617 - مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم هِبَة اللَّه بْن عَلِيّ بن سعود بن ثابت، أبو عبد الله البوصيري ثمّ المِصْريّ. [المتوفى: 630 هـ]
سَمِعَ من أبيه. وذكر أنَّه سَمِعَ من السِّلَفيّ. روى عنه الزَّكيّ المُنذريّ، وغيره. ووُلِدَ سَنَة تسعٍ وخمسين، وتُوُفّي في ربيع الآخر.(13/941)
618 - مبارك بن أحمد بن وفاء، أبو المعالي البَغْداديُّ الدَّقَّاق، المعروف بابن الشيرجي. [المتوفى: 630 هـ]
روى عن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حمتيس. ومات في جُمَادَى الآخرة.(13/941)
619 - مبارك بن يحيى بن قاسم الحبال. [المتوفى: 630 هـ]
شيخٌ بغدادي يعرف بالدويك. حدَّث عن أبي الحسين عبد الحق. ومات في ربيع الآخر.(13/941)
620 - مسعودٌ الأثيري الشّافعيُّ الصُّوفيُّ، أبو العزّ. [المتوفى: 630 هـ]
سَمِعَ من التاج المسعودي. وذكر أنَّه سمع من السلفي. [ص:942]
روى عنه الزَّكيّ المُنذريّ وقال: هُوَ منسوب إلى الأثير الهَمَذَانيّ. وعاش خمسًا وثمانين سَنَة. تُوُفّي في رجب.(13/941)
621 - مظفر بن إسماعيل البَغْداديُّ، عرف بابن السوادي. [المتوفى: 630 هـ]
حدَّث عن أبي بكر عتيق بن صيلا. ومات في جُمَادَى الأولى.(13/942)
622 - المعافى بن إسماعيل بن الحُسَيْن بن أبي السّنان، الفقيه أبو محمد ابن الحدوس المَوْصِلي الشّافعيّ. [المتوفى: 630 هـ]
سَمِعَ من أبي الربيع سُلَيْمان بن خميس، ومسلم بن عليّ الشيحي. وولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
وألف كتاب " الموجز " في الذكر، وكتاب " أُنس المنقطعين ".
وكان فاضلًا، دينًا، عارفًا بالمذهب. دَرَّس، وأفتى، وناظر. وكان مليح الشكل والبزة.
روى عنه الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، والمجد بن العديم، والخضر بن عبدان الكاتب، وهو آخر من حدَّث عنه.
تُوُفّي في رمضان أو في شعبان بالمَوْصِل.(13/942)
623 - معافى بن أبي السعادات بن أبي محمد، القاضي سديد الدِّين أبو الفضل. [المتوفى: 630 هـ]
سَمِعَ من مُحَمَّد بن المؤيد الهَمَذَانيّ. وكان يورق بالقاهرة مُدَّة. ثمّ دخل اليمن وولي قضاء القضاة بها مُدَّة، ثمّ عاد إلى مصر، وشهد عند قاضي القضاة أبي المكارم مُحَمَّد بن عين الدَّولة.(13/942)
624 - موسى ابن الأمير الكبير شمس الخلافة مُحَمَّد ابن الأمير شمس الخلافة مختار، الأمير فخر الدِّين أبو مُحَمَّد المِصْريّ. [المتوفى: 630 هـ]
من بيت الإمرة والحشمة. ولي شد الدواوين بمصر مُدَّة. وعاش تسعًا [ص:943] وثمانين سَنَة. وتُوُفّي في الثاني والعشرين من جمادى الأولى.(13/942)
625 - نجا بن أنجب بن نجا الفراش. [المتوفى: 630 هـ]
شيخٌ بغداديٌّ. روى عنه ابن النّجّار، وقال: صحيح السماع، سَمِعَ الكثير من أحمد بن عليّ بن المعمر، ويحيى بن ثابت، وابن الخشاب. توفّي في صفر.(13/943)
626 - نصر بن أبي نصر مُحَمَّد بن المُظَفَّر بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفنون، الأديب جمال الدِّين أبو الفتوح المَوْصِليّ الأصل البَغْداديُّ النَّحْويّ اللغوي. [المتوفى: 630 هـ]
سَمِعَ من أبي الفَتْح بن البَطِّي. وذكر أنَّه قرأ الأدب على أبي محمد بن الخشاب، والمهذّب عليّ بْن العَصّار، والكمال عَبْد الرَّحْمَن الأنباريّ. وقَدِمَ مصر، وسَمِعَ بها من أبي المفاخر سَعيد المأموني، والبوصيري. وغيرهما. وتصدر بالجامع الأزهر بالقاهرة مُدَّة. ومدح جماعة من الملوك والوزراء. وأقرأ، وحدث.
وولد سنة خمسين وخمسمائة.
روى عنه الزكيّ المنذريّ، والعزّ بن الحاجب، وجماعة.
ولَهُ رسالة في " الضّاد والظّاء " بديعة.
تُوُفّي في مستهل المحرَّم بمصر.(13/943)
627 - النفيس بن خطاب بن محسن، أبو مُحَمَّد البَغْداديُّ الحَرِيميّ. [المتوفى: 630 هـ]
روى عن أبي المعالي بن اللحّاس " جزءًا ".
قال ابن النّجّار: سَمِعْتُ منه. وكان صالحًا معمرًا.
وروى لنا عَنْهُ بالإجازة القاضي تقيُّ الدِّين سُلَيْمان.
وتُوُفّي في ذي القِعْدَة، وقد قارب المائة.(13/943)
628 - همّام بن راجي الله بن سرايا بن ناصر بن داود، الفقيه العالم جلال الدِّين أبو العزائم المصريُّ الشّافعيُّ الأصوليّ، [المتوفى: 630 هـ]
إمامُ الجامع الصالحيّ الّذي بظاهر القاهرة وخطيبه هُوَ وأولاده.
وُلِدَ بونا من الصعيد في ذي القِعْدَة، أو ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة. وقَدِمَ القاهرة، وقرأ العربية على العَلَّامة ابن بَرِّيّ. وارتحل إلى العراق فسمع بها من أَبِي سَعْد عَبْد الواحد بن علي بن حمويه، وعبد المنعم بن كليب. وتَفَقَّه على الإمامين المُجير مُحَمَّود بن المبارك الواسطيّ، وأبي القاسم يحيى بن فضلان. وقرأ الأصول على أبي المنصور ظافر بن الحُسَيْن.
وصَنَّف، ودَرَّس، وأفتى، وقال الشعر الجيد، وأم بالجامع المذكور إلى حين وفاته. ولَهُ كتبٌ في الأصول، والخلاف، والمذهب.
روى عنه المحب ابن النّجّار، والزَّكيّ المُنذريّ، والرفيع الأبَرْقُوهيّ، وابنه أبو المعالي شيخُنا.
تُوُفّي بالشارع بظاهر القاهرة في السادس والعشرين من ربيع الأوّل.
وهُمام: بالضم.(13/944)
629 - الهيثم بن أحمد بن جعفر بن أبي غالب، أبو المتوكل السكونيّ الإِشْبِيليّ الشَّاعر. [المتوفى: 630 هـ]
ذكره الأبّار، فقال: هُوَ أحد فحول الشعراء المجودين بديهةً ورويةً. وكان عالمًا بالآداب وضروبها، أخباريًا، عَلَّامة. سَمِعْتُ منه كثيرًا من شعره، وفقد في طريق غرناطة، ولَهُ بضعٌ وستون سنة.(13/944)
630 - يحيى بن جعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ، القاضي الأجلُّ ظُهَيْر الدِّين أبو جعفر بن أبي منصور، ابن الدامغاني، البَغْداديُّ الحنفي الصُّوفيّ. [المتوفى: 630 هـ]
وُلِدَ سَنَة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من أبيه، وعمّته تركناز، وقَدِمَ حلب وسكنها مُدَّة. وكان شيخًا حسنًا.
روى عنه أبو القاسم بن العديم، وابنه أبو المجد، وعمر بن محمد ابن [ص:945] الأستاذ، وأحمد بن عبد الله ابن الأشتريّ، وسنقرٌ القضائي.
ومات بحلب في ربيع الآخر.(13/944)
631 - يحيى بن شَبِيب، أبو زَكَريّا [المتوفى: 630 هـ]
قاضي الملوحة، والملوحة: من نقرة بني أسد.
حَدَّثَ عَنْ: يحيى الثَّقَفيّ.
ومات في صفر.
وَعَنْهُ: مجد الدِّين العديمي.(13/945)
632 - يحيى بْن عبد اللَّه بْن عَبْد المُحسن، أَبُو زَكَريّا، [المتوفى: 630 هـ]
أخو الحافظ أبي الطاهر إسماعيل بن الأنماطي.
تُوُفّي في المحرَّم بمصر.
حدَّث عن البوصيري.(13/945)
633 - يونس بْن سَعيد بْن مسافر بْن جميل، أَبُو مُحَمَّد البَغْداديُّ المقرئ القطّان الحلّاج. [المتوفى: 630 هـ]
وُلِدَ في أوّل سَنَة اثنتين وستّين. وسَمِعَ من شُهْدَةَ، وعبد الحق، وأبي هاشم الدوشابيّ، وابن شاتيل، وتجني الوهبانية.
قال ابن نقطة: سمع منه وسماعُه صحيح. وكان حسن التلاوة للقرآن.
وقال عمر ابن الحاجب: كَانَ إمام مسجد البصلية. وهُوَ عالم، زاهد، خيّر.
قلت: روى عنه التّقيّ بن الواسطيّ، والعماد إسماعيل ابن الطبال، وجماعة. وسمعنا بإجازته من القاضي الحَنْبَليّ، وفاطمة بنت سليمان، وإسماعيل ابن عساكر.
وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ذي القِعْدَة.
وهُوَ أخو يوسُف. [ص:946]
وقد ختم عليه خلْق كثير.
وسَمِعَ منه الفاروثي كتاب " الشمس المنيرة في التسعة الشهيرة " بسماعه من عوض بن إبراهيم البَرَدانيّ، والمبارك بن عبد الله البَغْداديّ، بسماعهما من المؤلف.(13/945)
-وفيها وُلِدَ:
الخطيبُ شرف الدِّين أحمد بن إبراهيم الفزاري النَّحْويّ في رمضان، وفخر الدِّين علي بن عَبْد الرَّحْمَن النابلسي الحَنْبَليّ، والزاهدُ فخر الدّين إسماعيل ابن عز القضاة عليّ بن محمد، ووجيه الدِّين مُحَمَّد بن عُثمان بن المنجي، والمُحدِّث فخر الدِّين عُثمان بن مُحَمَّد التوزري، وشمس الدِّين محمد بن عبد القويّ النّحويّ، والمحيي محمد بن يوسف ابن المِصْريّ النَّحْويّ، والمحيي أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عُقْبَة الحنفي، والجمال مُحَمَّد بن مكرم المِصْريّ الموقع، والضياء عبد الرحمن بن عبد الكافي الرّبعيّ، كاتب الحُكم، والنبيه حسن بن حُسَيْن الأنصاريّ المِصْريّ، والشهاب أحمد بن الجمال ابن الصّابونيّ، والشرف عبد الأحد ابن تيميّة، وفاطمة بنت شهاب الدّين أبي شامة، والقطب حسن ابن الفلك المسيري، والشيخ عليّ بن إلياس الغرادي، ورئيس المؤذنين الشهاب أحمد بن مُحَمَّد الأصبهاني، والحاجُ مُحَمَّد بن أيّوب الكتبي ابن الأطروش، والإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الحق الدلاصيّ المقرئ، وقاضي نابلس فخر الدِّين عثمانُ بن أحمد بن عَمْرو الزرعي، وست الأجناس موفقية بنت أحمد بن وردان.(13/946)
-ذكر من تُوفي بعد العشرين وستمائة.(13/947)
634 - صَدَقَة السامري الطبيب، [الوفاة: 621 - 630 هـ]
أحد الكبار في الطب والفلسفة.
دَرَّس صناعة الطب. وخدم الملك الأشرف، وبقي معه سنين عديدة بالشرق. وكان الأشرفُ يكرمه، ويبالغ.
ومات بحران سَنَة نيّفٍ وعشرين. وخَلَف أموالًا، ولم يُخلف ولدًا.
ومن كلامه، لا رحمه الله، وأجاد: كلّ الطاعات ترى إلّا الصوم لا يراه إلّا الله، وهُوَ ثلاثٍ درجات: صوم العموم وهُوَ كفُّ البطن والفرج عن الشهوات، وصوم الخصوص: وهو كف السمع والبصر والجوارح عن الآثام، وصوم خصوص الخصوص: وهو صوم القلب عن الهمم الدنية، والأفكار الدنياوية، وكفه عما سوى الله تعالى.
قال ابن أبي أصيبعة: له من الكتب " شرح التّوراة "، و " كتاب النفس "، " تعاليق في الطب "، " مقالة في التوحيد "، " كتاب الاعتقاد ".(13/947)
635 - مُحَمَّد بن عُمَر بن يوسُف بن مُحَمَّد بن بيروز - كذا هذه الكلمة في " تاريخي " ابن الدُّبَيْثيّ وابن النّجّار - الفقيه أبو بكر ابن الشيخ أبي حفص، البَغْداديُّ الشّافعيّ المقرئ الخيَّاط، [الوفاة: 621 - 630 هـ]
سبط المُحدِّث محمود بن نصر الشعار. [ص:948]
سمع حضورًا من صالح ابن الرخلة، ومن جدّه محمود. وسَمِعَ من شُهْدَةَ، وعبد الحق، وجماعة.
ووُلِدَ سَنَة ستٍّ وستّين تقريبًا.
روى عنه ابن النّجّار؛ لقيه بحماة، وقال: كان هناك مدرسًا وخطيبًا بقلعتها، وهُوَ صدوقٌ متديّن. ذكر لي أنَّه تَفَقَّه على أبي طالب غلام ابن الخلّ وحفظ عنه " تعليقته "، وقرأ عليه " المهذّب " و " تعليقة " الشريف. ثمّ تَفَقَّه على عليّ بن عليّ الفارقيّ شيخنا. وخرج من بغداد سَنَة اثنتين وتسعين وخمسمائة فوصل إلى حمص، ثمّ عاد إلى المعرّة فأقام بها عشرين سَنَة يدرس، ثمّ تحوّل إلى حماة ودَرَّس بها.
وقال أبو محمد البِرْزَاليّ: هُوَ ابن هرور. براءَيْن.(13/947)
636 - محمد، الشيخ جمال الدين الساوجي الزاهد، [الوفاة: 621 - 630 هـ]
شيخ الطائفة القلندرية.
قَدِمَ دمشق، وقرأ القرآن والعِلْم، وسكن بجبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرُّوميّ، وصلى بالشيخ عثمان مُدَّة. ثمّ حصل لَهُ زهدٌ وفراغٌ عن الدُّنيا. فترك الزاوية وانملس وأقام بمقبرة باب الصغير بقرب موضع القبة التي بنيت لأصحابه، وبقي مديدة في قبة زينب بنت زين العابدين، فاجتمع فيها بالجلال الدركزينيّ، والشيخ عثمان كوهي الفارسي الّذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية، [ص:949] ثمّ إنّ السّاوجَيّ حلق وجهه ورأسه، فانطلى على أولئك حالُه الشيطاني فوافقوه وحلقوا. ثمّ فتش أصحاب الشيخ عثمان الرُّوميّ على الساوجي فوجدوه بالقبة فسبوه وقبحوا فعله، فلم ينطق، ولا رد عليهم. ثمّ اشتهر وتبعه جماعةٌ، وحلقوا، وذلك في حدود العشرين وستّمائة، فيما أظن. ثمّ لبس دلق شَعر وسافر إلى دمياط، فأنكروا حاله وزيه المنافي للشرع فريق بينهم ساعةً، ثمّ رفع رأسه، وإذا هُوَ بشيبة - فيما قيل - كبيرة بيضاء. فاعتقدوا فيه، وضلوا به حَتّى قيل: إن قاضي دمياط وأولاده وجماعة حلقوا لحاهم وصحبوه، والله أعلم بصحة ذلك.
وتُوُفّي بدمياط، وقبره بها مشهور، ولَهُ هناك أتباع.
وذكر الأجل شمس الدِّين الجزري في " تاريخه ": أنَّه رأى كراريس من " تفسير " القرآن العظيم للشيخ جمال الدِّين الساوجي وبخطه.
وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصغير جلال الدِّين الدركزينيّ وبعده الشيخ محمد البَلْخيّ وهُوَ - أعني البَلْخيّ - من مشاهير القوم، وهُوَ الّذي شرع لَهُم الجولق الثقيل، وأقام الزاوية، وأنشأها، وكثر أصحابه. وكان للملك الظاهر فيه اعتقادٌ، فلمّا تسلطن طلبه، فلم يمض إليه. فبنى لهم السُّلطان هذه القبة من مال الجامع. وكان إذا قَدِمَ يعطيهم ألف درهم وشقتين من البسط ورتب لهم ثلاثين غرارة قمحٍ في السنة وعشرة دراهم في اليوم. وكان السويداوي منهم يحضر سماط السُّلطان الملك الظاهر ويمازح السُّلطان. ولَمّا أنكروا في دولة الأشرف موسى على عليّ الحريري أنكروا على القلندرية - وتفسيرها بالعربي المحلقين - ونفوهم إلى قصر الْجُنَيْد.
وذكر ابن إسرائيل الشَّاعر أنّ هذه الطائفة ظهرت بدمشق سَنَة نيف عشرة وستّمائة. ثمّ أخذ يحسن حالهم الملعون، وطريقتهم الخارجة عن الدِّين. فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.(13/948)
637 - يحيى بن أبي طي النّجّار بن ظافر بن علي بن عبد الله بن أبي الحَسَن ابن الأمير مُحَمَّد بن حسن الغساني الحلبي الشيعي الرافضي. [الوفاة: 621 - 630 هـ]
مُصَنَّف " تاريخ الشيعة " وهُوَ مسودّةٌ في عدّة مجلّدات، نقلت منه كثيرًا. [ص:950]
ومات في آخر الكهولة.
فينظر في " التاريخ " العديميّ إن كان له ذكر.(13/949)
تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام
لمؤرخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
المتوفى 748 هـ - 1374 م
المجلد الرابع عشر
631 - 660 هـ
حَقّقه، وَضَبَطَ نَصَّه، وَعلَّق عَلَيْه
الدكتور بشار عوّاد معروف
دار الغرب الإسلامي(14/1)
-الطبقة الرابعة والستون 631 - 640 هـ(14/5)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(14/7)
-سنة إحدى وثلاثين وستمائة
فيها جاء الكاملُ، واجتمع بإخوته وبصاحب حِمْص الملك المجاهد شيركوه، وساروا ليدخلوا الروم من عند النَّهرِ الأزرق، فوجدوا عساكر الرُّوم قد حفظوا الدربند ووقفوا على رؤوس الجبال، وسدُّوا الطُّرق بالحِجارة. وكان الأشرفُ ضيِّق الصَّدر من جهة الكامل؛ لأنّه طلب منه الرَّقّة، فقال الكاملُ: ما يكفيه كُرسي بني أميّة؟ فاجتمع شيركوه بالأشرف، وقال: إن حَكَمَ الكاملُ عَلَى الرُّوم أخذ جميع ما بأيدينا، فوقع التّقاعد منهما.
فلمّا رَأَى الكاملُ ذَلِكَ عَبَر الفرات ونزلَ السُّويداء، وجاءهُ صاحبُ خَرْتَ بِرْت الأرتقيّ، فقال: عندنا طريق سهلة تدخل منها، فجهز الكامل بين يديه ابنه الملك الصّالح، وابن أخيه الملكَ النّاصر دَاوُد، وصوابًا الخادم، فلم يرُعْهم إلّا وعلاء الدّين صاحبُ الروم بالعساكر، وكانَ صوابٌ فِي خمسة آلاف، فاقتتلوا، وأُسِرَ صوابٌ وطائفةٌ، منهم الملكٌ المظفّر صاحبُ حماة، وقُتِلَ طائفة، وهربَ الباقون.
فتقهقر الكامل ودخل آمد، ثم أطلق علاء الدين صوابا، والمظفر والأمراء، مكرمين.
وأعطى الكامل إذ ذاك ولده الصالح حصن كيفا، واستناب صوابا بآمد، ورجع إلى الشام خائبا.
وفيها تَسَمَّى لؤلؤٌ صاحبُ المَوْصِل بالسَّلْطنة، وضربَ السكّة باسمه؛ قاله أَبُو الْحَسَن عَلَى بْن أنجب ابن الساعي. [ص:8]
قَالَ: وفيها تكاملَ بناءُ المدرسة المستنصريّة ببغداد، ونُقِلَ إليها الكتبُ وهي مائة وستون حِمْلًا، وعدّة فقهائها مائتان وثمانية وأربعون فقيهًا من المذاهب الأربعة، وأربعةٌ مدرّسون، وشيخُ حديث، وشيخ نحوٍ، وشيخُ طبّ، وشيخُ فرائض.
فرُتِّب شيخُ الحديث أبو الحسن ابن القطيعي.
ورتب فِيهَا الخبزُ والطَبيخُ والحلاوةُ والفاكهةُ.
فأنبأني محفوظ ابن البُزُوريّ، قَالَ: تكاملّ بناءُ المستنصرية وجاءت فِي غاية الحُسن ونهايته، وخُلِعَ عَلَى أستاذ الدّار العزيزة متوليّ عمارتها؛ وعلى أخيه عَلَم الدّين أبي جعفر ابن العَلْقَمِيّ، وعلى حاجبه، وعلى المِعْمار، وعلى مُقَدَّم الصُّنّاع.
ونُقِلَ إلى خزانَة الكتب كثيرٌ من الكتب النّفيسة، فبلَغَني أنّه حُمِلَ إليهَا ما نقله مائة وستون حمّالًا سوى ما نُقل إليها فيما بعدُ، وأُوقفت، وجُعل الشيخُ عَبْد العزيز شيخ الصُّوفيّة برباط الحريم وخازن كُتُب دار الخلافة، هُوَ وولده ضياء الدين أَحْمَد ينظرانِ فِي ترتيبها، فرتَّبا الكتبَ أحسنَ ترتيب.
وفي بعض الأيّام اتّفق حضورُ أمير المؤمنين عندهما لينظر، فسلَّم عَلَيْهِ عَبْد العزيز وتلا قوله تعالي: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جناتٍ تَجْرِي مِنْ تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} فخشع المستنصرُ بالله أمير المؤمنين، وردَّ عَلَيْهِ السَّلام، وكلَّمه، وجَبَرَ قلبهُ.
وشُرِطَ لكلّ مدرسٍ أربعةُ معيدين، واثنان وستون فقيهًا، وأن يكون بالدّار المتصلة بالمدرسة ثلاثون يتيما يتلقنون.
قلتُ: رَأَيْت نُسخة كتاب وَقفَها فِي خمسة كراريس، والوَقف عليها عدّة رباع وحوانيتُ ببغداد، وعدة قرى كبار وصغار ما قيمته تسعمائة ألف دينار فيما يُخال إلي، ولا أعلمُ وقْفًا فِي الدُّنيا يقاربُ وقفها أصلًا سوى أوقاف جامع [ص:9] دمشق؛ وقد يكون وقفُها أوسع.
فمِنْ وقفها بمعاملة دُجَيل: قصُر سُمَيْكة، وهي ثلاثة آلاف وسبعمائة جريب، والْجَمَد وضياعه كلّها، ومساحتُه ستّة آلاف وأربعمائة جريب، والأجَمة كلّها، وهي خمسة آلاف جريب وخمسون، ومن نهر المَلِك بَرَفْطا كلّها، وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وناحية البدو، وهي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعون جريبًا، وقوسنيثا، وهي ثلاثة آلاف جريب ونيف، وقريةُ يزيد كلّها، وهي أربعة آلاف جريب ومائة وثمانون جريبًا، ومن ذَلِكَ ناحيةُ طَبسنى، ومساحتُها ثمانية آلاف ومائة جريب، ومن ذَلِكَ سُستا، وهي ثلاثة آلاف جريبٍ وزيادة، وناحيةُ الأرحاء، وهى أربعةُ آلاف جريب، ومن ذَلِكَ ناحيةُ البِسطاميّة، وهي أربعةُ آلاف جريب، والفراشة، ألفُ جريب، وقرية حد النّهرين، وهي ألفُ جريب ومائتا جريب، والخطابيّة، وهي أربعةُ آلافٍ وثمانمائة جريب، وناحية بزندي، وهي ستة آلاف وخمسمائة جريب، ومن ذَلِكَ الشدّاديّة ومبلغُها عشرون [ص:10] ألفَ جريب ومائتان وخمسون جريبًا، وحصنُ بقية، وهو أربعة آلاف جريب وثمانمائة [جريب]، ومن ذَلِكَ فرهاطيا، ستّة آلاف جريب، ومن ذَلِكَ حصن خُراسان، وهي خمسة آلاف جَريب وتسعمائة جريب، وما أضيف إلى ذلك، وهو سبعة آلاف جَريب ومائتا جَريب.
ومن أعمال نهر عيسى قريةُ الجديدة، وهي ألفا جَريب وستّمائة جريب، والقطنية، وهي ستة آلاف وأربعمائة جريب، وقرية المنسل، وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وميثا، وهي ألفان وخمسمائة جريب، وقرية الدينارية، وهي أربعة آلافٍ وستمائة جريب، والنّاصريَّة كلّها، وهي تسعة عشر ألف جريب.
فالمرتزقةُ من أوقاف هذه المدرسة عَلَى ما بلغني نحوٌ من خمسمائة نفس؛ المدرّسون فمَنْ دونَهم، وبلغني أنَّ تِبْنَ الوقف يكفي الجماعة ويبقى مُغلُّ هذه القرى مَعَ كَرْي الرِّباع فضلةً، فكذا فليَكُن البِرُّ وإلا فلا.
وحدَّثني الثّقة أنّ ارتفاع وقفِها بلغَ فِي بعضِ السّنين وجاء نيِّفًا وسبعين ألفَ مثقالِ ذهبٍ.
وفي خامس رجب يومَ الخميس فُتِحت، وحضر سائر الدّولَة والقُضاةُ والمدرّسون والأعيان وكان يوما مشهودا.
وفيها سارَ ركبُ العراق، فبلَغَهم أنِّ العرب قد طمُّوا المياه، وعزموا عَلَى [ص:11] أخذِ الرَّكْبِ، فردَّ بالنّاس قيران الظّاهري أميرهم ووصلَ أوائلُهم فِي ذي الحجَّة إلى بغداد، وماتَتِ الْجِمالُ والنّاسُ، وكانت سنةً عجيبةً، وكانَ معهم تابوتُ مظفّر الدّين صاحب إرْبل ليُدْفَنَ بمكّة، فعادوا بِهِ ودفنوه بمشهدِ علي رضي الله عنه.
وفيها أقيمت بمسجد جراح الجمعة بالشاغور.
وفيها أمر وزيرُ دمشق، وابن جرير أن يُعلَّق ببابِ الجامع حبلٌ، فمن دخلَ من أصحابِ الحريريِّ، عُلِّق فِيهِ.(14/7)
-سنة اثنتين وثلاثين وستمائة
فيها شَرَعَ الملكُ الأشرفُ فِي بناءِ جامع العُقَيْبَة، وكان قبل ذَلِكَ خانًا يقال لَهُ: خان الزّنْجاريّ، فِيهِ الخمورُ والخواطئ، فأنفقَ عَلَيْهِ أموالا كثيرة.
وفيها فِي صفر وَصَلَ إلى الدّيوان العزيز رسولٌ من الأميرِ عمَر بْن رسول أنّه استولى عَلَى بلادِ اليَمَنِ، وأرسلَ تقادم وتُحفًا.
وفيها ختم القرآن عبد الله ابن المستنصر بالله، وهو المستعصمُ الّذِي قتلته التّتار، ختم على مؤدبه أبي المظفر علي ابن النَّيَّار، فعُمِلت دعوةٌ هائلة غرمَ عليها عشرة آلاف دينار، وأعطى ابن النّيّار شيئًا كثيرًا، من ذلك: ألف دينار، وخلعٌ عديدة.
وفيها جلس الوزير نصير الدين ابن النّاقد، واستحضرَ الوُلاة والتّجار والصّيارف، ثمّ فُرشت الأنطاع، وأُفرغَ عليها الدّراهم التي ضُرِبت بأمر المستنصر بالله، فقامَ الوزيرُ والدّولة خدِمةً لرؤيتها، ثمّ قَالَ: قد رسمَ مولانا أميرُ المؤمنين بمعاملتكم بهذه الدّراهم عِوَضًا عن قُراضة الذِّهَب، رِفْقًا بكم، وإنقاذًا لكم من التعّامل بالحرام من الصَّرفِ الرِّبويّ فأعلنوا بالدّعاءِ والطّاعَة.
ثمّ سُعِّرت كلُّ عشرة بدينارٍ إماميّ، وأُديرت بالعراق، فقال الموفّقُ أَبُو المعالي القاسم بْن أَبِي الحديد:
لا عَدِمْنا جَميلَ رأيكَ فينا ... أنْتَ باعدتنا عن التطفيف
ورسمت اللجين حتى ألفنا ... هـ وما كانَ قبلُ بالمألوف [ص:12]
ليس للجمع كان منعك للصر ... ف، ولكن للعدل والتعريف
وفي ربيع الأوّل كانت وقعة أهلِ سَبْتَة مَعَ الفِرنج، وذلك أنّ متولّيها اليَنَشْتيّ كَانَ قد بالغ فِي تألُفهم، فكانوا يأتون بالتّجارات، فكثروا إلى الغاية بسَبْتَة بحيث إنّهم صاروا بها أكثر من أهلها، فطمعت الفِرنجُ وراموا تملُّكَ البلدِ، وأعملوا الحيلة.
وكان لأبي الْعَبَّاس اليَنَشْتيّ ابنان؛ أحدهما قائدُ البحر، والآخر قائدُ البرّ.
فخرج قائدُ البرّ نوبةً بجيشه لأخذِ الخراج من القبائل، فعزَمَ الملاعينُ عَلَى أمرهم، ولَبِسُوا أسلحتهم وخرجوا، فطلبوا من سقاءٍ ماءً، فأبى، فقتلوه وشَرَعوا فِي القتال.
وثارَ المسلمون إليهم، والتحم الحربُ، فقتلوا من أهلِ الرَّبَضِ خَلْقًا، وسدَّ أَهْل البلد البابَ فِي وُجوهِهم ورمَوْهم بالنُّشَّابِ من المرامي، وأسرعَ الصَّريخ إلى قائد البرِّ؛ فكرَّ بالجيشِ رَكْضًا، والإفرنجُ قد مَلَكوا الرَّبَضِ، وسدُّوا بابَهُ الواحد، وهم عَلَى أن يغلقوا الثّاني، فحملَ الجيشُ عليهم حملةً صادقة، فدخلوا عَلَيْهِ، فلم يُفْلِت منهم إلّا الشّريدُ، ففرُّوا إلى البحر هاربين، وغَنِمَ المسلمون من الأموال ما لَا يوُصفُ.
فذهبَ المُنهزمون واستنجدوا بالفِرنج، ثمّ أقبلوا فِي هيئةٍ ضخمة من الرجالِ والمراكب وآلاتِ الحصار والمجانيق، ونازلوا سَبْتة، واشتدَّ الأمرُ، فطلبَ المسلمون المُصالحة، فقالوا: لَا نُردُّ حتّى يَغْرَموا لنا جميع ما أُخِذَ لنا فِي العام الماضي.
فأُعطَوا جميعَ ذَلِكَ؛ التزمَ اليَنَشْتيُّ لهم بذلك، وعجَزَ عَنِ البعضِ، فشَرَعَ فِي مُصادرَة العامّة، فتوغَّلت صدورهم عَلَيْهِ، وقال لَهُ الأعيانُ: الرأيُ يا أَبَا الْعَبَّاس أن نصالحَ صاحبَ المغرب، فكأنّه أحسَّ منهم القيامَ عَلَيْهِ فأجاب عَلى كرهٍ، فكاتبوا الرّشيد عَبْد الواحد؛ فبعثَ جيشًا مَعَ وزيره، وفتح أهلُ سَبْتَة لَهُ البلدَ، وأُسِرَ اليَنَشْتيّ هُوَ وابنه الواحد ثمّ قُتِلا بالسُّمِّ بِمَرَّاكِشَ، وهربَ ابنهُ الآخر فِي البحرِ، فما استقرَّ إلّا بعدَنَ.
وأمّا الفرنج فنازلوا عَلَى إثرِ ذلك بلنسية، فأخذوها.(14/11)
-سنة ثلاث وثلاثين وستمائة
فِي المحرَّم دخل بغداد الناصرُ دَاوُد بْن المُعظَّم، وتلقّاه الموكبُ وخُلِعَ عَلَيْهِ قباءٌ أطلس وشربوش، وأمطي فَرَسًا بسَرْجِ ذَهَب، وأُقيمت لَهُ الإقامات.
ولمّا مرَّ بالحِلَّة عَمِلَ لَهُ زعيمُها سماطًا عظيمًا، فقيَلَ: إنّه غَرِمَ عَلَى الدَّعوةِ اثني عشرَ ألفَ دينار، ولمّا أرادَ التوجُّه، خُلِعَ عَلَيْهِ قباءٌ اسود، وفَرَجيَّة ممزج، وعمامةُ قصبٍ كحليةٌ مذهبةٌ، وأُعطي فرسًا بمشدّة حريرٍ، يعنى الحزام الرقبة، وأُعطي علمًا، وخَفْتاتين، وخِيَمًا، وكُراعًا، وآلاتٍ، وعدَّة أرؤس من الخيل، وبُقَجَ قماشٍ، وخمسةً وعشرين ألف دينار، وذلك بعد الصُّلح بينه وبين عمَّيْه الكاملِ والأشرفِ. وأُرسلَ فِي حقّه رسولٌ إلى الكامل، وسافر في رمضان.
وفي ربيع الأول جاءت فرقةٌ من التّتار إلى إرْبل فواقعوا عسكرها فقُتِلَ جماعةٌ من التتار، وقُتِلَ من الأرابِلة نفرٌ يسيرٌ. ثمّ إنّ التتارَ ساقوا إلى المَوْصِل ونهبوا وقَتلوا، فاهتمَّ المستنصر بالله وفرَّقَ الأموالَ والسّلاحَ. فرجعَ التّتارُ ودخلوا الدَّرْبَنْدَ، ورد عسكر بغدادَ وكانَ عليهم جمالُ الدّين قشتمر.
وفيها عُزِلَ أَبُو المعالي بْن مُقبل عن قضاءِ القُضاة، وتدريسِ المُستنصرية. ووَلي التّدريس أَبُو المناقب محمود بْن أَحْمَد الزَّنْجانيّ الشّافعيّ. ثمّ وَلِيَ قضاء القضاة أَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن ابن اللمغاني.
وفيها وصلَ سراجُ الدّين عَبدُ اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الشَّرْمَساحيُّ المالكيُّ إلى بغداد بأهِله، فولي تدريس المالكية بالمستنصرية، وبانت فضائله.
وفيها وَصَلَ إلى بغداد أيضًا شهابُ الدّين أحمد بن يوسف ابن الأنصاري الحلبي الحنفي، وولي تدريس المستنصرية.
وفيها عدَّى الكاملُ والأشرفُ الفرات إلى الشرق، واستعادَ الكاملُ حرَّانَ والرُّها من صاحب الروم، فأخربَ قلعة الرُّها.
ثمّ نَزلَ عَلَى دُنَيْسَر فأخربها. [ص:14]
فجاءه كتابُ صاحب المَوْصِل أنَّ التتار قد قطعوا دجلة في مائة طلبٍ، ووصلوا إلى سنجار، فخرج إليهم معين الدين ابن كمال الدين ابن مُهاجر فقتلوه. فردَّ الكاملُ والأشرفُ إلى الشام. فأتت عساكر الروم والخوارزمية إلى ماردين فنزل إليهم صاحبها، وأتوا إلى نَصيبين، فأخربوها، وبدَّعوا، وعَمِلوا فيها أعظَم ممّا فعلَ الكامل بدُنَيْسَر، فلا حولَ ولا قُوَّة إلا بالله.
قَالَ سعدُ الدّين ابن شيخ الشيوخ - وأجازَهُ لنا -: فيها وصلت الأخبارُ من مصر بأنّ فيها وباءً عظيمًا، بحيثُ إنّه مات فِي شهر نيَّفٍ وثلاثون ألف إنسان.
ثمّ ساق كيفيّة حصار الكامل لحرَّان. وقُتِلَ عليها عددٌ من المسلمين. وزَحَفَ عليها الكاملُ والأشرفُ مرّات، وجُرِحَ خلقٌ كثيرٌ. ثمّ أخذها بالأمانِ من نوّاب صاحبِ الروم وأخذَهم فِي القيود، وجرت أمورٌ قبيحةٌ جدا.
وفي رمضان كَانَ الملكُ الكامل بدمشق نازلًا فِي دار صاحب بَعْلبكَّ التي داخلَ بابِ الفَراديس، فأعطي آمريَّة مائة فارس للصّاحب عمادِ الدين عمر ابن الشيخ.
وفي آخر السّنة حَشَدَ صاحبُ الروم وجمعَ ونازلَ حرّان وآمِدَ، وتعثَّرت الرعيّة بينه وبين أولاد العادل، نسألُ اللَّه اللُّطف. ثمّ جَرَت أمورٌ.
وفيها أخذت الفرنجُ - لعَنهم اللَّه - قُرْطُبَة بالسّيف، واستباحوها، فقال لنا أبو حيان: توفي ابن الربيع بإشبيلية بعد استيلاءِ النّصارى عَلَى شرقيّ قُرْطُبَة سنة ثلاثٍ وثلاثين.
وقال ابن الأبَّار: استولَتِ الرومِ عَلَى قُرْطُبَة فِي شوّال سنة ثلاث وثلاثين. [ص:15]
قلتُ: هِيَ أكبرُ مدائن الأندلس وما زالت دارَ إسلام من زمِن الوليد بْن عَبْد الملك إلى أن استولت النّصارى الآن عليها بالأمان.(14/13)
-سنة أربع وثلاثين وستمائة
فِي المحرَّم قصد جماعةٌ عيادة مريضٍ ببغداد، فطلعوا وجلسوا عنده على مشرقةٍ، فانخَسَفَتْ بهم، فماتوا جميعًا سوى المريض، وكانوا سبعة.
وفيها صرع الطير الأميرُ ركنُ الدين إِسْمَاعِيل ابن صاحب المَوْصِل، فادُّعِيَ لشرف الدين إقبالٍ الشَّرابيّ، وبُعثَ بالطير إلى بغداد، فقبله، وعُلِّق ببغداد، ونَثر عَلَيْهِ ألفَ دينار فالتقطها رُماةُ البُنْدُق.
ولم يَحُجَّ أحدٌ هذا العام من العراق.
وجري عَلَى ركْبِ الشامِ نكبةٌ شديدةٌ من العطش قبل ثَجْر وهي عَلَى دَرْبِ خَيْبر.
وفيها وَقَعَ الصُّلحُ بأمر الخليفة بَيْنَ الكاملِ وبين صاحب الروم في شهر المحرم.
وفيها جاءَ بدمشق سيل عَرِم قدرَ قامةٍ وبَسْطَة، خرَّب الخاناتِ، والدُّورَ الَّتِي بالعُقَيْبَة من شماليِّ بابِ الفَرَج، وذهب للنّاس شيءٌ كثيرٌ.
وفيها مات صاحب حلب الملك العزيز، وصاحب الروم علاء الدين.
وفيها كَانَ عُرس مجاهد الدّين أيبك الدّويْدار الصغير عَلَى بِنْت بدر الدّين صاحب المَوْصِل. وكان عُرسًا ما شُهِدَ مثلُه. وخَلَعَ عَلَيْهِ الخليفةُ، وأعطاهُ، ونوَّه باسمه، ومشى فِي رِكابه الأمراء، ووراءه ألوية الملك. وأُعطيَ أنواعًا كثيرةً وتحفا، واستمر دخوله إلى دار الخلافة في كل يوم.
وفيها نَزلَ التتارُ عَلَى إرْبل وحاصروها، ونقبوا السّور وأخذوها عنوةً، وقتلوا وسَبَوْا، وجافَتْ إرْبل بالقتلى. وكان باتكينُ نائبَ البلد بالقلعة فقاتلهم. ثمّ إنَّ التتارَ نقبوا القلعة، وجعلوا تحتها سَرَبًا وطُرُقًا، وقلَّت المياهُ عَلَى أهلِ القلعة، وماتَ بعضهم من العطش، ولم يبقَ إلّا أخذُ القلعة، ثمّ لطفَ اللَّه بمن بَقِيَ بالقلعة، ورحلت التتار بمكاسب لا تحصى. [ص:16]
وفيها وقع بين الكامل والأشرف، لأنَّ الأشرف طَلَبَ من أخيه الرَّقَّة فامتنع، وأرسلَ إِلَيْهِ عشرة آلاف دينارٍ عِوَضها، فردَّها. فغضبَ الكاملُ وقال: يكفيه عِشْرَتُه للمغاني، فتنمَّر الأشرفُ، وبعثَ إلى حلب والشّرق، فاتفَّقوا معه. وأمّا الكاملُ فإنّه خافَ ومضى إلى مصر، فلمّا دخل باسَ الأرض شكرًا، وقال: رأيتُ روحي فِي قلعتي؛ أنبأني بذلك سعدُ الدّين: أنّ ابن عمّه فخر الدّين حكى له ذلك.
وفي ذي القِعْدَة احتاط الأشرفُ عَلَى ديوان الكاملِ الّذِي بدمشق، وأمر بنفي نوّابه. وختم عَلَى الحواصلِ من غير أن يتصرّف فيها.(14/15)
-سنة خمس وثلاثين وستمائة
فيها اختلفت العساكر الخوارزمية الذين من حيث الصالح نجم الدين أيّوب عَلَيْهِ، وهمُّوا بالقبضِ عَلَيْهِ، فهربَ إلى سنْجار، وتركَ خزائنه فنهبتها الخُوارزميَّة. فلمَّا صار فِي سنجار، سارَ إِلَيْهِ بدرُ الدّين صاحبُ المَوْصِل وحاصَرَه. فطلبَ منه الصُّلح فأبي. فبعثَ الملكُ الصالحُ قاضي سِنجار بدر الدّين وحلق لِحيتَهُ ودلَّاهُ من السُّورِ، فاجتمع بالخُوارزميَّةِ وشَرَطَ لهم كُلَّ ما أرادوا. فساقوا من حران بسرعة فكبسوا بدر الدين، فهربَ عَلَى فرسِ النَّوبة، وانتهبوا خزائنه وثقله، واستغنوا.
وفيها أخذ أسدُ الدّين صاحب حِمْص عانة من صاحبها صُلْحًا، واحتوى عليها، وجعل لَهُ بها واليا من البلد.
وفيها وصلَ إِبْرَاهِيم بْن الأمير خضِرِ بْن السلطان صلاح الدين إلى بغداد في ستمائة فارس؛ لأنَّ الخليفة كَانَ قد سيَّر إلى الشّام مالًا يستخدم بِهِ جيشًا لحرب التتارِ، فدخلها فِي شوّال، ودخل بعده الملكُ المظفَّر عُمَر، والملك السعيد غازي ابنا الملك الأمجد صاحب بعلبك، ومعهما عساكر نفذهم الكامل. [ص:17]
وفيها كَثُرتِ الصّواعقُ ببغداد فِي تشرين الأول، فوقَعَت صاعقةٌ عَلَى راكبِ بغلٍ ظاهر السّور فأهلكتهما وأخرى فِي بيتِ يهوديًّ، وأخري عَلَى نخلة بالمُحوَّلِ، وأخرى فِي ساحةِ المستنصريَّة، الكلُّ في ساعة.
وفيها قَدِمَ بغداد الرّسولُ من ملكَة الهند بنتِ السّلطان شمس الدّين إيتامش مملوك السّلطان شهاب الدّين الغُوريّ. وسببُ ملكِها أنَّ أخاها ركنَ الدّين تملَّكَ فِي السنة الماضية بعدَ والده، فلم يَنْهَض بتدبير الرعية، وتفرَّقت عَلَيْهِ عساكره. فقبَضَتْ عَلَيْهِ أخته هذه، وملكت، وأطاعها الأمراء، ولقبت رضية الدنيا والدين.
وفيها وَلِيَ قضاء دمشق شمسُ الدّين أَحْمَد الخُوَيّي، وهو أوّل قاضٍ رتَّبَ مراكزَ الشّهود بالبلد. وكان قبلَ ذَلِكَ يذهب النّاسُ إلى بيوت العدول يشهدونهم.
ولم يحجَّ أحدٌ أيضًا فِي العام من العراق بسبب كسرة التتارِ لعسكرِ الخليفَة، وأَخْذِ إربل في السنة الماضية.
ومات السلطانان الأخوان الأشرف والكامل.
ولمّا انقضى عزاءُ الأشرف تسلطَنَ أخوه الصّالح إِسْمَاعِيل أَبُو الخِيش، ورَكِبَ، وعن يمينه صاحبُ حِمْص الملك المجاهد أسد الدّين، وحَمَلَ الغاشية عز الدين أيبك المعظمي.
وفيها وَصَلَتِ التّتارُ إلى دَقُوقا، وقلِقَ النّاسُ، خصوصا أهل العراق.
وأخذ أَبُو الخِيش فِي مُصادرة الرُّؤساء بدمشقَ، فصادر العلم تعاسيف، وأولاد ابن مُزهرٍ، وابن عُرَيف البَدَويّ. وأخذَ أموالَهُم وحَبَسَهم. وأخرج الحريريَّ من قلعة عزّتا، لكنّه مَنَعَه من دخول دمشق.
ثمّ جاء عسكرُ الكاملِ صاحبُ مصر إلى قريب دمشق، فحَصَّنَها أَبُو الخِيش، وقَسَم الأبرجةَ عَلَى الأمراء. وجاءَ عزُّ الدّين أيبك من صَرْخَد، فأمَرَ بفتح الأبواب. وجاءَ لأجلِ الكاملِ النّاصر دَاوُد صاحبُ الكَرَك فَنَزل المِزَّة، ونَزَل مجيرُ الدّين، وتقي الدّين ابنا العادل بالقَابُون، وقَدِمَ الكاملُ، فنزل عنَد [ص:18] مسجد القَدَم، وقُطِعَت المياهُ عَنِ المدينَة ووقع الحصارُ، وغَلَتِ الأسعارُ، وسُدَّ أكثرُ أبواب البلدِ. ورَدَّ الكاملُ ماءَ بَرَدَى إلى ثَوْرَى وغيره. وأحرَقَ أَبُو الخِيش العُقَيْبَةَ والطّواحين لئلَّا يحتميَ بها المصريون. وزحف الناصر داود إلى باب توما، ووُصِلت النّقوبُ ولم يبقَ إلا فتحُ البلد. ثمّ تأخَّر النّاصر إلى وطاة بَرْزَة؛ جاءَه أمرُ الكامل بذلك لئلَّا يفتحَ البلدَ عَلَى يدهِ، وأحرق قصَر حَجّاج والشاغورَ، وتعثَّرَ النّاسُ وتمَّتْ قبائحُ.
ثمّ آلَ الأمرُ إلى أن أُعطي الصّالح إِسْمَاعِيل بَعْلَبَكَّ وبُصْرى، وأُخِذَت منه دمشقُ. ودخلَ الكاملُ القَلْعَة فِي نصف جُمَادَى الأُولى وما هَنَّأَهُ الله بها؛ بل ماتَ بعد شهرين بدمشقَ. فبُهِتَ الخلقُ ولم يَتَحَزَّنوا عليه لجبروته.
ثمّ اجتمع عز الدّين أيْبك، وسيفُ الدّين عَلِيّ بْن قلِيج، وعمادُ الدّين وفخرُ الدّين ابنا شيخ الشيوخ، والركنُ الهَكّاريّ، وتَشَاوَرُوا، فانفصلوا عَلَى غير شيء. وكان الناصرُ دَاوُد بدار سامة، فجاءَه الركنُ الهكّاريّ فبيَّن لَهُ الطريق، ونَفَذّ إليه عزَّ الدّين أيْبك يَقُولُ: أَخرجِ الأموالَ، وأنفِقْ فِي مماليك أبيك، والعوامُ معك، وتَملكُ البَلَدَ، ويَبقوا محصورينَ فِي القلعَة، فلم يَصِرْ حالٌ، فأصبحوا واجتمعوا فِي القلعة، وذكروا الناصر وذكروا الجوادَ، فكان أضَرَّ ما عَلَى الناصر عماد الدين ابن الشَّيْخ لأنَّه كَانَ يُتِمُّ فِي مجالس الكامل مباحثاتٍ، فيُخَطِّئه الناصر ويَسْتجهلُه، فحَقَدَ عَلَيْهِ، وكان أخوه فخرُ الدّين يَميلُ إلى الناصر، فأشارَ عماد الدّين بالجواد فوافقه الباقون. وأرسلوا أميرًا إلى الناصر دَاوُد فِي الحال، فقال: أيش قعودُك فِي بلدِ القَوْم؟ فقام ورَكِبَ وازدحمَ النّاسُ من بابه إلى القلعةِ، وما شَكُّوا أنِّه تسلطن، وساق، فلمّا تعدَّى مدرسة العماد الكاتب، وخَرَجَ من باب الزقاق، انعطفَ إلى باب الفَرَج، فصاحتِ النّاسُ: لَا لَا لَا، وانقلبّ البَلَدُ، فذهبَ إلى القابونِ، ووقع بعضُ الأمراء فِي النّاسِ بالدّبابيسِ، فهَرَبُوا، وسَلْطَنُوا الجواد، وفتحَ الخزائن وبذل الأموال.
قال أبو المظفر ابن الجوزي: فبلغني أنه فرق ستمائة ألف دينار، وخلع خمسة آلاف خلعة. [ص:19]
وقال سعدُ الدّين بْن حَمُّوَيْه: بلغتِ النّفقةُ تسعمائة ألف دينار وضيعوا الخزائنَ، وأساءوا التدبير. وكانت النّفقةُ فِي الطواشي عشرين دينارًا، وثلاثين دينارًا، وللأمير نصفُ ما لأجناده. وبُطِّلَت الخمورُ والقِحابُ والمكوسُ، وهَمُّوا بالقبضِ عَلَى الناصر، فراحَ من القابون، ووَصَلَ إلى عَجْلون، ثمّ نَزَلَ غَزَّة، واستولى عَلَى الساحل، فخرج إِلَيْهِ الجواد فِي عسكر مصر والشّام، وقال للأشرفية: كاتُبوه وطمَّعوه. ففَعَلُوا، فاغتَرَّ، وساقَ إلى نابُلُسَ بخزائنه ومعه سبعمائة فارس، فأحاطت بهم الجيوشُ، فانهزمَ جريدة، وحازُوا خزائنه وجنائبه وذخائره، وكانت خزائنه على سبعمائة جملٍ، واستغَنوْا غَنَاءً للأبد، وافتقر هُوَ.
قَالَ أبو المظفر: فبلغني أن عماد الدين ابن الشَّيْخ وقَعَ بسَفطِ جوهرٍ وفصوص، فاستوهَبَه من الجواد فأعطاه إياه.
وتوجه فخر الدين ابن الشيخ، وعدة أمراء إلى مصر.
وفيها سُلْطِن بمصَر الملكُ العادلُ وَلَد الملكِ الكامل، وانضم إليه حاشية أبيه.
وفي ذي العقدة كانت الوقعةُ بينَ التتار وبين الأمير جمال الدّين بكلك، وعدَّة جيشهِ سبعةُ آلاف فارس. وعِدَّة العدوِّ عشرة آلاف، فانكسَر المسلمونَ من بعد أن أنْكَوْا وقَتلُوا خَلْقًا من التتارِ، وكادُوا يَنَتصرون عليهم، ووَصَلَ المنهزمون إلى بغداد، وهَلَكَ الأكثرُ، وعُدِمَ فِي الوقعة مُقدَّمُهم بكلك.
ويقال: إنّه قُتِلَ فِي الوقعة قريبٌ من خمسين أميرًا، فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون. وكانت التتارُ يعيثون فِي الشّرقِ، والأمرُ شديدٌ بهم.(14/16)
-سنة ست وثلاثين وستمائة
فِي أوّلها قبض الملك الجوادُ صاحبُ دمشق على الوزير صفي الدين ابن مرزوق، وأخذ منه أربعمائة ألف درهم، وسُجِنَ بقلعة حِمْص، فبقي ثلاثَ سنين لَا يرى الضَّوء. وقيل: حُبِسَ اثنتي عشرة سنةً، ولكنَّ أسد الدّين شيركوه أظهرَ موته. [ص:20]
وفيها تمَّهن الجوادُ وضعُف عن سَلْطَنة دمشق، وقايَضَ الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب بْن الكامل بدمشق سنجار وعانة. وكان الجوادُ قد سلَّطَ عَلَى أهل دمشق خادمًا يقال لَهُ: النّاصح، فصادَرَهُم، وضربَ، وعَلَّقَ.
قَالَ أَبُو المظفر ابن الجوزي: ذكر لي سعد الدين مسعود ابن تاج الدّين شيخ الشيوخ قَالَ: خرجنا من القاهرة في ربيع الأول، فودع عماد الدين إخوته فقال لَهُ أخوه فخر الدّين: ما أرى رواحَكَ رأيًا، وربما آذاك الجوادُ. فقال: أَنَا ملَّكْتُه دمشقَ فكيف يُخالفني؟ قَالَ: صَدَقْتَ، أنت فارقته أميرًا، وتعود وقد صار سُلطانًا، فكيفَ يسمحُ بالنّزولِ عن السّلطنة؟ وأمّا إذا أبيتَ، فانزِلْ عَلَى طَبَريَّة وكاتِبْه، فإنْ أجابَ، وإلا فتقيُم مكانك، وتعرِّف العادلَ. فلم يلتفت إلى قول فخر الدّين، وسار.
قَالَ سعد الدّين: فنزلنا المُصَلَّى، وجاءَ الجوادُ فتلقّانا وسارَ معنا، وأنزل عمادَ الدّين فِي القلعةِ. وقَدِمَ أسدُ الدّين شيركُوه من حِمْص، وبعثَ الملك الجواد لعماد الدّين الذّهبَ والخِلَعَ، فما وصلني من رشاشِها مطرٌ مَعَ ملازمتي لعمادِ الدّين في مرضه، فإنه ما خرج من القاهرة إلا في محفةٍ.
ثم إن الجواد رسم عَلَيْهِ فِي الباطن ومنعه الركوب، واجتمع بِهِ وقال: إذا أخذتم منّي دمشق وأعطيتموني الإسكندرية، فلابد لكم من نائب بدمشق فاحسبوني ذَلِكَ النّائب، [ص:21] وإلّا فقد نفَّذتُ إلى الصالح نجم الدّين أُسَلِّم إِلَيْهِ دمشق، وأذهب إلى سنجار. فقال: إذا فعلت هذا أصلحت بين الصالح وأخيه العادل، وتبقى أنت بغير شيءٍ. فقام مغضبًا، وقصَّ عَلَى أسد الدّين ما جري، فقال لَهُ: والله لئن اتَّفَقَ الصّالحُ والعادلُ ليتركونا نشحذ فِي المخالي. فجاء أسدُ الدّين إلى عماد الدّين وقال: مصلحةٌ أن تكتب إلى العادل تستنزله عن هذا الأمرِ. فقال: حتّى أروح إلى مقام برزة وأُصلّي صلاة الاستخارَة. فقال: تروح إلى برزة وتهرب إلى بعلبك؟ فغَضبَ من هذا. ثمّ اتّفق شِيركُوه والجوادُ عَلَى قتله. وسافرَ شيركوه إلى حمص، ثمّ بعثَ الجوادُ يَقُولُ: إن شئت أن تركب وتتنزَّه، فاركَبْ فاعتقد أن ذَلِكَ عن رضًى، فَلَبِسَ فَرَجيَّة وبعَثَ إِلَيْهِ بحصانٍ، فلما خَرَجَ من باب الدّار، وقابله النصرانيُّ بيده قصةٌ فاستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها، فقالَ: لَا، لي مع الصاحب شغلٌ. فقال عماد الدين: دعوه، فتقدّم إِلَيْهِ وناوَلَه القصَّة، ثمّ ضَرَبه بسكينٍ عَلَى خاصرته بدَّد مصارينَه، وَوَثَب آخُر فضربه عَلَى ظهره بسكّين، فرُدّ إلى الدّار مَيْتًا. وأخذ الجوادُ جميعَ تَركَتِه، وعَمِلَ محضرًا يتضمَّنُ أنه ما مالأ على قتله، وبعث إلى أبي، فقال: اطلع، فجهز ابن أخيك، فجهزناه وأخرجناه. وكانت له جنازةٌ عظيمةٌ، ودفناه بقاسيون في زاوية الشيخ سعد الدين ابن حمويه. وعاش ستا وخمسين سنة.
وقد كتب مرّةً عَلَى تقويم:
إذا كَانَ حُكْمُ النَّجْمِ لَا شَكَّ َواقعا ... فما سَعْيُنا فِي دَفْعِه بنجيحِ
وإنْ كانَ بالتّدبيرِ يُمكنُ ردُّهُ ... عَلِمْنا بأنَّ الكُلَّ غيرُ صَحيحِ
قَالَ أَبُو المظفَّر: وحبس النصراني أياما وأطلق.
وخرج الجواد عن دمشق فتسلَّمها الملكُ الصّالح، وعَبَر فِي أوّل جُمَادَى الآخرة، والملكُ الجوادُ والملكُ المظفَّر الحمويّ بين يديه يحملان الغاشية بالنَّوبة، فنزل بالقلعة. ثمّ نَدِمَ الجوادُ حيثُ لَا ينفعُه النّدمُ، وطلبَ الأمراء وحلَّف جماعةً، فعَلِمَ الملكُ الصّالح فهمّ أنْ يحرِقَ عَلَيْهِ دارَه، فدخل ابن جرير فِي الصُّلح. وخَرَجَ الجوادُ إلى النَّيْرَب، ووقف الناسُ عَلَى باب النصر يدعونَ عَلَيْهِ ويسمعونه لكونه صادرهم وأساء إليهم. فأرسل إِلَيْهِ الصّالح ليَرُدَّ إلى النّاسِ أموالهم، فما [ص:22] التفت، وسافر.
واستوزَرَ الصّالحُ جمالَ الدّين عَلِيّ بْن جرير، وزير الأشرف، فمات بعد أيام.
قلتُ: ثمّ وَلِيَ الوزارة بعده - عَلَى ما ذكر سعد الدّين فِي " جريدته " - تاجُ الدّين ابن الولي الإربلي.
وحصل بدمشق الغلاء، وأبيعت الغرارة بمائتين وعشرين درهما.
وتوجَّه الملكُ الصّالحُ قاصدًا ديارَ مصرَ، وكاتبَ عمَّه عمادَ الدّين إِسْمَاعِيل صاحبَ بَعْلَبَكَّ ليسير إِلَيْهِ، فسارَ الصّالحُ نجمُ الدّين إلى نابُلُسَ، واستولى عَلَى بلاد الناصر دَاوُد فِي شوّال، فسار الناصرُ إلى مصر، وأقام الصّالحُ ينتظر قُدومَ عمِّه الصّالح إِسْمَاعِيل. وكان ولدُ أَبِي الخيش وعسكره عند الملك الصالح، وعمُّه فِي باطن الأمر قد كاتب ولده وناصر الدين ابن يغمور ليحلفان لَهُ الْجُنْد، والأموالُ تُفَرَّقُ بدمشق بدارِ النّجِم ابن سلام، ولم يَكُنْ أحدٌ يَجْسُرُ أن يُعرّف الملك الصّالح لهيبته. وجَبَوْا أسواقَ البَلَد لأجلِ سُوقيّة العسكر، من كلِّ دُكّان عشرة دراهم.
وفي شوَّال سُرِقَ النَّعلُ الّذِي بدار الحديث، فشدَّد أولو الأمر عَلَى القُوّامِ وأهلِ الدّار، فرموه في تراب.
وحدَّثني أَبُو القاسم بْن عِمران عن غير واحدٍ من مشايخ سَبْتَة أنّ الفرِنج استولَوْا عَلَى جميع قُرْطُبَة سنة ستٍّ هذه. وذكر أنّ استيلاءهم عَلَى شرقيِّها كَانَ فِي سنة ثلاثٍ وثلاثين، كما ذكرنا.
قَالَ الأبَّارُ: وفي صفر سنة ستٍ أخذت الفرِنج بَلَنْسِية بعد حصار خمسة أشهر.(14/19)
-سنة سبع وثلاثين وستمائة
فِي صفر خرج الملك الصّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل من بَعْلَبَكَّ وقد تهيّأت لَهُ الأمور كما يريد، وذلك بترتيب وزيره الأمين الطّبيب السَّامرِيّ، بَعَث إلى [ص:23] دمشق الأموالَ والخِلَع ففُرِّقت. ثمّ خَرَجَ من بَعْلَبَكَّ بالفارس والراجل عَلَى أنّه متوجّه إلى نجدة ابن أخيه نجم الدّين أيّوب، إلى نابُلُسَ من طريق بانياس، فباتَ بالمَجْدَل. وسَّرحَ بطاقةً إلى نجم الدّين بأنّه واصلٌ إِلَيْهِ، وساق بسحرٍ وقَصَدَ دمشق، فوصلَ إلى عقبةَ دُمَّر، ووقف. فجاءه صاحبُ حمص أسدُ الدّين من جهة مَنين، وقصدوا باب الفراديس وهجموا البلد. فنزل الصّالحُ فِي داره بدرب الشَّعَّارين، ونزلَ أسدُ الدّين بدارِه تجاه العزيزة. ثمّ أصبحوا من الغد - يوم الأربعاء - فزحفوا عَلَى القلعة، ونقبوها من عنْد باب الفَرَج - وكان بها الملكُ المغيث عمر ابن الملك الصّالح نجم الدّين - وكان الصّالحُ عمادُ الدّين يكاتب ابن أخيه ويَعِدُه بالمجيء، وسيَّر إِلَيْهِ يطلب منه ولده ليصل إلى بَعْلَبَكَّ كي يُقيم عِوَضَه فِي بَعْلَبَكَّ، فبعَثَ بِهِ إليه. وكان عز الدّين أيبك صاحب صَرْخَدَ قد كاتب الصّالح عماد الدّين واتَّفق معه. ثمّ إنّ الصّالح عماد الدّين ملك القلعة بالأمان، ثمّ نكثَ وقَبَضَ عَلَى المغيث عُمَر، وحبسه فِي برجٍ. وخَرِبَت لذلك دارُ الحديث الأشرفيّة ودورٌ وحوانيتُ من شأن الحصارِ، ونصبَ عَلَى القلعة سبعة مجانيقَ، وأخذوا فِي النقوب، ثمّ أخذت بالأمان. وبلغ نجم الدّين ما جرى، فسير عمَّيْه مجير الدّين وتقيّ الدّين، وأيدكين وألتميش وأنفق فيهم وقال: سوقوا إلى دمشق قبل أن تؤخذ القلعةُ، فساقوا، فبلغهم أخذ القلعة، فمالوا عن نجم الدّين خوفًا عَلَى أهليهم وأسبابهم، وانضمُّوا إلى الصّالح عماد الدّين، وتمَّ لَهُ الدَّسْت. وبقيّ الصّالح نجمُ الدّين فِي مماليكه وجاريته أُمّ خليل، فطَمِعَ فِيهِ أهلُ الغور والقبائل.
واتّفق عودُ الملك النّاصر من مصر عن غير رِضى، فأخبروه بما تمَّ، فأرسل عسكره، فأحاطوا بالملك الصّالح نجم الدّين وحملوه عَلَى بغلة بلا مهماز، وأحضروه إلى النّاصر، فاعتقله مكرَّمًا بالكَرَك سبعة أشهرٍ. فطلب الملكُ العادل أخاه نجم الدّين من الملك الناصر، وبذل فِيهِ مائة ألف دينار. وطلبه أيضًا عمُّه الملك الصّالح وصاحبُ حمص، فما أجابهم النّاصر. وأتَّفق معه عَلَى أيمانٍ وعهود، ثمّ خرج بِهِ، وقصدَ مصرَ. فلمّا بلغ الملوك إخراجُه تألَّموا من النّاصر وعادَوْهُ. واختلفت عَلَى الملك العادلِ ولدِ الكاملِ عساكرُهُ، وكاتبوا الملكَ الصّالح أخاه يسألونه الإسراعَ، فوصل إلى بِلْبِيس فِي أواخر ذي القِعْدة، وبها منصوبٌ مخَيمُ الملكِ العادل، فنزلَ بِهِ. [ص:24]
وذكر أَبُو عَبْد اللَّه الْجَزَريّ وغيره، قصَّة نجم الدّين أيّوب، قَالَ: بقي فِي غلمانه وطَمَع فِيهِ أهلُ الغور والعُشران، وكان مقدَّمَّهم شيخٌ جاهل يقال لَهُ: تُبَل البَيْسانيّ، فما زالوا وراءه وهو يحمِلُ فيهم، وأخذوا بعض ثِقْلِه، ثمّ نزل عَلَى سَبَسْطِية. وكان الوزيريّ قد عادَ إلى نابُلُسَ، فارسل إِلَيْهِ يَقُولُ: قد مضى وما زالت الملوك كذا، وقد جئت مستجيرًا بابن عمّي. ونزل فِي الدّار التّي للنّاصر بنابُلُس. ثمّ كُتُب الوزيريّ إلى النّاصر يخبره الخبر. فبعث الناصر عماد الدين ابن موسك، والظهير ابن سُنْقُر الحَلَبيّ فِي ثلاث مائة فارس، فركب الصّالح نجم الدّين فتلقّاهم، فقالوا: طَيِّبْ قلبَكَ، إلى بيِتكَ جئتَ. فقال: لَا ينظر ابن عمّي إلى ما فعلت وقد استجرت بِهِ. فقالوا: قد جارَكَ وما عليكَ بأسٌ. وأقاموا أيّامًا نازلين حولَه، فلمّا كَانَ فِي بعض اللّيالي صرخ بوقُ النّفير، وقيل: جاءت الفِرنجُ. فرَكِبَ النّاسُ والعساكُر ومماليكُ الصّالح وساقوا إلى سَبَسْطية. ثمّ جاءَ ابن موسَك وابن سُنْقُر إِلَيْهِ، فدخل ابن سُنْقُر إِلَيْهِ، وقال: تطلُعُ إلى الكَرَكِ إلى ابن عمّك، وأخذ سيفَه.
قال أبو المظفر ابن الجوزيّ: فبلَغني أنّ جاريته كانت حاملًا فأسقطت، وأخذوه إلى الكَرَكِ، فحدَّثني بالقاهرة سنة تسعٍ وثلاثين قَالَ: أخذوني عَلَى بغلةٍ بلا مهمازٍ ولا مقرعةٍ، وساروا بي ثلاثة أيّام، واللهِ ما كلَّمتُ أحدًا منهم كلمةً، وأقمت بالكَرَكِ أشهرًا، ورسموا عَلَى الباب ثمانين رجلًا. وحكى لي أشياء من هذه الواقعة.
ثمّ إنّ الوزيري أطلع خزانته وخيلَه وحواصلَه إلى الصَّلْتِ، وبَقِيَتْ حاشيتُه بنابُلُسَ، ووصل علاء الدين ابن النابُلُسيّ من مصر من عند الملكِ العادلِ إلى النّاصرِ يطلُبُ الصّالح، ويُعطيه مائة ألف دينار، فما أجابَ. فلمّا طالَ مقامُه، استشارَ عماد الدين ابن موُسَك وابنَ قلِيج، ثمّ أخرجه، وتحالفا واتَّفقا فِي عيِد الفِطْر. فحدَّثني الصّالح، قَالَ: [ص:25] حَلَّفني الناصر عَلَى أشياء ما يَقْدِرُ عليها ملوكُ الأرض، وهو أن آخذَ لَهُ دمشقَ وحمص وحماة وحلب أو الجزيرة والمَوْصِل وديارَ بكرٍ ونصف ديار مصر وأُعطيه نصفَ ما فِي الخزائن من المال والجواهر والخيل والثياب، فحلفت لَهُ من تحتِ القهر والسّيف.
قَالَ: وبَرَزَ العادلُ إلى بِلْبيسَ يقصِدُ الشّامَ، فاختلف عَلَيْهِ العسكرُ وقَبَضُوه، وأرسلوا إلى الصّالح نجم الدّين يُعَرَّفونه ويحثُّونه عَلى المجيء، فسار ومعه الناصرُ وابنُ موسك وجماعة أمراء فقدموا بِلْبِيسَ، فنزل الصّالحُ فِي مخيَّم أخيه، وأخوه معتقلٌ فِي خَرْكاه من المخيّم. وكان محيي الدين يوسف ابن الجوزيّ بمصر وقد خَلَعَ عَلَى الملك العادلِ، وعلى الوزيرِ الفلك المسيريّ من جهةِ الخليفَة.
وحدَّثني الصّالح نجم الدّين قَالَ: والله ما قصدتُ مجيء الملك النّاصر معي إلّا خِفْتُ أن تكون معمولة عَلِيّ، ومنذُ فارَقنا غزَّة، تغيَّر عَلِيّ، ولا شكَّ، إلا أنَّ بعض أعدائي أطمَعَهُ فِي المُلك، فذكر لي جماعة من مماليكي أنّه تحدَّث معهم فِي قتلي، ولمّا أفرج عنّي نَدِمَ وهمَّ بحبسي ثانيًا، فرميتُ روُحي عَلَى ابن قليج، فقال: ما كَانَ قصدُه إلّا انْ نتوجّه أولًا إلى دمِشقَ فنأخذها، فإذا أخذناها عُدْنا إلى مصر.
قَالَ: فلمّا أتَيْنا بِلْبِيس، شَربَ الناصرُ تلكَ اللّيلة، وشَطَحَ إلى خَرْكاه العادل، فخرج من الخَرْكاه، وقبل الأرض بين يديه فقال لَهُ: كيف رَأَيْت ما أشرتُ عليك ولم تقبلْ منّي؟ فقال: يا خوند التُّوبة. فقال: طيب قلبك، الساعة أطلقك. ثُمَّ جاء فدخل علي الخيمة ووقف، فقلتُ: بسم اللَّه اجلس. قَالَ: ما أجلسُ حتّى تُطلقَ العادلَ، فقلتُ: اقعُدْ - وهو يكرّرُ الحديث - فسكت، ولو أطلقته لضُرِبَتْ رقابُنا كلّنا، قَالَ: فنامَ، فما صدَّقتُ بنومه، وقمتُ باقي الليل، فأخذتُ العادل فِي مِحفَّة ودخلتُ بِهِ القاهرة. ثمّ بَعَثتُ إلى الناصر بعشرين ألف دينارٍ، فردَّها.
وذكر لي الصّالحُ نجمُ الدّين قول النّاصر لَهُ: بُسْ يدي ورِجلي - يعني ليلة بِلْبيس - فقلتُ: ما أظنُّ هذا يَبْدُو منه، هُوَ رجلٌ عاقل. فأقسم بالله أن هذا وقع. [ص:26]
وأمّا الصّالح إِسْمَاعِيل، فلمّا استقرَّ بقلعَة دمشق خَطَبَ للعادلِ ابن الكامل صاحب مصر، ثمّ لنفسه. وقَدِمَ عَلَيْهِ عز الدّين أيبك من صرخد.
ثمّ قَوِيَ المرضُ بصاحب حِمصْ فسافر إليها.
وفي ربيع الأوّل رفعَ الشهابُ القوُصيّ إلى الصّالح أنَّه يستخلص الأموالَ من أهل دمشق، فصَفَعَه الصّالحُ وحَبَسَه وحبسَ الوزير تاجَ الدّين ابن الولي الإربلي؛ وزير الصالح أيوب.
وفيها أخذ صاحبُ المَوْصِل بدر الدّين لؤلؤ سِنجْارَ من الملك الجواد بموافقةٍ من أهلها، لسوء سيرة الجوادِ فيهم، فإنّه صادَرَهُم. وخَرَجَ يتصيَّدُ ويحجُّ فِي البرية، فبعثوا إلى بدر الدّين، فجاء وفتحوا لَهُ، فمضى الجوادُ إلى عانة ولم يبقَ لَهُ سواها، ثمّ باعها للخليفة.
وفيها درَّس الرفيع عَبْد العزيز الجيليّ بالشّامية البرانية.
وفيها أُنزِلَ الملكُ الكاملُ من القلعة فِي تابوته إلى ترُبته التي عُمِلتَ لَهُ، وفُتح شبَّاكُها إلى الجامع الأموي.
وفي ربيع الآخر وَلِيَ خطابة دمشق الشَّيْخ عزّ الدّين عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد السَّلَام، فخَطَبَ خطبة عريَّةً من البِدَع، وأزالَ الأعلام المذهَّبة، وأقام عِوَضَها سودًا بأبيض، ولم يؤذِّن قدَّامَه سوى مؤذنٍ واحدٍ. وعُزِل الّذِي قبله وهو أصيل الدين الإسعردي.
وفيها أمرَ الملكُ الصّالح إِسْمَاعِيل خطباء دمشق أن يخطبوا لصاحب الروم معه.
وفيها كانت الزّيادةُ فِي أيّام المشمش، جاء سيلٌ عرم هدم وخرب.
وفيها وَلِيَ قضاء دمشق بعد تدريسه بالشّامية القاضي الرفيع، وكان قاضي بَعْلَبَكَّ فِي أيّام الصالح بها.
وفيها جاء الخبُر إلى بغداد أنّ رجلًا ببخارى يُعرف بأبي الكَرَم لَهُ أتباع، قَالَ لأصحابه: إنيّ قادرٌ عَلَى كسرِ التتار بمن يتبعُني - بقوة اللَّه تعالي - من غير سلاح، فَتبِعَهُ طائفةٌ، ونهضوا عَلَى شحنة البلدِ ومن معه فهربوا، وقَوِيَ أمرُه، وتَبِعَهُ الخَلْق. فبلغ ذلك جرماغون ملك التتار يومئذٍ، فنفَّذ جيشًا وشحنه. فخرج لحربهم أَبُو الكرم فِي ألوفٍ كثيرةٍ بلا سلاح، وتقدَّم أمامهم فأحجم عنهم [ص:27] التتارُ إلّا واحدًا، فأقدم ليجرّب، وحَمَلَ عَلَى أَبِي الكَرَم، فقتلَهُ، وشدَّ التتار عَلَى الناس قَتْلًا. ويقال: إنَّ عدة الناس كانوا ستين ألفا.
وقال ابن السَّاعي: فيها رَفَلَ الخلائقُ ببغداد في الخلع في العيد بحيث حرز المخلوعُ عليهم بأكثرَ من ثلاثة عشر ألفًا.
ولم يحج ركبٌ من العراق.
وفي المُحرّمِ حَبَسُوا الحريريَّ بعزَّتا لأجل صبيًّ من قرائب القيمري، حلق رأسه وصحبه.
وفيها قَدِمَ رسولُ الأمير الّذِي ملكَ اليمن نور الدّين عُمَر بْن عَلِيّ بْن رسول التُركمانيّ، إلى الديوان العزيز. وهذا وُلِدَ باليمن وخدَمَ مَعَ صاحبها الملك المسعود أقسيس ابن الكامل، فلمّا مات أقسيس عَلَت همَّةُ هذا، واستولى عَلَى البلادِ وملَكَها، وقطَعَ خطبة الملكِ الكاملِ وطردَ نُوَّابه، وخطب لنفسه، وأرسل يطلب من المستنصر بالله تقليدًا بسلطنة اليمن، وبقي الملك في بنيه باليمن إلى اليوم.
وفي ذي القِعْدة كَانَ الصّالح عمادُ الدّين إِسْمَاعِيل قد قبضَ عَلَى جماعة من أمراء الكاملية، فحبَسَهُم وضيَّق عليهم فماتوا، وهم: أيبك قضيب البان، وبَلَبان الدُّنَيْسريّ، وأيبك الكُرديّ، وبلَبَان المجاهدي، رحمهم الله.
ولم يحُجَّ ركبُ العراقِ فِي هذه السَنينَ للاهتمام بأمر التتار.(14/22)
-سنة ثمانٍ وثلاثين وستمائة
فيها سلم الملك الصالح أبو الخيش إِسْمَاعِيل قلعة الشَّقيف إلى الفرِنج فتملَّكها صاحبُ صيدا، فأنكر عَلَى الصّالح الشيخان عزُّ الدين ابن عبد السلام، وأبو عمرو ابن الحاجب، فعُزلَ عِزُّ الدّين عن الخطابة، وحبَسَهما بالقلعة. ووَلِيَ الخطابة وتدريسَ الغزاليّة الخطيبُ العماد دَاوُد بْن عُمَر المقدسيّ خطيبُ بيتِ الأبارِ. ثمّ أطلقهما بعد مدّةً، وأمرهما بلزوم بيتهما.
وفيها قال أبو المظفر ابن الجوزيّ: قَدِمَ رسولُ ملكِ التتار ومعه كتابٌ إلى صاحب ميَّافارِقين شهاب الدين غازي ابن العادل، وإلى الملوك، عنوان الكتاب: من نائب ربِّ السماء، ماسحِ وجه الأرض، ملكِ الشرق والغرب، [ص:28] ويأمرهم - أعني ملوك الإِسلْام - بالدّخولَ فِي طاعة القاءان الأعظم. وقال لشهاب الدّين: قد جعلك سلحداره، وأمرَكَ أن تخرِّب أسوار بلادك. فقال: أَنَا من جُملة الملوك الذين أُرسِلَ إليهم، فمهما فعلوا فعلت.
ثم قَالَ أَبُو المظفَّر: وكانَ هذا الرَّسُول شيخًا لطيفًا، مسلمًا، أصبهانيًا، حكى لشهاب الدّين عجائب، منها قَالَ: بالقرب من بلادِ قاقان، قريبًا من يأجوجَ ومأجوجَ عَلَى البحر المحيطِ، أقوامٌ ليس لهم رؤوس، وأعينُهم فِي مناكبهم، وأفواهُهم فِي الرَّقبة، وإذا رأوا النّاس هربوا، قَالَ: وعيشُهم من السّمكِ. وهناك طائفةٌ تزرعُ فِي الأرض بزْرًا يتولدُ منه غنمٌ كما يتولَّد الدّودُ، ولا يعيشُ الخروفُ أكثرَ من شهرين أو ثلاثةٍ، مثل بقاء النبات، وإنَّ هذه الغنم لَا تتناسلُ، وأخبر أنّ عندهم آدميُّ بريٌ، وعلى جسمة شعرٌ كثير، وخيل بريدٍ لا تلحق.
وَفِي ذي الحجّة قَدِمَ بغداد شمسُ الدّين بْن بركات خان بْن دولة شاه، ولد ملك الخُوارَزميّة، وله عشرُ سنين، فتلقاه الموكبُ الشريف، وخُلعِ عَلَيْهِ بشربوش، وأُرْكِبَ فرسًا بسرجِ ذهبٍ. ثمّ قَدِمَ بعدَه ابن كشلي خان أحد أمراء الخوارزمية، فخلع عليه.
ولم يحُجَّ أحدٌ فِي هذا العام من بغداد.
وفي أوّلها وصَلَ النّاصر دَاوُد من مصر إلى غزة، فكان بينه وبين الفرنج وقعةٌ، كسرهم فيها.
وفيها وَصَلَ الركب الشّاميّ منهوبين، أخذتهم العربُ بين تيماء وخيبر.
وفيها قَبَضَ الصّالح أَيوب عَلَى خمسة أمراء من أمراء دولة أبيه.
وفيها سارَ جيشُ حلب ومعهم الملكُ المنصور إِبْرَاهِيم صاحبُ حمص إلى حرَّان، فعملوا مَعَ الخُوارزميّة مصافًّا، فانكسَرَتِ الخوارزميّة، وقُتِلوا، وأُسِرُوا. وأخذ المنصور حران، وعصت عليه القلعة.
وفيها هاجت الأمراء بمصر واختلفوا، فمسَكَ منهم الملك الصالح عدة، فسكن الوقت. [ص:29]
وفيها تسلَّمَ عسكُر الرومِ آمِدَ بعد حصارٍ طويل. وقيل: إنَّهم اشتَرَوها بثلاثين ألف دينار.
وفيها ظهرَ بالروم البابا التُّرْكُمانيّ، وادَّعى النبُّوة، وكان يَقُولُ: لا إلهَ إلا اللَّه، البابا وليُّ اللَّه، واجتمع عَلَيْهِ خلقٌ عظيم. فجهَّز صاحبُ الرومِ جيشًا لقتاله، فالتَقَوْا، وقُتِلَ فِي الوقعة أربعةُ آلافٍ، وقتل البابا، لَا رَحِمهُ الله.
وفيها جاء الملكُ الجواد والصالح بْن شيرْكُوه صاحبُ حمص ومعهم جيش من الخُوارزميّة، وقصدوا حلب، فنازلوا بُزاعة فِي خمسَة آلاف فارس، فخرج إليهم عسكر حلب في ألفٍ وخمسمائة فارس، فكسروا عسكر حلب، وقتلوا، وأسروا، وقربوا إلى حَيْلان وقطعوا الماء عن حلب. ثمّ ردُّوا فنهبوا مَنْبِجَ، وقتلوا أهلَها، ولهذا عُمل المصاف على حران.(14/27)
-سنة تسعٍ وثلاثين وستمائة
استهلَّت والتتارُ فِي هذه السّنين بأيديهم من الخطا إلى قريب العراق وإربِل، وغاراتهم تُبَدِّع كلَّ وقتٍ، والنّاسُ منهم فِي رعبٍ، وراسلهم إلى الآن المستنصر بالله ثلاث مرات.
وأمّا الخوارزميّه فزالت دولتهم، وتمزَّقوا، وقُطشت أذنابُهم، وبقوا حراميّة، يقتلون ويسبون الحريم، ويفعلون كلَّ قبيحٍ.
وفيها قَدِمَ الملكُ الجواد مُلتجئًا إلى السلطان الملك الصّالح أيّوب، فخافَ منه الصّالح، ونوى أن يُمسكه، فردَّ الجواد من الرمل والتجأ إلى الملك الناصر بالكرك.
وفيها قدم كمال الدين ابن شيخ الشّيوخ فِي جيشٍ من المصريّين، فنزل غزَّة. فجهّز النّاصر عسكره مَعَ الجواد، فالتقَوْا، فكسرهم الجواد وأخذ كمالُ الدّين ابن الشيخ أسيرا، وأحضر إلى بين يدي النّاصر دَاوُد، فوبَّخَه، فقال الجواد: لا توبخه. ثم بعد قليلٍ تخيل النّاصر من الجوادِ فأمسَكه، وبَعثَ بِهِ إلى بغداد تحت الحَوْطَةِ، فلمّا نزل بنواحي الأزرق عرفه بطنٌ من العرب، [ص:30] فأطلقوه، فالتجأ إلى الملك الصّالح صاحب دمشق. ثمّ لم يثُبت، وقصدَ الفرِنج، وبقيَ معهم مدّة. ثمّ رجع إلى دمشق فحبسه الصّالح بحصن عزّتا، وهلك فِي سنة إحدى وأربعين.
وفيها شرع الصّالح صاحبُ مصر فِي عِمارة المدرسة بين القصرين، وفي عِمارة قلعة الجزيرة، وأخذ أملاك النّاس، وخرَّب نيِّفًا وثلاثين مسجدًا، وقطع ألف نخلةٍ، وغرم عَلَى هذه القلعة دَخْلَ مصر عدّة سنين. ثمّ أخربها غلِمانُهُ فِي سنة إحدى وخمسين وستمائة.
وفيها تخلَّص الوزيرُ صفيّ الدّين إِبْرَاهِيم بْن مرزوق مِنْ حَبْسِ حمْص بعد أن بقي بِهِ عدّة سنين. وكان الملك الجوادُ وصاحب حِمْص قد تعصَّبا عَلَيْهِ وأخذا منه أموالًا عظيمة، فيقال: أخذا أربعمائة ألف درهمٍ.
وفيها دخل الشيخ عز الدين ابن عَبْد السّلام الشّافعيّ إلى ديارِ مصر، وأقبل عَلَيْهِ السلطان إقبالًا عظيمًا، وولَّاه الخطابة والقضاء، فعزل نفسه من القضاء مرتين وانقطع.
وفيها دخل بايجو وطائفةٌ من التّتار فِي بلادِ الروم فعاثوا، وسفكوا، وهرب منهم السّلطان غياث الدّين وضَعُف عن الملتقى.
وفيها وَلِيَ تدريس النظاميّة نجم الدّين عَبْد الله ابن البادَرائيّ مدرّس مدرسة الْإمَام النّاصر، وخُلِعَ عَلَيْهِ بطرحةٍ.
وفيها أغارَتِ الخَوارزميّة ونَهَبَتْ وسَبَتْ نَصِيبينَ ورأسَ عين ودُنَيْسَر، وقتلوا عددًا كبيرًا من المسلمين. ثمّ طلبوا الصُّلح مَعَ المظفَّر غازي، فحَلَّف لهم وحَلَّفوا لَهُ، ومقدّمهم الكبيُر هُوَ بركة خان، وهم نحو خمسةِ آلاف فارس. ودونَ بركة خان فِي الرُّتبة اختيارُ الدّين بردي خان، وقد كانَ أمير حاجب السّلطان جلال الدّين، وهو شيخٌ داهيةٌ، لَهُ رأيٌ ورواءٌ، ودونه صارو خان، شحنة الجمال التّي لجلال الدّين خوارَزْم شاه؛ وهو شيخٌ بطينٌ أبْلَهُ، ثمّ كشلوخان تربية جلال الدّين؛ شابٌ عاقلٌ، وابنُ أختِ جلال الدّين، وبهادر، وبكجري، وتبلو، وغيرهم من الأمراء. وهذا بركة خان، شابٌ مليح أوّل ما طرَّ شاربُه. فتزوّج الملكُ المظفَّر بابنةِ عمّ بركة خان، وتسلّطت الخَوارَزميّة عَلَى بلادِ الجزيرة، وبالغوا فِي العيثِ والفسادِ، وخرَّبوا أعمال الموصل حتى [ص:31] أُبيعَ الثَّورُ بأربعَة دراهمَ، وقِنطارُ الحديِد بدرهمين ثلاثة، والحمارُ بثلاثَة دراهم، لكثرة الشيء ولكونه حرامًا؛ قَالَ سعد الدّين هذا كلَّه، وقال: فِي رمضان نفوا الحريريّة من ميافارقين - وأنا بها - لكثرة إفسادهم أولاد النّاس.(14/29)
-سنة أربعين وستمائة
فيها عَزَمَ الصّالح صاحبُ مصر عَلَى قصدِ الشّام، فقيلّ لَهُ: البلادُ مختلفةٌ، فجهَّزَ الجيشَ وأقام.
وفيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بين صاحب ميَّافارقين شهاب الدّين وبين عسكر حلب. كانت الخَوارَزميّة قد خرَّبوا بلاد المَوْصِل وقُراها ومارِدينَ. وحَلَّفوا لصاحب ميَّافارقين وحَلَّفَ لهم، ووافقهم صاحبُ مارِدين. فجمع صاحب ميافارقين الخانات، وهم مقدموا الخَوارَزميّة وشاوَرَهم، فقال: لَا بُدَّ من تخريب بَلَد المَوْصِل، وقالوا هُمْ: لَا بُدَّ من اللّقاء. فلمّا كَانَ فِي المحرَّم رَكِبوا وطلَّبوا من جبلِ مارِدين إلى الخابور. وساقوا إلى المَجْدَل، ووقف الخانات مَيْمنةً ومَيْسرة، وغازي صاحب ميَّافارقين فِي القلب. وأقبلَ عسكر حلب فصَدَموا صدمة رَجُل واحد، فانهزمت الخَوارَزميّة، ورَكِبَ الحلبيون أقفيتهم أسرًا وقَتْلًا، ونَهَبوا أثقالَ غازي وعساكره، وأغنام التُّركمان ونساءهم. وكانوا خَلْقًا، وأبيع الفرسُ بخمسة دراهم، والشّاةُ بدرهمٍ، ونُهِبَت نَصيبينُ وسُبِيَ أهلُها. وقد نُهَبِت قبلَها مرارًا من المَوَاصِلة والخَوارَزميّة. ثمّ فعلوا كذلك برأس العين والخابور. وجرت قبائح.
وفيها مَلَكَ شهابُ الدّين غازي مدينة خِلاط.
وفي شوَّال قَدِمَ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هود مُرْسِية بجماعةٍ من وجوه الفرِنج، فملَّكَهم مرسية صلحا.
وفيها كان الوباء ببغداد، وزادت الأمراض. وتوفي المستنصر بالله، وبُويع ابنه المستعصمُ بالله أَبُو أَحْمَد عَبْد اللَّه بْن منصور، الّذِي استُشهد عَلَى يد التتار. [ص:32]
وفيها سارَ من مصر الجيشُ لمحاصرة الصّالح إسماعيل، وعليهم كمال الدين ابن الشَّيْخ، فمات بغزَّة، فقيل: إنه سُقِيَ السُّمَّ.
قَالَ سعد الدّين الْجُوينيّ: وفي المحرَّم أخذت التتارُ أرْزَنَ الرُّوم، وقتلوا كلَّ من فيها. وانجفلَ أهلُ خِلاط، وتفرَّقوا خَوْفًا من التتّارِ. ثمّ حكى كسرة الحلبيين للمظفَّر وللخَوارَزميّة. ثمّ قَالَ: حكى شخصٌ من أهل نصيبين، قَالَ: نُهِبَت نصيبينُ فِي هذه السّنة سبع عشرة مرَّة: من المَوَاصِلة والمارِدانيّة والفارِقيّة، ولولا بساتيننا هجَّينا فِي البلاد، فما شاء اللَّه كَانَ.(14/31)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(14/33)
-سنة إحدى وثلاثين وستمائة(14/33)
1 - أَحْمَد بْنُ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أسد، المنتجب أَبُو الْعَبَّاس الدّمشقيّ. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعَ أَبَا القاسم الحافظ، وأبا سعد بْن عَصْرون، وسمِعَ بعد ذَلِكَ بمصر من البوصيريّ.
وهو جدُّ صاحبنا شرف الدّين أَحْمَد بْن نصر اللَّه بْن أُسيدة.
كُتُب عَنْهُ جماعةٌ. وروى عَنْهُ بالإجازة فاطمة بنت سليمان، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وعليُّ بْن هارون الثَّعلبيُّ.
وتُوُفّي فِي رابعَ عشرَ ذي الحِجَّة.
وأصلُه من صُور.(14/33)
2 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن نصر، أَبُو الْعَبَّاس ابن المركب، القَيْسيُّ الطّبيبُ. [المتوفى: 631 هـ]
حدَّث عن عَبْد الرحمن بن علي اللخمي، والقاسم ابن عساكر.
ومات فِي شَعْبان.(14/33)
3 - أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر جعْفَر بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه، أَبُو الْعَبَّاس الحَرْبيُّ، المعروفُ بابنِ عمَّارة. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعَ من عُمَر بْن بُنَيْمان المُسْتَعمل، وعبد المغيث بن زهير.
وحدث.
وللفخر ابن عساكر، ولمحمد بن يوسف الإربلي، ولمحمد ابن الشّيرازيّ، منه إجازةٌ.
وتُوُفّي فِي المحرَّم. [ص:34]
وعمَّارة: بالتّشديد؛ قيَّدهُ المنذريُّ.(14/33)
4 - أَحْمَد بْن عَبْد السيّد بْن شَعْبان بْن مُحَمَّد بْن جَابرِ بْن قَحْطان، الأمير الكبير صلاح الدّين الإرْبِليُّ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِدَ ونَشَأَ بإرْبِل، وقَدِمَ مصر. وكان حاجبَ الملك مظفَّر الدّين صاحب إرْبِل، فتغيَّر عَلَيْهِ، وسجَنَه مدّةً، ثمّ أطلقَه، فقصد الشام صُحْبة الملك القاهر أيوب ابن العادل. فخدم الملك المغيث محمود ابن العادل. فلما تُوُفّي المغيثُ دخَلَ مصر، وخدم السلطان الملك الكامل، وعظم عنده، وأحبه.
وكان فقيها، عالما، أديبا، شاعرًا مجوّدًا، ظريفًا، فصيحًا.
ثمّ إنَّ الكامل تغيَّر عَلَيْهِ وحبسَهُ سنة ثمان عشرة، فبقي فِي الحبس خمس سنين، وعَمِلَ:
ما أمرُ تجنِّيك عَلَى الصَّبِّ خَفِي ... أفنيتُ زَماني بالأسَى والأسَف
ماذا غضبٌ بقدرِ ذَنْبي فلَقَد ... بالغتَ وما أردت إلاّ تلفي
ثم أوصلهما لبعض القِيان، فغَّنت بِهِ للملك الكامل فأعجبه، وقال: لِمَنْ هذا؟ قِيلَ: للصلاح الإرْبِليّ فأطْلَقَه، وعاد إلى منزلته.
وله ديوان ودوبيت كثيرٌ. وله:
يومَ القيامةِ فيهِ ما سَمِعْتَ بِهِ ... مِنْ كُلَّ هولٍ فَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَر
يَكْفيكَ مِنْ هَوْلِه أنْ لَسْتَ تبلُغُهُ ... إلَّا إذا ذُقْتَ طَعْمَ المَوْتِ بالسَّفرِ
وكان فِي خدمة الكامل حين قصد الروم، فمَرِضَ بالمُعَسكر وحُمِلَ إلى الرُّها فمات قبل دخولها، ودُفِنَ بظاهرها فِي ذي الحجّة. وعاشَ سِتِّين سنةً. ثمّ نقله ابنهُ بعد أعوام إلى مصر ودفنه بتربته.
وكان الصاحب محيي الدين ابن الْجَوْزيّ قد توجَّه رسولًا إلى مصر، فانتظروه فتأخر أيّامًا، فعمل الصّلاح الإرْبِليّ:
قالُوا الرسولُ أتَى وقالوا إنَّهُ ... ما رَامَ يَوْمًا عن دِمَشقَ نُزُوحًا
ذَهَبَ الزّمانُ وَمَا ظَفَرتُ بمسلمٍ ... يَرْوي الحديثَ عَنِ الرسوِل صَحِيحا(14/34)
5 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثَبَات، الْإمَام أَبُو الْعَبَّاس الواسطيُّ الشّافعيُّ الفَرَضِيُّ الحاسبُ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد فِي حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ ببغداد من أَبِي طَالِب المبارك صاحب ابن الخَلّ.
وكان بصيرًا بالفرائض والحساب، وصنَّف فِيهِ. وانتفع بِهِ جماعةٌ.
تُوُفّي فِي رجب.(14/35)
6 - أَحْمَد ابن الموفّق مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح محمود بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عثمان، الشرف أبو العباس ابن الصابوني، المحموديُّ الشّافعيُّ. [المتوفى: 631 هـ]
حدَّث بدمشق ومصر عن السلفيّ، وأَبِي الفتح بْن شاتيل.
روى عَنْه ابن عمه الجمال محمد ابن الصابوني، والمحيي محمد ابن الحَرَستانيّ الخطيبُ، وأخوه عَبْد الصَّمد، وسعدُ الخير بنُ أَبِي القاسم النابُلُسيّ؛ وأخوه أَبُو الفَرَج نصرٌ، وإِبْرَاهِيم بْن عثمان اللّمتونيُّ؛ وأخوه عليٌ، وأَبُو الْحُسَيْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد اليُونينيُّ، وجماعةٌ.
قال الحافظ المنذري: سَمِعْتُ منه، وتُوُفّي فِي ثالث رمضان بمصر، وسألتُه عن مولده: فذكر ما يدلُّ تقريبًا أنه في سنة تسعٍ وستين وخمسمائة.
قلتُ: وكان كريمُ النفسِ، دائمَ البِشْر.(14/35)
7 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد، الشريف أبو هاشم الهاشمي العباسي الحَلَبيُّ الشاعرُ، بدرُ الدّين. [المتوفى: 631 هـ]
من ذريةِ صالح بْن عَلِيّ الهاشميِّ الأمير عمِّ المنصور، ولم يَزَلْ آباؤه بحلب منذ وَلِيَها صالحٌ، ولهم وقفٌ عليهم.
وكان شاعرًا مجوِّدًا. [ص:36]
تُوُفّي فِي رمضان.(14/35)
8 - أَحْمَد بْن مُسلْمِ بْن أَبِي البدر بْن عَبْد الرّزّاق، أَبُو الْعَبَّاس الرَّاذانيّ. [المتوفى: 631 هـ]
بغداديٌ،
سَمِعَ من أَبِي المكارم المبارك بْن مُحَمَّد الباذرائيّ.
وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.(14/36)
9 - أَحْمَد بْن منظور بْن ياسين، أَبُو الْعَبَّاس العَسْقلانيُّ ثمّ الْمَصْريّ الحريريُّ التّاجرُ. [المتوفى: 631 هـ]
كهلٌ،
سَمِعَ مَعَ زكيّ الدّين عَبْد العظيم من جعْفَر بْن آموسان.
وكَتَبَ عَنْهُ زكيُّ الدّين، وقال: ماتَ فِي رجبٍ.(14/36)
10 - أَحْمَد بْن يوسف بْن علي، أبو العباس الكردي الهكاري الجندي. [المتوفى: 631 هـ]
حدَّث عن السَّلَفِيَّ. روّى عَنْهُ الزّكيُّ المنذريُّ، وسألَه عن مولده، فقال: بدمشق فِي سنة أربعٍ وخمسين. وله غزواتٌ ورباط. وماتَ فِي الثاني والعشرين من ربيعٍ الآخر.
وروى عَنْهُ الجمال محمد ابن الصابونيّ، وغيره.(14/36)
11 - إِسْمَاعِيلُ بْن أَبِي جعْفَر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر، أَبُو الْحُسَيْن القُرْطُبيّ ثمّ الدّمشقيُّ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد بدمشقَ سنة تسعٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من يحيى الثقفي، وعبد الرحمن ابن الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، وجماعةٍ.
كتبَ عَنْهُ ابن الحاجب، وغيرُه.
وروى عنه الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وبالإجازة الفخر ابن عساكر، وفاطمةُ بِنْت سُليْمان، والقاضي تقيُّ الدّين، وابنُ الشّيرازيّ.
وكان صالحًا، زاهدًا، وَرِعًا، تقيَّا، منقبضًا عن الناس. وكان مُقرئًا فصيحًا. أمَّ بالكلاسة مدّةً. وكان كثير الوَسْواسِ فِي الطهارة. [ص:37]
قَالَ أَبُو شامة: وفي منتصفِ شوَّال تُوُفّي البُرهانُ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي جعْفَر إمامُ الكلاسَة، وكانت له جنازةٌ عظيمةٌ وكن منقطعًا بالمنارَة الشَّرْقيّة.(14/36)
12 - إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن باتكين، أَبُو محمدٍِ الْجَوْهريّ. [المتوفى: 631 هـ]
شيخٌ صالحٌ بغداديٌ، مسندٌ.
وُلِد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من هبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق، وأَبِي المعالي عُمَر بْن عَلِيّ الصَّيْرفيّ، وابن البَطِّي، وأَبِي زُرْعَة، ويحيى بْن ثابت، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن البَيْضاويّ، وأَحْمَد بْن المُقرَّب، وعَبْد اللَّه بْن سعد خزيفة، وشهدة، وجماعةٍ.
روى عنه أحمد ابن الجوهري، وعمر ابن الحاجب، وعز الدين أحمد الفاروثي، والمحب ابن النجار، وابن نقطة.
وأجاز للفخر ابن عساكر، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان، والقاضي الحنبليِّ، وغيرهم.
ومن مسموعه كتاب " المغازي " لعبد الرزاق، سمعه من ابن البطي، قال: أخبرنا جعفرٌ الحكاك، قال: أخبرنا محمد بْن الْحُسَيْن الصَّنْعانيُّ، عن النَّقَويِّ، عن الدَّبَريّ، عَنْهُ. وسَمِعَ كتاب " المغازي " لموسى بْن عُقبة، من ابن المقرب، قال: أخبرنا أبو طاهر ابن الباقلانيِّ. وسَمِعَ كتاب " مُسنِد الطَّيَالِسيّ "، من ابن البطي، قال: أخبرنا حمد الحدّاد. سَمِعَ الكتبَ الثلاثة منه أبو العباس ابن الْجَوْهريّ.
قَالَ ابن نُقْطة: سَمِعْتُ منه، وسماعه صَحِيح.
وقال غيره: شيخٌ صالح، ثقة، مسندٌ.
تُوُفّي فِي الرابع والعشرين من ذي القِعْدة.
وقد تفرد بإجازته أبو نصر ابن الشيرازي.(14/37)
13 - إِسْمَاعِيل بْن أَبِي طَالِب المبارك بْن عَبْد الخالق، أبو أحمد ابن الغضائري، البغدادي. [المتوفى: 631 هـ]
ولد سنة ستين وخمسمائة، وحدث عن شُهْدة. وكان تاجرًا.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة إسماعيل ابن عساكر، وابنُ عمِّه البهاء.
مات فِي ربيع الأول.(14/38)
14 - آمنةُ بنتُ الزَّاهد أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، الصالحةُ العابدةُ أمُّ أَحْمَد المقرئةُ. [المتوفى: 631 هـ]
كَانَ البناتُ بالدير يقرأْنَ عليها. وكانت حافظةً لكتابِ اللَّهِ.
رَوَتْ بالإجازة عن أبي الفتح ابن البطي، وابن المقرب، وسعد الله ابن الدجاجي.
روى عنها أخوها الشيخ شمس الدين، والفخر عليٌ، والشمس محمد ابن الكمال.
قال ابن الحاجب: قرأت القرآن عَلَى والدها. وقال لي الحافظُ الضياء: ما أعلمُ رأيتُ أمرأةً ولا رجلًا فِي الخيرِ مثلها. وسافرتُ معها إلى مَكّة. وما أظنُّ كاتِبيها كتبا عليها خطيئةً، ولا أعرف لها سيئةً. وكانت كثيرة الصدقة.
ولدت سنة خمسٍ وخمسين بجبلِ قاسِيُون، وتُوفّيت فِي سَلْخ رمضان.
قلتُ: آخر من روى عَنْها بالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وهي عمَّةُ جدِّه.
وتُوفَيت أختها خديجة بعد جمعة.(14/38)
15 - بسَّامُ بْن أَحْمَد بْن حُبَيش بْن عُمَر بن عبد الله بن شاكر، أبو الرضا الغافقيُّ الجيَّانيُّ. [المتوفى: 631 هـ]
نزيلُ مالَقة.
سَمِعَ من أَبِيهِ، وأبي عبد الله ابن الفخار، وأبي جعفر بن مضاءٍ، ويحيى ابن نجبة بْن يحيى، وأبي القاسم بْن بَشْكُوال. وروى أيضًا عن أَبِي زيد السُّهَيْلي، وأَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وجماعةٍ. [ص:39]
قَالَ الأبار: وكان من أهلِ الفضلِ، والورع، والعنايةِ بالحديث. وله حظٌ من العربية والشعر. ووَلِيَ القضاء بالمُنكَّب، وغيرها. وحدَّث. وتُوُفّي فِي عاشر شَعْبان بمالَقة. ووُلِدَ سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.(14/38)
16 - ثابتُ بْن تاوان بْن أَحْمَد، الْإمَام نجم الدّين أَبُو البقاء التَّفليسيُّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 631 هـ]
حدَّث عن أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، وغيره.
وكان صوفيًّا جليلًا، معظَّمًا، نبيلًا، لَهُ معرفةٌ بالفقه والأصول والعربية والأخبار والشعر والسُّلوك. وكان صاحب رياضات ومجاهدات. وكان من كبارِ أصحاب الشَّيْخ شهاب الدّين السُّهْرَوَرْدِي وأذِنَ له أن يُصْلِح ما رَأَى فِي تصانيفه من الخللِ.
