261 - مُحَمَّد بْن يوسف بْن مَسْعُود بْن بركة، الأديب البارع، شهاب الدّين، أبو عَبْد اللّه الشَّيْبانيّ، التّلّعْفَرِيّ، [المتوفى: 675 هـ][ص:300]
الشاعر المشهور.
ولد بالموصل سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة واشتغل بالأدب وقال الشِّعر ومدح الملوك والأعيان واشتهر ذِكْره وسار شِعره وله ديوان موجود. وكان خليعًا معاشرًا، سامحه اللّه وإيّانا.
قَالَ سعد الدّين فِي " تاريخه ": كان قد امتُحِن بالقِمار وكلمّا أَعْطَاه الملك الأشرف يقامر به، فطرده إِلَى حلب، فمَدَح بها صاحبها الْعَزِيز، فأحسن إليه وقرّر له مرسومًا، فسَلك معه مسلك الملك الأشرف، فنوديّ فِي حلب: إنّ من قامر مع الشّهاب قطعنا يده. فامتنع النّاس من اللّعِب معه. قَالَ: فضاقت عليه الأرض وترك الخدمة وجاء إِلَى دمشق ولم يزل يستجدي بها ويقامر حَتَّى بقي فِي أتون من الفقر.
قلت: ثُمَّ نادم فِي الآخر صاحب حماة وبها توفي في شوال.
ومن شِعره الفائق.
يا برقُ حُلَّ بأبرق الهتان عن ... كثب عرى جيب الحيا المزرور
وأعد جمان الطل وهو منظّمٌ ... عِقْدًا لجِيدِ البانةِ الممطورِ
وَإِذَا الثّنيَّة أشرقت وشممتَ من ... أرجائها أرجًا كنشرِ عبير
سل هضبها المنصوب أين حديثها ... المرفوع عن ذيل الصّبا المجرورِ
وله:
تتيه على عُشّاقها كلمّا رأت ... حديث صفات الحُسْن عن وجهها يُرْوَى
فتاةُ لها فِي مذهب الحب حاكم ... بقتل الورى أعطى لواحظها فتوى
يُرنّحها سُكْر الشّباب فتنثني ... بقدٍّ إذا ماست يكاد بأن يلوى
ولو لم يكن فِي ثغرها بِنْت كَرْمةٍ ... لمّا أصبحت أعطافُ قامتِها نَشْوَى
وله:
يا أهل ودي يوم كاظمة أما ... عن مثلكم صبري الجميل قبيح [ص:301]
سرتم وآسرتم بقلبي مهجة ... أودى بها الهجران والتبريح
قلبي يحفظكم لقلبي شاهد ... لا أرتضيه لأنّه مجروحُ
مَن لي بطَيْفٍ منكم إنْ أغمضت ... عيني يُعينُ على الأسى ويريحُ
هذي الجفونُ وإنّما أَيْنَ الكَرَى ... منها، وهذا الجسم أَيْنَ الرّوحُ؟(15/299)
262 - مروان بْن عبد الله بن فير، الشَّيْخ بدر الدّين، أبو عَبْد اللّه الفارقيّ [المتوفى: 675 هـ]
والد شيخنا زين الدين.
توفي بالقاهرة قي شوّال. وقد نيَّف على السّبعين، طلب العلم وسمع الكثير سنة أربعين وقبلها. وأسَمَعَ ولدَيه عَبْد اللّه وسَعد اللّه. وكتب عَنْهُ بعض الطَّلَبة.(15/301)
263 - مظفّر بْن الخِضر بْن إِسْمَاعِيل، ابن العُصَيْفير الكِلابيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 675 هـ]
تُوُفِّيَ بدرب الأكفانيّين فِي المحرم وله تسع وستون، سمع ابن الحَرَسْتانيّ وأبا الفتوح البكْريّ. قاله ابن الخبّاز.(15/301)
264 - مظفَّر بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أبي سَعْد، تاجُ الدّين، أبو المنصور الدمشقي، الخرزي. [المتوفى: 675 هـ]
ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة وسمع من حنبل بْن عَبْد اللّه وأبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ وعبد الجليل بْن منْدُوَيْه، روى عَنْهُ ابن الخبّاز وابن العطّار والدّواداريّ وكنّاه بعضُهم أَبَا غالب.
تُوُفِّيَ فِي المحرَّم.(15/301)
265 - مظفَّر بْن رضوان بْن أبي الفضل، القاضي بدر الدّين المَنْبِجيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الحنفيّ. [المتوفى: 675 هـ]
مدرّس المُعِينيّة.
ناب في القضاء عن ابن عطاء وابن العديم وكان ذا سكون وعقل ودين وتواضع. [ص:302]
تُوُفِّيَ فِي ذي القعدة وهو فِي عَشْر السّبعين، رثاه مجد الدين ابن الظّهير بقصيدة.(15/301)
266 - مُهَلهل بْن ظافر، الشّقراويّ. [المتوفى: 675 هـ]
يروي عن الشَّيْخ الموفَّق وغيره، تُوُفِّيَ فِي صفر.(15/302)
267 - ميّاس بْن أَحْمَد بْن ميّاس، الحمصيّ، عفيفُ الدّين. [المتوفى: 675 هـ]
ديِّن، صالح، معمَّر وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة وسمع سنة أربع عشرة من شمس الدّين أَحْمَد بْن عَبْد الواحد الْبُخَارِيّ، بحمص " الأربعين الفُرَاويّة "، سمع منه: ابن يُونُس وابن جعوان وتُوُفِّي بدمشق فِي شوّال وأجاز لَعَلم الدّين البرزالي.(15/302)
268 - النّجم الكاتبيّ، المتكلّم، العلّامة، أبو الْحَسَن عليّ بن عمر بن علي الدبيراني، القزوينيّ، المنطقيّ، الفيلسوف. [المتوفى: 675 هـ]
صاحب التّصانيف فِي مذهب الأوائل.
ومات وهو يقول بقِدَم العالم.
وله تصانيف عدّة، مات فِي رمضان وقيل فِي شوال وكان مولده في رجب سنة ستمائة. قَالَ ذلك الظّهير الكازرُونيّ وبعضه من قيلي.(15/302)
269 - نوفل الأمير، سيّد عرب آل زبيد. يلقَّب بناصر الدّين. [المتوفى: 675 هـ]
كان ذا حُرمةٍ ووجاهة ومكانة. وهو الَّذِي أَخَذَ الملك النّاصر يوسف ونجا به يوم المصافّ مع البحريّة فِي سنة ثمانٍ وأربعين، فعرف له ذلك.
تُوُفِّيَ فِي شعبان وقد نيف على السبعين.(15/302)
270 - يُمن الطّواشيّ، غرسُ الدّين الحبشيّ، [المتوفى: 675 هـ]
شيخ الخُدّام بالمدينة النبوية.
حدَّث عن: عَبْد الوهّاب بْن رواج، ومات فِي ربيع الآخر وقد سمع من الصَّفراويّ والسّخاويّ وعدّة.(15/302)
271 - يوسف بْن صَدَقَة بْن الْمُبَارَك، الشَّيْخ تاج الدّين البغداديّ، التاجر. [المتوفى: 675 هـ]
عدْلٌ جليل، صاحب أموال ومتاجر، أُقعِد فِي آخر عُمُره. ومات فِي ذي القعدة بالقاهرة.
ذكر قُطْبُ الدّين أنَ الملك النّاصر يوسف قَالَ له: بحياتي على كم تقدر؟ قال: على أربعمائة ألف دينار.(15/303)
272 - يوسف بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن عُثْمَان، القاضي عَلَمُ الدّين المخزوميَ، الْمصْرِيّ. [المتوفى: 675 هـ]
سمع من ابن باقا وغيره، مات في ذي القعدة.(15/303)
273 - أبو الفتح بْن محسن، العطّار، الدّمشقيّ، شَرَفُ الدين وهو أبو الفتح بْن محمود بْن أبي الوحش بْن سلامة الشَّيْبانيّ، الشّرابيّ [المتوفى: 675 هـ]
والد شيخنا كمال الدّين الموقّع.
كان أديبًا فاضلًا متميّزًا، حدَّث عن أبي القاسم بن صَصْرى فيما قيل وعن: مُكرَّم التاجر وأبي صادق بن صباح.
ومات فِي شوّال، سمع منه: جماعة.(15/303)
-وفيها وُلِدَ:
فخر الدّين عُثْمَان بْن بلبان المقاتليّ، المحدّث وشرف الدين محمد ابن المنجى بْن عُثْمَان التَّنُوخيّ، مدّرس المِسماريّة وأبو مُحَمَّد عبد الله ابن الشيخ أبي الوليد ابن الحاجّ المالكيّ، بغَرْناطة وبدر الدّين مُحَمَّد بْن سعيد ابن أبي المُنَى الحلبيّ، الحنبليّ، بصفد فِي رجب وشهاب الدين أحمد بن مظفر ابن النّابلسيّ، سِبْط الزّين خَالِد المحدّث وعماد الدّين محمد بن علي ابن حرميّ الدّمياطيّ، الفَرَضيّ وشَرَفُ الدّين لُقمان بْن عِيسَى الصُّمَيْديّ، تقريبًا وقد روى عن ابن البخاري وهمام بن منبه الصميدي ومحمد ابن الشيخ محمد الكنجي وجمال الدين أحمد بن يعقوب ابن الصابوني والسيد جلال الدين محمد بن محمد العناكي في المحرم والشيخ شهاب الدين أحمد بن علي ابن قاضي الحصن.(15/303)
-سنة ست وسبعين وستمائة(15/304)
274 - أحمد بن محمد بن طرخان بن أبي الحسن، أبو العباس الدمشقي، الصالحي، [المتوفى: 676 هـ]
أخو شيخنا أبي بكر.
روى بالحضور عن: ابن طَبَرْزَد وسمع من جماعة وتوفي بقوص.(15/304)
275 - أحمد ابن مجد الدّين مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عُثْمَان ابن عساكر، مؤيَّد الدّين، أبو الْعَبَّاس الدّمشقيّ. [المتوفى: 676 هـ]
من بيت الحديث والعدالة، روى عن المجد القزوينيّ وزين الُأمَنَاء وجماعة وأجاز له: المؤيِّد الطُّوسيّ وأبو رَوْح الهَرَويّ وجماعة.
تُوُفِّيَ فِي رمضان، حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطار و ... .(15/304)
276 - إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن فارس، شيخ القُرّاء ومُسْنِدُهُم، كمالُ الدّين، أبو إِسْحَاق، ابن الوزير الصّاحب نجيب الدّين التّميميّ، الإسكندرانيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الْمُقْرِئ الكاتب. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ بالإسكندرية سنة ست وتسعين وخمسمائة وحفظ كتاب اللّه فِي صِغره. وحرص عليه والده حَتَّى قرأ القراءات العَشْر بعدّة تصانيف على العلامة تاج الدين الكندي؛ وكان آخر من قرأ عليه موتًا وسمع منه ومن أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ.
وانتهى إليه عُلُو الإسناد فِي القراءات. وكان ذاكرًا لأكثر الفنّ، إلّا أنّه كان مباشرًا نظَرَ بيتِ المال من المكوس وغيرها، فتورّع جماعةٌ من القرّاء - وحالته هَذِهِ - عن الأخذِ عَنْهُ وقرأ عليه القراءات: أبو عَبْد الله محمد بن إسرائيل القصاع وأبو إسحاق إبراهيم بن غالي الحِمْيَريّ البدويّ وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد الْمصْرِيّ المزراب والدلاصيّ شيخ مكّة، وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مظفَّر الوزيريّ وابنه إِسْحَاق وآخرون، وحدَّث عنه ابن الخباز وأبو الحسن ابن العطار وجماعة. [ص:305]
وذكره قُطْبُ الدّين فقال: كان أمينًا حَسَن السّيرة، كثير الدّيانة والخير ولي نظر الدّيوان الَّذِي لبيت المال ونظر الجيش. وأقرأ بالرّوايات وتوفي في صفر وله ثمانون سنة. وهو أخو عَبْد اللّه الَّذِي لقِيَه أبو الحجّاج المِزّيّ بالإسكندرية.(15/304)
277 - إِبْرَاهِيم بْن حمْد بْن كامل، أبو إِسْحَاق المقدِسيّ، الحنبليّ، [المتوفى: 676 هـ]
من أَهْل جبل قاسيون.
وُلِدَ سنة أربعٍ وستّمائة
وَسَمِعَ مِنْ: ابن الحَرَسْتانيّ وداود بْن ملاعب وموسى بن عبد القادر والشيخ المُوفَّق وابن راجح والقزوينيّ وابن البُنّ وأجاز له عَبْد الوهاب بْن سُكَيْنَة وعُمَر بْن طَبَرْزَد وابن الأخضر، وكان ديِّنًا، خيِّرًا، حافظًا لكتاب اللّه، مُحِبًّا للرّواية، أَخَذَ عَنْهُ الشَّيْخ عليّ الْمَوْصِلِيّ والوجيه السّبتيّ وابن الخبّاز والطّلبة وأجاز لي مَرْوِيّاته ومات فِي جُمَادَى الآخرة. لَقَبُه الشَّرَف.(15/305)
278 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب بْن مناقب، الشريف عِمادُ الدّين الحسينيّ. [المتوفى: 676 هـ]
حدَّث بمصر عن: حنبل وابن طَبَرْزَد. وأجاز له جماعة من الإصبهانيّين، تُوُفِّيَ بمصر فِي جُمَادَى الأولى ومولده سنة سبْعٍ وتسعين بدمشق، روى عَنْهُ الْحَارِثيّ وقُطْبُ الدّين عَبْد الكريم.(15/305)
279 - آسية بِنْت حسّان بْن رافع بْن سُمير، العامرّية الدّمشقيّة. [المتوفى: 676 هـ]
سمعت مع أخيها مُحَمَّد من حنبل المكبّر وتُوُفِّيت فِي جمادى الأولى. وكان شهرا وبيئا.(15/305)
280 - آقوش، الأمير الكبير جمالُ الدّين الصّالحيّ، النَّجميّ المعروف بالمحمّديّ [المتوفى: 676 هـ]
الَّذِي قدم دمشق بشيرًا بكسْرة التّتار على عين جالوت.
سجنه الملك الظاهر مدّةً، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وأعطاه خبزًا، [ص:306]
تُوُفِّيَ بالقاهرة فِي ربيع الأول وقد قارب السبعين.(15/305)
281 - إياس، فخر الدين المقرئ. [المتوفى: 676 هـ]
روى عن ابن اللّتّيّ وغيره ومات فِي شوّال. وهو مولى شرف الدين الحموي ابن القُطْب.(15/306)
282 - أيبك، الأمير الكبير عزّ الدّين الدّمياطيّ. [المتوفى: 676 هـ]
أمير كبير من أعيان الصّالحيّة، فِيهِ شجاعة وجُود وكَرَم. حبسه السّلطان مدّة، تُوُفِّيَ بمصر فِي شعبان وقد نيَّف على السبعين، قاله اليُونينيّ.
قَالَ ابن الدّمياطيّ: هُوَ مَوْلَى جدّي لأمي وإليه نسبتي.(15/306)
283 - أيبك عز الدّين الْمَوْصِلِيّ، الظاهريّ، نائب حصن الأكراد. [المتوفى: 676 هـ]
قُتِلَ فِي داره بالحصن غيلةً وذلك فِي رجب وكان كافيًا ناهضًا، فِيهِ تشيُّع.(15/306)
284 - أيدمر، الأمير عز الدين العلاني، [المتوفى: 676 هـ]
أخو أيدكين الصّالحيّ.
كان ديِّنًا أمينًا، مُحِبًا للعلماء والفقراء. وولي نيابة صفد، ثُمَّ جرت بينه وبين الأمراء مقاولة، فطلب دستورًا وحضر إِلَى مصر، فأقام يسيرًا ومات فِي رجب.(15/306)
• - البَرَوَاناه، اسمه سُلَيْمَان. [المتوفى: 676 هـ](15/306)
285 - بهادر، الأمير شمس الدّين [المتوفى: 676 هـ]
صاحب سميساط وابن صاحبها.
كان قدِم إِلَى دمشق مهاجرًا من ثلاثٍ سنين، فأكرمه السّلطان وأعطاه إمرة، فمات في شعبان في الكهولة.(15/306)
286 - بَيْبَرس، السّلطان الملك الظاهر ركن الدّين أبو الفتوح البُنْدُقْداري الصالحي النجمي الأيوبي التركي، [المتوفى: 676 هـ]
صاحب مصر والشام.
وُلِدَ فِي حدود العشرين وستّمائة، قبلها بقليل أو بعدها وأصله من صحراء القفجاق فأبيع بدمشق ونشأ بها، فيقال: كان مملوكًا للعماد الصائغ [ص:307]
الذي كان يسكن عند المنكلانية. وسأكشف عن هَذَا، ثُمَّ اشتراه الأمير علاء الدّين البندقدار الصالحي فطلع بطلًا شجاعًا نجيبًا لا ينبغي أن يكون إلّا عند ملك. فأخذه الملك الصالح إليه وصار من جملة البحرية. وشهد وقعة المنصورة بدمياط وصار أميرًا فِي الدولة المعزية. وتقلّبت به الأمور وجرت له أحوال ذكرناها فِي الحوادث واشتهر بالشّجاعة والإقدام وبعُد صِيتُه. ولمّا سارت الجيوش المنصورة من مصر لحرب التّتار كان هُوَ طليعة الإِسْلَام. وجلس على سرير الملك بعد قتل الملك المظفَّر وذلك فِي سابع عشر ذي القعدة من سنة ثمانٍ وخمسين بقلعة الجبل وكان أستاذه البُنْدُقْدار من بعض أمرائه.
وكان غازيًا، مجاهدًا، مرابطًا، خليقًا للمُلك، لولا ما كان فيه من الظلم والله يرحمه ويغفر له ويسامحه، فإنّ له أيّامًا بيضاء فِي الإِسْلَام ومواقف مشهودة وفتوحات معدودة.
وله سيرتان كبيرتان لابن عَبْد الظاهر ولابن شدّاد رحمهما اللّه، لم أقف عليهما بعد.
وقد دخل الروم، قبل موته بشهرين وكسر التّتار ودخل مدينة قيصريّة وجلس بها فِي دَسْت المُلْك وصلى بها الجمعة وخطبوا له وضُرِبت السّكّة باسمه وذلك فِي ذي القعدة، ثُمَّ رجع وقطع الدّرَبَنْد وعبر النّهر الأزرق ودخل دمشق فِي سابع المحرَّم مؤيَّدًا منصورًا، فنزل بالقلعة، ثُمَّ انتقل إِلَى قصره الأبلق، فمرض فِي نصف المحرَّم وانتقل إِلَى عفو اللّه وسعة رحمته يوم الخميس بعد الظُّهر الثّامن والعشرين من المحرَّم بالقصر وحُمل إِلَى القلعة ليلًا مع أكابر أمرائه وغسّله وصبّره المهتار شجاعُ الدّين عنبر والكمال علي ابن المتيجي الإسكندرانيّ المؤذّن والأمير عزّ الدّين الأفرم. ووُضع فِي تابوت وعُلِّق فِي بيت بالقلعة وهو فِي أوّل عَشْر السّتّين، وخلّف عشرة أولاد: الملك السّعيد مُحَمَّد وسلامش وخضِر وسبْع بنات، قَالَ ذلك الشَّيْخ قُطْبُ الدّين وقال: كان له عشرة آلاف مملوك. [ص:308]
وحكى الشَّيْخ شرف الدّين عَبْد الْعَزِيز الأَنْصَارِيّ الحمويّ قَالَ: كان الأمير علاء الدّين البُندقْدار الصّالحيّ لمّا قُبِض وأُحضِر إِلَى حماة واعتُقِل بجامع قلعتها اتّفق حضور رُكن الدّين بَيْبرس مع تاجر وكان الملك المنصور إذ ذاك صبيا، فإذا أراد شراء رقيق تبصرة الصّاحبة والدته. فأحضر بيبرس هَذَا وخشداشة، فرأتهما من وراء السّتْر، فأمرت بشراء خُشْداشة وقالت: هَذَا الأسمر لا يكُن بينك وبينه معاملة، فإنّ فِي عينيه شرًّا لائحًا، فردّهما جميعًا، فطلب البُنْدُقْدار الغلامين، فاشتراهما وهو معتقل، ثُمَّ أفرج عَنْهُ وسار بهما إِلَى مصر وآل أمر رُكْن الدّين إِلَى ما آل.
وقد سار غير مرّةٍ فِي البريد حال سلطنته. وعمل فِي حصارات المدائن الّتي أخذها من الفرنج فِي بذْل نفسه وفرْط إقدامه على المخاوف ما يُقضَى منه العَجَب، فبه يُضرب المثل وإليه المنتهى فِي سياسة المُلْك وتفقّد أحوال جنده. فهو كما قيل: لولا نقص عدله لكان أحوذيا نسيج وحده. قد أعدّ للأمور أقرانها، أقامه اللّه وقت ظهور هولاوو وأبغا فهاباه وانجمعا عن البلاد.(15/306)
287 - بيليك، الأمير الكبير بدر الدّين الخَزْنَدَار الظّاهريّ نائب الملك وأتابك الجيوش المنصورة. [المتوفى: 676 هـ]
كان أميرًا نبيلًا، عالي الهمة، لين الكلمة، كثير المعروف، محبا للصُّلَحاء والعلماء، حسَنَ السّيرة، جيّد العقل، صحيح الذِّهْن وله فَهْمٌ وذكاء، يسمع الحديث ويطالع التّواريخ ويكتب خطًّا مليحًا. وكان سهل المِراس، محبَّبًا إِلَى النّاس. وكان أستاذه يحبّه ويعتمد عليه فِي مَهَمّاته.
كتم موت السّلطان وساس العساكر والخزائن وساق الخاصكيّة حول محفَّة السّلطان بصورة أنّه متمرّض فيها، فَلَمَّا وصل إِلَى الملك السعيد بمصر أظهر نعي السلطان ورمى بعمامته بين يدي السّعيد وصرخ، فتحدَّث النّاس أن الأمير شمس الدين آقسنقر الفارقانيّ نائب السّلطنة سقاه سُمًّا واشتهر ذلك فإنّه خاف منه، تأسَّف النّاس عليه.
ومات في سابع ربيع الأوّل عن بضعٍ وأربعين سنة وكانت له جنازة مشهودة. [ص:309]
قَالَ شمس الدّين الْجَزَريّ: لمّا أظهر الخَزْنَدار موت السلطان وفرغ من تحليف الأمراء للملك السّعيد قام فأتى يعزيّ أمَّ الملك السعيد، فلما عزاها أخرجت له هناب سكّر وليمون، فشرب جرعتين وألحّوا عليه بالشُّرْب فتوهَّم وتركه وكانت القاضية، فثقُل فِي المرض وحصل له قولنج وسيّروا إِلَى طبيبه العماد ابن النّابلسيّ ثلاثة آلاف دينار ليسكت ولا يقول إنّه مسموم، فتغافل عَنْهُ ولم ينصح فِي معالجته، فمات بعد جمعه وخلّف بنتين.
قَالَ قطب الدين: خلف تركة عظيمة.(15/308)
288 - تركانشاه بْن عُمَر، الأسديّ المحدّث، الأديب، أبو المنهال. [المتوفى: 676 هـ]
سمع من قيماز المعظَّميّ وابن رواج وجماعة وحدَّث وله شِعْرٌ حسن.
تُوُفِّيَ فِي رمضان بالصّعيد، حدَّث عَنْهُ الدواداري وغيره ويسمى أيضا: منكبا، فسأعيده.(15/309)
289 - الحسن بن إسماعيل ابن القاضي صدر الدّين عَبْد الملك بْن درباس، الشَّيْخ ناصر الدّين، [المتوفى: 676 هـ]
مدّرس مدرسة سيف الإِسْلَام الّتي بالبُنْدُقانيّين بالقاهرة.
تُوُفِّيَ فِي رجب.
وكان أديبًا شاعرًا.(15/309)
290 - الْحُسَيْن بْن رزق اللّه، الحنبليّ، الصالحي، الحجازي. [المتوفى: 676 هـ]
حدث عن الناصح ابن الحنبليّ ومات فِي جُمَادَى الأولى. وكان ناظر رباط بلدق.(15/309)
291 - خضر بْن أبي بَكْر بْن مُوسَى، المهرانيّ، العَدَويّ، [المتوفى: 676 هـ]
الشَّيْخ المشهور، شيخ الملك الظّاهر.
كان صاحب حال ونفْس مؤثرة وهمّة إبليسيّة وحالٍ كاهني، ذكره شيخنا قطب الدين فقال: كان أخبر بسلطنة الملك الظاهر له [ص:310]
قبل وقوعها، فلهذا كان يعظّمه وينزل إِلَى زيارته فِي كلّ أسبوع مرّةً ومرّتين وثلاث ويُطلعه على غوامض أسراره ويستشيره ويستصحبه فِي أسفاره ويخبره بأمورٍ قبل وقوعها. وسأله وهو محاصر أرسوف مَتَى تؤخَذ؟ فعيّن له اليوم، فوافق ذلك وكذلك فِي صفد وقَيْساريّة، ولمّا عاد إِلَى الكَرَك سنة خمسٍ وستّين استشاره فِي قصده، فأشار أن لا يقصده وأن يمضي إِلَى مصر فخالفه وقصد الكَرَك، فوقع عند بركة زِيزَى وانكسرت فخِذُه، ولمّا قصد حصنَ الأكراد مرَّ الشَّيْخ الخضر بَبَعْلَبَكّ، فسألوه عن أَخَذَ الحصن، فقال: يأخذه السّلطان فِي أربعين يومًا، فوافق ذلك، ولمّا توجه السّلطان إِلَى الروم كان خضِر فِي الحبْس، فأخبر أنّ السّلطان يظفر ويعود إِلَى دمشق وأموت ويموت بعدي بعشرين يومًا. فاتّفق ذلك كذلك.
قَالَ: ولمّا نَقَم السّلطان عليه وأحضر من يحاققه ونسب إلى أمور لا تصدر من مُسْلِم، فشاور السّلطان فِي أمره، فأشاروا بقتله، فقال هو للسّلطان: أَنَا أجلي قريبٌ من أجلك وبيني وبينك أيام يسيرة، فوجم لها السلطان. وتوقف وحبسه وضَيّق عليه، لكنّه كان يرسل له الأطعمة الفاخرة والملابس. وكان حبسه فِي شوّال سنة إحدى وسبعين، ولمّا وصل السّلطان من الرّوم إِلَى دمشق كتب إِلَى مصر بإخراجه، فوصل البريد بعد موته وكان السّلطان قد بنى له عدّة زوايا فِي عدّة بلاد وصرَّفه فِي المملكة بحيث كان لا يخالف أمره. وكان كلّ أحدٍ يتَّقي جانبه، حَتَّى بيليك نائب السّلطنة والصّاحب بهاء الدّين وكان واسع الصّدر، كثير العطاء وكانت أحواله غير متناسبة، قلت: كان ينبسط ويخرّب ويمزح وَإِذَا كتب ورقة كتب: " من خضِر نيّاك الحمارة ".
أُخرج من سجن القلعة ميتًا فِي سادس المحرَّم، فحُمِل إِلَى الحُسينيّة، فدُفن بزاويته وقد نيَّف على الخمسين.
وقال شيخنا ابن تَيْميّة: كان خضِر مسلمًا، صحيح العقيدة، لكنّه قليل الدّين، باطوليّ. له حال شيطانيّ.(15/309)
292 - خديجة السّتّ النبّويّة باب جوهر، ابنة أمير المؤمنين الشّهيد المستعصم. [المتوفى: 676 هـ][ص:311]
ماتت ببغداد فِي المحرَّم واحتفل الأعيان لجنازتها وعزائها وتذكّروا أيّام والدها وما جرى عليه وبكوا وكثُرت النّوائح والنّوادب ورُفعت الطرحات. وحزِن صاحب الدّيوان وجلس فِي الجنازة على الأرض، رحمها اللّه تعالى.(15/310)
293 - خطلو الرُّوميّ، عتيق المفتي تقي الدين محمد بن حسين بن علي العطّار. [المتوفى: 676 هـ]
سمع " مُسْنَد الشّافعيّ " من ابن باقا.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة بمصر عن بضْعٍ وسبعين سنة.(15/311)
294 - رُقيَّة بِنْت الحافظ تقيّ الدّين إِسْمَاعِيل بْن عبد الله ابن الانماطيّ. [المتوفى: 676 هـ]
رَوَت بالإجازة عن جماعة.
وتُوُفِّيت بدومة في جمادى الأولى.(15/311)
295 - زكيُّ بْن الْحَسَن بْن عِمْرَانَ، أبو أَحْمَد ابن البَيْلقَانيّ، الشافعيّ، المتكلّم. [المتوفى: 676 هـ]
فقيهٌ مُناظِر، عارف بالُأصول والكلام والعقليّات، قرأ على الفخر الرّازيّ عِلم الكلام وسمع الحديث من المؤيِّد الطّوسيّ وغيره. وكان يروي عنه " صحيح مسلم " و" الموطأ " المصعبي " وجزء ابن نجيد ".
ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقدِم دمشقَ تاجرًا سنة ستٍّ وثلاثين وستّمائة وحدَّث بها بأحاديث قرأها عليه الشَّيْخ تاج الدّين أبو الْحَسَن بْن أبي جَعْفَر القُرْطُبيّ.
وسمع منه: النجيب الصفار والجمال ابن الصّابونيّ، ثُمَّ سافر وأقام باليمن مدّةً واشتهر بها. وقرؤوا عليه في العقليات وغيرها. وعُمِّر دهرًا.
روى عَنْهُ المحدّث نور الدّين عليّ بْن جَابِر الهاشميّ وشهاب الدّين [ص:312]
أَحْمَد بْن مُحَمَّد الإسْعِرديّ التّاجر، نزيل الإسكندرية وغيرهما.
وذكر ابن جَابِر أنّه تُوُفِّيَ بثغر عَدَن أبين سنة ستٍّ هَذِهِ
وقد مدحه ابن جَابِر بأبيات وسُئل عَنْهُ فقال: كان فريد دهره علومًا وورعًا وزُهدًا، من أصحاب فخر الدّين. وكان رُفَقاؤه فِي الاشتغال الخُسْروشاهي والأفضل الخونجيّ وجُلّ اشتغاله على القُطْب الْمصْرِيّ.
تخرَّج به جماعة باليمن. وكان معظَّمًا بها عند الخاصّة والعامة.
قلت: وروى عَنْهُ من القدماء الجمال ابن الصّابونيّ. وقد سكن الإسكندرية، مدّةً. وكان كارميًّا.(15/311)
296 - ستُّ العرب بِنْت الجمال عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك بْن عُثْمَان المقدِسيّ. [المتوفى: 676 هـ]
روت عن ابن اللّتّيّ وماتت فِي رمضان.(15/312)
297 - سلطان شاه بْن أبي بَكْر بْن عُثْمَان بْن عليّ، أبو مُحَمَّد الزَّنْجيليّ، [المتوفى: 676 هـ]
حفيد صاحب المدرسة الّتي برأس السبعة.
روى عن أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، روى عَنْهُ ابن الخبّاز وغيره وأجاز لأبي محمد البرزالي.
ومات في صفر بمدرسة جده.(15/312)
298 - سليمان بن علي، الصاحب معين الدين البرواناه. [المتوفى: 676 هـ]
كان أبوه مهذب الدين علي بن محمد أعجميا سكن الروم وكان يقرئ القرآن ويعلم أولاد مستوفي الروم، ثم أنه ناب عنه، ثم ولي موضعه في أيام السلطان علاء الدين صاحب الروم. ثُمَّ ظهرت كفايته فاستوزره مدّةً. ثُمَّ وَزَرَ لولده غياث الدّين إِلَى أن مات سنة اثنتين وأربعين ورتّب علاء الدّين بعده فِي وزارته وَلَدَه هَذَا، فعظُم أمره إِلَى أن استولى على ممالك الرّوم وصانع التّتار وداراهم وعمرت البلاد به.
وكاتب الملك الظّاهر. وكان من رجال العالم ودُهاتهم وشجعانهم. له إقدام على الأهوال وخبرة بجمع المال. ثُمَّ نقم عليه أبْغا ونسَبَهَ إِلَى أنّه هو جسر الملك الظاهر على دخول الروم، فحصل ما وقع من قتْل أعيان المُغْل فِي المصاف. فبكت [ص:313]
الخواتين وشقّوا الثّياب بين يدي أبْغا وقالوا: " البرواناه هُوَ الَّذِي قُتِلَ رجالنا، ولا بد من قتْله ". فقتله أبْغا فِي المحرَّم ومات فِي عَشْر السّتّين، قيل: فِي سابع عشر ربيع الأول. وقيل: قُطِّعَت أربعته وهو حيّ، ثُمَّ أُلقي فِي مِرْجَلٍ وسُلِق وأكل المُغْلُ من لحمه من حنْقهم. وقتلوا معه فِي الروم خلائق.(15/312)
299 - سُنْقر، الأمير عزّ الدّين الرّوميّ. [المتوفى: 676 هـ]
أحد الشجعان المذكورين والأمراء المتكلمين فِي دولة الظّاهر إِلَى أن قبض عليه وحُبس مدّةً. ثُمَّ مات وقد نيَّف على الخمسين، قاله قطب الدين.(15/313)
300 - الشّهاب التّلّعفريّ مُحَمَّد بْن يوسف. [المتوفى: 676 هـ]
قد مرّ سنة خمسٍ. وذكر بعضهم أنّه تُوُفِّيَ سنة ست، فالله أعلم.(15/313)
301 - عامر بْن محمود بْن سلامة، القلعيّ، الحرّانيّ. [المتوفى: 676 هـ]
روى عن عَبْد القادر الرّهاويّ ومات بالقاهرة فِي ربيع الأول، كان آدميًا فِيهِ دِين وخير، سمع منه جماعة كالحارثيّ وابن جعوان.(15/313)
302 - عَبْد الباقي بْن عليّ بْن عَبْد الباقي، الصالحي، الصحراوي. [المتوفى: 676 هـ]
سمع ابن الزبيدي، تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(15/313)
303 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن عليّ، المغيريّ، المخزوميّ، الشَّيْخ عماد الدّين، أبو القاسم. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وتسعين وسمع من ابن المفضّل، تُوُفِّيَ فِي رمضان بالثّغر.(15/313)
304 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عِمْرَانَ، المفتي الإِمَام تاج الدّين المالكيّ، [المتوفى: 676 هـ]
إمام المالكية بدمشق.
مات فِي ربيع الأوّل.(15/313)
305 - عَبْد السّلام بْن عُمَر بْن صالح، الأديب البارع، نجمُ الدّين، أبو الميسر الْبَصْرِيّ الشاعر، [المتوفى: 676 هـ]
صاحب الشِّعر البديع. [ص:314]
مات فِي رجب ببغداد ويُعرف بابن الدّوس.(15/313)
306 - عَبْد الصمد بْن أَحْمَد بْن عَبْد القادر بْن أبي الجيش، الإِمَام الْمُقْرِئ، المجوِّد، الزّاهد، القُدوة، مجدُ الدّين، أبو أَحْمَد الحنبليّ، الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 676 هـ]
سمع من محمد بن أبي غالب، شيخ قديم وعبد العزيز بن أحمد ابن النّاقد وأحمد بْن صرْما والفتح بْن عَبْد السّلام وجماعة.
وقرأ القرآن والفِقْه ولم يمعن فيه. وأجاز لَهُ أبو الفَرَج ابن الْجَوْزي وجماعة وقرأ القراءات السَّبْع على الفخر الْمَوْصِلِيّ وجماعة، وسمع " الشّاطبيّة " من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عُمَر القُرْطُبيّ الْمُقْرِئ وسمع الكُتُب الكبار فِي القراءات واعتنى بها عنايةً كلّيّة وانتهت إليه مشيخة بغداد فِي الإقراء.
قرأ عليه القراءات: تقيّ الدّين أبو بَكْر الْجَزَريّ المقصّاتيّ وابن خروف الحنبليّ وأبو الْعَبَّاس أَحْمَد الْمَوْصِلِيّ الحنبليّ وجماعة، وروى عَنْهُ الدمياطيّ والشّيخ إِبْرَاهِيم الرقي الزاهد وأبو سعد عَبْد اللّه بْن مُحَمَّد بْن أبي صالح الجيليّ وجماعة. وكانت له حلقة كبيرة، تخرّج به جماعةٌ فِي القرآن والخير والفقر والتصوف والسنة.
وقرأت بخطّ السيّف ابن المجد قَالَ: كنت ببغداد وقد بنى الخليفة المستنصر مسجدًا كبيرًا وزخرفه واعتنى به وجعل به من يتلقّن ويُسمع الحديث، فامتدّت الأعناق إليه، فاستدعى الوزير ابن النّاقد جماعة من القّراء وكان هناك بعض الحنابلة، فقال: تنتقل عن مذهبك وتكون إمامًا، فأجاب. وأما صاحبنا عَبْد الصمد بْن أَحْمَد فقال له ذلك، فقال: لا أنتقل عن مذهبي. فقال: أليس مذهب الشّافعيّ حَسَنًا؟ فقال: بلى ولكنّ مذهبي ما علمت به عيبا أتركه لأجله. فبلغ الخليفة ذلك، فاستحسن قوله وقال: هُوَ يكون إمامه دونهم وعُرِضت عليه العدالة والنّاس هناك يتنافسون فيها جدًّا، فأباها.
قلت: وحدَّثني المقصّاتيّ أنّ الشَّيْخ عَبْد الصمد حدَّثه أنه باع بقيارا له بسبعة دنانير وأعطاها لشيخه الفخر الْمَوْصِلِيّ؛ حَتَّى طوّل روحه وأسمعه كتابًا فِي القراءات لمكيّ " التبّصرة " أو غيره. [ص:315]
وحدَّثني أنّه قَالَ: عرضتُ " الشّاطبيّة " على القُرْطُبيّ، ثُمَّ قلعتُ فرجيَّةً عليَّ ووضعتها على أكتافه، فنظر فيها وقال: هَذِهِ لي أَنَا؟ فقلت: نعم.
وحدَّثني أن الشَّيْخ عَبْد الصمد قَالَ: اعمل لي مقصا. فعملته وأتيته به، فَمَا أخذه حَتَّى أعطاني ثمنه وأكثر من ثمنه.
قَرَأْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الزاهد: قال: أخبرنا عبد الصمد، قال: أخبرنا عبد العزيز ابن الناقد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا جابر بن ياسين، قال: أخبرنا عمر بن إبراهيم، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا هدبة، قال: حدثنا همام: قال: سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ " يُمْسِكُ الْمُعْتَمِرُ عَنِ التَّلْبِيَةِ حِينَ يَفْتَتِحُ الطَّوَافَ ".
تُوُفِّيَ فِي سابع عشر ربيع الأول ومولده فِي أوّل سنة ثلاثٍ وتسعين.(15/314)
307 - عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الفتح، المَقْدِسيّ. [المتوفى: 676 هـ]
روى عن الموفَّق وابن الزُّبَيْديّ ومات فِي جُمَادَى الآخرة.(15/315)
308 - عَبْد الْعَزِيز بْن أبي نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن ابن عساكر، شمس الدّين أبو مُحَمَّد. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من عمر بن طبرزد وأبي اليمن الكِنْديّ وأحمد بْن أبي الفضل بْن حديد وأحمد بْن سيِّدهم، روى عَنْهُ أبو الْحَسَن ابن العطّار وابن الخبّاز وجماعة. وخرّج عَنْهُ الدّمياطيّ فِي " معجمه " ومات فِي جُمَادَى الأولى.(15/315)
309 - عَبْد القاهر بْن عَبْد السّلام بْن أبي القاسم، المهذّبُ جمال الدّين السُّلَميّ، الدّمشقيّ، [المتوفى: 676 هـ]
أخو الشَّيْخ عز الدين ابن عَبْد السلام.
تُوُفِّيَ فِي شوّال بمنزله بعَقَبَة الكتّان، كتب فِي الإجازات لعَلَم الدّين البِرْزاليّ وغيره. وله إجازة من الخشوعي والقاسم ابن عساكر، سمع منه بعض الطَّلَبة.(15/315)
310 - عَبْد الكريم بْن الْحُسَيْن بْن رزين، شمس الدّين الحمويّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 676 هـ]
أخو الشَّيْخ تقيّ الدّين ابن رزين.
فقيه ديِّن، منقبض عن النّاس. درّس مُدَيْدة بالسَّيْفيّة بالقاهرة.
ومات فِي ذي الحجّة.(15/316)
311 - عَبْد الملك بْن عِيسَى بْن أبي بَكْر بن أيوب، الملك القاهر، بهاء الدين ابن السّلطان الملك المعظّم. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وستّمائة. وسمع من ابن اللّتّيّ وغيره وحدَّث.
وكان حسن الأخلاق، سليم الصدر، كثير التواضع، يعاني زي الأعراب في لباسه ومركبه وخطابه ويتبادى. وكان بطلًا شجاعًا من الفُرسان المعدودين.
قَالَ الشيخ قطب الدين: حدثني تاج الدين نوح ابن شيخ السّلاميَّة أنّ الأمير عزّ الدّين أيدمر العلاني نائب صفد حدّثه قَالَ: كان الملك الظاهر مُولَعًا بالنّجوم، فأُخبِر أنّه يموت فِي هَذِهِ السّنة بالسُّمّ ملك. فوجم لذلك وكان عنده حَسَدٌ لمن يوصف بالشجاعة، أو يُذكر بجميل. وأنّ الملك القاهر لمّا كان مع السّلطان فِي وقعة البُلُسْتَيْن فعل أفاعيلَ عجيبةُ وبيّن يوم المَصَافّ وتعجّب النّاس منه، فحسده. وكان حصل للسّلطان نوعُ ندمٍ على تورَّطه فِي بلاد الروم، فحدثه الملك القاهر بما فِيهِ نوعٌ من الإنكار عليه، فأثّر أيضًا عنده. فَلَمَّا عاد بَلَغَه أنّ النّاس يُثْنون على ما فعل الملك القاهر، فتخيّل فِي ذِهنه أنّه إذا سمّه كان هُوَ الَّذِي ذكره المنجّمون؛ فأحضره عنده يوم الخميس ثالث عشر المحرَّم لشُرْب القُمْز وجعل السقية في وريقة في جيبه، للسّلطان ثلاث هنابات مختصّة به، كلّ هناب مع ساقٍ، فَمَنْ أكرمه السّلطان ناوله هنابًا منها، فاتّفق قيام القاهر ليبزل، فجعل السّلطان ما فِي الوُرَيقة فِي الهناب وأمسكه بيده وجاء القاهر فناوله الهناب، فقبّل الأرض وشربه. وقام السّلطان ليبزل، فأخذ السّاقي الهناب من يد القاهر وملأه على العادة ووقف. وأتى السلطان فتناول [ص:317]
الهناب وشرِبه وهو لا يشعر أو نسي، فَلَمَّا شرب أفاق على نفسه وعلم أنّه شرب من ذلك الهناب وفيه آثار من السُّمّ، فتخيّل وحصل له وَعَكٌ وتمرّض ومات.
وأمّا القاهر فمات من الغد. ذكر العلّانيّ أنّه بَلَغَه ذلك من مطِّلِع على الأمور لا يشكّ فِي أخباره.
وقال شمس الدّين الْجَزَريّ: فِي منتصف محرَّم يوم السّبت مات القاهر فجاءة. كان راكبا بسوق الخيل، فاشتكى فؤاده، فأسرع إِلَى بيت أخته زَوْجَة الملك الزّاهر لقُربه، فأدركه الموت فِي باب الدّار.
وَفِي " تاريخ المؤيَّد ": اختُلِف فِي سبب موت القاهر، فَقِيل: انكسف القمر كلُّه وتكلَّم النّاس أنّه لموت كبير، فأراد الظاهر صَرْفَ ذلك عَنْهُ، فاستدعى القاهر وسمَّ له القُمز وسقاه، ثُمَّ نسي وشرب من ذلك النهاب، فحصل له حُمَّى محرقة.(15/316)
312 - عزيَّة بِنْت مُحَمَّد بن عبدُ الملك بن عبد الملك بن يوسُف المقدِسيّ. [المتوفى: 676 هـ]
روت عن ابن اللّتّيّ وماتت فِي صفر.(15/317)
313 - عتيق بْن عَبْد الجبّار بْن عتيق، العدل عماد الدين أبو بكر الأنصاري، الصقلي، الشّاهد. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ بالإسكندرية سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وستّمائة. وقدِم دمشق فسمع بها من أبي محمد ابن البنّ وزين الُأمَنَاء وابن الزُّبَيْديّ.
وكان صدوقًا، صالحًا، متديّنًا، متواضعًا، من كتاب الحُكْم، سقط فِي بِركة المقدّميّة وهو يتوضأ، فاختنق ومات شهيدًا فِي شوّال.
كتب عَنْهُ الطَّلَبة وأجاز لي مَرْويّاته.
فائدة وهي:(15/317)
• - عتيق بْن عَبْد الجبار البَلَنْسيّ الشّاهد، [المتوفى: 676 هـ]
كتب للقُضَاة أربعين سنة.
ومات سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة.
ذكره الأبّار.(15/318)
314 - عليّ بْن درباس بْن يوسف، الأمير جمال الدّين الحُميْديّ. [المتوفى: 676 هـ]
ذكره اليُونينيّ فقال: ولد سنة أربع وستمائة. وكان عالي الهمَّة وافر البِرّ والإفضال، جوادًا، له مَهابة شديدة وسطوة وسياسة. ولمّا تُوُفِّيَ الملك الظّاهر أحضره نائب دمشق وحبسه وصادره وكان فِي نفسه منه. ثُمَّ خرج وبقي بطّالًا من الولاية فِي منزلة بجبل قاسيون وخُبزه عليه. ولمّا عُزِل تاب وأقلع عن المظالم وبقي يصلّي باللّيل ويبكي، وكان حَسَن المحاضرة، فاضلًا.
توفي في آخر رجب.(15/318)
315 - عليّ بْن صالح بْن عليّ بْن صالح بْن أبي عمامة، القاضي عماد الدّين الْقُرَشِيّ، الْمصْرِيّ. [المتوفى: 676 هـ]
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأولى ودُفن بالقرافة.
سمع ابن باقا، وحدَّث.(15/318)
316 - عليّ بن أبي عبد الله ابن النّظام، الْبَغْدَادِيّ، الطّبيب البارع، نجم الدّين. [المتوفى: 676 هـ]
مات ببغداد في شعبانها.(15/318)
317 - علي بن علي بن إسفنديار ابن الموفق ابن أبي عليّ، الواعظ، العالم، نجم الدّين، أبو عِيسَى الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ سنة ستّ عشرة وستّمائة.
وسمع ابن اللّتّيّ والحسين ابن رئيس الرؤساء وعبد اللّطيف ابن القُبَّيْطيّ.
وقدِم دمشق ووعظ فحصل له قَبُولٌ زائد، وازدحم النّاس على ميعاده لحُسن إيراده ولُطْف شمائله. وكان يتكلَّم فِي المحافل. وولي مشيخة المجاهدية.
روى عنه أبو الحسن ابن العطّار وابن الخبّاز وجماعة. وكان حُلْو النّادرة، طيّب الأخلاق، لا يُمَلّ منه ومجالسه [ص:319]
نزِهة الوقت وفيه حُلْم زائد واحتمال.
حكى القاضي شهاب الدّين محمود أنّ ابن سمنديار كان كثير المبيت عنده والمباسطة، قَالَ: وكان يحيي غالب الليل في الصلاة والخير ويُصبح يعمل المجلس، فتُرى عليه هيبة وجلالة ولا يَمَلّ أحدٌ من المجلس.
قَالَ ابن خَلِّكان: أَنَا أحكي الحكاية للشيّخ نجم الدّين، ثُمَّ يعيدها هُوَ، فأتمنّى أنّه لا يفرغها من تنميقه وفصاحته في بيانه. وقد أستأذن الملك النّاصر فِي الوعظ فِي أيّام ابن الجوزيّ، فلم يأذَن له.
مات فِي رجب ودفن بمقابر الصُّوفيّة، رحمه اللّه.(15/318)
318 - عليّ بْن عُمَر بْن عليّ بْن حربون، الْقُرَشِيّ، الإسكندرانيّ، الْمُقْرِئ، أبو الْحَسَن. عُرِف بالمهتدي. [المتوفى: 676 هـ]
توفي بالقاهرة.(15/319)
319 - العماد بْن أبي العواقب. [المتوفى: 676 هـ]
رَجُل متميِّز، معروف، قُتِلَ فِي داره بدرب العجم فِي ربيع الأول.(15/319)
320 - عُمَر بْن إلياس بْن الخضِر بْن قُزغليّ، الرّهاويّ. [المتوفى: 676 هـ]
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة بدمشق. سمع ابن البرهان وحدَّث.(15/319)
321 - عُمَر بْن عَبْد السّلام، أبو حَفْص الدُّنَيْسريّ. [المتوفى: 676 هـ]
حدَّث بمصر عن: ابن اللّتّيّ.
ومات فِي صفر.(15/319)
322 - عُمَر، الشَّيْخ شرف الدّين النهاونديّ، الصُّوفيّ، المعروف بالرّمّال. [المتوفى: 676 هـ]
قَالَ اليُونينيّ: تُوُفِّيَ بمصر وقد جاوز التّسعين. وكان صالحًا، زاهدًا، متعبّدًا، كثير الأسفار، مشهورًا.
مات فِي صفر.(15/319)
323 - عنبر، عتيق الفخر مُحَمَّد بْن إبراهيم الفارسي، الصوفي. [المتوفى: 676 هـ]
روى عن مولاه ومات في ربيع الآخر.(15/319)
324 - فريدون بْن همايون بن زرّينكمر، أبو المناقب الدَّيْلميّ، الشّيرازيّ. [المتوفى: 676 هـ]
روى " مجلس رزق اللّه " عن أبي بَكْر بن سابور، كتب عَنْهُ الشريف وسعد الدين مسعود وشمس الدين ابن جعوان والطلبة.
ومات في ذي القعدة بمصر عن بضعٍ وستّين سنة، وسمع أيضًا من مُكْرم.(15/320)
325 - فوارس بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز، الغسّانيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، الصّدر الكبير وجيهُ الدّين. [المتوفى: 676 هـ]
سمع: مُحَمَّد بْن عماد وجماعة وله " مشيخة ".
توفي في شهر شعبان، رحمه الله.(15/320)
326 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن منظور، الإِمَام الزّاهد، أبو عَبْد اللّه الكِنانيّ، الْمصْرِيّ، العسقلانيّ. [المتوفى: 676 هـ]
شيخ صالح عارف له أتباع ومريدون وزاوية بالمقْس، حدث عن: أبي الفتوح الجلاجلي، روى عَنْهُ الدّمياطيّ والدّواداريّ. وتُوُفِّي فِي رجب.
وكان فقيهًا فاضلًا عاش ثمانين سنة. وله جدة وصَدَقَة.(15/320)
327 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد بْن عَليّ بْن سُرُور، الشَّيْخ الإِمَام، قاضي القضاة، شمس الدين أبو بكر ابن الشَّيْخ العماد المقدسيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ فِي صفر سنة ثلاثٍ وستّمائة.
وسمع: أَبَا اليُمْن الكندي وأبا القاسم ابن الحرستاني وابن ملاعب والشيخ الموفق وتفقه عليه، وأبا عبد الله ابن البناء الصُّوفيّ ومحمد بْن كامل التَّنُوخيّ وأحمد بْن مُحَمَّد بْن سيدهم.
وحضر عليّ عُمَر بْن طَبَرْزَد، وسمع ببغداد من الفتح بْن عَبْد السّلام وعُمَر بْن كرم الحمّاميّ وعبد السّلام الدّاهريّ وابن روزبة وجماعة. وسكنها وتأهّل بها وجاءته الأولاد، فأسمعهم من الكاشْغَريّ وغيره.
ثُمَّ ارتحل وسكن الدِّيار المصريّة فِي سنة بضْعٍ وأربعين ورأَسَ بها فِي [ص:321]
مذهب أَحْمَد، وصار شيخ الإقليم وحاكمه، وشيخ الخانقاه السّعيدية فِي الأيّام الظاهريّة.
وكان إمامًا محقّقًا، كثير الفضائل، صالحًا، خيرًّا، حَسَنِ البِشْر، مليح الشّكْل، كثير النّفع والمحاسن. وقد نالته محنةٌ ذكرناها فِي الحوادث. روى عَنْهُ الدّمياطيّ، والقاضي سعد الدّين الحارثيّ، والشّيخ عليّ النّشّار، والشيخ قُطْبُ الدّين عَبْد الكريم وقال: هُوَ أوّل شيخٍ سمعت منه وذلك فِي سنة أربعٍ وسبعين، وطائفة.
وكان حَسَن السَّمْت، مَهيبًا، له مشاركة فِي عدّة فنون ويعرف كلام الصّوفيَّه ويتكلَّم على طريقتهم فيما بلغني. وتُحكى عَنْهُ كرامات ومكاشفات، وكان كثير البِرّ والإيثار للفقهاء، حسن التواضع، كبير القدر، رحمه الله.
وقد عزل عن القضاء في سنة سبعين، وحُبس سنتين بالقلعة. ثُمَّ أُطلق ولزِم بيته يدرّس ويُفتي ويُشغل، ويروي الحديث إِلَى أن تُوُفِّي فِي الثاني والعشرين من المحرَّم بالقاهرة.
وقد سمعت من ولديه أَحْمَد وزينب. وقد خرج شيخنا ابن الظاهري له معجما حدَّث به سوى الجزء العاشر، قَالَ الحافظ عَبْد الكريم: سمعتُ منه " صحيح مُسْلِم " بسماعه من ابن الحَرَسْتانيّ. قَالَ: وسمع بمكّة من أبي الْعَبَّاس القسطلانيّ، وبحلب من أبي مُحَمَّد ابن الأستاذ، وبحرّان من أَحْمَد النّجّار، وبالمَوْصِل من عُمَر بْن معالي.(15/320)
328 - مُحَمَّد بْن حياة بْن يحيى، القاضي، الإِمَام، الزّاهد، تقيّ الدين الشافعي، الرقيّ. [المتوفى: 676 هـ]
كان من خيار القضاة وصُلحائهم، ولّاه الملك الظاهر قضاء حمص. وكان يعرفه قديمًا ويثق بدينه، فزاره بحمص فِي بيته وقال: أَطْعِمنا شيئًا. فأحضر مأكولًا وأكل منه أوّلًا، فتبسم السّلطان وأكل وفرَّق على خواصّه. ثُمَّ ندبه لقضاء حلب، وكان محمود السيرة، متين الدّيانة.
حجّ، وتُوُفِّي إِلَى رحمة اللّه بتَبُوك راجعًا في المحرم. [ص:322]
وكان عديم التكلُّف، سار إِلَى قضاء حلب على حمارٍ مع المَكَاريّة، ولم يتّخّذ بغلةً. وقد ناب فِي القضاء لابن الصّائغ، وأَمَّ بالعادليّة.(15/321)
329 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُهَنَّا بْن مخلوف، الإسكندرانيّ، أبو عَبْد اللّه. [المتوفى: 676 هـ]
سمع الكثير، وحجَّ ومات فِي الرَّجْعة فِي المحرَّم، سمع من ابن عماد " الخِلَعيّات " كاملة.(15/322)
330 - مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن عُثْمَان، المفتي الإِمَام، عماد الدين ابن الشماع المارديني الحنفي، [المتوفى: 676 هـ]
مدرس مدرسة القصاعين وغيرها، وإمام مقصورة الحنفيّة، ومدرِّس الصّادريّة.
كان ديِّنًا خيرًا، من علماء الحنفية المذكورين بالسّماحة والكرم، تُوُفِّيَ كهلًا فِي رجب.(15/322)
331 - مُحَمَّد بْن علي بن شجاع بن سالم، الشيخ محيي الدين ابن الكمال الضرير، الهاشميّ، العباسيّ، [المتوفى: 676 هـ]
سبط أبي القاسم الشّاطبيّ.
وُلِدَ سنة أربع عشرة، وسمع من ابن باقا وجماعة، وحدَّث. وكان أديبًا فاضلًا، له النَّظْم والنَّثْر.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة بمصر.(15/322)
332 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الواحد بْن هلال، الصدر الجليل، عماد الدّين، ابن المولى كمال الدّين، الأزْديّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 676 هـ]
ناظر الأيتام.
وُلِدَ سنة اثنتين وستّمائة، وسمع من أبي القاسم بْن صَصْرى وجماعة، وحدَّث.
وكان عدْلًا، مأمونًا، ديِّنًا، خيِّرًا، صاحب مكارم ولُطْف وحُسْن محاضرة. ولي نظر الأيتام مدة سنين، وحمدت سيرته، وتوفي إلى رحمة الله [ص:323]
فِي جُمَادَى الآخرة وله أربعٌ وسبعون سنة، وهو من بيت مشهور بالعدالة والرياسة ورواية العلم.
حدثنا عنه الشيخ علي ابن العطار.(15/322)
333 - محمد بن أبي زكري يحيى بْن عَبْد الواحد بْن أبي حَفْص عمر إينتي، السّلطان أبو عَبْد اللّه البَرْبريّ، [المتوفى: 676 هـ]
صاحب تُونُس وإفريقية.
مات فِي حادى عشر ذي الحجّة بتُونس، وكانت دولته سبعًا وعشرين سنة أو أكثر، ولَقَبُه المستنصر بالله، وولي بعده ابنه.(15/323)
334 - مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم، عفيف الدّين الشّاغوريّ، [المتوفى: 676 هـ]
مؤذّن القلعة.
حدَّث عن ابن الزبيدي، وتوفي في صفر. حدثنا عنه إسحاق الآمدي، وولد تقريبا سنة ستمائة.(15/323)
335 - محمود بْن عليّ بْن أبي القاسم، الغسّال. [المتوفى: 676 هـ]
أحد من سمع الكثير من ابن عَبْد الدّائم وطبقته، وحصَّل، وأثبت له الطَّلَبة، وحجّ فتُوُفِّيَ فِي أيّام مِنَى، وما أظنه حدَّث.(15/323)
336 - منكبا بْن عُمَر بن منكبا، الَأسَديّ الْمصْرِيّ، مجاهد الدين. [المتوفى: 676 هـ]
حدث عن يوسف ابن المخيليّ، وقَيْماز المعظّميّ. وكان فاضلا شاعرا، توفي في رمضان.
ويدعى أيضا تركانشاه كما تقدم.
كان محدثا، كثير الفضائل.(15/323)
337 - نصر بن عبيد، الشيخ أبو الفتح السوادي القدمي الحنبلي المقرئ الصالحي. [المتوفى: 676 هـ]
ولد سنة ستمائة بقريته من السواد، واشتغل بجبل قاسيون. وسمع من ابن الزُّبَيْديّ، والإربِليّ، وجماعة. روى عَنْهُ ابن الخبّاز، والدّواداريّ، وابن العطّار، وغيرهم. [ص:324]
وكان صالحًا، زاهدًا، فاضلًا، خيِّرًا. وهو والد العدل زين الدّين عَبْد الرَّحْمَن الحنفيّ، والشّيخ أحمد المقرئ.
توفي في رجب، رحمه الله.(15/323)
338 - نعمة بْن مُحَمَّد بْن نعمة بن أَحْمَد، أبو الشُّكْر النّابلسيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 676 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ وستمائة. وسمع من ابن الزُّبَيْديّ، والعَلَم السّخاويّ، وابن الصلاح. روى عَنْهُ ابن الخباز، وابن العطار. ومات في جمادى الآخرة.(15/324)
339 - يحيى بْن زكريّا بْن مَسْعُود، الشَّيْخ الْمُقْرِئ الزّاهد، أبو زكريّا المنبجيّ. [المتوفى: 676 هـ]
كان شيخًا صالحًا، خيِّرًا، عابدًا، مجوِّدًا للقرآن. عرض على الشَّيْخ أبي عَبْد اللّه الفاسيّ، وتصدّر بجامع دمشق للإقراء والتّلقين، وكانت له حلقة كبيرة. وحدث عن أبي القاسم بْن رواحة وغيره، وتخرَّج به جماعة، وأقرأ زمانًا.
تُوُفِّيَ فِي خامس المحرم، رحمه الله.(15/324)
340 - يحيى بْن شرف بْن مُرّي بْن حسن بْن حُسَيْن، مفتي الأمَّة، شيخ الإِسْلَام، محيي الدّين، أبو زكريّا النّواويّ، الحافظ الفقيه الشّافعيّ الزّاهد، [المتوفى: 676 هـ]
أحد الأعلام.
وُلِدَ فِي العَشْر الأوسط من المحرَّم سنة إحدى وثلاثين بنَوى، وجدّهم حسين هُوَ حُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جُمعة بن حزام الحزامي؛ بحاء مهملة وزاي.
نزل حزام بالجولان، بقرية نَوَى على عادة العرب، فأقام بها ورزقه اللّه ذُرّيَّة إِلَى أن صار منهم عددٌ كثير.
قَالَ الشَّيْخ محيي الدّين: كان بعض أجدادي يزعم أنّها نسبة إِلَى حزام والد حكيم بْن حِزام رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وهو غلط.
والنَّووي بحذْف الألِف، ويجوز إثباتها.
حكى والده لشيخنا أبي الحسن ابن العطّار أن الشَّيْخ كان نائمًا إِلَى [ص:325]
جنبه وهو ابن سبْع سنين ليلة السابع والعشرين من رمضان، قَالَ: فانتبه نحو نصف اللّيل وأيقظني، وقال: يا أَبَه، ما هَذَا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ فاستيقظ أهله كلهم، فلم نر كلنا شيئًا، فعرفت أنّها ليلة القدر. وقال ابن العطّار: ذكر لي الشَّيْخ ياسين بْن يوسف المُرّاكِشيّ رحمه اللّه قَالَ: رَأَيْت الشَّيْخ محيي الدّين وهو ابن عشر بنَوَى والصّبيان يُكرهونه على اللِّعب معهم، وهو يهرب ويبكي، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع فِي قلبي محبّتُه. وجعله أَبُوهُ فِي دُكّانٍ بالقرية، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، فوصَّيْت الَّذِي يُقرِئه وقلت: هَذَا يُرجى أن يكون أعلم أَهْل زمانه وأزهدهم. فقال لي: أمنجم أنت؟ قلت: لا، وإنما أنطقني اللّه بِذَلِك. فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه إلى أن ختم، وقد ناهَزَ الاحتلام.
قَالَ ابن العطّار: قَالَ لي الشَّيْخ: فَلَمَّا كان لي تسع عشرة سنة قدِم بي والدي إِلَى دمشق فِي سنة تسع وأربعين فسكنتُ المدرسة الرّواحية، وبقيتُ نحو سنتين لم أضع جنْبي إِلَى الأرض. وكان قوتي فيها جراية المدرسة لا غير، وحفظت " التّنبيه " فِي نحو أربعة أشهر ونصف.
قَالَ: وبقيت أكثر من شهرين أو أقلّ لمّا قرأت: يجب الغُسْل من إيلاج الحشفة فِي الفَرْج، أعتقد أنّ ذلك قرقرة البطن، وكنت أستحمّ بالماء البارد كلّما قرقر بطني.
قَالَ: وقرأت حِفْظًا رُبع " المهذَّب " فِي باقي السنّة، وجعلت أشرح وأصحِّح علي شيخنا كمال الدّين إِسْحَاق بْن أَحْمَد المغربيّ، ولازَمْتُه فأُعجِب بي وأحبّني، وجعلني أُعيد لأكثر جماعته. فَلَمَّا كَانَتْ سنة إحدى وخمسين حججتُ مع والدي، وكانت وقْفَة جُمعة، وكان رحيلنا من أوّل رجب، فأقَمْنا بالمدينة نحوًا من شهر ونصف. فذكر والده قَالَ: لمّا توجهنا من نَوَى أَخَذَتْه الحُمّى، فلم تفارقْه إِلَى يوم عرفة، ولم يتأوَّه قَطَّ، ثُمَّ قدِم ولازَم شيخه كمال الدّين إِسْحَاق.
قَالَ لي أبو المفاخر مُحَمَّد بْن عَبْد القادر القاضي: لو أدرك القُشَيْريُّ شيخكَم وشيخَه لمّا قدّم عليهما فِي ذِكره لمشايخها - يعني " الرسالة " - أحدا [ص:326]
لِما جُمع فيهما من العِلم والعمل والزُّهد والورع والنُّطْق بالحِكَم.
قَالَ: وذكر لي الشَّيْخ أنّه كان يقرأ كلّ يوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا؛ درسين فِي " الوسيط "، ودرسا فِي " المهذّب "، ودرسًا فِي " الجمع بين الصحيحين "، ودرسًا فِي " صحيح مُسْلِم "، ودرسًا فِي " اللُّمَع " لابن جَنّيّ، ودرسًا فِي " إصلاح المنطق " لابن السِّكّيت، ودرسًا فِي " التّصريف "، ودرسًا فِي أصول الفِقْه - تارةً فِي " اللُّمَع " لأبي إِسْحَاق، وتارة فِي " المنتخب " لفخر الدّين - ودرسًا فِي أسماء الرجال، ودرسًا فِي أصول الدّين. وكنتُ أعلِّق جميع ما يتعلَّق بها من شرح مُشْكل، ووضوح عبارة، وظبط لُغة، وباركَ اللّه لي فِي وقتي. وخطر لي الاشتغال بعِلم الطّبّ، فاشتريت كتاب " القانون " فِيهِ، وعزمتُ على الاشتغال فِيهِ، فأظلم عليَّ قلبي، وبقيت أيّامًا لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكّرت فِي أمري ومِن أَيْنَ دخل عليَّ الدّاخل، فألهمني اللّه أنّ سببه اشتغالي بالطّبّ، فبعت " القانون " فِي الحال، واستنار قلبي.
وقال: كنت مريضًا بالرّواحيّة، فبينا أَنَا فِي ليلة فِي الصّفّة الشّرقيّة منها وأبي وإخوتي نائمون إِلَى جنْبي، إذ نشّطني اللّه وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي إِلَى الذِّكْر، فجعلت أُسبِّح، فبينا أَنَا كذلك بين السّرّ والجهر إذا شيخ حَسَن الصورة جميل المنظر يتوضأ على البِرْكة فِي جوف اللّيل، فَلَمَّا فرغ أتاني قال: يا ولدي، لا تذكُر اللّه تُشوِّش على والدك وإخوتك وأهل المدرسة. فقلت: من أنت؟ قَالَ: أَنَا ناصحٌ لك، ودعني أكون مَن كنت. فوقع فِي نفسي أنّه إبليس، فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورفعتُ صوتي بالتسبيح، فأعرض ومشى إِلَى ناحية باب المدرسة، فانتبه والدي والجماعة على صوتي، فقمت إِلَى باب المدرسة فوجدته مقفلًا، وفتشتها فلم أجد فيها أحدًا غير أهلها. فقال لي أبي: يا يحيى، ما خَبَرُك؟ فأخبرته الخبر، فجعلوا يتعجبون، وقعدنا كلّنا نسبِّح ونذكر.
قلت: ثُمَّ سمع الحديث؛ فسمع " صحيح مُسْلِم " من الرّضَى ابن البرهان. وسمع " صحيح البخاري "، و" مسند الإمام أحمد "، و" سنن أبي [ص:327]
داود"، والنسائي، وابن ماجة، و" جامع الترمذي "، و" مسند الشافعي "، و" سنن الدارقطني "، و" شرح السُّنّة "، وأشياء عديدة. وسمع من ابن عَبْد الدائم، والزّين خَالِد، وشيخ الشّيوخ شرف الدّين عَبْد الْعَزِيز، والقاضي عماد الدّين عَبْد الكريم ابن الحَرَسْتانيّ، وأبي مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن سالم الأنباريّ، وأبي مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بْن أبي اليُسْر، وأبي زكريا يحيى ابن الصيرفي، وأبي الفضل محمد بن محمد ابن البكريّ، والشّيخ شمس الدّين أبي الفرج عَبْد الرَّحْمَن بن أبي عُمَر، وطائفة سواهم.
وأخذ علم الحديث عن جماعة من الحفّاظ، فقرأ كتاب " الكمال " لعبد الغنيّ الحافظ على أبي التقى خَالِد النّابلسيّ، وشرح مسلمًا ومعظم الْبُخَارِيّ على أبي إِسْحَاق بْن عِيسَى المراديّ. وأخذ أُصول الفِقْه عن القاضي أبي الفتح التّفليسيّ؛ قرأ عليه " المنتخب " وقطعة من "المستصفى" للغزاليّ. وتفقّه على الإِمَام كمال الدّين إِسْحَاق المغربيّ ثُمَّ المَقْدِسيّ، والإمام شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن نوح المقدسيّ ثُمَّ الدّمشقيّ، وعزّ الدّين عُمَر بن أسعد الإربلي - وكان النواوي يتأدَّب مع هَذَا الإرِبليّ، ربّما قام وملأ الإبريق ومشى به قُدّامه إِلَى الطهارة - والإمام كمال الدّين سلّار بن الحسن الإربليّ ثُمَّ الحلبيّ صاحب الإِمَام أبي بَكْر الماهانيّ. وقد تفقّه الثّلاثة الأوّلون على ابن الصّلاح، رحمه اللّه.
وقرأ النحو على فخر الدّين المالكيّ، والشيخ أَحْمَد بْن سالم الْمصْرِيّ، وقرأ على ابن مالك كتابًا من تصانيفه وعلّق عَنْهُ أشياء.
أَخَذَ عَنْهُ القاضي صدر الدين سليمان الجعفري خطيب داريا، والشيخ شهاب الدّين أَحْمَد بْن جعوان، والشيخ علاء الدّين عليّ بْن العطّار، وأمين الدين سالم بن أبي الدُرّ، والقاضي شهاب الدّين الإربِديّ. وروى عَنْهُ ابن العطّار، والمِزّيّ، وابن أبي الفتح، وجماعة كثيرة.
أخبرنا علي بن الموفق الفقيه قال: أخبرنا يحيى بن شرف الفقيه قال: أخبرنا خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ الْحَافِظُ.
عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا شيبان قال حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ أعطيها وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ شَيْبَانَ.
وقرأت بخط نجم الدين ابن الخباز: أخبرنا الإمام محيي الدين النووي قال: أخبرنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي عُمَر بْن قُدامة الفقيه قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الزبيدي قال: أخبرنا أبو الوقت، فذكر أول حديث فِي " الصحيح ".
قَالَ شيخنا ابن العطّار: ذكر لي شيخنا رحمه اللّه أنّه كان لا يضيّع له وقتًا فِي ليلٍ ولا نهار إلّا فِي وظيفةٍ من الاشتغال بالعِلم، حَتَّى في ذهابه في الطرق يكرّر أو يطالع. وأنّه بقي على هَذَا نحو ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيف والإشغال والنصح للمسلمين وولاتهم، مع ما هُوَ عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفِقْه، والحرص على الخروج من خلاف العلماء، والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشّوائب، يُحاسب نفسه على الخطْرة بعد الخطْرة. وكان محققا في علمه وفنونه، مدققا في عمله وشؤونه، حافظًا لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عارِفًا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب ألفاظه واستنباط فِقهه، حافظًا للمذهب وقواعده وأُصوله، وأقوال الصّحابة والتّابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم؛ سالكًا فِي ذلك طريقة السَّلَف. قد صرف أوقاته كلّها فِي أنواع العِلم والعمل بالعِلم.
قَالَ: فذكر لي صاحبنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بْن أبي الفتح الحنبليّ قَالَ: كنت ليلةً فِي أواخر اللّيل بجامع دمشق والشّيخ واقف يُصلّي إِلَى سَارِيَة فِي ظُلْمة، وهو يردد قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} مرارًا بحُزنٍ وخشوع، حَتَّى حصل عندي من ذلك ما اللّه به عليم.
قَالَ: وكان إذا ذكر الصّالحين ذكرهم بتعظيم وتوقير وذكر مناقبهم وكراماتهم، فذكر لي شيخنا ولي الدّين عليّ المقيم ببيت لِهْيا قَالَ: مرضتُ بالنِّقْرِس فعادني الشَّيْخ محيي الدّين، فَلَمَّا جلس شرع يتكلَّم في الصبر، فبقي كلما تكلم جعل الألم يذهب قليلا قليلًا، فلم يزل يتكلم حَتَّى زال جميع [ص:329]
الألم. وكنت لا أنام أنا فِي اللّيل، فعرفت أنّ زوال الألم من بركته.
وقال الشيخ رشيد الدين ابن المعلم: عذلتُ الشَّيْخ فِي عدم دخول الحمام وتضييق عيشه فِي أكله ولبْسه وأحواله، وقلت: أخشى عليك مرضًا يُعطّلك عن أشياء أفضل ممّا تقصده. فقال: أن فلانًا صامَ وعبد اللّه حَتَّى اخضرّ. فعرفتُ أنّه ليس له غرض فِي المُقام فِي دارنا هَذِهِ، ولا يلتفت إِلَى ما نَحْنُ فِيهِ.
قَالَ: ورأيت رجلًا قشّر خيارةً ليُطعمه إيّاها، فامتنع وقال: أخشى أن ترطّب جسمي وتجلب النّوم.
قَالَ: وكان لا يأكل فِي اليوم واللّيلة إلّا أكلةً بعد عشاء الآخرة، ولا يشرب إلّا شُربةً واحدة عند السَّحَر، ولا يشرب الماء المبرَّد، ولا يأكل فاكهة، فسألته فقال: دمشق كثيرة الأوقاف وأملاك المحجور عليهم، والتّصرّف لهم لا يجوز إلّا على وجه الغبطة، والمعاملة فيها على وجة المساقاة، وفيها خلاف، والناس لا يفعلونها إلّا على جزء من ألف جزء للمالك، فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟
وقال لي شيخنا مجد الدّين أبو عَبْد اللّه بْن الظهير: ما وصل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح إِلَى ما وصل إليه الشَّيْخ محيي الدّين من العِلم فِي الفِقْه والحديث واللّغة وعذوبة اللفظ.
فصل
وقد نفع الله الأمَّة بتصانيفه، وانتشرت فِي الأقطار وجُلبت إِلَى الأمصار، فمنها: " المنهاج فِي شرح مُسْلِم "، وكتاب " الأذكار "، وكتاب " رياض الصالحين "، وكتاب " الأربعين حديثًا "، وكتاب " الإرشاد " فِي علوم الحديث، وكتاب " التّيسير " فِي مختصر الإرشاد المذكور، وكتاب " المبهمات "، وكتاب " التحرير في ألفاظ التنبيه "، و" العمدة في صحيح التنبيه "، و" الإيضاح " في المناسك، و" الإيجاز فِي المناسك "، وله أربع مناسك أُخَر. وكتاب " التّبيان فِي آداب حملة القرآن "، وفتاوى له. و" الروضة " في أربع مجلدات، و" المنهاج " في المذهب، و" المجموع " فِي شرح المهذّب، بلغ فِيهِ إِلَى باب المصراة فِي أربع مجلدات كِبار. وشَرَح قطعةً من [ص:330]
" الْبُخَارِيّ "، وقطعة جيّدة من أوّل " الوسيط "، وقطعة فِي " الأحكام "، وقطعة كبيرة فِي " تهذيب الأسماء واللغات "، وقطعة مسودة فِي طبقات الفُقهاء، وقطعة فِي " التّحقيق " فِي الفِقْه إِلَى باب صلاة المسافر.
قَالَ ابن العطار: وله مسودات كثيرة، فلقد أمرني مرّةً ببيع كراريس نحو ألف كرّاس بخطّه، وأمرني بأن أقف على غسْلها فِي الوراقة فلم أخالف أمره، وَفِي قلبي منها حَسَرات.
وقد وقف الشَّيْخ رشيد الدّين الفارقي على " المنهاج " فقال:
اعتنى بالفضل يحيى فاغتنى ... عن بسيط بوجيز نافعِ
وتحلى بتقاه فضله ... فتجلّى بلطيف جامعِ
ناصبًا أعلام علم جازمًا ... بمقالٍ رافعًا للرافعي
فكأنّ ابن صلاح حاضرٌ ... وكأنّ ما غاب عنا الشّافعيّ
وكان لا يقبل من أحدٍ شيئًا إلّا فِي النّادر ممّن لا له به عُلقة مِن إقراء، أهدى له فقير مرّةً إبريقًا فقبِله، وعزم عليه الشَّيْخ برهان الدّين الإسكندرانيّ أن يُفطر عنده فِي رمضان فقال: أحضر الطّعام إِلَى هنا ونفطر جملةً. قَالَ أبو الْحَسَن: فأفطرنا ثلاثتنا على لونين من طعام أو أكثر. وكان الشيخ يجمع إدامين بعض الأوقات، وكان أمّارًا بالمعروف نهّاءً عَن المنكر، لَا تأخذه فِي اللَّه لومةُ لائم؛ يواجه الملوك والجبابرة بالإنكار، وَإِذَا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، فممّا كتبه وأرسلني فِي السّعي فِيهِ وهو يتضمَّن العدل فِي الرّعيّة وإزالة المكوس، وكتَب معه فِي ذلك شيوخنا: الشَّيْخ شمس الدين، والزواوي، والشريشي، والشيخ إبراهيم ابن الأرموي، والخطيب ابن الحَرَسْتانيّ، ووضعها فِي ورقة إِلَى الخَزْنَدَار، فيها:
من عَبْد اللّه يحيى النّواويّ، سلّام اللّه ورحمته وبركاته على المولى المحسن، ملك الأمراء بدْر الدّين أدام اللّه له الخيرات، وتولّاه بالحسنات، وبلّغه من خيرات الدُّنيا والآخرة كلّ آماله، وبارك له فِي جميع أحواله آمين، وينهى إِلَى العلوم الشريفة أنّ أَهْل الشّام فِي ضيقٍ وضعف حال بسبب قلّة الأمطار وغلاء الأسعار. وذكر فصلًا طويلًا، فلمّا وقف على ذلك أوصل الورقة الّتي فِي طيّها إِلَى السّلطان، فردّ جوابها ردًّا عنيفًا مؤلمًا، فتنكدت [ص:331]
خواطر الجماعة. وله غير رساله إِلَى الملك الظّاهر فِي الأمر بالمعروف.
قَالَ ابن العطّار: وقال لي المحدّث أبو الْعَبَّاس بْن فرح، وكان له ميعادان فِي الجمعة على الشَّيْخ يشرح عليه فِي الصحيحين، قَالَ: كان الشَّيْخ محيي الدّين قد صار إليه ثلاث مراتب، كلّ مرتبة منها لو كَانَتْ لشخصٍ شُدّت إليه الرحال؛ المرتبة الأولى: العِلم. والثانية: الزُّهد. والثالثة: الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر. سافر الشَّيْخ إِلَى نوى، وزار القدس والخليل، وعاد إِلَى نوى، وتمرّض عند أَبِيهِ.
قَالَ ابن العطّار: فذهبتُ لعيادته ففرح، ثُمَّ قَالَ لي: ارجع إِلَى أهلك. وودّعته وقد أشرف على العافية، وذلك يوم السبت، ثُمَّ تُوُفِّيَ ليلة الأربعاء.
قَالَ: فبينا أنا نائم تلك الليلة إذا منادٍ ينادي على سُدّة جامع دمشق فِي يوم جمعة: الصلاة على الشَّيْخ ركن الدّين الموقّع. فصاح النّاس لذلك، فاستيقظت فقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. فَلَمَّا كان آخر يوم الخميس جاءنا وفاته، فنودي يوم الجمعة بعد الصلاة بموته، وصُلِّيَ عليه صلاة الغائب.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين: وَفِي ليلة الأربعاء رابع وعشرين رجب تُوُفِّيَ الشَّيْخ محيي الدّين النواوي صاحب التّصانيف بنوى، ودُفن بها. وكان أوحد زمانه فِي الورع والعبادة والتّقلل وخشونة العيش والأمر بالمعروف. واقَفَ الملك الظّاهر بدار العدل غير مرّة؛ وحُكي عن الملك الظّاهر أنّه قَالَ: أَنَا أفزع منه. وكانت مقاصدة جميلة، وُلّي مشيخة دار الحديث.
قلت: وُلّيها بعد موت أبي شامة سنة خمسٍ وستّين وإلى أن مات.
وقال شمس الدين ابن الفخر: كان إمامًا، بارعًا، حافظًا، مُفْتيًا، أتقن علومًا شتّى، وصنَّف التّصانيف الجمّة. وكان شديد الورع والزهد، ترك جميع مَلاذّ الدُّنيا من المأكول إلّا ما يأتيه به أَبُوهُ من كعك يابس وتين حَورانيّ، والملبس إلّا الثياب الرّثّة المرقَّعة، ولم يدخل الحمّام، وترك الفواكه جميعها. وكان أمّارًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر على الأمراء والملوك والناس عامّة، فنسأل اللّه أن يرضى عَنْهُ وأن يرضى عنّا به.
وذكر مناقبه وفضله يطول، وتَرَكَ جميع الجهات الدّنياويّة، ولم يكن [ص:332]
يتناول من جهةٍ من الجهات دِرهمًا فردًا.
وحكى لنا الشيخ أبو الحسن ابن العطّار أنّ الشَّيْخ قلع ثوبه ففلّاه بعض الطَّلَبة، وكان فِيهِ قملٌ، فنهاه وقال: دعه.
قلت: وكان فِي ملبسه مثل آحاد الفقهاء الفقراء من الحوارنة لا يؤبه به، عليه شبحتانية صغيرة، ولحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة. وكان لا يتعانى لغط الفُقهاء وعياطهم فِي البحث، بل يتكلم بتؤدة وسمْت ووقار.
وقد رثاه غيرُ واحد يبلغون عشرين نفْسًا بأكثر من ستّمائة بيت؛ منهم: مجد الدين ابن الظهير، وقاضي القضاة نجم الدّين ابن صَصْرَى، ومجد الدين ابن المهتار، وعلاء الدّين الكِنْديّ الكاتب، والعفيف التِّلمْسانيّ الشّاعر.
وأراد أقاربه أن يبنوا عليه قبّةً فرأته عمّته - أو قرابةٌ له - فِي النّوم، فقال لها: قولي لهم لا يفعلوا هَذَا الَّذِي قد عزموا عليه، فإنّهم كلّما بَنَوا شيئًا تهدَّم عليهم. فانتبهتْ منزعجةً وحدَّثتهم، وحوّطوا على قبره حجارةً تردّ الدّوابّ.
قَالَ أبو الْحَسَن: وقال لي جماعة بنَوَى أنهم سألوه يومًا أن لا ينساهم فِي عَرَصات القيامة، فقال لهم: إنّ كان لي ثُمَّ جاهٌ واللهِ لا دخلتُ الجنّة وأحدٌ مِمَّنْ أعرفه ورائي.
قلت: ولا يحتمل كتابنا أكثر ممّا ذكرنا من سيرة هَذَا السّيّد رحمة اللّه عليه، وكان مذهبه فِي الصّفات السّمعية السّكوت وإمرارها كما جاءت، وربّما تأوَّل قليلًا فِي شرح مسلم. والنووي رجل أشعري العقيدة معروف بذلك، يبدع من خالفه ويبالغ في التغليظ عليه.(15/324)
341 - يحيى بن محمد بن هبة الله بن الْحَسَن ابن الدّواميّ، الرئيس الأنبل عزّ الدّين ابن فخر الدّين. [المتوفى: 676 هـ]
مات فِي شعبان ببغداد عن أربع وستّين سنة، من بيت كبير.(15/333)
342 - يحيى الزيشة الحنبليّ الشُّرُوطيّ. [المتوفى: 676 هـ]
من مشاهير وُكلاء الحُكم بدمشق، توفي في ربيع الأول بدمشق.(15/333)
343 - يوسف الكُرديّ العدويّ الزّاهد، ويُعرف بالشيخ يوسف أبونا. [المتوفى: 676 هـ]
صالحٌ، زاهد، خيّر، مجتهد فِي خدمة الفقراء، مشهور. تُوُفِّيَ بالقرافة فِي المحرَّم، وكان شيخا مسنا، رحمه الله.(15/333)
344 - أبو القاسم بْن عَبْد الغنيّ بْن مُحَمَّد بن الخضر ابن تَيْميّة الحرّانيّ، شمس الدّين، [المتوفى: 676 هـ]
أخو شيخنا أبي الْحَسَن عليّ.
حدَّث عن جَدّه الإِمَام فخر الدّين " بمُسْنَد الحُمَيْديّ ". كتب عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن أبي الفتح، والطّلبة. وتُوُفِّي فِي جُمَادَى الأولى بدمشق، ودُفِن بمقابر الصّوفيَّه. وقد سمع أيضًا من ابن روزبة، والموفق عَبْد اللّطيف.(15/333)
345 - الرشيد، أبو الوحش بن أبي حليقة القدس الطّبيب النَّصْرانيّ الكلب، [المتوفى: 676 هـ]
والد شيخ الأطباء عَلَم الدّين الَّذِي أسلم.
هلك فِي شهر ربيع الأول وله خمسٌ وثمانون سنة.(15/333)
-وفيها وُلِدَ:
شهاب الدّين أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن موسك الهكّاريّ، والإمام بدْر الدّين أبو اليسر محمد ابن قاضي القضاة ابن الصّائغ، وجمال الدّين إِبْرَاهِيم ابن القاضي شهاب الدّين محمود الكاتب، وشمس الدّين محمد بن حسن بن السكون البَعْليّ، والشيخ جمال الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَلَف الخَزَرجي المدنيّ المعروف بالمطَريّ؛ محدّث الحرمين رحمه الله.(15/333)
-سنة سبع وسبعين وستمائة(15/334)
346 - أَحْمَد بْن شجاع بْن ضرغام، أبو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الْمصْرِيّ الكاتب. [المتوفى: 677 هـ]
وُلِدَ سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وسمع من عليّ بْن المفضل الحافظ. كتب عنه الأبيوردي، والحارثي، والمصريون. وتوفي فِي شعبان.(15/334)
347 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الدشناوي، الإمام جلال الدين. [المتوفى: 677 هـ]
مات بقوص عن نيَّف وستّين سنة، قرأ عليه جماعة، وأخذ النحو عن المُرسيّ.(15/334)
348 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى، المحدّث العالم شهابُ الدّين، أبو الْعَبَّاس الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ الخَرَزِيّ الحنبليّ. [المتوفى: 677 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاث عشرة وستّمائة. وسمع من أبي المنجى ابن اللتي، وأبي الفضل الهمداني، وأبي الحسن ابن المقيّر. ورحل فسمع بحلب من ابن رواحة، وابن خليل. وأكثر، وحصّل ونسخ بخطّه الكثير، وكان حَسَن القراءة، فِيهِ حُسْن ونباهة.
قَالَ شيخنا ابن الظّاهريّ: كنّا نسمّيه الحُويْفظ لمعرفته.
قلت: وكان يقرأ على كرسي ابن بصخان بالحائط الشّماليّ.
روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العَطَّار، والمِزّيّ، وغيرهم. وأجاز لي مَرْويّاته، وقد قرأ كتبًا كبارًا على أبي الحجّاج بْن خليل، تُوُفِّيَ بدار الحديث الأشرفيّة فِي جُمَادَى الآخرة، رحمه اللّه. وكان فقيرًا قانعًا، وربّما عرّض بالطّلب فِي مجلسه لحاجته.(15/334)
349 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ ابن البالِسيّ، [المتوفى: 677 هـ]
أخو المحدّث ضياء الدّين عليّ. [ص:335]
تُوُفِّيَ فِي ذي القعدة، حدَّث عن أبي نصر ابن الشّيرازيّ، أَخَذَ عَنْهُ السِّبْط.(15/334)
350 - أَحْمَد بْن نوال بن غثور الرصافي المقرئ، [المتوفى: 677 هـ]
نزيل الصالحية، ووالد شيخنا محمد.
عمر وأسن، وحدث عن الشهاب بن راجح. سمع منه ابن الخبّاز، والمِزّيّ. ولم يدركه البِرْزاليّ، لا أعرف وفاته.(15/335)
351 - أَحْمَد بْن يوسف بْن بُنْدار، أبو الْعَبَّاس السَّلماسيّ. [المتوفى: 677 هـ]
له رواية، سمع من الشّمس العطّار " جزء بِيبي "، قرأه عليه سعد الدّين الحارثيّ، وتُوُفِّي فِي جُمَادَى الأولى.(15/335)
352 - إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن أبي الفَرَج بْن أبي عبد الله، زين الدين ابن السّديد، الحنفيّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 677 هـ]
إمام مقصورة الحلبيّين من جامع دمشق.
سمع أَبَا اليُمْن الكِنْديّ، وأبا القاسم ابن الحرستاني. وكان عدلا خيرا، دينا، ذا مروءة. وسمع من المحدّث عُمَر بْن بدْر الْمَوْصِلِيّ " مُسْنَد أبي حنيفة " رواية ابن الثّلجيّ. روى عَنْهُ ابن العطّار، والمِزّيّ، وجماعة. ومات فِي جُمادى الْأولى وَلَهُ ثلاثٌ وسبعون سنة. ومن مَرْويّاته كتاب " الشّمائل " للِّترْمِذيّ.(15/335)
353 - إِبْرَاهِيم بْن يوسف بْن خليل ابن الفحّام الإربليّ. [المتوفى: 677 هـ]
حدث عن ابن الْجُمّيزيّ بأحاديث، ومات فِي ذي القعدة، وهو أخو البدر خليل.
تُوُفِّيَ بدمشق.(15/335)
354 - إِسْحَاق بن الخضر بن كيلو المراغيّ. [المتوفى: 677 هـ]
صوفيّ بمصر، روى عن مُكْرَم، مات فِي ذي القعدة.(15/335)
355 - آقسُنْقُر، الأمير الكبير شمس الدّين الفارقانيّ. [المتوفى: 677 هـ]
قبض عليه الملك السعيد فِي السّنة الماضية، واختفى خبره؛ فَقِيل: إنّه [ص:336]
خُنِق عقيب اعتقاله، وكان أستاذ دار الملك الظّاهر وممّن يعتمد عليه ويقدّمه على الجيوش. ثُمَّ إنّ الملك السعيد جعله نائب السّلطنة، فلم ترض حاشية السعيد بِذَلِك، ووثبوا على الفارقانيّ واعتقلوه، ولم يَسَع السعيد مخالفتهم.
قال قُطْبُ الدّين: كان وسيمًا جسيمًا، شجاعًا، مِقْدامًا، كثير البِرّ والصّدقة، خبيرًا بالتّصرُّف، حَسَن التّدبير، عليه هيبة شديدة مع لِين كلمته. عُمِل عزاؤه فِي جُمَادَى الأولى بدمشق، ومات فِي عَشْر الخمسين.(15/335)
356 - آقطوان، الأمير علاء الدّين المهمنْدار الظاهري، [المتوفى: 677 هـ]
أحد أمراء الشّام.
تُوُفِّيَ فِي شعبان. أمير عاقل، ديِّن، شجاع، عارف.(15/336)
357 - آقوش، الأمير جمال الدّين النَّجيبيّ الصالحي النَّجميّ، [المتوفى: 677 هـ]
نائب السّلطنة بدمشق.
قَالَ قُطْبُ الدّين: أمّره مولاه الملك الصّالح وجعله أستاذ داره، وكان يعتمد عليه. ووُلِدَ فِي حدود العَشْر وستّمائة، وقد جعله الملك الظاهر فِي أوّل دولته أستاذ داره، ثُمَّ ناب له بدمشق تسع سِنين، وصُرِف بعزّ الدّين أيدمر فانتقل إِلَى القاهرة، وأقام بداره بطّالًا كبير الحُرْمة، عالى المكانة. ولمّا مرض عاده الملك السعيد، وكان قد لحِقَه فالج قبل موته بأربع سِنين. وكان كثير الصَّدَقة، مُحِبًّا للعلماء والفقراء، شافعيّ المذهب، حَسَن الاعتقاد.
وقال غيره: كان مشكورًا، قليل الأذى، كارها للمرافعة، لم يُرزق ولدًا.
وكان ضخم الشّكل سمينًا، جهوريّ الصّوت، كثير الأكل، له أوقاف على الحرمين.
توفي في ربيع الآخر، رحمه الله.(15/336)
358 - أيدكين، الأمير علاء الدّين الشّهابيّ، [المتوفى: 677 هـ]
أحد أمراء دمشق وصاحب الخانقاه الّشهابيّة. [ص:337]
وهو منسوب إِلَى شهاب الدّين رشيد الصّالحيّ الخادم، وقد ولي نيابة حلب مدّةً، ومات بدمشق في ربيع الأول وهو كهل.(15/336)
359 - بَلَبان الزَّيْنيّ، الأمير الكبير، سيف الدّين الصّالحيّ. [المتوفى: 677 هـ]
كان مقدَّم البحريّة فِي أوّل دولة التُّرْك، ثُمَّ حبسه السّلطان مدّة، ثُمَّ أطلقه وأعطاه إمرة بدمشق، وكان ذا نهضةٍ وشهامة وشجاعة.
مات فِي عشر الستين.(15/337)
360 - الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن إلياس، شرف الدين أبو علي ابن الشّيْرجيّ، الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ المعدّل، الملقَّب بالقاضي. [المتوفى: 677 هـ]
حدَّث عن أبي محمد ابن البُنّ الأسدي وغيره، ومات فِي ذي القعدة. سمع منه ابن نفيس، وابن الخبّاز، وابن هلال.(15/337)
361 - الْحَسَن بْن عليّ بْن نُبَاتة، جمال الدّين الفارقيّ الكاتب المشطوب، [المتوفى: 677 هـ]
والد أولاد المشطوب.
وُلِدَ سنة ستّمائة، وكتب فِي الإجازات فِي هذه السنة، ولا أعلمُ متى مات.(15/337)
362 - خديجة بِنْت الشّهاب مُحَمَّد بْن خَلَف بْن راجح المَقْدِسيّ، [المتوفى: 677 هـ]
والدة شيخنا القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان.
روت عن عُمَر بْن طَبَرْزَد وغيره، وكانت من عجائز الدّير الصّالحات العوابد. روى عَنْهَا ولدُها، والدّمياطيّ، وعَلَم الدّين الدّواداريّ، وعلاء الدين ابن العطّار، وجمال الدّين المِزّيّ. وسماعها حضور ولها أربع سنين. وقد أجاز لها المؤيد ابن الإخوة، وعفيفة الفارفانية.
وتوفيت في ربيع الأول.(15/337)
363 - زينب بِنْت الصّاحب أبي القاسم عُمَر بْن أحمد ابن العديم العُقَيليّ. [المتوفى: 677 هـ]
روت عن الرّكْن الحنفيّ، وتُوُفِّيت في ربيع الأول.(15/337)
364 - ستُّ العرب بِنْت مُحَمَّد، أمّ علاء الدّين عليّ بْن بَلَبَان النّاصريّ. [المتوفى: 677 هـ]
روت عن ابن اللّتّيّ، وماتت فِي جُمَادَى الآخرة.(15/338)
365 - سَلِيم الهُوّيّ، الشّاعر المجودّ، حسن بن بدْر النّيليّ. [المتوفى: 677 هـ]
مدح ببغداد صاحب الديوان علاء الدّين وغيره.
أرَّخ موته ابن الفوطيّ.(15/338)
366 - سُلَيْمَان بْن أبي العزّ بْن وُهَيْب، المفتي الكبير، الشَّيْخ صدر الدّين قاضي القضاة أبو الفضل، الأذرعيّ ثُمَّ الدّمشقيّ، الحنفيّ. [المتوفى: 677 هـ]
إمام عالم متبحِّر، عارف بدقائق المذهب وغوامضه، انتهت إليه رياسة الحنفيّة بمصر والشام. وتفقّه على الشَّيْخ جمال الدّين الحصيريّ وغيره، أقرأ الفِقْه بدمشق مدّةً، ثُمَّ سكن مصر وحكم بها ودرّس بالصّالحيّة، ثُمَّ انتقل إِلَى دمشق قبل موته بيسير، فاتفق موت القاضي مجد الدين ابن العديم فقُلِّد بعده القضاء، فلم يبق فِيهِ ثلاثة أشهر.
وكان الملك الظاهر يحبّه ويبالغ فِي احترامه، وقد أذِن له أن يحكم حيث حلّ، وكان لا يكاد يفارقه فِي غزواته، وحجَّ معه. ولم يخلُف بعده مثله فِي مذهبه، وله شِعر جيّد.
تُوُفِّيَ إِلَى رحمة اللّه فِي سادس شعبان عن ثلاثٍ وثمانين سنة، ودُفِن بسفح قاسيون، وولي القضاء بعده حسام الدّين الرُّوميّ.(15/338)
367 - سَنْجَر، الأمير عَلَمُ الدّين التُّركُسْتانيّ. [المتوفى: 677 هـ]
كان ذا حُرمة وتجمُّل مع الشّجاعة الموصوفة والإقدام، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأولى، ودفن بسفح قاسيون كهلا.(15/338)
368 - طه بن إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْر، الشَّيْخ جمال الدّين أبو مُحَمَّد الإربِليّ الفقيه الشّافعيّ الأديب. [المتوفى: 677 هـ][ص:339]
ولد بإربل سنة بضع وتسعين وخمسمائة، وقدم الديار المصرية شابا، وسمع مُحَمَّد بْن عماد وغيره، وحمل الناس عنه، وله شعر جيد.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ، والدّواداريّ، والمصريّون. وتُوُفِّي فِي جُمَادَى الأولى وقد نيَّف على الثّمانين، ولا أعلم فِي كتابنا من اسمه طه غيره.(15/338)
369 - ظافر بْن نصر، كمال الدّين أبو المنصور الْمصْرِيّ الفقيه، [المتوفى: 677 هـ]
وكيل بيت المال بالدّيار المصريّة.
وُلِدَ سنة إحدى وستّمائة، وحدَّث عن عَبْد الْعَزِيز بْن باقا، وله نظُمٌ حَسَن ونثْر، وفيه رياسة. وله مكانة عند الملك الصّالح نجم الدّين، قَالَ قُطْبُ الدّين: بحيث كتب فِي وصيّته أن يُقرّ على منصبه، فلم يزل فِيه إِلَى أن مات. تُوُفِّيَ فِي ذي القعدة.
وقد حدَّث عن مُكْرم بْن أبي الصَّقْر. روى عنه الدمياطي في " معجمه "، والدواداري.(15/339)
370 - عَبْد اللّه بْن الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل بْن محبوب، الصّدر الأجَلّ بهاء الدّين، المَعَرّيّ الأصل، البعلبكي. [المتوفى: 677 هـ]
ولي نظر الحوشخاناه ونظر بَعْلَبَكّ، ثُمَّ نظر جامع دمشق قليلًا، وولي نظر المارستان النّوريّ ونظر الأسرى. وكان مشهورًا بالأمانة والدّين ومعرفة الكتابة. وكان عاقلًا، حَسَن المحاضرة، من أعيان البَعْلَبَكّيّينَ.
استوطن دمشق، وحدَّث عن أبي المجد القزوينيّ. سمع منه أولاده: القاضي شهاب الدّين قاضي البقاع، والرئيس نجم الدّين، والشيخ فخر الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وعلاء الدّين الكَتَبة، والفقيه محيي الدّين، والعدل صدر الدّين. وسمع منه الشَّيْخ عليّ المَوْصِليّ، والوجيه السبتي، والطلبة.
وتُوُفيّ إلى رحمة اللَّه فِي ليلة الجمعة سلْخ ذي القعدة بداره بدرب برّيّ، وقد قارب الثمانين.(15/339)
371 - عَبْد اللّه بْن الْحُسَيْن بْن عليّ، الشَّيْخ الإِمَام، مجدُ الدّين أبو مُحَمَّد الكرديّ الزَّرْزاريّ الإربلي الشافعي، [المتوفى: 677 هـ]
إمام مدرسة القَيْمُرية.
وقد أمَّ بالتُّربة الظّاهرية، ودرّس بالكلّاسة. وكان خبيرا بالمذهب، عارفًا بالقراءات، متين الدّيانة، حَسَن الأخلاق، صاحب زهد وتعبد وحسن سمت.
روى عن الحافظ يوسف بْن خليل، وقرأ القراءات على أبي عَبْد اللّه الفاسي، وتُوُفِّي إِلَى رحمه اللّه فِي ذي القعدة عن ستٍّ وستّين سنة. وهو والد المفتي شهاب الدّين، والشيخ رُكْن الدّين، والشيخ عفيف الدّين؛ المحمّدين.(15/340)
372 - عبد الله بن عمر بن نصر الله، الأديب العالم، موفَّق الدّين، أبو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ الوَرَنْ. [المتوفى: 677 هـ]
تُوُفِّيَ بمصر فِي صَفَر.
قَالَ قُطْبُ الدّين: كان قادرًا على النَّظْم، وله مشاركة فِي الطّبّ والوعظ والفقه، حُلو النّادرة، لا تُمَلّ مجالسته، أقام بَبْعَلَبَكّ مدّة، وقد خمّس مقصورة ابن دُرَيد ورثى بها الْحُسَيْن رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ومات كهْلًا. ومن شِعره:
جميعي لسان وهو باسمك ناطق ... وكلّي قلب عند ذكرك خافقُ
وإنّي وإنْ لم أقضِ فيك صبابة ... فَمَا أَنَا فِي دعوى المحبّة صادقُ
خليليَّ ما للبرق يخفق غيره ... أبرق حِماها مثل قلبي عاشقُ
تميل قدودُ البان شوقًا لقدِّها ... فتنِطقُ إشفاقًا عليها المناطقُ
وينشق قلبي للشّقائق غيرة ... إذا حدّقت يومًا إليها الحدائقُ(15/340)
373 - عَبْد اللّه بْن مَسْعُود، الصّدر الكبير جمالُ الدين اليزدي. [المتوفى: 677 هـ]
ولي نظر جامع دمشق والخوانك أيام النجيبي، ثم عزل بعده وصودر، تُوُفِّيَ بدمشق فِي صفر.(15/340)
374 - عَبْد الباقي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خليل، الإِمَام عزّ الدّين الأَنْصَارِيّ الْمصْرِيّ، [المتوفى: 677 هـ]
والد المحدّث أبي بَكْر مُحَمَّد. [ص:341]
رئيس عالم نبيل، ولي خطابة جامع الفسطاط مدّة، وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(15/340)
375 - عَبْد الرَّحْمَن بْن حُسَيْن بن يوسف، الشّاطبيّ ثُمَّ الإسكندرانيّ، العدْل، وجيه الدّين أبو القاسم. [المتوفى: 677 هـ]
سمع كتاب " الشّفا " من ابن جُبَير الكِنانيّ، و" الخلعيات " من ابن عماد. وأكثر عن العثماني الصغير، وعاش أربعًا وسبعين سنة، مات فِي جُمَادَى الآخرة بالإسكندرية.
أجاز للبِرْزالي.(15/341)
376 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن، الإِمَام جمالُ الدّين ابن الشَّيْخ الإِمَام نجم الدّين الباذرائيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 677 هـ]
درّس بمدرسة والده إِلَى أن مات عن نيَّف وخمسين سنة. وكان صدرًا رئيسًا، حسن الأخلاق، كريمًا.
تُوُفِّيَ فِي رجب، ودرّس بعده الشيخ تاج الدين رحمه الله.
يروي عن الكاشغري، وابن الخازن. سمع منه ابن جعوان، والسّيْبيّ.(15/341)
377 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن أبي جرادة، الصّاحب قاضي القضاة مجد الدّين، أبو المجد ابن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القاسم ابن العديم العُقَيْليّ الحلبي الحنفي. [المتوفى: 677 هـ]
وُلِد سنة ثلاث عشرة أو قريبًا منها. وسمع من ثابت بن مشرف حضورا، ومن عمّ أَبِيهِ القاضي أبي غانم مُحَمَّد بْن هبة اللّه، وأبي مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن علوان، وأبي حَفْص السُّهْرَوَرْديّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بُصْلا، وأبي المحاسن يوسف بن شداد الحاكم، وعبد اللّطيف بْن يوسف، وابن رُوزبة، وابن اللتي، وأبي الحسن ابن الأثير، وأبي حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشام، وأبي المجد القزوينيّ، وأبي الوفاء مُحَمَّد بْن حمزة الحرّانيّ، ومحمد بْن عَبْد الجليل الميهني، وطائفة بحلب. وأبي علي ابن الزُّبَيْديّ، وأبي الْحَسَن مُحَمَّد بْن الْمُبَارَك بْن أيوب، وجماعة بمكة. وأبي محمد ابن البن، وأبي [ص:342]
القاسم بْن صَصْرى، وزين الُأمَناء، وطبقتهم بدمشق. ومنصور ابن المعوجّ، وإبراهيم بْن عُثْمَان الكاشْغَريّ، وإلياس بْن أنجب الغراد، وجماعة ببغداد. والحسن بْن دينار، وابن الطُّفَيل، وجماعة بمصر. ومحمد بْن عُمَر القُرْطُبيّ بالمدينة. وهبة اللّه ابن الواعظ بالإسكندرية. وقرأ بالسّبْع على الفاسي، وخرَّج له شيخنا ابن الظّاهري " معجمًا " فِي مجلّدة، وأجاز له المؤيَّد الطّوسيّ وجماعة.
وكان صدرًا معظَّمًا، مَهِيبًا محتشمًا، ذا دِين وتعبُّد وأوراد وسيرة حميدة، لولا بأْوٍ فِيهِ وتِيه، رحمه اللّه. وكان إمامًا، مُفتيًا، مدرّسًا، بارعًا فِي المذهب، عارفًا بالأدب. وهو أوّل حنفيّ ولي خطابة جامع الحاكم، ودرّس بالظّاهرية الّتي بالقاهرة، وحضر السّلطان وهو لم يأتِ بعد، فطلبه السّلطان فَقِيل: حَتَّى يقضي وِرده الضُّحى. ثُمَّ جاء وقد تكامل النّاس، فقام كلّهم له ولم يقُم هُوَ لأحدٍ. ثُمَّ قدم على قضاء الشّام، وكان بزِيّ الوزراء والرؤساء، لم يَعْبأ بالمنصب ولا غيّر لبسَه، ولا وسَّع كمّه. وقد مرّ ليلةً بوادي الرُبَيْعة وهو مَخوُف إذ ذاك، فنزل وصلّى وِرْدَه بين العشائين والغلمان ينتظرونه بالخيل، فَلَمَّا فرغ ركب وسار.
ثُمَّ وجدت أنه ولد في جمادى الأول سنة أربع عشرة.
وكان يتواضع للصّالحين، ويعتقد فيهم. وقد درّس بدمشق بعدة مدارس. وسمع منه ابن الظّاهريّ، والدّمياطيّ، والحارثيّ، وشرف الدّين الْحَسَن ابن الصيرفي، وقطب الدين ابن القسطلاني، وبهاء الدين يوسف ابن العجمي، وعلاء الدين ابن العطّار، وشمس الدّين ابن جعوان، ومجد الدّين ابن الصيرفي، والقاضي شمس الدين محمد ابن الصّفيّ، وجماعة كثيرة. وأجاز لي مَرْويّاته.
وتُوُفِّي فِي سادس عشر ربيع الآخر، ودُفِن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريريّ، وكان يومًا مشهودًا، ورثَتْه الشّعراء، فَمَنْ ذلك ما أنشدني المولي القاضي شهاب الدّين محمود بن سلمان الكاتب لنفسه: [ص:343]
رُقادي أبي إلّا مفارقة الجفْن ... وقلبي نأى إلّا عن الوجْد والحُزْنِ
أبيت وراحي أدمُعي وكآبتي ... كؤوسي وحزني مؤنسي والأسى خَدْني
وأضْحى وطَرْفي يحسد العُمي إذ يرى ... حِمَى المجد تغشاه الخطوب بلا إذنِ
ألا فِي سبيل المجْد وجْدٌ وأدمُعٌ ... وهبتهما للبَرْق إن كلَّ والمُزْنِ
لأنّهما سنّا الحدادَ وأقبلا ... يزوران فِي سود الملابس والدُكَنِ
ثَوَى المجْدُ فِي حَزْنٍ من الأرض فاغتدت ... تتيه على سَهْل الربى رَوْضَةُ الحَزْنِ
وكان لوفد الجود مغناه كعبةً ... يطوفون منها من يمينه بالركنِ
فأضحت وهذا القلب مرمى جمارها ... وأمست وهذا الجفن مجرى دمِ البُدْنِ
غدت بعده كأسُ العلوم مريرةً ... وكانت به من قبلُ أحلا من الأمنِ
كأنّ سماء الدَّسْت من بعد شخصه ... تغشّى محيّاها عبوسٌ من الدَجْنِ
كأن غروس الفضل عزت قطوفها ... وطالت وقد غاب المذلل والمدني
أمرُّ على مغناه كي يذهب الأسى ... كعادته الأولى فيُغري ولا يُغني
وتنثر عيني لؤلؤًا كان كلّما ... يساقطه مِن فِيهِ تلقطه أذني
وأحسد عجم الطّير فِيهِ لأنّها ... تزيد على إعراب نظمي باللّحنِ
وأقسم أنّ الفضل مات لموته ... ويخطر فِي ذهني أخوه فأستثني
ورثاه شهاب الدّين أيضًا بقصيدةٍ أوْلها:
أقِم يا ساريَ الخطب الذّميم ... فقد أدركت مجد بني العديم
هدمت - وكنت تقصّر عَنْهُ - بيتًا ... له شرف يطول على النّجومِ
عثرتَ وقد ضللت بطود علمٍ ... أما تمشي على السَّنَن القويم
منها:
صحيح الزهد غادره تقاه ... وخوف الله كالنضو السّقيمِ
وكم قد بات وهو من الخطايا ... سليم النّفس فِي ليل السّليمِ(15/341)
378 - عَبْد الرحيم بْن عَبْد الحميد بْن مُحَمَّد بْن ماضي المقدسي، [المتوفى: 677 هـ]
أخو شيختنا هديّة.
رجلٌ خيِّرٌ، مات بمصر فِي ذي القعدة.(15/343)
379 - عَبْد الملك بْن يوسف بْن عَبْد الوهاب بْن عُمَر، المحدّث نجمُ الدّين الشهْرَزُوريّ، [المتوفى: 677 هـ]
إمام مسجد فيروز بمقابر باب الفراديس، وأحد الشّهود بالعُقَيْبة.
سمع الحديث الكثير، وكتب الطّباق والأجزاء، وحدَّث.
وُلِدَ سنة ستّ عشرة وستّمائة. وسمع من ابن الزُّبَيْديّ، والمسلم المازنيّ، وابن اللّتّيّ، والإربليّ، وابن باسويه. روى لنا عنه ابن العطّار. وكان من فقهاء العزيزيّة.
تُوُفِّيَ فِي الحادي والعشرين من جُمَادَى الأولى، وكان يُعرف بابن الباقِلّانيّ.(15/344)
380 - العَزَفيّ، صاحب سبْتة وأعمالها، الشَّيْخ أبو القاسم ابن الفقيه أبي الْعَبَّاس أَحْمَد. [المتوفى: 677 هـ]
امتدّت دولته؛ فإنّه تملّك من بعد والده، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة بسَبْتَة، رحمه اللّه.(15/344)
381 - عليّ بْن إِسْمَاعِيل بن إبراهيم، العدل نجم الدين ابن القصاع الدمشقي، [المتوفى: 677 هـ]
أحد عُدُول القيمة.
سمع من أبي المجد القزوينيّ، وما كأنه حدّث، تُوُفِّيَ فِي ذي القعدة.(15/344)
382 - علي بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْم، الصاحب الوزير الكبير، بهاء الدين ابن حنى الْمصْرِيّ. [المتوفى: 677 هـ]
أحد رجال الدّهر حَزْمًا وعزْمًا ورأيًا ودهاءً وخبرة بالتّصرُّف، استوزره الملك الظاهر، وفوَّض إليه الأمور، ولم يجعل على يده يدًا، فساس الأحوال وقام بأعباء المملكة، وأخمد خلقًا مِمَّنْ ناوأه. وكان واسع الصّدر، عفيفًا، نزهًا، لا يقبل لأحدٍ شيئًا إلّا أن يكون من الصّلحاء والفقراء. وكان قائلًا بهم يُحسن إليهم ويحترمهم ويدّر عليهم الصِّلات، وقد قصده غيرُ واحدٍ بالأذى، فلم يجدوا ما يتعلّقون به عليه. واستمرّ فِي وزارة الملك السعيد، وزادت رُتبته. وله مدرسة وبرّ وأوقاف ومتاجر كثيرة، ابتُلي بفَقْد ولديه فخر الدّين [ص:345]
محمد ومحيي الدين أحمد فصبر وتجلّد.
ولسعد الدّين الفارقيّ الكاتب فِيهِ:
يمِّمْ عليا فهو بحر النّدا ... وناده فِي المضلع المعضلِ
فرِفْدُه مُجْدٍ على مجْدِبٍ ... ووَفْدُه مُفْضٍ إِلَى مفضلِ
يُسْرع إنّ سيل نداه وهل ... أسرع من سيلٍ أتى من عَلِ
تُوُفِّيَ فِي سلخ ذي القعدة، وشيّعه الخلْق، وعاش أربعا وسبعين سنة.
ذكره الشيخ قطب الدين، ووصفه بهذا وأكثر.(15/344)
383 - غازي بْن خليل الرّقيّ. [المتوفى: 677 هـ]
تُوُفِّيَ بمسجد كُثَر، أجاز للبرزالي، وعاش ثمانيا وثمانين سنة.(15/345)
384 - فاطمة بِنْت مُحَمَّد، [المتوفى: 677 هـ]
والدة المحدّث عليّ بْن بَلَبَان.
روت عن ابن اللّتّيّ، تُوُفِّيَت بدمشق.(15/345)
385 - مُبارك بْن عَبْد اللّه بْن مَنْصُور، الأمير أبو المناقب [المتوفى: 677 هـ]
ابن المستعصم بالله العبّاسيّ.
روى عن أَبِيهِ، روى عَنْهُ ابن الفُوطيّ. تُوُفِّيَ بمَرَاغَة فِي جُمَادَى الأولى، واحتفل لعزائه ببغداد، وَرَثته الشّعراء. عاش سبعًا وثلاثين سنة، وخلّف مُحَمَّدًا وعبد اللّه ويوسف، ودُفن عند المسترشد بالله.(15/345)
386 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن أَحْمَد بْن أبي شاكر، الشَّيْخ الإِمَام مجدُ الدّين، أبو عَبْد الله ابن الظهيري الإربِليّ الحنفيّ الأديب. [المتوفى: 677 هـ]
وُلِدَ بإربل فِي ثاني صفر سنة اثنتين وستّمائة. وسمع ببغداد فِي الكهولة من أبي بكر ابن الخازن، وأبي إِسْحَاق الكاشْغريّ. وبدمشق من السّخاويّ، وكريمة، وتاج الدين ابن حموية، وتاج الدين ابن أبي جَعْفَر. وقيل: إنّه سمع من ابن اللّتّيّ. روى عَنْهُ الكبار: أبو شامة، والقُوصيّ، والدمياطيّ، وأبو الْحُسَيْن اليُونينيّ. ومن المتأخّرين: شهاب الدّين محمود الكاتب تلميذه، وعلاء الدين ابن العطّار، وابن الخبّاز، والمِزيّ، وجماعة. [ص:346]
وكان من كبار الحنفيّة وفُضلائهم، درّس بالقيمازيّة مدّةً. وكان ذا دين وعبادة وانقطاع وطريقة حميدة ومكارم أخلاق، وظُرْف وكَيْس. وكان من أعيان شيوخ الأدب وفحول الشعراء الكتاب، له ديوان. وقد رثاه شهاب الدّين محمود بقصيدة.
قَالَ قُطْبُ الدّين: كان فقيهًا مدرّسًا، وافر الديانة، واسع الصَّدر، محتملًا للأذى، يتصدَّق دائمًا ويحسن إِلَى تلامذته، وشِعره سائر. تُوُفِّيَ ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر، ودُفن بمقابر الصوفية.
أنشدنا أبو عبد الله ابن الظّهير لنفسه كتابةً:
إذا رُمْت أن تتوخّى الهدى ... وأن تأتي الحقّ من بابهِ
فَدَعْ كلّ قولٍ ومَن قاله ... لقولِ النّبيّ وأصحابهِ
فلم ننج من مُحْدَثاتِ الأمورِ ... بغَيْرِ الحديث وأربابهِ
وله:
يختال بقد كالقضيب النضر ... نشوان يمليه نسيمُ السَّحَرِ
ما جاد بوصلي فِي دُجًى من شَعْر ... إلّا فضحتنا طلعةٌ كالقمرِ
وله:
عجل هديت المثاب يا رجلُ ... أبطأتَ والموتُ سائق عجلُ
أسْرَفت فِي السّيّئاتِ لا مَلَلٌ ... يَعْروكَ من قُبْحها ولا خجلُ
تفرح إنْ أمكَنَتْكَ مُوبِقةٌ ... وأنت مِن خوفِ فَوْتها وجِلُ
يا مُعسِرًا والغريمُ طالبهُ ... وقد دنا من كتابة الأجَلُ
كم تتروى إذا دعاكَ هُدي ... وعند داعي هواك ترتجلُ
وله:
أترجو من مدامعك انتصارا ... وقد جدّ الخليطُ ضُحًى وسارا
وتأمل بعَدهمْ صبرًا جميلًا ... مَتَى ملك المحبون اصطبارا
وتطمع فِي الرقاد على التّنائي ... لترقب من خيالهم مزارا
فأحلى الوجد ما جانبت فيه ... رقادك والتصبر والقرارا [ص:347]
وأشهى الحب ما جر المنايا ... وما ظلمَ الحبيب به وجارا
وإن لم يتلف الشّوق المعنّى ... لَعَمْري كان شوقًا مُستعارا
حَدَّثَنِي جمال الدّين إِبْرَاهِيم البدويّ الْمُقْرِئ قَالَ: أتيت الشيخ مجدَ الدّين بإجازةٍ، فكتب فيها:
أجازهم ما سألوا بشرطهِ المعتَمَدِ ... مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن أحمدِ(15/345)
387 - مُحَمَّد بْن سَوّار بْن إِسْرَائِيل بْن خضِر بْن إِسْرَائِيل بْن الْحَسَن، الفقير المشهور الشاعر الأديب البارع، نجم الدّين الشَّيْبانيّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 677 هـ]
صاحب الحريريّ، وصاحب الديوان المعروف.
وُلِدَ فِي ثاني عَشْر ربيع الأوّل سنة ثلاثٍ وستّمائة، وصحِب الشيخ عليا الحريريّ من سنة ثمانٍ عشرة، ولبس الخِرْقة من الشَّيْخ شهاب الدِّين السُّهْرَوَرْديّ وسمع عليه، وكان قادرا على النظم الرائق مكثرا منه. مدح الأمراء والكُبراء، وسلك فِي نظْمه مسلك ابن الفارض وابن العربيّ، وتجرَّد وسافر على قدم الفقر وقضّى أوقاتًا طيبة، وكان رَيحانة المشاهد وديباجة السماعات وأنيس المجامع، وكان يلثغ بالرّاء، ولا يحسن الرّقص ولا له فِيهِ طبع. وقد حضر مرّةً وقتًا وفيه نجم الدين ابن الحكيم الحموي، فغنى لهم القوال بقوله:
وما أنت غير الكون بل أنت عينه ... ويفهم هَذَا السّرّ مَن هُوَ ذائِقُ
فقال ابن الحكيم: كفرت كفرت. وتشوش الوقت، وقال ابن إسرائيل: ما كفرتُ، ولكنْ أنت ما تفهم هَذِهِ الأشياء.
ولا رَيْبَ فِي كثرة التّصريح بالاتّحاد فِي شِعر هَذَا المرء على مقتضى ظاهر الكلام، فإنْ عنى بقوله ما يظهر من نظْمه فلا ريب فِي كُفره، وإنْ عنى به غير ما يفهم منه وتكلِّف له أنواع التّأويلات البعيدة فقد أساء الأدب وأطلق فِي جانب الربوبيّة ما لا يجوز إطلاقه، وتَجَهْرَمَ على اللّه تعالى إذ جعل ذلك ديدنه، وهذا إنّما هُوَ على سبيل الفرض. أما من عرف مذهب القوم وحقيقة ما يعتقدونه فلا يرتاب في خروجهم من الملّة أو هُوَ منهم، نسأل اللّه العظيم أن يثبت قلوبنا على دينه، والمعصوم من عصم اللَّهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. [ص:348]
فَمَنْ شِعره:
أسُكّان قلبي إنّ تناءوا وإن حلّوا ... ومُلّاك ودّي واصلوني أو ملّوا
تساوى لديَّ البعدُ والقربُ فيكم ... كما قد تساوى عندي الهجر والوصل
فإن شئتم صُدّوا وإنْ شئتم صِلُوا ... فإنّ سواكم فِي فؤادي لا يحلو
سُهادي بكم أحلا لديَّ من الكرى ... وأصعب ما ألقاه فِي حبكم سهل
بحق جنوني فِي الهوى بكم اسفكوا ... دمًا هدرًا ما أن يراد له عقلُ
إذا آثرت قتلي سيوفُ لحاظكم ... فأعذب شيء عند عبدكم القتلُ
أأخشى إذا استشهدت فيكم صبابةً ... ببدرِ ومثلي ليس يخفي له فضلُ
دعوني منّي واصنعوا ما بدا لكم ... فإنّي لمّا أهّلتموني له أهلُ
حلفتُ بتوريد الخدود وما جنت ... عليَّ القدود الهيف والأعين النُّجلُ
وليلتنا بالسّفح إذ يسفح النّدا ... دموعًا وإذ سمّارنا البان والأثلُ
لقد ضاع ذِكري فِي الوجود بحبّكم ... كما ضاع فِي وجدي بحسنكم العذلُ
ودقّ عن الواشي حديث تولّهي ... كما جلّ شوقي أنْ تبلغه الرسلُ
وصِرْتُ أمير العاشقين وكيف لا ... ونقلُ أحاديثي لندمانهم نُقْلُ
فكلّ مُحبّ مات فيكم صبابةً ... صُبابةُ كأسي أكسبته الضّنى قبلُ
وما سمحت روحي بحبّ سواكم ... على أنّها ما من خلائقها البخلُ
نديميّ هَلْ فِي حبّهم من ندامة ... فأتركه أم هَلْ لهم فِي الورى مثلُ
أردت بذلي فِي هواهم تقرُّبًا ... ومَن عزَّ مَن يهواه لذَّ له الذّلُّ
ومن شِعره:
لا تشرب الراحَ إلّا مع أخي ثقة ... يرعى مودّة أهلِ الحان فِي الحانِ
ولا يرى وجه ساقيها سوى رجلٍ ... لا ينظر الخمر والخمارَ اثنانِ
إنّ غُيِّبت ذاتها عنّي فلي بصرٌ ... يرى محاسنها فِي كلّ إنسانِ
فِي القلب سِرٌّ لليلى لو نطقت به ... جهرًا لأفتوا بكفري بعد إيماني
السّرّ الَّذِي فِي قلْبه هُوَ أنّ العباد حقيقة المعبود، وأنّ المعبود حقيقة العباد؛ أي ليس اللّه عنده شيئًا آخر سوى المخلوقات، ولا لربّ العالمين وجود متميّز فِي نفس الأمر عن الموجودات. وهذا مذهب الدّهرية بعينه، لا بل شرّ من مذهب الدّهريّة، سبحان اللّه وتعالى عمّا يقولون عُلُوًّا كبيرًا. فينبغي للإنسان [ص:349]
إذا حكى قول الكُفر أن يُسبّح اللّه ويقدسه ويمجده لينجيه من الكفر، ولقد اجتمعتُ بغير واحد مِمَّنْ كان يقول بوحدة الوجود ثُمَّ رجع وجدّد إسلامه، وبيّنوا لي مقالة هَؤُلَاء أن الوجود هُوَ الله تعالى، وأنه تعالى يظهر في الصور المليحة والأشياء البديعة.
ومن قصيدة ابن إسرائيل المسمّاة بعَرْف العرفان حيث يقول:
لقد حق لي عشق الوجود وأهله ... وقد علقت كفّاي جمعًا بموجدي
نديمي من سعد أريحا ركائبي ... فقد أمنت من أن تروح وتغتدي
ولا تلزماني النُّسْك فالحبّ شاغلي ... ولا تذكرا لي الورد فالراح موردي
أمِن بعد ما قد برّد الوصْلُ غلّتي ... وزار الكَرَى أجفانَ طَرْفي المسهَّدِ
وأمسيت والكاسات شمسي وأصبحت ... عروسُ حمَيّا الرّاح تُجلَى على يدي
ونادمت فِي ديَر الحبيس غزالةً ... وزُخرِف لي فِي هيكلِ الدَّيرِ مقعدي
منها:
ذَرَاني وعزْمي والدُّجى ومزاره ... فقد أَبَتِ العَلياءُ إلّا تفرّدي
ولا تيأسًا من رَوْحه وتأسّيا ... فكم مُعْرِضٍ فِي اليوم يقبلُ فِي غدِ
فتى الحبّ صَبٌّ باع مُهجة نفسهِ ... لجيرةِ ذاك الحيّ نْقدًا بموعدِ
هُوَ الحبُّ إما مُنْية أو مَنِيّةٌ ... ودون العُلَى حدُّ الحسام المهنَّدِ
ألم تريا أنّي وجدتُ تلذُّذي ... برؤياهُ عُقْبَى حيرتي وتلدُّدي
وقد عشت دهرًا والجمالُ يهزّني ... وتُطْربني الألحانُ من كلّ مُنْشدِ
وأغدو وَفِي ليل الغدائر دائبًا ... أضلّ ومن صُبح المباسِمِ أهتدي
ويسقم جسمي كلّ جفنٍ وتارةُ ... يورّد دمعي كلُّ خدٍّ مورّدِ
وأصبو متى هبت صبا حاجرية ... تخبرني عن منجدٍ غير منجدي
فَلَمَّا تجلّى لي على كل شاهدٍ ... وسامَرَنِي بالرَّمز فِي كلّ مشهدِ
تجنَّبت تقييدَ الجمال ترفُّعًا ... وطالعتُ أسرارَ الجمال المبدَّدِ
وصار سماعي مطلقًا منه بدؤه ... وحاشى لمثلي من سماع مقيد
ففي كلّ مشهودٍ لقلبي شاهدٌ ... وَفِي كل مسموعٍ له لحنً مَعْبَدِ
أراه بأوصافِ الجمال جميعها ... بغير اعتقاد للحلول المبعَّد [ص:350]
ففي كلّ هيفاء المعاطفِ غادة ... وَفِي كلّ مصقول السّوالف أغْيَدِ
وعند اعتناقي كلّ قَدٍّ مهفهفٍ ... ورشْفي رضابًا كالرّحيق المبرَّدِ
وَفِي الدّر والياقوت والمِسْك والحلَى ... على كلّ ساجي الطّرفِ لدن المقلد
وفي حلل الأثواب راقت لناظر ... بزبرجها من مُذْهب ومعمّدِ
وَفِي الرّاح والرَّيْحان والشّمع والغِنا ... وَفِي سجع ترجيع الحمام المغرّدِ
وَفِي الدَّوح والأنهار والرّوح والنَّدَى
وَفِي كلّ بستانٍ وقصرٍ مُشيَّدِ ... وَفِي الرّوضة الغنّاء غبّ سمائها
يضاحكُ نور الشمس نوّارها النّدي ... وَفِي صفو رَقراق الغديرِ إذا حكى
وقد جعّدته الرّيحُ صفحة مَبرّد ... وَفِي اللَّهْو والأفراح والغفْلة الّتي
تمكِّنُ أَهْل الفرق من كلّ مقصدِ ... وعند انتشاء الشُّرْب فِي كلّ مجلسٍ
بهيج بأنواع الثّمار منضَّدِ ... وعند اجتماع النّاس فِي كل جمعة
وعيدٍ وإظهار الرياش المجدد ... وفي لَمَعان المَشْرَفيّات فِي الوغى
وَفِي مَيْلِ أعطاف القنا المتأود ... وفي الأعوجيات العتاق إذا انبرت
تسابق وقد الرّيح فِي كلّ مطردِ ... وَفِي الشمس تحكي فِي تبرّج نورها
لدى الُأفْق الشّرقيّ مرآة عسجدِ ... وَفِي البدر بدر الُأفق ليلةَ تَمِّهِ
جلته سماءٌ مثل صرْحٍ ممرَّدِ ... وَفِي أنجُمٍ زانت دُجاها كأنّها
نثارُ لآلٍ فِي بساطٍ زبرجد ... وفي البرق يبدو موهنا في سحابة
كباسمِ ثغرٍ أو حسامٍ مُجَرَّدِ ... وَفِي حُسن تنميق الخطاب وسرعة الـ
ـجواب وَفِي الخطّ الأنيقِ المجوّدِ ... وَفِي رقَّة الأشعار راقت لسامع
بدائعُها من مقصر ومقصَّدِ ... وَفِي رحمة المعشوق شكوى محبه
وَفِي رقَّة الألفاظ عند التّودُّدِ ... وَفِي أَرْيَحيّاتِ الكريمِ إِلَى النّدى
وَفِي عاطفاتِ العفْو من كلّ سيّدِ ... وحالةِ بسطِ العارفين وأُنسهم
وتحريكهم عند السّماع المقيَّدِ ... وَفِي لُطْف آياتِ الكتابِ التي بها
تنسم روح الوعدِ بعد التَّوَعُّدِ [ص:351]
المظاهر الجلاليَّة
كذلك أوصافً الجلالِ مظاهرٌ ... أشاهدُه فيها بغير تردُّدِ
ففي صَوْلة القاضي الجليلِ وسمْتهِ ... وَفِي سطوة السّلطان عند التمرُّدِ
وَفِي حدَّة الغضبان حالةَ طيِشه ... وَفِي نَخْوة القرْم المَهيبِ المسوَّدِ
وَفِي سَوْرة الصَّهباء جار مديُرها ... وَفِي يبس أخلَاق النّديم المعربد
وعند اصطدام الخيل في كل مأزق ... تعثر فيه بالوشيج المقصد
وفي شدَّةِ اللَّيْث الهصور وبأسهِ ... وشدّة عَيشٍ بالسقام منكد
وفي روعة البين المشت وموقف الـ ... ـوداع لحرّان الجوانح مكمدِ
وَفِي فرقة الُألّافِ بعد اجتماعهم ... وَفِي كلّ تشتيت وشُمْلٍ مبدّدِ
وَفِي كلّ دارٍ أقفرتْ بعد أُنْسها ... وَفِي طَلَلٍ بالٍ ودارسِ معهدِ
وَفِي هَولِ أمواجِ البِحار ووحشة الـ ... ـقفار وسيلٍ بالمذانب مُزبدِ
وعند خشوعي للصّلاة لعزَّة الـ ... ـمناجي وَفِي الإطْراق عند التَّشَهُّدِ
وحالة إهلال الحجيج بحجهم ... وإعمالهم للعيس في كل فدفد
ويبدو بأوصافِ الكمالِ فلا أرى ... برؤيته شيئًا قبيحًا ولا ردي
فكلّ مسيء بي إليَّ كمحسن ... وكل مضل لي لديَّ كمرشدِ
ولا فرق عندي بين أُنْسٍ ووحشةٍ ... ونورٍ وإظلامٍ ومُدْنٍ ومُبْعدِ
وسيّانَ إفطاري وصَوْمي وفترتي ... وجهدي ونومي وادعًا وتهجُّدي
أُرى تارةً فِي حانة الخمر خالعًا ... عذاري وطَورًا في خبية مَعْبدِ
وهي مائة بيت، اخترتُ منها هَذَا.
وله:
جهد المحبّة لوعةٌ وغرام ... وصبابةُ وكآبة وسقامُ
ومدامع مسفوحة وأضالع ... مقروحة وتولُّه وغرامُ
وتذكّرٌ إنْ لاح برقٌ بالغضا ... أو ناح فِي عذْب الغصون حمامُ
وبكا على الأطلال غيّرها البلى ... ورَمَت نضارةَ رسمها الأعوام [ص:352]
ورضى بأحكام الحبيب وإن جفا ... ونأى وعزّ من الخيال مرامُ
أوصاف باقٍ لم يبن عن رسمه ... وبقاء أبناء الغرام حرام
والعاشقون على اختلاف شؤونهم ... عما يحقّقه الفناء نيامُ
كلٌّ يشير إِلَى سواه ولا سوى ... إلّا إذا ما ضلّت الأفهامُ
وهي طويلة من أبدع قصائده، لولا ما عكّر بقوله فيها:
قومٌ بهم قام الوجود لأنّهم ... قعدوا بعرفان الإله وقاموا
ظهروا وقد خفيت صفات نفوسهم ... فهم لإعلام الورى أعلامُ
وردوا معين الجمع فاجتمعت لهم ... صُوَرُ العوالم فالشَّتات نظامُ
وحقائق الأشياء فِي ميزانهم ... شيء فَمَا بين الأنام خصامُ
والعارفون بفضلهم ورّاثهم ... والجاحدوا إنعامهم أنعامُ
ووراءهم قومٌ معارفهم إِلَى ... حدّ الصفات يردُّها الإعظامُ
وهم على رتب تفاوت قدرها ... وكذاك يقسم فضله القسّامُ
فَمَن اجتلى صفة الجمال فدهره ... عشقٌ وقصْفٌ والغرام مدامُ
وتشوقه الأغصان والريحان ... والكثبان والغزلان والآرامُ
ويحبُ أخبار الغرام وأهلَه ... وتهزّه الأوتارُ والأنغامُ
هش تراه للخلاعة باسمًا ... كالبدر جلّى عن سناه غمامُ
ويرى المليحة فِي القبيح فَمَا له ... بسوى الجمال على المدى إلمامُ
ومَن انتحى صفة الجلال فدهره ... قبضٌ وكلُّ زمانه إحجامُ
وقد روى عَنْهُ أبو الْحُسَيْن اليُونينيّ، وأبو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ، وغيرهم من شِعره.
وتُوُفِّي فِي رابع عشر ربيع الآخر، ودُفن بقُبة الشَّيْخ رسلان، وشيعه قاضي القضاة شمس الدين ابن خَلِّكان والأعيان والفقراء والخلْق.(15/347)
388 - مُحَمَّد بْن صالح، الفقيه شمس الدّين الهسكوريّ المغربيّ، [المتوفى: 677 هـ]
خطيب جامع جرّاح خارج باب الصّغير.
روى عن مُكْرم، وشُهد على القضاة، ثُمَّ عمي. [ص:353]
تُوُفِّيَ فِي شعبان، وشيّعه قاضي القضاة والناس، وعاش ستًّا وسبعين سنة؛ فإنّه وُلِدَ سنة إحدى وستّمائة.(15/352)
389 - مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن عَبْد الكريم بْن عطايا، الصّدر شَرَف الدّين القرشي المصري، [المتوفى: 677 هـ]
ناظر الخزانة.
ودفن بالقرافة وقد جاوز الثمانين.
وكان دينا خيرا، جليلًا عالمًا، مُفْتيًا.
أجاز له جَعْفَر بْن أموسان.(15/353)
390 - مُحَمَّد بْن عَبْد المهيمن. [المتوفى: 677 هـ]
شيخ مصريّ، روى عن ابن المُقَيّر.(15/353)
391 - مُحَمَّد بْن عَرَبْشاه بْن أبي بَكْر بْن أبي نصر، المحدّث العالم، ناصر الدين أبو عبد الله الهمذاني. [المتوفى: 677 هـ]
سمع ابن الزُّبَيْديّ، وابن صبّاح، وابن اللّتّيّ، والناصح ابن الحنبلي، والمسلم المازني، وابن باسوية، وأبي الفضل الهَمَدَانيّ، وكريمة، وابن الشّيرازيّ، وطبقتهم. وسمع الكثير، وكتب الأجزاء، وأكثر وحصّل. وأوّل سماعه من المشايخ فِي سنة سبْعٍ وعشرين وله عشرون سنة إذ ذاك، ورحل فسمع بالديار المصريّة من ابن رواج وغيره، وبحلب من ابن خليل، وأسمع أولاده. روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العطّار، وجماعة. وأجاز لي مَرْويّاته، وكان ثقة، صحيح النّقل، حسن الخطّ. تُوُفّي فِي جُمادى الأولى.(15/353)
392 - مُحَمَّد بْن علي بن محمد بن إسماعيل، الصدر شرف الدين ابن الورّاق. [المتوفى: 677 هـ]
سمع ابن باقا وغيره.(15/353)
393 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن يوسف بْن ميسَّر، الأجلّ تاج الدّين، أبو عَبْد اللّه الْمصْرِيّ المؤرّخ. [المتوفى: 677 هـ]
صنَّف " تاريخ القضاة "، وتُوُفِّي فِي محرَّم بالقاهرة، وله تاريخ كبير ذيّل به على " تاريخ المسبّحيّ "، وهبني منه مجلّدًا الحافظ قُطْبُ الدّين، وعلى المجلد [ص:354]
بخطه: " مختصر من تاريخ تاج الدّين مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن ميسّر ". ويُعرف بابن جلب راعب، من بيت، وله أصالة.
تُوُفّي فِي ثامن عشر المحرَّم.(15/353)
394 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جبريل بْن أبي الفوارس الدَّرْبَنْديّ المحدّث، الشّاعر الصُّوفيّ، أبو عَبْد اللّه. [المتوفى: 677 هـ]
سمع من السّبط وعدّة، وسمَّع بنته فاطمة من أصحاب البوصيري.
مات في ذي الحجة بمصر.(15/354)
395 - محمود بْن عُمَر، القاضي نظام الدّين الهَرَويّ، قاضي الجانب الغربيّ، من أئمّة الشّافعيّة، ويُعرف بشيخ الإسلام. [المتوفى: 677 هـ]
توفي عن ثلاثٍ وسبعين سنة، ورَثَتْه الشّعراء، وله تصانيف عدّة وفنون، وباع طويل فِي الطّبّ، مع التَّقْوى والدّين والزُّهد.
وله ابن هُوَ شمس الدّين مُحَمَّد شيخ المشايخ بالهند، وابنه الآخر من علماء هَرَاة تاج الدّين مُحَمَّد، وابنه صدر الدّين جُعل بعد أَبِيهِ قاضي الجانب الغربيّ، وابنه الآخر شهاب الدّين إِسْمَاعِيل شيخ رباط البسْطاميّ.(15/354)
396 - محمود بْن مُحَمَّد بْن بُنْدار، الفقيه عز الدين التورتري الشّافعيّ البَعْلَبَكّيّ. [المتوفى: 677 هـ]
وُلِدَ فِي حدود العشر وستّمائة، وسمع من البهاء عَبْد الرَّحْمَن وغيره، وتفقَّه وأتقن المذهب، وناب فِي قضاء بَعْلَبَكّ عن القاضي صدر الدّين عَبْد الرحيم، وولي قضاء بَعْلَبَكّ أيضًا مدّةً، وولي قضاء عجلون. ومات على قضاء حصون الإسماعيليّة، فتُوُفِّيَ بحصن الكهف.
وكان محمود السّيرة، حسن الأخلاق، ذا كرم ومروءة واحتمال. روى عَنْهُ شمس الدّين ابن أَبِي الفتح الحنبليّ وغيره، ومات فِي جُمَادَى الأولى فِي عشر الثمانين.(15/354)
397 - مفضل بن أبي طالب ابن سَنِيّ الدّولة، أبو عُثْمَان الخيّاط. [المتوفى: 677 هـ]
حدَّث عن حنبل المكبّر، تُوُفِّيَ فِي المحرَّم أو صفر عن نيَّفٍ وثمانين سنة.(15/355)
398 - مؤمل بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن علي بن منصور، عز الدين أبو المرجى ابن البالسيّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 677 هـ]
عم شيخنا العماد.
وُلِدَ سنة اثنتين وستمائة، وقيل: سنة ستمائة. وسمع أبا اليُمْن الكِنْديّ، والخضر بْن كامل الدلال، وأبا القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وهبة اللّه بْن طاوس، وأبا الغنائم هبة اللّه الكهفيّ. روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العَطَّار، والمِزّيّ، والفقيه زكري الشافعي، وواثق التّاجر، وجماعة. أجاز لي مَرْوِيّاته، وتُوُفِّي فِي سابع رجب.
سَأَلت المِزّيّ عَنْهُ فقال: كان شيخا حسنا، قديم المولد، كثير السماع.(15/355)
• - الوَرَن، عَبْد اللّه، [المتوفى: 677 هـ]
مَرّ.(15/355)
399 - هبة اللّه نفيس الدين ابن الحافظ رشيد الدّين أبي الْحُسَيْن العطّار. [المتوفى: 677 هـ]
تُوُفِّيَ بمصر فِي رجب، روى عن ابن المقيّر وغيره، ومات كهلا.(15/355)
400 - يحيى بْن مُحَمَّد بْن سالم، أبو زكريّا الحنفي السِّمْسار. [المتوفى: 677 هـ]
كهلٌ مصريّ، روى عن ابن الْجُمَّيْزيّ، ومات فِي جُمَادَى الآخرة.(15/355)
401 - يحيى بْن مُوسَى، الفقيه محيي الدّين الزُّرَعيّ الحنبليّ. [المتوفى: 677 هـ]
حدَّث عن ابن اللّتّيّ، ومات فِي المحرَّم بقاسيون.(15/355)
402 - يوسف بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف، شَرَفُ الدّين أبو الحجّاج الأَنْصَارِيّ الشّمّاع الصُّوفيّ. [المتوفى: 677 هـ]
أجاز لجماعة، وتُوُفِّي فِي ربيع الأوّل بدمشق، ويُعرف بابن الخبازة.
روى عن ابن المقير.(15/355)
403 - أبو بَكْر، إِسْمَاعِيل بْن بردويل، [المتوفى: 677 هـ]
التّاجر بقَيْساريّة الفرش بدمشق. [ص:356]
روى عن مُوسَى بْن عَبْد القادر، وعاش سبعين سنة.(15/355)
404 - أبو بَكْر بْن مَسْعُود، الرئيس جمال الدّين، اليزديّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ، التّاجر. [المتوفى: 677 هـ]
ولي مشيخة الشّيوخ ونظر الجوامع وغير ذلك، ولم تحمد سريته، وعُزِل بعد عَزل مخدومه جمال الدّين النّجيبيّ نائب دمشق، وسُفِّر إِلَى مصر وصودر، ثُمَّ لزم بيته، ومات فِي صفر وقد نيَّف على السّبعين.(15/356)
405 - أبو بكر بن يونس بن علي الريحاني. [المتوفى: 677 هـ]
رَجُل صالح، كثير الحجّ. حدَّث عن الشَّيْخ الموفَّق، ومات فِي صفر، أَخَذَ عَنْهُ ابن نفيس وغيره.(15/356)
-وفيها وُلِدَ:
القاضي شمس الدّين علي ابن الصّلاح الشّافعيّ مدرّس القَيْمُريّة، وشهاب الدّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن إِسْمَاعِيل بن مُرّيّ البَعْلَبَكّيّ فِي رمضان بدمشق، ثُمّ قَالَ لي سنة عشرين: لا، بل سنة ستٍّ. وناصر الدين محمد بن ألْدُكْز الزّرّاديّ سِبْط ابن دبوقا يوم الفطر، ومحيي الدين محمود بن محمد بن محمد ابن القلانِسيّ، وشرف الدّين مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن خضر المالكي ابن النقيب، والشيخ علي بن محمد ابن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الُأرْمَويّ، والقاضي علاء الدّين عليّ بن المنجى الحنبليّ فِي شعبان، وسيف الدّين أبو بَكْر ابن الموفَّق عِيسَى بْن قواليح الجنْديّ، ومجير الدّين خليل بن يحيى ابن النعال.(15/356)
-سنة ثمان وسبعين وستمائة(15/357)
406 - أَحْمَد بْن أبي الخير سلامة بْن إِبْرَاهِيم بن سلامة بْن معروف بْن خَلَف، المُسْنِد المعمَّر زين الدّين، أبو الْعَبَّاس الدّمشقيّ الحدّاد الحنبليّ الْمُقْرِئ الخيّاط الدّلّال. [المتوفى: 678 هـ]
وُلِدَ فِي رابع عشر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وتُوُفِّي والده الشَّيْخ أبو الخير إمام حلقة الحنابلة وله خمسُ سنين، ولم يُسمّعه شيئًا، بل استجاز له. ثُمَّ سمع سنة ستّمائة من أبي اليُمْن الكِنْديّ، وسمع بحمص من شمس الدّين أَحْمَد بْن عَبْد الواحد الْبُخَارِيّ والد الفخر. وأجاز له من إصبهان خليل بْن أبي الرجاء الرّارانيّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الطرسوسي، ومسعود بن أبي منصور الجمال، وعبد الرحيم بْن مُحَمَّد الكاغديّ - وتفرَّد فِي الدُّنيا عَنْهُمْ - وأبو المكارم أَحْمَد بْن مُحَمَّد اللَّبَّان، وَمُحَمَّد بْن أبي زَيْد الكرّانيّ، وأبو جَعْفَر الصَّيْدلانيّ؛ وسَبْعَتُهم من أصحاب أبي عليّ الحدّاد. وأجاز له طائفة من إصبهان من أصحاب فاطمة الجوزدانية، وأبي عبد لله الخلّال. وأجاز له من مصر أبو القاسم البُوصيريَ، وفاطمة بِنْت سعد الخير، وابن نجا الواعظ، وعليّ بْن حَمْزَة، والحافظ عَبْد الغنيّ، وأبو عَبْد اللّه الأرتاحيّ، وغيرهم. وأجاز له من بغداد أبو الفَرَج بْن كُلَيْب، وأبو القاسم بن بوش، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو طاهر ابن المعطوش، وعبد الخالق ابن البُنْدار، وعبد اللّه بْن مُحَمَّد بْن عُليّان، وطائفة من أصحاب ابن الحصين، وقاضي المَرِسْتان. وأجاز له بدمشق أبو طاهر الخشوعي، وأبو جعفر القرطبي، وأبو محمد ابن عساكر، وغيرهم.
سمع منه عمر ابن الحاجب بعَرَفات سنة عشرين وستّمائة. وروى عَنْهُ الدّمياطيّ، وأبو الْعَبَّاس ابن الحلُوانيّة، وابن الخبّاز، وابن العطّار، وابن جعوان، والمِزّيّ، وابن أبي الفتح، وابن الشَريْشيّ، وابن تَيْميّة، وأخوه أبو محمد، والمجد ابن الصَّيْرفيّ، وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ، وأبو بَكْر بْن شرف، وطائفة سواهم. [ص:358]
وقرأ عليه المِزّيّ شيخنا شيئًا كثيرًا، وسمع منه "حلية الأولياء"، ورثاه بأبيات بعد موته، وسألته عَنْهُ فقال: شيخ جليل متيقّظ، عُمِّر وتفرَّد بالرّواية عن كثيرٍ من مشايخه، وحدَّث سنين كثيرة، وسمعنا منه الكثير، وكان سهلًا في الرواية. قال: وتوفي يوم عاشوراء وقد قارب التسعين.
قلت: كان إنسانًا خيّرًا متواضعًا، من أَهْل الرباط النّاصريّ، أضرَّ بأَخرَة، وكان فقيرًا متعفّفًا، أجاز لي جميع مروياته، قال: أنبأنا خليل قال: أخبرنا الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا أيمن بن نابل قال: سَمِعْتُ قُدَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْكِلابِيَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ لا طَرْدَ وَلا ضَرْبَ وَلا إِلَيْكَ إِلَيْكَ.
هَذَا حديث صحيح، رواه الْبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ فِي "مشيخته" عن العز ابن الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيِّ عَنْ خَلِيلِ بْنِ أَبِي الرَّجَاءِ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًّا.(15/357)
407 - أَحْمَد بْن عَبْد اللّه بْن عبدُ المُحسن ابْن خطيب المَوْصِل أبي الفضل عَبْد اللّه بْن أَحْمَد، الطُّوسيُّ ثُمَّ المَوْصِليُّ، تاج الدّين [المتوفى: 678 هـ]
الشّاهد تحت السّاعات.
تُوُفِّيَ بزُرَع راجعًا من الحجّ فِي صفر.(15/358)
408 - أَحْمَد بْن عَبْد المحسن بْن أَحْمَد الواعظ، الشّهير بزين الدّين كتاكت الدّمياطيّ. [المتوفى: 678 هـ]
مات فِي شوال بمصر، له نظم وبلاغة، وفيه دين ولطف وخير، وهو القائل:
على الحُبّ لا عاش من يعذل ... وهبْه يقول فَمَنْ يقبلُ
غريب الحِمَى أَنَا عَبْد لكم ... فَمَا شاء بي حبّكم يفعلُ(15/358)
409 - إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن يحيى، الشَّيْخ الفقيه، صفيُّ الدّين أبو مُحَمَّد العكيّ الشّقراويّ الحنبليّ. [المتوفى: 678 هـ]
كان أَبُوهُ قد سكن دمشق، وسمع من الخُشُوعيّ، فولد له هَذَا ونجم الدّين مُوسَى وغيرهما. وُلِدَ سنة خمسٍ وستّمائة. وسمع من مُوسَى بْن عَبْد القادر، والشيخ الموفَّق، وأحمد بْن الخضِر بْن طاوس.
وكان من فُضَلاء الفقهاء وأخيارهم، وكان يقيم كثيرًا بزُرَع، وحكَم بها نيابةً عن الشَّيْخ شمس الدّين، وكان مطبوعًا دمث الأخلاق؛ روى عَنْهُ ابن الخبّاز، والمِزّيّ، والطّلبة. وأجاز لي مَرْوِيّاته.
تُوُفِّيَ فِي تاسع عشر ذي الحجة، ودفن بقاسيون، رحمه الله.(15/359)
410 - أقوش الرُّكنيّ، الأمير الكبير جمال الدّين، المعروف بالبطّاح، [المتوفى: 678 هـ]
أحد أمراء دمشق.
تُوُفِّيَ كهْلًا فِي ربيع الأول، وهو مملوك ركن الدّين بَيْبرس الأمير الَّذِي كسر الفرنج بأرض غزّة، وله عدّة مماليك؛ منهم الأمير سُمّ الموت إيغان الرُّكنيّ، وعلاء الدّين الأعمى نزيل القدس.(15/359)
411 - أقوش الشّهابيّ السِّلَحْدار، جمال الدّين، [المتوفى: 678 هـ]
أحد أمراء دمشق.
أدركه الموت بحماة فِي ربيع الآخر، وكان هُوَ والّذي قبله فِي صُحبة الجيش بسِيس ورجعا وماتا.(15/359)
412 - بَلَبَان النَّوْفليّ العزيزيّ، ناصر الدّين، [المتوفى: 678 هـ]
أحد أمراء دمشق.
أدركة الموت بحلب فِي ربيع الأول، وكان من أعيان العزيزيّة، فِيهِ دِين وخَير، وله معروف. وعنده حشمة بتواضع ولِين، وكان فِي جملة الجيش بسِيس، ومات فِي مُعْتَرَك المنايا، وهو من مماليك الْعَزِيز صاحب حلب.(15/359)
413 - بَلَبَان السّاقي، الأمير عَلَم الدّين. [المتوفى: 678 هـ]
مِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي رَجعة سِيس. [ص:360]
وكذا الأمير سيف الدّين قلاجا فِي أحد الرّبيعين؛ فهذه خمسة أمراء تقاربت آجالُهم، وما أدري هَلْ سُقوا أم لا.(15/359)
414 - بيرم بْن سُنْقر الشّهابيّ. [المتوفى: 678 هـ]
سمع من ابن رواحة، ومات في ذي الحجة.(15/360)
415 - جُنْق بْن صُوَن بْن أيل، الأمير جمالُ الدّين، [المتوفى: 678 هـ]
أحد أمراء دمشق.
يُقَالُ: إنّه من أولاد الملك صول صاحب جُرْجان الَّذِي أسلم على يد يزيد بْن المهلّب. تُوُفِّيَ بدمشق فِي جُمَادَى الآخرة، وكان من أبناء الخمسين.(15/360)
416 - رابغ بْن يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن، جمال الدّين الصَّنْهاجيّ، [المتوفى: 678 هـ]
الْمُقْرِئ على الجنائز.
روى عن ابن المقير، سمع منه ابن عبد الكافي، وابن نفيس الْمَوْصِلِيّ، والطلبة. وروى لنا عَنْهُ ابن العطّار، تُوُفِّيَ فِي المحرَّم وله ثمانٍ وستّون سنة، ومولده برابغ.(15/360)
417 - رسلان بْن دَاوُد بْن يوسف بْن أيوب، الملك المعظَّم رُكْنُ الدين ابن الزّاهر ابن السّلطان الكبير صلاح الدّين. [المتوفى: 678 هـ]
حدَّث بإجازة عامة من الصيدلاني، مولده بقلعة البيرة في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وبقي إِلَى هَذِهِ السّنة. وأجاز للبِرْزاليّ، وجماعة. وقد حدَّث بدمشق وبالقاهرة، وسمع منه المِزّيّ وغيره بقراءة ابن جعوان فِي ذي الحجّة من هذه السنة.(15/360)
418 - شهرمان المُوَلَّه، التُّرْكُمانيّ ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 678 هـ]
كان صاحب دُكّانٍ بالفُسْقار، فوقع له يومَ خروج الرَّكْب بكاءٌ كثير، فتهيأ لوقته وتبِع الرَّكْب وحجّ، وعاد مسلوب العقل، وصار له حال من جنس حال المولَّهين، وللعامّة فِيهِ عقيدة. [ص:361]
توفي في شعبان، وشيعه خلق كثير.(15/360)
419 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الغني، الفقيه الإمام تقي الدين ابن الشيخ التقي ابن العز ابن الحافظ المقدسيّ. [المتوفى: 678 هـ]
سمع من ابن اللّتّيّ، وجعفر الهمدانيّ، وكريمة. وحدَّث، ومات فِي صفر، وقد سمع النّاس بقراءته.(15/361)
420 - عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن حمُّوَيْه، شيخ الشّيوخ شرف الدّين أبو بكر ابن شيخ الشّيوخ تاج الدّين، الْجُوَيْنيّ ثُمَّ الدّمشقيّ، الصُّوفيّ. [المتوفى: 678 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّمائة من عالي النسب بيت عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الماجد ابن القُشَيْريّ. وسمع من أَبِيهِ، وأبي القاسم بْن صَصْرَى، وأبي صادق بْن صبّاح، وابن اللّتّيّ. وأجاز له مسمار بْن العُوَيْس، وجماعة. روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العَطَّار، والمِزّيّ، والبرزالي، وغيرهم. وأجاز لي مَرْوِيّاته.
وكان شيخًا جليلًا، محترما بين الصوفية لأبوته وقعدده. وكان ظريفا حسن الصُّحبة، لا بأس به. تُوُفِّيَ فِي ثامن شوّال، ودُفِن بتُربة الشَّيْخ عَبْد اللّه الأرمنيّ، وشيّعه الخلْق.(15/361)
421 - عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن حرْب، الفقيه المسند شمس الدين أبو محمد ابن الأوحد الْقُرَشِيّ الزُّبَيْريّ. [المتوفى: 678 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة، وسمع بحلب من الافتخار الهاشميّ، وحدَّث بدمشق، وكتب بديوان المارِسْتان النّوريّ. روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العطّار، والشّيخ رضوان النّابلسيّ، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ، وجماعة. وأجاز لي مَرْوِيّاته، وكان قد تفرد بسماع " جزء الوخشي ". [ص:362]
توفي في أوائل شوال.(15/361)
422 - عَبْد اللّه بْن أبي الْحَسَن بْن محمود بْن حُسَيْن، الحاجّ بدْر الدّين الدّمشقيّ الحنبليّ، ويُعرف بملكشاه. [المتوفى: 678 هـ]
أجاز بخطّه مَرْوِيّاته فِي إجازة الوجيه الثغري، وقال للوجيه: ولدتُ سنة ثلاثٍ وتسعين، وسمعت " مُسْنَد أَحْمَد " على حنبل المكبر. وله خمسٌ وأربعون وقْفَة، وأنّه جاور بمكّة عشرين سنة، قال ذلك فِي سنة ثمانٍ هَذِهِ ببَعْلَبَكّ.(15/362)
423 - عَبْد اللّه ابن قاضي القضاة مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن علي ابن عين الدّولة صَدَقَة بْن حَفْص، قاضي القضاة محيي الدّين أبو الصّلاح الصّفراويّ، الإسكندرانيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 678 هـ]
مات فِي رجب بمصر وله إحدى وثمانون سنة. سمع من القاضي عليّ بْن يوسف الدمشقي، ومكرم، والفارسي، وابن باقا. وله إجازة من ابن الحرستاني وعدة.
وولي قضاء مصر وأعمالها، ثُمَّ لحِقَه فالج وَأُقعد خمسة أَعوام ثُمَّ عزِل.
وكان أَبُوهُ قاضي مصر أيضا، مات سنة تسع وثلاثين وستمائة.(15/362)
424 - عَبْد اللّه بْن مُحَمَّد بْن أبي الخير بن سطيح، الشيخ القدوة نجم الدين ابن الحكيم الحمويّ. [المتوفى: 678 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة بحلب، ويُعرف بابن سطيح. ويُقال: إنّهم من ذرّيّةِ سطيح الكاهن.
كان شيخًا صالحًا زاهدًا عارفًا، كبير القدْر. رَأَيْت شيخنا ابن الدّباهيّ يُثْني عليه ويصف أخلاقه، وكان يحضر السّماع. وقد تقدم أنه أنكر على نجم الدين ابن إسرائيل.
توفي فِي جُمَادَى الأولى بدمشق، ودُفِن بمقابر الصّوفيَّه عند شيخه الشيخ [ص:363]
إسماعيل الكوراني، وهو والد الشَّيْخ شرف الدّين المحتسب، ولهم زاوية بحماة.(15/362)
425 - عَبْد الباري بْن عِيسَى بْن سالم، الأَنْصَارِيّ الْمصْرِيّ. [المتوفى: 678 هـ]
تُوُفِّيَ فِي رجب بمصر، هُوَ الشَّيْخ تاج الدّين الْمُقْرِئ، إمام جامع الحاكم.
وُلِدَ بدمشق سنة إحدى عشرة وتلا بالسّبْع على السّخاويّ، وهو من شيوخ الشَّطَنوفيّ، سمع من ابن الزُّبَيْديّ.(15/363)
426 - عبد الرحمن ابن الخطيب محيي الدين محمد ابن الخطيب عماد الدِّين عَبْد الكريم ابن القاضي جمال الدين ابن الحَرَسْتانيّ، الفقيه شمس الدّين. [المتوفى: 678 هـ]
عاش سبْعًا وعشرين سنة، وسمع من إِبْرَاهِيم بْن خليل وغيره، حفظ جملةً من " الوسيط "، وتفقه على الشَّيْخ تاج الدّين، وكان من الأذكياء.(15/363)
427 - عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن غانم بن عليّ، الواعظ الكبير، عزّ الدّين النّابلسيّ. [المتوفى: 678 هـ]
قدِم دمشق ووعظ بها وأعجب النّاس، وله نظْمٌ رائق وكلام حَسَن.
تُوُفِّيَ فِي شوّال بالقاهرة، وكان جدّه من سادة الشيوخ، رحمه الله.(15/363)
428 - عَبْد القادر بْن عُثْمَان بْن الزُّبَيْر، تقيّ الدّين الإسْعِرديّ. [المتوفى: 678 هـ]
تُوُفِّيَ بدمشق فِي رمضان.(15/363)
429 - عُثْمَان بْن أبي الفضل بْن إِسْمَاعِيل بْن المحبر، الشَّيْخ رشيد الدّين. [المتوفى: 678 هـ]
عَدْل مبارك مُسِن، معروف. يروي عن ابن الزُّبَيْديّ، وحدَّث " بصحيح الْبُخَارِيّ " كله. وروى عن القزوينيّ، وابن اللّتّيّ. كتب عَنْهُ البِرْزاليّ والطَّلَبَة، ومات في صفر.(15/363)
430 - العلم ابن العادليّ، الصدر الصّاحب [المتوفى: 678 هـ]
ناظر الدّواوين بدمشق، من كبراء المصريين. [ص:364]
تُوُفِّيَ فِي شوّال بدمشق، وخَلّف كُتُبًا كثيرة.(15/363)
430 - م- علي بن صلايا، الشريف كمال الدين العلوي، [المتوفى: 678 هـ]
نقيب مشهد الحسين.
توفي بعلة التراقي بعد أن كان من سنوات قد أخذه في سفر بعض التتار وكتفوه فألقوه في دجلة ورموه بالنشاب حتى غطس، ثم إنه ظفر به صيادون فأصعدوه وبه رمق، فداووا جراحه.
مات سنة ثمان وسبعين.(15/364)
431 - عليّ بْن عُمَر بْن مُجَلّي، الأمير نور الدين الهكاري. [المتوفى: 678 هـ]
ولي ابن مجلي هَذَا نيابة السّلطنة بحلب مدّة، وكان حسن السّيرة، عالي الهمّة، متواضعًا، ليّن الكلمة، مُحسِنًا إِلَى العلماء والفُقراء. عُزِل عن النّيابة قبل موته فأقام بحلب إِلَى أن مات، وكان أَبُوهُ عزّ الدّين من كبار الأمراء أيضًا.(15/364)
432 - عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ الهاشميّ. [المتوفى: 678 هـ]
أظنّ له إجازة من أبي رَوْح والمؤيّد.
مات فِي صفر، وكان مولده فِي سنة إحدى وستّمائة.(15/364)
433 - عليّ بْن يحيى بْن عليّ بْن سلطان، أبو الْحَسَن، الصّعيديّ ثم الإسكندراني، المؤدب، [المتوفى: 678 هـ]
والد المعمرة وجيهية.
كان حيا في هذا العام، سمع الكثير في حدود الأربعين، واستجاز لابنته في سنة إحدى وأربعين، وسمعتُ منه.(15/364)
434 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مزاحم، أبو حَفْص الدُّنَيْسريّ. [المتوفى: 678 هـ]
شيخ معمَّر من أبناء التّسعين، سمع فِي الكُهُولة من ابن اللّتّيّ، وحدَّث. ومات بالقاهرة فِي ثامن ذي الحجّة، روى عَنْهُ الدّواداريّ وغيره.(15/364)
435 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الموصلي. [المتوفى: 678 هـ][ص:365]
روى عن ابن رواج، مات بالروم.(15/364)
436 - فاطمة بنت الملك المحسن أحمد ابن السُّلطان المُلْك النّاصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. [المتوفى: 678 هـ]
ولدت سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وسمعت من عُمَر بْن طَبَرْزَد، وحنبل، وستّ الكَتَبَة، وجماعة. وأجاز لها زاهر بْن أَحْمَد الثَّقفيّ، وأبو الفتوح العِجْليّ، وجماعة. روى عَنْهَا الدّمياطيّ وكنّاها أمَّ عُمَر؛ وابن العطّار، وابن الخباز، والدّواداريّ، وآخرون.
وكانت جليلة عالية الإسناد، تُوُفِّيَت ببلد بزاعة من حلب في إحدى الجماديين عن إحدى وثمانين سنة، وتكنى أم الحسن.(15/365)
437 - قلاجا الرّكنيّ، الأمير سيف الدّين. [المتوفى: 678 هـ]
مات فِي رجوعه من سِيس عن بضْعٍ وأربعين سنة، وهو خُشْداش الأمير علاء الدّين الأعمى، تُوُفِّيَ في ربيع الأول.(15/365)
438 - لؤلؤ، حسام الدّين الكاتب، عتيق بدْر الدّين جَعْفَر الآمِديّ، أو عتيق أَخِيهِ موفّق الدّين. [المتوفى: 678 هـ]
ومنهم تعلَّم الكتابة والتّصرّف، وحصل له التّشيُّع.
خدم الملك الأشرف صاحب حمص وترقّى عنده، ثُمَّ خدِم بدمشق، وكان ديوانه عبارة عَنْهُ، وكان ذا مروءة غزيرة وإفضال على الأصحاب، إلّا أنّه كان غاليًا فِي التَّشيُّع رُكنًا للمؤمنين، لا بارك فِي أعمارهم. ومع ذلك فكان عاقلًا لم تحفظ عَنْهُ كلمةُ سبّ، بل كان يترضّى عن الصحابة.
وكان من أبناء السّتّين، رَأَيْته ودخلت دارَه؛ وهي قاعتان بجُنينة فِي درب طَلْحَة. وكان جديّ العلم سَنْجَر يلوذ به، وكان فِي ديوان الجيش مُديرًا.
مات فِي ربيع الأول.(15/365)
439 - مُحَمَّد بْن بركة خان بْن دَولة خان، الأمير بدر الدّين، [المتوفى: 678 هـ]
خال الملك السعيد. [ص:366]
من كبار أمراء مصر، وحصل له تقدُّم كثير فِي دولة ابن أخته، وتُوُفِّي لمّا قدم دمشق فِي ربيع الأول، ودُفن قبالة الرباط الناصري عن نحو خمسين سنة. وعُملت له الأعزية والختم، حضر السّلطان بعضها عند القبر، ثُمَّ نقِل تابوته إِلَى القدس، ودُفن عند والده. وكان أَبُوهُ من كبار أمراء الخُوَارزميّة.(15/365)
440 - مُحَمَّد بْن بيْبرس، السّلطان الملك السعيد، ناصرُ الدّين، أبو المعالي بركة خان ابن السّلطان الملك الظاهر. [المتوفى: 678 هـ]
ولد سنة ثمان وخمسين في صفرها بالعُشّ من ضواحي القاهرة، وسلطنه أَبُوهُ وهو ابن خمس سنين أو نحوها. وبويع بالمُلْك بعد والده وهو ابن ثمان عشرة سنة. وكان شابًا مليحًا كريمًا، فِيهِ عدل ولِين وإحسان إِلَى الرعيّة، ليس فِي طبْعه ظُلم ولا عسف؛ بل يحبّ الخير وفعله.
قدِم بالجيوش دمشق فِي ذي الحجّة من سنة سبْع، وعُمِلت لمجيئه القباب وأحقها شبحًا، وكان يوم دخوله يومًا مشهودًا.
وكان مُحبّبًا إِلَى الرّعيَّة، لكنّه شاب غِرّ لم يحمل أعباء الملك، وعجز عن ضبط الأمور فتعصبوا لذلك وخلعوه من السّلطنة، وعملوا محضرًا بِذَلِك، وأطلقوا له سلطنة الكَرَك فسار إليها بأهله ومماليكه، فَلَمَّا استقرّ بها قصده جماعة من النّاس، فكان ينعم عليهم ويصلهم، فكثروا عليه بحيث نفد كثيرٌ من حواصله، وبلغ ذلك السّلطان الملك المنصور فتأثّر منه، فيُقال: إنّه سُمّ. وقيل غير ذلك.
وذكر المؤيَّد فِي " تاريخه " أنّ سبب موته أنّه لعب بالكُرة فتقنطر به فرسه، وحصل له بِذَلِك حُمّى شديدة، وتُوُفِّي بعد أيام.
قلت: ومات عن مرض قليل فِي منتصف ذي القعدة وله عشرون سنة وأشهر؛ مات بقلعة الكَرَك ودُفن عند جَعْفَر الطّيّار، ثُمَّ نُقل إِلَى تُربته بدمشق بعد سنةٍ وخمسة أشهر، ودُفن عند والده. ووَجدت عليه امرأته بِنْت الملك المنصور سيف الدين وجدا شديدا، ولم تزل باكية حزينة إِلَى أن ماتت بعده [ص:367]
بمدّة. وترتب بعده فِي مملكة الكَرَك أخوه الملك المسعود خضر مُدَيدة وحبس.(15/366)
441 - مُحَمَّد بْن عَبَّاس بْن أبي بَكْر بْن جعْوان، كمال الدّين أبو عَبْد اللّه الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 678 هـ]
رئيس جليل، كاتب، عدْل، مُهِيب، صاحب برّ وأخلاق. روى عن مُكْرم، وابن المقيّر. سمع منه ولده الحافظ شمس الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، ومجد الدين ابن الصيرفي، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر شوال عن بضعِ وخمسين سنة، ودُفِنَ بمقبرة باب الصّغير.(15/367)
442 - مُحَمَّدُ بْن عليّ بْن مُلاعِب بْن محرز بْن حرّاز الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 678 هـ]
شيخ من أَهْل الصالحية، روى عن مُوسَى بْن عَبْد القادر، ومات فِي ذي القعدة، كتب عَنْهُ بعض الطَّلَبة.(15/367)
443 - مُحَمَّد بْن مسعود بن الخضر، ناصر الدين ابن الشُكْريّ الْجُنْديّ. [المتوفى: 678 هـ]
روى عن يوسف بْن خليل، وكان يسمع على الجمال ابن الصّابونيّ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأولى.(15/367)
444 - مُحَمَّد بْن المفضَّل بْن محمد بن سعد الله ابن الوزّان، الإِمَام نجمُ الدّين الحنفيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 678 هـ]
مات في صفر، سمع الفخر ابن عساكر والشيخ الموفق.(15/367)
445 - محمد بن. . . الرئيس علم الدين ابن العادليّ الكاتب، [المتوفى: 678 هـ]
ناظر الدّواوين بدمشق.
تُوُفِّيَ فِي شوّال، وتُوُفِّي أخوه تاج الدّين ناظر حلب قريبًا منه، وكان عَلَمُ الدّين صاحب كُتُبٍ كثيرة فأبيعت(15/367)
446 - محمود بْن فتح الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 678 هـ]
رَجُل صالح معروف، كان يلوذ بالأمير بدر الدين ابن الأتابك، قرأ على السَّخاوي. وسمع من جَعْفَر الهمداني، وكريمة، وغيرهما. كتب عَنْهُ بعض الطَّلَبة، ومات فِي شوّال، وله ابن قصّاص حنفيّ.(15/368)
447 - يحيى بْن الحُسَيْنُ بْن إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْر بْن خَلِّكان، العدل جمال الدّين [المتوفى: 678 هـ]
ابن عم قاضي القضاة.
وُلِدَ سنة سبْعٍ وستّمائة، وحدث بالإجازة عن أبي روح الهروي وغيره، ومات بدمشق فِي رمضان، وهو والد الركن حُسَيْن.(15/368)
448 - يحيى ابن صاحب تونس مُحَمَّد ابن الأمير أبي زَكَرِيّا يحيى بْن عَبْد الواحد بن عمر الهنتاتي البربريّ، صاحب تونُس وأعمالها، أبو زكْري، المشتهر بالمخلوع. [المتوفى: 678 هـ]
بويع بعد والده، ثُمَّ خُلِع بعد عامين وبويع عمّه إِبْرَاهِيم فِي هَذَا العام، فكأن هَذَا قُتِلَ.(15/368)
449 - يحيى بْن أبي مَنْصُور بْن أبي الفَتْح بْن رافع بْن عليّ بْن إِبْرَاهِيم، الإمام المفتي المعمَّر المحدّث الصالح جمال الدين ابن الصَّيْرفيّ الحرّانيّ الحنبليّ، ويُعرف بابن الحبيشيّ. [المتوفى: 678 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بحرّان، وسمع من حمّاد بْن هبة اللّه الحافظ، ولم يظهر سماعه منه، ثم سمع سنة خمس وستّمائة من الحافظ عَبْد القادر، وارتحل إِلَى بغداد سنة سبْع فأدرك عُمَر بْن طَبَرْزَد، وسمع منه أجزاء من أول " الغيلانيات " و" صفة النفاق " للفريابي. وسمع من عبد العزيز ابن الأخضر الحافظ، وأحمد ابن الدّبيقي، وابن منينا، وعليّ بْن مُحَمَّد الْمَوْصِلِيّ، وثابت بْن مشرف، وأبي حَفْص عُمَر بْن محمد السهروردي، ومحمد بن علي ابن القُبيّطيّ، وأبي البقاء العُكْبَرِيّ، وجماعة. واشتغل على أبي البقاء، وعلى أبي بَكْر بْن غنيمة، وتفقه. وقدم دمشق فسمع بها من أبي اليُمْن الكِنْديّ، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي البركات ابن ملاعب، وابن البناء، والْجُلاجُليّ، وجماعة. وتفقَّه على الشَّيْخ موفَّق الدّين، ثم رد إلى حران، ثُمَّ قدِم دمشق، ثُمَّ دخل بغداد ثانيًا، ووُلِد له بها. وسمع على عُمَر بْن كرم، وجماعة. [ص:369]
وسمَّع ولده فخر الدّين، وأقام ببغداد مدَّة، وبرع فِي المذهب، ودرّس وناظر. وجالس بحرّان رفيقه أبا البركات ابن تَيْميّة، وكان لطيف القدّ، ضخم العِلم والعمل، صاحب تعبد وأوراد وتهجد.
قرأت بخط الشيخ شمس الدين ابن الفخر: تُوُفِّيَ شيخنا الإمام جمال الدّين أبو زكريا ابن الصَّيْرفيّ عشيّة الجمعة رابع صفر وله خمسٌ وتسعون سنة، أو نحو ذلك. وكان إمامًا كبيرًا مُفْتيًا، أفتى ببغداد وحَرّان ودمشق. وله مناقب جمّة، منها قيام اللّيل فِي مُعظَم عمره، كان يقوم فِي وقتٍ والله يعجز الشباب عن ملازمته؛ وهو جوف اللّيل. وكان يجتهد فِي أسرار ذلك وسائر عمل التّقرُّب. ومنها سخاء النّفس، وحُسْن الصُّحْبة، والتّعصُّب فِي حق صاحبه بدعائه واجتهاده وتضرعه، ومساعدته بجاهه وحُرمته. ومنها التّعصّب فِي السُّنّة والمغالاة فيها، وقمْع أَهْل البدع ومُجانبتهم ومُنابذتهم، ومنها قول الحق وإنكار المنكر على من كان، لم يكن عنده من المداهنة والمراءاة شيء أصلًا، يقول الحق ويصدع به، لقي الكبار كالسامري مصنف " المستوعب " والشيخ أبي البقاء والشّيخ الموفَّق.
وكان حَسَن المناظرة والمحاضرة، حُلْو العبارة، عالي الإسناد، له مختصرات ومجاميع حَسَنَة.
قلت: كَانَتْ له حلقة بجامع دمشق، وتخرج به جماعة. وروى الكثير؛ حدث بـ" جامع التّرمِذيّ "، وبـ" معالم السُّنَن " للخطّابيّ، وأشياء كثيرة. وقد سمع كتاب " معرفة الصحابة " لابن مَنْدَه من ابن القُبَّيْطيّ بسماعه من أبي سعد الْبَغْدَادِيّ، وسمع من عَبْد القادر الأجزاء " المَحَامليّات " وهي بضعة عشر جزءا، و" معجم ابن طاهر " بكماله، و" الزهد " بكماله لسعيد بن منصور، وسبعة عشر جزءا من " أمالي " الحافظ ابن مَنْدَه وكتاب " التّوحيد " له، ونحو شطر " الأربعين البلديّة " الّتي جمعها عَبْد القادر غير مُتَوالٍ، وكتاب " تضييع العُمُر والأيّام فِي اصطناع المعروف إِلَى اللّئام " للحافظ أبي مُوسَى المَديِنيّ بسماعه منه، و" فوائد مَسْعُود الثَّقفيّ ". وقرأ على أبي البقاء جميع كتابه في " إعراب القرآن ".
روى عَنْهُ الدّمياطيّ، والشّيخ عليّ الْمَوْصِلِيّ، وابن أبي الفتح، [ص:370]
والدّواداريّ، وسعد الدّين الحارثيّ، وابن تَيْميّة، وأخواه أبو مُحَمَّد وأبو القاسم، وابن العطّار، وتقيّ الدّين مُحَمَّد ابن شيخنا أبي الْحُسَيْن، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وخلْق سواهم. وأجاز لي مَرْوِيّاته، وكتب بخطّ يده، وذلك فِي سنة أربعٍ وسبعين فِي أوائل السّنة.
وبقي قبل موته بنحو سنتين منقطعا فِي البيت، وضَعُف وانهرم، ومنع ابنه فخر الدّين الطّلبة من الدّخول إليه وبقي يتعلّل عليهم، وما أعلم هَلْ تغيَّر حينئذٍ أم لا، ولم يسمع منه الحافظان المِزّيّ والبِرْزاليّ لهذا السّبب.
وحدَّثني حفيده أبو الفتح أنّه فِي أواخر عُمُره كان يطلب من ولده أن يشتري له سرية.(15/368)
450 - يوسف ابن الظّهير تمام بْن إِسْمَاعِيل بْن تمام، الشَّيْخ العدل، ضياء الدّين الدّمشقيّ الحنفيّ، [المتوفى: 678 هـ]
أحد عدول القيمة.
سمع من الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتانيّ، وجماعة. وأجاز له المؤيَّد الطُّوسيّ وغيره، ومولده سنة إحدى وستّمائة. وكان عسِرًا فِي الرواية، نكِدًا.
روى عَنْهُ ابن الخبّاز، والمِزّيّ، وجماعة. وتُوُفِّي ليلة الجمعة عاشر ربيع الأوّل.(15/370)
-وفيها وُلِدَ:
تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن ابن المولى الإمام بدر الدين محمد ابن الجوهريّ الحلبيّ فِي صفر، وعلاء الدّين عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد الكريم الأَنْصَاريّ الشّافعيّ، والفقيه جمالُ الدّين يوسف بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر الشّاطبيّ خطيب جامع جرّاح، والفقيه شهاب الدّين أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الظّاهريّ المدّرس فِي شوّال، والقاضي بدْر الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن قاضي حرّان، والشيخ عليّ بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ خازن السُّمَيْساطيّة، وبدر الدين محمد ابن القاضي الزرعي.(15/370)
-سنة تسع وسبعين وستمائة(15/371)
451 - أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن النَّحْويّ، العدل شَرَفُ الدّين الإسكندرانيّ. [المتوفى: 679 هـ]
وُلِدَ سنة ستٍّ وستّمائة، وسمع من أصحاب السلفيّ، مات فِي شوّال، وسمع بحرّان من حمْد بْن صُديق.(15/371)
452 - أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد، محيي الدين ابن السّابق - بباء موحّدة - الحلبيّ، [المتوفى: 679 هـ]
أحد عدول دمشق.
وقد كتب الحكم لقضاة حلب ودمشق، وكان من أبناء الثّمانين.
تُوُفِّيَ فِي ذي الحجة فجاءة بالقولنج.(15/371)
453 - إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن محمود، العدل شرف الدين ابن القصّاع الدّمشقيّ. [المتوفى: 679 هـ]
شيخ جليل من عُدُول القيمة، سمع من أبي المجد القزويني، وما كأنه حدَّث.
تُوُفِّيَ فِي صفر.(15/371)
454 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللّه بْن فتوح، الْمُقْرِئ مكينُ الدّين الأَنْصَارِيّ المصري الضرير، ويعرف بابن الغطيط. [المتوفى: 679 هـ]
ولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وسمع " مُسْنَد الشّافعيّ " من القاضي زين الدّين، وسمع من الفخر الفارسيّ، وحدَّث.
مات فِي منتصف ذي الحجّة.(15/371)
455 - أقوش الشّمسيّ، الأمير جمال الدّين، [المتوفى: 679 هـ]
أحد أبطال المسلمين.
وهو الَّذِي قتل كتْبُغا مقدَّم التّتار على عين جالوت، وهو الَّذِي قبض على نائب دمشق عزّ الدّين أيدمر الظّاهريّ، وهو خُشْداش الأمير بدْر الدّين بيْسريّ وغيره من الشّمسيّة مماليك الأمير شمس الدين سنقر. [ص:372]
وُلّي جمال الدّين نيابة حلب فِي السّنة الحاليّة، فتُوفيّ بها فِي المحرَّم كهلًا.(15/371)
456 - أَمَة الكريم ابنة الناصح عبد الرحمن بن نجم ابن الحنبليّ. [المتوفى: 679 هـ]
امْرَأَة جليلة، كاتبة، فاضلة، شيخه رباط بلدق. سمعت من أبيها. كتب عَنْهَا ابن الخبّاز، والِبْرزاليّ.
وسمعت بإربل سنة عشرين فِي " صحيح الْبُخَارِيّ "، أو لعلّ تيك أختها باسمها؛ فإنّ هَذِهِ تصغُر عن ذلك، هكذا قرأت بخطّ علم الدّين. قَالَ: وتُوُفِّيت فِي رابع شوّال.(15/372)
457 - دَاوُد بْن عُثْمَان بْن رسلان، الرئيس فتْح الدين ابن البَعْلَبَكّيّ الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 679 هـ]
حدَّث عن الْحَسَن بْن صباح، ومات في رجب.(15/372)
458 - رافع بْن أبي العزّ بْن رافع، الفقيه عفيفُ الدّين الشُرَيحيّ الحنبليّ الْمُقْرِئ الضّرير. [المتوفى: 679 هـ]
حدَّث عن تقي الدين ابن الصّلاح، ومات فِي ذي الحجّة، أَخَذَ عَنْهُ ابن أبي الفتح.(15/372)
459 - رضيُّ الدّين البابا، [المتوفى: 679 هـ]
من كبار دولة المغول.
ولي المَوْصِل فأحسن السّياسة، ثم قتل شهيدا.(15/372)
460 - صفيَّة بِنْت مَسْعُود بْن أبي بَكْر بْن شكر، أمّ عُمَر المقدسيّة. [المتوفى: 679 هـ]
وُلِدَت سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة، وسمعت من عُمَر بْن طَبَرْزَد وغيره. روى عنها الدمياطي، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وابن الخبّاز، وجماعة.
وكانت من الصّالحات، تُوُفِّيَت في رابع عشر ذي القعدة.(15/372)
461 - عَبْد اللّه بْن إِبْرَاهِيم بْن رَفِيعا، أبو مُحَمَّد الْجَزَريّ الْمُقْرِئ. [المتوفى: 679 هـ]
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة بالمَوْصِل، قرأ بالرّوايات على جماعة، وتصدّر مدّة، قرأ عليه الشيخ محمد بن خروف بالسبع، وكان يُثْني على فضائله.(15/373)
462 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الضوء ابن السّيّد، الشَّيْخ عماد الدّين الصّائغ الأَنْصَارِيّ العدل الكاتب. [المتوفى: 679 هـ]
كان شيخًا طوالًا، حصل له ثِقَل فِي سمعه فترك الشهادة، وحدَّث عن الكِنْديّ بشيء من " تاريخ بغداد " غير مرّة، سمع منه ابن جعوان وجماعة.
تُوُفِّيَ فِي رمضان عن ثمانٍ وثمانين سنة. وسمع من ابن مندوه، والشمس العطار. وله خرج ابن جعوان المستجاد، وكان من رؤساء العدول.
مولده يوم الفِطْر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ومات أَبُوهُ الصّدر نجيب الدّين أبو الضوء ابن السيد بْن إِبْرَاهِيم بْن جَعْفَر بْن غيهب بن أحمد السماكي السلماني في سنة اثنتين وستمائة.
وروى عن العماد شيخنا المزي، ومحمد ابن الخباز، ومحمد ابن البرهان.(15/373)
463 - عبد الرحيم بن محمد بن عطاء، العدل كمالُ الدّين الأذرِعيّ الحنفيّ، [المتوفى: 679 هـ]
أخو القاضي شمس الدّين.
سمع ببَعْلَبَكّ من البهاء عَبْد الرَّحْمَن، وحدَّث، ومات فِي شعبان. وكان رجلًا جيدا، دينا، حسن العشرة. دفن عند قبر أَخِيهِ.(15/373)
464 - عَبْد السّاتر بْن عَبْد الحميد بن مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر بن ماضي بْن وُحَيْش، الشَّيْخ الفقيه الصّالح تقيُّ الدين ابن الفقيه أبي مُحَمَّد المقدِسيّ الحنبليّ الصّالحيّ. [المتوفى: 679 هـ]
تُوُفِّيَ بالجبل فِي ثامن شعبان وقد نيَّف على السّبعين؛ فإنّه وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّمائة بالجبل أيضًا. وقرأ القرآن على أَبِيهِ، وتفقّه على التقي ابن العز ومَهَر في المذهب. وسمع من الشَّيْخ الموفَّق، وموسى ابن الشَّيْخ عَبْد القادر، [ص:374]
والقزوينيّ، وابن راجح، وطائفة. وقلَّ من سمع منه لأنّه كان فِيهِ زعارة.
وكان فِيهِ غُلُو فِي السُّنّة ومُنابذة للمتكلّمين ومبالغة فِي اتّباع النّصوص، رَأَيْت له مصنَّفًا فِي الصّفات، ولم يصحّ عَنْهُ ما كان يُلطّخ به من التّجسيم، فإنّ الرّجل كان أتقى لله وأخْوَف من أن يقول على اللَّه ذلك، ولا ينبغي أن يُسمع فِيهِ قول الخصوم. وكان الواقع بينه وبين شيخنا العلّامة شمس الدّين ابن أبي عُمَر وأصحابه، وهو فكان حنبليًّا خشِنًا، متحرِّقًا على الأشعرية. وبلغني أنّ بعض المتكلمين قَالَ له: أنت تقول إنّ اللّه استوى على العرش؟ فقال: لا، والله ما قُلتُه؛ لكنّ اللّه قاله، والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلَّغ، وأنا صدّقت، وأنت كذَّبت. فأفحم الرجل.
سمع منه ابن الخبّاز، والشّيخ عليّ الزّوليّ، وتلميذه علاء الدّين عليّ الكتاني.
وكان كثير الدَّعَاوي، قليل العِلم، قد رُمي فِي الجملة ببلايا ومصائب. نعوذ بالله من الخذلان. واستحكمت بينه وبين أَهْل الصّالحية عداوةٌ، وحبسوه مرةً، وحطّوا عليه.(15/373)
465 - عَبْد الْعَزِيز الزُّعبيّ. [المتوفى: 679 هـ]
شيخٌ صالح، له فوق ثلاثين حجّة، وكان سليم الباطن ساذجًا.(15/374)
466 - عَبْد القويّ بْن عَبْد اللّه بْن عَبْد القويّ، أبو مُحَمَّد الشّارعيّ الْمُقْرِئ. [المتوفى: 679 هـ]
تُوُفِّيَ فِي شوّال، وله رواية.(15/374)
467 - عَبْد الهادي بْن هبة اللّه، القاضي كمال الدّين أبو الفضل التّكْريتيّ. [المتوفى: 679 هـ]
من مشايخ العلم ببغداد، مات فِي ربيع الأول وله ثلاثٌ وستّون سنة.(15/374)
468 - عُثْمَان بْن أبي الْحَسَن بْن عَبْد الوهاب، صفيُّ الدّين الأَنْصَارِيّ الحريريّ التاجر، [المتوفى: 679 هـ]
والد قاضي القضاة شمس الدّين الحنفيّ. [ص:375]
كان ثقة، حسن السيرة. ظهر له سماع من السخاوي وغيره في " مسلم "، ولم يحدث.
توفي في صفر.(15/374)
469 - عليّ بْن عُمَر، الأمير نورُ الدّين الطُّوريّ. [المتوفى: 679 هـ]
أحد الأبطال والشّجعان المذكورين، كَانَتْ له نكاية عظيمة فِي الفرنج ومواقف. وكان ضخمًا شهمًا قويًّا، له لتٌّ هائل قَلَّ من يحمله، وكان يقاتل به، وكان فِيهِ كرم ودين.
لم يبرح هُوَ وعشيرته مرابطًا بالسّواحل، ولم يزل محتَرَمًا فِي الدُّوَل. وولي عدّة جهات بالشّام، وجاوز التّسعين سنة. حضر المَصَافّ مع سُنْقر الأشقر بظاهر دمشق، فجُرح وضعُف، وسقط بين حوافر الخيل، ومات بعد أيام في صفر.(15/375)
470 - عليّ بْن هُمام بْن راجي اللّه، أبو الْحَسَن الْمصْرِيّ الشّافعيّ، [تاج الدين] [المتوفى: 679 هـ]
إمام جامع الصّالح بظاهر القاهرة.
تُوُفِّيَ فِي المحرَّم، وقد حدَّث.
يلقَّب بتاج الدين،
وكان مولده في سنة تسع وتسعين وخمسمائة.(15/375)
471 - عُمَر بْن مُوسَى بْن عُمَر، الشَّيْخ الإِمَام القاضي، محيي الدّين أبو حَفْص الشّافعيّ، [المتوفى: 679 هـ]
قاضي غزّة وابن قاضيها.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّمائة، وروى اليسير عن الرضي ابن البُرهان، وقد سمع الكثير فِي الكُهُولة بدمشق والجبل. وكان فقيهًا إمامًا كبير القدر، مشكور السّيرة وافر الحُرْمة، موصوفًا بالعِلْم والدّين والشجاعة والكَرَم والسُّؤْدد. وقد حضر عدّة حروب وجاهد فِي سبيل اللّه، ولي قضاء غزّة مع الرملة وغير ذلك، وتُوُفِّي بغزّة فِي خامس ذي الحجّة، ثُمَّ نُقِل فدُفن بالقدس، وكان مع القضاء له خبز جنْديّ. [ص:376]
وكان أثَرِيًّا ديِّنًا، وقد درس بالصّلاحيّة بالقدس.(15/375)
472 - مُحَمَّد بْن حَمْد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صُدَيق، أبو عَبْد اللّه الحرّانيّ. [المتوفى: 679 هـ]
سمع أباه، والموفّق عَبْد اللّطيف. وحدَّث. ومات بدمشق فِي رجب.(15/376)
473 - مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن إلياس، الفقيه العالم، شمس الدّين أبو عَبْد اللّه الحنبليّ البَعْلَبَكّيّ، [المتوفى: 679 هـ]
خادم الشَّيْخ الفقيه.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة، وصحب الشَّيْخ الكبير عَبْد اللّه، ثُمَّ خدم الشَّيْخ الفقيه؛ وسمع معه من الشَّيْخ الموفَّق، وأبي المجد القزوينيّ، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، والنّفيس ابن البُنّ، وأبي القاسم بْن صَصْرَى، وابن صباح، وابن الزُّبَيْديّ، وجماعة كثيرة. وكان مليح الخطّ، كتب الأجزاء والطّباق، وتفقّه. وكان فِيهِ خير وعدالة ودِين وورع ومروءة. روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العطّار، والدّواداريّ، وجماعة. وأجاز لي مَرْوِيّاته.
وتُوُفِّي فِي ثاني عشر رمضان ببَعْلَبَكّ، وسمع " سُنَن ابن ماجة " من الموفَّق.(15/376)
474 - مُحَمَّد بْن سالم بْن السَّلْم، القاضي نجم الدّين، قاضي نابلس وأبو قاضيها جمال الدّين مُحَمَّد. [المتوفى: 679 هـ]
ولد سنة تسعين وخمسمائة، وكان صدرًا نبيلًا، ترسَّل عن الصّالح نجم الدّين أيوب، وأُقِعد فِي آخر عُمُره، وانقطع. وولي ابنه القضاء، وكان أَبُوهُ أيضًا قاضيًا.
تُوُفِّيَ فِي ربيع الآخر، وقد سمع من أبي عليّ الإوَقيّ مع أولاده، وله إجازة المؤيَّد الطّوسيّ، كتب عَنْهُ الأبِيوَرديّ، وكان من نُبلاء الرّجال.(15/376)
475 - مُحَمَّد بن عَبْد اللّه، ناصر الدّين الأتابكيّ الجنديّ، عُرِف بجندي رخيص. [المتوفى: 679 هـ][ص:377]
قُتِلَ مع سُنْقر الأشقر فِي صفر، ودُفِن بقباب التُّركُمان.(15/376)
476 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مَسْعُود، الشَّيْخ شمسُ الدين أبو عبد الله ابن النَّنّ العَنسيّ الْبَغْدَادِيّ الشّافعيّ الفقيه. [المتوفى: 679 هـ]
وُلِدَ سنة تسع وتسعين وخمسمائة ببغداد. وسَمِعَ من عَبْد الْعَزِيز بْن منينا، وسُلَيْمَان الْمَوْصِلِيّ، ويحيى بْن ياقوت الفرّاش، وثابت بْن مشرّف، وغيرهم. وكان ثقة متيقّظًا، روى لنا عنه أبو الحسن ابن العطّار وغيره، وأجاز لي مَرْوِيّاته.
وتُوُفِّي فِي الحادي والعشرين من رجب بالإسكندرية، وفيها ارتحل إليه الحافظ عَبْد الكريم الحلبيّ.(15/377)
477 - مُحَمَّد بْن عبد الحكم ابن العلّامة أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مَنْصُور العراقيّ الشّافعيّ، بدْر الدّين، [المتوفى: 679 هـ]
خطيب جامع عَمْرو بْن العاص.
وُلِدَ سنة اثنتي عشرة وستّمائة، وله نظم حسن يروق.
مات فِي ذي الحجَّة.(15/377)
478 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الغنائم، شهاب الدّين الشّافعيّ، المعروف بالحزّام، [المتوفى: 679 هـ]
مؤذن مسجد ابن منكلان.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وعشرين وستّمائة، وحدَّث عن ابن اللّتّيّ، وتُوُفِّي فِي رمضان.(15/377)
479 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن الحُسَيْن، عماد الدّين الإربليّ، عُرف بابن الكُرَيْديّ. [المتوفى: 679 هـ]
تُوُفِّيَ فِي المحرَّم بمصر. حدَّث عن عبد الرحمن ابن المشيري، وابن مُكْرم. سمع منه العلاء الكندي.(15/377)
480 - محمد بن أبي بكر بن علي، الشيخ الشريف ضياء الدين , أبو عبد الله الهاشمي الجعفري المقدسي الأسود. [المتوفى: 679 هـ]
سمع " صحيح البخاري " من ابن روزبة بحران، وسكن دمشق، وأمّ [ص:378]
بمسجد الرّمّاحين. سمع منه ابن جعوان، وابن تَيْميّة شيخنا، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ، وجماعة. وأجاز لي مروياته، ومات في خامس ربيع الآخر.(15/377)
481 - يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن بْن تامتيت المغربيّ. [المتوفى: 679 هـ]
مات فِي شوّال بمصر، ودُفِن عند والده الَّذِي روى بالعامّة عن أبي الوقت.(15/378)
482 - يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن تميم، الأجلّ محيي الدّين ابن المولى جمال الدّين التّميميّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 679 هـ]
كان صالحًا، زاهدا، عابدا، خيرا، عالمًا، جليل القدر. تُوُفِّيَ فِي ثاني عشر صفر وقد جاوز السّبعين؛ كذا قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين، وإنّما مولده فِي سنة ثلاث عشرة وستّمائة.
وحدَّث عن ابن الزُّبَيْديّ، وابن باسوية، وابن اللتي، والسخاوي. حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطّار، وكان أبي يعظّمه ويصفه.(15/378)
483 - يحيى بْن الحسين الإربلي العدل، جمال الدين ابن خَلِّكان. [المتوفى: 679 هـ]
تُوُفِّيَ بدمشق فِي رمضان، له إجازة من المؤيَّد الطّوسيّ وأبي رَوْح.(15/378)
484 - يحيى بْن عَبْد العظيم، الأديب الشهير , أبو الحسين الْمصْرِيّ جمال الدّين الشّاعر، المعروف بالجزّار. [المتوفى: 679 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة تقريبًا، وكان بديع المعاني , حُلْو النّادرة , صاحب مُجُون وزوائد، مدح الملوك والكُبَراء. وروى عن أحمد بن محمد ابن الجبّاب، روى عَنْهُ الدّمياطيّ وابن الحُلْوانيّة من شعره.
وله:
أدركوني فبي من البردِ همٌّ ... ليس يُنسى وَفِي حشاي التهابُ
كلّما ازرق لون جسمي من البر ... د تخيلت أنّه سنجابُ
وله، وقد أُطِلق له قمح:
أتاني برُّك المقبول بُرًّا ... وقصدًا للثّناء وللثّوابِ [ص:379]
فكدّر صفوة الكيّال حَتَّى ... غدونا منه فِي أمر عجاب
رضيناه وقد وافى عتيقًا ... إلينا فاستحال أَبَا ترابِ
وله يمدح الصاحب الأمير فخر الدّين ابن شيخ الشيوخ:
بذلُ وجهي إلّا لوجهك بَذْلَهْ ... واعتزازيّ إلّا بجاهك ذلَّهْ
يا جوادًا سحاب كفيه بالجو ... د على كل قاصدٍ مستهلهْ
والّذي لو حكاه فِي دَسْتِه ... الفضل بْن يحيى لجاء يطلب فضله
لي نصفية تعد من العمر سنيـ ... ـنا غسّلتُها ألف غسلَهْ
لا تَسَلْني عن مَشتراها ففيها ... منذ أنشأتها نشاءٌ بجملهْ
كلّ يوم يحوطها العصر والدّقّ ... مِرارًا وما تقرّ بعملَهْ
نسّف الريح صدرها والكواذين ... فباتت تشكو هواء ونزلَهْ
تُوُفِّيَ الأديب الجزّار فِي ثاني عشر شوّال بمصر، وكان بِزي الكتاب.(15/378)
485 - يحيى بن الفضل ابْن تاج الُأمَنَاء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن، أبو زكريا ابن عساكر الدّمشقيّ الفقير. [المتوفى: 679 هـ]
تُوُفِّيَ فِي شعبان وله ستون سنة، وقد حدَّث.(15/379)
486 - يوسف بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن سرور، الشَّيْخ شمس الدّين أبو عَبْد اللّه، ويقال: أبو المظفَّر، الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 679 هـ]
قَالَ الفَرَضيّ: مولده فِي ذي الحجّة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ومات فِي رجب. ولم يذكر مِمَّنْ سمع.
وذكره الظّهير الكازرُونيّ فِي " تاريخه "، وذكر أنّه وكيلًا عند القضاة، وأنّه روى عن أبي الفرج ابن الجوزيّ؛ يعني بالإجازة. وأجاز له ابن كُلَيْب، وسمع من ابن الأخضر. روى عَنْهُ صدر الدّين بْن حمُّوَيْه، وعبد الْعَزِيز بْن أبي الدّرّ.(15/379)
487 - يوسف بْن نجاح بْن مرهوب، الشَّيْخ القُدوة الزّاهد، الفُقّاعيّ. [المتوفى: 679 هـ]
دُفن بزاويته فِي شوّال بسفح قاسيون، وقد نيَّف على الثمانين. وكان [ص:380]
عبدًا صالحًا، قانتًا لله حنيفًا، كبير الشأن، له أصحاب ومحبّون. وكان حسن التَّرْبية، كريم الأخلاق، متواضعًا، مطّرح التكلُّف، رحمه اللّه ورضي عنه. خلف أحدا وعشرين ولدا.(15/379)
488 - أبو بَكْر بن إِسْمَاعِيل بْن بردويل، الأجلّ سيف الدين الدمشقي الفراء. [المتوفى: 679 هـ]
روى عن دَاوُد بْن ملاعب، وتُوُفِّي فِي السّادس والعشرين من شعبان. حدَّث " بالبعث " عن موسى بن عبد القادر، روى عنه جماعة.(15/380)
489 - أبو بَكْر بْن أسبهسلّار، الأمير سيف الدّين. [المتوفى: 679 هـ]
وُلّي شَرِطة مصر مدّة، وكان موصوفًا بالكَرَم المُفْرِط، وكان مِمَّنْ زاد به السِّمنُ حَتَّى قاسى منه شدّة، وأشار عليه الطبيب بعدم النّوم على جنْب، وبقي مدّةً لا يرمي جنْبه إِلَى الأرض خوفًا من أن يُغِرق فِي النّوم فيموت.(15/380)
490 - أبو بَكْر بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، الأديب غَرْسُ الدّين الإربليّ. [المتوفى: 679 هـ]
أديب شاعر، فاضل، دَيِّن، خيّر. تُوُفِّيَ فِي ذي القعدة بدمشق.
فمن شعره:
وبي رشأ أحوى الْحَسَن كُلَّه ... بمشرف صدْغَيه وعامل قدّهِ
تبدّي فخِلْنا البدرَ تحت لثامه ... وماسَ فقُلنا: الغُصْنُ فِي طَيّ بُرْدهِ
وقفت له أشكو إليه توجُّعي ... وما نال قلبي من مرارة صدِّهِ
وسعَّرت الأنفاسُ نارَ صَبَابتي ... فَمَنْ حرّها أثر الحريق بخدّه
ولولا ارتشافي من برود رَضابهِ ... لأحرقت نبت الآس من حول وردهِ
روى عَنْهُ شمس الدّين محمد ابن الْجَزَريّ فِي " تاريخه "، وذكر أنّه كان صديق والده.(15/380)
491 - أبو بَكْر بْن مُحَمَّد بْن طرخان، الإِمَام الْمُقْرِئ بالألحان زينُ الدّين الصّالحيّ. [المتوفى: 679 هـ][ص:381]
حضر ابن الحَرَسْتانيّ. وسمع ابن قدامة، وابن أبي لُقمة، وجماعة. وروى الكثير.
مولده سنة إحدى عشرة، ومات فِي جُمَادَى الآخرة سنة تسعٍ، وكان ديِّنًا عالمًا.
روى عَنْهُ ابن العطّار، وابن الخبّاز، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ. ولي منه إجازة، وله أولاد، وكان والده من الرُّواة.(15/380)
492 - أبو بَكْر بْن هلال بْن عيّاد، الفقيه المعمّر عماد الدّين البيّاضيّ الحنفيّ. [المتوفى: 679 هـ]
وُلِدَ فِي العشرين من رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وعمر دهرا، وبان عليه الهرم. وقد سمع وهو كبير من أبي القَاسِم بْن صَصْرَى، وابن الزُّبَيْديّ. سمع منه المفتي رشيد الدّين سَعِيد البُصْرَويّ، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ، وابن الخبّاز. وقد روى بالإجازة العامة عن السِّلَفيّ.
ورأيت خطَّه مرجوفًا مضطّربًا من الضّعف والكِبَر، وكان معيد المدرسة الشبلية.
توفي في تاسع عشر رجب عن مائة وأربع سنين كاملة، وكان صدوقًا لا يُرتاب فِي مولده، ولو سمع فِي صِباه من إِسْمَاعِيل الْجَنْزَويّ والخُشُوعيّ وهذه الطبقة لصار أسند أَهْل الأرض، وكان يُعرف بالعماد الجبليّ.(15/381)
493 - أبو القاسم بْن الْحُسَيْن بْن العود، الشَّيْخ نجيبُ الدّين الأسدي الحِلّيّ الفقيه المتكلّم، [المتوفى: 679 هـ]
رأس الرّافضة وشيخ الشيعة.
وكان قد أسنّ وعُمِّر وانهرم، وعاش نيَّفًا وتسعين سنة، كان عالمًا متفنّنًا مشاركًا فِي أنواع من الفضائل.
قدِم حلب وتردَّد إِلَى الشّريف عزّ الدّين مرتضى نقيب الأشراف، فاسترسل معه يومًا، ونال مِنْ أصحابُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزبره النقيب وأمر بجره من بين يديه، وأركب حمارًا مقلوبًا، وصُفع فِي الأسواق. فحدثني أبو الفضل [ص:382]
ابن النّحاس الأسدي أنّ فاميًّا نزل من حانوته وجاء إِلَى مزبلة، فاغترف غائطًا ولطّخ به ابن العود. وعظُم النّقيب عند النّاس، وتسحّب ابن العود من حلب. ثُمَّ إنّه أقام بقرية جزّين مأوى الرّافضة، فأقبلوا عليه وملّكوه بالإحسان.
وبلغنيّ أنّه كان فِي الآخر متديّنًا متعبدًّا، يقوم اللّيل. وقد رثاه إِبْرَاهِيم بْن الحسام أبي الغيثِ بأبياتٍ أوّلها:
عرِّس بجزّين يا مستبعد النّجف ... ففضلُ مَن حلّها يا صاح غير خفي
مات ليلة النّصف من شعبان بجزين.
قال قُطْبُ الدّين: وقيل: إنّه تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين.(15/381)
-وفيها ولد:
جلال الدين محمد ابن سعد الدّين مُحَمَّد بْن محمود الْبُخَارِيّ الحنفيّ خطيب الزّنجيليّة ومات عن نيَّف وثلاثين سنة، ورئيس المؤذّنين شمس الدّين مُحَمَّد بْن سَعِيد بن قداح النابلسي، والمحيي يحيى بن عثمان الهذباني، والشيخ غازي بْن عُثْمَان الْمُقْرِئ صاحب الميعاد، والشّهاب أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف الورّاق، والشيخ مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن محمود بْن بشر الحنبلي، والشيخ علي الخازن صاحب " التفسير ".(15/382)
-سنة ثمانين وستمائة ومن مات فيها(15/383)
494 - أحمدُ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك بْن عُثْمَان، بدْر الدّين المَقْدِسيّ المؤدّب الحنبليّ. [المتوفى: 680 هـ]
سمع من ابن الزُّبَيْديّ، وابن اللّتّيّ، وجعفر. وحدَّث، ومات فِي حادي عشر رجب، وأمّه زينب بِنْت مكيّ.(15/383)
495 - أَحْمَد بْن عَبْد الصّمد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، القاضي محيي الدّين الْمصْرِيّ الشّافعيّ، ويُعرف بقاضي عجلون. [المتوفى: 680 هـ]
كان أَبُوهُ رشيد الدّين قاضي قليوب، وكان هَذَا فقيهًا عالمًا رئيسًا كريمًا، حكم بعجلون مدّةً، وله شُهرة فِي السّخاء وعُلُو الهمّة، وكان ذا مكانة عند النّاصر، وقد وُلّي أَبُوهُ قضاء بَعْلَبَكّ أيضًا.
وقد وُلّي محيي الدّين وكالة بيت المال بدمشق وتدريس الشامية الكبرى في أول الدولة الظاهرية، ثُمَّ عُزِل سريعًا.
تُوُفِّيَ بدمياط فِي ذي القعدة.
سمع ابن اللتي، والعلم ابن الصّابونيّ. وحدَّث، عاش ستًّا وستّين سنة.(15/383)
496 - أَحْمَد بْن عطّاف بْن أَحْمَد الكِنْديّ الرّهاويّ، أبو الْعَبَّاس. [المتوفى: 680 هـ]
مات فِي ذي الحجّة، وقد أجاز للبِرْزاليّ وجماعة، وله سماع.(15/383)
497 - أَحْمَد بْن عليّ بن مظفر، الرئيس نجم الدين ابن الحِلّيّ، ثُمَّ المصريّ. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ بالقاهرة سنة ثلاثٍ وستّمائة، وكان ذا نعمة طائلة ومتاجر وتقدُّم فِي الدُّول، روى عن ابن باقا، وإليه يُنْسَب الأمير عزّ الدّين الحِلّيّ.
تُوُفِّيَ فِي رمضان بالقاهرة.(15/383)
498 - أَحْمَد بْنُ عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى، العلّامة الشّهير والخطيب البليغ، أبو جعفر ابن الطّبّاع الرُّعَيْنيّ الأندلُسيّ، [المتوفى: 680 هـ]
شيخ القُرّاء بغَرْناطَة. [ص:384]
مولده بعد السّتّمائة، وقرأ بالرّوايات على الخطيب عبد الله بن محمد الكواب وغيره، وقد ولي القضاء كُرْهًا فحكم حكومةً واحدةً وعزل نفسه. أَخَذَ عَنْهُ القراءات أبو حيّان، وأبو القاسم بْن سهل.
قَالَ لي ابن سهل: إنّه مات سنة ثمانين وستّمائة وهو في عشر الثمانين.(15/383)
499 - أَحْمَد بْن محمود بْن عُمَر التّبريزيّ. [المتوفى: 680 هـ]
مات بالمَوْصِل فِي رمضان عن مائة سنة سوى أشهر.
يروي عن الباذرائيّ وجماعة، سمع فِي الكهولة.(15/384)
500 - أَحْمَد بْن النُّعمان بْن أَحْمَد بْن المنذر، الصّدر فخرُ الدّين الحلبيّ، [المتوفى: 680 هـ]
ناظر الجيش الشّاميّ.
رئيس نبيل، صاحب مكارم، وهو معروف بالتَّشيُّع. تُوُفِّيَ فِي رمضان، وقد ناهز السّتّين.(15/384)
501 - أحمد ابْن قاضي القُضاة محيي الدِّين يحيى ابْن محيي الدّين بْن الزّكيّ، الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ القاضي علاء الدّين. [المتوفى: 680 هـ]
رئيس، فاضل، أديب. كتب الإنشاء مدّةً، ثُمَّ درسّ بالعزيزية والتَّقَويّة. وحدَّث عن أبي بكر ابن الخازن، وُلِدَ سنة اثنتين وثلاثين وستّمائة، وتُوُفِّي فِي شعبان رحمه الله. وقد ناب فِي القضاء عن أَبِيهِ، وسمع أيضا ببغداد من أبي جعفر ابن السيدي وابن المَنِّيّ وغير واحد.(15/384)
502 - أَحْمَد بْن يوسف بن محمود، أبو العباس ابن السّاوي. [المتوفى: 680 هـ]
سمّعه أَبُوهُ من المطهّر بْن أبي بكر البيهقي، روى عَنْهُ أبو الفتح اليَعْمُرِيّ، وأجاز للبِرْزاليّ.
مات فِي جُمَادَى الآخرة بالقاهرة.(15/384)
503 - أَحْمَد بْن يوسف بْن حسن بْن رافع بْن حُسَيْن بْن سودان، الشَّيْبانيّ، الإِمَام، العلّامة، الزاهد الكبير، موفق الدين، أبو العباس الموصلي، الكواشي، المفسر، [المتوفى: 680 هـ]
نزيل الموصل.
وُلِدَ بكَوَاشَة، وهي قلعة من أعمال المَوْصِل، سنة تسعين أو إحدى وتسعين وخمسمائة، قرأ القرآن على والده، واشتغل وبرع فِي القراءات والتّفسير والعربية والفضائل، وسمع من أبي الحسن بْن روزبة، وقدِم دمشقَ، وأخذ عن: أبي الْحَسَن السّخاويّ وغيره، وحجَّ من دمشق وزار بيت المقدس، ورجع إِلَى بلده وتعبّد، وكان منقطع القرين، عديم النّظير زُهدًا وصلاحًا وتبتُّلًا وصدقا واجتهادا، كان يزوره السّلطان فمَن دونه، فلا يعبأ بهم، ولا يقوم لهم، ويتبرَّم بهم، ولا يقبل لهم شيئًا، وله كشْفٌ وكرامات، وأضرّ قبل موته بنحوِ من عشر سنين، صنَّف التّفسير الكبير والتّفسير الصّغير، وأرسَل نسخةً إِلَى مكّة، ونسخة إِلَى المدينة، ونسخة إِلَى بيت المقدس.
قَالَ شمس الدِّين الْجَزَريّ فِي " تاريخه ": حَدَّثَنِي الحاجّ أحمد ابن الصهيبي، وأمين الدين عبد الله ابن الفراقيعيّ الْجَزريّان، عن الشَّيْخ موفّق الدّين أنّ والده تُوُفِّيَ وهو صغير، وربّاه خالُه وأشغَلَه بالعِلم عنده بالجزيرة إِلَى أن بلغ عشرين سنة، فسافر إِلَى الشّام وحجّ، واشترى قمحًا من قرية الجابية، لكونها من فُتُوح عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ثلاثة أمداد وحملها على عُنقه فِي جُراب إِلَى المَوْصِل، ثُمَّ زرعها بأرض البُقعة من أعمال المَوْصِل، وبقي يعمل بالفاعل بتلك القرية إِلَى أن حصد ذلك الزّرع، وأخذ منه ما يقوته، وترك منه بذارًا ثُمَّ بذره، وبقي على هَذَا إِلَى أن بقي يدخل عليه من ذلك القمح جملة تقوم به وبجماعةٍ من أصحابة وزواره، وكان لا يقبل من أحدٍ شيئًا، وكان كثير الإنكار على بدْر الدّين صاحب المَوْصِل، وإذا سير إليه يشفع فِي أحدٍ لا يردّه، وكان خواصّ صاحب المَوْصِل المتديّنون يحبّون الشَّيْخ ويعظّمونه.
قَالَ شمس الدّين الْجَزَريّ: وحكى جماعةٌ كبيرة من التّجّار أنهم جرى لهم معه وقائع وكرامات وكشْف، وأنّه كان يعرف اسم اللّه الأعظم، ولأهل [ص:386]
المَوْصِل والجزيرة فِيهِ اعتقاد عظيم.
قلت: وكان شيخنا تقي الدين المقصاتي يُطنب فِي وصف الشَّيْخ موفّق الدّين ويُسهب، وقرأ عليه " تفسيرَه " قَالَ: فَلَمَّا وصلتُ إِلَى سورة "والفجر" منعني من ختْم الكتاب، وقال: أَنَا أجيزه لك ولا تقول كمّلت الكتاب على المصنّف؛ يعني أنّ للنّفس فِي ذلك حظًّا.
قلت: وحدَّث تقي الدّين بالكتاب عَنْهُ سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وقال لي: غبت عن الشَّيْخ نحو سنةٍ ونصف، فَلَمَّا قدمتُ دققت الباب قَالَ: مَن ذا، أبو بكر؟ فاعتددتها له كرامةً، وقد لازم جامع المَوْصِل مدّة طويلة تزيد على أربعين سنة.
وقد سمع منه أبو العلاء الفَرَضيّ، وقال: هُوَ أَحْمَد بْن يوسف بْن حسن بْن رافع بْن حسين بن سودان الشَّيْبانيّ، الشّافعيّ، الكَوَاشيّ، كان إمامًا، عالمًا، زاهدًا، قدوة ورعا، علامة، تُوُفِّيَ فِي سابع عشر جُمَادَى الآخرة، ودُفَن خارج الباب القِبْليّ من جامع المَوْصِل، وقد قرأ بالسّبْع على والده عن تلاوته على مكي بن ريان الماكسانيّ، عن ابن سعدون القُرْطُبيّ، وسمع " التّجريد " من عبد المحسن ابن الطّوسيّ، بسماعة من ابن سعدون.
وحدَّثني الشَّيْخ محمد بن منتاب، عن عبد للشيخ صالح أنّه خدم الشَّيْخ سنين، وأنّ الشَّيْخ كان ينفق من الغيب، وأنّني أبدًا ما طلبت من الشيخ درهما أقل أو أكثر إلّا قَالَ: خذ. ويشير إِلَى كُوة، فأجد ما طلبت لا يزيد ولا ينقص.
كان ينبغي للشّيخ أن يتورع عن أَخَذَ ما فِي الكوّة لجواز أن يكون هَذَا من الجانّ، وما ذاك ببعيد، هَذَا إنْ صحّت الحكاية، وأنا أعتقد صحّتها وأعتقد صلاحه، وأجوز أن يكون مخدوما والله أعلم، ولا تنكر له الكرامات.(15/385)
504 - إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم، العدل أمينُ الدّين البكريّ، الْمصْرِيّ، ويُعرف بالقرافيّ. [المتوفى: 680 هـ]
كان إمام السّلطَنة، ومحتسب الجيش المنصور، وإمام قبّة الشافعي، سمع من أصحاب السلفي، ومات كهلًا فِي شعبان بمصر.(15/386)
505 - إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد، الشاغوري، المولّه، جيْعانة. [المتوفى: 680 هـ]
مات فِي جُمَادَى الأولى، وكان من أبناء السّبعين، وشيّعه الخلْق، وازدحموا على نعشه، ولطائفةٍ من العامة فيه اعتقاد زائد لما يرون من كشْفه وكلامه على الخواطر، مع عدم صلاته وصيامه، وقد يشاركه في كشوفه الرّاهب والكاهن، فانتفت الولاية بمجرّد الكشف.(15/387)
506 - إِبْرَاهِيم ابن النّاصح مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن سعْد، العدْل، تقيّ الدّين أبو إِسْحَاق المقدسيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 680 هـ]
سمع من ابن الزبيدي، والناصح ابن الحنبليّ، وابن اللّتّيّ، روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العَطَّار، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ، وآخرون. وتُوُفِّي فِي سَلْخ رجب، وله ثمانٍ وستّون سنة، وكان جيّد الكتابة، خبيرًا بالشّروط.(15/387)
507 - أبْغا بْن هولاكو، ملك التّتار، وصاحب العراق والجزيرة وخُراسان وغير ذلك، ويقال فيه: أباقا. [المتوفى: 680 هـ]
مات بنواحي همذان بين العيدين، وله نحوٌ من خمسين سنة، قاله قُطْبُ الدّين، قَالَ: وكان مقدامًا شجاعًا، عاليّ الهمّة، لم يكن فِي إخوته مثله، وهو على دين التتار لم يدخل في الإسلام، وكان ذا رأي وحزم وخبرة بالحرب، ولمّا توجّه أخوه منكوتمر بالعساكر إِلَى الشّام لم يكن ذلك بتحريضه، بل أُشير عليه فوافق.
قلت: وكان كافر النّفس، سفّاكًا للدماء، قتل فِي الروم خلْقًا كثيرًا؛ لكونهم دخلوا فِي طاعة الملك الظاهر، وفرحوا بمجيئه إليهم، وقد نفذ الملك الظاهر إليه رُسُله وهديّه، فحضروا بين يديه وامرأة أَبِيهِ ألْجي خاتون على شماله على التّخت فِي خِرْكاه.
قَالَ ابن عَبْد الظّاهر فِي السيرة: وصفته أنّه شابّ - قَالَ هَذَا فِي سنة سبعين - قَالَ: وهو أسمر أكحل، رَبْع القامة، جهوريّ الصوت، فِيهِ بحّة [ص:388]
يسيرة، عليه قُباء نفطيّ روميّ، وسراقوج بنفسجيّ، وزوجة أَبِيهِ قد تزَّوج بها وهي كهلة.
قال لنا الظهير الكازروني: مات أباقا بهمذان فِي العشرين من ذي الحجّة، فكانت أيامه سبْعٍ عشرة سنة وثمانية أشهر.(15/387)
508 - أزدمر، الأمير، الحاجّ عزّ الدّين الْجَمْدار، الشهيد. [المتوفى: 680 هـ]
كان من أعيان الأمراء، وعنده فضيلة ومعرفة ومكارم كثيرة، ولمّا قام فِي المُلْك سُنْقر الأشقر بدمشق قام معه واختصّ به، فجعله نائب سلطنته، ثُمَّ تحوّل معه إِلَى صهيون وغيرها، ونزل بقلعة شَيْزَر فِي جهة سُنْقر الأشقر.
وكانت نفسه تحدثه بأمورٍ قصّر عَنْهَا الأجل، وجاءته سعادة لم تكن فِي حسابه، فحضر المَصَافّ فِي رجب وأبلى بلاء حسنًا، وصدق اللّه، فاستشهد مقبِلًا غير مُدبر، وقد قارب ستّين سنة، رحمه اللّه تعالى، وهو الَّذِي طعن طاغية العدوّ.(15/388)
509 - إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن يعيش، الشَّيْخ شمس الدّين المالكيّ. [المتوفى: 680 هـ]
شيخ مسند، صالح، خير، سمع من أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، روى عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ وجماعة، وليس بالمُكْثِر.
تُوُفِّيَ فِي ثالث عشر شعبان.(15/388)
510 - أسماء بنت زين الأمناء الحسن بن محمد ابن عساكر، [المتوفى: 680 هـ]
زَوْجَة عماد الدّين حُسَيْن بْن عليّ بن القاسم ابن الحافظ.
تُوُفِّيَت فِي ذي القعدة، سمعت من أبيها، وأجاز لها المؤيِّد وزينب.(15/388)
511 - أيبك، الشّجاعيّ، الصّالحيّ، العماديّ، الأمير عزّ الدّين [المتوفى: 680 هـ]
والي إقليم حَوران والسّواد.
كان كافيًا، ناهضًا صارمًا، وكان الملك الظاهر يعتمد عليه ويُكرمه، وقد وُلّي أستاذ داريّة أستاذه ومُعتِقه الملك الصّالح إِسْمَاعِيل ابن العادل. [ص:389]
وعُمّر دهرًا، وبلغ بضْعًا وثمانين سنة، وقُطِع خبزه في الآخر قبل موته بأشهر.(15/388)
512 - بكتوت، الخزنداري، الأمير بدر الدين، نائب بيليك الخَزْنَدَار بالشّام. [المتوفى: 680 هـ]
كان مشكور السّيرة، كثير الصدقات، استشهد على حمص، وهو فِي عَشْر الخمسين.(15/389)
513 - بَلَبَان، الرّوميّ، الدّوادار، الأمير سيف الدّين. [المتوفى: 680 هـ]
من أعيان الأمراء ونُجَبائهم.
كان الملك الظاهر يعتمد عليه ويحمّله أسراره إِلَى القُصّاد، ولم يؤمّره إلّا الملك السعيد، واستشهد بمَصَاف حمص.(15/389)
514 - بهادر، الأمير الكبير بهاء الدّين ابن الأمير حسام الدّين بيجار. [المتوفى: 680 هـ]
تُوُفِّيَ فِي شعبان بغزّة، وهو فِي عَشْر السّبعين، وكان موصوفًا بالشّجاعة والنّجدة، وهو كان السّبب فِي قدوم أَبِيهِ إِلَى بلاد المسلمين.
توفي صُحْبة الجيش المنصور وأبوه حيّ إذ ذاك بمصر، وقد كف بصره.(15/389)
515 - توتل، الأمير سيفُ الدّين الشَّهْرزُوريّ، [المتوفى: 680 هـ]
أحد أمراء دمشق الأبطال.
بيّن يوم المَصافّ وقتلَ جماعة، واستشهد وقد نيف على الستين.(15/389)
516 - الجمال الإسكندرانيّ، الحاسب، [المتوفى: 680 هـ]
المؤدّب بدمشق تحت مأذنة فيروز.
كان يُضرب به المثل فِي الحساب، وتخرَّج عليه خلْق من الدّواوين وأبناء النّاس.
تُوُفِّيَ فِي ذي الحجّة، وقد رَأَيْته شيخًا أبيض اللحية.(15/389)
517 - خضِر بْن محاسن، المقدِّم موفّق الدّين الرّحبيّ، الأمير. [المتوفى: 680 هـ]
كان من دُهاة العالم وشجعانهم، كان جمّاسًا لشخصٍ من أَهْل الرحبة فمات، فتزوَّج بامرأته وحاز ترِكته، وتنقّلت به الأحوال وصار قرا غلام بالرّحبة فِي أيّام صاحبها الملك الأشرف، ثُمَّ خدم نواب الملك الظاهر، فوجدوه كافيًا خبيرًا، وتعرّف بعيسى بْن مهنّا، ثُمَّ أعطي خبزا بتبعين، وانبسطت يده، وتمكّن إِلَى أن ولي إمرة الرّحبة بعد موت أيبك الإسكندرانيّ، فدبّر الأمور وجهزّ القصّاد.
فَلَمَّا انكسر سُنْقر الأشقر ولحِق بالرَّحبة ومعه ابن مُهَنّا وأمراء، فطلب من الموفَّق تسليم القلعة، فخادعه وراوغه وبعث له الإقامات، وطالع الملك المنصور بأحواله وأموره، وتألّف الأمراء وأفسدهم على سُنْقر الأشقر، فَلَمَّا قدِم السّلطان دمشقَ وفد إليه بهدايا فَأَقْبَلَ عليه، لكن أتى تجار أُخِذوا فوجدوا بعض قماشهم عنده فشكوه، وعضدهم الأمير علم الدين الحلبي، فاعُتقِل، فعزّ عليه ذلك واغتمّ ومرض ومات كمدا بدمشق، وقد قارب السبعين.(15/390)
518 - سَعِيد بْن حكم بْن سَعِيد بْن حكم، الأمير أبو عثمان القرشي، الطبيري. [المتوفى: 680 هـ]
مولده بطبيرة من غرب الأندلس فِي حدود السّتّمائة، وقرأ بإشبيلية " الموطأ " على أبي الحسين بن زرقون، واشتغل على أبي عليّ الشّلُوبين. وكان أديبًا، محدثا، كاتبا، رئيسا، نزل جزيرة منورقة، وكان حَسَن السياسة، فقدّمه أهلها، وأمّروه عليهم، فدبّر أمرها إِلَى أن مات، وأجاز لمن أدرك حياته، كذا قال ابن عمران الحضرمي.
وولي بعده ولده الحكم، ثُمَّ قصده الفرنج ودام الحصار مدّةً، ثُمَّ أُخذ البلد فِي سنة خمسٍ وثمانين، وقدِم هُوَ سَبْتَة.(15/390)
519 - سلامة بْن سُلَيْمَان، الشَّيْخ بهاء الدّين الرّقّيّ، النَّحْويّ. [المتوفى: 680 هـ]
كان من أئمة العربية، أقرأ جماعة بمصر، ومات فِي صفر، وقد ناهز الثمانين.(15/390)
520 - سُنْقر الألفيّ، الظّاهريّ، الأمير شمس الدّين. [المتوفى: 680 هـ]
لمّا أفضت السّلطَنَة إِلَى الملك السعيد، ومُسك الفارقانيّ رتّب هَذَا نائب السّلطنة، فبقي مدّةً، وكان حسن السيرة، محبوبًا إِلَى النّاس، ثُمَّ استعفي، فصرف بسيف الدين كوندك.
توفي معتقلا بالإسكندرية وكان من أبناء الأربعين، وكان فِيهِ دين وفضيلة وأدب.(15/391)
521 - صالح بْن الهُذَيْل، الملك مجد الدّين، [المتوفى: 680 هـ]
ناظر واسط.
مات بها عن نيَّفٍ وستّين سنة، وقد ولي أماكن وصودر مرّة وعُذِّب وخُرِم أنفُه، عفا اللّه عَنْهُ.(15/391)
522 - ضياء بن عَبْد الكريم، الإِمَام وجيه الدّين أبو الحسين المناويّ. [المتوفى: 680 هـ]
مات فِي عَشْر الثمانين، له نظمٌ وفضل.(15/391)
523 - عبد الله ابن الشيخ محمد ابن الشَّيْخ القُدوة عَبْد اللّه بْن عُثْمَان، اليُونينيّ. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ سنة أربعٍ وستّمائة، وأدرك جدّه.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين: كان خيّرًا، كثير التّعبُّد، سليم الصّدر، متواضعًا، ذا مروءة غزيرة، وشجاعة، وإقدام، قاتل يوم حمص قتالًا شديدًا، ثُمَّ قُتِلَ شهيدًا رحمه اللّه.(15/391)
524 - عَبْد اللّه بْن أبي العزّ بْن صَدَقَة بْن إِبْرَاهِيم، أبو مُحَمَّد الحرّانيّ. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّمائة، وروى عن فخر الدّين ابن تَيْميّة، والمجد القزوينيّ، ومات بدمشق فِي شعبان، وأجاز له ابن الأخضر، وأحمد ابن الدّبيقيّ وجماعة، سمع منه: البِرْزاليّ والطّلَبة.(15/391)
525 - عَبْد الدائم بْن محمود بْن مودود بْن بلدجي، أبو الخير الفقيه، الحنفيّ، المدرّس. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ سنة أربعٍ وستّمائة، وسمع من مسمار بْن العويس، كتب عنه أبو العلاء الفرضي وجماعة، ومات بالمَوْصِل فِي شعبان.(15/392)
526 - عَبْد الرحيم بْن عبدُ الملك بْن عَبْد الملك بْن يوسُف بْن مُحَمَّد بْن قدامة بْن مقدام، الشَّيْخ كمال الدّين، أبو مُحَمَّد المَقْدِسيّ، الصالحي، الحنبليّ. [المتوفى: 680 هـ]
شيخ صالح ورع، عاقل حافظ لكتاب اللّه، عالي السَّنَد، وُلِدَ فِي حدود سنة ثمانٍ وتسعين، وسمع من حنبل حضورًا ومن: عُمَر بْن طبرزد والكندي، ومحمد ابن الزّنف، والخضِر بْن كامل، وابن الحَرَسْتانيّ، وداود بْن ملاعب، وأبي الفتوح الْجُلاجُليّ، وغيرهم.
وأجاز له: أبو عبد الله ابن الخصيب الدّمشقيّ، وأبو جَعْفَر الصيدلاني، وعفيفة، ومنصور الفُراويّ، وعبد الرّزّاق الجيليّ، وعبد الوهاب بْن سُكَيْنة، وأبو حامد عَبْد اللّه بْن جوالق، وأبو الفتح ابن المِنْدائيّ، وخلْق.
وحدَّث فِي أيّام الحافظ ابن خليل بحلب، وروى الكثير، روى عَنْهُ الدّمياطيّ، وتلك الطبقة، وأبو الحسن ابن العطّار، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ، والشّيخ مُحَمَّد بْن قوام، وأبو عبد الله ابن الصَّيْرفيّ، وطائفة لم يظهروا بعد.
تُوُفِّيَ فِي عاشر جُمَادَى الأولى، وهو سِبْط الشَّيْخ أبي عُمَر.(15/392)
527 - عَبْد الرّحيم، الإِمَام عماد الدّين العباسي السّلمانيّ، [المتوفى: 680 هـ]
مدّرس مدرسة زين التّجّار بمصر.
تُوُفِّيَ فِي المحرَّم عن بضع وسبعين سنة.(15/392)
528 - عَبْد الرحيم بن محمد بن عازر، أبو مُحَمَّد اللّحّام الصّالحيّ. [المتوفى: 680 هـ][ص:393]
روى بالإجازة عن: زاهر الثَّقفيّ، وعبد الوهاب بن سكينة، وغيرهما، ومات فِي رجب.(15/392)
529 - عَبْد الْعَزِيز بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن، الشَّيْخ مجدُ الدّين أبو مُحَمَّد الدّاريّ، الخليليّ، ثُمَّ الْمصْرِيّ، [المتوفى: 680 هـ]
والد الصاحب فخر الدّين عمر.
ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر، وسمع " الشّفا " للقاضي عياض من أبي الْحُسَيْن بْن جُبَيْر الكِنانيّ، ودخل بغداد فِي شبيبته فسمع من الفتح بْن عَبْد السّلام، وأبي علي ابن الجواليقيّ، وعبد السّلام الدّاهريّ، وعُمَر بْن كرم، وزكريا العلبيّ، وأبي حَفْص السهْرَوَرديّ، وجماعة، أَخَذَ عَنْهُ المِزّيّ، والبِرْزاليّ، والطَّلَبَة المصريون والدّمشقيّون.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين مُوسَى: زعم أنّه من وُلِدَ تميم الدّاريّ، وكان ديِّنًا متعبّدًا، يَبرّ الفقراء ويحسن إليهم، وله وجاهة في الدول، وعلى ذهنه من التّواريخ والأيام قطعة صالحة.
قلت: تُوُفِّيَ فِي ثالث عشر ربيع الآخر، ودُفن بجبل قاسيون.(15/393)
530 - عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الجبّار بْن عُمَر، العلّامة فخر الدّين الخِلاطيّ، الحكيم. [المتوفى: 680 هـ]
شيخ معمّر شهير، استدعاه هولاوو لعمارة الرّصْد، اشتغل بالموصل على: المهذب ابن هُبَل، وصحب أوحد الدّين الكرمانيّ.
قَالَ ابن الفُوطيّ: رَأَيْت سماعه بجميع " جامع الُأصُول " من مصنّفه مجد الدّين، ونيَّفَ على المائة، وأجاز لي مَرْوِيّاته، مات فِي شوّال.
وكذا أرّخه الكازرُونيّ وقال: كثُر مالُه وجهل وشرِب الخمر.(15/393)
531 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن نصر الله بن حواري، التنوخي، [المتوفى: 680 هـ]
أخو الشرف والتاج محمد.
مات بالمنيحة، حدث عن ابن المقيّر.
تُوُفِّيَ فِي صفر.(15/393)
532 - عَبْد القاهر بْن مظفَّر بْن الْمُبَارَك بْن أَحْمَد، الرّئيس، سيفُ الدّين أبو النّجيب البغداديّ. [المتوفى: 680 هـ]
سمع من والده بهاء الدّين أبي الكرم، وكان بيده إجازة من الخليفة النّاصر لدين الله، وكان حسن السمت، كريم الأخلاق، مولد سنة سبْعٍ وتسعين، ومات فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثمانين، أنبأني بِذَلِك ابن الفُوطيّ.
وقال غيره: سمع من جده المبارك بن أحمد " المائة الشريحية "، قال: أخبرنا أبو الوقت.(15/394)
533 - عليّ بْن أبي القاسم أَحْمَد بن بدْر، الشَّيْخ القُدوة، الزّاهد وليُّ الدّين، أبو الْحَسَن الْجَزَريّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 680 هـ]
أصله من جزيرة ابن عُمَر، وتفقّه بالموصل ثُمَّ بحلب ودمشق ومصر، ثُمَّ أقبل على العبادة والتّبتُّل إِلَى اللّه تعالى، وبنى له معبدًا فِي جامع بيت لِهْيا، وأقام به دهرًا على التّجرُّد والتّوكّل والرّياضة، وهو صادق فِي طريقه، مخلص رباني مكاشف، صاحب أحوال ومقامات وجد، وللناس فيه عقيدة.
تشوش فأدخل إلى القميرية ومرضَ بها، وتُوُفِّي إِلَى رحمة اللّه فِي ثالث شوّال ودُفِن بسفح قاسيون، ومات فِي عشر الستين.(15/394)
534 - علي بن صالح بن فوز القطان. [المتوفى: 680 هـ]
حدث عن ابن عماد، توفي بمصر في رمضان.(15/394)
535 - علي ابن الملك الظاهر علي ابن الملك العزيز ابن الظّاهر، الأمير نور الدّين. [المتوفى: 680 هـ]
كان شابًّا بديع الجمال، تامّ الخلقة، كريمًا، شجاعًا، رئيسًا، تُوُفِّيَ - وأمّه يومئذٍ زَوْجَة البّيْسريّ - فِي شوّال بالقاهرة عن نيف وعشرين سنة.(15/394)
536 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن يوسف، الأستاذ الشّهير، أبو الْحَسَن الكُتاميّ، الإشبيليّ، النَّحْويّ، المعروف بابن الضّائع، بضاد معجمة وعين مهمَلَة. [المتوفى: 680 هـ]
أَخَذَ العربية عن: أبي عليّ الشّلُوبين، وكان روضة معارف. [ص:395]
حَدَّثَنَا أبو القاسم بْن سهل أنّه قرأ عليه العربية، وقرأ عليه طائفة من " التّفريع " لابن الجلاب، وعرضتُ عليه الفصيح وأشعار السّتّة ودولًا من علم الكلام وأصول الفقه.
قال: وتوفي سنة ثمانين وستّمائة بالأندلس.(15/394)
537 - عليّ بْن محمود بْن حسن بْن نبهان بْن سَند، علاء الدّين أبو الْحَسَن اليَشكُريّ، ثُمَّ الرَّبعَيّ، الْبَغْدَادِيّ المحتد، الْمصْرِيّ المولد، الدّمشقيّ، الشّاعر المنجّم. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ أبوه ببغداد في سنة ست عشرة وخمسمائة، ووُلد هُوَ فِي سنة خمسٍ وتسعين، وسمع بدمشق من عُمَر بْن طَبَرْزَد، وحنبل، والكِنْديّ، أَخَذَ عنه أبو مُحَمَّد الدّمياطيّ وغيره من شِعره، وتورّع كثير من الطَّلَبة عن الأخذ عَنْهُ لكونه منجمًا ساقط العدالة، وسمع منه: أبو مُحَمَّد البِرْزاليّ، وغيره.
قَالَ بعض المؤرّخين: كَانَتْ له اليد الطُّولّى فِي عِلْم الفلك والتّقاويم وعِلْم الأزياج، مع النَّظْم الرائق وحُسن الخطّ.
ومن شِعره فِي مظّفر الدّين صاحب صهيون، وله فِيهِ قصائد:
ما لليلي ما له سِحْرُ ... أتراهم مُقلتي سحروا
غدَروا لا ذقْتُ فَقْدهم ... فدموعي بعدهم غُدُرُ
لا أبالي مُذْ كَلِفْتُ بهم ... عذَلَ العُذّالْ أم عذروا
طاعتي فرضٌ لحُكْمهم ... إنْ نهوا فِي الحبّ أو أمروا
هكذا حُكْمُ الهوى أفما ... لك فِي العشّاق معتَبَرُ
مَن عذيري مِن هوى قمرٍ ... بات يحكي حُسْنه القمرُ
ماسَ فِي برد الشباب كما ... ماس خوط البانة النّضرُ
ريقه ماء الحياة لمن ... ذاقه والشّارب الخضرُ
وكحيل بات يفتك بي ... حين يرنو وهو منكسر
حر بي إذ راح متبسما ... من عقيق حشْوه دُرَرُ
وهي طويلة ومات في ليلة شريفة، وهي ليلة الجمعة السابع والعشرين من رمضان بدمشق.(15/395)
538 - عليّ بْن محمود، الحكيم نجم الدّين الدّامغانيّ، الإصطرلابيّ. [المتوفى: 680 هـ]
كان رأسًا فِي علم الرّياضيّ، وتقرَّر فِي رصد مَرَاغة، مات ببغداد فِي هَذَا العام.
ذكره الظّهير فِي شهر صفر.(15/396)
539 - عُمَر بْن عَبْد الوهاب بْن خَلَف، قاضي القضاة صدرُ الدّين ابن قاضي القُضاة تاج الدِّين العَلامي، الْمصْرِيّ، الشّافعيّ، المعروف بابن بِنْت الأعزّ. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ سنة خمسٍ وعشرين وستّمائة، وسمع من الزّكيّ المنذريّ، والرشيد العطّار، وما أحسبه حدَّث.
وولي قضاء الدِّيار المصريّة فِي سنة ثمانٍ وسبعين وعُزِل فِي رمضان سنة تسعٍ وكان فقيهًا، عارفًا بالمذهب، يسلك طريقة والده فِي التّحّري والصّلابة.
تُوُفِّيَ يوم عاشوراء.
وكان يدري العربية، وفيه دِين وتعبُّد، ولَديه فضائل، وكان عظيم الهيبة، وافر الجلالة، عديم المزاح، بارًّا بالفقهاء، مؤثرا، متصدقا، كان أَبُوهُ يحترمه ويتبَّرك به، درّس بأماكن.
قَالَ ابن الدّمياطيّ: حدَّث عن المُنْذِرِيّ.(15/396)
540 - عُمَر بن مظفَّر، الأمير جمال الدّين الهكّاريّ، [المتوفى: 680 هـ]
من مقدَّمي حلقة دمشق.
كان ذا شجاعة ودين ومروءة وخير، استشهد يوم المَصافّ وقد جاوز الخمسين، رحمه الله.(15/396)
541 - القاسم بْن أبي بَكْر بْن القاسم بْن غنيمة، العدلُ أمينُ الدّين، أبو مُحَمَّد الإربليّ، المقرئ. [المتوفى: 680 هـ][ص:397]
وُلِدَ سنة خمسٍ وتسعين، أو قبلها، بإربل، وروى " صحيح مُسْلِم " عن المؤيِّد الطُّوسيّ بدمشق من غير أصل، فسمع منه: ابن تَيْميّة وابن أبي الفتح وابن الوكيل والمِزّيّ، والبرْزاليّ، والفقيه عُبَادة، وطائفة سواهم، سَأَلت أَبَا الحجّاج الحافظ عَنْهُ فقال: شيخ جليل، قديم المولد، كان يذكر أنّ أَبَاهُ سفّره إِلَى نَيْسابور مع إخوته لذلك، وأنّه سمع " صحيح مُسْلِم " من المؤيِّد وسمعناه منه اعتمادًا على قوله بعد أن سألنا عَنْهُ القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان وغيره، فأثنوا عليه خيرًا.
قلت: وحدَّثني الثّقة أنّه قَالَ لهم: كان لي فَوْتٌ فِي الكتاب وأعيد بالقصد على المؤيِّد، وحدثني أبو محمد البرزالي أن الفخر ابن البخاري حدثهم أن والد هذا الشيخ وكان تاجرا أتى إِلَى والده شمس الدّين وقال له: ما تخلّي ولدك علّيًا يرحل معنا ويسمع من المؤيِّد، فلم يفعل أبي، ثُمَّ إنّه سافر بابنه.
وذكر أمين الدّين الإربليّ للجماعة أنّه كان له ثَبَتٌ بسماع الكتاب فذهب منه.
وكان من عدول تحت الساعات فِي أواخر عُمُره، وقبل ذلك كان تاجرًا مشهورًا هُوَ وأخوه، ثم تضعضع، وكان يُعرف بالمقرئ، أجاز لي مَرْوِيّاته ومات بالعادليّة الكبيرة في ثاني جمادى الأولى.
وبخطّ القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان: تُوُفِّيَ الشَّيْخ أمين الدّين القاسم الإربليّ التّاجر المعروف بالمقرئ فِي يوم الثلاثاء ثاني جُمَادَى الأولى، ودُفِن بمقابر الصّوفيَّه، وأخبرني غير مرّة أنّ مولده في سنة أربع وتسعين وخمسمائة بإربل، تردَّد إِلَى مصر وإلى العجم مِرارًا، وسمع " صحيح مُسْلِم " على المؤيِّد الطوسي.
قَالَ شيخنا ابن أبي الفتح: وبلغني عن قاضي القضاة ابن خَلِّكان أنّه قَالَ: رأيتُ ثَبَتَه " بصحيح مسلم "، وقال شيخنا شمس الدين ابن أبي عُمَر: اسمعوا على هَذَا الشَّيْخ " صحيح مسلم "، فإن سماعه صحيح، قال ابن أبي الفتح: [ص:398]
سمع الكتاب فِي أواخر سنة عشر وأوائل سنة إحدى عشرة وكان قد قرأ القرآن وعرف الفرائض.(15/396)
542 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يحيى بْن هبة الله بن الحسن ابن سَنِيّ الدّولة، قاضي القضاة نجم الدّين أبو بَكْر ابن قاضي القضاة صدر الدّين أبي العباس ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات، الدّمشقيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 680 هـ]
ناب عن والده فِي القضاء بدمشق، ثُمَّ ولي قضاء القضاة عند كسره التّتار على عين جالوت فبقي سنةً، وعزل بابن خَلِّكان، ثُمَّ أُسِكن مصر وصودر وتعب، ثُمَّ ولي قضاء دمشق أيّامًا عقِب زوال دولة سُنْقر الأشقر ولم تتمّ ولايته، وولي قضاء حلب قبل ذلك، وقد درّس بالأمينيّة وعدّة مدارس، وكان موصوفًا بجودة النّقل وصحّته وكثرته.
وحدث عن: أبي القاسم بن صَصْرَى، وابن باسوَيْه وغيرهما، ووُلِد سنة ستّ عشرة وستّمائة، وكان مشهورًا بالصّرامة والهيبة والهمّة العالية والتّحرّي فِي الأحكام، تُوُفِّيَ فِي ثامن المحرَّم ودُفِن بسفح قاسيون.(15/398)
543 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عِيسَى، المحدّث، الناسخ، شرف الدين، أبو عبد الله ابن المُجِير الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، الكُتُبيّ. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ فِي ربيع الأوّل سنة عشر وستّمائة، وسمع من أبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله ابن الزبيدي وجماعة، وببغداد من أبي الحسن ابن القَطِيعيّ، والأنجب الحمّاميّ، وابن روزبة، وطائفة، وبمصر من مرتضى بْن العفيف، وأقرانه، وبحلب من ابن خليل فأكثر وعن غيره، وكتب الأجزاء والطّباق وقرأ الكثير، وكان ضعيفًا بين المحدّثين، يتّهمونه، سمع منه: ابن الخبّاز، والبِرْزاليّ، وجماعة من الطَّلَبة، ولم يكن عليه أُنْس الحديث، وخطّه كثير السّقم مع حُسْنه.
تُوُفِّيَ فِي سادس عشر ذي القعدة سامحه اللّه.
قَالَ الحافظ سعد الدّين الحارثيّ: كان مزوّرًا كذّابًا، سمّع لنفسه وزوّر.(15/398)
544 - مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن مكتوم بْن أبي الخشين، البَعْلَبَكّيّ. [المتوفى: 680 هـ]
أديب مُحسن وشاعر مجوّد، يحفظ " المقامات "، أعاد بأمينيّة بَعْلَبَكّ، وأقرأ النّحْو، استشهد فِي أول الكهولة بحمص.(15/399)
545 - مُحَمَّد بْن أشرف بْن مُحَمَّد بْن ذي الفقار، السّيّد الحسيب، العالم، عِماد الدّين الحَسنيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 680 هـ]
مدرّس المستنصريّة، ولمّا كبر نزل عنها لابنه شرف الدين، ولد بمرند سنة سبع وتسعين وخمسمائة.(15/399)
546 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سالم بْن نبهان، الشَّيْخ زين الدّين الحمصيّ، الشاهد، [المتوفى: 680 هـ]
والد شيخنا البدر ابن الصواف.
توفي فجاءة بحصيرته تحت السّاعات فِي ثالث عشر المحرَّم، وله ثمانٍ وسبعون سنة، وقد روى عن ابن صبّاح جُزءًا.(15/399)
547 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن رَزِين بْن مُوسَى بْن عِيسَى بْن مُوسَى بْن نصر اللّه، قاضي القضاة، مفتي الإِسْلَام، تقيُّ الدّين، أبو عَبْد اللّه العامريّ، الحمويّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة بحماة، وحفظ من " التّنبيه " فِي صِغره، ثُمَّ انتقل عَنْهُ إِلَى " الوسيط " فحفظه كله، وحفظ " المفصّل "، كله ورحل إِلَى حلب فقرأه على موفَّق الدّين يعيش، ورجع إلى حماة وتصدر للإقراء والفتوى وله ثمان عشرة سنة، وحفظ " المستصفى " للغزالي، وكتابي أبي عمرو ابن الحاجب فِي الُأصُول والنحو، ونظر فِي التفسير وبرع فِيهِ وشارك فِي الخلاف والمنطق والبيان والحديث.
وقدِم دمشق سنة نيَّفٍ وثلاثين وهو من فُضلاء وقته، فلازم الشَّيْخ تقيّ الدّين ابن الصلاح، وشرح عليه وعلّق عَنْهُ، وقرأ القراءات على أبي الْحَسَن [ص:400]
السّخاويّ، وسمع منهما، ومن كُريمة، وأفتى بدمشق هَذِهِ الأيّام، وولي إمامة دار الحديث الأشرفيّة، ثُمَّ ولي وكالة بيت المال فِي الدولة الناصرية، وتدريس الشّاميّة الحساميّة، ثُمَّ انتقل إِلَى القاهرة وقت أَخْذ حلب وولي عدّة جهات، فأعاد بمدرسة الشّافعيّ، وظهرت فضائله الباهرة، واشتغلوا عليه في أيام الشيخ عز الدين ابن عَبْد السّلام، ثُمَّ درس بالظّاهرية، ثُمَّ ولي القضاء وتدريس الشّافعيّ، وامتنع من أَخَذَ الجامكيّة على القضاء دِينًا وورعًا.
وكان يُقصد بالفتاوى من النّواحي وتخرَّج به أئمّة، منهم قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وغيره، وحدَّث عَنْهُ الدّمياطيّ وابن جماعة والمصريّون.
وكان حميد السيرة، حَسَن الدّيانة، كثير العبادة، كبير القدْر، جميل الذِّكْر، رحمه اللّه تعالى، توفي في ثالث رجب، وولي القضاء بعده وجيه الدّين البَهْنَسيّ.(15/399)
548 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن وداعة، الأمير مجدُ الدّين. [المتوفى: 680 هـ]
حدَّث " بالبعث " عن ابن اللّتّيّ، ومات بمصر في ذي القعدة.(15/400)
549 - محمد بْن الْحُسَيْن بْن عتيق بْن الْحُسَيْن بْن رشيق، الإِمَام، المفتي، عَلَمُ الدّين، أبو عَبْد اللّه الرَّبَعيّ، الْمصْرِيّ، المالكي، [المتوفى: 680 هـ]
والد شيخنا القاضي زين الدّين مُحَمَّد.
سمع من عليّ بْن المفضل الحافظ، وابن جُبَيْر البَلَنسيّ، وعبد اللّه بْن مُجَلّي وغيرهم، روى عَنْهُ الدّواداريّ والمصريّون وكان موصوفًا بالعِلم والعمل والزُّهد.
تُوُفِّيَ ليلة الجمعة ثامن ذي الحجة، ودفن بسفح المقطم عن خمسٍ وثمانين سنة.(15/400)
550 - مُحَمَّد بْن ذي الفقار، الصّدر، الإِمَام، عماد الدّين الحَسَنيّ، المرنديّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 680 هـ]
مدّرس المستنصريّة.
سمع " صحيح الْبُخَارِيّ " من أبي الْحَسَن القَطِيعيّ ودرّس وأفاد.
مات فِي شعبان من السّنة وله أربعٌ وثمانون سنة وشهر. [ص:401]
وقيل: محمد بن أشرف، فقد تكرر.(15/400)
551 - مُحَمَّد بْن عَبْد الأحد بْن شُقَير، الحرّانيّ، الحاج. [المتوفى: 680 هـ]
أحد التّجّار المعروفين وُجد مقتولًا بالشّريعة، وكان قد قدِم فِي تجارة.(15/401)
552 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن محمود بْن أَحْمَد، الحافظ، المحدّث، جمال الدين، أبو حامد ابن الشيخ علم الدين ابن الصّابونيّ، المحموديّ، شيخ دار الحديث النّوريّة. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ فِي رمضان سنة أربعٍ وستّمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وأبي البركات بْن ملاعب، وأبي عَبْد الله ابن البناء، وأبي القاسم العطّار، وأبي المحاسن بْن أبي لُقْمة، ثُمَّ طلب بنفسه وعُني بالحديث وكتب وقرأ وصار له فَهمٌ ومعرفة، وسمع من ابن البُنّ، وابن صَصْرى، وهذه الطبقة، بدمشق؛ وعبد اللطيف بن يوسف، ويحيى ابن الدّامغانيّ، وطائفة بحلب؛ وأبي عليّ الإوَقيّ، وغيره بالقدس؛ وعبد الْعَزِيز بن باقا، وعليّ بْن رحّال، وعليّ بْن مختار، وعليّ بْن جبارة، وعبد الصمد بْن دَاوُد الغضاريّ، وخلْق بمصر، وخرّج لغير واحد.
وكان صحيح النّقل، مليح الخطّ، حَسَن الأخلاق، صنَّف مجلَّدًا مفيدًا سمّاه "تكملة إكمال الإكمال" ذَيَّل به على "إكمال ابن نقطة" فأجاد وأفاد.
وهو من رفاق ابن الحاجب والسيف ابن المجد، وابن الدّخْميسيّ، وابن الجوهريّ فِي الطّلب، فطال عُمُرُه وعَلَتْ رواياته، وروى الكثير بمصر ودمشق، وكان من كبار العُدُول ومتميّزيهم.
سمع منه: عمر ابن الحاجب، والقدماء، وروى عَنْهُ الدّمياطيّ، وشَرَف الدّين يعقوب ابن المقرئ، وجمال الدين المزي، وعلاء الدين ابن العطّار، وعَلَم الدّين الدّواداريّ، وعَلَم الدّين البِرْزاليّ، وبرهان الدّين الذّهبيّ، وجمال الدّين رافع، وقاضي القضاة نجم الدّين ابن صَصْرَى، وطائفة سواهم من المصريّين والشاميّين، وكان له إجازة من عُمَر بْن طَبَرْزَد، والمؤيِّد [ص:402]
الطّوسيّ وطبقتهما، وقد حصل له تغيّر قبل موته بسنةٍ أو أكثر، واعتراه غَفْلة وساء حِفْظُه.
وقد أجاز لي مَرْوِيّاته سنة ثلاثٍ وسبعين وستّمائة، وتُوُفِّي فِي منتصف ذي القعدة، ودُفِن بسفح قاسيون، رحمه اللّه وله ستٌّ وسبعون سنة.
قَالَ شيخنا ابن أبي الفتح: اختلط قبل موته بسنة أو أكثر.(15/401)
553 - مُحَمَّد بن علي بن محمد بن إلياس ابن الشّيْرجيّ، الأَنْصَارِيّ، الصّدر، بدْر الدّين، أبو عَبْد اللّه الدّمشقيّ. [المتوفى: 680 هـ]
روى عن أبي القاسم بْن صَصْرى، ومات فِي جُمَادَى الأولى، ودُفِنَ بمقبرة باب الصّغير.(15/402)
554 - مُحَمَّدُ بْن عليّ بْن علوان، الشَّيْخ، شمس الدّين المِزّيّ، مفسر الرّؤيا. [المتوفى: 680 هـ]
تُوُفِّيَ فِي ذي الحجّة كهلًا، وكان ضريرًا كثير التّلاوة، وقد حجَّ وكان إليه المنتهى فِي تعبير الرؤيا، بحيث يُضرب به المثل فِي وقته، رحمه الله.(15/402)
555 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهَّاب بْن مناقب بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن حسن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن حُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المُنقذيّ بْن جعْفَر بن عبد الله بن حسين ابْن زين العابدين عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب، الشّريف فخرُ الدّين، أبو عَبْد اللّه العلويّ، الحسينيّ، المُنْقذيّ، الدّمشقيّ، المعدّل. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ سنة ستمائة أو قبلها، وسمع اليسير حضورا من عُمَر بْن طَبَرْزَد، وروى عن حنبل شيئًا ثم انكشف أن ذلك غلط، وله إجازة من عين الشّمس الثّقفيّة، وعفيفة الفارفانية، وأسعد بْن رَوْح، وزاهر بْن أَحْمَد، ولم يروِ عن هَؤُلَاء بالسّماع شيئًا؛ لأنّ الإجازة ظهرت له بعد موته، وقد سمع من درع بن فارس، ومكرم بن أبي الصقر، وكان من شهود تحت السّاعات، روى عَنْهُ [ص:403]
الدّمياطيّ، والمِزّيّ، وجماعة، وأجاز لي مَرْوِيّاته، وتُوُفِّي فِي الثالث والعشرين من شعبان.
وروى بالإجازة عن: المؤيد وغيره.(15/402)
556 - مُحَمَّد بْن محمود بْن أَحْمَد بْن أبي الفوارس، شمس الدّين الْجَزَريّ، التّاجر. [المتوفى: 680 هـ]
شيخ معمَّر، ذكر أنّه سمع الكثير من أبي الفرج ابن الجوزيّ وطبقته، وأنّه وُلِدَ بالجزيرة فِي سنة ثمان وستين وخمسمائة.
أجاز لأبي عَبْد اللّه بْن سامة، وأبي الفداء ابن الخبّاز، والبِرْزاليّ.
مات فِي جُمَادَى الأولى.(15/403)
557 - مُحَمَّد بْن منعة بن مطرّف بْن طريف، القَنَويّ. [المتوفى: 680 هـ]
توفي في رمضان.(15/403)
558 - مُحَمَّد بْن ميكائيل بْن أَحْمَد بْن راشد، الإِمَام مجدُ الدّين الْمَوْصِلِيّ، الفَرَضيّ، النَّحْويّ. [المتوفى: 680 هـ]
استملى على ابن الخبّاز النَّحْويّ كتاب " التّوجيه " فِي العربية.
تُوُفِّيَ فِي شوّال عن ثمانٍ وسبعين سنة.(15/403)
559 - مُحَمَّد بْن يعقوب بن أبي الفَرَج بْن عُمَر بْن خطّاب، الشَّيْخ المعمّر، مُسْنِد العراق، شهاب الدين، أبو سعد ابن أبي الدينة، ويقال: ابن أبي الدِينيّ الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 680 هـ]
ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وسمع من أبي الفتح المنْدائيّ، وابن سُكَيْنة، وحنبل بْن عَبْد اللّه الرّصافيّ، وأبي عليّ ضياء ابن الخريف، والحافظ ابن الأخضر، ويقال: إنه سمع من أبي الفرج ابن الجوزيّ وذلك ممكن؛ لأنّه سمع فِي حياة ابن كُلَيْب من ابن الأخضر، وذلك فِي ذي الحجّة سنة أربعٍ وتسعين، وقد سمع من " المسند " مُسْنَد ابن عُمَر على حنبل، وأبي الْحَسَن عليّ بْن الْمُبَارَك بْن مُحَمَّد بْن جابر بسماعهما من ابن الحُصَيْن، وسماعه منهما فِي [ص:404]
رجب سنة أربعٍ وتسعين أيضًا، وأجاز له أبو القاسم البوصيري، والأرتاحي، وابن موقى، والخشوعي.
نعم، قَالَ الظّهير الكازرُونيّ فِي " تاريخه ": قَالَ لي: ولدتُ فِي ربيع الأوّل سنة تسعٍ، ورأيت جماعة يتهمونه في هذا الإخبار، وكان كبيرًا.
قلت: وأجاز له يحيى بْن بَوْش، وذاكر بْن كامل، وعبد المنعم بْن كليب، وعبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصابوني، وأبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزيّ، وإبراهيم وعبد اللّه ابنا مُحَمَّد بْن حمدية، وآخرون.
روى عنه الدمياطي، وأبو العلاء الفَرَضيّ، وأبو سعد عَبْد اللّه بْن مُحَمَّد بن نصر الجيلي، وعبد الرزاق ابن الفوطي المؤرخ، وجماعة، وولي مشيخة المستنصرية، وأجاز لمن أدرك حياته، وتُوُفِّي فِي ثامن عشر رجب.
وقد سمع أخوه عَبْد الوهّاب من ابن كُلَيْب.(15/403)
560 - المسلّم بْن مُحَمَّد بْن المُسَلِّم بْن مكّيّ بْن خلف بْن المسلم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حصن بن صقر بن عبد الواحد بْن عليّ بْن علّان، القاضي الجليل، المُسْنِد، شمس الدين، أبو الغنائم ابن علّان القَيْسيّ، الدّمشقيّ، الكاتب. [المتوفى: 680 هـ]
وُلِدَ سنة أربعٍ وتسعين وخمسمائة، وأجاز له الشَّيْخ أبو طاهر الخُشُوعيّ، وأبو محمد ابن عساكر، وأبو سعد عبد الله ابن الصفار، وعبد الرحيم ابن الشعري، ومنصور ابن الفُرَاويّ، والعماد الكاتب، وعبد اللّطيف ابن شيخ الشيوخ، وعليّ بْن هُبَل الطبيب، وعبد القادر الرّهاويّ، وعين الشّمس الثّقفيّة، وضياء الدّين عَبْد الملك الدَّوْلعيّ، وخلق سْواهم.
وسمع " المُسْنَد " من حنبل، ورواه ببَعْلَبَكّ وبدمشق، وسمع " تاريخ بغداد " من أبي اليمن الكندي، وسمع " الغيلانيات "، و" القطيعيات الأربعة "، و" سنن أبي داود "، و" جامع الترمذي "، و" الزهد " لابن المبارك، و" الأشربة " للإمام أحمد، وجماعة أجزاء من أبي حفص بن طبرزد، وسمع " صحيح مُسْلِم " من أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وسمع " صحيح الْبُخَارِيّ " من ابن منْدوَيْه، والعطّار.
وسمع من والده؛ ومن: تاج الُأمناء، وزين الُأمناء، وابن ملاعب، والشّيخ العماد، وابن أبي لُقمة، وابن البُنّ، وابن صَصْرى، وجماعة، وسمع من الكِنْديّ أيضًا كتاب " الحُجّة " [ص:405]
لأبي عليّ الفارسيّ بفَوْت، وجماعة أجزاء.
روى عَنْهُ الشّهاب القُوصيّ فِي " معجمه " من شِعره، والدمياطي، وأبو الْحُسَيْن اليُونِينيّ، وابن تَيْميّة، والمِزّيّ، وابن العطار، وابن أبي الفتح، والبرزالي، وشرف الدين ابن المنجى، ومحمد بن أبي الحسن المقرئ، ونجم الدين أحمد بن باجوك، وتقي الدين ابن اليُونينيّ، وسعد الدّين الحارثيّ، وخلْق كثير من كهولنا، وأجاز لي مَرْوِيّاته.
قَالَ أَحْمَد بْن يُونُس الإربليّ: كان ابن علّان قد ألزم نفسه بتلاوة ختمة كلّ يوم، من سنة ثلاثٍ وسبعين إِلَى أن مات، ووقف على آخر فاطر وقضى.
قال قُطْبُ الدّين: كان من الرّؤساء الكرماء، ولي نظر الدّواوين بدمشق مدّة، وولي نظر الجهات القِبْليّة مدّة، ووليّ نظر بَعْلَبَكّ، ثُمَّ انفصل عَنْهَا، وترك الخدمة، وأقام بدمشق، ورُتِّب مُسمِعًا بدار الحديث، وله مكارم مشهورة.
قلت: روى " المُسْنَد " ثلاث مرّات، " وصحيح مُسْلِم "، " وجامع التّرمِذيّ "، وسألت أَبَا الحَجّاج الحافظ عَنْهُ فقال: شيخ جليل نبيل، من أكبر بيوتات الدمشقيّين، سمعنا منه " مُسْنَد أَحْمَد " وغير ذلك، وكان من سَرَوات النّاس وأهل المروءات، دائم البِشْر، حَسَن الخُلُق، مُحِبًّا لأهل الحديث، سهْلًا فِي الرّواية.
قلت: تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من ذي الحجَّة، ودُفِن بسفح قاسيون، وهو جد قاضي القضاة الشيخ نجم الدين ابن صَصْرَى لأمّه.(15/404)
561 - مظفَّر بْن أبي السّعادات الْمُبَارَك بْن أَحْمَد، الشَّيْخ سيف الدّين، أبو النّجيب ابن الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 680 هـ]
عاش ثلاثًا وثمانين سنة، روى بالإجازة عن الناصر لدين اللّه.(15/405)
562 - مُكثّر بْن غالب الأَنْصَاريّ، القاضي كمال الدّين. [المتوفى: 680 هـ]
تُوُفِّيَ فِي ذي الحجة، له نظم حسن.(15/405)
563 - نصر الله ابن القمر عُمَر الحريريّ الدّمشقيّ، ناصر الدّين [المتوفى: 680 هـ]
والد بدْر الدّين.
حَمَويّ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأولى.(15/406)
564 - نفيس الدين أبو البركات مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن شكر المالكي، [المتوفى: 680 هـ]
قاضي القضاة بمصر.
مات في ذي الحجة.
وفيها تُوُفِّيَ جَدّي:(15/406)
565 - عَلَمُ الدّين أبو بَكْر سَنْجَر الْمَوْصِلِيّ [المتوفى: 680 هـ]
كهلًا، وخلّف بضعة عشر ألف درهم لأولاده،
وأوصى بثمانمائة حجة.(15/406)
• - وَلِيُّ الدّين، الزّاهد، نزيل بيت لِهْيا، اسمه علي، [المتوفى: 680 هـ]
تقدم.(15/406)
566 - هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن عليّ بْن جرير، القاضي نفيس الدّين أبو القاسم الحارثيّ، الزَّبَدانيّ، [المتوفى: 680 هـ]
قاضي بلده.
سمع جزءًا حضورًا بالزّبدانيّ من ابن مُلاعب، وكان جليلًا، نبيلًا، فاضلًا، ذا كرم وسُؤدُد، عُرِض عليه قضاء بَعْلَبَكّ، فأبى أن يفارق وطنه وأملاكه، وكان ديِّنًا خيّرًا، وسمع " مُسْنَد عَبْد " من ابن اللّتّيّ، سمع منه: المِزّيّ، والبِرْزاليّ، والطلبة، ومات فجاءة بدمشق، ودُفِن بقاسيون فِي تاسع صفر، وله ثلاث وسبعون سنة.
لنا منه إجازة، وكان يدري الطب، ويعالج بعض الأعيان.(15/406)
567 - يحيى بْن عَبْد الكريم، الَأجَلّ محيي الدّين ابن الكُوَيَس الكاتب، [المتوفى: 680 هـ]
ناظر الصُّبَيْبَة.
ظريف خليع، معاشر للرؤساء، موصوفًا بعمل الأطعمة الفاخرة والضّيافات. [ص:407]
توفي في جمادى الآخرة بالصُّبَيْبَة، ونُقِل إِلَى دمشق.(15/406)
568 - يحيى بْن عَبْد المنعم، القاضي جمال الدّين الْمصْرِيّ، المعروف بقاضي الغربيّة. [المتوفى: 680 هـ]
ناب فِي القضاء مدّةً، ودرّس مدّةً بمشهد الْحُسَيْن، وكان إمامًا محقّقًا، نقّالًا للمذهب.
توفي في رجب، وقد قارب الثمانين.(15/407)
569 - يحيى بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، القاضي تاجُ الدين الإربلي، الكردي، نائب الحكم بدمشق لابن الصّائغ. [المتوفى: 680 هـ]
وقد وُلّي قضاء حمص وقضاء بَعْلَبَكّ، ثُمَّ وُلّي فِي أوائل السّنة قضاء حلب، وباشر مدّةً شهرين، ثُمَّ انجفل من التّتار فقدِم حمص، واستشهد يوم المَصَافّ، وقد نيَّف على السّتّين، وكان يكرّر على " الوجيز " للغزاليّ.(15/407)
570 - يوسف بْن إِبْرَاهِيم بْن قريش، المولى شمسُ الدّين الْمصْرِيّ. [المتوفى: 680 هـ]
استشهد على حمص، وقد نيَّف على السّبعين، وكان من كُتّاب الدَّرْج بمصر، كتب للملك الصّالح نجم الدّين ولمن بعده، وكان وافر الحُرمة، كثير النّعْمة.(15/407)
571 - يوسف بن الْحَسَن بْن يوسف بْن الْحَسَن بْن حُبَيْش اللّخْمي، شاعر المغرب، أبو الْحُسَيْن. [المتوفى: 680 هـ]
مات فِي جُمَادَى الأولى عن ثمانٍ وخمسين سنة، روى عن سهل بْن مالك، وأبي الْحَسَن بْن قطرال.(15/407)
572 - يوسف بْن لؤلؤ، الأديب بدر الدّين الدّمشقيّ الشّاعر. [المتوفى: 680 هـ]
له نَظْمٌ يروق، وشِعْر يفوق، وقد مَدَحَ الملك النّاصر والكبار، وسار شِعره. وكان له بيت بالجاروخيّة، عاش ثلاثًا وسبعين سنة، ومات في شعبان. [ص:408]
فمن شعره، وكان أَبُوهُ عتيق بدْر الدّين دُلْدُرُم الياروقيّ:
أمن قلم الريحان في خده خط ... وَفِي قدّه من لِين ما تُنْبت الخطُ
بدا منه سطر للعيون محقق ... فمثل خطا لا يماثله خطُّ
وخرّج فِي الخد العِذارّ حواشيا ... على صفحاتٍ منه بالمِسْك تختَطّ
فأشكل لمّا بان فِي الخدّ شكله ... فيا عجبًا منه وخيلانه نقط
وما هو إلا الآس سيج ورده ... فعز على من رامه القطف واللقط
فيا ليت حظي منه قرب أو الرضى ... فقد طال فيما بيننا الشَحطْ والسخط
تشابه قلبي في الخفوق وقرطه ... فعلق منه مثل ما علق القرط
وشطوا به عني فعزّ مزاره ... وأغلوا عليَّ السَّوْم فِي الوصل واشتْطوا
وما كنت أدري أنّ غزلان حاجر ... على كل ليث من ليوث الشرا تسطو
وله:
يا عاذلي فِيهِ قُلْ لي ... عن حبّه كيف أسلو
يمرّ بي كلّ حين ... وكلمّا مرَّ يحلو
وله:
وروضة دولابها ... إِلَى الغصون قد شكا
من حين ضاع زهرها ... دار عليه وبكى
ومن شعره:
هلُمَّ يا صاح إِلَى روضةٍ ... يجلو بها العاني صدَى همّهِ
نسيمها يعثر فِي ذيله ... وزهرها يضحك فِي كمّه(15/407)
573 - يوسف بْن يعقوب بن يعيش، الفقيه، العابد، جمال الدين ابن القُدوة أبي يوسف، شيخ مغارة الْعَزِيز. [المتوفى: 680 هـ]
وكان شيخنا أبو علي ابن الخلال يصحبه ويخدمه.
مات في جمادى الأولى.(15/408)
574 - أبو بَكْر بْن عُمَر بْن يُونُس، الفقيه، الصّالح، شمسُ الدّين المِزّيّ، الحنفيّ. [المتوفى: 680 هـ]
سمع " الْبُخَارِيّ " من ابن منْدوَيْه، والشّمس العطّار، وسمع مسلمًا من أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ.
قَالَ أبو مُحَمَّد البِرْزاليّ: سمعت منه الكتابين.
وسمع منه: الدّواداريّ، والمِزّيّ، وابن الخبّاز، والشّيخ أَحْمَد الحنبليّ، وأخوه مجد الدّين، وطائفة، وتُوُفِّي فِي ثاني شعبان بالقيمازيّة، وله سبْعٌ وثمانون سنة، فإنّه وُلِدَ سنة ثلاثٍ وتسعين بالمِزّة.(15/409)
575 - أبو القاسم بْن مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن مُحَمَّد، الصدّر، الإِمَام، صفيُّ الدّين التّميميّ، الدّارميّ، البُصْرَويّ، الحنفيّ، [المتوفى: 680 هـ]
والد قاضي القضاة صدر الدّين عليّ الحنفيّ.
ولد ببصرى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ودرَّس بالأمينيّة ببُصْرَى دهرًا، وكان رئيسًا فقيهًا، عارفًا بالمذهب.
تُوُفِّيَ ببُصْرَى فِي شعبان عن سبْعٍ وتسعين سنة.(15/409)
-وفيها وُلِدَ:
بهاء الدّين محمد ابن شهاب الدين أحمد ابن المرجاني، وتقي الدين أحمد ابن العلم الحراني ظنا، وأبو بكر ابن شيخنا الحسام أقش الشّبليّ، ومحتسب الصّالحيّة الشّمس محمد بن عبد الهادي، وعبد الرحمن ابن شيخنا برهان الدّين الإسكندرانيّ، وابن أَخِيهِ أبو المعالي مُحَمَّد بْن أَحْمَد، وعزّ الدّين مُحَمَّد ابن ضياء الدين إسماعيل ابن الحموي، وأحمد ابن شيخنا شمس الدِّين مُحَمَّد بْن أبي الفتح الحنبلي.(15/409)
- (المتوفون على التقريب)(15/410)
576 - جوبان بْن مَسْعُود بْن سعد اللّه، الأديب البارع، أمينُ الدّين الدُّنَيْسَريّ، القوّاس، التّوزيّ الشّاعر. [الوفاة: 671 - 680 هـ]
كان من أذكياء بني آدم، وله نظْمٌ فِي الذّرْوة، وكان حيًّا فِي هَذَا الحين، كتب عنه الوجيه عبد الرحمن السبتي وغيره.
وقال الجزري: هو أمين الدين رمضان الجوبان:
فمن شعره:
إذا افترَّ جُنْحُ اللّيل عن مَبْسَمِ الفجرِ ... ولاح به ثغرٌ من الأنْجمُ الزُّهرِ
وفاحت له من عابق الرَّوْضِ نَفحةٌ ... رشفنا به بردَ الرّضابِ من الخمرِ
وعهدي بوجْهِ الأرضِ مبتسمًا فلِم ... تغرغَر منها الدَّمْع فِي مُقَل الغدر
إذا أرجف الماءَ النّسيمُ لوقتهِ ... كساهُ شعاعُ الشّمسِ دِرْعًا من التِبْرِ
وبحرُ الرّياض الخُضْر بالزهر مزبد ... كأنا به فِي فُلْك مجلسنا نسري
ومن شُهب الكاسات بالنجم نهتدي ... إذا تاه ساري العقل في لُجَّة السُّكرِ
نصون الحُمَيّا بالقناني وإنّما ... نصون القناني بالحُمَيّا ولا ندري
ولمّا حكى الرّاووقُ فِي العين شكلَه ... وقد عُلِّق العنقود فِي سالِف الدّهرِ
تذكّر عهدًا بالكُرُوم فكلّه ... عيون على أيّام عصر الصبّا تجري
عجِبتُ له والرّاحُ تبكي به فلِمْ ... غدتْ بحُباب الكأس باسمه الثّغرِ
إذا ما أتاني كأسُها غير مُتْرَع ... تحقّقتُ عين الشّمس فِي هالة البدرِ
يناولنيها فاترُ اللّحظ أَغْيَدٌ ... فللّهِ ذاك الأغْيَد المُخْطَفُ الخصر
ينادمنا نظما ونثرا ولفظه ... ومبسمه يغني عن النظم والنثر
فلم يسقني كأس المُدامة دون أن ... سقاني بعينيه كؤوسا من السّحرِ
وقال وفَرط السُّكر يثني لسانه ... إلى غير ما يرضي التقى وهو لا يدري
ردوا من رضابي ما ينوب عن الطلا ... إذا كان وجهي فيه مغنى عن الزهر
ومَن كان لا تحوي ذراعاهُ مِئزري ... فدون الذي تحوي أنامله خصري [ص:411]
وله من قصيدة:
أبِيت على جمْر الغَضَا متمللا ... سليم هوى مُلْقَى وأنت سليمُ
دعاني إليك الحبُّ والقلبُ فارغٌ ... وورْدك عذْبٌ واللّواحظ هِيمُ
أيجمل يا حُلْو الشّمائل أنّني ... أموتُ من البلوى وأنت عليم
لك العمر سلواني وصبري تُوفُيا ... وأكبرُ إثمٍ أن يُهان يتيمُ
يمين بلذّات العتاب وأنّني ... لذو قَسَمٍ لو تسمعون عظيمُ
نُحُولي ووجْديّ والتّهتُّكُ فِي الهوى ... وإتلافُ روحي فِي هواك نعيمُ
ومِن أعجب الأشياء صدُّك والّذي ... يزيل الْجَوَى سهلٌ وأنت كريمُ
وله:
وظبي أنسٍ رآه الظَّبْيُ فاختلست ... لحاظه لمحاتٍ من تلفُّتهِ
وافَيتُه وبكفّي مثل قامتِه لِينًا ... يفوحُ بنشْرٍ مثل نكهتهِ
فحين حيِّيتُه بالبان مندهشًا ... والشّمس تخجل من إشراق جبهته
أهوى إِلَى لثْم كفّي حين صافحني ... فمِلْتُ أطلب شكرا لثْم يمنته
ولاح لي دون أن أدنو شعاعُ سنًا ... يُزْري على الشمس من تضريج وجنته
وله:
وذات رقصٍ ورهجٍ فِي تَمَايُلها ... منيعة الوصل من ضم وملتزم
بيضاء حمراء مثل الشمس طَلْعتُها ... سودٌ ذوائبها من أنفع الخدم
لها أبٌ ولها أمٌّ إذا ازدوجا ... جاءت على الفور تبغي الأكل بالنّهمِ
لو أطعمت كلّ ما فِي الأرض ما شبعت ... حَتَّى إذا سُقيتْ عادت إِلَى العدم
وله:
نَفَّش غُصنُ البانِ أذنابَه ... واهتزَّ عند الصُّبح عُجْبًا وفاحْ
وقال مَن فِي الرّوض مثلي وقد ... تُعْزَى إلى قدي قدود الملاح
فحدق النرجس يهزو به ... وقال حقًّا قلتَهُ أو مزاحْ
بل أنت بالطّول تحامَقْتَ يا ... مقصوف عدوًا بالدّعاوي القِباحْ
قَالَ له البان: أما تستحي ... ما هذه إلا عيون وقاح
وله في الناعورة:
وثاكلة فارَقَتْ ... ما آلف من رسْمها
تدور على قلبها ... وتبكي على جسمها
ما أدريّ تُوُفِّيَ الجوبان بعد الثمانين أو قبلها. [ص:412]
ونقل الْجَزَريّ أنّه لم يكن يعرف الخطّ ولا النَّحْو، قَالَ: وكانت كتابته من جهة التّويز فِي غاية القوّة، بحيث أنّه استعار من القاضي عماد الدّين مُحَمَّد بْن الشّيرازيّ دَرْجًا بخطّ ابن البوّاب، ونقل ما فِيهِ إِلَى دَرْج بورق التوّز، وألْزق التّوز على خشب، وأوقف عليه ابن الشّيرازيّ، فأعجبه وشهد له أنّ فِي بعض حروفه شيئًا أقوى من خطّ ابن البوّاب، واشتهر ذلك بدمشق، وبقي النّاس يقصدونه ويتفرّجون عليه، وكان له ذهْن خارق.
قلت: وقد ذكرت فِي ترجمة ابن سبعين أبياتًا من شِعره في الاتحاد، نسأل الله السلامة.(15/410)
577 - حُسَيْن بْن عليّ بْن ظافر، الشَّيْخ صفيُّ الدّين الأَنْصَارِيّ، الخزرجيّ، أبو عَبْد اللّه. [الوفاة: 671 - 680 هـ]
سمع " الجامع " من ابن البناء، ومولده بمصر في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وأجاز للِبْرزاليّ، ولخلْقٍ فِي سنة ثمانين وستّمائة من مكّة، وله زاوية بالقرافة بقرب بركة الحبش، وكان معظما يزوره الوزير والأمراء ويحكون عَنْهُ أحوالًا ومكاشفات، وجدّه يكَنى أَبَا المنصور.(15/412)
578 - عَبْد اللّه بْن عليّ بْن إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن حسن بْن عطيّة، الإمامُ ناصرُ الدين ابن الإبياريّ، الإسكندريّ، المالكيّ. [الوفاة: 671 - 680 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاث عشرة، وسمع من الصّفْراويّ، وجعفر، ودرّس وأفتى وتفّنن، وولي القضاء مدة ثم عزل، ثم ولي ثُمَّ عُزِل، وكان ذا دين متين وورع وزُهد وشُهرة، أجاز للبرزالي.(15/412)
579 - عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زُهْرة بْن الْحَسَن بْن زُهْرة، البدر الحُسَينيّ، الحلبيّ، الشّيعيّ، أبو المحاسن، [الوفاة: 671 - 680 هـ]
أخو نقيب الأشراف بحلب عليّ بن الحسن.
سمع " جزء الوخشي " من الافتخار الهاشميّ، وُلِدَ فِي حدود سنة خمسٍ وستّمائة، وأجاز للِبرْزاليّ فِي سنة ثمانٍ وسبعين من حلب.(15/412)
580 - عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بن إسماعيل، الشيخ زين الدين الشافعي، [الوفاة: 671 - 680 هـ]
ابن قاضي الكرك. [ص:413]
مولده في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وسمع من الفخر ابن عساكر وغيره، كتب فِي إجازة ابن عَبْد الحميد في سنة ثمانين.(15/412)
581 - مُحَمَّد بْن عَليّ بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه، الشَّيْخ موفَّقُ الدّين ابن المحيي ابن قرناص الخُزاعيّ، الحمويّ، الشّافعيّ. [الوفاة: 671 - 680 هـ]
وُلِدَ فِي شعبان سنة أربعٍ وستّمائة بحماة، وأجاز للنّفريّ فِي سنة ثمان وسبعين، فذكر تحت خطّه أنّه سمع من الافتخار الهاشميّ، وابن الأستاذ وجماعة.(15/413)
582 - مُحَمَّد بْن مبارك بْن مقبل بْن الْحَسَن، الأديب، الرئيس، جمال الدّين الغسّانيّ، الحمصيّ، الشّاعر، [الوفاة: 671 - 680 هـ]
صاحب النَّظْم والنّثْر.
وكان أَبُوهُ وزيرًا من أجلاد الشّيعة وغُلاتهم.
وُلِدَ مُحَمَّد فِي يوم عيد الفِطْر سنة سبْعٍ وستّمائة، وأجاز فِي سنة ثمانٍ وسبعين.(15/413)
583 - ملكشاه بْن أبي الْحَسَن بْن محمود بْن الْحُسَيْن، بدر الدّين الدّمشقيّ، الحنبليّ، [الوفاة: 671 - 680 هـ]
نزيل بَعْلَبَكّ.
وُلِدَ سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وحجّ خمسًا وأربعين حَجّة، وجاور عشرين سنة بمكّة.
قَالَ الوجيه النّفريّ: ذكر أنّه سمع جميع " المُسْنَد " من حنبل، أجاز فِي سنة ثمان وسبعين وستمائة.(15/413)
584 - العزفي صاحب سبتة الفقيه، وهذا لقب له، أبو القاسم محمد ابن صاحب سَبْتَة الفقيه أبي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، اللّخْميّ، السّبْتيّ العَزَفيّ. [الوفاة: 671 - 680 هـ]
حكم على بلد سَبْتَة بعد أَبِيهِ فِي سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، فحدثني أبو الصّفا خليل بْن أَيْبَك الكاتب أنّ الإِمَام أَبَا حيّان حدّثه أن أَبَا القاسم هَذَا لم يؤدِّ طاعة لأحدٍ من ملوك المغرب، وساسَ بلدة أحسن سياسة بحيث لم يختلف عليه اثنان، ولم يتسمَّ بألقاب الملوك، إنّما يُقَالُ الفقيه وكان أبيض، رَبْعه، ذا شَيْبَة، شَهْمًا، عاقلًا، داهية، سائسًا لا يدخل سَبْتَة غريب إلّا بضامنٍ، ولا يخرج إلّا بإذن، ولا قتْل ولا قطْع إلّا فِي حدّ، ولا يدخل أحدٌ بلده راكبًا، وكان متواضعًا، قريبًا، يمرّ فِي الأزقَّة، ويسلّم ويسأل العامّة عن أحوالهم، [ص:414]
ويؤانس صبيانهم ويسألهم عمّا يشتغلون به من علمٍ أو صنعة، بقي الغرباء يرغبون فِي بلده، ويشترون به العقار، وكان عسكره أَهْل بلده قد جعلهم يتعلّمون الرَّمي وأجرى عليهم رِزقًا ولهم صنائع، وكان له مراكب يقاتل بها، وصاهر بني الرنداحي رؤساء البحر، وكانوا شجعانًا أجلادًا، فقوي أمره، حدَّث عن أَبِيهِ، وكان أَبُوهُ عالمًا بالحديث، وحدَّث أيضًا عن أبي القاسم بْن بَقِيّ، وأبي الرَّبِيع بْن سالم، كتب إِلَيَّ بالإجازة وألف كتاب " الدّرّ المنظّم فِي المولد المعظّم "، وكان يعمل بسَبْتَة المولد بخلاف سائر الأندلس، فإنّه لا يُعمل فيها سوى ميلاد عِيسَى تَبَعًا للنّصارى إِلَى أن قَالَ: وله نظْم.
قلت: امتدّت أيّام دولته وشاخ وبقي إِلَى سنة بضعٍ وسبعين وستّمائة.(15/413)
585 - أبو القاسم بْن أَحْمَد بْن طولون، المرائغي. [الوفاة: 671 - 680 هـ]
شيخ معمر،
ولد قبل سنة تسعين وخمسمائة، وصحِب الشَّيْخ أَبَا الْحَسَن بْن الصّبّاغ، وسمع منه الحديث، وكتب فِي إجازة ابن عَبْد الحميد، وكان من الصلحاء المشهورين.(15/414)
• - بنو مرين، [الوفاة: 671 - 680 هـ]
قبيلة كبيرة من عرب المغرب فيهم شجاعة مُفْرطة وإقدام.
كان مُقامهم بالرّيف الجنوبيّ من أرض تازة، ولمّا رأوا ضعف دولة بني عبد المؤمن نزعوا الطّاعة وتابعوا الغارة واستفحل أمرهم واقتلعوا فاس من الموحّدين واستولوا عليها فِي سنة تسعٍ وثلاثين وستّمائة، فأوّل من قام بالزّعامة منهم أبو بَكْر بْن عَبْد الحق بْن محيو بْن حمامة المرينيّ، ثُمَّ سار بعساكره وضايق بني عَبْد المؤمن إِلَى أن مات فِي سنة ثلاثٍ وخمسين، فتملّك بعده أخوه يعقوب بْن عَبْد الحقّ، فقوي أمره وكثُرت جيوشه، فحاصر أَبَا دبّوس إِلَى أن أَخَذَ منه مَرّاكِش، وزالت أيّام بني عَبْد المؤمن، ثم إنه افتتح سَبْتَة فِي سنة اثنتين وسبعين، ثُمَّ. . . . وتملّك بعده ابنه السّلطان يوسف بْن يعقوب، ودانت له الُأمم إِلَى أن قتل سنة ست وسبعمائة.(15/414)
-الطبقة التاسعة والستون 681 - 690 هـ(15/415)
بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم
-ذكر الحوادث الكائنة فِي هذه السنين العشر عَلَى الترتيب مختصرًا(15/417)
-سنة إحدى وثمانين وستمائة
سلطان مصر والشام، الملك المنصور وصاحب العراق وخُراسان وغير ذَلِكَ: أَحْمَد بْن هولاوو.
وفي صفر قبض المنصور بمصر عَلَى بدر الدين بَيْسَري وكُشْتُغْدي الشّمسيّ، فبقيا فِي السّجن تسعة أعوام.
وفيه ولي تدريس الأمينيّة القاضي شمس الدّين ابن خلكان.
وفي رجب نابَ فِي القضاء شمس الدّين الأبهري.
وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزَّمْلكَانيّ بعد موت ابن خَلِّكان، ودرَّس شمس الدين ابن الحريري بالفَرُّخْشاهيّة بعد موت الجمال يَحْيَى مدرِّسها.
قَالَ قُطْب الدّين: وفي أوائلها تسلطن الملك أَحْمَد وله نحو ثلاثين سنة، فأمر بإقامة شعائر الإِسْلَام وضرب الجزية عَلَى الذمة، ويُقال: إنه أسلم صغيراً وأبوه حي.
وفيها ولي الوزارة بمصر نجم الدّين ابن الأصفوني، وأصفون من قرى قوص، وولي قضاء القاهرة شهاب الدّين ابن الخُويي.
وفيها قدِم رسول الملك أَحْمَد، وهو بهاء الدين أتابك الروم، وشمس الدين ابن التيتي الآمِديّ، وقُطْب الدّين الشيرازيّ العلامة، وزاروا القدس، والخليل فِي طريقهم، وكان سيرهم فِي اللّيل.
وفي ليلة الإثنين حادي عشر رمضان احترقت اللبادين والكتبيين، [ص:418]
والخواتميين والزجاجين وبعض سوق الأساكفة والمرجانيّين وما فوق ذَلِكَ وما تحته من الأسواق والقياسير والفوّارة، وكان حريقًا عظيمًا مَهُولًا، ذهب فِيهِ من الأموال ما لا يُحصى ولم يحترق فِيهِ أحد، وأصله أنّ دكّان أولاد الجابي كانت إلى جنب دكّان أَبِي وعملوا مجمرة نار على العادة، ووضعت في البويت وخرج الخارج بزعجة، ودفع الكِساء الّذي يكون عَلَى الباب، فرمى المجمرة وأغلق الدّكّان وذهب للإفطار، فعملت النّار والنّاس فِي إفطارهم، واشتدّ الدُّخان وخرجت من الدكان قبل عشاء الآخرة، فعلقت بالسُّقوف العُتْق والبواري، واشتدّ عملها وعجزوا عَنْهَا، وجاء الوالي ونزل ملك الأمراء حسام الدّين لاجين، فأعجزتهم وقُضي الأمر، واستمرّت إلى نصف اللّيل، ولولا لُطف اللَّه لاحترق الجامع واجتهدوا فِي إطفائها بكلّ ممكن، ثمّ اهتمّ بذلك محيي الدّين ابن النّحّاس ناظر الجامع اهتمامًا لا مَزِيد عَلَيْهِ، وشرع فِي عمارته، فبني ذَلِكَ وتكامل فِي سنتين , وبعض ذَلِكَ وقف المارستان الصّغير.
قَالَ شمس الدين ابن الفخر: إن فخر الدين الكتبي أحرق لَهُ كُتُب بعشرة آلاف درهم، وأنّ الشّمس الكتبي - يعني الفاشوشة - ذهب لَهُ كُتُب ومالٌ فِي الحريق بما يقارب مائة ألف، قَالَ: وكان مُغَلّ الأملاك المحترقة - يعني الأوقاف - فِي السنة مائة ألف وأربعين ألف درهم.
قلت: وفُرقت هذه الأسواق، فعملوا سوق تجّار جَيْرون عَلَى باب دار الخشب، وسكن الزّجّاجون عند حمّام الصَّحن، وسكن الذَّهبيون فِي أماكن إلى أن تكامل البنيان وعادوا.(15/417)
-سنة اثنتين وثمانين وستمائة
فِي رجب قدِم السلطان الملك المنصور دمشق.
وفي صفر ولي مشيخة الإقراء بتربة أمّ الصّالح شيخنا جمال الدّين الفاضليّ، لموت العماد المّوْصِليّ وحضر عنده قاضي القُضاة ابن الصّائغ، والشيخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وخطب وذكر فضل القرآن، وبحثوا في الجمع وهل هو بدعة. [ص:419]
وفيها ولي حسبة دمشق جمال الدّين ابن صَصْرَى، وولي ابن عمّه الإِمَام نجم الدّين ابن صَصْرَى درس العادليّة الصُّغرى، نزل لَهُ عَنْهَا القاضي شرف الدّين ابن المقِدسيّ لمّا ولي الشامية الكبرى بعد أخيه، وولي نجم الدّين البَيْسانيّ نائب القاضي تدريس الرّواحيّة عوضاًَ عَنِ ابن المقدسيّ، لكونه صحَت له الشامية.(15/418)
-سنة ثلاث وثمانين وستمائة
فيها ولي سلطنة حماة الملك المظفَّر بعد موت المنصور والده.
وفي شعبان ليلة الرابع والعشرين منه نصف اللّيل كانت الزّيادة العظمى، توالت الرُّعود والبُرُوق وأرسلت السّماء عزاليها، وجاء سَيْل هائل، وطلع الماء فوق جسر باب الفَرَج قامة وأكثر، واشتد الأمر وغرق شيءٌ كثير من الخيل والجمال وبني آدم، وذهب للمصرييّن شيء كثير، وافتقروا، وراحت خِيَمُهم وأثقالهم، فذكر أستاذ دار بكتاش النِّجميّ أنّه هلك لأستاذه ما قيمته أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وخربت بيوت كثيرة وكانت فِي تشرين، فأخذت مصاطب السّفَرْجَل من الغياط.
وجاءت بعدها بأيامٍ يسيرة زيادة أخرى بدّعت فِي جبل الصّالحية، وحدث فِي الأرض أودية، وجَرَت الحجارة الجمالية، وانطمّت الأنهار، وسخّروا العامّة للعمل فِي الأنهار عند الرَّبْوة، وطلعتُ إلى الرَّبوة يومئذٍ مَعَ أَبِي، فطلع بنا إلى فوق الجنك، ولم يعمل شيئاً.
وَفِي شعبان ولي ولاية دمشق سيف الدّين طوغان المنصوري عوض الأمير ناصر الدّين الحرّانيّ، وأُعيد الصارم المطروحي إِلَى ولاية البر بدل طوغان.
وفيها عمل الدّرس ابن تيميّة شيخُنا بالقصّاعين فِي الحَرَم، وخضع العلماء لحُسن درسه، وحضره قاضي القضاة بهاء الدين، والشّيخ تاج الدّين، ووكيل بيت المال زين الدّين، وزين الدين المنجى، وجماعة، وجلس بجامع دمشق عَلَى كرسيّ أبِيهِ يوم الجمعة عاشر صفر، وشرع فِي تفسير القرآن من الفاتحة. [ص:420]
قال الشيخ تاج الدين فِي " تاريخه ": وعمل ابن تيميّة بالسُّكَّريّة درسًا حسناً، وكان يوماً مشهوداً.
قَالَ: وقدم الركْبِ وكان السّعر رخيصًا، قَالَ: حَدَّثَني نجم الدّين ابن أَبِي الطيب أنّه اشترى غرارة شعير بَعرَفات بخمسةٍ وثلاثين درهمًا.
وفيها درس بمقصورة الحنفية جلال الدين ولد القاضي حسام الدين بمعلومٍ على المصالح.
وفيها عزل الدويداري من الشّدّ بالأعسر وقُتِل.(15/419)
-سنة أربع وثمانين وستمائة
فِي أوّلها خرج الملك المنصور إلى الشام، ثمّ قصد حصار المَرْقَب فِي صفر، وتقدّمت المجانيق، ونازل الحصن فِي عاشر صفر، فلمّا انتهت ستارة المنجنيق المقابل لباب الحصن سقطت إلى بركةٍ كبيرة كَانَ عليها جماعة من أصحاب عَلَمِ الدّين الدّواداريّ، منهم أستاذ داره سنقر، فاستشهدوا، ثم طلب الإسْبتار الصُّلَح، فلم يُجبهم السّلطان ورماهم بالمنجنيق، وهدم بعض الأبرجة، واستمرّ الحصار إلى سادس عشر ربيع الأول، فزحف الجيش عَلَى المَرْقَب، فأذعنوا بتسليمه وراسلوا بذلك، فأُجيبوا، ثمّ رُفعت عَلَيْهِ أعلام السّلطان يوم الجمعة ثامن عشر الشّهر، وجهّز السّلطان معهم من وصَّلهم إلى أَنْطَرَطُوس، وكانت مَرَقية بالقُرب من المَرْقَب عَلَى البحر، وكان صاحبها قد بنى عَلَى البحر بُرجًا عظيمًا لا يناله النشّاب، فاتّفق حضور رُسُل صاحب طرابُلُس يطلب رضى السّلطان، فاقترح عَلَيْهِ خراب البرج المذكور وإحضار من أسره من الجبليين الّذين كانوا مَعَ صاحب جُبيل، فأحضر من كان حياً منهم، واعتذر عن البرج بأنه لَيْسَ لَهُ، فلم يقبل عُذْره، فقيل: إنّه اشتراه من صاحبه بمالٍ وعدّة قُرى وهدمه وحصل للاستيلاء عَلَى المَرْقَب ومَرَقية وبانياس، وعمروا ما تشعث من المرقب، وكان لبيت الإسبتار ولم يتهيأ للسّلطان صلاح الدّين فتحُه، وممّن شَهِد فتْحَه القاضي نجم الدّين ابن الشّيخ، وأخوه العِزّ، وشيخنا العِزّ ابن العماد، وشمس الدّين ابن الكمال، وابنه، وشمس الدّين ابن حمزة، وبلغني أنّ صلاح الدّين وقف عليهم جماعيل عَلَى أن يشهدوا الغزاة مَعَ المسلمين، فلهذا يخرجون في مثل هذه الغزوات.
وفي ثالث جمادى الأولى قدم السّلطان دمشق وزين البلد. [ص:421]
وعزل التّقيّ البيّع، وولي الوزارة محيي الدّين ابن النّحّاس، وعزل طوغان من الولاية بعزّ الدين ابن أبي الهيجاء.
وقدِم دمشقَ قبل المَرْقَب الملك المظفَّر تقيُّ الدّين الحَمويّ، فتلقّاه السّلطان، وبعث إلَيْهِ بالخِلعة والغاشية , فركب وحمل بين يديه الغاشية نائب السلطنة طرنطاي.
وفيها توجّه عَلَى قضاء حلب الإِمَام شمسُ الدِّين محمد بن مُحَمَّد بن بَهْرام.
واشتد القحط بالعراق وكثُر الظُّلم ونهبت الأكراد البوازيج وقتلوا النَّصارى.
وأغار عسكر الشام على بلاد الجزيرة وماردين.
وفيها ذكر صدر الدّين ابن الوكيل درسًا بالعذراوية ولي إعادتها، فقال الشيخ تاج الدّين: ذكر خطبة بديعة ودروسًا، ثمّ جاء هُوَ وأبوه إلى الحلقة فأعاد ما أورده.(15/420)
-سنة خمس وثمانين وستمائة
فيها صُرف ابن النّحّاس من الوزارة وأُعيد التقيُّ توبة.
وفيها أُعيد الدواداري إلى الشد.
وفيها أُخذت الكَرَك من الملك المسعود خضر ابن الملك الظّاهر رُكن الدّين، وذلك فِي صفر، ودُقّت البشائر.
وفيها درّس بالغزاليّة القاضي بدرُ الدّين ابن جماعة، انتزعها من شمس الدّين إمام الكلاسة نائب شمس الدّين الأيكي فِي تدريسها، ثمّ وليها الأيكي، وناب عَنْهُ فِي تدريسها جمال الدين الباجريقي.
وفي صفر جاءت زوبعة عظيمة بالغَسُولة إلى عيون القصب، فأتلفت أشياء كثيرة للجُنْد المجرَّدين مَعَ بكتوت العلائيّ، بحيث إنّها حملت خرْجًا ملآن نعال خيل.
وفيها نازلت الفرنج جزيرة مُيُورْقَة وحاصروها مدّة ورأس أهلها الحَكَم بْن سَعِيد بْن الحَكَم الَّذِي ذكرنا ترجمة أبِيهِ فِي سنة ثمانين، ثم سلّموها صلحًا، عَلَى أن يُعطوا عن كلّ آدميٍّ بها سبعة دنانير، فعجزوا وبقي أكثرهم فِي الأسر، وأمّا الّذين خلّصوا فأعطتهم الفرنج مركبين، فجاءوا مَعَ الحَكَم إلى [ص:422]
المَرية ثمّ إلى سَبْتة، فبالغ صاحبها فِي لم شعثهم وأكثر من الإحسان إليهم.
ثمّ إنّ الحَكَم قصد السّلطان أَبَا يعقوب المَرينيّ ليسأله فِي أسرى بلده، فأعطاه جملة، ثمّ جاز إلى غَرْناطة فأعطى ابن الأحمر مالاً، ثم ركب البحر قاصداً صاحب تونس وبجاية يطلب فِي الأسرى، فغرق بِهِ المركب، رحمه الله تعالى.
ومن تاريخ الشيخ تاج الدين: فيها عزم الدواداري على إحضار جماعة إلى دار العدل ليضربوا وليشهروا، منهم المجد المارداني والتاج الحيوان وابن السكاكري والعلاء ابن الزملكاني، وناصر الدين ابن المقدسي، والمحقق والفخر ابن الصيرفي. ثم ترك ذلك.(15/421)
-سنة ست وثمانين وستمائة
فِي المحرَّم دخل دمشقَ نائبُ المملكة حسام الدّين طُرُنْطاي فِي تجمُّل زائد لا يدخله إلًا ملك، ثمّ سار لحصار صهيون وبُرْزية وانتزاعهما من سُنْقُر الأشقر، وتوجّه معه الشّاميّون بالمجانيق، وقاسوا مشقَّةً وشدّة من الأوحال. وتهيّأ سُنْقُر الأشقر للحصار ونازله الجيش.
ثمّ توجّه بعد أيّام نائبُ دمشق حسام الدّين لاجين لحصار برزية، فافتتحه بلا كلْفة، ووجد فِيه خيلًا لسُنْقُر الأشقر، فلمّا أُخذ ضعُفَت همّة صاحبه، وأجاب إلى تسليم صهيون عَلَى شروطٍ يشترطها، فأجابه طُرُنْطاي وحَلَف لَهُ بما وثق بِهِ. ونزل بعد حصار شهر وأُعين عَلَى نقل ثقله بجمال وظَهْر وحضر بعياله ورخته فِي صُحْبة طُرُنْطاي إلى خدمة الملك المنصور، ووفى لَهُ طُرُنْطاي وذبّ عَنْهُ أشدّ ذَبّ، وأُعطي بمصر مائة فارس، وبقي وافر الحُرمة إلى آخر الدولة المنصورية.
وفي ربيع الأوّل قدم ابن الخُويّي عَلَى الشّام قاضيًا، وناب لَهُ الشّيْخ شَرَفُ الدّين ابن المقدسي.
وفي شعبان درّس صفيّ الدّين الهنديّ بالرّواحيّة.
وفيها طُلب السّيف أَحْمَد السّامرّيّ إلى مصر، فطلبوا منه أن يبيع للسلطان قرية جزرما، فقال: وقفتُها وكان ناصر الدّين ابن المقدسيّ قد سافر إلى مصر، فتحدّث مَعَ الشُّجاعيّ في أمر ابنة الملك الأشرف ابن العادل وأنّ أباها خلف لها أملاكا، ً فباعَتْها حالَ كَوْنها سفيهة تحت الحَجْر، فتكلّموا في ذلك [ص:423]
ليتمّ لهم سَفَهُها وتستعيد الأملاك، ثمّ يرشّدونها ويشترون منها بعد ذَلِكَ. فعملوا محضرًا، فشهد فِيهِ الزَّيْن والد عَبْد الحقّ- وكان يخدمها- وخادم يصبو عن القضيّة وطشْتدار. ثمّ ذكر القاضي زين الدين ابن مخلوف أنّ السّلطان شهِد عنده بذلك. ثمّ أحضروا السّامرّي وأثبتوا المحضر فِي وجهه، وأبطلوا ما اشتراه منها، وذلك ربع جِزرما. ثمّ ادَّعوا عَلَيْهِ بالمُغلّ، فأخذوا منه حصّته بالزّنبقية وهي سبعة عشر سهمًا، وأخذوا منه مائة ألف درهم، وتركوه مُعْثِرًا. ثمّ طلبوا شريكه فِي جزرما نصر الدّين ابن الوجيه بْن سُوَيد، وشرعوا فِي طلب رؤساء دمشق فِي مثل ذَلِكَ. فسار عَلَى البريد عزّ الدّين ابن القلانسي، وشمس الدين بن يمن.
ودرس بدار الحديث القوصية " مختصر النواوي ".(15/422)
-سنة سبع وثمانين وستمائة
فِي أوّلها طُلب القاضي حسام الدّين الحنفيّ والتقي البيّع الوزير وشمس الدين ابن غانم وجمال الدين ابن صصرى والنصير ابن سُوَيد، فراحوا إلى مصر على البريد، فأخذ الشجاعيّ يتهدّدهم ويضرب بحضرتهم ليُرعبهم، ثمّ يَقُولُ: ارحموا نفوسكم واحملوا. فيقولون: ما لنا من يُقرضنا هنا. فقِّرر علينا ما ترسم بِهِ. فلم يقبل وأحضر لهم تجارًا كالمجد معالي الجزري والشهاب ابن كويك، والنجم ابن الدّمامينيّ، وأمرهم بأن يحملوا عن المصادَرين، ويكتبوا عليهم وثائق، فأخذ من عزّ الدّين ابن القلانسيّ مائة وخمسين ألفًا، ومن ابن صَصْرَى أملاكاً ودراهم تكملة ثلاثمائة ألف درهم، ومن التّقيّ توبة نحو ذَلِكَ، ومن ابن سُوَيد ثلاثين ألفًا، ومن ابن غانم خمسة آلاف درهم، ومن حسام الدّين بحسب البِرْكة ثلاثة آلاف درهم، ومن ابن يُمْن أملاكاً بمائةٍ وسبعين ألف درهم، فتعامل هَؤُلَاءِ والمصريّون عَلَى نكاية الشُّجاعيّ، وكان يؤذي الجمال ابن الجوجري الكاتب، فحضر إلى عند طرنطية، فقال لَهُ سِرًّا: تقدر ترافع الشُّجاعيّ؟ قَالَ: نعم. فدخل بِهِ إلى السّلطان، فعرفه السّلطان، وسأله عن حاله فقال: لم أزل فِي دولة مولانا السّلطان بطّالًا ومُصادرًا. فرق لَهُ وذَمّ الشُّجاعيّ لكونه لم يستخدمه، فتكلّم ورافع الشُّجاعي، فأصغى إلَيْهِ، وطلب الشّجاعيَّ فَعَصَره بين يديه، فحمل إلى الخزانة فِي يومٍ واحد سبعة وعشرين ألف دينار، ثمّ باع من بَرْكه وخَيله وكمّل خمسين ألفً [ص:424]
دينار، وعزله وولّى الوزارة بدر الدّين بَيْدرة , وقدم الدّمشقيّون وأرضوهم بأن ولّوا نظرَ الدّيوان جمال الدين ابن صصرى وأعطوا الحسبة لشرف الدين أحمد ابن الشَّيْرجيّ وقدِم بعدهم ابن المقدسيّ بالوكالة ونظر الأوقاف.
وفي رمضان أُمسك النصراني كاتب كجكن مَعَ مُسْلمة يشربان بالنّهار، فبذل فِي نفسه جملةً، ودافع عَنْهُ مخدومه، فلم ينفع وأُحرِق بسُوق الخيل، وقُطع من أنف المرأة، وحصل فيها شفاعات لملاحتها.
وفيها فِي ربيع الآخر صلّى بالنّاس الجمعة بجامع دمشق خطيبه جمال الدّين ابن عَبْد الكافي، فأحدث في الركعة الأولى، فاستخلف نجم الدّين مؤذّن النجيبيّ، فتمّم الصّلاة وصلّى الناس الجمعة خلف إمامين.
وفي رمضان درّس بالقَيْمُرِيّة القاضي علاءُ الدّين ابن بِنْت الأعزّ، بحُكْم انتقال مدرسّها ابن جماعة إلى خطابة القدس.
وفيها وُلي شَرَفُ الدّين ابن الشَّيْرجيّ حسَّبة دمشق بعد جمال الدين ابن صَصْرَى، ثمّ عُزِل بعد أشهر بابن السَّلْعُوس الذي توزَّر.
وفيها أُخِذت عَلَى جسر باب الفراديس دكاكين وأُكْريَت سوقًا، ثمّ بعد مُدَيدة عُمل عَلَى جسر باب السّلامة كذلك، ثمّ بعد خمسين سنة عمل سوقٌ على جسر باب الفرج، وفي داخل الباب.
وفيها قدِم جمال الدّين الزَّواوي قاضيًا للمالكيّة.(15/423)
-سنة ثمان وثمانين وستمائة
مات البِرِنْس صاحب طرابُلُس إلى لعنة اللَّه، فبادر السلطان الملك المنصور مُسِرّاً حصارها، وقدم دمشق، وسار فنازلها فِي أوّل ربيع الأول، ونصب عليها المجانيق، وحُفِرت النُّقوب ودام الحصْر إلى أنْ أخذها بالسّيف فِي رابع ربيع الآخر. وغرق خلْق فِي الميناء، وأُخِذ منها ما لا يوصف، سوى ما نجا فِي البحر، ثم أُحرقت وأُخرب سورها، وكان سورا منيعا محكما عديم المثل، وكانت من أحسن المدن وأطيبها، ثم بعد ذلك اتخذوا مكانا على ميل من البلد، وبنوه مدينة صغيرة بلا سور، فجاء مكانا رديء الهواء والمزاج، ثم تسلم السلطان حصن أنفه، وكان لصاحب طرابلس، فأمر بتخريبه، وتسلم السلطان البثرون، وجميع ما هناك من الحصون، وأنشأ تاج الدين ابن الأثير بأمر السلطان كتابا إلى صاحب اليمن بالبشارة أعز الله نصرة المقام العالي [ص:425]
السلطاني الملكي المظفري الشمسي، وهو كتاب مليح ذكر فيه أن طرابلس فتحت في إمرة معاوية، وتنقلت في أيدي الملوك، وعظمت في زمن بني عمار، فلما كان في آخر المائة الخامسة ظهرت طوائف الفرنج بالشام، واستولوا على البلاد، فامتنعت عليهم طرابلس مدة، ثم ملكوها في سنة ثلاث وخمسمائة، واستمرت في أيديهم إلى الآن.
وما أحسن ما قَالَ في بشارة صاحب اليمن، وكانت الخلفاء والملوك في ذلك الوقت ما فيهم إلا من هو مشغول بنفسه مكب على مجلس أنسه، يرى السلامة غنيمة، وإذا عن له وصف الحرب لم يسلك إلا عن طرق الهزيمة، قد بلغ أمله من الرتبة، وقنع بالسكة والخطبة، أموال تنهب، وممالك تذهب، لا يبالون بما سلبوا، وهم كما قيل:
إن قاتلوا قتلوا أو طاردوا طردوا ... أو حاربوا حربوا أو غالبوا غلبوا
إلى أن أوجد الله من نصر دينه وأذل الكفر وشياطينه.
وذكر شرف الدين محمد بن موسى القدسي الكاتب في السيرة المنصورية أن طرابلس عبارة عن ثلاثة حصون مجتمعة باللسان الرومي، وكان فتحها على يد سفيان بن مجيب الأزدي، بعثه لحصارها معاوية في خلافة عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فبنى بالمرج عن أميال منها حصنا سمي به، وقطع الواصل عنها برا وبحرا، وكان يجلب عليها خيلا ورجلا في النهار، ثم يأوي إلى حصنه في الليل، فكتبوا إلى ملك الروم لينجدهم، أو يبعث لهم مراكب للهزيمة، فبعث إليهم مراكب، فهربوا بالليل، فأصبح الحصن خاليا فكتب سفيان إلى معاوية فأسكنه جماعة من اليهود، فنقضوا العهد أيام عبد الملك بن مروان، ثم قَالَ: هذا حكاه المدائني عن عباد بن إبراهيم، وذكر أسامة بن منقذ أنها انتقلت إلى ملوك الشام إلى أن ملك المصريون الشام، فدخل فيما ملكوه، ثم تغلب عليه جلال الملك محمد بن عمار القاضي، فأخرج عامل المصريين منه، ثم تملكه بعده أخوه فخر الملك، ثم قصدها الفرنج في سنة اثنتين وخمسمائة، وأخذوها بعد مطاولة، وكان المنازل لها ابن صنجيل، فقصد فخر الملك بغداد في البحر مستنجدا بالسلطان محمد بن ملكشاه، واستخلف في الحصن ابنَ عمّه، فأضاع الحزم وتشاغل عن القتال، فسأل أهل الحصن الأمان فأُجيبوا، ولم يزل بيد الفرنج إلى الآن. [ص:426]
وقال قُطْب الدّين: حُكي لي أنّ سبب أخْذ الفرنج لها أنّ ابن صَنْجيل جرى لَهُ أمرٌ أوجب خروجه عن بلاده، فركب البحر، وثجج فِيهِ، وتوقّفت عَلَيْهِ الرّيح، ثم رماه الموج إلى الساحل، فنزل بساحل طرابُلس، فسيَّر إلَيْهِ ابن عمّار يسأله عن أمره، فأخبره بأنّه نزل يستريح ويتزوَّد، وسأله أن يُخرج إلَيْهِ سُوقًا، فخرج إلَيْهِ جماعة فبايعوه وكسبوا عَلَيْهِ. ثمّ نزل إلَيْهِ أهل جُبَّة بشرِّي، وهم نصارى فبايعوه، وعرّفوه أمرَ طَرابُلُس، وأنّ الرّعيّة نصارى، وأنّ صاحبه متغلّب عَلَيْهِ، وحسّنوا لَهُ المقام، ووعدوه بالمساعدة عَلَى أخْذه، فأقام. وحضر إلَيْهِ خلقٌ من نصارى البلاد، وعجز ابن عمّار عن ترحيله. ثمّ بنى ابن صَنْجيل الحصنَ المشهور بِهِ الّتي بُنيت طرابُلُس المنصوريّة تحته، وأقام بِهِ واستولى عَلَى بَرّ طرابُلُس، ولم يزل مُصابرًا لها، وكلّما لَهُ يقوى ويكثُر جَمْعُه، ويضعُف أهل البلد، ولا ينجد ابن عمّار أحدٌ، ثمّ حصل الاتّفاق عَلَى أنّه يخرج منها بجميع ماله إلى عِرْقة، فخرج إليها وأقام بها مدّةً ثمّ فارقها. وقوي شأن الفرنج بالسّاحل. ثمّ صلْح أمر ابن صَنْجِيل فِي بلاده التي بالبحر، وتوجّه إليها واستناب عَلَى طرابُلُس بيْمُنْد جدّ صاحبها.
ثمّ مات ابن صَنْجِيل وترك بنتًا، فكان بيْمُنْد يحمل إليها كلّ وقتٍ شيئًا إلى أن مات، وقام بعده ولده بيْمُند الأعور، فاستقلّ بمملكتها.، وكان شهمًا شجاعًا وطالت أيّامه، ثمّ تملّك بعده ولده بيْمُنْد، ولم يزل إلى حين تُوُفّي، وكان جميل الصورة، جاء إلى التّتار أيام هولاوو، فقدِم بَعْلَبَكّ وطمع أن يُعطاها، فطلع إلى قلعتها ودارَها، ونازل الملكُ الظّاهر بلَدَه مرّتين، وكان ابن بِنْت صاحب سِيس وبيده أيضًا أنطاكية، فهلك وتملّك بعده ابنهُ، فلم تطُلْ مدّته وهلك وتملك بعده " سير بلمه ". وعندما أُخِذت طرابُلُس قصد الميناء فقيل: إنّه غرِق، وقيل: نجا.
وذكر القاضي شمس الدّين ابن خلَّكان أنّ الفرنج أخذت طرابُلُس فِي ثاني عشر ذي الحجّة ,، وكان صاحبها فخر المُلْك عمّار بْن مُحَمَّد بْن عمّار قد [ص:427]
صبر عَلَى محاصرته سبع سِنين، واشتدّ الغلاء، فخرج منها وقصد بغداد طالباً للإنجاد.
وللشهاب محمود أبقاه اللَّه.
علينا لمن أولاك نِعمتَه الشُّكْرُ ... لأنّك للإسلام يا سيفَه ذخر
ومِنّا لك الإخلاص فِي صالح الدُّعا ... إلى من لَهُ فِي أمر نُصْرتك الأمرُ
ألا هكذا يا وارث الملك فليكن ... جهاد العدى لا ما تولى بِهِ الدَّهرُ
فإنْ يكُ قد فاتَتْك بدْرٌ، فهذه ... بما أنزل الرحمن من نصره بدرُ
نَهضْتَ إلى عَلْيا طرابُلُس التي ... أقَلّ عناها أنَّ خَنْدَقَها بحرُ
وقد ضمّها كالطَّوْق إلّا بقيّة ... كنحر وأنت السّيفُ لاح لَهُ نحرُ
مُمَنَّعَةٌ بِكْرٌ، وهل فِي جميع ما ... تَمّلكْتَهُ إلّا مُمَنَّعَةٌ بِكْرُ؟
ومن دون سورَيها عُقاب منيعة ... يزلّ إذا ما رام أوطاءها الذر
وما برحت ثغرا ولكن عدا العدى ... عليها بحُكم الدَّهر فانثغر الثغرُ
وكانت بدار العلم تُعرفُ قبل ذا ... فمن أجل ذا للسّيف فِي نظْمها نَثْرُ
وكم مَرّ من دهْرٍ وما مسّها أذًى ... وكم راح من عصرٍ وما راعها حصْرُ
ففاجأتها بالجيش كالموج فانثنَتْ ... تميدُ وقد أربى عَلَى بحرها البرُ
فظلت لدى بَحْرَيْن أنكاهما لها ... وأقتله العذب الذي جره مصر
منها:
كأنّ المجانيق التي أوترت ضُحى ... عليها لها فِي شُمّ أبراجها وَترُ
أصابعُها تُومِي إليهم ليسجدوا ... فتقبّل منها دون سكّانها الْجُدُرُ
ويُمطرها من كلّ قَطْر حجارةً ... لقد خاب قومٌ جادَهُم ذَلِكَ القَطْرُ
تخلَّقَ وجْهُ السُّور منهم كأنّما ... غَدَت وعليها فِي الّذي فَعَلْتَ نذرُ
منها:
وأطلقتَ فيها طائر السَّيفِ فاغْتَدَى ... وليس لَهُ إلا رؤوسهم وَكْرُ
ولاذُوا بباب البحر منك فما نجا ... إلَيْهِ سوى مَن جرّه من دمٍ نهرُ
ولم ينج إلّا من يخبّر قومه ... ليدروا وإلا من تغمَّده الأسرُ
فللَّه كم بيضٍ وسُمْرٍ كواعب ... عَلَى رغمهم قد حازت البيض والسمر [ص:428]
وفي هُلْكهم يوم الثُّلاثاء إشارةٌ ... إلى أنّ في الدارين تثليثهم خسر
منها:
وماذا بِهِ يُثْني عليك مُفَوَّهٌ ... ولا قدرهُ يأتي بذاك ولا قدر
ولكن دعاء وابتهال بأنه ... يعز على رغم الأعادي لك النَّصر
وهي بضعةٌ وستّون بيتًا انتقيتها.
وعمل قصيدةً فِي ملك الأمراء لاجين وقصيدة فِي ملك الأمراء بلَبان الطّبّاخيّ.
وذكر سيف الدّين ابن المحفّدار أنّ عدّة المجانيق التي نُصبت عليها تسعة عشر منجنيقًا، ستّة إفرنجية والباقي قُرابُغا. والّذي تسلّمناه من الأسرى ألف ومائتا أسير، وقُتل عليها من الأمراء عزّ الدّين مَعن، ورُكن الدّين منكورس الفارقانيّ، ومن الحلقة خمسة وخمسون نفْسًا، وقال: عرض سُورها مسير ثلاثة خيّالة.
ونقل العدْل شمس الدّين الْجَزَريُّ فِي " تاريخه " قَالَ: قدم بطْريق وجماعته فِي أيّام عَبْد الملك بْن مروان فطلب أن يقيم بطرابلُس ويؤدّي الجزية، فأُجيب. فلبث بها مدّة سنتين وتوثَّب بها، فقتل طائفة من اليهود وأسر طائفة من الْجُنْد، وهرب لمّا لم يتمّ لَهُ الأمر؛ فظفر بِهِ عَبْد الملك فصلبه. ثمّ لم تزل فِي أيدي المسلمين إلى أنْ ملكها ابن عمّار، إلى أن مات سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة ومَلَكها بعده أخوه فخرُ المُلْك. فَلَمَّا أخذت الفرنج أنطاكية في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، نزل الملك صَنْجيل بجُموعه عليها، واسمه ميمون، نازلها فِي سنة خمسٍ وتسعين وعمّر قبالتها حصنًا وضايقها مدّة، ثمّ خرج صاحبها يستنجد في سنة إحدى وخمسمائة، فاستناب ابن عمّه أَبَا المناقب، ورتّب معه سعدَ الدّولة فتيان بْن الأعزّ، فجلس يومًا فشرع يهذي [ص:429]
ويتجنّن، فنهاه سعد الدّولة فرماه بالسّيف فقتله، فأمسكه الأمراء ونادوا بشعار الأفضل أمير الجيوش سلطان مصر وحموا البلد إلى أن مات صَنْجِيل. ثمّ ما زال جُنده يحاصرونها إلى أنْ أخذوها فِي ذي الحجّة سنة اثنتين، وتوّلاها السّرْدانيّ، مقدَّم منهم، فوصل بعد مدّة تيران بْن صَنْجِيل، ومعه طائفة من جُند أبيه، فقالوا للسرداني: هذا ولد صَنْجِيل، وهو يريد مدينة والده يعني الحصن. فقام السّردانيّ ورفسه، فأخذه أعوانه وداروا بِهِ عَلَى أعيان الفرنج، فرحموه وتذكّروا الأيْمان الّتي حلفوها لأبيه وقالوا: إذا كَانَ غدًا فاحضرْ، ونحن نتكلّم مَعَ السّردانيّ، فلمّا حضر عنده كلّمه، فصاح عليه السرداني، فقاموا كلّهم عَلَيْهِ، وخلعوه وملّكوا الصَّبيّ، فأقام مِلكاً إلى أن قتله برواج في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. واستخلف عَلَى البلد ولده القُومص بدران إلى أن أسره الأتابك زنكي بْن آقسُنْقُر بقرب بَعْرين، ثمّ فَدَى نفسه بمالٍ، وعاد إلى طرابُلُس، ثمّ وثبت عَلَيْهِ الإسماعيليّة قتلوه , وولي بعده ريمُنْد، وهو صبيّ. ثمّ إنهّ حضر الوقعة مَعَ السّلطان نور الدّين فِي سنة تسعٍ وخمسين عَلَى حارِم، فأبقى عَلَيْهِ صلاح الدين لأنه كان مهادناً للمسلمين.
قَالَ الْجَزَري: وفيها احتاط الشجاعيّ بدمشق عَلَى حواصل التقيّ البيّع وصادره، ثمّ طرح أملاكه. وأخشابه عَلَى الرؤساء بثلاثة أثمان، وهرب جماعة من المصادرة منهم أَبِي وإخوتي وغبْنا عن البلد شهرًا، وتغيّب عزّ الدّين ابن القلانِسيّ، ثمّ طالبوا نجم الدّين عبّاس الجوهري بمُغَلّ ضيعة كان اشتراها من بنت الأشرف بالبقاع، فأعطاهم جوهرًا قيمته ثمانون ألف درهم، فقالوا: نَحْنُ نريد دراهم وألحّوا عَلَيْهِ، فنزل إلى مدرسته، وحفر فِي دِهليزها، فأخرج لَهُ خونجاه ذهب مرصَّعة بجواهر، فقِّومت بأربعمائة ألف. [ص:430]
ثمّ سافر السّلطان من دمشق فِي شعبان والقلوب فِي غاية الألم منه، وأخذ معه التّقيّ توبة مقيّدًا إلى حمراء بَيْسان، فمرّ طرنطاي وكتْبُغا عَلَى الزَّرَدْخاناه وبها التّقيّ توبة، فلم يكلّموه، فصاح وشتم وقَالَ: والكم يا أولاد الزّنا، أَنَا ضيّعتُ دنياي وآخرتي لأجلكم، وأنا شيخ كبير فِي القيد، وقد أخذوا جميع ما أملك، هذا جزاء خدمتي؟ فضحكوا، ثمّ إنّهم كلّموا السّلطان فِيهِ، وضمنوه أنّه لا يهرب، فأطلقه وأخذوه. ولم يكن الشجاعيّ حاضراً.
قَالَ شمس الدّين: وفي أوّل السّنة سافر ابن السَّلعوس إلى مخدومه الملك الأشرف، فاستناب عَنْهُ فِي الحِسْبة تاجَ الدّين ابن الشّيرازيّ.
وفي ربيع الآخر وُلّي الحسبة الجمالُ يوسف أخو الصّاحب تقيّ الدّين، فلمّا احتاطوا عَلَى تقيّ الدّين أعادوا ابْن الشّيرازيّ إلى الحسبة مستقلا.
وفيها حجّ برَكْب الشّام زين الدّين غلبك.
وفيها قدم دمشق الواعظ نجمُ الدّين ابن البُزُوريّ ووالدُه، ووعظ عَلَى باب مشهد عليّ مرّات وحضره الخلّق، وكان رأسًا فِي الوعْظ.(15/424)
-سنة تسع وثمانين وستمائة
فيها ثارت عرب الصَّعيد، فسار لتسكين الأهواء نائب السّلطنة طرنطاي، فسكّنهم وأخذ خلقًا من أعيانهم رهائن، وأخذ سائر أسلحتهم، وأكثر خيولهم، وأحضر الجميع إلى القاهرة. فكانت أسلحتهم عدّة أحمال.
وفيها عاد عزّ الدّين أيْبك الأفرم من بلاد السودان برقيقٍ كثير وفيل صغير.
وفيها درسّ الشيخ صفيّ الدّين الهنديّ بالدَّولعيَّة وعلاء الدّين ابن القاضي تاج الدّين ابن بِنْت الأعزّ بالظّاهرية بعد خنق رشيد الدّين الفارقي.
ودرّس تقيّ الدّين ابن الزّكي بالتَّقويّة بالخِلْعة والطَّيْلَسان من جهة صاحب حماة، ودرّس بدر الدين أبو اليسر ابن الصائغ بالعمادية.
وفي جمادى الآخرة رتِّب خطيبًا بالجامع الأمويّ العلامة زين الدين ابن المرحل الوكيل، فتكلّموا فِيهِ، حتّى قَالُوا إنّه يلْحن في الفاتحة ولا يحفظ الختمة واستفتوا عَلَيْهِ، ثمّ استمر وأوذيّ من تكلّم فِيهِ واستمرّ فِي الخطابة [ص:431]
وكان من بُلغاء الخطباء وكبار الأئمة، فاستقرّ على رغم من ناوأه.
وفيه ولي القضاء شرف الدين الحسن ابن الشَّرف الحنبليّ بعد ابن عمّه القاضي نجم الدين.
ووُلّي تدريس الجوزيّة القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان والخطابة بالجبل ولد المُتَوفي القاضي نجم الدّين.
وفيها قررت الأخباز بأطرابلس، واستخدام بها ستمائة فارس.
وفيها مُسِك الأمير سيف الدّين جرمك النّاصريّ.
ومُسِك شمس الدّين ابن السَّلعُوس وحُبس مُدَيدة، ثم أفرج عَنْهُ بمصر ولزِم بيته وسار مع الركب المصري وحج.
وفيها ولي نظر الجامع وجيه الدّين ابن المنجى.
وفيها قُبض عَلَى ناصر الدّين ابن المقدِسيّ واعتقُل بالعَذْراويّة، ثمّ شنق نفسه والظّاهر أنّه شُنق لأنّه طلب إلى مصر، فخافوا من مرافعته وبتّوه، وكان ظالمًا مرافعًا، فقيهًا فِي فتح أبواب الشر والحيل، سامحه الله.
وفيها ولي نيابة غزّة أحد أمراء دمشق عزّ الدين الموصلي.
وفي رجب وقع حريق كبير بدرب اللّبّان، واتّصل بدرب الوزير بدمشق واحترقت دار صاحب حماة بحماة، وعملت النّار فيها يومين، وكان هُوَ فِي الصَّيد وراح فيها من الأموال والمتاع ما لا يوصف.
وفيها درّس بأمّ الصّالح بعد ناصر الدّين ابن المقدسيّ إمامً الدّين القزوينيّ الّذي وُلّي القضاء.
وفيها قدِم عكا طائفةٌ من الفرنج غتمٌ، فثاروا بها وقتلوا من بها من التّجّار المسلمين.
ودرس بالرواحية البدر أحمد ابن ناصر الدّين المقدسيّ المشنوق بعد والده ولم يكن أهلًا لذلك، بل فعلوا ذَلِكَ تطييبًا لقلبه.
وفي شوّال توجّه الأمير المُشد شمس الدّين الأعسر إلى وادي مربّين من البقاع لقطع الأخشاب للمجانيق، فقطع منها ما يحار فِيهِ النّاظر من عِظمه وطُوله وجرّها إلى دمشق وسُخّرت الأبقار والرّجال وقاسى الخلْق مَشَاقًا لا توصف , وهي خشب صَنَوْبر، غرِم عَلَى كل عودٍ منها جملة، حتّى قَالَ من لَهُ خبرة من وُلاة النّواحي: ناب العُودَ منها خمسون ألفاً. [ص:432]
وفيها خرج من دمشق المحمل والسّبيل مَعَ الزُّوباشيّ وعزم السّلطان عَلَى الحجّ، فلمّا بلغه نكْث أهل عكّا غضب واهتمّ لغزوهم وضرب الدَّهْليز بظاهر القاهرة. وأخذ فِي التأهُب، وخرج إلى الدَّهليز، وهو متوعَّك فِي شوّال، ثمّ مرض ومات في ذي القعدة.
وجاءت الأخشاب المذكورة إلى المِزّة، ثمّ شُحِطت إلى الميادين، وكانت منظرًا مُهولًا، وقد رُبّع سفْل العُود وسُفّط، وهو نحو ذراع وثُلث بالنّجار وأكثر. ثمّ رأوا أنها لا تنفع للمنجنيق، فلما ولي الشّجاعيّ نيابة دمشق أدخل بعضها فِي عمارة دار السّلطنة بالقلعة، ثم نشر بعضها، وعُمِل منه أبواب الجامع التي فِي الرواق الثالث.
وفي ذي القعدة أمسك الأمير بدر الدّين المسعوديّ بدمشق نائب الخَزْندار، وأمسك مخدومة طرنطاي فِي ذي القعدة فِي أواخره بمصر، وبُسِط عليه العذاب إلى أن تلف.
وخُطب للملك الأشرف صلاح الدّين يوم تاسع عشر ذي القعدة بدمشق.
ثمّ جاء مرسوم لتاج الدّين ابن الشّيرازيّ بوكالة بيت المال مُضافًا إلى الحسْبة.
وطُلِبَ الأمير بكتوت العلائيّ إلى مصر وأُكرم.
وتوجَّه صاحب حماة إلى مصر مهنئًا فِي ذي الحجة، وخُلِعَ عَلَى مُعين الدّين ابن المغُيْزل، وولاه تدريس التقوية.
واشتدّ البلاء بالعراق بدولة اليهود الّتي من سعد الدولة الطبيب وآذوا الرعية.
وخرِب للحجّاج قيمةٌ كبيرة بمكّة، وقتل نحو أربعين نفساً.(15/430)
-سنة تسعين وستمائة
دخلت وسلطان الإِسْلَام الملك الأشرف، وقد فوَّض الوزارة إلى الصّاحب شمس الدّين ابن السَّلْعُوس، وهو فِي الحجّ، ثم وَصَلَتْه الأخبار فأسرع المجيء عَلَى الهُجُن ونائب المملكة بدر الدّين بيدرا.
فتح عكّا
ولمّا استقرّ السّلطان فِي المُلك اهتمّ بإتمام ما شرع فِيهِ والدُه من قصْد عكّا. فسار بالجيوش من مصر فِي ثالث ربيع الأوّل ونزل عليها فِي رابع ربيع [ص:433]
الآخر، وهو خامس نَيْسان وجاءت إلَيْهِ جيوش الشّام بأسرها وأُمم لا يحصيهم إلّا اللَّه تعالى، من المطوِّعة والمتفرّجة والسُّوقية، فكانوا فِي قدر الْجُنْد مرّات.
ونصب عليها خمسة عشر منجنيقًا إفرنجيًا، منها ما يرمي بقنطار بالدّمشقي ومن المجانيق القرابغا وغيرها عدد كثير. وشرعوا فِي النُّقوب واجتهدوا فِي الحصار، ووقع الْجِدّ من الفريقين، وأنجد أهلها صاحبُ قبرس بوكه بْن سيروك بنفسه. وليلة قدومه عليهم أشعلوا نيرانًا وشمعًا عظيمًا فَرَحًا بِهِ، فأقام عندهم ثلاثة أيام ثم ركب في البحر وأقلع لما شاهد من هول ما أحيط بهم، ولما رَأَى من ضَعْفهم وانحلال أمرهم. وشرع أهلها فِي الهرب فِي البحر، ولم يزل الأمر فِي جدٍّ حتّى هدّمت المجانيق شُرُفات الأبراج، وكملت النقوب عليها، وعلّقت الأسوار، وأضرمت في أسافلها النار، واستشهد عليه خلقٌ من المسلمين، وثبت الفرنج ثباتًا كُلّيًا.
وعند مُنازلتها نودي فِي دمشق: من أراد أن يسمع " الْبُخَارِيّ " فلْيحضر إلى الجامع. فاجتمع خلقٌ وقرأ فِيهِ الشّيْخ شرف الدّين الفزاريّ، وحضر قاضي القضاة ونائبه ونجم الدين بْن مكي وعز الدّين الفارُوثي، وكان السّماع عَلَى جماعة.
وفي ثامن جمادى الأولى حصل تشويش عَلَى عكّا، وهو أن الأمير عَلَم الدّين الحَمَويّ أَبُو خرص أتى إلى نائب دمشق لاجين فقال: السّلطان يريد أن يمسكك. فخاف وجمع ثِقْله وطُلُبَه فِي الليل وشرع فِي الهروب، فشعر بِهِ عَلَم الدّين الدّواداريّ، فجاء وردّه وقال: بالله لا تكن سبب هلاك المسلمين، فإنّ الفرنج إنْ علموا بهروبك قووا عَلَى المسلمين. فرجع. ثمّ طلبه السّلطان من الغد وخلع عَلَيْهِ وطمّنه، ثمّ أمسكه بعد يومين وقيدة وبعث بِهِ إلى مصر وأمسك معه ركن الدّين تقصوه، وهو حَمْوهُ وأمسك قبلهما بيومين ثلاثة أَبَا خرص وقيّده، واستناب عَلَى دمشق علم الدين الشجاعي.
ثمّ هيأ السّلطان أسباب الزحف ورتّب كوسات عظيمة، فكانت ثلاثمائة حِمْل، وزحف عليها سَحَر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى بسائر الجيش.
، وكان للكوسات أصوات مَهُولة، وانقلبت لها الدنيا، فحين لاصق الجيش الأسوار هرب الفرنج ونصبت الأعلام الأشرفية عَلَى الأسوار مَعَ طلوع الشمس وبُذل السّيف، ولم يمض ثلاث ساعات من النّهار ألا وقد استولى المسلمون عليها ودخلوها من أقطارها، وطلب الفرنج جهة البحر، فقُتل من [ص:434]
أُدرك منهم، وأسهل القتْل والأسر والسَّبْي عَلَى سائر أهلها. وعصت الدِّيوية والإسبتار والأمن فِي أربعة أبرجة شواهق فِي وسط البلد، فحُصروا فيها، ثم طلبوا الأمان من الغد، فأمّنهم السّلطان وسيَّر لهم سنجقًا، فنصبوه عَلَى برُجهم وفتحوا الباب، فطلع إليهم الأجناد وبعض الأمراء وتعرّضوا لهم بالنَّهب وأخْذ النّساء، فغلّق الفرنج الأبواب ورموا السَّنْجق، وقتلوا طائفة من الْجُنْد، وقتلوا الأمير آقْبُغا المنصوري. وعاودهم الحصار، ونزل إسبتار الأمن بالأمان عَلَى يد زين الدّين كتبُغا الَّذِي تسلطن.
وفي يوم الثالث من الفتح طلب الدّيويّة الأمان وكذا الإسبتار، فأمّنهم السّلطان وخرجوا، ثم نكث وقتل منهم فوق الألفين وأسر مثلهم وساق إلى باب الدِّهليز فوق الألف من نسائهم وصبيانهم. فلمّا رَأَى من تبقّى فِي أحد الأبرجة ما جرى تحالفوا عَلَى الموت، وامتنعوا من قبول الأمان، وقاتلوا أشد قتال، وتخطّفوا خمسة من المسلمين ورموهم من أعلى بالبرج، فسلم واحدٌ ومات أربعة. وأُخِذ هذا البرج يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من جمادى الأولى بالأمان، وكان قد نُقب وعلِّق من نواحيه، فلمّا نزل منه وحوّل أكثر ما فِيهِ سقط عَلَى جماعة من المتفرّجين، والذين ينهبون فهلكوا.
ثمّ عزل السّلطان الحريم والولدان، وضرب رقاب الرّجال ولم يف لهم وهذا مكافأةً لفعلهم حين أخذوا عكّا من السّلطان صلاح الدّين فإنّهم - أعني الفرنج - أمّنوا من بها من المسلمين، ثم غدروا بهم وقتلوا أكثرهم وأسروا الأمراء وباعوهم فسلط اللَّه عَلَى ذرّياتهم من انتقم منهم وغدر بهم جزاءً وفاقًا، فيا لله العجب، وأعجب من ذَلِكَ أن الفرنج أخذوا عكا فِي يوم الجمعة سابع عشر شهر فِي الثّالثة من النهار من شهر جمادى الآخره، كما ذكرناه فِي سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة، ثمّ افتتحها المسلمون بعد مائة سنة وثلاث سنين إلا شهراً واحداً.
وفي سنة سبع وستين وأربعمائة افتتح أمير التُّركمان عكا، ثم عادت الفرنج فمَلَكَتْها، ثمّ فِي سنة اثنتين وثمانين جهزّ أمير الجيوش بدر الجمالي نصير الدولة الجيوش فِي جيشٍ من مصر فافتتح صور وعكّا وصيدا، ونزل عَلَى بَعْلَبَكّ، ثمّ فِي سنة ستِّ وتسعين وأربعمائة نزل عَلَى عكّا بغدوين ملك القدس، لعنه اللَّه، فحاصرها، وأخذها بالسّيف، فدامت فِي يد الفرنج إلى أنْ أخذها السّلطان صلاح الدّين في سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة، ثم أُخِذت منه [ص:435]
سنة سبعٍ وثمانين، وأخذت الفرنج صور بعد حصارٍ طويل بالأمان في سنة ثمان عشرة وخمسمائة.
فتح صور
لما نزل الملك الأشرف عكا جهّز الأمير عَلَمَ الدّين الصّوابيّ والي بَرّ صَفّد، إلى جهة صور، لحفظ الطُّرُق وتعرُّف الأخبار. فلّما أُخِذت عكّا وأُحرقت وأُضرمت النّيران فِي جَنَباتها وعلا الدُّخان، وهرب أهلها فِي البحر، علم أهل صور ذَلِكَ، فهربوا وأخْلُوا البلد، وكانت حصينةً منيعة لا تُرام، فدخلها الصّوابيُّ وكتب بالبشارة إلى السّلطان فجهّز لَهُ رجالًا وآلةً ليخرّبوها ويخرّبوا حيفا، وبقي بصور من تأخر بها من أهلها، فاستغاثوا، وسلّموها بالأمان للصّوابيّ وآمنهم. ولم يكن السّلطان يطمع بها، فيسَّر اللَّه بما لم يكن فِي الحساب، وكان لها فِي يد الفرنج نحوٌ من مائتي سنة، بل من مائة واثنتين وسبعين سنة. وقد أُخذ منها رُخام كثير وجعلت دكاً.
وأمسك السّلطان عَلَى عكّا نائب صفد علاء الدّين أيدغديّ الألْدكْزيّ، وولّى مكانه علاء الدّين أيدكين الصالحي، وطلب نائب الكَرَك رُكن الدّين بيبرس الخطَّابيّ الدويدار، وولى مكانه جمال الدّين آقوش الأشرفيّ. ثمّ بعد عشرين سنة ولي هذا نيابة دمشق، وذاك نيابة مصر، فلم تطل أيامهما.
وفي خامس شهر جمادى الآخرة رحل السّلطان عن عكّا وقد تركها دكًّا، وشرع الصّاحب تقيّ الدّين وشمس الدّين الأعسر المُشَدّ بدمشق فِي عمل القباب والزّينة وحصل لذلك من الاحتفال ما لا مزيد عَلَيْهِ. ودخل دمشق دخولًا ما شُهد مثله من الأعمار، وأمامه الأسرى عَلَى الخيل يحملون أعلامهم منكَّسة، ورماحًا فيها شُعف رؤوس القتلى، وذلك فِي ثالث عشر جمادى الآخرة، فأقام بدمشق خمسةً وثلاثين يومًا.
فتح صيدا
سار عسكر دمشق فنازلوا صيدا، وأما ملك الأمراء الشُجاعي فأتى فِي خدمة السّلطان، ثم رجع إلى صيدا، ثمّ افتتحها، فاستولى من بها من المقاتلة عَلَى برج وتحصّنوا بِهِ، وكان لا يصل إلَيْهِ حجر منجنيق، فضايقه الشّجاعي فِي ثامن رجب وفتحه يوم السبت خامس عشر رجب، بحكم الذين فيه نزحوا [ص:436]
منه، وانتقلوا إلى الجزيرة المجاورة لصيدا، ثمّ إنّهم أحرقوا الجزيرة بما فيها فِي ثامن عشر رجب، وساروا فِي البحر إلى قبرس. ثمّ علّق المسلمون أبراج القلعة وأحرقوها ودكّوها.
وكانت الشّواني الإسلامية قد حضرت من اللاذقية، فلما وصلت إلى ميناء البثرون مرّ بها الّذين هربوا من صيدا فِي المراكب وظنّوها للفرنج، فعرّجوا إليهم، ثم تبيّن لهم أنّهم مسلمون، فهربوا، فتبعهم الأمير بلبان التَّقوي بالشّواني، فاستولى عليهم قتْلًا وأسْرًا ونهبًا واستنقذ من الذين معهم من الأسرى، وكان ذَلِكَ من غرائب ما اتّفق.
فتح بيروت
كَانَ أهل بيروت متمسّكين بالهدنة، لكنْ بدا منهم شيء يسير، وهو أنهم آووا المنهزمين من الفرنج، وأمرهم عَلَمُ الدّين الشّجاعيّ بضمّ مراكبهم إلى مراكب المسلمين، فخافوا وامتنعوا، فأمر الشّجاعيّ الأميرَ التَّقَويّ بحفظ الميناء، وضبْط مائه من المراكب، وجاء الشُّجاعيّ بالجيش من جانب البرّ، فدخل المدينة، وأخرجهم منها واستولى عَلَى القلعة وما فيها. وذلك فِي الثالث والعشرين من رجب.
وكانت القلعة امتنعت عَلَيْهِ قليلًا، فوقع الحديث مَعَ كليام النّائب بها، فأجاب وسلّم وأسر كلّ من كَانَ بالبلد والقلعة من الخيالة والمقاتلة. وكانت من القلاع المنيعة، فهدمها الشُّجاعيّ.
فتح جبيل
وكان صاحبها قد حضر عند الملك المنصور نَوْبةَ طرابُلُس وبقي بجُبَيل، فلمّا أُخِذت عكّا رسم لَهُ بأن يخرب قلعة جُبَيل، ثم ندب الأمير عَلَمَ الدّين الدّواداريّ فسار إليها وأخرب أسوارها، وأذهب حصانتها وهدمها.
فتح عثليث
وهو حصن مشهور يُضرب بحصانته المثل، والبحر يكتنفه من جميع جهاته، ولم يحدّث الملوك أنفسهم بقصده، وكان السّلطان قد جرد من عكّا [ص:437]
بدرَ الدّين رمتاش التُّركمانيّ بجماعةٍ من التركمان للنزول حوله عَلَى بعدٍ ليحصل الأمن من جهته من أحدٍ يخرج منه. ونودي الجلابة والمسافرون. فأُخِذت عكّا وغيرها والتُّركمان مكانهم، فلمّا بلغ أهل عثليث أخذُ عكّا وصور وصيدا وبيروت، أحرقوا أموالهم ومتاعهم وما لم يقدروا عَلَى حمْله، وعرقبوا دوابّهم وهربوا فِي البحر، وأخْلوا الحصن ليلة أول شعبان.
وأما أهل أنطرسوس لما بلغهم ذَلِكَ عزموا عَلَى الهرب فُجِّرد الأمير سيف الدّين الطَّباخي إليها، فلمّا أحاط بها ليلة خامس شعبان ركبوا فِي البحر وهربوا إلى جزيرة أرواد، وهي بالقرب منها.
وفي غضون ذَلِكَ استحضر الشّجاعيّ مقدّمي جبل الْجِرْد والكُسْرُوان، فلمّا حضروا بين يديه أخذ سلاحهم ودَرّكهم خَفْرَ بلادهم وتوثّق منهم، ثمّ خلع عليهم، وأخذ منهم رهائن.
ثمّ قدم الشّجاعيّ بَعْلَبَكّ فِي أواخر شعبان، وطلع إلى قلعتها، وأمر بكسر صنمين من الرخام كانا قد وُجدا فِي بعض الحفائر فِي نهاية التّحرير والإتقان وبراعة الصَّنعة، فكان إذا حضر أحدٌ من الأكابر أحضروا الصَّنمين للفُرْجة عَلَى تِلْكَ الصّنعة. فلمّا زار الشّجاعيّ مقام إِبْرَاهِيم أحضر الوالي تِلْكَ الصّنمين، فرآهما وأمر بتكسيرهما، فكُسِّرا فِي الحال. وهذه تدلُ عَلَى حُسْن دين الشّجاعيّ وإنْ كَانَ ظالمًا. ثمّ دخل دمشق في السابع والعشرين من شعبان.
وفي نصف رمضان قُبض عَلَى عَلَم الدّين الدّواداريّ وبُعِث بِهِ إلى مصر.
وجاءت الأخبار بالإفراج والرِّضى عَنِ الأمراء الكبار: تقصو، وحسام الدين لاجين النائب، وشمس الدين سنقر الأشقر، وبدر الدّين بَيْسريّ، وشمس الدّين سُنْقُر الطّويل المنصوري، وبدر الدين خضر بن جودي القيمُري.
وفي شوّال شرع الشّجاعيّ بعمارة الطارمة والقُبّة الزّرقاء ودُور الحريم بقلعة دمشق، فحشد الصُّناع وحشر الرّجال وعمل عمارة الجبابرة، وقلع لذلك عدّة أعمدة من سوق الفِراء الَّذِي بَطَرَف الفُسْقار، وحفر الأرض وراء [ص:438]
الأعمدة، وإذا العمود منها نازل فِي الأرض بقدر ظهوره مرّةً أخرى ونصف، وهو عَلَى قاعدة متينة، وتعجّب النّاس من ذَلِكَ، ولم يعلموا ما السبب فِي نزولها فِي الأرض. ثم إنها جُرّت بدواليت وآلات، وعبروا بها من باب السّرّ، ونقبوا لها فِي السّور فِي البدنة، وهي أكبر من أعمدة الجامع، فأقيمت وعُمل عليها القَبو الَّذِي بين يدي القُبّة. وعسّف الصُّناع واستحثّهم بنفسه، وبنى بنيانًا خشنًا جاهليًّا وزخرفه ودخل فيه أقل من ثلاثة آلاف دينار. قد سهرتُ فِي عمله ليالي مَعَ أَبِي رحمه اللَّه. وتكامل جميعه فِي سبعة أشهر، وكان الدّهّانون يعملون فِي المقرفص والأساس لم يرتفع بعد، وجلب لذلك الرّخام المفتَخَر من عكّا وصور وبيروت وتلك الدّيار. وخرّب حمّام الملك السّعيد الّذي تجاه باب السّرّ، ولم يكن لَهُ نظير فِي الحُسْن، وخرّب الأبنية التي من جسر الزّلابيّة إلى قرب باب الميدان، وذهبت أملاك الناس وتعثّروا، وكان هذا المكان مليحا، ويُعرف بالمسابح، وعلى النّهر العابر إلى خندق القلعة دُور حَسَنة، وفي النهر مركب يركب فيه الشباب للفرجة، وأحق، وقد ركبتُ فِيهِ مَعَ جدّي العَلَم وأنا ابن خمسٍ سنين، وأعطى للذي في المركب أجره.
وكان السّلطان لمّا قدم دمشق انبسط هُوَ أو بعض خواصّة الملاح عَلَى نائب القلعة أرجواش فقال: وقعنا فِي الصّبيانيّة. فغضب السّلطان وأمر بشنقة وألبس عَباءة ليُشنق فيها. ثمّ شفعوا فِيهِ، فحُبِس مدّة، ثم أُطلع من الحبْس ولزِم بيته بلا خُبز.
ثمّ خلع عَلَيْهِ فِي رمضان، وأُعطى خُبزُه، وأعيد إلى نيابة القلعة، ورتْب معه بالقلعة الأمير أسندمر المنصوري، وأنزل الباسطي إلى البلد.
وفي رمضان طلب القاضي بدر الدّين ابن جماعة قاضي القدس وخطيبه عَلَى البريد مُكرَمًا، وولاه الصّاحب ابن السّلْعُوس قضاء الدّيار المصريّة، وعدّة مدارس، ولم يترك لقاضي القُضاة تقيّ الدّين ابن بِنْت الأعزّ سوى المدرسة الشّريفيّة فقط. [ص:439]
وفيها أمر الشّجاعيّ فنودي فِي دمشق بإبطال العمائم للنساء، وأن لا تزيد المرأة على المقنّعة، وبإبطال صباغات النساء وأن لا يخرجن إلى المقابر ... وغير ذَلِكَ، وأن لا يأكل أحد حشيشةً ولا يشرب خمرًا، وتوعّد عَلَى ذَلِكَ، وكان ذا هيئةٍ وسطوة مُرهِبة، فتأدَّب البلد وكانت هذه من حسناته.
وفيها هلك أرغون ملك التتار.
وفيها أعيد طوغان إلى ولاية البرّ بدمشق.
ومن غريب الاتّفاقات أن السّلطان قدم دمشقَ، وأراد النزول يوم الجمعة إلى الجامع، وطلب لَهُ من يخطب غير الخطيب ابن المرحّل لكراهيتهم له، وشكوه إلى الصاحب، وطلب الزّين الفارقيّ، فامتنع لعدم التّهيّؤ، وطُلِب إمام الكلاسة، فتغيب، فخطب ابن المرحل وزار السلطان الشيخ إبراهيم ابن الأرموي بالجبل بعد العشاء.
ولمّا دخل السّلطان مصر أطلق رُسُل عكّا الذين كانوا معوَّقين بالقاهرة.
وجاءه رسول الأشكري، وأطلق السّلطان للرسول أسرى بيروت، وكانوا ستّمائة وثلاثين نفساً.
وأخرج من كَانَ فِي الْجُبّ من الأمراء، وأخرج الخليفة الحاكم بأمر اللَّه، وكان فِي أيّام أبِيهِ خاملًا لم يطلب أَبُوه منه تقليدًا بالمُلْك، ولا انفعل لذلك فظهر الخليفة، وصلّى للمسلمين. وبايعه الملك الأشرف بإشارة الوزير.
وفي نصف شوّال خطب بالنّاس يوم الجمعة أمير المؤمنين الحاكم بأمر اللَّه، وذكر فِي خطبته توليته للملك الأشرف أمرَ الإِسْلَام، فخطب يومئذٍ بالخطبة التي خطب بها فِي أوّل سنة إحدى وستّين وهي مليحة، من إنشاء مؤدِّبه ومفقِّهه الإمام شرف الدين ابن المقدسيّ، فلمّا فرغ من الخطبة صلّى بالنّاس قاضي القضاة ابن جماعة.
وفي رابع ذي القعدة عُملت الخِتَم لتمام السّنة من موت السّلطان الملك المنصور بتُربته، وحضر القضاة والدّولة ونزل السّلطان وقت الختْم، والخليفة الحاكم بأمر اللَّه وخطب الخليفة، وذكر بغداد وحرّض عَلَى أخْذها، وكان قد وخَطه الشَّيْب وعليه السَّواد. وأُنقق فِي هذا المُهمّ مبلغٌ عظيم واحتفل لَهُ.
وأمّا دمشق فإنّ الشّجاعيّ جمع النّاس بالميدان ونُصب مخيّم عظيم سلطانيّ، ومُدّ سِماط هائل، وخُتمت الختْمة وتكلَّم الوعّاظ، فتكلّم أوّلًا فريد الوقت عزّ الدّين الفاروثيّ، وتكلّم بعده الواعظ نجم الدّين ابْن البُزُوريّ، [ص:440]
وحضر أُممٌ وخلائق، وكانت ليلة مشهودة، وعُملت خلوات كثيرة.
وفي شوّال مُسك الأميران بهاء الدّين قُرارسلان وجمال الدّين أقوش الأفرم الصغير الَّذِي صار نائباً، وحبسا بقلعة دمشق.
وفي ذي الحجة وسّع الشّجاعيّ المَيْدان من شماليه وعمل في حائطه الأمراء والعامّة وعمل فِيهِ الشّجاعيّ بنفسه وتقاسموه، ففرغ فِي يومين مَعَ ضخامة حائطة.
ووصل الأمراء الثلاثة عَلَى أخباز الذين مسكوا من دمشق والثّلاثة هُمْ رُكْن الدّين الجالق والمسّاح وعزّ الدين أزدمر العلائي. وعملت سلاسل عظيمة، وأظهروا قصد بغداد.
وحج بالشاميين الأمير بدر الدين الصوابي الخادم.
وعملت الشّعراء القصائد فِي فتح عكّا، فمن ذَلِكَ كلمة المولى شهاب الدّين محمود:
الحمدُ لله زالت دولةُ الصُّلْبِ ... وعَزّ بالتُّرْك دينُ المصطفى العربي
هذا الّذي كانت الآمالُ لو طَلَبَتْ ... رؤياه فِي النّوم لاسْتَحْيَتْ من الطّلَب
ما بعد عكّا وقد هُدَّت قواعِدُها ... فِي البحر المشرك عند البرَّ من أَرَبِ
عقيلةٌ ذَهَبَتْ أيدي الخُطُوب بها ... دَهْرًا وشدّت عليها كَفّ مغتصِبِ
لم يبق من بَعْدها للكُفْر إذ خَربتْ ... فِي البرّ والبحر ما يُنْجي سِوَى الهَرَبِ
أُمُّ الحروب فكم قد أنشأتْ فِتَنًا ... شاب الوليدُ بها هَوْلًا ولم تَشِبِ
سوران برٌّ وبحرٌّ حوْلَ ساحتها ... دارا وأدناهما أَنْأَى من السُّحُبِ
ففاجَأَتْها جنودُ اللَّه يَقْدُمُها ... غضبانُ لله لا للمُلْك والنَّشَب
كم رَامَها ورَمَاها قبله مِلكٌ ... جَمُّ الجيوش فلم يَظْفَرْ ولم يُصِبِ
لم يُلْههِ مُلْكُهُ بلْ فِي أوائله ... نال الّذي لم يَنَلْهُ النّاسُ فِي الحِقَبِ
فأصبَحتْ وهي في بحرين ماثلة ... ما بين مضطّرم نارًا ومُضْطَرب
جيشٌ من التُّرْكَ تَرْكُ الحرب عندهم ... عارٌ وراحتُهُمْ ضَرْبٌ من النَّصَب
يا يوم عكّا لقد أنْسَيْتَ ما سبقت ... به الفتوح وما قد خط في الكتب
لم يبلغ النُّطْقُ حَدّ الشُّكْر فيك فما ... عسى يقوُم بِهِ ذو الشَّعر والخُطب
كانت تمنّي بك الأيام عن أُمَم ... فالحمد لله شاهدناك عن كَثَبِ
وأَطْلعِ اللَّه جيشَ النْصر فابتَدَرَتْ ... طلائعُ الفتْح بين السُّمْرِ والقُضُبِ [ص:441]
وأشْرَف المصطفى الهادي البشيرُ عَلَى ... ما أسلَفَ الأشرفُ السّلطانُ من قُرب
فقَرَّ عَيْنًا بهذا الفتْح وابتهَجَتْ ... ببشْرهٍ الكعبةُ الغرّاءُ فِي الحُجُب
وسار فِي الأرض مَسْرَى الرّيح سُمْعَتُهُ ... فالبرُّ فِي طَرَب والبحرُ فِي حَرَبِ
وخاضت البيضُ فِي بحر الدّماء فما ... أبدت من البيض ألا ساقَ مُخْتَضِبِ
وغاص زرق القنا فِي زرق أعينهم ... كأنها شَطَنٌ تهوي إلى قُلُبِ
أجرت إلى البحر بحْرًا من دِمائهمُ ... فراح كالرّاح إذ غَرْقَاهُ كالحَبَبِ
بُشراك يا ملك الدُّنيا لقد شَرفَتْ ... بك المَمَالِكُ واسْتَعْلَت عَلَى الرُتَب
ما بعد عكّا وقد لانت عريكتها ... لديك شيءٌ تُلاقية عَلَى تَعَب
أدركْتَ ثأرَ صلاح الدّين إذ غصبت ... منه لسر طواه الله في اللقب
بانت وقد جاوَرَتْنا ناشِزًا وغَدَت ... طَوْعَ الهَوَى فِي يَدي جيرانها الْجُنُب
وجالت النّار فِي أرجائها وعَلَتْ ... فأطفأتْ ما بصدر الدّين من كُرَبِ
أضحت " أَبَا لهبٍ " تِلْكَ البُرُوج وقد ... كانت بتعليقها حمّالةَ الحَطبِ
وأفلت البحرُ منهم من يخبّر مَنِ ... يَلقاه من قومه بالوَيْل والحَربِ
وتمّتِ النّعمةُ العُظْمَى وقد كملتْ ... بفتح صور بلا حصْرٍ ولا نَصَبِ
لمّا رأتْ أُخْتَها بالأمس قد خَرَبتْ ... كَانَ الخرابُ لها أعْدَى من الجرب
إن لم يكن نم لون اليم متصبغا ... بها البهاء وإلّا الْسُن اللّهَبِ
فاللهُ أعطاك مُلْكَ البحرِ وابتدأت ... لك السعادة ملك البر فارتقب
من كَانَ مبدؤه عكّا وصور معًا ... فالصّين أدنى إلى كفَّيْهِ من حَلَبِ
وله من قصيدةٍ أخرى فِي عكّا مدح بها الشّجاعيّ:
الشَّرْك أجلي وانجلت ضلماته ... والدّين قرّ وأشرقت قَسَمَاتُه
والنّصر ألْوت بالفِرَنْج رياحة ... من بعد ما فَتكَتُ بهم نَسَماتُه
هذا الذي كانت تخيله المنى ... وتحيله قدم العِدَى وثباتُه
هذا الَّذِي كَانَ الرّجاء ببعضه ... يعد النُّفوس ولا تصحّ عداته
هبّ الزّمانُ من الكرى من بعدما ... طالت سني رقاده وسباته
ما كَانَ يحسُّن أن يجاورنا العِدى ... لو زال عن جَفْن الجهاد سُباتُه
والآن قد ذهَبَتْ بحمد اللَّه ... عَنْ أرض الشّام عِداتُنا وعداته
وتفرقت أيدي سبأ وسباؤهم ... جمعت برغمهم لنا أشتاته [ص:442]
منها:
فغدت ومن فيها كرمس بعثرت ... أرجاؤه وتمزقت أمواته
بانوا فما بكت السّماءُ عليهم ... فِي رَبْعهم بل أُحرِقَتْ عَرَصاتُه
ونَمَى إلى صور الحديثُ ببحرهم ... إذ خُلِّقت بدمائهم صفحاتُه
وهي مائة وخمسون بيتا.(15/432)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(15/443)
-سنة إحدى وثمانين وستمائة(15/443)
1 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن طلحة بْن عُمَر، الفقيه، أمين الدين، أبو العباس ابن الأشْتَريّ، الحلبيّ، الشافعيّ. [المتوفى: 681 هـ]
وُلِد بحلب سنة خمس عشرة وستّمائة، وسمع من أَبِي مُحَمَّد بْن عُلْوان، والموفّق عَبْد اللّطيف، وقاضي القُضاة أَبِي المحاسن بن شدّاد، وأبي المجد القزويني، وأبي الْحَسَن بْن رُوزبة، وأبي المنجى ابن اللّتي، والإربليّ وطائفة، روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وأبو الحسن ابن العطّار، وأبو الحَجّاج المِزي، وجماعة وأجاز لي، وكان ممّن جمع بْين العِلْم والعمل.
كَانَ إمامًا عارفًا بالمذهب ورعًا، كثير التّلاوة، بارز العدالة، كبير القدر، مُقبلًا عَلَى شأنه.
سألتُ أَبَا الحَجّاج القُضاعيّ عَنْهُ فقال: كَانَ ممّن يُظنّ بِهِ أنّه لا يُحسن أن يعصي الله.
قلت: وكان يقرئ الفقْه، وله اعتناء بالحديث، توفّي في ربيع الأول بدمشق فجاءة، وكان يصوم الدّهر ويتصدّق بفاضل قُوته، وكان النّواويّ رحمه اللَّه إذا جاءه صبيٌ يقرأ عَلَيْهِ بعث بِهِ إلى أمين الدّين لِعلمه بدينه وعِفّته.(15/443)
2 - أَحْمَد بْن حُذَيْفة، شَرَفُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس الدّمشقيّ، الدّلال فِي العقار. [المتوفى: 681 هـ]
وُلدِ سنة اثنتي عشرة , وحدّث " بجزء ابْن أَبِي ثابت " عن كريمة أو مكرم، روى عَنْهُ ابن أَبِي الفتح وأبو مُحَمَّد الْبِرزاليّ والطَّلَبة، ومات فِي ربيع الآخر بدمشق.(15/443)
3 - أحمد بن أبي الحرم، جلال الدين ابن الزَّين، الدّلال فِي الأملاك أيضًا. [المتوفى: 681 هـ]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وكان شابًّا مشتغلًا، حسَن الكتابة.(15/444)
4 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنظلة، الشّيْخ، مُوفَّق الدّين ابن المعالج الأَنْصَارِيّ، البغداديّ. [المتوفى: 681 هـ]
تُوُفّي فِي ذي الحجّة، سَمِعَ " مُسْنَد الشافعي " من ابن الخازن وحدَّث.
عاش ثلاثا وستّين سنة، وكان شافعيًّا.(15/444)
5 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي رقيقة، الخزرجي، الأستاذ، أَبُو الْعَبَّاس. [المتوفى: 681 هـ]
سَمِعَ: أَبَا الربيع بْن سالم وأبا علي الشّلُوبين.
مات فِي رجب بالمغرب.(15/444)
6 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر ابْن خَلَّكان، قاضي القضاة، شمسُ الدّين، أَبُو العبّاس البرمكي، الإربليّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 681 هـ]
ولد بإربل سنة ثمانٍ وستمائة , وسمع بها " صحيح الْبُخَارِيّ " من أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مكرم الصّوفيّ وأجاز له: المؤيِّد الطُّوسيّ وعبد المُعِزّ الهَرَويّ وزينب الشِّعرية، روى عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ والطبقة.
وكان إمامًا، فاضلًا، بارعاً، متفنناً، عارفاً بالمذهب، حَسَن الفتاوَى، جيّد القريحة، بصيرًا بالعربيّة، علامةً فِي الأدب والشِّعر وأيّام النّاس، كثير الاطّلاع، حُلْو المذاكرة، وافر الحُرمة، من سَروات النّاس، قدِم دمشقَ في شبيبته، وقد تفقَّه بالمَوْصل على كمال الدين موسى بْن يونس، وأخذ بحلب عن القاضي بهاء الدّين ابن شدّاد وغيرهما.
ودخل الدّيار المصرية، وسكنها مدّةً، وتأهّل بها. وناب فِي القضاء عن القاضي بدر الدّين السّنجاريّ. ثمّ قدِم الشّام عَلَى القضاء فِي ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين منفردًا بالأمر، ثمّ أقيم معه القضاة الثلاثة في سنة أربعٍ وستين، ثم عُزل عَنِ القضاء فِي سنة تسعٍ وستّين بالقاضي عزّ الدّين ابن الصائغ، ثم عزل ابن الصّائغ بعد سبع سنين بِهِ. [ص:445]
وقدم من الدّيار المصرية، فدخل دخولًا لم يبلُغنا أنّ قاضيًا دخل مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغلات والشُّهود، وكان يومًا مشهودًا. وجلسَ فِي منصب حكمه وتكلّمت الشعراء.
وكان كريمًا، جوادًا، ممدَّحاً. ثم عُزِل بابن الصّائغ، ودرّس بالأمينيّة إلى أن مات، وقد جمع كتابًا نفيسًا فِي " وَفَيَات الأعيان "، وتُوُفّي عشيّة نهار السبت السّادس والعشرين من رجب. وشيعة خلائق.
ومن شعره:
أيُّ ليل عَلَى المحب أطالَه ... سائقُ الظَّعْن يوم زمَّ جمالَه
يزجر العيسَ طاويًا يقطع المهـ ... ـمة عسفًا سهوله ورمالهْ
يسألُ الرَّبْعَ عن ظباء المُصَلَّى ... ما عَلَى الرَّبْع لو أجاب سؤالَهْ
هذه سنة المحبين يبكو ... ن عَلَى كلّ منزلٍ لا مَحَالَهْ
يا خليلي إذا أتيت ربى الجز ... ع وعاينت روضَهُ وتلالَهْ
قف بِهِ ناشدًا فؤادي فلي ... ثَمَّ فؤادٌ أخشى عَلَيْهِ ضلالَهْ
وبأعلا الكثيب بيت أغض الـ ... ـطرف عَنْهُ مَهابةً وجلالَهْ
حوله فِتْيةٌ تهزُّ من الخو ... ف عَلَيْهِ ذوابلًا عسّالَهْ
كلّ من جئته لأسألَ عنه ... أظهر العي غَيْرةً وتَبَالَهْ
منزِلٌ حقُّهُ عليَّ قديمٌ ... فِي زمان الصّبى وعصر البطالَهْ
يا عُرَيْب الحِمَى اعذروني فإني ... ما تجنبت أرضكم عن ملالهْ
لي مذ غبتُم عن العين نارٌ ... لَيْسَ تخبو وأدمعٌ هطّالَهْ
فصِلونا إنْ شئتم أو فصدُّوا ... لا عَدِمْناكم عَلَى كلّ حالَه(15/444)
7 - إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن يَحْيَى بْن علويّ، المُسْنِد برهان الدّين، أَبُو إِسْحَاق ابن الدَّرَجيّ، القُرَشيّ، الدّمشقيّ، الحنفيّ، [المتوفى: 681 هـ]
إمام المدرسة العزّية بالكجك.
ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة فِي شعبان وأجاز لَهُ: أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الصَّيْدلانيّ، وأبو الفخر أسعد بْن سَعِيد، وإدريس بْن مُحَمَّد العطّار، وأبو المفاخر خَلَف بْن أَحْمَد الفرّاء، وعبيد اللَّه بْن محمد بن أبي نصر [ص:446]
اللفتواني، ومحمد بن معمَّر بن الفاخر، والمؤيَّد ابن الإخوة، وأم هانئ عفيفة الفارفانية، وطائفة من الإصبهانيّين فِي عام اثنتين وستّمائة، وسمع أجزاء معدودة: من أَبِي اليُمْن الكِنْديّ، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي الفتوح البكْري، وحدَّث " بالمعجم الكبير " للطَّبراني.
وكان ثقة، فاضلًا، خيّرًا، سهل القياد. ولم يظهر سماعة من الكِنْديّ وابن الحَرَسْتانيّ إلّا بعد موته، روى عن الدمياطي، وابن تيمية، والقحفازي، والمزي، وابن البرزالي، وابن العطّار، وجماعة، وحج فِي آخر عُمُره، فتُوُفّي يوم عبور الركْب فِي سابع صفر، رحمه اللَّه. ولي منه إجازة.(15/445)
8 - إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن إِسْمَاعِيل، الكَرَكيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 681 هـ]
تُوُفّي بدمشق فِي رجب، وقد حدَّث " بصحيح الْبُخَارِيّ " عن ابن الزّبيديّ، حَدَّثَنَا عَنْهُ إِسْحَاق الآمدي.(15/446)
9 - إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر، أمين الدّين التّفْليسيّ، [المتوفى: 681 هـ]
إمام السّلطان الملك الظّاهر.
وُلِد سنة خمسٍ وعشرين، وحدَّث بدمشق ومصر
عَنْ: ابن الْجُمَّيْزيّ والسِّبط،
سَمِعَ مِنْهُ: البرزالي وغيره،
ومات بالقاهرة، وقيل: مات سنة ثمانين.(15/446)
10 - إدريس بْن صالح بْن وُهَيْب، الفقيه , زَين الدّين القَلْيُوبيّ، [المتوفى: 681 هـ]
خطيب الجامع الأزهر.
وُلِد سنة ثمان عشرة، ومات في ربيع الآخر، وكان شديد السُّمْرة. لَهُ شعرٌ جيّد، وفيه تصوُّن وخير.(15/446)
11 - إسحاق بن. . . .، ناصر الدين الدمياطي. [المتوفى: 681 هـ]
يروي" جامع الترمذي " عن ابن البنّاء، تُوُفّي بدمياط فِي ربيع الأوّل.(15/446)
12 - إِسْمَاعِيل بْن إِسْمَاعِيل بْن جوسَلين، الشّيْخ عماد الدّين البَعْلَبَكيّ. [المتوفى: 681 هـ][ص:447]
وُلِد سنة أربع وستّمائة، وسمع من موفَّق الدين ابن قدامة، وأبي المجد القزويني، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن وغيرهم، وكان من خيار من حدَّث فِي زمانه، لعلمه ودينه وثقته وورعه، وكان خبيرًا بكتابة الحكم والوثائق، دمث الأخلاق، كثير التّلاوة، حسَن الزّهادة، حنبليّ المذهب.
روى عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْن اليُونينيّ، وابن أَبِي الفتح، وأبو الحَجّاج المِزّيّ، وأبو الْحَسَن ابْن العطّار، وغير واحد، وأجاز لي مَرْوِيّاته.
تُوُفّي في صفر رحمه الله.
وقرأت بخطّ شيخنا ابن تيميَّة أنّهُ ولّي قضاء بَعْلَبَكّ.
سَمِعْتُ منه " سُنَنَ ابن ماجة ".(15/446)
13 - إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الجبّار بْن بدر، الضّياء، أَبُو الفداء النّابلسي، ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 681 هـ]
روى عن الموفَّق، وزين الأُمَناء، وعنه المزي والبرزالي وجماعة.
توفي في شعبان.(15/447)
14 - إسماعيل بن هبة اللَّه بن عَليّ بن هبة اللَّه، فخر الدين أبو الطاهر بن أبي القاسم ابن المليجي، المصري، المقرئ، المعدل، [المتوفى: 681 هـ]
مسند القراء في زمانه.
ولد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة أو قبلها بيسير، وقرأ بالسبع على أبي الجود، وهو آخر من قرأ عَلَيْهِ وفاة، وسمع من أَبِي الْحَسَن بْن جُبَيْر البَلَنْسِيّ، وأبي عبد الله بن محمد ابن البناء، وازدحم عليه فِي آخر عُمُره الطّلبة لعلوهِ لا لإتقانه، فقرأ عَلَيْهِ العلامة أَبُو حيّان، وقُطْب الدّين عَبْد الكريم، والتقيّ أَبُو بَكْر الْجَعْبريّ، وجماعة، وأجاز لأبي مُحَمَّد البرزاليّ وغيره، ومات فِي الثّاني والعشرين من رمضان، رحمه اللَّه وتساوى القرّاء بعده فِي إسناد أَبِي الجود، وكان بارز العدالة، ديّنًا.(15/447)
15 - آقسُنقُر، الشّبليّ، الصَّفَويّ. [المتوفى: 681 هـ]
حدّث عن: ابن قميرة.(15/447)
16 - بيجار بْن بختيار، الأمير، حسام الدّين اللاويّ، الرُّوميّ. [المتوفى: 681 هـ]
كَانَ لَهُ ببلاد الروم قلاع وأموال وحشمة، فنزح إلى المسلمين مهاجراً ومفارقاً للتّتار، خذلهم اللَّه، فِي أواخر الدّولة الظاهرية، وحج من الديار المصرية، وأنفق مبلغًا فِي القُربة والخير. وعاد ولزم بيته وترك الإمرة وشاخ.
قَالَ الشّيْخ قُطب الدّين: جاوز المائة بسنين، كذا قَالَ، وكُفّ بصرُه قبل موته بثلاث سنين، توفي في شعبان.(15/448)
17 - الْحُسَيْن بْن إياز، العلامة، النّحْويّ جمال الدّين، [المتوفى: 681 هـ]
شيخ العربية بالمستنصرية ببغداد.
لَهُ مصنّفات فِي النَّحْو، وتُوُفّي فِي ذي الحجّة، كتب عَنْهُ أبو العلاء الفَرَضيّ، وابن الفُوَطيّ وجماعة، وكان إمامًا فِي النَّحْو والتّصريف، قرأ عَلَى الشّيْخ تاج الدّين الأُرْمَوِيّ.(15/448)
18 - الْحُسَيْن بْن عَبَّاس بْن عبدان، العدْل، شمسُ الدّين المناديلي، الدّمشقيّ [المتوفى: 681 هـ]
والد شيخنا أَحْمَد.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى وخلّف ثروةً وورثةً.(15/448)
19 - الْحُسَيْن بْن قتادة بْن مزروع، النّسّابة، رضيُّ الدّين، أَبُو مُحَمَّد العلويّ، الحَسَنيّ، المقرئ، العراقي. [المتوفى: 681 هـ]
وكان عارفًا بالأنساب والقراءات. أمَّ بالمشهد وكتب النّاس عنه.
قَالَ ابن الفُوَطيّ: مات فِي حادي عشر شوال.(15/448)
20 - خضر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الخضر، الشّيْخ، سديد الدين الحموي، العدل، المقرئ، [المتوفى: 681 هـ]
صاحب السخاوي.
أقرأ القراءات وعُمّر دهرًا وجاوز التّسعين.
تُوُفّي فِي شوّال، وكان شيخ الخانقاه بحماة. وله مشاركة وتفنُّن. وله إجازة من الكِنْديّ، وكان يُلبس الخِرقة عن السَّهروردي.
مولده سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة في سادس ذي القعدة.(15/448)
21 - ذو النون بن مفضل بن فخر بْن عَبْد الخالق، القُرَشي، السّخاويّ، أَبُو الفضل الشافعي، شرف الدين الأميوطي، [المتوفى: 681 هـ]
وأميوط من عمل سخا.
ولي قضاء البهنسا وغيرهما، وله شعرٌ جيّد، كتب عَنْهُ الدّمياطيّ.
مات في المحرم.(15/449)
22 - الزَّين، رمضان، الخشّاب، الدّمشقيّ. [المتوفى: 681 هـ]
مات فِي جمادى الأولى.(15/449)
23 - زينب بنت تمام بن يحيى، الحميرية، الدّمشقيّة. [المتوفى: 681 هـ]
امرأة صالحة عابدة، من بيت الرواية، روت بالإجازة عن: دَاوُد بْن ملاعب وغيره وماتت في صفر.(15/449)
24 - سالم الدّليل، دليل الركْب الشّاميّ. [المتوفى: 681 هـ]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.(15/449)
25 - سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن أمرن، ويقال: ابن عمران، الشّيْخ قُطْب الدّين، أَبُو الربيع الزَّيْلعيّ الحنفيّ، [المتوفى: 681 هـ]
خادم المُصْحف العثمانيّ.
سَمِعَ: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبا الحسن ابن المقير وغيرهم، كتب عنه البِرْزاليّ وجماعة كثيرة، وأجاز لي.
وكان شيخًا صالحًا، حَسَن السَّمت، تُوُفّي فِي رابع ذي القعدة.(15/449)
26 - شاذي بْن دَاوُد بْن عيسى بْن مُحَمَّد بْن أيوب بْن شاذي، الملك الظاهر، غياث الدّين [المتوفى: 681 هـ]
ابن صاحب " الكرك " الملك النّاصر.
وُلِد وأبوه صاحب دمشق حينئذٍ سنة خمسٍ وعشرين، ونشأ بالكرك، وسمع من أبي المنجى ابن اللّتي، وحدَّث بدمشق.
وكان ديَّنًا، خيّرًا، متواضعًا، عاقلًا، يتعانى زيّ العرب كعمِّه الملك القاهر، وأمه هي ابنة الأمجد حسن ابن العادل.
توفي بالغور.(15/449)
27 - عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن أَبِي البدر، البغداديّ، الحربيّ، الزّاهد، ويعُرف بالشيّخ عَبْد الله كُتيلة. [المتوفى: 681 هـ]
كان فقيرًا، صالحًا، عارفًا ربّانيًا، مكاشفًا لَهُ أحوال وكرامات، وله زاوية وأصحاب، سافر في شبيبته وصحب الكبار، وسمع بدمشق من الشّيْخ الضّياء والفقيه سليمان الإسعردي، قال ابن الفُوَطيّ: روى لنا عن الشّيْخ الإِمَام موفّق الدّين المقدسيّ، وله تصانيف فِي الزُّهد، سَأَلْتُهُ عن مولده، فقال: فِي سنة خمسٍ وستمائة، يُكنّى أَبَا أَحْمَد، مات فِي منتصف رمضان.
قلت: واشتغل فِي مذهب أَحْمَد وصحب الشّيْخ أَحْمَد المهندس، صحِبَه شيخنا ابن الدّباهيّ، وحكى لي عَنْهُ شعيب الكُتُبّي وغيره.
حَدَّثَنَا ابن الدّباهيّ أنه مع جلالته كان بعض الأوقات يترنّم ويغنّي لنفسه , وأنه كَانَ فِيهِ كيس وظرف وبشاشة، وقال: سمعته يَقُولُ: كنت عَلَى سطح يوم عَرَفَة ببغداد وأنا مستلق عَلَى ظَهْري، فما شعرت إلّا وأنا واقف بعَرَفة مَعَ الركْب سُوَيْعة، ثمّ لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلق، فلمّا قدِم الركْب جاءني إنسان صارخًا فقال: يا سيّدي، أَنَا قد حلفت بالطلاق أنّي رأيتك بعَرَفَة العام وقال لي واحد أو جماعة: أنت واهم، الشّيْخ لم يحجٌ العام، قال: فقلت: امضِ لم يقع عليك حِنث.
تُوُفّي الشيخ عَبْد اللَّه كُتَيْلَة ببغداد، وهو فِي عشْر الثّمانين، رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
وقال ابن الفوطي: له من الكتب " المهم فِي الفقه " ثمان مجلدات، وكتاب " التّحذير من المعاصي "، ثلاث مجلّدات، وكتاب " العدّة فِي أصول الدين " مجلد، كتاب " الإسعاف فيما وقع فِي السّماع من الخلاف " مجلد، كتاب " الفوز " مجلد.(15/450)
28 - عبد الجبار بن عبد الخالق بن محمد بن أبي نصر بن عبد الباقي ابن عُكْبَر، الإِمَام، الواعظ، العلامة، جلال الدّين، أبو مُحَمَّد البغدادي، [المتوفى: 681 هـ]
أَحد [ص:451]
المشاهير.
ولد في حدود العشرين وستمائة، وسمع من ابن اللّتي، ونصر بْن عَبْد الرزاق الجيليّ، وصنف التّصانيف، وحدَّث، أخذ عَنْهُ ابن الفوطي، وأبو العلاء الفَرَضيّ، وطائفة، ومات فِي السّابع والعشرين من شعبان سنة إحدى، ودُفن فِي داره.
قرأت بخطّ الفُوَطيّ: تُوُفّي رئيس الأصحاب شيخنا جلال الدّين الحنبليّ مدرّس المستنصرية فِي شعبان، وكان وحيد دهره فِي علم الوعظ، ومعرفة التفسير، وله مصنفات منها " مِشْكاة البيان فِي تفسير القرآن "، ومنها كتاب " مراتع المرتعين في مرابع الأربعين من أخبار سيد المرسلين "، وكتاب " إيقاظ الوعّاظ "، ولم يخلّف فِي فنّه مثله.
قلت: وكان ينظم الشعر، ويتكلم في أعزية الكبار، فيكرم بخلعةٍ أو بذَهَب.(15/450)
29 - عَبْد الحَكَم بْن بركات، جلال الدّين، أَبُو مُحَمَّد، [المتوفى: 681 هـ]
رئيس المؤذنين بجامع مصر.
تُوُفّي فِي ربيع الأول وله ثمانون سنة، سَمِعَ من عَبْد القوي ابن الحباب، وحدث.(15/451)
30 - عَبْد السّلام بْن عَلِيّ بْن عُمَر بْن سيد النّاس، الشّيْخ العلامة، زين الدّين، أَبُو مُحَمَّد الزّواويّ، المقرئ المالكيّ، [المتوفى: 681 هـ]
شيخ القراء بالشام، وشيخ المالكية.
ولد بظاهر بجاية من المغرب سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة أو قبلها بسنة , وقدم ديار مصر فِي حدود سنة أربع عشرة وستمائة، وأكمل القراءات سنة ستّ عشرة عَلَى أَبِي القاسم بْن عيسى بالإسكندرية، وعرضها أيضًا بدمشق عَلَى أَبِي الْحَسَن السَّخاويّ سنة سبْع عشرة، وسمع منه ومن غيره.
وجوّد القراءات وأتقنها، وصنَّف كتابًا نفيسًا فِي " غريب الوقف والابتداء " وكتاباً في [ص:452]
" عدد الآي " وبرع فِي المذهب، ودرّس وأفتى وامتدّت أيامه، وهو ممّن جمع بين العلم والعمل.
ولي الإقراء بتربة أمّ الصّالح بعد شمس الدّين أَبِي الفتح سنة بضعٍ وخمسين وستّمائة، فقرأ عَلَيْهِ شيخنا برهان الدّين الإسكندرانيّ فِي سنة ستَّ وخمسين، وشيخنا شهاب الدّين الكفري، وقرأ عَلَيْهِ خلْق كثير، وتصدّى لذلك.
وممّن قرأ عَلَيْهِ: تقيّ الدّين أَبُو بَكْر المَوْصِليّ، وعليّ بْن شعبان، والشيخ مُحَمَّد الْمَصْرِيّ، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد ابن النّحّاس الحنفيّ، وخلْق لا يحضُرني ذِكرهم.
ووُليّ قضاء المالكيّة فِي سنة أربعٍ وستين عَلَى كراهيةٍ منه، وكان يخدم نفسه ويحمل الحطب عَلَى يده مَعَ جلالته.
وقد أخذ أيضًا عن: أبي عمرو ابن الحاجب، سَمِعَ منه: أَبُو الحَجّاج القُضاعيّ، وأبو محمد البرزالي، وأبو الحسن ابن العطّار، وآخرون، وعزل نفسه من القضاء يوم موت رفيقه القاضي شمس الدين ابن عطاء، واستمر عَلَى التدّريس والفتوى والإقراء.
تُوُفّي فِي شهر رجب، وحضر جنازته نائب السّلطنة لاجين والعالم، ومات فِي عُشْر المائة.(15/451)
31 - عَبْد السّميع بْن أَحْمَد بن عَبْد السّميع بْن يعقوب بْن مطروح، العدل , الإِمَام وجيه الدّين. [المتوفى: 681 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وستّمائة، ومات بالإسكندرية فِي نصف ذي الحجة، أكثر عن الصفراوي، وجعفر الهمداني.(15/452)
32 - عبد المعطي بن عبد الكريم، الخطيب، جمال الدين الخزرجي، المصري. [المتوفى: 681 هـ]
توفي في المحرم بمصر، روى هو وولده محمد عن: ابن اللّتِّي، وروى هو عن: ابن المفضل وجماعة، وقارب مائة عام.(15/452)
33 - عطا ملك بن محمد بن محمد، الأجل، علاء الدين، صاحب الدّيوان، ابن الصّاحب بهاء الدّين الْجُوينيّ، الخُراساني، [المتوفى: 681 هـ]
أخو الصاحب الكبير الوزير شمس الدّين.
كَانَ إليهما الحلّ والعقد فِي دولة أبغا، ونالا من الجاه والحشمة ما يتجاوز الوصف.
وفي سنة ثمانين قدم بغداد مجد الملك العجميّ، فأخذ صاحب الدّيوان علاء الدّين وغلّه وعاقبه، وأخذ أمواله وأملاكه، وعاقب سائر خواصه، فلمّا عاد منكوتمر من الشّام مكسورًا حمل علاء الدّين معهم إلى هَمَذان، وهناك مات أبغا ومنكوتمر، فلمّا ملك أرغون بْن أبغا طلب الأخوين فاختفيا، فتُوُفّي علاء الدّين فِي الاختفاء بعد شهر، ثم أخذ ملك اللور يوسف أمانًا من أرغون للصّاحب شمس الدّين وأحضره إلَيْهِ، فغدر بِهِ أرغون وقتله بعد موت أخيه بقليل، ثمّ فوّض أرغون أمر العراق إلى سعد الدين العجمي، والمجد ابن الأثير، والأمير علي جكيبان، ثم قتل أرق وزير أرغون الثلاثة بعد عام.
وكان علاء الدّين وأخوه فيهما كَرم وسُؤْدُد وخبرة بالأمور، وفيهما عدل ورفق بالرّعيّة وعمارة للبلاد.
ولي علاء الدّين نظر العراق سنة نيفٍ وستّين بعد العماد القزوينيّ، فأخذ فِي عمارة القرى وأسقط عَنِ الفلاحين مغارم كثيرة إلى أن تضاعف دخل العراق، وعمر سوادها وحفر نهرًا من الفرات مبدأه من الأنبار ومُنْتهاه إلى مشهد علي رضي الله عنه، فأنشأ عَلَيْهِ مائة وخمسين قرية.
ولقد بالغ بعض الناس وقال: عمّر صاحب الدّيوان بغداد حتّى كانت أجود من أيام الخليفة، ووجد أهل بغداد به راحه.
وحكى غير واحد أنّ أبغا قدم العراق، فاجتمع فِي العيد الصّاحب شمس الدّين وعلاء الدّين ببغداد، فأحصيت الجوائز والصِّلات التي فرَّقا، فكانت أكثر من ألف جائزة وكان الرجل الفاضل إذا صنف كتابًا، ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار، وقد صنَّف شمس الدين محمد ابن الصَّيقل الْجَزَريّ خمسين مقامة وقدّمها، فأعطي ألف دينار.
وكان لهما إحسان إلى العلماء والصُّلحاء، [ص:454]
وفيهما إسلام ولهما نظر فِي العلوم الأدبيّة والعقلية.
وفي وقتنا هذا الإِمَام المؤرخ العلامة أَبُو الفضل عَبْد الرزّاق بْن أَحْمَد ابن الفُوَطيّ مؤرخ عصره، وقد أورد فِي " تاريخه " الَّذِي عَلَى الألقاب ترجمة علاء الدّين مستوفاة: صاحب الديوان هو: الصدر المعظَّم، الصاحب، علاء الدّين، أَبُو المظَّفر، عطا مَلِك ابن الصاحب بهاء الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن أيّوب بْن الفضل بْن الربيع الْجُوينيّ، أخو الوزير شمس الدّين.
قرأت بخطّ الفُوَطيّ: كَانَ جليل الشأن تأدّب بخُراسان وكتب بين يدي والده، وتنقَّل فِي المناصب إلى أنْ ولي العراق بعد قتل عماد الدّين الدّوينيّ، فاستوطنها وعمّر النّواحي، وسدّ البُثُوق، ووفر الأموال، وساق الماء من الفرات إلى النَّجَف، وعمر رباطاً بالمشهد، ولم يزل مطاع الأمر، رفيع القدر، إلى أن بلي بمجد الملك فِي آخر أيّام أباقا بْن هولاكو، وكان موعودًا من السّلطان أَحْمَد أن يعيده إلى العراق، فحالت المنيّةُ دون الأُمنية، وسقط عن فرسه فمات، ونُقل إلى تبريز فدُفن بها.
وله رسائل ونظم، كتب لي منشورًا بولاية كتابة التاريخ بعد شيخنا تاج الدّين عَلي بْن أنجب، وكان مولده فِي سنة ثلاثٍ وعشرين وستّمائة، ومدّة ولايته عَلَى بغداد إحدى وعشرون سنة وعشرة أشهر.
وقرأت بخطّة وفاة علاء الدّين فِي رابع ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وستمائة.(15/453)
34 - عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن، القاضي بهاء الدّين الشّهرزُوريّ، العدّل. [المتوفى: 681 هـ]
تُوُفّي فِي شوّال بدمشق، صحب ابن الصّلاح، وسمع منه ووُليّ قضاءَ زُرَع، وكان شاهدًا عاقدا بسوق القمح.(15/454)
35 - عَلِيّ بْن بشارة، أَبُو الْحَسَن الشبليّ، [المتوفى: 681 هـ]
والد الشّيْخ شرف الدّين الْحُسَيْن الحنفيّ.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.(15/455)
36 - عليّ بْن سلام، الفقيه، كمال الدّين الدّمشقيّ، الشافعي، [المتوفى: 681 هـ]
مدرّس الدَّولعية، والد المفتي شرف الدّين.
كَانَ فقيهًا، عالمًا، متفنّنًا، ذكيًا، ديّنًا، صالحًا، زاهدًا، تُوُفّي كهلًا فِي رمضان بكرة الليلة التي احترقت فيها اللبادين وأسواقها.(15/455)
37 - عَلِيّ بْن صالح بْن أَبِي عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو الْحَسَن العَلَويّ، الحُسَينيّ، المكيّ. [المتوفى: 681 هـ]
سَمِعَ من أَبِي الْحَسَن علي ابن البناء الخلال، حدثنا عَنْهُ أَبُو الْحَسَن ابن العطّار واستجازه لي.
وقال شيخنا التّوزريّ: تُوُفّي فِي نصف رجب سنة إحدى، وأمّا ابن الخبّاز فقال: تُوُفّي فِي عاشر شوّال سنة ثلاثٍ وثمانين، والأول أثبت.
قَالَ البرزاليّ: سَمِعَ " الترمذي " من ابن البناء و" مسند الشافعي " من ابن باقا، قال: وهو تاج الدّين البَهْنَسيّ، عاش نحوًا من خمس وثمانين سنة، وكان إمام المقام وخطيب المسجد الحرام، ومعروفاً بالصّلاح، حضر عند الشّيْخ أَبِي عَبْد اللَّه القُرّشيّ، وعادت بركته عَلَيْهِ، وأجاز لنا مَرْوِيّاته.(15/455)
38 - علي ابن الأمير ناصر الدّين عيسى ابن الأمير سيف الدين أبي الحسن علي ابن الأمير أسد الدين، يوسف بن أبي الفوارس، الأمير، عماد الدّين القَيْمُرِيّ، الكرديّ، [المتوفى: 681 هـ]
ابن صاحب قلعة قَيْمُر.
بطل الخدمة، وأقام بالجبل مدّة، وتُوُفّي فِي رجب بالنّيْرب، ودُفن بتُربة جدّه سيف الدّين التي تجاه مارستانه بالجبل.
وقيمُر بقرب إسعرد، استولى عليها التّتار،
ومات هذا فِي الكهولة.(15/455)
39 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نصر اللَّه بْن أَبِي سُراقة، علاء الدّين، أَبُو الْحَسَن الهمداني، الدّمشقيّ، [المتوفى: 681 هـ]
الكاتب أحد المتصرّفين.
باشر فِي عدّة جهات، وحدَّث عن: ابن الزبيدي وجعفر الهمداني، روى عَنْهُ الشّيْخ برهان الدّين الفَزَاريّ.
تُوُفّي في جمادى الأولى عن تسع وستّين سنة.(15/456)
40 - عُمَر بْن إِسْحَاق، الأمير ناصر الدّين، [المتوفى: 681 هـ]
رئيس دمياط.
مات فِي ربيع الأول.(15/456)
41 - عمر بن حسين، المحدّث، الفقيه، جمال الدّين الختنيّ، الحنفيّ. [المتوفى: 681 هـ]
سَمِعَ: ابن رَوَاج وابن الجمَّيزي وخلْقًا، وطلب وأسمع ولده يوسف، روى عَنْهُ ابنه.
مات فِي ذي الحجّة.(15/456)
42 - عُمَر بْن منصور بْن إِسْحَاق، الأمير ناصر الدّين الأرسوفي. [المتوفى: 681 هـ]
روى عن أبي عبد الله ابن البنّاء البغداديّ، ومات بدمياط فِي ربيع الأوّل، وحمل ودفن بالقرافة، وأظنه هُوَ رئيس دمياط.(15/456)
43 - عيسى بْن إسماعيل بن عيسى، أبو التقى المخزوميّ. [المتوفى: 681 هـ]
وُلِد بمَنْبج سنة ستّمائة، ومات فِي ربيع الآخر، حدَّث عن ابن رُوزبَة.(15/456)
44 - عيسى بن علي، الأندلسي، الكتبي. [المتوفى: 681 هـ]
سمع السَّخاوي.(15/456)
45 - غمراسن - وقيل يغمراسن - بْن عَبْد الواد سلطان تِلِمسان. [المتوفى: 681 هـ]
غلب عَلَى مدينة تِلِمسان عند ضعف بني عَبْد المؤمن وطالت أيّامه، وَكَانَ أَحَدَ مَنْ يُضرب بِهِ الْمَثَلُ فِي الشجاعة، وهو الَّذِي قتل السعيد عَلِيّ بْن إدريس المؤمني غدْرًا بنواحي تِلِمسان.
مات غمراسن فِي العشرين من ذي القعدة سنة إحدى، وبقي فِي المُلْك سبعين عامًا أو أقل، وتملك بعده ابنه عثمان.(15/456)
46 - فخر الدّين العراقيّ، [المتوفى: 681 هـ]
شيخ الصّوفيّة بدمشق.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(15/456)
47 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُرْهَف بْن عَبْد اللَّه، الرشيد ابن الشّيْخ المقرئ تقيّ الدّين النّاشريّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 681 هـ]
سَمِعَ من الفارسيّ فخر الدّين وابن باقا، مات فِي رجب.(15/457)
48 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عمران بْن كُلَيْب، العابد، الإِمَام، أبو عبد الله ابن الدهّان. [المتوفى: 681 هـ]
تُوُفّي فِي شوّال بالإسكندرية، روى بالإجازة عن: أَبِي جَعْفَر الصَّيدلاني وغيره، وسمع من عليّ بْن المفضَّل، وعاش تسعين سنة،
وقيل: مات سنة اثنتين.
سَمِعَ منه: أَبُو حيّان، والصّفيّ العراقيّ، والقُطب الحلبيّ.(15/457)
49 - مُحَمَّد ابْن الشّيْخ عزّ الدّين عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد السَّلَام، السُّلَميّ، الدّمشقيّ، شَرَفُ الدّين، [المتوفى: 681 هـ]
إمام المدرسة الظاهرية التي بالقاهرة.
كَانَ أكبر إخوته، تُوُفّي فِي شعبان،
حدَّث عن: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سيّدهم، وعليّ بْن عَبْد الوهّاب بْن الحبقبق وغيرهما، وله مجاميع وفوائد.(15/457)
50 - محمد الإِمَام المدرّس صلاح الدّين ابن العلامة شمس الدّين عليّ الشَّهرزوري، الشّافعيّ، [المتوفى: 681 هـ]
مدرّس القيمُرية وابن مدرسها، وأبو مدرسها القاضي، الإمام، شمس الدين علي، أبقاه اللَّه وغفر لَهُ.
تُوُفّي شابًّا فِي رجب، وكذا تُوُفّي بعده أخوه شَرَف الدّين أَحْمَد شابًّا، وبينهما شهر ويومان، رحمهما اللَّه، فلمّا أُديرت الدروس فِي شوّال درّس بالمدرسة المذكورة القاضي الإمام بدر الدين محمد ابن جماعة، وحضر درسه القضاة والأئمّة.
قرأت بخطّ الإِمَام أَبِي عَبْد الله ابن الفخر: تُوُفّي صاحبي المنغَّص عَلَى شبابه، صلاح الدين محمد ابن القاضي شمس الدّين علي بْن محمود يوم الثلاثاء الثّاني والعشرين من رجب وله أربعٌ وثلاثون سنة أو أَزيَد بيسير، وكان حَسَن الأخلاق، كريم الشِّيم والعشرة، بَشُوش الوجه، حَسَن الخَلق والخُلُق، [ص:458]
رحمه اللَّه، وعوّض شبابه الجنّة، ودُفن بمقبرة الصّوفيّة خارج باب النّصر.(15/457)
51 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد وزير ممالك التّتار، الصاحب، شمس الدّين الْجُوينيّ. [المتوفى: 681 هـ]
قتله أرغون بن أبغا مظلوما في آخر العام، أو فِي سنة اثنتين.(15/458)
52 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن نجيب، أَبُو البدر الواسطي، المعدل، الفقيه، [المتوفى: 681 هـ]
نزيل بغداد.
تفقّه بالنظامية، وسمع: ابن بهروز وابن الخازن.
توفي في ذي الحجة، ولقبه كمال الدّين، مات كهلًا.(15/458)
53 - محمود بْن سلطان بْن محمود، البَعْلَبكّيّ، الزّاهد، القُدوة. [المتوفى: 681 هـ]
صحب أَبَاه وخَدَمه، وصحب الشّيْخ إِبْرَاهِيم البطائحيّ وغيره.
ذكره الشّيْخ قُطْب الدّين، فقال: كَانَ من الأولياء الأفراد وأرباب الأحوال والمعاملات، صحب والده وأخذ عَنْهُ، وصحب والدي ولازمه إلى حين وفاته، ولبس الخرقة تبرُّكًا من الشّيْخ إِبْرَاهِيم، ولبسها من الشيخ عبد الله البطائحي صاحب الشيخ عَبْد القادر، تُوُفّي فِي خامس رمضان، ودفُن بتربة سيّدنا الشّيْخ عَبْد اللَّه إلى جانب والده، وقد ناهز المائة، ذكر أنّ والده أخبره أنّه لمّا عاد من وقعة حِطّين كان لك من العمر أحد عشر شهرًا، ووقعة حطين كانت فِي سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة.
قلت: روى عن البهاء عَبْد الرَّحْمَن، روى عَنْهُ شمس الدّين ابن أَبِي الفتح.(15/458)
54 - محمود بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن، العلامة، برهان الدّين المَرَاغيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 681 هـ]
وُلِد سنة خمسٍ وستّمائة، وسمع بحلب من أَبِي القاسم بْن رواحة، والقاضي زين الدّين ابن الأستاذ، روى عَنْهُ المِزّيّ وابن العطّار وابن البِرْزاليّ وجماعة، وكان إمامًا، مفتياً، مناظراً، أصولياً، كثير الفضائل، [ص:459]
درس وأفتى وأشغل بدمشق مدة، وكان مع براعته في الفضائل صالحاً، زاهداً، متعفّفًا، عابدًا.
قَالَ قُطْب الدّين: عُرِض عَلَيْهِ قضاء القضاة فامتنع، وعُرِض عَلَيْهِ مشيخة الشيوخ فامتنع أيضًا، وكان لطيف الأخلاق، كريم الشمائل، عارفًا بالمذهب، والأصول، مكمل الأدوات، تُوُفّي فِي الثالث والعشرين من ربيعٍ الآخر، ودُفِن بمقابر الصّوفيّة، قلت: وكان عالمًا بالأصلين والخلاف، لَهُ حلقة بالجامع، وكان شيخاً طوالاً حسن الوجه، مهيباً، متصوفاً.
وقال لنا ابن أَبِي الفتح: عُرِضت عَلَيْهِ الوكالة فأباها، وعُرِض عَلَيْهِ القضاء لمّا عُزل ابن خلكان فأبى ودرّس مدّة بالفلكية.(15/458)
55 - مذكور بْن ناصر، اللَّخمي، المنذري. [المتوفى: 681 هـ]
مات ببلبيس في صفر، سمع أبي العباس القرطبي.(15/459)
56 - المقداد بْن أَبِي القاسم هِبَة اللَّه بْن عَلِيّ بْن المقداد، الشّيْخ نجيب الدّين، أَبُو المرهف القيسي، الشافعي. [المتوفى: 681 هـ]
ولد سنة ستمائة.
سَأَلت أَبَا الحَجّاج الحافظ عَنْهُ، فقال لي: هُوَ أَبُو المُرْهَف الصّقلي الأصل، البغداديّ المولد، الدّمشقيّ الدّار، شيخ جليل، كثير السّماع.
سَمِعَ ببغداد من عبد العزيز ابن الأخضر، وأحمد ابن الدّبيقيّ، وأبي البقاء العُكْبَريّ فِي آخرين، وبمكّة من الحافظ أبي الفتوح نصر ابن الحُصَري شيئًا كثيرًا، وأجاز لَهُ المؤيَّد الطُّوسيّ والقاسم ابن الصَفّار وآخرون.
قلت: وسمع من عَبْد العزيز بن منينا، وأبي منصور ابن الرزّاز، وأبي القاسم موسى بن سعيد الهاشميّ، وثابت بْن مشرّف، وبمكة من عَلِيّ ابن البناء، روى عنه الدمياطي وابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطّار، وأبو الْعَبَّاس ابن تيميّة، والمِزّيّ، والقاضي صدر الدين سليمان الهاشمي، والبرزالي، وأبي: أَحْمَد الذهبيّ، والخطيب شمس الدّين إمام الكلاسة، [ص:460]
وطائفة، وسمع الكثير وحدّث بِهِ، وانتفع بْه الطّلبة واشتهر ذِكره.
وكان عدْلًا، صدوقا، خيَّرًا، تاجرًا، تُوُفّي فِي ثامن شعبان، ودُفن بسفح قاسيون، أجاز لي مروياته.(15/459)
57 - منكوتمر بْن هولاكو بْن تولى بْن جنكزخان، المغُلي، [المتوفى: 681 هـ]
أخو الملك أبغا ومقدَّم التتار الذين عملوا المصافّ فِي عام أولٍ مَعَ المسلمين بظاهر حمصٍ.
كَانَ ذا شجاعة وإقدام وسفكٍ للدّماء وجراءة على الله وعلى عباده.
ذكره ابن اليُونينيّ فقال: هُوَ نصرانيّ، جُرح يوم المصافّ وحصل لَهُ ألمٌ شديد، وغمّ عَلَى ما جرى عَلَيْهِ، وحدّثَتْه نفسه بجمع العساكر من سائر ممالك أبِيهِ وقصْد الشّام للأخذ بثأره، فَبَغَته موت أبغا، ففتّ ذَلِكَ فِي عضُده، وتملّك بعد أبغا أخوه الملك أَحْمَد وهو مسلم، فانكسرت هّمة منكوتمر واعتراه صرعٌ متدارك، فتُوُفّي فِي العشر الأوّل من المحرّم، ببلد جزيرة ابن عمر، بقرية تلّ خنزير، وقيل: تُوُفّي فِي أواخر سنة ثمانين، وله نحوٌ من ثلاثين سنة أو أكثر.(15/460)
58 - هبة اللَّه، المعروف بالسّديد، الماعز، القبطيّ، النَّصرانيّ، [المتوفى: 681 هـ]
مستوفي المملكة.
كَانَ ماهرًا فِي الحساب، مقدَّماً عَلَى أبناء جنسه، معروفًا بالأمانة، وله مكانه وافرة عند الملك المنصور والوزير يستضيء برأيه، وما عَلَى يده يد، وكان فِيهِ خدمة وتودُّد ومُداراة وإقالة لعَثَرات الكُتّاب، متمسكًا بمِلْته، كثير الإحسان والصداقات عَلَى النَّصارى.
هلك فِي عاشر المحرّم وهو فِي عشْر السّبعين بالقاهرة، وعجّل اللَّه بروحه إلى النار، ورتب السلطان ولده الشّيْخ الأسعد جرجس مكانه، فتضاعفت منزلته، وشُكِرت سيرته.(15/460)
59 - لاجين الأمير، حسام الدّين العَيْنتابي. [المتوفى: 681 هـ][ص:461]
شارك فِي نيابة السّلطنة بحلب، وكان بطلًا شجاعاً، سائساً، جميل الصورة.(15/460)
60 - أبو بكر بن عبد الله بن كزمان بْن يوسف، الدّمشقيّ، الفرّاء. [المتوفى: 681 هـ]
روى عن السّخاويّ وغيره، وكان شيخًا صالحًا، تُوُفّي فِي شوّال.(15/461)
61 - أَبُو طَالِب بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي طَالِب بن بدر، الدمشقي، العطار، سعد الدين ابن بدر الطويل. [المتوفى: 681 هـ]
روى عن ابن اللّتّي، ومات فِي صفر، وقد رَأَيْته ولم يكن أحد فِي البلد أطول منه، وكان لا يجد مَدَاسًا إلّا أن يستعمله عَلَى قالب أُعِدّ لَهُ.(15/461)
-وفيها وُلِد:
شمس الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن تمّام السّرّاج والده فِي نصف جمادى الأولى بدمشق، وبشر بن إبراهيم البعلي.(15/461)
-سنة اثنتين وثمانين وستمائة(15/462)
62 - أحمد ابن الشيخ شهاب الدين أبي المحامد إِسْمَاعِيل بْن حامد، نجم الدّين، أَبُو الْعَبَّاس، ابن القوصي. [المتوفى: 682 هـ]
شيخ حسن عدل، سمع: أبا محمد ابن البُن، وأبا المجد القزوينيّ، وأبا القاسم بْن صَصْرى، وزين الأُمناء وجماعة، روى عَنْهُ ابن الخباز والبرزالي وغيرهما.
ومات في ربيع الآخر.(15/462)
63 - أحمد ابن السّابق بشارة، الشّبليّ، عماد الدّين. [المتوفى: 682 هـ]
سَمِعَ: من ابن الّلّتي.(15/462)
64 - أَحْمَد بْن حجّي بْن برُيد، الأعرابيّ، الأمير، [المتوفى: 682 هـ]
شيخ آل مري.
كَانَ أحد الأبطال المذكورين والشّجعان المعروفين، كانت غاراته تصل إلى نجد والحجاز ويؤدّون لَهُ الخفر، حتّى إن صاحب المدينة جمازاً، يؤدي له القطيعة ويداريه، وكان لَهُ المنزلة الرفيعة عند السّلطان الملك الظّاهر والسّلطان الملك المنصور، وكان يزعم أنّه من نسل جَعْفَر البرمكيّ وزير الرّشيد، وأنّه من أولاد أخت هارون الرشيد، وكان إذا حضر عند قاضي القضاة شمس الدين ابن خَلْكان يَقُولُ: أنت ابن عمّي، ويضيفه القاضي وبينهما مُهاداة ولهذا قام معه فِي نصره لمّا أذاه الأمير عَلَم الدّين الحلبيّ نوبة سُنْقُر الأشقر وكاتب فِيهِ إلى مصر، وكان آفة عَلَى الناس فِي الطُّرُقات، وخلّف عدّة أولاد.(15/462)
65 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هبة اللَّه ابْن المنصور بالله، أَبُو الفضل الهاشميّ، المنصوريّ. [المتوفى: 682 هـ]
روى عن ابن رُوزبة، وتُوُفّي فِي رجب ببغداد.(15/462)
66 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عامر، العماد المقدسيّ، الأشتر. [المتوفى: 682 هـ]
من مشاهير الشُّهود، لَهُ ترجمة ضعيفة ويُرمى بالتّزوير، حدثونا عَنْهُ أنّه [ص:463]
كَانَ يكتب فِي كلّ إثبات يقع فِي يده ويصيح ويقول بجهل: أنا بقي إسجال عَلَى القُضاة ما شهدت فِيهِ.
تُوُفّي فِي ذي القعدة، وقد روى لنا ولده السديد عبد الله عن النجيب ابن الصيقل.(15/462)
67 - أحمد بن محمد ابن مهنا، العلامة جمال الدين الحسيني، العبيدلي. [المتوفى: 682 هـ]
قال الفوطي: عارف بالأنساب وفنون الآداب، أوحد في علمه، صنف كتاب " وزراء الزَّوراء "، كتب عني وكتبت عنه، مات ببغداد فِي صفر.(15/463)
68 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي، القدوة الزاهد، نجم الدين ابن القَش البغداديّ، [المتوفى: 682 هـ]
من بقايا المشيخة ببغداد.
كَانَ شيخنا شمس الدّين يُثني عَلَيْهِ ويذكره.
قرأت بخطّ الفوَطيّ: أنّه كَانَ ممّن صحب الشّيْخ عُثْمَان القصير وتاب عَلَى يده وتفقّه لأحمد، وسمع من أصحاب أَبِي الوقت، وصحب جدّي لأمي العفيف ابن الظهيري، ولما رجعت من مراغة أهدى لي فواكه وأعطاني دراهم غير مرّة، تُوُفّي ببَعْقُوبا فِي رجب، ودفن إلى جانب شيخه الشّيْخ عَلِيّ بْن إدريس.(15/463)
69 - أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن قُمَيْر، أَبُو الْعَبَّاس المالكي. [المتوفى: 682 هـ]
من أعيان الفقهاء،
تُوُفّي بالدّميرتين، وهو فِي عشْر السبعين في رمضان، وكان من الزُّهاد، أخذ عن أَبِي الحَجّاج الأقصري.(15/463)
70 - أَحْمَد بْن أَبِي الهيجاء، الزّرّاد، الحريريّ، الصّالحيّ [المتوفى: 682 هـ]
والد شيخنا أَبِي عَبْد الله.
كَانَ رجلًا جيّدًا، سَمِعَ الكثير من خطيب مردا، ومحمد بْن عَبْد الهادي مَعَ ولده، وسمع منه: النَّجم ابن الخبّاز.
تُوُفّي فِي رمضان وله ثمانون سنة أو نحوها.(15/463)
71 - إِبْرَاهِيم بْن تروس بْن عبد اللَّه، برهان الدين الحنبلي، التاجر بقيسارية الفرش. [المتوفى: 682 هـ][ص:464]
سمع من السخاوي، والتاج القُرطبي، والرشيد ابن مَسْلَمَة، ثمّ سَمِعَ بنفسه وحصّل، كتب عَنْهُ ابن أَبِي الفتح، وابن البِرْزاليّ وجماعة، ومات فِي ذي القعدة.(15/463)
72 - إِبْرَاهِيم بْن المبارك بْن أَبِي البقاء، الطّيبّيّ، البغداديّ. [المتوفى: 682 هـ]
سَمِعَ من أَحْمَد بْن يعقوب المارستّاني، وابن القُبّيطيّ، وجماعة، ومات فِي ذي الحجّة ببغداد، وحدَّث.(15/464)
73 - إِبْرَاهِيم بْن محمد بن أبي العز، أبو إسحاق الحربي، العتابي. [المتوفى: 682 هـ]
سمع: عبد الملك بن قيبا، وابن الخازن، وأعز بْن العليق، كتب عنه الفرضي، وتوفي في ذي الحجة.(15/464)
74 - إبراهيم بن أبي إسحاق بن إبراهيم، الإمام أبو إسحاق الطرزي، الدَّامغاني، الحنفي. [المتوفى: 682 هـ]
قال الفرضي: كان مفتيا، عارفا بالمذهب، زاهدا، قدم بخاري وتفقه بها، وسمع من أَبِي المعالي الباخَرْزيّ ورجع إلى بلده، قَالَ: تُوُفّي فِي هذه السّنة فِي غالب ظني.(15/464)
75 - إِبْرَاهِيم بْن يحيى بْن عَبْد الواحد بْن عُمَر، صاحب إفريقية، المجاهد فِي سبيل اللَّه، أمير المسلمين أبو إسحاق ابن الأمير أبي زكري. [المتوفى: 682 هـ]
هُوَ الَّذِي توثب عَلَى ابن أخيه المخلوع وأقام في المملكة أربعة أعوام، فخرج عليه الدَّعي وقتله صبراً في هذا الوقت، وسنذكر الدعي في العام الآتي.(15/464)
76 - إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي طَالِب بْن كُسيرات، الصّدر، مجد الدّين، أَبُو الفداء المَوْصِليْ. [المتوفى: 682 هـ]
ولي المناصب الكبار بالموصل، ثمّ قدِم الشّام وولي نظر حمص مدّةً، ثمّ قدِم دمشق، فولي نظر الدّواوين، فلمّا تسلطن شمس الدّين سُنْقُر بدمشق استوزَره، فباشر تلك الأيام مكرهاً، وحصل له من صاحب مصر مصادرة [ص:465]
ونكَد، ثم لزم بيته وحج وأقام بطالا بجبل قاسيون إلى إن مات في رمضان وقد جاوز السبعين.(15/464)
77 - إسماعيل بن هبة الله بن علي بن المقداد، أبو الفداء، القيسي، ناصر الدين، [المتوفى: 682 هـ]
أخو الشيخ نجيب الدين ووالد صاحبنا علاء الدين وحمو قاضي القضاة شمس الدين محمد ابن الحريري.
توفي في شوال.(15/465)
78 - إِسْمَاعِيل بْن أبي عَبْد اللَّه بْن حَمّاد، العَسْقَلانيّ، ثم الصَّالحيّ، أبو الفداء. [المتوفى: 682 هـ]
ولد سنة بضعٍ وتسعين وخمسمائة، وسمع من حنبل، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وابن الحَرَسْتانيّ، وغيرهم، وكان من الشيوخ المُسْنِدين، روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العَطَّار، والمِزّيّ، والبرزالي، وآخرون.
وسألت عَنْهُ أَبَا الحَجّاج المِزّيّ فقال: سَمِعَ " المُسْنَد " من حَنْبل، وسمع من ابن طَبَرْزَد عامة ما قُرئ عَلَيْهِ بالجبل، وأجاز لَهُ أَبُو جَعْفَر الصَّيْدلانيّ وسمعنا منه أشياء كثيرة، وكان أُمّيّاً.
وقال ابن العطار: حضر جزءًا فِي الرابعة من عُمُره سنة تسعٍ وتسعين فِي رجب عَلَى أَبِي المجد الْحَسَن بن الحسن الأنصاري، وتوفي في ذي القعدة.(15/465)
79 - بدر بْن عَبْد اللَّه، الآمديّ، الخادم. [المتوفى: 682 هـ]
يروي عَنْ كريمة، وقد سَمِعَ الكثير مَعَ الشَّرَف النّابلسيّ.
كتب عَنْهُ عَلَم الدِّين وغيره، ومات فِي رجب.(15/465)
80 - الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه، أَبُو عَبْد اللَّه الشَّهْرَزُوريّ، الفقيه، الشّافعيّ. [المتوفى: 682 هـ]
إمام، علامة، زاهد، عابد، قائم عَلَى المذهب، نزل بغداد، وسمع من المؤتمن ابن قُمَيْرة وغيره.
تُوُفّي فِي ذي القعدة، وهو من شيوخ الفَرَضيّ.
قَالَ الفُوَطيّ: أفتى عدة سنين، وكان يحفظ كتاب " المهذب " لأبي إِسْحَاق، وكان أُمّيًّا، وكان مدرّسًا بمدرسة فخر الدين ابن القاضي، سألته عن [ص:466]
مولده فقال: سنة عشر وستّمائة تقريبًا.(15/465)
81 - الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عسكر، [المتوفى: 682 هـ]
أخو الشيخة هديّة.
روى عَنْ ابن اللّتّي وغيره، تُوُفّي فِي ربيع الأول، وكان قيّم حمّام، وصحب ابن الكمال وخدمه.(15/466)
82 - الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَبِي المنصور، الأَنْصَارِيّ الشّيْخ القدوة صفيّ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي بمصر فِي ربيع الآخر، وله سبعٌ وثمانون سنة، وكان صاحب زاوية بالقرافة، وتؤثَر عَنْهُ كرامات وكشْف، وكان الوزير وغيره من الأكابر يمشون إلَيْهِ ويتبرّكون بِهِ، وقد كتب فِي الإجازات وحدَّث عَنْ أَبِي الحسن علي ابن البناء، أخذ عَنْهُ عتيق العُمري وصحبه.
وقفت عَلَى كراس لهذا الشّيْخ فِي لُقيه الأولياء وفيه عظائم لا تحتمل، والله الموعد.(15/466)
83 - خليل بن عبد الغني بن خليل بن مقلّد، الشيخ، صفي الدين ابن الصائغ، الأنصاري، الدمشقي، الرجل الصالح، [المتوفى: 682 هـ]
ابن عمّ قاضي القضاة.
تُوُفّي فِي رجب، ودُفن بقاسيون، وكان ديّنًا، كثير العبادة، لا أعلم لَهُ رواية.(15/466)
84 - زكريًا بْن محمود، الإِمَام أَبُو يَحْيَى الأَنْصَارِيّ، الأنسي، القزويني، القاضي عماد الدين، [المتوفى: 682 هـ]
قاضي واسط.
وقد كان قاضي الحِلّة فِي أيّام الخليفة، وله تصانيف منها كتاب " عجائب المخلوقات ".
مات فِي سابع المحرَّم.(15/466)
85 - زهرون بْن خَلَف بن زهرون، الدّمياطيّ. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي فِي شوّال بمصر، وقد حدّث.(15/466)
86 - زين الحرمين، بنت الصاحب كمال الدين عمر ابن العديم، [المتوفى: 682 هـ]
وأمّ المولى الإِمَام بهاء الدّين يوسف ابن العجمي. [ص:467]
تُوُفيت فِي جمادى الأولى، ولها سماع، ولعلّها حدثت وكانت كاتبة خيرة.(15/466)
87 - سعيد بْن أَحْمَد بن سعيد، أَبُو العزّ الطّيبيّ ابن خطيب الطّيّب. [المتوفى: 682 هـ]
شيخ بغدادي، إمام فِي الفرائض، سَمِعَ من أَبِي الْحَسَن القَطِيعيّ، وأبي المنجى ابن اللتي، وجماعة، ومات عن خمسٍ وخمسين سنة في ذي القعدة ببغداد.(15/467)
88 - صفية ابنة محمد بن عيسى ابن الشيخ موفق الدين ابن قُدامة، المقدسيَّة، [المتوفى: 682 هـ]
زَوْجَة الشّيْخ تقيّ الدّين إِبْرَاهِيم ابن الواسطي.
سمعت من ابن اللتي وجعفر الهمداني، روى عنها علم الدين والطلبة وتوفيت في ربيع الآخر بالجبل.(15/467)
89 - عَبَّاس بْن عُمر بْن عبدان، الفقيه، عفيف الدّين، أَبُو الفضل البَعْلَبَكيّ، الحنبليّ، المقرئ، الرجل الصّالح. [المتوفى: 682 هـ]
كَانَ إمام مسجد بالعُقيبة، وقد سَمِعَ من الشّيْخ الموفَّق، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، والمجد القزوينيّ، وزين الأمناء ابن عساكر، وقرأ شيئًا من الفِقْه عَلَى الشّيخ الموفق أيضاً، روى عنه أبو الحسن ابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة.
توفي الفقيه عباس فِي ذي الحجّة وبلغني أنّه قرأ " العُمْدَه " على الشّيْخ الموفَّق.(15/467)
90 - عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى بْن أَبِي بَكْر بْن يوسف بْن حيّون، الغسّاني، الشيخ جمال الدين أبو محمد الجزائري، [المتوفى: 682 هـ]
نزيل دمشق.
شيخ محدث، عالم متقن، كثير الرواية، مليح الكتابة، نسخ الكثير وعني بالحديث، مَعَ فهمٍ ومعرفة وديانة وعبادة وتواضع، فسمع بمصر من جماعة من أصحاب السِّلفي، وحدّث عَنْ: أبي الخطاب بن دحية الحافظ، وأخيه أبو عمرو عثمان، ويوسف ابن المخيليّ، وأبي الْحَسَن السّخاويّ، وكريمة القُرشيّة، وأبي عمرو ابن الصلاح، وإبراهيم ابن الخُشُوعيّ، ثم لم يزل يسمع ويكتب إلى أواخر عمره. [ص:468]
روى عنه النجم ابن الخبّاز، وابن العطّار، والمِزّي، وابن تيميّة، وطائفة سواهم، وأجاز لي مَرْوِيّاته، وولي مشيخة النّجيبيّة التي هِيّ سَكَن أَبِي الحَجّاج المِزّي، وبها تُوُفّي فِي شوال.(15/467)
91 - عَبْد الحليم بْن عَبْد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم، الإِمَام، المفتي، المفنّن شهاب الدّين ابن العلامة شيخ الإسلام أبي البركات ابن تيمية الحراني، الحنبليّ، [المتوفى: 682 هـ]
نزيل دمشق، والد شيخنا.
وُلِد سنة سبعٍ وعشرين وستّمائة بحرّان، وسمع من أَبِي المنجى ابن اللّتي، وأبي القاسم بْن رواحة، وحامد بن أميري، وعلي بن أبي الفتح الكباري، وأبي الحَجّاج بْن خليل، وعيسى الخيّاط، وقرأ المذهب حتّى أتقنه عَلَى والده، ودرّس وأفتى وصنّف وصار شيخ البلد بعد أبِيهِ وخطيبه وحاكمه.
وكان إمامًا متقنًا، محقّقًا لما ينقله، كثير الفنون، جيّد المشاركة فِي العلوم، لَهُ يد طُولي فِي الفرائض والحساب والهيئة، وكان ديّنًا، خيرًّا، متواضعًا، حَسَن الأخلاق، موطَّأ الأكناف، كريمًا جوادًا، نبيلًا، من حَسَنات العصر.
تفقّه عليه ولداه أَبُو الْعَبَّاس وأبو مُحَمَّد، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ عَلَى المنبر ولده، أيّده اللَّه بروحٍ منه، وكان قدومه إلى دمشق بأهله وأقاربه مهاجرًا فِي سنة سبعٍ وستَين وستّمائة.
وتُوُفّي ليلة الأحد سلخ ذي الحجة، ودفن بمقابر الصوفية، وكان الشيخ الشهاب من أنْجُم الهدى، وإنّما اختفى بين نور القمر وضوء الشمس.(15/468)
92 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مفلح، المقدسيّ، الصّالحيّ، [المتوفى: 682 هـ]
قيّم المدرسة الشامية.
روى ابن الزبيدي، وابن اللتي، أخذ عنه ابن الخباز، وابن البرزالي، [ص:469]
وغيرهما، ومات في ربيع الْأَوَّل.(15/468)
93 - عَبْد الرَّحْمَن بن أحمد بن عباس بن أحمد بن بشير، كمال الدين، أبو الفرج اللخمي، المصري، ثم الدمشقي، المعروف بابن الفاقوسي، [المتوفى: 682 هـ]
إمام المدرسة المجاهدية.
روى عن أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وداود بْن ملاعب، وابن البنّ، روى عنه ابن البرزالي، وابن تيمية، والمزي، والطلبة،، وكان له شعر وفيه نباهة , وخطه مليح.
تُوُفّي فِي شعبان وله خمسٌ وسبعون سنة رحمه الله.(15/469)
94 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن قدامة، شيخ الإسلام وبقية الأعلام، شمس الدّين، أَبُو مُحَمَّد وأبو الفرج، ابن القُدوة الشّيْخ أَبِي عمر، المقدسيّ، الْجُمّاعيليّ، ثمّ الصّالحيّ، الحنبليّ، الخطيب، الحاكم. [المتوفى: 682 هـ]
وُلِد فِي المحرَّم سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة بالدّير المبارك بسفح قاسيون، وسمع حضورًا من ستّ الكَتَبة بِنْت الطّرّاح سنة تسعٍ وتسعين، وسمع من أبيه وعمّه الشّيْخ الموفَّق وعليه تفقّه، وعرض عَلَيْهِ " المقنع " وشرحه عليه، وشرحه في عشر مجلدات.
وسمع أيضًا من حنبل، وعمر بْن طَبَرْزد، وأبي اليُمْن الكنْدي، وأبي القاسم ابن الحَرسَتانيّ، وأبي المحاسن مُحَمَّد بْن كامل، والقاضي أبي المعالي أسعد بن المنجى، وابن البنّاء، وابن ملاعب، وأبي الفتوح البكريّ، وأبي الفتوح الجلاجلي، والشيخ العماد، والشهاب ابن راجح، والشمس الْبُخَارِيّ، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، والعزّ ابن الحافظ، والشمس أَبِي القاسم العطّار، وأبي الْحُسَيْن غالب بن عبد الخالق الحنفي، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن سيدهم، ومحمد بْن وهب بْن الزّنف، ونصر اللَّه بْن نوح الْمَصْرِيّ، والموفق عَبْد اللطيف اللُّغوي، وهبة اللَّه الكهفي، ويوسف بن أبي الحسين الزّاهد. وطلب الحديث بنفسه، وكتب وقرأ عَلَى الشيوخ، فقرأ على: ابن الزبيدي وجعفر الهمداني، والضّياء المقدسيّ وطائفة. وسمع بمكة من أَبِي المجد القزويني، والتقي علي بن باسويه الواسطيّ، وبالمدينة من أَبِي طَالِب عَبْد المحسن بْن أَبِي العميد الخفيفيّ، وبمصر من مرتضى بْن أَبِي الجود، [ص:470]
وبركات بْن ظافر بْن عساكر، وإبراهيم بْن الجبّاب، وجماعة وأجاز لَهُ: الإِمَام أَبُو الفَرَج ابن الجوزي، وأبو جعفر الصيدلاني، وأبو سعد عبد الله ابن الصفار، وعفيفة الفارفانية، وأبو الفتح المندائيّ وخلق كثير.
روى عَنْهُ الأئمّة أَبُو زكريّا النّواويّ، وأبو الفضل بْن قُدامة الحاكم، وأبو الْعَبَّاس ابن تيميَّة، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحسن ابن العطّار، وأبو الحَجّاج الكلبيّ، وأبو إِسْحَاق الفَزَاريّ، وأبو الفداء إِسْمَاعِيل الحرّانيّ، وأبو عَبْد اللَّه بن مسلم، والبدر أبو عبد الله التّادفي، والزَّين عبد الرحمن اليلداني، وأبو عَبْد اللَّه بْن أبي الفتح، وأبو مُحَمَّد البِرزاليّ وخلق كثير.
وتفقه عَلَيْهِ غير واحد، ودرّس وأفتى، وصنّف، وانتفع بِهِ النّاس، وانتهت إليه رياسة المذهب فِي عصره، وكان عديم النّظيرِ عِلمًا وعملًا وزُهدًا وصلاحًا.
ولقد بالغ نجم الدّين ابن الخبّاز المحدّث وتعب وجمع سيرة الشّيْخ فِي مائة وخمسين جزءاً، تجيء ست مجلدات كبار، ولعل ثلثها مما يختصّ بترجمة الشّيْخ، والباقي فِي ترجمة النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكون الشّيْخ من أمته، وفي ترجمة الإمام أبي عبد الله أَحْمَد بْن حنبل وأصحابه، وهلُمّ جَرّا إلى زمان الشّيْخ.
وذكر أنّه حجّ ثلاث مرّات، الأولى سنة تسعٍ عشرة، والثانية سنة إحدى وخمسين، وحجّ معه شيخنا تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وكانت وقفة الجمعة، والثالثة سنة ثمانٍ وسبعين لأنّه رَأَى النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطلبه فِي المنام، فقام بذلك.
وحضر من الفتوحات: الشّقيف فِي سنة ستٍّ وأربعين، وصفد فِي سنة أربعٍ وستّين، والشّقيف ويافا سنة ستٍّ وستّين، وحصن الأكراد سنة تسعٍ وستين.
وكان كثير الذّكر والتّلاوة، سريع الحفظ، مليح الخطّ بمرّة، يصوم الأيّام البيض وعشر ذي الحجّة والمحرَّم، وكان رقيق القلب، غزير الدّمعة، سليم القلب، كريم النّفس، كثير القيام بالليل والاشتغال بالله، محافظًا عَلَى صلاة الضُّحى، ويصلّي بين العشاءين ما تيسر، وكان يبلغه الأذى من جماعة فما أعرف أنّه انتصر لنفسه، وكان تأتيه صِلات من الملوك والأمراء، فيفرّقها عَلَى أصحابه وعلى المحتاجين، وكان متواضعًا عند العامة، مترفِّعاً عند الملوك، [ص:471]
حسن الاعتقاد، مليح الانقياد، كلّ العالم يشهد بفضله، ويعترف بنبله.
وكان حَسَن المحاورة، ظريف المجالسة، محبوب الصّورة، بشوش الوجه، صاحب أناة وحلم ووقار ولطف وفتوة وكرم، وكان مجلسه عامرًا بالفقهاء والمحدّثين وأهل الدّين، وكان علامة وقته، ونسيج وحده، وريحانة زمانه، قد أوقع الله محبته في قلوب الخلق، ذَلِكَ فضل اللَّه يُؤتيه من يشاء، ولم أر أحدًا يصلّي صلاةً أحسن منه، ولا أتمّ خشوعًا، وكان يدعو بدعاءٍ حسَن بعد قراءتهم لآيات الحرس بالجامع بعد العشاء.
وكان ربع القامة، وليس بالقصير، أزهر اللّون، واسع الوجه، مشرَباً بحُمرة، واسع الجبين، أزجّ الحاجبين، أبلج، أقنى الأنف، كَث اللّحية، سهل الخدّين، أشهل العينين، رقيق البَشَرَة، متقارب الخُطى، تَسَرى أوّلًا بجاريةٍ ولم تُقم عنده، ثمّ بأخرى اسمها " خطلو "، فولدت لَهُ أَحْمَد فِي سنة خمسٍ وعشرين، فصلى بالناس، وحفظ " المقنع "، وعاش ستة عشرة سنة، ثم ولدت مُحَمَّدًا، فمات سنة ثلاثٍ وأربعين، وله أربع عشرة سنة، وولدت لَهُ ثلاث بنات، منهن فاطمة التي ماتت سنة خمسٍ وثمانين، ثم تزوج " خاتون " بِنْت السّديد عَبْد الرَّحْمَن بْن بركات الإربليّ فِي سنة ثمانٍ وثلاثين، فولدت لَهُ الشرف عَبْد اللَّه سنة تسعٍ وثلاثين، والعزّ محمدًا سنة ستِّ وأربعين، والقاضي نجم الدّين أَحْمَد سنة إحدى وخمسين، ثم ستّ العرب التي تُوُفّيت سنة اثنتين وسبعين عَنْ نحو ثلاثين سنة، وخلّفت الفخر عَبْد اللَّه ابن شمس الدين محمد ابن الخطيب شَرَف الدّين عَبْد اللَّه بْن أَبِي عمر، وتوفي الشمس أَبُو هذا سنة ثمانٍ وستّين قبل أخيه الشيخ العزّ بيسير، ثم تزوج الشّيْخ بحبيبة بِنْت التقي أحمد ابن العزّ، فولدت لَهُ علّيًا، فعاش ستّ سنين، ومات، ثم ولدت له عليًّا وعمر وزينب وخديجة، فتُوُفّي عُمَر سنة خمسٍ وثمانين، وقُتل الفقيه علي سنة سبعمائة بأرض ماردين شهيداً.
وقال أبو الفتح ابن الحاجب الحافظ: سَأَلت الحافظ ابن عَبْد الواحد عَنْ شمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عُمَر فقال: فقيه، إمام، عالم، خيّر، ديّن، حافظ، تفقه على عمه، وسمع على جماعة كثيرة.
قَالَ ابن الخبّاز: وكان كثير الاهتمام بأمور النّاس كلّهم ويسأل عَنِ [ص:472]
الأهل والجيران والأصحاب، لا يكاد يسمع بمريض إلّا افتقده، ولا مات أحدٌ من أهل الجبل إلا شيّعة، ولا سَمِعَ بمكانٍ شريف إلّا زاره ودعا فيه.
وكان كثير التّردُد إلى مغارة الدم، ومغارة الجوع، وكهف جبريل، وكان يقصد زيارة قبر والده وجدّه بعد العصر في كل جمعة، ويقرأ " يس " و" الواقعة " وما تيسَّر ويهديه ويدعو للمسلمين.
وحدَّثني التّاج عَبْد الدائم بن أَحْمَد بن عَبْد الدائم أنّ شيخنا رحل إلى يُونين، وأقام بها أربعين يومًا يعبد اللَّه ويسأله ويتضرّع إلَيْهِ، وكان معه العز أحمد ابن العماد، قَالَ: وأملى علينا الإِمَام مفتي الشام محيي الدّين يَحْيَى النّواويّ بدار الحديث، قَالَ: شيخنا الإِمَام العلامة، ذو الفنون من أنواع العلوم والمعارف، وصاحب الأخلاق الرضيّة، والمحاسن واللّطائف، أبو الفرج، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي، سمع الكثير وأسمعه وأسمع قديمًا فِي حياة شيوخه، وهو الإِمَام المتَّفَق عَلَى إمامته وبراعته وورعه وزهادته وسيادته، ذو العلوم الباهرة، والمحاسن المتظاهرة.
قال: وحدثنا الإِمَام أَبُو إِسْحَاق اللّوريّ المالكيّ، قَالَ: كَانَ شيخنا شيخ الإِسْلَام، قُدوة الأنام، حسَنَة الأيّام، الرّبانيّ، شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن ابن شيخ الإِسْلَام أَبِي عُمر ممّن تفتخر بِهِ دمشق عَلَى سائر البلدان، بل يزهو بِهِ عصره عَلَى متقدَّم العصور والأزمان، لما جمع اللَّه لَهُ من المناقب والفضائل والمكارم التي أوجبت للأواخر الافتخار عَلَى الأوائل، منها: التّواضع مَعَ عظمته فِي الصّدور، وترك التّنازع فيما يُفضي إلى التّشاجر والنّفور، والاقتصاد فِي كلّ ما يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة فِي كلامه، ولا تقعر، ولا تعظُّم في مشيته ولا تبختر، ولا شطط في ملبسه ولا تكثر، ومع هذا فكانت لَهُ صدور المجالس والمحافل، وإلى قوله المنتهى فِي الفصل بين العشائر والقبائل، مع ما أمده الله به من سعة العلم، وفطره عَلَيْهِ من الرأفة والحلم، ألحَقَ الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث، إلى أن قال: لا يوفر جانبه عمن قصده قريبا كان أو أجنبيا، ولا يدخر شفاعته عمّن اعتمده مسلمًا كَانَ أو ذِمّيًّا، ينتاب بابه الأمراءُ والملوك، فيساوي فِي إقباله عليهم بين المالك والمملوك.
وسمعت فخر الدّين عُمَر بن يحيى الكرجي يَقُولُ: يا أخي، الشّيْخ أشهر من أن يوصف، بل أقول: تعذَّر وجُود مثله فِي أعصارٍ كثيرةٍ عَلَى ما بلغني من سيرة العلماء. [ص:473]
وُلّي الشّيْخ قضاء القضاة فِي جمادى الأولى سنة أربعٍ وستّين عَلَى كرهٍ منه، سَمِعْتُ عماد الدين يَحْيَى بْن أَحْمَد الحَسَنيّ الشّريف يَقُولُ: الشّيْخ عندي فِي الرُتْبة عَلَى قدم أَبِي بَكْر والشيخ زين الدّين الزّواويّ عَلَى قدم عُمَر، فما رأت عيني مثلهما.
وقال أيضًا: كَانَ الشّيْخ والله رحمةً عَلَى المسلمين، ولولاه راحت أملاك النّاس لمّا تعرَّض إليها السلطان ركُن الدّين، فقام فيها مقام المؤمنين الصّدّيقين، وأثبتها لهم، وبذل مجهوده معهم، وعاداه جماعة الحكّام، وعملوا فِي حقّه المجهود، وتحدّثوا فِيهِ بما لا يليق، ونصره اللَّه عليهم بحُسن نيّته، يكفيه هذا عندَ اللَّه.
سَمِعْتُ الإِمَام عماد الدّين مُحَمَّد بْن عَبَّاس بْن أَحْمَد الرَّبعي بالبيمارستان النُّوري يَقُولُ: رحمة اللَّه عَلَى الشّيْخ شمس الدّين، كَانَ كبير القدر، جعله الله رحمةً عَلَى المسلمين، ولولاه كانت أملاك النّاس أُخِذت منهم.
ثمّ ساق ابن الخبّاز ثناءَ جماعةٍ كثيرة من الفُضَلاء عَلَى الشّيْخ، وساق فصلًا طويلًا في نحو من مائتي ورقة، فِيهِ منامات مَرْئيّة من عددٍ كثير للشيخ، كلها تدل عَلَى حُسن حاله، وأنّه من أهل الجنة.
وقد أثنى عَلَيْهِ الشّيْخ قُطْبُ الدّين، وقال: ولي القضاء مكرهاً وباشر مدّة، ثم عزل نفسه، وتوفر عَلَى العبادة، والتدريس والتصنيف، وكان أوحد زمانه فِي تعدُّد الفضائل، والتّفرُّد بالمحامد، وحجّ غير مرّة، ولم يكن لَهُ نظير فِي خُلُقه وما هُوَ عَلَيْهِ، وكان عَلَى قدم السَّلف الصّالح فِي معظم أحواله، ورثاه غير واحد.
قلت: رثاه قريب ثلاثين شاعرًا، وكانت جنازته مشهودة، لم يسمع بمثلها من دهرٍ طويل، حضرها أممٌ لا يحصَون، وكان مقتصدًا فِي ملبسه وله عمامة صغيرة بعذَبةٍ بين يديه، وثوب مقصور، وعلى وجهه نور وجلالة، وكان ينزل البلد عَلَى بهيمةٍ، ويحكم بالجامع.
ولا يسع هذا الكتاب منتخب ما أورده ابن الخبّاز، وربمّا اختصر ذَلِكَ {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} وقد أجاز لي مَرْويّاته، ولله الحمد، وتمرّض أيّامًا، ثم انتقل إلى اللَّه تعالى ليلة الثلاثاء سلْخ ربيع الآخر، [ص:474]
بمنزله بالدير، ودفن عند والده، وقد رثاه القاضي شهاب الدّين محمود، الكاتب بقصيدةٍ طويلة أوّلها:
ما للوجود وقد علاه ظلامُ ... أعَراهُ خَطْبٌ أم عَدَاه مرامُ
وهي نيف وستّون بيتًا.
ورثاه الأديب البارع شمس الدين محمد الصائغ بقصيدة أوّلها:
الحال من شكوى المصيبة أعظمُ ... حيث الرّدى خصمٌ بعيد يخصم
وهي ستّة وخمسون بيتًا.
ورثاه المولى علاء الدين ابن غانم بقصيدةٍ حسنة، ورثاه الشيخ محمد ابن الأرموي بقصيدةٍ قرأتها عليه، ورثاه البرهان ابن عَبْد الحافظ بقصيدة قرأتها عَلَيْهِ أيضًا، ورثاه مجد الدين ابن المهتار بقصيدةٍ، ورثاه نجم الدّين عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن فُليته التّميمي الحنفي بقصيدة، ولم يخلف بعده مثله في جملته.
وقال شمس الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح رحمه اللَّه: مرض شيخنا سبعة عشر يومًا بالبطن، فهو شهيد.
أخبرني شيخنا فخر الدّين البعْلَبَكّي أنّه منذ عرفه ما رآه غضب، وعرفه نحو خمسين سنة.
قَالَ ابن أَبِي الفتح: وكان مَعَ ذَلِكَ زاهدًا فِي الدنيا والمناصب، ولي القضاء أكثر من اثنتي عشرة سنة، لم يتناول عَلَى ذَلِكَ رزقًا، ثمّ تركه بعد، حدَّث " بالمسند " عَنْ حنبل وبكتابي: " أبي داود " و" الترمذي " عن ابن طبرزد، و" بسنن ابن ماجه " عن الشيخ الموفق، و" بالبخاري " عن ابن الزبيدي، و" بالدارمي " عن ابن اللتي، ولي منه إجازة بخطه بسائر مروياته، وحدثني عنه طائفة من العلماء، رحمه الله تعالى.(15/469)
95 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد، الحسْنَويّ، الْجَزَريّ. [المتوفى: 682 هـ]
شيخ، صالح، عابد، عارف، حسن المحاظرة، تُوُفّي بدمشق، وله نحوٌ من ثمانين سنة، ورّخه الجزري.(15/474)
96 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر بْن عُمَر، المَوْصِليّ. [المتوفى: 682 هـ]
شيخ صالح وُلِد ببلد المَوْصل سنة ستّمائة وكتب فِي الإجازات، وتُوُفّي فِي شوّال بدمشق، وكأنه الّذي قبله، فإنّ ذاك تُوُفّي أيضًا فِي شوّال.(15/475)
97 - عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ سلطان، العدل، كمال الدّين القُرَشيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 682 هـ]
روى عَنْ ابن اللّتّي، سَمِعَ منه: البِرْزاليّ وغيره، ومات فِي ربيع الآخر.(15/475)
98 - عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عيسى بْن درباس، شمس الدّين، أَبُو علي الماراني، الْمَصْرِيّ، الشافعي. [المتوفى: 682 هـ]
ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، وسمع من أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن البتيت، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مجلّي، وتفرّد بالسّماع منهما، وأجاز لَهُ مشايخ نَيْسابور وإصبهان وبغداد.
وكتب عَنْهُ المصريون، وله شعر جيّد، وهو والد شيخنا إِسْحَاق، تُوُفّي بالقرافة فِي خامس شوّال.(15/475)
99 - عَبْد الرزاق بْن أسعد بْن مكيّ بْن وَرْخِزْ، أَبُو بَكْر البغداديّ، التّاجر، المعروف بالكوّاز. [المتوفى: 682 هـ]
ثقة، صالح، حنبليّ، عاش ثلاثًا وثمانين سنة، روى عَنْ محاسن الخزائني، وعبد الرحمن بن كندرتا المشتري، سمع منه " صفة المنافق "، وتُوُفّي فِي رمضان.(15/475)
100 - عَبْد الصّمد، المغربيّ، الزاهد. [المتوفى: 682 هـ][ص:476]
كَانَ صوفيًّا، عارفًا، كبير القْدر، تُوُفّي بدمشق بمنزله بقرب المنكلانية، وحضره ملك الأمراء والخلق.
مات فِي ذي الحجّة.(15/475)
101 - عَبْد القاهر بْن مظفَّر بْن المبارك، البغدادي، الحنفي، سيف الدّين، أَبُو النجيب. [المتوفى: 682 هـ]
من بيت العلم والعدالة، وكان أعرف الناس بأحوال أهل العراق، عاشر النبلاء، وسمع من أبِيهِ " المائة الشّريحيّة "، ومن خال أبيه عمر بن أعز بن عمر بن عمويه السهروردي، بسماعهما من أَبِي الوقت، عَنْهُ ابن الفُوَطيّ.
مات سنة اثنتين وثمانين، قاله ابن الفوطي.(15/476)
102 - عَبْد القويّ بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد القوي بْن عَبْد العزيز بْن الحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الجبّاب، أَبُو البركات التّميميّ، السّعْديّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي بمصر فِي ربيع الآخر، يروي عن. . .(15/476)
103 - عَبْد الهادي بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الهادي بْن يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن قُدامة. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي بالجبل فِي شعبان، يروي عن أصحاب يَحْيَى الثقفي، ومات شابًا، وهو والد العماد أَحْمَد والشمس المحتسب.(15/476)
104 - عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عطاء، الصّالح، نور الدّين الأذْرعي، الحنفيّ، [المتوفى: 682 هـ]
إمام مسجد خاتون بالجبل.
روى عن ابن الزّبيديّ وابن اللّتّي،
ومات فِي رمضان.(15/476)
105 - عَلِيّ بن عمر ابْن الجمّال أَبِي حمزة أَحْمَد بْن عُمَر ابن الشيخ أبي عمر المقدسيّ، بدر الدّين. [المتوفى: 682 هـ]
كَانَ رجلا جيدًا دينًا، معروفاً بالأمانة، روى عن ابن الزبيدي وابن اللتي، كتب عنه ابن الخباز والبرزالي، توفي فِي رمضان.(15/476)
106 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نصر اللَّه بْن أَبِي سُراقة، علاء الدّين الهَمْداني، الكاتب الأعرج. [المتوفى: 682 هـ][ص:477]
سمع من ابن الزبيدي وجعفر الهمداني، وعاش ستّين سنة، تُوُفّي فِي العشرين من جمادى الآخرة.(15/476)
107 - عَلِيّ بْن يعقوب بْن شجاع بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أبي زَهْرَان، الشّيْخ عماد الدّين أَبُو الْحَسَن المِوْصليّ، المقرئ، المجوّد، الشّافعيّ. [المتوفى: 682 هـ]
إمامٌ بارعٌ فِي القراءات وعِللها ومُشْكلها، بصيرٌ بالتّجويد والتّحرير، حاذقٌ بمخارج الحروف، انتهت إليه رياسة الإقراء بدمشق، أخذ القراءات عَنْ أَبِي إِسْحَاق بْن وثيق الأندلسيّ وغير واحد.
وكان فقيهًا مبرِّزًا، يكرّر عَلَى " الوجيز " للغزاليّ، وحفظ " الحاوي " فِي آخر عُمْره، وكان جيّد المنطق والأصول، فصيحاً، مفوَّهاً، مناظراً، وفيه عشرة ومردكة على الوجود وبأوٌ وتِيهٌ، الله يغفر عنه، صنَّف " للشاطبيّة " شرحًا يبلغ أربع مجّلدات، ولكنّه لم يُكمله ولا بيّضه.
وَلي الإقراء بتُربة أمّ الصّالح بعد وفاة الشّيْخ زين الدين الزواوي، وكان الشيخ زين الدين يعظمه ويقدمه على نفسه.
ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة بالموصل وأقرأ بدمشق، فممن قرأ عَلَيْهِ علاء الدين الجنة، وكان والده فقيهًا، فاضلًا، شاعرًا، وكذا جدّه شجاع لَهُ شعر، تُوُفّي العماد المَوْصليّ فِي سابع عشر صفر، ودُفِن بمقبرة باب الصّغير، ومات في عشر السبعين، رحمه الله.(15/477)
108 - عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر بْن حسن، أَبُو الحسن الكردي، الشهرزوري، البغدادي، الحريمي الزاهد. [المتوفى: 682 هـ]
كَانَ زاهدًا، عابدًا كبير القدر، كثير الصّمت، صحب الشيخ عثمان القصر، وسمع من ابن بهروز وابن اللّتّي ومحمد بن واثلة، ومات فِي ذي القعدة عَنْ سبعين سنة.
كتب عَنْهُ الفَرَضيّ وغيره.(15/477)
109 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن علي بن المطهّر بْن أَبِي عصرون، الشّيْخ محيي الدّين أَبُو الخطّاب ابن قاضي القضاة محيي الدّين أَبِي حامد ابن العلامة قاضي القضاة شَرّف الدّين أَبِي سعد التّميميّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 682 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، وسمع فِي الخامسة من عُمَر بْن طَبَرْزَد، وسمع من التّاج الكِنْديّ، ومحمد بْن الزنف، وعبد الجليل بْن مندوّيْه، والشمس أَحْمَد بْن عبد الله السُّلمي وغيرهم، وتعاني الْجُنْديّة فِي شبابه، ثمّ لبس زي الفقهاء بعد وفاة أخيه شرف الدين عثمان، وتوفي فجاءة في ثالث ذي القعدة.
روى عنه ابن الخباز وابن العطار وابن تيمية والمِزّي والبِرزاليّ، وأبو مُحَمَّد الحارثيّ وجماعة، وأجاز لي مَرْوِيّاته.
وكان قليل الفقْه، ومع ذَلِكَ فدرّس بمدرسة جدّه بدمشق إلى إن مات، وكان وقورًا، مَهِيبًا، حَسَن الشَّكْل والبِزة.(15/478)
110 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، الشّيْخ نجم الدّين الكُرَيْديّ، [المتوفى: 682 هـ]
قاضي الصَّلت.
سَمِعَ بإربِل من عبد الرحمن بن المشتري، وابن المكرم الصوفي، وَتُوُفِّي في الثامن والعشرين من ذي الحجَّة.
وهو أخو مُحَمَّد، وكان رفيقه في السماع، وحدّث بمصر، ومات فِي أوّل سنة تسعٍ وسبعين وستّمائة.(15/478)
111 - عيسى بْن الخضر بْن الْحَسَن بْن علي، الصّدر، شمس الدين ابن الوزير برهان الدين الزرزاري السّنْجاريّ. [المتوفى: 682 هـ]
كَانَ مليح الشّكل والصّورة، ناب عَنْ أبِيهِ فِي الوزارة فِي أوّل الدّولة المنصوريّة، ثمّ عُزل، وولي نظر الأحباس وخانقاه سَعِيد السعداء، ثم درس بمدرسة زين التجار مدةً، ثم قبض عليه وامتحن محنةً شديدةً، وأفرج عنه [ص:479]
وأقام بطالا فِي منزله بالمدرسة المُعِزّية إلى أن تُوُفّي فِي المحرم، وله نيفٌ وأربعون سنة.(15/478)
112 - عيسى بْن المظفَّر بْن مُحَمَّد بْن إلياس، الصّدر، عزّ الدّين الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، ابن الشَّيْرجيّ، [المتوفى: 682 هـ]
أحد الأعيان.
وُلي حسبة دمشق ونظر الجامع، وكان عدْلًا، نبيلًا، محتشمًا، عالي الهمّة، سَمِعَ منه: علم الدّين البرزاليّ وغيره.
تُوُفّي فِي رجب وله خمسٌ وخمسون سنة، ودفن بباب الصغير.(15/479)
113 - كامل بن مكارم، السلماني. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي فِي رمضان بالقاهرة، روى عَنْ ابن رواحة.(15/479)
114 - كُشْتُغْدي، علاء الدّين الظاهري، [المتوفى: 682 هـ]
أمير مجلس، من كبار الأمراء المصريّين.
قَالَ قُطْب الدّين: ظهر قبل وفاته بقليل أنّه باقٍ عَلَى الرق، فاشتراه السلطان الملك المنصور وأعتقه، وكان أحد الأبطال المذكورين لَهُ مواقف مشهورة.
تُوُفّي بقلعة الجبل كهلًا، وحضر السّلطان جنازته.
وأما:(15/479)
115 - كُشْتُغْدي الشمسي، [المتوفى: 682 هـ]
الأمير الرّافضيّ.
فوُلّي الشد بدمشق وغير ذَلِكَ، فذكر الشّيْخ تاج الدّين فِي " تاريخه " أنّ ضياء الدين ابن عَبْد الكافي حدّثه أنّ كُشْتُغْدي كَانَ يقعد فِي الخزانة، ويلعن معاوية صاحب النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا عُوتب قَالَ: لعنه الله ولعن من لا يلعنه.(15/479)
116 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن نعمة بْن أَحْمَد، المفتي، شمس الدّين المقدسيّ، [المتوفى: 682 هـ]
أخو المفتي شَرَف الدّين.
تفقّه وبرع فِي المذهب، وناب فِي تدريس الشاميّة البرّانيّة عَنِ الشّيْخ تقيّ الدّين ابن رزين، ثم اشترك هُوَ والقاضي عزّ الدين محمد ابن الصائغ في [ص:480]
تدريسها، ثمّ استقلّ بها إلى أن مات وناب فِي الحكم مدّةً عَنِ القاضي عزّ الدّين.
وكان فقيهًا صالحًا ورِعًا، مشكور السّيرة، متين الديانة، ممن جمع بيت العِلم والعمل، حدّث عَنْ: أَبِي الْحَسَن السَّخَاويّ وغيره، وعنه أبو الحسن ابن العطار، وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ وغيرهما.
وُلِد سنة سبعٍ وعشرين وستّمائة، وتُوُفّي إلى رضوان الله فِي ثاني عشر ذي القعدة، ودُفِن بمقبرة باب كَيْسان، ولي منه إجازة.(15/479)
117 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي طَالِب، ناظر بلاد صفد، مجد الدّين الأَنْصَارِيّ. [المتوفى: 682 هـ]
روى " ثلاثيّات الْبُخَارِيّ "، عَنِ ابن الزُّبيديّ، سَمِعَ منه ابن البرزاليّ وغيره، وتُوُفّي فِي رمضان.(15/480)
118 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سالم، العدل، زين الدين ابن الصّوّاف الحمصيّ، [المتوفى: 682 هـ]
والد شيخنا البدر أَحْمَد.
حدَّث عَنْ الْحَسَن بْن صباح، تُوُفّي فِي رجب بدمشق.(15/480)
119 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عمران، وجيه الدين ابن الدّهّان، الإسكندراني، ويعرف بابن أبي طالب. [المتوفى: 682 هـ]
سمع من علي بن المفضل الحافظ، وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني، وابن سكينة، وخرج له ناصر الدين المصغوني مشيخة، وكان من أهل القرآن.
ولد سنة اثنتين وتسعين تقريبا، ومات في سنة اثنتين وثمانين بالثغر.(15/480)
120 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بْن خليل بْن مقلّد، العدْل، الرئيس، علاء الدّين، أَبُو المعالي ابن الصّائغ، [المتوفى: 682 هـ]
أخو قاضي القضاة عزّ الدّين.
ولي نظر الأسرى، وكان أمينًا، كافيًا، وافر الدّيانة، حصل لَهُ مرضٌ طال بِهِ، ثمّ انتقل إلى رحمة اللَّه فِي ذي القعدة، وقد روى عَنْ ابن اللتي، ومكرم، [ص:481]
والسخاوي، حدثنا عنه ابن العطار وغيره، مات في آخر الكهولة، وكان مدرّس الفتحيّة، مدرسة صغيرة عند رحيبة خَالِد.(15/480)
121 - مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن عَبْد الصَّمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفضل، الخطيب محيي الدين أبو حامد ابن القاضي الخطيب عماد الدّين ابن الحَرَسْتانيّ، الأنصاري، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 682 هـ]
خطيب دمشق وابن خطيبها.
وُلِد سنة أربع عشرة وستّمائة، وأجاز لَهُ جدّه والمؤيَّد الطُّوسيّ، وأبو رَوْح الهَرَويْ، وزينب الشّعرية، وسمع من زين الأُمَناء، وابن صبَاح، وابن الزبيدي، وابن باسويه، والعلم ابن الصّابونيّ، وابن اللّتّي، والفخر الإربِليّ، وأبي القاسم بن صصرى، والفخر ابن الشَّيْرجيّ، وسمع بالقاهرة من عَبْد الرحيم بْن الطُّفَيْل.
وحدّث " بالصّحيح " وغيره، أقام بصهيون مدّةً في حياة أبيه، وولي الخطابة بعد موت أبيه، ودرس بالغزالية وبالمجاهدية وأفتى وأفاد، وكان متصوّنًا، حَسن الدّيانة، كثير الفضائل، وله شعر جيّد، فمنه فِي الصّقعة الكائنة في دولة الظاهر، قال لنا:
لمّا وقفت عَلَى الرياض مسائلًا ... ما حلّ بالأغصان والأوراق
قَالَتْ أتى زمن الربيع ولم أر ... مَن كَانَ يألفني من العشاق
وتناشدت أطيارها فِي دوحها ... لما أضاء الجوّ بالإشراقِ
وتذكرت أيامها فتنفّست ... فأصابها لهبٌ من الإحراق
أبلغهم عني السلام وقل لهم ... هَا قد وفت بالعهد والميثاق
فغدوتُ أندبُ ما جرى متأسفًا ... والدمع يسبقني من الآماق
وكان مُحَيي الدّين طيّب الصّوت، عَلَى خطبته روح، وفيه نسكٌ وعبادة وانقطاع وملازمة لبيته، روى عنه ابن الخباز، وابن العطار، وابن البرزاليّ، وطائفة، وأجاز لي مَرْوياته، ومات فِي ثامن عشر جمادى الآخره، ودُفِن بقاسيون.(15/481)
122 - مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن غدير، العدْل، شَرَفُ الدين، أَبُو عَبْد اللَّه ابْن القوْاس، الطّائيّ، الدّمشقيّ، أَخُو شيخنا ناصر الدّين عُمَر. [المتوفى: 682 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وستّمائة، وسمع من الكِنْديّ والخضر بْن كامل، وابن الحَرَسْتانيّ، وأبي يَعْلَى بْن أبي لُقْمة، وابن البُنّ، وأبي الفتوح البكْريّ، وسمع ببغداد من عمر بن كرم، وأجاز له عمر بن طبرزد.
وروى الكثير، وكان شيخاً حسناً، حسن الأخلاق، صحيح السماع، له ثروة وعقار، روى عنه الدّمياطيّ، وابن الخباز، والمِزيّ، والبِرزاليّ، وابن العطّار، وجماعة.
وتُوُفّي فِي ثاني عشر ربيع الآخر.(15/482)
123 - مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن عَبْد الوهاب بْن السائق، الصدر، نجم الدّين، [المتوفى: 682 هـ]
وَلَد العدل الكبير، شرف الدين الدمشقي.
توفي في هذا العام عن أربع وسبعين سنة.(15/482)
124 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عُثْمَان، الصَّعبيّ، الْمَصْرِيّ [المتوفى: 682 هـ]
والد المحدّث أمين الدّين عَبْد القادر.
تُوُفّي فِي جُمادى الأولى.(15/482)
125 - مُحَمَّد بْن عليّ الأَنْصَارِيّ، ابن القباقبي، الصدر شمس الدّين. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي فِي شوال، ودُفن بالجبل، وكان من شيوخ الكتاب، وهو والد مجد الدّين يوسف.(15/482)
126 - مُحَمَّد بْن عيسى بْن سُلَيْمَان بن رمضان، أبو عبد الله ابن القيّم، [المتوفى: 682 هـ]
أخو شيخنا ضياء الدّين علي.
تُوُفّي بمصر عَنْ ستِّ وثمانين سنة، وقد حدَّث عَنْ الفخر الفارسيّ، ومكرَّم، والقاضي زين الدّين.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، ووُلِد سنة ستِّ وستمائة.(15/482)
127 - مُحَمَّد بْن فتُّوح بْن أَبِي الذِّكر، المحدّث، المفيد، أبو عبد الله المصغوني، الإسكندراني. [المتوفى: 682 هـ]
من كهول الطَّلبة، تُوُفّي بالإسكندرية فِي رمضان.(15/483)
128 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مميل، الصّدْر الكبير، عماد الدّين، أَبُو الفضل ابن القاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ، الدّمشقيّ [المتوفى: 682 هـ]
صاحب الخطّ المنسوب.
ولد سنة خمس وستمائة، وسمع أبَاهُ وداود بْن ملاعب، وأبا القاسم ابن الحَرَستانيّ وجماعة، روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وابن العَطَّار والمِزّي والبرزالي وطائفة.
وكان رئيسًا محتشمًا، متموّلًا، مليح الشَّكل، متواضعًا وَقُورًا، مَهِيبًا، وافر الحرمة، كتب على الولي وانتهى إليه التقدُّم فِي براعة الخطّ، لا سيما فِي القلم المحقق، وقلم النَّسْخ، ارتحل غير مرة للتجارة، فسمَّع ولده شيخنا المعمَّر أبا نصر من أصحاب السلفي.
واتفق أنه قبل موته بأربعة أيام شهد عند ابن الصائغ بالعادلية وهو طيب، ثم ركب البغلة، وخرج إلى بستانه بالمزة، فتغير عند باب الجابية وأصابه فالج، فركب الغلام خلفه، وأمسكه إلى البستان، واستمرّ بِهِ المرض، وتوفي فِي ثامن عشر صفر، وحُمل إلى سفح قاسيون.(15/483)
129 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبَّاس بْن أَبِي بَكْر بْن جَعْوان بْن عَبْد اللَّه، الحافظ، شمس الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ، الدّمشقي، الشافعي، النَّحْويّ، [المتوفى: 682 هـ]
أحد الأئمّة.
أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين ابن مالك، وصار من كبار أصحابه، ثم أقبل عَلَى الحديث وعُني بِهِ أتمّ عناية، وسمع من ابن عَبْد الدّائم، وابن أبي اليسر، وابن الشّيرازيّ، وابن أَبِي الخير، وخلق سواهم، وارتحل إلى مصر فِي شهادة، فسمع من عامر القَلْعيّ والعز الحرّاني وطائفة، وكتب كثيرًا بخطّه، وخرّج للمشايخ، وقرأ " المُسْنَد " عَلَى ابن علان قراءةً لم يسمع الناس مثلها فِي [ص:484]
الفصاحة والصّحّة، وحضر جماعة من الأئمة فما أمكنهم يحفظون عليه لحنةً واحدة.
وكان مليح الشكل، حسن العشرة، حلو الشمائل كتب عنه آحاد الطلبة، ومات فِي عُنفوان الشبيبة فِي سادس عشر جمادى الأولى، وهو أخو الفقيه الزاهد شهاب الدّين أَحْمَد.
ونقل الشهاب الإربليّ، عَنِ الشَّرَف يعقوب ابن الصّابونيّ قَالَ: رأيت ابن جعوان فِي النّوم، فاعتنقته وسلّمت عَلَيْهِ وقلت لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: كلّ خير، نَحْنُ نفترش السُّنْدُس رزقكم اللَّه ما رزقنا.(15/483)
130 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حسين بْن عَبْدك، الشّيْخ الصّالح، شمس الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الكْنجيّ، المحدّث، الصّوفيّ، [المتوفى: 682 هـ]
نزيل بيت المقدس.
سَمِعَ أَبَا الْحَسَن ابن المقير، وأبا الحسن السخاوي، وأبا عمرو ابن الصّلاح، وأبا إِسْحَاق الخشُوعيّ وعبد العزيز بْن أبيه وجماعة بدمشق، وعبد الوهّاب بْن رَوَاج، وفخر القُضاة ابن الجباب، وسِبْط السِّلَفّي، ونبَا بْن هجّام، وجماعة بمصر، وأبا القاسم بْن رواحة، وأبا الحجاج بن خليل بحلب، والمؤتمن ابن قميرة، وإبراهيم بن أبي بكر الزعبي، وأخاه مُحَمَّدًا، وعبد اللَّه بْن عُمَر البَنْدنيجيّ، وعبد القادر بْن الْحُسَيْن البندنيجيّ، وفضل اللَّه بْن عَبْد الرّزاق، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن بقاء السباك، ومُحَمَّد بن نصر ابن الحصري ببغداد، والحسن بْن عَبْد القاهر الشَّهْرزَوريّ الحاكم، وغيره بالموصل، وسرايا بْن معالي، وإبراهيم بْن أَبِي الْحَسَن الزّيَّات بحرّان.
وخرّج لنفسه مُعجَمًا، وحدّث بدمشق والقدس، وكان عُرياً من العربية، قليل البضاعة فِي الحديث، وكان كثير الأسفار والتطواف.
مات في هذا الحدود تاج الدين، روى عنه ابن أبي الفتح، وابن العطار، وابن الخبّاز والبِرْزاليّ وغيرهم. [ص:485]
وتُوُفّي فِي رجب ببيت المقدس، كتب إليَّ بمروياته.(15/484)
131 - مات في هذه الحدود تاج الدين محمد ابن زين الدين مظفَّر بن محمد ابن البققي الحموي الشافعي، [المتوفى: 682 هـ]
من أعيان المدرّسين بحماة.
رَأَيْت وفاته بعد الثمانين وستمائة، وهو فِي عشر السبعين، وأظنه والد المقتول بمصر بعد السبعمائة عَلَى الزَّندقة.(15/485)
132 - مُحَمَّد بْن مَسْعُود بْن أَبِي الفضل، بدر الدّين الفارقيّ. [المتوفى: 682 هـ]
شيخ معمَّر، كتب فِي الإجازات، وذكر أنّ مولده بمَيّافارِقين سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة، مات فِي جمادى الآخرة، فإنْ كَانَ قد ضبط مولده فقد عاش مائةً، وأربع سنين.(15/485)
133 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان، الشّيْخ رشيد الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد العامريّ، الدّمشقي. [المتوفى: 682 هـ]
سَمِعَ " صحيح مُسْلِم " وكتاب " دلائل النُبُوة " من أَبِي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وحدث بهما. وروى " جزء الأَنْصَارِيّ " عَنِ الكندي، و" الأربعين السُّباعيات " عَنْ أَبِي الفتوح البكريّ، وأجاز لَهُ جماعة.
سألت أَبَا الحجاج الحافظ عَنْهُ، فقال: كان شيخاً مستورًا، عُمّر وانتفع بِهِ، وحدَّث بكثيرٍ من مسموعاته.
قلت: روى عَنْهُ هُوَ، وابن الخبّاز، وابن العطّار، والبِرْزاليّ، والنّاس، ومات فِي ذي الحجّة، وكان فرّاشًا بالمجاهدية.(15/485)
134 - مُحَمَّد بْن عَبْد الله، الجرديكي، الحلبيّ، الزاهد. [المتوفى: 682 هـ]
كَانَ فقيرًا صالحًا، كبير القدر، مشهورًا بين الفقراء بالفُتُوّة والخدمة ودماثة الأخلاق، وكان مُحِبًّا للعُزلة، كثير الصَّمْت والرياضة، حَسَن النّزاهة، وهو من بيت إمرة وحشمة، أقام بدمشق فِي أواخر عُمُره، وحصل لَهُ طرف فالج، وكان مقيمًا بمقصورة الحلبيّين من الجامع، وبها تُوُفّي فِي ثاني ربيع الأول، وشيعة الخلق، وكان من أبناء الثّمانين، رحمه الله.(15/485)
135 - محمود بْن أَحْمَد بْن مُنْقذ، الأجلّ الرئيس جلال الدين. [المتوفى: 682 هـ][ص:486]
توفي في ذي الحجة وقد حدث عَنْ أَبِي القاسم بْن صَصْرى.(15/485)
136 - مسافر بْن عَبْد الرَّحْمَن، البطائحيّ، الأحمدي. [المتوفى: 682 هـ]
كان في شبوبيته يأكل الحيات ويدخل الأفرِنة، وطال عمره حتى أنّهُ جاوز المائة فيما قِيلَ، وأظنّه تاب من أكل الحيّات ودخول النّار، وأقبل عَلَى شأنه.
توفي في شعبان.(15/486)
137 - ندى بْن سعد اللَّه، الشَّرَف العَرَضي، التّاجر. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي فِي جمادى الأولى بدمشق.(15/486)
138 - نصر اللَّه بْن طلائع بْن حمدان، العسقلانيّ البزّار. [المتوفى: 682 هـ]
روى عَنْ عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن جبارة، وابن منقذ، ومات بمصر فِي ذي الحّجة.(15/486)
139 - نصر اللَّه بن علي ابن سَنِيّ الدّولة، العدل ناصر الدّين الدّمشقيّ. [المتوفى: 682 هـ]
روى شيئًا يسيرًا، وهو والد شيخنا مُحَمَّد، تُوُفّي فِي رجب، سَمِعَ من عمّه قاضي القضاة أبي البركات.(15/486)
140 - يَحْيَى بْن أَحْمَد بْن سالم، العدل، زين الدّين ابن السلالمي، الخشاب. [المتوفى: 682 هـ]
تُوُفّي بدمشق فِي رجب، سمع من ابن مسلمة، وكان من عدول القيّمة إلى أن مات.(15/486)
141 - يحيى، الصدر الجليل، أبو الحامد محيي الدّين ابن الشّيْخ شمس الدّين إِبْرَاهِيم بن أبي الفضائل، الخالدي، المخزومي، الشبذي. [المتوفى: 682 هـ]
قَالَ ابن الفُوَطي: اتفق لَهُ ما لم يتفق لأحدٍ من الاتصال بالسّيّدة باب جوهر خديجة بنت المستعصم، وكان هولاكو لما غلب نفذها إلى أخيه منكوقان، فدخل بها بتُركستان، وأولدها عَبْد العزيز وعبد الحق وانقرضا، ونقلها إلى وطنها سنة إحدى وسبعين، وكان قد ورد محيي الدين مراغة، [ص:487]
فاجتمع بالأمير مبارك ابن المستعصم مَعَ والده شمس الدّين، فكتب عَنْهُمَا بإملائه مشيخة هي عند أخيه مولانا جمال الدّين مسافر ابن شيخنا شمس الدّين.
سَمِعَ من جدّه رشيد الدّين، ومات فِي رجب.(15/486)
142 - يحيى بن علي بن محمد بْن سَعِيد، الصّدر الكبير، محيي الدّين، أَبُو المفضل التّميميّ، الدّمشقيّ، ابن القلانِسِي. [المتوفى: 682 هـ]
رئيس محتشم، فاضل، تارك للولايات والمناصب، محب للحديث وأهله، له نظم وأدب.
وُلِد سنة أربع عشرة وستّمائة، وسمع من أبي محمد ابن البُنّ، وأبي القاسم بْن صَصْرى، وأبي مُحَمَّد ابن قُدامة، وأبي المجد القزوينيّ، وزين الأمناء ابن عساكر، وأبي إِسْحَاق الكاشْغريّ.
روى عَنْهُ ابن الخباز، والشيخ علي المَوْصليّ، وابن العطار، والمِزّي، والبِرْزالي، وخلق كثير، وقد رَأَيْته، وأجاز لي مَرْوِيّاته، وتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من شوّال.(15/487)
143 - يحيى بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب بْن أَبِي عَبْد اللَّه بْن هبة اللَّه بْن الْحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْن علي بن طاهر بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الكاظم، العدل، محيي الدّين، أَبُو المفضل العلوي، الحسينيّ، الموسويّ، النّسيب، الدمشقي، [المتوفى: 682 هـ]
أخو الشريف المعمَّر مُوسَى بْن علي.
وُلِد فِي رمضان سنة خمسٍ وعشرين وستّمائة، وسمع من السّراج ابن الزّبيديّ، والفخر الإربليّ، ومُكَرَّم بْن أَبِي الصَّقر، وعلي بن سليمان بن إيداش.
وحدث، وتُوُفّي فِي تاسع جمادى الآخرة، ودُفن بمقابر الصّوفية، روى عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد البِرزالي.(15/487)
144 - يحيى بن علي بن مكي، الجبرتي، الزيلعي. [المتوفى: 682 هـ]
سمع: ابن عماد، والهمداني، وحدث.
مات فِي جمادى الأولى.(15/488)
145 - يعقوب بْن فضل بْن طرخان، الشريف الجعفري، الفقيه. [المتوفى: 682 هـ]
يروي عن الحافظ الضّياء، تُوُفّي فِي جمادى الأولى، وكان رجلًا صالحَا حنبليًّا، مُتَّبعاً للآثار.(15/488)
146 - يوسف بْن جامع بْن أَبِي البركات، العلامة، المقرئ، أَبُو إِسْحَاق القفصي، الحنبلي، الضرير، مقرئ بغداد. [المتوفى: 682 هـ]
كَانَ عارفًا باللّغة والنَّحو، بصيرًا بعلل القراءات، متصدياً لإقرائها، وقد سَمِعَ الحديث من عُمَر بْن عبد العزيز ابن النّاقد، وتاج النساء عجيبة، وقد دخل دمشق ومصر، وسمع من شيوخها.
أخذ عنه الفَرَضيّ، والقلانِسيّ، وقرأ عَلَيْهِ أَبُو الحسن علي أَحْمَد بْن موسى الْجَزَريّ وغيره، ومات فِي صفر وله تصانيف فِي القراءات، وُلِد سنة ستِّ وستمائة.(15/488)
147 - يوسف بن مسعود، الشيخ جمال الدين الطيبي التاجر. [المتوفى: 682 هـ]
له رواية، توفي في شعبان.(15/488)
148 - أَبُو بَكْر، الملك العادل ابن صاحب الكَرَك، الملك النّاصر دَاوُد بْن عيسى بْن مُحَمَّد بْن أيوب. [المتوفى: 682 هـ]
رئيس فاضل، عاقل، محتشم، محبوب الصّورة، روى عَنْ ابن اللّتّي، ومات فِي رمضان.(15/488)
149 - أَبُو بَكْر بْن ممدود بْن مثقال، الشّيخ الصّالح. [المتوفى: 682 هـ]
قَالَ ابن الخبّاز: تُوُفّي فِي خامس ذي الحجّة بدمشق، وكان من عباد اللَّه الصالحين، أُخرجت جنازته بالتهليل، وكان يومًا مشهودًا، وعاش أكثر من مائة وأربعٍ وعشرين سنة، كذا قَالَ؛ وهو مجازف، أعني النّجم.(15/488)
150 - أبو بكر بن يعقوب بن عبد المغيث الموصلي المقرئ. [المتوفى: 682 هـ][ص:489]
سمع بالقاهرة من عبد العزيز بن باقا، وبدمشق من ابن اللتي.
توفي بدار الحديث الكاملية يوم عرفة.(15/488)
-وفيها وُلِد:
رفيقنا مُحِبّ الدّين عَبْد اللَّه بن أحمد ابن المحب المقدسي، المحدث والشيخ جمال الدين ابن جملة الشّافعيّ، وناصر الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحكيم، الصّالحيّون، ومحيي الدّين عَبْد القادر ابن شيخنا أَبِي الْحُسَيْن اليُونينيّ فِي المحرم، وعمر ابن الشّيْخ حسن بْن أُمَيلة بالِمزة، وأحمد ابن شيخنا إِبْرَاهِيم بْن أَبِي اليُسر، وتقي الدّين سُلَيْمَان بْن مراجل الكاتب.(15/489)
-سنة ثلاث وثمانين وستمائة(15/490)
151 - أحمد بن إبراهيم، الرئيس شمس الدين السعردي، [المتوفى: 683 هـ]
التاجر بقيْساريّة الشُرْب.
تُوُفّي فِي رجب، وأحق يوم وفاته.(15/490)
152 - أَحْمَد بْن بُراق بْن طاهر، السوادي، [المتوفى: 683 هـ]
المؤدب بجبل قاسيون.
روى عَنِ ابن اللّتّيّ، والهَمَدَانيّ، ومات فِي ثامن عشر رَمَضَان.(15/490)
153 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، محيي الدين التكريتي، المعروف بواعظ تكريت، [المتوفى: 683 هـ]
أحد الفقهاء بالباذرائية بدمشق.
كان ظريفاً، مطبوعًا، طيّب المزاج، كثير الهزْل والسّخف، لَهُ وعظٌ عَلَى طريق الهزْل، ونال بذلك وجاهةً وحَظْوة عند الرؤساء، لا سيما الحلبييّن فِي الأيّام النّاصرية، وكان يلوذ بالوجيه ابن سُوَيْد ويَصحبه، وقد ضحك الملك الناصر مرّةً من ضحكه من خطبته ووعْظه، بحيث استلقى ووصله بجملة.
ثم حسُنت حاله فِي الآخر وسَرَد الصوم، وكان كثير الصلاة وخلّف ثلاثة آلاف درهم، وذهب لَهُ ودائع عند التّجّار.(15/490)
154 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القادر، القاضي محيي الدّين ابن قاضي القضاة عز الدّين ابن الصّائغ. [المتوفى: 683 هـ]
وكان شابًا فاضلّا، مدرسًّا، بقيت مدرستاه العمادية والدّماغية عَلَى إخوته، فناب عَنْهُمُ الشّيْخ زَين الدّين الفارقيّ رعاية لأبيهم.(15/490)
155 - أَحْمَد بن محمد ابن النّجيب، شهاب الدّين الخلاطيّ، [المتوفى: 683 هـ]
صِهْر الشّيْخ أَحْمَد إمام الكلاسة.
سَمِعَ مَعَ أولاده من ابن عبد الدائم وجماعة.
توفي في رمضان بدمشق.(15/490)
156 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن منصور بْن القاسم بْن مختار، القاضي، العلامة، ناصر الدّين، ابن المنير الجذامي، الجروي، الإسكندراني، المالكيّ، [المتوفى: 683 هـ]
قاضي الإسكندرية وعالمها وأخو شيخنا زين الدين علي.
ولد سنة عشرين وستمائة، كَانَ مَعَ علومه لَهُ يدٌ طُولى فِي الأدب وفنونه، وله مصنفات مفيدة، وكنيته أبو العباس ابن الإمام العدل وجيه الدّين أَبِي المعالي بْن أَبِي علي، وقد ذُكر أبُوهُ فِي سنة ستَّ وخمسين.
ولناصر الدّين " ديوان خُطب "، وله " تفسير حديث الإسراء " فِي مجلّد، عَلَى طريقة المتكلْمين لا عَلَى طريقة السَّلف، وله تفسير نفيس، وهو سبط الصاحب نجيب الدّين أَحْمَد بْن فارس، فالشيخ كمال الدّين ابن فارس شيخ القرّاء خاله، وقد سَمِعَ الحديث من أبِيهِ، ومن: يوسف ابن المخيليّ، وابن رواج وغيرهم، وكان لا يناظر تعظيماً لفضيلته، بل تورد الأسولة بين يديه، ثم يُسمع ما يجيب فيها، وله تأليف على " تراجم صحيح الْبُخَارِيّ "، وقد وليّ قضاء الإسكندرية وخطابتها مَرْتين، درّس بعدّة مدارس.
وقيل: إن الشّيْخ عزّ الدين ابن عبد السلام كان يقول: ديار مصر تفتخر برجلين فِي طَرَفيها، ابن المُنَيْر بالإسكندرية، وابن دقيق العيد بقوص.
وله خُطْبة خطب بها لما دخل هولاكو الشام.
" الحمد لله الَّذِي يرحم العيون إذا دمعت، والقلوبَ إذا خَشَعت، والنَفوسَ إذا خَضَعت، والعزائم إذا اجتمعت، الموجود إذا الأسباب انقطعت، المقصود إذا الأبواب امتنعتْ، اللّطيف إذا صدمت الخطوب وصدَّعت، رُبَّ أقضيةٍ نزلت فما تقدّمت حتّى جاءت ألطافٌ دفعت، فسُبحان من وسِعت رحمته كلَّ شيء، وحقّ لها إذا وسِعت، وسعت إلى طاعته السماوات والأرض حين قَالَ {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} فأطاعت وسمعت، أحمده لصفاتٍ بَهَرتْ، وأشكره عَلَى نعمٍ ظهرتْ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك لَهُ، شهادةً عَنِ اليقين صدرتْ، وأشهدُ أن مُحَمَّدًا عبده ورسوله، بعثَهُ والفتنةُ قد [ص:492]
احتدَّت والحاجة قد اشتدَّت، ويدُ الضَلالِ قد امتدَّت، وظُلُمات الظُّلم قد اسودَّت، والجاهليّة قد أخذت نهايتها وبلغت غايتها، فجاء بمحمدٍ صَلَّى الله عليه وسلم، فملك عِنانها وكَبَت أعيانها , وظهرت آياته فِي الجبابرة، فهلكت فرسانها، وفي القياصرة فنكّست صُلبانها، وفي الأكاسرة فصدّعت إيوانها، فأوضح عَلَى يده المحجة وأبانها، صلى اللَّه عَلَيْهِ وعلى آله فروع الأصل الطّيّب، فما أثبتها شجرة وأكرم أغصانها.
أيها النّاس، خافوا اللَّه تأمنوا فِي ضمان وعده الوفي، ولا تخافوا الخلق وإن كثروا، فإن الخوف منهم شركٌ خفيّ، ألا وإنّ من خاف اللَّه، خاف منه كل شيء، ومن لم يخفِ اللَّه خاف من كل شيء , وإنما يخاف عزّ الربوبيّة من عرف من نفسه ذُلّ العبوديّة، والاثنان لا يجتمعان فِي القلب، ولا تنعقد عليهما النية، فاختاروا لأنفسكم، إما الله وإمّا هذه الدنيا الدَّنية، فمن كانت الدنيا أكبر همه لم يزل مهموماً، ومن كانت زهرتها نُصب عينه لم يزل مهزومًا، ومن كانت جِدّتها غاية وَجْده لم يزل مُعْدَمًا حتّى يصير معدومًا، فالله اللَّه عباد اللَّه، الاعتبار الاعتبار، فأنتم السُّعداء إذا وُعظتم بالأغيار، أصلِحوا ما فَسد، فإنّ الفساد مقدّمة الدّمار، واسْلكُوا الْجِدّ تنجوا فِي الدّنيا من العار، وفي الآخرة من النار، اتقوا اللَّه وأصلِحوا تُفْلحوا، وسلموا تَسلموا، وعلى التّوبة صمّموا واعزموا، فما أشقى من عقد التّوبة بعد هذه العِبَر ثمّ حلّها، ألا وإنّ ذنبًا بعد التّوبة أقبح من سبعين قبلها ".
تُوُفّي ابن المُنَيّر فِي مستهلّ ربيع الأوّل بالثغر.(15/491)
157 - أحمد بن مرزوق بن أبي عمارة، البجائيّ، المغربيّ، السلطان الدّعيّ، الَّذِي قَالَ: أَنَا ابن الواثق بالله أبي زكري يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْد الواحد بْن عمر الهنتاتي؛ واسمي الفضل. [المتوفى: 683 هـ]
ومن خبره أنّه سار فِي جيش وقصد تونس، وتوثب عَلَى صاحبها المجاهد أَبِي إسحاق إبراهيم بن يحيى الهنتاتي وظفر بِهِ، فقبض عَلَيْهِ، ثمّ ذبحه صبْرًا وغلب على إفريقية، وتسمّى بأمير المؤمنين، وقام بالوقاحة، وتم أمره، وعرف النّاس أنّه زَغَل. [ص:493]
وكان سيئ السّيرة، فانتدب لَهُ أَبُو حفص عُمَر بْن يَحْيَى أخو المجاهد المذكور وقام معه خلق، فخارت قِوى الدّعيّ واختفى، فبويع أَبُو حفص ولُقّب بالمستنصر بالله المؤيد وظفر بالدّعيّ وعذّبه، فأقرّ بأنه أَحْمَد بْن مرزوق وأنّه كَذَب، فمات تحت السياط، وكانت دولته دون العاميْن ولا أعلم مَتَى هلك يقينا.(15/492)
158 - أَحْمَد بْن هولاكو بْن تولى بْن جنكزخان، المُغُليّ ويُسمّى بكوتا، وقيل: بكدوا، [المتوفى: 683 هـ]
صاحب العراق وخراسان وأذَرْبَيْجان والجزيرة والروم.
قِيلَ: إن سبب تسميته بأحمد أنّ بعض مشايخ الأحمدية دخل النار قدّام هولاكو وأحمد حينئذٍ طفل، فأخذه الشّيْخ ودخل بِهِ النار، فسمّاه أبُوهُ أَحْمَد ووهبه للأحمدية، ثم كانوا يَغْشَونه ويحبّبون إلَيْهِ الإِسْلَام، فأسلم وهو صبيّ، ثمّ إنّه جلس عَلَى تخت المُلْك بعد هلاك أبغا ومنكوتمر أخَوَيه، ومال إلى الإِسْلَام ويُسّر لَهُ قرين صالح، وهو الشّيْخ عَبْد الرَّحْمَن الَّذِي قدم فِي الرُّسلية إلى الشام، وسعى فِي إصلاح ذات البين، ولم تطل أيام الأمير أَحْمَد، ومات شابًّا وله بضعٌ وعشرون سنة، وقام فِي المُلك بعده أرغون بْن أبغا وهو الَّذِي قتله، وكان أرغون بطرف خُراسان يحفظها، فلما مات أبُوهُ وتملّك أَحْمَد أقبل أرغون فِي جيشه فعمل مصافًّا مَعَ أَحْمَد، فانكسر جمع أحمد وجرت لهما أمول لا أجيء بها كما ينبغي، فلعن اللَّه ساعة التّتر.
قرأت بخطّ ابن الفُوَطيّ: قُتل السلطان أَحْمَد فِي جمادى الأولى.
قلت: قتلوه بأن قصفوا صُلبه، فمات رحمه الله.(15/493)
159 - إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم، العلامة شَرَفُ الدّين البكريّ، الزّنْجانيّ، ثم الشّيرازيّ. [المتوفى: 683 هـ]
مات بشيراز، قاله الفُوَطيّ وقال: قدم بغداد حاجًّا، صنَّف كتابًا عَلَى طريقة " جامع الأصول " وحدّث بمَرَاغة وتبريز بكتاب " الأنوار اللمعة في [ص:494]
الجمع بين الصّحاح السّبعة " تأليف تاج الدّين السّاويّ، سَمِعَ منه: الصّاحب شمس الدّين الْجُوينيّ وأولاده.(15/493)
160 - إسرائيل بْن إِسْمَاعِيل بْن شُقَيْر، زكيّ الدّين الدّمشقي، التّاجر. [المتوفى: 683 هـ]
شيخ، حَسَن، معمَّر، قليل الرواية وُلِد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة، وسمع من أَبِي القاسم بْن صَصْرى، حمل عَنْهُ المِزّيّ، والبِرْزاليّ، وجماعة، ومات فِي رمضان.(15/494)
161 - إِسْمَاعِيل بْن قايماز، الأمير ناصر الدين ابن الرومي، الدمشقي. [المتوفى: 683 هـ]
حدث عن الشرف ابن الصّابونيّ، ومات فِي جُمادي الآخرة، وله خمسٌ وستُّون سنة.(15/494)
162 - بكتوت، الأمير بدر الدّين الشَّشَنكير. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي بدمشق، ودفن بتربة الشيخ سليمان ابن الرَّقيّ، مات فِي شعبان.(15/494)
163 - بلال، عفيف الدّين النفطيّ المقرئ، الأسود. [المتوفى: 683 هـ]
لَهُ سماع من السَّخاويّ، وكان مُقرئًا بالظّاهرية، وتُوُفّي بمصر فِي ذي الحجة.(15/494)
164 - الحسن ابن الصاحب الوزير فلك الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن هبة اللَّه، المسيريّ، قُطْبُ الدّين. [المتوفى: 683 هـ]
كَانَ دمث الأخلاق، حسن العشرة، لَهُ معرفة بالتاريخ والأدب، وأمّه بِنْت شيخ الشيوخ تاج الدّين ابن حمُّويه، وخدم جُنْديًّا مدّةً، ثمّ سكن بَعْلَبَكّ فِي سنة ثمانٍ وخمسين وستّمائة، ولبس البقيار وخدم بعلبك في الديوان، وولي مشيخة الخانكاه النجمية.
توفي ببعلبك في رجب كهلاً، روى عن جده وكريمة وغيرهما، كتب عنه البِرْزاليّ بدمشق وبَعْلَبَك.(15/494)
165 - حليمة بنت أحمد بن منعة القنوي. [المتوفى: 683 هـ]
روت عن جعفر الهمداني، وتوفيت في رمضان.(15/495)
166 - دَاوُد بْن عَبْد القوي بْن قاسم، العسقلاني، الشّافعي. [المتوفى: 683 هـ]
شيخٌ مصريّ، حدث عَنْ: عَبْد العزيز بن باقا، وعلي بن مختار، وجعفر الهمداني، والعلم ابن الصابوني، ومات في رجب.(15/495)
167 - رشيد الحبشي، [المتوفى: 683 هـ]
مولى الصاحب جمال الدين عبد الرحمن ابن محيي الدين يوسف ابن الجوزي.
سمع ابن بهروز، وأبا بكر ابن الخازن وحدَّث، ومات في المحرم.(15/495)
168 - الزكي سنقر البياني، [المتوفى: 683 هـ]
من أعيان البيانية.
عاش نيِّفاً وتسعين سنة.(15/495)
169 - سنجر، الضيائي، الصوفي، البغدادي، الحنبلي. [المتوفى: 683 هـ]
شيخ، صالح، زاهد، عارف، كبير القدر، روى عَنْ عجيبة الباقداريّة.
روى عَنْهُ الفَرَضيّ وقال: يُعرف بالشيخ عَبْد اللَّه، عتقه ضياء الدّين أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن دُلف، تُوُفّي فِي جمادى الأولى.(15/495)
170 - شاهنشاه بْن عَبْد الرّزّاق بْن أَحْمَد، العامريّ، الذّهبيّ، ناصر الدّين. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي فِي المحرَّم بقرية ونقل إلى قاسيون، روى عَنْ زَين الأُمناء، سمع منه المزي، والبرزالي.(15/495)
171 - طَالِب، أحد مشايخ الأحمديّة بقصر حَجّاج. [المتوفى: 683 هـ]
رَجُل صالح وقور، يعمل السّماع، وله زبون وأصحاب، رحمه الله.
مات في صفر، وشيعه الخلق.(15/495)
172 - عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن حبيب، الكاتب، الأستاذ المجود زكي الدين. [المتوفى: 683 هـ]
أوحد عصره فِي الخطّ ببغداد، مات فِي ربيع الآخر، أرّخه ابن الفوطي.
وكان شيخ رباط، عاش سبعًا وسبعين سنة.(15/495)
173 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، القاضي، الإِمَام، معين الدّين، أَبُو محمد النِّكزاوي، المقرئ، النَّحْويّ. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد بالإسكندرية سنة أربع عشرة، وقرأ بها القراءات عَلَى مثل ابن عيسى والصّفراويّ وصنّف فِي القراءات، وكان مشهورًا بها.
تُوُفّي فجاءة فِي هذا العام، قاله ابن الخبّاز.(15/496)
174 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهاب بْن سعادة، المحدّث الشهير، جمال الدّين، أَبُو مُحَمَّد العراقي، المريمي، [المتوفى: 683 هـ]
من ذرية أبي مريم.
كَانَ مقرئًا، محدّثًا، بديع الخطّ،
سَمِعَ مِنْ: عبد الله بن ثابت النعال، ومحيي الدّين ابن الجوزيّ، ثمّ طلب بنفسه فأكثر جدا، وقرأ وتعب.
مات فِي ثامن ربيع الآخر ببغداد سنة ثلاثٍ كهلاً، أجاز للشيخ صفيّ الدّين عَبْد المؤمن.(15/496)
175 - عَبْد اللَّه بْن محمود بْن مودود بْن بلدجي، مجد الدّين، أَبُو الفضل المَوْصليّ، الحنفيّ، الفقيه، المفتي. [المتوفى: 683 هـ]
إمامٌ، عالم، مصنِّف، لَهُ أصحاب وحلقة أشغال،
سَمِعَ: أَبَا حفص بْن طَبَرْزَد، ومسمار بْن العُوَيس،
كَتَبَ عَنْهُ أَبُو العلاء الفَرَضيّ، وأثنى عليه وقال: توفي في تاسع المحرّم، وسمعت بقراءة القلانسيّ " عمل يوم وليلة " لابن السُّنّي، بسماعه سنة ستٍّ وستَّمائة من مجد الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكرابيسيّ، عَنْ عبد الرزاق القومساني.
وكان مولده فِي شوّال سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، ودُفن بمشهد أَبِي حنيفة ببغداد، وكان يومًا مشهودًا.
قَالَ ابن الفُوطي: مات فِي العشرين من المحرّم، وكان عالمًا بالفقه والخلاف والأصول، سَمِعَ الكثير فِي صباه وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان صبورًا عَلَى السّماع، ولِّي قضاء الكوفة، ثمّ فوِّض إلَيْهِ تدريس مشهد الإِمَام أَبِي حنيفة، فكان عَلَى ذَلِكَ إلى أن تُوُفّي، سَمِعَ " الْبُخَارِيّ " من أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العزّ الواسطيّ، وابنُ روزبة , وله إجازة من المؤيَّد الطّوسيّ وزينب الشعرية، وسمعنا منه " جامع الأصول " بإجازته من مصنِّفه [ص:497]
مجد الدّين، وكان كثير المحفوظ قد سافر إلى الشام، وقرأ على أبي عمرو ابن الحاجب، ومحيي الدّين ابن العربيّ.(15/496)
176 - عَبْد الرَّحْمَن، رسول الملك أحمد بن هولاوو. [المتوفى: 683 هـ]
قرأت بخطّ قُطْب الدّين ابن الفقيه: حَدَّثَني عَبْد اللَّه المَوْصلي، الصّوفيّ، وكان ممّن قدم معه، أنّ عَبْد الرَّحْمَن كَانَ من مماليك الخليفة المستعصم بالله، وكان اسمه قراجا، فلمّا أُخذت بغداد تزهّد وتسمَّى عبد الرَّحْمَن واتّصل بالملك أَحْمَد وعظُم عنده إلى الغاية، بحيث كَانَ ينزل إلى زيارته وإذا شاهده ترجل ثمّ قبّل يده وامتثل جميع ما يُشير بِهِ، وكان جميع ما يصدر عَنِ الملك من الخير بطريقه، فأشار عَلَيْهِ أن يتفق مَعَ الملك المنصور وتجتمع كلمتهم، فندبه لذلك وسيَّر في خدمته جماعة كثيرة من المغول والأعيان فحضر إلى دمشق فِي ذي الحجّة سنة اثنتين وثمانين، وأقام بمن معه فِي دار رضوان، ورتّب لهم من الإقامات ما لا مَزِيد عليه، وبولغ فِي خدمتهم، وقدم السّلطان إلى الشام، فعند وصوله بلغه قتْل أَحْمَد وتملّك أرغون بعده، فاستحضر الشّيْخ عَبْد الرَّحْمَن بقلعة دمشق ليلًا، وسمع رسالته، ثم أخبره بقتْل مرُسِله، ثمّ عاد السّلطان إلى مصر، وبقي عَبْد الرَّحْمَن ومن معه معتَقَلين بالقلعة، لكن اختصر أكثر تلك الرواتب وقرّر لهم قدر الكفاية، فلمّا كَانَ فِي آخر رمضان تُوُفّي عَبْد الرَّحْمَن، ودُفِن بسفح قاسيون وقد نيّف عَلَى السّتّين، وبقي من معه عَلَى حالهم وتطاول بهم الاعتقال، وأُهمِل جانبهم بالكُلية، وضاق بهم الحال فِي المطْعَم والملْبَس، فعمل النّجم يَحْيَى شعرًا بعث بِهِ إلى ملك الأمراء حسام الدّين، فمنه:
أَوْلى بسجنك أن يحيط ويقتفي ... صيد الملوك وأفخر العظماء
ما قدر فرّاشٍ وحدّاد ... ونفاطٍ وخَرْبندا إلى سقاءٍ
خدموا رسولًا ما لهم عِلمٌ بما ... يخفى وما يُبدي من الأشياء
لم يتبعوا الشّيْخ الرَّسُول ديانةً ... وطلاب علم واغتنام وعاءٍ
بل رغبة في نيل ما يتصدق الـ ... سلطان من كَرَم وفَيْض عطاءِ
ويؤمّلون فواضلًا تأتيه من ... لحم وفاكهة ومن حَلْواءِ [ص:498]
نفروا من الكُفَّار والتجأوا إلى ... الإِسْلَام واتّبعوا سبيل نجاء
فيقابلون بطول سجن دائما ... وتحسّر ومجاعة وعناءِ
أخبارهم مقطوعة فكأنهم ... موتى وهم فِي صورة الأحياء
إن كَانَ خيرًا قد مضى أو كَانَ شرا ... قد أمنت عواقب الأسواء
وإذ قطعت الرأسَ من بشرٍ فلا ... تحفل بما يبقى من الأعضاء
فِي أبيات، فلمّا سمعها أطلق معظَمهم، وبقي فِي الاعتقال نفرين ثلاثة، قِيلَ: إنّ صاحب ماردين أشار بإبقائهم.
وكان عَبْد الرَّحْمَن مقاصده جميلة وظاهره وباطنه منصرف إلى نُصرة الإِسْلَام واجتماع الكلمة، وله عدّة سفرات إلى مصر والشام والحجاز، ولمّا قدِم فِي الرُّسلية كانوا يسيرون به فِي اللّيل، وكان يعرف السِّحر والسّيمياء وبهذا انفعل لَهُ الملك أَحْمَد.
ورأيت فِي تاريخ أنّه كَانَ روميًّا من فرّاشي السُّدّة، وأخذ من الدُّور , وقت الكائنة جوهرًا نفيسًا، وأُسِر فسلم لَهُ الجوهر، ثُمَّ صار من فراشي القان، ثم تزهد وتنمّس وتخشع وطمر الجواهر وصار إلى الموصل، فاتّصل بعزّ الدّين أيبك أحد نوّاب القان، وكان مهووسًا بالكيمياء، فربطه عَبْد الرَّحْمَن وسار معه إلى أبغا ودخل، فقال عَبْد الرَّحْمَن لأبغا: إنّي رَأَيْت فِي النّوم فِي مكان كذا وكذا جوهرًا مدفونًا، فبعث معه جماعة، فقال لهم: احفروا هنا، فحفروا فوجدوا ذَلِكَ، فخضع لَهُ أبغا واحترمه، ثمّ ربطه بأمر الجنّ والشَّعبذة، ثم إنّه عمل خاتمين نفيسين عَلَى هيئةٍ واحدة، فأظهر الواحد وأعطاه لأبغا، ففرح به، فقال لَهُ: إنْ رميته فِي هذا البحر أَنَا أُخرجه لك، فرماه، فقال: اصبر إلى غد.
ثمّ عمل هيئة سمكة خشب مجوّفة وملأها ملحًا مَعَ الخاتم الآخر وأتاه بالسّمكة، وقال: هذه تأتي بالخاتم، ورماها فِي البحر فغرقت ساعتين، فتحلل الملح فشافت السّمكة فاصطادها، ففتح أبغا فمها فإذا الخاتم، فانبهر لذلك واعتقد فِي عَبْد الرَّحْمَن، فأخذ رصاصة أخفاها فِي بطن السمكة ورماها فغاصت، وخضع لَهُ الملك أَحْمَد أيضًا وحسُن إسلامه بسببه.(15/497)
177 - عبد الرحمن بْن ريان، السّنديّ. [المتوفى: 683 هـ]
روى عَنْ أَبِي جَعْفَر ابن السيدي وغيره، مات ببغداد.(15/499)
178 - عَبْد الرحيم بْن إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه بْن المسلم بْن هبة اللَّه بْن حسّان، القاضي، نجم الدّين الْجُهَنيّ، الحَمَويّ، الشّافعيّ، المعروف بابن البارزي، قاضي حماة، وأبو قاضيها شَرَف الدّين هبة اللَّه. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد بحماة سنة ثمانٍ وستّمائة وحدَّث عَنْ: مُوسَى ابن الشيخ عبد القادر، سمع منه: ابنه والحافظ أبو العباس ابن الظاهري، وولده أبو عمرو عثمان، والبدر أَبُو عَبْد اللَّه النّحْويّ وجماعة، وكان إماماً، فاضلاً، فقيهاً، أصولياً، أديباً، شاعرًا، لَهُ خبرة بالعقليّات ونظر فِي الفنون.
وقد سَمِعَ من أَبِي القاسم بْن رواحة وغيره، وسماعه من مُوسَى بدمشق، وقد حكم بحماة قديماً بحكم النيابة عن والده شمس الدين، ثمّ وُلّي بعده ولم يأخذ عَلَى القضاء رزقًا وعزل عَنِ القضاء قبل موته بأعوام، وكان مشكورًا فِي أحكامه، وافر الدّيانة، مُحِبًّا للفقراء والصّالحين كولده، درّس وأفتى وصنّف وأشغل مدةً وخرج لَهُ الأصحاب فِي المذهب وله شِعر رائق، فمنه:
إذا شِمتُ من تلقاء أرضكم بَرْقًا ... فلا أضلعي تهدى ولا أدمُعي ترقا
وإنْ ناح فوقَ البانِ ورْقُ حمائم ... سُحَيْرًا فَنَوْحي فِي الدُّجَى علَّم الورقا
فرِقُوا لقلبٍ فِي ضِرامِ غرامِه ... حريقٌ وأجفانٌ بأدمُعها غرقًا
سَمِيريَّ من سعدٍ خُذا نحو أرضهم ... يمينًا ولا تستبعدا نحوها الطُرُقا
وعوجا عَلَى أُفْق توشَّح شِيحه ... بطيب الشَّذَا المكّيّ أكرِم بِهِ أُفُقا
فإنّ بِهِ المغني الذي بترابه ... وذكراه يُستشفى لقلبي ويُسْتَرْقا
ومن دونه عَرَبٌ يرون نفوسَ من ... يَلُوذ بمُغْناهم حلالًا لهم طلقا
بأيديهم بيضٌ بها الموتُ أحمر ... وسُمرٌ لدى هيجائهم تحمل الزرقا
وقولا محبًّا بالشّام غدا لقيّ ... لفُرقة قلب بالحجاز غدًا مُلْقي
تَعَلّقكم فِي عُنْفوان شبابه ... ولم يسل عن ذاك الغرام وقد أنقى
، وكان يمني النفس بالقرب فاغتدى ... بلا أمل إذ لا يؤمل أن يبقى
عليكم سلامُ اللَّه أما ودادكم فباقٍ ... وأمّا البُعد عنكم فما أبقى [ص:500]
ثمّ خرج إلى مدح النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخلفاء الأربعة، يَقُولُ فيها:
رقيقكمُ مملوككم عبدُ وُدِّكم ... قصارى مُناه أن تديموا له الرقا
يعوذ بذا القبر الّذي قد حواكم ... إذا ما نجا أهل السعادة أن يشقا
أجِرني فإنّي قد أحاطَتْ بساحتي ... ذنوب لأثقال الرواسي غدت طبقا
وله وكتب بهما إلى الملك المنصور مُحَمَّد:
خدمتُكَ فِي الشّباب وها مشيبي ... أكاد أحلّ منه اليوم رمَسا
فراع لحرمتي عهدًا قديمًا ... وما بالعهد من قِدَمٍ فَيُنْسَى
أنشدني أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن يعقوب النحوي أن القاضي أبا محمد ابن البارزيّ أنشده لنفسه فِي القلم:
ومثقّف للخطّ يحكي فعل ... سمر الخط إلا أن هذا أصفر
في رأسه المسود إن أجروه ... فِي المبيَّض للأعداء موتٌ أحمر
توجّه القاضي نجم الدّين ليحجّ فِي سنة ثلاثٍ، فأدْركَته المَنِيّة فِي ذي القعدة بتبُوك، فحُمِل إلى المدينة، ودُفن بالبقيع، رحمه اللَّه، وكتب الدّمياطيّ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأزْديّ، عَنْهُ.(15/499)
179 - عبد الرحيم بن سعد بن أبي المواهب بن سعد، زين الدين اليحفوفي البعلبكي الفقيه. [المتوفى: 683 هـ]
صالح، دين، حسن العشرة، حلو المحاظرة، روى عن القزويني، والبهاء عبد الرحمن، روى عنه: أبو عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفتح، وأبو مُحَمَّد البرزالي، وجماعة، وكان خطيب مشهد علي بظاهر بعلبك.
توفي في سادس جمادى الأولى في المعترك.(15/500)
180 - عَبْد العزيز بْن مظفر، الصّدر، عزّ الدّين الدمشقي المطرز. [المتوفى: 683 هـ]
اتصل بخدمة الملك الناصر فأحبّه وحظي عنده، وكان مليح الشَّكْل، حَسَن البِزّة، مليح العِشْرة، ظاهر الحشمة.
تُوُفّي فِي أوّل السّنة بدمشق.(15/500)
181 - عَبْد القادر بْن خَلَف بْن سلامش، البغدادي. [المتوفى: 683 هـ]
سَمِعَ من نصر بْن عَبْد الرّزّاق الجيليّ، كتب عنه الفرضي وقال: مات في ذي القعدة.(15/501)
182 - عبد المحسن بن أحمد بن أبي القاسم، أبو الكرم الأزجي الغزال، عرف بابن الريحاني. [المتوفى: 683 هـ]
حدث عن إبراهيم بن عبد الرحمن القطيعي المواقيتي، ومات في رمضان.(15/501)
183 - عَبْد الملك، الملك السّعيد، فتْح الدّين، أَبُو محمد ابن السلطان الملك الصالح أبي الخيش إسماعيل ابن العادل، محمد بن أبي الشكر أيوب. [المتوفى: 683 هـ]
رَأَيْته، وكان شكلًا مليحًا، مزرَّعاً بالشَّيْب، وكان وافر التَّجمل، دمث الأخلاق، لَهُ حُرمة فِي الدّولة، وكان من أُمراء الحلقة، وهو والد الملك الكامل، سَمِعَ منه: البِرزاليّ، والطَّلَبة، وتُوُفّي فِي ثالث رمضان، ودُفِن بتُربة جدّته أمّ الصالح، وشيعه الأمراء والأعيان.
سمع من ابن اللتي وغيره، أتيت منزله وهو يأكل فأطعمني.(15/501)
184 - عبد الوهاب بن الحسن، القاضي أبو محمد ابن الفرات اللخمي، الإسكندراني. [المتوفى: 683 هـ]
شيخ فقيه، معمر، ولد بالإسكندرية سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وكان يمكنه السماع من عبد الرحمن بن موقى، ولا أعلم هل سمع أم لا.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة وقد تفرّد بالإجازة من إِسْمَاعِيل بْن ياسين ,، وأبي الفضل مُحَمَّد بن يوسف الغَزْنَوِيّ، وعبد اللطيف بْن أبي سعد الصوفي.(15/501)
185 - علي بن الحسن بن معالي، الأديب، فخر الدين ابن الباقلاني، البغدادي، الشاعر. [المتوفى: 683 هـ]
عاش ثنتين وثمانين سنة، وله شِعْر كثير.(15/501)
186 - عَلِيّ بْن صالح، الحسيني، [المتوفى: 683 هـ]
إمام المقام. [ص:502]
ذُكِر فِي سنة إحدى.(15/501)
187 - عَلِيّ بْن يوسف بْن جلّون، الشّيْخ الصّالح، نور الدّين الحرّانيّ، التاجر. [المتوفى: 683 هـ]
حدّث بدمشق عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن روزبة، سمع منه: البرزالي، والطلبة، وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(15/502)
188 - عُمَر بْن مُحَمَّد، نجم الدّين الكُرَيْدي، الشّافعيّ، [المتوفى: 683 هـ]
قاضي الصَّلت،
تُوُفّي فِي المحرّم.(15/502)
189 - عُمَر بْن نصر، القاضي نجم الدّين، أَبُو حفص الأنصاريّ، البَيْسانيّ، الشّافعي. [المتوفى: 683 هـ]
سَمِعَ من ابن الزّبيديّ، وابن اللّتّي، والتّقيّ بْن باسويه وجماعة، وتفقه وبرع فِي المذهب وأفتى ودرّس وناب فِي القضاء بدمشق ودرّس بالرّواحية، ثم وُلّي قضاء حلب مُدَيْدَة، ومات فِي شوال رحمه الله.
كتب عَنْهُ البِرزاليّ وغيره وولي بعده تدريس الرواحية ناصر الدين ابن المقدسيّ الَّذِي شُنق.(15/502)
190 - عيسى بْن مُهَنًا، أمير عرب الشّام وشيخ آل فضل، الأمير شَرَف الدّين. [المتوفى: 683 هـ]
كَانَ ذا منزلة عظيمة عند السّلطان الملك المنصور، وقد ملّكه السلطان مدينة تدْمُر بحكم البيع وأورد عَنْه ثمنها، وكان كريم الأخلاق، حَسَن الجوار، مكفوف الشّرّ، يرجع إلى خير وعقل ورياسة، ولم يكن أحدٌ يضاهيه من ملوك العرب، وله أثر صالح فِي يوم المصافّ بحمص مَعَ مَنْكُوتَمُر، وتُوُفّي بعد الأمير أَحْمَد بْن حجّي بأربعة أشهر، وصُلى عَلَيْهِ بدمشق صلاة الغائب فِي يوم الجمعة تاسع ربيع الأول، وقام بالأمر بعده ولده الأمير حسام الدين مهنا، فزادت حرمته وامتدت أيامه.(15/502)
191 - فاطمة بنت الحافظ أبي القاسم علي ابن الحافظ بهاء الدّين أَبِي محمد القاسم ابْن الحافظ الكبير محدث الشام أبي القاسم علي بن الحسن ابن عساكر، أمّ العرب الدّمشقية. [المتوفى: 683 هـ]
وُلدت سنة ثمانٍ وتسعين وسمعت من عُمَر بْن طَبَرْزد وحنبل المكبّر، وأبي الفُتُوح الجلاجليّ، وستّ الكَتَبة بِنْت الطّرّاح، وأبي اليُمْن الكِنْديّ، وأجاز لها: أبو جعفر الصيدلاني، ومحمد ابن الفاخر، وأبو الفُتُوح أسعد العجلي، وعدّة من شيوخ العراق وخراسان وأصبهان.
وكانت أصيلةً، جليلة، عالية الإسناد، مُعرقةً فِي الحديث، وسماعها من عُمَر، وحنبل فِي الخامسة، ولها فِي السّادسة أيضًا عَلَى عُمَر.
روى عَنْهَا الدّمياطي وقُطب الدّين ابن القسطلانيّ، ومحمد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، وابن الخبّاز، وعلاء الدّين ابن العطّار، وجمال الدِّين المِزّيّ، وعلم الدِّين البِرزالي، وطائفة سواهم، وأجازت لي مَرْويّاتها، وتُوُفّيت فِي تاسع عشر شعبان.(15/503)
192 - فاطمة بِنْت مُحَمَّد بْن جامع بْن باقي، نور الهدى التّميميَّة، [المتوفى: 683 هـ]
وأُمّها بِنْت السّيف الآمِديّ المتكلّم.
توفيت في المحرم وقد روت " جزء أبي الجهم " عن ابن الزبيدي، و" جزء الفلكي " عن ابن غسان الحمصي، أظنها ماتت بمصر.(15/503)
193 - قُراسُنْقُر المُعِزّيّ، الأمير الكبير، شمس الدّين. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي ببيت لهيا في جمادى الآخرة.(15/503)
194 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الوهاب، القاضي، الرئيس، عماد الدين ابن الشيرجي، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، ابن الرئيس شَرَف الدّين. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد سنة ثلاث عشرة، وسمع: أَبَا المجد القزوينيّ، وجدّه الصدر فخر الدّين، وأبا عَبْد اللَّه ابن الزبيديّ، وولي نظر الجامع مرّةً، ونظر الخزانة، وكان رئيسًا محتشمًا، متواضعًا، ديّنًا، روى لنا عنه ابن العطار وغيره. [ص:504]
ولي منه إجازة، وتُوُفّي فِي ربيع الأول ببستانهم بالعُقَيبة، وهو والد الصّاحب فخر الدّين.(15/503)
195 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي القاسم بْن عنان، الإِمَام، المحدّث، المتقن، شَرَفُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه المَيْدُويّ، الْمَصْرِيّ، النَّحْويّ. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد بالقاهرة سنة إحدى عشرة وستّمائة، وسمع الكثير وكتب واشتغل، وكان من العلماء الأتقياء، تُوُفّي فِي صفر وشيّعه الخلق إلى القرافة.
سَمِعَ من عَبْد العزيز بْن باقا، وابن رواج، وابن الجميزي، وطبقتهم، وقد درس وأعاد وجمع، وكان خِصّيصًا بالحافظ أَبِي مُحَمَّد المُنْذريّ، أكثر عنه وولي خزن كتب الكاملية، وطُلب لمشيختها فامتنع مدة، ثم وليها إلى أن مات.
أخذ عَنْهُ الحارثي، وأبو عمرو ابن الظاهري، وقطب الدين وقال في " تاريخ مصر ": أبو عبد الله المقرئ، المحدث، النّحْويّ، كَانَ من العلماء الأتقياء، عارفًا بالقراءات والحديث والنّحو، وكتب الكثير، وكان سليم القلب، ذا سمتٍ وصلاح وهدى وخير، على سمْت السلف، متصدراً للحديث طول نهاره مدرسا بالمدرسة الكاملية، سَمِعْتُ منه وانتفعتُ ببركته وقرأت عَلَيْهِ " الشّاطبية " من حفظي، بسماعة من أَبِي عَبْد اللَّه القُرطُبيّ، وكان ثقة حُجّة، وكان لَهُ تلميذ يقرأ عَلَيْهِ الحديث، فلمّا مات بكى وجعل يمرّغ وجهه عَلَى رِجْليه ويقول: يا سيّدي اطلبني من اللَّه، فإني لا أقدر أرى غيرك قاعداً مكانك، فمات التلميذ من الغد.(15/504)
196 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الأزهر، أَبُو عَبْد اللَّه ابن الحافظ أَبِي إِسْحَاق الصَّريفيّني، [المتوفى: 683 هـ]
من أولاد المحدثين.
سمعه أبُوهُ الكثير من الموفق عَبْد اللطيف بْن يوسف وجماعة، ولم يكن من أهل العلم، وقد أخذ عَنْهُ بعض الطَّلَبة. [ص:505]
تُوُفّي فِي شعبان، وسمع " الصّحيح " من ابن روزبة، ومولده بمنبج في سنة عشرين وستمائة.(15/504)
197 - مُحَمَّد بْن باخل، الأمير، شمس الدّين الهكّاريّ، متولّي الثغر الإسكندريّ. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي فِي رجب بالإسكندرية، وقد ذكره الحافظ عبد الكريم فِي " تاريخه " فقال: مُحَمَّد بْن باخل بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن مرزُبان الهكّاري، إلى أن قَالَ: كَانَ صارمًا عادلًا وله ميل إلى الأدب، سَمِعَ جميع " سُنَن ابن ماجة " من الموفق عَبْد اللطيف بن يوسف، و" مقامات الحريريّ " بحرّان.
وخرج لَهُ الحافظ منصور بْن سُليم، أجاز لي مرارًا، ومولده سنة عشرين وستمائة.
قلت: وله نظم جيد.(15/505)
198 - محمد بن جبارة، الفقيه، الإمام، الزاهد، العابد، تقيّ الدّين، المقدسيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي فِي ذي الحجة بقاسيون، وهو محمد بن عبد الولي، سمع ببغداد من القطيعي، وهو والد المقرئ شهاب الدين.(15/505)
199 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن، نظام الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الدّاريّ، الخليليّ، [المتوفى: 683 هـ]
عمّ الصّاحب فخر الدّين.
تُوُفّي بمصر فِي ربيع الأول وله إجازة ابن المعطوش، وابن الجوزيّ وجماعة، وسمع " السيرة النبوية " من ابن مجلّي، وعاش تسعين عاما، وكان تاجرًا متموّلًا، كثير البّرَّ، خرّج لَهُ التقي عُبيد مشيخة، سمع ابن جُبير.(15/505)
200 - مُحَمَّد بْن زنطار، أَبُو خطّاب الأشرفيّ، [المتوفى: 683 هـ]
خادم الأثر بدار الحديث.
روى " مُسْنَد الشّافعيّ "، عَنِ ابن الزبيديّ، ومات فِي صفر.(15/505)
201 - مُحَمَّد بْن الصّلاح، العدل، جمال الدّين الحنفيّ، الخشّاب. [المتوفى: 683 هـ]
كَانَ من عُدُول القيمة بدمشق.
تُوُفّي في شعبان.(15/505)
202 - مُحَمَّد بْن عبد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم، الفقيه، شمس الدين، أبو عبد الله ابن العلامة تاج الدّين الفَزَاريّ، الدّمشقي، الشافعيّ. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي شابًّا فِي جمادى الآخرة.(15/506)
203 - مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بْن يَحْيَى، اللّوريّ، [المتوفى: 683 هـ]
أخو الشّيخ أَبِي إِسْحَاق.
سَمِعَ معه من الرشيد بْن مَسْلَمَة، مات بسِجِلْماسَة، حج مرّتين.(15/506)
204 - مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن عَبْد الخالق بْن خليل بْن مقلّد، قاضي القُضاة، عزّ الدّين، أَبُو المفاخر الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، المعروف بابن الصّائغ. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين وستّمائة، وسمع من أَبِي المنجى ابن اللتي، وأبي الحسن ابن الْجُمَّيْزيّ، وأبي الحَجّاج يوسف بْن خليل وجماعة، وتفقه فِي صباه عَلَى جماعة، ولازم القاضي كمال الدّين التّفْليسيّ، وصار من أعيان أصحابه، ثمّ ولي تدريس الشّامية مُشاركًا للقاضي شمس الدّين ابن المقدسيّ، بعد فصولٍ جرت، فلمّا حضر الصاحب بهاء الدين بن حنى إلى دمشق استقلٌ شمس الدّين بالشامية وحده وولي عزّ الدّين وكالة بيت المال ورفع الصّاحب من قدره ونوَّه بذكره.
ثمّ عمد إلى القاضي شمس الدّين ابن خلِّكان فعزله بالقاضي عزّ الدّين فِي سنة تسعٍ وستّين، فباشر القضاء وظهرت منه نهضة وشهامة وقيام في الحق ودرء للباطل وحفظ للأوقاف وأموال الأيتام والأشراف وتصدّى لذلك، فحُمِدت سيرته وأحبّه الناس وأبغضه كلّ مِرُيب، وأعلا اللَّه منار الشَّرع بِهِ.
وكان ينطوي عَلَى ديانة وورع وخوف من الله ومعرفة تامة بالأحكام، ولكنّه كانت لَهُ بادرة من التوبيخ المحاققة، وكشف الأمور واطراح للرؤساء الذين يدخلون فِي العدالة بالرياسة والجاه، فتعصّبوا عَلَيْهِ وتكلّموا فِيهِ وتتبّعوا غلطاتة، وتغيّر عَلَيْهِ الصّاحب وما بقي يمكنه عزله؛ لأنه بالغ فِي وصفه عَنْد السلطان، ودام فِي القضاء إلى أول سنة سبعٍ وسبعين، فعُزل وأعيد ابن خَلَّكّان، ففرح بعزْله خلْق، وبقي عَلَى تدريس العذراوية، فلمّا قدِم السلطان الملك المنصور لغزوة حمص سنة ثمانين أعاده إلى القضاء، وباشر فِي أوائل [ص:507]
سنة ثمانين فعاد إلى عادته من إقامة الشَرع وإسقاط الشهود المطعون فيهم، والغضّ من الأعيان، فربّي لَهُ أعداء وخصومًا، فتضافروا عَلَيْهِ وسعوا فِيهِ وأتقنوا قضيتّه، فلمّا قدِم السلطان دمشق فِي رجب سنة اثنتين وثمانين سعوا فِيه، فامتُحِن، فجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء إلى صلاة الجمعة، فأخذه إلى القلعة، فقال لَهُ المشدّ بدر الدّين الأقرعي: قد أمر السلطان أن تجلس فِي مسجد الخيّالة، ففعل ولم يمكَّن من صلاة الجمعة، وذلك بسبب محضرٍ أثبته تاج الدّين عَبْد القادر ابن السّنْجاري عَلَيْهِ بحلب، بمبلغ مائة ألف دينار، وأنّها عنده من جهة الشَّرف ابن الإسكاف كانت للخادم رَيحان الخليفتيّ، ثمَ إنّ المشدّ أحضر النظام ابن الحصيريّ نائب القاضي حسام الدّين الحنفيّ، فنفّذ المحضر، وأمضي حكم قاضي سرمين ابن الأستاذ بِهِ، وذهب الناس إلى القاضي يتوجّعون لَهُ، وبقي نائبه شمس الدّين عَبْد الواسع الأبهريّ يحكم، فلمّا كَانَ فِي اليوم الثالث منع نائبه من الحكم ومنع الناس من الدّخول إلَيْهِ إلا أقاربه، وولي القضاء بهاء الدّين ابن الزّكيّ، ثم نبغ آخر وزعم أنّ حياصة مُجَوهرة وعُصابة بقيمة خمسةٍ وعشرين ألف دينار كانت عند العماد ابن محيي الدّين ابن العربيّ للملك الصّالح إِسْمَاعِيل ابن صاحب حمص، وانتقلت إلى القاضي عزّ الدّين ووكّلوا علاء الدّين علي ابن السّكاكريّ للملك الزّاهر، وبقية ورثة الصّالح وذكروا أنّ الشهود: كمال الدّين ابن النّجّار، والجمال أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر الحموي، ثمّ توقف ابن النّجّار واقتحم الشّهادة الجمال وغيره، ثمّ قَالُوا للقاضي: هذه القضية قد ثبتت عليك، والأخرى فِي مظنّة الإثبات، ولم يبق إلا أن تحمل المال.
فلمّا كَانَ فِي اليوم الخامس من اعتقاله أظهروا قضية ثالثة، وهي أنّ ناصر الدّين مُحَمَّد ابن ملك الأمراء عزّ الدّين أيدمر أودع عنده مبلغًا كثيرًا، فجاء المشدّ وسأله فقال: أُحضر المبلغ إليَّ لأستودعه، فلم أفعل، فأسألوا الأمير بدر الدّين أمير مجلس، فإنّه الذّي أحضر المبلغ، فخرج المشدّ وسأل أمير مجلس، فصدَّق ما قاله القاضي، فلمّا كَانَ اليوم السّابع طلب المشدّ لناصر الدّين ابن أخي القاضي وقال: تكتب لي أسماء جميع أملاككم، وهدَّده فكتب ذَلِكَ، فلمّا كَانَ يوم الجمعة أدّى الشهود عند حسام الدّين الحنفي، وهم الجمال الحمويّ، بعد أن شهد عَلَيْهِ الشّيْخ تاج الدّين وأخوه الشّيْخ شَرَف [ص:508]
الدّين وغيرهما، أنّه لا عِلم لَهُ بهذه القضيّة وشهد الشّهاب غازي الأمينيّ، والغرس البيانيّ، فاستفسرهم القاضي حسام الدّين فتواقح بعضهم، وكان الجمال من شيوخ الحديث، فأهانه المحّدثون وتواصَوا أن لا يسمعوا عَلَيْهِ بعدها.
ثم عمل المشدّ بداره مجلسًا للحياصة، فحضر طائفة ممّن يبغض ابن الصّائغ، منهم: ناظر الصُّحبة ابن الواسطيّ، والوكيل ابن السَّكاكريّ، وحضر القاضي حسام الدّين ومحيي الدّين ابن النّحّاس، ورشيد الدّين سَعِيد، وأحضر ناصر الدّين ابن أخي القاضي فقيل: قد أدّى الشُّهود فهل لكم دافع، فاحضر النجم السَّبْتي، والمجد محمود، فشهدا عند حسام الدّين على القاضي عزّ الدّين بإسقاط ابن الحموي، وحضر الشَّيْخ علي الْمَوْصِلِيّ، والوجيه السبتي فشهدا عَلَى إقرار ابن الحمويّ أنّه لا يعلم هذه القضية، فبدر ابن السّكاكريّ وقال عَلَى لسان القاضي: إنّه لا يرى ذَلِكَ دافعاً، فكتب بذلك صورة مجلس وأمهلوا ليحضر دافعًا، ثم طلب القاضي عزّ الدّين من السّلطان أن يحضر بنفسه ويتكلّم مَعَ خصمه من غير توكيل منهما فِي مجلس يعُقد، فأجيب إلى ذلك، وعقد المجلس بمحضر من القضاة الأربعة، والشيخ تاج الدّين، والشيخ محيي الدّين ابن النحاس، وزين الدّين الفارقيّ، وشمس الدّين ابن الصّدر سُلَيْمَان، والقاضي عزّ الدّين المذكور، فقال ابن السّكاكريّ وأشار إلى حسام الدين: أسألك الحكم بما ثبت لموكّلي فقال القاضي عزّ الدين: أنا سألت من السّلطان أن يحضر معي خصمي: فطلبوا الملك الزّاهر فتغيَّب، فأحضروا ولده الملك الأوحد، ثمّ قُرئ المحضر، فقال القاضي عزّ الدّين للأوحد: أنا أحلفك بأنك ما تعلم أن شهودك شهود زور، فقال: أنا أصبو عَنْ هذه القضيّة، ونكل، وقال عزّ الدّين أيضًا: أَنَا أطلب من الشّهود تعيين الحياصة والعُصابة، وكم فيهما من جوهر وبَلَخْش، فأفتى بعضهم بلزوم التعيين، وتوقف بعضهم، فقال القاضي حسام الدّين: أَنَا أكشف هذا وأسأل أصحابنا، فإنّ التّعيين يختلف باختلاف الأجناس، وأحضروا في المجلس محضر ابن السّنجاريّ، فقُرِئ وادّعَى بمضمونه وكيل بيت المال زين الدّين عَلَى القاضي، فقال: لي دوافع، منها أنّ ابن السّنجاري عدوّي، ومنها أنّ ابن الحصيريّ حكم عليّ من غير حضوري، ولا حضور وكيلي، فطُلب ابن [ص:509]
الحصيريّ فلم يتّفق حضوره وانفصل المجلس.
ثمّ اجتمعوا بدار الحديث، وأحضِر ابن الحصيري، فقام عَلَيْهِ الحنفية وقالوا: حكمك لا يصحّ، فقال: لَيْسَ حكمي بباطل، ولكنّه لا يلزم الخصم، وبحثوا فِي ذَلِكَ، فأحضر كُتباً ونقولًا، وقال عزّ الدّين: لي بيّنة تشهد بعداوة ابن السّنجاريّ، فقال: أثبت ذَلِكَ يا مولانا، وعليك المهلة ثلاثة أيّام، وطلب ابن السّكاكريّ الحكم من الحنفيّ عَلَى عادته وجرأته، فأخرج القاضي عزّ الدّين فتاوي الفقهاء أنّ الدّعوى من أصلها باطلة، إذ كانت بمجهول، فأفتي بذلك من حضر المجلس، فقال المشدّ للقاضي، ما تحكم، فقال: لا والله لا أحكم فِي هذه القضية، وقام منزعجًا وانحَلّت القضية فكتب بذلك صورة مجلس، ثمّ بعد أيّام قَالَ المشدّ للقاضي عزّ الدّين: أيش المعمول؟ قَالَ: تصلي ركعتين فِي الليل، وتدعو اللَّه أن يكشف لك أمري، ومهما خطر لك بعد ذَلِكَ فافعل.
ثمّ سعى نائبا السلطنة حسام الدّين طرنطاي ولاجين وعَلَم الدّين الدّواداريّ وبيّنوا للسلطان أن القاضي ما ثبت عَلَيْهِ شيء، وظهر أيضًا أن ريحان الخليفتي تُوُفّي سنة أربع وخمسين، وأنّ المحضر يتضمن أن ريحان سيرَّ الوديعة إلى ابن الإسكاف في أواخر سنة ست وخمسين، ثمّ قدم تجارٌ واجتمعوا بطرنطاي وعرّفوه: أنّ ريحان مات وعليه دَيْن نحو اثني عشر ألف دينار، وفاها عَنْهُ الخليفة ونحن ما رأينا هذا القاضي، ولا لنا معه غرض، فأمر السلطان بإطلاقه مُكرمًا، فنزل من القلعة وزار شيخ دار الحديث، وعطف إلى ملك الأمراء لاجين فسلّم عَلَيْهِ بدار السّعادة، ثم مضى إلى دار القاضي بهاء الدّين الَّذِي ولي بعده، فسلم عَلَيْهِ، ثمّ أقام بمنزله بدرب النقّاشة، وطلع بعد أيام إلى بستانه بحميص، وبه مات إلى رحمة اللَّه، وعند موته توضأ وصلّى وجمع أهله وقال: هلَّلوا معي، فبقي لحظة يهلل وعبر إلى الله، وكان آخر قوله: لا إله إلا اللَّه.
توفي فِي تاسع ربيع الآخر، وله خمسٌ وخمسون سنة، وكان لا يُفصح بالرّاء.(15/506)
205 - مُحَمَّد بْن عَبْد الولي بْن جُبَارة بْن عَبْد الوليّ، الإِمَام، الزاهد، الصّالح، الفقيه، المتقِن، تقي الدين المقدسي، الحنبلي، [المتوفى: 683 هـ]
والد شيخنا الشّهاب المقرئ.
سَمِعَ ببغداد من هذه الطّبقة أَبِي الْحَسَن القَطِيعيّ وجماعة، وكان يتعاسر بالتّحديث، وسمع بدمشق من أَبِي القاسم بْن صَصْرى.
تُوُفّي فِي ذي الحجَّة.(15/510)
206 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحمد ابن السمذي، أَبُو مُحَمَّد الواعظ، ويلقّب بالمهديّ، [المتوفى: 683 هـ]
خطيب جامع المنصور.
سَمِعَ محيي الدّين ابن الْجَوزيّ وغيره.(15/510)
207 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر ابْن خلِّكان، القاضي بهاء الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الإربليّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 683 هـ]
قاضي بَعْلبَكَ، أخو قاضي القُضاة شمس الدّين.
وُلِد بإربل سنة ثلاثٍ وستّمائة، وسمع " صحيح الْبُخَارِيّ " من أَبِي جَعْفَر ابن مُكْرَم كأخيه وحدّث، سَمِعَ منه: ابن أَبِي الفتح، والبرْزاليّ، وجماعة، وهو والد النجم ابن خَلَّكان صاحب الفيض والخَيال الشَّيطاني، قدم الشام وهو شاب، فاشتغل وحصل.
ذكره قطب الدين في " تاريخه " فقال: كان رجلا معدوم النظير في كثير من أوصافه عنده التواضع المفرط، ولين الكلمة، ورقة القلب، وسلامة الصدر، وحسن العقيدة في الصالحين، وعدم الالتفات إلى الدنيا، ولي قضاء بعلبك إلى حين وفاته، قال: ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجامكية والجراية إلا قوته لا غير، ولا يسأل عمّا عدا ذَلِكَ، وأمّا بشْرُه وتَلقّيه بالترحيب فخارج عَنِ الوصف، ومات ولم يخلّف درهمًا ولا دينارًا وعليه جملة من الدَّين، فأُبيعت كُتُبُه فِي دَيْنه، ومن وقت وفاة أخيه حزن عَلَيْهِ، ولم يكن دمعه يرقًأ فِي غالب أوقاته من حزنه عَلَيْهِ، توفي في الثاني والعشرين من رجب. [ص:511]
، ودُفن فِي تُربة الزّاهد عَبْد اللَّه اليُونينيّ.(15/510)
208 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن بشارة، المحدّث، شمس الدّين الكِلابي، الدّمشقيّ، [المتوفى: 683 هـ]
أحد طَلَبَة الحديث.
تُوُفّي شابًا إلى رحمة اللَّه فِي شعبان، وخطه معروف فِي الطِّباق.(15/511)
209 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن رمضان، الأجل، شَرَفُ الدّين الأَنْصَارِيّ، الدّمشقي. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي فِي شعبان.(15/511)
210 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، الوزير الكبير، شمس الدّين، أَبُو المكارم الْجُوينيّ، [المتوفى: 683 هـ]
وزير الدولة التتّارية والحاكم فِي المغول.
نفذَت أقلامه فِي الأقاليم، وله رسائل وأشعار، وقد ذكره ابن الفُوَطيّ مستقصي فِي " معجم الألقاب " وقال: قُتل بنواحي أبهر بعد أن كتب وصيّته بيده، سمعنا من لفظه قصائد بتبريز، قتل فِي رابع شعبان.(15/511)
211 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن يحيى، نجم الدين الكلبي، السبتي، المعدل. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد سنة عشر وستّمائة، وقدم مصر بعد الثلاثين فسمع من أبي الخطّاب الكلبيّ الحافظ وبدمشق من ابن اللّتّي والسَّخَاويّ، وكريمة وجماعة، وعني بالرواية، وله جموع وتخاريج يسيرة، وكان صدوقًا، خيَّرًا، كتب عَنْهُ المِزّيّ والبرْزاليّ والجماعة، وتُوُفّي فِي جمادى الأولى.
لنا منه إجازة.(15/511)
212 - مُحَمَّد بْن محمود بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن شاهِنْشَاه بْن أيوب بن شاذي، صاحب حماة، وابن ملوكها، الملك المنصور أَبُو المعالي ناصر الدّين ابن الملك المظفّر تقيّ الدين ابن المنصور. [المتوفى: 683 هـ]
ملك حماة والمَعَرّة بعد والده سنة اثنتين وأربعين وستّمائة، وعُمُرة عشْرُ سنين وأيّام رعايةً لأمّه الصّاحبة غازية بِنْت السّلطان الملك الكامل.
وقام بتدبير دولته أمّه وسيف الدّين طغريل أستاذ الدار وشيخ الشيوخ شرف الدين عَبْد العزيز، وكان فِيهِ كرمٌ وحُسْن عشْرة، ولكنه لعاب، منهمك عَلَى اللّهْو [ص:512]
وغير ذَلِكَ، سامحه اللَّه وتمّلك بعده ابنه.(15/511)
213 - محمد بن معلى بن أبي السعادات بن علوان، أبو عبد الله الطائي ابن الدباهي، [المتوفى: 683 هـ]
صاحب ديوان المستعصم بالله.
ولد سنة ثمان وستمائة وحدث عن أبي نصر أحمد ابن النرسي.
كتب عنه الفرضي ووثقه وفال: أضر ثم أصم، ومات في شوال، وكان صدرا معظما.(15/512)
214 - مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن النُّعمان، الشّيْخ القُدْوة، أَبُو عَبْد الله، المزالي التلمسانيّ وقيل الفاسيّ، المغربيّ. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد سنة ستٍّ أو سبعٍ وستْمائة بتلمسان، وقدم الإسكندرية، فسمع بها مُحَمَّد بْن عماد الحرانيّ، وأبا القاسم عَبْد الرحمن ابن الصفراوي، وأبا الفضل الهمداني، وبمصر من عَبْد الرحيم بْن الطُّفَيْل، وأبي الحسن ابن المقير، وأبي الحسن ابن الصّابوني.
وكان فقيهًا مالكيًّا، زاهدًا عابدًا، عارفًا، إلّا أنّه كَانَ مُتغاليًا فِي أشعريته، تُوُفّي بمصر في تاسع رمضان، ودفن بالقرافة، وشيعه الخلائق، وكان يوماً مشهوداً، وكان يقال: إنه يحفظ كتاب سيبويه.
ومن شعره:
أَتَطْمعُ أنْ ترى ليلى بعينٍ ... وقد نظرتْ إلى حسنٍ سِواها
سواها لا يروق الطرف حسناً ... وأوصاف الجمال لها حماها
أتنظرها بعينٍ بعد عيٍن ... فتلك العينُ يمنعها قذاها
قذاها إن أردت يزولُ عنها ... فعين الغير دهرك لا تراها
روى عَنْهُ ابن نُبَاتَة والقُطْب عَبْد الكريم وعدّة.(15/512)
215 - مُحَمَّد الشمس السّراب، السَّقطي. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي فِي رجب، ودُفِن ببستانه بالرَّبْوة، وخلَّف ولدين يونسية.(15/512)
216 - المبارك بن المبارك بن عمرو، الحكيم البارع، شمس الدين، أبو منصور ابن الصّبّاغ، [المتوفى: 683 هـ]
طبيب المستنصرية.
كَانَ ماهرًا فِي الصناعة، له تصانيف، قد ناهز المائة ونيف عليها، قاله الفوطي.
مات في المحرم، وكان ممتعاً بسمعه وبصره.(15/513)
217 - محاسن بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه، نجيب الدين، أَبُو الفضل السُّلمي. [المتوفى: 683 هـ]
شيخ مُعَمَّر، كَانَ يمكنه السّماع من الخُشُوعيّ ونحوه؛ فإنّه وُلِد سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة.
وروى عن أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ بالإجازة. سَمِعَ منه عَلّم الدّين، وغيره. وتُوُفّي بنواحي أذرِعات فِي رجب إن شاء اللَّه. وقد أجاز لي.(15/513)
218 - مظفَّر بْن أَبِي بَكْر بْن مظفَّر، العلامة تقيُّ الدّين الْجَوْسقيّ، [المتوفى: 683 هـ]
مدرس الحنابلة بالبشيرية.
كَانَ إمامًا، مُناظرًا، خِلافيّاً، كبير القدر. حدّث عَنِ ابن السّبّاك.
مات في ربيع الأول، وعاش سبعين سنة، وكان رأساً فِي المذهب وأصوله.(15/513)
219 - مظفَّر بْن عَبْد الوهّاب بْن مشرّف، الدّمشقي. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي فِي ذي الحجة. وولد سنة ستمائة. لا أعلم لَهُ رواية.(15/513)
220 - مكّيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن غنّام، أَبُو الحَرَم الحرّانيّ. [المتوفى: 683 هـ]
شيخ صالح، قدم دمشق، وذكر أنّه سَمِعَ من عَبْد القادر الرّهاويّ. وقد روى بالإجازة عَنْ أَحْمَد ابن الدّبيقيّ، وعبد العزيز بْن مَنِينا، وسليمان المَوْصِليّ.
سمع منه: علم الدين وابن الخباز، وغيرهما. ومات فِي شعبان. وهو زوج ستّ الدّار بِنْت الشّيْخ مجد الدّين ابن تيميَّة.(15/513)
221 - موهوبة، أخت الشّيْخ أمينُ الدِّين عَبْد الصَّمَد بن عبد الوهّاب بن زين الأُمناء ابن عساكر. [المتوفى: 683 هـ]
سَمِعْتُ من جدّها، ومن ابن صباح. وحدّثت.
تُوُفيت فِي جمادى الأولى. وهي والدة الأخوين شرف الدين وعزيز الدين ابني العماد الكاتب.(15/514)
222 - نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر اللَّه، المولي صفيُّ الدّين وزير [المتوفى: 683 هـ]
صاحب حماة.
وُلّي بعد وفاة أخيه علاء الدّين سنة أربعٍ وسبعين. وكان حَسَن المعاملة للنّاس.
تُوُفّي فِي سلخ رجب بحماة.(15/514)
223 - يحيى بن فرج بن هناب، صفيّ الدّين الأسود، الشّاهد. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي فِي ذي الحجة بدمشق.(15/514)
224 - يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر، قاضي القضاة بدمشق جمال الدّين، أَبُو يعقوب الزّواويّ، المالكي. [المتوفى: 683 هـ]
وهو بكنيته أشهر.
ولي القضاء بعد ابن عمّه الشّيْخ زين الدين الزواوي. وتُوُفّي إلى رحمة اللَّه فِي طريق الحجّ هُوَ ونجم الدّين ابن البارزيّ. وبقي القضاء بعده شاغراً ثلاث سنين.(15/514)
225 - أَبُو بَكْر بْن عُمَر بْن علي، البقال الصالح، عرف بأبي السوالم. [المتوفى: 683 هـ]
شيخ مبارك، روى عَنْ الموفق والقزويني، تُوُفّي فِي ذي الحجة.(15/514)
226 - أبو بكر بن يوسف بن صدقة، ويعرف بالعفيف الأربسي. [المتوفى: 683 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وستّمائة، وكتب فِي الإجازات. ومات في رجب.(15/514)
227 - أبو الفتح ابن إِسْحَاق بْن نصر اللَّه بْن هبة اللَّه ابن سَنيّ الدّولة، العدل الجليل فخر الدّين. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّي بدمشق فِي صفر. وله تعليق فِي التاريخ.(15/514)
228 - أَبُو القاسم بْن أَحْمَد، المراغيّ، الصَّعيدي، الزاهد. [المتوفى: 683 هـ]
من المشايخ المشهورين بمصر. تُوُفّي فِي ذي الحجة، وكانت جنازته مشهودة. روى شيئًا من كلام شيخه ابن الصبّاغ عنه. ومات في عشر الثمانين.(15/515)
229 - [ألتطمش] والدة السّلطان الملك السّعيد بِنْت مقدَّم الخُوَارَزْميّة بركة خان. [المتوفى: 683 هـ]
تُوُفّيت بالقاهرة فِي وسط السّنة، واسمها ألتطمش.(15/515)
-وفيها ولد:
رفيقنا تقيّ الدّين عَلِيّ بْن عَبْد الكافي السُّبكيّ فِي أوّل صفر، والشيخ سراج الدّين عُمَر بْن علي القزوينيّ محدّث بغداد، والقاضي جمال الدّين أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم العثماني المنفلوطي، وجمال الدّين سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد ابن خطيب دمشق عَبْد الكافي الرّبعيّ، وعلي بْن عَبْد الحميد المنبجيّ المؤذّن ابن أخت العطّار.(15/515)
-سنة أربع وثمانين(15/516)
230 - أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بن أَحْمَد بْن عمر بْن سالم بْن باقا، القَيْسيّ، التّاجر، نجمُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس. [المتوفى: 684 هـ]
روى عَنْ أبِيهِ. ومات فِي المحرّم.(15/516)
231 - أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن محمد بن الهادي، شهاب الدين. [المتوفى: 684 هـ]
دمشقيّ جليل، روى عَنْ ابن اللّتّيّ والسَّخاويّ، كتب عنه الطلبة. وماتَ في ذي القِعْدَة.(15/516)
• - أَحْمَد بْن مُحَمَّد الواعظ، هُوَ زَينُ الدّين كتاكت، [المتوفى: 684 هـ]
يأتي فِي الكاف.(15/516)
232 - أَحْمَد بْن هاشم، جمالُ الدّين التِفليسيّ. [المتوفى: 684 هـ]
تُوُفّي فِي شعبان.(15/516)
233 - إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن المظفَّر، الشّيْخُ برهان الدّين، أَبُو إِسْحَاق، الْمَصْرِيّ، الوزيريّ، المقرئ. [المتوفى: 684 هـ]
من حارة الوزيريّة بالقاهرة.
وُلِد سنة تسع عشرة وستّمائة، وحفظ " العنوان ". وقرأ بها - أعني القراءات - علي التقي عبد القوي بن مغربل صاحب أَبِي الْجُود سنة أربعين، وقرأ بعدّة كتب عَلَى الكمال الضرير. وراح إلى الصّعيد، فقرأ على: محمد بن محمد الفصّال. وقرأ بدمشق عَلَى عَلَم الدّين القاسم وعلى الكمال بن فارس.
وعني بالقراءات وأقرأها. وسمع الحديث، وسمع ابنه إسحاق. قرأ عليه القراءات الشيخ أحمد الحراني، وابنه إسحاق، وغيرهما. وحج في هذه السنة، فأدركه الأجل في الخامس والعشرين من ذي الحجة بين الحرمين، وكان قد سكن بدمشق من بعد سنة ستين.(15/516)
234 - إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن شاور، زينُ الدّين القُرَشيّ، الطَّوخيّ، الْمَصْرِيّ، المقرئ، المجوّد. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وستمائة، وقرأ القراءات، وتوفي في شوال.(15/516)
235 - إسماعيل ابْن الجمّال أَبِي حمزة أَحْمَد بْن عُمَر ابن الشّيْخ أَبِي عُمَر، المقدسيّ، نجم الدّين. [المتوفى: 684 هـ]
سَمِعَ من الشَّيْخ الموفَّق وموسى بْن عَبْد القادر.
تُوُفّي فِي شوّال بجمّاعيل.(15/517)
• - أيدكين: هُوَ علاء الدين البندقداري. [المتوفى: 684 هـ]
يأتي فِي العين.(15/517)
236 - أيّوب بْن أَبِي الزّهر بن معالي، مجدُ الدّين الأَنْصَارِيّ، [المتوفى: 684 هـ]
ابن الخيسيّ.
رئيس جليل، سَمِعَ الكثير وسمّع أولاده، وهو خال تقيّ الدّين مُحَمَّد بْن الفاضليّ. سَمِعَ من عَلَم الدّين السَّخاوي واليَلْدانيّ وجماعة. روى عنه البرزالي فيما أظن، وابن الخباز.
توفي في ربيع الآخر، وله ستون سنة.(15/517)
237 - البُرهانُ النَّسفي، هُوَ أَبُو الفضائل مُحَمَّد بْن محمد بن محمد الحنفي، العلامة، [المتوفى: 684 هـ]
صاحب التّصانيف الكلاميّة والخلافية، وله مقدّمة مشهورة فِي الخلاف.
شاخ وعُمِّر، وأقرأ الطّلبة وسار ذكره، مولده سنة ستمائة. وأجاز لعلم الدّين البِرْزاليّ فِي هذه السّنة فِي شعبان من بغداد. ولم تطُلْ أيّامه بعد ذَلِكَ، بل تأخر إلى سنة سبعٍ وثمانين وستمائة، فسيُعاد.(15/517)
238 - حازم ابن القاضي مُحَمَّد بْن حسن بْن مُحَمَّد بْن خلف بْن حازم، شيخ البلاغة والأدب، هنيُّ الدّين أَبُو الْحَسَن الأَنْصَارِيّ، المغربيّ. [المتوفى: 684 هـ]
تُوُفّي سنة أربعٍ، وله ستٌّ وسبعون سنة، أرّخه المَطَريّ من أهل قُرْطاجَنّة بالأندلس.(15/517)
239 - حسن بْن سُونج، المحدّث [المتوفى: 684 هـ]
أخو الشّيْخ إِسْمَاعِيل بْن سُونج، وأخو صاحبنا الشيخ حسين. وأبوهم هو الحكيم محيي الدّين إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن سُونج الطبيب. [ص:518]
قرأ وكتب، وحصّل الأجزاء وأكثر عَنْ أصحاب ابن طَبَرْزَد وطبقتهم. ومات شابًّا. وكان يُلقَّب بالعماد.
تُوُفّي فِي شعبان. وكان فقيهًا بالشّبليّة، من فُضَلائهم.(15/517)
240 - الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن علي، نجمُ الدّين الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، الكاتب. [المتوفى: 684 هـ]
خدم الأمير عزَّ الدّين أيْبَك المعظَّميّ، ثم الطّواشيّ رشيد. ثمّ ولي نظر بَعْلَبَكْ بعد الكمال إِبْرَاهِيم بْن شِيث مدّةً. ثمّ عُزِل ولزِم منزله بدمشق بدرب الفراش. وخرج مَعَ الجيش لحصار المَرْقب، فتُوُفّي بنواحي حمص. وكان من قدماء رماة البندق. وقد جاوز السبعين.(15/518)
241 - الْحَسَن بْن مَسْعُود بْن مُحَمَّد، [المتوفى: 684 هـ]
خطيب جامع بلْهيقا.
قرأت بخطّ الفَرَضيّ: مولده فِي سنة خمس عشرة وستّمائة، ومات فِي سابع عشر ربيع الأوّل.(15/518)
242 - الْحَسَن الرّومي، [المتوفى: 684 هـ]
شيخ الشيوخ بالقاهرة.
تُوُفّي فِي أواخر العام، وصُلي عَلَيْهِ صلاة الغائب بدمشق، وولي المشيخة بعده الأيْكيّ.(15/518)
243 - الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر بْن يونس، أَبُو عَبْد اللَّه ابن الخلال، أَخو شيخنا بدر الدّين حسن. [المتوفى: 684 هـ]
روى عَنْ ابن اللّتّيّ، وابن المقيّر، وكريمة، وجعفر. وتوفي بقوص كهلا.(15/518)
244 - الحسين بن همام، العدل الأجل، أبو عبد الله ابن البياع القرشي. [المتوفى: 684 هـ]
توفي بمصر في صفر، وولد بدلاص سنة إحدى وستمائة، حدث عَنِ ابن باقا. وتُوُفّي أخوه سنة خمسٍ وتسعين.(15/518)
245 - خليل بْن يوسف بْن خليل، العَدَويّ. [المتوفى: 684 هـ]
روى عن أبي الحسن ابن الجمَّيزي والحافظ النشتبري. ولد بإربل سنة سبعٍ وستمائة، وكان يعرف بابن الفحام. وكان له أصحاب وفقراء بدمشق، [ص:519]
توفي في صفر، سَمِعَ منه البِرْزاليّ والطَّلَبَة، رحمه الله.(15/518)
246 - دَاوُد بْن يَحْيَى بْن كامل، القاضي عماد الدّين القُرَشيّ، الحنفي، البُصْرَويّ، [المتوفى: 684 هـ]
والد العلامة نجم الدين القحفازي.
ولي تدريس العزية بالكجك، وناب فِي القضاء. وروى الحديث عَنْ أَبِي القاسم بْن صَصْرى فيما قِيلَ، وعن أَبِي إسحاق الصريفيني وعبد الرحمن بن النصولي. وناب عَنِ القاضي مجد الدّين ابن العديم.
وكان إمامًا، محقِّقاً، صالحًا. وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة. ومات في نصف شعبان.
والعزية كانت دارا لابن منقذ، وكان عماد الدين من بقايا أصحاب الحصيري شيخ الحنفية.(15/519)
247 - رمضان بْن وفاء، الخطيب، أَبُو الوفاء الهمذاني. [المتوفى: 684 هـ]
كتب عَنْهُ ابن الفُوَطيّ فِي الإجازات، وأرّخ موته في ربيع الآخر.(15/519)
248 - ستُّ العَرَب بِنْت يَحْيَى بْن قايماز، أمُّ الخير الدّمشقيّة. [المتوفى: 684 هـ]
سَمِعْتُ من مولاهم التّاج الكِنْديّ. وحضرت عَلَى ابن طَبَرْزَد، وسمع منها الكبار، وأجازت لنا مَرْوِيّاتها. ولها إجازة من المؤيَّد الطُّوسيّ وجماعة. روى عَنْهَا ابن الخبّاز وابن العطار والمزي والبرزالي، وجماعة.
سألت عنها المزيَّ، فقال: شيخة جليلة، كثيرة السَّماع. سَمِعْتُ من ابن طَبَرْزَد " الغَيْلانيّات " وغيرها. وحدّثت سنين كثيرة.
قلت: ولدت في ربيع الآخر ست تسعٍ وتسعين، وتُوُفيت فِي التاسع والعشرين من المحرّم.(15/519)
249 - سَعِيد بْن عَلِيّ بْن سَعِيد، العلامة رشيدُ الدّين أَبُو مُحَمَّد البُصْرَاويّ، الحنفيّ، [المتوفى: 684 هـ]
مدرسّ الشِّبلية.
كَانَ إمامًا، مُفْتيًا، مدرّسًا، بصيرًا بالمذهب، جيّد العربيّة، متين الدّيانة، [ص:520]
شديد الورع. عُرِض عَلَيْهِ القضاء أو ذُكِر لَهُ فامتنع.
قَالَ شمس الدّين ابن أَبِي الفتح: سَمِعْتُ غيرَ واحدٍ يَقُولُ: لم يخلّف الرشيد سَعِيد بعده فِي المذهب مثله، وكان خبيرًا بالنَّحْو، وكانت لَهُ يدٌ طُولَى فِي النَّظْم والنَّثْر.
ومن شِعره:
استجرِ دمعك ما استطعت معينا ... فعساه يمحو ما جنيت سنينا
أنسيت أيام البطالة والهوى ... أيام كنت لذي الضّلال قَرينا
تُوُفّي الرّشيد سَعِيد فِي شعبان فِي آخر الكهولة، كتب عَنْهُ ابن الخبّاز وابن البرزالي.(15/519)
250 - الصّائن، أَبُو عَبْد اللَّه البصريّ، المقرئ، الضّرير، [المتوفى: 684 هـ]
نزيل الروم ومقرئها.
قرأ القراءات وجودّها، وبرع في معرفتها. وقدم دمشق فقرأ للسبعة على المنتجب الهمذاني، وكان عارفًا بمذهب الشّافعيّ. أضرّ فِي أثناء عُمُره، ودخل الرومَ وقد شاخ، فقرأ عَلَيْهِ طائفة منهم الشّيْخ وحيد الدّين المقرئ إمام الكلاسة. ورأيته يصِفُه، ويُثني عَلَى عِلْمه ودينه. وقال لي: تُوُفّي فِي هذه السنة، وفيها قدِمتُ الشّام. وقال: اسمه محمد.(15/520)
251 - طيٌّ بنْ مُصْبح، البَعْلَبَكّيّ، الفقير، الصّالح. [المتوفى: 684 هـ]
حدّث عَنِ البهاء عَبْد الرَّحْمَن، أخذ عَنْهُ ابن أَبِي الفتح والبِرْزاليّ وغيرهما. ومات فِي ذي الحجة.(15/520)
252 - عَبْد اللَّه، الملك المسعود، جلالُ الدّين وُلِد السّلطان الملك الصّالح إِسْمَاعِيل ابن الملك العادل. [المتوفى: 684 هـ]
كَانَ من أجمل النّاس صورةً، وكان محتشمًا، نبيلًا، حَسَن الأخلاق.
تُوُفّي كَهْلًا بقريةٍ بالمرج، ودفن بتربة عمه الأمجد عَبَّاس فِي نصف جمادى الآخرة.(15/520)
253 - عبد الله ابن الإِمَام ناصح الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن نجم ابن الحنبليّ زينُ الدّين، أَبُو بَكْر الدمشقيّ. [المتوفى: 684 هـ]
سَمِعَ أبَاهُ، وسمع بالمَوْصِل من عَبْد المحسن بْن عَبْد اللَّه الطُّوسيّ. وبدمشق من أَبِي مُحَمَّد ابن البنّ، والقزوينيّ. وببغداد من عَبْد السّلام الدّاهريّ.
وطال عمره، وعلا سندُه، وعاش ثمانين سنة. وأجاز له من أصفهان عفيفة الفارفانية وجماعة، وأجاز لَهُ من العراق أَبُو الفتح المنْدائيّ.
روى عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ، وجماعة. ومات في شوال، رحمه اللَّه.(15/521)
254 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن محمد ابن المجاهد، القوّاس. [المتوفى: 684 هـ]
روى عَنْ الشّيْخ الموفَّق والبهاء وأبي القاسم بن صصرى وجماعة، أخذ عنه ابن الخباز وابن البرزالي والطلبة. ومات فِي ذي القعدة. وهو أخو شيخنا أحمد ابن المجاهد، وهو لقبٌ لأبيهما. روى عَنْ يَحْيَى الثّقفي.(15/521)
255 - عَبْد الحميد بْن أَحْمَد، المَنْبِجيّ، القاضي مجد الدّين الملوحيّ، [المتوفى: 684 هـ]
قاضي بَيْسان، وزوج أخت الشّيْخ علي ابن العطّار.
تُوُفّي بعجلون.(15/521)
256 - عَبْد الحميد بْن فخار بْن مَعَدّ، الشّيْخ جلال الدين أبو القاسم الموسوي، الحسيني، الأديب، النسابة. [المتوفى: 684 هـ]
سمع من عبد العزيز ابن الأخضر، وغيره.
مات فِي تاسع شوّال ببغداد، وقال ابن الفُوَطيّ: مات فِي سابع عشرة. سمعت منه.(15/521)
257 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبّاس بْن مُحَمَّد بن عنان، الشيخ الصالح، أبو الفرج الدمشقي الخبّاز، [المتوفى: 684 هـ]
زوج جدّتي.
كَانَ رجلًا صالحًا، خيِّرًا، تاليًا لكتاب اللَّه. لَهُ بيت وفرنٌ بحِكْر العنّابة، وكنت أفرح بالمبيت عنده للفُرْجة عَلَى العسكر وغير ذَلِكَ. روى عَنْ ابن الزّبيْديّ والفخر الإربليّ والضياء المقدسي. قال ابن أبي الفتح: هو ابن عم والدتي. وذكر أنّه سَمِعَ منه " الثّلاثيات ". [ص:522]
قلت: سَمِعَ منه البِرْزاليّ، وغيره. وتُوُفّي بقرية السمُّوقة من الغوطة فِي نصف رجب. وكان من أبناء السّبعين، وبقي فِي صُحبة أمّ أَبِي ثلاثين سنة. ثمّ تُوُفيت بعد وفاة جدي لأمي، فتزوج بجدتي لأمي.(15/521)
258 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أَبِي القاسم، العلامة نورُ الدّين البصْري العبدلْيانيّ. [المتوفى: 684 هـ]
منسوب إلى قرية عبدليان.
درّس للحنابلة بالبشيرية مدة، ثمّ درّس بالمستنصريّة بعد ابن عكبر. وله تصانيف منها: كتاب " جامع العلوم فِي التّفسير " وكتاب " الحاوي " في الفقه، وكتاب " الكافي في شرح الخرقي "، و" الشافي في المذهب ". وله طريقة في علم الخلاف.
عاش ستين سنة، وكان يُلقَّب بملك الموت.
مات ليلة عيد الفطر.(15/522)
259 - عبد الرحمن ابن الشّيْخ أَبِي القاسم، الحُواريّ. [المتوفى: 684 هـ]
تُوُفّي فِي شوّال، وكان رجلًا صالحًا، خَلََفَ أبَاهُ فِي المشيخة.(15/522)
260 - عَبْد المنعم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر بن عرندة، أبو الفرج البغدادي الحلبي، والحلبة شرقي بغداد. [المتوفى: 684 هـ]
كَانَ ثقة، جليلًا، حنبليَّ المذهب. وُلِد سنة تسعٍ وستّمائة، وسمع: أَحْمَد بْن صَرْما وعلي بْن إدريس الزّاهد.
روى عنه أبو العلاء الفرضي، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأول.
سَمِعَ " الجزء القادريّ " من ابن إدريس. وأجاز لحفيد الكازرونيّ، وللبِرْزاليّ.(15/522)
261 - عُبَيْدِ اللَّه بْن مُحَمَّد ابن الشرف أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، الشمس المقِدسيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد سنة خمسٍ وثلاثين وستمائة، وسمع من كريمة والضّياء، وأُحضر عَلَى جَعْفَر. وتفقّه ودرّس وأعاد، وقرأ بنفسه الكثير، وسمّع أولاده. وكان [ص:523]
كيِّساً، فاضلًا، محبَّبًا إلى الناس، ذا ثروة ودين وتودُّد. وكان الشّيْخ شمس الدّين يحبّه ويفضله على سائر أهله، رحمه الله.
توفي بجماعيل في الثامن والعشرين من شعبان، وقد سَمِعَ منه البِرْزاليّ وغيره. وصنَّف في الأحكام إلى الحج، فأتقن ذَلِكَ.(15/522)
262 - عُثْمَان بْن أَبِي مُحَمَّد بْن خَوْلان، أَبُو عَمْرو البَعْلَبَكّيّ، التّاجر. [المتوفى: 684 هـ]
كَانَ ثقة، صالحًا. روى عَنْ البهاء عَبْد الرَّحْمَن. وتُوُفّي فِي صفر. سَمِعَ منه: ابن أَبِي الفتح وابن البِرْزاليّ، وجماعة.(15/523)
263 - عَلِيّ بْن بَلَبان، المحدّث علاء الدّين، أَبُو القاسم المقدِسيّ، النّاصريّ الكَرَكيّ، المشرف. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد سنة اثنتي عشرة وستّمائة. وسمع ببغداد من أَبِي الْحَسَن القَطيعيّ وابن السّبّاك وعبد اللطيف ابن القبيطي وطبقتهم، وبدمشق من جعفر الهمداني وكريمة وهذه الطبقة، وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السِّلفي.
وعُني بالحديث، وسمع الكثير، وحصّل الأجزاء، وانتخب وخرج لنفسه وللناس، وروى الكثير من مسموعاته. وكان منقطعًا إلى هذا الفنّ مُغْرى بِهِ. ولم يكن مبرّزًا فِيهِ ولا مُتقِنًا لَهُ، وله غلطات وأوهام.
خرّج للشيخ شمس الدين " مشيخة "، وللتاج ابن الحُبُوبيّ " مشيخة " كبيرة، وللفخر ابن الْبُخَارِيّ " مشيخة " ولنفسه " الموافقات ". وكان جنديًّا ثمّ تركها، ورُتِّب مشرفًا للجامع الأمويّ. وكان يحضر مدارس الحنفية، ويؤم بمسجد الماشلي.
سَمِعَ منه: شيخنا ابن تيميّة والمِزّيّ والبرزاليّ، وأبو القاسم بْن حبيب، وشهاب الدّين ابن المجد الشافعي، وأبو عبد الله ابن الصيرفي، وخلْق كثير.
وله شعر حَسَن ومدائح، وكان خيِّرًا، متواضعًا، متودّدًا، يستعين بالطَّلبة عَلَى ما يخرجه.
تُوُفّي ليلة أول رمضان، ودُفن بمقبرة باب الصّغير وقد أجاز لي [ص:524]
مَرْويّاته.(15/523)
264 - عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عَلِيّ بْن جَابِر، الفقيه، الأديب، البارع، تقيُّ الدّين، القرشي البغداديّ، المعروف بابن المغربيّ. [المتوفى: 684 هـ]
صاحب تِلْكَ القصيدة السّائرة التي أوّلها:
يا دَبْدبة تدبدبي ... أَنَا علي ابن المغربي
مات ببغداد فيما ورخه ابن الفوطي في ثامن ربيع الآخر سنة أربع وثمانين، قَالَ: وقد اعتنى الفقيه قِوامُ الدّين الحنفيّ بجمع ديوانه.(15/524)
265 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عبد الرحمن، الشيخ علاء الدّين، أَبُو الْحَسَن البكريّ، المُرّاكشيّ، الكاتب. [المتوفى: 684 هـ]
ولد سنة ست عشرة وستمائة بدمشق. وسمع: أَبَا صادق بْن صباح وابن الزُّبَيْديّ وابن اللّتّيّ وابن أخي أَبِي البيان والحسين بْن إِبْرَاهِيم بْن مَسْلَمَة. وروى " صحيح الْبُخَارِيّ ". وكان ذا رواء ووقار وخبرة بأمور الدّيوان والحساب بحيث يُرجع إلى قوله فِي ذَلِكَ.
ولي نظر المارستان النوري مدةً، ثمّ ولي نظر الدّواوين، وكان تَرْكُ ذَلِكَ أَوْلَى بِهِ؛ لأنّه كَانَ متواضعًا صالحًا، لَهُ وردٌ بين العِشاءين، وكان يركب الحمار ويأتي الدّيوان.
سَمِعَ منه غير واحد. وأجاز لي حديثه. ومات في جمادى الأولى، وعمل نظر البيمارستان النوري مدة بلا جامكية، كان غنيا.(15/524)
266 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن ميكائيل، نفيسُ الدّين، [المتوفى: 684 هـ]
وكيل الصّاحب شمس الدّين الجوَيْنيّ.
صحب السُّهْرَوَرديّ، وسمع منه كتاب " العوارف "، كتب عَنْهُ ابن الفُوَطيّ بمراغة، قال: ومات بالموصل في شهر المحرم سنة أربع.(15/524)
267 - علاء الدّين البُنْدُقْدار، [المتوفى: 684 هـ]
الأمير الَّذِي ينُسب إلَيْهِ السلطان ركن الدين بيبرس البُنْدُقْداريّ.
كَانَ من كبار الأمراء الصّالحية، وكان عاقلًا ساكنًا. تُوُفّي فِي جمادى الأولى بالقاهرة، وصُلي عَلَيْهِ بدمشق صلاة الغائب.
كَانَ مملوكًا لجمال الدين ابن يغمور، ثمّ صار للسُّلطان نجم الدّين أيوب فجعله بندقداره. وعنه انتقل الظاهر إلى نجم الدين لمّا حبسه واحتاط عَلَى موجوده، ولمّا آل المُلْك إلى الظّاهر كَانَ يحترمه ويرى لَهُ حقَّ التّربية. وكان هُوَ يبالغ فِي النصْح والخدمة للظَّاهر، ويفرح بِهِ، وهو الَّذِي انتزع الشّام للظاهر من الحلبيّ.
قَالَ ابن اليُونينيّ: ورافقني من مصر إلى دمشق، فرأيت من مكارمه وحسن تربيته ما لا مزيد عليه. وتوفي بالقاهرة، وقد ناهز السبعين.(15/525)
268 - كافور الطُّوَاشيّ، الأمير شبْلُ الدّولة أَبُو المِسْك الصّوابيّ، الصّالحيّ، النَّجْميّ، الصَّفَويّ، خَزْنَدَار خزانة الشام. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد سنة بضعٍ وستّمائة ظنًّا. وسمع من السَّخاويّ وابن قميرة، وبمصر من عَبْد الوهّاب بْن رواج وغير واحد. وكان دَيِّنًا عاقلًا خيِّرًا، يحبّ العلم وأهلَه، ويعجبه السّماع والرّواية.
كتب عنه جماعة الطلبة، وحدثنا عنه أبو الحسن ابن العطّار.
تُوُفّي ليلة أوّل رمضان كابن بلَبَان بقلعة دمشق، وقد نيف على الثمانين. رحمه الله!(15/525)
269 - كتاكت، الواعظ، زينُ الدّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأندلُسيّ، الإشبيليّ الأصل، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد بتنيس سنة خمسٍ وستّمائة. وكان رأسًا فِي الوعظ، حَفَظَةً للأخبار، وله نظمٌ جيّد. وعلى وعْظه روح. [ص:526]
توفي بالقاهرة، في ثالث عشر ربيع الأول.(15/525)
270 - محمد بن إبراهيم بن علي بْن شداد، الرئيس، المُنْشِئ، عزّ الدّين أبو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ، الحلبيّ، الكاتب. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد سنة ثلاث عشرة وستمائة بحلب. وكان أديباً فاضلاً، حسن المحاضرة، صنف" تاريخاً " لحلب و" سيرة للسلطان الملك الظاهر الصالحي ". وكان من خواصّ السّلطان الملك النّاصر يوسف.
ذهب فِي الرّسْليّة عَنْهُ إلى هولاكو وإلى غيره، ثمّ سكن الدّيار المصرية بعد أخْذ حلب.
وكان ذا مكانةٍ وحرمةٍ عند الملك الظاهر والملك المنصور. وله توصُّل ومُداخلة، وفيه تودُّد ومُروءة ومسارعة لقضاء حوائج النّاس. وقد روى شيئًا، وسمع منه المصريّون.
تُوُفّي فِي سابع عشر صفر، ودفن بسفح المقطَّم. وعُرِضت عليه الوزارة زمن الملك السعيد فامتنع، وكان معلومُه فِي الشهر ألف درهم. وله حرمة تامة ورأي.(15/526)
271 - مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المُحسن، أبو بكر ابن الحافظ أبي الطاهر ابن الأنماطيّ، الْمَصْرِيّ، ثم الدّمشقيّ. [المتوفى: 684 هـ]
نزيل القاهرة.
سَأَلت المِزّيّ عَنْهُ، فقال: شيخ حَسَن من أولاد المحدّثين. سمَّعه أبُوهُ الكثير من أَبِي اليُمْن الكندي وأبي عبد الله ابن البناء وأبي البركات بن ملاعب وأبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ فِي آخرين. وأجاز لَهُ عَبْد العزيز ابن الأخضر، والمؤيَّد الطّوسيّ، وخلْق يطول ذكرهم.
وحدّث بكثير من مَرْويّاته. وكان سهلًا فِي الرواية، سمعنا منه كثيراً بالقاهرة سنة ثلاثٍ وثمانين. وكان قد لفق لَهُ أبُوهُ سماع جميع " تاريخ ابن عساكر "، وهممتُ بقراءته عليه وكلمته فِي ذلك ففرح وأجاب، ثُمَّ تركته لطوله.
قلت: وقد سمع منه عامة الطلبة بمصر، وانفرد بأشياء كثيرة لم يحدّث بها؛ لكون الأصول بدمشق. وتُوُفّي فِي أوّل ذي الحجّة بالقاهرة. ووُلِد سنة تسعٍ [ص:527]
وستّمائة.
وقد حدَّث بدمشق سنة ثمانٍ وستين، وسمع منه بقراءة ابن نفيس شيخنا ابن تيميّة، وأخواه عَبْد الرَّحْمَن وعبد اللَّه خضر، وشهاب الدين ابن المجد عَبْد اللَّه، ومحمد وإبراهيم ابنا الوجيه ابن منجى، وآخرون.(15/526)
272 - مُحَمَّد بْن إياز، الأميْر الكبير، ناصرُ الدّين ابن الأمير افتخار الدّين الحَرّاني، الحنبليّ. [المتوفى: 684 هـ]
ولي ولاية دمشق بعد موت الافتخار والده، وأضيف إلَيْهِ شدّ الأوقاف والنظر فيها استقلالًا. وكان نائب السّلطنة لا يخالفه، ولا يخرج عَنْ رأيه. وله المكانة العالية عند الملك الظاهر، وكلمته مسموعة في سائر الدولة. وكان ذا عقل ورأي وذكاء وخبرة بالأمور، وكان مليح الخط، جيد الفضيلة، كثير المكارم والفُتوَّة.
قال الشيخ قطب الدين: كان يكتب خطا منسوبا، رأيته يكتب وهو ينظر إلى جهةٍ أخرى، قال: وكان كثير المكارم والستر وقضاء حوائج الناس، يصلح لكل شيء. سَمِعْتُ بعض الأمراء يَقُولُ: والله يصلح لوزارة بغداد فِي زمن الخلفاء، ولا يقوم غيره مقامه. ثمّ استعفى من ولاية البلد فأُجيب، ثمّ ولاه السلطان الملك المنصور نيابة حمص فتوجّه عَلَى كرهٍ فلم تطل مدته بها.
وتُوُفّي ليلة نصف شعبان بها، فنُقل إلى دمشق ودُفن بتُربة الشّيْخ أَبِي عُمَر، ولم يبلغ الستّين. وقد سَمِعَ الحديث الكثير، وما أظنّه حدّث.(15/527)
273 - مُحَمَّد بْن حاتم بْن هبة اللَّه بْن خَلَف، شَرَفُ الدّين الدّلاصيّ، الأَنْصَارِيّ. [المتوفى: 684 هـ]
حدّث عَنْ عَبْد العزيز بْن باقا. ومات فِي شوّال بمصر.(15/527)
274 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد، الشّيْخ شَرَف الدّين الإخميميّ الزّاهد. [المتوفى: 684 هـ]
روى " جزء ابن نُجيْد " عَنِ ابن طلحة النَّصيبيّ. سمعه معه الشّيْخ تقيّ الدّين ابن تيميَّة والبِرْزاليّ، وكان كثير التّعبُّد والاجتهاد، وللنّاس فِيهِ حُسْن [ص:528]
اعتقاد. وبعض الناس كَانَ ينسبه إلى التصنُّع، وكان يفتح عليه بأشياء من الأمراء والأكابر، فإذا قوبل بقدرٍ يسير لا يقبله.
وفي الجملة كَانَ جليل القدْر، مَهيبًا، حَسَن السَّمْت، حلْو الكلام. وهو الّذي ذكره كمال الدّين مُحَمَّد بْن طلحة فِي تصنيفه فِي علم الحروف، فذكر أنّ الشّيْخ محمدًا رَأَى عليًا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ، فأراه دائرة الحروف.
وبمثل هذا تكلم فيه بعض الأئمة، فإنّ الدخول فِي علم الحروف ينافي طريقة السلف. وهو في شقٍّ، وما جاء الرَسُول صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِق. وهو مما حرمه الله بقوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِيَّاكُمْ والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث ". وعلم الحروف يشبه الكهانة والنّجوم، لا بل هُوَ شرٌ منه. فنسأل اللَّه أن يحفظ علينا إيماننا.
تُوُفّي الشيخ مُحَمَّد الإخميميّ بزاويته بقاسيون، وغسله الشيخ فخر الدين بن عزّ القضاة والشيخ برهان الدّين الإسكندرانيّ، والشيخ شرف الدّين الفَزَاريّ، وازدحم النّاس عَلَى نعشه. وكان عَلَى جنازته سُكون وهيبة، وذلك فِي جمادى الأولى.
تعلّل مدّةً، وقد زاره الصّاحب تاج الدين ابن حنى، فدفع إلَيْهِ أربعه آلاف دينار.
وكان أسمر طويلاً نحيفاً مهيباً، ابتلي بوجع ظهره زمانًا وما تداوى، وكان صديقًا للشيخ يوسف الفقاعي مدةً، ثم وقع بينهما وتهاجرا.(15/527)
275 - مُحَمَّد بْن ربيعة بْن حاتم بْن سنان، أبو عبد الله، الحَبلي، المصري، الخرقي. [المتوفى: 684 هـ]
والده الكُتبي المقرئ راوي " السيرة " عن عبد القوي ابن الجبّاب.
كان موجوداً في هذا السّنة. قرأ عَلَيْهِ شيخنا المِزّيّ " السيرة "، وذكره البرزالي في " شيوخه " بالإجازة.
والحبليّ مستفادٌ مع الحبلي والختلي والجبُّلي والجيلي والجبَلي. وحَبْلَة: مكان باليمن، منه صاحبنا عَلَى بْن منصور. [ص:529]
وسمع منه أيضًا ابن سامة، وأبو عَبْد اللَّه بْن نُباتة، وسماعه للسيرة فِي سنة ثمانٍ وستّمائة. ومولده فِي رمضان سنة سبعٍ وتسعين.(15/528)
276 - محمد بن طيبرس، أبو عبد الله السنقري، البغداديّ، الصوفيّ. [المتوفى: 684 هـ]
روى عَنْ ابن رُوزبة، وابن اللتي. ومات في جمادى الآخرة.(15/529)
277 - محمَّد بْن عامر بْن أَبِي بَكْر، أَبُو عَبْد اللَّه الغُسُوليّ، الصّالحيّ، المقرئ. [المتوفى: 684 هـ]
شيخ صالح، متواضع، متعّفف، خيّر. روى عَنْ ابن مُلاعب والشيخ الموفَّق وابن راجح، وغيرهم. روى عنه ابن الخباز، وسائر الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة، وقد قارب الثمانين. وهو صاحب الميعاد المشهور عشيّة السُّبُوت. وكان يعِظ عقيب الختم، ثمّ يدعو.
قَالَ الشّيْخ تاج الدّين فِي " تاريخه ": كان يجمع الناس للختم في قبر الست وقبر سعد، وكان طويلًا، حَسَن الشكل. قَالَ: ثمّ إنّه ابتدع بدعةً سيئة كرِهتُه عليها، جعل يقرأ ختمةً ويهديها للنبي صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وختمةً يهديها لإبراهيم الخليل، والله يسامحه.
قلت: أصل المسألة، وهو إهداء ثواب التلاوة فيه نزاع.(15/529)
278 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بركات بْن إبراهيم، الكمال ابن الخُشُوعيّ، [المتوفى: 684 هـ]
والد شيخنا عليّ.
حدّث، وكتب فِي الإجازات. ومات فِي شوّال كهلًا. وحدّث عَنْ عمّه إِبْرَاهِيم.(15/529)
279 - مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن، ابن الدّجاجيّة، العدْل، نجم الدين الصالحي. [المتوفى: 684 هـ]
توفي ببستانه، وقد سمع من أبيه وابن صباح وأبي نصر ابن الشيرازي، أخذ عنه علم الدين وغيره. ومات فِي جمادى الآخرة، شيّعة قاضي القضاة، وخلّف أملاكًا.(15/529)
280 - مُحَمَّد بْن عَبْد الغني بن ظافر، جمال الدين ابن الشّيْرَجيّ، الإسكندراني، الشّافعيّ، المؤدّب. [المتوفى: 684 هـ][ص:530]
عُمّر دهرًا طويلًا؛ فإنّه وُلِد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من ابن البنّاء " جامع الترمذي "، ومن ابن المفضَّل. أجاز للبِرْزاليّ، وقال: توفي سنة أربعٍ وثمانين تقريبًا.(15/529)
281 - مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن علي الرّوميّ، الشّيْخ شَرَفُ الدّين ابن الشّيْخ القدوة الزّاهد عُثْمَان، [المتوفى: 684 هـ]
صاحب الزاوية التي بسفح قاسيون.
كَانَ صالحًا، زاهدًا، فقيرًا واسع الصَّدر، كريمًا، جوادًا، لطيفًا، متواضعًا، كيّسًا، لا يدّخر شيئًا أصلًا، بل ينفق ما يُفتح عَلَيْهِ بِهِ. وكان لا يكاد يتردّد إلى أحدٍ، ويعمل السّماعات، ويصعد إليه الخلق الكثير من الفقراء والعوامّ فيرقص سائر السّماع، ويخلع جميع ما عليه على المغاني ويبقى باللباس فقط.
وقد حضر حصار المَرْقَب، ثمّ عاد إلى دمشق، فتُوُفّي عقيب قدومة بأيامٍ فِي العشرين من جمادى الأولى، وهو فِي عَشْر الثّمانين.(15/530)
282 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن شداد، العلّامة، المنشئ، عزّ الدّين الحلبي. [المتوفى: 684 هـ]
له فضلٌ وجلالة، صاحب " سيرة الملك الظّاهر ". تُوُفّي بمصر في صفر، من أبناء السبعين، له فضلٌ وجلالة.(15/530)
283 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف، العلامة رضيُّ الدّين، أَبُو عبد اللَّه الأَنْصَارِيّ، الشّاطبيّ، اللُّغويّ. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد ببَلَنْسِيَة سنة إحدى وستمائة، وروى عن أبي الحسن ابن المقير، وبهاء الدين ابن الجميزي. وتوفي في يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة.
وكان عالي الإسناد في القرآن؛ فإنه قرأ لوَرْش عَلَى الشّيْخ المعمرَّ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مسعود الْأزْدِيّ الشّاطبيّ، صاحب ابن هُذَيل سنة بضعٍ وعشرين وستمائة. وسمع منه كتاب " التّلخيص " لأبي عُمْرو الّدانيّ فِي قراءة وَرْش.
كَانَ رضيّ الدّين إمام عصره فِي اللغة، تصدَّر بالقاهرة وأخذ الناس عنه. روى عنه أبو حيان وسعد الدّين الحارثيّ وأبو الْحُسَيْن اليُونينيّ والمِزّيّ، [ص:531]
وابن منير الحلبي، وأبو عمرو ابن الظاهريّ، وآخرون.
ذكر لي ابن حَرميّ الفَرَضيّ، عَنْ أَبِي حيّان النَّحْويّ، عَنِ الرضيّ الشاطبيّ قَالَ: أعرف اللّغة عَلَى قسمين: قسم أعرف معناها وشاهْدَها، وقسم أعرف كيف أنطق بها فقط.
وسمعت شيخنا أبا الحسين ببعْلَبَكّ يَقُولُ: سالت شيخنا العلامة رضيَّ الدّين الشاطبيّ عمّا ذكره أَبُو عُمَر الزاهد فِي كتابة " ياقوته الصراط " عند قوله عزّ وجل: {ولآمُرَنَّهُمْ فَليُغَيَّرُنَّ خَلْقَ الِله}. قَالَ: يعني الإخصاء. قلت لَهُ: هَلْ تعرف الإخصاء بمعنى الخصاء؟ قال: لا أعرف أحدًا ذكره، إلا أنني أحفظ بيتين لأهل الأندلس، قال: وهم يسمّون القط قطوساً. وأنشدني البيتين وهما:
عجائبُ الدهرِ شتَّى لا يحاطُ بها ... منها سماعٌ، ومنها فِي القراطيسِ
وإنّ أعجبَ ما جاء الزمانُ بهِ ... فارٌ بحمصَ لإخصاء القطاطيسِ
قلت: هذه حمص الأندلس. وهي معروفة.(15/530)
284 - مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن تمّام، الرئيس شمس الدين ابن عماد الدين ابن الحميري، الدّمشقيّ، العدْل. [المتوفى: 684 هـ]
تُوُفّي بالمِزَّة فِي جمادى الآخرة.(15/531)
285 - مُحَمَّد بْن يعقوب بْن علي، المولى، مجيرُ الدين ابن تميم. [المتوفى: 684 هـ]
سكن حماة، وخدم الملك المنصور. وكان جنديًا محتشمًا، شجاعًا، مطبوعًا، كريم الأخلاق، بديع النَّظم.
تُوُفّي بحماة فِي هذا العام.
ومن شعره:
كم فارسٍ صاحبتهُ يوم الوَغَى ... وتركتُه إذْ خانَه إقدامُه
حتى بلغتُ بحدّ سَيْفي موضعًا ... فِي الحرب لم تبلُغْ إلَيْهِ سهامُه
، وله: [ص:532]
دَعْني أُخاطِرُ فِي الحروب بمُهْجتي ... أمّا أموتُ بها وإما أرزقُ
فسوادُ عيشي لا أراه أبيضًا ... إلّا إذا احمرَّ السِّنان الأزرقُ
وله:
رعى اللَّه وادي النَّيربين فإنّني ... قضيتُ بِهِ يومًا لذيذًا من العمرِ
درى أنني قد جئتُه متنزّهًا ... فمدّ لأثوابي بساطًا من الزَّهرِ
وأخدمني الماءَ القُراح فحيْثُما ... سنحت رَأَيْتُ الماءَ فِي خِدمتي يجري
وله:
لِمْ لا أهيمُ إلى الرياضِ وزهره ... وأقيم منه تحت ظلٍ ضافي
والغصنُ يلقاني بثغرٍ باسمٍ ... والماءُ يلقاني بقلبٍ صافي
وله:
العفْوُ مستحسنٌ من غير مقتدرٍ ... فكيف من لم يزل يعفو إذا قدرا
والعبدُ فهو فقيرٌ ما لَهُ أحدٌ ... سواكَ فاصفح ولا تُشمِت بي الفقرا
وله:
ولم أنس قولَ الورد والنّار قد سَطَتْ ... عَلَيْهِ فأمسى دمعه يتحدّرُ
ترفَّق فما هذي دموعي التي ترى ... ولكنها روحي تذوب فتقطرُ
وله:
حاذر أصابعَ من ظَلَمْتَ فإنّها ... تدعو بقلب فِي الدُّجى مكسورِ
فالوردُ ما ألقاه فِي نار الغضا ... إلا دُعاء أصابعِ المنثورِ
وله:
ما احمرَّ وجهُ الورد إلّا إذ غدا الـ ... ـمنثورُ يلطم وجههُ بكفوفه
ومثله:
ومُذْ قلتُ للمنثور إنّي مفضلٌ ... عَلَى حُسنك الورد جلَّ عَنْ شَبهِ
تلوّنَ من قولي وزاد اصفراره ... وفتح كفيه وأومى على وجهي [ص:533]
وله مرثيةٌ بديعةٌ أولها:
فؤاٌد عَلَى فقد الحبيب لَهُ وقدُ ... وأجفانُ عينٍ ما لها بالكرى عهدُ
وجسمٌ براه لاعجُ الحزن والجوى ... فما فِيهِ إلا الروحُ والعظمُ والجلدُ
منها:
فيا قبره إلا رفقتَ بجسمه ... فقد كَانَ يدميه إذا مسه البردُ
وألا كشفت التُّرب عَنْ حسن وجهه ... فقد كَانَ وجهًا يخجل البدر إذ يبدو
وله:
يا من تلوَّن فِي الوداد ولم أزل ... أبدًا بحُسن وداده أتمسكُ
الماء منه حياتنا وسرورنا ... وإذا تلون أو تغير يترك
وله:
مبارز الدين يا من جود راحته ... وفضله فِي الورى يُربي عَلَى السُّحبِ
عندي طريفية شهباء تحسبها ... للحسن قد لبست ثوباً من الشُّهبِ
لم ترض بعلاً هلال الأفق من صلفٍ ... ولا نجوم الثريا موضع اللببِ
كم مرةٍ تركت ريح الشمال وقد ... جاءت تسابقها فِي غاية التعبِ
كريمة تسند الأعراب نسبتها ... إلى جياد تميمٍ سادة العربِ
رأت جوادك فِي الميدان معترضًا ... يزهو على الخيل في التقريب والخببِ
جاءته خاطبة لما انثنى وله ... أصلٌ يماثلها فِي عزة النسبِ
وقد رأته لها كفوًا ولو خَطَبَت ... طرفًا سواه رآها أشرف الرُّتبِ
فاحذر تضن عليها فهي شاعرة ... وشعرها مؤلم فِي حالة الغضبِ(15/531)
286 - مُحَمَّد بْن يوسف بن محمد بن عصمون، ناصر الدّين المالقيّ. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد بمالقة سنة إحدى عشرة. وحدّث عَنْ سبْط السِّلفي.
تُوُفّي فِي ذي القعدة بمصر.(15/533)
287 - مصطفى بْن أَبِي زرعة بْن عَبْد الرّزاق، صفيُّ الدّين الْجَرَويّ، الدَّلاصي، ثم الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد سنة أربعٍ وستّمائة. وسمع من عَلِيّ بْن المفضَّل الحافظ وابن باقا وغيرهما. ومات في شعبان.(15/533)
288 - مظفر بن علي بن القاسم ابن النشبيّ. [المتوفى: 684 هـ]
مات فِي سلْخ رمضان. روى عَنْهُ البِرْزاليّ، سَمِعَ من فخر الدّين عَبْد الرَّحْمَن ابن عساكر وزين الأمناء وابن صَصْرى. وأجاز لَهُ خلْق، ووُلِد سنة عشر.(15/534)
289 - معتوق بْن عَلِيّ بْن عُمَر، تقيُّ الدّين النّصيبيّ، الفقيه. [المتوفى: 684 هـ]
وُلِد سنة ستمائة. وسمع من السخاوي وغيره، لكنّه لم يحدّث. ومات فِي ذي الحجّة. وكان أحد الشهود.(15/534)
290 - نُوَيصر بْن عُمَر بْن راهبة، الْبَعلَبَكّيّ. [المتوفى: 684 هـ]
حدث عَنِ البهاء عَبْد الرَّحْمَن، كتب عَنْهُ ابن أبي الفتح وابن البرزالي، وجماعة.(15/534)
291 - هديّة بِنْت المحدّث المفيد معين الدّين إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز القُرَشيّ، الدّمشقي. [المتوفى: 684 هـ]
تُوُفّيت فِي رمضان، روت عَنِ ابن صَصْرى حضورًا وعن ابن الزّبيديّ، سَمِعَ منها: ابن حبيب، والبرزالي، والمزي.(15/534)
292 - يوسف بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف، أَبُو المظفَّر ابن الزّراد الدمشقي، [المتوفى: 684 هـ]
سبط ابن الحنبلي.
روى " أربعي السِّلفيّ "، كتب عَنْهُ ابن أَبِي الفتح والبِرْزاليّ، وجماعة. ومات فِي ذي الحجة، حدّث عَنْ عمّ أمّه النّاصح ابن الحنبليّ وأبي عَبْد الله ابن الزّبيْديّ.(15/534)
-وفيها وُلِد:
أمين الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الوانيّ المحدّث، والمولى السلطان الملك النّاصر مُحَمَّد ابن السلطان الملك المنصور. وُلِد فِي المحرم ... ، مكّن اللَّه لَهُ فِي الأرض، وأحيا بطول بقائه السُّنَن والفَرْض.
وصارم الدّين إِبْرَاهِيم بْن خليفة [ص:535]
ابن محمد بن خلف المنبجي، وعمر ابن الحسام الأديب، وعماد الدّين مُحَمَّد بْن الشرف أحمد ابن الصاحب فخر الدّين ابن الشّيرجيّ، وتقيّ الدّين عمر ابن الوزير شمس الدين محمد بن عثمان ابن السلعوس، وصدر الدين محمد بن علي بن أسعد ابن المنجى التنوخيان، والأمين عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه الرهاوي، والشهاب أحمد ابن البدر المراغي، والقاسم بن أحمد بن شقير، والتقي أحمد بن تُبَّع.(15/534)
-سنة خمس وثمانين وستمائة(15/536)
293 - أَحْمَد بْن الْحَسَن، الخطيب البارع، البليغ، شَرَفُ الدّين، أَبُو الْحُسَيْن، خطيب الرصافة، الملقَّب بالأسد. [المتوفى: 685 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وعشرين. وسمع من عُمَر بن كرم، وله خُطبٌ أنشأها، و" المقامات الخمسين "، وغير ذَلِكَ.
مات فِي ربيع الآخر. كتب عَنْهُ ابن الفُوطيّ، وغيره.(15/536)
294 - أَحْمَد بْن شيبان بْن تَغلب بْن حَيْدَرة، المعمَّر، المُسْنِد، بدرُ الدّين أَبُو الْعَبَّاس الشيباني، الصّالحيّ، العطّار، ثمّ الخيّاط. [المتوفى: 685 هـ]
ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة في رجب. ثم كتب بعد: مولدي سنة تسع وتسعين، فعلى هذا سماعه يكون حضورا. ثم وجد مولده بخط أبيه شيبان: في آخر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين.
وسمع من حنبل جميع " المسنَد "، ومن عُمَر بْن طَبَرْزَد فأكثر، ومن أَبِي اليُمن الكِنْديّ وأبي القاسم بن الحَرَسْتانيّ، وجماعة كثيرة.
وأجاز لَهُ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الصَّيدلاني، وأبو الفخر أسعد بْن سَعِيد، والمفتي خلف بْن أَحْمَد الفرّاء، وداود بْن مُحَمَّد بْن ماشاذة، وزاهر بْن أَبِي طاهر، وعبد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن حمُّويه الرّاوي " معجم الطبرانيّ الكبير " حضورًا، عَنْ أَبِي نَهْشل العنْبريّ، وعبد الواحد بْن أبي المطهر الصيدلاني، وأبو زرعة عبيد الله ابن اللفتواني، وعفيفة الفارفانية، وطائفة سواهم.
روى عَنْهُ الدّمياطي والقاضي تقيّ الدين الحنبلي، وجماعة من القدماء وابن الخبّاز وابن تيميّة والمِزّيّ والبِرْزاليّ وابن المهندس، وخلْق كثير، وحدّث أكثر من أربعين سنة.
وكان شيخًا حَسَنًا، متواضعًا، منقادًا، صحيح السّماع، مطبوعًا. لَهُ شعر، ختموا عَلَيْهِ " مُسْند الإِمَام أَحْمَد " بدمشق قبل موته بتسعة أيّام. وسمعه منه عدد كثير.
توفي في الثامن والعشرين من صفر، وصُلِّي عَلَيْهِ من الغد بعد صلاة [ص:537]
الجمعة بجبل قاسيون. وعاش بضعا وثمانين سنة.(15/536)
295 - أَحْمَد بْن عامر بْن أَبِي بَكْر، نفيسُ الدّين الغُسُوليّ، الصّالحيّ. [المتوفى: 685 هـ]
حدَّث عن: أبي القاسم بن صصرى وأبي عبد لله ابن الزبيدي، وجماعة. وعنه ابن الخباز وابن مسلم والبِرْزاليّ، والطَّلبَة.
تُوُفّي فِي شوّال بالجبل.(15/537)
296 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الهادي، أَبُو العباس المقدسي، [المتوفى: 685 هـ]
نزيل القاهرة.
هو ابن عم شيخنا العز أحمد ابن العماد.
حدَّث عَنْ: مُوسَى بْن عَبْد القادر والشيخ الموفّق وآخرين، روى عَنْهُ المِزّيّ وابن سامة والمصريون، ويعُرف عندهم بالجمال المراوحيّ.
مات فِي ثاني عشر صفر، ودفن بالقرافة.(15/537)
297 - أَحْمَد بْن نصر بْن تروس، أَبُو الْعَبَّاس الدّمشقي. [المتوفى: 685 هـ]
سَمِعَ من الفخر الإربليّ ومُكرم بْن أَبِي الصَّقر، وغيرهما. سَمِعَ منه: الشّيْخ علي المَوْصليّ، وابن حبيب، والبِرْزاليّ، وآخرون. مات فِي هذه السنة.(15/537)
298 - أحمدُ بن مُحَمَّد بن عليّ، أبو العبّاس الكومذاني، الطبق، التّاجر. الرجل الصّالح. [المتوفى: 685 هـ]
سَمِعَ من خليل الْجَوْسَقيّ وابن شفنين. مات فِي صفر، وقد قارب الستّين.(15/537)
299 - إِبْرَاهِيم بْن سالم بْن ركاب، الأَنْصَارِيّ، الخبّاز، [المتوفى: 685 هـ]
من أهل جبل الصّالحيّة.
تُوُفّي فِي هذه السنة.
وهو والد نجم الدّين إِسْمَاعِيل المحدّث، روى عَنْهُ ابنه شيئًا.(15/537)
300 - إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق بْن أَبِي القاسم الحسين بْن هبة اللَّه بْن محفوظ، أَبُو مُحَمَّد وأبو الفداء، ابن صَصْرى، التّغْلبيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 685 هـ]
روى عَنْ جدّه أَبِي القاسم وأبي علي الأوقيّ الزّاهد، سَأَلت المِزّيّ عَنْهُ فقال: سمعنا منه " مشيخة الفسويّ "، عَنِ الأوقيّ، وهو شيخ جليل كَانَ يسكن بداخل باب توما. توفي في رمضان.
قلت: كان قد عمي، ثم أبصر.(15/538)
301 - إِسْمَاعِيل بْن جمعة بْن عَبْد الرزّاق، القاضي العالم، أَبُو إِسْحَاق السّامرّي، النّحْويّ. [المتوفى: 685 هـ]
حدّث عَنْ أبي بكر ابن الخازن. وله نظْم جيّد. تُوُفّي فِي أحد الربيعين ببغداد، كتب عَنْهُ الفَرَضيّ والقلانِسِيّ.(15/538)
302 - إياس بْن عَبْد اللَّه، الطَيبّيّ، الظّاهريّ، البّزاز، [المتوفى: 685 هـ]
من موالي الخليفة الظاهر ابن الناصر.
روى عَنْ أَبِي الْحَسَن القَطِيعيّ وغيره، كتب عَنْهُ الفَرَضيّ، وكان صاحب ليل وتهجُّد، وهو من مَرَاغة. وكان اسمه عُمَر فأُسِر، وله عشرُ سنين فِي سنة ست عشرة فِي أيّام خوارزمشاه.(15/538)
• - العز بتر الكردي عبد الله، [المتوفى: 685 هـ]
سيأتي.(15/538)
303 - بغدي بن علي ابن مَرزبان العراق قُشْتُمُر، النّاصريّ، الأمير فخر الدّين البغدادي، [المتوفى: 685 هـ]
من بقايا الأمراء الخليفتيّة.
قَالَ ابن الفوطي: مات في نصف رمضان، ودفن عند جده بمشهد [ص:539]
الحسين عليه السلام. لم يُقتل في وقعة بغداد، وخلّص بسبب رَجُل خُوَارَزْميّ كَانَ جدّ هذا قد أحسن إلَيْهِ، فجاء فِي جيش هولاوو هذا الخوارزمي، فسأل مَن بقي من أولاد قُشْتُمُر وأجارهم. ولفخر الدين هذا مصنف في " البزدرة ".(15/538)
304 - حسن بن عبد الله بن ويحيان، الراشديّ، نسبه إلى بني راشد، قبيلة من البربر، لا إلى الراشدية التي هِيّ من قرى ديار مصر. التلمساني، المقرئ، أَبُو عليّ. [المتوفى: 685 هـ]
شيخ صالح، زاهد ورع، كبير القدْر، صاحب صدق ومعاملة. وكان أمامًا حاذقًا بالقراءات، بصيرًا بالعربية. قدم القاهرة، وقرأ بالروايات على الكمال ابن شجاع الضّرير. وجلس للإقراء، وعليه قرأ شيخنا مجد الدين أبو بكر التّونسيّ وشهاب الدّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جُبارة المقدسيّ. ورايت كلًا منهما يُثني عَلَيْهِ، ويبالغ في وصفه بالعلم والعمل.
وكتب إليّ أبو حيّان النحوي يَقُولُ: كَانَ الشّيْخ حَسَن رجلًا ظاهره الصلاح والدّيانة، يحكي عَنْهُ من عاشره أنّهُ كَانَ لا يغتاب أحدًا. وكان حافظًا للقرآن ذاكرًا للقصيد، يشرحه لمن يقرأ عَلَيْهِ. ولم يكن عارفًا بالأسانيد ولا متقنًا لتجويد حروف القرآن؛ لأنّه لم يقرأ عَلَى متقن.
وكان مَعَ ذَلِكَ بربريًّا، فبقي فِي لسانة شيء من رطانة البربر. وكان رحمه الله، عنده نزرٌ يسير جدًّا من علم العربيّة " كمقدمة ابن باب شاذ " و" ألفية ابن مُعْط "، يحلّ ظاهر ذَلِكَ لمن يقرأ عليه، وإنما َكانت شهرته بالقراءات.
قلت: لم يتلمذ الشّيْخ حسن الراشدي لغير الكمال الضّرير، ولا تَلْمَذَ شيخُنا مجدُ الدّين لغير الشّيْخ حسن. وكلٌّ منهما قد اشتهر ذكره وبَعُد صيته، لاسيما شيخنا، وما ذاك إلا لصدق النّيّة وحُسْن القصْد.
وقد أخذ شيخنا عَنِ الشّيْخ حسن سنة بضعٍ وسبعين وستّمائة، وأخذ عَنْهُ ابن جُبَارة بعد ذَلِكَ بنحوٍ من سبع سنين، قَالَ: وأنا آخر من قرأ عَلَيْهِ وأنا غسّلته وألْحدتُه. وأمّا الشّيْخ مجد الدين فقدم دمشق وأدرك بها الزواوي، رحمه الله، وحضر مجلس إقرائه.
تُوُفّي الشّيْخ حسن فِي ثامن وعشرين من صفر بالقاهرة.(15/539)
305 - الحسن بن علي بن أحمد ابن القسطلانيّ، الشّيْخُ مجدُ الدّين ابن الشّيْخ تاج الدين. [المتوفى: 685 هـ]
حدَّث عن: أبي الحسن ابن المقيّر وغيره. ومات فِي خامس ربيع الأول بمصر، وله إجازة الفتح ابن عبد السلام.(15/540)
306 - الْحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن شاس، قاضي القضاة عَلَى مذهب مالك بالدّيار المصرّية، تقيّ الدين. [المتوفى: 685 هـ]
حدّث عن: أبي الحسن ابن الْجُمَّيْزيّ وغيره. وتُوُفّي فِي مستَهَلّ ذي الحجّة.
وكان فقيهًا، إمامًا، عارفًا بالمذهب، جيد النّقل، علامة، لكنه مذموم الأحكام. متسرعاً، متسمحاً في التعديل.(15/540)
307 - خديجة بِنْت الزَّين أَحْمَد بْن عَبْد الدّائم بْن نعمة، أمُّ أَحْمَد. [المتوفى: 685 هـ]
شيخة صالحة، عابدة، خيّرة. سمعتْ من غير واحد، وروت بالإجازة عَنْ: أَبِي المجد زاهر الثّقفيّ، وأسعد العجليّ، وأبي الفتح ابن المندائي وعفيفة الفارفانية، وجماعة.
ولدت سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة، ولم يظهر لها شيء عَنِ ابن طَبَرْزَد ولا غيره من الكبار، روى عَنْهَا ابن الخبّاز وابن العطّار والمِزّيّ والبرزالي وآخرون.
وذكر علم الدين أنها روت بالإجازة عن أبي جعفر الصيدلاني وذلك ممكن، وكانت تلقّن القرآن. قد روت الحديث قديمًا، وهي أمّ شيختنا فاطمة بنت حسين الآمدي، التي روت لنا عَنِ ابن الزّبيْديّ.
أجازت لنا خديجة مروياتها، وماتت فِي ربيع الآخر قبل أخيها عَبْد الدّائم.(15/540)
308 - الخضر ابن المُسْنِد رشيد الدّين أَحْمَد بْن المفرّج بْن مَسْلَمة، شَرَفُ الدّين. [المتوفى: 685 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وثلاثين. وسمع من أبِيهِ والعَلَم السّخاويّ وعبد العزيز ابن أبيه. [ص:541]
تُوُفّي يوم عيد الفِطر.(15/540)
309 - خليل بْن أبي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن صدِّيق، الإِمَام صفيُّ الدّين، أَبُو الصَّفا المَرَاغيّ، المقرئ، الفقيه، الحنبليّ. [المتوفى: 685 هـ]
قرأ القراءات بدمشق على تقي الدين ابن باسوَيْه بالعَشْر. وسمع من القاضي جمال الدّين ابن الحَرَستانيّ وأبي الفتوح البكْريّ والشمس أَحْمَد بْن عبد الله العطار، وأبي البركات بْن ملاعب وموسى بْن عَبْد القادر، وجماعة.
وتفقّه عَلَى الشيخ الموفَّق ودرّس، وأقرأ القراءات والفِقّه. وكان عارفًا بالمذهب والخلاف والطِّب وغير ذَلِكَ، وكان كثير الفضائل وافر الديانة، كثير الورع.
قرأ عَلَيْهِ القراءات: القاضي بدر الدّين مُحَمَّد ابن الجوهري والشيخ أبو بكر الجعبري، وجماعة. وطال عُمُرُه، وروى الكثير. أخذ عَنْهُ ابن الظّاهريّ وولده أَبُو عَمْرو والدّمياطيّ والقاضي أَبُو مُحَمَّد الحارثيّ وأبو الحَجّاج القُضاعي، وأبو مُحَمَّد عَبْد الكريم الحلبيّ وأبو حيّان النَّحوي، وخلق كثير.
وقد ناب فِي الحكم، وشُكرت سيرتُه. وكان مشهورًا بالزُّهد والدّين.
توفي فِي سابع عشر ذي القعدة بالقاهرة، ووُلِد قبل السّتّمائة بمراغة، وقد عاش قريباً من تسعين سنة. رحمه الله!(15/541)
310 - ذو الفقار بْن مُحَمَّد بْن أشرف بْن محمد، أبو جعفر العلوي، الحسني الشافعيّ، [المتوفى: 685 هـ]
مدرّس المستنصرية.
وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين وستمائة بخوي. وسمع ببغداد من الكاشغري وابن الخازن.
مات في شعبان. ومات أبوه سنة ثمانين ببغداد فِي شعبان، وله ثمانون وثلاث سنين؛ فإنّ مولده فِي أول سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة. ولقبُه السيد عماد الدين.(15/541)
311 - رابعة بِنْت وليّ العهد أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد ابن المستعصم بالله، وتُعرف بالسّيّدة النّبوية، [المتوفى: 685 هـ]
صاحبة الصّاحب الملك هارون ابن الصّاحب شمس الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْجُوينيّ، وأمّ أولاده المأمون عَبْد اللَّه والأمين أَحْمَد وزُبيدة.
ماتت ببغداد ودُفنت عند أمّها فِي جمادى الآخرة، وفي هذه الأيام قُتل زوجها هارون، فلم يعلم أحدهما بموت الآخر. وكان صَدَاقها مائة ألف دينار، وهذا ما سُمع إلّا لملك.(15/542)
312 - الزَّين الورّاق، قَرابةُ محيي الدين ابن تميم، [المتوفى: 685 هـ]
صديق والدي.
من أبناء السّتّين. كَانَ عنده حمار ذو قيمة يساوي سبعمائة درهم. وكنت أشتري منه الكاغد، رحمه الله.
أرّخه الشيخ تاج الدين.(15/542)
313 - سعيد ابن العّلامة رشيد الدّين عُمَر بْن إِسْمَاعِيل، الفارقيُّ، الأديب، سعد الدين، ثم الدّمشقيّ. [المتوفى: 685 هـ]
شابّ فاضل ذكيّ شاعر فصيح، اشتغل مدةً على والده، وقال الشعر المليح. وتوفي في المحرم.(15/542)
314 - شاميَّة، أمّةُ الحقّ بنتُ المحدّث أَبِي علي الحسن بن محمد بن أبي الفَتوح البكري. [المتوفى: 685 هـ]
شيخة، مسندة، معمرة، متفردة. روت عَنْ جدّها وجدّ أبيها، وحنبلِ بْن عَبْد اللَّه وعُمَر بْن طَبَرْزَد وعبد الجليل بْن مندوَيْه، وجماعة. وتفرّدت بأجزاء عالية، روى عَنْهَا الدّمياطيّ وسعد الدّين الحارثيّ وأبو عَبْد الله ابن الزّرّاد وأبو الحَجّاج الكلبيّ وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ وخلْق. وحدّثت بدمشق ومصر وشَيْزر.
وكان مولدها بمصر سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة. وتُوُفّيت بشَيْزَر فِي [ص:543]
أواخر رمضان عند أقاربها، ولها إجازة من أسعد بن روح، وعفيفة الفارفانية.(15/542)
315 - الحاج شرف بن مري بن حسن النواوي، [المتوفى: 685 هـ]
والد شيخ الإسلام محيي الدين.
كان رجلا مباركا دينا. تُوُفّي بنوى فِي رجب، وصُلّي عَلَيْهِ بدمشق صلاة الغائب، وقد جاوز السبعين.(15/543)
316 - طاهر بْن عُمَر بْن طاهر بْن مفرّج، الْمُدْلجيّ، الْمَصْرِيّ، الزاهد، [المتوفى: 685 هـ]
نزيل دمشق.
قرأ قطعة من الفقه عَلَى الشّيْخ عزّ الدّين ابن عَبْد السلام. وصحب بدمشق الشّيْخ يوسف الفقاعيّ، وكان من أخصّ الأصحاب بِهِ. وانقطع فِي رباط ابن يغمور بالصّالحية. وكان صالحًا زاهدًا، قانعًا باليسير، متعبدا.
سَمِعَ منه البِرْزاليّ وغيره عَنِ ابن خليل.
وكان بْه سعالٌ مُزْمن، فبقي سنين يأخذ فِي كوز ماء شعير مدبّر من بُكرةٍ، ويودعه إلى العشاء، ثمّ يثرد فِيهِ كسْرةً ويفطر عليه.
وقال النجم أبو بكر ابن مشرف: دخلت مع الشيخ يوسف رحمه الله إلى بيت طاهر بالرّباط، فرأينا بيتًا لم يُكْنس قطّ، وتحته حصير رثّة سوداء. فقال الشيخ يوسف: ما أعفشك يا طاهر! ثمّ خرج طاهر للوضوء، فقال لي الشيخ يوسف: طاهر يموت طيّبا. وقال: طاهر طاهر.
وقال الشّيْخ قُطْبُ الدّين: تزوّج طاهر امْرَأة جميلة جدًّا، وطلَّقَها عَلَى كرهٍ لعجزه عَنْهَا ولم يَقْرُبْها.
وذكر النَّجم ابن مشرف قَالَ: مررتُ عَلَى باب الخوّاصين يوم الأحد قبل يوم وقعة حمص سنة ثمانين، فمرّ بي الشّيْخ طاهر، وحدّثني ما لم أفهمه لاشتغال قلبي، فقال: كأنّك ما فهمتَ؟ قلت: لا والله. قال: اسمع ما أقوله واعتمدْ عَلَيْهِ، يوم الأحد اليوم؟ قلت: نعم. قَالَ: يوم الجمعة يكون فِي هذا البلد بشارةٌ بكسْر التَّتَر، وشموع توقد بالنّهار وسماعات، وما يقدر تلك الليلة [ص:544]
على المغاني. وكان كما قَالَ.
ثمّ بات عندي بعد ذَلِكَ وانشرح، فسألته عمّا أخبرني بِهِ هَلْ رآه يقظة أو منامًا؟ فقال: لا فِي اليقظة ولا فِي المنام، بل فِي حالةٍ بينهما تسمّى الواقعة تكون للفقراء. فسألته عَنْ حقيقتها فنفر وغضب.
توفي في خامس شوّال.
قلت: كَانَ فِي الشّامية ودار الحديث وتربة، ومهما صحّ لَهُ وأسى بِهِ أولاد شيخه ويقنع بكسرة.(15/543)
317 - عَائِشَة بِنْت سالم بْن نبهان، أم أَحْمَد الجشمية، الحمويه، [المتوفى: 685 هـ]
زوجة المحدّث تقي الدين ابن مزيز وأمّ أولاده.
سمّعها من ابن رواحة، أخذ عَنْهَا ابن سامة وغيره.
تُوُفيت سنة خمسٍ ظناً عن سبعين سنة أو نحوها.(15/544)
318 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن فارس، أَبُو بَكْر التّميميّ، الإسكندرانيّ، سراج الدّين [المتوفى: 685 هـ]
ابن الوزير الصاحب نجيب الدّين، وأخو المقرئ كمال الدّين ابن فارس.
سَمِعَ بدمشق من التّاج الكندي وابن الحرستاني وأبي البركات بْن ملاعب، وجماعة.
أخذ عَنْهُ أبو محمد الحارثي وأبو الحجاج المزي، وجماعة. وكان شيخًا جليلًا، عالي الإسناد، مشهورًا. توفي بالإسكندرية في أول يوم من ربيع الأوّل، وله بضعٌ وثمانون سنة فيما أحسب. ومولده سنة إحدى وستّمائة.(15/544)
319 - عَبْد اللَّه بْن حِجي، عزُّ الدّين الشافعيّ. [المتوفى: 685 هـ]
كَانَ معيدًا بالأمينية، ويعرف بالعز بتر. أعاد بالصّالحيّة بمصر عند ابن عَبْد السّلام، وكان من كبار فقهاء الأكراد. لَهُ شكل وصوت جهُوري.
توفي فجاءة رحمه الله.(15/544)
320 - عَبْد الدائم بْن أَحْمَد بْن عَبْد الدّائم بْن نعمة، الزّاهد، تاجُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد المقدسيّ. [المتوفى: 685 هـ]
عبدٌ صالح، زاهد، متعبّد، مقبل عَلَى شأنه، حافظ لوقته. سَمِعَ من مُوسَى بْن عَبْد القادر حضورًا، ومن: الشّيْخ الموفّق والقزوينيّ والبهاء، وجماعة. روى عَنْهُ ابن الخبّاز وابن العَطَّار والمِزّيّ والبِرزاليّ، وجماعة. [ص:545]
عبر إلى رضوان اللَّه ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وقد نيّف عَلَى السّبعين.(15/544)
321 - عَبْد الدائم بْن إِسْحَاق بْن مَسْعُود، العدْلُ، جمالُ الدين الشَّيباني، الدمشقي. [المتوفى: 685 هـ]
روى عن كريمة. وتوفي فِي رمضان كهلًا.(15/545)
322 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن أَبِي الفَرَج، القَطيعيّ، الحنبليّ، الدّقّاق، أَبُو الفَرَج، المعروف بابن القصّار. [المتوفى: 685 هـ]
حدّث عَنْ: ابن روزبة، ونصر بن عبد الرّزّاق. ومات في شعبان عن ثمانين سنة إلا سنة.(15/545)
323 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد العزيز بْن أبي المجد، نجمُ الدّين القَطِيعيّ التّاجر، ويُعرف بابن ثقاب الحبّ. [المتوفى: 685 هـ]
أضرّ ولزم بيته. سمع من محمد بن محمد ابن السّبّاك. ومات فِي رمضان عَنْ بضعٍ وسبعين سنة.(15/545)
324 - عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن فارس، الشّيْخ الصّالح، أَبُو مُحَمَّد ابن الزَّجاج، عفيف الدّين العَلثّي، ثمّ البغداديّ، الحنبليّ، السُّني، الأثريّ. [المتوفى: 685 هـ]
وُلِد سنة اثنتي عشرة وستّمائة. وسمع من أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن صرمًا والفتح ابن عبد السلام وعلي بن بورنداز، وعبد السّلام بْن يوسف العَبَرتيّ وابن رُوزبة، وجماعة.
وأجاز لَهُ جمال الدّين أَبُو القاسم ابن الحَرَسْتانيّ من دمشق والافتخار الهاشميّ من حلب وأبو البقاء العكبَريّ، وجماعة من بغداد. وحدّث بدمشق لمّا قدِمَها للحجّ.
وكان محدّثًا، عالمًا، ورعًا، عابدًا، أثريًّا، صليبًا فِي السُّنة، شديدًا عَلَى أهل البِدْعة. لَهُ أتباعٌ، وأصحاب يقومون فِي الأمر بالمعروف والنَّهي عَنِ المُنكر.
حدّث بدمشق من أجزاء أبي العلاء الفَرَضيّ. وتُوُفّي إلى رحمة اللَّه بذات [ص:546]
حجّ راجعًا فِي سابع عشر المحرَّم، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.(15/545)
325 - عبد المحيي بْن أَحْمَد بْن أَبِي البركات بْن أَحْمَد، أبو البركات الحنبلي الحريري، محيي الدين الحربيّ. [المتوفى: 685 هـ]
روى بالإجازة عَنْ: عَبْد الوهّاب بْن سُكَينة وابن الأخضر. تُوُفّي فِي جمادى الآخرة.
كتب عنه أبو العلاء الفرضي وابن الفوطي. وهو آخر من روى عن مدرس النظامية مجد الدين يحيى بن الربيع بن محراز.
روى عنه أحمد بن يوسف الكواشي.(15/546)
326 - عَبْد المغيث بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المعيد ابن المحدّث عبد المغيث ابن زهير، أبو العز البغدادي، العدل. [المتوفى: 685 هـ]
سمع: أبا المنجى ابن اللّتّيّ وغيره. ومات فِي رجب.
وقال عَلَمُ الدّين: أجاز لي، وذكر أنّهُ سَمِعَ أيضًا من الحسن ابن الزّبيْديّ.
وقال ابن الفُوَطيّ: سَمِعَ " صحيح الْبُخَارِيّ " من القطيعي.(15/546)
327 - عبد المولى، شرف الدين ابن الشيخ تاج الدين علي ابن القسطلاني. [المتوفى: 685 هـ]
باشر مشيخة الكامليّة بعد أبِيهِ حتّى جاء عمه القطب من مكة، سَمِعَ ابن المقيّر وحدّث. مات فِي رجب.(15/546)
328 - عَبْد الواحد بْن عليّ بْن أَحْمَد، أَبُو مُحَمَّد القُرَشيّ، الهكّاريّ، الفارقيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 685 هـ]
شيخ صالح، زاهد، متعفّف، معّمر. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع بالموصل من مسمار بن العويس النّيّار والحسين بْن باز. وقدِم دمشق وهو شاب، فسمع من موسى بن عبد القادر والموفَّق ابن قُدامة وزين الأمناء وغيرهم. أخذ عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد الحارثيّ وأبو الحَجّاج المِزّيّ [ص:547]
والمصريّون. وتُوُفّي بالقاهرة فِي رمضان، رحمه اللَّه.(15/546)
329 - عَبْد الواحدِ بْن مُحَمَّد بْن قُدَيد، البغدادي، المقرئ. [المتوفى: 685 هـ]
عَبْد صالح خيّر، سَمِعَ: ابن بهروز وابن الخازن. كتب عَنْهُ الفَرَضي.(15/547)
330 - عُثْمَان بْن سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن تولوا، الأديب معين الدّين، أَبُو عَمْرو الفِهْريّ، المصريّ. [المتوفى: 685 هـ]
ولد بتنيس سنة خمسٍ وستمائة. وسمع بدمشق من القاضي أَبِي نصر بْن الشيرازيّ وغيره، وكان أحد الشعراء المحسنين.
أنشدنا عَنْهُ شيخنا أَبُو الْحُسَيْن اليُونينيّ وغيره. ومات فِي سلْخ ربيع الأول بالقاهرة.
وله من قصيدة:
فِي ذمة اللَّه أيّام العقيق وإنْ ... تملك الليث فيها شادن خرقُ
يرنو بألحاظِ ريم قطّ ما رمقت ... فغادرت في البرايا من بِهِ رمقُ
تألَّفت فِيهِ أضداد بها أبدًا ... على هواه قلوب الناس تتفقُ
فالخد والثَّغر ذا جمرٌ وذا بردٌ ... والوجه والفرع ذا صبحٌ وذا غسقُ
ما حلت عَنْ عهد سكان العقيق وهل ... يحول عَنْهُمْ محبٌ حبّه خلقُ(15/547)
331 - عُثْمَان بْن أَبِي مُحَمَّد بْن خَولان، البَعْلَبَكيّ. [المتوفى: 685 هـ]
رَجُل خيّر، وهو أخو عَبْد الوليّ، حدّث عَنْ البهاء عَبْد الرَّحْمَن. ومات فِي صفر.(15/547)
332 - عَلِيّ بن الحسين بن يوسف ابن الصّيّاد، موفَّق الدّين، المَعرّيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 685 هـ]
سَمِعَ " الأربعين الطائية " من ابن اللتي ببغداد. مات بالبردان فِي ربيع الآخر، أجاز للبِرْزاليّ ولخلْق.(15/547)
333 - عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن عيسى بْن مغنين، كمال الدين، أبو الحسن المتيجي، الإسكندارني. [المتوفى: 685 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وستّمائة، وسمع من مُحَمَّد بْن عماد الحرّانيّ، وجماعة. ومات فِي ذي الحجة. وكان مؤذّن السّلطان فقدم وحدّث بدمشق.
أخذ عنه المزي والبرزالي، له إجازة ابن مَنِينا وغيره.(15/548)
334 - عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن هبة اللَّه ابْن المنصور، العدل، أبو الحسن العباسي، المنصوري، شرف الدين ابن الخطيب. [المتوفى: 685 هـ]
سَمِعَ " صحيح الْبُخَارِيّ " من ابن رُوزبة، وخطب مدة. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. مات في رمضان أو في شوال سنة خمس وثمانين.(15/548)
335 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حسين، كمالُ الدّين ابن الشّيْخ العارف مُحَمَّد الفرنثيّ، [المتوفى: 685 هـ]
الفقير،
شيخ الزّاوية الفرنثية بعد والده.
سَمِعَ: ابن الزّبيديّ وابن اللتي وجعفر الهمداني، كتب عَنْهُ ابن الخبّاز وابن البِرْزاليّ، وجماعة.
وكان فيه عِشرة وانطباع. وقد عمل سماعًا ودعوة للشيخ حسن ابن الحريريّ غرم عليها ألف درهم مَعَ فَقْره، لا أثابه اللَّه.
تُوُفّي فِي شعبان، وله تسعٌ وخمسون سنة.(15/548)
336 - عَلِيّ بْن أَبِي الفتح، المحب السِّنْجاريُّ، المؤدب، [المتوفى: 685 هـ]
والد شيخنا محمد.
وُلِد سنة ستَّ وستّمائة بسِنجار، وقدِم دمشق. وسمع من مكرم وغيره، وأدّب بدرب العسقلاني مدّة طويلة، أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ وغيره. ومات في شوال.(15/548)
337 - غريب بن حاتم بن عيّاد البعلبكي. [المتوفى: 685 هـ]
يروي عن البهاء، سمع منه المزي في شعبان. ومات بعد ذلك بقليل.(15/548)
338 - فاطمة بِنْت أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن الخضِر ابن قاضي العسكر، الحلبيّة. [المتوفى: 685 هـ]
كَانَ أبوها وعمّها عَبْد اللَّه من شيوخ الدّمياطيّ. وهي سَمِعْتُ حضورًا من ثابت بْن مشرّف، أخذ عَنْهَا الطَّلَبة. وكانت تسكن بالمِزّة، وهي شيخة رباط هناك. تُوُفّيت فِي ذي القعدة.(15/549)
339 - فاطمة بِنْت الشيخُ شمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عمر أحمد بن محمد بن قدامة المقدسيّ، [المتوفى: 685 هـ]
زوجة العماد إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد الماسح.
كانت ديّنة عابدة صالحة، روت عَنْ جَعْفَر بن علي الهمداني. وتوفيت في شعبان.(15/549)
340 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن سُجْمان، العلامة جمال الدّين أَبُو بَكْر البكريّ، الوائلي، الأندلسيّ، الشَّريشيّ، المالكيّ. [المتوفى: 685 هـ]
وُلِد بشَرِيش سنة إحدى وستّمائة. وسمع بالإسكندرية من مُحَمَّد بْن عماد، وببغداد من أَبِي الْحَسَن القَطيعيّ وأبي الْحَسَن بْن روُزبة وأبي بَكْر بْن بهروز وابن اللّتّي وياسمين بِنْت البيطار وأبي صالح الجيليّ والأنجب بْن أَبِي السّعادات ومحمد ابن السباك وعبد اللطيف ابن القُبّيطيّ وطائفة، وبدمشق من مكرم وابن الشّيرازيّ وجماعة، وبإربل من الفخر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الإربليّ، وبحلب من الموفق بن يعيش وجماعة.
وتفقّه حتى برع فِي المذهب، وأتقن العربيّة والأصول والتّفسير، وتفنّن فِي العلوم ودرّس وأفتى. وقرأ الحديث، وعُني بِهِ. وقال الشعر، ودرّس بالرباط النّاصريّ بحضور السّلطان واقِفِه.
ثم دخل الدّيار المصريّة ودرّس بالفاضلية، وتخرَّج بِهِ جماعة كثيرة، منهم ولده العلامة شيخنا كمال الدّين رحمه الله.
ثم إنه قدم إلى بيت المقدس، فأقام بِهِ مدّة، ثمّ قدِم دمشقَ وأخذ الناس عنه. وكان من أوعية العلم. صنف " لألفية ابن معط " شرحاً نفيسا.
وقد مدحه شيخه عَلَمُ الدّين السَّخاويّ بقصيدةٍ مشهورة، وطُلِب لقضاء دمشق فامتنع زُهدًا وورعًا، وبقي المنصب شاغرًا من أجله إلى أن مات. [ص:550]
ودرَّس بالمدرسة النّوريّة وبالحلقة التي بالجامع مَعَ مشيخة الرباط ومشيخة أمّ الصالح. روى عَنْهُ ابنه وابن تيميَّة والمِزّيّ وابن العطّار والبِرْزاليّ والصَّيْرفيّ وابن الخبّاز، وخلق سواهم. وأجاز لي مَرْويّاته فِي سنة أربعٍ وسبعين. وقد سَأَلت أَبَا الحجّاج الحافظ عَنْهُ، فقال: هُوَ أحد الأئمّة الأعلام المتبحّرين فِي علوم متعدّدة.
قلت: وأنبأني أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الوائليّ الحافظ، قَالَ: لمّا أتى شهر رمضان الكائن فِي سنة أربعين وأنا بدمشق أردت أن أُريح نفسي من كدّ المطالعة والتكرار وأصرف همّتي - إذ كنت كثير البطالة - إلى المواظبة عَلَى نوافل الصّلوات والأذكار. فحين شرعتُ فِي ذَلِكَ وجدت من قلبي قسوة، ورأيت فِي صارم عزيمتي عن المضاء فيها نَبوة، وقدْت نفسي بزمام الحرص فحرنت وما انقادت، وضربتها بسَوط الاجتهاد فتمادت عَلَى حرانها بل زادت.
فلمّا رَأَيْت ذَلِكَ علمت أنّ داءها صار عُضالًا، وأنّ ما رُمتُه من الهُدى صار ضلالًا، فسألت عَنْ عالمٍ بهذه الأمور خبير وطبيب بدواء هذه العلّة بصير، فدُللت عَلَى أوحد دهره وأفضل علماء عصره، أحسنهم هدْيًا وسمتاً وأورعهم نُطقًا وصمتًا، وأوسعهم فِي جميع العلوم عِلمًا، وأتقنهم في كل المعاني.
وهو شيخنا العلامة، سيد القراء وحُجّة الأدباء وعُمدة الفُقهاء، عَلَم الدّين أَبُو الْحَسَن السَّخاويّ، فكتبت إلَيْهِ بهذه الأبيات أشكو إلَيْهِ فيها بثّي وحُزني، وما استولت عَلَيْهِ هذه النفسُ العدوّة منّي، وأسأله كيف خلاص أسيرها من وثاقه، وكيف السبيل إلى هربه من جورها وإباقه؟ وهي:
أيا عالمًا فِي النّاس ليسَ لَهُ مِثْلُ ... وحَبرًا عَلَى الأحبار أضحى لَهُ الفضلُ
أيا عَلَم الدّين الّذي ظل عِلْمه ... بُحُورًا عذابًا منه يغترف الكُلُ
لقد حزْتَ من بين الأنام فضائلا ... فمنها التُّقى والعِلْم والخلق السهل [ص:551]
فأنسأ ربي فِي حياتك إنّها ... حياةٌ لها نفْعٌ من الخير ما تخلو
وبعدُ فإنّي سيّدي لك ذاكرٌ ... أمورًا قد أعْيَتْني وعندي لها ثقلُ
ولا بدُ من شكوى إلى ذي بصيرة ... يريك سبيل الرشد إن حارت السبل
فأصغ إلى قولي أبثُّ صَبَابتي ... إليك وأحزاني فقد مضني الثّكلُ
أخي ما لقلبي قد قسا فكأنما ... عَلَيْهِ لذي وعْظٍ وتذكرة قفلُ
فلا هُوَ للقرآن يخشع إنْ تلا ... ولا لأحاديث أتتنا بها الرُّسُلُ
ولا يرعوي يومًا إلى وعظِ واعظِ ... ولا عَذَلِ ينهى وإنْ كثُر العذلُ
يُسوف بالطّاعات مهما أردتها ... ويُسرع فِي العصيان والغيّ ما يسلُ
جبانٌ عَنِ الخيرات وقتَ حضورها ... وإنْ حضر العصيانُ فالبطلُ الفحلُ
وكلّ عباداتي رياءٌ وسُمعة ... مَشُوب جميع القول فيهنّ والفعلُ
وإنْ رُمتُ صومًا كَانَ لَغْوًا جميعُهُ ... وعند صلاتي يعتري السَّهْوُ والخَبَلُ
وكلُّ الَّذِي آتي من العُرف مُنْكَرٌ ... فماذا دهى عقلي أليس لَهُ عُقْلُ
إذا قلتُ يا نفسي إلى اللَّه فارجعي ... تراجعُني فِي القول من عنده الكلُّ
فإنْ شاء يهديني اهتديتُ وإنْ يشأ ... يضل فمن ربّي الهداية والعدلُ
وإن قلت للجنّات والحُور فاعملي ... تقُلْ لي وهل مُعطي الجنان هُوَ الفعلُ
بل اللهُ يُعطيني الجنانَ تفضُّلًا ... فمن ربي الإحسان والْجُود والبذلُ
وقد قهرتني ثمّ أصبحتُ عندها ... أسيرًا أخا قيْدٍ وفي عُنقي غُلُّ
فكلّ الَّذِي تبغيه منّي حاصل ... وما ابتغي منها فمِن دونه المطْلُ
فكيف خلاصي يا أخي من وثاقها ... وهل لأسير النفس من قَيْدها حَلّ
لقد خبْتُ إنْ لم يدْركْني بلُطفْه ... ورحمته ربٌ له اللّطف والفضلُ
وها أَنَا مُسْتهدٍ فكُنْ لي راشدًا ... أَبَا حَسَن فالرُشْد أنت لَهُ أهلُ
وجملتها أربعون بيتًا خفّفت منها.
قَالَ: فكتب إليَّ رحمه الله على كبره وضفعه:
إلى اللَّه أشكو ما شكوتْ من التي ... لها عَنْ هدّي عدلٌ وليس لها عدلُ
تجور عن التحقيق جور أخي عمى ... وقد وضحت منه لسالكها السُبُلُ [ص:552]
وكيف أرجى أنْ تتوب وللهوى ... عليها يد سلطانه ما لها عزلُ
وقد سُترت عَنْهَا العُيُوب فما لها ... بما هِيّ فِيهِ خبرة لا ولا عقل
تحيل على المقدور فِي ترك طاعة ... فما بالها فِي الرّزْق ليس لها مهل
وتكذب إن قالت وتغضب تارةً ... وتحرص أحيانًا ومن شأنها البُخلُ
بذلتُ لها نُصْحي وحاولتُ رشْدَها ... وبالغْتُ فِي عذلي فما نفع العذل
فناولتها حبل التقى فتقاعست ... إلى أن تفانى العمر وانقطع الحبل
وأرسل رب الدار يطلب نقلها ... وليس لها زاد وقد أعجل النقل
فيا ويحها إن لم يسامح بعفوه ... ويا ويلها إن لم يجد من له البذل
أتبغي أبا بكر هدى عند مثلها ... وأنت الذي أضحى وليس له مثل
ومثلك يرجى أن يعمر برهةً ... فدونك فاغْنَمْها فأنت لها أهلُ
ولست كمثلي ذا ثمانين حَجّةٍ ... بها فاتت الأيامُ وانقطع الوصلُ
ولم يبق للتأخير وجهُ وهكذا ... مَتَى انتهت الآجالُ لم يسع المطلُ
فِي أبيات آُخَر وجُملتها ثلاثون بيتًا، قَالَ لنا الشّيْخ جمال الدّين أَبُو بَكْر: أنشدنيها ناظمُها فِي الخامس والعشرين من رمضان سنة أربعين.
تُوُفّي فِي رابع وعشرين رجب.(15/549)
341 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يُمْن، الصَّدْرُ جمال الدّين العُرْضيّ، ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 685 هـ]
كَانَ رئيسًا محتشمًا وافر الحرمة، كثير الأموال والعقار، ذا مروءة وتَوَاضُع وبرّ. وقد تمزّقت نعمتُه وذهب منها دفائن تحت الأرض، وصودر ولدُه شمس الدّين.
تُوُفّي فِي سلْخ جمادي الآخرة.(15/552)
342 - مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن إسفنديار، الكازروني، مجد الدين ابن حدنك. [المتوفى: 685 هـ]
سمع " الأربعين الطائية " و" الدارمي " من ابن اللتي. ومات في رجب ببغداد.(15/552)
343 - محمد بن شبل، جمال الدين النشابي. [المتوفى: 685 هـ]
شيخ من أبناء التّسعين، روى عَنِ ابن المقير. ومات في شعبان. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة.(15/553)
344 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحمن بْن سلامة بن نصر، أبو عبد لله المقدسي، ابن السراج. [المتوفى: 685 هـ]
روى عن جعفر الهمداني، كتب عَنْهُ عَلَمُ الدّين وقال: مات فِي جمادى الآخرة.(15/553)
345 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن مُسلَّم بْن أَبِي الْحَسَن بْن أَبِي الجود، شمس الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الفارسيّ، البغدادي، المشهور بابن مسلم. [المتوفى: 685 هـ]
سَمِعَ: أَبَا علي ابن الجواليقيّ وابن بهروز، وجماعة. ومن سماعه " مغازي موسى بن عقبة " على ابن الجواليقي، قال: أخبرنا ابن المقرّب.
وكان من كبار العدول. وُلِد سنة اثنتي عشرة وستمائة. ومات فِي شهر رمضان.(15/553)
346 - مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم بْن مُحَمَّد، الشّهاب ابن الخَيْميّ، الأَنْصَارِيّ، اليَمَنيّ الأصل، المصريّ، الصّوفيّ، الشّاعر. [المتوفى: 685 هـ]
حدّث بـ " جامع " أبي عيسى الترمذي، عن علي ابن البنّاء المكي. سألت أبا الحجاج المزي عنه، فقال: هُوَ أَبُو عَبْد اللَّه الشاعر، شيخ جليل، فاضل، حَسَن النّظم. سَمِعَ من ابن البناء وغير واحد، وأجاز لَهُ عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنة وغيره. وعَلَتْ سنُّه وحدّث بكثيرٍ من مَرْويّاته. لقِيتُه، وسمعت منه بالقاهرة.
قلت: وروى عَنْهُ الدَّمياطيّ فِي " مُعجمة ". وسمع منه: قُطْبَ الدين ابن منير وفخر الدين ابن الظاهريّ، وخلْق من المصريّين.
وكان هُوَ المقدَّم عَلَى شعراء عصره، مَعَ المشاركة فِي كثير من العلوم، وكان يعاني الخدم الديوانية، ويباشر وقف مدرسة الشافعي، ومشهد الحسين رضي الله عنه.
وفيه أمانة ومعرفة، وكان معروفًا بالأجوبة المُسْكِتة، ولم يُعرف منه غضب. [ص:554]
وطال عُمُره، وعاش اثنتين وثمانين سنة أو أكثر. وتُوُفّي بالقاهرة فِي التّاسع والعشرين من رجب.
وروى أيضاً عن: عتيق بْن باقا وأبي عَبْد اللَّه بْن عبدون البناء. فمن شعره:
قسمًا بكم يا جيرة البطْحاءِ ... ما حال عمّا تعهدون وفائي
حُبّي لكم حُبّي وشوقي نحوكم ... شوقي وأدْوائي بكم أدوائي
ما خانكم كَلَفي ولا نسيتكُم ... روحي ولم تتعدكم أهوائي
وجْدي بكم مجدي وذُلّي عزّتي ... والافتقارُ إليكم استغنائي
يا أهل ودّي يا مكان شِكايتي ... يا عزّ ذُلّي يا ملاذَ رجائي
كيف الطريق إلى الوصال فإنني ... من ظُلْمة التفريق فِي عمياء
روحي تذود عَلَى الورود ظمأ وقد ... جاءتكم تمشي عَلَى استحياءِ
فِي أبيات.
وله القصيدة البديعة التي سارت، وهي:
يا مطلبًا لَيْسَ لِي فِي غيره أربُ ... إليك آل التقصي وانتهى الطلبُ
وما طمحت لمرأى أو لمستمع ... إلّا لمعنى إلى علْياكَ ينتسبُ
وما أراني أهلًا أنْ تُوَاصلني ... حسبي علوا بأني فيك مكتتب
لكنْ ينازع شوقي تارة أدبي ... فأطلب الوصل لما يضعف الأدب
ولست أبرح فِي الحالين ذا قلق ... بادٍ وشوق لَهُ في أضلعي لهب
وناظر كلما كفكفت أدمعه ... صونا لحبك يعصيني وينسكبُ
ويدّعي فِي الهوى دمعي مقاسمتي ... وجْدي وحُزني فيجري وهو مختضبُ
كالطَّرْف يزعمُ توحيدَ الحبيب ولا ... يزال فِي ليلة للنّجم يرتقبُ
يا صاحبي قد عدمت المسعدين فسا ... عدني عَلَى وَصَبي لا مسَّكَ الوصَبُ
بالله إن جزت كُثبانًا بذي سَلَمٍ ... قف بي عليها وقُلْ لي هذه الكُثُب
ليقضي الخد من أجراعها وطرًا ... من تُربها وأؤدّي بعضَ ما يجب [ص:555]
ومِلْ إلى البان من شرقيّ كاظمةٍ ... فلي إلى البان من شرقيّها طربُ
وخُذْ يمينًا لمغنى تهتدي بشذا ... نسيمه الركب إنْ ضلتْ بك النُّجُبُ
حيث الهضابُ وبطْحاها يروضها ... دمع المحبين لا الأنداء والسُّحُبُ
أكرِمْ بِهِ منزلًا تحميه هيبته ... عنّي وأنواره لا السُّمرُ والقُضُبُ
دعني أعلّلُ نفْسًا عَزَّ مطْلبُها ... فِيهِ وقلبًا لغدرٍ لَيْسَ ينقلب
ففيه عاهدت قدمًا حبّ من حَسُنَتْ ... بِهِ الملاحة واعتزْت بِهِ الرُتَبُ
دان وأدنى وعزّ الحُسْن يحجبُه ... عنّي وذلّي والإجلالُ والرَّهَبُ
أحيا إذا مت من شوقي لرؤيته ... لأنني لهواه فِيهِ منتسبُ
ولست أعجب من جسمي وصحّته ... من صحّتي إنّما سَقَمي هُوَ العجبُ
يا لَهف نفسيّ لو يْجدي تلهُفُها ... غوثًا وواحَرَبي لو ينفع الحربُ
يمضي الزّمانُ وأشواقي مضاعفة ... يا للرجال ولا وصْلٌ ولا سببُ
هبّتْ لنا نسماتٌ من ديارهم ... لم تُبْقِ فِي الركْب من لا هزّه الطَّربُ
كدنا نطير سرورًا من تذكُرهم ... حتّى لقد رقصت من تحتنا النُّجُبُ
يا بارقًا بأعالي الرُقْمتَيْن بدا ... لقد حكيت ولكنْ فاتَكَ الشَّنَبُ
أما خفوق فؤادي فهو عَنْ سبب ... فعَن خفوقك قل لي ما هُوَ السببُ
ويا نسيمًا سرى من جوّ كاظمةٍ ... بالله قل لي كيف البانُ والعذب
وكيف جيرة ذاك الحيّ هَلْ حفظوا ... عهدًا أراعيه إنْ شطّوا وإنْ قربوا
أم ضيّعوا ومرادي منك ذِكرهمُ ... هُمُ الأحبّة إنْ أعطوا وإنْ سلبوا
فاتّفق أنّ نجم الدين ابن إسرائيل الحريريّ الشاعر حجّ، فلقي ورقةً ملقاةً، ففتحها فإذا فيها هذه القصيدة فادّعاها.
قَالَ الشّيْخ قُطْبُ الدّين: فحكى لي صاحبنا الموفّق عَبْد اللَّه بْن عُمَر أن ابن إسرائيل وابن الخَيْميّ اجتمعا بعد ذَلِكَ بحضرة جماعةٍ من الأدباء، وجرى الحديث فِي الأبيات المذكورة، فأصرّ ابن إسرائيل عَلَى أنّه ناظمها، فتحاكما إلى الشيخ شرف الدين عمر ابن الفارض. فقال: ينبغي لكلّ واحدٍ منكما أنْ ينظم أبياتاً على هذا الوزن والروي أستدلُّ بها، فنظم ابن الخَيْميّ: [ص:556]
لله قوم بجرعاء الحِمى غُيُّبُ ... جنوا عليَّ ولما أنْ جنوا عتبوا
يا قوم هُمْ أخذوا قلبي فلم سخطوا ... وأنهم غصبوا عيشي فلم غضبوا
هُمُ العُريبُ بنجدٍ مُذ عرفتهم ... لم يبق لي معهم مالٌ ولا نشبُ
شاكون للحرب لكن من قُدودهم ... وفاترات اللحاظ السُّمر والقضبُ
فما أَلَمُّوا بحيٍّ أو ألمَّ بهم ... إلّا أغاروا عَلَى الأبيات وانتهبوا
عهدت فِي دمن البطْحاء عهد هوى ... إليهم وتمادت بيننا حقبُ
فما أضاعوا قديمَ العهد بل حفظوا ... لكنْ لغيري ذاك العهد قد نسبوا
من مُنصفي من لطيفٍ فيهم غنجٌ ... لَدْن القوام لإسرائيل ينتسبُ
مبدل القول ظلماً لا يفي بموا ... عيد الوصال ومنه الذَّنب والغضبُ
فِي لثْغة الراء منه صِدق نسبته ... والمنُّ منه يزور الوعد والكذبُ
موحدٌ فيرى كلَّ الوجود لَهُ ... مُلكًا ويبطل ما يقضي به الرتبُ
فعن عجائبة حدّث ولا حَرَج ... ما ينقضي فِي المليح المطْلق العجبُ
بدرٌ ولكن هلالًا لاح إذ هو بالـ ... ـوردي من شَفَق الخدَّين منتقبُ
فِي كأس مَبْسَمه من حلو ريقته ... خمرٌ ودُرُّ ثناياه بها حببُ
فلفظه أبدًا سكران يُسمعنا ... من مُعرب اللَّحن ما ينسى له الأدبُ
تجني لواحظه فينا ومنطقه ... جنايةُ يُجتنى من مرّها الضربُ
قد أظهر السّحر فِي أجفانه سقمًا ... البُرْءُ منه إذا ما شاء والعطبُ
حُلْو الأحاديث والألفاظ ساحرها ... تُلقى إذا نطق الألواح والكتبُ
لم يبق منطقه قولا يروق لنا ... لقد شكت ظلمه الأشعار والخطب
فداؤه ما جرى فِي الدّمع من مهج ... وما جرى في سبيل الحبّ محتسبُ
وَيْح المتيَّم شام البرق من أضمٍ ... فهزه كاهتزاز البارق الحربُ
وأسكن البرق من وجدٍ ومن كلفٍ ... فِي قلبه فهو فِي أحشائه لهبُ
فكلّما لاح منه بارقٌ بعثت ... قطْر المدافع من أجفانه سحبُ
وما أعاد نسيمات الغوير لَهُ ... أخبار ذي الأثل إلّا هزّه الطربُ [ص:557]
واهاً له أعرض الأحباب عنه وما ... أجدت رسائله الحُسنى ولا القربُ
ونظَمَ نجم الدّين هذه الأبيات:
لم يقض من حبّكم بعض الَّذِي يجبُ ... قلبٌ مَتَى ما جرى تذكاركم يجبُ
ولي وفّيُّ لرسم الدّار بعدكم دمع ... مَتَى جاد ضنت بالحيا السُّحبُ
أحبابنا والمُنَى تدني مزاركم ... وربما حال من دون المنى الأدبُ
ما رابكم من حياتي بعدَ بعدكم ... وليس لي في حياة بعدكم أربُ
فأطعموني فأحزاني مواصلة ... وحلتم فحلا لي فيكم التعبُ
يا بارقًا ببراق الحُزن لاح لنا ... أأنت أم أسلمت أقمارها النقبُ
ويا نسيمًا سَرَى والعِطْر يَصْحبُهُ ... أجزت حين مشين الخرد العربُ
أقسمت بالمقسمات الزّهر يحجبها ... سُمْر العوالي والهنديّة القُضبُ
لَكِدْتَ تُشبه بَرْقًا من ثغورهم ... يا درَّ دمعي لولا الظلم والشنبُ
وجيرة جار فينا حُكم معتدل ... منهم ولم يعتبوا لكنّهم عتبوا
ما حيلتي قرّبوني من محبّتهم ... وحال دونهم التّقريب والخببُ
ثم عُرِضت القصيدتان عَلَى ابن الفارض، فأنشد مخاطبًا لابن إسرائيل عجز بيت ابن الخَيْميّ:
لقد حكيتَ ولكنْ فاتك الشنبُ
وحكم بالقصيدة لابن الخَيْميّ، واستجود بعض الحاضرين أبيات ابن إسرائيل، وقال: من ينظم مثل هذا ما الحامل لَهُ عَلَى ادّعاء ما لَيْسَ لَهُ؟ فبدر ابن الخَيْميّ وقال: هذه سرقة عادة لا سرقة حاجة. وانفصل المجلس، وسافر ابن إسرائيل لوقته من الدّيار المصرية.
وقد طلب القاضي شمس الدين ابن خَلِّكان، وهو نائب الحكم بالقاهرة، الأبيات من ابن الخَيْميّ، فكتبها لَهُ، وذيّل فِي آخرها أبياتًا، وسأله الحكم أيضًا بينه وبين من ادّعاها. ووصل بها الذَّيل وهو:
والهجر إنْ كَانَ يُرْضيهم بلا سبب ... فإنّه من لذيذ الوصْل محتسبُ
وإنْ هُمُ احتجبوا عنّي فإنّ لهم ... في القلب مشهور حُسْن لَيْسَ يحتجبُ
قد نزه اللُّطْفُ والإشراقُ بهجَتَه ... عَنْ أنْ تمنِّعها الأستارُ والحجبُ
لا ينتهي نظري منهم إلى رُتَبٍ ... فِي الحُسن إلّا ولاحت فوقها رتبُ [ص:558]
وكلّما لاح مَعْنى من جمالهم ... لبّاهُ شوقٍ إلى معناه منتسبُ
أظلُ دهري ولي من حبّهم طربٌ ... ومن أليم اشتياقي نحوهم حربُ
فالقلب يا صاح مني بين ذاك وذا ... قلبٌ كمعروف شمس الدين منتهبُ
إن الحديث شجون فاستمعْ عَجَبًا ... حديث ذا الخبر حُسنًا كلّه عجبُ
بحر محيط بعلم الدّين ذو لَجَج ... أمواجه بذكاء الُحسن تنتهبُ
خليفة الحكم والحكام سائرهم ... دون الخليفة هذا الفخر والحسبُ
ينأى عُلُوًّا ويُدْنيه تواضعه ... والشُمُس للنَّفع تنأى ثم تقتربُ
زاكي الأصول له بيت علا ونمى ... وطاب لا صخبٌ فِيهِ ولا نصبُ
إلَيْهِ ترتفع الأبصار خاشعةً ... مَهيبةً وهو للأحكام منتصبُ
مولاي أوصافك الحُسْنى قد اشتهرت ... فينا تسير بها الأشعار والخطبُ
وما ذكرت غريباً بالثناء عَلَى ... عَلْياك لكنّها العادات والدربُ
وليس لي عادةٌ بالمدح سابقة ... ما كنت قطُّ بهذا الفنّ أكتسبُ
حسْبي قبولٌ وإقبالٌ منحتهما ... منك ابتداؤهما من خير ما تهبُ
وإنّ شعري لا يسوي السّماع بلى ... بالقصْد أعمالنا تُلغى وتحتسبُ
فإنْ أقصّر فجهدي قد بذلتُ لكم ... وباذلُ الجهد قد أدّى الَّذِي يجبُ
وما تجاسر يقضي بالمديح سُدى ... ما من عبيدك إلّا مَن له أدبُ
لكن تفاصيل أبياتي التي سُرقت ... مني هو الإذّن من مولاي والسببُ
وكنت أحجمت إجلالًا فأقدم بي ... أمرٌ مطاعٌ وعفوٌ منك مرتقبُ
وقد أتيتكُ بالأبيات مُلحقَةً ... بأختها لَيبينَ الصِّدْقُ والكذبُ
إذا تنّاسبت الأوصافُ بينهما ... فاحْكُم هُديت بما قد تشهد النِّسبُ
ولي شهودٌ من المولى فراستهُ ... ونور إيمانه والفضلُ والأدبُ
والله إنّي محبٌ فيك معتقدٌ ... محبّتي قُربة من دونها القربُ
وكيف لا وهي تُنشِئ بيننا نَسَبًا ... إنّ المودّة فِي أهل النُّهى نسبُ
لا زلتَ فِي نعمةٍ غرّاءَ سابغةٍ ... تستوجب الفوز في الأخرى وتعتقبُ
ومن شعره وكتب بِهِ إلى والده تقيّ الدّين إلى الصعيد:
دوام الصد صيّرني بعيدًا ... وبعدُ الدّار حسّن لي الصُّدودا [ص:559]
وغيبة من يناسب صيَّرتني ... بحضرة من ينافيني وحيدًا
أظنّ الطَّرف لما غبتُ عَنْهُ ... وقد ذكروا تيمُّمك الصّعيدا
توهّم أن ذاك لفقْد ماءٍ ... فأجرى دمعه بحرًا مديدًا
وحقّك با بخيلًا بالتّلاقي ... لقد علّمت طَرْفي أن يجودا
وإنّي ميتٌ بالبَيْن حيٌ ... لأنّي قد قُتلت به شهيدا
وله من قصيدة:
خُذْ من حديث أنيني المتواتر ... ندب الفؤاد بما تجن ضمائري
وافهم فمبهم مُضْمري قد أعربت ... عَنْهُ إشارات السّقام الظاهرِ
وأعِد حديثَكَ يا عَذُول فإنّ فِي ... أثناء عذْلك ما يسُرّ سرائري
وأمرتني بُسلوِّهِ وبتَرْكه ... حاشاك ما أَنَا طائع يا آمري
رشأ نفورٌ صائد ألبابنا ... وعقولنا فاعجبْ لصيد النافرِ
يدع الدجى صبحا ضياء جبينه ... والصُّبح ليلا بالسناء الباهرِ
واحرَّ أحشائي لشهد بارد ... فِي فِيهِ يحميه بلحظٍ فاترِ
حجز الكَرَى عنّي ونام مًهَنّأ ... فلهذا أحنّ إلى ليالي الحاجرِ
وأحب سَفْكَ دمي فما عارضتُهُ ... فِي ملْكه وأعَنْتُهُ بِمَحَاجِري
ومن شعره أيضًا:
يرى حُسْنها قلبي فإنْ رام وصْفَهُ ... لساني ولو أني لَبيد تبلّدا
جَلَتْ لي غداةَ الْجَزع قدًّا مهفهفاً ... وجيداً غزالياً وخداً موردا
وطرفاً يبث الوجدُ فِي النّاس لحظهُ ... فُنُونًا وكلّ منه في السُّكر عربدا
فكم حزت فيها للخلاعة بيعةً ... وكم زرت فيها للملاحة مشهدا
أَبَى الحبُّ أنْ أنسى عهودًا قديمةً ... على حفظها أعطيت أهل الهوى يدا
وكتب إلى ابنه وقد سافر وما ودَّعه:
أفدي الذي قد سار كاتم سيره ... ضنًّا عليَّ بوقفةِ التّوديعِ
يا مانعي ضمَّ الوداع اسلم ودع ... نار الصبابة كلَّها لضلوعي(15/553)
347 - مُحَمَّد بْن عمّار، الفقيه، شمس الدّين، [المتوفى: 685 هـ]
قاضي التل. وجُبَّة عسّال.
تُوُفّي بالتّلّ فِي رمضان، وهو والد أصحابنا الشهود.(15/560)
348 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد الملك، الخطيب، جمال الدّين، أَبُو البركات الدِّينوري، الصّوفيّ، الشّافعي، [المتوفى: 685 هـ]
خطيب كفْربَطْنا.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وستّمائة بالدِّينور، وقدم مع والده الزاهد القدوة عز الدين من البلاد، وسكن بسفح قاسيون.
واشتغل جمال الدين في صباه بالحديث ونسخ الأجزاء. وسمع من الناصح ابن الحنبلي وأبي عبد الله ابن الزّبيديّ والفخر الإربليّ والضّياء المقدسيّ وطائفة.
وكان شيخا، عالمًا، فاضلًا، مَهيبًا، مليح الشكل، حَسَن الأخلاق، حُلْو المجالسة، محبَّبًا إلى أهل كفْربَطْنا، وله أصحاب ومُحِبْون يعتقدون فِيهِ.
وكان خيِّرًا، حَسَن الدّيانة. أقام فِي خطابة القرية بضعًا وعشرين سنة، وتأهّل، وجاءته الأولاد، ونسخ الكثير بخطّه. وكان حَسَن العقيدة، مُقبلًا عَلَى الأثر والسُّنّة.
سمع منه: الشخ علي المَوْصليّ وابن الخبّاز وابن العطّار والبِرْزاليّ وابن مُسْلِم، وطائفة.
تُوُفّي فِي رجب، وولي الخطابة بعده ولده عزيز الدّين إِبْرَاهِيم، فبقي المؤذّن ينوب عَنْهُ إلى أن بلغ، ثم عزل بكمال الدين ابن خَلَّكان.(15/560)
349 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القادر ابن الصّائغ، عمادُ الدّين، ابن عماد الدّين الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، المعروف بالسَّبْتيّ. [المتوفى: 685 هـ]
كَانَ شابًّا رئيسًا، تُوُفّي فِي شعبان.(15/560)
350 - مُحَمَّد بْن أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أَبِي الفَرَج بْن أَبِي المعالي، ابن الدَّباب، الإِمَام العدْل، الواعظ، جمال الدّين، أَبُو الفضل البغداديّ، البابَصْريّ، الحنبليّ، ويُعرف أيضًا بابن الرّزّاز ولكنّه بابن الدّبّاب أشهر. سُمّي جدُّه بذلك لكونه كَانَ يمشي عَلَى تُؤدة وسْكون. [المتوفى: 685 هـ]
وُلِد جمال الدّين سنة ثلاثٍ وستّمائة فِي صفر. وسمع الكثير. وأجاز لَهُ [ص:561]
خلق. وأوّل سماعه سنة ستّ عشرة، فسمع " المهروانيّات الخمسة " من أَحْمَد بْن صَرْما. وسمع " جزء ابن الطّلاية " من الشيخين ابن أَبِي الجود وعبد السلام بن المبارك البردغولي.
وسمع السّادس والسّابع من " أمالي ابن ناصر " عَلَى عُمَر بْن أبي السّعادات. وسمع " مداراة النّاس " لابن أَبِي الدُّنيا عَلَى ثابت بْن مشرف. وسمع " الغُنْية " عَلَى ابن مُطيع الباجَسْرائيّ. وسمع كتاب " التفكر والاعتبار " من علي بن محمد بن علي ابن السقاء، قال: أخبرنا المبارك بْن أَحْمَد الكندي.
وسمع من الفتح بْن عَبْد السّلام الثاني من " أمالي الوزير ". وسمع من أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن هبة الله بن المكرم " صفة المنافق " و" أمالي طراد ". وسمع من النفيس الزعيمي " الزُهد " لابن فضيل، بسماعة من ابن غبرة. وسمع من ابن صَرمًا أيضًا " جزء أَبِي بَكْر الصَّيْدلانيّ " والتاسع من " فضائل الصحابة " للدّارقُطْني، والثّالث من " الحربيّات ". والأوّل من " صحيح الدّارقُطْني " و" جزء ابن شاهين " والثالث من " البرّ والصِّلَة " وثلاثة " مجالس الخلدي " بسماعة للجميع من الأرْمَويّ.
وسمع من أَبِي الفتح عَبْد الملك بْن أَبِي الفتح الدّلال " جزء ابن هزارمرد الصَّريفيني " سنة ثمان عشرة، قال: أخبرنا المبارك بن علي السمذي، قال: حدثنا الصَّريفينيّ.
قَالَ أَبُو العلاء الفَرَضيّ فِي حقّ شيخه ابن الدّباب: ثقة، فاضل، صحيح السماع. وسمع منه هو وجمال الدين أحمد ابن القلانسي المحدث وكمال الدين عبد الرزاق ابن الفوطي، وجماعة.
وقد وعظ فِي شيبته، وأجاز لطائفةٍ من أهل دمشق منهم علم الدّين البِرْزاليّ. وتُوُفّي لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة خمسٍ ودفن بمقبرة الشُّونيزي.(15/560)
351 - مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي منصور بْن أبي الفتح، الرئيس فخر الدين ابن الإمام جمال الدين ابن الصيرفي، الحرّاني، الحنبليّ. [المتوفى: 685 هـ]
سَمِعَ حضورًا من عُمَر بْن كرم. وسمع من ابن روُزبة وأبي الْحَسَن القَطِيعيّ وأبي إِسْحَاق الكاشغرّي، وجماعة.
وكان حفظة للحكايات والشعر والأخبار، حُلْو المجالسة. توكّل للأمير عَلَم الدّين سَنْجر أمير جَنْدار. وكان [ص:562]
ملازمًا للافتخار الحرّانيّ، ثمّ لولده ناصر الدّين الوالي. وكان حَسَن البِزّة، ظريف الشكْل.
سَمِعَ منه: المِزيّ والبِرْزاليّ، وجماعة. وأجاز لي مَرْويّاته، ولم يكن بالمكثر.(15/561)
352 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بن علي، ابن المهدوي، المحدث، موفق الدين العثماني، ثم الديباجي، خطيب المَنْشِيّة. [المتوفى: 685 هـ]
سَمِعَ من ابن المقيّر، وجماعة. ومات فِي شوال.(15/562)
353 - مظفَّر بْن مُحَمَّد بْن أبي الفضل، أبو نصر ابن قُصيبات السُّلمي، الدّمشقي. [المتوفى: 685 هـ]
تُوُفّي فِي ذي القعدة، وكان ممن روى الحديث عَنْ: عُمَر بْن كرم وابن صباح، والنّاصح ابن الحنبليّ، وكان عدْلًا كبيرًا، ديّنًا. سَمِعَ منه الجماعة، وعاش ستًّا وسبعين سنة.
لَقَبُه شَرَفُ الدين.(15/562)
354 - مظفَّر بن أبي بكر الجوسقي الحنبلي مدرس البشيرية، أبو الميامن. [المتوفى: 685 هـ]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.(15/562)
355 - منصور بْن عُقبة بْن منصور، أَبُو المظفَّر الشيبانيّ، قاضي هِيت. [المتوفى: 685 هـ]
شاعر فصيح، حدّث عن أبي طالب ابن القُبّيطي وغيره. ومات في جمادى الآخرة.(15/562)
356 - هديّة بِنْت عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه الأبْهريّ، أمّ التقيّ. [المتوفى: 685 هـ]
توفيت فِي جمادى الآخرة عَنْ أربعٍ وسبعين سنة.(15/562)
357 - وجيه الدين البهنسي. [المتوفى: 685 هـ]
الذي ولي شطر قضاء الدّيار المصرية، ثمّ عُزل بابن الخُويي، كان من كبار الأئمة في الفقه، معدودا من الأذكياء. توفي في جمادى الآخرة.(15/563)
358 - يعقوب بْن عَبْد الحق، أَبُو يوسف المَرِينيّ، سلطان المغرب وسيّد آل مرين. [المتوفى: 685 هـ]
كَانَ ملكًا شجاعًا، مقدامًا، مَهِيبًا. خرج عَلَى الواثق الملقّب بأبي دبّوس، فالتقاه بظاهر مُرّاكِش، فقُتل أَبُو دبّوس وتملّك هذا فِي أوّل سنة ثمانٍ وستين، وزالت بدولته دولة الموحدين. وقد دخل الأندلس، وتملك الجزيرة الخضراء، واتّسعت ممالكه، وخافتْه الملوك.
مات فِي المحرّم سنة خمسٍ هذه.(15/563)
359 - يوسف بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، الإِمَام، الفاضل، الصّالح، مجد الدين، أبو الفضائل ابن المهتار الْمَصْرِيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الكاتب، المجوّد، المحدّث، القارئ بدار الحديث الأشرفيّة. [المتوفى: 685 هـ]
وُلِد فِي حدود سنة عشرٍ وستّمائة. وسمع من ابن صباح وابن الزُّبَيْديّ والفخر الإربلي وابن اللتي وجعفر الهمداني وابن المُقيّر وابن باسوَيْه ومُكرم بْن أَبِي الصَّقْر، وطائفة. وقرأ، وكتب الأجزاء والطّباق. وشارك في العلم، وتوحد في كتاب الخطّ الفائق، وعلّم بِهِ دهرًا. وولي فِي الآخر مشيخة الدار النورية.
وكان إمام المسجد داخل باب الفراديس. وكان ذا دين وورعٍ تام وصلاح، كف بصرُه قبل موته بقليل.
سَمِعَ منه: ابن العطّار وابن الخبّاز وابن أَبِي الفتح والمِزّيّ، وطائفة سواهم. وأجاز لي مَرْوياته.
تُوُفّي فِي تاسع ذي القعدة، وله بضعٌ وسبعون [ص:564]
سنة.(15/563)
360 - يوسف بْن يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن عَليّ بن عَبْد العزيز بن عليّ بن الحُسَيْن بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم، الإِمَام، الفقيه، قاضي القضاة، بهاء الدّين أَبُو الفضل ابن قاضي القضاة محيي الدّين أبي المفضل ابن قاضي القضاة محيي الدِّين أَبِي المعالي ابن قاضي القضاة زكيّ الدّين ابن قاضي القضاة منتجب الدّين القُرَشيّ الدّمشقيّ، الشافعيّ، الزَّكويّ. [المتوفى: 685 هـ]
ولد في ذي الحجة سنة أربعين وستمائة، وكان جليلًا، نبيلًا، جسيمًا وسيمًا، ذكيًّا، سريًّا، كامل الرياسة، وافر العلم، بارعًا فِي أصول الفقه، بصيراً بالفقه، فصيحًا، مفوَّهاً، حلالًا للمشكلات، غوّاصًا عَلَى المعاني.
سريع الحفظ، قويّ المناظرة. قِيلَ: إنّه كَانَ يحفظ الورقتين والثلاثة للدرس من نظرةٍ واحدة، ويورد الدّرس فِي غاية الجزالة، وكان يذكر في اليوم عدة دورس. وقد سَمِعَ بمصر من عَبْد الوهّاب بْن رواج وابن الْجُمَّيْزيّ، وبدمشق من إِبْرَاهِيم بْن خليل، وجماعة.
وكان أديبًا إخباريًا كثير المحفوظ، علامة. وكان كريم النفس، كثير المحاسن، مليح الفتاوى. أخذ العلوم العقليّة عَنِ القاضي كمال الدين عمر التَّفليسي. وأخذ عَنْ أبِيهِ. وكان أفضل من أبيه بكثير. وهو ذكي بيت الزّكيّ. وقد مدحه غيرُ واحدٍ من الشعراء، وأخذوا جوائزه، سمع منه عَلَمُ الدّين وجماعة.
وقد رَأَيْته، وكان من أحسن الناس شكلاً. مرض مدة. وتُوُفِّي إِلَى رحمة اللَّه فِي حادى عشر ذي الحجَّة، وله خمسٌ وأربعون سنة. وقد ولي القضاء بعد ابن الصّائغ سنة اثنتين وثمانين وإلى أن مات، وولي بعده ابن الخويي.(15/564)
361 - أَبُو البركات بْن أَحْمَد بْن أبي البركات الحربي الحنبليّ، عُرف بابن الإسكاف، [المتوفى: 685 هـ]
قيّم ضريح الإِمَام أحمد. [ص:565]
أجاز له عبد الوهاب ابن سُكَيْنَة وجماعة، وحدث.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة.(15/564)
362 - أَبُو بَكْر بْن حياة بْن أَبِي بَكْر ابن الشيخ الكبير حياة بن قيس، الحرّانيّ، [المتوفى: 685 هـ]
نزيل رأس عين.
شيخ، صالح، عارف، زاهد، مشهور. حج سنة اثنتين وثمانين، وروى بدمشق عن عيسى الخياط والمرجى بن شقيرة.
توفي برأس عين في ذي القعدة كهلاً.(15/565)
-وفيها وُلد:
فخر الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد ابن الفخر الحنبلي، وأمين الدين عَبْد الرَّحْمَن سبْط الأبْهريّ، وناصر الدّين مُحَمَّد بن محمد بن يوسف بن أفتكين، وشمس الدين محمد ابن الشيخ إبراهيم الكردي.
ومات:(15/565)
363 - شيخ الطّبّ ابن القفّ النَّصْرانيّ [المتوفى: 685 هـ]
بدمشق.(15/565)
-سنة ست وثمانين وستمائة(15/566)
364 - أحمد بن إبراهيم بن حسن بن إبراهيم، القرشي، الأموي، البهنسي، المفتي، الفقيه، عَلَمُ الدّين القِمّنيّ، الضّرير. [المتوفى: 686 هـ]
تُوُفّي بالقاهرة فِي جمادى الأولى، وُلِد سنة عشرين. وروى عَنْ ابن الْجُمَّيْزيّ وغيره، وأعاد بالظّاهرية بالقاهرة، وكانوا يكتبون عنه في الفتوى.(15/566)
365 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، الشّيْخ شَرَفُ الدّين الْجَزَريّ، التّاجر السّفّار، المعروف بابن الصُّهيبي. [المتوفى: 686 هـ]
دخل الهند والبلاد النّائية. ذكره صاحبنا شمس الدين الجزري في " تاريخه "، فقال: أخبرنا شَرَفُ الدّين ابن الصُّهَيْبيّ سنة أربعٍ وثمانين قَالَ: حَدَّثَني النجيب الشّهرابانيّ سنة ثمانٍ وستّين وستمائة بجزيرة كيش، قال: حدثنا الزاهد علي الكفتي سنة أربعين، قال: حدثنا المعمَّر عَبْد الأحد السَّمّرْقَنْديّ، قَالَ: اجتمعت برتَن بْن معمَّر بسرنديب فقال لي: كنت صغيرًا مَعَ أَبِي عِنْدِ رَسُول اللَّه صَلّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلّمَ في حفر الخندق، فمسح رأسي ودعا لي بطول العُمُر، وذكر حديثًا.
قلت: إنّما ذكرت هذا للفرجة، وإلّا فهذا النَّمط أقْل من أن يعدّه الحفّاظ فِي الموضوعات، بل إذا سمعوا من يذاكر بِهِ تعجبوا وقالوا: (ويخلق ما لا تعلمون). هذه عجيبة من عجائب بحر الهند.(15/566)
366 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد السّلام، السَّفاقسي، ثم الإسكندراني، نجيب الدين أبو علي ابن الشّيْخ شَرَف الدّين ابن المَقْدِسيّة. [المتوفى: 686 هـ]
سَمِعَ الكثير من خال والده الحافظ أَبِي الْحَسَن المقدسيّ وابن عماد، وجماعة من أصحاب السِّلفي.
قَالَ عَلَمُ الدّين البِرْزاليّ: لم أرَ بالثّغر أكثر حديثًا منه، إلا أنّه ثقُل سَمْعُه، فعسُر السّماع منه.
قلت: روى عَنْهُ البِرْزاليّ والمِزّيّ وسائر الرحّالة، ولم يدركه [ص:567]
الفرضي، ولا أعلم متى توفي إلا أنه كَانَ حيًّا فِي هذا الوقت.
مولده سنة خمسٍ وستّمائة بالإسكندرية، وأبوه آخر من روى عَنِ السَّلَفيّ حضورًا.(15/566)
367 - أَحْمَد بْن يوسف بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعد بْن أَبِي عُصْرُون، القاضي الأَجَلٌ محيي الدّين. [المتوفى: 686 هـ]
روى عَنْ الرشيد ابن مسلمة. ومات في رمضان بدمشق.(15/567)
368 - إبراهيم ابن الإِمَام عزّ الدّين عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد السَّلَام، شمسُ الدّين أَبُو إِسْحَاق السُّلمي، الدّمشقيّ [المتوفى: 686 هـ]
خطيب جامع العُقَيْبة.
كَانَ يتكلّم بكلامٍ مسجوع كسجع الكُهّان، ويزعم أنّه يُلقى إلَيْهِ من الجنّ. وتعانى الوعظ، فكان فِيهِ مُنْحَطّ الرُتْبة، فتألّم أبوه لذلك، فترك الوعظ.
تُوُفّي فِي ربيع الأول، رحمه الله. وفي الجملة كَانَ متزهّدًا، يلبس ثيابًا قصارًا، ويبكي فِي الخطبة، وفيه سلامة باطن.
وُلِد سنة إحدى عشرة وستّمائة أَو بعدها، وحدّث عَنْ: أَبِي مُحَمَّد ابن البنّ وزين الأُمناء وابن صباح وابن اللّتّيّ. أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ والمِزّيّ وجماعة، وقد رَأَيْته يخطب.(15/567)
369 - إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، الإِمَام المفتي شهابُ الدين المصري، الشافعي، [المتوفى: 686 هـ]
قاضي الحكر بظاهر القاهرة.
توفي في جمادى الأولى.(15/567)
370 - إسرائيل بْن إِبْرَاهِيم بْن طَالِب، المِزّيّ. [المتوفى: 686 هـ]
عاش نيفًا وثمانين سنة. وحدّث عَنْ أَبِي البركات عمر ابن البراذعي. حدثنا عنه أبو الحسن ابن العطّار. وسمع منه البِرْزاليّ وغير واحد.(15/567)
371 - إسرائيل بن عبد العزيز بن أحمد [المتوفى: 686 هـ]
ابن خطيب بيت الأبار.
حدّث عَنْ الفَخْر الإربليّ، أخذ عنه ابن مسلم والبرزالي وابن [ص:568]
الخبّاز.
مات فِي أثناء السّنة، وهو أخو خطيب أرزُونا.(15/567)
372 - أيّوب بْن أَبِي بَكْر بْن خُطْلُبا، نجمُ الدّين التَّبنيني، ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 686 هـ]
حدّث عَنْ: ابن اللّتّيّ، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وغيره. ومات في جمادى الآخرة.(15/568)
373 - باجو، الأمير الكبير، رُكنُ الدّين. [المتوفى: 686 هـ]
من مشاهير الأمراء. توفي بغزة، وصلّي عليه بدمشق بالنّية. مات في رمضان، وكان حاجبا مهيبا.(15/568)
374 - باشقرد، الأمير عَلَمُ الدّين الصّالحيّ. [المتوفى: 686 هـ]
تُوُفّي بالقاهرة فِي رمضان.(15/568)
375 - البديع السّاعاتيّ. [المتوفى: 686 هـ]
الَّذِي عمل ساعات القيمرية.
مات بالبيمارستان.(15/568)
376 - بكْتي، الأمير سيفُ الدّين الخوارزميّ. [المتوفى: 686 هـ]
من قدماء الأمراء. وداره هِيّ التي يسكنها بلَبان التّتَريّ. رأيته، وكان شيخاً مهيباً، تركياً.(15/568)
377 - بيليك، الأمير الكبير، بدرُ الدّين الأيدمريّ. [المتوفى: 686 هـ]
من كبراء المصريّين، وأظّنه من الأمراء الصّالحيّة. رَأَيْته حاملّ الجتْر عَلَى رأس السّلطان الملك المنصور يوم عبوره.
قيّد موته الملك المؤيَّد.(15/568)
378 - الخضِر بْن الْحَسَن بْن علي، قاضي القضاة، برهانُ الدّين السّنْجاريّ، الزّرزاريّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 686 هـ]
وُلِد سنة ست عشرة وستمائة، ولي قضاء مصر في الدولة الصالحية فيما [ص:569]
قيل؛ إذ أخوه بدر الدين قاض عَلَى القاهرة، وبقي عَلَى ذَلِكَ إلى أيّام الملك الظاهر، فعمل الوزير بهاء الدين ابن حنى عَلَيْهِ حتّى عُزِل وحُبس وضُرب، فبقي معزولًا فقيراً ليس بيده سوى المدرسة المعزِّية.
فلما مات ابن حنى سنة سبعٍ وسبعين سيّر لَهُ الملك السعيد تقليداً بالوزارة، فأحسن إلى آل ابن حنى ولم يؤذهم. وبقي فِي الوزارة إلى أن تولى الأمير عَلَمُ الدّين الشُّجاعيّ شدَّ الدّواوين، فسعى فِي عزله وضربه.
وبقي معزولًا إلى أن مات نجم الدّين ابن الأصفونيّ الوزير، فأعيد إلى الوزارة وبقي مدّة، ثمّ سعى فِيهِ الشُّجاعيّ أيضًا وآذاه. ولمّا تُوُفّي القاضي بهاء الدّين ابن الزّكيّ بدمشق ذكروه لقضاء الشام، ثمّ زووه عَنْهُ إلى ابن الخُويي. ثم ولوه قضاء القضاة بالديار المصرية، فبقي عشرين يومًا. ومات. فيقال: إنّه سُمَّ.
وكان لا بأس بسيرته، وفيه مروءة وقضاء لحوائج النّاس. وقد روى جزءًا عَنْ عَبْد الله ابن اللمط. سَمِعَ منه البِرْزاليّ والمصرّيون.
قَالَ البِرْزاليّ: وُلّي القضاء نحوًا من عشرين يومًا، انقطع منها عشرة أيّام. ومات فِي تاسع صفر. وولي بعده ليومه قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بِنْت الأعزّ.
وذكره بعض الأئمّة، فقال: كَانَ عنده مشاركة فِي شيء من الفقه فقط.(15/568)
379 - زينب بِنْت الشّيْخ موفَّق الدّين عَبْد اللّطيف بن يوسف الطبيب اللغوي. [المتوفى: 686 هـ]
تروي عَنْ أبيها، حدّثت بالقاهرة، وبها ماتت فِي الثاني والعشرين من شعبان.
أخذ عَنْهَا البِرْزاليّ والفخر ابن الظّاهريّ وابن سيّد النّاس، [ص:570]
، وجماعة سواهم.(15/569)
380 - زينب بنت محمد بن عبد الله بن عزاز. [المتوفى: 686 هـ]
روت عن جعفر الهمداني بمصر. وماتت في جمادى الآخرة.(15/570)
381 - ستُّ الدار بِنْت العلامة مجد الدّين أَبِي البركات عَبْد السلام بْن تيميّة. [المتوفى: 686 هـ]
تُوُفّيت بدمشق. وحدّثت عَنْ ابن رُوزبة وعبد اللّطيف بْن يوسف. وماتت فِي عَشْر السّبعين.
روى عَنْهَا ابنا أخيها شيخنا أَبُو الْعَبَّاس وأخوه أَبُو مُحَمَّد، والبرزالي، وقاضي القضاة ابن مُسْلِم، وجماعة.
تُوُفّيت فِي أوّل ربيع الآخر.(15/570)
382 - سليمان بن بُليمان بن أبي الجيش بْن عَبْد الجبار بْن بليمان، الأديب شَرَفُ الدين أبو الربيع الهمذاني، ثم الإربليّ، الشاعر المشهور. [المتوفى: 686 هـ]
شاعر محسن، سائر القَول، لَهُ نوادر وزوائد ومُزاح حُلْو. وكان أَبُوه صائغًا. وهو صائغ، وله أجوبة مُسْكِتة.
ذكره أبو البركات ابن المستوفي فِي " تاريخه "، فقال: أنشدني لنفسه:
اشرب فشُربك هذا اليوم تحليلُ ... وانف الهموم فقد وافاك أيلولُ
أما ترى الشمس وسط الكاس طالعةُ ... منيرةً ونطاق البدر محلولُ
والأرض قد كسيت بالغيث حلّتها ... وناظر الروض بالأزهار مكحول
ولابن بليمان يهجو الشهاب التّلّعْفَريّ إذ قامر بثيابه حتى بخفافه، أنشدها للملك النّاصر:
يا مليكًا فاقَ الأنامَ جميعًا ... منه جُودٌ كالعارض الوَكّافِ
والّذي راشَ بالعطايا جناحي ... وتلافى بعد الإله تلافي
ما رأينا ولا سمِعْنا بشيخ ... قبل هذا مُقامرٍ بالخِفافِ
وبها كم يُدقّ فِي كلّ يومٍ ... فِي قفاه والرأس والأكتاف
أسود الوجه أبيض الشعر في لو ... ن سُحيم وقبحه وخُفافِ [ص:571]
يدعي نسبة إلى آل شيبا ... ن وتلك القبائل الأشراف
وهم يُنكرون ما يدعيه ... فهو والقوم دائمًا فِي خلاف
مثل نجد لو استطاعت لقالت ... لَيْسَ هذا الدعيُّ من أكنافي
فابسط العُذْر فِي هجاء رقيعٍ ... عادلٍ عَنْ طرائق الإنصاف
تُوُفّي الشَّرف بْن بليمان فِي عاشر شهر صفر بدمشق، وله تسعون سنة أو أزيد.(15/570)
383 - سَنْجَر، الأمير الكبير علمُ الدين الصالحي، الدُّويدار. [المتوفى: 686 هـ]
من أعيان الأمراء المصريّين. وهو أستاذ الأمير الكبير كُجك المنصوريّ. توفي بالقاهرة في ربيع الأول.(15/571)
384 - شاهَلْتي بِنْت مُحَمَّد بْن عُثْمَان، أمّ شيخنا عماد الدين محمد ابن البالِسِيّ. [المتوفى: 686 هـ]
روت عَنْ كريمة القُرَشيّة. وماتت فِي جمادى الأولى.
كتب عنها البرزالي وغيره.(15/571)
385 - صواب الطُّواشي، المعروف بعطاء اللَّه. [المتوفى: 686 هـ]
حدّث بالقاهرة عن سبط السِّلفي.(15/571)
386 - عبد الله بن أبي محمد ابن الفُقاعيّ، الشّيْخ صفيُّ الدّين المقرئ، الحنفيّ، [المتوفى: 686 هـ]
إمام محراب الحنفيّة بالجامع.
كَانَ من أطيب النّاس صوتاً بالقرآن، ولد سنة ثلاث عشرة، وحدّث عَنْ ابن اللّتّي وغيره. ومات فِي المحرم.(15/571)
387 - عبد الحميد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الحميد بْن أَبِي طاهر، الأسَديّ، الأبهريّ، الصّدر نجم الدّين الحاسب، [المتوفى: 686 هـ]
كاتب الجيش.
حُوسب ونوقش، فخرج ليتوضّأ فنحر نفسه بالقُرب من مخيّم أروق.(15/571)
388 - عَبْد الرَّحْمَن بْن حسن بْن يَحْيَى، الوجيه القَيسيّ، السَّبتي، المحدّث، الرّحّال، أَبُو القاسم، [المتوفى: 686 هـ]
نزيل دمشق.
كَانَ أحد من عُنِي بالحديث، وكتْبه وسماعه والإكثار منه. فلم يشتغل بغيره إلّا ما كَانَ من العشرة واللّعب فِي غضون ذَلِكَ.
قدم الإسكندرية فِي سنة خمسٍ وستّين، فسمع بها من أصحاب ابن موقى وغيره. وسمع بالقاهرة من النّجيب الحَرّانيّ وابن عَزُون والطّبقة، وسمع بدمشق من ابن عَبْد الدّائم وأصحاب الخُشُوعيّ، ثم أصحاب ابن طَبَرْزَد والكندي فمَن بعدهم.
وكتب العالي والنّازل، وحصّل الأصول ونسخ الكثير، ولم يزل يقرأ إلى أن مات.
وما حدَّث، ووقف أجزاءه بدار الحديث النّوريّة. وسمع خلْق كثير بقراءته. وكان له دربة بالقراءة. ولم يكن فصيحاً، وكان فيه مُزاح وانبساط. وله صولةٌ عَلَى الصِّبيان وحِرْص عَلَى تسميعهم.
تُوُفّي فِي سابع جمادى الأولى كهلًا، ودفُن بمقبرة باب الصّغير.(15/572)
389 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي عَلِيّ بْن سيما، تقيّ الدّين الحمويّ، [المتوفى: 686 هـ]
إمام الجامع الأسفل بحماة.
شيخ معمَّر، روى عَنْ أَبِي القاسم بْن رواحة، وعاش تسعين سنة.(15/572)
390 - عَبْد الرحيم بْن دَاوُد بْن فارس، أبو محمد المنبجي، [المتوفى: 686 هـ]
خطيب المِزّة.
سَمِعَ " الصحيح " من ابن رُوزبَة. ومات فِي صفر، وكان شيخًا مباركًا، حَسَن الخطابة.(15/572)
391 - عَبْد الصمد بْن عَبْد الوهّاب ابن زين الأُمناء أبي البركات الْحَسَن بْن مُحَمَّد ابن عساكر، الإمام الزاهد، المحدث، أمينُ الدّين، أَبُو اليُمْن الدّمشقيّ، الشافعي، [المتوفى: 686 هـ]
نزيل الحرم.
سَمِعَ من جدّه، ومن: الشّيْخ الموفَّق وأبي محمد ابن البُنّ وأبي القاسم بْن صَصْرى، وأبي عَبْد الله ابن الزبيدي وابن غسان والقاضي أبي نصر ابن الشيرازي، وجماعة. وأجاز له: المؤيِّد الطُّوسيّ وأبو رَوْح الهَرَويّ، وطائفة. وحدث بالحرمين بأشياء.
وكان ثقة عالمًا، فاضلًا، جيّد المشاركة فِي العلوم، بديع النَّظم، [ص:573]
صاحب دين وعبادة وإخلاص، وكلّ من يعرفه يُثْني عَلَيْهِ ويصفه بالدين والزُّهد، ومن شعره:
عسى الأيام أن تُدْني الدّيارا ... بمن أهوى وقد شطّوا مزارا
ويصبح شمل أحبابي جميعًا ... وآخذ منهم بالقرب ثارا
وتمسي جيرة العلمين أهلي ... ودارهم لنا يا سعد دارا
وبي الرشا الذي ما صد إلا ... ليبلو فِي الهوى منّي اصطبارا
كلفت بِهِ من الأعراب ما إن ... أدار لثامه إلّا عذارا
يروع الأسد في فتكات لحظ ... ويحكي ظبية الوادي نفارا
روى عنه: أبو الحسن ابن العطّار والشيخ عَلَى الواسطيّ الزّاهد، وعلاء الدّين بْن قرناص، وجماعة. وكتب إليَّ بمَرْوِيّاته سنة ثلاثٍ وسبعين.
أنشدنا لَهُ ابن قرناص:
يا نزولا بين سلع وقبا ... جئتكم أسعى عَلَى شُقّة بَيْنِ
ونعم والله آتي زائرا ... لمغانيكم على رأسي وعيني
إن من أم حماكم آملًا ... راح بالمأمول مملوء اليدين
فاشفعوا لي قد تشفّعت بكم ... بوصالٍ واتّصالٍ دائمين
ومن شعره:
يا جيرتي بين الحُجون إلى الصَّفا ... شوقي إليكم مجملٌ ومفصّلُ
أهوى دياركم ولي بربُوعها ... وجدٌ يثبّطُني وعهدٌ أوَّلُ
ويزيدني فيها العذول صبابةً ... فيظلّ يُغريني إذا ما يعذلُ
ويقول لي لو قد تبدّلت الهوى ... فأقول قد عز الغداة تبدُّلُ
بالله قل لي كيف تُحسن سَلْوتي ... عَنْهُمْ وحُسْن تصبُّري هَلْ يجملُ
يا أهل ودّي بالمحصّب دعوة ... من نازحٍ بلقاكم يتعلَّلُ
وُلِد يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأوّل سنة أربع عشرة وستّمائة. وتُوُفّي فِي جمادى الأولى فِي وسطه، وقيل: فِي مُسْتَهَلّه.
وكان شيخ الحجاز في وقته، [ص:574]
رحمه الله، وله تواليف فِي الحديث تدلّ عَلَى حفظه ومعرفته بالأسانيد واعتنائه بعلم الآثار.(15/572)
392 - عَبْد العزيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المؤيَّد بْن علي، أَبُو مُحَمَّد الهمذاني، ثمّ الْمَصْرِيّ، [المتوفى: 686 هـ]
ابن عمّ شيخنا الأبرقُوهي.
حدّث عَنْ: عَبْد العزيز بْن باقا والقاضي زين الدِّين عَلِيّ بْن يُوسُف الدّمشقيّ وغيرهما.
كتب عنه البرزالي وقطب الدين، والجماعة. توفي فِي شوّال.(15/574)
393 - عَبْد العزيز بْن عَبْد المنعم بْن عَلِيّ بْن الصَّيقل، عزّ الدّين، أَبُو العِزّ الحرّانيّ، [المتوفى: 686 هـ]
مُسند الدّيار المصرية بعد أخيه.
روى عَنْ يوسف بْن كامل، وضياء بْن الخريف، وأبي الفرج محمد بن هبة الله الوكيل، وأبي حامد بن جوالق، وسعيد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطاف، وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه، وعُمَر بن طَبرزَد، وأحمد بن الحَسَن العاقُوليّ، وسليمان الموصلي، وعبد العزيز ابن الأخضر، وعزيزة بنت الطراح، وعبد القادر الرهاوي، وجماعة.
وبالإجازة عَنِ ابن كُليب، وتفرّد فِي وقته ورُحل إلَيْهِ. وكان من التّجّار المعروفين كأخيه، ثمّ افتقر.
روى عَنْهُ ابن الخبّاز، والدّمياطيّ، وأبو عَبْد اللَّه الزّرّاد، وأبو مُحَمَّد الحارثيّ، وأبو الحَجّاج المِزّيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد الكريم، وأبو حيّان النَّحوي، وأبو عمرو ابن الظاهري، وأبو الفتح ابن سيّد النّاس، وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ، وخلْق من الشباب والفُضَلاء.
وخرج لَهُ شيخنا ابن الظاهريّ " مشيخة ". وأجاز لَهُ أيضًا: أَبُو طاهر المبارك ابن المعطوش، والإمام جمال الدّين ابن الجوزيّ، وعفيفة الفارفانية، وكان هُوَ وأخوه النّجيب تاجرين للخليفة. وكان أبوهما فقيهاً، عارفاً بمذهب أَحْمَد، واعظًا مشهورًا. تُوُفّي سنة إحدى وستّمائة.
وكان العز الحراني شيخاً مطبوعاً، حسن المحاظرة، إلا أنه كان كثير [ص:575]
الخسف. تُوُفّي فِي رابع عشر رجب بمصر. ودُفن بالقرافة الصُّغرى، وهو اكبر شيخ لقيه المِزيّ والبرزالي وابن سامة فِي رحلتهم. وكثير من أسمعته من المذكورين فِي السنة الخامسة.
قَالَ الدّمياطيّ: وُلِد بَحرّان سنة أربعٍ وتسعين وخمسمائة، وقد حدّث فِي سنة تسعٍ وثلاثين مَعَ أخيه بالمطر لابن دريد. وسمع منهما: النجيب ابن شقيشقة وابن الجوهري والضِّياء البالِسيّ، والكبار.(15/574)
394 - عَبْد الغنيّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الْحَسَن، أَبُو مُحَمَّد الصَّعْبيّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 686 هـ]
حدّث عَنْ: ابن باقا والعلم ابن الصّابونيّ، روى عَنْهُ البِرْزاليّ وابن سيّد النّاس، وجماعة. تُوُفّي فِي جمادى الآخرة.(15/575)
395 - عَبْد القُدّوس بْن إِبْرَاهِيم بْن يَحْيَى، الشَّقْراوي، الحنبليّ. [المتوفى: 686 هـ]
تُوُفّي بقاسيون فِي جمادى الأولى، وهو أخو شيخنا نجم الدين. سمع من كريمة والضياء، وحدّث.(15/575)
396 - عَبْد المحسن بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد الكريم وجيه الدّين المخزومي، المعروف بابن السلم المصري. [المتوفى: 686 هـ]
حدّث عن: أحمد بن محمد ابن الجبّاب. ومات في ذي الحجة.(15/575)
397 - عُثْمَان بْن عَلِيّ بْن عُثْمَان، فخر الدّين الكاشي. [المتوفى: 686 هـ]
تُوُفّي بالقاهرة، سَمِعَ: ابن اللّتّيّ وغيره. ومات فِي جمادى الآخرة. وكان أبُوهُ قاضيًا بالكَرَك.(15/575)
398 - عَلِيّ بْن زكريّا، المقرئ، العالم، جمال الدّين أَبُو الْحَسَن المنبجيِّ، الحنفيّ، الفقيه. [المتوفى: 686 هـ]
روى عَنْ يوسف بْن خليل، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وغيره، وهو أخو الشيخ يحيى المنبجي الملقّن.
وتوفي بالقدس فِي رمضان.(15/575)
399 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة بْن علي، ابن الحُبُوبيّ، شهاب الدّين، أَبُو الحسن الثعلبي، الدّمشقيّ، الشّاهد. [المتوفى: 686 هـ]
من بيت عدالة ورواية. حدّث عن أبي القاسم ابن الحرستاني وأبي المنجى ابن اللتي. وأجاز له: المؤَّيد الطوسي وأبو روح وأبو اليمن الكندي وأبو محمد ابن الأخضر، وعبد القادر الرّهاويّ. كتب عَنْهُ ابن الخبّاز والوجيه السبتي، وجماعة.
وسألت أَبَا مُحَمَّد البِرْزاليّ فضعّفه فِي الشهادة دون الرواية، وقال: جريء إلى الغاية، ويختلق ويُنْشئ المكاتيب. وبلغني أنّه غسل لَهُ مرّةً أربعة كُتب جملة بالعادليّة، وأُهين بحضرة القاضي التَّفليسي.
قلت: ثم انصلح أمره بعد ذَلِكَ قليلًا. ومات فِي رجب، وله اثنتان وثمانون سنة. وهو أخو المحتسب تاج الدّين يَحْيَى، ووالد شيخنا إِبْرَاهِيم بْن عليّ.(15/576)
400 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن عفيف، أَبُو الْحَسَن، ضياء الدّين، الخَزْرجيّ، الغَرْناطيّ، الشاعر، الصّوفيّ. [المتوفى: 686 هـ]
انتسب إلى سعد بْن عُبادة، وقال الشِعر الفائق. أقام بالإسكندرية، وكان مشهورًا بالزُّهد إلّا أنّ لَهُ شِعرًا يشبه شعر ابن العربي ولم أتحقق أمره، وله مدائح مونقة في النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد أضرَّ وزمن وعُمّر دهراً.
وروى عَنْهُ من شِعره: الدّمياطيّ والبِرْزاليّ. وتُوُفّي فِي ربيع الآخر عَنِ اثنتين وتسعين سنة. وهو مشهور بالخزرجيّ.
سَمِعَ من ابن حوط اللَّه وجعفر الهمداني.(15/576)
401 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن بركات، الشيخ بديع الدين الأنصاري، المصري، [المتوفى: 686 هـ]
شيخ الإقراء بالخليل.
كَانَ عارفًا بالقراءات والعربيّة، قرأ عَلَى الكمال الضرير العباسي. وروى بالإجازة عَنِ: ابن رواج وابن الْجُمَّيزيّ، وعاش ثمانيًا وأربعين سنة. وتُوُفّي فِي رمضان، وولي مشيخة الخليل بعده البُرهان الْجَعْبريّ.(15/576)
402 - عُمَر بن المغزل، [المتوفى: 686 هـ]
أخو زينب بِنْت شكر. [ص:577]
روى عَنِ ابن اللّتّيّ وكان فقيرًا وهو أخو الجمال المغزل.(15/576)
403 - عيسى بن سالم، العدل، شرف الدين ابن السّقْلاطونيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 686 هـ]
روى عَنْ السَّخاوي، كتب عَنْهُ عَلَمُ الدِّين وغيره.
ومات فِي ذي القعدة.(15/577)
404 - عيسى بْن عَبْد الحميد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن ماضي، الشّيْخ مجد الدّين المقدسي، الحنبلي، [المتوفى: 686 هـ]
نزيل بغداد.
روى عَنْ مُوسَى ابن الشّيْخ عَبْد القادر، والشيخ الموفَّق وسمع ببغداد من ابن رُوزبَة وابن اللّتّي وابن القُبَّيْطيّ.
توفي ببغداد فِي ربيع الأول وقد قارب الثمانين.
أخذ عنه: الفرضي وابن سامة وطائفة، وكان فقيه مكتب، فيه دين وتقوى. وله عدة إخوة.(15/577)
405 - فضائل بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الفضل، الشّيْخ رضيُّ الدين ابن الحكيم الدمشقي. [المتوفى: 686 هـ]
شيخ متميز، روى عن ابن الزُّبيْديّ وابن صبّاح، وُلِد سنة عشرٍ وستّمائة، وتُوُفّي فِي صفر.(15/577)
406 - الفضل بْن عَلِيّ بْن نصر بْن عَبْد اللَّه بْن رواحة، الرئيس جمال الدّين، [المتوفى: 686 هـ]
ناظر بلبيس.
سَمِعَ بحلب من عبد اللطيف بن يوسف ويحيى ابن الدّامغاني، وأجاز لَهُ: المؤيَّد الطُّوسيّ وأبو روْح وجماعة وكان أديباً، فاضلًا، كاتبًا.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ من شعره والبِرْزاليّ وجماعة، ومات ببلبيس فِي جمادى الأولى.
عمْل لَهُ التّقيّ عُبيد " مشيخة " فِي مجلَّد.(15/577)
407 - كُنينةَ بِنْت أيبك الْجَزَريّ. [المتوفى: 686 هـ]
روت عَنِ ابن اللتي سماعاً. وسماعها منه بالكَرَك، وحدَّثت بمصر، روى عَنْهَا البِرْزاليّ والطّلبة.
وهي بنونين.
ماتت في شوال.(15/578)
408 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، العلامة ناصح الدين الخويي، ثم الطبري. [المتوفى: 686 هـ]
سمع من المرسي والباذرائي.
روى عَنْهُ الحافظ عَبْد الكريم فِي " تاريخه " وقال: كَانَ إمامًا، أُصولياً، زاهدًا، عابدًا. وُلِد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، ومات في ربيع الأول سنة ست بالقاهرة.(15/578)
409 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ميمون، الإِمَام، الزّاهد، قُطْبُ الدّين، أبو بكر، أخو الإمام تاج الدين علي ابن القَسْطلانيّ، التّوزريّ الأصل، الْمَصْرِيّ، ثمّ المكيّ، ابن الشّيْخ الزاهد أَبِي الْعَبَّاس. [المتوفى: 686 هـ]
وُلِد بمصر سنة أربع عشرة وستّمائة، ونشأ بمكة وسمع بها " جامع الترمذي " من أبي الحسن ابن البنّاء وسمع من أَبِي القاسم السَهْرُورديّ كتاب " عوارف المعارف " وسمع من الحسن ابن الزُّبَيْديّ وجماعة.
وقرأ العلم ودرّس وأفتى، ورحَل فِي الحديث سنة تسعٍ وأربعين، فسمع من: محمد بن نصر ابن الحصري ويحيى بن القميرة وإبراهيم بن أبي بكر الزعبي، وطائفة كبيرة ببغداد والشام ومصر والموصل، واستجاز حينئذٍ لأولاده السّبعة: مُحَمَّد والحسن وأحمد ومريم ورُقَيّة وفاطمة وعائشة. وأسمع بعضهم.
وكان شيخًا، عالماً، عاملاً، زاهداً، عابداً، نبيلاً، جليلاً، مهيباً، جامعا للفضائل، كريم النفس، كثير الإيثار، حَسَن الأخلاق، قليل المِثْل. طُلب من مكة إلى القاهرة فوُلّي مشيخة الكامليّة إلى أن مات.
وروى الناس عَنْهُ الكثير وله شعر مليح.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ والمِزّيّ والبِرْزاليّ وخلق لا أعرفهم بعد. [ص:579]
ومات إلى رحمة اللَّه فِي الثامن والعشرين من المحرّم بالكامليّة، واجتمعت العامّة عَلَى الباب يضجّون بالبكاء عَلَيْهِ. وأُخرج عقيب الظُّهر من المدرسة والخلائق بين يدية ممتدين إلى تحت القلعة، فتقدّم عَلَيْهِ فِي الصلاة شيخنا جمال ابن النّقيب المفسّر، ولم يُدخل إلى قبره بالقرافة إلى بعد العصر لكثرة الزّحام. وكان يومًا مشهودًا.
قَالَ عَلَمُ الدّين البِرْزاليّ: حضرتُ دفنه.
ومن شعره قوله:
ألا هل لهجر العامرية إقصارُ ... فيُقضى من الوجد المبرّح أوطارُ
ويُشفى غليلٌ من عليلٍ مولهٍ ... لَهُ النّجم والجوزاء فِي الليل سّمارُ
أغار عَلَيْهِ السَّقم من جَنَبَاته ... وأغراه بالأحباب نأيٌ وتذكارُ
ورقّ لَهُ ممّا يلاقي عذوله ... وأرّقه دمع ترقرق مدرارُ
يحن إِلَى برق الأبيرق قلبهُ ... ويخفق إنّ ناحت حمامٌ وأطيارُ
عسى ما مضى من خفْض عيشي عَلَى الحمى ... يعودُ، فلي فِيه نجومٌ وأقمارُ
وله:
إذا كان أنسي في التزامي لخَلْوتي ... وقلبي عَنْ كلّ البريّة خالي
فما ضرَّني من كَانَ لي الدّهر قاليًا ... ولا سرَّني من كان فيَّ موالي(15/578)
410 - محمد بن أحمد بن محمد بْن مِعْضاد، أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ. [المتوفى: 686 هـ]
روى عن ابن اللتي ومحمد بن محمد ابن السباك وغيرهما وكان حنبليا، مقرئا، فاضلا، ضريرا.
مات في ربيع الآخر.(15/579)
411 - محمد بن أحمد، الشيخ أبو عبد الله الواني الخلاطي، الصوفي، [المتوفى: 686 هـ]
مؤذن مسجد أبي الدرداء بالقلعة من دمشق.
شيخ صالح معروف وهو والد رئيس المؤذنين، برهان الدين إبراهيم، توفي في سابع جمادى الأولى وقد شاخ. وقد سمع شيئًا ولم يروِ.(15/579)
412 - مُحَمَّد بْن عَبَّاس بْن أحمد بْن عُبَيْد بْن صالح، الحكيم البارع، عمادُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الرَّبَعيّ، الدُّنَيْسَريّ. [المتوفى: 686 هـ]
وُلِد بدُنَيْسر سنة خمسٍ أوست وستّمائة وقرأ علم الطّبّ حتّى برع فِيهِ وساد، وسمع الحديث بالدّيار المصرية من عَلِيّ بن مختار العامري وعبد العزيز بن باقا والحسن بن دينار، وعلي ابن المقيّر وجماعة، وصحب البهاء زهير مدّة وتخرَّج بِهِ فِي الأدب والشعر. وتفقّه عَلَى مذهب الشافعيّ.
وصنَّف فِي الطّبّ " المقالة المرشدة فِي درج الأدوية المفردة " و" أُرجوزة في التّرياق الفاروق " و" أُرجوزة فِي تقدمة المعرفة " لأبقراط وغير ذَلِكَ.
قَالَ الموفَّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصيبعة: اشتغل فِي صناعة الطب اشتغالًا برع بِهِ فيها. وحصّل جمل معانيها. وحفظ الصحة حاصلة واستردّها زائلة.
اجتمعتُ بِهِ فوجدت لَهُ نفْسًا حاتميّة وشنشنة أخزمية وخُلقاً ألطف من النسيم ولفظاً أحلى من مزاج التّسنيم، وأسمعني من شعره البديع. فهو فِي عَلَمُ الطّبّ قد تميّز عَلَى الأوائل والأواخر، وفي الأدب قد عجّز كلَّ ناظمٍ وناثر، هذا مع ما أنّه فِي الفقه سيّد زمانه وأوحد أوانه.
قلت: هذه مجازفة قبيحة من الموفَّق لا يزال يرتكبها، نسأل الله العفو.
ثم سافر من دُنيسر ودخل الدّيار المصرية، ثم رجع إلى الشام وخدم بالقلعة فِي الدولة النّاصريّة. ثمّ خدم بالمارستان الكبير.
وله من أبيات:
وقلت: شُهودي فِي هواك كثيرةٌ ... وأصدقُها قلبي ودمعي مسفوح
فقال: شهودٌ لَيْسَ يُقبل قولُها ... فدمعُكَ مقذوفٌ وقلبُك مجروح
وأحسن من هذا قول ابن المي:
ودمعي الَّذِي يملي الغرام مسلسلًا ... رمي جسدي بالضّعف والجفْن بالجرح
وله:
نعم فليقُل من شاء عنّي فإنّني ... كلفت بذاك الخال والمُقْلة الكحلا
وعذبني بالصدّ منه وكلّما تجنّي ... فما أشْهاه عندي وما أحلا [ص:581]
فحرمت نومي بعدما صدّ معرضًا ... كما حلّل الهجران مذ حرّم الوصلا
غزالٌ غزا قلبي بعامل قدِّهِ ... ومكّن من أجفانه فِي الحشا نبلا
فلا تعذلوني فِي هواه فإنّني ... حلفتُ بذاك الحسن لا أسمع العذلا
سَمِعَ منه: قاضي القضاة نجم الدّين ابن صصرى والموفّق أحمد ابن أبي أُصيبعة وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ وطائفة، وكان أبُوهُ خطيبًا بدُنَيْسر.
تُوُفّي العماد فِي ثامن صفر.(15/580)
413 - مُحَمَّد بْن عَبْد الحَكَم بْن حسن بْن عقيل بْن شريف بْن رفاعة بْن غدير، الشّيْخ شَرَفُ الدّين، أَبُو عبد اللَّه السّعديّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 686 هـ]
شيخ حَسَن من بيت الرواية، سَمِعَ من جدّه الْحَسَن بعض " الخلعيات "، قال: أخبرنا جدّي لأمّي عَبْد اللَّه بْن رفاعة، روى عَنْهُ المِزّيّ وقُطْبُ الدّين عَبْد الكريم والبرزاليّ وجماعة، ومات في رمضان بمصر. وكان يُعرف بابن الماشطة.
ولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصّاحبيّة بمصر وكان يقرأ الحديث عَلَى كرسيّ بجامع مصر وغيره.
وُلِد سنة ثمانٍ وستّمائة.(15/581)
414 - مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن هارون بْن خطاب، العلامة أَبُو بَكْر المُرسي. [المتوفى: 686 هـ]
صاحب أدب وبلاغة. كتب الأنشاء لابن هود، ثم لصاحب غَرْناطة، ثم لصاحب تلمسان، وبها تُوُفّي، له نظم رائق. وهو القائل فِي مليح:
مجمع البحرين أضحى خدهُ ... إذ تلاقي فِيهِ مُوسَى والخضر(15/581)
415 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن مالك، الإِمَام البليغ، النَّحْويّ، بدر الدّين ابن الإِمَام شيخ النُّحاة جمال الدّين الطّائيّ، الجيّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 686 هـ][ص:582]
كَانَ إمامًا ذكيًّا، فَهْمًا، حادّ الذّهن، إمامًا فِي النَّحو، إمامًا فِي المعاني والبيان والمنطق، جيّد المشاركة فِي الفقه والأصول وغير ذَلِكَ، أخذ عن والده , وسكن بَعْلَبَكَ مدّةً، فقرأ عَلَيْهِ جماعة منهم الإمام بدر الدين ابن زيد، ثمّ سكن دمشق وتصدّر للإشغال بعد وفاة والده. وكان عجباً فِي الذّكاء والمناظرة وصحّة الفهم. وكان مطبوع العِشْرة وفيه لعبٌ وفراغ. وله تصانيف معروفة فِي العربية والبديع والمعاني. ومات قبل الكهولة أو فِي أوائلها من قولنج كَانَ يعتريه كثيراً.
توفي إلى رحمة اللَّه بدمشق فِي ثامن المحرم، ودُفن بمقبرة باب الصّغير وكثرُ التأسُّف عَلَيْهِ. وولي بعده الإعادة بالأمينية الإِمَام كمال الدّين ابن الزَّملكاني وله ثمان عشرة سنة وأشهر.(15/581)
416 - مُحَمَّد بْن مكّيّ بْن أَبِي القاسم حامد بْن عَبْد اللَّه، عمادُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الإصبهانيّ الأصل، الدّمشقيّ، الزَّرْكشيّ، الرّقّام. [المتوفى: 686 هـ]
روى عَنْ دَاوُد بْن ملاعب والأنجب بْن أَبِي السّعادات وابن روزبة وخليل الجوسقي وسكن القاهرة. وكان ارتحاله إلى بغداد بعد الثلاثين وهو شاب.
روى عنه المصريون والمزي والبرزالي ومات في الثامن والعشرين من شوال.(15/582)
417 - محمد بن يحيى بن علي، المحدث، المسند، أبو صادق، جمال الدين ابن الحافظ الإمام رشيد الدين أبي الحسين القرشي، المصري، العطار. [المتوفى: 686 هـ]
ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع من مُحَمَّد بْن عماد وعبد العزيز بن باقا ويوسف بْن شدّاد القاضي وعبد الصمد الغضاري وعلي بن مختار وطائفة، وعني بالحديث، وكتب وخرّج لنفسه موافقاتٍ ومصافحات، روى عَنْهُ المصريّون والمزي والبرزالي وابن سامة. [ص:583]
وتُوُفّي رحِمَه اللَّه فِي ربيع الآخر.(15/582)
418 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن يُوسُف بْن يحيى ابن خطيب بيت الآبار، عفيف الدّين الكاتب. [المتوفى: 686 هـ]
روى عَنِ ابن اللّتّيّ والإربليّ، سَمِعَ منه: البِرْزاليّ وجماعة، وخدم بالمرقب وقت افتتاحه.
ومات في صفر بالمرقب.(15/583)
419 - مفضَّل بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الفضل، الشّيْخ رضيُّ الدّين، أَبُو الفضل الدّمشقي، [المتوفى: 686 هـ]
الطبيب المشهور.
كَانَ بصيرًا بالعلاج، ماهرًا فِي الصَّنْعة، ذكيًّا. ماهراً، حاذقاً. وُلِد سنة عشر وستّمائة.
وكان صالحًا، ديّنًا، خيراً صحيح العقيدة سافر إلى الترك إلى بلاد الملك بركة وخدمه، وحصّل أموالاً كثيرة لكنها نهبت منه في الرجعة. وعرضوا عليه رياسة الأطبّاء فأباها، وقد كتب فِي الإجازات وله سماع.
تُوُفّي بدمشق فِي الثالث والعشرين من صفر.(15/583)
420 - موسى بن محمد بن حسين، الفرنثي، الصّالحيّ، الفقير، [المتوفى: 686 هـ]
أخو الكمال علي.
تُوُفّي بزاويته بالجبل وقد روى عَنِ ابن اللّتّيّ والهَمَدَانيّ ومات فِي رمضان، روى عَنْهُ ابن الخبّاز والبِرْزاليّ وكان شيخ الزّاوية بعد أخيه كمال الدين.(15/583)
421 - يَحْيَى بْن إِسْمَاعِيل بْن صغير، الشّيْخ الصّالح، أَبُو زكريّا الحرّانيّ. [المتوفى: 686 هـ]
سَمِعَ ببلده من أَبِي المجد القزوينيّ والموفَّق عَبْد اللّطيف بْن يوسف وحدث بدمشق وأخذ عنه طلبة الوقت، ومات فِي المحرَّم.(15/583)
422 - يَحْيَى بْن الخضر بْن حاتم بْن سلطان، زكيُّ الدّين القليوبيّ، الْمَصْرِيّ. ويُعرف بابن قمر الدولة. [المتوفى: 686 هـ][ص:584]
روى بالإجازة عَنِ: ابن باقا ومُكَرم وعاش تسعين سنة، كتب عَنْهُ المصريون والبِرْزاليّ، ومات فِي جمادى الأولى.(15/583)
423 - يحيى بن خَلَف، المقاماتيّ، الْمَصْرِيّ، [المتوفى: 686 هـ]
ابن أخت الحكمة.
روى عَنْ مُكرم وعاش بضعًا وثمانين سنة، وتُوُفّي في تاسع عشر جمادى الآخرة.(15/584)
424 - أبو البدر بن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الزَّين الْمَصْرِيّ، الكاتب. [المتوفى: 686 هـ]
روى عَنِ ابن اللّتّيّ، ومات بمصر فِي صفر، كتب عنه البِرْزاليّ وغيره.(15/584)
425 - أَبُو بَكْر بن عَبَّاس بْن جعوان، المولى مجير الدّين الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 686 هـ]
حدّث عَنِ: الحافظ الضياء، وتوفي بجبل قاسيون في رجب.(15/584)
425 - م - المرسي الشيخ أبو العباس أحمد بن عمر بن محمد الأنصاري المرسي الصوفي، [المتوفى: 686 هـ]
نزيل الإسكندرية وتلميذ أبي الحسن الشاذلي.
صحبه نجم الدين الأصبهاني المجاور وياقوت الأسود وطائفة وتاج الدين ابن عطاء الله.(15/584)
-وفيها وُلِد:
جمال الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حسن بْن نُباتة الْمَصْرِيّ، الأديب، شاعر وقته، والملك صلاح الدّين يوسف ابن الملك الأوحد، وأبو طاهر أَحْمَد بْن عَبْد الله الدريني.(15/584)
-سنة سبع وثمانين وستمائة(15/585)
426 - أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، الإِمَام، الزّاهد، شرف الدين ابن الشَّرف، أَبُو الْعَبَّاس المقدسيّ، الحنبليّ، الفَرَضيّ، [المتوفى: 687 هـ]
من بقايا السَّلف.
تفقَّه علي تقيّ الدّين أَحْمَد ابن العز ابن الحافظ، وسمع من عمّ أبِيهِ الشّيْخ موفَّق الدّين، وابن أَبِي لُقْمة، والقزوينيّ، وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وطائفة.
وروى الكثير، سَمِعَ منه: الشّيْخ علي المَوْصليّ، وابن الخباز، والمزي، وابن مسلم، والبِرْزاليّ، وطائفة سواهم، وكان ممن جمع بين العلم والعمل رحمه الله.
تُوُفّي فِي خامس المحرَّم عَنْ ثلاثٍ وسبعين سنة مبطونًا شهيدًا. وكان يشغل بجامع الجبل وله نظْم حَسَن. وكان منقطعًا، قانعًا باليسير، ما له وظيفة.(15/585)
427 - أَحْمَد بْن ظافر، أَبُو الْعَبَّاس الْمَصْرِيّ، الشّرابيّ. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ عَبْد الرحيم بْن الطُّفيل، ومات فِي ربيع الأوّل. وهو أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الْعَزِيز بْن ظافر.(15/585)
428 - أَحْمَد بن عبد الله بن محمد ابن الشّيْخ الكبير عبد اللَّه اليُونينيّ. [المتوفى: 687 هـ]
قام مُقام أبيه عندما استشهد على حمص، وكان فيه فقر وديانة ومكارم، ومات فِي شوّال وهو فِي عَشْر السّتّين، وقد صحب جده الشيخ محمدًا. وله إجازة من ابن روُزبة وابن بهروز والأنجب الحمامي، وما أراه حدّث.(15/585)
429 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر الله، تاج الدين، أبو العباس العبدي الحَمَويّ، الشافعيّ، المعروف بابن المغيزل. [المتوفى: 687 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وستّمائة، وسمع الحديث من ابن رواحة وابن الخازن , ورواه، ومات بحماة فِي سابع عشر رجب.
وكان فقيها، فاضلاً، مفتياً، مدرساً، مُتفننا. وُلّي مشيخة الشيوخ بحماة ودرّس بالعصرونيّة، ودخل بغداد وناظر بها وأكرِم مورده. وكان [ص:586]
صاحب ديانة وعبادة وخير ومهابة وورع. ترك المناصب لأولاده واشتغل بنفسه. وأولاده: زين الدّين وناصر الدّين وفخر الدّين.(15/585)
430 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سعد، العدل، جمال الدّين الواسطيّ، [المتوفى: 687 هـ]
خطيب كفرسوسية.
روى عن التقي ابن باسويه، وعاش اثنتين وثمانين سنة.
كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة. وكان يشهد تحت السّاعات. وله إجازة من ابن أَبِي لُقمة وجماعة.(15/586)
431 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عيَّاش، الصّالحيّ، النّجّار، المعروف بالباشق، [المتوفى: 687 هـ]
أحد الحريرية.
قُتل بالجبل في جمادى الأولى وأُخِذ قماشه.(15/586)
432 - أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر بْن يُوسُف بْن يحيى، البدر ابن خطيب بيت الآبار، المقدسيّ، الشّاهد. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنِ الفخر الإربِليّ والتّاج القُرْطبيّ، ومات فِي رجب، أخذ عَنْهُ ابن الخباز والبِرْزاليّ، وهو أخو العفيف والموفَّق.(15/586)
433 - أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر بْن عبد الباقي بْن عَلِيّ بْن حفّاظ، الصّالح، أَبُو العبّاس الصّالحيّ، الصّحراويّ، الفلاح. [المتوفى: 687 هـ]
رَجُل مبارك، ساكن ورع، روى عَنِ أَبِي القَاسِم بْن صَصْرى وابن أَبِي لُقمة، روى عَنْهُ ابن الخبّاز والبِرْزاليّ وجماعة، ومات فِي ذي القعدة.(15/586)
434 - أَحْمَد بْن أبي بَكْر بْن سُلَيْمَان بْن علي، جمال الدّين، أَبُو العبّاس ابن الحَمَويّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 687 هـ]
وُلِد في حدود سنة ستمائة وحضر جميع " الغيلانيات " على عُمَر بْن طَبَرْزَد، وسمع من الكِنْديّ، وعبد الجليل بن مندوية، وأبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وغيرهم. وأجاز لَهُ منصور الفُرَاويّ وجماعة، وحدّث مدَّة طويلة. وسمع منه: ابن الخبّاز، وابن نفيس الموصلي، والوجيه السبتي، وسبط [ص:587]
إمام الكلاسة، والمِزّيّ، وابن تيميَّة، والبِرْزاليّ، وطائفة.
ولم يزل مستوراً وظاهره العبادة والنُّسك حتّى اتُّهم بشهادة زورٍ ذكرناها فِي ترجمة ابن الصّائغ وأصرّ عليها، فاهدره الحكّام وأُخرِق به. ولم يسمع منه أحدٌ بعدها. ومات على ذلك، تجاوز الله عنه وعنا، وكان قد تفرّد بأجزاء من مَرْويّاته، ومات بدوَيْرة حمد فِي ذي الحجّة، وله سبعٌ وثمانون سنة.
قَالَ لي البِرْزاليّ: كَانَ يصلّي نوافل ويتواضع كثيرًا، ويشهد لكلّ مَن قصده ويزكّي من جاءه. وقد روى " الْبُخَارِيّ " غير مرّة.(15/586)
435 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن يَحْيَى، الإِمَام الزّاهد، القُدوة، أَبُو إِسْحَاق اللّوريّ، الرّعينيّ، الأندلسي، المالكي، المحدث. [المتوفى: 687 هـ]
ولورة قلعة من أعمال الأندلس.
وُلِد سنة أربع عشرة وستّمائة بحصن لورة وهي بقرب إشبيلية، حجّ فِي شبيبته. وسمع من عَبْد الوهّاب بْن رواج، وابن الجمَّيزي، وسِبْط السِّلَفيّ، وقدِم الشام فسكنها وسمع من ابن مسلمة، ومكّي بْن علان، وطائفة، وتفّقه وعرف المذهب ولزم السُّنَّة، وكتب الكثير بخطه المتقن. وكن إمامًا عالمًا، محدّثًا، متقنًا، زاهدًا، عابدًا، قانتًا لله، كثير المحاسن، مُؤثرًا عَلَى نفسه ولو كَانَ بِهِ خصاصة. ولم يزل لونًا واحدًا فِي السّماحة والكَرَم والسَّعْي في حوائج الفقراء ومصالحهم وخدمتهم وإيجاد الراحة والتلذُّذ بذلك، مَعَ الإعراض عن الدنيا وعن الرياسة.
قيل: إن قضاء المالكية عُرِض عليه بدمشق فامتنع. وكان قبل ذَلِكَ فقيرًا، مقصودًا بالزّيارة لزُهده، ولم يكن يُذكر بكثير عَلَمُ. ثمّ إنه استنابه القاضي جمال الدّين أَبُو يعقوب بنصف المعلوم. ثمّ سعى لَهُ عَلَمُ الدّين الدّواداريّ فوليّ مشيخة الحديث بالظّاهرية، فكان يذكر فوائد حسنة على الميعاد يعلقها في لوح؛ أسماء ونكت. وكان ذكيًّا يتصرّف ويحرّر ما يقوله. وكان متودّدًا محبَّباً إلى النّاس. [ص:588]
ووُلّي مشيخة المالكية بعد الشّيْخ جمال الدّين ابن الشُّريشي، وألقى لهم الدروس، وشُكِرت دروسه وفتاويه، وكان كبير المالكية بعد , وقد كتب إلى الدّواداريّ يمدحه:
بلغ هُديتَ أمير الوفد والحرمِ ... تحية نشرها مسكٌ لمتنسمِ
وأشهد عَرف نداه إنّ فِيهِ هدى ... لآمليه إذا أدخلت فِي الظلمِ
ولُذ بحضرته إنْ كنتَ مُلتجئًا ... إنّ اللّياذَ بِهِ أمنٌ من العدمِ
غفر الله للشيخ أبي إسحاق، ما له ولمدح الأمراء، فإن هذا الذي فعله من هناته وزلاته.
وقل له يا أخا ودِّ قواعده ... قد أسَّستها يد التّقوى عَلَى القدمِ
إنّ ضاع عهد امرئ عَنْ نأيٍ أو مَلَل
فليس ودّي فِي حال بمنصرمِ ... وهل تضاع عهود كان مبدؤها
عَلَى حديث رسول اللَّه فِي الحرمِ ... ما ضاع ودٌ وعاه صدر مثلكم
حفظ العهود وإن طالت من الكرمِ ... عليك مني تحيات تجدد من
حسن الولاء شبابا غير منهرم
تُوُفّي أَبُو إِسْحَاق اللّوريّ بالمنُيبع بظاهر دمشق فِي الرابع والعشرين من صفر. وقد سَمِعَ منه: ابن الخبّاز وابن العطّار والمِزّيّ والبِرْزاليّ وجماعة، وأجاز لي مَرْويّاته ودُفن بمقابر الصّوفيّة.(15/587)
436 - إِبْرَاهِيم بْن عُثْمَان بْن يَحْيَى بْن أَحْمَد، أَبُو إِسْحَاق اللّمّتونيّ، المُرّاكِشيّ، ثمّ الدّمشقيّ، ابن مؤذّن الكلاسة. [المتوفى: 687 هـ]
شيخ صالح، معمَّر، مبارك، خيّر، له دكان في سوق الزيادة، وُلِد سنة تسعٍ وتسعين بدمشق، وسمع بنفسه من ابن البُنّ والقزوينيّ وأبي القَاسِم بْن صَصْرى وزين الأمناء وابن الزُّبيدي وطائفة، وسمع أخاه علّيًا معه من جماعة، وروى الكثير، أخذ عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ والجماعة، وتُوُفّي فِي مُستَهَلّ جمادى الآخرة.(15/588)
437 - إِبْرَاهِيم بْن فِراس بْن عَلِيّ بْن زيد، الرئيس، فخر الدّولة ابن نجيب الدّولة، أَبُو إِسْحَاق ابن العسقلانيّ. [المتوفى: 687 هـ][ص:589]
حدّث عَنْ زين الأمَناء، أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ وابن الخبّاز وقُطْب الدّين عَبْد الكريم وجماعة، ومات فِي شوال.(15/588)
438 - إِبْرَاهِيم بْن مِعْضاد بْن شدّاد، الشّيْخ الزاهد، الكبير، القُدوة، أَبُو إِسْحَاق الْجَعْبَريّ. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنِ السَّخاوي، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ والمصريون، وسكن مصر دهرًا. وكان لَهُ مسجد هُوَ شيخه وإمامه. فكان يجلس فِيه ويقصّ عَلَى النّاس ويُخوف ويحذِّر. ولكلامه وقعٌ فِي النّفوس.
وكان زاهدًا، عابدًا، أمّارًا بالمعروف، قوالًا بالحقّ، حُلْو العبارة، ولأصحابه فِيهِ عقيدة ومُغالاة. وله شِعر فِي التّصوف والزُّهد. وتُوُفّي فِي الرابع والعشرين من المحرَّم، وقد جاوز الثّمانين بسنوات؛ فإنّهُ وُلِد فِي سابع عشر ذي الحجّة سنة تسعٍ وتسعين بقلعة جَعْبَر.
ورأيت كلّ من عرفه يعظّمه ويثني على طريقه، رحمة اللَّه عَلَيْهِ , وعليه مآخذ فِي عباراته.(15/589)
439 - آسية بِنْت زين الدّين أَحْمَد بْن عَبْد الدائم بْن نعمة، أم عَبْد اللَّه المقرئة. [المتوفى: 687 هـ]
كانت تلقّن النساء بالدَّير. وبيتها معمور بالتّلاوة والدّرس، أجاز لها سنة ستَّ وستّمائة أَبُو الفخر أسعد بن سعد، وزاهر الثقّفيّ، وابن سُكَينة، وعمر بْن طَبَرْزَد، وسمع منها الجماعة.
وتوفيت في خامس رجب.(15/589)
440 - إلياس بْن عَبْد اللَّه، أَبُو الخضر الرُّومي، عتيق القاضي ابن اللّمغاني. [المتوفى: 687 هـ]
سَمِعَ " صحيح الْبُخَارِيّ " من عَبْد السّلام الدّاهريّ بكماله، ومات فِي ربيع الأول ببغداد، وقد سَمِعَ كثيرًا.(15/589)
441 - أياز، الأمير الكبير، فخر الدين الصالحي، النَّجّميّ، المعروف بالمقري. [المتوفى: 687 هـ]
أحد حُجّاب الملك الظّاهر ومن كان يعتمد عليه في المهمات ويثق به. [ص:590]
ترسّل عنه إلى أبغا بن هولاوو وإلى غيره. ولمّا تملك المنصور جعله أمير حاجب وأعطاه خُبزاً كثيرًا، وزادت منزلته عنده، وكان أيضًا يندبه للمَهَمَّات لعلمه بدرايته ونهضته، حجّ من الشام سنة ستَّ وثمانين، وردّ إلى مصر فتُوُفيّ بها فِي ربيع الأوّل، وقد نيَّف عَلَى الستّين.
وقد رَأَيْته بدمشق وكان شيخًا مهيبًا، روى عن ابن المقير، وحدّث بالقاهرة ودمشق.(15/589)
442 - الباخليّ، الأمير الكبير جمال الدّين، [المتوفى: 687 هـ]
من أمراء دمشق.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.(15/590)
443 - بدر الدّين الآمِديّ، الكاتب الرئيس، [المتوفى: 687 هـ]
ناظر ديوان دمشق.
تُوُفّي في المحرم. ويعرف بابن العطار وبالبدر الطّويل واسمه أَحْمَد. وكان أمينًا فِي فنّه، ماهراً.(15/590)
444 - بدر، الأتابكي الطَّواشيّ، بدر الدّين، [المتوفى: 687 هـ]
عتيق السّتّ اقصرا.
روى عن ابن الزُّبيْديّ، وابن صباح، وكريمة، كتب عَنْهُ الجماعة وتوفي في ربيع الآخر.
حدث عَنْهُ ابن العطّار والبِرزْاليّ.(15/590)
445 - بيليك، الأمير الكبير بدرُ الدّين الصّالحيّ، المعروف بالأيْدمُري. [المتوفى: 687 هـ]
من أمراء الألوف.
رَأَيْته يحمل الجتْر عَلَى رأس السّلطان الملك المنصور سنة ثلاثٍ وثمانين.
تُوُفّي فِي المحرّم بالقاهرة. وخلّف ثلاثة بنين ومائة مملوك، ووصّى بهم للسلطان.(15/590)
446 - الْحَسَن بْن شاور بْن طُرْخان، الأديب، ناصر الدّين الكنانيّ، الشاعر المعروف بابن النّقيب وبابن الفقيسيّ، الجنديّ، [المتوفى: 687 هـ]
من أعيان الشعراء بالدّيار المصرية.
مدحه الشهاب محمود الموقّع، ومدح هُوَ الشهاب. ونظمُه فِي غاية الجزالة والسُّهولة، فمن شعره: [ص:591]
إنّ القطيفةَ الّتي ... لا تُشتهى نقلًا وعقلا
حُشِيت ببردٍ يابس ... فلأجل ذاك الحشْو تُقلا
وله:
أراد الظبيُ أن يحكي التَفاتَك ... وجيدَك، قلت: لا يا ظبي فاتَك.
وقدّ الغصن قدّك إذ تثَّنى ... وقال: اللَّه يبقي لي حياتك
ويا آسَ العذارِ فدتكَ نفسي ... وإنْ لم أقتطف بفمي نباتك
ويا ورد الخدود حمتكَ مني ... عقاربُ صدغه فأمن حياتك
ويا قلبي ثَبَتّ عَلَى التَجنّي ... ولم يثبت لَهُ أحدٌ ثباتك
وله:
وبي رشأ نحا قصدًا جميلًا ... فأقبل مُعرباً عَنْ حُسن قصدِه
بنُطقٍ ملحه الإعراب فِيهِ ... وأشهد أنّها مُزجت بشهدِه
وثغرِ دُرّة الغوّاصِ منه ... وجوهر ثغره وجُمان عقدِه
ووجه فِيهِ تكملة المعاني ... وإيضاح لَهُ لمعٌ بوقدِه
أخو جُملٍ مفصَّلةٍ يُرينا ... مقدّمه المطرّز فوق خدِّه
وله:
لَيْسَ لي فِي الشراب شرط ولكنْ ... أَنَا شرطي أنْ لا أعطّل كأسي
كم أخذت الكؤوس مثل فؤادي ... ولكم قد رددتها مثل رأسي
وله من قصيدة نبويّة:
يا مادحين رَسُول اللّهِ حَسبَكُم ... تكريرُ مدحٍ وتعظيمٌ وتطويلُ
فهو الّذي لَيْسَ يفني وصف سُؤدُده ... وينفد المدح فِي أدناه والقيلُ
يُغنيه عَنْ كلّ مدحٍ مدْحُ خالقه ... فإن ذَلِكَ تنزيل وترتيلُ
ليست قصائد إلّا أنّها سُوَر ... من الجليل بها وافاه جبريلُ
والمدح شعرٌ وإنشادٌ لمن مدحوا ... ومدحُ أَحْمَد قرآنٌ وإنجيلُ
وفي المدائح تأويلٌ لمعترضٍ ... والمصطفى مدحه ما فِيهِ تأويلُ
وله: [ص:592]
وخودٍ دعتني إلى وصْلها ... وشرْخُ شبابي منّي ذهبْ
فقلت: مَشيبي ما ينطلي ... فقالت: بلى ينطلي بالذَّهب
توفي فِي منتصف ربيع الأول. وقد روى عَنْهُ شيخنا الدّمياطيّ.(15/590)
447 - الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن سلامة، قاضي بغداد، شَرَفُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الهاشمي الشريف. [المتوفى: 687 هـ]
مات فِي ربيع الأول وله ثمانون سنة، كتب في الإجازات.(15/592)
448 - خَطلَبَا، غرسُ الدّين الأرمني، [المتوفى: 687 هـ]
مولى القاضي زين الدّين ابن الأستاذ الحلبيّ.
مات بحلب فِي ربيع الأول، وحدّث عَنْ: ابن روُزبَة وابن الزُّبيْديّ والرُكن إِبْرَاهِيم الحنفيّ وجماعة كتب عَنْهُ شيخنا ابن الظاهري وابنه وابن سامة والبرزالي وآخرون.(15/592)
449 - زينب بنت أحمد بن كامل ابن العلم، المقدسيّة، القابلة. [المتوفى: 687 هـ]
امْرَأة صالحة مُسنّة وُلِدت في سنة إحدى وستّمائة وحضرت ابن طَبَرْزَد، وهي بِنْت عمّ إِبْرَاهِيم بْن حمد بْن كامل. ولها أيضًا سماع من أَبِي عَبْد اللَّه ابن الزُّبيدي وكان لها عبادة وفيها ديانة وفيها لطف وخدمة.
تُوُفّيت فِي خامس شوّال وقد سمع منها الجماعة. ولها إجازة من أسعد بْن سَعِيد وزاهر الثّقفي وعبد الوهّاب بْن سُكَينة.(15/592)
450 - سعد الخير بْن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن نصر بْن علي، العدل، سعدُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد النّابلسيّ، الشافعي، الشّاهد. [المتوفى: 687 هـ]
وُلِد سنة سبع عشرة وستّمائة وسمع الكثير من أَبِي محمد ابن البُنّ وزين الأمناء وابن صَصْرى وابن الزَّبَيْديّ وابن اللتي وابن صباح وخلق سواهم، روى عَنْهُ ابن الخبّاز وابن العَطَّار والمِزّيّ وطائفة وأجاز لي [ص:593]
مروياته.
سَأَلت المِزّيّ عَنْهُ فقال: شيخ جليل كثير السّماع، سمعنا منه كثيرًا.
قلت: تُوُفّي في جمادى الآخرة.(15/592)
451 - سليمان ابن. . .، العلامة عَلَمُ الدّين، أَبُو الربيع الفارقيّ، الحنفيّ، النحوي. [المتوفى: 687 هـ]
توفي بالقاهرة في ربيع الأول.(15/593)
452 - شعبان بْن يونس، الإربليّ، العَدويّ، الفقير. [المتوفى: 687 هـ]
رَجُل صالح، تُوُفّي بدمشق في جُمَادى الآخرة.(15/593)
453 - عبد الله ابن المحدّث مُحَمَّد بْن عُمَر، العثماني، الدّمشقيّ، أَبُو مُحَمَّد. [المتوفى: 687 هـ]
سَمِعَ: أبَاهُ وأبا القاسم بْن صَصْرى وأجاز لَهُ أَبُو اليُمن الكِنْدي، وتُوُفّي فِي جمادى الآخرة. وهو فِي عشْر الثّمانين، سَمِعَ منه: البِرْزاليّ والمِزّيّ.(15/593)
454 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد العظيم بن عبد القوي، عزّ الدّين ابن العلامة الحافظ زكيّ الدّين المُنْذريّ. [المتوفى: 687 هـ]
تُوُفّي بمصر فِي ذي الحجّة. ووُلِد سنة إحدى وثلاثين؛ وسمع من عَلِيّ بْن مختار والحسن بْن دينار وابن المقيّر وجماعة، أخذ عَنْهُ المصريّون والبِرْزاليّ وابن سامة.(15/593)
455 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الوهّاب، رشيد الدّين الفاخوريّ. [المتوفى: 687 هـ]
كَانَ يسكن بالمدرسة التّقوية. وخلّف ثروة. وكان ديّنًا خيّرًا، روى عَنْ أبي عَمرو ابن الصّلاح.
مات فِي رمضان.(15/593)
456 - عَبْد الرحمن بْن عبد المنعم بن خَلَف، جمال الدين ابن الدّميريّ، اللخمي، مؤذّن جامع الفسطاط. [المتوفى: 687 هـ][ص:594]
سَمِعَ من القاضي زين الدّين عَلِيّ بْن يوسف الدّمشقيّ، وحدّث. ولمّا فرغ من أذانه أخذته الصَّفراء، فمال فضرب رأسه في الرُكن فمات شهيدًا.
وقد أجاز لَهُ التّاج الكِنْديّ وغيره، وهو أخو محيي الدّين عَبْد الرحيم. كتب عَنْهُ الجماعة ومات فِي شعبان.(15/593)
457 - عَبْدُ الرَّحْمَن بْن هبة اللَّه بْن عَبْد الوهّاب، عزّ الدين، أبو القاسم ابن القدار الأميوطيّ. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ ابن عماد وجعفر الهمداني ومات بالإسكندرية في شعبان، روى عنه البرزالي والمزي.(15/594)
458 - عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن يوسف بن أحمد بن سليم، المسند شهاب الدين، أبو الفضل، ابن خطيب المزة أبي الحجاج، الموصلي، ثم الدمشقي، المعروف بابن العلم. [المتوفى: 687 هـ]
ولد بسفح قاسيون في ذي القعدة سة ثمانٍ وتسعين. وسمع فِي الخامسة من حنبل وابن طبرزد.
سَأَلت أَبَا الحَجّاج الكلبيّ عَنْهُ فقال: هُوَ أَبُو الفضل الدّمشقيّ، نزيل القاهرة. شيخ جليل، فاضل، كثير السّماع. سَمِعَ " المُسْنَد " جميعه من حنبل حضورًا، وسمع من ابن طَبَرْزَد والشيخ أبي عُمَر فِي آخرين.
وحدّث بعامّة مسموعاته.
وقال أبو محمد البرزالي: كان شيخنا شيخًا حسنًا، ذا فضيلة ونباهة وتديُّن.
روى عنه الحافظُ زكيُّ الدّين عبدُ العظيم فِي معجمه بيتين أنشدهما إيّاه بمَنْبج، وسمع منه خلْق من أهل مصر والرّحّالة. وعَلَت روايته وتفرّد هناك، وسماعاته من ابن طَبَرْزَد فِي الخامسة، وكان جدّة خطيبًا بالمِزّة. وكان أبُوهُ وعمّه يرويان عَنِ الحافظ ابن عساكر، تُوُفّي بالقاهرة في تاسع رمضان. وكان يتعانى الكتابة.(15/594)
459 - عَبْد العزيز بْن عَبْد القادر بْن إِسْمَاعِيل، الفيالي، الأصمّ. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ دَاوُد بْن ملاعب وابن راجح ونزل القاهرة، روى عنه المصريون والمزي ومات في المحرَّم بالقاهرة. وكانوا يسمعون من لفظه الحديث والحديثين.(15/595)
460 - عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد العلي، القاضي الأجل، العلامة، فخر الدين ابن السُّكري، المصري. [المتوفى: 687 هـ]
توفي في شوال عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة وشهرين ولي بعد حَموه الشيخ بهاء الدين ابن الجُمَّيزي خطابة جامع الحاكم وروى بالإجازة عَنْ: عفيفة الفارفانية والمؤيَّد ابن الأخوة وجعفر بْن أموسان وأسعد بْن سَعِيد وعدّة، وكان قوّالًا بالحقّ، كبير القدْر. وُلّي القضاء والمناصب الكبار، ثم عزل نفسه عن الحكم في الدولة الصالحية وأم بجامع الحاكم هو وولده القاضي عماد الدين علي، وكان من أعيان الشافعية رحمه الله تعالى، أخذ عنه القطب والبرزالي والجماعة.(15/595)
461 - عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر اللَّه ابن المغيزل. [المتوفى: 687 هـ]
قِيلَ: تُوُفّي فيها. والأصحّ سنة ثمانٍ، كما يأتي.(15/595)
462 - عَبْد الغني بْن يوسف بْن غنّوم، الإِمَام الفقيه، تاج الدّين الإسكندرانيّ. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ ابن عماد ومات فِي ذي القعدة.(15/595)
463 - عَبْد المنعم بْن يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم بْن علي، الخطيب الواعظ، قُطْبُ الدّين، أَبُو الذّكاء القُرشيّ، الزُّهْريّ، النابلسي، الشافعي. [المتوفى: 687 هـ]
خطب بالأقصى. وأفتى نحوًا من خمسين سنة، ووُلِد فِي حدود سنة ثلاثٍ وستّمائة وسمع من داود بْن ملاعب وأبي عَبْد الله بْن البنّاء الصوفي، وأجاز لَهُ أَبُو الفتح المنْدائيّ وأبو أَحْمَد بن سكينة والمؤيد الطوسي وجماعة وقد قرأ " الأحكام " لعبد الحقّ قراءة بحثٍ عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن [ص:596]
عَبْد اللَّه المقدسيّ وقرأ " اللُّمع " فِي النَّحْو عَلَى رَجُل يمنيّ وتفقّه ونظر فِي العلوم.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ وابن العطّار وابن الخبّاز والمِزّيّ وقاضي حلب زين الدّين الخليليّ وابن مُسْلِم والبِرْزاليّ وآخرون.
وسمع منه: الشّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن وأبو الفتح الأبيورديّ وأبو الْعَبَّاس ابن الظاهريّ.
قَالَ لي المِزّيّ: شيخ جليل، عالم، فاضل، عالي الإسناد، لكنّه غير مُكثر.
وقال البِرْزاليّ: كَانَ جليل القدر، رفيع الذِّكر، لَهُ الأبَّهة والموقع الأسنى فِي النّفوس مَعَ الدّين والفضل. وله ميعاد بعد الصُّبح يلقي فِيهِ من " تفسير الثّعلبيّ " من حفظه. وذكر أنّه عَلَى ذهنه من كثرة ترداده.
تُوُفّي فِي سابع رمضان. وكانت جنازته مشهودة، أجاز لي مَرْويّاته.
قَالَ عَلَمُ الدّين البِرْزاليّ: سافرتُ ليلة موته من القدس ولم يُقدَّر لي شهود جنازته.(15/595)
464 - عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن قُديد، موفق الدين البغدادي، المقرئ، المعيد بمسجد قمرية. [المتوفى: 687 هـ]
سَمِعَ " مُسْنَد الشافعيّ " عَلَى ابن الخازن و" الدارمي " على ابن بهروز، مات فِي شعبان، ووهِم من قَالَ سنة خمس.(15/596)
465 - عُثْمَان بْن عُمَر بْن ناصر، كمال الدّين، أَبُو عَمْرو الأَنْصَارِيّ، العدْل، نائب الحسبة بدمشق. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ ابن اللّتّيّ ومُكرَّم ومات فِي صفر. وله شعر مليح، روى عَنْهُ ابن الخباز وابن العطار والبرزالي وآخرون وأجاز لي. ومات فِي عَشْر الثّمانين.(15/596)
466 - علي، الملك الصّالح ابن السّلطان الملك المنصور سيف الدّين قلاوون. [المتوفى: 687 هـ]
عهد إلَيْهِ والده بالمُلْك من بعده وخُطِب لَهُ بذلك، فأدركته المَنِيّة وهو شابّ. وكان عاقلًا، مليح الكتابة.
تُوُفّي فِي شعبان بعد أخته غازية خاتون زَوْجَة الملك السّعيد بشهر، ودُفنا عند أمّهما في تربة بين مصر والقاهرة وخلَّف ابنًا اسمه مُوسَى، كبُر وتميّز.
وولي ولاية العهد بعده أخوه السّلطان الملك الأشرف فِي رمضان.(15/597)
467 - عَلِيّ بْن أَبِي الحزم، العلامة علاء الدّين ابن النّفيس القُرَشيّ، الدّمشقيّ، الطبيب، [المتوفى: 687 هـ]
شيخ الأطبّاء فِي عصره.
اشتغل عَلَى الشّيْخ مهذَّب الدّين الدُّخْوار وبرعَ في الصناعة والعلاج. وصنَّف ونبّه واستدرك وأول وشغّل. وألَّف فِي الطّبّ كتاب " الشامل ". وهو كتاب عظيم تدلّ فهرسته عَلَى أن يكون ثلاثمائة مجلدة، بيَّضَ منها ثمانين مجلدة. ما ترك خلفه خلف. وفي الكحالة كتاب " المهذّب " وشرح " القانون " لابن سينا. وكانت تصانيفه يمليها من ذهنه ولا يحتاج فيها إلى مراجعة لتبحُّره فِي الفنّ. وانتهت إلَيْهِ رياسة الطّبّ بالدّيار المصريّة. وخلّف ثروة واسعة ووقف دارهَ وأملاكَه وكُتُبه عَلَى البيمارستان المنصوريّ، وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ذي القعدة. وكان من أبناء الثمانين، ولم يخلّف بعده مثله.
وقد كتب إلينا الإِمَام أَبُو حيّان الأندلسيّ أنّ العلاء ابن النّفيس كَانَ إمامًا فِي عَلَمُ الطّبّ، أوحَدَ لا يُضاهى فِي ذَلِكَ ولا يُدانى استحضارًا واستنباطًا. واشتغل به على كبر. صنّف كتاب " الشامل " وشرح " القانون " في عدة مجلدات وصنّف أيضًا مختصرًا فِي الطّبّ يسمّى " الموجز " وكتاب " المهذْب فِي الكُحل " فِي سفرين، أجاد فِيهِ كلّ الإجادة.
قَالَ: وأخبرني من رآه يصنف فِي الطّبّ أنّهُ كَانَ يكتب من صدره من غير مراجعة كتاب حالة التّصنيف، ولشيخنا علاء الدّين معرفة بالمنطق وقد صنَّف فيه مختَصَراً. وقرأتُ عليه من كتاب " الهداية " لابن سينا فِي المنطق وقد [ص:598]
صنَّف فِي الفقه وفي أصول الفقه وعلم الحديث والنَّحو وعلم البيان.(15/597)
468 - عمر ابن العدل عماد الدّين مُحَمَّد بْن عُمَر بْن هلال، الشيخ كمال الدين، أبو حفص الْأزْدِيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ السّخاويّ والتاج القُرْطُبيّ وعاش اثنتين وخمسين سنة، توفي في ذي القعدة. وكان متزهدا في لباسه وزيه، تاركا للرياسة، رحمه الله.
روى عنه أبو محمد البرزالي وغيره.(15/598)
469 - عمر بن أبي الحسن بن مفرج، البعلبكي، المؤذن. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ أَبِي المجد القزوينيّ والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، أَخَذَ عَنْهُ ابن أبي الفتح والبِرْزاليّ وأهل بَعْلَبَكّ، ومات فِي شعبان. وكان ديِّناً، بصيراً بالمواقيت، مات في عشر الثمانين.(15/598)
470 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المؤيَّد بْن علي، المحدّث، نجيب الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الهَمَذانيّ الأصل، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 687 هـ]
شيخ عالم، فاضل، قرأ الحديث عَلَى عَبْد العزيز بْن باقا وغيره، وسمع من أَبِي البركات عَبْد القويّ ابن الجباب ومكرم وعلي بن إسماعيل بن جبارة وغيرهم، وله إجازة من عفيفة الفارفانية وعمر بْن طَبَرْزَد وجماعة.
وصار كاتبًا فِي أواخر عُمُره، أخذ عَنْهُ أَبُو حيّان وأبو الحَجّاج المِزّيّ وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ وأبو عُمْرو ابن الظّاهريّ وأبو مُحَمَّد الحلبيّ وآخرون.
وُلِد سنة اثنتين وستّمائة. ومات فِي ذي القعدة. وهو قرابة الأبرقُوهي، حصّل والده إسحاق لَهُ إجازة عفيفة.
قَالَ الحافظ عَبْد الكريم: كان عدلاً ثقةً.(15/598)
471 - مُحَمَّد بْن خَالِد بْن حمدون، الزّاهد، العابد، القدوة، المحدث، مجد الدين الهذباني، ثمّ الحَمَويّ، الكُتُبي، الصُّوفيّ، العارف. [المتوفى: 687 هـ][ص:599]
سَمِعَ ببغداد من ابن بهروز الطّبيب وإبراهيم ابن الخير وجماعة، وبمصر من ابن الْجُمَّيْزيّ وبحلب من ابن رواحة وابن خليل، وبدمشق من الرشيد ابن مسلمة وجماعة، وحدّث بالبلاد وجاور بمكة مدّة، وأقام بدمشق بالمدرسة البلْخيّة مدّةً، وكان شيخًا، جليلًا، مَهيبًا، كبير القدْر.
كَانَ محيي الدّين ابن النّحّاس يعظّمه ويزوره. وكان جمال الدّين ابن الظّاهريّ يعظّمه ويذكر أنّه كَانَ شيخًا بحلب، وله زاوية فِي أيّام الملك النّاصر.
سَمِعَ منه: المِزّي والبِرْزاليّ وجماعة وحدّث بأماكن. ومات بحلب فِي رابع عشر المحرّم. ودُفِن عند الحافظ ابن خليل.(15/598)
472 - مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق بْن طُرْخان، المُسْنِد، شَرَفُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الأُمويّ، الإسكندرانيّ. [المتوفى: 687 هـ]
سَأَلت المِزّيّ عَنْهُ فقال: شيخ حَسَن، كثير السَّماع. سَمِعَ الكثير من الحافظ أَبِي الْحَسَن المقدسيّ وعبد اللَّه بْن عَبْد الجبّار العثمانيّ ومحمد بْن عماد وغيرهم، وأجاز لَهُ أسعد بْن سَعِيد بْن رَوْح وجماعة كثيرون. وكان عسرًا فِي الرواية، قرأت عَلَيْهِ " الأربعين فِي الطبقات " لعلي بْن المفضّل. وكان مولده في حدود سنة خمس وستمائة.
وذكره البِرْزاليّ فزاد فِي نَسَبه بعد طَرْخان: حسين بْن مغيث بْن عمّار ويُعرف بابن السَّخاوي.
سَمِعَ " التَّرْمذيّ " من أَبِي الْحَسَن عَلِيّ ابن البناء و" الشفا " لعياض، من ابن جُبير الكناني، وتفرّد بعُلُوه وأجاز له أسعد وعفيفة الفارفانية وعين الشمس الثّقفية وجماعة، وكان أبُوهُ يبيع الحرير، سمع بالثغر من ابن موقى؛ وبمكة من المبارك ابن الطّبّاخ.
قلتُ: مات مُحَمَّد فِي ربيع الآخر.
قَالَ البِرْزاليّ: وُلِد سنة أربعٍ وستّمائة.(15/599)
473 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن مُسْلِم، كمال الدّين الطبيب. [المتوفى: 687 هـ][ص:600]
شيخ قديم، عارف بالطب، بصير بأصوله ومفرداته. درّس بالدِّخوارية وطال عُمُرُه. وكان فِيهِ صلاح وخير وإيثار للفقراء المرضى.
مات فِي ربيع الأول بدمشق.(15/599)
474 - مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه الإصبهانيّ، ثمّ الشّيرازيّ. [المتوفى: 687 هـ]
سَمِعَ " صحيح الْبُخَارِيّ " كله من ثابت بن محمد الخجندي في شعبان سنة أربعٍ وثلاثين بشيراز بسماعه من أَبِي الوقت، أجاز لابن البِرْزاليّ فِي هذا العام.(15/600)
475 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أبي بَكْر بْن محمد، شمس الدّين الواسطيّ. [المتوفى: 687 هـ]
شيخ صالح، بكّاء، خاشع، روى عن أبي الفتوح محمد ابن الجلاجليّ، سَمِعَ منه ابن تيميَّة والمِزّيّ والبِرزْاليّ وابن المهندس وآخرون، وتُوُفّي بحَوْران وقد أجاز لمن أدرك حياته.(15/600)
476 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، الشّيْخ برهان الدّين النَّسفي، الحنفيّ، الفيلسوف، المتكلم، المنطيقيّ، [المتوفى: 687 هـ]
صاحب التّصانيف.
قَالَ ابن الفُوَطيّ: هُوَ شيخنا الحكيم المحقق، العلامة، المدقّق، لَهُ التّصانيف الشهيرة. وكان أوحد في الخلاف والفلسفة، مُتِّع بحواسّه. وكان زاهدًا وقد لخَّص " تفسير الفخر الرازي ". مولده تقريباً سنة ستمائة. ومات فِي الثاني والعشرين من ذي الحجّة ببغداد وكان قدِمها حاجًّا فِي سنة خمسٍ وسبعين فسكنها واشتغل عليه هارون ابن الصّاحب.(15/600)
477 - ميكائيل، الإِمَام بدر الدّين الجيليّ، الشافعيّ، [المتوفى: 687 هـ]
معيد الباذرائية مرّةً.
تُوُفّي فِي المحرم وكان فقيهًا، صالحًا، مقيماً بالمدرسة الناصرية.(15/600)
478 - نصر بْن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن علي، النّابلسيّ، شهابُ الدّين، [المتوفى: 687 هـ]
أخو سعد الخير. [ص:601]
سمع وأخوه الكثير من ابن البن وابن صصرى وزين الأمناء وابن صبّاح وطائفة، وكان مُكثِرًا كأخيه، وهذا الأكبر، سَمِعَ منه: ابن الخبّاز وابن نفيس وابن العطّار والمِزّيّ والبِرْزاليّ والجماعة، وعاش ستًّا وسبعين سنة وكان فِي الآخر يرتزق بالشّهادة. وله شعرٌ ضعيف. ولي منه إجازة.
تُوُفّي في جمادى الأولى.(15/600)
479 - ياسين بْن عَبْد اللَّه، المغربي، الحَجّام، الأسود، الصّالح. [المتوفى: 687 هـ]
كَانَ لَهُ دُكان بظاهر باب الجابية. وكان صاحب كشف وكرامات. وقد حجّ أكثر من عشرين مرة وبلغ الثمانين، اتّفق أنّه سنة نيِّفٍ وأربعين مرّ بقرية نوَى فرأى الشّيْخ محيي الدّين النّواويّ، وهو صبيّ فتفرس فِيهِ النّجابة واجتمع بأبيه الحاجّ شرف ووصّاه بِهِ وحرّضه عَلَى حفظ القرآن والعلم. فكان الشّيْخ فيما بعد يخرج إلَيْهِ ويتأدب معه ويزوره ويرجو بركته ويستشيره فِي أمور.
تُوُفّي فِي ثالث ربيع الأول ودُفن بمقبرة باب شرقي، رحمه الله وقد أخبَر بموت النّواويّ والده وقال: أيْنَ تختار أن يموت، عندكم أو فِي دمشق؟ ويقال: إنّه قتله بالحال لأمرٍ ثمّ ندم.(15/601)
480 - يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر، العدل، الفقيه، نجم الدّين ابن الإِمَام جمال الدّين الشّاطبيّ، ثمّ الدّمشقي، المقرئ. [المتوفى: 687 هـ]
روى عَنْ السّخاويّ ومات فِي رجب وكان نقيب الشاميّة الكبرى. وكان الفقهاء يحبّونه ويشكرونه، وقد سَمِعَ وأسمع أولاده كثيرًا فِي حدود الخمسين من ابن مسلمة ومكّي بْن علان وطائفة، وكان يشهد تحت الساعات، وعاش خمسًا وسبعين سنة.
وكان أبُوهُ من كبار القراء بدمشق. وهو فقد تلا بالسَّبع على السخاوي جمعاً، وعرض القصيد في سنة تسعٍ وعشرين وستمائة، وأبوه فقرأ عَلَى الشاطبيّ مفردًا وجامعًا وإجازة فِي سنة ثمانٍ وثمانين بخط السَّخاوي وبها خطبة حسنة. فقد شهد فيها على الشاطبي جماعة.
أضر النجم قبل موته وخلف أولادا.(15/601)
481 - يوسف بْن إِسْحَاق بْن أبي بَكْر بْن مُحَمَّد، عز الدّين، أَبُو يعقوب الطّبريّ المكيّ. [المتوفى: 687 هـ]
سمع " التِّرمذي " من علي ابن البّناء، وأجاز لنا سنة ثلاثٍ وسبعين، وروى عنه لنا أبو الحسن ابن العطار. وأدركه ابن الخبّاز سنة ستّ وقال: بتنا عنده بالمدرسة وتواعدنا لنسمع منه بكرة، فرحل الرَّكب بغتةً ولم ألقه يومئذٍ.
قلت: مات سنة سبعٍ أو ثمانٍ، فلم يلحقه البرزالي.(15/602)
482 - أَبُو بَكْر بْن حياة بْن يَحْيَى، الإِمَام بهاء الدّين الرَّقي، الشافعيّ، معيد العادليّة الصُّغرى. [المتوفى: 687 هـ]
سَمِعَ ببغداد من المبارك بْن مُحَمَّد الخوّاص ومحيي الدين يوسف ابن الجوزيّ ومات فِي ذي الحجة.
سَمِعَ منه أبو محمد البرزالي.(15/602)
-وفيها ولد:
برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن هلال بن بدوي الزرعي الحنبلي وتقي الدين عبد الله بن محمد ابن الفخر البَعْلَبَكّي فِي جمادى الآخرة، وشمس الدّين محمود بْن خليفة بْن مُحَمَّد بْن خَلَف المنبجي التاجر، وعبد الرحمن ابن الحافظ جمال الدّين يوسف المِزّيّ يوم الفطر، والصّدر سُلَيْمَان بْن دَاوُد ابن العطّار فِي شعبان، والقاضي بدر الدين محمد ابن القاضي شهاب الدّين أَحْمَد الْجَعْبَريّ فِي شوال، والمقرئ شمس الدين محمد ابن البصّال.(15/602)
-سنة ثمان وثمانين وستمائة(15/603)
483 - أحمد ابن الشّيْخ العماد إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد بْن عَليّ بْن سُرُور، الشّيْخ عمادُ الدّين المقدسيّ، الصّالحيّ. [المتوفى: 688 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وستّمائة. وسمع من أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ وابن ملاعب وأبيه والشيخ الموفَّق وطائفة ورحل إلى بغداد متفرّجًا، وسمع من عَبْد السلام الدّاهريّ وعمر بْن كرم واشتغل، ثمّ انخلع من ذَلِكَ وتَمَفْقَر وتجرّد. وكان سليم الصّدر، عديم التكلُّف والتَّصنّع، فِيهِ تعبُّد وزُهد وله أتباع ومريدون. وللنّاس فِيهِ عقيدة. يزوره الصاحب ابن حنى فمن دونه وهو فارغ عَنْهُمْ، وله حظٌ من صلاة وصيام وذكر إلا أنّه كَانَ يأكل الحشيشة فيما بلغني ويقول: هي لقيمة الذِّكر والفِكر. وأحسبه صحب الحريريّ.
سَمِعَ منه: المِزّيّ والبِرْزاليّ والطَّلبَة وأقام مدّةً بزاويةٍ لَهُ بسفح قاسيون عند كهف جبريل وكُفّ بصره.
تُوُفّي ودُفن يوم عَرَفَة عند قبر والده، رحمه اللَّه.(15/603)
484 - أَحْمَد بْن يوسف بْن عَبْد اللَّه بن شكر، الشيخ العَلَم ابن الصّاحب الْمَصْرِيّ، الفقير، المجرّد. [المتوفى: 688 هـ]
اشتغل فِي صباه وحصّل ودرس. وكان ذكيًّا فاضلًا، إلا أنّه تجرّد وتمفقر وأطلق طِباعه. وله حكايات فِي الزوائد والمزاح معروفة. وكان يجارد الرؤساء وغيرهم ويركب فِي قفصٍ عَلَى رأس حَمّال.
مات بمصر فِي ربيع الآخر. وكان يتعمَّم بشرطوطٍ طويل جدًا، دقيق العرض ويعاشر الحرافشة. وله أولاد رؤساء. وكان قليل الخير عرة.(15/603)
485 - أَحْمَد بْن يوسف بْن نصر بْن شاذي، كمال الدّين الفاضليّ. [المتوفى: 688 هـ]
سمع أبا المحاسن بن أبي لُقمة وأبي محمد ابن البن، وزين الأمناء وجماعة بدمشق، وأبا هريرة ابن الوسطاني وأبا علي ابن الجواليقيّ وعبد السّلام الدّاهري ومحاسن الخزائنيّ وجماعة ببغداد ووُلد سنة عشر [ص:604]
وستّمائة بمصر وتُوُفّي فِي جمادى الأولى بدمشق بدرب القاضي الفاضل.
كتب عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ وجماعة وكان يسمع بإفادة القاضي الأشرف.(15/603)
486 - أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر بْن خليل، العثماني، المكيّ، الفقيه، عَلَمُ الدّين الشافعيّ. [المتوفى: 688 هـ]
عالم، عامل، حدّث عن ابن الجميزي وعاش نيفاً وخمسين سنة.(15/604)
487 - أَحْمَد بْن أَبِي العزّ بْن مُشَرَّف بْن بيان، شمس الدّين، أَبُو بَكْر الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، المؤدب، [المتوفى: 688 هـ]
أخو النَّجم والشهاب.
حدّث عن: أبي الحسن ابن المقير ومُكرَّم وغيرهما ومات في شعبان، عن إحدى وستين سنة.(15/604)
488 - أحمد بن أبي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّزَّاق بْن هبة اللَّه، الصّالح، المُسْنَد، جمال الدّين، أَبُو الْعَبَّاس الصّالحيّ، العطار المغاري. [المتوفى: 688 هـ]
سمع أبا نصر موسى ابن الشيخ عبد القادر والموفَّق ابن قدامة والنفيس ابن البُنّ والمجد القزوينيّ وأحمد بْن طاوس وجماعة، روى عَنْهُ ابن الخبّاز وابن العَطَّار والمِزّيّ وجماعة كثيرة وهو
أخو شيخنا عيسى.
وُلِد في شوال سنة إحدى عشرة وستّمائة وتُوُفّي فِي ثاني ذي الحجّة. وكان إمام مغارة الدّم. لَهُ هيئة وأخلاق رضيّة وديانة.(15/604)
489 - إِبْرَاهِيم بْن سلامة الرَّقّيّ، الشّيْخ أَبُو إِسْحَاق. [المتوفى: 688 هـ]
تُوُفّي بالقاهرة فِي المحرم، رجل مبارك، سمع كثيرا بمصر ودمشق بعد الثّمانين وقبلها ولم يحدِّث.(15/604)
490 - إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه، أَبُو إِسْحَاق الدّمشقيّ، الحويريّ، النّجّار. [المتوفى: 688 هـ]
كَانَ يسكن بالحُوَيْرة التي قِبلي سوق السّلاح، مولده بدمشق فِي جمادى الأولى سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة، سافر إلى بغداد وسمع بها من أَبِي الفضل عبد السلام الداهري وأبي الحسن ابن القَطِيعيّ وجماعة وطال [ص:605]
عُمُره. كتب عَنْهُ ابن الخبّاز والمِزّيّ والبِرْزاليّ والطّلبة.
مات فِي ثالث ذي الحجة.(15/604)
491 - إِسْمَاعِيل بْن إلياس، الصّاحب، المعظم، مجدُ الدّين ابن الكُتُبي. [المتوفى: 688 هـ]
قَالَ ابن الفُوَطي: قُتل فِي جمادى الآخرة بدار الشاطيا. ذُكر أنّهُ كَانَ يومئذٍ صائمًا. وكان من أفاضل الأعيان، مليح الخطّ. وقد قرأ فِي الطّبّ والهندسة والأدب وُلّي الأعمال الجليلة. كتبتُ عنه وكان جميل الجملة والتفصيل.(15/605)
492 - إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن طلحة، أَبُو الفداء المقدسيّ، ثمّ الدّمشقي. ويُعرف بابن الحنبليّ. [المتوفى: 688 هـ]
شيخ صالح من بيت حديث، روى عن محمد بن غسّان وغيره، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ ومات فِي صفر عَنْ ستٍّ وستّين سنة.(15/605)
493 - إِسْمَاعِيل بْن يَحْيَى بْن منصور، الإِمَام أَبُو الطّاهر الحَسَنيّ، اليمنيّ. [المتوفى: 688 هـ]
وُلِد سنة عشرين وستّمائة وكتب عَنْهُ أَبُو العلاء الفَرَضيّ وغيره بالقاهرة. وبها مات فِي ربيع الآخر، سمع من العَلَم ابن الصابوني وابن الجباب. وكان مُعيداً.(15/605)
494 - أيدُغدي، الأمير الكبير، علاء الدّين الكِبكي، الظاهريّ، مملوك الأمير الحاجب جمال الدّين ابن الدّاية الناصرية. [المتوفى: 688 هـ]
حضر الوقعة التي بين الملك الناصر والملك المعز أيبك فِي سنة ثمانٍ وأربعين وهو صبيّ؛ فاستولى عَلَيْهِ كبْك فعُرف بِهِ. وكان يُراعي أولاد أستاذه جمال الدّين ويحسن إليهم. وتنقّلت بِهِ الأحوال إلى أن وُلّي نيابة صفد في الدولة الظاهرية والسعيدية. ووُلّي نيابة حلب وغير ذَلِكَ من المناصب. وكان من الفرسان المذكورين بالشجاعة. [ص:606]
تُوُفّي ببيت المقدس فِي رمضان وصُلّي عَلَيْهِ بدمشق صلاة الغائب وهو فِي عَشْر السّتّين.(15/605)
495 - بركوت، الجابري، الأسود، الضّرير، الرجل الصّالح. [المتوفى: 688 هـ]
روى بمصر عَنْ: كريمة وأبي القاسم بن رواحة.
ومات فِي شعبان، كتب عَنْهُ الفَرَضيّ والبِرْزاليّ وجماعة.(15/606)
496 - بهجة بِنْت رضوان بْن صبح، الدّمشقيّة [المتوفى: 688 هـ]
والدة الشيخين وجيه الدّين وزين الدّين ابني أَبِي المنجى.
سَمِعْتُ " المائة الفُرَاويّة " من زوجها عزّ الدّين عثمان بن المنجى.
توفيت في شوال.(15/606)
497 - خطّاب بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الكَرَم بْن كنانة، فخر الدين الموصلي، ثم الدمشقي. [المتوفى: 688 هـ]
روى عَنْ سالم بْن صَصْرى وعبد الوهّاب بْن رواج وغيرهما، روى عنه البرزالي وابن حبيب وغيرهما. وكان شيخا حسنا معتبرا مات في المحرم.(15/606)
498 - خُطْلُغ شاه بن سنجر، الملك ناصر الدين الصاحبي، الجويني. [المتوفى: 688 هـ]
شاب عاقل، أديب. كان ينوب عن مخدومه ببغداد إذا غاب عَنْهَا وتقلّبت بِهِ الأحوال إلى أن ولي بغداد، ثمّ بُلي بمعاداة سعد الدولة الذمي، فعمل على قتله. ثم نقل فدُفن برباطٍ له ببغداد.(15/606)
499 - زينب بِنْت مكي بْن عَلِيّ بْن كامل الحرّانيّ، أمّ أَحْمَد الزّاهدة، العابدة، المُسْندة. [المتوفى: 688 هـ]
سَمِعْتُ من حنبل وعمر بْن طَبَرْزَد وأبي المجد الكرابيسيّ والشمس العطّار، وسمعت من ستّ الكَتَبة فِي الخامسة سنة ثمانٍ وتسعين، وأجاز لها: عَبْد الوهّاب بْن سُكَينَة وأبو الفخر أسعد بن سعيد وعفيفة الفارفانية وأبو المجد زاهر الثقّفيّ.
وروت الكثير وطال عمرها. وكانت أسند مَن بقي من النّساء فِي الدّنيا. [ص:607]
سمع منها الحافظان: أبو عَبْد اللَّه البِرْزاليّ، ونافلته أَبُو مُحَمَّد، وسمع منها أيضاً: عمر ابن الحاجب وابن الشُّقيشقة. وروت الحديث نيِّفاً وستّين سنة.
وروى عَنْهَا الدّمياطيّ وسعد الدّين الحارثيّ وزين الدّين الفارقيّ وابن الزّرّاد والمزّيّ وقُطْب الدّين عَبْد الكريم وخلْق كثير، وعاشت أربعًا وتسعين سنة.
وكانت من النّساء العوابد الفقيرات المتعفّفات، صاحبة أوراد ونوافل وأذكار وتلاوة وخشية واستغفار، رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا.
تُوُفّيت فِي شوّال. وقد روت " المُسْند " كله وروت شيئًا كثيرًا عَنِ ابن طَبَرْزَد، وازدحم عليها الطّلبة، وهي أخت الفخر علي في الرضاع والسماع.(15/606)
500 - ستُّ الفُقهاء بِنْت الزَّين أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن عُثْمَان، المَقْدِسيّة. [المتوفى: 688 هـ]
روت عَنْ أَبِي المجد القزوينيّ وأبي القاسم بْن صَصْرى وغيرهما.
سمع منها: الجماعة، وماتت في رمضان.(15/607)
501 - الصارم المطروحي والي البر بدمشق، بزغش. [المتوفى: 688 هـ]
مات فِي عيد النَّحر. وقد روى ابنه شهاب الدين أحمد الحديث عَنِ القاضي ابن عطاء وهو أخو علاء الدين ابن منجى لأمّه وعمّ صدر الدّين. ودارهم عند باب السلامة.(15/607)
502 - عَبْد اللَّه البَعْلَبكّيّ، المعروف بأخي مهديّ. [المتوفى: 688 هـ]
وهو والد صاحبنا الفقيه نجم الدّين هاشم.
وُلِد سنة أربع وستّمائة، ومات فِي ثامن وعشرين من جمادى الأولى ببعلبك، وكان لوناً غريباً ووحشًا عجيبًا.
ذكره الشّيْخ قُطْب الدّين فقال: كَانَ فِي أول أمره مستقيم الحال، ثم خلّط فِي أقواله وأفعاله وقطع إصبع يده. زعم أنّه أمرها فعَصَته، فقطعها.
وكان لجماعةٍ من أهل الضّياع فِيهِ عقيدة عظيمة. وقضّي أكثر عمره محبوساً في برج من قلعة بعلبَك، وحُبِس معه شخص يعرف بقاسم كَانَ يخدمه ويحترمه.
وكان كثيرٌ ممّن يقدَم إلى بعْلَبكّ يدخل عَلَيْهِ البُرج لرؤيته ومشاهدته وسماع [ص:608]
كلامه. فيتكلم تارةً بالعجمي وتارة بالفرنجي وبغير ذَلِكَ، وتظهر منه أنواع من الاختلال والذي ظهر لي من أمره أنّه كَانَ يميل إلى مذهب الإسماعيلية، فإنّه سافر فِي شبابة إلى حصونهم واجتمع بجماعةٍ من أكابرهم.
قلتُ: كَانَ ضالًا بلا شكّ. يتكلّم بكُفْريات، وإذا سأل من يخادمه عَنْ أمرٍ، قَالَ: أنت أعلى وأعلم، وكان إذا ذكروا ابنه يَقُولُ: السرّ بهاشم.(15/607)
503 - عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن أَبِي القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن، المفتي، القُدوة، فخر الدّين، أَبُو مُحَمَّد البَعلَبَكّيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 688 هـ]
وُلِد سنة إحدى عشرة ببعْلَبَكّ وسمع من أَبِي المجد القزوينيّ والبهاء عَبْد الرَّحْمَن وابن الزُّبيدي وابن اللّتّيّ والفخر الإربلّيّ والنّاصح ابن الحنبليّ ومُكَرَّم بْن أَبِي الصَّقر وجماعة، وقرأ القرآن عَلَى خاله القاضي صدر الدّين عَبْد الرحيم بن نصر، وقدم دمشق للاشتغال فِي سنة ثلاثين، فتفقَّه عَلَى الإِمَام تقيّ الدّين ابن العزّ وشمس الدين عمر بن المنجى وأبي سليمان ابن الحافظ. وحفظ كتاب " علوم الحديث " لابن الصّلاح وعرضه حِفْظًا عَلَى المصنّف. وقرأ الأصول وشيئًا من الخلاف عَلَى السّيف الآمدي وعلى القاضي نجم الدّين أَحْمَد بْن راجح، وقرأ فِي النحو على أبي عمرو ابن الحاجب، ثم عَلَى المجد الإربليّ الحنبليّ. ثم رجع إلى بلده، وكان الشّيْخ الفقيه يحبّه ويُكرمه وجعله إمامًا بمسجد الحنابلة، فلم يزل يؤمّ بِهِ إلى أن انتقل إلى دمشق.
وقد درّس بالجوزية نيابة عَنِ القاضي نجم الدين ابن الشّيْخ شمس الدّين. ودرّس بالصدرية وبالمسمارية نيابة عن بني المنجى. وولي تدريس الحلقة بالجامع ومشيخة مشهد عروة ومشيخة النّورية ومشيخة الصدرية، وروى الكثير وأفتى وأشغل وتخرّج بِهِ جماعة من الفضلاء.
وكان عديم المثل، كبير القدْر. سَأَلت أَبَا الحَجّاج الكلبيّ، عَنْهُ فقال: هُوَ أحد عباد اللَّه الصّالحين، وأحد من كَانَ يُظَنّ بِهِ أنّه لا يحسن يعصي الله، سمعنا منه طرفًا صالحًا من مسموعاته.
وقال قُطْب الدّين: كَانَ صالحًا، زاهدًا، عابدًا، فاضلًا، وهو من أصحاب والدي، رحمه اللَّه، اشتغل عَلَيْهِ وقدّمه يصلّي بِهِ فِي المسجد. رافقتُه [ص:609]
فِي طريق مكة، فرأيته قليل المِثل في ديانته وتعبُّده وحُسن أوصافه.
وقال ولده المفتي شمس الدّين: كَانَ دائم البِشر يحبّ الخمول ويؤثره ويلازم قيام اللّيل من الثلُث الأخير ويتلو القرآن بين العشاءين، ويصوم الأيام البيض وستّةً من شوّال وعشر ذي الحجّة والمحرَّم، لا يخلّ بذلك، ولقد أَخْبَرَنَا بأشياء فوقعت كما قَالَ لخلائق. وذلك مشهورٌ عند من يعرفه، وقال لي فِي صحّته وعافيته: أَنَا أعيش عُمُر الإِمَام أَحْمَد بْن حنبل، لكن شتّان ما بيني وبينه. فكان كما قَالَ، وقال لي: يا بُنيّ تنزّهت عَنِ الأوقاف إذ كَانَ يمكنني وكان لي شيء، فلمّا احتجت إليها تناولت منها.
قلت: حكى لي حفيدة فخر الدّين أنّه قدم دمشق ومعه مبلغ جيد من الدارهم، فأكل منه مدّة سنين وأنفق عَلَى أولاده حتّى كبروا. ثم تردّد إلى الجهات. وكان إمام مسجد ابن عُمَير الّذي بإزاء درب طلْحة داخل باب توما ويسكن المسجد.
تُوُفّي فِي سابع رجب، ودفن بتربة الشّيْخ الموفَّق بسفح قاسيون. وقد أجاز لي مروياته، وروى عَنْهُ ابن الخبّاز وابن العطّار وشيخنا ابن تيمية والمزي والبرزالي وخلق سواهم.(15/608)
504 - عبد العزيز الدّميري، الزاهد. [المتوفى: 688 هـ]
شيخ صالح، مشهور، مقصود بالزّيارة، جالَسَه ابن سيد النّاس وأرّخه، لقيه بجامع دمنهور ووصفه بالعلم والفهم والصّلاح.(15/609)
505 - عَبْد العزيز بْن نصر بْن أَبِي الفرج، الشيخ عز الدين، أبو الفضل ابن الحافظ أبي الفتوح ابن الحصريّ. [المتوفى: 688 هـ]
سمع من والده وروى بالإجازة عَنْ: المؤيَّد الطُّوسيّ وأبي رَوْح الهَرَويّ، سمع منه المصريّون والرّحّالة، ومات فِي ثامن رمضان ودُفِن بالقرافة وكان من أبناء الثمانين وقيل بل جاوز التّسعين.(15/609)
506 - عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر اللَّه، الشّيْخ نجم الدّين أبو المكارم العبدي، الحَمَويّ، الكاتب المعروف بابن المُغَيزل وبابن المحتسب. [المتوفى: 688 هـ][ص:610]
حدّث عَنْ أَبِي القاسم بْن رواحة. وصحب شيخ الشيوخ. وكان كاتب الدَّرج بحماة للملك المنصور ولولده الملك المظفّر، وكان المنصور يحبّه ويحترمه. ونال من جهته دنيا واسعة. ووقفا أوقافاً بحماة. وكان أديباً فاضلًا شاعرًا، حَسَن الصُّحبة، كثير المكارم.
وُلِد سنة أربعٍ وعشرين وستّمائة. وهو أخو شيخنا عبد اللطيف ومن نظمه:
هويت بحرياً إذ سَمته ... تقبيل ما فِي فِيهِ من درِّ
ينهرني من فرط إعجابه ... يا ما أُحَيْلَى النّهر من بحرِ
وله:
يا ربّ قد أمسيتُ جارَك راجيًا ... حُسْن المآب وأنت أكرم جارِ
فأمْنُن بعفْوك عَنْ ذنوبي إنّها ... لكثيرةٌ وقنِي عذابَ النارِ(15/609)
507 - عَبْد القادر بْن أَبِي الرضا بْن معافى، القاضي، أَبُو مُحَمَّد، نائب الحكم بالإسكندرية. [المتوفى: 688 هـ]
كَانَ يروي " جامع التَّرْمِذيّ "، عَنْ علي ابن البناء , وكان عَسِرًا فِي الرواية جدًّا، فلم يسمع منه عَلَمُ الدّين لعسارته.
وذكر لي جمال الدّين المِزّيّ أنهّ أتاه ليسمع منه وهو جالس للحكم فقال: نَحْنُ جلوس لقضاء أشغال المسلمين. فقلت: فأيش نحن.
توفي في هذه السنة في شوال وسماعه للكتاب في سنة إحدى عشرة وستمائة.
ونقلت من خط الفَرَضيّ فِي شيوخه الذين سَمِعَ منهم: عَبْد القادر بْن عَبْد العزيز بْن صالح بْن سليمان بن معافى القاضي أَبُو مُحَمَّد الكِنْديّ، الحجْريّ، المالكيّ، المفتي، من بيت العلم والرواية. كَانَ لا يروي إلا بالجهد والشفاعات. ناب فِي الحكم مدّةً، ثم عزل نفسه ولزم بيته. وسمع أيضًا من ابن عماد والصفرواي. وأقعِد بأخرة. لقبه كمال الدين ابن التقيّ. وقد تلا بالسّبْع عَلَى الصَّفْراويّ.(15/610)
508 - عَبْد القادر بن عَبْد القادر بْن خَلَف، السماكي، الأَنْصَارِيّ، الزَّمْلَكانيّ. [المتوفى: 688 هـ]
روى عَنْ عمّه الخطيب عَبْد الكريم الزَّمْلكاني، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وغيره، ومات فِي رمضان.(15/611)
509 - عَبْد الوهّاب بْن حمزة بْن مُحَمَّد، العدل، محيي الدّين، قاضي حماة ابن محيي الدين حمزة البهراني، القضاعي، الحموي. [المتوفى: 688 هـ]
وُلِد سنة إحدى وعشرين وستّمائة، وسمع بحماة من عزّ الدّين مُحَمَّد بْن يوسف بْن عُمَر بْن بهرور - بمهملتين -، " عوالي طراد " قال: أخبرتنا شُهدة، وسماعه من ابن بهرور حضور، وسمع من ابن رواحة ويوسف بْن خليل، وكان عنده فضيلة ونباهة.
تُوُفّي فِي رمضان بحماة، وقد سمع من جدّته صفيّة القُرَشيّة. وكان جد أبيه قاضيًا بحماة.(15/611)
510 - عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي الربيع، الإِمَام أَبُو الحسين القرشي، الأموي، العثماني، الأندلسي، الإشبيليّ، [المتوفى: 688 هـ]
إمام أهل النَّحو فِي زمانة.
ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة. واشتغل على أبي الحسن ابن الدّبّاج وقرأ عَلَيْهِ " كتاب " سِيبوَيْه. وقرأ القرآن عَلَى أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَبِي هارون التميمي، عن والده أحمد بن محمد المتوفى سنة خمسٍ وستمائة.
وقرأ أيضًا " كتاب " سيبويه وغيره عَلَى أَبِي علي الشلوبين وأذِن لَهُ فِي أن يتصدَّر للإشغال، وصار يرسل إليه الطلبة الصغار ويحصل له منهم ما يكفيه، فإنّه كَانَ لا شيء لَهُ.
وسمع بعض " الموطأ " وبعض " الكافي " على القاضي أَبِي القاسم بْن بَقيّ وأجاز لَهُ.
ولمّا استولى الفرنج عَلَى إشبيلية جاء الإِمَام أَبُو الْحُسَيْن إلى سَبْتَه فسكنها وصنّف بها كتاب " الإفصاح فِي شرح الإيضاح " لأبي علي الفارسيّ، بيع بمصر بخمسة وثلاثين ديناراً وهو في أربع مجلدات كبار.
وله كتاب " القوانين " مجلد كبير، وله تعليق عَلَى " سيبْويَه " وكتاب كبير في عشر [ص:612]
مجلدات شرحا للجمل، وهو كتاب لم تشذّ عَنْهُ مسأله من العربية.
قرأت هذه التّرجمة عَلَى قائلها أَبِي القاسم بْن عمران وقال: حضرتُ مجلس الأستاذ أَبِي الْحُسَيْن وسمعت عَلَيْهِ وأجازني.
وأجاز عند موته لكلّ من أدرك حياته بعد أن رغب فِي ذَلِكَ طلبته.
وخَلَفه فِي موضعه كبير طلبته أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد الغافقيّ.(15/611)
511 - عُثْمَان بْن نصر اللَّه بْن حسّان، أَبُو عَمْرو الدّمشقيّ، الغُلْفيّ، السَّقطيّ. [المتوفى: 688 هـ]
روى عن أبي القاسم بن صصرى والناصح ابن الحنبليّ.
كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وجماعة ومات فِي شعبان، كان من خيار المسلمين. وكان أبُوهُ شاهدًا، سَمِعَ من الخُشُوعيّ.(15/612)
512 - عطية بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن، الشّيْخ سديدُ الدّين، أَبُو الماضي اللَّخمي، الإسكندراني، المالكي. [المتوفى: 688 هـ]
روى عن محمد بن عماد والصَّفراوي ووُلِد سنة تسعٍ وستّمائة، أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ وأبو العلاء الفَرَضْي وجماعة. وحدّث فِي هذا العام ولا أعلم مَتَى مات.(15/612)
513 - عَلِيّ بْن أسعد بْن عُثْمَان بْن أسعد بْن المنجَّى، الرئيس علاء الدّين ابن الأجلّ صدر الدّين. وهو ابن واقف الصَّدرية. [المتوفى: 688 هـ]
تُوُفّي ولم يبلغ أربعين سنة. وكان فِيهِ حشمة وعقل وتواضع ودين. وكان صديقًا لأبي.
تُوُفّي فِي شوال.(15/612)
514 - عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن أَبِي المحاسن بْن أَبِي طَالِب، أَبُو الْحَسَن المَقْدسيّ، جدّ صاحبنا شهاب الدّين أَحْمَد الظاهري لأمّه ويُعرف بالعفيف الدّاعي؛ [المتوفى: 688 هـ]
لأنّه كَانَ يدعو بالسُّبع الكبير عند الفراغ.
وكان إنسانًا مباركًا، كثير التلاوة، كتب عَنْهُ ابن الخبّاز وأخذ عَلَى الإجازات خطّه ومات فِي رمضان. وقد ولد بالقدس فِي سنة ستَّ وستّمائة. وسمع سنة ثلاث عشرة من زكريّا الْحِميَريّ، عَنِ النّسابة الجوانيّ، عن ابن [ص:613]
رفاعة، عَنِ الخلَعيّ حكاية المرأة الّتي رآها الشافعيّ باليمن لها بدنان.(15/612)
515 - عَلِيّ بْن سالم بن سلمان، علاء الدين الحصْنيّ والي زُرَع. [المتوفى: 688 هـ]
صودر وطُلب منه مائة ألف درهم وعُصِر فشنق نفسه بالعذراويّة فِي ربيع الأوّل. ولعلّهم شنقوه سرًّا، وقد سَمِعَ الكثير من ابن عَبْد الدائم وخلْق، وكتب الأجزاء وحدث ووقف أجزاءه.(15/613)
516 - عَلِيّ بْن عَبْد العزيز، شيخ القرّاء بالعراق، تقيّ الدّين الإربليّ، المقرئ، [المتوفى: 688 هـ]
المقيم بدار القرآن التي أنشأها بهاء الدين الإربلي بدار الخلافة.
وكان فاضلًا، خيّرًا، كثير الرّواية. خرج له جمال الدين القلانسيّ عوالي مسموعاته ومَرْويّاته. وكان كثير المحفوظ، مولده سنة عشرٍ وستّمائة فِي ربيع الأول. ومات في خامس رجب سنة ثمانٍ، ودُفن بقرب بشْر الحافي، نقلتُ ذَلِكَ من خطّ ابن الفُوَطيّ.
قرئ عليه بإجازته من عبد العزيز ابن الأخضر وأبي منصور بْن عُفَيْجَة ومحمد بْن عُبَيْد الحلاوي ومشرف الخالصيّ ومحمد بْن عَبْد الله بن المكرَّم وأحمد بن سلمان ابن الأصفر وأحمد بن يحيى ابن الدُّبَيقي وإسماعيل بن حمدي البزّار وسليمان بْن مُحَمَّد المَوْصليّ وخلْق.(15/613)
517 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن منصور بْن عُفَيْجَة، عزّ الدّين البغداديّ. [المتوفى: 688 هـ]
سَمِعَ " مُسْنَد عَبْد بْن حُمَيْد "، من ابن بهروز. وحدّث.
مات فِي ربيع الآخر عن ست وستين سنة.
أجاز للبِرْزاليّ.(15/613)
518 - عنبر، القيّم المِزّيّ. [المتوفى: 688 هـ]
روى عَنْ أخي مُعتقه خاطب بْن عَبْد الكريم وكان أسود اللّون.
مات بالمزة في رمضان.(15/613)
519 - فاطمة بِنْت الزّعبيّ، المرأة الشاطرة، الحريريّة، [المتوفى: 688 هـ]
زَوْجَة الشيخ نجم الدين ابن إسرائيل الشاعر. [ص:614]
كانت مليحةً تتعانى الرجولية، وتحلق رؤوس الفقراء وتشتلّق ولها أخبار.
تُوُفّيت فِي ربيع الأوّل.(15/613)
520 - فخراور بْن مُحَمَّد بْن فخراور بْن هندوَيْه، أَبُو مُحَمَّد الكنْجيّ، الصّوفيّ، السُّهرُوَردي الزاهد. [المتوفى: 688 هـ]
روى عَنِ الملك المعظَّم تورانشاه ابن صلاح الدّين وإسماعيل بْن عزون.
تُوُفّي يوم عرفة بالقاهرة، كتب عنه الفرضي وغيره.(15/614)
521 - قيصر، أبو محمد المستنصري، الباذرائي، [المتوفى: 688 هـ]
فرّاش الباذرائية.
حدّث عن: أبي بكر ابن الخازن وغيره.
كتب عَنْهُ ابن جعوان وعَلَمُ الدّين البِرْزاليّ.
ومات في صفر.(15/614)
522 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن علي، الشّيْخ كمال الدّين ابن النّجّار الدّمشقيّ [المتوفى: 688 هـ]
وكيل بيت المال.
حدّث عَنْ: القزوينيّ وابن أَبِي لُقمة وأبي القاسم بْن صَصْرى وابن البن حضورًا وغيرهم.
كتب عنه ابن الخباز والمزي والبرزالي وجماعة.
وكان فِيهِ دَهاء وشهامة وشرّ، اللَّه يرحمه.
مات فجاءة بقريةٍ وحمل على بغل فتغير. وسُر بموته أضداده. ودُفن بقاسيون وله إحدى وسبعون سنة. وقد كان عُزِل وصودر وحمد أمره قبل الثمانين. ثم ولي تدريس الدَولعية فدرّس بها إلى أن مات فِي شعبان. وكان يدخل فِي مكس وحيل ويخاف منه. وله ثروة وتجمُّل ودرّس بعده بالدّولعيّة تجاه ابن العطّار كمال الدّين ابن الزكيّ.(15/614)
523 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عطاء اللَّه، الفقيه شمس الدّين المرداويّ، الحنبليّ، الرجل الصالح. [المتوفى: 688 هـ][ص:615]
حدّث عَنْ: ابن اللّتّيّ وغيره وسمع منه الطّلبة ومات فِي ذي القعدة بالجبل.(15/614)
524 - مُحَمَّد ابن العفيف سُلَيْمَان بْن علي، التّلمسانيّ، الأديب، شمس الدين، الشاعر ابن الشاعر. [المتوفى: 688 هـ]
تعانى الكتابة، ووُلّي عُمالة الخزانة. ومات شاباً وكان فيه عشرة ولَعِب وخلاعة. وله شعر فِي غاية الحسن. مات فِي رجب.
ومن شعره.
ما أنت عندي والقضيـ ... ـب اللّدن في حدٍّ سوى
هذاك حرّكه الهوا ... ء وأنت حرّكت الهوى
وله:
مولاي إنّا فِي جوارك خمسةٌ ... بتنا ببيتٍ ما بِهِ مصباح
ما فِيهِ لا لحم ولا خُبز ولا ... ماء ولا شيء لَهُ نرتاح
ما فاتنا إلا التّخلّل بالعبا ... فجسومنا لعبت بها الأرواح
كلّ تراه فِي الكآبة والطّوَى ... شَبحاً فنحن الخمسة الأشباح
وله:
دمي للهوى إنْ كان يرضي الهوى حل ... فعدلك لا ربطٌ لديه ولا حلُّ
إليك وما موّهت عني فإنما التـ ... ـتجاهل عند العارفين بِهِ جهلُ
تحدّث فِي النادي بذكري وذكرها ... وصار لأهل الحيّ من أمرنا شغلُ
طريدٌ ولي مأوى مباحٌ ولي حمى ... وحيدٌ ولي صحبٌ غريبٌ ولي أهلُ
وله:
لي من جمالك شاهدٌ وكفيلُ ... أني عَنِ الأشواق لست أحولُ
ما بال خدّك جار فِي تقسيمه ... لي نارهُ ولغيري التقبيلُ
يا من تقاصَرَ ليلُه لسروره ... ليلي بحُزن الوجد فيك طويلُ
غادرتني بحشى يذوب ومُقلة ... عبرَى وجسم خطّهُ التعليلُ.
فِي كلّ جفن للتسهّد موطنٌ ... وبكلّ خدِّ للدموع مسيلُ [ص:616]
يا قدّه والرُمحُ فِيهِ نضارةٌ ... فعلام فِي حدّ السّنان ذبولُ
أين المعينُ عَلَى الصّبابة أهلها ... ليخفّ عنّي الوجْد فهو ثقيلُ
وله:
ما للحشيشة فضلٌ عند آكلها ... لكنّه غير مهديّ إلى رَشَدِه
صفراء فِي وجهه خضراء في فمه ... يده حمراء فِي عينه، سوداء فِي جسدِه
وله:
لي من هواك بعيده وقريبه ... ولك الجمال بديعه وغريبه
يا من أعيذ جماله بجلاله ... حذرًا عَلَيْهِ من العيون تصيبه
إنْ لم تكن عيني فإنك نورها ... أو لم تكن قلبي فأنت حبيبه
هَلْ حُرمة أو رحمة لمتيَّمٍ ... قد قل فيك نصيره ونصيبه
وله من قصيدة:
لحاظك أسياف ذكورٌ فمالها ... كما زعموا مثل الأرامل تغزلُ
وما بال برهان العذارمسلّما ... ويلزمه دورٌ وفيه تسلسلُ
ومن قصيدة:
فكم يتجافى خصْره وهو ناحل ... وكم يتحالى ثغره وهو باردٌ
وله:
بمن أباحك قتلى ... علام حرمت وصلي
أَنَا لك المتمنّي ... وغيري المتملّي
وليس مثلك يهوى ... فِي الحب هجران مثلي
ما دمت تهوى فواصل ... فذا ربيعٌ مولّي
حسبي وحسبك دفن ... يأتي بفرقة شملِ
وبعد ذاك إذا ما ... رَأَيْت وجهي فولّي
وله:
أسير لحاظ كيف ينجو من الأسرِ ... وعاشق ثغر كيف يصحو من السُّكرِ
وأي محبٍّ يلتقي الحب قلبُه ... ويثبت وقتاً ثم يطمع في صبرِ [ص:617]
ولاسيما صبّ يذوب من الهوى ... بما جل عن حصرٍ بما دقّ من خصرِ
يهدّده الواشي فيبكي صبابة ... فيفرقُ من نهرٍ ويغرق فِي نهرِ
ففي كلّ جوٍّ منه نقعٌ من الجوى ... وفي كل قطرٍ منه وقع من القطرِ
تعلْق فِي أُفق الملاحة كوكبًا ... تألّق دُريّاً وضاحك عَنْ درِّ
مضى زمن كانت لديه أحبّة ... يقومون بالدعوى ويوفون بالنذرِ
ليالي ساهَرْنا الخلاعَة عندما ... وهبْنا الكَرَى فيها لحادثة الدهرِ(15/615)
525 - مُحَمَّد بْن صديق بن بهرام، تاج الدين الدمشقي، الصفار، أبوه الذهبي البشكار، [المتوفى: 688 هـ]
أخو محمد بن يوسف بن يعقوب الإربلي الذهبي لأمه.
سمعا من ابن الزُّبَيْديّ وابن اللّتّيّ ومُكَرَّم والهَمَدَانيّ، وهو أكبر من أخيه بسنتين. أعرفه جيّدًا. وكان ديَّنًا، خيراً، حسن السمت، يعمل التخاتج الفضيّة. وعاش ستًّا وستّين سنة.
روى عَنْهُ ابن الخبّاز وابن العَطَّار، والمِزّي وابن البِرْزاليّ وجماعة.
ومات في شعبان.(15/617)
526 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحِيم بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد، الإِمَام، المحدّث، القُدوة، الصّالح، شمس الدّين ابن الكمال المقدسيّ، الحنبليّ، [المتوفى: 688 هـ]
ابن أخي الحافظ الضّياء.
وُلِد فِي ذي الحجّة سنة سبعٍ وستّمائة.
سَمِعَ من أَبِي اليُمن الكِنْديّ وأبي القاسم ابن الحرستاني حضوراً، ومن داود بن ملاعب والبكري وأبي الفتوح وموسى بْن عَبْد القادر والشمس أَحْمَد العطار والشيخ العماد إِبْرَاهِيم والشيخ المُوفَّق وابن أبي لُقمة وابن البُنّ وابن صصرى وزين الأُمناء وابن راجح وأحمد بْن طاوس وابن الزَّبَيْديّ وخلق كثير.
وحدّث بالكثير نحوًا من أربعين سنة. وعُني بالحديث وجمع خرَّج [ص:618]
وكتب الكثير بخطّة. وقرأ عَلَى الشيوخ. وتمَّم تصنيف " الأحكام " الَّذِي جمعه عمّه الضّياء.
وكان محدّثًا، فاضلًا، نبيهًا، حَسَن التحصيل وافر الدّيانة، كثير العبادة، نزِهاً، عفيفًا، مخلصًا، كبير القدر.
روى عَنْهُ القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان والشيخ تقيّ الدّين ابن تيميَّة وابن العطّار والمِزّيّ وابن مُسْلِم وابن الخبّاز والبِرزاليّ، وخلْق يبقون إن شاء الله إلى بعد الخمسين وسبعمائة.
وقد حج مرتين ودرّس بالضّيائية ووُلّي مشيخة الأشرفية التي بالجبل. وغزا غير غزوة. وكان كثير التواضع، كثير الذِّكر، حَسَن الشكل، عليه مهابة وسكون، وفيه مروءة وإيثار.
وسألت عَنْه المِزّي فقال: أحد المشايخ الِجلّة المشهورين بالعبادة والورع والعلم والفضل. سَمِعَ الكثير من الإِمَام أَبِي مُحَمَّد بْن قُدامة وغيره، وسمع من أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ كتاب " مكارم الأخلاق " وأجاز لَهُ: المؤيّد الّطوسيّ وأبو رَوْح وجماعة.
وقال قُطب الدّين: تُوُفّي ليلة تاسع جمادى الأولى ودفن بمقبرة الشّيْخ الموفَّق.
وحُكي لي عَنْهُ إنّه حفر مكانًا بالصّالحيّة لبعض شأنه، فوجد جرةٌ مملوءة دنانير وكانت معه زوجته تُعينه عَلَى الحفر، فاسترجع وطمّ المكان، وقال لزوجته: هذه فتنة ولعلّ لهذا مستحقين لا نعرفهم. وعاهدها عَلَى أنها لا تُشْعر بتلك الْجَرّة أحدًا ولا تتعرَّض إليها. وكانت قرينة صالحة مثله، فتركا ذَلِكَ تورُّعًا مَعَ فقرهما وحاجتهما. وهذا غاية الورع والزُّهد.(15/617)
527 - مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن دُرارة، الصّالح، المؤذّن، أَبُو الفضل، جمال الدّين الْمَصْرِيّ، المحدِّث. [المتوفى: 688 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وستّمائة، وسمع وقد كبر من ابن المقيّر وابن رواج وجماعة من أصحاب السِّلَفيّ، ونسخ الكثير ووقف كُتُبه وأجزاءه، كتب عنه [ص:619]
البرزالي والمصريون، ومات في شعبان.(15/618)
528 - محمد بن عبد الواحد ابن الواعظ أَبِي بَكْر بْن سُلَيْمَان بْن عَلِيّ ابن الحموي، العدل، كمال الدّين، [المتوفى: 688 هـ]
أحد الشهود تحت الساعات.
روى عَنِ ابن الزُّبيْديّ، سَمِعَ منه الجماعة، ومات فِي جمادى الآخرة.(15/619)
529 - مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن سُلَيْمَان، المحدّث المفيد، الزّاهد، ضياء الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الزّرْزاريّ. [المتوفى: 688 هـ]
سَمِعَ: مُحَمَّد بْن عماد الحرّانيّ وجماعة، كتب عَنْهُ المصريّون.
وذكره الفَرَضيّ فقال: محدّث مُكثِر، زاهد، عابد، متوجّه إلى اللَّه، مراقبٌ للسُّنَّة فِي حركاته، منقطع. تُوُفّي بالقاهرة فِي تاسع شوّال.
وقال غيره: كَانَ يمتنع من التحديث. وتلا بالسبع على: الصفرواي وجعفر وابن الرّمّاح وابن باسوية والعَلَم السخاوي، وألف في مذهب الشافعي أشياء وغسلها.(15/619)
530 - محمد بن عمر بن علي بن مرشد، كمال الدين، أبو حامد ابن الشّيْخ شرف الدّين ابن الفارض. [المتوفى: 688 هـ]
سَمِعَ من أبِيهِ وابن رواج، وأجاز لَهُ المؤيَّد الطُّوسيّ وأبو روح وجماعة، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وابن سامة والمصريون.
ومات بالقاهرة فِي ربيع الأول.(15/619)
531 - مُحَمَّد بْن المبارك بن يحيى بن المبارك ابن المخرمي، كمال الدّين ابن الصّاحب فخر الدّين. [المتوفى: 688 هـ]
من بيت الرياسة والفضل، سمع من السُّهروردي وحسن ابن السيد، وكان شيخ رباط المستجد، وُلِد سنة تسعٍ وستّمائة ومات فِي رمضان.(15/619)
532 - مُحَمَّد بْن محمود بْن مُحَمَّد بْن عبّاد، الكافي، العلامة، شمس الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الأصفهاني، الأصولي. [المتوفى: 688 هـ][ص:620]
قدِم الشامَ بعد الخمسين وستّمائة، فناظَرَ الفقهاءَ واشتهرت فضائلة.
وسمع بحلب من طُغْريل المحسني وغيره.
وانتهت إليه الرياسة فِي معرفة أصول الفقه: صنَّف وأقرأ وشرح " المحصول " لابن خطيب الرّي شرحاً كبيراً حافلًا وصنَّف كتاب " القواعد " مشتملًا عَلَى أربعة فنون: أصول الفقه وأصول الدّين والمنطق والخلاف؛ وهو أحسن تصانيفه. وله كتاب " غاية المطلب فِي المنطق ". وله معرفة جيّدة بالنّحو والأدب والشعر، لكنّه قليل البضاعة من الفقْه والسُّنّة والآثار.
ولي قضاء مَنْبج في الأيام النّاصريّة، ثمّ دخل ديار مصر وولي قضاء قوص، ثمّ ولي قضاء الكَرَك، ثم رجع إلى مصر وولي تدريس الصاحبية وأعاد وأفاد. ثمّ وُلّي تدريس مشهد الْحُسَيْن وتدريس الشافعي، وتخرَّج بِهِ خلْق ورحل إلَيْهِ الطَّلَبة، وكتب عنه الحديث: علم الدين البرزالي وغيره.
وتوفي فِي العشرين من رجب بالقاهرة. وكان مولده بإصبهان سنة ستّ عشرة وستّمائة.(15/619)
533 - مُحَمَّد بْن مظفَّر بْن سَعِيد، الشّيْخ شمسُ الدّين الأنصاريّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 688 هـ]
سَمِعَ: عَبْد الرحيم بْن الطُّفيل ويوسف ابن المخيليّ وجماعة.
ورحل إلى الشام، فقرأ بنفسه عَلَى ابن رواحه وغيره.
وكان عدْلًا حنفيًّا، فاضلًا، عالمًا، يقظًا.
تُوُفّي بالفيّوم فِي ذي الحجَّة.(15/620)
534 - مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عطاء اللَّه بن حسين بْن خليفة، الشّيْخ شَرَفُ الدّين، أَبُو عَبْد الله الهمداني الإسكندراني، المالكي، الضرير. [المتوفى: 688 هـ]
ويُعرف بابن الحضْرمي.
حدث عن: جعفر الهمداني وغيره، وعاش أربعاً وسبعين سنة.
أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ والمِزّيّ وجماعة، وكان من كبار المالكية ومن أبناء الدنيا وأُولي الثروة. [ص:621]
مات في رجب.(15/620)
535 - مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن خلف، أَبُو عبد اللَّه الهمداني، الْمَصْرِيّ، الشافعيّ، كمال الدّين المحدّث. [المتوفى: 688 هـ]
سَمِعَ من مرتضى بْن حاتم ويوسف ابن المخيليّ وعبد الرحيم بْن الطفَيْل، وكان يتعاسَر عَلَى الطَّلبة.
تُوُفّي فِي سادس عشر ربيع الآخر.(15/621)
536 - محمود، الملك المنصور شهاب الدين ابن السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ابن العادل. [المتوفى: 688 هـ]
رَأَيْته شيخًا مَهِيبًا، أبيض الرأس واللّحية، ضخمًا، رَبعة من الرجال، مليح الشَّكل، يلبس قباءً وعمامة مدوَّرة. وقد سلطنه أبُوهُ بدمشق. وركب فِي الدَّست بأُبَّهة المُلْك فِي حدود سنة أربعين وستّمائة. وكان يومًا مشهودًا، وقد روى عن ابن الزبيدي وابن اللتي، كتب عنه جماعة المحدّثين؛ وتنقلت بِهِ الأحوال إلى أن احتاج وصار يطلب بالأوراق من الأمراء وغيرهم.
قال لي ابن مكتوم عَلَى سبيل المبالغة: رَأَيْته سلطانًا ورأيته يستعطي.
تُوُفّي فِي شعبان ودُفِن بتُربة أمّ الصّالح. ووُلِد ببُصْرى بقلعتها سنة تسع عشرة.(15/621)
537 - مرضي بن إبراهيم بن هلال بن عمر، رضي الدين ابن العفيف الكلاعي الحموي الشافعي، [المتوفى: 688 هـ]
مدرس العصرونية بحماة ومفتي البلد.
ولد سنة ستمائة ومات في أواخر سنة ثمان، له إجازة من ابن المقير وغيره.(15/621)
538 - مظفَّر بْن عَبْد الصّمد بْن خليل بْن مقلِّد، الشيخ المعمَّر، شمس الدين ابن الصّائغ الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 688 هـ]
حدَّث عَنْ أَبِي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ وأبي القاسم بْن صَصْرَى، ولبس الخرقة ببغداد من الشيخ شهاب الدين وعاش اثنتين وثمانين سنة. [ص:622]
توفي في مستهل جمادى الأولى بقرية تلتياثا.
أخذ عنه ابن الخباز والمزي والبرزالي والطلبة وحدثنا عنه القاضي شهاب الدين ابن المجد الإربليّ.(15/621)
539 - مَعْن، الأمير الكبير عزُّ الدّين أيبك [المتوفى: 688 هـ]
أمير شكار. يعرف بمَعْن.
قَالَ قُطْب الدّين: كَانَ رجلًا خيّرًا، ديّناً، واسطة خير. وله حُرمة وافرة عند الملك المنصور، استشهد فِي ربيع الأوّل عَلَى حصار طرابُلُس، جاءه سهمٌ فِي حَدَقته فكانت منيّته فِيهِ، ودُفِن بقبور الشهداء هناك وهو فِي عَشْر السّبعين.(15/622)
540 - منصور، نظام الدين ابن صاحب الديوان علاء الدّين عطا ملك، الجويني، ثم البغدادي. [المتوفى: 688 هـ]
قتلوه فِي رجب وهو شابّ. وأمّه هِيّ شمس والدة السّتّ رابعة بِنْت وليّ العهد أحمد ابن المستعصم بالله. ودُفن بتُربة والدته. وكان قد سَمِعَ " المقامات " من الشيخ فخر الدين عبد الله عن روايته عن منوجهر، عن المؤلف. وكتب على ياقوت.(15/622)
541 - منكورس الأمير ركن الدين الفارقاني. [المتوفى: 688 هـ]
قال قطب الدين: كَانَ رجلًا خيِّرًا، مشكور السّيرة، مجتهدًا فِي الغزاة، وأمْر حصار طرابُلُس، وكان متسلّمًا منْجنيقًا، فطلع عَلَى السّتارة بحذرٍ، فجاءه حجر منجنيق أتلفه فِي ربيع الأوّل، ودُفِن هناك بقبور الشهداء.
وأظنّه منسوبًا إلى الأمير شمس الدّين الفارقاني سُنْقُر الظّاهري.(15/622)
542 - المهذّب بْن أَبِي الغنائم بْن أَبِي القاسم، العَدْل الكبير، زين الدّين التَنوخيّ، الشافعيّ، [المتوفى: 688 هـ]
كاتب الحكم.
انتهت إليه رياسة الشروط بدمشق. وكان بارعاً فيها بصيرًا بعللها، مليح الخطّ، عدْلًا، مبرّزًا، خبيرًا بالأحكام. وحصّل من الكتابة جملة صالحة، وأُلزم بشهادة ديوان الخزانة مدّة، ثمّ استعفى فأُعفي، وقد طُلب لينوب فِي القضاء بدمشق فِي أيام القاضي بهاء الدّين ابن الزّكيّ فامتنع من ذَلِكَ لأن الكتابة كانت أكثر تحصيلًا لَهُ وأهون عَلَيْهِ.
وكان قد قرأ القراءات عَلَى السّخاويّ فيما أرى وتفقه وحدَّث عَنْ مُكَرَّم وابن اللّتّيّ وجماعة.
وُلِد سنة ثمان عشرة وستمائة، وتُوُفّي فِي حادي عشر رجب، وكانت لَهُ جنازة حفلة.(15/623)
543 - يَحْيَى بْن سالم بْن طلائع، الشّيْخ زين الدّين الياسوفيّ. [المتوفى: 688 هـ]
حدَّث عَن: ابن الزَّبَيْديّ،
ومات بخانكاه الطّواويس فِي ربيع الآخر.(15/623)
544 - يَحْيَى بْن عَبْد الكافي بْن يَحْيَى بْن مُسْلِم، الشّيْخ محيي الدّين ابن الشمّاع الْمَصْرِيّ، وقيل بل لَقَبُه العماد. [المتوفى: 688 هـ]
ولد سنة تسعٍ وستمائة، وكان لَهُ حانوت بالبزّازين، وروى عَنْ فخر القضاة أحمد ابن الجبّاب، وكان يقال: ما فاتته صلاة فِي جامع مصر منذ أربعين سنة، فإنّه كَانَ ينوب فِي الإمامة بجامع عَمْرو بْن العاص، سَمِعَ منه عَلَمُ الدّين البِرْزاليّ وطلبة المصريين.(15/623)
545 - يحيى ابن المقرئ عِيسَى ابن المحدّث عَبْد الْعَزِيز بْن عِيسَى. الشَّيْخ ناصر الدّين اللَّخْميّ الإسكندراني. [المتوفى: 688 هـ]
روى عَنْ أبِيهِ ومحمد بْن عماد، سَمِعَ منه: البرزالي وجماعة.(15/623)
546 - يعقوب بْن بدران بْن منصور بْن بدران، الإِمَام، المقرئ، المجوِّد، تقيّ الدّين أَبُو يوسف القاهريّ، ثمّ الدّمشقيّ المقرئ المعروف بالجرائديّ. [المتوفى: 688 هـ][ص:624]
شيخ الإقراء بالمدرسة الظاهريّة وغيرها بالقاهرة.
كَانَ إمامًا مبرّزًا فِي عَلَمُ القراءات، أخذ القراءات بدمشق عَنِ السخّاوي وابن باسوَيه، ورحل إلى أَبِي القاسم بْن عيسى فقرأ عَلَيْهِ وعلى غيره، وحدَّث عَنْ: ابن الزَّبَيْديّ وابن اللّتّيّ وغيرهما وانتفع بِهِ الطَّلَبَة.
قرأ عَلَيْهِ ابنه العماد مُحَمَّد والشيخ نور الدّين الشَّطَنُوفيّ وغير واحد وسمع منه المحدّثون.
تُوُفّي فِي شعبان؛ وعمل قصيدة فِي القراءات حلّ فيها رموز " الشاطبيّة " وصرَّح بهم. وأثبت الأبيات، عوض كل بيت فيه رمز، وأقرّ سائر القصيد عَلَى حالته.(15/623)
-وفيها وُلِد:
بدر الدّين مُحَمَّد ابن المولى علاء الدّين عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سلمان بْن غانم الشافعيّ الكاتب، فِي صفر، وبرهان الدين إبراهيم بن أحمد الزُّرعي الحنبلي، وجمال الدين محمد ابن محيي الدين ابن قاضي الزَّبَدانيّ، وعزّ الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن المنجى التنوخي، وعلي ابن قطب الدين عبد الكريم المنبجي الحلبي.(15/624)
-سنة تسع وثمانين وستمائة(15/625)
547 - أحمد ابن الطّبيب الحاذق أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن سونج، الصّالحيّ، [المتوفى: 689 هـ]
أخو شيخ البكريّة إِسْمَاعِيل والمحدّث عماد الدين حسن، والفقير محسن، والموفق مُحَمَّد العطّار.
وخمستهم فيهم دين وجودة.
سَمِعَ أحمد من ابن عبد الدائم. ولم يرو.(15/625)
548 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عيّاش الصّالحيّ. [المتوفى: 689 هـ]
روى عَنْ ابن اللّتّيّ ومات فِي شوّال، حدّث عَنْهُ البِرْزاليّ وغيره.(15/625)
549 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، قاضي القُضاة، نجم الدّين، أَبُو الْعَبَّاس ابن شيخ الإِسْلَام شمس الدّين ابن أَبِي عُمَر المقدسيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 689 هـ]
كَانَ مولده فِي سنة إحدى وخمسين وستّمائة، وسمع حضورًا من خطيب مردا، وسمع من إِبْرَاهِيم بْن خليل وابن عَبْد الدّائم ولم يحدّث.
رَأَيْته، وكان شابًّا مليحًا، مَهيبًا، تامّ الشكل، بدينًا، لَيْسَ لَهُ من اللّحية إلّا شعرات يسيرة، وكانت إلَيْهِ مَعَ القضاء خطابة الجبل والإمامة بحلقة الحنابلة ونظر أوقاف الحنابلة، وكان حَسَن السّيرة فِي أحكامه، مليح البِزّة، ذكيًّا، مليح الدّرس، لَهُ قدرة عَلَى الحفْظ، وله مشاركة جيّدة فِي العلوم. وله شعر جيّد وفضائل، فمن نظمه:
آيات كتب الغرام أدرسها ... وعبرتي لا أطيق أحبسُها
لبست ثوب الضَّنى عَلَى جسديِ ... وحُلَّة الصّبر لست ألبسُها
وشادن ما رنا بمقلته ... إلّا سبى العالمين نرجسُها
فوجهه جنّة مزخرفة ... لكنْ بنبل الحتوف يحرسُها
وريقه خمرةٌ معتّقة ... دارت علينا من فِيهِ أكؤسُها
يا قمرًا أصبحت ملاحته ... لا يعتريها عيبٌ يدنِّسها [ص:626]
صِل هائمًا إنْ جرت مدامعه ... تلحقها زفرة تُيبِّسُها
وُلّي نجم الدّين القضاء فِي حياة والده لمّا عزل نفسه وتُوُفّي فِي ثالث عشر جمادى الأولى فِي أوّل اللّيل وقيل: فِي آخر نهار الثاني عشر، ودفن بمقبرة جدّه من الغد وشيّعه الخلْق. وعاش ثمانيًا وثلاثين سنة، وخلّف ابنين: سعد الدّين الخطيب وفخر الدّين الخطيب، وقد حجّ مرّتين وحضر غير غزوة. وكان يركب الخيل ويلبس السّلاح.(15/625)
550 - أَحْمَد بْن عيسى بْن رضوان، الشّيْخ كمال الدين ابن الضّياء الكنانيّ، العسقلاني، الشّافعيّ، [المتوفى: 689 هـ]
قاضي المحلّة.
لا أعلم مَتَى تُوُفّي. وقد لقيَه الفَرَضيّ وسمع منه. فِي حدود سنة سبعٍ وعشرين وحدّث عَنْ: ابن الْجُمَّيْزيّ. وكان يُعرف بالقليوبي. قد شرح " التّنبيه" فِي أثني عشر مجلَّدًا. وصنّف فِي علوم القرآن وكان ديَّنًا، صالحًا، مُفْتيًا.(15/626)
551 - أحمد بْن عيسى بْن حسن، عَلَمُ الدّين الزَّرزاري السّنْجاريّ، [المتوفى: 689 هـ]
ابن أخي قاضي القضاة أَبِي الْعَبَّاس الخضر.
وُلِد بالخابور سنة تسعٍ وعشرين وستّمائة، وسمع من السّاوي وسبْط السِّلفي، وحدّث. ومات بالقاهرة فِي جمادى الأولى.(15/626)
552 - أَحْمَد بْن منعة بْن مطرف، الصالح، عماد الدّين، الحَوْرانيّ، الصالحي. [المتوفى: 689 هـ]
والد شيخنا محمد.
روى عن المجد القزويني، كتب عَنْهُ ابن الخبّاز والبِرْزاليّ وجماعة. ومات فِي ربيع الآخر.(15/626)
553 - أَحْمَد بْن ناصر بْن طاهر، العلامة، برهان الدّين الحسينيّ، الشريف، الحنفيّ، [المتوفى: 689 هـ]
إمام محراب الحنفيّة الَّذِي بمقصورة الحلبيّين بدمشق.
كَانَ مُفْتيًا، عالمًا، زاهدًا، عابدًا، تُوُفّي فِي بيته بالمنارة الشرقية فِي شوال، وقد صنّف تفسيرًا فِي سبْع مجلّدات وصنّف فِي أصول الدّين كتابًا فِيهِ سبعون مسألة. وذكر أنّه سَمِعَ من ابن اللّتّيّ وغيره. [ص:627]
وقد ساح مدّةً فِي برّية الخِطا، وترك دنيا واسعةً وتجارات وفرَّ بدينه وتزهَّد وتصوَّف.(15/626)
554 - أَحْمَد بْن يوسف بْن إِسْمَاعِيل، الشهاب المقدسيّ، الحنبليّ، الذَّهبيّ، [المتوفى: 689 هـ]
مؤذَن المدرسة النوريّة. أخو الموفّق الشاهد.
روى عَنِ ابن المقيّر ومات فِي رجب، وكان شيخاً ظريفاً بزي الفقهاء أعرفه.(15/627)
555 - إبراهيم بن أسعد بْن المظَّفر بْن أسعد بْن حَمْزَة بْن أسد، الرئيس مجدُ الدّين ابن المولى مؤيَّد الدّين التّميميّ، الدّمشقيّ، ابن القلانسيّ، [المتوفى: 689 هـ]
أخو الصّاحب عزّ الدّين حمزة.
كَانَ مليح الكتابة، حَسَن الشَّكل والبِزّة، لَهُ إلمام بالأدب، وله شعر وخدم في الجهات. ومات شاباً ولم يعقب في ذي القعدة وله وقفٌ عَلَى الصَّدَقَة.(15/627)
556 - إِسْحَاق بْن جبريل، الحكيم المنجم كرز الدين الديلمي، البويهي. [المتوفى: 689 هـ]
قَالَ ابن الفُوطي: عارف بالمواليد وعملها وبالتّقاويم، دائم الاشتغال بهذا الفن. أكثر مواليد أهل بغداد بخطّه. لَهُ كتاب فِي التواريخ السماويّات والأرضيّات. سَأَلْتُهُ عَنْ مولده، فقال: فِي سنة تسعٍ وستمائة وفي ذي الحجة توفي.(15/627)
557 - إِسْحَاق الفّجال. [المتوفى: 689 هـ]
صالح، زاهد، يتكلَّم بأشياء حَسَنة وحِكَم نافعة.
تُوُفّي بدمشق فِي شوّال.(15/627)
558 - إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مكّيّ، الفقيه، مجدُ الدّين الماردينيّ. [المتوفى: 689 هـ]
كَانَ فِي الأوّل حنبليَّا، ثمّ تحوّل شافعيًّا وأتقن المذهب.
ودرّس بالأتابكيّة بجبل قاسيون، ثم ولي قضاء حلب وذكر أنّه قرأ " التّحصيل " بالرّوم [ص:628]
عَلَى مصنّفه السّراج الأُرْمَويّ. وكان إمامًا، كثير الفضائل.
توفي بالصالحية وصُلّي عليه بجامع العقيبة. وحُمل إلى مسجد فلوس فدُفن بترُبة البُرهان المَوْصليّ، إلى جانب صاحبه الشّيْخ مجد الدّين محمود الكرديّ، وبينهما خمسة أيّام. ماتا فِي شوال.(15/627)
559 - إسماعيل ابن عزّ القضاة عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن أبي النمر، الشّيْخ الزّاهد، العابد، العالم، فخرُ الدّين، أَبُو الفداء الدمشقي. [المتوفى: 689 هـ]
كان كاتباً، أديباً، شاعرًا، خدم فِي الجهات، وتزهَّد بعد ذَلِكَ، وُلِد سنة ثلاثين وستّمائة، ودخل فِي جملة الشعراء عَلَى الملك الناصر بدمشق، فلمّا انجفل الناس نوبة هولاوو إلى مصر. دخلها وترك الخدمة وتزهد، وأقبل عَلَى شأنه ولزم العبادة، فاجتمع بالشيخ محيي الدّين ابن سُراقة فقال لَهُ: إنْ أردت هذا المعنى فعليك بتصانيف محيي الدين ابن العربي. فلما رجح إلى دمشق انقطع ولزم العبادة، وأقبل عَلَى كتب ابن العربي فنسخها وتلذّذ بها. وكان يلازم زيارة قبره ويبالغ فِي تعظيمه. والظّنّ بِهِ أنّهُ لم يقف عَلَى حقيقة مذهبه، بل كَانَ ينتفع بظاهر كلامه ويقف عَنْ مُتشابهه؛ لأنّه لم يُحفظ عَنْهُ ما يُشينه فِي دينه من قولٍ ولا فعلٍ، بل كَانَ عبدًا قانتًا لله، صاحب أوراد وتهجُّد وخوف واتباع للأثر، وصدق في الطلب وتعظيم لحرمات الله. لم يدخل فِي تخبيطات ابن العربي ولا دعا إليها. وكان عَلَيْهِ نور الإِسْلَام وضوء السُّنّة. رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ.
وكان ساكنًا بالعزيزية، حافظًا لوقته، كثير الحياء والتّواضع والسّكينة، كتب الكثير بخطه، وكان شيخنا ابن تيميّة يعظّمه ويبالغ، حتّى وقف له على أبيات أوّلها:
وحياتكم ما إن أرى لكم سوى ... إذ أنتم عين الجوارح والقوى
فَتَأَلَّمَ لَهُ وَقَالَ: هَذَا الشِّعْرُ عَيْنُ الاتِّحَادِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا إراد أن ينظم قوله: " فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ. . . ". الْحَدِيثَ، فقال: سياق الحديث يدلّ عَلَى بُطلان هذا. وهو قوله: [ص:629]
" فبي يسمع وبي يبصر "، وما فِي الحديث أنّ الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى اللَّه عَنْ ذَلِكَ.
قلت: لم أجد هذه اللّفظة " فبي يسمع وبي يبصر "، وكان فقيرا ولم يخلف شيئا من الدنيا بتة، ولا كان يملك طاسة، وفرغت نفقته ليلة موته، ومن شعره وكتب به إلى شرف الدين الرقي المجاور:
أوفدَ الله أعطاكم قبولا ... وكان لكم حفيظًا أجمعينا
إنِ الرَّحْمَن أذكَرَكم بأمري ... هناك فقبّلوا عنّي اليمينا
فإني أرتجي منه حناناً ... لأنّ إلَيْهِ فِي قلبي حنينا
وأرجو لَثْم أيدٍ بايعته ... إذا عدتم بخيرٍ آمنينا
ومن شعره:
أتريد لثم يمينه فِي بيته ... من غير ما نَصَب وجهد يُرتضى
هيهات إلّا أنْ تخوض بعزمةٍ ... موج الجبال إلَيْهِ فِي بحر الفضا
أتنال فرض زيارةٍ لرسوله ... خير الأنام ولم تذُق مُرّ القضا
لم أنس هزًّا للركاب بحيث لا ... ظلّ فيمنع هيكلي أن يرمضا
وتكاد نفسي أنْ تفيض مشقّة ... لو لم أثبت عندها فأفوّضا
وكأنما كسر الفقار مفقَرٌ ... إذا لم يكد أحد بِهِ أن ينهضا
وكذا الأخَيْضر ذاق أصحابي به ... عند الورود هناك موتًا أبيضا
فسقاهم ربّي حلاوة رحمةٍ ... مُزِجت ببرد العفو فِي كوب الرضا
وله:
وزهر شموع إن مَدَدت بَنَانَها ... لمحو سطور الليل نابت عَنِ البدرِ
ففيهنّ كافوريّة خِلت أنّها ... عمود صباحٍ فوقه كوكب الفجرِ
وصفراء تحكي شاحبًا شاب رأسه ... فأدمعه تجري عَلَى ضيعة العمرِ
وخضراء يبدو وقدُها فوق قدّها ... كنرجسةٍ تُزهى عَلَى الغصن النضرِ
ولا غرو إن يحكي للأزاهير حُسنها ... أليس جناها النحلُ قِدماً من الزَّهر [ص:630]
وله، وقد لامه بعض الفضلاء في إقباله الزّائد عَلَى كتب ابن العربيّ.
فقال:
يقولون: دع ليلى لبُثْنة كيف لي ... وقد ملكت قلبي بحسن اعتدالها
ولكن إن استطعتم تردّون ناظري ... إلى غيرها فالعَيْن نصب جمَالها
فأُقِسم ما عاينتُ فِي الكون صورة ... لها الحُسن إلّا قلت: طَيْف خيالها
ومن لي بليلى العامريّة إنّها ... عظيم الغنى من نال وهمَ وِصالها
وما الشمسُ أدنى من يديْ لامسٍ لها ... وليس السُّها فِي بُعد نُقطة خالها
ولكن دنت لطفا بنا فتنزلت ... على عزها في أوجها وجلالها
وأبدت لنا مرآتُها غيبَ حضرة ... غدَت هِيّ مَجلاها وسرُّ كمالها
فواجبها حبي وممكن جودها ... وصالي وعدّوا سَلْوتيّ من محالها
وحسْبيَ فخرًا إنْ نسبتُ لحبّها ... وحسبي قربا أنْ خطَرت ببالها
وله:
يا سيدي قمتُ صُعلوكاً عَلَى الباب ... وطال قَرْعي بإلحاف وإطنابِ
ولو جمعت سؤال السائلين لكم ... لما انتهت فيك آمالي وآرابي
وفي غناك يقلّ الكون أجمعه ... لسائلٍ واحدٍ يا خير وهابِ
ودارُ دنياي ضاقتْ عَنْ نوالكم ... لكنّها دارُ أعمال وآدابِ
فزوّدوني من فقرٍ ومسكنةٍ ... ومن سجود ومن تقبيل أعتابِ
ومن شعره:
والنّهر قد جُنّ بالغصون هوّى ... فراح فِي قلبه يمثلها
فغار منه النسيمُ عاشقها ... فجاء عَنْ وصلة يميّلها
توفي الشيخ فخر الدين بمنزل أخته بالقرب من المدرسة الجوهرية ليلة الأربعاء الحادي والعشرين من رمضان، وشيّعه الخلْق، ودُفن بتربة أولاد ابن الزّكيّ إلى جانب قاضي القضاة بهاء الدّين بقاسيون، وتُليت عَلَى قبره ختمات، ورُؤيت لَهُ منامات حسنة.
سَمِعَ منه: البِرْزاليّ وغيره. [ص:631]
وله أوراد وأعمال زكيّة وخوف وورع يمنعه من جهرمة الاتحادية، وتشعر تقواه بأنه ما دقّق في مذهب الطّائفة ولا خاض فِي بحر معانيهم. ولعلّ الله حماه للزومه العبادة والإخلاص. وقد نسخ " جامع الأصول " وانتفع بالحديث، فالله يرحمه.
والظاهر أنّهُ كَانَ يُنزل كلام محيي الدّين عَلَى محامل حسنة ولمحات للعارفين. فما كل من عظَّم كبيرًا عرف جميع إشاراته. بل تراه يتغالى فِيهِ مجملًا ويخالفه مفصّلًا، من غير أنْ يشعر بالمخالفة. وهذا شأن فرق الأمة مع نبيّها صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تراهم منقادين له أيما انقياد، وكلّ فرقة تخالفه فِي أشياء جمّة، ولا شعور لها بمخالفته. وكذا حال خلائق من المقلدين لأئمتهم يحضّون على اتباعهم بكل ممكن، ويخالفونهم في مسائل كثيرة في الأصول وفي الفروع، ولا يشعرون بل يكابرون ولا ينصفون، نعوذ بالله من الهوى وأن نقول عَلَى الله ما لا نعلم. فما أحسن الكفّ والسّكوت، وما أنفع الورع والخشية.
وكذلك الشيعة تبالغ فِي حبّ الإِمَام علي ويخالفونه كثيرًا ويتأوّلون كلامه، أو يكذبون بما صحّ عنه. فلعل اللَّه تعالى أن يعفُوَ عَنْ كثيرٍ من الطوائف بحسن قصدهم وتعظيمهم للقرآن والسُّنّة.(15/628)
560 - بلاشو بْن عيسى بْن مُحَمَّد، سيف الدّين الجندي. [المتوفى: 689 هـ]
روى عن السّخاويّ، كتب عَنْهُ الفَرَضيّ والبِرْزاليّ والجماعة.
ومات في شوال.(15/631)
561 - حسّان بْن سلطان بْن رافع بْن مِنْهال بْن حسّان بْن عيسى، الفقيه، عماد الدّين اليُونينيّ، [المتوفى: 689 هـ]
خطيب قرية زَحْلَة.
وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين وسمع من أَبِي القاسم بْن رواحة وإسماعيل بْن ظفر، وصحب الشّيْخ إِبْرَاهِيم البطائحيّ.
وكان صالحًا، خيِّرًا، تاليًا، ذاكرًا، فقيرًا، بيته مأوى الأضياف، توفي فِي ربيع الآخر.(15/631)
562 - حسن بْن زيادة بْن رسلان، نفيس الدّين الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 689 هـ]
قَالَ الفَرَضيّ: كَانَ إمامًا ثقة، مُقرئًا، زاهدًا، متصدّرًا بجامع مصر، من [ص:632]
أهل العبادة، روى عَنْ عَبْد الرحيم بْن الطُّفيل، والعَلَم ابن الصابوني، ومات في شعبان.(15/631)
563 - الخضر بْن سعد اللَّه بْن عيسى بْن جيش، عماد الدّين الرَّبَعي، المعروف بابن دبُوقا. [المتوفى: 689 هـ]
أديب كاتب، حَسَن العشرة، كتب الإنشاء للمشدّ علاء الدين الشُّقيري، ثمّ ولي مشارفة بَعْلَبَك. ونُكب وصودر غير مرّة. وله شعر حَسَن.
تُوُفّي كهلًا فِي سادس ربيع الأول بدمشق.
رى عن: اليلداني ببعلبك، سمع منه: البرزالي.(15/632)
564 - ستّ الأهل بِنْت المحدّث أَبِي الفتوح نصر ابن الحُصْريّ. [المتوفى: 689 هـ]
توفيت بالقاهرة فِي صفر. قاله الفَرَضي.(15/632)
565 - ست الأُمناء بِنْت أَبِي نصر عَبْد الرحيم بن محمد بن الحسن ابن عساكر. [المتوفى: 689 هـ]
رَوَت عَنْ أبيها وغيره، كتب عَنْهَا البِرْزاليّ وجماعة، وماتت فِي ذي القعدة. وأجاز لها: المؤيَّد وأبو روح.(15/632)
566 - طَرُنْطاي، نائب المملكة، الأمير الكبير حسام الدّين، أَبُو سَعِيد المنصوريّ، السّيفيّ. [المتوفى: 689 هـ]
كَانَ من رجال العالم رأيًا وحزْمًا ودهاء وذكاءً وشجاعة وسياسة وهيبةً وسطوة، اشتراه المنصور في حال إمريته من أولاد الموصلي، فرآه نجيباً لبيباً، فترقَّى عنده إلى أن جعله أستاذ داره، وفوّض إلَيْهِ جميع أموره واعتمد عَلَيْهِ. فلمّا وُلي السّلطنة جعله نائبه وردّ إلَيْهِ أمر الممالك، فكان لَيْسَ فوق يده يد. وكان لَهُ أثرٌ ظاهر يوم وقعة حمص. وكان السّلطان لا يكاد يفارقه إلا لضرورة. وقد سيّرة إلى الأمير شمس الدّين سُنقُر الأشقر ولمحاصرته، فدخل دمشق دخولًا مشهودًا لا يكاد يدخله إلّا سلطان من التجمُّل والزّينة ولعب النِّفط. ثمّ سار إلى صهيون وانتزع من سُنْقر الأشقر بلاده , وحلف لَهُ وأنزله ورجع [ص:633]
وهو معه. وقد حصل طَرْنطاي من الأموال والخيل والمماليك والأملاك وغير ذَلِكَ ما يفوق الإحصاء. وبني مدرسةً بالقاهرة ووقف عَلَى الأسرى. وكان مليح الشكل، مهِيبًا لم يتكهّل.
ولمّا تسلطن الملك الأشرف استبقاه أيّامًا حتّى رتّب أموره واستقلّ بالمُلْك، ثم قبض عَلَيْهِ وكان فِي نفسه منه، فبسط عَلَيْهِ العذاب إلى أن أتلفه وصبر المسكين صبرا جميلا، فقيل إنه عُصر إلى أن هلك ولم يسمع منه كلمة.
وكان بينه وبين عَلَم الدّين الشجاعي منافسة وإحَن، فقيل: إنّ الملك الأشرف سلّمه إلَيْهِ ليعذّبه , ولمّا مات حُمل إلى زاوية الشّيْخ عُمَر السُّعُوديّ، فغسّلوه وكفّنوه ودُفن بظاهر الزّاوية، فذكر فقير من الزّاوية قَالَ: لمّا أتوا بِهِ كَانَ لَهُ رائحة مُنكَرَة جدًّا، ولمّا غسّلوه تهرّأ وتزايلت أعضاؤه وذُكر أنّ جوفه كَانَ مشقوقًا، قَالَ ذَلِكَ الشّيْخ قطب الدين.
ثم قال: رحمه الله وعفا عَنْهُ فلقد كَانَ معدوم النّظير ولولا شُحُّه وبذاذة لسانه لكان أوحد زمانه، قِيلَ: إنّه خلَّف من العين الْمَصْرِيّ ألف ألف دنيار وستّمائة ألف دينار , ومن الكَلْوتات والحوائص والأواني والأسلحة والمتاجر والخيول والغلمان والأملاك ما لا يُحصى كثرةً، فاستولى الأشرف عَلَى المجموع، وأفضى الحال بأولاده وحُرمه إلى أن بقوا بلا قوت إلا ما يُسيّره لهم بعض الأعيان عَلَى سبيل الصّلة. إنّ فِي ذَلِكَ لعبرة. وتُوُفّي ولم يبلغ الخمسين.
قلت: لم يذكر وفاته فِي أيّ شهر.(15/632)
567 - طَيْبَرْس، الأمير الكبير، الحاجّ علاء الدّين الوزيريّ، [المتوفى: 689 هـ]
صهر السلطان الملك الظاهر.
تُوُفّي بمصر فِي ذي الحجّة. وكان ديَّنًا، كثير الصّدقات، قليل الأذيّة، أوصى بثلاثمائة ألف درهم أن تُنفق فِي ضُعَفاء الجنُد. ووقف خاناً كبيراً بالعقيبة عَلَى الصَّدقة. وله وُلِد من أمراء الدّولة فِي هذا الوقت وهو عام أربعة عشر وسبعمائة.(15/633)
568 - عَبْد اللَّه بْن خير بْن حُمَيد، أَبُو محمد القرشي، النحاس. [المتوفى: 689 هـ]
روى عن محمد بن عماد، ومات بالإسكندرية فِي تاسع صفر.
كتب عَنْهُ أهل الثغر والرحّالة.(15/634)
569 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسّان بْن رافع، العدل، عماد الدّين، أبو بكر العامري، [المتوفى: 689 هـ]
خطيب المصلى.
سمعه أبوه الكثير حضورًا وسماعًا، وروى عَنْ ابن أَبِي لُقمة وأبي محمد ابن البنّ وزين الأُمناء والقزويني والكاشغري وابن الزبيدي وجماعة.
وسمع بمكة من أبي علي الحسن ابن الزبيدي وإبراهيم بن الخير، أخذ عنه ابن الخباز وابن العطار والمزي والبرزالي والطلبة، وكان فقيها فاضلا عالي الإسناد مكثرا. أجاز لي مَرْوياته، وتُوُفّي فِي سابع صفر وله ثلاثٌ وسبعون سنة.
حجّ سنة ثمانٍ وعشرين وهو مراهق، وحج سنة ثمانٍ وثمانين، وبين الحجّتين ستون سنة.(15/634)
570 - عبد الله بن محمد ابن الشَّرَف عبد الله ابن الشّيْخ أَبِي عُمَر المقدسيّ، فخر الدّين، [المتوفى: 689 هـ]
سبْط الشّيْخ شمس الدّين.
سَمِعَ الكثير وتفقّه ومات شاباً في جمادى الأولى.(15/634)
571 - عبد الرحمن ابن الزَّين أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن عُثْمَان، الشّيْخ شمس الدّين، أَبُو الفَرَج المقدسيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 689 هـ]
وُلِد فِي ذي القعدة سنة ستٍّ وستّمائة، وسمع حضوراً من عبد الجليل بْن مندوَيْه وغيره، ثمّ سَمِعَ من الكنْديّ وأبي القاسم ابن الحرستاني وداود بن ملاعب وأبي عبد الله ابن البناء وأبي الفتوح ابن الجلاجليّ وموسى بْن عَبْد القادر والشيخ المُوفَّق وابن راجح وابن البُنّ وابن أَبِي لقُمة وطائفة، ورحل هو والسيف ابن المجد والتقي ابن الواسطيّ فسمعوا ببغداد من الفتح بْن عَبْد السلام، وأبي الحسن بن بورنداز، وعبد السّلام الدّاهريّ، وعمر بْن [ص:635]
كرم، وخلْق سواهم، وأجاز لَهُ: أَبُو الفخر أسعد بْن سَعِيد، وعين الشّمس الثقّفيّة، وزاهر بن أحمد، وأبو أحمد ابن سُكَيْنة، وعمر بْن طَبَرْزَد.
وكان فقيهًا، عالمًا، صالحًا، ثقة، نبيلًا، عابدًا، مَهيبًا، متيقّظًا واسع الرّواية، عالي الإسناد. تفرَّد ببعض مَرْويّاته. وسمع منه خلق كثير، منهم: ابن الخبّاز وأبو الْحَسَن المَوْصِليّ وابن العطّار وابن مُسْلِم وابن تيمية والمِزّيّ والبِرْزاليّ وابن المهندس وابن أَبِي الفتح، وأجاز لي مَرْوياته.
تُوُفِّي فِي التّاسع والعشرين من ذي القِعْدَة، وقد كمّل ثلاثًا وثمانين سنة، رحمه الله.(15/634)
572 - عبد الرحمن ابن مجد الدّين مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عُثْمَان ابن عساكر، القاضي الجليل، عماد الدين عبد الرحمن. [المتوفى: 689 هـ]
روى عن المخلص ابن هلال وغيره، سَمِعَ منه: البِرْزاليّ وتُوُفّي فِي ذي القعدة أيضًا وهو فِي الكهولة، وكان يشهد تحت السّاعات.(15/635)
573 - عَبْد الكافي بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الكافي بْن علي، القاضي، الخطيب، المفتي، جمال الدّين، أَبُو مُحَمَّد الرَّبعي، الدمشقي، الشافعي. [المتوفى: 689 هـ]
ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وسمع ابن صباح، وابن الزَّبِيديّ، وابن اللَّتّيّ، وأبا الفضل الهمداني، وطائفة، وخرّج لَهُ أَبُو مُحَمَّد البِرْزاليّ " مشيخة " سمعها منه هُوَ وابن تَيْمية شيخنا، والزَّين عمر بن حبيب، وأبو الحسن الختني، وابن مسلم الحنبلي، وخلْق سواهم.
وكان إمامًا، مُفْتيًا، خبيرًا بالمذهب، ناب فِي القضاء مدّة، ثمّ تركه واقتصر عَلَى الخطابة بالجامع. وكان للنّاس فِيهِ حُسن عقيدةٍ لدينه وسكونه وازدحموا عَلَى نعشة.
ومات في سلخ جمادى الأولى. [ص:636]
لي منه إجازة بمَرْويّاته.(15/635)
574 - عَبْد الكريم بْن عَبْد اللَّه بْن بدران، الدّمشقيّ، السّرّاج، الحاجّ أَبُو مُحَمَّد. [المتوفى: 689 هـ]
سمّع أولاده الكثير وحصَّل الأجزاء. وله سماع قديم من التاج ابن أبي جَعْفَر وجماعة، وما أظنّه حدّث.
تُوُفّي في ذي الحجة، ورأيت سماع البرزالي وابن حبيب منه فيما بعد.(15/636)
575 - عَلِيّ بْن ظهير بْن شهاب، الإِمَام، الزّاهد، نور الدّين، الْمَصْرِيّ، المقرئ، الموشّي، المعروف بابن الكُفْتيّ، [المتوفى: 689 هـ]
شيخ الإقراء بالجامع الأزهر.
أخذ القراءات عن أصحاب الشاطبي وأبي الجود، كابن أبي الحرم الخطيب، ومن شيوخة: الإِمَام المجوّد أَبُو إِسْحَاق بْن وثيق. قرأ عَلَيْهِ ختمةً للسبعة ويعقوب جمعًا، وكان نور الدّين أحد من عني بالقراءات وعِللها وشُهِر بها، مَعَ الورع والدّيانة والصّيانة، وقرأ عليه جماعة. وسمع منه المحدّثون، روى عَنْ أصحاب السِّلفي ومات فِي ربيع الآخر.(15/636)
576 - عَلِيّ بْن عَبْد الكريم بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفضل، أَبُو الْحَسَن الدّمشقيّ، [المتوفى: 689 هـ]
خادم الحافظ زكيّ الدّين عَبْد العظيم.
شيخ صالح، ديِّن، معمَّر، فاضل.
سَمِعَ بدمشق من كريمة والضّياء مُحَمَّد وابن المقيّر، وسمع بمصر من سبط السِّلَفيّ وغير واحد.
وكتب بخطّه قليلًا وشاخ وتجاوز التّسعين. وأخذ عَنْهُ الطَّلبة، ومات فِي شعبان ببلبيس.(15/636)
577 - عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن مُحَمَّد، العدْل، كمال الدّين، المهدويّ، الكاتب. [المتوفى: 689 هـ]
روى عن التاج ابن أَبِي جَعْفَر وغيره وكان عفيفًا، نزهًا، حسن البِزّة، لَهُ شعر وفضيلة، ومات فِي جمادى الأولى.(15/636)
578 - عَلِيّ بْن أَبِي المجد بْن منصور، القصّاب، الصالحيّ. [المتوفى: 689 هـ]
شيخ مُسنّ، صحيح السَّماع، روى عن الشيخ الموفق وابن راجح [ص:637]
وغيرهما، كتب عنه ابن الخباز والمزي والبرزالي وجماعة ومات فِي ذي الحجة.(15/636)
579 - عمر ابن شيخنا الإِمَام شَرَف الدّين أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن سباع، الفزاري، الفقيه، المحدث، المفيد، أبو حفص. [المتوفى: 689 هـ]
سَمِعَ الكثير وحصّل الفوائد والأجزاء وعني بالرواية. ومات شابًّا لم تطلع لحيته بعدُ، وعاش نحوًا من عشرين سنة. ومات فِي رمضان. وكان ديَّنًا، متواضعًا، ضَحُوك السِّنّ، مطبوعًا.(15/637)
580 - عُمَر بْن إِسْمَاعِيل بْن مَسْعُود بْن سعد بْن سَعِيد بْن أَبِي الكتائب، الأديب، العلامة، رشيدُ الدّين، أَبُو حفص الرَّبعي، الفارقيّ، الشافعيّ، الشاعر. [المتوفى: 689 هـ]
قال: مولدي سنة ثمانٍ وتسعين وخمسمائة وسمع " جزء البانياسيّ " من الفخر ابن تيميَّة، ظهر لَهُ بعد موته وسمع من أَبِي عبد الله ابن الزَّبَيْديّ وعبد العزيز بْن باقا وجماعة، وبرع فِي البراعة والبلاغة والنَّظْم وحاز قصَب السَّبق. وخدم فِي ديوان الإنشاء ومدح السَّخاوي بقصيدة مُونقة، فمدحه السخاوي والقصيدتان مشهورتان. وكانت لَهُ يدٌ طُوليّ فِي التفسير والبيان والبديع واللّغة، انتهت إليه رياسة الأدب. واشتغل عَلَيْهِ جماعةٌ كبيرة من الفضلاء.
وقد وَزَر وتقدَّم فِي دُول وأفتي وناظَرَ ودرّس بالظّاهريّة وانقطع بها , وله مقدّمتان فِي النحو، كبرى وصغرى. وكان حُلْو المحاضرة، مليح النادرة، كيّسًا، فطِنًا، يشارك فِي الأصول والطّبّ وغير ذَلِكَ. وقد درّس بالنّاصرية مدّةً قبل انتقاله إلى الظّاهرية.
وروى عَنْهُ من شعره: الدّمياطي ورضيّ الدّين ابن دبوقا وأبو الحَجّاج المِزّيّ وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ وآخرون، وكان يكتب خطاً منسوباً فمن شعره قوله: [ص:638]
مرَّ النّسيم عَلَى الرَّوض البسيم فما ... شَكَكْتُ أنّ سُلَيْمي حلَّت السَّلما
ولاح برق عَلَى أعلا الثّنية لي ... فخِلُت برْق الثنايا لاح وابتسما
مغنى الحبيبة روّاكَ السّحابُ فكم ... ظمئتُ فيك وكم رويتُ فيك ظما
بِهِ عهدتُ الهوى خلواً ومنزلنا ... للهو حلواً وذاك الشمل ملتئما
والدّار دانيةُ والدّهرُ فِي شُغُل ... عما نريد وفي طرف الرقيب عمى
والشمس تَطْلُع من ثغرٍ وتَغْرُب فِي ... شعرٍ وبجلوسنا إشراقها الظُّلما
وظبية من ظباء الأُنس ما اقتنصت ... ولا استباح لها صرف الزمان حِمى
وطفاءُ حاجبُها قوسٌ وناظرها ... سهمٌ إذا ما رنا طرفٌ إليه رمى
وجفنُها فِيهِ خمرٌ وهو مُنكسرٌ ... والخمرُ فِي القدح المكسور ما عُلما
وقدّها ذابلٌ لكنّه نضرٌ ... حُلْوُ الجنا يُثْمر التّفّاحَ والعنما
ولفظها فِيه ترخيمٌ فلو نَطَقَتْ ... يومًا لا عصم وافاها وما اعتصما
وثغرها يجعل المنظومَ مْنتثرًا ... من الّلالئ والمنثورَ منتظما
تبسّمت فبكت عيني وساعَدَها ... قلبي ولولا لمَى الثّغر البسيم لما
ولاح لاحٍ عليها قلت: لومك لي ... لؤم وصَمَّم حتّى حبَّبَ الصَّمما
تعذيبها لي عذبٌ والشفاه شفا ... تجني وأجني ولا يبقي اللِّمى ألما
ريّا السّوار وظمأى الخصر تَحْسَبْهُ ... للضّعف منفصلًا عَنْهَا ومُنفصما
خودٌ تجمّع فيها كل مفترِقٍ ... من المعاني الّتي تستغرقُ الكَلِما
عَطَت غزالًا سطتْ ليثًا، بدت غصنا ... لاحت هلالًا، هَدَت نجمًا، بدت صَنَما
لمّا سَرَتْ أسرت قلبي ومذ نزحَت ... نزحتُ ماء جفونٍ تخجل الدِّيما
وصار مَربعها قلبي ومرتَعها ... لُبّي وموردها دمعي الَّذِي انسجما
ولم أكن راضيًا منها بطَيْف كَرَى ... فاليوم من لي بِهِ والنَّوم قد عُدِما
وله:
إنّ فِي عينيك معنى ... حدّث النَّرجِس عَنْهُ
ليت لي من غُصنه سهـ ... ـماً ففي قلبي منه
وله في أهل البيت: [ص:639]
ذُريّة في الورى درية زهرٌ ... يُرجى بها الغيثُ أو يُجْلى بها الغَسَق
هُمْ معاذي وذُخري فِي المَعَاد وهم ... كنزي وحرزي إذا ما ألجم العرق
خفضُ الْجَناح لهم رفعٌ لمنزلتي ... فاجزم بهذا ولا تنصب فتحترق
هم الألى أعربوا مبنى مجدهم ... بنحْوهم كلَّ شأوٍ لَيْسَ يلتحق
من شاء باهلني باهلته بهم ... وبعد عن ورود الحوض نستبق
وهل أتى شاعر إلّا وقلت لَهُ ... فِي " هَلْ أتى " مدح أهل البيت متسق
وقال:
لشيخنا في النقاء الشيب والكرم ... حظا كما لسواه الشَّيبُ والهرمُ
ولاسمه نسبةٌ والنَّعت ناسبها ... واشتق منها وفي أثنائها حِكمُ
ففي العلاء عليٌ وفي السّخا سخاويّ ... وفي علمه بين الورى علمُ
شيخ المشايخ فِي زهدٍ وفي لَسَنٍ ... يجول فِي كلّ إقليمٍ لَهُ قلمُ
منها:
مفصّلٌ للقضايا وهو منذ نشا ... قاضٍ وليس بمنقوص ولا يهمُ
طود الحجى راسيًا تُخشَى سكينتُه ... بدر الدُّجى ساريًا تُجلَى به الظلمُ
منها:
لولا عليٍّ لعلم النّحو أجمعهِ ... ما كَانَ زيدٌ ولا عَمْرو ولا الكلمُ
فإنْ تكن بعليّ النّصر مبتدئًا ... فإنّه بعليّ العصر مختتمُ
خنق الرشيد الفارقي في رابع محرم ببيته بالظّاهرية , وأُخِذ ذَهَبُه ودرس بعده بالظاهرية علاء الدين ابن بِنْت الأعز.
قَالَ الشّيْخ تاج الدّين عَبْد الرحمن: حدثنا قاضي القضاة أنّه رَأَى فِي رقبته أثر الخنق ورأى الدم قد اجتمع فِي فمه. ورأى سِنّه مقلوعةً عنده. وكان يَقُولُ: لا بدّ لي أن أَلي وزارة بغداد. وكان مليًّا بالنَّظم والنَّثر. لم يزل سعيدًا. رَأَيْته فِي أيّام الأشرف وهو كاتب عند الوزير ابن جرير، فولي نظر عمارةَ دار الحديث وهو إذ ذاك مدرس الفلكية. [ص:640]
قيل: كان أبوه لحّاماً بميّافارقين. كانت جنازته مشهودة. وكان الغالب عَلَيْهِ عَلَمُ النّجامة.(15/637)
581 - عُمَر بن محمد ابن الشّيْخ القدوة عُثْمَان، الروميّ، الشّيْخ الصّالح. [المتوفى: 689 هـ]
مات في ربيع الأول وخَلَفَه فِي الزّاوية أخوه عُثْمَان.(15/640)
582 - عُمَر بْن أبي الرجاء ابن السَّلعُوس، التنّوخيّ، الدّمشقيّ، نجم الدّين، [المتوفى: 689 هـ]
عمّ الصّاحب شمس الدين.
روى بالإجازة عن: أبي اليمن الكنْدي وغيره، ومات فِي جمادى الأولى، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وابن الصَّيرفي، وعاش ثمانين سنة.(15/640)
583 - فرج الله ابن الوزير شمس الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، الْجُويْنيّ. [المتوفى: 689 هـ]
أمر بقتله وقتل إخوته وبني عمّه أرغون. وكان هذا صبيًّا فِي المكتب، فلمّا جُرّد للقتْل بكى وما درى ما يُفعل بِهِ وصاح: والله ما بقيت أدع الكُتّاب. فبكا الناسُ له. وقتل أخوه نوروز بالروم. وقُتل أخوهما مَسْعُود بتبريز، نسأل اللَّه العافية.(15/640)
584 - قلاوون، السلطان، الملك، المنصور، سيف الدّنيا والدين، أبو المعالي وأبو الفتوح، التُّركي، الصالحي، النَّجمي. [المتوفى: 689 هـ]
اشتُري بألف دينار ولهذا كَانَ فِي حال أمريته يُسمّى بالألْفيّ، وكان من أحسن النّاس صورة فِي صباه، وأبهاهم وأهْيبهم فِي رجوليته , كَانَ تامّ الشكل، مستدير اللّحية، قد وَخَطَه الشّيْب، عَلَى وجهه هيبة المُلك، وعلى أكتافه حشمة السَّلطنة وعليه سكينة ووقار، رَأَيْته مراتٍ آخرها مُنصَرَفه من فتح طرابلس، وكان من أبناء الستّين.
وحدثني أبي أنّهُ كَانَ فِي أيّام إمرته ينزل إذا قدِم من مصر بدار الزاهر، قَالَ: فأخذوا مني له ذهباً، فذهبت لأطالبه فإذا به خارجٌ في الباب، فقال: إيش أنت؟ قلت: يا خَوَنْد لي ثمن ذَهب. فقال: أعطوه أعطوه. ووصف لي نغمته، [ص:641]
وأنه منعجم اللّسان، لا يكاد يفصح بالعربية وذلك لأنّه أُتي بْه من التُّرك وهو كبير وكان من أمراء الألوف فِي الدّولة الظّاهرية، ثمّ عمل نيابة السلطنة للملك العادل سلامش ابن الظاهر عندما خلعوا الملك السعيد من السلطنة وحلفوا لسّلامش وهو ابن سبْع سنين وحلفوا للألفي معه وذُكرا معًا فِي الخطبة.
قَالَ قُطْبُ الدّين: وضرِبت السكة عَلَى واحدٍ من الوجهين باسم سُلامش وعلى وجه باسم أتابكه سيف الدّين قلاوون. وبقي الأمير على هذا شهرين وأيامًا. وفي رجب من سنة ثمانٍ وسبعين وستّمائة خلعوا سُلامش وبايعوا الملك المنصور واستقلّ بالأمر وأمسك جماعة كثيرة من الأمراء الظّاهرية وغيرهم. واستعمل مماليكه عَلَى نيابة البلاد وكسر التّتار سنة ثمانين ونازل حصن المَرْقب فِي سنه أربعٍ وثمانين وافتتحه وافتتح، طرابُلُس وعمل بالقاهرة بين القصرين تُربة عظيمة ومدرسة كبيرة ومارستانا للمرضى.
وتُوُفّي فِي ذي القعدة فِي سادسه يوم السبت بالمخيَّم ظاهر القاهرة وحُمل إلى القلعة ليلة الأحد. وتسلطن ولده الملك الأشرف. ويوم الخميس مُسْتَهَل العام الآتي فُرّق بتُربته صدقات كثيرة من ذهب وورق شملت الناس. فلمّا كان العشي أُنزِل من القلعة في تابوته وقت العشاء الآخرة إلى تُربته بين القصرين. وفُرِّق من الغد الذَّهب عَلَى القراء الذين قرؤوا تلك الليلة.
قَالَ المؤيَّد فِي " تاريخه ": مات فِي سنة خمسٍ وأربعين علاء الدّين قُراسُنقر العادلي من مماليك السلطان الملك العادل وصارت مماليكه بالولاء للملك الصالح نجم الدّين، منهم سيف الدّين قلاوون الذي تملك.(15/640)
585 - محمد بن أحمد بن محمد ابن النّجيب، المحدّث، المفيد، بدر الدّين، [المتوفى: 689 هـ]
سبْط إمام الكلاسة.
كَانَ شابًا، فاضلًا، ذكيًّا، مليح الكتابة، كثير الفوائد، شديد الطَّلب، حريصًا عَلَى الأجزاء والسّماعات، ذا همّة عالية، سَمِعَ الكثير بدمشق، [ص:642]
وبَعْلَبَكّ وخرّج وأفاد. ونسخ الكثير ومات فِي وسط الطَّلب، فالله يرحمه ويعوضه بالجنة.
تُوُفّي فِي سادس صفر. وكان من أبناء الثّلاثين وقد سَمِعَ من ابن عَبْد الدّائم وابن أَبِي اليُسْر. وحدّث.(15/641)
586 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد، جمال الدّين التّميميّ، السّعديّ، البُونيّ، المالكيّ، الطبيب. [المتوفى: 689 هـ]
روى عَنْ محمد بن عماد وكان طبيباً بالثغر , عاش ثمانياً وستين سنة ومات فجاءة فِي ربيع الأول، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وجماعة.(15/642)
587 - مُحَمَّد بْن عَبْد الحق بْن مكّيّ بْن صالح، الرئيس رشيد الدين، أبو بكر ابن الرصاص القرشي، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 689 هـ]
روى عَنْ ابن عماد والصَّفراوي وابن باقا وجماعة ومات ليلة عاشوراء، كتب عَنْهُ الْمَصْرِيّون والرّحّالة. وله أخٌ اسمه جمال الدّين علي.
حدّث عَنْ: ابن باقا وأجاز فِي سنة أربعٍ وسبعين وستمائة.(15/642)
588 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن نوح بْن محمد، الفقيه، الرئيس، ناصر الدين ابن المقدسي، ثم الدّمشقيّ، الشافعيّ. [المتوفى: 689 هـ]
تفقّه عَلَى والده العلامة شمس الدّين وسمع من ابن اللّتّيّ هو وتاج الدين ابن حمُّوية.
وتميّز في الفقه قليلا ودرّس بالرواحية وبتُربة أمّ الصّالح. ثم داخَلَ الدّولة وتوصّل إلى أن ولي فِي سنة سبعٍ وثمانين وكالة السلطان الملك المنصور ووكالة بيت المال ونظر جميع الأوقاف بدمشق. وشرع فِي فتح أَبُواب الظُّلم. وخُلِع عَلَيْهِ بالطَّرحة غير مرّة وخافة الناس وصارت لَهُ صورة كبيرة وعدا طوره وظَلَم وعسف وتحامق، حتى تبرم بِهِ نائب السلطنة فمن دونه وكاتبوا فِيهِ، فجاء فِي جمادى الآخرة من هذه السنة مطالعة بالكشف عَنْهُ بما أكل من الأوقاف ومن أموال السلطنة والبرطيل، فرسّموا عَلَيْهِ بالعذراويّة وظهر عَلَيْهِ أشياء وضُرب بالمقارع، فباع ما يقدر عَلَيْهِ وحمل مبلغًا من المال وذاق الهوان واشتفى منه الأعادي. [ص:643]
وكان قد عثّر السّيف السّامريّ وأخذ منه الزنبقية، فمضى السيف إليه إلى العذرواية وتغمّم لَهُ تغمُّم تَشَفٍّ، فقال لَهُ ناصر الدّين: سألتك بالله لا تعود تجيء إليَّ، فقال: مو ينصبر لي، ثم عمل السيف السّامريّ هذه القصيدة:
ورد البشير بما أقرّ الأعينا ... فشفى الصّدور وبلْغ الناس المُنَى
واستبشروا وتزايدت أفراحهم ... فالكّل مشتركون فِي هذا الهنا
وتقدّم الأمر الشريف بأخذ ما ... نهب الخؤون من البلاد وما اقتنى
يا سيّد الأمراء يا شمس الهدى ... يا ماضي العزمات يا رحبَ الفنا
عجّل بذبح المقدسي وسلخه ... واحقن دماء الإِسْلَام من وُلِد الزّنا
واغلُظ عَلَيْهِ ولا ترق فكلّ ما ... يَلقَى بما كسبت يداه وما جنى
فَلَكَم يتيم مُدقع ويتيمه ... من جوره باتوا عَلَى فرش الضّنا
ولكم غني ظلّ فِي أيّامه ... مسترفدًا للنّاس من بعد الغنى
إن أنكر اللّصّ الخبيث فعاله ... بالمسلمين فأوّل القتلى أَنَا
ثم جاء مرسوم بحمله إلى مصر، فخافوا من غائلته، فلمّا كَانَ ثالث شعبان أصبح المقدسيّ مشنوقًا بعمامته بالعذْراوّية، فحضر جماعة عُدُول وشاهدوا الحال ودُفن بمقابر الصّوفيّة.
سَمِعَ منه: البِرْزاليّ وغيره، رَأَيْته شيخًا مربوعًا وهو يختال فِي مشّيَته بالخلعة والطيلسان، عفا الله عنه.(15/642)
589 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرزّاق بْن رزق الله بْن أَبِي بَكْر، العدل، العالم، شمس الدّين، ابن المحدّث الرَّسعني، الحنبليّ، [المتوفى: 689 هـ]
نزيل دمشق.
كَانَ شيخًا أبيض اللّحية، مليح الشكل وُلِد سنة بضع عشرة وستّمائة وسمع من أَبِي الْحَسَن بن روزبة وابن بهروز ونصر بْن عَبْد الرزّاق الجيليّ وابن القُبيطيّ وجماعة ببغداد ومن: كريمة وغيرها بدمشق وسكن دمشق وأمَّ بالمسجد الكبير بالرمّاحين. وجلس تحت السّاعات، فكان من أعيان الشهود. وكان لَهُ شعر جيّد. وقد سافر إلى مصر فِي شهادة.
قَالَ الشّيْخ قُطْب الدّين: فاجتمعتُ بِهِ هناك غير مرّة. وكان يتردّد إلى [ص:644]
شمس الدين ابن السَّلعوس ويمدحه قبل إفضاء الوزارة إليه. ولما طال مُقامه بالقاهرة شُنّع بموته واشتهر ذلك بدمشق ثم إنه سافر فسُرِق حماره وما عَلَيْهِ فِي الطريق، فرجع إلى القاهرة شاكيًا، فلم يحصل لَهُ مقصود، فخرج متوجهاً إلى دمشق، فأتى ليسقي فرسه من الشّريعة، فغرِق ولم يظهر لَهُ خبر ووصل فَرَسه وقماشه إلى دمشق.
وقال عَلَمُ الدّين: غرِق فِي الثاني والعشرين من جمادى الآخرة.
ومن شعره:
ولو أنّ إنسانًا يُبلغ لوعتي ... ووجدي وأشجاني إلى ذَلِكَ الرشا
لأسكنتُه عيني ولم أرضها لَهُ ... ولولا لهيب القلب أسكنته الحشا
وله:
ما ابيض من لمتي سوادء في عمري ... إلا وقد سوَّدت بيضاء في الصُّحف
ولا خلوتُ مدى الأيام من لعِبٍ ... إلا ورُحت بِهِ صبًّا أخا كلفِ
وليس لي عمل أرجو النّجاة بِهِ ... إلّا الرَّسُول وحبيّ ساكن النجفِ
ومن شعره:
أأيأس من بِرّ وجودك واصلٌ ... إلى كلّ مخلوق وأنت كريمُ
وأجزع من ذنبٍ وعفوُك شاملٌ ... لكلّ الورى طُرًّا وأنت رحيمُ
وأجهد فِي تدبير حالي جهالةً ... وأنت بتدبير الأنام حكيمُ
وأشكو إلى نعماك ذلي وحاجتي ... وأنت بحالي يا عزيز عليمُ(15/643)
590 - مُحَمَّد بْن عَبْد السلام بْن عليّ، شَرَفُ الدّين القُرشي، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 689 هـ]
حدّث عَنْ يوسف المخيليّ وعاش ستًّا وستّين سنة , ومات فِي صفر، هو ابن بنت عبد الظاهر بن نشوان.(15/644)
591 - محمد بن عبد القوي، شرف الدين الكناني، الْمَصْرِيّ، [المتوفى: 689 هـ]
رئيس المؤذّنين بجامع الحاكم. [ص:645]
حدّث عَنْ: عَبْد العزيز بْن باقا ومات في صفر أيضاً، أخذ عنه جماعة علم الوقت.(15/644)
592 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي عَبْد اللَّه بْن شمّام، الشّيْخ شمس الدّين، أَبُو عبد الله الصالحي، الذهبي. [المتوفى: 689 هـ]
رَجُل مطبوع، خيِّر، مُسِنّ، من كبار الذَّهبيّين. كَانَ يدق الذَّهب فِي بيته بالجبل وله بنات وابن. وكان يعمل مَعَ والدي، فبعثني إلَيْهِ مرّةً بذهبٍ ليدُقه وأطعمني شيئًا.
كتب عنه البِرْزاليّ والمِزّيّ والجماعة وأثنوا عَلَيْهِ وحدّث عَنْ: أَبِي المجد القزوينيّ وابن البُنّ وأبي القاسم بْن صَصْرى وابن الزَّبَيْديّ وتُوُفّي فِي المحرَّم وقد قارب الثّمانين. وكان مَعَ كبره رأسًا في صنعته.(15/645)
593 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد، شمس الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ، الرّيّانيّ، المشهور بابن المريخ. [المتوفى: 689 هـ]
شيخ كبير، مكثر من أهل الريّان من باب الأزج، أجاز لَهُ: أَبُو اليمن الكندي وابن منينا وعبد العزيز ابن الناقد؛ وسمع "صحيح البخاري " من إبراهيم ابن القطيعي وسمع من علي بن بورنداز؛ ومن: زيد بن هبة الله وجماعة، مات في ذي القعدة ومولده سنة إحدى عشرة.(15/645)
594 - محمد ابن العون يحيى ابن الشمس عَلي بْن مُحَمَّد، ابن الوزير، الإِمَام عون الدِّين يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن هُبَيْرَة، الأجلّ شمس الدّين الشَّيْبانيّ، العراقيّ الأصل، الحنبليّ. [المتوفى: 689 هـ]
وُلِد بدمشق سنة سبعٍ وستّمائة. وسمع ببغداد من عبد السلام الداهري وعلي ابن الجوزي ونصر الجيلي وغيرهم وكان عَلَى ديوان بلْبيس ناظرًا فحدَّث بها، سَمِعَ منه: المِزّيّ والبِرْزاليّ وجماعة وتُوُفّي بها فِي جمادى الأولى.(15/645)
595 - مُحَمَّد بْن يوسف بن عبدُ الرحمن ابن العّلامة أَبِي سَعْد عبدِ اللَّه بْن أَبِي عصرون، الإمام، المفتي، الفاضل، شَرَف الدّين الحلبيّ. [المتوفى: 689 هـ][ص:646]
حدّث بالحجاز عَنِ ابن رُوزبَة، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وقال تُوُفّي فِي المحرَّم راجعًا من الحجّ عند بركة زيزا وحضرتُ دفنه هناك. وكان قد وُلّي قضاء حمص نوبة. وما كان في أقاربه أفقه منه.(15/645)
596 - محمد، السّيّد الجليل، نقيب الأشراف بدمشق، أَبُو البشائر العلوي، الحسيني، الملقَّب بشرف المُلْك. [المتوفى: 689 هـ]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر. ودُفن عند قبر الشّيْخ رسلان.(15/646)
597 - محمود بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُطاف، الفقيه مجدُ الدّين الكرديّ، الشافعيّ. [المتوفى: 689 هـ]
درّس مدّة: بالأمينيّة الّتي ببَعْلَبك، ثمّ سكن دمشق ودرّس بالأكزية وأعاد وأفاد وكان نقّالاً للمذهب، له اختصاص بقاضي القضاة بهاء الدّين القُرشيّ.
تُوُفّي فِي حادي عشر شوّال وهو فِي عَشْر السّتّين.(15/646)
598 - محمود بْن يونس، أَبُو الثنّاء الحِمْيَريّ، التفليسيّ. [المتوفى: 689 هـ]
شابٌ فاضل، سَمِعَ الكثير وعُني بالحديث وكتب الطِّباق ومات فِي شوّال وعاش أبُوهُ بعده مدّة طويلة وكان يعجن العنبر بالصّاغة.(15/646)
599 - محمود الروميّ. [المتوفى: 689 هـ]
شيخ صالح، عاقل، مجاور بالجامع عند صندوقه.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وهو الَّذِي ربّي الشّيْخ الإِمَام علي الخَتنيّ، فجلس بعده وتسلَّم الصُّنْدوق.(15/646)
600 - مختص، الطواشي الكبير، الأمير شَرَفُ الدّين الظّاهريّ، الخادم [المتوفى: 689 هـ]
كَانَ صاحب هيبة وسطوة وحُرمة وافرة.
وكان كبير المماليك الظاهرية،
تُوُفّي فِي ربيع الآخر ودُفن بالقرافة.(15/646)
601 - مَرضي، العلامة رضيُّ الدّين الحمويّ، الشافعيّ. [المتوفى: 689 هـ]
من كبار الشافعية، عاش بضعاً وثمانين سنة، كأنه وُلد سنة ستّمائة.(15/646)
602 - مُوسَى بْن هلال بْن مُوسَى، فخر الدّين الحنفيّ، الفقيه، [المتوفى: 689 هـ]
مدرّس مسجد خاتون، المدرسة الكبيرة التّي عَلَى الشّرَف القِبلي ومفتي دار العدل.
ولم يكن بذاك في الفقه ولكنه كان ذا مداخلة للدولة، صاحب رياسة ومكارم فاختصّ بعزّ الدّين عَبْد العزيز بْن وداعة الصاحب وبجماعة أمراء وهو ابن أخت قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي.
توفي يوم أول السنة وشيّعه القضاة والأعيان. ومات فِي عشر السّبعين.(15/647)
603 - مُوسَى، العفيف النَّصرانيّ، الشَّوبكي، [المتوفى: 689 هـ]
تاجر السّلطان.
مات إلى لعنة اللَّه في آخر رمضان. وكان كثير التّجرّي عَلَى المسلمين والسّعي فِي مصالح الفرنج والنَّصارى وجلْب الممنوعات. ولم يكن يشدّ زنّارًا وكان متمكّنًا من الدولة.
قَالَ قُطْب الدّين: حَدَّثَني الأمير عَلَمُ الدّين الدّواداري قَالَ: حضرت إلى خدمة الأمير حسام الدّين طرُنطاي فقيل لي: ما إلَيْهِ طريق فقعدت أنتظر الإذن، واتّفق حضور الأمير حسام الدّين لاجين، فقيل لَهُ كذلك فقعد؛ وإذا بالعفيف خارج من عنده فقلت للبرددار في ذلك فقال لي: هذا ما أجسر عَلَى ردّه.(15/647)
604 - مؤمن، شجاع الدّين، [المتوفى: 689 هـ]
نائب ولاية دمشق.
كَانَ مشكور السّيرة، حَسَن التّأتّي فِي السّياسة وطالت أيّامه وكان قد أودع جملةً من الذَّهب عند صاحبٍ لَهُ ليدفنه عنده، فأصابته السّكْته ومات، فجاء الشجاع مؤمن إلى أهله وقال: هَلْ ذكرني بشيء؟ قَالُوا: لا. فرأى أنّ الكلام لا يفيد، فحمل عَلَى قلبه وتعلّل ومات غبْنًا فِي ثامن عشر رمضان.(15/647)
605 - هلال بْن محفوظ بْن هلال، الشّيْخ بدر الدّين الرّسْعَنيّ. [المتوفى: 689 هـ]
أخو الشّيْخ سيف الدّين.
شيخ مبارك مقيم بمؤتة فِي مشهد جَعْفَر الطّيّار؛ وروى هناك عَنْ: ابن اللّتّيّ وله إجازة من عَبْد العزيز بْن منينا وأبي البقاء العُكبري، سَمِعَ منه ابن المهندس فِي هذه السنة؛ ولا أعلم وفاته.(15/647)
606 - يَحْيَى بْن أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد، الفاضل، نجيب الدين الهذلي، الحلي، المتكلم. [المتوفى: 689 هـ]
بقية قرامي الشيعة.
لغوي، أديب، حافظ للأحاديث في رأيه وُلِد بالكوفة سنة إحدى وستّمائة وسمع من ابن الأخضر. كذا قَالَ ابن الفُوَطي وقال: مات ليلة عَرَفَة.
وكان بصيرًا باللغة والأدب. وبمقالة الرافضة، كتب عن ابن الفُوَطيّ فِي إجازة.(15/648)
607 - يوسف بْن سعد الله بن عيسى ابن دبوقا، الصدر، معين الدين، [المتوفى: 689 هـ]
ناظر البرّ مَعَ الشريفي.
تُوُفّي فِي شوّال.(15/648)
608 - أَبُو الزَّهر بْن سالم بْن زهير، الغُسُوليّ، ثمّ الصّالحيّ. [المتوفى: 689 هـ]
شيخ صالح، مشهور، حدّث عَنْ: ابن اللّتّيّ، سَمِعَ منه: الطَّلبة. ومات في شوّال أيضًا.(15/648)
-وفيها وُلِد:
ابن خالي إِسْمَاعِيل بْن علي الذَّهبيّ ومحيي الدّين عَبْد القادر بن محمد ابن الفخر الحنبليّ فِي رمضان ومنصور بْن خليفة بْن مُحَمَّد المَنْبجيّ التاجر وزين الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن حمدان الصّالحي ابن شمامة رحمه الله، وقاضي الحنفية بحلب ناصر الدّين مُحَمَّد بْن عمر ابن العديم وشمس الدّين مُحَمَّد بْن علي الحنّاويّ وعلاء الدين علي بن أحمد ابن السَّلعوس.(15/648)
-سنة تسعين وستمائة(15/649)
609 - أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عبد الله، السعدي، التميمي، ابن الجباب أَبُو الفضل الإسكندرانيّ. [المتوفى: 690 هـ]
عاش سبعين سنة وحدث عن: مظفَّر بْن الفُويّ.(15/649)
610 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَير، الخابوريّ، الإِمَام، المقرئ، المجوّد، شمس الدّين، [المتوفى: 690 هـ]
خطيب حلب ومُقرئها.
كَانَ إمامًا ماهرًا، محرّرًا للقراءات ووجوهها وعِللها، مليح الشكل. قوي الكتابة، صاحب نوادر وخلاعة وظرف وله في ذلك حكايات، قرأ القراءات عَلَى السّخاويّ وغيره وسمع بحرّان من الخطيب فخر الدين محمد ابن تيمية وبحلب من أبي محمد ابن الأستاذ ويحيى ابن الدّامغانيّ وابن رُوزبَة وجماعة وببغداد من عَبْد السلام بْن بكران الدّاهري وبدمشق من أَبِي صادق بن صباح.
ومولده بتلال الخابور في سنة ستمائة وقد أسند عنه القراءات و" الشاطبية " الشيخ يحيى المنبجي ورواها عنه في سنة أربع وستين وذلك قبل موته بدهر وأقرأ بالرّوايات مدّةً طويلة.
سَمِعَ منه: المِزّيّ وابن الظّاهريّ وولده أَبُو عَمْرو والبِرْزاليّ وابن سامة وغيرهم، تُوُفّي بحلب فِي المحرَّم وقد قارب التّسعين وصُلّي عَلَيْهِ بدمشق صلاة الغائب، رحمه اللَّه وغفر له.(15/649)
611 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن طَرْخان، الحكيم، عزّ الدّين، أَبُو إِسْحَاق الأَنْصَارِيّ، السُّويْديّ، ثمّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 690 هـ]
شيخ الأطباء بالشام.
ذكر أنه من ولد سعد بْن مُعاذ سيّد الأوس رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ. وُلِد سنة ستّمائة بدمشق فِي ذي القعدة وسمع من داود بن مُلاعِب وأحمد بن [ص:650]
عَبْد اللَّه السُّلَميّ وعلي بْن عَبْد الوهاب أخي كريمة وتفرّد عَنْهُ والحسين بْن إِبْرَاهِيم بْن مسلمة وزين الأُمناء ابن عساكر وقرأ لولده البدر مُحَمَّد علي مكّي بْن علان والرشيد العراقيّ واستنسخ لَهُ الأجزاء وقرأ " المقامات " في سنة تسع عشرة على التقي خَزْعَل النَّحْويّ وأخبره بها عَنْ مَنُوجهر، عَنِ المصنِّف. وقرأ كُتُبًا فِي الأدب والنَّحْو عَلَى الزين ابن معطي وعلى النجيب يعقوب الكندي وأخذ الطب عن المهذب عبد الرحيم الدخوار وغيره وبَرَع فِي الطب وصنف فِيهِ ونظر فِي عَلَمُ الأوائل. وله شعر جيّد وفضائل وكتب بخطّه الكثير. وكان مليح الكتابة. كتب " القانون " لابن سينا ثلاث مرات.
وكان أبُوهُ تاجرًا من السُّويداء التي بحَوْران: ذكره الموفق فِي " تاريخ الأطباء " فقال: كَانَ صديقًا لوالدي. وعزّ الدّين ولده أوحد زمانه وعلامة أوانه، مجموع الفضائل، كثير الفواضل، كريم الأبو ة، غزير الفتوة وافر السخاء، حافظ الإخاء، اشتغل بصناعة الطّبّ حتّى أتقنها إتقانًا لا مزيد عليه، حصّل كلّياتها واشتمل عَلَى جُزئياتها. واجتمع مَعَ أفاضل الأطبّاء ولازم أكابر الحكماء. وقرأ فِي عَلَمُ الأدب حتى بلغ فيه أعلى الرتب.
إلى أن قال: وهو أسرع الناس بديهة فِي قول الشعر وأحسنهم إنشادًا وكنت أَنَا وهو فِي المكتب وهو أجلّ الأطباء قدرًا وأفضلهم ذكرًا وأعرف مداواةٍ وألطف مداراة وأنجح علاجًا وأوضح منهاجًا. ولم يزل فِي المارستان النّوريّ.
وأنشدني لنفسه فيما كَانَ يعانيه من الخضاب بالكتْم:
لو أنّ تغير لون شيبي ... يُعيدُ ما فات من شبابي
لما وفى لي بما تلاقي ... روحيَ من كلفة الخضاب
وله كتاب " الباهر فِي الجواهر " وكتاب " التّذكرة الهادية " فِي الطّبّ.
روى عَنْهُ ابن الخبّاز والبِرْزاليّ وطائفة واشتغل عَلَيْهِ جماعة [ص:651]
كثيرة ومات فِي شعبان ودُفن بتُربته إلى جانب الخانقاه الشِّبلية وله تسعون سنة.(15/649)
612 - أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولي بْن جنكزخان، [المتوفى: 690 هـ]
ملك التتار وصاحب العراق وخُراسان وأذربيجان وغير ذلك.
جلس عَلَى تخت المُلك بعد قتْل عمّه الملك أحمد وكان شهما شجاعاً مقداماً، كافر النفس، سفاكاً للدماء، ذا هيبة وجبروت. وكان مليح الصورة وهو أَبُو قازان وخربْندا اللّذين تملّكا.
حكى عزّ الدّين حسن المتطبب: أنه سمع العماد ابن الخوام الحاسب، ببغداد يقول: شاهدت أرغون بْن أبغا وقد صفّوا لَهُ ثلاث أفراس، فوقف راجلًا عند أوّلها وطفر في الهواء فركب الثالث منها ولم يتشبس بشيء من الفرسين.
قلت: وكان وزيره سعد الدولة قد استولى على عقله يصرفه كيف أراد وتحكم فِي دولته تحكّمًا زائدًا وهلك أرغون فِي هذا العام في سابع ربيع الأوّل، فيقال إنّه سُقي ولم يصحّ. فاتهم المغول اليهود بقتله ونصوا على سعد الدوّلة , ومالوا عَلَى اليهود قتْلًا ونهْبًا، وأخذوا لهم أموالًا عظيمة وورد الخبر بموت أرغون والسلطان أيده الله على عكا، فكان عام الدمار على اليهود والنصارى فلله الحمد.(15/651)
613 - إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن قريش، القاضي الجليل، ظهير الدّين، أَبُو المجد القرشي، المخزومي، المصري، [المتوفى: 690 هـ]
أخو تاج الدين إسماعيل.
ذكره الفرضي في " معجمه ".
سمع " جامع أبي عيسى " من أبي علي ابن البناء وعاش خمساًَ وثمانين سنة. وتُوُفّي بالمحلّة فِي رمضان.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ والمصريّون. ولم يسمع منه البِرْزاليّ ولا غيره؛ لغَيبته عَنْ مصر.(15/651)
614 - إِسْمَاعِيل بْن نور بْن قمر، الهِيتيّ، الصّالحيّ. [المتوفى: 690 هـ][ص:652]
روى عن موسى ابن الشيخ عبد القادر والموفق ابن قدامة والنفيس ابن البُنّ، قَالَ المِزّيّ: كَانَ شيخًا حسنًا، أُميّا، سمعنا منه، قلت: روى عَنْهُ ابن الخبّاز والمِزّيّ وابن البِرْزاليّ وجماعة ومات فِي رجب.(15/651)
615 - أقبُغا، الأمير الكبير سيف الدّين المنصوريّ. [المتوفى: 690 هـ]
شاب مليح، رشيق القَدّ. لم يبلغ الثلاثين، كَانَ من أمراء دمشق، قُتل بالبرج الَّذِي تأخر أيّامًا عَنْ أخْذ عكّا، رحمه اللَّه.(15/652)
616 - آقوش، الأمير جمال الدين الغتمي، [المتوفى: 690 هـ]
من الأمراء المصرييّن.
كَانَ موصوفًا بالشّجاعة، استشهد عَلَى عكّا.(15/652)
617 - آمنة بِنْت النَّجم مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن أَحْمَد بْن خَلَف البلْخيّ. [المتوفى: 690 هـ]
روت عَنْ أبيها وهي زَوْجَة الزَّين أَحْمَد بن حسين ابن المناديلي.(15/652)
618 - آمنة بنت محمد ابن البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم، المقدسيّة. [المتوفى: 690 هـ]
امْرَأة صالحة، مُبْتَلاة بألمٍ دائمًا فِي رأسها يمنعها الصّوم. لها حضور عَلَى جدّها وروت سنة ستِّ وخمسين عَنِ ابن الزَّبَيْديّ وماتت فِي جمادى الآخرة.
كتب عَنْهَا الطَّلَبة.(15/652)
619 - أيبك، عزّ الدّين المعزّيّ. [المتوفى: 690 هـ]
أحد من استشهد من الأمراء عَلَى عكّا.(15/652)
620 - أيدكين، الأمير علاء الدّين الصّالحيّ، العماديّ. [المتوفى: 690 هـ]
أحد الأمراء الكبار.
كَانَ ديِّناً، عاقلًا، شجاعًا، رئيسًا. أخذه السلطان الملك المنصور فِي وقعة البحرية مَعَ الملك الناصر يوسف عندما أسروا أستاذه الملك الصّالح إِسْمَاعِيل. ولمّا تسلطن بدمشق سُنْقُر الأشقر جعله أمير جَنْداره. [ص:653]
قَالَ قطْبُ الدّين: حكى لي قَالَ: طلبني السلطان على البريد إلى مصر فاستحضرني وشرع يوبّخني ويقول: أمير جَنْدار؟ قلت: نعم، أمير جَنْدار. وقاتلنا عسكرك وها أَنَا بين يديك فافعل مهما تختار. فقال: ما أفعل معك إلّا كلّ خير. وأنعم عليَّ غاية الإنعام. وقد استنابه الملك الأشرف عند سلطنته عَلَى صَفْد. وكان عنده كفاءة ومكارم وحسن تدبير ولين جانب وحُسْن ظَنّ بالفقراء وود وإخاء. وله في المواقف آثار حميدة. وكان الملك الظاهر يحبّه ويحترمه ويقدّمه عَلَى نُظَرائه، تُوُفّي بصفد فِي أوائل رمضان.(15/652)
621 - أيّوب بْن أَبِي الْحَسَن، الفقير القادريّ، [المتوفى: 690 هـ]
شيخ الفقراء السلاوية.
توفي رحمه الله في شعبان.(15/653)
622 - بيليك، الأمير بدر الدّين المسعوديّ، [المتوفى: 690 هـ]
من أمراء مصر.
كَانَ شجاعًا، مشهورًا بالخير والمكارم،
استشهد على عكا.(15/653)
623 - جمال الدين المغيثي. [المتوفى: 690 هـ]
من الأمراء الذين استشهدوا على عكا.(15/653)
624 - دَاوُد بْن أَحْمَد بْن سُنْقُر، المقدَّميّ، الصّوفيّ، المحدّث، [المتوفى: 690 هـ]
أحد الصّوفيّة بالسُّميساطية.
حدّث عَنْ: عَبْد الوهّاب بْن رواج وابن الْجُمَّيْزيّ، وكتب الأجزاء والطَّباق. وخطّه معروف، كتب عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ والطلبة. ومات في صفر.(15/653)
625 - رشيد الطواشي، أبو الخير الأشرفي، الفاضليّ. [المتوفى: 690 هـ]
شيخ فاضل، حافظ للقرآن، حدّث عَنْ: جعفر الهمداني، روى عنه الطلبة، ومات في ربيع الأول.(15/653)
626 - سُلامِش بْن بيبرس بْن عَبْد اللَّه، السّلطان، الملك، العادل ابن الظّاهر، رُكن الدّين. [المتوفى: 690 هـ]
أجلسوه فِي السّلطنة عندما خلعوا أخاه الملك السّعيد، وخطبوا له، [ص:654]
وضربوا السّكّة باسمه ثلاثة أشهر، ثمّ شالوه من الوسط وبقي خاملًا، ولمّا تملّك الملك الأشرف جهّزه وأخاه الملك خضر وأهله إلى مدينة اصطنبول بلاد الأشكريّ، فمات هناك.
وكان شابًّا مليحًا، تامّ الشكل، رشيق القدّ، طويل الشعر، ذا حياء وعقل، مات هذا العام بإصطنبول، لقبه بدر الدين رحمه الله، ومات وله قريب من عشرين سنة.(15/653)
627 - سُلَيْمَان بن أحمد بن نعمة الله بن علوان، العمري، الحنبلي، الواسطيّ. [المتوفى: 690 هـ]
سَمِعَ من الأمير السّيّد أَبِي مُحَمَّد الحسن ابن السيد، ومحمد بن محمد ابن السباك وغيرهما، ومات ببغداد فِي ذي الحجّة، روى عَنْهُ الكازرُونيّ بالإجازة ويقال لَهُ: البوقريشيّ.(15/654)
628 - سُلَيْمَان بْن عثمان، المفتي، الزاهد، الورع، بقية السلف، تقيّ الدّين التُّركماني، الحنفيّ، [المتوفى: 690 هـ]
مدرّس الشبليّة.
ناب في القضاء بدمشق لمجد الدين ابن العديم، ثمّ استعفى منه ولزِم الاشتغال والعبادة، وتُوُفّي فِي جمادى الأولى، ودُفن بسفح قاسيون، رحمه الله، وكان من أعيان الفقهاء.(15/654)
629 - سُلَيْمَان بْن عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن ياسين، الشّيْخ، الأديب، البارع، العفيف التلمساني. [المتوفى: 690 هـ]
وكان كومي الأصل.
ذكره الشّيْخ قُطْب الدّين فقال: كَانَ يدّعى العرفان ويتكلْم فِي ذَلِكَ عَلَى اصطلاحهم، قَالَ: ورأيت جماعة ينسبونه إلى رقّة الدّين والميل إلى [ص:655]
مذهب النُّصيرية، وكان حَسَن العشرة، كريم الأخلاق، لَهُ حُرمة ووجاهة. وخَدَم فِي عدّة جهات بدمشق.
قلت: خدم في جهات المكس وغيرها. وسمع وحدّث بشيء من " صحيح مُسْلِم " عَنِ ابن الصّلاح والسّخاويّ وجماعة، كتب عَنْهُ بعض الطّلبة. وكان يتُهم بالخمر والفسق والقيادة. وحاصل الأمر إنّه كَانَ من غُلاة الاتحادية القائلين بوحْدة الوجود، وأنّ عين الموجودات هِيّ اللَّه، تعالى اللَّه عَنْ قولهم عُلوًّا كبيرًا. وله فِي ذلك أشعار ورموز وتغزُّلات.
وذكره شمس الدّين الْجَزَريّ فِي " تاريخه " وما كأنه عرف حقيقة أمره، ونقل شيئًا مستحيلًا عَنْهُ فقال: عمل فِي الروم أربعين خلْوة، كلّ خلوة أربعين يومًا، يخرج من واحدة ويدخل فِي أخرى.
قلت: وهذا الكلام فِيهِ مجازفة ظاهرة، فإنّ مجموع ذَلِكَ ألف وستّمائة يوم ولا أدري عمّن نقل شمس الدّين هذا.
ثمّ قَالَ: وله فِي كلّ عِلم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى وشرح " مقامات النّفريّ ".
قَالَ: وحكى بعضهم قَالَ: طلعت إلَيْهِ يوم قُبض فقلت: كيف حالك؟ فقال: بخير، من عرف اللَّه كيف يخاف؟ والله مُذْ عرفته ما خفته بل رجوته وأنا فرحان بلقائه.
وحكى تلميذه البرهان إبراهيم ابن الفاشوشة قَالَ: رَأَيْت أبنه فِي مكانٍ بين رَكَبْداريّة وذا يكبّس رجْليه وذا يبوسه، فتألّمت لذلك وانقبضت ودخلت إلى الشّيْخ وأنا كذلك، فقال: ما لَكَ؟ فأخبرته بالحال الّذي وجدت عَلَيْهِ ابنه محمدًا، فقال: أفرأيته فِي تِلْكَ الحال مُنقبضًا أو حزينًا؟ قلت: سبحان اللَّه كيف يكون هذا؟ بل كَانَ أسرّ ما يكون، فهوَّن الشيخ علي وقال: فلا تحزن أنت إذا كَانَ هُوَ مسرورًا.
فقلت: يا سيّدي فرّجت عنّي. وعرفتُ قدر الشّيْخ وسِعَتَه وفتح لي باباً كنت عنه محجوباً.
قلتُ: هذا هُوَ الشيخ الّذي لا يستحي اللَّه من عذابه. [ص:656]
وله شعر فِي الطبقة العليا والذّروة القصوى، لكنه مشوبٌ بالاتحاد فِي كثير من الأوقات، فمنه:
أفدى التّي ابتسمت وهنًا بكاظمة ... فكان منها هدى السّاري بنعمانِ
وواجهتْها ظباء الرمل فاكتسبتْ ... منها محاسن أجيادٍ وأجفانِ
يسْري النّسيم بعِطْفَيها فيصحبُه ... لطْف يُميل غصن الرَّند والبانِ
مرَّت عَلَى جانب الوادي وليس بِهِ ... ماء ففاض بدمعي الجانب الثاني
موَّهت عَنْهَا بسلمى واستعرت لها ... من وصفها فاهتدى الشاني إلى شاني
تجنّى عليَّ وما أحلى أليم هوى ... فِي حبّها حين ألجاني إلى الجاني
وله:
أقول لخفاق النسيم إذا سرى ... وقد كاد أن ينجاب كلّ ظلام
تحمّل إلى أهل العقيق رسالتي ... وخصّهم عنّي بكلّ سلامِ
وقل لهم: إنّي عَلَى العهد لن أحِلْ ... وإنّ غرامي فوق كلّ غرامِ
ولو رُمتُ عنكم سلوةً قادني الهوى ... إلى نحوكم طَوعًا بغير زمامِ
فيا عاذلي دعْ عنك عذلي فإنني ... أخو صبوةٍ لا يرعوي لملام
وله من أبيات:
وإذا سبى العذال حُسنك فِي الهوى ... يا مُنيتي فالصّبّ كيف يكونُ
هبْ أنّ عَبْد هواك أخفى حبَّه ... أتراه يخفى والعيون عيونُ
في طرفه السّفّاح لكن وجهه الـ ... ـهادي فليت صدوده المأمونُ
وله من أبيات:
وأعِد لي حديثه فلسمعي ... فرط وجدٍ باللؤلؤ المنثورِ
ثمّ صِف لي ذؤابة منه طالت ... وَدَجَت فهي ليلة المهجورِ
وله:
إلى الراح هبّوا حين تدعو المعابثُ ... فما الراح للأرواح إلا بواعث
هي الجوهر الصرف القديم وإن بدت ... لها حَبَبٌ زينت به وهو حادث
تمزرتها صرفًا فلمّا تصرفت ... تحكم سكرًا بالتّراتيب عابث
وفاح شذى أنفاسها فتضرّرت ... نفوسٌ عليها الجهل عاث وعايث [ص:657]
حلفت لهم ما كأسها غير ذاتها ... فقالوا اتّئد فيها فإنّك حانث
أقم ريثما تُفنيك عنك بوصفها ... وتذهب عما منك فيها يباحث
فإن شاهدت منك العيون عيونها ... طهرن وإلا فالعيون خوابث
وإنْ لم تبدّل آيةٌ منك آيةً ... بها فيك قِيلَ اذهب فإنّك ماكث
تنكّر في سامٍ وحامٍ حديثها ... وعزّ فلم يظفر بمعناه يافث
وما لبثت فِي الدّهر قطُّ وإنّما ... هُوَ الدّهر فيها إنْ تأمّلت لابث
وهذا الشعر من ألطف ما دفن فيه الاتحاد، وقد ورّى بالراح عَنْ معبوده، وله قصيدة هي أصرح في مذهبه من الثائية وهي.
وقفنا عَلَى المُغني قديمًا فما أغنى ... ولا دلّت الألفاظ منه عَلَى المعنى
وكم فِيهِ أمسينا وبتنا برَبعِه ... زمانًا وأصبحنا حيارى كما بتنا
ثملنا ومِلنا والدّموع مُدامنا ... ولولا التّصابي ما ثملنا ولا مِلْنا
ولم نر للغِيد الِحسان بِهِ سنا ... وهم من بدور التّم فِي حُسنها أسنى
نُسائل بانات الحِمى عَنْ قدودهم ... ولا سيما في لينها البانة الغنا
ونلثم منه التُّربَ أنْ قد مشت به ... سُليمى ولبنى لا سُليمى ولا لبنى
فوا أسفي فِيهِ عَلَى يوسف الحمى ... ويعقوبه تبيضُّ أعيُنه حُزنا
ننادي بناديهم ونُصغي إلى الصَّدى ... فيسألنا عنّا بمثل الَّذِي قُلْنَا
أقمنا نُجود الأرض بالأدمُع التي ... لَوَ أنّ السحاب الجود تملكها طفنا
فلما رأتنا أننا لا نراهم ... رأيناهم في القرب إذ ذاتنا منا
ولكنهم لا يتركونا نراهُمُ ... إلى أنْ محونا ثم كانوا وما كنا
فراحوا كما كانوا ولا عين عندهم ... تراهم وأنّى يشهد الفرد من مثنّى
وأشرقت الدنيا بهم وتزينت ... بزينة ما أبدوا عليها من المعنى
وآنس منهم كلّ ما كَانَ موحشًا ... وعاش هنيًّا من بها كَانَ لا يهنا
ومن ناولته الكأس معشوقة الحِمى ... يرى شرهًا أن يشرب الخمر والدِّنا
وما صرخ العشاق جهلاً وإنما ... إذا سكر المشتاق من طربٍ غنّى
وله:
ما صادحات الحمام في القُضُب ... ولا ارتقاص المُدام بالجنبِ [ص:658]
إلّا لمعنى إذا ظفرت بِهِ ... ألزمك الجدّ صورة اللعبِ
من أجل ذا فِي الجمال ما نقلت ... قومًا عَنِ القبض بسطةُ الطّربِ
قد شاهدوا مطلق الجمال بلا ... رقيب غيريةٍ ولا حجبِ
وأولعوا بالقدود مائسة ... أعطافها والمباسمُ الشنبِ
وافتتنوا بالجفون إن رمقت ... ترمي قسيًّا بأسهُم الهدبِ
وأسلموا فِي الهوى أزِمتهم ... طوعاً بحكم الكواعب العُربِ
قد خُلِقَت للجمال أعيُنُهم ... وطهرت بالمدامع السرب
ما لاحظوا رتبة تقيدهم ... وهم جميعاً عمارة الرُتبِ
فطفْ بحاناتهم عسى قبسٌ ... من بعض كاساتهم بلا لهبِ
تصرف من صرفها همومك ... أو تصبح بالقوم ملحق النسبِ
وكن طفيليهم عَلَى أدبٍ ... فما أرى شافعًا سوى الأدبِ
وله يمدح المولى شهاب الدين محمود بن سلمان الكاتب:
جعل الحِمى أُفقاً لمطمح طرفهِ ... فكفاه بالعَبَرات صيّب وَكْفه
واستقبل الوادي بلحْظ هُدْبه ... شرك لصيد مَهَاته أو خشفه
حتّى إذا عزّ المرام من اللّقا ... حبس الحشى كي لا يطير بكفه
قل للفريق عَنِ المحبّ علمتم ... إنّ الفراق لكم علامة حتفه
يا ظبي رامَة لو تعرّض يذبل ... لظبّي جفونك لم يقف عَنْ نسفهِ
بالغت فِي سقمي فأفنى بعضه ... وصفي من البلوى وقام بوصفهِ
منها:
كم عاشق سبق الملام إلى الهوى ... وتعثرت عذاله من خلفهِ
يا بانه الوادي التي ورقاؤها ... تبكي بكاء إلفٍ نأى عن إلفهِ
لك خطرة كقوامه وحمامه ... كمُحبّه أبدى جوى لم يخفهِ
ومنادمي فِي رقّة الأدب الَّذِي ... هُوَ كالسُّلاف فتى كرائق صرفهِ
سمحُ السجيَّة مبدع فِي كلّما ... تبديه من نظم القريض ورصفهِ
يا كاتب الفلك اعترف بشفوفه ... وإذا شككت فيا عُطارد وفّهِ
هذا الشهاب الثّاقب الدّرّ الّذي ... حاكى سناه عقد جوهر وصفهِ [ص:659]
والنّافث السّحر الّذي لو جسدت ... كلماته ثغرًا لهمت برشفهِ
والمستحقّ عَلَى بني الأدب الأُولى ... هُوَ روضة لهم تنسّم عرفهِ
صرفت أنامله اليراع لرسم ما ... أدناه يثني دهرنا عَنْ صرفهِ
قلم أراد بِهِ الهلال تشبُّها ... فأقام قامته فلم يستوفهِ
وله من أبيات:
ولي فِي ظلال السَّرحتين مُنيزل ... لبسنا بِهِ بُرد التّواصل مذهبا
يروقك أن تروي أحاديث ورْقه ... وتصغي إلى الألحان شوقًا فتطربا
وتستنشق الأرواح من نسماته ... فيفهم معنى الزّهر من منطق الصبا
تُوُفّي العفيف التّلمسانيّ فِي خامس رجب وكتب بخطّه: مولدي سنة ستّ عشرة وستّمائة.(15/654)
630 - السيف الإربليّ، الشاهد. [المتوفى: 690 هـ]
كَانَ شيخًا مَهِيبًا، ضخمًا، حَسَن البزّة. يجلس في الحصير الّتي فيها ابن النّصير ويعرف الشروط ويكتب خطًّا مليحًا ويشهد عَلَى القضاة ولم يتزوَّج ولا حجّ وكان يقدر عَلَى ذَلِكَ، فامتنع القاضي المالكيّ من قبوله وقال: أنت لك مالٌ ولم تحج. فقام وحج وقضى الفريضة وعاد فأدركه أجله فِي المحرَّم فِي الطريق وكنت أراه ملازماً للشهادة.(15/659)
631 - عبد الله بن الحسين ابن القاضي، الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل جمال الدين أبو بَكْر. [المتوفى: 690 هـ]
تُوُفّي بدمشق فِي داره كهلًا فِي صفر.(15/659)
632 - عبد الله ابن مجد الدِّين أَبِي الفتح نصر اللَّه بْن أحمد ابن البَعْلَبكّيّ، الشّيْخ بدر الدّين، أَبُو بَكْر الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 690 هـ]
شيخ رئيس مُسْنِد مُسنّ. وُلِد سنة ست وستمائة وسمع من داود بن ملاعب والشمس العطار وغيرهما وهو والد شيخنا أمين الدّين أَحْمَد. أخذ عنه غير واحد ومات في رجب.(15/659)
633 - عبد الله بن أبي الزهر بْن عيسى، عز الدّين الصَّرَفَنْديّ. [المتوفى: 690 هـ][ص:660]
سَمِعَ بدمشق من ابن الزَّبَيْديّ ومحمد بْن غسان وابن صبّاح وغيرهم، كتب عَنْهُ المصريون والرحّالة ومات فِي شعبان بالقاهرة.(15/659)
634 - عَبْد الخالق بْن مكيّ بْن عُثْمَان، الدُّنيسري. [المتوفى: 690 هـ]
حدّث بدمشق عَنِ المحدّث أَبِي منصور بْن الوليد ومات فِي رجب.(15/660)
635 - عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم بْن سباع بْن ضياء، العلامة، الإِمَام، مفتي الإِسْلَام، فقيه الشّام، تاج الدّين، أَبُو مُحَمَّد الفَزَاريّ، البدْريّ، الْمَصْرِيّ الأصل، الدّمشقيّ، الشافعيّ، الفِركاح. [المتوفى: 690 هـ]
وُلِد فِي ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستّمائة وسمع " الْبُخَارِيّ " من ابن الزَّبَيْديّ وسمع من التّقيّ عَلِيّ بن باسوية وأبي المنجى ابن اللّتّيّ ومُكَرَّم بْن أَبِي الصَّقر وابن الصّلاح والسخاوي وتاج الدّين ابن حمُّوَيه والزَّين أَحْمَد بْن عَبْد الملك وخلْق سواهم.
وخرّج لَهُ البِرْزاليّ عشرة أجزاء صغار عَنْ مائة نفس، فسمع منه: ولده برهان الدين وابن تيمية والمزي وقاضي القضاة نجم الدّين ابن صَصْرَى وكمال الدين ابن الزملكاني والشيخ علي ابن العطّار وكمال الدّين عَبْد الوهاب الشّهبيّ والمجد الصَّيْرفيْ وأبو الْحَسَن الخَتَنيّ والشمس مُحَمَّد بْن رافع الرَّحبي وعلاء الدّين المقدسيّ والشرف ابن سيده وزكي الدين زكري وخلْق سواهم.
وخرج من تحت يده جماعة من القضاة والمدرسين والمفتين. ودرّس وناظَرَ وصنَّف. وانتهت إليه رياسة المذهب كما انتهت إلى ولده وكان من أذكياء العالم وممّن بلغ رُتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة. وهو أجلّ من أن يُنبّه عَلَيْهِ مثلي. وكنت أقف وأسمع درسه لأصحابه فِي حلقة ابنه. وكان يلثغ بالراء غينًا مَعَ جلالته، فسبحان من لَهُ الكمال. وكان لطيف الجبة، قصيراً أسمر، حلو الصورة، ظاهر الدم، مُفَركح السّاقين بهما حنفٌ ما وريح. وكان يركب البغلة ويحف به أصحابه ويخرج بهم إلى الأماكن النَّزِهة ويُباسطهم ويحضر المغاني وله في النفوس صورة عظيمة لدينه وعلمه [ص:661]
ونفعه العامّ وتواضعه وخيره ولُطفه وجُوده.
قرأت بخطّ الشّيْخ قُطْب الدّين قَالَ: انتفع بِهِ جمّ غفير ومُعظم فقهاء دمشق وما حولها وقُضاة الأطراف تلامذته. وكان رحمه اللَّه عنده من الكَرَم المُفْرط وحُسن العشرة وكثْره الصّبر والاحتمال. وعدم الرغبة فِي التكثُّر من الدّنيا والقناعة والإيثار والمبالغة فِي اللُّطف ولين الكلمة والأدب ما لا مزيد عَلَيْهِ، مَعَ الدّين المتين وملازمة قيام اللّيل والورع وشرف النّفس وحُسْن الخُلُق والتّواضع والعقيدة الحسنة فِي الفقراء والصُّلحاء وزيارتهم. وله تصانيف مفيدة تدلّ عَلَى محلّه من العلم وتبحّره فِيهِ. وكانت لَهُ يد فِي النَّظم والنَّثر.
قلت: تفقّه فِي صغره عَلَى الشّيْخ عزّ الدّين ابن عَبْد السلام والشيخ تقيّ الدّين ابن الصّلاح. وبرع في المذهب وهو شاب وجلس للإشغال وله بضعٌ وعشرون. ودرّس فِي سنة ثمانٍ وأربعين. وكتب فِي الفتاوى وقد كمّل ثلاثين سنة.
ولما قدم النواويٌ من بلده أحضروه ليشتغل عَلَيْهِ، فحمل همّه وبعث به إلى مدرس الرواحية، ليصبح لَهُ بها بيت ويرتفق بمعلومها. ولم يزل يُشغِل من ذَلِكَ الوقت إلى أن مات.
وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار. وكان إذا سافر إلى زيارة بيت المقدس يتنافس أهل البّر فِي التّرامي عَلَيْهِ , وإقامة الضيافات لَهُ. وكان أكبر من النواوي، رحمهما اللَّه، بسبع سنين. وكان أفقه نفسًا وأذكى قريحة وأقوى مناظرة من الشّيْخ محيي الدّين بكثير، لكنْ كَانَ محيي الدّين أنقل للمذهب وأكثر محفوظًا منه. وهؤلاء الأئمّة اليوم هُمْ خواصّ تلامذته: ابنه وقاضي القضاة والشيخ كمال الدّين ابن الزَّملكانيّ وكمال الدّين الشهبيّ وزكيّ الدين زكريا وكان قليل المعلوم، كثير البركة، مَعَ الكَرَم والإيثار والمروءة والتّجمّل. كان مدرس الباذرائية وُلّي تدريسها فِي سنة سبعٍ وسبعين ولم يكن بيده سواها إلّا ما لَهُ عَلَى المصالح. وكذلك ولده، أمتعنا اللَّه ببقائه.
وتجد غيره لَهُ عدّة مناصب وعليه ألوفٌ كثيرة من الدَّين. هذا وأين ما بين الرجلين من العِلم والدين.
قال رحمه الله ورضي عنه في سنة ثمانٍ وخمسين حين انجفل الناس: [ص:662]
لله أيام جمع الشمل ما بَرحَت ... بها الحوادثُ حتى أصبحت سمرا
ومبتدأ الحزنِ من تاريخ مسألتي ... عنكم فلم ألقَ لا عَينًا ولا خَبَرا
يا راحلين قدرتم فالنجاء لكم ... ونحن للعجز لا نستعجز القَدَرا
وله:
يا كريم الآباء والأجداد ... وسعيد الإصدار والإيرادِ
كنت سعدًا لنا بوعدٍ كريمٍ ... لا تكن في وفائه كسعادِ
تُوُفّي الشّيْخ تاج الدين إلى رضوان الله ومغفرته بالباذرائية، فِي ضُحى يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة. ودُفن بمقابر باب الصغير وشيّعه الخلق وتأسفوا عَلَى فقْده. فإنّا لله وإنّا إلَيْهِ راجعون. وهو والشيخ شمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عُمَر أجلّ من روى " صحيح الْبُخَارِيّ " عَنِ ابن الزَّبَيْديّ.
وعاش ستًّا وستّين سنة وثلاثة أشهر.(15/660)
636 - عبد الرحمن مُحَمَّد بْن أَبِي البدر، شَرَف الدّين العبّاسيّ، البغدادي. [المتوفى: 690 هـ]
سمع من إبراهيم ابن الخير وعجيبة وجماعة وعاش خمساً وسبعين سنة. مات فِي رجب.(15/662)
637 - عَبْد العزيز بْن علي، العدْل، موفّق الدّين الشُّرُوطيّ. [المتوفى: 690 هـ]
روى عَنْ أصحاب السِّلَفي ومات فِي ربيع الأوّل.(15/662)
638 - عَبْد اللطيف بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر اللَّه. [المتوفى: 690 هـ]
الإِمَام بدرُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد العبْدي، الحمويّ، الشّافعيّ، الفقيه.
إمام، عالم، مدرّس، جيد الفتوى وافر الحُرْمة ببلده. صاحب مكارم ولُطْف وتواضع. وله نظمٌ ونثر، كتب عَنْهُ شيخنا أَبُو الْحُسَيْن اليُونينيّ.
من شعره:
وبي رشأ قد علا شأنه ... وكلّ الأنام به مرتبك
تملكني وتملكته ... بنصف الذي لي بِهِ قد ملك [ص:663]
أَنَا عبده وهو عبدي اعجبوا ... فهل يملك الشخص من قد مَلَك
قلت: يعني تملّكني بالعينين وملكته بالعين.
تملكني وتملكته بنصف ... وربع الذي به ملك
أي المال والجمال.
وقد سمع ببغداد من أبي إسحاق الكاشْغَريّ وأبي بَكْر ابن الخازن وبمصر من الحسن بن دينار وأبي فصيد قايماز المعظمي وعبد الرحيم بْن الطُّفيل وبحلب من ابن خليل وبحماة من صفيّة وجماعة، أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ وكان خطيب حماة بالجامع الأعلى.(15/662)
639 - عَبْد الواسع بْن عَبْد الكافي بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد الجليل، القاضي شمس الدّين، أَبُو مُحَمَّد الأبْهَريّ، الشافعي، [المتوفى: 690 هـ]
نزيل دمشق.
شيخ فقيه، جليل، عالم، فاضل وافر الدّيانة، عالي الرّواية، كثير الورع، سَمِعَ بالموصل من أَبِي الْحَسَن بْن روزبة وسمع بدمشق من ابن الزَّبَيْديّ وابن اللّتّيّ وابن باسوية وإبراهيم ابن الخُشوعي وجماعة وأجاز لَهُ: أَبُو الفتح المندائي وأبو أحمد ابن سُكَيْنة وعين الشمس الثّقفية والمؤيَّد ابن الأخوة وزاهر بْن أَحْمَد الثّقفيّ وروى الكثير، أخذ عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ وخلْق وأدركه أَبُو الفتح ابن سيد الناس وأكثر عَنْهُ وولي نيابة القضاء لابن الصّائغ مدّة.
وُلِد بأبْهَر فِي ربيع الأول سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة ومات فِي شوّال بالخانقاه الأسَدِيّة. وقد سَمِعَ منه حضوراً عبد الرحمن ابن المِزّيّ وسبطه الأمين السّيواسيّ ولنا منه أجازة، رحمه الله.(15/663)
640 - عَبْد الولي بْن بحتر بْن حُمادي، أَبُو أَحْمَد البَعْلَبَكّيّ، الفقير، الصّالح، المقيم بمسجد الحلبيّين بالقاهرة. [المتوفى: 690 هـ]
روى عَنْ الفخر الإربلي ويوسف بْن خليل ومات فِي ذي الحجة.(15/664)
641 - عَبْد الوليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمّد، ناصر الدّين الدمشقي، الحنفي، [المتوفى: 690 هـ]
المؤدب بمكتب باب النّاطفيّين وإمام المدرسة النّوريّة.
شيخ معّمر فاضل، لَهُ هيبة عَلَى الصّبيان. وُلِد سنة إحدى وستّمائة وقرأ القرآن عَلَى السّخاوي وسمع من ابن اللّتّيّ ومُكَرم وغيرهما وأخذ عَنْهُ الحفّاظ ومات في جمادى الأولى.(15/664)
642 - عَبْد الوليّ بْن أَبِي مُحَمَّد بْن خَوْلان، الأجلّ، بهاءُ الدّين البَعْلَبَكّي. عدلٌ متميّز، صالح، خير، كثير المكارم. [المتوفى: 690 هـ]
قال ولده شيخنا أمين الدّين مُحَمَّد: كَانَ لَهُ تسعة إخوة وثلاث أخَوات وكان يقوم بجميع مصالحهم وكان كتّانيًّا، ثمّ صار تاجرًا فِي البزّ. ثمّ تزوَّج وجاءته الأولاد، ثمّ ترك التّجارة وحجّ وأقبل عَلَى العبادة. وكان محبّبًا إلى النّاس كثير الصلاة والصيام والتّلاوة.
حدث عن: البهاء عَبْد الرَّحْمَن وغيره وتُوُفّي فِي شوّال وله نحو ثمانين سنة.
قلت: سَمِعَ منه: ابن أبي الفتح وابنه والبرزالي وجماعة.(15/664)
643 - عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد بْن فارس، كمال الدّين، أَبُو مُحَمَّد المرّيّ - بالرّاء - الْمَصْرِيّ، الشافعيّ، المعدل. [المتوفى: 690 هـ]
حدث عن عبد العزيز ابن باقا ومات فِي ذي القعدة وله سبعٌ وثمانون سنة.
كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وابن سيّد النّاس وطائفة.(15/664)
644 - عزيزة بِنْت عَبْد العظيم بْن عَبْد القويّ، المقدسيّة، [المتوفى: 690 هـ]
زَوْجَة الزَّين عَبْد الرَّحْمَن بْن هارون الثعلبي.
روت عن كريمة وإبراهيم ابن الخُشُوعيّ وماتت فِي شعبان.(15/665)
645 - عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد، الشّيْخ الإِمَام، الصّالح، الورع، المعمّر، العالم، مُسْند العالم، فخر الدّين، أَبُو الْحَسَن ابن العلامة شمس الدّين أَبِي الْعَبَّاس المقدسيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ، [المتوفى: 690 هـ]
المعروف والده بالبُخاري.
وُلِد فِي آخر سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة. واستجاز له عمه الحافظ الضياء أبو عبد الله أَبَا طاهر الخُشُوعيّ وأبا المكارم اللّبّان وأبا عَبْد اللَّه الكرّانيّ وأبا جَعْفَر الصَّيْدلانيّ وأبا الفرج ابن الجوزي والمبارك ابن المعطوش وهبة اللَّه بْن الْحَسَن السِّبْط وأبا سعد الصّفّار ومحمد بْن الخصيب القْرَشيّ ومحمد بْن معمّر القُرَشيّ وإدريس بْن مُحَمَّد آل والوية وأبا الفخر أسعد بْن رَوْح وزاهر بْن أَحْمَد الثّقفيّ وأخاه أبا محمود أسعد راوي " مُسْنَد أبي يعلى " عن الخلال وبقاء بن حند والمفتي خلف بن أحمد الفراء وداود بن ماشاذه وعبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن البقليّ وعبد الله بن مسلم بن جوالق وعبد الوهاب ابن سكينة وأبا زرعة عبيد الله ابن اللّفْتوانيّ وعبد الواحد بْن أَبِي المطهّر الصَّيدلانيّ وعفيفة الفارفانية.
أجاز لَهُ هَؤُلَاءِ فِي سنة ستٍّ وتسعين وسنة سبْع. وسمع حضورًا فِي الخامسة من جماعة وسمع " المسند " من حنبل و" السنن" لأبي داود و" الجامع " للترمذي و" الغيلانيات " و" الجعديات " و" القطيعيات " وشيئًا كثيرًا من عُمَر بْن طَبَرْزَد.
وسمع من أبِيهِ ومحمد بْن كامل بْن أسد العدل وأسعد بن أبي المنجى القاضي وأبي عُمَر بْن قُدامة الزّاهد وأبي المعالي مُحَمَّد بْن وهب بْن الزّنف وعبد الوهاب بن المنجى وتفرد بالرواية عنهم والخضر بن كامل المعبر وعبد اللَّه بْن عُمَر بْن عَلِيّ الْقُرَشِيّ وأبي اليمن الكندي وأبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ وأبي الفُتُوح البكريّ وأبي القاسم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ وأبي الْحُسَيْن غالب بن [ص:666]
عبد الخالق الحنفي وأبي الفتوح ابن الجلاجلي وأبي عبد الله ابن البناء وأبي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سيدهم وأبي مُحَمَّد بْن قُدامة وهبة اللَّه بْن الخضر بْن طاوس وطائفة بدمشق والجبل وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي الرّدّاد وأبي البركات عبد القوي ابن الجباب ومرتضى بْن حاتم بمصر وأبي علي الأوقيّ ببيت المقدس وظافر بْن شحم وغيره بالثغر ويوسف بْن خليل بحلب وعمر بْن كرم وعبد السلام الداهري ببغداد.
وروى الحديث سبعين سنة، فإنّ عُمَر ابن الحاجب سمع منه سنة عشرين وستمائة وسمع منه: الحافظان زكيُّ الدّين المنذريّ ورشيد الدين القرشي سنة نيفٍ وثلاثين بالقاهرة وقرأ عَلَيْهِ شمس الدّين ابن الكمال ابن عمّه كثيرًا من الأجزاء بعد الخمسين وستّمائة وشرع الحفّاظ والمحدّثون فِي الإكثار عَنْهُ من بعد السّتّين ولم يكن إذ ذاك سهلًا فِي التّسميع، فلمّا كبُر وتفرّد أحبّ الرواية وسهّل للطّلبة وازدحموا عَلَيْهِ ورحلوا إلَيْهِ وبَعُد صيته فِي الآفاق وقُصِد من مصر والعراق وكثُرت عَلَيْهِ الإجازات من البلاد وألحق الأحفاد بالأجداد. وبعث إلَيْهِ شيخنا ابن الظاهري بمشيخةٍ خرّجها لَهُ مَعَ البريد، فاشتهر أمرها ونودي لها ونوه بذكرها المحدثون والفقهاء والصّبيان وتسارعوا إلى سماعها وانتدب لقراءتها شيخنا شرف الدّين الفَزَاريّ وكان الجمع نحوًا من تسعمائة نفس، فسمعها عَلَيْهِ من لم يسمع شيئًا قبلها ولا بعدها ونزل النّاس بموته درجة.
وكان فقيهًا، إمامًا، أديبًا، ذكيا، ثقة، صالحًا، خيِّرًا ورعًا، فِيهِ كرم ومروءة وعقل وعليه هيبة وسكون. وكان قد قرأ " المقنع " كلّه عَلَى الشّيْخ الموفَّق وأذِن لَهُ فِي إقرائه، ثم اشتغل بالعائلة وتسبّب، فكان يسافر فِي التّجارة فِي بعض الأوقاف. ومن بعد الثمانين ضعُف ولزِم منزله وعاش أربعًا وتسعين سنة وثلاثة أشهر.
سَأَلت أَبَا الحَجّاج الحافظ عَنْهُ فقال: أحد المشايخ الأكابر والأعيان الأماثل، من بيت العلم والحديث. تفرد بالرواية عَنْ عامّة مشايخه سماعًا وإجازة. سمعنا منه أشياء كثيرة جدًا. ولا نعلم أن أحدًا حصل لَهُ من الحظوة فِي الرواية فِي هذه الأزمان ما حصل لَهُ. [ص:667]
وقال شيخنا ابن تيمية: ينشرح صدري إذا أدخلت ابن البخاري بيني وبين النبي صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حديث.
وقد روى عَنْهُ الدمياطيّ وقاضي القضاة ابن دقيق العيد، وقاضي القضاة ابن جماعة، وقاضي القضاة ابن صَصْرى، وقاضي القضاة تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وقاضي القضاة سعد الدّين مَسْعُود، وأبو الحَجّاج المِزّيّ، وأبو مُحَمَّد البِرْزاليّ، وشيخنا أَبُو حفص ابن القواس، وأبو الوليد بن الحاج، وأبو بَكْر بْن القاسم التُّونسيّ المقرئ، وأبو الْحَسَن عَلِيّ بْن أيّوب المقدسيّ، وأبو الْحَسَن الختني، وأبو محمد ابن المحب، وأبو محمد الحلبي، وأبو الحسن ابن العطّار، وأبو عَبْد اللَّه العسقلاني رفيقنا، وأبو العباس البكري الشريشي، وأبو العباس ابن تيمية.
وإن كان للدنيا بقاء فليتأخرن أصحابه إن شاء اللَّه إلى بعد السبعين وسبعمائة.
وقد رحل إلَيْهِ أَبُو الفتح ابن سيّد النّاس اليَعْمُريّ فدخل دمشق مسلّمًا عَلَى قاضي القضاة شهاب الدّين وقال: قدمتُ للسّماع من ابن الْبُخَارِيّ. فقال: أوّل أمس دفنّاه. فتألّم لموته. وكان فِي ثاني ربيع الآخر.
ومن شعره:
تكرّرت السُُّنون عليّ حتّى ... بُليت وصرت من سَقْط المتاع
وقلّ النَّفع عندي غير أني ... أعلل للرواية والسماع
ولا يُدري ما قرأ عَلَيْهِ الشّيْخ علي المَوْصليّ والمِزّيّ من الكتب والأجزاء، وأمّا البِرْزاليّ فقال: سَمِعْتُ منه بقراءتي وقراءة غيري ثلاثةً وعشرين مجلداً، وأكثر من خمسمائة جزء. وهو آخر من كَانَ فِي الدنيا بينه وبين رَسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانية رجال ثقات.
وقد أجاز لي مَرْويّاته فِي سنة ثلاثٍ وسبعين، ولم أُرزق السماع منه، رحمه الله.(15/665)
646 - عَلِيّ بْن أَبِي صادق الْحَسَن بْن يَحْيَى بْن صبّاح، علاء الدّين أَبُو الْحَسَن القُرَشيّ، المخزوميّ، الْمَصْرِيّ، ثمّ الدّمشقي، الشافعيّ. [المتوفى: 690 هـ]
شيخ ثقة: فاضل، صالح، خيّر، سَمِعَ: أبَاهُ وأبا القاسم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السُّلمي وأبا المجد القزويني وأبا المحاسن بن أبي لقمة وأبا عبد الله ابن الزَّبَيْديّ.
وولد سنة ستٍّ أو سبْع وستّمائة بدمشق وكان يسكن عند باب توما.
كتب عنه الجماعة وأثنوا عليه. ولي منه إجازة، ومات في شعبان. وكان فقيها بالمدارس.(15/668)
647 - عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفتح، الحرّانيّ، المقرئ، الضّرير، [المتوفى: 690 هـ]
نزيل القاهرة ووالد شيخنا محمد العجوي.
حدث عن: ابن روزبة وغيره، سمع منه: البِرْزاليّ والقُطب، مات فِي ربيع الآخر.(15/668)
648 - عَلِيّ بْن عَبْد اللّطيف بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن المُغَيْزل، الفقيه سيفُ الدّين الحمويّ. [المتوفى: 690 هـ]
تُوُفّي شابًّا بحماة فِي المحرّم.(15/668)
649 - عَلِيّ بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الكريم بْن خَلَف بْن نبهان، الإمام، علاء الدين، أبو الحسن، [المتوفى: 690 هـ]
ابن الإمام العلامة كمال الدّين أَبِي المكارم، ابن خطيب زَمْلَكا الأَنْصَارِيّ، السّماكيّ.
والد الإِمَام العلامة مفتي الشّام كمال الدّين مُحَمَّد.
كَانَ إمامًا جليلًا وافر الحُرمة، حَسَن البزّة، مليح الصّورة، تامّ الشَّكل، مهيبًا، درّس بالأمينيّة مدّة وتوفّاه اللَّه إلى رحمته فِي ربيع الآخر وقد نيف عَلَى الخمسين.
وقد سَمِعَ من الرشيد العطّار بمصر ومن خطيب مردا بدمشق. ولم يحدّث، [ص:669]
وكان شهمًا مقدامًا، يُتّقى شرّه ويُخاف ولوعه. شُهِر عَنِ ابن جماعة أنّه شرب خمرًا ثمّ أتاه وقال: اجعلني فِي حِلّ. قَالَ: نعم إذا اعترفت عند قاضٍ. نقلها الشّيْخ تاج الدّين وهذا يدلّ عَلَى دينٍ فِيهِ.(15/668)
650 - عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جبريل، الشّيْخ نور الدّين الطّالقانيّ، الحنفيّ. [المتوفى: 690 هـ]
كَانَ إمامًا فِي المذهب، عارفا بأصوله، خبيرًا بالعربيّة، فِيهِ زُهد وانقطاع وخير، توفي بدمشق في صفر بالمارستان.(15/669)
651 - عمر بن غلندي، الحارس. [المتوفى: 690 هـ]
سَمِعَ من ابن اللّتّيّ وحدَّث، تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.(15/669)
652 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن سالم بْن باقا، بهاء الدّين، أَبُو حفص البغداديّ الأصل، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 690 هـ]
روى عَنْ جدّه ومحمد بْن محمود الدوي ومات في رمضان وله سبعون سنة، سمع منه: البرزالي واليعمري وجماعة.(15/669)
653 - عمر بن يحيى بن عمر بن حمد، الشيخ فخر الدين الكرجي الشافعي، [المتوفى: 690 هـ]
نزيل دمشق.
ولد بالكرج سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة. وقدم دمشق فلزم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وخدمه وتفقه عليه وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي والبهاء عبد الرحمن المقدسي وحدث " بالبخاري " وبكثيرٍ من مسموعاته. وتزوج ببنت شيخه تقيّ الدّين.
وكان ضعيفًا، حدث بما لم يسمع وذكر أبو عُمرو المقاتلي أنّه رآه قد ألحق اسم زين الدّين الفارقيّ فِي " الغيلانيّات " عَلَى ابن الصّلاح، قَالَ: وكان يُلحِق اسمه فِي الإسجالات عَلَى [ص:670]
القضاة، سامحه اللَّه وغفر لَهُ.
قلت: روى عنه جماعة. وحدث عنه أبو الحسن ابن العطار " بصحيح البخاري ". وأجاز لي مروياته.
ومات الفخر الكرجي والفخر ابن الْبُخَارِيّ فِي يوم واحد ثاني ربيع الآخر وقد شاخ وعجز وانقطع فِي بيته مدّة. وكان شيخ الحديث بالظّاهرية من بعد أَبِي إسحاق اللوري، وشيخ الحديث بالقليجيَّة، فوُلّي بالظاهرية الشّيْخ عزّ الدّين الفاروثيّ، وبالقليجيّة مدرّسها بهاء الدّين.(15/669)
654 - عيسى بن أياز، شرف الدين ابن فخر الدّين والي حماة. [المتوفى: 690 هـ]
أديب شاعر، مُحِسن، تُوُفّي فِي العشرين من جمادى الآخرة بحماة.
وهذه الأبيات الّتي غُنّي بها فِي أيّام فتح المَرْقب، لَهُ:
تحنّ إلى لقائكم القلوبُ ... فهل لي من زيارتكم نصيبُ
ويصبو نحوكم طرفي وقلبي ... فذا منكم يصاب وذا يصيبُ
أجيران الحِمَى عودوا مريضًا ... سلامته هِيّ العجبُ العجيبُ
لقد سئم العواذل طول سقمي ... لفُرقتكم وآيسني الطبيبُ(15/670)
655 - غازي بْن أَبِي الفضل بْن عَبْد الوهاب، أَبُو مُحَمَّد الدّمشقيّ، الحلاويّ وكنّاه الدّمياطيّ: أَبَا مجاهد. [المتوفى: 690 هـ]
سَمِعَ " الغيلانيات " من عُمَر بْن طَبَرْزَد وقطعةً كبيرة من " المسند " من حنبل وأقام بقطْيا مدّةُ منقطعًا إلى واليها، وكان يُحسن إلَيْهِ ودخل مصر غير مرّة وحدث وتفرد وازدحموا عليه وسمع منه خلْق كثير.
قَالَ لي أَبُو الحَجّاج المِزّيّ: دخلت إلى مسجد قطْيا فرأيت شيخًا كأنه باب فسألته: هَلْ تعرف غازي الحلاويّ فقال: أَنَا هُوَ. فقرأتُ عَلَيْهِ " عوالي الغيلانيات ".
روى عَنْهُ هُوَ، والدّمياطي والبِرْزاليّ، وأبو حيّان النَّحْويّ، وأبو مُحَمَّد بْن منير، وأبو الفتح اليَعْمُريّ وكان شيخًا معمَّرًا، صحيح التّركيب، [ص:671]
ممتَّعًا بحواسّه. عاش خمسًا وتسعين سنة.
وكان فقيراً، متعففاً، مستورًا، حافظًا للقرآن، ينوب فِي إمامة جامع قطيا وقيل إنه ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة، فإنّ القاضي سعد الدّين الحارثيُّ كتب تحت خطّه فِي إجازة: سئل عَنْ مولده سنة ثلاثٍ وثمانين فقال: يكون لي اثنان أو ثلاثٌ وتسعون سنة.
قلت: وكان يُعرف بابن الرّدّاف ويُلقّب بالشهاب تُوُفّي فِي رابع صفر بمصر. وقيل: ولد سنة إحدى وتسعين وقيل سنة أربع وتسعين.(15/670)
656 - قُطُز، الأمير سيف الدّين المنصوريّ. [المتوفى: 690 هـ]
من أكبر مماليك المنصور وأقدمهم وأحسنهم شكلًا. وكان يشرب، فلمّا حجّ ظنّ النّاس أنّه يتوب فلم ينته عَنِ الخمر وكان يُندب فِي المَهَمّات لشجاعته وغنائه.(15/671)
657 - قيران، الأمير بدر الدّين السُّكْزيّ. [المتوفى: 690 هـ]
أحد من قتل على عكا.(15/671)
658 - كُشتُغدي، الأمير علاء الدّين الشمسيّ، خُشْداش البَيْسريّ. [المتوفى: 690 هـ]
كَانَ أحد المقدّمين الذين ساروا من مصر لانتزاع الشام من سنقر الأشقر.
ذكره قطب الدين فقال: كان عنده تشيُّع وتظهر منه كلمات ينبو عَنْهَا السَّمع. وحُبس هُوَ والبَيْسريّ مدّة، فلّما تسلطن الأشرف أخرجهما ورفع منزلتهما وقتل كشتغدي على عكّا.
قلت: وله آثار فِي إصلاح السّجن الَّذِي بداخل مشهد علي من جامع دمشق، جاءه سهم فقتله.(15/671)
659 - كشتُغدي، الأمير جمال الدّين الغَرّي. [المتوفى: 690 هـ]
مصريّ حدّث عَنْ أَبِي القاسم سبط السِّلفيّ ومات فِي صفر.
والغري: بمعجمة ثم مهملة مستفاد مع الغزي بمعجمتين وبالفتح والغُزي بمعجمتين وبالضم والعزّيّ بمهملة ثم معجمة والعربي بزيادة باء.(15/671)
660 - لؤلؤ، فتى الصاحب ابن جرير. [المتوفى: 690 هـ][ص:672]
قال البرزالي: روى لنا عن ابن اللّتّيّ.
قلت: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل وسمع منه الفرضي أيضاً والمزي.(15/671)
661 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد المجيد، الشّيْخ أَبُو عَبْد اللَّه اللَّخميّ، القُوصيّ، المقرئ، الشافعيّ. [المتوفى: 690 هـ]
منقول من " تاريخ مصر" لشيخنا القُطْب. وأنّه رُبي في حجر العارف أبي الحسن ابن الصّبّاغ وهو آخر أصحابه وقرأ بالثَّغر عَلَى الصَّفْراويّ وسمع من إِبْرَاهِيم بْن علي المحلّيّ بخطّ ابن مسدي.
مولده فِي صفر سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة ومات بالقاهرة فِي سابع ذي القعدة سنة تسعين.(15/672)
662 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الفهم، العدْلُ، عزّ الدّين ابن البقّال، أَبُو عَمْرو. [المتوفى: 690 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وعشرين وستّمائة بدمشق. وحدّث عَنِ السخاوي وإبراهيم ابن الخُشُوعيّ وجماعة.
ومات فِي جمادى الأولى. وهو أخو المعمّر علاء الدّين علي.(15/672)
663 - مُحَمَّد بْن أسعد بْن نصر اللَّه بْن عَبْد الكريم أخي القاضي كمال الدين عبد الصمد ابني مُحَمَّد ابن الحَرَسْتانيّ، نجم الدين. [المتوفى: 690 هـ]
تُوُفّي بالمارستان عَنْ ثمانين سنة فِي ذي القعدة.
حدّث عَنْ: أَبِي المجد القزوينيّ وعبد الرحيم بْن عَلِيّ بْن مكارم الحدّاد، أخذ عَنْهُ ابن الخباز وابن البرزالي وجماعة.(15/672)
664 - مُحَمَّد بن دَاوُد بن مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم، الأمير بدر الدّين ابن الأمير الأجلّ عماد الدّين الهكاريّ. [المتوفى: 690 هـ]
جنديّ محتشم. ولد سنة سبع وثلاثين وسمع من ابن رواحة ويحيى بْن قميرَة وحدث. ومات بالقدس فِي شعبان وفُجع بِهِ أبُوهُ وكان فارسًا شجاعًا، مَهِيباً.(15/672)
665 - مُحَمَّد بْن سعد بْن المظفَّر بْن المطهّر، شمس الدين، أبو الخير ابن اليزديّ، البغداديّ، الزّاهد، شيخ رباط الخِلاطيّة. [المتوفى: 690 هـ]
سمع من ابن الخازن وابن قُمَيرة، مات فِي شوّال.(15/673)
666 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم، الشّيْخ صفيُّ الدّين ابن المالحانيّ، المقرئ، البغدادي، التّاجر. [المتوفى: 690 هـ]
سَمِعَ " الصحيح " عَلَى ابن القَطِيعيّ وابن رُوزبَة وأجاز لَهُ دَاوُد بْن مُعَمَّر وجماعة.
وُلِد سنة عشر وستّمائة ومات فِي صفر وأجاز لَهُ أَبُو الفتح الغزنوي وابن صرما، أخذ عَنْهُ الفَرَضيّ وابن الفُوَطيّ.(15/673)
667 - مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق بْن مُزهر، الإِمَام شهابُ الدّين الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، المقرئ. [المتوفى: 690 هـ]
قرأ القراءات عَلَى السّخاويّ وأقرأها وروى الحديث: وكان شيخاً فاضلاً يدري القراءات دراية متوسّطة، قرأ عَلَيْهِ شمس الدّين الحنفيّ الأعرج وغيره ومات فِي رجب وقف كُتُبه بدار الحديث الأشرفيّة.(15/673)
668 - مُحَمَّد بْن عبد المؤمن بْن أَبِي الفتح، شمس الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الصُّوري، المقدسي، الصالحي [المتوفى: 690 هـ]
ابن عم شيخنا التّقيّ أَحْمَد.
وُلِد سنة إحدى وستّمائة وسمع من أَبِي اليُمن الكِنْديّ وهو آخر من سَمِعَ منه وسمع من أَبِي القاسم ابن الحرستاني وابن ملاعب وأبي عبد الله ابن البناء وجماعة.
وتفقّه وكتب الخطّ المنسوب ونسخ بخطّه الكُتب ورحل إلى بغداد فسمع بها من أبي علي ابن الجواليقي وعبد السلام الداهري وأبي حفص السُّهروردي وغيرهم وأجاز لَهُ: عَبْد العزيز ابن الأخضر وابن طَبَرْزَد.
وكان من بقايا الشيوخ المُسندين فِي زمانه، أكثر عنه المِزّيّ والبِرْزاليّ وابن العطّار وابن سيّد النّاس وجماعة وكان يطلع فِي الأمانة إلى المرج ويؤدّب ويسعى فِي الرّزق وتُوُفّي فِي منتصف ذي الحجّة.(15/673)
669 - مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن سلامة، العماد الدّمشقيّ، التاجر. [المتوفى: 690 هـ][ص:674]
وُلِد سنة خمس عشرة وستّمائة وسمع من أَبِي مُحَمَّد بْن البُنّ والبهاء عَبْد الرَّحْمَن وجماعة، كتب عَنْهُ ابن الخبّاز والبرزاليّ والطّلبة غير مرّة ومات فِي شوّال. وكان رفيق أَبِي جَعْفَر ابن الموازينيّ.(15/673)
670 - مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن عَبْد الوهّاب، أَبُو عَبْد اللَّه الأبْهَريّ، الصّوفيّ، المقرئ. [المتوفى: 690 هـ]
كان صوفياً بالخانكاه الأسديّة وشاهدًا بالبياطرة وسمع من أَبِي القاسم ابن صصرى والقزويني وزين الأُمناء وابن الزَّبَيْديّ، كتب عَنْهُ الجماعة. وكان صالحًا خيّرًا.
تُوُفِّي فِي ربيع الْأَوَّل.(15/674)
671 - مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أَبِي علي، العدل، جمالُ الدّين وُلِد السيف الآمديّ. [المتوفى: 690 هـ]
وُلِد بحماة سنة اثنتين وستّمائة وروى عَنِ القزوينيّ.(15/674)
672 - مُحَمَّد بْن قايماز، شَرَفُ الدّين الكُتُبيّ. [المتوفى: 690 هـ]
روى عَنْ مُكَرَّم.(15/674)
673 - مُحَمَّد بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي الفتوح محمد بن محمد بن عمروك، أبو بكر البكري، التيمي. [المتوفى: 690 هـ]
وُلِد بدمشق سنة سبعٍ وعشرين وسمعه عمّه الصَّدًر البكْريّ من ابن اللّتّيّ وكريمة ومحاسن الجوبري وغيرهم وسكن مصر وحدّث بها؛ وكان من عدولها، توفي في شوال.
كتب عنه البرزالي وقال: هو النجم ابن الشرف.(15/674)
674 - محمد، الشمس، المحمّديّ، المؤذّن، [المتوفى: 690 هـ]
من كبار المؤذّنين بدمشق.
تُوُفّي فِي صفر.(15/674)
675 - مؤنسة بِنْت الصّاحب كمال الدين عمر بن أحمد ابن العديم العقيلي. [المتوفى: 690 هـ]
توفيت بدمشق في رابع ربيع الآخر، روت عن الركن إبراهيم الحنفي، كأخواتها.(15/674)
676 - لاجين، الأمير سابق الدّين العماديّ. نائب قوص وأعمالها فِي دولة المعزّ. [المتوفى: 690 هـ]
ثمّ وُلّي بلبيس وبها تُوُفّي فِي خامس رمضان عَنِ اثنتين وثمانين سنة وكان مملوكًا للصاحب عماد الدّين وزير الجزيرة العمرية. وكان دَيِّنًا، صالحًا، متصدّقًا، قدم مع أستاذه في دولة الكامل وتقدم في أيام الصالح.(15/675)
677 - يَحْيَى بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان، الفقيه، عماد الدّين الشّافعيّ، العدْل. [المتوفى: 690 هـ]
سبْط الإِمَام أَبِي عَمْرو ابن الحاجب.
تُوُفّي بدمشق فِي ربيع الآخر وقد سَمِعَ من جدّه ومن السخّاويّ ولم يروِ.(15/675)
678 - يمك، الأمير الكبير، بهاءُ الدّين النّاصريّ، الصّلاحي. [المتوفى: 690 هـ]
عتقه الملك النّاصر يوسف وتزوّج بابنه الملك القاهر عَبْد الملك ابن الملك المعظّم. وحجّ بالرَّكْب الشاميّ سنة ستٍّ وثمانين. وزخرف داره التي بالدّيماس فوقع من السّقالة دهّانان فماتا لوقتهما.
وكان تركيًّا مَهِيبًا، تامّ الشّكل، معروفًا بالشّجاعة، تُوُفّي بدمشق فِي رجب.(15/675)
679 - يوسف بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف، الشّيْخ أَبُو الفضل الرّوميّ، المَلَطيّ، الواعظ. [المتوفى: 690 هـ]
تُوُفّي بدمشق فِي ذي الحجَّة عَنْ خمسٍ وسبعين سنة، حضرتُ مجلسه وكان بارد الوعظ.(15/675)
680 - يوسف بْن يعقوب بْن مُحَمَّد بْن علي، الرئيس المعمّر، نجم الدّين، أَبُو الفتح ابن الوزير الصّاحب أَبِي يوسف ابن المجاور الشيبانيّ، الدّمشقيّ، الكاتب. [المتوفى: 690 هـ]
وُلِد فِي سنة إحدى وستمائة وسمع من أبيه والتاج الكندي والخضر بن كامل السُّرُوجيّ وعبد الجليل بْن مندوَيْه وزينب بنت إبراهيم القيسي وداود بن ملاعب وهبة الله بن طاوس وعمر بن شقير والحسن ابن [ص:676]
البُنّ وأبي الوحش عَبْد الرَّحْمَن بْن نسيم والشيخ الموفَّق.
وكان شيخًا جليلًا، فاضلًا، أبيض اللّحية، حَسَن البزّة، رَأَيْته يحدّث غير مرّة عند البرادة ووقفت عَلَيْهِ مرّةً فِي سنة ستٍّ وثمانين فسمعت القارئ يَقُولُ لَهُ: أخبرك في تاريخ كذا فلان، فحسبت فإذا لسماعه ثمانون سنة. فلبثت سُويَعة، فقرأ عَلَيْهِ حديث العابد والرّمانة وحديث المؤمن الّذي يقرأ القرآن كالأتُرُجّة، فحفظتهما من ذَلِكَ الوقت.
ورأيته أيضًا في ديوان الظلم بدار الطّعم، ثم عُزِل قبل موته بسنتين أو ثلاثة إلى أن مات. ومع هذا فكان صاحب عبادة ودين.
وأجاز لَهُ: مُحَمَّد بْن علي القُبّيطيّ وأحمد بْن الحسن العاقولي وابن الأخضر وعبد العزيز بن منينا وغيرهم.
وكنّاه بعضهم أبا العزّ وتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من ذي القعدة. وكان لَهُ مكان كيّس عَلَى نهر يزيد وقَفه زاويةً.
وكان قد سَمِعَ كتاب "تاريخ بغداد " للخطيب، من الكِنْدي في سنة سبع وستمائة، سمعه منه: المِزّيّ. تفرّد بِهِ وبشيءٍ كثير وانقطع بموته إسناد عال.(15/675)
681 - أَبُو بَكْر بْن عبّاس بْن عريب، زين الدّين الدّمشقيّ. [المتوفى: 690 هـ]
حدّث بالقاهرة عَنْ: ابن صباح وابن الزبيدي ومات في رمضان.(15/676)
682 - أبو بكر، الشيخ اليعفوري. [المتوفى: 690 هـ]
شيخ له حال وأصحاب ومولهون. رأيته مرة.
وتوفي بقرية يعفور، صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق في شوال وعلى البرهان الهروي شيخ الصوفية الذين بالقدس.(15/676)
-وفيها ولد:
الخطيب زين الدين عبد الرحيم بن محمد بن جماعة الكناني وسراج الدين عبد اللطيف بن أحمد ابن الكويك الشافعي ومحمد ابن التقي حمزة ابن المجدلي وتقي الدين محمد بن محمد بن أبي الحسن البعلي.(15/676)
-الطبقة السبعون 691 - 700 هـ(15/677)
بسم الله الرحمن الرحيم
-ومن الحوادث الكائنة فِي هذه الطبقة(15/679)
-سنة إحدى وتسعين وستمائة
فِي صَفَر أمر نائب دمشق وهو الشجاعيّ، بإنزال الكأس السماقيّ البرّاق من القلعة إلى الجامع، فأنزل والمؤذنون بين يديه يقرؤون والصّبيان يصيحون، إلى أنّ وضع موضع البرّادة. وقُلعت البَرَّادة ولم يكن هذا الكأس مثقوبًا، فثقبة المرخّمون فِي أيّام. وهو كأس كأنّه هناب مُرَحرَح، يسع نحو عشرة أرطال ماء أو أقلّ. وحجره من جنس اللَّوحين اللَّذين عن جنبتي محراب جامع دمشق، حجر أملس بصّاص مانع قليل الوقوع. ثُمَّ أُجري فِيهِ الماء وسمرت المغرفتان مع الركن وشربنا منه. ثُمَّ أخذوه إلى القلعة وعُمل فِي دار السّلطنة بعد أيّام.
وفيه أُخرب حمّام الملك السّعيد ولم يكن فِي الشَّام بأسرها حمّام أحسن منه ومُغَلّه عظيم. وكان بينه وبين باب السّرّ الَّذِي للقلعة نحو سبعين ذراعًا. وأخذوا من حجارة بابه وعملوها على باب السّرّ. وخرّبوا ما حوله من الدور وغيرها.
وفيه كان البناء فِي القلعة والطارمة بجدٍّ وسهر واجتهادٍ عظيم. وبُني باب الميدان بأعمدةٍ كانت فِي القلعة وعُمِل له حيطان هائلة العرض. واقتسمت الأمراء عمله وأقيم فِي زمنٍ يسير بهمة عالية وسرعة زائدة.
وفي ربيع الأوّل خطب أمير المؤمنين الحاكمُ بأمر اللَّه يوم الْجُمُعَة [ص:680]
بجامع قلعة الجبل خطبةً جهاديّة، فقيل هِيَ التي لقنه إياها شيخنا الشيخ شرف الدين ابن المقدسي.
وفيه ولي خطابة دمشق الشَّيْخ عز الدِّين أحمد ابن الفاروثي وخرج بعد يوم بالنّاس إلى الصَّحراء للاستسقاء إلى مَيْدان الحصى. وذلك فِي وسط آذار وبعد يومٍ أو يومين حصل للغوطة صقْعةٌ شديدة أعطبت الصّحراء والثّمار ولم يُعْهَد مثلُها من نيف وعشرين سنة.
وفي يوم الإثنين بعد جمعة خرج النّاس أيضًا للاستسقاء إلى قريب مسجد القدم وخطب الفاروثي ومشى إلى ثَمّ نائب السَّلْطنة الشُّجاعيّ والجيش والخلائق وابتهلوا إلى اللَّه، ثُمَّ رزق الله الغيث وجاءت الرحمة.
وفيه درّس الشَّيْخ صدر الدِّين عبد البر بْن رزين بالقَيْمُرية لسفر مدرّسها القاضي علاء الدين أحمد ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز.
وفيه - أعني ربيع الآخر - انتهت عمارة دار السّلطنة بقلعة دمشق ودخل فيها نحو أربعة آلاف دينار فِي الزّخرفة. وعمل النّائب للسلطان دِهليزًا عظيمًا إلى الغاية، طولُ عموده بضعةٌ وثلاثون ذراعا ستّ وصْلات، لا يمكن الشّخص أن يحضنه والفلكة التي فِي أعلاه كأنّها فردة طاحون. وهو من هذه النّسبة. وتنوّع فِي عمل خامه وغرم عليها أموالًا ونُصب بالميدان ليراه السّلطان، فقاسوا المشاقَ حَتَّى انتصب، فجاء هواءٌ عاصف فرماه، فشرعوا فِي عمل دِهليزٍ أصغر منه.
وفي جُمَادَى الأولى دخل دمشقَ الملك الأشرف، ثُمَّ صلّى بجامع دمشق يوم الْجُمُعَة بالمقصورة وأسرجت له شموع كثيرة وخلع على الخطيب عز الدين الفاروثي.
وأقام السّلطان بدمشق عشرة أيّام وسار إلى حلب فدخلها في أواخر الشهر بالجيوش وضيفه صاحب حماة وبالغ في الاحتفال وأدخله الحمام.
وفيه درّس الشَّيْخ صفيُّ الدِّين الهنديّ بالظّاهريّة بعد رواح مدرسها ابن بنت الأعز إلى مصر. [ص:681]
وفيه نكح الأمير شمس الدِّين الأعسر ابْنَة الصاحب شمس الدين ابن السلعوس على ألف وخمسمائة دينار.
وفيه حُبست الشيخة البغداديّة وتعصّب عليها جماعة من الأحمديّة وأوذيت فصبرت وقالت: أَنَا لا أترك النَّهي عن المُنكَر. ثُمَّ سلّمها اللَّه بحسن نيتها.
وفي ثامن جُمَادَى الآخرة نازل السّلطان وجيوشه قلعة الروم وحاصرها شهرًا وثلاثة أيام.
وفيه نزل الفاروثيّ عن تدريس النجيبيّة للشيخ ضياء الدين عبد العزيز الطوسي.
وفيه وقع من أخي رئيس المؤذّنين البرهان أمرٌ صعْب وهو أنّه وعبد أسود تحيَّلا فِي النُّزول على حُرَم السّلطان الَّذِين تركهم بالقلعة وأحضرا سُلَّمًا وأرادا التّسلّق منه، ففُطِن لهما وأُخِذا وكوتب فيهما، فجاء الأمرُ بتسميرهما، فسمرا وماتا.
وفي حادي عشر رجب فُتحت قلعة الرّوم بالسَّيف عنْوةً ودُقّت البشائر وزُيّنت البلاد وترحّل السّلطان وبقي عليها عسكر الشَّام والشجاعي لعمارتها وترميم ما تشعّث بالمجانيق. فقدِم السّلطانُ حلب وعزل عَنْهَا قراسُنْقُر المنصوريّ وأمّر عليها سيفَ الدِّين بلَبان الطَّبّاخيّ المنصوريَّ متولّي السّاحل. وأمّر على السواحل طُغْريل الإيغانيّ. وأمّر على قلعة الروم الأمير عز الدين الموصلي.
وفيه فتح الشجاعي الزاكات وهي معاقل للأرمن على الفُرات وأخذ منها نحوًا من ألف نفس.
وفيه بدت من الْجَمَال المحقّق معيد القَيْمُريّة هفوة فِي الدَّرس، فقام مدرّس القَيْمُريَّة صدْرُ الدين ابن رزين وشكاه وجرت أمورٌ أوجبت أنّ المحقّق أسلم عند القاضي شرف الدِّين الحنبليّ وحُكم بإسلامه وحُقِن دمُه وترك [ص:682]
إعادة القَيْمُريَّة وقايض نجم الدِّين الدّمشقيّ إلى إعادة الرواحية.
وفي تاسع شعبان دخل السلطان دمشق مؤيدا منصورًا والأسرى بين يديه، منهم خليفة الأرمن.
وأمّا نائب السّلطنة بَيْدرا وسُنقُر الأشقر وقراسُنقُر وبكتوت العلائيّ وكثيرٌ من الجيش فسار إلى بَعْلَبَك، ثُمَّ إلى جبل الجرديّين ووافاهم من جهة السّاحل رُكنُ الدِّين طقصو وعزّ الدِّين أَيْبَك الحمويّ، فنزلوا على الجبل، فحضر إلى بيدرا مَن فَتَر همّته عَنْهُمْ وتمكّنوا من أطراف الجيش فِي تلك الجبال الوعرة ونالوا منهم، فرجع الجيش شبْه المقهورين وحصل للجبليّين الطَّمَع والقوّة، ثُمَّ هادنتهم الدّولة وخلع على جماعة منهم. وحصل بذلك للعسكر وهْن. ثُمَّ قَدِمَ بيدرا دمشقَ، فعاتبه السّلطان، فتألّم ومرض وزاره السّلطان، ثُمَّ عُوفي. وعمل السّلطان ختمةً بجامع دمشق لعافيته.
وليلة نصف رمضان تُوُفّي صدران كبيران موقعان عديما النظير: فتح الدين محمد بن محيي الدين ابن عَبْد الظاهر ومن الغد تُوُفّي سَعْد الدِّين سعد الله الفارقي.
وفي رمضان أُحضر الأمير عَلمُ الدِّين الدّواداريّ من حبْس الديار المصريّة إلى دمشق وأنعم عليه السّلطان وأعادَه إلى الإمرة وأفرج عن أمواله وحواصله. ثُمَّ سار صُحبة الرّكاب الشّريف.
وفيه وُلّي خطابة دمشق موفَّق الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حُبَيش الحمويّ عِوَضًا عن الشَّيْخ عزَّ الدِّين الفاروثيّ، فباشر يوم الْجُمُعَة الثّامن والعشرين من رمضان. وحضر السّلطان يومئذٍ بالمقصورة.
وهرب الأمير حسام الدِّين لاجين بسبب مسْك الأمير رُكْن الدِّين طقصو وخرج السّلطان إلى المَرْج فِي طلبه ونادت المنادية بدمشق على الأمير لاجين.
وفي سابع شوّال دخل الشُّجاعيّ بعسكر دمشق، أتوا من ناحية قلعة الرّوم. وقد فرغوا من أشغالهم.
ويومئذٍ قُيَّد شمس الدِّين الأعسر وبُعث إلى مصر.
وعُزل الشُّجاعيّ من نيابة دمشق بعزّ الدِّين الحموي.
وتوجّه السّلطان إلى مصر فِي عاشر شوّال بسَحَر وبات أهل الأسواق [ص:683]
بظاهر البلد مرّتين بالشّمع إلى ميدان الحصى.
وأمّا لاجين، فَلَمّا هرب قصدَ بعضَ أمراء العرب بأرض صَرْخد وطلب منه أنّ يُوصله إلى الحجاز، فقبض عليه وأتى به إلى السّلطان يوم الرابع من شوّال. فقيّده وبعث به إلى مصر.
ثم قيد سنقر الأشقر وبعث به أيضًا.
وولي جمال الدين ابن صَصْرَى نظر الدّواوين وأُعفي من ذَلِكَ محيي الدين ابن النّحّاس وعُوِّض بنظر الخزانة. وعُزل أمين الدِّين ابن هلال.
ويوم تاسع عَشْر شوّال توجّه الركْب وأميرُهُم سيف الدين باسطي المنصوري.
ويومئذ أمسك علاء الدين ابن الجابي خطيب جامع جَرّاح وأخُذ ماله واتّهم بضرب الزَّغْل. وكان مُغْرى بالكيمياء فضُرب وحُبس مدّة ثم أطلق بعد شهر ونصف.
وفي ذي القعدة دخل السّلطان مِصْر وأفرج عن حسام الدِّين لاجين وأعطاه مائة فارس.
وفي ذي الحجة قدم الشام نحو ثلاثمائة فارس من التتار مقفرين وتوجهوا إلى القاهرة.
وفي أواخرها وقيل فِي أوّل سنة اثنتين أحضر السّلطان بين يديه سُنقُر الأشقر وطقصو فعاقبهما، فأقرّا أنّهما عزما على قتله وأنّ حسام الدِّين لاجين لم يكن معهم، فأمر بهما فخُنِقا بوَتَرٍ وأفرج عن لاجين بعد أن كان الوتر في حلقه. وقيل خُنق وتُرك بآخر رَمَق، فشفع فِيهِ بيدرا والشُجاعيّ فأطلقه وأُنزل الآخران إلى البلد فسُلّما إلى أهاليهما. وأُهلك معهما أمراء منهم جرمك وسُنقران والهارونيّ.
ذِكر القصيدة التي أنشأها المولى شهاب الدِّين محمود فِي السّلطان
وقيل: إنّها لغيره، فقد سألتُه عَنْهَا فلم يعرِفْها وإنّما هِيَ لشاعرٍ من تجّار بغداد مات سنة بضع وسبعمائة، سمعها منه ابن منْتاب. وبعد ذَلِكَ ظهرت أنّها للمولى شهاب الدِّين وأخرجها بالخطّ العتيق وحدث بها. سمعها منه العلائي وغيره. [ص:684]
لك الرّاية الصَّفراءُ يقدمُها النَّصرُ ... فمن كيقُباذُ إنْ رآها وكيْخُسْرُو
إذا خَفَقَتْ فِي الأفْق هُدْبُ بُنُودِها ... هَوى الشِّرْكُ واستعلى الهُدى وانْجلى الثغرُ
وإنْ نُشرت مثل الأصائِل فِي وغًى ... جلا النَّقْع من لألاء طَلْعتها البدرُ
وإنْ يممّت زُرْقَ العدى سار تحتها ... كتائبُ خضرٌ دَوحها البِيض والسُّمرُ
كأنّ مثار النَّقْع ليلٌ وخَفْقها ... بُرُوقٌ وأنت البدرُ والفَلَك الجِتْرُ
فكم وَطئت طَوْعًا وكرْهًا معاقلًا ... مضى الدّهر عَنْهَا وهي عانسة بِكْرُ
وإنْ رُمتَ حصنًا سابَقَتْكَ كتائبُ ... من الرُّعب أو جيش تقدّمه النَّصرُ
فلا حصنٌ إلا وهو سجنٌ لأهله ... ولا جسدٌ إلا لأرواحهم قبرُ
قصدت حِمى من قلعة الروم لم يُبح ... لغيرك إذ غرّتهم المُغْلُ فاغترّوا
وما المُغْل أكفاء فكيف بأرمنٍ ... ولكنّه غزوٌ وكلّهُمُ كُفرُ
صرفت إليهم همة لَوْ صرفتها ... إلى البحر لاستولى على مده الجزر
وما قلعة الروم الّتي حُزْتَ فَتْحها ... وإنْ عظُمت إلا إلى غيرها جسرُ
طليعة ما يأتي من الفتح بعدها ... كَمَا لاح قبل الشمس فِي الأُفق الفجرُ
محجَّبَة بين الجبال كأنّها ... إذا ما تبدّت فِي ضمائرها سر
تفاوت نصفاها فللحوت فيهما ... مجالٌ وللنَّسْرَيْن بينهما وَكْرُ
فبعضٌ رسا حتى علا الماءُ فوقَهُ ... وبعضٌ سما حَتَّى هَمَا دونَه القَطْرُ
أحاط بها نَهران تبرز فيهما ... كَمَا لاح يَوْمًا فِي قلائده النَّحْرُ
فبعضهما العذْبُ الفُراتُ وإنّه ... لتحصينها كالبحر بل دونه البحرُ
سريع يفوت الطّرْف جريًا وحدْه ... كريح سُلَيْمَان التي يومُها شهرُ
منها:
فصبَّحْتَها بالجيش كالرّوض بهجةً ... صوارمُه أنّهاره والقنا الزُّهرُ
وأبعدت بل كالبحر والبيض موجُه ... وجردُ المذاكي السّفن والخوذ الدّرُّ
وأغربت بل كاللّيل عُوجٌ سيوفه ... أهِلَّتُهُ والنّبلُ أنجُمُهُ الزّهرُ
وأخطأت لا بل كالنّهار فشمسُهُ ... مُحيّاك والآصال راياتك الصُّفُر
ليوثٌ من الأتراك آجامُها القنا ... لها كلّ يوم فِي ذرى ظَفَرٍ ظُفرُ
فلا الريح تسري بينهم لاشتباكها ... عليهمُ ولا ينهلّ من فوقهم قَطْرُ [ص:685]
غيوثٌ إذا الحربُ العوان تعرّضت ... لخُطّابها بالنّفس لم يغلها مهرُ
ترى الموت معقودًا بهدْب نبالهم ... إذا ما رماها القوس والنّظر الشزرُ
ففي كلّ سَرْج غصْنُ بانٍ مُهَفْهفٌ ... وفي كلّ قوس مدّه ساعد بدرُ
فلو وردتْ ماءَ الفُراتِ خيولُهُمُ ... لقيل: هنا قد كان فيما مضى نهرُ
أداروا بها سورًا فأضحتِ كخنْصَرٍ ... لدى خاتمٍ أو تحت منطقةٍ خصرُ
كأنّ المجانيق التي قُمنَ حولها ... رواعد سخطٍ وبلها النّار والصّخرُ
أقامت صلاةَ الحرب ليلًا صخورُها ... فأكثرها شَفْعٌ وأقتلها وترُ
لها أسهُمٌ مثل الأفاعي طِوالُها ... فواتك إلا أنّ أفتكها البترُ
سهامٌ حَكَتْ سهْمَ اللّحاظ بقتلها ... وما فارقت جفْناً وهذا هُوَ السِّحرُ
منها:
فبُشراك أرضَيْتَ المسيحَ وأحمدًا ... وإنْ غضب التكفُور من ذاك والكفرُ
فسِرْ حيث ما تختار فالأرض كلّها ... بحكْمك والأمصار أجمعها مصرُ(15/679)
-سنة اثنتين وتسعين وستمائة
فِي المُحَرَّم حكم بدمشق القاضي حسامُ الدِّين الحَنَفِيّ للعناكيّين بصحّة نَسَبَهم إلى جَعْفَر بْن أبي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بعد أنّ سعوا وتعبوا.
وفي المُحَرَّم جاءت ريح عظيمة على الركْب بمعان وبرد ومشقة.
وفيه نزل لصدر الدين ابن الوكيل حموه شيخنا التاج ابن أبي عصرون عن تدريس الشامية الجوانية.
وفيه طلب السّلطان من صاحب سيس قلعة بهسنا ومرعش وتلّ حمدون. أمّا بَهَسْنا فكانت للنّاصر صاحب حلب وبها نوّابه، فَلَمّا أخذ هولاكو البلاد كان فِي بَهَسْنا الأمير سيف الدِّين العقرب فباعها لصاحب سيس بمائة ألف درهم وسلّمها إليه فبقي على المسلمين منها ضَرَر، فأذعن صاحب سيس بتسليمها وأضعف الحمل مع ذَلِكَ. وتسلّمها نوّاب السلطان فِي رجب ودُقّت البشائر. [ص:686]
وفي المُحَرَّم قَدِمَ الدّواداريّ وجماعة أمراء من الدّيار المصرية وعزّ الدِّين أيبك الخَزْنَدار متولّيًا نيابة طرابُلُس عِوَضًا عن سيف الدِّين طغْريل الإيغاني.
ونزح إلى حلب ابن مَلي، فوُلّي بعده تدريس الرواحية الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني.
وفيها طهر السلطان أخاه الملك الناصر دام بقاؤه وابن أخيه مُوسَى ابْن الملك الصّالح واحتفلوا لذلك بالقاهرة احتفالاً زائدًا.
وفيها عُمل للسلطان دهليز جليل أطلس مزركش بطراز وغرم عليه أموال عظيمة.
وفيها ولي ولاية البر بدمشق سيف الدين أسندمر في رجب.
وحج بالناس الأمير بكتاش الطيار.
وفي صَفَر جاءت زلزلة هدمت وأنكت فِي غزة والرملة والكرك وسار من دمشق أميران وعدد من الحجارين والصُّنّاع لإصلاح ما تهدّم من أبرجة الكَرَك.
وفيها مسك الأمير عز الدين أزدمر العلاني وقيد بدمشق وبعث إلى مصر.
وتوجه من دمشق شمس الدِّين سُنْقر المسّاح بطلب إلى مصر وجاء على خبزه بدمشق بلبان الحلبي، الخزندار.
وفي ربيع الآخر توجّه على البريد إلى مصر صاحب حماة وعمّه الملك الأفضل عليّ.
وجاء مملوك لسيف الدِّين طغجي بمرسوم بالحوطة على ابن جرادة، فمُسك ونفِّذ إلى مصر وأُخذ ماله ونكب.
وفيه تردد غيارة الفرنج فِي البحر إلى الساحل وشعثوا بأنْطَرسُوس، فطلعوا إلى صيدا.
وفي جُمَادَى الأولى عزم السّلطان على البيكار وتقدمه الأعسر، فهيأ إقامات ومؤنة من الناحية القبلية وقدم الصاحب ابن السَّلعوس فِي جُمَادَى الآخرة، ثُمَّ قَدِمَ بعده بيدرا نائب السّلطنة، ثُمَّ السّلطان فنزل بالقصر. [ص:687]
وفيه تسلّم نوّاب السّلطان حصنين للأرمن وهما: كديربرت وأبرما. ثم تسلموا حصن بكازر.
وقد كان السّلطان فِي مجيئه مرّ بقلعة الشَّوْبَك وبالكَرَك، ثُمَّ بعث جماعة لخراب قلعة الشوبك. ثم خرج إلى المرج.
وفي رجب دخل دمشق الأمير الكبير حسام الدِّين لاجين وصُحبته الأمير مُهَنّا بْن عِيسَى وإخوته محتاطًا عليهم وذكر أنّ السّلطان أمر بالقبض عليهم عند سَلَمِيَة لأمرٍ نقمه عليهم.
وفي أثناء رجب رجع السّلطان إلى الدّيار المصرية.
ودرس بعد الشيخ تقي الدين ابن الواسطيّ بمدرسة الشَّيْخ أبي عُمَر الفقيه شمس الدين ابن التاج، ثم عزل بعد ثمانية أشهر.
وفي رجب سافر طوغان نائبًا على قلعة الروم.
وفي آخر رجب انكسفت الشمس وصلَّى بجامع دمشق خطيبه موفّق الدِّين الحموي وخطب.
وفي رمضان جاء إلى دمشق مرسوم بإلزام الدّواوين بالإسلام ومن امتنع يؤخذ منه ألف دينار. فأسلم أربعة في ثامن رمضان.
وفي شوّال بَلَغَنا أنّ السّلطان صادر الأمير عزَّ الدِّين الأفرم أيبك وضّيق عليه وأخذ منه أموالًا كثيرة وأعطى خبزه للأمير حسام الدين لاجين المنصوري.(15/685)
-سنة ثلاث وتسعين وستمائة
فِي ثاني عَشْر المُحَرَّم قُتِل السّلطان الملك الأشرف بتروجة، أقدم عليه نائبه بَيْدَرا وعطف عليه بالسّيف لاجين.
ثم قتل بيدرا من الغد.
وحلفوا للسّلطان الملك النّاصر ناصر الدِّين مُحَمَّد ابن المنصور وهو يومئذ ابن تسع سنين.
وهلك الصّاحب ابنِ السّلعوس تحت العقوبة المُفْرِطة.
فَلَمّا كان العشرين من صَفَر بلغ المتولّي نيابةَ السّلطان كَتُبغا أنّ الشُّجاعيّ [ص:688]
يريد قتله فتحرّز وأعلم جماعةً من صاغيته الذين يبغضون الشُّجاعيّ. ثُمَّ ركب فِي الموكب فقال له أميرٌ: أَيْنَ حسام الدّين لاجين؟، قال: ما هُوَ عندي، قال: بل هُوَ عندك، ثُمَّ مدّ يده إلى سيفه، فبدره الأزرق مملوك كتبُغا وضربه حلّ كتفَه، فسقط وذبحوه بسوق الخيل.
ثم مال أكثر الجيش مع كتبُغا ومالت البرجيّة وبعض الخاصّكية إلى الشُّجاعيّ لكونه أنفق فيهم فِي الباطن فيما قيل ثمانين ألف دينار والتزم لهم أنّ من جاءه برأس أميرٍ فله إقطاعه. وأن يمسك كتبغا على السماط، ثُمَّ قُتل الشُّجاعيّ بعد أيّام كَمَا فِي ترجمته.
ويوم نصف المحرم حضر إلى الخدمة الأميران سيف الدِّين بهادُر رأس النَّوبة وجمال الدِّين أقوش المَوْصِليّ الحاجب، فوثب عليهما الخاصّكية فقتلوهما وأحرقوا جثتيهما ورتبوا الحسام أستاذ دار أتابكًا للعسكر وطلبوا الأمراء المتّفقين مع بَيْدَرا على قتل الأشرف، فاختفى لاجين وقُراسُنْقُر ولم يقعوا لهم على أثر.
وقبضوا على الأمراء سيف الدِّين نغية وسيف الدِّين ألناق وعلاء الدِّين ألْطُنْبغا الْجَمْدار وشمس الدين آقسنقر مملوك لاجين وحسام الدين طرنطاي السّاقي ومحمد خواجا وسيف الدِّين أروس فِي خامس صَفَر. فأمر السّلطان بقطْع أيديهم، ثُمَّ سُمِّروا على الْجِمال وطيف بهم ومعهم رأس بيدرا، ثم ماتوا.
وفي المحرم خسف القمر.
وصُرِف من قضاء الدّيار المصريّة ابن جماعة بابن بنت الأعز.
وأفرج عن عز الدين الأفرم.
ورتب في الوزارة تاج الدين محمد ابن فخر الدين ابن حنى.
وفي صَفَر ولي ولاية دمشق عماد الدِّين حسن ابن النّشّابيّ عِوَضًا عن عزَّ الدِّين ابن أبي الهيجاء.
وفي صفر جدد في الجامع إمام زائد بمحراب الصّحابة وهو كمال الدِّين عَبْد الرَّحْمَن ابْن قاضي القضاة محيي الدين ابن الزكي واستمر إلى الآن.
وفي ربيع الأوّل عاد أهل سوق الحريرين إلى سوقهم. وكان ابن جرادة وكيل طغجي قد ألزمهم بسكناهم فِي قَيْسارية القُطْن من السنة الماضية.
وفيه قَدِمَ على حسْبة دمشق ونظر ديوان نائب السّلطنة كتْبغا الرئيس [ص:689]
شهاب الدِّين أَحْمَد الحَنَفِيّ ومعه عدّة خِلَع لبسها فِي أيّامٍ متوالية ولبس خِلْعة الحِسْبة بطرحة وارتفع شأنه.
وفي رجب قَدِمَ دمشقَ القاضي صدر الدِّين عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين على وكالة بيت المال، فباشر نصف شهر وأعيد تاج الدين ابن الشيرازي.
وفي رجب ركب السّلطان الملك النّاصر بأَبَّهة المُلْك وشقّ القاهرة وضربت البشائر بدمشق وزيّنوا.
وجاء تقليد عزَّ الدِّين الحَمَويّ باستمرار النّيابة وتقليد الأعسر باستمرار الشّدّ وتقليد صاحب حماة ببلده.
وفي شعبان درّس بالمسروريّة جلال الدِّين أخو القاضي إمام الدين بعد الركن ابن أفتكين.
وفي رمضان جُرد الأمير علم الدِّين الدّواداريّ بتقدمته إلى ناحية حلب.
وفي أواخر رمضان ظهر الأمير حسام الدِّين لاجين من الاختفاء بالقاهرة بوساطة نائب السّلطنة كَتْبغا، فدخل به إلى السّلطان فأنعم عليه وأعطاه خبز بكتوت العلائي الذي توفي.
وحج بالشاميين عز الدين أيبك الطويل.
وفي ذي القعدة وُلّي نظرَ الدّواوين الصّاحبُ أمين الدين سالم بن محمد ابن صَصْرَى عِوَضًا عن ابن عمّه المُتَوَفَّى جمال الدين.
وفي ذي الحجّة قَدِمَ قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة على قضاء الشَّام عِوَضًا عن المُتَوَفَّى القاضي شهاب الدين ابن الخويي.
وفي ذي الحجّة أخرجت الكلاب من دمشق بأمر ابن النّشّابيّ وشدّد على البّوابين فِي منعهم من الدّخول. ودام منعهم شهرًا أو نحوه، ثم دخلوا.
وفيها كانت فتنة عسّاف بدمشق ورجْم العوامّ له، لكونه حمى نصرانيًا سبَّ النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فقبض الحموي النائب على جماعةٍ من العلماء وضرب الشَّيْخ زين الدين الفارقي، رحمه الله، واعتقله مع ابن تيميّة وطائفة بالعذراويّة مدّة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.(15/687)
-سنة أربع وتسعين وستمائة
في حادي عشر المحرم تسلطن الأمير زين الدِّين كَتْبُغا التُّركيّ، المُغْليّ المَنْصُورِيّ وتسمّى بالملك العادل. وحلف له الأمراء بمصر والشّام وزيّن له البلاد ودُقّت البشائر وله نحو خمسين سنة. وهو من سبْي وقعة حمص الأولى التي فِي سنة تسع وخمسين، ثُمَّ صار إلى الملك المنصور، فكان من خواصّه فِي الأيّام الظّاهريّة. فَلَمّا تسلطن جعله أمير مائة فارس، فشهد وقعة حمص سنة ثمانين أميرًا، قَدِمَ فِي التحليف له الأمير سيف الدِّين طغجي الأشرفي، فحلفهم بدمشق.
وكان رَنْكُهُ فِي أيّام إمرته هكذا. . . وفي أيام ملكه الرايات الصفر.
وجعل أتابكة الأمير حسام الدِّين لاجين، فجاء من مصر المسعوديّ على ديوان لاجين بالشام. وجاء الصاحب توبة على وزارة الشام.
واستسقى النّاس فِي جُمَادَى الأولى مرّتين بدمشق بالصحراء.
وفي جُمَادَى الأولى ولي الوزارة بمصر الصاحب فخر الدين عمر ابن الخليلي. وصرف تاج الدين ابن حنى.
وفي رمضان رجع قاضي القضاة نجم الدِّين ابن صَصْرَى من الدّيار المصريّة بقضاء العسكر الشاميّ.
وفي رمضان استقرت صلاة محراب الحنابلة قبل الخطيب. وكانوا يصلّون بعده، فَلَمّا زاحمهم إمام محراب الصّحابة فِي الوقت، أُذِن لهم في التقدم.
وفيه عزل تاج الدين ابن الشّيرازيّ من نظر الجامع بالرئيس محيي الدِّين يحيى ابن الموصلي.
وفي شوّال كملت عمارة الحمام الكبير والمسجد والسُّوق وأكثر الحِكْر الَّذِي أنشأه نائب دمشق عزَّ الدِّين الحَمَويّ بين باب الفراديس ومسجد القصب. وكان يُعرف ببستان الوزير. ورأيته مَبْقَلة كبيرة.
وفي شوّال وُلّي خطابة دمشق قاضي القضاة ابن جماعة بعد موت الشَّيْخ شرف الدِّين ابن المقدسي.
وفيها حج بالشاميين بهاء الدين قرارسلان المنصوري. [ص:691]
وولي مشيخة النورية الشيخ علاء الدين ابن العطار بعد ابن المقدسي.
وولي الغزالية قاضي القضاة نجم الدين ابن صَصْرَى بعد ابن المَقْدِسيّ ونزل عن الأمينية للقاضي إمام الدين القزويني.
وفي شوّال كسر النّيل بديار مصر عن نقصٍ بيّن وغلت الأسعار ووجِل النّاس، ثُمَّ وقع فِيهِم أوائل الوباء، ثُمَّ عظُم فِي ذي الحجة واستمر إلى السنة الآتية.
وفيها دخل في الإِسْلَام قازانُ بْنُ أرغون بْن أبغا بْن هولاكو ملك التّتار بوساطة نوروز التُركي وزيره ومدبّر مملكته وزوج عمّته واسمه بالعربيّ محمود. أسلم فِي شعبان بخُراسان على يد الشَّيْخ الكبير المحدث صدر الدين إبراهيم ابن الشيخ سعد الدين ابن حَمُّوَيْه الْجُوينيّ. وذلك بقرب الرّيّ بعد خروجه من الحمّام وجلس مجلسًا عامًّا فتلفّظ بشهادة الحق وهو يتبسم ووجهه يستنير ويتهلّل. وكان شابًّا، أشقر، مليحًا، له إذ ذاك بضعٌ وعشرون سنة. وضجّ المسلمون حوله عندما أسلم ضجّة عظيمة من المُغل والعجم وغيرهم ونثر على الخْلق الذّهب واللؤلؤ. وكان يومًا مشهودًا. وفشى الإِسْلَام فِي جيشه بحرص نوروز فإنّه كان مسلما خيّرًا صحيح الإسلام، يحفظ كثيرًا من القرآن والرّقائق والأذكار.
ثُمَّ شرع نوروز يلقّن الملك غازان شيئًا من القرآن ويجتهد عليه. ودخل رمضان فصامه ولولا هذا القدر الَّذِي حصل له من الإسلام والا كان قد استباح الشَّام لمّا غلب عليه، فلله الحمد والمِنّة.(15/690)
-سنة خمس وتسعين وستمائة
أُرسل إلى الديّار المصريّة غِلالٌ كثيرة بسبب القحط.
وفي ثاني عَشْر المُحَرَّم كُتب كتاب من مصر فقدِم دمشقَ فِي أواخر الشهر، فِيهِ أنّ الأردب بلغ مائةً وعشرين درهمًا وأنّ رطل اللّحم بالدمشقيّ بسبعة دراهم وأنّ اللّبن رطلٌ بدرهمين والبيض ستّ بيضات بدرهم ورطل الزَّيت بثمانية دراهم وقلت المعائش بحيث أنّ البزّاز يبقى عشرين يَوْمًا لا يبيع بدرهم وقد أفنى الموت خلقًا كثيرًا وأمّا الشَّام فلم يكن مرخصًا وتوقّف المطر به وفزع النّاس واجتمعنا لسماع " الْبُخَارِيّ "، ففتح الله بنزول الغيث.
وفي سْلخ صَفَر جاءت أخبار مصر بالغلاء وأنّ الخبز كلّ خمس أواقٍ [ص:692]
بالدّمشقيّ بدرهم. وأنّ جماعة عُزِّروا بسبب بيع لحم الحمير والكلاب مطبوخًا.
وأمّا القمح بدمشق فأبيعت الغرارة بمائة وأربعين إلى وخمسين درهمًا. وبيع اللّحم بأربعة دراهم.
وأمّا الوباء بمصر فيقال: أُحصي من مات فِي صَفَر فبلغوا مائة ألف وسبعةً وعشرين ألفًا والله اعلم بصحّة ذَلِكَ.
وفي نصف ربيع الأوّل جاء الخبر من مصر بأنّ الأردبّ بمائة وستّين درهمًا وأنّ الخبز بالمصريّ كلّ رطْلٍ ونصف بدرهمٍ وأنّه أُحصي من مات من أول يوم من ربيع الأوّل إلى اليوم السادس فبلغوا خمسة وعشرين ألفًا.
وفيه قَدِمَ من الشرق نحوُ مائة فارس من التتار بأهليهم مقفرين، فسافر بهم الأمير شمس الدِّين قُراسُنقُر المَنْصُورِيّ إلى القاهرة.
وفي ربيع الآخر وصلت غرارة القمح بدمشق إلى مائة وثمانين درهمًا.
وفيه بَلَغَنا أنّ الشهاب مفسّر المنامات بالقاهرة تغير عليه أميره القائل به الطْبرس ونهب داره وطلب ولده الكبير عبد الرحمن، فهرب وألقى نفسه من مكانٍ عالٍ لينهزم، فبقي أيّاما ومات. ورسم لشهاب الدِّين بالانتقال إلى الشَّام، فتحوّل بأهله وأولاده.
وفيه ظهر بدمشق قتلُ جماعةٍ من حُرّاس الدّروب فِي كلّ ليلة واحدٌ أو اثنان، حَتَّى قُتل أكثر من عشرة، فاحترز الوالي وغلقت الدروب وجددت شرائج في أماكن. وخفي الأمير أيّامًا، ثُمَّ ظفروا بحرفوشٍ ناقص العقل، فقُرِّر فاعترف بأنّه كان يأتي الحارسَ وهو نائم فيدق على يافوخه بزلطة فيقتله لوقته فسمروه، ثم خنق.
وجاءت الأخبار بأنّ الوباء والمرض بالإسكندريّة قد تجاوز الوصف وأنّ الفَرُّوج أُبيع بها بستّةٍ وثلاثين درهمًا وأنّه بالقاهرة بقريب العشرين. وأنّ البيض بالقاهرة ثلاثة بدرهم. وهلكت الحمير والقطاط والكلاب ولم يبق حمار للكراء إلا في النادر.
وفي جمادى الأولى انحط السعر بدمشق، فأبيع القمح غرارة بمائة درهم.
وفيه توفي بالقاهرة قاضي القضاة تقيّ الدّين ابن بِنْت الأعزّ ووُلّي [ص:693]
القضاء بعده الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد.
وفي جُمَادَى الآخرة اشتدّ الغلاء بدمشق حَتَّى بلغت الغرارة مائةً وثمانين درهمًا. وبِيع الخبز عشر أواق بدرهم. ثم تناقص شيئًا وأما مصر فوصلت الأخبار بالرّخص وذهاب الوباء ولله الحمد وأن الإردب نزل إلى خمسةٍ وثلاثين درهمًا. ثُمَّ جاءت الأخبار بنزوله إلى خمسةٍ وعشرين درهمًا وأمّا الحجاز فكان شديد القحط، فيقال إنَّ غرارة القمح بلغت بالمدينة إلى ألف درهم.
وفي شعبان درَّس بالحنبليّة بعد موت ابن المنجى ابن تيمية شيخنا.
وفي رمضان قدمت والدة سلامش ابن الملك الظّاهر من بلاد الأشكريّ إلى دمشق، فنزلت بالظاهرية، ثم توجهت إلى مصر.
ومات المسعوديّ الأمير ببستانه وجاء بعده على ديوان نائب المملكة حسام الدِّين لاجين مملوكه الأمير سيف الدين جاغان.
وحج بالشاميين بهادر العجمي.
وفي ذي القعدة قَدِمَ السّلطان الملك العادل بالجيش وزُيِّنت دمشق لمجيئه وصلّى بمقصورة الخطابة وكان أسمر، مدوّر الوجه، صغير العين، قصيرًا، فِي ذقنه شعرات يسيرة وله رقبة قصيرة وكان يوصف بالشجاعة والإقدام والدّين التّامّ وحُسن الخُلق وسلامة الباطن والتّواضع وتَرْك الفواحش وعدم السَّفْك للدّماء وقلّة الظُّلم. لكنّه كان يَضْعُف عن حمل أعباء المُلْك ويُعوِزُه رأيٌ وحزمٌ ودهاء، مع ما فِيهِ من التّقوى وحُسْن الطوية.
وقدِم معه الوزير ابن الخليليّ فولّي قضاء الحنابلة القاضي تقيّ الدِّين سُلَيْمَان وخُلع عليه وعلى بقيّة القضاة وعلى الوزير تقيّ الدِّين توبة وعلى قاضي العساكر المنصورة نجم الدِّين وعلى أخيه الصاحب أمين الدين وعلى المحتسب شهاب الدِّين الحَنَفِيّ وعلى الأمراء.
وعُزِل من الوكالة تاج الدين ابن الشيرازي وصودر وولي مكانه نجم الدين ابن أبي الطيب.
ورُسِّم على أَسَنْدُمُر والي البرّ وعلى المشدّ شمس الدِّين الأعسر وعلى جماعةٍ من الدّواوين وصودروا. [ص:694]
وولي البر علاء الدين الجاكي.
وطُلب من كلّ الدّواوين جامكيّة سنة وأُخِذ مبلغ من شهاب الدين ابن السَّلعوس وصودر الوالي ابن النّشّابيّ. واحتيط على دار الأعسر وباع فِي المصادرة جملةً من أملاكه، حتى صودر المجير الضراب وضرب وكثر العسف من الصاحب ابن الخليليّ وداخَلَه ابنُ مزهر ولازمه وكشف له الأمور، ثُمَّ إنَه سلّطه اللَّه عليه، فأخرق به ورسم عليه.
وقدمِ صاحب حماة للخدمة وصلّى الْجُمُعَة بالمقصورة إلى جانب السّلطان وبعده أمير سلاح بدر الدِّين وعن يسار السّلطان الشَّيْخ الكبير حَسَن بْن الحريريّ وأخواه، ثُمَّ نائب المملكة حسام الدِّين لاجين، ثُمَّ نائب دمشق عزَّ الدِّين الحَمَويّ، ثُمَّ بدر الدِّين بَيْسريّ، ثُمَّ قراسُنْقُر المَنْصُورِيّ، ثُمَّ الحاجّ بهادُر وخلع على ابن جماعة خلعة خطب بها وسلم عليه السلطان. ثُمَّ زار المُصْحَف ولعِب من الغد بالكرة.
ثُمَّ استناب على الشَّام سيف الدِّين غُرْلُو مملوكه وهو شابّ أشقر من أبناء الثّلاثين وأعطى الحموي خبز غرلو بمصر ثم أعطى شهاب الدِّين الحَنَفِيّ وزارة دمشق. وعزل تقيّ الدين البيع.
وتوجّه السّلطان إلى جُوسِيَة بالجيش وأقام بالبريّة أيامًا. ودخل حمص ونزل بمرجها.(15/691)
-سنة ست وتسعين وستمائة
فِي ثاني المُحَرَّم دخل السّلطان زين الدِّين كَتْبُغا دمشقَ راجعًا من حمص، ثُمَّ صلّى الْجُمُعَة بالجامع وأخذ من النّاس قَصَصَهم حَتَّى قيل إنّه رَأَى شخصًا بيده قَصّة فتقدّم بنفسه إليه خُطُوات وأخذها منه. ثُمَّ جلس من الغد بدار العدل وكتب على القَصَص.
ووُلّي حسبةَ دمشق الزّينُ عمرُ أخو الصّاحب شهاب الدين الحنفي.
وصلى السلطان الْجُمُعَة الثانية من المُحَرَّم بجامع دمشق، ثُمَّ مشى إلى عند المكان الملقّب بقبر هود فصلّى عنده وصعِد في هذا اليوم إلى مغارة الدّم وزار، ثُمَّ صلّى الْجُمُعَة الثالثة أيضًا بالجامع. [ص:695]
وأعطى الملك الكامل طبل خاناه.
وفيه قُيِّد أسَنْدمُر وحُبِس وولي الشّدّ فتح الدين ابن صبرة ورُسِّم للأعسر بأن يسافر مع الجيش إلى مصر وولي محيي الدين ابن الموصلي وكالة البيسري وخلع عليه لذلك.
وسافر السّلطان من دمشق فِي ثاني وعشرين المحرم وخرج القضاة لتوديع الصاحب.
ولمّا كان سلْخ المُحَرَّم اشتهر بالبلد أنّ الجيش مختبط وأُغِلق باب القلعة وتهيّأ نائب السلطنة غرْلُو وجمع الأمراء وركب بعض العسكر على باب النَّصر، فَلَمّا كان قريب العصر وصل السّلطان الملك العادل إلى القلعة فِي خمسة مماليك فقط وكان قد وصل فِي أول النّهار أمير شكار مجروحًا وهو الَّذِي أعلم بالأمر، فدخل الأمراء إلى الخدمة وخُلع على جماعة واحتيط على نوّاب نائب السلطنة الحسام لاجين وحواصله بدمشق.
وكان الأمر الَّذِي جرى بقرب وادي فحمة بُكْرة الإثنين ثامن وعشرين المُحَرَّم وهو أنْ حسام الدِّين لاجين قتل الأميرين بتخاص وبكتوت الأزرق العادليَّين وكانا شهمْين شجاعين عزيزين عند العادل، فَلَمّا رَأَى العادل الهَوْشة خاف على نفسه وركب فرس النِّوْبة وساق ومعه هَؤُلَاءِ المماليك، فوصل فِي أنحس تقويم، كأنّه مقدم من الحلقة وعليه غبرة ودوابّهم قد شعثت وكَلّتَ والسّعادة قد ولّت عَنْهُ.
وأمّا لاجين فساق بالخزائن وركب فِي دَسْت المُلْك وساق الجيوش بين يديه وبايعوه ولم يختلف عليه اثنان وسلطنوه في الطريق.
وبعد يومين وصل إلى دمشق زين الدّين غلبك العادليّ ومعه جماعةٌ يسيرة من مماليك العادل. ولزِم شهاب الدِّين الحَنَفِيّ القلعة لمصالح السلطنة وتدبير الأمور.
وكان القمح فِي هذه المدّة بنحو مائةٍ وثمانين درهمًا.
وفي ثالث عشر صَفَر اشتهر بدمشق سلطنة الملك المنصور حسام الدّنيا والدّين لاجين. وأنّه خطب له بالقدس وغزة وكان العادل قد عزم على مراسلته، ثُمَّ بَطَل ذَلِكَ. وأقام هذه المدّة بالقلعة وأمر جماعة وأطلق بعض [ص:696]
المكوس. ثُمَّ جاء الخبر بزينة صفد ودقِّ البشائر بها وكذلك الكَرَك ونابلس. فبعث العادل طائفةً مع طقصبا الناصريّ لكشف الأمر، فتوجّهوا فِي ثاني وعشرين صَفَر، فبلغهم فِي اليوم دخول السلطان الجديد القاهرة. فردوا.
واتّفق فِي يوم الرابع والعشرين وصول كجكن والأمراء من الرحبة، فلم يدخلوا دمشق، بل نزلوا بقرب مسجد القدم وأظهر كجكن سلطنة المنصور وأعلن بها. فخرج إليه أمراء دمشق طائفة بعد طائفة. وتوجّه أميران إلى القاهرة. فتحقّق العادل زوال مُلكه، فأذعن بالطّاعة وقال لهم: يا أمراء، هذا الرجل هُوَ خُشداشيّ وأنا فِي خدمته وطاعته. وحضر الأمير جاغان الحُساميّ إلى القلعة، فقال له العادل: أَنَا أجلس فِي مكانٍ بالقلعة حتى تكاتب السّلطان وتفعل ما يرسم به، فَلَمّا رَأَى الأمراء منه ذَلِكَ تركوه وخرجوا وتجمّعوا بباب الميدان وحلفوا لصاحب مصر. ورُكبت البُرُد بذلك. واحتفظ بالقلعة وبزين الدِّين كَتْبُغا وغُلّقت أكثر أبواب المدينة. ثُمَّ دُقّت البشائر وزُيّن البلد. واختفى الشهاب الحَنَفِيّ، ثُمَّ من الغد اجتمع القضاة بدار السّعادة وحلفت الأمراء بحضورهم وحضور سيف الدين غرلو العادليّ النّائب وأظهر السّرور وحلف وقال: أَنَا الَّذِي عيّنني للنيابة هُوَ السّلطان حسام الدين وإلا فأستاذي كان استصغرني. ثُمَّ إنّه سافر هو وسيف الدين جاغان.
ثُمَّ وصل كتاب السّلطان بأنّه جلس على كرسي المُلْك بمصر فِي يوم الْجُمُعَة عاشر صفر ويوم مُسْتَهَل ربيع الأوّل خُطب بدمشق له وحضر بالمقصورة القضاة والأمير شمس الدِّين الأعسر وكان قد قَدِمَ وسيف الدِّين كجكن وسيف الدين سندمر وغيرهم.
وفي تاسع عَشْر صفر كان ركوب السّلطان بمصر بالخلعة الخليفتية والتقليد الحاكمي.
وفي ثامن ربيع الأوّل توجّه من دمشق القاضي إمام الدِّين القزوينيّ، ثُمَّ القاضي حسام الدين الحنفي والقاضي جمال الدين المالكي.
وفي حادي عَشْر ربيع الأوّل وصل الأمير سيف الدِّين جاغان ودخل إلى القلعة هُوَ والحسام أستاذ دار وكان قد جاء إلى دمشق فِي التّحليف وسيف الدِّين كجكن وقاضي القضاة بدر الدِّين فتكلّم السّلطان كَتْبُغا مع [ص:697]
الأمراء بالتُّركيّ كلامًا طويلًا وفيه عتب عليهم، ثُمَّ إنّه حلف يمينًا طويلة يقول فِي أولها: أقول وأنا كتبغا المنصوري إنني راض بالمكان الذي يُعيّنه السّلطان له ولا يُكاتب ولا يُسارر، ثم خرجوا من عنده. واشتهر أنّ المكان المعيَّن له صرخد. ولم تذكر في اليمين.
وجاء مع جاغان تولية الوزارة للصّاحب تقي الدِّين توبة بَدَل الحَنَفِيّ. وتولية أمين الدِّين ابن هلال نظر الخزانة وكان قد باشرها شهرًا التقي توبة بعد محيي الدين ابن النّحاس. وتولية الحسبة لأمين الدِّين يُوسُف الروميّ الإمام الحسامي صاحب الأيكي.
وفي سادس عَشْر ربيع الأوّل دخل دمشق الأمير سيف الدِّين قبجق المَنْصُورِيّ على النيابة.
وفي جُمَادَى الأولى وُلّي قضاءَ الشَّام إمامُ الدين القزويني عوض ابن جماعة ووُلّي ابن جماعة تدريس القَيْمُريَّة عِوَض إمام الدين وولي الشد جاغان وممن سافر إلى مصر للهناء، تقي الدين توبة والملك الكامل.
وولي نظر الدواوين فخر الدين ابن الشيرجي عوضًا عن أمين الدين ابن صصرى.
وسار الأعسر إلى مصر فوُلّي بها الوزارة مع الشّدّ وسُلِّم إليه ابن الخليليّ فصادره.
وفي شعبان قدم الشريف زين الدين ابن عدنان بنظر الدواوين وصُرف ابن الشيرجيّ. ثُمَّ جاء توقيع بذلك لأمين الدين ابن هلال. وولي مكانه الخزانة أمين الدين ابن صصرى.
وحجّ بالشاميّين الأمير كُرْجي وحجّ الأميران المطروحيّ وبهادر آص، ثم باشر فخر الدين ابن الشيرجي نظر الخزانة بدل ابن صصرى.
وكان السّلطان حسام الدِّين قد استناب بالديّار المصرية قُراسُنْقُر ثم قبض عليه فِي نصف ذي القعدة واستناب مملوكه منكودمر الحُساميّ، ثُمَّ مُسِك الأعسر فِي ذي الحجّة واحتيط على حواصلهما.(15/694)
-سنة سبع وتسعين وستمائة
سافر زين الدِّين ابن قاضي الخليل فِي المحرم إلى بعلبك على قضائها.
ويوم السابع والعشرين من المُحَرَّم دخل الركّب الشامي بعد صلاة الجمعة.
وفي صفر ولي قضاء الحنفية بدمشق جلال الدين ابن القاضي حسام الدين. وأقام والده بمصر فِي صحابة السّلطان، فوّلاه القضاء وعزل القاضي شمس الدين السروجي.
وفي صفر عوفي السلطان وركب، فدقت البشائر وزُينت دمشق. وكان قد وقع وانصدعت رجله وفي ربيع الآخر جُدّدت إقامة الْجُمُعَة بالمدرسة المعظَّميّة بجبل قاسيون وخطب بها مدرسّها الشَّيْخ شمس الدين ابن العز.
وفيه قُبض بمصر على الأمير بدر الدِّين بيسري وأعيد إلى الوزارة ابن الخليلي.
وفي جُمَادَى الأولى قَدِمَ عسكر مصريّ عليهم الأمير عَلَم الدِّين الدواداريّ متوجّهين إلى حلب وحضر معه المحدّث يُوسُف بْن عِيسَى الدّمياطيّ طالب حديث.
ثُمَّ سار الدّواداريّ وبعض عساكر الشَّام فنازَل ثغر سِيس. ووقع الحصار إلى أنّ أُخِذت تلّ حمدون فِي سابع رمضان ودُقّت البشائر لذلك. ثم أخذوا قلعة مرعش فِي أواخر رمضان ودُقّت البشائر أيضًا وجاءت عَلَمَ الدِّين الدواداريّ رميةُ حجر فِي رِجله وحجّ بالنّاس الأمير عز الدِّين أيبك الطّويل الحاج.
وفي شوّال قَدِمَ إلى مصر من بلاد الأشكري الملك خضر ابن الملك الظاهر وقد كان بعثه إلى هناك الملك الأشرف.
وفيه فرغوا من بناء المدرسة المنكُودمُرِيّة بالقاهرة وأُديرت وجلس بها المدرّسون وهِيَ داخل باب القنطرة. [ص:699]
وفيه أخذ المسلمون قلعة حميمص وقلعة نجيمة من بلاد الأرمن.
وفي ذي الحجّة جاء تقليدٌ من صاحب حماة بقضائها للخطيب موفَّق الدِّين الحَمَويّ فسافر من دمشق.
ووصل فِي ذي القعدة من مصر بَكْتَمُر السِّلحْدار الظّاهريّ، ثُمَّ المَنْصُورِيّ على ثلاثة آلافٍ قاصدين حلب وأصيب جماعة من العسكر فِي حصار قلاع الأرمن.
وفي ذي الحجة انخسف القمر ومُسِك بمصر الأمير عزَّ الدِّين أيبك الحَمَويّ.
وفيها وُلّي بغداد الأميرُ أيدينا المسلم، فمهّد العراق وقمع المفسد وعدل وامتدّت ولايته.(15/698)
-سنة ثمان وتسعين وستمائة
وطال أمر الغزاة بالثغور، فتسحّب بعض الأجناد وضعفوا، فجاء الأمر بالتشديد في ذلك. ونصبت مشانق تحت القلعة والأمر برجوعهم ولا يتخلف أحد أبدًا. فخرجوا بأجمعهم مع نائب السلطنة قبجق في نصف المحرم.
وفيه عُزل ابن الجاكي من البرّ وجاء على ولايته حسام الدين لاجين المنصوري الصغير.
وفي سلْخ صَفَر قَدِمَ من الغزاة الأمير علم الدين الدواداري.
وفي سنة ثمانٍ ظهرت الوديعة التي عند فخر الدِّين الفزاريّ لعزّ الدِّين الجناحيّ الَّذِي كان نائب غزّة وهي ستّون ألف دينار عين وجوهر وغيره، مات صاحبها في التجريد بحلب ولم يسلم بها أحد ولم يخلّف وارثًا، فحملها المذكور من تلقاء نفسه إلى بيت المال.
وفي ربيع الأوّل قام جماعة من الشافعيّة المتكلّمين فأنكروا على ابن تيميَّة كلامه فِي الصَّفات. وأخذوا فُتْياه الحمَويّة فردّوا عليه وانتصبوا لأذيته وسعوا إلى القضاة والعُلماء، فطاوعهم جلال الدِّين قاضي الحَنَفِيّة فِي الدّخول فِي القضيّة، فطلب الشَّيْخ، فلم يحضر. فأمر فنوديَ فِي بعض دمشق بإبطال العقيدة الحمويّة، أو نحو هذا. فانتصر له الأمير جاغان المشدّ واجتمع به [ص:700]
الشَّيْخ، فطلب منَ سعى فِي ذَلِكَ، فاختفى البعض وتشفّع البعض وضُرِب المنادي ومن معه بالكوافيين وجلس الشَّيْخ على عادته يوم الْجُمُعَة وتكلّم على قوله: {وإنك لعلى خلق عظيم}. ثُمَّ حضر من الغد عند قاضي القضاة إمام الدِّين، رحمه اللَّه وحضر جماعةٌ يسيرة وبحثوا مع الشَّيْخ فِي الحَمويّة وحاققوه على ألفاظٍ فيها. وطال البحث وقرئ جميعها وبقوا من أوائل النهار إلى نحو ثُلث اللّيل ورضوا بما فيها فِي الظّاهر ولم يقع إنكارٌ، بحيث انفصل المجلس والقاضي رحمه اللَّه يقول: كلّ من تكلَّم فِي الشَّيْخ فأنا خصمه.
وقال أخوه القاضي جلال الدِّين: كلّ من تكلّم فِي ابن تيميّة بعد هذا نعزّره. حدّثني بذلك الثّقة. لكنّ جلال الدِّين أنكر هذا فيما بعد ونسي فيما أظنّ. والذين سَعَوا فِي الشَّيْخ ما أبقوا ممكنًا من القذْف والسّبّ ورمْيه بالتّجسيم. وكان قد لحِقهم حسدٌ للشيخ وتألّموا منه بسبب ما هُوَ المعهود من تغليظه وفظاظته وفجاجة عبارته وتوبيخه الأليم المُبكي المُنْكي المثير النّفوس ولو سلم من ذَلِكَ لكان أنفع للمخالفين، لا سيما عبارته فِي هذه الفتيا الحَمويّة. وكان غضبه فيها لله ولرسوله باجتهاده، فانتفع بها أناس وانقصم بها آخرون ولم يحملوها. واتّفق أنّ قبل هذا بأيّام أنكر أمر المنجّمين ومشى إلى نائب نائب السَّلْطَنَة سيف الدِّين جاغان، فامتثل أمره وأصغى إلى قوله واحترمه وطلب منه كثرة الاجتماع به، فشرِقوا لذلك وفعلوا الَّذِي فعلوا واعتضدوا بشيخ دار الحديث.
وبعث جاغان فِي الحال جانداريّة فضربوا المنادي وجماعةً كانوا معه من أذناب الفقهاء. واحتمى صدر الدين ابن الوكيل ببدر الدِّين الأتابكي واستجار به واختفى الأمين سالم وغيره وفرغت الفتنة ورأى قاضي القضاة إخمادها وتسكينها.
وفيها سار غازان إلى بغداد وجهّز عسكرًا إلى البطائح، فأوقعوا بحراميّة الأعراب بالبطائح وقتلوا فيهم خلقًا. وأحسن إلى الرعية. وأمر بتصفية النقدين وتهدد في ذلك.
واشتدّ القحط بشيراز.
قصّة قبجق وألبكي والسلحدار وذهابهم إلى التتار
كان هَؤُلَاءِ وغيرهم قد توحّشت خواطرهم وخافوا على أنفسهم ممّا وقع [ص:701]
من منكودمُر الحُساميّ نائب المملكة، من قيامه فِي إعدامه جماعة من الأمراء المجرّدين بحلب بالسُمّ وغير ذَلِكَ. وعلموا أنّ أستاذه لا يزيل خوفه لمحبّته له واعتماده عليه فِي سائر الأمور، فاتّفقوا على أنّ مصلحتهم الدّخول إلى عند قازان لأنّهم بلغهم إسلامه. فساروا من حمص فِي ليلة ثامن ربيع الآخر ثلاثتهم والأمير بُزْلار فِي خواصّهم وساقوا على جهة سَلَميَة من حمص. ورجع طائفة كبيرة من العسكر، فَلَمّا كان بعد عَشْر ليالٍ من مسيرهم وصل البريد إلى دمشق وجماعة، فأخبروا بقتل السّلطان ونائبه ومعهم كُتُب من الحسام أستاذ دار وطغجي وكرجي بالواقعة، فحلفت الأمراء للسلطان الملك النّاصر وأُحضر من الكرك وملكوه وهذه سلطنته الثانية وساقوا خلف قبجق ليرجع مُكَرِّمًا آمنًا، ففات الأمر وعلموا بذلك بأرض سنجار، ثُمَّ قُيِّد جاغان والحسام لاجين والي البرّ وأُدخلا القلعة.
ثُمَّ بعد خمسٍ أتى الخبر بقتل طُغْجي وكُرْجي وطيف برأس كُرْجي الَّذِي قتل السّلطان ونائبه منكوتَمُر وأُلقي طُغْجي على مزبلة ودُفن السّلطان عند تُربة ابن عبّود ودفن نائبه عند رجليه، ثُمَّ بعد أيّام أخرج من الحبس جاغان ووالي البر، ثُمَّ جاء البريد باستقرار أتابكيّة الجيش للأمير حسام الدين لاجين أستاذ دار وبنيابة المملكة للأمير سيف الدِّين سلار المَنْصُورِيّ مملوك الملك الصالح علي ابن الملك المنصور سيف الدين.
وفي جُمَادَى الأولى ركب السّلطان بالقاهرة فِي الدَّسْت والتّقْليد الحاكميّ وقد دخل فِي خمس عشرة سنة.
وفيه قَدِمَ دمشقَ على نيابتها الأمير جمال الدين الأفرم المنصوري فنزل بدار السعادة. ثُمَّ قَدِمَ طُلْبُه بعد أيّام.
ووُلّي الشّدّ أقجبا المَنْصُورِيّ وولاية البلد جمال الدِّين إِبْرَاهِيم ابن النّحاس وولاية برّ البلد عماد الدِّين حَسَن ابن النشابي.
وفيه وقف الدّواداريّ الرِّواق الَّذِي بداره وجعل شيخه أبا الحسن ابن العَطَّار ونزل فِيهِ عشرة فقهاء وعشرة محدّثين، فأُلقي الدّرس بحضرة الواقف فِي جمْعٍ كبير من القضاة والأعيان والأمراء ومدّ لهم سماطا وفي جُمَادَى الآخرة ولي نظر الدّواوين فخر الدين ابن الشيرجي. [ص:702]
وفي رجب قَدِمَ عسكر من مصر عليهم الأمير سيف الدِّين بَلبَان الحُبَيشيّ وهو شيخ قديم الإمرة وفيه مُسِك سيف الدِّين كُجْكُن وحُبس بقلعة دمشق.
وفي رمضان أُخرج الأعسر من الحبس بمصر وولي الوزارة وقبل ذَلِكَ فِي شعبان أُخرج الأمير قُراسُنقُر المَنْصُورِيّ من الحبْس وأُعطي الصُبَيْبَة وبلادها، فتوجّه إليها.
وحج بنا الأمير شمس الدين العينتابي.
وفي شوّال جُدِّد مشهد عثمان بجامع دمشق وكان أكثره معطِّلًا بآلاتٍ وخشب وبعضه بيت للخدام، فحُرّر جميعه وبُيّض وعُمل له طراز مذهب وقُرّر له إمامٌ راتب. وذلك فِي مباشرة ناصر الدِّين أَحْمَد بْن عَبْد السّلام للنّظر وصار يجلس به قاضي القضاة للأحكام يوم الْجُمُعَة بعد ذهاب ملك الأمراء. واستمرّ إلى الآن.
وفي ذي القعدة توفي البيسري بالجب وتوفي المظفر صاحب حماة.
وفي ذي الحجّة كثُرت الأخبار بحركة التّتار وعزْمهم على قصد البلاد وأنّ المحرِّك لهمّتهم قبجق وبكتمر السلحدار.
وفيه أُعيد القاضي حسام الدِّين الحَنَفِيّ إلى قضاء دمشق وأُعيد السُّروجيّ إلى قضاء القاهرة.
وفيه أعطي قراسنقر المنصوري حماة، تُوُفّي صاحبها، فسار قراسنقر من الصُّبَيْبَة إليها.
وفيه كانت على الركْب الشاميّ هَوْشة بمكة وقُتل جماعة وجرح نحو ستين نفْسًا ونُهب من كان منهم داخل مكَّة.(15/699)
-سنة تسع وتسعين وستمائة
فِي أول السَّنَة خرج السّلطان بالجيوش من مصر للقاء العدو.
وفي صَفَر درّس بالظاهريَّة القاضي شمس الدِّين سلمان المَلَطي نائب الحُكم وليها بعد موت شهاب الدين ابن النحاس وولي الريحانية جلال الدين ابن القاضي. [ص:703]
وفي ثامن ربيع الأوّل دخل السّلطان الملك النَّاصر دمشقَ وزُيّن البلد. وكان قد طوّل الإقامة على غزّة. وقَدِم دمشقَ جُفّال حلب وحماة وتلك النّواحي وقاسوا البرد والوحْل. واشتدّ الأمر وقوى الزَّرّ وأقام السّلطان فِي القلعة تسعة أيام وخرج للملتقى وعَدَّت التّتار الفُرات مع الملك قازان فِي ستّين ألفًا وأكثر ما قيل إنّهم مائة ألف ولم يصحّ. وكثُر الدعاء وقَنَتَ النّاس في الصلوات وعملت الختم بالجامع واجتمعت جيش الإسلام على حمص وحضر النّاس لقراءة " الْبُخَارِيّ " بدمشق. وأخذ شيخ دار الحديث الأثر وحمله على رأسه إلى الجامع ومعه القضاة ووضعوه تحت النَّسْر وحفّوا به يْدعُون ويبتهلون يوم الرابع والعشرين من ربيع الأوّل. وأخذ فقهاء المكاتب الصّغارَ وداروا بهم فِي المساجد يدعون ويستغيثون ربّهم تبارك وتعالى. وفعلت اليهود والنّصارى ذَلِكَ وحملوا توراتهم وإنجيلهم.
وأمّا الجيش فإنّهم تعبّوا للمصافّ وبقوا ملبّسين على الخيل يوم الثلاثاء، فلم يجيئهم أحد وبلغهم أنّ التّتار بقُرب سَلمَية وأنّهم يريدون الرجوع وذلك شناعة ومكيدة، فركب السّلطان بكرة الأربعاء وساقوا من حمص إلى وادي الخَزْنَدَار وقد حميت الشمس، فكانت الوقعة فِي يوم الأربعاء، الخامسة من النّهار، السابع والعشرين من الشهر بوادي الخَزْنَدَار، شمال حمص بشرق، على نحو فرسخين من حمص أو ثلاثة. والتحم الحرب ودام الطعن والضرب واستحر بالتّتار القَتْل ولاحت أمارات النصّر وثبت المسلمون إلى بعد العصر وثبت السّلطان والخاصكيّة ثباتًا كُلّيًا. وانكسرت ميمنة المسلمين وجاءهم ما لا قِبَل لهم به لأنّ الجيش لم يتكامل يومئذ وكانوا بضعةً وعشرين ألفًا وكان العدوّ ثلاثة أمثالهم وشرعوا فِي الهزيمة وقُضي الأمر. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وأخذت الأمراء السّلطان ووَلّوا وتحيَّزوا وحموا ظهورهم ومرّوا على حمص وساروا على درب بَعْلَبَكَّ إلى طريق البقاع ومرّ خلْق من الجيش منكسرين عليهم كَسْفة وكآبة بدمشق.
وأمّا نَحْنُ فوقعت يوم الخميس الظهر بطاقة مضمونها أنّ أقجبا المشدّ [ص:704]
وجماعة مجرّحين وصلوا إلى قارة وأن أمر المصافّ متماسك بعد ولم يدروا ما تم بعدهم، فأخفى أرجواش نائب القلعة ذَلِكَ، فما أمسينا حَتَّى أُشهر أنّ الميمنة انكسرت. ثُمَّ قيل إنَّ الجيش جميعه انكسر، فبِتْنا بليلةٍ اللَّهُ بها عليم وفترت الهمم عن الدّعاء. ودقّت البشائر من الغد تطمينًا ثم تبين كذبُها. ثُمَّ أرسل أرجَواش الأنهار على خندق البلد. ثُمَّ دقّت البشائر عصر يوم الجمعة، فلم يعبأ بها النّاس، بل بقوا حائرين فِي هَرَج ومرج. وجاء يومئذٍ خلْقٌ من الجند والأمراء، قد وقفت خيولهم وراحت أثقالهم وأمولهم وتمزقوا وقد رموا الجواشن. واستشهد فِي المَصَافّ جماعة إلى رحمة اللَّه. وشرع النّاس فِي الهرب إلى مصر. وبات الناس ليلة السبت في أمر عظيم، قد أشرفوا على خطّة صعبة وبَلَغَنا أنّ التّتار قُتِل منهم خمسة آلاف وقيل عشرة آلاف. ولم يُقتَل من الجيش إلا دون المائتين.
حدّثني ضوء بْن صبّاح الزَّبِيديّ قال: ما رَأَيْت أنفع من الخاصكيّة لقد رأيتهم على باب حمص يحملون على التَّتَار عند اصفرار الشمس ويُنْكُون فِي التَّتَار، ثُمَّ يرجعون إلى السّلطان.
وقال غيره: ألقى اللَّه الهزيمة فولّوا مُدبرين بعد العصر وبقيت العُدَد والأمتعة مُلقاةً قد ملأت تلك الأرض والرماح والجواشن والخُوَذ.
وأما نَحْنُ، فشرع النّاس يتحدّثون فِي أمر التَّتَار ويذكرون عَنْهُمْ خيرًا وأنّ ملكهم مُسْلِم وأن جيشه لم يتبعوا المنهزمين. وبعد تمام الوقعة لم يقتلوا أحدًا. وأنّ من وجدوه أخذوا فَرَسَه وسلاحه وأطلقوه. وكثُرت الحكايات من هذا النَّمط، حَتَّى قال إنسان كبير: اسكت، هَؤُلَاءِ خير من عسكرنا وانخدع النّاس.
وفي يوم السبت الظّهر وقع بالبلد صرخات وصياح مزعج وخرج النّاس وتهتّكت النّساء وقيل: دخل التَّتَار. وازدحم النّاس فِي باب الفرج، حتى مات نحو العشرة، منهم النجم البغداديّ الَّذِي يقرأ الغزوات تحت قبّة عَائِشَة. ثُمَّ سكنت بعد لحظةٍ من غير أصل. فاجتمع أعيان البلد وتحدّثوا فِي المصلحة. وهم فخر الدين ابن الشيرجي ناظر البلد وعز الدين ابن القلانسي ووجيه الدين ابن المنجى وعز الدين ابن الزكي والشريف زين الدين ابن [ص:705]
عدنان، وسافر مع الجمال ليلتئذٍ قاضي البلد إمام الدِّين والقاضي المالكيّ والمحتسب وابن النّحّاس الوالي، وامتلأت الطرقات بأهل الغوطة والحواضر، وأحرق أهل حبْس باب الصغير الحبس , وخرجوا كلّهم، وكانوا أكثر من مائتين، وكسروا أقفال باب الجابية وخرجوا منه.
وأصبح النّاس يوم الأحد ثاني ربيع الآخر فِي خَمْدةٍ وحَيْرة، منهم الهارب بأولاده إلى مصر، ومنهم الطّامع فِي عدل التَّتَار، وأنّهم مشى بهم الحال نَوْبةَ هولاكو، وهم وملكهم كُفّار، فكيف وقد أسلموا.
ثُمَّ اجتمع الكبار بمشهد عليّ، واشتوروا فِي الخروج إلى الملك وطلب الأمان، فحضر ابن جماعة والفارقيّ، وابن تيمية، والوجيه ابن منجى، والقاضي نجم الدين ابن صصرى، وعز الدين ابن القلانسي، والصاحب ابن الشيرجي، وشرف الدين ابن القلانسي، وأمين الدين ابن شقير، وعز الدين ابن الزكي، ونجم الدين ابن أبي الطيب، وشهاب الدِّين الحَنَفِيّ، وغيرهم.
وطلعوا ظُهر يوم الإثنين بهدايا للأكل فِي نحو مائتي نفْس، ونودي فِي البلد من جهة أرجَواش: لا يباع من عُدَد الْجُنْد شيء، فسلطانكم باق، وأبيعت الخيل والعُدَد بأقلّ ثمن، وبقي البلد بلا والٍ ولا قاضٍ، أمّا قاضيه الشّافعيّ فهرب هُوَ والمالكي، وأمّا الحَنَفِيّ فشهد المصافّ وعُدِم، وأمّا الحنبليّ فإنّه أقام بأهل الصّالحيّة ورجوا الخير، وأمّا محتسب البلد ومشدّه فهربا، وغلا الخبز، وكثُر الشّرّ والهَرَج، وبقينا كذلك إلى آخر يوم الخميس، وغلا سعر الطحين وسعر الخبز لعدم الطواحين، وعدم الخطب، وقلَته فِي الأفرنة.
وقد كان الشريف القميّ بادر إلى المسير إلى التَّتَار، فرجع يوم الخميس ومعه أربعة من التَّتَار، على واحدٍ منهم ثياب المسلمين وكَلْوَتَه شاش دُخانيّ، ومرّوا بالمطرزيين يجهرون بالشهادتين، والنّاس يتسّلون بإسلامهم ويطمئنّون شيئًا، فَلَمّا أصبح نهار الجمعة لم يُفتَح للبلد باب، ثُمَّ كُسِر قِفْل باب توما، كسره نائب الوالي الشجاع همام وابن ظاعن، ولم يُذكر فِي الخطبة سلطان، ثُمَّ بعد الصّلاة وصل إلى ظاهر المدينة جماعة من التَّتَار معهم الملك إِسْمَاعِيل قَرَابَةُ قازان، فنزلوا ببستان الظّاهر الَّذِي عند الطُرن، وحضر معه الفَرَمان من الملك بالأمان، ونادوا فِي البلد: افتحوا حوانيتكم، وطيبوا قلوبكم، وادْعُوا للملك محمود غازان، وقدِم كبراء البلد، فذكروا أنّهم التقوا قازان بالنِّبَك فوقف [ص:706]
لهم وأكل ممّا قدّموا له، وكان المتكلّم الصاحب ابن الشَّيْرجيّ والذي دعا للملك الخطيب ابن جماعة، وقالوا لهم: قد بعثنا لكم الأمان قبل أنّ تجيئوا.
وذكروا أنّ الملك ينزل بالمرج، وأنّه لا يفتح إلا باب واحد.
وحضر يوم السبت إِسْمَاعِيل ومعه الأمير مُحَمَّد فِي خدمتهما طائفة من التَّتَار إلى مقصورة الخطابة بعد الظُّهر فجلسا بها، وحضر الخطيب وابن القلانسي، وابن الشيرجي، وابن منجى، وابن صَصْرَى، وطائفة، واجتمع الخلْق لسماع الفَرَمان، قرأه رَجُل من أعوان التَّتَار، وبلّغ عَنْهُ المجاهد المؤذن، وهو: "بقوة اللَّه تعالى، ليعلَمْ أمراء التُّومان والألف والمائة وعموم عساكرنا من المغول والتازيك والأرمن والكُرْج وغيرهم ممّن هُوَ داخل تحت طاعتنا، إنَّ اللَّه لمّا نوّر قلوبنا بنور الإسلام وهدانا إلى ملة النبي عليه السلام {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذكر الله أولئك في ضلال مبين}، ولمّا سمعنا أنّ حكّام مصر والشام خارجون عن طرائق الدِّين، غير متمسّكين بأحكام الإسلام، ناقضون لعهودهم، حالفون بالأيمان الفاجرة، ليس لديهم وفاء ولا ذمام ولا لأمورهم التئام ولا انتظام، وكان أحدهم إذا تولّى {سَعَى فِي الأرض} الآية، وشاع أنّ شعارهم الحَيْف على الرعيّة، ومدّ الأيدي الباغية إلى حريمهم وأموالهم، والتّخطي عن جادّة العدل والإنصاف، وارتكابهم الجور والاعتساف، حَمَلَتْنا الحميَّة الدّينيَّة والحفيظة الإسلاميّة على أنّ توجّهنا إلى تلك البلاد لإزالة هذا العدوان، مستصحبين للجمّ الغفير من العساكر، ونذرنا على أنفسنا: إنْ وفَّقنا اللَّهُ تعالى بحَوْله وقوّته لفتْح تلك البلاد أنْ نُزيل العدوان والفساد، ونبسط العدل فِي العباد، ممتثلين الأمر المطاع الإلهي {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية، وإجابة إلى ما ندب إليه الرَّسُول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم، وما وَلَّوْا "، وحيث كانت طَويتُنا مشتملة على هذه المقاصد الحميدة، والنُّذور الأكيدة، مَنّ اللَّه علينا بتبلج تباشير النصر المبين، وأتم علينا نعمته [ص:707]
وأنزل علينا سكينته، فقهرنا العدوّ الطاغية والجيوش الباغية، فرَّقْناهم أيدي سبأ، ومّزقناهم كلَّ مُمزّق، حَتَّى جاء الحقّ وزهق الباطل، فازدادت صدورنا انشراحًا للإسلام وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين فِي زُمرة من حُبّب اليهم الإِيمَان، فَوَجَب علينا رعاية تلك العهود الموثقَّة، والنُّذور المؤكَّدة، فصدرت مراسمنا العالية أنّ لا يتعرض أحدٌ من العساكر المذكورة على اختلاف طبقاتها بدمشق وأعمالها وسائر البلاد الشاميّة، وأن يكفّوا أظفار التّعدّي عن أنفسهم وأموالهم وحريمهم وأطفالهم، ولا يحوموا حول حِماهم بوجهٍ من الوجوه، حَتَّى يشتغلوا بصدورٍ مشروحة وآمال مفسوحة، بعمارة البلاد وبما هُوَ كلّ واحد بصدده من تجارة وزراعة، وكان في هذا الهرج العظيم وكثرة العساكر تعرِّض بعضُ نفرٍ يسيرٍ إلى بعض الرعايا وأسْرهم، فقتلنا منهم ليعتبر الباقون، ويقطعوا أطماعهم عن النَّهْب والأسْر، وليعلموا أنّا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البتّة، وأن لا يتعرّضوا لأحدٍ من أهل الأديان من اليهود والنّصارى والصّابئة، فإنّهم إنّما يبذلون الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا، لأنّهم من جملة الرعايا، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " الإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عَنْهُمْ "، فسبيل القضاة والخطباء والمشايخ والعلماء والشُرفاء والأكابر وعامّة الرعايا الاستبشار بهذا النّصر الهنيّ والفتح السّنيّ، وأخذ الحظّ الوافر من الفَرَح والسّرور، مقبلين على الدّعاء لهذه الدّولة القاهرة والمملكة الظاهرة، وكُتِب فِي خامس ربيع الآخر".
فَلَمّا فُرغ من قراءته نُثِر عليه ذَهَب وفضّة بالمقصورة، ونثر الشريف زين الدِّين نحو عشرة دنانير، وكان واقفًا مع المغول على السدة، وضجّت العامّة، ودعوا للملك، وسكن جأشهم بعضَ الشيء، وجعل نائب البلد الملك إِسْمَاعِيل وجلس بالقَيْمُريَّة، وكان فِيه عقل وإسلام وقلّة شرّ فِي الجملة، ثُمَّ طلبوا يوم الأحد المال والخيل من العامة.
وفي عاشر ربيع الآخر قَرُب الجيش من الغوطة، ووقع العبث والفساد وقتلوا جماعة من أهل البرّ، ونهبوا بقايا من فِي الضّياع، وقد قبجق وبكتمر [ص:708]
فِي طائفة فنزلوا بالميدان، وتكلّموا مع متولّي القلعة عَلَم الدِّين أرجَواش المَنْصُورِيّ وراسلوه فِي تسليم القلعة وأشاروا عليه بذلك، فلم يقبل وصمَّم، وكانت خِيرة، ثُمَّ أمروا أعيان البلد بالمشي إليه من الغد، فاجتمعوا به وسألوه وقالوا: هذا فِيهِ حقْنٌ لدماء المسلمين، فلم يلتفت عليهم وقد حصّن القلعة وهيّأ جميع أمورها وسترها وطلع إليها جماعة كبيرة من البلد.
ويوم الثاني عَشْر منه، دخل السّلطان وجمهرة جيشه إلى القاهرة.
وفي هذا اليوم دخل قبجق إلى البلد وجلس بالعزيزيّة، وأمر الأعيان بمراجعة أُرْجَواش، فكلّموه فلم يُجبهم وأهانهم، ووقفوا كلّهم عند باب القلعة وطلبوا منه رسولًا فأبى، فبعثوا مَن كلّمه، فأغلظ لهم وقال: أنتم منافقون، تلقّيتم التَّتَار وسلّمتم إليهم البلد وجسّرتموهم، ومع هذا فهذه بطاقة صاحب مصر وأنّهم اجتمعوا على غزة، وأنهم كسروا الطائفة التي تبعتهم.
وكان المقدَّم بولاي قد ساق وراء العساكر في نحو عشرة آلاف، فوصل إلى غزّة وخرب البلاد وسبى ونهب.
ويوم الخميس ثالث عشر الشهر تحدّث الناس بصلاة قازان الجمعة فِي البلد، فقلق النّاس ودربّوا الدروب وردموا خَلَف أبوابها الطين والحجارة.
وكثُر دخول التَّتَار إلى بيوت النّاس يفتّشون على الخيل ويأخذونها ويخطفون ويُؤذون، وبات ليلتئذٍ قبجق عند عز الدين ابن القلانسيّ، وخطب الخطيب يوم الجمعة بالبلد، وأقام الدّعوة للسّلطان مظفّر الدِّين محمود غازان ورفع فِي لَقَبه، وذلك بحضرة جماعةٍ من المغول، ثُمَّ صعد بعد الصّلاة قبجق وإسماعيل إلى السُّدّة ودعا عَبْد الغني المؤذّن وذكر ألقاب قازان، ثُمَّ قُرئ على النّاس تولية قبجق لنيابة الشام وأنّ إليه تولية قُضاتها ونوّابها، وبلّغ النّاس عَبْد الغنيّ، ونثروا على النّاس الذَّهَّب والدّراهم، وحصل فرح ما بتولية قبجق، وتعب قبجق بالتّتار كلّ التّعب، ولكنّه كان شاطرًا ذا دهاء ورأي وخبرة، قد عرف سياستهم، ونزل شيخ الشيوخ الَّذِي لقازان ولَقَبُه نظام الدِّين محمود بْن عليّ الشَّيْبَانيّ بالمدرسة العادليّة، وأظهر العتب على الرؤساء إذ لم يتردّدوا إليه، وزعم أنّه يصلح أمرهم ويتّفق معهم على ما يُفعل فِي أمر القلعة، وأظهر أنّ قبجق وأمثاله من تحت أوامره. [ص:709]
وأما أهل الصالحية فابتلشوا ونشبوا بالقعود، وجاءهم مقدّم، وقعد شِحنةً لهم، فأكلهم واستحلبهم، وزوّجه القاضي بصبيّةٍ ولم يكن عنده دفع عنهم.
وشرعت التَّتَار فِي نهب الصّالحيّة والعبث والفساد وبقوا كلّ يوم يقوى شَرّهم، ويكثُر عَبَثهم، وأخذوا منها شيئًا كثيرًا من القموح والغلال والقماش والذخائر، وقلعوا الشبابيك وكسروا وأخربوا وأخذَوا بُسُطَ الجامع، والتجأ النّاس إلى دير المقادسة، فانحشروا فِيهِ، فاحتاط بْه التَّتَار فِي ثامن عَشْر الشهر ودخلوه ونهبوا فِيهِ وسبوا الحريم والأطفال، فخرج اليهم شيخ المشايخ النّظام فِي جماعةٍ من التَّتَار فأدركوهم وردّوا عن الدّير بعض الشَّيء، وهرب التَّتَار بما حوَوا وتوجّهت فرقة إلى داريّا، فاحتمى أهلها بالجامع، فحاصروه وأخذوه ودخلوه ونهبوا وقتلوا وعثّروا أهل داريّا.
ولم يزالوا يتدرّجون فِي نهب الخيل وسبْي أهله قليلًا قليلًا، فرقة تذهب وفرقة تأتي، ونبشوا أطمار القماش والأثاث وعاقبوا وعذّبوا، وكان خاتمة أمرهم الدّير فاستباحوه، ولم يتركوا به إلا العجائز فِي البرد والجوع والعُري، ودخل الرجال عُراة حُفاة، عليهم خلْقان كأنّهم الصّعاليك، بل أضعف من الصّعاليك لمّا هُمْ فِيهِ من آلام العقوبات والجوع وشدّة البرد والسَّهَر وذهاب الأولاد والحريم، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وسارت فرقة إلى المزّة وكان بها أكثر أهلها قد اغترّوا وقعدوا فأوطؤوهم خوفًا ونهبًا وتبارًا.
وكان الشيخ تقي الدين ابن تيميّة تلك الأيّام يتردّد إلى من يرجو نفعه إلى شيخ المشايخ والى العَلَم سُلَيْمَان وإلى قبجق. ثُمَّ إنّه خرج مع جماعة يوم العشرين من الشهر إلى قازان وهو بتل راهط، فأُدخل عليه ولم يمكَّن من إعلام قازان بما يقع من التَّتَار، وخافوا أنّ يغضب ويقتل أناسًا من المغل، وأُذِن له فِي الدّعاء والإسراع، وأشار عليه الوزير سَعْد الدِّين ورشيد الدِّين اليهوديّ مشير الدّولة بأن لا يشكو التَّتَار ونحن نتولّى إصلاح الأمر ولكن لا بُد من إرضاء المُغْل، فإنّ منهم جماعة كبيرة لم يحصل لهم شيء إلى الآن.
وعاد الشَّيْخ إلى المدينة، ثُمَّ من الغد في اليوم الثاني والعشرين اشتهر أنه لا بد من دخول المُغْل إلى البلد والنَّهْب وظهر ذَلِكَ، وجهّز شيخ المشايخ [ص:710]
ثقله من العادليّة وخرج إلى الأُرْدُو وأشار على من يعرِف بالخروج من البلد، فأسرع إليه الأعيان وبذلوا فِي فداء البلد الأموال، والتمسوا منه أنّ يتوسّط لهم، وكان شيخًا خبيثًا طمّاعًا وربّما فعل ذَلِكَ خديعة وقيل: بل ليّن قازان للمغول، ثُمَّ خرج منه مرسوم فِي جوف اللّيل بأنّ: من عاودني فِي أمر دمشق يموت.
وأمّا النّاس فباتوا فِي ليلةٍ مزعجة، وأصبحوا فِي بلاءٍ شديد وترد مُفْرط، وانضمّ جماعة إلى شيخ المشايخ يرومون الاحتماء به، وهو فِي ذَلِكَ مصمّم لا يفرج عنهم كربة ولا يرق لمسلم.
ثُمَّ لَطَفَ اللَّه وبَطَلَ ذَلِكَ، ولكن أُضعِف المقرَّر على النّاس وجُبيت الأموال وناب الناسَ في الترسيم أموال كثيرة، فكان إذا وضع على الإِنْسَان عشرة آلاف ينوبه ترسيم نحو الألفين، وأخذ هذه الأيّام من البلد أكثر من عشرة آلاف فرس وسائر الحمير ووقع الضَّرْب والتّعليق والعصر، وقُرِّر على سوق الخوّاصين مائة ألف درهم وعلى الرمّاحين مائة ألف وعلى أهل سوق عليّ ستّون ألفًا، وعلى الكبار مثل ابن المنجى وابن القلانسي سبعون ألفًا سبعون ألفًا ويلحقها تتمّة المائة ألف، والطبقة الثانية ثلاثون ألفًا ونحو ذلك، وألزموا المبيت بالجامع بالمشهد الجديد، وأُخرِق بالكبار وضُرِب جماعة من الأماثل وكثُر النَّهب وتشليح من يتطّرف، واشتدّ ذَلِكَ يوم الجمعة ثامن وعشرين الشهر، وكثُرت الضّجّة بأعالي الدُّور وهرب النّاس من أسطحتهم، وحمل الشيخ شمس الدين ابن غانم إلى الجامع مريضًا وطُلب منه مائة ألف، وصودر الفاميّة والقصّابون، وكان مشدّ المصادرة علاء الدِّين أستاذ دار قبجق والذي يقرر على النّاس الصَّفيّ السِّنْجاريّ، قَدِمَ مع التَّتَار والحِنّ والبن أولاد الحريري، وكثرت العوانية وظهرت النفوس الخبيثة بالأذية والمرافعة ونُهب أهراء الأمراء ودُورهم.
وذكر الشَّيْخ وجيه الدين ابن المنجى أنّ الَّذِي حُمِل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وستّمائة ألف درهم سوى ما تمحق من الترسيم والبرطيل وسوى ما استخرج لغيره من الكبار، بحيث أنه اتّصل إلى شيخ الشيوخ ما يقارب ستّمائة ألف درهم. [ص:711]
قلت: واشتدّ البلاء وهلك ناس كثير فِي هذه المصادرة وافتقروا وإلى اليوم، وبعضهم ركبه الدين، وجبي من بعض الناس على الرؤوس والدُّور، ثُمَّ يوم التّاسع والعشرين نوديَ فِي البلد بإطلاق الطلب وانصرفت الأعيان إلى بيوتهم.
وفي سلخ الشهر كان قبجق قد سكن بدار السّعادة، ويذهب إليها من خان الغرباء، فرموا عليه بالمنجنيق وبالنار من القلعة، فوقع فيها الحريق وابتُدئ يومئذٍ بحصار قلعة دمشق من داخل البلد وخارجه، ودخل المُغْل للحصار، وملأوا باب البريد إلى الظاهريّة إلى ناحية الخاتونيّة وحارة البلاطة، وباتوا هناك، وعُملت هذه الأيام المجانيق للتّتار بجامع دمشق وقُطِّعت لها الأخشاب النّفيسة من الغيظة، وأحضرت الأعواد الكبار إلى الجامع وبات التُّرك لِحفظها، وكُسِرت دكاكين باب البريد ونُهبت وتحوّل فِي اللّيل جميع أهل تلك النّواحي من الأسطحة وذهبت أموالهم وأقواتهم وتعثّروا وقاسوا الشّدائد ولم يبق بذاك الخطّ دَيّار من أهله، ونُهبت دار للسُكَّر يومئذٍ وأبادتها الحرافشة.
وأمّا الجيوش فدخلت القاهرة وأنفق فيهم السّلطان وشرعوا فِي شراء الخيل والعُدَد، وغَلَت هذه الأشياء حَتَّى أُبيع الْجَوْشن الَّذِي بعشرة بمائة درهم ونحو ذَلِكَ، وكانت نفقة عظيمة لم يُعهد مثلها ولا سيّما فِي الشاميّين، ولعلّها تجاوزت ألف ألف دينار، وأُزيحت عِلَل الجيش بكلّ ممكن، واحتفل سلار لذلك واجتهد بكلّ ممكن هو وكبار الأمراء، وبعثوا قصّادًا يكشفون لهم خبر الشَّام وبذلوا لهم ذهبًا كثيرًا، ولزِم النّاس بيوتهم، وخافوا من إلزام التَّتَار لهم بطمّ خندق القلعة وغير ذلك.
وفي ثاني جمادي الأولى كان قد تبقّى بدير المقادسة بعض الشَّيء وبعض الحريم والرجال والقاضي الحنبلي، فجاءته فرقة من التتار وحرروه نهبًا وسبيًا وأسروا القاضي وأخذوه عريان مكشوف الرأس، وعملوا فِي رقبته حبلًا، ثُمَّ هرب أهل الدَّير ودخلوا البلد مَضْرُوبينَ مَسْلوبين، مَنْ يراهم يَبكي أكثر من بُكائهم، ثُمَّ أدخل القاضي تقيّ الدِّين البلد وقد أُسِرَتْ بَنَاته وخلقٌ من أقاربه، [ص:712]
ورأى الأهوال، ولعلّ اللَّه قد رحمه بذلك.
ولمّا رَأَى القلعيّون حِصار التَّتَار لهم أطلقوا النار فِي دار الحديث الأشرفيّة وما جاورها والعادليّة ودار المَلِك الكامل ودار بكتوت العلائيّ وغالب ما حول القلعة، وسلِمت الدّماغيّة والعماديّة والقَيْمازيّة، وبقي الجامع ملآن بالغرباء والمساكين والفلاحين كأنه تحت القلعة.
وقيل إنه أسر من الصالحية نحو الأربعة آلاف ومن باقي الضّياع والقدس إلى نابلس إلى البقاع شيء كثير لا يعلمه إلا الله.
وقيل إنه قتل بالصالحية نحو الأربعمائة، وقُلِع شيء لا يوصف ولا يُحدّ من الأبواب والرُخام والشبابيك وغير ذَلِكَ، من سائر الأمكنة البرّانيّة ومن الأمكنة الجوّانيّة التي حول القلعة وأبيع بالهوان، وبقي سائر أهل البلد في ثياب ضعيفة وعلى رؤوسهم تخافيف عتيقة خوفًا من التّشليح، وتراجع أمر المصادرة والعقوبة إلى حاله، وطُلِب من المدارس مبلغ كبير، نحو المائة ألف وانعسفت النُّظّار والعمال وغلت الأسعار.
وفي هذه الْجُمُعَة قرئ بالجامع فَرَمَانٌ فِيهِ صيانة الجامع وحِفْظ أوقافه، وأن يُصرف فِي السبيل والحج ما كان يؤخذ لخزائن السلاح، وأن تضرب الدراهم فضة خالصة.
وفي ثاني عَشْر جُمَادَى الأولى رحل قازان عن الغوطة طالبًا بلاده، وتخلّف بالقصر نائبه خطلوشاه في فرقة من الجيش.
وفي ثالث عَشْر جُمَادَى الأولى أُمِر أهل العادليّة بالخروج منها لأجل حصار القلعة، فخرجوا بمشقّة وشدّة، وتركوا معظم حوائجهم وأقواتهم فنُهِبت.
وفي ثامن عَشْر جُمَادَى الأولى دخل البلد خلق من المُغل، وحاصروا القلعة ونقبوا عليها من غربيّها، وبقي أهل الظّاهريّة وهي ملأى بالنّاس، فِي ضُرٍّ وخوفٍ من يَزَك التَّتَار، وهلكوا من انقطاع الماء وخافوا لا تفعل بهم التَّتَار كَمَا فعلت بالعادليّة وأخرجت أهلها، فهربوا من الأسطحة بمشقّة زائدة، وأحرقت التَّتَار والكرج والأرمن جامع العقيبة ومارستان الجبل والدَّهْشَة والمدرسة الصّاحبيّة والرباط النّاصريّ وأماكن فِي غاية الكَثْرة والحسن. [ص:713]
وأحرقت العادليّة فِي ليلة الحادي والعشرين من جُمَادَى الأولى، فهرب من تبقّى بالظاهريّة عند ذلك.
ويوم الجمعة تاسع عَشْر الشهر قُرئ تقليد قبجق بالنيابة وتقليد الأمير ناصر الدِّين يحيى بْن جلال الدين ابن صاحب ختن بالشد وفيه: " إننا نرجع إلى بلادنا، وقد تركنا بالشام ستّين ألفًا من جيشنا وإنّا سنعود في الخريف لأخذ الديار المصرية ".
وفي الثاني والعشرين منه، بَطّل التَّتَار حصار القلعة، ومشى النّاس فِي تلك النواحي، وقد بقيت بلاقع من الحريق والخراب وذهاب الأبواب والأخشاب.
وفي الثالث والعشرين بطَلَ عملُ المنجنيق، فنزل من الغد القَلَعيّة ونشروا الأخشاب وأفسدوها وظفروا بالشريف القمي فأسروه وأخذوه إلى القلعة.
ورحل عن البلد النُّوين خُطْلُوشاه وصاحب سيس، وخفّ التَّتَار من البلد جدًّا، وقُلعت ستائرهم من أماكنها وتنسم الناس الخير وعبرنا فِي باب البريد فإذا هُوَ أنحس من خان فِي منزلةٍ، دكاكينُه بوائك وأرضه مرصوصة بالزِّبْل سُمْكُ ذراعٍ وأقلّ، ووصلنا إلى باب النصر، ودُقّت البشائر يومئذٍ بالقلعة وجُليت لسلامتها ولله الحمد.
وخرج يومئذٍ من البلد الصّفيّ السّنْجاريّ والأمير يحيى ونودي فِي البلد: أخرجوا غدًا للقاء سُلطانكم قبجق، فقد دفع اللَّه عنكم العدوّ.
ورجع الأمير سيف الدِّين قبجق وبَكْتَمُر السِّلَحدار وأَلْبَكي وجماعة من الْجُنْد تلّفقوا له من البلد وظهروا، وأُخذت له عصائب من تُربة الملك الظاهر رَنْك الملك السّعيد قد زالت عَنْهَا السّعادة، فعملت فِي رُمح على رأسه وسُلِّلَتْ بين يديه سيوفٌ ونزل فِي القصر، وخرج النّاس إلى الغوطة والجبل ينوحون على مساكنهم من وجهٍ ويفرحون بسلامتهم من وجه.
وحكى لنا ابن تيميّة طُلوعَه إلى خُطْلُوشاه إلى القصر هُوَ والقاضي تقي الدِّين الحنبليّ وغيره، وباتوا بالمنيبع وخاطروا بنفوسهم، وحضر عند خُطْلُوشاه فرآه كهلًا، أمرد، أصفَر، كبيرَ الوجه، عليه غضب وزعارة وأنّه من [ص:714]
ذُريّة جنكزخان، ورأى صاحب سِيس واقفًا فِي خدمته وذكر لنا اجتماعه بقازان ودعاءه له بالصّلاح واجتماعه بالوزيرين سعد الدين ورشيد الدولة الطبيب والنجيب اليهودي الكحال وشيخ الشلوح والسيّد القُطْب ناظر الخزانة، والأصيل وُلِدَ النّصير الطوسي ناظر الأوقاف، وهؤلاء متعممو التتار.
وبيعت الكتب وأجزاء الحديث بالهوان، ولم يتورّع أحد عن شرائها إلا القليل وكُشِطت وقفيّتها وغُسِّل بعضها للوراقة وعُدِم شيء كثير من أصول المحدّثين وسماعاتهم، وغَلَت الأسعار ووصل القمح إلى ثلاثمائة درهم وبيع الزّبيب أوقيّتين ونصف بدرهم، ورطل اللحم بتسعة دراهم وأوقية الْجُبن بقريب درهم إلى نحو ذلك.
وبقي قبجق يعمل السَّلْطَنَة ويركب بالشاويشيّة والعُصابة، ويجتمع له نحو مائة فارس، وأمّر جماعة، ورأيناهم لابسي الشرابيش. وولّى ولاية البلد أستاذ داره علاء الدِّين وجعله أميرًا، وجهّز نحو ألفٍ من التَّتَار إلى جهة خِرْبة اللّصوص، وولى شمس الدين ابن الصّفيّ السّنْجاريّ حسْبة البلد، وركب بخلعةٍ بطرحة، وفُتحت أبواب المدينة سوى الأبواب التي حول القلعة.
ويوم الجمعة رابع جُمَادَى الآخرة، صلّى الأمير يحيى بالجامع ويومئذٍ ضُرِبت البشائر بالقلعة وعلى باب قبجق، وسكن فِي دار بَهَادْر آنص.
وفي وسط الشهر نودي فِي دمشق بإدارة الخمر والفاحشة، وجعل ذَلِكَ بدار ابن جرادة بالسبعة، وضمن ذلك اليوم بنحو الألف.
وخرج جماعة من القلعة وساقوا إلى عند باب الجابية وهرب منهم التَّتَار، فضربت العوامّ التَّتَار، وحصل بذلك شَوْشة، وغُلّق باب الصّغير وقُتِل من التَّتَار جماعة فيما قيل.
وفي العشرين من الشهر، رجع بولاي من الغَوْر بتقدمته وجاؤوا إلى ظاهر دمشق، وخاف النّاس، وجُبي من البلد لهم جملة، ثُمَّ خرج جماعة من [ص:715]
القلعية وخلصوا غنائم التتار، وقتلوا جماعة وقتل منهم أيضًا جماعة واختبط البلد.
وفي الثامن والعشرين من الشهر دخل الخطيب بدر الدِّين وطائفة إلى القلعة، ومعهم نائب الأمير يحيى، وتكلّموا مع أرجَواش فِي صُلحٍ يكون بينه وبين نوّاب التَّتَار وقبجق، فلم يقع اتفاق.
وفي ثاني رجب جمع قبجق الأعيان والقُضاة إلى داره وحلّفهم للدّولة القازانيّة بالنُّصح وعدم المداجاة.
وتوجّه يومئذٍ ابن تيميّة إلى مخيّم بولاي بسبب الأسرى واستفكاكهم من أصحابه، فغاب ثلاث ليال.
ويوم ثالث رجب توجّه جماعة من الرؤساء بطلبٍ إلى مخيم بولاي ورجعوا من الغد، فنُهبوا عند باب شرقيّ وأُخذت عمائمهم وثيابهم ودخلوا، فطُلبوا فِي اليوم بعينه فاختفى بعضهم وتوجه البعض، فسافر بولاي والتتار، وأخذوا معهم بدر الدين ابن فضل الله وأمين الدين ابن شقير وعلاء الدين ابن القلانسي وولد شمس الدين ابن الأثير، فأطلقوا من عند الفرات ابن شقير فتوصل إلى حلب.
وفي رابع رجب طلع الناس إلى المنائر، وأخبروا أنّهم رأوا خلْقًا من التَّتَار رائحين في عقبة دمر. ورحل بولاي إلى بَعْلَبَكَّ والبقاع ونُظِّفت ضواحي دمشق منهم والبلد وسافر النّاس فِي عاشر رجب إلى القبلة والشمال ويومئذٍ صلّى قبجق الجمعة فِي جمْعٍ كبير معه بالعدد والسلاح في مقصورة الخطابة.
ويوم ثالث عَشْر رجب تشوّش البلد بسبب رجوع طائفة من التتار إلى ظاهر باب شرقي وكان النّاس يتفرّجون فِي غياض السَّفَرْجَل، فرجعوا مسرعين وشُلّح بعضهم وأخذ بعض الصّبيان، ثُمَّ كان هذا آخر العَهْد بالتّتار وكفى الله أمرهم.
وأمّا قبجق فإنّه يوم نصف رجب انفصل عن البلد هُوَ وأتباعه ومعه عزَّ الدِّين ابن القلانسي، وتوجّهوا إلى نحو مصر، فقام أرجَواش بأمر البلد وأمر بحفظ الأسوار والمبيت عليها بالعُدد وأنّ من بات فِي داره شُنِق وأغلق أبواب البلد، ثُمَّ فتح للناس باب النّصر بعد ارتفاع النّهار وجَفَل النّاس من [ص:716]
الحواضر، فَلَمّا كان يوم الجمعة سابع عَشْر رجب أعيدت الخطبة بدمشق لصاحب مصر بعد ذِكر الحاكم بأمر اللَّه، فضجّ النّاس عند ذَلِكَ وفرحوا، وكان مدّة إسقاط ذَلِكَ مائة يوم.
ويومئذ دار ابن تيميّة وأصحابه على ما جُدِّد من الخمارات فبدَّد الخمر وشقّ الظّروف وعَزَّر الخمّارين، ثُمَّ زُيّن البلد من الغد يوم السبت.
ويوم عاشر شعبان قَدِمَ الأفرم نائب دمشق بعسكر دمشق، ثُمَّ قَدِمَ أمير سلاح والميسرة المصريّة بعد يومين، ثُمَّ دخلت الميمنة وعليها الحسام أستاذ دار، ثُمَّ دخل يوم رابع عَشْر شعبان القلب وعليه نائب المملكة سلار، ونزل الكل بالمرج.
وفيه وُلّي القضاء بالشام ابن جماعة وقضاء الحنفية ابن الحريري، ودرّس بالأمينيّة جلال الدِّين بدلًا عن أخيه المتوفى إلى رحمة الله، ووُلّي نظر الدّيوان ابن الشّيرازيّ عوضًا عن المتوفى ابن الشيرجي وولي بر البلد الأمير عز الدين أيبك الدويدار النجيبي.
وفي ثامن رمضان رجع سلار بالجيش إلى القاهرة.
وفي شوال بعث الشريف زين الدين ابن عدنان من القاهرة مُقَيّدًا وحُبس بحبْس باب الصغير.
وفي شوّال توجّه ملك الأمراء الأفرم إلى جبال الجرْد لحربهم، فإنّهم كانوا قد بدّعوا فِي الجيش عقيب الكسْرة، وأسروا وقتلوا وسلبوا وما أبقوا ممكنًا، ومع هذا فغايتهم أنّ يكونوا رافضة والا فبعض النّاس يقول: هُمْ زنادقة منحلّين من الدِّين، فذلّوا ودخلوا فِي الطّاعة وقُهروا وقُرِّر عليهم مبلغ كبير من المال والتزموا بردّ جميع ما أخذوه للجند، وأقطعت أرضهم.
وفي ذي القعدة أُلزِم النّاس بتعليق العُدَد وأُمروا بتعلُّم الرمي، وجُدّدت الإماجات فِي المدارس والمساجد ونودي فِي النّاس بذلك وأرسل قاضي القضاة إلى جميع المدارس والفقهاء بذلك، وكُتب إلى جميع البلاد الشّامية فِي هذا المعنى.(15/702)
-سنة سبعمائة
فِي أوّلها جلس الدّيوان المستخدم لاستخراج أربعة أشهر من جميع الأملاك والأوقاف التي بدمشق وظاهرها، فعظُم ذَلِكَ على النّاس وهرب غير واحد واختفى آخرون.
ثُمَّ كثُرت الأراجيف بمجيء التَّتَار، وشرع النّاس فِي الْجَفْل إلى مصر وإلى الحصون واشتدّ الأمر فِي صَفَر، وغلا الكِراء وبلغ كراء المحارة خمسمائة إلى مصر، وأبيعت الأمتعة والنّحاس بالهوان، ثُمَّ نوديَ فِي البلد أنّ لا يسافر أحدٌ إلا بمرسوم.
وجاءت قُصّاد المسلمين بركوب التَّتَار، فاختبط البلد.
ودُقّت البشائر لركوب السّلطان من مصر.
ثُمَّ جفل من البلد بيت ابن فضل اللَّه فِي جمْعٍ كبير ثُمَّ بيت قاضي القضاة وبني صَصْرَى وبني القلانسيّ وبني المنجى وخلق كثير.
وفي ربيع الأول فترت الأخبار يسيرًا ووصل السلطان إلى غزة، فَلَمّا استهلّ ربيع الآخر كثُرت الأراجيف والإزعاج بالتتار، ووصل بعضهم إلى البيرة، فخرج جيش دمشق كلّه وعُرضت العامّة والعلماء وغيرهم، فبلغوا خمسة آلاف.
ووُلّي الشّدّ بدمشقَ عِوَض أقجبا الأمير سيف الدين بلبان الجوكندار المنصوري الحاجب.
وفيه عَدّى العدوّ المخذول الفُرات، وقَنَت الخطيب فِي الصّلوات واشتدّ الأمر ودخلت التَّتَار إلى حلب وتأخر نائبها إلى حماة واكتريت المحارة بثلاثمائة، وخرج الناس هاربين على وجوههم.
ثُمَّ نودي فِي أواخر الشهر بإبطال الجباية وكان قد جُبيَ الأكثر وبقي كلّ مُعثِر وضعيف وهارب وما نفع الله بما استخرجوا من الأموال وأكلت وتمسخت.
واشتدّ المطر والوحْل إلى الغاية وقاسى المنهزمون الشّدائد فِي الطّرُق [ص:718]
حتى إن الإمام استصحى في الخطبة.
وساق بتخاص المَنْصُورِيّ إلى السّلطان وهو نازل على بدعرش بقرب قاقون ليخبره بأن العدوّ فِي البلاد وقد قرُبوا، فضعف الجيش عن اللّقاء وجبنوا، ورحل السّلطان إلى الديار المصرية ولم تظهر لمجيئه ثَمَرة، فوجلت القلوب واختبط البلد، وأيقن الناس بالهرب أو العطب واكتريت المحارة بخمسمائة فِي الوحْل العظيم والبرد الشّديد والأمطار، وهلك الدواب والناس في الطرق واستهلّ جُمَادَى الأولى والنّاس فِي حالةٍ اللَّهُ بها عليم، فخرج يومئذٍ شيخنا ابن تيميّة إلى المَرْج، واجتمع بنائب السَّلْطَنَة وسكّنه وثبّته وأقام عنده يومين، ثُمَّ ساق على البريد إلى السّلطان فلم يُدركه وفات الأمر، فساق إلى القاهرة فدخلها يوم دخول الجيش.
ويوم سابع جُمَادَى الأولى قَدِمَ بكتَمُر السّلحدار فِي ألف فارس وتيقّن النّاس رجعة المصريّين إلى بلادهم، واستمروا في الكري والسفر وانجفل من البلد أُمم عظيمة.
ويوم التاسع من الشهر أصبح النّاس فِي خوفٍ مفرط وذلك أنّ والي البلد ابن النّحّاس جفّل النّاس بنفسه، وصار يمرّ على التّجّار فِي الأسواق ويقول: أيش قعودكم؟ ومن قدر على السّفر فليبادر، ثُمَّ نودي فِي البلد بذلك الظُّهر فصاح النّساء والأولاد وغُلِّقت الأسواق وبقي النّاس فِي كآبةٍ وخَمْدَة وقالوا: عسكر المسلمين قد فرط فيه، الأمراء المصريون قد رجعوا وعسكر الشَّام لا يقوم بملتقى قازان لو ثبتوا، كيف وهم عازمون على الهرب؟ والنّائب الأفرم من عزمه الملتقى لو ثبت معه الجيش، أما إذا خذلوه واندفعوا بين يدي العدوّ فما حيلته وتحدّث النّاس أنّ قازان يركب من حلب إلينا فِي عاشر جُمَادَى الأولى، ودخل القلعة فِي هذا اليوم خلق كثير بأقواتهم وأموالهم حتى ضاقت بالخلق وانرصت حَتَّى رَضِيَ كثير من النّاس بأن يصحّ لهم مكانٌ لجلوسهم لا يمكنهم فِيه النّوم، وحاروا فِي أمرهم وبَوْلهم، ثُمَّ نودي فِي عاشر الشهر: مَنْ قَصْدُه الجهاد فليقعُدْ ويتهيّأ له ومن هو عاجز فلينج بنفسه. [ص:719]
ثُمَّ خرج من القلعة خلْقٌ ممّا حلّ بهم من الضَّنْك والويل وهجّوا إلى مصر والقلاع، وسافر من تبقى بالبلد من الكبار الَّذِينَ جلسوا جرائد، فسافر قاضي القضاة ابن جماعة والقاضي نجم الدين ابن صصرى والقاضي شمس الدين ابن الحريري وشرف الدين ابن القلانسي ووجيه الدين ابن المنجى واستناب ابن جماعة فِي القضاء والخطابة التّاج الجعبري والبرهان الإسكندراني.
وطلع إلى المَرْج الشَّيْخ زين الدِّين الفارقيّ والشيخ إِبْرَاهِيم الرّقّيّ والشيخ مُحَمَّد بْن قوام والشيخ شرف الدين ابن تيمية وابن جبارة وطائفة وحرّضوا الأفرم على الثَّبات وشكوا إليه ما نزل بالناس وما هم من الجلاء، فتألَّم لذلك ووعد بخير، ثُمَّ قصدوا الأمير مُهنّا وساقوا وراءه فِي البّريّة مسيرة يومين عن البلد، فاجتمعوا به وقوّوا عزمه على الرجوع وملتقى العدوّ مع الأفرم، فأجابهم ونالهم فِي البرية خوْف وخرج عليهم حرامية العرب وشهروا عليهم السلاح وسلّمهم اللَّه، ثُمَّ قَدِمَ الأمير عزَّ الدِّين الحَمَويّ بجماعته من صرخد.
وفي سابع عشره وقع يزك الحمويين على غيارة التَّتَار فنصرهم اللَّه وقُتِل من التَّتَار نحو المائة وقيل أكثر من مائتين وأسروا من التتار بضعة عشر نفسًا، ووقعت بطاقة بذَلِكَ وبأنّ الطاغية قازان ردّ من حلب وأنّه عدّى الفُرات إلى أرضه فِي حادي عَشْر الشهر، وطلب متولّي حماة نجدة ومددًا ففرح النّاس وبلعوا ريقهم والتجأوا إلى الله في كشف ضرهم، ثُمَّ وصل البريد في تاسع عَشْر وأخبر بتحقق ذَلِكَ وأنّ التَّتَار المتخلّفين فِي بلاد حلب خَلْقٌ كثير لكنّهم في نهاية الضّعف والبرد والثلوج، وغلا اللّحم فِي هذه الجمعة بدمشق حَتَّى بلغ الرطْل تسعة دراهم وحتى أبيع رأسان بخمسمائة درهم ونزلت الغلّة بسبب الجفل إلى مائة درهم.
واستهلّ شُباط والأمطار فِي غاية الكَثْرة.
وفي الخامس والعشرين من جُمَادَى الأولى وصل كتاب ابن تيميّة بأنّه دخل القاهرة فِي سبعة أيّام واجتمع بأركان الدّولة وحصل بتحريضه وترغيبه وترهيبه خير وتحرّكت هِمم الأمراء، واعتذروا ونودي فِي القاهرة بالغزاة، [ص:720]
وقوي العزم، وأنّه نزل بالقلعة، ثُمَّ وصل إلينا يوم السّابع والعشرين من جُمَادَى الأولى، ثُمَّ خرج النّاس من القلعة ووقعت الطّمأنينة والحمد لله وبَطَّل النّاس القُنُوت فِي ثالث جمادى الآخرة. ومشت الأحوال.
ثُمَّ فِي ثالث عشرة دخل الأفرم من المرج بعد أن أقام به أربعة أشهر ودخل معه بكتَمُر السّلحدار وعزّ الدِّين الحَمَويّ وبهاء الدِّين يعقوبا، وشرعَ الجفال يجيئون من الصبيبة والحصون، هذا والتتار نازلون بناحية دربساك وبغراس ينتقلون في المراعي ويعيثون ولا لهم من يمنعهم ولا من يطردهم، وما جاوزوا الفرات إلى ثاني رجب.
وفي حادي عَشْر رجب دخل الأمراء المجرَّدون بحمص واستيقن النّاس خروج التَّتَار من الشَّام وسلم الله.
وفي شعبان قرئِت الشروط على أهل الذّمّة بحضور الأفرم والقضاة، وحصل اتّفاق على عزلهم من الولايات ومنعهم من ركوب الخيل ومن العَذَبات، ثُمَّ أُلزِموا بلبْس الأصفر والأزرق من العمائم، فبادروا إلى ذَلِكَ، واستمرّ هذا من حينئذ.
وفي رمضان دخل سيف الدِّين أقجبا المَنْصُورِيّ القلعة وجعل شريكًا لأرجواش.
وفي ذي القعدة وُلّي قضاء الحنفية جلال الدين الرومي موضع ابن الحريري ولاه النّائب والوزير الأمير شمس الدِّين الأعسر، وكان قد قَدِمَ ثُمَّ توجّه إلى البلاد الشمالية يكشفها ورجع بعد شهر.
وقدِم رسول الملك قازان فجُهِّز إلى الديّار المصرية والله يجمع كلمة الإسلام فِي خير وعافية.
وهذا آخر ما قضى اللَّه لي تأليفه من كتاب تاريخ الإِسْلَام والحمد لله عَلَى الإتمام والصلاة عَلَى نبينا مُحَمَّد وآله والسلام.
فرغت مِنْهُ فِي جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وسبعمائة، قاله مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان.(15/717)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(15/721)
-المتوفون سنة إحدى وتسعين وستمائة(15/721)
1 - أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أبي البركات مُحَمَّد بن الحسن بن عبد الله ابن الجبّاب، السَّعْديّ. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن مظفّر الفوّيّ ومات بالإسكندريّة.(15/721)
2 - أَحْمَد بْن سَعْد بْن سُلَيْمَان، العَدْل، تقي الدين ابن البوُريّ، البغداديّ، التّاجر. [المتوفى: 691 هـ]
وُلِدَ سنة خمسٍ وثلاثين وستّمائة وقدِم دمشق تاجرًا، فحدَّث عن: أبي مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن أبي السعادات القزاز وعلي بن أحمد النّيليّ المؤدِّب، سمع منه: أبو مُحَمَّد البِرْزاليّ وجماعة ومات فِي شوّال.(15/721)
3 - أَحْمَد الصّاحب تاج الدِّين ابن المولى شرف الدِّين سَعِيد بْن شمس الدِّين مُحَمَّد ابن الأثير، الحلبيّ، الموقّع، [المتوفى: 691 هـ]
كاتب السّرْ.
تُوُفّي بغزّة ذاهبًا إلى القاهرة فِي شوّال وكان كبير القدر، رفيع الذَّكْر وزير السّرِّ، عديم الشرِّ وبيت ابن الأثير هَؤُلَاءِ غير بيت ابن الأثير الَّذِينَ بالمَوْصل.
تُوُفّي إلى رحمة اللَّه فِي تاسع عَشْر الشهر، ولي كتابة السّرّ بعد فتح الدِّين ابن عَبْد الظّاهر شهرًا ولحقه، ثُمَّ ولي بعده ولده عماد الدِّين إِسْمَاعِيل وطُلب القاضي شرف الدين عبد الوهاب ابن فضل الله وأشرك بينهما، ثم استقل ابن فضل اللَّه بمفرده، وصُرِف عماد الدِّين إلى التوقيع.(15/721)
4 - أحمد بن سليمان بن أحمد ابن الرحبيّ، البطائحيّ، أبو الْعَبَّاس، [المتوفى: 691 هـ]
شيخ الأحمديّة بالقاهرة. [ص:722]
تُوُفّي فِي ذي الحجّة وقد رُوِيَ عَنْ سِبْط السِّلَفيّ، وقدِم دمشق فِي دَسْت الإكرام والمشيخة وكان قد ربط الملك الأشرف وراج عليه.(15/721)
5 - أَحْمَد ابْن الجمال مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن يمن، العرضي، العدل، شمس الدِّين [المتوفى: 691 هـ]
سِبْط القاضي صدر الدِّين ابن سَنِيّ الدّولة.
له سماع من الرشيد بْن مَسْلَمَة ولي خطابة المِزّة مدّة وشهد تحت السّاعات.
تُوُفّي بوادي فحمة فِي شعبان.(15/722)
6 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يونس بْن يُوسُف، المَقْدِسيّ، الصالحي، الحدّاد، [المتوفى: 691 هـ]
ابن أخت المجاهد.
حضر على ابن الزَّبِيديّ، وسمع من جَعْفَر وابن اللَّتّيّ وتُوُفيّ فِي سلخ السَّنَة.(15/722)
7 - أَحْمَد بْن يحيى بْن عليّ، العَدْل، شهاب الدِّين الحضْرميّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 691 هـ]
تُوُفّي فِي سلْخ المُحَرَّم، وقد روى عن الرشيد ابن مَسْلَمَة، وتُوُفيّ أخوه الزّين يحيى فِي ربيع الأوّل وكان يروى أيضًا عن ابن مَسْلَمَة.(15/722)
8 - أَحْمَد بْن أبي بَكْر بْن مكّيّ بْن عبد الصمد، العَدْل شهابُ الدِّين ابن المرحّل الشّافعيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 691 هـ]
تُوُفّي يوم عيد الفطر بدمشق، وكان يشهد تحت السّاعات. وهو والد الفقيه بهاء الدِّين.(15/722)
9 - أَحْمَد بْن يُوسُف بْن يَعْقُوب بْن عليّ، الأستاذ، أبو جَعْفَر الفِهْريّ، اللَّبِليّ، [المتوفى: 691 هـ]
أحد المشاهير بالمغرب.
وُلِدَ بلَبَلَة من الأندلس عام ثلاثة عَشْر وستّمائة وأخذ بإشبيلية عن: أبي عليّ الشلوبين وأبي الحسن ابن الدّبّاج وبلبَلة عن: يحيى بْن عَبْد الكريم [ص:723]
الفندلاوي وببجاية عن: أبي الحسين ابن السّرّاج، وبتونس عن: أَحْمَد بْن عليّ البلاطيّ، وبالإسكندريّة عن: السِّبْط والمُرْسيّ وبمصر عن: مُحَمَّد بْن لبّ بْن خيْرة والزّكي المنذريّ وابن عبد السلام وبدمشق عن: الشرف الإربليّ وعن: الخُسْروشاهيّ المتكلمّ ومن تواليفه: كتاب " شرح الفصيح " وكتاب " مستقبلات الأفعال " وجمع مشيخته، وله عقيدة صغيرة.
قال أبو عَبْد اللَّه الوادياشيّ: أخذت عَنْهُ سَمَاعًا وإجازةً وانتفعت به، مات فِي غُرّة المُحَرَّم بتونس ودُفِن بداره.(15/722)
10 - إِبْرَاهِيم بْن إياز، النّظاميّ، الحَلَبِيّ. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن يوسف بن خليل، ومات بمصر في جُمَادَى الآخرة.(15/723)
11 - إِبْرَاهِيم بْن برّاق بْن طاهر، الشرف الصّالحيّ. [المتوفى: 691 هـ]
حدُّث عَنْ: ابن اللَّتّيّ وجعفر، ومات في المحرم، وحدَّث بالحجاز وبظاهر عكّا، وكان يشهد.(15/723)
12 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المنعم ابن أمين الدّولة، العَدْل، كمال الدِّين، أبو إسحاق الحَلَبِيّ. [المتوفى: 691 هـ]
رحل مع الحلبيّين إلى بغداد وسمع من أبي إسحاق الكاشْغَريّ وابن الخازن وموهوب ابن الجواليقيّ.
وحدَّث بمصر وبها تُوُفّي فِي السّادس والعشرين من المُحَرَّم بالمارستان المَنْصُورِيّ.
وكان له فضيلة، درّس بالحلاويّة بحلب، حمل عَنْهُ سَعْد الدِّين الحارثيّ وابن سامة وطائفة.(15/723)
13 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، الشَّيْخ العابد، زكيُّ الدِّين ابن المَعَريّ، البَعْلَبَكيّ. [المتوفى: 691 هـ]
وُلِدَ سنة تسعٍ وستمائة، وسمع حضورًا من الشيخ الموفق.
حدث عنه محيي الدين ابن اليونيني والبرزالي.
قرأتُ ترجمته بخطّ شيخنا أمين الدِّين مُحَمَّد بْن خولان: زكيّ الدِّين أبو إسحاق من أعيان العدول والعلماء العاملين، صحب الفقيه اليُونيْني وقرأ عليه [ص:724]
" المقنع "، وصحب الشيخ محمد ابن الشَّيْخ عَبْد اللَّه اليُونيْني والشيخ عثمان.
وسمع الكثير على الشَّيْخ البهاء، وابن رواحة، ولم يتزوَّج قَطّ ولا اشتغل بشيءٍ من المكاسب، وكان قَنُوعًا، يقوم اللّيل ويصوم كثيرًا، وغالب أيّامه يقرأ نصف ختمة، صحبْتُه قريبًا من عَشْر سِنين، كِلانا فِي بيتٍ واحد ولم أعلم أنّه قرأ فِي يومٍ أقلّ من سُبْعي خَتْمة سوى التّسبيح والأذكار.
وما رأيته نام على جنْبه الأيسر قَطّ وقال فِي مرضه الذي مات فيه: قد عملت كَمَا قال اللَّه سبحانه {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا استطعتم}، وقد اتقيت الله ما استطعت وما أعلم أنّي فعلت كبيرةً قَطّ.
ومات بالإسهال فِي سابع شوّال، رحمه اللَّه تعالى.(15/723)
14 - إبراهيم ابن مجد الدِّين أَبِي الفتح نصر اللَّه بْن أَحْمَد بْن رسلان، ابن البَعْلَبَكيّ برهان الدِّين. [المتوفى: 691 هـ]
مات بصفد، روى عن ابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ وابن المقيّر.(15/724)
15 - إدريس بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز، الشريف، أبو الفضل الحسني، الإدريسيّ. [المتوفى: 691 هـ]
مات فِي أول المُحَرَّم بالقاهرة وهو أخو شيخنا جعفر.
سمع وروى عن ابن باقا وكان يمدّ فِي الذهب بالقاهرة.(15/724)
16 - أسماء بِنْت أبي بَكْر بْن يونس، الدمشقية، [المتوفى: 691 هـ]
عمة شيخنا أبي علي ابن الخلال.
رَوَتْ عَنْ: ابن اللَّتّيّ وجعفر الهمْدانيّ،
سَمِعَ مِنْهَا: المزي وابن تيمية والبرزالي وجماعة.
وتوفيت في سابع المحرم.(15/724)
17 - إسماعيل بن إلياس بن أحمد، مجد الدين التنوخي، الذهبي. [المتوفى: 691 هـ]
رجل صالح، انقطع في بستانه بقصر اللباد مدة، وما رأيته قط وذهبت مع أبي غير مرة يعوده وأقف بالدابة.
حدث عن: ابن المقيّر وابن باسويه وسالم بْن صَصْرَى، سمع منه: [ص:725]
الشَّيْخ عليّ المَوْصِليّ والبِرزاليّ والجماعة، ومات فِي شوّال ببستانه.(15/724)
18 - إِسْمَاعِيل ابْن شيخنا بهاء الدِّين محمد بن يوسف ابن البرزاليّ، أبو طاهر الشّافعيّ. [المتوفى: 691 هـ]
شابٌّ، فاضل، ديّن وُلِدَ سنة إحدى وسبعين وحفظ القرآن، وسمع من أَحْمَد بْن أبي الخير والقاسم الإربليّ والشيخ شمس الدِّين ابن أبي عُمَر وطائفة مع أخيه الحافظ عَلَم الدِّين وأسمعه الكُتُب الستة و" المسند " كله و" دلائل النُّبُوّة " للبَيْهَقِيّ وحفظ أكثر " التّنبيه ".
ومرض بالسّلّ ستّة أشهر وحصل له فِي المرض إقبال على الطّاعة وملازمة للفرائض، حَتَّى كان يُصّلى إيماءً، وقال له والده قبل موته بيوم: أيش تريد؟ قال: أشتهي أنّ يغفر اللَّه لي، وأن تقرأ وتهدي إليَّ، فكان أَبُوهُ يقرأ كلّ يومٍ سُبْعًا ويهديه إليه إلى أنّ مات أَبُوهُ.
ولمّا احتضر كان يقرأ معهم بمشقة سورة يس، ثُمَّ قال لوالده: السّاعة أموت فأحضروا المغسّل، فقال له أَبُوهُ: إنّه لا يحضر معنا إلا بعد الموت فقال: أَنَا والله ميّتٌ فِي هذه الساعة فأسرعوا، ثُمَّ أُذِّنت العصر فأجاب المؤذِّن وقال: إنّي والله أحبّ لقاء الله وأنا أروح إلى دار السّعادة، وكرّرها، ثُمَّ قال: هذه دار الشّقاء تُتِعب وتقتل، ثُمَّ غمّض عينيه ومات فِي ذي الحجة.(15/725)
19 - الفقيه بكران، خطيب زَمْلَكا. [المتوفى: 691 هـ]
تُوُفّي بالقرية المذكورة في العشرين من المحرم.(15/725)
20 - جرمك النّاصريّ، [المتوفى: 691 هـ]
من كبار الأمراء.
مات فِي هذه السَّنَة.(15/725)
21 - جَعْفَر بْن القَاسِم بْن جَعْفَر بْن علي بْن جَيْش، الشَّيْخ رضيّ الدِّين، أبو الفضل الرَّبَعيّ، الحرّانيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ المقرئ المجوّد، الكاتب المعروف بابن دَبوقا. [المتوفى: 691 هـ]
وُلِدَ فِي حدود العشرين وستّمائة، وقرأ القراءات على السَّخاويّ، وتعانى الكتابة والخدم، ثُمَّ أضرّ فِي آخر عُمُره وانقطع إلى الإقراء والإمامة [ص:726]
بمسجده الذي برأس الخواصين، وكان حلقة إقرائه عند المكان المعروف بقبر هود من الجامع.
وكان شيخًا حَسَنًا، طويلًا، مليح الأخلاق، مُوَطَّأ الأكناف، فصيح التّلاوة، له عبادة ومعرفة متوسّطة بالقراءات، وله مشاركة فِي العِلم والأدب، لكن حدثني شمس الدين الرقي عنه أنه كان يدخل في السيمياء والسحر، قرأ عليه البرهان ابن الكحّال وغيره، وقرأ عليه ببعض الروايات صاحبنا بدر الدين ابن بصخان النَّحْويّ، وروى الحديث عن: السَّخاويّ وغيره، سمع منه: البِرزاليّ وقرأ عليه القرآن أيضًا، وكنت فِي أيّامه أقرأ للسُّوسيّ، على الشَّيْخ مُحَمَّد الضّرير.
تُوُفّي فِي السادس والعشرين من رجب.(15/725)
22 - جلال الدِّين الخبّازي واسمه عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عمر أبو مُحَمَّد الخُجَنْديّ، الماوراء نَهْريّ، الحَنَفِيّ. [المتوفى: 691 هـ]
أنبأني الفَرَضيّ أنّه كان فقيهًا، زاهدًا، عابدًا، متنسّكًا، عارفًا بالمذهب صنَّف فِي الفقه والأصلين، ودرّس بالعزّيّة التي على الشرف بدمشق، ثُمَّ حجّ وجاور سنة، ثُمَّ ردَّ إلى دمشق ودرّس بالخاتونيّة التي على الشرف القِبليّ إلى أنّ تُوُفّي لخمسٍ بقين من ذي الحجّة، ودُفِن بمقابر الصُّوفيّة عن اثنتين وستّين سنة.
قلت: درس بخُوارزم وأعاد بالنّظامية ببغداد، مولده بحلب يوم الجمعة الثاني من رجب سنة أربع عشرة وستمائة.(15/726)
23 - حاتم بْن الْحُسَيْن بْن مرتضى بْن أبي الجود حاتم، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 691 هـ]
تُوُفّي بمصر فِي ربيع الآخر وحدث عن جده، سمع منه الفرضي وكناه أبا الجود.(15/726)
24 - حرمية بِنْت تمام بْن إِسْمَاعِيل بْن تمام، أم مُحَمَّد السُّلَميّة، الدّمشقيّة. [المتوفى: 691 هـ][ص:727]
امْرَأَة صالحة عابدة، ذات أوراد وخير وُلِدت فِي حدود الستَمائة وعُمِّرت دهرًا، وروت بالإجازة عن: عين الشمس الثقفية وجماعة، سمع منها: البرزاليّ وابن سيّد النّاس والشيخ كمال الدِّين ابن الزَّمْلِكانيّ وجماعة.
تُوُفيّت في شوال.(15/726)
25 - دَاوُد بْن مَسْعُود بْن أبي الفضل، الأجلّ، سيف الدين ابن التنبي. [المتوفى: 691 هـ]
تُوُفّي فِي صَفَر، وكان يجلس عند شبّاك الكاملية، روى عن ابن اللَّتّيّ.
وكان رجلًا عاقلًا من أولاد الناس، توفي في عشر الثمانين.(15/727)
26 - سابق الدِّين الميْدانيّ. [المتوفى: 691 هـ]
من كبار أمراء دمشق وكان شيخًا تركيًّا قد شاخ وابيضّت لحيته وهو معروف بالشجاعة والفُروسيّة.
تُوُفّي فِي شوّال وكان عَلَمه أبيض وداره بقرب حمام كُرْجي.(15/727)
27 - سَعْد اللَّه بْن مروان بْن عَبْد اللَّه بن فير، الصّدر، الأديب، العلامة، سَعْد الدِّين الفارقيّ، الكاتب. [المتوفى: 691 هـ]
كان مُنشئًا، بليغًا وشاعرًا محسِنًا، وكان عدلًا من كبار الموقعين بالديار المصرية، سمع مع أخيه الشَّيْخ زين الدِّين من كريمة وابن رواحة وابن خليل وجماعة، وحدَّث بمصر ودمشق، وبها تُوُفّي فِي منتصف رمضان ودُفِن بسفح قاسيون رحمه اللَّه، مات فِي الكهولة.(15/727)
28 - سُلَيْمَان بْن ثابت بْن منيع، الفقير. [المتوفى: 691 هـ]
حدث عن ابن رواج ومات بمصر.(15/727)
29 - سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن حمزة، الشَّيْخ بهاء الدِّين أبو المجد البَهْرانيّ، الحَمَويّ، [المتوفى: 691 هـ]
سِبْط عليّ بْن الحَبَقْبَق الدّمشقيّ. [ص:728]
سمع من زين الأمَناء وابن غسّان والنّاصح ابن الحنبلي والفخر ابْن الشَّيْرجيّ وكريمة بِنْت الحَبْقَبق وأختها صفيّة، أخذ عَنْهُ المِزّيّ والبِرْزاليّ والجماعة ومات فِي أوائل شعبان.(15/727)
30 - سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد الفقير، الحريريّ، المغربل، المعروف بالغثّ. [المتوفى: 691 هـ]
من مشاهير الفقراء المداخلين للأمراء، وكان يَصْحب الشُّجاعيّ وله صورة وفيه مردكة وقلة خير.
توفي في رمضان بدمشق وصُلّي عليه بدمشق عقيب الجمعة، ولعلّه رُحِم بذلك، مات فِي الكهولة، رَأَيْته وكان مليح الشَّكل.(15/728)
31 - سُنْقُر الأشقر، الأمير الكبير، الملك الكامل، شمس الدِّين الصّالحيّ، [المتوفى: 691 هـ]
من أعيان البحريّة.
حبسه الملك النّاصر بحلب أو غيرها، فَلَمّا استولى هولاكو على الشَّام وجده محبوسًا فأخرجه وأنعم عليه وأخذه معه، فبقيَ عند التَّتَار مُكَرَّمًا وتأهَّل وجاءته الأولاد، ثُمَّ حرص الملك الظاهر خُشْداشه على خلاصه، فوقع ابن صاحب سيس فِي أسره، فاشترط على والده أنّ يسعى فِي خلاص سُنْقُر الأشقر، وجرت فصول قد ذكرناها ويسّر اللَّه وخُلّص وقدِم، فأكرمه الملك الظاهر وسُرّ بقدومه وأعطاه مائة فارس، ثُمَّ وُلّي نيابة دمشق سنة ثمانٍ وسبعين، ثُمَّ تسلطن بدمشق فِي آخر السَّنَة، وجرت له أمور ذكرنا أكثرها فِي الحوادث وآخر أمرة أنّ الملك الأشرف صلاح الدِّين فِي آخر العام خنقه.
رَأَيْته شيخًا أشقر، كبير اللحيّة، ضخمًا، سمينًا، على عينيه شعريّة من الرمد وكان بطلًا شجاعًا كريمًا محببًا إلى الرعية، قليل الأذيّة، خلّف عدة أولاد وبعضهم أمراء، وله ابن فِي التَّتَار من مقدَّميهم، وأمّا رَنْكُه فجاخ أسود بين أبيضين، ثُمَّ فوقه وتحته أحمر، وكان يكتب عامته " سنقر الأشقر " ومات يوم مات وقد قارب السّبعين أو جاوزها.
وكان مُصافيًا للظاهر وهما أجناد وبينهما ودّ، ثُمَّ كان نظيرًا للظاهر فِي أيّام المعزّ، ولمّا تملّك الظاهر تذكّر صُحبته له واشتاق إليه وبلغه بقاؤه مع التَّتَار فحرِص على خلاصه كَمَا ذكرنا.
ذكر ذَلِكَ ابن عَبْد الظاهر، فمن جملته أنّ السّلطان من جملة [ص:729]
ما خاطب الأمراء: يا أمراء لو وقعت في الأسر ما كنتم تفعلون؟ فقبلوا الأرض وكان ولد صاحب سيس الَّذِي فِي الأسر عزيزًا عند أبيه، فَلَمّا أراد السّلطان أنّ يبعثه بالغ فِي إكرامه وأعطاه من الآلات والنّفائس جملة وحلفه له، فَلَمّا وصل إلى أبيه طار عقل أبيه فرحًا به، ونزل له عن سلطنة الأرمن وانعزل وبعث يقول للظاهر: قد نزلت عن المُلْك لعتيقك ولدي، ولمّا قرُب وصول سُنْقُر الأشقر خرج الظاهر يتلقّاه سرًّا وما شعر الأمراء به إلا وقد خرجا معًا من المخيّم، ثُمَّ أعطاه من الأموال والعُدد والخيل والغلمان ما أصبح به من أكبر الدّولة، حَتَّى كأنّه أصيل فِي الإمرة، ثُمَّ بادر الأمراء بالتّقادم إليه، وبقي السّلطان عدّة أيّام يسيّر إليه كلّ يوم خِلعة بكَلُوتَة زركش وكلابْند ذَهَب وحياصة وفَرَس وبألف دينار، حَتَّى تعجّب النّاس، وأقطعه مائة فارس وعمل نيابة دمشق ثم تسلطن بها ولم يُطْل ذَلِكَ، ثُمَّ استولى على صهيون وشَيْزَر وبلاطُنُس وبُرزِية، ثُمَّ أخُذِت منه شَيْزر وعُوِّض بأنطاكية، والتزم بإقامة ستّمائة فارس.(15/728)
32 - شَرَفُ الدِّين ابن خطير الروميّ الأمير، [المتوفى: 691 هـ]
من أمراء دمشق فِي الدّولة المنصورية.
وكان شابًّا مليح الشكل، فِيهِ لِعبٌ وانبساط، فَلَمّا تملّك الأشرف وحاصر عكّا رآه وخفّ على قلبه وصار من نُدمائه، فأخذه معه إلى مصر ومات شهيدًا على قلعة الرّوم قبل أنّ يتكهّل، وخلّف ابنين أحدهما من حجّاب دمشق.(15/729)
33 - طقصو [المتوفى: 691 هـ]
من كبار الأمراء المصريّين.
وكان يُذكر فيمن يصلُح للسّلطنة وهو حَمُو السّلطان حسام الدِّين لاجين، قتله السّلطان الملك الأشرف بمصر، فقيل: خنقه لأمر اتّهمه به، وكان من أبناء ستّين سنة أو نحوها، فِيهِ شجاعة وخبرة بالأمور وسؤدد.(15/729)
34 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي بَكْر، الشَّيْخ الإِمَام مجدُ الدِّين أبو مُحَمَّد الطَّبَريّ، الْمَكِّيّ، الشّافعيّ، المحدّث، المفتي. [المتوفى: 691 هـ]
وُلِدَ بمكة سنة تسعٍ وعشرين وستّمائة، وسمع من ابن المقيّر وابن الجمّيزي وشعيب الزَّعْفَرَانِيّ وجماعة، وقدم دمشق فلحق بها الرشيد ابن مسلمة ومكي بن علان فسمع منهما، وسمع بمصر من سبط السلفي، وعني [ص:730]
بالحديث وكتب الأجزاء، وبرع فِي الفقه ودرّس وأفتى ووُلّي الإمامة بمكة، ثُمَّ بمسجد النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَدِمَ فِي أواخر أيّامه بيتَ المقدس وأمَّ بالصّخرة، فجمع اللَّه الإمامة له فِي المساجد الثلاثة التي لا تُشدُ الرحال إلا إليها، وأفتى بالأماكن المذكورة وكان حَسَن السِّمْت، كثير التّلاوة والتّعبُّد.
كتب عَنْهُ أبو الحسن ابن العَطَّار والبِرْزاليّ والجماعة، وكتب إليَّ بمَرْوياته فِي سنة ثلاثٍ وسبعين وتُوُفيّ بالقدس فِي ثامن عَشْر شوّال.(15/729)
35 - عَبْد الحكم بْن مظفَّر بْن رشيق الرَّبَعيّ المالكيّ، جلال الدِّين. [المتوفى: 691 هـ]
وُلِدَ سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر، وله إجازة من بغداد فِي سنة ثلاث وعشرين وستّمائة.
مات فِي جُمَادَى الأولى، وقد أجاز للبِرْزاليّ.(15/730)
36 - عَبْد الرَّحْمَن بْن سُلَيم بن منصور بن فتوح بن يخلف بن شذرات، الشيخ علم الدين أبو القاسم ابن العماديّة، [المتوفى: 691 هـ]
أخو الوجيه الحافظ.
وُلِد سنة أربع عشرة وستّمائة، وسمع من ابن عماد " الخلَعيّات " وكان فقيهًا عدلا.
تُوُفّي بالإسكندريّة فِي رمضان.(15/730)
37 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد النّصير بْن عَبْد الوهاب بن سالم، شرف الدين، الجذامي، الإسكندراني، المؤدب، المعروف بالقارئ. [المتوفى: 691 هـ]
رَجُل صالح، فاضل. وُلِدَ سنة ثلاث عشرة وستّمائة، وسمع: مُحَمَّد بْن عماد وابن عِيسَى. وتُوُفيّ فِي جُمَادَى الأولى، سمع منه: البِرْزاليّ وابن سيّد النّاس.(15/730)
38 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مَنْصُور، شهاب الدِّين القصّاع. [المتوفى: 691 هـ]
عدل، دمشقي، سمع من ابن الزَّبِيديّ وابن صبّاح ومات فِي صَفَر وكان يبيع القِصَع.(15/730)
39 - عبد الرحمن بن محمد بن ثامر بْن هرثمة الرصافيّ. [المتوفى: 691 هـ]
أجاز له ابن الزَّبِيديّ وجماعة، مات فِي جُمَادَى الأولى.(15/731)
40 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محفوظ بْن هلال، العَدْل، الصّالح، الخيّر، سيف الدِّين الرَّسْعَنيّ. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن الفخر ابن تيميّة والموفَّق الطّالبانيّ والمجد القزوينيّ وعبد العزيز بْن هلالة وجماعة، وأجاز له عليّ بْن مُحَمَّد المَوْصِليّ، وعبد العزيز بْن منينا، سمع منه: المِزّيّ وابن سيّد النّاس والبِرْزاليّ وعلاء الدِّين المَقْدِسيّ وطائفة، وكان جارنا بدرب الأكفانيّين، رحمه اللَّه.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم.(15/731)
41 - عَبْد الغفّار بن عبد اللطيف ابن زين الأُمناء الْحَسَن، فخر الدِّين أبو مُحَمَّد ابن عساكر. [المتوفى: 691 هـ]
سمع من المُرسي وجماعة، وأجاز له ابن المقيّر وحدَّث. ومات فِي ثامن ربيع الآخر.(15/731)
42 - عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن مَسْعُود، كمال الدين النجمي، البواب. [المتوفى: 691 هـ]
سمع: ابن القطيعي وابن الخير، عنده " البخاري " بفوت، مات فِي جُمَادَى الأولى، وسمع أيضًا من الداهري.(15/731)
43 - عَبْد المنعم بْن عَبْد اللّطيف بْن عَبْد المنعم بْن عليّ، نجمُ الدِّين أبو مُحَمَّد ابن النجيب ابن الصَّيْقَل الحرّانيّ العَدْل، [المتوفى: 691 هـ]
نزيل الإسكندريّة.
وُلِدَ بحرّان سنة ثمان وستمائة، وسمع من الفخر ابن تيمية والموفق ابن قُدامة والمجد القزوينيّ وابن عماد الحرّانيّ والفخر الفارسيّ، وطبقتهم وكان رئيسًا تاجرًا، ديِّنًا، خيّرًا، سمع منه الطُلبة، وتفرّد بأجزاء وتُوُفيّ بالإسكندرية في الثالث والعشرين من شعبان.(15/731)
44 - عَبْد الوهّاب بْن البدر بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عليّ بْن القَاسِم ابن الحافظ ابْن عساكر، تاج الدِّين، [المتوفى: 691 هـ]
رفيقنا فِي المكتب. [ص:732]
شابٌّ مليح الصورة، كثير الحياء، سمع من الفخر ابن البخاري وغيره ومات في ذي القعدة.(15/731)
45 - عثمان بْن خضِر بْن غزّي بْن عامر، أبو عَمْرو الأَنْصَارِيّ، الْمَصْرِيّ، المؤدِّب. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن مُكَرَّم وابن باقا، ومات فِي جُمَادَى الآخرة فِي عَشْر الثّمانين.(15/732)
46 - عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن علاق بْن طعّان - ضبطه الفَرَضيّ مُشَدَّدًا - أبو عَمْرو المُدلجيّ، النَّحْويّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 691 هـ]
وُلِدَ بعد العشرين وستمائة، وسمع من أبوي الحسن ابن المقير وابن الجميزي ومات فِي سادس شوّال.(15/732)
47 - عثمان بْن يُوسُف بْن أبي الفَرَج، أبو عَمْرو، شَرَفُ الدِّين التُّنوخيّ، [المتوفى: 691 هـ]
خطيب حَرَسْتا.
روى عَنْ ابن اللَّتّيّ، ومات فِي رجب عن بضعٍ وسبعين سنة.(15/732)
48 - علي بن أحمد بن يحيى ابن الشَّيْخ أبي الْحُسَيْن، الزَّاهد. [المتوفى: 691 هـ]
سمع: ابن اللَّتّيّ والهَمَدانِيّ.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.(15/732)
49 - عَلِيّ بْن الْحسَن بْن عليّ، الحرّاني، القلانسيّ. [المتوفى: 691 هـ]
شيخ صالح مُعَمَّر، قال ابن الخبّاز: كان من أولياء اللَّه الصّالحين، تُوُفّي يوم سلْخ السَّنَة. قال: ومولده بحران سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.(15/732)
50 - عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عليّ، الشَّيْخ معينُ الدِّين الْقُرَشِيّ، الزُّهْرِيّ، الصَّقَلّيّ، الإسكندرانيّ، الكاتب. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن أصحاب السِّلَفيّ ومات فِي شعبان بالثّغر، سمع منه: البِرْزاليّ والرحّالة، ووُلِد سنة اثنتي عشرة وستّمائة ومن شيوخه جَعْفَر الهمْدانيّ.(15/732)
51 - عليّ بْن عليّ بْن سَعِيد، شمس الدِّين العِجليّ، المخرّميّ، شيخ رباط الإبريّ. [المتوفى: 691 هـ]
ينوب في النظر في الوقوف ببغداد، مات فِي ذي القعدة وله ستّون سنة.(15/732)
52 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، أبو الْحَسَن الحَلَبِيّ، الميناويّ، الزَّجّاج. [المتوفى: 691 هـ]
شيخ فاضل، عدل من عدول مصر، وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّمائة بحلب، وسمع من أبي الْحَسَن بْن رُوزبة وغيره، ومات فِي رجب.
حدُّث عَنْهُ البِرْزاليّ.(15/733)
53 - عليّ بْن أبي بَكْر بْن أبي الفتح بْن محفوظ بْن الْحَسَن بْن صَصْرَى، الشَّيْخ علاءُ الدِّين، أبو الْحَسَن التّغلِبيّ، الدّمشقيّ، العَدْل، الضّرير. [المتوفى: 691 هـ]
من بيت تقدُّم وعدالة، روى " الصحيح " عن: عَبْد الجليل بْن مَنْدوَيْه وأحمد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ.
وسمع أيضًا من المجد القزوينيّ، سمع منه: ابن الخبّاز والمِزّيّ والبِرْزاليّ وابن سيّد النّاس وطائفة.
تُوُفّي فِي خامس شعبان، ودُفِن بسفح قاسيون، وكان من أبناء التّسعين، وداره عند باب توما، وبه ختم السّماع من ابن مندُوَيْه.(15/733)
• - عليّ بْن أبي القَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن، مَعِين الدِّين. [المتوفى: 691 هـ]
تقدم ذِكره.(15/733)
54 - عمرُ بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن يُوسُف خطيب بيت الآبار، الشَّيْخ خطيب بيت الآبار، نجيب الدين. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن عمومته وعن: الفخر الإرِبليّ وابن اللَّتّيّ، طلع إليه الطَّلبة غير مرة وسمعوا منه.
مات فِي جمادى الآخرة وقد كمّل إحدى وسبعين سنة.(15/733)
55 - عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الْعَزِيز بْن علي، أبو حفص ابن الصَّيْرَفيّ، الْقُرَشِيّ، المخزوميّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 691 هـ]
روى عَنْ مُكَرَّم وغيره ومات فِي ثامن عَشْر شعبان.(15/733)
56 - عمر بن علي، أبو الحسن ابن الكدوف، رشيد الدين الأزدي، الإسكندراني. [المتوفى: 691 هـ]
شيخ مبارك، روى عن أبي القاسم ابن الصَّفْراويّ، كتب عَنْهُ الفَرَضيّ وذكروه لي فلم ألْحقه.(15/734)
57 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن أَحْمَد بْن باقا، بهاءُ الدِّين. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن جَدّه ومات فِي سادس عَشْر رمضان.(15/734)
• - عُمَر بْن مُحَمَّد، هُوَ الجلال، [المتوفى: 691 هـ]
مرّ.(15/734)
58 - عُمَر بْن مكّيّ بْن عَبْد الصمد، الشَّيْخ الإِمَام، ذو الفنون، زينُ الدِّين ابن المرحّل الشّافعيّ [المتوفى: 691 هـ]
وكيل بيت المال بدمشق وخطيبها.
تفقَّه عَلَى الشّيْخ عزّ الدّين ابن عَبْد السّلام وغيره، وسمع من الزكي عَبْد العظيم وغيره وقرأ الكلام والأصول على شمس الدِّين الخُسْروشاهيّ وغيره ودرّس وأفتى، وكان من فُضلاء الوقت، وما أظنّه جاوز السّبعين وانتقل إلى اللَّه فِي ليلة السبت الثالث والعشرين من ربيع الأوّل ودُفِن بمقبرة باب الصّغير، تقدّم فِي الصّلاة عليه الشَّيْخ عزَّ الدِّين الفاروثي الَّذِي وُلّي الخطابة بعده، وكانت جنازته مشهودة ورأيته قد أجاب فِي " مسألة الاستواء " بالكفّ عن التّأويل والتّمسُّك بما جاء عن السلف، رحمه الله.(15/734)
59 - فَاطِمَة بِنْت أَحْمَد بْن يحيى ابْن الزَّاهد أبي الحسين المَقْدِسيّ. [المتوفى: 691 هـ]
سَمِعت من ابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ وتُوُفيَت فِي سلْخ رجب، وكانت ساذجة بلهاء، سمع منها غير واحد.(15/734)
60 - فَاطِمَة بِنْت محمد ابن البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم المَقْدِسيّ، أمّ مُحَمَّد. [المتوفى: 691 هـ]
امْرَأَة صالحة، عابدة، سخية، جليلة، من خيار نساء دير الصالحيين، وهي زوجة الكمال أحمد ابن الكمال وأمّ أولاده، سَمِعت من جَدّها وابن الزَّبِيديّ وسمعت حضورًا من الشمس العَطَّار، وتُوُفيَت فِي صَفَر وقد نيَّفَتْ على الثّمانين، سمع منها: الطلبة والرحالة.(15/734)
61 - قرارسلان، السّلطان الملك المظفَّر، فخر الدِّين ابن الملك السّعيد نجم الدِّين أبي الفتح إيل غازي بن أرتق بن غازي بن ألبي بْن تَمُرتاش، [المتوفى: 691 هـ]
صاحب ماردين وابن ملوكها.
ذكرنا والده فِي سنة ثمانٍ وخمسين، وبقي هذا فِي المُلْك ثلاثًا وثلاثين سنة ووُلّي بعده ابنه الملك السّعيد دَاوُد، ثُمَّ ابنه الآخر الملك المنصور نجم الدِّين غازي، فبقي إلى سنة اثنتي عشرة وستمائة.
فذكر الأمير شمس الدِّين ابن التّيتيّ وكان قد وَزَرَ للمظفّر وبعثه رسولًا إلى صاحب مصر السّلطان الملك المنصور فاعتقله، قال: تملّك المظفَّر بعد أَبِيهِ وحاصره التَّتَار، يعني السّعيد، تسعة أشهر ولم يِلنْ جانبُه لهم وقال: لو أقمت حَتَّى لا يبقى معي أحدٌ ما نزلت إليهم ولو دخلوا عليّ لَعَجَّلتُ بإهلاك نفسي، ثُمَّ مات فِي الحصار، فنزل ابنه المظفر إليهم وذكر خدمه المتقدّمة وأنّ أَبَاهُ هُوَ الَّذِي كان يمنعه من الدّخول فِي طاعتهم، فقبلوا ذَلِكَ منه، وأقرّه هولاكو على مملكة بلده.
قال الشَّيْخ قطب الدين: توفي في هذه السنة.(15/735)
62 - مُحَمَّد، شَرَفُ القُضاة، أبو الفتح ابن فخر القُضاة أبي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن الحسين ابن الجباب، التّميميّ، السَّعْديّ، الأغلبيّ، الْمَصْرِيّ، الكاتب. [المتوفى: 691 هـ]
خدم فِي الدّواوين والجهات وروى بالإجازة عن الكِنْديّ وابن الحرستاني، وسمع من عم أبيه أبي البركات عبد القوي بن الجباب وعلي بْن مختار، وكان عسِرًا على الطَّلَبة.
تُوُفّي سَامحه اللَّه فِي السّادس والعشرين من ذي الحجّة وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
سمع منه: البِرْزاليّ وابن سيّد النّاس والطَّلبة وحدَّث " بالسّيرة " عن أبي البركات.(15/735)
63 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الظّاهر بْن نَشْوان بْن عَبْد الظّاهر، المولى الصّاحب، فتح الدين ابن محيي الدين الجذامي الرَّوْحيّ، الْمَصْرِيّ، [المتوفى: 691 هـ]
رئيس ديوان الإنشاء ومؤتمن المملكة.
وُلِدَ بالقاهرة سنة ثمانٍ وثلاثين وستّمائة، وسمع من أبي الحسن ابن الجميزي وغيره، وحدَّث وبرع فِي الأدب والرسائل وساد فِي الدّولة المنصوريّة بفضائله وعقله ورأيه وهمّته العالية وتفنّنه فِي العلوم والفضائل، وأقام مُدةً كاتبَ السّرّ وصاحب الدّيوان، وكان السّلطان يعتمد عليه في الأمور الجليلة ويثق به لدينه وتصونه وعقله وسداده، والى ترسُّله ونظْمه المنتهى فِي الْحُسْن، ومن شِعره:
أيا عُود الأَرَاكِ ثملت سُكْرًا ... فهل خلفت بعدك من بقايا
وهل فضلت من ريقٍ يسيرٍ ... لرشْفي فالخبايا فِي الزوايا
فقال أصرت مثلي ذا ارتشافٍ ... أَنَا ابنُ جلا وطلاعُ الثّنايا
وله:
إنْ شئتَ تنظُرني وتُبصر حالتي ... قابلْ إذا هبّ النّسيمُ قَبُولًا
لتراه مثلي رِقةً ولطافةً ... ولأجل قلبك لا أقول عليلا
فهو الرسول إليك منّي ليتني ... كنت اتّخذت مع الرَّسُولِ سبيلا
وله:
ذو قوام يجور منه اعتدال ... كم طعين به من العُشّاق
سلب القصب لينها فهي غيظا ... واقعات تشكوه بالأوراق
تُوُفّي فِي منتصف رمضان بقلعة دمشق، ودُفِن بسفح قاسيون وفُجع به أَبُوهُ.(15/736)
64 - محمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز بْن عُمَر، العلامة، جمال الدِّين التِلمسانيّ، الزَّناتيّ، المالكيّ، النَّحْويّ، أبو عَبْد اللَّه، المعروف بابن حافي رأسه. [المتوفى: 691 هـ]
كان من أئمّة العربيّة بالثَّغر، وكان يحفظ " الإيضاح " لأبي عليّ الفارسيّ، [ص:737]
وكان يُقرئ بداره، وقد حدث عن ابن رَوَاج، وقرأ عليه ابن المنير شيئًا من النَّحو.
وُلِدَ بتلمسان سنة ستّ وستّمائة، ولم أظفر بوفاته فكتبته هنا على الظّنّ، فالله أعلم.(15/736)
65 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن غضبان، القاضي جلال الدِّين، أبو عَبْد اللَّه الكِنَانيّ، الْمَصْرِيّ، المعروف بابن نُعَيْر. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن مرتضى ابن العفيف ومات ببلبيس فِي صَفَر وله اثنان وثمانون عامًا، حدث عَنْهُ الحافظ قُطْب الدِّين.(15/737)
66 - مُحَمَّد بْن عَبْد الحَكَم بْن عَبْد المحسن، الفقيه، المفتي، أبو عبد الله المصري. [المتوفى: 691 هـ]
ولد سنة خمس عشرة وستمائة وحدَّث عن: ابن الْجُمّيْزيّ، ومات فِي ذي الحجَّة.(15/737)
67 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرحيم بن ملهم، الصدر، عماد الدين القرشي الدمشقي، الصّائغ، المُعَدَّل. [المتوفى: 691 هـ]
حضر أجزاء تفرّد بسماعها من ابن البن، وسمع من ابن صبّاح وابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ وجماعة، سمع منه: المِزّيّ والبِرْزاليّ وأبو الفتح اليعمري وطائفة وكان عديم الفضيلة.
تُوُفّي فِي تاسع عَشْر شعبان.(15/737)
68 - مُحَمَّد بْن عبد الرحيم بن عبد المنعم ابن الدّميريّ، صدر الدِّين، [المتوفى: 691 هـ]
إمام السّلطان ابن محيي الدِّين.
تُوُفّي بدمشق فِي رمضان، وروى عن ابن الْجُمّيْزيّ.(15/737)
69 - مُحَمَّد بْن عثمان بْن مكّيّ بْن عثمان بْن إِسْمَاعِيل، شَرَف الدِّين السَّعْديّ، المصري، الشارعي ابن الإمام جمال الدين أبي عمرو. [المتوفى: 691 هـ][ص:738]
كان مؤذّنًا بقُبة الشّافعيّ، وعمِّر دهرًا وُلِدَ سنة خمسٍ وستّمائة وأجاز له الحافظان أبو نزار ربيعة اليمنيّ وأبو الْحَسَن المَقْدِسيّ.
وسمع من عبد العزيز بْن باقا وغيره، سمع منه المصريّون والرّحّالة.
ومات فِي شوّال.(15/737)
70 - مُحَمَّد ابن الشرف أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفتوح، البكري، نجمُ الدِّين أبو بَكْر. [المتوفى: 691 هـ]
سمع الكثير وحدَّث عن ابن اللَّتّيّ بمصر، ولم يرو بدمشق شيئًا وبها مات فِي شوّال.(15/738)
71 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن ورْد بْن عَبْد اللَّه، الفقيه أبو عَبْد اللَّه الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الصُّوفيّ. [المتوفى: 691 هـ]
سكن مصر برباط الأفرم الكبير وحدَّث عن: ابن الزَّبِيديّ وغيره ومات فِي شعبان، وسماعه " للصحيح " في الخامسة.(15/738)
72 - محمد ابن كمال الدِّين المسلم بْن عَبْد الوهّاب بْن مناقب، العدل، نظام الدين الحسيني، الدمشقي، الشاهد، أمين الخزانة التي للمصحف بمشهد على بْن الْحُسَيْن، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن أَبِيهِ ودرع بْن فارس وعبد العزيز بْن أبيه.
تُوُفّي فِي رمضان.(15/738)
73 - مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن دَاوُد بْن أبي بَكْر، أبو عبد الله العماد ابن الهكّاريّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 691 هـ]
نزيل الرملة.
روى عَنْ يُوسُف بن خليل ومات بالرملة فِي جُمَادَى الأولى، وهو منسوب إلى العمادية من أعمال المَوْصِل.(15/738)
74 - محمود ابْن قاضي القُضاة نجم الدِّين عَبْد الرحمن ابن العلامة شرف الدين أبي سعد ابن أبي عصرون، نور الدِّين. [المتوفى: 691 هـ]
روى بالإجازة عن: المؤيِّد الطُّوسيّ وأبي رَوْح الهَرَويّ، كتب عَنْهُ عَلَم الدِّين وغيره.
ومات فِي خامس رمضان.(15/738)
75 - المسّلم بْن عَبْد الوهّاب بْن مناقب، كمال الدين الحسيني، المنقذي. [المتوفى: 691 هـ]
عن: إبراهيم ابن الخشوعي وعمر بن المنجى.
مات فِي رمضان.(15/739)
76 - مُوسَى بْن أَحْمَد بْن موسى، العدل ضياء الدين الأشنوي، الشروطي. [المتوفى: 691 هـ]
حدث عن: يوسف ابن المخيلي وعلي ابن الصابوني، ومات بمصر في صفر.(15/739)
77 - نجم الدِّين، أَبو بَكْر بْن أَبِي العزّ بْن مُشَرَّف بْن بيان الدّمشقيّ، التّاجر، الكاتب، الأديب. [المتوفى: 691 هـ]
شاعر لُغَوي، فصيح، متقعّر فِي حديثه، تُوُفّي فِي صَفَر، ولم يروِ شيئًا وقد قرأ كتب الأدب على الشرف الإربليّ، الأديب، وأجاز له ابن اللتي وغيره.(15/739)
78 - هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن معد، القاضي زين الدِّين، أبو القَاسِم الْقُرَشِيّ، الإسكندرانيّ، ابن البُوريّ، [المتوفى: 691 هـ]
مدرّس العادليّة ببلده.
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وستّمائة، وسمع من عليّ بْن مختار وغيره، سمع منه الطَّلَبة الَّذِين رحلوا، وقد وُلّي حسبة الثغر فلم تحمد سيرته، قدم القدس زائرًا فأدركه به أجله في ذي القعدة.(15/739)
79 - وجيه الدِّين ابن كُويَك، التّكريتيّ، الكاتب. [المتوفى: 691 هـ]
ساق بفرسه وهو داخل من كفربطنا، فرمتَه، فمات لوقته شهيدًا وأظنّها وقعت فوقه، وذلك في جمادى الآخرة.(15/739)
80 - يحيى بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن ياسين، محيي الدِّين ابن المعلّم الحِمْيريّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 691 هـ]
أحد رُواة " الصحيح " عن ابن الزَّبِيديّ، شيخ جليل، خَيّر، سمع منه غير [ص:740]
واحد وتُوُفيّ فِي خامس رجب، وله شِعر حَسَن، وفيه فقر وتواضع.(15/739)
81 - يُوسُف بْن عَبْد العظيم بْن يُوسُف بْن عليّ، أبو الحَجَّاج ابن الصّناج المنذريّ، الْمَصْرِيّ، الضرير. [المتوفى: 691 هـ]
سمع من مُكَرَّم وغيره ومات فِي رجب.(15/740)
82 - يُوسُف بْن عَبْد المحسن بْن يُوسُف، عزَّ الدِّين، أبو العزّ الحمزيّ، الشارعيّ، الواعظ، المعروف بابن الزّيّات. [المتوفى: 691 هـ]
وهو منسوب إلى درب حمزة بالشارع.
سمع: ابن عماد وابن باقا وكتب عنه المصريون، ومات فِي حادي عَشْر شعبان وقد وعظ مدّة وأقرأ الوعظ.(15/740)
83 - يوسف بن يعقوب بن مهدي، الفقيه جمال الدِّين الغماريّ، المالكيّ، الشاهد تحت الساعات. [المتوفى: 691 هـ]
كان يحفظ "الملخّص" للقابسيّ ونزل بدار الحديث الظاهريّة، ومات فِي المُحَرَّم.(15/740)
84 - يونس بْن علي بن رضوان بن قرسق، الصدر الأجل، عماد الدين الدمشقي. [المتوفى: 691 هـ]
حدث بالإجازة عن أبي المجد القزوينيّ، وكان أَبُوهُ والي دمشق ومشدّها، وكان هذا شيخًا، مَهِيبًا، طويلًا، يلبس جبة كتابية وعماة بغرزه.
تُوُفّي فِي العشرين من شوّال ودُفِن بتربة أبيه التي عند مسجده بالخريميين.(15/740)
85 - أبو بكر بن إبراهيم ابن النّقيب، الشَّيْخ بدرُ الدِّين الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الفقيه [المتوفى: 691 هـ]
والد الإِمَام المفتي شمس الدِّين مُحَمَّد.
كان صالحًا، ناسكًا، فاضلًا، عاملًا بعلمه، روى عَنِ الرشيد العراقي وفرح الحبشي، حدُّث عَنْهُ أبو الْحَسَن ابن العطار وابن الخبّاز، ومات فِي [ص:741]
جُمَادَى الآخرة، أظنّه فِي عَشْر السّبعين وقد أعاد بالإقباليّة.(15/740)
86 - أبو بَكْر بْن مُحَمَّد بْن ياقوت، القاضي شَرَفُ الدِّين ابن البُوريّ، الْقُرَشِيّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 691 هـ]
حدُّث عن عَبْد الوهّاب بْن رواج، ومات فِي صَفَر.(15/741)
87 - أبو الحَرَم بْن سالم، الفرنثي، الصّالحيّ، الطّحّان. [المتوفى: 691 هـ]
روى عن جَعْفَر الهمْدانيّ، ومات فِي ربيع الأوّل.(15/741)
88 - أبو الحَرَم بْن أبي الورد بْن عَبْد اللَّه، الدّمشقيّ، المغسّل. [المتوفى: 691 هـ]
كان شيخًا بهيًا وقورًا، مليح الشَّيبة، من كبار المغسلين وله ثروة، توفي بسقبا ودُفِن بمقابر باب توما فِي شعبان.(15/741)
89 - أبو الفضل بْن أبي بَكْر بْن زيتون التّونسيّ واسمه أبو القَاسِم. [المتوفى: 691 هـ]
قاضي تونس وعالمها.
وُلِدَ سنة عشرين ورحل فلقي المُرسي وابن عَبْد السّلام، وأخذ بتونس عن عَبْد الرحيم بْن طلحة وكان بارعًا في علم الأصلين.
توفي في سابع عشر شهر رمضان بتونس، نقلتُه من خطّ مُحَمَّد بْن جابر.(15/741)
90 - أبو القاسم ابن الأيسر، [المتوفى: 691 هـ]
خطيب قلعة رندة بالأندلس.
شيخ محدّث مُعَمَّر من أهل قرشتينانة من قرى رنده، يروي عن أبي القَاسِم بْن بَقِيّ وجماعة.
قال لي أبو عبد الله بن ربيع المالقي: أجاز لي هذا وأعطاني نصف دينار، وتُوُفيّ بعد التسعين وستّمائة.(15/741)
-وفيها وُلِدَ:
شَرَفُ الدِّين أحمد ابن شيخنا شهاب الدِّين الكفْريّ، وعماد الدين إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أبي العزّ الحَنَفِيّ والقاضي فخر الدين محمد بن علي ابن كاتب قطلبك.(15/741)
-سنة اثنتين وتسعين وستمائة(15/742)
91 - أَحْمَد بْن عليّ بْن يُوسُف، العَدْل، شهاب الدِّين الدّمشقيّ، الحَنَفِيّ، [المتوفى: 692 هـ]
سِبْط عَبْد الحق بْن خَلَف الدّمشقيّ، وجدّ المفتي برهان الدِّين ابن قاضي حصن الأكراد.
حدُّث عَنْ: مُوسَى بْن عَبْد القادر والشيخ الموفَّق ونيّف على الثمانين، كتب عَنْهُ ابن الخبّاز والمِزّيّ وابن مُسْلِم وابن المهندز وطائفة وتُوُفيّ بقرية بمّارع من البقاع فِي الثامن والعشرين من صَفَر، وكان من بقايا الشيوخ رحمه الله، سكن ببمارع.(15/742)
92 - أَحْمَد بْن عُمَر بْن عليّ بْن حمزة، الجزريّ، ثُمَّ الحَلَبِيّ، الظاهريّ، زوج خالة شيخنا أبي العباس ابن الظاهري. [المتوفى: 692 هـ]
وكان فقيرًا، ملازمًا للزاوية الجمالية، روى عن الفخر الإربلي والعز بن رواحة، سمع منه: قطب الدين عبد الكريم وابن سامة والبرزالي وفخر الدين عثمان ابن الظاهريّ وآخرون، ومات فِي ثاني صَفَر.(15/742)
93 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر بْن هبة الله ابن النَّصِيبيّ، الشَّيْخ الأجلّ، كَمَال الدِّين أبو الْعَبَّاس الحَلَبِيّ. [المتوفى: 692 هـ]
وُلِدَ فِي رجب سنة تسعٍ وستّمائة، وسمع من الافتخار الهاشميّ وهو آخر من روى عَنْهُ وأبي مُحَمَّد بْن علوان وثابت بْن مشّرف ومحمد بْن عُمَر العثمانيّ وإبراهيم بن عثمان الكاشْغَريّ وجماعة، وكان أسند من بقي بحلب.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ وعَلَم الدِّين الدّواداريّ وعلاء الدّين ابن العطّار وجمال الدِّين المِزّيّ وعلم الدِّين البِرْزاليّ والموفق العطار وأبو عمرو ابن الظّاهريّ وطائفة كبيرة وأجاز لي مَرْوِيّاته، أجاز له جماعة منهم المؤيِّد الطُّوسيّ، وسماعه من الافتخار فِي الخامسة. [ص:743]
وهو والد تاج الدِّين مُحَمَّد، الَّذِي روى لنا عن ابن خليل، مات فِي المُحَرَّم.(15/742)
94 - أَحْمَد بْن الشَّيْخ وجيه الدِّين مُحَمَّد بْن عثمان بن أسعد ابن المنجى، الإِمَام، الفقيه، الرئيس، شمس الدِّين، [المتوفى: 692 هـ]
مدرّس المسماريّة والد صاحبنا الفقيه الإِمَام عزَّ الدِّين مُحَمَّد.
سمع سنة ستٍّ وخمسين من نجم الدِّين المظفر ابن الشَّيْرجيّ، ولم يروِ، تُوُفّي فِي شوّال، وكان مليح الشكل، فاضلًا، ديّنًا، عاقلا، منقطعًا عن الناس.(15/743)
95 - أحمد ابن الحافظ جمال الدِّين أبي حامد مُحَمَّد بْن علي بن محمود ابن الصّابونيّ، العَدْل، شهاب الدِّين. [المتوفى: 692 هـ]
سمّعه أَبُوهُ الكثير واعتنى به، وروى اليسير وُلِدَ فِي صَفَر سنة ثلاثين وستمائة، وسمع حضورًا من ابن اللَّتّيّ، وسمع من جعفر وأبي نصر ابن الشيرازيّ ومُكرم ورحل به إلى مصر، فسمع من الْحَسَن بْن دينار وابن الطُّفَيْل وجده وجماعة وقدِم دمشق وحدّث بها ولم أدرِ به، فإنّني كنت أسمع الحديث تلك الأيام، ثُمَّ رجع إلى مصر وأدركه أَجَلُه فِي خامس ذي الحجة وكان فاضلاً، أديبا، شاعرًا، عالمًا.
سمع منه: المِزّيّ وابنه والبِرْزاليّ والشهاب أحمد ابن النّابلسيّ وجماعة.(15/743)
96 - أَحْمَد بْن أبي الطّاهر بْن أبي الفضل، تقيُّ الدِّين المَقْدِسيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 692 هـ]
رَجُل فاضل، عالي الإسناد، صالح، دين، روى عن الشَّيْخ الموفَّق وغيره كالقزوينيّ والزَّبِيديّ وتُوُفيّ فِي رجب، روى عَنْه المِزّيّ والبِرْزاليّ وجماعة.
عاش سبعًا وسبعين سنة.(15/743)
97 - إِبْرَاهِيم بْن دَاوُد بْن ظافر بْن ربيعة، الشَّيْخ جمال الدِّين، أبو إسحاق العسقلانيّ، الفاضليّ، الدمشقي، المقرئ، الشافعي. [المتوفى: 692 هـ]
ولد في صفر سنة اثنتين وعشرين وستّمائة، وسمع من ابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ ومُكرم والسخاوي وأبي الحسن ابن الْجُمَّيْزيّ والفخر الإربليّ وطائفة كبيرة.
وقرأ القراءات على أبي الْحَسَن السَّخاويّ وانقطع إليه ولازمه ثمانية أعوام، وأفرد عليه، ثُمَّ جمع عليه للسّبعة سْبع خِتَم وأخذ عَنْهُ عِلمًا كثيرًا من التّفسير والأدب والحديث، ثُمَّ طلب بنفسه وكتب وقرأ الكثير على التّقيّ اليَلْداني وطبقته.
وكان قارئ الحديث بالفاضليّة، ثُمَّ صار شيخها وولي مشيخة تُربة أمّ الصّالح بعد العماد المَوْصِليّ، وراجع الفنّ، وقرأ عليه جماعة كثيرة منهم الجمال البدويّ، والشيخ مُحَمَّد الْمَصْرِيّ والشمس العسقلانيّ، وسمع منه: المِزّيّ والبِرْزاليّ والطَّلبة.
وكنا جماعة نجمع للسبعة عليه وهو في بيته قد أصابه شيء من الفالج، فتُوفيّ قبل أنّ نُكمل عليه أنا وابن بصخان وابن غدير وشمس الدِّين الحَنَفِيّ النّقيب، ووصلتُ عليه فِي الجمع إلى أواخر القَصص، وكان قد استولى عليه البلْغم وتغيّر حفظه، وكان شيخًا حَسَنًا، بسّامًا، ظريفًا، حُلْو المجالسة، حَسَن المشاركة فِي الفضائل، مليح الشّكْل والبِزّة، يشهد على الحكّام والله يغفر له ويرحمه.
تُوُفّي ليلة الجمعة مستَهَلّ جُمَادَى الأولى، ودُفِن بقاسيون بتُربة شيخه علم الدِّين السَّخاويّ، وقد سَمِعت منه " نُونية " السَّخاويّ فِي التّجويد وأناشيد وفوائد، وأجاز لي جميع ما يجوز له روايته.(15/744)
98 - إبراهيم ابن الشيخ القدوة عبد الله يُوسُف بْن يونس بْن إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان بْن يَنْكو، الشَّيْخ الزَّاهد، العابد، أبو إسحاق ابن الأرمنيّ ويقال الأرْمِويّ، [المتوفى: 692 هـ]
نسبة إلى أرمينيّة. [ص:745]
ولد سنة خمس عشرة وستمائة بجبل قاسيون، وسمع من الشيخ الموفق ابن قُدامة وابن الزَّبِيديّ وغيرهما، روى عَنْهُ ابن الخبّاز وابن العَطَّار والمِزّيّ وطائفة.
وكان صالحًا، خيرًا، دينًا، كبير القدر، مقصودًا للتبرك والزيادة، له أصحاب ومحّبون ولهم فِيهِ عقيدة حَسَنة ولمّا قَدِمَ الملك الأشرف دمشق من فتح عكّا طلع إليه وزاره وطلب منه الدعاء ووصله، وذلك ليلة الجمعة رابع عَشْر رجب بعد العشاء.
وقد حدُّث بكتاب " الأمر بالمعروف " لابن أبي الدّنيا مرّات، لأنَّه تفرّد به عن الشَّيْخ الموّفق.
تُوُفّي فِي ثاني عَشْر المُحَرَّم وطلع إلى جنازته ملك الأمراء والأمراء والقضاة والعلماء وحمل على الرؤوس، وكان من بقايا الشيوخ، رحمه اللَّه.
وله شِعر جيّد، فمنه هذه الأبيات السّائرة.
سهري عليكَ ألذُّ من سِنَةِ الكَرَى ... ويلذُّ فيك تهتُكي بين الورى
وسوى جمالكَ لا يَرُوق لناظِري ... وعلى لساني غيرُ ذِكْرك ما جرى
وحياة وجهِكَ لو بذلتُ حُشاشتي ... لمُبَشّري برضاك كنتُ مُقَصّرًا
أَنَا عَبْد حُبّك لا أحولُ عن الهوى ... يَوْمًا وإن لام العذولُ وأكثرا(15/744)
99 - إِبْرَاهِيم بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن فضْل، الإِمَام، القُدوة، الزَّاهد، تقيُّ الدِّين، مُسْنِد الشَّام، أبو إسحاق ابن الواسطيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ، [المتوفى: 692 هـ]
أحد الأعلام.
وُلِدَ سنة اثنتين وستّمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي عبد الله ابن البناء وأبي البركات بن ملاعب، وأبي الفتوح ابن الجلاجليّ وموسى بْن عَبْد القادر وابن راجح والشيخ المُوفَّق وابن أبي لُقمة وابن البُنّ، وطائفة سواهم بدمشق، وأبي محمد ابن الأستاذ بحلب والفتح ابن عبد السلام وعلي بن بورنداز وأبي منصور محمد بن عفيجة وأبي هريرة ابن الوسطاني وأبي المحاسن ابن البيع، وأبي علي ابن الجواليقي والمهذب ابن قنيدة ومحاسن الخزائني، وأبي منصور أحمد ابن البراج وأبي حفص السّهروَرديّ وعمر بْن كرم، ومحمد بن أبي الفتح ابن عُصيّة وياسمين بْنت [ص:746]
البيطار وشرف النساء بنت الآبنوسي وطائفة، وأجاز له زاهر الثّقفيّ وأبو الفخر أسعد بْن رَوْح وجماعة من إصبهان وأبو أحمد ابن سُكَيْنَة وابن طَبَرْزَد وابن الأخضر، وطائفة من بغداد، وعبد الرَّحْمَن بْن المعزم من هَمَذان.
وانتهت الرحلة فِي عُلُو الإسناد إليه، وحدَّث بالكثير، وكان فقيهًا، عارفًا بالمذهب، درّس بمدرسة الصاحبة بالجبل وولي مشيخة الحديث بالظاهريّة، استنابه بها عزَّ الدِّين الفاروثيّ، فباشرها إلى أنّ مات وكان صالحًا، عابدًا، قانتًا، خاشعًا، أمّارًا بالمعروف، قوّالًا بالحقِّ، مهيبًا فِي ذات اللَّه، خائفًا من اللَّه، كثير التّلاوة والأوراد، خشن العَيش.
سَأَلت أَبَا الحَجَّاج الحافظ عَنْهُ قال: أحد المشايخ المشهورين بالعِلْم والعمل والاجتهاد ومن انتهى إليه فِي آخر عُمره عُلُو الإسناد، ورُحِل إليه من أقطار البلاد، وسمع الكثير بالشام والعراق.
قلت: سمع منه: البِرْزاليّ وابن سيد النّاس وقُطْب الدِّين الحَلَبِيّ والمِزّيّ وابنه والشهاب ابن النّابلسيّ وابن المهندس، وشيخنا ابن تيميّة وإخوته والفخر عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد البَعْلَبَكيّ، وأخوه عَبْد اللَّه وبدر الدِّين بْن غانم، وخلْق كثير وُلّي منه إجازة.
وانتقل إلى رحمة اللَّه فِي أواخر يوم الجمعة الرابع عشر من جمادى الآخرة، ودُفِن من الغد بتُربة الشَّيْخ الموفّق، وكان الشَّيْخ عزَّ الدِّين الفاروثي مع جلالته وسِنّه يمضي إليه ويجلس بين يديه ويقرأ عليه الحديث، رحمهما اللَّه.
وكان على كِبَر السن يقرأ بالختْمة فِي رَكْعة.(15/745)
100 - إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بْن جميل بْن حمْد بْن أَحْمَد بْن أبي عطّاف بْن أَحْمَد، المَقْدِسيّ، الصّالحيّ، البقّال. [المتوفى: 692 هـ]
حدث عن: ابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ، ومات يوم عيد الفِطْر.(15/746)
101 - أفضليّة بِنْت عَبْد الحق بْن مكّيّ ابن الرّصّاص، أمّ الخير الْقُرَشِيّة الْمَصْرِيّة. [المتوفى: 692 هـ]
روت بالإجازة عن أبي الفتوح ابن الحصْريّ، وتُوُفيت فِي رجب بالقاهرة.(15/747)
102 - إمام الدِّين، التّبْريزيّ، المذهبيّ، الصّوفيّ. [عَبْد الرحيم بْن يحيى] [المتوفى: 692 هـ]
من كبار الصوفيّة بدمشق وعلمائهم،
اسمه عَبْد الرحيم بْن يحيى.
تُوُفّي في المحرم، رحمه الله.(15/747)
103 - الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم، القاضي نجم الدِّين الكرديّ، المِهْرانيّ، الشّافعيّ، الفقيه [المتوفى: 692 هـ]
مدرّس الأكزيّة والصّلاحيّة بدمشق، وأحد المعيدين بالأمينيّة.
تُوُفّي فِي صَفَر.(15/747)
104 - الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أبي الحَجَّاج، العَدْل، نجم الدِّين العَدَويّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 692 هـ]
يروي عن جَعْفَر الهمْدانيّ وغيره وتُوُفيّ فِي رمضان وكان شيخًا كيسًا، ظريفًا.(15/747)
105 - خليفة ابن بدر الدِّين مُحَمَّد بْن خَلَف بْن عقيل، صارم الدِّين المَنْبِجيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، التّاجر [المتوفى: 692 هـ]
والد المولى صارم الدِّين إِبْرَاهِيم وشمس الدِّين محمود.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم وكان شابًا فاضلًا، دينا، عاقلًا، تُوُفّي عن اثنتين وثلاثين سنة وفُجِع به أبواه، رحمه الله.(15/747)
106 - دَاوُد، الملك الزّاهر ابن الملك المجاهد أسد الدين شيرَكوه ابن الأمير ناصر الدّين مُحَمَّد ابْن الملك أسد الدِّين شيركوه بْن شاذي، الحمصيّ، [المتوفى: 692 هـ]
ابن صاحب حمص. [ص:748]
من بيت المُلْك والحشمة، وله قُعْدُد فِي النسَب وكان شيخًا مَهيبًا، كثير التّلاوة والتَنقُّل، روى بالإجازة عن المؤيِّد الطُّوسيّ يسيرًا، وهو والد الملك الأوحد.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة وكان من أبناء الثّمانين، وكان يُلقَّب مُجير الدين وإجازته على سبيل التعميم.(15/747)
107 - رمضان بْن سلامة، الحدّاد. [المتوفى: 692 هـ]
شيخ مُعَمَّر، وُلد بدُنَيْسِر سنة ستّمائة وسمّعوه فِي الكهولة من طُغريل المحسنيّ، كتب عَنْهُ الأبِيوَرديّ فِي "معجمه" وغيره، ومات بمصر فِي نصف ذي القعدة.(15/748)
108 - سابقان واسمه محمود الشيرازيّ، الفقير، المقيم بالكلاسة. [المتوفى: 692 هـ]
كان شهمًا مقدامًا يُعطيه الأعيان ويهابونه، مات بالكلاسة ودُفِن بزاوية القَلَنْدريّة، وهم تولّوا أمره بوصيّةٍ منه، وحملوه على رِقابهم وعظّموه، وكان منهم.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم.(15/748)
109 - سَنْجَر، الأمير الكبير، عَلَمُ الدِّين الحَلَبِيّ، الكبير. [المتوفى: 692 هـ]
أحد الموصوفين بالشجاعة والفُروسيّة وشهد عدّة حروب، رَأَيْته شيخًا أبيض الرأس واللّحية، من أبناء الثمانين، وُلّي نيابة دمشق فِي آخر سنة ثمانٍ وخمسين وتسلطن بها أيامًا وتسمّى بالملك المجاهد ولم يتمّ ذَلِكَ، وبقي فِي الحبْس مدّة، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الملك الأشرف وأكرمه ورفع منزلته وكان من بقايا الأمراء الصّالحيّة، وهو الَّذِي حارب سُنْقُر الأشقر وطرده عن مملكة الشَّام.
قال تاج الدِّين فِي " تاريخه ": حدُّثني جُنديّ قال: أتيت بأميرنا الحلبي لزيارة الشيخ إبراهيم الحجار، فأنكر عليه كلوته الزركش وقال: انزعْها، فما أعجب الأمير، فَلَمّا قمنا قال لي: كم يكون سنّ هذا الشَّيْخ؟ قلت: ثلاثين [ص:749]
سنة، قال: ما حلّ ذا يكون شيخًا، اللَّه ما بعث نبيّا إلا لأربعين سنة.(15/748)
110 - صفية بِنْت عليّ بْن أَحْمَد بْن فضل، [المتوفى: 692 هـ]
أخت الشيخ تقي الدين ابن الواسطيّ.
روت عن الشَّيْخ موفّق الدِّين والشهاب ابن راجح ولها حضور فِي سنة أربع عشرة وستمائة وكانت شيخة رباط، وهي والدة الشيختين عَائِشَة وهدية بنتي عبد الله بن مؤمن النّجّار، سمع منها: البِرْزاليّ وابن النّابلسيّ وجماعة.
ولم أسمع منها وتُوُفيَت فِي الثامن والعشرين من ذي الحجّة رحمها اللَّه، وهي آخر من سمع مِن النّاصح مُحَمَّد بْن إبراهيم.(15/749)
111 - عَبْد اللَّه ابن الشَّيْخ عَبْد الظاهر بْن نشوان، المولى، العالم، محيي الدِّين الجذاميّ، الْمَصْرِيّ، الكاتب، المُنْشئ [المتوفى: 692 هـ]
والد المرحوم الصّاحب فتح الدِّين.
سمع من جَعْفَر الهمْدانيّ وعبد الله بن إسماعيل بن رمضان ويوسف ابن المخيليّ وجماعة، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ وابن سيّد النّاس والجماعة وكان بارع الكتابة والإنشاء، له النَّظْم والنَّثر، وكان ذا مُروءة وعصبيّة، ومن شعره:
ما غبتُ عنكَ لجفوةٍ وملالِ ... يَوْمًا ولا خطر السُّلُوُّ ببالي
يا مانعًا جفني المنام ومانحي ... ثوب السقام وتاركي كالآل
عمن أخذت جواز منعي ريقك الـ ... معسول ياذا المعطف العسال
عن ثغرك النظام أم عن شعرك الـ ... فحام أَمْ عن جفْنك الغَزْالِ
فأجابني أَنَا مالك شَرْع الهَوَى ... والحُسن أضْحى شافعي وجمالي
وشقائق النُّعْمَان أَيْنَعَ نَبْتُها ... فِي وجنتي وحماه رشقُ نبالي
فالصبر أحمد بالمحب إذا ابتلا ... هـ الحبّ فِي شرح الهَوَى بسؤال
تُوُفّي الصّاحب محيي الدِّين بالقاهرة فِي ثالث رجب، وولد فِي المُحَرَّم سنة عشرين(15/749)
112 - عَبْد اللَّه بْن أبي القَاسِم سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، نجم الدِّين. [المتوفى: 692 هـ]
مات فِي ذي القعدة بحصن الأكراد، حضر ابن اللَّتّيّ وابن المُقَيَّر، وسمع كريمة، وحدَّث.
وهو أخو شيختنا فَاطِمَة ووالد المقرئ علاء الدِّين ابن طليس.(15/750)
113 - عبد الله بن غلام اللَّه بْن إِسْمَاعِيل، أبو مُحَمَّد ابْن الشّمعة. [المتوفى: 692 هـ]
شيخ مصري مشهور، وهو بكنْيته أعرف، وسمّاه بعضهم: "شاكر اللَّه"، روى عن ابن عماد وعبد القوي ابن الجباب وأبي القاسم ابن الصفراوي وعبد المحسن ابن الدجاجي وعبد الغفار المحلي وغيرهم، وكتب عَنْهُ الطَّلَبة، ومات فِي تاسع عَشْر شوّال.(15/750)
114 - عَبْد اللَّه بْن مَنْصُور بْن عليّ، الإِمَام، مكين الدِّين، أبو مُحَمَّد اللَّخْميّ، الإسكندراني، المقرئ، المعروف بالمكين الأسمر، مُقرئ الإسكندريّة. [المتوفى: 692 هـ]
قرأ القراءات على أبي القاسم الصفراوي وغيره وطال عمره، وأقرأ جماعة وحدَّث عن أصحاب السِّلَفيّ، ولمّا مات شيخنا الفاضليّ، وتوجَّعْتُ لموته وُصف لي هذا الشَّيْخ وأنّه قرأ على الصّفراويّ، فبقيتُ أتلهّف على لُقِيّه ولم يكن أَبِي يُمكّنني من السَّفر.
وكان شيخًا صالحًا، عابدا، عارفًا بالقراءات، تُوُفّي فِي غُرّة ذي القعدة عن سنٍّ عالية، رحمه اللَّه.(15/750)
115 - عَبْد الحميد بْن أَحْمَد بْن عبد الرحمن، البجدي، أبو مُحَمَّد الصّالحيّ، الحنبلي، الصَّحراويّ. [المتوفى: 692 هـ]
روى عَنِ أَبِي القَاسِم بْن صَصْرى وابن الزَّبِيديّ وكتائب بْن مهدي، ومات فِي المُحَرَّم.(15/750)
116 - عَبْد الحميد ابن فخر الدين عبد الرحمن ابن مخلص الدِّين عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحمن بْن هلال، العَدْل، الرئيس، عزَّ الدِّين. [المتوفى: 692 هـ][ص:751]
روى عن جَدّه المخلّص وعن ابن اللَّتّيّ وكريمة، كتب عَنْهُ عَلَم الدِّين وغيره، ومات فِي ذي القعدة، وهو فِي عَشْر السّبعين رحمه اللَّه، وُلِدَ سنة ثلاثين.(15/750)
117 - عَبْد الرَّحْمَن بْن سالم بْن نصر اللَّه بْن واصل، القاضي عماد الدِّين الحَمَويّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 692 هـ]
وُلِدَ سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمع من صفيَّة الْقُرَشِيّة وأبي القَاسِم بْن رواحة وناب فِي قضاء بلده عن أخيه العلامة جمال الدِّين، سمع منه: المِزّيّ والبِرْزاليّ، ومات فِي سادس شعبان، وكان شيخ حديث بحماة.(15/751)
118 - عبد الرحمن بن أبي الحرم ابن الخِرَقيّ، ضياء الدِّين. [المتوفى: 692 هـ]
حَدَّثَ عن: جَعْفَر وكريمة وكان كثير السماع مع أخيه أبي المحاسن، سمعا بإفادة خالهما ابن شعيب، ومات في ربيع الآخر عن اثنتين وستّين سنة وكان فِي الآخر يقرأ على الجنائز كأخيه.(15/751)
119 - عَبْد الرحيم ابْن الشَّيْخ عزَّ الدِّين عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه ابن رواحة، زين الدِّين الحَمَويّ. [المتوفى: 692 هـ]
حدُّث عن: أَبِيهِ وعمّه، وسمع من أبي بكر محمد بن عمر بن يوسف بن بهروز، وأجاز له الافتخار الهاشمي، كتب عنه البرزالي وغيره، ومات في ذي القعدة بحماة. وكان مولده بها في سنة ثلاث عشرة وستمائة.(15/751)
120 - عبد الله ابن الشيخ جمال الدين سُلَيْمَان بْن عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن، نجم الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي [المتوفى: 692 هـ]
والد صاحبنا علاء الدين علي وأخو شيختنا فاطمة.
روى حضورا عن: ابن اللَّتّيّ وكريمة وتوفي في سابع ذي القعدة بحصن الأكراد، وسمع من كريمة والسخاوي وإبراهيم ابن الخشوعي.(15/751)
121 - عبد العزيز بن إبراهيم بن نصر بن سعيد، الصالحي، الرقوقي، [المتوفى: 692 هـ]
أخو شيخنا أحمد ابنا أخت شيخنا العز ابن الفراء. [ص:752]
حدث عن ابن الزَّبِيديّ، ومات فِي ثاني عَشْر شوّال.(15/751)
122 - عُبَيْد بْن مُحَمَّد بْن عَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن موهوب، الحافظ المفيد، تقيُّ الدِّين أبو القَاسِم الإسعِرديّ. [المتوفى: 692 هـ]
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وستمائة بإسعِرد، ودخل مصر فِي صِباه مع أَبِيهِ، وسمع من عَلِيّ بْن مختار والحسن بْن دينار ويوسف ابن المخيلي وعبد الوهاب بن رواج وعلي ابن المقير وطائفة بمصر وحمزة بن أوس الغزال وسِبط السِّلَفيّ وجماعة بالثغر منهم هبة اللَّه بْن مُحَمَّد المَقْدِسيّ، وسمع من جماعة بدمشق وكتب الكثير وبرع في الحديث والرجال والتخريح والعالي والنّازل، وخرَّج لجماعةٍ كثيرة وقرأ الكثير، وكان من العارفين بهذا الشأن، مع الثّقة والصدق.
كان شيخنا ابن الظاهريّ يُثْني عليه ويرجّحه على سائر المصرييّن فِي الحديث.
وسمع منه: ابن الظاهري وولداه والحارث وولده والمِزّيّ وابن منير الحَلَبِيّ وابن سيّد النّاس والبِرْزاليّ وابن سامة وخلْق سواهم، وتُوُفيّ فِي سادس شعبان وله سبعون سنة.
ورأيت تقيُّ الدين محمد بن عزام الإسكندراني بخطّه قد نقل سماع التّقيّ عُبَيْد والدّمياطيّ وعيسى السّبْتيّ " للأربعين البلدانيّة " من المحدّث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محارب القَيسيّ فِي سنة تسعٍ وثلاثين فِي ذي الحجّة بسماعه من السلفي.(15/752)
123 - عثمان، الأُخي، الكُتُبيّ، المقرئ على الجنائز. [المتوفى: 692 هـ]
كان شيخًا ضخمًا، سمينًا، جهوري الصوت من سبعية الجنائز بدمشق، منقطع فِي دُكّانه بالكُتُبيِين، وكان - عفا اللَّه عَنْهُ - تاركًا للصّلاة، إلا أنه كثير التّلاوة، فأوّل من يقرأ فِي السُّبْع الكبير هُوَ وله سُبْع بين العشاءين تحت قبة النسر، ذكر لي أنه قرأ فيه أكثر من ثلاثمائة ختْمة، وكان ليلة الختم يتحيّل فِي شيء من المأكول، ويحمله إلى الفقراء الذين يقرؤون معه.
مات فِي المُحَرَّم وقد جاوز السّبعين، وكان أُمّةً بذاته.(15/752)
124 - عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْجَبَّار، سيف الدِّين ابْن الّرضيّ المَقْدِسيّ. [المتوفى: 692 هـ]
ولد سنة خمس عشرة وستمائة،، وسمع حضورًا من مُوسَى بْن عَبْد القادر والموفّق، وسماعًا من ابن البُنّ والقزوينيّ وأبي القَاسِم بْن صَصْرَى وجماعة، وقد فاتني السّماع منه، سمع منه: أبو العباس ابن النّابلسيّ والطَّلبة ولازم خدمة الشَّيْخ شمس الدِّين، وكان يورّق ويشهد ويثبت المكاتيب ويعمل النّقابة، واشترى من ذَلِكَ بُستانًا بكفْربَطْنا.
وقيل وُلِدَ فِي رمضان سنة سبْعٍ عشرة، ومات فِي سادس عَشْر شوّال وورثه أخته وبناته.(15/753)
125 - عليّ الصّاحب، المنشئ البارع، بهاءُ الدِّين ابن عِيسَى الإربليّ وهو عليّ ابن الأمير فخر الدِّين عِيسَى بْن أبي الفتح، الشَّيْبَانيّ الكاتب. [المتوفى: 692 هـ]
مترسّل مُجِيد وشاعر مُحسن ورئيس نبيل، كتب لمتولّي إربل ابن صلايا، ثم خدم ببغداد فِي الإنشاء فِي أيّام صاحب الدّيوان، ثُمَّ فتر سوقه فِي دولة اليهود، ثُمَّ تراجع بعدهم وسلم، ولم يُنكَب إلى أنّ مات وكان صاحب تجمُّل وحشمة ومكارم وفيه تشيُّع،، ومات فِي عَشْر السبعين ببغداد، وكان أَبُوهُ واليًا بإربل.
تُوُفّي الصّدر بهاء الدِّين فِي ثالث جمادى الآخرة، وقد أفرد له عزَّ الدِّين حَسَن بْن أَحْمَد الإربليّ ترجمةً فِي جزءٍ كبير، وقال له: وُلدتُ في رجب سنة خمس وعشرين وستمائة، وكان أَبُوهُ كُرديًّا واليًا بإربل، فحرص على ابنه هذا حَتَّى برع فِي الكتابة وتأدَّب، قال: اشترى لي أوّل ما اشتغلت نسخة " بِصحاح الجوهريّ " بأربعمائة درهم، ثُمَّ ندم وقال: لو اشترينا بها فدّان بقر كان أنفع، ثُمَّ خدمتُ فِي ديوان الإنشاء بإربل أوّل ما بَقَلَ وجهي.
قلت: وله تواليف أدبيّة مثل "رسالة الطَّيف"، "والمقامات الأربع" وغيرها، وخلّف ترِكةً عظيمة بنحوٍ من ألف ألف درهم، فتسلمّها ابنه أَبُو الفتح ومَحَقَها فِي نحوٍ من أربعة أعوام، ومات صُعْلُوكًا بإربِل.
وقال ابن الفُوطيّ: سكن بهاء الدِّين بغداد فِي سنة سبْع وخمسين وعمر [ص:754]
بها دارًا جميلة، وكان يتشيّع، سَمِعت عليه كتابه فِي "فضائل الأئمة"، روى فِيهِ عن الكمال ابن وضّاح والشيخ عَبْد الصمد، مات وعمل ثالثه فتكلم شيخنا عزَّ الدِّين الفاروثي، والجلال الكوفيّ، وتُوُفيّ فِي رابع عَشْر جُمَادَى الآخرة، هكذا نقلت من خطّ ابن الفُوطيّ.(15/753)
126 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن المبارك، الأديب، كمال الدِّين ابن الأعمى، الشاعر، [المتوفى: 692 هـ]
صاحب " المقامة " التي فِي الفقراء المجرّدين.
روى عن ابن اللَّتّيّ وغيره وتُوُفيّ فِي ثالث عَشْر المُحَرَّم، وكان شيخًا كبيرًا من بقايا شعراء الدّولة النّاصريّة، انقطع فِي أواخر عُمره بالقليجيّة، وكان مقرئًا بالتُّربة الأشرفيّة وغيرها.
والأعمى هُوَ نعتٌ لوالده الشَّيْخ ظهير الدِّين النَّحْويّ الضّرير الَّذِي كان خطيب بيت المقدس مرّة.(15/754)
127 - عليّ بْن محمودُ بْن عَلِيّ بْن محمود بْن قَرْقين، الأمير ناصر الدِّين. [المتوفى: 692 هـ]
شيخ جليل، مُعَمَّر، من أبناء التّسعين، أجاز له أَبُو اليُمْن الكِنْديّ،، وسمع من أَبِي المجد القزوينيّ والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، وكان ديّنًا خيِّرًا، حَسَن السيرة، جميل الذِّكر، مُعْتَمَدًا بقلعة بَعْلَبَكَّ، سمع منه: المِزّيّ وابن تيميّة والبِرْزاليّ والطَّلَبَة وحدَّث بدمشق وبَعْلَبَكَّ.
وتُوُفيّ فِي ثاني شعبان وله اثنتان وتسعون سنة وخمسة أشهر، قاله ابن خَوْلان.(15/754)
128 - عليّ بْن محمود بْن عبد الله بن محمد ابن الملثّم، العادليّ، العَدْل زين الدِّين الحَنَفِيّ. [المتوفى: 692 هـ]
عَدْلٌ، خَيّر، مشهور، متميّز، روى عن ابن المقيّر وابن رواج، ومات بالقاهرة فِي الحادي والعشرين من ربيع الأول.(15/754)
129 - علي ابن السلطان الملك المظفر تقي الدين محمود ابن المنصور محمد ابن تقيُّ الدِّين عُمَر ابْن صاحب حماة ويُعرف بالأمير علي ويلقب بالملك الأفضل، [المتوفى: 692 هـ]
وهو أخو السّلطان الملك المنصور محمد. [ص:755]
تُوُفّي بدمشق ووُضع فِي تابوت وصلّوا عليه، ثُمَّ سافروا به إلى حماة، فدُفن عند آبائه، رَأَيْته كهلًا، خفيف اللّحية، بعمامة مدوَّرة، وكان من كبار أمراء حماة، وهو والد الأمير الملك عماد الدِّين متولّي حماة يومئذ.
مات فِي ذي الحجّة، وحضر الصّلاة عليه نائب السَّلْطَنَة الحَمَويّ والأكابر.(15/754)
130 - عُمَرُ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن علوان القاضي الفقيه عزَّ الدِّين أبو الفتح ابن قاضي القضاة جمال الدّين ابْن الأستاذ، الأسَدِيُ، الحَلَبِيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 692 هـ]
وُلِدَ سنة إحدى وعشرين وستمائة، وسمع الكثير من الموفَّق عَبْد اللّطيف ومن: ابن اللتي ويحيى بن جعفر ابن الدامغاني والعلم ابن الصّابونيّ والفخر الإربليّ وجماعة وكان فقيهًا، صالحًا، ديّنًا، متزهّدًا، متميّزًا، درّس بالمدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق وحدث " بسنن ابن ماجه " و" مسند الحميدي " و" معجم ابن قانع " وغير ذَلِكَ، وسمع منه خلْق وهو آخر من روى بدمشق " سُنَن ابن ماجة " كاملًا.
تُوُفّي فِي الثامن والعشرين من ربيع الأول ودفن بالمزة.(15/755)
131 - عيسى بن حسن بن أبي محمد ابن القاهريّ، الجلال، أبو مُحَمَّد. [المتوفى: 692 هـ]
شيخ صالح، ديّن، عالي الرواية، حدث عن: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حديد وحمزة بْن عثمان والفخر محمد الفارسي وعبد العزيز بن باقا ومُكرم بْن أبي الصَّقْر وجماعة، سمع منه: المِزّيّ والبِرْزاليّ والمصريّون.
سقط يوم الجمعة الرابع والعشرين من رمضان من جامع ابن عبد الظاهر بالقرافة فمات.(15/755)
132 - غُلْبُك، الأمير الكبير زين الدِّين الفخريّ، [المتوفى: 692 هـ]
من أمراء دمشق. [ص:756]
وقد حجّ بالناس مرّة وشُكِرت سيرته، وذلك في سنة ثمان وثمانين.(15/755)
133 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن تَرْجَم بْن حازم، أبو عَبْد اللَّه الْمَازِنِيِّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 692 هـ]
شيخ مبارك، مُسِنّ، مُعَمَّر، عالى الرّواية، تفرّد برواية " التِّرْمِذيّ "، عن أبي الحسن علي ابن البناء الْمَكِّيّ وحدَّث به بالقاهرة وسمعه منه جماعة كبيرة.
تُوُفّي فِي التاسع والعشرين من رجب وكان من أبناء التّسعين، وسمع من عَبْد القوي ابن الجباب وابن باقا، مولده سنة اثنتين وستمائة.(15/756)
134 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن دَاوُد، البَعْلَبَكيّ، الدّقّاق في القماش. [المتوفى: 692 هـ]
دين، خير، حدث عن: البهاء عَبْد الرَّحْمَن، سمع منه: البِرْزاليّ والمِزّيّ وابنه والشيخ أبو بَكْر الرحبيّ وطائفة، وتُوُفيّ فِي الرابع والعشرين من ذي القعدة وهو فِي عَشْر الثّمانين.(15/756)
135 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد، الإِمَام أبو عَبْد اللَّه ابن الزَّاهد الْبَصْرِيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 692 هـ]
تُوُفّي بالبصرة فِي جُمَادَى الأولى، قرأته بخطّ الذُّهَليّ.(15/756)
136 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مهيب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مجاهر، الشَّيْخ الجليل محيي الدِّين الرّبعيّ، الصّقَلّيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 692 هـ]
وُلِدَ بمصر سنة ثمان وستمائة،، وسمع من مُكَرَّم سنة ستّ عشرة، كتب عَنْهُ الفَرَضيّ وغيره، ومات فِي جُمَادَى الآخرة بمصر، وكان فاضلًا، ديِّنًا.(15/756)
137 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن المحدّث نصير الدِّين ابْن العَدْل شمس الدِّين، الرسْعَنيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 692 هـ]
كان جارنا وكان شابًّا مليحًا، سمع من جماعة من أصحاب ابن طبرزد، وقُتِل شهيدًا بحَوْران فِي ذي الحجّة وله عشرون سنة.(15/756)
138 - مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن أَحْمَد بْن يُوسُف، الأجلّ محيي الدِّين ابن الأَنْصَارِيّ، الحَلَبِيّ، الكاتب. [المتوفى: 692 هـ]
كان مع معاناته للكتابة وللخدم شيخ خانقاه سُنْقُرشاه بحلب، وسمع من أبي القَاسِم بْن رواحة والمؤتمن ابن قُمَيْرة وابن خليل، ومات فِي شعبان [ص:757]
وله ثلاثٌ وخمسون سنة، وكان أَبُوهُ فخر الدِّين فقيهًا إمامًا وكان جَدّه العلامّة شهاب الدِّين شيخ الحنفية بحلب وأحد من درّس بالمستنصرية ببغداد.(15/756)
139 - مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن غُنَيم بْن حَمَّاد، شمس الدِّين الحرّانيّ، [المتوفى: 692 هـ]
نزيل مصر.
كان بزّازًا فِي الخليع وُلِدَ سنة إحدى وعشرين، وروى عن الموفَّق عَبْد اللطيف بن يوسف، سمع منه البرزالي والمصريون، ومات في العشرين من صفر بمصر.(15/757)
140 - نبا بْن عليّ بْن هاشم بْن الْحَسَن، الأمير الكبير، شمس الدِّين، ابن الأمير نور الدِّين ابن المحفّدار الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 692 هـ]
جعله الملك المنصور أمير جَنْدار، وكان ديّنًا، كثير المُرُوءة، صلّى العشاء وقرأ سورة (هَلْ أتى)، وسَجَدَ فمات، وذلك فِي صَفَر بداره بمصر، ومات فِي عَشْر السّبعين، قاله شمس الدِّين الْجَزَريّ.(15/757)
141 - النُّعْمَان بْن حَسَن بْن يُوسُف، قاضي القُضاة، مُعِزّ الدِّين الخطيبيّ، الحَنَفِيّ، [المتوفى: 692 هـ]
قاضي القاهرة.
ناب أوّلًا عن الصّدر سُلَيْمَان، ثُمَّ وُلّي بعده وقدِم دمشق لقضاء الجيوش المنصورة، ورجع وتُوُفيّ بالقاهرة.(15/757)
142 - يُوسُف بْن إِبْرَاهِيم بْن عُقاب، أَبُو يَعْقُوب الجذامي، الشاطبيّ، المقرئ، الزَّاهد. [المتوفى: 692 هـ]
قرأ بالسَّبْع على أصحاب ابن نوح الغافِقيّ، سمع منه أبو عَبْد اللَّه الوادياشي وقال: مات فِي صَفَر سنة اثنتين، ومولده سنة ثلاث عشرة.
تُوُفّي بتونس وكانت جنازته مشهودة، أكثرَ عن أبي الْحَسَن عليّ بن قطرال.(15/757)
143 - يوسف بن أبي بكر بن عثمان، الحراني، الصوفي، تقي الدين النسائي الأصل. [المتوفى: 692 هـ][ص:758]
شيخ معمر، روى عن الساوي، ومات في ربيع الآخر وله تسعون سنة، وهو والد العفيف الصوفي، الهندازة.(15/757)
144 - أبو محمد بن عبد الوهاب بن محاسن، الجمال ابن النحائلي. [المتوفى: 692 هـ]
شيخ معمر من أبناء التسعين، رأيته، روى عن شمس الدين عمر بن المنجى وابن أبي جعفر، سمع منه المزي والبرزالي وجماعة وتُوُفيّ فِي ربيع الأوّل بدمشق.(15/758)
-وفيها وُلِدَ:
الفقيه البارع فخر الدِّين مُحَمَّد بْن علي المصري، أو سنة إحدى وعماد الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن الزَّمْلكانيّ، القاضي والإمام زَين الدِّين مُحَمَّد بْن عبد الله ابن الخطيب زين الدين ابن المرحل.(15/758)
-سنة ثلاث وتسعين وستمائة(15/759)
145 - أحمد بن آقوش، الصدر شهاب الدِّين. [المتوفى: 693 هـ]
إمام السّلطان وأحد الموصوفين بالتّطريب فِي التّلاوة ومعرفة الأنغام والموسيقى، مات فِي ذي الحجّة.(15/759)
146 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن الأشقر، الشَّيْخ عماد الدين الحريمي، الحنبليّ، [المتوفى: 693 هـ]
خطيب جامع الحريم.
وُلِدَ سنة عشرين وقدم دمشق وحدث عن ابن بهروز والأعز ابن العليق، وكان صالحًا، خَيّرًا.
تُوُفّي ببغداد فِي رجب.(15/759)
147 - أَحْمَد بْن عَبْد الواحد محيي الدِّين ابْن الطرسوسي، الحلبي، الحنفي. [المتوفى: 693 هـ]
من أعيان بلده، سمع معنا وكان شيخًا ساكنًا، مَهيبًا.
تُوُفّي فِي ذي القعدة بالمِزّة وخلّف ولدين من فُضلاء الحنفيّة وقد باشر ديوان الجامع نيابةً عن ابن النّحّاس.(15/759)
148 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن، ابن الغمّاز، [المتوفى: 693 هـ]
قاضي الجماعة بتونس.
كان إمامًا، محدثًا، فقيهًا، مقرئا، كبير القدر، يُكنَّى أَبَا الْعَبَّاس، وكان والده من زُهّاد بَلَنْسِية وفُقهائها.
وُلِدَ أبو الْعَبَّاس سنة تسع وستمائة، وسمع الكثير من أبي الربيع بْن سالم، وطال عُمُره، وأكثر عَنْهُ أهل تونس، منهم الإِمَام أبو عَبْد اللَّه بْن جَابِر الوادياشيّ وذكر لي أنّه أكثر عَنْهُ وأنّه مات سنة ثلاث هذه يوم عاشوراء وقال: سَمِعت منه " التّيسير " بسماعه من ابن سالم وأبي الْحَسَن بْن سلمون.
وقرأ لنافع علي ابن صاحب الصّلاة تلميذ ابن هُذيل وكان أعلى أهل المغرب [ص:760]
إسنادًا فِي القرآن رحمه اللَّه، وله معرفة بالفقه والحديث، قرأ عليه بالسبع، يعقوب أبو العباس البطرني وله شعر جيد.(15/759)
149 - أحمد ابن الشيخ شمس الدين محمد ابن الكمال عَبْد الرحيم، المحدّث، موفّق الدِّين خازن كُتُب الضّيائيّة وقارئ الحديث بها. [المتوفى: 693 هـ]
سمع وكتب وعني بالحديث وحصّل الأجزاء، وصار له فَهْم ومعرفة لقوّة ذكائه وجَودة فَهْمه واعتنائه وكان شابًّا حسنًا، دَيِّنًا، مطبوع العِشْرة، كريم الشّمائل، مُحبَّبًا إلى النّاس، رَأَيْته مرّة واحدة، وقد درس بالضيائية أيضًا.
ومات فِي ذي الحجّة ولم يُكمل الثّلاثين، وقد سَمِعَ من ابن عَبْد الدّائم فمن بعده، وقرأ على أبيه بكفربطنا، وما كأنه حدث.(15/760)
150 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أبي بَكْر بْن عَرَفَة، الشَّيْخ نجمُ الدِّين الهاشميّ، البغداديّ، ابن المحفَّدار ويعرف بابن الكندران. [المتوفى: 693 هـ]
سمع: القَطِيعيّ، وعلي بْن كبّة، والمبارك بْن عليّ المطرز، وعنه أبو العباس الكازروني.
مات في رجب.(15/760)
151 - أحمد بن محمد بْن مرتفع، أمين الدّين، رئيس المؤذّنين بالجامع الجديد بمصر. [المتوفى: 693 هـ]
روى عن نبا بْن هجّام، ومات في رمضان.(15/760)
152 - أَحْمَد بْن يونس بْن أَحْمَد بْن بركة، المحدّث الصّالح، العالِم، شهابُ الدِّين، أبو الطّاهر الإربليّ، الصُّوفيّ. [المتوفى: 693 هـ]
وُلِدَ بالقاهرة فِي سنة إحدى وأربعين وستمائة، وسمع من أبي الحسن ابن الجميزي وصالح المُدْلجيّ والحافظ زكيّ الدِّين عَبْد العظيم ومحمد بْن عبد العزيز الإدريسي والصَّدر البكريّ وجماعة، ثُمَّ إِنَّهُ طلب الحديث بنفسه فِي سنة ستين وأكثر عن أصحاب البُوصيريّ، ورحل إلى دمشق فأكثر عن ابن عَبْد الدائم وأصحاب الخُشُوعيّ فمن بعدهم، وجمع لنفسه " معجمًا " ونسخ الكثير وحصّل ورجع.
ثُمَّ قَدِمَ دمشق وحدث وروى عنه النجم ابن الخبّاز والمِزّيّ وطائفة وقرأ عليه عَلَم الدِّين البِرْزاليّ " صحيح مُسْلم " بروايته عن صالح المُدلْجيّ، [ص:761]
ونزل فِي السُّمَيْساطيّة، ثُمَّ رجع إلى القاهرة فأقام يسيرًا وتُوُفيّ فِي ثالث عَشْر المُحَرَّم، رحمه اللَّه.(15/760)
153 - إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم بْن عبد العزيز بْن عُمر، العَدْل، المرتضى، الأمين، مجدُ الدِّين أبو إسحاق الْقُرَشِيّ، الْجَزَريّ، التاجر، [المتوفى: 693 هـ]
والد صاحبنا العَدْل الرئيس شمس الدين صاحب " التاريخ ".
ولد سنة تسع وستمائة بالجزيرة العُمريّة وأكثر التَّرحال فِي التّجارة إلى العراق والهند واليمن والنّواحي، ودخل أكثر من سبعين مدينة وصحب الشيخ عليا الخباز مدّة، ثُمَّ استوطن دمشق من سنة أربع وخمسين، ووُلِد له جماعة أولاد، أكبرهم سِنًّا وقدْرًا المولى شمس الدِّين، أبقى اللَّه حياته وعمل بزّازًا بالرمّاحين.
وكان خَيّرًا صالحًا، صَدوقًا، ديِّنًا، مقبول القول، حَسَن البِزّة وافر الحُرْمة، تُوُفّي فِي ثاني عَشْر صَفَر ودُفِن بمقبرة باب الصّغير، رحمه اللَّه تعالى.(15/761)
154 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سالم بْن أَبِي المَوَاهبِ الحسنِ بن هبة اللَّه بن محفوظ ابن صَصْرَى، الصّاحب جمال الدِّين التَغلبِيّ، الدّمشقيّ، [المتوفى: 693 هـ]
ناظر الدواوين.
وُلّي حسبة دمشق مدّة، ثُمَّ وُلّي الديوان، وكان عاقلًا، رئيسًا، متموّلًا، مَهيبًا، عارفًا، خبيرًا، ذا رأي وصرامة وكفاءة، إلا أنّه كان ظالمًا سامحه اللَّه {ووجدوا ما عملوا حاضرًا}.
تُوُفّي ليلة الجمعة فِي شوّال فِي عَشْر الخمسين، أو جازها بيسير.(15/761)
155 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور، الرئيس الفقيه، أبو إسحاق الأصبحيّ ويُعرف بابن الرشيد التّونسيّ. [المتوفى: 693 هـ]
ناب فِي القضاء وأخذ عن: أَحْمَد بْن معاوية وعبد الرحيم بْن طَلْحَة.
روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن جَابِر الوادياشيّ وقال: تُوُفّي فِي المحرم سنة ثلاث [ص:762]
وتسعين.(15/761)
156 - إدريس بْن مُحَمَّد بْن أبي الفَرَج المفرّج بْن الْحُسَيْن بْن إدريس بْن مُزيْز، الشَّيْخ الإِمَام، المحدَّث تقيُّ الدِّين، أبو مُحَمَّد الحَمَويّ. [المتوفى: 693 هـ]
سمع من أبي القَاسِم بْن رواحة وأخيه النفيس وصفية القرشية والموفق يعيش النَّحْويّ ومدرك بْن حُنَيش والقاضي أبي إسحاق إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المنعم وهذه الطبقة، وكتب الأجزاء، وعني بالحديث وتميّز فِيهِ، روى عَنْهُ شيخنا الدّمياطيّ والمِزّيّ والبِرْزاليّ وجماعة.
وذكره المحدّث جمال الدِّين ابن الصّابونيّ فِي كتاب " تكملة إكمال الإكمال " فِي مُزَيْز ومُرَيْر، وقال: مُرَير، بمهملتين، الفقيه أبو طَالِب مدرك بْن أبي بَكْر بْن مُرير الحَمَويّ، الشّافعيّ، تفقَّه ببغداد وكان فِيه ذكاء مُفْرِط وولي تدريس الأكزيّة بدمشق وعقود الأنكحة،، وسمع من أبي المحاسن يُوسُف بْن رافع قاضي حلب، ثُمَّ ذكر إدريس بْن مُزَيْز.
قلت: تُوُفّي فِي العشرين من ربيع الآخر بحماة وقد سَمِعت من أولاده ستّ الدّار وتاج الدِّين أَحْمَد وزين الدِّين عَبْد الرحيم، وقد حدث بدمشق في سنة ثمانين، وصنف كتاب " الأحكام " كبيراً رأيته بخطه.(15/762)
157 - إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن سُلْطان، أبو إِبْرَاهِيم البَعْلَبَكيّ، الكتّانيّ. [المتوفى: 693 هـ]
سكن دمشق وحدَّث بها عن البهاء عَبْد الرَّحْمَن وكان رجلًا خيرا، صالحًا، تاليًا لكتاب اللَّه، سَمِعت منه أَنَا وابن الخبّاز والمِزّيّ وابن النّابلسيّ وجماعة وتُوُفيّ فِي ذي القعدة، وكان إمام مسجد، وكان من أبناء الثمانين، رحمه اللَّه.(15/762)
158 - آمنة بِنْت التّقي محمد ابن البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم المَقْدِسيّ. [المتوفى: 693 هـ]
حضرت جَدّها وسمعت " الصّحيح " من ابن الزَّبِيديّ وحدَّثت [ص:763]
وتُوُفيّت فِي رجب، لم أسمع منها وهي زوجة السيف ابن المجد.
وكانت من العوابد.(15/762)
159 - بكْتَاش، الأمير بدرُ الدِّين، أستاذ دار ملك الأمراء حسام الدِّين لاجين المَنْصُورِيّ. [المتوفى: 693 هـ]
مات فِي هذه السَّنَة.(15/763)
160 - بكتوت، العلائيّ، الأمير الكبير بدر الدين. [المتوفى: 693 هـ]
أمير محتشم، من أكبر أمير بدمشق، ثُمَّ انتقل إلى الدّيار المصريّة وعَلَت رُتبته فِي الدّولة الأشرفيّة،، ومات كهْلًا بمصر فِي جُمَادَى الآخرة.(15/763)
161 - بَيْدَرا، المَقَرّ العالي، نائب المملكة الأشرفيّة، بدر الدِّين. [المتوفى: 693 هـ]
كان من أعزّ النّاس عند أستاذه السّلطان الملك المنصور، وكان من كبار المقدمين فِي دولته، فَلَمّا تملّك الملك الأشرف جعله أتابكه، وكان يرجع إلى دِين وعدْل، ثُمَّ خرج على مخدومه وساق إليه وقتله ورجع تحت عصائب السَّلْطَنَة وحلفوا له ووعدوه بالمُلْك، فلم يتمّ له الأمر وقتلوه من الغد في ثالث عشر المحرم، ولم يتكهل.(15/763)
162 - تاج الدِّين ابن الحَيْوان، هُوَ الإِمَام البارع، أبو يُوسُف موسى بْن مُحَمَّد المَرَاغِيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 693 هـ]
كان فقيها، مناظرا، عارفا بالأصول والفقه، تُوُفّي فجاءة بدمشق.
رَأَيْته يشتغل بالنّاصريّة وكان معيدها وخلّف ولدين فاضلين ماتا شابَّيْن،، ومات هُوَ فِي صفر، ورأيته شيخًا مربوعًا، كبير اللحية.(15/763)
163 - حافظ الدِّين، شيخ بُخاري، هُوَ العَلامَة أبو الفضل، مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نَصْر ابن القلانِسيّ، الْبُخَارِيّ، الحَنَفِيّ. [المتوفى: 693 هـ]
وُلِدَ فِي حدود سنة خمس عشرة وستمائة، وسمع من المحدّث أَبِي رشيد الغزال وتفقَّه على شمس الأئمّة الكردريّ. [ص:764]
روى لنا عَنْهُ أَبُو العلاء الفَرَضيّ وقال: كان إمامًا، زاهدًا، قانتًا، ربانيا، صمدانيا، مفتيا، محققا، محدثا، مشارا إليه في حل مشكلات " الكشاف " جامعا لأنواع العلوم، مدرّسًا، عارفًا بالفقه والأصلين والتّفسير، سخيًّا، جوادًا، مشفقا على الطَّلبة حجّ، ودخل الشَّام وعاد إلى بلاده، تُوُفّي فِي شعبان.
قال: وكان على قاعدة السَّلَف عِلمًا وعملًا، قد جزأ اللّيل، فالثُّلُث الأوّل للراحة والثاني للعبادة والثالث لمطالعة العلم، وكان يتلألأ وجهه نورًا، فلم تر عيناي مثله فِي سَمْته وحُسن طريقته، قرأ سائر العلوم على شمس الأئمَّة مُحَمَّد بْن عَبْد السّتّار الكَرْدَريّ، وسمع منه ومن: عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم المحبوبيّ وأبي رشيد الغزّال وغيرهم، وكان شيخ الإسلام ببلاد المشرق، رحمة اللَّه عليه.(15/763)
164 - الْحَسَن بْن عِيسَى بْن حَسَن الشَّيْخ نجم الدِّين ابن أخي قاضي القُضاة برهان الدِّين الخضِر الزرْزاريّ، السّنْجاريّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 693 هـ]
روى عن السّاوي وسِبط السِّلَفيّ، ومات في رجب.(15/764)
165 - حسين بن داود، المجود، شمس الدين الشهرزوري، الكاتب، [المتوفى: 693 هـ]
شيخ معمر جاوز التسعين
وَحَدَّثَ عَنْ: التّاج بْن أبي جَعْفَر ومحمد بْن أبي العجائز،
وكتب عليه جماعة منهم العلامة شرف الدين أحمد ابن المقدسي
وتوفي بجبل قاسيون في رجب.(15/764)
166 - خليل بْن قلاوون، السّلطان، الملك، الأشرف، صلاح الدِّين وُلِدَ السّلطان الملك المنصور سيف الدِّين، الصّالحيّ النَّجميّ. [المتوفى: 693 هـ]
جلس على تخْت المُلْك فِي ذي القعدة سنة تسعٍ وثمانين وستّمائة، واستفتح المُلك بالجهاد وسار، فنازل عكّا، وافتتحها ونظَّفَ الشَّام كلّه من الفرنج، ثُمَّ سار فِي السَّنَة الثانية فنازل قلعة الرّوم وحاصرها خمسة وعشرين يَوْمًا وافتتحها وفي السَّنَة الثالثة جاءته مفاتيح قلعة بَهْنَسَا من غير قتال إلى دمشق، ولو طالت حياته لأخذ العراق وغيرَها، فإنّه كان بطلًا شجاعًا، مِقدامًا، مَهيبًا، عالي الهمّة يملأ العين ويُرِجف القلب. [ص:765]
رَأَيْته مرّات وكان ضخمًا، سمينًا، كبير الوجه، بديع الجمال، مستدير اللّحية، على صورته رَوْنق الحُسْن وهيبة السَّلْطَنَة، وكان إلى جُوده وبذله للأموال فِي أغراضه المنتهى، وكان مخوف السَّطْوة، شديد الوطْأة، قويّ البطْش، تخافه الملوك فِي أمصارها والوحوش العادية فِي آجامها، أباد جماعة من كبار الدّولة، وكان منهمكًا على الّلذات لا يعبأ بالتّحرّز على نفسه لفرط شجاعته وما أحسبه بلغ ثلاثين سنة، ولعلّ اللَّه عزّ وجلّ قد عفا عَنْهُ وأوجب له الجنّة على كثرة ما فرّط فِي جنْب اللَّه، نسأل اللَّه العفو والعافية.
ولمّا كان فِي ثالث المُحَرَّم توجّه من القاهرة هُوَ ووزيره الصّاحب الكبير شمس الدِّين وأمراء دولته، فَلَمّا وصل إلى الطَّرّانة فارقه الوزير إلى الإسكندريّة فقدِمها وعسف وصادر، ونزل السّلطان بأرض الحمّامات للصيد وأقام إلى يوم السبت ثاني عَشْر المُحَرَّم، فَلَمّا كان وقت العصر وهو بترُّوجة حضر نائب السَّلْطَنَة بَيْدَرا وجماعة أمراء، وقد كان السّلطان أمره بُكْرةً أنّ يمضي بالدهليز ويتقدم وبقي هو يتصيد وليعود إلى الدّهليز عشيّة، فأحاطوا به وليس معه إلا شهاب الدِّين ابن الأشلّ أمير شكار، فابتدره بَيْدَرا فضربه بالسيّف قطع يده وضربه حسام الدِّين لاجين على كتفه حلّها وصاح: " من يُريد المُلْك هذه تكون ضربتُه "، يشير إلى بَيْدَرا، فسقط السّلطان ولم يكن معه سيفٌ فيما قيل، بل كان فِي وسطه بند مشدود، ثُمَّ جاء سيف الدِّين بهادُر رأس النَّوبة فأدخل السّيف من أسفله فشقّه إلى حلقه، وتركوه طريحًا فِي البريّة والتفوا على بيدرا وحلفوا له، وساق تحت العصائب يطلب القاهرة وتسمّى فيما قيل بالملك الأوحد، وبات تلك الليلة وأصبح يسير، فَلَمّا ارتفع النّهار إذا بطُلْبٍ كبير قد أقبل، يقدمه الأميران: زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذ دار يطلبون بَيْدَرا بدم أستاذهم وذلك بالطّرانّة، فحملوا عليه، فتفرّق عَنْهُ أكثر من معه، فقُتِل في الحال وحمل رأسه على رمح وجاؤوا إلى القاهرة فلم يمكنّهم الشُّجاعيّ من التّعديّة وكان نائبًا للسلطان فِي تلك السَّفرة، فأمر بالشواني والمراكب كلها، فرُبطت إلى الجانب الآخر، ونزل الجيش على الجانب الغربيّ، ثُمَّ مشت بينهم الرسُل على أنّ يقيموا فِي السَّلْطَنَة أخا السّلطان وهو المولى السّلطان الملك النّاصر، أيّده اللَّه، فتقرّر ذَلِكَ، وأجلسوه على التّخت السّلطانيّ فِي يوم الاثنين رابع عَشْر المُحَرَّم بأنْ يكون أتابكه كَتْبُغا ووزيره الشُّجاعيّ، واختفى حسام [ص:766]
الدِّين لاجين وغيره ممّن شارك فِي قتل السّلطان.
قَالَ شمس الدِّين الْجَزَريّ فِي " تاريخه ": حَدَّثَنِي الأمير سيف الدين أبو بكر ابن المحفّدار قال: كان السّلطان، رحمه اللَّه، قد نفّذني بُكرةً إلى بَيْدَرا بأن يتقدَّم بالعسكر، فَلَمّا قلت ذَلِكَ نفر فِيّ وقال: السّمع والطاعة، كَم يستعجلني، ثُمَّ إنّي حملت الزَّرَدْخاناه والثقل الذي لي وركبت، فبينما أَنَا ورفيقي الأمير صارم الدِّين الفخريّ ورُكن الدِّين أمير جَنْدار عند الغروب سائرين وإذا بَنجّابٍ، فقلنا: أَيْنَ تركتَ السّلطان؟ فقال: يطوّل اللَّه أعمارُكم فِيهِ، فبُهتْنا وإذا بالعصائب قد لاحت، ثُمَّ أقبل الأمراء وفي الدَّسْت بَيْدَرا، فجئنا وسلَّمنا، ثُمَّ سايَرَه أمير جَنْدار فقال: يا خَونْد، هذا الَّذِي تمّ كان بمشورة الأمراء؟ قال: نعم، أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم وها هُمْ حضور، وكان من جملتهم حسام الدِّين لاجين وبهادُر رأس النَّوبة وشمس الدِّين قراسُنْقُر وبدر الدِّين بَيْسريّ، ثُمَّ شرع بَيْدَرا يعدّد ذنوبه وهناته وإهماله لأمور المسلمين واستهتاره بالأمراء وتوزيره لابن السَّلعوس، ثُمَّ قال: رأيتم الأمير زين الدِّين كَتْبُغا؟، قُلْنَا: لا فقال له أمير: يا خَوْند كان عنده عِلْم من هذه القضية؟ قال: نعم، هُوَ أوّل من أشار بها، فَلَمّا كان من الغد جاء كَتْبُغا فِي طُلْب نحو ألفين من الخاصكيّة وغيرهم والحسام أستاذ الدار، ثُمَّ قوّس كَتْبُغا وقصد بَيْدَرا وقال: يا بَيْدَرا أَيْنَ السّلطان؟ ثُمَّ رماه بالنّشّاب ورموا كلّهم بالنّشّاب فقتلوه وتفرّق جَمْعه وسيروا رأسه إلى القاهرة، فلما رأينا ذَلِكَ التجأنا إلى جبل واختلطنا بالطُّلْب الَّذِي جاء، فعرفنا بعضُ أصحابنا فقال لنا: شُدوا بالعجلة مناديلكم فِي رقابكم إلى تحت الإبط، يعني شعارهم.
قال ابن المحفّدار: وسألت شهاب الدين ابن الأشلّ: كيف كان قتْل السّلطان؟ قال: جاء إليه بعد رحيل الدّهليز الخبر إن بَترُّوجَة طَير كثير، فقال لي: امش بنا حَتَّى نسبق الخاصكيّة، فركِبنا وسِرنا، فرأينا طيرًا كثيرًا، فرمى بالبندق وصرع كثيرًا، ثُمَّ قال: أَنَا جيعان، فهل معك شيء تُطعمني؟ فقلت: ما معي سوى فَرُّوجة ورغيف فِي سولقي، قال: هاتِه فناولته فأكله ثُمَّ قال: امسك فرسي حَتَّى أبول، قال: فقلت: ما فيها حيلة أنت راكب حصان وأنا [ص:767]
راكب حُجْرة وما يتَفقان، فقال: انزل أنت واركب خلفي وأركَبُ أَنَا الحُجْرة وهي تقف مع الحصان إذا كنت فوقه، فنزلت وناولته لجامها وركبت خلفه، ثُمَّ نزل هُوَ وجلس يُريق الماء وجعل يولع بذكَرَه ويمازحني، ثُمَّ قام وركب حصانه ومسك لي الحُجْرة حَتَّى ركبت وإذا بغُبارٍ عظيم فقال لي: سُقْ واكشف الخبر، فسقت فإذا بَيْدَرا والأمراء، فسألتهم عن سبب مجيئهم، فلم يردّوا عليّ وساقوا إلى السّلطان، فبدأه بَيْدَرا بالضربة فقطع يده وتمّمه الباقون، ثُمَّ بعد يومين طلع والي تَرَّوجة وغسّلوه وكفّنوه ووضعوه فِي تابوت، ثُمَّ سيّروا من القاهرة الأمير سَعد الدِّين كوجَبَا النّاصريّ فأحضر التابوت ودُفِن فِي تُربة والدته، وكان من أبناء الثلاثين.(15/764)
167 - سَنْجَر، الأمير الكبير، عَلَمُ الدِّين الشُّجاعيّ، المَنْصُورِيّ. [المتوفى: 693 هـ]
كان رجلًا طويلًا، تامّ الخلْقة، أَبِيض اللون، أسود اللّحية، عليه وقار وهَيبة وسكون وفي أنفه كِبَر وفي أخلاقه شراسة وفي طبيعته جَبَروت وانتقام وظُلْم، وله خبرة تامّة فِي السّياسة والعمارات والرأي، وُلّي شدّ الدّيار المصريّة، ثُمَّ الوزارة، ثُمَّ وُلّي نيابة دمشق، فلطف الله بأهلها وقلل من شره بعض الشيء فوليها سنتين، ثُمَّ صُرف بعزّ الدِّين الحَمَويّ وانتقل إلى مصر عالي الرُتْبة وافر الحُرمة، ولقد كان يعرض فِي تجمُّل وهيبة لا تنبغي إلا لسلطان، ولمّا قَدِمَ من قلعة الرّوم كان دخوله عَجَبًا، طلب جارنا يونس الحريري وأمره أنّ يعمل له سناجق أطلس أبيض وفيه عُقاب أسود، فعملها على هيئة سناجق السَّلْطَنَة، قال لي يونس: عملناها عرض أربعة أذرع بالجديد، في طول نحو تسعة أذرع.
قلت: كان منها فوق كوساته خمسة صفّا واحدًا، وهي فِي غاية الحُسن واللمعان ولها طزر مقصوصة محررة، أظن فيها: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينا}، وتعجَّبَ النّاس وقالوا: هذه لا تكون إلا لسلطان وكان رنكه قبل ذلك لت أحمر في بياض ..
وكان له من الخيل المسوّمة والمماليك التُّرْك والزّينة والذَّهب والرَّخْت [ص:768]
وغير ذَلِكَ شيء كثير وكان شجاعًا، مَهِيبًا، جبَارًا، من رجال العالم ولولا جوره لكان يصُلح للمُلْك، وكان له فِي الجملة مَيْل إلى أهل الدِّين وتعظيم للإسلام وعمل الوزارة فِي أول الدّولة النّاصريّة أكثر من شهر.
ثُمَّ قُتِل شرّ قِتْلة، عصى فِي القلعة وجرت أمور، فَلَمّا كان يوم الرابع والعشرين من صَفَر عجز وطلب الأمان، فلم يُعطوه أمانًا وطلع إليه بعض الأمراء وقال: انزل إلى عند السّلطان الملك النّاصر، فمشي معهم، فضربه واحد منهم طيّر يده، ثُمَّ طيّر آخر رأسه وعُلّق رأسُه فِي الحال على سور القلعة، ودُقّت البشائر، ثُمَّ طافت المشاعليّة برأسه فِي الأسواق وجبوا عليه والنّاس يشتمونه لظُلمه وعسفه، فلا قوة إلا بالله، ومات وقد قارب الخمسين.(15/767)
168 - عَائِشَة بِنْت الجمال عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك بْن عثمان، أمّ عَبْد اللَّه المقدسيّة، [المتوفى: 693 هـ]
زَوْجَة شيخنا نصر اللَّه بْن عيّاش، وأمّها هِيَ زينب بِنْت مكّيّ.
سَمِعت من أَبِي المجد القزوينيّ، سمع منها: البِرْزاليّ والطَّلَبَة وتُوُفّيَتْ فِي ثالث ربيع الآخر.(15/768)
169 - عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن أبي مُحَمَّد، الشَّيْخ رشيد الدِّين، أبو مُحَمَّد القاهريّ، الضّرير. [المتوفى: 693 هـ]
شيخ صالح خَيّر، سمع من أبي طَالِب بْن حديد، والفخر الفارسيّ وابن باقا وهو أخو عِيسَى المذكور عام أول.
توفي في جمادى الآخرة، كتب عَنْهُ الجماعة وهو آخر من روى عن ابن حديد بالسَّماع.(15/768)
170 - عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن منجد، الأديب البارع، تقيُّ الدِّين السُّروجي. [المتوفى: 693 هـ]
له نظْم جيّد سائر.(15/768)
171 - عَبْد الحقّ بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بن مسعود بن شمائل، الإِمَام، أبو مُحَمَّد البغداديّ، الصَّيْدلانيّ، [المتوفى: 693 هـ]
خطيب جامع فخر الدّولة ابن المطَّلب ووالد الشَّيْخ العَلامَة الكبير صفيّ الدِّين عَبْد المؤمن، أحسن اللَّه إليه.
ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وروى عن عبد الحميد بن بنيمان سِبْط أبي العلاء، كتب عَنْهُ أبو العلاء الفرضي وعبد الرزاق ابن الفُوطيّ مؤرّخ العراق وجماعة. وتُوُفيّ فِي أول ذي الحجّة.(15/769)
172 - عَبْد الحميد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن فارس، العَدْل، مكينُ الدِّين ابن الزَّجّاج العلثيّ، البغداديّ، الحنبليّ. [المتوفى: 693 هـ]
وُلِدَ سنة عشرين وستمائة وقدِم دمشق للحجّ سنة أربعٍ وثمانين. وحدث عن: ابن روزبة والقطيعي، والحسن ابن الأمير السيّد والأنجب الحمامي وابن بهروز وجماعة.
مات في أول العام - إن شاء الله - وكان دينا عابدا ثقة.(15/769)
173 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن، العدل، نجم الدين المراغي، ثم المصري. [المتوفى: 693 هـ]
توفي في شعبان، وقد سمع منه البِرْزاليّ وغيره بالقاهرة عن ابن خليل.(15/769)
174 - عَبْد الكافي بْن عَبْد القادر بْن خَلَف بْن نبهان، الأَنْصَارِيّ، السَّماكيّ، الزَّمْلكانيّ، شمسُ الدِّين. [المتوفى: 693 هـ]
مات بزمْلَكا فِي ذي القعدة. وكان معمرًا.(15/769)
175 - عَبْد الملك بْن معالي بْن مفضّل، كَمَال الدِّين الْجَزَريّ، ثُمَّ الواسطيّ. [المتوفى: 693 هـ]
نزيل مصر.
روى عن ابن المُقَيَّر، وابن رواج. وتُوُفيّ فِي جُمَادَى الآخرة.(15/769)
176 - عَبْد الواحد بْن عثمان بْن عبد الواحد، ابن قاضي بالس، الرئيس نجم الدِّين [المتوفى: 693 هـ]
سِبْط ابن جرير الوزير. [ص:770]
روى عن ابن اللَّتّيّ، وغيره. ومات يوم عاشوراء.(15/769)
177 - علاء الدِّين الأعمى، الرُكنيّ، الأمير الزَّاهد، قيل: اسمه إيدغدي، [المتوفى: 693 هـ]
ناظر أوقاف القدس، ومنشيء العمارات والرُبَط، وغير ذَلِكَ بالقدس والخليل والمدينة النبوية.
كان من أحسن الناس سيرة وأجملهم طريقة. انغمرت الأوقاف فِي أيامه وتضاعف المُغَلّ، واشتهر ذِكره، وتُوُفيّ إلى رحمة اللَّه بالقدس فِي شوّال، وصُلّي عليه بدمشق صلاة الغائب.(15/770)
178 - عمر بن عبد العزيز ابن الشماع، موفق الدين. [المتوفى: 693 هـ]
مات بالثغر عن ثمانين سنة فِي صَفَر، سمع من أبي البركات مُحَمَّد بْن يحيى الْمَصْرِيّ وطائفة.(15/770)
179 - فخر الدِّين ابن لُقمان، الوزير الكاتب، شيخ الإنشاء واسمه إبراهيم بن لقمان بن أحمد بن محمد الشيباني الإسْعرْديّ. [المتوفى: 693 هـ]
وُلِدَ سنة اثنتي عشرة وستّمائة وبرع فِي الرسائل والأدب ورُزق السّعادة والتّقدُّم فِي الدُّوَل، وطال عُمُره. رَأَيْته شيخًا بعمامة صغيرة. وقد حدُّث عن: ابن رواجٍ، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ والطَّلَبَة. وتُوُفّي فِي الثالث والعشرين من جُمادي الآخرة بمصر. وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بالنّيّة.
وقد وُلّي وزارة الصّحبة للملك السّعيد، ثُمَّ وَزَرَ مرَّتين للملك المنصور. وأصله من المعدن من بلاد إسعِرْد. وكان قليل الظُّلْم، فِيهِ إحسان إلى الرّعية. وكان إذا عُزل من الوزارة يأخذ غلامه الحرمدان خلفه ويكبر إلى ديوان الإنشاء ما كأنّ جرى شيء، ولمّا افتتح الملك الكامل آمِد كان ابن لقمان شابًا يكتب على عرصة القمح بها، وينوب عن النّاظر. وكان البهاء زهير كبير الإنشاء للكامل، فاستدعي من ناظر آمد حوائج فكانت الرسالة ترد إليه بخط ابن لقمان، فأعجب البهاء زهير خطه وعبارته، فاستحضره وأخذه ونوه به وناب عنه في ديوان الإنشاء، ثم قدم منفيا في الدولة الصالحية وهلم جرا إلى أوائل [ص:771]
الدولة الناصرية - بسط الله عدلها - وانتهت إليه رياسة الإنشاء معرفة وقعددا وسنا، وله ترسل كثير سائر، ونظم حسن.(15/770)
180 - كافور الصواف، عتيق ابن الفوي. [المتوفى: 693 هـ]
شيخ مبارك، روى عن ابن عماد وغيره، كتب عَنْهُ عامّة الطَّلَبَة. وتُوُفيّ بمصر فِي الرّابع والعشرين من ربيع الآخر وله ثلاثٌ وثمانون سنة. وكان بسوق الأنماطيّين.(15/771)
181 - كِنْدي بْن عُمَر بْن كِنْدي بْن سَعِيد بْن عليّ، العَدْل، الصّالح، تاج الدِّين، أبو مُحَمَّد الكِنْديّ، الدّمشقيّ، عامل الأيتام، [المتوفى: 693 هـ]
أخو زينب شيختنا.
حدث عن: كريمة، والضّياء. سمع منه: البِرْزاليّ وغيره وتُوُفيّ فِي أوائل السَّنَة بحصن بلاطُنُس.(15/771)
182 - كيختو بْن هولاكو، ملك التَّتَار. [المتوفى: 693 هـ]
تسلطن بعد هلاك أرغون ابن أخيه أبغا فِي سنة تسعين، وأقام بالروم مدة، ومالت طائفة إلى ابن أخيه بَيْدو فملّكوه، وجرى بينهم خُلْف. ثُمَّ قوي بيدو وتملّك العراق وخُراسان، وقاد الجيوش، وجبي الأموال. وسار كلٌّ منهما لقصد الآخر فالتقوا. وقُتل كيختو فِي هذه السَّنَة، واحتوى بيدو على الأمر، لكنْ خرج عليه قازان بْن أرغون، وكان متسلّمًا ثغر خُرَاسَان عاصيًا على الرجلين، فَلَمّا بلغه قتل كيختو جمع الجيوش وطلب المُلك. وكان كيختو له مَيْلٌ إلى المسلمين وإحسان إلى الفقراء، بخلاف بيدو، فإنّه كان يميل إلى النّصارى، وقيل: إنّه تنصَّر. وكلاهما ماتا على الشرك والكفر بالله.(15/771)
183 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الخليل بْن سعادة بْن جعْفَر، قاضي القُضاة، ذو الفنون، شهاب الدين، أبو عبد الله ابن قاضي القُضاة شمس الدِّين الخُوَيّي الشّافعيّ، [المتوفى: 693 هـ]
قاضي دمشق وابن قاضيها.
وُلِدَ فِي شوّال سنة ست وعشرين بدمشق، ونشأ بها، واشتغل فِي صِغره. ومات والده وله إحدى عشرة سنة فبقي منقطعًا بالعادليَّة. ثُمَّ أدمن الدرس [ص:772]
والسّهر والتكرار مدّة بالمدرسة وحفظ عدّة كُتب وعَرَضَها، وتنبّه وتميز على أقرانه. وسمع فِي صَغره من ابن اللَّتّيّ، وابن المُقَيَّر، والسَّخاويّ، وابن الصّلاح. وأجاز له خلْق من إصبهان، وبغداد، ومصر، والشام. وخرَّج له تقيُّ الدِّين عُبَيْد الحافظ معجمًا حافلًا. وخرَّج له أَبُو الحَجّاج الحافظ أربعين متباينة الإسناد. وحدَّث بمصر ودمشق. وأجاز له عُمَر بْن كرم، وأبو حفص السُّهْرَوَرْديّ ومحمود بْن مَنْده، وهذه الطّبقة.
ولم أسمع منه، بل مشيت إليه وشهد فِي إجازتي من الحاضرين بالقراءات وامتحنني فِي أشياء من القراءات، وأعجبه جوابي وتبسِّم. وكان يحبّ أرباب الفضيلة ويُكرمهم، ويلازم الاشتغال فِي كِبَره. ويصنّف التّصانيف. وكان - على كثرة علومه - من الأذكياء الموصوفين، ومن النُّظّار المنصفين. يبحث بتُؤَدَة وسكينة، ويفرح بالفقيه الذّكيّ ويتألّفه، وينوَه باسمه. وكان حَسَن الأخلاق حُلْو المجالسة، ديّنًا، متصوِّنًا، صحيح الاعتقاد، مع كثرة نظره فِي الحكمة والعقليّات. وقد صنَّف كتابًا فِي مجلد كبير يشتمل على عشرين فنًّا من العِلم، وشَرَح " الفصول " لابن مُعْطٍ، ونظم " علوم الحديث " لابن الصّلاح، و " الفصيح " لثعلب و " كفاية المتحفّظ ". وقد شرح من أول " ملخّص القابسيّ " خمسة عشر حديثا فِي مجلّد، فلو تم هذا الكتاب لكان يكون أكبر من " التّمهيد " وأحسن. وله مدائح فِي النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشِعره جيّد فصيح. وكان يحبّ الحديث وأهله ويقول: أنا من الطلبة.
درس وهو شابّ بالدّماغية، ثُمَّ وُلّي قضاء القدس قبل هولاكو وأيامه، ثُمَّ انجفل إلى القاهرة فولي قضاء المحلّة والبَهْنَسا، ثُمَّ قَدِمَ الشَّام على قضاء حلب. ثُمَّ رجع وعاد إلى قضاء المحلّة. ثُمَّ وُلّي قضاء القُضاة بالدّيار المصرية بعد الثمانين، ثُمَّ نُقل إلى قضاء الشَّام عند موت القاضي بهاء الدِّين ابن الزّكيّ. [ص:773]
سمع منه: الفَرَضيّ والمِزّيّ والبِرْزاليّ، والخَتَنيّ، وعلاء الدين المقدسي، والشهاب ابن النابلسي، وروى " صحيح الْبُخَارِيّ " بالإجازة نَوبة عكا. وسمع منه خلْق. وكان رَبعةَ من الرجال، أسمر، مَهيبًا، كبير الوجه، فصيح العبارة، مستدير اللّحية، قليل الشَيْب.
تُوُفّي فِي بُستان صيَّف فِيهِ بالسهَّم يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان. وصُلّي عليه بالجامع المظفّريّ بين الصلاتين ودُفِن عند والده بتُربته بالجبل.
وقد سَأَلت شيخنا المِزّيّ عَنْهُ، فقال: كان أحد الأئمّة الفُضَلاء فِي عدّة علوم. وكان حَسَن الخُلُق، كثير التّواضع، شديد المحبّة لأهل العلم والدّين.
وقد استوفى أخباره مجد الدين الصَّيْرَفيّ فِي "معجمه " وقال: كان علامة وقته وفريدَ عصره. وأحد الأئمّة الأعلام، وكان جامعًا لفنون من العلم كالتفسير والأصلين، والفِقه، والنحو، والخلاف، والمعاني، والبيان، والحساب، والفرائض، والهندسة، ذا فضل كامل، وعقلٍ وافر، وذهن ثاقب - رحمه اللَّه -.
ومن شِعره لمّا تخلّف عن الركْب بمكة ثُمَّ أصبح ولحِق بهم.
إنّ كان قصدُك يُفضي إلى عَدَمي ... فنظرةٌ منك لا تغلو بسفك دمي
يلذّ لي فيك ما يُرضيك من تَلَفي ... وحُسن حالي من برئي ومن سقمي
كُنْ كيف شئتَ فما لي قَطُّ عنك غِنى ... أنت المحكّم فِي الحالات فاحتكمِ
كم شدّة فرّجت باللُّطف منك وقد ... سألتك اللُّطْفَ فِي داجٍ من الظُلَمِ
وذكر القصيدة.(15/771)
184 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عمر، الإمام، أبو عبد الله ابن الدراج التلمساني، الأنصاري. [المتوفى: 693 هـ]
نشأ بسبتة يتيمًا، فكلفه الغَرَفيّ صاحب سبْتة. وكان أحسن أقرانه فِي زمانه. قرأ القراءات على أبي الحسن ابن الخضار، والنَّحْو على أَبِي الحُسين بْن أبي الربيع. وسمع " الْبُخَارِيّ " من أبي يَعْقُوب المجسّانيّ، عن ابن الزبيدي [ص:774]
قال لي أبو القَاسِم بْن عِمْرَانَ: كان شيخنا ابن الدرّاج روضة معارف، متفنّنًا فِي العلوم. ولاه أمير المغرب أَبُو يَعْقُوب المَرِينيّ قضاء سلا.
مات فِي رمضان فِي سنة ثلاثٍ وتسعين كهلًا.(15/773)
185 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن منور بن شخيان، الصُّوفيّ. [المتوفى: 693 هـ]
سمع يُوسُف الساوي، مات بمصر فِي ذي القعدة.(15/774)
186 - مُحَمَّد بْن إسرائيل بْن يُوسُف، شمس الدين الدمشقي، المعمار. [المتوفى: 693 هـ]
قال البرزالي: حدثنا عن ابن اللَّتّيّ. ومات فِي ذي القعدة.(15/774)
187 - محمد بن شاهنشاه، ابن الملك الأمجد بَهرام شاه بن فرُّوخشاه ابن شاهنشاه بْن أيّوب بْن شاذي، الملك الحافظ، غياث الدِّين. [المتوفى: 693 هـ]
وُلِدَ بدمشق أو ببَعْلَبَكَّ فِي سنة ست عشرة وستمائة، وسمع " صحيح الْبُخَارِيّ " من ابن الزَّبِيديّ وحدَّث به. وأجاز لي مَرْوِيّاته.
وكان أميرًا جليلًا، متميزًا، فاضلاً، نسخ الكثير بخطّه المنسوب. وكان يتردَّد إلى أملاكه بجسرين وخلّف عدّة أولاد. وتُوُفيّ فِي شعبان.(15/774)
188 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز بْن عُمَر، إمام النَّحْو، محيي الدِّين، أبو عَبْد اللَّه الزَّناتيّ، الكُملانيّ، المالكيّ ويُعرف بحافي رأسه. [المتوفى: 693 هـ]
مولده سنة ستٍّ وستّمائة بتاهرْت بظاهر تلمسان، سمع من أبي القَاسِم الصَّفراويّ، وابن رواج، وجماعة. وتصدّر للعربيّة زمانًا، أخذ عَنْهُ تاج الدّين الفاكهانيّ، وطائفة.
تُوُفّي فِي رمضان بالإسكندرية، وتخرج به خلق كثير.
أخذ هُوَ النَّحْو عن أبي مُحَمَّد عَبْد المنعم بْن صالح التَّيْميّ تلميذ ابن برّي، وعن أبي زيد عبد الرحمن ابن الزّيّات، تلميذ مُحَمَّد بْن قاسم بْن قنْداس، وابن قنْداس من أصحاب الْجُزوليّ وأبي ذرّ الخُشَنيّ. وأخذ حافي رأسه أيضًا [ص:775]
عن نحْويّ الثّغر عَبْد العزيز بْن مخلوف الإسكندراني الجراد.
ولقب بحافي رأسه لحفرة كانت فِي دماغه. وقيل: كان فِي رأسه شيء شبه ح. وقيل: لأنَّه كان أوّل أمره مكشوف الرأس. وقيل: رآه رئيس بالثّغر فأعطاه ثيابًا جُدُدًا لبدنه، فقال هُوَ: هذا لبدني ورأسي حافي. فأمر له بعمامة. فلزمه ذلك.
ومن شعره:
ومعتقد أن الرياسة فِي الكِبر ... فأصبح مملوكًا بها وهو لا يدري
يجرّ ذيول العُجْب طَالِب رفعةٍ ... ألا فاعجبوا من طالب الرفع بالجر(15/774)
189 - محمد الشيخ الزاهد العارف أبي عبد الله ابن الشيخ القدوة عبد الله ابن الشَّيْخ الكبير غانم بْن عليّ، النّابلسيّ، المَقْدِسيّ، أبو عَبْد اللَّه الشّافعيّ. [المتوفى: 693 هـ]
قَدِمَ دمشق وتفقَّه مدّة على الشَّيْخ تاج الدِّين الفزاري، وأفتى ببلده مدّة إلى حين وفاته. وكان إمامًا صالحًا، زاهدًا، قُدْوة، كبير القدر. له فقراء ومريدون وأمره مُطاع وحُرمته عظيمة، مع التّواضع والمروءة والصّفات الجميلة. وانتقل إلى رضوان اللَّه فِي يوم الأحد الرابع عَشْر من ربيع الآخر.(15/775)
190 - مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سَعِيد، العَنْسيّ، أبو عَبْد اللَّه السَّبْتيّ. [المتوفى: 693 هـ]
ولد سنة أربع وستمائة، قال ابن رُشَيْدٌ الحافظ: لا يوثق بقوله إلا أنْ يوجد شيء من روايته بخطّ غيره.
مات فِي ربيع الآخر من العام عن تسعٍ وثمانين سنة. أجاز لابن جَابِر التّونسيّ.(15/775)
191 - مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد اللَّه بْن خَلَف، المحدّث، الإِمَام، الصّالح، المفيد، نجمُ الدِّين، أبو بَكْر الْقُرَشِيّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 693 هـ]
أحد الطلبة المشهورين. [ص:776]
سمع: النّجيب عَبْد اللّطيف، وابن علاق، وابن عزُّون، وأصحاب البُوصِيريّ، فَمَن بعدهم. وبدمشق ابن عَبْد الدّائم، وطبقته. ودخل اليمن وجاور مدّة. وكتب الكثير، وحدَّث، عاش خمسين سنة.
روى عَنْهُ قُطْب الدِّين فِي " معجمه " ومات فِي رجب بمكة. وهو أخو شيخنا مُحَمَّد المؤدِّب.(15/775)
192 - مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أبي عَبْد اللَّه بْن صدقة، شيخنا، شمس الدين، أبو عبد اللَّه الدمياطي، ثُمَّ الدّمشقيّ، المقرئ. [المتوفى: 693 هـ]
وُلِدَ فِي حدود العشرين وستمائة. وقرأ القراءات على أَبِي الْحَسَن السَّخاويّ، ولازم خدمته وسمع منه ومن: التاج ابن أبي جعفر، وأبي الوفاء عبد الملك ابن الحنبلي، وغيرهم. وحفظ " الرائية " و " الشاطبية ". وكان ذاكرًا للقراءات ذِكْرًا حسنًا، طويل الروح، حَسَن الأخلاق. وكنت أعرف صورته من الصِغَر، فَلَمّا انقطعت آمالنا من الفاضلي عُرِّفت أنه قرأ على السَّخاويّ، فأتيته إلى حلقته، وحدّثته فِي أنّ يجلس للجماعة، فأجاب، وجلس لنا طرفي النّهار بالكلاسة، فكمّلت عليه القراءات أَنَا وابن بصخان الدّمشقيّ، وابن غدير الواسطيّ. وأفرد عليه جماعة، وتُوُفيّ والشيخ شمس الدِّين الحَنَفِيّ الزّنجيليّ يجمع عليه ولم يكمل.
وسمع منه: ابن الخبّاز، والبِرْزاليّ، وابن سامة، وسليمان بْن حمزة الجامي المقرئ، وجماعة. وكان شيخًا لطيف القدّ، قصيرًا، أسمر، صغير اللّحية، حَسَن البِزّة، له مِلْك ودراهم، أقرأ الجماعة احتسابًا بلا معلوم ولا عوَض، والله يسامحه ويُثيبه، وحصل له عُسْر البَوْل، ومات شهيدّا. ولمّا أيس من نفسه نزل لي عن حلقة إقرائه، وهي من جملة الحِلَق السّبعين. ونزل لسليمان عن السُّبع المجاهديّ. وخلّف ولدًا من أبرع النّاس خطًّا، وأقلَهم فِي الدّيانة حظًّا.
تُوُفّي فِي الحادي والعشرين من صَفَر، ودفنّاه بمقابر الصّوفيّة. وقد رويت عنه في المجلد الأوّل من كتابنا.(15/776)
193 - مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الحق بْن عَبْد الوهاب ابن الشَّيْخ أبي الفَرَج، أبو عَبْد اللَّه بْن أبي الوفاء ابْن الحنبليّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 693 هـ]
روى عن أبيه " الأربعين السِّلَفيّة " وكان له دكان بالحريرييّن.
تُوُفّي يوم عيد النَّحر.(15/777)
194 - مُحَمَّد بْن عثمان بْن أبي الرجاء، الوزير الكبير الصّاحب الأثير، شمس الدِّين التُّنوخيّ الدّمشقيّ، التّاجر، ابن السَّلعوس [المتوفى: 693 هـ]
وزير الملك الأشرف.
كان فِي شبيبته يسافر فِي التّجارة. وكان أشقر، سمينًا، أبيض، معتدل القامة فصيح العبارة، حُلْو المنطق، وافر الهيبة والتُّؤدَة، سديد الرأي، خليقًا للوزارة كامل الأدوات، تامّ الخبرة، زائد الحُمق جدًّا، عظيم التيّه والبأو. وكان جارًا للصاحب تقي الدين البيّع، فصاحَبَه ورأى منه الكفاءة، فأخذ له حسبة دمشق. ذهبتُ إليه مع الذهبيين ليحكم فيهم، فأذاقنا ذلاً وقهرًا. ثم ذهب إلى مصر وتوكّل للملك الأشرف فِي دولة أَبِيهِ فجرت عليه نكبة من السّلطان، ثُمَّ شفع مخدومه فِيهِ، فأُطلق من الاعتقال.
وحج إلى بيت اللَّه، فتملّك فِي غيبته مخدومه الملك الأشرف، وعيّن له الوزارة. وكان مُحِبًّا فِيهِ، معتمدًا عليه، فعمل الوزارة فِي مستحقّها. وكان إذا ركب تمشي الأمراء والكبار فِي خدمته. ودخل دمشق يوم قدومهم من عكا فِي دَسْتٍ عظيم وكبكبة من القُضاة والمفتين والرؤساء والكُتّاب، فلم يتخلّف أحد. وكان الشُّجاعيّ فمن دونه يقفون بين يديه، وجميع أمور المملكة منوطة به. وإذا ركب ركب فِي عدّة مماليك ورؤساء وأمراء، ولا يكاد يرفع رأسه إلى أحدٍ ولا يتكلّم إلا الكلمة بعد الكلمة، قد قتله العجب وأهلكه الكِبْر، فنعوذ بالله من مقت اللَّه. وكان صحيح الإسلام، جيّد العقيدة. فِيهِ ديانة وسُنّة فِي الجملة.
فارق السّلطان كَمَا ذكرنا وسار إلى الإسكندريّة فِي تحصيل الأموال، وفي خدمته مثل الأمير عَلَم الدِّين الدّواداريّ، فصادر متولّي الثغر وعاقبه، فلم ينشب أنّ جاءه الخبر بقتل مخدومه، فركب لليلته منها هُوَ وكاتبه الرئيس شَرَف الدِّين ابن القيسرانيّ - وقال للوالي: افتح لي الباب حتى أخرج لزيارة قبر القباري. ففتح له وسافر. وبلغني فيما بعد أنّ الوالي عرف الحال وشتم الوزير، ثُمَّ أخرجه في ذلة، وجاء إلى المَقْس ليلا، فنزل بزاوية شيخنا ابن [ص:778]
الظّاهريّ، ولم ينم مُعظم اللّيل. واستشار الشَّيْخ فِي الاختفاء، فقال له: أَنَا قليل الخبرة بهذه الأمور، وأُشير عليه بالاختفاء، فقوّي نفسه وقال: هذا لا نفعله ولو فعله عامل من عمّالنا لكان قبيحًا. وقال: هُمْ محتاجون إليَّ، وما أَنَا محتاج إليهم. ثُمَّ ركب بُكرةً ودخل فِي أُبّهة الوزارة إلى داره، فاستمرّ بها خمسة أيّام، ثُمَّ طُلب فِي اليوم السادس إلى القلعة، وأنزل إلى البلد ماشيًا، فسُلَّم من الغد إلى عدوّه مشدّ الصُّحبة الأمير بهاء الدِّين قراقوش، سلّمه إليه الشُّجاعيّ، فقيل: إنّه ضربة ألفًا ومائة مِقْرعة، ثُمَّ سُلِّم إلى الأمير بدر الدِّين المسعوديّ مُشدّ مصر يومئذٍ حَتَّى يستخلص منه، فعاقبه وعذّبه، وحمل جملةً وكتب تذكرة إلى دمشق بسبعة آلاف دينار مودعة عند جماعة، فأُخذت منهم.
ثُمَّ مات من العقوبة فِي تاسع صَفَر، وقد أنتَن جسمه، وقُطع منه اللّحم الميّت قبل موته، نسأل اللَّه العفو والعافية. ومات فِي عَشْر الخمسين أو أكثر.(15/777)
195 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عقيل، الأجلّ، فخر الدِّين ابن الصدر بهاء الدين ابن التنبي، الكاتب. [المتوفى: 693 هـ]
روى عن الشيخ الموفق ابن قُدامة، والعَلَم السَّخاويّ. وكتب الخطّ المليح على طريقة ابن البوّاب. ولم يتّفق لي السّماع منه، وتُوُفيّ بالجاروخية فِي جُمَادَى الأولى.
وقد أقام بالمدرسة الضيائية مدة أيّام، ثُمَّ انتقل منها إلى الجاروخيّة. وكان قد كتب على الوليّ. وكان منعزلًا منقبضًا.(15/778)
• - محمد بن محمد بن نصر، هو حافظ الدين البخاري، [المتوفى: 693 هـ]
ذكرناه بلقبه(15/778)
196 - مُحَمَّد بْن أبي طاهر بْن عَبْد الوهّاب، الشَّيْخ بدر الدِّين أبو عَبْد اللَّه الشّيخيّ، الحلبي، الصوفي، المروزي الأصل. ويعرف بابن شحتان. [المتوفى: 693 هـ]
تُوُفّي بخانكاه سَعِيد السُّعداء، وحدَّث عن يُوسُف بْن خليل. ومات فِي ذي القعدة.(15/778)
• - موسى بن محمد، تاج الدين، [المتوفى: 693 هـ]
مر.(15/779)
197 - مؤنسة، الخاتون، المعمرة وتعرف بالدار القبيطة ابنة السُّلطان الملك العادل أَبِي بَكْر بْن أيوب بْن شاذي. [المتوفى: 693 هـ]
آخر أولاد أبيها موتًا، روت بالإجازة عن: عفيفة الفارفانية وعين الشمس الثّقفيّة، سمع منها: ابن سيد الناس، وابن حبيب، وأولاد ابن الظّاهريّ، والطَّلَبة. وتُوُفيت فِي الرابع والعشرين من ربيع الآخر بالقاهرة. وقد قاربت التسعين. وفي إجازتها من عين الشمس تعميم، لأنّ فِي الاستدعاء: وللموجودين من نسل أيّوب بْن شاذي. وكان مولدها سنة ثلاث وستمائة.(15/779)
198 - نسب بنت يوسف ابن الأطلسي. [المتوفى: 693 هـ]
روت بالإجازة عن أبي الْحَسَن القَطِيعيّ وغيره، وماتت بالقاهرة يوم موت بِنْت العادل أيضًا.
قال عَلَم الدِّين: قرأت عليها جزءًا خرّجه لها سعد الدين الحارثي.(15/779)
199 - يَعْقُوب بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عزَّ الدِّين ابن قاضي اليمن الدّمشقيّ. [المتوفى: 693 هـ]
ولد سنة ست عشرة وستمائة، وحدَّث عن: ابن اللَّتّيّ، ومات بحصن الأكراد فِي هذه السَّنَة.(15/779)
200 - يونس بْن عليّ بْن مرتفع بْن أفتكين، الشَّيْخ ركن الدِّين، أبو الفضائل الحِمْيريّ، الدّمشقيّ، الْمَصْرِيّ الأصل، الشّافعيّ، [المتوفى: 693 هـ]
مدّرس المسرورية.
صدر جليل متميز، روى عن الناصح ابن الحنبليّ، وابن اللَّتّيّ، ومُكرم. وتُوُفيّ فِي شهر رجب.
رَأَيْته وحدّثته مرّة. وأجاز لي مَرْويّاته. وكان ينوب عن القُضاة فِي مصالحة الجوائح ونفّذني أبي إليه فِي طلب جائحة بستان فقضى لنا.(15/779)
201 - أبو القَاسِم بْن حَمَّاد بْن أبي بَكْر، الخطيب، المعمّر، المقرئ، أبو الفضل الحضْرميّ، المهدويّ، اللّبيديّ. [المتوفى: 693 هـ]
لازم القاضي يحيى بْن مُحَمَّد البرقيّ وانتفع به، وأخذ عَنْهُ القراءات وغيرها. وأخذ عن: أبي القَاسِم بْن عليّ بْن البراء، وعبد الرحيم بْن طَلْحَة، قرأ عليه: أبو عَبْد اللَّه الوادياشيّ وسمع منه.
كُفّ بصره بآخرة، ومات فِي آخر العام. وكان مولده في أواخر سنة ستمائة، وكان من علماء تونس - رحمه اللَّه -.(15/780)
-وفيها وُلِدَ:
بدر الدِّين مُحَمَّد بْن يحيى بْن الفويره وبهاء الدين محمد ابن شيخنا شمس الدِّين مُحَمَّد بْن أبي الفتح.(15/780)
-سنة أربع وتسعين وستمائة.(15/781)
202 - أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن نعمة بْن أَحْمَد، الإِمَام، العَلامَة، أقضى القُضاة، خطيب الشَّام، شَرَف الدِّين أَبُو الْعَبَّاس النّابلسيّ، المَقْدِسيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 694 هـ]
بقيّة الأعلام.
كان إمامًا، فقيهًا، محقّقًا، مُتقنًا للمذهب والأصول والعربيّة والنَّظَر، حادّ الذّهن، سريع الفهم، بديع الكتابة، إمامًا فِي تحرير الخطَ المنسوب، درّس بالشاميّة الكبرى، وناب فِي الحكم عن ابن الخُوَيّي، وكان من طبقته فِي الفضائل. وولي دار الحديث النّوريّة. ثُمَّ وُلّي الخطابة. ثُمَّ مات حميدًا، فقيدًا، سعيدًا.
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وستمائة ظنًا بالقدس إذ أبوه خطيبها. وأجاز له الفتح ابن عبد السلام. وأبو علي ابن الجواليقيّ، وأبو حفص السُّهْرورْدِيّ، وأبو الفضل الدّاهريّ. وسمع من السَّخاويّ، وابن الصّلاح، وعتيق السّلمانيّ، والتّاج القُرْطُبيّ، وطبقتهم. وكان له حلقة إشغال وفتوى عند باب الغزاليّة، تخرَّج به جماعة من الأئمة، وانتهت إليه رياسة المذهب بعد الشَّيْخ تاج الدِّين. وأذِن لجماعة فِي الفتوى. وصنَّف كتابًا فِي أُصُول الفقه، جمع فِيهِ بين طريقتي الفخر الرازيّ والسيف الآمدي.
وكان متواضعًا، متنسكًا، كيسا، حَسَن الأخلاق، لطيف الشمائل، طويل الروح على التعليم. وكان ينشيء الخُطَب ويخطب بها، وتفقَّه عَلَى الشّيْخ عزَّ الدّين ابن عَبْد السلام بالقاهرة. وجالس أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله وأقرأه العلم والأدب مدة. وكان متين الدّيانة، حَسَن الاعتقاد، سَلَفيّ النِّحْلَة، ذكر لنا الشيخ تقي الدين ابن تيميّة أنه قال قبل موته بثلاثة أيّام: اشهدوا أنّي على عقيدة أَحْمَد بْن حنبل.
قرأت عليه أربعين حديثا من مَرْوِيّاته. وتُوُفيّ فِي رمضان عن نيّفٍ وسبعين سنة.(15/781)
203 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن الفَرَج بْن أَحْمَد بْن سابور بْن عليّ بْن غُنَيْمة، الإِمَام، المقرئ، الواعظ، المفسّر، الخطيب، شيخ المشايخ عزَّ الدِّين، أبو الْعَبَّاس ابن الإمام الزَّاهد أبي مُحَمَّد المُصْطَفَويّ، الفاروثي، الواسطيّ، الشّافعيّ، الصُّوفيّ. [المتوفى: 694 هـ]
وُلِدَ بواسط فِي السادس والعشرين من ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة، وقرأ القراءات على والده وعلى الْحُسَيْن بْن أبي الْحَسَن بْن ثابت الطّيبيّ، عن أبي بَكْر ابْن الباقِلانيّ. وقدِم بغداد سنة تسعٍ وعشرين، وسمع من عُمَر بْن كرم الدَّيَنوَريّ، والشيخ شهاب الدِّين عُمَر السُّهْرَوَرْديّ ولبس منه خرقة التّصوُّف، وأبي الْحَسَن القَطِيعيّ، وأبي عليّ الْحَسَن ابن الزبيدي، وأبي المنجى ابن اللَّتّيّ، وأبي صالح الجيليّ، وأبي الفضائل عَبْد الرزاق ابن سكينة، والأنجب ابن أبي السعادات، وأبي الحسن بن روزبة، والحسين بن علي ابن رئيس الرؤساء، وعلي بْن كبّة، وأبي بَكْر بْن بهروز، وسعيد بْن ياسين، وأبي بَكْر ابن الخازن، وأبي طالب ابن القبيطي وطائفة سواهم. وسمع بواسط من أبي العباس أحمد بن أبي الفتح ابن المندائي والمرجى بن شقيرة. وسمع بأصبهان من الحسين بن محمود الصالحاني صاحب أبي جعفر الصيدلاني وغيره. وسمع بدمشق من التّقيّ إِسْمَاعِيل بْن أبي اليُسر، وجماعة.
وروى الكثير بالحَرَمين، والعراق، ودمشق، وسمع منه خَلْقٌ كثير، منهم: أبو مُحَمَّد البِرْزاليّ، فسمع منه بقراءته وقراءة غيره " صحيح البخاري " وكتابي عبد والدارمي، و"جامع الترمذي "، و"مسند الشافعي "، و "معجم الطبراني " و" سنن ابن ماجه "، و" المستنير " لابن سوار، و" المغازي " لابن عقبة، و" فضائل القرآن " لأبي عُبَيْد، ونحوًا من ثمانين جزءًا. ولبس منه الخِرقة خَلْقٌ. وقرأ عليه القراءات جماعةٌ، منهم: الشَّيْخ جمال الدِّين إِبْرَاهِيم البدويّ، والشيخ أَحْمَد الحرّانيّ، والشيخ شمس الدِّين الأعرج وشمس الدِّين بْن غدير.
وكان فقيهًا، سَلَفيًّا، مُفتيًا، مدرّسًا، عارفًا بالقراءات ووجوهها وبعض عِللها، خطيبًا واعظًا، عابدًا، صوفيًّا، صاحب أوراد وأخلاق وكَرَم وإيثار [ص:783]
وإيثار، ومروءة، وفُتُوَّة، وتواضع، وعدم تكلف. له أصحاب ومريدون يقتدون بآدابه وينتفعون بصُحبته فِي الدّنيا والآخرة، ويَسَعهم بخُلُقه وسخائه، وبسْطه، وحِلْمه، وماله، وجاهه. وكان كبير القدر، وافر الحُرمة، له القَبول التّامّ من الخاصّ والعامّ. وله محبّة فِي القلوب، ووقْع فِي النّفوس.
قَدِمَ دمشق من الحجاز، بعد مجاورة مدّة، سنة تسعين، فسمع من ابن الْبُخَارِيّ، وابن الواسطيّ. وكان حَسَن القراءة للحديث، فولي مشيخة الحديث بالظاهريّة والإعادة بالنّاصريّة، وتدريس النّجيبية. ثُمَّ وُلّي خطابة البلد بعد زين الدِّين ابن المرحّل، فكان يخطب من غير تكلّف ولا تلعثُم. ويخرج من الجمعة وعليه السّواد، فيمشي بها ويشيّع جنازة، أو يعود أحدًا ويعود إلى دار الخطابة. وله نوادر وسجع وحكايات حُلْوة فِي لبْسه وخطابه وخطابته وكان ظريفًا، حُلْو المجالسة، طيّب الأخلاق وكان الشُّجاعيّ نائب السَّلْطَنَة قائلًا به، معظّمًا له. وكان هُوَ يمشي إليه إلى دار السّعادة. وكان بعض الزُّهّاد يُنكر ذَلِكَ عليه.
ثُمَّ إنّه عُزل عن الخطابة بموفّق الدِّين ابن حُبيش الحَمَويّ، فتألّم لذلك وترك الجهات، وأودع بعض كُتُبه، وكانت كثيرة جدًا، وسار مع الركب الشاميّ سنة إحدى وتسعين فحجّ، وسار مع حجّاج العراق إلى واسط.
وكان لطيف الشكل، صغير العمامة، يتعانى الرداء على ظهره، وكان قد انحنى وانتحل واندكّ من كثرة الجماع والاشتغال والمطالعة والتهجد فِي الشيخوخة. وخلّف من الكُتُب ألفين ومائتي مجلَّدة.
تُوُفّي بواسط فِي بُكرة يوم الأربعاء سنة أربعٍ فِي مُستهل ذي الحجّة، وصُلّي عليه بدمشق صلاة الغائب بعد سبعة أشهر.
وسألت الشَّيْخ عليّ الواسطيّ الزَّاهد عن نسبته المصطفوي، فقال: كان والده الشيخ محيي الدِّين الفاروثيّ يذكر أَنَّهُ رَأَى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النوم، وواخاه فلهذا كان يكتب المصطفويّ.
وَحَدَّثَنَا ابن مؤمن المقرئ أنّه سمع الشَّيْخ عزَّ الدِّين لمّا قَدِمَ عليهم واسط وقيل له: كيف تركت الأرض المقدّسة وجئتَ؟ فَقَالَ: رَأَيْت النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لي: تحوّل إلى واسط لتموت بها وتُدفَن عند والدك. [ص:784]
قال لي ابن مؤمن: وآخر درس عمله، عمله بداره، فطلب إليه الفقهاء، وأنا حاضر، فبقي يلقي الكلمات من درسه ثُمَّ يغيب من قوّة الضّعف. وبقي يطلب إليه الفقهاء ويودّعهم ويقول: قد عرض لنا سَفَر فاجعلونا في حل. وبقينا نتعجب من سفره وقد كبر وضعف، فَلَمّا كان بعد ثلاثة أيّام أو نحوها تُوُفّي إلى - رحمة اللَّه - وعُدّ ذَلِكَ من كراماته.
ثُمَّ حدثني ابن مؤمن، قال: حدثنا القدوة على الواسطيّ، قال: قال لنا الشَّيْخ قبل موته بنحو أسبوع: قد عزمت على السَّفر إلى شيراز فِي يوم كذا، وأظنّني فِي ذَلِكَ اليوم أموت. فاتّفق موته فِي ذلك اليوم.(15/782)
204 - أحمد ابن الزين إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن عثمان ابْن القوّاس، الدّمشقيّ، العَدْل، شمس الدِّين. [المتوفى: 694 هـ]
كان ثقة، خيرًا، حسن السمت، روى عن الرشيد ابن مسلمة. ومات في شعبان، له حضور على ابن قميرة.(15/784)
205 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المطلب، الدّمشقيّ، الفقير، المعروف بالجازور. [المتوفى: 694 هـ]
روى عن الشرف المُرسي، والصَّدْر البكريّ، حَدَّثَ عَنْهُ ابن الخبّاز، والبِرْزاليّ. وكان شيخًا صالحًا، قانعًا باليسير، لازمًا لمجالس الحديث، توفي.
تُوُفّي فِي أواخر العام.(15/784)
206 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيم، شيخ الحَرَم، مُحبّ الدِّين، أبو الْعَبَّاس الطَّبَريّ، الْمَكِّيّ، الشّافعيّ، الفقيه، الزَّاهد، المحدّث. [المتوفى: 694 هـ]
وُلِد سنة خمس عشرة وستّمائة. وسمع من ابن المُقَيَّر، وشُعيب الزَّعفرانيّ، وابن الْجُميزيّ، والمُرسي، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حرمي العَطَّار، وجماعة. وتفقَّه ودرّس وأفتى، وكان شيخ الشافعيّة ومحدّث الحجاز، صنَّف كتابًا كبيرًا إلى الغاية فِي الأحكام رَأَيْته فِي ستّ مجلّدات، وتعب عليه مدّة. ورحل إلى اليمن، وأسمعه للسّلطان صاحب اليمن.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ قصيدة من نظّمه، وابن العطّار، وابن الخبّاز، [ص:785]
والبِرْزاليّ، وجماعة. وأجاز لي مَرْوِيّاته. وتُوُفيّ فِي جُمَادَى الآخرة. وهو والد قاضي مكَّة جمال الدِّين مُحَمَّد، وجدّ قاضيها نجم الدِّين.(15/784)
207 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن، الشَّيْخ جمال الدِّين المحقّق. [المتوفى: 694 هـ]
فقيه، مدرّس، مناظر، جيّد المشاركة في الأصول العربية. بارع فِي معرفة الطّبّ. وكان معيدًا فِي المدارس الكبار. وحدَّث عن الكمال ابن طَلْحَة، وغيره. وله نوادر وحكايات، وفيه دهاء وذكاء. والله يسامحه وإيّانا.
تُوُفّي فِي رمضان. وكان معيدًا بالقَيْمُريَّة، ومدرّسًا بالفرّخشاهيّة، ومدرّس الطّبّ بالدّخواريّة، وطبيبًا بالمارستان.
مات فِي مُعتَرَك المنايا.(15/785)
208 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن ابْن العزّ مُحَمَّد ابْن الحافظ عَبْد الغني، الفقيه الصالح عزَّ الدِّين المَقْدِسيّ الحنبلي. [المتوفى: 694 هـ]
حدُّث عن: كريمة، والضياء مُحَمَّد حضورًا. وتُوُفيّ فِي رمضان. وكان أمه عَائِشَة بِنْت المجد تبكي عليه وتدعو له.(15/785)
209 - أَحْمَد بن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن كِنْديّ، نجم الدِّين الشاهد. [المتوفى: 694 هـ]
تُوُفّي بدمشق كهلًا.(15/785)
210 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صالح، شهاب الدِّين العُرضيّ، الشاهد، [المتوفى: 694 هـ]
إمام مسجد الرحبة.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وقد شاخ، وأمّ بالمسجد بعده ابنه شمس الدين.(15/785)
211 - إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْر البغداديّ، [المتوفى: 694 هـ]
نزيل دمشق.
سمع ابن قميرة ببغداد، والليداني بدمشق. توفي في ربيع الآخر.(15/785)
212 - إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن قريش، الإِمَام، المحدّث، تاج الدِّين، أبو الطّاهر الْقُرَشِيّ، المخزوميّ، الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 694 هـ][ص:786]
من جِلّة الشيوخ وفُضَلائهم. طلب الحديث وسمع من جَعْفَر الهمْدانيّ، وابن المُقَيَّر، وابن رواج، وطائفة. وحدَّث عَنْهُ الدّمياطيّ فِي " معجمه ". وسمع منه المصريّون والرحّالة، وتُوُفيّ فِي الثامن والعشرين من رجب، وقد نيّف على الثمانين.
وكان صاحب عبادة وزهادة - رحمه الله - كتب ما لا يوصف حتى " الصحيحين " و " المسند " و " المعجم للطبراني ".(15/785)
213 - إسماعيل بن هبة الله بْن أبي غانم محمد بْن هبة الله بن أبي جرادة، الشيخ فخر الدين أبو صالح العقيلي، الحلبي، ابن العديم شيخ خانكاه القديم بحلب. [المتوفى: 694 هـ]
ولد سنة سبع عشرة وستمائة، وروى عن زين الأُمَناء، وسيف الدّولة ابن غسّان، وعبد الرحيم بْن الطُّفَيْل، وغيرهم. وحدَّث بدمشق وغيرها.
مات فِي ثالث عَشْر المُحَرَّم بحلب. وقد حجّ فِي صِغره فسمع فِي الطريق.(15/786)
214 - آمنة بِنْت المنتخب مُحَمَّد ابْن قاضي القُضاة زكي الدِّين الطّاهر ابن قاضي القضاة محيي الدين محمد ابن الزكيّ الْقُرَشِيّ. [المتوفى: 694 هـ]
حضرتْ جزءًا فِي الثالثة على عمّة أبيها فَاطِمَة بْنت محيي الدِّين المذكور فِي سنة أربعٍ وثلاثين، قَالتْ: أخبرتنا جدّتي لأبي آمنة بِنْت مُحَمَّد بْن الرّان قَالتْ: أخبرنا جدّي لأمّي القاضي أبو المفّضل يحيى بْن علي القرشي. وأجاز لها القاضي شمس الدِّين ابن الشّيرازيّ، وغيره. وتُوُفّيَتْ في رمضان.(15/786)
215 - بكتوت الأقرعي، الأمير الكبير بدر الدِّين. [المتوفى: 694 هـ]
وُلّي شدّ دمشق فِي أيّام الظاهر، وُعزل فِي أيّام السّعيد. وولي شدّ الصُّحبة للملك المنصور. وهو الَّذِي ضيّق على قاضي القُضاة وابن الصّائغ كَمَا مرّ.
وكان ظالمًا جبّارًا، لا يتبرطل ولا يتطيب، مات في ربيع الأول.(15/786)
216 - بيليك، فتى الأمير جمال الدِّين أيْدُغْدي العزيزيّ. [المتوفى: 694 هـ][ص:787]
يروي عن سِبْط السِّلَفيّ، تُوُفّي فِي رجب.(15/786)
217 - تمّام بن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، العَدْل كمال الدِّين السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الحَنَفِيّ، [المتوفى: 694 هـ]
نقيب القاضي الحَنَفِيّ.
شيخ ديِّن، خَيّر، مُسِنّ، سمع: مُحَمَّد بْن غسّان، وإبراهيم بن خليل، روى عَنْهُ ابن الخبّاز. والطلبة. وسمعتُ منه. وتُوُفيّ فِي ذي القعدة.(15/787)
218 - جَابِر بْن مُحَمَّد بْن قاسم بْن حسّان، الإِمَام أبو مُحَمَّد الأندلُسيّ، الوادي آشي المقرئ، [المتوفى: 694 هـ]
نزيل تونس. والد صاحبنا أَبِي عَبْد اللَّه.
مولده سنة عَشْر وستمائة. ورحل سنة بضعٍ وثلاثين فحجّ ودخل الشَّام والعراق، وقرأ لأبي عَمْرو على السَّخاويّ، وسمع منه " الشاطبيّة " وسمع من ابن القُبيطي، وعزّ الدِّين عَبْد الرّزّاق المحدّث. ورجع إلى الأندلس. ثُمَّ استوطن تونس قبل السّبعين.
سمع منه ولده جملة صالحة. وتُوُفيّ فِي ربيع الأوّل سنة أربعٍ وتسعين - رحمه الله -.(15/787)
219 - خاتون بنت الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل أبي بكر ابن أيّوب. [المتوفى: 694 هـ]
التي أثبتوا عدم رُشْدها، وصادروا السَّامريّ بسببها. وكانت زوجة الملك المنصور محمود ابن الصالح أبي الخيش، وأم ولديه.
توفيت في هذه السنة.(15/787)
220 - دَاوُد بْن عليّ بْن مُحَمَّد، العَدْل، عماد الدين اللخمي، ابن سبيط الورّاق، [المتوفى: 694 هـ]
أحد الشهود.
سمع من ابن الْجُمّيْزيّ. وحدث. ومات في ذي الحجة.(15/787)
221 - ستّ الأهل، بِنْت المولى الرئيس أمين الدّين عبد المحسن بن حمّود الحَلَبِيّ، الكاتب. [المتوفى: 694 هـ]
روت بالإجازة شيئًا يسيرًا عن أصحاب أبي الوقت. وتُوُفّيَتْ فِي صَفَر [ص:788]
بدمشق. وهي والدة العَدْل شَرَف الدِّين ابن الصّابونيّ.(15/787)
222 - سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحق بْن خَلَف، صَدْرٌ الدِّين الحنبليّ، الشاهد، [المتوفى: 694 هـ]
أخو الشَّيْخ عزَّ الدِّين بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الحق.
روى عن جَعْفَر الهمْدانيّ، سمع منه غير واحد، وكان من شهود العُقَيبة، تُوُفّي فِي صَفَر.(15/788)
223 - سونج بْن مُحَمَّد بْن سونج بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم، أبو عليّ التُّركمانيّ، الدّمشقيّ، الفقير. [المتوفى: 694 هـ]
سمع " الصحيح " من ابن الزَّبِيديّ، وسمع الصّحاح الأخر من المشايخ الاثني عَشْر ابن الصّلاح، والسّخاوي، وغيرهما. وكان فقيرًا نظيفًا، له شَعَر محلول، وفيه دين.
سَمِعت منه بالنَيرب وجامع دمشق. وتُوُفيّ فِي شوّال عن أربع وسبعين سنة.(15/788)
224 - شمس الدِّين الكردي، الشّافعيّ، الأقطع. قاضي غزّة. [المتوفى: 694 هـ]
توفي في رجب، وولي الحكم بعده تقيُّ الدِّين حرمي الخليليّ.(15/788)
225 - شريف بْن يُوسُف بْن مكتوم، شَرَف الدِّين الزُّرَعيّ، التّاجر، [المتوفى: 694 هـ]
أخو أَحْمَد وعثمان.
رووا عن ابن اللَّتّيّ، وتُوُفيّ هذا في صفر. يوصف بصلاح.(15/788)
226 - ظافر بْن أبي غانم بْن سيف، شهاب الدين الأرفادي، الشاعر. [المتوفى: 694 هـ]
روى عن الرشيد ابن مَسْلَمَة، كتب عَنْهُ من القدماء الأَبِيوَرديّ ومن المتأخّرين البِرْزاليّ وطبقته. ومات فِي المُحَرَّم بمصر، مولده سنة سبْعٍ وعشرين، ولَقَبُه فتح الدِّين.
وسمع من عثمان بْن مكّيّ الشارعيّ، وإسماعيل بْن صارم. وله أبيات ورحلة إلى دمشق.(15/788)
227 - عَبْد الْجَبَّار، جمال الدِّين [المتوفى: 694 هـ]
قاضي القُضاة ببغداد بعد قضاء البصرة. [ص:789]
وُلّي سنة وتعلّل. رجع إلى البصرة فمات بها. وكان قد عُزل قاضي بغداد عزَّ الدين أحمد ابن الزنجاني عنها بهذا لأجل ضرره.(15/788)
228 - عَبْد الرَّحْمَن بْن يُوسُف بْن مُحَمَّد، شمس الدِّين، ابن الشَّيْخ مجد الدِّين ابن المهتار الدمشقي، [المتوفى: 694 هـ]
نقيب القاضي عز الدين ابن الصائغ، وأمين سلة الحُكم.
سمع من مكّيّ بْن علان، والرشيد العراقيّ، وطائفة. ومات فِي المُحَرَّم، وله أربعٌ وخمسون سنة.(15/789)
229 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُوسَى، جلال الدِّين أبو القَاسِم. [المتوفى: 694 هـ]
سمع من ابن عماد، وابن شدّاد، وابن باقا، وطائفة، سمع منه: ابن حبيب. ولم أعرف وفاته.(15/789)
230 - عَبْد الصّمد ابن القاضي الخطيب عماد الدِّين عَبْد الكريم ابن القاضي جمال الدين أبي القاسم ابن الحرستاني، الأنصاري، الشيخ الزَّاهد، العالم، أبو القَاسِم، جمال الدِّين. [المتوفى: 694 هـ]
وُلِدَ سنة تسع عشرة وستمائة. وسمع من زين الأُمَناء، وابن صبَاح، وابن الزَّبِيديّ، وابن باسوَيْه الواسطيّ، وجماعة. وكان فقيرًا، صالحًا، خيِّرًا، فارغًا عن الدّنيا، قانعًا باليسير، فِيهِ وَلَهٌ وبَلَهٌ، وله حالٌ وكشْف، يمشي ويحدّث نفسه. وللنّاس فِيهِ عقيدة. وكان على ذهنه أشياء مفيدة، وكان الشَّيْخ زين الدِّين الفارقي يتغالى فيه. وذكر عنه غير كرامة منها أنّه أخبره بكسرة التَّتَار سنة ثمانين قبل وقوعها.
سَمِعت منه أَنَا، والمِزّيّ، والبرزالي، وأحمد ابن النّابلسيّ، وجماعة. وتُوُفيّ فِي ربيع الآخر. وقد سمع بمصر من عَبْد الرحيم بْن الطُّفَيْل أيضًا. وناب فِي الإمامة بالجامع عن والده، وحضر المدارس. ثُمَّ فرغ عن هذه الأشياء.(15/789)
231 - عَبْد الكافي ابن شيخنا شمس الدِّين عَبْد الواسع بْن عَبْد الكافي، الأَبْهريّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الصوفي، محيي الدين. [المتوفى: 694 هـ][ص:790]
روى عن التاج ابن أبي جعفر، وتقي الدين ابن الصّلاح. ومات بحلب فِي ذي القعدة.
سمع منه البرزالي. وكان شاهدًا.(15/789)
232 - عَبْد المحمود بْن إلياس، البزّاز، عتيق الأسعد الباذبيني. [المتوفى: 694 هـ]
شيخ صالح، سمع من نصر بْن عَبْد الرّزّاق، مات ببغداد فِي جُمَادَى الأولى.(15/790)
233 - عَبْد الوليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن رافع، الشَّيْخ الزَّاهد، أبو نصر اليُونينيّ. [المتوفى: 694 هـ]
خطيب يُونين.
شيخ صالح، زاهد، فقيه حنبليّ، من أصحاب الشَّيْخ إِبْرَاهِيم البطائحيّ، سمع من ابن اللَّتّيّ، وابن صباح، وأبي القَاسِم بْن رواحة، وكان حَسَن الصوت، خشن العيش. فيه فقر وتعفف وترك تكلف.
تفقَّه بالمسماريّة مُدّةً، وولي خطابة يُونين نيّفًا وأربعين سنة، وبها تُوُفّي فِي رمضان، سَمِعت منه.(15/790)
234 - عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن سحنون، الخطيب، الطّبيب، البارع، مجد الدِّين [المتوفى: 694 هـ]
خطيب النيرب.
روى عن خطيب مردا. وله شِعر وأدب وفضائل.
تُوُفّي فِي شوّال، وكان من فُضلاء الحنفيّة. درّس بالمدرسة الدّماغية. وعاش خمسًا وسبعين سنة. وكان طبيب مارستان الجبل.(15/790)
235 - عثمان بْن أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن شخيّان، الخُراسانيّ. [المتوفى: 694 هـ]
من صوفيّة القاهرة.
روى عن السّاوي، والسبط، هلك تحت حائط سقط يوم عرفة.(15/790)
236 - عزَّ الدِّين ابن عزَّ الدِّين، القَيْمُري، الأمير. [المتوفى: 694 هـ]
أحد أمراء دمشق.
حجّ بالنّاس فِي سنة ثلاثٍ وثمانين. وكان فِيه عقل وجودة.
تُوُفّي في صفر.(15/790)
237 - عساف ابن الأمير أَحْمَد بْن حجيّ، زعيم آل مرّي. [المتوفى: 694 هـ]
أعرابيّ شريف، مُطاع. وهو الَّذِي حمى النّصرانيّ الَّذِي سبّ، فدافع عَنْهُ بكلّ ممكن. وكان هذا النّصرانيّ - لعنه اللَّه - بالسُّوَيداء وقع منه تعرُّضٌ للنَبيّ - صلّى اللَّه عليه وسلم - فطلع الشيخان زين الدِّين الفارقيّ، وتقيّ الدِّين ابن تيميّة فِي جمْع كبير من الصُلَحاء والعامّة إلى النّائب عزَّ الدِّين أيْبَك الحَمَويّ، وكلّماه فِي أمر الملعون، فأجاب إلى إحضاره وخرجوا، فرأى الناس عسافا، فكلّموه فِي أمره، وكان معه بدويّ، فقال: إنّه خيرٌ منكم. فرَجَمَتْه الخلق بالحجارة. وهرب عساف، فبلغ ذلك نائب السلطنة، فغضب لافتئات العوامّ. وإلا فهو مُسْلِم يحبّ اللَّه ورسوله، ولكن ثارت نفسه السّبعيّة التُّركيّة، وطلب الشيخين فأخرق بهما، وضربا بين يديه، وحُبسا بالعذراويّة، وضرب جماعة من العامة، وحبس منهم ستّة، وضرب أيضًا والي البلد جماعة، وعلّق جماعة، ثُمَّ سعى نائب السَّلْطَنَة كَمَا لقّن فِي إثبات العداوة بين النّصرانيّ وبين الَّذِين شهدوا عليه من السويداء ليخلّصه بذلك. وبلغ النّصرانيَّ الواقعةُ فأسلم، وعقد النّائب مجلسًا، فأحضر القاضي ابن الخُوَيّي وجماعة من الشافعيّة، واستفتاهم فِي حقْن دمه بعد الإسلام، فقالوا: مذهبنا أنّ الإسلام يحقن دمه. وأحضر الشَّيْخ زين الدِّين الفارقيّ، فوافقهم، فأُطلق. ثُمَّ أحضر الشَّيْخ تقيّ الدِّين، فطيّب خاطره، وأطلقه والجماعة بعد أن اعتقلوا عدّة أيّام، ثُمَّ أُحضر النّصرانيّ إلى دمشق فحبس، وقام الأعسر المُشدّ فِي تخليصه، فأُطلق وشقّ ذَلِكَ على المسلمين.
وأمّا عسّاف فقتله بقرب المدينة النبويّة فِي ربيع الأوّل من هذه السَّنَة ابنُ أخيه جمّاز بْن سُلَيْمَان، وفرح الناس.
وكانت القضية فِي رجب سنة ثلاثٍ وتسعين، وحينئذٍ صنَّف شيخنا ابن تيميّة كتاب " الصّارم المسلول على شاتم الرسول " وهو مجلد.(15/791)
238 - عَليّ ابن قاضي القُضاة زكي الدِّين الطّاهر ابن قاضي القضاة محيي الدين محمد ابن الزّكيّ، الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الشَّيْخ، قُطْب الدِّين. [المتوفى: 694 هـ][ص:792]
ولد سنة خمس عشرة وستمائة.
قال علم الدين: روى لنا عن علي بن حجاج البتلهي، ومحمد بْن طرخان الصّالحيّ. وتُوُفيّ فِي الخامس والعشرين من شعبان، ودُفِن بتُربتهم بسفح قاسيون.(15/791)
239 - عليّ بْن عثمان بْن يحيى بْن أَحْمَد، الشَّيْخ الصّالح، أبو الْحَسَن اللّمتُونيَّ الصّنْهاجيّ، المغربيّ، ثم الدمشقي، [المتوفى: 694 هـ]
الشواء، ثُمَّ أمينُ القُضاة على السجن.
وُلِدَ فِي سنة ثلاثين وعشرين وستمائة. وسمع من ابن الزَّبِيديّ، والفخر الإربلي، ومُكَرَّم، وابن باسويه، وابن غسان، وأبي نصر ابن عساكر، والمسلّم المازنيّ، وطائفة، وروى الكثير. وكان إنسانًا مباركًا، قرأت عليه عدة أجزاء.
توفي فِي سادس عَشْر ذي القعدة. وهو أخو إِبْرَاهِيم بْن عثمان.(15/792)
240 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن بهرام، الحاجب الأوحد، شمس الدِّين الخالديّ، البغداديّ، [المتوفى: 694 هـ]
ابن مشرف العرض.
كان أَبُوهُ مشرف عرض الجيوش فِي دولة المستعصم.
ولد علي في رمضان سنة عشر وستمائة. وسمع " الْبُخَارِيّ " على ابن القَطِيعيّ، وسمع " مشارق الأنوار " على الصغاني، أجاز للبِرْزاليّ.
مات فِي ثالث جُمَادَى الآخرة ببغداد.(15/792)
241 - عمر ابن الأمير أبي زكري يحيى بْن عَبْد الواحد بْن عُمَر، الهنْتاتيّ، المستنصر بالله المؤيِّد به، أَبُو حفص، [المتوفى: 694 هـ]
سلطان إفريقية وابن سلطانها وأخو سلطانها إِبْرَاهِيم.
تملّكها بتونس، وقتل الدعي الذي غلب عليها، الَّذِي ذكرناه فِي سنة ثلاثٍ وثمانين. [ص:793]
مات فِي ثاني وعشرين ذي الحجّة سنة أربع. وكان حَسَن السّيرة، فِيهِ خَيّر ونهضة وكفاءة ودين. عهد بالمُلْك إلى ولده عَبْد اللَّه، فَلَمّا احتضر أشار عليه الشَّيْخ أبو محمد المرجاني بأن يخلعه لصِغر سِنّه، فقبِل منه وخلعه، وقال: فلِمَن أولّي؟ فأشار عليه بولد الواثق، وهو مُحَمَّد بْن يحيى بْن مُحَمَّد الملقّب بأبي عصيدة الذي توفي سنة تسع وسبعمائة، فولاه الأمر من بعده.(15/792)
242 - علاء الدِّين التُّركيّ، الضّرير. [المتوفى: 694 هـ]
شيخ، صالح، زاهد، له زاوية بالمِزة، تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وخَلَفَه فِي الزّاوية عتيقة الشَّيْخ بدر الدِّين لؤلؤ.(15/793)
243 - عِيسَى، الأمير شَرَف الدِّين ابن الجناحيّ. [المتوفى: 694 هـ]
ناب فِي الشّدّ عن الأمير عَلَم الدِّين الدَّواداريّ، وزار القدس فتُوُفيّ به فِي ذي الحجّة، ولم يتكهل.(15/793)
244 - فخر الدِّين، الخلخاليّ، الصُّوفيّ، الزَّاهد. [المتوفى: 694 هـ]
إمام عارف، كبير القدْر، تُوُفّي بالسُّمَيْساطيّة فِي ربيع الأوّل.(15/793)
245 - كيختو بْن هولاكو بْن تولي، المُغليّ، سلطان الشرق. [المتوفى: 694 هـ]
ملّكوه بعد موت أرغون فِي ربيع الأوّل سنة تسعين وأقام بالروم مُدَّة. كاتبَتْه الأمراء، فسار وجلس على التّخت، وأمر بقتل جماعة، واستناب على البلاد. واختلف الجيش عليه، ومالت فرقة إلى ابن أخيه بايدو، وملّكوه واستولى على العراق وغيرها، فسار لحربه كيختو وعملوا مصافًّا، فقتل كيختو. ويقال: بل قبض الأمراء على كيختو، وطلبوا بايدو، فأقبل وتملّك. وقُتِل كيختو وله نحوٌ من ثلاثين سنة. وذلك في سنة أربع وتسعين.
وكان بايدو من كبار دولة كيختو فبعثه إلى العراق ليوقع بالأعراب الحراميّة، فما قدر عليهم، بل نهب السّواد، وسبَى الذّريّة، وأسر جُنده الفلاحين، وعمل كلّ قبيح ورجع. فغضب عليه كيختو وحبسه ثلاثة أيّام وأطلقه، فخرج مُضمرًا للشرّ. وكان كيختو له مَيْل إلى المسلمين، ويحبّ [ص:794]
الفقراء.(15/793)
246 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، المفتي، جمال الدِّين، ابن الشَّيْخ الإمام محبّ الدِّين الطَّبَريّ، [المتوفى: 694 هـ]
قاضي مكَّة.
روى عن ابن الْجُمّيْزيّ. وكان متقنًا للفقه والعربيّة، أصابه فالج مدّة، ومات فِي ذي القعدة أو قبلها بعد أَبِيهِ بيسير أو قبله، روى لنا عَنْهُ أبو الحسن ابن العَطَّار. وأجاز لنا مَرْوِيّاته. وعاش ثمانيًا وخمسين سنة.
تُوُفّي فِي ذي القعدة، وله شِعر. وهو والد القاضي نجم الدِّين.(15/794)
247 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبي الفَرَج، أبو عَبْد اللَّه الحِمْيريّ، الدّمشقيّ، المَقْدِسيّ الأصل، القوّاس. [المتوفى: 694 هـ]
سمع: ابن الزَّبِيديّ، وابن اللَّتّيّ والإربِليّ، والهَمْدانيّ. ومات فِي صَفَر.
فاتني السّماع منه.(15/794)
248 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن منوّر بْن شخيان، الصُّوفيّ، [المتوفى: 694 هـ]
أخو عليّ.
من مشيخة ابن حبيب، تُوُفّي يوم عَرَفة، روى عن السِّبْط وغيره.(15/794)
249 - مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مرّي بْن ربيعة، الشَّيْخ شَرَفُ الدِّين بن حليمة المَقْدِسيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 694 هـ]
له سماع من المؤتمن بن قميرة وجماعة. ولم يحدّث فيما أعلم. ومات فِي رجب.(15/794)
250 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن مَنْصُور بْن محمود، العماد المقدسيّ الصّالحيّ، القصّاع. [المتوفى: 694 هـ]
سمع من جَعْفَر الهمْدانيّ. وحضر على الإربِليّ. ومات فِي ثامن صَفَر.(15/794)
251 - مُحَمَّد بْن عمّار، الرهاويّ، الواعظ فِي الأعزية. [المتوفى: 694 هـ]
شيخ فاضل، شيعيّ، على ذهنه أشياء مفيدة، وعلى كلامه رونق.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل بدمشق.(15/794)
252 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن يحيى بْن أبي جرادة، المولى الصّاحب، العالم البارع، جمال الدِّين، أبو غانم ابن الصّاحب العَلامَة كمال الدِّين ابن العديم العُقَيليّ، الحلبيّ، الحَنَفِيّ، الكاتب. [المتوفى: 694 هـ]
حضر على الحافظ أبي عَبْد اللَّه البِرْزاليّ. وسمع من ابن رواحة، وابن قُمَيْرة، وابن خليل، وجماعة بحلب. ورحل به والده قبل الخمسين مع الدّمياطيّ إلى بغداد، وأسمعه من شيوخ بغداد. وطلع من أذكياء العالم، وتفقَّه وتأدّب. وشارك فِي الفضائل، وبرع فِي كتابة الخط المنسوب. وسكن حماة. وحدَّث بها. وكان من سَرَوات بني العديم.
تُوُفّي بحماة فِي حادي عَشْر ذي الحجّة. وكانت له جنازة مشهودة، مشي فيها السّلطان الملك المظفر فمن دونه، ودفن بتربته بعَقَبة نقيرين. وهو والد قاضي القُضاة نجم الدِّين عُمَر، أيّده اللَّه. وكان بارعًا في الفرائض وفي علم الهندسة.(15/795)
253 - محمد ابن العماد محمد ابن العزيز محمد ابن الإِمَام العَلامَة البليغ عماد الدِّين الإصبهانيّ، الكاتب، هُوَ الإِمَام الفاضل، شمس الدِّين الشّافعيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 694 هـ]
ولد الشيخ شرف الدين، والمولى عزيز الدِّين.
كان فقيهًا، إمامًا، عارفًا بالمذهب. درّس وأعاد وأفاد. وحدث عن ابن المُقَيَّر، وابن رواحة. وتُوُفيّ بجبل قاسيون بمنزله فِي صَفَر - رحمه اللَّه -.
وقيل: تُوُفّي سنة خمسٍ، فيُحرَّر.(15/795)
254 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سالم بْن يُوسُف بْن صاعد بْن السَّلْم، القاضي الجليل، جمال الدِّين ابن القاضي نجم الدِّين سفير الدّولة ابْن قاضي القُضاة شمس الدِّين الْقُرَشِيّ، النّابلسيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 694 هـ]
قاضي نابلس وابن قاضيها.
إمام جليل، متميز، فاضل، رئيس. ولد سنة عشرين وستمائة. وسمع بالقدس من أبي علي الأوقيّ " مشيخة الفَسَويّ "، وغيرها. وكان قاضي نابلس [ص:796]
مدّة وأضيف إليه فِي آخر عُمره قضاء القدس، سَمِعت منه بقراءة الشَّيْخ عليّ المَوْصِليّ، وأبي الحَجَّاج المِزّيّ لمّا قَدِمَ علينا فِي سنة ثلاثٍ وتسعين بدار الحديث النّوريّة.
تُوُفّي فِي عاشر ربيع الآخر.(15/795)
255 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العظيم بْن عَبْد اللّطيف، الإِمَام زين الدِّين التُّنوخيّ، المعروف بالزَّين المَعَرّيّ. [المتوفى: 694 هـ]
نشأ بحلب وتفقَّه بها، وانتقل إلى القاهرة. وكان فقيهًا بارعًا. متفنّنًا، مجموع الفضائل. أضرّ فِي آخر عُمُره. وحدث عن إِبْرَاهِيم بْن خليل، ومات فِي سلْخ المُحَرَّم بمصر.(15/796)
256 - محمد ابن نجيب الدِّين محاسن بْن الْحَسَن السُّلَميّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 694 هـ]
أجاز له عُمَر بْن كرم، وعبد السّلام الدّاهريّ، وجماعة. وتُوُفيّ فِي صَفَر.(15/796)
257 - مُحَمَّد بْن نصر بْن تروس بْن قسطة، الشَّيْخ الأجلّ، شمس الدِّين الدّمشقيّ. [المتوفى: 694 هـ]
سمع من الإربِليّ، وابن المُقَيَّر وأجاز له أبو الْحَسَن القَطِيعيّ، وجماعة. وحدَّث. وتُوُفيّ فِي غرّة شعبان.(15/796)
258 - مُحَمَّد الشّاب، أمين الدِّين ولدَ الرئيس مجد الدِّين يُوسُف بن محمد ابن القباقبيّ، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ [المتوفى: 694 هـ]
الكاتب بديوان الجيش.
وكان مليح الصّورة، لطيف الشمائل، عاقلًا. عاش ستًّا وعشرين سنة، وفُجع به أَبُوهُ، ورثاه صاحبنا الإِمَام نجم الدِّين عليّ بْن دَاوُد الْقُرَشِيّ بقصيدةٍ أولها.
اسعدي يا حمام قلبًا عميدا ... لدروس الفراق أضحى مُعيدًا
تُوُفّي فِي ثامن عَشْر ذي الحجّة.(15/796)
259 - محفوظ بْن عُمَر بْن أبي بَكْر بْن خليفة، الشَّيْخ تقيُّ الدِّين، أبو الخَطَّاب البغداديّ، القطفتيّ، الحنبليّ، التّاجر، المعروف بابن الحامض. [المتوفى: 694 هـ][ص:797]
وُلِدَ ببغداد سنة أربع عشرة تقريبًا، حدث عن: أبي الفضل عَبْد السّلام الدّاهريّ، وأبي علي الحسن ابن الزَّبِيديّ، وابن اللَّتّيّ، وخليل الْجَوْسقيّ. وتُوُفيّ يوم الجمعة يوم النحر بمصر، كتب عنه المصريون. وتفرّد بعدّة أجزاء.(15/796)
260 - محفوظ بْن معتوق بْن أَبِي بَكْر بْن عُمَر، الصّدر، الرئيس، المؤرّخ، الأديب، عز الدين، أبو بكر ابن البُزُوريّ، البغداديّ، التّاجر، الشّافعيّ. [المتوفى: 694 هـ]
مولده بعد سنة ثلاثين بيسير، سمع من أبي طالب ابن القبيطي، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللّطيف بْن أبي سَعْد الصُّوفيّ، وغيرهما. وحدَّث بدمشق، وسمعنا منه.
وكان شيخًا محتشمًا، جليلاً، جميلا وسيمًا، بهيًا، مليح الصّورة، رفيع البِزّة. من كبار التّجّار وأُولي الثروة وأرباب العدالة والمروءة، له مشاركة حَسَنة فِي العِلم. وصنّف " تاريخًا " كبيرًا ذيّل به على " المنتظم " لابن الْجَوْزِيّ، رأيت منه ثلاث مجلّدات سلمت فِي خزانته التي بتُربته بسفح قاسيون، وكان فيها جملة كتب مفيدة.
وكان يحضر مجالس وعظ ابنه الشَّيْخ الواعظ العَلامَة نجم الدِّين معتوق بجامع دمشق. وكان قد غاب سِنين متطاولة فِي التّجارة ودخل إلى الهند والى الصّين. فاتّفق أنّه حج سنة بضع وثمانين، وحج ابنه الواعظ، فالتقيا بالموقف، فلم يكد يعرف أحدهما الآخر من طول الغيبة.
تُوُفّي شيخنا فِي ثامن صَفَر، ودُفِن بتُربته.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مَحْفُوظٌ، قال: أخبرنا أبو طالب عبد اللطيف، قال: أخبرنا أبو المعالي الباجسرائي، قال: أخبرنا أبو منصور الزاهد، قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد، قال: أخبرنا أبو علي الصواف، قال: أخبرنا بشر بن موسى، قال: أخبرنا أبو بكر الحميدي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزهري، قال: أَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَال: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ ".(15/797)
261 - محمود بْن مُحَمَّد بْن صدّيق، أبو الثّناء التّبريزيّ، الحدّاد، بدار الحجارة. [المتوفى: 694 هـ]
شيخ صالح مبارك. كان سكن ببرزة. ووُلِدَ بتبريز سنة ستّ عشرة وستّمائة. وسمع من ابن المُقَيَّر. والتّاج القُرْطُبيّ، ويوسف بْن خليل، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ، وغيره. ومات بالجبل بالمارستان القَيْمُريّ.(15/798)
262 - مجاهد الدِّين ابْن شهوان، [المتوفى: 694 هـ]
أحد أمراء الحلقة الدّمشقيّة.
تُوُفّي فِي صَفَر كهلًا. وهو والد الأمير العالم ناصر الدِّين.(15/798)
263 - مظفر ابن الطّرّاح، الصّاحب فخر الدِّين [المتوفى: 694 هـ]
متولّي واسط.
صدرٌ معظَّم، مهيب، وافر السّطوة والنّاموس. مهّد البلاد وعَمّرها. وخافتة الذُّعَار. وولي عدة ولايات، وله نظْمٌ وأدب.
عاش نحوًا من ستّين سنة. وقدِم أخوه قِوام الدِّين إلى دمشق.
عُذِّب فخر الدِّين وقُتِل - رحمه اللَّه -.(15/798)
264 - مقرَّب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مقرَّب بْن عَبْد الكريم الكِنْديّ، الإسكندرانيّ، البّزاز ويُسمّى أيضًا مُحَمَّدًا. [المتوفى: 694 هـ]
سمع: مُحَمَّد بْن عماد، وابن الصَّفْراويّ، وعددًا من أصحاب السِّلَفيّ باعتناء أَبِيهِ الحافظ أسعد الدِّين. وسكن فِي آخر عُمره مصر وحدَّث بها، كتب إلي بالإجازة، وحدثنا عَنْهُ عُمَر بْن حبيب. وتُوُفيّ فِي آخر العام، وأظنّه جاوز السّبعين.(15/798)
265 - مُوسَى بْن أبي الفتح بْن أبي بَكْر بْن جراح، الشَّيْخ نجم الدين الكناني، العسقلاني، ثم النابلسي المقدسي. [المتوفى: 694 هـ][ص:799]
وُلِدَ فِي حدود العشرين وستمائة. وسمع بدمشق من جعفر الهمداني، وأحمد بْن سلامة الحرّانيّ. وببغداد من أبي بكر ابن الخازن، وعلي بْن معالي، وغيرهما، سمع منه: ابن الخبّاز، والفَرَضيّ، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ. وتُوُفيّ بنابلس فيما أحسب.(15/798)
266 - موفَّق الدِّين مساعد، الشّافعيّ، الفقيه، [المتوفى: 694 هـ]
أحد الأئمة.
أعاد بالباذرائية مدة. ثم ولي تدريسها فلم يتم ذَلِكَ وعُزل، فانتقل إلى حماة وأشغل، وكان ذا زُهد وانقطاع وتقشُّف.
تُوُفّي فِي ذي القعدة - رحمه الله -.(15/799)
267 - ياقوت المسعوديّ، الخادم الطّواشيّ، افتخار الدِّين، [المتوفى: 694 هـ]
مُشدّ دار الطّراز بالقاهرة.
حدث عن فخر القُضاة أحمد بن الجباب. ومات فِي ذي الحجّة.(15/799)
268 - يُوسُف بْن عليّ بْن مهاجر، الصّدر الكبير، جمال الدِّين التّكريتيّ، التّاجر البيع. [المتوفى: 694 هـ]
أخو الصّاحب تقيُّ الدِّين توبة.
شيخ جليل ذو حُرمة وهيبة. وُلّي حسبة دمشق مُدَيدة. وتُوُفيّ فِي ليلة الجمعة ثامن رمضان. وهو والد صاحبنا الأمير الأجلّ علاء الدِّين وأخيه.(15/799)
269 - يُوسُف بْن عُمَر بْن عليّ بْن رسول، السّلطان، الملك، المظفَّر، شمس الدِّين [المتوفى: 694 هـ]
ولد السّلطان الملك المنصور نور الدِّين، صاحب اليمن وابن صاحبها.
قُتِل أَبُوهُ سنة ستٍّ وأربعين، فقام بالأمر هُوَ، وتملّك بعده ولده الملك الأشرف ممهّد الدِّين، فما أسنى، وتملّك بعده الملك المؤيِّد هِزَبْر الدِّين صاحب اليمن الآن ابن الملك المظفَّر صاحب التّرجمة.
وكان نور الدِّين عُمَر مقدَّم جيوش الملك المسعود أقسيس صاحب اليمن ولدَ السّلطان الملك الكامل صاحب مصر. فَلَمّا مات أقسيس بمكة غلب نور الدِّين على المُلْك وأطاعته الأمراء، وتملّك اليمن نيِّفًا وعشرين سنة. ثُمَّ تملّك بعده المظفَّر، فامتدّت أيّامه، وبقي فِي المُلْك سبعًا وأربعين سنة وأشهرًا. وتُوُفيّ فِي رجب بقلعة تِعزّ وقد نيّف على الثمانين. وكان ملكًا هُمامًا، سمحًا [ص:800]
جوادًا، عفيفًا عن أموال الرعيّة، كافًّا لجُنْده عن الأذيّة. وكان مقصدًا للوافدين، موئلًا للقاصدين. حُكي لنا أنّه جمع لنفسه جزءًا فِيهِ أربعون حديثًا بأسانيد فِي التّرغيب والتّرهيب. وله مسموعات من مشايخ اليمن بنزول. وقد حجّ سنة تسعٍ وخمسين.
وضبط القاضي تاج الدِّين عَبْد الباقي اليمنيّ عُمره أربعًا وسبعين سنة وثمانية أشهر وعشرة أيّام. قال: ومدّة ملكة ستٌّ وأربعون سنة وعشرة أشهر وأحد عَشْر يَوْمًا. وخلّف من الأولاد: الأشرف عُمَر، والمنصور أيوب، والمؤيد داود، والواثق إبراهيم، والمسعود حسن.(15/799)
270 - يُوسُف بْن أبي مُحَمَّد بْن أبي الفتوح، الشَّيْخ، المقرئ، تقيُّ الدِّين، أبو الحَجَّاج المَقْدِسيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 694 هـ]
شيخ مسن فاضل. وُلِدَ سنة أربع وستمائة. ولو سمع فِي صِغره لكان من كبار المُسِندين، قرأ القراءات على الرشيد عَبْد الظاهر بن نشوان. وحدث عن: أبي الحسن ابن الجميزي، سمع منه: شيخنا ابن تيمية، والبرزالي، وجماعة.
وسكن بالعزيزية مدة، ثم سكن جبل الصالحيين. وأَمّ بالرباط النّاصريّ. ثُمَّ عُزل فِي الآخر لضرره وصممه وضعفه. وكان كثير التلاوة، عالي الإسناد فِي القراءات. وما علمت أحدًا قرأ عليه. وهو والد شيخنا محيي الدِّين مُحَمَّد.
تُوُفّي فِي سادس ذي الحجّة. وبقي ابنه الآخر إلى سنة بضع وثلاثين وسبعمائة بمصر. وتفرد بإجازة ابن رواج، وغيره.(15/800)
271 - أبو بَكْر بْن إلياس بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن هارون، الفقيه، المعمَّر، الصّالح، عزَّ الدِّين الحُمَيْديّ، الكرديّ، الرسعَنيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 694 هـ]
روى عن الفخر ابن تيميّة، والمجد القزوينيّ، سمع منه: البِرْزاليّ، وابن سيّد النّاس، وابن حبيب، وجماعة. وكان فقيهًا بالقاهرة بالمدرسة الصّالحيّة، [ص:801]
وساكنًا بمسجد فِي الشارع. فِيهِ دِين وورع. وتُوُفيّ فِي السَّنَة قبل رجب.(15/800)
272 - أبو بَكْر بْن عَبَّاس بْن أبي المكارم، الصَّدْر الكبير، نجم الدِّين التّميميّ، الجوهريّ. [المتوفى: 694 هـ]
شيخ كبير، مُسِنّ، محتشم، كثير الأموال، بارز العدالة، تُوُفّي فِي سابع عَشْر شوّال، ودُفِن بالتُّربة التي أنشأها بمدرسته إلى جانب داره، وخلّف أولادًا.(15/801)
273 - أبو بَكْر بْن مُحَمَّد بْن ميمون، القاضي بدر الدِّين السُّوسيّ، المالكيّ. [المتوفى: 694 هـ]
تقنطر به فَرَسُه بناحية صيدا، فمات فِي شوّال.
من أعيان الفقهاء، ناب بدمشق ودرّس، وله سماع من ابن عَبْد الدّائم.(15/801)
274 - أبو الرجال بْن مرّي بْن بُحْتُر، المَنِينيّ، الزَّاهد. [المتوفى: 694 هـ]
شيخ صالح، زاهد، عابد، قانت، عارف فقير، صادق، صاحب حال وكشف. وكان قد اشتهر ذِكره وبعُد صيته. وطلع النّاس إلى زيارته والتبرك به، وصار من أعيان شيوخ الوقت وكان خيَّرًا، متواضعًا، فارغًا من التكلف، عديم التصنع.
لم يتفق لي زيارته - رحمه اللَّه - وقد زرت قبره وهو مدفون إلى جانب شيخه الشَّيْخ جندل.
تُوُفّي يوم الثلاثاء عاش المحرم بمنين، وطلع خَلْقٌ كثير من البلد لشهود جنازته، وعاش ثمانين سنة أو أكثر. وكان سماعاتيًا.(15/801)
275 - أبو الفهم بْن أَحْمَد بْن أبي الفهم بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم، السُّلَميّ، الدّمشقيّ، سمّاه بعض الطَّلَبة تمامًا. [المتوفى: 694 هـ]
وكان شيخًا عاقلًا، ساكنًا، فقير الحال، قانعًا، رثّ الهيئة. وُلِدَ فِي ذي الحجة سنة إحدى عشرة وستمائة وسمع من جَدّه لأمه إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم [ص:802]
ابن عليّ الدّمشقيّ، والشيخ الموفَّق، وابن صبّاح، وكريمة الْقُرَشِيّة، وغيرهم.
وسمع بمصر من عَبْد الوهّاب بْن رَواج. وحدَّث بالقاهرة ودمشق. سَمِعت منه أَنَا وابن الخبّاز، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ، وابن المظفَّر النابلسي، وعبد الرحمن بن المزي، وفتاي كيكلديّ، وطائفة.
وكان يُعرف بابن النّميس، ويسكن بنواحي باب توما، تُوُفّي فِي أحد الربيعين.(15/801)
-وفيها وُلِدَ:
الفقيه المحدّث صلاح الدِّين خليل بْن كيكلديّ بْن العلائيّ، والفقيه جمال الدِّين محمد ابن شيخنا كمال الدِّين الشّريشيّ، والإمام بهاء الدِّين عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن خليل الْقُرَشِيّ، والإمام عز الدين عبد العزيز ابن قاضي القُضاة بدر الدِّين ابن جماعة، والتّاج أحمد بن يحيى بن محمد ابن السكاكري، الشروطي.(15/802)
-سنة خمس وتسعين وستمائة.(15/803)
276 - أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن علي، القاضي الأجلّ، عَلَمُ الدِّين ابن القمّاح الْقُرَشِيّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر عن خمسٍ وستّين سنة، سمع المُرسي، وطائفة.(15/803)
277 - أَحْمَد بْن جبريل بْن مَرْزا بْن عِيسَى، أبو الْعَبَّاس الهذباني، الإربلي، المقرئ. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن إِبْرَاهِيم بْن الخير وسمع بدمشق ومصر. وكان صالحًا، كثير التلاوة يلقن بالمقس. وتُوُفيّ فِي ربيع الأوَّل.(15/803)
278 - أَحْمَد بْن حمدان بْن شَبِيب بْن حمدان بْن شَبِيب بْن حمدان بْن محمود، العَلامَة البارع، بقيّة المشايخ، مُسْند الوقت، نجم الدِّين أبو عَبْد اللَّه الحرّانيّ، الحنبليّ، [المتوفى: 695 هـ]
شيخ الحنابلة، ومصنّف " الرعاية " فِي الفقه.
وُلِدَ فِي عاشر رمضان سنة ثلاث وستمائة بحرّان، وسمع من الحافظ عَبْد القادر خمسة عَشْر جزءًا، ومن الشَّيْخ فخر الدِّين ابن تيميّة، وابن رُوزبه، وأبي عليّ الأوقيّ، وابن صبّاح، وابن غسّان، وجماعة. وتَفَقَّه وبرع فِي المذهب، ودرّس وأفتى وناظَرَ. وكان من كبار أصحاب الشيخ المجد. وصنف " الرعاية الكبيرة " و " الرعاية الصغيرة " وحشاهما بالروايات الغريبة التي لا تكاد توجد فِي الكُتُب، لكثرة إطّلاعه وتبحُّره فِي المذهب. وكانت له يد طُولى فِي الأصول، والخلاف، والجبر، والمقابلة. وله قصيدة طويلة فِي السُّنَّة. وسكن بالقاهرة ودرّس بها وأشغل. وكنت أتحسّر على لُقِيّه. وأجاز لي مَرْوِيّاته. وكان أَبُوهُ من فقهاء حرّان، روى عَنْهُمَا الدّمياطيّ فِي " معجمه ".
وروى عن شيخنا خَلْقٌ منهم: القاضي سَعْد الدِّين الحارثيّ، وولده، وجمال الدِّين المِزّيّ، وعَلَم الدِّين البِرْزاليّ، وزين الدِّين ابن حبيب، وفتح الدِّين ابن سيّد النّاس، وقُطب الدِّين عبد الكريم، وشمس الدين ابن سامة. [ص:804]
وكان متواضعًا، مطرحًا للتكلف، ديّنًا، ثقة. انتفع به المصريّون. وتُوُفيّ فِي سادس صَفَر.(15/803)
279 - أَحْمَد بْن عَبْد الباري بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الكريم، شهاب الدِّين، الصّعيديّ، المؤدّب، أبو العبّاس. [المتوفى: 695 هـ]
أحد شيوخ الإسكندريّة.
ولد في صفر سنة اثنتي عشرة وستمائة بالإسكندرية وقرأ القراءات على أَبِي القَاسِم بْن عيسى. وسمع على أبي القاسم ابن الصَّفراويّ وأبي الفضل الهمْدانيّ. وسمع الكثير، وعني بالحديث. وكان شيخًا صالحا، خيِّرًا، ورعًا، له مسجد يؤمّ به ويؤدّب فِيهِ. وكان من بقايا الشيوخ، سمع منه الرحالة. وتُوُفيّ فِي أوائل السنة.
وقرأ أيضًا على الصفرواي، وكان شديد الوسواس، مات فِي جُمَادَى الأولى.(15/804)
280 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحسن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حمزة، صدر الدِّين الحارثيّ، المالكي. [المتوفى: 695 هـ]
ولد سنة ثمان عشرة وستمائة. وسمع من مُحَمَّد بْن عماد، والصَّفْراويّ. ومات فِي أوائل السّنة. قاله مُحَمَّد بْن صالح الأطرابُلُسيّ صاحبنا. وكان كاتبًا مجوّدًا بالإسكندريّة.(15/804)
281 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهاب بن مناقب بن أحمد، الشريف محيي الدِّين، أبو الفضائل الْحُسَيْنيّ، المنقذيّ، الدّمشقيّ، خازن المصحف بمشهد عليّ. [المتوفى: 695 هـ]
حضر على درع بْن فارس العسقلاني. وسمع من ابن اللَّتّيّ، وابن غسّان، وابن صبّاح، ومُكرم، وابن الشيرازيّ، وتفرَّد ببعض مَرْوِيّاته. وهو آخر من روى عن درع، سَمِعتُ منه جزءين. وتُوُفيّ فِي السابع والعشرين من ذي الحجَّة، ودُفِن بمقابر باب الصغير.(15/804)
282 - أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن أبي عَبْد اللَّه، المحدّث، شهاب الدِّين ابْن المقشّرانيّ. [المتوفى: 695 هـ]
سمع الكثير بعد الثمانين، وحصل وتعت. وخطّه رديء. وكان فِيهِ تواضع وتودّد وإفادة.
تُوُفّي فِي صَفَر. وله رحلة إلى دمشق.(15/805)
283 - أَحْمَد بْن عَبْد الكريم بْن عَبْد القويّ، أبو طاهر المنذريّ، الْمَصْرِيّ، ويُعرف بابن السَّمِيدَع. [المتوفى: 695 هـ]
وأخو أبي السعود محمد وعبد القويّ.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وعشرين. وسمع من ابن باقا، ومرتضى بْن حاتم، وجماعة.
بقي إلى هذه السَّنَة.(15/805)
284 - أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن أَحْمَد، التُّنوخيّ، القُرْطُبيّ. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن ابن رواج بالثّغر.
مات فِي جُمَادَى الأولى.(15/805)
285 - أَحْمَد بْن نصير بْن نبا بْن سُلَيْمَان، الشَّيْخ، المحدّث، شهاب الدِّين، أبو البركات ابن الدُّفُوفيّ، الْمَصْرِيّ، المقرئ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة عشرين وستّمائة. وسمع من عَبْد الوهّاب بْن رواج، وابن الجميزي، وابن الجباب، وسِبْط السِّلَفيّ، ومن بعدهم من أصحاب البُوصيريّ، وغيره وعني بالحديث. وكتب ونسخ الكثير. وكان من المشهورين بالطلب وضبْط الأسماء. وكان نقيبًا بالظاهرية والمنصورية للطّلبة، ونسخ كتبًا كبارًا، منها " حُلْية الأولياء " لأبي نُعَيْم. وروى عوالي مسموعاته. وسمعت منه أَنَا وسائر الطّلبة، وخطّه طريقة حسنة معروفة، صحيحة.
تُوُفّي ليلة الجمعة حادي عَشْر رمضان.(15/805)
286 - أحمد بن علي بن عبد الله ابن الظاهري، الفقيه الحَلَبِيّ [المتوفى: 695 هـ]
ابن خالة شيخنا جمال الدِّين.
كان عنده بالزّاوية.
وحدَّث عن يُوسُف بْن خليل، سمع منه البِرْزاليّ، وجماعة.(15/806)
287 - أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد الكريم بْن عليّ بْن أبي القَاسِم، الشَّيْخ، الزَّاهد، المعمّر، أبو الْعَبَّاس الأثريّ، المَوْصِليّ. [المتوفى: 695 هـ]
شيخ كان بدرب القلى، فِيهِ خَيّر وصلاح. ذكر أنّه وُلِدَ سنة أربعٍ وتسعين وخمسمائة، ولبس الخرقة من القاضي أَبِي صالح نصر بْن عَبْد الرّزّاق الجيليّ فِي سنة أربع عشرة وستّمائة. ولو سمع حينئذٍ من شيوخ بغداد لكان مُسنَد وقته.
تُوُفّي يوم الجمعة السادس والعشرين من شعبان، وشيّعه الخلْق. ودُفِن بمقبرة باب الصّغير، لبس منه عَلَم الدِّين البِرْزاليّ الخرقة.(15/806)
288 - أَحْمَد بْن عُمَر بْن إِسْمَاعِيل، شهاب الدِّين، أبو الْعَبَّاس النّصيبيّ، الصُّوفيّ، الموقّت بالقدس. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة تسعٍ وثلاثين وستّمائة بمَلَطْية. وقدِم مصر فِي صغره، وسمع من ابن الْجُمّيْزيّ، والسِّبط. وكان ديّنًا، خيّرًا، عاقلًا، خبيرًا بالمواقيت.
تُوُفّي فِي شعبان، سمع منه أَبُو الْحَسَن ابن العَطَّار، وابن البِرْزاليّ، وجماعة.(15/806)
289 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد. الإِمَام، الحافظ، الشريف، السيّد عز الدين، أبو القاسم ابن الإِمَام الشريف أبي عَبْد اللَّه العَلوي، الْحُسَيْنيّ، الْمَصْرِيّ، ويُعرف بابن الحَلَبِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
نقيب الأشراف بالدّيار المصرية.
ولد سنة ست وثلاثين وستّمائة. وسمع من فخر القُضاة ابن الجباب. ثُمَّ سمع من الزّكيّ المنذريّ فأكثر، ومن: الرشيد العَطَّار، وعبد الغني بْن بنين، والكمال الضرير، وطبقتهم ومن بَعدهم. وأجاز له ابن رواج، وابن الْجُمّيْزيّ، والسِّبط، وصالح المُدْلجيّ، وخلق كثير. وطلب الحديث على الوجه. وكان ذا فهم وحفظ وإتقان. خرَّج التّخاريج المفيدة، وله " وفيات " ذيَّل بها على [ص:807]
شيخه المنذريّ إلى سنة أربعٍ وسبعين وستّمائة، هذا الَّذِي اتّصل بنا، ولعلّه ذيّل إلى حين وفاته ولم نره.
سمع منه سائر الطَّلَبة، وتُوُفيّ إلى رحمة اللَّه فِي سادس المُحَرَّم بالقاهرة.(15/806)
290 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ الفقيه أبي محمد عَبْد القادر بْن أبي عَبْد اللَّه ابْن البغداديّ، زين الدِّين، أبو الْعَبَّاس الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
حضر على جَدّه مجلسًا لابن عساكر. وكان عدلا شُرُوطيًّا.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.(15/807)
291 - أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن نصر اللَّه بْن عليّ بْن المفرج بْن مَسْلَمَة، العَدْل، عماد الدِّين، أبو الْعَبَّاس الدّمشقيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وروى عن جعفر الهمداني. وكان يشهد بسوق القمح.
تُوُفّي يوم سْلخ السنة.(15/807)
292 - أحمد بن أبي بكر ابن النَّجم مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن أَحْمَد بْن خَلَف، البلْخيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 695 هـ]
سمع حضورًا من ابن اللَّتّيّ، وابن المُقَيَّر، وسماعًا من السَّخاويّ. وحدَّث.
وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين وستّمائة، ومات في ذي الحجة بدمشق. وتطلبناه فلم نقع به.(15/807)
293 - إبراهيم ابن الضياء مُحَمَّد بْن أبي القَاسِم بْن مُحَمَّد، القزوينيّ، ثُمَّ الحَلَبِيّ، شهاب الدِّين الصُّوفيّ. [المتوفى: 695 هـ]
نزل القاهرة.
حدُّث عن أَبِيهِ، وتُوُفيّ فِي ذي الحجّة. وقد شاخ.(15/807)
294 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرّزّاق بْن أبي بَكْر بْن رزق اللَّه بْن خَلَف، الفقيه العَدْل، برهان الدِّين، أبو إسحاق الرسَعنيّ، الحَنَفِيّ، المعروف بابن المحدث، [المتوفى: 695 هـ][ص:808]
أخو الشمس، ابن المحدث العَلامَة عزَّ الدِّين.
وُلِدَ سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وسمع من والده، وغيره، كتب عَنْهُ البِرْزاليّ شيئًا من نظْمه. وكان يشهد تحت السّاعات.
تُوُفّي فِي سادس عَشْر رمضان.(15/807)
295 - أرغون العادليّ، الْجَمْدار، سيفُ الدِّين. [المتوفى: 695 هـ]
من أمراء دمشق.
بقي في الإمرية يسيرًا، ومات بدار ابن أتابك فِي شوّال شابًّا.(15/808)
296 - إسحاق بْن عَبْد الْجَبَّار بْن أبي الفتح بْن عَبْد الرَّحْمَن، العَدْل، مَعِين الدِّين، أبو الطّاهر السّنْجاريّ، الحَنَفِيّ، [المتوفى: 695 هـ]
قاضي المَقْس.
وُلِدَ سنة أربع عشرة بسَنْجار، وروى "جزء أَبِي الجهم " عن السراج ابن الزبيدي.
توفي في المحرم.(15/808)
297 - الأسعد ابن السّديد، الماعز القِبطيَ. [المتوفى: 695 هـ]
أسلم فِي الدّولة الأشرفيّة. وكان مستوفى الدّيار المصريّة، وله خبرة تامّة ومكانة كأبيه.
مات فِي المُحَرَّم.(15/808)
298 - إِسْمَاعِيل بْن عَبْد المنعم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف. شمس الدين، أبو الطاهر ابن الخيمي، الأنصاري، المصري. [المتوفى: 695 هـ]
ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة، وروى عن ابن باقا، ومرتضى ابن العفيف. وكان خطيبًا بالقرافة الصُغرى، وصوفيًّا بالخانكاه. وفيه خير ودين. وهو أخو الشهاب ابن الخَيميّ الشاعر.
سمع منه الطَّلَبة. ومات فِي ربيع الآخر في تاسع عشره.(15/808)
299 - أمَة الآخِر بِنْت النّاصح عَبْد الرَّحْمَن بْن نجم ابن الحنبليّ. [المتوفى: 695 هـ]
تُوُفّيت فِي شوّال، وهي آخر من مات من إخوتها. ولم ترو شيئًا. واسمها فرد.(15/808)
300 - أمينة بِنْت مُحَمَّد بْن عَبْد الحقّ بن خلف. [المتوفى: 695 هـ][ص:809]
وُلِدت سنة سبْعٍ وعشرين، وخدمتْ جَدّها وسمِعتْ منه، وماتت فِي شعبان.(15/808)
301 - أيبك الأفرم، الأمير الكبير، عزَّ الدِّين الصّالحيّ، الساقي. [المتوفى: 695 هـ]
سمع من عَبْد الوهّاب بْن رواج، وحدَّث. وكان من كبار الدّولة المصريّة، له أموال وأملاك وخبز جيّد. وفيه خبرة وشجاعة.
صلَّينا عليه فِي ثالث عَشْر ربيع الآخر بدمشق صلاة الغائب يوم الجمعة. ومات بالقاهرة.(15/809)
302 - إيل غازي، الملك السعيد، صاحب ماردين، ابن الملك المظفر ابن السّعيد. [المتوفى: 695 هـ]
قال شمس الدِّين الْجَزَريّ: تُوُفّي فِي هذه السَّنَة، وتملك بعده أخوه الملك المنصور نجم الدِّين غازي، قال: ولَقَبُه شمس الدِّين.(15/809)
303 - باسطي، ويقال بالألف واللام. الأمير الكبير سيف الدِّين المَنْصُورِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
من أمراء دمشق.
وقد حجّ سنة إحدى وتسعين بالركْب. وكان يَخْضِب.(15/809)
304 - بيليك أبو شامة، الأمير الكبير، بدرُ الدِّين، أبو أَحْمَد المحسني، الصّالحيّ، الحاجب. [المتوفى: 695 هـ]
عمل الحجابة للمنصور مدّة، وأُعطي بدمشق خبزًا بعد التّسعين. ثُمَّ أعيد إلى القاهرة. وكان عاقلًا خبيرًا، له مَيل إلى الخير، وفيه دين، روى عن ابن المقير، وابن رواج، وابن الْجُمّيْزيّ. ومات وهو فِي عشر السبعين في تاسع المحرم. ولم يتفق لي السماع منه.(15/809)
305 - جمال الدِّين الإصبهانيّ، [المتوفى: 695 هـ]
شيخ الشيوخ بالقاهرة، ومدرّس الشريفيّة.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم.(15/809)
306 - جبريل بْن أبي الْحَسَن بْن جبريل بْن إِسْمَاعِيل، المحدّث، المُسِند، أمين الدِّين، أبو الأمانة، العسقلانيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة عَشْر وستّمائة. وطلب بنفسه، وسمع من ابن المُقَيَّر، والعَلَم ابن الصّابونيّ، وابن الْجُمّيْزيّ، وطبقتهم. ورحل إلى دمشق، وأدرك أصحاب الحافظ ابن عساكر. وكان محدّثًا، نبيهًا، عارفًا، جيّد المشاركة فِي العِلم. وقد أعاد بالظاهريّة عند الدّمياطيّ. وكتب عَنْهُ الجماعة. وأجاز لي باستدعائي. وتُوُفيّ فِي رابع عَشْر ربيع الأوّل - رحمه اللَّه -.(15/810)
307 - جَعْفَر بْن عليّ بْن جَعْفَر بْن حَسَن، شَرَفُ الدِّين العامريّ، المَوْصِليّ. [المتوفى: 695 هـ]
سمع بقوله من السُّهْرَوَرْديّ، وابن الزَّبِيديّ، وابن رواج، وجماعة. وكتب عَنْهُ الدّمياطيّ شِعرًا.
أجاز لعَلَم الدِّين فِي ذي القعدة من سنة أربعٍ، وانقطع خبره في سنة خمس.(15/810)
308 - الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه ابْن الشَّيْخ القُدوة الزَّاهد أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، قاضي القُضاة، شَرَف الدِّين، أبو الفضل ابن الخطيب شَرَف الدِّين أبي بَكْر المَقْدِسيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ وثلاثين وستّمائة. وسمع من ابن قُمَيْرة، وابن مَسْلَمَة، والمُرسي، واليَلْدانيّ، وجماعة. وقرأ الحديث بنفسه على الكَفْرطابيّ، وغيره. وتَفَقَّه على الشَّيْخ شمس الدِّين عمّه، وصحِبه مدّة، وبرع فِي المذهب.
وكان مليح الشكل، مديد القامة، حَسَن الهيئة، له شَيب يسير، وفيه لُطف ومكارم وسيادة ومروءة، مع الدِّين والعِلم والصّيانة والأخلاق الزّكيّة وحُسْن السّيرة فِي الأحكام.
سمع منه: عَلَمُ الدِّين البِرْزاليّ، وغيره. وتُوُفيّ إلى رحمة اللَّه في ليلة الثاني والعشرين من شوّال بالجبل، وشيّعة ملك الأمراء والقُضاة والكُبراء. وكانت جنازته مشهودة. ودُفِن بمقبرة جَدّه، وقد درّس بمدرسة جدّه وبدار [ص:811]
الحديث الأشرفيّة وولي القضاء بعد نجم الدِّين ابن الشَّيْخ. وهو والد صاحبنا الفقيه شَرَف الدين أحمد - حفظه الله -.(15/810)
309 - خديجة بنت الشيخ شمس الدين محمد ابن العماد إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد المَقْدِسيّ، [المتوفى: 695 هـ]
والدة الإِمَام موفّق الدِّين عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الآتي ذِكره، ومات قبلها فِي ربيع الآخر من السَّنَة.
تروي جزءًا عن الكاشْغري حضورًا. وهي أخت شيختنا زينب، سمع منها: البِرْزاليّ، وغيره. وماتت في سادس رجب بالقاهرة.(15/811)
310 - رمضان بْن عَبْد اللَّه بْن يُوسُف، الشَّيْخ الصالح، المقرئ، أبو مُحَمَّد الآمِديّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ بآمد سنة نيِّفٍ وعشرين. وسمع بدمشق من النّجم ابن البلْخيّ، والصّدر البكريّ. وحدَّث. وكتب الطَّلَبة عَنْهُ قديما لأجل اسمه.
تُوُفّي فِي ثاني عَشْر ربيع الأوّل. وكان من جماعة الرباط النّاصريّ. وفيه عقل وديانة.(15/811)
311 - زينب بِنْت عليّ بْن أَحْمَد بْن فضل، الشيخة الزاهدة، العابدة أم مُحَمَّد بِنْت الواسطيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلدت - أظنّ - فِي سنة خمسٍ وستّمائة، وسمعت سنة إحدى عشرة من الشَّيْخ الموفّق جزءًا سمعناه منها. وهي والدة شيخنا الشمس ابن الزّرّاد. وكان أخوها الشَّيْخ تقيُّ الدِّين مع جلالته يقصد زيارتها والتبرُّك بها، وكانت قليلة المثل - رضي الله عنها -.
توفيت في خامس المحرم.(15/811)
312 - ستّ الأمناء آمنة بِنْت أبي طَالِب عقيل بْن حمزة بْن عليّ، أمّ صدّيق بِنْت ابن الشُقَيشقة الشَّيبانيّ، الصّفّار، [المتوفى: 695 هـ]
عمّة المحدّث الكبير [ص:812]
نجيب الدِّين.
سَمِعت من أخيها مظفَّر، ومن كريمة وصفيّة ابنتي عَبْد الوهّاب، وجَهْمة بِنْت مسلمة. وكان أخوها يروي عن الحافظ ابن عساكر، سمع منها: عَلَم الدِّين والطلبة. وفاتني السماع منها. وتوفيت في ثامن ذي الحجّة. وكانت كبيرة.(15/811)
313 - ستّ الفقهاء بِنْت الإِمَام عَبْد الرّزّاق الرسعَنيّ، [المتوفى: 695 هـ]
أخت الشمس.
رَوَت عن ابن روزبة " الثلاثيات ".(15/812)
314 - السّرّاج الورّاق، الْمَصْرِيّ الأديب المشهور، [المتوفى: 695 هـ]
رفيق أَبِي الْحُسَيْن الجزّار.
مات بمصر فِي جُمَادَى الأولى. اسمه عُمَر بن مُحَمَّد بْن حَسَن. وشِعره سائر، عاش ثمانين سنة. مدح أكابر.(15/812)
315 - سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن أَحْمَد، عماد الدِّين المرجانيّ. [المتوفى: 695 هـ]
أحد شيوخ الإسكندريّة.
وُلِدَ بعد العشرين، وروى عن مُحَمَّد بْن عماد، وجعفر، روى عنه البرزالي. وكان أبوه من أئمة الثغر وقضاته.(15/812)
316 - سليمان بن إبراهيم بن بدران ابن القائد، شهاب الدين الصالحي، الحنفي، المعروف بالسركسي. [المتوفى: 695 هـ]
سمع من ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، وابن صباح، والناصح، وجماعة.
وكان مولده فِي سنة ثلاثٍ وعشرين وستّمائة، وتوفي في حادي عشر صفر.(15/812)
317 - سليمان بن همام بن مرتضى، القاضي وجيه الدين ابن البياع المصري، العدل. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن جَعْفَر الهمْدانيّ، وتُوُفيّ فِي الخامس والعشرين من صَفَر بالقاهرة. وأبوه لَقَبُه نصير الدِّين أبو العزائم الْقُرَشِيّ الجشي.(15/812)
318 - سُلَيْمَان بْن يُوسُف بْن أُبيّ، العَدْل فخر الدِّين الهكاريّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة ثمان وستّمائة، وكان من عدول مصر، سمع هُوَ وابنه العَدْل موفق الدِّين من سِبْط السِّلَفيّ، سمع منه علم الدِّين.
تُوُفّي الفخر فِي صَفَر.(15/813)
319 - سُلَيْمَان بْن أبي الدُّرّ، الشَّيْخ الحريريّ، الرَّقيّ. [المتوفى: 695 هـ]
صحِب الحريريّ مدّة وتجرّد. وكان فِيهِ ديانة وعدالة. ويلبس الفُرجيّة وعلى رأسه قُبع دلِك.
وهو سِبْط الرّقّيّ صاحب القبّة التي بآخر سوق الجبل، وينُزل منها إلى طريق عين الكرش، تُوُفّي فِي شوّال وقد نيَّف على السبعين. وكان له سماع من ابن البرهان، والرشيد العَطَّار. وكتب فِي الإجازات.(15/813)
320 - سيّدة بِنْت مُوسَى بْن عثمان بْن درباس المارانيّ، أم مُحَمَّد. [المتوفى: 695 هـ]
شيخة صالحة، معمَّرة، كنت أتلهّف على لقيّها، ورحلتُ إلى مصر وعلمي أنّها باقية، فدخلتُ فوجدتُها قد ماتت من عشرة أيّام. وقد أجاز لها فِي سنة تسعٍ وستّمائة أبو الْحَسَن عليّ بْن هُبَل الطّبيب، وأبو مُحَمَّد ابن الأخضر، وسليمان الموصلي، وأحمد ابن الدّبيقيّ، وعبد العزيز بْن منينا، وجماعة. وسمعت جزءًا من مسمار بْن العُويس. وتفرّدت بالرواية عن هَؤُلَاءِ، روت بالإجازة عن عين الشمس الثقفية، وجماعة. وعرفتُ عُلُوّ روايتها من ثَبت أبي القَاسِم بْن حبيب لمّا قَدِمَ علينا، فإنّه سمع منها فِي سنة ثلاثٍ وتسعين هُوَ وأبو الفتح والمصريّون.
توفيت يوم الجمعة سادس رجب وأنا بوادي فحمة.(15/813)
321 - شَبِيب بْن حمدان بْن شَبِيب بْن حمدان بْن شَبِيب بْن محمود، الأديب، العالم، الطّبيب، الكحّال، البارع، تقيُّ الدِّين، أبو عَبْد الرَّحْمَن الحرّانيّ، الشاعر، [المتوفى: 695 هـ]
نزيل القاهرة. أخو الشَّيْخ نجم الدِّين.
وُلِدَ بعد العشرين وستّمائة بيسير، أو فيها، وسمع من ابن روزبة، [ص:814]
والفخر الإربليّ، كتب عَنْهُ الدّمياطيّ، والقدماء. وكان فِيه شهامة وقوّة نفْس، وله أدب وفضائل. وقد عارض " بانت سعاد " بقصيدةٍ طنّانة يقول فيها:
أباد بي وخدها البيدا فقر ... بها طرفي وقربها وجناء شمليل
إلى النبي رسول الله إنَّ له ... مجدًا تَسَامى فلا عرضٌ ولا طولُ
مجدٌ كبا الوهْمُ عن إدراك غايته ... وردّ عقل البرايا وهو معقولُ
مطهّر شرَّف اللَّه العبادَ به ... وساد فخرًا به الأملاكَ جبريلُ
طُوبَى لِطيبةَ بل طُوبى لكلّ فتًى ... له بطِيب ثراها الْجَعْدِ تقبيلُ
تُوُفّي التّقيّ شَبِيب الكحّال بالقاهرة في الثامن والعشرين من ربيع الآخر.(15/813)
322 - ظهير الدِّين الغوريّ، الصُّوفيّ، حُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أبي بَكْر بْن عليّ الحَنَفِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
من كبار الصُّوفيّة بالسُّمَيساطيّة، وله معرفة بالفقه والعربيّة. وله مشاركة فِي الحديث والتّاريخ. ولم يزل حريصًا على العِلم والتّحصيل فِي الشيخوخة.
تُوُفّي فِي سلخ رمضان فِي عَشْر السّبعين. وهو والد الفقيه شمس الدين الغوري.(15/814)
323 - عائشة بنت إبراهيم بن محمد بن النشو. [المتوفى: 695 هـ]
سمعت عثمان ابن خطيب القرافة، تُوُفّيَتْ فِي جُمَادَى الآخرة.(15/814)
324 - عَائِشَة بِنْت مُحَمَّد، أخت شيخنا جمال الدِّين ابن الظّاهريّ. أمّ مُوسَى. [المتوفى: 695 هـ]
صالحة، عابدة، صائمة الدّهر، متواضعة، تخدم الفقراء. ولها إجازة من ابن الزَّبِيديّ. وسمعت من أَحْمَد بْن سلامة الحرّانيّ، النّجّار وغيره. وحدثت مرات. ومات فِي صَفَر.
روى عَنْهَا البِرْزاليّ، وابن حبيب.(15/814)
325 - عبد الله بن محمد، الباعشيقي. الشَّيْخ الزَّاهد، الصّالح. [المتوفى: 695 هـ]
تُوُفّي بمصر. وقد روى الحديث. وعاش اثنتين وثمانين سنة.(15/814)
326 - عَبْد اللَّه ابْن الشَّيْخ نجم الدِّين عَبْد الرَّحْمَن ابْن العَلامَة نجم الدِّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن راجح، الإِمَام، الفقيه، المحقّق، موفَّق الدِّين المَقْدِسيّ، الحنبليّ، [المتوفى: 695 هـ]
سِبْط الشَّيْخ العَلامَة شمس الدِّين مُحَمَّد بْن العماد.
وُلِدَ بالقاهرة وتَفَقَّه وبرع وتميّز. ولو عاش لساد الطائفة، سمع الكثير مع الحافظ سَعْد الدِّين، وغيره. وكان فيه صلاح ومروءة.
توفي شابًّا فِي ربيع الآخر - رحمه اللَّه -.(15/815)
327 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن قوَّام بْن وَهْب، العَدْل، الصّالح، الزَّاهد، كمال الدِّين، أَبُو مُحَمَّد الرصافيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 695 هـ]
حدُّث فِي العام الماضي " بشرح السنة " و " معالم التّنزيل " للبَغَوي، عن القزوينيّ. وسمعنا منه فِي هذه السَّنَة " صحيح الْبُخَارِيّ " عن ابن الزَّبِيديّ. وروى أيضا عن عمّه أبي الفتح ناصر، ووالده، وأبي موسى عبد الله ابن الحافظ. وكان من خيار الشيوخ دِينًا وأمانة وصيانة ورزانة. وقد شهد على القُضاة من قديم. وسمع منه سائر الطَّلَبة.
وُلِدَ فِي رجب سنة خمس عشرة وستّمائة. وتُوُفيّ بُكرة الجمعة سابع ذي القعدة، فقيل: إنّه صلّى وسجد لله ومات.(15/815)
328 - عَبْد البرّ ابن قاضي القُضاة تقيُّ الدِّين مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن رزين، القاضي العالم، صَدْر الدِّين، الشّافعيّ، [المتوفى: 695 هـ]
مدرّس القَيْمُريَّة بدمشق.
كان شابًّا متواضعًا، متودّدًا، يحبّ العشرة، وفيه ذكاء ومعرفة. تُوُفّي فِي سابع رجب - رحمه اللَّه وسامحه -.(15/815)
329 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحليم بْن عِمْرَانَ، الشَّيْخ الإِمَام، المحدَّث، المقرئ، الفقيه صَدْر الدِّين، أبو القَاسِم الأوسيّ، الدُّكاليّ، المالكيّ، الملقَّب بسحنون. [المتوفى: 695 هـ]
كان إمامًا، فقيهًا، مُفتيًا، متفنّنًا، كثير الفضائل، قويّ العربيّة، زعِر الأخلاق. وُلِدَ سنة ستّ عشرة، وقيل: سنة عَشْر، وهو أشبه. وقدِم الإسكندريّة فِي عُنْفوان شبابه، وقرأ بها على أبي القَاسِم الصّفراويّ، وسمع [ص:816]
منه. ومن: عليّ بْن مختار العامريّ، وعبد الوهّاب بْن رواج، وجماعة. وقرأ الحديث على الشيوخ.
سالت أَبَا الحَجَّاج الكلبيّ عَنْهُ، فقال: شيخ جليل، فاضل، صاحب سُنّة. لقيته بالإسكندريّة سنة أربعٍ وثمانين.
قلت: وقرأت عليه ختمةً لوَرْش وحفص. وسمعت منه أَنَا وابن الظّاهريّ، والمزي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وطائفة. وتوفي وأنا بالإسكندرية في رابع شوال. وقد سمع عليّ الختمة فِي أحد عَشْر يَوْمًا.(15/815)
330 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الوهّاب بْن خَلَف بْن بَدْر، قاضي القُضاة، تقيُّ الدين، أبو القاسم ابن قاضي القُضاة تاج الدِّين العَلامي، الْمصْرِيّ، الشّافعيّ، المعروف بابن بِنْت الأعزّ. [المتوفى: 695 هـ]
وكان جَدّه لأمّه يُعرف بالقاضي الأعزّ. والعَلاميّ، بالتّخفيف وهي نسبة إلى قبيلة.
سمع من الرشيد العَطَّار، وغيره. وتَفَقَّه على ابن عَبْد السّلام، وعلى والده. وكان فقيهًا، إمامًا، مُناظرًا، بصيرًا بالأحكام، جيّد العربيّة، ذكيًّا، نبيلًا، رئيسًا، شاعرًا، محسِنًا، فصيحًا، مفوَّهًا، وافر العقل، كامل السُّؤْدُد، عالي الهمّة، عزيز النّفس. روى عَنْهُ الدّمياطيّ فِي "معجمه " شيئًا من نظْمه.
تُوُفّي فِي سادس عَشْر جُمَادَى الأولى كهلًا، وولي القضاء بعده شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد. وقد كان عمل الوزارة ثُمَّ استعفى منها. وقد درّس بأماكن كبار، وولي مشيخة السّعيديّة.
مولده فِي ثاني عَشْر رمضان سنة تسعٍ وثلاثين وستّمائة. نقلتُه من خطّ الحافظ سَعْد الدِّين الحارثيّ - رحمه اللَّه - وهو عزيز الوجود - أعني ذِكر مولده - فإنّه كان لا يُخبر به أحدًا.(15/816)
331 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بن عبد الرحيم بن علي، الأجل سعد الدين أبو القاسم ابن زين الدين أبي الحسن ابن القاضي الأشرف بهاء الدين ابن القاضي الفاضل، البيسانيّ الأصل، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 695 هـ][ص:817]
روى عن جَعْفَر الهمْدانيّ، وعبد الصّمد الغضاريّ، ويوسف ابن المخيليّ، ويوسف بْن جبريل بْن محبوب، وجماعة. وحضر على ابن باقا. وتفرَّد بعدّة أجزاء. وكان من المكثرين. وكان خازن الكتب التي بمدرسة جَدّه.
سمع منه الجماعة، وتُوُفيّ يوم الأحد مُستَهَلّ رجب.
ومن غرائب الاتّفاق أنّ فِي هذا الوقت تُوُفّي بدمشق رَجُل باسمه واسم أبيه وجدّه، وهو:(15/816)
332 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن، الفقيه، العَدْل، جمال الدِّين الشّهرزُوريّ، الشّاهد - رحمه اللَّه -. [المتوفى: 695 هـ](15/817)
333 - عَبْد الرحيم بْن عَبْد المنعم بْن خَلَف بْن عَبْد المنعم، الشَّيْخ، الإِمَام، المُسِند، محيي الدين، أبو الفضل ابن الدّميريّ، اللَّخْميّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة. وسمع سنة عَشْر من الحافظ أبي الْحَسَن عليّ بْن المفضّل، وسمع من أبي طَالِب أَحْمَد بْن حديد، وابن أبي الفخر الْبَصْرِيّ، والزّين ابن فتح الدّمياطيّ، وإسماعيل بْن ظافر العُقيليّ، وتفرَّد بالرواية عن هَؤُلَاءِ، والفخر الفارسيّ، وابن باقا، والقاضي زين الدِّين، وعبد الصّمد الغضاريّ، ومُكَرَّم الْقُرَشِيّ، ومرتضى بْن حاتم. ولبس الخِرْقة من الشَّيْخ شهاب الدِّين السُّهْرَوَرْديّ.
وكان من كبار المسندين. فاتني لقيّهُ. وقد سمع منه خَلْقٌ. وتُوُفيّ فِي سلْخ المُحَرَّم فِي عَشْر المائة.(15/817)
334 - عَبْد الصّمد، الفقيه، [المتوفى: 695 هـ]
خطيب سقْبا.
تُوُفّي فِي شوّال بالقرية.(15/817)
335 - عَبْد اللّطيف ابْن الشيخ عزّ الدّين عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد السَّلَام، السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، الفقيه محيي الدِّين. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ وعشرين وستّمائة، وروى عن ابن اللَّتّيّ، ثُمَّ طلب الحديث بنفسه بالقاهرة، وقرأ على الشيوخ. وكان أفضل إخوته، قرأ الفقه والأصول وتميّز. وكان يعرف تصانيف والده معرفة حسنة.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر بالقاهرة.(15/817)
336 - عَبْد المنعم بْن أبي بَكْر بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمود، القاضي جلال الدِّين، أبو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، الْمَصْرِيّ، ثُمَّ الشامي، الشّافعيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة تسع عشرة وستّمائة بالقاهرة. وروى لنا مجلس معْمر عن ابن المُقَيَّر. وحدَّث بالقدس ودمشق والصَّلْت. وكان شيخًا وقورًا، مَهيبًا، فاضلًا، عارفًا بالمذهب، حَسَن الدّيانة، محمود السّيرة. وُلّي خطابة صفد، وولي القضاء بالصَّلْت وبعجلون وبالقدس. وناب فِي القضاء بدمشق عن قاضي القُضاة بدر الدِّين ابن جماعة. ثُمَّ عاد إلى القدس، وتُوُفيّ بها فِي الحادي والعشرين من ربيع الآخر - رحمه اللَّه -.
رَأَيْتُ له كتابًا فِي الفقه علّقه على " التّنبيه ".(15/818)
337 - عثمان بْن أبي الفتح بن إِسْمَاعِيل، فخر الدِّين الخُوَيّيّ، الصُّوفيّ، الشاهد، [المتوفى: 695 هـ]
نزيل القاهرة.
روى عن يُوسُف السّاوي. ومات فِي المُحَرَّم، أخذ عَنْهُ ابن حبيب.(15/818)
338 - عَرَبِشاه الرّوميّ، [المتوفى: 695 هـ]
الَّذِي كان بداريًّا.
وله هناك أراضي مطلقة من أيّام الملك الناصر الحلبي.
توفي المُحَرَّم. وكان من أبناء الثّمانين.(15/818)
339 - عليّ بْن حَسَن بْن بدر بْن حفّاظ بْن بركات، أبو الْحَسَن الصّالحيّ، الصحراويّ. [المتوفى: 695 هـ]
شيخ مُسِنّ، كان يسكن بالعُقَيبة، روى عن الفخر الإربليّ، وابن اللَّتّيّ، وابن المُقَيَّر، سمع منه: البِرْزاليّ، وفخر الدِّين المقاتليّ، ولم أقع به.
تُوُفّي فِي ليلة السّابع والعشرين من رمضان وقد نيّف عَلَى السّبعين. وقد أجاز لي.(15/818)
340 - عليّ بْن حمزة بْن عَبْد الرّزّاق، أبو الْحَسَن المحجيّ، الصّالحيّ، الملقّب بالفَلْو. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن ابن اللَّتّيّ، وتُوُفيّ بجبل قاسيون فِي العشرين من جُمَادَى الأولى.(15/818)
341 - عليّ ابْن الشرف عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سلامة، المَقْدِسيّ، الصّالحيّ، شَرَف الدِّين، [المتوفى: 695 هـ]
نقيب القاضي الحنبليّ.
سمع من إِبْرَاهِيم بْن خليل، وغيره. وسمع الكثير بنفسه، ولازم الطلب. ضرب بالدبابيس ليلة ظهور الحرامية بسوق الجبل، ثُمَّ مات بعد ليلة - رحمه اللَّه - ليلة عيد الأضحى وهو كهل.(15/819)
342 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور بْن أبي القَاسِم بْن مختار بْن أبي بَكْر. القاضي الأوحد، زين الدِّين، أبو الحسن ابن القاضي أبي المعالي الجذاميّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ. [المتوفى: 695 هـ]
أخو القاضي العَلامَة ناصر الدِّين ابن المنيّر.
صدر جليل، محتشم، وافر الحُرمة، مليح الصّورة، حَسَن البِزّة، كامل الفضيلة. وُلّي قضاء الثّغر مدّة، ودرّس وأفتى وصنَّف.
وُلِدَ فِي ربيع الأوّل سنة تسعٍ وعشرين وستّمائة. وروى لنا " الأربعين السلفية " عن يوسف ابن المخيليّ. وحدَّث بمكة والثغر، وبه تُوُفّي يوم عيد الأضحى. وقيل: مات سنة ستٍّ فِي ذي الحجّة.(15/819)
343 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السلام، المكي، مؤذن الحرم. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن المُرسي، وقعت صاعقة على قبّة زمزم فاستشهد - رحمه اللَّه - فِي رجب.(15/819)
344 - عليّ بْن محمود بْن إِسْمَاعِيل بْن فيض، أبو الْحَسَن الباعشيقي. [المتوفى: 695 هـ]
شيخ صالح ثقة. وُلِدَ سنة اثنتي عشرة وستّمائة. وكان أَبُوهُ قاضي باعشيقا، وهي من أعمال المَوْصِل، قَدِمَ بغداد فِي شبيبته، وسمع: أَبَا الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن شفنين، وأبا طالب ابن القُبَّيْطيّ ودخلتُ مصر، فقيل لي: هُوَ باقٍ، فلم أظفر به. أحسبه مات فِي هذه السَّنَة.(15/819)
345 - عُمَر بْن مُسْلِم بْن عُمَر بْن ناصر، أبو حفص الصّالحيّ، الحجّار، البنّاء. [المتوفى: 695 هـ]
كان يحضر الحصارات مع الملك الظاهر وحدَّث عن: ابن الزبيدي، وابن صبّاح، والإربليّ، وابن اللَّتّيّ. وكان إنسانًا مباركًا.
تُوُفّي بقرية جديا فِي ثاني شوّال، سمع منه الطلبة. ولم أسمع منه.(15/820)
346 - كثير بْن عُمَر، الفقيه الإِمَام، زين الدِّين السُّلَميّ، [المتوفى: 695 هـ]
من كبار فقهاء الشامية.
وكان يقرئ المبتدئين، توفي في رجب.(15/820)
347 - كيكلدي بن ألطنبا الحلبي. [المتوفى: 695 هـ]
يروي عن إبراهيم بن خليل، ونحوه. مات في رجب.(15/820)
348 - لؤلؤ المسعوديّ، الأمير الكبير، بدر الدِّين. [المتوفى: 695 هـ]
تُوُفّي ببستانه الَّذِي بالمِزّة إلى جانب حمّامه. وكان أميرًا محتشمًا، خبيرًا بالسّياسة والظُلم. وُلّي نيابة نائب السَّلْطَنَة طُرُنْطاي بدمشق مدّة. ثُمَّ وُلّي الشّدّ بمصر فِي الدّولة الأشرفيّة. ثُمَّ قَدِمَ دمشق على نيابة نائب السَّلْطَنَة إذ ذاك حسام الدِّين لاجين المَنْصُورِيّ، فمات في شعبان كهلاً.(15/820)
349 - محمد ابن فخر الدين أحمد بن تعاسيف، [المتوفى: 695 هـ]
سبط المولى فخر الدين ابن الشَّيْرجيّ.
شابّ مليح، حُلْو الشمائل، عاقل، رئيس، مشتغل، من أبناء عشرين سنة، تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من ذي الحجةِ.
وتُوُفيّ يومئذ شابّ مليح من ملاح وقته بدمشق.(15/820)
350 - محمد ابن بدر الدِّين ابن طُلَيْس [المتوفى: 695 هـ]
صهر والي المدينة ابن النّشّابيّ.
ففُجع بهما الآباء - رحمهما اللَّه - وكانا قد جمعا بين الملاحة والحياء والحُريّة.(15/820)
351 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللطيف، العَلامَة، المصنّف، ذو الفنون، شمس الدِّين الْقُرَشِيّ، الكيشي. [المتوفى: 695 هـ]
مدرِّس النّظاميّة ببغداد. [ص:821]
اتّفق مولده بكيش سنة خمس عشرة وستّمائة. وكان موته بشيراز، وله ثمانون سنة.(15/820)
352 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، المَقْدِسيّ، أبو عَبْد اللَّه، المعروف أَبُوهُ بالتّقيّ ابن النّاصح. [المتوفى: 695 هـ]
سمع من جَعْفَر، وكريمة، وحدَّث. وتُوُفيّ بحصن الأكراد، ذكره البِرْزاليّ فِي شيوخ الإجازة.(15/821)
353 - محمد ابن مجد الدين الحسن ابن الشَّيْخ تاج الدِّين عليّ بْن أَحْمَد ابْن القسطلانيّ، الإِمَام تقيُّ الدِّين، [المتوفى: 695 هـ]
خطيب جامع عُمَرو بْن العاص.
وُلّي بعد قُطْب الدِّين عَبْد الباقي الأَنْصَارِيّ. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وروى عن السِّبْط. وتُوُفيّ فِي ثالث جُمَادَى الأولى.(15/821)
354 - مُحَمَّد بْن سَنْجَر، المحدّث، المفيد، الصّالح أبو عُمَر العجميّ، الجنديّ. [المتوفى: 695 هـ]
شابٌّ من أولاد الأجناد. ديِّن، متواضع، من طلبة الحديث، قَدِمَ دمشق غير مرَّة، وسمعت بقراءته. وكان حريصًا على الطَّلَب، نسخ الكثير بخطّه. وسمع سنة بضعٍ وثمانين ولم يحدث.
مات فِي أول السَّنَة - رحمه اللَّه - سمع من غازي الحلاوي وخلق.(15/821)
355 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سلطان بْن جامع، الفقيه، عماد الدِّين، ابن الفقيه ركن الدِّين التّميميّ، الدّمشقيّ، الحنفي، [المتوفى: 695 هـ]
إمام مسجد البياطرة وأحد العدول به، وجدّ صاحبنا المحدّث أمين الدِّين الواني لأمّه.
وُلِد سنة اثنتي عشرة وستّمائة. وسمع من والده، ومن أبي صادق بْن صبّاح، والقاضي شمس الدِّين ابن سَنيّ الدّولة، وغيرهم. وشاخ وانقطع بالمنزل مدّة، سَمِعت منه جزءًا من " الخلعيّات ". وتُوُفيّ فِي الثامن والعشرين من صَفَر - رحمه اللَّه -.(15/821)
356 - مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام بْن المطهر ابن العلامة شرف الدِّين أَبِي سَعْد بْن أَبِي عُصْرُون، الشَّيْخ، الإِمَام، المسند، تاج الدين أبو عبد الله ابن القاضي شهاب الدِّين، التّميميّ الشّافعيّ. [المتوفى: 695 هـ][ص:822]
وُلِدَ فِي المُحَرَّم سنة عَشْر وستّمائة بحلب، وبها نشأ واشتغل، وقرأ الفقه. وسمع من أبي الْحَسَن بْن روزبة، ومُكَرَّم بْن أبي الصقر، والعلم ابن الصابوني، ووالده شهاب الدين، والعز ابن رواحة، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي القَاسِم الصّوريّ. وأجاز له المؤيِّد الطُّوسيّ، وعبد المُعِزّ الهَرَويّ، وزينب الشعرية، والقاسم ابن الصفار، وأبو المظفر عبد الرحيم ابن السَّمْعانيّ، وأخوه مُحَمَّد، وشهاب الحاتميّ، وأحمد بْن شيروَيْه الدِّيلميّ، وإسماعيل بْن عثمان القارئ، والافتخار الهاشميّ الحَلَبِيّ، والمُحبّ أبو البقاء العُكْبَريّ، وسعيد بن الرزاز، وأحمد بن سلمان ابن الأصفر، وطائفة.
ودرّس بالشاميّة الجوّانيّة بدمشق مدّة، وكان يورد الدّرس إيرادًا مليحًا، وكان فِيهِ جودة وتواضع. وهو من كبار شيوخنا المُسنِدين، سمعتُ منه عدّة أجزاء. وقد حدُّث: " بصحيح مسلم " و " الموطأ " وغير ذلك.
توفي في سلخ ربيع الأوّل، ودُفِن من الغد بتُربتهم عند حمّام النّحّاس.(15/821)
357 - مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن عَبْد الغفّار، النَّهاوَنديّ، ثُمَّ الْمَكِّيّ. [المتوفى: 695 هـ]
سمع من ابن الْجُمّيْزيّ بمكة، مات فِي المُحَرَّم، ودُفِن بالمُعَلّى.(15/822)
358 - مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عُمَر، الشَّيْخ الإِمَام، الزَّاهد، العابد، القُدوة، شَرَف الدِّين الأرزونيّ. [المتوفى: 695 هـ]
شيخ مشهور بالصّلاح، تامّ الشكل، أسمر، مَهيب، جليل، قليل الشَّيْب، مليح العمامة والبِزَّة، صاحب سمْت وهَدْي ووقار. صحِب الكبار وتعبِّد وانقطع. وكان صحيح البنْية، مُحكَم التّركيب. إذا رآه الشخص اعتقده كهلًا، فإذا تميّزه رآه كبير السِّنّ كامل العقل، إلا أنّه كان يقول: إنّه جاوز المائة. وذاك بعيد، لكنّه كان من أبناء الثّمانين. وكان له زوايا فِي أماكن.
تُوُفّي فِي ثالث جُمَادَى الآخرة، ودُفِن إلى جانب قبر الشَّيْخ تقيُّ الدِّين ابن الواسطيّ بتُربة الشَّيْخ الموفَّق. وكانت جنازته مشهودة - رحمه اللَّه - وذكر لي [ص:823]
أنّه سمع الحديث فِي صِباه فأخذتُ خطّه فِي الإجازة. وكانت وفاته ببيت لِهْيا.(15/822)
359 - مُحَمَّد ابْن الفخر عثمان بْن عليّ، الإِمَام، الأديب شَرَف الدِّين ابن بِنْت أبي سَعْد. [المتوفى: 695 هـ]
من فقهاء الشَّباب. له فضائل. لقبه شَرَف الدِّين، مات في المحرم.(15/823)
360 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد، الشَّيْخ عماد الدِّين ابن القسطلانيّ. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن ابن المُقَيَّر وغيره، أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ وابن حبيب.
تُوُفّي في هذا العام فِي أوائله. وهو وُلِدَ تاج الدين.(15/823)
361 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، الإسكندرانيّ، المغازليّ. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن جَعْفَر، ويوسف بْن المخيليّ، وتُوُفيّ فِي أوّل السَّنَة. وكان ثقة صالحًا، عاش ثمانيًا وستّين سنة، ولقيه الفرضي.(15/823)
362 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حامد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن محمود بْن هبة اللَّه، الإِمَام شمس الدِّين ابن العَدْل عماد الدين ابن القاضي عزيز الدِّين ابن العماد الكاتب، الإصبهانيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 695 هـ]
سمع من ابن المُقَيَّر، وكريمة، وابن رواحة، والسخاوي، وعبد العزيز ابن الدجاجية، وشيخ الشيوخ ابن حمّويه، وكان فقيهًا، عارفًا بالمذهب، مُدرّسًا، فاضلًا، حَسَن الدّيانة، له حلقة بجامع دمشق، للإشغال. وأعاد بمدارس بني الزّكيّ، سمع منه: علم الدِّين، وغيره. ومات ليلة الجمعة رابع عَشْر صَفَر بمنزله بسفح قاسيون - رحمه اللَّه -.(15/823)
363 - مُحَمَّد بْن أبي العلاء مُحَمَّد بْن عليّ بْن المبارك، شيخنا، الإِمَام العالم، شيخ القرّاء، موفَّق الدِّين أبو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ، الرّبّانيّ، النّصيبيّ، الشّافعيّ، الصُّوفيّ، [المتوفى: 695 هـ]
نزيل بَعْلَبَكَّ. [ص:824]
وُلِدَ سنة سبْعٍ عشرة وستّمائة بنصيبّين، قرأ على والده ودخل الدّيار المصريّة، فقرأ بمصر على السديد عيسى بن أبي الحَرَم مكّيّ صاحب الشاطبيّ، وبالإسكندريّة على الشَّيْخ جمال الدِّين أبي عَمْرو ابْن الحاجب، وسمع منه " مقدّمته " وغير ذَلِكَ. وسمع ببَعْلَبَكّ من الشَّيْخ الفقيه وصحِبه، واستوطن بَعْلَبَكَّ وصار شيخها فِي التّصوُّف والقراءات. وأمَّ بمسجدٍ كبير له بابان بسوق التُّجّار ببَعْلَبَكّ. وكان يجلس فِي بعض الأيام ويروي للعامّة أحاديث من حِفْظه.
وقَلّ من رَأَيْت بفصاحته على كثرة مَن رَأَيْت من القرّاء، ومنه تعلّمت التّجويد، وقرأت عليه ختمة للسّبعة فِي أحدٍ وخمسين يومًا ببَعْلَبَكّ فِي سنة ثلاثٍ وتسعين.
وكان إمامًا فاضلًا، عارفًا بالقراءات معرفة جيّدة، وله مشاركة فِي الفقه والنّحو والأدب. وكان شيخ الإقراء بالجامع، وشيخ الصوفيّة بالخانكاه. وله حُرمة وصورة وقرأ عليه القراءات جماعة من أهل بَعْلَبَكَّ، ورحل إليه العَلَم طَلْحَة رفيقنا وقرأ عليه، وهو اليوم شيخ القراءات والعربيّة بحلب. أنشدني شيخنا موفق الدين لنفسه:
قرأت القرآن وأقرأته ... ومازلت مُغْري به مُغْرمًا
وطفْتُ البلاد على جَمْعِه ... فصِرتُ به فِي الورى مُكْرَما
وألفيتُ إلفي بطلابه ... فيا نعم ما زادَني أَنْعُما
ويا فَوز مَن لم يزلْ دأبه ... وما أجزل الأجر ما أعظما
فلله الحمد مهما أعش ... وفي الموت أسأل أن يرحما
وأصفى الصَّلاة نبيّ الهُدَى ... ومَن فَوقَ كلّ سماء سما
وأُفشي السّلامَ على آلِه ... وأصحابه والرّضي عَنْهُمَا
تُوُفي فِي الحادي والعشرين من ذي الحجّة ببَعْلَبَكّ.(15/823)
364 - مُحَمَّد بْن يَعْقُوب بْن أبي طَالِب، الكتّانيّ، الصّالحيّ. [المتوفى: 695 هـ]
فقير مبارك، رَأَيْته وكلّمناه فِي السّماع منه فقال: روحوا إلى الشَّيْخ ناصر الملقّن اقرأوا. فضحِكنا منه. وكان فِيهِ وَلَهٌ وسلامة باطن، روى جزءًا من [ص:825]
" الخلعيات " عن ابن صبّاح. وهو أخو العفيف أبي بَكْر النّحّات الآتي فِي الكِنى.
تُوُفّي فِي رجب.(15/824)
365 - مُحَمَّد بْن يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه بْن طارق بْن سالم، الإِمَام العَلامَة، الصّاحب محيي الدِّين، أبو عَبْد الله ابن القاضي الإِمَام بدر الدِّين ابْن النّحّاس الأسَدِيُ، الحَلَبِيّ، الحَنَفِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ بحلب سنة أربع عشرة فِي شوّال. وسمع من القاضي بهاء الدِّين ابن شدّاد، وجدّه لأمّه موفّق الدِّين يعيش شيئًا يسيرًا. ولم أجده سمع من ابن روزبة، ولا من الموفَّق عَبْد اللّطيف، ولا هذه الطبقة. وكأنّه كان مُكِبًّا على الفقه والاشتغال. وسمع فِي سنة اثنتين وأربعين ببغداد، وجالس بها العلماء، وناظر وبان فضله. وسمع من أبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر ابن الخازن. وسمع بماردين من الحافظ النّشتبريّ. وحجّ سنة خمسٍ وأربعين مع بني عمّه، وسمع من شُعيب الزّعفرانيّ، وغيره.
وكان صدرًا معظمًا، جليلاً وجيهًا، إمامًا، فقيهًا، مفتيًا، محققًا، متبحرًا فِي المذهب وغوامضه، موصوفًا بالذّكاء وحُسْن المناظرة. انتهت إليه رياسة المذهب بدمشق. ودرّس بالريحانيّة والظّاهريّة. وولي قضاء الحنفيّة بحلب فِي الدّولة الظاهريّة. وسلِم من التَّتَار واستوطن دمشق، فعومل بالإكرام والاحترام لعِلمه ورياسته وخبرته وأمانته، وولي الوزارة مرّة، وولي نظر الخزانة. وولي نظر الدّواوين. وولي نظر الأوقاف والجامع.
وكان معمارًا مهندسًا، أمينًا، كافيًا، مَهيبًا، مَخْوفًا. وكان موصوفًا بحسن الإنصاف فِي البحث. وكان يقول: أَنَا على مذهب أبي حنيفة فِي الفروع، وعلى مذهب الإمام أَحْمَد فِي الأصول. وكان يحبّ الحديث والسُّنَّة والسَّلَف، ويُطنب فِي وصف الشَّيْخ عَبْد القادر. وقد وُلّي إمرة الحاجّ من دمشق فِي سنة خمسٍ وسبعين، فساسَ الركْبَ وحُمِدت إمرته.
قرأت عليه " جزء البانياسيّ " وسمع منه: ابن الخبّاز وابن العطار، [ص:826]
والفرضي، والمِزّيّ، والبِرْزاليّ، وابن تيميّة، وابن حبيب، والمقاتليّ، وأبو بَكْر الرحبيّ، وابن النّابلسيّ، وآخرون. وتُوُفيّ عشية نهار الإثنين سلْخ ذي الحجّة، ودُفِن بتُربته بالمِزّة من الغد، وحضره نائب السَّلْطَنَة والقضاة والأعيان.(15/825)
366 - مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن عَبْد المالك بْن مالك، شمس الدِّين الحرّاني، القطّان. [المتوفى: 695 هـ]
شيخ صالح، مُحبّ للحديث، سمع من ابن اللَّتّيّ، وابن رواحة، وابن خليل بحلب. ومات فِي هذا العام بصفد، سمع منه: المِزّيّ، والبِرْزاليّ، وغيرهما.(15/826)
367 - محمود بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُبادر بْن ضحّاك، الإِمَام، المقرئ، الزاهد، العابد، شرف الدين، أبو الثناء التّادفيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ بتادف فِي سنة أربع وعشرين وستّمائة، وهي من أعمال حلب. وسمع من ابن رواحة، وابن خليل، وجماعة. وكان يسمع فِي الشيخوخة للفائدة. وقد سمع حضورًا فِي سنة ستٍّ وعشرين على أبي إسحاق الصَّرِيفينيّ الحافظ بتادف. وكان صالحًا، زاهدًا، قانتًا لله، مهيبًا، كبير القدْر، منقطع القرين، صاحب جَدّ وعملٍ وصدق. وكان يزور القدس كلّ سنة ماشيًا. وكان قانعًا متعفِّفًا، شريف النّفس، فقيهًا، عالمًا، قرأت عليه جزءًا واحدًا. وتُوُفيّ فِي سلْخ رجب. وكان يجلس فِي البلد بالقَيْمُريَّة ويلازم التلاوة سرًا بين الصلاتين بجامع الجبل.(15/826)
368 - المنجى بن عثمان بن أسعد بْن المُنَجَّى بْن بركات بْن المؤمَّل، الإِمَام العَلامَة، مفتي المسلمين، زين الدين، أبو البركات ابن الصّدر المُرتَضَى، عزَّ الدِّين، ابن الإِمَام الكبير العلامة وجيه الدين، التُّنوخيّ، المَعَرّيّ الأصل، الدّمشقيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ فِي عاشر ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وستّمائة. وحضر على جَعْفَر الهمْدانيّ، وابن المُقَيَّر، وسالم بْن صَصْرَى، وسمع من السخاوي، والتاج القرطبي، والرشيد ابن مَسْلَمَة. وتَفَقَّه على أصحاب جَدّه، وعلى [ص:827]
أصحاب الشَّيْخ الموفَّق. وقرأ الأصول على كمال الدِّين التّفليسيّ وغيره. وبرعَ فِي المذهب ودرّس وأفتى وصنف. وانتهت إليه رياسة المذهب، تفقَّه عليه: ابن الفخر، وابن أَبِي الفتح، وابن تيميّة، وجماعة من الأئمّة.
قرأت بخطّ شيخنا ابن أبي الفتح: كان - رحمه الله - إمامًا فِي الفقه، خبيرًا بعلم الأصول والعربيّة، مشاركًا فِي غير ذَلِكَ، شرح كتاب " المقنع فِي الفقه " شرحًا حسنًا فِي أربع مجلّدات، وفسّر الكتاب العزيز ولكنّه لم يبيّضه، وألقاه جميعًا دروسًا. وشرعَ في شرح " المحصول " ولم يُكمله واختصر نصفه. وكان له فِي الجامع حلقة للإشغال والفتوى نحو ثلاثين سنة متبرّعًا لا يتناول على ذلك معلومًا. وكانت له أوراد، منها صوم الاثنين والخميس والذَّكْر من حين يُصلّي الصُّبح إلى أن يُصلّي الضّحى. وله مع الصلوات تطوع كثير. ويُصلّي الضُّحى ويُطيلها جدًّا. وكان له فِي آخر الليل تهجُّد كثير وتيقُظ وذِكر. وكان له إيثار كبير يُفطر الفقراء عنده فِي بعض الليالي، وفي شهر رمضان كلّه. وكان مع ذَلِكَ حَسَن الأخلاق، لطيفًا مع المشتغلين، مليح المجالسة. سمع " صحيح مُسْلِم " على العَلَم السَّخاويّ ومن حضر معه على ما بيّن فِي نسخة ابن عساكر.
قلت: أجاز لي مَرْوِيّاته سنة سبْعٍ وسبعين، وقصدتُه لأسمع منه فقال لي: تعال وقتًا آخر. فاشتغلت ولم يُقدَّر لي السّماع منه. وكان مليح الشكل، حَسَن البزَّة، كثير التّطهُّر والنّظافة. وكان غالب أوقاته فِي الجامع وفي بيت المأذنة. وكان يجلس للإشغال إلى العمود الثاني الغربيّ الَّذِي تحت النّسر.
توفي إلى - رحمة الله - في يوم الخميس رابع شعبان بين الصلاتين، وتوفيت زوجته بالليل ليلة الجمعة، وهي أمّ أولاده - حفظهم الله - ست البهاء بِنْت صدر الدِّين الخُجَنْديّ، وصُلّيَ عليهما معًا عقيب الجمعة بجامع دمشق، وشيّعهما الخلْق، وكانت جنازة مشهودة ودُفنا بتُربته بسفح قاسيون التي شمالي الجامع المظفري.
وكان معروفًا بالذكاء وصحّة الذّهن، وجودة المناظرة، وطُول النَّفَس فِي البحث، وله ملك وثروة وحُرمة وافرة. وقد سُئل الشَّيْخ جمال الدِّين ابن مالك أنّ يشرح ألفيّته فِي النَّحْو فقال: زين الدين ابن المنجى يشرحها لكم. وكان قد [ص:828]
قرأ النَّحْو على ابن مالك، وبرع فِيهِ، ومحاسنه كثيرة.(15/826)
369 - مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى، الشَّيْخ المحدِّث وجيه الدِّين، أبو القَاسِم الأَنْصَارِيّ، النّفريّ، الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 695 هـ]
أحد من عُني بهذا الشأن وتجرَّد له، وتعب فِي الطَّلَب، وسمع الكثير بمصر والشام، وكتب الكثير، وقرأ بنفسه. وصار له نبَاهة ومعرفة متوسّطة لكثرة ما سمع. وتُوُفيّ فِي جُمَادَى الآخرة بالقاهرة. وكان قد صار من جملة الشهود.
وسمع بعد السّتين وستّمائة من الرشيد، وطبقته، والنّجيب، وابن عَزُّون، وابن علان، والشيخ، وخلْق.(15/828)
370 - مُوسَى ابْن القاضي نجم الدِّين مُحَمَّد بْن سالم بْن صاعد بْن السّلَم، القاضي شَرَف الدِّين، [المتوفى: 695 هـ]
قاضي نابلس وابن قاضيها، وأخو شيخنا قاضيها.
وُلّي القضاء بعد أخيه، ومات فِي ذي الحجّة. وكان مُكَرِمًا للنّاس، مفضلاً كأخيه.(15/828)
371 - نجاح بْن خليل، أبو مُحَمَّد، عتيق عِيسَى بْن شهاب المحليّ، بوّاب المسروريّة بالقاهرة. [المتوفى: 695 هـ]
روى عن ابن رواج ومات فِي ثالث عَشْر ربيع الأوّل.(15/828)
372 - نصر اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد القويّ بْن نصر، العَدْل، فتح الدِّين ابن الأطروش الْمَصْرِيّ، الشاهد. [المتوفى: 695 هـ]
روى أيضًا عن ابن رواج. ومات فِي ثاني عَشْر ربيع الأوّل.(15/828)
373 - نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَيَّاش بْن حامد بْن خُليف بْن عيّاش، الشَّيْخ ناصر الدِّين، أبو الفتوح الصّالحيّ، الحنبليّ، السّكاكينيّ بدار الحجارة. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ فِي مُسَتَهلّ سنة سبْع عشرة وستّمائة. وأجاز له الشَّيْخ الموفَّق، ومحمد بْن أبي لُقمة، وابن البنّ. وسمع: أَبَا المجد القزويني، وأبا القاسم ابن صَصْرَى، وابن غسّان، وابن صباح، وابن الزَّبِيديّ، وابن اللَّتّيّ، والإربليّ، [ص:829]
وأبا مُوسَى بْن عَبْد الغنيّ، والبهاءَ عَبْد الرَّحْمَن، والجمال أَبَا حمزة، وجماعة.
ورحل سنة تسعٍ وثلاثين، وسمع: ابن المُقَيَّر، وابن الْجُمّيْزيّ بمصر، وأبا الرضا التسارسي، ويوسف ابن المخيليّ، وعبد الوهّاب بْن رواج، والظّهير مُحَمَّد ابن الجباب، وابن محارب القيسيّ، وابن ياقوت، والسِّبْط بالإسكندريّة.
وحدَّث بالكثير، فروى عَنْهُ ابن الخبّاز: حَدَّثَنَا فِي مشيخته التي حدُّث بها فِي سنة اثنتين وستِّين وستّمائة. وكان شيخًا صالحًا، خَيّرًا متنسّكًا، متزهّدًا، مليح الشِّيبة، بَشوش الوجه، حُلْو المحاضرة، متودّدًا.
وقد قرأ بعض سماعاته على الشيوخ، وكان محبًّا للحديث ويحفظ متونًا كثيرة، سمعتُ منه جماعة أجزاء. وتُوُفيّ إلى رحمة الله في ليلة الجمعة سلخ شوال.(15/828)
374 - لاحق النُّوبيّ، سابق الدِّين المسعوديّ، الفرّاش. [المتوفى: 695 هـ]
خدم فرّاشًا بالشام. وحدَّث بمصر عن ابن رواج، سمع منه: البرزالي، وابن حبيب.(15/829)
375 - يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَان بْن يُوسُف، البكريّ، الدّمشقيّ، جمال الدِّين، المعروف بابن نقيب الفتيان. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ فِي رجب سنة ثلاثين، وأجاز له الإربليّ، ومُكَرَّم، وجماعة. وسمع حضورًا من ابن اللَّتّيّ، وحدَّث، روى عَنْهُ ابن الخبّاز، وغيره. وأجاز لي ولأولاد قاضي القُضاة بدر الدِّين ابن جماعة، ولأحمد ابن قاضي القُضاة شرف الدين الحنبلي، ولمحمد ابن جمال الدين ابن الفويره، ولعبد الله ابن شمس الدِّين المهندس، وجماعة.
وتُوُفيّ فِي ثاني عشر شوال. وكان يعرف بالكرباج المؤدب.(15/829)
376 - أبو بَكْر بْن عَبَّاس بْن عجرمة بْن أبي منصور الحجار، الصّالحيّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة سبْعٍ عشرة وستّمائة. وكان من رواة " صحيح الْبُخَارِيّ "، عن [ص:830]
ابن الزَّبِيديّ. وسمع منه الجماعة. وسمعت منه حديثين. وكان رجلًا مباركًا.
تُوُفّي فِي مُستَهَلّ جمادى الأولى.(15/829)
377 - أبو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْصُور بْن جامع، المحّدث الفقيه، مجد الدِّين الكِنَانيّ، المَوْصِليّ، [المتوفى: 695 هـ]
نزيل دمشق.
شيخ صالح، زاهد، ناسك، فاضل، محدّث، كثير السّماع فِي كُبَره، كثير المطالعة، جيّد التّحصيل، سمع " جزء ابن عرَفَة " من مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن البرنيّ. وسمع بدمشق من ابن عَبْد الدّائم، وابن أبي اليُسْر، وأصحاب ابن طَبْرزَد فمن بعدهم.
أَمَّ بالمدرسة العادليّة مُدّة، ثُمَّ وُلّي مشيخة الفاضليّة بعد الفاضليّ. وكنتُ أُسلِّم عليه ويعجبني سَمْته وهَدْيُه وتواضعه. وأجاز لي، وما أراني سَمِعت منه. وتُوُفِّي فِي جُمَادَى الأولى وقد نيَّف على السّبعين - رحمه اللَّه -.(15/830)
378 - أبو بَكْر بْن عُمَر بْن عليّ بْن سالم، الإِمَام، العَلامَة، رَضِيّ الدِّين القُسَنْطينيّ، الشّافعيّ، النَّحْويّ. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة سبع وستمائة. وسمع بيت المقدس، وبه نشأ، من أبي علي الإوقي. وبمصر من يوسف ابن المخيليّ. وابن المُقَيَّر، وابن عوف الزُّهْرِيّ. وأخذ العربيّة عن زين الدِّين يحيى بْن مُعطي، وجمال الدين أبي عمرو ابن الحاجب. وسمع من ابن مُعطٍ الفقيه وصاهره وتزوّج بابنته. وكان من كبار أئمّة العربيّة بالقاهرة.
حَدَّثني شيخنا البدر التّادفيّ أنّه بحث على رضيّ الدِّين القسنطينيّ مدّة فِي " كتاب سيبوَيْه ".
وقد سمع منه جماعة كثيرة. وكان صالحًا، خيرا، متنسّكًا، ساكنًا، متواضعًا، له معرفة تامة بالفقه، ومشاركة فِي الحديث، وحُرمة وجلالة.
أضرَّ بأخرة، وتُوُفيّ إلى رحمة الله فِي شوّال. وقيل: تُوُفّي فِي رابع عَشْر ذي الحجّة. والأوّل أصحّ. [ص:831]
سمعتُ منه جماعة أجزاء، وقد حدّثني عَنْهُ أَبُو العلاء الفَرَضيّ فِي سنة ثلاثٍ وتسعين. ثُمَّ لقِيتَه بَعْدُ.(15/830)
379 - أَبُو بَكْر بْن مُحَمَّد بْن غانم بْن عليّ، النّابلسيّ، [المتوفى: 695 هـ]
شيخ الزّاوية.
من بيت المشيخة والصّلاح. وُلّي المشيخة بَعْد موت أولاد عمّه. وقد سمع الحديث بدمشق من ابن عَبْد الدّائم وغيره. وتُوُفيّ فِي حادي عَشْر جُمَادَى الآخرة.(15/831)
380 - أَبُو بَكْر بْن يَعْقُوب بْن أبي طَالِب، الكتّانيّ والدُه، الحجّار النّحّات. ويلقّب بالعفيف. [المتوفى: 695 هـ]
وهو أخو مُحَمَّد المذكور آنفًا.
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين.
وروى عن ابن الزبيدي، وغيره. وأجاز لي مَرْوِيّاته. وقد حدُّث عَنْهُ ابن الخبّاز. ومات فِي السادس والعشرين من رمضان.(15/831)
381 - أَبُو مُحَمَّد بْن أبي جَمْرة، المغربيّ، المالكيّ، الزَّاهد. [المتوفى: 695 هـ]
شيخ فاضل، صالح، قوّال بالحقّ، مشهور بالقاهرة، تُوُفّي في ذي القعدة، وصلي عيه بدمشق صلاة الغائب - رحمه اللَّه -.(15/831)
382 - أبو الغنائم بْن محاسن بْن أَحْمَد بْن مكارم، الحرّاني، الكفّرابيّ، المعمار، بدر الدِّين. [المتوفى: 695 هـ]
وُلِدَ سنة أربع عشرة وستّمائة بحرّان. وسمع من جَدّه لأمه القاضي جمال الدِّين أبي بَكْر بْن نصر الحَرّانيّ، وأبي المجد القزويني، وأبي الْحَسَن بْن رُوزبة، وحَمْد بْن صُديق، وابن المُقَيَّر، والمرجيّ بْن شُقَيرة، وغيرهم، سمعنا منه بقراءة المِزّيّ. وتُوُفيّ فِي العشرين من ذي الحجّة بمنزله بالقصّاعين، ودُفِن بمقابر الصّوفيّة.(15/831)
383 - ابن جرادة. [المتوفى: 695 هـ]
كان جمّالًا، وبدَت منه زَلّة فشُقّ مِنْخَراه، ثُمَّ ضمن خانًا، ثُمَّ ضمن دار الطّعم، وضمن الركوة بدمشق، واحتشم، وحصّل الأموال، وتوكّل لطُغْجي. [ص:832]
وكان مشرِقيّا، ضخمًا، سمينًا، يتعمّم بالعسراء، ويركب الخيل المسومة، ويظلم، والناس يدعون عليه. وقد بنى دارًا فاخرة بناحية السّبعة، سكنها بعده الأمراء.
ومات بالقاهرة، وكان قد طُلب إليها.
وقد تُوُفّي فِي هذه السَّنَة جماعة ليسوا بالمشهورين، وضبطهم الشَّيْخ عَلَمُ الدِّين فِي وَفيَاته.(15/831)
-وفيها وُلِدَ:
المرحوم بهاء الدِّين محمد ابن الحافظ عَلَم الدِّين البِرْزاليّ، وشمس الدِّين مُحَمَّد ابن المحيي يحيى ابن القباقبيّ، وأبو إسحاق إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد ابْن شيخنا البرهان الإسكندريّ.(15/832)
-سنة ست وتسعين وستمائة(15/833)
384 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الضّيف بْن مُصْعَب، الصّدر نور الدِّين أبو الْعَبَّاس الخزرجيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وستّمائة، قرأ القرآن على السَّخاويّ، وروى الحديث عن التّقيّ اليَلْدانيّ.
وله أدب قويّ وفضيلة وشِعر جيّد وفصاحة، وكان رئيسًا محتشمًا، فِيهِ زعارة وقوّة نفْس، أفادني مسألةً فِي النَّحْو.
وتُوُفيّ فِي العشرين من شوال ببستانه بسطرا، الله يسامحه.(15/833)
385 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن، القاضي، العالم، شهاب الدِّين ابن الأجلّ بهاء الدِّين ابن محبوب البَعْلَبَكيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 696 هـ]
أحد الأخوة السّتّة وقاضي كَرْك نوح وأبو قاضيه.
وُلِدَ فِي سنة ثمانٍ وعشرين وستّمائة، وكان ديّنًا، صالحًا، كثير التلاوة، جيّد الفضيلة، حَسَن الأخلاق والتّواضُع.
تُوُفّي بدمشق فِي شوّال.(15/833)
386 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الأوحد، شهاب الدِّين، الْقُرَشِيّ، الحَنَفِيّ، المعروف بابن الأوحَد وبابن الكعكيّ. [المتوفى: 696 هـ]
روى عن كريمة، وتُوُفيّ فِي ثاني المُحَرَّم بمارستان نور الدِّين.(15/833)
387 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الْحُسَيْن، ناصح الدِّين الزَّبِيديّ، الصُّوفيّ، خازن الكُتُب السُّمَيساطيّة. [المتوفى: 696 هـ]
سمع من أصحاب ابن طَبَرْزَد، وطلب بنفسه، وكان يعيرنا الأجزاء بسهولة.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل وهو فيما أحسب فِي عشْر السّبعين.(15/833)
388 - أَحْمَد بْن عَبْد الكريم بْن غازي بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، الشَّيْخ زين الدين أبو العباس ابن الأغلاقيّ، الواسطيّ ثُمَّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 696 هـ][ص:834]
وُلِدَ سنة عَشْرٍ وستّمائة بالقاهرة، وسمع من عبد القوي ابن الجبّاب وعبد الغفّار بْن شجاع المحلّي ونصر بْن جَرْو والقاضي زين الدِّين عَلِيّ بْن يوسف الدّمشقيّ وعبد العزيز بن باقا وجعفر الهمداني وهبة الله ابن الواعظ ومُكَرَّم بْن أبي الصَّقْر وعبد القادر بْن أبي عَبْد اللَّه البغداديّ، وكان إمام مسجد، وينوب فِي الحسبة بالقاهرة، وكلمته مسموعة، سمعتُ منه عدّة أجزاء.
وقال عَلَم الدِّين، قرأت عليه أحاديث، وفي صَفَر تُوُفّي.(15/833)
389 - أَحْمَد بْن عُمَر بْن إلياس بْن خضر، شهاب الدِّين الرّهاويّ، التّاجر بقَيسارية الشُّرْب. [المتوفى: 696 هـ]
اشتغل وسمع الكثير وأسمع أولاده وتميّز، وشهد على القُضاة، وله تحصيل جيّد وحُسن سيرة.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.(15/834)
390 - أَحْمَد بْن غازي بْن عليّ شير، التّقيّ، التُّركُمانيّ، الحَنَفِيّ، الشاهد بالعُقَيبة. [المتوفى: 696 هـ]
رَجُل خَيّر، فاضل، روى عن الحافظ الضّياء جزءًا، وتُوُفيّ فِي ربيع الآخر عن بضعٍ وستّين سنة.(15/834)
391 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، شيخنا الحافظ، القُدوة، الزَّاهد، جمال الدِّين، أبو الْعَبَّاس ابن الشَّيْخ القدوة مُحَمَّد الظّاهريّ الحَلَبِيّ، [المتوفى: 696 هـ]
مَوْلَى الملك الظاهر صاحب حلب.
وُلِدَ فِي شوّال سنة ستٍّ وعشرين وستّمائة، وسمع سنة إحدى وثلاثين وبعدها من الفخر الإربليّ وابن اللَّتّيّ والموفّق يعيش وابن رواحة وابن خليل وابن قُمَيْرة وخلْق بحلب، وكريمة والضياء وابن مَسْلَمَة وخلق بدمشق، وصفيّة الْقُرَشِيّة وجماعة بحماة، وعبد الخالق بْن أنجب النّشتبريّ بماردين، وعبد الرّزّاق بْن أَحْمَد بْن أبي الوفاء وإبراهيم بن أبي الْحَسَن الزّيّات وأحمد بْن سلامة النّجّار بحرّان، وشُعيب الزَّعفرانيّ وابن الْجُمّيْزيّ [ص:835]
والمرسي وجماعة بمكة، ويوسف الساوي وأحمد ابن الجباب وخلق كثير بمصر، وهبة الله بن زوين الإسكندراني وطائفة بالإسكندرية، وسمع بحمص وبَعْلَبَكَّ والقدس وغير ذَلِكَ.
وعني بهذا الشأن أتمّ عناية وتعب وحصل وكتب ما لا يوصف كثرةً، وكانت له إجازات عالية من أَبِي الْحَسَن القطيعيّ وزكريّا العُلبيّ وابن رُوزبَة وأبي حفص السهروردي والحسين ابن الزَّبِيديّ وإسماعيل بْن فاتكين والأنجب الحماميّ وطبقتهم، وخرج لنفسه أربعين حديثًا فِي أربعين بلدًا، وانتقى على شيوخ مصر والشام، وخرَّج لأصحاب ابن كُلَيب، ثم لأصحاب ابن طَبَرْزَد والكِنْديّ، ثُمَّ لأصحاب ابن البُنّ وابن الزَّبِيديّ، حَتَّى أنّه خرّج لتلميذه ومريده الشَّيْخ شعبان، وكان عجبًا فِي حُسن التّخريج وجودة الانتخاب، لا يلحقه أحد فِي ذَلِكَ، وقد قرأ القراءات بحلب على الشَّيْخ أبي عَبْد اللَّه الفاسي، وتَفَقَّه على مذهب أبي حنيفة، وسمع من نحو سبعمائة شيخ.
وكان ديِّنًا، خَيّرًا، رضيّ الأخلاق، عديم التكلف بريئا من التّصنّع، محبّبًا إلى النّاس، ذا سُكَيْنَة ووقار وشكل تامّ ووجه نورانيّ، وشَيْبة بيضاء منيرة كبيرة مستديرة، ونفْس شريفة كريمة، وقَبُول تامّ وحُرمة وافرة، والله يرحمه ويجزيه عنّا الخير، فلقد أفاد الطَّلَبة وأعانهم بكُتُبه وأجزائه، وقلّ من رَأَيْت مثله، بل عُدم ولم يزل متشاغلًا بالحديث، مُغريّ به لنفسه، ثُمَّ لأولاده، إلى أنّ تُوُفّي ليلة الثلاثاء السادس والعشرين من ربيع الأوّل بزاويته الجمالية التي بالمَقْس، وبه افتتحتُ السّماع فِي الدّيار المصريّة، وبه اختتمتُ، وعنده نزلت، وعلى أجزائه اتكّلْت، وقد سمع منه عَلَمُ الدِّين أكثر من مائتي جزء.(15/834)
392 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن جَعْفَر، الصّدرُ، الأديب، الرئيس، سيف الدِّين السامرّيّ، التّاجر، [المتوفى: 696 هـ]
نزيل دمشق.
شيخ متميّز، متموّل، ظريف، حُلْو المجالسة، مطبوع النّادرة، جيّد الشِعر، طويل الباع فِي المديح والهجاء، وكان من سَرَوات النّاس ببغداد، فقدِم الشَّام بأمواله وحظي عند الملك النّاصر يُوسُف وامتدحه، وعمل أُرجوزة [ص:836]
مستفيضة فِي الحطّ على الدّواوين، وله من مطلع قصيدة:
أترى وميضَ البارق الخّفّاقِ ... يُهدي إلى أهل الحِمَى أشواقي
ولعلّ أنفاس النّسيج إذا سرى ... يحكى تحيّة مُغرم مشتاق
وله:
من سر من راء ومَن أهْلُها ... عند اللّطيف الراحم الباري
وأيُّ شيء أَنَا حَتَّى إذا ... أذنَبْتُ لا يغفر أوزاري
يا رب ما لي غير سبّ الورى ... أرجو به الفوز من النّارِ
وكان مزاحًا كثير الهزل لا يكاد يحمل همًا مع أنّ الصّاحب بهاء الدِّين ابن حنى صادره وأخذ منه نحو ثلاثين ألف دينار عندما قَدِمَ أخوه نور الدّولة السامرّيّ من اليمن، ونكب في دولة الملك المنصور وطلبه الشُّجاعيّ إلى مصر وأخذت منه حزرما وغيرها وتمام مائتي ألف درهم، وكان يسكن هذه الدّار المليحة التي وقَفَها رباطًا ومسجدًا، ووقف عليها باقي أملاكه.
وروى عَنْهُ الدمياطي في " معجمه " وذكر أنه يعرف بالمقرئ، ومات فِي عَشْر الثّمانين فِي شعبان، ودُفِن فِي إيوان داره.(15/835)
393 - أَحْمَد بْن مظفّر، كَمَال الدين الحظيريّ، التّاجر. [المتوفى: 696 هـ]
رَجُل مُعَمَّر، متميّز، فِيهِ فضيلة ومكارم وعُزلة عن النّاس، وُلِدَ سنة ثمان وستّمائة، وقال: إنّه سمع " المقامات " على ابن القُبيطيّ.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم بدمشق.(15/836)
394 - إِبْرَاهِيم بْن عبد العزيز بْن أَحْمَد بْن يُوسُف بْن يحيى بْن كامل، الإِمَام، أبو إسحاق، برهان الدِّين المَقْدِسيّ، الأباريّ، [المتوفى: 696 هـ]
خطيب أرزونا.
روى عن الفخر الإربليّ، وتُوُفيّ فِي شعبان عن ستٍّ وسبعين سنة، فاتني الأخْذ عَنْهُ.(15/836)
395 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عثمان بْن الخضِر، الشَّيْخ بهاء الدين بن الأرزني، الكاتب. [المتوفى: 696 هـ][ص:837]
شيخ متميّز، مليح الكتابة، حَسَن الفضيلة، طلب مدّة، وكتب الكثير، وسمع من أصحاب الخُشُوعيّ، وحدَّث ببعض الحصون، وتُوُفيّ فِي رجب بحلب.(15/836)
396 - أزدمر العلاني، الأمير الكبير، عزَّ الدِّين، [المتوفى: 696 هـ]
أخو الحاجّ علاء الدِّين طيبرس.
شيخ تركيّ، مهيب، شجاع، شرس الأخلاق، قليل الفهم، توفي في ذي القعدة بداره التي عند مأذنة فيروز، ودُفِن بتُربة له إلى جانب داره، وحضره ملك الأمراء والدّولة.(15/837)
397 - إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن إِسْمَاعِيل بن سلامة بن عليّ بْن صَدَقة، العَدْل، الرئيس، نفيسُ الدِّين الحرّانيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 696 هـ]
ناظر الأيتام.
وُلِدَ سنة ثمان وعشرين وستمائة، وسمع " الموطأ " من مُكَرَّم وحدَّث، وسمع بنفسه من ابن مَسْلَمَة وغيره، وله دار مليحة بالرصيف وقَفها دار حديث، فولي مشيختها القاضي تاج الدِّين الجعْبريّ، وقرأ بها الشَّيْخ عَلَم الدِّين، ونزل بها الشَّيْخ أبو الْحَسَن الختنيّ وجماعة.
توفي في رابع ذي القعدة.(15/837)
398 - بهادُر العجميّ، الأمير الكبير، سيف الدِّين المَنْصُورِيّ. [المتوفى: 696 هـ]
شابٌ حَسَن الشكل، مليح الجملة، موصوف بالدّيانة والأخلاق الرضيّة، حجّ بالنّاس فِي السَّنَة الماضية وشكروه.
توفي بالديماس في ربيع الآخر.(15/837)
399 - جعفر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن حجّون بْن مُحَمَّد بْن حمزة، الإِمَام، المفتيّ، ضياء الدِّين، أبو الفضل الصَّعيديّ، الحُسينيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 696 هـ][ص:838]
أفتى بضعًا وأربعين سنة، ودرّس بمشهد الْحُسَيْن وبمدرسة زين التّجار، وبرع فِي المذهب وناظر.
وُلِدَ فِي أواخر سنة ثمان عشرة وستّمائة، وسمع وهو شاب من أبي الحسين ابن الْجُمّيْزيّ وأبي القَاسِم السِّبْط، سمعتُ منه، ومات في ثاني عشر ربيع الأول بمصر.(15/837)
400 - حَسَن، الشَّيْخ نجمُ الدِّين الكاتب. [المتوفى: 696 هـ]
دمشقيّ فاضل، كتب لصاحب صهيون، ثُمَّ كتب لأولاده من بعده، ثُمَّ تزهّد فِي سنة أربع وثمانين وستّمائة، ومات فِي هذه السَّنَة.
لا أعرفه، ولكنّي رَأَيْت المولى شمس الدِّين الْجَزَريّ ذكر ترجمته فِي " تاريخه " فِي كرّاسٍ كامل، وبالغ فِي وصفه بالزُّهد والأحوال والعرفان، وأنّ له كرامات، ثُمَّ سَرَد شيئًا من حقائقه على نموذج النّجم ابن خِلِّكان، وهو بعبارة ركيكة ومَعانْ ردئية، ويفسّر معاني الحروف، ومعنى مُنْكَر ونكير، نسأل الله السلامة.(15/838)
401 - خليفة ابن الشَّيْخ أمين الدِّين عَبْد اللَّه بْن عبِد الأحدِ بْن شُقَير، الصّدر: شهاب الدِّين الحرّانيّ، التّاجر. [المتوفى: 696 هـ]
كان أرأس إخوته وأحسنهم شكلًا، مع فضيلةٍ ومكارم وأخلاق حسنة، سمع من ابن عَبْد الدّائم، وما حدُّث.
تُوُفّي فِي صَفَر بدمشق، وكانت له جنازة حفِلة، رحمه اللَّه.(15/838)
402 - دانيال بن منكلي بْن صرفا، القاضي ضياء الدِّين، أبو الفضائل التُّركُمانيّ، الكَرَكيّ، [المتوفى: 696 هـ]
قاضي الشَّوْبك.
شيخ متميّز، مليح الهيئة، تامّ الشكل، مجموع الفضائل، وُلِدَ سنة سبْعٍ عشرة وستّمائة، وسمع من ابن اللَّتّيّ بالكرك، وقدم دمشق فقرأ القراءات على السَّخاويّ، وسمع من كريمة وجماعة، ورحل فسمع ببغداد من ابن الخازن وعبد اللَّه بن عمر ابن النخال وهبة الله ابن الدوامي وإبراهيم بْن الخيّر [ص:839]
وجماعة، وبحلب من ابن خليل، وبمصر من يُوسُف السّاوي وابن الْجُمّيْزيّ، وولي قضاء الشَّوْبك مدّة، ثُمَّ سكن دمشق، وولي القضاء بأماكن.
وخرج له علاء الدين علي بن بلبان " مشيخة " قرأها عليه شيخنا شرف الدين الفزاري، وخرّج له شمس الدِّين ابن جعوان أربعين حديثًا وقرأها عليه، وسمع منه: المِزّيّ والبِرْزاليّ والطلبة، وكتب عَنْهُ الحافظ جمال الدِّين ابن الصّابونيّ فِي سنة سبْعٍ وأربعين قطعة من شِعر السَّخاويّ، وحدَّث بالكثير، ثُمَّ عاد إلى قضاء بلده، ولم ألقه.
تُوُفّي فِي رمضان بالشوبك، وقيل: في شعبان.(15/838)
403 - سالم بْن أحَمَّد بْن سالم بْن سيف بْن عون، العَدْل، فخرُ الدّين ابن السلالمي الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، الخشّاب. [المتوفى: 696 هـ]
سمع من أبي القَاسِم بن صصرى؛ ومن: الرشيد ابن مسلمة، وكان من شهود القيمة ومن عدول القُضاة، فاتني الأخذ عَنْهُ، وسمع منه: البِرْزاليّ وغيره، وعاش ثمانين سنة، ومات فِي صَفَر.(15/839)
404 - سُنْقُر، الحاجّ علاء الدِّين التُّركيّ، الخَزْنَدَار، عتيق الأمير جمال الدِّين أيدُغْدي، العزيزيّ. [المتوفى: 696 هـ]
كان من أمراء الحلقة المصريّة، وفيه دين وعقل، وكان يتردّد إلى شيخنا ابن الظّاهريّ، وأوصى له بمبلغ، وحدَّث عن: سِبْط السِّلَفيّ بجزء الهذلي.
توفي بالقاهرة في حدود صفر.(15/839)
405 - الشمس الحلبيّ النّقيب، واسمه أَحْمَد. [المتوفى: 696 هـ]
شيخ ضخم، أبيض الشيبة، له رواء ومنظر، عمل النّقابة لابن الصّائغ ولابن الخُوَيّيّ، وجلس فِي الآخر يشهد بمسجد البياطرة، وتُوُفيّ فِي ذي القعدة وقد أسن.(15/839)
406 - صالح بْن سَلْمان، الشَّيْخ تقيُّ الدِّين المغربيّ، المالكيّ. [المتوفى: 696 هـ]
رَجُل مبارك ابتُليَ بالفالج مدّة، وكان قد سمع من الزَّين خَالِد وابن عَبْد الدّائم وطائفة، وحدَّث. [ص:840]
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل، ودُفِن بمقبرة باب الصغير، رحمه الله.(15/839)
407 - طَلْحَة بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن وهْب، القاضي العالم وَليُّ الدِّين ابن العَلامَة قاضي القُضاة تقيُّ الدِّين ابن دقيق العيد، الشّافعيّ. [المتوفى: 696 هـ]
ناب فِي الحكم عن والده، وتُوُفيّ شابًّا في ربيع الْأَوَّل.(15/840)
408 - عَبْد الخالق بْن عَبْد السّلام بْن سَعِيد بْن عَلْوان، القاضي، الإِمَام، تاج الدِّين، أبو مُحَمَّد، المَعَرّيّ الأصل، البَعْلَبَكيّ، الشّافعيّ، الأديب. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة، وحدَّث عن: الشّيْخ الموفَّق والبهاء عَبْد الرَّحْمَن والمجد القزوينيّ والكاشغريّ والعزّ ابن رواحة والتّقيّ أبي أَحْمَد عليّ بْن أَحْمَد بْن واصل الْبَصْرِيّ وأحمد بْن هِشَام اللّبْليّ والزّكيّ أَبِي عَبْد اللَّه البِرْزاليّ وجماعة، وأجاز له أبو اليُمْن الكِنْديّ، وروى الكثير، وتفرّد في زمانه ورحل إليه، وحدث بـ " سنن ابن ماجه " بدمشق، وسمعناه منه ببَعْلَبَكَّ، وأكثرتُ عَنْهُ.
وهو من جِلّة شيوخي علمًا ودينًا وصلاحًا وعُلُوّ إسناد وتواضعًا وأدبًا ومروءة، وله ترسُّل وشِعر جيّد، وُلّي قضاء بعلبك وحمدت سيرته، وكان صاحب أوراد وتهجُّد وبكاء من خشية اللَّه، وحضرت درسه بالأمينيّة وهو ابن نيِّفٍ وتسعين سنة.
تُوُفّي ليلة الأربعاء تاسع المُحَرَّم، وشيّعه خَلْقٌ كثير، ودُفِن بمقبرة باب سطْحا، وممّن حدُّث عَنْهُ أبو الْحُسَيْن اليُونِينيّ وأبو عَبْد اللَّه بْن أبي الفتح وأبو الحَجَّاج المِزّيّ، وقد رويت أَنَا عَنْهُ فِي حياته.(15/840)
409 - عَبْد السّلام بْن مُحَمَّد بْن مزروع بْن أَحْمَد، الإِمَام المحدِّث القُدوة، عفيفُ الدِّين، أبو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ بالبصرة سنة خمس وعشرين وستّمائة، وحدَّث عن: المؤتمن بْن قُمَيْرة، وفضل اللَّه الجيليّ، وجاور بالمدينة أكثر عُمره، وحجّ أربعين حجّة متوالية، وكان من محاسن الشيوخ علمًا وعملًا، وله شِعر حَسَن. [ص:841]
سمع منه البِرْزاليّ خمسة أجزاء، ووصفه بالسُّؤدُد والحِفظ والفضل والعقل، وتُوُفيّ فِي الثالث والعشرين من صَفَر.(15/840)
410 - عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن أبي الكرم عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلَوي بْن المعلى بْن عَلَوي بْن جَعْفَر، القاضي الأجلّ، تاج الدِّين ابن القاضي عزيز الدِّين العُقَيليّ، السّنْجاريّ، الحَنَفِيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ بدمشق فِي سنة ثلاثٍ وعشرين وستّمائة، وسمع " الصّحيح " من ابن الزَّبِيديّ، وسمع من الإمامين جمال الدين الحصيري وتقيّ الدِّين ابن الصّلاح، ووليّ قضاء الحنفيّة بحلب، ونظر الأوقاف العصرونيّة، وقدِم دمشق فِي آخر عُمره وحدَّث بها بالمائة البُخاريّة، ولم يتّفق لي أنّ أسمع منه، ورجع إلى حلب فتُوُفيّ فِي الثامن والعشرين من شعبان.(15/841)
411 - عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الواحد، نجم الدين ابن صدقة الكاتب، [المتوفى: 696 هـ]
ابن عم النفيس، واقف النفيسية.
خدم في جهات الظلم، ومات بصافيثا في ربيع الآخر.
وقد سمع من الرشيد ابن مَسْلَمَة، وطلب الحديث فسمع من إِبْرَاهِيم بْن خليل وابن عَبْد الدّائم والطّبقة.
وحفظ " التّنبيه " ثُمَّ دخل فِي التّصرف.(15/841)
412 - عَبْد الواحد بْن كثير بْن ضرغام، الشَّيْخ المقرئ، جمال الدِّين الْمَصْرِيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 696 هـ]
نقيب السُّبْع الكبير والغزالية.
قرأ على السَّخاويّ وحدَّث عَنْهُ، ونسي القراءات، فلهذا لم يقرأ عليه أحد، وكان شيخا قصيرا، مسندا، له مسجد بداخل باب شرقي.
توفي في آخر رجب، وقد روى عنه ابن الخبّاز فِي " مشيخته "، وسمعت منه.(15/841)
413 - عثمان بْن مُحَمَّد بْن منيع بْن عثمان بْن شاذي، شمس الدِّين المؤذّن، ابن البُشطاريّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ بعد الأربعين بالقاهرة، وسمع من ابن رواج والمُرسي، وقدِم علينا [ص:842]
مع السّلطان، وسمعنا منه، وكان موصوفًا بطِيب الصَّوت ومعرفة الموسيقى.
تُوُفّي بقوص فِي رجب أو شعبان، وعمل المؤذّنون بدمشق عزاءه فِي سادس رمضان.(15/841)
414 - عثمان بْن مُوسَى بْن رافع بْن منهال، أبو عَمْرو اليُونينيّ، الزّاهد، [المتوفى: 696 هـ]
فقيه قرية نَبْحَا من أعمال بَعْلَبَكَّ.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن رواحة وإسماعيل بْن ظفر، سمع منه ابن أبي الفتح والبِرْزاليّ وابن النّابلسيّ وأنا وطائفة، وكان شيخًا مُقرئًا، صالحًا وقورًا، حَسَن السّمْت.
تُوُفّي فِي أول ربيع الآخر ببَعْلَبَكَّ، وعاش أربعًا وسبعين سنة.(15/842)
415 - عثمان بْن يُوسُف بْن مكتوم بْن موهوب، أبو عَمْرو السُّلَميّ، الزَّرَعيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ سنة أربعٍ وعشرين، وحدث عن: ابن اللَّتّيّ، وكان بحَوْران وبها مات فِي أواخر هذه السَّنَة.(15/842)
416 - العلاء بْن اللَّيْث، [المتوفى: 696 هـ]
الشيخ الفقير بيشروش الحريريّة وكبيرهم.
صحِب الشَّيْخ، وكان من أبناء الثّمانين، وحجّ مرّاتٍ كثيرة، تُوُفّي فِي صَفَر، رحمه اللَّه.(15/842)
417 - عليّ بْن سَعِيد الزّوليّ، الرجل الصّالح. [المتوفى: 696 هـ]
سمع الكثير فِي الكهولة، وكان ديّنًا، خيّرًا، متعفّفًا، شيخًا طُوالًا، أحسبه كرديًّا، وكان يبيع فِي الكتب والكراريس يوم الجمعة ويرتفق بذلك.
تُوُفّي فِي ربيع الأَوّل، وقد نَيَّفَ على السبعين.(15/842)
418 - علي بن محمد ابن المنيّر. [المتوفى: 696 هـ]
فِيهِ اختلاف مذكور فِي سنة خمس.(15/842)
419 - عمرُ بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عوض، قاضي القُضاة عزَّ الدِّين أبو حفص المَقْدِسيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين وستّمائة، وسمع من جعفر الهمداني والضياء محمد، وحضر ابن اللَّتّيّ وانتقل إلى القاهرة، فسمع بها من عبد الوهاب بن رواج وسبط السِّلَفيّ، وتَفَقَّه بها على الشَّيْخ شمس الدِّين ابن العماد، وبَرَع فِي المذهب ودرّس وأفتى، وتزوّج بابنة الشَّيْخ زينب والدة قاضي الحنابلة اليوم.
سَمِعت منهما معًا، وكان مشكور السّيرة، محمود الأحكام، متثّبتًا فِي القضايا، ممّن يُركن إلى إثباته لدِينه وثباته، وكان أبيض الرأس واللّحية سمينًا، تامّ الشكل، كامل العقل، تُوُفّي فِي صَفَر.(15/843)
420 - عِيسَى بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسعود، الشيخ، المحدث، الإِمَام ضياءُ الدِّين أبو الهُدَى الأَنْصَارِيّ السَّبْتيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ بسَبْتَة سنة ثلاث عشرة وستّمائة، وقدم في الصبا واستوطن القاهرة، وسكن دمشق مدّة فِي الدّولة الناصرية.
وحدث عن: أبي القاسم ابن الصفراوي ويوسف ابن المخيلي وعلي ابن المقير وعبد الرحيم بْن الطُّفَيْل والحسن بْن إِبْرَاهِيم بْن دينار وحمزة بْن عُمَر الغزال وابن الصابوني وطائفة، وخرج له التقي عبيد " أربعين تساعيات " أبدالا، سمعتها منه.
وكان مليح القراءة للحديث، حسن المعرفة، كبير الحرمة، ألبسني الخرقة وذكر لي أنّه لبسها بمكة من الشَّيْخ شهاب الدِّين السُّهْرَوَرْديّ، وأنشدني فِي ذَلِكَ أبياتًا حسنة، يذكر فيها أنه ما رَأَى مثل الشَّيْخ فِي العرفان، وكان متواضعًا، بسّامًا، متنسّكًا بزِيّ الصّوفية والفقهاء.
تُوُفّي فِي تاسع عَشْر رجب بالقاهرة فجاءة، وكان لشيخنا الدمياطي رفيقًا وصديقًا.(15/843)
421 - فضل اللَّه ابْن إمام الدِّين عُمَر بْن أحمد بن محمد، القاضي بدر الدين القزويني الشافعي. [المتوفى: 696 هـ]
قَدِمَ دمشق ليحجّ فنزل بتُربة أمّ الصّالح عند ابني أخيه القاضي إمام الدِّين والخطيب جلال الدِّين، فحصل له ضَعْف وانزعاج من السفر، ولم يمكنه الحجّ، فَلَمّا عاد رفقتُه من الحجّ هَمّ بالعَود إلى الرّوم فلم يمكن.
وكان فِي شيخوخته يُكرّر على " الوجيز ".
وكان له حلقة، إقراء بتبريز، ثُمَّ وُلّي قضاء ينكسار، بلدة بالروم، وكانت له خبرة بالحساب وغير ذَلِكَ.
وتُوُفيّ فِي ربيع الآخر، وشيّعه الخلق لأجل ابَني أخيه، وكان ينطوي على دين وخير وعبادة.(15/844)
422 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن عَبْد الباقي، العَدْل، الخطيب، مُعين الدِّين أبو المعالي ابن الصّوّاف الإسكندرانيّ، المالكيّ، الشُّرُوطيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وستّمائة، وسمع " أربعي السِّلَفيّ " من جَدّه، قرأتُها عليه، وهو أخو شيخنا شَرَف الدِّين يحيى، وكان شيخًا جليلًا، حَسَن البِزّة، أبيض اللّحية، تامّ الشكل، ينوب فِي خطابة الثّغر ويعقد الوثائق.
تُوُفّي فِي العشر الأوسط من ربيع الآخر.(15/844)
423 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه ابن التُّليل، شَرَف الدِّين أبو عَبْد اللَّه الأندلسيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 696 هـ]
محدّث صالح، وُلِدَ سنة تسع عَشَرة وستّمائة ظنًّا، وسمع من السخاوي وشيخ الشيوخ ابن حمّوَيْه وابن الصّلاح، ولم يدلّوني عليه بالقاهرة، وبها مات فِي ثامن عَشْر ربيع الأوّل، ويُعرف أيضًا بابن صُمادح، كان يذكر أنّه من أولاد صاحب المرية المعتصم ابن صمادح.
روى عَنْهُ الحافظ عَبْد الكريم فِي " تاريخه ".(15/844)
424 - مُحَمَّد بْن بركة بْن أبي الْحَسَن بْن أبي البركات، الشيخ أبو عبد الله ابن الشمعي، البغدادي، الحريمي. [المتوفى: 696 هـ][ص:845]
شيخ متعفّف، قانع باليسير، ديّن، سمع ببغداد من إِبْرَاهِيم بْن الخيّر وابن المني وابن قميرة ومحمد بن أبي السهل الواسطي، أفادنا السّماع منه أَبُو العلاء الفَرَضيّ وذهب بنا إلى بيته بالعُقَيبة.
وتُوُفيّ فِي هذه السَّنَة وهو فِي عَشْر السّبعين.(15/844)
425 - مُحَمَّد بْن بلغزا بن محمد بْن بلغزا بْن دارة بْن رستم، الشَّيْخ قمر الدِّين البَعْلَبَكيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 696 هـ]
رَجُل عامّيّ، ديّن، مُكثِر عن البهاء عَبْد الرَّحْمَن وُلِدَ فِي نصف جُمَادَى الآخرة، سنة ثلاث عشرة، وسمع منه جماعة من الكبار ببَعْلَبَكَّ.
وكتب إليَّ بوفاته شيخنا أَبُو الْحُسَيْن فِي رابع المُحَرَّم.(15/845)
426 - مُحَمَّد بْن جوهر بْن مُحَمَّد، أبو عَبْد اللَّه التلْعفريّ، المقرئ، المجوّد، الصُّوفيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ بتلّعفر سنة خمس عشرة وستّمائة، وقرأ على أبي إسحاق بْن وثيق لأبي عَمْرو، وأخذ عَنْهُ التّجويد ومخارج الحروف، وسمع بحلب من ابن رواحة وابن خليل والصّلاح مُوسَى بْن راجح وغيرهم، وقدِم علينا دمشق فنزل بالخانكاه، وجلس للإقراء والتّلقين فِي سنة تسعين، وقرأتُ عليه مقدّمته فِي التّجويد وجزءًا من الحديث.
وكان شيخًا ظريفًا، فِيهِ دُعابة وحُسن محاضرة، تُوُفّي بالسُّمَيساطية فِي صَفَر.(15/845)
427 - مُحَمَّد بْن حازم بْن حامد بن حسن، الإمام الصالح العابد شمسُ الدِّين أبو عَبْد اللَّه، [المتوفى: 696 هـ]
ابن الشَّيْخ القدوة حازم.
أوّل سماعه حضور فِي الخامسة من أبي القَاسِم بْن صَصْرَى، وسمع من ابن الزبيدي والناصح ابن الحنبلي وسيف الدولة ابن غسّان والفخر الإربليّ وابن اللَّتّيّ وجماعة، وأكثر عن الحافظ الضياء.
وكان شيخًا زاهدًا وقورًا عالمًا فقيهًا حنبليًّا، نورانيّ الوجه، ظاهر الجلالة، كثير القدر، روى " صحيح الْبُخَارِيّ " فِي هذه السَّنَة، وقد حدُّث عَنْهُ [ص:846]
ابن الخبّاز فِي " معجمه " سنة اثنتين وستّين، وسمع منه جماعة من رفاقنا، وسافر لزيارة المسجد الأقصى، فأدركه الأجَل بعد عَوده بنابلس فِي ثامن عَشْر ذي الحجّة، رحمه اللَّه.(15/845)
428 - مُحَمَّد بْن عاصم بْن عُبَيْد اللَّه، أبو عَبْد اللَّه الرُنْديّ، الأندلسيّ. [المتوفى: 696 هـ]
طَالِب نبيه، له فَهْم وعناية بالرّواية، رَأَيْته وسلّمت عليه بالقاهرة، وكان كهلًا، قد سمع سنة نيَّفٍ وثمانين وبعدها، وكتب الأجزاء.
توفي في هذه السنة.(15/846)
429 - محمد بن عبد الباقي بن عبد الرحمن، المحدث الرئيس قطب الدين الأنصاري، المصري. [المتوفى: 696 هـ]
محدث، عارف، فهم، جيد التحصيل، سريع الكتابة، لم أجتمع به، وبلغني أنّه يصنّف ويجمع، وله طيلسان وبزّة جميلة، وكان أَبُوهُ عزَّ الدِّين خطيب مصر، ورأيت خطّه مليحًا معلّقًا فِي أجزاء الفَرَضيّ، وأحسبه سمع قبل الثمانين، ومات ولم يروِ.(15/846)
430 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر بْن هبة اللَّه بْن عَبْد القاهر، الرئيس ضياءُ الدِّين أبو المعالي الحلبيّ الكاتب، المعروف بابن النّصيبيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ فِي خامس صَفَر سنة ثمانِ عشرة، وسمع من الكاشغريّ حضورًا.
وسمع من ابن روزبة وعبد اللّطيف بْن يُوسُف والقاضي يُوسُف بْن شدّاد وابن اللَّتّيّ وابن رواحة وطائفة، وطلب الحديث بنفسه وتَفَقَّه ودرّس بعصرونيّة حلب، وروى الكثير، وولي المناصب الكبار، ووزر لصاحب حماة، وأجاز لي هُوَ وأخوه مَرْوِيّاتهما، وتُوُفيّ بحلب فِي رجب.(15/846)
431 - مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن بركات بْن يُوسُف بْن بطّيخ. [المتوفى: 696 هـ]
شيخ متعفّف، رثّ الحال، دلال فِي سوق الرحبة، وُلد بين سَنْجَار ورأس عين فِي حدود العشرين.
وكان أَبُوهُ معمارًا للملك الأشرف، فقدم دمشق فِي خدمته، وسمع مُحَمَّد من ابن الزبيدي وابن اللتي والناصح ابن [ص:847]
الحنبليّ، وكتب عَنْهُ الطَّلَبة، وسمعت منه.
ومات فِي صَفَر فِي أواخره، وكان ديّنًا مصلّيًا.(15/846)
432 - مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن خليل بْن إِبْرَاهِيم بْن يحيى بْن فارس، الإِمَام رضيُّ الدِّين أبو عَبْد اللَّه، المعروف بابن خليل، الْمَكِّيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 696 هـ]
شيخ الحَرَم، والد صاحبنا المحدّث عَبْد اللَّه، أسعده اللَّه.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وثلاثين وستّمائة فِي أيّام التّشريق بمِنى، وروى عن ابن الْجُمّيْزيّ وغيره.
وكان فقيهًا، عالمًا، مُفتيًا، ذا فضائل ومعارف وعبادة وصلاح وحُسن أخلاق.
تُوُفي فِي الحادي والعشرين من ذي الحجّة، وقد سمع منه: ابن العَطَّار والبِرْزاليّ وجماعة، وأجاز لي مَرْوِيّاته.(15/847)
433 - مُسَيَّب ابْن الشَّيْخ عليّ الحريريّ. [المتوفى: 696 هـ]
شيخ مبارك من أولاد المشايخ، تُوُفّي بقرية بُسر فِي ربيع الآخر، واحتفل الفقراء لموته، وعملوا السّماع والطّعام على عادتهم.(15/847)
434 - نوروز، نائب السَّلْطَنَة لغازان. [المتوفى: 696 هـ]
كان ديّنًا مسْلمًا، عالى الهمّة، حرص بغازان حَتَّى أسلم وملّكه البلاد، ثُمَّ فسد ما بينهما، فقتل غازان أخا نوروز وأعوانه، وجهّز لقتاله خطْلُوشاه النُّوِين، فتقلّل جمْع نوروز واحتمى بِهَرَاة، فقاتل عَنْهُ أهلها لدينه، ثُمَّ عجزوا عن نُصرته وأسِر نوروز، ثم قتل وبعث برأسه إلى الملك.(15/847)
435 - يحيى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن حَيْدَرة، الفقيه محيى الدين أبو المفضل السلمي الزبداني الشّافعيّ، المعروف بابن العَدْل. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ بدمشق فِي سنة اثنتين وعشرين وستّمائة، وروى لنا عن: ابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ، وحدَّث بالزّبدانيّ ودمشق، ودرّس بمدرسة جدّه العَدْل. [ص:848]
وكان متواضعًا، متزهّدًا، سليم الباطن، حدُّث عَنْهُ ابن الخبّاز من سنة اثنتين وستِّين وستّمائة، وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم.(15/847)
436 - يُوسُف بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عطاء بْن حَسَن، العَدْل، الجليل بدر الدِّين أبو المحاسن ابن قاضي القُضاة شمس الدِّين الأذرعيّ، الحَنَفِيّ، ثُمَّ الصّالحيّ. [المتوفى: 696 هـ]
فقيه، فاضل، عاقل، مهيب، وُلِدَ سنة تسع عشرة وستّمائة بالصّالحيّة، وسمع من ابن الزَّبِيديّ وجمال الدِّين ابن الحصيريّ، وحدَّث عَنْهُ ابن الخبّاز وغيره، وسمعت منه مع الفَرَضيّ.
تُوُفّي فِي ثالث عَشْر ربيع الأول، ودُفِن عند والده.(15/848)
437 - يُوسُف بْن هلال بْن أبي البركات، أبو الفضل الحلبي الحنفي الفقيه. [المتوفى: 696 هـ]
أديب عالم، بلغني أنّ له أُرجوزة فِي الخلاف بين أبي حنيفة والشافعيّ، ومات فِي عَشْر السْبعين فِي المُحَرَّم بالقاهرة.(15/848)
438 - يُوسُف بْن هبة اللَّه، الإسرائيليّ، المسْلم، الشَّيْخ جمال الدين الحلبي، الطبيب، الفاضل، المعروف فِي القاهرة بالصَّفديّ، لأنّه سكن صفد مدّة. [المتوفى: 696 هـ]
له كلام جيّد على آيات من كتاب الله يدل على ذكائه واطّلاعه، قد كتبه الشَّيْخ أبو بَكْر بْن شَرَف، وهو الَّذِي أرّخ وفاته.(15/848)
439 - أبو تغلب بْن أَحْمَد بْن أبي تغلب بْن أبي الغيث، الشَّيْخ نجمُ الدِّين الفاروثيّ. [المتوفى: 696 هـ]
وُلِدَ فِي شوّال سنة خمسٍ وستّمائة ببغداد، ولو سمع بها فِي صِغره لروى لنا عن الحافظ ابن الأخضر وطبقته.
وقد سمع بنفسه، وروى " صحيح الْبُخَارِيّ " عن ابن الزَّبِيديّ، وسمع أيضًا من ابن باسوَيْه ويوسف السّاوي.
وكان شيخا، صالحًا، خيرًا، أظنه كان يتجر، قرأتُ عليه أحاديث من [ص:849]
" الْبُخَارِيّ "، ومات فِي سادس المُحَرَّم بدمشق، وابنه من قرّاء السّبع، قلانسيّ.(15/848)
-وفيها وُلِدَ:
الشَّيْخ بهاء الدين محمد ابن إمام المشهد، والأخوان التوأم: عماد الدِّين عُمَر وشمس الدِّين مُحَمَّد ابنا خطيب بيت الآبار موفّق الدِّين مُحَمَّد بْن عمر.(15/849)
-سنة سبع وتسعين وستمائة(15/850)
440 - أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن مكارم، الدّمشقيّ، القلانسي. [المتوفى: 697 هـ]
فقير صُعْلُوك، سمع مع ابن الخلال من ابن اللَّتّيّ وجعفر الهمْدانيّ وكريمة، سمع منه البِرْزاليّ، وتُوُفيّ فِي رجب أَوْ قبله.(15/850)
441 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المنعم بْن نِعمة بن سلطان بن سرور، الشَّيْخ الإِمَام الكبير شهاب الدِّين المَقْدِسيّ، النّابلسيّ، الحنبليُّ، مفسّر المنامات. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ بنابلس فِي ثالث عَشْر شعبان سنة ثمانٍ وعشرين وستّمائة، وسمع من عمّه التّقيّ يُوسُف فِي سنة ستٍّ وثلاثين، ومن الصاحب محيي الدين يوسف ابن الْجَوْزِيّ، وسمع بمصر من ابن رواج والسّاوي وابن الْجُمّيْزيّ، وبالإسكندريّة من سِبْط السِّلَفيّ.
وروى الكثير بدمشق والقاهرة، وكان إليه المُنتهى فِي تعبير الأحلام، قد اشتهر عَنْهُ فِي ذَلِكَ عجائب وغرائب، ويخبر صاحب المنام بمغيبات لا يقتضيها المنام أصلا، وبعض النّاس يعتقدون فِيهِ الكشف والكرامات، وبعضهم يقول: ذَلِكَ مستنبط من المنامات، وبعضهم يقول: ذَلِكَ كهانات أو إلهامات، ولكلٍّ منهم فِي دعواه شُبَه وعلامات.
حَدَّثني الشَّيْخ تقيُّ الدِّين ابن تيميّة أنّ الشهاب العابر كان له رِئْي من الْجِنّ يخبره المغيبات، والرجلُ فكان صاحب أوراد وصلوات، وما برح على ذَلِكَ حَتَّى مات.
وله الباع الطويل فِي التّعبير، صنَّف فِي ذَلِكَ مقدّمة سمّاها " البدر المنير " قرأها عليه عَلَم الدِّين البِرْزاليّ، وسمعنا منه أجزاء، وكان عارفًا بالمذهب، وقد ذُكر لتدريس الجوزيّة لمّا قَدِمَ علينا ونزل بها، وكان شيخًا حَسَن البِشْر، وافر الحُرمة، مُعظَّمًا فِي النّفوس، أقام بمصر مُدّة، وقام له بها سوق، وارتبط عليه جماعة، ثُمَّ رُسِم بتحويله من القاهرة. [ص:851]
تُوُفِّي فِي التّاسع والعشرين من ذِي القِعْدَة، ودُفِن بمقابر باب الصّغير، وحضر للصلاة عليه ملك الأمراء والقضاة والخلق، والله أعلم بسريرته.(15/850)
442 - أَحْمَد بْن عَبْد الرّزّاق الخالديّ، الوزير، [المتوفى: 697 هـ]
صاحب ديوان الممالك الغازانيّة.
قُتِل هُوَ وأخوه القُطْب وأخوهما زين الدِّين، وكان ظالمًا عسُوفًا، نسأل اللَّه العفو.(15/851)
443 - أَحْمَد بْن عثمان بْن قايماز بْن أبي مُحَمَّد، عَبْد اللَّه التُّركُمانيّ، الفارقيّ الأصل، الدّمشقيّ، الذّهبي، المعروف بالشّهاب، [المتوفى: 697 هـ]
والدي، أحسن اللَّه جزاءه.
وُلِدَ سنة اثنتين وأربعين وستّمائة بدمشق، وبلغ الحُلُم فِي سنة هولاكو، وبَرَع فِي صنعة الذَّهب المدقوق وتميّز فيها، وسمع " صحيح الْبُخَارِيّ " فِي سنة ستٍّ وستِّين وستّمائة على المقداد القيسي، عن سعيد ابن الرزّاز، عن أبي الوقت، وأجاز له تقيُّ الدين ابن أبي اليسر وجمال الدين ابن مالك وجماعة.
وسمع معي ببَعْلَبَكَّ من التّاج عَبْد الخالق وزينب بِنْت كندي وجماعة، وقد استفكّ من عكا امرأتين، وأعتق غلامين وجارية، وأرجو أنّ اللَّه قد أعتقه من النار بذلك، وببرّه وصَدَقته ومُروءته وخوفه من اللَّه ولُزُومه للصّلوات ورحمته للضعيف وصحّة إيمانه، وثناء سائر من يعرفه عليه يوم جنازته ظاهرًا وباطنًا فيما علمت، وقد حجّ سنة ثمانٍ وسبعين حجّة الإسلام.
وتُوُفيّ صُبيح يوم الجمعة سْلخ ربيع الآخر، وصلّى عليه قاضي القُضاة بدر الدين الخطيب، وشيّعه إلى المُصلّى الشماليّ جَمْع مبارك، منهم شيخنا ابن تيميّة، وشيخنا برهان الدِّين الإسكندريّ، ودفنّاه بالجبل بتُربةٍ اشتراها لنفسه.
قرأتُ على والدي - رحمه اللَّه - بالرّبوة سنة خمس وتسعين، عن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم، أنّ أَبَا طاهر الخُشُوعيّ أخبرهم، قال: أخبرنا هبة الله الأمين، قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ، قال: أخبرنا علي بن محمد الواعظ، قال: حدثنا سليمان الطبراني، قال: سمعتُ زَكَرِيّا السّاجي، قال: كنّا نمشي [ص:852]
فِي أزِقّة البصرة إلى باب بعض المحدّثين فأسرعنا، وكان معنا رَجُل ماجن مُتَّهمٌ فِي دِينه فقال: ارفعوا أرجُلكم عن أجنحة الملائكة ولا تكسروا - كالمستهزئ - فما زال في موضعه حَتَّى جفّت رِجلاه وسقط.(15/851)
444 - أَحْمَد بْن عثمان بْن أبي الرجاء، الرئيس شهابُ الدِّين ابن السَّلعوس، التُّنوخيّ، الدّمشقيّ، [المتوفى: 697 هـ]
أخو الصّاحب شمس الدِّين.
رَجُل عاقل ديّن، ثقيل السَّمع، مُحِبَ لسماع الحديث، كثير البِرّ والصَّدقة، وُلّي نظر الجامع، ورُزق الجاه العريض فِي دولة أخيه، ثُمَّ ذهب ذَلِكَ وعاد إلى حاله.
وسمع من ابن عَبْد الدّائم، وبالإسكندريّة فِي تجارته من عثمان بن عوف، سمع منه البِرْزاليّ، وتُوُفيّ فِي جُمَادَى الأولى، رحمه اللَّه، ومات كهلاً.(15/852)
445 - أحمد بن المسلم بن محمد بن المسلم، الأجل عز الدين ابن الشيخ شمس الدين ابن علان القيسي الدمشقي. [المتوفى: 697 هـ]
ولد سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمع من القاضي أبي نصر ابن الشيرازي، وشيخ الشيوخ ابن حمويه والسخاوي وإبراهيم ابن الخشوعي، ولم نر له سماعا من ابن الزبيدي ولا ابن اللتي، وحفظ كتاب " التنبيه " ثم خدم في الجهات، وولي نظر بعلبك مرات، ولهذا زهدت في الأخذ عنه، ومات معزولا لازما لبيته.
توفي في سابع ربيع الأول وشيعه خلق إلى الجبل.(15/852)
446 - إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن عُقْبة بْن هبة اللَّه بْن عطاء، القاضي، الإِمَام صدر الدِّين ابن الشَّيْخ محيي الدِّين البُصْراويّ، الحَنَفِيّ. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ سنة تسعٍ وستّمائة ببُصرى، ودرّس وأفتى، وأعاد بمواضع، وولي قضاء حلب مُديدة، ثُمَّ عُزِل، وكان له كفاية بدمشق، ثُمَّ إِنَّه قبل موته سافر إلى مصر وتوصّل إلى أنّ حصّل تقليدًا بقضاء حلب على مذهب أَبِي حنيفة، وقدِم دمشق فأدركه الموت، وتعجَّب النّاس من حرصه فِي هذا السّنّ، مع أنّه مكفي. [ص:853]
تُوُفّي بالجبل فِي شهر رمضان.(15/852)
447 - إِسْمَاعِيل بْن أبي بَكْر بْن صدّيق، الفقيه، المقرئ، شهاب الدِّين الدّمشقيّ، الشّافعيّ، المعروف بالخيوطيّ. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاث عشرة وستّمائة، وسمع بمصر من ابن الْجُمّيْزيّ وغيره، وبدمشق من ابن قُمَيْرة وابن الصّلاح، وتَفَقَّه، ونزل فِي المدارس، وكان صالحًا، خَيّرًا، متنسّكًا، سَمِعت منه، ومات فِي رجب.(15/853)
448 - البُرهان الخُتنيّ الحَنَفِيّ، الصُّوفيّ، واسمه عبد العزيز بْن مُحَمَّد. [المتوفى: 697 هـ]
شيخ إمام، فاضل، زاهد، كبير القدر، صاحب عبادة وقناعة وتقلُّل وزهادة، وكان من كبار أهل السُّمِيساطيّة.
تُوُفّي فِي ربيع الأول، رحمه الله.(15/853)
449 - [شمس الدِّين سُنْقُر] التكريتي، [المتوفى: 697 هـ]
أحد أمراء دمشق المنصوريّة.
رَأَيْته تركيًا، مليح الشكل، لم يتكهَّل، واسمه شمس الدِّين سُنْقُر، وقد وُلّي أستاذية دار الملك السَّعيد.
توفي في الغزاة بحلب.(15/853)
450 - جِبْريل بْن إِسْمَاعِيل بْن جِبْريل بْن سيّد الأهل بْن رافع، أَبُو الأمانة المَقْدِسيّ، ثُمَّ الشارعيّ، العَطَّار، الحطّاب. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين أو أربع وعشرين وستّمائة، وسمع من عَبْد الْعَزِيز بْن باقا ومُكرم ومرتضى ابن العفيف، وحدَّث سنة بضعٍ وخمسين، فسمع منه الأبِيوَرديّ، وخرّج عَنْهُ فِي " معجمه "، وسمع منه: شيخنا ابن الظّاهريّ والطَّلَبة، ثُمَّ سمع منه: قُطْب الدِّين وابن سامة والبِرْزاليّ، ثُمَّ أدركتُه وسمعتُ منه جملةً من " النَّسَائيّ ". [ص:854]
وكان شيخًا، ديّنًا، خَيّرًا، متواضعًا، له دكان بالشارع للعطر والسّدر، وله مسجد يؤمّ به، وبلغنا موتُه فِي هذه السَّنَة، وقيل: تُوُفّي فِي السَّنَة الماضية، وكأنّه أشبه، فإنّي وجدت أنّه توفي بعد ابن الأغلاقيّ بمدّةٍ ليست بالطويلة.(15/853)
451 - جوزة، أمّ يحيى، عتيقة النّجم مُحَمَّد بْن أبي بَكْر البلْخيّ. [المتوفى: 697 هـ]
عجوز صالحة، مؤثرة للفقراء، كريمة النفس، حَجّتْ سبْعٍ مرّات، وقَلّ أنّ تهيأ هذا لامرأة، وسمع منها علم الدين باللجون، وسمعت منها بقراءة الشَّيْخ عليّ بْن نفيس جزءًا روته عن مولاها.
توفيت في إحدى الجماديين.(15/854)
452 - الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الْحَسَن بْن منصور، الشَّيْخ الصالح، الزاهد، [المتوفى: 697 هـ]
بقية المشايخ ابن الشَّيْخ الحريريّ.
وُلِدَ سنة إحدى وعشرين وستّمائة، وكان شيخ الطّائفة الحريريّة. وكان مَهيبًا، مليح الشيبة، حَسَن الأخلاق، له مكانة عند النّاس وحُرمة زائدة، قَدِمَ مرّات من قرية بُسر إلى دمشق، وبها تُوُفّي فِي عاشر ربيع الآخر.(15/854)
453 - الْحَسَن بْن مظفّر بْن عَبْد المطَّلب بْن عَبْد الوهَّاب بْن مناقب بْن أَحْمَد، الشريف، العَدْل، شمس الدِّين، أبو مُحَمَّد الحسيني، المنقذيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ عشرة وستّمائة، وروى عن الفخر الإربلي وأبي نصر ابن الشيرازي وعبد العزيز ابن الدجاجية وإبراهيم ابن الخُشُوعيّ، وسمعتُ منه.
ناب فِي الحسبة مُدَيدة، وشهد تحت السّاعات، وابتُلي بالبلغم، فكان إذا مشي يعدو بغير اختياره، ثُمَّ يسقط، ثُمَّ يستريح ويقوم.(15/854)
454 - زكيُّ الدِّين ابن اللبَّان. [المتوفى: 697 هـ]
شيخ متميّز، يلبس القباء، ويتعانى الشدّ، وكان فِيهِ جودة وخير، وهو من أصحاب القاضي ابن الصائغ.(15/854)
455 - زين الدين ابن شرف الدين ابن الشَّيْخ حَسَن بْن عَدِيّ بْن أبي البركات العدويّ، [المتوفى: 697 هـ]
من مشايخ العدويّة.
تُوُفّي بمصر، وصلّوا عليه صلاة الغائب بدمشق فِي ربيع الآخر.(15/855)
456 - زينب بِنْت جَابِر بْن حبيب الخبّاز، أم مُحَمَّد الصّالحية. [المتوفى: 697 هـ]
عجوز صالحة، تخدم النّاس، وتلوذ بالمرداويّين، روت عن ابن اللَّتّيّ، روى عَنْهَا ابن الخباز، فضبط وفاتها في شعبان.(15/855)
457 - سعيد الكازرونيّ، الصُّوفيّ، الزَّندبوشيّ، المقيم بمقصورة الخطابة. [المتوفى: 697 هـ]
فقير، مليح، فِيهِ دين وصلاح ومروءة وخدمة.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل فِي عَشْر السّتّين.(15/855)
458 - سُلَيْمَان بن داود بن سليمان بن حميد بن ماجد بن طرخان بْن يُوسُف بْن خَالِد بْن كسا، الضّياء أبو الربيع البلبيسيّ. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ سنة ثمان عشرة ببلبيس، وسمع بدمشق من سيف الدولة ابن غسان والناصح ابن الحنبليّ ومُكَرَّم والإربليّ وابن صبّاح وجماعة، وكانت حرفته الكتابة على باب الوُلاة ببلبيس، وسمع منه: البِرْزاليّ والفَرَضيّ وأنا وجماعة، وكان أَبُوهُ من أهل العلم.
بلغنا موته فِي هذه السَّنَة.(15/855)
459 - سَنْجَر الْمَصْرِيّ، الأمير الكبير عَلَمُ الدِّين، [المتوفى: 697 هـ]
من أمراء دمشق.(15/855)
460 - شاورشي المَنْصُورِيّ، الأمير سيف الدِّين، [المتوفى: 697 هـ]
من أمراء دمشق.
كان يسكن بدرب كسك، مات بحلب فِي الغَزَاة فِي ذي القعدة.(15/855)
461 - شاه ستٍّ ابْنَة الشَّيْخ شمس الدِّين أبي الغنائم المسّلم بْن مُحَمَّد بْن علان، القَيْسيّ. [المتوفى: 697 هـ][ص:856]
وُلِدت فِي حدود سنة ثمان عشرة وستّمائة، وروت لنا عن عمّ أبيها مكّيّ بْن عِلان، وسمعت من حَموها سالم بْن صَصْرَى، وهي والدة الإِمَام قاضي القُضاة نجم الدِّين أَحْمَد بْن صَصْرَى.
توفيت فِي العشرين من المُحَرَّم، وكُنيتها أمّ أَحْمَد، وكانت صالحة خيَّرة، كثيرة البرّ، وكُفّ بَصَرُها مدّة.(15/855)
462 - شُهْدة بِنْت مُحَمَّد بْن حسّان بْن رافع بْن سُمير العامريَّة أمَة الرَّحْمَن. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدت فِي حدود سنة ثمانٍ وعشرين، وسمعت من جَعْفَر الهمْدانيّ، وحضرت الإربليّ، وأجاز لها ابن باقا، ومحمد بْن عماد، وسمعت أيضًا من والدها خطيب المصلّى أبي عَبْد اللَّه القصر حجّاجيّ، سمعتُ منها جزئين، وقد حدَّثت سنة نيف وستين.
توفيت في أوائل السنة، وإلا ففي آخر سنة ست.(15/856)
463 - صُبيح الحبشيّ، المقرئ، فتى صَوَاب المالقيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ فِي حدود سنة خمسٍ وعشرين وستّمائة، وسمع من ابن المُقَيَّر وابن رواج، وكان مؤذّنًا بمسجد بالحُسينيّة، سمعتُ منه، ومات فِي ثاني عَشْر صَفَر، رحمه اللَّه.(15/856)
464 - صُنْبُغا. [المتوفى: 697 هـ]
شهد غزوة سيس فجُرح، وجاء إلى دمشق فمات بها فِي سابع ذي الحجّة، وكان أحد الأمراء.(15/856)
465 - الطقصبا الناصري، الأمير الكبير علم الدِّين سَنْجَر التُّركيّ. [المتوفى: 697 هـ]
شيخ عاقل مهيب، موصوف بالشّجاعة، روى عن سِبْط السِّلَفيّ، وكان من قُدماء أمراء دمشق، أصابه زيار فِي حصار قلاع الأرمن فِي ركبته فحمِل إلى حلب فمات قبل أنّ يقدمها، وحصلت له الشهادة إن شاء اللَّه. [ص:857]
توفي في آخر رمضان ودفن بحلب.(15/856)
466 - الظهير ابن الفقّاعيّ، هُوَ محمود بْن عثمان بْن محمود الدّمشقيّ، الذّهبيّ، التّاجر، السّفار. [المتوفى: 697 هـ]
شيخ ضخم، طُوال، حَسَن البِزَّة، من أهل سوقنا، له دكّان وصنّاع، وكان يُدير دكان الفُقّاع التي تحت السّاعات، وله ثروة، مرض مدّة وتُوُفيّ فِي ذي الحجة وهو فِي عَشْر الثمانين.(15/857)
467 - عائشة بنت المجد عيسى ابن الإمام مُوَفَّق الدِّين عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة، الصّالحة، العابدة، المُسنِدة، المعمَّرة، أمّ أَحْمَد المَقْدِسيّة، الصّالحيّة. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدت فِي سنة إحدى عشرة وستّمائة، وأجاز لها القاضي أبو القَاسِم ابن الحَرَسْتانيّ وجماعة.
وسمعت من أبيها، والشهاب ابن راجح، والعز محمد ابن الحافظ، وغيرهم حضورًا، وسمعت من جدّها وغيره، وتفردّت بأجزاء يسيرة. وسمعت أيضًا من البهاء عَبْد الرَّحْمَن والسّراج أبي عَبْد اللَّه بْن الزَّبِيديّ والضياء المَقْدِسيّ.
حدُّث عَنْهَا ابن الخبّاز فِي حياتها، وسمع منها عامّة الطَّلَبة؛ المقاتليّ وابن النّابلسيّ والمُحِبّ وأنا ويوسف الدّمياطيّ.
تُوُفّيَتْ فِي تاسع عَشْر شعبان، وكانت قد ثقُل سمعها وما نأخذ عَنْهَا إلا بكُلفة، وهي أخت الحافظ السيّف.(15/857)
468 - عَبْد اللَّه التُّركيّ، الشَّيْخ جمال الدِّين الزراديّ، المقرئ، المجوِّد، الضّرير. [المتوفى: 697 هـ]
قرأ القراءات على الزواوي وغيره، وقرأ على الكمال ابن فارس، وكان مقرئًا بالظّاهريّة وغيرها.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(15/857)
469 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللّطيف بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن وَريدَة، الشَّيْخ المعمَّر كمال الدِّين أبو الفَرَج البغداديّ، الحنبليّ، المقرئ، البزّاز، المكبّر والده بجامع القصر، شيخ دار الحديث المستنصريّة، ويلقَّب بالكمال الفُوَيْرة، [المتوفى: 697 هـ]
من الفروهيّة.
انتهى إليه عُلُو الإسناد فِي عصره، وُلِدَ قبل سنة ستمائة أو فيها، وسمع من أَحْمَد بْن صَرْما وأبي بكر زَيْدُ بْن يحيى البيّع وأبي الوفاء محمود بن منده، قدم عليهم، والمهذب ابن قنيدة وعمر بْن كرم ومحمد بْن الْحَسَن بْن أُشنانة وأبي الكرم عليّ بْن يُوسُف بْن صبوخا ويعيش بْن مالك ومحمد بْن أَحْمَد بْن صالح الجيْليّ وأبي صالح نصر بْن عَبْد الرّزّاق الجيليّ وسعيد بْن ياسين ومحمد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي حرب النَّرْسيّ ومحمد بن أبي جعفر ابن المهتدي بالله.
وأجاز له: عمر بن طَبْرزَد وعبد الوهاب ابن سُكَيْنَة والحسين بْن شُنيف ومحمد بْن هبة الله الوكيل وعبد العزيز ابن الأخضر وخلْق، وقرأ للسّبعة على فخر الدِّين مُحَمَّد بْن أبي الفَرَج المَوْصِليّ الفقيه صاحب ابن سعدون القُرْطُبيّ، وسمع منه كتابي " التّيسير " و " التجريد " فِي القراءات. وروى الكثير وعُمِّر دهرًا طويلًا، وكنت في سنة أربع وتسعين وسنة خمسٍ أتلهّف على لُقِيّه وأتحسّر، وما يمكنني الرحلة إليه لمكان الوالد ثُمَّ الوالدة.
ذكره الفَرَضيّ، فقال: شيخ جليل، ثقة، مُسِند، مُكثر، وُلِدَ سنة ثمانٍ أو تسعٍ وتسعين.
قال: وسمع على أبي الوفاء محمود كتاب " الموت " وكتاب " الرقّة والبكاء " لابن أبي الدّنيا، وسمع " صفة المنافق " للفِرْيابيّ على ابن صرما، و " جزء أَبِي الجهم " على ابن قُنيدة، وجزء " عقلاء المجانين " على ابن أبي حرب، وكتاب " الإقناع " فِي القراءات الشّواذ على عمر بْن كرم، عن جَدّه عَبْد الوهّاب الصّابونيّ، عن أبي العز القلانسي، عن أبي عليّ، عن الأهوازيّ، وكتاب " الهداية " لأبي الخطاب على النجم يعيش الأنباري، قال: أخبرنا سعد الله ابن الدّجاجيّ، عن المصنِّف، ثُمَّ ذكر الفَرَضيّ عدّة أجزاء تركتها.
شاخ الكمال الفُوَيرة وانهرم، وتغيَّر قبل موته بأشهر، وقد أذن لي فِي [ص:859]
الرواية عَنْهُ بجميع مَرْوِيّاته، وكتب بيده فِي ربيع الأوّل، فِي حال استقامته، من هذا العام وأجاز معي لمحمد ابن البِرْزاليّ رحمه اللَّه، ولأولاده قاضي القُضاة بدر الدين ابن جماعة، ولمحمد ابن الإِمَام كمال الدِّين الشّرِيشيّ، ولأولاد شمس الدِّين ابن الفخر الخمسة، ولمحمد ابن جمال الدِّين ابن الفُوَيرة، ولفخر الدِّين المقاتليّ، ولابن عمتي محمد ابن الطّحّان، وخلْق سواهم.
مات فِي ذي الحجّة.(15/858)
470 - عَبْد الرحيم بْن خَلَف بْن أبي يَعْلَى بن خلف، البدر أبو خَلَف الحارثيّ، المِزّيّ. [المتوفى: 697 هـ]
شيخٌ أُميّ، روى " تاريخ من نزل المِزّة " عن عمّه خطّاب، وسمع منه الجماعة، وما تهيّأ لي السّماع منه.(15/859)
471 - عبد العزيز بن أبي أسلم القَاسِم بْن عثمان، الشَّيْخ عزَّ الدِّين أبو مُحَمَّد البابصريّ، البغداديّ، الحنبليّ، الصُّوفيّ، الأديب، [المتوفى: 697 هـ]
من أعيان أهل السّميْساطيّة.
وُلِدَ سنة أربعٍ وثلاثين وستمائة، وسمع " مشيخة الباقرحي " على ابن الأجلّ فِي سنة إحدى وستِّين وستّمائة بسماعه من ذاكر بْن كامل، وسمع بدمشق من أصحاب ابن طَبْرزَد، وكان عارفًا بالفقه، بصيرًا بالأدب والشعر وأيّام النّاس، ضعف بصرُه، وطلب من الجماعة أنّ يسمعوا عليه، فسمع منه: البِرْزاليّ وابن الصَّيْرفيّ وصديقه الإِمَام شمس الدِّين ابن الفخر وأولاده وأنا، فروى لنا جزءًا نازل الإسناد عن إِبْرَاهِيم بْن أبي الفاخر، عن مُحَمَّد ابن مقبل بن المنيّ، وأنشد الجماعة لنفسه ونحن نسمع، فِي ضوء بصره:
قعدتُ فِي منزلي حزينًا ... أبكي على فقْد نور عيني
عاندني الدهرُ فِيهِ حَتَّى ... فرّق ما بينه وبيني
وبان عصرُ الشباب عني ... فصرت أبكي لفقد ذين
وأنشدنا لنفسه:
سماع الحديث عن المصطفى ... به قد رجوتُ حصول الشفا [ص:860]
فعنه أخذت الهُدَى والتُّقى ... ومنه عرفتُ الرّضا والوفا
ونقل الحديث بلفظ الرواة ... كؤوس تُدار لشُرب الصفا
وقارئنا قارئ مُطربٌ ... وبالدّار أسماعَنا شنّفا
وأهلُ الحديث هُمُ الأولياء ... وهم، شَهِدَ اللَّهُ، أهل الوفا
فلا ترغبن إلى غيرهم ... وإن موّه القول أو زخرفا
وهي نحو من عشرين بيتًا.
تُوُفّي العزّ البابصريّ فِي سابع عَشْر شوّال.(15/859)
472 - عَبْد الكريم بْن عساكر بْن سَعْد أخي مكتوم ابني أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سليم، زين الدِّين القَيْسيّ الشّافعيّ، [المتوفى: 697 هـ]
إمام الباذرائيّة، والد الشرف عِيسَى الشاهد.
وسمع من قاضي القُضاة شمس الدِّين يحيى ابن سَنيّ الدّولة وإسماعيل بْن ظفر وجماعة، ولم يحدّث.
تُوُفّي فِي شعبان، رَأَيْته، وكان ثقيل السّمع.(15/860)
473 - عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر اللَّه، الصّدر العالم شَرَف الدِّين أبو السّماح العبديّ، الحَمَويّ الشّافعيّ، [المتوفى: 697 هـ]
ابن المغيزل، وكيل بيت المال بحماة.
شيخ متميز، كريم النفس، له همّة وسعْى، وفيه خدمة وتودّد، وُلِدَ بحماة سنة ستّ عشرة وستّمائة، وسمع ببغداد من أبي إسحاق الكاشْغَريّ وأبي بَكْر ابن الخازن وأبي القَاسِم بْن قُمَيْرة، وسمع ببلده من أبي القَاسِم بْن رواحة، وحدَّث بدمشق وحماة، سَمِعت منه " جزء البانياسيّ "، وتُوُفيّ بحماة فِي رابع عَشْر المُحَرَّم.(15/860)
474 - عَبْد اللّطيف بْن نصر بن سعيد بن سعد بن محمد بن ناصر ابن الشَّيْخ أبي سَعِيد الميهنيّ الشيخيّ، شيخ الشيوخ بالبلاد الحلبيّة ابن الشَّيْخ بهاء الدِّين، يُكنّى أَبَا مُحَمَّد، ويُلقّب بالنّجم. [المتوفى: 697 هـ][ص:861]
سمع من جَدّه لأمّه حامد بْن أميري وعبد الحميد بن بنيمان ويحيى ابن الدّامغانيّ وأبي الْحَسَن بْن روزبة وغيرهم، وُلِدَ بحمص في سنة تسعٍ وستّمائة، واستوطن حلب وحدَّث بها وكتب إلينا بمَرْوِيّاته.
تُوُفّي فِي أوائل السنة فجاءة، غصّ بلُقْمة، وكان مولده اتّفاقًا يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول.(15/860)
475 - عليّ بْن إِسْمَاعِيل، تاج الدِّين ابن الصّاحب مجد الدين ابن كُسَيْرات المخزوميّ الكاتب. [المتوفى: 697 هـ]
شاب مليح، تام الشكل، ظاهر الرياسة، لَهُ اشتغال ونظم، وفيه مروءة، وسمع كثيرًا مع البِرْزاليّ، وكان بينهما مودّة وصُحبة فِي الحجّ، وخدم مدّة بطرابُلُس، وبها تُوُفّي فِي ذي الحجّة وله ثمانٍ وعشرون سنة.(15/861)
476 - عليّ بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن الخضِر، الرئيس علاء الدِّين ابن السابق الحَلَبِيّ، [المتوفى: 697 هـ]
نزيل دمشق.
شيخ جليل متميّز، من رؤساء الدّولة النّاصريّة، وخدم فِي الجهات، وولي نظر مارستان نور الدين، ومات على نظر العشر والوكالة في صفر، وكانت له جنازة حفلة.(15/861)
477 - علي بن محمد بن عمرو بن عبد الله بن سعد، أبو الْحَسَن المَقْدِسيّ. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وعشرين، وسمع من ابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ وجعفر والجمال أَبِي حمزة، وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم، قاله ابن الخباز.(15/861)
478 - عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن يُوسُف بْن يَحْيَى، العَدْل موفّق الدِّين [المتوفى: 697 هـ]
ابن خطيب بيت الأَبَّار.
إنسان خَيّر، منقطع عن النّاس، مُلازِم للجماعات والذَّكر، وقد كان قبل ذَلِكَ يخدم فِي الديوان، ويشهد على القُضاة، روى عن الإربليّ وابن اللَّتّيّ [ص:862]
وجماعة، سمعنا منه، ومات فِي عاشر ربيع الأوّل.(15/861)
479 - عُمَر بْن أبي طَالِب مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي طَالِب، ناصر الدِّين أَبُو حفص الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ، المعروف بابن القطّان. [المتوفى: 697 هـ]
شيخ مبارك أعرج، كنت أراه بالجامع، وما سَمِعت منه، سمع من كريمة، وخاطب المِزّيّ، وجماعة.
وُلِدَ سنة اثنتين وثلاثين وستّمائة، وتُوُفِّي فِي ثامن شعبان، حدُّث عَنْهُ البِرْزاليّ وأبو بكر.(15/862)
480 - فاخرة بِنْت أبي صالح عُبَيْد اللَّه بْن عمر بن عبد الرحيم ابن العجميّ. [المتوفى: 697 هـ]
روت عن أبي القَاسِم بْن رواحة، ولنا منها إجازة.
توفيت بشيزر فِي السّادس والعشرين من ربيع الآخر.(15/862)
481 - الفاخريّ، الأمير سيف الدِّين. [المتوفى: 697 هـ]
تُوُفّي بالقاهرة فِي ربيع الآخر.(15/862)
482 - كُوجَبَا النّاصريّ، الأمير سَعد الدِّين [المتوفى: 697 هـ]
متولّي الإسكندرية.
روى لنا أحاديث عن النّجيب عَبْد اللّطيف، وكان خَتَن شيخِنا ابن الظّاهريّ على ابنته.
تُوُفّي بمصر فِي حادي عَشْر جُمَادَى الأولى، وكان من أبناء السبعين.(15/862)
483 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد، الفقيه العَدْل، أبو عَبْد اللَّه التّجيبيّ، المُراكِشيّ، المعروف بالدكربه. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ سنة سبْعٍ وستّمائة بمُرّاكِش، فأجاز له في سنة عَشْر أَبُو مُحَمَّد بْن حوط اللَّه، وأخذ عن والده ومحمد بْن عَبْد الْجَبَّار السوسي وعبد الرحمن بن إسماعيل الحداد وطائفة. [ص:863]
قال أبو عبد الله الوادياشي: لقيته فأجاز لي بخطّه، ومات بتونس فِي أول جُمَادَى الأولى سنة سبْعٍ.(15/862)
484 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْر بْن يونس، مجير الدِّين ابن الخلال [المتوفى: 697 هـ]
ابن عم شيخنا البدر ابن الخلال الدّمشقيّ.
كان يعاني التّجارة والسّفر ومخالطة الدّولة، لقيه البِرْزاليّ بالقاهرة، وسمع منه " مشيخة العماد عبد الله ابن النّحّاس "، بسماعه منه.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم بقرية يبرود، ونقل فدفن بتربة جد والدته العماد ابن النّحّاس، وقد نيّف على الخمسين.(15/863)
485 - مُحَمَّد بْن الحَسَن بن عَليّ بن إسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه، الفقيه، زين الدِّين الغسّاني، النّديم، الشّافعيّ، [المتوفى: 697 هـ]
قاضي تدمُر.
وُلِدَ بتدمر سنة اثنتي عَشْرة، وقدِم دمشق فتفقّه بها، وأخذ عن ابن الصّلاح وتَفَقَّه عليه، وذكر أنه سمع منه، وكان متقنًا للفرائض، جيّد الفقه، تُوُفّي بتدمر، قاله البِرْزاليّ فِي شيوخه بالإجازة.(15/863)
486 - مُحَمَّد بْن حُسَيْن بْن مبادر، الشَّيْخ القُدوة العراقيّ، المعروف بالزّياتيني [المتوفى: 697 هـ]
صاحب زاوية وفقراء.
أجاز في هذا العام، واتفق أنه كان صائمًا يوم عرفة فحضر مجلس ابن السهروردي وحوله الفقراء وهو يتلو فَلَمّا وعظ ابن السُّهْرَوَرْديّ مال الشَّيْخ قليلًا فحُمِل إلى زاويته ميتًا، ودُفِن يوم النحر، وكان يومًا مشهودًا.
قال ولده الشَّيْخ أَحْمَد: مولد أبي فِي شعبان سنة أربعٍ وعشرين وستّمائة، ويقال له أيضًا: مُحَمَّد ابن الزّياتين.(15/863)
487 - مُحَمَّد بْن حمزة بْن أَحْمَد بْن عمر ابن القُدوة الشَّيْخ أبي عُمَر، الإمام الصّالح شمس الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه المَقْدِسِيّ، الحَنْبَلِيّ. [المتوفى: 697 هـ]
وُلِدَ في نصف شعبان سنة إحدى وثلاثين، وسمع حضورًا من ابن اللَّتّيّ، [ص:864]
وجعفر الهمْدانيّ، وسمع من كريمة والضّياء وجماعة، وتَفَقَّه ودرّس وأتقن المذهب، وقرأ الحديث بدار الحديث الأشرفيّة التي بالسَّفح مدّة، وكتب الخط المنسوب، وكان صالحًا خَيّرًا، أمّارًا بالمعروف، داعية إلى السُّنَّة والأثر، مُحِطًا على المبتدِعة والمخالفين، ناب فِي القضاء عن أخيه مُدَيدة قبل موته، سمعتُ منه.
وتُوُفيّ فِي الخامس والعشرين من صَفَر، رحمه اللَّه.(15/863)
488 - مُحَمَّد بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن عقيل، الشَّيْخ بدر الدِّين المَنْبجيّ، التّاجر، السّفّار. [المتوفى: 697 هـ]
رَجُل جيّد، رئيس، متموّل، معروف بالدين والعقل والثقة، كان يحضر معنا مجالس الحديث ويسمّع أولاد ابنه خليفة.
تُوُفّي فِي ذي الحجَّة ودُفن بمقبرة باب الصّغير وهو فِي مُعْتَرك المنايا.(15/864)
489 - مُحَمَّد بْن سالم بْن نصر اللَّه بْن سالم بْن واصل، قاضي حماة، جمال الدِّين الحَمَويّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 697 هـ]
أحد الأعلام.
وُلِدَ بحماة فِي ثاني شوّال سنة أربع وستّمائة، وعُمّر دهرًا طويلًا، وبرع فِي العلوم والحكمة والفلسفة والرياضيّات والأخبار وأيّام النّاس، وصنَّف ودرّس وأفتى وأشغل وبعُد صيته واشتهر اسمه، وكان من أذكياء العالم.
وُلّي القضاء مدّة طويلة، وحدَّث عن الحافظ زكي الدِّين البِرْزاليّ بدمشق وببلده، وتخرّج به جماعة، وما زال حريصًا على الاشتغال، وغلب عليه الفِكر حتى صار يذهل عن أحوال نفسه وعمَّن يجالسه.
تُوُفّي يوم الجمعة الثّاني والعشرين من شوال، ودفن بتربة بعَقَبَة نقيرين عن أربعٍ وتسعين سنة.(15/864)
490 - مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن معالي بْن أبي سَعِيد، المقرئ الصالح، بدر الدين ابن المغربي، الحلبي. [المتوفى: 697 هـ][ص:865]
وُلِدَ فِي صَفَر سنة تسع عشرة وستّمائة، وسمع بحلب ومصر ودمشق من ابن المُقَيَّر والسخاوي وكريمة وشيخ الشيوخ ابن حَمُّوَيْه وابن الْجُمّيْزيّ وابن خليل وجماعة، وكان شيخًا نظيفًا، منوَّرًا، لطيفًا، متنسّكًا، عفيفًا، كثير التلاوة، مليح الكتابة، من خيار النّاس، سمع منه الطَّلَبة، وتُوُفيّ فِي منتصف ربيع الأوّل، رحمه اللَّه.(15/864)
491 - مُحَمَّد بْن صالحُ بْن خَلَف بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ، شَرَف الدِّين، أبو عبد الله بن أبي التقى الْجُهَنيّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 697 هـ]
سمع من ابن باقا وجعفر الهمْدانيّ، وكان من قرّاء سُبْع الظاهريّة، وله مسجد بدرب مُلوخيا، وفيه دين وتواضع، سَمِعت منه.
ولمّا قَدِمَ المحدّث يُوسُف الدّمياطيّ أخبرني بموته، ولم يعرف مَتَى تُوُفّي، وكان مَقْدَم يُوسُف فِي جُمَادَى الآخرة.(15/865)
492 - مُحَمَّد بْن عليّ، الأمير شهاب الدِّين العُقَيليّ، نائب الدّواداريّ فِي شد الشام. [المتوفى: 697 هـ]
قُتِل فِي أواخر السَّنَة، وكان قد شاخ وأسنّ، ثُمَّ سُمِّر قاتله.(15/865)
493 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد ابن المَلاق الرقّيّ، الفقيه، القاضي، بدر الدِّين الحَنَفِيّ. [المتوفى: 697 هـ]
سمع من بكْبِرس الخليفتيّ " الأربعين الودعانيّة "، سمعها منه الدواداريّ بالرحبتين، وأجاز للدماشقة سنة سبع وتسعين، وفيها مات فِي رمضان.
ومولده فِي أول سنة تسع عشرة وستّمائة.(15/865)
494 - مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن مُحَمَّد، العَلامَة شمس الدِّين الفارسيّ، العجميّ، المعروف بالأيجي. [المتوفى: 697 هـ]
مولده سنة تسع وعشرين وستمائة، شيخ فاضل، متفنّن، عارف بالأصول والكلام والعقليّات، موصوف بالذّكاء وحلّ المشكلات، حضرت حلقة إقرائه يَوْمًا مع شيخنا مجد الدِّين، وقرأ عليه هُوَ والخطيب جلال الدِّين [ص:866]
وغير واحد، فرأيته رجلاً عالمًا، متواضعًا، مطرح التكلُّف، صوفيّ الطّريقة، سُمْعته أكبر من حقيقته، وبلغني أنهم بالغوا فِي احترامه لمّا قَدِمَ الشام؛ وولي تدريس الغزالية، ثم استناب بها الشَّيْخ شمس الدِّين إمام الكلاسة، وسار إلى مصر فولي بها مشيخة الشيوخ وأشغل بها، ثُمَّ قَدِمَ دمشق ونزل بتُربة أمّ الصالح، وهو ضعيف الرجلين من ألمٍ به.
تُوُفّي فِي ثالث رمضان، ودُفِن بمقابر الصّوفيّة من جنوبيها إلى جانب الشَّيْخ شملة، وشهِدتُ جنازته وكانت حفِلة، وأظنّه مات فِي عَشْر السّبعين.
وقد قال مرّة بحضرة محيي الدِّين ابن النّحّاس: لم يكن أَحْمَد من المجتهدين، فغضبت الحنابلة وعمل الشهاب محمود تلك الأبيات السّائرة.(15/865)
495 - مُحَمَّد بْن أبي القَاسِم بْن أبي الزّهر، المشدّ شمس الدِّين الملقّب بالغزال، مُشدّ ديوان الجامع. [المتوفى: 697 هـ]
تُوُفّي فِي شعبان، وله ابن جُنْديّ.(15/866)
496 - مَسْعُود الحبشيّ، المقرئ، الصُّوفيّ. [المتوفى: 697 هـ]
من فقراء مقصورة الحلبيّين بالجامع، وكان صالحًا صادقًا، يلقن القرآن على باب المقصورة، ثُمَّ حجّ وجَاوَرَ بمكة وتُوُفيّ بها، وسمعنا بموته فِي هذا العام.(15/866)
497 - نَسَب خاتون بِنْت الملك الجواد مظفر الدِّين يونس بن ممدود ابن الملك العادل. [المتوفى: 697 هـ]
شيخة مسنة جليلة، ولي أبوها سلطنة دمشق، وليت مشيخة رباط بلدق، وكانت تزور الحنابلة فسمعت من إِبْرَاهِيم بْن خليل وخطيب مردا، قرأ عليها عَلَمُ الدِّين " نسخة أَبِي مُسْهر "، وماتت في ربيع الأول.(15/866)
498 - يحيى بن أسعد، محيي الدين الواسطي ثم الدّمشقيّ، المعروف بابن البيّع. [المتوفى: 697 هـ][ص:867]
كتب فِي الإجازات وله إجازة من عُمَر بْن كرم، والموفّق عَبْد اللّطيف.
تُوُفّي ببيروت فِي أوائل السَّنَة.(15/866)
499 - يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن محيي الدِّين، الشمّاع، [المتوفى: 697 هـ]
خادم سجّادة الخطيب بدمشق.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة، وكان من أبناء السبعين، وهو والد الأمين محمد ابن الشماع.(15/867)
500 - أبو الْحَسَن، الشَّيْخ القُدوة العالِم ولدَ الشَّيْخ القدوة عبد الله ابن الشيخ غانم الزاهد ابن عليّ بْن إِبْرَاهِيم المَقْدِسيّ، النّابلسيّ. [المتوفى: 697 هـ]
كان فقيهًا، فاضلًا، ديّنًا، ساكنًا، متقشفًا، متواضعًا، خيّرًا، له مشاركة حَسَنة فِي الفضائل وشِعر رائق وتفكّر واعتبار، وله سَمْت حَسَن وجلالة.
سمع من ابن عَبْد الدّائم وعمر الكرمانيّ الواعظ، سمع منه: البِرْزاليّ، وغيره شيئًا من نظْمه.
وكان مولده بنابلس فِي شوّال سنة أربعْ وأربعين وستّمائة، وتُوُفيّ فِي رابع ذي القعدة بدمشق، ودفن بسفح قاسيون رحمه اللَّه، وهذه الكلمة المشهورة له:
هي النضرة الأولى سَرَت فِي مفاصلي ... شُغلتُ بها فِي الحب عن كل شاغل
وأصبحت من ليلى حليف صبابة ... شؤوني لا تخفى على كلّ عاقلِ
أنزّه طرْفي أن يرى فِي خيامها ... سواها وسمعي عن حديث العواذلِ
وأكتم ما بي من هواها صيانةً ... فيظهر تأثير الهوى فِي شمائلي
لها بالحمى عن أيمن الحي منزل ... أعظمه من دون تلك المنازل
أجيرتنا بالخيف إن دام هجركم ... ولم تسمحوا لي منكم بالتّواصل
ألا فابعثوا لي من حِماكم رسالةً ... تكون إلى قلبي أحبّ الرسائلِ
ولا تبعثوها في النسيم فإنني ... أغار عليها من نسيم الأصائل
ومن شعره:
بين العقيق وبين بان الأجرع ... أفنيت ما أبقيته من أدمعي [ص:868]
وحلفت للأحباب يوم ترحلوا ... إني رجعت ولم أجد قلبي معي(15/867)
-وفيها وُلِدَ:
المولى صلاح الدين خليل الصفدي وتقي الدين عبد الرحمن ابن الشيخ كمال الدين محمد ابن الزَّملكانيّ وظهير الدِّين إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الْجَزَريّ قارئ الحديث ومحمد ابن شيخنا الحافظ يوسف المزي والسيد شهاب الدين الحسين الأرموي الحسيني أبو الركب الأديب.(15/868)
-سنة ثمان وتسعين وستمائة(15/869)
501 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن فِراس بْن عليّ بْن معروف، العَدْل زين الدّولة ابن فخر الدّولة ابن نجيب الدّولة ابن العسقلانيّ، الكاتب، متولّي نظر بانياس. [المتوفى: 698 هـ]
تُوُفّي بها فِي شوّال، ونُقِل إلى مقبرة باب الصّغير، وكان زوج ابنة المولى جمال الدين ابن صَصْرَى، وقد ناب عَنْهُ فِي حسبة دمشق لمّا غاب.(15/869)
502 - أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن مَنْصُور، المحدث نجم الدين الحلبي، المعروف بابن التبلي وبابن الخلال. [المتوفى: 698 هـ]
وُلِدَ بحلب سنة إحدى وثلاثين، وسمع من ابن رواحة وابن خليل وجماعة، ولازم السِّماع مع الدّمياطيّ فأكثر وكتب الطّباق وقرأ بنفسه، وكان من عدول حلب، قرأ عليه البِرْزاليّ " جزء عليّ بْن حرب "، برواية العبادانيّ، وأجاز لنا مَرْوِيّاته.
تُوُفّي بحلب فِي شوّال.(15/869)
503 - أَحْمَد شاه، [المتوفى: 698 هـ]
أمير من أمراء حلب،.
تُوُفّي بها.(15/869)
504 - أَحْمَد بْن صالح بْن ثامر، الفقيه العدل كَمَال الدِّين ابن القاضي تاج الدِّين الْجَعْبريّ. [المتوفى: 698 هـ]
سمع من النجيب عبد اللطيف، ولم يحدّث، وكان شابًّا عاقلًا وقورًا، ذا أمانةٍ وعدالة، لم يبلغ الأربعين.
تُوُفّي يوم عرفة.(15/869)
505 - إِبْرَاهِيم بْن عليّ بْن حُسَيْن، الشَّيْخ الحجار، الصرخدي، الخالدي. [المتوفى: 698 هـ]
أحد مشايخ دمشق الذين اشتهر شأنهم، كانت له زاوية بالعُقَيبة، فالتزم أنّ لا يخرج منها إلا لصلاة الجمعة بالعُقَيبة، وكان لا يدخل البلد ولا يمضي إلى أحد ولا يأكل الخبز خاصّةً ولا يشرب الماء، بل ما يقوم مقامهما، وحصلت له دكّان جيّدة، فجدّد له الدّولة زاوية هائلة بالمِزّة، وعملوا أكثرها. [ص:870]
فتُوُفيّ بها ولم يفرح بفراغها فِي سابع ذي القعدة.(15/869)
506 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن خلف بن إبراهيم، أبو إسحاق ابن الحاج التجيبي القرطبي الفقيه، الحسيب، المحدّث. [المتوفى: 698 هـ]
أخذ عن والده وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن قسّوم وأحمد بْن مفرج النباتي وابن الدباج والشلوبين وخلق، وأجاز له أبو الربيع بن سالم.
ولد سنة خمس وعشرين، ومات في ربيع الآخر، سمع منه: أبو عبد الله الوادياشي، كأنه عمّ أَبِي الوليد شيخنا.(15/870)
507 - أَيْبَك، الأمير عزَّ الدِّين المَوْصِليّ، المَنْصُورِيّ، نائب طرابُلُس. [المتوفى: 698 هـ]
كان ديّنًا، عاقلًا، مَهيبًا وَقُورًا، مجاهدًا، مُرابطًا، جميل السّيرة، من خيار الأمراء، رحمه اللَّه.
تُوُفّي بطرابُلُس فِي أوائل صَفَر.(15/870)
508 - بَيْسَريّ، الأمير الكبير بدرُ الدِّين الشمسيّ، الصّالحيّ. [المتوفى: 698 هـ]
من أعيان الدولة الموصوفين بالشجاعة، وأحد من كان يُذكر للسلطنة، وكان من كبار أمراء الدّولة الظاهرية، جرت له فصول وتنقّلات، وقبض عليه الملك المنصور، وبقي فِي السجن تسع سِنين، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الملك الأشرف وأعطاه خبزًا، وأعاد رُتبته واستمَّر على ذَلِكَ، ثُمَّ قبض عليه الملك المنصور لاجين، ثُمَّ قام فِي المُلك ثانية السّلطان الملك الناصر فلم يُخرجه، ثُمَّ تُوُفّي بقلعة الجبل بالْجُبّ في آخر شوال، أو بعد بأيام، وعمل له عزاء بجامع دمشق تحت النَّسْر، وحضر ملك الأمراء والقُضاة والدّولة.
وله دار كبيرة بين القصرين، وكان محتشمًا، كثير المماليك والتّجمُّل، رَأَيْته شيخًا تُركيًّا، أبيض اللّحية، من أبناء السّبعين، رَأَيْته فِي سنة تسعين، [ص:871]
وبعد ذَلِكَ.(15/870)
509 - بدر الحبشيّ الصّوابيّ، الخادم الطّواشي، الأمير بدر الدِّين أبو المحاسن، وهو منسوب إلى الطواشي صواب العادليّ. [المتوفى: 698 هـ]
كان موصوفًا بالشجاعة والرأي فِي الحرب والعقل والرّزانة والفضل والدّيانة والبرّ والصَّدقة والإحسان إلى أصحابه وغلمانه، وكان أميرًا مقدَّمًا من أكثر من أربعين سنة، وخُبْزُه مائة فارس.
قرأت عليه جزءًا سمعه من ابن عبد الدّائم، وقد حجّ بالنّاس غير مرّة، وكان كبيرًا مُسِنًّا، بصّاص السّواد، مهيبًا، نيف على الثمانين، ومات فجاءة بقرية الخيارة ليلة تاسع جُمَادَى الأولى، ودُفِن بتُربته التي بناها بلحف الجبل شماليّ النّاصريّة.(15/871)
510 - توبة بْن عليّ بْن مهاجر بْن شجاع بْن توبة، الصّاحب الكبير تقيُّ الدِّين أبو البقاء الرّبعيّ، التّكريتيّ، المعروف بالبيَّع. [المتوفى: 698 هـ]
وُلِدَ يوم عَرَفَة بعَرَفة سنة عشرين وستّمائة وتعاني التّجارة والسَّفر، وكان يعرف السّلطان فِي حال إمرته ويعامله ويخدمه، وولي البياعة وتنقّلت به الأحوال، ثُمَّ لمّا تسلطن مخدومه الملك المنصور ولاه وزارة الشَّام مدّة، ثُمَّ عزله، ثم وُلّي وصودر غير مرّة، ثُمَّ يسلّمه اللَّه، وكان مع ظلمه فِيهِ مروءة وحُسن إسلام وتقرّب إلى أهل الخير وعدم خُبث، وله همّة علية ونفْسٌ أبيَّة وفيه سماحة وكرم وبسط وحُسن أخلاق ومُزاح وعدم جبروت، وكان يقتني الخيل المسوَّمة ويبتني الدُّور الحسنة ويشتري المماليك الملاح.
وقد عمر لنفسه تربة كبيرة تصلح لملك، وبها دُفن، وصلّوا عليه بسوق الخيل، وحضره ملك الأمراء والقضاة والكبراء في ثامن جمادى الآخرة.(15/871)
511 - جعفر بن علي بن جعفر ابن الرشيد، الشَّيْخ المعمّر شَرَفُ الدِّين المَوْصِليّ، المقرئ. [المتوفى: 698 هـ][ص:872]
وُلِدَ بالموصل فِي سادس عَشْر ذي القعدة سنة أربعٍ وستّمائة، وكان سخيًّا، فاضلًا، حَفَظةً للأخبار والشعر والأدب.
قال علم الدِّين البِرْزاليّ: ذكر لي أنّه سمع من السُّهْرَوَرْديّ كتابه " العوارف "، بالموصل، وأنّه سمع بدمشق من ابن الزبيدي، وبمصر من ابن الجميزي، وبالثغر من ابن رواج.
وقد روى عَنْهُ الدّمياطيّ فِي " معجمه " شِعرًا، وقال فِيهِ: المعروف بابن الْحَسَن الْبَصْرِيّ.
تُوُفّي فِي العشرين من جُمَادَى الأولى بدمشق.(15/871)
512 - جلال الدِّين النّهاونديّ، قاضي صفد، واسمه عثمان بْن أبي بَكْر. [المتوفى: 698 هـ]
تُوُفّي بصفد فِي المُحَرَّم، وُلّي قضاءها من أول ما فُتِحت، وبقي فِي القضاء أربعًا وثلاثين سنة.(15/872)
513 - زكيُّ الدِّين زكري بْن محمود، البصْرَويّ، الحَنَفِيّ، الفقيه، [المتوفى: 698 هـ]
مدرّس الشبليّة، ومدرس الفرُّخشاهيّة.
لم يلبث فِي تدريس الشِبْليّة إلا أربعين يَوْمًا، ومات في رجب، ودفن بسفح قاسيون.(15/872)
514 - سالم بْن مُحَمَّد بْن سالم بْن الحسنِ بْن هبة اللَّه بْن محفوظِ بْن صَصْرَى، القاضي، الرئيس، الزَّاهد، أمين الدِّين، أبو الغنائم التّغْلبيّ، الدّمشقيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 698 هـ]
صدر كبير وكاتب خبير ومحتشم نبيل، له عقل وافر وفضل ظاهر وجلالة وسُؤدُد وأصالة محتد، وكان مَهيبا، تامّ الشكل، حَسَن الهيئة، على جانب وجهة شامة كبيرة حمراء جميلة.
وُلِدَ سنة أربع وأربعين وستمائة، وحدثنا عن مكّيّ بْن علان، وسمع أيضا من خطيب مردا والرشيد العطار والرضي ابن البُرهان وإبراهيم بْن خليل وجماعة. [ص:873]
وُلّي نظر الخزانة، ونظر الديوان الكبير، وغير ذَلِكَ، ثُمَّ تنظّف من ذَلِكَ كلّه، وحجّ إلى بيت اللَّه وجاور عنده، ثُمَّ قَدِمَ دمشق فِي أوائل هذه السَّنَة ولزِم منزله وأقبل على شأنه حَتَّى تُوُفّي إلى رحمة اللَّه فِي بُكرة الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجّة بداره، وكانت جنازته مشهودة، ودُفِن بتُربتهم بسفح قاسيون، وكثُر التأسُّف عليه، وكان رأسًا فِي صناعة الدّيوان، مشكورًا، موصوفًا بالأمانة التّامّة، طاهر اللّسان، ظاهر الصّيانة والعدالة.(15/872)
515 - سُلَيْمَان بْن قايماز، الكافوريّ، الحَلَبِيّ، الفقير أبو الربيع. [المتوفى: 698 هـ]
رَجُل خير، مقيم بالمدرسة الأتابكيّة ظاهر حلب، سمع من أبي القَاسِم بْن رواحة، ووُلِدَ سنة إحدى وعشرين وستّمائة، قَدِمَ علينا للحجّ، ونزل بين الفقراء بمقصورة الحلبيّين، فسمعنا منه، وكان والده عتيق كافور مَوْلَى السّلطان نور الدِّين.
تُوُفّي بحلب فِي رابع عَشْر ربيع الأوّل.(15/873)
516 - سمنديار بْن خضر بْن سمنديار، الجعبريّ. [المتوفى: 698 هـ]
شيخ صالح، قانع باليسير، مقيم بالجبل، سمع الكثير مع الشَّيْخ عليّ المَوْصِليّ من ابن عَبْد الدّائم وعمر الكرمانيّ، وحدَّث.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.(15/873)
517 - سُنْقُر بْن عَبْد اللَّه، الموغانيّ، المحدّث أبو سَعِيد. [المتوفى: 698 هـ]
رَجُل نبيه، مفيد، عاقل، متواضع، من طلبة القاهرة، سمع وتعب وكتب، ومات في شعبان بالشارع.(15/873)
518 - طُغجي، الأمير سيف الدِّين الأشرفيّ. [المتوفى: 698 هـ]
كان من أحسن الترك وأظرفهم شكلًا، وكان خليل مولاه خليل، فأمّره وقدّمه وأعطاه الأموال والنّفائس وخوّله، ثُمَّ كان أميرًا فِي دولة العادل المنصور فخاف من القتل أو الحبس، فشارك فِي زوال دولة المنصور لاجين، وقام وقعد لحَيْنه، ثُمَّ عمل نيابة السَّلْطَنَة أربعة أيّام بعد قتْله لاجين، ثُمَّ قَدِمَ القاهرة الأمير بدر الدين أمير سلاح من البيكار فتلقاه فَتَبَاله عليه أمير سلاح [ص:874]
وقال: كان للسلطان عادة أنّه يطلع ويتلقّانا، فقال: وأين السّلطان، قد قتلناه، فعرج بفرسه عَنْهُ وقال: إليك عنّي، أكُلَّما قام سلطانٌ وثَبْتُم عليه! فاعتوَرَه أعوان السّلطان الَّذِي قُتل بالسيوف فقتلوه بظاهر القاهرة، ورمي على مزبلة وحَجَّه الخلق للفُرجة والعِبرة، ثُمَّ دُفن بتُربته يوم منتصف ربيع الآخر، وقد نيّف على الثلاثين.(15/873)
519 - عَبْد الحافظ بْن بدران بْن شبْل بْن طرخان، الزَّاهد الحنبليّ، القُدوة، المُسْنِد، الرحّالة، أبو مُحَمَّد عماد الدِّين النّابلسيّ، المَقْدِسيّ، [المتوفى: 698 هـ]
شيخ نابلس.
قَدِمَ دمشق فِي صِباه وسمع الكثير من الشَّيْخ الموفَّق وموسى بْن عَبْد القادر وابن راجح وأحمد بْن طاوس وزين الأُمناء والبهاء عَبْد الرَّحْمَن وابن الزَّبِيديّ وجماعة، وأجاز له أبو القاسم ابن الحَرَسْتانيّ وأبو البركات بْن ملاعب، وتفرّد بأشياء، وقُصِد للسّماع والزّيارة والتّبرُّك، وبنى بنابلس مدرسة وجدّد طهاره.
وكان كثير التّلاوة والأوراد، لازمًا لبيته الَّذِي بجنب مسجده، وقيل: إنّه تعاطى الكيمياء مدّة ولم تصحّ له، قرأت عليه عشرة أجزاء، ورحل إليه قبلي ابن العَطَّار والبِرْزاليّ وسمعا منه، وزار القدس وسمع منه: ابن مسلّم وابن نعمة وجماعة.
وتُوُفيّ بنابلس فِي الرابع والعشرين من ذي الحجةِ، ودُفن بتُربته التي بزاويته بطور عسكر، وقد شارف التّسعين، وأوّل سماعه فِي سنة خمس عشرة وستّمائة.(15/874)
520 - عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن رافع بْن منهال بْن عِيسَى، الفقيه، الزَّاهد، العابد، حُسام الدِّين اليُونينيّ، الحنبليّ [المتوفى: 698 هـ]
مُريد الشَّيْخ إِبْرَاهِيم البطائحيّ، وفقيه قرية عَمِشْكا وخطيبها.
شيخ عالم، صالح، عابد، دائم الذِّكر والتّلاوة والمراقبة، كثير الصيام، [ص:875]
قليل الكلام، حَسَن السِّمت، صاحب أوراد وتهجُّد وخوف، صحِب الشَّيْخ إِبْرَاهِيم، ثُمَّ صحِب الشَّيْخ الفقيه، وروى لنا عن إِسْمَاعِيل بْن ظفر، سمعت منه مع الشيخ شمس الدين ابن أبي الفتح، وسمع منه: البِرْزاليّ وابن النّابلسيّ وجماعة.
وتُوُفيّ أواخر اليوم المنصف لشعبان بقريته، وكان قد عمل فِي الكرم بيده، ثُمَّ جاء وصلّى بالنّاس العشاء، ثُمَّ صلّى بهم مائة ركعة صلاة النّصف التي رُويَ فِيها حديث واهٍ، وأصبح ضعيفًا، وتوفي إلى رحمة الله بسهولة عن نيِّفٍ وسبعين سنة.(15/874)
521 - عَبْد الرَّحْمَن بْن سُلَيْمَان بْن طرخان، نفيس الدِّين، قيّم مشهد السّيّدة نفيسة. [المتوفى: 698 هـ]
روى عن العلم ابن الصّابونيّ وابن الْجُمّيْزيّ، قرأت عليه " الأربعين السِّلَفيّة "، ومات يوم عاشوراء بالمشهد.(15/875)
522 - عَبْد الملك بْن عليّ بن عبد الملك الكفربطناني القوّاس. [المتوفى: 698 هـ]
شيخ مطبوع، متفقّر، كان فِي شبابه يزمزم للفقراء، روى عن عبد العزيز الكفرطابي، سمع منه البِرْزاليّ، وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة.(15/875)
523 - عَلِيّ بْن رافع بْن عليّ، السُّلَميّ، المفعليّ، ثُمَّ الصّالحيّ. [المتوفى: 698 هـ]
سمع: ابن الزَّبِيديّ وجماعة، وحدَّث.
قال ابن الْخبّاز: مات فِي رجب سنة ثمان ببيروت.(15/875)
524 - عليّ بْن شعبان الفامي بجيرون تحت الدَّرج، المقرئ. [المتوفى: 698 هـ]
رَجُل خَيّر صالح صادق ملازم للصّلوات فِي جماعة، وفيه ورع وعقل، قرأ القراءات على الزّواويّ وتَفَقَّه، ثُمَّ لزِم المعيشة والفاميّة مدة، ثم [ص:876]
بطل وحجّ وجاور سنة أو أكثر، ثُمَّ قَدِمَ دمشق، ثُمَّ حَج، وتُوُفيّ فِي هذه السَّنَة كهلًا رحمه اللَّه، بمكة.(15/875)
525 - عليّ بْن عثمان بْن يُوسُف بْن عَبْد الوهّاب، الرئيس علاءُ الدِّين بْن العَدْل شَرَف الدِّين الدّمشقيّ، التّغلبيّ الكاتب، ابن السّائق. [المتوفى: 698 هـ]
شيخ جليل، بديع الخطّ، له فضل وأدب وشِعر، نسخ كُتُبًا كثيرة، روى عن الرشيد ابن مَسْلَمَة، وكان متخلّيًا مُنقطعًا عن النّاس، متديّنًا، حصل له صَمَم، فكان إذا حُدِّث يُكتب له فِي الأرض أو فِي الهواء فيعرف.
تُوُفّي فِي رمضان، وكان من أبناء السّبعين، وتقدَّم فِي عام اثنتين وثمانين أخوه نجم الدِّين مُحَمَّد.(15/876)
526 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن بقاء، الشَّيْخ الزَّاهد، العابد، المقرئ، البَرَكة، أبو الْحَسَن البغداديّ، ثُمَّ الصّالحيّ، الملقّن بجامع الصالحية. [المتوفى: 698 هـ]
ولد سنة ثلاث عشرة وستّمائة، ورأى الشَّيْخ الموفَّق، وسمع من ابن صباح والنّاصح وابن الزَّبِيديّ ومحمد بْن غسّان والجمال أبي حمزة وابن اللتي وكريمة وجماعة، وخرَّج له البِرْزاليّ مشيخة، وكان صالحًا، خيرًّا، كبير القدر، مُجْمَعًا على صلاحه وحُسن طريقه وتعفُّفه، روى عن ابن الخبّاز حديثًا في سنة اثنتين وستّمائة، وسمعنا منه، وتُوُفيّ إلى رضوان اللَّه فِي رابع شوّال.(15/876)
527 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن أبي عابد مُريَ بْن ماضي المَقْدِسيّ، ثُمَّ الصالحي، الفلاح بجواكير الصّالحيّة. [المتوفى: 698 هـ]
رَجُل جيّد أُمّي، حجّ وحدَّث عن جَعْفَر الهمْدانيّ.
تُوُفّي فِي ثامن عَشْر صَفَر، وكان من أبناء السّبعين.(15/876)
528 - العماد الرام، شيخ قاعة النشاب. [المتوفى: 698 هـ]
شيخ مطبوع، كان يذكر أنّه سمع من أبي الْحُسَيْن ابن الصابوني، يكبر [ص:877]
بالعزية التي بالكشك ويعلّم الرَّمْي، واسمه عَبْد السّلام بْن أبي عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام الدمشقي ابن المصلي.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.(15/876)
529 - عُمَر بْن عَبْد المنعم بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن غدير، الشَّيْخ المعمَّر، مُسْنِد الشَّام، ناصر الدِّين، أبو حفص الطّائيّ، الدّمشقيّ ابن القوّاس. [المتوفى: 698 هـ]
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّمائة، وسمع حضورًا فِي سنة تسع وستمائة من أبي القاسم ابن الحَرَسْتانيّ؛ وسنة عَشْر من أبي يَعْلَى حمزة بْن أبي لُقمة؛ وسنة بضعٍ وعشرين من أبي نصر ابن الشّيرازيّ وكريمة، وأجاز له سنة ثمانٍ وستّمائة: أبو اليُمن الكِنْديّ وابن الحَرَسْتانيّ وعبد الجليل بْن منْدوَيْه وداود بْن ملاعب ومحمد بْن عبد الله ابن البناء ومحمد بْن عليّ الجلاجليّ وأحمد بْن مُحَمَّد سيّدهم وهبة اللَّه بْن طاوس وتاج الأُمناء أحمد بن عساكر وأبو الفتوح ابن البكريّ، وخلْق كثير.
وحج فِي سنة ثمانٍ وعشرين وستّمائة، وكان ديّنًا خيّرًا، أبيض الرأس واللّحية، أبيض اللون بحُمرة، منوَّر الوجه، رقيق المحاسن، جميل الصّورة، حَسَن الأخلاق، دائم البِشْر، مُحِبًّا للحديث وأهله، مليح الإصغاء، صحيح الحواسّ، كثير التودد، له بستان بعربيل يقوم بكفايته.
وقد روى الكثير فِي أواخر عُمره، قرأت عليه كتاب " المبهج " فِي القراءات، وكتاب " السّبعة " لابن مجاهد، وكتاب " الكفاية " فِي القراءات الست عن الكندي، وخرجت له مشيخة صغيرة، وخرَّج له أبو عَمْرو المقاتليّ " مشيخة " بالسّماع والإجازة، وأكثرنا عَنْهُ، وسمع منه خلْق منهم: المِزّيّ وولده والبِرْزاليّ وابن سامة والشيخ عليّ المَوْصِليّ والنّابلسيّ سِبْط الزين خَالِد وأبو بَكْر الرحبيّ وأبو الفَرَج عَبْد الرَّحْمَن ابن الحارثيّ والشمس السّرّاج سِبْط ابن الحُلوانيّة ومحمد ابن البدر ابن القواس وشهاب الدين ابن عديسة ومحمد ابن الشَّيْخ مُحَمَّد الكنْجيّ وابن تيميّة وأخوه وصدر الدِّين ابن الوكيل وولده مُحَمَّد وشمس الدِّين محمد ابن اللّبّان والزّين عُمَر الغزّاويّ وبدر الدِّين ابن غانم ومحب الدين عبد الله ابن المحب وأخوه [ص:878]
مُحَمَّد وبهاء الدِّين يُوسُف بْن جُملة وابن المهندس وولده عَبْد اللَّه والأمين عَبْد اللَّه الرّهاويّ الكُرَيديّ وبرهان الدِّين إِبْرَاهِيم الزُّرَعيّ الحنبليّ وأبو بكر ابن الشَّيْخ مُحَمَّد بْن قوام وعماد الدِّين ابن الزملكاني وعمه علاء الدين، وعمر ابن شيخ السلامية وابن عمته أحمد بن علي الحصني ومحمد ابن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم البيانيّ وبنو شمس الدِّين ابن الفخر الأربعة ومحيي الدين المقريزي ومحمد بن عبد الغالب الماكسيني والصفي عبد الكريم ابن المخلّص وابن خالي إِسْمَاعِيل وخالته فَاطِمَة وبنتها ست المنى وفتاي كيكلدي.
تُوُفّي فِي ثاني ذي القعدة بدمشق بمنزله بدرب محرز، ودُفِن بسفح قاسيون رحمه اللَّه.(15/877)
530 - عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن أبي الفتوح، عماد الدين أبو هاشم ابن البُنْدار العبّاسيّ، الجوهريّ، البغداديّ. [المتوفى: 698 هـ]
سمع من ابن شقيرة وأبي مَنْصُور ابن الهنيّ، أخذ عَنْهُ ابن سامة وأبو العباس ابن الكازرونيّ.
وقال البِرْزاليّ: أجاز لنا سنة سبْعٍ وتسعين، ولد سنة عشرين وستمائة.(15/878)
531 - فصيح الدِّين الماردينيّ، الحَنَفِيّ، [المتوفى: 698 هـ]
مدرّس الشبليّة.
اشتغل بحلب وبالروم مدّة طويلة، ودرّس وأفتى، وولّي القضاء ببعض الرّوم، ثُمَّ قَدِمَ دمشق وقد شاخ، فبقي مديدة ودرس بالشبلية، وتوفي في سلْخ جُمَادَى الأولى، ودُفِن بالجبل، اسمه أَحْمَد.(15/878)
532 - فَاطِمَة بِنْت حُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الآمِديّ، المؤذّن، أمّ مُحَمَّد، [المتوفى: 698 هـ]
وأمّها خديجة بِنْت الزَّين أَحْمَد بْن عَبْد الدّائم، وهي زَوْجَة الزَّاهد الشَّيْخ عليّ الملقّن.
امْرَأَة صالحة عابدة، مُبتلاة بالزّمانّة،
روت " صحيح الْبُخَارِيّ " عن ابن الزَّبِيديّ، وروت عن الفخر الإربليّ وغيره. [ص:879]
توفيت في المحرم، سمعت منها.(15/878)
533 - قرارسلان، الأمير الكبير بهاء الدِّين المَنْصُورِيّ السيفيّ. [المتوفى: 698 هـ]
من المقدمين الكبار بدمشق، وكان مليح الصورة، تامّ الخلقة، سمينّا، شجاعًا، لمّا هرب قبجق إلى التَّتَار تكلَّم هُوَ فِي الأمور وأمر ونهى، وقد حجّ بالناس من قريب.
تُوُفّي فِي مُستهلّ جُمَادَى الأولى، ودُفِن بتُربةٍ له بمقابر باب توما.(15/879)
534 - كُرْجي، الأمير سيف الدِّين [المتوفى: 698 هـ]
الَّذِي قتل الملك المنصور حُسام الدِّين.
شجاع جريء، قويّ البطْش، ظالم النّفس، قتلوه يوم قتلوا طُغجيّ، وطيف برأسه فِي القاهرة فِي منتصف ربيع الآخر.(15/879)
535 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمود بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، الرئيس الفاضل زين الدِّين، أَبُو عَبْد اللَّه العُقَيْليّ، القلانِسيّ، الدّمشقيّ، الكاتب. [المتوفى: 698 هـ]
قرأ القرآن على السَّخاويّ، وعرض عليه " القصيد "، وسمع منه ومن عتيق السلمانيّ ومكي بْن علان، وكان شيخًا متميّزًا، متواضعًا، كاتبًا، متصرّفًا، فِيهِ دين وخير، وكان صديقًا لشيخنا الفاضليّ من الصِّغَر.
وُلِدَ فِي ذي الحجّة سنة أربعٍ وعشرين وستمائة، وكان إمام مسجد، سَمِعت منه " الشاطبيّة " بقراءة ابن غدير، وقرأ لنا عليه البِرْزاليّ أربعة أجزاء، وهو والد الشَّيْخ جلال الدِّين نزيل القاهرة، وابنه الآخر ناظر خزانة دمشق، يقال له: عزَّ الدِّين ابن القلانسيّ الصّغير.
تُوُفّي فِي تاسع جُمادي الأولى.(15/879)
536 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرحمن ابن الشَّيْخ أبي عُمَر المَقْدِسيّ، [المتوفى: 698 هـ]
خطيب الجبل سَعْد الدِّين ولدَ القاضي نجم الدِّين ابن الشَّيْخ.
شابّ ذكيّ، سريع الحِفظ، من أبناء العشرين، خطب مدّة، وتُوُفيّ فِي [ص:880]
ذي الحجّة، فولي الخطابة بعده أخوه.(15/879)
537 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر، الإِمَام، العَلامَة، حُجّة العرب، بهاء الدين أبو عبد الله ابن النّحّاس الحَلَبِيّ، النَّحْويّ، [المتوفى: 698 هـ]
شيخ العربيّة بالديار المصريّة.
ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبْعٍ وعشرين وستّمائة بحلب، وسمع من ابن اللَّتّيّ والموفّق يعيش النَّحْويّ وأبي القَاسِم بْن رواحة وأبي الحَجَّاج بْن خليل ووالده، وقرأ القرآن على أَبِي عَبْد اللَّه الفاسي، وأخذ العربيّة عن جمال الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَمْرون، ودخل الدّيار المصريّة لمّا خربت حلب، وقرأ القراءات على الكمال الضرير وأخذ عن بقايا شيوخها، ثُمَّ جلس للإفادة، وتخرَّج به أئمّة وفُضلاء فِي الأدب.
وكان من أذكياء بني آدم وله خبرة بالمنطق وإقليدس، وهو مشهور بالدين والصّدق والعدالة، مع اطّراح التكلُّف وترْك التَجمُّل وصِغر العمامة، وقد رَأَيْته يمشي باللّيل فِي قَصَبة القاهرة بقميص وعلى رأسه طاقية فقط، وكان حَسَن الأخلاق، مُحبَّبًا إلى تلامذته، فِيهِ ظُرْف النُّحاة وانبساطهم، وكان له صورة كبيرة، وكان بعض القُضاة إذا انفرد بشهادة حكّموه فيها وُثُوقًا بدينه، وكان يتحدّث فِي تعليمه وخطابه بلُغة عامّة الحلبيين، ولا يتقعّر فِي عبارته، وكان معروفًا بحلّ المشكلات والمعضِلات، واقتنى كُتُبًا نفيسة كثيرة، وأظنّه لم يتزوَّج قَطّ.
قال عَلَمُ الدِّين البِرْزاليّ: كان له أوراد من العبادة، وله تصدير بمصر والقاهرة.
قلت: قرأت عليه " جزء بيبي "، وتُوُفيّ فِي سابع جُمَادَى الأولى، وشيّعه الخلق إلى القرافة الصُّغرى، ودُفِن عند والدته، وصلّوا عليه بدمشق صلاة الغائب.
وقال الحافظ عَبْد الكريم فِي " تاريخه ": كان شيخ النُّحاة فِي وقته، وله مشاركة فِي العلوم، وكان كثير التّلاوة للقرآن، كثير الذِّكر والصّلاة، ثقة، [ص:881]
حُجّة، ديِّنًا، صالحًا، سريع الدّمعة، متودّدًا، يسعى فِي مصالح النّاس، صحِبتُه مدّة وعرضتُ عليه " ألْفِيَة ابن مالك "، وسمعت عليه " ديوان المتنبيّ " بسماعه من الشَّرف الإربليّ، عن الكِنْديّ.(15/880)
538 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الغني، أبو الفتح ابن المحدّث برهان الدِّين ابن النشو الْقُرَشِيّ. [المتوفى: 698 هـ]
سمّعه أَبُوهُ من عثمان ابن خطيب القرافة حضورًا، وسمع من إِبْرَاهِيم بْن خليل وجماعة، وكان من جملة الشهود، روى لنا حديثين، ومات فِي شوّال.(15/881)
539 - مُحَمَّد بْن سالم، القاضي مجاهد الدِّين الشّافعيّ الفقيه. [المتوفى: 698 هـ]
وُلّي قضاء بُصْرَى وقضاء أذرعات، ومات بدمشق فِي ثاني عَشْر جُمَادَى الأولى.(15/881)
540 - مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، العَلامَة، الزَّاهد، الورع، جمال الدِّين، أَبُو عَبْد اللَّه البلْخيّ الأصل، المَقْدِسيّ الحَنَفِيّ، المفسّر، المعروف بابن النّقيب، [المتوفى: 698 هـ]
أحد الأئمّة.
ولد سنة إحدى عشرة، ودخل القاهرة ودرّس بالعاشوريّة، ثُمَّ تركها وأقام بالجامع الأزهر مدّة، وكان صالحًا، زاهدًا، عابدًا، متواضعًا، عديم التكّلُّف، أنَّكَر على الشُّجاعيّ مرّة إنكارًا تامًّا بحيث هابه وطلب رضاه، وكان الكبار يتردّدون إلى زيارته ويطلبون دعاءه، وقد صرف همَّته أكثر دهره إلى التّفسير، وصنّف فِيهِ كتابًا حافلًا، جمع فِيهِ خمسين مصنّفًا، وذكر أسباب النّزول والقراءات والإعراب واللّغات والحقائق وعِلم الباطن على ما بلغني، ولم أره بعد، وقيل لي: إنّه فِي خمسين مجلّدة، وما أحسبه بيّضه، وكان الرجل موصوفًا بكثرة النَّقل وسعة الدّائرة.
سَمِعت منه من حديث علي بن حرب قال: أخبرنا يوسف ابن المخيلي، وسمع منه: البِرْزاليّ وابن سامة، ثُمَّ خرج بعدي من القاهرة، [ص:882]
وقدِم إلى القدس فتُوُفّي به فِي المُحَرَّم عن سبْعٍ وثمانين سنة.(15/881)
541 - مُحَمَّد بْن الشجاع بن حسان، شمس الدين الحريري، التّاجر بالخوّاصين. [المتوفى: 698 هـ]
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى عن نحو ثمانين سنة أو أكثر، وخلَّف ثروة وأملاكًا.(15/882)
542 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بن محمد، الرئيس شمس الدين (ابن) الأجلّ جمال الدِّين اليزديّ الكاتب. [المتوفى: 698 هـ]
تُوُفّي ببيروت، وحُمِل فِي تابوت فدُفن بقاسيون فِي ذي الحجّة.
لم يتكهّل، وكان يشهد على القُضاة، ويخدم فِي الجهات.(15/882)
543 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه، القاضي كمال الدِّين ولدَ قاضي حماة نجم الدِّين ابن البارزيّ، الحَمَويّ. [المتوفى: 698 هـ]
فقيه، إمام، مدرّس، متزهّد، وُلِدَ سنة إحدى وأربعين وستّمائة، وسمع حضورًا من جَدّه، ومن صفيّة الْقُرَشِيّة، وحدَّث.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(15/882)
544 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أبي بَكْر، البانياسيّ. [المتوفى: 698 هـ]
شابٌّ، ذكيّ، متيقّظ، قرأ القراءات وبرع فيها، وقرأ الفقه والعربيّة، وله شِعر جيّد وإفادات فِي القراءات، ومات صغيرًا لم يبلغ العشرين أو بلغها، لكنّه لم تطلع لحيته.
وسمع معي، وكان عاقلًا هادئ الطبقة، نزل فقيهًا بالظاهرية وغيرها، ومات فِي ربيع الْأَوَّل.(15/882)
545 - مُحَمَّد بْن عَليّ بْن عمر، التاجر تقي الدين ابن الكومذار البغداديّ. [المتوفى: 698 هـ]
سمع من ابن روزبة وابن القُبِّيطيّ، أخذ عَنْهُ الفَرَضيّ وابن سامة.
وكان ثقة مَهِيبًا، تُوُفّي فِي المُحَرَّم.(15/882)
546 - مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن أَحْمَد بْن حواري، الإِمَام شمس الدِّين ابن الخشّاب، [المتوفى: 698 هـ]
صهر القاضي حسام الدِّين الحَنَفِيّ، مدرّس مدرسة القصّاعين.
وقد درّس قبلها بالشّبليّة، تُوُفّي فِي سلْخ ربيع الأوّل.(15/883)
547 - مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد اللّطيف بْن مُحَمَّد بْن سيما، شمس الدِّين ابن فخر الدِّين السُّلَميّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 698 هـ]
روى عن والده، وأجاز له الفتح بْن عَبْد السّلام وجماعة ومحمود بْن مَنْده.
وتُوُفيّ في جمادى الآخرة، وكان ضعيفًا فِي الشهادة، عاش ستًا وسبعين سنة، وكان من شهود القيمة.(15/883)
548 - المبارز، واسمه عبد الله ابن الظهير ابن سنقر الحلبي، الفقير الحريريّ. [المتوفى: 698 هـ]
كان من أولاد الأمراء، وأنفق أموالًا كثيرة وتفقر، تُوُفّي فِي صَفَر بدمشق.(15/883)
549 - مجد الدين الْجَزَريّ، الفقيه، النَّحْويّ، الصُّوفيّ، واسمه عَبْد الرحيم بْن أبي بَكْر. [المتوفى: 698 هـ]
كان من كبار النُّحاة، وله حلقة إشغال وفيه عِشرة وانطباع، فابتُلي بحُبّ شابّ، وقويت عليه السّوداء، وفسدت مخيّلته، فأغلق عليه الخانقاه الشهابيّة، وطلع إلى السِّطح فألقى نفسه إلى الطّريق فمات، نسأل اللَّه العافية، وذلك في ثاني عشر رمضان يوم جمعة وقت الصلاة.(15/883)
550 - محمود بن محمد ابن القاضي شَرَف الدِّين أبي طَالِب عَبْد اللَّه ابن زين القضاة عبد الرحمن بن سلطان ابن القاضي زكيّ الدِّين يحيى بْن عليّ بْن عبد العزيز، العَدْل، شهاب الدِّين، الْقُرَشِيّ، الزَّكَويّ، الدمشقي، الشاهد، الصوفي بخانكاه خاتون. [المتوفى: 698 هـ]
وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وستّمائة، وروى لنا عن ابن اللَّتّيّ، وكان ساكنًا منقبضًا عن النّاس، من شهود تحت السّاعات.
تُوُفّي فِي السادس والعشرين من رجب.(15/883)
551 - محيي الدِّين ابن المَوْصِليّ، واسمه يحيى بْن عُمَر. [المتوفى: 698 هـ]
صدر كبير، متميّز، من أصحاب البغلات، وُلّي نظر صفد ونظر البَرّ ونظر الجامع، وسمع مع أولاده من ابن عبد الدائم، وهو عم المولى أمين الدين محفوظ.
تُوُفّي فِي منتصف شوّال.(15/884)
552 - محيي الدِّين محمد ابن عماد الدِّين مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ محيي الدِّين ابْن العربي، [المتوفى: 698 هـ]
مدرّس مقصورة الخضِر التي تُعرَف بحلقة ابن صاحب حمص، وزوج بِنْت القاضي بهاء الدِّين ابن الزّكيّ.
تُوُفّي بطرابُلُس، وكان ذهب إليها متفرّجًا فجاء خبره فِي ذي القعدة.(15/884)
553 - الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور محمد ابن المظفر محمود ابن المنصور محمد ابن تقيُّ الدِّين عُمَر بْن شاهنشاه بْن أيّوب، [المتوفى: 698 هـ]
صاحب حماة وابن ملوكها.
وُلّي سلطنة حماة بعد والده بعهدٍ من السّلطان الملك المنصور سيف الدِّين قلاوون، فبقي بها خمس عشرة سنة، وكان شابًّا مقارب السّيرة، محبَّبًا إلى الرّعيَّة، قليل الأذيّة، حَسَن الطّويّة.
تُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ذي القعدة، ودُفِن عند آبائه بحماة، فأعطيت حماة لقراسُنقُر المَنْصُورِيّ، ثُمَّ بعد السبعمائة تحوّل إلى نيابة حلب، وأعطيت حماة للعادل زين الدِّين كَتْبُغا، فلم تطُلْ مدّته، وتُوُفيّ، فناب بها قبجق المنصوري.(15/884)
554 - المغيثي، هُوَ الأمير جمال الدِّين أقوش نائب البيرة. [المتوفى: 698 هـ]
وُلّي البيرة من نحو أربعين سنة، وكان خبيرًا، عاقلًا، حازمًا، قد ضبط الثغر وعرف أحواله، توفي في أواخر السنة.(15/884)
555 - منكوتمر، الأمير سيف الدِّين الحساميّ، التُّركيّ، نائب السَّلْطَنَة. [المتوفى: 698 هـ]
قُتِل صبرًا فِي بُكرة الجمعة حادي عَشْر ربيع الآخر، وكان قد أسرف فِي [ص:885]
استئصال كبار الأمراء وجهل وغرّته السّلامة، فدُهي من حيث لم يحتسب.
وكان شابّا لم يتكهّل، وله مدرسة بالقاهرة، قتلوه بعد سلطانه.(15/884)
556 - مُوسَى بْن سَنْجَر، الأمير جمال الدين أبو محمد ابن الأمير الكبير، علم الدين الدواداري، الصالحي. [المتوفى: 698 هـ]
شاب عاقل مهيب شجاع، لا بأس بسيرته، روى عن ابن علاق والنّجيب عَبْد اللّطيف، ووُلِدَ بالقاهرة ونشأ بها، قرأ لنا عليه البِرْزاليّ جزءًا.
تُوُفّي فِي رابع عَشْر ذي الحجة، وفجع به أبوه.(15/885)
557 - النّظام ابن الحصيريّ، هُوَ القاضي أبو الْعَبَّاس ابْن العَلامَة جمال الدِّين محمود بْن أَحْمَد الْبُخَارِيّ، الحصيريّ، الحَنَفِيّ. [المتوفى: 698 هـ]
وُلّي تدريس النّوريّة مدّة وأفتى، وولي نيابة الحكم مدّة، وكان ذكيًّا فاضلًا، طلْق العبارة، من فُضلاء الحنفيّة.
تُوُفّي فِي ثامن المُحَرَّم، ودُفِن يَوْمَ الجمعة بمقابر الصوفية عند والده.(15/885)
558 - لاجين، السّلطان، الملك المنصور، حسام الدِّين المَنْصُورِيّ، السَّيفيّ. [المتوفى: 698 هـ]
أمّره أستاذه عندما تمّلك، ثُمَّ بعثه نائبّا على قلعة دمشق، فَلَمّا تسلطن بدمشق سُنْقُر الأشقر ودخل القلعة قبض عليه، فَلَمّا انكسر سُنْقُر أَخْرَجَهُ الأمير عَلَمُ الدِّين الحَلَبِيّ، ثُمَّ رتّبه فِي نيابة السَّلْطَنَة بمقتضى مرسوم سلطانيّ، ودخل فِي خدمته إلى دار السّعادة، وتقرّر فِي نيابة دمشق، فعملها إحدى عشرة سنة، ثُمَّ عزله الملك الأشرف بالشُّجاعيّ.
وكان جيّد السّيرة، مُحبَّبًا إلى الدمشقيّين، فِيهِ عقل زائد وسكون وشجاعة مشهورة وديانة وإسلام، وكان شابًّا لمّا وُلّي دمشق، أشقر، فِي لحيته طول يسير وخفّة، ووجهه رقيق مُعْرِق وعليه هيبة، وهو تامّ القامة أو دون ذَلِكَ، وفي قدّه رشاقة. [ص:886]
وقد جرت له فصول وأمور، وخُنِق بين يدي الملك الأشرف، ثُمَّ خُلّي فإذا فِيهِ روح، ثُمَّ ثابت إليه نفسه بعد الإياس فرق له السلطان وأطلقه، ثم أحسن إليه وردّه إلى رُتبته، وقد ذكرنا من أخباره فِي دولة الأشرف.
وقيل: إنّه إنّما قام على الأشرف وشارك في قتله لكونه تحرَّش بأهله بِنْت طقصو، فعزّ ذَلِكَ على لاجين، ولمّا قتل السّلطان هُوَ وبيدرا ساق عندما قتِل بَيْدَرا واختفى، وتنقّل فِي بيوتٍ، وقاسى جوعًا وخوفًا، ثُمَّ أجاره كَتْبُغا وأحسن إليه، ودخل به إلى السّلطان الملك الناصر وقرّر معه أن يُحسن إليه ويخلع عليه، ففعل ذَلِكَ السّلطان وحلُم عَنْهُ، وأعطاه خبزًا، فَلَمّا تملّك كَتْبُغا جعله نائب سلطنته وقدّمه على جيوشه، فجازاه بأنْ وثب عليه، وقتل غلاميه وعضُديه وفارسيه بتخاص والأزرق، ثُمَّ تغافل عنه لما له من الأيادي البليغة، فهرب كَتْبُغا على فرس النَّوبة فِي خمسة مماليك، والتجأ إلى دمشق، وزال مُلكه، واستاق لاجين الخزائن والعساكر بين يديه، وساق تحت العصائب، وما دخل غزّة إلا وهو سلطان، وأطاعته الأمراء، ولم يختلف عليه اثنان ولا انتطح فيها عنزان، وزُيّنت له الإقليمان، وتملّك فِي أول صَفَر، وجلس على سرير المُلك بمصر فِي يوم الجمعة عاشر صَفَر سنة ستٍّ وتسعين، وبعث على نيابة دمشق قبجق خُشداشه، وجعل نائبه للدّيار المصريّة قراسُنْقُر إلى أنّ تمكّن وقبض عليه فِي ذي القعدة، وأقام في نيابة الملك مملوكه منكودُمر، فشرع يُحسّن له القبض على الأمراء لِيصْفى الوقت له، وهو لا يكاد يخالفه، فأمسك البَيْسريّ وقراسُنْقُر المَنْصُورِيّ وعزّ الدِّين أيْبك الحَمَويّ، وسقى جماعة، وبسبب ذَلِكَ هرب قبجق وبكتمر وألبكي وبُزلار إلى التَّتَار.
ولم يخرج إلى الشَّام مدّة مُلكه، وبقي فِي الآخر يقلِّل من الركوب ويتخوف من الأمراء، ولمّا كان يوم الخميس عاشر ربيع الآخر ركب فِي موكبه وهو صائم، فَلَمّا كان بعد عشاء الآخرة قُتِل، عمل عليه جماعة من الأشرفيّة خوفًا منه وأخْذًا بثأر أستاذهم، فقرأت بخطّ ابن أبي الفتح، قال: نقلت من خطّ القاضي حُسام الدِّين الحَنَفِيّ: قُتِل السّلطان الشّهيد حُسام الدِّين أبو الفتح لاجين الملك المنصور في آخر الساعة الثالثة من ليلة الجمعة الثاني عشر من [ص:887]
جمادى الآخرة فِي قلعة القاهرة، قتله سبعة أنفُس على غِرّة منه، لأنّه كان مُنكَبًّا على اللّعب بالشطرنج، وما عنده إلا أَنَا وعبد اللَّه الأمير وبريد البدوي، وإمامه مجير الدين ابن العسال، ولما نظرت رأيت ستة سبعة سيوف تنزل عليه.
قلت: بلغني أنّ الَّذِي ضربه أوّلًا على كتِفه بالسَيف الأمير سيف الدِّين كُرْجي مقدَّم البُرجيّة، ثُمَّ أسرع كُرْجي وطُغجي فِي الحال إلى دار منكوتمر، فدقّوا عليه الباب وقالوا: السّلطان يطلبك، فنكرهم وخاف وقال: قتلتموه؟ قال كُرْجي: نعم يا مأبون، وجئنا نقتلك، فاستجار بطُغْجي، فأجاره وحلف له، فخرج فذهبوا به إلى الْجُبّ فأنزلوه، فقيل: إنَّ عز الدين الحموي والأعسر وغيرهما شتموه فِي الجبّ لأنَّه كان سبب حبْسهم، ثُمَّ مضى طُغْجي إلى داره، فاغتنم كُرْجي غيبته، وجاء فِي جماعةٍ، فأخرجوا منكوتمر بصورة أنّهم يقيّدونه، فذبحوه ونهبوا داره، واتّفقوا فِي الحال على أنّ يعيدوا إلى السَّلْطَنَة المولى الملك الناصر، وأن يكون سيف الدِّين طُغْجي نائبه، وحلفوا له على ذَلِكَ، ثُمَّ أصبحوا يحلّفون الأمراء، وأرسلوا سلار وهو يومئذٍ أمير صغير لإحضار الملك النّاصر من الكَرَك، ثُمَّ عمل طُغْجي نيابة السَّلْطَنَة من الغد، وركب فِي الموكب، ومَدّ السّماط كأنّهم ما عملوا شيئًا.
ووصل الأمير بدر الدِّين بكتاش الفخريِ أمير سلاح من غزوته من الشَّام، فبلغه الأمر ببلبيس، فانزعج لذلك وساق إليه جماعة أمراء وعرّفوه أنّ الذي جرى لم يكن بأمرهم، فاتّفقوا على قتل طُغْجي وكُرْجي، فقتلا يوم الثلاثاء الآتي، وذلك أنّ أمير سلاح لمّا دخل خرج لتلقّيه طغجي وسلم عليه، وتكارشا، ثُمَّ قال أمير سلاح: كان لنا عادة من السّلطان إذا قدِمْنا يتلقّانا، وما أعلم ذنبي، فقال: ما عرفتَ ما جرى؟ قُتِل السلطان، قال: من الذي قتله؟ فقال أمير: قتله كرجي وطغجي، فأظهر الإنكار وقال: كلما قام للإسلام ملك تقتلونه؟! تأخَّر عنّي، ثُمَّ ساق عَنْهُ فأحسّ طُغْجي بالأمر وخاف، وهمز فرسه وساق، فانقضّ عليه أميرٌ فمسكه بدَبُوقته وقتله هُوَ وأميرٌ آخر، وقُتِل مع طُغْجي ثلاثة، ثُمَّ ساق الموكب إلى تحت القلعة، وكان كُرجي بها يحفظها، [ص:888]
فأُعلم بما جرى، فألبس البُرجيّة السّلاح، وركب فِي أكثر من ألف فارس، فركبت الأمراء والحلقة، وأكثر الجيش فِي خدمة أمير سلاح، وبقوا إلى الرابعة، ثُمَّ حملوا على البُرجيَّة فهزموهم.
وقيل: إن كرجي حمل وساق معتقدًا أن أصحابه يحملون معه، فتخلّوا عَنْهُ، وجاء فارس فضربه حلّ كتِفه، وقتلوا معه نُغية الكرمونيّ السّلَحدار، وقُتل يومئذ جماعة وطلبوا السّلطان من الكَرَك، وبقي يعلّم على الكُتُب ثمانية أمراء: سلار والشاشنكير وبكتَمُر أمير جَنْدار وجمال الدِّين أقوش الأفرم، والحسام أستاذ دار وكُرْت وأَيْبَك الخَزْنَدَار والأمير عَبْد اللَّه، فعلّموا ثمان علائم على كُتُب بطيبة قلبٍ قبْجَق وبكتمر السّلَحْدار، بناءً منهم على أنَهم بحمص، ولم يعرفوا برواحهم إلى التَّتَار.
وقُتِل السّلطان حسام الدِّين وهو فيما أرى فِي عشْر الخمسين أو جاوزها بيسير.(15/885)
559 - ياقوت المستعصميّ، المجوّد، [المتوفى: 698 هـ]
صاحب الخطّ المنسوب.
روميّ الجنس، نشأ بدار الخلافة وأحبّ الكتابة والأدب، فَلَمّا أُخِذت بغداد سلِم، وحصّل خطوطًا منسوبة لابن البواب وغيره، كان يعرفها بخزانة كُتُب الخلفاء، فجوّد عليها، وعني بذلك عناية لا مزيد عليها، وقويت يده وركّبت أسلوبًا غريبًا فِي غاية القوّة، وصار إمامًا يُقتدى به، وكان رئيسًا وافر الحُرْمة ببغداد، كثير التّجمُّل والحشمة.
كتب عليه أولاد الأكابر، وكتب بخطّه الكثير، وله شِعر جيّد، وقد كتب على الزّكيّ عَبْد اللَّه بْن حبيب وصفيّ الدِّين عَبْد المؤمن صاحب الموسيقى، روى عَنْهُ أبو عَبْد اللَّه بْن سامة الحافظ وعَلَم الدِّين سَنْجَر الكاتب الياقوتيّ، فمنه:
صدقتم فِيّ الوُشاة وقد مضى ... فِي حبّكم عُمري وفي تكذيبها
وزعمتم أنّي مللتُ حديثكم ... مَن ذا يملّ من الحياة وطيبها
وله:
تُجدّد الشمسُ شوقي كلّما طلعتْ ... إلى مُحيّاكِ يا سمعي ويا بَصَري [ص:889]
وأسهر اللّيل ذا أنس بوحشته ... إذْ طِيب ذِكرك فِي ظلماته سَمَري
وكلّ يوم مضى لا أراك به ... فلستُ محتسِبًا ماضيه من عمري
ليلي نهارٌ إذا ما دُرتَ فِي خَلَدي ... لأنّ ذِكركَ نور القلب والبصرِ
تُوُفّي الشَّيْخ جمال الدِّين أبو الدُرّ ياقوت ببغداد فِي هذه السَّنَة.(15/888)
560 - يُوسُف بْن دَاوُد بْن عِيسَى بْن أبي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب، الشَّيْخ الملك الأوحد نجم الدِّين أبو المحاسن ابن السّلطان الملك الناصر صلاح الدِّين، [المتوفى: 698 هـ]
صاحب الكَرَك.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وعشرين وستّمائة بقلعة الكَرَك، وسمع من أبي المنجى بْن اللَّتّيّ وغيره، وكان شيخًا مهيبًا، جليلًا، رئيسًا، عاقلًا، من أُولي الفضل والدّيانة، وكان يحلق رأسه ويلبس بزيّ الرؤساء، روى عَنْهُ الدمياطيّ فِي " معجمه "، وسمع منه: البِرْزاليّ والمقاتليّ والطّلبة، وقرأت عليه " جزء أَبِي الجهم "، وكان فِيهِ إيثار وإحسان، أقام بدمشق وأقام بالقدس، وبه تُوُفّي فِي رابع ذي الحجّة، وشيّعه الخْلق، ودُفِن برباطه شماليّ مسجد بيت المقدس.(15/889)
561 - يُوسُف بْن عليّ بْن رسلان، الشَّيْخ أبو الفضل الواسطيّ المقرئ. [المتوفى: 698 هـ]
وُلِدَ فِي حدود العشرين وستّمائة ببغداد، ونشأ بواسط فقرأ بها القرآن على المرجى بْن شُقيرة وسمع منه، وعلى الشريف ابن الداعي وابن حلوبه، وهم من أصحاب أبي بكر ابن الباقلانيّ، وأقام عند الباذرائيّ يُقرئ ابنه وحاشيته، ثُمَّ قَدِمَ دمشق فِي صحابته وأقام بها، وكان إمام مسجد على باب الجابية.
سَمِعت منه بقراءة الشَّيْخ عليّ المَوْصِليّ، وتُوُفيّ فِي الحادي والعشرين من رمضان.(15/889)
562 - يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم، القاضي الإمام الصدر شهاب الدين ابن الصاحب محيي الدِّين ابْن النّحّاس الأسَدِيُ الحَلَبِيّ الحَنَفِيّ. [المتوفى: 698 هـ]
وُلِدَ بحلب ونشأ بها وتَفَقَّه، وخَلَف أَبَاهُ فِي تدريس الظّاهريّة والرَّيْحانيّة، وولي فِي أيّام والده نظر الخزانة، وولي بعد موت أَبِيهِ نظر الجامع، وكان فِيه خبرة وأمانة وعقل.
تُوُفّي ببستانه بالمِزّة فِي ثالث عَشْر ذي الحجّة، وهو فِي آخر الكهولة.(15/890)
563 - يونس بْن إِبْرَاهِيم بن سليمان، الإمام بدر الدين الصرخدي، الحنفي، [المتوفى: 698 هـ]
خطيب صَرْخد.
شيخ مُعَمَّر، فقيه، أديب، شاعر، أقام مدّة بمدرسة الكُشُك منقطعًا متقنّعًا باليسير، ثُمَّ طُلِب فِي أواخر عُمُره إلى خطابة صَرْخد، فسار إليها، وذكر أنّه سمع من أبي إسحاق الصَّرِيفينيّ، روى عَنْهُ ابن الخبّاز قطعة من شِعره يقول فيها:
ظَمِئتْ إلى سَلْسالِ حُسنكَ مُقْلةٌ ... رويت مَحَاجرها من العَبَراتِ
تشتاق روضًا من جمالك طالما ... سرحت به وجَنَتْ من الوَجنات
حجبوك عن عيني وما حجبوك عن ... قلبي ولا منعوك من خطراتي
تُوُفّي فِي هذه السَّنَة وله أربع وثمانون سنة.(15/890)
564 - أبو بَكْر، الشَّيْخ الكرديّ الزَّاهد [المتوفى: 698 هـ]
المقيم بدار الحديث الأشرفيّة.
رَجُل مَهيب، مليح الصّورة، مُزرَّع بالشّيب، كبير القدر، له حالٌ وكشف، وكان شيخ دار الحديث يتأدّب معه ويحترمه، رَأَيْته يسأل شيخنا برهان الدِّين عن مسألة بدار الحديث، وكان به آلام فِي جسده، ثُمَّ قوي به ذَلِكَ وانقطع وهو صابر محتسب.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم، وشيّعناه مع شيخنا ابن تيميّة إلى الجبل.(15/890)
565 - أبو المحاسن بْن أبي الحَرَم بْن أبي المحاسن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن المسلم، الشيخ المقرئ بدر الدين اللَّخْميّ ابْن الخِرقيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 698 هـ]
افتقر وصار يقرأ على الجنائز، وكان قد قرأ على السَّخاويّ وسمع منه ومن جَعْفَر الهمْدانيّ وكريمة وإبراهيم ابن الخشوعي وتاج الدين ابن حمّويه، وجماعة كثيرة بإفادة خاله جمال الدِّين ابن شُعَيب الذّهبيّ، سمع منه البِرْزاليّ والمقاتلي والنّابلسيّ وابن بصخان وجماعة، سَمِعت منه " شرح الرائيه " للسَّخاويّ وغير ذَلِكَ.
تُوُفّي فِي ثاني عشر ذي القعدة، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.(15/891)
566 - أبو يَعْقُوب المغربيّ، الصُّوفيّ العارف، [المتوفى: 698 هـ]
نزيل القدس.
له كلام فِي الحقيقة والعرفان، وله أصحاب، وكان يوصف بالصلاح ويُقصد بالزّيارة، تُوُفّي فِي المُحَرَّم.
قال أبو مُحَمَّد البِرْزاليّ: زرته مع شيخنا تاج الدِّين، رحمه اللَّه، ودعا لنا، وتكلَّم مع الشَّيْخ في أن الحقيقة ليست منافية للشريعة، وذكر قصّة مُوسَى والخضِر، وأنّ مُوسَى نظر إلى الظّاهر وخفي عليه الباطن، فَلَمّا عَلَمُ حصل الوفاق.
قلت: سَأَلت شيخنا ابن تيميّة عَنْهُ فقال: كان من الاتّحاديّة، حَدَّثَنِي من سمعه يقول هذا القول ويكرّره: الوجود واحد وهو اللَّه، ولا أرى الواحد، ولا أرى اللَّه.(15/891)
-وفيها وُلِدَ:
المحدّث عفيف الدِّين عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد ابن المطري المَدِينيّ وبدر الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نعمة النّابلسيّ وفخر الدِّين عثمان بْن أبي بَكْر الحَرَّانيّ ابن المغربل والصّلاح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سيف الحَرَّانيّ.(15/891)
-سنة تسع وتسعين وستمائة(15/892)
567 - أَحْمَد بْن زَيْدُ بْن أبي الفَضْل الصّالحيّ، الفقير المعروف بالجمّال، بتشديد الميم. [المتوفى: 699 هـ]
سمع " صحيح الْبُخَارِيّ " بفَوْت، أخذ عَنْهُ الجماعة، وتُوُفيّ يوم الجمعة ثاني عَشْر جُمَادَى الأولى بالجبل، سَمِعت منه ميعادًا من " الصحيح ".(15/892)
568 - أَحْمَد بْن زَيْدُ بن طريف، الفقيه، المحقق، جمال الدين العرماني، الشّافعيّ، [المتوفى: 699 هـ]
أحد أصحاب الشَّيْخ شَرَف الدِّين المَقْدِسيّ.
كان متعينًا للتدريس والفتوى، وعاش نيّفًا وأربعين سنة، وتُوُفيّ ببستان على ثورا في آخر السنة.(15/892)
569 - أحمد ابن الفقيه أبي الربيع سُلَيْمان بِن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَطَّاف، المقرئ الصالح أبو الْعَبَّاس المَقْدِسيّ، ثُمَّ الحَرَّانيّ، ثُمَّ الصّالحيّ. [المتوفى: 699 هـ]
سكن أَبُوهُ، وكان من كبار الحنابلة بحرّان، فوُلد له بها في سنة خمس عشرة وستّمائة، وسمع من والده ومن أبي المجد القزوينيّ وأبي الْحَسَن بْن روزبة، سمعنا منه " جزء ابن عَرَفَة " وشيئًا من " الْبُخَارِيّ "، وكان شيخًا صالحًا، حَسَن السَّمْت، مقيمًا نحو أربعين سنة بتُربة تقيُّ الدِّين عَبَّاس ابن العادل، وقد حدّث " بصحيح الْبُخَارِيّ "، ومات فِي أيام التتار بداخل دمشق، بعد أن أخذت بناته وأهله وسُلِب فيمن سُلِب، وهذه خاتمة خير.(15/892)
570 - أحمد ابن الوالي، الأمير علم الدين سَنْجَر الحَرَّانيّ. [المتوفى: 699 هـ]
تُوُفّي فِي رمضان.(15/892)
571 - أَحْمَد بْن شمخ بْن ثابت بْن عنان، خطيب داريّا زين الدِّين ابن خطيبها الفقيه أبي عليّ السّنبسيّ العُرضيّ ثُمَّ الدارانيّ. [المتوفى: 699 هـ]
وُلِدَ بداريّا فِي صَفَر سنة اثنتين وثلاثين، وسمع من أَبِيهِ، وعبد العزيز الكفرطابي، وحضر شعبان ابن الحمصي، ومحمود بن خضير، وابن زهير الدّارانيَّيْن، وكان له شُهرة ووجاهة، وحصل له تمحيص وشهادة، وقتله التَّتَار [ص:893]
يوم أخْذهم داريّا فِي ربيع الآخر، وقتلوا أكثر رجالها أو كثيرًا منهم، لكونهم امتنعوا بالجامع.(15/892)
572 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عِوَض بْن خَلَف بْن راجح، التّقيّ المَقْدِسيّ الصّالحيّ، [المتوفى: 699 هـ]
أخو القاضي عزَّ الدِّين عُمَر والشرف محمد ابن رُقيّة.
تُوُفّي فِي شعبان.(15/893)
573 - أَحْمَد ابْن القُدوة الزَّاهد عَبْد اللَّه بْن عبد العزيز بْن مَهَاد، الفقيه، الزَّاهد، المقرئ، شهاب الدِّين، أبو الْعَبَّاس اليُونينيّ، البَعْلَبَكيّ، الحَنَفِيّ. [المتوفى: 699 هـ]
وُلِدَ سنة عشرين وستّمائة، وسمع حضورًا من البهاء عَبْد الرَّحْمَن، وسمع من ابن الزُّبَيْديّ وابن اللّتّيّ وابن ظَفَر، وكان من فقهاء الظاهرية ويسكن بالجبل بخطّ المعظّمية، وفيه دين وتواضع وفقر، سمعنا منه، وتُوُفيّ فِي الحادي والعشرين من ربيع الآخر شهيدًا، عذّبه التَّتَار ورفسوه فمات رحمه اللَّه بالجبل.(15/893)
• - أَحْمَد بْن عَبْد الواحد، يأتي. [المتوفى: 699 هـ](15/893)
574 - أَحْمَد بْن عَبْد الوهّاب بْن خَلَف بْن محمود بْن بدر، القاضي الأوحد علاءُ الدِّين ابن قاضي القُضاة تاج الدِّين ابن القاضي الأعزّ أبي القَاسِم العلاميّ، المصريّ، الشافعيّ، ابن بِنْت الأعزّ. [المتوفى: 699 هـ]
وُلِدَ فِي العشْر الأوسط من شعبان سنة ثمانٍ وأربعين وستّمائة بالقاهرة، كان إمامًا، عالمًا، فاضلاً، رئيسًا، كبيرا، أديبًا، شاعرًا، ماهرًا، فقيهًا، عالمًا بالفقه والأصول، مُناظرًا، بحّاثًا، ذا ذهن ثاقب ودرس صائب، جمع بين الرياسة والوجاهة والفضيلة التّامة فِي أنواع العلوم، رحمه اللَّه، قَدِمَ دمشق وولّي تدريس الظّاهريّة والقَيْمُريَّة، وكان مليح الشكل، لطيف الشمائل، يتحنّك بطيلسانه ويركب البغلة، وكان أسود اللّحية، ثُمَّ عاد إلى الدّيار المصريّة وأقام بها مُدَيدة.
وتُوُفيّ في ربيع الآخر، وكان ظريفًا، بساما، فصيحًا، محتشمًا، ذا [ص:894]
مكارم، وله نظْم جيّد، ولم يرو شيئًا، وقد وُلّي حسبة القاهرة، ودرس بالقُطبيّة والهكارية، وهو أخو الأخَوين: قاضي القُضاة صدر الدِّين عمر وقاضي القضاة تقي الدِّين عَبْد الرَّحْمَن.(15/893)
575 - أَحْمَد بْن عثمان بْن مفرج، البعلبكي الحمّاميّ القيّم. [المتوفى: 699 هـ]
كان خَيّرًا، متواضعًا، خَدُومًا، وكُسِرت رجله وعرج فلزِم العبادة ومسجد الحنابلة، وكان يحضر معنا السّماع، ولم نسمع منه، وظهر له سماع من أبي القَاسِم بْن رواحة فِي سنة إحدى وعشرين وستّمائة، وسمع من ابن المُقَيَّر، وحدَّث، أخذ عَنْهُ البِرْزاليّ وابن النّابلسيّ، ومات فِي ثالث ربيع الآخر عن بضعٍ وثمانين سنة، وقد سافر إلى بغداد وغيرها ورأى النّاس.(15/894)
576 - أَحْمَد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن قيصر، البغداديّ، الحمّصانيّ، [المتوفى: 699 هـ]
سِبْط ابن البُليبل.
شيخ من أهل الصّالحيّة، روى عن ابن اللَّتّيّ وجعفر الهمْدانيّ، لم ألقْه.
مات فِي رجب.(15/894)
577 - أحمد بن عيد، الفقيه الصرخدي، [المتوفى: 699 هـ]
نقيب العذراوية.
توفي في شوال.(15/894)
578 - أَحْمَد بْن فرح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، الإِمَام، الحافظ، الزَّاهد، بقيّة السَّلَف، شهاب الدِّين، أبو الْعَبَّاس اللَّخْميّ، الإشبيليّ الشّافعيّ. [المتوفى: 699 هـ]
وُلِدَ فِي ثالث ربيع الأوّل سنة خمس وعشرين وستّمائة بإشبيلية، وأسر فِي أخذ الفرنج إشبيلية سنة ست وأربعين، وخلصه اللَّه، وقدِم الدّيار المصريّة سنة بضعٍ وخمسين، فتفقه بها عَلَى الشّيْخ عزّ الدّين ابن عَبْد السّلام قليلًا وسمع منه، ومن شيخ الشيوخ شَرَف الدِّين الأَنْصَارِيّ الحَمَويّ والمعين أَحْمَد ابن زين الدين وإسماعيل بن عزون والنجيب ابن الصَّيْقَل وابن علاق وطائفة، وبدمشق من شيخ الوقت ابن عَبْد الدّائم وعمر الكَرمانيّ وفِراس العسقّلانيّ وخلْق، وعُني بالحديث وأتقن ألفاظه ومعانيه وفقْهه، حَتَّى صار [ص:895]
من كبار الأئمّة، وذلك مُضافٌ إلى ما فِيهِ من الورع والصّدق والنُّسُك والدّيانة والسَّمْت الْحَسَن والتّعفّف وملازمة الاشتغال والإفادة، وكان فقيهًا بالشاميّة وبها يسكن، وله حلقة للإشغال بُكْرةً بجامع دمشق، عُرضت عليه مشيخة دار الحديث النّوريّة فامتنع.
وكان رجلًا مَهيبًا، مديد القامة، يعتمّ بكرّ وهو بزيّ الصُّوفيّة، سمعتُ عليه واستفدتُ منه، وله قصيدة مليحة غَزَليّة فِي صفات الحديث، سمعتها منه، أوّلها:
غرامي صحيح والرجاء فيك معضل ... وحزني ودمعي مرسل ومسلسل
وهي عشرون بيتًا سمعها منه شيخانا: الدّمياطي واليونيني سنة بضع وستين، وسمع منه البِرْزاليّ والمقاتليّ والنّابلسيّ وأبو مُحَمَّد بْن أبي الوليد وكان من ألزم الطَّلَبة له.
وكان مقيمًا بالشاميّة، ولم يسَلم بظاهر البلد مكان سواها، فَلَمّا اشتدّ به الإسهال دخل البلد للتّداوي، فأقام يومين وعبر إلى اللَّه تعالى بتُربة أمّ الصّالح فِي ليلة الأربعاء تاسع جُمَادَى الآخرة، وشيّعه الخلْق إلى مقابر الصُّوفيّة.(15/894)
579 - أَحْمَد بْن القَاسِم بْن جَعْفَر بْن دبوقا، شهاب الدِّين، [المتوفى: 699 هـ]
أخو الشَّيْخ المقرئ رضيّ الدِّين.
تُوُفّي فِي شعبان، ودُفِن بالصّالحيّة.(15/895)
580 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبَّاس بْن جَعْوان، الإِمَام المحقّق الزَّاهد شهاب الدِّين الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 699 هـ]
أخو الحافظ شمس الدِّين.
روى " جزء ابن عرفة " عن ابن عبد الدائم، وسمع مع أخيه كثيرًا، وأقبل على الفقه فبرع فِيهِ وأفتى، وانقطع وانقبض عن النّاس، رَأَيْته رجلًا أسمر، تامّ الشكل، مَهيبًا، متنسّكًا، متقشّفًا.
تُوُفّي ببيته فِي النّاصريّة بدمشق فِي الثاني والعشرين من شعبان، وكان من تلامذة النّواويّ رحمهما اللَّه، مات فِي الكهولة.(15/895)
581 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي الفتح مُحَمَّد بن أحمد، الشيخ أبو العباس ابن المجاهد المَقْدِسيّ، الصّالحيّ، الحدّاد. [المتوفى: 699 هـ][ص:896]
وُلِدَ فِي حدود العشرين وستّمائة أو قبلها، وسمع من أبي القَاسِم بْن صَصْرَى وابن الزُّبَيْديّ والإربلي والناصح ابن الحنبليّ وابن اللَّتّيّ وكتائب بْن مَهدي وابن جُزيّ الرقيّ، وأجاز له الشَّيْخ الموفَّق وابن أبي لُقْمة، سمعنا منه، ووُجد مقتولًا، رحمه الله، بالجبل في أواخر جمادى الأولى.(15/895)
582 - أَحْمَد بْن أبي بَكْر مُحَمَّد بْن حمزة بن منصور، الطبيب الفاضل نجم الدِّين أبو الْعَبَّاس الهمْذانيّ ثُمَّ الدّمشقيّ، المعروف بالحنبليّ، [المتوفى: 699 هـ]
طبيب مارستان الجبل.
وُلِدَ سنة خمس أو ست وعشرين ومات في رمضان بدُوَيرة حمْد، وولي مشارفة الجامع فِي هذه السنة بعد أخيه لأمّه الشمس الحنبليّ، وسمع من ابن الزَّبِيديّ وابن اللَّتّيّ والحصيريّ، قرأتُ عليه " ثلاثيات " البخاري.(15/896)