} - -
تفسير قوله تعالى :
{ - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( ( المحتويات ( - ( الله أكبر - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام - - - - ( - - - - (((- رضي الله عنهم -(( - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - ( - - ( - - - ((( - ( - - - - جل جلاله - - - ( المحتويات ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( مقدمة - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - بسم الله الرحمن الرحيم فهرس - ((- عليه السلام - - ( - ( - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( مقدمة (( - - - - - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - (( - - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - } - - (( - - - - ( ( - - - - - رضي الله عنه -( ( - (( - - صلى الله عليه وسلم - - (((( - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم (- جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - صدق الله العظيم } - قرآن كريم ( - ( - ( { - - - رضي الله عنهم - - ( - - ( - - - ( المحتويات ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( مقدمة صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - - - - رضي الله عنه - - - - المحتويات ( - - ( تم بحمد الله - - جل جلاله - - ( - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله (( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - - ( ( - ( الله ( }(1/1)
تم بحمد الله - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنهم -( } - - - - ( المحتويات ( - (- رضي الله عنه - - - (( مقدمة ( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ( - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - - جل جلاله -( } تم بحمد الله - المحتويات - ( - - رضي الله عنهم - - - (( - (- رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنه - - (( - - ( - - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( - - عليه السلام - - ( } ( - - ( الله - - رضي الله عنهم -( - ( - رضي الله عنه -((( - ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنهم - - ( - } - - - - جل جلاله - تم بحمد الله - - عليه السلام - - (( - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام - - ( - - - رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( فهرس ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - (- رضي الله عنه -( ( - - - - - - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنهم - - فهرس - - رضي الله عنهم - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( { - رضي الله عنه - - - - عليه السلام - - - ( ( - - - ( مقدمة ( - ( تم بحمد الله ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - رضي الله عنه -( - صلى الله عليه وسلم -( - تم بحمد الله الله - - { ( - الله أكبر - - (((( } (المائدة 94-95)
سبب النزول :(1/2)
قيل : إنها نزلت عام الحديبية أحرم بعض الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحرم بعضهم فكان إذا عرض صيد اختلف فيه أحوالهم وأفعالهم واشتبهت أحكامه عليهم فأنزل الله هذه الآية بيانا لأحكام أحوالهم وأفعالهم ومحظورات حجهم وعمرتهم . (1)
وروي أن أبا اليسر واسمه عمرو بن مالك الأنصاري كان محرما عام الحديبية بعمرة فقتل حمار وحش فنزلت فيه (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) . (2)
التحليل اللفظي :
(ليبلونكم) : أي ليختبركم والابتلاء الاختبار . (3)
(تناله أيديكم) : يعني إما باليد كالبيض والفراخ وإما بإصابة النبل والرماح وذلك كالحمر والبقر والظباء . (4)
(لا تقتلوا) : القتل هو كل فعل يفيت الروح وهو أنواع ، منها : النحر والذبح والخنق والرضخ وشبهه . (5)
(وأنتم حرم) : جمع حرام والذكر والأنثى فيه بلفظ واحد ، والإحرام هو الدخول فيه يقال أحرم القوم إذا دخلوا في الشهر الحرام أو في الحرم . (6)
وفيه ثلاثة أوجه كلها محتمل :
أحدها) محرمون بحج أو عمرة .
والثاني) دخول الحرم يقال أحرم الرجل إذا دخل الحرم كما يقال أنجد إذا أتى نجدا وأعرق إذا أتى العراق وأتهم إذا أتى تهامة .
والثالث) الدخول في الشهر الحرام كما قال الشاعر : قتل الخليفة محرما
يعني في الشهر الحرام وهو يريد عثمان بن عفان رضي الله عنه .
ولا خلاف أن الوجه الثالث غير مراد بهذه الآية وأن الشهر الحرام لا يحظر الصيد والوجهان الأولان مرادان وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن صيد الحرم للحلال والمحرم فدل أنه مراد بالآية . (7)
الأحكام الفقهية :
تحريم قتل الصيد في الحرم أو حال الإحرام .
__________
(1) تفسير القرطبي 6 / 300
(2) المصدر السابق 6 / 302
(3) تفسير القرطبي 6 / 299
(4) تفسير الطبري 7 /39
(5) تفسير القرطبي 6 / 302
(6) تفسير الطبري 7 / 40
(7) أحكام القرآن للجصاص 4/130 ، وينظر أيضاً زاد المسير 2/422(1/3)
قال ابن كثير : " وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال الإحرام ونهى عن تعاطيه فيه " . (1)
وقال ابن قدامة : " وأجمع المسلمون على تحريم صيد الحرم على الحلال والمحرم ".(2)
تحريم ما كان من أجزاء الصيد ونما عنه كالبيض والفرخ والوبر وغيره وقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى تناله أيديكم قال : فراخ الطير وصغار الوحش .
قال الجصاص : ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في ذلك . (3)
هل تجب الكفارة بالأكل دون القتل أم لا بد من القتل ؟
القول الأول : أنها تجب بالقتل دون الأكل . وبه قال الجمهور(4) ، لدلالة الآية .
القول الثاني : عليه جزاء ما أكل يعني قيمته . وهو قول أبي حنيفة(5) ، وخالفه صاحباه .
وحجة أبي حنيفة أنه تناول محظور إحرامه لأن قتله كان من محظورات الإحرام ومعلوم أن المقصود من القتل هو التناول فإذا كان ما يتوصل به إلى المقصود محظور إحرامه موجبا عليه الجزاء فما هو المقصود كان أولى .
والآية حجة على أبي حنيفة لأن الله قال (ومن قتله منكم فجزاء مثل ما قتل من النعم) فعلق الجزاء على الإزهاق .
هل يصح ذبح المحرم ( هل يعد ذكاة شرعية ) ؟
القول الأول : لا يصح ذبح المحرم للصيد لنهي الله سبحانه المحرم عن قتله ، وبه قال الحنفية والمالكية والحنابلة (6).
وحجة هذا القول : لأن الله تعالى سماه قتلا والمقتول لا يجوز أكله وإنما يجوز أكل المذبوح على شرائط الذكاة وما ذكي من الحيوان لا يسمى مقتولا لأن كونه مقتولا يفيد أنه غير مذكى . (7)
القول الثاني : قتل المحرم للصيد ذكاة . وهو قول الشافعي .
__________
(1) تفسير ابن كثير 2 / 99
(2) المغني 3/166
(3) أحكام القرآن للجصاص 4 / 129
(4) تفسير القرطبي 6 / 302 ، حاشية البجيرمي 2/456، كشاف القناع 2/435
(5) فتح القدير 3/92
(6) تبيين الحقائق 2/67 ، أحكام القرآن للجصاص 4 / 130، الفروع 3/421
(7) تفسير القرطبي 6 / 302(1/4)
وحجته : أنه ذبح صدر من أهله وهو المسلم مضاف إلى محله وهو الأنعام فأفاد مقصوده من حل الأكل أصله ذبح الحلال .
أجاب الجمهور(1) :
أما قولكم (ذبح صدر من أهله) فالمحرم ليس بأهل لذبح الصيد إذ الأهلية لا تستفاد عقلا وإنما يفيدها الشرع وذلك بإذنه في الذبح أو بنفيها وذلك بنهيه عن الذبح والمحرم منهي عن ذبح الصيد لقوله لا تقتلوا الصيد فقد انتفت الأهلية بالنهي .
وأما قولكم (أفاد مقصوده) فقد اتفقنا على أن المحرم إذا ذبح الصيد لا يحل له أكله وإنما يأكل منه غيره عندكم فإذا كان الذبح لا يفيد الحل للذابح فأولى وأحرى ألا يفيده لغيره لأن الفرع تبع للأصل في أحكامه فلا يصح أن يثبت له مالا يثبت لأصله .
ما يحل للمحرم قتله من الحيوانات :
روى ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" قوله صلى الله عليه وسلم : " خمس ليس على المحرم في قتلهن جناح - وفي رواية : يقتلن في الحل والحرم - : الحدأة والغراب والعقرب والفأرة والكلب العقور " . وفي رواية : " الحية والكلب العقور " خرجه الأئمة بأجمعهم(2) . وفيه " الغراب الأبقع " خرجه مسلم , وفيه : " السبع العادي " خرجه أبو داود والترمذي ، وفي بعضها "هن فواسق" .
وقد اختلف العلماء في ما يحل للمحرم أن يقتله على أقوال:
القول الأول : لا شيء عليه في قتل الحية والعقرب والغراب والحدأة ، ولا يقتل من السباع إلا الكلب العقور والذئب خاصة سواء ابتدآه أو ابتدأهما وإن قتل غيره من السباع فداه ، وإن ابتدأه غيرهما من السباع فقتله فلا شيء عليه . وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه إلا زفر وبه قال الأوزاعي والثوري والحسن . (3)
وحجتهم :
1- الآية (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) .
__________
(1) المصدر السابق ...
(2) رواه البخاري (1829) ، مسلم (1198 ) ، و الترمذي (837) ، والنسائي (2828) ، وأبوداود ( 1846) ، وابن ماجه (3087) ، وأحمد( 4529) ...
(3) المبسوط 4/90(1/5)
وجه الدلالة : أن النهي لما كان خاصا في صيد البر دون صيد البحر اقتضى عمومه تحريم سائر صيد البر إلا ما خصه الدليل ، ولا يختص بالمأكول منه دون غيره لقوله تعالى (ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم) فتعلق الحكم منه بما تناله أيدينا ورماحنا ولم يخصص المباح منه دون المحظور الأكل . (1)
2- الحديث المتقدم .
ووجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم خص دواباً بأعيانها وأرخص للمحرم في قتلها من أجل ضررها فلا وجه أن يزاد عليها إلا أن يجمعوا على شيء فيدخل في معناها .
قال القرطبي : العجب من أبي حنيفة رحمه الله يحمل التراب على البر بعلة الكيل ولا يحمل السباع العادية على الكلب بعلة الفسق والعقر . (2)
القول الثاني : يجوز للمحرم قتل قتل الحيات والعقارب والفأرة والغراب والحدأة وكل ما يعدو من السباع على الناس في الأغلب مثل الأسد والذئب والنمر والفهد ، أما ما لا يعدو كالهر والثعلب والضبع وما أشبهها فلا يقتلها المحرم وإن قتله فداه . وهذا مذهب مالك . (3)
وحجتهم :
1- " أن قوله تعالى : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } عام في كل صيد كان , مأكولا أو غير مأكول , سبعا أو غير سبع , ضاريا أو غير ضار , صائلا أو ساكنا " . (4)
2- حديث قتل الخمس المتقدم .
وجه الدلالة : قالوا : " وهذا تنبيه على العلة وعلى الأجناس . أما العلة فهي الفسق بالإذاية , وأما الأجناس فنبه بكل مذكور على نوع من الجنس وذكر الكلب العقور , وذلك مما يدخل تحته بعلة العقر الفهد والسبع "(5)
القول الثالث : وقال زفر بن الهذيل : لا يقتل إلا الذئب وحده ومن قتل غيره وهو محرم فعليه الفدية سواء ابتدأه أو لم يبتدئه لأنه عجماء فكان فعله هدار . (6)
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص 4 / 131- 132
(2) أحكام القرآن لابن العربي 2/176
(3) المصدر السابق 2/175
(4) المصدر السابق 2/175
(5) أحكام القرآن لابن العربي 2/175
(6) تفسير القرطبي 6 / 303 - 305(1/6)
وهذا القول فيه رد للحديث ومخالفة له .
القول الرابع : كل مالا يؤكل لحمه فللمحرم أن يقتله ، ويستحب له قتل المؤذي منه . وهو مذهب الشافعي وأحمد وأبي ثور . (1)
وحجتهم :
1- " أن الله [ سبحانه وتعالى ] علق تحريم صيد البر بالإحرام وأراد به المصيد , لقوله : { لا تقتلوا الصيد } وقوله : { أحل لكم صيد البحر } لأنه أضاف الصيد إلى البر , وليس المحرم صيدا حقيقة , ولهذا قال عليه السلام { الضبع صيد وفيه كبش} "(2)
2- قالوا: " ولأن ما لا يضمن بقيمته ولا مثله لا يضمن بشيء كالحشرات "(3)
سبب الخلاف : الاختلاف في معنى الصيد المنهي عن قتله في الآية ، والاختلاف في قياس ما لم يرد في حديث الخمس على ما ورد فيه .
حكم قتل المحرم الصيد خطئاً أو نسياناً :
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال :
الأول : أنه يحكم عليه في العمد والخطأ والنسيان ; قاله ابن عباس , ويروى عن عمر وعطاء والحسن وإبراهيم النخعي والزهري . وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد في إحدى الروايتين (4) .
ودليله :
__________
(1) الأم 7/224 ، المجموع 7/336 ، الفروع 3/438
(2) الفروع 3/438
قال الشافعي : "أصل الصيد الذي يؤكل لحمه وإن كان غيره يسمى صيدا ، أو لا ترى إلى قول الله عز وجل (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) فدل جل ثناؤه على أنه إنما حرم عليهم في الإحرام من صيد البر ما كان حلالا لهم قبل الإحرام أن يأكلوه ، لأنه والله أعلم لا يشبه أن يكون حرم في الإحرام خاصة إلا ما كان مباحا قبله ، فأما ما كان محرما على الحلال فالتحريم الأول كاف منه . ولولا أن هذا معناه ما أمر رسول الله بقتل الكلب العقور والعقرب والغراب والحدأة والفأرة في الحل والحرم ". أحكام القرآن للشافعي 1 / 126
(3) الفروع 3/438
(4) بدائع الصنائع 2/201 ، حاشية العدوي 1/561 ، الأم 2/199 ، نهاية المحتاج 3/344 ، المغني 3/266(1/7)
1- قول جابر : {جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع يصيده المحرم كبشا} . وفي حديث أبي هريرة قال عليه السلام { في بيض النعام يصيبه المحرم : ثمنه } .. رواهما ابن ماجه(1) .
وجه الدلالة : أنه لم يفرق في الحكم بين العمد والخطأ .
2- لأنه ضمان إتلاف فاستوى عمده وخطؤه كمال الآدمي .
3- القياس على قتل الآدمي خطئاً .
الثاني : إذا قتله متعمدا لقتله , ناسيا لإحرامه ; فأما إذا كان ذاكرا لإحرامه فقد حل ولا حج له , ومن أخطأ فذلك الذي يجزي ، وهو مذهب مجاهد(2) .
ودليله : أنه أراد متعمدا للقتل ناسيا لإحرامه , لقوله بعد ذلك : { ومن عاد فينتقم الله منه } , ولو كان ذاكرا لإحرامه لوجبت عليه العقوبة لأول مرة .
الثالث : لا شيء على المخطئ والناسي , وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير وبه قال طاوس وأبو ثور و الطبري وأحمد بن حنبل في إحدى روايتيه (3).
ودليله :
1- قول الله تعالى قال : { ومن قتله منكم متعمدا } .
وجه الدلالة : أن دليل الخطاب أنه لا جزاء على الخاطئ ; لأن الأصل براءة ذمته , فلا يشغلها إلا بدليل .
2- ولأنه محظور للإحرام لا يفسده , فيجب التفريق بين خطئه وعمده , كاللبس والطيب .
3- أن الأصل براءة الذمة , فمن ادعى شغلها فعليه الدليل .
وقد ناقش ابن العربي هذه الأقوال فقال : " وأما متعلق من قال : وجب في النسيان تغليظا فدعوى تحتاج إلى دليل .
وأما من قال : إنه خرج على الغالب فحكمة الآية وفائدة التخصيص ما قالوه , فأين دليله ؟ .
وأما من قال : إنه وجب في النسيان بالسنة فإن كان يريد به الآثار التي وردت عن ابن عباس وابن عمر فنعما هي , وما أحسنها أسوة .
__________
(1) حديث جابر رواه ابن ماجه ( 3085 ) ، وحديث أبي هريرة رواه ابن ماجه ( 3086 )
(2) أحكام القرآن لابن العربي 2/178-179
(3) المغني 3/266 ، تفسير القرطبي 6 / 307(1/8)
وأما من تعلق بالقياس على كفارة القتل فيصح ذلك للشافعي الذي يرى الكفارة في قتل الآدمي عمدا وخطأ , فأما نحن وقد عقدنا أصلنا على أن قتل العمد في الآدمي لا كفارة فيه , وفي قتل الصيد عمدا الكفارة فلا يصح ذلك منا لوجود المناقضة منا بالمخالفة فيه بينه وبينه عندنا .
والذي يتحقق من الآية أن معناها أن من قتل الصيد منكم متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه , أو جاهلا بتحريمه , فعليه الجزاء ; لأن ذلك يكفي لوصف التعمد , فتعلق الحكم به , لاكتفاء المعنى معه . وهذا دقيق فتأملوه .
فأما إذا قتله متعمدا للقتل والإحرام فذلك أبلغ في وصف العمدية ; لكن من الناس من قال : لا حج له . وهذه دعوى لا يدلك عليها دليل من ظاهر القرآن ولا من السنة ولا من المعنى ". (1)
وقال الطبري : " والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال إن الله تعالى حرم قتل صيد البر على كل محرم في حال إحرامه ما دام حراما بقوله يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد ثم بين حكم من قتل ما قتل من ذلك في حال إحرامه متعمدا لقتله ولم يخصص به المتعمد قتله في حال نسيانه إحرامه ولا المخطىء في قتله في حال ذكره إحرامه بل عم في التنزيل بإيجاب الجزاء كل قاتل صيد في حال إحرامه متعمدا ، وغير جائز إحالة ظاهر التنزيل إلى باطن من التأويل لا دلالة عليه من نص كتاب ولا خبر لرسول الله ولا إجماع من الأمة ولا دلالة من بعض هذه الوجوه .
فإذ كان ذلك كذلك فسواء كان قاتل الصيد من المحرمين عامدا قتله ذاكرا لإحرامه ، أو عامدا قتله ناسيا لإحرامه ، أو قاصدا غيره فقتله ذاكرا لإحرامه في أن على جميعهم من الجزاء ما قال ربنا تعالى ".(2)
تعقيب : من تقرير الطبري هذا يتضح – والله أعلم - أن نسبة القول بعدم وجوب الكفارة على الناسي والمخطيء فيها نظر ، فهو يوجب الكفارة بوجود أدنى وصف تتحقق به العمدية كما قرر ذلك ابن ا لعربي آنفاً .
__________
(1) أحكام القرآن لابن العربي 2/178-179
(2) تفسير الطبري 7 / 43(1/9)
توجيه الآية عند أصحاب القول الأول :
اختلف الذين قالوا بعموم الكفارة في توجيه الآية على أربعة أقوال(1) :
الأول : أنه ورد القرآن بالعمد , وجعل الخطأ تغليظا ; قاله سعيد بن جبير .
والثاني : أن قوله : { متعمدا } خرج على الغالب , فألحق به النادر , كسائر أصول الشريعة .
الثالث : قال الزهري : إنه وجب الجزاء في العمد بالقرآن , وفي الخطأ والنسيان بالسنة .
الرابع : أنه وجب بالقياس على قاتل الخطأ بعلة أنها كفارة إتلاف نفس ; فتعلقت بالخطأ , ككفارة القتل .
سبب الخلاف : الاختلاف في المراد بالقيد (متعمداً) الوارد في الآية .
الحكم إذا تكرر من المحرم الصيد :
القول الأول : يحكم عليه كلما تكرر منه القتل . وهو قول الجمهور . (2)
وحجتهم : قوله تعالى : ( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم )
وجه الدلالة : أن النهي دائم مستمر عليه ما دام محرما فمتى قتله فالجزاء لأجل ذلك لازم له .
القول الثاني : لا يحكم عليه إلا مرة واحدة فإن عاد ثانية قيل له : ينتقم الله منك . وهو مروي عن ابن عباس وبه قال الحسن وإبراهيم ومجاهد وشريح وقتادة . (3)
وحجتهم : قوله تعالى : ( ومن عاد فينتقم الله منه ) .
وذلك أن الوعيد بالانتقام جاء في حق من عاد ، ولم يذكر الله الكفارة عليه .
القول الثالث : إن كفر عن الأول فعليه للثاني كفارة , وإلا فلا شيء للثاني . وهو رواية عن أحمد وحجته : أنها كفارة تجب بفعل محظور في الإحرام , فيدخل جزاؤها قبل التكفير , كاللبس والطيب . (4)
جواب الجمهور على استدلال أصحاب القول الثاني بالآية :
قال القرطبي : "ودليلنا عليهم ما ذكرناه من تمادي التحريم في الإحرام وتوجه الخطاب عليه في دين الإسلام ". (5)
__________
(1) أحكام القرآن لابن العربي 2/178-179
(2) تفسير القرطبي 6 / 308 ، المجموع 7/437 ، المغني 3/276
(3) المغني 3/276 ، تفسير القرطبي 6 / 308
(4) المغني 3/276
(5) تفسير القرطبي 6 / 308(1/10)
وبيان ذلك قول الطبري : " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا قول من قال : معناه ومن عاد في الإسلام لقتله بعد نهي الله تعالى عنه فينتقم الله منه وعليه مع ذلك الكفارة لأن الله عز وجل إذ أخبر أنه ينتقم منه لم يخبرنا ... أنه قد أزال عنه الكفارة في المرة الثانية والثالثة " . (1)
سبب الخلاف : الاختلاف في معنى قوله تعالى (ومن قتله منكم متعمداً) .
الواجب في الصيد الذي له مثل :
القول الأول : إنما يعتبر بالمثل في القيمة دون الخلقة . وهو قول أبي حنيفة . (2)
ودليله :
قوله تعالى في الآية : (فجزاء مثل ما قتل من النعم) . قالوا : المثل هو القيمة .
أنه لو كان الشبه من طريق الخلقة معتبرا في النعامة بدنة وفي الحمار بقرة وفي الظبي شاة لما أوقفه على عدلين يحكمان به لأن ذلك قد علم فلا يحتاج إلى الارتياء والنظر وإنما يفتقر إلى العدول والنظر ما تشكل الحال فيه و يضطرب وجه النظر عليه . (3)
القول الثاني: الواجب هو المثل الخلقي . وبه قال الجمهور . (4)
ودليله :
1- الآية المتقدمة , وذلك من أربعة أوجه : (5)
الأول : أن المثل حقيقة هو المثل من طريق الخلقة .
الثاني : أنه قال : { من النعم } فبين جنس المثل , ولا اعتبار عند المخالف بالنعم بحال.
الثالث : أنه قال : { يحكم به ذوا عدل منكم } وهذا ضمير راجع إلى مثل من النعم ; لأنه لم يتقدم ذكر سواه يرجع الضمير إليه . والقيمة لم يتقدم لها ذكر .
الرابع : أنه قال : { هديا بالغ الكعبة } والذي يتصور فيه الهدي مثل المقتول من النعم .
2- ما حكم به الصحابة في أنواع من المثليات ، كما سيأتي ذكر بعضه .
ما هو المثل ؟
__________
(1) تفسير الطبري 7/62
(2) بدائع الصنائع 2/198
(3) تفسير القرطبي 6 / 310
(4) أحكام القرآن لابن العربي 2/180 ، المجموع 7/427 ، المغني 3/268
(5) أحكام القرآن لابن العربي 2/180-181(1/11)
ما يجزي من الصيد شيئان : دواب وطير فيجزي ما كان من الدواب بنظيره في الخلقة والصورة ففي النعامة بدنة وفي حمار الوحش وبقرة الوحش بقرة وفي الظبي شاة . (1)
وقد جاء عن الصحابة والتابعين عدة آثار في تقدير المثل .
ومن ذلك ، قال عمر : في الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة رواه مالك موقوفا .
وروى ابو الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في الضبع إذا أصابه المحرم كبش وفي الظبي شاة وفي الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة . (2)
وقال السدي : " في النعامة والحمار بدنة , وفي بقرة الوحش أو الإبل أو الأروى بقرة , وفي الغزال والأرنب شاة , وفي الضب واليربوع سخلة قد أكلت العشب , وشربت الماء , ففرق بين صغير الصيد وكبيره . (3)
وقال الضحاك : " المثل ما كان له قرن كوعل وأيل فداه ببقرة , وما لم يكن له قرن كالنعامة والحمار ففيه بدنة , وما كان من ظبي فمن النعم مثله , وفي الأرنب ثنية , وما كان من يربوع ففيه جمل صغير . فإن أصاب فرخ صيد أو بيضه تصدق بثمنه , أو صام مكان كل نصف صاع يوما " . (4)
الواجب في الصيد الذي لا مثل له :
وأما ما لا مثل له كالعصافير والفيلة فقيمة لحمه أو عدله من الطعام دون ما يراد له من الأغراض لأن المراعى فيما له مثل وجوب مثله ، فإن عدم المثل فالقيمة قائمة مقامه كالغضب وغيره .
ولأن الناس على مذهبين معتبر للقيمة في جميع الصيد ، ومقتصر بها على ما لا مثل له من النعم فقد تضمن ذلك الإجماع على اعتبار القيمة فيما لا مثل له . (5)
هل يجب اتباع ما حكم به الصحابة أو تستأنف الحكومة ؟
__________
(1) تفسير القرطبي 6 / 310
(2) المصدر السابق 6 / 311
(3) أحكام القرآن لابن العربي 2/183
(4) أحكام القرآن لابن العربي 2/184
(5) تفسير القرطبي 6 / 312(1/12)
القول الأول : يتبع في ذلك ماحكمت به الصحابة وجعلاه شرعا مقررا لا يعدل عنه وما لم يحكم فيه الصحابة يرجع فيه إلى عدلين . وبه قال الشافعي وأحمد .(1)
قالوا : لأنه حكم نفذ ، فلا يعدل عنه إلى غيره .
ورده ابن العربي فقال : " وهذا يبطل بقضايا الدين ; فإن كل حكم أنفذته الصحابة يجوز الاجتهاد فيه ثانيا . وذلك فيما لم يرد فيه نص ولا انعقد عليه إجماع , وهذا أبين من إطناب فيه ".(2)
القول الثاني : يجب الحكم في كل فرد سواء وجد للصحابة في مثله حكم أم لا. وهو قول أبي حنيفة ومالك . (3)
وحجتهم : قوله تعالى (يحكم به ذوا عدل منكم) ، ولا مانع من الحكم .
اشتراط ذبح الجزاء في الحرم :
قال القرطبي : "والمعنى أنهما إذا حكما بالهدي فإنه يفعل به ما يفعل بالهدي من الإشعار والتقليد ويرسل من الحل إلى مكة وينحر ويتصدق به فيها لقوله ( هديا بالغ الكعبة ) ولم يرد الكعبة بعينها فإن الهدي لا يبلغها إذ هي في المسجد وإنما ورد الحرم ولا خلاف في هذا ". (4)
قال الجصاص : "عبر بالكعبة عن الحرم " . (5)
هل الكفارة على التخيير أو الترتيب ؟ :
القول الأول : أنها على التخيير ، وبه قال عطاء وجمهور الفقهاء . (6)
وحجتهم : قوله تعالى (أوكفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً) .
قالوا : لأن أو للتخيير . قال مالك : كل شيء في كتاب الله في الكفارات كذا أو كذا فصاحبه مخير في ذلك أي ذلك أحب أن يفعل فعل . (7)
القول الثاني : أنها على الترتيب ، وهذا مروي عن ابن عباس والثوري ، وهو رواية عن أحمد . (8)
وحجتهم : أن هدي المتعة على الترتيب . وهذا أوكد منه ; لأنه بفعل محظور . (9)
__________
(1) تفسير ابن كثير 2 / 101
(2) أحكام القرآن لابن العربي 2/195
(3) تفسير ابن كثير 2 / 101
(4) تفسير القرطبي 6 / 314
(5) أحكام القرآن للجصاص 4/140
(6) تفسير القرطبي 6 / 315 ، أحكام القرآن للجصاص 2/ 668
(7) تفسير القرطبي 6 / 315
(8) المغني 3/274
(9) المصدر السابق(1/13)
والأقرب ما ذهب إليه الجمهور ، والقياس عند المخالف لا يصح لأنه في مقابل النص.
كيفية تقويم الإطعام :
القول الأول : يقوم الصيد دراهم ثم يشترى بالدراهم طعام فيطعم كل مسكين نصف صاع . قاله ابن عباس في رواية وعطاء ومجاهد ومقسم ، وهو مذهب الحنفية . (1)
وحجتهم : أن جميع ذلك جزاء الصيد فلما كان الهدي من حيث كان جزاء معتبرا بالصيد إما في قيمته أو في نظيره وجب أن يكون الطعام مثله لأنه قال (فجزاء مثل ما قتل) إلى قوله (أو كفارة طعام مساكين) فجعل الطعام جزاء وكفارة كالقيمة فاعتباره بقيمة الصيد أولى من اعتباره بالهدي إذ هو بدل من الصيد وجزاء عنه لا من الهدي .
وأيضا قد اتفقوا فيما لا نظير له من النعم أن اعتبار الطعام إنما هو بقيمة الصيد فكذلك فيما له نظير لأن الآية منتظمة للأمرين فلما اتفقوا في أحدهما أن المراد اعتبار الطعام بقيمة الصيد كان الآخر مثله . (2)
القول الثاني : قال مالك : " أحسن ما سمعت في الذي يقتل الصيد فيحكم عليه فيه أنه يقوم الصيد الذي أصاب , فينظر كم ثمنه من الطعام ; فيطعم لكل مسكين مدا , أو يصوم مكان كل مد يوما " . (3)
وقول مالك هذا كقول الأحناف في أصل التقويم إلا أنه قال : فيطعم لكل مسكين مداً بدلاً من نصف صاع .
القول الثالث : يقوم المثل - لا الصيد – دراهم ، ثم يقوم الدراهم طعاما و يتصدق به. وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد ، وهو مذهب الشافعي وأحمد. (4)
هل يشترط في الإطعام أن يكون بمكة ؟
القول الأول : يكفر بموضع الإصابة . وبه قال حماد وأبو حنيفة . (5)
قال ابن العربي : فأما قول أبي حنيفة : إنه يكفر حيث أصاب , فلا وجه له في النظر ولا أثر فيه .
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص 4 / 140 ...
(2) أحكام القرآن للجصاص 4 / 140 ...
(3) أحكام القرآن لابن العربي 2/184 ، وتفسير القرطبي 6 / 315
(4) الأم 8/168 ، المغني 3/275
(5) بدائع الصنائع 2/202 ، أحكام القرآن لابن العربي 2/192(1/14)
القول الثاني : ما كان من دم أو طعام بمكة , ويصوم حيث شاء . وبه قال عطاء والشافعي وأحمد .(1)
ودليله : لأنه بدل من الهدي أو نظير له ; والهدي حق لمساكين مكة ; فلذلك يكون بمكة بدله أو نظيره .
القول الثالث : قال الطبري : يكفر حيث شاء . واختاره ابن العربي . (2)
ودليله : اعتباراً بكل طعام وفدية , فإنها تجوز بكل موضع .
صفة الصيام :
القول الأول : يصوم عن كل مدين يوماً . وهو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد (3).
وحجتهم :
لأن صوم اليوم مقابل بإطعام المسكين , وإطعام المسكين نصف صاع ، كفدية الأذى .
القول الثاني : يصوم عن كل مد يوما وإن زاد على شهرين أو ثلاثة . وهو قول الشافعي وأحد قولي مالك ، ورواية عن أحمد . (4)
وحجتهم :
لأنها كفارة دخلها الصيام والإطعام , فكان اليوم في مقابلة المد , ككفارة الظهار .
القول الثالث : أنه يعتبر بالمساكين فيصوم عن كل مسكين يوماً . وهو الرواية الأخرى عن مالك . (5)
ومن أهل العلم من لا يرى أن يتجاوز في صيام الجزاء شهرين . قالوا : لأنها أعلى الكفارات واختاره ابن العربي . (6)
الوقت المعتبر الذي تعتبر به قيمة المتلف :
قال القرطبي : " اختلف العلماء في الوقت الذي يعتبر فيه المتلف :
فقال قوم : يوم الإتلاف ، وقال آخرون : يوم القضاء ، وقال آخرون : يلزم المتلف أكثر القيمتين من يوم الإتلاف إلى يوم الحكم ." (7)
__________
(1) الأم 8/168 ، أحكام القرآن لابن العربي 2/192 ، كشاف القناع 2/452
(2) أحكام القرآن لابن العربي 2/192
(3) أحكام القرن للجصاص 2/668 ، المغني 3/276
(4) الأم 2/203 ، أحكام القرآن لابن العربي 2/192 ، المغني 3/276
(5) المنتقى شرح الموطأ 2/259
(6) تفسير القرطبي 6 / 316
(7) تفسير القرطبي 6 / 315(1/15)
قال ابن العربي : " والصحيح أنه يلزم القيمة يوم الإتلاف , وهذه المسألة محمولة عليها . والدليل على ذلك أن الوجوب كان حقا للمتلف عليه , فإذا أعدمه المتلف لزمه إيجاده بمثله , وذلك في وقت العدم , فالقضاء يظهر الواجب في ذمة المتلف , ولا يستأنف القاضي إيجابا لم يكن " . (1)
حكم أكل المحرم من صيد الحلال :
القول الأول : لا بأس بأكل المحرم الصيد إذا لم يصد له ولا من أجله ، وبه قال مالك والشافعي وأصحابهما وأحمد وروي عن إسحق وهو الصحيح عن عثمان بن عفان . (2)
ودليلهم :
1- حديث عبد الله بن أبي قتادة : أن أبا قتادة كان في نفر محرمين وأبو قتادة محل , فرأى أصحابه حمارا وحشيا فلم يؤذوه حتى أبصره , فاختلس من بعضهم سوطا فصرعه فأكلوا وحملوا منه فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال : هل أشار إليه أحد منكم ؟ قالوا لا , قال : فكلوا } . رواه (3)
2- ما رواه الترمذي والنسائي والدارقطني عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم . (4)
قال الترمذي : هذا أحسن حديث في الباب وقال النسائي عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن كان قد روى عنه مالك .
القول الثاني : أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال سواء صيد من أجله أو لم يصد .وهذا قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في رواية عنه وأبي هريرة والزبير بن العوام ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير . وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ، ورواية عن مالك . (5)
ودليلهم :
1 - ظاهر قوله تعالى ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) .
__________
(1) أحكام القرآن لابن العربي 2 /191
(2) تفسير القرطبي 6 / 323 ، المنتقى شرح الموطأ 2/241 ، المجموع 7/318 ، كشاف القناع 2/434
(3) رواه البخاري ( 1824 ) ، ومسلم ( 1196 )
(4) رواه الترمذي ( 846 ) ، و النسائي ( 2827 )
(5) المبسوط 4/87 ، تفسير القرطبي 6 / 323(1/16)
وجه الدلالة : أنه حرم صيده وقتله على المحرمين دون ما صاده غيرهم .
2- حديث زيد بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في حمار الوحش العقير أنه أمر أبا بكر فقسمه في الرفاق من حديث مالك وغيره .
3- حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : إنما هي طعمة أطعمكموها الله .
القول الثالث : لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال سواء صيد من أجله أو لم يصد . وهو مروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر ، وبه قال طاوس وجابر بن زيد أبو الشعثاء وروي ذلك عن الثوري وبه قال إسحق. (1)
ودليله :
1- عموم قوله تعالى ( وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرما )
قال ابن عباس : هي مبهمة .
2- حديث الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم . خرجه الأئمة واللفظ لمالك . (2)
وقال سعيد بن جبير في حديثه : (عجز حمار وحش فرده يقطر دما ، كأنه صيد في ذلك الوقت).
جواب أصحاب القول الأول على هذا الحديث :
الحديث محمول على أنه صيد من أجل النبي صلى الله عليه وسلم ، ويشير إليه ما جاء في رواية : (فرده يقطر دما كأنه صيد في ذلك الوقت) .
حكم ما صاده الحلال في الحل ثم أدخله الحرم :
القول الأول: لا يجوز له التصرف فيه ، ويلزمه رفع يده عنه وإرساله , فإن تلف في يده , أو أتلفه , فعليه ضمانه. وهو مذهب أبي حنيفة و أحمد . (3)
ودليله :
1- أنه حين أدخله الحرم فقد صار صيد الحرم فهو والمأخوذ في الحرم سواء . (4)
2- أن الحرم سبب محرم للصيد , ويوجب ضمانه فحرم استدامة إمساكه كالإحرام . (5)
__________
(1) تفسير القرطبي 6 / 323
(2) رواه البخاري ( 1825 ) ، ومسلم ( 1193 )
(3) المبسوط 12/23 ، المغني 3/166
(4) المبسوط 12/23
(5) المغني 3/166(1/17)
3- ولأنه صيد ذبحه في الحرم , فلزمه جزاؤه , كما لو صاده منه . (1)
القول الثاني: يجوز له التصرف فيه بكل نوع من ذبحه وأكل لحمه . وبه قال مالك والشافعي . (2)
ودليله :
1- أنه معنى يفعل في الصيد فجاز في الحرم للحلال كالإمساك والشراء ولا خلاف فيها . (3)
2- ولأنه ملكه خارجا , وحل له التصرف فيه , فجاز له ذلك في الحرم , كصيد المدينة إذا أدخله حرمها . (4)
} - -
تفسير قوله تعالى :
} - ( مقدمة ( - ? { ( المحتويات ( - - - ( - ( - - ( ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - (( مقدمة ( تم بحمد الله - - رضي الله عنهم -( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله -((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - { - ( - - عليه السلام - - - { - - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( مقدمة - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - ( - - ( ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( تم بحمد الله ( - - - جل جلاله - تم بحمد الله ( - ( مقدمة } - قرآن كريم ( { } - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { - - - ( - ( - { - - - ( مقدمة ( - - - ( { - - - صلى الله عليه وسلم -( - - ((- رضي الله عنه -( تم بحمد الله (((( } (المائدة 96)
التحليل اللفظي :
(صيد البحر) : هو كل ما صيد من حيواناته ، والصيد هنا يراد به المصيد وأضيف إلى البحر لما كان منه بسبب . (5)
(طعامه) : فيه ثلاثة أقوال : (6)
ما نبذه البحر ميتا قاله أبو بكر وعمر وابن عمر وأبو أيوب وقتادة .
__________
(1) المصدر السابق
(2) تفسير القرطبي 6 / 323 ، المجموع 7/479
(3) تفسير القرطبي 6 / 323
(4) المغني 3/166
(5) تفسير القرطبي 6 /318
(6) زاد المسير 2 /428(1/18)
أنه مليحه قاله سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والسدي .
أنه ما نبت بمائة من زروع البر وإنما قيل لهذا طعام البحر لأنه ينبت بمائه حكاه الزجاج .
قال الطبري : " وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا قول من قال طعامه ما قذفه البحر أو حسر عنه فوجد ميتا على ساحله ، وذلك أن الله تعالى ذكر قبله صيد الذي يصاد فقال أحل لكم صيد البحر فالذي يجب أن يعطف عليه في المفهوم ما لم يصد منه فقال أحل لكم صيد ما صدتموه من البحر وما لم تصيدوه منه " . (1)
الأحكام الفقهية :
حكم حيوان البحر : (صيد البحر)
القول الأول : لا يؤكل شيء من حيوان البحر إلا السمك . وهو قول أبي حنيفة ورواية عن الثوري ووجه عند الشافعية . (2)
ودليله :
عموم أدلة تحريم الميتة كقوله تعالى : { حرمت عليكم الميتة } وقوله تعالى : { إلا أن يكون ميتة } وذلك عموم في ميتة البر والبحر .
قول النبي صلى الله عليه وسلم : { أحلت لنا ميتتان ودمان : السمك والجراد } , فخص من الميتات هذين , وفي ذلك دليل على أن المخصوص من جملة الميتات المحرمة بقوله : { حرمت عليكم الميتة } هو هذان دون غيرهما لأن ما عداهما قد شمله عموم التحريم .
القول الثاني : يؤكل كل ما في البحر من السمك والدواب وسائر ما في البحر من الحيوان وسواء اصطيد أو وجد ميتا وهو قول مالك والشافعي في المنصوص عنه وابن أبي ليلى والأوزاعي وأحمد والثوري في رواية الأشجعي . (3)
إلا أن الشافعي وأحمد استثنيا الضفدع للحديث الوارد ، كما سيأتي في الكلام على الحيوان الذي يعيش في البر والبحر . (4)
ودليلهم :
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .
__________
(1) تفسير الطبري 7 / 68
(2) أحكام القرآن للجصاص 2/673 ، المجموع 9/33
(3) تفسير القرطبي 6 / 319 ، المغني 9/339 ، المجموع 9/33
(4) المجموع 9/33 ، المغني 9/339(1/19)
أن الصحيح أن اسم السمك يقع على جميعها , وقد قال الله تعالى : { أحل لكم صيد البحر وطعامه } قال ابن عباس وغيره : صيده ما صيد , وطعامه ما قذف . (1)
القول الثالث : ما يؤكل نظيره في البر كالبقر والشاة وغيرهما فحلال , وما لا يؤكل كخنزير الماء وكلبه فحرام فعلى هذا ما لا نظير له حلال . (2)
والراجح القول الثاني لقوة أدلتهم .
حكم ميتة البحر : (طعام البحر)
القول الأول : لا يؤكل السمك الطافي ويؤكل ما سواه من السمك فقط . وهو قول أبي حنيفة ورواية عن الثوري . (3)
ودليلهم :
عموم قوله تعالى : (حرمت عليكم الميتة) .
ما رواه أبو داود والدارقطني عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" كلوا ما حسر عنه البحر وما ألقاه وما وجدتموه ميتا أو طافيا فوق الماء فلا تأكلوه " . قال الدارقطني : تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به .
القول الثاني : يجوز أكل ميتة البحر مطلقاً سواء حسر عنها البحر أو وجدت طافية . وهو قول الجمهور . (4)
ودليلهم :
عموم الآية (وطعامه) .
قوله عليه الصلاة والسلام في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته .
حديث جابر في الحوت الذي يقال له العنبر وهو من أثبت الأحاديث خرجه الصحيحان وفيه : " فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك فقال : هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا ؟ فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله " (5) .
والراجح قول الجمهور لقوة أدلتهم وصراحتها .
حكم الحيوانات التي تعيش في البر والبحر :
ويسميها المتأخرون (البرمائيات) والأمثلة عليها كثيرة ، كالضفادع ، والتمساح ، والسلحفاة ونحوها .
__________
(1) المجموع 9/33 ... ... ...
(2) المجموع 9/33
(3) أحكام القرآن للجصاص 2/673
(4) تفسير القرطبي 6 / 319 ، المجموع 9/33 ، المغني 9/339
(5) رواه مسلم (1935 )(1/20)
القول الأول : جواز أكلها ، وهو مذهب مالك . (1)
قول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر { هو الطهور ماؤه , الحل ميتته } .
ولأنه من حيوان البحر , فأبيح بغير ذكاة كالسمك والسرطان . (2)
القول الثاني : تحريم أكلها ، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة .(3)
ودليلهم :
حديث عبد الرحمن بن عثمان قال : { ذكر طبيب الدواء عند النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الضفدع يكون في الدواء , فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله } . (4)
والضفدع من حيوان الماء , ولو كان أكله جائزا والانتفاع به سائغا لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله .
أنه حيوان يعيش في البر , له نفس سائلة , فلم يبح بغير ذبح , كالطير , ولا خلاف في الطير فيما علمناه , والأخبار محمولة على ما لا يعيش إلا في البحر , كالسمك وشبهه ; لأنه لا يتمكن من تذكيته ; لأنه لا يذبح إلا بعد إخراجه من الماء , وإذا خرج مات . (5)
القول الثالث : التفصيل : إن كان استقراره بأحدهما أغلب ومرعاه به أكثر غلب عليه حكمه , وإن لم يكن أحدهما أغلب فيجري عليه حكم البر على الأصح .
وهذا القول نقل عن بعض الشافعية كالماوردي . (6)
ولعل الأرجح هو القول الثاني ، كما قال ابن العربي : "الصحيح في الحيوان الذي يكون في البر والبحر منعه لأنه تعارض فيه دليلان دليل تحليل ودليل تحريم فيغلب دليل التتحريم احتياطاً " . (7)
والله تعالى أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________
(1) المدونة 1/452
(2) المغني 9/337
(3) بدائع الصنائع 5/35 ، المجموع 9/33 ، المغني 9/337
(4) رواه النسائي( 4355 )، وأبو داود( 3871 )، و الدارمي( 1998 )
(5) المغني 9/337
(6) أسنى المطالب 1/567
(7) تفسير القرطبي 6 / 320(1/21)