قَدِمَ دمشقَ وكان شيخ الأسدية، وشيخ المُنَيْبع. وله كلام فِي التّصوّف، وشعرٌ حَسَن.
قَالَ أَبُو شامة: كَانَ كبيرَ المحلَّ، حسن الأخلاق، مشتغلا بعلمي الشريعة والحقيقة.
وقال المنذريُّ: قَدِمَ مصرَ رسولًا من الديوان العزيز، ولم يتفق لي الاجتماعٌ بِهِ.
قلتُ: وهو مليحُ الكتابة، نسخ الأجزاء، وعُنيّ بالرواية سنة نيفٍ وعشرين، وسَمَّعَ ولدهُ.
وولد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وتُوُفّي فِي سابع جُمَادَى الأولي.
روى عَنْهُ الجمال ابن الصابوني، وبالإذن البهاء ابن عساكر.(14/39)
17 - ثعلبُ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد، القاضي رضيُّ الدّين أَبُو العباس، الْمَصْريّ الشّافعيُّ الفقيهُ الخطيبُ العَدْلُ. [المتوفى: 631 هـ]
تفقَّه عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن حَمُّوَيْه الْجُوَينيّ شيخ الشيوخِ. وشَهِدَ عند [ص:40] قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السُّكّريّ، ومن بعده.
ووَلِيَ القضاء بالجيزة، والخطابة بالجامع المجاور لضريحِ الشّافعيّ.
وتُوُفّي فِي ذي الحجة.(14/39)
18 - الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سَكَن، أَبُو عَلِيّ المَوْصِليّ. [المتوفى: 631 هـ]
شيخٌ رئيسٌ، أديبٌ شاعرٌ. تُوُفّي فِي ذي الحجة، وهو في عشر التسعين.(14/40)
19 - الْحَسَن بْن أَبِي طَالِب، صفيُّ الدّين البغداديّ الأديبُ. [المتوفى: 631 هـ]
جاوَرَ بالمدينة، وكتبَ لصاحبِ المدينة، ثمّ وَزَرَ لَهُ، واشتدَّ عَلَى قَمْع المفسدين، فوثَبَ عَلَيْهِ جماعةٌ عَلَى باب المسجد النبويّ فضربوه بأسيافهم وقتلوه داخلَ المسجد فِي آخر سنة إحدى وثلاثين.(14/40)
20 - الْحُسَيْن بْن أَبِي بكرٍ المبارك بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن مُسلْمِ، الشَّيْخ سراج الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الرَّبَعِيُّ الزَّبيديُّ الأصل البغداديّ الفقيهُ الحنبليُّ البابصريُّ الفَرَسيُّ؛ [المتوفى: 631 هـ]
نسبة إلى ربيعة الفرس.
ولد سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة تقريبًا، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين.
وسَمِعَ من جده، وأبي الوقت السجزي، وأبي الفتوح الطائيِّ، وأَبِي زُرْعَة المَقْدِسيِّ، وأَبِي حامد الغَرْناطيّ، وأَبِي زيد جعْفَر بْن زيد الحَمَويّ، وغيرهم. وأجاز لَهُ أَبُو عَلِيّ الخزَّاز، وغيره. وحدَّث ببغداد ودمشق وحلب.
وكان فقيهًا، فاضلا، دَينًا، خيرًا، حسن الأخلاق، مُتواضعًا، درَّس بمدرسة الوزير عَوْن الدّين يحيى بْن هبيرة.
وحدَّث عَنْهُ خلقٌ لَا يُحصَوْنَ، منهم: أَبُو عبد الله الدبيثي، والضياء، والبرزالي، وابن أبي عُمَر، وسالم بْن ركاب، وعمر بْن محمود الرقي، ونصر بن عبيدٍ السوادي، والشهابُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخَرَزيُّ، والشَّيْخ إِبْرَاهِيم بْن عبد اللَّه الأُرْمَويُّ، والتقيُّ عُمَر بْن يعقوب الإربلي، والمنصور محمود ابن الملك الصالح إسماعيل، والحافظ محمد ابن السعد شاهنشاه ابن الأمجد، [ص:41] والمفتي تاجُ الدّين عَبْد الرَّحْمَن، والخطيبان محيي الدين محمد ابن الحَرَستاني وجمال الدّين عَبْد الكافي، ومجد الدّين يوسف بن المهتار، ومحيي الدين يحيى ابن القلانسيّ، ومجدُ الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي طَالِب الأَنْصَارِيّ، ومحيي الدّين يحيى بْن عَلِيّ المُوسَويُّ الحُسَينيُّ، وسعدُ الخير ونصرٌ ابنا النابُلُسيّ، وعلاءُ الدّين عَلِيّ بْن مُحَمَّد المرَّاكِشِيّ، والكمالُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر الحَمَويُّ، والرشيدُ عثمانُ بْن أَبِي الفضل بْن المُحَبَّر الحنبليُّ، والبدُر يوسفُ بْن إِبْرَاهِيم الزَّرَّاد سِبْطُ ابن الحنبليِّ، والحاجُّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبَّاس الخبّاز، والمحيي يحيى بْن أَحْمَد ابن المُعَلِّم، والفخرُ عُمَر بْن يحيى الكَرَجيُّ، والعماد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسّان الخطيبُ، وبدرٌ الأتابكيُّ، والمُعَمرَّ العمادُ أَبُو بَكْر بنُ هلال بْن عيّاد الحنفيُّ، والصفيُّ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الشَّقْراويُّ، والكمالُ عَلِيّ بْن مُحَمَّد الفَرنثيُّ.
وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْن اليونينيُّ، والكمالُ عَبْد اللَّه بْن قوّام، والشمسُ مُحَمَّد بْن هاشم العباسي، والنجم أبو تغلب الفاروثي، والعماد يوسف ابن الشقاري، والشرف أحمد ابن عساكر، والأمينُ أَحْمَد بْن رَسْلان، والعمادُ أَحْمَد بن محمد بن سعد، والعز إسماعيل ابن الفرّاء، وعلي بْن عثمان اللَّمْتونيُّ، وعليٌ وعمر وأَبُو بكرٍ بنو ابن عَبْد الدائم، ومُحَمَّد بْن نوال الرُّصافيّ، وأَبُو بَكْر بْن عَجْرَمة الحجّارُ، والشمسُ مُحَمَّد بْن حازم، وعلي بْن بقاءٍ الزاهدُ، والبدرُ يوسف بْن عطاء، والعزُّ أحمد ابن العماد، ونصرُ اللَّه بْن عَيَّاش، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الرُّقوقيُّ، وعُمَر بْن أَبِي الفتوح الصَّحْراويُّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي الذّكر الصقلّي، والعمادُ عَبْد الحافظ بن بدران، ويحيى ابن العدل، وأحمد ابن المجاهد، وأَحْمَد بْن عزيز اليونينيُّ، ومُحَمَّد بْن قايماز الطحان، ومحمد بن علي ابن الواسطيِّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر المَقْبُريُّ، وسونج التركماني، وعبد الصمد ابن الحّرَسْتانيّ، وعبد الحميد بْن خَوْلان، وأحمد بْن أَبِي بَكْر الهَمَذَانيّ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذهبيُّ، ونصرُ بْن أَبِي الضّوْءِ الفاميُّ الزَّبَدانيُّ، وعبد الدائم بْن أَحْمَد القبّانيُّ، وأَحْمَد بْن زَيْد الجمّالُ، وعيسى بْن أَبِي مُحَمَّد المغاريُّ، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الثَّعْلَبيُّ، والتّقيُّ أَحْمَد بْن مؤمن، وسُنْقُر القضائيّ الحَلَبيّ، والشرفُ عُمَر بْن مُحَمَّد الفارسيّ، والقاضي عَلِيّ بْن أَحْمَد الحنفيُّ، والشهابُ مُحَمَّد بْن مشرَّف التاجرُ، والمفتي رشيدُ الدّين إسماعيل ابن المعلم، [ص:42] والبدرُ حسن بْن أَحْمَد بْن عطاء، وعيسى المطعم، والقاضي تقي الدين سليمان ابن قدامة، وعثمانُ بْن إِبْرَاهِيم الحِمْصيّ، وأَحْمَد بْن أَبِي طَالِب الحجّارُ، وخديجةُ بِنْت سَعْد، وهديةُ بنتُ عَبدِ الحميد، وخديجةُ بنتُ الرَّضيِّ، وفاطمةُ بِنْت الآمِدِيِّ، وخديجة بنتُ المراتبيّ، وفاطمة بنتُ البطائحيّ، وزينبُ بِنْت الإسعرديّ، وستُّ الوزراء بِنْت المُنَجَّى، وهديةُ بنتُ عسكر، وفاطمة بِنْت الفرَّاء.
قرأت بخط السيف ابن المجد، قَالَ: بَقِيَ فِي نفسي عند سفري من بغداد سنة ثلاثين أنَّني أقدم بلا شيخ يروي " البخاري ". ثم ذكر قصة ابن روزبة، وانه سفَّره فِي سنة ستٍّ وعشرين وأعطوْهُ خمسين دينارًا من عند الصّالح العادل، فلما وَصَلَ إلى رأس عينٍ، أرغبوه، فقَعَد وسمعوا منه " الْبُخَارِيّ " ثمّ سارَ فأرغَبُوه فِي حرَّان وسَمِعُوا منه الكتاب، ثمّ فَعَلَ بِهِ أهلُ حَلَب كذلك وحَرِصُوا أن لَا يصلَ إلى دمشق، وخوَّفوه من حِصَار دمشق، فرَجَعَ إلى بغداد. قَالَ السيفُ: فمَضيتُ إِلَيْهِ وقد ذاق الكسب، فإنّه حصل لَهُ أكثر من مائة دينار فاشتط علينا، واشترط حمله ومن يخدمه، ونفقةً عند أهلَهُ وتردَّد مَعَ ذلك، فكلمنا أبا الحسن ابن القطيعيّ فاشترط مثل ذَلِكَ. فمضيتُ إلى أَبِي عبد الله ابن الزَّبيديِّ، وأنا لَا أطمعُ بِهِ فقال: نستخيرُ اللَّه، ثمّ قَالَ: لَا تُعْلِمْ أحدًا، وحرَّضَهُ عَلَى التّوجُّه ابنه عُمَر، وكان عَلَى الشَّيْخ دينٌ نحو سبعين دينارًا، فلأجله ذكر أنّه يسافرُ، فرافقناه. فكان خفيف المؤنة، كثير الاحتمالِ، حسنَ الصُّحبة، كثيرَ الذِّكر، فنِعْمَ الصاحبُ كَانَ.
قلت: ولما قَدِمَ، فَرحَ السلطانُ الأشرفُ بقدومه وذلك فِي أثناء رمضان، فأخذه إلى القلعة ولازَمه وسَمِعَ منه " الصحيح " فِي أيامٍ يسيرةٍ. ثمّ نَزَلَ إلى دار الحديث الأشرفيه وقد فُتِحَت من نحو شهر، فَحَشَد الناسُ لَهُ وتزاحموا عَلَيْهِ وفرغوا عَلَيْهِ " الصحيح " فِي شوَّال. ثم حدث بالكتاب وبـ " مسند الشّافعيّ " بالْجَبَل، واشتهرَ اسمه وبعُد صيتُه. ثمّ سافر فِي الحالِ إلى بلده، فدخل بغداد متمرّضًا، وتُوُفّي إلى رحمةِ اللَّه فِي الثالث والعشرين من صفرٍ، ودُفن بمقبُرَة جامع المنصور.
وقد حدث من بيته جماعةٌ.(14/40)
21 - خديجة بِنْت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس الحرّانيّ. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعْت من والدِها " جزء الحفّار". كتبَ عَنْهَا ابن الْجَوْهريّ، وغيره. وروى عنها بالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وسعدُ الدّين، والبهاء ابن عساكر، وغيرهم.
ولا أعلم متى توفيت، إنما كَتَبْتُها عَلَى التّخمين هُنا.(14/43)
22 - الخَضِرُ بْن بَدْران بن بغزا، الأديبُ، أَبُو الْعَبَّاس التُّرْكيّ الشَّاعرُ، [المتوفى: 631 هـ]
من أولاد الأمراءِ المصريين.
وله شعرٌ كثيرٌ. وكان شيخًا كبيرًا. عاش ثمانيًا وثمانين سنة. كُتُب عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وغيره. ومات فِي ربيعٍ الأوّل.(14/43)
23 - زكريّا بْن عَلِيّ بْن أَبِي القاسم حسّان بْن عَلِيّ بْن حُسين، أَبُو يحيى السَّقلاطونيُّ الحَرِيميُّ الصُّوفيّ، المعروفُ بابن العُلْبي. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد فِي أول سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة، وسَمِعَ من أَبِيهِ، ومن أَبِي الوَقْتِ، وأبي المعالي ابن اللحاس.
روى عنه ابن النجار، والسيف ابن المجد، والشرف ابن النابلسي، والمجد عبد العزيز ابن الخليلي، والتقي ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والشهاب الأبرقوهي، والعماد إسماعيل ابن الطبال شيخ المستنصرية، وبالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصرٍ محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ، والقاضي تقيُّ الدّين.
وكان من صوفية رباط أَبِي النّجيب السُّهْرَوَرْدِي، وكان ساكنًا لَا يكادُ يتكلّم إلا جوابًا.
وقرأتُ بخطّ السيف قَالَ: رأيتُ أسمَه قد أُلحق فِي طبقة " مسند عبد ". [ص:44]
وقد كَانَ فِي الآخر يطلبُ عَلَى السماع أجْرًا، ويُصَرِّحُ بِهِ. فسمِعَ عَلَيْهِ جماعةٌ كتاب " الدّارِميّ " وكتاب " ذمِّ الكلامِ " وعند إنهائه قَالُوا: قد بَقِيَ منه شيء إلى غدٍ أو نعطيك شيئًا؟ ثمّ لم يعودوا إِلَيْهِ، فكان يشتمهم وينالُ منهم.
قلت: ماتَ فِي أول ربيع الأول.(14/43)
24 - سعيدُ بْن أَبِي المظفَّر، البَنْدَنيجيُّ، عُرِفَ بابن عُفَيْجة. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعَ من عَبْد الحقِّ. ومات فِي جُمَادَى الأولى.(14/44)
25 - سُلَيْمَانُ بْن مظفَّر بْن غنائم، الإمامُ رضيُّ الدّين أَبُو دَاوُد الجيليُّ الشّافعيُّ. [المتوفى: 631 هـ]
تفقَّه ببغداد بالنظامية، ودرَّسَ، وأفتى، وصنَّف، وبَرَعَ فِي المذهب. وحدَّث بالإجازة عن الْإمَام الناصر لدين اللَّه. وتفقَّه عَلَيْهِ جماعةٌ كثيرة، ونُدِبَ إلى مشيخة الرباط الكبير فامتنع. وطُلِبَ للقضاء فامتنع.
قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: كان من أكابر فضلاء عصره. صنف كتابًا فِي الفقه يدخل فِي خمس عشرة مُجَلَّدة. وعُرِضَتْ عَلَيْهِ المناصبُ، فلم يفعل. وكان ديِّنًا، نيَّفٍ عَلَى الستّين. وتُوُفّي فِي ثاني ربيع الأول. وكان ملازمًا لبيته، حافظًا لوقته.(14/44)
• - السيفُ الآمِديّ، اسمه عَلِيُّ بْن أَبِي عَلِيّ. [المتوفى: 631 هـ](14/44)
26 - شهريارُ بْن أَبِي بَكْر بْن أَبِي الكَرَمِ، أَبُو أَحْمَد البغداديّ النَّساجُ الفقيرُ. [المتوفى: 631 هـ]
رجلٌ صالحٌ. حدَّث عن مُحَمَّد بْن بركة الحلّاج، وعَلِيّ بن يحيى ابن الطَّرّاح.
كُتُب عَنْهُ ابن الحاجب، وغيره.
ورَّخَهُ المنذري بالسنة.(14/44)
27 - صُهَيْب بْن عبد المُهيمن، أَبُو يحيى المرّاكشيُّ. [المتوفى: 631 هـ][ص:45]
سمع " الموطأ " من أبي بكر ابن الجدَّ، وأَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقون. سَمِعَ منه ابن فَرْتون بفاس.
وقال الأبّارُ: تُوُفّي في رمضان.(14/44)
28 - طالبُ بْن شمائل بْن أَحْمَد الغسّانيُّ، المعروفُ بابن الدندان الداراني. [المتوفى: 631 هـ]
سمع الحافظ ابن عساكر. وحدَّث عَنْهُ الزّكي البِرْزاليُّ، وغيره. وأجاز لجماعةٍ.
تُوُفّي فِي المحرَّم عن اثنتين وثمانين سنة.(14/45)
29 - طُغْريل، الأمير الكبير شهابُ الدّين أتابَك السلطان الملك العزيز [المتوفى: 631 هـ]
صاحبُ حلب ومدبِّر دولته.
كَانَ خادمًا، رئيسًا، من كبار الأمراء الظّاهرية. لمّا تُوُفّي أستاذُه، قام بأمرِ ولده الملكُ العزيز أتمَّ قيام. وحَفِظَ عَلَيْهِ البلاد، واستمالَ الملكَ الأشرف حتّى أعانهم ودافَعَ عنْهُم.
وكان طُغريلُ صالحًا، ديِّنًا، صاحب ليلٍ وبكاءٍ. وكان كثيرَ الصدقات، وافرَ الخيرات. كَان الملكُ الأشرف يَقُولُ: إن كَانَ لله فِي الأرض وليٌ، فهو هذا الخادم. ولمّا استعاد الأشرفُ تلَّ باشرٍ، دفعها لَهُ، وقال: هذه تكونُ برسم صدقاتك، فإنَّك لَا تتصرّف فِي أموال الصغير. وكان قد طهَّر حلب من الفِسقِ والخمور والمكوس والفُجورِ؛ قاله أَبُو المظفَّر الْجَوْزيّ.
تُوُفّي بحلب فِي حادي عشر المحرَّم، ودُفِنَ بباب أربعين.
وقد حدَّث عن الصّالح أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الفاسي.(14/45)
30 - طيٌ الْمَصْريّ، الفقيرُ الصالحُ مريدُ الشَّيْخ مُحَمَّد القَرَويّ. [المتوفى: 631 هـ]
قدِمَ الشام وانقطع إلى العبادة بزاويته بدمشق بناحية عُقْبة الكتان. وكان كيِّسًا، لطيفًا، ذا مروءةٍ، صَحِبَه جماعةٌ. [ص:46]
قَالَ ابن الْجَوْزيّ: كانت مجالسي تطيبُ بحضوره.
قلتُ: دُفِنَ بزاويته. ونسبه بعضهم إلى الزَّوكرة والمحال. ولمّا مَرِضَ، نزل الملك الأشرف فعاده. فلمّا تُوُفّي أوصى السلطان عَلَى أولاده، وقرَّر ابنه فِي المشيخة. وكان الحريريةُ ينالونَ من طيٍ ويؤذونه.
قَالَ العزُّ النّسّابة: مات شابًا، وحضره خلقٌ، وخلف جملة.(14/45)
31 - الْعَبَّاسُ، الأميرُ أَبُو عبد اللَّه [المتوفى: 631 هـ]
أخو الْإمَام الخليفة المستنصر بالله.
تُوُفّي فِي المحرَّم، وغسَّلَهُ عَبْد العزيز بْن دُلف. وعُمِلتَ فِيهِ المراثي.(14/46)
32 - عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الواعظ، أَبُو مُحَمَّد ابن الكمال الأنباريّ [المتوفى: 631 هـ]
صاحب العربية.
ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسَمِعَ من أَبِيهِ، وعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل. وحدَّث. ومات فِي صفر.(14/46)
33 - عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحمن بْن عَبْد اللَّه بْن عُفَير، أَبُو مُحَمَّد الأُمَويّ مولاهم، البَلَنْسِيُّ، المحدِّثُ. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعَ أَبَا مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، وحجَّ فسَمِعَ من يونس بْن يحيى الهاشميِّ، وزاهر بْن رُسْتُم. ودخل العراق وخُراسان والشام. وسَمِعَ من عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، والمؤيَّد الطُّوسيّ، والتّاج الكندي؛ سَمِعَ منه " تاريخ بغداد ". وسمع " الموطأ " و " صحيح مُسلْمِ " من المُؤيَّد. ثمّ قفل إلى المغرب. وحدث بتونس.
وتوفي بعد الثلاثين وستمائة؛ قاله الأبّار.(14/46)
34 - عَبْد اللَّه بْن عَبْد الودود بْن مُحَمَّد، أَبُو السعود البصْريُّ، المعروفُ بابن الدباس. [المتوفى: 631 هـ][ص:47]
سمع من عبد الله بن عمر بن سليخ. وماتَ فِي ربيع الأوّل.(14/46)
35 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حُسين، أَبُو مُحَمَّد العَبْدَريُّ الغَرْناطيُّ الكوَّاب. [المتوفى: 631 هـ]
روى عن أَبِي الْحَسَن بْن كوثر، وأَبِي خَالِد بْن رفاعة. وتصدَّر لإقراء القرآن.
وكان وَرِعًا، صالحًا، خطيبًا ببلده.
تُوُفّي عن خمسٍ وسبعين سنة.
ومن الطلبة من سمَّاه عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن مجاهد.
وقد قرأ بالسبع على الخطيب محمد بن أحمد بن عروس الغرناطي، صاحب يحيى بن الخلوف.
قرأ عَلَيْهِ بالرواياتِ عددٌ كبير، منهم: مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الطّائيّ النَّحْويّ، وأَبُو عَلِيّ الْحَسَنُ بن أبي الأحوص، وأبو جعفر أحمد ابن الطَّبّاع، وقرأ أيضًا عَلَى أَبِي خالدٍ يزيدَ بن رفاعة تلميذ أبي الحسن ابن الباذش.
قال ابن مسدي: لم ألق مثله إتقانا وتجويدًا. وكان يعملُ فِي شبيبتهِ الأكوابَ. وكان خطيبَ غَرْناطةَ.(14/47)
36 - عَبْد اللَّه بْن يُونُس الأرْمَنِيُّ، الشَّيْخ الزاهد القُدوة [المتوفى: 631 هـ]
نزيلُ سَفْح قاسيُون، وهو من أرْمينيَة الرُّوم، وقيلَ من قُونية.
جالَ فِي البلاد، ولَقِيَ الصُّلحاءَ والزُّهادَ. وكان صاحبَ أحوالٍ ومجاهداتٍ. وكانَ سَمحًا، لطيفًا، متعفِّفًا، لازمًا لشأنِه، مطَّرحَ التكلّف. ساحَ مُدَّةً وبَقِيَ يَتَقَنَّعُ بالمُباحاتِ. وكان متواضعًا، سَيِّدًا، كبيرَ القدر، لَهُ أصحاب ومريدون. ولَا يكاد يمشي إلا وحدَه، ويشتري الحاجةَ بنفسه ويحملُها. وكانت لَهُ جنازةٌ مشهودةٌ. وكان قد حفظ القرآن، و" كتاب القُدُوري "، فوَقَعَ برجلٍ من الأولياءِ، فدلّه عَلَى الطريق إلى اللَّه.
وقد طَوَّل أَبُو المظفَّر الْجَوْزيُّ ترجمتَه، رحمه اللَّه تعالى.
وتُوُفّي فِي التاسع والعشرين من شوَّال، وزاويتهُ مطلةٌ عَلَى مقبرة الشيخ [ص:48] الموفَّق.(14/47)
37 - عَبْد الحقّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحقّ، أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ المغربي المَهْدويُّ، [المتوفى: 631 هـ]
قاضي الجماعةِ بمَرَّاكِش وبإشْبِيليَةَ.
وَلِيَ أولًا قَضاء غرناطة، ثم ولي سنة تسع عشرة وستمائة قضاء مَرَّاكِش وَقْتًا، وامتْحِنَ فيها بالفتنَة المُتفاقمةِ حينئذٍ.
قَالَ الأبار: وكانَ من العلماء المُتَفِّننين، فقيهًا، مالكيًّا، حافظًا للمّذْهب، نَظّارًا، بَصيرًا بالأحكام، صَلِيبًا فِي الحق، مَهِيبًا، مُعَظَّمًا. وله كتابٌ فِي الردِّ عَلَى أَبي مُحَمَّد بن حَزْم؛ دلِّ على فضله وعلمه، وأفادَ بوضعِه، ولا أعلمُ لَهُ روايةً. وذَكر وَفاتَهُ.(14/48)
38 - عَبْد الحميد بنُ أَبِي المكارم عَرَفَة بن علي بن الحسن، أبو سعد ابن بُصْلا، البَنْدَنيجيُّ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد سنة نيفٍ وستّين. وسَمِعَ من عَبدِ الحقِّ اليوسُفيِّ، وشُهْدَةَ.
وكانَ شيخًا صالحًا، عابِدًا. مات فِي ذي القَعْدةِ.(14/48)
39 - عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن الْحسن بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن، القاضي أبو نصرٍ الدّمشقيُّ ابن عساكر، [المتوفى: 631 هـ]
أخو تاج الأمَناء وزين الأمَناء وفخرِ الدّين.
كَانَ ناقصَ الفَضِيلة. سَمِعَ الكثير من عَمَّيْه الصّائِن والحافظِ، وعبدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي العجائز، وأَبِي بَكْر عبدِ اللَّه بْن مُحَمَّد النُّوقانيّ، وأَبِي نصرٍ عَبدِ الرحيم اليُوسُفيِّ، وأَبِي المعالي بْن صابر، وأَبِي المفاخر عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن البَيْهقيّ، وغيرهم.
روى عنه الزكي البرزالي، والشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية. وحدثنا عنه الشرف أحمد ابن عساكر، وأبو الفضل محمد بن يوسف الذهبي، وأبو إسحاق إبراهيم ابن المخرمي. وبالحضور الفخر إسماعيل ابن عساكر، والبهاء قاسم ابن عساكر. وأجاز للقاضي تقي الدين سُلَيْمَان، ولجماعةٍ. وكان يُلَقَّبُ بالقاضي. [ص:49]
قرأت بخط عمر ابن الحاجب فِي ترجمة هذا، قَالَ: لم يَكُن عندَه ممّا عند بيته لَا قليل ولا كثير. وكان يُرمَى برذائلَ لَا تَليقُ بأهلِ العلم. وكان الغالبُ عَلَيْهِ البَلَه والخواثةَ. وسألتُ أَبَا عبدِ اللَّه البِرْزاليّ عَنْهُ، فقال: ليسَ بثقةٍ.
قَالَ المنُذري: تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من شَعْبان. وقد (أجاز لي).(14/48)
40 - عَبدُ السلام بنُ يوسُف بْن عَلِيّ البَرْزِيُّ؛ [المتوفى: 631 هـ]
من قرية بَرْزَة.
حدَّث عن أَبِي الفتح عُمَر بْن عَلِيّ بْن حُمُويه. وتُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
روى عنه الزكي البرزالي، وغيره. وأجاز لطائفةٍ.
وكان أمينًا في القرى. وقد صحب الحافظ عبد الغني مديدة.(14/49)
41 - عبد العزيز بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بن عبد الباقي، أبو محمد ابن الصواف الإسكندري. [المتوفى: 631 هـ]
شيخٌ صالحٌ، معتبرٌ، مؤدبٌ ببلده. ولد في سنة خمس وخمسين. وحدث عن السلفي. كُتُب عَنْهُ ابن الحاجب، وغيرُه. وحدثني عَنْهُ حفيداه الشرفُ يحيى وأبو المعالي محمد ابنا أحمد ابن الصّوّاف.
وتُوُفّي فِي رابع ذي القَعْدة.(14/49)
42 - عَبْد المُجِير بْن مُحَمَّد بْن عشائر، أَبُو مُحَمَّد كمالُ الدّين القَبِيصيّ العَدْلُ. [المتوفى: 631 هـ]
شيخٌ مُعَمِّر، فاضلٌ.
قَرَأَ القراءات بالموصلِ عَلَى يحيى بْن سعدون القُرْطُبيّ، وسَمِعَ منه ومن خطيب المَوْصِل.
قَالَ الزّكيّ المُنذريُّ: كَانَ من القرّاءِ المجوِّدين، وأعيانِ الفقهاء. توفي في جمادى الأولى. [ص:50]
قلت: سَمِعَ منه القاضي مجدُ الدّين العَدِيميّ، وغيرُه. وكان عاليَ الإسنادِ فِي القراءاتِ. ولا أعْلَمُ أحدًا مِمَّنْ قرأ عَلَيْهِ.
وقد روى عَنْهُ القراءات بالإجازة عَبْد الصَّمد بْن أَبِي الجيش.(14/49)
43 - عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن شُنَيْف، أبو الفرج الدارقزي. [المتوفى: 631 هـ]
حدث عن مَسْعُود بن مُحَمَّد بْن شنيف. ومات فِي جُمَادَى الآخرَة.(14/50)
44 - عَلِيّ بنُ حسّان بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن الكُتبيُّ الحنفيُّ. [المتوفى: 631 هـ]
حدَّث عن أَحْمَد بن حمزة ابن الموازينيِّ، والخُشَوعيّ.
وكان فقيهًا، فاضلًا. لَقَبُه موفقُ الدّين.
انتقى لَهُ زكيّ الدّين البِرْزاليُّ " جزءًا ".
روى عنه أمين الدين عبد الصمد ابن عساكر، والمجد ابن الحُلْوانية، ومُحَمَّد بْن عَرَبْشَاه.
تُوُفّي فِي رابع عشر شَعبان.(14/50)
45 - عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سالم التَّغْلِبيُّ، العلامةُ المتكلمُ سيفُ الدين الآمِديُّ الحَنبليُّ ثمّ الشافعيُّ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد بعد الخمسين وخمسمائة بيسيرٍ بآمِدَ، وقرأ بها القراءات عَلَى الشَّيْخ محمدٍ الصّفّارِ، وعمارٍ الآمدِيّ. وحَفِظَ " الهدايةَ " فِي مذهب أَحْمَد. وقرأ القراءات أيضًا ببغداد عَلَى ابن عُبَيْدة.
وقَدِمَ بغداد وهو شابٌ فتفقَّه بها على أبي الفتح ابن المَنِّي الحنبليّ، وسَمِعَ من أَبِي الفتح بْن شاتيل. ثمّ انتقلَ شافعيًا وصَحِبَ أَبَا القاسم بْن فَضْلان، واشتغلَ عَلَيْهِ فِي الخِلاف، وبَرَعَ فِيهِ. وحَفِظَ طريقةَ الشَّريف، ونَظَرَ فِي طريقةِ أسعد المِيهَنيّ، وغيرهِ. وتفَّننَ فِي علمِ النَّظر، والفلسفة وأكثرَ من ذَلِكَ. وكان من أذكياء العالم.
ثمّ دخَلَ الدّيار المصرية وتصدَّرَ بها لإقراء العقلِّياتِ بالجامع الظافريِّ. وأعادَ بمدرسة الشّافعيّ. وتخرَّجَ بِهِ جماعةٌ. وصنَّفَ تصانيفَ عديدة. ثمّ قاموا عليه، [ص:51] ونسبُوه إلى فساد العقيدة والانحلال والتّعطيل والفلسفة. وكتبوا محضرا بذلك.
قال القاضي ابن خلّكان: وضَعُوا خطوطَهم بما يُستباح بِهِ الدَّمُ، فخَرَجَ مُستخفيًا إلى الشام فاستوطَنَ حماةَ. وصنَّفَ فِي الأصلين والمنطقِ والحكمةِ والخِلافِ، وكلّ ذَلِكَ مفيد، فمنه كتابُ " أبكار الأفكار " فِي علم الكلام، و " منتهى السول فِي علم الأصول ". وله طريقة فِي الخلاف. وشَرَحَ جدلَ الشريف. وله نحوٌ من عشرين تصنيفًا. ثمّ تحولَ إلى دمشق، ودرَّسَ بالعزيزية مدّةً، ثمّ عُزِلَ عنها لسببٍ أتُهم فِيهِ. وأقام بطّالًا فِي بيته. وماتَ فِي رابع صفر، وله ثمانون سنة.
وقال أَبُو المظفَّر الْجَوْزيّ: لم يَكُن فِي زمانه مَنْ يُجاريه فِي الأصلين وعلم الكلام. وكان يظَهرُ منه رقّةُ قلب، وسرعة دمعة. وأقامَ بحماةَ، ثمّ انتقلَ إلى دمشق.
قَالَ: ومن عجيب ما يُحْكَى عَنْهُ، أنّه ماتَتْ لَهُ قطةٌ بحماةَ فدفَنَها، فلمّا سَكَنَ دمشقَ، أرسلَ، ونَقَلَ عظامَها فِي كيسٍ، ودَفَنَها فِي تُربة بقاسِيُون. وكان أولادُ الملكِ العادل كلُّهم يكرهونّهٌ لمّا اشتُهِرَ عَنْهُ من الاشتغالِ بالمنطقِ وعلم الأوائلِ. وكانَ يَدْخُلُ عَلَى المعظَمِ - والمجلسُ غاصٌ بأهِله - فلم يتحرّكْ لَهُ، فقلت لَهُ: قُمْ لَهُ عوضًا عني، فقال: ما يقبلُه قَلبي. ومع ذَلِكَ ولَّاه تدريسَ العزيزية. فلمّا ماتَ المعظّم، أخرجَه منها الأشرفُ، ونادى فِي المدارس: مَنْ ذكرَ غيرَ التفسيرِ والفقِه، أو تعرَّضَ لكلامِ الفلاسفَة، نَفَيْتُه. فأقامَ السيفُ خاملًا فِي بيته قد طُفِئ أمرُه إلى أن مات، ودُفِنَ بقاسِيون بتربته.
وقال أَبُو مُحَمَّد المنذري: تُوُفّي فِي ثالث صَفَر.
قلتُ: وصنَّفَ " أبكار الأفكار " فِي أصول الدّين، خمس مجلّدات، ثمّ اختصرَه فِي مجلّد. وصنَّفَ " الإحكامَ فِي أصول الأحكام "، أربع مجلّدات.
ومن تلامذتِه القاضي صدر الدين ابن سني الدولة، والقاضي محيي الدين ابن الزكي، وغيرهما. [ص:52]
وقدم الشام سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان شيخُنا القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان يَحْكي عن الشَّيْخ شمس الدّين بْن أَبِي عُمَر رحمه اللَّه، قَالَ: كنّا نَتَردَّد إلى السيفِ الآمديّ، فَشَكَكْنا فِيهِ هَلْ يُصلي؟ فتركناهُ وقد نامَ، فعَلَّمنا عَلَى رِجلِه بالحبر، فبقيت العلامةُ نحوَ يومينِ مكانَها. فعرفنا أنُّه ما كَانَ يتوضأ، نسأل الله السلامة.
وقد حدث بـ " غريب الحديث " لأبي عبيدٍ، عن ابن شاتيل.(14/50)
46 - غنائُم بنُ أَبِي القاسم بْن عَلِيّ الخَشّاب الدّمشقيّ، يعرف بابنِ المَنْجَنيقيّ. [المتوفى: 631 هـ]
روَى عن أَبِي المعالي بْن صابر. روى عَنْهُ الزّكيّ البِرْزاليُّ، وغيره.(14/52)
47 - مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن جَوْهَر بْن مَطَر، أبو الْحَسَن الدّمشقيّ الفراءُ. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعَ من الحافظِ أبي القاسم ابن عساكر. روى عَنْهُ الزّكيّ البِرْزاليّ، وغيرُ واحد من الطلبة. وبالإجازة إِبْرَاهِيم بن أَبِي الْحَسَن المخرمي، وفاطمة بنت سليمان، وجماعةٌ.
وتوفي في تاسع عشر صفر.
وكان صالحًا، مُتَعَبّدًا.(14/52)
48 - مُحَمَّد بنُ خَالِد بْن كرم بْن سالم، أَبُو خالدٍ الحربيُّ المؤذّنُ البَقّال. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد فِي شَعْبان سنة تسعٍ وخمسين. وسَمِعَ من يحيى بْن ثابت، ولاحقٍ ودهبل ابني كارِه، وغيرهم. روى عَنْهُ بالإجازةِ القاضيان شهابُ الدين الخويي، وتقي الدين المقدسي، وغيرهما.
وتوفي في أول صفر.(14/52)
49 - مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن رَوَاحَة، أَبُو عَبْد اللَّه الحَمَويُّ التاجرُ، [المتوفى: 631 هـ]
ابن عمِّ عزّ الدّين عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن.
وُلِد سنة ستٍ وخمسين بحماة. ورَحَل فسَمِعَ من السلفي. روى عنه مجد الدين ابن العديم، وغيرُه. وماتَ بحلبَ فِي صفرٍ.(14/53)
50 - مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن محمود بْن حُبَيْش، أَبُو عَبْد اللَّه الحُسَيْنيُّ العَدْلُ الإسكندريُّ المالكيُّ الأديب [المتوفى: 631 هـ]
صاحب التصانيف.
سمع من ابن موقى، وعدة. وصحب أَبَا الْخَطَّاب بْن دِحية، ولَقِيَ الكِنْديّ. لَهُ النظمُ، والنثُر، وله " ديوان ".
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى سنةَ إحدى وثلاثين، وله خمسون سنة.
ذكرَه ابن العِمادية فِي " تاريخة ": بفتحِ الحاء وتثقيلِ الموحدة، وشين معجمة.(14/53)
51 - مُحَمَّد بْن عَبدِ اللطيف بن يحيى بن علي بن خطاب الدِّينَوَرِيّ الخيميُّ، أَبُو الفضْل. [المتوفى: 631 هـ]
شيخٌ بغداديٌ. حدثَ عن عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل. وأجازَ لشيوخنا.(14/53)
52 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن أبي بَكْر بْن سالم، أَبُو عليٍ الأَزَجِيُّ الحدّادُ. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعَ من أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ، وأَبِي هاشم الدُّوشابيّ. روى عَنْهُ القاضي شهابُ الدّين الخُوَيّي، وغَيْرُهُ بالإجازة. وماتَ فِي ربيع الآخر.(14/53)
53 - مُحَمَّد ابْن الحافظ أَبِي الْحَسَن عَلَى بْن المُفَضَّل بْن عَلِيّ بْن مفرجٌ، أبو الطاهر اللَّخْميّ المقدسيُّ ثمّ الإسكندرانيّ الفقيه المالكيّ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد سنة خمسٍ وستين وخمسمائة. وسمع من جده أبي المكارم، وأبي طاهرٍ السِّلفِيّ، وبدر الخُداداذيّ، وأبي القاسم محمد بن علي بن العريف، [ص:54] وجماعةٍ كثيرة.
وناب عن والده فِي تدريس الصَّاحبية بالقاهرَة.
روى عَنْهُ الزّكيّ المنذريّ، والزّكيّ البِرْزاليُّ، وغيرهما. وتُوُفّي فِي العشرين من جُمَادَى الآخرةِ.(14/53)
54 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن يوسف، الإمامُ أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ المقرئُ المالكيُّ الزاهدُ، المعروفُ بالأندلس بابن مُغَايظ. [المتوفى: 631 هـ]
انتقلَ بِهِ أبوه إلى فاس فَنشأ بها. ثمّ حَجَّ وسَمِعَ بمكة من أَبِي المعالي عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه ابن الفُرَاوي. وسَمِعَ بالإسكندرية من القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وعبد الرحمن بن موقى. وبمصرَ من الأستاذ أَبِي القاسم بْن فيرّة الشاطبيّ، ولزمه مدّةً وقرأ عَلَيْهِ القراءات. وسَمِعَ من أَبِي القاسم البوُصيريّ، وعلي بْن أَحْمَد الحديثي، ومحمد بن حمد الأرتاحي، والمشرف ابن المؤيّد الهَمَذَانيّ.
وكان إمامًا صالحًا، زاهدًا، مُجوِّدًا للقراءات، عارِفًا بوجوهها، بصيرًا بمذهب مالك، حاذِقًا بفنونِ العربية. وله يدٌ طُوليّ فِي التفسير. تخرج بِهِ جماعةٌ. وجلسَ بعد موتِ الشاطبيّ فِي مكانه للإقراء.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبّارُ: حدَّث بالقاهرة. وأُخذ عَنْهُ القرآنُ والحديثُ والعربيةُ. ونُوظر عَلَيْهِ فِي " كتاب سِيبَوَيْه ". ثمّ جاورَ بالمدينة. وشُهرَ بالفَضْل والصَّلاح والوَرَع. وأمَّ بمسجِد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ الطيلَسان: تُوُفّي بمصر ودُفِنَ بقرافَتِها. كذا قَالَ، وإنَّما مات بالمدينة.
وقال المُنذري: تُوُفّي فِي مستهلِّ صفر. وقرأ القراءات عَلَى الشاطبي. وسمع، وحدَّث، وأقرأ، وانتفَعَ بِهِ جماعةٌ. وحجَّ مراتٍ، وأكثرَ المجاورة عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وبرع فِي التفسير والأدبِ. وكان لَهُ القبولُ التامُ من الخاصة والعامة، مثابرًا عَلَى قضاءِ حوائج الناس. سَمِعْتُه يذكر ما يدُلُّ عَلَى أنّ مولده سنة ثمانٍ أو سبعٍ وخمسين وخمسمائة. [ص:55]
قلتُ: رَوَى عَنْهُ الزّكيّ المنذريّ، والشهابُ القُوصيّ، والمجد ابن العَديم، وعبد الصَّمد بْن أَبِي الْجَيش، وأَبُو مُحَمَّد الحسنُ سِبْطُ زيادة؛ وهو آخِرُ من روى عَنْهُ.(14/54)
55 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد، أَبُو عَبْد اللَّه اليَحْصُبِيُّ الْجَيانيُّ اللَّوشيّ. [المتوفى: 631 هـ]
روى عن أبي بكر ابن الجدِّ، وأَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقون. وحَجَّ فسَمِعَ بالإسكندرية مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضرميَّ، وغيرَه.
ووَلِيَ القضاء والخطابة ببلده مدّةً، ثمّ خطابة قُرْطُبَة. وأسمعَ الناس. ومات فِي رمضان.(14/55)
56 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، الحافظ المفيدُ أَبُو رشيدٍ الغزَّالُ الأصبهانيّ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من أبي الفتح الخرقي، وخليلٍ الداراني، ومسعودٍ الجمَّال، وأَبِي المكارم اللَّبان، وأَبِي جعفرٍ الصَّيْدلانيّ، وجماعةٍ من أصحاب الحداد، وفاطمة الْجُوزَدَانيَّة.
وعُنِيَ بالحديث، وكَتَبَ، وحصَّل الأصولَ. وكانَ محمود الصحبة، حسنَ الطريقَة، متدينًا. دخلَ خُوارزمَ، فأثرى بها، وكَثُرَ ماله. ثمّ عاد إلى أصبهان، وجَمَعَ شيئًا كثيرًا من الكتب. ثمّ عاد إلى خُراسان، وعبرَ النهر. وسَكَنَ بُخاري مدّةً إلى أن دخلها العدو واستباحوها؛ فأحرقت كتبه، وراحت أمواله، وهرب إلى الجبال والشعاب. فلما جعلوا بها شحنة، عاد أبو رشيد إليها، وبقي يشتري من كتب النهب بأيسر ثمنٍ. وكان يحفظ ويفهم مع ثقةٍ، ودينٍ، ومروءةٍ.
وتوفي ببخارى في شوال في هذه السنة.
روى عنه سيف الدين الباخرزي، وحافظ الدين محمد بن محمد البخاري شيخ بخارى، وابن النجار وقالَ: قَدِمَ علينا بغدادَ فِي آخر سنة ستٍ وتسعين وخمسمائة، فسمعَ من أصحاب ابن الحُصين. وكُنَّا نَصْطَحِبْ كثيرًا. وسِمعَ بقراءتي، وسمعتُ بقراءته. وكان محمود الصحبة، متدينًا. ثمّ رَحَلَ إلى [ص:56] خُراسان وسمع بها الكثير، وبما وراءَ النهر، وأقامَ بمرو يقرأ عَلَى شيخنا أَبِي المظفَّر ابن السَّمْعاني، ويكتبُ عَنْهُ فلعلَّه سَمِعَ أكثر ما كَانَ عنده. ثمّ قدِمَ علينا هراه وكنتُ بها سنة إحدى عشرة، فأقام نحوًا من سنة يكتبُ ويسمعُ ويْحصِّلُ بهمةٍ وافرةٍ وجدٍ واجتهادٍ شديدٍ، ويكتبُ العاليَ والنازلَ. إلى أن قَالَ: وكانَ يرجعُ إلى فضلٍ، وحفظٍ، ومعرفةٍ، وإتقانٍ، وصدقٍ، ومروءةٍ ظاهرةٍ، وديانةٍ، وصلاحٍ. حَدَّثَنَا أبو رشيدٍ ببغداد، قال: حدثنا إسماعيل بن غانم، قال: حدثنا أبو سعدٍ المُطرِّز، فذكر حديثًا.(14/55)
57 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر، أَبُو سَعْد الشَّهْرَستْانيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 631 هـ]
توفي بدمشق فِي ذي الحجّة.
يروي عن أَبِي سعد عَبْد اللَّه بْن عُمر الصّفّار، ومُحَمَّد بْن فضلِ اللَّه السَّالاري.
وكان صالحًا، عارفًا، معروفًا بتربية الأصحاب والمُريدينَ. وهو من أعيانِ صُوفية السُّمَيْساطية. لقبُه: مُنصفُ الدّين.
سمع منه ابن الحاجب، وغيره.(14/56)
58 - مُحَمَّد بْن المبارك بْن أَبِي المظفَّر هبة اللَّه بْن محمد ابن الوزير أَبِي طَالِب مُحَمَّد بْن أيّوب، أَبُو الْحَسَن البغداديّ الحاجبُ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السَّكَن، ومُحَمَّد بن إسحاق ابن الصابئ، وغيرهما.
وكان يُسمّي نفسه عليًا، وهو مشهورٌ بالكنية. وجدهم وزر للقائم بأمر اللَّه.
روى عَنْهُ بالإجازةِ القاضيان ابن الخويي والتقيُّ سُلَيْمَان، وابنُ الشّيرازيّ، وفاطمةُ بنتُ سُلَيْمَان، وجماعةٌ.
وكان صالحًا، دينًا، متعبِّدًا.
تُوُفّي فجاءةً فِي الخامسِ والعشرين من صَفَر.
وحدَّث عَنْهُ الفاروثيّ.(14/56)
59 - مُحَمَّد بْن نصر بْن قوَّام بْن وَهْب بْن مُسَلَّم العَدْل، شمسُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الرُّصافيُّ التاجرُ الشاهدُ. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة بالرُّصَافة. ودَخَلَ أصبهان مَعَ أخيه للتّجارة، وسَمِعا مَعَ يوسفَ بْن خليل وكانا يُحسنان إِلَيْهِ وأنزلاه عندهم.
رَوَى عن خليلٍ الرَّارانيّ، وغيره. حَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّد بْن قايماز الدّقيقيّ.
قَالَ عمر ابن الحاجب: هُوَ من ذوي اليَسَار، لَهُ دينٌ وكرمٌ وتودُّد.
وقال الضياءُ: كانَ خيِّرًا، ذا مُروءة. تُوُفّي فِي شوَّال.
قلت: وهو والد شيخنا الكمالِ عَبْد اللَّه.(14/57)
60 - مُحَمَّد بْن يحيى بْن عَلِيّ بْن الفضل بْن هبة اللَّه، قاضي القضاة محيي الدّين أَبُو عَبْد اللَّه ابن فَضْلان، البغداديّ الفقيهُ الشافعيُّ [المتوفى: 631 هـ]
مدرس المستنصرية.
وقد ولِيَ قضاء القضاة للإمام النّاصر فِي آخر دولته. وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة.
تفقَّه عَلَى والدهِ العلامة أَبِي القاسم يحيى ابن فَضْلان. وبَرَع فِي المذهب. ورحلّ إلى خُراسان وناظرَ علماءَها. وكان علَّامةً فِي المذهبِ، والخلاف، والأُصولِ، والمنطقِ، موصوفًا بحُسن المناظرة، سمحًا، جوادًا، نبيلًا لَا يكادُ يدخر شيئًا. ولما عُزل من القضاء انقطَعَ فِي داره يكابدُ فقرًا، ويتعفف ويكتم حالَهُ.
ووَلِيَ تدريسَ النظامية ببغداد. وتفقه عَلَيْهِ جماعةٌ. وقد سَمِعَ من أصحاب أَبِي القاسم بْن بيان الرَّزاز، وأَبِي طَالِب الزَّينبي.
وولِيَ قضاء القضاة في سنة تسع عشرة وستمائة، ثمّ عَزَلَه الخليفةُ الظاهر بعد شهر من بيعته، ولَزِمَ بيتَه ثمانية أشهر، ثمّ وَلِيَ نظرَ المارستان، فَبقِيَ ستة أشهر، وعُزل. ووَلِيَ نظرَ ديوان الجوالي، ثمّ وَلِيَ تدريس مدرسة أمّ الناصر لدين اللَّه. وذهب رسولًا إلى الرُّوم. ثمّ وَلِيَ تدريس المستنصرية فِي رجب من سنة وفاته، فأدركه الموتُ.
تُوُفّي العلامة محيي الدين ابن فضلان فِي سلخ شوَّال. وكان قوَّالًا [ص:58] بالحقِّ، متديِّنًا، ازدَحَموا عَلَى نَعْشه، رحمه اللَّه تعالى، فلقد كان من خيار الحكام.
نقل عَلِيّ بْن انجبَ عَنْهُ: إنه كتبَ إلى الناصر فِي شأنِ أهلِ الذمة: " يُقَبِّل الأرضَ، وينهي أن الإنعام يحمله عَلَى النهوضِ بمحامدِ الذّكر، فالمأخوذُ من أهل الذمّة فِي العام أجرةٌ عن سكناهم فِي دارِ السلام، فلا يؤخذُ منهم أقلُّ من دينار، ويجوزُ أنْ يؤْخَذَ منهم ما زادَ إلى المائة حسب امتداد اليد عليهم. فإنْ رَأَى من الغبطة الملاحظة لبيت المال أن يضاعف على الشخص منهم ما يؤخذُ فِي السنَة فللآراءِ الشريفةِ علوُّها " - وساق فصلًا طويلًا فِي ترقي الملاعين عَلَى رقاب المسلمين.(14/57)
61 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عثمان بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَبْد اللَّه السَّمرْقَنْديّ القارئ بالألحانِ. [المتوفى: 631 هـ]
تُوُفّي فِي صَفَر عن ستَين سنة.
ورَوَى عن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن المأمون.(14/58)
62 - مُحَمَّد بْن أَبِي بكر بن علي، العلامة نجم الدين ابن الخبّاز المَوْصِليّ الشّافعيّ الفقيه. [المتوفى: 631 هـ]
كَانَ من كبارِ العلماء. ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. قَدِمَ مصر، وأقامَ بها مدّةً. وتفقه عَلَيْهِ جماعة.
وكان موتهُ بحلب فِي سابع ذي الحجّة. وكان كيِّسًا، لطيفًا، متواضعًا، بَصيرًا بالمذهب.(14/58)
63 - محمود بْن هَمّام بْن محمود، الفقيهُ الإمامُ الزاهدُ المحدث عفيفُ الدّين أَبُو الثناءِ الأَنْصَارِيّ الدمشقي المقرئ الضرير. [المتوفى: 631 هـ]
روى عن يحيى الثَّقفيّ، وإِسْمَاعِيل الْجَنْزَويِّ، وبركاتٍ الخُشُوعيّ، وعبد الرَّحْمَن ابن الخرقي، والقاسم ابن عساكر، وابن طَبَرْزَد، وجماعة. ولازم الحافظ عَبْد الغنيّ كثيرًا، وأخذ عَنْهُ السُّنّة. [ص:59]
قرأتُ بخطِّ الضياء المقدسيِّ: وفي يوم الأحد ثالث عشر ربيع الآخر تُوُفّي الشيخُ الْإمَام العالم الزاهد أَبُو الثناء محمود بْن همّام، ودُفن من يومه بالْجَبَل. وكان الخَلْق فِي جِنازته كثيرًا جدًا. وما رأينا من أئمةِ الشافعية مثله. ما كَانَ يُداهنُ أحدًا فِي الحق، ويتكلم عند من حضره بالحق من أميرٍ، أو قاضٍ، أو فقيهٍ. ولأهل السنة كَانَ مُجِدًّا وناصرًا، فرحمة اللَّه عَلَيْهِ ورضوانه.
وقرأتُ في ترجمته بخطِّ مُحَمَّد بْن سلَّام: جمعَ اللَّه فِيهِ كلَّ خلةٍ مَليحة، واحتوى عَلَى كلِّ فضيلة مَعَ دماثةِ الأخلاقِ، وطيبِ الأعراقِ. وكان فقيهًا، مُحققًا، مدققًا، حسن الأداء للقرآن. وانتفع به عالمٌ عظيم. وقرؤوا عَلَيْهِ القرآن. وكان طويلَ الروح عَلَى التّلقين. وكانَ قد جَمَعَ مَعَ هذا الزهد العظيم، والورع الغزير، كان صائمَ الدهر، مُلازمًا للجامعِ، ما كَانَ يخرُجُ منه إلّا بعد العشاء ليفطَر، ويعود إِلَيْهِ سَحَرًا.
قلتُ: روى عَنْهُ الضياء حكاياتٍ. وحدثنا عنه الشرف ابن عساكر. وأجازَ للشيخ عَلِيّ القارئ، وفاطمة بِنْتِ سليمان، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وغيرهم.(14/58)
64 - المُسَلَّم بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد، أَبُو الغنائم المازنيُّ النصيبيّ ثمّ الدّمشقيّ، ويعرفُ بخطيب الكَتّانِ. [المتوفى: 631 هـ]
شيخٌ معمرٌ، عالي الروايةِ. وُلِد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وسَمِعَ من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْحَسَن الدّارانيّ، وأَبِي القاسم عَلِيّ بْن الْحَسَن الحافظ، وأخيه الصّائنِ هبة اللَّه. وذكر أنَّه دَخَلَ الإسكندرية، وسمع من أَبِي طاهر السِّلَفِيّ.
وكان يخدمُ فِي الضمانِ والمَكْسِ، ثمّ تَرَكَ ذَلِكَ، وحُسنت حالُهُ، ولَزِمَ بيته والجامعَ. وافتقرَ وباعَ مُلكَه.
وروى الكثير؛ روى عَنْهُ البِرْزاليّ، والقوصيُّ، والمجد ابن الحلوانية، والحافظ ضياء الدين، والشرف ابن النابلسيّ، وابنُ الصابونيّ، وعلي بْن هارون بمصر.
وحدثنا عنه أبو الفضل ابن عساكر، وأبو الفضل محمد بن يوسف الذهبي، والخضر بْن عَبْدان الأَزْدِيّ، وفاطمةُ بِنْت سُلَيْمَان. وبالإجازة القاضي [ص:60] تقيُّ الدّين الحنبليُّ، وابن الشّيرازيّ، وتاجُ العرب بنت علان، والفخر إسماعيل ابن عساكر.
وتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من ربيع الأوّل.(14/59)
65 - مُقْبِل بْن عُمَر بْن مُهنّا الأزَجيُّ النّجّارُ. [المتوفى: 631 هـ]
سَمِعَ من عيسى الدوشابيِّ. وماتَ فِي ذي الحجّة.(14/60)
66 - مُكْرَمُ بْن مَسْعُود بْن حمَّاد بْن عَبْد الغفّار بْن سعادة بْن مَعْقِل بْن عبد الحميد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد الإيادي، القاضي أبو الغنائم الأبهري الزنجاني الشافعي. [المتوفى: 631 هـ]
ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة. ووَليَ القضاءَ ببلاد الروم. وقَدِمَ مصرَ، وحدَّث عن عبد المنعم ابن الفراوي. روى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ.
ومكرمٌ: مخففٌ.
توفي بأبْهَر زنجان فِي السنة.(14/60)
67 - منصورُ بْن زكيِّ بْن منصور بْن مَسْعُود الغزَّالُ. [المتوفى: 631 هـ]
شيخٌ بغداديّ. ولد سنة ستٍ وخمسين. وسمع من عَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وَعَبْد الله بن أحمد ابن النَّرْسيّ، وعبدِ الحقِّ اليوسفيّ.
روى عَنْهُ ابن النّجّار، وقال: لَا بأس بِهِ. وماتَ فِي ربيع الأوّل.
أجاز لابنِ الشّيرازيّ. ويقالُ لَهُ: أَبُو منصورٍ.(14/60)
68 - منكورس الفلكيُّ، الأميرُ الكبيرُ ركنُ الدّين العادليُّ. [المتوفى: 631 هـ]
ناب فِي الديار المصرية للملك العادل، وفي دمشق مرة. وكان مُحَتِشمًا، عفيفًا، ديِّنًا، خيِّرًا، كثيرَ الصدقاتِ. يجيءُ المؤذّنَ إلى الجامع وحده وبيده طوافة. وله بجبلِ قاسِيُون تربةٌ ومدرسةٌ وَقَفَ عليهما أوقافًا كثيرة.(14/60)
69 - مُوسَى، الملك المُفَضَّل، قطبُ الدّين ابن السُّلطان صلاحِ الدين يوسفَ بْن أيوب بْن شاذي. [المتوفى: 631 هـ]
أجاز لَهُ العلامةُ أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن برِّي، ومُحَمَّد بْن صدقة الحرّانيّ. وتُوُفّي في ذي الحجة.(14/61)
70 - ناصرُ بْن عَبْد العزيز بْن ناصر بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى، أَبُو الفتوحِ الأغماتيُّ الأصلِ الإسكندرانيُّ، ويُعرفُ بابن السَّقطي. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد سنة ستين وخمسمائة. وحدَّث عن السِّلَفي، وأَبِي الطاهر بْن عَوْف، وغيرهما. وكانَ رجلًا مباركًا، صالحًا.
مات فِي رابع ذي العقدة.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْد المعطي الهَمَدانيّ.(14/61)
71 - نصر اللَّه بْن حسّان بْن أَبِي الزهر، أَبُو الفتح الدّمشقيّ الشروطيُّ الدَّلالُ. [المتوفى: 631 هـ]
روى عن الخُشوعيّ، وغيرِه. ومات في سادس صفرٍ.(14/61)
72 - يحيى بْن حسن بْن حسين، الشريفُ أَبُو الفضائلِ العَلَويّ الجوانيُّ الواسطيّ. [المتوفى: 631 هـ]
تُوُفّي فِي رمضان عن ستٍ وثمانينَ سنة، بواسط.
يروي عن أَبِي طَالِب مُحَمَّد بْن عَلِيّ الكتَّانيّ.(14/61)
73 - يحيى بْن سلمان بْن أَبِي البركات بْن ثابت، أَبُو البركاتِ البغداديّ المأمونيُّ الصّوّاف. [المتوفى: 631 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وأربعين. وسمع من أبي الفتح ابن البَطِّي.
روى عَنْهُ بالإجازة القاضي شهابُ الدّين الخويي، وغيره. وبالسماع عز الدين الفاروثي، وقبله محب الدين ابن النّجّار وقال: كانَ لَا بأس بِهِ، تُوُفّي فِي سادسِ ربيع الأوّل.(14/61)
74 - يحيى بْن منصور بْن يحيى بْن الْحَسَن، الفقيهُ أَبُو الْحُسَيْن السُّليمانيُّ اليمانيُّ المقرئُ الشّافعيّ، [المتوفى: 631 هـ]
من أعيان شيوخ القاهرة.
قرأ القراءات عَلَى أبي الجود. وتفقه على الشهاب محمد بن محمود الطوسي. وقرأ علمَ الكلامِ بالثغر عَلَى أَبِي الْحَسَن الْبُخَارِيّ. ولازمَ الحافظَ عَلَى بْن المفضل مدّةً. ودرَّس بمدرسةِ قاضي قُوص بالقاهرة، وأمَّ بمسجدٍ.
وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(14/62)
75 - يوسف بْن حيدرة بْن حسن، العلامة رضيُّ الدّين أَبُو الحَجّاج الرَّحْبيّ. [المتوفى: 631 هـ]
شيخ الطبِّ بالشام. لَهُ القَدَم والاشتهارُ عند الخاص والعام. ولم يزل مُبَجّلًا عندَ الملوكِ. وكانَ كبيرَ النفسِ، عاليَ الهِمَّة، كثيرَ التحقيق، حسن السيرة، مُحبًا للخير، عديمَ الأذيَّة.
كانَ أَبُوهُ من الرَّحبة كحَّالًا، فوُلِدَ لَهُ رضي الدّين بجزيرة ابن عُمَر، وأقامَ بنَصيبين مدّةً، وبالرحبة. وقدم بعدَ ذَلِكَ دمشق مَعَ أبيه في سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. ثمّ بعدّ مدةٍ تُوُفّي أَبُوه بدمشق، وأقبلَ رضيُّ الدّين عَلَى الاشتغال والنسخ ومعالجة المرضى. واشتغل على مهذب الدين ابن النقاش ولازَمَه، فنوَّه بذكرِه وقدَّمهُ. ثمّ اتصل بالسلطان صلاحِ الدّين، فحسن موقعُه عنده، وأطلقَ لَهُ فِي كل شهر ثلاثين دينارًا، وأن يكون مُلازمًا للقلعةِ والبيمارستان. ولم تَزَلُ عَلَيْهِ إلى أيامِ المعظم، فنقصه النصف، ولم يَزَلْ مترددًا إلى المارستان إلى أن مات.
وقد اشتغلَ عَلَيْهِ خلقٌ كثيرٌ، وطالت أيامه، وبقيَ أطباءُ الشام تلامذته. ومن جملةِ من قرأ عَلَيْهِ أولًا مهذبُ الدّين عَبْد الرحيم.
قَالَ ابن أَبِي أصَيْبعة: حدَّثني رضيُّ الدّين الرَّحبيّ، قَالَ: جميعُ من قرأ عَلِيّ سُعِدُوا، وانتفعَ الناس بهم - ثمّ سمى كثيرًا منهم قد تمَيَّزوا - وكان لَا يُقرئ أحدًا من أهلِ الذمةِ، ولم يقرئ فِي سائرِ عُمُرهِ منهم سوى اثنينِ؛ أحدُهم [ص:63] عمرانُ الإسرائيليُّ، والآخرُ إِبْرَاهِيم السامريُّ بعد أن تشفّعا وثقلا عَلَيْهِ، وكلٌ منهما نبغَ، وتميزَ، وكتب. قد قرأتُ عَلَيْهِ فِي سنة اثنتين وثلاثٍ وعشرين وستمائة كتبًا فِي الطب، وانتفعتُ بِهِ. وكان مُحبًا للتجارة مغري بها. وكان يُراعي مِزاجَه، ويعتني بنفسه، ويحفظُ صحته. وكان لَا يصعدُ فِي سُلم، وإذا طُلب لمريضٍ، سألَ عن ذَلِكَ أوّلًا. ويطلُعُ إلى بُستانه يومَ السبت يتنزهُ. وكان الصاحب صفي الدين ابن شكر يَلزَمُ أكْل الدّجاج، فشحب لونُه، فقال لَهُ رضي الدّين يومًا: الزم لحمَ الضأن وقد ظهر لونُك، ألا تري إلى لوِن هذا اللحم ولونِ هذا اللحم؟ قَالَ: فلَزِمه، فصَلَحَ لونُه واعتدلَ مِزاجُهُ، لأنَّ لحمَ الضأنِ يتولد منه دمٌ متينٌ بخلاف الدجاج.
وُلِد رضيُّ الدّين الرَّحبيّ فِي جُمَادَى الأولي سنة أربعٍ وثلاثين، وعاشَ سبعًا وتسعين سنةً. وماتَ يوم عاشوراء المحرم. وكان مرضُه شهرًا ولم يُتَبَيَّنْ تغيُرُ شيءٍ من سمعهِ ولا بصرهِ، وإنما كَانَ فِي الآخر يعتريه نسيانٌ للأشياء القريبة العهدِ المتجددة. وخلَّف ولدين؛ شرف الدّين عليَّا، وجمال الدّين عثمان، وكلاهما طبيبٌ فاضلٌ.(14/62)
76 - يونُسُ ابن الخطيب أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي الفضل بْن زيد الدَّوْلَعيّ، أَبُو المظفَّر. [المتوفى: 631 هـ]
حدث عن جدِّه لأمه الخطيب عَبْد الملك بْن زيد الدَّوْلَعيّ، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ. وماتَ فِي ذي القِعْدة، قبل أبيه.(14/63)
77 - أَبُو الفَرَج المالكي، [المتوفى: 631 هـ]
أحدُ العلماءِ، وصاحبٌ كتاب " الحاوي ".
قَالَ لي أَبُو عَبْد اللَّه الوادياشيّ: إنه توفي سنة إحدى وثلاثين.(14/63)
-وفيها ولد:
الإمام محيي الدين يحيى النواويّ، والقاضي حسامُ الدّين الرّوميُّ الحنفيّ الْحَسَن بْن أَحْمَد الرّازيّ، باقسَرا، والقاضي عزُّ الدّين عمرُ بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عوض الحنبليُّ، وزينُ الدّين المُنجي بْن عثمان، شيخُ الحنابلة، وشمسُ الدّين مُحَمَّد بْن حمزة أخو القاضي تقيِّ الدّين، وسعدُ الدّين يحيى بْن مُحَمَّد بْن سعد فِي ربيع الأول، والبهاءُ أَبُو بَكْر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر ابن العجميّ فِي رجبٍ، [ص:64] والشمسُ مُحَمَّد بْن عثمان بْن مشرق فِي رمضان، والأديبُ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن نوح الإشبيليُّ، والبدرُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن الصواف، والنجم أحمد بن إسماعيل ابن التُّبَّلي الحَلبيُّ، والقاضي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَشِع، والشيخ عَلَى بْن جعْفَر مؤذنُ القلعةِ، والزاهدُ إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن حاتم ببعلبك.(14/63)
-سنة اثنتين وثلاثين وستمائة(14/65)
78 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن عُمَر، ابن الأمير السلار بختيار الأتابكيّ الدّمشقيّ، الأميرُ الأديبُ زينُ الدّين أَبُو الْعَبَّاس. [المتوفى: 632 هـ]
من بيت إمرةٍ وتقدمٍ. وله شعرٌ بديعٌ.
روى عَنْهُ شهابُ الدّين القوصيُّ، وغيرُه.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
انشدَنَا لَهُ نَسيبُه الأديب ناصرُ الدّين أَبُو بَكْر ابن السلار:
أَحِنُّ إلى الوَادِي الّذِي تَسْكُنُونَهُ ... حَنينَ محبٍّ زَالَ عَنْهُ قَرينُهُ
وَأَشْتَاقُكم شَوقَ العليلِ لِبُرْئِه ... وَقَدْ مَلَّ آسِيهِ وَقَلَّ مُعِينُهُ
ولَوْلا رِضَاكُمْ بِالبعَاد لَزُرْتُكُمْ ... زيارةَ مَنْ دُنْيَاهُ أَنتمْ وَدِينُهُ
وأرْغَمْتُ أَنْفَ البَيْنِ فِي جَمْعِ شَمْلِنَا ... ولكِنْ بِجُهْدِي فِي رِضاكُم أُعينُهُ(14/65)
79 - أَحْمَد بْن علي بْن عَبْد العزيز، العفيفُ أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ المخزومي الْمَصْريّ الشّافعيّ المقرئُ، المعروف بابنِ الصَّيْرفيّ. [المتوفى: 632 هـ]
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الجودِ. وسمع من أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن نجا. وأجازَ لَهُ الأثيرُ أَبُو الطاهر الأنباريُّ، وجماعةٌ.
وأمُ بمسجِد الشارعِ، وأدَّب فِيهِ.
وماتَ فِي سادس شوَّال، وجاوزَ السبعين.(14/65)
80 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، أبو بَكْر ابن الخُرَاسانيّ الخطاطُ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ أَبَا الْحُسَيْن عَبْد الحق. روى عَنْهُ ابن النّجّار، وقال: كَانَ متدينًا، صالحًا، عَلَى طريقَة السلفِ تُوُفّي فِي ربيعٍ الآخر، وله سبعون سنة.
وأجاز لشيخنا أَبِي نصر ابن الشّيرازيّ.(14/65)
81 - أَحْمَد بْن ناصر بْن محمود، أَبُو إسماعيل الأنصاري الخزرجيُّ الكفرسوسي المُعَمرَّ. [المتوفى: 632 هـ][ص:66]
سمع في سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة من أَبِي القاسم الحافظ. وحدَّث فِي هذا العام ببيتِ رأس؛ سَمِعَ منه ابن الحُلوانية، وجماعةٌ. وأجاز للبهاء ابن عساكر.(14/65)
82 - جعْفَر بْن الأسعد بْن أَبِي القاسم بْن سعد، أَبُو القاسم الصُّوفيّ الخياطُ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وطَلَبَ الحديث فِي الكِبَر بعد الثمانين، وسمعَ من عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر الله القزاز، وأبي الخير القَزْويني، وجماعةٍ.
وروى الكثيرَ بمكة، وحصَّل الأصول والأجزاء.
وكان صوَّامًا، قوَّامًا، تاليًا للقرآن حجَّاجًا. وكان يُعرفُ بابن الشيعية.
أمَّ بمسجد الظفرية مدّةً. وكَتَبَ عَنْهُ طلبةُ بغداد.
حدَّث عَنْهُ عزُّ الدّين الفاروثيُّ. وأجاز للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصرٍ محمد ابن الشّيرازيّ، وتقي الدّين سُلَيْمَان الحاكم.
وتُوُفّي فِي ثامن جُمَادَى الأولى.
قَالَ ابن النّجّار: حصل الأصول، ونسخ الكثير مَعَ ضعف يده ورداءةِ خطِّه. وكان صالحًا، وَرِعًا، عفيفًا، حافظًا للقرآن، كثير التلاوة والتعبد، صدوقاً.(14/66)
83 - الحسنُ بْن يحيى بْن صباح بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ، أَبُو صادق الْقُرَشِيّ المخزوميُّ الْمَصْريّ الكاتبُ، نشء الملك. [المتوفى: 632 هـ]
قَالَ: ولدتُ فِي العاشر من جُمَادَى الأولى سنة إحدى وأربعين بمصر فِي زقاق بني جُمَحَ. سَمِعَ من الفقيه عَبْد الله بْن رِفاعة، وأجاز لَهُ وهو آخرُ أصحابه. وكان عَدْلًا، دينًا، صالحًا.
روى عَنْهُ الضياءُ، وابن خليلٍ، والبِرْزاليُّ، وجماعةٌ من الحفاظ، وابنه عليٌ، وسليمان بن إبراهيم ابن القائد، ومحيي الدين ابن الحرستاني الخطيب، وأمين الدين عبد الصمد ابن عساكر، وابنُ عمّه الشرفُ أَحْمَد، ونصرٌ وسعدُ [ص:67] الخير ابنا النابلسي، والشرف يوسف ابن النابلسي، والجمال محمد ابن الصابونيّ، والعلامةُ الجمالُ مُحَمَّد بْن مالكٍ النَّحْويّ، وأَبُو الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد اليونيني، والعز إِسْمَاعِيل ابن الفراء، والعز أحمد ابن العماد، والشهاب محمد ابن أَبِي العز الأَنْصَارِيّ؛ وهو آخرُ من حدَّث عَنْهُ سماعًا، ومُحَمَّد بْن قايماز الطّحّان، والتقيُّ ابن مؤمن، والعمادُ أَحْمَد بْن سعد، وعبد الحميد بْن خَوْلان، ومُحَمَّد بْن مكيّ الْقُرَشِيّ، وأَبُو الحرم بن محمد الأبار، وعلي ابن الزين ابن عبد الدائم، وأحمد ابن المجاهد، ومُحَمَّد بْن حازمٍ، وعلي بْن بقاء المُلقَن، وعبد الدائم بْن أَحْمَد الوزانُ، ومُحَمَّد بن علي الواسطي، وعبد الصمد ابن الحّرَسْتانيّ، ومُحَمَّد بْن سلطان الحنفيّ، وخلقٌ سواهم.
قَالَ ابن الحاجب: هُوَ شيخٌ ثقةٌ، وقورٌ، مكرمٌ لأهلِ الحديث، كثيُر التواضعِ. قَالَ لي: إنه يبقى ستة أشهرٍ لَا يشربُ الماء، قلتُ: فتركتهُ لمعني؟ قَالَ: لَا أشتهيه.
وقرأتُ بخط الضياء: تُوُفّي شيخُنا أَبُو صادق بدمشق، وحُمِل من يومه إلى الجبل فدُفِنَ بِهِ. وكان خيِّرًا قلَّ من رأيتُ إلا ويشكره ويُثْني عَلَيْهِ. وهو آخرُ من روى عن ابن رفاعة - فيما علمت -. تُوُفّي فِي يومِ الجمعةِ سادس عشر رجب.
قلت: استوطَنَ دمشقَ من بعد السبعين وخمسمائة، وشَهِد بها؛ أظُنُه كَانَ من شهود الخزانة بدمشق.(14/66)
84 - الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه بْن مَسْلَمَة، أَبُو القاسم التَّنُوخيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ من أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي القاسم ابن عساكر، وأبي المجد ابن البانياسيّ. وتُوُفّي فِي شَعْبان.
روى عَنْهُ الزّكيّ البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابونيّ، وعَلِيّ بْن محمدٍ المرَّاكشيُّ.(14/67)
85 - الْحُسَيْن ابن الْإمَام الفقيه عتيق بْن الْحُسَيْن بْن عتيق بْن الْحُسَيْن بْن رشيق بْن عبد الله، الفقيه العالم جمال الدين أبو عَلِيّ الرَّبَعيّ الْمَصْريّ المالكيُّ. [المتوفى: 632 هـ]
شهد عند قاضي القُضاة صَدْر الدين عَبْد الملك بْن درباس، فمَن بعدَه. وسَمِعَ بالإسكندرية من أَبِي الطاهر بْن عوفٍ، وبمصر من أَبِيهِ.
ودرسَ بالمسجد المعروف بِهِ بالفُسطاطِ مدّةً، وأفتى، وصنَّف فِي المذهب. وتفقَّه بِهِ جماعةٌ. وكان دينًا، وَرِعًا.
قَالَ: ولدتُ بالإسكندريةِ فِي ثالث شَعْبان سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.
روى عنه الزكي المنذري، وقال: توفي في ثالث وعشرين ربيع الآخر. وسيأتي غيرُ واحد من بيته. وتُوُفّي أَبُوه فِي سنةِ ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.
وتُوُفّي ابنه الفقيه(14/68)
86 - عَبْد الحميد بْن الْحُسَيْن [المتوفى: 632 هـ]
بعده فِي شَعْبان من السنة كهلًا، ولم يُحدَّثَ.(14/68)
87 - حمزةُ بْن أَحْمَد بْن عُمَر ابن الزّاهد القُدوة أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، أَبُو عَبْد اللَّه المقدسيُّ الحنبليُّ. [المتوفى: 632 هـ]
والِد قاضي القضاة تقيِّ الدّين الحنبليُّ.
سَمِعَ الكثير، ولم يُحدَّثَ لأنه مات قبلَ أوانِ الرواية بقرية جمَّاعيلَ، فِي جُمَادَى الآخرة فِي حياة والده الجمالُ أَبِي حمزة، ورُبِّيت أولادُه يتامى، وجاءَ منهم مثل: قاضي القضاةِ، وأخيه المقرئ ناصر الدّين دَاوُد، والفقيه شمس الدين محمد.(14/68)
88 - خلفٌ بنُ أَبِي المجدِ، موفَّقُ الدّين الأَنْصَارِيّ الْمَصْريّ الشّافعيّ الفقيهُ. [المتوفى: 632 هـ]
عاشَ بضْعًا وثمانين سنةً. وتصدر بالجامع الأقمر بالتبانين بالقاهرة مدةً. وسمع من أبي الجيوش عساكر بن علي، وغيره. ومات في جمادى الأولى.(14/69)
89 - داود، الملك الزاهر ابن السُّلطان صلاح الدِّين يوسُف بن أيوب بْن شاذي. أَبُو سُلَيْمَان [المتوفى: 632 هـ]
صاحبُ الْبِيرَةَ.
ولد بمصر.
وأجاز لَهُ عَبْد اللَّه بْن بري النحوي، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني، والبوصيري. وكان فاضلاً، شاعرًا. ملكَ الْبيَرةَ مدّةً طويلة.
مولدهُ بالقاهرة في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.
وتوفي بالبيرة في تاسع صفرٍ، فتملك البيرة صاحب حلب ابن شقيقٍ له.(14/69)
90 - رَتَن الهنديُّ. [المتوفى: 632 هـ]
الّذِي زَعَموا أنّه صحابيٌ.
ذكرَ النجيب عَبْد الوهاب الفارسيُّ الصوفي أَنَّهُ تُوُفّي فِي حدود سنة اثنتين وثلاثين. وذكر النجيبُ: أنه سمع من الشيخ محمود ولد بابارتن، وأنه بقي إلى سنة تسع وسبعمائة. وأنه قَدِمَ عليهم شيرازَ، فذكر أَنَّهُ ابن مائة وستة وسبعين عامًا، وأنّه تأهل ورُزِقَ أوْلادًا.
قلتُ: من صدقَ بهذه الأعجوبَة وآمَنَ ببقاءِ رتن، فما لنا فِيهِ طبٌ، فليُعْلَمْ أنَّني أوَّل مَنْ كذَّب بذلك، وأنني عاجزٌ منقطعٌ معه فِي المناظرةِ. وما أبعدُ أن يكن جنيٌ تبدي بأرضِ الهند، وأدعى ما ادعى، فصدقوه؛ لأنَّ هذا شيخٌ مفترٍ كذابٌ كَذَبَ كَذْبةً ضخمةً لكي تنصَلِح خابيةُ الضياع وأتي بفضيحةٍ كبيرةٍ، فوالذي يُحْلَفُ بِهِ إنَّ رتن لكذابٌ قاتلُه اللَّه أنَّى يُؤْفكُ. وقد أفردتُ جزءًا فِيهِ أخبارُ هذا الضالِّ وسمَّيتُه: " كسر وثن رتن ".(14/69)
91 - زهرة بنت عبد العزيز ابن الشَّيْخ عَبْد القادر الجيلي. [المتوفى: 632 هـ]
قَالَ أَبُو مُحَمَّد المنذريّ: تُوُفِّيَتْ فِي جُمَادَى الآخرةِ. ورَوَتْ بالإجازةِ عن أَبِي الْحُسَيْن عَبدِ الحق.(14/70)
92 - زَهْرَةُ بنتُ الحافظِ عَبدِ القادر الرُّهاويِّ. [المتوفى: 632 هـ]
رَوَتْ عن أبيها؛ قاله المنذري.(14/70)
93 - سِت العزّ بنت الرئيس أَبِي الغنائم هِبَةِ الله بن محفوظ بن صَصْرَى التَّغلبيّ، أم منعمٍ. [المتوفى: 632 هـ]
أجازَ لها عبدٌ الجليل بن أَبِي سعد الهروي الراوي عن بِيبي الهَرْثمية، ومُحَمَّد بن أسعد حفدة العطاري. وسمع منها الطلبةُ.
وتوفيتْ فِي رمضانَ، ودُفنت بسَفْحِ قاسِيون. وهي أختُ الحافظِ.(14/70)
94 - سيدةُ الرؤساءِ بنتُ محمد بنت شجاع الحاجيّ البغداديّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَتْ من تَجَنَّى الوَهبانيةِ. وماتَتْ فِي صفر.
روى عنها بالإجازةِ أَبُو نصرٍ ابن الشيرازي، وغيره.(14/70)
• - شَرَفُ الدّين ابن الفارضِ. هو عُمَر بْن علي. [المتوفى: 632 هـ]
سيأتي إن شاء الله.(14/70)
95 - صوابٌ، الطّواشيّ الكبيرُ شمسُ الدّين العادليُّ الخادمُ. [المتوفى: 632 هـ]
مُقَدَّمُ الجيوشِ العادليةِ، وأحدُ الأبطالِ المذكورينَ، ومن أمراءِ الدولتين. فكانَ إذا حَمَلَ، يَقُولُ: أَيْنَ أصحاب الخُصَى؟ أسرَهُ ملكُ الروم، ثمّ خُلِّصَ، وقيلَ: إنه كَانَ لَهُ مائة مملوكٍ خدامٌ، وطلع منهم جماعةٌ أمراءُ، منهم الأميرُ بدرٌ الصوابي، والأميرُ شِبلُ الدولةِ الخزندار، والطواشيّ السُّهيلي خَزْنَدَار الكرك. وكان لَهُ برٌ وصدقةٌ. [ص:71]
تُوُفّي بحرانَ فِي أواخر رمضان، وكان مقيمًا بها، وهي مضافةٌ إِلَيْهِ مَعَ ديارِ بكرٍ وما والاها.(14/70)
96 - ظافرُ بْن تَمَّام بْن ظافر، أَبُو الْعَبَّاس الدّمشقيّ الطّحّانُ. [المتوفى: 632 هـ]
حدَّث عن أَبِي المعالي بْن صابرٍ. روى عنه المجد ابن الحُلْوانية، وغيرُه. وتُوُفّي فِي شَعْبان. وأجاز للشيخ عَلِيّ بْن هارون، ولإبراهيم بْن أَبي الْحَسَن المُخَرّميّ، ولفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، والقاضي تقيِّ الدّين الحنبلي. وخرج عنه البهاء ابن عساكر.(14/71)
97 - عَبْد اللَّه بْن أيدغمش بْن أَحْمَد، أَبُو مُحَمَّد الدّمشقيّ الزّاهدٌ، المعروف بالمارِدينيِّ. [المتوفى: 632 هـ]
صحِبَ المشايخَ، وتَزَهَّدَ، وانقطع إليه جماعةٌ، ورُزِق القبولَ خصوصًا من الأمراءِ. وكان كثيرَ الإقدام عليهم والإغلاظِ لهم. وسَمِعَ من الحافظ عبدِ الغنيّ، وغيرِه. ثمّ جاورَ بمكةَ وبها ماتَ فِي المحرَّمِ.(14/71)
98 - عَبْد اللَّه ابن الأميرِ عَلِيّ ابن الوزير أَبِي منصور الْحُسَيْن ابن الوزير أَبِي شجاع مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الرُّوذرَاوَرِيُّ ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد بأصبهان سنة خمسٍ وخمسين. وسمع من مُحَمَّد بْن تميم بْن مُحَمَّد اليَزْديِّ.
أجاز للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان، وابن الشّيرازيّ. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأُولى.
كنيته أَبُو منصورٍ.(14/71)
99 - عبدٌ الخالق بْن طَرْخَان بْن الْحُسَيْن. أَبُو مُحَمَّد الْقُرَشِيّ الأُمَويّ الإسكندرانيُّ الحَرِيريُّ. [المتوفى: 632 هـ]
حدَّث عن عَبْد الرحمن بن موقى. ومات فِي ربيع الأول.
وهو والدُ الشرفِ مُحَمَّد، الراوي عن ابن المُفَضَّل المقدسيِّ.(14/71)
100 - عبد السلام بن المُطَهّر ابن قاضي القضاة أَبِي سَعْد عَبْد الله بن أبي السري محمد ابن هبة الله ابن المُطَّهَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي عَصْرون، الفقيهُ شهابُ الدّين أَبُو العباسِ التميميُّ الدّمشقيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ من جدِّه أَبِي سَعْد، ومن يحيى الثقفي، وأحمد ابن الموازينيّ، وجماعةٍ.
وكان فقيهًا، جليلَ القدرِ، وافرَ الدّيانةِ. تَرَسَّل من حلبَ إلى بغدادَ والى الأطراف. وانقطعَ فِي الآخر بمكانه بالْجَبَل عند حَمَّام النُّحاس. وكانَ منُهمكًا فِي التمتُّع. كَانَ لَهُ أكثر من عشرين سرية حتى يبست أعضاؤُه وتولّدَت عَلَيْهِ أمراضٌ.
روى عَنْهُ البِرْزاليُّ، والقوصي، والمجد ابن الحلوانية، والمجد ابن أَبِي جرادة الحاكم، وجماعةٌ. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ ابنُه تاجُ الدّين مُحَمَّد.
وتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من المحرم.(14/72)
101 - عبد الكريم بن عمر ابن شيخ الشيوخ صدر الدّين عَبْد الرحيم بْن إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري ثم البغدادي الصُّوفيّ، أَبُو سعدٍ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد سنةَ خمسٍ وسبعين. وحدَّث عن عبيِد اللَّه بْن شاتيل. وتُوُفّي ذي القَعْدَةِ.(14/72)
102 - عبدُ اللطيفِ بنُ أَبِي المظفَّر البغداديّ، أَبُو طالبٍ ابْن عُفَيْجَة. [المتوفى: 632 هـ]
حدَّث عَن أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ اليوسفيُّ. ومات فِي ربيع الآخر.
روى عَنْهُ ابن الشّيرازيّ.(14/72)
103 - عَبْد المولى بْن عَبْد السيد بْن إِبْرَاهِيم، بدرُ الدين القرشي الدمشقي [المتوفى: 632 هـ]
الوكيل بمجلس الحكم.
حدث عن يحيى الثَّقفيّ.
روى عَنه الشهابُ القُوصيّ، وقال: مات فِي المُحَرَّمِ.(14/72)
104 - عَبْد الوهاب بْن محمود بْن الْحُسَن بْن عَلِيّ، أَبُو محمدٍ الْجَوْهريّ التاجرُ البغداديّ، المعروفُ بابنِ الأهوازي. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ من يحيى بْن ثابت، وأَحْمَد بْن المُقَرَّب وأَحْمَد بنِ مُحَمَّد بْن بَكْرُوس.
وتُوُفّي فِي سابع جُمَادَى الأولى، وقد قاربَ الثمانينَ؛ قاله المنذريُّ.
قلتُ: أجازَ لكمالِ الدين أحمد ابن العطار، وللفخر إسماعيل ابن عساكر، ولزينبَ بنتِ الإسْعَرْديّ، ولمحمد بْن يوسُفَ الذَّهبيّ، وابن الشّيرازيّ، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان.
وكتبَ عَنْهُ ابْن النّجّار، وغيره.(14/73)
105 - عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ، القاضي الإمامُ الحافظُ المتقِنُ أَبُو الْحَسَن الْجُذاميُّ الغَرْناطيُّ ابن القفاص. [المتوفى: 632 هـ]
رَوَى عن أَبِي عَبْد اللَّه بْن زرقون، وعبدِ الحق بن بونه، وأبي زيدٍ السهيلي، وأبي القاسم بن حبيش، وعدةٍ. واعتنى، وقَيَّدَ، وكتبَ الكثيرَ.
قال ابن الزبير: كان ضابطا، فقيها، حافظا جليلا. اختصر كتاب " الاستذكار " لابن عبد البر. روى عنه أبو علي بن أبي الأحوص. مات في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين عن سبْعٍ وسبعينَ سنة.(14/73)
106 - عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن جُبارة، القاضي الرئيس شرفُ الدّين أَبُو الْحَسَن الكِنْديّ التُّجَيْبيّ السخاويُّ المولِد المحليُّ الدّارِ النَّحْويّ المالكيُّ العَدْلُ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد فِي أولِ سنةِ أربعٍ وخمسين.
وحدَّث عن السِّلَفيِّ.
وتُوُفّي بالقاهرة فِي خامس ذي الحجّة؛ قاله الحافظ المنذريُّ.
وروى عنه هو، وشيخنا التاج الغرافي.
وكان من أَئِمَّةِ العلم. أضَرَّ بأخرةٍ. نَظَرَ فِي الديوانِ، وخَدَمَ الدولةَ [ص:74] بالمَحَلَّة. وله ديوان شعرٍ كبير. وكان يقرئُ النَّحْو.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ: أَخْبَرَكَ الأَدِيبُ شَرَفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بالقاهرة، قال: أَخْبَرَنَا أبو طاهرٍ السِّلفيّ، قال: أَخْبَرَنَا أبو الحسين الصيرفي، قال: أخبرنا محمد بن علي الصوري، قال: أخبرنا ابن النحاس، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرَّانِيُّ، قال: حدثنا هاشم بن مرثد، قال: حدثنا المعافى، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صالحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " تَجَوَّزُوا فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّ خَلْفَكُمُ الضَّعِيفَ، وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ ".(14/73)
107 - عَلِيّ بْن الْحُسَن بْن أَحْمَد بْن رَشِيد، أَبُو الْحَسَن الرَّشِيديُّ البَزَّازُ الضريرُ. [المتوفى: 632 هـ]
شيخٌ بغداديٌ. سَمِعَ من عَبْد الواحد بْن الْحُسَيْن البارزي، ويحيى بْن ثابت البَقَّالِ.
وتُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الآخر.
أجازَ للفخر ابن عساكر، ولفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، ولأبي نصرٍ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المِزِّي.
وقد سَمِعَ منه ابنُ الجوهري، وعلي ابن الأخضر، وجماعةٌ بقراءة الحافظ محمد ابن النّجّار.
وكَتَب لَهُ ابْن النّجّار: الشيخُ الصالحُ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ الرَّشِيدِيِّ، أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ بن حسين أخبرهم، قال: أخبرنا الحسين بن طلحة، قال: أخبرنا ابن بشران، قال: أخبرنا إسماعيل الصفار، قال: حدثنا عمر بن مدرك، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سالمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُلُّ استثناءٍ غَيْرُ موصولٍ فَصَاحِبُهُ حانثٌ.(14/74)
108 - عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن غَنِيمة، أبو الحسنِ الوَاسطيُّ البَزَّازُ، عُرِفَ بابن القُطْبِ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد بواسط سنةَ خمسٍ وستينَ. وسمع مِنْ أبي طالبٍ محمد بْن عليّ الكتاني.
وتُوُفّي فِي رجبٍ.(14/75)
109 - عَلِيّ بْن أَبِي الفتح الْمُبَارَك بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو الْحَسَن الواسطيّ البَرْجُونيُّ الفقيهُ المقرئُ تقيُّ الدينِ ابْن باسويه وهو لقبٌ لأحمد. [المتوفى: 632 هـ]
حَفِظَ القرآن على أحمد بن سالم البرجوني، وقَرَأ بالعَشْرِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيّ بْن المظفَّر الخطيب، وأَبِي بكرٍ بْن منصورٍ الباقِلانيِّ. وسَمِعَ من أَبِي طالبٍ الكَتَّانيّ، ومَسْعُود بْن عَلِيّ بْن صدقةَ. وقدم بغدادَ، فَسَمِعَ بها من عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر اللَّه القَزَّازِ، وعبدِ المُنعِم بْن عَبْد اللَّه الفُرَاويّ، والحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عثمان الحازميَّ، وابن بَوْش، وابن كُلَيب، وجماعةٍ.
وقدِمَ دمشقَ وسكنَها، وأقرأ بها وحدَّث. وكان جَيِّدَ الأداءِ، حسنَ الأخلاق، ثقة، فاضلًا. وقد تفقَّه عَلِيّ أبي طالب صاحب ابن الخل، ويعيش بنِ صَدَقة.
سَمِعَ منه الزّكيُّ البِرْزاليُّ، والضياءُ، والسيف، وابن الحاجب، والقوصيُّ، وابن الحُلْوانية، وجماعةٌ.
وقرأ عَلَيْهِ القراءاتِ علمُ الدّين القاسمُ بْن أَحْمَد الأندلسيُّ، والتقيُّ يعقوبُ الجرائديُّ، والرشيدُ بْن أَبِي الدُّر، وغيرهم.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ أبو القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني، ومحمد بن قايماز الطحان، والشهاب ابن مشرف. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، والفخر إسماعيل ابن عساكر.
وتُوُفّي فِي ثامن شعبانَ، وله ستٍّ وسبعون سنةً، ودُفِنَ بمقبرة بابِ الصغيِر.
ولسعدٍ والمُطَعِّم منه إجازة.(14/75)
110 - عُمَر بن أحمد بن أَحْمَد بن أَبِي سعد، الإمامُ أَبُو حفصٍ شعرانة الأصبهانيُّ المُسْتملي الحافظُ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ الكثيرَ، وكتبَ، وانتخبَ. وهو الّذِي رَتَّبَ " مسندَ الْإمَام أَحْمَد " عَلِيّ أبواب الفقهِ. وصَنَّفَ كتابًا فِي ثمانيةِ أسفارٍ سمَّاهُ " روضةَ المذكرينَ وبَهْجةَ المُحدِّثينَ ". وما أحْسبُه رَحَل فِي الحديث.
سَمِعَ أَبَا جعْفَر الصَّيْدلانيّ، وعفيفةَ، وأبا الفضائل العَبْدَكويّ، ومحمودَ بْن أَحْمَد الثَّقفيّ، ومَسْعُود بْن إِسْمَاعِيل الْجُندانيَّ، وأبا القاسمِ الخُوارَزْميَّ الخطيبَ، وأبا الماجدِ مُحَمَّد بْن حامد الْمَصْريّ، وخلقًا سواهم.
كأنَّه عَدِمَ بأصبهان فِي هذا العام، رحمه اللَّه، فِي الكهولة.
روى عَنْهُ بالإجازة جماعةٌ من شيوخنا من آخرِهم ابنُ الشّيرازيّ، وابن عساكر الطبيب.(14/76)
111 - عُمَر بْن عَلِيّ بْن مُرشد بْن عَلِيّ، الأديبُ البليغُ شرفُ الدّين أَبُو القاسمِ الحَمَويُّ الأصلِ الْمَصْريّ المولدِ والدّار، [المتوفى: 632 هـ]
ابن الشيخ أَبِي الْحَسَن الفارض، سَيِّدُ شُعراءِ العصر، وشيخُ الاتحاديَّة.
وُلِد فِي رابع ذي القَعْدَةِ سنةَ ستٍّ وسبعين وخمسمائة بالقاهرة.
وسَمِعَ بها من بهاءِ الدّين القاسم ابن عساكر شيئًا قليلًا.
وذكره الحافظُ زكيُّ الدّين عبدُ العظيم فِي " معجمه "، وقال: سَمِعْتُ منه من شعرِه.
وقال فِي " الوفيات ": كانَ قد جمعَ فِي شعره بين الجزالة والحَلَاوةِ. قلتُ: وديوانُ شعرِه مشهورٌ، وهو فِي غاية الْحَسَن، واللّطافَة، والبَرَاعةِ، والبلاغةِ، لولا ما شانَهُ بالتصريح بالاتحاد الملعونِ فِي ألذِّ عبارة وأرَقِّ استعارةٍ [ص:77] كفالوذج سَمْنُهُ سُمُّ الأفاعي، وها أَنَا أذكرُ لك منه أبياتًا لتشهدَ بصدق دعواي، فإنه قَالَ - تعالى اللَّه عما يَقُولُ -:
وكُلُّ الْجِهَاتِ السِّتِّ نحوي مشيرةٌ ... بِمَا تَمَّ مِنْ نسكٍ وحجٍّ وَعُمْرَةِ
لَهَا صَلَوَاتي بالمُقَام أُقِيمُها ... وَأَشْهَدُ فيها أنَّها لِيّ صلَّت
كِلَانا مصلٍّ واحدٌ ساجدٌ إلى ... حقيقِتهِ بالْجَمْع فِي كُلِّ سَجْدَةِ
إلي كَمْ أُوَاخي السِّتر ها قَدْ هَتَكْتُهُ ... وحلُّ أَوَاخي الحُجبِ فِي عَقْدِ بَيْعَتي
وَهَا أَنَا أُبْدي في اتِّحادي مَبْدَئي ... وأُنْهي انْتِهائي فِي تَوَاضُع رِفْعَتي
فإنْ لَمْ يجوِّز رُؤْيَةَ اثنينِ واحدًا ... حِجَاكَ ولم يُثبتْ لِبعد تثبُّت
فبي موقفي، لَا بل إليَّ توجُّهي ... ولكِنْ صلاتيَ لي، ومنِّي كَعْبَتي
فَلَا تَكُ مَفْتُونًا بحسِّك مُعْجَبًا ... بنفسِكَ مَوْقُوفًا عَلَى لَبْسِ غرَّة
وَفَارقْ ضلالَ الفَرْقِ فالجمعُ منتجٌ ... هدى فرقةٍ بالاتّحاد تحدَّت
وصرِّح بإطلاقِ الجمالِ وَلَا تَقُلْ ... بِتَقْييدِه مَيْلًا لِزُخْرُفِ زينَةِ
فكلُّ مليحٍ حُسْنُه من جَمالِها ... معارٌ لَهُ أو حُسْنُ كلِّ مليحة
بها قيس لبنى هام بل كل عاشقٍ ... كمَجْنُونِ لَيْلَى أو كثيِّر عزَّة
وما ذَاكَ إلاَّ أنْ بَدَتْ بمظاهرٍ ... فظُّنوا سِوَاها وَهِيَ فيهم تجلَّت
وما زِلْتُ إيَّاها، وإيَّاي لَمْ تَزَلْ ... ولا فَرْقَ بَلْ ذاتي لذاتي أحبَّت
وَلَيْسَ مَعي فِي المُلْك شيءٌ سِوايَ ... والمعيَّة لَم تَخْطُرْ عَلى ألمعيَّتي
وَهَا " دحيةٌ " وَافَى الأَمينَ نبيَّنا ... بصورَتهِ فِي بَدْءِ وَحْيِ النُّبوَّة
أَجِبْريلُ قُلْ لي كَانَ دحيةٌ إذْ بَدا ... لمُهْدِي الهُدَى فِي صورةٍ بشريَّة
ومنها:
ولا تَكُ مِمَّنْ طَيَّشَتْهُ دُروسُه ... بِحيثُ استَقَلَّتْ عَقْلَه فاسْتَقَرَّتِ
فثَمَّ وراءَ النَّقْل علمٌ يَدقُّ عن ... مداركِ غاياتِ العُقولِ السَّليمةِ [ص:78]
تَلَقَّيتُه عَنِّي وَمِنِّي أَخَذْتُه ... ونَفْسي كانَتْ مِنْ عطائي مُمِدَّتي
ولا تَكُ باللاهي عَنِ اللَّهْوِ جُمْلَةً ... فَهَزْلُ الملاهي جِدُّ نفسٍ مُجِدَّةِ
تَنَزَّهتُ فِي آثارِ صُنْعي مُنَزَّهًا ... عَنِ الشِّرْكِ بالأَغيارِ جَمْعي وأُلفتي
فبي مجلسُ الأَذْكارِ سَمْعُ مطالعٍ ... ولي حانةُ الخمَّار عَيْنُ طَليعَتِي
وما عَقَدَ الزُّنَّار حُكْمًا سِوَى يدي ... وإنْ حَلَّ بالأقرارِ بي فهْي حَلَّتِ
وإن خَرّ للأحجار فِي البدّ عاكفٌ ... فلا تعد بالإنكار بالعصبيّة
فقد عُبِدَ الدينارُ مَعْنًى منزهٌ ... عَن العَارِ بالإشراكِ بالوَثُنِيَّةِ
وما زاغَتِ الأَبْصارُ مِنْ كُلِّ ملّةٍ ... وما زَاغَتِ الأَفْكَارُ فِي كُلِّ نِحْلَةِ
وما حَارَ مَنْ للشَّمسِ عن غرَّةِ صَبَا ... وإشراقُها من نور إسفار غرّتي
وإنْ عَبَدَ النَّارَ المجوسُ وما انْطَفَتْ ... كما جاءَ فِي الأخبارِ فِي ألفِ حُجَّةِ
فما قَصَدُوا غيري وإن كانَ قَصْدُهم ... سوايَ وإنْ لم يُظْهرُوا عَقْدَ نِيَّةِ
رأَوْا ضَوْءَ نُوري مرّةً فتوهمو ... هُـ نارًا فَضَلُّوا فِي الهُدى بالأَشِعَّةِ
تُوُفّي ابن الفارضِ فِي جُمَادَى الأولي، ثاني يوم منه بمصر. وقد جاورَ بمكة زمانا.
وأنشدنا غير واحد له أنَّه قالَ عند الموت هذين البيتين لما انكشف له الغطاء:
إن كانَ مَنْزِلَتي فِي الحُبِّ عندَكُمُ ... ما قَدْ لَقِيتُ فَقَدْ ضَيَّعْتُ أَيَامي
أمنيّةٌ وَثِقَتْ نَفْسِي بها زَمَنًا ... واليومَ أَحْسبُها أَضْغاثَ أحْلامِ(14/76)
112 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ عمويه، الشَّيْخ شهابُ الدّين أَبُو حفص وأَبُو عبد الله القرشي التيمي البكريُّ الصُّوفيّ السُّهْرَوَرْدِي الزاهدُ العارفُ شيخُ العراق، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد فِي رجب سنةَ تسع وثلاثين وخمسمائة بسُهْرَوَردْ، وقدم بغداد وهو أَمْرَد فصحِبَ عمَّه الشَّيْخ أَبَا النجيب عَبْد القاهر، وأخذَ عَنْهُ التصوف والوعظ. وصَحِبَ أيضًا الشَّيْخ عبدَ القادر. وصَحِبَ بالبصرةِ الشيخَ أَبَا مُحَمَّد بْن عَبد.
وسِمعَ من عمَّه، وأبي المظفَّر هِبَةِ اللَّه ابن الشبلي، وأبي الفتح ابن [ص:79] البطي، ومعمر ابن الفاخر، وأبي زرعة المقدسي، وأحمد ابن المقرب، وأَبِي الفتوح الطائيِّ، وسلامةَ بنِ أَحْمَد ابن الصدر، ويحيى بن ثابت، وخزيفة ابن الهاطرا، وغيرهم.
و" مشيخته " جزءٌ لطيفٌ اتّصل لنا.
روى عَنْهُ ابْن الدُّبَيْثيّ، وابن نُقْطَة، والضياءُ، والبرزالي، وابن النّجّار، والقوصي، والشرف ابن النابلسي، والظهير محمود بْن عُبَيْد اللَّه الزنجاني، والشمس أبو الغنائم بن علان، والتقي ابن الواسطيّ، والعزُّ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الفاروثيّ الخطيبُ، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والرشيدُ مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم، والشهابُ الأبرقوهي، وآخرون. وبالإجازة البدر حسن ابن الخلال، والكمال أحمد ابن العطار، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والشمس محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ، والتقيُّ سُلَيْمَان القاضي، وجماعةٌ. وكنَّاه بعضُهم أَبَا نصر، وبعضُهم أَبَا القاسم.
قَالَ الدُّبَيْثي: قَدِمَ بغدادَ مَعَ عمَّة أَبِي النجيب. وكانَ لَهُ فِي الطريقة قدمٌ ثابتٌ، ولسانٌ ناطق. ووَلِيَ عدَّة رُبُط للصوفية. ونفذَ رسولًا إلى عدة جهات.
وقال ابن النّجّار: كَانَ أَبُوه أَبُو جعْفَر قد قدم بغدادَ وتفقَّه عَلَى أسعدَ المِيهَني. وكان فقيهًا واعظًا، قَالَ لي ابنُه: قُتِلَ بسُهْرَوَرْد وعُمري ستةُ أشهر. كَانَ ببلدنا شحنة ظالم فاغتالَه جماعةٌ، وادَّعوْا أن أَبِي أمرَهُم بذلك، فجاءَ غلمانُ المقتولِ وفَتَكُوا بأبي، فمَضَى العوامُّ إلى الغِلمان فقتلوهم، وثارَتِ الفتنةُ، فأخذ السلطان أربعة منهم وصلبهم حَتَّى سكنت الفتنة. فَكَبُرَ قتلُهم عَلَى عمِّي أَبِي النجيب، ولَبِسَ القَباءَ وقالَ: لَا أُريدُ التصوف. حتى اسْتُرضِيَ من جهة الدولة.
ثمّ قَالَ ابْن النّجّار فِي الشَّيْخ شهاب الدّين: كَانَ شيخَ وقته في علم الحقيقة، وانتهت إليه الرياسة فِي تربية المرُيدين، ودعاءِ الخلقِ إلى اللَّه، وتسليك طريق العبادة والزهد. صحب عمه، وسلك طريق الرياضات والمُجاهداتِ. وقرأَ الفقَه والخلافَ والعربيةَ، وسَمِعَ الحديث، ثمّ انقطع ولازم الخلوةَ، وداومَ الصومَ والذَّكرَ والعبادة إلى أنْ خَطَرَ لَهُ عندَ عُلوِّ سنِّه أنْ [ص:80] يظهرَ للناسِ ويتكلّمَ عليهم، فعَقَدَ مجلسَ الوعظ بمدرسة عَمَّه عَلَى دجلة، فكان يتكلمُ بكلامٍ مُفيد من غير تزويق ولا تنميقٍ. وحَضَرَ عنده خلقٌ عظيمٌ. وظَهَرَ لَهُ قبولٌ عظيمٌ من الخاص والعام واشتهر اسمه، وقصد من الأقطار، وظهرت بركاتُ أنفاسِه عَلَى خلقٍ من العُصاة فتابوا. ووصلَ بِهِ خلقٌ إلى اللَّه، وصار لَهُ أصحابٌ كالنجوم. ونُفذَ رسولًا إلى الشام مرَّات، وإلى السلطان خُوارزم شاه. ورأى من الجاه والحُرْمَة عند الملوك ما لَمْ يَرَه أحدٌ. ثمّ رُتِّب شيخًا بالرباط الناصري وبرباط البسطاميّ ورباطِ المأمونية. ثمّ أنهُ أَضَرَّ فِي آخرِ عمره وأُقعِدَ، ومع هذا فما أخلَّ بالأوراد، ودَوام الذّكر وحضورِ الْجُمَع فِي محفَّة، والمضيِّ إلى الحجِّ، إلى أنْ دَخَل فِي عَشْر المائة، وضعُفَ، فانقطعَ فِي منزلِه.
قَالَ: وكان تامَّ المروءةِ، كبيرَ النفسِ، لَيْسَ للمالِ عنده قدرٌ، لقد حصل له ألوفٌ كثيرة، فَلَم يَدَّخرْ شيئًا، وماتَ ولم يُخلِّف كَفَنًا. وكانَ مليحَ الخَلْقِ والخُلُقِ. متواضعًا، كاملَ الأوصافِ الجميلة. قرأتُ عَلَيْهِ كثيرًا وصحِبتُه مدّةً، وكان صدوقًا، نبيلًا. صنفَ فِي التصوف كتابًا شرح فِيهِ أحوال القومِ، وحدَّث بِهِ مرارًا، يعنى " عوارف المعارف ".
قَالَ: وأملى فِي آخر عمرِه كتابًا فِي الردِّ عَلَى الفلاسفَة، وذَكَر أَنَّهُ دَخَلَ بغداد بعد وفاة أَبِي الوقتِ المحدثِ.
وقال ابْن نقطة: كَانَ شيخ العراق فِي وقته، صاحب مجاهدة وإيثارٍ وطريقةٍ حميدةٍ ومروءةٍ تامةٍ وأورادٍ عَلَى كِبَر سنِّه.
وقال يوسفُ الدمشقي: سمعت وعظ أَبِي جعْفَر - والد السُّهْرَوَرْدِي - ببغداد فِي جامع القصر، وفي المدرسة النِّظامية، وتولَّى قضاء سُهْرَوَرْد، وقُتِلَ.
وقال ابْن الحاجب: يلتقي هُوَ والإمامُ أبو الفرج ابن الْجَوْزيّ فِي النَّسَب، في القاسمِ بْن النَّضْر بْن القاسم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنِ القاسم بن محمد ابن الصديق أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقالَ: هُوَ عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه عمُّويه بْن سعد بْن الْحُسَيْن بْن القاسم بْن النَّضْر.
قلتُ: وقد ذكرْنا نسبَ ابن الْجَوْزيّ فِي ترجمته.
أنبأني مَسْعُود بْن حمُّوَيه: أنَّ قاضي القضاة بدرَ الدّين يوسف السِّنجاريَّ [ص:81] حَكَى عن الملك الأشرف مُوسَى أنَّ السُّهْرَوَرْدِي جاءَه رسولًا، فقالَ فِي بعض حديثه: يا مولانا تطلبت كتاب " الشفاء " لابن سينا من خزائن الكتب ببغدادَ، وغسلتُ جميع النُّسخ. ثمّ فِي أثناءِ الحديث قال: كَانَ السَّنَةَ ببغدادَ مرضٌ عظيم وموتٌ. فقلتٌ: كيف لَا يكونُ وانتَ قد غَسَلْتَ " الشفاء " منها.
قلت: وقد لبست الخِرْقَةَ بالقاهرة من الشَّيْخ ضياء الدّين عيسى بْن يحيى الأَنْصَارِيّ السَّبْتيِّ وقال: ألبسنيها الشيخُ شِهابُ الدّين بمكة فِي سنة سبعٍ وعشرين وستمائة.
تُوُفّي الشَّيْخ فِي أول ليلةٍ من السنةِ ببغداد.(14/78)
113 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي نصر العلامةُ أَبُو حفص الفَرَغانيّ الحنفيُّ، [المتوفى: 632 هـ]
مدرس الطائفة الحنفية بالمستنصرية.
قدم بغداد واستوطنها. ودرَّس، واشتغل، وأَفْتى. وكان مَعَ تفننه بالعلوم صاحب عبادةٍ وصلاحٍ ونسكٍ. وله النظم والنثر.
تُوُفّي فِي هذا العام.
وقد درس قبل بسنجار، وحدَّث عن الحافظ أَبِي بَكْر الحازمي، وغيرِه.(14/81)
114 - عيسى بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك، أَبُو مُوسَى الرُّعَينيُّ الأندلُسيُّ المالَقيُّ المعروفَ بالرُّنْدي، لأنه نشأ برُندةَ. وقد كنَّى نفسَه أخيرًا أَبَا مُحَمَّد. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ ببلده من أبي محمد ابن القرطبي، وأبي العباس ابن الجيار. وبحصن اصطبَّة من إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الخَوْلانيّ.
وحجِّ وتوسع فِي الرحلةِ، وقدم دمشق فسمع بِها الكثير من أَبِي مُحَمَّد بْن البن، والموجودين على رأس العشرين وستمائة.
قَالَ الأبارُ: كَانَ ضابطًا مُتْقنًا. كتب الكثير لكنه امتُحن فِي صدَره بأَسر العدو فذهَبَ أكثرُ ما جَلَبَ. ووَلِيَ خطابةَ مالَقَةَ. وأجازَ لي. ولم يُمَتَّع. وتُوُفّي فِي ربيع الأول، وله إحدى وخمسون سنةً.
وقال ابنُ الحاجب: ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان محدثاً، [ص:82] حافظًا متقنًا، أديبًا، نبيلًا، ساكنًا، وَقُورًا، نَزِهًا، وافر العقل، ثقةً، محتاطاً في نقله، يفتش عن المشكل. سألتُ عَنْهُ الحافظ الضياءَ، فقال: خيرٌ عالمٌ متيقظٌ، ما فِي طلبةِ زمانةِ مثلُه. وسألت الزكيَّ البِرزاليَّ عَنْهُ، فقال: ثقةٌ، ثبتٌ، محصلٌ، حَدَّثَنَا من حفظه أنَّه قَرَأ عَلَى الْإمَام أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ، قال: أَخبْرَنَا أَبُو مروان عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن قزمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فرج الطلاع، فذكر حديثًا من " الموطّأ ".
قلتُ: مات ابْن قزمان سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، وإِبْرَاهِيم سنة ستٍّ عشرة.(14/81)
115 - عيسى بْن سَنْجَر بْن بِهْرام بْن خُمارتكين، حسامُ الدّين الأربليُّ الجندي الشاعرُ المُفْلِق، المعروفُ بالحاجريّ. [المتوفى: 632 هـ]
وديوانُه مشهورٌ. حُبسَ مرَّةً بقلعَة إرْبل، ثمّ خُلِّصَ. ولَبِسَ زي الصوفية، واتصل بخدمة صاحبِ إرْبل. ثمّ وَثَبَ عَلَيْهِ شخصٌ قتلَه فِي شوَّال، وله خمسون سنة.
وغَلَبَ عَلَيْهِ الحاجريُّ لكثرةِ ذكرهِ الحاجرَ فِي شعره.
وكانَ ذا نوادرَ ومفاكهة، ونحوُه قليلٌ، لكن شعره في الذروة.(14/82)
116 - غانمُ بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عساكر بْن حُسين، الشَّيْخ القُدوةُ الزاهدُ أَبُو عَلِيّ الأنصاري السعدي المقدسي النابلسي، [المتوفى: 632 هـ]
أحد مشايخ الطريق.
وُلِد بقريةِ بُورينَ من عمل نابُلُس سنةَ اثنتين وستين وخمسمائة. وسَكَنَ القُدس عامَ أنقذَه السلطان من الفرنج سنة ثلاثٍ وثمانين، وساحَ بالشامِ، ورأى الصالحينَ. وكان زاهدًا، عابدًا، مُخْبِتًا، قانتًا لله، مُؤْثِرًا للخمولِ والانقباضِ، صاحبَ أحوالٍ وكراماتٍ.
حكى ابنهُ الشَّيْخ عَبْد اللَّه أنَّ أَبَاهُ أخبره أن رجلاً من الصديقين اجتمعَ بِهِ ساعة، قَالَ: فَلَمَّا وَقَعَتْ يدي فِي يده انتزعت الدُّنيا من قلبي، ولما نَهَضْتُ قَالَ لي: " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هي المأوى ". فَجَعَلْتُ هذه الآية قدوتي إلى اللَّه، وسلكتُ بها فِي طريقي، [ص:83] وجعلتُها نصبَ عيني لِكُلِّ شيءٍ قالتْه لي نفسي: فإنْ قَالَتْ لي: كُلْ، أجوعُ، وإن قالت: نم، سهرت، وإن قالت: استرح، أَتْعَبْتُها.
قَالَ ابنُه عَبْد اللَّه: انقَطَعَ رحمه اللَّه تحتَ الصخرةِ فِي الأقباء السليمانية سنةَ ستينَ، وصَحِبَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه الأُرْمَوِي بقيةَ عمره وعاشا جميعًا مصطِحَبْين.
قَالَ: وحجَّ ثلاثَ مرَّات مُحْرمًا من القدس، فقال: رجَعْتُ من الحجِّ وأنا مريض لَا أستطيعُ الكلامَ، فانطرحتُ فِي البرية، فجاءني مغربيٌ فسَلم، فأومَأت لَهُ، فقال: قم. فأقامَني وجَعَلَ يدَه تحت جناحي، ثمّ سارَ بي يُحدِّثني بما أَنَا فِيهِ وبما يكون منّي، لَا أشكُّ أني سائر فِي الهواء غيرَ أنِّي قريبٌ من الأرض مقدارَ ساعةٍ، ثمّ قالَ: أجلسْ ونَمْ فَنِمْتُ ونامَ معي فاستيقظتُ، فلم أجدْه، ووَجَدْتُ نفسي قريبًا من الشامِ وأنا طيبٌ، ولم أحتَجَ بعدَ ذَلِكَ إلى طعامٍ ولا شرابٍ حتّى دخلتُ بيتَ المقدسِ.
ثمّ أخذ ولدُهُ عَبْد اللَّه يَصِفُ توكُلَه وفناءه ومحبّته ورضاه ومقاماته، وأن أخلاقَه كريمةٌ وهيبتَه عظيمةٌ، وأنَّه بَقِيَ عشرينَ سنة بقميصٍ واحد وطاقيةٍ عَلَى رأسه، ثمّ سأله الفقراءُ أن يَلْبَسَ جُبَّةً فلَبِسَ، وأنه ما لقي أحداً إلا تبسم لَهُ.
قَالَ: ورأيتُ ابن شير المغربيَّ، وحجَّ سنةً، ثمّ قدم وحضر عند الفقراء، فقال: كيف كَانَ وصولُ الشَّيْخ؟ قَالُوا: الشَّيْخ ما حجَّ. فقال: والله لقد سلمتُ عَلَيْهِ عَلَى الجبل وصافحتهُ، ثمّ أتى إِلَيْهِ وسلم عَلَيْهِ، وقال: يا شيخ غانم أما سَلَّمتُ عليكَ بالجبلِ؟ فَتَبسَّمَ وقال: يا شمسَ الدّين هذا يكونُ بحُسْنِ نظرِك والسكوتُ أَصْلَحَ.
وحكى الشيخُ القُدوة إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه الأرمويُّ، قَالَ: حضرتُ مَعَ والدي سماعًا حضّره الشَّيْخ غانم والشيخ طيٌ والشيخ عليٌ الحريري فلمّا تكَلَّمَ الحادي حَصَلَ للشيخ غانم حالٌ، فحملني وقامَ بي، ودارَ مِرارًا، فَنظَرْت، فإذا بي فِي غير ذَلِكَ الموضع، ورأيتُ بلادًا عجيبةً، وأشجارًا غيرَ المعهودة، وناسًا مُوَشحينَ بوزراتٍ، حتى رَأَيْت شخصًا خارجًا من باب حديقةٍ وهو يسوقُ بقرةً، فهالَني ذَلِكَ. فلما جلس بي الشَّيْخ، قَالَ لَهُ الشَّيْخ طيٌ أو غيره: أيش كانت وظيفةُ وُلِد الشَّيْخ عليك فِي هذه القومَةِ؟ فلم ينطق. فقال والدي: الشَّيْخ عَبْد اللَّه فرج ولدي فِي إقليم الهند وجاء، فسكت الشَّيْخ غانم. هَذِهِ الحكاية [ص:84] يرويها قاضي القضاة أبو الْعَبَّاس بْن صصرى، والشيخ علاء الدّين عَلى ابن شيخنا شمس الدّين مُحَمَّد سِبْطِ الشَّيْخِ غانم.
وقد أفردَ سيرة الشَّيْخ غانم فِي " جُزءِ " مليحٍ حفيدُ شيخنا شمس الدّين المذكور المولى الإمامُ أَبُو عبد الله محمد ابن الشَّيْخ علاء الدّين - أبقاهما اللَّه ورحمهما -. وقال: تُوُفّي فِي غُرَّةِ شَعْبان سنة اثنتين وثلاثين، ودُفَن فِي الحضرة التي بها صاحبه ورفيقُه الشيخ عبد الله الأرموي بسفح قاسيون.(14/82)
117 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الملك، أَبُو عَبْد اللَّه ابن مُشْليُون الأَنْصَارِيّ الفقيه الأندلُسيُّ. [المتوفى: 632 هـ]
روى عن أَبِي بكر بن نمارة، وغيره.
أخَذَ عَنْهُ الأَبَّارُ، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل، وله تسعون سنة.(14/84)
118 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو عَبْد اللَّه القادسيُّ الكُتْبِيُّ [المتوفى: 632 هـ]
صاحب " التاريخ ".
حَدَّث عن عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل الدَّبَّاس، وغيرِه. وكان رجلًا فاضلًا، ذا اعتناءٍ بالتواريخ والحوادث.
أجازَ لتاج الدّين إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن قُريش المخزوميَّ، ولفاطمةَ بِنْت سُلَيْمَان الأَنْصَارِيّ، وجماعةٍ.
وتُوُفّي فِي التاسع عشر من جُمَادَى الآخرة ببغداد.
وهو منسوبٌ إلى القادسية التي بين سامُرَّاءَ وبغدادَ، لَا قادسية الكوُفةِ التي كانت بها الوقعة المشهورة.
وقد ذكرنا والده من سنواتٍ.(14/84)
119 - محمد ابن القاضي أبي مُحَمَّد جامع بْن عَبْد الباقي بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ، علاء الدّين أَبُو المعالي التميميُّ الأندلُسيُّ ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمَّعَه أَبُوه من بركاتٍ الخُشُوعيِّ، وعبد اللّطيف بْن أَبِي سعد، والقاسم ابن عساكر، وعمر بْن طَبَرْزَد، وجماعةٍ. وبمصَر من عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُجلى، وجماعة. وبحرانَ من عَبْد القادر الرُّهاويِّ الحافظِ. وبحماةَ، وحلب. وحدث. [ص:85]
ووالده جامع بْن باقي من أصحاب السِّلفَيّ؛ روى عَنْهُ ابْن خليل فِي " معجمه "، وغيره.
روى عن مُحَمَّد زكيُّ الدّين البِرْزاليُّ، ومجدُ الدّين ابن الحُلْوانية. وتُوُفّي فِي ذي الحجّة بدمشق.(14/84)
120 - مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن أَحْمَد، أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المخزوميُّ الشَّقْريُّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ أَبَاهُ، وحجِّ، فأخذَ عن العلامةَ أَبِي مُحَمَّد عَبْد الحقّ الإشْبيلي نزيل بِجَايةَ كتابَ " التهجُّد " لَهُ. ولم يكنْ لَهُ معرفةٌ بالحديث، بل لَهُ حظ مبرور من منظوم ومنثور.
وتُوُفّي فِي شوَّال.(14/85)
121 - مُحَمَّد بْن حسن بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه، الأَنْصَارِيّ، [المتوفى: 632 هـ]
من أهل قرطاجنة عَمَلِ مُرْسِيةَ.
روى عن خاله أَبِي الْحَسَن بْن أَبِي العافية، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي جَمْرَة. ووَلِيَ قضاءَ موضعِه أربعينَ سنة. وكان لَهُ حظٌ من الفقهِ والأدب.
تُوُفّي فِي شوَّال، وله ثمان وسبعون سنة.(14/85)
122 - مُحَمَّد بْن دُلف بْن كرم بْن فارس، أَبُو الكرم العُكْبَريّ القصارُ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد سنة إحدى وستين. وسمعه أبوه من عبد الله بن أحمد ابن النَّرْسيّ، ويحيى بْن ثابت، ومُسلْمِ بْن ثابت ابن النّخّاس. وحدَّث، ومات فِي صَفَر.(14/85)
123 - مُحَمَّد بْن أَبِي غالب زُهَير بْن مُحَمَّد، وجيهُ الدّين الأصبهانيُّ الزاهدُ، يُعرفَ بشعرانة. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ " صحيح الْبُخَارِيّ " من أَبِي الوَقْت بأصبهان. وطالَ عُمُره. وحدَّث مدّةً. وأجازَ فِي سنة ثلاثين وسنة إحدى وثلاثين لأهلِ الشام.
وكان شيخًا صالحًا، عابدًا. [ص:86]
أجازَ لمحمد بْن أَبِي العزَّ بْن مُشَرَف، وإبراهيم بن علي ابن الحُبُوبيّ، وفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وللقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وجماعةٍ. وحدث عنه القاضي كتابةً بـ " صحيح البخاري ".(14/85)
124 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرشيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرشيد بْن نَاصر، أَبُو الفضل الأصبهانيُّ. [المتوفى: 632 هـ]
من بيت العلم، والزهد. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من أَحْمَد بْن ينال الترك. وصحب الصُّوفيّة. وكان يعظُ فِي القرى.
كُتُب عَنْهُ ابْن النّجّار، وغيره. وقال ابْن النّجّار: بَلَغنا أَنَّهُ قُتِلَ بأصبهان فِي شوَّال. قلتُ: هذا لم أرَهُ فيمن أجازَ للقاضي تقي الدّين.(14/86)
125 - مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي سعْد، أَبُو عَبْد اللَّه المدينيُّ الشّافعيّ الواعظ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد فِي ذي الحجة سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة بمدينة جي. وسمع من أَبِي القاسم إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ الحَماميّ، وأَبِي الوقتِ السجزيّ، وأَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَاغْبَانِ، وغيرهم.
روى عَنْهُ الضياءُ المقدسيُّ، وابنُ النّجّار.
وسَمِعنْا بإجازتِه عَلَى الشرف أَحْمَد ابن عساكر، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان، والأمينِ أَحْمَد بْن رسلان، والقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان، وغيرهم.
قَالَ ابن النّجّار: هُوَ واعظٌ، مفتٍ، شافعيٌ. لَهُ معرفةٌ بالحديثِ وله قبولٌ عند أهل بلده. وحدثني عن أَبِي الوقتِ " بجزء بِيبي"، وفيه ضَعْف. وبلَغَنا أَنَّهُ قُتِلَ بأصبهان شهيدًا عَلَى يدِ التتارِ فِي أواخر رمضان سنة اثنتين.
قلت: أخذتِ التتارُ أصبهان فِي هذا العام، وسُلِّمت منهم إلى هذا الوقت وقَتَلُوا بها خلقاً لا يحصون.(14/86)
126 - مُحَمَّد بْن عماد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي يَعْلَى، أَبُو عَبْد اللَّه الْجَزَرِيّ الحرّانيّ الحنبليُّ التاجرُ. [المتوفى: 632 هـ]
ولد بحران يوم الأضحى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وقدم ديار [ص:87] مصر وهو مراهقٌ، فَسِمعَ " الخِلَعيّات " من عَبْد اللَّه بْن رِفاعة الفَرَضيّ. وسَمِعَ بالإسكندريةِ من السلفي. وببغداد من أبي الفتح ابن البَطِّيّ، ويحيى بْن ثابت، وأَبِي حنيفةَ مُحَمَّد بن عبيد الله الخطيبي، وأبي محمد ابن الخشاب، وعبد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وسعد الله ابن الدجاجي، وأبي بكر ابن النقور، وشهدة، وأحمد ابن المُقَرَب، والأبْلَهِ الشاعرِ، وغيرهم. وروى بالإجازةِ عن هبة اللَّه بْن أَبِي شريك، وأَبِي القاسم ابن البناء، وأبي الوقت. وسمع بمصر أيضًا من عَلِيّ بْن نصر الأرْتاحيِّ، عن أَبِي عَلِيّ بْن نَبْهان.
روى عَنْهُ ابن النّجّار، والزّكيّ المنذري، ومُحَمَّد بْن عَبْد الخالق بْن طرخان الكِنْديّ، وعطية بْن ماجد، وعَلِيّ بْن عَبْد اللَّه المَنْبِجيّ، وجمال الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد الشَّريشيّ الفقيه، وعبد المنعم ابن النجيب عبد اللطيف الحرّانيّ، وأَبُو مُحَمَّد بْن غلام الله ابن الشمعة، والتاجُ عَبْد الغني الجذاميُّ، ومُحَمَّد بْن عثمان الإربليُّ، وأَبُو العز بْن محاسن، وكافور الصّوّاف، وطائفةٌ.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الفوي، وعلي بْن أَحْمَد العَلَويّ، ويحيى بْن أحمد ابن الصّوّاف، وآخر مَنْ روى عَنْهُ هُوَ بالسماع، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان بالإجازةِ.
وكان ثقةً، صدوقاً، صالحاً.
ذكره عمر ابن الحاجبِ، فقال: شيخٌ عالمٌ، فقيهٌ، صالحٌ، كثيرُ المحفوظ، ثقةً، حسنُ الإنصات، كثيرُ السماع. سَمِعَ الكثير بإفادة خاله. وأصوله بأيدي المحدثين، وطالَ عمره. وسكن الإسكندرية، ورُحِلَ إِلَيْهِ. وتُوُفّي فِي عاشرِ صفر بالإسكندرية.(14/86)
127 - مُحَمَّد بْن غَسَّان بْن غافل بْن نجاد بْن غَسَّان بْن غافِل بْن نجاد بْن ثامر الحنفيُّ الأميرُ الأَنْصَارِيّ الخزرجيُّ الحمصيُّ سيف الدولة أَبُو عَبْد اللَّه. [المتوفى: 632 هـ]
ولد بحمص في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وقدم دمشق وهو [ص:88]
صبيُّ فسَمِعَ من الصائن هبة اللَّه والحافظ عَلِيّ ابني الْحَسَن بْن هبة اللَّه، وأَبِي المظفَّر سعيدِ بن سهل الفَلَكيّ، وأَبِي المَكَارِم عَبْد الواحد بْن هلال، وعَلِيّ بْن أَحْمَد الحّرَسْتانيّ، وعَبْد الخالق بْن أسد الحنفيِّ، وغيرهم.
روى عنه الضياء، وابن خليل، والجمال ابن الصابوني، وسعد الخير النابُلُسي، وأخوه نصرٌ، وعلي بْن عثمان اللمتونيّ، وسُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن كسا، والمؤيَّدُ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم الكاتب، والشرفُ أحمد ابن عساكر، وأحمد بن عبد الرحمن المنقذي، ومحمد بن حازم، والعز أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وآخرون. وآخرُ من روى عَنْهُ حُضورًا البهاء قاسم ابن عساكر.
وكان يعيش من ملكه، ويُواظبُ عَلَى الصلوات فِي جماعة.
تُوُفّي فِي ثالث عشر شَعْبان.(14/87)
128 - محمود بْن إِبْرَاهِيم بْن سُفْيَان بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الوَهّاب ابْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مَنْدَه، أَبُو الوفاءِ العَبْديّ الأصبهانيُّ. [المتوفى: 632 هـ]
من بيت الحديثِ والرواية، حدث من بيته طائفةٌ كبيرةٌ.
وسمع من أَبِي رشيد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الفَيْج، ومَسْعُود بْن الْحُسَن الثَّقفيّ، وأَبِي الخير مُحَمَّد بن أحمد الباغبان، والحسن بْن الْعَبَّاس الرُّسْتُميّ، وعبد المنعم بْن مُحَمَّد بْن سعدويه، وجماعة.
قَالَ ابْن النّجّار: سَمِعَ كتابَ " المُحْتَضَرين " لابنِ أَبِي الدُّنيا، وكتاب " حلم معاوية "، وكتاب " الرَّقَّة والبُكاء "، وكتاب " المَوْت "، وكتاب " التَّهَجُّد "، لابن أَبِي الدُّنيا، وكتاب " الإِيمَان " لابن مَنْدَه فِي مُجَلدة؛ سمعه من الرستميّ، عن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَه، عن أَبِيهِ. فأمّا " التّهجّد " فسَمِعة من مَسْعُود الثَّقفيّ. وأمّا " الرَّقَّة " و" المُحْتَضَرين " فسَمِعَه من أَبِي الخير الباغبان. وأما " ذكر الموت " و" حلم معاوية " فسَمِعَهُ من أَبِي عَبْد اللَّه الرُّسْتُميّ بسندهم.
روى عَنْهُ ابن النّجّار، والضياء، وعبد الصَّمد بْن أَبِي الجيش، والكمالُ عَبْد الرَّحْمَن المُكَبر شيخُ المستنصرية، وآخرون. وبالإجازة القاضيان شهابُ الدين ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، والشرف ابن عساكر، وأبو الحسين [ص:89]
علي ابن اليونيني، والعماد إسماعيل ابن الطبال، وإبراهيم بن علي ابن الحُبُوبيٌ، وفاطمةٌ بنتُ سُلَيْمَان، والشيخ عَلِيّ بْن هارون القارئ، ومُحَمَّد بْن مُشَرَّف، والأمين أَحْمَد بن أبي بكر ابن البعلبكي، وإبراهيم بن أبي الحسن المُخَرّميّ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ، وعِزِّيَّةُ بنتُ محمد الكفربطنانية، وغيرُهم.
وكان مولدُه فِي سنة خمسين أو اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ الكثير، فمن ذَلِكَ، قَالَ: من مسموعاتي كتاب " معرفة الصحابة " للإمام أبي عبد الله جدي، سمعتُه من أَبِي الخير البَاغْبَانِ سنةَ ست وخمسين وخمسمائة.
قلتُ: وأكثر سماعاتهِ وهو فِي الخامسة، فإنه كتبَ: ووِلادتي فِي سنةِ اثنتينِ وخمسين. وعُدِمَ فِي أخذِ أصبهان هُوَ، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المديني، وقد مرَّ، ومُحَمَّد بْن زُهَير شعرانة، وقد مَرّ.
و(14/88)
129 - أَبُو بَكْر بْن أَحْمَد بن مُحَمَّد ابْن الحافظ أَبِي حامد بْن كوتاه الأصبهانيّ [المتوفى: 632 هـ]
صاحب أَحْمَد بْن ينال.
و(14/89)
130 - أَبُو الفتوح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي المَعَاليّ الوَثابيّ الأصبهانيّ، [المتوفى: 632 هـ]
الراوي " مسند " الشّافعيّ عن رجاء بن حامد المعداني، عن مكي السلار.
وسمع من جدِّه أَبِي المَعَالي كتاب " الذِّكر " لابن أَبِي الدُّنيا، بسماعِه من طِرَاد الزَّينبيّ. وسَمِعَ " جامع " الترمذي من شاكر الأسواري، قال: أخبرنا أبو الفتح الحداد، قال: أخبرنا إسماعيل بن ينال، إجازة، قال: أخبرنا ابن محبوب، قال: أخبرنا التِّرْمِذيّ.
وكان مولدُه فِي سنة أربعٍ وخمسين.
وابنه:(14/89)
131 - أَبُو عَلِيّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد. [المتوفى: 632 هـ]
وله سماعات كثيرة من عينِ الشمس الثَّقفيه، وطبقتها.
و(14/89)
132 - محمد بن أبي سعيد خليل بْن أَبِي الرجاء بدر بْن أَبِي الفتح الرَّارانيُّ، أَبُو عَبْد اللَّه. [المتوفى: 632 هـ][ص:90]
سمع شيئاً كثيراً بعد الستين وخمسمائة.
و(14/89)
133 - الفقيهٌ الحافظُ المحدثُ ظهيرُ الدّين أَبُو مُحَمَّد عَبْد الأعلى ابْن العلامة أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم ابْن القطَّان الرُّسْتُميّ الأصبهانيُّ. [المتوفى: 632 هـ]
مكثرٌ عن التُّرك، وأَبِي مُوسَى المَدِينيّ، وبنيمان بن أبي الفوارس، وأبي رشيد إسماعيل بن غانم. وسمع حضورًا " مُسند " الشّافعيّ من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن ماشاذة.
و" معجمُهُ " ذكر أنه خمسمائة وخمسون نفسًا. وقد ذكرَ أنَّه سَمِعَ كُتبًا كباراً كـ " دلائل النُبُوَّة "، و" حلية الأولياء " لأبي نُعَيْم، و" معالم السنن " للخطابي، وغير ذلك.
وولد سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة.
و(14/90)
134 - الزاهدُ صائنُ الدّين أَبُو القاسمِ جامعُ بْن إِسْمَاعِيل بْن غانِم الأصبهانيّ المقرئُ الصُّوفيّ المعروف بيَالَة. [المتوفى: 632 هـ]
راوي " جزء لُوَين "، عن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم بْن مُحَمَّد الصَّالحانيّ.
و(14/90)
135 - الشَّيْخ عمادُ الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن أحمد بن عبد الغفار ابن أميركا، [المتوفى: 632 هـ]
الذي يروي عن أبي جعفر محمد بْن الْحَسَن الصَّيْدلانيّ.
و(14/90)
136 - الشَّيْخ جمالُ الدّين أَبُو مُحَمَّد أسعدُ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معدان الأصبهانيُّ السِّمْسار. [المتوفى: 632 هـ]
الّذِي يَرْوي عن القاسمِ بْن الفَضْل الصَّيْدلانيّ.
و(14/90)
137 - أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد ابن النجيب أَحْمَد بْن نصر بْن طاهر الأصبهانيُّ، [المتوفى: 632 هـ]
الّذِي يروي عن إِسْمَاعِيل بْن غانم.
وابنُ عمِّه(14/90)
138 - مُحَمَّد بْن سعيدِ بْن أَحْمَد بْن أَبِي طاهر الأسْوَارِيُّ، [المتوفى: 632 هـ]
وأحسِبُه ابن عم مُحَمَّد الذي قبله.
يروي أيضاً عن إِسْمَاعِيل بْن غانم.
و(14/90)
139 - الإمام أَبُو نَجيح مُحَمَّد بْن معاويةَ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الأصبهانيّ المُقْرئُ. [المتوفى: 632 هـ]
مُقرئُ أهل أصبهان. [ص:91]
لَهُ روايةٌ عن الحافظ أَبِي مُوسَى المدينيّ.
و(14/90)
140 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بْن إِبْرَاهِيم الأصبهانيُّ المُقرئُ المُسْتملي. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ أَحْمَد بْن ينال الترك. وكانَ شَيخًا صالحًا.
و(14/91)
141 - المحدث الواعظُ أَبُو الماجد مُحَمَّد بْن صالح بْن أحمد ابن المصلح أبي عبد الله محمد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ الأصبهانيُّ الحنبليُّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ من جد أبيه المصلح جميع " الحلية "، قال: أخبرنا الحداد، قال: أخبرنا المُصَنِّف أَبُو نعيمٍ. وسَمِعَ " صحيح مُسلْمِ " من جدِّه.
و(14/91)
• - الإمامُ المحدث أَبُو حفص عُمَر بن أحمد بن أحمد بن أبي سعد الأصبهانيُّ، المُستملي شعرانة، الشَّيْخ السِّلَفِيّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ وخرَّجَ وكتبَ الكثيرَ وصنَّفَ ورتَّب " مُسند الْإمَام أَحْمَد " عَلَى أبواب الفقِه والأحكام. وصنَّفَ كتابًا آخرَ فِي ثمانِ مجلداتٍ سمَّاه " روضة المذكرين وبهجة المحدثين ". وسَمِعَ من أَبِي جعفر مُحَمَّد بْن أحمد الصيدلاني، وأبي الفضائل العبد كويي، ومحمود بْن أَحْمَد الثَّقفيّ، وطبقتهم.
وقد تفرَّدَ القاضي تقي الدّين سُلَيْمَان بالرواية بحكمِ الإجازة المحققة عن هؤلاء المذكورين، وعن خَلقُ سواهم أذِنُوا لَهُ ولغيره فِي الرواية، وكاتُبوه من أصبهان. واستُشْهد سائرُهم بسيفِ التتار الكَفَرة فِي هذا العام. ومَنْ سلم منهُمْ أضْمرَتْهُ البلاد وانقطعَ خبرُه. فسبحانَ وارثِ الأرضِ ومَنْ عليها ومعيد من خلق منها إليها.
ولقد كانَتْ أصبهان تكادُ أن تُضَاهي بغداد فِي عُلوِّ الإسناد فِي زمان أَبِي مُحَمَّد بْن فارس، والطَّبَرانيّ، وأَبِي الشَّيْخ. ثمّ كَانَ بعدهم طبقةٌ أخرى فِي العُلُوّ، وهم: أبو بكر ابن المُقرئ، وغيرُه. ثمّ طبقةُ أَبِي عبد اللَّه بن منده العبدي، وأبي إسحاق بن خرشيد قوله، وأَبي جعْفَر بْن المَرْزُبان الأبهريّ. ثمّ طبقةُ أَبِي بَكْر بْن مَرْدُوَيْه، وأَبِي نُعَيْم. ثمّ طبقةُ ابْن ريذة، وأَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، ورُواةِ أَبِي الشَّيْخ. ثمّ طبقةُ أصحاب ابن المقرئ. ثم أصحاب [ص:92]
ابن مَنْدَه. ثمّ طبقةُ مَنْ بعدَهم هكذا إلى أن سَلَّط اللَّه عليهم بذنوبهم العدوَّ الكافرَ ليكفَر عنْهُم ويعوضهم بالآخرة الباقيةِ. فنسألُ الله العفو والعافية.
وأبو الوفاء محمود ابن مَنْدَه، هُوَ آخِرُ مَنْ روى الحديث، فيما علمت، من أهل بيتِه، وكان يُلقَبُ بجمالِ الدّين.(14/91)
142 - محمود بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف، أَبُو الثناءِ المغربيُّ الأصلِ، الروميَ المولدِ الْمَصْريّ الدارِ المُؤَذِّنُ الحَنَفيُّ ابْن المُلثمِ، المعروف بالعَجَميّ. [المتوفى: 632 هـ]
قَدِمَ مصرَ فِي حدود السبعين وخمسمائة. وسمع من علي بْن هبة اللَّه الكاملي، وهبة اللَّه بْن عَلِيّ الأَنْصَارِيّ، وجماعة. وأجاز لَهُ السِّلَفِيّ. وحَصَّل أصولًا، وكُتبًا كثيرة، وأنفقَ عَلَى المحدثين جُمْلَةً. روى عَنْهُ الزّكيُّ المنذريُّ، وعمر ابن الحاجب ووَصَفَه بالصلاحِ.
مولده بأقصرا سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
وماتَ فِي خامس ربيع الأول.
وقد أذّنَ للسلطان مدّةً طويلةً.(14/92)
143 - محمودُ بْن عَلِيّ بْن محمود بْن قَرْقين، الأميرُ الفاضلُ شمسُ الدّين أَبُو الثناءِ الجنديُّ المقرئُ. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد بدمشق سنة أربعٍ وستين وخمسمائة.
وسَمِعَ من أَبِي سَعْد بْن أَبِي عصرون.
وسَكَنَ بَعْلَبَكَّ واختصَّ بملكها الملك الأمجد.
وكانَ أديبًا، مُنشئًا، شاعرًا، يَرْجُع إلى ديانةٍ وخيرٍ.
روى عَنْهُ تاجُ الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي عصرون، ومجد الدين ابن العديمِ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيُّ، وقبلَهم البِرْزاليُّ.
وكانت وفاتُه فِي شوَّال بمدينة بُصري.(14/92)
144 - المُهَذَّبُ بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي غانم مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن زينة، أَبُو غانم الأصبهاني الحافظ. [المتوفى: 632 هـ]
ولد في حدود السبعين وخمسمائة.
وسمع من أَبِي الفتح الخِرَقيّ، [ص:93]
وأَحْمَد بْن ينال التُّرك، وأَبِي مُوسَى الحافظ، ووالده أَبِي ثابت، وطبقتهم. وأكثرَ عن أصحاب أَبِي عَلَى الحدَادِ كأبي جعْفَر الطَّرَسُوسيّ، وغيره.
سمع منه الزّكيُّ البِرْزاليُّ، وغيرُه.
قَالَ ابنُ نُقْطَةَ: دخلتُ أصبهان وهو بقرية، فلم يُقَدَّر لي لُقِيُّه، وهو حافظٌ، ثقةٌ، وقيَّد " زينة " بالكسرِ.
ولا أدري متَى مات، لكنَّه أجازَ للقاضي تقي الدين سليمان في سنة ثلاثين وستمائة.(14/92)
145 - مُهَلْهِلُ بْن عَبْد اللَّه بْن مُهَلْهِل، أَبُو السعاداتِ القَطيعيّ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ من أَبِي المكارِم المباركِ بْن مُحَمَّد البَادَرَائيّ. وحدَّث.
تُوُفّي فِي منتصف جمادى الآخرة.(14/93)
146 - ناصُر بْن سعد بْن رشيد، أَبُو مُحَمَّد العراقيُّ الحَرْبويُّ الكاتبُ المُجَوِّد. [المتوفى: 632 هـ]
تنقل فِي الخِدَم. وكتب بين يدي الوزير ابن الناقد.(14/93)
147 - واثِلَةُ بْن بقاء بْن أَبِي نصر بْن عَبْد السلام، أَبُو الْحَسَن البغداديُّ الحريميُّ الملَّاح المعروف بابن كَرَّاز. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ من أَبِي عَلِيّ أحمد ابن الرَّحْبيّ رابع " المحامليات ".
كُتُب عَنْهُ عَبْد اللطيف بن بورنداز، وعمر ابن الحاجب، والطلبة.
وروى عنه التقي ابن الواسطي، والشمس ابن الزين، والشهاب الأبرقوهي. وبالإجازة الفخر ابن عساكر، وغيرُه.
وتُوُفّي فِي السابع والعشرين من رجب.
وكانَ صالحًا، خيرًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأبرقوهي، قال: أَخْبَرَنَا وَاثِلَةُ بْنُ كَرَّازٍ بِقِرَاءَةِ ابْنِ نُقْطَةَ الحافظ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (ح) وأخبرنا أبو المعالي، [ص:94]
قال: أخبرنا نصر بن عبد الرزاق الفقيه (ح) وأخبرنا أحمد ابن الْعِمَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِطِّيخٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ خَوْلانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُؤْمِنٍ؛ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَجْمٍ الْوَاعِظُ. (ح) وَأَخْبَرَتْنَا خَدِيجَةُ بنت عبد الرحمن، قالت: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حُضُورًا فِي الرَّابِعَةِ، قَالُوا: أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الْكَاتِبَةُ. قَالا: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ طَلْحَةَ (ح). وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إسحاق، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العزيز، قال: أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّينَوَرِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عمر عبد الواحد بن محمد، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي، قال: حدثنا القاسم بن محمد المروزي، قال: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مطرفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ، جافى بطنه عن فخذيه.(14/93)
148 - يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الأعلى، أَبُو الفتحِ الواسطيُّ الخَطيبُ. [المتوفى: 632 هـ]
حدثَ عن هبة اللَّه بن نصر الله بْن الْجَلخْت. وتُوُفّي فِي صَفَر.(14/94)
149 - يحيى بْن مظّفر بْن مُوسَى، الإمامُ أَبُو زكريّا الهاشميُّ الواسطيُّ، المعروفُ بابن الصَّابونيّ الواعظُ الفقيهُ الشاعرُ. [المتوفى: 632 هـ]
سَمِعَ الحديثَ، وقال الشعرَ.(14/94)
150 - يوسفُ بْن رافع بْن تميم بْن عُتبة بْن مُحَمَّد بْن عَتَّاب، قاضي القضاة بهاءُ الدّين أَبُو المحاسِن وأَبُو العِزِّ الأَسَدِيّ الحلبيُّ الأصلِ المَوْصِليّ المولدِ والمَنْشَأ الشّافعيّ الفقيهُ، المعروف بابن شداد. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد فِي رمضان سنةَ تسعٍ وثلاثين وخمسمائة.
وحَفِظَ القرآن. ولَزِمَ أَبَا بَكْر يحيى بْن سعدون القرطبي فقرأ عليه القراءات والعربية، وسمع منه ومن مُحَمَّد بْن أسعدَ حَفَدةِ العَطَّاريّ، وابن ياسر الجيانيّ، وأَبِي الفضل خطيبِ المَوْصِل، وأخيه عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، والقاضي أَبِي الرِّضا سعيدِ بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم الشَّهْرَزُوريّ، وأَبِي البركات عَبْد اللَّه بْن الخَضِر ابن الشيرجيّ الفقيِه، ويحيى الثَّقفيّ. وببغدادَ من شُهْدةَ الكاتبة، وأَبِي الخير أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل القَزْويني.
وتفقد، وتفنَّنَ، وبَرَعَ فِي العلم. وحدَّث بمصرَ ودمشق وحلبَ.
روى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الفاسيُّ المقرئُ، والزّكيُّ المنذريُّ، والكمالُ العَدِيميّ، وابنهُ المجدُ، والجمال ابن الصابونيّ، والشهابُ القُوصيّ، ونصر اللَّه وسعدُ الخير ابنا النابُلُسيّ، والشهابُ الأبَرْقوهيّ، وأَبُو صادقٍ مُحَمَّد ابن الرشيد العطارُ، وسُنْقُر القضائيّ، وجماعةٌ. وبالإجازة قاضي القضاة تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وأَبُو نصر مُحَمَّد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعةٌ.
وكان - كما قال عمر ابن الحاجب -: ثقةً، حجةً، عارفًا بأمورِ الدّين، اشتَهَر اسمُهُ، وسارَ ذكرهُ. وكانَ ذا صلاحٍ وعبادةٍ. وكانَ فِي زمانه كالقاضي أَبِي يوسف فِي زمانةِ. دَبَّر أمورَ المُلك بحلبَ، واجتمعتِ الألْسُنُ عَلَى مدحِه. وأنشأ دارَ حديثٍ بحلبَ. وصنَّفَ كتاب " دلائل الأحكام " فِي أربعٍ مجلدات.
وحكى القاضي ابن خلكان، أنَّ بعض أصحابه حدثه، قَالَ: سَمِعْتُ القاضي بهاء الدّين يَقُولُ: كُنَّا فِي النظامية فاتفق أربعةٌ من فقهائها أو خمسةٌ عَلَى شرب البَلاذُر، واشتَرَوا قَدَرًا - قَالَ لهم الطبيبُ - واستعملوه فِي مكانٍ، فَجُنُّوا، ونَفَروا إلى بَعْدِ أيامٍ وإذا واحدٌ منهم قد جَاءَ إلى المدرسةِ عُريانًا باديّ العورة، وعَلَيْهِ بقيار كبيرٍ بعذبةٍ إلى كعبه، وهو ساكتٌ مصممٌ، فقامُ إِلَيْهِ فقيهٌ، وسألَه عن الحال، فقالَ: اجتمعْنا وشَربنا البّلاذُرَ فجُنَّ أصْحابي وسَلِمتُ أنا [ص:96]
وحدي، وصارَ يُظهِرُ العقلَ العظيمَ، وهُمْ يَضحَكْونَ وهو لَا يَدْري.
وقال القاضي شمسُ الدّين ابن خلكان: انحدر إلى بغدادَ، وأعادَ بها، ثمّ مضى إلى المَوْصِل، فدرَّسَ بالمدرسة التي أنشأها القاضي كمال الدين ابن الشَّهْرَزُوري. وانتفعَ بِهِ جماعةٌ. ثمّ حجَّ سنةَ ثلاثٍ وثمانين وزارَ الشامَ، فاستحضرَهُ السُّلطان صلاحُ الدّين، وأكْرَمهُ، وسَألَهُ عن جُزء حديث ليسمع منه، فأخرج لَهُ " جُزءًا " فِيه أذكارٌ من " الْبُخَارِيّ " فقَرَأه عَلَيْهِ بنفسه. ثمّ جَمَعَ كتابًا مُجَلَّدًا فِي فضائلِ الجهادِ وقَدَّمَهُ للسُّلطانِ، ولَازَمه فَولاه قضاء العَسْكر المنصور وقضاء القدس. وكانَ حاضرًا موتَ صلاح الدّين. ثمّ خَدَمَ بعده ولدَه الملك الظاهر، فولاه قضاءَ مملكته، ونَظَر أوقافَها سنةَ نيفٍ وتسعين. ولم يُرْزَقْ ولدًا، ولا كَانَ لَهُ أقاربُ. واتفقَ أنّ الملكَ الظاهرَ أقطَعَه إقطاعًا يَحصُلُ لَهُ منها جملةٌ كثيرةٌ، فَتصَمَّدَ لَهُ مالٌ كثيرٌ، فَعَمَّرَ منه مدرسةً سنة إحدى وستمائة، ثمّ عَمَّرَ فِي جوارها دارَ حديث وبينَهما تُربة لَهُ. قصدَهُ الطلبةُ واشتغلوا عَلَيْهِ للعلمِ والدنيا. وصارَ المُشارَ إِلَيْهِ فِي تدبير الدولة بحلبَ إلى أن كَبِرَ، واستولَتْ عَلَيْهِ البروداتُ والضَّعفُ، فكانَ يتمثلُ بهذا:
مَنْ يَتَمنَّ العُمْر فَلْيدَّرعْ ... صَبْرًا عَلَى فَقْد أحْبَابِه
ومَنْ يُعَمَّر يَلْقَ فِي نَفْسِه ... ما يَتَمَنَّاهُ لأعْدَائِهِ
وقال شيخنا ابْن الظاهريَ: ابن شداد هُوَ جدُّ قاضي القضاة بهاءِ الدّين هذا لأمِّه، فُنسِبَ إِلَيْهِ.
وقال الأبرْقُوهيُّ: قَدِمَ مصرَ رسولًا غير مرة آخرها القدمة التي سَمِعْتُ منه فيها.
وقال ابْن خلكان: كَانَ يُكَنَّى أولًا أَبَا العزِّ فغيَّرها بأبي المحاسنِ. [ص:97]
وقال: قالَ فِي بعض تواليفِه: أوَّلُ من أخذتُ عَنْهُ شيخي صائنُ الدّين القُرْطُبيّ، فإنيِّ لازَمتُ القراءة عَلَيْهِ إحدى عشرةَ سنةً، وقرأتُ عَلَيْهِ معظم ما رَوَاهُ من كُتُب القراءاتِ، والحديث وشروحِه، والتفسيرِ، وكتب لي خطَّهُ بأنَّه ما قَرَأ عَلَيْهِ أحدٌ أكثرَ ممّا قرأتُ عَلَيْهِ. إلى أن قَالَ: ومن شيوخي سراج الدّين مُحَمَّد بْن عَلِيّ الجياني قرأتُ عَلَيْهِ " صحيح مسلم " كله بالموصل، و" الوسيط " للواحديّ، وأجازَ لي سنةَ تسعٍ وخمسين. ومنهم: فخر الدين أبو الرضا أسعد بن الشهرزوري سمعت عليه " مسند أبي عوانة " و" مسند أبي يعلى" و" مسند الشافعي" و" سنن أبي داود" و" جامع التِّرْمِذيّ ". وسَمِعْتُ من جماعة، منهم شُهْدَة ببغدادَ.
قَالَ ابْن خلكان: أعادَ بالنظامية ببغداد فِي حدود السبعين. وحجَّ سنة ثلاثٍ وثمانينَ. وقَدِمَ زائرًا بيتَ المقدس، فبالغ فِي إكرامه صلاحُ الدّين، فَصنَّف لَهُ مُصَنَّفًا فِي الجهادِ وفَضْلِه. وكان شيخنا وأخذتُ عَنْهُ كثيرًا. وكتبَ صاحب إرْبل فِي حقي وحقِّ أخي كتابا إِلَيْهِ يَقُولُ: أنت تعلمُ ما يلزَمُ من أمر هذين الولدين وأنّهما ولدا أخي، وولدا أخيك، ولا حاجةَ مَعَ هذا إلى تأكيدٍ. فَتَفَضل القاضي وتَلَقَّانا بالقبولِ والإكرام وأحسن حسب الإمكان، وكانَ بيدِه حلُّ الأمور وعَقْدُها، ولم يكنْ لأحدٍ معه كلامٌ. ولا يعملُ الطَّواشي شهابُ الدّين طُغْريل شيئًا إلّا بمشورتِه، وكانَ للفقهاء بِهِ حرمةٌ تامةٌ وافرةٌ، وطالَ عُمُرُه، وأثّر الهرمُ فِيهِ حتَّى صارَ كالفَرْخ، وضَعُفَتْ حركتُه. ثمّ طوَّلَ ترجمتَه وهى ثمان ورقات منها، قَالَ: وكان القاضي يسلُكَ طريقَ البغادِدَةِ فِي أوْضاعِهم، ويَلْبَسُ زيهم، والرؤساءُ يَنْزلُونَ عن دوابِّهم إِلَيْهِ عَلَى قدرِ أقدارِهم. ثمّ سارَ إلى مصرَ لإحضارِ ابنةِ الكاملِ لزوجها العزيز، فقَدِمَ وقد استقَلَّ العزيزُ بنفسه ورَفعُوا عَنْهُ الحَجَر ونَزلَ طغرل إلى البلد. واستولي عَلَى العزيز جماعةُ شبابٍ يُعَاشرونَه فاشتغلَ بهم، ولم يَرَ القاضي وَجْهًا يَرْتَضيه، فلازَمَ دارَه إلى أن مات وهو باقٍ عَلَى القضاء. ولم يبقَ لَهُ حديثٌ فِي الدولة، فصار يفتحُ بابَهُ لإسماعٍ الحديثِ كُلَّ يوم، وظهر عَلَيْهِ الخَرَفُ بحيثُ إنه صارَ إذا جاءَه إنسان، [ص:98]
لَا يعرفه، وإذا عاد إِلَيْهِ، لَا يعرفُه، ويسأل عَنْهُ، واستمرَّ عَلَى هذا الحالِ مُدَيْدَةً. ثمّ مَرِضَ أيامًا قلائلِ، وماتَ يوم الأربعاءِ رابع عشر صفر بحلب. وقد صنَّفَ كتابَ " ملجأ الحكام " في الأقضية مجلدين، وكتاب " المنجز الباهر" فِي الفقه، وكتابَ " دلائل الأحكام " فِي مجلّدينِ، وكتابَ " سيرة صلاح الدّين " فجوَّدها.(14/95)
151 - يوسف ابْن الوزير الجليل أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه ابْن القاضي أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الشَّيبيّ الدميريُّ الْمَصْريّ، الوزيُر العالمُ تاجُ الدّين أَبُو إِسْحَاق، المعروف بابن شُكْر. [المتوفى: 632 هـ]
وُلِد سنةَ إحدى وثمانين وخمسمائة بمصر.
وتفقَهَ، وبَرعَ، وقَرأ الأدبَ، ودَرَّسَ بمدرسة الصاحب والدِه. وأخذ بدمشق عن تاجِ الدّين أَبِي اليُمن الكِنْديّ. ونابَ عن والده بالشامِ ومصَر مدّةً. وولي وزارة الجزيرة وديارَ بكرٍ مدة.
وتوفي فِي حادي عشر رجب بحَرَّانّ.
روى عَنْهُ القوصي في " معجمه " شعراً.(14/98)
152 - أَبُو بَكْر بْن أَبِي زكري الكُرديّ. الأميرُ الكبيرُ سيف الدّين، [المتوفى: 632 هـ]
من كبار الدولة الكاملية.
وله مواقفُ مشهودةٌ.
ذكرَهُ المُنّذريُّ فِي " الوفيات " فقال: تُوُفّي ليلة ثالث عشر محرم ودُفِنَ قريبًا من قبرِ ذي النون الْمَصْريّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ: وكانَ شجاعًا، كريمًا، عزيزَ النفسِ، عاليَ الهمَّةِ. وهو أحدُ الأمراءِ المشهورينَ.(14/98)
-وفيها وُلِد:
المفتي علاءُ الدّين عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن خطاب الباجيَّ الشّافعيّ بدمشق.
والفقيه عمادُ الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ المكيُّ، ونجمُ الدّين عُمَر بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي الطَّيْب، الوكيلُ بالبلادِ الشامية، وشمسُ الدّين مُحَمَّد بْن منصورِ بْن مُوسَى الحاضريُّ المقرئ، والزينُ أَحْمَد بْن شمخ بْن ثابت العُرْضيُّ وأخوه محمدٌ توأمًا، وخطيبُ جَمَّاعيلَ أيوب بن يوسف بن محمد الحنبلي، وعمر بن أبي طالب بن محمد ابن القطانِ، ويحيى بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السَّفاقُسِيّ الإسكندريّ، والأمين عبدُ القادر بْن مُحَمَّد الصَّعْبيُّ، والبهاءُ عَبدُ المحسن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد ابن العديم العقيلي الصوفي.(14/98)
-سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة(14/99)
153 - أحمد بن عمر ابن الزاهد الكبير أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة، جمالُ الدّين أَبُو حمزة وأبو طاهرٍ المقدسيُّ الحنبليُّ. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد فِي رجب سنة تسع وستين.
رَحَلَ إلى بغدادَ وهو صبيٌ مَعَ بعضِ أقاربه وسَمِعَ من نصر اللَّه القزاز، وعبيد اللَّه بْن شاتيل، وابْن كُلَيب، وعبدِ الخالق بْن عَبْد الوهّاب، وأبي الفَرَج ابن الْجَوْزيّ، وبدمشقَ من الخضرِ بْن طاوس، وأبي المعالي بن صابر، وأبي المجد ابن البانياسيّ، وابن صَدَقة الحرّانيّ.
واشتغلَ اشتغالًا يَسيرًا، ثمّ اشتغلَ بالخِدمة، وتعاني ركوبَ الخيلِ والفُروسية. وحضَرَ مَرَّة مَعَ الغَيَّارة، فحمل وقَتَلَ إفرنجيًا وفرسه، فهابةُ الأجنادُ، وصارَ لَهُ بذلك عندهم منزلةٌ. وتولي عَلَى قرية جَمَّاعيل مدّةً.
روى عَنْهُ عمُّه الشيخُ شمسُ الدّين، والحافظُ الضياءُ، والشمس محمد بن الكمال، والعز أحمد ابن العماد والتقيُّ أَحْمَد بْن مؤمن، وعبد الحميد بْن خولان، وطائفةٌ آخرهم حفيدُه القاضي تقيُّ الدّين، أبقاه اللَّه.
تُوُفّي الجمالُ أَبُو حمزةَ فِي خامس ربيع الأوّل، ودُفِنَ عند جدِّه الشَّيْخ أَبِي عُمَر.(14/99)
154 - أَحْمَد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو الْحُسَيْن الأَنْصَارِيّ الخزرجيُّ التلِمْسانيُّ ثمّ الْمَصْريّ، الشَّيْخ موفقُ الدّين. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد بمصر فِي سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة، وأدركَ ابْن رفاعةَ، وكان يُمْكنُه السماعُ منه، لكن كانتِ السُّنَّةُ غامرةً ميتةً بدولةِ بني عُبَيْد أصحاب مصر، فلما أزالَ السلطانُ صلاحُ الدّين دولتهم - ولله الحمد - أظهرَ السُّنّةَ والروايةَ والآثارَ وهَلُمَّ جَرًّا. وإنّما سَمِعَ هذا من البُوصيريّ، وبحران من عَبْد القادر الرهاوي.
روى عَنْهُ الزّكي المنذري، وغيره، وقَالَ: تُوُفّي فِي ربيع الآخر. [ص:100]
انقطَعَ فِي آخر عمره بالرِّباط المجاور للجامعِ العتيق وجَمَع مجاميعَ فِي التصوفِ بعبارةٍ حسنةٍ، وله شَعر.
قلتُ: فِي تصوفه انحرافٌ.
وقد أخَذَ عَنْهُ ابْن مسدي الحافظُ، فقال: غَلَبَ عَلَيْهِ الكلامُ فِي معنى الباطِن، حتى ظَهَر عَلَيْهِ من ذَلِكَ كلُّ باطنٍ، ورُبمَّا تَصْدُر عَنْهُ نفثاتٌ أوْلَى بها أن تكون سكتاتٍ.(14/99)
155 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَرْب، أَبُو الْعَبَّاس قاضي المُحَوَّل البغداديّ المقرئ. [المتوفى: 633 هـ]
ذكرَه ابْن النّجّار، فقال: ذكرَ أَنَّهُ قرأ فِي عمره أربعًا وعشرينَ ألفَ ختمةٍ. ذكرّ لي عَبْد الصَّمد بْن أَبِي الجيش المقرئ أَنَّهُ قرأ عليه القرآن وأثنى عليه خيرًا. وقالَ: قرأ عَلَى عَبْد الوهاب بْن شماتة، عن عَبْد الوهّاب الصَّابونيّ.
تُوُفّي فِي رمضان عن خمسٍ وسبعين سنة.(14/100)
156 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد اللَّخْميّ، الفقيه المحدثُ الرئيسُ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الخطيب أَبِي عَبْد اللَّه اللَّخْميّ السَّبْتيُّ المعروفُ بالعَزَفي. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ الكثيرَ من أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الحَجْريِّ. وأجازَ لَهُ ابْن بَشْكُوال، وطائفةٌ. وله تواليفُ حسنةٌ. وكانَ ذا فضلٍ، وصلاحٍ، وجلالةٍ، وإتقانٍ.
أجاز لَهُ أَبُو القاسم بْن حُبَيْش، وأَبُو مُحَمَّد بْن فِيرُّه الشاطبيُّ، وعَبْد الحقّ مصنف " الأحكام "، وعبد الجليل القصري.
وألف في الحديث أجزاء مفيدة. وهو والدُ صاحبِ سَبْتَة.
قَالَ لي أَبُو القاسم بْن عمرانَ: أخبرني عَنْهُ الوزير أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي عامر الأَشعريُّ المالقيُّ، وأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن محمدٍ المومنائيّ، وأَبُو الْحُسَيْن بْن أَبِي الربيع، وغيرُهم. [ص:101]
قلت: وقد صنَّفَ كتابًا فِي مولدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وجوَّده. وكان إمامًا ذا فنونٍ.
وقد ذكرَه ابنُ مسدي فِي " مُعجمه " وأوضح نسبه، فقال: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي عَزَفة، مكينُ المكانةِ فِي العلم والديانة، لَهُ عنايةٌ بالحديث، معلنٌ فِي فُتياه مذهبَ مالكٍ، وربما خالفه. وكان معُتمدَ بلدِه بفقهه وسنده. لَهُ الجاهُ والمالُ. سَمِعَ من ابْن غاز، ومن أَبِي عبد اللَّه بْن زَرْقون لمّا وَليَ قضاء سَبْتَة، ومن السُّهَيْليّ، وجماعة لمّا وفدوا إلى مَرَّاكِش. وكانَ فصيحًا لَسِنًا، وعلى الرواية مؤتمنًا. قَالَ لي: إنه وُلِد سنة تسعٍ وخمسين، أخبرنا أبو العباس، قال: أخبرنا أَبِي أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي عزفة، قال أخبرنا القاضي عياضٌ فذكر حديثًا.
قلت: روى عَنْهُ جماعةٌ.
ماتَ فِي رمضان، وله ستٌ وسبعون سنة.(14/100)
157 - إِبْرَاهِيم بْن مرتفع بْن نصر، أَبُو إِسْحَاق الحمزيُّ الشَّارعيُّ الشّافعيّ، ويعرف بصفيّ الدين ابن البطوني. [المتوفى: 633 هـ]
سمع من القاسم ابن عساكر، وإسماعيل بْن ياسين، وجماعةٍ.
روى عَنْهُ الزّكيّ المنذريُّ، وقال: كَانَ من أهل العفَافِ والخير. ولأهلِ الشارع بِهِ نفعٌ كثيرٌ. وُلِد سنة ستين وخمسمائة، وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرةِ.(14/101)
158 - إدريسُ بْن الخضر بْن إدريس بْن مُحَمَّد، أَبُو البهاء الهَرَويّ الأصل السقبانيّ. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ بسَقْبا من الحافظ أَبِي القاسم الدّمشقيّ.
روى عَنْهُ الزّكيُّ البِرْزاليُّ، والمجدُ ابن الحُلْوانية، وأظُنُّ ابْن الصابونيّ.
وقال المنذري: تُوُفّي في هذه السنة.(14/101)
159 - إِسْمَاعِيل بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان، أَبُو الفضل اللُّرستاني الصُّوفيّ، [المتوفى: 633 هـ]
نزيلُ دمشقَ. [ص:102]
شيخٌ صالح. روى عن الخُشُوعيِّ، والقاسم. روى عنه ابن الحلوانية. وتوفي في رمضان.(14/101)
160 - آسية بِنْت الشّهاب مُحَمَّد بْن خَلَف بْن راجح، [المتوفى: 633 هـ]
زوجة الحافظ الضياء.
نقلت من خطة: كانت دينة خيرة، حافظة لكتاب الله. وكانت عندي أربعين سنة وثلاثة أشهرٍ. لم تدخل حماما ولا دخلت المدينة، وكنت أخذتها بذلك فأطاعتني. وكانت تؤثرني على نفسها. وقد سَمِعَ عليها بالإجازة عن جماعة.
قلت: منهم أَبُو السعاداتِ القزاز.
روى عنها الشمس ابن الكمال وغيرُه. وبالإجازة القاضي تقيُّ الدّين. وتوفيت فِي المحرَّم.(14/102)
161 - آمنةُ بنتُ الحافظِ عبد العزيز بْن الأخضر، أمَةُ الرحيمِ. [المتوفى: 633 هـ]
روتْ عن شُهْدَةَ، وعَبْد الحقِّ اليوسفي. وتوفيت في عاشر صفر.
روى عنها أخوها عليٌ.(14/102)
162 - إياز، الأمير الكبير، فخر الدين المعروف بالبانياسي. [المتوفى: 633 هـ]
كان من أمراء الدولتين العادلية والكاملية. وكان مشهورا بالقوة في بدنه ولا سيما في شبيبته. وكان فيه خيرٌ، وله صدقاتٌ.
توفي في ربيع الأول ببلاد الجزيرة.(14/102)
163 - بدر بن أبي الفرج، أبو القاسم البغدادي المقرئ التاجر. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ من ابْن كُلَيب، وجماعةٍ.
وتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
روى عَنْهُ إجازةً أبو نصر ابن الشّيرازيّ.(14/102)
164 - بقي بْن مُحَمَّد بْن تقيّ، أَبُو عَلِيّ الْجُذاميّ المالقيُّ، [المتوفى: 633 هـ]
من العلماء الأذكياء. [ص:103]
ورَّخه ابْن فَرْتون، وقيَّد جدِّه بتاء مثناة.
أخذ عن أبي علي الرندي.(14/102)
165 - جوديُّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جوديّ بْن مُوسَى بْن وَهْبُ بْن عدنان، أَبُو الكرمِ الأندلسي [المتوفى: 633 هـ]
من أهل مدينة وادي آش.
روى عن أَبِي القاسم السهيلي، وأَبِي جعْفَر بْن الحكمِ، ويعقوب بْن طلحة، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي جَمْرَة، وجماعة.
قَالَ الأبَّارُ: كَانَ راويًا مُكثرًا، مُعتنيًا بالحديث. أدَّب بالقرآن، وعلّمَ بالعربية. أخذَ عَنْهُ أصحابُنا. دخلتُ وادي آش ولم أره. وتُوُفّي بعد خدرٍ أصابه واختلالٍ أعْطَبَهُ سنة ثلاثٍ وثلاثين أو نحوها.(14/103)
166 - الحسن بن عبد الرحمن، أبو علي الكناني المرسي الرفاء المقرئ. [المتوفى: 633 هـ]
قال الأبار: أخذ القراءات عَن أَبِي مُحَمَّد الشّمُّنْتي. وسَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن حُمَيْد، وغيره. وكان صاحبَ فضائل.(14/103)
167 - الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، الأديب أَبُو عَلِيّ القَيْلُويي المؤرِّخُ. [المتوفى: 633 هـ]
حدَّث عن الأبله الشاعر، وعن عُمَر بْن طَبْرزَد. وعاشَ سبعين سنة.
وهو من قَيْلُوية: بفتح القاف، وضم اللام، وسكونِ الواو، ثمّ ياء مفتوحة، وتاء تأنيث، قريةٌ بأرض بابل. ولنا قَيْلُويَة النهروان، وقَيْلُوية بنهر الملك. [ص:104]
وكان هذا أديبًا، تاجرًا فِي الكتب، سفارًا بها، متودَّدًا، ظريفًا، جيد المذاكرة، مليح الشعرِ.
روى عَنْهُ الشهابُ القوصيّ، والزكيُّ المنذري.
وكان يُلقَّب بالقاضي، وبعز الدّين.
توفي فِي ثاني عشر ذي القَعْدَةِ بدمشق.
وله " تاريخ " كبير عَمِلَه عَلَى الشهور. وهو صَعْب الكشْف.
قال ابنه عليٌ: كَانَ فِي فنَ التاريخ أوحدَ العصرِ، وفي فنِّ الأدب. وكتبَ الكثيرَ، من ذَلِكَ " الصِّحاح " فِي اللغةِ ستٍّ نسُخ. وقد سألتُه: كم مقدارُ ما كتبتَ؟ قَالَ: ألفي مجلّدة ما بين صغيرة وكبير. قَالَ: وكانَ مليحَ المحاضرةِ، دَيِّنًا، خيِّرًا، سُلَيْم الباطنِ. وُلِد بالنيل من أعمال بغداد سنة أربعٍ وستين وخمسمائة.(14/103)
168 - الغرز خليل، [المتوفى: 633 هـ]
من أمراء دمشق.
وإليه تُنسَبُ الدَّارُ التي هِيَ اليوم لبلبان التَّتريّ وحمّام الغرز.
توفي في شعبان.(14/104)
169 - ربيعُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ربيع، القاضي أَبُو سُلَيْمَان الأشعريُّ القُرْطُبيّ [المتوفى: 633 هـ]
قاضي قُرْطُبَة.
سَمِعَ من أَبِي القاسم الشَّرَّاط، وأَبِي القاسم أَحْمَد بْن بَقِيّ. وأجاز لَهُ والده، وأَبُو القاسم بْن بَشْكُوال.
قَالَ الأبَّار: كَانَ صالحًا، عَدْلًا فِي أحكامه، نبيهَ القدرِ والبيتِ. حدَّث بشيء يسير. ونَزَح عن قُرْطُبَة لمّا استولى الرُّوم لَعَنَهم اللَّه عليها فِي شوَّال فنزل إشبيلية، وتُوُفّي عَلَى إثرِ ذَلِكَ عن بضعٍ وستين سنة.
قلتُ: وكان بارعا في اللغة، عارفا بالحديث والأدب.
وهو أخو أَبِي عامر يحيى، وأَبِي جعْفَر أَحْمَد، رَحِمَهم اللَّه. مر أَحْمَد سنة ستٍ وعشرين. وسيأتي أَبُو عامر.(14/104)
170 - ربيعةُ بنتُ عليٍ بْن مُحَمَّد بْن محفوظ بْن صَصْرى التغلبيةُ، [المتوفى: 633 هـ]
زوجة أمين الدين سالم ابن الحافظ أبي المواهب بن صصرى. [ص:105]
روت عن أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ.
كُتُب عَنْها ابْن الحاجب، وغيرهُ.
وروى عنها المجد ابن الحلوانية.
توفيت في ذي القعدة.(14/104)
171 - زُهرة بنتُ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حاضر، أمُّ الحياء الأنباريةُ ثمّ البغدادية. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَتْ من أبي الفتح ابن البَطّيّ، ويحيى بْن ثابتٍ، وأحمد بْن الْمُبَارَك المرقعاتي.
قَالَ ابنُ النّجّار: كانت امرأةً صالحةً منقطعةً فِي رباطٍ. ولدت فِي رمضان سنة أربعٍ وخمسين.
وزُهرة: بالضم.
كتبَ عَنْها ابْن النّجّار، وابن الْجَوْهريّ. وروى عَنْهَا مُحَمَّد بْن مكيّ بْن أَبِي القاسم، وعزُّ الدّين الفاروثيّ. وبالإجازة فاطمةُ بِنْت سُلَيْمَان، والقاضي سُلَيْمَان، وإسماعيل ابن عساكر.
وتوفيت فِي حادي عشر جُمادى الأولى.
وأجازت أيضًا لابن الشّيرازيّ، وسَعْد، وابن الشحنة، وغيرهم.
قَالَ ابن النّجّار: سَمِعتْ " مسند مُسَدَّد " فِي مجلدة من يحيى بْن ثابت، عن أَبِيهِ، عن أَبِي العلاء الواسطيّ، وسَمِعَتْ كتابَ " التاريخ " و" الرَّجال " لأحمد بْن عَبْد اللَّه العِجلي من يحيى بْن ثابت، عن أَبِيهِ، عن الْحُسَيْن بْن جعْفَر السَّلماسيّ، عن الوليدِ بْن بَكْر.(14/105)
172 - زينبُ، فخرُ النساء ابنةُ الوزير أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن هبة اللَّه بْن المظفَّر ابْن الوزير رئيس الرؤساء أَبِي القاسم علي ابن المسلمة. [المتوفى: 633 هـ]
سمعت من تجني الوهبانية. لأبي نصر ابن الشّيرازيّ منها إجازة.
روى عنها ابْن النّجّار، وقال: ماتت في جمادى الآخرة.(14/105)
173 - سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد، أَبُو الرَّبيع السَّعْديّ الشارعي الشّافعيّ المقرئُ، المعروف بابن المُغَربلِ. [المتوفى: 633 هـ]
قرأ القرآن عَلَى الفقيهِ رسلّان بْن عَبْد اللَّه.
وقال ابْن مسدي: أخذَ القرآن بالروايات عن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الكيزانيّ، فهذا آخرُ من روى عَنْهُ فِي الدّنيا. وسَمِعْتُ منه من شعره.
قلتُ: وسَمِعَ بمكّة من أَبِي الْحَسَن عليٍ بْن حُميد بْن عمَّار، وبالشارع من قاسم بْن إِبْرَاهِيم المقدسيِّ. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن الحُطيئة، والسلفي.
وولد بالشارع فِي سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.
روى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وجماعةٌ من المصريين. ولم أُدرِكْ أحدًا سَمِعَ منه. وروى عَنْهُ بالإجازة سعدٌ، والقاضيان ابْن الخويي وابن حمزة الحنبليّ، وغيرهم.
وهو آخرُ مَنْ حدَّث بمصر عن ابْن عمار.
تُوُفّي فِي التاسع والعشرين من ذي الحجّة.(14/106)
174 - سُلَيْمَان بن دَاوُد بْن عَلِيّ بْن درع، أَبُو الربيع الحربي النسَّاج. [المتوفى: 633 هـ]
ولد في حدود الخمسين وخمسمائة. وسمع من عَلِيّ بْن المبارك بْن نَغْوبا.
روى عَنْهُ بالإجازة القاضي ابْن الخوييّ، وأَبُو نصر ابن الشيرازي، وسعدٌ، والمطعم.(14/106)
175 - صالحُ ابْن الأمير المكرم أَبِي الطاهر إِسْمَاعِيل بن أحمد بن حسن ابن اللَّمْطيّ، الأميرُ أَبُو التُّقى. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ من عَبْد الوهاب بْن سُكَينَة، وعُمَر بْن طَبَرزَد، ومُحَمَّد بْن هبة اللَّه الوكيل، ومنصورٍ الفُراوي، والمؤيد الطُّوسيّ، وأَبِي رَوْح عَبْد المعزَّ الهَرَويّ، وأَبِي المظفر ابن السمعاني، وأبي الفضل عبد الرحمن ابن المعزم الهمذاني، وأبي القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني. [ص:107]
وعبر نهر جَيْحُونَ وطوَّفَ البلاد. ولم يحصِّل من مسموعاته إلا اليسير. وحدث.
دفن بتربته بالقرافة، وقد قارب الستين.(14/106)
176 - طاهرُ بْن الْحُسَيْن المَحَلِّيُّ الخطيبُ الزَّاهدُ، ويُعرفُ بالجابري، [المتوفى: 633 هـ]
خطيب جامع مصر.
ذكره القُوصيّ فِي " معُجمه " وأنه مات فِي هذه السنة، وله ثمانون سنة.(14/107)
177 - عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر عتيق بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو مُحَمَّد المالكيُّ العدلُ، المعروفُ بابن الزَّيَّات. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد بمصر فِي حدود سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة. وولي عقد الأنكحة بمصر، وحسبتها مدّةً. وكان كثير التحري. سَمِعَ من أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن الحُطيْئة، والشريف عَبْد اللَّه العثماني. وكان يتمنَّع من التحديث.
وتُوُفّي فِي رابع عشر ربيع الآخر.
سمَّاه المنذري فِي " معجمه ".(14/107)
178 - عَبْد الخالق بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عتيق، الفقيهُ وجيه الدين أبو محمد التنيسي المولد الإسكندراني الدّار. [المتوفى: 633 هـ]
تفقه، وسَمِعَ، وحدَّث عن السِّلَفِيّ، والعثمانيِّ، والفقيِه إِسْمَاعِيل بْن عوف. ثمّ تقلبَ فِي الخدم الديوانية.
ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.
قَالَ الزكيُّ المنذريُّ: كَانَ من أهل الأمانة والتّحريِّ والصَّلاح والخير. مضى عَلَى سدادٍ، وأمرٍ جميل. وتُوُفّي فِي ثالث عشر ربيع الأول.
قلتُ: روى عَنْهُ هُوَ، وشيخنا الشرف يحيى ابن الصّوّاف. وبالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وأَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المِزِّي، وسعدٌ، والمُطْعِمُ، وغيرهم.(14/107)
179 - عَبْد الخالق بْن أَبِي المعالي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، الإمامُ بهاء الدّين أَبُو المكارم الأرانيّ الفقيهُ الشّافعيّ الزاهدُ. [المتوفى: 633 هـ]
درس بخلاط مدّةً. ثمّ سَكَنَ دمشق. وكان صالحًا، وَرِعًا مُنقبضًا عن الناس، خبيرًا بالمذهب.
تُوُفّي فِي نصف شوَّال، ودفن بقاسِيُون، وشَيَّعَهُ خلقٌ كثير.
وأران: إقليمٌ صغيرٌ بين أذربيجان، وأرمينية. ومن مدنه بَيْلقانُ وجَنزة.(14/108)
180 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد العزيز بْن مكي بْن أَبِي العرب، أَبُو القاسم المغربي الأصلِ البغداديّ التاجرُ. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ الأسعد بْن يَلْدرك، ومُحَمَّد بْن جعْفَر بْن عقيل، ونصر الله القزاز.
وحدث بمصر، وكان تاجرًا سفارًا.
روى عَنْهُ الزكيّ المنذريُّ، وقال: قَتَله الكفّارُ - خَذَلَهم اللَّه - بطريق سِنْجار، فجاء الخبرُ إلى بغدادَ فِي ربيع الأوّل.(14/108)
181 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي منصور النَّسَّاج، أَبُو مُحَمَّد. [المتوفى: 633 هـ]
شيخٌ مُعَمَّر، دمشقيٌ، صالحٌ، خيِّر. كَانَ يسكن بدرب الوزير.
سَمِعَ من أَبِي تميم سلمان بْن علي الخباز، والحافظ ابن عساكر.
روى عنه الزكي البرزالي عن ابن عساكر، والعز ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصابوني، وجماعةٌ. وأخبرنا عنه الشمس محمد ابن الواسطيّ.
وكمَّل تسعين سنة، وتُوُفّي فِي سابع صفر.(14/108)
182 - عَبْد الكريم بْن خَلَف بْن نَبْهان بْن سلطان بْن أَحْمَد الأَنْصَارِيّ السِّماكيُّ، [المتوفى: 633 هـ]
خطيبُ زَمَلكا.
وُلِدَ بها فِي المحرَّم سنة إحدى وستين وخمسمائة. وهو من ذرية أَبِي [ص:109]
دُجانة سماك بْن خرشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
حدَّث عن الحافظ أَبِي القاسم الدّمشقيّ، وأبي بكر عبد الله بن محمد النوقاني.
رويَ عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ، وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، ومحمد بن محمد ابن الشّيرازيّ.
وكان خيرًا صالحًا، ابتُلي بالمرض مدّةً.
تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من ذي الحجّة.(14/108)
183 - عَبْد المحسن بْن أَبِي عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن عيسى، أَبُو مُحَمَّد العُشَيْشيُّ الشاميُّ ثم الْمَصْريّ الفاميُّ السطحيُّ، [المتوفى: 633 هـ]
قيِّمُ سطح الجامع العتيق، وصاحب الواعظ أَبِي الْحَسَن بْن نجا.
صَحِبَهُ مدّةً؛ وسَمِعَ منه، ومن أَبِي طاهرٍ السلفي.
ولد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة.
روى عَنْهُ زكي الدّين المنذريُّ، وابن الْجَوْهريّ، وأهل القاهرة. وبالإجازة القاضي تقي الدّين سُلَيْمَان. وما أظنُّه روى غير " جزء الذُّهليّ".
وكان رجلًا صالحًا، ديِّنًا.
تُوُفّي فِي الثالث والعشرين من ربيع الأوّل.
وأجاز أيضًا لعيسى الشجريّ، وسعد السَّكاكريّ.(14/109)
184 - عَبْد المنعم بْن صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو محمدٍ الْمَصْريّ المِسْكيُّ النَّحْويّ، المعروف بالإسكندراني [المتوفى: 633 هـ]
لسكناهُ بها يُعَلَّم العربية مدّةً.
وُلِد فِي شَعْبان سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وأخذ النَّحْو عن العلامة أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن بَرِّي، وانقطع إِلَيْهِ مدّةً حتى أحكم الفن. وسمع من حمّاد الحرّانيّ، وروى شيئًا من شعره. وكان مليحَ الخطِّ. [ص:110]
كتب عنه الزكي المنذري وقال: تُوُفّي فِي الثالث والعشرين من ربيعٍ الآخر.
وروى عَنْهُ ابْن مسدي الحافظ فِي " معجمه " فقال: ومِسْكَةُ: من أعمال الإسكندريَّة. وكان علَّامة ديارِ مصر أدَبًا، ونحوًا، وشيخ مجونها لَعِبًا ولَهْوًا. لَهُ النوادر الغريبة والأبد العجيبةُ. أكثر عن ابْن برِّي. وكان يذكرُ أنه سَمِعَ من السِّلَفِيّ، ومن العثمانيّ. روى لنا " ديوان مُحَمَّد بْن هانئ الأندلُسيِّ " بإسنادٍ غريب. قَالَ لي: إنه وُلِد فِي سنة تسعٍ وأربعين.(14/109)
185 - عبد المولى بن أبي القاسم بْن عَبْد الجبّار أَبُو مُحَمَّد القطيعيُّ. [المتوفى: 633 هـ]
سمع من أبي الحسين عبد الحق، ومحمد بن جعْفَر بْن عَقيل. وماتَ فِي جُمَادَى الأولى.(14/110)
186 - عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن محمود الشَّيْخ عمادُ الدّين ابنُ الغَزْنَويّ الحنفي الفقيه [المتوفى: 633 هـ]
نزيل مصر ومدرس مدرسة السيوفيين.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(14/110)
187 - علي بن سليمان بن إيداش ابن السّلار، أميرُ الحاجّ شجاعُ الدّين أَبُو الْحَسَن. [المتوفى: 633 هـ]
رجلٌ صالحٌ، كثير العبادةِ والأوراد. حجَّ بالناسِ من الشام نيفًا وعشرين حجة. وكانَ الملكُ المعظمُ يحترمُه، ثمّ كَانَ فِي خدمة ابنه الملك الناصر بالكَرَك، فبلغه عَنْهُ شيءٌ، فكلَّمه كلامًا خَشِنًا فتركه وقدم دمشق.
قَالَ ابْن الْجَوْزيّ: حكى لي ذَلِكَ، فقلت: هُوَ ولدك، فقال: والله ما [ص:111]
قلتُ عَنْهُ إلا أَنَّهُ يقرأ المنطق، فقلتُ: الفقهُ أولى بِهِ كما كَانَ والده.
تُوُفّي في جمادى الآخرة.(14/110)
188 - علي بن عبد الصمد بْن مُحَمَّد بْن مفرّج، الشَّيْخ عفيفُ الدّين ابن الرَّمَّاح الْمَصْرِيّ الْمُقْرِئ النَّحْويّ الشّافعيّ المعدَّل. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وخمسين بالقاهرة.
وسمع من السلفي.
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الجيوش عساكرِ بْن عَلَى، والإمام أَبِي الجود. وأخذ العربية عن أَبِي الْحُسَيْن يحيى بْن عَبْد اللَّه.
وتصدَّر للإقراء، والعربية بالمدرسة السَّيفية والمدرسة الفاضلية مدّةً. وحَمَلَ عَنْهُ جماعةٌ. وشَهِدَ عند قاضي القضاة عبد الرحمن ابن السُّكّريّ فمن بعده. وكان من محاسن الشيوخ.
روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان حسن السَّمت، مؤثرًا للانفراد، مُقْبلًا عَلَى خُوَيَّصتِه، منتصبًا للإفادة، راغبًا فِي الإقراء. اتَّصل بخدمة السُّلطان مدّةً ولم يتغيرَّ عن طريقته وعادته.
قلتُ: قرأتُ القرآن كُله عَلَى النظام مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم التِّبريزيّ، وأخبرني أَنَّهُ قرأ عَلَى ابْن الرَّمَّاح. ولم يحدثني أحدٌ عَنْهُ.
وآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان.
تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من جُمَادَى الأولى.
بل إجازته باقية لابن الشّيرازيّ وسَعْد.(14/111)
189 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الودود الأندلُسيُّ، [المتوفى: 633 هـ]
خطيبُ مُرْبَيْطَر.
أخذ القراءات عن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن واجب. وسَمِعَ من جماعةٍ.
وأجازَ لَهُ أَبُو الطاهر إِسْمَاعِيل بْن عوفٍ من الإسكندرية.
وكان رجلًا صالحًا.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّارُ وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة.(14/111)
190 - عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر بْن رُوزْبة بْن عَبْد اللَّه، أبو الْحَسَن البغداديُّ القَلَانِسي، الصُّوفيّ العَطَّارُ. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ " صحيحَ الْبُخَارِيّ " من أَبِي الوَقْت، وسَمِعَ منه " جزء ابن العالي ".
وحدَّث ببغداد وحران وحلب ورأس عين بـ " الصحيح " مرات، وازدحموا عليه، ووصلوه بجملةٍ جيدةٍ من الذهب. وكان عازمًا عَلَى المجيء من حلب إلى دمشقَ، فخَوَّفُوه من حصارِ دمشق فرَدَّ إلى بغدادّ فطالَبُوه بما كانوا أعْطَوْه ليذهبَ إلى دمشق، فأعطى البعضَ وماطَلَ بما بَقِيَ ثمّ أضَرَّ فِي أواخر عُمرِه. وكانَ لَا يُحقَّقُ مولدُه ولكنَّه بلغَ التّسعين.
رَوَى عَنْهُ عزُّ الدين عبد الرزاق الرسعني، والشريف أبو المظفر ابن النابلسي، والجمال يحيى ابن الصَّيْرفيّ، وابنهُ الفخرُ مُحَمَّد، والقاضي شمسُ الدّين محمد ابن العماد الحنبليّ، والزينُ نصر اللَّه بْن عَبْد المنعم بْن حواري الحنفي، والمجدُ عَبْد الرَّحْمَن العَدِيميّ، والعزُّ أَحْمَد بْن الفاروثيّ، والجمالُ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الشَّريشيّ، والأمينُ أَحْمَد ابن الأشْتَري، والسيف عَبْد الرَّحْمَن بْن محفوظ، والشمسُ عبد الواسع الأبهري، والشمس أحمد بْن عَبْد اللَّه الخابوريُّ، والضياءُ مُحَمَّد بْن أبي بكر الجعفري، والتاج عَلِيّ بْن أَحْمَد الغَرَّافيّ، والرشيدُ مُحَمَّد بْن أبي القاسم، وأبو الغنائم بن محاسن الكفرابي، والجمالُ عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العقيميُّ، ويعقوبُ بْن فضائل، وأحمد ابن السيف سُلَيْمَان المقدسيّ، وأَبُو الحسن عَلِيّ بْن عبد الغني ابن تيمية، ومُحَمَّد بْن مؤمن الصُّوريّ، والتاجُ مُحَمَّد بْن عَبْد السلام بْن أَبِي عصرون، وابنُ عَمِّه الشرفُ مُحَمَّد بْن يوسف بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسُنْقُر القضائي الزَّينيُّ، وخلقٌ سواهم.
وكان شيخًا حسنًا، مليحَ الشيبَة والهيئَة، حلوَ الكلامِ، قَوِيَّ النَّفسِ عَلَى كِبَرِ السِّنّ. من ساكني رباط الخِلاطيَّة.
سَمِعَ " الصحيح " بقراءةِ يوُسف بْن مُقَلَّد الدّمشقيّ، وكانَ معه بِهِ ثبتٌ صحيحٌ عَلَيْهِ خطُّ أَبِي الوقت.
قَالَ الحافظُ عبدُ العظيم: تُوُفّي فُجَاءةً فِي ليلَة الخامس من ربيع الآخر، وقد جاوز التسعين. [ص:113]
وأجازَ لابن الشّيرازيّ، وابن عساكر، وسعدٍ، والمُطَعِّم، وأحمد ابن الشحنة، وغيرهم.(14/112)
191 - عمرُ بْن حسن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْجُمَيِّل بْن فَرْحِ بْن خَلَف بْن قُومِس بْن مَزْلال بْن مَلَّال بْن أَحْمَد بْن بدر بْن دِحْيَة بْن خليفة؛ كذا نسب نفسه، العلامة أبو الخطاب ابن دِحْيَةَ، الكَلْبيُّ الدّانيّ الأصلٍ، السَبْتي. [المتوفى: 633 هـ]
كَانَ يكتبُ لنفسِه: ذو النسبين بين دحِيةَ والحُسين.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّار: كَانَ يذكُرُ أَنَّهُ من وُلِد دِحْيةَ الكَلْبيِّ، وأنه سِبطُ أَبِي البسام الحُسَينيِّ الفاطميِّ. وكان يُكَنَّي أَبَا الفضلِ، ثمّ كَنَّى نفسَه أَبَا الْخَطَّاب.
قَالَ: وسَمِعَ بالأندلس أبا عبد الله ابن المُجاهد، وأبا القاسم بْن بَشْكُوال، وأبا بَكْر ابن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا بَكْر بْن خَيْر، وأبا القاسم بْن حُبَيْش، وأبا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وأبا العباس بن مضاء، وأبا محمد بن بونه، وجماعةً.
قال: وحدث بتونس بـ " صحيح مُسلْمِ " عن طائفةٍ من هؤلاء. ورَوَى عن آخرين، منهم: أَبُو عَبْدِ اللَّه بْن بَشْكُوال، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن المُناصف، وأَبُو القاسم بْن دَحْمان، وصالحُ بْن عبدِ الملك، وأَبُو إِسْحَاق بْن قَرْقُول، وأَبُو العباس بْن سِيد، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَميرة، وأَبُو خالد بن رِفاعة، وأَبُو القاسم بْن رُشد الوَرَّاق، وأَبُو عَبْد اللَّه القُباعيّ، وأَبُو بَكْر بْن مغاور.
وكان بصيرًا بالحديثِ مُعتنيًا بتقييدِه، مُكِبًّا عَلَى سماعه، حسن الحظ معروفًا بالضبطِ، لَهُ حظٌ وافرٌ من اللغّةِ، ومشاركةٌ فِي العربية وغيرها.
وَلِيَ قضاءَ دانية مرتين، ثمّ صُرِفَ عن ذِلك لسيرة نُعِتَت عَلَيْهِ، فَرَحَل منها، ولَقيَ بتلْمسان قاضيَها أَبَا الْحَسَن بْن أَبِي حَيّون فَحَمَل عَنْهُ. وحدَّث بتونس أيضًا سنة خمسٍ وتسعين. ثمّ حَجَّ، وكتب [ص:114]
بالمشرق عن جماعة بأصبهان ونَيْسابور من أصحاب أَبِي عَلِيّ الحَدَّادِ، وأَبِي عَبْد اللَّه الفُراويّ وغيرهما. وعادَ إلى مصرَ، فاستأدَبَهُ الملكُ العادلُ لابِنه الكاملِ - وَليِّ عهدِه - وأسكنَهُ القاهرةَ، فنالَ بذلك دنيا عريضةً. وكان يُسَمِّعُ ويُدَرِّسُ، وله تواليف منها: كتابُ " إعلام النّصَّ المبين فِي المفاضلة بين أهل صِفّين ". وقد كتب إلى بالإجازة سنة ثلاث عشرةَ.
قلت: رَحَلَ وهو كهلٌ فحَجَّ، وسَمِعَ بمصر من أَبِي القاسم البُوصيريّ، وغيره، وببغداد من جماعةٍ. وبواسط من أَبِي الفتح المَنْدائيّ؛ سَمِعَ منه " مسند أَحْمَد ". وسَمِعَ بأصبهان " معجمَ الطَّبَرانيّ الكبير " من أَبِي جعْفَر الصَّيْدلانيّ. وسَمِعَ بَنْيسابور " صحيح مُسلْمِ " بعُلُوّ بعد ان حدَّث بِهِ بالمغرب بالإسناد الأندلسيّ النازل، ثمّ صارَ إلى دمشقَ وحدَّث بها.
رَوَى عَنْهُ الدُّبيثيُّ، وقال: كَانَ لَهُ معرفةٌ حسنةٌ بالنّحْوِ واللّغةِ، وأنسةٌ بالحديثِ، فقيهًا عَلَى مذهب مالك، وكان يَقُولُ: إنه حَفِظَ " صحيحَ مسلمٍ " جميعَه، وأنه قرأه عَلَى بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدَّعي أشياءَ كثيرة.
قلتُ: كَانَ صاحبَ فنونٍ، وله يدٌ طُولي فِي اللُّغة، ومعرفةٌ جيِّدة بالحديثِ عَلَى ضعفٍ فِيهِ.
قرأتُ بخَطِّ الضياء الحافظ: وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول تُوُفّي أَبُو الْخَطَّاب عُمَر بْن دِحْية. وكان يتسمى بذي النسبين بين دحية والحُسين. لَقِيتُه بأصبهان، ولم أسمع منه شيئًا، ولم يُعجبْني حالُه. وكان كثير الوقيعةِ فِي الأئمة. وأخبرني إِبْرَاهِيم السَّنْهُوريَّ بأصبهان أَنَّهُ دخلَ المغربَ، وأنَّ مشايخَ المغربِ كَتَبُوا لَهُ جَرْحَه وتضعيفَه. وقد رأيتُ منه أنا غيرَ شيء ممَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
قلتُ: بسببِه بنى السلطان الملكُ الكامل دارَ الحديث بالقاهرة، وجعلَه شيخها.
وقد سَمِعَ منه الْإمَام أبو عمرو ابن الصلاح " الموطأ " سنة نيفٍ وستمائة، وأخبره به عن جماعة منهم: أَبُو عبد اللَّه بْن زَرْقون بإجازته من أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخَوْلانيّ، وهو إسنادٌ مليحٌ عالٍ. ولكنْ قد أسندَه الضياءُ أعلى من هذا [ص:115]
والعُهدة عَلَيْهِ. فقرأتُ بخطِّ الحافظِ عَلَم الدّين أَنَّهُ قرأ بخطِّ ابْن الصلاح رحمه اللَّه، قال: سمعت " الموطأ " على الحافظ ابن دحية، وحدثنا به بأسانيد كثيرةٍ جدا، وأقربُها ما حدثه بِهِ الشيخانِ الفقيهانِ أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن حُنين الكِنانيّ، والمحدث أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسي؛ قالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الطَّلَّاع، وأَبُو بكرٍ خازمُ بْن مُحَمَّد بْن خازم؛ قالا: حَدَّثَنَا يونُسُ بْن عَبْد اللَّه بْن مغيث بسنده.
قَالَ الذهبيُّ: أمّا القيسي فحدثَ بفاس ومَرَّاكِش، واستوطَنَ بلادَ العَدوة فكيفَ لَقَيه أبنُ دِحْيَة؟ فَلَعلَّه أجازَ لَهُ. وكذلك ابن حُنَيْن فإنهَّ خَرَجَ عن الأندلسِ ولم يرجعْ بل نَزلَ مدينة فاسٍ وماتَ سنةَ تسعٍ وستينَ. فبالجهد أن يكونَ لابن دِحْية منه إجازة. وقوِلهُ: حدَّثني، فهذا مذهبٌ رديءٌ يستعملُه بعضُ المغاربة فِي الإجازة، فهو تدليسٌ قبيحٌ.
وقرأت بخطِّ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الملك القُرْطُبيّ وقد كتبه سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة وتحتَه تصحيحُ ابن دِحْية: حدَّثني القاضي أَبُو الخطاب ابن دحية الكلبيُّ بكتابِ " الموطّأ " عن أَبِي الْحَسَن علي بن الحسين اللواتي، وابن زرقون؛ قالا: حَدَّثَنَا الثقةُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخولاني، قال: حدثنا أبو عمرو القيشطالي سماعاً، قال: حَدَّثَنَا يحيى بْن عُبَيْد اللَّه، عن عمِّ أبيِه عُبَيْد اللَّه، عن أَبِيهِ يحيى بْن يحيى، عن مالكٍ.
قَالَ ابن واصل: وكَانَ أبو الخطاب مع فرط معرفته بالحديث وحفظِه الكثير لَهُ، مُتّهمًا بالمُجازفَة فِي النقل، وبلَغَ ذَلِكَ الملكَ الكاملَ، فأمره يُعَلِّق شيئًا عَلَى " الشهاب "، فعلَّقَ كتابًا تكلم فِيهِ عَلَى أحاديثه وأسانيده، فَلَمَّا وقفَ الكاملُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ لَهُ بعد أيّام: قد ضاعَ مني ذَلِكَ الكتاب فعَلِّقْ لي مثلَه، ففعلَ، فجاء فِي الثاني مُنَاقَضةٌ للأول. فعَلِم السلطانُ صحّة ما قِيلَ عَنْهُ. فنزلَتْ مرتبُته عندَه وعَزَلَه من دارِ الحديثِ آخرًا ووَلَّى أخاه أَبَا عَمرو الّذِي نذكُره فِي العام الآتي.
قَالَ ابنُ نُقْطَة: كَانَ موصوفًا بالمعرفةِ والفضلِ، ولم أرَه. إلّا أنَّه كَانَ [ص:116]
يدعي أشياءَ لَا حقيقة لها. ذكر لي أَبُو القاسم بْن عَبْد السلام - ثقةٌ - قَالَ: نَزَلَ عندنا ابنُ دِحْيَة، فكانَ يَقُولُ: أحفَظُ " صحيحَ مُسلْمِ "، و" التِّرْمِذيّ "، قَالَ: فأخذتُ خمسةَ أحاديث من " التِّرْمِذيّ "، وخمسةً من " المُسنِد " وخمسةً من الموضوعاتِ فجعلُتها فِي جزءٍ، ثمّ عَرَضْتُ عَلَيْهِ حديثًا من " التِّرْمِذيّ "، فقال: ليسَ بصحيحٍ، وآخر فقال: لَا أعرِفُه. ولم يعرِفْ منها شيئاً.
قلت: ما أحسن الصدق، لقد أفسدَ هذا المرءُ نفسَه.
وقال ابنُ خلكان: عند وصول ابن دحية إلى إرْبلّ صَنَّفَ لسلطانِها المظفرِ كتابَ " المولد " وفي آخرِه قصيدةٌ طويلة مَدَحَه بها، أولها:
لَوْلا الوُشَاةُ وَهُمُ أعْدَاؤُنَا مَا وَهِمُوا
ثمّ ظهرَتْ هذهِ القصيدةُ بعينها للأسعد بْن مَمّاتي فِي " ديوانه ".
قلت: وكذلك نسبه شيءٌ لَا حقيقة.
قرأتُ بخطِّ ابن مسدي: كَانَ أَبُوهُ تاجرًا يُعْرَفُ بالكَلْبي - بين الباء والفاء - وهو اسم موضعٍ بدانيةَ. وكان أَبُو الْخَطَّاب أوَّلًا يكتب " الكَلْبيّ معًا " إشارة إلى البَلَدِ والنَّسَبِ، وإنّما كَانَ يُعْرَفُ بابنِ الْجُمَيِّل تصغير جَمَل. وكان أَبُو الخطَّابِ عَلَّامةَ زمانِه، وقد وَلِيَ أولًا قضاءَ دَانية.
وقال التقيُّ عُبَيْد الإسْعَرْدي: أَبُو الْخَطَّاب ذو النِّسَبَين، صاحبُ الفنونِ والرحلةِ الواسعةِ. لَهُ المصنَّفات الفائقةُ والمعاني الرائقة. وكان مُعظَّمًا عندَ الخاصِّ والعام. سُئِلَ عن مولدِه، فقال: سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة.
وحُكّي عَنْهُ فِي مولده غيرُ ذَلِكَ. حدَّث عَنْهُ جماعة.(14/113)
192 - عُمَر بْن يحيى بْن شافع بْن جُمعة. أَبُو عَبْد الغنيّ النابُلُسي المُؤَذِّنُ. [المتوفى: 633 هـ]
شيخٌ مُعَمَّر. سَمِعَ من الْحَسَن بْن مكِّي المرندي سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة بدمشقَ جزءًا من " حديث الْجُلَّابيّ ".
رَوَى عَنْهُ التقي ابن الواسطيّ، وأخوه محمدٌ، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي الفتح، والعز أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الكمال، وغيرهم. [ص:117]
وقد سَمِعَ منه الحافظُ الضياء. وخطيبُ كَفْربَطنا الجمالُ مُحَمَّد الدِّينَوَرِيّ.
تُوُفّي بنابُلُسَ فِي هذه السنة.(14/116)
193 - عوض بْن محمود بْن صافٍ بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو الوفاء الحِمْيريّ البُوشِيّ المالكيّ. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ من أَبِي المفاخر سعَيِد المأمُونيّ. رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وغيرُه.
قَالَ المنذريُّ: جاوَرَ بمعبدِ ذي النونِ، وصَحِبَ جماعة من المشايخ. وكانَ أحدَ مشايخ الفُقراءِ المشهورين والصُّلحاءِ المذكورينَ، مُقبلًا عَلَى خُوَيَّصتهِ وعبادتهِ، وله القَبولٌ التامُّ من العامة والخاصةِ. وأمَّ بالمسجدِ الّذِي بجزيرة مصرَ مدّةً. وبُوش: بلدةٌ مشهورةٌ بالصّعيدِ الأدنى. ذكر لي ما يَدُلُّ عَلَى أنَّه وُلِد سنة خمسٍ وخمسين. وتُوُفّي فِي سَلْخ ربيعٍ الآخر.
وقد أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي وغيره.(14/117)
194 - كرم بْن أَحْمَد بْن كرم، أَبُو مُحَمَّد الحربيُّ الذهبيُّ. [المتوفى: 633 هـ]
حدَّث عن أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحق اليوسفيّ. وكان لَا بأسَ بِهِ.
تُوُفّي فِي شوَّال.
رَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضي ابن الخويي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي.(14/117)
195 - محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الفخرُ، أَبُو عَبْد اللَّه الإرْبليُّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وخمسين، وقال مَرَّةً أخري: فِي المحرم سنة ستين.
وروى عن يحيى بن ثابت، وأبي بكر ابن النّقور، وعلي بْن عساكر البطائحيِّ، وشُهْدَةَ الكاتبة، والحسن بْن عَلِيّ البَطْليَوسِي، وهبة اللَّه بْن يحيى الوكيل، وخُمرتاش مولي أَبِي الفَرَج ابن رئيس الرؤساء، وَتَجَنِّي الوَهْبانَّية، وغيرهم. [ص:118]
روى عنه الجمال ابن الصابونيّ، والجمالُ الدِّينَوَرِيّ خطيبُ كفْربَطْنا، والعمادُ يوسُف ابن الشقاريّ، والشرفُ أَبُو الْحُسَيْن اليُونينيُّ، والجمالُ أَحْمَد ابن الظاهري، والشرف أحمد ابن عساكر، وعلي بْن بَقاء المقرئُ، والعمادُ بْن سعدٍ، وعليٌ وعمر وأَبُو بَكْر بنو ابن عَبْد الدائم، وعُمَر بْن طرخان المَعَرِّيّ، والتّقيُ أحمد بْن مؤمن، والشمسُ مُحَمَّد بْن يوسف الذهبي، وعيسى بْن أَبِي مُحَمَّد المَغاري، والمحيي أَبُو بكر بن عَبْد الله ابن خطيب بيتِ الأبار، ومُحَمَّد بْن مكّي الصقلِّي، وعبد المنعم بن عساكر، وخلقٌ سواهم.
وخَرَّج له الزكيُّ البِرْزاليُّ " مشيخة " فِي جزء، تفرِّدَ بِهِ بمصر مُوسَى بْن عَلِيّ المُوسويّ، حَضَرَهُ فِي الرابعة. وبَقِيَ بدمشقَ فِي سنة أربع عشرة من الرواة عَنْهُ بالحُضور: أَبُو بَكْر بْن عَبْد الدَّائم - المذكور -، وعيسى المُطْعِمُ، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وبهاءُ الدّين القاسم ابن عساكر.
قَالَ شيخُنا ابْن الظاهريّ: تُوُفّي بإرْبِل فِي رمضانَ أو شوَّال.
ووجدت بخطَّ السيف ابن المجد: رَأَيْتُ أصحابنَا ومشايخَنا يَتكلّمونَ فِيهِ بسبب قلَّة الدّين والمروءة. وكان سماعُه صحيحًا.
وقال لي شمس الدين ابن سامة: إنَّ لقبَه قنور.
وقرأت بخطِّ ابن مسدي، إنه يعرف بالقور. قال: وكان لَا يتُحقَّقُ مولدُه، وذكرَ ما يدُلُّ على أنه بعد الخمسين وخمسمائة، وقال مَرَّةً: ولدتُ بعد ذَلِكَ. فلهذا امتَنَعُوا من الأخذ عنه بإجازات أقوام موتهم قديم.
قال ابن الصلاح: لا نسمع بهذه الإجازات، فإنَّه يذكُر ما يدُلُّ عَلَى أنّ مولدَه بعدَ تاريخها.(14/117)
196 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن، الْإمَام أَبُو الطاهر الأَنْصَارِيّ الجابري الشّافعيّ المَحَليُّ. [المتوفى: 633 هـ]
خطيبُ جامع مصر.
قدم من المَحَلَّةِ إلى مصرَ، وتفقه عَلَى التّاج مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الحَمَويِّ، وغيره. وصَحِبَ الشَّيْخ أَبَا عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الزاهد مدّةً، وكان من أعيان أصحابه.
وسمع من الفقيِه إِبْرَاهِيم بْن عُمَر الإسْعَرْديّ، وغيره. ودَرِّس، وأفادّ، وخَطَبَ. [ص:119]
وكان مولدُه ظَنًّا فِي سنةِ أربعٍ وخمسين وخمسمائة.
قَالَ الزكيُّ المنذريُّ: كَتَبْتُ عَنْهُ فوائدَ. وكان من أهلِ الدّين والوَرَعِ التامِّ عَلَى طريقةٍ صالحة، ذا جدٍ فِي جميع أموره، قاضيًا لحقوقِ معارفه، ساعيًا فِي أفعال البرِّ، كثيرَ الاجتهادِ فِي العبادة. حصَّل كتبًا كثيرةٌ وكان لَا يمَنعُها، ورُبَّما أعارَها لمن لَا يعرِفُه. تُوُفّي فِي سابع ذي القَعْدَةِ رحمه اللَّه تعالي.(14/118)
197 - مُحَمَّد بْن رَجَب بْن عَلِيّ أَبُو بكر الحارثيُّ الفقيهُ الحنبليُّ، [المتوفى: 633 هـ]
من أهلِ قريةِ الحارثية من أعمالِ نهر عيسى.
سكنَ بغدادَ. وتفقَّهَ وسَمِعَ من عَبْد الحق اليوسُفيّ، وأَبِي العزِّ بْن مواهب الخُرَاسانيّ.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار، وقال: كَانَ مُتَيقّظًا، حَسَن الطريقة، متديِّنًا. تُوُفّي فِي شعبانِ، وَلَهُ إحدى وثمانون سنة.(14/119)
198 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، الشريفُ أَبُو شجاعٍ فخرُ الدّين الأُمَويّ العُثمانيُّ البغداديّ الكاتبُ. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد ببغداد فِي سنة خمسٍ وستين، وسَكَنَ الديارَ المصرية. وحدَّث عن عَبْد الرحمن بن موقى؛ روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان حسن السَّمْتِ، كثيرَ التّصوّنِ جدًا، من أعيان الطائفةِ العثمانية، رق حاله، وانقطع إلى العبادة. وتوفي فِي خامس شَعْبان.(14/119)
199 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي زاهر، أَبُو حامد البَلَنسيُّ المُؤَدِّبُ. [المتوفى: 633 هـ]
أخَذَ القراءات عن أَبِيهِ. وسَمِعَ من أَبِي العطاء بْن نَذِير، وأَبِي عَبْد اللَّه بْن نسْع، فأكثَر. وأدَّبَ بالقرآنِ.
قَالَ الأبَّارُ: هُوَ مُعَلِّمي، وعنه أخّذتْ قراءةَ نافع، وسَمِعْتُ منه، وسَمِعَ مني كتابَ " مَعْدِنِ اللُّجَين فِي مراثي الْحُسَيْن " من تأليفي. وكان امرأ [ص:120]
صدقٍ ناشئاٍ فِي الصلاح، مُتواضعًا، بارعَ الخطِّ، يكتبُ المصاحفَ، ويَؤُمُّ بمسجد. وأخَذَ عَنْهُ صاحبُنا أَبُو الحَجّاج بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسافرَ ليَحُجَّ فتوفي بعِيذاب فِي آخرِ سنة ثلاثٍ هذه.(14/119)
200 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن المُطَهَّر بن سالم بْن شُجاع، أَبُو الفوارس الكَلْبيُّ الفقيهُ الحنفيُّ. [المتوفى: 633 هـ]
شيخٌ دمشقيّ متميزٌ. رَوَى عن يحيى الثَّقفيّ، وعبد الرَّحْمَن الخِرَقيّ، وإسماعيل الْجَنْزَويّ. رَوَى عَنْهُ الزكي البرزالي، والمجد ابن الحُلْوانية، وغيرهما.
وكان عارفًا بالحسابِ وكتابة الديوان.
تُوُفّي فِي صفر.(14/120)
201 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي المفاخر سعَيِد بْن الْحُسَيْن، الشريف أَبُو بكر الْعَبَّاسيُّ المأمونيّ النَّيْسابوريّ الأصْلِ الْمَصْريّ المولِد المقرئُ عَلَى الجنائزِ. [المتوفى: 633 هـ]
سَمَّعَهُ أَبُوه من السِّلَفِيّ، وإسماعيل بْن قاسم الزيّات، وجدِّه. رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وجماعةٌ من الطَّلَبةِ. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ ابنُه محمدٌ، والشهابُ الأَبَرْقُوهيّ.
وُلِد فِي أول سنة سبعين وخمسمائة، وتُوُفّي فِي الرابعِ والعشرينَ من ربيع الآخرِ.
أخبرنا محمد بن محمد بن محمد الْمَأْمُونِيِّ، وَأَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر المأموني، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا الثقفي، قال: أخبرنا الجرجاني، قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان، قال: حدثنا علي بن عيسى الهلالي، قال: حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَسْتَبْطِئُوا [ص:121]
الرِّزْقَ وَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ".(14/120)
202 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه المقرئُ الزّاهدُ، أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبيّ، المعروف بابن الفِرِّيشيّ - بتشديد الراء -. [المتوفى: 633 هـ]
كَانَ معروفًا بإجابةِ الدعوة. أخَذَ عَنْهُ ابنُ مَسْدي، وقالَ: تَلَا بالسبعِ عَلَى أَبِي القاسم بْن غالب. وسَمِعَ من ابن بَشْكُوال، وحَجَّ. وسَمِعَ من يونُسَ بمكةَ. استُشْهِدَ فِي شوَّال وَقْتَ أخذِ قُرْطُبَة.(14/121)
203 - مُحَمَّد بْن هنديّ بْن يوسف بْن يحيى بْن عَلِيّ بْن حسين بْن هندي، القاضي زينُ الدّين أَبُو الفضل المازنيُّ الحمصيّ، قاضي حِمْصَ. [المتوفى: 633 هـ]
صدرٌ جليلٌ، فاضلٌ. سَمِعَ بدمشقَ من أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وأَبِي القاسم عَبْد الملك الدَّوْلَعيّ، وأَبِي اليُسْر شاكر التَّنُوخيّ، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ المجدُ ابن الحُلْوانيةِ، ونصرٌ وسعدُ الخيرِ ابنا أَبِي القاسم النابُلُسيَ.
وله " مشيخة " فِي جزء خَرَّجها البِرْزاليُّ.
تُوُفّي فِي تاسع عشر ذي القَعْدَةِ، وله نيفٌ وثمانون سنة.(14/121)
204 - مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَبِي المكارم، الشيخُ شمسُ الدّين الطائيّ الواسطيُّ الواعظُ. [المتوفى: 633 هـ]
لَقِيَ جماعةً من الفُضلاء والوُعَّاظِ، وبَرَعَ في الوعظ. وقدم مصر بعد التسعين وخمسمائة وسَمِعَ من البُوصيريّ، وجماعةٍ. وحدَّث، ووَعَظَ، وتَقَدَّمَ عَلَى أقرانِه بالدِّيار المصرية. وحَصَلَ لَهُ قبولٌ زائد من العامة. [ص:122]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وله نيفٌ وستون سنة.(14/121)
205 - مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد، القاضي وجيهُ الدّين الأَنْصَارِيّ الْمَصْريّ الكاتبُ، المعروفُ بابن السَّدَّار. مُشارِفُ الأوقاف. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. ورَحَل إلى الإسكندرية، وسمع من السِّلَفِيّ.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ وقال: تُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ ذي القعدة.
وأجاز لسعدٍ، والمطعم.
ومن مسموعه العاشر من " الثَّقَفِيّات ".(14/122)
206 - مُحَمَّد بْن يوسف بْن هَمَّام، أَبُو الفتح المقدسيُّ ثمّ الدَّمشقيّ الحنبليُّ، [المتوفى: 633 هـ]
نزيلُ بغداد.
وُلِد سنةَ بضعٍ وخمسين وخمسمائة. ودَخَلَ بغدادَ سنةَ إحدى وثمانين، فسمع الحديثَ من أَبِي السعاداتِ القَزَّاز وطبقته. وتفقَّه عَلَى أبي الفتح ابن المني. ثمّ تحوَّل شافعيًّا. ووَلِيَ خزنَ الكتبِ بالنظامية.
وكان متودِّدًا، مطبوعًا، ديِّنًا. أثني عَلَيْهِ ابن النّجّار، وروى عَنْهُ. وتوفي فِي شَعْبان.(14/122)
207 - المأمون بْن أَحْمَد بْن الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن علي بن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن حسين ابن الخليفة المأمون ابن هارونَ الرشيدِ، الشريفُ أَبُو محمدٍ الهاشميُّ المأمونيُّ البغداديّ الواعظُ. [المتوفى: 633 هـ]
كَانَ يتكلَّم فِي الأعزيَة. وله حظٌ من الأدبِ، وصوتُه طَيِّب. سَمِعَ من أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقْ، ومُحَمَّد بْن نَسِيم العَيْشُونيّ. وعاشَ ثلاثًا وسبعينَ سنة.
وأجاز للفخِر إسماعيل ابن عساكر، ومُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، وسعد الدين بن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة.
وتُوُفيّ فِي رابعِ عشر ذي القعدة فجاءةً.(14/122)
208 - محمودُ بْنُ خليل بنِ محمود. أبو الثناءِ التَّبريزيُّ ثمّ البغداديّ السَّقلاطونيّ، أمينُ الحكمِ كأبيه. [المتوفى: 633 هـ]
لَعِبَ فِي أموالِ الأيتام، فَحُبِسَ مدّةً، ثمّ أُخرِجَ، وافْتَقَرَ.
وُجِدَ لَهُ سماعُ كتاب " المصحفين " للدّارَقُطْنيّ من يحيى بْنِ ثابت، فرواه مراتٍ.
مات في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وله إحدى وثمانون سنة.
وقد رَوَى عَنْهُ ابن النجار. وأجاز لشيخنا أحمد ابن الشحنة.(14/123)
209 - محمود بْن أَبِي العزِّ بْن مواهب ابن الشطيطي، الموصلي الحداد. [المتوفى: 633 هـ]
روى " جزء الأصم " عن خطيبِ المَوْصِل. حدَّث عن القاضي شمس الدّين ابن العماد.
مات فِي جُمَادَى الأُولى سنةَ ثلاث.(14/123)
210 - مريمُ بِنْت خَلَف بْن راجح، أمُّ أَحْمَد المقدسية. [المتوفى: 633 هـ]
امرأةٌ صالحة، كثيرة العبادة والإيثار. روت بالإجازة عن الحافظ أبي موسى المديني. وتوفيت في صفر.
كتب عنها العز ابن الحاجب، وغيرُه.(14/123)
211 - مشهورُ بْن منصور بْن مُحَمَّد، أَبُو أَحْمَد القَيْسيُّ الحَوْرانيّ الفَلَّاحُ بالنَّيْرَب. [المتوفى: 633 هـ]
سافَرَ فِي خدمَة المحدث عمادِ الدّين عَلِيّ بْن القاسم ابن عساكر إلى خُراسانَ، فسَمِعَ من المؤيَّد الطُّوسيّ، وأَبِي رَوْح، وزينبَ الشَّعْرية.
رَوَى عَنْهُ الشرفُ أحمد ابن عساكر، وغيره. وتفرد بالحضور عنه البهاء ابن عساكر.
تُوُفّي فِي ثالث عشر ذي الحجّة، ودفن بالنيرب.(14/123)
212 - نصر اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي المكارم بْن فِتْيان، أَبُو الفتح الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 633 هـ]
ابْن أخي الفقيه البهاء.
رَوَى عن أَبِي القاسم ابن عساكر، وأَبِي سعد بْن أَبِي عَصْرون، وأَبِي نصر عَبْد الرحيم اليُوسُفيّ، والأميرِ أُسامة بْن منقذٍ.
ويُعْرَفُ بابنِ الحُكَيِّم، وبابن النّحّاس.
رَوَى عنه الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والشرف ابن عساكر، وجماعةٌ.
ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة. وتُوُفّي فِي سابع ذي الحجّة.(14/124)
213 - نصر بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز بْن بِشْير، القدوةُ أَبُو عَمْرو الغافقيُّ الأندلُسيُّ الفَرْغُليِطي، نزيلُ قيجاطة، ويعرف بالشقوري. [المتوفى: 633 هـ]
قال الأبار: سمع من جده لأمه نصر بن علي، وعبد الله بن سهلٍ الكفيف. وبقرطبة من عبد الرحمن بن أحمد بن بقي، وأَبِي القاسم بْن بَشْكُوال. وبمُرْسِيَةَ من أَبِي عبد الله بن عبد الرحيم. وأجاز له أَبُو الحَسَن بْن هُذَيل، وأَبُو طاهرٍ السِّلَفيّ. وتصدَّرَ بقَيْشاطة للإقراء، فأُخذَ عَنْهُ وسُمِعَ منه. وكان من أهلِ الزُّهدِ والفضلِ، يُشارُ إِلَيْهِ بإجابةِ الدَّعوة. عُمِّرَ وأسنَّ وأُسِرَ عندَ تَغَلُّب الرُّوم عَلَى قَيْشاطة فِي سنةِ إحدى وعشرين. ثم تخلصَ بعد ذَلِكَ. وقَدِمَ قُرْطُبَة فأخَذَ عنه أبو القاسم ابن الطَّيْلَسان، وقال: تُوُفّي بِلُورَقَةَ عامَ ثلاثةٍ وعشرينَ وستمائة، ومولده سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة.
قَالَ: وقالَ ابنُ فَرْقَدَ: كَتَبَ أَبُو عَمْرو الغَافقيُّ لي ولابنيَّ محمدٍ وأَحْمَد فِي جُمَادَى الأولى سنة سبعٍ وعشرين وستمائة. وقال ابنُ فَرْتون: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثلاثين.
قلتُ: هذا أصحٌ من قولِ ابن الطَّيْلَسان.(14/124)
214 - نصر بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر بْن أَبِي صالح بْن جنكي دُوَستْ، قاضي القضاة عماد الدين أبو صالح ابن الحافظ الزاهد الْإمَام أَبِي بَكْر الجيليُّ ثمّ البغداديّ الأَزَجِيُّ الفقيهُ الحنبليّ. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد فِي ربيعٍ الآخر سنة أربع وستين وخمسمائة. وأجازَ لَهُ - وهو ابن شهر - أَبُو الفتح ابن البطي، وأبو محمد ابن الخشاب، والمباركُ بْن مُحَمَّد الباذرائيّ، وغيرهم.
وسَمِعَ من أَبِيهِ، وعلي بْن عساكر البطائحيّ، وخديجةَ بنت أحمد النهرواني، وشُهْدَةَ بِنْت الإبَريّ، وعبدِ الحقّ اليُوسُفيّ، ومُسلْمِ بِن ثابتٍ النّحّاس، وأَحْمَد بْن المباركِ المُرَقَّعاتيّ، وسعيدِ بْن صافي الْجَمَّال، وعيسى الدُّوشابيِّ، ومُحَمَّد بْن بدر الشِّيحيّ، وفاطمةَ بنتِ أَبِي غالب مُحَمَّد بْن الْحَسَن الماوردي، وأَبِي شاكر السَّقلاطونيّ، وجماعة. وتفقه على والده، وأبي الفتح ابن المَنِّي. ودرَّسَ، وأفتى، وناظَرَ، وبَرَعَ فِي المذهبِ.
روى عنه الدبيثي، وابن النجار، والشرف ابن النابُلُسيّ، والشمسُ مُحَمَّد بْن هامِل، والعزُّ الفاروثيّ، والتاج الغرافي، والجمال محمد ابن الدباب، والجمال محمد البكري، والعلاء ابن بَلَبان الناصريّ، والشهابُ الْأبَرْقُوهيّ، وآخرون.
وجمعَ لنفسِه أربعينَ حديثًا سَمِعْناها من الْأبَرْقُوهيّ. ودَرَّس بمدرسة جدِّه، وبالمدرسةِ الشاطئِيَّة. وتَكَلَّمَ فِي الوعظِ. وألَّفَ فِي التصوف. ووَلِيَ القضاءَ للظاهرِ بأمر اللَّه وأوائلِ دولةِ المستنصرِ بالله ثمّ صُرِفَ.
سئل الضياءُ عَنْهُ، فقال: فقيهٌ، خَيِّر، كريمُ النفسِ، ونالته محنةٌ، فإنَّ سنةَ أربعٍ وعشرين صامُوا ببغداد رمضانَ بشهادة اثنين، ثمّ ثاني ليلة رُقِبَ الهلالُ فلم يُر، ولاحَ خطأُ الشهودِ، وأفطَر قومٌ من أصحاب أَبِي صالح، فأمْسكوا ستة من أعيانهم، فاعتَرَفُوا، فعُزّروا بالدِّرة وحُبسُوا. ثمّ أُخذ الذين شهَدُوا، فحُبِسُوا وضُربَ كلُّ واحد خمسينّ، ثمّ إنَّ قاضيَ المُحَوَّل أفطر بعد الثلاثين عَلَى حساب ما شهدوا، فضُربَ، وطيفَ بِهِ. واحتمي أَبُو صالح بالرُّصافةِ فِي بيت حائكٍ، واجتمع عنده خلقٌ من بابِ الأزَج، فمُنِعوا من [ص:126]
الدّخول إِلَيْهِ، ثمّ أُطْلِقَ بعد انسلاخ شوَّال. نعم.
وذكره ابنُ النّجّار، فقال: قَرَأ الخلافَ عَلَى أَبِي مُحَمَّد بْن أَبِي عَلِيّ النُّوقانيّ الشّافعيّ. ودَرَّس بمدرسة جدِّه. وبُنيِتْ لَهُ دكةٌ بجامع القَصْرِ للمناظرةِ، وجلسَ للوَعْظِ. وكان لَهُ قبولٌ تامّ، ويحضرُه خلقٌ كثير. وأُذِنَ لَهُ فِي الدخول عَلَى الأمير أَبِي نصر مُحَمَّد ابن الْإمَام الناصر فِي كلّ جُمُعة لسماع " مُسنِد الْإمَام أَحْمَد " منه بإجازتِه من أَبِيهِ الناصرِ، فحَصلَ لَهُ بِهِ أنسٌ. فلما استخلف، قَلَّده القضاءَ فِي ذي القَعْدَةِ سنة اثنتين وعشرين، فسارَ السِّيرةَ الحَسَنَةَ، وسلَكَ الطريقةَ المستقيمة، وأقامَ ناموسَ الشَّرع، ولم يُحاب أحدًا فِي دين اللَّه. وكانَ لَا يمُكِّنُ أحدًا من الصِّياح بين يدَيْه. ويمضي إلى الْجُمُعة ماشيًا. ويكتبُ الشُّهود من دواتِه فِي مجلسِه. فلمَّا أفْضَتِ الخلافةُ إلى المستنصرِ أقرَّه أشهرًا، ثمّ عَزَلَه. رَوَى الكثير. وكان ثقةً مُتحرِّيًا، لَهُ فِي المذهب اليدُ الطُّولي. وكان لطيفًا، مُتواضعًا، مَزَّاحًا، كَيِّسًا. وكان مِقْدامًا رجلًا من الرِّجال، سمعته يَقُولُ: كنتُ فِي دارِ الوزير القُمِّي وهناك جماعةٌ، إذْ دخلَ رجلٌ ذو هيئةٍ، فقاموا لَهُ وخَدَموه، فقمتُ، وظننته بعضَ الفقهاء، فقيل: هذا ابنُ كرم اليهوديُّ عاملُ دارِ الضرب، فقلتُ لَهُ: تعالَ إلى هنا، فجاءَ ووقفَ بين يدي، فقلت له: ويلك، توهمتك فقيهًا، فقمتُ إكرامًا لذلك، ولستَ - ويلك - عندي بهذه الصفةِ، ثمّ كررتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وهو قائم يَقُولُ: اللَّه يحفظُك، اللَّه يُبقيكَ، ثمّ قلتُ: اخسَأْ هناك بعيدًا عنَّا. فذَهَب.
قَالَ: وحدثني أنه رُسمَ لَهُ برزقٍ من الخليفةِ، وأنه زارَ - يومئذٍ - قبرَ الْإمَام أَحْمَد، فقيلَ لي: دُفِعَ رَسْمُك إلى ابن توما النَّصْرانيّ، فامضِ إِلَيْهِ فخُذه، فقلت: والله لَا أمضي ولا أطلبُه، فبَقيَ ذَلِكَ الذهب عنده إلى أن قُتِلَ - لعنه اللَّه - فِي السنة الأُخرى، وأُخِذَ الذّهُب من داره فنُفِّذَ إلى.
تُوُفّي فِي سادس عشر شوَّال، ودُفِنَ فِي الدِّكةِ التي لقبر الأمام أَحْمَد بْن حنبل. وقيلَ: بل دُفِنَ معه فِي قبره، تولَّى ذَلِكَ الرَّعاعُ والعوامُّ، فقُبضَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وعُوقِبَ وحُبِسَ. ثمّ نُبِشَ أَبُو صالح ليلًا بعد أيّام، ولم يُعلَم أينَ دُفِنَ؟ - رحمه الله -. [ص:127]
قلتُ: وأجازَ لإبراهيم بْن حاتمِ البَعْلَبَكّيّ، وإسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والبدر حسن ابن الخلال، والقاضي الحنبلي، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وسَعْدِ بْن مُحَمَّد بْن سَعْد، وأَبِي بَكْر بْن عَبْد الدائم، وأَبِي نصر بْن مميل، وغيرهم.(14/125)
215 - يحيى بْن إِسْحَاق بْن حَمّو بْن عَلِيّ، الأمير الجليل أَبُو زكريّا الصِّنْهاجي المَيُورْقيُّ، الّذِي خرج عَلَى بني عبد المؤمن، ويُعرفُ بابنِ غَانية. [المتوفى: 633 هـ]
تُوُفّي فِي أواخرِ شوَّال بالبَرِّيَّةِ بنواحي تِلمِسْان.
ذكرَه الحافظُ زكيُّ الدّين عبدُ العظيم، فقال: يُقَالُ: إن خروجه كَانَ من مَيْورْقةَ في شعبان سنة ثمانين وخمسمائة واستولي عَلَى بلادٍ كثيرة. وكان مشهورًا بالشجاعةٍ والإقدامِ.
قلت: وقد أقامَ فِي بلاده الدّعوة والخطبة لبني الْعَبَّاس، وقدم رسولُه إلى العراق يطلُبُ تقليدًا بالسَّلْطَنَة، فنُفِّذتْ إِلَيْهِ الخِلَعُ واللواءُ. وقد ذكرنا ذَلِكَ فِي الحوادثِ.(14/127)
216 - يحيى ابْن الخليفة الناصر محمد ابن المنصور المؤمنيّ المغربيُّ، أَبُو زكريّا. [المتوفى: 633 هـ]
تملَّكَ المغربَ بعد العادلِ عَبْد اللَّه سنةَ أربعٍ وعشرين، فكانت دولتُه ثلاثةَ أعوامٍ ونصْفًا، وفي بعضها كانَ معَه عَلَى جُملة من الممالك ابْن عمِّه.
ماتَ يحيى فِي ذي القَعْدَةِ أو شوَّال.(14/127)
217 - يعقوبُ بْن عَلِيّ بْن يوسف، أبو عيسى المَوْصِليّ الحكاكُ الْجَوْهريّ. [المتوفى: 633 هـ]
سَمِعَ من خطيب المَوْصِل أَبِي الفضل الطُّوسيّ. وببغداد من عُبَيْد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، ونصر اللَّه القزازِ، وجماعةٍ.
وجاوَرَ بمكةَ، وحدَّث بها، وبالمدينة ومصرَ؛ رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، والشرف ابن الْجَوْهريّ، وعثمان بْن مُوسَى إمامُ الحَطِيم، وغيرهم. [ص:128]
قال المنذري: تُوُفّي فِي الرابع والعشرين من صفر ببغداد بالبيمارستان العضدي.
قلت: وقيل: أَنَّهُ تُوُفّي بالمدينة سنة أربعٍ.(14/127)
218 - يوسف بْن جبريل بْن جَميِل بْن مَحْبوب، أَبُو الحَجّاج القيسيُّ اللُّواتيّ، الحَنَفيُّ البزازُ. [المتوفى: 633 هـ]
وُلِد فِي حدود سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسَمَّعَهُ أَبُوه الْإمَام أَبُو الأمانة من السِّلَفِيّ، وبدر الخداداذي، وأَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ. وقدم دمشق ولم يَرْوِ بها.
رَوَى عَنْهُ ابْن النّجّار، والزكيُّ عَبْد العظيم، والشهابُ الْأبَرْقُوهيّ. وتُوُفّي فِي أواخر شعبانَ.(14/128)
-وفيها وُلِد:
شيخُنا زينُ الدّين عَبْد اللَّه بْن مروان الفارقيّ فِي المحرَّم، وعزُّ الدّين عبد الْعَزِيز بْن محمد ابن العديم الحنفي، قاضي حماة في رمضان، وبدر الدين محمد بن مسعود ابن التوزيّ، والشمسُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن صقر؛ الحَلَبِيُّون بحلبَ، والشيخُ يوسُفُ بْن قيس بن أبي بكر ابن الشَّيْخ حياة بْن قيس، والبهاءُ أَبُو القاسم بْن يحيى بْن زَيَّاد خطيبُ بيتِ لِهيا، والأمينُ عَبْد اللَّه بْن عبِد الأحدِ بْن شُقَير؛ الحرانيُّون بها.
والصّفيّ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الطَّبَريّ بمكة، والبدرُ حسنُ بْن عَلِيّ بْن يوسف بْن هود المُرْسيُّ بها، وشيخُ تَدْمُرَ عيسى بنُ ثروان، وشيخُ الحرمِ الظهيرُ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مَنَعة البغدادي، وناصر الدين محمد بن نوح ابن المقدسيُّ، وله حضورٌ فِي الأولى عَلَى ابن اللتي.(14/128)
-سنة أربعٍ وثلاثين وستمائة(14/129)
219 - أَحْمَد بْن أكمل بْن أَحْمَد بْن مَسْعُود بْن عَبْد الواحد بْن مطرِ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. الشريفُ، أَبُو الْعَبَّاس، الهاشميُّ، العباسيُّ، البغداديّ، الحنبليُّ، الخطيبُ، العَدْلُ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنةَ سبعينَ وخمسمائة. وسمع من أَبِي الفتح بْن شاتيل، ووفاءِ بْن اسعدَ، وأَبِي العلاءِ مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن عَقِيل. وحدَّث من بيته غيرُ واحد.
تُوُفّي فِي ربيع الأول.(14/129)
220 - أَحْمَد بْن الخَضِر، الأميرُ شهابُ الدّين الكامليُّ. [المتوفى: 634 هـ]
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى بالقاهرةِ. وكانَ من كِبارِ الدولة.(14/129)
221 - أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن كسا الْمَصْريّ، الشاعرُ المشهور. [المتوفى: 634 هـ]
كَانَ مُحْتَشِمًا، ذا ثروةٍ، وله غلمان ترك.
تُوُفّي فِي صفر بالقاهرة.
والأصَحُّ وفاتُه فِي السنَة الآتية.(14/129)
222 - أَحْمَد بْن يوسُفَ بْن أيّوب بْن شاذ، الملك المحسن يمين الدين أبو العباس ابن السلطان صلاح الدّين. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنةَ سبعِ وسبعين. وسَمِعَ بدمشقَ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن صدقةَ الحرّانيّ، وحنبلٍ، وابن طَبَرْزَد، وبمصرَ من أَبِي القاسم البُوصيريِّ، وغير واحد.
وعَنيَ بالحديثِ وطلبه، وكَتَبَ، واستَنْسخَ، وقَرَأ عَلَى الشيوخ. وكان مليح الكتابة، جيد النقل، متواضعاً، متزهداً، حَسَنَ الأخلاقِ، مُفضلًا عَلَى أصحاب الحديث وعلي الشيوخ. وحصِّل الكتبَ النفيسة والأصولَ المليحةَ، وَوَجَد المحدثون به راحة عظيمة، وجاها ووجاهة. وهو الَّذِي كان السبب في مجيء حَنبلِ وابن طَبَرْزَد. وكانَ كثيرَ التَّحرّي فِي القراءةِ. [ص:130]
وسمع بمكة من أبي الفتوح ابن الحصريّ، وببغدادَ من عبدِ السلام الدَّاهريّ.
سُئَل عنه الحافظ الضياءُ، فقال: سَمِعَ وحَصَّل الكثير، وانتفعَ الخلقُ بإفادتِه، وطَلَب الحديثَ عَلَى وجههِ.
ووجدتُ بخطِّ السيف ابن المجد أَنَّهُ يُنبزُ بميل إلى التشيُّع.
قلتُ: روى عنه القاضي شمس الدين أبو نصر ابن الشّيرازيّ - وهو أكبرُ منه -، والقاضي مجدُ الدّين العديمي، وسنقر القضائي. وبالإجازةِ أَبُو نصر مُحَمَّد بْن محمدٍ المِزِّيُّ.
وتُوُفّي بحلبَ فِي الرابع والعشرينَ مِنَ المحرمِ، وحُمِلَ إلى الرَّقَّة، فَدُفِنَ بِهَا بقرب قَبْر عَمَّار بْن ياسر.(14/129)
223 - أَحْمَد بْن أَبِي الذَّر بْن معالي بْن أَبِي البَقَاءِ، أَبُو الْعَبَّاس القُطُفتِي المقرئ الضريرُ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وخمسين. وسمع من يحيى بن موهوب ابن السِّدَنك. وماتَ فِي جُمَادَى الأولى.
أجازَ لفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعِمِ، وجماعةٍ.(14/130)
224 - أَحْمَد بْن أَبِي الغنائم بْن صدقةَ بْن أَحْمَد بْن الخَضِرِ، أَبُو الفتحِ الْقُرَشِيّ الواسطيّ الزاهدُ، [المتوفى: 634 هـ]
نزيلُ الإسكندرية.
لَقِيَ جماعةً من المشايخ بالعراق. وقَدِمَ مصرَ وانتَفَعَ بِهِ طائفةٌ. وكانَ لَهُ القبولُ التامُّ من العالم.
تُوُفّي فِي شوَّال.(14/130)
225 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الله، أبو إسحاق ابن الجباب التّميميّ السَّعْديُّ الأغْلبيُّ الْمَصْريّ الزاهدُ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة فِي نصفِ رجب بمكة. وسَمِعَ [ص:131]
بالإسكندرية من السلفي. كتب عنه عمر ابن الحاجب، والزكيُّ المنذريُّ. ورَوَى لنا عَنْهُ بالإجازة أَبُو المعالي الْأبَرْقُوهيّ.
وتُوُفّي فِي خامس ذي القعدة.
وكان أبوه سُنِّيًا لَهُ مَعَ بني عُبيد مواقفُ وأمورٌ.(14/130)
226 - إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن تميم بْن الْحُسَيْن، أَبُو إِسْحَاق التّميميّ الصَّقَلِّي المَحَلِّيُّ المولدِ والمنشأ العدلُ [المتوفى: 634 هـ]
أمينُ الحكمِ بالمحلة.
ولد سنة خمسٍ وخمسين. وسمع من السلفي. روى عنه الزكي المنذري، وغيرُه من المصريين. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْد القوي بْن عَبْد الكريم المنذريُّ.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(14/131)
227 - إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن غانم، أَبُو مُحَمَّد العَلْثِيُّ الحَنبليُّ الزاهدُ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ ببغداد من عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، وغيرِه. وحدَّث بالعَلْث.
وكان صالحاً، زاهداً فقيهاً، عابدًا، قَوَّالًا بالحقِّ، أمَّارًا بالمعروفِ، لَا تأخُذُه فِي اللَّه لومةُ لائمٍ.
تُوُفّي بالعلْثِ فِي ربيع الأول.
ذكَره الحافظُ عَبْدُ العظيم، فقال: قيلَ: إنه لم يَكُنْ فِي زمانهِ أكثرُ إنْكارًا للمُنْكَرِ منه، وحُبِسَ عَلَى ذَلِكَ مدّةً.
وهو ابنُ عم المحدثِ الزاهدِ طلحةَ بْن مظفر العلثي، الذي مر في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.
والعلْثُ: من قُرى بغداد.
وقد سَمِعَ الشيخُ إِسْحَاق أيضًا من عَبْدِ الرزاقِ الجيليِّ، وابن الأخضر، وجماعةٍ. رَوَى عَنْهُ العمادُ إِسْمَاعِيل بْن علي ابن الطَّبَّال.
وقيلَ: إنه مات فِي صفر؛ ذكَره الفرضي. [ص:132]
ورأيتُ لَهُ رسالةً فِي ورقاتِ كَتَبها إلى ابن الْجَوْزيّ يُنْكِرُ عَلَيْهِ خوضَه فِي التأويل، ويُنكرُ عَلَيْهِ ما خاطبَ بِهِ الملائكة عَلَى طريقِ الوعظِ، فما أقصَرَ، وأبانَ عن فضيلةٍ وورعٍ، رحمه اللَّه.(14/131)
228 - أسعدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الخضر بْن هبة اللَّه بْن حُبَيْش، وجيهُ الدّين أَبُو التَّمام التّنوخيُّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 634 هـ]
رَوَى عن إِسْمَاعِيل الجنزويّ. رَوَى عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ، والمجد ابن الحُلْوانية. وأجاز للقاضي تقيِّ الدّين الحنبليّ، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وجماعة. وتُوُفّي فِي ثالثِ صفر.
وكان رئيسًا فاضلًا، وشاعرًا محسنًا.(14/132)
229 - إقبالُ بنُ أَبِي محمدٍ، أَبُو عَلِيّ الحَريميّ المشتري. [المتوفى: 634 هـ]
سمع من يحيى ابن السَّدَنْك. ومات فِي جُمَادَى الأولى.(14/132)
230 - أنْجَبُ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي الْحَسَن بْن صِيلا، أَبُو محمدٍ الحربيُّ الحَماميُّ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من قرابتِه أَبِي بَكْر عتيقِ بْن صِيلا في سنة اثنتين وستين وخمسمائة. روى عنه بالإجازة القاضيان شهاب الدين الخويي، وتقي الدين الحنبلي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وأبو نصر ابن الشيرازي.
وتوفي في رمضان.(14/132)
231 - بركاتُ بْن ظافر بْن عساكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، المحدِّثُ وجيُه الدّين أَبُو اليُمنِ الأَنْصَارِيّ الخَزْرَجيُّ الْمَصْريّ الصَّبَّانُ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ الكثير من أَبِي القاسم البُوصيريّ، وأَبِي عَبْد اللَّه الأرْتاحيّ، وأَحْمَد بْن طارق الكرْكيّ، وفاطمة بنتِ سعدِ الخير، وأَبِي نزارٍ ربيعةَ اليَمَني، وابنِ المُفَضَّل، وخلقٍ كثير. حَتَّى إنه سَمِعَ مِمَّن هُوَ أصغرُ منه. وكتبَ الكثيرَ. وحدَّث. وعني بفنِّ الرواية. ولم يزل يَسْمَعُ إلى أن مات. [ص:133]
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وبالإجازة غيرُ واحد.
وله نظمٌ ونثر، ومعرفةٌ بالطبِّ والهندسةِ.
وُلِد سنة ستين. وتُوُفّي فِي أوّلِ ربيع الآخر.
وذكرَهُ ابْن مسدي فِي " معجمه "، فقالَ: كَانَ يستفيدُ ولا يفيدُ، ويَستعيرُ ولا يُعيدُ. وكان ينظُمُ ويَهْجُو ويَسْتَميحُ مَنْ يرجو. سَمِعَ مني وسمعت منه. مات، فرأيته غير مرَّة، ويَقُولُ: لقيت شدةً وما نُظِرَ لي فِي شيءٍ. ثمّ رَأَيْته وقد حسن زِيُّهُ وقال: رَحِمَني رَبيَّ بصلاتي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.(14/132)
232 - بَركةُ بْن أَبِي بَكْر بْن عُمَر بْن ربيع، أَبُو محمدٍ البغداديّ العَلَّافُ. [المتوفى: 634 هـ]
حدَّث عن أَبِي الْحُسَيْن عَبْدِ الحقّ. وماتَ فِي ربيع الأول عن نيفٍ وسبعين سنة.
روى عنه ابن النجار.(14/133)
233 - ثامرُ بْن أَبِي الفتح مسعودِ بْن مُطْلَقِ بْن نصر اللَّه بْن مُحْرِز، أَبُو المظفَّر الرَّبعيُّ الفَرَسيُّ الأزجي الطَّحَّانُ البَوَّابُ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من أبي الفتح ابن البَطِّي.
وكانَ اسمُه قديمًا يحيى، ثمّ اشتُهر بثامر.
رَوَى عَنْهُ أَبُو القاسم عَلِيّ بْن بلبان " جزء البانياسي".
وأجاز للفخر ابن عساكر، وسعدِ الدّين بْن سَعْد، وأَحْمَد بْن أَبِي طَالِب الشحنة، وعيسى المُطْعِمِ، وأَبِي نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي.
وتوفي في أواخر المحرم.(14/133)
234 - حُسَينُ بْن مسعودِ بنِ بركة، أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ البَيِّعُ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من مُسلْمِ بْن ثابت النخاسِ، وأَبِي الخيرِ القَزْوينيِّ، وأجاز [ص:134]
للقاضي شهاب الدين ابن الخويي، وللكمال أحمد ابن العَطَّارِ، وفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان.
وتُوُفّي فِي رابع عشر رمضانَ.
وقد تَفَرَّدَ بإجازتِه أَبُو نصر ابن الشّيرازيّ.(14/133)
235 - حَمْدُ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بركةَ بْن أَحْمَد بْن صديق بْن صروف، الفقيهُ مَوَفَّقُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الحرّانيّ الحنبليُّ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنة ثلاثٍ أو أربع وخمسين. رَحَلَ إلى بغداد، وتفقّهَ عَلَى ناصح الإِسلْام أبي الفتح ابن المني، وأبي الفرج ابن الْجَوْزيّ. وسَمِعَ من عَبْد الحق اليُوسُفيّ، وأَبِي هاشم عيسى الدوشابيّ، وتَجَنيِّ الوَهْبانيةِ، وأَبِي الفتح بْن شاتيل، وعبد المُغيث بْن زهيرٍ، وغيرهم. وسَمِعَ بِحَرانَ من أَحْمَد بْن أَبِي الوفاء الصائغِ، وعبد الوهاب بْن أَبِي حبة.
وأعاد بمدرسةِ حَرَّانَ مدّةً؛ وحدَّث بها، وبدمشق. وكان ثقةً، فقيهًا، صحيحَ السماعِ.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذري، والشرف ابن النابلسي، والمجد ابن الحلوانية، والشهاب الأبرقوهي، والبدر أبو علي ابن الخَلَّال، ومُحَمَّد بْن أَبِي الذّكر، وآخرون.
تُوُفّي ابْن صُديْق فِي سادس عشر صفر بدمشق، ودُفن بسَفْح قاسُيون.(14/134)
236 - حمزةُ - ويُسمى عَبْد الرَّحْمَن - بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَد بْن حمزةَ بْن عَلِيّ بْن الحسنِ بْن الْحُسَيْن، أَبُو طاهرٍ ابْن الموازيني السُّلَميّ الدّمشقيّ العطار. [المتوفى: 634 هـ]
حدث عن جدِّه، وأَبِي سعد بْن أَبِي عَصُرون، ويحيى الثقفيّ. رَوَى عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ، والمجدُ ابن الحُلْوانية، وجماعةٌ. ولم ألْقَ أحدًا من أصحابِه.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.
وقد أجاز للفخرِ ابن عساكر، والشرفِ المُخَرِّميّ، وجماعةٍ.(14/134)
237 - حيدرِ بْن مُحَمَّد بْن زيد بْن مُحَمَّد، السيد أَبُو الفتوح الحُسيني [المتوفى: 634 هـ]
نقيب الأشراف بالموصل.
كَانَ صدرًا جليلًا، محتشمًا. لَهُ مُصَنف فِي " صفات سيد البشر "، وله شعر متوسط.(14/135)
238 - خديجة بِنْت أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد الحميد الحراني، أم مُحَمَّد. [المتوفى: 634 هـ]
امرأةٌ صالحةٌ مسنة.
سمعتُ من أبيها " جزء الحفار".
كتب عَنْهَا جماعةٌ. وأجازت للفخر ابن عساكر، وللقاضي شهاب الدّين الخويي، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعِمِ، وأَبِي بَكْر بْن عبد الدائم. وأحمد ابن الشحنة، وجماعةٍ.
وتوفيت فِي سادس عشر ذي الحجّة.
قَالَ ابْن النجار: جاوزت الثمانين.(14/135)
239 - الخليلُ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن خليل بْن إِبْرَاهِيم بْن خليل بْن وشاح، أَبُو طاهرٍ الْجَوْسَقي الصَّرْصَريّ [المتوفى: 634 هـ]
الخطيبُ بها.
وُلِد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القراءات على جماعة. وسمع من والده الشيخ أبي العباس، وأبي الفتح ابن البطي، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد السُّلَميّ، وشُهْدَةَ، وصَدَقةً بْن الْحُسَيْن الناسخِ، والأسعدِ بْن يَلْدَرك.
وخطَبَ بجامع صَرْصَر الدَّير بعد والدِه. وكان صالحًا، عالمًا، خيرًا.
رَوَى عَنْهُ أَبُو الفرج أيوب بن محمود ابن البَعْلَبَكّيّ، وأَبُو القاسم عَلِيّ بْن بَلَبان، ومُحَمَّد بْن مؤمن، والجمالُ أَبُو بَكْر الشريشيّ، ومُحَمَّد بْن مكيّ بْن حامد الأصبهانيّ ثمّ الدمشقيّ، وأحمد بن محمد الطيبي التاجر، ومحفوظ ابن الحامض. [ص:136]
وأجازَ للقاضيين ابْن الخويي والحنبليِّ، وسعد الدّين ابن سعد، وأبي بكر بن عبد الدائم، وأبي نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعةٍ.
وتوفي فِي العشرين من ربيعٍ الأوَّل.(14/135)
240 - خليلُ بْن إِبْرَاهِيم بْن خليل، أَبُو الصفاء العقيسيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 634 هـ]
شيخٌ مُعَمَّر. سَمِعَ فِي كبره من أَحْمَد بْن وهْب بْن الزَّنْف، وإلياس بْن أَحْمَد المقرئ. روى عنه الزكي البرزالي، والمجد ابن الحُلْوانية، وغيرهما. وتُوُفّي فِي صفر. وكانَ يُقرئ بالجامع.(14/136)
241 - رضوانُ بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن خَمِيس، أَبُو الْجِنان الدَّيباجيُّ الدمشقيُّ الكاغديُّ الحَلَاويُّ الشاعرُ. [المتوفى: 634 هـ]
قدم مصر بعد الستمائة، ومدحَ جماعةً، وله شعرٌ جيدٌ، رَوَى عَنْهُ منه زكيُّ الدّين عبدٌ العظيم. وماتَ فِي نصف ربيع الأول.(14/136)
242 - سُرخابُ بْن زُرَيْر بْن سُرْخاب بْن أَبِي الفوارس، الشريفُ أَبُو المناقب الحسينيُّ، الدِّينَوَرِيّ الصُّوفيُّ الحنبلي، [المتوفى: 634 هـ]
نزيلُ دمشق.
حدَّث عن النَّسّابَة أَبِي علي بن مُحَمَّد بْن أسعدَ الْجَوانيّ، والخُشُوعيّ. رَوَى عَنْهُ المجد ابن الحُلْوانية، وغيرهُ. وبالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المخرميُّ، وجماعةٌ.
تُوُفّي فِي السادس والعشرين من المحرَّم بدمشق.(14/136)
243 - سعيدُ بْن مُحَمَّد بْن ياسين بْن عَبْد الملك بْن مفرج، أَبُو منصور بْن أَبِي نصر البغداديّ البزازُ السفَّارُ. [المتوفى: 634 هـ]
فذكرَ أَبُو طَالِب بْن أنجب فِي " تاريخة ": أنَّه حجَّ تسعًا وأربعين حَجَّةً.
قلتُ: كَانَ يَحُجُّ تاجرًا.
سَمِعَ من أبي الفتح ابن البَطِّي، وجعفرٍ وتركناز ابني عَبْد اللَّه بْن محمد [ص:137]
الدَّامَغانيِّ. روى عَنْهُ عزُّ الدّين أحمدُ الفاروثيّ، وأَبُو القاسم بْن بَلَبان، وغيرهما. وبالإجازَة القاضيان ابْنُ الخُوَيّيّ، وتقيُّ الدّين سُلَيْمَان، والفخرُ إِسْمَاعِيل ابن عساكر، وأَبُو نصرٍ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المِزِّي، والقاسم ابن عساكر.
تُوُفّي فِي خامس صفر.
قَالَ ابْنُ النّجّار: أُسقطت شهادتُه لِسوءِ طريقتهِ وظُلمِه.(14/136)
244 - سعيدُ بْن مُحَمَّد بْن سعَيِد الظَّهِيريُّ. [المتوفى: 634 هـ]
رَوَى عن أَبِي منصور بْن عَبْد السّلام، وابن كُلَيب.
وكانَ شيخاً مهيباً، جليلاً.
أجاز لأبي نصر ابن الشّيرازيّ، وسعدٍ، والمطعم، وغيرهم.(14/137)
245 - سُلَيْمَان بْن مَسْعُود الطُّوسيّ ثمّ الحَلَبيُّ الشاعرُ. [المتوفى: 634 هـ]
تُوُفّي بحلبَ فِي صفر.
ومن شِعرِه:
وذي هيفٍ فيهِ يَقُومُ لَعَاذِلي ... بِعُذْري إذا ما لامَ لامُ عذارِهِ
فلا بدر إلاّ ما بدا مِنْ جُيُوبِه ... ولا غُصْنَ إلا ما انثنى فِي إزارِهِ(14/137)
246 - سُلَيْمَان بْن مُوسَى بْن سالم بْن حَسَّان الحِميريُّ الكَلاعيّ الأندلسيّ البَلَنسيّ، هُوَ الحافظ الكبير، أبو الربيع ابن سالم. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد فِي رمضان سنةَ خمسٍ وستين وخمسمائة. وكانَ بقيةَ أعلام الحديثِ بِبَلَنْسيةَ.
ذكرَه أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّارُ، فَقَالَ: سَمِعَ ببلده أَبَا العطاء بْن نَذير، وأبا الحَجّاج بْن أيّوب. ورَحَلَ، فسَمعَ أَبَا القاسم بْن حُبَيْش، وأبا بكر ابن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا عبد الله ابن الفَخَّار، وأبا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وأبا محمد بن بونه، وأبا الوليد بن رشد، وأبا محمد ابن الفرس، وأبا عبد الله بن [ص:138]
عروس، وأبا محمد بْن جمُهور، ونَجبةَ بْن يحيى، وخَلْقًا سواهم. وأجازَ لَهُ أَبُو الْعَبَّاس بْن مَضاء، وأَبُو مُحَمَّد عَبْد الحق صاحبُ " الأحكام " وآخرون. وعُنيّ أتَمَّ عنايةٍ بالتقييدِ والرواية. وكانَ إمامًا فِي صناعةِ الحديثِ، بصيرًا بِهِ، حافِظًا، حافِلًا، عارفًا بالجرح والتعديل، ذاكرًا للمواليدِ والوَفَياتِ، يتقدمُ أهلَ زمانِه فِي ذَلِكَ، وفي حفظ أسماءِ الرجال، خصوصًا مَن تأخرَ زمانُه وعاصَرَه. وكَتَب الكثيرَ، وكان الخطُّ الّذِي يكتبُه لا نظيرَ لَهُ فِي الإتقانِ والضبط، مَعَ الاستبحار فِي الأدَب والاشتهارِ بالبلاغَة، فَرْدًا فِي إنشاءِ الرسائل، مُجِيدًا فِي النَّظْمِ، خطيبًا، فصيحًا، مُفَوَّهًا، مُدْرِكًا، حَسَنَ السَردِ والمساقِ لمّا يقولهُ، مَعَ الشارةِ الأنيقةِ والزِّيِّ الحَسَنِ. وهو كَانَ المُتكلَّمَ عن الملوك فِي مجالِسهم والمُبَيِّنَ عنْهُم لمّا يُريدونهَ عَلَى المنبرِ فِي المحافِلِ. وَليَ خطابةَ بَلَنْسِيةَ فِي أوقاتٍ. وله تصانيفُ مفيدةٌ فِي عِدَّة فنون، ألَّف كتابَ " الاكتفاء فِي مغازي رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ والثلاثةِ الخلفاء "، وهو فِي أربعَة مجلداتٍ، وله كتابٌ حافلٌ فِي معرفَة الصحابة والتابعين لم يُكملْهُ، وكتابُ " مصباح الظُّلَم " يُشْبِهُ " الشهاب "، وكتابٌ فِي " أخبارِ الْإمَام أَبِي عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ وسيرتِه "، وكتابُ " الأربعين "، وتصانيفُ سوى ذَلِكَ كثيرةٌ فِي الحديث والأدب والخُطَب. وإليه كانتِ الرحلةُ فِي عصرِه للأخذِ عَنْهُ. أخذتُ عَنْهُ كثيرًا، وانتفعتُ بِهِ فِي الحديث كُلَّ الانتفاعِ، وحَضَّني عَلَى هذا التاريخ - يعني: تكملة الصلة -.
قَالَ: وأَمدَّني من تقييداتِه وطُرَفِه بما شَحنتُه بِهِ. واستُشهد بكائنة أنيشة عَلَى ثلاثَة فراسخَ من بَلَنسية، مُقبلًا غيرَ مدبرٍ، فِي العشرين من ذي الحجّة سنةَ أربعٍ وثلاثينَ. وكان أبدًا يُحدِّثنا أنّ السبعينَ منتهى عمرِه لرؤيا رآها. وهو أخر الحفاظِ والبُلغاءِ المُترسلين بالأندلس.
قلت: وقد روى أبو العباس ابن الغمازِ قاضي تونس عدة دواوين.
قَالَ ابْن الغمازِ: انشدنا أَبُو الربيع لنفسه: [ص:139]
قَبَائحُ آثارٍ شَغَلْنَ ظُنُوني
. . .
وخَوَّفْنَ أفكَاري لِقَاءَ مَنُونِ ... وكيفَ اعتِذاري عن ذُنوبي وقُبحِها
. . .
ويأبي لي العذر الجميل حقيني
عَلَى أنَّ لي من حُسْنِ ظَنِّي بخالقي
. . .
معَاذًا بحصنٍ فِي المَعَادِ حَصينِ ... فإنْ أوبَقَتْني سلفاتٌ تَقَدَّمتْ
. . .
فَحُسنُ يَقيني بالإله يَقيني
قَالَ ابن مسدي: لم ألْقَ مثلَه جلالةً، ونُبْلًا، ورِياسةً وفَضْلًا. وكانَ إمامًا مُبَرِّزًا فِي فنونٍ من منقولٍ ومعقولٍ، ومنثورٍ وموزونٍ، جامعًا للفضائل. وبَرَع فِي علوم القرآنِ والتجويد والأدب، فكان ابن بجدته وأبا نجدته، وهو ختامُ الحفّاظِ، نُدِبَ لديوانِ الأنشاءِ فاستعفى. أخذَ القراءاتِ عن أصحاب ابن هذيل. رَحَلَ واختصَّ بأبي القاسم بْن حُبَيْش بمُرْسِيَةَ. أكْثَرْتُ عنه، رحمه الله.
وقال أبو العباس ابن الغماز: وله كتابُ " الأربعين " عن أربعينَ شيخًا، وكِتَابُ " الموافقات العوالي "، و " جزء المسلسلات ".
وقال أَبُو مُحَمَّد المُنذريُّ: فِي العشرين من ذي الحجةِ تُوُفّي الحافظ أَبُو الرَّبَيع الكلاعي الخطيبُ الكاتبُ شهيدًا بيدِ العَدُوِّ - خَذَلَهُ اللَّه - بظاهرِ بَلَنْسيةَ. ومولده بظاهر مُرْسيَة فِي مُستهلِّ رمضانَ سنةَ خمسٍ وستين. سَمِعَ بَبَلنسية من مُحَمَّد بْن جعْفَر النَّحْويّ، وأَبِي الحَجّاج يوسفَ بْن عَبْد اللَّه، وأَبِي بَكْر أَحْمَد بْن أَبِي المُطَرَّف، وبمُرسيةَ من أَبِي القاسم عَبْد الرحمن بن حبيش، بإشبيلية وشاطبَةَ وغَرْناطةَ وسَبْتَه ومالَقَةَ ودانيةَ. وجَمَعَ مجاميعَ مفيدة تدل على غزارة علمه وكثيرة حفظه ومعرفته بهذا الشأنِ. وكتب إلينا بالإجازة من بلنسية سنة أربع عشرة وستمائة.(14/137)
247 - الضّحّاكُ بْن أَبِي بَكْر بْن أَبِي الفَرَج، أَبُو الفَرَج القطيعيُّ النّجّار، المعروف بابن الأطروش. [المتوفى: 634 هـ]
ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة ظنا. وسمع من أَبِي المكارمِ المبارك الباذرائي. وتُوُفّي فِي تاسع شَعْبان.
وكانَ صالحًا، خيرًا. سَمِعَ منه الكمال ابن الدخميسي، والسيف ابن المَجْد.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ بالإجازة: أَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ، وفاطمةُ بنتُ سُلَيْمَان، [ص:140]
والقاضي تقي الدين الحنبلي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، ومحمد بن محمد ابن الشيرازي، والمطعم، وسعدٌ، وابن الشحنة.(14/139)
248 - عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحُسَيْن، الواعظُ أبو طالبٍ ابن الفخر، غلام ابن المَنيِّ. [المتوفى: 634 هـ]
تَنَقَّلَ فِي البلاد، ووَعَظَ بالقاهرة مدّةً. وما أقام ببلدةٍ مدّةً إلا أُزْعِجَ منها لسوءِ سِيرتِه. سَمِعَ من ابْن كُلَيب " جزءَ ابن عَرَفَة ".
مات فِي شَعْبان كَهْلًا.(14/140)
249 - عَبْد اللَّه ابن القاضي أَبِي الطاهر إِسْمَاعِيل بْن رمضان بْن عَبْد السميع، القاضي الرئيسُ أَبُو الفضل الإسكندرانيُّ المالكيُّ، [المتوفى: 634 هـ]
ناظرُ الإسكندرية.
سَمِعَ من السِّلَفِيّ. وحَضَرَ أَبَا مُحَمَّد العُثمانيُّ، وأخاه أَبَا الطاهر إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن العثمانيّ. ووَلِيَ النَّظَر مدّةً وغير ذَلِكَ مِنَ الخِدَم.
رَوَى عنه الزكي المنذري، وسأله عن مولده فقال: فِي شَعْبان سنة ستٍ وستين. وتُوُفّي فِي الرابع عشر من جُمَادَى الآخرة. قَالَ: وكانَ مُحبًّا لأهلِ الصلاحِ والخيرِ ساعيًا فِي حوائجهم، مُؤْثِرًا للاجتماع بهم والانقطاع إِلَيْهِم.
قلتُ: أجاز لأبي الفضل محمد بن محمد ابن الشيرازي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان.(14/140)
250 - عَبْد اللَّه بْن صالح بْن عِيسَى بْن عَبْد الملك، الفقيهُ أَبُو مُحَمَّد الْمَصْريّ المالكيُّ. [المتوفى: 634 هـ]
تفقةَ عَلَى أَبِي مُحَمَّد بْن اللَّهيب، وأَبِي المنصور ظافرِ الأزديّ، وأَبِي البركاتِ هبة اللَّه بْن ثعلب. ودَخَلَ الإسكندريةَ ورأى الإمامَ أَبَا طاهر السِّلَفِيّ، وحَكَى عَنْهُ، وعن أَبِي الطاهر بْن عوف.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وقال: كَانَ عَلي طريقةِ أهلِ العلم والصلاح، مُقْبلًا عَلَى ما يعنيه، مَضَى عَلَى سدادٍ وأمرٍ جميلٍ. وُلِد سنة سبع [ص:141]
وأربعين وخمسمائة. وتُوُفّي بالفِرْعَونية من أعمال الغربية فِي العشرين من جُمَادَى الأولى.(14/140)
251 - عَبْد اللَّه بْن معالي بن أبي بكر، أبو بكر الديباتي الخياطُ. [المتوفى: 634 هـ]
تُوُفّي بِبَعْقُوبا فِي جُمَادَى الآخرةِ.
سَمِعَ من شُهْدَةَ، وعبد الحق.
لا أعرفُه.(14/141)
252 - عَبْدُ الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم بْن محفوظ، أَبُو عَلِيّ البغداديّ القطانُ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من عَبْد الحق. وتُوُفّي فِي أول رجب.
ولا أعرفُه أيضًا، فإن كانَ ابن البَزَّازة فقد أجازَ لأبي نصر ابن الشّيرازيّ.(14/141)
253 - عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان بْن أَحْمَد، القاضي أَبُو مُحَمَّد الكِنانيّ التَّكريتيُّ، [المتوفى: 634 هـ]
قاضي الكَرَكِ.
سَمِعَ بالمَوْصِل من أَبِي ياسرٍ عَبْد الوهَّاب بْن أَبِي حَبَّة، وبدمشقَ من إِسْمَاعِيل الْجَنْزَويِّ، وجماعة. وسَمِعَ الكثيرَ. وكَتَبَ بخطَّه مَعَ الدّين والفضل. ونابَ فِي القضاءِ بدمشق. رَوَى عَنْهُ المجد ابن الحُلْوانية، وغيرُه.
وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(14/141)
254 - عَبْد الرَّحْمَن ابنُ العلّامة أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ ابن مِهْران، الفقيهُ صدرُ الدّين أَبُو القاسم القَرْمِيسِينيُّ ثمّ الإسكندرانيُّ الشّافعيّ العَدْلُ الحاكمُ. [المتوفى: 634 هـ]
لَهُ أدبٌ وشعرٌ جيدٌ، وفضائلُ. ووَلِيَ الحكمَ بالغربيَّة مدّةً. وخَدَمَ فِي الديوانِ، ودرَّسَ بمصر بزاويةِ المجدِ البَهْنَسي مدّةً.
كتب عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وقال: كَانَ عالي الهمَّة، حادَّ القريحة. [ص:142]
تُوُفّي فِي صفرٍ.(14/141)
255 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محمود بْن أَبِي منصور، الشيخُ الصالحُ أَبُو منصورٍ الدمشقيُّ الحنفيُّ النّصوليّ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من القاضي أَبِي سعد عَبْد اللَّه بْن أَبِي عَصْرون، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، وببغدادَ من ذاكرِ بْن كامل، وابنِ بَوْش، وابن كُلَيب، وبمصرَ من أَبِي القاسم البوصيري، وغيرهم.
روى عنه المجد ابن الحلوانية، والمؤيد علي ابن خطيب عَقْرَباء، وجماعةٌ. وأجازَ لغير واحد.
وتُوُفّي فِي ثامن ربيع الآخر.(14/142)
256 - عَبْد الرَّحْمَن بْن نجمِ ابْن شرف الْإِسْلَام أَبِي البركات عَبْد الوهَّاب ابْن الشيخُ الْإمَام أَبِي الفَرَج عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، الْإمَام ناصحُ الدين أبو الفرج ابن الحنبليِّ، الأَنْصَارِيّ السَّعْديّ العبادي الشيرازي الأصلِ الدّمشقيّ الحنبليُّ الواعظُ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد فِي شوَّال سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. واشتغَلَ بالوعظِ وبَرَّز فِيهِ. ورَحَلَ وسَمِعَ من شُهْدَةَ، وأَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحق، ومُسلْمِ بْن ثابت، وأَبِي شاكرٍ يحيى السَّقْلاطونيِّ، وتَجَنِّي الوَهبانيةِ، ونعمة بنت القاضي أبي خازم محمد ابن الفراء، وجماعةٍ ببغداد. والحافظ أَبِي مُوسَى المدينيِّ، وأَحْمَد بْن أَبِي منصور التُّرك بأصبهان. وبهَمَذان من عبدِ الغنيِّ بْن أَبِي العلاءِ.
وحدَّث. ووَعَظَ بمصرَ ودمشقَ. وكان لهُ قبولٌ زائد.
وصنَّف، ودرَّسَ، وأَفتى، وله خطبٌ ومقاماتٌ وكتابُ " تاريخ الوعّاظ " وأشياءُ فِي الوعظ.
وكانَ حُلْوَ الكلام، جَيِّدَ الإيراد، شَهْمًا، مَهيبًا، صَارِمًا. وكان رئيسَ المذهبِ فِي زمانه بالشام. وهو من بيت العلم والجلالة والسُّؤْدُدَ.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيثيُّ، والضياء، والبرزالي، والزكي المنذري، والجمال ابن الصابوني، والشمس ابن الكمال، والشمس ابن خازم، والعز ابن العماد، [ص:143]
والتقيُّ بْن مؤمن، ونصرُ اللَّه بْن عَيَّاش، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن بطِّيخ، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الرُّقوقيُّ، وعَبدُ الحميد بْن خوْلان، وعليُّ بْن بقاءٍ المُقرئ، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي، والشهاب مُحَمَّد بْن مُشَرَّف، وطائفةٌ سواهم. وقد تَفَرَّدَ بالروايةِ عَنْهُ حضورًا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الدّائم. وروى عَنْهُ بالإجازةِ القاضيانِ ابْن الخُوَيِّي، وتقي الدين ابن أَبِي عُمَر.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بِقِرَاءَتِي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ، قال: أخبرنا أبو موسى الحافظ، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا إسحاق بن حمزة، قال: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ (ح). قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا الحسين بن محمد بن رزين الخياط، قال: حدثنا الباغندي؛ قالا: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا صدقة بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن جابر، قال: حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن غنم الأشعري، قال: أَخْبَرَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ - وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أقوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أقوامٌ إِلَى جَنْبِ علمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بسارحةٍ فَيَأْتِيهِمْ رجلٌ لحاجةٍ، فَيَقُولُونَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا. فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَضَعُ الْعَلَمَ عَلَيْهِمْ، وَيَمْسَخُ آخَرُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ هِشَامٍ، وَرَوَاهُ الدُّبَيْثِيُّ فِي " تَارِيخِهِ " عَنِ النَّاصِحِ.
تُوُفّي فِي ثالثِ المحرَّم بدمشق، ودُفِنَ بسَفح قاسِيُون بتربَتِهم.(14/142)
257 - عَبْد الرَّحْمَن ابْن الشَّيْخ أَبِي البقاء العُكْبَريّ، أَبُو محمدٍ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ أكثر مصنّفاتِ والدِه أَبِي البقاء عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن، وسَمِعَ من ابن كُلَيب، وتُوُفّي كَهْلًا.(14/143)
258 - عبدُ السلامِ بْن جعْفَر، أَبُو الغنائمِ التَّكريتيُّ العَدْلُ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ ابن شاتيل.(14/143)
259 - عبد العزيز بن عبد الملك بن عثمان المَقْدسيُّ، الحَنبليُّ الفقيهُ العزَّ. [المتوفى: 634 هـ]
من كبارِ العُلماء، تفقَّه عَلَى الشيخِ الموفق، ورَحَلَ إلى أصبهان، وسَمِعَ من أَبِي الفخر أسعدَ بْن سعَيِد، وغيره.
روى عنه المجد ابن الحُلْوانية، والشيخ شمسُ الدّين بْن أَبِي عُمَر. وأجازَ للشيخِ عَلِيّ بْن هارون، وللشهابِ مُحَمَّد بن مشرف، وللشرف إبراهيم ابن المخرمي، وغيرهم.
قرأتُ بخطِّ الضياء: وفي يوم الاثنينِ حادي عشر ذي القَعْدَةِ تُوُفّي الفقيهُ الإمامُ العالمُ أَبُو مُحَمَّد عبدُ العزيز بْن عَبْد الملك رحمة اللَّه عَلَيْهِ ورضوانه. وكانَ إمامًا عالمًا فطناً ذكياً. وفقد ألقَى الدَّرْس مدّةً بمدرسةِ شيِخنا أَبِي عُمَر. وكان ديناً خيراً. دفن فِي تُربة خال أُمِّه الشَّيْخ موفّق الدّين.(14/144)
260 - عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حمزة بْن فارس، أبو البركات ابن القُبَّيْطيِّ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ مَعَ أخيه عبدِ اللطيف من شُهْدَةَ، وأَبِي نصرٍ عَبْد الرحيم اليُوسُفيِّ، وابن شاتيل، ومُحَمَّد بْن نَسيم.
وكانَ من أعيان قُرَّاءِ بغدادَ، جيِّدَ الأداء، طيِّبَ الصوتِ. قرأ القراءاتِ عَلَى عمِّه أَبِي يَعْلَى حَمزة. وأمَّ بمسجدهم عَلَى باب البَدْرِيّة. وكان فقيهًا، ديِّنًا، شافعيًا، حَسَنَ السَّمْتِ.
وُلِد سنةَ ثلاثٍ وستين. وتُوُفّي فِي رابع عشر ربيع الأول.
رَوَى عَنْهُ أَبُو القاسم بْن بَلَبان. وأجازَ للبهاء ابن عساكر.
قَالَ ابْن النّجّار: قرأتُ عَلَيْهِ كتابَ " التّذكار " لابن شيطا بسماعِه من أَبِي نصرٍ عَبْد الرحيم بْن يوسُفَ، عن البَاقَرْحيِّ، عَنْهُ. وكان صَدوقًا.(14/144)
261 - عبدُ العزيز بْن نصر بْن هِبَه اللَّه بْن سلامة بْن معالي، أَبُو مُحَمَّد الحرّانيّ الحنبليُّ الصّفّار العَدْلُ، المعروفُ بابنِ أبي الربع. [المتوفى: 634 هـ][ص:145]
سَمِعَ من أَبِي الفتح أَحْمَد بْن أَبِي الوفاء. وأجازَ لَهُ أَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وتَجَنِّي الوَهْبانيةِ، وجماعةٍ. رَوَى عنه الحافظ عبد العظيم، وعمر ابن الحاجب، وغيرهما. وقد سَمِعَ بدمشقَ من الشَّيْخ المُوَفَّقِ.(14/144)
262 - عبدُ القادرِ بْن عَبْد القاهر بْن أَبِي الفَرَج عَبْد المنعم بْن أَبِي الفَهْم، الفقيهُ الإمامُ ناصحُ الدّين أَبُو الفَرَج الحرّانيّ الحنبليُّ. [المتوفى: 634 هـ]
تفقَّه بحَرَّان وسَمِعَ بها من ابن طَبَرْزَد، وببغدادَ من يحيى بْن بَوْش، وابن كُلَيْب، وبدمشقَ من ابنِ صَدَقَة الحرّانيّ، ويحيى الثَّقفيّ، وعبدِ الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الخِرَقيّ.
وأقرأ، وحدث، وأفاد، ودرس، وأفتى.
كتب عنه عمر ابن الحاجب، وقال: عُرِضَ عَلَيْهِ قضاءُ حَرَّانَ، فامتنعَ، وكان مفتيًا، صالحًا، لم يَكُنْ ببلده مثلُه.
ولد سنة ثلاثٍ وستين وخمسمائة.
وروى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، والنجمُ أَحْمَد بْن حمدان الفقيهُ. وبالإجازَة أَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ، وغيرُه. وأظُنُّ أن ابْن حمدان تفقهَ عَلَيْهِ.
تُوُفّي فِي حادي عشر ربيع الأوّل بحَرَّان.
رأيتُ شيخنا ابْن تيميةُ يُبالغُ فِي تعظيمِ شأنِه ومعرفتِه بالمذهب.(14/145)
263 - عبدُ القادر بْن عَبْد اللَّه ابْن الفقيه القدوة الشَّيْخ عَبْد القادر الْجِيليُّ، أَبُو مُحَمَّد. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقَ. وحدَّثَ. وماتَ بسَوادِ بغدادَ فِي ربيع الآخر.(14/145)
264 - عبدُ القادر بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الْحَسَن، الإمامُ شرفُ الدّين أَبُو محمدٍ ابن البغداديِّ الْمَصْريّ الشّافعيّ. [المتوفى: 634 هـ]
رَحَلَ من الشام فِي الصِّبى وسَكَنَ القاهرةَ، وتفقَّهَ بها عَلَى الشهاب مُحَمَّد بْن محمود الطُّوسيّ. ودرَّسَ بجامع السَّرَّاجين، ثمّ بالمدرسَة القُطبية إلى حين [ص:146]
وفاتِه. وكانَ قد تفقَّه بدمشقَ عَلَى القطبِ مَسْعُود بْن مُحَمَّد النَّيْسابوريّ، وسَمِعَ من الحافظ ابن عساكر بعضَ مجالِسه.
وولد فِي سنة ثلاثٍ وخمسين.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريّ، وقال: كَانَ فقيهاً حسناً، من أهل الدين والعفاف، طارحاً للتكلّف مُقبِلًا عَلَى ما يعينه. تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من شعبانَ.
قلتُ: رَوَى لنا عنه أَحْمَد بْن عَبْد الكريم الواسطيّ.
وأجازَ للقاضي شهاب الدين ابن الخُوَيّي، ولأحمد بْن أَبِي الغنائم بْن عَلَّان، وجماعةٍ.
وقال ابنُ مُسْدي: وُلِد بدمشق، وكان رأسًا فِي الفتوى، مُشارًا إِلَيْهِ بالبِرِّ والتَّقْوى. سكن القاهرة.(14/145)
265 - عبد اللطيف ابن الأديب البارع أَبِي الفتح مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه ابْن التعَّاويذيِّ، أَبُو القاسم البغداديّ الحاجبُ. [المتوفى: 634 هـ]
ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من شُهْدَةَ الكاتبة، وأَبِي الْحُسَيْن عبد الحق. وسَمِعَ من والده ديوانَه.
رَوَى عَنْهُ السيف ابن المجد، وعبدُ اللطيفِ بْن بُورَنداز، وجمالُ الدّين أَبُو بَكْر الشَّريشيُّ، وأَبُو القاسم عَلِيّ بْن بلبان، وأبو عبد الله محمد ابن المجير الكتبي، وغيرهم. وبالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، وأَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الشّيرازيّ، وفاطمةُ بنتُ سُلَيْمَان، ويحيى بْن مُحَمَّد بْن سعد، وعيسى المُطْعِمِ، وآخرون.
تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من صفر.(14/146)
266 - عبدُ المنعم بْن جماعة بْن ناصر، صائنُ الدّين أَبُو مُحَمَّد الحَمْزيُّ الشَّارعيُّ. [المتوفى: 634 هـ]
شيخٌ صالحٌ، خيرٌ. صَحِبَ المشايخَ، وسَمِعَ من فاطمةَ بنتِ سَعْد الخير وزوِجها ابنِ نجا الواعظ. [ص:147]
حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ. وتُوُفّي فِي تاسع جُمَادَى الأولى.(14/146)
267 - عبدُ الواحد بْن نِزار بْن عَبْد الواحد البغداديّ، أَبُو نِزار التُّسْتَرِيّ ابْن الْجَمَّال الرجُل الصّالح. [المتوفى: 634 هـ]
شيخٌ دَيِّن، مُعَمَّر. كانَ يمكنُه السماعُ من ابن الطَّلاية، والأرمويّ؛ لأنه وُلِد فِي رمضان سنة ثمانٍ وثلاثين. وسمع من عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عُمَر البزاز، وعمر الحربي، سمع منها مَجلسًا من " أمالي طِرَاد"، تَفَرَّد فِي الدُّنيا بِهِ، وبإجازة المبارك بْن أَحْمَد الكِنديّ.
كتبَ عنه عمر ابن الحاجب، والقُدَماءُ. وحدَّث عَنْهُ أَبُو القاسم بْن بَلَبان، وأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَكريُّ الأصولي. وبالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، والقاضيان ابن الخويي وتقي الدين سليمان، وسعد الدين ابن سعد، وعيسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المُطْعِمِ، وأَحْمَد بْن أَبِي طَالِب الحَجَّارُ، وجماعةٌ.
وقال ابن النّجّار: سمعنا منه قديمًا. وهو شيخٌ متيقظٌ لا بأسَ بِهِ. تُوُفّي فِي عاشر شَعْبان.
وأخوه بركة سمع من هبة الله ابن الطبر، وقد مر سنة ستمائة.(14/147)
268 - عُبَيْد اللَّه بْن بَيْرَم بْن يوسُفَ بْن خُمَرتكين، شمسُ الدّينِ أَبُو مُحَمَّد الصُّوريّ ثمّ الحَلَبيُّ المُحَدِّثُ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنة أربعٍ وسبعين، وعاش ستينَ سنة. طَلَبَ، وكَتَبَ، وتَعِبَ، وأفادَ، وحَصَّل الأصول. وروى عن الافتخارِ الهاشميِّ فمن بعدَه.(14/147)
269 - عثمان بْن حسن بْن عَلِيّ بْن الْجُمِّيل مُحَمَّد بْن فَرْح، أَبُو عَمْرو الكَلْبيُّ السَّبْتي اللُّغَويّ. [المتوفى: 634 هـ]
أخو أبي الخطاب ابن دِحْيَة.
سَمِعَ مَعَ أخيه، ووَحْدَه من جماعةٍ كثيرةٍ منهم: أَبُو القاسم خَلفُ بْن بَشْكُوال، وأَبُو بَكْر بْن الْجَدِّ، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن زَرْقُون، وأَبُو الْحَسَن الشقوريُّ، وأَبُو بَكْر بْن خيرٍ، وأَبُو الْحُسَيْن بْن ربيعٍ، وأَبُو مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وأَبُو القاسم السُّهَيْليُّ. [ص:148]
قَالَ الأبَّار: لكنَّه كَانَ لا يحدث عن السُّهيليّ ويقعُ فِيهِ. ومن شيوخِه الذين سَمِعَ منهم: أَبُو مُحَمَّد بْن بُونُهْ، وأَبُو مُحَمَّد عَبْد المنعم بْن الخلوف. وحجَّ، وحدَّث بإفريقيةَ، ونَزَلَ القاهرةَ عند أخيه وفي كَنَفِهِ. ورأَسَ.
قلتُ: ودرَّسَ بعدَه بالكامليَّة. وكانَ مُولَعًا بالتّقعيرِ فِي كلامه ورسائِله لَهِجًا بذلك.
وَرَّخَه أَبُو شامةَ فِيهَا، ولم يذكره المُنذريُّ.
وقال الأبَّارُ: تُوُفّي سنة خمسٍ أو ستٍ وثلاثين.
ثمّ ظَفِرْتُ بوفاتِه: ذكرَها ابنُ واصلٍ فِي ثالث عشر جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وثلاثين.
وكانَ من كبارِ الأئمة، لكنَّةِ يُتمَقَّتُ بما يستعملُه من اللُّغة فِي رسائلِه.
سَمِعَ " المُلَخَّصَ " للقابسيّ منه أَبُو مُحَمَّد الْجَزَائِريُّ.
وقد ذكره ابْن نُقْطَة فقال: رأيتُه بالإسكندرية - لمّا قَدِمَ - والناس مجتمعونَ عَلَيْهِ بالجامع يومَ الْجُمُعَة يُسْمعُهم " التِّرْمِذيّ "، فقُلْتُ لرجل: أمِن أصلٍ؟ فقالَ: قَدْ قَالَ الشيخ لا أحتاج إلى أصل، اقرؤوه من أي نسخةٍ شئْتُم، فإنيِّ أحفظُه. ثمّ ظَهَرَ منه كلامٌ قبيحٌ فِي ذمِّ مالك والشافعي، وغيرهما. فتركتُ الاجتماعَ بِهِ لذلك.
قلتُ: نعم كان يسيء الأدَبَ فِي درسِه عَلَى العلماء.
قَالَ ابْن مَسْدي: أربى أَبُو عَمْرو عَلِيّ أخيه بكثرةِ السَّمَاع كما أربى عَلَيْهِ أخوه بالفِطْنةِ، وكَرَم الطباع. وكانَ مُتَزَهِّدًا، لم يَكُنْ لَهُ أصولٌ. وكان شيخه ابن الجد يصله ويعطيه. ولمَّا بَلَغَه حالٌ أخيه بمصر نهَدَ إِلَيْهِ، ونزل عليه إلى أن خرف أخوه فيما أُنهي إلى الكامل فجعلَه عِوَضَه بالكامليَّة. وكانَ مُتساهلًا يُحدَّثَ من غير أصلٍ. وألَّفَ " مُنَتخبًا " فِي الأحكامِ. ماتَ فِي جُمَادَى الأولى عن ثمانٍ وثمانين سنة.(14/147)
270 - عَزِيزةُ بنتُ عبدِ الملك الهاشميةُ، أُمُّ أَبِي الْعَبَّاس [المتوفى: 634 هـ]
المرأةُ الصالحةُ الزّاهدةُ.
ولدتْ بمُرْسيَةَ، ونشأت بقُرْطُبة، وعُمِّرت بِضْعًا وثمانين سنة. وقَدِمَت ديارَ مصر وصَحِبَت الشَّيْخ الزّاهد أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن طريف مدّةً وخَدَمَتْهُ، وحَجَّتْ.
وكانَ الشيخُ عتيقٌ وأَبُو الْعَبَّاسِ الرأسُ يُثْنُونَ عَليها كثيرًا.
عَلَّق عنها الحافظُ عبدُ العظيم. وتُوفَّيت فِي رجبٍ.(14/149)
271 - عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن ابْن خِيرَةَ البَلَنْسيُّ المقرئ. [المتوفى: 634 هـ]
خطيب بلنسية.
قال الأبار: أخذ عن أَبِي جعفرٍ طارقِ بْن مُوسَى قراءةَ ورشٍ. وأخَذَ القراءاتِ عن شيخنا أَبِي جعْفَر بْن عَوْن اللَّه. وسَمِعَ من أَبِي العطاء بْن نَذِير، وغيرِه. وأجازَ لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه بْن حُمَيْد، وأَبُو مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه، وحج سنة ثمانٍ وسبعين، وجاور وسمع من أبي عبد الله محمد بن عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرميِّ، وحمادٍ الحرّانيّ، وعبد المجيد بْن دُليل؛ سَمِعَ منه " سننَ أَبِي دَاوُد " عن أَبِي بَكْر الطَّرْطُوشيِّ فِي سنة تسع وخمسمائة، وسَمِعَ من الْإمَام عبدِ الحق بْن عَبْد الرَّحْمَن الإشبيليّ بِبِجايةَ، ومن أَبِي حَفْص عُمَر الميانشيّ بمكّةَ. وانصرَفَ إلى بلدِه وأقامَ عَلَى حاله من الانقباضِ وحُسْنِ السَّمْت إلى أن قُلِّد الصلاةَ، فَتَولَّاها أربعينَ سنة لم يُحْفَظ عنهُ سهوٌ فيها إلّا فِي النادرِ. وأقرأ القرآن وَقْتًا. وحدَّث. وأخَذَ الناسُ عنه. وكان عدلا راجح العقل. وفي " مشيخته " كثرة. تلوت عليه بالقراءات السبع، وسَمِعْتُ منه جُلَّ ما عندَه. واختلطَ قبل موته بأزيدَ من عام، وأُخِّر عن الصلاةِ فِي رجبٍ سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة لاختلالٍ ظَهَرَ فِي كلامِه. ولم يُسْمَع منه بعدَ ذَلِكَ شيءٌ. وتُوُفّي فِي أواخرِ رجب سنة أربع، وكانت جِنازتُه مشهودة حَضَرَها السلطانُ، ونَزَلَ فِي قبره أَبُو الربيع بْن سالم. وولد سنة خمسين أو إحدى وخمسين وخمسمائة.
قلتُ: لَقِيه ابنُ الغَمَّاز، فقال: سَمِعْتُ منه " سُننَ أَبِي دَاوُد"، وسَمِعْتُ [ص:150]
منه كتابَ " الشهاب " للقُضاعيّ، بسماعهِ من الحضْرميّ، بسماعِه من الرازيّ، عَنْهُ.(14/149)
272 - عَلِيّ بْن سُلَيْمَان بْن إيداش بْن السَّلار، الأميرُ شُجاعُ الدّين أَبُو الحسنِ الدّمشقيّ الحَنَفيُّ [المتوفى: 634 هـ]
أميرُ الحاج.
ورَّخَه أبو المظفر ابن الْجَوْزيّ فِي سنةِ ثلاث - كما ذكرنا - وإنّما توفي في الثالث والعشرين من جمادي الآخرة سنةَ أربعٍ.
كما وَرَّخه المنذريُّ، قَالَ: وحدَّث عن مُحَمَّد بْن حمزة بْن أَبِي الصقر، والخُشُوعي. وكان مُنقطعًا عن الناسِ، مُحِبًّا للفقراءِ، تَارِكًا للإقبال عَلَى الدُّنيا. وحجَّ بالناسِ مرارًا - رحمه اللَّه.(14/150)
273 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن معالي، أَبُو الْحَسَن ابْن أَبِي الفَرَج البصْريّ ثمّ البغداديّ التاجرُ المؤدّبُ، المعروفُ بابنِ كُبَّة. [المتوفى: 634 هـ]
كَانَ يؤدّب الصّبيانَ. ووُلِد سنة خمسٍ وخمسين. وسمع من أبي الفتح ابن البطي.
رَوَى عَنْهُ ابنُ الدُّبَيْثي، وعزُّ الدّين أَحْمَد الفاروثيّ، وعلاء الدّين عَلِيّ بْن بَلَبان، وجمالُ الدّين مُحَمَّد الشريشيّ، وجماعة. وأجازَ للقاضي تقيِّ الدّين، ولعيسى المُطْعِمِ، وسعدٍ، وفاطمةَ بنتِ جوهر، وأحمد ابن الشِّحْنَةِ، وأَبِي بَكْر بْن عَبْد الدائم.
وتُوُفّي فِي نصفِ رجبِ.(14/150)
274 - عَلِيّ بْن أَبِي الفتح بْن يحيى الحكيم، كمالُ الدّين أَبُو الْحَسَن ابن الكناري المَوْصِليّ الطبيبُ الصّفّارُ. [المتوفى: 634 هـ]
رَوَى عن خطيب الموصل أبي الفضل. [ص:151]
ولد في حدود سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة سنة. وتُوُفّي بحلب فِي المحرَّم.
رَوَى عَنْهُ مجدُ الدين ابن العديم، وشهاب الدين ابن تَيمية، وعلاءُ الدّين سُنْقُر القَضَائيُّ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرٌ، قال: أخبرنا أبو الحسن الكناري، قال: أخبرنا أبو الفضل الطوسي، قال: أخبرنا منصور بن بكر، قال: أخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا الأصم، قال: حدثنا ابن المنادي، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَإِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا هَبَطْنَا سَبَّحْنَا.»(14/150)
275 - عَلِيّ بْن أَبِي الفَرَج بْن أَبِي منصور بن علي، أبو القاسم ابن البَعْقُوبيّ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنةَ خمسٍ وأربعين. وأجازَ لَهُ الشيخُ عبدُ القادر، وابنُ البَطِّي. وسَمِعَ فِي الكهولَة من عبدِ المنعم بْن كُلَيب، وجماعةٍ.
تُوُفّي بالمَوْصِل فِي جُمَادَى الأُولى.(14/151)
276 - عُمَر بْن أَبِي البركات بْن هبة اللَّه، أَبُو حفص، ابن السَّمين. [المتوفى: 634 هـ]
شيخٌ بغداديٌ. سَمِعَ من عَبْد الحقِّ اليوسُفيِّ، وعُبَيْد اللَّه الشَّاتِيليِّ، وغيرِهما.
تُوُفّي فِي سابع عشر ربيع الأول.(14/151)
277 - فتوحُ بْن نوح بنِ عيسى بْن نوح العَدْل، خطيرُ الدّين أَبُو نصرٍ السامانيُّ الخويي، [المتوفى: 634 هـ]
نزيلُ دمشقَ.
كَانَ مُخْتَصًّا بخدمةِ العِماد الكاتبِ، فسَمِعَ منه ومن بركات الخُشُوعيّ، وبواسط من أبي الفتح ابن المَنْدائيِّ، وبمصرَ والإسكندرية.
رَوَى عَنْهُ مجدُ الدّين ابن الحُلْوانية، وغيرُه. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّد بْن يوسُفَ الذّهبيُّ، وزينبُ بنتُ القاضي محيي الدّين.
تُوُفّي فِي العشرين من ذي القَعْدَةِ.(14/152)
278 - فَضائلُ بنُ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن شُبَيْل بْن حسن، الفقيهُ أَبُو الوفاءِ القرشيُّ المَخْزوميُّ الأرْسُوفيُّ ثمّ الْمَصْريّ الشّافعيّ الْجَلاجليّ المواقيتيّ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد تقديرًا فِي سنة اثنتين وستين. وتَفَقَّه عَلَى أَبِي القاسم عبد الرحمن ابن الوراق، وقبله أيضاً عَلَى جماعة. وسمع من أَبِي عَبْد اللَّه الأرْتاحي، وفاطمةَ بنتِ سعد الخير، والحافظِ عَبْد الغنيّ، وانقطعَ إِلَيْهِ مدةً.
واشتغل بالمواقيت وبرع فيها، وولي رياسة المؤذّنينَ بجامع القاهرة إلى أن تُوُفّي.
روى عَنْهُ الزكيُّ المُنذريُّ، وقال: تُوُفّي فِي الرابع والعشرين من رجب.(14/152)
279 - كتائبُ بْن أَحْمَد بْن مَهْديّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو أَحْمَد البانياسيُّ ثمّ الصالحيُّ. [المتوفى: 634 هـ]
من أهلِ جبل الصالحين.
حَدَّث عن أَبِي المعالي بْن صابر، وأَبِي نصرٍ عَبْد الرحيم بْن عَبْد الخالق. وكانَ رَجُلًا خيِّرًا، ديِّنًا.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ، والضياءِ بْن عَبْد الواحد، والمجد ابن الحلوانية، والشمس ابن الكمال، والعز أحمد ابن العماد، وغيرهم.
أنبأنا أبو عبد الله ابن الكمال، قال: أخبرنا الضياء الحافظ، قال: سَمِعْتُ العفيفَ كتائب بْن مَهْديّ بعدَ موتِ الشَّيْخ الموفق بأيام - وهو عندنا عدلٌ مأمونٌ [ص:153]
ثقةٌ ما عرفنا له زلة قط - يقول: رَأَيْت الشَّيْخ الموفق عَلَى حافةِ النهر شرقيَ المدرسة من الناحيةِ القِبلية يَتَوَضَّأُ، فوقفتُ بجانبِ المدرسة، وقلت: لا أنزِلُ أتوضَّأ حتى يَفرُغَ، فلمّا تَوَضَّأَ أخذَ قبقابَه ومَشَى عَلَى الماءِ إلى الجانب الآخرِ ثمّ لَبِسَ القبقابَ، وصعِدَ إلى المدرسة. ثمّ حَلَفَ لي بالله لقد رأيتُه وما لي فِي الكذب من حاجةٍ، وكتمتُ ذَلِكَ فِي حياتِه. فقلتُ: هَلْ رآك؟ قَالَ: لا ولم يكن ثمّ أحدٌ وذلك وقت الظهر، فقلت: هَلْ كانت رجلاه تغوصُ؟ قَالَ: لا إلا كأنَّه يمشي عَلَى وِطَاءٍ.
تُوُفّي كتائبُ فِي رجبٍ.(14/152)
280 - كَيْقُباذ بنُ كَيْخُسْرُو بْن قلِج أرسلان، سلطانُ الروم الملك علاءُ الدّين. [المتوفى: 634 هـ]
تُوُفّي فِي شوَّال فِي اليوم السابع منه. وكانَ مَلِكًا مهيبًا، شُجاعًا، راجحَ العقلِ، سعيدًا. كَسَرَ خُوارزْم شاه وعسكر الملكِ الكاملِ. واستولى عَلَى عِدَّةِ بلادٍ تُجاورُه. وزوَّجَه السلطانُ الملكُ العادلُ بابنته، ووُلِدَ لَهُ منها.
وكانَ قد تَمَلَّكَ الرومَ قبلَه أخوه كيكاوس فحَبَسَ أخاه كَيْقُباذ هذا فلمّا نَزَلَ بِهِ الموتُ أحضرَه وفَكَّ قيده، وعَهِدَ إِلَيْهِ بالمُلكِ، وأوصي إِلَيْهِ بأطفاله. فطالَتْ أيامه واتَّسعَتْ ممالكُه. وكانَ يرجعُ إلى عدلٍ ونصفةٍ فيما بَلَغَنا.
وهو كَيْقُباذ بْن كَيْخُسْرُو بْن قَلِيج أرسلان بْن مَسْعُود بْن قِليج أرسلان بْن سُلَيْمَان بْن قتلمِش بْن سلجوق السلجوقي.
تملك بعده ولده السلطان غياث الدين كيخسرو.(14/153)
281 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن حسين بْن خَلَف، الحافظُ المفيدُ أَبُو الْحَسَن البغداديّ القَطِيعيّ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد فِي رجب سنةَ ستٍ وأربعين. وسَمَّعه أَبُوه الفقيهُ أَبُو الْعَبَّاس من أَبِي بكر ابن الزَّاغونيّ، وأَبِي القاسم نصر بْن نصر العُكْبَريّ، وأبي جعفرٍ أحمد بن محمد العباسي، وأبي الوقت السجزي، وسلمان الشحام، وأبي الحسن ابن [ص:154]
الخَلِّ، وجماعةٍ. ثمّ سَمِعَ بنفسه عَلَى طبقةٍ بعد هؤلاء.
وعُنيّ بالحديثِ ورَحَلَ فِيهِ، وكَتَبَ، وحَصَّلَ. فقرأ بالمَوْصِل فِي رحلته عَلَى يحيى بن سعدون القرطبي، وسمع منه ومن خطيب المَوْصِل. وسَمِعَ بدمشقَ من أَبِي المعالي بْن صابر، ومُحَمَّد بْن أَبِي الصَّقْر. ثمّ لَزِمَ الشيخ أبا الفرج ابن الْجَوْزيّ وأخَذَ عَنْهُ الوعظَ، وقرأ عَلَيْهِ كثيرًا من كُتبِه، ونابَ لولدِه الصاحبِ محيي الدّين فِي الحِسْبة ببابِ الأزَج. وخَدَمَ فِي أماكنَ.
وجَمَعَ " تاريخًا " لبغدادَ ذيَّلَ بِهِ عَلَى " تاريخ " ابْن السمعانيّ الّذِي ذيَّل بِهِ عَلَى " تاريخ " الخطيبِ، ولم يُتَمّمه.
وخَدَمَ فِي بعض الجهاتِ، وفتر عن الحديثِ بل تَرَكَه، ثمّ طالَ عمرُهُ، وعلا سندُه، وتفرَّدَ فِي زمانِه. وهو أوَّلُ شيخ ولي دار الحديث المستنصرية. وكانَ يَخْضِبُ بالسوادِ ثمّ تَرَكَه.
وهو آخرُ من حدث بـ " البخاري " كاملًا بالسماعِ عن أَبِي الوَقْت. وتفرَّدَ بأجزاء عديدة.
قَالَ ابنُ نُقْطَة: هُوَ شيخٌ صحيحُ السماع. صنَّفَ لبغداد " تاريخًا " إلا أَنَّهُ ما أظهَره.
قُلتُ: وكانَ عنده أصولٌ لَهُ يُحدَّثَ منها، وكان عَسِرًا فِي الرواية.
رَوَى عَنْهُ الدبيثي، وابن النجار، والسيف ابن المجد، وعزُّ الدّين الفاروثيّ، وجمالُ الدّين الشَّريشيُّ، وأحمد بن محمد ابن الكسّار، وأَبُو القاسم بْن بَلَبان، والفقيهُ أَبو العزّ سعيدُ بْن أَحْمَد الطِّيبيّ الشافعي، والمجد عَبْد الْعَزِيز بْن الْحُسَيْن الخليلي، والتاج علي بن أحمد العلوي الغرافي، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ. وبالإجازة القاضيان ابْن الخُوَييّ وتقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وأبو علي ابن الخلال، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والبهاء ابن عمه، وعيسى المطعم، وسعد الدين ابن سعد، وأحمد ابن الشحنة، وأَبُو بَكْر بْن عَبْد الدّائم، وفاطمةُ بنتُ جوهر، وأَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن الشيرازي، وجماعة. [ص:155]
وقال ابنُ النّجّار: جَمَعَ تاريخًا ولم يَكُنْ مُحَقِّقًا فيما ينقلُه ويقولُه - عفا اللَّه عَنْهُ - وانفرد بالرواية في وقته عن ابن الزاغوني، والعباس ابن الخلّ، ونصر، والشَّحام. تُوُفّي فِي رابع أو خامس ربيع الآخر. وأذهبَ كُلَّ عُمُرِه فِي " التاريخ " الّذِي عَمِلَه، طالعتُه، فرأيتُ كثيرًا من الغلطِ والتّصحيفِ، فأوقفتُه عَلَى وجهِ الصواب فِيهِ، فلم يَفْهَم. وقد نقلتُ عَنْهُ منه أشياءَ لا يَطْمئنُّ قلبي إليها، والعُهدةُ عَلَيْهِ. سَمِعْتُ عَبْد العزيز بنَ دُلَف يَقُولُ: سَمِعْتُ الوزير أَبَا المظفر بن يونس يقول لأبي الحسن ابن القَطيعيّ: ويلك عمرك تَقْرأُ الحديثَ، ولا تُحسِنْ تَقرأُ حديثًا واحدًا صحيحًا.
قَالَ ابْن النّجّار: وكانَ لُحَنَةً، قليلَ المعرفة بأسماءِ الرجال. أسَنَّ وعُزِلَ عن الشهادةِ ولَزِمَ منزلَه.(14/153)
282 - مُحَمَّد بْن إدريس بْن عَلِيّ، أَبُو عَبْد اللَّه الأندلسيُّ الشَّقْريُّ الشاعرُ المشهورُ المعروف بمَرْج الكُحْل. [المتوفى: 634 هـ]
قَالَ الأبَّارُ: شاعرٌ مفلقٌ، بديع التّوليد. وقد حُمِل عَنْهُ ديوان شعره. وسَمِعْتُ منه. كتبَ عَنْهُ الحافظُ أَبُو الرَّبِيع بْن سالم، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي البقاء. وتُوُفّي فِي ربيع الأول. ومن شِعره:
مَثَلُ الرِّزق الّذِي تَطْلُبُه ... مثل الظّلّ الذي يمشي معك
أنت لا تُدْرِكُهُ مُتْبِعًا ... وإذا ولَّيتَ عَنْهُ تَبِعَك
قَالَ: وأنشدني أبو محمد بن برطلة، قال: أنشدني ابن مَرْج الكُحْل لنفسِه:
لَكَ الخيرُ يا مولايَ ما العبد بامرئ ٍ ... لديه حسامٌ، بل لديه يَرَاعُ
وهل أَنَا إلا مثل حسّان شيمة ً ... جبانٌ وفي النَّظْمِ النفيس شُجاعُ؟(14/155)
283 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن المبارك بْن سعد اللَّه، أَبُو بكر ابن البواب المُقرئ الحَريميُّ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنةَ أربعٍ وخمسين تقريباً. وسمع من أبي علي ابن الرَّحَبِيِّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ العَلَويّ، وعبد الحقِّ اليُوسُفيّ، ولاحقٍ ودَهْبَل ابني عَلِيّ بْن كارَة. وأجاز له ابن البطي، وأبو المعالي ابن اللحاس. [ص:156]
كتب عنه جماعةٌ. وأجاز للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصر ابن الشّيرازيّ، وجماعةٍ.
وتُوُفّي فِي المحرَّم.(14/155)
284 - مُحَمَّد بْن سلامةَ بْن عَبْد اللَّه بْن عَلي، أَبُو مُحَمَّد الحرّانيّ العطار. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنة اثنتينِ وستينَ وخمسمائة. وسمع من أَحْمَد بْن أَبِي الوفاء. وتُوُفّي فِي منتصف ذي العقدة.(14/156)
285 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي المعالي بْن عَبْد الواحد البغداديّ الصائغ، ويُعرَفُ بابن غَيلان. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقِّ. وماتَ فِي صفر.(14/156)
286 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُهاجر، الصاحب كمال الدين أبو الكرم الموصلي. [المتوفى: 634 هـ]
قدم دمشق وسكنها. وسمع من يحيى الثَّقفيّ بالمَوْصِل، ومن ابن طَبَرْزَد بدمشقَ.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ، وغيرُه. وَحَدَّثَنَا عنه أبو علي ابن الخلال.
قال نجم الدين ابن السابق: قَدِمَ ابْن مهاجر دمشق وسكنَ بعقبة الكَتَّانِ فِي دارِ ابن البانياسيّ، وشَرَعَ فِي الصدقاتِ وشراءِ الأملاك ليُوقفَها. وكانَ قد اتفقَ مَعَ والدي عَلَى عملِ رصيف عقبة الكَتَّان، وقال: تجيءُ غدًا وتأخُذُ دراهمَ لعمله. فلمّا أمسى، بَعثَ إِلَيْهِ الملكُ الأشرف خرزة بنفسجٍ وقال: هذه بركةُ السنة. فأخذها وشمَّها فكانت القاضيةَ، فأصبح مَيْتًا، فوَرِثَهُ السلطانُ، وأعطوا من تركته ألف درهمٍ، فاشتروا له بها تُربة فِي سوقِ الصالحيةِ.
قلتُ: فلما كانَ بعد ذَلِكَ بَنَى الصاحبُ تقيُّ الدّين توبةُ بْن عَلِيّ بْن مهاجر التَّكريتيُّ فِي حيطان البَرِّية خمسة دكاكين وادَّعى أنَّه ابنُ عمه.
وقال أبو المظفَّر الْجَوْزيّ: بَلَغَ قيمةُ ما خلف الصاحب كمال الدين [ص:157]
ثلاثمائة ألف دينارٍ. وأراني الملكُ الأشرفُ مِسْبَحةً فيها مائة حبةٍ، مثلِ بيضِ الحمام، يعني: من التَّرِكَة.
تُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ جُمَادَى الآخرَة.
قلتُ: ورَوَى عَنْهُ القُوصيُّ فِي " معجمِه "، فقالَ: الوزيرُ كمال الدين ابن الشهيد معين الدّين. كانَ من ساداتِ الكرام في زمانه، مستغنياً بأمواله عن أموال السلطانِ، باذلًا إنعامه للإخوانِ، مُديمًا لهم مدَّ الخِوانِ.
تُوُفّي يوم الْجُمعةِ وهو ساجدٌ فِي صلاةِ الصبح.(14/156)
287 - محمدٌ، السلطانُ الملكُ العزيز غياثُ الدّين ابن السلطانِ الملك الظاهر غازي ابْن السلطانِ المُلْك الناصرِ صلاحِ الدين يوسف بْن أيّوب، [المتوفى: 634 هـ]
صاحبُ حَلَب.
وَلِيَ بعدَ والده وله أربع سنين أو نحوها. وجُعل أتابكه الطُّواشيّ طُغْريل، وأقَرَّ الملكُ العادلُ ذَلِكَ، وأمضاهُ لأجل الصاحبة والدة العزيز لأنها بنتُ العادلِ، وكانت هي الكُلَّ إلى أن اشتدّ. وكان فِيهِ عدلٌ، وشفقةٌ، وتوددٌ، وميلٌ إلى الدّين.
قَالَ ابن واصل: يكفيه مِنَ المناقب له رده لكمال الدين عمر ابن العَجَمي لمّا طَلَبَ قضاءَ حلب بعد موت ابن شَدَّاد، وبَذَلَ نحوَ ستين ألفَ درهم فِي القضاء فما التفتَ إِلَيْهِ ولا وَلَّاه.
توفي فِي ربيعٍ الأوّل شابًّا طَريًّا، وله نيفٌ وعشرون سنة. وخَلَّف ولده الملك الناصرَ يوسُفَ صغيرًا، فأقاموه فِي المُلك بعدَه، نعوذُ بالله من إمرةِ الأطفال.(14/157)
288 - مُحَمَّد بْن قَرَاطاي الإرْبلي، الأميرُ أَبُو الْعَبَّاس. [المتوفى: 634 هـ]
كَانَ مليحَ الصورةِ، مَهيبًا، من أمراءِ صاحب إرْبل، فلمَّا ماتَ صاحبُ إرْبل قَدِمَ هذا حلب فأكرمَه الملكُ العزيزُ وأقطَعه خُبْزًا.
وله شعرٌ حسن كأخيه، فمنه: [ص:158]
أقدُّك هذا أمْ هُوَ الغُصُنُ الرّطْبُ ... وطَرْفُكَ ذا أمْ هُوَ الصَّارِمُ العَضْبُ
أيَا بَدْرَ تمٍّ فيكَ للعينِ نزهةٌ ... وللقلبِ تعذيبٌ ولكنَّه عَذْبُ
خَفِ اللَّه فِي قَتْلِ الكَئيبِ وَعِدْهُ بالـ ... وصالِ عَسَى نارٌ بمُهْجَتِه تَخْبُو
تُوُفّي فِي رجبٍ بحلبَ شابًّا، وله ثمانٍ وعشرونَ سنةً إلا شهرين.(14/157)
289 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن وضّاح، أَبُو بَكْر اللَّخْميّ الأندلُسيّ. [المتوفى: 634 هـ]
خطيبُ مدينة شَقْر.
رَوَى عن أَبِيهِ أَبِي القاسم، وأخَذَ عنه القراءات. وسمع أَبَا إِسْحَاق بْن فَتْحون. وحَجَّ سنة ثمانينَ وخمسمائة، وسَمِعَ من الشاطبيُّ قصيدتَه " حِرْزَ الأماني ". وسَمِعَ بِبِجاية من الحافظِ عَبْد الحقِّ بْن عَبْد الرَّحْمَن. وأجازَ لَهُ الإمامُ أَبُو الْحَسَن بْن هذيل، وجماعةٌ.
وتصدر ببلده للإقراءِ. وحدَّث بِيَسير.
قَالَ الأبَّارُ: وكانَ رجلا صالحًا، لَقِيُته مِرارًا. وُلِد سنة تسعٍ وخمسين. وتُوُفّي فِي سادس شهر صفر.
وقال ابن مسدى: حَكَى لي أنَّ ابنَ هُذَيل اشْتَرى لَهُ شيئًا وألبَسَه إياه. قَالَ: فَفَرحْتُ بِهِ، فقال لأبي: هذا تذكرةُ العهد إذا كَبَر. وسمع من ابن هذيل " التيسير" بعضه أو كُلَّه فِي سنةِ أربع وستين. ثم خَرَّج ابن مَسْدي عَنْهُ من ذَلِكَ سند الكبير.
وسمع منه " التّيسير " ابنُ أَبِي الأحوص شيخُ أَبِي حَيَّان النَّحْويّ.(14/158)
290 - مُحَمَّد بْن يحيى بْن قائدٍ - بالقاف -، أَبُو عَبْد اللَّه الأُمَويّ العثمانيُّ المعروفُ بالزَّواوي. [المتوفى: 634 هـ]
أحدُ الصّلحاءِ المشهورين بمصر.
كانَ زاهدًا خَيِّرًا مُنْقَطِعًا عن الناسِ لازمًا للعُزْلَةِ. كَانَ يَسْكُن القَرَافة.
قَالَ المنذريُّ: كتبتُ عَنْهُ فوائدَ.(14/158)
291 - مُحَمَّد بْن يوسُف بْن محفوظ بْن مُحَمَّد بن عبد المنعم، أبو الحسن ابن الوَرَّاقِ البغداديّ الوكيلُ. [المتوفى: 634 هـ][ص:159]
شيخٌ مباركٌ، حسنُ السَّمْتِ. رَوَى عن جدِّه محفوظٍ، عن أبي الحسين ابن الطّيُوريّ. كتبَ عَنْهُ ابنُ الحاجب، وغيرُه.
وُلِد فِي سنةِ إحدى وخمسين، وتُوُفّي فِي ذي الحجة.
وروى عَنْهُ بالإجازة القاضي الحنبليُّ.(14/158)
292 - محمودُ بْن سالم بْن سلامة، أَبُو القاسم التَّكريتيُّ الشاهدُ. [المتوفى: 634 هـ]
أحدُ عدول تَكْريت وعلمائِها.
لَهُ معرفةً بالأدبِ، وشعرٌ حسنٌ كثيرٌ. ويُلَقَّبُ بالناصح. سَمِعَ عبد اللَّه بْن عَلِيّ بْن سُوَيْدَة. رَوَى عَنْهُ بالإجازة بهاء الدين ابن عساكر.
تُوُفّي فِي أواخر ذي القَعْدَةِ؛ أرَّخَه ابنُ النّجّار.(14/159)
293 - محمود بْن عَبْد اللّطيف بْن مُحَمَّد بْن سيما بْن عامر، أَبُو الثناء السلمي الدمشقي المحتسب، فخر الدين ابن المحتسب أَبِي مُحَمَّد. [المتوفى: 634 هـ]
رَوَى (عن) أَبِي سعد بْن عَصْرون، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، وطُغْديّ الأميري، والبهاء ابن عساكر.
روى عنه الزكي البرزالي، والمجد ابن الحُلْوانية. وآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ ابنُه عليٌ حضورًا. وأجازَ لغيرِ واحدٍ.
وتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من شوَّال.(14/159)
294 - محفوظُ بْن المباركِ بْن المبارك بن هبة الله بن بكري، أبو الوفاءِ الحَريميُّ المُسْتعملُ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من أَحْمَد بْن موهوب بْن السَّدَنْك، ولاحق بْن كارَة. وماتَ فِي صفر.
أجازَ لابنِ الشيرازيّ.(14/159)
295 - مُرْتَضى بْن أَبِي الجودِ حاتِم بْن المُسَلَّم بن أبي العرب، أبو الحسن ابن العفيف الحارثيُّ الْمَصْريّ الحْوفيُّ. [المتوفى: 634 هـ]
وُلِد سنة تسع وأربعين تقريبًا بالحوف. وقرأ القراءات، وسَمِعَ بالإسكندريةِ من السِّلَفِيّ، والقاضي الحضْرميّ. وبمصرَ من عبِد اللَّه بْن بَرِّي، وإسماعيل بْن قاسمٍ الزيات، وسلامةَ بْن عبد الباقي الأنباريَّ، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وابنُ النّجّار، وأَبُو طاهرٍ أَحْمَد بْن عَبْد الكريم المُنْذريُّ، وحفيدُه أَبُو الجود حاتِمُ بْن الْحُسَيْن بْن مرتضى، والشهابُ أَحْمَد الأبَرْقُوهيّ، والغَرَّافيّ. وآخِرُ من رَوَى عَنْهُ بالحضور أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُكَرَّم، وجماعةٌ بالإجازة. وكانَ من الأئمّة العاملين.
قَالَ الزكيُّ عبدُ العظيمِ: كَانَ عَلَى طريقةٍ حسنة، كثير التلاوة للقرآن في الليل النهار. ووالدُه العفيفَ أحدُ المُنْقَطِعينَ المشهورين بالخير والصلاح، وله القَبولَ من الناس.
قلتُ: حدَّث مرتضى بدمشق أيضًا. وكانَ عنده فقهٌ، ومعرفةٌ، ونباهةٌ. وكتبَ بخطِّه كثيرًا.
وقال التقيُّ عُبَيْد الحافظ: كَانَ فقيرًا، صَبُورًا، لَهُ قبولٌ. ويَخْتِمُ كلَّ يوم وليلة خَتْمَةً، وله فِي رمضان ستون خَتمةً.
وتُوُفّي بالشارع فِي ليلة التاسع والعشرين من شوال. وكان شافعي المذهب.
ولم يذكر المُنْذريُّ عَلَى من قرأ القراءات.(14/160)
296 - مُرهف بْن صارم بْن فلاحِ بْن راشد، أَبُو المُهَنَّد الْجُذَاميّ المَنْظُوريّ السفطيُّ الشّافعيّ الزاهدُ. [المتوفى: 634 هـ]
صَحِبَ الشَّيْخ أَبَا عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ زمانًا، وغيرَهُ من الصالحين. وأمَّ بالمسجِد بزُقاق الطَّبَّاخ بمصر، ثمّ انقطعَ بالمسجد الملقب بالأندلسِ الّذِي بالقَرَافَةِ. وكان يُزار ويُتَبَرَّكُ بلقائِه. وله شعرٌ حسنٌ. [ص:161]
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ وقال: كَانَ مُتواضعًا، حَسَنَ المحاضرَة، مُنبسطَ الوجِه، أحدَ المشهورينَ بالصَّلاحِ والخير. ذَكَرَ ما يَدُلُّ عَلَى أنَّ مولدَه فِي سنةِ ثمانٍ وأربعين. ومنظُور: فخذٌ من جذام. وسفط: قريةٌ مشهورةٌ تُعْرَفُ بَسفْط نَهْيَا بجيزةِ الفُسطاط. وبديار مصرَ سبعةً عشرَ موضعًا تسمى سفط.(14/160)
297 - مسعودُ بْن يُرنقش، الأميرُ بدرُ الدّين النجميُّ. [المتوفى: 634 هـ]
حدَّث عن أبي الحسن علي بن محمد ابن الساعاتي الشاعر. رَوَى عَنْهُ زكيُّ الدّين عبدُ العظيم وقالَ: وُلِد بتَكريت سنةَ تسعٍ وأربعينَ وخمسمائة، وماتَ فِي ربيع الأول بالشَّوْبك.(14/161)
298 - مُظَفَّرُ بْن عَبْد اللَّه بْن مُظفر بْن أَبِي البركات، أَبُو المنصورِ الهاشميُّ العباسيُّ الأرْبِلي الواعظُ، ويعرف بالشريفِ العباسيِّ. [المتوفى: 634 هـ]
تفقّه بإرْبِل عَلَى مذهبِ الشّافعيّ. واشتغل بالوعظ. وسمع من الفقيه عُمَر بْن مُحَمَّد العاقِلي، وذاكرِ بْن كامل. وحدَّث بمصرَ ودمشقَ. ووَعَظَ بجامع مصر. وتُوُفّي بإرْبِل فِي شوَّال.
كُتُب عَنْهُ الزكي المنذري، وعمر ابن الحاجب. وروى عنه بالإجازة البهاء ابن عساكر.(14/161)
299 - مكّيّ بْن عُمَر بْن نعمة بْن يوسُفَ بْن سَيْف بن عساكر، الفقيُه أَبُو المحرم ابن الزاهدِ المُقرئ أَبِي حفص، الرُّؤبيُّ المَقْدِسيُّ ثمّ الْمَصْريّ الحنبلي البَنَّاءُ. [المتوفى: 634 هـ]
أحدُ العالمين بمذهبِ الْإمَام أَحْمَد.
سَمِعَ من والدهِ، والعلامةِ عبد اللَّه بْن بَرِّي، وأَبِي الفتحِ محمود الصابونيّ، والبُوصيريّ، وخلقٍ كثير. وبمكةَ من مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الهَرَويّ، ويونُسَ الهاشميِّ، وجماعةٍ.
وله مجاميعُ فِي الفقه، وغيرِه. وتَخَرَّجَ بِهِ جماعةٌ. وأمَّ بالمسجد المعروف بِهِ بدربِ البَقَّالينَ بمصرَ. وكان يبني ويأْكُلُ من كسبِ يده. [ص:162]
والرُّؤبيُّ: نسبة إلى رُؤْبَةَ؛ جَدِّهم.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار، والزكيُّ المُنْذريُّ، وغيرهما. وتُوُفّي فِي العشرين من جمادى الآخرة.
وأبوه من الرواة عن أَبِي الفتح الكَرُوخيّ.
وكانَ مولدُ مَكّي فِي رمضانَ سنةَ ثمانٍ وأربعين.(14/161)
300 - مُوَفَّقُ بْن مُحَمَّد بْن حُسين، القاضي أَبُو المؤيد الخُوارَزْميَّ الحنفيّ الأصولي الصُّوفيّ. [المتوفى: 634 هـ]
كَانَ فقيهًا، عارفًا بالنظرِ والْجَدَل، قَيِّمًا بالمناظرة، مليحَ النظم والنثر. ولي القضاء للسلطان جلالٍ الدّين خوارزم شاه ثمّ استعفى، وقَدِمَ بغداد. وتوفي بمصر فِي سنتنا هذه.
ذكره أَبُو عَبْد الله ابن الجزري.(14/162)
301 - المؤمل ابن الكامل أبي الفوارس شجاع ابن أمير الجيوش شاور، القاضي العدل أوحدُ الدّين أَبُو المكارم السَّعْديّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 634 هـ]
شهد عند القاضي أبي القاسم عبد الرحمن ابن السُّكّريّ فمَن بعدَه. ومولدُه فِي حدودِ سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، وأدْرَكَ دولة جدِّه.
قَالَ المُنْذريُّ: كَانَ من أهلِ الدّين والخَيْر، مُقْبِلًا عَلَى ما يعنيه على طريقةٍ حسنةٍ.(14/162)
302 - ناصر بن أبي المفاخر أحمد بْن ناصر الهاشميُّ، البغداديّ النَّقَّاشُ أَبُو المنيع. [المتوفى: 634 هـ]
حدث عن عيسى بن أحمد الدوشابي. ومات فِي ربيع الأول.(14/162)
303 - ناصرُ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو عَلِيّ المصريُّ العَطَّارُ، [المتوفى: 634 هـ]
نزيل مكة. [ص:163]
شيخٌ صالح مسنٌ. قَالَ المُنْذريُّ: بَلَغَنَا أَنَّهُ وَقَفَ ستين وَقْفةً. حدَّث عن الفقيه مُحَمَّد بْن عَلِيّ القَلَعِي، وعليِّ بْن حُميد الطرابُلُسي المُقرئ. ولنا منه إجازةٌ. حججتُ ولم يتَّفِقْ لي السماعُ منه.
ذكره القطب ابن القَسْطَلَّاني فِي شيوخِه الصُّوفيّة. وقال: ذُكر لي أنّه حَجَّ ستينَ حَجَّةً، وسَمِعَ " الْبُخَارِيّ " من عَلِيّ بْن عَمَّار، وعمر ستًا وتسعين سنة. قَالَ: قَرَأَت عَلَيْهِ، وسَمِعْتُ منه، وكانَ مشغولًا بما يَعنيِه. ماتَ بمكةَ فِي أوائلِ سنة أربعٍ وثلاثين، رَحِمَه اللَّه. سَمِعَ منه الرشيد العَطَّارُ).(14/162)
304 - نجمُ بْن أَبِي الفَرَج بْن سالم، الفقيُه أَبُو الثُّريّا الكِنَانيّ الْمَصْريّ الشّافعيّ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من عبد اللَّه بْن بَرِّي، وعَشِير بْن عَلِيّ المُزارع، وفارسِ بْن تُركيّ الضرير.
وتَصَدَّرَ بالجامعِ العتيق، وأعادَ بالمدرسة السَّيفية. وصنَّفَ فِي الفقِه. وكان فقيهًا حسنًا من أهل الخَير والصيانة.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ.
وولدَ فِي حدودِ سنةِ تسعٍ وخمسين، وتُوُفّي فِي ثامن ربيع الأول.(14/163)
305 - نصر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أبو الفتوح ابن القُبَّيْطيّ، [المتوفى: 634 هـ]
أخو عبدِ العزيز المذكورِ آنفًا، وعبدُ اللطيف الّذِي فِي سنةِ إحدى وأربعين.
وُلِد سنة ستٍ وستين. وسمع من شُهْدَةَ، وعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر اللَّه القَزَّاز. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن أَبِي الفَرَج ابن الدباب، وغيره. وسمع منه: العز عمر [ص:164]
ابن الحاجب، والشرف أحمد ابن الْجَوْهريّ. ورَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضي شهابُ الدّين ابن الخويي، وفاطمة بنت سليمان، وأبو علي ابن الخلال، والبهاء ابن عساكر، ومحمد ابن الشّيرازيّ.
وكان يَتَعانى الكتابةَ.
تُوُفّي فِي نصفِ ربيع الأول.
ومن مسموعاتِه " عوالي طِرَاد " عَلَى شهدة الكاتبة.(14/163)
306 - هبةُ اللَّه بْن الْحَسَن، أَبُو القاسم البغداديّ المُقرئ، المعروفُ بالأشْقَر. [المتوفى: 634 هـ]
إمامُ مسجد ابْن حَمْدي.
كَانَ من أعيان القُرَّاءِ بالرواياتِ، ورُتِّب خازنًا بالدّيوانِ العزيز.(14/164)
307 - هبةُ اللَّه بْن عُمَر بْن الْحسن، أبو بَكْر الحربيُّ القَطَّانُ، ويُعْرَفُ بابن كمالَ الحَلَّاج. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من هبة اللَّه بْن أَحْمَد الشِّبْلي، وكمالَ بنتِ الحافظ أَبِي مُحَمَّد ابن السَّمرْقَنْديّ - وهو آخِرُ مَنْ حدَّث عَنْهُمَا -، وأَبِي المعالي محمد ابن اللَّحَّاس.
رَوَى عَنْهُ أَبُو القاسم بن بَلَبان، وغيرُه. وبالإجازةِ القاضيان ابْن الخوَيّي، وتقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وأَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ، والفخرُ إِسْمَاعِيل ابن عساكر، والبهاء ابن عساكر، وابن الشحنة، وابنُ سَعْد، والمُطَعِّمِ، وفاطمةُ بنت سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد المزي. وكتب عنه السيف المقدسي، والكمال ابن الدَّخْمِيسيّ.
وكانَ فِيهِ دينٌ، وصلاحٌ، وخُشوع.
تُوُفّي في العشرين من جمادى الأولى عن نيفٍ وثمانين سنة.(14/164)
308 - ياسمينُ بنتُ سالمِ بْن عَلِيّ بْن سلامة ابْن البيْطار، أمُّ عَبْد اللَّه الحَرِيميَّةُ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعْتُ من أبي المظفر هبة الله ابن الشبلي، وهي آخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وهي أختُ ظَفَر.
رَوَى عنها علاءُ الدّين عَلِيّ بن بلبان، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، [ص:165]
وتقي الدين إبراهيم ابن الواسطي، وشمس الدين عبد الرحمن ابن الزين. ومن القدماء أبو عبد الله ابن الدُّبَيْثي، وغيرُه. وبالإجازَة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وسعد الدين ابن سعد، وعيسى المطعم، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وابنُ عمِّه بهاءُ الدّين قاسم، وأَحْمَد بْن أَبِي طَالِب، وأَبُو بَكْر بْن عَبْد الدائم، وجماعة.
وتُوفيَّت يومَ عاشوراء.(14/164)
309 - يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ السَّعْديّ، الأميرُ أَبُو الْحُسَيْن الدّانيّ. [المتوفى: 634 هـ]
سَمِعَ من صِهره أَبِي بَكْر بن أبي جمرة، وأَبِي الخطّاب بْن واجب، وخلقٍ.
وعُني بالحديثِ مَعَ حظٍ من البَلاغَة والأدبِ والشِّعرِ. وَلِيَ شاطِبةَ من قِبَل مُحَمَّد بْن يوسف بْن هُود. وماتَ فِي شَعْبان عن خمسٍ وخمسين سنة.(14/165)
310 - يوسُفُ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن حُسَيْنِ، أَبُو المظفَّر الحَلاويّ البغداديّ الحنبليّ الفقيُه الصالحُ. [المتوفى: 634 هـ]
رَوَى عن أَبِي الفتح بْن شاتيل. روى عنه بالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر محمد ابن الشيرازي، وسعد الدين ابن سعد، وعيسى المُطْعِمِ، وجماعةٌ.
تُوُفّي فِي العشرين من ربيع الأول، وقد بلغ الستين.(14/165)
• - أَبُو الفَرَج القَطيعيُّ، يُسمَّى الضَّحَّاكَ، [المتوفى: 634 هـ]
وقد تَقَدَّمَ.(14/165)
-وفيها وُلِدَ:
القاضي زين الدّين عَلِيّ بْن مخلوف المالكي، وعز الدين محفوظ بن معتوق ابن البُزُوريّ التاجرُ المُؤرِّخُ، وبدرُ الدّين مُحَمَّد بْن فضل اللَّه الكاتبُ، والشهابُ أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الدَّشْتيُّ بحلب، والزّينُ إِبْرَاهِيم بْن [ص:166]
عبد الرحمن ابن الشّيرازيّ فِي أوَّلِ المحرَّم، والقطبُ محمود بْن مَسْعُود الشّيرازيّ صاحبُ التصانيفِ في صفر بكازَرُون، والشهابُ أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر القَرَافي الصُّوفيّ، والزّينُ مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن طرْخان المَشْهَديُّ، وأبو محمد عبد الله بن عمر ابن الإمام بهاء الدين ابن الْجُمّيزيّ، ويوسفُ بْن مُحَمَّد بْن مُزَيْبِل المَخْزوميُّ الشاهدُ، ونَخْوةُ بنتُ مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر ابن النَّصيبيّ، وعُبَيْد الجمل، وهو عَبْدُ الرَّحْمَن بْن عَبْد الواحد المَقْدسيُّ الفقيرُ، وعبدُ الحميدِ بْن سُلَيْمَان بْن معالي المغربيُّ المعدّلُ بحلبَ.(14/165)
-سنة خمس وثلاثين وستمائة(14/167)
311 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بن مُحَمَّد، أَبُو الْعَبَّاس الحَرِيميُّ الواعظُ، عُرِفَ بابن الزَّبَّال. [المتوفى: 635 هـ]
ولد سنة ستين وخمسمائة. وحدَّث عن النقيبِ أَحْمَد بْن عَلِيّ العَلَويّ. كتب عنه السيف ابن المجد، والكمالُ الدخميسيّ. وأجاز للقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان بْن حمزة، وفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، وابن سعد، وأَبِي بَكْر بْن عَبْد الدّائم، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وغيرهم.
وكانَ كثيَر الصمْت، قليلَ المخالطة للناس.
والزبال: بباءٍ موحدة.
توفي في التاسع والعشرين من رجب.(14/167)
312 - أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن حُمَيْد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُهَلهل، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ المَخْزوميُّ البِلبيسيُّ الشّافعيّ الأديبُ الشاعرُ، المعروف بابن كسا. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وتفقَّهَ، وقالَ الشِعرَ الْجَيِّدَ، وسافر الكثيرَ، واشتغلَ بدمشق، وذكر أنه اجتمع بالفخر الرزاي صاحب التصانيفِ بخُوارزم. وكان لَهُ أنسٌ بالنظرياتِ والخلافيات.
توفي فِي ربيع الآخر.
وحدَّث بشيءٍ من شعره.(14/167)
313 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد، أَبُو عَبْد اللَّه الأوانيّ. [المتوفى: 635 هـ]
شاعرٌ محسنٌ، تُوُفّي فيها. فمن شِعره:
سَلُوا مَنْ كَسَا جِسْمي نَحَافةَ خصْرِه ... وكَلَّفَني فِي الحُبِّ طَاعَة أَمْرِهِ
يُبَدِّلُ نُكْر الوَصْل منه بعُرْفِه ... لَدَيّ وعُرْفَ الهَجْر منه بنُكْرِهِ
فما تُنْعَمُ اللذَّاتُ إلّا بوَصْلِهِ ... ولا تَعْظُم الآفاتُ إلا بهَجْرِهِ [ص:168]
فَأقْسمُ بِالمُحْمَر مِنْ وَرْدِ خَدِّه ... يَمينًا وبِالمُبْيَضِّ مِنْ دُرِّ ثَغْرهِ
لَقَد كِدْتُ لولا ضَوْءُ صُبْحِ جَبينِهِ ... أتيه ضَلالًا فِي دَيَاجي شَعرِهِ(14/167)
314 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أبي جعْفَر أَحْمَد بْن أَبِي الْحَسَن بْن الباذش، أَبُو جعْفَر الأَنْصَارِيّ الغَرْناطيُّ المُقرئ. [المتوفى: 635 هـ]
قرأ بالروايات عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن كَوْثر.
عَرَضَ عَلَيْهِ الخَتْمَةَ ابنُ مسدي، وقال: ماتَ سنةَ بضعٍ وثلاثين. ولم يُعَقِّبْ.
وجَدُّه هُوَ مؤلف " الإقناع " فِي القراءات.(14/168)
315 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفَهْم عَبْد الوهاب ابن الشيرجي، شرف الدين أبو الفتح ابن فخرِ الدّين الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 635 هـ]
حدَّث عن الخُشُوعيّ. وماتَ فِي شَعْبان.(14/168)
316 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، الشيخُ أَبُو حجَّة القُرْطُبيّ القيْسيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
أخَذَ القراءات عن عبد الرحمن ابن الشَّرَّاطِ. وكانَ من العُبَّادِ بُلِيَ بالأسر. وماتَ فِي هذا الحدود عن نيفٍ وسبعين سنة.(14/168)
317 - أَحْمَد بْن يوسف بْن مُحَمَّد، أَبُو جعفرٍ الدَّلَّالُ، [المتوفى: 635 هـ]
نزيلُ بَلَنسية.
سَمِعَ أَبَا العطاء بْن نذيرٍ، وأبا عبد الله بْن نوح الغافقيّ، وأبا زكريّا الدّمشقيّ، وجماعة.
قَالَ الأبَّارُ: وكانَ ثَبْتًا، وَرِعًا، بَصيرًا بالفرائضِ والشروطِ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرَة، ولَه سبعٌ وستون سنة. وبعدَ وفاتهِ فِي رمضان نازلَ الفرنج [ص:169]
- لعنهم اللَّه - بَلَنسيةَ وأخذوها صلحًا بعد حِصَار خمسة أشهرٍ مَلَكُوها فِي صفر سنةَ ستٍ.(14/168)
318 - إِبْرَاهِيم بْن تَرْجَم بْن حَازِم، أَبُو إِسْحَاق المازنيُّ الْمَصْريّ الضرير المُقرئ الشّافعيّ. [المتوفى: 635 هـ]
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الجودِ. وسَمِعَ من إِسْمَاعِيل بْن ياسين، والبوصيري. وصحب أَبَا عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الزّاهدَ. وتفقَّهَ، وتصدَّر بالجامعِ العتيقِ، وأَمَّ بالمدرسةِ الفاضلية. وكانَ ذا مروءةٍ وخيرٍ.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ.
وتُوُفّي فِي السابع والعشرين من جُمَادَى الأولى.(14/169)
319 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن غالب، أَبُو إِسْحَاق الأَنْصَارِيّ المُرْسيُّ [المتوفى: 635 هـ]
نزيلُ المَريَّة.
أخَذَ عن أَبِي مُوسَى الْجُزُوليّ إملاءَه عَلَى " الْجُمِل " المترجم "بالقانون ". وصَحِبَ أَبَا عَبْد اللَّه بْن عماد. وأقْرأ القرآن والنحو. ورَوَى الحديث.
وكانَ صالحًا، وَرِعًا، مُنْقبضًا. لم يدخل الحَمَّام أربعينَ سنة.(14/169)
• - الأسعدُ، الطبيبُ المشهور بالديارِ الْمَصْريه، اسمُه عَبْد العزيز. [المتوفى: 635 هـ](14/169)
320 - إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي غالب، أَبُو عَبْد الله الأزَجيّ. [المتوفى: 635 هـ]
ظَهَرَ سماعُه بعد مَوْته من أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحق. وأجازَ لَهُ أَحْمَد بن علي ابن المُعَمَّر، وجماعةٌ. ومات فِي أول رجبٍ.(14/169)
321 - إسماعيلُ بن علي بن يوسف، الأديب سِراجُ الدّين أَبُو الطّاهرِ الحِمْيَريُّ المَهدَويُّ الكاتبُ. [المتوفى: 635 هـ]
قَدِمَ مصر، واشتغلَ، ولَقِيَ أَبَا الخير سلامةَ بْن عَبْد الباقي النَّحْويّ، والنَّسّابة أَبَا عَلِيّ مُحَمَّد بْن أسعد الجوانيّ. ورحلَ إلى بغدادَ وكَتبَ عَلَى ابن [ص:170]
البَرَفطي مدّةً. وكَتَبَ عَنْهُ ابن الدُّبَيثيّ أناشيدَ. وعادَ إلى مصر وانقطع بالقَرَافةِ. كتبتُ عَنْهُ من شعره؛ قالَه المنذريُّ. وتُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ.(14/169)
322 - الأنجبُ بْن أَبِي السعادات بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أبو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ الحمامي، ويُسمي أيضًا مُحَمَّدًا. [المتوفى: 635 هـ]
قَالَ ابْن النّجّار: حدَّث بالكثير، وقَصَدَهُ الغُرباء. وكان سماعه صحيحا. وكان شيخا لا بأسَ بِهِ، حسنَ الأخلاق، عزيزَ النفس مَعَ فَقْرِه، يلقَى المحدثين بوجهٍ طلقٍ، ويَصْبُر عَلَى طولِ قراءتهم وإبرامِهم.
قلتُ: وُلِد فِي المحرَّم سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، وأبي المعالي ابن اللحاس، وأبي زرعة، وأحمد بْن المُقَرَّب، ويحيى بْن ثابت، وسعد اللَّه ابن الدجاجي. وأجاز له مسعودٌ الثقفي، والحسن بن العباس الرستمي.
وكان شيخًا حسنًا، مُحبًا للروايَة، حَسَنَ الإخلاقِ.
سمع منه أبو العباس ابن الْجَوْهريّ " المنتقَى " من سبعِه أجزاء المُخَلِّص بسماعه من ابْن اللَّحَّاس، عن كتابة ابْن البُسْريّ، عن المخلِّص. وسَمِعَ منه جميعَ " سُنن ابْن ماجةَ " بسماعهِ من أَبِي زُرْعَة.
وقال ابْن نُقْطَة: سَمِعَ " سننَ ابْن ماجة " من أَبِي زرعة، و" مسند الحميدي " من سعد الله ابن الدَّجاجيّ، وكان سماعُه صحيحًا.
قلتُ: ورَوَى عَنْهُ ابْن النّجّار، وعزُّ الدّين الفاروثيّ، وجمالُ الدّين أبو بكر الشريشي، وجمال الدين محمد ابن الدَّبَّاب، وعلاءُ الدّين بْن بَلَبان، وتقيُّ الدّين إبراهيم ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والمجد عبد العزيز ابن الخليليّ، ومُحَمَّد بْن مكي الأصبهاني، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، وسُنْقُر القضائيُّ، وعبد اللَّه بْن أَبِي السعادات، وطائفةً آخرهم ابنُ ابن عمِّه الشَّيْخ أَحْمَد بْن أَبِي طَالِب بْن أَبِي بَكْر بْن محمد بن عبد الرحمن الحمامي. وروى عنه بالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، والقاضيان ابْن الخوييّ، وتقيّ [ص:171]
الدّين الحنبليّ، وعيسى المُطْعِمِ، ويحيى بْن سَعْد، وأَحْمَد بْن أَبِي طَالِب الحَجَّار، وأَبُو بَكْر بْن عَبْد الدائم، وأَبُو نصر المِزيُّ، وجماعةٌ.
وقال التقيُ عبيدٌ: حدَّث الأنْجب بالكثير، من ذَلِكَ " حلية الأولياء " لأبي نُعَيْم بسماعِه من ابْن البَطِّي.
وقال المُنْذريُّ: تُوُفّي بالمارستان العَضُدي فِي تاسع عشر ربيع الآخر، رحمه اللَّه.(14/170)
323 - الأوْحَد الكِرْماني، أَبُو حامدٍ ابْن أَبِي الفخار. [المتوفى: 635 هـ]
من مشايخ الصوفيه وأعيانهم، لَهُ أتباعٌ ومُريدون.
عاشَ خَمْسًا وسبعين سنة. وتُوُفّي ببغداد فِي شعبان، رحمه الله.(14/171)
324 - تورانشاه ابنُ الأميرِ عباسٍ الحَلَبيُّ، المعروف بالشيخ شمس الدّين الزاهدُ. [المتوفى: 635 هـ]
كَانَ من أحسنِ الناس صورةً، فزَهِدَ فِي صِبَاه، وصَحِبَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه اليُونينيُّ، ولَزِمَ العبادة فَبَنى لَهُ أَبوه الزاوية المعروفة بظاهرِ حلبَ. وكان صاحبَ أحوالٍ ورياضياتٍ وجدٍ. وكان يسمى عَروسَ الشام. وبَلَغنا أَنَّهُ عَمِلَ خَلْوةً أربعينَ يومًا بوقية تمرٍ فخَرَجَ ومعه ثلاثُ تمراتٍ.
وقال الشيخُ سُلَيْمَان الجعبريُّ: ما رأيتُ شَيخًا أصبر عَلَى حَمْل الأذى من الشيخ شمس الدين ابن عباس.
وقال الشيخ خضر ابن الأكحل: ما رَأَيْت شيخا أكرم أخلاقًا من الشيخ شمس الدين ابن عباسٍ، كانَ يُطْعمُ الفقراءَ، ويَخْضَعُ لهم، ويُبَاسطُهم، وكانَ صاحب حلب يجيءُ إلى عنده، فما كَانَ يَلْتفتُ عَلَيْهِ وما يُصَدق متَى يُفارقُه. وكان يَمُدُّ للفقراءِ الأطعمةَ والحلاواتِ. تُوُفّي فِي رجب.(14/171)
325 - الحسنُ بْن عَبْد العزيز بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو عليٍ التُّجَيْبيّ الأندلُسيُّ القَشْتَلْيُوني البَلَنْسيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
وقَشْتَلْيُونة: من عمل بلنسية. [ص:172]
ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة.
ذكَرَهُ أَبُو عبد الله الأبَّارُ، فقال: أخذَ القراءاتِ عن أَبِي الْحَسَن بْن هُذيل، وأجازَ لَهُ إجازةٌ عامة فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وستين. وكانَ يكتُبُ المصاحف. وسَكَنَ تونُسَ وأقرأ بها القرآن. ورأيتُ الآخذ عَنْهُ فِي سَلْخ شَعْبان سنة خمسٍ وثلاثين وعلى أثرِ ذَلِكَ تُوُفّي بتونُس لأنِّي قَدِمتُها رسولًا من قبل والي بَلَنسية فِي منتصف السنة التي بعدها، فلم أجدْه.(14/171)
326 - الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن فاتح، أَبُو عَلِيّ البَلَنْسيُّ الشَّعَّارُ. [المتوفى: 635 هـ]
لقي أبا الحسن ابن النَعمة، واخَذَ عَنْهُ القراءاتِ السَّبْعَ، وأجازَ لَهُ. وأخذها أيضًا عن أيّوب بْن غالب صاحبِ ابن هذيل. وسمع من وَهْب بْن نذير " صحيحَ الْبُخَارِيّ"، ومن ابْن نوح الغَافقيِّ.
وحَجَّ، وتَعانَى التجارة، وجلسَ أخيرًا للإقراءِ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الأبار، وقال: توفي يوم الأضحي، وله أربع وثمانون سنة.(14/172)
327 - حسن بْن عَبْد اللَّه الدُّجيليّ، الشيخُ الصّالح المعروف بشُلَيل. [المتوفى: 635 هـ]
من مشايخ الفقراءِ بالعراق.
لَهُ زاويةٌ ومريدون. وكان ساذَجًا سَليمَ الصَّدر، كثيرَ الصلاةِ، وللناس فِيهِ اعتقادٌ، وكانَ يَمُدُّ الكَسْرَةَ ويحضُرُ سماعَ الفقراءِ، ولا يَدَّخر شيئًا. وقد جاوَزَ السبعين.
وتُوُفّي فِي شوَّال، وشيَّعَه خلائق.(14/172)
328 - الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن هبَة اللَّه ابْن رئيس الرؤساء أَبِي القاسم عَلِيّ بْن الحسن ابن المُسْلمَة، أَبُو محمدٍ البغداديّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 635 هـ]
شيخٌ مُحْتَشِم، أصيلٌ، دينٌ، صالحٌ. يَنْسخُ ويأْكُلُ من كَسْبه. ولد في [ص:173]
شعبان سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، وأبي بكر ابن المُقَرَّب.
رَوَى عَنْهُ أَبُو القاسم بْن بَلَبان، وعزُّ الدّين أَحْمَد الفاروثيّ، وغيرهما. وبالإجازةِ فاطمةُ بنت سليمان، وأبو علي ابن الخلال، وأبو نصر ابن الشيرازي، وجماعةٌ.
وتوفي في ثالث رجب.(14/172)
329 - خطلبا، الأميرُ صارمُ الدّين التِّبْنينيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
كَانَ غازيًا مُجاهدًا، دينًا، كثيرَ الرباط والصدقاتِ.
تُوُفّي بدمشق فِي شعبانَ، ودُفِنَ بتُربة جهاركس بالجبلِ، وهو الّذِي أنشأها ووَقَفَ عليها من ماله، والله يرحمه.(14/173)
330 - زينبُ بنتُ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيَّهُ البَلَنسيةُ، المدعوَّةُ عزيزةَ بنتَ ابْن مُحْرز. [المتوفى: 635 هـ]
ولدت سنة نيفٍ وخمسين.
قَالَ الأبَّارُ: سَمِعت من جدها لأمِّها أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيل كتابَ " التقصي " لابن عَبْد البرِّ. وكانت امرأةٌ صالحةً. وقد أخَذَ عنها يسيرًا، وكان خَطُّها ضعيفًا. عُمِّرَتْ وبَلَغت الثمانين. وتوفيت فِي نصف جمادى الأولى.(14/173)
331 - عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن مواهب، أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ البغداديّ الصُّوفيّ الصالحُ، المعروف بابنِ الزَّرَّاد. [المتوفى: 635 هـ]
قَدِمَ مصر غير مرة وسَمِعَ بها من إِسْمَاعِيل بْن ياسين، وفاطمة بِنْت سعد الخير، وببغداد من أَبِي مُحَمَّد ابن الأخضر. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من والده أَبِي إِسْحَاق، وهو من شيوخ الحافظ الكبير أَبِي سعد ابن السمعانيّ حدثه عن أَبِي النَّرْسيّ.
وُلِد عَبْد اللَّه ببغداد سنة ستٍ وستين، وتُوُفّي بها فِي ثالث ذي القَعْدَةِ.(14/173)
332 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو محمدٍ الثَّقفيّ الأندلُسيُّ البيَّاسيُّ المالكيُّ الفقيهُ الكاتبُ، [المتوفى: 635 هـ]
نزيلُ القاهرة.
وُلِد ببَيَّاسة سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. لَقِي أَبَا القاسم السُّهَيْليّ، وجماعةً من الفضلاء، وقدم مصر وتولي بها ولاياتٍ. وكان أديبًا فاضلًا، إخباريًا. لَهُ شعرٌ حَسَن.
كَتَبَ عَنْهُ الحافظُ عَبْد العظيم، وغيره، وقال: تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(14/174)
333 - عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحمن بْن عَبْد اللَّه بْن علوان بن عبد اللَّه بْن عُلْوان بْن رافع، قاضي حلب زينُ الدّين أَبُو محمدٍ ابْن الأستاذ، الأَسَدِيّ؛ أسد خزيمة، الشّافعيّ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد بحلب فِي ربيع الأول سنة ثمانٍ وسبعين. وسمع من يحيى الثَّقفيّ. وتفقه، ونابَ فِي القضاء عن ابن شداد، ثم ولي بعده قضاء القضاة، والتدريس، وترسَّل إلى الديوان العزيز. وكان صدرًا معظمًا جامعًا للفضائل. لَهُ عنايةٌ بالحديث والسماع. حدَّث ببغداد، وحلبَ، ودمشق، ومصر.
وقد اختصرَ ابن النّجّار ترجمته وأبلغ، فقال: كَانَ كامل الأوصاف، لَهُ أيادٍ يعجزُ عن حصرها قلمي، ويقصُرُ عن شرحها كلمي. كَانَ ثقةً. وما رأت عيناي أكمل منه.
قلتُ: روى عنه القاضي مجد الدين ابن العديم، وعلاء الدّين سُنْقُر الزَّينيُّ، مولاه، وغيرهما.
وتُوُفّي فِي سادس عشر شَعْبان بحلب، وكانت جنازته مشهودةً.(14/174)
334 - عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عليّ بْن عُمَر بْن زيد، الشَّيْخ أَبُو المنجَّى ابْن اللَّتِّيِّ البغداديّ الحَرِيميُّ الطاهريُّ القزَّازُ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد بشارع دار الرَّقيق فِي العشرين من ذي العقدة سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع بإفادة عمه محمد بن علي ابن اللتي من سعيد بن أحمد ابن [ص:175]
البناء في الخامسة، ومن أبي الوقتِ السِّجْزي، وأَبِي الفتوح الطائي، وأَبِي المعالي محمد ابن اللَّحَّاس، وعمر بْن عَبْد اللَّه الحربيِّ، والحسن بن جعفر المتوكلي، وأبي الفتح ابن البطّي، وأَحْمَد بْن المقرَّب، ومقبل بْن أَحْمَد بْن الصَّدْر، وعمر بْن بُنَيْمان، وأخيه أَحْمَد، ومسعود بن شنيف، وأجاز له مسعود بن الحسن الثقفي، والمفتي أبو عبد اللَّه الرُّسْتَميّ، وأَبِي القاسم فورجة، وإِسْمَاعِيل بن شهريار، وعلي بن أحمد اللباد، وأَبُو جعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن الصَّيْدلانيّ، وأَبُو عاصم قيس بْن مُحَمَّد السُّوَيقيّ من أصبهان. وفاتته إجازة أَبِي الفضل الأُرمويّ وطبقته.
قَالَ ابْن نقطة: سماعه صحيحٌ، وله أخٌ قد زور لعبد الله إجازاتٍ من ابن ناصر وغيره، وإلى الآن ما علمتُه رَوَى بها شيئًا وهي باطلةٌ. فأما الشيخُ فشيخ صالح لا يدري هذا الشأن البَّتة.
قلتُ: وكان قد سَمِعَ كتاب " ذمِّ الكلام " لشيخ الإِسلْام من أَبِي الوقت بفوت كرَّاس، ولا أعلمه حدث إلا بـ " منتقى ابن النابلسي " له وهو جزء ضخم، وأنا أتعجَّب كيف فوَّت ابْن الْجَوْهريّ والطلبةُ ذَلِكَ عليه؟
وروى الكثير ببغداد وحلب ودمشق والكَرَكِ واشتهر اسمُه وعلا سنده، وتفرَّد فِي الدُّنيا.
قَالَ ابْن النّجّار: وبه خُتِمَ حديث أَبِي القاسم البَغَوِيّ بعلوٍ. قَالَ: وكان سماعُه صحيحًا.
قلتُ: أقْدَمَه الشام معه المفيد أبو العباس ابن الْجَوْهريّ، قَدِمَ فِي ذي القَعْدَةِ من سنة ثلاثٍ وثلاثين فنزل بِهِ ببستانهم بِجَدَيا. وسَمَّعَ عليه قبل كل أحدٍ أبا علي ابن الخلَّالِ وإخوته. ثمّ حدَّث بالكثير بالصالحية وبالبلد غير مرَّة. وذَهَبَ إلى الكَرَكِ؛ طَلَبَهُ الملك الناصر فسمَّع عَلَيْهِ أولاده وأهل الكرك، وأنعم عَلَيْهِ، وأقامَ بالكَرَكِ مدّةً. ثمّ رجع إلى دمشق، وحدَّث بخان الصارم بظاهرِ [ص:176]
دمشق. وذهب إلى حلب، فحدث بها فِي ذي القعدة وذي الحجة من سنة أربعٍ، وسافر إلى بغداد وقد حصَّل جملةً صالحةً من صِلات الناصرِ وأهلِ حلبَ. ازدَحم عَلَيْهِ الطلبة، وجلسَ بين يديه الحُفاظُ والأئمةُ.
حدَّث عَنْهُ ابن النّجّار، وأَبُو عبد الله الدبيثي، والضياء، والشرف ابن النابُلُسيّ، والشمسُ مُحَمَّد بْن هامِل، والجمال مُحَمَّد ابن الصابوني، والضياء علي ابن البالسي، والنَّجْمُ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السَّبتيّ، والشمسُ مُحَمَّد بن عبد الوهاب الحنبلي، والشهاب أحمد ابن الخرزي، والجمال أحمد ابن الظاهري، والشريف أبو الْحُسَيْن اليونينيُّ، وأَبُو القاسم بْن بَلَبان، والمجدُ يوسف ابن المِهْتار، والبهاءُ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم النَّحْويّ، والعزُّ بْن عَبْد الحق، وأَبُو حامدٍ المُكَبِّرُ، وعيسى المغاري، وعيسى المُعَلِّمُ، وعيسى المُطْعِمِ، وأَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن المنقذيّ، وعَلِيّ بْن هارون القارئُ، وخطيبُ بعلبكَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الوهاب السلمي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، ومُحَمَّد بْن قايماز الدَّقيقيّ، والزينُ مُحَمَّد بْن عَبْد الغنيّ الذهبيُّ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذهبيّ، وداود بْن حمزة، وأخوه القاضي أَبُو الربيع، وإبراهيم بن علي ابن الحبوبي، وعمر بْن إِبْرَاهِيم الْجُنديّ، والصَّدْرُ بْن مكتومٍ، وعَبْد الأحد ابن تيمية، وزينب بنت الإسْعرديّ، وهديةُ بنتُ الهرَّاسِ، وزينبُ بنتُ شكرٍ، وأحمد بن أبي طالب الحجار، والقاسم ابن عساكر، وخلقٌ كثير.
وتُوُفي ببغداد فِي رابع عشر جُمَادَى الأولى.
وكان شيخًا صالحًا، مباركًا، خلياً من العلم.(14/174)
335 - عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن يُوسُف، خطيبُ بيت الآبارِ، نجيبُ الدّين أَبُو حامدٍ ابن خطيب بيت الآبار المقَدْسيُّ العَدْلُ. [المتوفى: 635 هـ]
كَانَ مشهورًا بالخير والأمانة. ولد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وحدَّث عن القاضي أَبِي سعد بْن عصرون، ويحيى الثّقفيّ، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، وجماعةٍ.
روى عنه المجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ. وأجاز لأبي نصر ابن الشيرازي. وأخبرتنا عَنْهُ ستُّ الفقهاء بِنتُ أخيه. [ص:177]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.(14/176)
336 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف، أبو مُحَمَّد التُّجيبيُّ الأندلُسيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
ولد بعد الخمسين وخمسمائة. وذَكَرَ أَنَّهُ سَمِع من أَبِي عَبْد اللَّه ابن الفخار، وأنه رأى أبا زيدٍ السهيلي. وقدم مصرَ وسَكَنها، وأدب الصبيان بالشارع. وكان فِيهِ دينٌ، وخيرٌ، ونزَاهةُ نفسٍ، وله سمتٌ حَسَن. وقد قدم مصرَ بعد الثمانين، ثمّ عاد إلى المغرب، ثمّ قَدِمَ.
كَتَب عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وغيره.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.(14/177)
337 - عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفخر مُحَمَّد بْن أَبِي الطاهر عَبْد الوارث ابْن قاضي القضاة أَبِي الفضائل هبةِ اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن، الشيخُ أَبُو الْحُسَيْن الأَنْصَارِيّ الْمَصْريّ الشّافعيّ الصُّوفيّ، المعروفُ بابن الأزْرق. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد بالقاهرة سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من مُحَمَّد بْن أَبِي الضوء التُّونسيِّ، والفقيه أبي القاسم محمود بْن مُحَمَّد القَزْوِينيّ. وصَحِبَ الصُّوفيه، وحدَّث. وتُوُفّي فِي شوَّال.(14/177)
338 - عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بْن مَطَر، الشَّيْخُ المُعَمَّر الصالحُ أَبُو مُحَمَّد الرُّوميُّ الصوفي. [المتوفى: 635 هـ]
ولد في ذي العقدة سنة أربعين وخمسمائة. وصحب ببغداد الشَّيْخ أَبَا النَّجيب السُّهْرَوَرْدِي ولعلَّه آخِرُ أصحابه.
كتبَ عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وقال: تُوُفّي فِي صفر بمصر.(14/177)
339 - عَبْد اللَّه بنُ المظفَّر ابْن الوزير أَبِي القاسم عَلَى بْن طِرَاد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو طَالِب الهاشميُّ الزَّيْنَبيّ البغداديّ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد فِي شَعْبان سنة تسع وخمسين. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السَّكَن، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر ابن النقور، وشهدة. [ص:178]
وهو من بيت شرفٍ، ووزارةٍ، ونقابةٍ. رَوَى عَنْهُ علاءُ الدّين بْن بَلَبان، وجمالُ الدّين أَبُو بَكْر الشَّريشيّ، وعزّ الدّين أَحْمَد الفاروثيّ، وآخرون. وبالإجازة القاضيان أبو عبد الله ابن الخويي، وأبو الربيع المقدسي، والفخر ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصرٍ محمد بن محمد المزي، والسعد ابن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعةٌ.
وتوفي فِي سادس عشر رمضان.(14/177)
340 - عَبْد اللَّه بْن منصور بن أبي طالب، أبو الفتح ابن السَّيَّافِ البغداديّ الإسْكافُ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد سنة إحدى وخمسين. وسَمِعَ - وهو كبير - من أَبِي ياسر عَبْد الوهاب ابن أبي حبة، والمبارك بن علي ابن أخي الحريص، وعلي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ المُقرئ.
تُوُفّي فِي شَعْبان.
رَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين الحنبلي، وسعد الدين ابن سعد، وجماعةٌ. وكتبَ الحديثَ. وكان رجلًا خيِّرًا.(14/178)
341 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البغداديّ الصُّوفيّ المُطَرِّزُ. [المتوفى: 635 هـ]
حدَّث عن عبيد اللَّه بْن شاتيل. وتُوُفّي فِي صفر.(14/178)
342 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن الحسن بن جَابرِ، أَبُو بَكْر الدِّينَوَرِيّ ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 635 هـ]
سَمِعَ من وفاء بْن البَهيِّ، وعُبَيْد اللَّه بْن أحمد السراج ابن حَمْتِيش - بشين معجمة -. وتُوُفّي فِي صفر.(14/178)
343 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْجَبَّار، الإمامُ رَضِيُّ الدّين أَبُو مُحَمَّد المَقدسيُّ الحنبليُّ المُقرئ، [المتوفى: 635 هـ]
والد السيف ابن الرضي. [ص:179]
شيخٌ صالح، تالٍ لكتابِ اللَّه، كثيرُ الخيرِ والعبادة، يُلَقِّنُ بالجبلِ احتسابًا لله تعالي من نحو أربعين سنة. خَتَمَ عَلَيْهِ القرآن خلقٌ كثير. وحدَّث عن يحيى الثَّقفيّ، وأَبِي الْحُسَيْن أحمد ابن المَوازينيِّ، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، وجماعةٍ من الشاميِّين، وهبةِ اللَّه البُوصيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، وجماعةٍ من المصريين.
قال عز الدين ابن الحاجب: كَانَ رفيقي إلى مَكّة، وكَتَبَ كثيرًا. أراه يتلو القرآن، وفي أكثر ليله يَدْعُو اللَّه تعالى ويتَهَجَّدُ، سَأَلت عَنْهُ الضياء فقال: إمامٌ ديِّن، يقرئُ الناس احتسابًا.
قلتُ: رَوَى عنه لنا بنته خديجة، والشمس محمد ابن الواسطي، والعز أحمد ابن العِمادِ، والتقيُّ سُلَيْمَان الحاكم، وغيرهم.
قَالَ الضياءُ: تُوُفّي فِي ليلة الخميس ثاني صفر، وكان يُلِّقن القرآن احتسابًا. حدَّثني ولدهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد، قَالَ: كنَّا عنده قبل موته، فإذا هُوَ كأنه ينظر إلى أحد ويَبَشُّ إِلَيْهِ كأنَّهُ يريد القيام لَهُ، فقلنا لَهُ فِي ذَلِكَ، فقال: جاءني رجلٌ حسن الوجه، ووصفه، فقال: أَنَا أُونِسُك فِي قبرك، قَالَ: وكان قبل ذَلِكَ قد صار لِفَمِه رائحة، فطابَتْ رائحةُ فمِهِ، ولما وَضَعْناه فِي قبره وجدنا لَهُ رائحةً طيبةً. أو كما قَالَ.(14/178)
344 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي القاسم بْن غنائم بْن يوسف، الأديبُ بدرُ الدّين الكناني العسقلانيُّ ابنُ المسجف الشاعر. [المتوفى: 635 هـ]
ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. وتُوُفيّ فِي الرابع والعشرين من ذي الحجةِ، ودُفن عند والده بالمِزَّةِ. وكان أديبًا، شاعرًا، ظريفًا، خليعًا، عفا اللَّه عَنْهُ.
قَالَ سعدُ الدّين ابن حمويه: توفي فجاءةً، وظهر له خمسمائة ألف درهم، فأخذها ابْن ممدود - يعني الجوادُ صاحبُ دمشق - وله أختٌ عمياءُ فقيرةٌ منعها حقَّها. وكان ابْن المُسجِّف يتجرُ، وله رسوم عَلَى الملوك. وأكثُر شعرِه فِي الهجو، سَلَكَ طريق الشَّرَفِ بْن عُنَين.(14/179)
345 - عَبْد الرحيم بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن أَبِي مَسْعُود، الرئيسُ أَبُو جعْفَر ابْن الناقد البغدادي. [المتوفى: 635 هـ]
ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وحدَّث بالإجازة عن أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غبرة، وابن البطّي. ومات فِي صفر، وله سبعٌ وثمانون سنة.(14/180)
346 - عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد الوهاب بْن علي بْن علي بْن عُبَيْد اللَّه، شيخُ الشيوخ صدرُ الدّين أَبُو الفضائل ابْن الإمامِ أَبِي أَحْمَد بْن سُكَينة، البغداديّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد فِي جُمَادَى الآخرة سنة تسعٍ وخمسين. وسمع من أبي الفتح ابن البطي حضورًا، ومن شُهْدَةَ، وجدِّه لأُمِّه أَبِي القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل بن أبي سعد. وحدَّث ببغداد ودمشق.
وكان شيخًا جليلًا، لَهُ رواءٌ ومنظرٌ، وهو من بيت رواية ومشيخةٍ. كتب عَنْهُ الكبار.
وحدَّث عَنْهُ البِرْزاليُّ، وعلاءُ الدّين بْن بَلَبان، وسعدُ الخير ونصرُ اللَّه ابنا أبي الفرج النابلسي، والشرف أحمد ابن عساكر، وجماعةٌ.
ووَلِيَ مشيخة رباط جدِّه أَبِي القاسم، وروسل به إلى الأطراف.
وروى عنه بالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، وأبو نصر محمد بن محمد. وجماعة. وتُوُفّي في الثاني والعشرين من جُمَادَى الأولى.(14/180)
347 - عبد العزيز بن علي بن المظفر بن أَبِي المعالي، أَبُو مُحَمَّد البغداديّ الصُّوفيّ النَّعَّالُ، ويُعرف بابن المُنَقِّي. [المتوفى: 635 هـ]
رَوَى عَنْ مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن عقيل، وعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، والقَزَّازِ.
تُوُفّي فِي رجب.
أجازَ لأبي نصر ابن الشيرازي، وغيره.(14/180)
348 - عَبْد العزيز بْن أَبِي الْحَسَن، الحكيمُ أسعدُ الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَصْريّ، رئيسُ الأطباءِ بالدّيار المصرية. [المتوفى: 635 هـ]
سمع من القاسم ابن عساكر. وشهد على القضاء. وتُوُفّي فِي سابع ذي القَعْدَةِ بالقاهرة.
وأخَذَ الطبَّ عن أَبِي زكريّا البَيَّاسيّ. وخَدَمَ الملكَ المسعود أقسيس مدّةً باليمن. وحَصَّل أموالًا.
وعاشَ خمسًا وستين سنة.
وكانَ أَبُوه طَبيبًا أيضًا.
وللأسعدِ كتابُ " نوادر الألبّاء فِي امتحان الأطباء ".(14/181)
349 - عَبْد القادرِ بْن أَبِي الفضل عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه، الشريفُ الخطيبُ أَبُو طَالِب ابْن المنصوريّ، الهاشميّ البغداديّ. [المتوفى: 635 هـ]
سَمِعَ ابن شاتيل. وتُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ.(14/181)
350 - عَبْد الكافي بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، الصالحُ أَبُو مُحَمَّد السَّلاويّ المالكيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد بمكة، ونَشَأ بالإسكندرية وسَمِعَ من السِّلَفِيّ.
روى عنه الزكي المنذري، وقال: توفي في ربيع الأول. ورَوَى عَنْهُ بالإجازة جماعة.
قَالَ ابن مسدي: منعه الأشرف ابن البيسانيّ من الإسماعِ لغيره، وأغلقَ عَلَيْهِ. فسمِعنا من خَلَف الباب.(14/181)
351 - عَبْد الكريم بْن خَلَف بْن نَبْهان، الخطيب الصالحُ أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ السماكيُّ الخرشيُّ [المتوفى: 635 هـ]
خطيبُ زمَلْكا.
رَوَى عن أَبِي القاسم ابن عساكر، ومحمد بْن أَبِي الْعَبَّاس النَّوقانيِّ. رَوَى عَنْهُ زكيُّ الدّين البِرْزاليُّ، وغيرُ واحد. وبالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، وإبراهيم ابن المخرمي، وغيرهما. [ص:182]
مَرِضَ مدّةً، وتُوُفّي فِي هذه السنةِ؛ ورَخَّه أَبُو شامة هكذا. وقد مَرَّ فِي سنة ثلاثٍ.(14/181)
352 - عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الخَضِر بْن عَبْدان، أَبُو الفضلِ الأَزْدِيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 635 هـ]
سَمِعَ من مُحَمَّد بْن حمزة بْن أَبِي الصقر. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ.(14/182)
353 - عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن بركة بْن أَبِي الرَّيَّان، المُؤدِّبُ البغداديّ الوَرَّاقُ، [المتوفى: 635 هـ]
أخو عُمَر شيخ الأبرقوهي.
ولد بعد الخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من أَبِي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن شنيف المقرئ، ودهبل ابن كارَةَ. وتُوُفّي فِي ثالث عشر جُمَادَى الأولى.
قال المحب ابن النّجّار: كَانَ شيخًا لا بأسَ بِهِ.
قلت: روى عنه بالإجازة القاضي شهاب الدين ابن الخويي، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ، وغيرهما.(14/182)
354 - عَلِيّ بْن المبارك بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن غُنَيْمَة ابن فائق أَبُو الْحَسَن البغداديّ الوكيل المُديُر، [المتوفى: 635 هـ]
يعني مدير الإسجالاتِ عَلَى شهُود الحَكَم.
كانَ وكيلًا، شُرُوطيَّا بارِعًا فِي الحُكومات. وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين. وسَمِعَ من يحيى بْن ثابت بْن بُنْدار، وعَبْد الحقّ اليوسُفيّ. وأجاز لفاطمةَ بنتِ سليمان، وكمال الدين أحمد ابن العطار، وأبي علي ابن الخَلَّال، والقاضي تقي الدّين سُلَيْمَان، وغيرهم. وماتَ فِي مُسْتَهَلّ جُمَادَى الأولى.(14/182)
355 - عَلِيّ بْن نصر اللَّه ابْن جمالِ الأئمَة أَبِي القاسم عَلِيّ بْن أَبِي الفضائل الْحَسَن بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد، الفقيُه الرئيسُ عزُّ الدّين أَبُو الْحَسَن الكِلابيُّ الدّمشقيّ الشّافعيّ، المعروف بابن الماسح، والماسحُ: هُوَ أَبُو الفضائل. [المتوفى: 635 هـ]
ووَلِيَ العزُّ الوِكَالةَ السلطانيةَ بحرَّان. وانقطعَ إلى شيخ الشيوخ صدرِ الدّين أَبِي الْحَسَن بْن حَمُّويه مدّةً. ووَلِيَ التدريسَ بالجامعِ الظافريّ بالقاهرةِ إلى أن تُوُفّي بالقاهرة فِي تاسعِ جُمَادَى الأولى.(14/183)
356 - غُضَيْبَةُ بنتُ عِنَان بْن حُمَيْد. أمُ الْحَسَن السّعديَّةُ المصرية، وتُدعى عِزِيَّةَ وعَزِيزَةَ. [المتوفى: 635 هـ]
زوجةُ مُرْتَضى ابن العفيف حاتمِ.
سَمَّعَها زوجها من مُنْجِبِ بْن عبد الله المرشدي، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد السبيي، وغيرِهما.
رَوَى عنها الحافظ عَبْد العظيم، وقالَ: توفيت فِي ثالث عشر المحرَّم. وهي بضمِّ الغين، وفتح الضاد المعجمتين.(14/183)
357 - فخرُ النساءِ بِنْت عَلِيّ بْن ثابت بْن عَلِيّ الباجِسْرائيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
روت عن جدها أَبِي المظفَّر يحيى ابن الخيمي. سَمِعَ منها ابنُ النّجّار.
رَوَى لنا عنها بالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وابن الشحنة، والمطعم، وابن عَبْد الدائم، وسعد.
توفيت فِي صفر.(14/183)
358 - قِلج رسلان بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن شاهنشاه بْن أيوب، الملك الناصر ابن المنصور، [المتوفى: 635 هـ]
صاحب حماة.
تملك بعدَ أَبِيهِ وبَقيَ فِي الأمر سنواتٍ تسعًا. ثمّ أخَذَ أخوه الملكُ المظفَّر منه حماةَ بإعانةِ الملك الكامل. ثمّ بَقيتْ لَهُ قلعةُ بعرين، ثم أخذت منه. فسار إلى مصرَ، فأُعطي بها خبزَ مائتي فارس، ثم بدا منه كلامٌ فجٌ فحَبَسَهُ الكاملُ [ص:184]
بقلعَة الْجَبَل إلى أن ماتَ قبلَ وفاةِ الكامل بأيام قليلة.(14/183)
359 - محاسنُ بْن إِسْمَاعِيل بْن عليٍ، الأديبُ الشهيرُ شهابُ الدّين الحَلَبيُّ الشَّوّاءُ. [المتوفى: 635 هـ]
كوفيُّ الأصل. بديعُ النظُمِ.
ماتَ بحلبَ فِي صَفَر سنةَ خمسٍ، وقد كَمَّل السبعين.(14/184)
360 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملْك بْن أحمد بن عبد الله ابن البَاجي، القاضي أَبُو مروان اللخميُّ الإشبيليُّ الأندلُسيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
قاضي الجماعةِ بإشْبِيليَةَ.
سَمِعَ الكثيرَ من أَبِي بكر بن الجهد الفِهْريّ، وغيرِه. وأجازَ لَهُ والدهُ أَبُو عُمَر، وأَبُو القاسم السهيليّ، وجماعة. ووَلِيَ قضاءَ إشْبِيلِيَةَ وخطابتَها مدّةً طويلة.
قَالَ الأبَّارُ: لم يَكُنْ من أهلِ العناية بالرِّواية. امتُحِنَ فِي الفتنَة عند مقتلِ ابْن أخيه متولّي إشبيلِيَة أَبِي مَرْوان أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد عَلَى يَدَيْ أَبِي عَبْد اللَّه بْن الأحمر فِي سنة إحدى وثلاثين وستمائة. ورَحَلَ للحجَّ فِي سنة أربعٍ وثلاثين، فدَخَلَ دمشقَ من مَرْسَى عَكَّا، وسَمِعَ من أَبِي نصر ابن الشّيرازيّ. وحَجَّ وعادَ إلى مصرَ، فتوفيّ بها فِي ربيعٍ الآخرِ.
قَالَ المُنْذريُّ: فِي الثامن والعشرينَ منه. وكانَ من أعيانِ أهل الأندلُسِ، مشهورًا بالصلاح والدين، مُقْبلًا عَلَى أمرِ آخرِته، فارًّا بدينهِ من الفتنِ، راغبًا عن صُحبة أهلِ الدُّنيا.
وقال أبو شامة: فِي سنة أربع قَدِمَ القاضي أَبُو مروان مُحَمَّد بْن أحمد بن عبد الملك اللخمي الإشبيليُّ، من بيتٍ كبيرٍ يُعْرَفُ ببيتِ الباجي، قدم في [ص:185]
البحر إلى عَكَّا. وجَدُّهم أَبُو عَبْد الملك أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه من شيوخ أَبِي عمُر بْن عَبْد البَر.
قلتُ: أجازَ لشيخنا أبي نصر ابن الشّيرازيّ.(14/184)
361 - مُحَمَّد بْن رشيدِ بْن محمود بْن أَبِي القاسم، رشيدُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه، النَّيْسابوريّ العطَّارُ الصُّوفيّ الكاتبُ المجوِّدُ. [المتوفى: 635 هـ]
كتبَ الناسُ عَلَيْهِ بجامعِ دمشقَ. وحدَّث عن المؤيدَّ الطوسيّ، وزينب الشعرية. أجاز للفخر إسماعيل ابن عساكر، وللشيخ عَلِيّ بْن هارون، ولإبراهيم بْن أبي الحسن المخرمي، وفاطمة بنت سليمان، وجماعة.
وتُوُفّي فِي تاسع ربيع الآخر.(14/185)
362 - مُحَمَّد بْن عَبْد الكافي بْن عَبْد الرَّحْمَن، تاجُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الحنفيُّ الْمَصْريّ. [المتوفى: 635 هـ]
حدَّث عن البُوصيريُّ، وغيره. وتُوُفّي فِي شَعْبان.(14/185)
363 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن شَبيب بْن سالم، أَبُو عَبْد الله ابن القَزَّازُ الحَلَبيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
سَمِعَ من شُهْدَةَ؛ وعنه مجدُ الدين ابن العديم. وتُوُفّي بحلبِ فِي ربيع الأول.(14/185)
364 - محمدٌ السُّلطان المُلْك الكامل ناصرُ الدين، أَبُو المعالي وأَبُو المُظَفَّر ابْن السلطانِ الملكِ العادل سيف الدّين أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب بْن شاذي، [المتوفى: 635 هـ]
صاحب مصر.
وُلِد بمصر سنة ستٍ وسبعين وخمسمائة. وأجاز له العلامة عبد الله بن بري، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن صَدَقَة الحرّانيّ، وعبد الله الرحمن ابن الخِرَقيّ.
قرأتُ بخطِّ ابْن مَسْدي فِي " معجمه ": كَانَ الكاملُ مُحِبًّا فِي الحديث وأهلهِ، حَريصًا عَلَى حفظِه ونَقْله، وللعلمِ عنده سوقٌ قائمةٌ على سوق. خرج له أبو القاسم ابن الصَّفْراويّ " أربعين حديثًا " وسَمِعَها جماعةِ. وحَكَى عَنْهُ ابن مَكْرَم الكاتبُ أن أَبَاهُ العادلَ استجازَ لَهُ السِّلَفِيّ قبل موت السِّلَفِيّ بأيامٍ. [ص:186]
قَالَ ابْن مسدي: ثمّ وَقَفْتَ أَنَا عَلَى ذَلِكَ. وأجاز لي ولابني.
قلتُ: وتَمَلَّك الديارَ المصرية أربعين سنة، شَطْرها فِي أيّام والده.
وقيلَ: بل وُلِدَ فِي ذي القَعْدَةِ سنة خمسٍ وسبعين.
قَالَ المُنْذريُّ: أنشأ دارَ الحديثِ بالقاهرة وعَمرَّ القُبَّة عَلَى ضريح الشّافعيّ، وجَرَّ الماءَ من بِرْكة الحَبَش إلى حوض السبيل والسِّقايةِ، وهما عَلَى باب القُبَّة المذكورة. ووقف غير ذَلِكَ من الوقوف عَلَى أنواعٍ من أعمالِ البِرِّ بمصر وغيرها. وله المواقفُ المشهودة فِي الجهاد بدِميْاطَ المدة الطويلة، وأنفقَ الأموالَ الكثيرة.
قلتُ: وأنشأ بالغربِ مدينةً كبيرةً جدًا، وجعلها دار ملكه، وأسكنها جيشَه.
ومن شِعرِه كَتَبَه من دِمياط:
يا مُسْعِفي إنْ كُنْتَ حَقًّا مُسْعِفي ... فَارْحَلْ بغَيرِ تقيّدٍ وتَوَقُّفِ
واطوِ المَنَازلَ والديار ولا تُنخْ ... إلا عَلَى بابِ المَليكِ الأشرفِ
قَبِّل يَدَيْه لا عَدِمتَ وقُل لَهُ ... عَنِّي بِحُسْنِ تعطّفٍ وتَلَطُّفِ
إنْ تَأْتِ صِنْوَكَ عن قريبٍ تَلْقَه ... ما بينَ حَدِّ مهنّدٍ ومُثَقَّفِ
أو تُبْطِ عن إنجادِه فَلِقاؤه ... يَوْمَ القيامةِ فِي عِراصِ المَوْقفِ
وكافحَ العَدُوَّ المخذولَ بَرًّا وبحرًا ليلًا ونهارًا، يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ شاهده. ولم يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حتى أعزَّ اللَّه الإِسلْام وأهلَه وخَذَلَ الكفرَ وأهلَه. وكانَ مُعَظِّمًا للسُّنَّةِ النَّبوية وأهلها. راغبًا فِي نشرِها والتمسُّكِ بها، مؤُثِرًا للاجتماع مَعَ العلماء والكلامِ مَعهم حَضَرًا وسَفَرًا.
وقالَ غيره: كان الملك الكامل فاضلاً، عادلًا، شهمًا، مهيبًا، عاقلًا، مُحِبًّا للعلماء يُباحِثهم ويفهمُ أشياء. وله شعرٌ حَسَن، واشتغالٌ فِي العلم.
وقيلَ: إنَّه شكَا إِلَيْهِ ركبدارٌ أستاذهُ بأنَّه استخدمه ستةَ أشهرٍ بلا جامكيَّة، [ص:187]
فأنزلَ أستاذَه من فرسه، وألبَسَه ثيابَ الركبْدار، وألبس الركبدار ثيابه، وأمره بخدمة الركبدر وحَمْلِ مداسةِ ستةَ أشهر. وكانت الطرق آمنة فِي زمانِه. وقد بَعُثَ ابنه الملك المسعود إقسيس، فافتتحَ اليمنَ والحجازَ وماتَ قبله، ووَرِثَ منه أموالًا عظيمةً. وكانت رايتُه صفراء وفيه يَقُولُ البهاء زهيرٌ:
بكَ اهتزَّ عطفُ الدّين فِي حُلَلِ النصر ... ورُدَّت عَلَى أعقابها مِلَّة الكُفْرِ
يَقُولُ فيها:
وأُقْسِمُ إنْ ذَاقتْ بنو الأصفر الكرى ... لما حملت إلّا بأَعْلامِكَ الصفرِ
ثلاثة أعوامٍ أقمت وأَشْهُرًا ... تُجاهدُ فيهم لا بزيدٍ وَلا عَمْرو
ولَيلَةَ نفرٍ للعَدوِّ رأيتُها ... بكثرةِ مَنْ أَردَيتُه ليلةَ النَّحْرِ
فَيَا لَيْلةً قد شرف اللَّه قَدْرَها ... فَلا غَروَ إنْ سَمَّيتْها لَيلَةَ القَدْرِ
وهي من غُرَرِ القصائدِ.
ولمّا بَلغَتْهُ وفاةُ أخيهِ الأشرفِ سارَ إلى دمشق وقد تملَّكَها أخوهُ الصّالحُ فحاصَرَه وأخَذَها منه ومَلَكَها واستقر بقلعتها فِي جُمَادَى الأولى من السنة، فلم يُمَتَّعْ بها، وعاجَلَتْهُ المَنِيَّةُ، وماتَ بعد شهرين بالقلعةِ فِي بيتٍ صغير، ولم يشعْر أحدٌ بموتِه، ولا حَضَرهُ أحدٌ من شدة هيبته. مَرِضَ بالسُّعال والإسهال نيفًا وعشرين يومًا، وكان فِي رجله نقرسٌ ولم يتحزنِ الناس عليه، ولَحِقَتهم بهتةٌ لما سَمِعُوا بموته. وكان فِيهِ جبروتٌ. ومن عدِله الممزوجِ بالعَسفِ أنَّه شَنَقَ جماعةٌ من الأجنادِ عَلَى آمِد فِي أكيالِ شعير أخذوه، وكذا لما نازل دمشق، بَعَثَ صاحبُ حِمْص رجالَه نَجدةً لإسماعيل، عُدَّتُهم خمسون نفسًا، فأخذهم وشنَقَهم كلَّهم.
ذكرَ شمسُ الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْجَزَرِيّ: أنَّ عمادَ الدّين يحيى البصراويّ الشريفَ قَالَ: حكى لي الخادمُ الّذِي للكامل قَالَ: طلب منى الكاملُ طِستًا حتى يتقيأ فأحضرتهُ. وكان الملكُ الناصرُ داودُ عَلَى الباب ليعودَ عمَّه، فقلت: دَاوُد عَلَى الباب. فقال: ينتظر موتي؟! وانزعج، فخرجت، وقلت: [ص:188]
ماذا وقتك، السُّلطانُ منزعج. فنَزَلَ إلى دار سامة، وكان نازلًا بها، ودَخَلْت إلى السلطانِ، فرايتُه قد قضى والطَّسْتُ بين يديه وهو مكبوبٌ عَلَى المِخَدَّةِ.
قَالَ ابن واصل: حكى لي طبيبه، قَالَ: أصابه لمّا دخل قلعة دمشق زكامٌ، فدخل الحمَّام، وصبَّ عَلَى رأسه ماءً شديد الحرارة اتباعا لقول مُحَمَّد بْن زكريا الرازي في كتابٍ سماه " طب ساعة " قالَ: من أصابه زكامٌ، فصب عَلَى رأسه ماء شديد الحرارة، انحلَّ زكامه لوقته. وهذا لا ينبغي ان يعمل عَلَى إطلاقه. قَالَ: فانصَبَّ من دماغه مادةٌ إلى فم مَعِدَتِه فتورَّمت، وعَرضَتْ لَهُ حميّ شديدة، وأراد القَيْء، فنهاهُ الأطباء وقالوا: إن تقيَّأ هَلَكَ، فخالفهم وتقيأ فهلك لوقته.
قالَ ابن واصل: وحكى لي الحكيم رَضِيَ الدّين، قالَ: عرضت له خوانيق فانفقأت، وتقيأ دما كثيرا ومدة، وأراد القيء أيضا، فنهاه أَبِي موفق الدين إِبْرَاهِيم وأشار به بعض الأطباء، فتقيأ، فانصَبَّتْ بقيَّةٌ المادّة إلى قصبَة الرئة، وسدَّتها فمات.
قَالَ ابنُ واصل: استَوْزَرَ فِي أول ملكه وزير ابنه صفيّ الدين ابن شُكْر، فلمَّا مات لم يستَوْزرْ أحدًا، بل كَانَ يباشر الأمور بنفسه. وكان مَلِكًا جليلًا. مَهِيبًا، حازمًا سديد الآراء حَسَن التدبير لممالِكه، عَفيفًا، حَليمًا، عُمِرَت فِي أيامه ديارُ مصر عِمارةً كبيرةً. وكانت عنده مسائلُ غريبةٌ من الفقِه والنحو يوردها، فمن أجاب حَظِيَ عنده.
قَالَ المُنْذريُّ: تُوُفّي بدمشق فِي الحادي والعشرين من رجب.
قلتُ: دُفِنَ بالقلعة فِي تابوت، ثمّ نُقِلَ سنة سبعٍ وثلاثين إلى تُربة بنيت له إلى جانب السميساطية، وفتح لها شباكٌ وبابٌ إلى الجامع الأُمَويّ. وخلَّف وَلَديْنِ؛ الملك العادل أَبَا بَكْر والملك الصّالح أيّوب، والصاحبة.(14/185)
365 - مُحَمَّد بْن محمود بْن يحيى، أَبُو عَلِيّ البغداديّ الحَماميّ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين. وحدَّث عن أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أحمد ابن النرسي. روى عنه أبو عبد الله ابن النجار، وغيره. [ص:189]
وأضرَّ فِي آخرِ عمره. وتُوُفّي فِي أول صفر.(14/188)
366 - مُحَمَّد بْن مَسْعُود بْن بهروز، الطبيبُ المُعَمَّرُ أَبُو بَكْر البغداديّ. [المتوفى: 635 هـ]
حدَّث أن جدِّه قَدِمَ من العَجَم إلى بغداد فِي طلب علم الطب. وسمع هو بإفادة خاله يحيى ابن الصدر من أبي الوقت " مسند عبد "، و " الدارمي "، وكتاب " ذمِّ الكلام ". وسَمِعَ من أَبِي الفتح ابن البطي وأبي زرعة، وأحمد بن علي ابن المعمر الحسيني. وتفرد بالسماع ببغداد من أَبِي الوقت.
رَوَى عَنْهُ أَبُو المظفَّر ابن النابُلُسي، وأَبُو القاسم بْن بَلَبان، وأَبُو بَكْر الشَّريشيّ، والرشيدُ أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي القاسم، وأَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد الغرَّافيّ، وأخوه مُحَمَّد، وأَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الفاروثي، والمجدُ مُحَمَّد بْن خَالِد بْن حمدون، والعمادُ أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأشقرُ خطيبُ الحرم، وأَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن أَبِي البَدْر، وأخته سِتُّ الملوك، وعبد اللَّه بْن أَبِي السعادات، ويوسف بْن صَعْنيِن، وطائفةٌ.
وأجاز للقاضيين أَبِي عَبْد اللَّه ابن الخوييّ، وأَبِي الربيع سُلَيْمَان بْن حمزة، والفخرِ إسماعيل ابن عساكر، وللشيخ عَلِيّ بْن هارون، وفاطمة بِنْت سليمان، وسعد بن محمد بن سعد، وعيسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المُطْعِمِ، وأَبِي بَكْر بْن عبد الدائم، وابن الشيرازي، وفاطمة بنتِ جَوْهر البعلبَكِّيَّةِ، وأَحْمَد بْن أَبِي طَالِب ابن الشحنة.
تُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ رمضان، وقد جاوَزَ التسعين.(14/189)
367 - مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن مُهَيَّا بْن عيسى بْن أَبِي الفتوح، أَبُو عَبْد اللَّه اللخمي الإسكندراني. [المتوفى: 635 هـ]
سمع من أبي الطاهر السلفي. وحدث. [ص:190]
ومُهَيَّا: بالياء.
قَالَ المُنْذريُّ: تُوُفّي فِي هذه السنة، ولنا منه إجازة.
ومُهَنّا - بالنّون - كثيرٌ.(14/189)
368 - مُحَمَّد بْن نصر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن محفوظ بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن، الشرفُ أَبُو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الدمشقيُّ الفقيهُ [المتوفى: 635 هـ]
ابنُ ابنِ أخي الشيخ أَبِي البيان.
وُلِد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من الحافظ ابن عساكر. وحدَّث.
وكان فاضلًا، أديبًا، شاعرًا، صالحًا، مُنْقطعًا عن الناس.
رَوَى عَنْهُ ناصر الدّين مُحَمَّد بْن عربشاه، وأمينُ الدّين عبدُ الصَّمد بن عساكر، وابن عمه الشرف أحمد بن هبة الله، والمجد ابن الحُلْوانية، وسعدُ الخير النابُلُسيُّ، وأخوه نصرُ اللَّه، ومُحَمَّد بْن يوسف الذهبيّ، وجماعةٌ.
وتُوُفّي فِي ثالث عشر رجب.
وروى عَنْهُ من القدماء الزكيَّانِ البِرْزاليُّ والمُنْذريُّ.
وذكره ابْن الحاجب، فقال: إمامٌ زاهدٌ، ورعٌ، كثيرُ الذكِر، لَهُ مؤلفاتٌ عَلَى لسان القوم فِي الطريقة. وكان شيخ رباط عمِّه.(14/190)
369 - مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة الله بْن يحيى بْن بُنْدار بْن مَمِيل، القاضي شمسُ الدّين أَبُو نصرٍ ابْن الشّيرازيّ الدّمشقيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد فِي ذي القَعْدَةِ سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وأجازَ لَهُ أَبُو الوقت السِّجْزيُّ، ونصر بْن سيَّار الهَرَوِيّ، وجماعةٌ. وسَمِعَ من أَبِي يعلي ابن الحُبُوبيّ، والخطيب أَبِي البركات الخَضِرِ بْن شِبْل الحارثي، وأبي طاهر إبراهيم ابن الحصني، والصائن هبة الله ابن عساكر، وأخيه الحافظِ أَبِي القاسم، فأكثر عَنْهُ، وعَلِيّ بْن مَهْديّ الهلاليّ، وأَبِي المكارم عَبْد الواحد بْن هلال، وأَبِي المعالي مُحَمَّد بْن حمزة ابن الموازيني، ومُحَمَّد بن بَرَكة الصِّلْحِيّ، وداود بن [ص:191]
مُحَمَّد الخالديّ، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ البطليوسي، وأبي المظفر محمد بن أسعد ابن الحكيم العراقيّ، وجماعةٍ.
وحدَّث بمصر والقدس ودمشق. وطالَ عمرهُ، وتفرَّد عن أقرانه.
رَوَى عَنْهُ البِرْزاليُّ، وابن خليل، والمُنْذريُّ وقال: وَلِيَ الحَكَم بالبيت المُقدَّسِ، وغيره. ودرَّس، وأفْتى. وهو آخرُ من حدَّث عن الفقيه أَبِي البركات الحارثي، والصائن، وأَبِي طاهرٍ الحِصْنيّ. وانفردَ بروايةِ أكثر من مائتي جزء من " تاريخ دمشق ".
ومَمِيل بالفارسية: مُحَمَّد.
وذكره ابنُ الحاجب، فقال: أحدُ قضاة الشام استقلالًا بعد نيابة.
قلتُ: استقلَّ بالقضاءِ مَعَ مشاركة غيره مُدَيْدةً. ثمّ لمّا استقلَّ بالقضاء القاضيان الشمسانِ ابنُ سنيّ الدولة، والخويي، عرضت عليه النيابة، فامتنع. ثم عزلا في سنة تسعٍ وعشرين بالعماد ابن الحّرَسْتانيّ، ثمّ عُزِلَ العمادُ فِي سنة إحدى وثلاثين، ووُلِّيَ ابنُ سنيّ الدولة.
وكان ابنُ الشّيرازيّ يُدرِّس بمدرسةِ العمادِ الكاتب ثمّ تَرَكها ثمّ درَّس بالشامية الكُبرى. وكان رئيسًا، نبيلًا، ماضيَ الأحكام، عديمَ المحاباةِ، يستوي عنده الخَصْمانِ فِي النظر والإقبالِ عليهم. وكان ساكنًا، وقورًا، مليحَ الشَّيبَة، حُلْوَ الشكلِ، يُزجي غالبَ زمانه فِي نشرِ العِلْمِ وإلقاءِ الدَّرسِ عَلَى أصحابه.
أخذ الفقه عن القطب النَّيْسابوريّ، وأَبِي سعد بْن أَبِي عصرون، فيما أُرى.
رَوَى عَنْهُ الشرف ابن النابلسي، والجمال ابن الصابوني، وأبو الحسين ابن اليونينيّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي الذِّكر الصّقلِّيّ، وخديجةُ بنت يوسف الحمامي، والشرف عبد المنعم ابن عساكر، والشرف أحمد ابن عساكر، والشهابُ مُحَمَّد بْن مشرف، وأَبُو مُحَمَّد ظافر النابلسي، ومحمد بن علي ابن الواسطي، [ص:192]
وأحمد ابن العمادِ عَبْد الحميد، ومُحَمَّد بْن يوسف الذهبي، وطائفةٌ سواهم. وتفرَّد بالحضور عَنْهُ حفيده أَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، وأَبُو محمدٍ القاسم ابن عساكر.
وتُوُفّي فِي ثاني جُمَادَى الآخرة.(14/190)
370 - مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح بْن حسين، أَبُو عَبْد اللَّه الحَرِيميُّ الباقلانيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
سَمِعَ من دَهْبَل بْن كاره، وأخيه لاحِق، وعبد المغيث بْن زُهَير، وغيرهم. وتُوُفّي فِي رجبٍ.(14/192)
371 - مُحَمَّد بْن أَبِي الفضل بْن زيد بْن ياسين بْن زَيْدُ، الخطيبُ الإمامُ جمالُ الدّين أَبُو عبد اللَّه التغلبيُّ الأرقَميُّ الدَّولَعيُّ الشّافعيّ، [المتوفى: 635 هـ]
خطيبُ دمشق.
وُلِد بقرية الدَّولّعيَّة من قُرى المَوصْل فِي سنة خمسٍ وخمسين ظنَّا. وقَدِمَ دمشق شابًّا، وتفقَّه عَلَى عمِّه خطيب دمشق ضياءِ الدّين عَبْد الملك الدَّوْلعيّ وسَمِعَ منه، ومن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن صَدَقَة، وشيخِ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم بن إسماعيل، والخُشُوعيِّ. ووَلِيَ الخطابة من بعد عمِّه وطالَتْ مدته.
روى عَنْهُ المجد ابن الحُلْوانيّة، والجمال ابن الصابوني، وغيرهما. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ خادمُه الجمالُ سُلَيْمَان بْن أَبِي الْحَسَن الشاهد.
وتُوُفّي فِي رابع عشر جُمَادَى الأولى، ودُفِنَ بمدرسته التي بِجَيْرونَ، رحمه اللَّه.
قَالَ أبو شامة: وكان المعظم قد منعه من الفتوى مدّةً. ولم يحجَّ لحرصه عَلَى المنصب. ووَلِيَ بعده الخطابة أخٌ لَهُ جاهلٌ.
وقال غيره: كَانَ ذا سمتٍ وناموسٍ. وكان يُفخِّمُ كلامه. وكان شديدًا عَلِيّ الرافضةِ. درَّس مدّةً بالغزاليّةِ.(14/192)
372 - المباركُ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، أَبُو عَلِيّ ابن المُطَرِّزِ الحَرِيميُّ القزَّازُ. [المتوفى: 635 هـ]
سَمِعَ من النقيب أَحْمَد بن علي الحسيني، وأبي الفتح محمد ابن البطِّي، ودَهْبَل بْن كارَه، وأخيه لاحقٍ.
رَوَى عنه الشمس عبد الرحمن ابن الزين، والتقي ابن الواسطيّ، وغيرهما. وبالإجازة القاضيان ابْن الخُوييّ، وتقيُّ الدين ابن أبي عمر، وسعد الدين ابن سعد، وعيسى السمسار، وأحمد ابن الشحنة، وجماعةٌ.
وتُوُفّي فِي رابع عشر ربيع الأول.(14/193)
373 - محمود بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن شجاع الشَّيْبانيّ الحانَويُّ، الحكيمُ سديدُ الدين أبو الثناء ابن زُقَيْقَة الطبيبُ. [المتوفى: 635 هـ]
والِد المُحَدِّث أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد.
كان من رؤوس علماء الطبِّ، ومن كبار الشعراء. نظم عدة كُتُب فِي الطبِّ رَجْزًا فِي غاية السُّهولة والجزالة. ولازَمَ الفخر الماردينيّ، وهو مُحَمَّد بْن عَبْد السلام، وتخرَّج عَلَيْهِ فِي الطبِّ والفلسفة.
وكان لسديد الدّين يدٌ فِي الكُحْلِ والجراح، ويدٌ فِي التَّنجيم.
وقد رَوَى عَنْهُ المُوفقُ ابن أَبِي أصيبعة الكثير من النثر والنظم، وصَحِبَه مدّةً، وأثنى عَلَيْهِ وعلى علومه، وقال: أخبرنا سديد الدين من لفظه، قال: حدثني الفخر المارديني، قال: حدثنا موهوب ابن الجواليقي، قال: حَدَّثَنَا أَبُو زكريّا التَّبريزيُّ، فذكر حديثًا.
وُلِد بمدينة حيني ونشأ بها، وعاش إحدى وسبعين سنة وأقامَ بخِلاط مدّةً وبميَّافارقين، وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، فأنعم عليه [ص:194]
الأشرفُ، ورتَّبَ لَهُ جامكية إلى أن مات فِي هذه السنة.(14/193)
374 - المُسْلِمُ بْن عَبْد الوهَّاب بْن مناقب بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المُنقذيّ بْن جعْفَر الصادق، الشريفُ أَبُو الغنائم العَلَويّ، الحسيني المنقذي الدمشقيُّ الشُّروطيُّ. [المتوفى: 635 هـ]
سَمِعَ من ابْن صَدَقَة الحرّانيّ، وأَبِي يَعْلَى حمزة بْن الْحَسَن الأَزْدِيّ، وإسماعيل الْجَنْزَويِّ، وأَبِي الفوارسِ الحسنِ بْن عَبْد اللَّه بْن شافع. روى عنه المجد ابن الحلوانية، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وابنُ عمِّه بهاءُ الدّين القاسم.
تُوُفّي فِي حادي عشر رجب.(14/194)
375 - مكتومُ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْم بْن مُجَلِّي، أَبُو السرِّ القَيْسيُّ السُّوَيديُّ الحَوْرانيُّ الشّافعيّ. [المتوفى: 635 هـ]
رَوَى عن ابن صَدَقَة الحرّانيّ، وإِسْمَاعِيل الْجَنْزَويِّ، وجماعةٍ.
وسَمَّعَ أولاده يوسف وعَبْد اللَّه.
وكان مولده فِي ذي الحجة سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة بالسُّوَيْداءِ من قري حَوْران، لا السويداء التي عَلَى مرحلتين من طيبة، ولا التي بقرب حرَّان.
قَدِمَ دمشق فِي شبيبته وسَكَنها، وتفقَّه عَلَى الخطيب عَبْد الملك الدَّوْلَعيّ. وقرأ القرآن وأتقنه، وبقرى مع دمشق مدةً. وكان صالحاً، متودداً. وسمع أيضًا من أَبِي اليُسر شاكرِ بْن عَبْد الله، وأَبِي المظفَّر أسامة بنِ مُنْقِذ.
وكان من جُملة الفقهاء الشّافعيّة. وهو جدُّ المعمِّر صدرِ الدّين إِسْمَاعِيل. رَوَى عَنْهُ حفيده هذا، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وابنُ عمِّه البهاءُ قاسمٌ، وغيرهم. وأجاز لجماعةٍ من شيوخنا.
تُوُفّي فِي رجب.(14/194)
376 - مَكْرَم بْن مُحَمَّد بْن حمزة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سلامة بْن أَبِي جميل، الشيخُ نجمُ الدّين أَبُو المفضَّل ابْن الْإمَام المُحَدِّثُ أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي يَعْلَى بْن أَبِي عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الدمشقيُّ التاجرُ السفار، المعروفُ بابن أَبِي الصقْر. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد بدمشق فِي رجب سنة ثمانٍ وأربعين. وسَمِعَ من حسان بْن تميم الزّيات، وحمزة بْن أَحْمَد بْن كروَّس، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْحَسَن الدّارانيّ، والوزير سعيد بْن سَهْل الفلكي، وأَبِي يَعْلَى حمزة ابن الحبوبي، والصائن هبة الله ابن عساكر، وعَلِيّ بْن أَحْمَد بْن مقاتل، وعَلِيّ بْن أَحْمَد الحّرَسْتانيّ، وأَبِي المعالي بنِ صابر. وحدَّث فِي تجاراته إلى بغداد وحلب ومصر بهنَّ.
قَالَ أَبُو محمدٍ المُنْذريُّ: كَانَ يَقْدَمُ مصر كثيراً للتجارة.
وقال عمر ابن الحاجب: كَانَ يُواظِبُ عَلَى الخَمْسِ فِي جماعةٍ، ويشتغلُ بالتجارةِ. وكان كثيرَ المجونِ مَعَ أصحابه. ولم يكن مُكْرِمًا لأهلِ الحديث بل يتعاسرُ عليهم.
قلت: رَوَى عَنْهُ ابن خليل، والبِرْزاليُّ، والمُنْذريُّ، والضِّياءُ، وخلقٌ من المتقدّمين والمتأخّرين، وأَبُو حامد ابن الصابوني، وأبو المظفر ابن النابُلُسيّ، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن هامل، وأَبُو المجد ابن العديم الحاكم، وأبو علي ابن الخلال، وعبد المنعم ابن عساكر، وابن عمِّه الفخرُ إسماعيلُ، وابن عمِّه الشرف أحمد، والمؤيد علي ابن الخطيب، وعَلِيّ بْن عثمان اللَّمْتُوني، ومُحَمَّد بْن مكّي الْقُرَشِيّ، وأَبُو الْحُسَيْن اليُونينيّ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ، وسُنْقُر القضائي، والبهاءُ أيّوب بْن أَبِي بَكْر الحنفي، والشهابُ مُحَمَّد بْن مشرف البزاز، وموسى بْن عَلِيّ الموسويّ الشاهد. وأما الصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، فإنه سَمِعَ منه " الموطّأ " لكن خبَّط فِي اسمه كاتب الأسماء، فصحَّف يوسف بيونس، فبَقِيَ فِي النفسِ شيءٌ، وهو إن شاء اللَّه هُوَ.
تُوُفّي مكرمٌ فِي ثاني رجب بدمشق ودُفن عَلَى والده بمقُبرَة باب الصغير.(14/195)
377 - مُوسَى، السلطانُ الملكُ الأشرف مُظَفَّرُ الدّين أَبُو الفتح شاه أرمن ابن الملك العادل أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب. [المتوفى: 635 هـ][ص:196]
ولد بالقصر بالقاهرة سنة ستٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من عُمَر بْن طَبَرْزَد. وسَمِعَ " صحيح الْبُخَارِيّ " من أبي عبد الله ابن الزُّبَيْدِيّ. رَوَى عَنْهُ الشهابُ القُوصيُّ، وغيرُه. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْن اليُونينيّ بأربعين حديثًا خُرِّجتْ لَهُ.
أعطاهُ أَبُوه أوَّلَ شيء القدس، ثمّ أعطاهُ حَرَّانَ والرُّها. وجهزه أخوه الملك المعظمُ بالخيل والمماليك. وسارَ وتَنَقَّلَتْ بِهِ الأحوال، وجرت له أمورٌ أشرنا إلى كبارها فِي الحوادث. وكسرَ المواصلةَ، وكَسَرَ الخَوارَزميّة والروم. ولُقَّب شاه أرمن لتَملُّكه مدينة خِلاط، وهي قَصبةٌ أرْمينيةَ. وتملك دمشق سنة ستٍ وعشرين وأخذها من الناصر داود ابن المعظم، فأحسن إلى أهلها وعَدَلَ فيهم وأزالَ عنْهُم بعضَ الْجَوْرِ وأحبوه. وكان فِيهِ دينٌ، وخشيةٌ، وعفةٌ فِي الجملة، وسخاءٌ مُفرط حتى لقد قَالَ ابنُ واصل: كَانَ يُطِلقُ الأموالَ الجليلةَ ولم يسمع أنَّ أحدًا من الملوكِ والعُظماء - بعد آل البرمك - فَعَلَ فِعلَه فِي العطاءِ. ومن سعادتِه أَنَّهُ عاد أخوه الأوحدُ بخِلاط، فتماثَلَ ودخل الحَمَّام، فأراد الأشرف الرجوع إلى حَرَّان، فقالَ لَهُ طبيبُ الأوحد: اصبِر؛ فإن الأوحد ميتٌ. فأقامَ ليلةً وماتَ الأوحدُ، فاستولى عَلَى مملكةِ خِلاطَ جميعها.
قلت: إلّا أَنَّهُ كَانَ منهمكًا فِي الخمر والملاهي. وكَانَ مَليحَ الشكلِ، حُلْوَ الشمائلِ، وافرَ الشجاعةِ، يُقالُ: إنه لم تُكْسَر لَهُ رايةٌ قطُّ. وكان يحبُّ الفُقراءَ والصالحين، ويتواضع لهم، ويَزُورهم ويَصِلُهم، ويُجيزُ الشعراءَ. وكان فِي رمضان لا يُغْلِقْ بابَ القلعةِ، ويُخرجُ منها صحون الحَلْواء إلى أماكن الفقراء. وكان ذكيَّا، فَطِنًا، يُشاركُ فِي الصنائعِ، ومحاسُنه كثيرةٌ، اللَّه يسامحُهُ.
قَالَ أَبُو المظفَّر: وكان يحضرُ الملكُ الأشرف مجالسي بخِلاطَ وحَرَّانَ ودمشقَ، وكان عفيفًا. ولمّا كنتُ عنده بخِلاطَ قَالَ لي: والله ما مَدَدْتُ عيني إلى حريم أحدٍ ذكرٍ ولا أنثى. ولقد جاءتني عجوزٌ من عند بيت شاه أرمن صاحبِ خِلاطَ بورقةٍ، فذكرتُ أن الحاجب عليًّا قد أخذَ ضَيْعَتَها، فكتبتُ بإطلاقِها، فقالت العجوز: هِيَ تسألُ الحضورَ بين يديك، فعندها سرٌّ، فقلتُ: [ص:197]
بسم اللَّه، فقامت وغابتْ ساعةً ثمّ جاءت بها، فإذا هِيَ امرأةٌ ما رأيتُ أحسن من قدها، ولا أظرفَ من شكلِها، كأنَّ الشمس تحتَ نِقابها، فخَدَمتُ، ووقَفْتُ، فقُمتُ لها، وقُلتُ: أنتِ فِي هذا البلدِ وما أعلم بكِ؟ فسَفَرَتْ عن وجهٍ أضاءَتْ منه المَنْظرةُ، فقلتُ: استتِري، فقالت: ماتَ أَبِي صاحبُ هذه المدينة، واستولى بُكْتُمر عَلَى البلاد، وكانَ لي ضيعة أعيشُ منها أخذها الحاجبُ عليٌ، وما أعيش إلا من عمل النَّقْش وأنا فِي دور الكراء. فبَكَيتُ وأمرتُ لها بقماش، وأن يُصلحَ دار لسكناها، وقلتُ: بسم اللَّه. فقالت العجوزُ: يا خَوَنِد ما جاءت إلى خدمتك إلّا حتى تحظَى بك الليلةَ. فساعةَ سَمِعْتُ كلامها، أوقع اللَّه فِي قلبي تغيُّرَ الزمان، وأن يملكَ خِلاطَ غيري وتحتاج بنتي إلى أن تَقْعُدَ مثل هذه القِعْدَة فقلت: مُعَاذ اللَّه، والله ما هُوَ من شيمتي، ولا خلوتُ بغير محارمي، فخُذيها وانصرفي كريمةً. فقامتْ باكيةً وهي تَقُولُ: صانَ اللَّه عاقبتَك كما صُنْتَني. وحدثني قَالَ: ماتَ لي مملوكٌ بالرُّها، وخَلَّف ولدًا لم يكن فِي زمانه أحسنُ منه، وكان من لا يدري يتَهَّمني بِهِ، وكنت أُحبُّه، وهو عندي أعزُّ من الوَلَد، وبَلَغَ عشرين سنة، فضرب غلامًا لَهُ فمات، فاستغاثَ أولياؤه وأثبتوا أنه قتله وجاؤوا يطلبون الثَأرَ، فاجتمعَ عليهم مماليكي وقالوا: نَحْنُ نُعطيكم عشرَ دياتٍ، فأبَوْا، فطردوهم فوقفوا لي، فقلتُ: سلموه إليهم، فسلموه فقتلوه. خِفْتُ اللَّه أن أمنعهم حقهم لغرض نفسي.
قال أبو المظفَّر: وقضيَّته بحرانَ مشهورةٌ مَعَ أصحابِ الشَّيْخ حياة لمّا بَدَّدُوا المُسكر من بين يديه، وكان يَقُولُ: بها نُصِرتُ.
قَالَ أَبُو المظفَّر: لمّا فارَقْتُ دمشقَ وطلعت إلى الكرك، أقمت عند الناصر، فكُنْتُ أتردّدُ إلى القدس من سنة ستٍ وعشرين إلى سنة ثلاثٍ وثلاثين. ثمّ جرت أسبابٌ أوجبت قُدومي دمشقَ، فسُرَّ بقدومي وزَارني وخَلَعَ عَلِيّ، فامتنعتُ من لُبسِها، فقال: لا بالله ألْبَسْها ولو ساعةً، ليَعلَم الناسُ أنك قد رَضيتَ وزالت الوحشةُ. وبعث لي بغلَه الخاص وعشرَه آلاف درهم، وأقمتُ بدمشق - إلى أن تُوُفّي - فِي أرغدِ عيشٍ معه. [ص:198]
وحدثني الفقيهُ محمدٌ اليُونيني، قَالَ: حكى لي فقيرٌ صالح، قَالَ: لمّا مات الأشرفُ رأيتُه فِي المنام وعليه ثيابٌ خضرٌ وهو يَطيرُ مَعَ الأولياءِ، فقلتُ: أيش تعملُ مَعَ هؤلاء وأنت كنتَ تفعلُ وتصنَعُ؟ فتبسَّمَ وقال: الجسدُ الّذِي كَانَ يفعلُ تِلكَ الأفاعيل عندَكم والروح التي كانت تُحِبُّ هؤلاء قد صارتْ معهم.
قَالَ: وقيل: إنّ هذه الأبياتَ من نظْمِه كتبَ بها إلى الْإمَام الناصر:
العبدُ مُوسى طوره لمّا غَدَا ... بَغْدادَ آنُسَ عِنْدها نَارَ الهُدَى
عبدٌ أعَدَّ لَدَى الإلهِ وَسيلةً ... دِينًا ودُنْيا أحْمدًا ومُحَمَّدا
هذا يقُومُ بنصرِه فِي هذه ... عندَ الخطوبِ وذاك شافِعُه غَدَا
وممّا أنشدَه الملكُ الأشرف:
لولا هيف القدّ وغنج المقل ... ما كنت تجرّعت كؤوس العذلِ
فِي حُبِّ مقرطقٍ من التركِ يلي ... أمري وأنا لَهُ وإن أصبحَ لي
وقال أَبُو المظفَّر: كُنتُ أغشى الأشرف فِي مرضه لمّا أحسِّ بوفاته فقلتُ لَهُ: استعدَّ للقاءِ اللَّه فما يضرُّك؟ قَالَ: لا، والله، بل يَنْفَعُني. ففَرَّق البلادَ، وأعتقَ مائتي نفسٍ من مملوك وجارية، ووقَفَ دارَ فَرُّخْشاه التي يقال لها: دارُ السعادة، وبستانَ النَّيْرَبِ عَلَى ابنته، وأوصى لها بجميعِ الجواهر.
وقال سعد الدّين مَسْعُود بْن حَمُّويَه فِي " تاريخه ": وقَفَ دارَ السعادة عَلَى ابنته، وبستانَه بالنَّيْرَبِ، وأوصى لها بجميع الجواهر، وأعتَقَ مائتي مملوك ومائتي جارية. وفي آخرِ ذي الحجّة غُشِيَ عَلَيْهِ حتى ظَنُّوا أَنَّهُ قد مات، فجاءوا بِهِ إلى القلعة من النَّيْرَبِ وقد أفاقَ.
قَالَ ابنُ واصل: خَلَّف بنتًا واحدة تَزَوجها ابنُ عمّها الملكُ الجواد يونسُ لمّا تملَّكَ دمشقَ، فلمّا مَلك عمُّه الصّالح إِسْمَاعِيل دمشق ثانيًا، فسخ نكاحها منه، لأنه حلف بطلاقها فِي أمرٍ وفَعَلَهُ، ثمّ تزوجها ثانية الملكُ المنصور وهي معه إلى الآن. [ص:199]
قلتُ: وقد أنشأ جامعَ العُقَيبة وكان حانةً. قَالَ أبو المظفَّر الْجَوْزيّ: جلست فِيهِ لمّا فرغ، فحضر وبكى، وأعتقَ كثيرًا من المماليكِ. وأنشأ بالقلعةِ مسجد أَبِي الدَّرداء، وأنشأ مسجدَ بابِ النصر، ومسجدَ القصبِ، ومسجد جرّاح، وجامعَ بيت الآبار، ودارَ الحديث، وأخرى بالجبل. ولم يخلف ولدًا ذكرًا. وأنشأ دارَ السعادة، وبالنَّيْرَبِ الدهشة، وصُفَّة بُقراط.
ومن حسنات الأشرفِ؛ قَالَ ابْن واصل فِي " تاريخه ": وَقَعَت بدمشق فتنةٌ بين الشّافعيّة والحنابلة بسببِ العقائد، وتعصَّب الشَّيْخ عز الدين ابن عَبْد السلام عَلِي الحنابلة، وجرى بِذَلِك خبطٌ طويل حَتَّى كتب عز الدّين إِلَى الأشرف يقع في الحنابلة، وذكر الناصح ابن الحنبليّ وعرض بأنه ساعدَ عَلَى فتح بابِ السَّلامة لعسكر الملكِ الأفضل والملك الظاهر لمّا حاصرا العادلَ بدمشق. فكتبَ الأشرف بخطِّه - وقد رَأَيْته -: يا عزَّ الدّين الفتنةُ ساكنةٌ، فلعن الله مثيرها. وأما حديثُ بابِ السَّلامة فكما قَالَ الشاعر:
وجرمٌ جَرَّهُ سُفَهَاءُ قومٍ ... فَحَلَّ بِغَير جَانِيهِ العَذَابُ
قَالَ: وقد تابَ الأشرفُ فِي مرضه، وأظْهرَ الابتهال والاستغفار والذِّكّر إلى أن تُوُفّي تائبًا، وخُتِمَ لَهُ بخير.
وقالَ ابْن الْجَوْزيّ: مَرِضَ الملكُ الأشرف في رجب سنة أربع وثلاثين وستمائة مَرَضَيْنِ مختلفين فِي أعلاه وأسفلِه، فكانَ الجرائحيّ يُخرج العظام من رأسه وهو يسبحُ اللَّه تعالى ويَحمَده، واشتدَّ بِهِ ألمه، فلَمَّا يئسَ من نفسه، قَالَ لوزيره ابن جرير: فِي أي شيء تكفنوني؟ فما بَقي فِي قوةٌ تحملُني أكثرَ من غدٍ، فقالَ: عندنا فِي الخزانة نصافي، فقال: حاش لله أن أُكَفَّنَ من الخِزانَة. ثمّ نَظَرَ إلى ابن موسك الأمير، فقالَ: قمُ وأحضرْ وَديعتي. فقامَ وعاد وعلى رأسِه مِئزرُ صوفٍ، ففَتحه فإذا فِيهِ خرقٌ من آثارِ الفقراء. وطاقياتُ قومٍ صالحين مثل الشَّيْخ مَسْعُود الرُّهاويّ، والشيخ يونس البيطار، وفي ذَلِكَ إزارٌ عتيق يُساوي نصفَ درهم أو نحوه فقالَ: هذا يكون عَلِي جسدي أتَّقي بِهِ حرَّ جهنم، فإنّ صاحبَه كَانَ من الأبدالِ، كَانَ حبشيًا أقام بجبل الرُّها مدّةً يَزْرعُ قطعةَ أرضٍ [ص:200]
زعفرانًا، ويتقوتُ منها وكنتُ أزوره فأعرض عَلَيْهِ المال فيمتنع، فهو وهبني هذا الإزار وقال لي: أحرمتُ فِيهِ عشرين حَجَّةً.
قلتُ: وأمّا تعظيمُه للفقيه مُحَمَّد اليُونينيّ فأمرٌ زائدٌ، كَانَ عنده بالقلعةِ وهو فِي سماع " الْبُخَارِيّ "، فتوضأ الفقيهُ مرَّةً، فقام ونقض تخفيفته وقدمها إلى يديه ليتنشّف بها أو ليَطَأ عليها - أَنَا أشك - حدثني بذلك شيخنا أبو الحسين ابن اليونينيّ. وقد سارَ مَرةً إلى بَعْلَبَكَّ، فبدأ قبل كلّ شيء، فأتى دار الفقيه، ونَزَلَ فَدَقَّ البابَ، فقيل: من ذا؟ فقال: مُوسَى.
قال أبو المظفر ابن الْجَوْزيّ: ماتَ فِي يوم الخميس رابع المحرَّم ودُفِنَ بالقلعَة. قَالَ: وكان آخر كلامه: لا إله إلا اللَّه، ونُقلِ إلى تُربته بعدَ أربعة أشهر.
وقال سعدُ الدّين فِي " تاريخه ": كَانَ مرضُه دماملَ فِي رأسه ومَخْرجِه. تَنَسَّر جُرْحُه، ودَوَّد، ووَقَعَ منه لحم. وأظهرَ الناسُ عَلَيْهِ حُزْنًا عظيماً. ولبس أجناده وحاشيته البلاسات والحصر، وجاءت نساؤهم إلى بابِ القلعة يَنْدُبْنَ ويَبْكِينَ. وغُلقْتِ الأسواق.(14/195)
378 - ناصرُ بْن نصر بْن قوام بْن وَهْب، العدلُ الأجلُّ أمينُ الدّين الرُّصافيّ التاجرُ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسمع بأصبهان من خليلٍ الرارانيّ بإفادةِ شمس الدّين ابن خليل. رَوَى عَنْهُ زكيُّ الدّين البِرْزاليُّ، وشهابُ الدين القوصي، ومجد الدين ابن الحلوانية، وغيرهم. وتوفي في رجب بدمشق.(14/200)
379 - هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن عَبْد القادر، الخطيبُ الشريف أَبُو القاسم الهاشميّ العباسي البغداديّ، المعروف بابن المنصوريّ، [المتوفى: 635 هـ]
نَقيبُ بني هاشم وخطيبُ جامع المهدي.
أجازَ لَهُ الشَّيْخ عَبْد القادر الجيليُّ، وابن البطّيّ. وسمع فِي كبره من يحيى بْن بَوْش، وابن كُلَيْب. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة. [ص:201]
كتب عنه عمر ابن الحاجب. وأجازَ لغيرِ واحدٍ من المتأخرين منهم القاسم ابن عساكر.(14/200)
380 - هبةُ اللَّه بْن عَلِيّ بْن جَرَّاح بْن الْحُسَيْن، القاضي الرئيسُ أَبُو القاسم الْمَصْريّ الكاتبُ. [المتوفى: 635 هـ]
وُلِد فِي ذي الحجّة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من السلفيِّ. وحدَّث؛ رَوَى عَنْهُ الزكيُّ عَبْد العظيم، وقال: تقلب فِي الخِدَم الديوانية بمصرَ وغيرها. وماتَ بقلعةَ الشَّوْبَك فِي الثالث والعشرين من ذي الحجّة، وحُمِلَ بعد دفنِه ونُقل إلى القاهرة.(14/201)
381 - يحيى بْن المظفَّر بْن عَمَّار، أَبُو القاسم البزاز، [المتوفى: 635 هـ]
من حجاب الديوان.
روى عن أبي زُرْعَة. وبالإجازة من أبى الكرم الشَّهْرَزُوري، لكنْ زَوَّرَ ذَلِكَ لَهُ ولدُه؛ قاله ابْن النّجّار، قَالَ: وَلُمت ابنَه فما نَفَعَ. وما أظُنُّ سَمِعَ منه غير ابنه.(14/201)
382 - يحيى بْن هبة اللَّه بْن الْحَسَن بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن صَدَقَة، قاضي القضاةِ شمس الدّين أَبُو البركاتِ ابْن سنيّ الدولة الدّمشقيّ الشّافعيّ، [المتوفى: 635 هـ]
والد قاضي القضاة صدرِ الدّين أَحْمَد، ويُعرف بيتُهم بأولاد الخيَّاطِ الشاعر المشهور.
وُلِد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وتفقه عَلَى القاضي أَبِي سعد بْن أَبِي عصرون، واشتغل بالخلاف على القطب النيسابوري، والشرف ابن الشهرزوري. وسمع من أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، ويحيى الثّقفيّ، وابن صَدَقَة الحَرّانيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الخِرَقيّ، والخُشُوعيِّ. وسَمَّعَ ولدَهُ من الخُشُوعي معَه.
ووَلِيَ قضاء الشام وحُمِدت سيرتُهُ. وكانَ إمامًا فاضلًا، مَهيبًا جليلًا.
حدَّث بمكة والقدسِ ودمشق وحمص؛ روى عنه المجد ابن الحلوانية، والشرف ابن عساكر، وابن عمِّه الفخرُ إِسْمَاعِيل، وجماعة. [ص:202]
وتُوُفّي فِي خامس ذي القَعْدَةِ.(14/201)
383 - يوسف بْن إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ، الأديبُ البارعُ شهابُ الدّين، أبو المحاسن ابن الشوّاء، الكوفيُّ الأصلِ الحَلَبيّ الشاعرُ المشهور. [المتوفى: 635 هـ]
ديوانه فِي أربعِ مجلدات، وتَقَعُ لَهُ معانٍ بديعة.
تُوُفّي فِي المحرَّم وله ثلاثٌ وسبعون سنة.
ومن شعره فِي صبيٍّ مليح وقد خُتِنَ:
أمُعَذِّبي كَيْفَ اسْتَطَعْتَ عَلَى الأَذَى ... جَلَدًا وأَجْزَعُ ما يكونُ الرِّيمُ
لو لم تَكُنْ هذي الطهارةُ سُنَّةً ... قَدْ سَنَّها مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيم
لَفَتكْتُ جُهْدي بالمُزَيِّنِ إذْ غَدا ... فِي كَفَّه مُوسى وأنْتَ كليمُ
وله:
بنَفْسي وعَيني رأسُ عينٍ ومَنْ فيها ... وَبيضُ السَّوَاقي حَوْلَ زُرْقِ سَوَاقيها
إذا رَاقَني منها جَواري عُيونِها ... أراقَ دمي منها عيونُ جَواريها(14/202)
384 - يوسف بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن خليفة، أَبُو الحَجّاج القُضاعيُّ الأُنْديُّ، [المتوفى: 635 هـ]
نزيلُ بَلَنْسية.
سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّد بْن عبيد الله، وأبا الحسن ابن النقرات، وجماعة.
وأخَذَ العربيّة عن أَبِي ذرٍ الخُشَنيّ، وأَبِي بَكْر بْن زيدان. وبَرَعَ فِي النَّحْو، وجَلَسَ لإقرائه عامَة عُمُره.
وكانَ دَيِّنًا، خيِّرًا، مُقْبِلًا عَلَى شأنِه، يُؤْثرُ العُزْلَةَ.
قَالَ الأبَّارُ: أخذتُ عَنْهُ جملةً من كُتُب النَّحْو واللغة. وأجاز لي. وتُوُفّي - وبَلَنسيَة محاصرةٌ - فِي شهر ذي القَعْدَةِ سنة خمس، وعمُره ثمانٍ وسبعونَ سنة.(14/202)
385 - أَبُو بَكْر بْن حديدِ بنِ طاهر البغداديّ البُزُوريّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 635 هـ]
عاش نيفًا وسبعين سنة. ورَوَى عن نصرِ اللَّه القزَّاز، وغيره.(14/202)
386 - أبو بكر بن هشام بْن عَبْد الله بْن هشام بْن سعَيِد، أَبُو يحيى الأَزْدِيّ القُرْطُبيّ الأديبُ. [المتوفى: 635 هـ]
رَوَى عن أبيه أبي الوليد. وأجاز له ابن بَشْكُوال.
ورَّخة الأبَّارُ وقال: كَانَ كاتبًا بليغًا، وشاعرًا مُجَوِّدًا.(14/203)
-وفيها وُلِدَ:
سعد الدّين سعد اللَّه بنُ مروان الفارقيُّ المُوَقِّع، وضياءُ الدّين إسماعيل بن عمر ابن الحَمَويِّ الكاتب، والمُحيي أَبُو بَكْر بنُ عَبَّاس بْن جعوان، والشمسُ عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه الحنبليّ، والكمالُ عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن هلال، وأبو بكر بن محمد بن منيع البشطاري، وشيخُ الشيعةِ الشيخُ مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الهَمَذَانيّ السَّكاكينيّ، فِي رجب، والشمسُ عبدُ القادر بن يوسف ابن الحَظِيريِّ الكاتب، فِي صفر، والجمالُ عبدُ الغنيّ بْن منصور الحرّانيّ المؤذّنُ، والمُحيي يحيى بْن مكّي بْن عَبْد الرّزّاق، والشيخ عَلِيّ بْن محمد بن عطاف النشار، والعز إبراهيم ابن الملك الحافظ، والشيخُ عَلِيّ بْن عُمَر الواني، يروي عن ابن رَواج، وشهابُ الدّين إِبْرَاهِيم بن محمد بن ياجوك، فِي ذي القَعْدَةِ، والمجدُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الأسْفَرايينيّ، والقاضي شمسُ الدّين أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الزُّبير الْجِيليّ.(14/203)
-سنة ست وثلاثين وستمائة(14/204)
387 - أَحْمَد بْن صَدَقَة بْن المظفَّر، أَبُو المظفَّر البغداديّ الصُّوفيّ عُرِفَ بابن الطاهريّ؛ [المتوفى: 636 هـ]
نسبة إلى طاهر بْن الْحُسَيْن الخُزاعيّ.
حدَّث عن عَبْد المنعم بن كليب. أجاز للقاسم ابن عساكر، وأقرانِه.(14/204)
388 - أَحْمَد بْن عَبْد القويّ بْن أَبِي الْحَسَن بْن ياسين القَيْسرانيّ، أَبُو الرضا ابْن المُحَدِّثُ المفيد الفاضل أَبِي مُحَمَّد، الْمَصْريّ الكُتُبيّ المُجَلِّد. [المتوفى: 636 هـ]
سَمَّعَهُ أَبُوه من إِسْمَاعِيل بْن قاسم الزيات، والعلامَة عَبْد اللَّه بْن بَرِّي، وعشير بن علي بن المُزارع، وأَبِي الجيوش عساكرِ المُقرئ، وجماعةٍ.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وقال: وُلِد سنةَ سبعين، وتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رجب. والجمالُ ابن الصابوني، وولده أَحْمَد، وسُلَيْمَان بْن أَبِي الهَكَّاريّ.
ولم ألق من يروي لي عَنْهُ فيما عَلِمت.(14/204)
389 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن، الشيخُ أَبُو الْعَبَّاس القَسْطَلانيّ ثمّ الْمَصْريّ الفقيهُ المالكيّ الزاهدُ، [المتوفى: 636 هـ]
تلميذُ الشَّيْخ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد الْقُرَشِيّ،
صحبةُ دهرًا، وجَمَعَ من كلامِه كتابًا حسنًا.
وَسَمِعَ مِنْ: العلامة عبد الله بن بري. وأجازَ لَهُ أَبُو طاهرٍ السلفيّ، وغيرُه.
ووَلِيَ التدريسَ بمدرسة المالكية بمصر. ثمّ توجَّهَ إلى مكةَ وجاوَر بها، وحدَّث بها وبمصر.
وولد في سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ المُنْذريُّ، وقال: كانَ قد جمع بين الفقِه والزُّهدِ وكثرةِ الإيثار مَعَ الإقتار والانقطاعِ التّامِّ عن مخالطة الناس. تُوُفّي بمكة فِي مُسْتَهَلّ جُمَادَى الآخرة. ورَوَى عَنْهُ مجد الدين ابن العديم وولداه تاجُ الدّين وقُطْبُ الدّين أَبُو بكر، وغيرهم.(14/204)
390 - إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن أَبِي الكَرَم بْن عَلِيّ، أَبُو إِسْحَاق البغداديّ الخيَّاطُ الصُّوفيّ، [المتوفى: 636 هـ]
سِبْطُ يحيى بْن بَوْش.
سَمِعَ من جدِّه، ومن عَبْد المنعم بْن كُلَيب. وتُوُفّي فِي سَلْخ ربيع الآخر. سمعنا بإجازتِه من القاضي تقيِّ الدين، وغيره.(14/205)
391 - إبراهيم بن شعيب ابن الشَّيْخ أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الفتح، أَبُو إِسْحَاق العَريشيُّ الأصلِ الرِّشيديُّ المولِد الإسكندرانيُّ الدّارِ المالكيُّ. [المتوفى: 636 هـ]
حدَّث عن جدِّه، وأبيِه بأناشيد. كتب عنه زكي الدين المنذري، وغيره، وقال: كَانَ جدُّه من أصحاب الفقيِه أَبِي بَكْر الطَّرَطُوشيِّ، فسَكَنَ ثغر رَشيِد. وُلِد إبراهيم في سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة، وعاشَ ثمانيةً وثمانين عامًا.(14/205)
392 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو إِسْحَاق الكَلْبيُّ البَلَنسيُّ، المعروف باليابري. [المتوفى: 636 هـ]
قَالَ الأبَّارُ: كَانَ ثقةً، تاجرًا. حج وسَمِعَ " الموطأ " سنة ثمانين من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرميِّ. وحدَّث.(14/205)
393 - إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن حامد بْن قُنْبُر - بضم القاف والباء - ابن هندي، أَبُو إِسْحَاق البغداديّ الحنبليّ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ من نصر اللَّه القَزَّازِ، وعبدِ المُغيثِ بْن زُهَير، وجماعة كثيرة. وتُوُفّي فِي شَعْبان.
أجازَ لابن الشيرازي، والمطعم، وسعدٍ.(14/205)
394 - أرتق ابن الملك أرْسلان بْن ألبي بْن تمرتاش بْن أيل غازي الأُرْتُقي التُركمانيّ، [المتوفى: 636 هـ]
صاحبُ مارِدِين الملك المنصور ناصر الدّين. [ص:206]
وَلِيَ مارِدينَ بعد أخيه حُسام الدّين أيل غازي وهو دونَ البلوغ. وكان أتابكهُ مملوكَ أخيه وزوجَ أمِّه، فلما تَمَكَّنَ قَتَلَهُما سنة ست مائة واستقامَ أمرُه.
وكانَ عادلًا، حسن السيرة، يصومُ الخميس والاثنين، ويتركُ الخمرَ فِي الثلاثَة أشهر. فقَتَله مماليكه بمواطأةٍ من ولِد ولده ألبي غازي ابن نجم الدّين غازي بْن أُرْتُق. وكانَ شديدَ المحبَة لهذا إلّا أنَّه كَانَ قد أبعد والدَه بحيثُ إنّه حَلَقَ رأسه وتَفَقَّر، فغضب أَبُوه عَلَيْهِ وحَبَسَهُ. فلمّا قُتِلَ، أخرجه ابنُه وحَلَف لَهُ وقامَ بأمرِ سلطنته. ذكر ذَلِكَ ابْن الْجَوْزيّ وغيره. وكَانَ قتله فِي وسط ذي الحجّة، فلمّا تمكن الملك السعيد غازي قبضَ عَلَى ولدِه وحَبَسه إلى أن مات.(14/205)
395 - اسعدُ بنُ أَبِي الغنائِم المُسَلَّم بْن مكي بْن خَلَف بْن المسلم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلَّان، أَبُو المعالي ابنُ الرئيسِ الأمين القَيسيُّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ أَبَاهُ، وأبا القاسم ابن عساكر، وعلي بْن هبة اللَّه بْن خلدون الواعظَ، وأبا الفهم بْن أَبِي العَجائز، والفضلَ بْن الْحُسَيْن البانياسيّ، وأبا المفاخر عَلِيّ بْن مُحَمَّد البَيْهقيّ، وجماعة.
وكان عَدْلًا مُتمَيزًا، يَشْهدُ تحتَ الساعات. وهو أكبرُ من أخيه السديدِ.
روى عنه الشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، وتاج العرب بنت ابن أخيه المسلم، وغيرُهم. وبالإجازةِ القاضي شهابُ الدّين الخُوَييّ، ومُحَمَّد بْن عثمان بْن مُشْرِق.
لَقَبُه تاجُ الدّين.
تُوُفّي فِي رجبٍ، وله ستٌ وسبعون سنة.
وقد حدَّث بمصر، وبها سَمِعَ منه الحافظ عبد العظيم.(14/206)
396 - بَدَلُ بنُ أَبِي المُعَمَّر بْن إِسْمَاعِيل بْن أبي نصر التبريزي، المحدث المفيد أبو الخير. [المتوفى: 636 هـ][ص:207]
ولد سنة اثنتين وخمسين ظناً. وقدم دمشق وهو شابٌ فسَمِعَ بها من الْإمَام أَبِي سعد بْن عَصْرونَ، ويحيى الثَّقفيّ، وأَحْمَد بن حمزة ابن الموازيني. ولازم بهاء الدين القاسم ابن عساكر وسَمِعَ منه بدمشق وبمصر فأكثر عَنْهُ. ثم رَحَلَ إلى أصبهان فسَمِعَ من أَبِي المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأَبِي جعْفَر الصيدلاني، وجماعةٍ. ووَصَل إلى نَيْسابور، فسمع من أَبِي سعد الصّفّار، وعَبْد الرحيم ابن الشعريّ وأختِه زينبَ. ورَحَلَ إلى مصر، فَسِمعَ من البُوصيريّ، وغيره.
وعُنِيَ بالحديثِ، وكتبَ الكثيرَ، وخطه رديءٌ، وكان من أهل الفضل والدين. سكن إرْبل ووَلِيَ مشيخةَ دارِ الحديث بها. وخَرَّجَ مجاميعَ وفوائدَ. فلمّا أخذتِ الكَفَرةُ التتارُ إرْبِل، نزحَ إلى حلب وأقام بها إلى حين وفاته.
روى عنه محيي الدين ابن سراقة، وشهاب الدين القوصي، ومجد الدين ابن العَدِيم، وظهيرُ الدّين محمودٌ الزَّنجانيّ. وبالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، والفخر ابن عساكر، وأبو نصر ابن الشّيرازيّ.
تُوُفّي بدلٌ فِي خامس جُمَادَى الأولى.
وكان - مع كثرة طلبه - مزجى البضاعة.(14/206)
397 - جعْفَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي البركات هبة اللَّه بْن جعْفَر بْن يحيى بْن أَبِي الْحَسَن بْن مُنير بْن أَبِي الفتح، أَبُو الفضل الهَمَدانيّ الإسكندراني المُقرئ المُجَوِّدُ المُحَدِّثُ الفقيهُ المالكيّ. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد فِي عاشر صفر سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة.
وقرأ الفقه، وقَرَأ بالروايات للسبعة، ويعقوبَ عَلَى الْإمَام الصّالح أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَفِ اللَّه بْن عطية الْقُرَشِيّ الإسكندرانيّ المُؤَذِّنِ صاحب ابن الفَحَّام.
ثمّ سَمِعَ الحديث وله أربعٌ وعشرون سنة من السِّلَفِيّ. ونَسخَ، وقابَل، وحَصَّل الفوائد. وسَمِعَ من أَبِي مُحَمَّد العثماني، وأَحْمَد بْن جعْفَر الغافقيِّ، وأَبِي يحيى اليَسَع بْن عيسى بن حزم الغافقي، وأبي الطاهر بن عوف الزهري، وعبد الواحد بْن عسكر، وابنِ عَطِيَّة شيخِه، والقاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضرميّ، وغيرهم. وأجازَ لَهُ جماعةٌ كثيرة من الأندلسِ، وأصبهان، وهمذان. [ص:208]
وأمَّ بمسجد النخلة، وأقرأ بِهِ مدّةً. وحدَّث ببلدِه وبمصرَ ودمشق.
وكتبَ الكثيرَ ورواه؛ رَوَى عنه أبو عبد الله ابن النجار، وأبو بكر ابن نقطة، والسيف ابن قدامة، وابن الحلوانية، والكمال أحمد ابن الدخميسي. وأخذ عَنْهُ القراءات الشيخُ عليٌ الدهان، وغيره.
وحدثنا عنه أبو الحسين ابن اليُونينيّ، وأَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرحمن المتيجي النجار، والعز أحمد ابن العماد، والقاضي أَبُو الربيع سُلَيْمَان بْن حمزة، وأخواه محمدٌ وداودُ، والقاضي أَبُو حفص عمرُ بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عوض، ومحمد بن علي ابن الواسطيّ، وأَحْمَد بْن مؤمن، ونصر اللَّه بْن عَيَّاش، وأَبُو القاسم بْن عُمر الهواريّ، وأَبُو علي ابن الخَلَّال، ومُحَمَّد بْن يوسف الذهبي، وأَبُو بَكْر بْن عَبْد الدائم الأصَمُّ، وزينبُ بنتُ شُكْر، وهديَه بِنْت عسكر، وعَبْد الرَّحْمَن بْن جماعة الإسْكندراني - وهو آخرُ مَنْ بقي بها من أصحابه - والفخر إسماعيل ابن عساكر، وعيسى المطعم، ويحيى بن سعد، وعيسى المغاري، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وطائفةٌ سواهم.
قَالَ المُنْذريُّ: أقرأ، وانتفَع بِهِ جماعةٌ. وكان بعث إليه ليَحْضُرَ إلى مصر، فتَوجه من بلده إلى مصر، ومعه جملة من مسموعاته، وأقامَ بالقاهرة مدّةً، وحدَّث بها.
قلتُ: سَمِعَ منه بها الكثير سَعْدُ الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ ابن القاضي الأشرف.
قَالَ: ثمّ توجَّهَ إلى دمشق، وأقام بها، وحدث بها الكثير، ولم يزَلْ بها إلى حينِ وفاته.
قلتُ: رَوَى الكثيرَ بالبلدِ وبالصالحية والقابون، وأقام بها تسعة أشهر أو نحوها أقدمَهُ الشرَفُ أَحْمَد ابن الْجَوْهريّ إلى دمشقَ، وقامَ بواجب حقِّه.
قَالَ ابْن نُقْطَة: سَمِعْتُ منه. وكانَ ثقةً صالحًا، من أهلِ القرآن. [ص:209]
وقال المُنْذريُّ: تُوُفّي ليلة السادس والعشرين من صفر بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية.
قلت: لو كانَ لَهُ من يعتني بِهِ، لأخذَ لَهُ إجازة القاضي أَبِي الفضل الأُرْمَوي، وطبقتهِ.(14/207)
398 - حامدُ بنُ أَبِي العميد بْن أميري بْن ورشي بْن عُمَر، أَبُو الرضا القَزْوِينيّ المُفتي الفقيهُ الشّافعيّ، شمس الدّين، ويُكَنَّي أيضًا أَبَا المظفَّر. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد بقزوين سنة ثمانٍ وأربعين. تفقه، وقرأ شيئًا من الخلاف عَلَى القُطب النَّيْسابوريّ. وكان إمامًا، فقيهًا بارِعًا، رئيسًا. سَمِعَ من شُهْدَةَ بنتِ الإبَرِي، وخطيبِ المَوْصِل، ويحيى الثقفيّ.
روى عنه مجد الدين ابن العديم وأَبُوه. وبالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَانُ، وغيرهما.
ومات بحلب.
وأَبُو نصر مُحَمَّد بْن محمد المزي. ورَوَى عَنْهُ أيضًا سماعًا شهابُ الدّين عبد الحليم ابن تيميَّة.
وقيلَ: وُلِدَ سنة ستٍ وأربعين. وقَدِمَ الشامَ سنة ستٍ وسبعين مَعَ القُطْبِ النَّيْسابوريّ. ووَلِيَ قضاءَ حِمْصَ، ثمّ دَرَّس بحلبَ. وكان من كبارِ الأئمةِ بحلبَ. وكانَ ابنهُ عمادُ الدين محمد مدرِّسًا.(14/209)
399 - حَسَّانُ بنُ أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن حَسَّان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، الفقيهُ أَبُو عَلِيّ الْجُهَنيُّ المَهْدَويُّ المغربيُّ ثمّ الإسكندرانيُّ المالكيُّ الطبيبُ. [المتوفى: 636 هـ]
حدَّث عن السِّلَفِيّ. وقرأ الأصولَ، والطبِّ وبَرَعَ فِي ذَلِكَ.
سَمعْنا بإجازتِه من شمس الدين عبد القادر ابن الحظيريّ.
تُوُفّي فِي أواخرِ رجبِ. [ص:210]
وروى عنه المجد ابن الحُلْوانية، وابن العمادية، وغير واحد.(14/209)
400 - الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن حسّوُن، عمادُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الفُوِّيُّ الشّافعيّ، [المتوفى: 636 هـ]
خطيبُ فوَّةَ.
وُلِد سنة أربع وستين وخمسمائة ببلد سخَا. ووَلِيَ القضاءَ ببعضِ الأعمال. وأرسلَ ولدَهُ مُحَمَّدًا شيخنا إلى الإسكندرية فسَمِعَ " الخِلَعيّات " من ابنِ عماد.
حدَّث عن الفقيه أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن سلامة. رَوَى عَنْهُ الحافظُ زكيّ الدّين شيئًا من شِعرِه وقال: تُوُفّي فِي سادس صفر.
وخرَّجَ عَنْهُ ابن مسدي، وقال: سَمِعَ من البُوصيريّ، وحمادٍ الحرّانيّ. وكان متصدراً بجامع مصر.(14/210)
401 - خَالِد بْن مَسْعُود بْن أَبِي نصر، أَبُو بكرٍ الأزَجيُّ البَقَّالُ، المعروف بابنِ المَشْهدَية. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. وسمع من أبي الحسين عبد الحق اليوسفي. ومات ببعقوبا في صفر.(14/210)
402 - ذاكرُ بنُ عَبْد الوَهَّاب بْن عَبْد الكريم بْن المُتَوَّج، أَبُو الفضلِ الأَنْصَارِيّ السَّقْبَانيّ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر. وماتَ بسَقْبَا فِي جُمَادَى الأولى.
رَوَى عنه الزكي البرزالي، والمجد ابن الحُلْوانية، والطلبة.
وَكَتَبَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ: شيخٌ أميٌ، لا يكادُ يعرف ما الناس فِيهِ، ذاكرتُه فيما كنتُ أسمعُ بِهِ من الوقائع التي بين أهلِ كَفَربطنا وسَقْبا وقتَ فرطِ الجوز، وما يَجْري من السبِّ واللعِن لعداوَة المذهب، فإنَّ أهل كَفَربطنا حنابلةٌ، وأهلٌ سَقْبا أشاعرةٌ، فقلتُ: ماذا الّذِي يتمُّ بينكم وبينَ أهلِ كَفَربطنا من اللعنة، [ص:211]
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ لَعَّانًا " أَنَا أحدثك، هؤلاء يَدْعونا إلى سبَّ أَبِي الْحَسَن وهو ابن عمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - كما عَلِمْتَ - وزوجُ بنتِه، فكيفَ يجوزُ لنا لعنتهُ؟ وإلا ما ثمّ شيء آخر، ولذا نَلْعنَهم.
قلتُ: أفلا يكونُ سَبُّهم لأبي الْحَسَن الأشعريِّ لتعصُّبكم فِيهِ؟ فقال: ومن هُوَ أَبُو الْحَسَن الأشعريُّ؟ فعرفت أنه جاهل بما يقول.(14/210)
403 - سونج بْن صيرم، الأميرُ جمالُ الدّين، [المتوفى: 636 هـ]
من كبارِ أُمراء الدولة الكاملية.
لَهُ مدرسةٌ بقربِ الجامع الكبير بالقاهرة.
تُوُفّي فِي صفر.
وأعتقَ عند موته الأرقاء وتصدق.(14/211)
404 - طُغْريل التُّرْكيّ الشِّبْلي الحُساميّ، أَبُو سعَيِد. [المتوفى: 636 هـ]
رَوَى عن الخُشوعي. وتُوُفّي فِي ربيع الآخر، ودُفن بقاسيون.
روى عنه ابن الحلوانية، وغيره.(14/211)
405 - عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن عيسى بْن مَغْنين، أَبُو مُحَمَّد العَجيْسيُّ المُتَّيْجيُّ. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد فِي آخر سنة إحدى وخمسين ظناً. وقدم الإسكندرية فِي حياة السِّلَفِيّ، وسَمِعَ من عَبْد المجيد بْن دُلَيل، والقاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضرميّ، وجماعةٍ. وعَجِيسَة: قبيلة بالمغرب. ومُتَّيْجَة: ناحيةٌ وولاية بالمغرب. [ص:212]
تُوُفّي فِي ثامن شَعْبان.
سَمِعْتُ من حفيده إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن.(14/211)
406 - عَبْد اللَّه بْن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الغني، أَبُو القاسم الطَّبَريّ ثمّ البغداديّ المُقرئ. [المتوفى: 636 هـ]
سمَّعُه أبوه من أَبِي السعادات نصر اللَّه القزاز، وأَبِي الخير القَزْوِينيّ. وتُوُفّي فِي صَفَر.
رَوَى عَنْهُ بالإجازة أبو نصر ابن الشّيرازيّ، وسعدُ الدّين والمُطَعِّمِ.(14/212)
407 - عَبْد اللَّه بنُ أَبِي غالبٍ هبة اللَّه بْن أَبِي الفتح عَبْد اللَّه السامرِّي، أَبُو الفتحِ المؤدِّب. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ من خمرتاش الرّؤسائيّ. وأجازَ لَهُ عَبْد الحقّ، وشُهْدَةَ. رَوَى عَنْهُ البهاءُ فِي " معجمه "، وابن النّجّار فِي " تاريخه ".
تُوُفّي فِي شَعْبان.(14/212)
408 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي طاهر إِسْحَاق ابن العلّامة أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الْجَواليقيّ، أَبُو بكرٍ البغداديّ المُقرئ. [المتوفى: 636 هـ]
شيخ صالح، خيرٌ. وُلِد سنة نيَّفٍ وستين. وسَمِعَ بنفسه من عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ومُحَمَّد بْن المطَّهر العَلَويّ. وحدَّث.
وقد تقدم أخوه أَبُو عَلِيّ الْحَسَن.
رَوَى عَنْهُ أَبُو القاسم بْن بَلَبان، وغيره. وبالإجازة القاضي شهابُ الدّين الخُوَييّ، وفاطمةُ بِنْت سُلَيْمَان، والمطعم، وأَبُو نصر مُحَمَّد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعة. [ص:213]
وتُوُفّي فِي ثاني عشر ذي الحجّة.(14/212)
409 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المجيد بْن إِسْمَاعِيل بْن عثمان بْن يوسف بْن الْحُسَيْن بْن حفص، الإمام جمال الدين أبو القاسم ابن الصفراويّ، الإسكندرانيُّ المالكيُّ المُقرئ المفتي. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد بالإسكندرية فِي أول يومٍ من سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القراءات عَلَى أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عطية الْقُرَشِيّ، وعَلَى أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن جعْفَر الغافقيِّ، وأَبِي يحيى اليَسَع بْن عيسى بْن حَزْم، وأَبِي الطيِّبِ عَبْد المنعم بْن الخلوف. وتفقَّه عَلَى العلّامة أَبِي طَالِب صالح بْن إِسْمَاعِيل ابن بِنْت مُعافي. وسَمِعَ السِّلَفِيّ، وأبا الطاهر إِسْمَاعِيل بْن عوف، وأبا مُحَمَّد العثماني، وجماعة.
وكان من الأئمة الأعلام انتهت إليه رياسة الإقراء والفتوى ببلده، ونزل الناسُ بموته - فِي القراءات - درجةً. وهو آخرُ من قرأ عَلَى الأربعة المذكورين.
حدَّث ببلده، وبمصر، والمنصورة.
قرأ عَلَيْهِ الرشيدُ أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّر، والمكينُ عَبْد اللَّه بْن منصور الأسمر، والشرفُ يحيى بن أحمد ابن الصّوّاف، وأَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن عمران الدُّكاليّ، وجماعةٌ. وممَّن قرأ عَلَيْهِ بعض القراءات أَبُو الفضل يوسف بْن حسن القابسيّ، وأَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن عطيَّة، والنظام محمد بن عبد الكريم التبريزي.
قرأتُ القرآن عَلَى النظام، والدُّكاليّ، وحدَّثاني أنهما قرآ عَلَيْهِ.
وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ القابسي، وابن عطيَّة، وأَبُو الهدي عيسى بْن يحيى السَّبْتي، وأَبُو الحسين ابن الصّوّاف.
وممَّن رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن منصورٍ المالكيُّ الوراق، والمفتي أَبُو مُحَمَّد عبدُ القادر بْن عَبْد العزيز الحجريّ الحاكم، وأَبُو مُحَمَّد عَبْد المعطي بنُ عَبْد النَّصير الأنصاري، وعمر بن علي ابن الكدوف، وجماعة. [ص:214]
وسَمِعْنا بإجازته عَلَى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن سيما، ومُحَمَّد بْن عثمان بْن مُشْرِق، وابن الحَظِيريّ.
وقد درَّس، وأفتى، وتخرَّج عَلَيْهِ جماعةٌ نبلاء فِي القراءات، والفقه، وخرَّج لنفسه " مشيخة ".
وكانَ صاحبَ ديانةٍ، وعدالةٍ، وجلالةٍ. وعاشَ اثنتين وتسعين سنة وأشهرًا. تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من ربيع الآخر.(14/213)
410 - عبدُ العزيز بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه، أَبُو مُحَمَّد الْمَصْريّ الأبزاريُّ التّمّار، المعروف بالحِكْمة. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد سنة ستين أو إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من أَبِي القاسم البُوصيريّ وطبقته، فأكثر.
وحصَّل كُتبًا حَسَنة. وكان يؤْثرُ الطَّلَب والسماع عَلَى معاشه. وكان عَلَى طريقةٍ حسنة.
رَوَى عَنْهُ الزكي المنذري، والمجد ابن الحُلْوانية، وغيرهما. وتُوُفّي فِي سابع جُمَادَى الآخرة.(14/214)
411 - عَبْد العظيم بْن عَبدِ القوي بْن فُرَيْج، أَبُو محمدٍ الْمَصْريّ الخرَّازُ - بخاء معجمة وراء ثم زاي -. [المتوفى: 636 هـ]
سمع الأرتاحي، وعمر بن طبرزد. وحدَّث. ومات بدمشق.(14/214)
412 - عبدُ القادر بْن عثمان بْن أَبِي البركات بْن عَلِيّ بْن رزق اللَّه بْن عَبْد الوهاب التميميِّ، أَبُو مُحَمَّد البغدادي. [المتوفى: 636 هـ][ص:215]
شيخٌ صالحٌ، مُعمَّر، من بيت مشيخة وعلمٍ. وُلِد فِي رابع صفر سنة خمسٍ وثلاثين. ولو سمَّعَه أَبُوه لصارَ مسندَ الدُّنيا؛ فإنّه أدركَ إجازة القاضي أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الأنصاري، وأبي القاسم ابن السَّمرْقَنْديّ، وأدركُ السماع من أصحاب أَبِي جعْفَر ابن المُسْلِمَة، وابن هَزَارْمَرْد الصريفينيّ. ولكن ذهبَ تعميرُه ضَياعًا.
وقد صَحِبَ الشَّيْخ عبد القادر الجيليّ، وذكر أنّه سَمِعَ منه. ومات فِي رمضان - رحمه اللَّه -.(14/214)
413 - عَبْد الواحدِ بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن بْن نصر اللَّه بْن عَبْد الواحد، أَبُو منصور ابن الحصين الشَّيْبانيّ البغداديّ ثمّ المَوْصِليّ. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد بالموصل فِي سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع حضورًا من أَبِي الفضلِ خطيبِ المَوْصِل. وحدَّث ببغداد.
وهو من بيت رياسةٍ وفضيلةٍ. وكان أديبًا، كاتبًا، بديعَ الخطِّ، مليحَ الشِّعْر، كتَب الكثير بخطِّه. ويعرف بابنِ الفقيه.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار.(14/215)
414 - عَبْد الواحد بن بركات بن إِبْرَاهِيم الخُشوعي الدّمشقيّ. [المتوفى: 636 هـ]
رَوَى عن أَبِيهِ أَبِي طاهر. سَمِعَ منه بعض الطلبة. وماتَ فِي صفر.(14/215)
415 - عُثمانُ بن سُلَيْمَان بن أَحْمَد، أَبُو عَمْرو البغداديّ المُطَرِّزِ الزاهد، شيخ رباط رئيس الرؤساء بالقَصْر، ويقالُ لَهُ: عثمانُ القصر. [المتوفى: 636 هـ]
صحب عبد الغني ابن نُقطة الزاهد. وسَمِعَ من ذاكرِ بن كامل، وعمر بن أَبِي بَكْر التَّبَّان، وعبد المنعم بن كُلَيب.
وكان الناسُ يعتقدون فِيهِ ويَرْجُون بركَتَه.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ ساكنًا، حَسَنَ الأخلاق، مُتواضعًا. صارَ لَهُ أتباعٌ [ص:216]
ومريدون. فاتَّخذ زاويةً بالحَريم، وخَدَمهُ أبناءُ الدُّنيا، وجاءته العطايا والصِّلاتُ ففرَّقها عَلَى أصحابه، فكَثُرَ أتباعُه، وعمَّر مَوْضِعًا كبيرًا أضافَهُ إلى زاويته. واستغني جماعةٌ من أتباعه، وصاروا يُنفِّذونَ التجاراتِ للتكسُّب. وهو مَعَ هذا يُعطيهم من الصدقاتِ ولم يدَّخرْ لنفسه شيئًا. وكان مُدِيمًا للصلاة والصيام ويلبس الخشن الوسخ. وما أظنُّه تَزوَّج قطُّ. وكان ربَّما يطعمُ أبناء الدُّنيا الشيء اللطيف، ويطعم الفقراء دونه. سَمِعَ الحديث منه آحادُ الطلبَة. تُوُفي فِي السادسِ والعشرين من جُمادى الأولى وقد ناطحَ السبعين، رحمه اللَّه.
قلتُ: أجازَ للقاضي الحنبلي، وابن عبد الدائم، وابن سعد، والمطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعةُ.(14/215)
416 - عثمانُ بنُ أَبِي نصر بن منصور بن هلال، أَبُو الفَرَج وأَبُو الفتوح المسعودي البغدادي، المعروف بابن الوتَّارِ الواعظُ الحنبليّ. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد فِي حدود الخمسين وخمسمائة. وتفقَّه عَلَى الْإمَام أَبِي الفتح نصر بن فتيان ابن المَنِّي، وسَمِعَ منه ومن عيسى الدُّوشابيّ، وعَبْد اللَّه بن عَبْد الرّزّاق السُّلَميّ، ومُسلْمِ بن ثابت النَّخاسِ، وشهدة الكاتبةِ، وخديجة النَّهروانيَّة.
وتكلَّم فِي مسائل الخلاف. وناظرَ، ودرَّس، وأفتى، ووعظ. وكان مطبوعًا، حَسَنَ الأخلاقِ.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار، والشَّريشيّ، وغيرهما. وبالإجازة القاضيان ابنُ الخُوييّ، وتقيّ الدّين سُلَيْمَان، والفخر ابن عساكر وعيسى المطعم، وسعد الدين ابن سعد، وأحمد ابن الشحنة، وأَبُو بَكْر بن أَحْمَد بن عَبْد الدّائم، وجماعة.
وهو من أهلِ المسعودة وهي محلةٌ بِشْرقي بغداد. تُوُفّي فِي السّابع والعشرين مِن جُمادى الأولى.
وروى لنا عَنْهُ تاج الدّين الغرَّافيّ.(14/216)
417 - عزيزُ بن عَبْد الملك بن مُحَمَّد بن خطَّاب، أَبُو بَكْر رئيسُ مُرْسيَة. [المتوفى: 636 هـ]
ذكره أَبُو عبد الله القضاعي الأبار، فقال: أخذ عن أَبِي مُحَمَّد بن حَوْط اللَّه، وغيره. وأجاز لَهُ أَبُو القاسم بنُ سَمَجُون، وجماعةٌ. ونَظَرَ فِي العلوم عَلَى تفاريقها، وتحقَّق بكثير منها، مَعَ بلاغةٍ فِي النظمِ والنثر. وكان من رجالات الأندلِس وأهل الكمال. زَهِدَ فِي أولِ أمره، وأقبل عَلَى الآخرَة، ثمّ مالَتْ بِهِ الدُّنيا وقدم لولاية مُرْسيَة، فلم تُحمد سيرتُه، فعزل عنها، ثم صارت إليه رياستها آخرًا فدبَّرها ودعا لنفسه. قُتِلَ بعد صلاة التّراويح فِي رمضان، وعاش سبعًا وستين سنة.(14/217)
418 - عَسْكُر بن عَبْد الرحيم بن عسكر بن أُسامة بنِ جامع بن مُسلْمِ، أَبُو عَبْد الرحيم العَدَويُّ النَّصيبيُّ. شيخُ أهلِ نَصِيبين. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِدَ بها في سنة خمسٍ وستين وخمسمائة. وهو من بيت مشيخةٍ وصلاح. وكان جدِّه عسكرٌ من أهل الدّين والحديث.
وهذا ذكره ابن الحاجب، فقال: شيخ زاهدٌ، عابدٌ، يقصدهُ الفقراءُ من البلاد، وله برٌّ ومعروف، وفيه صلاحٌ وجهاد، ومعرفةٌ بكلام القوم. رَحَلَ وسَمِعَ من عَبْد الْعَزِيز بْن منينا، وسُلَيْمَان المَوْصِليّ، وإِسْمَاعِيل بن سعد اللَّه بن حَمْدي. وسَمِعَ بهمذان من عَبْد البرِّ بن أَبِي العلاء الهَمَذَانيّ، وبمصر من أصحاب عَبْد اللَّه بن رفاعة، وبالموصل وحرَّان. وسَمِعَ معنا. وكان يطوفُ ويكتُبُ بنفسه. وهو حريصٌ عَلَى الحديث. وله إجازة من الحافظين أَبِي بَكْر الحازمي وأبي الفرج ابن الجوزي. وكان كثير التواضع، جواداً على الإضاقة.
وقال المُنْذريُّ: حدَّث ببغداد ونصيبين ودمشق، وجَمَعَ مجاميع، ولنا منه إجازةٌ. وتُوُفّي فِي المحرَّم.(14/217)
419 - عَلِيّ بن جُرَيْر، الصاحبُ الوزيرُ الأجلُّ جمالُ الدّين الرَّقّيّ. [المتوفى: 636 هـ]
وَزَرَ للأشرف في أخر أيامه، ووَزَرَ للصالح إِسْمَاعِيل شهراً. ومرض [ص:218]
يومين، ومات فِي أواخر جُمَادَى الآخرة، ودُفِنَ بمقابرِ الصُّوفية.(14/217)
420 - عَلِيّ بن عَبْد الوهَّاب بن عَلِيّ بن أَحْمَد، أَبُو الْحَسَن الدُّوَوي الصُّوفيّ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ من شُهْدَةَ، وجماعةٍ.
والدُّوَوِيّ - بواوين -: نسبة إلى حَمْل الدواة.
تُوُفّي فِي الثامنِ والعشرين من شوَّال.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار وقال: لا بأس بِهِ.(14/218)
421 - عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن ياسين بن نجم، أَبُو الْحَسَن الكناني العَسْقلانيّ الأصلِ التِّنِّيسيّ المولد الْمَصْريّ المنَشْأ المُقرئ، المعروفُ بابن البلَّان. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد سنة بضعٍ وخمسين وخمسمائة. وقرأ القراءات على أبي الجود، وقرأ العربيَّة عَلِيّ عَبْد اللَّه بن برِّي، ولَزِمَه مدّةً، وسَمِعَ منه ومن المشرف بن علي الأنماطي.
وتصدر بالجامع العتيق بمصر. وأم بمسجد سوق وردان. ودخل بغداد ودمشق. وكان ثقة، متحريا، صالحا، دينا، كثير التلاوة.
والبلان: هو قيم الحمام.
توفي في ثامن عشر ذي القعدة.(14/218)
422 - علي بن أبي غالب بن أحمد بن حميدان، أبو البدر الأزجي الدقاق. [المتوفى: 636 هـ]
روى عن شُهْدَةَ. رَوَى عَنْهُ: العلّامة أَبُو بَكْر الشَّريشيّ، والفقيهُ أَبُو الْحَسَن الغرَّافي. وأجاز: لأبي علي ابن الخلال، وأبي نصر محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ، وجماعةٍ. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(14/218)
423 - عُمَر، الرئيسُ الصاحبُ شيخُ الشيوخ عمادُ الدّين أبو الفتح ابن العلّامة شيخ الشيوخ صدرِ الدّين أَبِي الْحَسَن محمد ابن شيخ الشيوخ عماد الدِّين أَبِي الفَتْح عمر بن علي ابن الزاهد الكبير أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن حموية الحمويي، الْجُوَينيُّ الأصلِ، الدّمشقيّ المولدِ والوفاة. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد فِي شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. ونشأ بمصر، وسَمِعَ بها من الأثير أَبِي الطاهر مُحَمَّد بن بنان، وأَبِي الفضل الغَزْنويّ.
ولُقِّبَ بعد وفاة أَبِيهِ بشيخ الشيوخ، ووَلِيَ مناصبَ والده: التّدريس بمدرسة الشّافعيّ، وبمشهد الْحُسَيْن، وخانقاه سعيد السعداء. وحدَّث بدمشق، والقاهرة.
كَانَ صدرًا معظَّمًا، نبيلًا. قامَ بسَلْطَنة الملك الجواد بدمشق عند موتِ الملك الكامل.
قَالَ الإمامُ أَبُو شامة: وفِي السادس والعشرين من جُمَادَى الأولى قَفَزَ ثلاثةٌ عَلَى عماد الدّين عُمَر ابن شيخ الشيوخ داخلَ قلعةِ دمشقَ، فقَتَله أحدُهم. وكانَ من بيتِ التصوفِ والإمرةِ. من أعيانِ المتعصبين لمذهب الأشْعَري.
وقالَ سعدُ الدّين فِي " الجريدة ": نزَل عمادُ الدّين من المحفة فِي المصلي ليركبَ فرسًا، وكُنتُ أفتحُ شاش علم عماد الدين، فأخذه الملك الجواد مني وقال: هذا يُلْزِمُني خِدمةَ المولى عماد الدّين لأنَّه هُوَ جعَلني من اليَأسِ، وكان السببَ فِي ملكي لدمشق.
وقال أَبُو المظفَّر الْجَوْزيّ: كَانَ عمادُ الدّين هُوَ السبب فِي إعطاءِ دمشق للجواد، فلما مَضَى إلى مصر لامَهُ الملك العادل ابن الكاملِ، فقال: أَنَا أمضي إلى دمشق وأبعثُ بالجوادِ إليك، وإن أمتنعَ أقمتُ نائبًا عنك. فقَدِمَ دمشقَ، ونَزَلَ بالقلعةِ، وأمَرَ ونَهي، وقال: أنا نائب السلطان، وقال للجواد: تسير إلى مصر. فتألم الجواد، وأراد قتله. وكان العمادُ منذ خرج من مصر مريضًا فِي محفةٍ، فتلقاهُ الجواد إلى المصلي وأرسلَ إِلَيْهِ بالأموال والخِلعَ. وقال لَهُ فيما قَالَ: اجعلوني نائبًا لكم بدمشقَ، وإلّا فأنا أُسَلِّم دمشق إلى الملك [ص:220]
الصالح أيوب ابن الكامل، وآخذُ منه سِنْجار. فقال: إذا فعلتَ ذَلِكَ نُصلحُ نَحْنُ بين الأخوين، وتَبقى أنت بلا شيءٍ. فغَضبَ، وجَهزَ عَلَيْهِ فداويَّة. فذكَر لي سعدُ الدّين مَسْعُود ابن شيخ الشَّيوخ تاج الدّين، قَالَ: خَرَجنا من القاهرة فِي ربيع الأول، فودع عماد الدين إخوته، وقالَ لَهُ أخوه فخرُ الدّين: ما أرى رواحَك مصْلحةً. وربّما آذاك الجوادُ، فقال: أَنَا مَلَّكْتُه دمشق فكيف يُخالفني؟ فقالَ: صَدَقْتَ، أنت فارَقْتَه أميرًا وتعودُ إِلَيْهِ وقد صارَ سلطانًا فكيف يسمح لنفسه بالنزول عن السلطنة؟ وإذ أبيتَ فانزِلْ عَلَى طَبَريَّة وكاتِبْه، فإنْ أجابَ، وإلَّا فتقيمُ مكانَك وتُعرِّف العادل. فلم يقبل، وسارَ فنزلنا بالمصلي، وجاءَ الجوادُ للقائنا وسارَ معنا، وأنزلَ عماد الدّين فِي القلعةِ. وعادَ أسدُ الدّين من حمص إلى دمشق. وبعثَ الجواد لعماد الدين الذهبَ والخلَعَ، وما وَصَلني من رشاشِها مطرٌ مَعَ مُلازمتي لَهُ فِي مرضِه، فإنَّه ما خرج من القاهرة إلا في محفةٍ. ثم إن الجواد رسم عليه ومنعه الركوب، وقال له أسد الدين: والله لئن اتَّفَقَ الصّالحُ والعادلُ ليتركونا نشحذ فِي المخالي، فجاءَ أسدُ الدّين إلى ابن الشيخ وقال: المصلحة أن تكتب إلى العادل تستنزله عن هذا. فقالَ: حتى أروحَ إلى بَرْزَة وأصلي صلاةَ الاستخارة فقال: تروح إلى برزة، وتهرب إلى بَعْلَبَكَّ. فغَضِبَ وانفصلا عَلَى هذا ثمّ اتفقوا عَلَى قتله. وسافر أسدُ الدّين إلى حمصَ ثمّ بَعَثَ إلى الجواد يَقُولُ: إنْ شئْتَ أن تركب وتتنزه، فاركب. فاعتقد أن ذلك عن رضا، فلَبِسَ فَرْجية كانَ خَلَعها عَلَيْهِ، وبعث إليه بحصانٍ، فلما خرج من باب الدّار، إذا شخصٌ بيده قصةٌ، واستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها منه، فقال: لي مع الصاحب شغلٌ. فقال عماد الدين: دعوه فتقدم وناوله القصة وضربه بسكينٍ في خاصرته بدد مصارينه، وجاء آخر فضربه بسكين عَلَى ظهره، فرد إلى الدار ميتا. وأخذ الجواد جميع تركتِه، وعَمِلَ مَحْضَرًا أنّه ما مَالأ عَلَى قتله، وبعث إلى أبي فقال: اطلع، فجهز ابن أخيك. فجَهَّزْناه وأخرجْناه وخيَّطْنا جراحاتِه ودفَنَّاه في زاوية الشيخ سعد الدين ابن حَمُّويَه بقاسِيُون. وكانت لَهُ جنازةٌ عظيمة.
ومن شعره: [ص:221]
ولَمَّا حَضَرْنا والنفوسُ كَأنَّها ... لِفَرْطِ اتحادٍ بينَنَا جوهرٌ فردٌ
وقامَ لنا ساقٍ يُدير مَعَ الدّجى ... كؤوس اقترابٍ ما لشارِبها حدُّ
فَيا رَبِّ لا تَجْعَلْ حَرامًا حلالَها ... فَيُصْبِحَ حَدًّا مِنْ تناوُلِها البُعْد(14/219)
424 - عُمَر بن مُحَمَّد بن عيسى بن مُحَمَّد بن عيسى بن أَحْمَد، الأميرُ مجدُ الدّين أَبُو حفصٍ الكُرديُّ، [المتوفى: 636 هـ]
أخو الفقيه عيسى الهَكَّاري.
سَمِعَ من عساكر بن عَلِيّ بمصر، ومن ابن مُوقَّى بالإسكندرية.
وحدَّث عن السِّلَفِيّ بأنشادٍ.
وكانَ من كِبَار الدولة وله مواقفُ مشهورةٌ. ولد سنة ستين وخمسمائة، وتُوُفّي فِي الثالث والعشرين من ذي الحجّة.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، والمصريون.
وكان مشهورًا بأخي الفقيه عيسى.
أجازَ لمحمدِ بن مُشرْق الخشاب، وغيره.(14/221)
425 - فاطمةٌ بنتُ أَبِي بَكْر بن مواهبِ بن عَبْد الملك بن زنكي. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَتْ من الْحَسَن عَلِيّ بن شِيرَوَيْهِ. وتُوفّيت فِي رمضانَ ببغداد.(14/221)
426 - فَضْلانُ بن طَالِب بن مُفْلح، أَبُو نصرٍ الأزَجيّ الوزانُ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ أَبَا الْحُسَين عَبْد الحقّ، وغيره. وتوفي في صفر.(14/221)
427 - مُحَمَّد ابنُ الْإمَام القدوة أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عيسى بن رُوبِيل، الفقيهُ الحافظُ القاضي المُحَدِّثُ المُقرئ أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيُّ البَلَنْسيّ. [المتوفى: 636 هـ]
ذكره أبو العباس ابن الغماز في " مشيخته "، وأنه أخذ عن أَبِي عَبْد اللَّه بن نوح، ومُحَمَّد بن سعَيِد المُراديّ، وأَبِي الخَطَّابِ بن واجب، وابن اليتيمِ الأندرشيِّ، وسَمَّى عدة. وَلِيَ قضاءَ دانِيَةً وخَطابَتها. تلوتُ عَلَيْهِ برواياتٍ. وأخّذتُ عَنْهُ كثيرًا. ماتَ فِي المحرمَّ عامَ ستة.(14/221)
428 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجليل بن غالب، أبو عبد الرحمن الخزرجي الأندلسي الألشي، [المتوفى: 636 هـ]
وألش: بليدةٌ من عمل مرسية.
قَالَ الأَبّار: سَمِعَ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي جَمْرَة، وأَبِي يحيى بن إدْريس، وأَبِي مُحَمَّد بن غلبُون، وخلقٍ سواهم. وأجازَ لَهُ جماعةٌ. وكانَ من أهل المعرفةِ والدِّرايةِ والمُناظرةِ، بَصيرًا بالحديثِ. وَلِيَ قضاءَ المَريَّةِ، فحُمدت سيرتُه. وتُوُفّي بغَرْناطةَ - وقد طُلِبَ للقضاء بها - فِي صفر. وعاش إحدى وخمسين سنةً.(14/222)
429 - مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن خلْفُون، أَبُو بَكْر الحافظُ الأَزْدِيّ الأندلسيُّ الأوْنَبِيُّ، [المتوفى: 636 هـ]
نزيلُ إشبيلية.
قَالَ الأبَّارُ: وُلِد سنة خمس وخمسين. وسَمِعَ من أَبِي بَكْر بْن الجدّ، وَأَبِي عَبْد الله بن زَرْقُون. وأَبِي بَكْر النَّيّار، وجماعةٍ. وكانَ بصيراً بصناعة الحديث، حافظاً للرجال، متقناً. وله كتابٌ سَمَّاه " المُنتقى فِي رجال الحديث " فِي خمسة أسفارٍ، وله كتابُ " المفهم فِي شيوخ الْبُخَارِيّ ومُسلْمِ "، وكتابٌ فِي علوم الحديث، وغير ذلك. ووَلِيَ القضاءَ ببعض النواحي، فشُكِرَ فِي قضائه. أخذَ عَنْهُ جماعةٌ، وكان أهلًا للأخذِ عَنْهُ. تُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ.(14/222)
430 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بن أَبِي الفائز مُحَمَّد بن أَبِي يعلى يحيى بن عبد المتكبر ابن المُهتدي بالله، الشريفُ أَبُو المُنَجَّى الهاشميُّ خَطيبُ جامع المنصور. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ من عثمان بن مُحَمَّد بن قُدَيره. وتُوُفّي يومَ عَرَفَة.(14/222)
431 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن يوسُفَ بن مُطَرِّف، أَبُو بَكْر الأُمَويّ المالقيُّ. [المتوفى: 636 هـ]
رَوَى عن أَبِي إِسْحَاق بن قرقول، والقاسم بن حمكان، وأبي عبد الله ابن الفَخَّار، وجماعةٍ.
قالَ الأبَّارُ: وَلِيَ خُطَّةَ الشُّورى ببلدِه، فحمدت سيرتُه. وحدَّث. [ص:223]
وتوفي في ربيع الآخر عن أربعٍ ثمانين سنة.(14/222)
432 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن خَضِر بن هارون، أَبُو عَبْد اللَّه الغَسَّانيّ المالَقيُّ، المعروف بابن عسكر. [المتوفى: 636 هـ]
سمع من أبي الحجاج ابن الشَّيْخ، وأَبِي القاسم بن سَمَجُون، وجماعةٍ بعدهما.
قَالَ الأبَّارُ: وَلِيَ قضاءَ مالَقَةَ مرّتين. وكانَ فقيهًا مُجِيدًا، حافظًا للغة، أديبًا بَليغًا، لَهُ مصنفاتٌ مفيدةٌ منها: " أربعون حديثًا " التزمَ فيها موافقةَ اسم شيخه اسمَ الصحابيّ وما أرَاه سبُق إلى ذَلِكَ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة وله نيفٌ وستون سنة.(14/223)
433 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن سُلَيْمَان بن رفاعة، أَبُو بَكْر الشريشيُّ. [المتوفى: 636 هـ]
رَوَى عن أَبِي بَكْر بن زهر، وأَبِي مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه.
وكانَ عَدْلًا، حَسَنَ السمت. يشارك في الطب والأدَبِ.(14/223)
434 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد، أَبُو القاسم الأَنْصَارِيّ الشَّاطبيّ، المعروفُ بالولي. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ أَبَاهُ، وأبا عَبْد اللَّه بن سعادة وأخَذَ عَنْهُمَا القراءات، وأبا الخطابِ بن واجب، وجماعةً. وتصدَّرَ للإقراءِ؛ وأُخِذَ عَنْهُ.(14/223)
435 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسن. أبو الفضل ابن السَّبَّاك، البغداديّ، الوكيل عند القضاة. [المتوفى: 636 هـ]
وُلِد سنة نيفٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، وأبي المعالي محمد ابن اللَّحَّاس، وعمرَ بن بُنَيْمان. ومن مسموعه " المُنتقى من سبعةِ أجزاء المُخَلِّص " سَمِعه من ابن اللحاس.
روى عنه أبو القاسم بن بلبان، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم الفاروثي، وأَبُو بَكْر مُحَمَّد بن أَحْمَد الشَّريشيّ، وسُنْقُر القضائي الحلبي، وآخرون.
وأجاز للفخر ابن عساكر، والقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان، وفاطمةَ بنتِ [ص:224]
سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعِمِ، وابن سَعْد، وأَبِي بَكْر بن عَبْد الدائم، وابن الشحنة، وفاطمةَ بنتِ البطائحي، ومحمد بن محمد ابن الشّيرازيّ.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ لا بأسَ بِهِ.
وقال ابن الحاجب: كَانَ منسوبًا إلى الدَّهاءِ وكثرة الشرِّ فِي الحكومات. وكانَ ربيبَ أزهر ابن السَّبَّاك وهو الّذِي سمعه.
قلتُ: ماتَ فِي سابع عشر ربيع الآخر.(14/223)
436 - مُحَمَّد بْن الْمُبَارَك بْن الْمُبَارَك بْن هِبةِ اللَّه، أَبُو البقاء بن بكري، الحريمي الصوفي. [المتوفى: 636 هـ]
روى عن أبي شاكر يحيى السَّقْلاطونيّ. وتُوُفّي فِي ذي الحجّة.
أجاز للبهاء ابن عساكر.(14/224)
437 - مُحَمَّد بن محمودِ بن حُسين، أَبُو عبد الله ابن العَلَّافِ الأزَجيُّ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ ابن بَوْش، وابن كُلَيْب، وحدث. روى عنه بالإجازة محمد ابن الشّيرازيّ.(14/224)
438 - مُحَمَّد بن يحيى بن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَبْد اللَّه الخَزْرجيّ الأَنْصَارِيّ الغرناطي، ويُعرف بابنِ الحَلَّاء. [المتوفى: 636 هـ]
قرَأ عَلَى جماعةٍ. وسَمِعَ من أَبِي خالد بن رفاعة وجماعةٍ. وتصدَّرَ للإقراء. ووَلِيَ الخطَابةَ. وعاشَ سَبْعًا وخَمسينَ سنة.(14/224)
439 - مُحَمَّد بْن يوسُفَ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي يُدَّاس، الحافظ الرَّحَّالُ زكيُّ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليُّ الإشبيليُّ. [المتوفى: 636 هـ]
ذكرَ أن مولدَه تقريباً في سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة. وقدم الثغر سنة اثنتين وستمائة، فحُبِّبَ إِلَيْهِ سماعُ العلمِ وكتابتُه، فسَمِعَ من الحافظ ابن [ص:225]
المُفَضَّل، وعبد اللَّه بن عَبْد الجبار العُثمانيّ. وبمصر من عبد الله بن محمد بن مُجَلِّي القاضي، وجماعةٍ. وحَجَّ فسِمعَ من زاهرِ بن رُسْتُم، ويونس الهاشمي. وجاوَرَ سنةَ أربعٍ. وقدم دمشق سنة خمسٍ وستمائة، فسَمِعَ بها من التاج الكِنديّ، والخَضِر بن كاملٍ. ثمّ رَجَعَ إلى مصر، ثمّ ردَّ إلى دمشق، ورحل إلى خُراسان وبلاد الْجَبَل، وسَمِعَ بأصبهان من عين الشمس الثقفية، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْجُنَيْد، ومُحَمَّد بن أَبِي طاهر بن غانم بن خَالِد، وطائفةٍ. وبَنْيسابور منصورَ بن عَبْد اللَّه الفراوي، والمؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوسيّ، وزَينبَ الشَّعْريَّة، وجماعةً. وبمرو من أبي المظفر عبد الرحيم ابن السَّمْعانيّ وجماعةٍ. وبِهَرَاة من أَبِي رَوْح عَبْد المعز، وجماعةٍ. وبهمذان من عَبْد البَرِّ بن أَبِي العلاء، وجماعة. وببغداد من أَبِي مُحَمَّد ابن الأخضر، وأحمد ابن الدَّبيقيّ، وعَبْد العزيز بن مَنِينا، وطائفةٍ. وبالرَّيَّ، والموصل، وتَكْريت، وإرْبِل، وحَلَبَ، وحَرَّانَ. وعادَ إلى دمشق بعد خمس سنين، فاستوطنها وأكثر بها، وكَتَبَ عَمَّن دَبَّ ودَرجَ بخطِّه المليح، ونسخ شيئًا كثيرًا لنفسه وللناس. وخَرَّجَ لعددٍ كثير من شيوخ دمشق. وأمَّ بمسجد فلوس بطرف ميدان الحصا، وسَكَنَه.
وكان مطبوعًا، حَسَنَ الأخلاق، بشوشَ الوجه، مُتواضعًا، سَهْلَ العارية، كثيرَ الاحتمالِ. وَلِيَ مشيخةَ مشهد عُروة.
وحدَّث بالكثيرِ. ولم يَفْتَر عن السماع، وسَمَّعَ ولده يوسف شيئًا كثيرًا سنةَ بضع وعشرين وبعدها.
قَالَ الزكيُّ المُنْذريُّ: وفي ليلة الرابع عشر من رمضان تُوُفّي الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليُّ بمدينة حماةَ ودُفِنَ بها، وهو فِي سِنَّ الكهولة. قَالَ: وكتبَ الكثير، وخرَّجَ عَلَى جماعة من الشيوخ. وكانَ يحفظُ ويُذاكِرُ مذاكرةً حَسنة. وصَحِبنا مدّةً عند شيخنا الحافظِ أَبِي الْحَسَن المُقْدِسيّ بالقاهرة. وسمعت منه وسَمِعَ منّي.
قلت: رَوَى عَنْهُ الجمالُ محمد ابن الصابوني، وعُمَر بن يعَقوبَ الإرْبليُّ، والقاضي أَبُو المجد ابن العديم، والجمال محمد بن واصل، والشرف ابن عساكر، ومُحَمَّد بن يوسُفَ الذهبيُّ، وأَبُو عَلِيّ ابن الخلال، وجماعةٌ. [ص:226]
وبِرْزالة: قبيلةٌ بالمغرب.(14/224)
440 - محمود بن أَحْمَد بن عَبْد السيِّد بن عثمانَ، العلّامةُ جمالُ الدّين أَبُو المحامِد الْبُخَارِيّ الحَصِيريّ التاجريّ. [المتوفى: 636 هـ]
شيخ الحنفيَّة.
ولد سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة. وتفقَّهَ ببخاري عَلَى جماعة. ولو سَمِعَ فِي صغره لصارَ مُسْنِدَ أهل الشام فِي زمانه، وإنمّا سَمِعَ وهو كهلٌ لمّا مَرَّ بَنْيسابور من أبي سعد عبد الله ابن الصّفّار، ومن منصورِ بن عَبْد اللَّه الفراوي، والقاضي أَبِي الفضائلِ إِبْرَاهِيم بن عَلِيّ بن حَمَك المُغِيثيِّ، والمؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوسيّ، وغيرهم.
وحدَّث، ودرَّسَ، وأفتى، وناظَرَ، وتفقَّهَ بِهِ طائفةٌ كبيرة. وكانَ مَعَ بَراعتِه فِي المذهب دَيِّنًا، صالحًا، مُتواضعًا، جامِعًا للعلمِ والعملِ، كبيرَ القدرِ، وافرَ الحُرمَة. وَلِيَ تدريسَ المدرسةِ النُّورية سنة إحدى عشرة وستمائة وإلى أن مات.
ونسبته بالحصيري إلى محلة ببخارى تنسج فيها الحُصرُ.
رَوَى عَنْهُ زكي الدّين البِرْزاليُّ، ومجد الدين ابن الحلوانية، ومجد الدين ابن العديم، وجمال الدين ابن الصابوني. وبالإجازةِ القاضيان ابن الخَوييّ وتقيُّ الدّين سُلَيْمَان.
وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ فاطمةُ بنتُ إِبْرَاهِيم البطائحيّ - وهي آخر مَنْ رَوَى عَنْهُ - سَمِعْتُ منه " صحيح مُسلْمِ ".
تُوُفّي فِي ثامن صفر ودُفِنَ بمقابر الصُّوفيّة، وازدَحَم الخلقُ عَلَى جنازتِه وحَمَلَه الفقهاءُ عَلَى الأصابع، رحمه اللَّه.
وابنُ حَمَك روى عن هبة اللَّه السَّيَّدي " الموطّأ ".(14/226)
441 - مُوسَى بن يوسُفَ بن ريس، أَبُو عمران الشَّارعيّ العطَّارُ. [المتوفى: 636 هـ]
رَوَى عن القاسم بن إِبْرَاهِيم المقدسيّ. رَوَى عَنْهُ الحافظُ عَبْد العظيم، وقال: تُوُفّي فِي سابع عشر جمادى الأولى.(14/226)
442 - ناصرُ بنُ الأفضِل بن أَبِي الحارث بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه، أَبُو هاشم الهاشميُّ العباسيُّ الدُّوشابيّ، [المتوفى: 636 هـ]
من وُلِد محمدٍ الملقب بدُوشاب بن عَلِيّ بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّد بْنِ عَلِيّ البغداديّ الصُّوفيّ.
عاشَ ثنِتين وثمانين سنة. وحدَّث عن عَبْد الحق، وعبيد اللَّه بن شاتيل. ومات فِي ربيع الأول.
رَوَى عَنْهُ: القاضي تقيّ الدّين كتابةً، ثمّ البهاء ابن عساكر، وعيسى السِّمْسار، وابنُ سعد.(14/227)
443 - نَذِيرُ بنُ وَهْبِ بن لُبِّ بن عَبْد الملك، أَبُو عامر الفِهْريّ البَلَنْسي المُقرئ. [المتوفى: 636 هـ]
أَخَذَ القراءات عَنْ أَبِيهِ، وسَمِع منه ومن أَبِي القاسم بْن حُبَيْش، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن حميد. وأجاز لَهُ أَبُو الْحَسَن بن هذيل. وتفقَّه عَلَى أَبِي بَكْر بن أَبِي جَمْرَة.
قَالَ الأبَّارُ: عُني بعقد الشَّروط، فلم يَكُنْ أحدٌ يُدانيه فيها. وكان قائمًا عَلَى كتاب " الكامل " للمُبرِّد. وولي قضاء بعض الكور، ثم قضاء دانية. وسَمِعْتُ منه كثيرًا. وتُوُفّي بدانية فِي شَعْبان.(14/227)
444 - هارونُ بن الْعَبَّاس بن حَيْدرة بن بَدْر، أَبُو جعْفَر الهاشميُّ، الرَّشيديّ الواسطيُّ العَدْلُ. [المتوفى: 636 هـ]
رَوَى عن أبي طالبٍ محمد بن علي الكتاني، وجماعة. وقَدِمَ، فسمع من ابن كُلَيْب.
وسكن بغداد وخَطَبَ بها ببعضِ الجوامعِ. وكان ديِّنًا، متواضعًا، حَسَنَ الطريقة.
تُوُفّي فِي رمضان.
وللبهاء ابن عساكر منه إجازةٌ.(14/227)
445 - ياسمينُ بنتُ عَبْد الرحيم بن أَبِي خازم مُحَمَّد بن أَبِي يَعْلَى مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ابن الفراء، أمَةُ الرحيم. [المتوفى: 636 هـ]
سِبْطَة أَبِي الفتح بن شاتيل.
رَوَتْ عَنْهُ. وتُوفّيت فِي رابع صفر.(14/228)
446 - يحيى بنُ عَبْد اللَّه بن هاشم بن الْحَسَن، أَبُو الفضل العباسيُّ الحَلَبيّ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ يحيى الثقفي. وعنه أبو المجد ابن العديم. ومات فِي ذي القَعْدَةِ.(14/228)
447 - يوسُفَ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو الحَجّاج بنُ أَبي الفتح البَلَنْسي، المعروف بابنِ المُزَيِّنَة. [المتوفى: 636 هـ]
قَالَ الأبَّارُ: سَمِعَ معنا من أَبِي عَبْد اللَّه بن نوح، وأَبِي عَبْد الله بن سعادة، وأبي الْخَطَّاب بن واجب، وأَبِي سُلَيْمَان بْن حَوْط اللَّه، وأَبِي عَبْد اللَّه بن زلَّال. وانفرد بلُقيِّ جماعةٍ، منهم: أَبُو القاسم الطرسونيّ، وأَبُو الْحَسَن بن يَبْقَى. ومَهَرَ فِي علم العربية، وجلسَ لإقرائها نحو عشرين سنة. وكان مُعتنيًا بالرواية، مُشاركًا فِي الفقه، مَعَ الصلاح والذّكاء. ووَلِيَ قضاء بَلَنْسية سنةَ ثلاثٍ وثلاثين. وسَمِعْتُ منه. وتُوُفّي بشاطبة فِي جمادى الآخرة.(14/228)
448 - يوسُفُ بن عَبْد الوهّاب بن زيد، أَبُو الحَجّاج الثعلبيُّ - بثاء مثلثةٍ - الدّمشقيّ. [المتوفى: 636 هـ]
رَوَى عن أَحْمَد بن حمزة ابن المَوَازينيّ. ومات فِي ربيع الآخر.(14/228)
449 - يوسُفُ بن عُمَر بن أَبِي بَكْر، أَبُو يعقوب ابن صُقَيْر الواسطيّ الصُّوفيّ المُحَدِّثُ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ الكثير من هبة الكريم بن سُلَيْمَان الزّاهد، وهبَة اللَّه بن عَلِيّ بن قسّام، وسُلَيْمَان بن محمد العكبري الزاهد، وأبي طَالِب المُحتسب، وهبة اللَّه بن الْجَلَخت، وأَبِي هاشم الدُّوشابيّ، وأَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ، وتَجَنِّي [ص:229]
الوهبانيةِ، وخلقٍ.
قَالَ ابنُ النّجّار: كَانَ حافظًا لحديثه، عارفًا بأحوالِ شيوخه، صدوقًا، فاضلًا، مُتدينًا، ولد تقريباً سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، ومات فِي تاسع عشر ربيع الآخر من السنة بواسط.(14/228)
450 - أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن صِيلا الحمامي الحربيُّ. [المتوفى: 636 هـ]
سَمِعَ عتيق بن عَبْد العزيز بن صِيلا. وتوفي فِي ثاني رجب.
أجاز للفخر ابن عساكر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان، وسعد بن مُحَمَّد بن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد المزِّي، وجماعةٍ.(14/229)
-وفيها وُلِد:
الرَّضيُّ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطَّبَريّ إمامُ المقام، والشرف يحيى بن مُحَمَّد بن عَلِيّ المكّي، والحافظُ عزُّ الدّين أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الْحُسَيْنيّ بمصر في شوال، والجمال علي بن يحيى ابن الشاطبي، ومحمد بن أحمد ابن الكركريَّة؛ كلاهما فِي رجب بدمشق، والشمسُ عُمَر بن عباس بن جعوان، والشرف عبد الله بن عمر بن غمش الحلبي، والشرف حسن ابن الكمالِ عَلِيّ بن شجاع الْعَبَّاسي، والشمسُ مُحَمَّد بن أَحْمَد بن أَبِي بَكْر أخو المُحبِّ، والشهاب أحمد ابن العفيف مُحَمَّد بن عُمَر الحنفيّ، والشرفُ عَبدُ العزيز بن عبد الرحمن بن هلال، وعلي بن إِبْرَاهِيم المعري تربية الشاطبي، والشمسُ مُحَمَّد بن إسحاق ابن قاضي اليمن المُجَلِّد، والتاجُ أَحْمَد بن عَلِيّ بن دقيق العيد، والشمس مُوسَى بن عَبْد العزيز بن جعْفَر البعلبكي والموفق عبد السلام ابن التاج عبد الخالق البعلبكي في رجب، وأبو السعود مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن عَبْد القويّ المُنْذريُّ، والشرفُ مُحَمَّد بن عَلِيّ بن محمد بن سعيد ابن القلانسيّ، والسراجُ عَبْد اللطيف بن رشيد التَّكْريتيّ، بها. [ص:230]
وفيها ظنًّا:
شمسُ الدّين مُحَمَّد بن أَحْمَد ابن الدّباهيّ، والشمس مُحَمَّد بن عَلِيّ بن أَحْمَد بن مُحَمَّد المعافريُّ المالَقيُّ ثمّ الكركيّ تقريبًا، والنورُ محمود بنُ أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَبِي الرَّضا البَعْلَبَكّيّ الشاهد ببعلبك فِي أواخر السنة. وشيخُ المقرئين بمصر تقيُّ الدّين مُحَمَّد بن أَحْمَد الصّائغ، فِي جُمَادَى الآخرة.(14/229)
-سنة سبع وثلاثين [وستمائة](14/231)
451 - أَحْمَد بْن الخليل بْن سعادة بْن جعْفَر بن عيسى، قاضي القضاة بالشام شمسُ الدّين أَبُو الْعَبَّاس الخُوَيي الشّافعيّ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد فِي شوَّال سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة، ودخل خراسان وقرأ بها الأصول والكلام عَلَى فخر الدين ابن الخطيب، والفقه عَلَى الرافعيِّ. وقرأ علم الجدلِ على علاء الدين الطاووسي. وسَمِعَ من المؤيَّد الطُّوسيّ. وبدمشق من ابن الزُّبَيْدِيّ، وابن صباح.
وكان فقيهًا، إمامًا، مُناظرًا، خبيرًا بعلم الكلامِ، أستاذًا فِي الطبِّ والحكمةِ ديِّنًا، كثير الصلاة والصيام. وله كتابٌ فِي النحو، وكتابٌ في الأصول، وكتابٌ فِيه رموز حكمية.
قَالَ الموفّقُ أَحْمَد بن أَبِي أُصَيْبِعة: قرأتُ عَلَيْهِ كتاب " التبصرة " لابن سَهْلان.
وقال الرشيدُ الفارقيّ: أنشدني القاضي شمسُ الدّين الخُوَييّ لنفسه فِي قاضي خُوَى:
وقاضٍ لنا ما مضي حُكْمُه ... وأحكامُ زَوْجِته ماضِيَه
فيا لَيْتَه لم يَكُنْ قاضيًا ... ويا لَيْتَها كانَتِ القاضيَه
وله كتابٌ فِي العَروض، وفيه يَقُولُ الإمامُ أَبُو شامة:
أحمدُ بنُ الخليلِ أرْشَدَه اللَّه ... لمّا أرْشَد الخليلَ بنَ أَحْمَد
ذاكَ مُستخرِجُ العروضِ وهذا ... مُظهَر السِّرِ منه والعودُ أَحْمَد
سَمِعَ منه: تاجُ الدّين بن أَبِي جعْفَر مَعَ تقدُّمه، والعزُّ عُمَر ابن الحاجب، والمعين إبراهيم القرشي، والجمال محمد ابن الصابوني. وروى عنه ولده قاضي القضاة شهابُ الدّين مُحَمَّد.
وخُوَى: من مدن أذْرَبيجان.
تُوُفّي فِي سابع شَعْبان، ودُفِنَ بسفح قاسِيُون. ومات بحمَّى الدِّقِّ.(14/231)
452 - أَحْمَد بن أَبِي اليُسْر شاكر بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان التَّنوخي المَعَرِّي، القاضي الأجلُّ صفيُّ الدّين أَبُو العلاء. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ من أبي القاسم ابن عساكر الحافظ فِي سنة خمسٍ وستين. وأجازَ لَهُ أَحْمَد بن المقرب. وجماعة.
رَوَى عَنْهُ المجد ابن الحُلْوانية، ومُحَمَّد بن يوسف الإربليّ الذهبي، وغيرهما.
حدَّث بدمشق وبالمعرَّة. وهو عمُّ الشيخِ تقي الدين ابن أَبِي اليُسر.
حدَّث فِي هذا العام، ولا أعلمُ متَى تُوُفّي.(14/232)
453 - أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر، الْإمَام أَبُو جعْفَر المالقيّ النَّباتي. [المتوفى: 637 هـ]
حدَّث عن ابن الجدِّ، وأَبِي عَبْد اللَّه ابن الفخار، وطائفةٍ. ورَحَلَ، فحجَّ، وسَمِعَ. وكان عارفًا بالنبات، خيِّرًا، مؤثرًا، معلِّمًا للخير.
قال ابنُ فَرْتون: اجتمعت بِهِ فِي سنة خمسٍ وثلاثين وستمائة وهو فِي عشر الثمانين.(14/232)
454 - أَحْمَد بن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن واجب، أبو الْحَسَن القيسيُّ البَلَنسيُّ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ من ابن عمِّه أَبِي الْخَطَّاب بنِ واجب، وأَبِي العطاء بن نَذير. وأجاز لَهُ السِّلَفِيّ.
ومولده سنة سبعين وخمسمائة. ووَلِيَ قضاء بلده وخطابته، وكان من أطيب الناس صوتًا بالقرآن.
قَالَ الأبَّارُ: سَمِعْتُ منه جلَّ ما عنده. وتُوُفّي بسَبْتَة فِي ربيع الآخر.(14/232)
455 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مفرّج، الحافظُ أَبُو الْعَبَّاس الأندلُسيّ الإشبيليُّ الأُمَويّ الحَزْميُّ الظاهريُّ، ويعرفُ بابن الروميَّةِ، النباتي العشاب الزُّهْريّ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقون، وأبي بكر ابن الجدِّ الفِهْريّ، وأَبِي مُحَمَّد أَحْمَد بن جُمهور، ومُحَمَّد بن عَلِيّ التُّجيبيّ، وأَبِي ذرٍ الخُشَنيّ. ثمّ حجَّ، ورَحَلَ إلى العراق وغيرها، وسَمِعَ من أصحاب الفُراويّ، وأَبِي الوقتِ. [ص:233]
قَالَ الأبَّارُ: كَانَ ظاهريًّا مُتعصبًا لابن حَزْم بعد أن كَانَ مالكيًّا. وكان بصيرًا بالحديث ورجاله، وله مجلدٌ مفيدٌ فِيهِ استلحاق عَلَى " الكامل " لأبي أَحْمَد بن عديّ. وكانت لَهُ بالنبات والحشائشِ معرفةٌ فاقَ أهلَ العصرِ فيها، وقعد في دكان لبيعها. وسمع منه جُلُّ أصحابنا. وتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
وقال الحافظُ عَبْد العظيم: سَمِعَ ببغداد. ولقيتهُ بمصرَ بعد عودِه. وحدَّث بأحاديث من حفظه بمصر، ولم يتَّفق لي السماعُ منه. وجَمَعَ مجاميع.
قلتُ: لَهُ كتابُ " التذكرة " فِي معرفَة مشيخته، واختصر " كامل " ابن عَدِيِّ، وألف كتاب " المُعْلِم بما زاد الْبُخَارِيّ على مسلم ".
قال أحمد بن فَرْتون فِي " تاريخه " قَالَ: وأفردَ بعضُ أصحابه لَهُ سيرةً. ثمّ ذَكَرَ أَنَّهُ تُوُفّي فجاءة فِي سَلْخ ربيعٍ الأول، ورثاهُ ناسٌ من تلامذته.
وروى عَنْهُ أَبُو بَكْر المُؤمنائيّ، وأَبُو إِسْحَاق البَلّفيقي.
وكتب عَنْهُ ابن نُقطة وقال: كَانَ ثقةُ، حافظًا، صالحًا. والزَّهْريّ: بفتح أوله.(14/232)
456 - إِبْرَاهِيم بن عثمان بن عَلِيّ بن عَبْد اللَّه، ركن الدّين أَبُو إِسْحَاق الحمويُّ ثمّ الدّمشقيّ، الفقيهُ الحنفي. [المتوفى: 637 هـ]
شيخ ديِّنٍ، فاضلٌ، زاهدٌ، خيرٌ. سَمِعَ من أَبِي سعد بن أَبِي عصرون. وأقامَ بحلب مدّةً.
رَوَى عَنْهُ الصاحبُ أَبُو القاسم ابن العديم وأولاده: أَبُو المجدِ، وشُهدةُ وخديجةُ، وسُنْقُر القضائي، وغيرهم.
وتُوُفّي فِي شوَّال وله سبعٌ وستون سنة رحمه اللَّه. [ص:234]
وكان أَبُوه زكيُّ الدّين أبو عَمْرو فقيهًا، فاضلًا.
وقد سَمِعَ الرُّكنُ أيضًا بالقاهرة من البُوصيريّ، والأرتاحيّ. وسَكَنَ بجبلِ قاسِيُون مدّةً.
قَالَ ابن الحاجب: وكان عنده تقشفٌ زائد.(14/233)
457 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو إِسْحَاق البَطَلْيَوْسيُّ، المعروف بالأعْلَم النحويُّ، [المتوفى: 637 هـ]
نزيلُ إشبِيليَةَ.
رَوَى عن أبيه، وأبي الحسن بن سُلَيْمَان المُقرئ واختَصَّ بِهِ، وعن أَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقون، وأَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه.
وأقرأ القرآن والنَّحْو. وله شروحٌ في " الإيضاح "، و" الجمل "، و" الأمالي ".
قال الأبار: توفي سنة سبعٍ وثلاثين أو نحوها. ولم يكن بالضابط.(14/234)
458 - أَبُو الكرم العجمي الصُّوفيّ. [المتوفى: 637 هـ]
مارقٌ، نصّابٌ، متحيِّلُ بالشعوذة، ظهر ببخارى وأراهم الخوارق، فكان يأمر من يرميه بسهمٍ فتثقُلُ يده ويعجزُ فكثُر جَمْعُه، واستباح اليهود، واستفحل شأنه، وقال: أَنَا قادرٌ عَلَى قتل المُغْل بنفسي بقدرة اللَّه بلا سلاح. وشد عَلَى شحنة بخارى، فقتله في عدة من المغل، فعظُم عَلَى جرماغون، وجهَّز لحربه، فَبرَزَ أَبُو الكرم فِي ألُوفٍ من الناس بلا سلاح، فالتقى الجمعان، فأحجمت عَنْهُ المُغْل، فقال مقدَّم: أَنَا أريد أن أجرِّب، ثمّ شدّ عَلَى أَبِي الكرم طيرَ رأسه، وحملت المغلُ فحصدوهم، فيقال: قتلوا ستين ألفا، وذلك في سنة سبع وثلاثين وستمائة.(14/234)
459 - أرتق، ناصر الدين، [المتوفى: 637 هـ]
صاحب ماردين.
توفي هذه السنة.
وأخُته هِيَ زوجةُ الملكِ المعظَّم التي بَنَتِ المدرسةَ عند الجسر الأبيض، [ص:235]
ولم تُدفن بها، لأنَّها رجعت بعد موتِ المعظم إلى ماردين.
مات أرتَق بمارِدِين، خَنَقه ابنُه وهو سكران.
وقد مَرَّ فِي العام الماضي، فُتحَرَّرِ السنة.(14/234)
460 - أسعدُ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الخضر بن عَبْدان، زينُ الأُمناء أَبُو المعَالي الأَزْدِيّ الدّمشقيّ الكاتبُ. [المتوفى: 637 هـ]
حدث عن والدِه، وتُوُفّي بالمَحَلَّةِ من ديار مصرَ فِي أول جُمَادَى الأولى.(14/235)
461 - إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عثمان، عفيفُ الدّين الصَّبْرِيُّ، الزِّفتاويُّ الشّافعيّ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ من البُوصيريّ، وأدَّبَ الصِّبيانَ مدّةً. وكان مقرئًا بقُبَّةِ الشّافعيّ.
رَوَى شيئًا من شِعره، وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى وله ستٌ وثمانون سنة.(14/235)
462 - إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن غازي بن عَلِيّ، الفقيهُ أَبُو أَحْمَد النميريُّ المارِدينيُّ الحنفيُّ، المعروفُ بابنِ فلّوس. [المتوفى: 637 هـ]
كَانَ ذا بصرٍ بالكلام والمنطقِ والطبِّ والنَّحْو. ودَرَّسَ بمصر ثمّ درِّسَ بدمشقَ بالعزيّة التي عَلِيّ الشرف الشمالي، وتُوُفّي فِي صفر. وابنُه أَحْمَد محدثٌ معروفٌ.(14/235)
463 - إِسْمَاعِيل بن أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بن يحيى بن عَلِيّ. أَبُو البقاء البغداديّ المُقرئ المُؤَدِّبُ. [المتوفى: 637 هـ]
شيخٌ صالح، دينٌ، ثقةٌ، مشهور. سَمِعَ من أَبِي الفوارسِ سعدِ بن مُحَمَّد الحَيْص بَيْص، وأَبِي الخيرِ أحمد بن إسماعيل القزويني. [ص:236]
وحدث بـ " مسند " إِسْحَاق بن راهَوَيْه عن القَزْوِينيّ؛ رَوَى عَنْهُ جمال الدين ابن الشَّريشيّ، وابنُ بَلَبان، ومُحَمَّد بن أَبِي بَكْر القَزْوِينيّ الفقيهُ، والرشيدُ مُحَمَّد بن أَبِي القاسم، والعماد ابن الطبال.
ومات في عاشر المحرم.(14/235)
464 - ثابتُ بنُ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر أَحْمَد بن محمد ابن الخُجَنْدِيِّ ثمّ الأصبهانيّ، الصدرُ الإمامُ علاءُ الدّين أبو سعد. [المتوفى: 637 هـ]
ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع " صحيح " الْبُخَارِيّ حضورًا من أَبي الوقت السِّجْزِيّ فِي سنة إحدى وخمسين، وسَمِعَ من أَبِي الفضل محمودِ بن مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر الشَّحَّام.
وهو آخرُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي الوَقْت. وكان بأصبهان إلى أن دخلها التتارُ بالسيف في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، فسلِمَ وذَهَبَ إلى شيراز، فأقام بها إلى أن ماتَ فِي هذا العام. كذا ذكرَه الحافظُ أَبُو مُحَمَّد المُنْذريُّ.
رَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، وجماعةٌ.(14/236)
465 - جوهرةُ بنتُ وهبٍ الكِبْرِيتيّ. [المتوفى: 637 هـ]
تُوفّيت ببغداد فِي صَفَر. وحدَّثت عن أَبِي نصرٍ مُحَمَّد بن المُبارَكِ بن جَابرِ الراوي، عن أَبِي عَلِيّ بن نبهان.(14/236)
466 - الحسن بن معالي بن مسعود، وأبو عَلِيّ الحِلِّيُّ النَّحْويّ. [المتوفى: 637 هـ]
شيخُ العربية فِي وقتِه ببغداد. قرأ عليه جماعةٌ. نفذ صحبة المؤيد أبي عبد الله الحسين ابن الأمير علي ابن الخليفة الناصر إلى تُسْتَر حين صُيِّرَ مَلِكَها، ليُعلِّمَهُ النَّحْو. وقد نَسَخَ بِخَطِّه كُتبًا نفيسةً. [ص:237]
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى وله سبعونَ سنة. وكان ذا تفننٍ فِي العلوم، قالَه ابنُ البُزُوريّ.
وقالَ ابنُ النجار: أبو علي ابن الباقِلّانيّ الحِلِّي، اشتغَلَ عَلَى يوسف بن إِسْمَاعِيل اللمغاني، والمجير محمودٍ البغداديّ، وأَبِي البقاء العُكْبَريّ، وبَرَعَ فِي عدةِ علوم، وحازَ قَصَبَ السَّبقِ. سَمِعَ من مسعود ابن النّادر، وابن كُلَيب. وكان مُتواضعًا، صَدوقًا، خارقَ الذكاءِ.(14/236)
467 - الْحَسَن بن سَيْفِ بن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفتح بن مُكَثِّر بنِ يَعْلَى بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ المُنْذريُّ الأندلُسيُّ الأصلِ الْمَصْريّ الوَرَّاقُ المقرئ. [المتوفى: 637 هـ]
قرأ القراءات على أبي الجيوش عساكر بن عَلِيّ؛ وسَمِعَ منه، وبمكةَ من عُمر الميانشي. وحَجَّ مراتٍ. ووَرَّقَ بالقاهرة مدّةً طويلةً للناس؛ وبها وُلِد في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من شَعْبان.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، وغيرهما.(14/237)
468 - الْحُسَيْن بن أَبِي السعادات أَحْمَد بن الْحُسَيْن بن شاكر، أَبُو محمدٍ الواسطيّ النَّهْرُبانيّ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ من أَبِي طَالِب الكَتَّانيّ؛ وحدَّث عَنْهُ ببغداد. ومات في شوال. أجاز للقاسم ابن عساكر، والمُطَعِّمِ، وجماعةٍ.(14/237)
469 - الْحُسَيْن بن يوسُفَ بن الْحَسَن بن عَبْد الحقّ، أَبُو عَلِيّ الصَّنْهاجيُّ الشاطبيُّ ثمّ الإسكندرانيُّ الكُتُبيُّ الناسخُ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد بالإسكندريَّةِ في المحرم سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسَمِعَ من السِّلَفِيّ، وأَبِي الطّاهر بْن عوفٍ الفقيه، وأَبِي القاسم مخلوفِ بن جارة، وأَبِي الطَّيْب عبدِ المنعمِ بن الخلوف، وغيرهم. وحدَّث بالإسكندرية، ومصرَ.
وكانَ فاضلًا، مُتيقِّظًا، كَتَبَ الكثيرَ بخطِّه. وهو أخو المُحَدِّثُ أَبِي محمدٍ [ص:238]
عَبْد اللَّه بْن عَبْد الجبار العُثمانيّ لأمِّه. رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذري، والتاج الغرافي، والمجد ابن الحُلْوانيَّةِ. وأجازَ لابنِ مُشْرِق، وابنِ الشّيرازيّ.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من ذي القَعْدَةِ. وكان يُلَقَّب بالنِّظامِ وهو أقدمُ شيخٍ للدِّمياطيّ مَوْتًا.(14/237)
470 - الخَضِرُ بنُ عَبْد الرَّحْمَن بْن الخَضِر بنِ عَبْد الرَّحْمَن بن عَلِيّ بن الْحَسَن، العَدْلُ فخر الأمناء أبو عبد الله ابن الدواتيّ، الدّمشقيّ الأديبُ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، وأَبي طاهرٍ الخُشُوعيّ، وجماعةٍ. رَوَى عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ، والمجدُ الحُلْوانيّ، وغيرهما.
وتُوُفّي فِي رمضانَ بدمشقَ.
أجازَ للقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان، ولعلي بن هارون القارئ، ولمحمد بن مُحَمَّد المِزِّي، ولإبراهيمَ بن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وجماعة.(14/238)
471 - الخياطُ العَجَميّ ببغداد. [المتوفى: 637 هـ]
كَانَ أعرجَ، قَصيرًا لَهُ حدبةٌ. وكانَ أستاذًا فِي الخياطةِ. عَمِلَ أشياءَ عجيبةٍ بَديعةً. وأُقِفل عَلَيْهِ صندوقٌ وعنده تفصيلَه، ثمّ أصبحَ وقد خاطَه قَبَاءً وطَواه.
وكانَ مذمومَ السيرَة، فجَرَحَ جارًا لَهُ، فمات؛ فأخذ وصلب في سنة سبع وثلاثين.(14/238)
472 - سالمُ ابن الحافظ أَبِي المَوَاهبِ الحسنِ بْن هبة اللَّه بْن محفوظ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد، الرئيسُ أمينُ الدّين أَبُو الغنائم ابنُ صَصْرى، التَّغْلبيُّ البَلَديُّ الأصلِ الدّمشقيّ الشّافعيّ المُعْدلُ. [المتوفى: 637 هـ]
شهِدَ عَلَى القُضاةِ وله عشرون سنةً، ورَحَلَ بِهِ والده وله خمس سنين، فأسمعَه من أَبِي الفتح بْن شاتيل، ونصر اللَّه القزاز، وَأَبِي العلاء مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عقيل، وأبي الفرج محمد بن أحمد بن نبهان، وأَحْمَد بن المبارك بن [ص:239]
دُرِّك، وشيخِ الشيوخ عَبْد الرحيم بن إِسْمَاعِيل، وابنِ بَوْش، وطائفةٍ. وسَمِعَ بدمشق من أَبِي طالبٍ الخضر بن طاوس، والأمير أسامةَ بن منقذٍ، وعَبْد الرزاقِ النّجّار، ويحيى الثقفي، والفضل بن الْحُسَيْن البانياسيّ، وغيرهم. وحَفِظَ القرآنَ، وتفقَّهَ، وقرأ فِي الأدبِ شيئًا.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ البرزالي في حياته، والشهاب القوصي، والمجد ابن الحُلْوانية، وسعدُ الخيرِ بنُ أَبِي الفَرَج النابُلُسيُّ، وطائفة. وحدثنا عنه الشرف أحمد ابن عساكر، وأبنُ عمِّه الفخرُ إِسْمَاعِيل، ومُحَمَّد بن يوسف الذهبي، وأبو علي ابن الخَلَّال، وأَبُو بَكْر بنُ عَبْد الدائم، وهو آخِرُ مَنْ حدَّث عَنْهُ.
قَالَ القُوصيّ فِي " معجمه ": أخبرنا القاضي الرئيسُ العَدْلُ أَبُو الغنائم بمنزله المجاور لي بَدرْبِ زَكري، وكانَ جميلَ الصُّحبةِ والمُعاشرةِ، فَكِهَ المُحاضرةِ، حَسَنَ المحاورة والمجاورةِ. حُمِدت سيرتُهُ فيما تَوَلَّاه من المارستانات والمواريثِ.
قلتُ: تُوُفّي فِي ثالث جُمَادَى الآخرة عن ستين سنة، ودفن بتربته بسفح قاسيون.(14/238)
473 - شيركوه، السلطانُ الملكُ المجاهدُ أسدُ الدّين أَبُو الحارث، صاحبُ حِمْصَ، وُلِد الأمير ناصر الدّين مُحَمَّد ابن السلطان الملك المنصور أسد الدّين شيركوه بْن شاذي بْن مَرْوَان بن يعقوب. [المتوفى: 637 هـ]
ولد بمصر سنة تسعٍ وستين وخمسمائة. وأعطاه السلطان صلاح الدين حمص بعد موت والده في سنة إحدى وثمانين، فملكها ستا وخمسين سنة. وسمع بدمشق من أبي المجد الفضل بن الحسين ابن البانياسيّ. وأجازَ لَهُ العلَّامةُ عَبْد اللَّه بن بَرّي، وجماعةٌ.
وحدَّث بدمشقَ وحِمْصَ.
وشَهِدَ غزاةَ دمياطَ، ورابَطَ عليها. وسكن المنصورةَ إلى انقضاء الغزاة، واستنقاذ دِمياطَ. وكان شَهْمًا، مَهيبًا، بَطَلًا، شُجاعًا، مِقدامًا، مَعْروفًا بالشَّجاعةِ. قَرَّرَ الحَمَام فِي نواحي بلادِه لنقلِ الأخبار. وكانَتْ بلادُه طاهرةً من الخمرِ والمكوس. ومنع النساء من الخروج من أبواب حمص مدة إمرته عليها [ص:240]
خوفا أن يأخُذَ أهلُ حِمْصَ أهاليهم ويَنْزَحونَ عنها لفسقِه وجَوْرِه. وله أخبارٌ فِي الظُّلم والتعذيبِ والاعتقالِ. إلا أَنَّهُ كَانَ لا يَشْربُ الخمر أبداً، ويلازم الصلوات فِي أوقاتِها، ولا يُقْبِلُ عَلَى اللّهْوِ، بل هِمَّتُه فِي مصالح مُلْكِه. وكان ذا رأيٍ ودهاء. وله هيئة جميلة، وجلالة، وصورة مليحة، وكان الملوك يراعونه ويخافونه، وكانَ الملكُ الكامل قد استوحَشَ منه واتَّهمه بأنَّه أَوقع بينَه وبين الأشرف، فلما ماتَ الأشرفُ وتملَّك الكاملُ دمشقَ تِلكَ الشهرين، طلبَ من شيركوه مالًا عظيمًا، فبَعث إِلَيْهِ نساءَه يشفعن فيه، فما أجاب وقال: لا بد من المال، فأيس وهَيَّأ الأموال، ولم يَبْقَ إلا تَسييرُها فأتَتْه بطاقةٌ بموتِ الكامل، فجاء وجلسَ عند قبر الكامل وتَصَرَّفَ فِي أموالِه وخيله.
مات بحمص فِي تاسع عشر رجب.
وشيركوه: لفظةٌ أعجميةٌ تعني أسدَ الْجَبَلِ، فإنَّ " شير " أسد، و" كوه " جبل.
ولمّا مَرِضَ أعْطى حمص لولده الملك المنصور إِبْرَاهِيم، وفَرَّق باقي بلادِه وأمواله عَلَى أولاده. وكانَ لَهُ بكلّ بلدٍ تجارةٌ. ولمّا ماتَ قبضَ ابنهُ المنصور عَلَى أخيه الملك المسعود صاحب الرحبة.(14/239)
474 - صالح بن شافع بْن صالح بْن شافع بْن صالح بْن حاتم، الشَّيْخ أَبُو المعالي الْجِيليُّ ثمّ البغداديّ الدّار. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ من والده. وأجازَ لَهُ أَبُو الفتح ابن البطي، وأبو بكر ابن النَّقُّور.
من بيتِ الفقِه والحديث. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(14/240)
475 - صَفيَّةُ بنتُ أَبِي القاسم عبدِ العزيز بن هِبةِ اللَّه. أمُّ عُثمانَ، الأزَجيَّةُ، الواعظةُ. [المتوفى: 637 هـ]
رَوَتْ عن الشيخِ عَبْد القادر، وابنِ البَطِّي بالإجازة، وسَمِعْتُ من عبدِ المنعم بْن كُلَيْب.(14/240)
476 - عبد الله بن إقبال الخزيمي. [المتوفى: 637 هـ]
سمع من الخشوعي.(14/241)
477 - عبدُ اللَّه بنُ صَدَقَة بنِ مُحَمَّد بن يوسُفَ، أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ الخَزْرَجيُّ. [المتوفى: 637 هـ]
حدَّث بدمشقَ عن أَبِي القاسمِ البُوصيريّ؛ وبها ماتَ بالمارِسْتان.
وكانَ من المقرِئين المجوِّدين، رَوَى عَنْهُ أَبُو المجد ابن الحلوانية، وبالإجازة البهاء ابن عساكر.(14/241)
478 - عَبدُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن العربيّ المَعَافريُّ الإشبيليُّ أَبُو مُحَمَّد. [المتوفى: 637 هـ]
رَوَى عن أَبِيهِ، وأبي الْحَسَن نَجَبَةَ بنِ يحيى. وسَمَا بنفسِه وببيته وتَلَبَّسَ بالدنيا. ولم يَكُنْ يَعْرِفُ الحديث. وتُوُفّي بمرَّاكِش.
أخذ عَنْهُ أبو إسحاق ابن الكِمَاد.(14/241)
479 - عبدُ الحميدِ بْن عَبْد الرشيدِ بْن عَلِيّ بْن بُنَيْمان، القاضي أَبُو بكرٍ الهَمَذَانيّ الشّافعيّ الحدادُ، [المتوفى: 637 هـ]
سِبْطُ الحافظِ أَبِي العلاء الهَمَذَانيّ.
ولد سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من جدِّه وله أربع سنين " سُنَنَ أَبِي مُسلْمِ الكَجِّي " بروايته عن أَبِي عَلِيّ الحَدَّاد، و" جامع مَعْمَر "، وهو جزآن بروايته عن الحداد، وغانم البرجي، قالا: أخبرنا أبو نعيم. وسمع ببغداد من شُهْدَةَ " اختيار خَلَف بن هشام "، وسَمِعَ من عبيد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن زُهير، وجماعةٍ.
وهو ابنُ عاتكةَ بنتِ الحافظ أَبِي العلاء.
وتفقَّه ببغداد، وأعادَ بالنظاميَّةِ، ونابَ فِي القضاءِ بالجانب الغربي عن أخيه أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بن عَبْد الرشيد. [ص:242]
وكان صالحًا، وَرِعًا، دَيِّنًا، زاهدًا عَلَى طريقة السلف. وكانَ كثيرَ المحفوظِ. قَدِمَ دمشقَ، وحدَّث بها في سنة إحدى وعشرين وستمائة، ونَزَلَ بالغَزالية بالجامعِ. ثمّ رَجَعَ إلى بغداد، ووَلِيَ قضاءَ الجانبِ الشرقيِّ، وكانَ محمود الولايةِ.
رَوَى عَنْهُ: عِزُّ الدّين أَحْمَد الفاروثيُّ، وعلاءُ الدين ابن بَلَبان، وجمالُ الدّين أَبُو بَكْر الشَّريشيّ، والخطيبُ عبدُ الحقِّ بن عَبْد اللَّه بن شمائل، وغيرهم. وأجاز لأبي علي ابن الخلّال، وابنِ الشّيرازيّ، وفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، والقاضي شهاب الدين ابن الخويي.
وتوفي في سابع شوال.
وفي هذا العام أجازَ لابنِ سعد، والبجَّديُّ، وبنتِ مؤمن، وستِّ الفقهاءِ بنتِ الواسطيّ.
وممَّن سَمِعَ عليه إسماعيل ابن الطَّبَّال، وعبد اللَّه بن أَبِي السعادات شَيْخًا المستنصرية.(14/241)
480 - عبدُ الرَّحْمَن بن أَبِي السعود مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جعْفَر، أَبُو القاسم البصريُّ. [المتوفى: 637 هـ]
ولدَ سنة سبعين.
وسمع بالبصرةِ من أَبِي الْحُسَيْن المبارك بن عَبْد الله، وغيره.
وأجازَتْ لَهُ شُهْدَةَ.
وماتَ فِي جُمَادَى الأولى.(14/242)
481 - عبدُ الرحيم ابن المُحَدِّثُ يوسُفَ بْن هِبَةِ اللَّه بْن محمود بْن الطُّفيل، أَبُو القاسم الدّمشقيّ ثمّ المِصريُّ الصُّوفيّ، ويُعْرفُ بابنِ المُكَبِّس. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ - أو أجازه - بدمشق من الوزير أَبِي المظفَّر سعيدِ بن سهل [ص:243]
الفَلَكيّ، وأَبِي المَكَارِم عَبْد الواحد بن هلال، وأَبِي البركات الخَضِرِ بن شِبْل الخطيب، وأَبِي المعالي محمد بن حمزة ابن المَوَازينيّ، وأَبِي بَكْر مُحَمَّد بن بركةَ الصِّلْحيّ، وجماعة. وبالإسكندرية من السِّلَفِيّ، وأَبِي الطاهرِ بن عوف، وجماعةٍ. وبمصرَ مِنْ عَلِيّ بْن هبِه اللَّه الكامليّ، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الرَّحَبيّ، وعثمانَ بْن فرجٍ العَبْدَريّ، وعَبْد اللَّه بْن بَرِّي النَّحْويّ، وإسماعيل بْن قاسم الزيات، وجماعةٍ.
وولد بدمشق فِي عاشر صفر سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة.
ومن مسموعاتِه من السِّلَفِيّ " معجم أبِي بَكْر الذّكْوانيّ"، و" جزءُ عَلِيّ بن حَرْب" رواية العَبَّادانيّ، وغير ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، والمجد ابن الحلوانية، والعلاء ابن بلبان، والجمال محمد ابن الصابوني، وابنُه أَحْمَد، والتاجُ الغَرَّافيّ، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، والضياءُ عيسى السَّبْتيّ، ويوسُفُ بن كوركيك. وأجازَ لابن الشيرازي، والمطعم، وسعدٍ، وغيرهم.
وسمع منه ابنُ مَسْدي، وقال: لم تَكُنْ حاله مَرْضيَّةً، لكنَّ سماعَه صحيحٌ. وهو آخرُ مَنْ حدث عن الفلكي وسماعُه منه فِي ربيع الآخِر سنة ستين وخمسمائة. طَلَّقَ زوجتَه، ولَزِمَ بيتَه. فأكثرتُ عَنْهُ، واستوعبتُ لولدي عَلَيْهِ.
تُوُفّي فِي رابع ذي الحجّة.(14/242)
482 - عبدُ السيدِ بن عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد السيِّد بن صَدَقَة، أَبُو العزّ البغداديّ الحَرْبيُّ، عرف بابن البُورَانِيّ [المتوفى: 637 هـ]
وهو نسبة إلى عمل البواري.
وُلِد سنة ثمانين. وسَمِعَ من أَبِي منصور بن عبد السلام، وفارس بن أبي القاسم الحَفَّار. وحدَّث.(14/243)
483 - عَبْد العزيز بن بركاتِ بن إِبْرَاهِيم بن طاهر، أَبُو مُحَمَّد الخُشُوعيّ الدّمشقيّ الحَنفيُّ، [المتوفى: 637 هـ]
إمامُ الرَّبْوَة.
حدَّث عن أَبِي القاسم ابن عساكر، وأَبِي الفَرَج يحيى الثَّقفيّ، وغيرهما. رَوَى عنه المجد ابن الحلوانية، والمجد ابن العديم، والشرف أحمد ابن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، والبدر حسن ابن الخلال، والشمس محمد [ص:244]
ابن يوسُفَ الإرْبِليّ.
وأجازَ لابن الشّيرازيّ، ولبهاءِ الدّين ابن عساكر.
وتُوُفّي فِي ثامن ربيعٍ الآخر.(14/243)
484 - عبدُ العزيز بن دُلَف بن أَبِي طَالِب، أبو مُحَمَّد البغداديّ المُقرئ الناسخُ الخازنِ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد فِي حدود الخمسين وخمسمائة.
وقرأ بالروايات عَلَى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن عساكر البطائحيّ وهو من آخر أصحابه أو آخرُهم، وعلى أَبِي الحارث أَحْمَد بن سعَيِد العَسْكريّ، ويعقوبَ بن يوسُفَ الحربيّ، وأَحْمَد بن أحمد ابن القاصِّ، وسَمِعَ منهم ومن أَبِي عَلِيّ أَحْمَد بن مُحَمَّد الرَّحَبيّ، وخديجةَ بنتِ النِّهْرَوَانيّ، وشُهْدَةَ الكاتبة، ولاحق بن كارَه، وعُبَيْد اللَّه بن شاتيل، وجماعةٍ كثيرة.
وكان عَدْلًا، ثِقَةً، فاضلًا، صالحًا، كثيرَ التَّلاوةِ والصومِ والخيرِ والسَّعْيِ فِي مصالح الناس والشفاعةِ لهم. وكان لَهُ صورة كبيرة ببغداد.
رَوَى عَنْهُ ابنُ النّجّار فِي " تاريخه "، وقال: كَانَ كثيرَ العبادة، دائمَ الصلاةِ والصومِ، سَعَّاءَ فِي مصالح الناس. لم تَرَ العيونُ مِثْلَه.
وروى عَنْهُ الرشيدُ بن أَبِي القاسمِ، وغيرهُ. وبالإجازة أَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ، وفاطمةُ بنتُ سُلَيْمَان، ويحيى بن سعد، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وجماعةٌ.
ومن مسموعِه كتابُ " المُوَطأ " من طريق القعنبي؛ سمعه من شهدة، و" جزء الغُرباء " للآجُرِّي؛ سَمِعَه من أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحق، و" ست مجالس أبي جعفر ابن البختري "؛ سمعها من شهدة، و" محاسبة النفس " لابنِ أَبِي الدُّنيا، عنها، وغير ذَلِكَ.
ووَلِيَ خِزانهَ الكُتُبِ المُستنصريَّةَ، وغيرها.
تُوُفّي فِي السادس والعشرين من صَفَر.
وقرأ عَلَيْهِ بالروايات الشيخ عبد الصمد.(14/244)
485 - عبد العزيز ابن الشيخ أبي طاهر المبارك بن المبارك ابن المَعْطُوش، أَبُو القاسم. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين. وسَمِعَ: أَبَاهُ، ولاحقَ بن كارَه، وعبدَ الخالقِ بن البُنْدار، وجماعة متأخرين.
ماتَ فِي المحرَّم، وقلَّ ما رَوَى.(14/245)
486 - عبدُ الواحد بن مُحَمَّد بن بقيّ - بموحّدة - بن مُحَمَّد بن تقيّ - بمثّناة - الْجُذَاميّ، أَبُو عَمْرو. [المتوفى: 637 هـ]
رَوَى عن عتيقِ بن خلفٍ، وأبي علي الرندي، وغيره.
مات بمَرَّاكِش.
وهو خالُ الشَّيْخِ أَبِي عَبْد اللَّه الطنجاليّ.(14/245)
487 - عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن خَلَف بن وَهْبُ، الفقيهُ جمالُ الدّين أبو الحسن القرشي المخزومي المصري البوشي المالك العَدْلُ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ بالإسكندرية من أَبِي الطّاهر بن عوف، والقاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ؛ وأخيه أَبِي الفضل. وبمصرَ من البُوصيري. وتفقهَ ببغداد عَلَى أَبِي عَلِيّ يحيى بن الربيع. وحدَّث ببغداد.
وعادَ إلى مصرَ، وتصدَّرَ بالجامع العتيق، وشَهِدَ عَلَى القضاة.
وبُوش: من الصعيد الأدنى.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذري، والجمال ابن الصابونيُّ، وغيرُهما.
وكان فقيهًا، مُناظرًا، عارِفًا بمذهبِ مالك.(14/245)
488 - عَلِيّ بن أَحْمَد بن الْحَسَن بن إِبْرَاهِيم التُّجِيبي، الإمامُ أَبُو الْحَسَن الحراليُّ الأندلُسيُّ، [المتوفى: 637 هـ]
وحَرالةُ: قريةٌ من أعمال مُرْسيَة.
وُلِد بمراكش. وأخذ العربية عن أبي الحسن بن خروف، وأبي الحجاج ابن نمرٍ.
وحجَّ، ولَقِيَ العلماءَ، وجالَ فِي البلاد، وتغربَ. وشاركَ فِي فنون عديدة. ومالَ إلى النظريات وعلمِ الكلام. وأقامَ بحَماة، وبها مات. [ص:246]
وله " تفسيرٌ " فِيه أشياءُ عجيبةُ الأسلوب. ولَمْ أتحقَّقْ بَعْدُ ما كَانَ ينطوي عَلَيْهِ من العقدِ. غيرَ أَنَّهُ تكلَّمَ فِي علم الحروف والأعداد وزَعَم أَنَّهُ استخرجَ علمَ وقتِ خروج الدَّجَّال، ووقتِ طلوعِ الشمس من مَغْربها، ويأجوج ومأجوج. وتكَلَّم ووَعَظَ بحماةَ. وصَّنف فِي المنطقِ، وفي الأسماءِ الحُسنى، وغير ذَلِكَ. وله عبارةٌ حلوة إلى الغاية وفصاحةٌ وبيان. ورأيتُ شيخنا المجدَ التونسي يتَغالى فِي " تفسيره "، ورأيتُ غيرَ واحدٍ مُعَظِّمًا لَهُ، وجماعةً يتكلمونَ فِي عقيدتِه. وكانَ من أحلمِ الناس بحيثُ يُضْرَبُ بِهِ المثل. وكان نازلاً عند قاضي حماة ابن البارزي رحمه اللَّه.
حكى لنا القاضي شَرَفُ الدين ابن البارزي: أَنَّهُ تَزَوَّجَ بحماةَ، قَالَ: وكانت زوجتُه تؤذيه وتشتمه وهو يتبسم ويدعو لها. وأنَ رجلًا راهنَ جماعةٌ عَلَى أن يحرجه، فقالوا: لا تَقْدِرُ، فأتاه وهو يَعِظُ وصاحَ، وقالَ: أنت كَانَ أبوك يهوديًا وأسلم! فنزلَ من الكرسيّ إِلَيْهِ، فاعتقدَ الرجلُ أَنَّهُ غَضِبَ وأنَّه تَمَّ لَهُ ما رامَه حتَّى وَصَلَ إِلَيْهِ، فقلعَ فرجيةً عَلَيْهِ وأعطاهُ إياها، وقال: بَشَّرَك اللَّه بالخيرِ الّذِي شهِدْتَ لأبي بأنه ماتَ مُسلمًا.
وكان شيخُنا ابنُ تيميَّة، وغيرُه يَحُطُّ عَلَى كلامِه ويقولُ: تَصوُّفُه عَلَى طريقَة الفلاسفَة.(14/245)
489 - عَلِيّ بن حازم البغداديّ المُقرئ، هُوَ الشيخُ عَلِيّ الأبْله. [المتوفى: 637 هـ]
كَانَ آيهً فِي حفظِ القُرآنِ وجَوْدَةِ أدائِه. وكان من تمكُّنِه من حفظِ القُرآن يقرأ السورة معكوسة الآيات كأسرع ما يكون. وكانَ فِيهِ بَلَهٌ فِي حديثِه وحركاتِه.
كَانَ يقرأ عَلَيْهِ إنسان فحرّكه فوجده ميتًا.(14/246)
490 - عَلِيّ بن معالي العلّامةُ، شيخُ النَّحْو ابنُ الباقِلاني الحِلِّيُّ المتكلمُ الحنفيُّ ثمّ الشّافعيّ. [المتوفى: 637 هـ]
من فُضلاءِ زمانِه ببغداد. وله نظمٌ. كبر وشاخ. توفي سنة سبعٍ.(14/246)
491 - قَشْتَمُر، الأميرُ جمالُ الدّين الناصريُّ المستنصري، مَقَدَمُ الجيوشِ الإماميةِ. [المتوفى: 637 هـ]
كَانَ أميرًا، جليل القدرِ، مَهيبًا، وَقُورًا، كَثيرَ الصدقاتِ والمعروفِ.
تُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ، وكانَ يومًا مشهودًا، غَسَّلَه الإمامُ نجمُ الدّين عَبْد اللَّه الباذرائي الشّافعيّ وساعَدَه عَلَى غسلِه المُقرئ عبدُ الصَّمد بن أَبِي الجيشِ. وشيَّعَه الكافّةُ. ودُفِنَ بتربته.
وكانَ أكبرَ الدولة المستنصرية، كَانَ حولَه من الغِلْمان والخَدَمِ المُحلِّلينَ الشعور نحو خمس مائة نفس.(14/247)
492 - ليثُ بن عَلِيّ بن محمود بن أَبِي نصر بن خليل. أبو الفرج ابن السقَّاءِ البغداديّ البُوقِيُّ السِّمْسار. [المتوفى: 637 هـ]
كَانَ يصنَعُ البُوقّ.
وسمع من أَحْمَد بن المبارك بن دُرّك، وعبيدِ اللَّه بْن شاتيل، ونصرِ اللَّه القَزاز.
أبو الفرج.
تُوُفّي فِي ثامن ربيع الأول.
ويُقالُ لَهُ: سِبْطُ خليل السقاء.
وقد أجازَ للفخرِ ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصر محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ، وعيسى بن معالي، وأَبِي بَكْر بن عَبْد الدائم، وابن سعد، والقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان، وأَحْمَد بن أَبِي طَالِب الحَجَّار، وجماعةٍ.
وروى عَنْهُ أَبُو القاسم عَلِيّ بن بَلَبان، وغيرُه.(14/247)
493 - مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عَدِيّ بن حسن بن أَبِي العلاء. [المتوفى: 637 هـ]
زينُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه، السَّلْمانيُّ، ثمّ الدّمشقيّ، الصالحيُّ، الوكيل، الفقيهُ.
كَانَ مُختصًا بخدمة بني سَنِيّ الدولة. وحدَّث عن: يحيى الثَّقفيّ، وغيرُه. [ص:248]
روى عنه: البهاء ابن عساكر كتابةً، وتُوُفّي فِي غُرَّةِ رجبٍ.
ذكرَه ابنُ الحاجب فِي " معجمه ".(14/247)
494 - مُحَمَّد بن أَحْمَد أَبُو عَبْد اللَّه، اللَّخميُّ. السَّلاويّ الفقيهُ. [المتوفى: 637 هـ]
أخَذَ بمدينة سَلا عن أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن سُلَيْمَان بن حَوْط اللَّه الحافظِ. وتفقهَ بالقاهرة عَلَى التاج مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأرْمَويّ.
وتُوُفّي بالقاهرة فِي صفر.(14/248)
495 - مُحَمَّد بن جبريل بن المغيرة بن سُلطان بن نعمة، القاضي عمادُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه، المعروفُ بابن أخي العلم، الْمَصْريّ الشّافعيّ الكاتبُ العَدْلُ. [المتوفى: 637 هـ]
قَالَ المُنْذريُّ: ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من أَبِي المفاخر سعيدٍ المأمونيّ، وعساكرٍ المُقرئ. وتقَلَّبَ فِي الدواوين. وكان مشهورًا بالأمانَة. تُوُفّي فِي خامس شَعْبان.
رَوَى عَنْهُ المجدُ ابن الحُلْوانية.(14/248)
496 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن إِبْرَاهِيم الأديبُ. العالمُ شمسُ الدّين أبو عبد الله ابن الكريم البغداديّ الكاتبُ الماسحُ الحاسبُ المُحَدِّثُ. [المتوفى: 637 هـ]
قَالَ: مولدي فِي صفر سنة تسعٍ وسبعين. وحفظتُ القرآن على السراج عبد الرحمن ابن البَزَن. وتَفَقَّهْتُ فِي مذهب الشّافعيّ عَلَى الزَّيْنِ أَبِي بَكْر الهَمَذَانيّ، ثمّ فِي الخلاف عَلَى الرَّضيِّ مُحَمَّد بن ياسين. وسَمِعْتُ ببغداد عَلَى جدي مُحَمَّد بن عَلَى، والحافظِ يوسُفَ بن أَحْمَد الشّيرازيّ - وهو ابنُ عم جدي المذكور - وعلى أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، ويحيى بْن بَوْش، وعبدِ المنعم بْن كُلَيب. ثمّ سَمَّى جماعة. واشتغلتُ بالعربية والحساب عَلَى أَبِي البقاء، وسَمِعْتُ عَلَيْهِ مُعظمَ مصنفاتِه. ثمّ بالحسابِ والمساحة عَلَى والدي أَبِي منصور، والصاحب كمالِ الدّين دَاوُد بن يونُس. وخدمت بالأعمال السلطانية ببغداد إِلَى آخر سنة تسع وستمائة. ثُمَّ قدمت دمشق، وخَدَمتُ الملكَ المُعظّمَ [ص:249]
فِي سنة تسع عشرة فِي المساحة والكشفِ. وَلي من المؤلفّات " أنس المسافر " مجلد، كتابٌ فِي صناعة الطبيخ، كتابُ " نهج الوضاحة فِي المساحة "، كتابٌ فِي الحساب. وغير ذَلِكَ.
قلتُ: وكَتَبَ الكثيرَ من الأجزاء. وله شعرٌ جيدٌ.
رَوَى عَنْهُ الشهابُ مُحَمَّد بن مُشَرَّف، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، والبهاءُ قاسمٌ الطبيبُ، والمجدُ ابن الحُلْوانية، وآخرون.
مات فِي رجب.(14/248)
497 - مُحَمَّد بن أَبِي المعالي سعيدِ بن يحيى بن عَلِيّ بن الحجاج بن محمد الحافظ الكبيرالمؤرخ. أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبَيْثيّ، ثمّ الواسطيّ الشّافعيّ العَدْلُ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد فِي رجب سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ بواسط مِنْ أَبِي طَالِب مُحَمَّد بْن عَلِيّ الكتَّانيّ، وهبةِ اللَّه بن عَلِيّ بن قَسَّام، وهبةِ اللَّه بنِ نصرِ اللَّه بن الْجَلَخْت، وعلي بن المبارك الآمديَّ، وطبقتِهم.
وقرأ القراءات بها عَلَى أصحاب أَبِي العز القَلانِسيّ كأبي بكر ابن الباقِلانيّ، وأَبِي الْحَسَن علي بن المظفَّر خطيبِ شافيا. وقرأ الفقهَ والعربية.
ثمّ رَحَلَ إلى بغداد فِي حدودِ الثمانين، وسَمِعَ من أَبِي الفتح عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر اللَّه القزّاز، وَأَبِي العلاء مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عقيل، وأَبِي الفَرَج مُحَمَّد بن أَحْمَد بن نبهان، وعبد المنعم بن عبد الله ابن الفراوي، وأبي العز محمد بن محمد ابن الخراساني، وعبد الجبار ابن الأعرابيّ، والحافظِ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن مُوسَى الحازميِّ، وعبد اللَّه بن أَحْمَد بن حَمْتيس السرَّاج، وعَبْد المُغيثِ بن زُهير، وخلقٍ كثيرٍ بعدهم ببغداد، والحجاز، ومصرَ، والمَوْصِل، وقرأ ببغداد القراءات عَلَى جماعةٍ. وقرأ الفقهَ عَلَى أَبِي الحسين بن هبة الله ابن البُوقيّ. وعَلَّق الأصولَ والخِلافَ. وعُنيَ بالحديث ورجاله.
وصنفَ " تاريخًا " كبيرًا لواسط، وصنَّفَ " تاريخًا " ذيل بِهِ عَلَى " الذيل " لأبي سَعْد السمعانيّ. وله شِعر جيد.
وكان من المُعدَلين الأعيانِ ببغداد، وعُزِل من العدالةِ، والعَدَالةُ ببغداد [ص:250]
منصبٌ كالقضَاء والفُتيا.
فذكَرَ ابنُ النّجّار فِي ترجمته: أَنَّهُ وَلِيَ الإشرافَ عَلَى الوقف العام مدّةً، ثمّ إنه استعفى من الشهادة ضَجَرًا، فأُجيبَ، فانقطَع فِي منزله مُنعكِفًا عَلَى إقراءِ القرآنِ ورواية الحديثِ.
سُئِلَ عَنْهُ الحافظُ الضياءُ، فقال: هُوَ حافظ.
وقال ابن نُقْطَةَ: لَهُ معرفةٌ وحفظٌ.
وقال ابن النجار: سكن بغداد، وحدث بـ " تاريخ واسط " وبتذييل " تاريخ بغداد " له، وبـ " معجمه ". وقلَّ أنْ يَجْمَع شيئًا إلّا وأكثُره عَلَى ذهنِه. وله معرفةٌ تامةٌ بالأدبِ والشعر. وهو سخيٌ بكتبِه وأصوله. صَحِبْتُه عدَّةَ سنينَ، فما رأيتُ منه إلا الجميلَ والدِّيانة وحسنَ الطريقةِ.
قَالَ: هُوَ أحدُ الحُفَّاظِ المكثرين ما رأتْ عينايَ مثَله فِي حفظِ التواريخ والسِّير وأيامِ الناس، رحمه اللَّه.
قلتُ: رَوَى عَنْهُ هُوَ، والشرف أحمد ابن الْجَوْهريّ، وابن نُقْطةَ، والزكيُّ البِرْزاليُّ، وأَبُو الْحَسَن عَلِيّ بن مُحَمَّد الكازَرُونيُّ ثمّ البغداديّ، وعزُّ الدين الفاروثي، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وتاج الدين أبو الحسن الغرافي، وجماعةٌ سواهم.
وسمع منه من شيوخه أَحْمَد بن طارق الكَرْكيّ، وأَبُو طَالِب بن عَبْد السميع. وأجازَ للقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان، وغيره.
وقد وجدتُ سماعَه من القزاز في سنة ستٍ وسبعين وخمسمائة في ربيع الأول بـ " جزء الآدميّ" وما معه من حديث الفتون.
ولابنِ الدُّبيثيّ ممّا رَوَاهُ عَنْهُ ابنُ النّجّار فِي " تاريخه " وانقطَعتْ إجازتُه اليومَ.
قَالَ:
إذا اختارَ كُلُّ الناسِ فِي الدينِ مَذْهبًا ... وصوَّبهُ رأيًا ودَقَّقَهُ فِعْلا
فإنِّي أرى عِلْمَ الحديثِ وأهْلَهُ ... أحَقَّ اتِّباعًا بَلْ أسَدَّهُمُ سُبْلا
لِتَرْكِهمُ فِيهِ القِياسَ وكَوْنِهمْ ... يَؤُمُّونَ ما قَالَ الرسولُ وما أملى [ص:251]
أنشدَني أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بن أَحْمَد الحُسينيّ، قال: أنشدنا أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبيثيُّ لنفسِه:
عِلْمُ الحديث فضيلةٌ تحصيلها ... بالسّعي والتّطواف فِي الأمْصار
فإذا أرَدْنَ حُصُولَها بإجازةٍ ... فَقَدِ استَعَضْتَ الصُّفْرَ بالدّينارِ
قَالَ ابن النّجّار: أضرَّ ابن الدُبيثيّ بأخرةٍ. وتُوُفّي فِي ثامن ربيع الآخر ببغداد، ولقد ماتَ عديم النظيرِ فِي فنه.(14/249)
498 - مُحَمَّد بن طَرْخان بن أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بن عَبْد اللَّه، تقيُّ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه السُّلَميّ الدّمشقيّ الصالحيّ الحنبليّ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد بجبل قاسيون في سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسَمِعَ من أَبِي المعالي بْن صابرٍ، وأَبِي المجد ابن البانياسيّ، ويحيى الثَّقفيّ، وابنِ صَدَقَة الحرّانيّ، وأَبِي الحسين ابن المَوَازينيّ، والخُشُوعيّ، وطائفةٍ.
وخَرَّجَ لَهُ الشيخُ الضياءُ أربعين حديثًا، وخرَّجَ هُوَ لنفسه " مشيخة " كبيرة. وكانَ شيخًا فاضلًا، فقيهًا، حَسَنَ الطريقة، مُتَوَدِّدًا إلى الناس.
رَوَى عَنْهُ الضياءُ المَقدسيُّ، والمجدُ ابن الحلوانية، والفخر ابن البخاري، وأبو علي ابن الخلال، والعز أحمد ابن العماد، والشرف أحمد ابن عساكر، وابنُ عمِّه الفخرُ إِسْمَاعِيل، والتقيُّ أَحْمَد بن مؤمن، والشمس محمد بن علي ابن الواسطيّ، وجماعةٌ.
وتُوُفّي فِي تاسع المحرَّم بسَفْح قاسِيون.
وقد سَمِعَ بالحجاز واليمن من غير واحد. وسمَّع ولدَه أَبَا بَكْر.(14/251)
499 - مُحَمَّد بن أَبِي المعالي عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن صابر أَبُو طالبٍ السُّلَميّ الدّمشقيّ الزاهدُ ويُعرَفُ بابن سَيِّدَةَ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ أَبَاهُ، وأبا طاهر الخُشُوعي بدمشقَ. وإسماعيل بنَ ياسينَ، وغيرَه بمصر.
وهو من بيتِ الحديث والرِّواية، كان جَدُّه أَبُو القاسم مُحَدَّث الشام في [ص:252]
وقتِه، سَمِعَ ما لا يُوصَفُ كثرةً وأخذَ عَنْهُ السِّلَفِيّ، وابنُ عساكر. وكان أَبُوه عَبْد اللَّه من بقايا المسندين بدمشق رَوَى عَنْهُ: الحافظ أَبُو سعد السَّمعانيّ مَعَ تقدَّمِه وذكره فِي " تاريخ بغداد ".
وكانَ أَبُو طَالِب مشهورًا بالصلاحِ، والدين، والفضيلةِ عَلَى طريقة الصوفية. وله كلامٌ فِي الطريقِ، وكانَ مليحَ الشكلِ، كريمَ النفسِ، مُطَّرحًا للتكلُّف، يَخْضبُ بالحِنَّاءِ. وكانَ كثيرَ الأسفارِ، ثمّ صارَ شيخًا للحديثِ بالعزيَّة التي عَلَى الشَّرف.
رَوَى عَنْهُ ابنُ الحُلْوانية، فقالَ: أخبرنا الشيخُ العابدُ الوَرع شيخُ الطائفة، ثمّ ذكر حديثًا. وسعدُ الخيرِ بنُ أَبِي الفَرَج النابُلُسي، وأَبُو عَلِيّ ابنُ الخَلَّال، والشرفُ أَحْمَد ابن عساكر، وابنُ عمِّه الفخرُ، وأَبُو الفضل محمدٌ الذهبي، وأبو المحاسن ابن الخرقي، والجمال عبد الله الجزائري، والعلاء ابن البَقَّال، وجماعةٌ.
تُوُفّي فِي سابع المحرَّم بدمشق.
وكانت لَهُ دنيا وثروةٌ فأبادَها وتَزَهَّدَ، وجاوَرَ مدّةً. ثمّ لَمَّا قَدِمَ أَبُو حفص السُّهْرَوَرْدِي دمشقَ، لَبِسَ منه وصَحِبهُ إلى بغداد وسَمِعَ بِهَا من أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة.
قَالَ ابنُ النّجّار: لم أرَ إنسانًا كاملًا غيرَه، اجتمعتُ بِهِ كثيرًا ببغداد ودمشقَ وبيتَ المقدس. وهو زاهدٌ عابد، ورعٌ، تقيٌ، كثيرُ الصلاةِ والصيامِ، كتبَ بخطِّه الكثير.(14/251)
500 - مُحَمَّد بن عَبْد الكريم بْن يحيى بْن شُجاع بْن عَيَّاش، رشيدُ الدّين أَبُو الفضلِ القَيْسيُّ الدّمشقيّ المُحتسبُ، المعروف بابنِ الهادي. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا القاسم عَلِيّ بن الْحُسَيْن الحافظَ، وأبا المعالي بن صابر.
وكانَ عارفًا بأمور الحسبةِ. وله هيبة ووقار، وفيه عفّة وكَرَم. ترك الحِسْبةَ مدّةً، ثمّ وَلِيَها فِي دولَة الناصر دَاوُد.
روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وسعد الخير النابلسي، وأبو علي ابن الخلال، وأمير الحاج أبو المحاسن يوسف ابن الشقاري، وجماعةٌ. [ص:253]
ولد في صفر سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وتُوُفّي فِي سادس جُمَادَى الآخرة.
أنبأني سعدُ الدين ابن حَمُّويَه: أن الرشيدَ حَكَى لَهُ أَنَّهُ كَانَ يدورُ يومًا فِي البلدِ أيامَ الملك العادلِ، فوقفَ عَلَى إنسانٍ ونهاه عن البخْسِ فِي الوزنِ، قَالَ: فقامَ إلى بسِكِّينٍ، وقال: أَنَا غلام دار الدعوة تتهددني؟ فشَمَّرتُ أكمامي، ونَزَلْتُ عن البَغْلةِ، ولَكَمْتُه فِي رأسه رميته وأخذت السكين من يده وكتفته وحبسته. قال: ولم يخرج إلّا بعد شفاعَة ألا يُقيمَ فِي المدينةِ.(14/252)
501 - مُحَمَّد ابنُ الأمير عُثمان ابن الأمير علّكان، الأميرُ أَبُو عَبْد اللَّه الكُرْدي. [المتوفى: 637 هـ]
كَانَ شابًّا، ديِّنًا، خيرًا. قُتِلَ بظاهرِ غَزَّةَ مُقْبلًا غيرَ مُدْبرِ فِي وقعةٍ بين الملوك. وعاشَ ثلاثينَ سنة.
وهو ابنُ بنتِ الأميرِ سيفِ الدّين يازكوج الأسديّ.(14/253)
502 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي نصْر، فخرُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه النُّوقانيّ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ ببغداد من شُهْدَةَ الكاتبة، وعبد المنعم بن الفُرَاويّ، وأَبِي القاسم عَبْد الرحيم بن أَبِي سعد الصُّوفيّ شيخ الشيوخ، وأَبِي الثَّناء مُحَمَّد بن محمد الزيتوني، وجماعة. وسمع بزنجان من عمر بن أحمد الخطيبي. وقدم مصرَ، وسكن بمدرسة الشافعي.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وقال: سألتُه عن مولدِه، فقالَ: فِي تاسع ذي القَعْدَةِ سنة تسعٍ وأربعين بطُوس. قَالَ: وكان شيخًا صالحًا، حَسَنَ السَّمْت، مُشْتَغلًا بنفسِه. وأبوه هُوَ الْإمَام أَبُو المفاخر النَّوْقانيّ أحدُ الفُضَلاءِ المذكورين. ونُوقَان: من قرى نَيْسابور.
وروى عنه أيضاً المجد ابن الحُلْوانية. وأجازَ لمحمد بن مُشْرقِ.
وتُوُفّي فِي سادس ربيع الآخر.(14/253)
503 - مُحَمَّد بنُ منيرِ بنِ البِطريق، فصيحُ الدّين العِجْليّ البغداديّ الْجَزَريُّ الشاعرُ الأديبُ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ منه الزكيُّ المُنْذريُّ شِعرًا لَهُ بالقاهرة، وكَنَّاه أَبَا بَكْر.
تُوُفّي بدمشقَ فِي سادس جُمادى الآخرة.(14/254)
504 - مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه بن قرناص، أَبُو عَبْد اللَّه الخُزاعيّ الطَّاهريّ الحَمَويُّ. [المتوفى: 637 هـ]
وُلِد سنة ستٍ وخمسين بحماة. وروى عن عبد العزيز بن عبد الواحد ابن القُشَيريّ، عن هبةِ الرَّحْمَن.
رَوَى عَنْهُ مجدُ الدين العديمي، وقال: توفي في رجب.
وروى عَنْهُ ابن مسدي، فقال: كبيرُ بلدِه، وصدرُ محتده. سَمِعَ من أَبِي هاشم بن ظَفَر.(14/254)
505 - مُحَمَّد بن ياقوت بن عَبْد اللَّه، أَبُو بَكْر الروميّ البغداديّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 637 هـ]
عتيقُ أَبِي الْحَسَن الْجَازريّ من جَازِرَةَ: قريةٌ من قرى النَّهروان.
سمع: أبا الفتح ابن البَطِّيّ، وأبا منصورٍ عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر الطُّوسيّ، وأبا الْحُسَيْن عَبْد الحق اليوسفي.
أجازَ للفخرِ إسماعيلَ بن عساكر، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان، وسعدِ الدّين ابن سعد، وأَبِي بَكْر بن عَبْد الدائم، والقاضي تقي الدين الحنبلي، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة.
وتُوُفّي فِي العشرين من رمضانَ. وَرَّخهُ ابنُ النّجّار، ورَوَى عَنْهُ حديثًا.(14/254)
506 - مُحَمَّد بن يوسُف ابن الفقيه سعيدِ الدَّوْلة عَبْد المعطي بن منصور، الفقيه تاج الدين ابن المَخيليّ الإسكندرانيُّ المالكيُّ. [المتوفى: 637 هـ]
توجَّه رسولًا إلى حِمْص، فأدركه أجله بها فِي ربيع الآخرِ فِي حياة والده. [ص:255]
تفقه عَلَى الحافظ أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بن المُفَضَّل، وتَصَدَّرَ بالإِسكندريَّةِ، ودَرَّسَ، وأفتى. وتقَلبَ فِي الخِدَم الديوانية. وعاشَ خمسين سنة.
كتبَ عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وغيره.(14/254)
507 - مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر بن عَلِيّ بن سلمان الفقيهُ، رشيدُ الدّين، النَّيْسابوريّ، الحَنفيُّ. [المتوفى: 637 هـ]
تفقَّهَ عَلَى مذهب أَبِي حَنيفهَ. وسمع من: أَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديَّ، والبُوصيريِّ، وجماعةٍ. وبدمشق من الخُشُوعيّ، ودَرَّس بها وحدَّث.
وذَكَرَ أَنَّهُ وُلِد بَنْيسابور فِي سنة تسعٍ وخمسين. وكانَ من كبارِ الحنفية.
روى عنه: المجد ابن الحُلْوانية، ومُحَمَّد بن يوسف الذهبيُّ، وسِبْطهُ مُوسَى بن علي الحسيني. وأجاز للقاسم ابن عساكر.
توفي في خامس ذي القعدة.
وقد وَلِيَ قضاء الكركِ، والشَّوبك. ثمّ درس بالمعينيَّة.
وقد تفقَّهَ بخُراسان عَلَى الرُّكن المغيثيّ. وبمكةَ عَلَى مُحَمَّد بن مَكْرَم الكِرْمانيّ. وبمصر عَلَى الفقيهِ ندَى بنِ عَبْد الغني. وبدمشق عَلَى البرهانِ مسعودٍ الحنفي.
ورَوَى عَنْهُ بالإجازةِ القاضيان ابن الخويي وتقي الدّين سُلَيْمَان، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المخرميُّ.(14/255)
508 - مُحَمَّد الزَّيلعي، الأسودُ. أَبُو عَبْد اللَّه، الزاهدُ. [المتوفى: 637 هـ]
إمامُ المدرسة النظامية.
كَانَ صالحًا، عابِدًا، خاشعًا، قانتًا، قليلَ النومِ، لَيِّن الكلمةَ، مُتواضعًا.
تُوُفّي في صفر، وحمل على الرؤوس وازدَحَموا عَلَى نعشه.(14/255)
509 - المبارَكُ بن أَحْمَد بن أَبِي البركاتِ المبارك بنِ موَهوب بنِ غَنيمةَ بن عَلِيّ، الصاحبُ الرئيس. شرف الدّين أَبُو البركات ابن المستوفي اللّخميّ الإرْبليّ الكاتبُ. [المتوفى: 637 هـ][ص:256]
ولد بإربل في سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. قرأ القرآن والأدبَ عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن يوسف البَحْرانيّ، وأَبِي الحرم مَكي بن ريَّان الماكِسينيَّ. وسَمِعَ من عَبْد الوهاب بن أَبِي حبَّة، والمبارك بن طاهر الخُزَاعي، وحنبلِ بْن عَبْد اللَّه، وعُمَر بْن طَبَرْزَد، وعبد اللطيف بن أَبِي النجيب السُّهْرَوَرْدِي، وأَبِي المعالي نصرِ اللَّه بن سلامة الهِيتيّ، وخلقٍ كثيرٍ من القادمين إلى إرْبِل وأجازَ لَهُ جماعة.
وكتبَ العالي والنازلَ. وعُنِيَ بالتاريخ والأخبار وأيام الناس. وجَمَعَ لإرْبِل " تاريخًا " حَسَنًا فِي خمس مجلدات. وكان بيتُه مجمعَ الفُضلاء بإربل. وكان كثيرَ المحفوظِ، مليحَ الخطِّ، حَسَنَ الإيراد، جيدَ النظمِ والنثرِ.
وله إجازةٌ من أَبِي جعفرٍ الصَّيْدلانيّ، وقد أجازَ لشيخنا ابن الشّيرازيّ.
وَلِيَ نظرَ الديوان بإرْبِل، ونزحَ عَنْها بعد استيلاء التتار عليها إلى المَوْصِل فأقام بها. ووَلِيَ والده أَبُو الفتح الاستيفاءَ بإرْبِل مدّةً، وكذا والدهم أَبُو البركات كانَ مستوفيًا بها.
وقالَ ابن خَلِّكان رحمه اللَّه: كَانَ شرفُ الدّين رئيسًا، جليل القَدْرِ، مُتواضعًا، واسعَ الكرم، مُبادرًا إلى رِفادةِ مَنْ يَقَدمُ البلدَ، ومُتَقرِّبًا إلى قلبِه بكل ما يقدُر عَلَيْهِ. وكان جَمَّ الفضائل، عارِفًا بعدةِ فنون منها: الحديثُ وفنونه وأسماؤه وما يتعلقُ بِهِ. وكان ماهرًا فِي فنونِ الأدب من النَّحْو، واللغة، والبيانِ، والشعرِ، والعَروضِ، وأيَّام العرب. وكان بارعًا فِي علم الديوان وحسابهِ وقوانينه. صنف كتاب " النظام في شرح كتاب المتنبيّ، وديوان أَبِي تمّام " جاءَ فِي عشرِ مُجلدات، وله كتاب " المُحَصَّل فِي نسبة أبيات المُفَصل " فِي مجلدين. سَمِعْتُ منه كثيرًا، وسَمِعْتُ بقراءته عَلَى المشايخ الواردين شيئًا كثيرًا.
قَالَ ابنُ الشعّار فِي كتاب " قلائد الجمان " - بعد أن بالغَ فِي وصف الصاحب أبي البركات وفضائله ومكارمه -: وكان محافظا على عمل الخير والصلاح، مواظبا على الصلاة والعبادة، كثير الصوم، دائم الذكر، متتابع الصدقات. وله ديوان شعر أجاد فيه. خرج من مسجده ليلا إلى داره، فوثب [ص:257]
عليه شخصٌ فضربه بسكينٍ في عضده، فأحضر مزينا وقمطها بلفائف وسلم. وكتب إلى مظفر الدين صاحب إربل:
يا أيُّها المَلِكُ الّذِي سَطَواتُه ... مِنْ فَعْلها يَتَعَجَّبُ المِرِّيخُ
آياتُ جُودِكَ محكمٌ تَنْزيلُها ... لا ناسخٌ فيها ولا مَنْسوخُ
أشْكُو إلَيْكَ وما بُليتُ بِمثْلِها ... شَنْعَاءَ ذِكْرُ حَديُثها تاريخُ
هِيَ ليلةٌ فيها وُلِدْتُ وشاهدي ... فيما ادَّعَيْتُ القِمْطُ والتمريخُ
خرجت من إربل سنة ستٍ وعشرين وشرف الدّين فِي رتبةٍ دون الوزارة، ثمّ وليها فِي أول سنة تسعٍ وعشرين. فلمّا صارت إربل للخليفة، لَزِمَ بيته. ولما أُخِذَت إربل سَلِمَ هُوَ بالقلعَة، ثمّ سَكَن المَوْصِل، وأقامَ بها فِي حُرمة وافرةٍ، واقتني من الكتب النفيسة شيئًا كثيرًا. ومات فِي خامس المحرَّم.
قلت: ومن شعره وهو عذبٌ رائقٌ:
ومُخَنَّثِ الأعْطافِ ميَّاسِ الخُطا ... حُلوِ الصبا مُتناسبِ التركيبِ
عاتَبتُه فتوردت وجناته ... مِنْ حَرِّ أنفاسي ونار لَهيب
وشكَوتُ ما ألْقَى فأعرضَ مُغْضبًا ... فَرَجعْتُ عنهُ بذِلَّةِ المَكْروُبِ
يا مَنْ تَبيتُ قَريرةً أجفانُه ... حاشَاكَ مِنْ قَلَقي وطُول نحيبي
أتَنَامُ عن سَهَري وأنتَ مُعَلِّلي ... وتمَلُّ مِنُ سقَمي وأنْتَ طبيبي
وأقلُّ ما ألقاهُ من ألمِ الهَوى ... أنِّي أموتُ وأنت لا تَدْري بي
وله:
رَعَى اللَّه ليلاتٍ تقضَّت بقربكم ... قصارًا وحيّاها الحيا وسقاها
فما قُلْت إيهٍ بعدها لمسامرٍ ... مِنَ الناسِ إلّا قالَ قَلْبِي آها(14/255)
510 - محمود بن عُمَر بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن شجاع، الحكيمُ الأستاذ البارعُ سديدُ الدّين الشَّيْبانيّ، المعروفُ بابن زُقيقة. [المتوفى: 637 هـ]
والدُ المُحَدِّثُ أَحْمَد.
كَانَ مَعَ تقدُّمه فِي الطب أديبًا، شاعرًا متميزًا. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة بدمشق، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.
رَوَى عَنْهُ الموفقَّ أَحْمَد بن أَبِي أُصَيبعة، والشهاب القوصي. [ص:258]
ومر في العام الماضي.(14/257)
511 - نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بن عَبْد الواحد. الصاحبُ، ضياءُ الدين، أبو الفتح، ابن الأثير، الشَّيْبانيّ، الْجَزَرِيّ، [المتوفى: 637 هـ]
الكاتب، مُصنِّفُ " المثل السائر فِي أدبِ الكاتبِ والشاعر ".
وُلِد بجزيرة ابنِ عُمَر فِي سنة ثمانٍ وخمسين. وانتقلَ منها مَعَ أَبِيهِ وإخوته إلى المَوْصِل، فنشأ بها، وحَفِظَ القرآن، وسَمِعَ الحديث، وأقبل عَلَى العربية واللغاتِ والشعر حتى برع فِي الأدبيات، فإنه قَالَ فِي أول كتاب " الوشي المرقوم " لَهُ: حَفِظْتُ من الأشعار القديمة والمحدثة ما لا أُحصيه كثرةً، ثمّ اقتصرتُ بعد ذَلِكَ عَلَى شعر أَبِي تمَّام والبُحْتريّ والمتنبي، فحَفِظْتُ هذه الدواوين الثلاثة، وكنتُ أكرِّرُ عليها حتى تمكنت من صوغ المعاني، وصار الإدمان لي خُلُقًا وطبْعًا.
ذكره القاضي ابنُ خلِّكان وقال: ثمّ إنه قصد السلطان صلاح الدّين سنة سبعٍ وثمانين، فوصَّله القاضي الفاضل بخدمة صلاح الدّين، فأقام عنده أشهرًا، ثمّ بَعَثَه إلى ولده الملك الأفضل ليكون عنده مُكْرَمًا، فاستوزَرَه. فلمّا تُوُفّي صلاحُ الدّين واستقلَّ الأفضلُ بدمشق، ردَّ الأمور إلى ضياء الدّين، فأساء فِي الناس العِشْرة وهمُّوا بقتله فأخرجه الحاجبُ محاسن مستخفيًا فِي صندوق وسار معه إلى مصر. ولمّا قَصَدَ الملك العادل مصر، وأخذها من ابن أخيه، وخرج من مصر، لم يخرج ابنُ الأثير فِي خدمته؛ لأنه خاف عَلَى نفسه، فخرج متنكرًا. ولما أُخذِتِ دمشق من الأفضل، واستقر بسميساط، راحَ إِلَيْهِ ابن الأثير وأقامَ عنده، ثم فارقه في سنة سبعٍ وستمائة، واتَّصلَ بالملك الظاهر صاحب حَلَبَ، فلم يَنتظمْ أمرُه، فذَهَبَ مُغاضِبًا إلى المَوْصِل، واستقر بها، وكتب الإنشاء لصاحبها ناصر الدين محمود ابن عزّ الدّين مَسْعُود، ولأتابكه بدر الدّين لؤلؤ. وله يدٌ طولى فِي الترسُّل، وكان يُعارضُ القاضي الفاضل فِي رسائله، فإذا أنشأ رسالة، أنشأ مثلها وكانت بينهما مكاتباتٌ ومحارباتٌ. وأنشأ في [ص:259]
العصا: هذه لمبتدأ ضعفي خَبَر ولقوس ظهري وَتَر وإن كَانَ إلقاؤُها دليلًا عَلَى الإقامة، فإنّ حَمْلَها دليلٌ عَلَى السَّفْر.
وقال ابن النّجّار: حازَ قَصَبَ السَّبْقِ فِي الإنشاء. وكان ذا رأيٍ ولسانٍ وعارضة وبيان. قَدِمَ بغداد رسولًا غير مرَّة، ورَوَى بها كتاب " المثل السائر " لَهُ. ومَرِضَ بها أيامًا وماتَ فِي ربيع الآخر.
وقال غيره: كَانَ بينه وبين أخيه عز الدّين عَلِيّ مجانبةٌ شديدة ومقاطعة.(14/258)
512 - نصرُ اللَّه بن أَبِي المعالي نصر اللَّه بن أَبِي الفتح سلامة بن سالم، أَبُو الفتح الهِيتي معينُ الدّين الشّافعيّ الشاعرُ، [المتوفى: 637 هـ]
نزيلُ مصر.
وُلِد يوم عاشوراء سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. ومدح الملوك والوزراء. وتوفي فِي نصف شوَّال.
وأبوه محدثٌ فاضل معروف.(14/259)
513 - ياقوتٌ الروميُّ، الأتابكيُّ، المَوْصِليّ. [المتوفى: 637 هـ]
شاعرٌ محسن، رشيقُ القولِ. تُوُفّي بالموصل فِي جُمَادَى الآخرة.(14/259)
514 - يحيى بن المبارك بن عَلِيّ ابن شيخ الحنابلة المبارك بن عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن بُنْدار المُخَرّميّ، الرئيسُ عزُّ الدّين، البغداديّ، [المتوفى: 637 هـ]
والدُ صاحب الديوان فخر الدّين.
كَانَ كاتبًا فِي أعمال السواد، وناظرًا كيِّسًا، حُمَيْد السيرة.
مات فُجاءةُ فِي رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة.(14/259)
515 - يوسُف بْن أَحْمَد بْن نجم بْن عَبْد الوهّاب ابن الحنبليّ. أَبُو المظفَّر، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ: يحيى الثقفي، وعبد الرحمن ابن الخِرَقيّ، وعبد المنعم بن كُلَيب. وعاشَ خمسًا وستين سنة. وماتَ بالغورِ فِي شَعْبان وحُمِلَ إلى جبل قاسِيُون فدُفِنَ بتربتهم.(14/259)
516 - يوسفَ بن إِسْمَاعِيل ابن القاضي الأكرم أَبِي مُحَمَّد عَبْد الجبار بن شبل بن عَلِيّ، القاضي الرئيسُ، جمالُ الدّين، أَبُو الحَجّاج، الْجُذاميّ، الصُّوَيْتيُّ، المَقدسيُّ الأصلِ، ثمّ الْمَصْريّ، الكاتب. [المتوفى: 637 هـ]
سَمِعَ من القاسم ابن عساكر.
ووَلِيَ ديوانَ الجيوش المنصورة مدّةً. وتوجَّه إلى اليمن، فأقام بها مدّةً وعاد. وحدَّث.
كتبَ عَنْهُ من شعره الحافظُ عَبْد العظيم وقال: ولد في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وهو أخو الضياء محمدٍ.(14/260)
-وولد فيها:
شمسُ الدّين مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابن التيتي الآمديّ، بمصر فِي المحرَّم. وناصرُ الدّين مُحَمَّد بن يوسف ابن المِهْتار، فِي رجب بدمشق. والشمسُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن ابْن العجمي، بحلب. والشمس محمد ابن الخطيبِ جمال الدّين عَبْد الكافي الرَّبَعيّ. والبدرُ مُحَمَّد بن دَاوُد بن مُحَمَّد بن أَبِي القاسم الهكّاريّ، بحلب. والجمالُ يوسُف بن مُحَمَّد الإعزازي المنشد، والأمينُ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن نصر الرَّقّيّ الشاهد، بجبل قاسيون، وعيسى بن عَبْد الرَّحْمَن بن أَحْمَد المَعَري، ببعلبك، والعمادُ أَحْمَد ابن الشيخ شمس الدين ابن العماد الحنبليّ، ببغداد، والنجمُ عَبْد الرحيم بن علي ابن الحبَّال البَعْلَبَكّيّ، والمعينُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن محمد بن الجنيد الشاهد، والشيح عُبَيْد الرَّحْمَن بن عَبْد الواحد الصالحيّ الجمل فِي رمضان، وقيل: سنة أربع.(14/260)
-سنة ثمان وثلاثين وستمائة(14/261)
517 - أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن فارس بن عَبْد العزيز، القاضي، الوزيرُ، نجيبُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس، التَّميميُّ، السَّعْديّ، الأهْتَمِيّ، الصَّفْوانيّ، الخالديُّ، الإسكندرانيُّ، المالكيّ. [المتوفى: 638 هـ]
تفقه عَلَى: أَبِي القاسم مخلوفِ بن جارة، وأَبِي الفضل أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن الحضرميّ، وابن المُفَضَّل الحافظ. وسَمِعَ من عَبْد المجيد بن دُلَيل، وجماعةٍ. وحدَّث.
وتقلَّبَ فِي الخدَمِ الديوانية بمصرَ، ودمشق، والجزيرةِ، ووَلِيَ نظر الديوان بدمشق.
رَوَى عَنْهُ الحافظ عَبْد العظيم وقال: [وسألته عن مولده فقال]: ولدت في سنة ستٍ وستين وخمسمائة بالإسكندرية، وبها تُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ربيع الأول.
وهو والدُ الكمالِ إِبْرَاهِيم بن فارس الكاتبُ المُقرئ، وأخيه عَبْد اللَّه، ولهما سماعٌ من الكِنْديّ.(14/261)
518 - أَحْمَد بن صالح بن أَحْمَد بن طاهر، أَبُو الْعَبَّاس، السِّجِسْتانيّ. [المتوفى: 638 هـ]
رَوَى بالإجازة عن السِّلَفِيّ، وأَبِي الطاهر بن عوف، سَمِعَ أَبُوه منهما واستجاز لَهُ.
وحدَّث بدمشق وحرَّان؛ رَوَى عنه: مُحَمَّد بن يوسف الذهبي، وأَبُو إِسْحَاق الفاضليُّ، وعبد اللَّه بن يحيى الجزائري. وبالإجازة أَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ، والعمادُ مُحَمَّد ابن البالِسيّ.
وتُوُفّي بدمشق فِي ثالث جُمَادَى الأولى.(14/261)
519 - أَحْمَد بن مُحَمَّد بن طلحة بن الْحَسَن بن طلحة، أَبُو بَكْر البغداديّ. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ: يحيى بن بَوْش، وعبد المنعم بن كُلَيب، وطائفة. وقدم مصر وحدَّث بها.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وابن النّجّار، وغيرهما.
وماتَ ببغداد فِي ثالث ربيع الآخر عن بضعٍ وستين سنة.
وأجازَ للقاضي سُلَيْمَان.
قَالَ ابنُ النّجّار: كتبَ بخطَّه كثيرًا بهمةٍ وجدٍ واجتهاد، وقرأ الفقه عَلَى مذهب أَحْمَد. وتكلَّمَ فِي مسائل الخلاف. وحصَّلَ طَرَفًا صالحًا من الأدب. ثم صار حاجبًا لمحيي الدين ابن الجوزي. وقد خرج لنفسه " السباعيات " و " معجمًا " لشيوخه. وهو ثقةٌ، نَزِهٌ، محبوبٌ إلى الناس. ولد سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.(14/262)
520 - أَحْمَد بن مُحَمَّد بن محمود بن المعزِّ بن إِسْحَاق. أَبُو عَلِيّ، الحرّانيّ، ثمّ البغداديُّ، الصُّوفيّ، ابن القاضي أَبِي الفتح. [المتوفى: 638 هـ]
سمَّعهُ أَبُوه من: أبي الفتح محمد ابن البطي، وأَحْمَد بن المقرَّب، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السَّكَن، ويحيى بن ثابت، وأَبِي طَالِب بن خُضَير، وأَبِي المكارم الباذرائيّ، وغيرهم.
وكان من صوفيه رباط شُهْدَةَ. وقد سافرَ وأقامَ بالمَوْصل مدّةً.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار، وأَبُو القاسم بن بَلَبان، وجمال الدّين الشَّريشيّ، ومجدُ الدين ابن الحُلْوانية، وعزُّ الدّين الفاروثي، وجماعةٌ. وبالإجازة القاضيان ابن الخُوَيّيّ، وتقيّ الدّين الحنبلي، والفخر ابن عساكر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان.
ووَلِيَ أَبُوه قضاء باب الأزجِ.
تُوُفّي أَبُو عَلِيّ فِي سَلْخ المحرَّم.
قَالَ ابن النّجّار: شيخٌ حسنُ الهيئة، متوددٌ، لطيف الأخلاق.(14/262)
521 - أحمد ابن الشهاب مُحَمَّد بْن خَلَف بْن راجح بْن بلال بن هلال بن عيسى، القاضي، العلّامة، نجمُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس، المَقدسيُّ، الحنبليّ، ثمّ الشّافعيّ. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد ليلة نصف شعبانٍ سنة ثمانٍ وسبعين. وسَمِعَ من يحيى الثَّقفيّ، وابن صَدَقَة الحراني فِي الخامسة، ومن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الخِرَقيّ، وإسماعيل الْجَنْزَويِّ، وغيرهم.
واشتغل أولًا عَلَى الشمس أَحْمَد بن عَبْد الواحد المَقدسيُّ الْبُخَارِيّ. ثمّ سافرَ إلى بغداد مَعَ الضياء وله سبع عشرة سنة، فسمع من ابن الْجَوْزيّ، وغيره. وسافر إلى همذان إلى الركن الطاوسيّ الأصولي فلازمه مدّةً حتى صار معيده، وسَمِعَ بها من أَبِي العزَّ عَبْد الباقي بن عثمان الهَمَذَانيّ، وغيره. ثمّ سافر هُوَ وأخوه إِبْرَاهِيم إلى بخاري واشتغلا بها مدّةً. وبَرَعَ هُوَ فِي علم الخِلافِ وصار لَهُ صيتٌ بتلك الديارِ ومنزلةٌ رفيعة. وتفقه فِي مذهبِ الشّافعيّ وأتقنه.
ومن جملة محفوظاته: كتابُ " الجمع بين الصحيحين " للحميدي.
قال زكي الدين المنذري: تقدم في الخلاف، وناظر. وكان له اعتناءٌ بحفظ " الجمع بين الصحيحين ".
وقال الضياء: من وقت قدومه إلى دمشق لم يَزَلْ يَشْغَلُ الناس، ويذكرُ الدروس فِي التفسير، والحديث، والخلاف، وغير ذَلِكَ. وحَفِظَ " الصحيحين ". وكان لا يكادُ يقعُدُ بلا اشتغال. وهو ممَّن يقومُ الليل، ويُداومُ عَلَى صلاة الضحى صلاة حسنة طويلة. قَالَ: وسَمِعْتُ أَنَّهُ يقرأ كل ليلة ثُلُثَ القرآن. وسَمِعْتُ عُمَر بن صَوْمع يذكُر أَنَّهُ رَأَى الحقَّ فِي النوم، فسأله عن النجم، فقال: هُوَ من المقربين. فذكرت التعصبَ عَلَيْهِ لمّا أثبتَ رؤية الهلال فقال: ما يضُرُّه وهذا ما يقضي إلّا بالحقِّ أو ما هذا معناه.
وقال العز ابن الحاجب: كَانَ إمامًا وَرِعًا، مُعظمًا لفضله وبيته، عديم النظير فِي فنِّه، بالغَ فِي طلب العلم. وكان وافرَ الحظِّ من الخلاف. وكان سليمَ الباطن، ذا سمتٍ، ووقار، وتعبدٍ. كثرت التشانيع على وكلاء مجلسه وما يعملونه فِي المحاضِر، وأشرفَتْ بعض الحقوق عَلَى الضَّياع من فتح أبواب الرُّشا، [ص:264]
فصُرِفَ عن القضاء، وربّما اطلع عَلَى بعض ذَلِكَ وسامح.
قلت: غابَ عن دمشق ثلاث عشرة سنة. وأخذ عن نجم الدّين الكُبْرى الزاهد. وذكرَ أَنَّهُ رَأَى الحقَّ تعالى إحدى عشرة مرَّة، ورأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بضعًا وأربعين مرة. وقد ساق ذَلِكَ كلّه الضياءُ فِي ترجمته فمنها:
قَالَ: رأيتُ كأنِّي أسمعُ كلامه سبحانه يَقُولُ: إن سهامَنا ستصيبُ من أرادَك بسوءٍ.
قَالَ: ورأيتُ كأنه تعالي يَقُولُ: ادنُ مني مَرْحبًا بالحاكمِ الفاضلِ، أوصيك بالقاضي الخُوييّ.
ورأيتُ فِي سنة ثمانٍ وعشرين كأنيّ أسمعُ من الحق تعالي: أَنَا عنك راضٍ، فهل أنت عنيِّ راضٍ؟
وَقَالَ: رأيتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وإذا هُوَ يَقُولُ: تعالَوا فانظروا ماذا أمرني بِهِ ربّي؟ فدَنَوْتُ منه، فإذا بيده لوحٌ فِيهِ خطٌ بالكوفي: يا مُحَمَّد، إنك لن تطيعني حتى تتبع رضايَ فِي سَخَطِك.
قَالَ: ورأيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بخوارزم فقلتُ: يا رسول اللَّه، لماذا أنزلَ اللَّه فِي التوراة والإنجيل والقرآن وسائر الكتب: " إنَّ اللَّه في السماء " وأرى أكثر الناس يُنكرون ذَلِكَ؟ قَالَ: ومن يُنكُر ذَلِكَ؟ الأمرُ كذلك.
قَالَ: ورأيته فسمعته عَلَيْهِ السلام يَقُولُ: لَيْسَ أحدٌ أقرب إلى من مؤمن آلِ فِرْعون، فحكيتُه للشيخ نجم الدّين الكُبْرى، فقال: المرادُ بمؤمنِ آل فرعون الّذِي يَقُولُ الحق، ويظهره عند غلبَة الباطل وظُهور الكُفر كما فعل مؤمن آل فرعون.
وقال: رأيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بدِهِسْتان، فقال لي: من لم يَرْوِ عنّي حديثًا عذِّب. فقلت: كيفَ يروي عنك، يراك هكذا فيسمع منك؟ قال: لا، بل يَقُولُ: حَدَّثَنَا فلان قَالَ: حَدَّثَنَا فلان، وذكر إسنادًا فِيهِ إجازة، ثمّ ذكرَ متنه خطبةً لم أحْفَظها.
قَالَ الضياء: ولمَّا تولَّى المدرسة العذراوية رَأَى القاضي صدرُ الدّين [ص:265]
سُلَيْمَان الحنفي - رحمه اللَّه - فِي النوم كأنَّ الإمامَ أَحْمَد يدرِّسُ فيها، فيفسّر بِهِ. وذكرَ درسًا فِي مدرسة الشَّيْخ أَبِي عُمَر وهو حنبليٌ. وقرأ عَلَى شيخنا موفقِ الدّين كتابَ " المُقنع "، وكتبَ لَهُ خطَّه عَلَيْهِ ما لم يكتبْهُ لغيره فِي سنة ثلاث عشرة.
قَالَ: ثمّ دَرَّس بالعذراوية، ودرَّسَ بالصارمية التي بحارةِ الغُرباء، ودرّس بمدرسة أُمَّ الصالحِ إِسْمَاعِيل، وبالشامية البرانية. وماتَ وهو مدرسٌ بالعذراوية، بها.
قلتُ: وناب فِي القضاء عَن القاضي جمالِ الدّين الْمَصْريّ، والقاضي شمسِ الدّين الخوييّ، والقاضي عمادِ الدين عبد الكريم ابن الحرستاني الخطيب، والقاضي شمس الدين ابن سَنِيِّ الدولة، والرفيع الجيلي نابَ عَنْهُ إلى أن مات.
قَالَ أَبُو شامة: كَانَ يُعْرفُ بالحنبليّ. وكانَ فاضلًا، دَيِّنًا، بارعًا فِي علم الخلافِ، وفقِه الطريقة، حافظًا " للجمع بين الصحيحين " للحُميديّ.
وقرأتُ وفاتهَ بخطِّ الضياء فِي يوم الجمعة خامس شوَّال ودُفِنَ ليومه بالجبل، وكان الجمعُ فِي جِنازته كثيرًا. قَالَ: وكانَ أوحدَ عصرِه فِي علم الخلافِ. وكان مُجتهدًا فِي الخير لا سيما فِي آخر عمره.
قلت: وصنَّف طريقتَه فِي الخلاف وهي مجلدان، وكتابَ " الفصول والفروق "، وكتابَ " الفروق "، وكتاب " الدلائل الأنيقة " وغير ذَلِكَ.
رَوَى عنه الحافظ الضياء حديثًا واحدًا، والمجد ابن الحلوانية، والشرف ابن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، والبدر حسن ابن الخلال، والشمس محمد ابن الكمال، ومحمد بن يوسف الذهبي، والعماد ابن بدران. وانفرد بإجازته القاسم ابن عساكر الطبيب.(14/263)
522 - إِسْمَاعِيل بن أَحْمَد بن الْحَسَن، الأمير الأجل، مكرم الدين، ابن اللَّمطيّ. [المتوفى: 638 هـ]
من بيتٍ مشهور. وُلِد فِي حدود سنة خمسٍ وأربعين. وسَمِعَ من الفقيه [ص:266]
أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بن الحطَيئة. ووَلِيَ عدةَ ولايات بالوجِه القِبْلي، والوجه البحري.
رَوَى عَنْهُ الحافظ عَبْد العظيم، وقال: تُوُفّي بالصعيد فِي السابع والعشرين من ربيع الأول.(14/265)
523 - جبريُل بن عَبْد اللَّه، الزاهد. مريدُ الشَّيْخ عُبَيْد اللَّه الإخميميّ الزاهد. [المتوفى: 638 هـ]
من شيوخ الصعيد، له أحوالٌ ومقامات. وانتفع بصحبته جماعةٌ من الصالحين.
تُوُفّي بمُنْيَة بني خَصِيب فِي رابع جُمَادَى الأولى - رحمه اللَّه -.(14/266)
524 - جَهْمَةٌ بنتُ المُفَرِّج بن عَلِيّ بن المفَرِّج بن عمرو ابن مَسْلَمَة، أمُّ الفتيان، [المتوفى: 638 هـ]
أختُ الرشيد أَحْمَد.
ولدت فِي سنة ثمانٍ وأربعين أو نحو ذَلِكَ. وأجاز لها أَبُو الوقت السجزيُّ، ومَسْعُود بن عَبْد الواحد بن الحُصَيْن، وجماعة.
رَوَى عَنْها: المجد ابن الحُلْوانية، ونصر اللَّه وسعد الخير ابنا النابُلُسي. ولشيخنا البهاء ابن عساكر إجازةٌ منها.
وتوفيت فِي ثالث عشر صفر.(14/266)
525 - الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن وزير، زينُ الدّين أَبُو المعالي، الصُّوفيّ. [المتوفى: 638 هـ]
من أهل واسط.
كان يلقن. وسمع من ابن بَوْش، وغيره فِي الكِبَر.
تُوُفّي فِي رمضانَ.
ذكرَه ابنُ النّجّار.
ورَوَى عَنْهُ بالإجازة البهاء ابن عساكر.(14/266)
526 - خليفةٌ بن سُلَيْمَان بن خليفة بن مُحَمَّد، الفقيهُ، أَبُو السرايا، الْقُرَشِيّ، الشُّرُوطيّ، الحنفيُّ. [المتوفى: 638 هـ][ص:267]
وُلِد سنة ستٍ وستين. وحدَّث بحلب عن ابن صدقة الحراني. وروى عَنْهُ القاضي مجد الدّين العقيليّ.
تُوُفّي - رحمه اللَّه - فِي شوَّال.
وذكرَه الصاحبُ فِي " تاريخ حلب ": وأنَّه تفقَّه بالعَجَم. وكتب الحُكم بين يدي والدي، ثمّ بين يدي ابن شدَّاد، ثمّ درَّسَ بمدرسة الجاولي، ثمّ بمدرسة الأتابِك طغرل. وكان لا يحرر مولده.(14/266)
527 - سعدُ بن أَبِي منصور سعَيِد بن مُحَمَّد ابن العلّامة أَبِي منصور بن الرّزّاز البغداديّ، أَبُو مُحَمَّد. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ حضورًا من عُبَيْد اللَّه بن شاتيل. وحدَّث. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(14/267)
528 - سعيدُ بن عَلِيّ بن أَبِي الفتح المباركِ بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن بكري، أَبُو الرِّضا، الحَرِيميُّ، الصُّوفيّ. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، وأَبِي المكارم مُحَمَّد بن أَحْمَد الطاهري، وأَبِي عَلِيّ أَحْمَد بن مُحَمَّد الرَّحَبِيِّ، وأَبِي شجاعٍ أحمد ويحيى ابني موهوب ابن السَّدَنك، وغيرهم.
ذكرَه المُنْذريُّ وقال: تُوُفّي فِي حادي عشر شوَّال. ولنا منه إجازةٌ.
قلت: لم أعرِفْه بَعْدُ.(14/267)
529 - سعيدُ بن مُحَمَّد بن سعَيِد بن جَحْدَر، القاضي بهاء الدّين، أَبُو منصور، الأَنْصَارِيّ الخَزْرَجيّ، الْجَزَرِيّ الصُّوفيّ، الشّافعيّ الحاكمُ. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد بجزيرة ابن عُمَر فِي سنة تسعٍ وأربعين.
وسمع في كبره من محمود بن نصر ابن الشعّار.
ونَزَلَ بخانقاه سعَيِد السعداء مدّةً، ووَلِيَ القضاء ببعضِ بلاد الصعيد.
رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ المنذري، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وبالإجازة: القاضي شهاب الدين ابن الخويي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وأبو نصر محمد ابن الشّيرازيّ، وسعدٌ، والمُطَعِّمِ. [ص:268]
وتُوُفّي - إلى رحمة الله - ليلةَ السابع والعشرين من رمضان.(14/267)
530 - سُلَيْمَان بن أَبِي بَكْر بن أميرك، العلامةُ، عَلَم الدّين أَبُو الربيع، النَّيْسابوريّ الأصلِ، الحَمَويُّ المولدِ، الْمَصْريّ الدارِ، الحنفيُّ. [المتوفى: 638 هـ]
كَانَ مُدرّسًا بالقاهرَة بمدرسةِ يازكوج الأَسَدِيّ، ومدرسة حارة الدَّيْلم، ومسجد الشهاب الغَزْنويّ. وحدَّث عن أَبِي عَبْد الله الأرْتَاحيّ، والعمادِ الكاتب.
وكان ديِّنًا، خيِّرًا، عارفًا بالمذهب.
تُوُفّي في ذي القَعْدَةِ.(14/268)
531 - شَمْخُ بن ثابتِ بن عنان بن وافد - بالفاء - أَبُو عَلِيّ العُرْضيّ، السِّنْبِسيّ، [المتوفى: 638 هـ]
خطيبُ داريَّا.
فقيهٌ شافعيّ، فصيحٌ، قادرٌ عَلَى صَوْغِ الخطب. سَمِعَ بخُراسانَ من مُحَمَّد بن فضل اللَّه السَّالاريّ، ومُحَمَّد بن أَحْمَد الْبُخَارِيّ الخُوارَزْميَّ.
رَوَى عنه ابنه الخطيب، والمجد ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلال، وغيرهم. وبالإجازة العماد محمد ابن البالسي، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي.
قرأتُ وفاتَه بخطِّ الضياءِ فِي عاشر رمضان.(14/268)
532 - شمسُ الدّين بن بَرْق، [المتوفى: 638 هـ]
أَحَدُ أمراءِ دمشقَ. وكانَ والي البَرِّ.
ذكروا أَنَّهُ كاتَبَ صاحبَ مصر، وأن كمال الدين ابن شيخ الشيوخ لمّا وَصَلَ إلى دمشق اعتنقه وسلم عَلَيْهِ وبالغَ، فقَبض عَلَيْهِ الصالحُ إِسْمَاعِيل ونفذَه إلى بَعْلَبَكَّ، فشُنِقَ بها فِي جُمَادَى الأولى من السنة. نَقَلَه تاجُ الدّين عبدُ الوهاب.(14/268)
533 - صالحُ بْن خَلَف بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بن أَحْمَد، الفقيهُ، أَبُو التُّقَى الجهني، الْمَصْريّ، الشّافعيّ، المُقرئ، [المتوفى: 638 هـ]
والدُ شيخنا أَبِي عَبْد اللَّه محمد.
قرأ القرآن على أبي الجود. وتفقه وسَمِعَ من المتأخرين. وأسمع ولده من ابن باقا.
وتصدَّرَ بالجامع الظافريّ مدّةً.
وكان شيخًا صالحًا، فاضلًا. [ص:269]
توفي في شوال ببلبيس.(14/268)
534 - عَبْد اللَّه بن رافعِ بن تَرْجَم بن رافع، أَبُو مُحَمَّد، الشارعيُّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 638 هـ]
شيخٌ صالح، خيرٌ، مشهور بزيارة قبور الصالحين ومعرفة مواضعها لَهُ نهمةٌ فِي ذَلِكَ، وقَصْدٌ صالح.
رَوَى عَن أَبِي القاسم عبدِ الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد السبيي. روى عنه الحافظ عبد العظيم، وقال: توفي فِي ثاني عشر شَعْبان. ولقبُه الشيخُ عابد - بباء موحدة - عاشَ بَضعًا وسبعين سنة.
وأجازَ للفخر إسماعيل ابن عساكر، وأبي نصرٍ محمد ابن الشّيرازيّ.(14/269)
535 - عَبْد اللَّه بْنِ مُحَمَّد بْنِ عَلِيّ بْنِ مُحَمَّد الأديبُ، أَبُو مُحَمَّد، ابن الهَرَويّ، البغداديّ. [المتوفى: 638 هـ]
ذكرَهُ ابن النّجّار فقالَ: من أولادِ المحدثين. قرأ الأدبَ، وقال الشعرَ، وغَلَبَ عَلَيْهِ المجونُ والخلاعةٌ والفُحْشُ والسُّخْفُ. وجمعَ مقاماتٍ فِي الهزل. وكان متُهتكًا. سيِّئ الطريقةِ. ماتَ فِي ثامن جُمَادَى الأولى، وله إحدى وسبعون سنة.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار شعرًا.(14/269)
536 - عَبْد اللَّه بن يوسف بن أحمد. أبو محمد البَلَنسيّ المُقرئ. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه بن نوح الغافقي، وأخذ القراءات عن: أبي جعفر ابن الحَصَّار، وأَبِي عَبْد اللَّه بن سعادة، وأَبِي عَلِيّ بن زُلَّال. وتفقَّهَ، ونُوظرَ عَلَيْهِ فِي كتب الرأي.
وولي خطابة بلنسية مدةً إلى أن أخذتها الفرنج صُلْحًا فِي سنة ستٍ وثلاثين، فَنَزحَ إلى دانيَةَ ووَلِيَ خَطابتها، ثمّ انتقلَ إلى مُرْسِيةَ وبها تُوُفّي. ذكره الأبَّارُ.(14/269)
537 - عَبْد الحميد بن الْحَسَن بن يحيى بن عَلِيّ. القاضي، رشيدُ الدّين، أَبُو المكارم، التّميميّ، المصري، المعدل. [المتوفى: 638 هـ]
حدث بدمشق عن البوصيري. وأدركه الأجلُ بقَطنَا فِي أولِ شَعْبان.
رَوَى عَنْهُ المجد ابن الحلوانية. و. . .(14/270)
538 - عَبْد الرَّحْمَن بن عبدِ المؤمن بن عَبْد اللَّه بن أَبِي طَالِب. أَبُو عَلِيّ السُّلَميّ المَوَازينيّ، الطرائفيّ العطارُ، المعروف بِزُرَيْق الصَّيْدلانيّ. [المتوفى: 638 هـ]
حدَّث عن أبي القاسم ابن عساكر المؤرخ، وأَبِي المواهبِ بن صَصْرى. رَوَى عنه الزكيان البرزالي والمنذري، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، وجماعةٌ، وأجاز للشهاب محمد بن مشرف، والشيخ علي بن هارون، والعماد ابن البالسي، وجماعةٌ.
وكان عَطَّارًا فِي سوق الكبير.
وتُوُفّي فِي رابع عشر جُمَادَى الأولى.
أَخْبَرَنَا أَبُو علي القلانسي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن، قال: أخبرنا علي بن الحسن، قال: أَخبْرَنَا الْفُرَاوِيُّ وزاهرٌ؛ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو سعدٍ الكنجروذي، قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي، قال: أخبرنا البغوي، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي، وَشُجَاعٌ، وَمَحْمُودٌ؛ قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي " أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ.(14/270)
539 - عَبْد الرحيم ابن الفقيه أَبِي الحَجّاج يوسُف بن مُحَمَّد ابن الشَّيْخ. أَبُو مُحَمَّد، البَلَويّ، المالَقيُّ. [المتوفى: 638 هـ]
أخذَ عن أَبِيهِ، وأَبِي مُحَمَّد القُرْطُبيّ، وعبد الحقّ بن مُحَمَّد. وأجاز لَهُ: [ص:271]
عَبْد الوهاب بن عَلِيّ، وأَبُو الْعَبَّاس بن مقدام الرعيني.
مولده سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
وَلِيَ خَطابةَ مالَقَة.
أخذَ عَنْهُ ابنُ فَرْتون وورَّخَه.(14/270)
540 - عَبْد المُعطي بن محمود بن عبد المعُطي بن عَبْد الخالق. أَبُو مُحَمَّد الإسكندرانيّ اللَّخْميّ، المالكيّ، الضرير، الرجلُ الصّالح. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ من عَبْد المجيد بن دُليل. وعاشَ خَمْسًا وسبعين سنة.
وكان لَهُ بالإسكندرية رباطٌ مشهور وانتفعَ بصحبتِه جماعةٌ. وله فوائدُ ومجاميعُ. وتُوُفّي بمكةَ فِي أواخر ذي الحجّة - رحمه اللَّه -.(14/271)
541 - عفيفةُ بنتُ أَبِي منصور مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الفَرَج الدّقّاق. أمّ سارة، البغدادية. [المتوفى: 638 هـ]
أجازَ لها: أَبُو زُرْعَة، ومَعْمَرُ بن الفاخر، وأَحْمَد بن المُقرب، وجماعة.
وتوُفّيت فِي المحرَّم.(14/271)
542 - عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن العالي بن جَوْشن. أَبُو الْحَسَن، الْقُرَشِيّ، الشارعي، المُقرئ، الشّافعيّ، الْجَبَّاس - بجيم وباء موحدة -. [المتوفى: 638 هـ]
قرأ القراءات عَلَى فارس بن تركي الضرير وصَحِبه مدّةً. وكان كثَيرِ التِّلاوةِ يختمُ فِي كلّ ليلةِ جمعةٍ بالقَرَافَة خَتْمة، وفي كل ليلة ثلاثاء بمشهد نفيسة - رحمها اللَّه - خَتْمةً، وبمشهد زيد كل ليلةِ سبتٍ خَتمةً، أقامَ عَلَى هذا مدّةً. وكان لَهُ قبولٌ تامٌ من الناس، وانتفعَ بِهِ جماعةٌ فِي حفظ القرآن.
وعاش نيفًا وثمانين سنة. وماتَ فِي ثاني ربيع الأول.(14/271)
543 - عَلِيّ بن مختار بن نصر بن طُغان. جمالُ المُلك، أَبُو الْحَسَن، العامري، المَحَلِّيُّ المولدِ، الإسكندرانيُّ، المعروف بابن الْجَمَل. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد فِي أول سنة ثمانٍ وأربعين. وسمع من السِّلَفِيّ، والشريف أَبِي مُحَمَّد العثماني.
وحدَّث غيرَ مرة؛ رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، والمجدُ ابن الحُلْوانية، وشيخنا الشرفُ الدِّمْياطيّ، وخديجةُ بنتُ غَنيِمة البغدادية، والزين محمد بن عبد الوهاب ابن الجباب الكاتب، وأَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن عِمران الدّكالي سُحْنُون، وأَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن مخلوف بن جماعةٍ، وشرفُ القضاة أَبُو الفتح محمد ابن الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد ابن الجباب، وأبو صادقٍ محمد ابن الرشيد العطار، وآخرون. وبالإجازة شمسُ الدّين عبدُ القادر ابن الحَظيري، وسعدُ الدّين بن سعد، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، والقاضي شهابُ الدّين الخُوَييّ.
وهو من أولاد أمراء الدولة العبيدية. سمع قطعةً صالحة من السلفي. وتُوُفّي فِي ثامن عشر شَعْبان.(14/272)
544 - عُمَر ابن الملك الأمجد بَهرام شاه بن فرُّوخشاه. الملكُ المظفَّر، تقيُّ الدّين. [المتوفى: 638 هـ]
تُوُفّي فِي ربيع الأول بدمشق.
وله شعرٌ جيدٌ.(14/272)
545 - عُمَر بن مظفر بن سعَيِد، القاضي. رشيدُ الدّين، أَبُو حفص، الفِهْريّ، الفُوِّيّ، الْمَصْريّ، الشاعر، الكاتب. [المتوفى: 638 هـ]
تقَلَّبَ فِي الخِدَم الديوانية. وكانَ شاعرًا مُحْسِنًا، مدَحَ الملوك والوزراء. وكان كثيرَ المحفوظِ، حلوَ النادرةِ. رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ المُنْذريُّ، وغيره.
وعاشَ خمسًا وسبعين سنة. تُوُفّي فِي سابع جُمَادَى الأولى.(14/272)
546 - عوضُ بن فُخَيْر بن رمضان. أَبُو القاسم الْقُرَشِيّ، الفِهْريّ، الفُوِّيّ، ثمّ الْمَصْريّ، الأديبُ، الشاعر، ويُعرفُ بالأديب القطان. [المتوفى: 638 هـ][ص:273]
صَحِبَ الأديب إِسْمَاعِيل العَطَّار.
رَوَى عَنْهُ من شعره الزكي المُنْذريُّ، وقال: كَانَ مُحِبًّا للفضيلة، كثيرَ الشغفِ بمعرفةِ التواريخ، والوفيات، والوقائع.
تُوُفّي فِي العشرين من رمضان عن أربعٍ وثمانين سنة.(14/272)
547 - لُبّ بنُ عُمَر بن جرّاح، أَبُو عيسى الأنصاري، المراكشي. [المتوفى: 638 هـ]
أخذ كتابي " النجم " و " الكوكب " للإقْليشي عن ابن كَوْثر. وتلا بالسبع بسَبْتَةَ على أبي زكريا الهوزني. توفي في شوال. قاله ابن فرتون.(14/273)
548 - مُحَمَّد بن أَحْمَد بن يَعْلَى. أَبُو عَبْد اللَّه، الهاشميّ، المالقيُّ، المُعَمَّر، المالكيّ، الضريرُ، نزيل الإسكندرية، ويعرف بالغزال. [المتوفى: 638 هـ]
ذكرَ أَنَّهُ وُلِد بمالَقَة سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. وأنه سَمِعَ " الأحكام الكبرى " من عَبْد الحق ببِجَايَةَ، وأنّه سَمِعَ من السِّلَفِيّ بالإسكندرية.
كتبَ عَنْهُ الزكيُّ عبدُ العظيم، وذكرَه فِي " معجمه ". وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرَة.(14/273)
549 - مُحَمَّد بْنُ عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه. الشيخُ، محيي الدّين، أَبُو بَكْر، الطائيُّ، الحاتميُّ، الأندلُسيّ، المُرْسيُّ، المعروف بابن العَرَبيّ. ويعرف أيضًا بالقُشَيريّ [المتوفى: 638 هـ]
لتصوُّفه، صاحبُ المصنفاتِ، وقدوةُ أهلِ الوحدة.
ولد في رمضان سنة ستين وخمسمائة بمرسية.
وذكر أَنَّهُ سَمِعَ بمُرْسية، وأنه سَمِعَ بقُرْطُبة من أَبِي القاسم خلفِ بن بَشْكُوال، وبإشْبيلِيةَ من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن خَلَف بن صاف. وقد سَمِعَ بمكة من زاهر بن رُسْتُم كتاب التِّرْمِذيّ، وسَمِعَ بدمشق من أَبِي القاسم عبد الصمد ابن الحرَسْتانيّ القاضي، وبالموصل وبغدادَ، وسكَنَ الرومَ مدّةً.
قرأتُ بخط ابن مَسْدي يَقُولُ عن ابن العربي: ولقد خاض فِي بحر [ص:274]
الإشاراتِ، وتحَقَّقَ بمجالِ تِلْكَ العبارات، وتكون فِي تِلْكَ الأطوار حتّى قضي ما شاءَ من لباناتٍ وأوطارٍ، فضَربتْ عَلَيْهِ العلميةُ رَواقها، وطَبَّقَ ذكرُه الدُّنيا وآفاقها، فجالَ بمجالها، ولَقِيَ رجالَها. وكان جميلَ الْجُملةِ والتفصيلِ، مُحَصَّلًا للفنونِ أحصنَ تحصيلٍ، وله فِي الأدب الشَّأو الّذِي لا يُلْحَقُ. سَمِعَ ابن الجدَّ، وابنَ زَرْقُون، ونَجَبةَ بن يحيى. وذكر أَنَّهُ لَقِيَ ببِجايةَ عَبْد الحق - وفي ذَلِكَ نظرٌ - وأنَّ السِّلَفِيّ أجاز لَهُ - وأحسبها العامة - وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي الخير أَحْمَد بن إِسْمَاعِيل الطالقانيّ.
قلتُ: هذا إفكٌ بينٌ، ما لَحِقَهُ أبدًا.
قَالَ ابن مسدى: وله تواليف تَشْهَدُ لَهُ بالتقدُّم والإقدام ومواقفِ النهايات فِي مزالق الأقدام. وكانَ مُقتدرًا عَلَى الكلام، ولعلَّة ما سَلِمَ من الكلام، وعندي من أخباره عجائبُ. وكان ظاهريَّ المذهبِ فِي العبادات، باطنيَّ النظرِ فِي الاعتقادات، ولهذا ما ارتبتُ فِي أمرِه والله أعلم بسِّره.
ذكرَه أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبيْثيُّ، فقال: أخذَ عن مشيخة بلده، ومال إلى الآداب، وكتبَ لبعض الوُلاةِ، ثمّ حَجَّ ولم يَرْجعْ، وسَمِعَ بتلك الديار. ورَوَى عن السِّلَفِيّ بالإجازَة العامة. وبَرَعَ فِي علم التصوف وله فِيهِ مصنفات كثيرة. ولقيَه جماعةٌ من العلماء والمتعبدّين وأخذوا عَنْهُ.
وقالَ ابنُ نُقْطَة: سَكَنَ قونِيةَ ومَلَطْيَةَ مدّةً. وله كلامٌ وشعرٌ غيرَ أَنَّهُ لا يُعْجبُني شِعره.
قلت: كأنَّه يُشير إلى ما فِي شِعره من الاتحادِ وذِكْر الخَمْر والكنائسِ والملاح، كما أنشدنا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَن ابن العربي لنفسه:
بذي سَلَم والدَّيْرُ من حاضرِ الحِمى ... ظباءٌ تُرِيكُ الشَّمْسَ فِي صورةِ الدُّمي
فأرقُبُ أفْلاكًا وأخدُمُ بِيعةً ... وأحْرُسُ روضًا بالربيع مُنَمنما
فوَقْتًا أُسمَّى راعيَ الظَّبْي بالفَلا ... ووَقتًا أُسمَّى رَاهبًا ومُنَجِّما
تَثَلَّثَ مَحْبُوبي وَقَدْ كَانَ واحدًا ... كما صَيَّروا الأقنامَ بالذاتِ أقْنما [ص:275]
فلا تُنْكِرن يا صاحِ قولي غزالةٌ ... تُضيءُ لغزلانٍ يَطُفْنَ عَلَى الدّما
فللظَّبْي أجيادًا وللشمس أوجُهًا ... وللدُّمية البَيْضاءِ صَدرًا ومِعْصَما
كما قد أعرت للغصونِ ملابسًا ... وللروضِ أخْلاقًا وللبرقِ مَبْسِما
ومن شِعره فِي الحقِّ تعالى:
ما ثَمَّ سترٌ ولا حجابٌ ... بل كلُّه ظاهرٌ مُبيَّن
وله:
فما ثَمَّ إلا اللَّه ليسَ سواهُ ... فكلّ بصيرٍ بالوجود يَراهُ
وله:
لقد صارَ قَلْبي قابِلًا كُلَّ صورةٍ ... فمَرْعًى لغزلانٍ وديرٌ لرُهْبانِ
وبيتٌ لأوْثانٍ وكعبةُ طائفٍ ... وألْواح توراةٍ ومُصْحفُ قُرآنِ
أدِينُ بدِينِ الحُبِّ أَيْنَ تَوجَّهَتْ ... ركائبُه فالحُبُّ ديني وإيماني
وله من قصيدة:
عَقَدَ الخلائقُ فِي الإلهِ عقائدًا ... وأنا اعتقَدَتُ جَميعَ ما اعتقدُوه
هذا الرجل كَانَ قد تصوف، وانعزلَ، وجاعَ، وسَهرَ، وفُتحِ عَلَيْهِ بأشياء امتَزَجَتْ بعالم الخيال، والخطرات، والفكرة، فاستحكم بِهِ ذَلِكَ حتى شاهد بقوّة الخيالِ أشياءَ ظنها موجودة فِي الخارج. وسَمِعَ من طَيش دماغِه خِطابًا اعتقده من اللَّه ولا وجودَ لذلك أبدًا فِي الخارج، حتى أَنَّهُ قَالَ: لم يكُن الحقُّ أوقَفني عَلَى ما سطَّره لي فِي توقيع ولايتي أمور العالم، حتى أعلمني بأني خاتمُ الوِلايةِ المحمدية بمدينة فاس سنة خمسٍ وتسعين. فلمّا كانت ليلة الخميس في سنة ثلاثين وستمائة أوقَفني الحقُّ عَلَى التوقيع فِي ورقةٍ بيضاء، فرسمتُه بنصه: هذا توقيع إلهي كريم من الرؤوف الرحيم إلى فلان، وقد أجزَلَ لَهُ رِفَده وما خَيَّبْنا قصدَه، فلينهضْ إلى ما فُوِّض إِلَيْهِ، ولا تَشْغَلْه الوِلايةُ عن المُثولِ بين أيدينا شَهرًا بشهرٍ إلى انقضاء العمر. [ص:276]
ومن كلامِه فِي كتاب " فُصوص الحَكَم " قَالَ: اعلَمْ أن التنزيه عند أهل الحقائق فِي الجنابِ الإلهي عينُ التحديد والتقييد، فالمُنزه، إمَّا جاهلٌ وإمّا صاحبُ سوءِ أدب، ولكنْ إذا أطلقاه، وقالا بِهِ، فالقائل بالشرائع المؤمنُ إذا نزَّه ووَقَف عند التنزيه، ولم يرَ غيرَ ذَلِكَ، فقد أساء الأدب، وأكذبَ الحق والرُّسلَ وهو لا يَشْعر، وهو كمنْ آمنَ ببعضٍ وكفرَ ببعض، ولا سيَّما وقد عَلِمْ أنَّ ألسنةَ الشرائع الإلهية إذا نطَقتْ فِي الحق تعالى بما نطقت بِهِ إنما جاءتْ بِهِ فِي العموم عَلَى المفهوم الأوَّل وعلى الخصوص عَلَى كلّ مفهوم يُفَهمُ من وجوهِ ذَلِكَ اللفظ بأي لسان كَانَ فِي موضع ذَلِكَ اللسان، فإنَّ للحقِّ فِي كلّ خلقٍ ظُهورًا، فهو الظاهرُ فِي كل مفهوم، وهو الباطنُ عن كل فهم، إلا عن فهم مَنْ قَالَ: إنّ العَالَمَ صورتُه وهُويَّتُه وهو الاسمُ الظاهر، كما أَنَّهُ بالمعنى روحُ ما ظهر فهو الباطنُ، فنسبته لما ظهر عن صُوَر العالمِ نسبةُ الروح المدبِّرةِ للصورة، فتوجد فِي حَدَّ الُإِنْسَان مثلًا باطنة وظاهرة، وكذلك كلٌ محدود، فالحقُ محدودٌ بكل حدٍ، وصُوَرُ العالمِ لا تنضبطُ، ولا يُحاط بِها، ولا يُعْلَمُ حدودُ كل صورة منها إلا عَلَى قدر ما حصلَ لكلّ عالم من صوره، ولذلك يُجهل حدُّ الحقِّ، فإنه لا يُعلم حدُّه إلا بعلم حدِّ كل صورة وهذا مُحال. وكذلك من شَبَّههُ وما نَزَّهَهُ، فقد قيَّده وحدده وما عَرَفَه. ومَن جمعَ فِي معرفتِه بينَ التنزيِه والتشبيه، وصفهُ بالوَصفين عَلَى الإجمال؛ لأنه يَستحيلُ ذَلِكَ عَلَى التفصيل، كما عرَّفَ نفسَه مجملًا لا عَلَى التفصيل. ولذلك رَبَطَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ معرفةَ الحقِّ بمعرفة النفس، فَقَالَ: " مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ ". وقال تعالى: " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا في الآفاق وفي أنفسهم " - وهو عينك - " حتى يتبين لهم " - أي للناظرين - " أنه الحق " من حيثُ إنّك صورته، وهو روحُك، فأنت لَهُ كالصورة الجسمية لك، وهو لك كالرُّوحِ المُدبِّر لصورةِ جسدك، فإن الصورةَ الباقيةَ إذا زالَ عنها الرُّوح المُدبر لها لم تبق إنسانًا ولكن يقال فيها: إنها صورةٌ تُشبِهُ صورةَ الُإِنْسَان، فلا فرق [ص:277]
بينها وبين صورةٍ من خشب أو حجارة ولا ينطلق عليها اسم إنسان إلا بالمجاز لا بالحقيقة. وصورةُ العالم لا يتمكنُ زوالُ الحق عنها أصلا، فحدُّ الأُلوهيَّةِ لَهُ بالحقيقة لا بالمجاز كما هُوَ حَدُّ الُإِنْسَانِ.
إلى أن قَالَ فِي قوله تعالي: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا " قال: فإنهم إذا تركوهم جَهِلوا من الحقِّ عَلَى قدر ما تركوا من هؤلاء فإنَّ للحق فِي كل معبود وَجْهًا يَعرفُه مَنْ يعرفه، ويَجهلُه من يجهلُه من المحمديين " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " أي: حَكَمَ، فالعالمِ يَعلمُ مَنْ عَبَد، وفي أيِّ صورة ظهرَ حتى عُبِدَ، وإن التفريقَ والكثرة كالأعضاء فِي الصورة المحسوسة، وكالقوي المعنوية فِي الصورة الروحانية، فما عُبِدَ غيرُ اللَّه في كل معبود. إلى أن قَالَ: " مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ " فهي التي خَطَت بهم فغرقوا فِي بحارِ العلم بالله، وهو الحيرة " فَأُدْخِلُوا نَارًا " فِي عين الماءِ فِي المحمديين " وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ " سَجَّرتَ التنورَ: إذا أوقدته " فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا " فكان الله عين أنصارهم، فهلكوا فيه إلى الأبد فلو أخرجهم إلى السيف - سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجَة الرفيعة، وإن كانَ الكُلُّ لله وبالله، بل هُوَ اللَّه. وقال فِي قولِه: " يَا أَبَتِ افْعَلْ ما تؤمر " فالولدُ عينُ أَبِيهِ، فما رأى يَذْبَحُ سوى نفسِه، وفداه بذبحٍ عظيمٍ، فظهرَ بصورة كَبْش من ظهر بصورة إنسان، لا بل بحكم ولد مَنْ هُوَ عين الوالد، " وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا " فما نَكَحَ سوى نفسه فمنه الصاحبة والولد والأمر واحد فِي العدد. وفيه:
فيَحمَدُني وأحمدُه ... ويعبدُني وأعبدُه
ففي حالٍ أُقِرُّ بِهِ ... وفي الأعيانِ أجحدُه
فيعرفُني وأنِكرُه ... وأعرِفُه فأَشْهَدُه
وقال: ثمّ تَمَّمَها مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بما أخبرَ بِهِ عن الحق تعالي بأنه عينُ السمعِ والبصر واليد والرِّجْل واللّسانِ، أي: هُوَ عين الحواسَّ. والقُوى الروحانية أقربُ من الحواس، فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهولِ الحد. [ص:278]
إلى أن قَالَ: وما رأَينا قطُّ من عَبَد اللَّه فِي حقه تعالى فِي آية أنزلها أو إخبار عَنْهُ أوصله إلينا فيما يرجع إِلَيْهِ إلا بالتّحديد، تنزيهًا كَانَ أو غير تنزيه، أوَّلُه العَماءُ الّذِي ما فوقَه هواء وما تحته هواء فكان الحقُّ فِيهِ قبل أن يخلُقَ الخلقَ. ثمّ ذكر أَنَّهُ استوى عَلَى العرش فهذا أيضًا تحديد، ثمّ ذكرَ أَنَّهُ ينزلُ إلى السماء الدُّنيا فهذا تحديد، ثمّ ذكر أَنَّهُ فِي السماء وأنه فِي الأرض وأنه معنا أيَنما كُنّا إلى أنّ أخبرنا أَنَّهُ عَيْننا ونحن محدودون فما وَصَفَ نفسَه إلّا بالحد. وقوله: " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " حدٌ أيضا إن أخذنا الكاف زائدة لغير الصفة، وإن جعلنا الكاف للصفة قد حددناه. وإن أخذنا " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " عَلَى نفي المثلِ تحققنا بالمفهوم، وبالخبر الصحيح أَنَّهُ عينُ الأشياءُ، والأشياءُ محدودة، وإن اختلفت حدودُها، فهو محدود بحد كل محدود، فما تحدُّ شيئًا إلّا وهو حدٌ للحقِّ، فهو الساري فِي مُسمَّى المخلوقات والمبُدعات، ولو لم يكنِ الأمرُ كذلك ما صح الوجودُ، فهو عين الوجود. وذكر فصلًا من هذا النمط. تعالى اللَّه عمَّا يَقُولُ عُلوًّا كبيرًا. أستغفرُ اللَّه، وحاكي الكفرِ ليسَ بكافرٍ.
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عَبْد السلام فِي ابن العربي هذا: شيخُ سوءٍ، كَذاب، يَقُولُ بِقدم العالم ولا يُحَرِّمُ فرجًا. هكذا حدَّثني شيخنا ابن تيمية الحراني به عن جماعةٍ حدثوه عن شيخنا ابنِ دقيق العيد أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخ عزَّ الدين يَقُولُ ذَلِكَ. وحدثني بذلك المقاتليّ، ونقلُته من خطِّ أَبِي الفتح ابن سَيِّد الناس أَنَّهُ سَمِعَه من ابنِ دقيق العيد.
قلتُ: ولو رَأَى كلامَه هذا لحكمَ بكفره، إلا أن يكون ابن العربي رجع عن هذا الكلام، وراجعَ دين الإِسلْام، فعليه من اللَّه السلام.
وقد تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من ربيع الآخر.
ولابن العربي توسُّع فِي الكلام، وذكاءٌ، وقوةٌ حافظةٌ، وتدقيقٌ فِي التصوف، وتواليفُ جمةٌ فِي العِرْفان. ولولا شطحاتٌ فِي كلامه وشعره لكانَ كلمةَ إجماع، ولعلَّ ذَلِكَ وَقَعَ منه فِي حال سكرِه وغيبته، فنرجو له الخير.(14/273)
550 - مُحَمَّد بن جعْفَر بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو عَبْد اللَّه، الأَنْصَارِيّ، الصُّوليّ، المالكيّ. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد بصول قبل الستين وخمسمائة. وصَوْل: من الصعيد الأدنى.
وسمع من أَبِي البركات هبةِ اللَّه بْن عَبْد المحسن.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ شعرًا وقال: تُوُفّي فِي ثاني عشر المحرَّم.(14/279)
551 - مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد ابن الرّزّاز، أَبُو سعد، البغداديّ. [المتوفى: 638 هـ]
حَضَرَ فِي الرابعة عند عُبَيْد اللَّه بن شاتيل. وصارَ عَدْلًا، ووَلِيَ وَكالةَ أولادِ الخليفة، وحدَّث. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى، ودُفِنَ عند أَبِيهِ وأجداده.(14/279)
552 - مُحَمَّد ابن القاضي عَبْد اللَّه ابن القاضي السعيد عَلِيّ بن عثمان، القاضي شرفُ الدّين. أَبُو الْحَسَن، المَخْزوميُّ، الشّافعيّ، العَدْلُ. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ من البوصيريّ، وإسماعيل بن ياسين، والأرْتاحيّ، وجماعةٍ كثيرة. وشهد عَلَى القضاة، وتَقَلَّب فِي الخِدَمِ.
وحدَّث بمصر والشام. وعاش خمسين سنة. وتُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ بغزة.(14/279)
553 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْنِ علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع، قاضي القضاة. جمالُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه، ابنُ الأستاذ، الأسديّ، الحلبيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد بحلب فِي سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. وسَمِعَ من جدِّه لأمِّه عَبْد الصَّمد بن ظَفَر، ويحيى الثَّقفيّ، وأَبِي الفتح عُمَر بْن عَلِيّ الجوينيّ، وغيرهم. وحدَّث بمصر وحلب. ونابَ عن أخيه القاضي زين الدّين عَبْد اللَّه، فلمّا تُوُفّي وَلِيَ القضاء.
وكانَ من النُّبلاء العلماء يرجعُ إلى فضلٍ، ودينٍ وسؤددٍ. [ص:280]
روى عنه الجمال محمد ابن الصابوني، والمجد ابن العديم الحاكم، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وجماعة.
وقَدْ سَمِعَ في سنة تسعٍ وستين بقراءة الحافظ عَبْد القادر الرُّهاوي عَلَى جدِّه المهذب عَبْد الصمد الخامس عشر من " الأفراد " للدارقطني، قال: أخبرنا طاهر بن عبد الرحمن ابن العجمي سنة عشرين وخمسمائة، قال: أخبرنا أَبُو طاهر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن سعدون الموصلي بحلب سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، قال: أخبرنا الدّارَقُطْنيّ.
تُوُفّي جمالُ الدّين فِي صفر بحلب.
وقد رَوَى سعدُ الخير النابُلُسيّ، عَنْهُ عن القُطب مَسْعُود بن مُحَمَّد.(14/279)
554 - مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن مسعود بن الحسين ابن الحِلِّي. أَبُو عَبْد اللَّه، البغداديّ. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ من أبي السعادات القزاز، وظاعنٍ الزُّبَيْريّ. وكان كاتبًا متصرفًا، مُتميزًا، حسن الطريقة.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.
أجاز للقاضي شهاب الدين ابن الخويي، والبدر حسن ابن الخلال، وزينب بنت الإسعردي، ومحمد بن محمد ابن الشيرازي، والبهاء ابن عساكر.(14/280)
555 - مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن يُوسُف بْن مُحَمَّد بن قدامة. الْإمَام، أَبُو يوسُفَ، الجمَّاعيليُّ. [المتوفى: 638 هـ]
رَوَى عن يحيى الثَّقفيّ. رَوَى لنا عَنْهُ: العمادُ عبدُ الحافظ بن بدران.
قَالَ الحافظ الضياءُ: تُوُفّي فِي المحرَّم بجمَّاعيل. قَالَ: وقال لي بشارةُ عتيقُ أَبِي حمزة: تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة سبع، والله أعلم.(14/280)
556 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عَبْد الوهّاب بن خُلَيْف بن عَبْد القوي. الشَّيْخ الجليل، أَبُو البركات، الْجُذامي، السَّعْديّ، الإسكندرانيّ. [المتوفى: 638 هـ]
من بيتِ حِشْمَة وتقدُّم. ولد سنة خمسٍ وستين وخمسمائة. وحدث عن: [ص:281]
السِّلَفِيّ ببلده وبمصر؛ رَوَى عَنْهُ الحافظ عَبْد العظيم وقال: تُوُفّي فِي التاسع والعشرين من جمادى الآخرة.
وروى عنه الجمال ابن الصابوني، وقال: سَقَطَ عَلَيْهِ جدارٌ فقتله.(14/280)
557 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن محفوظ بن تميم بن إِسْمَاعِيل. الشيخُ الجليل، أَبُو البركات، الأَنْصَارِيّ، الإسكندرانيّ، المعروف بابن تاجر عينة. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وأربعين.
وحدَّث عن السِّلَفِيّ، وعبد العزيز بن فارس الشيباني.
روى عنه المجد ابن الحلوانية، والتاج الغرافي، وجماعة.
وقد توفي في شعبان.(14/281)
558 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْدِ الله بن أبي العجائز، أبو عبد الله الأزدي الدمشقي. [المتوفى: 638 هـ]
من بيتٍ كبير قديم. رق حاله وافتقر، وصار يخدم القضاة، ويقف بين أيديهم. حدث عن أبي القاسم ابن عساكر الحافظ، وأَبِي بكرٍ عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد النَّوْقانيّ.
رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ المُنْذريّ وقال: كَانَ شيخًا صالحًا، حدَّث من أهلِ بيته جماعةٌ.
قلتُ: وقد حدَّث الحافظ أَبُو القاسم عن جدِّه أَبِي الفَهْم عَبْد الرَّحْمَن.
وممن روى عن محمد: المجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال. وأجاز لأبي المعالي ابن البالسيّ، وتقيِّ الدّين سُلَيْمَان الحاكم، وإِبْرَاهِيم بن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، والشيخ عَلِيّ القارئ.
وتُوُفّي فِي رابع شوَّال.(14/281)
559 - مُحَمَّد بن لُؤيّ، أَبُو منصور البغداديّ، الأديب. [المتوفى: 638 هـ]
من شعراء الديوان العزيز.
وكان مُسنًّا، عاشَ تسعين سنة. وتُوُفّي فِي جمادى الأولى. [ص:282]
وله من قصيدة:
لا نَفْعَ فِي عَذْلي وعندي منهمُ ... خوِفَ التَّفرُّقِ مقعدٌ ومُقيمُ
ولقد أُراني ذا اشتياقٍ بعدَهُم ... إنْ هَبَّ من أرضِ الغُوَيْر نُسيمُ
هَلْ عندكمُ تِرْياقُ مَنْ هُوَ فِي الهَوَى ... بِلحاظِ آرامِ الخُدورِ سَليمُ(14/281)
560 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عبد الله ابن الحاج، أَبُو القاسم، التُّجيبيّ، القُرْطُبيّ. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ من نَجَبة بن يحيى، وابن غالب.
وتُوُفّي بإشْبيلية فِي عَشْر السبعين فِي صَفَر.(14/282)
561 - مُحَمَّد بن أَبِي المظفر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عَبْد الله. المعروف بالصدر، ابن الهَرَوي. [المتوفى: 638 هـ]
بغداديٌ، شاعرٌ، وخليعٌ ماجنٌ، لَهُ يدٌ طولي فِي النظم والنثرِ، والجدِّ والهزَلِ. وسَلَكَ في شعره أسلوب ابن حجاجٍ فِي الفُحْشِ فِي بعض الأوقات. وله " مقامات " مليحة.
تُوُفّي فِي تاسع جُمَادَى الآخر.(14/282)
562 - مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر بن عَبْد الواسع الهروي. الإسكاف، [المتوفى: 638 هـ]
نزيلُ جبلِ قاسِيُون.
حدث عن أَحْمَد بْن حمزة الموازيني. كتب عنه عمر ابن الحاجب. وحدَّث عَنْهُ ابنُ الحُلْوانية، وغيره. وتُوُفّي بعد الحج بخَيْبَر فِي المحرَّم.(14/282)
563 - مظفرُ بن أَبِي القاسم عُبَيْد اللَّه بن المبارك بن إِبْرَاهِيم بن مختار، العدلُ، الرئيسُ، أَبُو نصر، ابن السِّيبيّ، البغداديّ، الأزجيُّ، الدّقّاق. [المتوفى: 638 هـ]
أسمَعَه أَبُوهُ من نصرِ اللَّه القزَّاز، وذاكرِ بن كامل، وجماعة. وحضر ابن شاتل. وهو من بيتِ حديثٍ وعدالةٍ.
قَالَ ابنُ النّجّار: لم يكن محمود الطريقة.
تُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الأول.
أجازَ لسعد الدّين، وللبجدي، وبنت مؤمن.(14/282)
564 - ممدودُ بنُ عَبْد اللَّه الرَّبابيّ، القوَّالُ، البغداديّ. [المتوفى: 638 هـ]
كَانَ أستاذًا فِي الطَّرَبِ وعلم الموسيقى. لم يكن فِي وقته مثله. وكان طيِّب الصوت، بعيد الصِّيتِ، ظريفًا، خفيفًا، لطيفًا، لَهُ حشمةٌ ودُنيا.
تُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ، وله سبعون سنة، ودُفِنَ بداره.(14/283)
565 - مواهبُ بنُ أَبِي الرِّضا مُحَمَّد بن المبارك بن عَبْد الرَّحْمَن بن عُصيَّة - بالضم، والأصحُّ بالفتح -، أَبُو بَكْر، البغداديّ. [المتوفى: 638 هـ]
سَمِعَ من عَبْد المغيث بن زُهَير.
مات في ربيع الآخر.(14/283)
566 - هبة اللَّه بن أَحْمَد بن أَبِي الفتح ابن الدخني. [المتوفى: 638 هـ]
بغدادي. رَوَى عن: فارسٍ الحفارِ.(14/283)
567 - هبةُ اللَّه بْن عَلِيّ بْن أَبِي البَرَكات هبةِ اللَّه. أَبُو البركات [المتوفى: 638 هـ]
أخو الْإمَام أَبِي الفضل جعفرٍ الهَمَدانيّ.
روى عن السلفي بالإجازة.(14/283)
568 - يوسُفُ بنُ سلمان بن قاسم. أَبُو الحَجّاج، القَلُوسَنيُّ، الصَّعيديّ، الزاهد، [المتوفى: 638 هـ]
مُريدُ الشَّيْخ أَبِي عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ.
كَانَ أحد مَنْ يشارُ إليه بِقَلُوسَنَا بالصلاح والكرامات، وله أتباعٌ. وكان من أبناء الثمانين.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(14/283)
569 - يوسفُ بنُ عَبْد المنعم بْن نعمة بْن سُلطان بن سرور بن رافع بن حسن. الفقيهُ، تقيُّ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه، المقدسيُّ، ثمّ النابُلُسيُّ، الحَنْبليُّ. [المتوفى: 638 هـ]
وُلِد ببيتِ المقدس تقديرًا فِي سنة ستٍ وثمانين. وقدم دمشق وسمع بها من عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وست [ص:284]
الكَتَبةِ بنتِ الطَّرَّاح، وطائفةٍ. وتفقَّه عَلَى الشَّيْخ المُوَفَّقِ. وكتبِ الخطَّ المنسوب.
وكان إمامَ الجامع الغربيّ بنابُلُس. وفيه دينٌ، وعبادةٌ، وخيرٌ.
كتبَ عنه عمر ابن الحاجب، وغيره. وتُوُفّي فِي عاشر ذي القَعْدَةِ.(14/283)
-وفيها ولد:
العماد محمد بن علي ابن البالسي العَدْلُ، فِي صفر. والبهاءُ مُحَمَّد بن يوسف ابن البرزالي العدل، في رجب. وأبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد ابن الحاجّ القُرْطُبيّ المالكيّ، والعمادُ عَلِيّ بن عَبْد العزيز ابن السكري، الخطيب المصري، والفتح محمد ابن محيي الدّين عَبْد اللَّه بن عَبْد الظاهر الموقع. والعفيف محمد بن عبد المحسن ابن الدَّواليبيّ الواعظُ، شيخ المستنصرية، والعفيفُ عبدُ الخالق بن أبي علي ابن الفارغ الحموي، في رجب.
وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد الحُسينيّ الناسخ، أخو التّاج الغرَّافيّ، بالإسكندرية. والنجمُ عَبْد اللطيف بن عبد العزيز ابن تيميَّة. والصلاحُ صالحُ بن أَحْمَد القوَّاسُ البَعْلَبَكّيّ الشاعر، وإسماعيل بن صالح بن هاشم ابن العَجَميّ الحلبيُّ الفقيهُ. والشيخ مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مَنَعَة الصالحيّ. والمجدُ مُحَمَّد بن عُمَر بن محمد ابن العماد الكاتب، فِي جُمَادَى الأولى. والفتحُ عبدُ الوهاب بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن البلخي الحنفي، بحلب.(14/284)
-سنة تسع وثلاثين وستمائة.(14/285)
570 - أحمد ابن أسفنديار بن الموفق، أَبُو الْعَبَّاس، البُوشَنْجيّ، الواعظُ، [المتوفى: 639 هـ]
شيخُ رباط الأرجوانية.
كَانَ أديبًا، شاعرًا، مفوّهًا. تُوُفّي فُجاءةً فِي ذي القَعْدَةِ.(14/285)
571 - أَحْمَد بن الْحُسَيْن بن أَحْمَد بن معالي بْن مَنْصُور. العلّامة شمسُ الدّين، أبو عَبْد الله، ابن الخبَّاز، الإرْبليُّ الأصلِ، المَوْصِليّ، النَّحْويّ، الضريرُ، [المتوفى: 639 هـ]
صاحبُ التصانيف.
كَانَ أستاذًا بارِعًا فِي النَّحْو واللُّغة والعَرُوض والفرائض. وله شعرٌ رائق. تُوُفّي فِي رجب فِي عاشره بالموصل، وله خمسون سنة.
وله:
سَقَتِ الغُصُونُ الرَّاحَ من حركاتها ... وتعلِّمِ الملكانِ مِنْ لَحَظاتِها
سمراءُ تُحمى بالملاحَة طَرفُها ... كسنانها وقوامها كقناتها
يا من غرست لها المودة فِي الحَشَى ... وسقيتها من أدمْعي لنباتها
لا تَحْسَبي طُولَ النَّوى يُنْسِي الهَوى ... حتَّى ترُدَّ النفس عن صَبواتِها(14/285)
572 - أَحْمَد ابنُ تاج الدولة عَبْد اللَّه ابن الوزير أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن هبة اللَّه بْن المظفَّر ابن رئيس الرؤساء الوزير أبي القاسم ابن المُسْلِمة. أَبُو الفضل، البغداديّ. [المتوفى: 639 هـ]
كَانَ يُعاشِرُ الفُقراء ويَسْلُكُ مَنْهَجَهُم. وكانَ يَقْرأُ بصوتٍ طيبٍ.
تُوُفّي فِي رجب.(14/285)
573 - أَحْمَد بن يعقوب بن عَبْد اللَّه بن عَبْد الواحد. أَبُو الْعَبَّاس، البغداديّ، المارستانيُّ، الصُّوفيّ، [المتوفى: 639 هـ]
قيِّمُ جامع المنصور.
وُلِد فِي حدود سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع: أبا المعالي محمد بن محمد ابن اللَّحّاس، وعُمَر بن بُنَيْمان البقّال، وأبا عَلِيّ أحمد بن محمد الرَّحَبِيِّ، ومُحَمَّد بن أسعد العطَّاريّ حفدة، وخديجة بِنْت النِّهْرَوَانيّ، وشهدة [ص:286]
بِنْت الإبريّ، وأبا الفَرَج مُحَمَّد بن أَحْمَد الدّقّاق، وغيرهم.
وكانَ شيخًا صالحًا، معمَّرًا، عالي الإسناد.
روى عنه المجد ابن الحُلْوانية، والفاروثي، وأَبُو القاسم بن بَلَبان، وأَبُو الفضل محمد بن أبي الفرج ابن الدبَّاب، وأَبُو بَكْر مُحَمَّد بن أَحْمَد الشَّريشيّ، وعَبْد اللَّه بنُ أَبِي السعاداتِ، وأَبُو الْحَسَن علي بن أحمد الحسيني الغرافيّ، وجماعةٌ. وبالإجازة القاضيان ابن الخُوَيّيّ، وتقيّ الدين سليمان، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمةٌ بِنْت سُلَيْمَان، وابنُ سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وآخرون.
قَالَ ابن نُقطة: هُوَ ابن الحُبَيق. سَمِعْتُ منه، وسماعُه صحيح. وكانَ رجلًا صالحًا. تُوُفّي فِي الثالث والعشرين من ذي الحجّة.
قلتُ: ومن مسموعه كتابُ " التَّقوي " لابن أبي الدنيا على ابن اللحاس بإجازته من أبي القاسم ابن البسري.
وسمع منه ابن الجوهري جزء نسخة الكجِّي عن القَعْنَبيّ، بسماعه من جعْفَر ابن الدامغاني، عن ابن سوار، وابن المعير، عن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الحرّانيّ، عن ابن ماسي، عَنْهُ. وسَمِعَ منه الجزء الثاني عشر من " مُسند الحارث بن أَبِي أُسامة "، بسماعه من عُمَر بن بُنَيمان فِي سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة قال: أخبرنا الطريثيثي، قال: أخبرنا الْحُسَيْن بن شجاع، عن ابنِ خلَّاد، عَنْهُ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ أَنَّ أحمد بن يعقوب أخبرهم قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا علي بن أحمد كتابة، قال: أخبرنا عبيد الله بن أبي مسلم، قال: حدثنا أبو بكر الصولي، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ [ص:287]
الْبَرِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: " أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنْتَ الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ، وَأَنْتَ الْفَارُوقُ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَأَنْتَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الْكَافِرِينَ ".
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ بشيءٍ.(14/285)
574 - أرسلان شاه بْن أَبِي بَكْر بْن أيوب بْن شاذي السلطان، الملك الحافظ نور الدين ابن السلطان الكبير الملك العادل الأيوبي [المتوفى: 639 هـ]
صاحب جَعْبَر.
ملك قلعة جَعْبَر دَهْرًا طويلًا، وكانَ بها خزائنُ عظيمةٌ من المال لوالده، فلمّا توليَّ أخوه أخذَها منه، فلَمَّا كَانَ فِي أواخر أمرِه وخافَ من الخَوارَزميّة لأنهم شعَّثوا بلاده، وخاف من ابنه أن يسلم إليه القلعة، فأرسل إِلَى أخته صاحبة حلب ليُسلمَ إليها قلعةَ جَعْبَر وبالس، وأن تعوضَه بمدينة عِزاز، ففعلَ ذَلِكَ، وتسلمَ الحلبيون قلعةَ جَعْبَر. وقَدِمَ الملك الحافظ إلى حلب، واجتمعَ بأخته، وتسَلَّم نوابُه بلدَ عِزاز وقلعتها، فَسَمِعَتِ الخَوارَزميّة وأغاروا عَلَى جَعْبَر وبالس، وعثروا أهلَها ثمّ إنَّه سكنَ عِزاز، فُتوفي بها وحُمِلَ تابوتُه إلى حلبَ ودُفن بالفردوس.(14/287)
575 - إِسْحَاق بن طَرْخان بن ماضي بن جَوْشن. الفقيهُ، تقيُّ الدّين، أَبُو الفداء، ابنُ الفقيه العالم أَبِي مُحَمَّد، اليمني الأصل، الدمشقي، الشاغوري، الشافعي. [المتوفى: 639 هـ]
سمع مع والده في سنة أربع وخمسين من أَبِي يَعْلَى حمزةَ بن أَحْمَد بن كَرَوَّس الثُلُثَ الأخير من كتاب " البَسْمَلة " لسُليم الفقيه وأجاز لَهُ الباقي. وحدَّث بهذا الكتاب مراتٍ عديدة. [ص:288]
وكانَ شيخًا فاضلًا، حَسَنَ الطريقة، يَؤُمُّ بمسجدٍ بالشاغور.
روى عنه الشرف أبو المظفر ابن النابلسي، والمجد ابن الحُلْوانية، والشهاب القُوصيُّ، والشهابُ أَحْمَد بن مُحَمَّد ابن الخرزي، والشرف ابن عساكر، والبدر ابن الخلال، والشرف عبد المنعم ابن عساكر. وبالحضور العماد محمد ابن البالِسيّ. وآخر من رَوَى عَنْهُ الشرف مُحَمَّد بن داود ابن خطيب بيت الأبَّارُ.
تُوُفّي بالشاغور فِي عاشر رمضان.
وهو آخِرُ مَنْ رَوَى عن ابنِ كَرَوَّس.(14/287)
576 - إِسْحَاق بن يعقوب بن عثمان. الفقيهُ، جمالُ الدّين، المراغي، الشّافعيّ. [المتوفى: 639 هـ]
تفقه بمَراغةَ عَلَى والده. وبالموصل على ابن يونُس مدّةً.
وصَحِبَ الشَّيْخ صدر الدّين أَبَا الْحَسَن بن حَمُّوَيْه بمصر وأعادَ لَهُ مدّةً. ووَلِيَ تدريسَ جامع الإسكندرية.
وكانَ إمامًا فاضلًا. لَهُ تعليقٌ فِي الخلاف.
تُوُفّي فِي حادي عشر جُمَادَى الأولى بالقاهرة، وقد نَيَّف عَلَى السبعين رحمه اللَّه تعالي.(14/288)
577 - أسعدُ ابنُ القاضي عَبْد الغنيّ بن أسعد بن عَبْد الغنيّ بن أسعد. القاضي الجليل، نفيسُ الدّين، أَبُو الكرم، ابن قادُوس، العدوي، الْمَصْريّ. [المتوفى: 639 هـ]
شيخٌ مُعَمَّر. وُلِد بمصر فِي رجب سنة ثلاثٍ وأربعين.
وسَمِعَ من الشريف أَبِي الفُتُوح الخطيبِ، وأَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بن الحُطَيئة - وهو آخِرُ أصحابهما - وأَبِي الْحَسَن علي بن عبد الرحيم ابن العصار، وعبد اللَّه بن بَرّي، ومُحَمَّد بن عَلِيّ الرَّحَبِيِّ، وغيرهم.
وبالإسكندرية من: عبدِ المجيد بن دُليل، والقاضي مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرَميّ، وأَبِي طاهر السِّلَفِيّ، لكن لم يُظْهِرْ سماعَه منه إلّا قُبَيْلَ موتِه ولم يُحدَّثَ عَنْهُ. سَمِعَ الأول من " الثَّقَفِيّات ". [ص:289]
وكان كثيرَ التَّلاوةِ للقرآن. رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ المنذري، والمجد ابن الحُلْوانية، وابنُ مسدي، وأثنى عَلَيْهِ فِي " معجمه ". وبالإجازة القاضي شهاب الدين ابن الخُوييّ، وغيرُه.
ولم أسْمَعْ عَلَى أحدٍ من أصحابهِ لا بالسماع ولا بالإجازة.
تُوُفّي فِي التاسع والعشرين من ذي الحجّة بالإسكندرية.(14/288)
578 - إِسْمَاعِيل بن سعدِ السعود بن أَحْمَد بن هشام. أَبُو أُميّة الأُمَويّ، الأندلُسي، اللَّبليُّ، [المتوفى: 639 هـ]
نزيلُ إشْبيليةَ.
رَوَى عن: أَبِي الوليدِ والدِه، وعن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن خَلَف بن صافٍ، وأخذَ عنه القراءات، وسمع منه " صحيح البخاري ".
وسمع " صحيح مُسلْمِ " بقُرْطُبة من أَبِي بَكْر بن خَيْر.
وكانَ مولده فِي سنة ثمانٍ وخمسينَ. وماتَ ابن صافٍ سنةَ خمسٍ وثمانين، وهو من كبارِ أصحاب أَبِي الْحَسَن شُرَيح.
وَلِيَ أبو أمية قضاء مراكش فِي الفتنة. ثمّ أنصرَف إلى إشْبيِليةَ. قَالَ الأبَّارُ: أخذَ عَنْهُ أصحابُنا. وتُوُفّي سنة تسبع.
قلت: كتابتُها تَحتملُ العامين - فالله أعلم -.(14/289)
579 - إِسْمَاعِيل بن ظفر بْن أحمد بن إِبْرَاهِيم بن مُفرج بن منصور بن ثَعْلَب بن عُنَيْبَة - ثانية نون - الرجلُ الصّالح، أَبُو الطاهرِ، المُنْذريُّ، النابُلُسي، ثمّ الدّمشقيّ، الحنبليُّ، المُحَدِّثُ. [المتوفى: 639 هـ]
من وَلِد النُّعْمان بن المنذر ملكِ عرب الشام.
وُلِد بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
وسمع بمصر من أَبِي القاسم البُوصيريّ، وأَبِي عَبْد اللَّه الأرْتاحيّ، وإِسْمَاعِيل بن ياسين، وجماعة. ورَحَلَ إلى العراق، فسَمِعَ من الْمُبَارَك بْن المَعْطوش، وأبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، وعَبْد اللَّه بن أَبِي المجد. ودَخَلَ أصبهان، فسمع من أبي المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبي جعفر الصيدلاني، وطائفةٍ. ورحل [ص:290]
إلى خُراسان وأدركَ أَبَا سعد عَبْد اللَّه بن عُمَر الصّفّار، وسَمِعَ منه ومن منصور الفراويّ، والمؤيَّد. وبحران: عَبْد القادر الحافظ، وانقطعَ إِلَيْهِ مدّةً وأكثر عَنْهُ. وجاوَرَ سنة بمكة لأجلِ ابنِ الحُصرِيّ.
وكانَ كثيرَ الأسفارِ، فقيرًا، قانعًا، متعففا، دينًا، صالحًا، له كرامات.
قال عمر ابن الحاجب: كَانَ عبدًا صالحًا، ذا مُروءَةٍ، مَعَ فقر مدقع، صاحب كرامات.
قلت: حدَّث بدمشق، وحَرَّان، وبغداد.
وعُنِيَ بالحديث، وكَتَبَ بخطِّه الكثيرَ وهو خطٌ رديء فِيهِ سُقْمٌ.
قال الحافظ الضياء: هو رجلٌ ديِّن، خيِّرُ، اعتنى بطلب الحديث وجَمْعه.
قلتُ: رَوَى عَنْهُ هُوَ، والزكيَّان البِرْزاليُّ والمنذري، والمجد ابن الحلوانية، والعماد إبراهيم بن راجح الماسح، والحسامُ عَبْد الحميد اليونيني، والبدرُ حسنُ ابن الخلال، والعماد إسماعيل ابن الطبال، والنجم موسى الشقراوي، والشمس محمد ابن الواسطي، والعز أحمد ابن العماد، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان. وبالحضورِ العمادُ محمد ابن البالِسيّ.
وماتَ بجبل قاسِيُون فِي رابع شوَّال.(14/289)
580 - جعْفَر بن مُحَمَّد بن هبة اللَّه. أَبُو الفضلِ، الخُلْديّ، البغداديّ، الصُّوفيّ، ساكنُ ديارِ مصر. [المتوفى: 639 هـ]
قالَ ابنُ مسدي: لقيتُه، فذَكَرَ لي أَنَّهُ سَمِعَ " الْبُخَارِيّ " من أَبِي الوقت، وأنَّ لَهُ سماعاتٍ كثيرة من أَبِي زُرْعَة، وغيره. ورَحَلَ إلى السِّلَفِيّ، وأنّ إثباته مُودعة، وأنّه وُلِد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة فقرأتُ عَلَيْهِ بالإجازة العامة من أَبِي الوقت. مات بقوص سنة تسعٍ وثلاثين.
قلت: هذا كذاب.(14/290)
581 - جعْفَر بن مكيّ بن عَلِيّ بن سعَيِد. الحاجبُ، الرئيس، أَبُو مُحَمَّد، فخر الدّين، البغداديّ، المُقرئ، الشّافعيّ، الشاعرُ. [المتوفى: 639 هـ]
قرأ القراءات، وتفقه، وقَرَأ الأصلين، والخلافَ، والعربية. وله شعرُ كثيرُ مدون في مجلدتين.
وكانَ خازنَ كتبِ النظاميَّة، ثمّ صَار حاجبًا ببابِ المراتبِ، ثمّ عُزِلَ ثمّ أعيدَ، ثمّ عُزِلَ، ثمّ صارَ من حُجَّابِ المناطق، وقُدمَ عَلَى سائر شعراء الديوان العزيز.
وتُوُفّي فِي ثاني صفر.
وقد حدَّث عن عُمَر بن بكرون. وعاشَ سبعًا وستين سنة.
ومن شعره:
كم سامني أبرق الوادي وأجرعه ... شوقًا ظَلِلْت غَداةَ البَيْنِ أجْرَعُه
وكمْ يُسَمِّعُني فِيهِ العَذُولُ عَلَى ... حُبِّي لَهُ ظالمًا ما لَسْتُ أسمَعُه
بانَ الحبيبُ ولَمَّا يُقْضَ لي وطرٌ ... فبان عني لَمّا بانَ مَوْضعُه
تَخَلَّفَ الْجِسمُ عَنْهُ يومَ كاظمةٍ ... لكنَّ قلبي المُعَنَّى سار يتبعه(14/291)
582 - حَرَمِي بن محمود بن عَبْد اللَّه بن زيد بن نعمة. الصّالح، أَبُو الحَرَم، الرُّؤْبيُّ - ورُؤْبَةُ: بالضم، قريةٌ بالشام - الْمَصْريّ المولدِ والدّارِ، الطحان. [المتوفى: 639 هـ]
ولد قبل الستين وخمسمائة. وسَمِعَ من عَبْد اللَّه بن عَبْد الرَّحْمَن البَلَنْسي بمصر، ومن الشريف أَبِي الفضل عَبَّاس بن الْحُسَيْن الْعَبَّاسي الطَّبَريّ بمكة.
رَوَى عَنْهُ زكيُّ الدّين المُنْذريُّ وقال: تُوُفّي فِي العشرين من صفر.(14/291)
583 - الْحَسَن بن إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه بن دينار، أَبُو عَلِيّ، الْمَصْريّ، السِّمْسار، الصائغُ. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد سنة خمسين. وسَمِعَ من السِّلَفِيّ. رَوَى عَنْهُ الزكي المنذري، والكمال ابن العديم الصاحب، وابنُه أَبُو المجد الحاكم، والمجد ابن الحلوانية، والجمال محمد ابن الصابوني، وولدُه الشهابُ أَحْمَد، والعلاءُ بن بَلَبان، والضياءُ عيسى السَبتي، ومُوفقيَّة الْمَصْريّة، وجماعة. وبالإجازةِ أبو نصر محمد ابن الشيرازي، والشمس عبد القادر ابن الحظيري، وغيرهما.
وماتَ فِي ثامن عشر جُمَادَى الآخرة.(14/292)
584 - الْحَسَن بن عَلِيّ بن أَبِي السعود. الأدُيبْ، أَبُو مُحَمَّد، الكوفيّ، [المتوفى: 639 هـ]
نزيلُ القاهرة.
لَهُ قصيدةٌ نونية فِي القراءات رواها عَنْهُ شيخُنا الدِّمْياطيّ أَبُو مُحَمَّد وقالَ: تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة بالقاهرة.(14/292)
585 - الْحُسَيْن بن أَحْمَد بن الخَضِر. أَبُو عَبْد اللَّه، الحربيّ، البزّاز. [المتوفى: 639 هـ]
شيخ صالح. حدَّث عن عَبْد المغيثِ بن زُهير. وماتَ في ربيع الآخر.(14/292)
586 - ربيعة بن أبي الجود حاتم بن سنان بن بِشْر، أبو مُحَمَّد، الرَّمْليّ، ثمّ الْمَصْريّ، المُجَلِّد، الكُتُبيّ. [المتوفى: 639 هـ]
سَمِعَ من قاسم بن إِبْرَاهِيم المَقدسيُّ، وأَبِي القاسم هبة اللَّه البوصيريّ. وأمَّ بمسجدِ عبدِ اللَّه بمصر.
روى عنه الزكي المنذري، والمجد ابن الحُلْوانية، وجماعةٌ.
تُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ.(14/292)
587 - رشيدُ الدين ابن الصُّوري. الطبيبُ، أَبُو منصور، بنُ أَبِي الفضل بن علي. [المتوفى: 639 هـ]
كان علامة في الأدوية المفردة.
وُلِد سنة ثلاثٍ وسبعين بصُور، ونَشَأ [ص:293]
بها. واشتغلَ عَلَى موفقِ الدّين عَبْد العزيز، والموفقِ عبد اللطيف بن يوسف. وطب بالقدسِ مدّةً. وخَدَمَ الملكَ العادل، ثمّ عَظُمَ عند المُعَظَّم، وتَمَكَّنَ منه ومن ابنه الناصر، وفَوَّضَ إليه ابنه رياسة الأطباء. وكانَ لَهُ حلقةُ إشغالٍ.
تُوُفّي بدمشق في أول رجب.(14/292)
588 - سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم بن هبة اللَّه بن رَحْمة، الفقيهُ، المُحَدِّثُ، الزاهدُ، أَبُو الربيع، الإسْعِرْدي، [المتوفى: 639 هـ]
خطيبُ بيت لِهْيا.
وُلِد بإِسْعرد فِي سنةِ سبع وستين وخمسمائة. وطلبَ الحديثَ بدمشق لمّا قَدِمها، وتخرج بالحافظ عبدِ الغني، وسَمِعَ منه ومن الخُشُوعي، وجماعةٍ. وبمصر من البوصيري، وابن ياسين، وفاطمةَ بنتِ سعد الخير، والأرتاحيّ. وبالإسكندرية من عَبْد الرَّحْمَن بن مُوَقَّى. وكتبَ الكثيرَ بخطِّه وهو طريقةٌ معروفة فيها تكويف.
وكانَ صالحًا، ثقةً، خَيِّرًا. أسمعَ بنتَه زينب الكثيرَ، وهي أحدُ مَنْ رَوَى " صحيح الْبُخَارِيّ " بالقاهرة عاليًا.
رَوَى عَنْهُ الشهاب القوصي، والمجد ابن الحُلْوانية، والشرفُ أبو الْحُسَيْن اليونيني، والبدرُ حسن ابن الخَلَّال، وأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن حاتم، وأَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن طيٍّ، وجماعة. وبالإجازة: العمادُ ابن البالِسيّ، ومُحَمَّد بن مُشْرِق، وغيرهما.
وماتَ فِي الثاني والعشرين من ربيع الآخر ببيت لِهْيا.(14/293)
• - شمسُ الدّين ابن الخبَّاز النَّحْويّ، أَحْمَدُ، [المتوفى: 639 هـ]
تقدم.(14/293)
589 - عبد الله بن المبارك بن أحمد بن أَحْمَد. أَبُو مُحَمَّد البَقَّالُ، البغداديّ. [المتوفى: 639 هـ]
حدَّث عن عبدِ المنعم بن كُلَيب. وعاشَ ثمانين سنة.
وتُوُفّي فِي نصفِ ربيع الأول.(14/293)
590 - عَبْد اللَّه بن مَعَدّ بن عَبْد العزيز بن عَبْد الكريم. الفقيهُ، جمالُ الدّين، أَبُو محمد، ابن البُوري، الدِّمْياطيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 639 هـ]
المدرسُ بالإسكندرية بمدرسة السِّلَفِيّ.
ولد سنة أربع وستين وخمسمائة ظنًا. وتفقَّه، ودرَّسَ، وتقلَّبَ فِي الخِدَمِ الديوانية. وحدَّث بدمشق عن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن موقى. روى عنه المجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، وغيرهما.
وولي التدريس بالإسكنرية إلى أن تُوُفّي، ماتَ بالقاهرة فِي عاشر جُمَادَى الآخرة.(14/294)
591 - عَبْد الحميد بن مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر بن ماضي بن وُحَيْش بن عَلِيّ، الفقيهُ. أَبُو محمدٍ، المَقدسيُّ، الحنبلي. [المتوفى: 639 هـ]
حدَّث عن يحيى الثقفي، وجلس لإقراء القرآن، وانتفع بِهِ خلقٌ بالْجَبَل. وكانَ من أهل الدّين والصلاح.
روى عنه المجد ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخَلَّال، والعمادُ عَبْد الحافظ، ومُحَمَّد بن عَلِيّ الواسطيّ، وغيرهم.
تُوُفّي في الثاني والعشرين من جُمَادَى الآخرة.(14/294)
592 - عَبْد الرَّحْمَن بن مُقبل بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ، العلامةُ. قاضي القضاة، عمادُ الدّين، أَبُو المعالي، الواسطيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد بواسط سنة سبعين، وتفقَّهَ بها. وقرَأ القرآنَ وجوَّدَهُ فتفقه عَلَى: ابنِ البُوقي، وعلى المُجيرِ البغداديّ، وأَبِي القاسم بن فَضْلان، وابن الربيع.
وبَرَعَ فِي المذهب، وأعادَ وأفْتى، ودَرَّسَ، ونابَ فِي القضاءِ عن أَبِي صالح الْجِيليِّ، ثمّ وَلِيَ بعده قضاءَ القضاةِ فِي سنة أربعٍ وعشرين. ووَلِيَ تدريس مذهبه بالمستنصرية سنة إحدى وثلاثين. ثمّ عُزِل من الكل فِي شَعْبان سنةَ ثلاثٍ وثلاثين، ولَزِمَ بيتَه، ونسَكَ، وتعبَّد، ثمّ وُليَ مشيخةَ رباط المرزُبانية فِي سنة خمسٍ وثلاثين إلى أن مات.
وحدَّث عن عبدِ المنعم بن كُلْيب. [ص:295]
ماتَ فِي الحادي والعشرين من ذي القَعْدَةِ عن سبعين سنة، وكانَ من عُقلاء العلماءِ.(14/294)
593 - عَبْد الرحيم بن أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهاب بْن عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن سُكينة، عونُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد، [المتوفى: 639 هـ]
شيخُ رباط العميد، وناظر وقفه.
وكانَ لَهُ اتصالٌ بالدولة، ووَلِيَ وَكالةَ شرفِ الدّين إقبال الشَّرَابيّ وكانَ مَقْصِدًا فِي قضاء الحوائج، ذا مُروءةٍ وتوددٍ، وحُسن عشرة.
تُوُفّي فِي شَعْبان كهلًا.(14/295)
594 - عَبْد السِّيدِ بن أَحْمَد بن عَبْد السيد بن أَبِي سعد بن مُحَمَّد، أَبُو مُحَمَّد، الضَّبيِّ، البَعْقُوبيّ، [المتوفى: 639 هـ]
خطيبُ بعقوبا.
سمع من يحيى بن ثابت، وأحمد بن المبارك المُرَقَّعاتيّ، وغيرهما.
رَوَى عَنْهُ أَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ، وغيرُه. وبالإجازة القاضيان ابن الخُوييّ وتقيُّ الدّين سُلَيْمَان، والفخر ابن عساكر، وأَبُو بَكْر بن عَبْد الدائم، وعيسى المُطْعِمِ، وسعدُ الدّين بن سعد، والشهابُ أَحْمَد بن أَبِي طَالِب، وغيرهم.
تُوُفّي ببَعْقُوبا فِي ثاني عشر صفر وله تسعٌ وسبعون سنة.(14/295)
595 - عَبْد العظيم بن عبد المنعم بن يحيى بن الْحَسَن بن مُوسَى. أَبُو مُحَمَّد، التيميّ، البَكْريّ. [المتوفى: 639 هـ]
ذكَرَ أَنَّهُ من وَلَد نوحِ بن طلحةَ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وُلِد بعد السبعين وخمسمائة بالصعيد. وصَحِبَ الصالحين، ودَخَلَ المغربَ وذَكَرَ أَنَّهُ سَمِع من أَبِي عَبْد اللَّه محمد ابن القَطَّان بِمكْنَاسَةَ.
كتبَ عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ فوائدَ وقالَ: كانَ صالحًا، حَسَنَ الطريقة، لَهُ قَبولٌ تام بدهريوط، وبها ماتَ فِي المحرَّم.(14/295)
596 - عبدُ الغني ابن شيخ حَرَّان وخطيبها فخر الدّين أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن الخَضِر بن محمد بن الخضر بن علي ابن تيمية. الخطيبُ، سيفُ الدّين، أَبُو محمدٍ، [المتوفى: 639 هـ]
والدُ شيخنا العَدْلِ أَبِي الْحَسَن عَلِيّ.
سَمِعَ من والده، ومن عَبْد القادر الرُّهاوي.
ووَلِيَ الخطابةَ بعد أَبِيهِ.
وُلِد سنة إحدى وثمانين، وتُوُفّي فِي سابع عشر المحرَّم.(14/296)
597 - عبدُ اللطيف بن أَحْمَد بن مكي بن رجاء. أَبُو طَالِب، التميمي، البغداديّ، الخيَّاطُ. [المتوفى: 639 هـ]
حدَّث عن أَبِي السعادات نصرِ اللَّه القَزَّاز.
وماتَ فِي صفر.(14/296)
598 - عبدُ المجيدِ ابنُ تاجِ الدّين الْحَسَن بن أَبِي الفتوح عَبْد اللَّه بْن هبة اللَّه بْن المظفَّر ابن رئيس الرؤساء أبو العباس. [المتوفى: 639 هـ]
ابن أخي الوزير أَبِي الفَرَج.
وُلِد سنة ست وستين ببغداد. وسمع من أَبِي الخير أَحْمَد بن إِسْمَاعِيل القَزْوينيّ. وأجاز لَهُ: أَبُو الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وشُهْدَةَ. وهو من بيتِ حِشْمَه ووِزارةٍ.
أجازَ للقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وسعد الدين، وجماعة.
وتوفي في رمضان.(14/296)
599 - عبدُ المنعم بنُ رضوان بن سيدهم بن مَناد، زين الدّين، أَبُو مُحَمَّد، الكُتَامِيّ، الْمَصْريّ، الشَّارعيّ، الشّافعيّ، المُقرئ. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد ظنًّا فِي سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على الشيوخ. وسمع من: علي بْن هبة اللَّه الكاملي، وعثمانَ بن فَرَج العَبْدَرِيّ، [ص:297]
وإِسْمَاعِيل بن ياسين، وجماعة. وأجازَ لَهُ أَبُو القاسم بن حُبَيْش الحافظ، وأَبُو زيد السُّهَيليّ من المغرب.
وكانَ إمامَ مسجد فندق مَسْرُور.
روى عنه الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، والشهاب الأبرقوهي، والشرف الدمياطي، وجماعة.
وكانَ صالحًا، خيِّرًا كوالده.
تُوُفّي فِي ثاني عشر جُمَادَى الآخرة.(14/296)
600 - عبدُ الواحدِ الدّمشقيّ. الزاهدُ رحمه اللَّه تعالي. [المتوفى: 639 هـ]
قَالَ الإمامُ أَبُو شامة: أقام قسًا راهبًا بكنيسةِ مريم سبعين سنة، ثمّ أسلمَ قبل موته بأيام، وأخذته الصوفة إلى السُّمَيْساطية وأقامَ بِهَا أيامًا، وماتَ وكانتَ لَهُ جنازةٌ حَفْلَةٌ.(14/297)
601 - عثمانُ بن سعَيِد بن كثير. الإمام شمس الدين، أبو عمرو، الصنهاجي، الفاسيّ. [المتوفى: 639 هـ]
قَدِمَ مصرَ فِي صباه وسَكَنها. وسَمِعَ من عَشِير بن عَلِيّ المُزارع، وهبة اللَّه البوصيري، وغيرهما. وتفقَّه عَلَى الشهابِ مُحَمَّد بن محمود الطُّوسيّ، ومَهَرَ فِي مذهبِ الشّافعيّ. ووَلِيَ قضاءَ قُوص، وتصدَّرَ بالجامع العتيقِ بمصر، ووَلِيَ وكاله القاهرةِ ومصرَ مدّةً، ودَرَّسَ بالجامع الأقمر.
ولد بفاس في سنة خمس وستين وخمسمائة ظنًّا.
وتُوُفّي بالقاهرةِ فِي جُمَادَى الأولى.(14/297)
602 - عَلِيّ بن حيدرة بْن مُحَمَّد بن القاسم بن مَيْمون بن حمزة بن الْحُسَيْن، الشريف، العَدْلُ. أَبُو الْحَسَن، الْحُسَيْنيّ، الْمَصْريّ، ويُعْرَفُ بابن سُكَّر. [المتوفى: 639 هـ]
سَمِعَ من الشريف يونُسَ بن يحيى الهاشميّ، وغيره. وشهد عند أَبِي القاسم عبدِ الملك بن دِرْباس ومن بعده. وهو من بيتِ جلالةٍ ونُبلٍ. [ص:298]
وسُكَّر: بسين مهملة، وكاف مُثَقَّلة.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة.(14/297)
603 - علي بن عبد الصمد بن عَبْد الجليل بن عَبْد الملك، الفقيهُ، بدرُ الدّين، أَبُو الْحَسَن، الرّازيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الأديبُ، المؤدِّبُ. [المتوفى: 639 هـ]
ذكرَ أنَّه وُلِد فِي سنة أربعٍ وستين وخمسمائة.
وسمع ثمانين حديثًا للآجُرِّيّ من السِّلَفِيّ. وكان يؤدِّبُ بمكتب جاروخ جوار العادلية. وله شعر لا بأسَ بِهِ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد الله البرزالي، وأبو العباس ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلال، وأبو المحاسن ابن الخرقي، وأبو بكر عبد الله ابن الصائن العامريّ، وغيرهم. ورَوَى عَنْهُ بالحضورِ: العمادُ محمد ابن البالسي، ومحمد بن أحمد ابن الكَرْكَريَّةِ. وأجازَ لجماعة.
وتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
وحضور الاثنين منه فِي حادي عشر هذا الشهر ومات عَلَى إثر ذَلِكَ.
ورَّخَ وفاتَه الإمامُ أَبُو شامة.(14/298)
604 - عَلِيّ بن أَبِي بَكْر بن مُحَمَّد بن محمود. أَبُو الْحَسَن، الصُّنْهاجيَ، الإسكندرانيّ، العابرُ، ويُعْرَفُ بابنِ الطَّبيبَة. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد سنة سبع وخمسين. وسمع من: أَبِي طَالِب أَحْمَد بن المُسَلَّم بن رجاء. وله شِعرٌ حسن، ومعرفة بالتعبير. وفيه خير وصلاح. أضَرَّ بآخرة. ومات فِي سادس عشر شوَّال.(14/298)
605 - عُمَر بن وفاءِ بن يوسف بن غَنِيمة. أَبُو الوفاء، الحربيُّ. [المتوفى: 639 هـ]
شيخٌ لا بأس به. سمع محمد بن المبارك ابن الحَلاويّ قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد السلام الأنصاري إجازة. روى عنه: بالإجازة ابن الشيرازي، والمطعم، وسعد، والبجدي، وطائفة.(14/298)
606 - عَيَّاش بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَلَف بْن عَيَّاش. أَبُو بَكْر، القُرْطُبيّ، الأَنْصَارِيّ، ويُعْرَفُ بالشنتياليّ المُقرئ. [المتوفى: 639 هـ]
أخذَ القراءات عن أَبِيهِ، وعن جدَّه لأمِّه أَبِي القاسم بنِ غالب. وسَمِعَ من أبي العباس ابن الحاجّ. ووَلِيَ خطابةَ قُرْطُبَة.
مات بمالَقَة هُوَ والشيخُ أَبُو عامرٍ يحيى بن الربيع فِي يوم واحد، في ربيع الأول.(14/299)
607 - غياثُ بن أفضل بن الأشرفِ بن أَبِي المظفَّر بن أَبِي المكارمِ. الشريفُ، أبو المظفَّر، الْعَبَّاسيُّ، المتوكّلُيّ، الحَرِيميُّ. [المتوفى: 639 هـ]
سَمِعَ من أَبِي شاكر يحيى السقلاطونيّ، ولاحقِ بن كارَه، وعبدِ المُغيثِ بن زُهَير.
وهو بكنيته أشهرُ. وقيل: إنّ المحدِّثين سمَّوْه وسَمِعُوا منه.
أجازَ للفخرِ إِسْمَاعِيل ابن عساكر، والبدر ابن الخلال، وفاطمة بنت سليمان، وجماعة.(14/299)
608 - قاسمُ بن عَبْد اللَّه بن أَحْمَد بن جمهور، أَبُو عبيد، القَيْسي، الأندلُسيّ. [المتوفى: 639 هـ]
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا بكر ابن الجد، وعالج الشروط. بقي إلى قبل الأربعين وستمائة.(14/299)
609 - قايماز، الأميرُ، مجاهدُ الدّين أَبُو المظفَّر، المُعَظَّميّ، الشمسي، أَبُو فُصَيْد، [المتوفى: 639 هـ]
مَوْلَى الملك المعظم شمس الدولة تورانْشَاه بن أيّوب بن شاذي بن مَرْوان.
كانَ واليّ البحيرةِ، وغيرِها. وحُمِدَت سيرتُه وعفتُه. كَانَ موصوفًا بالشجاعةِ والإقدامِ. لَهُ حُرْمةٌ وقدَمٌ.
وُلِد فِي حدود سنة خمسِ وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من أَبِي طاهر [ص:300]
السِّلَفِيّ. وحدَّث بدمشقَ ومصرَ. رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذري، والمجد ابن الحُلْوانية، والعلاءُ بن بَلَبان، وطائفةٌ سواهم. وبالإجازة العماد محمد ابن البالسي.
وتوفي في سلخ شوال.(14/299)
610 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَلِيّ، أَبُو عَبْد اللَّه، الأَنْصَارِيّ، الأوْسيُّ، القُرْطُبيّ، الضريرُ، المعروفُ بابنِ الصّفّار. [المتوفى: 639 هـ]
قَالَ الأبَّارُ: سَمِعَ أَبَا القاسم بن بشكوال، وأبا بكر ابن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا محمد بن عُبَيْد اللَّه الحَجْريّ، وجماعةً. وسكَن مَرَّاكِش، وأخذَ القراءات عن أَبِي القاسم ابن الشَّرَّاط، وغيره. وأقرأ. وتَجَوَلَ كثيرًا فِي الفتنة، ثمّ استقرَّ بتونس، وبها لقيتُه وصَحِبتُه طويلًا وسَمِعْتُ منه. وادَّعى الإكثارَ عن شيوخه، فاسَتَرَبْتُ. وكان يقرئُ العربية، ويُسْمعُ الحديث، وله مشاركةٌ فِي النظُم. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة وقد نيَّفٍ عَلَى السبعين.(14/300)
611 - مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن إِبْرَاهِيم بن قَسُّوم. أَبُو بَكْر، الإشبيليّ. [المتوفى: 639 هـ]
مُصنِّف كتابِ " مجالس الأبْرَار فِي معاملةِ الْجَبَّار " يشتملُ عَلَى أخبار صُلَحاء إشْبيلية.
رَوَى عَنْهُ الحافظ أبو بكر ابن سيدِّ الناس.
تُوُفّي فِي ذي الحجّة.(14/300)
612 - مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المجيد. أَبُو عَبْد اللَّه، البغداديّ، الصُّوفيّ، المعروفُ بالمصري. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد سنة ثمانين. وسَمِعَ من أَبِي منصور عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام، وذاكرِ بن كامل، وابن كُليب، وطائفةٍ.
وكانَ إمامًا فاضلًا مُتَفَنِّنًا، عارفًا بالفقهِ والخلافِ، والنَّحْو، صاحب أدبِ وشعرٍ، ولطفٍ ونوادرَ، وفيه مُروءةٌ وأخلاقٌ، طلبَ بنَفْسِه، وأكثرَ عن أصحابِ ابن الحُصين، وقاضي المارستان. وكانَ ثِقةً مُتْقنًا. [ص:301]
رَوَى عَنْهُ: ابنُ النّجّار فِي " تاريخه "، وجمالُ الدّين أَبُو بَكْر الشِّريشيّ. وبالإجازة القاضي شهابُ الدين الخويي، والعماد ابن البالسي، وغيرهما.
توفي في ثالث ذي العقدة، وقيل: فِي خامسة. وأظُنُّ المحبَّ أدركه.(14/300)
613 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن علي بْن الحسين بن عَبْد الخالق. القاضي، الرئيس، عزُّ الدين، أبو عَبْد الله، ابن الصاحب صفي الدين، ابن شكر، الشيبي، المالكي. [المتوفى: 639 هـ]
سمع من الحافظ ابن المُفَضَّل. وأجازَ لَهُ الخُشُوعيُّ، وجماعةٌ.
تُوُفّي فِي المحرَّم.(14/301)
614 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بن أَبِي القاسم بن صَدَقَة بن حفصٍ. قاضي القضاة، شرفُ الدّين، أَبُو المكارم، ابن القاضي الرشيد أبي الحسن، ابن القاضي أبي المجد، ابن الصَّفْراويّ، الإسكندرانيّ، ثمّ الْمَصْريّ، الشّافعيّ، المعروفُ بابن عَيْنِ الدولة. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد بالإسكندرية فِي سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وقدم القاهرةَ فِي سنة ثلاثٍ وسبعين، فكتب لقاضي القُضاة صَدْر الدين عَبْد الملك بْن درباس، ثمّ نابَ عَنْهُ فِي القضاءِ سنةَ أربعٍ وثمانين وخمسمائة. وقد حكم بالإسكندرية من أعمامهِ وأخوالِه ثمانيةُ أنفسٍ. وناب في القضاء أيضًا عن قاضي القضاة ابن أَبِي عَصْرون، وعن زين الدّين عَلِيّ بن يوسف الدّمشقيّ، وعن عمادِ الدّين عَبْد الرَّحْمَن ابن السُّكّريّ. ثمّ استقلَّ بالقضاءِ بالقاهرةِ فِي سنة ثلاث عشرة وستمائة. ووَلِيَ قضاءَ الديار المصرية وبعضِ الشامية فِي سنة سبع عشرة. قَالَ ذَلِكَ الحافظُ زكيّ الدّين وقال: كَانَ عارفًا بالأحكام، مُطَّلعًا عَلَى غوامضها. وكتبَ الخطَّ الجيدَ. وله نظْمٌ ونثر. وكان يَحفَظُ من شِعرِ المتقدِّمين والمتأخرينَ جُملةً. وتُوُفّي فِي تاسع عشر ذي القَعْدَةِ.
قلتُ: ورَوَى عَنْهُ حكايةً فِي " معجمه " وقالَ: سَمِعَ من والده، ومن أَبِي الطاهرِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بُنَان شِعْرًا، وسَمِعَ من قاضي القضاة ابن درباس. [ص:302]
وقد ذكره القاضي جمال الدين ابن واصل وقالَ: عُزِلَ عن قضاءِ مصر بالقاضي بدرِ الدّين السِّنْجَاريّ فِي سنة ثمانٍ وثلاثين. وبقي شرف الدين ابن عين الدولة قاضيًا بالقاهرَة وبالوجه البحريّ.
قلتُ: ثمّ عاشَ بعد ذَلِكَ أشهرًا ومات.
قَالَ: وكانَ فاضلًا فِي الفقهِ، والأدبِ، والشُّروطِ، عفيفًا، نَزِهًا. وكانَ يحفظُ كثيرًا من علم الأدب. ونقل المصريون عنه كثيرًا من النوادر والزوائد، وكان يقولُها بسكونٍ وناموسٍ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
وُلِيتُ القضاء وليت القضا ... ء لم يَكُ شيئًا تَوَلَّيْتُهُ
فَأوْقَعَنِي فِي القَضَاءِ القَضَا ... وَمَا كُنْتُ قِدْمًا تَمَنَّيْتُه(14/301)
615 - مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن يحيى بْن أَحْمَد بْن عَلَى، أَبُو عَبْد اللَّه بنُ أَبِي بَكْر، البغداديّ، الخَرَّازُ - بخاء معجمة ثمّ راء -. [المتوفى: 639 هـ]
شيخٌ صالح، مسنٌ جاوَزَ الثمانين. وحدَّث عن أَحْمَد بن علي بن المعمر العلوي، وأبي عَلِيّ أَحْمَد بن مُحَمَّد الرَّحَبِيِّ، وعبد الحقّ.
وحدث من بيته جماعةٌ.
وتوفي في نصف ذي القعدة، قاله المنذري.
وروى عَنْهُ ابن النّجّار. وبالإجازة ابنُ عساكر، وابن الشّيرازيّ، وسعدٌ، والمُطَعِّمِ، وطائفة.(14/302)
616 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن أَبِي العزِّ سلطان بن سالم. أَبُو عَبْد اللَّه، الشَّيْبانيّ، الصُّوفيّ، الواعظُ. [المتوفى: 639 هـ]
حدَّث عن ابن كُلَيب. ومات فِي ثاني عشر ربيع الأول.(14/302)
617 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن سعَيِد بن أَبِي نصر. الأستاذُ، أَبُو عَبْد الله، الحُصَيْنيّ، البغداديّ، النَّحْويّ، الضريرُ. [المتوفى: 639 هـ]
من أئمة العربيةِ.
أخذَ عن أبي البقاء. وسمع من عبدِ الوهابِ بن سُكَيْنَة، وابنِ الأخضر. ودَرَّسَ النَّحْو بالمستنصرية، وانتفعَ بِهِ جماعةٌ. وماتَ فِي شوَّال.
وحُصَيْن: من قُرى نهر عيسى بالعراق.(14/302)
618 - مُحَمَّد بن عيسى بن مُعْتَصر. أَبُو عَبْد اللَّه، المغربيُّ. [المتوفى: 639 هـ]
رَوَى عن: أَبِي ذر الخُشَني، وأَبِي مُوسَى الْجُزُوليِّ.
وكان يُشارك فِي فنون.
قُتِلَ بِمَرَّاكِش.(14/303)
619 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عيسى، الأديبُ. أَبُو عَبْد اللَّه، الفاسيُّ، المالكيّ. [المتوفى: 639 هـ]
وَلِيَ القضاءَ بأماكن من المغرب. وحدَّث عن أَبِي بكر بن أبي جمرة، ونجبة بن يحيى، وطائفة. وعاش سبعين سنة.(14/303)
620 - محمد بن يحيى بن مظفر بن علي بن نعيم. القاضي، العالم، أبو بكر، البغدادي، الشافعي، المعروف بابن الحبير - بضم الحاء المهملة -. [المتوفى: 639 هـ]
ولد سنة تسعٍ وخمسين. وسمع من شهدة، وعَبْد اللَّه بْن عبد الصمد السلمي، ومحمد بْن نسيم العيشوني، وأبي الفتح ابن المني. وحدَّث، رَوَى عَنْهُ لنا أبو الْحَسَن الغَرَّافيّ.
وكانَ إمامًا عارفًا بالمذهب بصَيرًا بدقائقه، دَيِّنًا، خيِّرًا، كثيرَ التَّلاوةِ والحجِّ، صاحبَ ليلٍ وتَهجُّدٍ. وكانت لَهُ يدٌ طولى فِي الجدلِ والمناظرة.
تفقه على أبي الفتح ابن المَني الحنبليّ، وعلى المُجيرِ أَبِي القاسم محمودِ بن المبارك البغداديّ، وأَبِي المفَاخرِ النَّوْقانيّ. وتأدَّبَ على أبي الحسن ابن العَصَّار، وغيره.
وكانَ حَنْبليًا فِي أوائل أمرِه ثمّ تحوَّلَ شافعيًا. ونابَ فِي القضاءِ عن أَبِي عَبْد اللَّه بن فَضْلان. ثمّ وَلِيَ تدريس النظامية في سنة ست وعشرين وستمائة.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْفَقِيهُ، قال: أخبرتنا شهدة، قال: أخبرنا طراد، قال: أخبرنا هلال، قال: أخبرنا ابن عياش القطان، قال: أخبرنا أبو الأشعث، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلا أَتَى الْمَسْجِدَ - وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [ص:304]
يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: " أَصَلَّيْتَ يَا فُلانُ "؟ قَالَ: لا. قَالَ: " قُمْ فَارْكَعْ ".
تُوُفّي فِي سابع شوَّال؛ قاله ابن النّجّار وقد رَوَى عَنْهُ، ووَصَفه بالعلم والعمل، فأطنبَ.
أجازَ للبهاء ابن عساكر.(14/303)
621 - مُحَمَّد بن يوسف. أَبُو عَبْد اللَّه، المَنْبِجيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 639 هـ]
تُوُفّي بمَعْبَدِ ذي النون الْمَصْريّ. وحدَّث عن البوصيري.
مات فِي رمضان.(14/304)
622 - مكيُّ بن أحمد بن علي. أبو الحرم، المكناسيّ الورّاق. [المتوفى: 639 هـ]
رَوَى عن عَبْد المجيد بن مُحَمَّد الكِركْنِتي، وغيره.(14/304)
623 - مكِّي بن دَاوُد بن هلال. أَبُو الحرَمِ السَّعْديّ، الْجَزَرِيّ، نبيةُ الدّين، المالكيّ. [المتوفى: 639 هـ]
مدرّسُ المالكية بمصر.
فقيهٌ، إمامٌ، لَهُ شعرٌ وأدب. وقد سمع من الحافظ ابن المُفَضَّل.
وهو منسوبٌ إلى جزيرة الفسْطاط.
تُوُفّي فِي تاسع ربيع الأول.(14/304)
624 - منصور بن حَبَاسَة. القاضي وجيه الدين الإسكندراني، التاجرُ، العَدْلُ. [المتوفى: 639 هـ]
من أعيانِ التجار وذوي الثروة.
لَهُ ببلده مدرسةٌ معروفة، ورباط. [ص:305]
تُوُفّي فِي ثاني ذي القعْدَةِ.(14/304)
625 - مُوسَى بن يونس بْن مُحَمَّد بْن منعة بْن مالك. العلامةُ، كمالُ الدّين، أَبُو الفتح، المَوْصِليّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 639 هـ]
أحدُ الأعلام.
وُلِد فِي صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بالموصل.
وتفقّهَ عَلَى والده. ثمّ توجهَ إلى بغداد، فتفقهَ بالنظامية عَلَى مُعيدها السديدِ السَّلماسيّ بالخلافِ والأصول. وقرأ العربية بالمَوصْل عَلَى الْإمَام يحيى بن سعدون، وببغداد عَلَى الكمالِ عَبْد الرَّحْمَن الأنباريّ. وتميزَّ، وبَرَعَ فِي العلم.
ورَجَعَ إلى المَوْصِل، وأقبلَ عَلَى الدّروس والاشتغالِ والاستبحار من العلوم حتّى اشتهرَ اسمُه وبَعُدَ صِيتُه، ورَحَلَ إِلَيْهِ الطلبةُ، وتزاحموا عَلَيْهِ.
قَالَ القاضي شمس الدين ابن خلكان - وهو من بعضِ تلامذته -: انثالَ عَلَيْهِ الفقهاءُ، وجَمعَ من العلوم ما لم يَجمعْه أحدٌ، وتفرَّدُ بعلمِ الرياضيّ.
قَالَ: وقيل: إنه كَانَ يُتقنُ أربعة عشر فنًا من العلوم. وكان الحنفية يقرؤون عَلَيْهِ مذهبهم، ويَحِلُّ مسائلُّ " الجامع الكبير " أحسنَ حلٍ. وكذلك أهل الذمة يقرؤون عليه التوراة والإنجيل، ويشرحهما لهم شرحًا يعترفون أنهم لا يجدونَ مَنْ يوضحهما لهم مثله. وكذلك فِي كُلُّ فنٍ متَى أخِذَ معه فيه يُوهم أَنَّهُ لا يَعرف سواه لجَودةِ معرفتهِ بِهِ. وبالجملةِ فأخبارُ فضلهِ فِي جميع العلوم مشهورةٌ حتى إنَّ الأثيرَ مفضلَ بن عُمَر الأبْهري - عَلَى جلالَة قَدْره فِي العلم ومَا لَهُ من التصانيف كالتعليقةِ فِي الخلافِ والزيج - يَجْلِسُ بين يديه، ويَقرأ عَلَيْهِ والناسُ - يومَ ذاك - يشتغلونَ فِي تصانيف الأثير. وسُئِل الشيخُ كمالُ الدّين عن الأثير ومنزِلته فِي العلوم، فقال: ما أعلمُ! فقيلَ: وكيفَ وهو فِي خدمتك منذ سنين عديدةٍ واشتغلَ عليك؟ فقالَ: لأنِّي مَهما قلتُ لَهُ تَلَقَّاه بالقَبولِ وما جاذَبني فِي مبحثٍ قَطُّ حتى أعلمَ حقيقةَ فَضْلِه. ولما حَجَّ الشيخُ قال الأثير - لما بلغه أنهم لم ينصفوه من دار الخلافة -: والله ما دَخَلَ بغداد مثل أبي [ص:306]
حامدٍ الغزالي، ووالله ما بينه وبين الشَّيْخ نسبة.
قَالَ ابنُ خَلِّكان: وكان الشيخُ يَعرِفُ الفقهَ، والأصلين، والخلافَ، والمنطقَ، والطبيعيَّ، والإلهيَّ، والمجسطيّ، وإقْلِيدس، والهيئة، والحساب، والجبْر، والمقابلةَ، والمساحة، والموسيقى معرفةً لا يُشاركه فِيهَا غيره. وكان يُقرئُ " كتابَ سِيبوَيْه "، و " المفصل " للزَّمخشريَّ. وكان لَهُ فِي التفسيرِ، والحديثِ، وأسماءِ الرجال يدٌ جيدة. وكانَ يحفظُ من التاريخُ والأخبارِ شيئًا كثيرًا. وله شعرٌ حسن. وكان الأثيرُ يَقْرأ عَلَيْهِ فِي المجسطي، وهي لفظةٌ يونانية، أي: التّرتيب. وكانَ شيخُنا تقي الدّين ابن الصلاح يُبالغُ فِي الثناءِ عَلَيْهِ، ويعُظِّمه، فقيلَ لَهُ يومًا: من شيخُه؟ فقال: هذا الرجل خلقَه اللَّه عالمًا، لا يُقال: عَلَى مَنِ اشتغل؟ فإنه أكبر من هذا.
وطول ابن خَلِّكان ترجمته، ثمّ قَالَ: ومن وَقَفَ عَلَى هذه الترجمة فلا ينسُبْني إلى المُغالاةِ فمن كَانَ فاضلًا وعَرَف ما كانَ عَلَيْهِ الشيخُ، عَرَف أنِّي ما أعرتُه وصفًا ونعوذُ بالله من الغُلُوِّ.
ثمّ إن القاضي - رحمه اللَّه - أنصفَ، وقال: كَانَ - سامحه اللَّه - يُتَّهم فِي دينه لكونِ العلومِ العقليةِ غالبةً عَلَيْهِ. وعَمِلَ فِيه العمادُ المغربي وهو عمرُ بن عَبْد النور الصنهاجي النحوي:
أجدّك أن قد جاد بعد التعبس ... غزالٌ بوَصْلٍ لي وأصْبَحَ مُؤْنسي
وعاطَيْتُه صَهْباءَ مِنْ فيهِ مَزْجُها ... كرِقَّةِ شِعْري أو كدينِ ابن يونسِ
وللعماد هذا فِيهِ - وقد حضر درسَ الشيخ جماعةٌ بالطيالسة -:
كمال كمال الدّين للعلمِ والعُلَى ... فهيهاتَ ساعٍ فِي مَعَاليك يَطْمَعُ
إذا اجتَمَعَ النُّظَّارُ فِي كلِّ موطنٍ ... فغايَةٌ كلٍّ أنْ تَقُول ويَسْمَعُوا
فلا تحسبوهم من عنادٍ تطيلسوا ... ولكن حياءً واعترافًا تقنّعوا [ص:307]
وقال الموفق أَحْمَد بن أَبِي أصَيْبَعة فِي " تاريخ الأطباء " لَهُ فِي ترجمة كمالِ الدّين: هو علَّامةُ زمانِه، وأوحدُ أوانِه، وقُدْوةُ العلماءِ، وسَيِّدُ الحكماء، أتقنَ الحِكَمةَ - يعنى الفلسفة - وتمَّيزَ فِي سائرِ العلوم، كَانَ يُقرئُ العلومَ بأسرِها، وله مصنفاتٌ فِي نهايةِ الجودة، ولم يزل مُقيمًا بالموصل. وقيلَ: إنه كَانَ يعرفُ علم السِّيمياء وله كتاب " تفسير القرآن "، وكتاب " شرح التنبيه " وكتاب " مُفردات ألفاظ القانون " وكتاب فِي الأصول، وكتاب " عيون المنطق "، وكتاب " لُغَزٌ فِي الحكمة "، وكتاب في " النجوم ".
قال ابنُ خَلِّكان: تُوُفّي بالموصل فِي رابع عشر شَعْبان. ولما تردَّدْتُ إِلَيْهِ، وَقَعَ فِي نفسي أنْ جاءني ابنٌ سَمَّيْتُه باسمِه، فرُزقت ولدي الأكبرِ فِي صفر سنة إحدى وخمسين بالقاهرة - يعنى كمالَ الدّين مُوسَى خطيبَ كَفَرَبْطنا - قَالَ: وعجِبتُ من موافقته لَهُ فِي تاريخ المولد فبينهما مائة سنة كاملة.
قَالَ المَوفقُ عَبْد اللطيف: ولما كان سنة خمس وثمانين وخمسمائة حيثُ لم يبقَ ببغداد مَنْ يملأ عيني، ويحِلُّ ما يُشْكلُ عَلَى، دخلتُ المَوْصِل فلم أجدُ فيها بُغيتي، لكنْ وجدتُ الكمالَ بن يونس جيدًا فِي الرياضيات والفقهِ مُتَطرفًا من باقي أجزاء الحكمةِ، قد استغرقَ عقلَه ووقَته حب الكيمياء، وعَمِلَها حتى صار يَستْخفُّ بكل ما عداها.
وقال أَبُو شامة: تُوُفّي فِي نصف شَعْبان.(14/305)
626 - نصرُ بن عَلِيّ بن عَبْد اللَّه بن المبارك ابن نغوبا. أَبُو القاسم الواسطيّ. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. وتُوُفّي فِي هذه السنة. وله إجازةُ أَبِي الفتح ابن البَطِّي، وقد حدَّث عَنْهُ بها. [ص:308]
قلتُ: سَمِعَ شيخُنا سُنْقُر القضائي ببغداد سنةَ أربعٍ وثلاثين " جزء البانِيَاسيّ " عَلَى خمسةٍ مجتمعين أحدهم ابن نَغُوبا. ولم يُسَمَّ فِي الطبقةِ، بل كتبوه ابن نَغُوبا فقط، والظاهرُ أَنَّهُ هذا، لأنَّا لم نَعْرفْ أحدًا كَانَ حيًا فِي سنةِ أربعٍ وثلاثين من أولاد ابن نغوبا لَهُ سماع أو إجازة إلا هو.(14/307)
627 - هَوَّاش بن رَزِينِ بن نُمَيْر. أَبُو قايماز، الفَرْمِيّ، الطِّينيّ، المُعَمَّر. [المتوفى: 639 هـ]
شيخٌ صالح طاعنٌ فِي السنِّ. تُوُفّي فِي صفر بدمياط.
قَالَ الحافظُ زكيُّ الدّين: عَلَّقْتُ عَنْهُ بالطِّينة عَلَى بحيرة تِنِّيس فوائد فِي سنة أربعٍ وثلاثينَ، فحدثني أنَّ لَهُ من العُمُر مائة وست سنين، وأنَّ مولِدَه بالفَرْما، وأنَّ لَهُ بالطيْنَة سبعين إلا سنة. قَالَ: ولم تَزلِ الفَرْمَا عامرةً حتى خرَّبها شاوِر، فرأيت الفَرْمَا أَنَا فِي سنة أربع ثلاثين خاليةً وعليها سورٌ وأبراجٌ.(14/308)
628 - يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن ربيع بن أَحْمَد بن ربيع. أَبُو عامرٍ، الأشعريُّ، القُرْطُبيّ. [المتوفى: 639 هـ]
كَانَ من أجَلَّ أهل بيتِه وأعلمِهم. رَوَى عن أَبِيهِ، وخلف بن بشكوال، وأبي بكر ابن الجدّ، وأَبِي عبدِ اللَّه بن زَرْقُون، وطائفة.
لَهُ مصنفاتٌ كلاميَّةٌ.
ولِيَ قضاءَ قُرْطُبَة، وخَرَجَ منها سنةَ ثلاثٍ وثلاثين حينَ تَغَلَّب عليها العدوُّ، وكان قَيِّمًا بِعِلْمِ الكلامِ يُقْرئُه، ويُقرئُ الفقَه وأصوله.
وُلِد سنة ثلاثٍ وستين، ومات فِي ثامن عشر ربيعٍ الأوَّل.
رَوَى عَنْهُ ابنه: أبو الحسين محمد، وأبو علي ابن الأحوص، وأبو جعفر ابن الطَّبَّاع.
تُوُفّي بمالَقةَ.(14/308)
629 - يَسارُ بن خَلَف بن سراج، الفقيهُ. عفيفُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه، القيسيُّ، الدّمشقيّ، الشاغوري، الشّافعيّ. [المتوفى: 639 هـ][ص:309]
وُلِد بحوران، وقَدِمَ دمشقَ، فتفقَّه، وجَوَّدَ المذهبَ. وسَمِعَ من: يحيى الثقفيّ، والخُشُوعي، وجماعةٍ. روى عنه: الشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ. وتُوُفّي فِي تاسع صفر.
وكانَ يشهدُ ويحضُر المدارسَ.(14/308)
630 - يوسُفُ بن يحيى بن أبي البركات. أَبُو المظفَّر، البغداديّ، البزّاز. [المتوفى: 639 هـ]
وُلِد سنة ثلاثٍ وستين. وسَمِعَ من تَجَنِّي الوَهْبَانية. أجازَ لابن سعد، وللبجدي، وبنت مؤمن، وجماعة.(14/309)
631 - أَبُو بَكْر بن أَحْمَد بن مَعْبَد الكُرَيْديُّ، الحربي. [المتوفى: 639 هـ]
سمع من: أبي الفتح ابن البطي. وولد في حدود الخمسين وخمسمائة. وكانَ شيخًا صالحًا، خيرًا، سَمَّاه الطلبة تمَّامًا.
وتُوُفّي فِي خامس جُمَادَى الآخرة.(14/309)
632 - أَبُو بَكْر بن جعْفَر بن حسنٍ الباهيُّ - وباها: قريبةٌ من القاهرة - المالكيّ، العابرُ، الرجلُ الصّالح. [المتوفى: 639 هـ]
كَانَ إمامًا فِي تعبيرِ الرؤيا مُقَدمًا فيها.
تُوُفّي بباها وحُمِلَ فدُفن بقربِ قبرِ الليثِ - رحمه اللَّه - فِي صفر.(14/309)
633 - أَبُو غالبِ بنُ خَضِرِ بنِ نحرير الصالحي. الشاوي. [المتوفى: 639 هـ]
حدَّث عن أَبِي الحسين أحمد ابن المَوَازيني.
ومنهم من يُسميه غالبًا.
سَمِعَ منه: التاج ابن أبي جعفر، والمجد ابن الحُلْوانية، وغيرُهما. وأجاز للقاضي تقيِّ الدّين الحنبليّ. وماتَ فِي شعبان.(14/309)
-وفيها وُلِد
شيخُنا القاضي بدرُ الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جماعة الكِنانيّ، فِي ربيعٍ الآخر. والقاضي شرفُ الدّين حسنُ بن عبد الله ابن الشيخ أَبِي عُمَر الحَنْبليّ، والقاضي بهاءُ الدّين يوسف بن محمد بن محمد ابن الأستاذ الحلبي، والنورُ عَلِيّ بن عَبْد العظيم بن سلمان العَلَويّ الرَّسّي، بمصر. سَمِعَ ابنَ رواج. ووكيلُ بيتِ المالَ بمصرَ مجدُ الدّين عيسى بنُ عمر ابن الخَشَّاب، والعمادُ أَبُو بَكْر بنُ مَكِّي بنِ أَبِي الخوف، بدمشقَ، قاضي سَرْمين، وشهابُ الدّين غازي ابن الملك الناصر داود ابن المعظم عيسى، وزينُ الدّين عَبْد الرَّحْمَن بن نصر بن عبيد الحنفي، والعماد محمد ابن التقي يعقوب ابن الجرائديّ، والبدرُ مُحَمَّد بن عتيق الأَنْصَارِيّ الشاهدُ، وأحمد بن عُمَر النَّصِيبي، المُوَقِّتْ بالقدس، والكمالُ مُحَمَّد بن نصر الله بن إسماعيل ابن النحاس، بقاسيون، والشرف إسماعيل ابن الخطيب محيي الدين محمد ابن الحّرَسْتانيّ، والبدرُ مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الزُّبَيْر الجيلي الأصمُّ، والركنُ عُمَر بن مُحَمَّد بن يحيى العُتْبِيّ الإسْكندري، والبهاءُ إِبْرَاهِيم بن عَبْد الرَّحْمَن بن نوح المَقدسيُّ الكاتب، والعفيفُ مُحَمَّد بن عبد المحسن ابن الخراط، شيخ المسنتصرية.(14/310)
-سنة أربعين وستمائة(14/311)
634 - أَحْمَد بن ثَنَاء بن أَحْمَد، أَبُو العباسِ ابنُ القرطبان، الحربيُّ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ مُحَمَّد بن المبارك ابن الحَلاويّ. وعنه ابن النّجّار وقال: مات فِي المحرَّم وقد بلغَ الثمانين.
قلتُ: أظنُّ للقاضي تقي الدّين سُلَيْمَان بن حمزة منه إجازة. وأجاز لابن الشّيرازيّ، والمُطَعِّمِ، وسعدٍ، وابن الشحنة.
وهو أَحْمَد بن أَبِي حامد ثناء.(14/311)
635 - أَحْمَد بْن عَبْد المُلْك بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بن سعد؛ الشَّيْخ زينُ الدّين أَبُو الْعَبَّاس المَقدسيُّ الحنبلي الناسخُ الشُّرُوطيُّ المُحَدِّثُ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ: يحيى الثَّقفيّ، وابنَ صَدَقَة الحَرّانيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بن عَلِيّ اللَّخْميّ، وإِسْمَاعِيل الْجَنْزَويِّ، وجماعةً بدمشق. والبُوصيريّ، وإِسْمَاعِيل بن ياسين، وجماعة بمصر. وأبا الفرج ابن الْجَوْزيّ، والمباركَ بن المَعْطُوش، وعبد اللَّه بن أَبِي المجد، وجماعةً ببغداد.
وكانَ مليحَ الخَطِّ، فاضلًا، فقيهًا. سُئِل عَنْهُ الضياءُ، فقال: ما عَرَفنا منه إلّا الخيرَ.
رَوَى عَنْهُ المجدُ ابن الحلوانية، والتاج عبد الرحمن شيخ الشافعية، وأخوه الشرف خطيب دمشق، والبدر ابن الخلال، والشمس محمد ابن الواسطي، والعز أحمد ابن العماد، وجماعةٌ. وبالحضور العماد ابن البالِسيّ.
وتُوُفّي فِي تاسع عشر رمضان، وله ثلاثٌ وستون سنة. وهو والد الشمس عَبْد الرَّحْمَن.(14/311)
636 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن شُكْر، أَبُو الْعَبَّاس، الأندلُسيّ، المقرئ. [المتوفى: 640 هـ][ص:312]
قَالَ الأبَّارُ: رَحَلَ، وأخَذَ القراءاتِ عن أَبِي الفضل جعفر الهمداني، وسمع من أَبِي القاسم بن عيسى. وسَكَنَ الفيُّوم، واختصر " التيسيرَ "، وصنفَ شرحًا " للشاطبية ". وتُوُفّي فِي حدود الأربعين وستمائة.(14/311)
637 - أَحْمَد بن المبارك بن المبارك بن هبة الله بن بكري، أبو بكر ابن أَبِي المعالي الحَرِيميُّ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ من أَبِي شاكر السقلاطونيّ.
كتبَ عَنْهُ ابنُ النّجّار، وقال: لا بأسَ بِهِ. تُوُفّي فِي المحرَّم.
قلتُ: ومن مسموعه السابع من " حديث " ابن السَّمَّاك عَلِيّ أَبِي شاكر. أجازَ لابن الشّيرازيّ ورَوَى عَنْهُ بالإجازةِ.(14/312)
638 - أَحْمَد بْنِ مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حَمُّويَه. الصاحبُ الجليل، مُقَدّمُ الجيوش الصالحية، كمالُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس، ابن الشيخ الإمام شيخ الشيوخ صدرِ الدّين أَبِي الْحَسَن، الْجُوَينيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الصُّوفيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد بدمشقَ سنةَ أربعٍ وثمانين. وأجاز له: الخشوعي، وأبو الفرج ابن الْجَوْزيّ. وسَمِعَ من جماعة، وحدَّث. ودرَّسَ بمدرسة الشّافعيّ، وبالنّاصرية المجاورَة للجامع العتيق، ومشيخةِ الشيوخ، وغير ذَلِكَ. ودخَلَ فِي أمورِ الدولة، وكانَ نافذَ الأمر، مطاعَ الكلمة هُوَ وإخوته.
وكان أخوه معينُ الدّين هُوَ وزيرَ الصّالح حينئذٍ. وفي العام الماضي جرَّد الصّالح نجم الدّين عسكرًا عليهم كمالُ الدين لحرب الناصر دَاوُد، فالتقاه بجبلِ القدس. واقتتلوا أشَدَّ قتالٍ، فانكسرَ المصريون، وأسَرَ الناصرُ جماعةً منهم مقدَّمُ الجيش كمالُ الدّين؛ فمنَّ الناصرُ عليهم وأطْلقَهم.
قلتُ: ثمّ إنَّ كمال الدّين خرَجَ من الديار الْمِصْريّة بالعساكرِ لحصار الصّالح إِسْمَاعِيل بدمشقَ فأدركه أجلُه بغَزَّة، ودُفِنَ بها فِي ثاني عشر صفر.(14/312)
639 - أَحْمَد بن مُحَمَّد ابن القاضي أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد. الفقيهُ، الإمامُ، تاجُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس، البكريُّ، الشَّريشيّ، الصُّوفيّ، المالكيّ، الأُصُوليُّ. [المتوفى: 640 هـ]
لَهُ مصنفاتٌ فِي الأصولِ والنظرِ ويدٌ فِي الطبِّ والشعر، وقد دخَلَ بغدادَ، ولقيَ بها الشيخُ شهابَ الدّين السُّهْرَوَرْدِي.
قَالَ المُنْذريُّ: تُوُفّي بالفَيُّومِ فِي عاشر ربيع الآخر.(14/313)
640 - أَحْمَد بن نجمِ بن أَحْمَد بن أَبِي بَكْر. أَبُو الْعَبَّاس، البغداديّ، الخيَّاط. [المتوفى: 640 هـ]
رجلٌ صالحٌ. سمَّعَهُ أَبُوه كثيرًا من المتأخرين. وحدَّث عن عبدِ المغيثِ بن زُهَير. أجاز للقاسم ابن عساكر، وسعد الدين، والبجدي، وطائفةٍ.
توفي في شهر ربيع الآخر.(14/313)
641 - أَحْمَد بن أَبِي القاسم بن عِنان، الفقيهُ الصّالح، أَبُو الْعَبَّاس، المَيْدُوميُّ، المالكيُّ. [المتوفى: 640 هـ]
كَانَ من أعيانِ أصحاب أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن سلامة المالكي. واشتغلَ بعلوم النظرِ، وتصدَّرَ بالجامع الأزهر، وأخذَ عَنْهُ طائفةٌ. ووَلِيَ خطابةَ منية الشِّيرَج بظاهر القاهرة، وأمَّ بمسجد الصاغةِ بالقاهرة، وكان عَلَى طريقَة السلف، مُطرِح التكلفِ، حَسَنَ التفهيمِ.
وُلِد بمَيْدُوم من كورة بوش. وماتَ بالقاهرَة فِي سابع ذي الحجّة، ودُفِنَ بسفح المُقَطَّم بقُربِ قبرِ كافور الأخشيديّ.
قَالَ المُنْذريُّ: كتبت عنه فوائد.
وروى عَنْهُ الدِّمْياطيّ وبحثَ عَلَيْهِ " المَنْخُول " للغزالي.(14/313)
642 - إِبْرَاهِيم بنُ بركات بْن إِبْرَاهِيم بْن طاهر بْن بركات بن إِبْرَاهِيم بن عَلِيّ، أَبُو إِسْحَاق، الخشوعي، الدمشقي. [المتوفى: 640 هـ][ص:314]
ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من أَبِيهِ أَبِي طاهر، وأَبِي المكارم عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن هلال - وهو آخرُ من سمع منه -، وأبي القاسم ابن عساكر الحافظ، وأبي الفهم بن أبي العجائز، وأبي المعالي بن صابر، والخضر بن طاوس، وعبد الرزاق النجار، ويحيى الثقفي، وغيرهم. وكان مكثرا عن الحافظِ أَبِي القاسم - لعلَّه سَمِعَ منه أكثرَ أماليه وكثيرًا من مصنفاته -. وخرَّج لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليُّ " مشيخة ".
رَوَى عَنْهُ الحافظُ الضياء - وقالَ: ما عَلِمْتُ فِيهِ إلّا الخيرَ - وابنُ الحُلْوانية، والشيخ تاجُ الدّين الفَزاريُّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَنْجيُّ، وأَبُو عَلِيّ ابن الخلال، وأبو الفضل الذهبي، وأبو الفداء ابن عساكر، ويوسفُ بن عُبادة البَقَّال، وأَبُو الْحَسَن علي بن أحمد ابن البَقَّال، وخلقٌ سواهم. وحَضَرَ عَلَيْهِ العمادُ مُحَمَّد ابن البالسي. وأجاز لجماعةٍ تأخروا.
عاش اثنتين وثمانينَ سنة، وتُوُفّي فِي سَلْخ رجب بدمشق.
وله جماعةُ إخوة. ولَقَبُه زكيُّ الدّين.(14/313)
643 - إِبْرَاهِيم بن عُمَر بن أَحْمَد بن عُمَر بن سالم، أَبُو إِسْحَاق، الحربيّ، المعروف بابن الدُّرْدَانَة. [المتوفى: 640 هـ]
ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وسَمِعَ بنفِسه من أَبِي منصور بنِ عَبْد السلام، وفارسِ بنِ أَبِي القاسم الحَفَّار، وأَبِي الفرج ابن الجوزي، وطبقتهم. وأجاز له أبو الفتح ابن البطي، وأبو بكر ابن النقور، وجماعةٌ.
سَمِعْنا بإجازتِه من العمادِ مُحَمَّد ابن البالسي، وجماعةٍ.
وروى عنه ابن النَّجَّار في " تاريخه " وقال: عُزِلَ عن الشهادَة لجهلِه. توفي فِي ربيع الآخر.(14/314)
644 - آسية بِنْت عَبْد الواحد المقدسية. أم أَحْمَد، [المتوفى: 640 هـ]
أخت الحافظ الحجة ضياء الدّين.
نقلت وفاتها من خط أخيها في السادس والعشرين من رجب، وقال: [ص:315]
كَانَتْ دينة، خَيْرَةَ، كثيرة الصلاة والصيام، حافظة لكتاب اللَّه، وكانت تلقن النساء.
قلتُ: روت بالإجازة عن أَبِي الفتح بْن شاتيل، وأبي السعادات القزاز. وولدت سنة سبعٍ وسبعين. وهي والدة الحافظ الزاهد سيف الدين أحمد ابن المجد.
وقرأت بخط ابْن الحاجب قالَ: قالَ الضياء: توصف بالدين والخير وما في زمانها مثلها، لا تكاد تخلي قيام الليل.
قلتُ: روى عنها الشمس ابن الكمال، وعائشة بِنْت المجد - وهي أمها - وبالإجازة القاضي تقي الدين سُلَيْمَان، وغيره.(14/314)
645 - باتكين، الأميرُ أَبُو الفضلِ الخَليفتي الناصريُّ. [المتوفى: 640 هـ]
قَدِمَ بغدادَ صَبيًا في سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وتأدَّب، وأحَبَّ الفضيلةَ، وتنقلَتْ بِهِ الأحوالُ إلى أن أُمِّرَ وأُقْطِعَ البصرةَ فِي الأيام الناصريَّةِ فأثَرَ بها الأثارَ الجميلة، وبَنَى بها المدارسَ، وجدَّدَ جامعها، وبَنَى المارستان والرباطَ، ووَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الأوقافَ، وبني قُبةً عَلَى قبرِ طلحة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وبَنَى سُورًا عَلَى البصرَة وحَصَّنَها، وعَدَلَ فِي الرعية، واشتهرَ ذكرُه. ثمّ طُلِب ووُلِّيَ سَلْطَنةَ أرْبِل، فَتوَجَّهَ إليها، وعَدَلَ فِي أهلها. وكان يرجعُ إلى دينِ وخيرٍ. وآثارُه جميلةٌ كثيرة - اللَّه يرحمه - فلمّا أخذتِ التتارُ إرْبِل، قَدِمَ بغداد ولَزِمَ منزلَه إلى أن تُوُفّي فِي الثالث والعشرين من شوَّال.
أنبأني بأمرِه ابنُ البُزُوريّ.(14/315)
646 - بَدْرانُ بنُ شِبْل بن طَرْخان. أَبُو مُحَمَّد، المَقدسيُّ، الحنبليّ، الشيخُ الصالحُ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ بدمشق من الخُشُوعي، وعُمَر بنِ طَبَرْزَد. وولد فِي حدودِ سنة سبعين بقرية زيتا من أعمال قَيْساريَّةَ. وحدَّث.
وهو والدُ شيخنا عبدِ الحافظ. [ص:316]
قُتِلَ فِي جملة مَنْ قُتل بنابُلُس إذْ دَخَلها الفِرنج واستباحوها وقتلوا بها خَلْقًا كثيرًا، والأمر لله.(14/315)
647 - تُركان خاتون، الجهة الأتابكية، بنتُ السلطان عزِّ الدين مسعود ابن قُطب الدّين مودود بْن زنكي بن آقسُنْقُر، [المتوفى: 640 هـ]
زوجهُ الملكِ الأشرف مظفرِ الدّين مُوسَى.
تُوفيت في ربيع الأول ودفنت بتربتها.
والمدرسة التي لها بقاسيون.(14/316)
648 - جمالُ النساء بنتُ أَبِي بَكْر أَحْمَد بن أبي سعد ابن الغراف. أمُّ الخير، البغداديةُ. [المتوفى: 640 هـ]
سمَّعها أبوها من أبي الفتح ابن البَطِّيّ، وأَبِي المظفرِ أَحْمَد بن مُحَمَّد الكاغدَيّ، وشجاعِ بن خليفة الحربيّ، وغيرهم.
وكانت امرأةً صالحةً من أهلِ الحربية. حَجَّت غيرَ مرة. ورَوَت. وكان أبوها يروي عن هبةِ اللَّه بن الحصين.
أجازت للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضيين ابن الخُوييّ وتقيِّ الدّين سُلَيْمَان، وأبى بَكْر بن عَبْد الدائم، وابن سعد، وابن الشحنة، والبجَّديّ، وجماعةٍ. وتُوفَّيت فِي التّاسع والعشرين من جُمَادَى الأولى.
والغَرَّاف: بغين معجمة.
وسَمِعَ منها ابنُ النجار.(14/316)
649 - حُسامُ بنُ مُرْهَف بن إِسْمَاعِيل، الفقيه أبو المهند الفزاري الْمَصْرِيّ الشافعي. [المتوفى: 640 هـ]
قَالَ المُنْذريُّ: قرأ القراءاتِ، وسَمِعَ معنا من جماعة. وتصدَّرَ بالجامع الظافريّ، وأمَّ بالمدرسَة الفاضلية. تُوُفّي فِي ذي الحجة.(14/316)
650 - حَمْدُ بنُ شُكْر، بهاءُ الدّين أَبُو الثناءِ الزِّفتاويّ الْمَصْريّ العَدْلُ. [المتوفى: 640 هـ]
شَهِدَ عَلَى القضاة، وتَفَقَّه.
ومات في ذي الحجة.(14/317)
651 - ذاكرُ بنُ هبةِ اللَّه بنِ عَبْد الوهاب بن أَبِي حَبَّة، أَبُو البدر الدَّقَّاقُ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ من جدِّه، وأحمدَ بن السَّدَنك. وعنه ابنُ النجار.
مات في عشر الثمانين.(14/317)
652 - ست العَجَم بنتُ إِبْرَاهِيم بن أَبِي طاهر بركات بن إِبْرَاهِيم بن طاهر الخُشُوعي. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعْتُ من جدِّها. وحدثت بالرَّبوة، سَمِعَ منها: العزُّ ابن الحاجب، والمجد ابن الحلوانية. وحضر عليها العماد ابن البالِسيّ. وتُوفّيت فِي شوَّال.(14/317)
653 - ستُّهُم بنتُ بركاتِ بن إِبْرَاهِيم الخُشُوعي. [المتوفى: 640 هـ]
عمَّةُ ستٍّ العجم.
تَرْوي عن والدِها. وتُوفَيت أيضًا فِي هذه السنة.(14/317)
654 - سعيدةُ بنتُ عَبْد الملك بن يوسف بن قُدامة، أمُّ أَحْمَد المقدسيَّةُ [المتوفى: 640 هـ]
أختُ مُحَمَّد وقد تَقَدَّمَ.
امرأةٌ خيرةٌ مباركة. روت بالإجازة عن أَبِي مُحَمَّد العثماني الدِّيباجيّ؛ رَوَى لنا عنها أبو علي ابن الخلال، وغيره. وأجازت للعماد محمد ابن البالِسيّ، وغيره. وتُوفّيت فِي رجب بقاسِيون.(14/317)
655 - سَهْلُ بنُ مُحَمَّد بن سَهْل بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن مالك، أَبُو الْحَسَن الأَزْدِيّ الغَرْناطيُّ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ من خاله أَبِي عَبْد اللَّه بن عَرُوس، وأَبِي بَكْر يحيى بن مُحَمَّد بن عَرُوس خالِ والدته، وأَبِي الْحَسَن بن كَوثر، وأَبِي خَالِد بن رفاعة، وأَبِي محمد ابن الفَرَس. ورَحَل إلى مُرْسيةَ، وسَمِعَ من أَبِي القاسم عبد الرحمن بن حبيش، وأبي عبد اللَّه بن حَمِيد. ولَقِيَ بمالَقَة أَبَا القاسم السهيلي، وأبا عبد الله ابن [ص:318]
الفخار. وسمع أيضًا من أبي بكر ابن الجدّ، وأَبِي الْعَبَّاس بن مَضَاء، وجماعةٍ.
قَالَ الأبَّارُ: وكانَ من جِلّة العلماءِ الأدباء والأئمةِ البُلغاء الخطباء مَعَ التفنُّن فِي العلوم. وكان رئيسًا في بلده جوادًا محببًا معظمًا. نَالَتْهُ فِي الفتنة محنةٌ، وغُرِّبَ عن غَرْناطةَ إلى مُرْسِيةَ، وأُسْكِنَها مدّةً إلى أن هَلَكَ مُحَمَّد بن يوسف بن هُود سنة خمسٍ وثلاثين بالمَرِيَّة، فسُرِّحَ أَبو الْحَسَن إلى بلدهِ. رأيتُه بإشبيليةَ سنة سبع عشرة. وأجاز لي مرويّاتِه وتواليفَه. وتُوُفّي عن إحدى وثمانين سنة.
ومِمَّنْ رَوَى عَنْهُ ابنُ مَسْدي المُهَلَّبيّ وعَظَّمه.(14/317)
656 - سيدةُ بنتُ عَبدِ الرحيم بن أَبِي النجيب عبدِ القاهر بن عَبْد اللَّه السُّهْرَوَرْدِي، [المتوفى: 640 هـ]
زوجةُ الشَّيْخ شهابِ الدّين السُّهْرَوَرْدِي.
وُلِدت فِي سنة ثلاثٍ وستين. وسمعت من تَجَنِّي الوَهْبانيةِ. وحدثت، وأجازَتْ للقاضي تقيِّ الدّين، ولسعد الدّين، وأبي بَكْر بن عَبْد الدائم، وعيسى بن معالي، وأحمد ابن الشحنة، والبجديّ، وبنتِ الواسطيّ، وجماعةٍ.
وكانَ فيها صلاحٌ، وخيرٌ، وتعبدٌ.
توفيت فِي سادس عشر رجب.(14/318)
657 - شُعبةُ ابن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن يحيى. أبو المعالي، ابن الدبيثي، الواسطي ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 640 هـ]
سمَّعَهُ أَبُوه من يحيى بن بَوْش، وعبدِ المنعم بن كُلَيْب، وجماعةٍ. وتُوُفّي فِي سادس عشر جُمَادَى الأولى.(14/318)
658 - شِيرين الهنديةُ، مولاةُ أَبِي بكرٍ مُحَمَّد بن تميم البنْدَنيجيّ. [المتوفى: 640 هـ]
توفيت فِي ذي الحجة.
سَمِعَ منها: الرفيعُ الهَمَذَانيّ، وولداه مُحَمَّد وأَحْمَد، وغيرُهم ببغداد. [ص:319]
أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن تميم وفتاتُه شيرين وغيرهما، قالوا: أخبرنا ابن كليب، قال: أخبرنا ابن بيان، قال: أخبرنا محمد بن مخلد، قال: حدثنا الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حَدَّثَنَا جريرٌ، عن مغيرة، عن إِبْرَاهِيم، قَالَ: أولُ مَنْ أسلم أَبُو بَكْر - رَضِيَ اللَّهُ عنه -.(14/318)
659 - الصاحبةٌ ضيفةٌ خاتون بنتُ السلطان الملك العادل، [المتوفى: 640 هـ]
زوجةُ الملكِ الظاهر صاحبِ حلب، وأمُّ العزيزِ صاحب حلب، وجدَّةُ الناصرِ سلطان الشام.
كانت ملكةً جليلةً عاقلةً.
توفيت فِي جُمَادَى الأولى بحلب، وبها ولدت فِي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة حينَ كانت لوالدها العادل.
وقد تَزَوجَ الظاهرُ قبلها بأختها غازية، فوَلَدت منه ابنًا مات صغيرًا، ثمّ ماتت فزوَّجهُ العادل بهذه. ولما مات ولدها العزيز، تصَرفت تصرفَ السلاطين ونَهَضَتْ بالمُلك أتمَّ نهوض بعدلٍ، وشفقةٍ، وبذلٍ، وصدقةٍ، وعقلٍ، وحَذلقة.
قَالَ ابنُ واصل: أزالتِ المظالَم والمكوسَ فِي جميع بلاد حلب. وكانت تُؤْثِرُ الفقراءَ والعلماء، وتحملُ إليهم الصدقاتِ الكثيرة، وما قصدَها أحدٌ إلّا رَجَعَ بخيرٍ محبورًا. ولمّا تُوفيت غُلِّقت أبوابُ حلب ثلاثة أيّام، ثمّ أشهَد الناصرُ صلاح الدّين عَلَى نفسِه بالبلوغ وله يومئذٍ ثلاثَ عشر سنة، فأمر ونَهى، وجلس فِي دارِ العَدْل. والإشارة والرأي إلى جمال الدولة إقبال، والوزير القفطي.(14/319)
660 - عائشة بنت الإمام المستنجد بالله يوسف ابن المقتفي، السيدة المكرمة المدعوةُ بالفَيْرُوزَجيَّهِ. [المتوفى: 640 هـ]
مُسِنَّة مُعَمَّرة، ذاتُ دين وصلاح. أدركتْ خِلافةَ أبيها، وأخيها، وابن أخيها الناصر، وابن ابن أخيها الظاهر، وابنِ هذا المستنصر بالله، وحفيده المستعصم، [ص:320]
وماتت فِي ذي الحجّة. وشيَّعها كافةُ الدولة. وتكلم الوُعاظُ.
وعُمِّرت نحوًا من ثمانين سنة - رحمها اللَّه - وبَنَت ببغداد رباطًا.(14/319)
661 - عبدُ اللَّه بن رَيْحان بن تيكان بن مُوسَك، أَبُو مُحَمَّد، الحربي. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ من أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وغيره. وماتَ فِي جُمَادَى الآخرة.
أجازَ للبِجَّديّ ورفاقِه.(14/320)
662 - عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك بْن مُظَفَّر بن غالب. أَبُو مُحَمَّد، الحربي. [المتوفى: 640 هـ]
سمَّعه أَبُوه من أَبِي الفتح بنِ شاتيل، وأَبِي منصورِ بن عَبْد السلام، وجماعةٍ. ثمّ سَمِعَ هُوَ الكثيرَ بنفسه.
وكانَ رجلًا صالحًا، من أولادِ المحدِّثين.
وُلِد سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة. وتُوُفّي فِي رجب.
رَوَى عنه بالإجازة: بهاءُ الدين محمد ابن البرزالي، وعماد الدين محمد ابن البالِسيّ، وسعدٌ، والبِجَّدِيُّ، وهديةُ بِنْت عَبْد اللَّه بن مؤمن.
سَمِعَ " الشكر " من ابن شاتيل.(14/320)
663 - عبدُ الحميدِ بن مُحَمَّد بن سَعْد. أَبُو محمدٍ، المَرْداوي، الطيَّانُ، الصالحيُّ. [المتوفى: 640 هـ]
حدَّث عن يحيى الثَّقفيّ.
وسُئِلَ عَنْهُ الضياءُ، فقالَ: ثقةٌ أمينٌ.
رَوَى عَنْهُ: ابنُ الحُلْوانية، والشيخ تاجُ الدين، وأخوه الخطيب شرف الدّين، وأَبُو عَبْد اللَّه محمد بن علي الواسطي. وبالحضور العماد ابن البالِسيّ. وأجاز لجماعةُ.
وتُوُفّي فِي رجبٍ.(14/320)
664 - عبدُ الدائم ابن العلّامة عَبْد اللَّه بْن بَرِّي بْن عَبْد الجبار. أَبُو القاسم، المَقدسيُّ الأصلِ، الْمَصْريّ، الكاتبُ بديوان الزكاة. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد فِي سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة تقديرًا. وسمع من أَبِيهِ، والشريفِ [ص:321]
أَبِي المفاخر المأموني. رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد العظيم، والحافظُ أَبُو مُحَمَّد الدِّمْياطيّ، وغيرهما. وتُوُفّي فِي حادي عشر رمضان.(14/320)
665 - عَبْد الرَّحْمَن بنُ إِسْمَاعِيل الأَزْدِيّ، أَبُو القاسم ابن الحَدَّاد، التُّونُسيُّ. [المتوفى: 640 هـ]
قَالَ الأبَّارُ: أخذَ عن أَبِي مُحَمَّد بن أبي القاسم المؤدب، وعليِّ بن اليَسَع، وعبد الولي بن المناصف. ولَقِيَ بمكة أَبَا حفص المَيَانَشي، وبمصر أَبَا القاسم بنَ جارة، وأَبَا القاسم بن فِيرُّه الشاطبي، وبالإسكندرية أَبَا الطاهر بن عوف، فسَمِعَ منهم. وسَكَنَ إشْبيلِيةَ وَقْتًا، وتصدَّر لإقراء العربية. توفي بمراكش في حدود الأربعين وستمائة، وقد عُمِّرَ.(14/321)
666 - عَبْد الرَّحْمَن بنُ يحيى بن أَبِي الْحَسَن بن ياقوت، أَبُو القاسم الإسكندراني الصُّوفيّ. [المتوفى: 640 هـ]
حدَّث عن عَبْد الرَّحْمَن بن مُوَقِّي. ومات في رجب. ويأتي أخوه محمد.(14/321)
667 - عبد الرزاق بن أبي القاسم بن علي بن دادا، أَبُو بَكْر البغداديّ، النصريّ، الخبّاز. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ عَبْد الحق بن يوسف. كتبَ عَنْهُ ابن النّجّار.
وعاشَ ثلاثًا وثمانين سنةً، مات فِي جُمَادَى الآخرَة سنةَ أربعين.(14/321)
668 - عبدُ العزيز بن أَبِي القاسم عبدِ المنعم بن إِبْرَاهِيم بن يحيى. الأجَلُّ، عمادُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد ابن النقّارِ، الْمَصْريّ، الشّافعيّ، الكاتب، [المتوفى: 640 هـ]
أخو الرشيدِ عبدِ المحسن.
كَانَ عَلَى ديوانِ الحشرية بمصر إلى أن مات.
وُلِد فِي سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من السلفي. روى عنه: [ص:322]
الزكيُّ المُنْذريُّ، والعلاءُ بنُ بَلَبان، والشرفُ الدِّمْياطيّ، والمجد ابن الحلوانية، والقاضي أبو المجد ابن العديم، ومُوفقيَّهُ بنتُ وَرْدان.
تُوُفّي فِي التاسع والعشرين من رمضانَ.(14/321)
669 - عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الحَرَم، أَبُو محمدٍ، الصالحيُّ المعروفُ بابنِ الدَّجاجية، وبابن أبيه. [المتوفى: 640 هـ]
ولد سنة أربعٍ وستين، وسمع من الحافظ ابن عساكر.
وكان شيخًا حَسَنًا ملازمًا لحِلَقِ الذكرِ والصلاة.
روى عنه: أبو علي ابن الخَلَّال، والشريفُ حسن بن المظفَّر المُنْقذيّ، والفخرُ إسماعيل ابن عساكر، والنجمُ أَحْمَد بن صَصَرَى الكاتب، وأَبُو محمد ظافر النابلسي. وبالحضور العماد ابن البالسي، والبهاء ابن عساكر.
وتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من المحرَّم.(14/322)
670 - عَبْد العزيز بن مكّي بن أَبِي منصور سَلْمان بن طِرَاد بن كَرْسا. أَبُو محمدٍ، البغداديّ، الحَريريّ. [المتوفى: 640 هـ]
شيخٌ طاعنٌ فِي السِّنِّ، مسندٌ. سمع من أبي الفتح ابن البَطِّيّ، وأَحْمَد بن عَلِيّ العَلَويّ، وأَحْمَد بن بُنَيْمان، ولاحق بن كاره، وأَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وغيرهم. وتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وأَبُو نصر ابن الشّيرازيّ، وسعدٌ، والمطعمُ، وهديةُ بنتُ عَبْد اللَّه بن مؤمن. وآخرون بالإجازة.
قَالَ ابنُ النّجّار: كتبتُ عَنْهُ، ولا بأسَ بِهِ. جاوز الثمانين.(14/322)
671 - عبدُ القادر بنُ ذاكر بن كامل. أَبُو بَكْر، الخَفَّاف، الأعرجُ. [المتوفى: 640 هـ]
شيخٌ بغداديٌ يؤمُّ بمسجدٍ، ويلقن القرآن. وطال عمره. ولم يَعْتنِ بِهِ أَبُوهُ فِي السماع، فإنه وُلِد فِي سنة ستٍ وخمسين، وأدركَ الكبارَ وأكثرُ ما عنده إجازةُ يحيى بن ثابت. وسَمِعَ من أَبِيهِ.
تُوُفّي فِي ثالث عشر شَعْبان. [ص:323]
أجازَ لسعدٍ، وهديةَ بنتِ مؤمن، وسُتَيت بِنْت الواسطيّ، وغيرهم.(14/322)
672 - عبدُ القاهرِ بن المطهر بن أَبِي عَلِيّ الْحَسَن بن عَبْد القاهر بن شجاع العَدْلُ، زينُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد، ابن ثُمامة، الكَلْبيّ، الدّمشقيّ، الشُّرُوطيّ، الأديبُ. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة. وتفقَّهَ عَلَى القطبِ النَّيْسابوريّ، والفخرِ الأُرْمَويّ. وأخذَ الأدبَ عن فتيان الشاغوريّ. وقالَ الشِّعر الوَسَط. وسَمِعَ من يحيى الثَّقفيّ.
رَوَى عَنْهُ: الشهابُ القوصي، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخَلَّال، وجماعةٌ.
وَلِيَ فِي صدرِ عمره ديوانَ زُرَع، وما سَلِم من آفاتِ الخِدَم. ثمّ كتب الشروط بباب الجامع.
وتوفي بحماة في ربيع الآخر.
روى عنه بالإجازة أبو نصر ابن الشّيرازيّ.(14/323)
673 - عبدُ القويّ بنُ أَبِي العِزِّ عَزُّون بن دَاوُد بن عَزُّون بن اللَّيْث، أَبُو مُحَمَّد، الأَنْصَارِيّ، الْمَصْريّ، المُقرئ، الشّافعيّ، [المتوفى: 640 هـ]
والدُ إِسْمَاعِيل وشيخنا محمد.
ولد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسَمِعَ بنفسه من هبةِ اللَّه البُوصيريّ، وإِسْمَاعِيل بن ياسين، والغزنوي، والقاسم ابن عساكر، وطائفة. ورَحَلَ، فسمع بالثغر من حَمَّاد الحرّانيّ، وغيره. وبدمشق من الخُشُوعيّ، وغيرِه. وبحلبَ والمَوْصِل.
وتفقَّهَ وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الْجُود اللَّخْميّ. وأمَّ بمسجد جهارِكس. وكانَ فاضلًا، عالمًا، ديناً، متصوناً، مُتَحَرِّيًا.
رَوَى عَنْهُ الحافظانِ: المُنْذريُّ والدّمياطيّ، وأَبُو المعالي الأبَرْقُوهيّ وغيرهم. وما أظُنُّ إجازتَه إلا قد انقطعت.
توفي - هو والعلم ابن الصابوني في يومