما قال الله جل ذكره: (إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) 12: 102، فيكون نصب «الشركاء» على العطف على المعنى، وهو قول المبرد.
وقال الزجاج: هو مفعول معه.
وقيل: «الشركاء» : عطف على «الأمر» لأن تقديره: فأجمعوا ذوى الأمر، بغير حذف.
وقيل: انتصب «الشركاء» على عامل محذوف، تقديره: وأجمعوا شركاءكم، ودل «أجمع» على:
«جمع» لأنك تقول: جمعت الشركاء والقوم، ولا تقول: أجمعت الشركاء، إنما يقال: أجمعت، فى الأمر خاصة، فلذلك لم يحسن عطف «الشركاء» على «الأمر» إلا على المتقدم.
وقال الكسائي والفراء: تقديره: وادعوا شركاءكم، وكذلك فى حرف أبى: «وادعوا شركاءكم» .
وقد روى الأصمعى، عن نافع: «فاجمعوا أمركم» ، بوصل الألف وفتح الميم، فيحسن على هذه القراءة:
عطف «الشركاء» على «الأمر» ، ويحسن أن تكون الواو بمعنى «مع» .(4/208)
وقد قرأ الحسن برفع «الشركاء» ، عطفا على المضمر المرفوع فى «فأجمعوا» ، وبه قرأ يعقوب الحضرمي وحسن ذلك للفصل الذي وقع بين المعطوف والمضمر، كأنه قام مقام التأكيد، وهو «أمركم» .
74- ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ الضمير فى «كذبوا» يعود على قوم نوح أي: فما كان قوم الرسل الذين بعثوا بعد نوح ليؤمنوا بما كذب قوم نوح، بل كذبوا مثل تكذيب قوم نوح.
81- فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ «ما جئتم به السحر» : ما، مبتدأ، بمعنى الذي، و «جئتم به» : صلته، و «السحر» : خبر الابتداء، ويؤيد هذا أن فى حرف أبى: «ما جئتم به سحر» ، وكل ما ذكر من قراءة أبى وغيره، مما يخالف المصحف، فلا يقرأ به لمخالفة المصحف، وإنما يذكر شاهدا لا ليقرأ به.
ويجوز أن يكون «ما» رفعا بالابتداء، وهى استفهام، و «جئتم به» : الخبر، و «السحر» : خبر ابتداء محذوف أي: هو السحر.
ويجوز أن تكون «ما» فى موضع نصب على إضمار فعل بعد «ما» تقديره: أي شىء جئتم به، و «السحر» :
خبر ابتداء محذوف، ولا يجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي» فى موضع نصب لأن «ما» بعدها صلتها، والصلة لا نعمل فى الموصول، ولا تكون تفسيرا للعامل فى الموصول.
وقد قرأ أبو عمرو: «الساحر» ، بالمد، فعلى هذه القراءة تكون «ما» استفهاما، مبتدأ و «جئتم به» :
الخبر، و «السحر» : خبر ابتداء، محذوف أي: هو السحر.
ولا يجوز على هذه القراءة أن يكون «ما» بمعنى: الذي، إذ لا خبر لها.
ولا يجوز أن يكون «ما» : فى موضع نصب، على ما تقدم.
ويجوز أن يرفع «السحر» على البدل من «ما» ، وخبره خبر المبدل منه، ولذلك جاء الاستفهام، إذ هو بدل من استفهام، ليستوى البدل والمبدل منه فى لفظ الاستفهام، كما تقول: كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ فتجعل «أعشرون» بدلا من «كم» ، وتدخل ألف الاستفهام على «عشرين» لأن المبدل منه، وهو «كم» ، استفهام.
ومعنى الاستفهام فى الآية التقرير والتوبيخ، وليس هو باستخبار، لأن موسى- صلى الله عليه وسلم- قد علم أنه سحر، فإنما يخبرهم بما فعلوا، ولم يستخبرهم عن شىء لم يعلمه.(4/209)
وفيه أيضا معنى التحقير لما جاءوا به.
وأجاز الفراء نصب «السحر» ، يجعل «ما» شرطا، وينصب «السحر» على المصدر، ويضمر الفاء مع «إن الله سيبطله» ويجعل الألف واللام فى «السحر» زائدتين وذلك كله بعيد.
وقد أجاز على بن سليمان: حذف الفاء من جواب الشرط فى الكلام، واستدل على جوازه بقوله تعالى:
وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) 42: 30، ولم يجزه غيره إلا فى ضرورة شعر.
83- فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ إنما جمع الضمير فى «ملئهم» ، لأنه إخبار عن جبار، والجبار يخبر عنه بلفظ الجمع.
وقيل: لما ذكر فرعون علم أن معه غيره، فرجع الضمير عليه وعلى من معه.
وقيل: الضمير راجع على آل فرعون، وفى الكلام حذف والتقدير: على خوف من آل فرعون وملئهم، فالضمير يعود على الأول.
وقال الأخفش: الضمير، يعود على «الذرية» المتقدم ذكرها.
وقيل: الضمير، يعود على «القوم» المتقدم ذكرهم.
«أن يفتنهم» : أن، فى موضع خفض بدل من «فرعون» ، وهو بدل الاشتمال.
88- وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ «فلا يؤمنوا» : عطف على «ليضلوا» ، فى موضع نصب، عند المبرد والزجاج.
وقال الأخفش، والفراء: هو منصوب، جواب للدعاء.
وقال الكسائي، وأبو عبيدة: هو فى موضع جزم، لأنه دعاء عليهم.
92- فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ...
«ننجيّك» : قيل: هو من النجاء: أي: نخلصك من البحر ميتا ليراك بنو إسرائيل.
وقيل: معناه: نلقيك على نجوة من الأرض.(4/210)
وقوله «ببدنك» أي: بدرعك التي تعرف بها ليراك بنو إسرائيل.
وقيل: معناه: بجثتك لا روح فيك، ليراك بنو إسرائيل.
98- فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ...
انتصب «قوم» على الاستثناء، الذي هو غير منقطع، على أن يضمر فى أول الكلام حذف مضاف تقديره:
فلولا كان أهل قرية آمنوا.
ويجوز الرفع، على أن يجعل «إلا» بمعنى: غير، صفة للأهل المحذوفين فى المعنى، ثم يعرب ما بعد «إلا» بمثل إعراب «غير» ، لو ظهرت فى موضعه.
وأجاز الفراء الرفع على البدل، كما قال:
وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس
فأبدل من «أنيس» ، والثاني من غير الجنس، وهى لغة تميم، يبدلون وإن كان الثاني ليس من جنس الأول.
وأهل الحجاز ينصبون إذا اختلف، وإذا كان الكلام منفيا.
«يونس» : وقد روى عن الأعمش وعاصم أنهما قرآ بكسر النون والسين، جعلاه فعلا مستقبلا، من:
آنس، سمى به، فلم ينصرف للتعريف والوزن المختص به الفعل.
قال أبو حاتم: يجب أن يهمز، ويترك الهمز جاء وهو حسن.
وقد حكى أبو زيد فتح النون والسين، على أنه فعل مستقبل لم يسم فاعله، سمى به أيضا.
- 11- سورة هود
إذا جعلت «هودا» اسما للسورة، فقلت: هذه هود، لم ينصرف عند سيبويه والخليل، كامرأة سميتها بزيد، أو بعمر وأجاز عيسى صرفه لخفته، كما تصرف «هند» اسم امرأة، فإن قدرت حذف مضاف مع «هود» صرفته، تريد: هده سورة هود.
11- إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ «الذين» : فى موضع نصب، على الاستثناء المتصل.
قال الفراء: هو مستثنى من «الإنسان» لأنه بمعنى: الناس.(4/211)
وقال الأخفش: هو استثناء منقطع.
16- أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «باطل» : رفع بالابتداء، وما بعده خبره.
وقيل: الأجود عكس هذا التقدير، فيكون «باطل» : خبر، و «ما كانوا» : مبتدأ.
وفى حرف أبى وابن مسعود: «وباطلا» ، بالنصب، جعلا «ما» زائدة، ونصبا «باطلا» ب «يعملون» ، مثل (قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ) 27: 12، و «قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ» 69: 41 17- أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً ...
«ويتلوه شاهد منه» : الهاء، فى «يتلوه» : للقرآن فتكون الهاء على هذا القول فى «منه» :
لله جل ذكره، و «الشاهد» : الإنجيل أي: يتلو القرآن فى التقدم الإنجيل من عند الله، فتكون «الهاء» فى «قبله» : للإنجيل أيضا.
وقيل: الهاء، فى «يتلوه» : لمحمد عليه السلام فيكون «الشاهد» : لسانه، والهاء، فى «منه» :
لمحمد أيضا.
وقيل: للقرآن، وكذلك الهاء، فى «قبله» : لمحمد.
وقيل: الشاهد: جبريل عليه السلام والهاء فى «منه» ، على هذا القول: لله، وفى «من قبله» : لجبريل أيضا.
وقيل: الشاهد: إعجاز القرآن، والهاء فى «منه» ، على هذا القول: لله والهاء فى «يؤمنون به» :
لمحمد عليه السلام.
«إماما ورحمة» : نصب على الحال من «كتاب موسى» .
20- أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ «ما كانوا يستطيعون السّمع» : ما، ظرف، فى موضع نصب، معناها وما بعدها: أبدا:
وقيل: ما، فى موضع نصب على حذف حرف الجر أي: بما كانوا، كما يقال: جزيته ما فعل، وبما فعل.
وقيل: ما، نافية والمعنى: لا يستطيعون السمع لما قد سبق لهم.(4/212)
وقيل: المعنى: لا يستطيعون أن يسمعوا من النبي، لبغضهم له ولا يفقهوا حجة، كما تقول: فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان، إذا كان يثقل عليه ذلك.
22- لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ «لا جرم» ، عند الخليل وسيبويه، بمعنى: حقا، فى موضع رفع بالابتداء. و «لا جرم» : كلمة واحدة بنيت على الفتح فى موضع رفع والخبر: «أنهم» ، ف «أن» فى موضع رفع عندهما.
وقيل، عن الخليل: إنه قال: «أن» ، فى موضع رفع ب «جرم» بمعنى: بد، فمعناه: لا بد، ولا محالة.
قال الخليل: جىء ب «لا» ليعلم أن المخاطب لم يبتدىء كلامه، وإنما خاطب من خاطبه.
وقال الزجاج: «لا» : نفى لما ظنوا أنه ينفعهم.
وأصل معنى «جرم» : كسب، من قولهم. فلان جارم أهله أي: كاسبهم ومنه سمى الذنب: جرما لأنه اكتسب.
فكان المعنى عندهم: لا ينفعهم ذلك ثم ابتدأ فقال: جرم أنهم فى الآخرة هم الأخسرون أي: كسب ذلك الفعل لهم الخسران فى الآخرة، ف «أن» من «أنهم» ، على هذا القول: فى موضع نصب ب «جرم» .
وقال الكسائي: معناه: لا صد ولا منع عن أنهم فى الآخرة، ف «أن» فى موضع نصب على قوله أيضا، بحذف حرف الجر.
27- فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ انتصب «بادى» على الظرف أي: فى بادى الرأى، هذا على قراءة من لم يهمز.
ويجوز أن يكون مفعولا به حذف معه حرف الجر، ومثله: (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) 7: 154 وإنما جاز أن يكون «فاعل» ظرفا، كما جاز ذلك فى «فعيل» ، نحو: قريب، و «فاعل» ، و «فعيل» يتعاقبان، نحو: راحم ورحيم، وعالم وعليم وحسن ذلك فى «فاعل» لإضافته إلى الرأى، والرأى يضاف إليه المصدر، وينتصب المصدر معه على الظرف، والعامل فى الظرف «اتبعك» ، فهو من: بدا يبدو، إذا ظهر.
ويجوز فى قراءة من لم يهمز أن يكون من «الابتداء» ، ولكنه سهل الهمزة.(4/213)
ومن قرأه بالهمز، أو قدر فى الألف أنها بدل من همزة، فهو أيضا نصب على الظرف والعامل فيه أيضا «اتبع» والتقدير: عند من جعله من «بدا يبدو» : وما اتبعك يا نوح إلا الأراذل فيما ظهر لنا من الرأى كأنهم قطعوا عليه فى أول ما ظهر لهم من رأيهم لم يتعقبون بنظر، إنما قالوا بما ظهر لهم من غير يقين.
والتقدير، عند من جعله من «الابتداء» فهمز: ما اتبعك يا نوح إلا أراذل فى أول الأمر أي: ما نراك فى أول الأمر اتبعك إلا الأراذل.
وجاز تأخر الظرف بعد «إلا» وما بعدها من الفاعل ثم صلته، لأن الظروف يتسع فيها ما لا يتسع فى المفعولات فلو قلت فى الكلام: ما أعطيت أحدا إلا زيدا درهما، فأوقعت اسمين مفعولين بعد «إلا» لم يجز لأن الفعل لا يصل ب «إلا» إلى اسمين، إنما يصل إلى اسم واحد، كسائر الحروف ألا ترى أنك لو قلت:
مررت بزيد عمرو، فتوصل الفعل إليهما بحرف واحد، ولم يجز، فأما قولهم: ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا فإنما جاز لأن «بعضهم» بدل من «القوم» ، فلم يصل الفعل بعد «إلا» إلا إلى اسم واحد.
28- قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ «فعمّيت عليكم» : من خففه من القراء حمله على معنى: فعميتم على الأخبار التي تأتيكم، وهى الرحمة، فلم تؤمنوا بها، ولم تعم الأخبار نفسها عنهم إنما عموا هم عنها، فهو من المقلوب، كقولهم: أدخلت القلنسوة فى رأسى، وأدخلت القبر زيدا، فقلب جميع هذا فى ظاهر اللفظ لأن المعنى لا يشكل ومثله قوله تعالى (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) 14: 47 وقيل: معنى «فعميت» ، لمن قرأ بالتخفيف: فخفيت فيكون غير مقلوب على هذا، وتكون الأخبار التي أنت من عند الله خفى فهمها عليهم، لقلة مبالاتهم بها وكثرة إعراضهم عنها.
فأما معناه، على قراءة حفص وحمزة والكسائي، الذين قرءوا بالتشديد والضم على ما لم يسم فاعله: فليس فيه قلب، ولكن الله عماها عليهم لما أراد بهم من الشقوة، يفعل ما يشاء سبحانه، وهى راجعة إلى القراءة الأولى، لأنهم لم يعموا عنها حتى عماها الله عليهم.
وقد قرأ أبى، وهى قراءة الأعمش: «فعماها عليكم» أي: عماها الله عليكم، فهذا شاهد لمن ضم وشدد.(4/214)
31- وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً ...
«تزدرى أعينكم» : أصل «تزدرى» : تزترى، فالدال مبدلة من تاء لأن الدال حرف مجهور.
مقرن بالزاي لأنها مجهورة أيضا، والتاء مهموسة فقاربت الزاى، وحسن البدل لقرب المخرجين والتقدير:
تزدريهم أعينكم، ثم حذف «الإضمار» لطول الاسم.
32- قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا ...
«نوح» : اسم النبي- صلّى الله عليه وسلّم- انصرف لأنه أعجمى خفيف.
وقيل: هو عربى من: «ناح ينوح» .
وقد قال بعض المفسرين: إنما سمى «نوحا» لكثرة نوحه على نفسه.
36- وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ «من» : فى موضع رفع ب «يؤمن» .
40- حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «ومن آمن» : من، فى موضع نصب على العطف على «اثنين» ، أو على «أهلك» و «من» فى قوله:
«إلا من سبق» فى موضع نصب على الاستثناء من «الأهل» .
41- وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «مجراها» : فى موضع رفع على الابتداء، و «مرساها» : عطف عليه، والخبر: «بسم الله» والتقدير:
بسم الله إجراؤها وإرساؤها.
ويجوز أن يرتفعا بالظرف لأنه متعلق بما قبله، وهو «اركبوا» .
ويجوز أن يكون «مجراها» ، فى موضع نصب على الظرف على تقدير حذف ظرف مضاف إلى «مجراها» ، بمنزلة قولك: آتيك مقدم الحاج أي: وقت مقدم الحاج فيكون التقدير: بسم الله وقت إجرائها وإرسائها.
وقيل: تقديره فى النصب: بسم الله فى موضع إجرائها، ثم حذف المضاف، وفى التفسير ما يدل على نصبه على الظرف.(4/215)
قال الضحاك: كأن يقول: وقت جريها: بسم الله، فتجرى، ووقت إرسائها: بسم الله، فترسى.
والباء فى «بسم الله» متعلقة ب «اركبوا» ، والعامل فى «مجراها» إذا كان ظرفا، معنى الظرف فى بسم الله ولا يعمل فيه «اركبوا» لأنه لم يرد: اركبوا فيها فى وقت الجري والرسو إنما المعنى: سموا اسم الله وقت الجري والرسو والتقدير: اركبوا الآن متبركين باسم الله فى وقت الجري والرسو.
وإذا رفعت «مجراها» بالابتداء وما قبله خبره، كانت الجملة فى موضع الحال من الضمير فى «فيها» لأن فى الجملة عائدا يعود على الهاء، فى «فيها» ، وهو الهاء لأنهما جميعا للسفينة، ويكون العامل فى الجملة، التي هى حال، «ها» فى «فيها» ، ولا يجوز أن تتعلق الباء ب «اركبوا» ، مع كونها فى موضع الحال المقدرة: متبركين باسم الله، مع كون مجراها ومرساها بسم الله.
والذي ذكره سهو، لأن كل جار ومجرور وقع حالا إنما يتعلق بمحذوف، كما أنهما كذلك إذا أوقعا صفة وخبرا قد يصح تعلق الباء فى «بسم الله» بنفس «اركبوا» ، كما ذكر، لما يثبت من معنى الفعل، ولا يحسن أن تكون هذه الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «بسم الله» ، إن جعلته خبرا ل «مجراها» ، فإنما يعود على المبتدأ، وهو «مجراها» ، وإن رفعت «مجراها» بالظرف لم يكن فيه ضمير، والهاء فى «مجراها» إنما تعود على «الهاء» فى «فيها» .
فإذا نصبت «مجراها» على الظرف عمل فيه «بسم الله» ، فكانت الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، على تقدير قولك: خرج بثيابه، وركب بسلاحه ومنه قوله: «وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ» 5: 61، فقولك: بثيابه، وبسلاحه، وبالكفر، وبه، كلها فى موضع الحال فكذلك «بسم الله مجراها» فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، إذا نصبت «مجراها» على الظرف تقديره: اركبوا فيها متبركين باسم الله فى وقت الجري والرسو فيكون فى «بسم الله» ضمير يعود على المضمر فى «اركبوا» ، وهو ضمير المأمورين، فتصح الحال منهم لأجل الضمير الذي يعود عليهم، ولا يحسن على هذا التقدير أن تكون الجملة فى موضع نصب على الحال، إنما هو ظرف ملغى وإذا كان ملغى لم يعتد بالضمير المتصل به، وإنما يكون «مجراها» من جملة الحال، لو رفعته بالابتداء.
ولو أنك جعلت الجملة فى موضع الحال من الهاء فى «فيها» ، على أن تنصب «مجراها» على الظرف، لصار التقدير: اركبوا فيها متبركة باسم الله فى وقت الجري، وليس المعنى على ذلك لأنه لا يدعى على السفينة بالتبرك، إنما التبرك لركابها.(4/216)
ولو جعلت «مجراها» و «مرساها» فى موضع اسم فاعل، لكانت حالا مقدرة، ولجاز ذلك، ولجعلتها فى موضع نصب على الحال من «اسم الله» ، وإنما كانت ظرفا فيما تقدم من الكلام، على أن تجعل «مجراها» فى موضع اسم فاعل.
فأما إن جعلت «مجراها» بمعنى: جارية و «مرساها» بمعنى: راسية، فكونه حالا مقدرة حسنا.
فأما من فتح الميم وضمها فى «مجراها» :
فمن فتح، أجرى الكلام على: جرت مجرى، ومن ضم، أجراه على: أجراها الله مجرى.
وقد قرأ عاصم الجحدري «مجريها ومرسيها» ، بالياء، جعلهما نعتا لله جل ذكره.
ويجوز أن يكونا فى موضع رفع على إضمار مبتدأ أي: هو مجريها ومرسيها.
42- وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ «معزل» : من كسر الزاى، جعله اسما للمكان، ومن فتح فعلى المصدر.
«يا بنى» : الأصل فى «بنى» ثلاث ياءات: ياء التصغير، وياء بعدها، هى لام الفعل، وياء بعد لام الفعل، وهى ياء الإضافة، فلذلك كسرت لام الفعل لأن حق ياء الإضافة فى المفردات أن يكسر ما قبلها أبدا، فأدغمت ياء التصغير فى لام الفعل لأن حق ياء التصغير السكون، والمثلان من غير حذف: المد واللين، إذا اجتمعا، وكان الأول ساكنا، لم يكن بد من إدغامه فى الثاني، وحذفت ياء الإضافة لأن الكسرة، تدل عليها، وحذفها فى النداء هو الأكثر فى كلام العرب لأنها حلت محل التنوين، والتنوين فى المعارف لا يثبت فى النداء، فوجب حذف ما هو مثل التنوين وما يقوم مقامه، وهو ياء الإضافة، وقوى حذفها فى مثل هذا اجتماع الأمثال المستقلة مع الكسر، وهو ثقيل أيضا.
وقد قرأ عاصم بفتح الياء، وذلك أنه أبدل من كسرة لام الفعل فتحة، استثقالا لاجتماع الياءات مع الكسرة، فانقلبت ياء الإضافة ألفا، ثم حذفت الألف كما تحذف ياء، فبقيت الفتحة على حالها، وقوى حذف الألف لأنها عوض مما تحذف فى النداء، وهو ياء الإضافة.
وقد قرأ ابن كثير فى غير هذا الموضع فى لقمان» 13، 16، 17، بإسكان الياء والتخفيف: وذلك أنه حذف ياء الإضافة للنداء، فبقيت ياء مكسورة مشددة، والكسرة كياء، فاستثقل ذلك فحذف لام الفعل، فبقيت ياء التصغير ساكنة.(4/217)
43- قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ العامل فى «اليوم» هو: «من أمر الله» تقديره: لا عاصم من أمر الله، و «لا عاصم» : فى موضع رفع بالابتداء، و «من أمر الله» : الخبر، و «من» : متعلقة بمحذوف تقديره: لا عاصم مانع من أمر الله اليوم.
ويجوز أن يكون «من أمر الله» صفة ل «عاصم» ، ويعمل فى «اليوم» ، وتضمر خبرا ل «عاصم» .
ولا يجوز أن يتعلق «من» ب «عاصم» ، ولا ينصب «اليوم» ب «عاصم» ، لأنه يلزم أن ينون «عاصما» ، ولا يبنى على الفتح لأنه يصير ما تعلق به وما عمل فيه من تمامه، ونظيره: (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) 12: 92 «إلّا من رحم» : من، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع، و «عاصم» على بابه تقديره: لا أحد يمنع من أمر الله لكن من رحم الله فإنه معصوم.
وقيل: «من» : فى موضع رفع، على البدل من موضع «عاصم» ، وذلك على تقديرين:
أحدهما: أن يكون «عاصم» على بابه فيكون التقدير: لا يعصم اليوم من أمر الله إلا الله.
وقيل: إلا الراحم، والراحم، هو الله جل ذكره.
والتقدير الثاني: أن يكون «عاصم» بمعنى: معصوم فيكون التقدير: لا معصوم من أمر الله اليوم إلا المرحوم.
46- قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ «إنه عمل غير صالح» : الهاء، تعود على «السؤال» أي: إن سؤالك إياى أن أنجى كافرا عمل غير صالح.
وقيل: هو من قول نوح لابنه، وذلك أنه قال له «اركب معنا ولا تكن مع الكافرين» : إن كونك مع الكافرين عمل غير صالح فيكون هذا من قول نوح لابنه، متصلا بما قبله.
وقيل: الهاء فى «أنه» تعود على ابن نوح، وفى الكلام حذف مضاف تقديره: إن ابنك ذو عمل غير صالح.(4/218)
فأما «الهاء» فى قراءة الكسائي، فهى راجعة على «الابن» ، بلا اختلاف لأنه قرأ «عمل» بكسر الميم وفتح اللام، ونصب «غيرا» .
50- وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ يجوز رفع «غيره» على النعت أو البدل، من موضع «إله» .
ويجوز الخفض على النعت أو البدل من لفظ «إله» ، وقد قرىء بهما.
ويجوز النصب على الاستثناء.
52- وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ...
«مدرارا» : حال من «السماء» ، وأصله الهاء، والعرب تحذف الهاء من «مفعال» على طريق النسب.
64- وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ...
«آية» : نصب على الحال من «الناقة» .
66- فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ «يومئذ» : من فتح الميم من «يوم» ، فذلك لإضافته إلى غير متمكن، وهو «إذ» .
ومن كسر الميم أعرب وخفض لإضافته «الخزي» إلى «اليوم» ، فلم يبنه.
67- وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ إنما حذفت التاء من «أخذ» لأنه قد فرق بين المؤنث، وهو الصيحة، وبين فعله، وهو «أخذ» بقوله الذين ظلموا» ، وهو مفعول «أخذ» ، فقامت التفرقة مقام التأنيث. وقد قال فى آخر السورة فى قصة شعيب وأخذت» الآية: 84، فجرى التأنيث على الأصل ولم يعتد بالتفرقة.
وقيل: إنما حذفت التاء، لأن تأنيث «الصيحة» غير حقيقى، إذ ليس لها ذكر من لفظها.
وقيل: إنما حذف التاء، لأنه حمل على معنى الصياح، إذ الصيحة والصياح، بمعنى واحد، وكذلك العلة كل ما شابهه.(4/219)
69- وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ «سلاما» : انتصب على المصدر.
وقيل: هو منصوب ب «قالوا، كما تقول: قلت خيرا لأنه لم يحك قولهم، وإنما «السلام» بمعنى: قولهم فأعمل فيه، كما تقول: قلت حقا، لمن سمعته يقول: لا إله إلا الله، فلم تذكر ما قال، إنما جئت بلفظ تحقق قوله، فأعملت فيه القول، وكذلك «سلام» فى الآية، إنما هو معنى ما قالوا، ليس هو لفظهم بعينه فيحكى.
ولو رفع، لكان محكيا، وكان قولهم بعينه.
فالنصب أبدا فى هذا وشبهه مع «القول» إنما هو معنى ما قالوا لا قولهم بعينه، والرفع على أنه قولهم بعينه حكاه عنهم.
«سلام» : رفعه على الحكاية «لقولهم» ، وهو خبر ابتداء محذوف، أو مبتدأ تقديره: قال: هو سلام، أو: أمرى سلام، أو: عليكم سلام، فنصبها جميعا يجوز على ما تقدم، ورفعهما جميعا يجوز على الحكاية والإضمار.
«فما لبث أن» : أن، فى موضع نصب على تقدير حذف حرف تقديره: فما لبث عن أن جاء.
وأجاز الفراء أن يكون فى موضع رفع ب «لبث» ، تقديره عنده: فما لبث مجيئه أي: ما أبطأ مجيئه بعجل، ففى «لبث» ، على القول الأول، ضمير إبراهيم، ولا ضمير فيه على القول الثاني.
وقيل: «ما» بمعنى «الذي» ، وفى الكلام حذف مضاف تقديره: فالذى لبث إبراهيم قدر مجيئه بعجل أراد أن يبين فيه قدر إبطائه ففى «لبث» ضمير الفاعل، وهو إبراهيم ايضا.
71- وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ومن رفع «يعقوب» جعله مبتدأ، وما قبله خبره، والجملة، فى موضع نصب على الحال المقدرة من المضمر المنصوب فى «بشرناها» ، فيكون «يعقوب» داخلا فى البشارة.
ويجوز رفع «يعقوب» على إضمار فعل، تقديره: ويحدث من وراء إسحاق يعقوب فيكون «يعقوب» على هذا القول غير داخل فى البشارة.(4/220)
ومن نصب «يعقوب» جعله فى موضع خفض على إضمار العطف على إسحاق، لكنه لم ينصرف للتعريف والعجمة، وهو مذهب الكسائي.
وهو ضعيف عند سيبويه والأخفش إلا بإعادة الخافض، لأنك فرقت بين الجار والمجرور بالظرف، وحق المجرور أن يكون ملاصقا للجار، والواو قامت مقام حرف الجر، ألا ترى أنك لو قلت: مررت بزيد فى الدار وعمرو وحق الكلام: مررت بزيد وعمرو فى الدار، وبشرناها بإسحاق ويعقوب من ورائه.
وقيل: «يعقوب» : منصوب محمول على موضع «وإسحاق» وفيه بعد أيضا، للفصل بين حرف الجر والمعطوف بقوله «ومن وراء إسحاق» ، كما كان فى الخفض و «يعقوب» فى هذين القولين داخل فى البشارة.
وقيل: هو منصوب بفعل مضمر دل عليه الكلام تقديره: من وراء إسحاق وهبنا لها يعقوب، فلا يكون داخلا فى البشارة.
72- قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ انتصب «شيخ» على الحال من المشار إليه، فالعامل فى الحال الإشارة والتنبيه، ولا تجوز هذا الحال إلا إذا كان المخاطب يعرف صاحب الحال، فتكون فائدة الإخبار فى الحال الإشارة، فإن كان لا يعرف صاحب الحال صارت فائدة الإخبار إنما هى فى معرفة صاحب الحال، ولا يجوز أن تقع له الحال، لأنه يصير المعنى: إنه فلان فى حال دون حال، ولو قلت: هذا زيد قائما، لمن لم يعرف زيدا، لم يجز لأنك تخبر أن المشار إليه هو «زيد» فى حال قيامه، فإن زال عن القيام لم يكن «زيدا» .
وإذا كان المخاطب يعرف «زيدا» بعينه، فإنما أفدته وقوع الحال منه، وإذا لم يكن يعرف عينه، فإنما أفدته معرفة عينه، فلا يقع منه حال، لما ذكرنا.
والرفع فى «شيخ» ، على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هذا بعلى هو شيخ أو «بعلى» بدل من المبتدأ، و «شيخ» : خبر أو يكونا معا خبرين.
74- فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ مذهب الأخفش والكسائي أن «يجادلنا» فى موضع «جادلنا» ، لأن جواب «لما» يجب أن يكون ماضيا، فجعل المستقبل مكانه، كما كان جواب الشرط أن يكون مستقبلا فيجعل فى موضعه الماضي.
وقيل: المعنى: أقبل يجادلنا، فهو حال من إبراهيم عليه السلام.(4/221)
78- وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ «هنّ أطهر لكم» : ابتداء وخبر، لا يجوز عند البصريين غيره.
وقد روى أن عيسى بن عمر قرأ «أطهر» ، نصب «أطهر» على الحال، وجعل «هن» فاصلة، وهو بعيد ضعيف.
«ضيفى» : أصله المصدر، فلذلك لا يثنى ولا يجمع.
81- قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ «إلّا امرأتك» : قرأه ابن كثير وأبو عمرو: بالرفع، على البدل من «أحد» ، وأنكر أبو عبيد الرفع على البدل، وقال: يجب على هذا أن يرفع ب «يلتفت» ، ويجعل «لا» للنفى لأنه يصير المعنى، إذا أبدلت «المرأة» من «أحد» ، وجزمت «يلتفت» على النهى: أن المرأة أباح لها الالتفات وذلك لا يجوز ولا يصح فيه البدل إلا برفع «يلتفت» ، ولم يقرأ به أحد.
وقال المبرد: مجاز هذه القراءة، أن المراد بالنهى المخاطب، ولفظه لغيره، كما تقول لخادمك: لا يخرج فلان فقط، النهى لفلان، ومعناه للمخاطب، فمعناه: لا تدعه يخرج، فكذلك معنى النهى إنما هو ل «لوط» : أي: لا تدعهم يلتفتون إلا امرأتك وكذلك قولك: لا يقم أحد إلا زيد معناه: انههم عن القيام إلا زيدا.
فأما النصب فى «امرأتك» فعلى الاستثناء، لأنه نهى وليس بنفي، ويجوز أن يكون مستثنى من قوله «فأسر بأهلك إلا امرأتك» ، ولا يجوز فى «المرأة» على هذا إلا النصب، إذا جعلتها مسثناة من «الأهل» ، وإنما حسن الاستثناء بعد النهى لأنه كلام تام، كما أن قولك: جاءنى القوم، كلام تام ثم تقول: إلا زيدا، فتستثنى وتنصب.
87- قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ «أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء» : من قرأه بالنون فيهما، عطفه على مفعول «نترك» ، وهو «ما» ولا يجوز عطفه على مفعول «تأمرنا» ، وهو «أن» لأن المعنى يتغير.(4/222)
ومن قرأ «ما تشاء» بالتاء، كان «أو أن نفعل» معطوفا على مفعول «تأمرك» ، وهو «أن» ، بخلاف الوجه الأول.
89- وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ «شقاقى» : معناه: مشاققتى، وهو فى موضع رفع ب «يجرمنكم» .
91- قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ «ضعيفا» : حال من الكاف فى «نراك» ، لأنه من رؤية العين.
93- وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ «من يأتيه» : من، فى موضع نصب ب «تعلمون» ، وهو فى المعنى مثل: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) 22: 220 أي: يعلم هذين الجنسين، كذلك المعنى فى الآية: فسوف تعلمون هذين الجنسين.
وأجاز الفراء أن يكون «من» استفهاما، فيكون فى موضع رفع وكون «من» الثانية، موصولة على البدل، على أن الأولى موصولة أيضا، وليست باستفهام.
«ما دامت السّموات» : ما، فى موضع نصب تقديره: وقت دوام السموات.
108- وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ «إلا ما شاء ربك» : ما، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
«وأما الّذين سعدوا» : قرأ حفص والكسائي وحمزة: بضم السين، حملا على قولهم: مسعود، وهى لغة قليلة شاذة، وقولهم «مسعود» إنما جاء على حذف الزائد، كأنه من، «أسعده الله» ولا يقال: سعده الله فهو مثل قولهم: أجنه الله، فهو مجنون، فمجنون، أتى على «جنة الله» ، وإن كان لا يقال وكذلك «مسعود» أتى على «سعده الله» ، وإنك ان لا يقال.
وضم السين فى «سعدوا» ، بعيد عند أكثر النحويين، إلا على تقدير: حذف الزائد، كأنه قال: وأما الذين أسعدوا.(4/223)
111- وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «وإنّ كلّا لمّا» : من شدد «إن» أتى بها على أصلها وأعمالها فى كل واللام فى «لما» لام تأكيد، دخلت على «ما» ، وهى خبر «إن» ، و «ليوفينهم» جواب القسم تقديره: وإن كلا لخلق أو لبشر ليوفينهم.
ولا يحسن أن تكون «ما» زائدة، فتصير اللام داخلة على «ليوفينهم» ، ودخولها على لام القسم لا يجوز.
وقد قيل: إن «ما» زائدة، لكن دخلت لتفصيل بين اللامين اللتين تتلقيان القسم: وكلاهما مفتوح، وتفصل بينهما ب «ما» .
فأما من خفف «إن» فإنه خفف استثقالا للتضعيف، وأعملها فى «كل» مثل عملها مشددة، واللام مشددة، واللام فى «لما» على حالها.
فأما تشديد «لما» فى قراءة عاصم وحمزة وابن عامر فإن الأصل فيها «لمن ما» ثم أدغم النون فى الميم، فاجتمع ثلاث ميمات فى اللفظ، فحذفت الميم المكسورة وتقديره: وإن كلا لمن خلق ليوفينهم ربك.
وقيل: التقدير: لمن ما فتح الميم فى «من» فتكون «ما» زائدة، وتحذف إحدى الميمات لتكون الميم فى اللفظ على ما ذكرنا فالتقدير: لمن ليوفينهم.
وقد قيل: إن «لما» ، فى هذا الموضوع: مصدر «لمّ» ، أجرى فى الوصل مجراه فى الوقف وفيه بعد لأن إجراء الشيء فى الوصل مجراه فى الوقف إنما يجوز فى الشعر.
وقد حكى عن الكسائي أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل فى «لما» .
وقد قرأ الزهري «لما» ، مشددة منونة، مصدر «لمّ» .
ولو جعلت «إن» فى حال التخفيف بمعنى «ما» ، لرفعت «كلا» ، ولصار التشديد فى «لما» على معنى «إلا» ، كما قال: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها) 86: 4، بمعنى: ما كل نفس إلا عليها، على قراءة من شدد «لما» ، وفى حرف أبى: «وإن كل لنوفينهم» ، «إن» بمعنى: «ما» .
وقرأ الأعمش: «وإن كل لما لنوفينهم» ، يجعل «إن» بمعنى «ما» ، و «لما» بمعنى: «إلا» ، ويرفع «كل» بالابتداء فى ذلك كله، و «ليوفينهم» : الخبر.
وقد قيل: إن «ما» : زائدة، فى قراءة من خفف، و «لنوفينهم» : الخبر.(4/224)
116- فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ «إلا قليلا ممّن أنجينا» : نصب على الاستثناء المنقطع.
وأجاز الفراء الرفع فيه على البدل من «أولوا» ، وهو عنده مثل قوله: (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) 10: 92، هو استثناء منقطع.
ويجوز فيه الرفع على البدل عنده، كما قال:
وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس
فرفع «اليعافير» على البدل من «أنيس» ، وحقه النصب، لأنه استثناء منقطع.
- 12- سورة يوسف
2- إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «قرآنا» : حال من الهاء فى «أنزلناه» ، ومعناه: أنزلناه مجموعا و «عربيا» : حال أخرى.
ويجوز أن يكون «قرآنا» : توطئة للحال و «عربيا» ، هو الحال كما تقول: مررت بزيد رجلا صالحا، ف «رجل» : توطئة للحال، و «صالح» هو الحال.
4- إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ «إذ قال يوسف» : العامل فى «إذ» قوله: «الغافلين» الآية: 3.
وقرأ طلحة بن مصرف «يؤسف» ، بكسر السين والهمز يجعله عربيا على «يفعل» ، من «الأسف» لكنه لم ينصرف للتعريف، ووزن الفعل.
وحكى أبو زيد «يؤسف» ، بفتح السين والهمز، جعله «يفعل» ، من «الأسف» أيضا وهو عربى، ولم ينصرف لما ذكرنا.(4/225)
ومن ضم السين جعله أعجميا لم ينصرف، للتعريف والعجمة.
وليس فى كلام العرب «يفعل» ، فلذلك لم يكن عربيا على هذا الوزن.
«يا أبت» : التاء، فى «يا أبت» ، إذا كسرتها فى الوصل، فهى بدل من ياء الإضافة، عند سيبويه ولا يجمع بين التاء، وياء الإضافة عنده ولا يوقف على قوله «يأبه» إلا بالهاء إذ ليس ثم ياء مقدرة، وبذلك وقف ابن كثير وابن عامر بفتح التاء، قدرا أن «الياء» محذوفة، على حذفها، فى الترخيم، ثم رداها ولم يعتدا بها، ففتحاها كما كان الاسم قبل رجوعها مفتوحا، كما قالوا: يا طلحة، ويا أميمة، بالفتح فقياس الوقف على هذا أن تقف بالهاء، كما يوقف على: طلحة، وأميمة.
وقيل: إنه أراد: «يا أبتاه» ، ثم حذف الألف لأن الفتحة تدل عليها، فيجب على هذا أن تقف بالتاء لأن الألف مرادة مقدرة.
وقيل: إنه أراد: «يا أبتاه» ، ثم حذف، وهذا ليس بموضع ندبة.
وأجاز النحاس ضم التاء على الشبه بتاء «طلحة» ، إذا لم يرخم. ومنه الزجاج.
«ساجدين» : حال من الهاء والميم فى «رأيتهم» لأنه من رؤية العين، وإنما أخبر عن الكواكب بالياء، والنون، وهى لا تعقل، لأنه لما أخبر عنها بالطاعة والسجود، وهما من فعل من يعقل، جرى «ساجدين» على الإخبار عمن يعقل، إذ قد حكى عنها فعل من يعقل.
6- وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «كما أتمّها» : الكاف، فى موضع نصب، نعتا لمصدر محذوف تقديره: إتماما كما أتمها.
7- لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ «آيات للسائلين» : فى وزن «آية» أربعة أقوال:
قال سيبويه: هى «فعلة» ، وأصله «أيية» ، ثم أبدلوا من الياء الساكنة ألفا، هذا معنى قوله ومثله عنده: غاية، وراية واعتلال هذا عنده شاذ لأنهم أعلوا العين وصححوا اللام، والقياس إعلال اللام وتصحيح العين.(4/226)
وقال الكوفيون: إنه «فعلة» ، بفتح العين، وأصلها: أيية، فقلبت الياء الأولى ألفا، إذ كان الأصل أن تعل الياء الثانية وتصحح الأولى فيقال: أياة.
وقال بعض الكوفيين: إنه «فعلة» وأصلها: «أيية» ، فقلبت الياء الأولى ألفا، لانكسارها وتحرك ما قبلها، وكانت الأولى أولى بالعلة من الثانية، لثقل الكسرة عليها وهذا قول صالح جار على الأصول.
وقال ابن الأنبارى: إن وزنها: فاعلة وأصلها: آيية، فأسكنت الياء الأولى استثقالا للكسرة على الياء، وأدغموها فى الثانية فصارت: آية، مثل لفظ «دابة» ووزنها، ثم خففوا الياء، كما قالوا: كينونة، بتخفيف الياء ساكنة، وأصلها: كينونة، ثم خففوا فخذفوا الياء الأولى المتحركة استثقالا للياء المشددة مع طول الكلمة.
وهذا قول بعيد من القياس، إذ ليس فى «آية» طول يجب الحذف معه، كما فى «كينونة» .
9- اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ «أرضا» : ظرف وذكر النحاس أنه غير مبهم، وكان حق الفعل ألا يتعدى إليه إلا بحرف، لكن حذف الحرف.
11- قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ «تأمنا» أصلها: تأمننا، ثم أدغمت النون الأولى فى الثانية، وبقي الإشمام يدل على ضمة النون الأولى، والإشمام: هو ضمك شفتيك من غير صوت يسمع، فهو بعد الإدغام، وقبل فتحة النون الثانية.
وابن كيسان يسمى «الإشمام» : الإشارة، ويسمى «الروم» : إشماما، والروم: صوت ضعيف يسمع خفيفا يكون فى المرفوع والمخفوض والمنصوب الذي لا تنوين فيه، والإشمام، لا يكون إلا فى المرفوع.
12- أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «يرتع» : من كسر العين من القراء جعله من «رعا» ، فحذف «الياء» علم على الجر، فهو «يفتعل» ، والياء زائدة، من: رعى الغنم.
وقيل: هو من قولهم: رعاك الله أي: حرسك، فمعناه على هذا: نتحارس.(4/227)
ومن قرأه بإسكان العين، أسكنها للجرم وجعله من «رتع» ، فهو يفعل، والياء أصلية.
13- قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ «أن» ، الأولى: فى موضع رفع ب «يحزننى» ، و «أن» ، الثانية: فى موضع نصب ب «أخاف» .
16- وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ «عشاء» : نصب على الظرف، وهو فى موضع الحال من المضمر فى «جاءوا» .
17- قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ «ولو كنّا» : قال المبرد: «لو» : بمعنى «إن» .
18- وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ «بدم كذب» أي: دم ذى كذب.
«فصبر» : رفع على إضمار مبتدأ تقديره: فأمرى صبر أو فشأنى صبر.
وقال قطرب: تقديره: فصبرى صبر و «جميل» : نعت ل «صبر» .
ويجوز النصب. ولم يقرأ به على المصدر، على تقدير: فأنا أصبر صبرا.
والرفع الاختيار فيه، لأنه ليس بأمر، ولو كان «أمرا» ، لكان الاختيار فيه النصب.
19- وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ «يا بشرى» : قرأه ابن إسحاق وغيره: من غير ألف، وعلة ذلك أن ياء الإضافة حقها أن ينكسر ما قبلها، فلما لم يكن ذلك فى الألف قلبت ياء، فأدغمت فى ياء الإضافة، ومثله «هداى» 2: 38 20: 123.
وقد قرأه الكوفيون بغير ياء كأنهم جعلوا «بشرى» اسما للمنادى، فيكون فى موضع ضم.(4/228)
وقيل: إنه إنما نادى «البشرى» ، كأنه قال: يا أيتها البشرى هذا زمانك وعلى هذا المعنى، قرأ القراء:
(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) 36: 30 كأنه نادى «الحسرة» .
«وأسرّوه» : الهاء، ليوسف عليه السلام والضمير لإخوته.
وقيل: الضمير للتجار، و «بضاعة» : نصب على الحال من «يوسف» معناه: مبضوعا.
20- وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ ...
«دراهم» : فى موضع خفض، على البدل من «ثمن» .
23- وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ «هيت» : لفظة مبينة غير مهموزة، يجوز فيها فتح الياء وكسرها وضمها، والكسر فيه بعد، لاستثقال الكسرة بعد الياء ومعناها: الاستجلاب ليوسف إلى نفسها، بمعنى: هلم لك ومنه قولهم: هيت فلان إذا دعاه.
فأما من همزه، فإنه جعله من: تهيأت لك، وفيه بعد فى المعنى لأنها لم تخبره بحالها أنها تهيأت له، إنما دعته إلى نفسها.
فأما من همز وضم التاء، فهو حسن لأنه جعله من: تهيأت لك جعله فعلا، أجراء على الإخبار به عن نفسها بحالها وهى تاء المتكلم.
ويبعد الهمز مع كسر التاء، لأن يوسف عليه السلام لم يخاطبها، فتكون التاء للخطاب لها، إنما هى دعته وخاطبته، فلا يحسن مع الهمز إلا ضم التاء ولو كان الخطاب من يوسف لقال: هيت لى، على الإخبار عن نفسه وذلك لا يقرأ به.
فأما فتح الهاء وكسرها، فلغتان، وذلك فى «هيت لك» مثل: سقيا لك.
«معاذ الله» : نصب على المصدر تقول: معاذا، ومعاذة، وعياذا، وعياذة.
«إنّه ربّى أحسن مثواى» : ربى، موضع نصب على البدل من الهاء و «أحسن» : خبر «إن» .
وإن شئت جعلت الهاء للحديث، اسم «أن» و «ربى» : فى موضع رفع بالابتداء و «أحسن» :
خبره والجملة فى موضع رفع خبر «إن» .(4/229)
«إنّه لا يفلح» : الهاء، للحديث، وهى اسم «إن» ، وما بعدها الخبر.
24- وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ «لولا أن رأى» : أن، فى موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف. وحكم «لولا» تدخل على الأفعال لما فيها من معنى الشرط لأنها لا تغير معنى الماضي إلى الاستقبال، كما تفعل حروف الشرط، ومعناها امتناع الشيء لامتناع غيره، فإن وقع بعدها الاسم ارتفع على إضمار فعل إلا «أن» ، فإنها يرتفع ما بعدها بالابتداء، لأن الفعل الذي فى صلتها يغنى عن إضمار فعل قبلها فإن ردت معها لزال منها معنى الشرط ووقع بعدها الابتداء والخبر مضمر فى أكثر الكلام ولا بد لها من جواب مضمر أو مظهر، ولا يليها إلا الأسماء، ويصير معناها امتناع الشيء لوجود غيره فتقدير الآية: لولا أن رأى برهان ربه فى ذلك الوقت لكان منه كذا وكذا فالخبر والجواب محذوفان، فلو كانت «لولا» بمعنى «هلا» وقع بعدها الفعل نحو قوله: «فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ» 10: 98، وهو كثير.
ومعناها فى هذا الموضع التخصيص على الشيء، ولك أن تضمر الفعل بعدها، فتقول: لولا فعلت خيرا ونظيرها فى هذا المعنى: «لو ما» .
«كذلك لنصرف» : الكاف، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره: أمر البراهين كذلك.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: أريناه البراهين رؤية كذلك.
27- وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ «وإن كان قميصه» : «إن» : للشرط، وهى ترد جميع الأفعال الماضية إلى معنى الاستقبال، إلا «كان» .
لقوة «كان» وكثرة تصرفها، وذلك أنها يعبر بها عن جميع الأفعال.
31- فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ الأصل فى «حاش» أن تكون بالألف، لكن وقعت فى المصحف بغير ألف، اكتفاء بالفتحة من الألف، كما حذفت النون فى «لم يك» . و «حاش» : فعل ماض على «فاعل» ، مأخوذ من «الحشى» ، وهى الناحية.
ولا يحسن أن يكون حرفا، عند أهل النظر، وأجاز ذلك سيبويه ومنعه الكوفيون، فإنه لو كان حرف جر ما دخل(4/230)
على حرف جر، لأن الحروف لا يحذف منها إلا إذا كان فيها تضعيف، نحو: لعل، ورب.
ومعنى «حاشى لله» : بعد يوسف عن هذا الذي رمى به لله أي: لخوفه الله ومراقبته.
وقال المبرد: يكون «حاشى» : حرفا، ويكون فعلا، واستدل على أنها تكون فعلا بقول النابغة:
ولا أحاشى من الأقوام من أحد
ف «من أحد» : فى موضع نصب ب «أحاشى» .
وقال غيره: «حاشى» : حرف. و «أحاشى» : فعل، أخذ من الحرف، وهى من حروفه كما قالوا: لا إله إلا الله، ثم اشتق من حروف هذه الجملة فعل، فقالوا: أهلل فلان، ومثله قولهم: بسمل فلان، إذا قال: بسم الله وحوقل فلان: إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله وهو كثير.
وقال الزجاج: معنى «حاشى لله» : براءة لله تعالى فمعناه: قد تنحى يوسف من هذا الذي رمى به.
وحكى أهل اللغة: «حشى لله» ، بحذف الألف الأولى، وهى لغة.
والنصب ب «حاشى» ، عند المبرد، فى الاستثناء، أحسن لأنها فعل فى أكثر أحوالها، وسيبويه يرى الخفض بها، لأنها حرف جر.
35- ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ فاعل «بدا» ، عند سيبويه: محذوف، قائم مقامه «ليسجننه» .
وقال المبرد: فاعله المصدر الذي دل عليه «بدا» .
وقيل: الفاعل محذوف لم يعوض منه شىء تقديره: ثم بدا لهم رأى.
38- وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ...
«أن» : اسم «كان» فى موضع رفع، و «لنا» : خبر «كان» ، و «من شىء» : فى موضع نصب مفعول «نشرك» ، و «من» : زائدة، مؤكدة للنفى.
40- ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ...
أصل «سمى» : أن يتعدى إلى مفعولين، يجوز حذف أحدهما، والثاني هنا محذوف تقدير: سميتموها آلهة.
و «أنتم» : توكيد ل «التاء» ، فى «سميتموها» ، ليحسن العطف عليها.(4/231)
41- يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً ...
سقى، وأسقى، لغتان.
وقيل: سقى: معناه: ناول الماء وأسقى: جعل له سقاء ومنه قوله تعالى: (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) 77: 27 أي: جعلنا لكم ذلك.
43- وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ ...
«سمان» : الخفض على النعت ل «بقرات» وكذلك: «خضر» خفضت على النعت ل «سنبلات» .
ويجوز النصب فى «سمان» ، وفى «خضر» على النعت ل «سبع» كما قال تعالى: (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) 67: 3، على النعت ل «سبع» .
ويجوز خفض «طباق» على النعت ل «سموات» ، ولكن لا يقرأ إلا بما صحت روايته ووافق خط المصحف.
47- قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً ...
«دأبا» : نصب على المصدر لأن: «تزرعون» بدل على «تدأبون» .
وقال أبو حاتم: من فتح الهمزة «دأبا» : وهى قراءة حفص عن عاصم، جعله مصدر «دئب» ، ومن أسكن جعله مصدر «دأب» ، وفتح الهمزة فى الفعل هو المشهور عند أهل اللغة، والفتح والإسكان فى المصدر لغتان كقولهم: النهر والنهر، والسمع والسمع.
وقيل: إنما حرك وأسكن، لأجل حرف الحلق.
64- قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ انتصب «حافظا» على البيان، لأنهم نسبوا إلى أنفسهم حفظ أخى يوسف، فقالوا: (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) الآية: 12، فرد عليهم يعقوب ذلك فقال: الله خير حافظا من حفظكم. فأما من قرأه «حافظا» فنصبه على الحال، عند النحاس، حال من الله جل ثناؤه، على أن يعقوب رد لفظهم بعينه إذ قالوا: (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) الآية: 12، فأخبرهم أن الله هو الحافظ، فجرى اللفظان على سياق واحد.(4/232)
والإضافة فى هذه القراءة جائزة، تقول: «الله خير حافظ» ، كما قال: (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الآية: 12 ولا تجوز الإضافة فى القراءة الأولى، لا تقول: «الله خير حفظ» ، لأن الله ليس هو الحفظ، وهو تعالى الحافظ.
وقال بعض أهل النظر: إن «حافظا» لا ينتصب على الحال، لأن «أفعل» لا بد لها من بيان، ولو جاز نصبه على الحال لجاز حذفه، ولو حذف لنقص بيان الكلام ولصار اللفظ: فالله خير، فلا ندرى معنى الخير فى أي نوع هو؟ وجواز الإضافة يدل على أنه ليس بحال، ونصبه على البيان أحسن، كنصب «حفظ» ، وهو قول الزجاج وغيره.
65- وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي ...
«ما نبغى» : ما، فى موضع نصب ب «نبغى» ، وهى استفهام: ويجوز أن تكون نعتا فيحسن الوقف على «نبغى» ، ولا يحسن فى الاستفهام الوقف على «نبغى» لأن الجملة التي بعده فى موضع الحال.
75- قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ «جزاؤه» ، الأول: مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: قال إخوة يوسف: جزاء السارق عندنا كجزائه عندكم.
وقيل: التقدير: جزاء السارق عندنا كجزائه عندكم، فالهاء، تعود على السارق، أو على السرق ثم ارتفعت «من» بالابتداء، وهى بمعنى «الذي» ، أو للشرط.
وقوله «فهو جزاؤه» : ابتداء وخبر، فى موضع خبر «من» ، «والغاء» جواب الشرط، أو جواب الإبهام الذي فى النهى والهاء فى «فهو» : يعود على الاستعباد، والهاء فى «جزاؤه» يعود على السارق، أو على السرق.
وقيل: إن «جزاؤه» الأول ابتداء، و «من» : خبره، على تقدير حذف مضاف تقديره: قال إخوة يوسف:
جزاء السرق استعباد من وجد فى رحله فهو جزاؤه أي: والاستعباد جزاء السرق فالهاءات تعود على «السرق» لا غير، فى هذا القول.
وقيل: إن «جزاؤه» ، الأول: مبتدأ، و «من» : ابتداء ثان، وهو شرط، أو بمعنى: الذي، و «فهو جزاؤه» :
خبر الثاني، والثاني وخبره خبر عن الأول. و «جزاؤه» ، الثاني: يعود على المبتدأ الأول، لأنه موضوع موضع المضمر، كأنك قلت: فهو هو.(4/233)
«كذلك نجزى» : الكاف، فى موضع نصب على النعت لمصدر محذوف أي: جزاء كذلك نجزى الظالمين.
76- فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ «إلّا أن يشاء الله» : أن، فى موضع نصب، على تقدير حذف حرف جر، أي: إلا بأن يشاء الله.
«نرفع درجات من نشاء» : قرأه الكوفيون بتنوين «درجات» ، فيكون فى موضع نصب ب «نرفع» ، وحرف الجر محذوف مع «درجات» تقديره: نرفع من نشاء إلى درجات.
ومن لم ينون «درجات» نصبها ب «نرفع» ، وأضافها إلى «من» .
77- قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ «فقد سرق» : سرق، فعل ماض محكى تقديره: فقد قيل سرق أخ له.
ولا يجوز أن يقطعوا بالسرق على يوسف، لأن أنبياء الله أجل من ذلك، إنما ذكروا أمرا قد قيل ولم يقطعوا بذلك.
«مكانا» : نصب على البيان.
79- قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ ...
«أن» : فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر أي: أعوذ بالله من أن نأخذ.
80- فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ ...
«نجيّا» : نصب على الحال من المضمر فى «خلصوا» ، وهو واحد يؤدى عن معنى الجمع.
«ومن قبل ما فرّطتم» : يجوز أن يكون «ما» : زائدة، ويكون «من» : متعلقة ب «فرطتم» تقديره: وفرطتم من قبل فى يوسف.
وفيه بعد، للتفريق بين حرف العطف والمعطوف عليه.(4/234)
وقيل: مبنية، فحذف ما أضيفت إليه تقديره: ومن قبل هذا الوقت فرطتم فى يوسف.
فإن جعلت «ما» والفعل مصدرا، لم يتعلق «من» ب «فرطتم» لأنك تقدم الصلة على الموصول، لكن تتعلق بالاستقرار، لأن المصدر مرفوع بالابتداء، وما قبله خبره وفيه نظر.
ويجوز أن تكون متعلقة ب «تعلموا» من قوله «ألم تعلموا» ، ويكون «ما» و «فرطتم» مصدرا فى موضع نصب على العطف على «أن» ، والعامل «تعلموا» وفيه قبح، للتفريق بين حرف العطف والمعطوف ب «من قبل» ، وهو حسن عند الكوفيين، وقبيح عند البصريين.
90- ... إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ «من» : شرط رفع بالابتداء، و «فإن الله» وما بعده: الخبر، والجملة خبر «إن» الأولى، والهاء، للحديث، و «يصبر» : عطف على «يتق» .
وأما ما رواه قنبل عن ابن كثير أنه قرأ «يتقى» بياء، فإن مجازه أنه جعل «من» بمعنى: «الذي» ، فرفع «يتقى» لأنه صلة ل «من» ، وعطف «ويصبر» على معنى الكلام لأن «من» ، وإن كانت بمعنى «الذي» ، ففيها معنى الشرط، ولذلك تدخل الفاء فى خبرها فى أكثر المواضع فلما كان فيها معنى الشرط عطف «ويصبر» على ذلك المعنى فجزمه كما قال (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) 63: 19، فجزم «وأكن» ، حمله على معنى «فأصدق» ، لأنه بمعنى «أصدق» مجزوما، لأنه جواب الشرط.
وقد قيل: إن «من» فى هذه القراءة: للشرط، والضمة مقدرة فى «الياء» - من «يتقى» ، فحذفت للجزم، كما قال الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمى
وفى هذا ضعف لأنه أكثر ما يجوز هذا التقدير فى الشعر.
وقد قيل: إن «من» بمعنى: الذي، و «يصبر» : مرفوع على العطف على «يتقى» ، لكن حذفت الضمة استخفافا، وفيه بعد أيضا.
92- قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لا يجوز أن يكون العامل فى «اليوم» : «لا تثريب» لأنه يصبر من تمامه، وقد بنى «تثريب» على الفتح، ولا يجوز بناء الاسم قيل تمامه، لكن ينصب «اليوم» على الظرف، وتجعله خبرا ل «تثريب» ، و «عليكم» صفة(4/235)
ل «تثريب» ، و «على» : متعلقة بمضمر هو صفة ل «تثريب» على الأصل تقديره: لا تثريب ثابت عليكم اليوم، فتنصب «اليوم» على الاستقرار.
ويجوز أن ينصب «اليوم» ب «عليكم» ، وتضمر خبرا ل «تثريب» ، لأن «عليكم» ، وما عملت فيه صفة ل «تثريب» .
ويجوز أن يجعل «عليكم» : خبر «تثريب» ، وينصب «اليوم» ب «عليكم» ، والناصب ل «اليوم» فى الأصل، هو ما تعلقت به «على» المحذوفة.
96- فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ...
«فارتدّ بصيرا» : نصب على الحال.
100- وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً «سجّدا» : حال من المضمر فى «خروا له» ، وهو حال مقدرة.
107- أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ «بغتة» : حال وأصله المصدر.
109- وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ «والدار الآخرة» : هذا الكلام فيه حذف مضاف تقديره: ولدار الحال الآخرة.
وقد قال الفراء: إن هذا من إضافة الشيء إلى نفسه لأن الدار هى الآخرة.
وقيل: إنه من إضافة الموصوف إلى صفته لأن الدار وصفت بالآخرة، كما قال فى موضع آخر: (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ) 7: 169، على الصفة.
111- لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ انتصب «تصديق» على خبر «كان» مضمرة تقديره: ولكن كان ذلك تصديق الذي بين يديه.
ويجوز الرفع تقديره: ولكن هو تصديق.
ولم يقرأ به أحد.(4/236)
- 13- سورة الرعد
1- المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ «الذي» : فى موضع رفع على العطف على «آيات» ، أو على إضمار «هو» و «الحق» : نعت ل «الذي» .
ويجوز أن يكون «الذي» فى موضع خفض، على العطف على «الكتاب، ويكون «الحق» رفعا على إضمار مبتدأ.
2- اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ...
يجوز أن تكون «ترونها» فى موضع خفض على النعت ل «عمد» ، ويكون المعنى: أن ثم عمدا ولكن لا ترى.
ويجوز أن يكون «ترونها» فى موضع نصب على الحال من «السموات» ، والمعنى: أنه ليس ثم عمد البتة.
ويجوز أن تكون «ترونها» لا موضع له من الإعراب، على معنى: وأنتم ترونها، ولا يكون أيضا ثم عمد.
5- وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ...
العامل فى «أئذا» : فعل محذوف، دل عليه الكلام تقديره: أنبعث إذا.
ومن قرأه على لفظ الخبر، كان تقديره: لانبعث إذا كنا لأنهم أنكروا البعث، فدل إنكارهم على هذا الحذف.
ولا يجوز أن يعمل «كنا» فى «إذا» لأن القوم لم ينكروا كونهم ترابا، إنما أنكروا البعث بعد كونهم ترابا، فلا بد من إضمار يعمل فى «إذا» به يتم المعنى.
وقيل: لا يعمل «كنا» فى «إذا» لأن «إذا» مضافة إلى «كنا» ، والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف، ولا يجوز أن يعمل فى «إذا» «مبعوثون» لأن ما بعد «أن» لا يعمل فيما قبلها.(4/237)
7- وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «هاد» : ابتداء، وما قبله خبره، وهو: «ولكل قوم» ، و «اللام» متعلقة بالاستقرار وبالثبات.
ويجوز أن يكون «هاد» عطف على «منذر» ، فتكون اللام متعلقة، ب «منذر» ، أو ب «هاد» وتقديره: إنما أنت منذر وهاد لكل قوم.
8- اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ «يعلم ما تحمل» : إن جعلت «ما» بمعنى «الذي» كانت فى موضع نصب ب «يعلم» ، و «الهاء» محذوفة من «تحمل» تقديره: تحمله.
وإن جعلت «ما» استفهاما كانت فى موضع رفع، الابتداء، و «تحمل» : خبره، وبعدها «هاء» محذوفة، والجملة فى موضع نصب ب «يعلم» .
وفيه بعد، لحذف «الهاء» من الخبر، وأكثر ما يكون فى الشعر، فالأحسن أن يكون «ما» : فى موضع نصب ب «يحمل» ، وهى استفهام.
10- سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ...
«سواء منكم من أسر» : من، رفع بالابتداء، و «سواء» : خبر مقدم والتقدير: ذو سواء منكم من أسر.
ويجوز أن يكون «سواء» بمعنى: مستو، فلا يحتاج إلى تقدير حذف «ذو» .
12- هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ «خوفا وطمعا» : مصدران.
17- أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً ...
«زبد مثله» : ابتداء وخبر.(4/238)
وقال الكسائي: «زبد» : مبتدأ، و «مثله» : نعته، والخبر: «ومما توقدون» ، الجملة.
وقيل: خبر «زبد» : قوله «فى النار» .
«جفاء» : نصب على الحال من المضمر فى «فيذهب» ، وهو ضمير «الزبد» .
23- جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ ...
«من» : فى موضع نصب مفعول معه، أو فى موضع، رفع، على العطف على «أولئك» ، أو على العطف على المضمر المرفوع فى «يدخلونها» وحسن العطف على المضمر المرفوع بغير تأكيد، لأجل الضمير المنصوب الذي حال بينهما، فقام مقام التأكيد.
29- الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» : الذين، ابتداء، و «طوبى» : ابتداء ثان و «لهم» : خبر «طوبى» والجملة خبر عن «الذين» .
ويجوز أن يكون «الذين» : فى موضع نصب، على البدل من «من» ، أو على إضمار: أعنى.
ويجوز أن يكون «طوبى» : فى موضع نصب، على إضمار: جعل لهم طوبى وبنصب «وحسن مآب» ولم يقرأ به أحد.
35- مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...
«مثل» : ابتداء، والخبر محذوف، عند سيبويه تقديره: وفيما يتلى عليكم مثل الجنة، أو فيما يقص عليكم مثل الجنة.
وقال الفراء: «تجرى من تحتها الأنهار» : الخبر، ويقدر حذف «مثل» وزيادتها، وأن الخبر إنما هو عما أضيف إليه «مثل» ، لا عن «مثل» نفسه، فهو ملغى، والخبر عما تقدره، وكأنه قال: الجنة التي وعد المتقون تجرى من تحتها الأنهار، كما يقال: حلية فلان أسمر، على تقدير حذف «الحلية» .
43- وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «كفى بالله شهيدا» : ينتصب «شهيدا» على البيان، و «بالله» فى موضع رفع.
«ومن عنده علم» : فى موضع رفع، عطف على موضع «بالله» ، أو فى موضع خفض على العطف على اللفظ.(4/239)
- 14- سورة إبراهيم
1- الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ...
«كتاب» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هذا كتاب. و «أنزلناه» فى موضع النعت ل «كتاب» .
3- الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ «عوجا» : مصدر، فى موضع الحال.
وقال على بن سليمان: هو مفعول ب «يبغون» ، و «اللام» محذوفة من المفعول الأول تقديره: ويبغون لها عوجا.
4- وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ رفع «فيضل» لأنه مستأنف، ويبعد عطفه على ما قبله لأنه يصير المعنى: إن الرسول إنما يرسله الله ليضل، والرسول لم يرسل للضلال إنما الرسل للبيان.
وقد أجاز الزجاج نصبه على أن يحمله على مثل قوله تعالى (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) 28: 8 لأنه لما كان أمرهم إلى الضلال، مع بيان الرسول لهم، صاروا كأنهم إنما أرسله بذلك.
5- وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ ...
«أن» : فى موضع نصب تقديره: بأن أخرج.
وقيل: هى لا موضع لها من الإعراب، بمعنى «أي» التي تكون للتفسير.
6- وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ ...
«ويذبحون» : إنما زيدت «الواو» لتدل على أن الثاني غير الأول، وحذف «الواو» فى غير هذا الموضع إنما هو على البدل، فالثانى بعض الأول.(4/240)
11- قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «وما كان لنا أن نأتيكم» : أن، فى موضع رفع لأنها اسم «كان» ، و «بإذن الله» : الخبر.
ويجوز أن يكون «لنا» : الخبر.
والأول أحسن.
12- وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا ...
«أن» : فى موضع نصب على حذف الخافض، تقديره: وما لنا فى أن لا نتوكل، و «ما» : استفهام فى موضع الابتداء، و «لنا» : الخبر، وما بعد «لنا» : فى موضع الحال كما تقول: مالك قائما؟ ومالك فى أن لا تقوم؟
17- يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ «ومن ورائه» أي: من قدامه.
وقيل: تقديره: ومن وراء ما يعذب به عذاب غليظ والهاء، على القول الأول: تعود على «الكافرين» ، وفى القول الثاني: تعود على «العذاب» .
18- مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ «مثل» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره، عند سيبويه: وفيما نقص عليكم مثل الذين كفروا.
وقال الكسائي: «كرماد» : الخبر، على حذف مضاف تقديره: مثل أعمال الذين كفروا مثل رماد هذه صفته.
وقيل: «أعمالهم» : بدل من «مثل» ، و «كرماد» : الخبر.
وقيل: «أعمالهم» : ابتداء ثان و «كرماد» ، خبره والجملة خبر عن «مثل» .
ولو كان فى الكلام لحسن خفض «الأعمال» ، على البدل من «الذين» ، وهو بدل الاشتمال.
وقيل: هو محمول على المعنى لأن «الذين» هم المخبر عنهم، فالقصد: إلى الذين، و «مثل» : مقحم، والتقدير: الذين كفروا أعمالهم كرماد، ف «الذين» : مبتدأ، و «أعمالهم» : ابتداء ثان، و «كرماد» :
الخبر والجملة: خبر عن «الذين» .(4/241)
وإن شئت جعلت «أعمالهم» رفعا على البدل من «الذين» ، على المعنى، و «كرماد» : خبر «الذين» تقديره: أعمال الذين كفروا كرماد هذه صفته.
«فى يوم عاصف» أي: عاصف ريحه، كما نقول: مررت برجل قائم أبوه، لم يحذف «الأب» إذا علم المعنى وقيل: تقديره: فى يوم ذى عصوف.
21- وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ
«جميعا» : نصب على الحال من المضمر فى «برزوا» .
«أجز عنا أم صبرنا» : إذا وقعت ألف الاستفهام مع التسوية على ماض دخلت «أم» بعدها على ماض، أو على مستقبل، أو على جملة، نحو (أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) 7: 193، وإذا دخلت الألف التي بمعنى التسوية على اسم جئت ب «أو» بين الاسمين، نحو: سواء على أزيد عندك أو عمرو؟
وإن لم تدخل ألف الاستفهام جئت بالواو بين الاسمين، نحو: سواء على زيد وعمرو.
22- وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ...
«إلا أن دعوتكم» : أن، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
«وما أنتم بمصرخىّ» : من فتح الياء، وهى قراءة الجماعة، فأصلها ياءان: ياء الجمع وياء الإضافة، وفتحت لالتقاء الساكنين، وكان الفتح أخف مع الياءات من الكسر.
ويجوز أن يكون أدغم ياء الإضافة، وهى مفتوحة، فبقيت على فتحها، وهو أصلها، والإسكان فى ياء الإضافة إنما هو للتخفيف.
ومن كسر الياء، وهى قراءة حمزة- وقد قرأ الأخفش بذلك ويحيى بن وثاب- والأصل عنده فى «مصرخى» ثلاث ياءات: ياء الجمع، وياء الإضافة، وياء زيدت للمد، ثم حذفت الياء التي للمد، وبقيت الياء المشددة مكسورة.
23- وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ «تحيتهم فيها سلام» : ابتداء وخبر.(4/242)
«الهاء والميم» يحتمل أن تكونا فى تأويل فاعل أي: يحيى بعضكم بعضا بالسلام.
ويحتمل أن تكونا فى تأويل مفعول لم يسم فاعله أي: يحيون بالسلام، على معنى: يحيهم الملائكة بالسلام.
ولفظ الضمير الخفض، لإضافة المصدر إليه والجملة فى موضع نصب على الحال «من الذين» ، وهى حال مقدرة، أو حال من المضمر فى «خالدين» ، فلا تكون حالا مقدرة.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب على النعت ل «جنات» ، مثل: «تجرى من تحتها» .
فأما «خالدين فيها» فيحتمل أن تكون حالا مقدرة، ويحتمل أن تكون نعتا ل «جنات» أيضا، ويلزم إظهار الضمير، فتقول: خالدين هم فيها وإنما ظهر لأنه جرى صفة لغير من هوله، وحسن كل ذلك لأن فيه ضميرين:
ضميرا ل «جنات» ، وضميرا ل «الذين» .
ونصب «جنات» أتى على حذف حرف الجر، وهو نادر لا يقاس عليه، تقول: دخلت الدار، وأدخلت زيدا الدار، والدليل على أن «دخلت» لا يتعدى أن نقيضه لا يتعدى، وهو «خرجت» ، وكل فعل لا يتعدى نقيضه لا يتعدى هو.
28- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ «قومهم دار البوار» : مفعولان ل «أحلوا» .
29- جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ «جهنم» : بدل من «دار» الآية: 28.
31- قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ...
«يقيموا الصّلاة» : تقديره عند أبى إسحاق: قل لهم ليقيموا، ثم حذف اللام لتقدم لفظ الأمر.
وقال المبرد: «ليقيموا» : جواب الأمر محذوف تقديره: قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا.
وقال الأخفش: هو جواب «قل» ، وفيه بعد لأنه ليس بجواب له على الحقيقة، لأن أمر الله لنبيه بالقول ليس فيه أمر لهم بإقامة الصلاة.
33- وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ «دائبين» : نصب على الحال من «الشمس والقمر» ، وغلب «القمر» لأنه مذكر.
34- وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها ...
«من كلّ ما» : ما، نكرة، عند الأخفش، و «سألتموه» : نعت ل «ما» ، وهى فى موضع خفض.
وقيل: «ما» و «سألتموه» : مصدر فى موضع خفض.(4/243)
35- وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «البلد» : بدل من «هذا» ، أو عطف بيان، و «آمنا» : مفعول ثان.
43- مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ «مهطعين مقنعى رءوسهم» : حالان من الضمير المحذوف تقديره: إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم فى هاتين الحالتين.
44- وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ...
«يوم» : مفعول ل «أنذر» ، ولا يحسن أن يكون ظرفا للإنذار، لأنه لا إنذار يوم القيامة، فتقول عطف على «يأتيهم» ، ولا يحسن نصبه على جواب الأمر لأن المعنى يتغير فيصير: إن أنذرتهم فى الدنيا قالوا ربنا أخرنا وليس الأمر على ذلك إنما قولهم وسؤالهم التأخير، إذا أتاهم العذاب ورأوا الحقائق.
46- وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ من نصب «لتزول» فاللام لام جحد، والنصب على إضمار «أن» ، ولا يحسن إظهارها كذلك مع لام «كي» ، لأن الحجة مع الفعل كالسين مع الفعل فى «سيقوم» ، إذ هى نفى مستقبل، فكما لا يحسن أن يفرق بين السين والفعل، كذا لا يجوز أن يفرق بين اللام والفعل وتقديره: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال على التصغير وللتحقير لمكرهم أي: هو أضعف وأحقر من ذلك، ف «الجبال» فى هذه القراءة: تمثيل لأمر الشيء وثبوته ودلائله.
وقيل، هى تمثيل للقرآن، والضمير فى «مكرهم» : لقريش، وعلى هذه القراءة أكثر القراء، أعنى كسر اللام الأولى وفتح الثانية.
وقد قرأ الكسائي بفتح اللام الأولى وبضم الثانية، فاللام: الأولى لام تأكيد، على هذه القراءة، و «أن» مخففة من الثقيلة و «الهاء» : مضمرة مع «أن» ، تقديره: وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.
فهذه القراءة تدل على تعظيم مكرهم وما ارتكبوا من فعلهم، و «الجبال» أيضا: يراد بها أمر النبي وما أتى به، مثل الأول وتقديره: مثل الجبال فى القوة والثبات. و «الهاء والميم» : ترجع على كفار قريش.
وقيل: إنها ترجع على نمرود بن كنعان فى محاولته الصعود إلى السماء ليقاتل من فيها. و «الجبال» هى المعهودة.(4/244)
كذا قال أهل التفسير.
47- فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ «مخلف وعده رسله» : هو من الاتساع، لمعرفة المعنى تقديره، مخلف رسله وعده.
- 15- سورة الحجر
2- رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ «ربما» : ربما، فيها لغات يقال: رب، مخففة وربّ، مشددة، وهو الأصل وربة، بالتاء والتخفيف، وبالتاء والتشديد، على تأنيث الكلمة.
وحكى أبو حاتم الوجوه الأربعة بفتح الراء.
ولا موضع لها من الإعراب، وجىء ب «ما» لتكف «رب» عن العمل.
وقيل: جىء بها ليتمكن وقوع الفعل بعدها.
وقال الأخفش: ما، فى موضع خفض ب «رب» ، وهى نكرة.
4- وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ «كتاب» : مبتدأ، و «لها» : الخبر والجملة فى موضع نعت ل «قرية» .
ويجوز حذف الواو من «ولها» ، لو كان فى الكلام.
9- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «نحن» : فى موضع نصب، على التأكيد لاسم «إن» ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع بالابتداء، و «نزلنا» :
الخبر، والجملة: خبر «إن» ، ولا يجوز أن يكون «نحن» فاصلة لا موضع لها من الإعراب لأن الذي بعدها ليس بمعرفة ولا ما قاربها، بل هو مما يقوم مقام النكرة، إذ هو جملة، والجمل تكون نعتا للنكرات، فحكمها حكم النكرات.
12- كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ «كذلك نسلكه» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف، و «الهاء» فى «نسلكه» : تعود على التكذيب وقيل: على الذكر.(4/245)
14- وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ الضمير فى «فظلوا» ، وفى «يعرجون» : للملائكة أي: لو فتح الله بابا فى السماء فصعدت الملائكة فيه والكفار ينظرون لقالوا: إنما سكرت أبصارنا.
و «الهاء» فى «فيه» : للباب.
18- إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ «من» : فى موضع نصب، على الاستثناء المنقطع.
وأجاز الزجاج أن تكون فى موضع خفض، على تقدير: إلا ممن استرق السمع وهو بعيد.
20- وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ «من» : فى موضع نصب، عطف على موضع «لكم» لأن معنى «وجعلنا لكم فيها معايش» :
أنعشناكم وقويناكم ومن لستم له برازقين.
ويجوز أن ينصب «من» على إضمار فعل تقديره: وجعلنا لكم فى الأرض معايش وأنعشنا من لستم له برازقين.
وأجاز الفراء أن تكون «أن» فى موضع خفض، عطف على «الكاف والميم» فى «لكم» .
ويجوز العطف على المضمر المخفوض، عند البصريين.
وأجاز الفراء أن يكون «من» فى موضع خفض، على العطف على «معايش» ، على أن يكون «من» يراد بها الإماء والعبيد أي: جعلنا لكم فى الأرض ما تأكلون وجعلنا لكم من خدمكم ما تستمتعون به.
22- وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ كان أصل الكلام «ملاقح» لأنه من: ألقحت الريح الشجر، فهى ملقح والجمع: ملاقح لكن أتى على تقدير حذف الزائد، كأنه جاء على «لقحت» ، فهى: لاقح والجمع: لواقح فاللفظ أتى على هذا التقدير.
وقد قرأ حمزة «الريح لواقح» ، بالتوحيد.
وأنكره أبو حاتم، لأجل توحيد لفظ «الريح» وجمع النعت، وهو حسن لأن الواحد يأتى بمعنى الجمع، قال الله جل ذكره: (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) 69: 17، يعنى: الملائكة.(4/246)
30- فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ «أجمعون» : معرفة، توكيد، لكن لا ينفرد كما ينفرد «كلهم» ، تقول: كل القوم أتأنى، ولا تقول:
أجمع القوم أتانى.
وقال المبرد: أجمعون، معناه: غير مفترقين، وهو وهم منه عند غيره لأنه يلزمه أن ينصبه على الحال.
31- إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ «إلا إبليس» : استثناء ليس من الأول، عند من جعل «إبليس» ليس من الملائكة، لقوله (كانَ مِنَ الْجِنِّ) 18: 50 وقيل: هو استثناء من الأول، لقوله: (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) 2: 34، فلو كان من غير الملائكة لم يكن ملوما، لأن الأمر بالسجود إنما وقع للملائكة خاصة، وقد يقع على الملائكة اسم الجن، لاستتارهم عن أعين بنى آدم، قال الله جل ذكره: (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) 37: 158، فالجنة:
الملائكة.
43- وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ «جهنم» : ينصرف، لأنه اسم معرفة أعجمى.
وقيل: هو عربى، ولكنه مؤنث معرفة.
ومن جعله عربيا اشتقه من قولهم: ركية جهنام، إذا كانت بعيدة القعر، فسميت النار: جهنم، لبعد قعرها.
47- وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ «إخوانا» : حال من «المتقين» الآية: 45، أو من الضمير المرفوع فى «ادخلوها» الآية: 46، أو من الضمير فى «آمنين» .
51- وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ «عن ضيف إبراهيم» أي: عن ذوى ضيف إبراهيم أي: عن أصحاب ضيف إبراهيم فحذف المضاف.
ويجوز أن يكون حالا مقدرة من «الهاء والميم» فى «صدورهم» .
54- قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ «تبشرون» : تبشروننى، لكن نافع حذف النون الثانية التي دخلت للفعل بين الفعل والياء، لاجتماع المثلين،(4/247)
وكسر النون التي هى علامة الرفع لمجاورتها الياء، وحذف الياء لأن الكسرة تدل عليها، وفيه بعد، لكسر نون، الإعراب، وحقها الفتح لالتقاء الساكنين، ولأنه أتى لعلامة المنصوب بياء، كالمخفوض.
وقد جاء كسر نون الرفع وحذف النون التي مع الياء فى ضمير المنصوب فى الشعر قال الشاعر:
أبالموت الذي لا بد أنى ... ملاق لا أباك تخوفينى
أراد: تخوفيتنى فحذف النون الثانية، وكسر نون المؤنث.
59- إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ «آل» : نصب على الاستثناء المنقطع لأن «آل لوط» ليسوا من القوم المجرمين المتقدم ذكرهم.
60- إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ «إلا امرأته» : نصب على الاستثناء من «آل لوط» .
66- وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ «أن» : فى موضع نصب، على البدل من «الأمر» ، إن كان «الأمر» بدلا «من ذلك» أو بدلا «من ذلك» إن جعلت «الأمر» عطف بيان على «ذلك» .
وقال الفراء: «إن» : فى موضع نصب، على حذف الخافض أي: بأن دابر.
«مصبحين» : نصب على الحال مما قبلها.
67- وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ «يستبشرون» : حال مما قبله.
68- قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ «هؤلاء ضيفى» : تقديره: ذو وضيفى، ثم حذف المضاف.
70- قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ «عن العالمين» : معناه: عن ضيافة العالمين.
78- وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ «الأيكة» : لم يختلف القراء فى الهمز والخفض، هنا، وفى «ق» 50: 14 وإنما اختلفوا فى «الشعراء» 26: 176، و «ص» 38: 13، فى فتح الياء وخفضها.(4/248)
فمن فتح الياء قرأه بلام بعدها ياء، وجعل «ليكة» اسم البلدة، فلم يصرفه للتأنيث والتعريف ووزنه «فعلة» .
ومن قرأه بالخفض، جعل أصله: أيكة، اسم لموضع فيه شجر ملتف، ثم أدخل عليه الألف واللام للتعريف، فانصرف.
90- كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ «الكاف» : فى موضع نصب، على النعت لمفعول محذوف تقديره: أنا النذير المبين عقابا أو عذابا مثل ما أنزلنا.
- 16- سورة النحل
1- أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ «أتى» : بمعنى: يأتى وحسن لفظ الماضي فى موضع المستقبل، لصدق إثبات الأمر، فصار فى أنه لا بد «أتى» :
يأتى، بمنزلة ما قد مضى وكان، فحسن الإخبار عنه بالماضي، وأكثر ما يكون هذا فيما يخبرنا الله جل ذكره به أنه يكون، فلصحة وقوعه وصدق المخبر عنه صار كأنه شىء قد كان.
2- يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ «أن أنذروا» : أن، فى موضع خفض، على البدل من «الروح» ، و «الروح» ، هنا: الوحى أو فى موضع نصب على حذف الخافض أي: بأن أنذروا.
8- وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ «وزينة» : نصب على إضمار فعل أي: وجعلها زينة.
وقيل: هو مفعول من أجله أي: وللزينة.
15- وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «أن تميد بكم» : أن، فى موضع نصب مفعول من أجله.(4/249)
وقيل: تقديره: كراهة أن تميد.
وقيل: معناه: لئلا تميد.
24- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «ماذا» ، فيها قولان:
الأول: ما، فى موضع رفع بالابتداء، وهو استفهام معناه التقرير، و «ذا» بمعنى: الذي، وهو خبر «ما» ، و «أنزل ربكم» : صلة «ذا» ، ومع «أنزل» هاء محذوفة تعود على «ذا» تقديره: ما الذي أنزله ربكم.
ولما كان السؤال مرفوعا جرى الجواب على ذلك، فرفع «أساطير الأولين» على الابتداء والخبر أيضا تقديره:
قالوا هو أساطير الأولين.
وأما الثاني: ف «ما» ، و «ذا» اسم واحد فى موضع نصب ب «أنزل» ، و «ما» : استفهام أيضا، ولما كان السؤال منصوبا جرى الجواب على ذلك، فقال: قالوا خيرا أي: أنزل خيرا.
32- الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ...
«طيبين» : حال من «الهاء والميم» فى «تتوفاهم» .
40- إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «كن فيكون» : قرأ ابن عامر، والكسائي بنصب «فيكون» ، عطفا على «نقول» .
ومن رفعه قطعه مما قبله أي: فهو يكون.
وما بعد «الفاء» يستأنف ويبعد النصب فيه على جواب «كن» لأن لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر عن قدرة الله، إذ ليس ثم مأمور بأن يفعل شيئا فالمعنى: فإنما يقال كن فهو يكون.
ومثله فى لفظ الأمر، قوله تعالى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) لفظه لفظ الأمر ومعناه التعجب فلما كان معنى «كن» : الخبر، بعد أن يكون «فيكون» جوابا له، فنصب على ذلك وبعد أيضا من جهة أخرى وذلك أن جواب الأمر إنما جزم لأنه فى معنى الشرط، فإذا قلت: قم أكرمك جزمت الجواب لأنه بمعنى: إن تقم أكرمك وكذلك إذا قلت ت: قم فأكرمك إنما نصبت لأنه فى معنى: إن تقم فأكرمك.
وهذا إنما يكون أبدا فى فعلين مختلفى اللفظ، أو مختلفى الفاعلين، فإن اتفقا فى اللفظ، والفاعل واحد،(4/250)
لم يجز لأنه لا معنى له، لو قلت: قم تقم، وقم فتقوم، واخرج فتخرج، لم يكن له معنى، كما أنك لو قلت:
إن تخرج تخرج، وإن تقم فتقوم، لم يكن له معنى: لاتفاق لفظ معنى الفعلين والفاعلين، فكذلك: كن فيكون، لما اتفق لفظ الفعلين والفاعلين، لم يحسن أن يكون «فيكون» جوابا للأول، فالنصب على الجواب إنما يجوز على بعد على السببية فى «كن» بالأمر الصحيح على السببية بالفعلين المختلفين.
وقد أجاز الأخفش فى قوله (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا) 14: 31، جوابا ل «قل» ، وليس هو بجواب له على الحقيقة، لأن أمر الله لنبيه عليه السلام بالقول ليس فيه بيان الأمر لهم بأن يقيموا الصلاة حتى يقول لهم:
أقيموا الصلاة.
فنصب «فيكون» على جواب «كن» إنما يجوز على التشبه على ما ذكرنا، وهو بعيد لفساد المعنى، وقد أجازه الزجاج وعلى ذلك قرأ ابن عامر بالنصب فى سورة البقرة: 117، وفى آل عمران: 47، وفى غافر:
68، فأما فى هذه السورة، وفى «يس» : 82، فالنصب حسن على العطف على «يقول» لأنه قبله «أن» .
42- الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «الذين» : فى موضع رفع، على البدل من «الذين هاجروا» الآية: 41، أو فى موضع نصب على البدل من «الهاء والميم» فى «لنبوئنهم» الآية: 41، أو على إضمار: أعنى.
51- وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ «اثنين» : تأكيد بمنزلة «واحد» ، فى قوله، (إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ) 4: 171 52- وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ «واصبا» : نصب على الحال.
57- وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ «ولهم ما يشتهون» : ما، رفع بالابتداء، و «لهم» : الخبر.
وأجاز الفراء أن يكون «ما» : فى موضع نصب، على تقدير: ويجعلون لهم ما يشتهون.
ولا يجوز هذا عند البصريين كما لا يجوز: جعلت لى طعاما إنما يجوز: جعلت لنفسى طعاما فلو كان لفظ القرآن: ولأنفسهم ما يشتهون، جاز ما قال الفراء عند البصريين.(4/251)
58- وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ «وجهه» : اسم «ظل» ، و «مسودا» : الخبر.
ويجوز فى الكلام أن يضمر فى «ظل» اسمها، ويرفع «وجهه» ، و «مسود» بالابتداء والخبر، والجملة: خبر «ظل» .
62- وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ «وتصف ألسنتهم» : يذكر ويؤنث فمن أنث قال فى جمعه: ألسن ومن ذكره قال فى جمعه: ألسنة، وبذلك أتى القرآن.
و «الكذب» : منصوب ب «تصف» ، و «أن لهم» : بدل من «الكذب» ، بدل الشيء من الشيء، وهو هو.
وقد قرىء الكذب، بثلاث ضمات، على أنه نعت للألسنة، وهو جمع «كاذب» ، وبنصب «أن لهم» ب «تصف» .
«لا جرم أنّ لهم النّار» : أن، فى موضع رفع ب «جرم» ، بمعنى: وجب ذلك لهم.
وقيل: هى فى موضع نصب، بمعنى: كسبهم أن لهم النار.
وأصل معنى «جرم» : كسب، ومنه: المجرمون أي: الكاسبون الذنوب.
64- وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «وهدى ورحمة» : مفعولان من أجلهما.
66- وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ «ممّا فى بطونه» : الهاء. تعود على «الأنعام» لأنها تذكر وتؤنث، يقال: هو الأنعام:
وهى الأنعام، فجرى هذا الحرف على لغة من يذكر. والذي فى سورة «المؤمنين» : 21، على لغة من يؤنث.
حكى هذا عن يونس بن حبيب البصري.(4/252)
وجواب ثان، وهو: «الهاء» فى «بطونه» تعود على البعض لأن «من» فى قوله «مما فى بطونه» : دلت على التبعيض، وهو الذي له لبن منها فتقديره: مما فى بطون البعض الذي له لبن، وليس لكلها لبن.
وهو قول أبى عبيدة.
وجواب ثالث، وهو: أن «الهاء» فى «بطونه» تعود على المذكور أي: ونسقيكم مما فى بطون المذكور.
وجواب رابع، وهو: أن «الهاء» تعود على «النعم» لأن الأنعام والنعم، سواء فى المعنى.
وجواب خامس، وهو: أن «الهاء» تعود على واحدة الأنعام واحدها: نعم: والنعم مذكر، واحد الأنعام.
والعرب تصرف الضمير إلى الواحد، وإن كان لفظ الجمع قد تقدم قال الأعشى:
فإن تعهدى لامرىء لمة ... فإن الحوادث أودى بها
فقال «بها» ، فرد الضمير فى «أودى» على الحدثان أو على الحادثة، وذكّر لأنه لا مذكر لها من لفظها.
وجواب سادس، وهو: أن «الهاء» تعود على الذكور خاصة، حكى هذا أقول إسماعيل القاضي، ودل ذلك أن اللبن للفحل، فشرب اللبن من الإناث، واللبن للفحل، فرجع الضمير عليه، واستدل بها على أن اللبن فى الرضاع للفحل.
67- وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «الهاء» فى قوله «تتخذون منه» : يعود على واحد الثمرات المتقدمة الذكر، فهى تعود على الثمر، كما عادت «الهاء» فى «بطونه» على واحد الأنعام، وهو النعم.
وقيل: بل تعود على «ما» المضمرة لأن التقدير: ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه، فالهاء ل «ما» ، ودلت «من» عليها وجاز حذف «ما» كما جاز حذف «من» فى قوله: (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) 37: 164 أي: إلا من له مقام، فحذف «من» لدلالة «من» عليها، فى قوله «وما منا» .
وقيل: «الها» : تعود على المذكور، كأنه قال: تتخذون من المذكور سكرا.
69- ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «الهاء» فى قوله «فيه شفاء للناس» : تعود على «الشراب» ، الذي هو العسل.(4/253)
وقيل: بل تعود على «القرآن» .
73- وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ انتصب «شىء» على البدل من «رزق» ، وهو عند الكوفيين، منصوب ب «رزق» ، و «الرزق» ، عند البصريين: اسم ليس بمصدر، فلا يعلم إلا فى شعر.
91- وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ «بعد توكيدها» ، هذه الواو فى «التوكيد» هى الأصل.
ويجوز أن يبدل منها همزة، فتقول: تأكيد، ولا يحسن أن يقال: الواو بدل من الهمزة، كما لا يحسن ذلك فى «أحد» ، أصله: وحد، فالهمزة بدل من الواو.
92- وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ «أنكاثا» : نصب على المصدر، والعامل فيه «نقضت» لأنه بمعنى: نكثت نكثا ف «أنكاثا» جمع: نكث.
وقال الزجاج: أنكاثا، نصب لأنه فى معنى المصدر.
«دخلا» : مفعول من أجله.
«أن تكون أمّة هى أربى من أمة» : أن، فى موضع نصب على حذف حرف الخفض تقديره:
بأن تكون، أو: لأن تكون «هى أربى» : مبتدأ و «أربى» : فى موضع رفع خبر «هى» والجملة خبر «كان» .
وأجاز الكوفيون أن تكون «هى» : فاصلة، لا موضع لها من الإعراب وأربى» : فى موضع نصب خبر «كان» ، وهو قياس قول البصريين لأنهم أجازوا أن تكون: هى، وهو، وأنت، وأنا، وشبه ذلك:
فواصل لا موضع لها من الإعراب، مع «كان» وأخواتها، و «أن» وأخواتها و «ظن» وإخوتها، إذا كان بعدهن معرفة، أو ما قارب المعرفة.(4/254)
و «أربى من أمة» هو مما يقرب من المعرفة، لملازمة «من» ل «أفعل» ، ولطول الاسم لأن «من» وما بعدها من تمام «أفعل» .
وإنما فرق البصريون فى هذه الآية ولم يجيزوا أن تكون «هى» فاصلة لأن «كان» نكرة، فلو كان معرفة لحسن وجاز.
والهاء فى «يبلوكم الله به» : يرجع على العهد.
99- إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الهاء، فى «إنه» : تعود على الشيطان.
وقيل: للحديث والخبر.
100- إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ الهاء فى «هم به مشركون» : تعود على «الله» جل ذكره.
وقيل: على الشيطان، على معنى: هم من أجله يشركون بالله.
106- مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «من كفر بالله» : من، فى موضع رفع، بدل من «الكاذبين» الآية: 105 «إلا من أكره» : من، نصب على الاستثناء.
«ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم» : من، مبتدأ، و «فعليهم» : الخبر.
116- وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ ...
«الكذب» : نصب ب «تصف» ، و «ما تصف» : مصدر.
ومن رفع «الكذب» ، وضم الكاف والدال، جعله نعتا ل «ألسنة» .
وقرأ الحسن، وطلحة، ومعمر: «الكذب» ، بالخفض وفتح الكاف، وجعلوه نعتا ل «ما» ، أو بدلا منها.
123- ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «حنيفا» ، حال من المضمر المرفوع فى اتبع، ولا يحسن أن يكون حالا من «إبراهيم» لأنه مضاف إليه.(4/255)
ومعنى «حنيفا» : مائلا عن الأديان، إلا دين إبراهيم.
وأصل «الحنف» : الميل فى الأمر ومنه: الأحنف.
127- وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ «ولا تحزن عليهم» : الهاء والميم: يعودان على «الكفار» أي: لا تحزن على تخلفهم عن الإيمان، وذلك على ذلك قوله «يمكرون» .
وقيل: الضمير ل «الشهداء» الذين نزل فيهم (وَإِنْ عاقَبْتُمْ) الآية: 126، إلى آخر السورة أي: لا تحزن على قتل الكفار إياهم.
و «الضيق» ، بالفتح: المصدر وبالكسر: الاسم.
وحكى الكوفيون «الضيق» ، بالفتح: يكون فى القلب والمصدر وبالكسر: يكون فى الثوب والدار، ونحو ذلك.
- 17- سورة الإسراء
1- سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...
«سبحان» : تنزيه لله من السوء، وهو مروى عن النبي صلى الله عليه وسلم- وانتصب على المصدر، كأنه وضع موضع «بحت الله تسبيحا» ، وهو معرفة، إذا أفرد وفى آخره زائدتان: الألف والنون، فامتنع من الصرف للتعريف والزيادتين.
وحكى سيبويه أن من العرب من ينكره، فيقول: سبحانا، بالتنوين.
وقال أبو عبيد: انتصب على النداء، كأنه قال: يا سبحان الله، ويا سبحان الذي أسرى بعبده.
2، 3- وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً «ذرية» : مفعول ثان ل «تتخذوا» ، على قراءة من قرأ بالتاء، و «وكيلا» : مفعول أول، وهو مفرد معناه الجمع.(4/256)
و «اتخذ» يتعدى إلى مفعولين، مثل قوله تعالى: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا) 4: 125، ويجوز نصب «ذرية» على النداء.
فأما من قرأ «يتخذوا» بالياء، ف «ذرية» : مفعول ثان لا غير، ويبعد النداء لأن الياء للغيبة، والنداء للخطاب، فلا يجتمعان إلا على بعد.
وقيل: «ذرية» ، فى القراءتين: بدل من «وكيلا» .
وقيل: نصب على إضمار: أعنى.
ويجوز الرفع فى الكلام، على قراءة، من قرأ بالياء، على البدل من المضمر فى «يتخذوا» ، لا يحسن ذلك فى قراءة المخاطب، لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب.
ويجوز الخفض، على البدل من «بنى إسرائيل» و «أن» فى قوله «ألا يتخذوا» ، فى قراءة من قرأ بالياء، فى موضع نصب على حذف الخافض أي: لأن لا يتخذوا.
فأما من قرأ بالتاء، فيحتمل فى «أن» ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون لا موضع لها من الإعراب، وهى للتفسير، بمعنى «أي» ، فتكون «لا» نهيا، ويكون معنى الكلام قد خرج فيه من الخبر إلى النهى.
والوجه الثاني: أن تكون «أن» زائدة ليست للتفسير، ويكون الكلام خبرا بعد خبر على إضمار القول تقديره: وقلنا لهم لا تتخذوا.
والوجه الثالث: أن تكون فى موضع نصب، و «لا» زائدة، وحرف الجر محذوف مع «أن» تقديره:
وجعلناه هدى لبنى إسرائيل لأن تتخذوا دونى وكيلا أي: كراهة أن تتخذوا.
5- فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا «خلال الدّيار» : نصب على الظرف.
7- إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً «وعد الآخرة» : معناه: وعد المرة الآخرة، ثم حذف فهو فى الأصل صفة قامت مقام موصوف لأن(4/257)
«الآخرة» نعت ل «المرة» ، فحذفت «المرة» وأقيمت «الآخرة» مقامها. والكلام هو رد على قوله:
«ليفسدون فى الأرض مرتين» الآية: 4 «وليتبرّوا ما علوا» : ما، والفعل، مصدر أي: وليتبروا علوهم أي: وقت علوهم أي: وليهلكوا ويفسدوا من تمكنهم فهو بمنزلة قولك: جئتك مقدم الحاج، وخفوق النجم أي: وقت ذلك.
8- عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً «أن» : فى موضع نصب ب «عسى» ، والرحمة، هنا: نعت محمد عليه السلام. و «عسى» من الله، واجبة، فقد كان ذلك.
11- وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا «دعاءه بالخير» : نصب على المصدر وفى الكلام حذف تقديره: ويدع الإنسان بالشر دعاء مثل دعائه بالخير، ثم حذف الموصوف، وهو «دعاء» ، ثم حذف الصفة المضافة وأقام المضاف إليه مقامها.
14- اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً «حسيبا» : نصب على البيان.
وقيل: على الحال.
20- كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً «هؤلاء وهؤلاء» : بدل من «كل» ، على معنى: المؤمن والكافر يرزق.
21- انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا «كيف» : فى موضع نصب ب «فضلنا» ، ولا يعمل فيه «انظر» لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
«أكبر» : خبر الابتداء، وهو ول «الآخرة» ، و «درجات» : نصب على البيان، ومثله: «تفضيلا» .
23- وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً «يبلغنّ عندك» : قرأه حمزة والكسائي «يبلغان» ، بتشديد النون وبألف على التثنية، لتقدم ذكر «الوالدين» ،(4/258)
وأعاد الضمير فى «أحدهما» على طريق التأكيد، فيكون «أحدهما» بدلا من الضمير، «أو كلاهما» عطف على «أحدهما» .
وقيل: ثنى الفعل، وهو مقدم، على لغة من قال: «فأما أحدهما» : كما ثنيت علامة التأنيث فى الفعل المقدم عند جميع العرب، فيكون «أحدهما» رفعا بفعله على هذا، و «أو كلاهما» عطف على «أحدهما» .
28- وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً «ابتغاء رحمة» : مفعول من أجله.
31- وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً «خشية إملاق» : مفعول من أجله.
32- وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا «الزّنا» ، من قصره جعله مصدر: زنى يزنى زنا، ومن مده جعله مصدر: زانى يزانى مزاناة وزناء.
33- وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً «مظلوما» : نصب على الحال.
«إنه كان منصورا» : «الهاء» تعود على «الولي» وقيل: على المقتول وقيل: على الدم وقيل:
على القتل.
وقال أبو عبيدة: هى للقاتل، ومعناه: أن القاتل، إذا افتيد منه فى الدنيا فقتل، فهو منصور، وفيه بعد فى التأويل.
37- وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا «مرحا» : نصب على المصدر.(4/259)
وقرأ يعقوب: مرحا، بكسر الراء، فيكون نصبه على الحال.
41- وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً «نفورا» : نصب على الحال.
46- وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً «نفورا» : نصب على الحال.
53- وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...
«وقل لعبادى» : قد مضى الاختلاف فى نظيره فى سورة «إبراهيم» : 31، فهو مثله.
57- أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ...
«أيهم أقرب» : ابتداء وخبر، ويجوز أن يكون «أيهم» ، بمعنى «الذي» ، بدلا من «الواو» فى «يبتغون» تقديره: يبتغى الذي هو أقرب الوسيلة، ف «أي» على هذا التقدير: مثبتة، عند سيبويه، وفيه اختلاف ونظر سيأتى فى سورة مريم: 73» إن شاء الله.
59- وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ...
أي ما منعنا أن نرسل الآيات التي اقترحتها قريش، إلا تكذيب الأولين بمثلها، فكان ذلك سبب إهلاكهم، فلو أرسلها إلى قريش فكذبوا لأهلكوا.
وقد تقدم فى علم الله تأخير عذابهم إلى يوم القيامة، فلم يرسلها لذلك.
«مبصرة» : نصب على الحال.
60- وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ ...
نصب «الشجرة» على العطف على «الرؤيا» أي: وما جعلنا الشجرة الملعونة.(4/260)
61- وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً «طينا» : نصب على الحال.
71- يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا العامل فى «يوم» : فعل دل عليه الكلام، كأنه قال: لا يظلمون يوم ندعو لأن «يوما» مضاف إليه، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف لأنهما كاسم واحد، ولا يعمل الشيء فى نفسه.
و «الباء» فى «بإمامهم» «تتعلق ب «ندعو» ، فى موضع المفعول الثاني ل «ندعو» ، تعدى إليه بحرف جر.
ويجوز أن تتعلق «الباء» بمحذوف، والمحذوف فى موضع الحال، فيكون التقدير: ندعو كل الناس مختلطين بإمامهم أي: فى هذه الحال ومعناه: ندعوهم وإمامهم فيهم.
ومعناه على القول الأول: ندعوهم باسم إمامهم، وهو معنى ما روى عن ابن عباس فى تفسيره.
وقد روى عن الحسن أن «الإمام» هنا: الكتاب الذي فيه أعمالهم، فلا يحتمل على هذا أن تكون «الباء» إلا متعلقة بمحذوف، وذلك المحذوف فى موضع الحال تقديره: ندعوهم ومعهم كتابهم الذي فيه أعمالهم كأنه فى التقدير: ندعوهم باتباعهم كتابهم، أو مستقرا معهم كتابهم، ونحو ذلك فلا يتعدى «ندعو» ، على هذا التأويل، إلا إلى مفعول واحد.
72- وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا «أعمى» : هو من: عمى القلب، فهو ثلاثى من «عمى» ، فلذلك أتى بعد فعل ثلاثى وفيه معنى التعجب.
ولو كان من: عمى العين، لقال: فهو فى الآخرة أشد، أو أبين، عمى لأن فيه معنى التعجب، وعمى العين شىء ثابت، كاليد والرجل، فلا يتعجب منه إلا بفعل ثلاثى وكذلك حكم ما جرى مجرى التعجب.
وقيل: لما كان عمى العين أصله الرباعي لم يتعجب منه إلا بإدخال فعل ثلاثى، لينقل التعجب إلى الرباعي، فإذا كان فعل المتعجب منه رباعيا لم يمكن نقله إلى أكثر من ذلك فلا بد من إدخال فعل ثلاثى، نحو: أبين، وأشد، أو كثر، وشبهه. هذا مذهب البصريين.(4/261)
وقد حكى الفراء: ما أعماه: وأعوره، ولا يجوزه البصريون.
77- سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا «سنّة» : نصب على المصدر أي: سن الله ذلك سنة يعنى: سن الله أن من أخرج نبيه هلك.
وقال الفراء: المعنى: كسنة من، فلما حذف «الكاف» نصب.
78- أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً «وقرآن الفجر» : نصب بإضمار فعل تقديره: واقرءوا قرآن الفجر.
وقيل: تقديره: أتم قرآن الفجر.
92- أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا «قبيلا» : نصب على الحال.
94- وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا «أن يؤمنوا» : أن، فى موضع، نصب مفعول «منع» ثان.
«إلّا أن قالوا» : أن، فى موضع رفع، فاعل «منع» أي: ما منع الناس الإيمان إلا قولهم كذا وكذا.
96- قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً «كفى بالله شهيدا» : الله، جل ذكره، فى موضع رفع ب «كفى» : و «شهيدا» حال، أو بيان تقديره: قل كفى الله شهيدا.
100- قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً «لو» : لا يليها إلا الفعل لأن فيها معنى الشرط، فإن لم يظهر أضمر، فهو مضمر فى هذا و «أنتم» :
رفع بالفعل المضمر.
101- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ...
يجوز أن يكون «بينات» ، فى موضع خفض على النعت ل «آيات» ، أو فى موضع نصب نعت ل «تسع» .(4/262)
104- وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً «لفيفا» : نصب على الحال:
105- وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً «بالحق» ، الأول: حال مقدمة من المضمر فى «أنزلناه» ، و «بالحق» ، الثاني: حال مقدمة من المضمر فى «نزل» .
ويجوز أن يكون الباء فى الثاني متعلقة ب «نزل» ، على جهة التعدي.
106- وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا انتصب «قرآن» بإضمار فعل، تفسيره: فرقناه تقديره: وفرقناه قرآنا فرقناه.
ويجوز أن يكون معطوفا على «مبشرا ونذيرا» الآية: 105، على معنى: فصاحب قرآن، ثم حذف المضاف فيكون «فرقناه» نعتا للقرآن.
107- قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً «سجدا» : نصب على الحال:
110- قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ...
«أي» : نصب ب «تدعوا» و «ما» : زائدة للتأكيد.
- 18- سورة الكهف
2- قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ ...
«قيما» : نصب على الحال من «الكتاب» الآية: 1 5- ... كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً «كلمة» : نصب على التفسير، وفى «كبرت» ضمير فاعل تقديره: كبرت مقالتهم اتخذ الله ولدا.(4/263)
ومن رفع «كلمة» جعل «كبرت» بمعنى: عظمت، ولم يضمر فيه شيئا، فارتفعت «الكلمة» بفعلها، و «تخرج» : نعت ل «الكلمة» .
«إن يقولون إلا كذبا» : إن، بمعنى «ما» و «كذبا» : نصب بالقول.
6- فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً «أسفا» : مصدر فى موضع الحال:
7- إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا «زينة لها» : مفعول ثان ل «جعلنا» ، إن جعلته بمعنى: صيرنا.
وإن جعلته بمعنى «خلقنا» نصبت «زينة» على أنه مفعول من أجله لأن، خلقنا لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد.
11- فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً «سنين» : نصب على الظرف، و «عددا» : مصدر.
وقيل: هو نعت ل «سنين» ، على معنى: ذات عدد.
وقال الفراء: معناه: معدودة، فهو على هذا نعت ل «سنين» .
12- ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً «أمدا» : نصب لأنه مفعول ل «أحصى» كأنه قال: لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء؟
وقيل: هو منصوب ب «لبثوا» .
وأجاز الزجاج نصبه على التمييز ومنعه غيره لأنه إذا نصبه على التمييز جعل «أحصى» اسما على «أفعل» و «أحصى» أصله مثال الماضي، من: احصى يحصى وقد قال الله جل وعز: (أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) 58: 6، و (أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) 72: 28 فإذا صح أنه يقع فعلا ماضيا لم يمكن أن يستعمل منه: أفعل من كذا إنما يأتى «أفعل من كذا» أبدا من الثلاثي، ولا يأتى من الرباعي البتة إلا فى شذوذ، نحو قولهم: ما أولاه للخير، وما أعطاه للدرهم فهو شاذ لا يقاس عليه. وإذا لم يمكن أن يأتى «أفعل من كذا» من الرباعي، علم أن «أحصى» ليس هو: أفعل من كذا إنما هو فعل ماض، وإذا كان فعلا ماضيا لم يأت معه التمييز، وكان تعديه إلى «أمدا» أبين وأظهر.(4/264)
وإذا نصبت «أمدا» ب «لبثوا» فهو ظرف، لكن يلزمك أن تكون عديت «أحصى» بحرف جر لأن التقدير: أحصى للبثهم فى الأمد، وهو مما لا يحتاج إلى حرف، فيبعد ذلك بعض البعد، فنصبه ب «أحصى أولى وأقوى.
فأما قوله «لنعلم أي الحزبين» ، وقوله «فلينظر أيها أزكى» الآية: 19، فالرفع، عند أكثر النحويين فى هذا على الابتداء وما بعده خبر والفعل معلق غير معمل فى اللفظ.
وعلة سيبويه فى ذلك أنه لما حذف العائد على «أي» بناها على الضم.
14- وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً «شططا» : نعت لمصدر محذوف تقديره: قولا شططا.
ويجوز أن تنصبه بالقول.
16- وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ...
أي: واذكروا إذ اعتزلتموهم.
17- وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ ...
«ذات اليمين وذات الشّمال» : ظرفان.
18- لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً «فرارا ورعبا» : منصوبان على التمييز.
21- وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً ...
العامل فى «إذ» : يتنازعون.
22- سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ...
«وثامنهم كلبهم» : إنما جىء بالواو هنا لتدل على تمام القصة وانقطاع الحكاية عنهم، ولو جىء بها مع(4/265)
«رابع» و «سادس» لجاز، ولو حذفت من «الثامن» لجاز لأن الضمير العائد يكفى من الواو وتقول:
رأيت زيدا وأبوه جالس.
وإن شئت حذفت الواو، للهاء العائدة على «زيد» . ولو قلت: رأيت عمرا وبكر جالس، لم يجز حذف الواو إذ لا عائد يعود على عمرو. ويقال لهذه الواو: واو الحال، ويقال: واو الابتداء، ويقال: واو «إذ» ، إذ هى بمعنى «إذ» .
25- وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً «ثلاث مائة سنين» : من نون «المائة» استبعد الإضافة إلى الجمع لأن أصل هذا العدد أن يضاف إلى واحد يبين جنسه نحو: عندى مائة درهم، ومائة ثوب فنون «المائة» إذ بعدها جمع، ونصب «سنين» على البدل من «ثلاث» .
وقال الزجاج: «سنين» : فى موضع نصب، عطف بيان على «ثلاث» .
وقيل: هى فى موضع خفض على البدل من «مائة» لأنها فى معنى «سنين» .
ومن لم ينون أضاف «مائة» إلى «سنين» ، وهى قراءة حمزة والكسائي، أضافا إلى الجمع كما يفعلان فى الواحد وجاز لهما ذلك إذا أضافا إلى واحد، فقالا: ثلاثمائة سنة، ف «سنة» بمعنى: سنين، لا اختلاف فى ذلك فحملا الكلام على معناه، وهو حسن فى القياس قليل فى الاستعمال لأن الواحد أخف من الجميع، وإنما يبعد من جهة قلة الاستعمال، وإلا فهو الأصل.
«وازدادوا تسعا» : تسعا، مفعول به، ب «ازدادوا» ، وليس بظرف تقديره: وازدادوا لبث تسع سنين ف «ازدادوا» أصله: «فعل» ، ويتعدى إلى مفعولين قال الله جل ذكره (وَزِدْناهُمْ هُدىً) الآية: 13، لكن لما رجع «فعل» إلى «افتعل» نقص من التعدي وتعدى إلى مفعول واحد. وأصل «الدال» الأولى فى «ازدادوا» :
تاء الافتعال وأصله: وازتيدوا فقلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأبدل من التاء دالا لتكون فى الجهر كالدال التي بعدها والزاى التي قبلها، وكأن الدال أولى بذلك، لأنها من مخرج التاء، فيكون عمل اللسان فى موضع واحد فى القوة والجهرة.
30- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا خبر «أن» الأولى: «أولئك لهم جنات» الآية: 31(4/266)
وقيل: خبرها: «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا» لأن معناه: إنا لا نضيع أجرهم.
وقيل: الخبر محذوف تقديره: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يجازيهم الله بأعمالهم، ودل على ذلك قوله تعالى: «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا» .
31- أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ...
«سندس» : جمع واحده: سندسة.
39- وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً «قلت ما شاء الله» : ما، اسم ناقص، بمعنى «الذي» ، فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ تقديره: قلت الأمر ما شاء الله إن شاء الله، ثم حذفت، «الهاء» ، من الصلة.
وقيل: «ما» : شرط، اسم تام و «شاء» : فى موضع «يشاء» ، والجواب محذوف تقديره: قلت:
ما شاء الله كان، فلا «هاء» مقدرة فى هذا الوجه لأن «ما» إذا كانت للشرط، والاستفهام اسم، لا تحتاج إلى صلة، ولا إلى عائد من صلة.
«إن ترن أنا أقل» : أنا، فاصلة، لا موضع لها من الإعراب و «أقل» مفعول ثان ل «ترن» .
وإن شئت جعلت «أنا» تأكيدا لضمير المتكلم فى «ترن» .
ويجوز فى الكلام رفع «أقل» ، بجعل «أنا» : مبتدأ، و «أقل» : الخبر والجملة فى موضع المفعول الثاني ل «ترن» .
41- أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً «غورا» : نصب، لأنه خبر «يصبح» تقديره: ذا غور.
42- وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها ...
«وأحيط» : المفعول الذي لم يسم فاعله ل «أحيط» : مضمر، وهو المصدر.
ويجوز أن يكون «بثمره» : فى موضع رفع، على المفعول ل «أحيط» .(4/267)
«بثمره» : من قرأه بضمتين جعله جمع «ثمرة» ، كخشبة وخشب. ويجوز أن يكون جمع الجمع، كأنه جمع: ثمار كحمار وحمر وثمار: جمع ثمرة، كأكمة وإكام.
ومن قرأه بفتحتين جعله جمع «ثمرة» ، كخشبة وخشب.
ومن أسكن الثاني وضم الأول، فعلى الاستخفاف، وأصله ضمتان.
44- هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً من رفع «الحق» جعل «الولاية» مبتدأ، و «هنالك» : خبره، و «الحق» : نعت ل «الولاية» ، والعامل فى «هنالك» الاستقرار المحذوف، الذي قام «هنالك» مقامه.
ويجوز أن يكون «لله» : خبر «الولاية» .
ومن خفض «الحق» جعله نعتا «لله» جل وعز أي: لله ذى الحق وألغى «هنالك» ، فيكون العامل فى «هنالك» : الاستقرار الذي قام «لله» مقامه.
ولا يحسن الوقف على «هنالك» فى هذين الوجهين.
ويجوز أن يكون العامل فى «هنالك» ، إذا جعلت «لله» الخبر: «منتصرا» الآية: 42، فيحسن الوقف على «هنالك» ، على هذا الوجه.
و «هنالك» : يحتمل أن يكون ظرف زمان وظرف مكان وأصله المكان، تقول: اجلس هنالك وهاهنا واللام تدل على بعد المشار إليه.
«على ربك صفا» : نصب على الحال.
47- وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً العامل فى «يوم» : فعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد يوم نسير الجبال ولا يحسن أن يكون العامل ما قبله، لأن حرف العطف يمنح من ذلك.
48- عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا ...
«صفا» : نصب على الحال.(4/268)
50- وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ «إلا إبليس» : نصب على الاستثناء المنقطع، على مذهب من رأى أن «إبليس» لم يكن من الملائكة.
وقيل: هو من الأول، لأنه كان من الملائكة.
55- وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا «أن يؤمنوا» : أن، فى موضع نصب، مفعول.
«إلا أن تأتيهم» : أن، فى موضع رفع، فاعل «منع» .
«قبلا» : من ضم القاف جعله جمع «قبيل» أي: يأتيهم العذاب قبيلا أي صنفا صنفا أي أجناسا.
وقيل: معناه: شيئا بعد شىء من جنس واحد، فهو نصب على الحال.
وقيل: معناه: مقابلة أي: يقابلهم عيانا من حيث يرونه.
وكذلك المعنى فيمن قرأه بكسر القاف، أي: يأتيهم مقابلة أي: عيانا.
59- وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً «تلك» : فى موضع رفع على الابتداء، و «أهلكناهم» : الخبر.
وإن شئت: كانت «تلك» فى موضع نصب على إضمار فعل يفسره «أهلكناهم» .
«لمهلكهم» : من فتح اللام والميم جعله مصدر: هلكوا مهلكا وهو مضاف إلى المفعول، على لغة من أجاز تعدى «هلك» ومن لم يجز تعديته فهو مضاف إلى الفاعل.
ومن فتح الميم وكسر اللام جعله اسم الزمان، تقديره: لوقت مهلكهم.
وقيل: هو مصدر «هلك» أيضا أتى نادرا، مثل: المرجع.
ومن ضم الميم وفتح اللام جعله مصدر «أهلكوا» .
61- فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً «سربا» : مصدر.
وقيل: هو مفعول ثان ل «اتخذ» .(4/269)
63- قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً «أن أذكره» : أن، فى موضع نصب على البدل من، «الهاء» ، فى «أنسانيه» ، وهو بدل الاشتمال.
«عجبا» : مصدر، إن جعلته من قول موسى- عليه السلام- وتقف على «فى البحر» ، كأنه لما قال فتى موسى:
«واتخذ سبيله فى البحر» ، قال موسى: أعجب عجبا.
وإن جعلت «عجبا» من قول فتى موسى، كان مفعولا ثانيا ل «اتخذ» .
وقيل: تقديره: واتخذ سبيله فى البحر ففعل شيئا عجبا، فهو نعت لمفعول محذوف.
وقيل: إنه من قول موسى عليه السلام كله تقديره واتخذ موسى سبيل الحوت فى البحر عجبا، فالوقف على «عجبا» ، على هذا التأويل، حسن.
64- قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً «قصصا» : مصدر أي: رجعا يقصان الأرض قصصا.
66- قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً.
«رشدا» : مفعول من أجله معناه: بل أتبعك للرشد على أن تعلمنى مما علمت، فيكون «على» وما بعدها: حالا.
ويجوز أن يكون مفعولا ل «تعلمنى» تقديره: على أن تعلمنى أمرا ذا رشد والرشد، والرشد، لغتان.
68- وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً «خبرا» : مصدر لأن معنى «تحط به» : تخبره.
77- فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً «لاتخذت» : من خفف التاء جعله من «تخذت» ، فأدخل اللام التي هى لجواب «لو» ، على التاء التي هى فاء الفعل.
ومن شدده جعله، «افتعل» ، فأدغم التاء الأصلية فى الزائدة.(4/270)
86- حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً «تغرب فى عين حمئة» : هو فى موضع نصب على الحال، من «الهاء» فى «وجدها» .
«إما أن تعذب وإما أن تتخذ» : أن، فى موضع نصب فيهما.
وقيل: فى موضع رفع.
فالرفع على إضمار مبتدأ، والنصب على إضمار فعل، ف «أن تعذب» أي: تفعل العذاب.
88- وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً «فله جزاء الحسنى» : من رفع «الجزاء» جعله مبتدأ، و «له» : الخبر وتقديره: فله جزاء الخلال الحسنى و «الحسنى» : فى موضع خفض بإضافة «الجزاء» إليها.
وقيل: هى فى موضع رفع على البدل من «جزاء» ، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين، و «الحسنى» ، على هذا: هى الجنة كأنه قال: فله الجنة.
ومن نصب «جزاء» ونونه، جعل «الحسنى» : مبتدأ، و «له» : الخبر ونصب «جزاء» على أنه مصدر فى موضع الحال تقديره: فله الخلال الحسنى جزاء، أو: فله الجنة جزاء أي: مجزياتها.
وقيل: «جزاء» : نصب على التمييز وقيل: على المصدر.
ومن نصب ولم ينونه فإنما حذف التنوين لالتقاء الساكنين، ف «الحسنى» : فى موضع رفع وفيه بعد.
93- حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا «يفقهون» : من ضم «الياء» قدر حذف مفعول تقديره: لا يفقهون أحدا قولا.
ولا حذف مع فتح الياء.
94- قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا «يأجوج ومأجوج» : لم ينصرفا، لأنهما اسمان لقبيلتين مع التعريف.
وقيل: مع العجمة.
ومن همز جعله عربيا مشتقا، من: أجيج النار، ومن ذلك قولهم: ملح أجاج، فهما على وزن، يعفول ومفعول.(4/271)
103- قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا «بالأخسرين أعمالا» : نصب على التفسير.
108- خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا «حولا» : نصب ب «يبغون» أي: متحولا يقال: حال من المكان يحول حولا، إذا تحول منه.
- 19- سورة مريم
1، 2- كهيعص ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا «ذكر رحمة ربك» ، قال الفراء: مرفوع ب «كهيعص» وقال الأخفش: مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: فيما نقص عليك ذكر رحمة ربك.
وقيل: تقديره: هذا الذي يتلى ذكره رحمة ربك وتقدير الكلام: ذكر ربك عبده زكريا برحمته:
3- إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا العامل فى «إذ» : هو «ذكر» .
4- قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا «شيبا» : نصب على التفسير.
وقيل: هو مصدر: شاب شيبا.
6- يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا «يرثنى ويرث» : من جزمه جعله جواب الطلب لأنه كالأمر فى الحكم.
ومن رفعه جعله نعتا ل «ولى» الآية: 5 وعلى القطع، تقديره، إذا جعلته نعتا: فهب لى من لدنك وليا وارثا علمى ونبوتى.
8- قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا «عتيا» : نصب ب «بلغت» وتقديره: سببا عتيا وأصله: عتوا، وهو مصدر: عتا يعتو، فأبدلوا من الواو ياء، ومن الضمة التي قبلها كسرة، لتصح الياء لأن ذلك أخف.(4/272)
وقد قرئ بكسر العين، لإتباع الكسر الكسر.
9- قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ ...
الكاف، فى موضع رفع أي: قال الأمر كذلك، فهى خبر ابتداء محذوف.
10- قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا «سويا» : نصب على الحال من المضمر فى «تكلم» ، أو نعت ل «ثلاث ليال» .
12- يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا «صبيا» : نصب على الحال.
13- وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا «وحنانا» : عطف على «الحكم» .
22- فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا «مكانا» : ظرف.
وقيل: هو مفعول به على تقدير: قصدت به مكانا قصيا.
24- فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا من كسر «الميم» فى «من» ، كان الضمير فى «فناداها» : ضمير عيسى- عليه السلام-، أي: فناداها- عليه السلام- من تحتها أي: من تحت ثيابها.
ويجوز أن يكون الضمير لجبريل- عليه السلام- ويكون التقدير: فناداها جبريل من دونها أي: من أسفل من موضعها، كما تقول: دارى تحت دارك أي: أسفل من دارك ولدي، تحت بلدك أي: أسفل منه، وكما قال تعالى- فى الجنة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي: من أسفل.
ف «تحت» يراد بها الجهة المحازية للشىء، فيكون جبريل- عليه السلام- كلمها من الجهة المحازية لها، لا من أسفل منها.
وإذا كان الضمير لعيسى- عليه السلام- كان «تحت» : أسفل، لأن موضع ولادة عيسى أسفل منها، ويدلك على أن «تحت» يقع بمعنى الجهة المحازية للشىء قوله «قد جعل ربك تحتك سريا» أي: فى الموضع المحازى لك، لأنه أسفلها.(4/273)
فأما من فتح «الميم» من «من» فإنه جعل «من» هو الفاعل، وليس فى «فناداها» ضمير فاعل. «ومن» ، فى هذه القراءة: هو عيسى لأنه هو الذي أسفل منها، فرفعت «من» للخصوص فى هذا، وأصلها أن تكون للعموم.
25- وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا «رطبا» : نصب على البيان وقيل: هو مفعول ل «هزى» ، وهذا إنما يكون على قراءة من قرأ بالياء والتخفيف، أو التشديد أو بفتح التاء والتشديد.
وفى «تساقط» : ضمير النخلة.
ويجوز أن يكون ضمير «الجذع» ، هذا على قراءة من قرأه بالتاء.
فأما من قرأه بالياء، فلا يكون فى «يساقط» : إلا ضمير «الجذع» .
فأما من قرأ بضم التاء والتخفيف وكسر القاف ف «رطبا» : مفعول ل «تساقط» ، وقيل: هو حال، والمفعول مضمر تقديره: تساقط ثمرها عليك رطبا.
والنخلة تدل على الثمر، فحسن الحذف، «والباء» فى «بجذع» : زائدة.
26- فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ...
«عينا» : منصوب على التفسير.
29- فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا «صبيا» : نصب على الحال، و «كان» : زائدة، والعامل فى الحال: الاستقرار.
وقيل: «كان» هنا، بمعنى: وقع وحدث، فيها اسمها مضمر، و «صبيا» : حال أيضا، والعامل فيه «نكلم» . وقيل: «كان» .
وقال الزجاج: «من» : للشرط، والمعنى: من كان فى المهد صبيا كيف نكلمه؟
31- وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا «مباركا» : مفعول ثان ل «جعل» .
«ما دمت حيّا» : ما، فى موضع نصب على الظرف أي: حين دوام حياتى.(4/274)
وقيل: فى موضع نصب على الحال، و «حيا» : خبر «دمت» ، والتاء: اسم «دام» .
32- وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا «وبرا» : عطف على «مباركا» .
ومن خفض «برا» ، عطفه على «الصلاة» .
34- ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ «قول الحق» : من رفع «قولا» أضمر مبتدأ، وجعل «الحق» خبره تقديره: ذلك عيسى بن مريم، ذلك قول الحق، وهو قول الحق، وهذا الكلام قول الحق.
وقيل: إن «هو» المضمرة، كناية عن عيسى عليه السلام، لأنه يكلمه الله جل ذكره، وقد سماه الله كلمة، إذ بالكلمة يكون ولذلك قال الكسائي على هذا المعنى: إن «قول الحق» نعت لعيسى- عليه السلام-.
ومن نصب «قولا» فعلى المصدر أي: أقول قول الحق.
36- وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ من فتح «أن» عطفها على «الصلاة» ، ومن كسرها استأنف الكلام بها.
41- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا «صديقا» : خبر «كان» ، و «نبيا» : نصب ب «صديق» .
وقيل: هو خبر بعد خبر.
46- قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ ...
«راغب» : مبتدأ، و «أنت» : رفع بفعله، وهو الرغبة، ويسد مسد الخبر وحسن الابتداء بنكرة، لاعتمادها على ألف الاستفهام قبلها.
47- قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ...
«سلام عليك» : سلام، ابتداء والمجرور: خبره، وحسن الابتداء بنكرة، لأن فيها معنى المنصوب، وفيها أيضا معنى التبرئة.
فلما أفادت فوائد جاز الابتداء بها، والأصل ألا يبتدأ بنكرة إلا أن تفيد فائدة عند المخاطب.(4/275)
52- وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا «نجيا» : نصب على الحال.
58- ... إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا «سجدا وبكيا» : نصب على الحال، ويكون «بكيا» : جمع «باك» .
وقيل: «بكيا» : نصب على المصدر، وليس جمع «باك» وتقديره: خروا سجد وبكوا بكيا.
62- لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً ...
«إلا سلاما» : نصب على الاستثناء المنقطع.
وقيل: هو بدل من «لغو» .
63- تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا «نورث» : يتعدى إلى مفعولين، لأنه رباعى، من «أورث» ، فالمفعول الأول «ها» محذوفة تقديره:
«نورثها» ، والمفعول الثاني «من» ، فى قوله: «من كان تقيا» ، و «من» متعلقة ب «نورث» والتقدير: تلك الجنة التي نورثها من كان تقيا من عبادنا.
68- فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا «جثيا» : نصب على الحال، إن جعلته جمع: جاث، ونصب على المصدر، إن لم تجعله جمعا وجعلته مصدرا.
69- ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا قرأ هارون القارئ: بنصب «أيهم» ، أعمل فيها «لننزعن» .
والرفع فى «أيهم» عند الخليل، على الحكاية، فهو ابتداء، وخبره: «أشد» تقديره: لننزعن من كل شيعة الذي من أجل عتوه، يقال له: أي هؤلاء أشد عتيا؟
وذهب يونس إلى أن «أيا» رفع بالابتداء على الحكاية، ويعلق الفعل، وهو «لننزعن» ، فلا يعمله فى اللفظ، ولا يجوز أن يتعلق مثل «لننزعن» عند سيبويه والخليل، إنما يجوز أن تعلق مثل أفعال الشد وشبهها بما لم يتحقق وقوعه.
وذهب سيبويه إلى أن «أيا» مبنية على الضم، لأنها عنده بمنزلة «الذي» و «ما» ، لكن خالفتهما(4/276)
فى جواز الإضافة، فأعربت لما جازت فيها الإضافة، فلما حذف من صلتها ما يعود عليها لم تقو، فرجعت إلى أصلها وهو البناء، ك «الذي» و «ما» ، ولو أظهرت الضمير لم يجز البناء عنده وتقدير الكلام عنده: ثم لننزعن من كل شيعة أيهم هو أشد، كما تقول: لننزعن الذي هو أشد ويصبح حذف «هو» مع «الذي» ، وقرىء «تماما على الذي أحسن» 6: 154، برفع «أحسن» ، على تقدير حذف «هو» ، والحذف مع «الذي» قبيح، ومع «أي» حسن فلما خالفت «أي» أخواتها فى حسن الحذف معها فحذفت «هو» ، بنيت «أيا» على الضم.
وقد اعترض على سيبويه فى قوله «وكيف بنينا المضاف وهو متمكن» وفيه نظر، ولو ظهر الضمير المحذوف مع «أي» لم يكن فى «أي» إلا النصب عند الجميع.
وقال الكسائي: «لننزعن» : واقعة على المعنى.
وقال الفراء: معنى: «لننزعن» : لينادين، فلم يعمل، لأنه بمعنى النداء.
وقال بعض الكوفيين: إنما لم تعمل «لننزعن» فى «أيهم» ، لأن فيها معنى الشرط والمجازاة، فلم يعمل ما قبلها فيها والمعنى: لننزعن من كل فرقة إن شايعوا، أو لم يتشايعوا كما تقول: ضربت القوم أيهم غضب والمعنى: إن غضبوا، أو لم يغضبوا.
وعن المبرد: أن «أيهم» رفع، لأنه متعلق ب «شيعة» والمعنى: من الذين تشايعوا أيهم أي من الذين تعاونوا فنظروا أيهم.
75- حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ ...
«إمّا العذاب وإمّا السّاعة» : نصبا على البدل من «ما» ، التي فى قوله «حتى إذا رأوا ما يوعدون» .
80- وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً «ونرثه ما يقول» : حرف الجر محذوف تقديره: ونرث منه ما يقول أي: نرث منه ماله وولده.
«فردا» : حال.
87- لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً «من» : فى موضع رفع على البدل من المضمر المرفوع فى «يملكون» .
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الاستثناء، على أنه ليس من الأول.(4/277)
90- تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا «هدا» : مصدر أي: تهد هدا أو: مفعول له أي: لأنها تهد.
91- أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً «أن» : فى موضع نصب، مفعول من أجله.
92- وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً «أن» : فى موضع رفع ب «ينبغى» .
93- إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً «إن» : بمعنى «ما» ، و «كل» : رفع بالابتداء والخبر: «إلا آتى الرحمن» .
و «آتى» : اسم فاعل، و «الرحمن» فى موضع نصب ب «الإتيان» ، و «عبدا» نصب على الحال، ومثله: «فردا» الآية: 95
- 20- سورة طه
3- إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى «تذكرة» : منصوب على المصدر، أو على الاستثناء المنقطع الذي فيه «إلا» بمعنى «لكن» .
ويجوز أن يكون حالا أو مفعولا معه، على تقدير: إنا أنزلنا عليك التنزيل لتحتمل متاعب التبليغ، وما أنزلنا عليك هذا الشاق إلا ليكون تذكرة.
4- تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى «تنزيلا» ، فيمن قرأ بالنصب: وجوه:
أن يكون بدلا من «تذكرة» الآية: 3، إذا جعل حالا، لا إذا كان مفعولا له، لأن الشيء لا يعلل بنفسه.
وأن ينصب ب «أنزل» مضمرا.
وأن ينصب ب «أنزلنا» ، لأن معنى: ما أنزلنا إلا تذكرة: أنزلناه تذكرة.
12- إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً «طوى» ، من ترك تنوينه، فعلته أنه معدول، كعمر، وهو معرفة.
وقيل: هو مؤنث، اسم للبقعة، وهو معرفة.(4/278)
ومن نونه جعله اسما للمكان غير معدول.
وهو بدل من «الوادي» فى الوجهين.
17- وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى «تلك» : عند الزجاج، بمعنى «التي» و «بيمينك» : صلتها.
وهى عند الفراء بمعنى: هذه، وهذه وتلك، عنده يحتاجان إلى صلة كالتى.
وذكر قطرب عن ابن عباس أن «تلك» بمعنى: «هذه» و «ما» : فى موضع رفع بالابتداء، وما بعدها الخبر ومعنى الاستفهام فى هذا: التنبيه.
22- وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى «بيضاء» : نصب على الحال من المضمر فى «تخرج» و «آية» : بدل من «بيضاء» ، حال أيضا أي:
تخرج مضيئة عن قدرة الله جل ذكره.
وقيل: «آية» : انتصب بإضمار فعل التقدير: آتيناك آية أخرى.
والرفع جائز فى غير القرآن، على: هذه آية.
29، 30- وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي «هارون» : بدل من «وزيرا» .
وقيل: هو منصوب ب «اجعل» ، على التقديم والتأخير أي: واجعل لى هارون أخى وزيرا.
31، 32- اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي من قرأ بوصل ألف «اشدد» وفتح ألف «أشركه» : جعله على الدعاء والطلب، فهو مبنى.
ومن قطع ألف «أشدد» وضم ألف «أشركه» ، وهو ابن عامر، جعله مجزوما جوابا ل «اجعل» ، والألفان:
ألفا المتكلم.
وهما فى القراءة الأولى، الأولى ألف وصل، والثانية قطع.
33- كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً «كثيرا» : نعت لمصدر محذوف تقديره: تسبيحا كثيرا، أو نعت ل «وقت» محذوف تقديره: نسبحك وقتا طويلا.(4/279)
39- أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ...
«أن» : فى موضع نصب على البدل من «ما» ، و «الهاء» الأولى فى «اقذفيه» : لموسى، والثانية: للتابوت.
52- قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى ما بعد «كتاب» صفة له من الجملتين، و «ربى» : فى موضع نصب، بحذف الخافض تقديره: لا يضل الكتاب عن ربى ولا ينسى.
ويجوز أن يكون «ربى» : فى موضع رفع ينفى عنه الضلال والنسيان.
58- فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً «المكان» : نصب، على أنه مفعول ثان ب «اجعل» ، ولا يجوز نصبه ب «الموعد» ، لأنه قد وصف بقوله «لا» نخلفه نحن ولا أنت، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت لم تعمل، لأنها تخرج عن شبه الفعل بالصفة والتصغير، إذ الأفعال لا تصغر ولا توصف، فإذا أخرجت بالصفة والتصغير عن شبه الفعل امتنعت من العمل. وهذا أصل لا يختلف فيه البصريون، وكذلك إذا أخبرت عن المصادر أو عطفت عليها لم يجز أن تعملها فى شىء، لا بد أن تفرق بين الصلة والموصول، لأن المعمول فيه داخل فى صلة المصدر، والخبر والمعطوف عليه داخلان فى الصلة، ولا يحسن أن يكون «مكانا» فى هذا الموضع، لم تجره العرب مع الظروف مجرى سائر المصادر معها ألا ترى أنه قال الله تعالى: (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) 11: 81، لم يجز إلا النصب فى «الصبح» ، على تقدير: وقت الصبح وقد جاء «الموعد» اسما للمكان، كما قال الله- جل وعز-: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ) 15: 43 وقد قيل: معناه: المكان موعدهم.
وقوله «سوى» ، هو صفة لمكان، لكن من حذف كسر السين، جعله نادرا لأن «فعلا» لم يأت صفة إلا قليلا مثل: هم قوم عدى ومن ضم السين أتى به على الأكثر، لأن «فعلا» كثير فى الصفات، مثل: رجل حطم، ولبد، وشبكع وهو كثير.
59- قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى الرفع فى «يوم» على خبر «موعدكم» ، على تقدير حذف مضاف تقديره: موعدكم وقت يوم الزينة.(4/280)
وقد نصب الحسن «يوم الزينة» ، على الظرف.
«أن يحشر» : أن، فى موضع رفع عطف على «يوم» على تقدير: موعدكم وقت يوم الزينة، ووقت حشر الناس.
وقيل: «أن» : فى موضع خفض، على النعت على «الزينة» .
ومن نصب «يوم الزينة» جعل «أن» فى موضع نصب على العطف على «يوم» .
ويجوز أن يكون فى موضع رفع، على تقدير: وموعدكم يوم حشر الناس.
أو فى موضع خفض، على العطف على «الزينة» .
63- قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى من رفع «هذان» حمله على لغة لبنى الحارث بن كعب، يأتون بالمثنى بالألف على كل حال.
وقيل: «إن» : بمعنى: نعم، وفيه بعد، لدخول اللام فى الخبر، وذلك لا يكون إلا فى شعر كقوله:
أم الحليس لعجوز شهر به
وكان وجه الكلام: لأم الحليس عجوز وكذلك كان وجه الكلام، فى الآية، إن حمّلت «إن» معنى:
«نعم» : إن لهذان ساحران، كما تقول: لهذان ساحران، نعم ولمحمد رسول الله. وفى تأخر اللام مع لفظ «إن» بعض القوة على «نعم» .
وقيل: إن المبهم لما لم يظهر فيه إعراب فى الواحد ولا فى الجمع، جرت التثنية على ذلك، فأتى بالألف على كل حال.
وقيل: إنها مضمرة مع «إن» وتقديره: إن هذان لساحران، كما تقول: إن زيد منطلق وهو قول حسن، لولا أن دخول اللام فى الجر يبعد.
فأما من خفف «أن» فهى قراءة حسنة، لأنه أصلح فى الإعراب، ولم يخالف الخط، لكن دخول اللام فى الجر- يعنى- ما على مذهب سيبويه لأنه إن يقدر أنها المخففة من الثقيلة، لا بد أن يرفع ما بعدها بالابتداء والخبر، لنقص بنيانها، فرجع ما بعدها إلى أصله. فاللام لا يدخل فى خبر ابتداء أتى على أصله إلا فى شعر.
على ما ذكرنا.(4/281)
وأما على مذهب الكوفيين فهو من أحسن شىء، لأنهم يقدرون «أن» الخفيفة بمعنى «ما» ، واللام بمعنى «إلا» فتقدير الكلام: ما هذان إلا ساحران فلا خلل فى هذا التقدير إلا ما ادعوا أن اللام تأتى بمعنى «إلا» .
66- قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى من قرأ «يخيل» ، بالياء، جعل «أن» فى موضع رفع، لأنها مفعول لم يسم فاعله ل «يخيل» .
ومن قرأ «تخيل» بالتاء، وهو ابن ذكوان، فإنه جعل «أن» فى موضع رفع، على البدل من الضمير فى «تخيل» ، وهو بدل الاشتمال.
ويجوز مثل ذلك فى قراءة بالياء، على أن يجعل الفعل ذكّر على المعنى.
ويجوز أن يكون فى قراءة من قرأ بالتاء فى موضع نصب، على تقدير حذف «الباء» تقديره: يخيل إليه من سحرهم بأنها تسعى، ويجعل المصدر، و «إليه» ، فى موضع مفعول لم يسم فاعله.
67- فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى «موسى» : فى موضع رفع ب «أوجس» ، و «خيفة» : مفعول ل «أوجس» وأصل «خيفة» : خوفة، ثم أبدل من الواو ياء وكسر ما قبلها ليصح بناء «فعلة» .
وإنما خاف موسى أن يفتتن الناس.
وقيل: لما أبطأ عليه الوحى فألقى عصاه خاف.
وقيل: بل غلبه طبع البشرية عند معاينته ما لم يعتد.
69- وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى «تلقف» : من جزم «تلقف» جعله جوابا للأمر، ومن رفعه، وهو ابن ذكوان، رفع على الحال من «ما» ، وهى العصا.
وقيل: هو حال من «الملقى» ، وهو موسى، نسب إليه التلقف، لما كان عن فعله وحركته، كما قال (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى) 8: 17، وهى حال مقدرة، لأنها إنما تلقف حبالهم بعد أن ألقاها.
«إن ما صنعوا» : ما: اسم «إن» ، بمعنى «الذي» ، و «كيد» : خبرها و «الهاء» : محذوفة من «صنعوا» تقديره، صنعوه كيد ساحر.(4/282)
ومن قرأ «كيد سحر» ، فمعناه: كيد ذى سحر.
ويجوز فى الكلام نصب «كيد» ب «صنعوا» ، ولا تضمر «هاء» ، على أن تجعل «ما» كافة ل «أن» عن العمل.
ويجوز فتح «أن» ، على معنى: لأن ما صنعوا.
72- قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا «الذي فطرنا» : الذي، فى موضع نصب، على العطف على «ما» ، وإن شئت على القسم.
«إنما تقضى هذه الحياة الدّنيا» : ما كافة ل «أن» عن العمل، و «هذه» : نصب على الظرف، «والحياة» :
بدل من «هذه» ، أو نعت تقديره: إنما تقضى الحياة الدنيا.
ويجوز فى الكلام رفع «هذه» و «الحياة» ، على أن تجعل «ما» بمعنى: الذي و «الهاء» محذوفة مع «تقضى» ، و «هذه» : خبر «أن» ، و «الحياة» : بدل من «هذه» ، أو نعت تقديره: إن الذي تقضيه أمر هذه الحياة.
73- إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى «ما» : فى موضع نصب، على العطف على «الخطايا» .
وقيل: هو حرف ناف فإذا جعلت «ما» نافية «تعلقت» «من» ب «الخطايا» وإذا جعلت «ما» بمعنى «الذي» تعلقت «من» ب «أكرهتنا» .
77- وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى من رفع «تخاف» جعله حالا من الفاعل، وهو موسى التقدير: اضرب لهم طريقا فى البحر لا خائفا دركا ولا خاشيا ويقوى رفع «تخاف» إجماع القراء على رفع «تخشى» وهو معطوف على «تخاف» .
ويجوز رفع «تخاف» على القطع أي: أنت لا تخاف دركا.
وقيل: إن رفعه على أنه نعت ل «طريق» على تقدير حذف «فيه» .(4/283)
ومن جزم «تخاف» ، وهو حمزة، جعله جواب الأمر، وهو «فاضرب» والتقدير: إن تضرب لا تخف دركا ممن خلفك ويرفع «تخشى» على القطع أي: وأنت لا تخشى غرقا.
وقيل: إن الجزم فى «لا تخف» ، على النهى.
وأجاز الفراء أن يكون «ولا تخشى» : فى موضع جزم، وبنيت الألف كما بنيت الياء والواو، على تقدير حذف الحركة منهما وهذا لا يجوز فى الألف، لأنها لا تتحرك أبدا إلا بتغيرها إلى غيرها، والواو والياء يتحركان ولا يتغيران.
80- يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى انتصب «جانب» على أنه مفعول ثان ل «واعد» ، ولا يحسن أن ينتصب على الظرف لأنه ظرف مكان مختص وإنما تتعدى الأفعال والمصادر إلى ظروف المكان إذا كانت مبهمة، هذا أصل الاختلاف.
وتقدير الآية: وواعدناكم إتيان جانب الطور، ثم حذف المضاف.
86- فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً يجوز أن يكون «الوعد» بمعنى: الموعود كما جاء «الخلق» بمعنى المخلوق، فنصبت «وعدا» على هذا التقدير، على أنه مفعول ثان ل «يعد» ، على تقدير حذف مضاف تقديره: ألم يعدكم ربكم تمام وعد حسن.
ويجوز أن يكون انتصب «وعد» على المصدر.
87- قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ «الملك» : مصدر، فى قراءة من ضم الميم، أو فتحها، أو كسرها، وهى لغات والتقدير: ما أخلفنا موعدكم بملكنا الصواب، بل أخلفناه بخطئنا. والمصدر مضاف فى هذا إلى الفاعل، والمفعول محذوف كما يضاف فى موضع آخر إلى المفعول ويحذف الفاعل نحو قوله تعالى (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) 38: 54، وقوله (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) 41: 49 وقيل: إن من قرأه بضم الميم جعله مصدر قولهم: هو ملك بين الملوك، ومن كسر جعله مصدر: هو مالك بين الملك، ومن فتح جعله اسما.(4/284)
«فكذلك ألقى» : الكاف، فى موضع نصب، على النعت لمصدر محذوف تقديره: فألقى السامري إلقاء كذلك.
94-الَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
«يا بن أمّ» : من فتح «الميم» أراد: يا بن أمي، ثم أبدل من «الياء» التي للإضافة ألفا.
وقيل: بل جعل الاسمين اسما واحدا، فبناهما على الفتح.
ومن كسر «الميم» فعلى أصل الإضافة، لكن حذف «الياء» ، لأن الكسرة تدل عليها، وكان الأصل إثباتها لأن «الأم» غير منادى، إنما المنادى هو «الابن» ، وحذف «الياء» إنما يحسن ويختار مع المنادى بعينه، و «الأم» ليست بمناداة.
97- قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ ...
«لن تخلفه» : من قرأ بكسر اللام، فعلى: أن تجده مخلفا كما تقول: أحمدته أي: وجدته محمودا.
وقيل: إن معناه محمول على التهدد أي: لا بد لك من أن تصير إليه.
ومن فتح اللام، فمعناه: لن تخلفه الله، والمخاطب مضمر مفعول لم يسم فاعله، والفاعل هو الله جل ذكره، و «الهاء» : المفعول الثاني.
والمخاطب، فى القراءة الأولى: فاعل، على المعنيين جميعا.
«وأخلف» : معدى إلى مفعولين، فالثانى محذوف فى قراءة من كسر اللام والتقدير: لن تخلف أنت الله الموعد الذي قدر أن ستأتيه فيه.
99- كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً «الكاف» : فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف أي: نقص عليك قصصا كذلك.
102- يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً «رزقا» : حال من «المجرمين» .
103- يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً «إلا عشرا» : نصب ب «لبثتم» .(4/285)
118، 119- إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى «ألا» : فى موضع نصب، لأنها اسم «إن» .
ومن فتح «وانك لا تظمأ» ، عطفها على «ألا تجوع» ، والتقدير: وأن لك من عدم الجوع وعدم الظمأ فى الجنة.
ويجوز أن تكون الثانية فى موضع رفع، عطف على الموضع.
ومن كسر فعلى الاستئناف.
128- أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى فاعل «يهد» : مضمر، وهو المصدر تقديره: أفلم يهد الهدى لهم.
وقيل: الفاعل مضمر على تقدير: الأمر تقديره: ألم يهد الأمر لهم كم؟
وقال الكوفيون: «كم» : هو فاعل «يهد» .
وهو غلط عند البصريين لأن «كم» لها صدر الكلام، ولا يعمل ما قبلها فيها، إنما يعمل فيها ما بعدها، «كأى» فى الاستفهام، فالعامل فى «كم» الناصب لها عند البصريين: «أهلكنا» .
131- وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى نصبت «زهرة» على فعل مضمر، ذلك عليه «متعنا» ، بمنزلة: جعلنا وكأنه قال: جعلنا لهم زهرة الحياة.
وهو قول الزجاج.
وقيل: هى بدل من «الهاء» فى «به» على الموضع كما تقول: مررت به أخاك.
وأشار الفراء إلى نصبه على الحال، والعامل فيه «متعنا» قال: كما تقول: مررت به المسكين وقدّره: متعناهم به زهرة فى الحياة الدنيا وزينة فيها.
قال: فإن كانت معرفة فإن العرب تقول: مررت به الشريف الكريم تعنى: نصبه، على الحال، على تقدير زيادة الألف واللام.(4/286)
ويجوز أن تنصب «زهرة» على أنها موضوعة موضع المصدر، موضع «زينة» ، مثل «سمع الله» ، و «وعد الله» .
وفيه نظر.
والأحسن أن تنصب «زهرة» على الحال، وحذف التنوين لسكونه وسكون اللام فى «الحياة» ، كما قرىء (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) 36: 40، بنصب «النهار» ب «سابق» على تقدير حذف التنوين، لسكونه وسكون اللام فتكون «الحياة» مخفوضة على البدل من «ما» ، فى قوله «إلى ما متعنا» ، لأن «لنفتنهم» متعلق ب «متعنا» ، وهو داخل فى صلة «ما» ، ف «لنفتنهم» داخل أيضا فى الصلة، ولا يقدم المبدل على ما هو فى الصلة لأن البدل لا يكون إلا بعد تمام الصلة للمبدل منه، فامتنع بدل «زهرة» من «ما» ، على الموضع.
133- وَقالُوا لَوْلا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى «ما» : فى موضع خفض، بإضافة «البينة» إليها.
وأجاز الكسائي تنوين «بينة» ، فتكون «ما» : بدلا من «بينة» .
135- قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى «من» : فى موضع رفع بالابتداء، ولا يعمل فيها «ستعلمون» ، لأنها استفهام، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله وأجاز الفراء أن يكون «من» : فى موضع نصب ب «ستعلمون» ، حمله على غير الاستفهام، جعل «من» للجنس، كقوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) 2: 220.
- 21- سورة الأنبياء
2- ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ «محدث» : نعت لله.
وأجاز الكسائي نصبه على الحال.
وأجاز الفراء رفعه على النعت ل «ذكر» ، على الموضع لأن «من» زائدة، و «ذكر» : فاعل.
3- لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ...
«الّذين» : بدل من المضمر المرفوع فى «أسروا» ، والضمير يعود على «الناس» الآية: 1(4/287)
وقيل: «الذين» : رفع على إضمار «هم» .
وقيل: «الذين» : فى موضع نصب على: أعنى.
وأجاز الفراء أن يكون «الذين» فى موضع نعت ل «الناس» الآية: 1.
وقيل: «الذين» : رفع ب «أسروا» ، وأتى لفظ الضمير فى «أسروا» على لغة من قال: أكلونى البراغيث.
وقيل: «الذين» : رفع على إضمار: «يقول» .
10- لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ «الذكر» : مبتدأ، و «فيه» : الخبر والجملة فى موضع نصب على النعت ل «كتاب» .
22- لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ «إلا» : فى موضع «غير» ، نعت ل «آلهة» ، عند سيبويه والكسائي، تقديره: غير الله، فلما وضعت «إلا» فى موضع «غير» أعرب الاسم بعدها بمثل إعراب «غير» .
قال الفراء: «إلا» ، بمعنى: سوى.
24- أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ «ذكر، وذكر» : قرأ عيسى بن يعمر: بالتنوين.
«الحقّ» : نصب ب «يعلمون» .
وقرأ الحسن: بالرفع، على معنى: هو الحق، وهذا الحق.
26- وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ أي: بل هم عباد، ابتداء وخبر.
وأجاز الفراء: بل عبادا مكرمين، بالنصب، على معنى: بل اتخذ عبادا.
30- أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ إنما وحد «رتقا» ، لأنه مصدر وتقديره: كانتا ذواتى رتق.(4/288)
«من الماء» : فى موضع المفعول الثاني ل «جعل» .
ويجوز فى الكلام «حيا» ، بالنصب، على أنه المفعول الثاني، ويكون، «من الماء» فى موضع البيان.
33- وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ فى «يسبحون» : الواو والنون، وهو خبر عما لا يعقل، وحق الواو والنون ألا يكونا إلا لمن يعقل، ولكن لما أخبر عنهما أنهما يفعلان فعلا، كما عبر عمن يعقل، أتى الخبر عنهما كالخبر عمن يعقل.
34- وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ حق همزة الاستفهام، إذا دخلت على حرف شرط، أن تكون رتبتها قبل جواب الشرط فالمعنى: فهم الخالدون إن مت، ومثله: (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ) 7: 144، وهو كثير.
47- وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ من رفع «مثقال» جعل «كان» تامة، لا تحتاج إلى خبر ومن نصبه جعل «كان» ناقصة تحتاج إلى خبر، واسم «كان» مضمر فيها تقديره: وإن كان الظلم مثقال حبة فلتقدّم ذكر الظلم جاز إضماره.
«أتينا بها» : من قرأه بالقصر، فمعناه: جئنا بها. وقرأ ابن عباس ومجاهد: «آتينا» ، على معنى:
جازينا بها، فهو «فاعلنا» ، ولا يحسن أن يكون «أفعلنا» ، لأنه يلزم حذف الباء من «بها» ، لأن «أفعل» لا يتعدى بحرف، وفى حذف الباء مخالفة للخط.
52- إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ العامل فى «إذ» : آتينا إبراهيم أي: آتيناه رشده فى وقت قال لأبيه.
60- قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ «إبراهيم» : رفع على إضمار «هو» ، ابتداء وخبر محكى.
وقيل: تقديره: الذي يعرف به: إبراهيم.
وقيل: هو رفع على النداء المفرد، فتكون ضمته بناء، و «له» : قام مقام المفعول الذي لم يتم فاعله ل «يقال» .(4/289)
وإن شئت: أضمرت المصدر ليقوم مقام الفاعل، و «له» : فى موضع نصب.
74- وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ «لوطا» : نصب بإضمار فعل تقديره: وآتينا لوطا آتيناه.
76- وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ أي: واذكر يا محمد نوحا.
78- وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ...
أي: واذكر يا محمد داود وسليمان.
79- فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ «والطّير» : عطف على «الجبال» ، وهو مفعول معه.
ويجوز الرفع بعطفه على المضمر فى «يسبحن» .
87- وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ...
«ذا النون» : فى موضع نصب على معنى: واذكر ذا النون.
«مغاضبا» : نصب على الحال ومعناه: غضب على قومه لربه إذ لم يجبه قومه، فالغضب على القوم كان لمخالفتهم أمر ربهم.
88- فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ «ننجى» : قرأه ابن عامر وأبو بكر «نجى» : بنون واحدة مشددا، فكان يجب أن يفتح الياء، لأنه فعل ماض لم يسم فاعله، ويجب أن يرفع «المؤمنون» على هذه القراءة، لأنه مفعول لم يسم فاعله، أو فعل ماض لم يسم فاعله، لكن أتى على إضمار المصدر، أقامه مقام الفاعل وهو بعيد لأن المفعول أولى بأن يقوم مقام الفاعل، وإنما يقوم المصدر مقام الفاعل، عند عدم المفعول به، أو عند استعمال المفعول به بحرف الجر، نحو: قم وسر بزيد فأما «الياء» فأسكنها فى موضع الفتح كمن يسكنها فى موضع الرفع، وهو بعيد أيضا، إنما يجوز فى الشعر.(4/290)
وقال بعض العلماء: أعنى أنه فعل سمى فاعله، وإنما أدغم النون الثانية فى الجيم وهو قول بعيد أيضا لأن النون لا تدغم فى الجيم إدغاما صحيحا يكون معه التشديد، إنما يخفى عند الجيم، والإخفاء لا يكون معه تشديد.
وقال على بن سليمان: هو فى هذه القراءة، فعل سمى فاعله وأصله: ننجى بنونين وبالتشديد، على «نفعل» ، لكن حذفت النون لاجتماع النونين، كما حذفت إحدى التاءين فى «فتفرق» 6: 153.
واستدل من قال بهذين القولين الآخرين على قوله بسكون الياء، فدل سكونها على أنه فعل مستقبل وفى هذا أيضا قول ضعيف لأن المثلين فى هذه الأشياء لا يحذف الثاني استخفافا إلا إذا اتفقت حركة المثلين، نحو:
تتفرقون، وتتعارفون. فإذا اختلفت لم يجز حذف الثاني، نحو تتعافر الذنوب، تتناتج الدواب والنونان فى «ننجى» قد اختلفت حركتهما، فلا يجوز حذف البتة وأيضا فإن النون الثانية أصلية، والأصلى لا يجوز حذفه البتة، والتاء المحذوفة فى: «تفرقوا» ، و «تعاونوا» زوائدة، فحذفها حسن، إذ اتفقت الحركات.
90- ... وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ «رغبا ورهبا» : نصب على المصدر.
91- وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ «التي» : فى موضع نصب، على معنى: واذكر التي.
«آية» : مفعول ثان ل «جعل» ، ولم يثن، لأن التقدير، عند سيبويه: وجعلناها آية للعالمين وجعلنا ابنها آية، ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه.
وتقديره، عند المبرد، على غير حذف، لكن يراد به التقديم تقديره، عنده: وجعلناها آية للعالمين وابنها.
96- حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ جواب «إذا» : محذوف، والمعنى: قالوا يا ويلنا، فحذف «القول» .
وقيل: جوابها: «وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ» الآية: 97، و «الواو» : زائدة.(4/291)
وقيل: جوابها: «فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ» الآية: 97.
109- فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ يحتمل «على سواء» : أن يكون فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف أي: إنذارا على سواء.
ويحتمل أن يكون فى موضع الحال من الفاعل، وهو النبي- صلى الله عليه وسلم- ومن الكفار أي:
مستوين فى العلم بنقض العهد، فهذا كقولك: لقى زيد عمرا ضاحكين وفيه اختلاف من أجل اختلاف العاملين فى صاحبى الحال.
- 22- سورة الحج
1- يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ «يا أيها الناس» : أي، نداء مفرد و «ها» : للتنبيه ولا يجوز فى «الناس» ، عند سيبويه، إلا الرفع، وهو نعت، لمفرد، لأنه لا بد منه، وهو المنادى فى المعنى.
وأجاز سيبويه النصب فيه على موضع المفعول، لأن المنادى مفعول به فى المعنى.
وإنما ضم، لأنه مبنى وإنما بنى، لوقوعه موضع المخاطب والمخاطب لا يكون اسما ظاهرا، إنما يكون مضمرا، كافا أو تاء، والدليل على أن المنادى مخاطب أنك لو قلت: والله لا خاطبت زيدا، ثم قلت: يا زيد، فبنيت لأنه خطاب، فلما وقع موقع المضمر بنى، كما أن المضمر مبنى أبدا، لكنه فى أصله متمكن فى الإعراب، فبنى على حركته، واختير له الضم لقوته.
وقيل: لشبهه ب «قبل» و «بعد» .
4- كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ «أنه من تولاه» : أن فى موضع رفع ب «كتب» .
«فأنه يضله» : أن، عطف على الأولى، فى موضع رفع قاله الزجاج، ثم قال: و «الفاء» :(4/292)
الأجود فيها أن تكون فى موضع الجزاء ثم رجع فنقض ذلك، وقال: حقيقة «أن» الثانية أنها مكررة على جهة التأكيد، لأن المعنى: كتب على الشيطان أن من تولاه أضله.
وقد أخذت عليه إجازته ذلك أن تكون «الفاء» عاطفة، لأن «من تولاه» شرط، و «الفاء» جواب الشرط.
ولا يجوز العطف على «أن» الأولى إلا بعد تمامها، لأن ما بعدها من صلتها، فإذا لم تتم صلتها لم يجز العطف عليها، إذ لا يعطف على الموصول إلا بعد تمامه، والشرط وجوابه فى هذه الآية خبر «أن» الأولى.
وأخذ عليه أيضا قوله: «فأن» الثانية، مكررة للتأكيد، وقيل: كيف تكون للتأكيد والمؤكد لم يتم، وإنما يصلح التأكيد بعد تمام المؤكد، وتمام «أن» الأولى عند قوله «السعير» .
والصواب فى «أن» الثانية أن تكون فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ تقديره: كتب على الشيطان أن من تولاه فشأنه، أو فأمره، أن يضله أي: فشأنه الإضلال.
ويجوز أن تكون الثانية فى موضع رفع بالاستقرار، تضمر «له» تقديره: كتب عليه أنه من تولاه فله أن يضله أي: فله إضلاله وهدايته إلى عذاب السعير.
6- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «ذلك» : فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ تقديره: الأمر ذلك.
وأجاز الزجاج أن تكون «ذلك» : فى موضع نصب، بمعنى: فعل الله ذلك بأنه الحق.
9- ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ «ثانى عطفه» : نصب على الحال من المضمر فى «يجادل» الآية: 8، وهو راجع على «من» فى قوله «من يجادل» ، ومعناه: يجادل فى آيات الله بغير علم، معرضا عن الذكر.
10- ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «ذلك» : مبتدأ، و «بما قدمت» : الخبر وقوله «وأن الله» : فى موضع خفض، عطف على «بما» .
وقيل: «أن» : فى موضع رفع، على معنى: والأمر أن الله والكسر على الاستئناف حسن.
13- يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ قال الكسائي: اللام فى «لمن» : موضعها و «من» فى موضع نصب ب «يدعو» والتقدير: يدعو من ضره أقرب من نفعه أي: يدعو إلها ضره أقرب من نفعه.(4/293)
وقال المبرد: فى الكلام حذف «مقول» ، «اللام» فى موضعه، و «من» فى موضع رفع بالابتداء، و «ضره» :
مبتدأ، و «أقرب» : خبره، والجملة صلة «من» ، وخبر «من» : محذوف تقديره: مقول لمن ضره أقرب من نفعه إلهه.
17- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «إن الذين آمنوا» : خبر «إن» : قوله «إن الله يفصل» .
وأجاز البصريون: إن زبدا إنه منطلق، كما يجوز، إن زيدا هو منطلق.
ومنعه الفراء، وأجازه فى الآية لأن فيها معنى الجزاء، فحمل الخبر على المعنى.
18- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ ارتفع «كثير» على العطف على «من» فى قوله «يسجد له من» ، وجاز ذلك لأن السجود هو التذلل والانقياد، فالكفار الذين حق عليهم العذاب أذلاء تحت قدر الله وتدبيره، فهم منقادون لما سبق فيهم من علم الله، لا يخرجون عما سبق فى علم الله فيهم.
وقيل: ارتفع «كثير» بالابتداء، وما بعده الخبر.
ويجوز النصب كما قال (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) 76: 31، بإضمار فعل كأنه قال: وأبان كثيرا حق عليه العذاب، أو: خلق كثيرا حق عليه العذاب، وشبه ذلك من الإضمار، الذي يدل عليه المعنى.
وإنما جار فيه الرفع عند الكسائي، لأنه محمول على معنى الفعل، لأن معناه: وكثير أبى السجود.
20- يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ «ما» : فى موضع رفع ب «يصهر» ، و «الجلود» : عطف على «ما» ، والمعنى: يذاب به ما فى بطونهم وتذاب به جلودهم: والهاء فى «به» : تعود على «الحميم» الآية: 19.(4/294)
25- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ «ويصدون» : إنما عطف «ويصدون» ، وهو مستقبل، على «كفروا» وهو ماض، لأن «يصدون» فى موضع الحال، والماضي يكون حالا مع «قد» .
وقيل: هو عطف على المعنى لأن تقديره: إن الكافرين والصادين.
وقيل: إن «الواو» : زائدة، و «يصدون» : خبر «إن» .
وقيل: خبره محذوف تقديره: إن الذين كفروا وفعلوا كذا وكذا خسروا وهلكوا، وشبه ذلك من الإضمار الذي يدل عليه الكلام.
«سواء العاكف فيه» : ارتفع «سواء» على أنه خبر ابتداء مقدم تقديره: العاكف والباد فيه سواء.
وفى هذه القراءة دليل على أن «الحرم» لا يملك، لأن الله قد سوى فيه بين المقيم وغيره.
وقيل: إن «سواء» : رفع بالابتداء، و «العاكف فيه» : رفع بفعله، ويسد مسد الخبر.
وفيه بعد لأنك لا بد أن تجعل «سواء» بمعنى: «مستو» ، لذلك يعمل ولا يحسن أن يعمل «مستو» حتى يعتمد على شىء قبله فإن جعلت «سواء» وما بعدها موضع المفعول الثاني فى «جعلنا» حسن أن يرفع بالابتداء ويكون بمعنى: «مستو» ، فرفع «العاكف به» ، ويسد مسد الخبر.
وقد قرأه حفص عن عاصم بالنصب، جعله مصدرا عمل فيه معنى «جعلنا» ، كأنه قال: سويناه للناس سواء.
ويرتفع «العاكف» أي: مستويا فيه العاكف، والمصدر يأتى بمعنى اسم الفاعل، ف «سواء» وإن كان مصدرا، فهو بمعنى «مستو» ، كما قالوا: رجل عدل، بمعنى: عادل وعلى ذلك أجاز سيبويه وغيره: مررت برجل سواء والعدم، وبرجل سواء هو والعدم أي: مستو. ويجوز نصب «سواء» على الحال من المضمر المقدم مع حرف الجر فى قوله «للناس» ، والظرف عامل فيه، أو من «الهاء» ، فى «جعلناه» ، و «جعلناه» : عامل فيه.
ويجوز نفسه على أنه مفعول ثان ب «جعلنا» ، وتخفض «العاكف» على النعت «للناس» ، أو على البدل.
وقد قرىء بخفض «العاكف» على البدل من «الناس» ، وقيل: على النعت لأن «الناس» جنس من أجناس الخلق، ولا بد من نصب «سواء» فى هذه القراءة، لأنه مفعول ثان ب «جعل» تقديره: جعلناه سواء للعاكف فيه والباد.(4/295)
«ومن يرد فيه بإلحاد بظلم» : الباء: فى «بإلحاد» : زائدة والباء، فى «بظلم» : متعلقة ب «يرد» .
26- وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً ...
«بوأنا» : إنما دخلت فى «إبراهيم» على أن «بوأنا» محمول على معنى: جعلت وأصل «بوأ» لا يتعدى بحرف.
وقيل: اللام، زائدة.
وقيل: هى متعلقة بمصدر محذوف.
«أن لا تشرك» أي: بأن لا، وهى فى موضع نصب.
وقيل: هى زائدة للتوكيد.
وقيل: هى بمعنى: أي، للتفسير.
27- وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ إنما قيل: «يأتين» ، لأن «ضامرا» بمعنى الجمع. ودلت «كل» على العموم، فأتى الخبر على المعنى بلفظ الجمع.
وقرأ ابن مسعود: «يأتوك» ، رده على «الناس» .
30- ... فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ «من الأوثان» : «من» لإبانة الجنس. وجعلها الأخفش للتبعيض، على معنى: فاجتنبوا الرجس الذي هو بعض الأوثان.
ومن جعل «من» لإبانة الجنس، فمعناه: واجتنبوا الرجس الذي الأوثان منه، فهو أعم فى النهى وأولى.
31- حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ «حنفاء لله» : نصب على الحال من المضمر فى «اجتنبوا» ، وكذلك: «مشركين» .
«فتخطفه الطّير» : من قرأه بتشديد العطاء، فأصله عنده: فتتخطفه، تتفعل، ثم حذف إحدى التاءين استخفافا لاتفاق حركتهما. ومن خفف بناه على: خطف يخطف كما قال: (إِلَّا مَنْ خَطِفَ) 37: 10(4/296)
32- ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ «ذلك» : فى موضع رفع على إضمار مبتدأ معناه: الأمر ذلك، أو على الابتداء، على معنى: ذلك الأمر.
وقيل: موضع «ذلك» : نصب، على معنى: اتبعوا ذلك من أمر الله.
36- وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ ...
«والبدن» : جمع: بدنة، مثل: خشبة وخشب. ويجوز ضم الثاني على هذا القول، وبه قرأ أبن أبى إسحاق، والإسكان أحسن لأنه فى الأصل نعت إذ هو مشتق من «البدانة» ، وليس مثل: خشبة وخشب لأن هذا اسم، فالضم فيه حسن.
«صواف» : نصب على الحال، لكن لا ينصرف لأنه «فواعل» ، فهو جمع، وهو لا نظير له فى الواحد، فمنع من الصرف لهاتين العلتين، ومعناه: مصطفة.
وقد قرأ الحسن: صوافى، بالياء مفتوحة، ونصبه على الحال، ومعناه: خالصة لله من الشرك، فهو مشتق من «الصفاء» .
وقرأ قتادة: «صوافن» ، بالنون، ومعنى: الصافنة: التي جمعت رجلها ورفعت سنابكها.
وقيل: هى المعقولة بالحبل للجر والصافن: فى مقدم رجل الفرس، إذا ضرب عليه رفع رجله.
40- الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ...
«أن» : فى موضع نصب، لأنها بمعنى: إلا بأن يقولوا.
41- الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ ...
«الذين» : فى موضع نصب على البدل من «من» ، فى قوله «لينصرون الله من ينصره» الآية: 40، وهم:
أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى- رضى الله عنهم- 45- فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ «وبئر معطلة» : هو عطف على «قرية» .(4/297)
63- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ...
هذا الكلام عند سيبويه والخليل خبر، وليست «الفاء» بجواب، لقوله «ألم تر» والمعنى عندهما: انتبه يا بن آدم: أنزل الله من السماء ماء فحدث منه كذا وكذا وكذا، فلذلك أتى «فتصبح» مرفوعا.
وقال الفراء: هو خبر، معناه: إن الله ينزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة.
65- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «أن» : فى موضع نصب، على معنى: كراهة أن تقع ولئلا تقع ومخافة أن تقع.
78- وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ...
«ملة» : نصب على إضمار: اتبعوا ملة أبيكم.
وقال الفراء: هو منصوب على حرف الجر تقديره: كلمة أبيكم، فكلما حذف حرف الجر نصب، وتقديره:
وسع عليكم فى الدين كلمة أبيكم لأن «ما جعل عليكم» يدل على «وسع عليكم» وهو قول بعيد.
«هو سمّاكم المسلمين» : هو، لله جل ذكره، عند أكثر المفسرين.
وقال الحسن: هو، لإبراهيم عليه السلام.
«وفى هذا» : أي: وسماكم المسلمين فى هذا القرآن والضمير فى «سماكم» يحتمل الوجهين جميعا أيضا.(4/298)
- 23- سورة المؤمنون
1- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قرأ ورش بإلقاء حركة الهمزة على الدال، وإنما حذفت الهمزة لأنها لما ألقيت حركتها على ما قبلها بقيت ساكنة، وقبلها الدال ساكنة، لأن الحركة عليها عارضة، فاجتمع ما يشبه الساكنين، فحذفت الهمزة لالتقاء السّاكنين، وكانت أولى بالحذف، لأنها قد اختفت بزوال حركتها ولأن بها وقع الاستثقال، ولأنها هى الساكنة فى اللفظ.
8- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ «لأماناتهم» : مصدر، وحق المصدر ألا يجمع، لدلالته على القليل والكثير من جنسه لكنه لما اختلفت أنواع الأمانة، لوقوعها على الصلاة والزكاة والطهر والحج، وغير ذلك من العبادات، جاز جمعها لأنها لاختلاف أنواعها شابهت المفعول به، فجمعت كما يجمع المفعول به، وقد أجمعوا على الجمع فى قوله تعالى: «أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها» 4: 58، وقد قرأ ابن كثير بالتوحيد فى «قد أفلح» ، ودليله إجماعهم على التوحيد فى «وعهدهم» ، ولم يجمع: عهودهم، وهو مصدر مثل الأمانة فقرأه بالتوحيد على أصل المصدر، ومثلة القول فى:
صلاتهم، وصلواتهم.
14- ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً..
«النّطفة علقة» : مفعولان ل «خلق» ، لأنه بمعنى: صيرنا و «خلق» إذا كان بمعنى «أحدث» : تعدى إلى مفعول واحد، وإذا كان بمعنى «صير» : تعدى إلى مفعولين.
20- وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ «وشجرة» : عطف على «جنات من نخيل» الآية: 18 وأجاز الفراء فيها الرفع، على تقدير: وثم شجرة وما بعدها نعت ل «شجرة» .
«سيناء» : من فتح السين، جعله صفة، فلم يصرف لهمزة التأنيث والصفة. وقيل: لهمزة التأنيث وللزومها.
فأما من كسر السين: فقد منع الصرف للتعرف والعجمة، أو التأنيث، لأنها بقعة.
«تنبت بالدّهن» : من ضم التاء فى «تنبت» ، جعل «الباء» زائدة، لأن الفعل معدى بغير حرف، لأنه رباعى.(4/299)
لكن قيل: إن «الباء» دخلت لتدل على لزوم الإثبات ومداومته، كقوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) 96: 1 وقيل: إن الباء فى «بالدهن» إنما دخلت على مفعول ثان، هو فى موضع الحال، والأول محذوف تقديره: تنبت حبا بالدهن أي: وفيه دهن، كما تقول: خرج بثيابه، وركب بسلاحه أي: خرج لابسا ومسلحا، فالمجرور فى موضع الحال.
فأما من فتح «التاء» ، ف «الباء» للتعدية لا غير، لأنه ثلاثى لا يتعدى ويجوز أن يكون فى موضع الحال وقد قالوا: نبت الزرع، وأنبت، فتكون القراءتان بمعنى.
29- وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ «منزلا» : من ضم «الميم» جعله مصدرا من «أنزل» ، وقبله «أنزلنى» ، ومعناه: إنزالا مباركا.
ويجوز أن يكون اسما للمكان كأنه قال: أنزلنى مكانا أو موضعا فهو مفعول به لا ظرف، كأنه قال:
اجعل لى مكانا.
ومن فتح «الميم» جعله مصدرا لفعل ثلاثى، لأن «أنزل» يدل على «نزل» .
ويجوز أن يكون اسما للمكان أيضا.
33- ... ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ «ممّا تشربون» : «ما» والفعل مصدر، فلا تحتاج إلى عائد.
ويجوز أن تكون بمعنى «الذي» ، ويحذف العائد من «تشربون» أي: مما تشربونه.
وقال الفراء: تقديره: مما تشربون منه، وحذفت «منه» .
35- أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ «أنكم مخرجون» : أن، بدل من «أن» الأولى، المنصوبة ب «يعد» ، عند سيبويه.
وقال الجرمي والمبرد: هى تأكيد للأولى، لأن البدل من «أن» لا يكون إلا بعد تمام صفتها.
ويلزمهما أيضا ألا يجوز التأكيد، لأن التأكيد لا يكون إلا بعد تمام الموصول بصلته، وصلته هو الخبر، والخبر يتم إلى قوله «مخرجون» ، ولم يأت بعد.
وقال الأخفش: «أن» الثانية، فى موضع رفع، بالظرف، وهو «إذا» تقديره: أيعدكم أنكم إذا متم(4/300)
إخراجكم أي: وقت موتكم إخراجكم وقوله: «إذا متم مخرجون» : فى موضع رفع على خبر «أن» الأولى، والعامل فى «إذا» مضمر، كأنك قلت: أيعدكم أنكم حادث إذا متم إخراجكم.
ولا يجوز أن يعمل فيه «إخراجكم» ، لأنه يصير فى صلة «الإخراج» ، وهو مقدم عليه، وتقديم الصلة على الموصول لا يجوز، ولا يحسن أيضا أن يعمل فى «إذا» قوله «متم» ، لأن «إذا» مضافة إليه، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف لأنه بعضه وهذا كقولك: اليوم القتال، ف «اليوم» : خبر عن «القتال» ، والعامل فى «اليوم» مضمر كأنك قلت: اليوم يحدث القتال، أو حادث القتال. ولا يجوز أن يعمل فى «اليوم» : القتال لأنه يصير فى صلته، وهو مقدم عليه فذلك غير جائز. وهذا المضمر العامل فى الظروف فيه ضمير يعود على المبتدأ، فإذا أقمت الظرف أو المجرور مقامه وحذفته صار ذلك الضمير متوهما فى الظرف أو المجرور، لقيامه مقام الخبر الذي فيه ضمير يعود على المبتدأ.
36- هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ «هيهات هيهات» : من فتح التاء بناه على الفتح، والوقوف عليه، لمن فتح التاء عند البصريين، بالهاء، وموضعه نصب كأنه موضوع موضع المصدر، كأنك قلت: بعدا بعدا لما توعدون.
وقيل: موضعه رفع، كأنه قال: البعد لما توعدون.
ومن كسر التاء وقف بالتاء، لأنه جمع، كبيضة وبيضات.
وبعض العرب ينونه للفرق بين المعرفة والنكرة كأنه إذا لم ينون فهو معرفة، بمعنى: البعد لما توعدون، وإذا نون فهو نكرة، كأنه قال: بعد لما توعدون وكررت للتأكيد.
44- ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ ...
«تترا» : هو فى موضع نصب على المصدر، أو على الحال من «الرسل» أي: أرسلنا رسلنا متواترين أي: متتابعين.
ومن نونه جعله على أحد وجهين:
إما أن يكون وزنه فعلا، وهو، وهو مصدر دخل التنوين على فتحة الراء أو يكون ملحقا بجعفر، والتنوين دخل على ألف الإلحاق.
فإذا وقفت على هذا الوجه، جازت الإمالة، لأنك تنوى أن تقف على الألف التي دخلت للإلحاق لا على ألف التنوين، فتميلها إن شئت.(4/301)
وإذا وقفت على الوجه الأول لم تجز الإمالة، لأنك تقف على الألف التي هى عوض عن التنوين لا غير.
ومن لم ينونه جعل ألفه للتأنيث، والمصادر كثيرا ما تلحقها ألف التأنيث، كالدعوى والذكرى، فلم ينصرف للتأنيث وللزومه.
وألفها بدل من واو لأنه بدل من «المواترة» ، وهو الشيء يتبع الشيء.
52- وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ «وإن هذه أمتكم» : إن، من فتحها جعلها فى موضع نصب بحذف حرف الجر أي: وبأن هذه، أو لأن هذه فالحرف متعلق ب «اتقون» .
وقال الكسائي: هى فى موضع خفض عطف على «ما» ، فى قوله «بما تعلمون» الآية: 51.
وقال الفراء: هى فى موضع نصب بإضمار فعل تقديره: واعلموا أن هذه.
ومن كسر «إن» فهو على الاستئناف.
«أمة واحدة» : نصب على الحال، ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ أو على البدل من «أمتكم» ، التي هى خبر «إن» ، أو على أنه خبر بعد خبر.
53- فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً ...
«زبرا» أي: مثل زبر.
55، 56- أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ خبر «أن» : «نسارع لهم فى الخيرات» ، و «ما» بمعنى: الذي.
وقال هشام: تقديره: نسارع لهم فيه، وأظهر الضمير، وهو ل «الخيرات» ، و «ما» ، التي هى اسم «أن» ، هى ل «الخيرات» ومثله عنده قولك: إن زيدا يكلم عمرا فى زيد، أي: فيه، ثم أظهر.
ولم يجز سيبويه هذا إلا فى الشعر.
وقد قيل: خبر «إن» محذوف.
57- إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ خبر «إن» قوله: «أولئك يسارعون فى الخيرات» الآية: 61، ابتداء وخبر فى موضع خبر «إن» ومعنى «فى الخيرات أي: فى عمل الخيرات.(4/302)
67- مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ «سامرا» : حال، ومثله: «مستكبرين» .
«تهجرون» : من فتح التاء جعله من «الهجران» أي: مستكبرين بالبيت الحرام سامرا أي: تسمرون بالليل فى اللهو اللعب، لأمنكم فيه مع خوف الناس فى مواطنهم، تهجرون آياتي وما يتلى عليكم من كتابى.
ومن ضم التاء جعله من «الهجر» ، وهو من الهذيان، وما لا خير فيه من الكلام.
76- وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ «فما استكانوا» : استفعلوا، من «الكون» ، وأصله: استكونوا، ثم أعل.
وقيل: هو «افتعلوا» من «السكون» : لكن أشبعت فتحة الكاف، فصارت ألفا.
والقول الأول أصح فى الاشتقاق، والثاني أصح فى المعنى.
99- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ «قال ربّ ارجعون» : إنما جاءت المخاطبة من أهل النار بلفظ الجماعة، لأن الجبار يخبر عن نفسه بلفظ الجمع.
وقيل: معناه التكرير: أرجعن أرجعن، فجمع فى المخاطبة، ليدل على معنى التكرير.
وكذلك قال المازني فى قوله: (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) : 50 أي: ألق ألق.
110- فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ «سخريا» : من ضم السين جعله من: السخرة والتسخير ومن كسرها جعله من الهزء واللعب.
وقيل: هما لغتان، بمعنى: الهزء.
111- إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ «أنّهم هم الفائزون» : أن، فى موضع نصب، مفعول ثان ل «جزيتهم» تقديره: إنى جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز. والفوز: النجاة.
ويجوز أن يكون «أن» ، فى موضع نصب على حذف اللام فى «جزيتهم» أي: بصبرهم، لأنهم الفائزون فى علمى، وما تقدم لهم من حكمى.(4/303)
112- قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ «كم لبثتم» : كم، فى موضع نصب ل «لبثتم» ، و «عدد سنين» : نصب على البيان، و «سنين» :
جمع مسلّم، بالياء.
- 24- سورة النور
1- سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ رفعت «سورة» على إضمار مبتدأ تقديره: هذه سورة، و «أنزلناها» : صفة ل «سورة» وإنما احتيج إلى إضمار مبتدأ، ولم ترفع «سورة» بالابتداء، لأنها نكرة، ولا يبتدأ بنكرة، إلا أن تكون منعوتة.
وإذا جعلت «أنزلناها» نعتا لها، لم يكن فى الكلام خبر لها، لأن نعت المبتدأ لا يكون خبرا له، فلم يكن بد من إضمار مبتدأ ليصبح نعت «السورة» : «أنزلناها» .
وقرأ عيسى بن عمر «سورة» ، بالنصب، على إضمار فعل يفسره: «أنزلناها» تقديره: أنزلنا سورة أنزلناها.
ولا يجوز أن يكون «أنزلناها» : صفة ل «سورة» ، على هذه القراءة لأن الصفة لا تفسر ما يعمل فى الموصوف.
وقيل: النصب على تقدير: قل سورة أنزلناها فعلى هذا التقدير يحسن أن يكون «أنزلناها» نعتا ل «سورة» لأنه غير مفسر للعامل فى «السورة» .
2- الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ...
«الزّانية والزّانى فاجلدوا» : الاختيار عند سيبويه الرفع لأنه لم يقصد بذلك قصد اثنين بأعيانهما والرفع عند سيبويه على الابتداء على تقدير حرف جر محذوف تقديره: فيما فرض عليكم الزاني والزانية فاجلدوا.
وقيل: الخبر: ما بعده، وهو «فاجلدوا» ، كما تقول: زيد فاضربه، وكأن «الفاء» زائدة.
4- وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ...
نصب «ثمانين» ، على المصدر «وجلدة» ، على التفسير.(4/304)
5- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «الذين» : فى موضع نصب، على الاستثناء.
وإن شئت: فى موضع خفض على البدل من المضمر فى «لهم» .
6- وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ «إلا أنفسهم» : رفع على البدل من «شهداء» ، وهو اسم «كان» ، و «لهم» : الخبر.
ويجوز نصب «شهداء» على خبر «كان» مقدما، و «أنفسهم» : اسمها.
«ويجوز نصب «أنفسهم» على الاستثناء، أو على خبر «كان» ، ولم يقرأ بهما.
«فشهادة أحدهم أربع شهادات» : انتصب «أربع» على المصدر، والعامل فيها «شهادة» ، و «الشهادة» : مرفوعة على إضمار مبتدأ تقديره: فالحكم والفرض شهادة أحدهم أربع مرات أي: الحكم أن يشهد أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين.
وقيل: إن «الشهادة» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف أي: فعليهم، أو: فلازم لهم، أن يشهد أحدهم أربع شهادات.
«بالله» : متعلق ب «بشهادات» ، فهو فى صلتها، إن أعملت الثاني.
وإن قدرت إعمال الأول، وهو «فشهادة» ، كانت الباء متعلقة ب «شهادة» .
ومن رفع «أربع» فعلى، خبر «شهادة» كما تقول: صلاة الظهر أربع ركعات ويكون «الله» متعلقا ب «شهادات» ، ولا يجوز تعلقه ب «شهادة» لأنك كنت تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء وهو «أربع» ، ويكون «إنه لمن الصادقين» متعلقا ب «شهادة» ، ولا يتعلق ب «شهادات» ، لما ذكرنا من التفرقة بين الصلة والموصول.
«إنّه لمن الصّادقين» : فى موضع نصب مفعول به، ب «شهادة» ، ولم يفتح «أن» ، من أجل اللام التي فى الخبر مثل قولك: علمت إن زيدا لمنطلق.
7- وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ «والخامسة» : ارتفع على العطف على «أربع» ، فى قراءة من رفعه أو على القطع.(4/305)
وأصله نعت أقيم مقام منعوت، كأنه قال: ويشهد الشهادة الخامسة.
ومن رفع فعلى الابتداء من «أن لعنة الله» :
«أنّ لعنة الله» : أن، وما بعدها: فى موضع رفع، خبر «الخامسة» ، إن رفعتها بالابتداء، أو فى موضع نصب على حذف الخافض، إن نصبت «الخامسة» ، و «الخامسة» : نعت قام مقام المنعوت فى الرفع والتقدير: والشهادة الخامسة أن لعنة الله عليه.
ولا يجوز تعليق «الباء» بالشهادة المحذوفة، لأنك تفرق بين الصلة والموصول بالصفة، وذلك لا يجوز.
8- وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ لا يحسن فى «أربع» غير النصب ب «تشهد» ، و «أن» : فى موضع رفع ب «يدرأ» تقديره: ويدفع عنها الحد شهادتها أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. و «إنه» وما بعده، فى موضع نصب ب «يشهد» وكسرت، «أن» لأجل «اللام» التي فى الخبر، و «بالله» ، يحسن تعلق «الباء» فيه بالأول.
9- وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ و «الخامسة» : من نصبه عطفه على «أربع شهادات» ، أو على إضمار فعل تقديره: وتشهد الخامسة، وهو موضوع موضع المصدر، وأصله نعت أقيم مقام منعوت، كأنه قال: وتشهد الشهادة الخامسة.
ومن رفع، فعلى الابتداء.
«أن غضب الله» : (انظر: أن لعنة الله، الآية: 7، فهى هى) .
11- إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ...
«عصبة» : خبر «إن» .
ويجوز نصبه، ويكون الخبر. «لكل امرئ منهم» .
17- يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «أن تعودوا» : أن، فى موضع نصب، على حذف حرف الجر تقديره: لئلا تعودوا، أو: كراهة أن تعودوا، فهو مفعول من أجله.
25- يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ «دينهم الحقّ» : قرأه مجاهد برفع «الحق» ، جعله نعتا لله، جل ذكره والنصب، على النعت ل «الدين» .(4/306)
30- قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ...
«من أبصارهم» : من، لبيان الجنس، وليست للتبعيض.
31- ... أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ...
«غير أولى الإربة» : من نصب «غير» نصبه على الاستثناء، أو على الحال.
ومن خفضه جعله نعتا، لأن «التابعين» ليسوا بمعرفة صحيحة العين، إذ ليسوا بمعهودين.
ويجوز أن يخفض على البدل، وهو فى الوجهين بمنزلة «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» 1: 7.
33- وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ...
«والّذين يبتغون الكتاب» : الذين، رفع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: وفيما يتلى عليكم الذين يبتغون الكتاب.
ويجوز أن يكونوا فى موضع نصب، بإضماره فعل تقديره: كاتبوا الذين يبتغون الكتاب.
35- اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ...
«مثل نوره كمشكاة» : مثل، ابتداء، و «الكاف» : الخبر، و «الهاء» فى «نوره» : تعود على الله، جل ذكره.
وقيل: على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: على المؤمن.
وقيل: على الإيمان فى قلب المؤمن.
«درّى» : من ضم الدال وشدد الياء نسبه إلى: الدر، لفرط ضيائه، فهو: فعلى.
ويجوز أن يكون وزنه: «فعيلا» ، غير منسوب، لكنه مشتق من: الدرء فخففت الهمزة فانقلبت ياء، فأدغم الياء التي قبلها فيها.
فأما من قرأه بكسر الدال والهمزة، فإنه جعله: «فعيلا» مثل: فسيق، وسكير ومعناه: أنه يدفع الظلام لتلألئه وضيائه، فهو من: درأت النجوم تدرأ، إذا اندفعت.(4/307)
فأما من قرأه بضم الدال والهمزة فإنه جعله: «فعيلا» ، أيضا من: درأت النجوم، إذا اندفعت وهو صفة قليلة النظير.
36- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ «الآصال» : جمع: أصل، و «الأصل» : جمع: أصيل، كرغيف ورغف.
وقيل: جمع، «الأصل» : أصائل.
وقيل: «أصائل» : جمع آصال.
40- أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ...
«ظلمات» من رفعه، فعلى الابتداء، والخبر: «من فوقه» ، أو على إضمار مبتدأ أي: هذه ظلمات.
ومن خفضها جعلها بدلا من «ظلمات» الأولى و «السحاب» : مرفوع بالابتداء، و «من فوقه» :
الخبر.
41- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ «كلّ قد علم صلاته» : رفعت «كل» ، وفى «علم» ضمير الله- جل ذكره- ويجوز على هذا نصب «كل» بإضمار فعل تفسيره ما بعده تقديره: علم الله كلا علم صلاته.
وإن جعلت الضمير فى «علم» ل «كل» بعد نصب «كل» ، لأنه فاعل وقع فعله على شىء من سببه، فإذا نصبته بإضمار فعل عدّيت فعله إلى نفسه.
وفى هذه المسألة اختلاف وفيها نظر، لأن الفاعل لا يعدى فعله إلى نفسه، وإنما يجوز لك فى الأفعال الداخلة على الابتداء والخبر، كظننت وعلمت هذا مذهب سيبويه، فالنصب فى «كل» ، وهو فاعل، لا يجوز عنده ويجوز عند الكوفيين.
43- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ «وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد» : من، الثانية: زائدة، و «من» الثالثة:(4/308)
للبيان والتقدير: وينزل من السماء جبالا فيها من برد أي: جبالا من هذا النوع.
وقال الفراء: التقدير: وينزل من السماء من جبال برد ف «من برد» ، على قول الفراء: فى موضع خفض، وعلى قول البصريين: فى موضع نصب على البيان، أو على الجبال.
وقيل: إن «من» الثالثة: زائدة والتقدير: وينزل من السماء من جبال برد أي ينزل من جبال السماء بردا. فهذا يدل على أن فى السماء جبالا ينزل منه البرد.
وعلى القول الأول يدل على أن فى السماء جبال برد.
«يذهب بالأبصار» : قرأ أبو جعفر بضم الياء، من «يذهب» ، وهذا يوجب أن لا يؤتى بالباء لأنه رباعى من «أذهب» ، والهمزة تعاقب الباء، ولكن أجازه المبرد، وغيره، على أن تكون الباء متعلقة بالمصدر، لأن الفعل يدل عليه، إذ منه أخذ تقديره: يذهب ذهابه بالأبصار. وعلى هذا أجاز: أدخل السجن دخولا بزيد.
53- وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ
«طاعة» : رفع بالابتداء أي: طاعة أولى بكم أو على إضمار مبتدأ أي: أمرنا طاعة.
ويجوز النصب على المصدر.
55- وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ...
«وعد» : أصل «وعد» أن يتعدى إلى مفعولين، ولكن أن تقتصر على أحدهما، فلذلك تعدى فى هذه الآية إلى مفعول واحد، وفسر العدة بقوله: «ليستخلفنهم» ، كما فسر العدة فى «المائدة: 9» بقوله (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) ، وكما فسر الوصية فى «النساء: 11» بقوله (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) .
«تعبدوننى» : فى موضع نصب على الحال من «الذين آمنوا» ، أو فى موضع رفع على القطع.
57- لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ «لا تحسبن» : من قرأه بالتاء أضمر الفاعل، وهو النبي- صلى الله عليه وسلم- و «الذين» و «معجزين» مفعولا «حسب» .(4/309)
ويجوز أن يكون «الذين» هم الفاعلون، ويضمر المفعول الأول ل «حسب» ، و «معجزين» : الثاني والتقدير: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين.
ومن قرأه بالتاء، فالنبى صلى الله عليه وسلم هو الفاعل، و «الذين» و «معجزين» : مفعولا «حسب» 58- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ ...
«ثلاث عورات» : من نصب «ثلاثا» جعله بدلا من قوله «ثلاث مرات» ، و «ثلاث مرات» : نصب على المصدر.
وقيل: لأنه فى موضع المصدر، وليس بمصدر على الحقيقة.
وقيل: هو ظرف وتقديره: ثلاثة أوقات، يستأذنوكم فى ثلاثة أوقات وهذا أصلح فى المعنى، لأنهم لم يؤمروا أن يستأذنهم العبيد والصبيان ثلاث مرات، إنما أمروا أن يستأذنوهم فى ثلاثة أوقات ألا ترى أنه بيّن الأوقات، فقال: «من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء» فبين الثلاث المرات بالأوقات، فعلم أنها ظرف وهو الصحيح.
فإذا كانت ظرفا أبدلت منها «ثلاث عورات» ، على قراءة من نصب «ثلاث مرات» ، ولا يصح هذا البدل حتى تقدر محذوفا مضافا تقديره: أوقات ثلاث عورات، فأبدل «أوقات ثلاث عورات» من «ثلاث مرات» ، وكلاهما ظرف، فأبدل ظرفا من ظرف، فصح المعنى والإعراب.
فأما من قرأ «ثلاث عورات» بالرفع، فإنه جعله خبر ابتداء محذوف تقديره: هذه ثلاث عورات، ثم حذف المضاف اتساعا وهذه إشارة إلى الثلاثة الأوقات المذكورة قبل هذا، ولكن اتسع فى الكلام، فجعلت «الأوقات» : عورات لأن ظهور العورة فيها يكون.
وقيل: مثل قولهم: نهارك صائم، وليلك نائم أخبرت عن النهار بالصوم، لأنه فيه يكون وأخبرت عن الليل بالنون، لأنه فيه يكون ومنه قوله تعالى: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) 34: 33، أضيف المكر إلى الليل والنهار، لأن فيهما يكون من فاعلهما، فأضيف المكر إليهما اتساعا كذلك أخبرت عن الأوقات بالعورات،(4/310)
لأن فيها تظهر من الناس، فلذلك أمر الله عباده ألا يدخل عليهم فى هذه الأوقات عبد ولا صبى إلا بعد استئذان.
وأصل «الواو» فى «عورات» : الفتح، لكن أسكنت لئلا يلزم فيها القلب، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ومثله: نبضات.
وهذا الأمر إنما كان من الله للمؤمنين، إذ كانت البيوت بغير أبواب.
60- وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «القواعد» : جمع: قاعد، على النسب، أي: ذات قعود، فلذلك حذفت «الهاء» .
وقال الكوفيون: لما لم تقع إلا للمؤنث استغنى عن «الهاء» .
وقيل: حذفت «الهاء» للفرق بينه وبين القاعدة، بمعنى: الجالسة.
«غير متبرجات» : نصب على الحال، من الضمير فى «يضعن» .
«وأن يستعففن» : أن، فى موضع رفع على الابتداء. و «خير» : الخبر.
61- ... لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ...
«جميعا أو أشتاتا» : كلاهما حال من المضمر فى «تأكلوا» .
«تحية» : مصدر، لأن «فسلموا» معناه: فحيوا.
63- لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «كدعاء بعضكم» : الكاف، فى موضع نصب، مفعول ثان ل «تجعلوا» .
«لو إذا» : مصدر وقيل: حال، بمعنى: ملاوذين، وصح «لواذا» لصحة «لاوذ» ، ومصدر «فاعل» لا يعل.(4/311)
- 25- سورة الفرقان
1- تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً «تبارك» : تفاعل، من «البركة» ، والبركة: الكثرة من خير ومعناه: زاد عطاؤه وكثر.
وقيل: معناه: دام وثبت إنعامه. وهو من: برك الشيء، إذا ثبت.
«ليكون للعالمين» : الضمير فى «يكون» للنبى صلى الله عليه وسلم.
وقيل: للقرآن.
5- وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا «أساطير الأولين» ، أي: هذه أساطير الأولين، فهو خبر ابتداء محذوف.
والأساطير: جمع: أسطورة.
وقيل واحدها: أسطار، بمنزلة: أقوال وأقاويل.
7- وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً «مال هذا الرسول» : وقعت «اللام» منفصلة فى المصحف، وعلة ذلك أنه كتب على لفظ المملى، كأنه كان يقطع لفظه، فكتب الكاتب على لفظه.
وقال الفراء: أصله: ما بال هذا؟ ثم حذفت «بال» فبقيت «اللام» منفصلة.
وقيل: إن أصل حروف الجر أن تأتى منفصلة عما بعدها، مما هو على حرفين، فأتى ما هو على حرف واحد على قياس ما هو على حرفين ومثله: «فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ» 4: 78 14- لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً «ثبورا» : مصدر.
وقيل: هو مفعول به.(4/312)
15- قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً «أذلك خير أم جنة الخلد» : قيل: هو مردود على قوله: «إن شاء جعل لك خيرا من ذلك» الآية: 10، فرد الجنة على ما ما لو شاء تعالى كونه فى ذلك، إشارة إلى ما ذكر من الجنات والقصور فى الدنيا.
وقيل: هو مردود على ما قبله من ذكر السعير والنار، وجاء التفضيل بينهما على ما جاء عن العرب حكى سيبويه: الشقاء أحب إليك أم السعادة؟ ولا يجوز فيه عند النحويين: السعادة خير من الشقاء، لأنه لا خير فى الشقاء فيقع فيه التفاضل، وإنما تأتى «أفعل» أبدا فى التفضيل بين شيئين فى خير أو شر، وفى أحدهما من الفضل والشر ما ليس فى الآخر، وكلاهما فيه فضل أو شر، إلا أن أحدهما أكثر فضلا أو شرا.
وقد أجاز الكوفيون: العسل أحلى من الخل، ولا حلاوة فى الخل، فيفاضل بينهما وبين حلاوة العسل.
ولا يجيز هذا البصريون، ولا يجوز: المسلم خير من النصراني إذ لا خير فى النصراني ولو قلت: اليهودي خير من النصراني، لم يجز، إذ لا خير فى واحد منهما: ولو قلت: اليهودي شر من النصراني، جاز إذ الشر فيهما موجود، وقد يكون أحدهما أكثر شرا.
22- يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً «يوم يرون الملائكة» : العامل فى «يوم» محذوف تقديره: يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة.
ولا يعمل فيه «لا بشرى» ، لأن ما بعد النفي لا يعمل فيما قبله.
وقيل: التقدير: واذكر يا محمد يوم يرون الملائكة.
«لا بشرى» : لا يجوز أن تعمل «لا بشرى» فى «يومئذ» ، إذا جعلت «لا بشرى» مثل: «لا رجل» ، وبنيت على الفتح ولكن تجعل «يومئذ» خبرا، لأن الظروف تكون خبرا عن المصادر، و «للمجرمين» :
صفة ل «بشرى» ، أو تبيينا له.
ويجوز أن تجعل «للمجرمين» خبر ل «بشرى» ، و «يومئذ» ، تبيينا ل «بشرى» . وإن قدرت أن «بشرى» غير مبينة مع «لا» جاز أن تعملها فى «يومئذ» ، لأن المعاني تعمل فى الظروف.(4/313)
26- الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً «الملك يومئذ الحق للرحمن» : يجوز أن ينصب «يومئذ» ب «الملك» ، فهو فى صلته، مثل قوله «وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ» 7: 8، ويجوز نصب «يومئذ» ب «الرحمن» ، تقدر فى الظرف التأخير وتقديره: الملك الحق للرحمن يومئذ أي: الملك الحق لمن رحم يومئذ عباده المؤمنين.
و «الملك» : مبتدأ، والحق» : نعته، و «الرحمن» : الخبر.
وأجاز الزجاج «الحق» ، بالنصب: على المصدر فيكون «الرحمن» : خبر «الملك» .
«حجرا» : نصب على المصدر.
37- وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ «وقوم نوح» عطف على الضمير فى «فدمرناهم» الآية: 36.
وقيل: انتصب على: «اذكر» .
وقيل: على إضمار فعل، تفسيره: أغرقناهم أي: أغرقنا قوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم.
38- وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً «وعادا وثمودا» : وما بعده، عطف كله على «قوم نوح» ، إذا نصبتهم بإضمار: اذكر، على العطف على الضمير فى «فدمرناهم» الآية: 36.
ويجوز أن يكون معطوفا على الضمير فى «وجعلناهم» الآية: 37.
39- وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً «وكلا» : نصب بإضمار فعل تقديره: وأنذرنا كلا ضربنا له الأمثال لأن ضرب الأمثال أعظم الإنذار، فجاز أن يكون تفسير الإنذار.
41- وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا «رسولا» : نصب على الحال.
وقيل: على المصدر، وهو بمعنى: رسالة.
42- إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها ...
«إن كاد ليضلنا» : تقديره، عند سيبويه: إنه كاد ليضلنا وعند الكوفيين: ما كاد إلا يضلنا، و «اللام»(4/314)
بمعنى: «إلا» ، عندهم و «إن» بمعنى: «ما» ، وهى مخففة من الثقيلة، عند سيبويه، و «اللام» لام التأكيد.
«لولا أن صبرنا» : أن، فى موضع رفع، وقد تقدم شرحها.
49- لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً «وأناسى كثيرا» : واحد «أناسى» : إنس. وأجاز الفراء أن يكون واحدها: إنسانا، وأصله، عنده:
أناسين، أبدل من النون ياء، ولا قياس يسعفه فى ذلك ولو جاز هذا لجاز فى جمع «سرحان» : سراحى، وذلك لا يقال.
57- قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا «من» : فى موضع نصب، لأنه استثناء ليس من الجنس.
59- الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً «الرحمن» : رفع على إضمار مبتدأ تقديره: هو الرحمن. وقيل: هو مبتدأ، و «فاسأل» : الخبر.
وقيل: هو بدل من الضمير فى «استوى» . ويجوز الخفض على البدل من الحي» الآية: 58، ويجوز النصب على المدح.
«وخبيرا» : نصب بقوله «فاسأل» ، وهو نعت لمحذوف، كأنه قال: فاسأل عنه إنسانا خبيرا.
وقد قيل: «الخبير» : هو الله لا إله إلا هو فيكون التقدير: فاسأل عنه مخبرا خبيرا، ولا يحسن أن يكون «خبيرا» : حالا لأنك إن جعلته حالا من الضمير فى «فاسأل» لم يجز، لأن «الخبير» لا يحتاج أن تسأل غيره عن شىء، إنما يحتاج أن يسأل هو عن الأمور يخبر بها.
وإن جعلته حالا من الضمير فى «به» لم يجز، لأن المسئول عنه، وهو الرحمن، خبير أبدا. والحال أكثر أمرها أنها لما ينتقل ويتغير، فإن جعلتها الحال المؤكدة التي لا تنتقل، مثل: «وَهُوَ الْحَقُّ» 47: 2، ففيه نظر.
63- وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً «وعباد الرّحمن الذين يمشون» : عباد، رفع بالابتداء، والخبر: «الذين يمشون» .(4/315)
وقال الأخفش: «الذين يمشون» : نعت ل «عباد» ، والخبر محذوف.
وقال الزجاج: «الذين يمشون» : نعت، والخبر: «أولئك يجزون» الآية: 75.
«سلاما» : نصب على المصدر معناه: تسليما فأعمل «القول» فيه لأنه لم يحك قولهم بعينه إنما حكى معنى قولهم، ولو حكى قولهم بعينه لكان محكيا ولم يعمل فيه القول، فإنما أخبر تعالى ذكره أن هؤلاء القوم لم يجاوبوهم بلفظ سلام بعينه.
وقد قال سيبويه: هذا منسوخ، لأن الآية نزلت بمكة قبل أن يؤمروا بالقتال.
وما تكلم سيبويه فى شىء من الناسخ والمنسوخ غير هذه الآية، فهو من السلام، وليس من التسليم.
قال سيبويه: ولما لم يؤمر المسلمون يؤمئذ أن يسلموا على المشركين، استدل سيبويه بذلك أنه من السلام، وهو البراءة من المشركين، وليس من التسليم، الذي هو التحية.
67- وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً «وكان بين ذلك قواما» : اسم «كان» مضمر فيها والتقدير: كان الإنفاق بين ذلك قواما.
و «قواما» : خبر «كان» .
وأجاز الفراء أن يكون «بين ذلك» اسم «كان» ، وهو مفتوح، كما قال، «وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ» 72: 11، ف «دون» عنده، مبتدأ، وهو مفتوح: وإنما جاز ذلك لأن هذه الألفاظ كثر استعمال الفتح فيها، فتركت على حالها فى موضع الرفع، وكذا تقول فى قوله: «لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ» 6: 84، هو مرفوع ب «تقطع» ، ولكنه ترك مفتوحا، لكثرة وقوعه كذلك، والبصريون على خلافه فى ذلك.
69- يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً من جزم، جعله بدلا من «يلق» الآية: 68، لأنه جواب الشرط، ولأن «لقاء الآثام» هو مضاعفة العذاب والخلود، فأبدل منه، إذ المعنى يشتمل بعضه على بعض وعلى هذا المعنى يجوز بدل بعض الأفعال من بعض فإن تباينت معانيها لم يجز بدل بعضها من بعض.
ومن رفع، فعلى القطع، أو على الحال.(4/316)
71- وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً «متابا» : مصدر فيه معنى الوعد، لأنه أتى بعد لفظ فعله.
72، 73- وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً «كراما، وصمّا وعميانا» : كلها أحوال.
77- قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً «فسوف يكون لزاما» : اسم «كان» مضمر فيها، و «لزاما» : الخبر والتقدير: سوف يكون جزاء التكذيب لزاما، عذابا لازما، قيل: فى الدنيا، وهو ما نزل بهم يوم بدر من القتل والأسر وقيل:
ذلك فى الآخرة.
وقال الفراء: فى «يكون» : مجهول وذلك لا يجوز، لأن المجهول إنما يفسر بالجمل لا بالمفردات.
- 26- سورة الشعراء
2- تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ «تلك» : ابتداء، و «آيات» : الخبر، وهو إشارة إلى ما نزل من القرآن. بل هو إشارة إلى هذه الحروف التي فى أوائل السور منها تأتلف آيات القرآن.
وقيل: «تلك» ، فى الموضع: رفع على إضمار مبتدأ، أي: هذه تلك آيات الكتاب المبين التي كنتم وعدتم فى كتبكم، لأنهم وعدوا فى التوراة والإنجيل بإنزال القرآن.
3- لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ «ألّا يكونوا» : أن، فى موضع نصب، مفعول من أجله.
10- وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أي: واتل علهيم: إذ نادى.(4/317)
22- وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ «أن عبّدت» : أن، فى موضع رفع، على البدل من «نعمة» .
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على تقدير: «لأن عبدت» ، ثم حذف الحرف، وحذفه مع «أن» كثير فى الكلام والقرآن، ولذلك قال بعض النحويين: إن «أن» فى موضع خفض بالخافض المحذوف، لأنه لما كثر حذفه مع «إن» عمل، وإن كان محذوفا.
77- فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ «فإنهم عدوّ لى» : عدو، واحد، يؤدى عن الجماعة، فلا يجمع، ويأتى للمؤنث بغير هاء تقول:
هى عدو لى.
وحكى الفراء: عدوة لى.
قال الأخفش الصغير: من قال عدوة، بالتاء، فمعناه: معادية ومن قال: عدو، بغير هاء، فلا يجمع ولا يثنى، وإنما ذلك على النسب.
«إلّا ربّ العالمين» : نصب على الاستثناء الذي ليس من الأول، لأنهم كانوا يعبدون الأصنام، وإقرارهم بالله مع عبادتهم للأصنام لا ينفعهم.
وأجاز الزجاج أن يكون من الأول، لأنهم كانوا يعبدون الله مع أصنامهم.
149- وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ «فارهين» : حال من المضمر فى «تنحتون» .
176- كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ «أصحاب الأيكة» : من فتح «التاء» جعله اسما للبلدة، ولم يصرفه، للتعريف والتأنيث، ووزنه «فعلة» .
ومن خفض التاء جعله معرفا بالألف واللام، فخفضه لإضافة «أصحاب» إليه.
وأصل: أيكة: اسم لموضع فيه شجر ملتف.
ولم يعرف المبرد «ليكة» على «فعلة» ، إنما هى عنده: أيكة، دخلها حرفا التعريف وانصرفت، وقراءة من فتح «التاء» عنده غلط، إنما تكون «التاء» مكسورة، واللام مفتوحة، التي عليها حركة الهمزة.(4/318)
193- نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ يجوز أن يكون «به» : فى موضع المفعول ل «نزل» ، ويجوز أن يكون «به» : فى موضع الحال كما تقول: خرج زيد بثيابه، ومنه قوله: (قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) 5: 61 أي: دخلوا كافرين وخرجوا كافرين، لم يرد أنهم دخلوا بشىء يحملونه معهم، إنما أراد أنهم دخلوا على حال وخرجوا على تلك الحال.
207- ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ «ما أغنى عنهم» : ما، استفهام، فى موضع نصب ب «أغنى» .
ويجوز أن يكون حرف نفى، و «ما» الثانية: فى موضع رفع ب «أغنى» .
209- ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ موضع «ذكرى» ، عند الكسائي: نصب على الحال.
وقال الزجاج: على المصدر لأن معنى «هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ» الآية: 203 أي: مذكّرون ذكرى.
ويجوز أن تكون «ذكرى» : فى موضع رفع على إضمار مبتدأ أي: إنذارنا ذكرى، أو ذلك ذكرى، أو تلك ذكرى.
ويجوز تنوينها، إذا جعلتها مصدرا.
227- إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ «أي منقلب» ، نصب «أيا» . «ينقلبون» ، فهو نعت لمصدر «ينقلبون» تقديره: أي انقلاب ينقلبون. ولا يجوز نصبه ب «سيعلم» ، لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، لأن صدر الكلام إنما يعمل فيه ما بعده.
وقيل: إنما لم يعمل فيه ما قبله، لأنه خبر، ولا يعمل الخبر فى الاستفهام، لأنهما مختلفان.(4/319)
- 27- سورة النمل
2- هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ «هدى وبشرى» : حالان من «كتاب» الآية: 1 7- إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ «بشهاب قبس» : من أضاف فإنه أضاف النوع إلى جنسه، بمنزلة قولك: ثوب خز.
وقال الفراء: هو إضافة الشيء إلى نفسه، كصلاة الأولى إنما هى فى الأصل موصوف وصفة، فأضيف الموصوف إلى صفته وأصله: الصلاة الأولى.
ولو فى غير القرآن لجاز على الحال أو على البيان.
والشهاب: كل ذى نور. والقبس: ما يقتبس من جمر ونحو فمعناه، لمن لم ينون: بشهاب من قبس، والقبس: المصدر والقبس: الاسم كما أن معنى «برد خز» : برد من خز.
«تصطلون» : أصل «الطاء» : تاء، ووزنه: تفتعلون، فأبدلوا من التاء طاء، لمؤاخاتها الصاد إلى الإطباق وأعلت لام الفعل فحذفت، لسكونها وسكون الواو، بعدها.
8- فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «أن» : فى موضع نصب على حذف الحرف أي: نودى لأن بورك وبأن بورك والمصدر مضمر يقوم مقام الفاعل أي: نودى للنداء لأن بورك.
وقيل: أن، فى موضع رفع، على أنه مفعول لم يسم فاعله ل «نودى» .
وحكى الكسائي: باركك الله، وبارك فيك.(4/320)
10- وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ «تهتز» : فى موضع نصب على الحال، من «الهاء» فى «رآها» وكذلك: «كأنها جان» : فى موضع الحال أيضا وتقديره: فلما رآها مهتزة مشبهة جانا ولى مدبرا.
و «رأى» : من رؤية العين.
«مدبرا» : حال من موسى، عليه السلام.
11- إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ «من» : فى موضع نصب، لأنه استثناء ليس من الأول.
وقال الفراء: هو استثناء من الجنس، لكن المستثنى منه محذوف وهذا بعيد.
وأجاز بعض النحويين أن يكون «إلا» ، بمعنى: الواو وهذا أبعد، لاختلاط المعاني.
13- فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ «مبصرة» : حال من «آياتنا» ، ومعناه: مبينة.
ومن قرأ «مبصرة» ، بفتح الصاد، جعله مصدرا.
22- فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ «غير» : نعت لظرف تقديره: فمكث وقتا غير بعيد، أو لمصدر محذوف أي: مكثا غير بعيد.
«من سبأ» : من صرفه جعله اسما لأمّة أو لحىّ.
ومن لم يصرفه جعله اسما للقبيلة أو المدينة، أو لامرأة فلم يصرفه للتعريف والتأنيث.
ومن أسكن الهمزة، فعلى نية الوقف.
25- أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ «أن لا يسجدوا» : أن فى موضع خفض ب «يهتدون» الآية: 24 والتقدير: فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا، و «لا» : زائدة.(4/321)
وقيل: هى فى موضع خفض على البدل من «السبيل» ، و «لا» : زائدة.
فأما قراءة الكسائي: ألا يا اسجدوا، بتخفيف، «ألا» ، فإنه على، ألا يا هؤلاء اسجدوا ف «ألا» : للتنبيه لا للنداء، وحذف المنادى لدلالة حرف النداء عليه، و «اسجدوا» : مبنى، على هذه القراءة، ومنصوب على القراءة الأولى ب «أن» .
30- إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «إنه» : الكسر على الابتداء.
وأجاز الفراء الفتح فيها فى الكلام، على أن يكون موضعها رفعا على البدل من «كتاب» الآية: 29، وأجاز أن تكون فى موضع نصب بحذف حرف الجر.
31- أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ «أن» : فى موضع نصب، على حذف الخافض، أي: بأن لا تعلوا.
وقيل: فى موضع رفع على البدل من «كتاب» الآية: 29 تقديره: إنى ألقى إلى ألا تعلوا.
وقال سيبويه: هى بمعنى. «أي» ، التي للتفسير، لا موضع لها من الإعراب، بمنزلة: «أَنِ امْشُوا» 38: 6 37- ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ «أذلّة وهم صاغرون» : حالان من المضمر المنصوب، فى «لنخرجنهم» .
39- قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ «عفريت» : التاء، زائدة، كزيادتها فى «طاغوت» وجمعه: عفاريت، وعفار كما تقول فى جمع «طاغوت» : طواغيت، وطواغ وعفار، مثل: جوار، التاء محذوفة، قيل: لالتقاء الساكنين وهما الياء والتنوين وقيل: للتخفيف، وهو أصح، وإن عوضت قلت: عفارى، وطواغى.
وإنما دخل هذا الضرب التنوين، وهو لا ينصرف، لأن الياء لما حذفت للتخفيف نقص البناء الذي من أجله لم ينصرف، فلما نقص دخل التنوين.
وقيل: بل دخل التنوين عوضا من حذف الياء، فإذا صارت هذه الأسماء التي هى جموع لا تنصرف، إلى حال النصب، رجعت الياء او متنعت من الصرف.(4/322)
43- وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ «ما» : فى موضع رفع، لأنها الفاعلة للصد.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب ب «صدها» ، على حذف حرف الجر، وفى «صدها» ضمير الفاعل، وهو الله جل ذكره، أو سليمان عليه السلام أي: وصدها الله عن عبادتها أو: وصدها سليمان عن عبادتها.
«إنّها كانت» : من كسر «إن» ، كسر على الابتداء، ومن فتح جعلها بدلا من «ما» ، إذا كانت فاعلة.
وقيل: بل هى فى موضع نصب على حذف الجار تقديره: لأنها كانت.
44-. وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
«مع» : حرف بنى على الفتح، لأنه قد يكون اسما ظرفا، فقوى التمكن فى بعض أحواله فبنى.
وقيل: هو حرف بنى على الفتح، لكونه اسما فى بعض أحواله، وحقه السكون.
وقيل: هو اسم ظرف، فلذلك فتح.
فإن أسكنت العين فهو حرف لا غير.
45- وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ «أن» : فى موضع نصب، على حذف الجار تقديره: بأن اعبدوا الله.
47- قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ «اطّيّرنا» : أصله: تطيرنا، ثم أدغمت التاء فى الطاء فسكنت، لأن الأول المدغم لا يكون إلا ساكنا، ولا يدغم حرف فى حرف حتى يسكن الأول، فلما سكن الأول اجتلبت ألف وصل فى الابتداء ليبتدأ بها، وكسرت لسكونها وسكون ما بعدها.
وقيل: بل كسرت لكسر ثالث الفعل وفتحه، ولم يفتح لفتحة ثالث الفعل، لئلا يشبه ألف المتكلم، وضمت بضمة ثالث الفعل، لئلا يخرج من كسر إلى ضم، فوزن «اطيرنا» ، على الأصل: تفعلنا، ولا يمكن وزنه على لفظه، إذ ليس فى الأمثلة «افعلنا» ، بحرفين مشددين متواليين.(4/323)
49- قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ «قالوا تقاسموا» : فعلان ماضيان، لأنه إخبار عن غائب، والأول إخبار عن مخاطب، أو عن مخبر عن نفسه.
51- فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ من قرأ «إنا» ، بالكسر، فعلى الابتداء، و «كيف» : خبر «كان» مقدم، لأن الاستفهام له صدر الكلام و «عاقبة» : اسم «كان» ، ولا يعمل «انظر» فى «كيف» ، ولكن يعمل فى موضع الجملة كلها.
وقيل: إن «كان» بمعنى: وقع وحدث، و «عاقبة» ، الفاعل و «كيف» : فى موضع الحال والتقدير:
فانظر يا محمد على أي حال وقعت عاقبة أمرهم. ثم فسر كيف وقعت العاقبة فقال مفسرا مستأنفا: إنا دمرناهم وقومهم.
فأما من قرأه ب «أنا» ، بالفتح، جعل «كيف» : خبر «كان» ، و «العاقبة» اسمها، و «أن» بدلا من «العاقبة» ، و «كيف» فى موضع الحال.
وإن شئت جعلت «أنا» خبر «كان» ، و «العاقبة» اسمها، و «كيف» فى موضع الحال والتقدير:
فانظر يا محمد على أي حال كان عاقبة أمرهم وتدميرهم.
وقيل: «أن» : فى موضع نصب، على حذف حرف الجر والتقدير: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم.
ويجوز فى الكلام نصب «عاقبة» ، على خبر «كان» ، ونجعل «أنا» اسم «كان» .
وقيل: موضع «أنا» : موضع رفع، على إضمار مبتدأ تقديره: هو أنا دمرناهم، والجملة خبر «كان» .
52- فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «فتلك بيوتهم خاوية» . نصب على الحال.
ويجوز الرفع فى «خاوية» من خمسة أوجه:
الأول: أن يكون «بيوتهم» بدلا من «تلك» ، و «خاوية» : خبر «البيوت» .
والثاني: أن تكون «خاوية» : خبرا ثانيا.(4/324)
والثالث: أن ترفع «خاوية» ، على إضمار مبتدأ أي: هى خاوية.
والرابع: أن تجعل «خاوية» بدلا من «بيوتهم» .
والخامس: أن تجعل «بيوتهم» عطف بيان على «تلك» ، و «خاوية» خبر «تلك» .
54- وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ «ولوطا» : انتصب على معنى: وأرسلنا لوطا.
59- قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ إنما جاز المفاضلة فى هذا، ولا خير فى آلهتهم، لأنهم خرطبوا على ما كانوا يعتقدون لأنهم كانوا يظنون فى آلهتهم خيرا، فخوطبوا على زعمهم وظنهم.
وقد قيل: إن «خيرا» هنا ليست بأفعل تفضيل، إنما هى اسم، فلا يلزم فيها تفاضل بين شيئين كما قال حسان:
فشركما لخير كما الفداء
أي: فالذى فيه الشر منكما فداء الذي فيه الخير.
66- بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ «ادّارك» : من قرأه «أدرك» على «أفعل» ، بناه على أن علمهم فى قيام الساعة قد تناهى لا مزيد عندهم فيه أي: لا يعلمون ذلك أبدا ولا مزيد فى علمهم ويقال: أدرك التمر، إذا تناهى.
وقيل: معناه: بل كمل علمهم فى أمر الآخرة فلا مزيد فيه.
ودل على أنه على الإنكار، قوله «بل هل فى شك منها» أي: لم يدركوا وقت حدوثها، فهم عنها عمون.
والعمى عن الشيء أعظم من الشك فيه.
ومن قرأه بألف وصل مشددا، فأصله: تدارك، ثم أدغمت التاء فى الدال، ودخلت ألف الوصل فى الابتداء، لسكون أول المشدد، كقوله «اطيرنا» الآية: 47، ومعناه: بل كمل علمهم فى قيام الساعة فلا مزيد عندهم.
وقيل: معناه: بل تتابع علمهم فى أمر الآخرة، فلم يبلغوا إلى شىء.
«فى الآخرة» : فى، بمعنى: الباء أي: بالآخرة أي: بعلم الآخرة.(4/325)
72- قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ «ردف لكم» : اللام، زائدة، ومعناه: ردفكم ومثله: «وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ» 22: 26، ومثله: «إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ» 12: 43، وهو كثير، «اللام» فيه زائدة لا تتعلق بشىء وفيه اختلاف.
82- وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ «أن» : فى موضع نصب، على حذف حرف الجر تقديره: تكلمهم بأن الناس.
ويجوز أن لا تقدر حرف جر، وتجعل «أن» مفعولا، على أن تجعل «تكلمهم» بمعنى: تخبرهم.
ومن كسر «إن» فعلى الاستئناف.
87- وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ العامل فى «يوم» فعل مضمر تقديره: واذكر يوم ينفخ فى الصور.
88- وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ «صنع الله» : نصب على المصدر، لأنه تعالى لما قال «وهى تمر مر السحاب» دل على أنه تعالى صنع ذلك، فعمل فى «صنع الله» .
ويجوز نصبه على الإغراء.
ويجوز الرفع على معنى: ذلك صنع الله.
89- مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «من» : شرط، رفع بالابتداء، و «فله» : الجواب، وهو الخبر.
- 28- سورة القصص
2- تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ «تلك» : فى موضع رفع، بمعنى: هذه، و «آيات» : بدل منها.(4/326)
ويجوز فى الكلام أن تكون «تلك» فى موضع نصب ب «نتلو» الآية: 3، وبنصب «آيات» على البدل من «تلك» .
4- إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ ...
«أهلها شيعا» : مفعولان ل «جعل» ، لأنها بمعنى: صير: فإن كانت بمعنى «خلق» تعدت إلى واحد، نحو قوله تعالى (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) 6: 1 وخلق، إذا كان بمعنى: صير، تعدى إلى مفعولين، نحو:
«فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً» 23: 14، وإن كانت بمعنى: اخترع وأحدث، تعدت إلى مفعول واحد، نحو «خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ» 29: 44 9- وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ «قرّة عين» : رفع على إضمار مبتدأ، أي: هو قرة عين لى.
ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر: «لا تقتلوه» .
ويجوز نصبه بإضمار فعل، تفسيره: لا تقتلوه تقديره: اتركوا قرة عين لى لا تقتلوه.
10- وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «لولا أن ربطنا» : أن، فى موضع رفع، والجواب محذوف.
14- وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ «أشده» ، عند سيبويه: وزنه: أفعل، وهو عنده: جمع شدة، كنعمة وأنعم.
وقال غيره: هو جمع شد، مثل: قد وأقد.
وقيل: هو واحد، وليس فى الكلام اسم مفرد على «إفعل» بغير «هاء» ، إلا «إصبعا» ، فى بعض لغاته.
15- وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ...
«وهذا من عدوه» : أي، من أعدائه، ومعناه: إذا نظر إليهما الناظر قال ذلك.(4/327)
18- فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ «خائفا» : نصب على خبر «أصبح» ، وإن شئت: على الحال، و «فى المدينة» : الخبر.
«فإذا الّذى استنصره بالأمس يستصرخه» : الذي، مبتدأ، و «يستصرخه» : الخبر، ويجوز أن يكون «إذا» هى الخبر، و «يستصرخه» : حالا.
25- فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ ...
«تمشى» : فى موضع الحال من «إحداهما» ، والعامل فيه «جاء» .
«على استحياء» : فى موضع الحال من المضمر فى «تمشى» .
ويجوز أن يكون «على استحياء» فى موضع الحال المقدمة من المضمر فى «قالت» ، والعامل فيه «قالت» .
والأول أحسن.
ويحسن الوقف على «تمشى» على القول الثاني، ولا يحسن الوقف على القول الأول إلا على «استحياء» .
28- قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ «ذلك» : مبتدأ، وما بعده خبر ومعناه، عند سيبويه: ذلك بيننا.
«أيّما الأجلين قضيت» : نصب «أيا» ب «قضيت» ، و «ما» : زائدة للتأكيد، وخفض «الأجلين» لإضافة «أي» إليهما.
وقال ابن كيسان: ما، فى موضع خفض بإضافة «أي» إليهما، وهى نكرة، و «الأجلين» : بدل من «ما» ، كذلك قال فى قوله «فبما رحمة» 159، إن «رحمة» بدل من «ما» ، وكان يتلطف فى ألا يجعل شيئا زائدا فى القرآن، يخرج له وجها يخرجه من الزيادة.
30- فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «أن يا موسى» : فى موضع نصب بحذف حرف الجر أي بأن يا موسى.(4/328)
31- وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ...
«مدبرا» : نصب على الحال، وكذلك موضع قوله «ولم يعقب» موضعه نصب على الحال.
32- اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ «فذانك برهانان» : ذا، مرفوع، وهو رفع بالابتداء، وألف «ذا» : محذوفة لدخول ألف التنبيه عليها.
ومن قرأه بتشديد النون فإنه جعل التشديد عوضا من ذهاب ألف «ذا» .
وقيل: إن من شدده إنما بناه على لغة من قال فى الواحد: ذلك، فلما بنى أبينت اللام بعد نون التثنية، م أدغم اللام فى النون، على حكم إدغام الثاني فى الأول، والأصل أن يدغم الأول أبدا فى الثاني، إلا أن تمنع فى ذلك علة فيدغم الثاني فى الأول. والعلة التي منعت فى هذا أن ندغم الأول فى الثاني أنه لو فعل ذلك لصار فى موضع النون، التي تدل على التثنية لام مشددة، فتغير لفظ التثنية، وأدغم الثاني فى الأول، لذلك نونا مشددة.
34- وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ «ردءا» : حال من الهاء فى «أرسله» ، وكذلك: «يصدقنى» ، فى قراءة من رفعه، جعله نعتا ل «ردء» ، ومن جزمه فعلى جواب الطلب.
42- وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ انتصب «يوم» على أنه مفعول به على السعة، كأنه قال: وأتبعناهم فى هذه الدنيا لعنة ولعنة يوم القيامة، ثم حذفت «اللعنة» الثانية لدلالة الأولى عليها، وقام «يوم» مقامها فانتصب انتصابها.
ويجوز أن ينصب «يوم» على أن تعطفه على موضع «فى هذه الدنيا» .
ويجوز نصب «يوم» على أنه ظرف للمقبوحين أي: وهم من المقبوحين يوم القيامة، ثم قدم الظرف 43- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ «بصائر للنّاس وهدى ورحمة» : نصب كله، على الحال، من «الكتاب» .(4/329)
46- وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ...
«ولكن رحمة من ربك» : انتصب «رحمة» على المصدر، عند الأخفش والتقدير: ولكن رحمه ربك محمد رحمة.
وهو مفعول من أجله، عند الزجاج أي: ولكن للرحمة فعل ذلك أي: من أجل الرحمة.
وقال الكسائي: هو خبر «كان» مضمرة، بمعنى: ولكن كان ذلك رحمة من ربك.
ويجوز فى الكلام الرفع على معنى: ولكن هى رحمة.
58- وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها ...
«المعيشة» : نصب، عند المازني، على تقدير حذف حرف الجر تقديره: بطرت فى معيشتها.
وقال الفراء: هى نصب على التفسير، وهو بعيد لأنها معرفة والتفسير لا يكون إلا نكرة.
وقيل: هى نصب ب «بطرت» ، وبطرت: بمعنى: جهلت أي: جهلت شكر معيشتها، ثم حذف المضاف.
68- وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ «ما» : الثانية، لا موضع لها من الإعراب.
وقيل: هى فى موضع نصب ب «يختار» ، وليس ذلك يحسن فى الإعراب، لأنه عائد يعود على ما فى الكلام.
وهو أيضا بعيد فى المعنى والاعتقاد، لأن كونها للنفى يوجب أن يعم جميع الأشياء التي حدثت بقدر الله واختياره، وليس للعبد فيها شىء غير اكتسابه بقدر من الله.
وإذا جعلت «ما» فى موضع نصب ب «يختار» ، لم يعم جميع الأشياء أنها مختارة لله جل ذكره، وإنما وجب أنه يختار ما لهم فيه الخير لا غير، وبقي ما ليس لهم فيه خير موقوفا وهذا مذهب القدرية المعتزلة.
فكون «ما» للنفى أولى فى المعنى، وأصح فى التفسير، وأحسن فى الاعتقاد، وأقوى فى العربية، ألا ترى أنك لو جعلت «ما» فى موضع نصب، لكان ضميرها فى «كان» اسمها، والواجب نصب «الخيرة» ، ولم يقرأ بذلك أحد.(4/330)
وقد قيل فى تفسير هذه الآية، إن معناها: وربك يا محمد يخلق ما يشاء ويختار لولايته ورسالته من يريدهم ابتداء، فنفى الاختيار عن المشركين وأنهم لا قدرة لهم، فقال: ما كان لهم الخيرة أي: ليس الولاية والرسالة وغير ذلك باختيارهم ولا بمرادهم.
76- إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ...
«ما» : فى موضع نصب ب «آتيناه» مفعولا ثانيا، و «إن» واسمها وخبرها وما يتصل بها إلى قوله «القوة» صلة «ما» .
وواحد «أولى» : ذو.
82- وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ ...
«ويكأنّ الله» : أصلها: وى، منفصلة من «الكاف» .
قال سيبويه عن الخليل فى معناها: إن القوم تنبهوا، فقالوا: ويكأن، وهى كلمة يقولها المتندم إذا أظهر ندامته.
وقال الفراء: وى، متصلة بالكاف، وأصلها: ويلك إن الله، ثم حذف اللام، واتصلت اللام ب «أن» .
وفيه بعد فى المعنى والإعراب لأن القوم لم يخاطبوا أحدا ولأن حذف اللام من هذا لا يعرف، ولأنه كان يجب أن تكون «إن» مكسورة، إذ لا شىء يوجب فتحها.
88- وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ انتصب «الوجه» على الاستثناء، ويجوز فى الكلام الرفع على معنى الصفة، كأنه قال: غير وجهه كما قال:
وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
أي: غير الفرقدين ف «غير» : صفة ل «كل» ، كذلك جواز الآية.(4/331)
- 29- سورة العنكبوت
2- أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ «أن يتركوا» . أن، فى موضع نصب ب «حسب» .
«أن يقولوا» : أن، فى موضع نصب بحذف الخافض أي: بأن يقولوا أو: لأن يقولوا.
وقيل: هى بدل من الأولى.
4- أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ «ساء ما يحكمون» : ما، فى موضع نصب، وهى نكرة أي: ساء شيئا يحكمونه.
وقيل: ما: نفى، فى موضع، رفع، وهى معرفة تقديره: ساء الشيء الذي يحكمونه.
وقال ابن كيسان: ما، فى موضع رفع تقديره: ساء حكمهم.
8- وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً ...
«بوالديه حسنا» أي: وصيناه بوالديه أمرا ذا حسن، ثم أقام الصفة مقام الموصوف، وهو الأمر، ثم حذف المضاف، وهو «ذا» ، وأقام المضاف إليه مقامه، وهو «حسن» .
12- وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ ...
«ولنحمل خطاياكم» : لفظه لفظ الأمر، ومعناه الشرط والجزاء.
14- وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ...
«ألف سنة» : ألف، نصب على الظرف، و «خمسين» : نصب على الاستثناء وإنما انتصب على الاستثناء، عند سيبويه، لأنه كالمفعول، إذ هو مستغنى عنه كالمفعول، فأتى بعد تمام الكلام، فانتصب كالمفعول.
ونصبه عند الفراء ب «إلا» ، وأصل «إلا» ، عنده: إن لا فإذا نصب نصب ب «إن» ، وإذا رفع رفع ب «لا» .
ونصبه عند المبرد على أنه مفعول به، و «إلا» ، عنده: قامت مقام الفاعل الناصب للاسم، فهى تقوم مقام «استثنى» ، ولا تستثنى من العدد إلا أقل من النصف، عند أكثر النحويين.(4/332)
16- وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ نصب «إبراهيم» ، على العطف على «الهاء» فى «فأنجيناه» الآية: 15.
وقيل: هو معطوف على «نوح» ، فى قوله تعالى: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً» الآية: 14 أي، وأرسلنا إبراهيم.
وقيل: هو منصوب بإضمار فعل أي: واذكر إبراهيم.
22- وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ أي: ولا من فى السماء معجزين، فيكون «فى السماء» نعت ل «من» المحذوفة فى موضع رفع، ثم يقوم النعت مقام المنعوت.
وفيه بعد، لأن نعت النكرة كالصلة، ولا يحسن حذف الموصول وقيام الصلة مقامه، والحذف فى الصفة أحسن منه فى الصلة.
25- وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ «وقال إنّما اتّخذتم من دون الله أوثانا مودّة بينكم» : ما، بمعنى: الذي، وهو اسم «إن» و «الهاء» مضمرة تعود على «ما» تقديره: إن الذي اتخذتموه أوثانا، و «أوثانا» : مفعول ثان ل «اتخذتم» ، و «الهاء» المحذوفة، هى المفعول الأول ل «اتخذتم» ، و «مودة» : خبر «إن» .
وقيل: هو رفع بإضمار: هو مودة.
وقيل: هى رفع بالابتداء، و «فى الحياة الدنيا» : الخبر، والجملة خبر «إن» ، و «بينكم» : خفض بإضافة «مودة» إليه.(4/333)
وجاز أن تجعل: الذي اتخذتموه من دون الله مودة، على الاتساع وتصحيح ذلك أن يكون التقدير: إن الذي اتخذتموه من دون الله أوثانا.
وقرىء بنصب «مودة» ، وذلك على أن تكون «ما» كافة ل «أن» عن العمل، فلا ضمير محذوف فى «اتخذتم» ، فيكون «أوثانا» مفعولا ل «اتخذتم» ، لأنه تعدى إلى مفعول واحد واقتصر عليه، كما قال الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ» 7: 152، وتكون «مودة» مفعولا من أجله أي:
إنما اتخذتم الأوثان من دون الله للمودة فيما بينكم لأن عند الأوثان نفعا أو ضرا.
ومن نون «مودة» ونصب أو رفع، جعل «بينكم» ظرفا، فنصبه وهو الأصل، والإضافة اتساع فى الكلام، والعامل فى الظرف: «المودة» .
ويجوز أن ينصب «بينكم» من نون «مودة» ، على الصفة للمصدر لأنه نكرة، والنكرات توصف بالظروف والجمل والأفعال فإذا نصبت «بينكم» على الظرف جاز أن يكون قوله «فى الحياة الدنيا» ظرفا ل «المودة» أيضا، وكلاهما متعلق بالعامل، وهو «مودة» ، لأنهما ظرفان مختلفان: أحدهما للزمان، والآخر للمكان.
وإنما يمتنع أن يتعلق بعامل واحد ظرفا زمان ومكان، ولا ضمير فى واحد من هذين الظرفين، إذا لم يقم واحد منهما مقام محذوف مقدر.
وإذا جعلت قوله «بينكم» صفة ل «مودة» كان متعلقا بمحذوف، وفيه ضمير كان فى المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة، فيكون «فى الحياة الدنيا» فى موضع الحال من ذلك الضمير فى «بينكم» ، والعامل فيه الظرف، وهو «بينكم» ، وفى الظرف، وهو «فى الحياة الدنيا» ، ضمير يعود على ذى الحال والصفة لا بد أن يكون فيها عائد على الموصوف فإذا قام مقام الصفة ظرف صار ذلك الضمير فى الظرف كما يكون فى الظرف إذا كان خبر المبتدأ أو حالا ولا يجوز أن يعمل فى قوله «فى الحياة الدنيا» ، وهو حال من المضمر فى «بينكم مودة» لأنك قد وصفت المصدر بقوله «بينكم» . ولا يعمل بعد الصفة، لأن المعمول فيه داخل فى الصفة والصفة غير داخلة فى الصلة، فتكون قد فرقت بين الصلة والموصول، فلا يعمل فيه إذا كان حالا من المضمر فى «بينكم» إلا «بينكم» ، وفيه ضمير يعود على المضمر فى «بينكم» ، وهو هو لأن كل حال لا بد أن يكون فيها ضمير يعود على ذى الحال كالصفة.
وأيضا فإن قوله «فى الحياة الدنيا» ، إذا جعلته حالا من المضمر فى «بينكم» إنما ارتفع بالظرف، وجب أن يكون العامل فى الحال الظرف أيضا، لأن العامل فى ذى الحال هو العامل فى الحال أبدا، لأنها هو فى المعنى، فلا يختلف العامل فيهما، لأنه لو اختلف لكان قد عمل عاملان فى شىء واحد، إذ الحال هى صاحب الحال، فلا يختلف العامل فيهما.(4/334)
ويجوز أن يكون «فى الحياة الدنيا» صفة ل «مودة» ، و «بينكم» صفة أيضا، فلا بد أن يكون فى كل واحد منهما ضمير يعود على «المودة» ، والعامل فيهما المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة، وفيه كان الضمير، فلما قام الظرف مقامه انتقل الضمير إلى الظرف، كما ينتقل إذا كانت أخبارا للمبتدأ وتقدير المحذوف كأنه قال: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة مستقرة بينكم ثابتة فى الحياة الدنيا، ثم حذفت «مستقرة» ، وفيها ضمير، و «ثابتة» وفيها ضمير، يعودان على «المودة» ، وقام «بينكم» مقام «مستقرة» التي هى صفة، فصار الضمير الذي كان فيه يعود على الموصوف فى «بينكم» ، وصارت صفة ل «المودة» . لأنها خلف من الصفة.
وكذلك حذفت «ثابتة» ، وفيها ضمير، وأقمت «فى الحياة الدنيا» مقامها، فصار الضمير فى قولك «فى الحياة الدنيا» ، فذلك المحذوف هو العامل فى الظرفين وقام مقام المحذوفين الصفتين، فصار ذا صفتين، فهما ضميران يعودان على الموصوف.
27- وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ فى قوله «فى الآخرة» حرف متعلق بمحذوف وتقديره: وأنه صالح فى الآخرة لمن الصالحين.
وقيل: هو متعلق «بالصالحين» ، والألف واللام للتعريف، وليستا بمعنى: الذين.
28- وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ «ولوطا» : هو عطف على «الهاء» فى «فأنجيناه» الآية: 15.
وقيل: عطف على «نوح» فى قوله «ولقد أرسلنا نوحا» الآية، 14.
وقيل: هو نصب، على تقدير: واذكر لوطا والعامل فى «إذ» هو العامل فى «لوط» .
38- وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ «وعادا وثمودا» : عطف على «الذين» فى قوله «ولقد فتنا الذين من قبلهم» الآية: 3 وقيل: هو عطف على الهاء والميم فى قوله «فأخذتهم الرجفة» الآية: 37، وهو أقرب من الأول.
وقيل: التقدير: وأهلكنا عادا وثمودا.(4/335)
39- وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ «وقارون وفرعون وهامان» : عطف على «عاد» فى جميع وجوهه، وهى أسماء أعجمية معرفة، فلذلك لم تنصرف.
وقيل: عطف على الهاء والميم فى قوله «فصدهم عن السبيل» الآية 38 أي: وصد قارون وفرعون وهامان.
41- مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «كمثل العنكبوت» : الكاف، فى موضع رفع خبر الابتداء، وهو قوله «مثل الذين اتخذوا» .
وقيل: هى فى موضع نصب على الظرف.
وجمع «العنكبوت» : عناكيب، وعناكب، وعكاب، وأعكب.
46- وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ...
«الذين» : فى موضع نصب، على البدل، أو على الاستثناء.
51- أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ ...
«أن» : فى موضع رفع، فاعل «يكفهم» .
58- وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً ...
«لنبوئنهم من الجنة غرفا» : من قرأ «لنثوبنهم» بالثاء، فهو من الثواء، و «غرفا» : منصوب على حذف حرف الجر، لأنه لا يتعدى الفعل المخصوص إلى ظرف المكان إلا بحرف، لا تقول: جلست دارا فالتقدير:
لنثوينهم فى غرف، فلما حذف الحرف نصب.
ومن قرأ بالباء، جعل «غرفا» مفعولا ثانيا، لأن الفعل يتعدى إلى مفعولين تقول: بوأت زيدا منزلا.
فأما قوله: «وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ» 22: 26 فاللام زائدة كزيادتها فى «رَدِفَ لَكُمْ» 27: 72، إنما هو: ردفكم، وبوأنا إبراهيم.(4/336)
66- لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «وليتمتعوا» : من كسر «اللام» جعلها: لام كى، ويجوز أن تكون لام الأمر.
ومن أسكنها فهى: لام أمر، لا غير.
ولا يجوز أن تكون مع الإسكان: لام كى، لأن «لام كى» حذفت بعدها «أن» ، فلا يجوز حذف حركتها أيضا، لضعف عوامل الأفعال.
- 30- سورة الروم
4- فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ «فى بضع سنين» : الأصل فى «سنة» ألا يجمع بالياء والنون، والواو والنون لأن الواو والنون لمن يعقل، ولكن جاز ذلك فى «سنة» ، وإن كانت مما لا يعقل، للحذف الذي دخلها لأن أصلها: سنوة وقيل: سنهة، على «فعلة» دليله قولهم: سنوات، وقولهم: سانهت، من السنين. وكسرت السين فى «سنين» ليدل على أنه جمع على غير الأصل، لأن كل ما جمع جمع السلامة لا يغير فيه بناء الواحد فى هذا الجمع، وكلما تغير بناء الواحد فى هذا الجمع، وكسر أوله، وقد كان مفتوحا فى الواحد، علم أنه جمع على غير أصله.
«من قبل ومن بعد» : قبل، وبعد: مبنيان، وهما ظرفا زمان، أصلهما الإعراب، وإنما بنيا لأنهما يعرفان بغير ما تتعرف به الأسماء، وذلك أن الأسماء تتعرف بالألف واللام، وبالإضافة إلى المعرفة، وبالإضمار، وبالعهد وليس فى «قبل» ، وب «بعد» شىء من ذلك، فلما تعرفا بخلاف ما تعرف به الأسماء، وهو حذف ما أضيف، خالفا الأسماء وشابها الحروف، فبنيا كما تبنى الحروف، وكان أصلهما أن يبنيا على سكون، لأنه أصل البناء، لكن قبل الآخر ساكن فيهما، وأيضا فإنه قد كان لهما فى فى الأصل تمكن، لأنهما يعرفان إذا أضيفا، وأيضا فإنه لم يكن من حركة أو حذف، وإنما وجب أن يمكن الحذف فى حروف السلامة، فحرك الثاني لأن البناء فيه، تكون الحركة ضما دون الكسرة، والفتح، لأنهما أشبها المنادى المفرد، إذ المنادى يعرب إذا أضيف أو نكر، كما يفعل لهما، فبنيا على الضم كما بنى المنادى المفرد.
وقال على بن سليمان: إنما بنيا لأنهما متعلقان بما بعدهما، فأشبها الحروف، إذ الحروف متعلقة بغيرها لا تفيد شيئا إلا بما بعدها.
وقيل: إنما بنيا على الضم، لأنهما غايتان قد اقتصر عليهما، وحذف ما بعدهما، فبنيا لمخالفتهما الأسماء، وأعطيا الضم، لأنه غاية الحركات.(4/337)
وقيل: لما تضمنا الحروف بعدهما صارا، كبعض اسم، وبعض الاسم مبنى.
وقال الفراء: إنما تضمنا معنيين- يعنى-: معناهما فى أنفسهما، ومعنى ما بعدهما المحذوف، فبنيا، وأعطيا الضمة، لأنها أقوى الحركات.
وقال هشام: لما لم يجز أن يفتحا فيشبها حالهما فى الإضافة، ولم يجز أن يكسرا فيشبها المضاف إلى المخاطب، ولم يسكنا لأن ما قبل الآخر ساكن، لم يبق إلا الضم، فأعطياه.
وأجاز الفراء: رأيتك بعد، بالتنوين رفعا، و «بعدا» ، بالنصب منونا وهما معرفتان.
وأجاز هشام: رأيتك بعد يا هذا، بالفتح، غير منون، على إضمار المضاف.
ومعنى الآية: لله الأمر من قبل كل شىء ومن بعد كل شىء فلما حذف ما بعد «قبل» و «بعد» ، وتضمنا معناه، خالفا الأسماء فبنيا.
6- وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ «وعد الله» : مصدر مؤكد.
10- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ «عاقبة» : اسم «كان» ، و «السوأى» : خبرها، و «أن كذبوا» : مفعول من أجله.
ويجوز أن يكون «السوأى» : مفعول ل «أساءوا» ، و «أن كذبوا» : خبر كان.
ومن نصب «عاقبة» جعلها خبر «كان» ، و «السوأى» اسمها.
ويجوز أن يكون «أن كذبوا» : اسمها، و «السوأى» : مفعولا ل «أساءوا» .
20- وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ «أن خلقكم» : أن، فى موضع رفع بالابتداء، والمجرور قبلها خبرها، وكذلك كل ما بعده من صنفه 28- ... فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «كخيفتكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: تخافونهم خيفة كخيفتكم أي: مثل خوفكم أنفسكم، يعنى: كخوفكم شركاءكم.
«كذلك نفصل الآيات» أي: تفصيلا كذلك أي: مثل ذلك.(4/338)
30- فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ...
«فطرة الله» : نصب بإضمار فعل تقديره: اتبع فطرة الله، ودل عليه: «فأقم وجهك للدين» ، لأن معناه: اتبع الدين.
وقيل: «فطرة الله» : انتصبت على المصدر لأن الكلام دل على: فطر الله الخلق فطرة.
31- مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ «منيبين إليه» : حال من الضمير فى «فأقم» ، وإنما جمع، لأنه مردود على المعنى لأن الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته فتقديره: فأقيموا وجوهكم منيبين إليه.
وقال الفراء: التقدير: فأقم وجهك ومن معك، فلذلك قال «منيبين» .
35- أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ «السلطان» : يذكر ويؤنث، وهو جمع: سليط، كرغيف ورغفان، فمن ذكره، فعلى الجمع، ومن أنثه فعلى الجماعة.
36- ... وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ «إن تصبهم سيئة» : شرط وجوابه: «إذا هم يقنطون» ، ف «إذا» : جواب، بمنزلة لقاء وإنما صارت بمنزلة «الفاء» لأنها لا يبتدأ بها كما لا يبتدأ ب «الفاء» ، وإنما لم يبتدأ ب «إذا» لأنها التي للمفاجأة، ف «إذا» التي فيها معنى الشرط غير التي للمفاجأة، والتي للشرط يبتدأ بها، ولا تكون جوابا للشرط، و «إذا» التي هى للمفاجأة لا يبتدأ بها، فأشبهت «الفاء» ، فوقعت موقعها وصارت جوابا للشرط، وقد يدخل على «إذا» ، التي هى للمفاجأة، الفاء فى جواب الشرط، وذلك للتأكيد.
47-. فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
«حقا» : خبر «كان» ، و «نصر» : اسمها.
ويجوز أن تضمر فى «كان» اسمها، وترفع «نصر» بالابتداء، و «علينا» : الخبر، والجملة خبر «كان» .
ويجوز فى الكلام رفع «حق» ، على اسم «كان» لأنه وصف ب «علينا» ، وتنصب «نصرا» ، على خبر «كان» .
ويجوز رفعهما جميعا على الابتداء والخبر، وتضمر فى «كان» : الحديث والأمر، والجملة خبر «كان» .(4/339)
48- اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ ...
«كسفا» : من فتح السين، جعله جمع: كسفة، مثل: كسرة وكسر.
ومن أسكن، فعلى التخفيف.
«من خلاله» : الهاء، تعود على «السحاب» ، ويجوز أن تعود على «الكسف» ، لكنه ذكّر، كما قال «مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ» 36: 80 51- وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ «فرأوه مصفرا» : الهاء، تعود على «الزرع» الآية: 32 وقيل: على «السحاب» الآية: 48، وقيل: على «الريح» .
وذكرت «الريح» لأن «الهاء» للمرسل منها. وقيل: ذكرت إذ لا ذكر لها، فتأنثيها غير حقيقى.
«لظلّوا من بعده» : معناه: ليظلن، فالماضى فى موضع المستقبل وحسن هذا، لأن الكلام بمعنى المجازاة، والمجازاة لا تكون إلا بمستقبل هذا مذهب سيبويه.
- 31- سورة لقمان
2، 3- تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ «هدى ورحمة» : حالان من «تلك» ، ولا يحسن أن يكونا حالين من «الكتاب» ، لأنه مضاف إليه فلا عامل يعمل فى «الكتاب» ، إذ ليس لصاحب الحال عامل. وفيه اختلاف.
ومن رفع «ورحمة» ، جعل «هدى» فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ تقديره: وهو هدى ورحمة.
ويجوز أن يكون خبر «تلك» ، و «آيات» : بدل من «تلك» .
6- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ «ويتخذها» : من نصبه عطفه على «ليضل» ، ومن رفع عطف على «يشترى» ، أو على القطع، و «الهاء» فى «يتخذها» : تعود على الحديث، لأنه بمعنى: الأحاديث.(4/340)
وقيل: تعود على «سبيل» .
وقيل: تعود على «الآيات» الآية: 2.
10- خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ...
«ترونها» : فى موضع خفض على النعت ل «عمد» ، فيمكن أن يكون: ثم عمد ولكن لا ترى.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من «السموات» ، ولا عمد ثم البتة.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على القطع، ولا عمد ثم.
11- هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «ما» : استفهام، فى موضع رفع على الابتداء، وخبرها: «ذا» ، وهو بمعنى «الذي» تقديره: فأرونى أي شىء الذي خلق الذين من دونه والجملة فى موضع نصب ب «أرونى» .
ويجوز أن يكون «ما» فى موضع نصب ب «خلق» ، وهى استفهام، وتجعل «ذا» زائدة.
ويجوز أن يكون «ما» بمعنى: الذي، فى موضع نصب ب «أرونى» ، و «ذا» : زائدة، ويضمر «الهاء» مع «خلق» ، ويعود على «الذي» أي: فأرونى الأشياء التي خلقها الذي من دونه.
13- وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ أي: واذكر يا محمد إذ قال لقمان.
ولقمان: اسم معرفة، فيه زائدتان، كعثمان، فلذلك لم ينصرف وقد يجوز أن يكون أعجميا.
قال عكرمة: إنه كان نبيا.
وفى الخبر، إنه كان حبشيا أسود.
14- وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ «وهنا» : نصب على حذف الخافض تقديره: حملته أمه بوهن، أي: بضعف.(4/341)
«أن اشكر لى» : أن، فى موضع نصب، على حذف الخافض أي: بأن اشكر.
وقيل: هى بمعنى: أي، لا موضع لها من الإعراب، وقد تقدم القول فى «إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ» 21: 47 15- وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ...
«معروفا» : نعت لمصدر محذوف تقديره: وصاحبهما فى الدنيا صحابا معروفا.
18- وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ «مرحا» : مصدر فى موضع الحال.
20- أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً ...
«ظاهرة وباطنة» : حالان.
ومن قرأ «نعمة» ، بالتوحيد، جعل ما بعده نعتا له.
27- وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «ولو أن ما فى الأرض» : أن، فى موضع رفع بفعل مضمر تقديره: لو وقع ذلك.
«والبحر» : من رفعه جعله مبتدأ، وما بعده خبر، وهو «يمده» ، والجملة فى موضع الحال.
ومن نصب «البحر» عطفه على «ما» ، وهى اسم «إن» ، و «يمده» : الخبر.
ويجوز رفع «البحر» بعطفه على موضع اسم «إن» ، و «أقلام» : خبر «إن» ، فى الوجهين.
28- ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ «إلا كنفس واحدة» : الكاف، فى موضع رفع خبر ل «خلقكم» وتقديره: إلا مثل بعث نفس واحدة.(4/342)
33- يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً ...
«هو جاز» : ابتداء وخبره، وهو مذهب سيبويه والخليل، وأن تقف على «جاز» بغير ياء، لتعرف أنه كان فى الوصل كذلك.
وحكى يونس أن بعض العرب يقف بالياء، لزوال التنوين الذي من أجله حذفت الياء، وهو القياس.
34- إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ «عليم» : خبر «إن» ، و «خبير» : نعته.
ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر.
- 32- سورة السجدة
1، 2- الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ «ألم تنزيل الكتاب» : تنزيل، رفع بالابتداء، و «لا ريب فيه» : الخبر، أو خبر على إضمار مبتدأ أي: هذا تنزيل، أو: المتلو تنزيل أو: هذه الحروف تنزيل، ودلت «آلم» على ذكر الحروف.
ويجوز النصب فى الكلام على المصدر.
ويجوز أن يكون «لا ريب فيه» : موضع الحال من «الكتاب» ، و «من رب العالمين» : الخبر وهو أحسنها و «من» : متعلقة بالخبر المحذوف.
فإن جعلت «لا ريب فيه» الخبر، كانت متعلقة ب «تنزيل» .
3- أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ...
«أم» : هنا، لخروج خبر إلى خبر آخر.
وقيل: هى بمعنى «بل» .(4/343)
7- الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ من أسكن «اللام» فى «خلقه» جعله مصدرا لأن قوله: «أحسن كل شىء» يدل على: خلق كل شىء خلقا، فهو مثل: «صُنْعَ اللَّهِ» 27: 88، و «كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» 4: 34 وقيل: هو بدل من «كل» .
وقيل: هو مفعول ثان، و «أحسن» بمعنى: حسنا، تتعدى إلى مفعولين.
ويجوز فى الكلام «خلقه» ، بالرفع، على معنى: ذلك خلقه.
ومن قرأ بفتح اللام، جعله فعلا ماضيا، فى موضع نصب، نعتا ل «كل» ، أو فى موضع خفض نعتا ل «شىء» .
10- وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ العامل فى «إذا» : فعل مضمر تقديره: أنبعث إذا غيبنا وتلفنا فى الأرض.
16- تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «تتجافى» : فى موضع نصب، على الحال من المضمر فى «خروا» الآية: 15، وكذلك: «يدعون» ، فى موضع الحال، وكذلك: «سجدا» الآية: 15، وكذلك موضع «وهم لا يستكبرون» ، وكذلك موضع قوله «ومما رزقناهم ينفقون» مما كلها أحوال من المضمر فى «خروا» الآية: 15، أو فى «سبحوا» الآية: 15 ويحسن أن يكون ما بعد «كل» حالا من المضمر الذي فى الحال التي قبله.
«خوفا وطمعا» : مفعولان من أجلهما.
وقيل: مصدران.
17- فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «ما أخفى لهم» : من أسكن الياء جعل الألف ألف المتكلم، والياء حقها الضم، لأنه فعل مستقبل، لكن أسكنت استخفافا.(4/344)
ومن فتح الياء جعله فعلا ماضيا لم يسم فاعله، وفيه ضمير يقوم مقام الفاعل.
و «ما» ، إن جعلتها بمعنى «الذي» كانت فى موضع نصب ب «تعلم» ، وتكون الهاء محذوفة من الصلة، على قراءة من أسكن الياء أي: أخفيه لهم. ولا حذف فى قراءة من فتح الياء، لأن الضمير المرفوع فى «أخفى» ، الذي لم يسم فاعله، يعود على «الذي» .
فإن جعلت «ما» استفهاما، كانت فى موضع رفع بالابتداء، فى قراءة من فتح الياء، و «ما» فى موضع نصب ب «أخفى» ، فى قراءة من أسكن الياء والجملة كلها فى موضع نصب ب «تعلم» ، سدت مسد المفعولين.
20- ... كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ «كلما» : ظرف.
23- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ «من لقائه» : الهاء، تعود على «الكتاب» ، أضاف المصدر إلى المفعول، كقوله «بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ» 38: 24 وتقديره: من لقاء موسى الكتاب، فأضمر «موسى» لتقدم ذكره، وأضيف المصدر إلى «الكتاب» .
ويجوز أن تعود على موسى، فيكون قد أضاف المصدر إلى الفاعل، والمفعول به محذوف كقوله:
«لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ» 35: 14 أي: دعاءكم إياهم، وكقوله: «لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ» 40: 1.
وقيل: «الهاء» تعود على ما لاقى موسى من قومه من الأذى والتكذيب.
وقيل: تعود على موسى، من غير تقدير حذف مفعول أي: لا تكن يا محمد فى مرية من أن تلقى موسى لأن النبي صلى الله عليه وسلم لقى موسى ليلة الإسراء.
وقيل: إنها تعود على «موسى» ، والمفعول محذوف، وهو التوراة أي: فلا تكن فى مرية من لقاء موسى التوراة.
26- أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ ...
فاعل «يهدى» : مصدر تقديره: أو لم يهد الهدى لهم وهو قول المبرد.(4/345)
وقال الفراء: «كم» ، هى الفاعل ل «يهد» ولا يجوز هذا عند البصريين لأن «كم» لا يعمل فيها ما قبلها، لأنها فى الخبر بمنزلتها فى الاستفهام لها صدر الكلام فلا يعمل فيها ما قبلها، كما يعمل فى الاستفهام ما قبله.
وقيل: الفاعل ل «يهد» هو الله جل ذكره تقديره: أو لم يهد الله لهم.
ومن قرأه «نهد» ، بالنون، فالفاعل هو الله، بلا إشكال ولا اختلاف وهى قراءة عبد الرحمن السلمى وقتادة و «كم» ، عند البصريين، فى هذه الآية: فى موضع نصب ب «أهلكنا» .
28- وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «متى» : فى موضع نصب، على الظرف، وهى خبر الابتداء، وهو «هذا» و «الفتح» : نعت ل «هذا» ، أو عطف بيان.
ويجوز أن تكون «متى» فى موضع رفع، على تقدير حذف مضاف مع «هذا» تقديره: متى وقت هذا الفتح.
- 33- سورة الأحزاب
1- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً «أي» : نداء مفرد، مبنى على الضم، و «ها» : للتنبيه، وهو لازم ل «أي» ، و «النبي» نعت ل «أي» لا تستغنى عنه، لأنه هو المنادى فى المعنى، ولا يجوز نصبه على الموضع، عند أكثر النحويين. وأجازه المازني جعله كقولك: يا زيد الظريف، بنصب «الظريف» على موضع «زيد» ، وهذا نعت تستغنى عنه ونعت «أي» : لا تستغنى عنه، فلا يحسن نصبه على الموضع وأيضا فإن نعت «أي» هو المنادى فى المعنى، فلا يحسن نصبه.
وقال الأخفش: هو صلة ل «أي» ، ولا يعرف فى كلام العرب اسم مفرد صلة «أي» .
3- وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «بالله» : فى موضع رفع، لأنه الفاعل، و «وكيلا» : نصب على البيان، أو على الحال.
4- ... وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ «الحقّ» : نعت لمصدر محذوف أي: يقول القول الحق.(4/346)
ويجوز أن يكون «الحق» مفعولا للقول.
5- ... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «ولكن ما تعمدت قلوبكم» : ما، فى موضع خفض، عطف على «ما» فى قوله «فيما أخطأتم به» .
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على الابتداء تقديره: ولكن ما تعمدت قلوبكم تؤاخذون به.
6- ... إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً «إلّا أن تفعلوا» : أن، فى موضع نصب على الاستثناء الذي ليس من الأول.
12- وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً العامل فى «إذ» فعل مضمر فيها تقديره: واذكر يا محمد إذ يقول.
13- وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً «وإذ قالت» : إذ، العامل فيها فعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ قالت.
«إنّ بيوتنا عورة» : عورة، خبر «إن» ، وهو مصدر فى الأصل، وهو بمعنى: ذات عورة.
ويجوز أن يكون اسم فاعل، أصله: عورة، ثم أسكن تخفيفا.
ويجوز أن يكون مصدرا فى موضع اسم الفاعل، كما تقول: رجل عدل أي: عادل.
18- قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا «هلمّ إلينا» : معناه: أقبلوا، وهذه لغة أهل الحجاز، وغيرهم يقول: هلموا، للجماعة، وهلمى، للمرأة.
وأصل هلم: ها المم ها، للتنبيه، والمم، معناه: اقصد إلينا، وأقبل إلينا، لكن كثر الاستعمال فيها فحذفت ألف الوصل من «المم» ، وتحركت اللام بضمة الميم الأولى، عند الإدغام، فصارت: «هالم» ، فحذفت «ها»(4/347)
لكونها وسكون اللام بعدها، لأن حركتها عارضة، فاتصلت الهاء باللام، فصارت: «هلم» كما ترى وفتحت الميم لالتقاء الساكنين، كما تقول: رد، ومد.
وقد قيل: إن ألف «ها» إنما حذفت لسكونها وسكون اللام، قبل أن تلقى حركة الميم الأولى على اللام، وأدغمت فى التي بعدها، فصارت «هلم» كما ترى.
«إلّا قليلا» : نعت لمصدر محذوف تقديره: إلا أناسا قليلا أو: إلا وقتا قليلا ومثله: (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا) الآية: 20 19- أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ...
«أشحّة عليكم» : أشحة، وزنها: أفعلة جمع: شحيح مثل أرغفة، ولكن قلبت حركة الحاء الأولى على الشين وأدغمت فى الثانية، وأصله: أشححة، ونصبه على الحال، والعامل فيه «والقائلين» الآية: 18، وهو حال من المضمر فى «القائلين» هذا قول الفراء.
وأجاز أيضا أن يعمل فيه مضمر دل عليه «المعوقين» الآية: 18، فهو حال من الفاعل فى الفعل المضمر، كأنه قال: يعوقون أشحة.
ويجوز عنده أن يكون العامل فيه «ولا يأتون» الآية: 18، فهو حال من المضمر فى «يأتون» .
وأجاز أيضا نصبه على الذم.
ولا يجوز عند البصريين أن يكون العامل «المعوقين» ، ولا «والقائلين» ، لأنه يكون داخلا فى صلة الألف واللام، وقد فرقت بينهما بقوله «ولا يأتون البأس» الآية: 18، وهو غير داخل فى الصلة، إلا أن يجعل «ولا يأتون البأس» فى موضع الحال من المضمر فى «القائلين» .
ولا يجوز أن يكون أيضا «أشحة» حالا من ذلك المضمر، ويعمل فيه «القائلين» ، لأنه كله داخل فى صلة الألف واللام من «القائلين» ، ولا يحسن أن يكون «أشحة» حالا من المضمر فى «المعوقين» ولا من المضمر فى «يأتون» ، على مذهب البصريين، بوجه، لأن «والقائلين» عطف على «المعوقين» غير داخل فى صفته، و «أشحة» ، إن جعلته حالا من المضمر فى «المعوقين» كان داخلا فى الصلة وكذلك «ولا يأتون» ، قد فرقت بين الصلة والموصول بالمعطوف(4/348)
ولا يحسن أيضا، على مذهب البصريين، أن يعمل فيه فعل مضمر يفسره «المعوقين» ، لأن ما فى الصلة لا يفسره ما ليس فى الصلة.
والصحيح أنه حال من المضمر فى «يأتون» وهو العامل فيه، وقوله «لا يأتون» : حال من المضمر فى «القائلين» ، فكلاهما داخل فى الصلة.
وكذلك إن جعلتهما جميعا حالين من المضمر فى «القائلين» ، فهو حسن، وكلاهما داخل فى الصلة.
فأما نصبه على الذم، فجائز.
«أشحّة» : حال من المضمر فى «سلقوكم» ، وهو العامل فيه.
22- وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً «وما زادهم» : الضمير المرفوع يعود على «النظر» ، لأن معنى قوله «ولما رأى» : ولما نظر.
وقيل: المضمر يعود على الرؤية لأن «رأى» يدل على «الرؤية» ، وجاز تذكيرها لأن تأنيثها غير حقيقى.
23- مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ...
«ما عاهدوا» : ما، فى موضع نصب ب «صدقوا» ، وهى والفعل مصدر تقديره: صدقوا العهد أي: وفوا به.
28- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا «فتعالين» : من «العلو» ، وأصله: الارتفاع، ولكن كثر استعماله حتى استعمل فى معنى: «أنزل» فيقال للمتعالى: تعال أي: انزل.
33- وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «وقرن فى بيوتكنّ» : من كسر «القاف» جعله من الوقار فى البيوت فيكون مثل: عدن، زن، لأنه محذوف الفاء، وهى الواو، ويجوز أن يكون من «القرار» فيكون مضعفا، يقال: قر فى المكان يقر، هذه اللغة المشهورة ويكون أصله: اقررن، تبدل من الراء، التي هى عين الفعل، ياء، كراهة التضعيف، كما أبدلوا(4/349)
فى «قيراط» ، و «دينار» : فتصير الياء مكسورة، فتلقى حركتها على القاف، وتحذف لسكونها وسكون الواو، ويستغنى عن ألف الوصل، لتحرك «القاف» ، فتصير: قرن.
وقيل: بل حذفت الراء الأولى كراهة التضعيف، كما قالوا: ظلت والأصل: ظلمت، وألقيت حركتها على «القاف» ، فحذفت ألف الوصل، لتحرك «القاف» أيضا.
فأما من قرأ بفتح «القاف» ، فهى حكاها أبو عبيد عن الكسائي أنه يقال: قررت فى المكان أقر، وهى لغة ذكرها المازني وغيره، ثم جرى الاعتلال على الوجهين المذكورين فى الكسر أولا.
وقد قيل: إنه أخذ من: قررت به عينا أقر، ثم أعل أحد الأصلين المذكورين.
«أهل البيت» : نصب على النداء. وإن شئت: على المدح، ويجوز فى الكلام الخفض على البدل من الكاف والميم فى «عنكم» عند الكوفيين ولا يجوز ذلك عند البصريين لأن الغائب لا يبدل من المخاطب، لاختلافهما.
وقيل: إنما لم يجز، لأن البدل بيان، والبدل والمخاطب، لا يحتاجان إلى بيان.
35- إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً «والحافظين فروجهم والحافظات» : أعمل الأول من هذين الفعلين، وكان قياسه على أصول هذا الباب، لو أخر مفعول الفعل الأول، أن يقال: والحافظاتها ولكن لما قدمه استغنى عن الضمير لبيان المعنى فى أن الأول هو المعمول، إذ مفعوله بعده لم يتأخر بعد الفعل الثاني، وحذف الضمير من هذا، إذا تقدم مفعول الأول، حسن فصيح، وإثبات الضمير، إذا تأخر مفعول الأول فى آخر الكلام، أحسن وأفصح، ومثله فى القياس، «والذاكرين الله كثيرا والذاكرات» ، لو تأخر المفعول إلى آخر الكلام لكان وجه الكلام: والذاكرانه، فلما تقدم حسن حذف الضمير، وإثباته فى الكلام جائز لتقدم ذكره.
37- وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ...
«والله أحق أن تخشاه» : الله، ابتداء، و «أحق» : خبره، و «أن» : فى موضع نصب، على حذف الخافض.(4/350)
وإن شئت: جعلت «أن» وما بعدها ابتداء ثانيا، و «أحق» : خبره ولا يجوز أن تقدر إضافة «أحق» الى «أن» البتة، لأن «أفعل» لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه 38- ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً «سنة الله» : مصدر، عمل فيه معنى ما قبله.
39- الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً «الذين يبلغون» : فى موضع خفض على البدل، أو على النعت، لقوله «فى الذين خلوا» الآية: 38 40- ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً «ولكن رسول الله» : رسول، خبر «كان» مضمرة تقديره: ولكن كان محمد رسول الله.
ومن رفعه، فعلى إضمار «هو» أي: هو رسول الله.
50- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «وامرأة» : عطف على «الأزواج» وما بعدهن والعامل: «أحللنا» .
ومن قرأ «أن وهبت» ، بفتح «أن» ، وهو مروى عن الحسن، جعل «أن» بدل من «امرأة» .
وقيل: هو على حذف حرف الجر أي: لأن وهبت.
«خالصة» : حال.
«لكيلا يكون» : اللام، متعلقة بقوله «أحللنا» وقيل: ب «فرضنا» .(4/351)
51- ... وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً «كلهن» : تأكيد للمضمر فى «يرضين» ، ولا يجوز أن يكون تأكيدا للمضمر فى «آتيتهن» ، لأن المعنى على خلافه.
52- لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً «إلا ما ملكت» : ما، فى موضع رفع على البدل من «النساء» أو فى موضع نصب على الاستثناء، ولا يجوز أن يكون فى موضع نصب ب «ملكت» ، لأن الصلة لا تعمل فى الموصول، وفى الكلام «ها» محذوفة، من الصلة بها يتم الكلام تقديرها: إلا ما ملكتها يمينك.
ويجوز أن تجعل «ما» والفعل مصدرا فى موضع المفعول، فيكون المصدر فى موضع نصب، لأنه استثناء ليس من الجنس، ولا يحتاج إلى حذف «ها» تقديره: إلا ما ملكت يمينك.
و «ملك» بمعنى: مملوك، فيكون بمنزلة قولهم: هذا درهم ضرب الأمير أي: مضروبه.
53- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً «إناه» : ظرف زمان، وهو مقلوب «أنى» الذي بمعنى الحين، قلبت النون قبل الألف، وغيرت الهمزة إلى الكسر، فمعناه: غير ناظرين آنه أي: حينه، ثم قلب وغير على ما ذكرنا.
«غير» : نصب على الحال من الكاف والميم فى «لكم» ، والعامل فيه «يؤذن» ، ولا يحسن أن تجعل «غير» وصفا ل «طعام» ، لأنه يلزم فيه أن يظهر الضمير الذي فى «ناظرين» ، فيلزم أن تقول: غير ناظرين أنتم إناه، لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة أو خبرا أو حالا، أو صفة على غير من هو له، لم يستتر فيه ضمير الفاعل، وذلك فى الفعل جائز، فلو قال فى الكلام: إن أذن لكم إلى طعام لا تنتظرون إناه فكلوا، لجاز أن يكون «لا تنتظرون» وصفا للطعام، وأن يكون حالا من الكاف والميم فى «لكم» ألا ترى أنك تقول: زيد تضربه، ف «زيد» مبتدأ، و «تضربه» : خبر له، وهو فعل للمخاطب ليس هو ل «زيد» ، وفيه ضمير المخاطب مستتر، ولولا «الهاء» ما كان خبر «زيد» ، فلو جعلت فى موضع «تضربه» : ضاربه، لم يكن بد من إظهار الضمير، فتقول: زيد ضاربه أنت، فكذلك قياس: الذي تضربه زيد، ف «تضربه» : صلة(4/352)
ل «الذي» ، وفيه ضمير المخاطب، فإن جعلت موضعه «ضاربه» أظهرت الضمير، فقلت: الذي ضاربه زيد، وكذلك الصفة والحال فى قولك مررت برجل تضربه، ومررت بزيد تضربه، فإن جعلت فى موضع «تضربه» اسم فاعل لم يكن بد من إظهار الضمير من الصفة والحال، كما ظهر من الخبر والصلة، فهذا معنى: إذا جرى اسم الفاعل على غير من هو له، خبرا أو صفة أو حالا أو صلة، لم يكن بد من إظهار الضمير ويجوز ذلك فى الفعل ولا يظهر الضمير.
«ولا مستأنسين» : فى موضع نصب، عطف على «غير ناظرين» ، أو فى موضع خفض على العطف من «ناظرين» .
«وما كان لكم أن تؤذوا» : أن، فى موضع رفع، اسم «كان» ، وكذلك: «ولا أن تنكحوا» ، عطف عليها.
60- ... ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا «فيها إلا قليلا» : حال من المضمر المرفوع فى «يجاورونك» أي: لا يجاورونك إلا فى حال قلتهم وذلتهم.
وقيل: هو نعت لمصدر محذوف تقديره: إلا جوارا قليلا أو: وقتا قليلا.
61- مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا «ملعونين» : حال أيضا من المضمر فى «يجارونك» .
وقيل: هو نصب على الذم والشتم.
62- سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا «سنّة الله» : نصب على المصدر أي: سن الله ذلك سنة لمن أرجف بالأنبياء ونافق.
73- لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «وكان الله غفورا رحيما» أي: لم يزل كذلك، و «رحيما» : حال من المضمر فى «غفورا» ، وهو العامل فيه أي: يغفر فى حال رحمة.
ويجوز أن يكون نعتا ل «غفور» ، وأن يكون خبرا بعد خبر.(4/353)
- 34- سورة سبأ
2- يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ...
«يعلم» : حال من اسم الله، جل ذكره.
ويجوز أن يكون مستأنفا.
7- وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ «إذا مزّقتم» : العامل فى «إذا» : فعل دل عليه الكلام تقديره: ينبئكم بالبعث، أو بالحياة، أو بالنشور، إذا مزقتم وأجاز بعضهم أن يكون العامل: «مزقتم» ، وليس بجيد لأن «إذا» ، مضافة إلى ما بعدها من الجمل والأفعال، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف لأنه كبعضه، كما لا يعمل بعض الاسم فى بعض ولا يجوز أن يكون العامل: «ينبئكم» ، لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت، فليس المعنى عليه.
10- وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ «والطير» : من نصب عطفه على موضع نصب، بمعنى النداء وهو قول سيبويه.
وقيل: هو مفعول معه.
وقال أبو عمرو: هو منصوب بإضمار فعل تقديره: وسخرنا له الطير.
وقال الكسائي: تقديره: وآتيناه الطير، كأنه معطوف على «فضلا» .
وقد قرأ الأعرج بالرفع، عطفه على لفظ «الجبال» .
وقيل: هو معطوف على المضمر المرفوع فى «أوبى» ، وحسن ذلك لأن «معه» قد دخلت بينهما فقامت مقام التأكيد.
11- أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «أن اعمل» : أن، تفسير، لا موضع لها من الإعراب، بمعنى: أي.(4/354)
وقيل: هى فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: لأن اعمل أي: وألنا له الحديد لهذا الأمر.
12- وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ «غدوّها شهر» : ابتداء وخبر تقديره: مسير غدوها مسيرة شهر وكذلك، «ورواحها شهر» ، وإنما احتيج إلى ذلك لأن الغدو والرواح ليسا بالشهر إنما يكونان فيه.
«ومن الجن من يعمل» : من، فى موضع نصب على العطف على معمول «سخرنا» أي: وسخرنا له من الجن من يعمل.
«ومن يزغ» : من، رفع بالابتداء، وهى شرط، اسم تام، و «نذقه» : الجواب، وهو خبر الابتداء.
14- فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ «منسأته» : من قرأه «منساته» بألف، فأصل الألف همزة مفتوحة، لكن أتى البدل فى هذا، والقياس أن تجعل الهمزة بين الهمزة والألف، وهذا أتى على البدل من الهمزة، ولا يقاس عليه، والهمز هو الأصل.
«تبيّنت الجنّ أن لو كانوا» : أن، فى موضع رفع بدل من «الجن» والتقدير: تبين للإنس أن الجن لو كانوا.
وقيل: هى فى موضع نصب، على حذف اللام.
15- لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ «مسكنهم» : من قرأه بالتوحيد وفتح الكاف، جعله مصدرا، فلم يجمعه، وأتى به على القياس، لأن «فعل يفعل» قياس مصدره أن يأتى بالفتح نحو، المقعد، والمدخل، والمخرج.
ومن كسر الكاف، جعله اسما للمكان، كالمسجد.(4/355)
وقيل: هو أيضا مصدر، خرج عن الأصل، كالمطلع.
«آية جنتان» : جنتان، بدل من «آية» ، وهو اسم «كان» .
ويجوز أن يكون رفع «جنتان» ، على إضمار مبتدأ أي: هى جنتان، وتكون الجملة فى موضع نصب على التفسير.
«بلدة» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هذه بلدة.
وكذلك: «ورب غفور» أي: وهذا رب غفور.
16- فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ «ذواتى أكل خمط» : من أضاف «الأكل» ، إلى «الخمط» جعل «الأكل» : هو الثمر و «الخمط» : شجرا، فأضاف الثمر إلى شجره، كما تقول: هذا تمر نخل، وعنب كرم.
وقيل: لما لم يحسن أن يكون «الخمط» نعتا ل «الأكل» ، لأن «الخمط» أصل شجر بعينه، ولم يحسن أن يكون بدلا لأنه ليس هو الأول ولا هو بعضه، وكان الجنى والثمر من الشجر، أضيف على تقدير:
«من» فى قولك: هذا ثوب خز.
فأما من نونه فإنه جعل «الخمط» عطف بيان على «الأكل» ، فبين أن «الأكل» لهذا الشجر الذي هو «الخمط» ، إذ لم يمكن أن يكون وصفا ولا بدلا، فبين به أكل أي شجر هو؟
17- ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ «ذلك جزيناهم» : ذلك، فى موضع نصب ب «جزينا» .
18- وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ «ليالى وأياما» : هما ظرفان للسير والليالى: جمع ليلة، وهو على غير قياس، كأن أصل واحده: ليلاة، فجمع على غير لفظ واحده مثل: ملاقح: جمع ملقحة وكذلك: مشابه: جمع مشبهة ولم يستعمل.
20- وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ من خفف «صدق» نصب «ظنه» انتصاب الظرف، أي: فى ظنه.(4/356)
ويجوز على الاتساع أن تنصبه انتصاب المفعول به.
وقيل: هو مصدر.
فأما من شدد «صدق» ، ف «ظنه» : مفعول به ب «صدق» .
ومن قرأ بتخفيف «صدق» ، ونصب، «إبليس» ، ورفع «الظن» ، جعل «الظن» فاعل «صدق» ، ونصب «إبليس» ، لأنه مفعول به ب «صدق» والتقدير: ولقد صدق ظن إبليس، كما تقول: ضرب زيدا غلامه أي: ضرب غلام زيد زيدا.
ومن خفف ورفعهما جميعا جعل «ظنه» بدلا من «إبليس» ، وهو بدل الاشتمال.
23- وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ «ماذا قال ربكم» : ما، فى موضع نصب ب «قال» ، و «ذا» : زائدة ودليل ذلك قوله تعالى:
«قالوا الحق» ، فنصب الجواب ب «قالوا» ، فكذلك يجب أن يكون السؤال.
ويجوز فى الكلام الرفع ب «قالوا الحق» ، على أن تكون «ما» استفهاما فى موضع رفع على الابتداء، و «ذا» : بمعنى «الذي» : خبره، ومع «قال» : «هاء» ، محذوفة تقديره: أي شىء الذي قاله ربكم، فرفع الجواب، إذ السؤال مرفوع.
24- قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «وإنا أو إياكم» : هو عطف على اسم «إن» ، ويكون «لعلى هدى» خبرا للثانى وهو «إياكم» ، وخبر الأول محذوف لدلالة الثاني عليه هذا مذهب سيبويه.
والمبرد يرى أن «لعلى هدى» : خبر للأول، وخبر الثاني محذوف لدلالة الأول عليه.
ولو عطف «وإياكم» على موضع اسم «إن» فى الكلام لقلت: وأنتم، ويكون «لعلى هدى» :
خبرا للأول لا غير، وخبر الثاني محذوف.
ولا اختلاف فى هذا، لأن العطف على موضع اسم «إن» لا يكون إلا بعد مضى الخبر، فلا بد من إضمار خبر الثاني بعد المعطوف، ليعطف على الموضع بعد إتيان الخبر فى اللفظ.(4/357)
28- وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ «إلا كافة» : حال، ومعناه: جامع للناس.
30- قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ أضاف «الميعاد» إلى «اليوم» على السعة. ويجوز فى الكلام: ميعاد يوم، منونين مرفوعين، تبدل الثاني من الأول، وهو هو على تقدير: وقت ميعاد يوم. و «ميعاد» : ابتداء، و «لكم» : الخبر.
ويجوز أن تنصب «يوما» على الظرف، وتكون «الهاء» فى «عنه» تعود على «الميعاد» ، أضفت «يوما» إلى ما بعده، فقلت: يوم لا يستأخرون عنه.
ولا يجوز إضافة «يوم» إلى ما بعده إذا جعلت «الهاء» لليوم، لأنك تضيف الشيء إلى نفسه، وهو نفسه، وهو اليوم، تضيفه إلى جملة فيها «الهاء» ، هى اليوم، فتكون أضفت «اليوم» إلى «الهاء» ، وهو هى.
31- ... لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ «لولا أنتم» : لا يجوز عند المبرد غير هذا، تأتى بضمير مرفوع، كما كان المظهر مرفوعا.
وأجاز سيبويه: لولاكم، والمضمر فى موضع خفض، بضد ما كان المظهر ومنعه المبرد.
37- وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ «زلفى» : فى موضع نصب على المصدر، كأنه قال: إزلافا. والزلفى: القربى، كأنه يقربكم عندنا تقريبا.
و «التي» ، عند الفراء: الأموال والأولاد.
وقيل: هى للأولاد خاصة، وحذف خبر «الأموال» لدلالة الثاني عليه، تقديره: وما أموالكم بالتي تقربكم عندنا زلفى، ولا أولادكم بالتي تقربكم، ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه.
«إلا من آمن» : من، فى موضع نصب، عند الزجاج، على البدل من الكاف والميم، فى «تقربكم» وهو وهم، لأن المخاطب لا يبدل منه، ولكن هو نصب على الاستثناء. وقد جاء بدل الغائب من المخاطب بإعادة العامل،(4/358)
وهو قوله تعالى: «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» 33: 21، ثم أبدل من الكاف والميم بإعادة الخافض فقال: «لمن كان يرجو» .
«أولئك لهم جزاء الضعف» : جزاء: خبر «أولئك» .
ويجوز فى الكلام: جزاء الضعف، بتنوين «جزاء» ، ورفع «الضعف» ، على البدل من «جزاء» ، ويجوز حذف التنوين لالتقاء الساكنين، ورفع «الضعف» ، ولا تقرأ بشىء من ذلك.
ويجوز نصب «جزاء» على الحال، ورفع «الضعف» على الابتداء، و «لهم» : الخبر والجملة:
خبر «أولئك» .
46- قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ...
«مثنى وفرادى» : حال من المضمر فى «تقوموا» .
48- قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ من رفع «علام» جعله نعتا للرب، على الموضع، أو على البدل منه، أو على البدل من المضمر فى «يقذف» ومن نصبه، وهو عيسى بن عمر، جعله نعتا للرب، على اللفظ، أو البدل.
ويجوز الرفع على أنه خبر بعد خبر، وعلى إضمار مبتدأ.
52- وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ «التّناوش» : هو من: ناش ينوش فمعناه: من أين لهم تناول التوبة بعد البعث، فلا أصل له فى الهمز.
ومن همزه، فلأن «الواو» انضمت بعد ألف زائدة، فهمزها.
وقيل هى من «النأش» ، وهى الحركة فى إبطاء، فأصله الهمز، على هذا لا غير.(4/359)
- 35- سورة فاطر
1- الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «جاعل الملائكة» : يجوز تنوين «جاعل» ، لأنه لما مضى، و «رسلا» : مفعول ثان ل «جاعل» .
وقيل: انتصب على إضمار فعل، لأن اسم الفاعل بمعنى الماضي لا يعمل النصب.
«مثنى وثلاث ورباع» : هذه أعداد معدولة فى حال تذكيرها، فتعرفت بالعدل، فمنعت من الصرف للعدل والتعريف والصفة والفائدة فى العدل أنها تدل على التكرير، فمعناها: اثنان اثنان، وثلاثة ثلاثة، وكذلك «رباع» ، وقد تقدم فى أول «النساء» الآية: 3، شرح هذا.
3- يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ «غير الله» : من رفع «غير» جعله فاعلا كما تقول: هل ضارب إلا زيد.
وقيل: هو نعت ل «خالق» ، على الموضع.
ويجوز النصب على الاستثناء.
ومن خفضه جعله نعتا ل «خالق» ، على اللفظ.
5- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ «بالله الغرور» : من فتح الغين جعله اسما للشيطان، ومن ضمها جعله جمع: غار، كقولك:
جالس وجلوس.
وقيل: هو جمع: غر: وغر: مصدر.
وقيل: هو مصدر كالدخول.(4/360)
7- الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ «الذين كفروا لهم عذاب» : الذين، فى موضع خفض على البدل من «أصحاب» الآية: 6، أو فى موضع نصب على البدل من «حزبه» الآية: 6، أو فى موضع رفع على البدل من المضمر فى «يكونوا» الآية: 6 «والذين آمنوا» : الذين، فى موضع رفع على الابتداء، و «مغفرة» : ابتداء ثان، و «لهم» خبره والجملة: خبر عن «الذين» .
8- أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ «حسرات» : نصب على المفعول من أجله، أو على المصدر.
10- مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ «يمكرون السيئات» : السيئات، نصب على المصدر، لأن «يمكرون» ، بمعنى: يسيئون.
وقيل: تقديره: يمكرون المكرات السيئات، ثم حذف المنعوت.
وقيل: هو مفعول به، و «يمكرون» ، بمعنى: يعملون.
و «الهاء» فى «يرفعه» : تعود على «الكلم» .
وقيل على «العمل» ، فيجوز النصب فى «الكلم» على القول الثاني، بإضمار فعل يفسره «يرفعه» ، ولا يجوز على القول الأول إلا الرفع.
18- وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى ...
«ولو كان ذا قربى» : اسم «كان» مضمر فيها تقديره ولو كان المدعو ذا قربى.
ويجوز فى الكلام: ولو كان ذو قربى. ويكون «كان» بمعنى: وقع، أو على حذف الخبر.(4/361)
28- وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ «مختلف ألوانه» أي: خلق مختلف ألوانه، فإنها ترجع على المحذوف، و «مختلف» : رفع بالابتداء، وما قبله من المخبر خبره، و «ألوانه» : فاعل.
«كذلك إنّما يخشى» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: اختلافا مثل ذلك الاختلاف المتقدم ذكره.
33- جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ «أساور» : جمع: أسورة، وأسورة، جمع سوار، وسوار. وحكى فى الواحد: إسوار، وجمعه: أساور.
«جنّات عدن» : الرفع فى «جنات» على الابتداء، و «يدخلونها» : الخبر أو على إضمار مبتدأ أي: هى جنات، و «يدخلونها» : نعت ل «جنات» .
«يحلّون فيها، ولباسهم فيها حرير» : كلاهما نعت ل «جنات» ، رفعتهما أو نصبتهما، على البدل من «الجنات» ، أو على إضمار فعل يفسره ما بعده.
ويجوز أن يكونا فى موضع الحال من المضمر المرفوع، أو المنصوب فى «يدخلونها» ، لأن فى كلا الحالين عائدين: أحدهما يعود على المرفوع فى «يدخلونها» ، والآخر على المنصوب.
35- الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ «الّذى أحلّنا» : الذي، فى موضع نصب، نعت لاسم «أن» ، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ، أو على أنه خبر بعد خبر أو على البدل من «غفور» الآية: 34، أو على البدل من المضمر فى «شكور» الآية: 34 «دار المقامة» : المقامة، معناه: الإقامة.
41- إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ...
«أن تزولا» : أن، مفعول من أجله أي: لئلا تزولا.
وقيل: معناه: من أن تزولا، لأن معنى «يمسك» : يمنع.(4/362)
43- اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ...
«استكبارا» : مفعول من أجله.
«ومكر السّيّء» : هو من إضافة الموصوف إلى صفته وتقديره: ومكروا المكر السيء، ودليله قوله تعالى بعد ذلك: «ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله» ، ف «مكر السيء» : انتصب على المصدر، وأضيف إلى نعته اتساعا، كصلاة الأولى ومسجد الجامع.
45- وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً لا يجوز أن يعمل «بصيرا» فى «إذا» ، لأن ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبلها، لو قلت: اليوم إذا زيد خارج، فتنصب اليوم ب «خارج» لم يجز، ولكن العامل فيها «خارج» ، لأن «إذا» فيها معنى الجزاء، والأسماء التي يجازى بها يعمل فيها ما بعدهما، تقول: من أكرم يكرمنى، ف «أكرم» هو العامل فى «من» .
بلا اختلاف، فأشبهت «إذا» حروف الشرط، لما فيها من معناه، فعمل فيها ما بعدها، وكان حقها أن لا يعمل فيها، لأنها مضافة إلى ما بعدها من الجمل، وفى جوازه اختلاف، وفيه نظر، لأن «إذا» ، لا يجازى بها عند سيبويه إلا فى الشعر، فالموضع الذي يجازى بها فيه يمكن أن يعمل فيها الفعل الذي يليها لأنها مضافة إلى الجملة التي بعدها، والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف، لأنه من تمامه، كما لا يعمل الشيء فى نفسه، وفى تقدير إضافة «إذا» اختلاف.
- 36- سورة يس
1- يس حق النون الساكنة من هجاء «يسن» إذا وصلت كلامك أن تدغم فى الواو بعدها أبدا، وقد قرأ جماعة بإظهار النون من «يسن» ، ونون «وَالْقَلَمِ» 68: 1، والعلة فى ذلك أن هذه الحروف المقطعة فى أوائل السور حقها أن يوقف عليها على كل حرف منها، لأنها ليست بخبر لما قبلها، ولا عطف بعضها على بعض كالعدد، فحقها الوقف والسكون عليها، ولذلك لم تعرب، فوجب إظهار «النون» عند «الواو» ، لأنها موقوف عليها غير متصلة بما بعدها.
هذا أصلها، ومن أدغم أجراها مجرى المتصل، والإظهار أولى بها، لما ذكرنا.(4/363)
وقد قرأ عيسى بن عمر بفتح النون على أنه مفعول به، على معنى: اذكر ياسين، لكنه لم ينصرف لأنه مؤنث، اسم للسورة، ولأنه أعجمى، فهو على زنة هابيل، وقابيل.
ويجوز أن يكون أراد أن يصله بما بعده، فالتقى ساكنان: الياء والنون، ففتحه لالتقاء الساكنين، وبنى على الفتح، كأين وكيف.
وقد قرئ بكسر النون، تحركت أيضا لالتقاء الساكنين، فكسرت على أصل اجتماع الساكنين، فجعلت ك «جير» فى القسم، وأوائل السور.
وقد قيل: إنها قسم.
4- عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «على صراط مستقيم» : خبر ثان.
وقيل: متعلقة ب «المرسلين» الآية: 2.
5- تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ «تنزيل العزيز» : من رفعه أضمر مبتدأ أي: هو تنزيل.
ومن نصبه جعله مصدرا.
ويجوز الخفض فى الكلام على البدل من «القرآن» .
6- لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ «ما أنذر آباؤهم» : ما، حرف ناف، لأن آباءهم لم ينذروا، برسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل: موضع «ما» نصب، لأنها فى موضع المصدر وهو قول عكرمة: لأنه قال: ما أنذر آباؤهم وتقديره: لتنذر قوما إنذار آبائهم، ف «ما» والفعل: مصدر.
12- إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «ونكتب ما قدموا» ، أي: ذكر ما قدموا، ثم حذف المضاف وكذلك و «آثارهم» أي: ونكتب ذكر آثارهم: وهى الخطا إلى المساجد.(4/364)
وقيل: هى فى موضع نصب أي: ما سنوا من سنة حسنة، فعمل بها بعدهم.
«وكل شىء أحصيناه» : تقديره: وأحصيناه كل شىء، أحصيناه، وهو الاختيار، ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل.
ويجوز الرفع على الابتداء، و «أحصيناه» : الخبر.
13- وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ «واضرب لهم مثلا أصحاب القرية» : أصح ما يعطى النظر والقياس فى «مثل» ، و «أصحاب» أنهما مفعولان ل «اضرب» ، لعلة قوله تعالى «إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ» 10: 24، فلا اختلاف أن «مثلا» ابتداء، و «كما» : خبره، فهذا ابتداء وخبره بلا شك ثم قال تعالى فى موضع آخر «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ» 18: 45، فدخل «اضرب» ، على الابتداء، والخبر، فعمل فى الابتداء ونصبه، فلا بد من أن يعمل فى الخبر، أيضا لأن كل فعل دخل على الابتداء والخبر فعمل فى الابتداء فلا بد أن يعمل فى الخبر إذ هو هو، فقد تعدى «اضرب» ، الذي هو لتمثيل الأمثال، إلى مفعولين بلا اختلاف فى هذا، فوجب أن يجرى فى غير هذا الموضع على ذلك، فيكون قوله «واضرب لهم مثلا أصحاب» مفعولين ل «اضرب» ، كما كان فى دخوله على الابتداء، والخبر.
وقد قيل: إن «أصحاب» بدل من «مثل» تقديره: واضرب لهم مثلا مثل أصحاب القرية، «فالمثل» الثاني: بدل من الأول، ثم حذف المضاف.
27- بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ يكون «ما» والفعل مصدرا أي: يغفر ربى لى.
ويجوز أن يكون بمعنى: «الذي» ، ويحذف «الهاء» من الصلة تقديره: بالذي غفره لى ربى.
ويجوز أن يكون «ما» استفهاما، وفيه معنى التعجب من مغفرة الله له تقديره: بأى شىء غفر لى ربى:
على التقليل لعلمه والتعظيم لمغفرة الله له، فيبتدأ به فى هذا الوجه وفى كونه استفهاما بعد، لثبات الألف فى «ما» ، وحقها أن تحذف فى الاستفهام إذا دخل عليها حرف جر، نحو «فَبِمَ تُبَشِّرُونَ» 15: 54، ولا يحسن إثبات ألف «ما» فى الاستفهام إلا فى شعر، فبعد لذلك.
28- وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ «وما كنا منزلين» : ما، نافية، عند أكثر العلماء.(4/365)
وقال بعضهم: هى اسم فى موضع خفض، عطف على «جند» ، وهو معنى غريب حسن.
30- يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ «يا حسرة» : نداء منكّر، وإنما نادى «الحسرة» ليتحسر بها من خالف الرسل وكفر بهم، والمراد بالنداء بها تحسر المرسل إليهم بها فمعناها: تعالى يا حسرة، فهذا أوانك وإبانك الذي يجب أن تحضرى فيه، ليتحسر بك من كفر بالرسل.
31- أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ «كم أهلكنا» : كم، فى موضع نصب ب «أهلكنا» .
وأجاز الفراء أن ينصبها ب «يروا» ، وذلك لا يجوز عند جميع البصريين، لأن الاستفهام وما وقع موقعه لا يعمل فيه ما قبله.
«أنهم إليهم» : أن، فى موضع نصب على البدل من «كم» ، وما بعدها من الجملة، فى موضع نصب ب «يروا» .
32- وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ «إن» : مخففة من الثقيلة، فزال عملها لنقصها، فارتفع ما بعدها بالابتداء، وما بعدها الخبر، ولزمت اللام فى خبرها فرقا بين الخفيفة بمعنى «ما» وبين المخففة من الثقيلة.
ومن قرأ «لما» بالتشديد جعل «لما» بمعنى «ما» وتقديره: وما كل إلا جميع، فهو ابتداء وخبر، حكى سيبويه، سألتك بالله لما فعلت.
وقال الفراء: «لما» بمعنى: لمن ما، ثم أدغم النون فى الميم، فاجتمع ثلاث ميمات، فحذف إحداهن استخفافا، وشبهه بقولهم: علما، يريدون: على الماء. ثم أدغم وحذف إحدى اللامين استخفافا.
33- وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ «آية» : ابتداء، و «الأرض» : الخبر.
وقيل: «لهم» : الخبر، و «الأرض» : رفع بالابتداء، و «أحييناها» الخبر: والجملة فى موضع التفسير للجملة الأولى.(4/366)
35- لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ «ما» : فى موضع خفض على العطف على «ثمره» ، ويجوز أن تكون «ما» نافية أي: ولم تعمله أيديهم.
ومن قرأ «عملت» ، بغير هاء، كأن الأحسن أن يكون «ما» فى موضع خفض، وتحذف الهاء من الصلة.
ويبعد أن تكون نافية، لأنك تحتاج إلى إضمار مفعول ل «عملت» .
39- وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ «قدرناه منازل» أي: قدرناه ذا منازل، ثم حذف المضاف.
ويجوز أن يكون حذف حرف الجر من المفعول الأول، ولم يحذف مضافا من الثاني تقديره: قدرنا له منازل، وارتفع «القمر» على الابتداء، و «قدرناه» : الخبر.
ويجوز رفعه على إضمار مبتدأ، و «قدرناه» : فى موضع الحال من «القمر» .
ويجوز نصبه على إضمار فعل يفسره «قدرناه» ، ولا يكون «قدرناه» حالا من «القمر» ، إنما هو تفسير لما نصب «القمر» .
40- لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ «أن» : فى موضع رفع ب «ينبغى» قاله الفراء وغيره.
41- وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ «آية» : ابتداء، و «لهم» : الخبر.
وقيل: «أنا» هو الخبر.
فإذا جعلت «لهم» الخبر، كانت «أنّ» رفعا بالابتداء، وهى إن لم تتعلق بما قبلها لم ترتفع بالابتداء، وليس كذلك الخفيفة التي يجوز أن ترتفع بالابتداء، وإن لم تتعلق بما قبلها تقول: أن تقوم خير لك، ف «أن» ابتداء، و «خير» : الخبر ولو قلت: أنك منطلق خير لك، لم يجز عند البصريين.
والهاء والميم فى «ذريتهم» تعود على قوم نوح، وفى «لهم» : تعود على أهل مكة.(4/367)
وقيل: الضميران لأهل مكة.
43- وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ «صريخ» : فتح، لأنه مبنى مع «لا» ، ويختار فى الكلام: لا صريخ، بالرفع والتنوين، لأجل إتيان «لا» ثانية مع معرفة.
ولو قلت فى الكلام: لا رجل فى الدار ولا زيد، لكان الاختيار فى «رجل» الرفع والتنوين، لإتيان «لا» ثانية مع معرفة لا يحسن فيه إلا الرفع.
44- إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ «رحمة» : نصب على حذف حرف الجر أي: إلا برحمة أو: لرحمة.
وقال الكسائي: هو نصب على الاستثناء.
وقال الزجاج: هو مفعول من أجله، و «متاعا» : مثله، ومعطوف عليه.
49- ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ «يخصمون» : من قرأ بفتح الخاء والياء مشددا، فأصله عنده: يختصمون، ثم ألقى حركة الياء على الخاء وأدغمها فى الصاد.
ومن قرأ بفتح الياء وكسر الخاء مشددا، فإنه لم يلق حركة الياء على الخاء أو أدغمها، ولكن حذف الفتح لما أدغم، فاجتمع ساكنان: الخاء والمشدد، فكسر الخاء لالتقاء الساكنين.
وكذلك التقدير فى قراءة من اختلس فتحة الخاء، اختلسها لأنها ليست بأصل للخاء.
وكذلك من قرأ بإخفاء حركة الخاء، أخفاها لأنها ليست بأصل فى الخاء، ولم يمكنه إسكان الخاء لئلا يجمع بين ساكنين، فيلزمه الحذف والتحريك.
51- وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ «فى الصور» : فى موضع رفع، لأنه قام مقام الفاعل، إذ الفعل لم يسم فاعله، و «الصور» : جمع: صورة، وأصل الواو الحركة، ولكن أسكنت تخفيفا فأصله: الصّور أي: صور بنى آدم.
وقيل: هو القرن الذي ينفخ فيه الملك، فهو واحد، وهذا القول أشهر.(4/368)
52- قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ «يا ويلنا» : نداء مضاف، والمعنى: يقول الكفار: تعال يا ويل، فهذا زمانك وأوانك.
وقيل: هو منصوب على المصدر، والمنادى محذوف، كأنهم قالوا لبعض، يا هؤلاء ويل لنا، فلما أضاف حذف «اللام» الثانية.
وقال الكوفيون: «اللام» الأولى المحذوفة، وأصله عندهم: وى لنا، وقد أجازوا: وى لزيد، بفتح اللام، ولام الجر لا تفتح، وأجازوا الضم، وفى ذلك دليل ظاهر على أن الثانية هى المحذوفة.
«هذا ما وعد الرّحمن» : هذا، مبتدأ، و «ما» : الخبر، على أنها بمعنى «الذي» ، و «الهاء» محذوفة من «وعد» أو على أنها وما بعدها مصدر، فلا يقدر حذف هاء والتقدير: فقال لهم المؤمنون، أو فقال لهم الملائكة: هذا ما وعد الرحمن، فتقف فى هذا القول على «مرقدنا» ، وتبتدئ ب «هذا ما وعد الرحمن» .
ويجوز أن يكون «هذا» فى موضع خفض على النعت ل «مرقدنا» ، فتقف على «هذا» ، ويكون «ما» فى موضع رفع خبر ابتداء محذوف تقديره: هذا ما وعد، أو: حق ما وعد.
57- لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ «ما» : ابتداء، بمعنى «الذي» ، أو مصدر رفع ما بعدها، أو نكرة وما بعدها صفة لها، و «لهم» :
الخبر.
وأصل «يدعون» : يدتعون، على وزن: يفتعلون، من دعا يدعو، وأسكنت العين بعد أن ألقيت حركتها على ما قبلها، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها.
وقيل: بل ضمت العين لأجل واو الجمع بعدها، ولم تلق عليها حركة التاء، لأن العين كانت متحركة، فصارت يدتعون، فأدغمت «التاء» فى «الدال» ، وكان ذلك أولى من إدغام «الدال» فى «التاء» ، لأن «الدال» حرف مجهور، و «التاء» حرف مهموس، والمجهور أقوى من المهموس، فكان رد الحرف إلى الأقوى أولى من رده إلى الأضعف، فأبدلوا من «التاء» دالا، وأدغمت «الدال» الأولى فيها، فصارت: يدعون.
58- سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ «سلام» : ارتفع على البدل من «ما» التي فى قوله «ولهم ما يدعون» الآية: 57 ويجوز أن يكون نعتا ل «ما» ، إذا جعلتها نكرة تقديره: ولهم شىء يدعونه سلام.(4/369)
ويجوز أن يكون «سلام» : خبر «ما» ، و «لهم» : ظرف ملغى.
وفى قراءة عبد الله «قولا» بالنصب على المصدر أي: يقولونه قولا يوم القيامة، أو قال الله جل ذكره قولا.
60- أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ «أن» : فى موضع نصب على حذف الجار أي: بأن لا.
72- وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ «ركوبهم» : إنما أتى على غير فاعل، على جهة النسب، عند البصريين. والركوب، بالفتح: ما يركب والركوب، بالضم: اسم الفعل.
وعن عائشة رضى الله عنها أنها قرأت «ركوبتهم» بالتاء، وهو الأصل عند الكوفيين، ليفرق بين ما هو فاعل وبين ما هو مفعول، فيقولون: امرأة صبور وشكور، فهذا فاعل، ويقولون: ناقة حلوبة وركوبة، فيثبتون الهاء لأنها مفعول.
- 37- سورة الصافات
6- إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ «بزينة الكواكب» : من خفض «الكواكب» ونون «بزينة» ، وهى قراءة حمزة وحفص عن عاصم، فإنه أبدل «الكواكب» من «الزينة» .
وقد قرأ أبو بكر عن عاصم بنصب «الكواكب» وتنوين «زينة» ، على أنه أعمل «الزينة» فى «الكواكب» ، فنصبها بها تقديره: بأن زينا الكواكب بها.
وقيل: النصب على إضمار: «أعنى» .
قيل: على البدل من «زينة» ، على الموضع.
فأما قراءة الجماعة بحذف التنوين والإضافة، فهو الظاهر لأنه على تقدير: إنا زينا السماء الدنيا بتزيين الكواكب أي: بحسن الكواكب.
وقد يجوز أن يكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين، و «الكواكب» : بدل من «زينة» ، كقراءة من نون «زينة» .(4/370)
7- وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ «وحفظا» : نصب على المصدر أي: وحفظناها حفظا.
8- لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ «لا يسمعون إلى الملأ» : إنما دخلت «إلى» مع «يسمعون» ، فى قراءة من خفف السين، وهو لا يحتاج إلى حرف، لأنه جرى مجرى مطاوعه، وهو «يسمع» ، فكما كان «يسمع» يتعدى ب «إلى» تعدى «سمع» ب «إلى» ، وفعلت وافتعلت فى التعدي سواء، ف «يسمع» مطاوع: سمع، و «استمع» أيضا مطاوع: سمع، فتعدى مثل تعدى مطاوعه.
وقيل: معنى دخول «إلى» فى هذا أنه حمل على المعنى لأنه المعنى: لا تميلون السمع إليهم، يقال: سمعت إليه كلاما أي: أملت سمعى إليه.
9- دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ «دحورا» : مصدر لأن معنى «يقذفون- الآية: 8» : يدحرون.
12- بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ «بل عجبت» : من ضم التاء جعله إخبارا من النبي عليه السلام عن نفسه، وإخبارا من كل مؤمن عن نفسه، بالعجب من إنكار الكفار للبعث من ثبات القدرة على الابتداء للخلق، فهو مثل القراءة بفتح التاء، فى أن العجب من النبي عليه السلام.
ومثله فى قراءة من ضم التاء قوله تعالى «أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ» 9: 38 أي: وهم ممن يجب أن يقال فيهم:
ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة ومثله: «فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ» 2: 175 25- ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ «لا تناصرون» : فى موضع نصب على الحال، من الكاف والميم فى «لكم» و «ما» : استفهام ابتداء، و «لكم» : الخبر كما تقول: مالك قائما؟
35- إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ «يستكبرون» : يجوز أن يكون فى موضع نصب على خبر «كان» ، أو فى موضع رفع على خبر «إن» و «كان» : ملغاة.(4/371)
38- إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ «العذاب» : خفض بالإضافة.
ويجوز فى الكلام فيه النصب، على أن يعمل فيه «لذائقوا» ، ويقدر حذف النون استخفافا لا للإضافة.
42- فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ «فواكه» ب: رفع على البدل من «رزق» الآية: 4، أو على: هم فواكه أي: ذوو فواكه.
47- لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ «غول» : رفع بالابتداء، و «فيها» : الخبر، ولا يجوز بناؤه على الفتح مع «لا» ، لأنك قد فرقت بينها وبين «لا» بالظرف.
54- قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ «هل أنتم مطلعون» : روى أن بعضهم قرأه: هل أنتم مطلعون، بالتخفيف وكسر النون، وذلك لا يجوز، لأنه جمع بين الإضافة والنون، وكان حقه أن يقول: مطلعى، بياء وكسر العين.
55- فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ «فاطلع» : القراءة بالتشديد، وهو فعل ماض.
وقرىء: فأطلع، على «أفعل» ، وهو فعل ماض أيضا، بمنزلة: «اطلع» ، يقال: طلع، وأطلع، واطلع، بمعنى واحد.
ويجوز أن يكون مستقبلا، لكنه نصب على أنه جواب الاستفهام بالفاء.
57- وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ما بعد «لولا» ، عند سيبويه: مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف، و «لكنت» : جواب «لولا» تقديره: ولولا نعمة ربى تداركتنى، أو أنقذتنى، ونحوه، لكنت معك فى النار.
فأما «لولا» فيرتفع ما بعدها، عند سيبويه، بإضمار فعل.
59- إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ «إلا موتتنا» : نصب على الاستثناء، وهو مصدر.
64- إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ «تخرج فى أصل الجحيم» إن شئت: جعلته خبرا بعد خبر وإن شئت: جعلته نعتا للشجرة.(4/372)
65- طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ «طلعها كأنه» : ابتداء وخبر، والجملة فى موضع النعت ل «شجرة» ، أو فى موضع الحال من المضمر فى «تخرج» .
79- سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ «سلام على نوح» أي: يقال له: سلام على نوح، فهو ابتداء، وخبر محكى.
وفى قراءة ابن مسعود: سلاما، بالنصب، على أنه أعمل «تركنا» الآية: 78 أي: تركنا عليه ثناء حسنا فى الآخرين.
80- إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ «الكاف» : فى موضع نصب، نعتا لمصدر محذوف تقديره: خيرا كذلك نجزى.
85- إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ «ماذا تعبدون» : ما، ابتداء بمعنى الاستفهام، و «ذا» : بمعنى: الذي، وهو الخبر تقديره: أي شىء الذي تعبدون.
ويجوز أن يكون «ما» و «ذا» اسما واحدا فى موضع نصب ب «تعبدون» .
86- أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ «أئفكا آلهة» : آلهة، بدل من «أئفكا» و «أئفكا» : منصوب ب «تريدون» .
87- فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ «فما ظنكم» : ابتداء وخبر.
93- فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ «ضربا» : مصدر، لأن «فراغ» بمعنى: فضرب.
96- وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ «ما» : فى موضع نصب ب «خلق» ، عطف على الكاف والميم، وهى والفعل مصدر أي:
خلقكم وعملكم، وهذا أليق بها لقوله تعالى: «مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ» 123: 2، فالقراء(4/373)
المشهورون وغيرهم من أهل الشذوذ على إضافة «شر» إلى «ما» ، وذلك يدل على خلقه للشر. وقد فارق عمرو ابن عبيد رئيس المعتزلة جماعة المسلمين فقال: «من شر ما خلق» ، بالتنوين، وهذا يثبت أن مع الله تعالى خالقين يخلقون الشر، وهذا إلحاد، والصحيح أن الله جل وعز أعلمنا أنه خلق الشر وأمر أن نتعوذ منه به، فإذا خلق الشر، وهو خالق الخير بلا اختلاف، دل ذلك على أنه خلق أعمال العباد كلها من خير وشر، فيجب أن تكون «ما» والفعل مصدرا، فيكون معنى الكلام: أنه تعالى عم جميع الأشياء، أنها مخلوقة له، فقال: والله خلقكم وعملكم.
وقد قالت المعتزلة: إن «ما» بمعنى «الذي» ، فرارا من أن يقروا بعموم الخلق، وإنما أخبر، على قولهم: أنه خلقهم وخلق الأشياء التي نحتت منها الأصنام، وبقية الأعمال والحركات غير داخلة فى خلق الله تعالى الله الله عن ذلك، بل كلّ من خلقه لا إله إلا هو، لا خالق إلا هو، وخلق الله إبليس، الذي هو الشر كله، يدل على خلق الله لجميع الأشياء، وقد قال تعالى ذكره: (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) 35: 3، وقال: (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) 13: 16 ويجوز أن يكون «ما» استفهاما، فى موضع نصب ب «تعملون» ، على التحقير لعلمهم، والتصغير له.
102- فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى ...
«فانظر ماذا ترى» : من فتح «التاء» من «ترى» ، فهو من الرأى، وليس من: نظر العين، لأنه لم يأمره برؤية شىء، إنما أمره أن يدبر رأيه فيما أمر به فيه ولا يحسن أن يكون «ترى» من العين، لأنه يحتاج أن يتعدى إلى مفعولين، وليس فى الكلام غير واحد، وهو «ماذا» ، تجعلها اسما واحدا فى موضع نصب ب «ترى» .
وإن شئت جعلت «ما» ابتداء، استفهاما، و «ذا» بمعنى: الذي، خبر الابتداء، وترفع «ترى» على «هاء» تعود على «الذي» ، وتحذفها من الصلة، ولا يحسن عمل «ترى» فى «ذا» ، وهى بمعنى «الذي» لأن الصلة لا تعمل فى الموصول.
ومن قرأ بضم التاء وكسر الراء، فهو أيضا من الرأى، لكنه نقل بالهمزة إلى الرباعي، فحقه أن يتعدى إلى مفعولين، بمنزلة: أعطى، ولكن لك أن تقتصر على أحدهما فتقديره: ماذا ترينا، «نا» : المفعول الأول، و «ماذا» الثاني، لكن حذف الأول اقتصارا على الثاني، كأعطى، تقول: أعطيت درهما، ولا يذكر المعطى له» .(4/374)
ولو كان من البصر لوجب أن تتعدى إلى مفعولين، لا يقتصر على أحدهما، كظننت، وليس فى الكلام غير واحد، ولا يجوز إضمار الثاني. كما جاز فيه من الرأى، لأن الرأى ليس فعله من الأفعال التي تدخل على الابتداء والخبر، كرأيت من رؤية البصر، إذا نقلته إلى الرباعي، ولو كان من العلم لوجب أن يتعدى إلى ثلاثة مفعولين، فلا بد أن يكون من الرأى، والمعنى: فانظر ماذا تحملنا عليه من الرأى، هل تبصر أم تجزع يا بنى، يقال: أريته الشيء: إذ جعلته يعتقده.
و «ما» ، و «ذا» ، على ما تقدم.
103- فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ «فلما أسلما وتله» : جواب «لما» محذوف تقديره: فلما أسلما سعدا، أو نحوه.
وقال بعض الكوفيين: الجواب «تله» ، و «الواو» : زائدة.
وقال الكسائي: جواب «لما» ، ناديناه، و «الواو» : زائدة.
126- اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ «الله ربكم ورب آبائكم» : من نصب الثلاثة الأسماء، جعل «الله» بدلا من «أحسن الخالقين» الآية: 135، و «ربكم» نعتا له، و «رب» عطفا عليه، أو على: «أعنى» .
ومن رفع فعلى الابتداء والخبر.
130- سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ «إلياسين» : من فتح الهمزة ومده جعل «آل» ، الذي أصله «أهل» ، إضافة إلى «ياسين» ، وهى فى المصحف منفصلة، فقوى ذلك عنده.
ومن كسر الهمزة جعله جمعا منسوبا إلى «إلياسين» ، وإلياسين: جمع «إلياس» جمع السلامة، لكن الياء المشددة فى النسب حذفت منه وأصله: إلياسيين.
فالسلام، فى هذا الوجه، على من نسب إلى إلياس، من أمته، والسلام فى الوجه الأول، على أهل ياسين.
وقد قال الله تعالى ذكره «عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ» 26: 198، وأصله: الأعجميين، بياء مشددة، ولكن حذفت لثقلها وثقل الجمع، وتحذف أيضا هذه الياء فى الجمع المكسر، كما حذفت فى المسلم، كما قالوا: المسامعة والمهابلة، وواحدهم: مسمعى ومهلبى.(4/375)
147- وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ «إلى مائة ألف أو يزيدون» : أو، عند البصريين، على بابها، للتخيير والمعنى: إذا رآهم الرائي منكم قال:
هم مائة ألف أو يزيدون.
وقيل: «أو» بمعنى: «بل» .
وقيل: «أو» ، بمعنى: الواو، وذلك مذهب الكوفيين.
151- أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ «إن» : تكسر بعد «ألا» ، على الابتداء، ولولا «اللام» : التي فى خبرها لجاز فتحها، على أن تجعل «ألا» بمعنى: حقا.
163- إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ «من» : فى موضع نصب ب «فاتنين» الآية: 162 أي: لا يفتنون، إلا من سبق فى علم الله أنه يصلى الجحيم.
قال ذلك: على أن إبليس لا يضل أحدا إلا من سبق له فى علم الله أن يضله وأنه من أهل النار، وهذا بيان شاف فى مذهب القدرية.
وقرأ الحسن: «صال الجحيم» ، بضم اللام، على تقدير: صالون، فحذف النون للإضافة، وحذف الواو لسكونها وسكون اللام بعدها، ويكون «من» للجماعة، وأتى لفظ «هو» موحدا ردا على لفظ «من» ، وذلك كله حسن، كما قال «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً» 2: 62، ثم قال: «فلهم أجرهم عند ربهم» ، فوحد أولا على اللفظ، ثم جمع على المعنى لأن «من» تقع للواحد والاثنين والجماعة بلفظ واحد.
وقيل: إنه قرىء بالرفع على القلب، كأنه «صالى» ، ثم قلب فصار: صائل، ثم حذف الياء فبقيت اللام مضمومة، وهو بعيد.
164- وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ تقديره عند الكوفيين: وما منا إلا من له مقام، فحذف الموصول وأبقى الصلة، وهو بعيد جدا.
وقال البصريون: تقديره: وما منا ملك إلا له مقام معلوم على أن الملائكة تبرأت ممن يعبدها وتعجبت من ذلك.(4/376)
167، 168- وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ «إن» : مخففة من الثقيلة، عند البصريين، ولزمت «اللام» فى خبرها للفرق بينها وبين «إن» الخفيفة التي بمعنى «ما» ، فاسم «إن» مضمر، و «كانوا» وما بعدها: خبر «إن» ، و «الواو» : اسم «كانوا» ، و «ليقولون» : خبر «كانوا» .
وقال الكوفيون: «إن» ، بمعنى: «ما» ، و «اللام» : بمعنى «إلا» تقديره: وما كانوا إلا يقولون لو أن و «أن» بعد «لو» : مرفوع على إضمار فعل، عند سيبويه.
181، 182- وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «وسلام، والحمد» : مرفوعتان بالابتداء، والمجرور خبر لكل واحد منهما.
- 38- سورة ص
1- ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ «ص» : قرأ الحسن بكسر الدال، لالتقاء الساكنين.
وقيل: هو أمر، من: صادى يصادى، فهو أمر مبنى بمنزلة قوله: رام زيدا، وعاد الكافر فمعناه: صاد القرآن بعلمك أي: قابله به.
وقرأ عيسى بن عمر بفتح الدال، جعله مفعولا به، كأنه قال: أمل صاد ولم ينصرف لأنه اسم السورة معرفة.
وقيل: فتح لالتقاء الساكنين: الألف والدال.
وقيل: هو منصوب على القسم، وحرف القسم محذوف، كما أجاز سيبويه: الله لأفعلن.
وقرأ ابن أبى إسحاق: صاد، بالكسر والتنوين، على القسم كما تقول: لاه لأفعلن، على إعمال حرف الجر، وهو محذوف لكثرة الحذف فى باب القسم.
وقيل: إنما نون على التشبيه بالأصوات التي تنون، للفرق بين المعرفة والنكرة، نحو: إنه وإيه، وصه وصه.
3- كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ «ولات حين مناص» : لات، عند سيبويه: مشبهة ب «ليس» ، ولا تستعمل إلا مع «الحين» ، واسمها مضمر(4/377)
فى الجملة مقدر محذوف والمعنى: وليس الحين حين مناص أي: ليس الوقت وقت مهرب وحكى سيبويه أن من العرب من يرفع «الحين» بعدها ويضمر الخبر، وهو قليل.
والوقف عليها، عند سيبويه والفراء وابن أبى إسحاق: وابن كيسان: بالتاء، وعليه جماعة الفراء، وبه أتى خط المصحف.
والوقف عليها، عند المبرد والكسائي: بالهاء، بمنزلة: «ربة» .
وذكر أبو عبيد الوقف على «لات» ، ويبتدىء ب «حين» ، وهو بعيد مخالف لخط المصحف الذي عليه.
وذكر أبو عبيد أنها فى الإمام: «تحين» ، التاء متصلة بالحاء، فأما قول الشاعر:
طلبوا صالحنا ولات أوان فحفض ما بعد «لات» ، فإنما ذلك عند ابن أبى إسحاق، لأنه أراد: فلات أواننا أوان صلح أي: وليس وقتنا وقت صلح، ثم حذف المضاف وبناه، ثم دخل التنوين عوضا من المضاف المحذوف، فكسرت النون لالتقاء الساكنين، وصار، التنوين تابعا للكسرة، فهو بمنزلة: يومئذ، وحينئذ.
وقال الأخفش: تقديره: ولات حين أوان، ثم حذف «حين» وهذا بعيد، لا يجوز أن يحذف المضاف إلا ويقوم المضاف إليه فى الإعراب مقامه، فيجب أن يرفع «أوان» .
وكذلك تأوله المبرد، ورواه بالرفع.
11- جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ «جند ما هنالك مهزوم» : ابتداء وخبر، و «هنالك» : ظرف ملغى، و «ما» : زائدة.
ويجوز أن يكون «هنالك» : الخبر، و «مهزوم» : نعتا ل «جند» .
12- كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ إنما دخلت علامة التأنيث فى «كذبت» لتأنيث الجماعة.
21- وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ «إذ تسوروا» : العامل فى «إذ» : «نبأ» ، وإنما قال «تسوروا» بلفظ الجمع، لأن «الخصم» مصدر يدل(4/378)
على الجميع، فجمع على المعنى وتقديره: ذوو الخصم وكذلك إذا قلت: القوم خصم فمعناه: ذوو خصم ويجوز: خصوم، كما نقول: عادل، وعدول.
وقال الفراء: «إذ» ، بمعنى: لما، والعامل فى «إذ» الثانية: «تسوروا» .
وقيل: العامل فيهما: «نبأ» ، على أن الثانية تبيين لما قبلها.
22- إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ ...
«خصمان» : خبر ابتداء محذوف تقديره: نحن خصمان.
24- قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ...
«الخلطاء» : جمع خليط كظريف وظرفاء، و «فعيل» إذا كان صفة جمع على: فعلاء، إلا أن يكون فيه واو، فيجمع على «فعال» ، نحو: طويل وطوال.
25- فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ «ذلك» : فى موضع نصب ب «غفرنا» ، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ، تقديره: الأمر كذلك.
31- إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ «الجياد» : جمع جواد.
وقيل: هو جمع جائد.
32- فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ «حب الخير» : مفعول به، وليس بمصدر لأنه لم يخبر أنه أحب حبا مثل حب الخير، إنما أخبر أنه آثر حب الخير.
وقد قيل، هو مصدر وفيه بعد فى المعنى.
43- وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ «رحمة» : مصدر وقيل: هو مفعول من أجله.(4/379)
«وذكرى» : فى موضع نصب، عطف على «الرحمة» ، وقيل: فى موضع رفع، على تقدير: وهى ذكرى.
45- وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ «إبراهيم» وما بعده: نصب على البدل من «عبادنا» ، فهم كلهم داخلون فى العبودية والذكر.
ومن قرأه بالتوحيد جعل «إبراهيم» وحده بدلا من «عبدنا» ، وعطف عليه ما بعده، فيكون «إبراهيم» داخلا فى العبودية والذكر وإسحاق ويعقوب داخلان فى الذكر لا غير، وهما داخلان فى العبودية بغير هذه الآية.
46- إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ «بخالصة ذكرى الدار» : من نون «خالصة» جعل «ذكرى» بدلا منها تقديره إنا أخلصناهم بذكرى الدار، و «الدار» : فى موضع نصب ب «ذكرى» ، لأنه مصدر.
ويجوز أن يكون «ذكرى» : فى موضع نصب ب «خالصة» ، على أنه مصدر، كالعاقبة.
ويجوز أن يكون «ذكرى» : فى موضع رفع ب «خالصة» .
ومن أضاف «خالصة» إلى «ذكرى» جاز أن يكون «ذكرى» فى موضع نصب أو رفع.
47- وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ «الأخيار» : جمع: خير، وخير: مخفف من خيّر كميت وميت.
50- جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ «جنات عدن» : جنات، نصب على البدل من «لحسن مآب» الآية: 49، و «مفتحة» : نصب على النعت ل «جنات» والتقدير: مفتحة لهم الأبواب منها.
وقال الفراء: التقدير: مفتحة لهم أبوابها، والألف واللام عنده بدل من المضمر المحذوف العائد على الموصوف:
فإذا أجبت به حذفتهما، وهذا لا يجوز عند البصريين، لأن الحرف لا يكون عوضا من الاسم.
وأجاز الفراء نصب «الأبواب» ب «مفتحة» ويضمر فى «مفتحة» ضمير «الجنات» .
57- هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ «هذا» : مبتدأ، «حميم» : خبر وقيل: «فليذوقوه» : خبر «هذا» ، ودخلت الفاء للتنبيه الذي فى «هذا» ، ويرفع «حميم» على تقدير: هذا حميم.(4/380)
وقيل: «هذا» : رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره: منه حميم.
ويجوز أن يكون «هذا» فى موضع نصب ب «يذوقوه» ، و «الفاء» : زائدة، كقولك: هذا زيد فاضربه، لولا «الفاء» لكان الاختيار النصب، لأنه أمر، فهذا بالفعل، أولى، وهو جائز مع ذلك.
58- وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ ابتداء وخبر، و «من شكله» : صفة ل «أخر» ، ولذلك حسن الابتداء بالنكرة لما وصفت. و «الهاء» فى «شكله» : يعود على المعنى أي: وآخر من شكل ما ذكر.
وقيل: يعود على «حميم» الآية: 57 ومن قرأه «وآخر» ، بالتوحيد، رفعه بالابتداء أيضا، و «أزواج» : ابتداء ثان، «ومن شكله» : خبر ل «أزواج» ، والجملة: خبر «آخر» ولم يحسن أن يكون «أزواج» خبر عن «آخر» ، لأن الجمع لا يكون خبرا عن الواحد.
وقيل: «آخر» : صفة لمحذوف هو الابتداء، والخبر محذوف تقديره: ولهم عذاب آخر من ضرب ما تقدم، ويرفع «أزواج» بالظرف، وهو «من شكله» .
ولا يحسن هذا فى قراءة من قرأ «وآخر» بالجمع، لأنك إذا رفعت «الأزواج» بالظرف، لم يكن فى الظرف ضمير، وهو صفة لمحذوف، والصفة لا بد لها من ضمير يعود على الموصوف، فهو رفع بالظرف، ولا يرفع الظرف فاعلين.
62- وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ «ما لنا لا نرى» : ما، ابتداء، استفهام، و «لنا» : الخبر، و «لا نرى» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «لنا» .
63- أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ «أتخذناهم» : من قرأه على الخبر أضمر استفهاما يعادله «أم» تقديره: أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار.
ويجوز أن يكون «أم» معادلة ل «ما» فى قوله «ما لنا لا نرى» الآية: 62، لأن «أم» إنما تأتى معادلة للاستفهام.(4/381)
ومن قرأ بلفظ الاستفهام جعل «أم» معادلة له، أو لمضمر كالأول.
ويجوز أن تكون «أم» معادلة ل «ما» فى الوجهين جميعا كما قال الله جل ذكره: (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ) 27: 20، وقال: (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ) 68: 36، 37 وقد وقعت «أم» معادلة ل «من» ، قال الله تبارك وتعالى: (فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ)
4: 109.
64- إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «لحق» : خبر «إن» ، و «تخاصم» : رفع على تقدير: هو تخاصم.
وقيل: «تخاصم» : بدل من «حق» .
وقيل: هو خبر بعد خبر ل «إن» .
وقيل: هو بدل من «ذلك» ، على الموضع.
70- إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ «إلا أنما» : فى موضع رفع ب «يوحى» ، مفعول لم يسم فاعله.
وقيل: هى فى موضع نصب على حذف الخافض أي: بأنما أو: لأنما، و «إلى» : يقوم مقام الفاعل ل «يوحى» .
والأول أجود.
84- قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ انتصب «الحق» الأول، على الإغراء أي: اتبعوا الحق، أو: الزموا الحق.
وقيل: هو نصب على القسم كما تقول: الله لأفعلن، فتنصب بين حذفت الجار، ودل على أنه قسم قوله «لأملأن» الآية: 85، وهو قول الفراء وغيره.
ومن رفع الأول جعله خبر ابتداء محذوف تقديره: أنا الحق كما قال: «الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ» 3: 60، «وانتصب» الثاني ب «أقول» .(4/382)
- 39- سورة الزمر
1- تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ «تنزيل الكتاب» : ابتداء، والخبر «من الله» .
وقيل: هو رفع على إضمار مبتدأ تقديره: هذا تنزيل.
وأجاز الكسائي النصب على تقدير: اقرأ تنزيل الكتاب أو: اتبع تنزيل الكتاب.
وقال الفراء: النصب على الإغراء.
3- أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ...
«والذين اتخذوا» : ابتداء والخبر محذوف تقديره: قالوا ما نعبدهم.
وقيل: «الذين» : رفع، بفعل مضمر تقديره: وقال الذين اتخذوا.
«زلفى» : فى موضع نصب، على المصدر.
9- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «أمن هو قانت» : من خفف «أمن» جعله نداء، ولا خلاف فى الكلام.
ولا يجوز عند سيبويه حذف حرف النداء من المبهم، وأجازه الكوفيون.
وقيل: هو استفهام بمعنى التنبيه، وأضمر معادلا للألف تقديره: أمن هو قانت يفعل كذا وكذا كمن هو بخلاف ذلك؟ ودل على المحذوف قوله، «قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون» ، وهذا أقوى.
ومن شدد «أمن» فإنما أدخل «أم» على «من» ، وأضمر لها معادلا أيضا قبلها والتقدير: العاصون ربهم خير أم من هو قانت؟
و «من» : بمعنى: الذي، وليست للاستفهام لأن «أم» إنما تدخل على ما هو استفهام إذ هى للاستفهام،(4/383)
ودل على هذا المحذوف حاجة «أم» إلى المعادلة، ودل عليه أيضا قوله «هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون» .
10- قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ «حسنة» : ابتداء، وما قبله الخبر، وهو المجرور، و «فى» : متعلقة ب «أحسنوا» ، على أن «حسنة» هى الجنة والجزاء فى الآخرة أو متعلقة ب «حسنة» على أن «الحسنة» هى ما يعطى العبد فى الدنيا مما يستحب فيها.
وقيل: هو ما يعطى من مولاة الله إياه ومحبته له والجزاء فى الدنيا.
والأول أحسن لأن الدنيا ليست بدار جزاء.
28- قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «قرآنا» : توطئة للحال، و «عربيا» : حال.
وقيل: «قرآنا» : توكيد لما قبله، و «عربيا» : حال من «القرآن» .
44- قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «الشفاعة» : نصب على الحال، وأتى «جميعا» ، وليس قبله إلا لفظ واحد، لأن «الشفاعة» مصدر يدل على القليل والكثير، فجمل «جميعا» على المعنى.
45- وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ...
«وحده» : نعت على المصدر، عند سيبويه والخليل، وهو حال عند يونس.
56- أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ...
«أن» : مفعول من أجله.
64- قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ «غير» : نصب ب «أعبد» تقديره: قل: أعبد غير الله فيما تأمرونى؟
وقيل: هو نصب ب «تأمرونى» ، على حذف حرف الجر تقديره: قل أتأمروني بعبادة غير الله، ولو ظهرت «أن» لم يجز نصب «غير» ب «أعبد» ، لأنه يصير فى الصلة، وقد قدمت على الموصول، ونصبه ب «أعبد» أبين من نصبه ب «تأمرونى» .(4/384)
66- بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ «الله» : نصب ب «اعبد» .
وقال الكسائي والفراء: هو نصب بإضمار فعل تقديره: بل اعبد الله فاعبد.
و «الفاء» : للمجازاة، عند أبى إسحاق وزائدة، عند الأخفش.
67- وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ «والأرض جميعا قبضته» : ابتداء وخبر، و «جميعا» : حال.
وأجاز الفراء فى الكلام «قبضته» ، بالنصب على تقدير حذف الخافض «أي» : فى قبضته.
ولا يجوز ذلك عند البصريين لو قلت: زيد قبضتك أي: فى قبضتك لم يجز.
«والسموات مطويات بيمينه» : ابتداء وخبر.
71- وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً ...
«زمرا» : نصب على الحال.
73- وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ «جاءوها وفتحت» ، قيل: الواو زائدة، و «فتحت» : جواب «إذا» .
وقيل: الواو، تدل على فتح أبواب الجنة قيل إتيان الذين اتقوا الله إليها، والجواب محذوف أي: حتى إذا جاءوها آمنوا.
وقيل: الجواب «وقال لهم خزنتها» «والواو» : زائدة.
75- وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «حافين» : نصب على الحال لأن «ترى» ، من رؤية العين وواحد «حافين» : حاف.
وقال الفراء. لا واحد له لأن هذا الاسم لا يقع لهم إلا مجتمعين.(4/385)
- 40- سورة غافر (المؤمن)
1- حم قرأ عيسى بن عمر «حم» ، بفتح الميم، لالتقاء الساكنين، أراد الوصل ولم يرد الوقف، والوقف هو الأصل فى الحروف المقطعة وذكر الأعداد إذا قلت: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، فإن عطفت بعضها على بعض، أو أخبرت عنها، أعربت، وكذلك الحروف.
وقيل: انتصب «حاميم» على إضمار فعل تقديره: اتل حاميم، واقرأ حاميم، ولكن لم ينصرف، لأنه اسم للسورة، فهو اسم لمؤنث، ولأنه على وزن الأعجمى، كهابيل.
10- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ العامل فى «إذ» فعل مضمر تقديره: اذكروا إذ تدعون، ولا يجوز أن يعمل فيه «لمقت» ، لأن خبر الابتداء، قد تقدم قبله، وليس بداخل فى الصلة، و «إذ» داخلة فى صلة «لمقت» ، إذا أعملته فيها فتكون قد فرقت بين الصلة والموصول بخبر الابتداء ولا يحسن أن يعمل فى «إذ» : «تدعون» ، لأنها مضافة إليه، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف ولا يجوز أن يعمل فى «إذ» : مقتكم لأن المعنى ليس عليه، لأنهم لم يكونوا ماقتين لأنفسهم وقت أن دعوا إلى الايمان فكفروا.
16- يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ «يوم هم بارزون» : ابتداء وخبر، فى موضع خفض بإضافة «يوم» إليها، وظروف الزمان إذا كانت بمعنى «إذا» أضيفت إلى الجمل، وإلى الفعل، والفاعل، وإلى الابتداء والخبر، كما يفعل ب «إذ» ، فإن كانت بمعنى «إذ» لم تضف إلا إلى الفعل والفاعل، كما يفعل ب «إذا» . فإن وقع بعد «إذا» اسم مرفوع فبإضمار فعل ارتفع لأن «إذا» فيها معنى الشرط، وهى لما يستقبل، والشرط لا يكون إلا لمستقبل فى اللفظ وفى المعنى، والشرط لا يكون إلا بفعل، فهى بالفعل أولى، فلذلك وليها الفعل مضمرا أو مظهرا، وليست «إذ» كذلك، لا معنى للشرط فيها، إذ هى لما مضى، والشرط لا يكون لما مضى.(4/386)
18- وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ «يطاع» : نعت ل «شفيع» ، وهو فى موضع رفع على موضع «شفيع» ، لأنه مرفوع فى المعنى، و «من» :
زائدة للتأكيد، والمعنى: ما للظالمين حميم ولا شفيع مطاع.
21- أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ...
«فينظروا» : فى موضع نصب، على جواب الاستفهام.
وإن شئت: فى موضع جزم، على العطف على «يسيروا» .
«كيف كان عاقبة» : كيف، خبر «كان» ، و «عاقبة» : اسمها، وفى «كان» ضمير يعود على «العاقبة» ، كما تقول: أين زيد؟ وكيف عمرو؟ ففى «أين» و «كيف» ضميران يعودان على المبتدأ، أو هما خبران.
ويجوز أن يكون «كان» ، بمعنى: حدث، فلا تحتاج إلى خبر، فيكون «كيف» ، ظرف ملغى لا ضمير فيه.
وكذلك «الذين كانوا من قبلهم» فيه الوجهان.
وكذلك «كانوا هم أشد منهم» ، فيه الوجهان، و «أشد» ، إذا جعلت «كان» ، بمعنى: حدث، حالا مقدرة.
28- وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ...
«وإن يك كاذبا» : إنما حذفت النون من «يك» ، على قول سيبويه، لكثرة الاستعمال.
وقال المبرد: لأنها أشبهت نون الإعراب، فى قوله: تدخلين، ويدخلان.
31- مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ...
«مثل دأب» : بدل من «مثل» الأول، الآية: 30.(4/387)
33- يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ...
«يوم» : بدل من «يوم» الأول، الآية: 30.
35- الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ ...
«الذين» : فى موضع نصب على البدل من «من» الآية: 34، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ، أي: هم الذين.
46- النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ «النار» : بدل من «سوء العذاب» الآية: 45، أو على إضمار مبتدأ، أو على الابتداء، و «يعرضون» : الخبر.
ويجوز فى الكلام النصب على إضمار فعل تقديره: يأتون النار يعرضون عليها.
ويجوز الخفض على البدل من «العذاب» .
«ويوم تقوم الساعة أدخلوا» : يوم، نصب ب «أدخلوا» ، ومن قطع ألف «أدخلوا» وكسر الخاء نصب «آل فرعون» ب «أدخلوا» ، ومن قرأه بوصل الألف وضم الخاء نصب «آل فرعون» على النداء المضاف.
47- وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً ...
«تبعا» : مصدر فى موضع خبر «كان» ، ولذلك لم يجمع.
48- قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ «إنا كل فيها» : ابتداء وخبر «إن» .
وأجاز الكسائي والفراء نصب «كل» ، على النعت للمضمر، ولا يجوز ذلك عند البصريين، لأن المضمر لا ينعت، ولأن «كلا» نكرة فى اللفظ، والمضمر معرفة، وجاء قولهما أنه تأكيد للمضمر، والكوفيون يسمون التأكيد نعتا، و «كل» ، وإن كان لفظه نكرة، فهو معرفة عند سيبويه، على تقدير الإضافة والحذف.
ولا يجوز البدل، لأن المخبر عن نفسه لا يبدل منه غيره.(4/388)
54- هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ «هدى» : فى موضع نصب على الحال، و «ذكرى» : عطف عليه.
55- فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ «والأبكار» : من فتح الهمزة، فهو جمع: بكرة.
56- إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ «ما هم ببالغيه» : الهاء، تعود على ما يريدون أي: ما هم ببالغي إرادتهم فيه.
وقيل: الهاء، تعود على «الكبر» .
71- إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ «يسحبون» : حال من الهاء والميم فى «أعناقهم» .
وقيل: هو مرفوع على الاستئناف.
وروى عن ابن عباس أنه قرأ: «والسلاسل» ، بالنصب: و «يسحبون» ، بفتح الياء نصب «السلاسل» ب «يسحبون» .
وقد قرىء: «والسلاسل» ، بالخفض، على العطف على «الأعناق» ، وهو غلط، لأنه يصير الأغلال فى الأعناق وفى السلاسل، ولا معنى للغل فى السلسلة.
وقيل: هو معطوف على «الحميم» ، وهو أيضا لا يجوز لأن المعطوف المخفوض لا يتقدم على المعطوف عليه لا يجوز: مررت وزيد بعمرو، ويجوز فى المرفوع، تقول: قام وزيد عمرو، ويبعد فى المنصوب، لا يحسن:
رأيت وزيد عمرا، ولم يجزه أحد فى المخفوض.
75- ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ «ذلكم» : ابتداء، والخبر محذوف تقديره: ذلكم العذاب مفرحكم فى الدنيا بالمعاصي وهو معنى قوله «بغير الحق» .(4/389)
81- يُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
«أي» : نصب ب «تنكرون» ، ولو كان مع الفعل «ها» لكان الاختيار الرفع فى «أي» ، بخلاف ألف الاستفهام، تدخل على الاسم وبعدها فعل واقع على ضمير الاسم، هذا يختار فيه النصب، نحو قولك: أزيدا ضربته؟ هذا مذهب سيبويه، فرق بين «أي» وبين الألف.
- 41- سورة فصلت «حم السجدة»
2، 3- تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «تنزيل» : رفع بالابتداء، و «من الرحمن» : نعته، و «كتاب» : خبره.
وقال الفراء: رفعه على إضمار «هذا» .
«قرآنا عربيا» : حال. وقيل: نصبه على المدح.
ولم يجز الكسائي والفراء نصبه على الحال، ولكن انتصب عندهما ب «فصلت» أي: فصلت آياته كذلك.
وأجازا فى الكلام الرفع على النعت ل «كتاب» .
4- بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ «بشيرا ونذيرا» : حالان من «كتاب» ، لأنه نعت، والعامل فى الحال معنى التنبيه المضمر، أو معنى الإشارة إذا قدرته: هذا كتاب فصلت آياته.
6- قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ «أنما» : فى موضع رفع ب «يوحى» .
10- وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ «سواء» : نصب على المصدر، بمعنى: استواء أي: استوت استواء.(4/390)
ومن رفعه، فعلى الابتداء، و «للسائلين» : الخبر بمعنى: مستويات لمن سأل، فقال: فى كم خلقت؟
وقيل: لمن سأل بجميع الخلق، لأنهم يسألون القوت وغيره من عند الله جل ذكره.
ومن خفضه جعله نعتا ل «أيام» ، أو ل «أربعة» .
والقراء المشهورون على النصب لا غير.
11- ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ «أتينا طائعين» : إنما أخبر عن السموات والأرضين بالياء والنون، عند الكسائي، لأن معناه: آتينا بمن معنا طائعين، فأخبر عمن يعقل بالياء والنون، وهو الأصل.
وقيل: لما أخبر عنها بالقول، الذي هو لمن يعقل، أخبر عنها خبر من يعقل بالياء والنون.
12- فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها ...
«سبع» : بدل من الهاء والنون أي: فقضى سبع سموات، و «السماء» : تذكر على معنى السقف، وتؤنث أيضا. والقرآن أتى على التأنيث، فقال: سبع سموات، ولو أتى على المذكر لقال: سبعة سموات.
17- وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ...
«ثمود» : رفع بالابتداء، ولم ينصرف، لأنه معرفة، اسم القبيلة.
وقد قرأه الأعمش وعاصم بالنصب وترك الصرف، ونصب على إضمار فعل يفسره تقديره: «فهديناهم» ، لأن «أما» : فيها معنى الشرط، فهى بالفعل أولى، والنصب عنده أقوى والرفع حسن، وهو الاختيار عند سيبويه وتقدير النصب: مهما يكن من شىء فهدينا ثمود هديناهم.
19- وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ العامل فى «يوم» فعل دل عليه «يوزعون» تقديره: ويساق الناس يوم يحشر، أو: اذكر يوم يحشر ولا يعمل فيه «يحشر» ، لأن «يوما» مضاف إليه، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف.
22- وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ...
«أن» : فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: عن أن يشهد، ومن أن يشهد.(4/391)
23- وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «ذلكم ظنكم» : ابتداء وخبر، و «أرادكم» : خبر ثان.
وقيل: «ظنكم» : بدل من «ذلكم» ، و «أرادكم» : الخبر.
وقال الفراء: «أرادكم» : حال، والماضي لا يحسن أن يكون حالا عند البصريين إلا على إضمار «قد» .
28- ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ ...
«ذلك» : مبتدأ، و «جزاء» : خبره، و «النار» : بدل من «جزاء» .
وقيل: ارتفعت «النار» على إضمار مبتدأ، وتكون الجملة فى موضع البيان للجملة الأولى.
32- نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ «نزلا» : مصدر، وقيل: هو فى موضع الحال.
39- وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ...
«ومن آياته أنك» : أن، رفع بالابتداء، والمجرور قبلها خبره.
وقيل: «أن» : رفع بالاستقرار، وجاز الابتداء، بالمفتوحة لتقدم المخفوض عليها.
«خاشعة» : نصب على الحال من «الأرض» ، لأن «ترى» من رؤية العين.
«وربت» : حذفت لام الفعل لسكونها وسكون تاء التأنيث، وهو من: ربا يربو، إذا زاد، ومنه:
الربا فى الدين المحرم.
وقرأ أبو جعفر: «وربأت» ، بالهمز، من: الربيئة، وهو الارتفاع فمعناه: ارتفعت، يقال: ربأ يربأ، وربؤ يربؤ، إذا ارتفع.
41- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ «إن الذين كفروا بالذكر» : خبر «إن» : «أولئك ينادون» الآية: 45 وقيل: الخبر محذوف، تقديره: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم خسروا، أو هلكوا، ونحوه.(4/392)
43- ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ...
«إلا ما قد قيل للرسل» : ما، والفعل: مصدر فى موضع رفع، مفعول لم يسم فاعله ل «يقال» ، لأن الفعل يتعدى إلى المصدر، فيقام المصدر مقام الفاعل، فإن كان لا يتعدى إلى مفعول فهو يتعدى إلى المصدر والظرف.
44- وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ ...
«والذين لا يؤمنون فى آذانهم وقر» : الذين، رفع بالابتداء، وما بعده خبر، و «وقر» : مبتدأ، وفى «آذانهم» : الخبر، و «لا يؤمنون» : صلة «الذين» .
45- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ «كلمة» : رفعت بالابتداء، والخبر محذوف لا يظهر، عند سيبويه.
47- إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها ...
«أكمامها» : هو: جمع كم.
ومن قال: أكمة، جعله: جمع كمام.
53- سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ الهاء فى «أنه» : لله وقيل: للقرآن وقيل: للنبى صلى الله عليه وسلم، و «أن» : فى موضع رفع ب «يتبين» ، لأنه فاعل.
«أو لم يكف بربك أنه» : بربك، فى موضع رفع، لأنه فاعل «كفى» ، و «أنه» : بدل من «ربك» على الموضع، فهى فى موضع رفع، أو تكون فى موضع خفض على البدل من اللفظ، وقيل: هى فى موضع نصب على حذف اللام أي: لأنه على كل شىء شهيد.(4/393)
- 42- سورة الشورى (حم عسق)
3- كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «الكاف» : فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: وحيا مثل ذلك يوحى الله إليك والتقدير فيه التأخير بعده «يوحى» ، واسم «الله» : فاعل.
ومن قرأ «يوحى» ، على ما لم يسم فاعله، فالاسم مرفوع بالابتداء. أو على إضمار مبتدأ، أو بإضمار فعل، كأنه قال: بوحيه الله، والله يوحيه، أو: هو الله.
ويجوز أن يكون «العزيز الحكيم» خبران عن «الله» جل ذكره.
ويجوز أن يكون نعتا، ولَهُ ما فِي السَّماواتِ- الآية: 4» : الخبر.
7- وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ «فريق فى الجنة» : ابتداء وخبر وكذلك: «وفريق فى السعير» .
وأجاز الكسائي والفراء النصب فى الكلام، فى «فريق» ، على معنى: وينذر فريقا فى الجنة وفريقا فى السعير يوم الجمع.
11- فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ «فاطر السموات» : نعت «لله» جل ذكره، أو على إضمار مبتدأ أي: هو فاطر.
وأجاز الكسائي «فاطر» ، بالنصب، على النداء.
وقال غيره: على المدح.
ويجوز فى الكلام الخفض، على البدل من «الهاء» فى «عليه» ، الآية: 10.
«ليس كمثله شىء» : الكاف، حرف، و «شىء» : اسم «ليس» ، و «كمثله» : الخبر.(4/394)
13- شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ...
«أن أقيموا» : أن، فى موضع نصب على البدل من «ما» ، فى قوله «ما وصى» ، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ أي: هو أن أقيموا الدين.
ويجوز أن يكون فى موضع خفض على البدل من «الهاء» فى «به» الأول، أو الثاني.
14- وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ...
«بغيا» : مفعول من أجله.
16- وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ...
«له» : الهاء، لله عز وجل، وقيل: للنبى عليه السلام.
«حجتهم» : رفع على البدل من «الذين» وهو بدل الاشتمال، و «داحضة» : الخبر.
وقيل: هى رفع بالابتداء، و «داحضة» : الخبر، والجملة: خبر «الذين» .
17- اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ «لعل الساعة قريب» : إنما ذكّر، لأن التقدير: لعل وقت الساعة قريب، أو قيام الساعة قريب، ونحوه.
وقيل: ذكّر على النسب أي: ذات قرب.
وقيل: ذكّر، للفرق بينه وبين قرابة النسب.
وقيل: ذكّر، لأن التأنيث غير حقيقى.
وقيل: ذكّر، لأنه حمل على المعنى، لأن الساعة بمعنى البعث والحشر.
22- تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا ...
«مشفقين» : نصب على الحال، لأن «ترى» من رؤية العين.
23- ... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ «إلا المودة» : استثناء ليس من الأول.(4/395)
26- وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ «الذين» : فى موضع نصب، لأن المعنى: ويستجيب لله الذين آمنوا.
وقيل: هو على حذف «اللام» أي: يستجيب الله للذين آمنوا إذا دعوا.
30- وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «فبما» : من قرأ بالفاء جعلها جواب الشرط لأن «ما» للشرط.
ومن قرأ بغير «فاء» ، فعلى حذف «الفاء» وإرادتها، وحسن ذلك لأن «ما» لم تعمل فى اللفظ شيئا، لأنها دخلت على لفظ الماضي.
وقيل: بل جعل «ما» بمعنى: «الذي» ، فاستغنى عن «الفاء» ، لكنه جعله مخفوضا.
وإذا كانت «ما» للشرط كان عاما فى كل مصيبة، فهو أولى وأقوى فى المعنى، وقد قال الله تعالى «إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ» 62: 141، فلم تأت «الفاء» فى الجواب.
35- وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ من نصبه فعلى إضمار «أن» : لأنه مصروف عن العطف على ما قبله، لأن الذي قبله شرط وجزاء، وذلك غير واجب، فصرفه عن العطف على اللفظ وعطفه على مصدر الفعل الذي قبله، والمصدر اسم، فلم يمكن عطف فعل على اسم، فأصمر «أن» ليكون مع الفعل مصدرا، فيعطف حينئذ مصدرا على مصدر فلما أضمر «أن» نصب بها الفعل.
فأما من رفعه فإنه على الاستئناف، لما لم يحسن العطف على اللفظ الذي قبله.
38- وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «الذين» : فى موضع خفض، على «للذين آمنوا» الآية: 36.
43- وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ «ولمن صبر» : ابتداء، والخبر: إن ذلك لمن عزم الأمور، والعائد محذوف والتقدير: إن ذلك لمن عزم الأمور منه، أو: له.(4/396)
44- وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ «هل إلى مرد» : هل، فى موضع نصب على الحال من «الظالمين» ، لأن «ترى» من رؤية العين.
وكذلك: يعرضون، و «خاشعين» ، و «ينظرون» الآية: 45، كلها أحوال من «الظالمين» .
51- وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ «أن يكلمه» : أن، فى موضع رفع، لأنه اسم «كان» ، و «لبشر» : الخبر.
«إلا وحيا» : مصدر فى موضع الحال، من اسم الله جل ذكره.
«أو يرسل رسولا فيوحى» : من نصبهما عطفهما على موضع الحال من اسم الله جل ذكره، أو عطفهما على معنى قوله «إلا وحيا» ، لأنه بمعنى: إلا أن يوحى، ولا يجوز العطف على «أن يكلمه» ، لأنه يلزم منه نفى الرسل، أو نفى المرسل إليهم وذلك لا يجوز.
ومن رفعه، فعلى الابتداء، كأنه قال: أو هو يرسل.
ويجوز أن يكون حالا عطفه على «إلا وحيا» ، على قول من جعله فى موضع الحال.
52- وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «ما كنت تدرى ما الكتاب» : ما، الأولى: نفى والثانية: رفع بالابتداء، لأنها استفهام، و «الكتاب» :
الخبر، والجملة فى موضع نصب ب «تدرى» .
«ولكن جعلناه» : الهاء: ل «الكتاب» وقيل: للإيمان وقيل: للتنزيل.
- 43- سورة الزخرف
5- أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ «صفحا» : نصب على المصدر، لأن معنى «أفنضرب» : أفنصفح.(4/397)
وقيل: هو حال، بمعنى: صافحين.
«أن كنتم» : من فتح «أن» جعلها مفعولا من أجله ومن كسر جعلها للشرط وما قبل «أن» جواب لها، لأنها لم تعمل فى اللفظ.
6- وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ «كم» : فى موضع نصب ب «أرسلنا» .
8- فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ «بطشا» : نصب على البيان.
12- وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ «الأزواج» ب: جمع: زوج، وكان حقه أن يجمع على «أفعل» ، إلا أن «الواو» تستثقل فيها الضمة، فرد إلى جمع «فعل» ، كما رد «فعل» إلى جمع «أفعل» فى قولهم: زمن، وأزمن.
17- وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ «وجهه» : اسم «ظل» ، و «مسودا» : خبره.
ويجوز أن يكون فى «ظل» ضمير، هو اسمها، يعود على «أحد» ، و «وجهه» : بدل من الضمير، و «مسودا» :
خبر «ظل» .
ويجوز فى الكلام رفع «وجهه» على الابتداء، ورفع «مسودا» على خبره والجملة: خبر «ظل» ، وفى «ظل» : اسمها.
«وهو كظيم» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال.
18- أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ «أو من ينشأ» : من، فى موضع نصب بإضمار فعل كأنه قال: أجعلتم من ينشأ.
وقال الفراء: هو فى موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف.
33- وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ «البيوت» : بدل من «من» ، باعادة الخافض، وهو بدل الاشتمال من جهة الفعل.(4/398)
35- وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ «إن كل ذلك لما» : فى قراءة من خفف «لما» : أن، مخففة من الثقيلة، عند البصريين واسمها: «كل» .
لكن لما خففت ونقص وزنها عن الفعل ارتفع ما بعدها بالابتداء على أصله.
ويجوز فى الكلام نصب «كل» ب «أن» . وإن نقصت، كما يعمل الفعل وهو ناقص فى «لم يك» 8: 53 ويجوز أن يكون اسم «إن» مضمرا: «هاء» محذوفة، و «كل» : رفعا بالابتداء، وما بعده الخبر والجملة خبر «إن» ، وفيه فتح لتأخر اللام فى الخبر، واللام: لام تأكيد، و «إن» ، عند الكوفيين، بمعنى: ما.
«ولما» : بمعنى: إلا، فى قراءة من شدد، ومن خفف، ف «ما» ، عندهم: زائدة، واللام: داخلة على «متاع» .
وقيل: «ما» : نكرة، و «متاع» : بدل من «ما» .
51- وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ «مصر» : لم تنصرف لأنه مذكر، سمى به مؤنث، ولأنه معرفة.
57- وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ «مريم» : لم ينصرف، لأنه اسم أعجمى، وهو معرفة.
وقيل: هو معرفة مؤنث، فلم ينصرف.
وقيل: هو عربى، من: رام، فهو «مفعل» ، لكن أتى على الأصل، بمنزلة: استحوذ، وكان حقه لو جرى على الاعتلال أن يقال: مرام، كما يقال «مفعل» من «رام» : مرام ومن «كان» : مكان.
61- وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ «وأنه» : الهاء، لعيسى عليه السلام.
وقيل: للقرآن أي لا كتاب بعده.
81- قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ «إن» بمعنى: ما، والكلام على ظاهره منفى، و «العابدين» : من العباد.(4/399)
وقيل: «إن» للشرط، ومعنى «العابدين» : الجاحدين لقولهم: إن له ولدا.
وقيل: «إن» : للشرط، و «العابدين» على بابه، والمعنى: فأنا أول من عبده، على أنه لا ولد له.
وقيل: «العابدين» ، بمعنى: الجاحدين أن يكون له ولد.
88- وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ «وقيله» : من نصبه عطفه على قوله «سرهم» و «نجواهم» الآية: 81 أي: يسمع سرهم ونجواهم ويسمع قيله.
وقيل: هو معطوف على مفعول «يعلمون» الآية: 86، المحذوف، كأنه قال: وهم يعلمون ذلك وقيله.
وقيل: هو معطوف على مفعول «يكتبون- الآية: 80» المحذوف تقديره: رسلنا يكتبون ذلك وقيله أي:
ويكتبون قيله.
وقيل: هو معطوف على معنى: «وعنده علم الساعة» الآية: 85 لأن معناه: ويعلم الساعة، وكأنه قال:
ويعلم الساعة ويعلم قيله.
وقيل: هو منصوب على المصدر أي: ويقول قيله.
ومن قرأه بالخفض عطفه على «الساعة» الآية: 58، والتقدير: وعنده علم الساعة وعلم قيله.
وقرأه مجاهد والأعرج بالرفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: وقيله قيل يا رب وقيل: تقديره:
وقيله يا رب مسموع، أو: متقبل.
والقول، والقال، والقيل: بمعنى واحد. و «الهاء» فى «قيله» : تعود على عيسى وقيل: على محمد صلى الله عليه وسلم.
«يا رب» : قرأ أبو قلابة: يا رب، بالنصب تقديره: أنه أبدل من الياء ألفا، وحذفها لدلالة الفتحة عليها ولخفة الألف.
89- فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «وقل سلام» : هو خبر ابتداء محذوف تقديره: وقل أمرى سلام إلى مسالمة منكم، لم يؤمروا بالسلام عليهم، إنما أمروا بالتبري منهم ومن دينهم، وهذا كان قبل أن يؤمر بالقتال، لأن السورة مكية، ثم نسخ بالأمر بالقتال.(4/400)
وقال الفراء: معناه: وقل سلام عليكم.
وهذا مردود، لأن النهى قد أتى ألا يبتدئوا بالسلام.
- 44- سورة الدخان
5- أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ «أمرا» : نصبه، عند الأخفش، على الحال بمعنى: آمرين.
وقال المبرد: هو فى موضع المصدر، كأنه قال: إنا أنزلناه إنزالا.
وقال الجرمي: هو حال من نكرة، وهو: «أمر حكيم» الآية: 4، وحسن ذلك لما وصفت النكرة، وأجاز: هذا رجل مقبلا.
وقال الزجاج: هو مصدر كأنه، قال: يفرق فرقا، فهو بمعناه.
وقيل: «يفرق» الآية: 4، بمعنى: يؤمر، فهو أيضا مصدر عمل فيه ما قبله.
6- رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «رحمة» ، قال الأخفش: نصب على الحال.
وقال الفراء: هو مفعول ب «مرسلين» الآية: 5، وجعل «الرحمة» : النبي- صلى الله عليه وسلم-.
وقال الزجاج: «رحمة» : مفعول من أجله أي: للرحمة، وحذف مفعول «مرسلين» .
وقيل: هى بدل من «أمر» .
وقيل: هى نصب على المصدر.
7- رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ «رب السموات» : من رفعه جعله بدلا من «ربك» الآية: 6.
13- أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ «أنى لهم الذكرى» : الذكرى، رفع بالابتداء، و «أنى لهم» : الخبر.
15- إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ «قليلا» : نعت لمصدر محذوف، أو لظرف محذوف تقديره: كشفا قليلا أو: وقتا قليلا.(4/401)
16- يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ «يوم» : نصب بإضمار فعل تقديره: واذكر يا محمد يوم نبطش.
18- أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ «أن» : فى موضع نصب على حذف حرف الجر أي: بأن أدوا.
«عباد الله» : نصب ب «أدوا» .
وقيل: هو نداء مضاف، ومفعول «أدوا» ، إذا نصبت «عباد الله» على النداء: محذوف أي: أدوا إلى أمركم يا عباد الله.
19- وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «أن» : عطف على «أن» الأولى، الآية: 18، فى موضع نصب.
20- وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ «أن ترجمون» : أن، فى موضع نصب على حذف الجار أي: من أن ترجمون أي: تشتمون.
22- فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ «أن هؤلاء» : أن، فى موضع نصب ب «دعا» ، ومن كسر فعلى إضمار، القول أي: فقال إن هؤلاء.
24- وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ «رهوا» : حال، معناه: ساكن حتى يخلصوا فيه ولا ينفروا عنه، يقال: عيش راه أي:
ساكن وادع.
وقيل: الرهو: المتفرق أي: اتركه على حاله متفرقا طويلا طريقا حتى يخطوا فيه.
25- كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ «كم» : فى موضع نصب ب «تركوا» .
28- كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ الكاف، فى موضع رفع، خبر ابتداء مضمر تقديره: الأمر كذلك.(4/402)
وقيل: هى موضع نصب، على تقدير: يفعل فعلا كذلك بمن يريد هلاكه.
35- إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ «إلا موتتنا» : رفعت على خبر «ما» ، لأن «إن» بمعنى: ما والتقدير: ما هى إلا موتتنا.
37- أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ «الذين» : فى موضع رفع على العطف على «قوم تبع» ، أو على الابتداء، وما بعدهم الخبر أو فى موضع نصب على إضمار فعل دل عليه: «أهلكناهم» .
40- إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ «يوم» : اسم «إن» ، وخبرها: «ميقاتهم» .
وأجاز الكسائي، والفراء نصب «ميقاتهم» ب «أن» ، يجعلان «يوم الفصل» ظرفا فى موضع خبر «إن» أي: إن ميقاتهم فى يوم الفصل.
41- يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ «يوم» : هو بدل من «يوم» الأول، الآية: 40 42- إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ «من» : فى موضع رفع، على البدل من المضمر فى «ينصرون» الآية: 41 تقديره: ولا ينصر إلا من رحم الله.
وقيل: هى رفع على الابتداء والتقدير: إلا من رحم الله فيعفى عنه.
وقيل: هو بدل من «مولى» الأول، الآية: 41 تقديره: يوم لا يغنى إلا من رحم الله.
وقال الكسائي والفراء: فى موضع نصب، على الاستثناء المنقطع.
49- ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ «إنك» : من قرأه بكسر «إن» جعلها مبتدأ بها، يراد به: إنك كنت تقول هذا لنفسك فى الدنيا ويقال لك وهو أبو جهل.(4/403)
وقيل: معناه- فى الكسر-: التعريض به، بمعنى: أنت الذليل المهان الساعة بخلاف ما كنت تقول ويقال لك فى الدنيا.
ومن فتح، فعلى تقدير حذف حرف الجر أي: لأنك- أو: بأنك- أنت الذي كان يقال لك ذلك فى الدنيا وتقول لنفسك.
وروى أنه كان يقول: أنا أعز أهل الوادي وأمنعهم، فالكسر يدل على ذلك.
53- يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ «متقابلين» : حال من المضمر فى «يلبسون» .
54- كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ «كذلك» : الكاف، فى موضع رفع أي: الأمر كذلك.
وقيل: فى موضع نصب: نعت لمصدر محذوف تقديره: يفعل بالمتقين فعلا كذلك.
55- يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ «يدعون» : حال من الهاء والميم فى «وزوجناهم» الآية: 54 وكذلك: «آمنين» .
56- لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ «لا يذوقون» : حال من الهاء والميم فى «وزوجناهم» الآية: 54.
«إلا الموتة» : استثناء منقطع.
وقيل: «إلا» ، بمعنى: بعد.
وقيل: بمعنى، سوى والأول أحسن.
57- فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «فضلا من ربك» : مصدر عمل فيه «يدعون فيها» الآية: 55.
وقيل: العامل «وقاهم» الآية: 56.
وقيل: العامل «آمنين» الآية: 55.(4/404)
- 45- سورة الجاثية
4، 5- وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «آيات» : من قرأه «آيات» فى الموضعين بكسر التاء، عطفه على لفظ اسم «إن» ، فى قوله «إن فى السموات والأرض لآيات» الآية: 3، ويقدر حذف «فى» من قوله «واختلاف الليل» أي: فى اختلاف الليل، فيحذف «فى» لتقدم ذكرها فى «إن فى السموات والأرض» ، وفى قوله «وفى خلقكم» ، فلما تقدمت مرتين حذفها مع الثالث لتقدم ذكرها فبهذا يصح النصب فى «آيات» الأخيرة.
وإن لم يقدر هذا الحذف كنت قد عطفت على عاملين مختلفين، وذلك لا يجوز عند البصريين، والعاملان هما:
«إن» الناصبة، و «فى» الخافضة فتعطف الواو على عاملين مختلفى الإعراب: ناصب وخافض فإذا قدرت حذف «فى» لتقدم ذكرها لم يبق إلا أن تعطف على واحد وذلك حسن.
وقد جعله بعض الكوفيين من باب العطف، على عاملين: ولم يقدر حذف «فى» ، وذلك بعيد.
وحذف حرف الجر، إذ تقدم ذكره، جائز، وعلى ذلك أجاز سيبويه: مررت برجل صالح إلا صالح، ف «صالح» يريد: إلا بصالح، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها.
وقيل: إن قوله تعالى «واختلاف الليل» معطوف على «السموات» ، و «آيات» نصبت على التكرير، لما طال الكلام فهى الأولى، لكن كررت فيهما لما طال الكلام، كما تقول: ما زيد قائما ولا جالسا زيد، فنصبت «جالسا» على أن «زيد» الآخر هو الأول، ولكن أظهرته للتأكيد، ولو كان الآخر غير الأول لم يجز نصب «جالس» ، لأن خبر «ما» لا يتقدم على اسمها فهى بخلاف «ليس» ، فكذلك «الآيات» الأخيرة هى الأولى، لكن أظهرت لما طال الكلام للتأكيد، فلا يلزم فى ذلك عطف على عاملين.
فأما من رفع «آيات» فى الموضعين، فإنه عطف ذلك على موضع «إن» وما عملت فيه، وموضع «إن» وما عملت فيه رفع على الابتداء، لأنها لا تدخل إلا على مبتدأ أو خبره، فرفع وعطف على الموضعين قبل دخول(4/405)
«إن» ، ولا يدخله أيضا العطف على عاملين، على الابتداء والمخفوض، وقد منع البصريون: زيد فى الدار والحجرة عمرو، بخفض «الحجرة» .
ويجوز أن يكون إنما رفع على القطع والاستئناف، يعطف جملة على جملة.
ومذهب الأخفش أن يرفع «الآيات» على الاستقرار، وهو الظرف، فلا يدخله عطف على عاملين.
8- يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «مستكبرا» : حال من المضمر المرفوع فى «يصر» ، أو من المضمر فى «مستكبرا» تقديره: ثم يصر على الكفر بآيات الله فى حال تكبره، وحال إصراره، وإن فنيت قدرته، ثم يصر مستكبرا مشبها من لم لا يسمعها تشبيها بمن فى أذنيه وقر.
14- قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «يغفروا» : مجزوم، محمول على المعنى، لأن المعنى: قل لهم اغفروا يغفروا.
21- أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ
«سواء محياهم ومماتهم» : سواء، خبر لما بعده، و «محياهم» : مبتدأ، أي: محياهم ومماتهم سواء أي:
مستوفى البعد عن رحمة الله. والضميران فى «محياهم ومماتهم» للكفار، فلا يحسن أن تكون الجملة فى موضع الحال من «الذين آمنوا» ، إذ لا عائد يعود عليهم من حالهم.
ويبعد عند سيبويه رفع «محياهم» ب «سواء» ، لأنه ليس باسم فاعل، ولا مشبه باسم الفاعل، إنما هو مصدر.
فأما من نصبه ب «سواء» ، فإنه جعله حالا من الهاء والميم فى «نجعلهم» ، وبرفع «محياهم ومماتهم» ، لأنه بمعنى: مستو، ويكون المفعول الثاني ل «نجعل» الكاف، فى «كالذين» ، ويكون الضميران فى «محياهم ومماتهم» يعودان على الكفار والمؤمنين وفيها نظر.
«ساء ما يحكمون» : إن جعلت «ما» معرفة، كانت فى موضع رفع، فاعل، فإن جعلتها نكرة كانت فى موضع نصب على البيان ب «ساء» .(4/406)
22- وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «بالحق» ب: فى موضع الحال، وليست «الباء» للتعدية.
23- أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ «فمن يهديه» : من: استفهام، ومعناه: رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها.
25- وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «أن» : فى موضع رفع، اسم «كان» ، و «حجتهم» : الخبر.
ويجوز رفع «حجتهم» ، ويجعل «أن» فى موضع نصب على خبر «كان» .
27- ... وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ «يوم» ، الأول: منصوب ب «يخسر» ، و «يومئذ» تكرير للتأكيد.
29- هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ ...
«ينطق عليكم» : فى موضع الحال من «الكتاب» ، أو من «هذا» .
ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «هذا» .
ويجوز أن يكون «كتابنا» بدل من «هذا» ، و «ينطق» : الخبر.
32- وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ «الساعة» : رفع على الابتداء، أو على العطف، أو على موضع «إن» وما عملت فيه ومن نصب «الساعة» عطفها على «وعد» .
«إن نظن إلا ظنا» : تقديره، عند المبرد: إن نحن إلا نظن ظنا.(4/407)
وقيل: المعنى: إن نظن إلا أنكم تظنون ظنا، وإنما احتيج إلى هذا التقدير، لأن المصدر فائدته كفائدة الفعل، ولو جرى الكلام على غير حذف لصار تقديره: إن نظن إلا نظن، وهذا كلام ناقص.
- 46- سورة الأحقاف
5- وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ «من» الأولى: رفع بالابتداء، فهى استفهام وما بعدها خبرها. و «من» الثانية: فى موضع نصب ب «يدعو» ، وهى بمعنى: الذي، وما بعدها صلتها.
8- أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ «كفى به شهيدا» : شهيدا، نصب على الحال، أو على البيان، و «به» : الفاعل. و «الباء» :
زائدة للتوكيد.
12- وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ «إماما ورحمة» : حالان من «الكتاب» .
«لسانا عربيا» : حالان من المضمر المرفوع فى «مصدق» ، أو من «الكتاب» ، لأنه قد نعت ب «مصدق» فقرب من المعرفة أو من «هذا» ، والعامل فى الحال الإشارة والتنبيه.
وقيل: إن «عربيا» هو الحال، و «لسانا» : توطئة للحال.
و «بشرى» : فى موضع رفع عطف على «كتاب» .
وقيل: هو فى موضع نصب على المصدر.(4/408)
15- وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «حسنا» : فعل، وليس بفعلى، لأن «فعلى» لا ينصرف فى معرفة ولا نكرة، ثم إن «فعلى» أيضا فى مثل هذا الموضع لا يستعمل إلا بالألف واللام، والنصب فيه على أنه قام مقام مضاف محذوف تقديره: ووصينا الإنسان بوالديه أمرا ذا حسن، فحذف الموصوف وقامت الصفة مقامه، وذلك مثل قوله تعالى: «أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ» 34: 11، ثم حذف المضاف وهو «ذا» وأقام المضاف إليه وهو «حسن» مقامه.
ومن قرأه «إحسانا» ، فهو نصب على المصدر وتقديره: ووصينا الإنسان بوالديه أن يحسن إليهما إحسانا.
وقرأ عيسى بن عمر «حسنا» ، بفتحتين تقديره: فعلا حسنا.
«ثلاثون شهرا» : أصل «ثلاثين» أن تنصب لأنه ظرف، لكن فى الكلام حذف ظرف مضاف تقديره:
وأمد حمله وفصاله ثلاثون شهرا، فأخبرت بظرف عن ظرف، وحق الكلام أن يكون الابتداء هو الخبر فى المعنى، ولولا هذا الإضمار لنصبت «ثلاثين» على الظرف، ولو فعلت ذلك لانقلب المعنى ولتغير ولصارت الوصية فى ثلاثين شهرا، كما يقول: كلمته ثلاثين شهرا أي: كلمته فى هذه المدة، فيتغير المعنى بذلك، فلم يكن بد من إضمار ظرف ليصح المعنى الذي قصد إليه، لأنه تعالى إنما أراد تبيين كم أمد الحمل والفصال عن الرضاع ودلت هذه على أن أقل الحمل ستة أشهر، لأنه تعالى قد بين فى هذا الموضع أن أمد الرضاع سنتان، وهى هاهنا أن أمد الرضاع والحمل ثلاثون شهرا، فإذا أسقطت سنتين من ثلاثين شهرا بقي أمد الحمل ستة أشهر.
17- وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «ويلك» : نصب على المصدر.(4/409)
ويجوز رفعه على الابتداء، والخبر محذوف.
وهذه المصادر، التي لا أفعال لها، الاختيار فيها إذا أضيفت النصب، ويجوز الرفع، ولذلك أجمع القراء على النصب فى قوله «وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا» 20: 61، وشبهه كثير، ويجوز فيها الرفع.
فإن كانت غير مضافة فالاختيار فيها الرفع، ويجوز النصب، ولذلك أجمع القراء على الرفع فى قوله:
«وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ» 83: 1، و «فَوَيْلٌ لَهُمْ» 2: 79، وشبهه كثير.
فإن كانت المصادر من أفعال جارية عليها فالاختيار فيها، إذا كانت معرفة، الرفع، ابتداء وخبر ويجوز النصب نحو: الحمد لله، والشكر للرحمن.
فإن كانت نكرة فالاختيار فيها النصب، ويجوز الرفع، نحو، حمدا لزيد، وشكرا لعمرو، فهى بضد الأولى.
ولم يجز المبرد فى قوله «ويل للمطففين» إلا الرفع.
21- وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ «قد خلت النذر» : النذر، جمع نذير، كرسول ورسل، ويجوز أن يكون اسما للمصدر.
24- فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ «رأوه عارضا» : الهاء، فى «رأوه» : للسحاب وقيل: للرعد، ودل عليه قولهم «فأتنا بما تعدنا» الآية: 22 26- وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ «فيما إن مكناكم فيه» : ما، بمعنى «الذي» ، «وإن» : بمعنى «ما» التي للنفى والتقدير: ولقد مكناهم فى الذي ما مكناكم فيه و «قد» مع الماضي للتوقع والقرب، ومع المستقبل للتقليل.
«فما أغنى عنهم سمعهم» : ما، نافية، والمفعول «من شىء» تقديره: فما أغنى عنهم سمعهم شيئا.
ويجوز أن يكون «ما» استفهاما فى موضع نصب ب «أغنى» ، ودخول «من» للتأكيد يدل على أن «ما» للنفى.(4/410)
«وحاق بهم ما كانوا» : ما رفع ب «حاق» ، وهى وما بعدها مصدر، وفى الكلام حذف مضاف تقديره: وحاق بهم عقاب ما كانوا أي: عقاب استهزائهم، لأن الاستهزاء لا يحل عليهم يوم القيامة، وإنما يحل عليهم عقابه، وهو فى القرآن كثير، مثل قوله «فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا» 40: 45 أي: عقاب السيئات، ومثله: «وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ» 40: 9 أي: وقهم عقاب السيئات ومن تق عقاب السيئات يومئذ فقد رحمته، ومثله: «تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ» 42: 22 أي: عقابه واقع بهم، وليس السيئات يوم القيامة تحل بالكفار وتقع بهم: إنما يحل بهم عقابها.
28- فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ «قربانا آلهة» : قربانا، مصدر وقيل: مفعول من أجله وقيل: هو مفعول ب «اتخذوا» ، و «آلهة» :
بدل منه.
«وذلك إفكهم وما كانوا» : ما، فى موضع رفع، على العطف على «إفكهم» . والإفك: الكذب فالتقدير:
وذلك كذبهم وافتراؤهم أي: الآلهة كذبهم وافتراؤهم.
ومن قرأ- إفكهم، جعله فعلا ماضيا، و «ما» : فى موضع رفع أيضا، عطف على «ذلك» .
وقيل: على المضمر المرفوع فى «إفكهم» ، وحسن ذلك التقدير بالمضمر الموصوف بينهما، فقام مقام التأكيد.
33- أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «بقادر على أن يحيى الموتى» : إنما دخلت الباء على أصل الكلام قبل دخول ألف الاستفهام على «لم» .
وقيل: دخلت لأن فى الكلام لفظ نفى، وهو «أو لم يروا أن الله» ، فحمل على اللفظ دون المعنى.
34- وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ «ويوم» : انتصب على إضمار فعل تقديره: واذكر يا محمد يوم يعرض.
35- ... لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ «بلاغ» : رفع على إضمار مبتدأ أي: ذلك بلاغ.(4/411)
ولو نصب فى الكلام على المصدر، أو على النعت «لساعة» جاز.
- 47- سورة محمد
4- فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ...
«فضرب الرقاب» : نصب على المصدر أي: فاضربوا الرقاب ضربا، وليس المصدر فى هذا بموصول، لأن المصدر إنما يكون ما بعده من صلته إذا كان بمعنى: أن فعل، وأن يفعل، فإن لم يكن كذلك فلا صلة له، هو توكيد لا غير.
8- وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ «والذين كفروا فتعسا لهم» : الذين، ابتداء، وما بعده الخبر، و «تعسا» : نصب على المصدر، والنصب الاختيار، لأنه مشتق من فعل مستعمل.
ويجوز فى الكلام الرفع على الابتداء، و «لهم» : الخبر، والجملة: خبر عن «الذين» .
10- أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها «فينظروا» : فى موضع جزم على العطف على «يسيروا» ، أو فى موضع نصب على الجواب للاستفهام.
13- وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ «من قريتك التي أخرجتك» : هذا أيضا مما حذف فيه المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه تقديره: التي أخرجك أهلها، فحذف «الأهل» وقام ضمير «القرية» مقامهم، فصار ضمير «القرية» مرفوعا، كما كان «الأهل» مرفوعين ب «أخرج» ، فاستتبر ضمير «القرية» فى «أخرج» ، وظهرت علامة التأنيث، لتأنيث «القرية» . وهو مثل قوله:
«وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ» 42: 22 تقديره: وعقابه واقع بهم، ثم حذف «العقاب» وقام ضمير «الكسب» مقامه، فصار ضميرا مرفوعا ملفوظا، ولم يستتر لأن معه الواو، ولأن الفعل لم يظن للعقاب، فلم يستتر ضمير ما قام مقام العقاب فى الفعل، واستتر ضمير «القرية» فى «أخرج» ، لأنه كان فعلا ل «أهل» ، فاستتر ضمير ما قام مقام «الأهل»(4/412)
فى فعل الأهل، وجاز ذلك وحسن لتقدم ذكر «القرية» ، ولأن الفعل فى صلة «التي» ، و «التي» ل «القرية» ، فلم يكن بد من ضمير يعود على «التي» ، وضمير الفعل المرفوع العائد على «الذي» و «التي» يستتر فى الفعل الذي فى الصلة أبدا، إذا كان الفعل له، ومثله فى الحذف: «فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ» 47: 21 أي: عزم أصحاب الأمر، ثم حذفت «الأصحاب» ، ولم يستتر «الأمر» فى الفعل لأنه لم يتقدم له ذكر.
15- مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ «مثل الجنة التي» : مثل، رفع بالابتداء، والخبر محذوف، عند سيبويه تقديره: فيما يتلى عليكم مثل الجنة.
وقال يونس: معنى «مثل الجنة» : صفة الجنة، ف «مثل» : مبتدأ، و «فيها أنهار من ماء» : ابتداء وخبر فى موضع خبر «مثل» .
وقال الكسائي: تقديره: مثل أصحاب الجنة، ف «مثل» ، على قوله: ابتداء، و «كمن هو خالد» : الخبر.
وقيل: مثل، زائدة، والخبر إنما هو على «الجنة» ، و «الجنة» ، فى المعنى: رفع بالابتداء، و «أنهار من ماء» :
ابتداء، و «فيها» : الخبر، والجملة: خبر عن «الجنة» .
«من خمر» : فى موضع رفع، نعت، ل «أنهار» ، وكذلك: «من عسل» .
ويجوز فى الكلام «لذة» ، بالرفع على النعت ل «أنهار» ، ويجوز النصب على المصدر، كما تقول: هو لك هبة، لأن «هو لك» تقوم مقام «وهبته لك» .
16- وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «آنفا» : نصب، على الحال أي: ما قال محمد مبتدئا لوعظه المتقدم، يهزءون بذلك.
ويجوز أن يكون «آنفا» ظرفا أي: ماذا قال قبل هذا الوقت أي: ماذا قال قبل خروجنا، وهو من الاستئناف.
18- فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ «فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم» : الذكرى ابتداء، و «أنى لهم» : خبر، وفى «جاءتهم» : ضمير «الساعة» ، والمعنى: أنى لهم الذكرى إذا جاءتهم الساعة، مثل قوله: «وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» 34: 52(4/413)
21- طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ «طاعة وقول» : طاعة، رفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: أمرنا طاعة وقول معروف.
وقيل: التقدير: منا طاعة.
وقيل: هو خبر ابتداء مضمر تقديره: فأمرنا طاعة.
فتقف فى هذين الوجهين على «فأولى لهم» .
وقيل: طاعة، نعت ل «سورة» الآية: 20، وفى الكلام تقديم وتأخير تقديره: فإذا أنزلت سورة محكمة ذات طاعة وقول معروف وذكر فيها القتال رأيت.
فلا تقف على «أولى لهم» فى هذا القول.
والقولان الأولان أبين وأشهر.
22- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «أن تفسدوا» : أن، فى موضع نصب، خبر: «عسى» ، تقول: عسى زيد أن يقوم، ف «أن» لازمة للخبر فى أشهر اللغات.
ومن العرب من يحذف «أن» فيقول: عسى زيد يقوم، و «كاد» بضد ذلك، الأشهر فيها حذف «أن» من الخبر، تقول، كاد زيد يقوم.
ومن العرب من يقول: كاد زيد أن يقوم، وهو قليل.
27- فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ «يضربون وجوههم وأدبارهم» : يضربون، حال من «الملائكة» .
34- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «فلن يغفر الله لهم» : خبر «إن» ، ودخلت «الفاء» فى الخبر، لأن اسم «إن» : «الذين» ، و «الذين» :
فيه إبهام، فشابه الشرط، لأنه مبهم.
35- فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ «وأنتم الأعلون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «تدعوا» ، وكذلك: «والله معكم» ، وكذلك: «ولن يتركم أعمالكم» .
«تهنوا، يتركم» : قد حذفت «الفاء» منهما، وهى واو، وأصله: توهنوا، ويوتركم، ثم حذفت لوقوعها(4/414)
بين ياء وكسرة، وأتبع الفعل المستقبل الحذف، وإن لم يكن فيه ياء، على الإتباع، لئلا يختلف الفعل، كما حذفوا الهمزة من الفعل الرباعي، إذا أخبر، المخبر به عن نفسه، فقال: أنا أكرم زيدا، أنا أحسن العلم، وذلك لاجتماع همزتين زائدتين، ثم أتبع سائر المستقبل الحذف، وإن لم يكن فيه تلك العلة.
- 48- سورة الفتح
2- لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً «ويهديك صراطا مستقيما» أي: إلى صراط، ثم حذفت «إلى» ، فانتصب «الصراط» ، لأنه مفعول به فى المعنى.
8- إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً «شاهدا ومبشرا ونذيرا» : انتصب الثلاثة على الحال المقدرة، وهى أحوال من الكاف فى «أرسلناك» ، والعامل فيه «أرسل» ، كما أنه هو العامل فى صاحب الحال.
10- إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ...
«إن الذين يبايعونك» : ابتداء، خبره: «إنما يبايعون الله» . ويجوز أن يكون الخبر: «يد الله فوق أيديهم» ، وهو ابتداء وخبر فى موضع خبر «إن» .
16- قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً ...
«تقاتلونهم أو يسلمون» : يسلمون، عند الكسائي، عطف على «تقاتلون» .
وقال الزجاج: هو استئناف أي: أو هم يسلمون.
وفى قراءة أبى: ويسلموا، بالنصب، على إضمار «أن» .
ومعناه عند البصريين: إلا أن يسلموا.
وقال الكسائي: معناه: حتى يسلموا.(4/415)
21- وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً «وأخرى لم تقدروا» : أخرى، فى موضع نصب على العطف على «مغانم» ، وفى الكلام، حذف مضاف، التقدير: وعدكم الله ملك مغانم وملك أخرى، لأن المفعول الثاني ل «وعد» ، لا يكون إلا مصدرا، لأن الجثث لا يقع الوعد عليها إنما يقع على ملكها وحيازتها، تقول: وعدتك غلاما، فلم تعده رقبة غلام إنما وعدته ملك رقبة غلام.
23- سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا «سنة الله» : نصب على المصدر، ومعنى «لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ- الآية: 22» : سن الله توليهم الأدبار سنة كما سنها فيمن خلا من الأمم الكافرة.
ويجوز فى الكلام «سنة الله» ، بالرفع، فتضمر الابتداء، «وسنة» : خبر له.
24- وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ ...
«ببطن مكة» : لم تنصرف «مكة» لأنه معرفة، اسم لمؤنث، وهى المدينة.
25- هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ ...
«والهدى معكوفا» أي: يبلغ الهدى، منصوب على العطف على الكاف والميم فى «صدوكم» ، و «أن» :
فى موضع نصب، على تقدير: حذف الخافض أي: عن أن يبلغ.
«ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات» : ارتفع «رجال» بالابتداء، و «نساء» : عطف عليهم، والخبر:
محذوف أي: بالحضرة، أو بالموضع، أو بمكة.
«أن تطؤوهم» : أن، فى موضع رفع على البدل من «رجال» و «نساء» ، أو فى موضع نصب على البدل من الهاء والميم فى «تعلموهم» التقدير، على القول الأول: ولولا وطؤكم رجالا مؤمنين لم تعلموهم فتصيبكم منهم معرة وعلى القول الثاني: ولولا رجال مؤمنون لم تعلموا وطأهم فتصيبكم.
وهو بدل الاشتمال فى الوجهين، والقول الأول أبين وأقوى فى المعنى.
والوطء، هنا: القتل.(4/416)
«لم تعلموهم» : فى موضع رفع على النعت لرجال ولنساء، وجواب «لولا» محذوف.
27- لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً «محلقين رءوسكم ومقصرين» : حالان، من المضمر المرفوع فى «لتدخلن» ، و «الواو» محذوفة من «لتدخلن» ، وهى واو ضمير الجماعة، وحذفت لسكونها وسكون أول المشدد، وكذلك: «لا تخافون» : حال أيضا منهم أي:
غير خائفين.
29- مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً «محمد رسول الله» : ابتداء وخبر.
«والذين معه أشداء» : ابتداء أيضا وخبر، و «رحماء» : خبر ثان، فيكون الإخبار بالشدة والرحمة وما بعد ذلك من ركوعهم وسجودهم وضرب الأمثال بهم عن الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي أرفع درجة منهم، لأنهم إنما أدركوا هذه الدرجة به وعلى يديه صلى الله عليه وسلم.
وقيل: محمد، ابتداء، و «رسول الله» : نعت له، و «الذين معه» : عطف على «محمد» ، و «أشداء» : خبر الابتداء عن الجميع، و «رحماء» : خبر ثان عنهم، فيكون النبي عليه السلام داخلا فى جميع ما أخبر عنهم من الشدة والرحمة والركوع والسجود وضرب الأمثال المذكورة.
وتقف فى القول الأول على «رسول الله» صلى الله عليه وسلم، ولا تقف عليه فى القول الثاني.
«ركعا سجدا» : حالان، من الهاء والميم فى «تراهم» ، لأنه من رؤية العين وكذلك: «يبتغون» : حالا منهم أيضا.
«سيماهم» : ابتداء، و «من أثر السجود» : الخبر.(4/417)
ويجوز أن يكون الخبر: «فى وجوههم» ، وهو أبين وأحسن.
«ذلك مثلهم فى التوراة» : ذلك، ابتداء، و «مثلهم» : خبر.
«ومثلهم فى الإنجيل» : عطف على «مثل» الأول، فلا تقف على «التوراة» ، إذا جعلتها عطفا على «مثل» الأول، ويكون المعنى: إنهم قد وصفوا فى التوراة والإنجيل بهذه الصفات المتقدمة، ويكون «الكاف» فى قوله «كزرع أخرج شطأه» خبر ابتداء محذوف تقديره: هم كزرع، فتبتدىء ب «الكاف» وتقف على «الإنجيل» .
ويجوز أن يكون «مثلهم فى الإنجيل» : ابتداء، و «كزرع» : الخبر، فتقف على «التوراة» وتبتدئ ب «ومثلهم فى الإنجيل كزرع» ، ولا تقف على «الإنجيل» ، ولا تبتدئ ب «الكاف» فى هذا القول، لأنها خبر الابتداء، ويكون المعنى: إنهم وصفوا فى الكتابين بصفتين: وصفوا فى التوراة أنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، وأن سيماهم فى وجوههم من أثر السجود، ووصفوا فى الإنجيل أنهم كزرع أخرج شطأه، إلى تمام الصفة.
والقول الأول: قول مجاهد، والثاني قول: الضحاك وقتادة.
- 49- سورة الحجرات
2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ «كجهر بعضكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: جهرا كجهر.
«أن تحبط» : أن، فى موضع نصب، على حذف الجار تقديره: لأن تحبط، مثل قوله تعالى: «رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ» 10: 88 3- إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ «إن الذين يغضون أصواتهم» ، خبر «إن» : «أولئك الذين» وقيل: هو نعت ل «الذين» ، والخبر:
«لهم مغفرة وأجر عظيم» ، هو ابتداء وخبر، فى موضع خبر «إن» .(4/418)
4- إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ «إن الذين ينادونك» ، خبر «إن» : «أكثرهم لا يعقلون» : وهو ابتداء وخبر، فى موضع خبر «إن» .
ويجوز فى الكلام نصب «أكثرهم» ، على البدل من «الذين» ، وهو بدل الشيء من الشيء، والثاني بعضه.
6- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ «أن تصيبوا» : أن، فى موضع نصب، لأنه مفعول من أجله.
«فتصبحوا» : عطف عليه.
9- وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ ...
«وإن طائفتان» : ارتفع «طائفتان» بإضمار فعل تقديره: وإن اقتتلت طائفتان، وإن كانت طائفتان، لأن الشرط لا يكون إلا بفعل، فلم يكن بد من إضمار فعل، وهو مثل «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» 9: 6، ولا يجوز حذف الفعل مع شىء من حروف الشرط العاملة، إلا مع «إن» وحدها، وذلك لقوتها وأنها أصل حروف الشرط.
14- قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «قل لم تؤمنوا» : إنما أتت «لم» ، ولم تأت «لن» ، لأن «لم» لنفى الماضي، و «لن» إنما هى نفى لما يستقبل، فالقوم إنما أخبروا عن أنفسهم بإيمان قد مضى، فنفى قولهم ب «لم» ، ولو أخبروا عن أنفسهم بإيمان سيكون لكان النفي ب «لن» ، ألا ترى إلى قوله: «فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ» ، فقال: «فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً» 9: 83 لأنهم إنما قالوا: نخرج معك يا محمد مستأذنين فى خروج مؤتنف، فلذلك نفى ب «لن» ولن ينف ب «لم» .
«لا يلتكم» : من قرأ بلام بعد الياء، فهو من: لات يليت، مثل كال يكيل ومن قرأ بهمزة بعد الياء، فهو(4/419)
من: ألت يألت، وفيه لغتان: ألت يألت، وآلت يؤلت، وبه قرأ به ابن كثير فى سورة الطور (الآية: 21) ، وقرأ الجماعة بالفتح، بمعنى: النقص.
- 50- سورة ق
1- ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ «والقرآن» : قسم، وجوابه عند الأخفش: قد علمنا، الآية: 4، على حذف اللام أي: لقد علمنا.
وقال الزجاج: الجواب محذوف تقديره: والقرآن المجيد لتبعثن، لأنهم أنكروا البعث فى الآية بعده.
وقيل: «قاف» : القسم يقوم مقام الجواب، وأن معنى «قاف» : قضى الأمر والقرآن المجيد، ف «قضى الأمر» هو الجواب، ودلت «قاف» على ذلك.
وقيل: «قاف» : اسم للجبل وتقديره: هو قاف والقرآن المجيد. والجملة تسد مسد جواب القسم.
3- أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ «أئذا متنا» : العامل فى «إذا» : فعل محذوف، دل عليه الكلام، لأنهم قوم أنكروا البعث، فكأنهم قالوا:
فنبعث إذا متنا؟ ولا يعمل فيه «متنا» ، لأن «إذا» مضافة إلى «متنا» ، والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف.
9- وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ «وحب الحصيد» : هذا عند الكوفيين من إضافة الشيء إلى نفسه تقديره عندهم: والحب الحصيد أي:
المحصود، ثم حذف الألف واللام من «الحب» وأضاف إليه «الحصيد» ، وهو نعته، والنعت هو المنعوت، وهو عند البصريين إضافة صحيحة، لكن فيه حذف موصوف وإقامة الصفة مقامه تقديره: وحب النبت الحصيد أي:
المحصود، فحذف «النبت» وأقام نعته مقامه، وأضيف «الحب» إلى «الحصيد» على هذا التقدير.
11- رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ «رزقا للعباد» : مصدر وقيل: مفعول من أجله.
14- وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ «كل» : بمعنى: كلهم، حكى سيبويه: مررت بكل جالسا، فنصب جالسا على الحال، لأن «كلا» معرفة، إذ تقديره: كلهم.(4/420)
وأجاز بعض النحويين: كل منطلق، فبنى «كلا» على الضم، لحذف ما أضيف إليه، جعله ك «قبل» ، و «بعد» .
16- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ «توسوس به» : الهاء، تعود على «ما» .
17- إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ مذهب سيبويه: أن «قعيد» ، محذوف من أول الكلام، لدلالة الثاني عليه.
ومذهب المبرد: أن «قعيد» ، الذي فى التلاوة، للأول، ولكن أخر اتساعا، وحذف «قعيد» من الثاني لدلالة الأول عليه.
ومذهب الأخفش والفراء: أن «قعيد» ، الذي فى التلاوة، يؤدى عن اثنين وأكثر، ولا خلاف فى الكلام.
21- وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ «معها سائق» : سائق، ابتداء، و «معها» : الخبر، والجملة: فى موضع نصب على الصفة ل «نفس» ، أو ل «كل» .
22- لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ «لقد كنت فى غفلة» : هو خطاب للكافر.
وقيل: للكافر والمؤمن.
وقيل: للنبى صلى الله عليه وسلم.
23- وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ «هذا» : مبتدأ، و «ما لدى عتيد» : خبران.
وقيل: «ما» : الخبر، و «عتيد» : بدل من «ما» ، أو نعت لها، أو رفع على إضمار مبتدأ.
ويجوز فى الكلام نصب «عتيد» على الحال.(4/421)
24- أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ «ألقيا فى جهنم» : مخاطبة للقرين، وإنما ثنى لأنه أراد التكرير بمعنى: ألق ألق.
وقيل: إنما أتى مثنى، لأن العرب تخاطب الواحد بلفظ الاثنين.
وقيل: ثنى، لأن أقل أعوان من له مال وشرف اثنان وأكثر، فبنى على ذلك.
وقيل: هو خطاب للسائق والحافظ.
26- الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ «الذي» : فى موضع نصب، على البدل من «كل» ، أو على: «أعنى» ، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ، أو بالابتداء، والخبر: «فألقياه» .
33- مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ «من» : فى موضع خفض على البدل من «لكل» الآية: 32، أو فى موضع رفع بالابتداء، والخبر:
«ادخلوها» الآية: 34، وجواب الشرط محذوف والتقدير: فيقال لهم: ادخلوها.
44- يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ «سراعا» : حال من الهاء والميم فى «عنهم» ، والعامل فيه: «تشقق» ، وقيل: المعنى: فيخرجون سراعا، فيكون حالا من المضمر فى «يخرجون» ، و «يخرجون» هو العامل فيه.
- 51- سورة الذاريات
1، 2، 3، 4- وَالذَّارِياتِ ذَرْواً فَالْحامِلاتِ وِقْراً فَالْجارِياتِ يُسْراً فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً «والذاريات، فالحاملات، فالجاريات، فالمقسمات» : كل هذه صفات قامت مقام موصوف، مسوقة على تقدير القسم بخالقها ومسيرها، وهو الله لا إله إلا هو تقديره: ورب الرياح الذاريات، والسحاب الحاملات، والسفن الجاريات، والملائكة المقسمات» ، والجواب: «إنما توعدون لصادق» الآية: 5 و «يسرا» : نعت لمصدر محذف تقديره: جريا يسرا.(4/422)
13- يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ «يوم» : مبنى على الفتح، لأن إضافته غير محضة وأضيف إلى غير متمكن موضعه، نصب، على معنى: الجزاء يوم هم على النار يفتنون.
وقيل: موضعه رفع على البدل من «يوم الدين» .
وقيل: هو منصوب وليس بمبنى، ونصبه على إضمار تقديره: الجزاء يوم هم.
17- كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ اسم «كان» المضمر الذي فيها، وهو الواو، و «يهجعون» : خبر «كان» ، و «قليلا» : نعت لمصدر محذوف، أو لظرف محذوف تقديره: كانوا وقتا قليلا يهجعون، أو هجوعا قليلا يهجعون، و «ما» : زائدة للتوكيد، وإن شئت: جعلت «ما» والفعل مصدرا فى موضع رفع على البدل من المضمر فى «كان» ، و «قليلا» خبر «كان» تقديره: كان هجوعهم من الليل قليلا.
وإن شئت: رفعت المصدر ب «قليل» ، ونصبت «قليلا» على خبر «كان» ، ولا يجوز أن تنصب «قليلا» ب «يهجعون» ، إلا و «ما» زائدة، لأنك إن نصبته ب «يهجعون» ، و «ما» والفعل مصدر، كنت قد قدمت الصلة على الموصول.
ويجوز أن يكون «قليلا» خبر «كان» ، واسمها فيها، و «ما» : نافية، وهو قول الضحاك، ويكون الوقف على «قليلا» حسنا، وهو قول يعقوب وغيره ولا يوقف على «قليل» فى الأقوال الأولى.
23- فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ من نصب «مثل» بناه على الفتح، لإضافته إلى غير متمكن، وهو «أنكم» ، و «ما» : زائدة للتوكيد.
وقيل: هو مبنى على الفتح لكون «مثل» و «ما» اسما واحدا، فلما جعله شيئا واحدا بنى «مثل» على الفتح، وهو قول المازني.
وقيل: إن «مثل» : منصوب على الحال من نكرة، وهو «لحق» ، وهو قول الجرمي.
وقيل: هو حال من المضمر المرفوع فى قوله «لحق» ، و «ما» : زائدة، و «مثل» : مضاف إلى «أنكم» ، ولم ينصرف لإضافته إلى غير متمكن، وهى إضافة غير محضة.(4/423)
وقال بعض الكوفيين: انتصب «مثل» على حذف الكاف تقديره: إنه لحق كمثل ما أنكم تنطقون.
و «ما» : زائدة تقديره: كمثل نطقكم.
ولا يجوز ذلك عند البصريين.
فأما من رفع «مثل» فإنه جعله صفة «لحق» ، لأنه نكرة، إذ إضافته غير محضة، لأن الأشياء التي تقع لتماثل بها بين المثلين كثيرة، فلم يعرّف لإضافته إلى «أنكم» ، لذلك لما لم يتعرف حسن وصف «لحق» به، كما تقول: مررت برجل مثلك. و «أنكم» ، على هذه الأقوال: فى موضع خفض ب «مثل» ، وهى وما بعدها مصدر، والتقدير: إنه لحق مثل نطقكم.
25- إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ «سلاما» : انتصب على المصدر، أو لوقوع القول عليه.
«قال سلام» : ابتداء، والخبر محذوف تقديره: قال سلام عليكم.
وقيل: هو خبر ابتداء محذوف تقديره: قال: أمرى سلام.
ومن قرأ «سلم» ، فهو على تقدير: نحن سلم.
وقيل: هو بمعنى سلام كما يقال: هو حل وحلال، بمعنى.
29- فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ «عجوز» : خبر ابتداء محذوف تقديره: أنا عجوز.
46- وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ من خفض «قوم» عطفه على قوله: «وفى عاد إذ أرسلنا» الآية: 41.
وقيل: هو معطوف على: «وفى موسى» الآية: 39.
وقيل: على «وفى الأرض» الآية: 20.
ومن نصبه عطفه على الهاء والميم فى قوله «فأخذتهم» الآية: 44.
وقيل: تقديره: وأهلكنا قوم نوح.
وقيل: على معنى: واذكر قوم نوح.(4/424)
وقيل: هو معطوف على «فأخذناه» الآية: 40.
وقيل: على «فنبدناهم» الآية: 40.
52- كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ «كذلك» : الكاف، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره: الأمر كذلك.
وقيل: هى فى موضع نصب، على النعت لمصدر محذوف.
58- إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ «المتين» : خبر بعد خبر ل «إن» .
وقيل: هو نعت ل «الرزاق» ، أو ل «ذو القوة» ، أو على إضمار مبتدأ، أو نعت لاسم «إن» على الموضع.
ومن خفض جعله نعتا ل «القوة» ، وذكّر، لأنه تأنيث غير حقيقى.
- 52- سورة الطور
9- يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً العامل فى «يوم» : «واقع» الآية: 7 أي: إن عذاب ربك لواقع يوم تمور السماء، ولا يعمل فيه «دافع» الآية: 8، لأن المنفي لا يعمل فيما قبل «الهاء» ، فلا تقول: طعامك ما زيد آكل، رفعت «آكلا» أو نصبته، أو أدخلت عليه «الهاء» ، فإن رفعت «الطعام» بالابتداء، وأوقعت «آكلا» على «هاء» ، جاز، وما بعد «الطعام» : خبره، ويصح حذف «الهاء» .
11- فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ «ويل» : ابتداء عامل فى «يومئذ» ، و «للمكذبين» : الخبر، و «الفاء» جواب الجملة المتقدمة، وحسن ذلك لأن فى الكلام معنى الشرط، لأن المعنى: إذا كان ما ذكر فويل يومئذ للمكذبين.
13- يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا «يوم» : بدل من «يومئذ» .(4/425)
14- هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ «هذه النار» : ابتداء، وخبره: مقول تقديره: يقال لهم: هذه النار، ومثله فى إضمار القول قوله:
«كلوا واشربوا» الآية: 19 أي: يقال لهم كلوا واشربوا.
19- كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «هنيئا» : نصب على المصدر.
29- فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ يجوز فى «مجنون» ، فى الكلام: النصب على العطف على موضع «بكاهن» فى لغة أهل الحجاز.
ويجوز الرفع، على العطف على موضع «بكاهن» ، فى لغة بنى تميم.
وعلى إضمار مبتدأ أي: ولا هو مجنون.
44- وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ «سحاب» : رفع على إضمار مبتدأ تقديره: هذا سحاب.
45- فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ «فذرهم» : أصله «فاوذرهم» ، لكن حذفت الواو لأنه بمعنى «فدعهم» ، فحمل على نظيره فى المعنى، ودل على ما يقوم مقامه، لأنهم استغنوا عن استعمال «ودع» ، لقولهم: «ترك» ، وكذلك «وذر» ، لم يستعمل كما لم يستعمل «ودع» ، وإنما حذفت الواو من «يدع» ، لأنه بمنزلة «يزن» ، الدال كالزاى فى الحركة، لكن فتحت الدال فى «يدع» لأجل حرف الحلق بعدها، وأصلها الكسر، كالزاى من «يزن» ، فحذفت «الواو» على الأصل لوقوعها بين ياء وكسرة، وحذفت فى «يذر» لأنها بمعنى: يدع.
46- يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ «انتصب «يوم» على البدل من «يومهم» ، «ويومهم» : منصوب ب «يلاقوا- الآية: 45» ، مفعول به، وليس نصبه على الظرف.
49- وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ «إدبار» : ظرف زمان تقديره: وسبحه وقت إدبار النجوم، ومثله: «وَأَدْبارَ السُّجُودِ» 50: 40، على قراءة(4/426)
من كسر الهمزة، فأما من فتحها فى «سورة: ق- الآية: 40» فإنه جعله جمع «دبر» ، وهو ظرف متسع فيه، حكى عن العرب: جئتك دبر الصلاة. وكل هذا إنما هو على حذف «وقت» ، كما تقول: جئتك مقدم الحاج، وخفوق النجم أي: وقت ذلك.
- 53- سورة النجم
7- وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «استوى» الآية: 6، أي: استوى عاليا، يعنى جبريل عليه السلام، فالضميران لجبريل.
وقال الفراء: هو عطف على المضمر فى «استوى» ، جعل فى «استوى» ضمير محمد عليه السلام، و «هو» :
ضمير جبريل عليه السلام، عطف على المضمر المرفوع من غير أن يؤكده، وهو قبيح عند البصريين، وكان القياس عندهم لو حملت الآية على هذا المعنى أن يقول: فاستوى هو وهو بالأفق، و «استوى» : يقع للواحد، وأكثر ما يقع من اثنين، ولذلك جعل الفراء الضميرين لاثنين.
9- فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «أو أدنى» : أو، على بابها، والمعنى: فكان لو رآه الرائي منكم قال: هو قدر قوسين أو أدنى فى القرب.
11- ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى من خفف «كذب» جعل «ما» فى موضع نصب على حذف الخافض، أي: فيما رأى. و «ما» : بمعنى «الذي» ، و «رأى» : واقعة على «هاء» محذوفة أي: رآه، و «رأى» من رؤية العين.
ويجوز أن يكون «ما» والفعل: مصدرا، فلا يحتاج إلى إضمار «هاء» .
ومن شدد «كذب» ، جعل «ما» مفعولا به، على أحد الوجهين، ولا تقدير حذف حرف جر فيه، لأن الفعل إذا شدد تعدى بغير حرف.
13- وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى «نزلة» : مصدر فى موضع الحال، كأنه قال: ولقد رآه نازلا نزلة أخرى، وهو عند الفراء نصب، لأنه فى موضع الظرف، إذ معناه: مرة أخرى، و «الهاء» فى «رآه» تعود على جبريل.(4/427)
26- وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً ...
«كم» : خبرية، وموضعها رفع بالابتداء، و «لا تغنى» : الخبر.
28- وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ...
«به» : الهاء، تعود على الأسماء، لأن التسمية والأسماء بمعنى.
30- ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى «أعلم» ، بمعنى: عالم، ومثله «وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى» 16: 25، وفيه نظر، لأن «أفعل» إنما يكون بمعنى فاعل إذا كان للمخبر عن نفسه.
ويجوز أن تكون على بابها للتفضيل فى العلم أي: هو أعلم من كل أحد بهذين الصنفين، وبغيرهما، ومثل ذلك «هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى» 53: 32 31- وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى «ليجزى» : اللام، متعلقة بالمعنى، لأن معنى «وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» 16: 49، هو: مالك للجميع يهدى من يشاء ويضل من يشاء ويضل ليجزى الذين.
وقيل: اللام، متعلقة بقوله «لا تغنى شفاعتهم» الآية: 26.
32- الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ...
«الذين» : فى موضع نصب على البدل من «الذين» فى قوله، ويجزى الذين أحسنوا» الآية: 31.
«إلا اللمم» : استثناء من الأول، وهو صغائر الذنوب، من قولهم: ألممت بالشيء إذا قللت نيله، وهو أحسن الأقوال فيه.
38- أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «أن» : فى موضع خفض على البدل من «ما» فى قوله «أم لم ينبأ بما فى صحف موسى» الآية: 36، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ أي: ذلك أن لا تزر، و «الهاء» : محذوفة مع، «أن» أي: أنه لا تزر.
39، 40- وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى «أن» ، فى الموضعين: عطف على، «أن لا تزر» .(4/428)
«وأجاز الزجاج «سوف يرى» ، بفتح الياء، على إضمار الهاء أي: سوف يراه. ولم يجزه الكوفيون، لأنه يصير «سعيه» قد عمل فيه «أن» و «يرى» ، وهو جائز عند المبرد وغيره، لأن دخول «أن» على «سعيه» وعملها فيه، بدل من «الهاء» المحذوفة من «يرى» ، وعلى هذا أجاز البصريون: إن زيدا ضربت، بغير «هاء» .
«ثم يجزاه» : الهاء، تعود على السعى أي: يجزى به و «الجزاء» : نصب على المصدر.
42، 43، 44، 45- وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى «أن» ، فى جميع ذلك: عطف على «أن لا تزر» ، على أحد وجهيها، وكذلك «أن» ، فيما بعد ذلك.
50- وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى أدغم نافع وأبو عمرو التنوين فى اللام من «الأولى» بعد أن ألقيا حركة الهمزة المضمومة من «الأولى» على لام التعريف وقد منع المبرد وغيره ذلك، لأنهما أدغما ساكنين فيما أصله السكون وحركته عارضة، والعارض لا يعتد به.
ووجه قراءتهما بالإدغام، هو ما حكى المازني وغيره، فمن أدغم التنوين من «عاد» فى اللام من «الأولى» اعتد بالحركة على اللام، وعلى ذلك قالوا: سل زيدا، إنما هو: اسأل، فلما ألقى حركة «الهمزة» على «السين» اعتد بها، فحذف ألف الوصل، وعلى ذلك قالوا: رد، وعض، ومد، أصله: افعل، ثم ألقيت حركة العين على الفاء.
واعتدوا بها، فحذفوا ألف الوصل لاعتدادهم بحركة الفاء، وإن كانت عارضة.
53- وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى «والمؤتفكة» : نصب ب «أهوى» .
- 54- سورة القمر
4- وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ «مزدجر» : الدال، بدل من تاء، وهو «مفتعل» من «الزجر» ، وإنما أبدلت الدال من التاء، لأن التاء مهموسة والزاى مهجورة، ومخرجهما قريب من الآخر، فأبدلوا من التاء حرفا هو من موافق الزاى فى الجهر، وهو الدال.(4/429)
5- حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ «حكمة» : رفع على البدل من «ما» فى قوله «ما فيه مزدجر» الآية: 4، أو على إضمار مبتدأ أي:
هى حكمة.
«فما تغن النذر» : ما، استفهام، ويجوز أن تكون فى موضع نصب ب «تغنى» ، ويجوز أن تكون نافية على حذف مفعول «تغنى» ، وحذفت «الياء» من «تغن» ، والواو من «يدع» الآية: 6، وشبه ذلك من خط الصحف، لأنه كتب على لفظ الإدراج والوصل، ولم يكتب على حكم الأصل والوقف، وقد غلط بعض النحويين فقال: إنما حذفت «الياء» من «فما تغن النذر» ، لأن «ما» بمنزلة «لم» ، فجزمت كما تجزم لم، وهذا خطأ لأن «لم» انما تنفى الماضي وترد المستقبل ماضيا، و «ما» تنفى الحال، فلا يجوز أن يقع أحدهما موقع الآخر لاختلاف معنييهما.
6- فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ «يوم» : نصب على إضمار فعل أي: اذكر يوم يدع، ولا يعمل فيه «قول» ، لأن «التولي» فى الدنيا، و «يوم يدع الداعي» فى الآخرة، ولذلك يحسن الوقف على «عنهم» ، ويبتدأ ب «يوم يدع الداعي» .
ويجوز أن يكون العامل فى «يوم» : «خشعا» الآية:، أو: «يخرجون» الآية: 7 7- خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ «خشعا» : نصب على الحال من الهاء والميم فى «عنهم» ، لذا يصح الوقف على «عنهم» .
وإن جعلته حالا من الضمير فى «يخرجون» ، حسن الوقف على «عنهم» .
وكذلك موضع «يخرجون» : حالا من الضمير المخفوض فى «أبصارهم» .
وكذلك موضع: «كأنهم جراد» ، وكذلك: «مهطعين» الآية: 8، كلها نصب على الحال.
12- وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ «الماء» : اسم للجنس، فلذلك لم يقل «الماءان» بعدد ذكره، لخروج الماء من موضعين: من السماء ومن الأرض.
وأصل «ماء» : موه، فأبدلوا من الواو ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت «ماه» ، و «الألف»(4/430)
خفية، و «الهاء» خفية، فاجتمع خفيان: عين ولام، فأبدلوا من «الهاء» حرفا قويا جلدا، وهو الهمزة، ودل على هذا التقدير: قولهم فى الجمع: أمواه، ومياه، وفى الصغير: مويه، فرد إلى أصله.
15- وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ «الهاء» : للعقوبة وقيل: للسفينة.
«مدكر» ، أصله: مدتكر، فهو «مفتعل» من «الذكر» ، لكن الدال حرف مهجور قوى، والتاء مهموسة ضعيفة، فأبدلوا من «التاء» حرفا من مخرجها مما يوافق الدال فى الجهر، وهو الذال، ثم أدغمت الدال فى الذال، ويجوز: مذكر، بالذال، على إدغام الثاني فى الأول، وبذلك قرأ قتادة.
16- فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ «كيف» : خبر «كان» ، و «عذابى: اسمها.
ويجوز أن يكون «كيف» : فى موضع الحال، ف «كان» بمعنى: وقع وحدث و «عذابى» : رفع ب «كان» ، ولا خبر لها.
19- إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ «صرصرا» ، أصله: صررا، من: صر الشيء، إذا صوت لكن أبدلوا من الراء الثانية صادا.
20- تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ «تنزع» : فى موضع نصب، على النعت ل «ريح» ، و «كأنهم» : فى موضع نصب، على الحال من «الناس» تقديره: إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا قارعة للناس مشبهين أعجاز نخل، وهى حال مقدرة أي:
يكونون كذلك.
وقيل: الكاف، فى موضع نصب بفعل مضمر تقديره: فيترككم كأعجاز نخل أي: مثل أعجاز نخل.
«منقعر» ، لأن النخل يذكر ويؤنث، فلذلك قال: منقعر، وقال فى موضع آخر: «أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ» : 69: 7 21- فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ «نذر» ، قيل: هو مصدر، بمعنى: إنذارى وقيل: هو جمع: نذير(4/431)
24- فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ «أبشرا منا» : نصب بإضمار فعل تقديره: أنتبع بشرا منا واحدا، ودل على الحذف قوله «نتبعه» .
و «منا» و «واحدا» : صفتان ل «بشرا» .
«وسعر» ، قيل: هو مصدر: سعر، إذا طاش وقيل: هو جمع «سعير» .
26- سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ «من الكذاب» : ابتداء وخبر والجملة: فى موضع نصب ب «سيعلمون» .
27- إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ «واصطبر» ، هو: افتعل، من «الصبر» ، وأصله: واصتبر، فأبدلوا من التاء حرفا يؤاخى «الصاد» فى الإطباق عملا واحدا، ومثله: مصطبر، وهو مفتعل، من: الصبر دليله أنك إذا صغرت أو جمعت حذفت الطاء، إذ هى بدل من تاء، تقول: مصيبر، ومصابر، كما تفعل ب «مكتسب» .
34- إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ «إلا آل لوط» : نصب على الاستثناء، وأصله: «أهل» ، ثم أبدلوا من «الهاء» همزة، لخفائها، فصار: أأل، فأبدلوا من الهمزة الساكنة ألفا، كما فعلوا فى: آتى، وآمن. ويدل على ذلك قولهم فى التصغير: أهيل.
«بسحر» : انصرف لأنه نكرة، ولو كان معرفة لم ينصرف، لأنه إذا كان معرفة فهو معدول عن الألف واللام، إذ تعرف بغيرهما، وحق هذا الصنف أن يعرف بهما، فلما لم يتعرف بهما صار معد ولا عنهما، فثقل مع ثقل التعريف، فلم ينصرف فإن نكر انصرف، ومثله: بكرة، إلا أن «بكرة» لم ينصرف للتأنيث والتعريف، ومثله: غدوة، فإن كان نكرة انصرف ك «سحر» .
35- نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ «نعمة» : مفعول من أجله، ويجوز فى الكلام الرفع، على تقدير: تلك نعمة.
«كذلك نجزى» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: نجزى من شكر جزاء كذلك.
37- وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ لا تكاد العرب تثنى «ضيفا» ولا تجمعه، لأنه مصدر وتقدير الآية: عن ذوى ضيفه، وقد ثناه بعضهم وجمعه.(4/432)
49- إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ الاختيار، على أصول البصريين: رفع «كل» ، والاختيار، عند الكوفيين: النصب فيه لأنه قد تقدم فى الآية شىء عمل فيما بعده، وهو «إن» ، فالاختيار عندهم النصب فيه.
وقد أجمع القراء على النصب فى «كل» ، على الاختيار، فيه عند الكوفيين، وليدل ذلك على عموم الأشياء المخلوقات أنها لله، بخلاف ما قاله أهل الزيغ أن ثم مخلوقات لغير الله، تعالى عن ذلك، وإنما دل النصب فى «كل» على العموم لأن التقدير: إنا خلقنا كل شىء خلقناه بقدر، ف «خلقناه» : تأكيد وتفسير ل «خلقنا» المضمر الناصب ل «كل» ، فإذا حذفته وأظهرت الأول صار تقديره: أنا خلقنا كل شىء بقدر، فهذا لفظ عام يعم جميع المخلوقات، ولا يجوز أن يكون «خلقناه» صفة ل «شىء» ، لأن الصفة والصلة لا يعملان فيما قبل الموصوف ولا فى الموصول.
ولا يكونان تفسيرا لما يعمل فيما قبلهما، فإذا لم يكن «خلقناه» صفة ل «شىء» ، لم يتبق إلا أنه تأكيد وتفسير للمضمر الناصب ل «كل» ، وذلك يدل على العموم أيضا، وأن النصب هو الاختيار عند الكوفيين، لأن «إنا» عندهم تطلب لفعل، فهى به أولى، فالنصب عندهم فى «كل» هو الاختيار، فإذا انضاف إليه معنى العموم والخروج من الشبه كان النصب أقوى كثيرا من الرفع.
- 55- سورة الرحمن
5- الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ «الشمس» : ابتداء، والخبر محذوف تقديره: والشمس والقمر يجريان بحسبان أي: بحساب.
وقيل: «بحسبان» ، هو الخبر.
8- أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ «أن» : فى موضع نصب، على حذف الخافض تقديره: لئلا تطغوا، ف «تطغوا» : فى موضع نصب ب «أن» .
وقيل: أن، بمعنى: أي، لا موضع لها من الإعراب، فيكون «تطغوا» ، على هذا: مجزوما ب «لا» .
(م 28- الموسوعة القرآنية ج 4)(4/433)
12- وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ «والحب» : قرأ ابن عامر بالنصب، عطفه على «الأرض» الآية: 10، لأن قوله «والأرض وضعها» معناه: خلقها، فتعطف «والحب» على ذلك أي: وخلق الحب والريحان.
ومن رفع عطفه على «فاكهة» الآية: 11، و «فاكهة» : ابتداء، و «فيها» : الخبر.
ومن خفض «الريحان» عطفه على «العصف» وجعل «الريحان» بمعنى: الرزق.
وأصل «ريحان» : ريوحان، ثم أبدلوا من الواو ياء، وأدغمت الياء فى الياء، كميت وهين، ثم خففت الياء، كما تقول فى «ميّت» : ميت وهيّن: هين، ولزم التخفيف فى «ريحان» لطوله وللحاق الزيادة فى آخره، وهما الألف والنون فوزنه «فيعلان» ، ولو كان «فعلان» لقلت: روحان، لأنه من: الروح، ولم يكن أبدل «الواو» : ياء، إذ لا علة توجب ذلك، فلما أجمع على لفظ «الياء» فيه علم أن له أصلا خفف منه، وهو ما ذكرنا.
17- رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ رفع على إضمار مبتدأ تقديره: هو رب المشرقين.
وقيل: هو بدل من الضمير فى «خلق» الآية: 14، ويجوز فى الكلام الخفض على البدل من «ربكما» الآية: 16 22- يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ أي: من أحدهما، ثم حذف المضاف، وهو «أحد» ، واتصل الضمير ب «من» ، كما قال: «عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ» 43: 31 أي: من إحدى القريتين، ثم حذف المضاف، وحذف المضاف جائز كثير سائغ فى كلام العرب كقوله: «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ» 12: 82، وكقوله: «الَّتِي أَخْرَجَتْكَ» 47: 13 24- وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ «كالأعلام» : الكاف، فى موضع نصب، على الحال من المضمر فى «المنشآت» .
35- يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ من: رفع «النحاس» عطفه على «شواظ» ، وهو أصح فى المعنى، لأن «الشواظ» : اللهب الذي لا دخان فيه والنحاس: الدخان، وكلاهما يتكون من النار.
فأما من قرأ: «ونحاس» ، بالخفض، فإنه عطفه على «نار» ، وفيه بعد، لأنه يصير المعنى أن اللهب من(4/434)
الدخان يتكون، وليس كذلك، إنما يتكون من النار وقد روى عن أبى عمرو أنه قال: لا يكون الشواظ إلا من نار وشىء آخر معه، يعنى من شيئين، من نار ودخان وحكى مثله عن الأخفش، فعلى هذا يصح خفض «النحاس» .
وقد قيل: إن التقدير: يرسل عليكما شواظ من نار وشىء من نحاس، ثم حذف «شيئا» وأقام «من نار» مقامه، وهو صفته، وحذف حرف الجر لتقدم نكرة، فيكون المعنى كقراءة من رفع «نحاسا» .
41- يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ ليس فى «يؤخذ» ضمير، و «بالنواصي» : يقوم مقام الفاعل وتقديره: فيؤخذ بنواصيهم.
وقيل: التقدير: فيؤخذ بالنواصي منهم.
ولا يجوز أن يكون فى «يؤخذ» ضمير يعود على «المجرمين» ، لأنه يلزم أن يقول: «فيؤخذون» ويلزم أن يتعدى «أخذ» إلى مفعولين، أحدهما بالباء، ولا يجوز ذلك، إنما يقال: أخذت الناصية، وأخذت بالناصية ولو قلت: أخذت الدابة بالناصية، لم يجز وحكى عن العرب: أخذت الخطام، وأخذت بالخطام، بمعنى.
وقد قيل: إن معناه: فيؤخذ كل واحد بالنواصي، وليس بصواب، لأن «أخذ» لا يتعدى إلى مفعولين أحدهما بالباء، كما سبق.
وقد يجوز أن يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر غير «الباء» ، نحو: أخذت ثوبا من زيد، فهذا المعنى غير الأول، فلا يحسن مع «الباء» مفعول آخر، إلا أن تجعلها بمعنى «من أجل» ، فيجوز أن تقول: أخذت زيدا بعمرو أي: من أجله وبذنبه.
48- ذَواتا أَفْنانٍ «ذواتا» : تثنية «ذات» ، على الأصل، لأن أصل «ذات» : ذوات، لكن حذفت «الواو» تخفيفا، للفرق بين الواحد والجمع، وأفنان: جمع «فنن» ، على قول من جعل «أفنانا» ، بمعنى: أغصان ومن جعل «أفنانا» ، بمعنى: أجناس وأنواع، كان الواحد «فنا» ، وكان حقه أن يجمع على: فنون.
54- مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ «متكئين على فرش» : حال، والعامل فيه مضمر تقديره: ينعمون متكئين، ودل على ذلك أن الآيات فى صفة النعيم.(4/435)
وقيل: هو حال من «من» ، فى قوله: «ولمن خاف» الآية: 45.
و «جنى الجنتين دان» : ابتداء وخبر، و «دان» : كقاض وعار، معتل اللام.
58- كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ «كأنهن» : فى موضع الحال من «قاصرات الطرف» الآية: 56، كأنه قال: فيهن قاصرات الطرف مشبهات الياقوت.
وذكر النحاس أن «الكاف» فى موضع رفع على الابتداء، وهو بعيد لا وجه له.
70- فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ أصل «خيرات» : على «فيعلات» ، لكن خفف، كميت وهين «خيرات» : ابتداء، و «فيهن» : الخبر.
76- مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ «رفرف» : اسم للجميع، فلذلك نعت ب «خضر» ، وهو جمع «أخضر» ، فهو كقوله: رهط كرام، وقوم لئام.
وقيل: هو جمع، واحده: رفرفة، و «عبقرى» ، قيل: واحده: عبقرية وقيل: «عبقرى» : واحد، يدل على الجمع، منسوب إلى «عبقر» ، وهو موضع.
- 56- سورة الواقعة
1- إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ «إذا» : ظرف زمان، والعامل فيها «وقعت» ، لأنها قد يجازى بها، فعمل فيها الفعل الذي بعدها، كما يعمل فى «ما» ، و «من» اللتين للشرط، فى قولك: ما تفعل أفعل، ومن تكرم أكرم، ف «من» ، و «ما» :
فى موضع نصب بالفعل الذي بعدهما بلا اختلاف، فإن دخلت ألف الاستفهام على «إذا» خرجت من حد الشرط، فلا يعمل فيها الفعل الذي بعدها، لأنها مضافة إلى ما بعدها، نحو «أئذا متنا» و «أئذا كنا» ، وشبهه.
وقد أجاز النحويون عمل «متنا» فى «إذا» ، وهو بعيد.(4/436)
وإنما لم يجاز ب «إذا» فى كل الكلام، وتعمل كغيرها، لأنها مخالفة لحروف الشرط، لما فيها من التحديد والتوقيت فى جواز وقوع ما بعدها، وكونه بغير احتمال، وحروف الشرط غيرها، إنما هى لشىء يمكن أن يقع وأن لا يقع وقد يقع «إذا» لشىء لا بد له أن يقع، نحو: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» 84: 1، و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» 81: 1.
3- خافِضَةٌ رافِعَةٌ رفع على إضمار مبتدأ أي: هى خافضة.
ومن قرأ بالنصب فعلى الحال من «الواقعة» الآية: 1، وفيه بعد، لأن الحال فى أكثر أحوالها أن تكون ويمكن أن لا تكون، والقيامة لا شك أنها ترفع قوما إلى الجنة وتخفض آخرين إلى النار، فلا بد من ذلك، فلا فائدة فى الحال.
وقد أجاز الفراء نصبها على إضمار: وقعت خافضة رافعة.
4- إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا العامل فى «إذا» ، عند الزجاج: «وقعت» الآية: 1، وهذا بعيد، إذا أعملت «وقعت» فى «إذا» الأولى، فإن أضمرت ل «إذا» الأولى عاملا آخر يحسن عمل «وقعت» فى «إذا» الثانية، إلا أن تجعل «إذا» الثانية بدلا من الأولى، فيجوز عمل «وقعت» فيهما جميعا.
8- فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ «أصحاب» ، الأولى: مبتدا، و «ما» : ابتداء ثان، وهى استفهام، معناه: التعجب فى التعظيم، و «أصحاب الميمنة» : خبر «ما» ، وخبر «أصحاب» الأولى، وجاز ذلك، وليس فى الجملة ما يعود على المبتدأ، لأن المعنى:
ما هم؟ ف «هم» : يعود على المبتدأ الأول، فهو كلام محمول على معناه لا على لفظه، ومثله «الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ» 69: 1، 2، و «الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ» 101: 1، 2، وإنما ظهر الاسم الثاني، وحقه أن يكون مضمرا، لتقدم إظهاره ليكون أجل فى التعظيم والتعجب وأبلغ، ومثله أيضا: «فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة» .
10، 11- وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «السابقون» ، الأول، ابتداء والثاني: نعته.
«وأولئك المقربون» : ابتداء وخبر فى موضع خبر الأول.(4/437)
وقيل: «السابقون» الأول: ابتداء والثاني: خبره، و «أولئك» : خبر ثان، أو بدل على معنى: السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله.
13، 14، 15- ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ «ثلة» : خبر ابتداء أي: هم ثلة.
وقيل. عطف عليه، و «على سرر» : خبر ثان.
16- مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ «متكئين» و «متقابلين» : حالان من المضمر فى «سرر» ، ولو كان «على سرر» ملغى غير خبر، لم يكن فيه ضمير.
22- وَحُورٌ عِينٌ من رفعه حمله على المعنى، لأن معنى الكلام: فيها أكواب وأباريق، فعطف «وحور عين» على المعنى ولم يعطفه على اللفظ، ومن خفضه عطفه على ما قبله، وحمله أيضا على المعنى، لأن المعنى: تنعمون بفاكهة ولحم وبحور عين.
ويجوز النصب، على أن يحمل أيضا على المعنى، لأن المعنى: مطوف عليهم بكذا وكذا، ويعطون كذا وكذا، ثم عطف «وحورا» على معناه.
«عين» : هو جمع: عيناء، وأصله «عين» على فعل، كما تقول: حمراء وحمر: وكسرت العين لئلا تنقلب الياء واوا، فتشبه ذوات الواو، وليس فى كلام العرب ياء ساكنة قبلها ضمة، ولا واو ساكنة قبلها كسرة.
ومن العرب من يقول: حير عين، على الإتباع.
24- جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «جزاء» : مصدر وقيل: مفعول من أجله.
26- إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً «سلاما» : نصب بالقول وقيل: هو نصب على المصدر وقيل: هو نعت ل «قيل» . ويجوز فى الكلام الرفع على معنى: سلام عليكم، ابتداء وخبر.(4/438)
35- إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً «أنشأناهن» ، الضمير، يعود على «الحور» المتقدمى الذكر.
وقال الأخفش: هو ضمير لم يجر له ذكر، إلا أنه عرف معناه.
37- عُرُباً أَتْراباً «عربا» : هو جمع «عروبة» ، ومن أسكن العين فعلى التخفيف، كعضد وعضد. و «الأتراب» :
جمع: ترب.
47- وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ من كسر الميم فى «متنا» جعله فعل يفعل، كخاف يخاف، والمستقبل عنده: يمات.
وقيل: هو شاذ فى المعتل، أتى على: فعل يفعل، بضم العين فى المستقبل، كما أتى فى السالم: فضل يفضل، على فعل يفعل، وهو شاذ أيضا.
55- فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ «شرب» ، من فتح الشين جعله مصدر «شرب» ، ومن ضمها جعله اسما للمصدر، ونصبه على المصدر أي:
شربا مثل شرب الهيم، ثم حذف الموصوف والمضاف.
و «الهيم» : جمع «هيماء» ، وكسرت الهاء لئلا تنقلب الياء واوا، فهو مثل «عين» .
وقيل: هو جمع «هائم» .
65- لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ «ظلتم» : أصلها: ظللتم، ثم حذفت اللام الأولى.
وقد قرىء بكسر الظاء، على أن حركة اللام الأولى الكسر.
79- لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ هذه الضمة فى «يمسه» يجوز أن تكون إعرابا، و «لا» نفى أي: ليس يمسه إلا المطهرون يعنى:
الملائكة، فهو خبر، وليس نهيا، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وغيرهم.(4/439)
وقيل: «لا» : للنهى، والضمة فى «يمسه» بناء، والفعل مجزوم، فيكون ذلك أمرا من الله أن لا يمس القرآن إلا طاهر، وهو مذهب مالك وغيره.
فيكون معنى التطهير، على القول الأول: من الذنوب والخطايا، وعلى القول الثاني: التطهير بالماء.
88، 89- فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ جواب «أما» و «إن» : فى الفاء، فى قوله «فروح» أي: فله روح، ابتداء وخبر.
وقيل: «الفاء» : جواب «أما» ، و «إن» : جوابها فيما قبلها، لأنها لم تعمل فى اللفظ.
وقال المبرد: جواب «إن» : محذوف، ولا يلى «أما» الأسماء أو الجمل، وفيها معنى الشرط، وكان حقها ألا يليها إلا الفعل، للشرط الذي فيها، لكنها نائبة عن فعل، لأن معناها: مهما يكن من شىء فالأمر كذلك فلما تابت بنفسها عن فعل، والفعل لا يليه فعل، امتنع أن يليها الفعل ووليها الاسم أو الجمل، وتقدير الاسم أن يكون بعد جوابها، فإذا أردت أن تعرف إعراب الاسم الذي بعدها فاجعل موضعها «مهما» ، وقدر الاسم بعد «الفاء» ، وأدخل «الفاء» على الفعل.
ومعنى «أما» ، عند أبى إسحاق: أنها خروج من شىء إلى شىء أي: دع ما كنا فيه وخذ فى غيره.
91- فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ ابتداء، وخبر.
93- فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ «فنزل» أي: فيها نزل، و «من حميم» : نعت ل «نزل» ، أو هو ابتداء وخبر.
95- إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ «حق اليقين» : نعت قام مقام منعوت تقديره: من الخبر اليقين.(4/440)
- 57- سورة الحديد
1- سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «والأرض» أي: وما فى الأرض، ثم حذفت «ما» ، على أنها نكرة موصوفة، قامت مقام الصفة، وهى «الأرض» ، مقام الموصوف، وهو «ما» .
ولا يحسن أن يكون «ما» ، بمعنى: «الذي» ، وتحذف الصلة، لأن الصلة لا تقوم مقام الموصول عند البصريين، وتقوم الصفة مقام الموصوف عند الجميع، فحمله على الإجماع أولى من حمله على الاختلاف.
4- ... وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «معكم» : نصب على الظرف، والعامل فيه المعنى تقديره: وهو شاهد معكم.
8- وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ ...
«ما» : ابتداء، و «لكم» : الخبر، و «لا تؤمنون» : حال.
10- ... وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ انتصب «كلا» ب «وعد» .
ومن قرأه بالرفع جعل «وعد» نعتا ل «كل» ، فلا يعمل فيه، فرفعه على إضمار مبتدأ تقديره: أولئك كل وعد الله الحسنى.
وقد منع بعض النحويين أن يكون «وعد» صفة ل «كل» ، لأنه معرفة تقديره: وكلهم، فلا يكون الخبر إلا «وعد» ، وهو بعيد، ولا يجوز عند سيبويه إلا فى الشعر.
11- مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ «قرضا» : قد تقدم ذكره فى «البقرة: 245» ، وهو مصدر أتى على غير المصدر، كما قال: «أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» 71: 17، وكما قالوا: أجاب جابة.
وقيل: هو مفعول به، كأنه قال: يقرض الله مالا حلالا.(4/441)
12- يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «يوم» : نصب على الظرف، والعامل فيه: «وله أجر» الآية: 11، و «يسعى» ، فى موضع نصب على الحال، لأن «ترى» من رؤية العين.
وقوله «بشراكم» : ابتداء، و «جنات» : خبره وتقديره: وبشرى لكم دخول جنات، ثم حذف المضاف، ومعناه: يقال لهم ذلك.
وأجاز الفراء نصب «جنات» على الحال، ويكون «يوم» : خبر «بشراكم» ، وتكون «جنات» : حالا لا معنى له، إذ ليس فيها معنى فعل.
وأجاز أن يكون «بشراكم» فى موضع نصب، على معنى: يبشرونهم بالبشرى، وينصب «جنات» ، ب «البشرى» .
وكله بعيد، لأنه يفرق بين الصلة والموصول ب «يوم» .
«خالدين فيها» : نصب على الحال، من الكاف والميم فى «بشراكم» 13- يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ «يوم» : ظرف، والعامل فيه: «ذلك هو الفوز» الآية: 12.
وقيل: هو بدل من «يوم» الأول.
و «فضرب بينهم بسور» : الباء، زائده و «سور» : فى موضع رفع، مفعول لم يسم فاعله، «والباء» :
متعلقة بالمصدر أي: ضربا بسور.
16- أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ «ما» : بمعنى «الذي» ، فى موضع خفض عطف على «ذكر» ، وفى «نزل» : ضمير الفاعل، يعود على «ما» ، ولا يجوز أن تكون مع الفعل مصدرا، لأن الفعل يبقى بغير فاعل.(4/442)
ومن قرأ «نزّل» بالتشديد، جعل فى «نزل» اسم الله- جل وعز- مضمرا، وقدر «هاء» محذوفة تعود على «ما» ، لأن الفعل لما شدد تعدى إلى مفعول.
19- وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «والشهداء» : رفع، عطف على «الصديقون» ، و «لهم أجرهم ونورهم» : يعود على الجميع.
وقيل: هو مبتدأ، و «عند ربهم» : الخبر، «ولهم أجرهم» : ابتداء وخبر، فى موضع خبر «الشهداء» ، إن شئت، والضمير يعود على «الشهداء» فقط.
20- اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ «أنما» : أن، سدت مسد مفعولى «علم» ، و «ما» : كافة، ل «أن» عن العمل، و «الحياة» : ابتداء، و «لعب» : الخبر، و «الدنيا» : فى موضع رفع نعت ل «الحياة» .
و «كمثل غيث» : الكاف، فى موضع رفع نعت ل «تفاخر» ، أو: على أنها خبر بعد خبر ل «الحياة» .
21- سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا ...
«عرضها كعرض» : ابتداء وخبر، فى موضع خفض على النعت ل «جنة» ، وكذلك: «أعدت» : نعت أيضا ل «جنة» .
22- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ «فى الأرض» : فى موضع رفع، صفة ل «مصيبة» على الموضع، لأن «من» : زائدة.
ويجوز أن يكون «فى الأرض» : ظرفا ل «أصاب» ، أو ل «مصيبة» ، فلا يكون فيه حينئذ ضمير «نبرأها» والضمير يعود على «مصيبة» ، وقيل: على «الأرض» ، وقيل: على «أنفسكم» .
24- الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ «الذين» : فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ، أو على الابتداء، والخبر محذوف أو فى موضع نصب على البدل من «كل» ، أو على: «أعنى» .(4/443)
25- ... وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ...
«فيه بأس» : ابتداء وخبر، فى موضع نصب على الحال من «الحديد» .
27- ... ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ ...
«إلا ابتغاء رضوان الله» : استثناء ليس من الأول، ويجوز أن يكون بدلا من المضمر المنصوب فى «كتبناها» .
- 58- سورة المجادلة
2- الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ «الذين» : ابتداء، و «ما هن أمهاتهم» : الخبر، وأتت «ما» فى موضع نصب.
«إلا اللائي» : فى موضع رفع خبر ما بعد «إلا» الموجبة، لأن «إن» بمعنى «ما» فى قوله «إن أمهاتهم» .
واللغتان متفقتان فى الإيجاب على الرفع فى الخبر، وكذلك إن تقدم الخبر على الاسم، فالرفع فى الخبر لا غير.
«منكرا وزورا» : نعتان لمصدر محذوف، نصب بالقول أي: ليقولون قولا منكرا وقولا زورا أي: كذبا وبهتانا.
ولو رفعته لا نقلب المعنى، لأنك كنت تحكى قولهم فتخبر أنهم يقولون هاتين اللفظين، وليس اللفظ بهاتين اللفظين يوجب ذمنهم.
3- وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ...
«لما» : اللام، متعلقة ب «يعودون» أي: يعودون لوطء المقول فيهن الظهار، وهن الأزواج، ف «ما» والفعل مصدر أي: لقولهم، والمصدر فى موضع المفعول، كقولهم: هذا درهم ضرب الأمير، أي: مضروبه، فيصير معنى «لقولهم» للمقول فيهن الظهار أي: لوطئهن بعد التظاهر منهن، فعليهم تحرير رقبة من قبل الوطء.(4/444)
وقيل: التقدير: ثم يعودون لإمساك المقول فيها الظهار ولا تطلق.
وقال الأخفش: اللام، متعلقة ب «تحرير» ، وفى الكلام تقديم وتأخير والمعنى: فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من الظهار، وتقدير الآية عنده: والذين يظاهرون من نسائهم فعليهم تحرير رقبة للفظهم بالظهار ثم يعودون للوطء.
وقال أهل الظاهر: إن «اللام» متعلقة ب «يعودون» ، فإن المعنى: ثم يعودون لقولهم فيقولون مرة أخرى، فلا يلزم المظاهر عندهم كفارة حتى يظاهر مرة أخرى.
وهذا غلط، لأن العود ليس هو أن يرجع الإنسان إلى ما كان فيه، دليله: تسميتهم للآخرة: المعاد، ولم يكن فيها أحد فيعود إليها.
وقال قتادة: معناه: ثم يعودون لما قالوا من التحريم فيحلونه، فاللام، على هذا متعلقة، ب «يعودون» .
5، 6- ... وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا ...
«يوم» : ظرف، والعامل فيه «عذاب مهين» أي: فى هذا اليوم.
7- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ...
«ثلاثة» : خفض، بإضافة «نجوى» إليها، و، «النجوى» بمعنى: السر، كما قال تعالى: «نُهُوا عَنِ النَّجْوى» 58: 8، و «بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ» 58: 13.
ويجوز أن يكون «ثلاثة» بدلا من «نجوى» بمعنى: المتناجين، كما قال «لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ» 4: 114 ويجوز فى الكلام رفع «ثلاثة» على البدل من موضع «نجوى» ، لأن موضعها رفع، و «من» : زائدة.
وإذا نصبت «ثلاثة» على الحال من المضمر المرفوع فى «نجوى» ، إذا جعلته بمعنى «المتناجين» ، جاز فى السلام.
18- يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ...
«جميعا» : نصب على الحال.
19- اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ...
«استحوذ» : هو مما جاء على أصله وشذ عن القياس، وكان قياسه «استحاذ» ، كما تقول: استقام الأمر، واستجاب الداعي.(4/445)
23- ... وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ ...
أصل «أب» : أبو، على فعل، دليله قولهم: أبوان، فى التثنية، وحذفت الواو منه لكثرة الاستعمال، ولو جرى على أصول الاعتلال لقلت: أباك، فى الرفع والنصب والخفض، بمنزله: عصا، وعصاك.
وبعض العرب يفعل فيه ذلك، ولكن جرى على غير قياس الاعتدال فى أكثر اللغات، وحسن ذلك فيه لكثرة استعماله ولصرفه.
فأما «ابن» ، فالساقط فيه ياء، وأصله: بنى، مشتق من: «بنا يبنى» ، والعلة فيه كالعلة فى «أب» .
وقد قيل: إن الساقط منه «واو» ، لقولهم: البنوة، وهو غلط، لأن «البنوة» فى وزنها: الفعولة، وأصلها:
البنوية، فأدغمت الياء فى الواو، وغلبت الواو للضمتين قبلها، ولو كانت ضمة واحدة لصرت إلى الكسر وغلبت «الياء» ، ولكن لو أتى ب «الياء» فى هذا لوجب تغيير ضمتين، فتستحيل الكلمة.
- 59- سورة الحشر
6- ... فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ ...
«ولا ركاب» ، يجوز فى الكلام: ولا ركابا، بالنصب، تعطفه على موضع «من خيل» ، لأن «من» زائدة، و «خيل» : مفعول به.
7- ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ ...
«دولة» : خبر «كان» ، والفيء: اسمها تقديره: كيلا يكون الفيء دولة.
ومن قرأ «تكون» بالتاء، ورفع «دولة» جعلها اسم «كان» ، و «كان» بمعنى: وقع، ولا تحتاج إلى خبر، و «لا» ، فى القراءتين: غير زائدة.
8- لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً ...
«يبتغون» : فى موضع نصب، على الحال من «الفقراء» ، أو: الضمير فى «أخرجوا» .
9- وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ...
«الذين» : فى موضع خفض، عطف على «الفقراء» ، و «يحبون» : فى موضع نصب، على الحال من «الذين» ، ومثله: ولا «يجدون» ، و «يؤثرون» أو فى موضع رفع على الابتداء، والخبر: «يحبون»(4/446)
12- لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ «لا يخرجون معهم» ، و «لا ينصرونهم» : لم يجز «ما» ، لأنهما جوابان لقسمين قبلهما، ولم يعمل فيهما الشرط.
14- لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ ...
«جميعا» : نصب على الحال، من المضمر المرفوع.
16- كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ ...
«كمثل» : الكاف، فى موضع رفع.
17- فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ «أن» : فى موضع رفع، اسم «كان» ، و «العاقبة» : الخبر، و «وخالدين» : حال.
ويجوز رفع «خالدين» على خبر «أن» ، ويلغى الظرف، وبه قرأ الأعمش.
وكلا الوجهين عند سيبويه سواء.
وقال المبرد: نصب «خالدين» على الحال، أو لئلا يلغى الظرف مرتين، يعنى «فى النار» و «فيها» .
ولا يجوز، عند الفراء، إلا نصب «خالدين» على الحال، لأنك لو رفعت «خالدين» على خبر «أن» كان حق «فى النار» أن يكون متأخرا، فيقدم المضمر على المظهر، لأنه يصير التقدير عنده: وكان عاقبتهما أنهما خالدان فيها فى النار، وهذا جائز عند البصريين، إذا كان المضمر فى اللفظ بعد المظهر، وإن كانت رتبة المضمر التأخير، إنما ينظر إلى اللفظ عندهم، وكلهم أجاز: ضر زيدا طعامه، بتأخير الضمير فى اللفظ، وإن كانت رتبته التقديم، لأنه فاعل.
21- لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ...
«خاشعا متصدعا» : حالان من الهاء فى «رأيته» ، و «رأيت» : من: رؤية العين.
24- هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ...
«المصور» : مفعّل، من: صور يصور، ولا يحسن أن يكون من: صار يصير لأنه يلزم فيه أن يقال:
المصيّر، بالياء، وهو نعت بعد نعت، أو خبر بعد خبر ويجوز نصبه فى الكلام، ولا بد من فتح الواو، فتنصبه ب «البارئ» أي: هو الله الخالق المصوّر أي: الذي يخلق المصوّر يعنى: آدم عليه السلام.
ولا يجوز نصبه مع كسر الواو.
وقد روى عن على رضى الله عنه أنه قرأ بفتح الواو وكسر الراء، على التشبيه ب «الحسن الوجه» .(4/447)
- 60- سورة الممتحنة
1- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي ...
«تلقون» : فى موضع نصب، على النعت ل «أولياء» .
«يخرجون الرسول» : فى موضع نصب، على الحال من المضمر فى «كفروا» .
«إن تؤمنوا» : أن، فى موضع نصب، مفعول من أجله.
«إن كنتم خرجتم» : أن، للشرط، وجواب الشرط فيما تقدم من الكلام، لأنها لم تعمل فى اللفظ.
«جهادا» : نصب على المصدر فى موضع الحال وقيل: هو مفعول من أجله، ومثله: «ابتغاء مرضاتى» .
3- لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «يوم» : ظرف، العامل فيه «ينفعكم» ، وتقف على «القيامة» .
وقيل: «ينفعكم» : هو العامل فى الظرف، وتقف على «بينكم» ، ولا تقف على «القيامة» .
4- قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ...
«برءاء» : جمع: برىء، ككريم وكرماء.
وأجاز عيسى بن عمر «براء» ، بكسر الباء، جعله ككريم وكرام.
وأجاز الفراء «براء منكم» ، بفتح الراء، بلفظ الواحد يدل على الجمع، كقوله «إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ» 43: 26.
و «براء» ، فى الأصل: مصدر، فهو يقع على الواحد والجمع بلفظ واحد، وتحقيقه: إننى ذو براء أي:
ذو تبرؤ منكم.
«إلا قول إبراهيم» : قول، استثناء ليس من الأول.(4/448)
8- لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «أن تبروهم» : أن، فى موضع خفض على البدل من «الذي» ، وهو بدل الاشتمال، ومثله: «أن تولوهم» الآية: 9.
وقيل: هما مفعولان من أجلهما.
10- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ...
«مهاجرات» : نصب على الحال، من «المؤمنات» .
«مؤمنات» : مفعول ثان ل «علمتموهن» ، «وهن» : الأول.
«أن تنكحوهن» : فى موضع نصب بحذف حرف الجر تقديره: فى أن تنكحوهن أي: ليس عليكم حرج فى نكاحهن إذا آتيتموهن أجورهن.
- 61- سورة الصف
3- كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ «مقتا» نصب على البيان.
«أن تقولوا» : أن، فى موضع رفع على الابتداء، وما قبلها الخبر تقديره: قولكم ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله.
ويجوز أن يكون «أن» فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ أي: هو أن تقولوا.
وفى «كبر» : ضمير فاعل أي: كبر المقت مقتا، هذا مما أضمر من غير تقدم ذكر قبله، لكنه أضمر على شريطة التفسير، لأنه بمعنى الذّم تقديره: قولكم ما لا تفعلون مذموم وقام قوله: «كبر مقتا» مقام «مذموم» ، كما تقول: زيد نعم رجلا، فترفع «زيدا» على الابتداء وما بعده خبره، وليس فيه ما يعود عليه، ولكنه جاز وحسن، لأن معناه المدح، فكأنه فى التقدير: زيد ممدوح، وقام قولك: «نعم رجلا» مقام «ممدوح» .(4/449)
4- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ «صفا» : مصدر، فى موضع الحال.
«كأنهم بنيان» : فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «يقاتلون» والتقدير: مشبهين بنيانا مرصوصا.
6- وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ ...
العامل فى «إذ» : فعل مضمر تقديره: واذكر إذ قال.
«مصدقا» و «مبشرا» : حالان، من عيسى عليه السلام.
11، 12- تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...
«تؤمنون، وتجاهدون» ، لفظهما، عند المبرد، لفظ الخبر ومعناه الأمر، كأنه قال: آمنوا وجاهدوا، ولذلك قال: «يغفر لكم» ، «ويدخلكم» : بالحزم، لأنه جواب الأمر، فهو محمول على المعنى.
ودل على ذلك أن فى حرف عبد الله «آمنوا» ، على الأمر.
وقال غيره: «تؤمنون» و «وتجاهدون» : عطف بيان على ما قبله، وتفسير ل «التجارة» ما هى، كأنه لما قال «هل أدلكم على تجارة» الآية: 10، لم يدر ما التجارة؟ فبينها بالإيمان والجهاد، فعلم أن التجارة هى الإيمان والجهاد، فيكون على هذا «يغفر» جواب الاستفهام محمول على المعنى، لأن المعنى: هل تؤمنون بالله وتجاهدون يغفر لكم، لأنه قد بين التجارة بالإيمان والجهاد، فهى هما، وكأنهما قد لفظ بهما فى موضع التجارة بعد «هل» ، فحمل الجواب على ذلك المعنى.
وقال الفراء: «يغفر» : جواب الاستفهام، فإن أراد هذا المعنى فهو حسن، وإن لم يرده فذلك غير جائز، لأن «الدلالة» لا تجب بها المغفرة، إنما تجب المغفرة بالقول والعمل.
13- وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ «أخرى» : فى موضع خفض، عطف على «تجارة» الآية: 10 أي: وهل أدلكم على خلة أخرى تحبونها.
هذا مذهب الأخفش، ويرفع «نصر» على إضمار مبتدأ أي: ذلك نصر، أو: هى نصر.
وقال الفراء: «أخرى» : فى موضع رفع على الابتداء والتقدير عنده: ولكم خلة أخرى.(4/450)
وهو اختيار الطبري، واستدل على هذا بقوله «نصر» و «فتح» ، على البدل من «أخرى» .
14- ... فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ «ظاهرين» : نصب على خبر «أصبح» ، والضمير: اسمها.
- 62- سورة الجمعة
2- هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ «يتلو، ويزكيهم ويعلمهم» : كلها نعوت ل «رسول» ، وكذلك: «منهم» ، نعت أيضا، فى موضع نصب كلها.
3- وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «آخرين» : فى موضع خفض، عطف على «الأميين» الآية: 2.
وقيل: فى موضع نصب، على العطف على المضمر المنصوب فى «يعلمهم» ، أو: «يزكيهم» .
وقيل: هو معطوف على معنى «يتلوا عليهم» ، لأن معناه: يعرفهم آياته.
«لما يلحقوا» : أصل «لما» : لم، زيدت عليها «ما» لينفى بها ما قرب من الحال، ولو لم يكن معها «ما» لكانت على نفى ماض لا غير، وإذا قلت: لم يقم زيد، فهو نفى لمن قال: قام زيد وإذا قلت: لما يقم زيد، فهو نفى لمن قال: يقوم زيد.
5- مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «يحمل» : حال من «الحمار» .
«بئس مثل القوم» : مثل، مرفوع ب «بئس» ، والجملة: فى موضع البيان لمحذوف تقديره: بئس مثل القوم هذا المثل، لكن حذف لدلالة الكلام عليه.
8- قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ...
«ملاقيكم» : خبر «إن» ، وإنما دخلت الفاء فى خبر «إن» ، لأنه قد نعت اسمها ب «الذي» ، والنعت هو المنعوت، و «الذي» مبهم، والإبهام حد من حدود الشرط، فدخلت «الفاء» فى الخبر لما فى «الذي» من الإبهام،(4/451)
الذي هو من حدود الشرط، وحسن ذلك لأن «الذي» قد وصل يفعل، ولو وصل بغير فعل لم يجز دخول «الفاء» فى الخبر، لو قلت: إن أخاك فجالس، لم يجز إذ ليس فى الكلام ما فيه إبهام.
ويجوز أن يكون «الذي تفرون منه» هو الخبر، ويكون «الفاء» فى «فإنه ملاقيكم» : جواب للجملة، كما تقول: زيد منطلق فقم إليه.
9- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ...
«الجمعة» : يجوز إسكان الميم استخفافا.
وقيل: هى لغة وقيل: لما كان فيه معنى الفعل صار بمنزلة «رجل هزأة» ، لأنه مفعول به فى المعنى وشبهه، فصار كهزأة، الذي يهزأ منه.
وفيه لغة ثالثة: الجمعة، بفتح الميم، على نسب الفعل إليها، كأنها تجمع الناس، كما يقال: رجل لحنة، إذا كان يلحن الناس وقرأة، إذا كان يقرئ الناس.
- 63- سورة المنافقون
1- إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ العامل فى «إذا» : «جاءك» ، لأن فيها معنى الشرط، وقد تقدمت عليها.
«يعلم إنك لرسوله» : كسرت «إن» ، لدخول اللام عليها فى خبرها، فالفعل معلق عن العمل فى اللفظ، وهو عامل فى المعنى فى الجملة، ولا يعلق عن العمل إلا الأفعال التي تنصب الابتداء والخبر.
2- اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «ما» : فى موضع رفع ب «ساء» ، على قول سيبويه، و «وكانوا يعملون» : صلة «ما» ، و «الهاء» :
محذوفة أي: يعملونه.
وقال الأخفش: «ما» : نكرة، فى موضع نصب، و «كانوا يعملون» : نعته، «والهاء» : محذوفة أيضا من الصلة، وحذفها من الصلة أحسن، وهو جائز من الصفة.(4/452)
وقال ابن كيسان: «ما» والفعل: مصدر، فى موضع رفع ب «ساء» ، فلا يحتاج إلى «هاء» محذوفة، على قوله.
5- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ «تعالوا يستغفر» : أعمل الثاني منهما، وهو «يستغفر» . وليس فيه ضمير، لأن فاعله بعده، ولو أعمل الأول فى الكلام، وهو «تعالوا» ، لقيل: تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله لأن تقديره: تعالوا إلى رسول الله يستغفر لكم، ففى «يستغفر» : ضمير الفاعل على هذا التقدير.
6- سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «لن يغفر» : لن، هى الناصبة للفعل، عند سيبويه.
وقال الخليل: أصلها «لا أن» ، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال، ثم حذفت ألف «لا» لسكونها وسكون النون، فبقيت: لن، و «ولن» موضوعه لنفى المستقبل فإذا قلت: لن يقوم زيد، فإنما هو نفى لمن قال: سيقوم زيد ولذلك لا يجوز دخول السين وسوف مع «لن» ، لأنها لا تدخل إلا على مستقبل، فلا تحتاج إلى السين وسوف معها، ف «لن» هى الناصبة للفعل، عند الخليل.
وقال سيبويه: إنه لا يجوز: زيدا لن أضرب، لأنه فى صلة «لن» ، على قول الخليل.
وقد منع بعض النحويين- وهو على بن سليمان- أن يجوز: زيدا لن أضرب، من جهة أن «لن» لا تتصرف، فهى ضعيفة لا يتقدم عليها ما بعدها، كما لم يجز أن يتقدم اسم «أن» عليها، وعوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال، وإذا لم يتقدم ما بعد عوامل الأسماء عليها، وهى أقوى من عوامل الأفعال، كان ذلك فى عوامل الأفعال أبعد وكذلك «لم» عنده.
والبصريون على جوازه مع «لن» .
8- يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ...
«ليخرجن» : هذا وجه الكلام، لأن الفعل متعد إلى مفعول، لأنه من «أخرج» .
فأما من قرأ «ليخرجن» ، بفتح الياء، فالفعل غير متعد، لأنه «خرج» ، لكنه ينصب الأول على الحال، والحال لا يكون فيها الألف واللام إلا فى نادر يسمع ولا يقاس عليه حكى سيبويه: ادخلوا الأول فالأول، نصبه على الحال.
وأجاز يونس: مررت به المسكين، نصب «المسكين» على الحال، ولا يقاس عليه لشذوذه وخروجه عن القياس.(4/453)
10- وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ «وأكن» : من حذف الواو عطفه على موضع «الفاء» ، لأن موضعها جزم على جواب التمني ومن أثبت عطفه على لفظ، «فأصدق» ، والنصب فى «فأصدق» على إضمار «أن» .
- 64- سورة التغابن
6- ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا ...
«يهدوننا» : إنما جمع، لأنه رده على، معنى «بشر» ، لأنه بمعنى الجماعة فى هذا الموضع، ويكون للواحد، نحو قوله «ما هذا بشرا» 12: 31.
وقد أجاز النحويون: رأيت ثلاثة نفر، وثلاثة رهط، حملا على المعنى ولم يجيزوا: رأيت ثلاثة قوم، ولا ثلاثة بشر والفرق بينهما أن «نفرا» و «رهطا» ، لما دون العشرة من العدد، فأضيف ما دون العشرة من العدد إلى ما فوقها وأما «بشر» فيقع للواحد، فلم يمكن إضافة عدد إلى واحد.
و «بشر» : رفع بالابتداء وقيل: بإضمار فعل.
9- يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ...
«يوم» : ظرف، والعامل فيه: «لتنبئون» الآية: 7.
16- فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ ...
«خيرا» : انتصب، عند سيبويه، على إضمار فعل دل عليه الكلام، لأنه لما قال «وأنفقوا» دل على أنه أمرهم أن يأتوا فعل خير، وكأنه قال: وأتوا خيرا.
وقال الفراء والكسائي: هو نعت لمصدر محذوف تقدير: وأنفقوا إنفاقا خيرا.
وقيل: هو نصب ب «أنفقوا» ، و «الخير» : المال، على هذا القول، وفيه بعد فى المعنى.
وقال بعض الكوفيين: هو نصب على الحال، وهو بعيد فى الإعراب والمعنى أيضا.(4/454)
- 65- سورة الطلاق
3- ... وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً انتصب «أمره» ب «بالغ» ، لأنه بمعنى الاستقبال.
وقد قرئ بالإضافة.
وأجاز الفراء فى الكلام: بالغ أمره، بالتنوين ورفع «الأمر» ب «بالغ» . أو بالابتداء، و «بالغ» :
خبره، والجملة: خبر «إن» .
4- وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً «واللائي يئسن» : اللائي، ابتداء، و «يئسن» وما بعده: صلة، إلى «نسائكم» ، و «إن ارتبتم» : شرط و «فعدتهن» : ابتداء، و «ثلاثة» : خبره، و «الفاء» : جواب شرط، وجوابه وما تعلق به: خبر عن «اللائي» .
والتقدير: إن ارتبتم فيهن فأمد عدتهن ثلاثة أشهر.
وواحد «اللائي» : التي.
«وأولات الأحمال» : ابتداء، و «أجلهن» : ابتداء ثان، و «أن يضعن» : خبر الثاني، و «أن» :
فى موضع رفع، وهى والفعل مصدر، والثاني وخبره: خبر الأول.
ويجوز أن يكون «أجلهن» بدلا من «أولات» ، وهو بدل الاشتمال، و «أن يضعن» : الخبر.
وواحد «أولات» : ذات.
6- ... وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ...
فى «كن» : اسمها، و «أولات» : الخبر تقديره: وإن كانت المطلقات أولات حمل فأنفقوا عليهن.
10، 11- ... قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ ...
انتصب «ذكرا» ب «أنزل» ، وانتصب «رسول» على نعت «ذكر» تقديره: ذكرا ذا رسول، ثم حذف المضاف إليه.
وقيل: انتصب «رسول» على البدل من «ذكر» ، و «رسول» بمعنى: رسالة.(4/455)
وقيل: هو بدل، و «رسول» : على بابه، لكن معناه: قد أظهر الله لكم ذكرا رسولا، لأن «أنزل» دل على إظهار أمر لم يكن، فليس هو بمعنى «رسالة» ، على هذا المعنى.
وهو فى الوجهين بدل الشيء من الشيء، وهو هو.
وقيل: هو نصب على إضمار: «أرسلنا» .
وقيل: على إضمار: «أعنى» .
وقيل: هو نصب على الإغراء أي: اتبعوا رسولا، أو: الزموا رسولا.
وقيل: هو نصب بفعل دل عليه «ذكرا» تقديره: قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا أي: تذكروا رسولا أو: نذكر رسولا.
وقيل: هو نصب ب «ذكر» ، لأنه مصدر يعمل عمل الفعل، تقديره: فأنزل الله إليكم أن تذكروا رسولا.
و «يتلو» : نعت ل «رسول» .
12- اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً «لتعلموا» : اللام، متعلقة ب «يتنزل» .
وقيل: ب «خلق» .
- 66- سورة التحريم
1- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي، مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «تبتغى» : فى موضع نصب، على الحال من المضمر فى «تحرم» .
2- قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ «تحلة» : نصب ب «فرض» ، وزنه: تفعلة، وأصله: تحللة، ثم، ألقيت حركة اللام الأولى على الحاء، وأدغمت فى الثانية.
3- ... فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ...
«نبأت به» : المفعول الثاني محذوف تقديره: نبأت به صاحبتها، يعنى: حفصة رضى الله عنها عائشة. وقيل:
عائشة هى المخبرة حفصة بالسر.(4/456)
وكذلك المفعول فى قوله «عرف بعضه» ، فى قراءة من شدد الراء أي: عرفها بعضه على بعض ما أفشت لصاحبتها، وأعرض عن بعض، تكرما منه صلى الله عليه وسلم، فلم يعرفها به.
فأما من خفف الراء، فهو على معنى: جازى على بعضه ولم يجاز على بعض، إحسانا منه صلى الله عليه وسلم.
ولا يحسن أن يكون: معناه: أنه لم يدر بعضه، لأن الله عز وجل قد أخبرنا أنه قد أظهر نبيه عليه، فغير جائز أن يظهر على ما أفشت ويعرفه بعض ما أظهره عليه دون بعض، أو يعرف بعضا وينكر بعضا.
4- إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ إنما جمع «القلب» ، وهما اثنان، لأن كل شىء ليس فى الإنسان منه غير واحد إذا قرن به مثله، فهو جمع، وقيل: لأن التثنية جمع، لأنه جمع شىء إلى شىء.
«فإن الله هو مولاه» : هو، فاصلة، و «مولاه» : خبر «إن» .
ويجوز أن يكون «هو» : ابتداء، «ومولاه» : الخبر، والجملة: خبر «إن» . وتقف على «مولاه» ، على هذا لا تتجاوزه.
«وجبريل» : ابتداء، وما بعده عطف عليه، و «ظهير» : خبر.
ويجوز أن يكون «وجبريل» عطفا على «مولاه» .
وتقف على «جبريل» على هذا، ويكون «وصالحو المؤمنين» ابتداء، و «الملائكة» : عطفا، و «ظهير» : خبرا.
ويجوز أن يكون «وصالحو المؤمنين» : عطفا على «جبريل» ، و «جبريل» : عطفا على «مولاه» .
و «المولى» ، بمعنى: الولي، لأن الملائكة والمؤمنين أولياء الأنبياء وناصروهم، فتقف، على هذا، على «المؤمنين» ، ويكون قوله «والملائكة» : ابتداء، و «ظهير» : خبره، لأن المتعارف عند القراء الوقف على «مولاه» ، ويكون «وجبريل» : ابتداء يبتدأ به.
5- عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ ...
«أن» : فى موضع نصب خبر «عسى» ، ومثله: «أن يكفر» الآية: 8.
6- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً ...
«قوا» : فعل قد اعتل فاؤه ولامه، فالفاء محذوفة لوقوعها بين ياء وكسرة فى قوله «يقى» ، على مذهب البصريين(4/457)
وقال الكوفيون: إنما حذفت للفرق بين المتعدى وغير المتعدى، فحذفت فى: «تعد» ، و «يقى» ، لأنه متعد، وثبتت فى «يوجل» لأنه غير متعد، ويلزمهم ألا يحذفوا فى «يرم» و «يثق» لأنهما غير متعديين، ولا بد من الحذف فيهما و «اللام» محذوفة لسكونها ويكون الواو بعدها، والنون محذوفة للبناء، عند البصريين، وللجزم عند الكوفيين، وأصله: أوفيوا، فحذفت الواو، لما ذكرنا، فاستغنى عن ألف الوصل، ثم ألقيت حركة الياء على القاف، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها، فصارت: قوا.
وقيل: بل حذفت الضمة عن «الياء» استخفافا، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها، وضمت القاف لأجل الواو، لئلا تنقلب ياء، فتغير المعنى.
10- ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ...
«مثلا» ، و «امرأة» : مفعولان ب «ضرب» .
وقيل: «امرأة نوح» ، هى بدل من «مثلا» على تقدير: مثل امرأة نوح، ثم حذف «مثل» الثاني لدلالة الأول عليه.
12- وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها ...
«مريم» : انتصب على العطف، على «مثلا» الآية: 11، و «ابنة» : نعت لها، أو بدل. ولم تنصرف «مريم» للتأنيث والتعريف.
وقيل: إنه اسم أعجمى وقيل: عربى
- 67- سورة الملك
3- الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ «طباقا» : نعت ل «سبع» .
«وقيل» : هو جمع «طبقة» ، كرحبة ورحاب.
وقيل: هو جمع «طبق» ، كجمل وجمال.
4- ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ «كرتين» نصب، لأنه فى موضع المصدر، كأنه قال: فارجع البصر رجعتين.(4/458)
«خاسئا» : حال من «البصر» ، وكذلك: «وهو حسير» ، ابتداء وخبر، فى موضع نصب على الحال من «البصر» .
8- تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ «كلما» : نصب ب «ألقى» ، على الظرف.
11- فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ إنما وحد «الذنب» ، والإخبار عن جماعة، لأنه مصدر يقع على القليل والكثير «فسحقا» : نصب على إضمار فعل أي: ألزمهم الله سحقا.
وقيل: هو مصدر جعل بدلا من اللفظ بالفعل، وهو قول سيبويه.
والرفع يجوز فى الكلام على الابتداء.
14- أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «من» : فى موضع رفع ب «يعلم» ، والمفعول محذوف تقديره: ألا يعلم الخالق خلقه، فدل ذلك على أن ما يسرّ الخلق من قولهم وما يجهرون به كل من خلق الله، لأنه قال: «وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور» الآية: 13 ولا يصح أن تكون «من» فى موضع نصب، اسما للمسرين والمجاهرين، حتى لا يخرج الكلام من عمومه، ويدفع عموم الخلق عن الله جل ذكره، ولو أتت «ما» فى موضع «من» لكان فيه بيان لعموم أن الله خالق كل شىء من أقوال الخلق، أسروها أو أظهروها، خيرا كانت أو شرا، ويقوى ذلك قوله «إنه عليم بذات الصدور» ، ولم يقل: عليم بالمسرين والمجاهرين، وتكون «ما» : فى موضع نصب.
16، 17- أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ «أن» ، فيهما: فى موضع نصب على البدل من «من» ، وهو بدل الاشتمال.
وقال النحاس: «أن» : مفعولة، ولم يذكر البدل، ووجهه ما ذكرت لك.
19- أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ...
«صافات» : حال من «الطير» ، وكذلك: «ويقبضن» .(4/459)
22- أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «أفمن يمشى» : ابتداء، و «مكبا» : حال منه، و «أهدى» : خبره.
23- قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ إنما وحد «السمع» ، لأنه فى الأصل مصدر.
25- وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «هذا» : مبتدأ، و «الوعد» : نعته، و «متى» : فى موضع رفع خبر «هذا» ، وفيه ضمير مرفوع يعود على «هذا» .
وقيل: «هذا» : رفع بالاستقرار، و «متى» : ظرف فى موضع نصب، فلا يكون فيه ضمير.
27- فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ «تدعون» : هو تفتعلون، من الدعاء، وأصله: تدتعيون، ثم أدغمت التاء فى الدال، على إدغام الثاني فى الأول، لأن الثاني أضعف من الأول، وأصل الإدغام الأضعف فى الأقوى، ليزداد قوة مع الإدغام، والدال مجهورة والتاء مهموسة، والمجهور أقوى من المهموس، فلذلك أدغم الثاني فى الأول، ليصير اللفظ بحرف مجهور.
30- قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ «فمن يأتيكم» : ابتداء وخبر، و «الفاء» : جواب الشرط.
«بماء معين» : يجوز أن يكون «معينا» بمعنى: «فعيلا» ، من: معن الماء، إذا كثر ويجوز أن يكون «مفعولا» من العين وأصله: معيون، ثم أعل بأن أسكنت الياء استخفافا وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها، ثم قلبت الواو ياء، لانكسار العين قبلها.
وقيل: بل حذفت الواو لسكونها وسكون الياء قبلها فتقديره على هذا: فمن يأتيكم بماء يرى بالعين.
- 68- سورة القلم
1- ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ قد تقدم وجهه الإظهار والإدغام فى النون فى «يسن» وغيرها، وقد قرئت بفتح «النون» على أنه مفعول به أي: اذكر نون، أو: أقرأ نون، ولم ينصرف لأنه معرفة، وهو اسم لمؤنث، وهى السورة.(4/460)
وقيل: لأنه اسم أعجمى.
وقال سيبويه: إنما فتحت النون لالتقاء الساكنين، كأين وكيف، كأن القارئ وصل قراءته ولم يدغم، فاجتمع ساكنان: النون والواو، وفتحت النون.
وقال الفراء: إنما فتحت على التشبيه ب «ثم» .
وقال غيره: فتحت، لأنها أشبهت نون الجمع.
وقال أبو حاتم: لما حذفت منها واو القسم نصبت بالفعل المقسم به، كما تقول: الله لأفعلن، فنصب الاسم بالفعل، كأنه فى التمثيل، وإن كان لا يستعمل: أقسمت بالله.
وأجاز سيبويه: الله لأفعلن، بالخفض، أعمل حرف القسم، وهو محذوف، وجاز ذلك فى هذا، وإن كان لا يجوز فى غيره، لكثرة استعمال الحذف فى باب القسم.
ومن جعل «نون» قسما، جعل الجواب: «ما أنت بنعمة ربك» الآية: 2.
6- بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ «بأيكم» : الباء، زائدة، والمعنى: أيكم المفتون.
وقيل: الباء، غير زائدة، لكنها بمعنى «فى» والتقدير: فى أيكم المفتون.
وقيل: المفتون، بمعنى: الفتون، والتقدير: فى أيكم الفتون أي: الجنون.
وكتب «أيكم» فى المصحف، فى هذا الموضع خاصة، بياءين وألف قبلهما، وعلة ذلك أنهم كتبوا للهمزة صورة على التحقيق وصورة على التخفيف، فالألف صورة الهمزة على التحقيق، والياء الأولى صورتها على التخفيف، لأن قبل الهمزة كسرة، فإذا خفضتها فحكمها أن تبدل منها ياء والثانية صورة الياء المشددة.
وكذلك كتبوا «بأييد- 51: 47» بياءين، على هذه العلة، وكتبوا «وَلَأَوْضَعُوا- 9: 48» ، وكذلك:
«أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ- 27: 21» و: «لَإِلَى الْجَحِيمِ- 37: 68» ، و: «لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ- 3: 158» ، كتب كله بألفين: إحداهما، وهى الأولى، صورة الهمزة على التحقيق، والثانية صورتها على التخفيف.
وقد قيل: الأولى: صورة الهمزة، والثانية: صورة حركتها.
وقيل: هى فتحة أشبعت فتولدت منها ألف، وفيه بعد، وهذا إنما هو تعليل لخط المصحف، إذ قد أتى على خط ذلك، ولا سبيل لتحريفه.(4/461)
وهذا الباب يتسع، وهو كثير فى الخط، خارج عن المتعارف بين الكتاب من الخط، فلا بد أن يخرج لذلك وجه يليق به.
14، 15- أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «أن» : مفعول من أجله، والعامل فيه فعل مضمر تقديره: يكفر- أو: يجحد- من أجل أن كان ذا مال ولا يجوز أن يكون العامل: «تتلى» ، لأن ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبلها، لأن «إذا» تضاف إلى الجمل التي بعدها، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف، و «قال» : جواب الجزاء، ولا يعمل فيما قبل الجزاء، لأن حكم العامل أن يكون قبل المعمول فيه، وحكم الجواب أن يكون بعد الشرط، فيصير مقدما مؤخرا فى حال، وذلك لا يجوز، فلا بد من إضمار عامل على ما ذكرنا.
«أساطير» أي: هذه أساطير، ف «أساطير» : خبر ابتداء مضمر.
17- ... إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ «مصبحين» : حال من المضمر فى «ليصرمنها» المرفوع، ولا خبر ل «أصبح» فى هذا، لأنها بمعنى: داخلين فى الإصباح.
33- كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «العذاب» : ابتداء، و «كذلك» : الخبر أي: العذاب الذي يحل بالكفار مثل هذا العذاب.
36- ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «ما» : ابتداء، استفهام، و «لكم» : الخبر، و «كيف» : فى موضع نصب ب «تحكمون» .
39- أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ «أيمان» : ابتداء، و «علينا» : خبر، و «بالغة» : نعت ل «أيمان» .
وقرأ الحسن: «بالغة» ، بالنصب، على الحال من المضمر فى «علينا» .
41، 42- أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ انتصب «يوم» على: اذكر يا محمد، فيبتدأ به.(4/462)
ويجوز أن تنصبه ب «فليأتوا» أي: فليأتوا بشركائهم فى هذا اليوم، فلا يحسن الابتداء به.
43- خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ «خاشعة» : نصب على الحال، من المضمر فى «يدعون» ، أو من المضمر فى «يستطيعون» ، و «أبصارهم» :
رفع بفعلها، و «ترهقهم» : فى موضع الحال، مثل الأول، وإن شئت: كان منقطعا من الأول.
44- فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ «من» : فى موضع نصب، على العطف على المتكلم، وإن شئت: على أنه مفعول معه.
49- لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ «أن» : فى موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف ولا يكاد يستعمل مع «لولا» عند سيبويه إلا محذوفا والتقدير: لولا مداركة الله إياه لحقته، أو: استنفدته، وشبهه، و «لنبذ» : جواب «لولا» ، وذكّر تداركه» ، لأن النعمة والنعم، بمعنى، فحمل على المعنى.
وقيل: ذكّر، لأنه فرق بينهما بالهاء.
وقيل: لا تأنيث، النعمة: مؤنث غير حقيقى، إذ لا ذكر لها من لفظها.
وفى قراءة ابن مسعود: «لولا أن تداركته» ، بالتاء، على تأنيث اللفظ.
«وهو مذموم» : ابتداء وخبر، فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «نبذ» .
51- وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ «أن» ، عند الكوفيين، بمعنى: «ما» ، و «اللام» بمعنى: «إلا» وتقديره: وما يكاد الذين كفروا إلا يزلقونك.
و «إن» ، عند البصريين: مخففة من الثقيلة واسمها مضمر معها، و «اللام» : لام التأكيد، لزمت هذا النوع لئلا تشبه «إن» التي بمعنى «ما» .(4/463)
- 69- سورة الحاقة
1، 2- الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ «الحاقة» : ابتداء، و «ما» : ابتداء ثان. و «ما» : بمعنى الاستفهام الذي معناه التعظيم والتعجب. و «الحاقة» ، الثانية: خبر «ما» ، و «ما» وخبرها: خبر عن «الحاقة» الأولى. وجاز أن تكون الجملة خبرا عنها ولا ضمير فيها يعود على المبتدأ، لأنها محمولة على معنى: الحاقة ما أعظمها وأهولها.
وقيل: المعنى: الحاقة ما هى؟ على التعظيم لأمرها، ثم أظهر الاسم، ليكون أبين فى التعظيم. وقد مضى ذكر هذا فى «الواقعة» : 56، ومثله: «القارعة ما القارعة» السورة: 101.
3- وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ «ما» : ابتداء، و «ما» ، الثانية: ابتداء ثان، و «الحاقة» : خبره، والجملة فى موضع نصب ب «أدراك» ، و «أدراك» وما اتصل به: خبر عن «ما» الأولى، وفى «أدراك» ضمير فاعل يعود على «ما» الأولى، و «ما» ، الأولى والثانية: استفهام، فلذلك لم يعمل «أدراك» فى «ما» الثانية، وعمله فى الجملة وهما استفهام، فيهما معنى التعظيم والتعجب.
و «أدراك» : فعل يتعدى إلى مفعولين: الكاف، المفعول الأول، والجملة: فى موضع الثاني ومثله «وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين» 82: 17، 18، و «وما أدراك ما عليون» 83: 19، و «وما أدراك ما العقبة» 90: 12، و «وما أدراك ما القارعة» 101: 3، و «وما أدراك ما الحطمة» 104: 5، كله على قياس واحد، ققس بعضه على بعض.
5- فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ «ثمود» : رفع بالابتداء، و «أهلكوا» : الخبر. وحق «الفاء» أن تكون قبله والتقدير: مهما يكن من شىء فثمود أهلكوا.
و «ثمود» : اسم للقبيلة، وهو معرفة، فلذلك لم ينصرف للتأنيث والتعريف.
وقيل: هو أعجمى معرفة، فلذلك لم ينصرف، ويجوز صرفه فى الكلام، وقد قرئ بذلك فى مواضع من القرآن على أنه اسم للأب، ومثله: «وأما عاد فأهلكوا» الآية: 6، إلا أن «عادا» ينصرف لخفته، إذ هو على ثلاثة أحرف الأوسط ساكن.(4/464)
7- سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ انتصب «سبع» و «ثمانية» على الظرف، و «حسوما» : نعت ل «أيام» ، بمعنى: متتابعة.
وقيل: هو نصب على المصدر، بمعنى: تباع.
«فيها صرعى» : صرعى، فى موضع نصب على الحال، لأن «ترى» : من رؤية العين.
«كأنهم أعجاز نخل» : الجملة فى موضع نصب على الحال، من المضمر فى «صرعى» أي: مشبهين أعجاز نخل خاوية من التأكل.
15- فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ العامل فى الظرف: «وقعت» .
16- وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ العامل فى الظرف: «واهية» .
18- يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ العامل فى الظرف: «تعرضون» .
28- ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ «ما» : فى موضع نصب ب «أغنى» ، ويجوز أن تكون نافية، على حذف مفعول أعنى: ما أغنى مالى شيئا.
32- ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ «ذرعها سبعون» : ابتداء وخبر، فى موضع خفض على النعت ل «سلسلة» .
41، 42- وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ انتصب «قليلا» ، فى هذين الموضعين، ب «تؤمنون» و «تذكرون» ، و «ما» : زائدة وحقيقته أنه نعت لمصدر محذوف تقديره: وقتا قليلا تذكرون، وكذلك: «قليلا ما تؤمنون» .
(م 30- الموسوعة القرآنية ج 4)(4/465)
ولا يجوز أن تجعل «ما» والفعل مصدرا وتنصب «قليلا» بما بعد «ما» ، لأن فيه تقديم الصلة على الموصول، لأن ما عمل فيه المصدر فى صلة المصدر ابتداء، فلا يتقدم عليه.
43- تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ «تنزيل» : خبر ابتداء محذوف أي: هو تنزيل.
47- فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ «حاجزين» : نعت ل «أحد» ، لأنه بمعنى الجماعة، فحمل على النعت على المعنى فجمع.
- 70- سورة المعارج
1- سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ من همز «سأل» ، احتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون من «السؤال» ، لكن أبدل من الهمزة ألفا، وهذا بدل على غير قياس، لكنه جائز، حكاه سيبويه وغيره.
والثاني: أن تكون الألف بدلا من واو، حكى سيبويه وغيره: سلت تسال، لغة، بمنزلة: خفت تخاف.
والوجه الثالث: أن تكون الألف بدلا من ياء، من سال يسيل، بمنزلة: كال يكيل.
وأصل «سال» ، إذا كان من «السؤال» ، أن يتعدى إلى مفعولين، نحو قوله: «فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ» 11: 46، ويجوز أن تقتصر على واحد، كأعطيت، نحو قوله: «وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ» 60: 1 فإذا اقتصرت على واحد جاز أن يتعدى بحرف جر إلى ذلك الواحد، نحو قوله: «سأل سائل بعذاب واقع» تقديره: سأل سائل الشيء بعذاب، و «الباء» ، بمعنى: «عن» .
وإذا جعلت «سال» ، من «السيل» ، لم تكن «الباء» بمعنى «عن» ، وكانت على بابها، وأصلها للتعدى.
فأما الهمزة فى «سائل» فتحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون أصلية، من «السؤال» .(4/466)
والثاني: أن تكون بدلا من واو، على لغة من قال: سال يسال، كخاف يخاف.
والثالث: أن تكون بدلا من «ياء» ، على أن تجعل «سال» من «السيل» .
7، 8، 9، 10، 11- وَنَراهُ قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ «يوم» ، العامل فيه: «نراه» ، ويجوز أن يكون بدلا من «قريب» ، والعامل فى «قريب» : «نراه» .
وقيل: العامل «يبصرونهم» ، والهاء والميم فى «يبصرونهم» : تعود على الكفار، والضمير المرفوع للمؤمنين أي: يبصر المؤمنون الكافرين يوم القيامة أي: يرونهم فينظرون إليهم فى النار.
وقيل: تعود على «الحميم» ، وهو بمعنى الجمع أي: يبصر الحميم حميمه.
وقيل: الضميران يعودان على الكفار، أي: يبصر التابعون المبتوعين فى النار 15، 16- كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى «لظى» : خبر «إن» ، فى موضع رفع، و «نزاعة» : خبر ثان.
وقيل: «لظى» : فى موضع نصب، على البدل من «الهاء» فى «إنها» و «نزاعة» : خبر ثان.
وقيل: «لظى» : خبر ثان، و «نزاعة» : بدل من «لظى» ، أو: رفع على إضمار مبتدأ.
وقيل: الضمير فى «إنها» : للقصة. و «لظى» : مبتدأ، و «نزاعة» : خبر «لظى» ، والجملة: خبر «إن» .
ومن نصب «نزاعة» ، فعلى الحال، وهى قراءة حفص، عن عاصم والعامل فى «نزاعة» : ما دل عليه الكلام من معنى التلظي كأنه قال: كلا إنها لظى فى حال نزعها للشوى وقد منع المبرد جواز نصب «نزاعة» على الحال، وقال: لا تكون لظى إلا نزاعة للشوى، فلا معنى للحال، إنما الحال فيما يجوز أن يكون ويجوز ألا يكون.
والحال فى هذا جائزة لأنها تؤكد ما تقدمها، كما قال «وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً» 2: 91، ولا يكون «الحق» أبدا إلا مصدقا، وقال «وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً» 6: 126، ولا يكون صراط الله- جل ذكره- أبدا إلا مستقيما، فليس يلزم ألا يكون الحال إلا للشىء الذي يمكن أن يكون ويمكن ألا يكون، وهذا أصل لا يصحب فى كل موضع، فقول المبرد ليس بجيد.
وقد قيل: إن هذا إنما هو إعلام لمن ظن أنه لا يكون، فيصح الحال على هذا بغير اعتراض.(4/467)
17- تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى «تدعو» : خبر ثالث ل «إن» الآية: 15، وإن شئت قطعته مما قبله.
19- إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً «هلوعا» : حال من المضمر فى «خلق» ، وهى الحال المقدرة، لأنه إنما يحدث فيه الهلع بعد خلقه لا فى حال خلقه.
20، 21- إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً «جزوعا» و «منوعا» : خبر «كان» مضمرة، أي: يكون جزوعا، أو: يصير، أو: صار، ونحوه.
وقيل: هو نعت ل «هلوع» ، وفيه بعد، لأنك تنوى به التقديم قبل «إذا» .
36- فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ «ما» : استفهام ابتداء، و «الذين» : الخبر، و «ومهطعين» : حال، وهو عامل فى «قبلك» ، و «قبلك» : ظرف.
37- عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ مكان «عزين» نصب على الحال أيضا من «الذين» ، وهو جمع «عزة» ، وإنما جمع بالواو والنون، وهو مؤنث لا يعقل، ليكون ذلك عوضا مما حذف منه.
وقيل: أصلها: عزهة، كما أن أصل «سنة» : سنهة، ثم حذفت الهاء، فجعل جمعه بالواو والنون عوضا من الحذف.
42، 43- فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ «يوم» : بدل من «يومهم» ، و «ويومهم» : نصب ب «يلاقوا» ، مفعول به.
«سراعا» : حال من المضمر، فى «يخرجون» ، وكذلك: «كأنهم إلى نصب» : فى موضع الحال أيضا من المضمر.
44- خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ «خاشعة» : حال أيضا من المضمر فى «يخرجون» ، وكذلك: «ترهقهم ذلة»(4/468)
- 71- سورة نوح
1- إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «أن» : لا موضع لها، إنما هى للبيان، بمعنى: أي.
وقيل: هى فى موضع نصب، على حذف حرف الجر أي: بأن أنذر.
ومثلها فى الوجهين: «أن اعبدوا الله» الآية: 3.
5- قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً «ليلا ونهارا» : ظرفا زمان، والعامل فيهما: «دعوت» .
6- فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً «فرارا» : مفعول ثان ل «يزدهم» .
7- وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ...
«كلما» : نصبت على الظرف، والعامل فيها: «جعلوا» .
8- ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً «جهارا» : نصب على الحال أي: مجاهرة بالدعاء لهم.
وقيل: التقدير: ذا جهار.
ويجوز أن يكون نصب على المصدر.
11- يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً «مدرارا» : نصب على الحال من «السماء» ، ولم يثبت «الهاء» لأن «مفعالا» للمؤنث، بغير «هاء» يكون، إذا كان جائزا على الفعل، نحو: امرأة مذكار، ومئناث.
15- أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً «طباقا» : مصدر. وقيل: هو نعت ل «سبع» .(4/469)
وأجاز الفراء فى غير القرآن خفض «طباق» ، على النعت ل «سماوات» 16- وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً «نورا» ، و «سراجا» : مفعولان ل «جعل» ، لأنه بمعنى: صير، فهو يتعدى إلى مفعولين، ومثله:
«بساطا» الآية: 19.
17- وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً «نباتا» : مصدر لفعل دل عليه «أنبتكم» أي: فنبتم نباتا.
«وقيل» : هو مصدر، على حذف الزيادة.
21- قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً «ولده» ، من قرأها بضم الواو جعله جمع «ولد» ، كوثن ووثن.
وقيل: هى لغة فى الواحد، يقال: ولده وولده، للواحد والجمع.
23- وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً «يغوث ويعوق» : لم يصرفهما، لأنهما على وزن: يقوم، ويقول، وهما معرفة.
وقد قرأ الأعمش بصرفهما، وذلك بعيد، كأنه جعلهما نكرتين، وهذا لا معنى له، إذ ليس كل صنم اسمه يغوث ويعوق، إنما هما اسمان لصنمين معلومين مخصوصين، فلا وجه لتنكيرهما.
25- مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً «ما» : زائدة، للتوكيد، و «خطيئاتهم» : خفض ب «من» .
26- وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «ديارا» : فيعال، من: دار يدور أي: لا تذر على الأرض من يدور أي: لا تذر على الأرض من يدور منهم.
وأصله: ديوارا، ثم أدغم الواو فى الياء، مثل «ميت» ، الذي أصله: «ميوت» ، ثم أدغموا الثاني فى الأول.
ويجوز أن يكون أبدلوا من الواو ياء، ثم أدغموا الياء الأولى فى الثانية.
ولا يجوز أن يكون «ديارا» : فعالا، لأنه يلزم أن يقال فيه: «دوارا» ، وليس اللفظ كذلك.(4/470)
- 72- سورة الجن
1- قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً «أن» : فى موضع رفع، لأن مفعول ما لم يسم فاعله ل «أوحى» ، ثم عطف ما بعدها من لفظ «أن» عليها، ف «أن» : فى موضع رفع فى ذلك كله.
وقيل: فتحت «أن» فى سائر الآي، ردا على الهاء فى «آمنا به» ، وجاز ذلك، وهو مضمر مخفوض على حذف الخافض، لكثرة استعمال حذفه مع «أن» .
والعطف فى فتح «أن» ، على «آمنا به» ، أتم فى المعنى من العطف على «أنه استمع» ، لأنك لو عطفت، «وأنا ظنننا» الآية: 5، و «وأنه كان رجال» الآية: 6، و «وأنهم ظنوا» الآية: 7، و «أنا لمسنا» الآية: 8 و «أنا لما سمعنا الهدى» الآية: 12، وشبهه، على «أنه استمع» لم يجز، لأنه ليس مما أوحى إليهم، إنما هو أمر أخبروا به عن أنفسهم والكسر فى جميع ذلك أبين، وعليه جماعة من القراء، والفتح فى ذلك على الحمل على معنى «آمنا به» ، وفيه بعد فى المعنى، لأنهم لم يخبروا بأنهم لما سمعوا الهدى آمنوا به، ولم يخبروا أنهم آمنوا أنه كان رجال، إنما حكى الله عنهم أنهم قالوا ذلك مخبرين به عن أنفسهم لأصحابهم، فالكسر أولى بذلك.
4- وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً «الهاء» ، فى «أنه» : للحديث، وهى اسم «أن» ، وفى «كان» : اسمها، وما بعدها الخبر.
وقيل: سفيهنا، اسم «كان» ، و «يقول» : الخبر، مقدم، وفيه بعد، لأن الفعل إذا تقدم عمل فى الاسم بعده ويجوز أن تكون «كان» زائدة.
6- وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً «الهاء» فى «أنه» : اسم «أن» ، وهو إضمار الحديث والخبر، و «رجال» : اسم «كان» ، و «يعوذون» :
خبر «كان» ، و «من الإنس» : نعت ل «رجال» ، ولذلك حسن أن تكون النكرة اسما ل «كان» ، لما نعتت قربت من المعرفة، فجاز أن تكون اسم «كان» ، و «كان» واسمها وخبرها خبر: عن «أن» .(4/471)
8- وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً «وجد» : يتعدى إلى مفعولين: «الهاء» : الأول، و «ملئت» : فى موضع الثاني.
ويجوز أن تعديها إلى واحد، وتجعل «ملئت» فى موضع الحال، على إضمار «قد» والأول أحسن.
«حرسا» : نصب على التفسير، وكذلك: «شهبا» .
12- وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً «هربا» : نصب على المصدر، الذي فى موضع الحال.
17- لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً «عذابا» : مفعول «يسلكه» ، بمعنى: فى عذاب يقال: سلكه وأسلكه، لغتان بمعنى، وقد قرىء:
«نسلكه» ، بضم النون، على: أسلكته فى كذا.
18- وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «أن» : فى موضع رفع، عطف على «أنه استمع» .
وقيل: فى موضع خفض، على إضمار الخافض، وهو مذهب الخليل وسيبويه والكسائي.
وقيل: فى موضع نصب لعدم الخافض، وهو مذهب جماعة.
22، 23- قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً «بلاغا» : نصب على الاستثناء المنقطع.
وقيل: هو نصب على المصدر، على إضمار فعل، وتكون «إلا» ، على هذا القول، منفصلة، و «إن» : للشرط، و «لا» : بمعنى «لم» والتقدير: إنى لن يجيرنى من الله أحد، ولن أجد من دونه ملتحدا، إن لم أبلغ رسالات ربى بلاغا. و «الملتحد» : الملجأ.
«ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم» : هذا شرط، وجوابه «الفاء» ، وهو عام فى كل من عصى الله، إلا ما بينه القرآن من غفران الصغائر باجتناب الكبائر، والغفران لمن تاب وعمل صالحا، وما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من إخراج الموحدين من أهل الذنوب من النار.(4/472)
24- حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً «من» : فى موضع رفع، على الابتداء، لأنه استفهام، و «أضعف» : الخبر، و «ناصرا» : نصب على البيان، وكذلك: «عددا» والجملة: فى موضع نصب ب «سيعلمون» .
فإن جعلت «من» بمعنى «الذي» كانت فى موضع نصب بالفعل، وترفع «أضعف» و «أقل» ، على إضمار «هو» ، ابتداء، وخبره فى صلة «من» ، إذا كانت بمعنى «الذي» ، ولا صلة لها إذا كانت استفهاما.
25- قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً «إن» : بمعنى «ما» ، و «قريب» : رفع بالابتداء، و «ما» : بمعنى «الذي» ، فى موضع رفع ب «قريب» ، ويسد مسد الخبر.
وإن شئت، جعلتها خبرا ل «قريب» والجملة: فى موضع نصب ب «أدرى» ، و «الهاء» : محذوفة من «تدعون» ، تعود على «ما» التقدير: أقريب الوقت الذي توعدونه.
ولك أن تجعل «ما» والفعل مصدرا ولا تحتاج إلى عائد.
26، 27- عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً «من» : فى موضع نصب، على الاستثناء من «أحد» ، لأنه بمعنى الجماعة.
28- لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً الضمير فى «ليعلم» : يعود على الله، جل ذكره.
وقيل: على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: على المشركين.
والضمير فى «أبلغوا» : يعود على الأنبياء.
وقيل: على الملائكة التي تنزل الوحى إلى الأنبياء.
«عددا» : نصب على البيان، ولو كان مصدرا لأدغم.(4/473)
- 73- سورة المزمل
1- يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ «أصل «المزمل» : المتزمل، ثم أدغمت التاء فى الزاى.
2، 3- قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا «نصفه» : بدل من «الليل» .
وقيل: انتصب على إضمار: قم نصفه، وهما ظرفا زمان.
6- إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا «وطئا» : من فتح الواو، نصبه على البيان ومن كسرها ومد، نصبه على المصدر.
9- رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا «رب» : من رفعه، فعلى الابتداء، و «لا إله إلا هو» : الخبر.
ويجوز أن تضمر له مبتدأ أي: هو رب المشرق.
ومن خفضة جعله بدلا من «ربك» الآية: 8 أو: نعتا.
11- وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا «المكذبين» : عطف على النون والياء من «ذرنى» أو: مفعول معه.
«ومهلهم قليلا» : قليلا، نعت لمصدر محذوف، أو: لظرف محذوف.
14- يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا العامل فى «يوم» : الاستقرار الدال عليه «لدينا» الآية: 12، كما تقول: إن خلفك زيدا اليوم، فالعامل فى «اليوم» : الاستقرار الدال عليه «خلفك» ، وهو العامل فى «خلفك» أيضا.
وجاز أن يعمل فى ظرفين لاختلافهما، لأن أحدهما ظرف مكان والآخر ظرف زمان، كأنك قال: إن زيدا مستقر خلفك اليوم، كذلك الآية تقديرها: إن أنكالا وجحيما مستقرة عندنا يوم ترجف.(4/474)
«كثيبا» : خبر «كان» ، و «مهيلا» : نعته.
وأصل «مهيلا» : مهيولا، وهو مفعول من «هلت» ، فألقيت حركة الياء على الهاء، فاجتمع ساكنان، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وكسرت الهاء لتصح الياء التي بعدها، فوزن لفظه «فعيل» .
وقال الكسائي والفراء والأخفش: إن «الياء» هى المحذوفة، و «الواو» تدل على معنى، فهى الباقية، فكان يلزمهم أن يقولوا: مهول، إلا أنهم قالوا: كسرت الهاء قبل حذف الياء، لمجاورتها الياء، فلما حذفت الياء انقلبت الواو ياء، لانكسار ما قبلها. والياء فى «مهيلا» ، على قولهم: زائدة، وعلى القول الأول: أصلية.
وقد أجازوا كلهم أن يأتى على أصله فى الكلام فتقول: مهيول، وكذلك: مبيوع، وشبهه، من: ذوات الياء، فإن كان من ذوات الواو لم يجز أن يأتى على أصله عند البصريين، وأجازه الكوفيون، نحو: مقول ومصوغ.
وأجازوا كلهم: مبيوع ومهيول، ويكون الاختلاف فى المحذوف منه، على ما تقدم.
15- إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا «كما» : الكاف، فى موضع نصب، نعت ل «رسول» ، أو لمصدر محذوف.
17- فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً «يوما» : نصب ب «يتقون» ، وليس بظرف ل «كفرتم» ، لأنهم لا يكفرون ذلك اليوم إلا أن تجعل «يكفرون» بمعنى: يجحدون، فتنصب «يوما» ب «يكفرون» ، على أنه مفعول به لا ظرف، و «يجعل» : نعت ل «يوم» ، إن جعلت الضمير فى «يجعل» يعود على «يوم» ، فإن جعلته على الله جل ذكره، لم يكن نعتا ل «يوم» إلا على إضمار «الهاء» على تقدير: يجعل الله الولدان فيه شيبا، فيكون نعتا ل «يوم» لأجل الضمير.
18- السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا إنما أتى «منفطر» بغير «هاء» ، و «السماء» مؤنثة، لأنه بمعنى النسب أي: السماء ذات انفطار به.
وقيل: إنما ذكّر، لأن «السماء» بمعنى: السقف، و «السقف» يذكر ويؤنث، فأتى «منفطر» على التذكير.
20- إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «ونصفه وثلثه» : من خفضهما عطفهما على «ثلثى الليل» أي: وأدنى من نصفه وثلثه ومن نصبهما عطف «على أدنى» أي: تقوم نصفه وثلثه.(4/475)
«علم أن لن تحصوه» : إذا جعلته بمعنى: تحفظوا قدره، دل على قوة الخفض، لأنهم إذا لم يحصوه فهو أدنى من النصف وأدنى من الثلث غير محدود وإذا نصبت فهو محدود يحصى غير مجهول، فالخفض أقوى فى المعنى، لقوله «أن لن تحصوه» ، إلا أن تحمل «تحصوه» على معنى «تطيقوه» ، فتتساوى القراءتان فى القوة.
وأجاز الفراء خفض «نصفه» عطفا على «ثلثى» ، ونصب «ثلثه» ، عطفا على «أدنى» .
«أن سيكون» : أن: مخففة من الثقيلة، و «الهاء» : مضمرة، و «سيكون» : الخبر، و «السين» : عوض من التشديد، و «مرضى» : اسم «كان» و «منكم» : الخبر، و «أن سيكون» ، على لفظ التذكير، لأن تأنيت «مرضى» غير حقيقى.
«وآخرون» : عطف على «مرضى» .
«هو خيرا» : نصب على أنه مفعول ثان ل «تجدوا» ، و «هو» : فاصلة، لا موضع لها من الإعراب.
- 74- سورة المدثر
1- يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ «المدثر» ، أصله: المتدثر، ثم أدغمت التاء فى الدال، لأنهما من مخرج واحد، والدال أقوى من التاء، لأنها مجهورة، والتاء مهموسة، فورد بلفظ الأقوى منهما، لأن ذلك تقوية للحذف، ولم يرد بلفظ التاء، لأنه إضعاف للحرف، لأن رد الأقوى إلى الأضعف نقص فى الحرف، وكذلك حكم أكثر الإدغام فى الحرفين المختلفين أن يرد الأضعف منهما إلى لفظ الأقوى.
6- وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ارتفع «تستكثر» لأنه حال أي: لا تعط عطية لتأخذ أكثر منها.
وقيل: ارتفع بحذف «أن» تقديره: لا تضعف الحمد أن تستكثر من الخير، فلما حذف «أن» رفع.
8- فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ «فى الناقور» : قام مقام ما لم يسم فاعله.
وقيل: المصدر مضمر، يقوم مقام الفاعل.(4/476)
9- فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ «ذلك» : مبتدأ، و «يومئذ» : بدل منه، و «يوم عسير» : خبر الابتداء، و «عسير» : نعت ل «يوم» ، وكذلك «غير يسير» : نعت ل «يوم» أيضا.
وقيل: «يومئذ» ، نصب على: «أعنى» .
11- ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً «من» : فى موضع نصب، على العطف على النون والياء من «ذرنى» ، أو: مفعول معه.
«وحيدا» : حال من الهاء المضمرة مع «خلقت» أي: خلقته.
12- وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً «له» : فى موضع المفعول الثاني ل «جعلت» ، لأنها بمعنى: صيرت، يتعدى إلى مفعولين.
13- وَبَنِينَ شُهُوداً «بنين» : واحده: ابن، ولما حذفت ألف الوصل فى الجمع تحركت الياء، لأن الجمع يرد الشيء إلى أصله، وأصله «بنى» على «فعل» ، فلما جمع رد إلى أصله، فقالوا: بنين، فلما تحركت الياء، التي هى لام الفعل، وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، وحذفت لسكونها وسكون ياء الجمع بعدها، وكسر ما قبل الياء على أصل ياء الجمع، وكان حقها أن يبقى ما قبلها مفتوحا، ليدل على الألف الذاهبة، كما قالوا: مصطفين، لكن «ابن» أجرى فى علته فى الواحد على غير قياس، وكان حقه أن يكون بمنزلة: عصى، ورحى، وأن لا تدخله ألف وصل، ولا يسكن أوله، فلما خرج عن أصله فى الواحد خرج فى الجمع أيضا عن أصول العلل، لأن الجمع فرع بعد الواحد، وقد قالوا فى النسب إليه:
بنوى، فرد إلى أصله، وأصل هذه الواو ألف منقلبة عن ياء، هى لام الفعل.
وقد أجاز سيبويه النسب إليه على لفظه، فأجاز: ابني.
27- وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ قد تقدم القول فيه لأنه، مثل: «وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ» 69: 3 «سقر» ، لم تنصرف، لأنها معرفة مؤنث.
28- لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ حذفت الواو من «تذر» ، لأنه حمل على نظيره فى الاستعمال، والمعنى، وهو «يدع» ، لأنهما جميعا(4/477)
لم يستعمل منهما ماض، فحمل على «يدع» ، فحذفت واوه كما حذفت فى «يدع» ، لوقوعها بين ياء وكسرة، لأن فتحة «الدال» عارضة، إنما انفتحت من أجل حرف الحلق، والكسر أصلها، فبنى الكلام على أصله، وقدر ذلك فيه، فحذفت واو «يدع» لذلك، وحمل عليه «يذر» ، لأنه بمعناه ومشابه له فى امتناع استعمال الماضي منهما.
29- لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ «لواحة» : رفع، على إضمار: هى لواحة.
30- عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ «تسعة عشر» : فى موضع الرفع بالابتداء، و «عليها» : الخبر، وهما اسمان، حذف بينهما «واو» العطف وتضمناه، فبنيا لتضمنهما معنى الحرف، وبنيا على الفتح لخفته.
وقيل: بنيا على الفتح الذي كان للواو المحذوفة.
وأجاز الفراء إسكان العين فى الكلام من «ثلثة عشر» إلى «تسعة عشر» .
31- وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ ...
«أصحاب» : جمع: صاحب، على حذف الزائد من «صاحب» كأنه جمع ل «صحب» ، مثل: كتف وأكتاف.
«ماذا أراد الله بهذا مثلا» : إن جعلت «ما» و «ذا» اسما واحدا، كانت فى موضع نصب ب «أراد» ، فإن جعلت «ذا» بمعنى «الذي» ، كانت «ما» اسما تاما، رفعا بالابتداء، و «ذا» : الخبر، و «أراد» : صلة «ذا» ، و «الهاء» : محذوفة منه أي: ما الذي أراده الله بهذا؟ على تقدير: أي شىء الذي أراده الله بهذا مثلا؟
و «مثلا» : نصب على البيان.
«كذلك يضل الله من يشاء» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف.
35- إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ لا يجوز حذف الألف واللام من «الكبر» وما هو مثله، إلا «أخر» ، فإنه قد حذفت الألف واللام منه وتضمن معناهما، فتعرف بتضمنه معناهما، فلذلك لم ينصرف فى النكرة، فهو معدول عن الألف واللام.(4/478)
36- نَذِيراً لِلْبَشَرِ «نذيرا» : نصب على الحال من المضمر فى «قم» ، من قوله «قم فأنذر» الآية: 2 هذا قول الكسائي.
وقيل: هى حال من المضمر فى «إنها» الآية: 35.
وقيل: من «إحدى» الآية: 35.
وقيل: من «هى» الآية: 31.
وقيل: هى نصب، على إضمار فعل أي: صيرها نذيرا أي: ذات إنذار، فذكر اللفظ على النسب.
وقيل: هى فى موضع المصدر أي: إنذارا للبشر، كما قال: «فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ» 54: 16: 21 أي: إنذارى لهم.
وقيل: هى نصب على إضمار: «أعنى» .
45، 46- وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ «كنا» : إنما ضمت «الكاف» فى هذا، وفى أول ما كان مثله، نحو: قلنا، وقمنا، وأصله كله الفتح، لتدل الضمة على أنه نقل من فعل إلى فعل.
وقيل: إنما ضمت لتدل على أنه من ذوات الواو.
وقيل: لتدل على أن الساقط «واو» .
وكلا القولين يسقط لكسرهم الأول من «خفت» ، وهو من ذوات الواو فى العين، ككان، وقام، وقال والساقط منه «واو» كالساقط من: قمت، وقلت، وكنت، فكسرهم لأول «خفت» يدل على أنهم إنما كسروا ليدل ذلك على أنه من الياء، وعلى أن الساقط «ياء» ، فلاجتماع هذه العلل وقع الضم والكسر فى أول ذلك.
56- وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ مفعول «يذكرون» : محذوف أي: يذكرون شيئا، و «أن» : فى موضع نصب، على الاستثناء، أو: فى موضع خفض على إضمار الخافض، ومفعول «يشاء» : محذوف أي: إلا أن يشاءه الله.(4/479)
- 75- سورة القيامة
1- لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ «لا» : زائدة، لأنها فى حكم المتوسطة، لأن القرآن، كأنه نزل مرة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فى نيف وعشرين سنة، على ما شاء الله، مما يريد أن ينزل شيئا بعد شىء ولو ابتدأ متكلم لم يجز له أن يأتى ب «لا» زائدة فى أول كلامه.
وقيل: «لا» : غير زائدة، وإنما هى رد لكلام متقدم فى سورة أخرى، و «لا» الثانية: غير زائدة أخبرنا الله جل ذكره أنه أقسم بيوم القيامة وأنه لم يقسم بالنفس اللوامة.
ومن قرأ «لأقسم» ، بغير ألف، جعل ذلك «لام قسم» دخلت على «أقسم» .
وفيه بعد، لحذف النون، وإنما حقه: لأقسمن وإنما جاز ذلك بالحذف فى هذه الآية جعل «أقسم» حالا وإذا كان حالا لم تلزمه النون فى القسم، لأن «النون» إنما تلزم فى أكثر الأحوال لتفرق بين الحال والاستقبال.
وقد قيل: إنه للاستقبال، ولكن حذفت «النون» ، كما أجازوا حذف «اللام» من القسم وإثبات «النون» .
وقد أجاز سيبويه حذف «النون» التي تصحب «اللام» فى القسم.
4- بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ «قادرين» : نصب على الحال، من فاعل فى فعل مضمر: تقديره: بلى نجمعها قادرين وهو قول سيبويه.
وقيل: انتصب «قادرين» ، لأنه وضع فى موضع «نقدر» التقدير: بلى نقدر، فلما وضع الاسم موضع الفعل نصب.
وهو قول بعيد من الصواب يلزم منه نصب «قائم» ، من قولك: مررت برجل قائم، لأنه فى موضع «يقوم» .
«بنانه» : جمع: «بنانة» .
6- يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ «أيان» : ظرف زمان، بمعنى: متى، وهو مبنى، وكان حقه الإسكان، لكن اجتمع ساكنان: الألف والنون،(4/480)
ففتحت النون لالتقاء الساكنين، وإنما وجب ل «أيان» البناء، لأنها بمعنى «متى» ، ففيها معنى الاستفهام، فبنيت، إذ الحروف أصلها البناء.
9- وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ إنما أتى «جمع» بلفظ التذكير، و «الشمس» مؤنثة، لأنه حمل على المعنى كأنه قال: وجمع النوران والضياءان وهو قول الكسائي.
وقيل: لما كان التقدير: وجمع بين الشمس والقمر، ذكر الفعل لتذكير «بين» .
وقيل: لما كان المعنى: وجمعا، إذ لا يتم الكلام إلا بالقمر، والقمر مذكر، غلب المذكر على الأصل فى تأخير الفعل بعدهما.
وقال المبرد: لما كان تأنيث «الشمس» غير حقيقى جاز فيه التذكير، إذ لم يقع التأنيث فى هذا النوع فرقا بين شىء وشىء آخر.
10- يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ «المفر» : مصدر، فهو فى معنى، أين الفرار؟
14- بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
«الإنسان» : ابتداء، و «بصيرة» : ابتداء ثان، و «على نفسه» : خبر «بصيرة» ، والجملة: خبر عن «الإنسان» وتحقيق تقديره: بل على الإنسان رقباء من نفسه على نفسه يشهدون عليه ويجوز أن تكون «بصيرة» خبر عن «الإنسان» ، و «الهاء» فى «بصيرة» : للمبالغة.
وقيل: لما كان معناه: حجة على نفسه، دخلت «الهاء» لتأنيث الحجة.
22، 23- وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «وجوه» : ابتداء، و «ناضرة» : نعت لها، و «إلى ربها ناظرة» : خبر الابتداء.
ويجوز أن تكون «ناضرة» : خبرا، و «إلى ربها ناظرة» : خبرا ثانيا.
ويجوز أن تكون «ناظرة» : نعتا ل «ناضرة» ، أو ل «وجوه» ، و «ناضرة» : خبرا عن «الوجوه» ، ودخول «إلى» مع النظر يدل على أنه نظر العين وليس من الانتظار، ولو كان من الانتظار لم يدخل معه «إلى» ،(4/481)
ألا ترى أنك لا تقول: انتظرت إلى زيد، وتقول: نظرت إلى زيد، ف «إلى» تصحب نظر العين ولا تصحب نظر الانتظار.
ومن قال إن «ناظرة» بمعنى: منتظرة، فقد أخطأ فى المعنى وفى الإعراب، ووضع الكلام فى غير موضعه.
وقد ألحد بعض المعتزلة فى هذا الموضع وبلغ به التعسف والخروج عن الجماعة إلى أن قال: «إلى» ليست بحرف جر، إنما هى اسم، واحده: ألاء، و «ربها» : مخفوض بإضافته إليها لا بحرف الجر والتقدير، عنده: نعمة ربها منتظرة.
وهذا محال فى المعنى، لأنه تعالى قال: وجوه يومئذ ناضرة أي: ناعمة، فقد أخبر أنها ناعمة: وقد حال النعيم بها وظهرت دلائله عليها، فكيف ننتظر ما أخبرنا الله أنه حال فيها، إنما ننتظر الشيء الذي هو غير موجود، فاما أمر موجود حال فكيف ننتظره هل يجوز أن تقول: أنا أنتظر زيدا، وهو معك لم يفارقك.
وذهب بعض المعتزلة إلى أن «ناظرة» من «نظر العين» ، ولكن قال: معناه: إلى ثواب ربها ناظرة.
وهذا أيضا خروج عن الظاهر، ولو جاز هذا لجاز: نظرت إلى زيد، بمعنى: نظرت إلى عطاء زيد.
وهذا نقض لكلام العرب، وفيه إفساد المعاني ونقضها على أنا نقول: لو كان الأمر كذلك لكان أعظم الثواب المنتظر النظر إليه، لا إله إلا هو.
31- فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى «لا» ، الثانية: نفى، وليست بعاطفة، فمعناه: فلم يصدق ولم يصل.
33- ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى «يتمطى» : فى موضع الحال من المضمر فى «ذهب» وأصله: يتمطط، من المطيط، ولكن أبدلوا من الطاء الثانية ياء، وقلبت «ألفا» لتحركها وانفتاح ما قبلها.
والتمطط: التمدد.
36- أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً «سدى» : نصب على الحال من المضمر فى «يترك» ، و «أن» : سد مسد المفعول ل «يحسب» .(4/482)
39- فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى «الذكر والأنثى» : بدل من «الزوجين» ، و «جعل» : بمعنى: خلق، فلذلك تعدت إلى مفعول واحد 40- أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى «أن يحيى» : لا يجوز الإدغام فى الياءين، عند النحويين، كما لا يجوز إذا لم ينصب الفعل، لأنك لو أدغمت لالتقى ساكنان، إذ الثاني ساكن، والأول لا يدغم فى الثاني حتى يسكن، وكذلك كل حرف أدغمته فى حرف بعده لا بد من إسكان الأول، وقد أجمعوا على منع الإدغام فى حال الرفع، فأما فى حال النصب فقد أجازه الفراء، لأجل تحرك الياء الثانية، وهو لا يجوز عند البصريين، لأن الحركة عارضة ليست بأصل.
- 76- سورة الإنسان «الدهر»
1- هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً «هل» : بمعنى: قد، والأحسن أن تكون «هل» على بابها للاستفهام، الذي معناه: التقرير، وإنما هو تقرير لمن أنكر البعث، فلا بد أن يقول: نعم قد مضى دهر طويل على الإنسان، فيقال له: فمن أحدثه بعد أن لم يكن، وكونه بعد عدمه، كيف يمتنع عليه بعثه وإحياؤه بعد موته، وهو معنى قوله: «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ» 56: 62 أي: فهلا تذكرون فتعلموا أن من أنشأ شيئا بعد أن لم يكن على غير مثال قادر على إعادته بعد موته.
2، 3- إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً «شاكرا، كفورا» : حالان من «الهاء» فى «فجعلناه» و «جعل» بمعنى «صير» ، فلذلك تعدت إلى مفعولين: «الهاء» ، و «سميعا» ، و «بصيرا» نعت ل «سميع» .
«إما» : للتخيير، ومعنى التخيير أن الله أخبرنا أنه اختار قوما للسعادة وقوما للشقاوة، فالمعنى: إما أن نجعله شقيا أو سعيدا، وهذا من أبين ما يدل على أن الله قدر الأشياء كلها وخلق قوما للسعادة، وبعملها يعملون، وقوما للشقاوة، وبعملها يعملون، فالتخيير هو: إعلام من الله لنا أنه يختار ما يشاء ويفعل ما يشاء، يجعل من يشاء شاكرا ويجعل من يشاء كفورا، وليس التخيير للإنسان أن يختار ما لم يقدّره الله عليه، ويشاء منه ما قد علم الله منه ما يختار، إذا اختار قبل أن يختار.
وقيل: هى حال مقدرة والتقدير: إما أن يحدث منه عند فهمه الشكر، فهو علامة السعادة، وإما أن يحدث منه الكفر، وهو علامة الشقاوة.(4/483)
وذلك كله، على ما سبق فى علم الله فيهم.
وأجاز الكوفيون أن تكون «ما» : زائدة، و «إن» : للشرط.
ولا يجوز هذا عند البصريين، لأن التي للشرط لا تدخل على الأسماء، إذ لا يجازى بالأسماء إلا أن يضمر بعد «إن» فعلا، نحو قوله: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» 9: 6، فأضمر «استجارك» بعد أن ورد عليه الثاني، فحسن حذفه، ولا يمكن إضمار فعل بعد «إن» هاهنا، لأنه يلزم رفع «شاكر» و «كفور» بذلك الفعل.
وأيضا فإنه لا دليل على الفعل المضمر فى الكلام.
وقيل: فى الآية تقديم وتأخير والتقدير: إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه إما شاكرا وإما كفورا فجعلناه سميعا بصيرا، فيكونان حالين من «الإنسان» على هذه.
4- إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً «سلاسلا، قواريرا» الآيتان: 15، 16، أصله كله يصرف، لأنه جمع، والجمع ثقيل، ولأنه لا يجمع، فخالف سائر الجموع، ولأنه لا نظير له فى الواحد، ولأنه غاية الجموع، إذ لا يجمع، فثقل فلم ينصرف.
فأما من صرفه من القراء، فإنها لغة لبعض العرب.
حكى الكسائي: أنهم يصرفون كل ما لا ينصرف، إلا: أفعل منك.
وقال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف هذا وجميع ما لا ينصرف.
وقيل: إنما صرفه لأنه وقع فى المصحف بالألف، فصرفه على الإتباع لخط المصحف، وإنما كتب فى المصحف بالألف، لأنها رؤوس الآي، فأشبهت القوافي والفواصل، التي يزاد فيها الألف للوقف.
وقيل: إنما صرفه من صرفه لأنه جمع كسائر الجموع، وجمعه بعض العرب، فصار كالواحد فانصرف كما ينصرف الواحد، ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة: إنكم لأنتن صواحبات يوسف، فجمع «صواحب» بالألف والتاء، كما يجمع الواحد، فصار كالواحد فى الحكم، إذ قد جمع كما يجمع الواحد، فانصرف كما ينصرف الواحد.
وحكى الأخفش: مواليات فلان، فجمع «موالى» ، فصار كالواحد.
5، 6- إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً انتصب «عينا» ، على البدل من «كافورا» .(4/484)
وقيل: على البدل من «كأس» ، على الموضع.
وقيل: على الحال من المضمر، فى «مزاجها» .
وقيل: بإضمار فعل أي: يشربون عينا، أي: ماء عين، ثم حذف المضاف.
وقال المبرد: انتصب على إضمار: «أعنى» .
11- فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً «اليوم» : نعت ل «ذلك» ، أو: بدل منه.
12، 13- وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً «جنة وحريرا» : نصب ب «جزاهم» ، مفعول ثان والتقدير: دخول جنة ولبس حرير، ثم حذف المضاف فيهما.
«متكئين» : حال من الهاء والميم فى «جزاهم» ، والعامل فيه «جزى» ، ولا يعمل فيه «صبروا» ، لأن الصبر فى الدنيا كان، والاتكاء والجزاء فى الآخرة.
وكذلك موضع «لا يرون» ، نصب أيضا على الحال، مثل: «متكئين» أو على الحال من المضمر فى «متكئين» ، ولا يحسن أن يكون «متكئين» صفة ل «جنة» ، لأنه يلزم إظهار الضمير الذي فى «متكئين» ، لأنه جرى صفة لغير من هو له.
14- وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا «دانية» : نصب على العطف على «جنة» ، وهو نعت قام مقام منعوت تقديره: وجنة دانية.
وقيل: دانية: حال، عطف على «متكئين» ، أو: فى موضع «لا يرون» ، و «الظلال» : رفع ب «دانية» ، لأنه فاعل بالدنو.
وقد قرئ «ودانيا» ، بالتذكير، وذكرّ للتفرقة.
وقيل: لتذكير الجمع.(4/485)
ويجوز رفع «دانية» على خبر «الظلال» مبتدأ، والجملة فى موضع الحال من الهاء والميم، أو من المضمر فى «متكئين» ، إذا جعلت «لا يرون» حالا منه.
ويجوز «ودان» ، بالرفع والتذكير، على الابتداء والخبر، ويذكّر على ما تقدم.
17، 18- وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا انتصب «عينا» على البدل من «كأس» ، أو على إضمار «يسقون» أي: يسقون ماء عين ثم حذف المضاف، أو على إضمار: «أعنى» .
«تسمى سلسبيلا» ، فى «تسمى» : مفعول لم يسم فاعله، مضمر، يعود على «العين» ، و «سلسبيلا» :
مفعول ثان، وهو اسم أعجمى نكرة، فلذلك انصرف.
20- وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً «رأيت» ، الأول: غير معدى إلى مفعول، عند أكثر النحويين، و «ثم» : ظرف مكان.
وقال الفراء والأخفش: «ثم» : مفعول به ل «رأيت» قال الفراء: تقديره: لرأيت ما ثم، ف «ما» : المفعول، فحذفت «ما» ، وقام «ثم» مقام «ما» .
ولا يجوز عند البصريين حذف الموصول وقيام صلته مقامه.
21- عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «عاليهم» ، من نصبه، فعلى الظرف بمعنى: فوقهم.
وقيل: هو نصب على الحال من المضمر فى «لقاهم» الآية: 11، أو من المضمر فى: «جزاهم» الآية: 12، الهاء والميم.
«ثياب» : رفع ب «عاليهم» ، إذا جعلته حالا، وإن جعلته ظرفا رفعت «ثيابا» بالابتداء، و «عاليهم» :
الخبر، وفى «عاليهم» : ضمير مرفوع.
وإن شئت: رفعت بالاستقرار، ولا ضمير فى «عاليهم» ، لأنه يصير بمنزلة فعل مقدم على فاعله.(4/486)
وإذا رفعت «ثيابا» بالابتداء، ف «عاليهم» : بمنزلة فعل مؤخر عن فاعله، ففيه ضمير.
ومن أسكن الياء فى «عاليهم» رفعه بالابتداء، و «ثياب» : الخبر، و «عالى» : بمعنى الجماعة، كما قال: «سامِراً تَهْجُرُونَ» 23: 67، فأتى بلفظ الواحد يراد به الجماعة، وكذلك قال «فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ» 6: 45، فاكتفى بالواحد عن الجمع.
ويجوز أن يكون «ثياب» رفعا ب «عاليهم» ، لأن «عاليا» اسم فاعل، فهو مبتدأ، و «ثياب» : فاعل يسد مسد خبر «عاليهم» ، فيكون «عالى» ، على هذا القول، مفردا لا يراد به الجمع، كما تقول: قائم الزيدون، فتوحد، لأنه جرى مجرى حكم الفعل المتقدم فوحد، إذ قد رفع ما بعده، وهو مذهب الأخفش و «عاليهم» : نكرة، لأنه يراد به الانفصال، إذ هو بمعنى الاستقبال، فلذلك جاز نصبه على الحال، ومن أجل أنه نكرة منع غير الأخفش رفعه بالابتداء.
«خضر وإستبرق» : من خفض جعله نعتا ل «سندس» ، و «سندس» : اسم للجميع.
وقيل: هو جمع، واحده: سندسة، وهو ما رق من الديباج.
ومن رفعه جعله نعتا ل «ثياب» .
ومن رفع «وإستبرق» عطفه على «ثياب» ، ومن خفض عطفه على «سندس» ، و «إستبرق» : ما غلظ من الديباج، ومن رفعه جعله نعتا ل «ثياب» .
وإستبرق: اسم أعجمى نكرة، فلذلك انصرف، وألفه ألف قطع فى الأسماء الأعجمية.
وقد قرأ ابن محيصن بغير صرف، وهو وهم، أن جعله اسما، لأنه نكرة منصرفة.
وقيل: بل جعله فعلا ماضيا من «برق» ، فهو جائز فى اللفظ بعيد فى المعنى.
وقيل: إنه فى الأصل فعل ماض، على «استفعل» ، من: برق، فهو عربى من «البريق» ، فلما أسمى به قطعت ألفه، لأنه ليس من أصل الأسماء أن تدخلها ألف الوصل، إنما دخلت فى أسماء متعلقة مغيرة عن أصلها معدودة لا يقاس عليها.
23- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا «نحن» : فى موضع نصب، على الصفة لاسم «إن» ، لأن المضمر يوصف بالمضمر، إذ هو بمعنى التأكيد لا بمعنى(4/487)
التحلية، فلا يوصف بالمظهر، لأنه بمعنى التحلية، والمضمر مستغنى عن التحلية، لأنه لم يضمر إلا بعد أن عرف بحلية، وهو محتاج إلى التأكيد ليتأكد الخبر عنه.
ويجوز أن يكون «نحن» فاصلة: لا موضع لها من الإعراب، و «نزلنا» : الخبر.
ويجوز أن يكون «نحن» رفعا بالابتداء، و «نزلنا» : الخبر، والجملة: خبر «إن» .
24- فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً «أو» : للإباحة أي: لا تطع هذا الضرب.
وقال الفراء: «أو» ، فى هذا: بمنزلة «لا» أي: لا تطع من أثم ولا من كفر، وهو معنى الإباحة التي ذكرنا.
وقيل: «أو» ، بمعنى: «الواو» ، وفيه بعد.
27- ... وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا «وراء» بمعنى: قدام وأمام، وجاز ذلك فى «وراء» لأنها بمعنى التواري فيما توارى عنك، فما هو أمامك وقدامك وخلفك، يسمى: وراء، لتواريه عنك. و «يوما» : مفعول ب «يذرون» .
30- وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً «أن» : فى موضع نصب على الاستثناء، أو: فى موضع خفض على قول الخليل، بإضمار الخافض، وعلى قول غيره:
فى موضع نصب، إذا قدرت حذف الخافض تقديره: إلا بأن يشاء الله.
31- يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «والظالمين» : نصب على إضمار فعل أي: ويعذب الظالمين أعد لهم عذابا، لأن إعداد العذاب يؤول إلى العذاب، فلذلك حسن إضمار «ويعذب» ، إذ قد دل عليه سياق الكلام.
ولا يجوز إضمار «أعد» ، لأنه لا يتعدى إلا بحرف، فإنما يضمر فى هذا وما شابهه فعل يتعدى بغير حرف.
مما يدل عليه سياق الكلام وفحوى الخطاب.
وفى حرف عبد الله: «وللظالمين أعد لهم» .(4/488)
وقال الكوفيون: إنما انتصب «والظالمين» ، لأن الواو التي معه ظرف للفعل، وهو «أعد» ، وهذا كلام لا يتحصل معناه.
ويجوز رفع «الظالمين» ، على الابتداء، وما بعده خبره.
وقد سمع الأصمعى من يقرأ بذلك، وليس بمعمول به فى القرآن، لأنه مخالف للمصحف ولجماعة القراء.
وقد جعله الفراء فى الرفع بمنزلة قوله «وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ» 26: 224، وليس مثله، لأن «الظالمين» قبله فعل عمل فى مفعول، فقطعت الجملة عن الجملة، فوجب أن يكون الخبر فى الجملة الأولى فى قوله «يدخل من يشاء» وقوله «الشعراء» قبله جملة من ابتداء وخبر، فوجب أن تكون الجملة الثانية كذلك، فالرفع هو الوجه فى «الشعراء» ، ويجوز النصب فى غير القرآن، والنصب هو الوجه فى «الظالمين» ، ويجوز الرفع فى غير القرآن.
- 77- سورة المرسلات
1- وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً «عرفا» : نصب على الحال، من «المرسلات» ، وهى الرياح ترسل متتابعة.
ومن جعل «المرسلات» : الملائكة، نصب «عرفا» على تقدير: حرف الجر أي: يرسلهم الله بالعرف أي: بالمعروف.
2، 3- فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِراتِ نَشْراً «عصفا» و «نشرا» : مصدران مؤكدان.
5- فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً «ذكرا» : مفعول به.
6- عُذْراً أَوْ نُذْراً نصبا على المصدر، فمن ضم «الذال» جعله جمع: عذير، ونذير بمعنى: إعذار وإنذار، ومن أسكن الذال جاز أن يكون مخففا من الضم بمعنى: إعذار وإنذار، كما قال: «فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ» 22: 44 أي: إنكارى أي: عاقبة ذلك.(4/489)
ويجوز أن يكون غير مخفف، وسكونه أصل، على أن يكون مصدرا بمنزلة «نكر» .
7- إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ «ما» : اسم «إن» ، و «لواقع» : الخبر، و «الهاء» : محذوفة من «توعدون» ، وهى صلة «ما» تقديره:
توعدون به. وحذفها من الصلة حسن لطول الاسم، وقريب منه حذفها من المبتدأ، ولا يجوز حذفها من الخبر إلا فى شعر، و «إن» : جواب القسم المتقدم.
8- فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ «النجوم» ، عند البصريين: رفع بإضمار فعل، لأن «إذا» فيها معنى المجازاة، فهى بالفعل أولى، ومثله:
«إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» 81: 1، و «إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ» 82: 1، و «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» 84: 1، وهو كثير فى القرآن.
وقال الكوفيون: ما بعد «إذا» رفع بالابتداء، وما بعده الخبر، وجواب «إذا» فى قوله «فإذا النجوم» :
محذوف تقديره: وقع.
وقيل: جوابها: «ويل يومئذ للمكذبين» الآية: 15.
13- لِيَوْمِ الْفَصْلِ «اللام» : متعلقة بفعل مضمر تقديره: أجلت ليوم الفصل.
وقيل: هو بدل من «أي» الآية: 12، بإعادة الخافض.
وقيل: «اللام» ، بمعنى: «إلى» .
14- وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ قد تقدم ذكره فى «الحاقة» السورة: 96، وغيرها.
15- وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ «ويل» ، حيث وقع فى هذه السورة وما شابهها: ابتداء، و «يومئذ» : ظرف عمل فيه معنى «ويل» ، و «للمكذبين» : الخبر.(4/490)
25- أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً «كفاتا» : مفعول ثان ل «يجعل» ، لأنه بمعنى «يصير» .
26- أَحْياءً وَأَمْواتاً حالان أي: تجمعهم الأرض فى هاتين، والكفت: الجمع.
وقيل: هو نصب ب «كفات» أي: يكفت الأحياء والأموات أي: يضمهم أحياء على ظهرها وأمواتا فى بطنها.
35- هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ابتداء وخبر، والإشارة إلى اليوم.
وقرأه الأعمش وغيره «يوما» بالفتح، فيجوز أن يكون مبنيا عند الكوفيين لإضافته إلى الفعل، وهو مرفوع فى المعنى.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب، والإشارة إلى غير اليوم.
ويجوز أن تكون الفتحة إعرابا، وهو مذهب البصريين، لأن الفعل معرب.
وإنما يبنى عند البصريين، إذا أضيف إلى مبنى، فتكون الإشارة إلى غير اليوم، وهو خبر الابتداء على كل حال.
44- إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ «الكاف» : فى موضع نصب على النعت لمصدر محذوف أي: جزاء كذلك نجزى.
46- كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ «قليلا» : نعت لمصدر محذوف، أو: لظرف محذوف تقديره: وتمتعوا تمتعا قليلا، وهو منصوب ب «تمتعوا» فى الوجهين، إلا أنه يكون مرة مفعولا فيه، ومرة مفعولا مطلقا.(4/491)
- 78- سورة النبأ
1- عَمَّ يَتَساءَلُونَ أصله: «عن ما» ، فحذفت الألف لدخول حرف الجر على «ما» ، وهى استفهام، للفرق بين الاستفهام والخبر، والفتحة تدل على الألف.
ووقف عليه ابن كثير بالهاء، لبيان الحركة، لئلا يحذف الألف ويحذف ما يدل عليها.
ووقف جماعة القراء غيره بالإسكان.
وكذلك ما شابهه من «ما» التي للاستفهام، إذا دخل عليها حرف جر، هذا حكمها، ولا يجوز إثبات الألف إلا فى شعر، كما لا يجوز حذف الألف إذا كانت «ما» خبرا، نحو: «وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» 2: 74.
2- عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ «النبأ» : بدل من «ما» ، بإعادة الخافض.
وقيل: التقدير: يتساءلون عن الشيء، ثم حذف الفعل لدلالة الأول عليه، ف «عن» ، الأولى: متعلقة ب «يتساءلون» الظاهر، والثانية: بالمضمر.
6- أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً «مهادا» : مفعول ثان ل «جعل» ، ومثله «سباتا» الآية: 9، لأن «جعل» بمعنى «صير» ، ومثله «لباسا» الآية: 10 و «معاشا» الآية: 11.
8- وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً «أزواجا» : نصب على الحال أي: ابتدعناكم مختلفين: ذكورا وإناثا، قصارا وطوالا. و «خلق» ، بمعنى: ابتدع، فلذلك لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد.
13- وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً «سراجا» : مفعول ب «جعلنا» ، وهى بمعنى: خلقنا، يتعدى إلى مفعول واحد، وليست بمعنى «صيرنا» ، مثل ما تقدم.(4/492)
16- وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً «ألفافا» : هو جمع «لف» ، يقال: نبات لف ولفيف، إذا كان مجتمعا.
وقيل: هو جمع الجمع، كأن الواحد على: لفاء ولف، كحمراء وحمر، ثم يجمع: «لف» على «ألفاف» ، كما تقول: قفل وأقفال.
18- يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً «يوم» : بدل من «يوم» الأول، الآية: 17.
«أفواجا» : حال من المضمر فى «تأتون» .
23- لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً «أحقاب» : ظرف زمان، ومن قرأه «لبثين» شبهه بما هو خلقه فى الإنسان، نحو: حذر، وفرق وهو بعيد، لأن «اللبث» ليس مما يكون خلقة فى الإنسان، وباب «فعل» إنما هو لما يكون خلقة فى الشيء، وليس «اللبث» بخلقة، و «أحقابا» : ظرف فى الوجهين.
24- لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً «لا يذوقون» : فى موضع الحال من المضمر فى «لابثين» .
وقيل: هو نعت ل «أحقاب» ، واحتمل الضمير، لأنه فعل لم يجب إظهاره، وإن كان قد جرى صفة على غير من هو له، وإنما جاز أن يكون نعتا ل «أحقاب» لأجل الضمير العائد على «الأحقاب» فى «فيها» ، ولو كان فى موضع «يذوقون» : اسم فاعل، لم يكن بد من إظهار المضمر، إذا جعلته وصفا ل «أحقاب» .
25- إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً «إلا حميما» : بدل من «بردا» ، إذا جعلت «البرد» من البرودة، فإن جعلته «النوم» ، كان «إلا حميما» استثناء ليس من الأول.
26- جَزاءً وِفاقاً «جزاء» : نصب على المصدر.
28- وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً «كذابا» : من شدده جعله مصدر: كذب، زيدت فيه الألف كما زيد فى «إكرام» ، وقولهم «تكذيبا» جعلوا(4/493)
التاء عوضا من تشديد العين، والتاء بدل من الألف، غيروا أوله كما غيروا آخره، وأصل مصدر الرباعي أن يأتى على عدد حروف الماضي، بزيادة ألف مع تغيير الحركات، وقد قالوا: تكلما، فأتى المصدر على عدد حروف الماضي بغير زيادة ألف، وذلك لكثرة حروفه، وضمت اللام ولم تكسر، لأنه ليس فى الكلام اسم على «يفعل» ، ولم يفتحوا لئلا يشبه الماضي.
وقرأه الكسائي «كذابا» بالتخفيف، جعله مصدر: كاذب كذابا.
وقيل: هو مصدر «كذب» ، كقولك: كتب كتابا.
29- وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً «كتاب» : مصدر، لأن «أحصيناه» بمعنى: كتبناه، و «كل» : نصب بإضمار فعل أي: وأحصينا كل شىء أحصيناه ويجوز الرفع بالابتداء.
36- جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً «جزاء» و «عطاء» : مصدران، و «حسابا» : نعت ل «عطاء» ، بمعنى: كافيا.
37- رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً من رفع «رب» ، فعلى إضمار «هو» .
ومن خفضه جعله بدلا من «ربك» ، و «الرحمن» : نعت ل «ربك» .
ومن رفعه ورفع «الرحمن» جعله مبتدأ، و «الرحمن» : خبره، أو: نعتا له، «ولا يملكون» : الخبر، و «رب السماوات» : بدلا من «ربك» .
ومن خفض «الرحمن» ورفع «ربا» : جعله نعتا ل «ربك» .
ومن خفض «ربا» ورفع «الرحمن» رفعه على إضمار مبتدأ أي: هو الرحمن وإن شئت: على الابتداء، و «يملكون» : الخبر.
38- يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً «صفا لا يتكلمون» : حالان.
«إلا من أذن له الرحمن» : من، فى موضع رفع، بالبدل من المضمر فى «يتكلمون» ، أو: فى موضع نصب على الاستثناء.(4/494)
- 79- سورة النازعات
1- وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً «غرقا» : مصدر، ومثله: «نشطا» الآية: و «سبحا» الآية: 2، 3، و «سبقا» الآية: 4 5- فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً «أمرا» : مفعول به ب «المدبرات» .
وقيل: هو مصدر.
وقيل: هو نصب، بإسقاط حرف الجر أي: بأمر، وإنما بعد نصبه ب «المدبرات» ، لأن التدبير ليس إلى الملائكة، إنما هو إلى الله جل ذكره، فهى مرسلة بما يدبره الله ويريده، وليس التدبير لها، إلا أن الجملة على معنى: تدبر بأمر الله لها، وجواب القسم محذوف تقديره: وهذه المذكورات لتبعثن، ودل على ذلك إنكارهم للبعث فى قوله «يقولون أإنا لمردودون فى الحافرة» الآية: 10.
وقيل: الجواب فى ذلك لغيره.
وقيل: جوابه: «يوم ترجف» على تقدير: حذف اللام أي: ليوم ترجف.
16، 17- إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى «طوى» : فى موضع خفض، على البدل من «الوادي» .
ومن كسر الطاء، وهى قراءة الحسن، فهو فى موضع نصب على المصدر تقديره: بالوادي المقدس، مرتين.
ومن ترك صرفه جعله معدولا «كعمر» ، وهو معرفة.
ومن صرفه جعله كحطم، غير معدول.
وقيل: إنما ترك صرفه لأنه اسم لبقعة، وهو معرفة.
25- فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى «نكال الآخرة» : مصدر، وقيل: مفعول من أجله.(4/495)
30- وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها نصب «الأرض» بإضمار فعل يفسره «دحاها» ، والرفع جائز على الابتداء، والنصب عند البصريين الاختيار.
وقال الفراء: الرفع والنصب سواء فيه، ومثله «وَالْجِبالَ أَرْساها» 79: 32 33- مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ «متاعا لكم» : نصب على المصدر.
37- فَأَمَّا مَنْ طَغى «من» : ابتداء، والخبر: «فإن الجحيم» الآية: 399، «وما بعده ومثله: «وأما من خاف» الآية: 40، لكن فى الخبر حذف عائد به يتم الخبر وتقديره: فإن الجحيم هى المأوى له، أو: فإن الجنة هى المأوى له.
وقيل: تقديره: هى مأواه، والألف واللام: عوض من المحذوف.
42- يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها «مرساها» : ابتداء، و «أيان» : الخبر، وهو ظرف مبنى بمعنى: متى.
43- فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها حذفت ألف «ما» كما حذفت من «عم» 78: 1، وشبهه، فهو مثله فى العلة والحكم، وقد تقدم ذكره.
- 80- سورة عبس
2- أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى «أن» : مفعول من أجله.
وقيل: هى فى موضع خفض، على إضمار اللام.
وقيل: هى بمعنى «إذا» .
4- أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى «فتنفعه» : من نصبه جعله جواب «لعل» بالفاء، لأنه غير موجب، فأشبه التمني والاستفهام، وهو غير معروف عند البصريين ومن رفع عطفه على «يذكر» .(4/496)
8، 9- وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى «من» : ابتداء، و «يسعى» : حال، وكذلك «هو يخشى» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال أيضا.
10- فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ابتداء وخبر، فى موضع خبر «من» الآية: 8 ومثله: «أما من استغنى فأنت له تصدى» الآيتان: 5، 6 17- قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ «ما أكفره» : ما، استفهام، ابتداء، و «أكفره» : الخبر، على معنى: أي شىء حمله على الكفر مع ما يرى من الآيات الدالات على التوحيد؟
ويجوز أن يكون «ما» ابتداء، تعجبا أي: هو ممن يتعجب منه فيقال: ما أكفره و «أكفره» :
الخبر أيضا.
20- ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ «الهاء» و «السبيل» : مفعولان ل «يسر» ، على حذف اللام من «السبيل» أي: ثم للسبيل يسره.
25- أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا من فتح «أن» جعلها فى موضع خفض، على تقدير «اللام» أي: لأنا.
وقيل: فى موضع نصب، لعدم اللام.
وقيل: فى موضع خفض، على البدل من «طعامه» الآية: 24، لأن هذه الأشياء مشتملة على الطعام منها، فيكون معنى «إلى طعامه» : إلى حدوث طعامه كيف يتأتى، فالاشتمال فى هذا إنما هو من الثاني على الأول، لأن الاعتبار إنما هو فى الأشياء التي يتكون منها الطعام، لا فى الطعام بعينه.
32- مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ «متاعا» : نصب على المصدر.(4/497)
- 81- سورة التكوير
1- إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قد تقدم الكلام فى رفع ما بعد «إذا» فى «والمرسلات» السورة: 77، وغيرها.
21- مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ «ثم» : ظرف مكان.
24- وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ دخول «على» يدل على أن «ضنينا» بالضاد، بمعنى: بخيل يقال: بخلت عليه، ولو كان بالظاء بمعنى:
متهم، لكان بالباء، كما يقال: هو متهم بكذا، ولا يقال: على كذا، لكن لا يجوز أن يكون فى موضع الباء فتحسن القراءة بالظاء.
26- فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ حقه أن يكون: فإلى أين تذهبون؟ لأن «ذهب» لا يتعدى وتقديره: فإلى أين تذهبون؟ لكن حذفت «إلى» ، كما قالوا: ذهبت الشام أي: إلى الشام.
وحكى الفراء: أن الحرف يحذف مع: «انطلق» و «خرج» ، تقول: انطلقت الشام أي: إلى الشام وخرجت السوق، أي: إلى السوق.
ولم يجد سيبويه من هذا غير: ذهبت الشام، أي: إلى الشام ودخلت البيت، أي: إلى البيت.
29- وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «أن» : فى موضع خفض، بإضمار «الباء» ، أو: فى موضع نصب، بحذف الخافض.
- 82- سورة الانفطار
6- يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ «ما» : استفهام ابتداء، و «غرك» : الخبر.(4/498)
17- وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ قد تقدم الكلام فيه وفى نظيره فى «الحاقة» السورة: 69، وفى «الواقعة» السورة: 56، وغيرهما.
19- يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ «يوم» : من فتحه جعله فى موضع رفع على البدل من «يوم- الآية: 18» الذي قبله، أو فى موضع نصب على الظرف، أو على البدل من «يوم الدين» الأول، الآية: 15.
وهو مبنى عند الكوفيين لإضافة الفعل، ومعرب عند البصريين نصب على البدل من «يوم الدين» الأول ويجوز نصبه على الظرف للجزاء، وهو الدين، وإنما لم يكن مبنيا عندهم، لأنه أضيف إلى معرب، وإنما يبنى إذا أضيف إلى مبنى.
ومن رفعه جعله بدلا من يَوْمُ الدِّينِ- الآية: 18» قبله.
ويجوز أن يرفع على إضمار: «هو» .
- 83- سورة المطففين «التطفيف»
1- وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ابتداء وخبر، والمختار فى «ويل» وشبهه، إذا لم يكن مضافا أو معربا النصب، نحو قوله: «وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا» 20: 61 و «ويل» : أصله مصدر، من فعل لم يستعمل.
وقال المبرد: فى «ويل للمطففين» ، وفى «ويل يومئذ للمكذبين» الآية: 10، وشبهه: لا يجوز فيه إلا الرفع، لانه ليس بدعاء عليهم، إنما هو إخبار أن ذلك ثبت لهم، ولو كان المصدر من فعل مستعمل كان الاختيار فيه، إذا أضيف أو عرف بالألف واللام: الرفع، ويجوز النصب نحو: الحمد لله، والشكر لزيد، الرفع الاختيار فإن نكر فالاختيار فيه النصب، ويجوز الرفع، نحو: حمدا لله، وشكرا له، الاختيار النصب بضد الأول.
2- الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ «على الناس» : على، فى موضع «من»(4/499)
3- وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ يجوز أن يكون «هم» ضميرا مرفوعا مؤكدا للواو فى «كالوا» ، و «وزنوا» ، فيكتب بغير ألف.
ويجوز أن يكون ضمير مفعول فى موضع نصب ب «كالوا» ، و «وزنوا» ، فيكتب بغير ألف بعد الواو، وهو فى المصحف بغير ألف بعد الواو.
و «كال» و «وزن» : يتعديان إلى مفعولين، أحدهما بحرف جر والآخر بغير حرف جر.
4، 5، 6- أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «يوم» : نصب على الظرف، والعامل فيه فعل دل عليه «مبعوثون» أي: يبعثون يوم يقوم الناس.
ويجوز أن يكون بدلا من ل «يوم» ، على الموضع.
وهو مبنى عند الكوفيين على الفتح، وموضعه نصب على ما ذكرناه ومعرب منصوب عند البصريين.
7- كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ «سجين» : هو فعل من «السجل» ، والنون بدل من اللام.
وقيل: فعيل: من «السجن» .
8- وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ قد تقدم الكلام فيه وفى نظيره فى «الحاقة» السورة: 69، وغيرها.
9- كِتابٌ مَرْقُومٌ «كتاب» : رفع على أنه خبر «إن» ، والظرف ملغى، أو يكون: خبرا بعد خبر، أو: على إضمار «هو» .
13- إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «أساطير» : رفع على إضمار: «هذه» .
17- ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ «هذا الذي» : ابتداء وخبر، فى موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، عند سيبويه.
وقال المبرد: المصدر مضمر، يقوم مقام الفاعل، ولا تقوم الجملة عنده مقام الفاعل.(4/500)
18- كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ «عليين» : جمع لا واحد له، ك «عشرين» ، فجرى مجراه.
وقد قيل: إن «عليين» : صفة للملائكة، فلذلك جمع بالواو والنون.
27، 28- وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ انتصب «عين» عند الأخفش ب «يسقون» .
وعند المبرد، بإضمار: «أعنى» .
وعند الفراء: «بتسنيم» : على أن «تسنيما» ، اسم للماء الجاري من علو، كأنه يجرى من علو الجنة، معرفة تقديره: ومزاجه من الماء العالي جاريا من علو.
«يشرب بها» : نعت ل «عين» ، و «بها» ، بمعنى: منها.
- 84- سورة الانشقاق
1، 2- إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ يرتفع ما بعد «إذا» على إضمار فعل، عند البصريين.
وعند الكوفيين: ابتداء وخبر، والعامل فى «إذا» : اذكر.
وقيل: العامل: انشقت.
وقيل: العامل: «فملاقيه» الآية: 6، وجواب «إذا» : أذنت على تقدير زيادة الواو.
وقيل: الجواب محذوف، ومثله «إذا» الثانية، الآية: 3.
وقيل: جوابها: «ألقت» ، على حذف الواو.
وقيل: الجواب مضمر.
وقيل: الجواب: «أذنت» الثانية، الآية: 5، على حذف الواو.
وإنما تحتاج «إذا» إلى جواب، إذا كانت للشرط، فإن عمل فيها ما قبلها لم تحتج إلى جواب ولم تكن للشرط.(4/501)
6- يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ «فملاقيه» : رفع، على إضمار: فأنت ملاقيه.
7- فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ «من» : رفع بالابتداء، وما بعدها الخبر 9- وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً «مسرورا» : حال من المضمر فى «ينقلب» .
10- وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ «من» : رفع بالابتداء، وما بعدها الخبر.
14- إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ «أن» : سدت مسد المفعولين ل «ظن» .
20- فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «ما» : استفهام ابتداء، و «لهم» : الخبر، «ولا يؤمنون» : حال من الهاء والميم، والعامل فيه معنى الاستفهام التي تعلقت به اللام فى «لهم» .
25- إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ «الذين» : نصب على الاستثناء من الهاء والميم فى «فبشرهم» الآية: 24.
وقيل: «هم» : استثناء ليس من الأول.
- 85- سورة البروج
1- وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ جوابه: «قتل أصحاب الأخدود» الآية: 4 أي: لقتل.
وقيل: جوابه «إن بطش ربك لشديد» الآية: 13 وقيل: الجواب محذوف.(4/502)
2- وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ «الموعود» : نعت ل «اليوم» ، وثم ضمير محذوف به تتم الصلة تقديره: الموعود به، ولولا ذلك ما صحت الصفة، إذ لا ضمير يعود على الموصوف من صفته.
5- النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ «النار» : بدل من «الأخدود» الآية: 4، وهو بدل الاشتمال.
وقال الكوفيون: هو خفض على الجوار.
وقال بعض أصحاب البصريين: هو بدل ولكن تقديره: قتل أصحاب الأخدود نارها، ثم صارت الألف واللام بدل من الضمير.
وقدره بعض البصريين: قتل أصحاب الأخدود والنار التي فيها.
15- ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ «المجيد» : من خفضه جعله نعتا ل «العرش» .
وقيل: لا يجوز أن يكون نعتا ل «العرش» ، لأنه من صفات الله جل ذكره، وإنما هو نعت ل «رب» فى قوله: «إن بطش ربك لشديد» الآية: 12.
ومن رفعه جعله نعتا ل «ذو» ، أو: خبرا بعد خبر.
16- فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ «فعال» : رفع على إضمار «هو» ، أو: على أنه خبر بعد خبر، أو: على البدل مما قبله من «ذو العرش» .
18- فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بدل من «الجنود» الآية: 17، فى موضع خفض، أو فى موضع نصب على: «أعنى» ، ولا ينصرفان للتعريف والعجمة فى «فرعون» ، والتأنيث فى «ثمود» والتعريف، إذ هو اسم للقبيلة.
22- فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ «محفوظ» : من رفعه جعله نعتا ل «قرآن» الآية: 21 ومن خفضه جعله نعتا ل «لوح» .(4/503)
- 86- سورة الطارق
4- إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ من قرأ بتخفيف «لما» جعل «ما» زائدة، و «إن» مخففة من الثقيلة، ارتفع ما بعدها لنقصها، وهى جواب القسم، كأنه قال: إن كل نفس لعليها حافظ، وتصحيحه: إنه لعلى كل نفس حافظ، ف «حافظ» :
مبتدأ، و «عليها» : الخبر والجملة: خبر «كل» ، ودخلت اللام للفرق بين «إن» المخففة من الثقيلة وبين «إن» بمعنى «ما» النافية.
ومن شدد «لما» جعل «لما» بمعنى: إلا، و «أن» : بمعنى: ما تقديره: ما كل نفس إلا عليها حافظ.
وحكى سيبويه: نشدتك بالله لما فعلت أي: إلا فعلت.
8، 9- إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ «يوم» : ظرف، والعامل فيه «لقادر» ، ولا يعمل فيه «رجعه» ، لأنك كنت تفرق بين الصلة والموصول بخبر «إن» ، وهذا على قول من قال «رجعه» بمعنى: بعثه وإحيائه بعد موته.
ومن قال «رجعه» بمعنى: رده لما فى الإحليل، أو على حبس الماء فلا يخرج من الإحليل، نصب «يوما» بفعل مضمر أي: اذكر يوم تبلى ولا يعمل فيه «لقادر» ، لأنه لم يرد أنه يقدر على رد الماء فى الإحليل وغير ذلك يوم القيامة، إنما أخبر بذلك أنه يقدر عليه فى الدنيا لو شاء ذلك.
- 87- سورة الأعلى
5- فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى «الهاء» و «غثاء» : مفعولان ب «جعل» ، لأنه بمعنى: «صير» ، و «أحوى» : نعت ل «غثاء» ، وأحوى، بمعنى: أسود.
وقيل: أحوى: حال من «المرعى» ، و «أحوى» : بمعنى: أخضر أي: أخرج المرعى فى حال خضرة فجعله غثاء. والغثاء: الهشيم، كغثاء السيل.(4/504)
6، 7- سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى «لا» : بمعنى: «ليس» ، وهو خبر، و «ليس» : بمعنى النفي، إذ لا يجوز أن ينهى الإنسان عن النسيان، لأنه ليس باختياره.
«ما» : فى موضع نصب على الاستثناء أي: لست تنسى إلا ما شاء الله أن يرفع تلاوته وينسخه بغير بدل.
وقيل: تنسى، بمعنى: تترك، فيكون المعنى: إلا ما شاء الله، وليس يشاء الله أن تنسى منه شيئا، فهو بمنزلة قوله فى «هود» فى الموضعين «خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك» الآية: 107، قيل معناه: إلا ما يشاء ربك وليس يشاء جل ذكره ترك شىء من الخلود، لتقدم مشيئته لهم بالخلود.
وقيل: «إلا ما شاء الله» : استثناء من «فجعله غشاء أحوى» الآية: 5.
- 88- سورة الغاشية
2- وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ «خاشعة» : خبر «وجوه» ، وذلك فى الآخرة.
3- عامِلَةٌ ناصِبَةٌ «عاملة» : رفع على إضمار «هى» ، وذلك فى الدنيا، فتقف، على هذا التأويل، على «خاشعة» .
ويجوز أن تكون «عاملة» : خبرا بعد خبر عن «وجوه» ، فيكون العمل فى النار، لما لم يعمل فى الدنيا، أعملها الله فى النار، وهو قول الحسن وقتادة، ولا تقف، على هذا، على «خاشعة» .
8، 9- وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ لِسَعْيِها راضِيَةٌ «وجوه ... ناعمة» : ابتداء وخبر، و «راضية» : خبر ثان، أو على إضمار: «هى» .
21، 22، 23-ذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ
«من» : فى موضع نصب، على الاستثناء المنقطع.(4/505)
وقيل. هو استثناء من الخبر على إضمار بعد «فذكر» أي: فذكر عبادى إلا من تولى، أو على إضمار بعد «مذكر» أي: إنما أنت مذكر الناس، إلا من تولى.
وقيل: فى موضع خفض، على البدل من الهاء والميم فى «عليهم» .
25- إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ «إيابهم» : قرأه أبو جعفر بتشديد الياء، وفيه بعد، لأنه مصدر: آب يؤوب إيابا، وأصل «الياء» أولا: واو، لكن انقلبت «ياء» لانكسار ما قبلها، وكان يلزم من شدد أن يقول: أوابهم، لأنه من الواو، ويقول: إيوابهم، فيبدل من أول المشدد ياء، كما قالوا: ديوان، والأصل: دوان.
- 89- سورة الفجر
6، 7- أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ «إرم» : فى موضع نصب، خفض على النعت ل «عاد» ، أو: على البدل، ومعنى «إرم» : القديمة.
ومن جعل «إرم» مدينة، قدر فى الكلام حذفا تقديره: بمدينة عاد إرم.
وقيل: تقديره: بعاد صاحبة إرم.
«وإرم» : مؤنثة معرفة، على هذا القول، فلذلك لم ينصرف، وانصرف «عاد» ، لأنه مذكر خفيف.
9- وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ «وثمود» : لم ينصرف، لأنه اسم للقبيلة، وهو معرفة، وموضعه خفض على العطف على «عاد» ، و «الذين» :
فى موضع النعت ل «ثمود» ، أو: فى موضع نصب على: «أعنى» ، أو: فى موضع رفع على «هم» .
18- وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ مفعول «تحضون» محذوف تقديره: ولا تحضون الناس- أو: أنفسكم- على طعام.
ومن قرأها «تحاضون» لم يقدر حذف مفعول، إنما هو تتحاضون فيما بينكم على الخير، لا يتعدى.(4/506)
22- وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «صفا صفا» : حال.
23- وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى «بجهنم» : فى موضع رفع، مفعول لما لم يسم فاعله.
وقيل: المصدر مضمر، وهو المفعول لما لم يسم فاعله.
ويجوز أن يكون المفعول «يومئذ» ، بدلا من الأول.
وقيل: العامل فيه «يتذكر» .
«وأنى له الذكرى» : الذكرى، رفع بالابتداء، و «أنى له» : الخبر.
- 90- سورة البلد
1- لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ «لا» : زائدة.
وقيل: هى بمعنى «إلا» .
وقيل: لا، غير زائدة، وهى رد لكلام قبله، و «البلد» : نعت ل «هذا» ، أو: بدل، أو: عطف بيان.
5- أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ «أن» : سدت مسد مفعولى «حسب» ، ومثله «أن لم يره» الآية: 7، وأصل «يره» : يراه، ثم خففت الهمزة وحذفت الألف للجزم.
12، 13- وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ «فك رقبة» : بدل من «العقبة» ، أو: على إضمار: هى فك، ابتداء وخبر.
16، 15- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ «يتيما» : نصب ب «إطعام» ، و «أو مسكينا» : عطف عليه.(4/507)
- 91- سورة الشمس
9، 10- قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها فى «زكاها» : ضمير «من» ، وبه تتم الصلة أي: من زكى نفسه بالعمل الصالح.
«وقد خاب من دساها» أي: أخفى نفسه بالعمل السيئ.
وقيل: إن فى «زكاها» و «دساها» : ضمير يعود على الله عز وجل أي: قد أفلح من زكاه الله، وقد خاب من خذله الله.
وهذا يبعد، إذ لا ضمير يعود على «من» من صلته، وإنما يعود الضمير على اسم الله جل ذكره.
ولكن إن جعلت «من» اسما للنفس، وأثبت على المعنى. فقلت: زكاها ودساها، جاز: لأن الهاء والألف يعود على «من» حينئذ، فيصلح الكلام، كأنه فى التقدير: قد أفلحت النفس التي زكاها الله، وقد خابت النفس التي خذلها الله وأخفاها.
ومعنى «دساها» : أخفاها بالعمل السيئ، أو تكون «من» بمعنى الفرقة، أو الطائفة، أو الجماعة، فتعود «الهاء» فى «دساها» و «زكاها» على «من» ، ويحسن الكلام بأن يكون الضمير فى «زكاها» و «دساها» لله جل ذكره.
و «دساها» ، أصله: دسسها، من: دسست الشيء: أخفيته، لكن أبدلوا من السين الأخيرة ياء، وقلبت ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها.
13- فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها «ناقة الله» : نصب على الإغراء أي: احذروا ناقة الله، و «سقياها» ، فى موضع نصب، عطف على «ناقة» .
14- فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها «سواها» : الهاء، تعود على «الدمدمة» ، ودل على ذلك قوله «فدمدم» أي: سوى بينهم فى العقوبة.
15- وَلا يَخافُ عُقْباها من قرأه بالفاء، فالفعل لله جل ذكره، ومن قرأه بالواو، فالفعل للعاقر أي: انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها.
ويجوز أن يكون من قرأه بالواو، جعل الفعل لله.(4/508)
- 92- سورة الليل
3، 4- وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى «ما» والفعل: مصدر أي: وخلق الذكر.
وقيل: ما، بمعنى «من» ، أقسم الله جل ذكره بنفسه. و «إن سعيكم» : هو جواب القسم.
وقيل: ما، بمعنى «الذي» .
وأجاز الفراء خفض «الذكر والأنثى» : على البدل من «ما» ، جعلها بمعنى «الذي» .
5 و 6 و 7- فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى «من» : رفع بالابتداء، و «فسنيسره» : الخبر، وهو شرط وجوابه، ومثله: «وأما من بخل» الآية: 8 11- وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى «ما» : فى موضع نصب على «يغنى» ، وهى استفهام عمل فيه ما بعده.
ويجوز أن تكون «ما» نافية، حرفا، وبحذف مفعول «يغنى» أي: وليس يغنى عنه ماله شيئا إذا هلك 12- إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى «الهدى» : اسم «إن» ، «وعلينا» : الخبر، ومثله: «وإن لنا للآخرة» الآية: 13، ولام التأكيد تدخل على الابتداء وعلى اسم «إن» إذا تأخر، وعلى خبر «إن» إلا أن يكون ماضيا، أو يكون ظرفا يلى «إن» ، وعلى الظرف إذا وقع موقع الخبر، وإن لم يكن خبرا، وكان الخبر بعده.
20- إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى «ابتغاء» : نصب على الاستثناء المنقطع.
وأجاز الفراء، الرفع فى «ابتغاء» على البدل من موضع «نعمة» الآية: 19، وهو بعيد.(4/509)
- 93- سورة الضحى
3- ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى «ما» : جواب القسم.
«ودعك» لا يستعمل إلا بالتشديد، لا يقال: ودع.
قال سيبويه: استغنوا عنه ب «ترك» .
«ما قلى» : المفعول محذوف أي: وما قلاك أي: وما أبغضك.
5- وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى المفعول الثاني محذوف، كما تقول: أعطيت، وتسكت فالتقدير: يعطيك ما تريد فترضى.
6- أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى الكاف، و «يتيما» : مفعولان ل «يجد» ، ومثله: «ووجدك ضالا» الآية: 7، و «وجدك عائلا» الآية: 8 9- فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ «اليتيم» : نصب ب «تقهر» ، وحقه التأخير بعد الفاء وتقديره: مهما يكن من شىء فلا تقهر اليتيم، ومثله: «وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ» الآية: 10، ولو كان مع «تقهر» و «تنهر» : هاء، لكان الاختيار فى «اليتيم» و «السائل» :
الرفع، ويجوز النصب ولا يجوز مع حذف «الهاء» إلا النصب.
و «اليتيم» و «السائل» : اسمان يدلان على الجنس.
11- وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ «بنعمة» : الباء، متعلقة ب «حدث» وتقديرها أن تكون بعد الفاء والتقدير: مهما يكن من شىء فحدث.
- 94- سورة الشرح
1- أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ «ألم» : الألف، تقلب الكلام من النفي فترده إيجابا.(4/510)
- 95- سورة التين
2- وَطُورِ سِينِينَ هذه لغة فى «سينا» ، وقد تقدم ذكره فى سورة «المؤمنين» الآية: 20.
3- وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ «هذا» : الاسم من «هذا» : ذا، عند البصريين و «الذال» وحدها، عند الكوفيين، وهو اسم مبهم مبنى، وإنما بنى لأنه مسمى بعينه، بل ينتقل إلى كل مشار إليه فلا يستقر على شىء بعينه، فخالف الأسماء فى مشابهة الحروف، لأن الحروف مخالفة للأسماء، فبنى كما بنيت الحروف.
وقال الفراء: إنما لم يعرب لأن آخره ألف، والألف لا تتحرك.
وهذا قول ضعيف يلزم منه بناء «موسى» : و «عصا» : وشبههما.
7- فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ «ما» : استفهام، رفع بالابتداء، و «يكذبك» : الخبر.
8- أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ «أحكم» : انصرف، وهو على وزن الفعل، لأنه أضيف فخرج عن شبه الأفعال، لأنها لا تضاف، فانصرف إلى الخفض.
- 96- سورة العلق
1- اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ دخلت الباء فى «باسم» لتدل على الملازمة والتكرير، ومثله: أخذت بالخطام فإن قلت: اقرأ اسم ربك، وأخذت الخطام، لم يكن فى الكلام ما يدل على لزوم الفعل وتكريره.
وأجاز النحويون: أقر بهذا، بحذف الهمزة، على تقدير إبدال الألف من الهمزة قبل الأمر، كما قال تعالى.(4/511)
«أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى» 2: 61، فالألف فى «أدنى» ، على قول جماعة، بدل من همزة، وهو من الدناءة، فلما دخله الأمر حذفت الألف للبناء.
وهو مبنى عند البصريين، ومعرب عند الكوفيين.
3- اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ «وربك الأكرم» : ابتداء وخبر فى موضع الحال، من المضمر فى «اقرأ» .
7- أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى «أن» : مفعول من أجله، و «الهاء» ، و «استغنى» مفعولان: «ل «رأى» ، و «رأى» : بمعنى: علم، يتعدى إلى مفعولين.
وقد قرأ قتبل عن ابن كثير: «أن راه» بغير ألف بعد الهمزة، كأنه حذف لام الفعل، كما حذفت فى «حاش لله» .
وحكى حذفها عن العرب.
وقيل: إن الهمزة سهلت على البدل، فاجتمع ألفان، فحذفت الثانية لالتقاء الساكنين، فلما نقصت الكلمة ردت الهمزة إلى أصلها.
وقيل: إنما حذفت الألف لسكونها وسكون السين بعدها، لأن الهاء حرف خفى لا يعتد به، وجرى الوقف على لفظ الوصل، فحذفت فى الوقف كما حذفت فى الوصل، لئلا يختلف.
وقيل: إنما حذفت الألف لأن مضارع «رأى» قد استعمل بحذف عينه، بعد إلقاء حركته على ما قبله، استعمالا صار فيه كالأصل لا يجوز غيره، فقالوا: ترى، فجرى الماضي على ذلك، فلم يمكن حذف العين، إذ ليس قبلها ساكن تلقى عليه الحركة، فحذفت اللام.
9- أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى «أرأيت» : الياء، ساكنة لا يجوز غيره، لاتصال المضمر المرفوع بها، ومن لم يهمز «أرأيت» جعل الهمزة بين الهمزة والألف.
وقيل: أبدل منها ألفا.(4/512)
والأول هو الأصل.
15- كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ «لتسفعا» : هذه النون هى نون التأكيد الخفيفة، دخلت مع لام القسم، والوقف عليها، إذا انفتح ما قبلها، بالألف، وتحذف فى الوقف إذا انضم ما قبلها، أو تكسر ويرد ما حذف من أجلها.
- 97- سورة القدر
1- إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «أنزلناه» : الهاء، تعود على القرآن، وإن لم يجر له ذكر، إذ قد فهم المعنى.
2- وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ «ما» الأولى: استفهام، ابتداء، و «أدراك» : فعل، وفيه ضمير الفاعل يعود على «ما» ، والكاف: مفعول أول ل «أدراك» ، و «ما» الثانية: استفهام، ابتداء ثان، و «ليلة» : خبر عن الثاني، والجملة: فى موضع المفعول الثاني ل «أدراك» ، و «أدراك» ومفعولاها: خبر الأولى، ومثله: «وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ» 101: 3، وقد تقدم الكلام على هذا فى «الحاقة» السورة: 69، وفى غيرها.
5- سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ «سلام هى» : ابتداء وخبر.
«حتى مطلع الفجر» : الأصل فى قياس «مطلع» فتح اللام، لأن اسم المكان والمصدر من فعل يفعل:
المفعل، وقد شذت فأتى فيها الكسر، لغة، نحو: المسجد.
وقرأ الكسائي «مطلع» ، بكسر اللام، جعله مما خرج عن قياسه.
- 98- سورة البينة
1، 2- لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً «لم يكن» : كسرت النون لسكونها وسكون اللام بعدها، وأصلها السكون للجزم، وحذفت الواو قبلها لسكونها وسكون(4/513)
النون، ولم ترد الواو عند حركة النون، لأن الحركة عارضة لا يعتد بها، ومثله: «قُمِ اللَّيْلَ» 73: 2، وهو كثير فى القرآن فى كل فعل مجزوم، أو مبنى وعينه واو أو ياء، أو ألف مبدلة من أحدهما، ولا يحسن حذف النون فى هذا «من يكن» على لغة من قال: لم يك زيد قائما، لأنها قد تحركت، وإنما يجوز حذفها إذا كانت ساكنة للوصل، فتشبه بحروف المد واللين، فتحذف للمشابهة ولكثرة الاستعمال، وإذا تحركت زالت المشابهة فامتنع الحذف فى الشعر، فقد أتى حذفها بعد أن تحركت لالتقاء الساكنين.
«والمشركين» : عطف على «أهل» ، ولا يحسن عطف «المشركين» على «الذين» ، لأنه ينقلب المعنى، ويصير المشركون من أهل الكتاب، وليسوا منهم.
«منفكين» : معناه: مفارقين بعضهم بعضا أي: متفرقين، ودل على ذلك قوله بعد ذلك: «وما تفرق الذين أوتوا الكتاب» الآية: 4، فهو مأخوذ من قولهم: قد انفك الشيء، من الشيء، إذا فارقه، فلا يحتاج إلى خبر، إذ كان بمعنى: زائلين، ولو كان بمعنى الاستمرار لاحتاج إلى خبر، لأنه من أخوات «كان» .
2- رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً «رسول» : بدل من «البينة» الآية: 1، أو رفع على إضمار: هى رسول، و «يتلوا» : فى موضع رفع، على النعت ل «رسول» ، وفى حرف أبى: «رسولا» ، بالنصب على الحال.
3- فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ابتداء وخبر، فى موضع النعت ل «صحف» الآية: 2 5- وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ «مخلصين» ، و «حنفاء» : حالان من المضمر فى «يعبدوا» .
«دين القيمة» : دين، خبر «ذلك» ، و «القيمة» : صفة قامت مقام موصوف تقديره: دين الملة القيمة أي: المستقيمة.
وقيل: تقديره: دين الجماعة القيمة 6- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ «المشركين» : فى موضع خفض، عطف على «أهل» ، كما فى الآية الأولى فى علته.(4/514)
8- جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ «جزاؤهم عند ربهم» : ابتداء، و «جنات» : خبره أي: دخول جنات، و «تجرى» : نعت ل «جنات» ، و «خالدين» : حال من الهاء والميم فى «جزاؤهم» .
وجاز ذلك، لأن المصدر ليس بمعنى «أن يفعل» فيحتاج إلى ما يفرق بينه وبين ما تعلق به، إنما يمتنع أن يفرق بينه وبين ما تعلق به إذا كان بمعنى «أن فعل» ، وليس هذا منه: و «أبدا» : ظرف زمان.
- 99- سورة الزلزلة
1- إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها «إذا» : ظرف زمان مستقبل، والعامل فيه «زلزلت» ، وجاز ذلك لأنها بمعنى الشرط، وما بعدها فى تقدير مجزوم لها، فكما جاز عملها فيما بعدها جاز عمل ما بعدها فيها، كما يعمل فى «ما» و «من» اللتين للشرط ما بعدها، ويعملان هما فيما بعدهما، تقول، من يكرم أكرمه، وما تفعل أفعل، ف «ما» و، «من» : فى موضع نصب بالفعل المجزوم الذي بعدهما، وهما جزما ما بعدهما، فجرت «إذا» ، إذ كانت بمعنى الشرط على حكم «ما» و «من» ، وإن كانت فى التقدير مضافة إلى الجملة بعدها.
«زلزالها» : مصدر، كما تقول: ضربتك ضربك، وحسن إضافته إلى الضمير لتتفق رؤوس الآي على لفظ واحد.
والزلزال، بالفتح: اسم وبالكسر: مصدر.
وقيل: هما جميعا مصدر.
وقد قرأ عاصم الجحدري: «زلزالها» ، بالفتح.
3- وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها «ما لها» : ابتداء، استفهام تام، و «لها» : الخبر.(4/515)
6- يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ «أشتاتا» : حال من «الناس» .
7، 8- فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «فمن يعمل» : من، شرط، وهو اسم تام مبتدأ، و «يره» : الخبر، ومثله الثاني.
- 100- سورة العاديات
1- وَالْعادِياتِ ضَبْحاً «ضبحا» : مصدر، فى موضع الحال.
2- فَالْمُورِياتِ قَدْحاً «قدحا» : مصدر محض، لأن ف «الموريات» بمعنى: ف «القادحات» .
3- فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً «صبحا» : ظرف زمان، عمل فيه «فالمغيرات» .
4- فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً «نقعا» : مفعول به ب «أثرن» .
5- فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً «جمعا» : حال.
9، 10، 11- أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ العامل فى «إذا» ، عند المبرد: «بعثر» ولا يعمل فيه «يعلم» ، ولا «خبير» ، لأن الإنسان لا يراد منه العلم والاعتبار ذلك الوقت، إنما يعتبر فى الدنيا ويعلم، ولا يعمل ما بعد «إن» فيما قبلها، لو قلت: يوم الجمعة إن زيدا قائم، لم يجز إلا على كلامين وإضمار عامل ل «يوم» ، كأنك قلت: اذكر يوم الجمعة، ثم قلت: إن زيدا قائم(4/516)
ولا يعمل فيه «قائم» البتة، فأما «يومئذ» الثاني فالعامل فيه «خبير» ، وجاز أن يعمل ما بعد اللام فيما قبلها، لأن التقدير فى «اللام» أن تكون فى الابتداء، وإنما دخلت فى الخبر لدخول «إن» على الابتداء، فيعمل الخبر فيما قبله، وإن كان فيه «لام» على أصل حكم «اللام» فى التقدير قبل المبتدأ.
- 101- سورة القارعة
1، 2، 3- الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ قد تقدم الكلام فيها وفيما كان مثلها، مثل: «ما أدراك ماهيه» الآية: 10، وشبهة فى «الحاقة» : 69، و «الواقعة» : 56، وفى «القدر» : 97 4، 5- يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ العامل فى «يوم» : القارعة أي: تقرع آذان الخلق يوم يكون.
وقيل: «القارعة» : رفع بإضمار فعل، وذلك الفعل عامل فى «يوم» تقديره: ستأتى القارعة.
والأول أحسن.
«كالفراش» : الكاف، فى موضع خبر «كان» ، ومثله: «كالعهن» ، والعهن: جمع عهنة.
7- فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ «من» : شرط، اسم تام فى موضع رفع بالابتداء، و «فهو» : الخبر، ومثله: «من خفت» الآية: 8 10- وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ «هيه» : الهاء، دخلت للوقف، لبيان حركة الياء.
11- نارٌ حامِيَةٌ «نار» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هى نار.(4/517)
- 102- سورة التكاثر
6- لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ «لترون» : من قرأ بضم «التاء» جعله فعلا رباعيا منقولا من «رأى» ، من رؤية العين، فتعدى بنقله إلى الرباعي إلى مفعولين، قام أحدهما مقام الفاعل، وهو المضمر فى «لترون» ، مفعول لم يسم فاعله، و «الجحيم» : المفعول الثاني.
ومن فتح «التاء» جعله فعلا ثلاثيا غير منقول إلى الرباعي، فعداه إلى مفعول واحد، لأنه فى الوجهين من رؤية العين.
7- ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ «عين اليقين» : نصب على المصدر، لأن معناه: لتعايننها عينا يقينا.
- 103- سورة العصر
1- وَالْعَصْرِ «والعصر» : هو قسم، والواو بدل من الباء وتقديره: ورب العصر، وكذلك التقدير فى كل قسم بغير الله. و «العصر» : الدهر.
3- إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ «إلا الذين آمنوا» : فى موضع نصب على الاستثناء من «الإنسان» ، لأنه بمعنى الجماعة.
- 104- سورة الهمزة
1- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ «ويل» : رفع بالابتداء، وهو الاختيار، ويجوز نصبه على المصدر، أو على الإغراء(4/518)
2- الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ «الذي» : فى موضع رفع على إضمار مبتدأ أي: هو الذي، أو: فى موضع نصب على: «أعنى» ، أو:
فى موضع خفض على البدل من «كل» .
«وعدده» : فعل ماض مبنى على الفتح وقرأه الحسن بالتخفيف، فهو منصوب على العطف على «مال» أي:
وجمع عدده، ولا يحسن أن يكون التخفيف فعلا ماضيا على إظهار التضعيف، لأن إظهار التضعيف فى مثل هذا لا يجوز إلا فى شعر.
3- يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ «أن» : سدت مسد مفعولى «يحسب» .
وكسر السين فى «يحسب» وفتحها: لغتان مشهورتان.
4- كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ «لينبذن» : هذا الفعل ونظيره مبنى على الفتح لأجل ملاصقة النون له، وفيه ضمير يعود على «الذي» .
وقرأ الحسن «لينبذان» على التثنية، رده على المال وصاحبه، وروى عنه «لينبذن» بضم الذال، على الجمع، رده على: الهمزة، واللمزة، والمال.
5- وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ قد تقدم ذكرها (الآية: 4) 6- نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ «نار الله» : رفع على إضمار: «هى» ، ابتداء وخبر.
8- إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ «مؤصدة» : من همزة جعله من: أصدت الباب: ضيقته، لغة معروفة، ومن لم يهمز جعله مخففا من الهمزة.
ويجوز أن يكون جعله من «أوصدت» ، لغة مشهورة فيه، وهو مثل قولهم: وكدت وأكدت، والتأكيد(4/519)
والتوكيد، ومثله: أرخت الكتاب ورخته، لغتان، وقوله: «بالوصيد» 18: 18، يدل على «أوصدت» بالواو.
9- فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ «فى عمد» : من قرأها بفتحتين جعلها اسما للجميع، لأن باب: فعول، أو فعيل، أو فعال، أن يجمع على «فعل» نحو: كتاب وكتب، ورسول ورسل ورغيف ورغف، وقد قالوا: أديم وأدم، وأفيق وأفق، فهذا بمنزلة: عمود وعمد، بالفتح.
- 105- سورة الفيل
1- أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ «كيف» : ظرف، والعامل فيه «فعل» ، ولا يعمل فيه «تر» ، لأنه على معنى الاستفهام، ولا يعمل فيه ما قبله.
3- وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ «أبابيل» : واحدها: أبول، كعجول وعجال وعجاجيل.
وقيل: واحدها «إبيل» ، كسكين وسكاكين.
وقيل: واحدها «إيال» ، كدينار ودنانير، وأصل «دينار» : دنار، بتكرير النون فى الجمع والتصغير.
وقيل: هو جمع لا واحد له.
وقيل: هو اسم للجمع.
4- تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ «ترميهم» : فى موضع نصب نعت ل «طير» الآية: 3، وكذلك «أبابيل» نعت ل «طير» ، فكأنه قال:
جماعات متفرقة.
5- فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ «كعصف» : الكاف، فى موضع نصب مفعول ثان ل «جعل» ، لأنه بمعنى «صير» .(4/520)
- 106- سورة قريش
1- لِإِيلافِ قُرَيْشٍ «لايلاف» : اللام، متعلقة، عند الأخفش، بقوله «فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ» 105: 5 أي: فعل معهم ذلك لتأتلف قريش، وفيه بعد، لإجماع الجميع على الجواز على الوقف على آخر «أَلَمْ تَرَ» 105: 1 وقيل: اللام متعلقة بفعل مضمر تقديره: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف وتركهم عبادة رب هذا البيت، وهو مذهب الفراء.
وقال الخليل: اللام: متعلقة بقوله «فليعبدوا» الآية: 3، وكأنه قال: آلف الله قريشا إيلافا فليعبدوا رب هذا البيت.
2- إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ «إيلافهم» : بدل من الأول، لزيادة البيان، كما تقول: سمعت كلامك كلامك زيدا، و «إيلاف» : مصدر فعل رباعى.
ومن قرأه «إلا فهم» : جعله مصدر «فعل» .
وأجاز الفراء «إيلافهم» ، بالنصب على المصدر.
«رحلة الشتاء» : نصب «لإيلافهم» ، وفيه لغتان: حكى أبو عبيد: آلفته، وألفته، وعلى ذلك قرىء لإيلاف، ولإلاف، من: آلف ومن: ألف.
- 107- سورة الماعون
1- أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ «أرأيت» : من خفف الهمزة من «رأيت» ، جعلها بين الهمزة والألف.
وقيل: أبدل منها ألفا، وجاز ذلك وبعدها ساكن، لأن الألف يقع بعدها الساكن المشدد، على مذهب جميع(4/521)
البصريين، ويقع بعدها الساكن غير المشدد، على مذهب يونس وأبى عمرو والكوفيين. ومنعه سيبويه والمبرد ويجوز حذف الهمزة، وبه قرأ الكسائي.
ويكون «أرأيت» من رؤية القلب، والمفعول الثاني محذوف، وفيه بعد فى الإعراب والحذف، وهو أمكن فى المعنى من رؤية العين.
ويكون من رؤية العين، فلا يحتاج إلى حذف.
- 108- سورة الكوثر
1- إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ اصل «إنا» : إننا، فحذفت إحدى النونات لاجتماع الأمثال، والمحذوفة هى الثانية، بدلالة جواز حذفها فى «إن» ، فتقول: إن زيدا لقائم، فتحذف الثانية وتبقى الأولى على سكونها ساكنة، ولو كانت المحذوفة هى الأولى لبقيت الثانية متحركة، لأنها كذلك كانت قبل الحذف، ولا يجوز حذف الثالثة لأنها من الاسم.
- 109- سورة الكافرون
1، 2- قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ «الكافرون» : نعت ل «أي» ، لا يجوز حذفه، لأنه هو البادي فى المعنى، ولا يجوز عند أكثر النحويين نصبه، كما جاز: يا زيد الظريف، بالنصب.
«ما» : فى الأربعة المواضع: فى موضع نصب بالفعل الذي قبل كل واحدة، وهى بمعنى «الذي» ، و «الهاء» محذوفة من الفعل الذي بعد كل واحدة أي: تعبدونه، وأعبده، وعبدتموه.
وقيل: «ما» والفعل: مصدر، فلا تحتاج إلى تقدير حذف.(4/522)
- 110- سورة النصر
1- إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ العامل فى «إذا» : جاء.
2- وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً «يدخلون» : حال من «الناس» ، لأن «رأيت» من رؤية العين.
«أفواجا» : نصب على الحال من المضمر فى «يدخلون» ، وهو العامل فيه، وأفواج: جمع فوج، وقياسه: أفوج، إلا أن الضمة تستثقل فى الواو، فشبهوا «فعلا» ب «فعل» ، فجمعوه جمعه.
- 111- سورة المسد
2- ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ «ما» : فى موضع نصب ب «أغنى» ، وهى استفهام، اسم تام.
وقيل: «ما» : نفى، ومفعول «أغنى» محذوف تقديره: ما أغنى عنه ماله وكسبه شيئا.
«وما كسب» : عطف على «ماله» ، وهى بمعنى: «الذي» ، أو: مع الفعل، مصدر، ولا بد من تقدير «هاء» محذوفة، إذا جعلتها بمعنى «الذي» أي: كسبه.
4- وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ «امرأته» : عطف على المضمر فى «سيصلى» ، و «حمالة» : رفع على إضمار «هى» ، ابتداء وخبر.
وقيل: امرأته، رفع بالابتداء و «حمالة» : خبره.
وقيل: الخبر: «فى جيدها حبل» ، ابتداء وخبر فى موضع الخبر، ولذلك رفع «الحبل» بالاستقرار: والجملة:
خبر «امرأته» ، و «حمالة» : نعت ل «امرأة» .(4/523)
وإذا جعلت «حمالة» الخبر، كان قوله «فى جيدها» : ابتداء وخبرا فى موضع الحال من المضمر فى «حمالة» .
وكذلك إذا جعلت «امرأته حمالة» ابتداء وخبرا، جاز أن تكون الجملة فى موضع الحال من «الهاء» فى «أغنى عنه» .
وقيل: إن «فى جيدها حبل» : خبر ثان ل «امرأته» .
- 112- سورة الإخلاص
1- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «هو» : إضمار الحديث أو الخبر أو الأمر، و «الله» : ابتداء، و «أحد» : خبره، والجملة: خبر عن «هو» تقديره: يا محمد، الحديث الحق الله أحد.
وقرأ أبو عمرو بحذف التنوين من «أحد» ، لالتقاء الساكنين.
2- اللَّهُ الصَّمَدُ ابتداء وخبره.
وقيل: «الصمد» : نعته، وما بعده: خبره.
وقيل: «الصمد» : رفع على إضمار مبتدأ، والجملة: خبر عن الله جل ذكره.
وقيل: هى جملة خبر بعد خبر عن «هو» .
وقيل: الله، بدل من «أحد» .
وقيل: هو بدل من اسم الله الأول، وإنما وقع هذا التكرير للتعظيم والتفخيم، كذلك قال «ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ» 56: 8، و «الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ» 69: 2، و «الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ» 101: 2، فأعيد فى جميعه الاسم مظهرا وقد تقدم مظهرا، وذلك للتعظيم والتفخيم ولمعنى التعجب الذي فيه، وكذلك قوله «وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ» 73: 20، وكان حقه كله أن يعاد مضمرا، لكن أظهر لما ذكرنا.
وإنما وقعت «هو» كناية فى أول الكلام، لأنه كلام جرى على جواب سائل، لأن اليهود سألت النبي(4/524)
صلى الله عليه وسلم أن يصف لهم ربه وينسبه لهم، فأنزل الله: قل يا محمد، الله أحد أي: الحديث الذي سألتم عنه الله أحد الله الصمد، إلى آخرها.
وقال الأخفش والفراء: «هو» : كناية عن مفرد، و «الله» : خبره، و «أحد» : بدل من «الله» .
وأصل «أحد» : وحد، فأبدل من الواو همزة، وهو قليل فى الواو المفتوحة.
و «أحد» بمعنى: واحد.
قال ابن الأنبارى: «أحد» ، بمعنى: واحد، سقطت الألف منه، على لغة من يقول: «وحد» للواحد، وأبدلت الهمزة من الواو المفتوحة، كما أبدلت فى قولهم: امرأة أناة، وأصلها: وناة، من: ونا، ينى إذا فتر، ولم يسمع إبدال الهمزة من الواو المفتوحة، إلا فى «أحد» و «أناة» .
وقيل: أصل «أحد» : واحد، فأبدلوا من الواو الهمزة، فاجتمعت همزتان، فحذفت الواحدة تخفيفا، فهو «واحد» فى الأصل.
وقيل إن «أحدا» : أول، لا إبدال فيه ولا تغيير، بمنزلة اليوم الأحد، وكقولهم: لا أحد فى الدار.
وفى «أحد» فائدة ليست فى «واحد» ، لأنك إذا قلت: لا يقوم لزيد واحد، جاز أن يقوم له اثنان فأكثر، وإذا قلت: لا يقوم له أحد، نفى الكل، وهذا أنها تكون فى النفي خاصة، فأما فى الإيجاب فلا يكون فيه ذلك المعنى.
و «أحد» إذا كان بمعنى «واحد» وقع فى الإيجاب، كقولك: مر بنا أحد أي: واحد، فكذا قول الله تعالى: «هو الله أحد» أي: واحد.
2- لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ «لم يلد» : أصله «يولد» ، فحذفت الواو، كحذفها من «يرث» ، و «يعد» .
3- وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ «أحد» : اسم «كان» ، و «كفوا» : «خبر كان» ، و «له» : ملغى.
وقيل: «له» : الخبر، وهو قياس قول سيبويه، لأنه يصح عنده إلغاء الظرف إذا تقدم.
وخالفه المبرد فأجازه، واستشهد بالآية.(4/525)
ولا شاهد للمبرد فى الآية، لأنه يمكن أن يكون: كفوا من أحد، تقدم، لأن نعت النكرة إذا تقدم عليها نصب على الحال.
- 113- سورة الفلق
2- مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ «ما» ، بمعنى: «الذي» ، والضمير محذوف من الصلة، ودل ذلك على أن الله جل وعز خالق كل شىء.
وكذلك إن جعلت «ما» والفعل مصدرا، دل على ذلك إلا أنه لا ضمير محذوف من الكلام.
- 114- سورة الناس
1- قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ أصل «الناس» عند سيبويه: «أناس» ، والألف واللام بدل من الهمزة.
وقال ابن الأنبارى: الناس: جمع لا واحد له، بمنزلة الإبل والخيل والنعم، لا واحد لهذه الجموع من من ألفاظها، قال: والإنسان، ليس بواحد الناس.
2، 3- مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ «ملك» و «إله» : بدل من «رب» ، أو نعت له 6- مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ «الناس» : خفض عطف على «الوسواس» أي: من شر الوسواس والناس، ولا يجوز عطفه على «الجنة» ، لأن الناس لا يوسوسون فى صدور الناس، إنما يوسوس الجن، فلما استحال المعنى حملته على العطف على «الوسواس» .(4/526)
الجزء الخامس
الباب التاسع القراءة والقراء
- 3- تعريف بالمصطلحات والحروف
(أ) المصطلحات
(1) الابتداء: البدء بما هو مستقل معنى موف بالمقصود، ولا يكون إلا اختياريا، لأنه ليس كالوقف تدعو إليه ضرورة.
(2) الإثبات: ما يثبت فى الوقف من الياءات المحذوفة وصلا.
(3) الإخفاء: حال بين الإظهار والإدغام.
(4) الإدغام: اللفظ بحرفين حرفا كالثانى مشددا.
(5) الإدغام الصغير: ما كان فيه الأول من الحرفين ما كنا.
(6) الإدغام الكبير: ما كان فيه الأول من الحرفين متحركا، سواء أكانا مثلين أم جنسين أم متقاربين.
وسمى كبيرا: لكثرة وقوعه، إذ الحركة أكثر من السكون.
وقيل: لتأثيره فى إسكان المتحرك قبل إدغامه وقيل: لما فيه من الصعوبة، وقيل: لشموله نوعى المثلين والجنسين والمتقاربين.
(7) الإشمام: الإشارة إلى الحركة من غير تصويت. ولا تكون الإشارة إلا بعد سكون الحرف، وقيل: هو أن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بالضمة.
(8) الإضجاع (ظ: الإمالة، شديدة) (9) الإطباق: رفع ظهر اللسان إلى الحنك الأعلى مطبقا له، ولولاه لصارت «الطاء» «دالا» ، و «الصاد» «سينا» ، و «الظاء» «ذالا» ، ولخرجت «الضاد» من الكلام، لأنه ليس من موضوع شيء غيره (ظ: صفات الحروف: الحروف) .
(10) الإظهار: اللفظ بالحرف جليا لا إلى الإخفاء ولا إلى الإدغام.
(11) الإلحاق: ما يلحق فى الوقف آخر الكلم من هاءات السكت.
(12) الإمالة: النحو بالفتحة نحو الكسرة، وبالألف نحو الياء، وهى لغة عامة أهل نجد من تميم وأسد وقيس، وتكون:
ا- إما شديدة، ويقال لها: الإضجاع، والبطح.
ب- وإما متوسطة، ويقال لها: التقليل، والتلطيف، وبين بين.(5/25)
(13) البدل: وهو أنواع ثلاثة:
أ- إبدال حرف المد فى الوقف من الهمزة المتطرفة بعد الحركة، أو بعد الألف.
ب- إبدال الألف فى الوقف من التنوين فى الاسم المنون المنصوب.
ج- إبدال الهاء فى الوقف من التاء التي تكون علامة تأنيث فى الاسم المفرد وصلا.
(14) البطح (ظ: الإمالة، شديدة) .
(15) بين بين (ظ: الإمالة، متوسطة) .
(16) التجويد: الإتيان بالقراءة مجودة الألفاظ بريئة من الرداءة فى النطق، مع تصحيح إخراج كل حرف من مخرجه المختص به تصحيحا يمتاز به عن مقاربه، وتوفية كل حرف صفته المعروفة به توفية تخرجه عن مجانسه.
(17) التحقيق: إعطاء كل حرف حقه من إشباع المد، واللفظ بالهمزة، وإتمام الحركات، واعتماد الإظهار، والتشديدات، وتوفية الغنات، وتفكيك الحروف- أي: بيانها وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترسل واليسر والتؤدة- وملاحظة الجائز من الوقوف.
وبه رياضة الألسن وتقويم الألفاظ.
(18) التدوير: التوسط بين التحقيق والحدر.
(19) الترتيل: إتباع الكلام بعضه بعضا على مكث وتفهم، من غير عجلة، وهو للتدبر والتفكير والاستنباط، فكل تحقيق ترتيل، وليس كل ترتيل تحقيقا.
(20) الترقيق: إنحاف ذات الحرف ونحو له (ظ: الحروف المستقلة) ، وانظر: الفتح المتوسط.
(21) التغليظ: ربو الحرف وتسمينه، ويكون فى «اللام» بشروط.
(22) التفخيم: ربو الحرف وتسمينه، ويكون فى «الراء» (ظ: الحروف المستعلية) ، وانظر: الفتح.
(23) التقليل، (ظ: الإمالة، متوسطة) .
(24) التلطيف (ظ: الإمالة، متوسطة) .
(25) الجدر: إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير، وتخفيف الهمزة ونحو ذلك. مما صحت به الرواية ووردت به القراءة، مع إيثار الوصل وإقامة الإعراب ومراعاة تقويم اللفظ وتمكن الحروف، وهو ضد التحقيق.
(26) الحذف: ما يحذف فى الوقف من الياءات الثابتة وصلا.
(27) الروم: النطق ببعض الحركة.
وقيل: هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها.(5/26)
هذا فى علم القراءات، وهو عند النحويين: النطق بالحركة بصوت خفى.
(28) السكت: قطع الصوت زمنا هو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس، وهو مقيد بالسماع والنقل، فلا يجوز إلا فيما صحت الرواية به لمعنى مقصود بذاته.
(29) الفتح: فتح الفم بلفظ الحرف، وهو فيما بعده «ألف» أظهر، ويقال له: التفخيم والنصب، وهو لغة أهل الحجاز.
(30) الفتح الشديد: نهاية فتح الفم بلفظ الحرف، ويسمى: التفخيم المحض، وهو فى لفظ العجم لا سيما أهل خراسان، وهو معدوم فى لغة العرب، ولا يجوز فى القرآن.
(31) الفتح المتوسط: وهو ما بين الفتح الشديد والإمالة المتوسطة، ويقال له: الترقيق.
(32) القصر: ترك زيادة مط حرف المد وإيفاء المد الطبيعي على حاله.
(33) القصر المحض: حذف المد العرضي وإيفاء ذات حرف المد على ما فيها من غير زيادة.
(34) القطع: إنهاء القراءة والانتقال منها إلى حال أخرى، وهو ما يستعاذ بعده للقراءة المستأنفة، ولا يكون إلا على رأس آية، لأن رؤوس الآي فى نفسها مقاطع.
(35) القلب: تحويل الحرف إلى غيره.
(36) المد: زيادة مط الحرف على المد الطبيعي، وهو الذي لا تقوم ذات حرف المد دونه.
(37) النصب (ظ: الفتح) .
(38) النقل: نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وقفا.
(39) الوقف: قطع الصوت على الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة، بنية استئناف القراءة، إما بما يلى الحرف الموقوف عليه، وإما بما قبله.
ويأتى فى رؤوس الآي، وأوساطها، ولا يأتى فى وسط كلمة ولا فيما اتصل رسما.
(40) الوقف الاختياري: الذي يكون عند تمام الكلام.
(41) الوقف التام: الذي يكون عند تمام الكلام ولا تعلق له بما بعده البتة، أي لا من جهة اللفظ، ولا من جهة المعنى، فيوقف عليه ويبتدأ بما بعده.
وأكثر ما يكون فى رؤوس الآي وانقضاء القصص.
(42) الوقف الحسن: الذي يكون عند تمام الكلام وله تعلق بما بعده من جهة اللفظ، وسمى كذلك، لأنه فى نفسه حسن مفيد، يجوز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده للتعلق اللفظي، إلا أن يكون رأس آية، فإنه يجوز فى اختيار أكثر أهل الأداء.(5/27)
(43) الوقف القبيح: الذي يتم عليه كلام ولا يفهم منه معنى، نحو الوقف على «بسم» ، وعلى «الحمد» ، وعلى «رب» .
ويكون أقبح كالوقف على ما يحيل المعنى، نحو: وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ 4: 10، لأن المعنى يفسد بهذا الوقف، إذ تكون البنت مشتركة فى النصف مع أبويه، وإنما المعنى أن النصف للبنت دون الأبوين.
(44) الوقف الكافي: الذي يكون عنه تمام الكلام وله تعلق بما بعده من جهة المعنى فقط، وسمى كذلك للاكتفاء به عما بعده واستغناء ما بعده عنه.
وهو كالتام فى جواز الوقف عليه والابتداء بما بعده، ويكثر فى الفواصل وغيرها
(ب) الحروف
المخارج- الصفات- التجويد أ- المخارج (1) الجوف، وهو:
أ- للألف.
ب- للواو الساكنة المضموم ما قبلها.
ح- للياء الساكنة المكسور ما قبلها.
وهذه الحروف الثلاثة تسمى: حروف المد واللين، وتسمى: الهوائية والجوفية.
(2) أقصى الحلق، وهو:
للهمزة والهاء، على مرتبة واحدة، وقيل: الهمزة أول.
(3) وسط الحلق، وهو:
للعين والحاء، المهملتين.
واختلفوا فى أيهما أسبق، فقيل: إن العين قبل الحاء، وقيل: الحاء قبل.
(4) أدنى الحلق إلى الفم، وهو:
للغين والخاء، المعجمتين.
وهما من مخرج واحد، وقيل: إن الغين أسبق، وقيل: بل الخاء أسبق.
ملاحظة: هذه الحروف الستة: الهمزة، والهاء، والعين، والخاء، والغين، والخاء، تسمى: حروف الحلق.(5/28)
(5) أقصى اللسان مما يلى الحلق وما فوقه من الحتك، وهو:
للقاف.
وقيل: إن مخرجها من اللهاة مما يلى الحلق.
(6) أقصى اللسان من أسفل مخرج «القاف» من اللسان قليلا، وما يليه من الحنك، وهو:
للكاف.
ملاحظة: هذان الحرفان: القاف والكاف، يقال لكل منهما: لهوى، نسبة إلى اللهاة، وهى بين الفم والحلق.
(7) من وسط اللسان بينه وبين الحنك، وهو:
للجيم، والشين المعجمة، والياء، غير المدية.
والجيم أسبق، وقيل: إن الجيم والياء يليان الشين.
ملاحظة: هذه الحروف الثلاثة: الجيم، والياء غير المدية، والشين، تسمى: الحروف الشجرية، نسبة للشجرة التي هى عند مفرج الفم، أي: مفتتحه، وقيل: مجمع اللحيين عند العنفقة.
(8) من حافة اللسان وما يليه من الأضراس من الجانب الأيسر، أو من الجانب الأيمن، وقيل: من الجانبين، وهو:
للضاد المعجمة.
ملاحظة: هذا الحرف شجرى، إذا أريد بالشجرة: مفرج الفم، أما إذا أريد بها: مجمع اللحيين عند العنفقة، فلا يكون شجريا.
(9) من حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرفه، وما بينهما وبين ما يليها من الحنك الأعلى، مما فوق الضاحك والناب والرباعية والثنية، وهو:
ل «اللام» .
(10) من طرف اللسان، بينه وبين ما فوق الثنايا أسفل «اللام» قليلا، وهو:
ل «النون» .
(11) من مخرج «النون» من طرف اللسان، بينه وبين ما فوق الثنايا العليا، ولكنها أدخل فى ظهر اللسان قليلا، وهو:
ل «الراء» .
ملاحظة: هذه الحروف الثلاثة، وهي: اللام، والنون، والراء، يقال لها: الذلقية، نسبة إلى موضع(5/29)
مخرجها، وهو الذلق، أي طرف اللسان، وطرف كل شىء: ذلقه.
(12) من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا، مصعدا إلى جهة الحنك، وهو:
للطاء، والدال المهملة، والتاء المثناة الفوقية.
ملاحظة: هذه الحروف الثلاثة: الطاء، والدال، والتاء، تسمى: النطعية، لأنها تخرج من نطع الغار الأعلى، وهو سقفه.
(13) من بين طرف اللسان فويق الثنايا السفلى، وهو:
للصاد المهملة، والسين المهملة، والزاى.
ملاحظتان:
ا- يقال فى «الزاى» : زاء، بالمد، وزى، بالكسر والتشديد.
ب- هذه الحروف: الصاد، والسين، والزاى، التي هى حروف الصفير، يقال لها: الأسلية، لأنها تخرج من أسلة اللسان، وهى مستدقه.
(14) من بين طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، وهو:
للظاء المعجمة، والذال المعجمة، والثاء المثلثة.
ملاحظة: هذه الحروف الثلاثة: الظاء، والذال، والثاء، تسمى: اللثوية، نسبة إلى اللثة.
(15) من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا، وهو:
للفاء.
(16) مما بين الشفتين، وهو:
للواو غير المدية، والباء الموحدة، والميم.
ملاحظة: هذه الأحرف الأربعة: الفاء، والباء، والميم، والواو غير المدية، تسمى: الشفهية، والشفوية، نسبة إلى الموضع الذي تخرج منه، وهو الشفتان.
(17) الخيشوم، وهو:
للغنة التي تكون فى النون والميم، والساكنتين حالة الإخفاء، أو ما فى حكمه من الإدغام بالغنة ب- الصفات (1) المهموسة، وهى التي يجرى معها التنفس لضعف الاعتماد عليها، وهى:
عشرة أحرف، يجمعها قولك: سكت فحثه شخص.
(2) المجهورة، وهى التي تمنع التنفس أن يجرى معها حتى ينقضى الاعتماد، وهى إما:(5/30)
ا- مجهورة شديدة، ويجمعها قولك: طبق أحد.
ب- مجهورة رخوة، وهى خمسة: الغين، والضاد، والظاء، والذال، المعجمات، والراء.
(3) الشديدة، وهى التي تمنع الصوت أن يجرى فيها، وهى ثمانية، تجمعها هذه الكلمات: أجد، قط، بكت (ظ: المجهورة الشديدة) .
(4) المتوسطة، وهى التي بين الشدة والرخاوة، ويجمعها قولك: لن عمر، وأضاف بعضهم إليها:
الياء والواو.
(5) الرخوة، وهى ضد الشديدة، وهى الحروف المهموسة كلها، غير: التاء، والكاف (ظ: المجهورة الرخوة) .
(6) المستعلية، وهى حروف التفخيم، وأعلاها الطاء، وهى سبعة يجمعها قولك: قط، خص، ضغط.
(7) المستقلة، وهى ضد المستعلية، وهى: الثاء المثلثة، والجيم، والحاء المهملة، والدال المهملة، والذال المعجمة، والراء، والزاى، والسين المهملة، والشين المعجمة، والطاء المهملة، والعين المهملة، واللام، والهاء، والياء المثناة التحتية.
وأسفلها الياء.
وكلها مرقفة، ولن يجوز تفخيم شىء منها، إلا:
(ا) اللام، بعد فتحة أو ضمة إجماعا.
(ب) الراء المضمومة، أو المفتوحة مطلقا، فى أكثر الروايات، والساكنة، فى بعض الأحوال.
(8) المنطبقة، أو المطبقة، وهى أربعة:
الصاد المهملة، والضاد المعجمة، والطاء المهملة، والظاء المعجمة.
(9) حروف الصفير، وهى ثلاثة:
الصاد المهملة، والسين المهملة، والزاى.
وهى الأصلية، كما تقدم عند الكلام على المخارج.
(10) حروف القلقلة، ويجمعها قولك قطب جد.
وسميت كذلك، لأنها إذا سكنت ضعفت فاشتبهت بغيرها، فاحتاجت إلى ظهور صوت يشبه النبرة حال سكونها فى الوقف وغيره، وإلى زيادة إتمام النطق بها، وذلك الصوت فى سكونها أبين منه فى حركتها، وهو فى الوقف أمكن.(5/31)
وأصل هذه الحروف «القاف» ، لأنه لا يقدر أن يؤتى به ساكنا، إلا مع صوت زائد، لشدة استعلائه (11) حروف المد، وهى الحروف الجوفية والهوائية، وهى:
الألف، والواو، والياء.
(12) الحروف الخفية، وهى أربعة:
الهاء، وحروف المد الثلاثة.
وسميت خفية، لأنها تخفى فى اللفظ، إذا اندرجت بعد حرف قبلها.
(13) حرفا اللين، وهما:
الواو، والياء، الساكنان المفتوح ما قبلهما.
(14) حرفا الانحراف، وهما:
اللام، والراء، وقيل: اللام، فقط.
وسميا بذلك، لأنهما انحرفا عن مخرجيهما، واتصلا بمخرج غيرهما.
(15) حرفا الغنة، وهما:
النون، والميم.
ويقال لهما، الأغنان، لما فيهما من الغنة المتصلة بالخيشوم.
(16) الحرف المكرر، وهو:
الراء.
سمى بذلك لجريان الصوت فيه.
(17) حرف التفشي، وهو:
الشين.
وسمى بذلك، لتفشيه فى مخرجه حتى اتصل بمخرج الطاء.
ملاحظة:
أضاف بعضهم إليه: الفاء، والضاد، كما أضاف بعضهم: الراء، والصاد، والسين، والياء المثناة التحتية، والثاء المثلثة، والميم.
(18) الحرف المستطيل، وهو:
الضاد المعجمة.
وسمى كذلك، لأنه استطال عند النطق به فاتصل بمخرج اللام، وذلك لما فيه من القوة بالجهر والإطباق والاستعلاء.(5/32)
تعقيب ثمة فروع لبعض هذه الحروف قرىء بها، هى:
(1) الهمزة المهملة بين بين، إذ هى فرع عن الهمزة المحققة.
(2) ألفا الإمالة والتفخيم، فهما فرعان عن الألف المنتصبة، ولا اعتداد بإمالة بين بين، وإنما الاعتداد بالإمالة المحضة.
(3) الصاد المشممة، وهى التي بين الصاد والزاى، فهى فرع عن الصاد الخالصة، وعن الزاى.
(4) اللام المفخمة، وذلك فى اسم الله تعالى بعد فتحة أو ضمة، فهى فرع عن المرققة.
بيان كل حرف شارك غيره فى مخرج فإنه لا يتميز عن مشاركه إلا بالصفات.
وكل حرف شارك غيره فى صفاته، فإنه لا يتميز عنه إلا بالمخرج.
وإليك تفصيل ذلك:
(1) الهمزة والهاء: اشتركا مخرجا وانفتاحا واستفالا، وانفردت «الهمزة» بالجهر الشديد.
(2) العين والحاء المهملتان: اشتركا مخرجا وانفتاحا واستفالا، وانفردت «الحاء» بالهمس والرخاوة الخالصة.
(3) الغين والخاء، المعجمتان: اشتركا مخرجا ورخاوة واستعلاء وانفتاحا، وانفردت «الغين» بالجهر.
(4) الجيم، والشين المعجمة، والياء المثناة التحتية: اشتركت مخرجا وانفتاحا واستفالا، وانفردت «الجيم» بالشدة، واشتركت مع «الياء» فى الجهر، وانفردت «الشين» بالهمس، والتفشي، واشتركت مع «الياء» فى الرخاوة.
(5) الضاد والظاء، المعجمتان: اشتركا فى الصفة جهرا ورخاوة واستعلاء وإطباقا، وافترقا مخرجا، وانفردت الضاد بالاستطالة.
(6) الطاء والدال، المهملتان، والتاء المثناة الفوقية: اشتركت مخرجا وشدة، وانفردت «الطاء» بالإطباق والاستعلاء، واشتركت مع «الدال» فى الجهر، وانفردت «التاء» بالهمس، واشتركت مع «الدال» فى الانفتاح والاستفال.
(7) الظاء والذال المعجمتان، والثاء المثلثة: اشتركت مخرجا ورخاوة، وانفردت «الظاء» بالاستعلاء والإطباق، واشتركت مع «الذال» فى الجهر، وانفردت «الثاء» بالهمس، واشتركت مع «الذال» استفالا وانفتاحا.
(8) الصاد المهملة، والزاى، والسين المهملة: اشتركت مخرجا ورخاوة وصفيرا، وانفردت «الصاد» بالإطباق والاستعلاء، واشتركت مع «السين» المهملة فى الهمس، وانفردت «الزاى» بالجهر، واشتركت مع «السين» المهملة فى الانفتاح والاستفال.(5/33)
ج- تجويد (1) الألف- الصحيح أنها لا توصف بترقيق ولا تفخيم، بل تكون بحسب ما تقدمها، فتتبعه ترقيقا وتفخيما.
(2) الباء، ومعها أحكام:
(أ) تفخم، إذا أتى بعدها حرف مفخم، نحو: بطل.
(ب) ترقق، إذا حال بينها وبين الحرف المفخم بعدها ألف، نحو: باطل.
(ح) تكون: أشد شدة وجهرا، إذا سكنت، نحو: الخبء.
(3) التاء- يحتفظ بما فيها من الشدة لئلا تصير رخوة، وهذا إذا تكررت، نحو: تتوفاهم، كدت تركن.
ويعتنى ببيانها وتخليصها مرققة، إذا أتى بعدها حرف إطباق، لا سيما «الطاء» التي تشاركها فى المخرج، نحو: أفتطمعون.
(4) الثاء- حرف ضعيف، لذا يجب الاحتفاظ ببيانه إذا وقع ساكنا، لا سيما إذا أتى بعده حرف يقاربه وقرىء بالإظهار، نحو: يلهث ذلك.
وكذلك يجب التحرز فى بيانه إن أتى قبل حرف استعلاء، لضعفه وقوة الاستعلاء بعده، نحو: أثخنتموهم.
(5) الجيم- يجب أن يحتفظ بإخراجها من مخرجها، فقد تخرج من دون مخرجها فينتشر بها اللسان فتصير ممزوجة بالشين، وقد ينبو بها اللسان فتخرج ممزوجة بالكاف.
وإذا أتى بعدها حرف مهموس كان الاحتراز بجهرها وشدتها أوجب، حتى لا تضعف فتمتزج بالشين، نحو: رجزا.
وكذا إذا كانت مشددة، نحو: الحج.
(6) الحاء- تجب العناية بإظهارها إذا وقع بعدها مجانس لها أو مقارب، لا سيما إذا سكنت، نحو:
فاصفح عنهم.
أما إذا جاورها حرف استعلاء فتجب العناية بترقيقها، نحو: أحطت.
وكذا إذا اكتنفها حرفان، نحو: حصحص.
(7) الخاء- يجب تفخيمها، لا سيما إذا كانت مفتوحة، أو وقعت بعدها ألف، نحو: خلق، خالق.
(8) الدال- إذا كانت بدلا من «تاء» وجب بيانها قبلا بميل اللسان بها إلى أصلها، نحو: مزدجر.
(9) الذال- تجب العناية بإظهارها، إذا سكنت وأتت بعدها نون، نحو: فنبذناه. أما إذا جاورها حرف مفخم فتجب العناية بترقيقها وبيان افتتاحها واستفالها، نحو: درهم.(5/34)
(10) الراء: يجب أن يلفظ بها مشددة تشديدا ينبوبه اللسان نبوة واحدة وارتفاعا واحدا، من غير مبالغة فى الحصر والعسر، إذ هى تنفرد بكونها مكررة لغلظها، وإذا تكلم بها خرجت مضاعفة، نحو: الرحمن.
ويجب الاحتراز عند ترقيقها من تحولها تحولا يذهب أثرها وينقل لفظها عن مخرجها.
(11) الزاى: يجب الاحتفاظ ببيان جهرها، لا سيما إذا سكنت، نحو: تزدرى، أو جاورها حرف مهموس، نحو: ما كنزتم، حتى لا تقترب من السين.
(12) السين: تجب العناية بانفتاحها واستفالها إذا أتى بعدها حرف إطباق، حتى لا تجذبها قوته فتنقلب صادا، نحو: بسطة.
وإذا أتى بعدها حرف آخر من غير حروف الإطباق احتفظ ببيان همسها، لئلا تشتبه بالصاد، نحو: يسبحون (13) الشين: يجب الحرص على ما فيها من صفة التفشي، لا سيما إذا شددت أو سكنت، نحو: فبشرناه.
وليكن ذلك أوكد فى حال الوقف، وفى نحو: شجر بينهم.
(14) الصاد: يجب الاحتراز حال سكونها:
(أ) من أن تقرب من «السين» ، وذلك إذا أتى بعدها «تاء» ، نحو: ولو حرصت.
(ب) من أن تقرب من «الزاى» ، وذلك إذا أتى بعدها «طاء» ، نحو: اصطفى.
(ح) من أن يدخلها التشريب، عند من لا يجيزه، وذلك إذا أتى بعدها «دال» ، نحو: أصدق.
(15) الضاد: انفردت بالاستطالة، وليس فى الحروف ما يعسر على اللسان مثلها، لذا تجب العناية بإحكام لفظها، لا سيما إذا:
(أ) جاورتها «ظاء» ، نحو: أنقض ظهرك.
(ب) أو حرف مفخم، نحو: أرض الله.
(ج) أو حرف يجانس ما يشبهها، نحو: الأرض دهبا.
(د) أو سكنت وأتى بعدها حرف إطباق، نحو: فمن اضطر.
(هـ) أو غيره، نحو: أفضتم.
(16) الطاء: هى أقوى الحروف تفخيما، لذا يجب أن توفى حقها من التفخيم، لا سيما إذا كانت مشددة، نحو: اطيرنا.
وإذا سكنت وأتت بعدها «تاء» وجب إدغامها إدغاما غير مستكمل، نبقى معه صفة الإطباق والاستعلاء، وذلك لقوة «الطاء» وضعف «التاء» ، ولولا التجانس لم يسغ الإدغام، نحو: بسطت.(5/35)
(17) الظاء: إذا سكنت وأتت بعدها «تاء» يحتفظ بإظهارها وبيانها، نحو: أوعظت.
(18) العين: ولها أحكام:
(أ) يحترز من تفخيمها، لا سيما إذا أتت بعدها «ألف» ، نحو: العالمين.
(ب) يبين جهرها وما فيها من الشدة إذا سكنت وأتى بعدها حرف مهموس، نحو: المعتدين.
(ح) يجب إظهارها إن وقعت بعدها «غين» ، لئلا يسارع اللسان إلى الإدغام لقرب المخرج، نحو: واسمع غير مسمع.
(19) الغين- يجب إظهارها عند كل حرف لا قاها، وهذا أوكد فى حرف الحلق، وحالة الإسكان أوجب، فيحترز مع ذلك من تحريكها، لا سيما إذا اجتمعا فى كلمة واحدة، نحو: يغشى، وأفرغ علينا.
وليكن الاعتناء بإظهار (لا تزغ قلوبنا) أبلغ والحرص على سكونه أشد، وهذا لقرب ما بين الغين والقاف مخرجا وصفة.
(20) الفاء- يجب إظهارها، وذلك عند:
(أ) الميم والواو، نحو: يلقف ما، لا تخف ولا.
(ب) الباء، عند أكثر القراء، نحو: تخسف بهم.
(21) القاف- يجب توفيتها حقها كاملا من الاستعلاء، حتى لا تصير كالكاف الصماء، وإذا كانت ساكنة قبل «الكاف» فلا خوف فى إدغامها، نحو: ألم نخلقكم.
ويجوز مع هذا:
(أ) أن تبقى صفة الاستعلاء مع الإدغام.
(ب) أن تدغم إدغاما محضا.
(22) الكاف- يجب أن يعنى بما فيها من شدة وهمس حتى لا يذهب بها إلى الكاف الصماء، لا سيما إذا تكررت، أو شددت، أو جاورها حرف مهموس، نحو: بشرككم، نكتل، كشطت.
(23) اللام- ولها أحكام:
(أ) يحسن ترقيقها، لا سيما إذا جاورت حرف تفخيم، نحو: ولا الضالين، وليتلطف.
(ب) يخرص على إظهارها مع رعاية السكون، إذا أتت بعدها نون، نحو: جعلنا.
(ج) ولا خلاف فى إدغام، «قل ربى» . لشدة القرب وقوة «الراء» .
(د) تدغم «لام التعريف» فى أربعة عشر حرفا، وهى:(5/36)
التاء- الثاء- الدال- الذال- الراء- الزاى- السين- الشين- الصاد- الضاد- الطاء- الظاء- اللام- النون.
ويقال لها: الشمسية، لإدغامها.
(هـ) تظهر مع باقى الحروف، وهى أربعة عشر أيضا، وتسمى: القمرية، لإظهارها (24) الميم- حرف أغن، وتظهر غنته من الخيشوم، إذا كان مدغما أو مخففا.
وهو إما محركا أو ساكنا، ولكل حالة أحكامها:
1- أحكام المحرك:
(أ) لا يفخم، لا سيما إذا أتى بعده حرف مفخم، نحو: مرض (ب) إذا أتت بعده «ألف» كان التحرز من التفخيم أو كد، نحو: مالك.
2- أحكام الساكن:
ا- الإدغام بالغنة عند «ميم» مثله، كإدغام «النون الساكنة» عند «الميم» ، ويكون هذا فى كل «ميم مشددة» ، نحو: دمّر، أم من أسس.
ب- الإخفاء عند «الباء» ، نحو: يعتصم بالله.
وأجاز بعضهم الإظهار إظهارا تاما.
ج- الإظهار، وهذا عند باقى الأحرف، نحو: الحمد، أنعمت، هم يوقنون.
د- يكون الإظهار أولى إذا أتت بعدها: فاء، أو: واو، نحو: هم فيها، عليهم وما.
(25) النون- حرف أغن، وهو أصل فى الغنة من «الميم» ، لقربه من الخيشوم.
وهى إما متحركة أو ساكنة، ولكل منهما أحكام:
1- أحكام المتحركة:
ا- يتحفظ من تفخيمها، لا سيما إذا جاءت بعدها «ألف» ، نحو: نصره، أنا.
ب- يحترز من إخفائها حالة الوقف على نحو «العالمين» ، ويعنى ببيانها.
2- أحكام الساكنة:
ا- الإظهار، ويكون عند ستة أحرف، وهى حروف الحلق، منها أربعة بلا خلاف، وهى: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء.
ب- الإدغام، ويأتى عند ستة أحرف يجمعها قولك: يرملون.(5/37)
ج- القلب، ويكون عند حرف واحد، وهو الباء، إذ أن «النون» الساكنة تقلب عنده «ميما» خالصة من غير إدغام، ولا بد من إظهار الغنة مع ذلك، فيصير فى الحقيقة إخفاء «الميم» المقلوبة عند «الباء» .
د- الإخفاء، وهو حال بين الإظهار والإدغام، ويكون عند باقى حروف المعجم، وجملتها خمسة عشر حرفا، وهى:
التاء، والثاء، والجيم، والدال، والذال، والزاى، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والفاء، والقاف، والكاف، (26) الهاء- يعنى بها مخرجا وصفة، لبعدها وخفائها، لا سيما إذا كانت:
ا- مكسورة، نحو: عليهم.
ب- إذا جاورها ما قاربها صفة أو مخرجا، وهنا يكون بيانها أو كد، نحو: وعد الله حق، يسبحه.
ج- وكذا إذا وقعت بين ألفين، ويكون بيانها أشد توكيدا، وذلك لاجتماع ثلاثة أحرف خفية، نحو: بناها.
د- وكذا إذا وقعت ساكنة، فيكون بيانها أوجب، نحو: اهدنا.
ووإذا شددت خلص لفظها غير مشوبة بتفخيم، مع الاحتراز من فك إدغامها، نحو: أينما يوجهه.
(27) الواو- ولها أحكام:
ا- إذا كانت مضمومة أو مكسورة تحفظ فى بيانها من أن يخالطها لفظ غيرها، أو أن يقصر اللفظ عن حقها، نحو: تفاوت، ولكل وجهة.
ب- ويكون التحفظ بها حال تكريرها أشد، نحو: وورى.
ج- يحترز من مضغها حال تشديدها، نحو: عدوا وحزنا.
د- إذا سكنت وانضم ما قبلها وجب تمكينها بحسب ما فيها من المد، والاعتناء بضم الشفتين لتخرج «الواو» من بينهما صحيحة ممكنة، فإن جاءت بعدها «واو» أخرى وجب إظهارهما واللفظ بكل منهما، نحو: آمنوا، وعملوا.
(28) الياء- ولها أحكام:
ا- يعتنى بإخراجها محركة بلطف ويسر خفيفة، نحو: ترين، لاشية.
ب- ويحسن هذا فى تمكينها إذا جاءت حرف مد، لا سيما إذا وقعت بعدها «ياء» محركة، نحو: فى يوم، الذي يوسوس.
ج- يحتفظ من لوكها ومطها، إذا أتت مشددة فلفظ بهما لينتين ممضوغتين، ينبو بهما اللسان نبوة واحدة وحركة واحدة، نحو: إياك.(5/38)
الباب العاشر القراءات فى القرآن الكريم(5/39)
المراجع
1- الآيات البينات فى حكم جمع القراءات- الحداد، أبو بكر محمد بن على بن خلف الحسيني (1346 هـ) .
2- إتحاف البررة بالمتون العشرة- جمع: الضباع بن على بن محمد بن حسن بن إبراهيم (1354 هـ) .
3- إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر (كذا) - البنا أحمد بن محمد بن أحمد (1117 هـ) .
4- التيسير- الدافى أبو عمر وعثمان بن سعيد بن عثمان (441 هـ) .
5- غيث النفع فى القراءات السبع- الصفاقسى أبو الحسن على النووي (أوائل القرن الثاني عشر الهجري) 6- القراءات واللهجات- عبد الوهاب حمودة.
7- كتاب النقط- الدافى أبو عمر وعثمان بن سعيد بن عثمان (441 هـ) .
8- معالم اليسر، شرح ناظمة الزهر- عبد الفتاح القاضي، محمود بن إبراهيم.
9- المقدمة فيما على القارئ أن يعلمه- ابن الجزري أبو الخير محمد بن محمد (833 هـ) .
10- المقصد لتلخيص ما فى المرشد- زكريا بن محمد بن أحمد السليكى المصري (926 هـ) .
11- المقنع- الدافى أبو عمر وعثمان بن سعيد بن عثمان (441 هـ) .
12- المكرر فيما تواتر من القراءات السبع وتحرر- النشار أبو حفص عمر بن قاسم المصري (900 هـ) .
13- المنح الفكرية على متن الجزرية- الهروي على بن محمد (1014 هـ) .
14- النشر فى القراءات العشر- ابن الجزري محمد بن محمد (833 هـ) .
15- الوجوه المسفرة فى إتمام القراءات العشرة (كذا) - المتوفى محمد بن أحمد بن الحسن (1313 هـ) .
هذا إلى كتب التفسير المختلفة، ومنها:
1- البحر المحيط- أبو حيان الأندلسى محمد بن يوسف (654 هـ) .
2- الكشاف- الزمخشري محمود بن عمر (528 هـ) .(5/41)
- 4- سور القرآن وما فيها من قراءات
- 1- فاتحة الكتاب
1- (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الحمد لله:
قرىء:
1- بضم دال «الحمد» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بإتباع لام الجر لضمة الدال، وهى قراءة إبراهيم بن أبى عبا.
3- بإتباع كسرة الدال لكسرة اللام، وهى قراءة الحسن، زيد بن على وهى أغرب، لأن فيها إتباع حركة معرب لحركة غير إعراب.
4- بنصب «الحمد» ، وهى قراءة العتكي، ورؤبة، وسفيان بن عيينة.
3- (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) مالك:
قرىء:
1- مالك، على وزن «فاعل» بالخفض، وهى قراءة عاصم، والكسائي، وخلف، فى اختياره، ويعقوب، وهى قراءة العشرة إلا: طلحة والزبير، وقراءة كثير من الصحابة، منهم: أبى، وابن مسعود، ومعاذ، وابن عباس، والتابعين، منهم: قتادة، والأعمش.
2- ملك، على وزن فعل، بالخفض، وهى قراءة باقى السبعة، وزيد، وأبى الدرداء، وابن عمر، والمسور، وكثير من الصحابة والتابعين.
3- ملك، على وزن «سهل» ، وهى قراءة أبى هريرة، وعاصم الجحدري، ورواها الجعفي وعبد الوارث عن أبى عمر، وهى لغة بكر بن وائل.
4- ملكى، بإشباع كسرة الكاف، وهى قراءة أحمد بن صالح، عن ورش، عن نافع.(5/43)
5- ملك، على وزن «عجل» ، وهى قراءة أبى عثمان النهدي، والشعبي، وعطية.
6- ملك، بنصب الكاف من غير ألف، وهى قراءة أنس بن مالك، وأبى نوفل عمر بن مسلم ابن أبى عدى.
7- ملك، برفع الكاف من غير ألف، وهى قراءة سعد بن أبى وقاص، وعائشة، ومؤرق العجلى.
8- ملك، فعلا ماضيا، وبنصب «اليوم» ، وهى قراءة أبى حيوة، وأبى حنيفة، وجبير بن مطعم، وأبى عاصم عبيد بن عمير الليثي، وأبى المحشر عاصم بن ميمون الجحدري.
وقيل: هى قراءة يحيى بن يعمر، والحسن، وعلى بن أبى طالب.
9- مالك، بنصب الكاف، وهى قراءة الأعمش، وابن السميفع، وعثمان بن أبى سليمان، وعبد الملك، قاضى الهند.
وقيل: هى قراءة عمر بن عبد العزيز، وأبى صالح السمان، وأبى عبد الملك الشامي.
10- ملكا، بالنصب والتنوين، وهى رواية ابن أبى عاصم، عن اليمان.
11- مالك، برفع الكاف والتنوين، وبنصب «اليوم» ، وهى قراءة عون العقيلي، ورويت عن خلف ابن هشام، وأبى عبيد، وأبى حاتم.
12- مالك، بالرفع والإضافة، وهى قراءة أبى هريرة، وأبى حيوة، وعمر بن عبد العزيز، بخلاف عنه.
وقيل: هى قراءة أبى روح عون بن أبى شداد العقيلي.
13- مليك، على وزن فعيل، وهى قراءة أبى، وأبى هريرة، وأبى رجاء العطاردي.
14- مالك، بالإمالة البليغة، وهى قراءة يحيى بن يعمر، وأيوب السختياني.
15- مالك، بالإمالة بين بين، وهى قراءة قتيبة بن مهران، عن الكسائي.
وقال أبو على الفارسي: لم يمل أحد من القراء ألف «مالك» ، وذلك جائز، إلا أنه لا يقرأ بما يجوز إلا أن يأتى بذلك لك أثر مستفيض.
16- ملاك، بالألف وتشديد اللام وكسر الكاف، وهى من الشاذ.
5- (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) إياك:
قرىء:
1- إياك، بكسر الهمزة وتشديد الياء، وهى قراءة الجمهور.(5/44)
2- أياك، بفتح الهمزة وتشديد الياء، وهى قراءة الفضل الرقاشي.
3- إياك، بكسر الهمزة وتخفيف الياء، وهى قراءة عمرو بن فائد، عن أبى.
4- هياك، بإبدال الهمزة المكسورة هاء.
5- هياك، بإبدال الهمزة المفتوحة هاء. وهى قراءة ابن السورة الغنوي نعبد:
قرىء:
1- يعبد، بالياء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الحسن، وأبى مجاز، وأبى المتوكل.
2- نعبد، بإسكان الدال، وهى قراءة بعض أهل مكة.
3- نعبد، بكسر النون، وهى قراءة زيد بن على، ويحيى بن وثاب، وعبيد بن عمير الليثي.
نستعين:
قرىء:
1- نستعين، بفتح النون، وهى قراءة الجمهور، وهى لغة الحجاز، وهى الفصحى.
2- نستعين، بكسر النون، وهى قراءة عبيد بن عمير الليثي، وذر بن جيش، ويحيى بن وثاب، والنخعي، والأعمش، وهى لغة قيس وتميم وأسد وربيعة.
وقيل: هى لغة هذيل.
6- (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) الصراط:
قرىء:
1- الصراط، بالصاد، وهى قراءة الجمهور، وهى الفصحى، وهى لغة قريش، وبها كتبت فى الإمام.
2- السراط، بالسين، على الأصل، وهى قراءة قنبل، ورويس.
3- الزراط، بالزاي، لغة رواها الأصمعى، عن أبى عمرو.
4- الزراط، بالزاي، مع الإشمام، وهى قراءة حمزة، بخلاف وتفصيل عن رواته، وهى لغة قيس وقيل: إن ما حكاه الأصمعى فى هذه القراءة خطأ منه.
وقال أبو جعفر الطوسي: الصراط، بالصاد، لغة قريش، وهى اللغة الجيدة، وعامة العرب يجعلونها سينا، والزاى، لغة لعذرة، وكعب، وبنى القين.(5/45)
7- (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) الذين أنعمت:
قرىء:
من أنعمت، وهى قراءة ابن مسعود، وعمر، وابن الزبير، وزيد بن على.
عليهم:
قرىء:
1- عليهم، بضم الهاء وإسكان الميم، وهى قراءة حمزة.
2- عليهم، بكسر الهاء وإسكان الميم، وهى قراءة الجمهور.
3- عليهم، بكسر الهاء والميم، وهى قراءة عمرو بن فائد.
4- عليهمى، بكسر الهاء والميم، وياء بعدها، وهى قراءة الحسن.
وقيل: هى قراءة عمرو بن فائد.
5- عليهم، بكسر الهاء وضم الميم، وهى قراءة الأعرج، والخفاف، عن أبى عمرو.
6- عليهم و، بكسر الهاء، وضم الميم واو بعدها، وهى قراءة ابن كثير، وقالون بخلاف عنه 7- عليهم، بضم الهاء والميم، وهى قراءة الأعرج، والخفاف عن أبى عمرو.
8- عليهم و، بضم الهاء والميم وواو بعدهما، وهى قراءة الأعرج، والخفاف، عن أبى عمرو 9- عليهم بضم الهاء وكسر الميم، وهى قراءة الأعرج، والخفاف، عن أبى عمرو.
10- عليهمى، بضم الهاء وكسر الميم بعدها ياء، وهى قراءة الأعرج، والخفاف عن أبى عمرو.
- 2- سورة البقرة
2- (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) فيه:
قرىء:
فيهى، موصولا بياء، وهى قراءة ابن كثير.
للمتقين:
1- إذا كان موصولا بما بعده، على أن ما بعده (الذين يؤمنون) صفة، كان الوقف على «المتقين» حسنا غير تام.(5/46)
2- وإذا كان مقتطعا عما بعده، مبتدأ خبره (أولئك على هدى) ، كان الوقف على المتقين وقفا تاما.
4- (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك:
قرىء:
1- أنزل، مبنيا للمفعول فى الاثنين. وهى قراءة الجمهور.
2- أنزل، مبنيا للفاعل فى الاثنين، وهى قراءة النخعي، وأبى حيوة، ويزيد بن قطيب.
3- أنزل، بتشديد اللام، وهى قراءة شاذة، ووجها أنه أسكن اللام، ثم حذف همزة «إلى» ، ونقل كسرتها إلى لام «أنزل» ، فالتقى المثلان فى كلمتين، والإدغام جائز، فأدغم.
وبالآخرة:
قرىء:
1- وبالآخرة، بتسكين لام التعريف وإقرار الهمزة التي بعدها للقطع، وهى قراءة الجمهور.
2- وبالآخرة، بالحذف ونقل الحركة إلى اللام، وهى قراءة ورش.
يوقنون:
قرىء:
1- يوقنون، بواو ساكنة بعد الياء، وهى قراءة الجمهور.
2- يؤقنون، بهمزة ساكنة بدل الواو، وهى قراءة أبى حية النحوي، ووجهها أن الواو لما جاورت المضموم كانت كأن الضمة منها، وهم يبدلون من الواو المضمومة همزة.
6- (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) سواء:
قرىء:
1- بتخفيف الهمزة، على لغة أهل الحجاز، قرأه الجحدري، فيجوز أنه أخلص الواو، كما يجوز أن يكون جعل الهمزة بين بين، أي بين الهمزة والواو، وعلى هذا يكون لام «سواء» «واوا» لا «ياء» .
2- بضم السين مع واو بعدها مكان الألف، قرأه الخليل، وفى هذا عدول عن معنى المساواة إلى معنى القبح والسب، وعلى هذه القراءة لا يكون له ثمة تعلق إعراب بالجملة بعده.(5/47)
أأنذرتهم:
قرىء:
1- بتخفيف الهمزتين، وبه قرأ الكوفيون، وابن ذكوان.
2- بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، وهى قراءة أبى عمرو وهشام.
3- بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، مع إدخال ألف بينهما، وهى قراءة أبى عمرو، وقالون، وإسماعيل ابن جعفر.
4- بتحقيق الهمزتين مع إدخال ألف بينهما، وهى قراءة ابن عباس.
5- بهمزة واحدة، وحذف الهمزة الأولى، وذلك لدلالة المعنى عليها ولأجل ثبوت معادلها وهو «أم» .
وهى قراءة الزهري، وابن محيصن.
6- بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الميم الساكنة قبلها، وهى قراءة أبى.
7- (خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) سمعهم:
قرىء:
1- أسماعهم، وهى قراءة ابن أبى عبلة، فطابق فى الجمع بين القلوب والأسماع والأبصار.
2- على التوحيد، وهى قراءة الجمهور، إما لكونه:
(ا) مصدرا فى الأصل، فلمح فيه ذلك الأصل.
(ب) اكتفاء بالمفرد عن الجمع، لأن ما قبله وما بعده، يدل على أنه أريد به الجمع.
(ح) مصدرا حقيقة، وحذف ما أضيف إليه لدلالة المعنى، أي: حواس سمعهم.
أبصارهم:
تجوز فيها الإمالة، إذ قد غلبت الراء المكسورة حرف الاستعلاء، ولولا هذا لم تجز الإمالة.
غشاوة:
قرىء:
1- بكسر الغين ورفع التاء، وهى قراءة الجمهور، وتكون الجملة ابتدائية.
2- بكسر الغين ونصب التاء، هى قراءة المفضل، على إضمار «جعل» وعلى عطف «أبصارهم» على ما قبله ونصبها على حذف حرف الجر، أي: بغشاوة، وهو ضعيف.
3- بضم الغين ورفع التاء، وهى قراءة الحسن، وزيد بن على.(5/48)
4- بالفتح والنصب وسكون الشين وواو، وهى قراءة أصحاب عبد الله.
5- بالفتح والرفع وسكون الشين، وواو، وهى قراءة عبيد بن عمير.
6- بالكسر والرفع وسكون الشين، وواو.
7- بفتح الغين والرفع وسكون الشين وياء.
8- بالعين المهملة المكسورة والرفع «عشاوة» ، من العشى، وهو شبه العمى.
9- (يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) .
يخادعون:
قرىء:
1- على أنه مضارع «خادع» المزيد، وهى قراءة الجمهور.
2- على أنه مضارع، «خدع» المجرد، وهى قراءة عبد الله، وأبى حيوة.
وما يخادعون:
قرىء:
1- على أنه مضارع «خادع» المزيد مبنيا للفاعل، وهى قراءة الحرميين، وأبى عمرو.
2- على أنه مضارع «خادع» المزيد، مبنيا للمفعول.
3- على أنه مضارع «خدع» المجرد، مبنيا للفاعل، وهى قراءة باقى السبعة.
4- على أنه مضارع «خدع» المجرد، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجارود بن أبى سبرة.
5- على أنه مضارع «خدع» المشدد، مبنيا للفاعل، وهى قراءة قتادة، ومؤرق.
6- بفتح الياء والخاء وتشديد الدال المكسورة، على أن أصلها «يختدعون» ، فأدغم.
10- (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) مرض- مرضا:
قرئا:
1- بفتح الراء، وهى قراءة الكثرة من القراء.
2- بسكون الراء، وهى قراءة الأصمعى عن أبى عمرو.
والقياس الفتح، ولهذا قرأ به الجمهور.(5/49)
فزادهم:
قرىء:
1- بالإمالة، على لغة تميم، وهى قراءة حمزة.
2- بالتفخيم، على لغة أهل الحجاز.
يكذبون:
قرىء:
1- بالتخفيف، وهى قراءة الكوفيين، فالفعل غير متعد.
2- بالتشديد، وهى قراءة الحرميين والعربيين، وعليها فالمفعول محذوف لفهم المعنى، تقديره: فكونهم يكذبون الله فى إخباره، والرسول فيما جاء به.
ويحتمل أن يكون المشدد فى معنى المخفف، على جهة المبالغة.
11- (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) قيل:
قرىء:
1- بإخلاص كسر أوله وسكون عينه ياء، وهى لغة قريش، وعليها كثرة القراء.
2- بضم أوله، وهى لغة قيس وعقيل وبنى أسد، وبها قرأ الكسائي وهشام.
13- (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) السفهاء ألا:
إذا التقت همزتان من كلمتين، الأولى مضمومة والثانية مفتوحة، ففى ذلك أوجه:
1- تحقيق الهمزتين، وبذلك قرأ الكوفيون وابن عامر.
2- تحقيق الأولى وتخفيف الثانية بإبدالها واوا، كحالها إذا كانت مفتوحة قبلها ضمة فى كلمة، وبذلك قرأ الحرميان وأبو عمرو.
3- تسهيل الأولى، يجعلها بين الهمزة والواو، وتحقيق الثانية.
4- تسهيل الأولى يجعلها بين الهمزة والواو وإبدال الثانية واوا.
5- جعل الأولى بين الهمزة والواو، وجعل الثانية بين الهمزة والواو، ومنع بعضهم ذلك، لأن جعل الثانية بين الهمزة والواو تقريبا لها من الألف، والألف لا تقع بين الضمة.(5/50)
14- (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) خلوا إلى:
قرىء:
1- بسكون الواو وتحقيق الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
2- بإلقاء حركة الهمزة على الواو وحذف الهمزة، وهى قراءة ورش.
إنا معكم:
قرىء:
1- بتحريك العين من «معكم» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بتسكينها، وهى لغة تميم وربيعة، وهى من الشاذ.
مستهزئون:
قرىء:
1- بتحقيق الهمزة، وهو الأصل.
2- بقلبها ياء مضمومة، لانكسار ما قبلها.
3- بحذف الياء، تشبيها بالياء الأصلية.
15- (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) يمدهم:
قرىء:
1- بضم أوله، من «أمد» .
2- بفتح أوله، من «مد» ، وهى قراءة ابن محيصن وشبل.
فى طغيانهم:
قرىء:
1- بضم الطاء.
2- بكسرها، وهى لغة.(5/51)
16- (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) اشتروا الضلالة:
قرىء:
1- بضم الواو من «اشتروا» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتحها، إشباعا لحركة الفتح قبلها، وهى قراءة قعنب.
3- بكسرها لأنه الأصل فى التقاء الساكنين.
بالهدى:
قرىء:
1- بالإمالة، وهى لغة بنى تميم، وبها قرأ حمزة والكسائي.
2- بالفتح، وهى لغة قريش. وبها قرأ الباقون.
تجارتهم:
قرىء:
1- تجارتهم، على الإفراد، وهى قراءة الجمهور، والوجه أنه اكتفى بالمفرد عن الجمع لفهم المعنى.
2- تجاراتهم، على الجمع، وهى قراءة ابن أبى عبلة، والوجه أن لكل واحد تجارة.
17- (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) ذهب الله بنورهم:
قرىء:
أذهب الله نورهم، وهى قراءة اليماني، وفى هذا دليل على مرادفة الباء للهمزة.
فى ظلمات:
قرىء:
1- بضم اللام، وهى قراءة الجمهور.
2- بسكونها، وهى قراءة الحسن وأبى السماك.
3- بفتحها.
وهذه اللغات الثلاث جائزة فى جمع فعلة، من الاسم الصحيح العين غير المضعف ولا المعتل اللام بالياء.
وقدر قوم مع الفتح أنها جمع «ظلم» ، التي هى جمع «ظلمة» ، فهى على هذا جمع جمع.
4- ظلمة، على التوحيد، وهى قراءة اليماني، يطابق بين إفراد النون والظلمة.(5/52)
والوجه فى قراءة الجمع أن كل نور له ظلمة تخصه، فجمعت الظلمة لذلك، وحيث وقع ذكر النور والظلمة فى القرآن جاء على هذا المنزع من إفراد النور وجمع الظلمات.
18- (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) صم بكم عمى:
قرىء:
صما بكما عميا، بالنصب، وهى قراءة عبد الله بن مسعود، وحفصة.
وذهب فى نصبها مذاهب:
1- أحدها: أن يكون مفعولا ثانيا ل «ترك» ، ويكون (فى ظلمات) متعلقا بتركهم، أو فى موضع الحال، (لا يبصرون) حال.
2- الثاني: أن يكون منصوبا على الحال من المفعول فى «تركهم» ، على أن تكون لا تتعدى إلى مفعولين، أو تكون تعدت إليهما وقد أخذتهما.
3- الثالث: أن يكون منصوبا بفعل محذوف، تقديره: أعنى.
4- الرابع: أن يكون منصوبا على الحال من الضمير فى «يبصرون» .
5- الخامس: أن يكون منصوبا على الذم.
19- (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) حذر الموت:
قرىء:
حذر الموت، على أنه مصدر «حاذر» .
20- (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يخطف:
قرىء:
1- يخطف، سكون الخاء وكسر الطاء.
قال الزمخشري: الفتح فى المضارع أفصح، والكسر فى الماضي لغة قريش، وهى أفصح، وبعض العرب يقول:
خطف بالفتح، يخطف، بالكسر.(5/53)
2- يختطف، وهى قراءة على، وابن مسعود.
3- يتخطف، وهى قراءة أبى.
4- يخطف، بفتح الياء والخاء والطاء المشددة، وهى قراءة الحسن.
5- يخطف، بفتح الياء والخاء وتشديد الطاء المكسورة، وهى قراءة الحسن أيضا، وأبى رجاء، وعاصم الجحدري، وقتادة.
6- يخطف، بكسر الثلاثة وتشديد الطاء، وهى قراءة الحسن أيضا، والأعمش.
7- يخطف، بضم الياء وفتح الخاء وكسر الطاء المشددة، من «خطف» ، وهى قراءة زيد بن على.
8- يخطف، بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء المكسورة، وهى فى الحقيقة اختلاس لفتحة الخاء لا إسكان، لأنه يؤدى إلى التقاء الساكنين على غير التقائهما.
24- (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) وقودها:
قرىء:
1- بفتح الواو، وهى قراءة الجمهور، وعلى هذه القراءة، فمعناه: الحطب.
2- بضمها، وهى قراءة الحسن، باختلاف، ومجاهد، وطلحة، وأبى حيوة، وعيسى بن عمر الهمذاني وعلى هذه القراءة فهو مصدر.
أعدت:
وقرىء:
1- اعتدت من العتاد، بمعنى: العدة، وهى قراءة عبد الله.
2- أعدها الله للكافرين، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
25- (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) وبشر:
قرىء:
1- بالتشديد، وهى اللغة العليا.(5/54)
2- بالتخفيف، وهى لغة أهل تهامة.
3- فعلا ماضيا مبنيا للمفعول، وهى قراءة زيد بن على.
قال الزمخشري: عطفا على «أعدت» .
مطهرة:
قرىء:
1- مطهرات.
2- مطهرة، بتشديد الطاء، وأصله: متطهرة، فأدغم.
26- (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) يستحى:
قرىء:
1- يستحى، بياءين، والماضي «استحيا» ، وهى لغة أهل الحجاز، وبها قرأ الجمهور.
2- يستحى، بياء واحدة، والماضي: استحى، وهى لغة بنى تميم، وبها قرأ ابن كثير.
بعوضة:
قرىء:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور، على أن تكون:
(أ) صفة ل «ما» : إذا جعلنا «ما» بدلا من «مثل» . و «مثل» مفعول «يضرب» .
(ب) بدلا من «مثل» .
(ح) عطف بيان، و «مثلا» مفعول «يضرب» .
(د) مفعولا ل «يضرب» ، و «مثلا» حال من النكرة مقدمة عليها.
(هـ) مفعولا ثانيا ل «يضرب» ، والأول هو «المثل» ، على أن «يضرب» يتعدى إلى اثنين.
(و) مفعول أول ل «يضرب» ، و «مثلا» المفعول الثاني.
(ز) منصوبا، على تقدير إسقاط الجار، والمعنى: أن يضرب مثلا ما بين بعوضة فما فوقها.
2- بالرفع، وهى قراءة الضحاك وإبراهيم بن أبى عبلة، على أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف.
يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين:(5/55)
وقرىء:
1- يضل به كثير ويهدى به كثير وما يضل به إلا الفاسقون، على البناء للمفعول فى الثلاثة، وهذه قراءة زيد بن على.
2- يضل به كثير ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقون، على البناء للفاعل الظاهر مع فتح حرف المضارعة فى الثلاثة، وهذه قراءة إبراهيم بن أبى عبلة.
28- (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ترجعون:
قرىء:
1- ترجعون، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور، وهى أفصح.
2- ترجعون، مبنيا للفاعل، وهى قراءة مجاهد وغيره.
29- (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) هو:
فيها لغات:
1- تخفيف الواو مفتوحة.
2- تشديدها، وهى لغة همدان.
3- تسكينها، وهى لغة أسد وقيس.
4- حذفها، وهذا مختص بالشعر.
استوى:
قرىء:
1- بالفتح، وهى لغة أهل الحجاز.
2- بالإمالة، وهى لغة أهل نجد.
وبهما القراءات السبع.
وهو:
قرىء:(5/56)
1- بتسكين الهاء، وهذا جائز بعد: الواو والفاء، وثم، ويقل بعد كاف الجر وهمزة الاستفهام، ويندر بعد «لكن» ، وبها قرأ أبو عمرو، والكسائي، وقالون.
2- بضمها، على الأصل، وهى قراءة الباقين.
3- بالوقوف عليها بالهاء «وهوه» ، وهى قراءة يعقوب.
30- (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) يسفك:
قرىء:
1- يسفك، بكسر الفاء ورفع الكاف، وهى قراءة الجمهور.
2- يسفك، بضم الفاء، وهى قراءة أبى حيوة، وابن أبى عبلة.
3- يسفك، مضارع «اسفك» .
4- يسفك، مضارع «سفك» ، مشددة الفاء.
5- يسفك، بنصب الكاف وهى قراءة ابن هرمز.
فمن رفع الكاف عطف على «يفسد» ، ومن نصب نصب فى جواب الاستفهام.
31- (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) علم آدم:
وقرىء:
وعلم آدم، مبنيا للمفعول، وبها قرأ اليماني، ويزيد اليزيدي.
ثم عرضهم:
وقرىء:
1- ثم عرضها، وهى قراءة أبى.
2- ثم عرضهن، وهى قراءة عبد الله.
أنبئونى:
وقرىء:
أنبونى، بغير همز، وهى قراءة الأعمش.(5/57)
هؤلاء إن:
إذا التقت همزتان مكسورتان من كلمتين:
1- تبدل الثانية ياء ممدودة، مكسورة عند ورش، وملينة عند قالون واليزيدي مع تحقيق الثانية.
2- تحذف الأولى، وهى قراءة عمرو.
3- تخففان، وهى قراءة الكوفيين، وابن عامر.
33- (قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) أنبئهم:
قرىء:
1- بالهمز وضم الهاء، وهو الأصل، وهى قراءة الجمهور.
2- بالهمز وكسر الهاء، وهى مروية عن ابن عباس، والوجه فيها إتباع حركة الهاء لحركة الباء، ولم يعتد بالهمزة لأنها ساكنة، إذ هى حاجز غير حصين.
3- أنبيهم، بإبدال الهمزة ياء وكسر الهاء.
4- أنبئهم، على وزن «أعطهم» ، وهى قراءة الحسن، والأعرج، وابن كثير.
إنى أعلم:
ياء المتكلم المتحرك ما قبلها، إذا لقيت همزة القطع المفتوحة، جاز فيها وجهان: التحريك والإسكان، وبالوجهين.
قرىء فى السبعة.
34- (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) للملائكة:
قرىء:
1- يجر التاء، وهى قراءة الجمهور.
2- بضم التاء، وهى لغة أزد شنوءة، وبها قرأ أبو جعفر.(5/58)
35- (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) رغدا:
قرىء:
1- بفتح الغين، وهى قراءة الجمهور.
2- بسكونها، وهى قراءة إبراهيم النخعي، ويحيى بن وثاب.
ولا تقربا:
وقرىء:
بكسر التاء، وهى لغة عن الحجازيين.
هذه:
قرىء:
1- بالهاء، وهى قراءة الجمهور.
2- بالياء، وهى قراءة ابن محيصن.
الشجرة:
وقرىء:
1- الشجرة، بكسر الشين، حكاها هارون الأعور عن بعض الفراء.
2- الشيره، بكسر الشين والياء المفتوحة بعدها.
قال أبو عمرو: يقرأ بها برابر مكة وسودانها.
36- (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) فأزلهما:
وقرىء:
1- فأزالهما، غير ممالة، أي: نحاهما، وهى قراءة الحسن، وأبى رجاء، وحمزة.
2- فأزالهما، ممالة، رويت عن حمزة، وأبى عبيدة.
اهبطوا:
وقرىء:
1- بكسر الباء، وهى قراءة الجمهور.
2- بضم الباء، وهى قراءة أبى حيوة.(5/59)
37- (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فتلقى آدم من ربه كلمات:
قرىء:
1- برفع «آدم» ونصب «الكلمات» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بنصب «آدم» ورفع «الكلمات» ، وهى قراءة ابن كثير. يعنى: وصول الكلمات إلى آدم.
إنه:
قرىء:
1- إنه، بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور، على أنها جملة ثابتة تامة أخرجت مخرج الخبر المستقل الثابت، ثم هى مربوطة ربطا معنويا بما قبلها.
2- أنه، بفتح الهمزة، وهى قراءة نوفل بن أبى عقرب، على التعليل، والتقدير: لأنه، وهى وما بعدها فضلة، إذ هى فى تقدير مفرد ثابت واقع مفروغ من ثبوته لا يمكن فيه نزاع منازع.
38- (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) هداى:
وقرىء:
1- بسكون الياء، وهى قراءة الأعرج، وفيه الجمع بين ساكنين، وذلك من إجراء الوصل مجرى الوقف.
2- هدى، بقلب الألف ياء وإدغامها فى ياء المتكلم، وهى لغة هذيل، إذ لم يمكن كسر ما قبل الياء، لأنه حرف لا يقبل الحركة، وهى قراءة عاصم الجحدري، وعبد الله بن أبى إسحاق، وعيسى بن عمر.
فلا خوف:
قرىء:
1- بالرفع والتنوين، مراعاة للرفع فى (ولا هم يحزنون) ، فرفعوا للتعادل، وهى قراءة الجمهور.
2- بالفتح، وكذا فى جميع القرآن، ووجهه: أن ذلك نص فى العموم فينفى كل فرد فرد من مدلول الخوف، وهى قراءة الزهري، وعيسى الثقفي، ويعقوب.
3- بالرفع من غير تنوين، على إعمال «لا» عمل «ليس» ، وحذف التنوين تخفيفا لكثرة الاستعمال، وهى قراءة ابن محيصن، وعلى.(5/60)
40- (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) إسرائيل:
قرىء:
1- إسرائيل، بهمزة بعد الألف وياء بعدها، وهى قراءة الجمهور.
2- اسراييل، بياءين بعد الألف، وهى قراءة أبى جعفر، والأعمش، وعيسى بن عمر.
3- اسرائل، بهمزة بعد الألف ثم لام، وهو مروى عن ورش.
4- اسرائل، بهمزة مفتوحة بعد الراء ولام.
5- اسرئل، بهمزة مكسورة بعد الراء.
6- اسرال، بألف ممالة بعدها لام خفيفة.
7- اسرال، بألف غير ممالة، وهى رواية خارجة عن نافع.
8- اسرائن، بنون بدل اللام، وهى قراءة الحسن، والزهري، وابن أبى إسحاق.
أوف:
وقرىء:
أوف، مشددا، وهى قراءة الزهري.
فارهبون:
وقرىء:
فارهبونى، بالياء على الأصل، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.
42- (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وتكتموا:
وقرىء:
وتكتمون الحق، وهى قراءة عبد الله، وتخريجها على أنها جملة فى موضع الحال.
48- (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) لا تجزى:
وقرىء:
لا تجزأ، من أجزاء، بمعنى: أغنى.
نفس عن نفس:(5/61)
قرىء:
نسمة عن نسمة. وهى قراءة أبى السرار الغنوي.
ولا يقبل:
وقرىء:
1- ولا تقبل، بالتاء، وهو القياس والأكثر. ومن قرأ بالياء فهو أيضا جائز فصيح.
2- ولا يقبل، بفتح الياء ونصب «شفاعة» على البناء للفاعل.
49- (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) وإذ نجيناكم:
قرىء:
1- أنجيناكم، وهذه قراءة النخعي.
2- أنجيتكم.
يذبحون:
وقرىء:
1- يذبحون، خفيفا، من «ذبح» المجرد.
2- يقتلون، مكان «يذبحون» .
51- (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) وإذا واعدنا:
وقرىء:
وعدنا، بغير ألف، وهى قراءة أبى عمرو.
أربعين:
وقرىء:
أربعين، بكسر الباء، اتباعا، وهى قراءة على، وعيسى بن عمر.
اتخذتم:
قرىء:
1- بإدغام الذال فى التاء، وهى قراءة الجمهور.
2- بالإظهار، وهى قراءة ابن كثير، وحفص.(5/62)
54- (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) بارئكم:
قرىء:
1- بظهور حركة الإعراب، وهى قراءة الجمهور.
2- بالاختلاس، وهى قراءة أبى عمرو.
3- بالإسكان، عن سيبويه، وهو إجراء للمنفصل من كلمتين مجرى المتصل من كلمة.
4- بكسر الياء من غير همز، وهى قراءة الزهري.
55- (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) جهرة:
وقرىء:
بفتح الهاء، وتحتمل وجهين:
1- أن يكون «جهرة» مصدرا، كالغلبة.
2- أن يكون جمعا ل «جاهر» ، كفاسق وفسقة، فيكون انتصابه على الحال، أي: جاهرين بالرؤية.
الصاعقة:
وقرىء:
الصعقة، وهى قراءة عمر، وعلى.
58- (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) القرية:
لغة أهل اليمن: القرية، بكسر القاف، ويجمعونها على قرى، بكسر القاف.
نغفر:
قرىء:(5/63)
1- بالياء مضمومة، وهى قراءة نافع.
2- بالتاء مضمومة، وهى قراءة ابن عامر.
3- بالياء مفتوحة، وهى قراءة أبى بكر، والضمير عائد إلى الله تعالى.
4- بالتاء مفتوحة، وهى قراءة ابن عطية، كأن «الحطة» تكون بسبب الغفران.
5- بالنون، وهى قراءة الباقين.
6- بالتاء مضمومة وإفراد «الخطيئة» ، وهى قراءة الجحدري، وقتادة.
7- بإظهار الراء عند اللام، وهى قراءة الجمهور.
8- بإدغامها، وهو ضعيف.
59- (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) رجزا:
وقرىء:
بضم الراء، وهى قراءة ابن محيصن.
يفسقون:
وقرىء:
بكسر السين، وهى لغة، وهى قراءة النخعي، وابن وثاب، وغيرهما.
60- (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) عشرة:
قرىء:
1- بإسكان الشين، وهى قراءة الجمهور.
2- بكسرها، وهى قراءة مجاهد، وعيسى، وابن وثاب وابن أبى ليلى، ويزيد.
3- بفتحها، وهى قراءة ابن الفضل الأنصاري، والأعمش.(5/64)
61- (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) قثائها:
وقرىء:
بضم القاف.
فومها:
وقرىء:
وثومها، بالثاء المثلثة.
أدنى:
وقرىء:
أدنأ، وهى قراءة زهير، والكسائي.
اهبطوا:
قرىء:
بضم الباء وكسرها، وهما لغتان، والأفصح الكسر.
مصرا:
قرىء:
1- بصرفها هنا، وهى قراءة الجمهور، والمراد: مصر من الأمصار.
2- بغير تنوين، وهى قراءة الحسن، وطلحة، والأعمش، وأبان بن تغلب.
سألتهم:
وقرىء:
بكسر السين، وهذا من تداخل اللغات، لأن فى «سأل» لغتين:
1- إحداهما: أن تكون العين همزة.
2- والثانية: أن تكون العين واوا، فتكون الألف منقلبة عن واو.(5/65)
يقتلون:
قرىء:
1- يقتلون، بالتشديد، وهى قراءة علىّ.
2- تقتلون، بالتاء، وهى قراءة الحسن، على الالتفات.
النبيين:
قرىء:
1- بغير همز، وهى قراءة الجمهور.
2- بالهمزة، وهى قراءة نافع.
62- (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) هادوا:
قرىء:
1- بضم الدال، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتحها، من المهاداة، وهى قراءة أبى السمال العدوى.
والصابئين:
قرىء:
1- مهموزا، وهى قراءة الجمهور.
2- بغير همز، وهى قراءة نافع، وتحتمل وجهين:
أ) إما من «صبا» ، بمعنى: مال.
ب) وإما أن يكون أصله الهمز وسهل، بقلب الهمزة ألفا فى الفعل وياء فى الاسم.
ولا خوف:
قرىء:
1- بالرفع والتنوين، وهى قراءة الجمهور.
2- بالرفع من غير تنوين، وهى قراءة الحسن.
63- (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(5/66)
ما آتيناكم:
وقرىء:
ما أتيتكم، وهو شبه التفات، لأنه خرج من ضمير المعظم نفسه إلى غيره.
واذكروا:
قرىء:
1- أمرا، من «ذكر» ، وهى قراءة الجمهور.
2- أمرا، من «أذكر» ، وهى قراءة أبى، وأصله: وإذ تكروا، ثم أبدل من التاء دالا، ثم أدغم الذال فى الدال.
3- تذكروا، على أنه مضارع انجزم على جواب الأمر، الذي هو «خذوا» .
4- تذكروا، أمر من «التذكر» ، وهى قراءة ابن مسعود.
67- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) يأمركم:
قرىء:
1- بضم الراء، وهى قراءة الجمهور.
2- بسكونها والاختلاس وإبدال الهمزة ألفا.
أتتخذنا:
قرىء.
1- بالتاء، على أن الضمير هو لموسى، وهى قراءة الجمهور.
2- بالياء، على أن الضمير لله تعالى، وهو استفهام على سبيل الإنكار، وهى قراءة عاصم الجحدري، وابن محيصن هزؤا:
قرىء:
1- بإسكان الزاى، وهى قراءة حمزة، وإسماعيل، وخلف- فى اختياره- والفزاز، عن عبد الوارث، والمفضل.
2- بضم الزاى والواو بدل الهمز، وهى قراءة حفص 3- بضم الزاى والهمزة، وهى قراءة الباقين.(5/67)
69- (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) تسر:
قرىء:
1- بالتاء، والضمير عائد على «البقرة» ، والجملة صفة.
2- بالياء، والضمير عائد على «اللون» .
70- (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ) تشابه:
قرىء:
1- تشابه، فعلا ماضيا، مسند الضمير «البقر» ، على أن «البقر» مذكر، وهى قراءة الجمهور.
2- تشابه، بضم الهاء، على أنه فعل مضارع محذوف التاء، وفيه ضمير يعود على «البقر» ، على أن «البقر» مؤنث، وهى قراءة الحسن.
3- تشابه، بضم الهاء وتشديد الشين، على أنه مضارع، وفيه ضمير يعود على «البقر» ، وهى قراءة الحسن أيضا.
4- تشبه، وهى قراءة محمد المعيطى ذى الشامة.
5- تشبه، فعلا ماضيا على «تفعل» ، وهى قراءة مجاهد.
6- يشابه، بالياء وتشديد الشين، على أنه مضارع من «لفاعل» . ثم أدغمت الياء فى الشين، وهى قراءة ابن مسعود.
7- متشبه، اسم فاعل من تشبه.
8- يتشابه، على أنه مضارع تشابه، وفيه ضمير يعود على «البقر» .
9- تشابهت، وهى قراءة أبى.
10- متشابه، وهى قراءة الأعمش.
11- متشابهة، وهى قراءة الأعمش أيضا.
12- تشابهت، بتشديد الشين، على أنه فعل ماض، وبتاء التأنيث فى آخره.(5/68)
71- (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) لا ذلول:
قرىء:
1- لا ذلول، بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
2- لا ذلولا، بالفتح، وهى قراءة أبى عبد الرحمن السلمى.
تسقى:
قرىء:
1- تسقى، بفتح التاء، وهى قراءة الجمهور.
2- تسقى، بضم التاء، من أسقى، وهما بمعنى واحد.
الآن:
قرىء:
1- الآن، بإسكان اللام والهمزة، وهى قراءة الجمهور.
2- الآن، يحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام، وهى قراءة نافع.
72- (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) فادارأتم:
قرىء:
1- بالإدغام، وهى قراءة الجمهور.
2- فتدارأتم، على وزن تفاعلتم، وهى قراءة أبى حيوة، وأبى السوار الغنوي.
3- فادارأتم، بغير ألف قبل الراء، وهى قراءة أبى السوار أيضا.
74- (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وإن:
قرىء:
1- وإن مشددة، وهى قراءة الجمهور.
2- وإن، مخففة، وهى قراءة قتادة.(5/69)
لما:
قرىء:
1- لما، بميم مخففة، وهى قراءة الجمهور.
2- لما، بالتشديد، وهى قراءة طلحة بن مصرف، وهى لا تتجه إلا إن تكون «إن» نافية.
يشقق:
قرىء:
1- يشقق، بتشديد الشين، وأصله «يتشقق» ، فأدغم التاء فى الشين، وهى قراءة الجمهور.
2- تشقق، بالتاء والشين المخففة، وهى قراءة ابن مصرف.
تعملون:
قرىء:
1- تعملون، بالتاء، وهى قراءة الجمهور.
2- يعملون، بالياء، وهى قراءة ابن كثير.
77- (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) أو لا يعلمون:
قرىء:
1- أو لا يعلمون بالياء، وهى قراءة الجمهور.
2- أو لا تعلمون بالتاء، وهى قراءة ابن محيصن، ويكون ذلك خطابا للمؤمنين.
78- (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) أمانى:
قرىء:
1- أمانى، بالتشديد، وهى قراءة الجمهور.
2- أمانى، بالتخفيف، وهى قراءة أبى جعفر، وشيبة، والأعرج، وابن جماز عن نافع، وهارون عن أبى عمرو.
81- (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) خطيئته:
قرىء:
1- خطيئته، بالإفراد، وهى قراءة الجمهور.(5/70)
2- خطيئاته، جمع سلامة، وهى قراءة نافع.
3- خطاياه، جمع تكسير، وهى قراءة بعض القراء.
83- (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) لا تعبدون:
قرىء:
1- لا تعبدون، بالتاء، وهى قراءة الجمهور.
2- لا يعبدون، بالياء، وهى قراءة ابن كثير، وحمزة، والكسائي.
3- لا يعبدوا، على النهى، وهى قراءة أبى، وابن مسعود.
حسنا:
قرىء:
1- حسنا، بالضم، على أنه مصدر، وهى قراءة الجمهور.
2- حسنا، بفتح الحاء والسين، وهى قراءة حمزة، والكسائي.
3- حسنا، بضم الحاء والسين، وهى قراءة عطاء بن أبى رباح، وعيسى بن عمر.
4- حسنى، على وزن فعلى، وهى قراءة أبى، وطلحة بن مصرف.
5- إحسانا، وهى قراءة الجحدري.
إلا قليلا:
قرىء:
1- إلا قليلا، بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
2- إلا قليل، بالرفع، وهى قراءة أبى عمرو، على أنه بدل من الضمير فى «توليتم» .
84- (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) لا تسفكون:
قرىء:
1- بفتح التاء وسكون السين وكسر الفاء، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتح التاء وسكون السين وضم الفاء، وهى قراءة طلحة بن مصرف، وشبيب بن حمزة.
3- بضم التاء وفتح السين وكسر الفاء المشددة، وهى قراءة أبى نهيك، وأبى مجاز.
4- بضم التاء وإسكان السين وكسر الفاء المخففة، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.(5/71)
85- (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) تظاهرون:
قرىء:
1- بتخفيف الطاء، وهى قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي، وأصله: تتظاهرون.
2- بتشديد الظاء، أي بإدغام الظاء فى التاء، وهى قراءة باقى السبعة.
3- تظاهرون، بضم التاء وكسر الهاء، وهى قراءة أبى حيوة.
4- تظهرون، بفتح التاء، والظاء والهاء مشدّدين، دون ألف، وهى قراءة مجاهد، وقتادة.
5- تتظاهرون، على الأصل.
يردون:
قرىء:
1- يردون، بالياء، وهى قراءة الجمهور.
2- تردون، بالتاء، وهو مناسب لقوله «أفتؤمنون» .
تعملون:
قرىء:
1- يعملون، بالياء، وهى قراءة نافع، وابن كثير، وأبى بكر.
2- تعملون، بالتاء، وهى قراءة الباقين.
87- (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ بالرسل:
قرىء:
1- بضم السين، وهى قراءة الجمهور.
2- بتسكينها، وهى قراءة الحسن، ويحيى بن يعمر.
وأيدناه:
قرىء:
1- وأيدناه، على وزن «فعلناه» ، وهى قراءة الجمهور.(5/72)
2- آيدناه، على وزن «أفعلناه» ، وهى قراءة مجاهد، والأعرج، وحميد، وابن محيصن.
القدس:
قرىء:
1- بضم القاف والدال، وهى قراءة الجمهور.
2- بسكون الدال، وهى قراءة مجاهد، وابن كثير.
3- القدوس، بواو، وهى قراءة أبى حيوة.
88- (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ) غلف:
قرىء:
1- غلف، بإسكان اللام، وتكون جمع «أغلف» ، وهى قراءة الجمهور.
2- غلف، بضم اللام، وتكون جمع «غلاف» ، وهى قراءة ابن عباس، والأعرج، وابن هرمز، وابن محيصن.
93- ( ... قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) به إيمانكم:
قرىء:
1- بكسر الهاء فى «به» ، لأجل كسرة الباء.
2- بضم الهاء ووصلها بواو، وهى قراءة الحسن، ومسلم بن جندب.
94- (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فتمنوا الموت:
قرىء:
1- بضم الواو، وهى اللغة المشهورة، وهى قراءة الجمهور.
2- بكسرها، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.
3- بفتحها، طلبا للتخفيف، وهى قراءة أبى عمرو.
4- باختلاس ضمة الواو، وحكيت عن أبى عمرو أيضا.(5/73)
96- (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) يعملون:
قرىء:
1- بالياء، على نسق ما سبق، وهى قراءة الجمهور.
2- بالتاء، على سبيل الالتفات والخروج من الغيبة إلى الخطاب، وهى قراءة الحسن، وقتادة، والأعرج، ويعقوب.
97- (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) جبريل:
قرىء:
1- جبريل، كقنديل، وهى لغة أهل الحجاز، وهى قراءة ابن عامر، وأبى عمرو، ونافع، وحفص.
2- جبريل، بفتح الجيم، وهى قراءة الحسن، وابن كثير، وابن محيصن، واستنكرها الفراء.
3- جبرئيل، كعنتريس، وهى لغة تميم وقيس وكثير من أهل نجد، وهى قراءة الأعمش، وحمزة، والكسائي، وحماد بن أبى زياد.
4- جبرئل، بغير ياء بعد الهمزة وتخفيف اللام، وتروى عن عاصم، ويحيى بن يعمر.
5- جبرئل، مثل الذي سبق مع تشديد اللام، وهى قراءة أبان عن عاصم، ويحيى بن يعمر.
6- جبرائيل، وهى قراءة ابن عباس، وعكرمة.
7- جبراييل، وهى قراءة ابن عباس، وعكرمة أيضا.
8- جبرال، وهى قراءة طلحة.
9- جبرايل، بالياء والقصر، وبها قرأ طلحة أيضا.
10- جبراييل، بألف بعد الراء بعدها ياءان أولاهما مكسورة، وهى قراءة الأعمش، وابن يعمر.
11- جبرين، بالفتح، وهى لغة أسد.
12- جبرين، بالكسر، وهى لغة أسد.
13- جبرائين.(5/74)
98- (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) ميكال:
قرىء:
1- ميكال، كمفعال، وهى لغة أهل الحجاز، وبها قرأ أبو عمرو، وحفص.
2- ميكائل، بعد الألف همزة، وبها قرأ نافع، وابن شنبوذ.
3- ميكائيل، بعد الهمزة ياء، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وابن عامر، وأبى بكر.
4- ميكئيل، كميكعيل، وبها قرأ ابن محيصن.
5- ميكئل، لا ياء بعد الهمزة، وبها قرأ ابن محيصن أيضا.
6- ميكائيل، بياءين بعد الألف أولاهما مكسورة، وبها قرأ الأعمش 100- (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أو كلما:
قرىء:
بسكون الواو، وهى قراءة أبى السمال العدوى، وقدر على:
(أ) أن يكون للعطف على «الفاسقين» ، وهذا قول الزمخشري.
(ب) على الخروج من كلام إلى غيره، وتكون «أو» بمنزلة «أم» المنقطعة، وهذا قول المهدوى.
عاهدوا:
قرىء:
1- عوهدوا، على البناء للمفعول، وهى قراءة الحسن، وأبى رجاء، وهذه القراءة تخالف رسم المصحف.
2- عهدوا، ويكون «عهدا» مصدرا.
102- (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ... )
الشياطين:
قرىء:
الشياطون، بالرفع بالواو، وهى قراءة الحسن، والضحاك، وهى قراءة شاذة.(5/75)
ولكن:
قرىء:
1- بالتشديد، ويجب إعمالها، وهى قراءة نافع، وعاصم، وابن كثير، وأبى عمرو.
2- بتخفيف النون، ورفع ما بعدها بالابتداء والخبر، وهى قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي.
الملكين:
قرىء:
1- بفتح اللام، وهى قراءة الجمهور.
2- بكسر اللام، وهى قراءة ابن عباس، والحسن، وأبى الأسود الدؤلي، والضحاك، وابن أبزى.
وقيل: إنهما رجلان ساحران، أو نحو من ذلك، وعلى هذا تكون «ما» موصولة.
وقال ابن أبزى: هما داود وسليمان، وعلى هذا تكون «ما» نافية.
هارون وماروت:
قرىء:
1- بفتح التاء، ويكونان بدلا من:
أ- الملكين، على من قرأ بفتح اللام، وتكون الفتحة علامة للجر، لأنهما لا ينصرفان.
ب- أو بدلا من الناس، فتكون الفتحة علامة للنصب، ولا يكون هاروت وماروت اسمين للملكين.
ج- أو بدلا من الشياطين، على أن يكونا قبلتين منهم، وتكون الفتحة علامة للنصب، على قراءة من نصب الشياطين، أما من رفع فانتصابهما على الذم.
د- وعلى قراءة من قرأ «الملكين» بكسر اللام، فيكونان بدلا من «منهما» ، إلا إذا فسرا: بداود وسليمان، عليهما السلام، فلا يكونان بدلا من «منهما» ، ولكن يتعلقان بالشياطين على الوجهين السابقين.
2- برفع التاء، وهى قراءة الحسن والزهري، ويكونان خبر مبتدأ محذوف، إن كانا ملكين، أو بدلا من الشياطين إن كانا شيطانين، على قراءة من رفع.
يعلمان:
قرىء:
1- بالتشديد، من التعليم، وهى قراءة الجمهور.
2- يعلمان، من أعلم، وهى قراءة طلحة بن مصرف.(5/76)
المرء:
قرىء:
1- المرء، بفتح الميم وسكون الراء والهمزة، وهى قراءة الجمهور.
2- المر، بغير همز مخففا، وهى قراءة الحسن، والزهري، وقتادة.
3- المرء، بضم الميم والهمزة، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.
4- المرء، بكسر الميم والهمز، وهى قراءة الأشهب العقيلي.
5- المرء، بفتح الميم وإسقاط الهمز وتشديد الراء، وهى قراءة الزهري.
103- (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) لمثوبة:
قرىء:
1- بضم الثاء، وهى قراءة الجمهور.
2- بسكونها، وهى قراءة قتادة، وأبى السمال، وعبد الله بن بريدة.
104- (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) راعنا:
قرىء:
1- راعنا، وهى قراءة الجمهور.
2- راعونا، على إسناد الفعل لضمير الجمع، وهى قراءة عبد الله، وأبى.
3- ارعونا، وهى من مصحف عبد الله.
4- راعنا، بالتنوين، صفة لمصدر محذوف، أي: قولا راعنا، وهى قراءة الحسن، وابن أبى ليلى، وأبى حيوة، وابن محيصن.
انظرنا:
قرىء:
1- موصول الهمزة مضموم الظاء، من النظرة، وهى التأخير، وهى قراءة الجمهور.
2- بقطع الهمزة وكسر الظاء، من الإنظار، وهى قراءة أبى، والأعمش، أي: أخرنا:(5/77)
106- (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ننسخ:
قرىء:
1- من «نسخ» ، بمعنى: أزال، وهى قراءة الجمهور.
2- من «الإنساخ» ، والمعنى: ما نجده منسوخا، مثل: أحمدت فلانا، إذا وجدته محمودا.
ننسها:
قرىء:
1- ننسأها، بفتح نون المضارعة والسين وسكون الهمزة، وهى قراءة عمر، وابن عباس، والنخعي، وعطاء، ومجاهد، وعبيد بن عمير، وابن كثير، وأبى عمرو.
2- ننساها، بفتح نون المضارعة والسين بغير همز، وهى قراءة طائفة.
3- تنساها، بالتاء المفتوحة وسكون النون وفتح السين من غير همز، وهى قراءة الحسن، وابن يعمر.
4- تنسأها، بالتاء المفتوحة وسكون النون وفتح السين والهمز، وهى قراءة فرقة.
5- تنسأها، بالتاء المضمومة وسكون النون وفتح السين والهمز، وهى قراءة أبى حيوة.
6- ننسها، بضم النون وكسر السين من غير همز، وهى قراءة باقى السبعة.
7- ننسئها، بضم النون وكسر السين وهمزة بعد السين، وهى قراءة فرقة.
8- ننسها، بضم النون الأولى وفتح الثانية وتشديد السين وبلا همز، وهى قراءة الضحاك، وأبى رجاء 9- ننسك، بضم النون الأولى وسكون الثانية وكسر السين من غير همز وبكاف للخطاب بدل ضمير الغيبة، وهى قراءة أبى.
107- (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) سئل:
قرىء:
1- سئل، وهى قراءة الجمهور.
2- سيل، بكسر السين وياء، وهى قراءة الحسن، وأبى السمال.
3- سيل، بإشمام السين وياء، وهى قراءة أبى جعفر، وشيبة، والزهري.
4- سئل، بتسهيل الهمزة بين بين وضم السين، وهى قراءة لبعض القراء.(5/78)
111- (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إلا من كان هودا أو نصارى وقرىء:
إلا من كان يهوديا أو نصرانيا، وهى قراءة أبى، فحمل الاسم والخبر معا على اللفظ، وهو الإفراد والتذكير.
112- (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ولا خوف:
قرىء:
1- برفع الفاء من غير تنوين، وهى قراءة ابن محيصن.
2- بالفتح من غير تنوين، وهى قراءة الزهري، وعيسى الثقفي، ويعقوب، وآخرين.
117- (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) بديع:
قرىء:
1- بالرفع، وهى قراءد الجمهور.
2- بالنصب على المدح، وهى قراءة المنصور.
3- بالجر على أنه بدل من الضمير فى «له» الآية: 116.
فيكون:
قرىء:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
2- بالنصب، وهى قراءة ابن عامر 118- (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) تشابهت:
وقرىء:
تشابهت، بتشديد الشين.(5/79)
119- (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) تسأل:
قرىء:
1- بضم التاء واللام، وهى قراءة الجمهور.
2- وما تسأل، وهى قراءة أبى.
3- ولن تسأل، وهى قراءة ابن مسعود.
4- ولا تسأل، بفتح التاء وجزم اللام، على النهى، وهى قراءة نافع، ويعقوب.
124- (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وإذا ابتلى إبراهيم ربه:
قرىء:
1- بنصب «إبراهيم» ورفع «ربه» ، وهى قراءة الجمهور.
2- برفع «إبراهيم» ونصب «ربه» ، وهى قراءة ابن عباس، وأبى الشعثاء، وأبى حنيفة والمعنى على الدعاء.
125- (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) واتخذوا:
قرىء:
1- بكسر الخاء، على الأمر، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، والجمهور.
2- بفتحها، على أنه فعل ماض، وهى قراءة نافع، وابن عامر.
126- (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) فأمتعه:
قرىء:
1- مشددا، على الخبر، وهى قراءة الجمهور من السبعة.(5/80)
مخففا، على الخبر، وهى قراءة ابن عامر، ويحيى بن وثاب.
3- فنمتعه، وهى قراءة أبى بن كعب.
4- فأمتعه، على صيغة الأمر، وهى قراءة ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما، وعلى هذه القراءة فيكون الضمير فى «قال» عائدا على «إبراهيم» .
ثم أضطره:
قرىء:
1- ثم أضطره، خبرا، وهى قراءة الجمهور، وابن عامر.
2- ثم اضطره، بكسر الهمزة، على لغة قريش، وهى قراءة يحيى بن وثاب.
3- ثم أضطره، بإدغام الضاد فى الطاء، خبرا، وهى قراءة ابن محيصن.
4- ثم أضطره، بضم الطاء، خبرا، وهى قراءة يزيد بن أبى حبيب.
5- ثم نضطره، وهى قراءة أبى بن كعب.
6- ثم أضطره، على صيغة الأمر، وهى قراءة ابن عباس، ومجاهد.
7- ثم اطره، بإدغام الضاد فى الطاء، وهى قراءة ابن محيصن.
128- (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) وأرنا:
قرىء:
1- وأرهم، وهى قراءة ابن مسعود، من إعادة الضمير على «الذرية» .
2- وأرنا، بإسكان الراء، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو.
3- وأرنا، بالاختلاس، وهى قراءة أبى عمرو.
4- وأرنا، بالإشباع، وهى قراءة أبى عمرو أيضا.
132- (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ووصى:
قرىء:
1- وأوصى، وهى قراءة نافع، وابن عامر.(5/81)
2- ووصى، وهى قراءة الباقين.
ويعقوب:
قرىء:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور، ويعقوب، وهذا إما بالعطف على «إبراهيم» ، ويكون داخلا فى حكم توصية بنيه، وإما على الابتداء وخبره محذوف، والأول أظهر.
2- بالنصب، وهى قراءة إسماعيل بن عبد الله المكي، والضرير، وعمرو بن قائد الأسوارى، ويكون عطفا على «بنيه» .
133- (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وإله آبائك إبراهيم:
هذه قراءة الجمهور.
وقرىء:
1- وإله إبراهيم، بإسقاط «آبائك» ، وهى قراءة أبى 2- وإله أبيك، وهى قراءة ابن عباس، والحسن، وابن يعمر، والجحدري، وأبى رجاء.
135- (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ملة:
قرىء:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور، على المفعولية، أو على أنه خبر «كان» ، أو بالنصب على الإغراء، أو على إسقاط الخافض.
2- بالرفع، وهى قراءة ابن هرمز الأعرج، وابن أبى عبلة على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ محذوف الخبر.(5/82)
7- (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) بمثل ما آمنتم به:
وهى قراءة الجمهور.
وقرىء:
1- بما آمنتم به، وهى قراءة عبد الله بن مسعود، وابن عباس.
2- بالذي آمنتم به، وهى قراءة أبى.
138- (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ) صبغة الله:
قرىء:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
2- بالرفع، وهى قراءة من قرأ برفع «ملة» ، وهى قراءة الأعرج، وابن أبى عبلة.
140- (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) أم تقولون:
قرىء:
1- بالتاء، وهى قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص.
2- بالياء، وهى قراءة الباقين.
143- (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) عقبيه:
وقرىء:
عقبيه، بسكون القاف، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.(5/83137)
لكبيرة:
قرىء:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور، على أن تكون خبر «كانت» .
2- بالرفع، وهى قراءة اليزيدي.
لرؤوف:
قرىء:
1- لرؤوف، مهموزا، على وزن مفعول، وهى قراءة الحرميين، وابن عامر، وحفص.
2- لرؤف مهموزا، على وزن «ندس» ، وهى قراءة باقى السبعة.
3- لروف، بغير همز، وهى قراءة أبى جعفر بن القعقاع.
144- (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) شطره:
وقرىء:
1- قبله، وهى حرف عبد الله.
2- تلقاه، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
يعملون:
قرىء:
1- بالتاء على الخطاب، وهى قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي.
2- بالياء، وهى قراءة فرقة، ويكون المراد: أهل الكتاب.
148-َ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
ولكل وجهة هو موليها:
قرىء:
1- ولكل، منونا، و «وجهة» مرفوعا، و «موليها» ، بكسر اللام، اسم فاعل، وهى قراءة الجمهور.(5/84)
2- مولاها، بفتح اللام، اسم مفعول، وهى قراءة ابن عامر.
3- ولكل، بخفض اللام من غير تنوين، «وجهة» ، بالخفض منونا على الإضافة، وهى قراءة شاذة.
4- ولكل جعلنا قبلة، وهى قراءة عبد الله.
150- (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ومن حيث:
قرىء:
بالفتح تخفيفا، وهى قراءة عبد الله بن عمير.
لئلا:
قرىء:
1- بالتحقيق، وهى قراءة الجمهور.
2- بالتخفيف، وهى قراءة نافع، ورسمت الهمزة باءا.
إلا:
قرىء:
1- إلا، أداة استثناء، وهى قراءة الجمهور.
2- ألا، بفتح الهمزة وتخفيف اللام، على أنها للتنبيه والاستفتاح، وهى قراءة ابن عامر، وزيد بن على، وابن زيد.
وعلى هذه القراءة يكون «الذين ظلموا» مبتدأ، والجملة «فلا تخشوهم واخشوني» فى موضع الخبر.
158- (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) أن يطوف:
قرىء:
1- أن يطوف، بتشديد الطاء، وهى قراءة الجمهور.(5/852)
2- أن لا يطوف، وهى قراءة أنس، وابن عباس، وابن سيرين، وكذلك هى فى مصحف أبى، وعبد الله، وخرج ذلك على زيادة «لا» .
3- أن يطوف، من طاف يطوف، وهى قراءة أبى حمزة.
4- أن يطاف، بتشديد الطاء، وأصله: يطوف، فقلبت التاء طاء ثم أدغمنا، وهى قراءة ابن عباس، وأبى السمال.
تطوع:
قرىء:
1- تطوع، فعلا ماضيا، وهى قراءة ابن كثير، ونافع، وأبى عمرو، وعاصم، وابن عامر، وتكون «من» بمعنى «الذي» ، أو تكون شرطية.
2- يطوع، مضارعا مجزوما، بمن الشرطية، وأصله «يتطوع» ، وهى قراءة حمزة، والكسائي.
3- يتطوع، وهى قراءة ابن مسعود.
خيرا قرىء:
1- خيرا، منصوبا على المفعول بعد إسقاط حرف الجر، أو نعتا لمصدر محذوف، وهى قراءة الجمهور.
2- بخير، وهى قراءة ابن مسعود، حيث قرأ «يتطوع بخير» .
159- (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) بيناه:
هذه هى قراءة الجمهور.
وقرىء:
بينه، بضمير المفرد الغائب، على الالتفات من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب، وهى قراءة طلحة بن مصرف.(5/86)
161- (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) والملائكة:
قرىء:
1- والملائكة والناس أجمعين، بالجر، عطفا على اسم الله.
2- والملائكة والناس أجمعون، بالرفع، وهى قراءة الحسن، وقدر على العطف على موضع اسم الله.
164- (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الرياح:
قرىء:
بالإفراد والجمع.
165- (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) يحبونهم:
قرىء:
1- بضم الياء.
2- بفتحها، وهى لغة، والمضارع بكسر العين شذوذا لأنه مضاعف متعد، وقياسه أن يكون مضموم العين.
إذ يرون العذاب أن:
قرىء:
1- إذ ترون العذاب أن، بالتاء المفتوحة وفتح همزة «أن» ، وهى قراءة نافع، وابن عامر.
2- إذ يرون العذاب أن، بالياء المضمومة، وفتح همزة «أن» ، وهى قراءة ابن عامر.(5/87)
3- إذ يرون العذاب أن، بالياء المفتوحة وفتح همزة «أن» ، وهى قراءة الباقين.
4- ولو ترى ... إن وإن، بالتاء، وكسر الهمزة فيهما، وهى قراءة الحسن، وقتادة، وشيبة، وأبى جعفر، ويعقوب.
5- ولو يرى.. أن.. وأن، بالياء المفتوحة وفتح الهمزة فيهما، وهى قراءة الكوفيين، وأبى عمرو، وابن كثير.
6- ولو يرى.. أن ... وإن، بالياء وكسر الهمزة فيهما، وهى قراءة فرقة.
166- (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) اتبعوا من الذين اتبعوا:
قرىء:
1- اتبعوا، الأول، مبينا للمفعول، والثاني مبينا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
2- اتبعوا، الأول، مبينا للفاعل، والثاني مبينا للمفعول، وهى قراءة مجاهد.
168- (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ خطوات:
قرىء:
1- بضم الخاء والطاء، وبالواو، وهى قراءة ابن عامر، والكسائي، وقنبل، وحفص، وعباس عن أبى عمرو، والبرجمي عن أبى بكر.
2- بضم الخاء والطاء، وبالواو، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بضم الخاء وفتح الطاء وبالواو، وهى قراءة أبى السمال.
4- بضم الخاء والطاء والهمزة، على أن الهمزة أصل، وهى قراءة على، وقتادة، والأعمش، وسلام.
173- (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) حرم:
قرىء:
1- مشددا مبينا للفاعل، مسندا إلى ضمير اسم الله تعالى، وهى قراءة الجمهور.
2- مشددا مبنيا للمفعول، وهى قراءة أبى جعفر.(5/88)
3- بفتح الحاء وضم الراء مخففة، على جعله لازما، وهى قراءة أبى عبد الرحمن السلمى.
الميتة:
قرىء:
1- بالنصب، على القراءة الأولى فى «حرم» ، على أن تكون: «ما» فى «إنما» مهيئة، هيأت «إن» لولايتها الجملة الفعلية.
2- بالرفع:
(ا) على القراءة الأولى فى «حرم» ، على أن تكون «ما» فى «إنما» موصولة، اسم «أن» ، والعائد عليها محذوف، أي: إن الذي حرمه الله الميتة.
(ب) أو على القراءة الثانية فى «حرم» ، على أن تكون «ما» إما:
1- موصولة، اسم «أن» والعائد الضمير المستكن فى «حرم» ، و «الميتة» خبر «إن» .
2- مهيئة، وهى، أي «الميتة» ، مرفوعة ب «حرم» .
(ح) أو على القراءة الثانية فى «حرم» ، و «ما» ، إما للهيئة أو الوصل.
3- بتشديد الياء، وهى قراءة أبى جعفر.
اضطر:
قرىء:
1- بضم الطاء، وهى قراءة الجمهور.
2- بكسر الطاء، وهى قراءة أبى جعفر، وأبى السمال.
3- اطر، بإدغام الضاد فى الطاء، وهى قراءة ابن محيصن.
177- (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البر:
قرىء:
1- بالنصب، وهى قراءة حمزة.(5/89)
2- بالرفع، وهى قراءة باقى السبعة.
بعهدهم:
قرىء:
بعهودهم، على الجمع، وهى قراءة الجحدري.
والصابرين:
وقرىء:
والصابرون، عطفا على «الموفون» .
179- (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) القصاص:
وقرىء:
القصص، وهى قراءة أبى الجوزاء: أوس بن عبد الله الربعي، أي: فيما قص عليكم من حكم القتل والقصاص.
وقيل: القصص القرآن، وقيل: هو مصدر كالقصاص.
182- (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) خاف:
وقرىء:
بالإمالة، وهى قراءة حمزة.
موص:
قرىء:
1- موص، من «وصى» .
2- موص، من «أوصى» .
جنفا:
قرىء:
1- بالجيم والنون، وهو الخطأ، وهى قراءة الجمهور.
2- بالحاء والياء، وهو البخس، وهى قراءة على.(5/90)
184- (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أياما معدودات:
وقرىء:
أيام معدودات، بالرفع، على أنها خبر مبتدأ محذوف، وهى قراءة أبى عبد الله الحسين بن خالويه.
عدة:
قرىء:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور، على أنه مبتدأ محذوف الخبر.
2- بالنصب، على إضمار فعل، أي: فليصم عدة، وتكون «عدة» بمعنى معدود.
يطيقونه:
قرىء:
1- يطيقونه، مضارع «أطاق» ، وهى قراءة الجمهور.
2- يطوقونه، من «أطوق» ، كقولهم: أطول، فى: أطال. وهى قراءة حميد، وصحة حرف العلة فى هذا النحو شاذة.
3- يطوّقونه، مبينا للمفعول، من: «طوق» ، وهى قراءة عبد الله بن عباس.
4- يطوقونه، من: «أطوق» ، وأصله: تطوق، على وزن تفعل، ثم أدغموا التاء فى الطاء، فاجتلبوا فى الماضي والأمر همزة وصل، وهى قراءة عائشة، ومجاهد، وطاووس، وعمرو بن دينار.
5- يطيقونه، بفتح ياء المضارعة، ورويت عن مجاهد، وابن عباس.
6- يطيقونه، بضم الياء والبناء للمفعول.
وقيل إن تشديد الياء فى هذه اللفظة ضعيف.
فدية طعام مسكين:
قرىء:
1- بتنوين «فدية» ، ورفع «طعام» ، على البدل، وإفراد «مسكين» ، وهى قراءة الجمهور 2- بتنوين «فدية» ، ورفع «طعام» ، وجمع «مسكين» ، وهى قراءة هشام.
3- بإضافة «فدية» ، وجمع «مسكين» ، وهى قراءة نافع، وابن ذكوان.(5/91)
تطوع:
(انظر الآية: 158) من هذه السورة (ص: 327) .
وأن تصوموا:
وقرىء:
والصوم، وقيل: والصيام، وهى قراءة أبى.
185- (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) شهر:
قرىء:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
2- بالنصب، على تقدير فعل، تقديره: صوموا شهر رمضان، وهى قراءة مجاهد، وشهر بن حوشب، وهارون الأعور عن أبى عمرو، وأبى عمارة عن حفص عن عاضم.
ولتكملوا:
قرىء:
1- مشدد الميم مفتوح الكاف، وهى قراءة أبى بكر، وأبى عمرو، بخلاف عنهما 2- بالتخفيف وإسكان الكاف، وهى قراءة الباقين.
186- (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) يرشدون:
قرىء:
1- بفتح الياء وضم الشين، وهى قراءة الجمهور.
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة قوم.(5/92)
3- بفتح الياء وكسر الشين، وهى قراءة أبى حيوة، وإبراهيم بن أبى عبلة.
4- بفتحهما.
187- (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
أحل:
قرىء:
1- مبنيا للمفعول، وحذف الفاعل للعلم به، وهى قراءة الجمهور 2- مبنيا للفاعل، ونصب «الرفث» به.
الرفث:
وهذه قراءة الجمهور.
وقرىء:
الرفوث، وهى قراءة عبد الله.
وهما مصدران.
عاكفون:
وقرىء:
عاكفون، بغير ألف، وهى قراءة قتادة.
189- (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) عن الأهلة:
قرىء:(5/93)
1- بكسر النون وإسكان لام «الأهلة» بعدها همزة، وهى قراءة الجمهور.
2- نقل حركة الهمزة، وحذف الهمزة، وهى قراءة ورش.
3- إدغام نون «عن» فى لام «الأهلة» بعد النقل والحذف، وهى قراءة شاذة.
الحج:
قرىء:
1- بفتح الحاء، على المصدرية، وهى قراءة الجمهور.
2- بكسرها، على الاسمية، وهى قراءة الحسن، وابن أبى إسحاق.
ولكن:
قرىء:
1- بتخفيفها ورفع «البر» ، وهى قراءة نافع، وابن عامر.
2- بتشديدها ونصب «البر» ، وهى قراءة الباقين.
191- (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) ولا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم:
وقرىء:
ولا تقتلوهم ... حتى يقتلوكم، وهى قراءة حمزة، والكسائي، والأعمش.
194- (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) والحرمات:
وقرىء:
بإسكان «الراء» على الأصل، وهى قراءة الحسن.(5/94)
196- (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) والعمرة:
وقرىء:
بالرفع على الابتداء والخبر، فتخرج «العمرة» عن الأمر ويتفرد به «الحج» ، وهى قراءة على، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، والشعبي، وأبى حيوة.
الهدى:
وقرىء:
الهدى، بكسر الدال وتشديد الياء، وهى قراءة مجاهد، والزهري، وابن هرمز، وأبى حيوة.
نسك:
وقرىء:
بإسكان السين، وهى قراءة الحسن، والزهري.
فصيام:
وقرىء:
بالنصب، أي: فليصم صيام ثلاثة أيام.
وسبعة:
وقرىء:
بالنصب، عطفا على محل «ثلاثة أيام» ، وهى قراءة زيد بن على، وابن أبى عبيدة.(5/95)
197- (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) فلا رفث ولا فسوق ولا جدال:
قرىء:
1- بالرفع والتنوين فى الثلاثة، على أن «لا» غير عاملة وما بعدها مرفوع بالابتداء والخبر عن الجميع «فى الحج» .
2- بالنصب والتنوين فى الثلاثة على المصادر، والعامل فيها أفعال من لفظها، وهى قراءة أبى رجاء العطاردي.
3- بفتح الثلاثة من غير تنوين على البناء، وهى قراءة الكوفيين ونافع.
4- برفع «فلا رفث ولا فسوق» والتنوين على المذهبين السابقين، وفتح «ولا جدال» من غير تنوين.
(وانظر: الرفث، الآية: 187 من هذه السورة) .
203- (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .
فلا إثم:
قرىء:
بوصل الألف، وهى قراءة سالم بن عبد الله، ووجهه: أنه سهل الهمزة بين بين، فقربت من السكون، فحذفها تشبيها بالألف، ثم حذف الألف لسكونها وسكون الثاء.
204- (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) ويشهد:
وقرىء:
1- بضم الياء وكسر الهاء، من «أشهد» ونصب لفظ الجلالة، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتح الياء والهاء، من «شهد» ورفع لفظ الجلالة، وهى قراءة أبى حيوة، وابن محيصن.(5/96)
3- ويستشهد، وهى قراءة أبى، وابن مسعود.
205- (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ويهلك:
قرىء:
1- يهلك، من أهلك، ونصب الكاف، عطفا على، «ليفسد» ، وهى قراءة الجمهور.
2- ليهلك، بإظهار لام العلة، وهى قراءة أبى.
3- يهلك، من أهلك، برفع الكاف، وهى قراءة قوم، عطفا على «يعجبك» ، أو على «سعى» ، لأنه فى معنى «يسعى» .
4- يهلك، من هلك، برفع الكاف، و «الحرث والنسل» على الفاعلية، وهى قراءة الحسن، وابن أبى إسحاق، وأبى حيوة، وابن محيصن.
5- يهلك، من هلك، وبفتح اللام ورفع الكاف، ورفع «الحرث» ، وهى لغة شاذة.
208- (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) مرضاة:
قرىء:
1- بالإمالة، وهى قراءة الكسائي.
2- بالوقوف عليها بالتاء، وهى قراءة حمزة.
3- بالوقوف عليها بالهاء، وهى قراءة الباقين.
209- (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) زللتم وقرىء:
بكسر اللام، وهما لغتان.(5/97)
210- (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) فى ظلل:
وقرىء:
فى ظلال، وهى قراءة أبى، وعبد الله، وقتادة، والضحاك.
والملائكة:
قرىء:
1- بالجر، عطفا على «فى ظلل» على تقدير: وفى الملائكة، أو عطفا على «الغمام» على تقدير:
ومن الملائكة.
2- بالرفع، عطفا على «الله» ، وهى قراءة الجمهور.
وقضى الأمر:
وقرىء:
1- وقضاء الأمر، بالمد والرفع، عطفا على «الملائكة» فى قراءتها الثانية، وهى قراءة معاذ بن جبل.
2- وقضاء الأمر، بالمد والخفض، عطفا على «الملائكة» ، فى قراءتها الأولى.
3- وقضى الأمور، بالجمع وبناء الفعل للمفعول، وحذف الفاعل للعلم به، وهى قراءة يحيى بن يعمر ترجع:
قرىء:
1- بفتح التاء وكسر الجيم، وهى قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي.
2- بالياء وفتح الجيم، مبينا للمفعول، وهى قراءة باقى السبعة.
211- (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) سل:
قرىء:
1- اسأل، وهى قراءة أبى عمرو.
2- أسل، بنقل حركة الهمزة إلى السين وحذف الهمزة، التي هى عين، ولم تحذف همزة الوصل، لأنه لم يعتد بحركة السين لعروضها، وهى قراءة قوم.(5/98)
3- سل، وهى قراءة الجمهور.
يبدل:
وقرىء:
بالتخفيف.
212- (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) زين:
قرىء:
1- زين، على بناء الفعل للمفعول، ولا يحتاج إلى إثبات علامة التأنيث، للمفصل ولكون المؤنث غير حقيقى التأنيث، وهى قراءة الجمهور.
2- زينت، بالتاء، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
3- زين، على البناء للفاعل، الذي هو ضمير يعود على الله تعالى، إذ قبله «فإن الله شديد العقاب» ، وهى قراءة مجاهد، وحميد بن قيس، وأبى حيوة.
214- (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) وزلزلوا حتى يقول:
قرىء:
1- وزلزلوا حتى، وهى قراءة الجمهور، والفعل بعدها منصوب إما على الغاية، وإما على التعليل.
2- وزلزلوا حتى، برفع «يقول» ، وهى قراءة نافع، والمضارع بعد «حتى» إذا كان للحال فلا يخلو أن يكون حالا فى حين الأخبار، أو حالا قد مضت، فتحكى على ما وقعت، فيرفع الفعل على أحد هذين الوجهين.
3- وزلزلوا ويقول، بالواو، وهى قراءة الأعمش.
216- (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) كتب:
قرىء:(5/99)
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
2- مبنيا للفاعل، وبنصب «القتال» ، والفاعل ضمير فى «كتب» يعود على اسم الله تعالى.
كره:
وقرىء:
بفتح الكاف، وهى قراءة السلمى، كالضعف والضعف.
217- (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) .
قتال:
قرىء:
1- بالكسر، وهى قراءة الجمهور، على أنه بدل اشتمال من «الشهر» .
2- بالرفع، وهى قراءة شاذة.
3- عن قتال، بإظهار «عن» ، وهى قراءة ابن عباس، والربيع، والأعمش، وهكذا هو فى مصحف عبد الله.
4- قتل فيه قل قتل فيه، بغير ألف فيهما، وهى قراءة عكرمة.
والمسجد الحرام:
قرىء:
1- بالخفض، وهى قراءة الجمهور.
2- بالرفع، وهى قراءة شاذة، بالعطف على «وكفر به» ، ويكون على حذف مضاف، أي: وكفر بالمسجد الحرام، ثم حذف «الباء» وأضاف «الكفر» إلى «المسجد» ، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه حبطت:
وقرىء:
بفتح الباء، وهما لغتان، وهى قراءة أبى السمال.(5/100)
219- (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) كبير:
قرىء:
1- كثير، بالثاء، وهى قراءة حمزة.
2- كبير، بالباء، وهى قراءة الباقين.
أكبر:
وقرىء:
أكثر، بالثاء، وهى قراءة عبد الله.
العفو:
قرىء:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور، وهو منصوب بفعل مضمر، تقديره: قل ينفقون العفو.
2- وبالرفع، وهى قراءة أبى عمرو، على تقدير مبتدأ محذوف.
220- (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) إصلاح لهم:
وقرى:
إصلاح إليهم وهى قراءة طاووس.
لأعنتكم:
قرىء:
1- بتخفيف الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
2- بتليين الهمزة، وهى قراءة البزي 3- بطرح الهمزة وإلقاء حركتها على اللام.(5/101)
221- (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) المغفرة:
قرىء:
1- بالخفض، وهى قراءة الجمهور، عطفا على «الجنة» .
2- بالرفع، وهى قراءة الحسن، على الابتداء والخبر.
222- (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) يطهرن:
قرىء:
1- يطهرن، بتشديد الطاء والفتح، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وعاصم، وكذا هو فى مصحف أبى، وعبد الله، وأصله: يتطهرن.
2- يطهرن، بالتخفيف، مضارع «طهر» ، وهى قراءة الباقين.
226- (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يؤلون:
وقرىء:
1- آلوا، بلفظ الماضي، وهى قراءة عبد الله.
2- يقسمون، وهى قراءة أبى، وابن عباس.
فإن فاءوا:
قرىء:
1- فإن فاءوا فيها، وهى قراءة أبى.
2- فإن فاءوا فيهن، وهى قراءة أبى أيضا، وعبد الله.(5/102)
228- (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) قروء:
قرىء:
1- قروء، على فعول، وهى قراءة الجمهور.
2- قرو، بالتشديد من غير همز، وهى قراءة الزهري.
3- قرو، بفتح الكاف وسكون الراء وواو خفيفة، وهى قراءة الحسن.
أرحامهن:
وقرىء:
بضم الهاء، وهى قراءة بشر بن عبيد، وهو الأصل، وإنما كسرت لكسرة ما قبلها.
وبعولتهن:
وقرىء:
بسكون التاء، فرارا من ثقل توالى الحركات، وهى قراءة مسلمة بن محارب.
بردهن:
وقرىء:
1- بضم الهاء، وهى قراءة مبشر بن عبيد، وهى الأصل، وإنما كسرت لكسرة ما قبلها.
2- بردتهن، بالتاء بعد الدال، وهى قراءة أبى.
229- (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) إلا أن يخافا ألا يقيما:
وقرىء:
1- إلا أن يخافوا ألا يقيموا، بالياء، أي: إلا أن يخاف الأزواج والزوجات، وهى قراءة عبد الله، وهو من باب الالتفات.(5/103)
2- إلا أن تخافوا، بالتاء وقد رويت عن عبد الله أيضا.
3- إلا أن يخافوا، بضم الياء مبنيا للمفعول، وهى قراءة حمزة، ويعقوب، ويزيد بن القعقاع.
230- (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يبينها:
وقرىء:
نبينها، بالنون، على طريق الالتفات، وتروى عن عاصم.
231- (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) هزوا:
وقرىء:
1- هزءا، بإسكان الزاي، وهى قراءة حمزة، وإذا وقف سهل الهمزة على مذهبه فى تسهيل الهمز.
2- هزوا، بضم الزاى وإبدال واو من الهمزة، وذلك لأجل الضم، وهى قراءة عيسى بن عمر.
3- هزؤا، بضمتين والهمز، وهى قراءة الجمهور.
(وانظر: الآية: 67) .
233- (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) يتم:
قرىء:(5/104)
1- بالياء، من «أتم» ، ونصب «الرضاعة» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بالتاء، من «تم» ، ورفع «الرضاعة» ، وهى قراءة مجاهد، والحسن، وحميد، وابن محيصن، وأبى رجاء، وكذلك قراءة أبى حنيفة، وابن أبى عبلة، والجارود بن أبى سبرة.
3- بالياء، ورفع الميم، ونسبت إلى مجاهد، وقد جاز رفع الفعل بعد «أن» فى كلام العرب فى الشعر.
الرضاعة:
وقرىء:
1- بكسر الراء، وهى لغة، وهى قراءة أبى حنيفة، وابن أبى عبلة، والجارود بن أبى سبرة.
2- الرضعة، على وزن القصعة، ورويت عن مجاهد.
وكسوتهن:
وقرىء:
بضم الكاف، وهما لغتان.
تكلف:
قرىء:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور، والفاعل هو الله تعالى، وحذف للعلم به.
2- بفتح التاء، أي لا تتكلف، وهى قراءة أبى رجاء، والأصل: تتكلف بتاءين، حذفت إحداهما، وترتفع «نفس» على الفاعلية.
3- لا نكلف نفسا، بالنون، والفعل مسند إلى ضمير الله تعالى، و «نفسا» منصوب على المفعولية، وهى قراءة أبى الأشهب عن أبى رجاء.
لا تضار:
قرىء:
1- برفع الراء المشددة، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، ويعقوب، وأبان.
2- بفتح الراء، على النهى، فسكنت الراء الأخيرة للجزم وسكنت الراء الأولى للإدغام، فالتقى ساكنان، فحرك الأخير منهما بالفتح، لموافقة الألف التي قبل الراء، لتجانس الألف والفتحة، وهى قراءة باقى السبعة.
3- لا تضار، بكسر الراء المشددة، على النهى.(5/105)
4- بالسكون مع التشديد، وهى قراءة أبى جعفر الصفار.
5- بإسكان الراء وتخفيفها، وهى قراءة الأعرج، من: ضار يضير.
6- بفك الإدغام وكسر الراء الأولى وسكون الثانية، وهى قراءة ابن عباس.
7- بفك الإدغام وفتح الراء الأولى وسكون الثانية، وهى قراءة ابن مسعود.
234- (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ. أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) يتوفون:
وقرىء:
1- بضم الياء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتح الياء مبنيا للفاعل، وهى قراءة على، والمفضل عن عاصم أي: يستوفون آجالهم.
236- (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) تمسوهن:
قرىء:
1- تماسوهن، مضارع «ماس» ، وهى قراءة حمزة، والكسائي.
2- تمسوهن، مضارع «مس» ، وهى قراءة باقى السبعة.
الموسع:
قرىء:
1- الموسع، اسم فاعل من «أوسع» ، وهى قراءة الجمهور.
2- الموسع، بفتح الواو والسين وتشديدها، اسم مفعول من «وسع» ، وهى قراءة أبى حيوة.
قدره:
قرىء:
1- بسكون الدال، وهى قراءة ابن كثير، ونافع، وأبى بكر، وأبى عمرو.(5/106)
2- بفتح الدال، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وابن عامر، وحفص، ويزيد، وروح.
3- بفتح الدال، والراء، انتصب على المعنى، أو على إضمار فعل.
237- (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فنصف:
قرىء:
1- بكسر النون وضم الفاء، وهى قراءة الجمهور، على تقدير: فعليكم نصف ما فرضتم، أو فلهن نصف ما فرضتم.
2- بكسر النون وفتح الفاء، على تقدير: فادفعوا نصف ما فرضتم.
3- بضم النون والفاء، وهى قراءة السلمى، وعلى، والأصمعى عن أبى عمرو.
إلا أن يعفون:
وقرىء:
1- إلا أن يعفونه، وهى قراءة الحسن، والهاء ضمير «النصف» ، والأصل: يعفون عنه أي: عن النصف. وقيل: الهاء، للاستراحة، كما تأول ذلك بعضهم فى قول الشاعر:
هم الفاعلون الخير والآمرونه ... على مدد الأيام ما فعل البر
2- إلا أن تعفون، بالتاء المثناة الفوقية، على الالتفات، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.
أو يعفو:
وقرىء:
بتسكين الواو، وهى قراءة الحسن، فتسقط فى الوصل لالتقائها ساكنة مع الساكن بعدها، وهى تثبت مع الوقف.
وأن تعفو:
وقرىء:
بالياء المثناة التحتية، وهى قراءة الشعبي، جعله غائبا وجمع، على معنى «الذي بيده عقدة النكاح» ، لأنه للجنس، لا يراد به واحد.(5/107)
ولا تنسوا الفضل:
وقرىء:
1- ولا تناسوا الفضل، وهى قراءة على، ومجاهد، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة.
2- ولا تنسوا الفضل، بكسر الواو، على أصل التقاء الساكنين، وهى قراءة يحيى بن يعمر.
238- (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) والصلاة الوسطى:
وقرىء:
1- والصلاة الوسطى صلاة العصر، وهى قراءة أبى، وابن عباس، وعبيد بن عمير.
2- وعلى الصلاة الوسطى، بإعادة الجار، على سبيل التوكيد، وهى قراءة عبد الله.
3- بنصب «الصلاة» ، وهى قراءة عائشة. قال الزمخشري: النصب، على المدح والاختصاص.
4- الوسطى، بالصاد، وهى قراءة قالون، أبدلت السين صادا، لمجاورة الطاء.
239- (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) فرجالا أو ركبانا:
وقرىء:
1- فرجالا، بضم الراء وتشديد الجيم، وهى قراءة عكرمة، وأبى مجاز.
2- فرجالا، بضم الراء وتخفيف الجيم، ورويت عن عكرمة.
3- فرجالا، بضم الراء وفتح الجيم مشددة بغير ألف.
4- فرجلا، بفتح الراء وسكون الجيم.
5- فرجالا فركبانا، وهى قراءة بديل بن ميسرة.
240- (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وصية:
قرىء:
1- بالرفع، على الابتداء، أو بفعل محذوف، وهى قراءة الحرميين، والكسائي، وأبى بكر.(5/108)
2- بالنصب، وارتفاع «والذين» ، على الابتداء:
243- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) ألم تر:
وقرىء:
بسكون الراء، على توهم أن الراء آخر الكلمة، وهى قراءة السلمى.
245- (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون) فيضاعفه:
قرىء:
1- فيضعفه، بالتشديد، وهى قراءة ابن كثير، وابن عامر.
2- فيضاعفه، بالنصب، وهى قراءة ابن عامر، وعاصم.
3- فيضاعفه، بالرفع عطفا على صلة «الذي» ، وهى قراءة الباقين.
ويبسط:
قرىء:
1- بالسين، وهى قراءة حمزة، بخلاف عن خلاد، وحفص، وهشام، وقتبل، والنقاش عن الأخفش.
2- بالصاد، وهى قراءة الباقين.
246- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) نقاتل:
قرى:
1- بالنون والجزم، وهى قراءة الجمهور.
2- بالياء والرفع، على الصفة للملك، وهى قراءة الضحاك، وابن أبى عبلة.(5/109)
3- بالنون والرفع، على الحال من المجرور.
4- بالياء والجزم، على جواب الأمر.
أخرجنا:
وقرىء:
أخرجنا، أي العدو، وهى قراءة عبيد بن عمير.
تولوا إلا قليلا منهم:
وقرىء:
تولوا إلا أن يكون قليل منهم، على الاستثناء المنقطع، وهى قراءة أبى.
348- (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) التابوت:
هى قراءة الجمهور وقرأ أبو زيد: التابوه، بالهاء، وهى لغة الأنصار.
249- (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) غرفة:
وقرىء:
بفتح الغين، وهى قراءة الحرميين.
إلا قليلا:
وقرىء:
إلا قليل، بالرفع، ميلا مع المعنى، إذ معنى «فشربوا منه» أي: لم يطيعوه، وهى قراءة عبد الله، وأبى، والأعمش.(5/110)
فئة:
وقرىء:
فية، بإبدال الهمزة ياء، وهى قراءة الأعمش 251- (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) دفع:
وقرىء:
دفاع، مصدر: دفع، أو دافع، وهى قراءة نافع، ويعقوب، وسهل.
253- (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) كلم الله:
قرىء:
1- بالتشديد، ورفع اسم الجلالة، والعائد على «من» محذوف، تقديره: من كلمه، وهى قراءة الجمهور.
2- بالتشديد، ونصب اسم الجلالة، والفاعل مستتر فى «كلم» يعود على «من» .
3- كالم الله، بالألف، ونصب اسم الجلالة، وهى قراءة أبى المتوكل، وأبى نهشل، وابن السميفع.
254- (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة:
قرىء:
1- بفتح الثلاثة من غير تنوين، وهى قراءة ابن كثير، ويعقوب، وأبى عمرو.
2- بالرفع والتنوين، وهى قراءة الباقين.(5/111)
255- (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) القيوم:
قرىء:
1- القيوم، على وزن «فيعول» ، وهى قراءة الجمهور.
2- القيام، وهى قراءة ابن مسعود، وابن عمر، وعلقمة، والنخعي، والأعمش.
3- القيم، وقرأ بها علقمة أيضا.
وسع:
قرىء شاذا:
1- بسكون السين.
2- بسكونها وضم العين، مبتدأ، وخبره: (السموات والأرض) .
يؤوده:
وقرىء شاذا: بحذف الهمزة.
256- (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) قد تبين:
قرىء:
1- بإدغام دال «قد» فى تاء «تبين» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بالإظهار، وهى قراءة شاذة.
الرشد:
قرىء:
1- الرشد، على وزن «القفل» ، والرشد، على وزن «العنق» وهما قراءة الجمهور.(5/112)
2- الرشد، على وزن «الجبل» ، وهى قراءة أبى عبد الرحمن، والشعبي، والحسن، ومجاهد.
3- الرشاد، بالألف، وقد حكيت عن ابن عطية عن أبى عبد الرحمن.
258- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ، إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أنا أحيي:
قرىء:
1- بإثبات ألف «أنا» ، مادام بعدها همزة مفتوحة أو مضمومة: وهى قراءة نافع، وهى لغة بنى تميم، لأنه من إجراء الوصل مجرى الوقف، وهو ضعيف لا يحسن الأخذ به فى القرآن، وأبو نشيط لا يثبتها إلا مع الهمزة المكسورة.
2- بحذف الألف، وهى قراءة الباقين، وقد أجمعوا على إثباتها فى الوقف.
فبهت:
قرىء:
1- مبنيا لما لم يسم فاعله، والفاعل المحذوف «إبراهيم» ، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتح الباء والهاء، أي: فبهت ابراهيم الذي كفر، وهى قراءة ابن السميفع.
3- بفتح الباء وضم الهاء، وهى قراءة أبى حيوة.
4- بفتح الباء وكسر الهاء، وهى محكية عن الأخفش.
259- (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أو:
قرئت:(5/113)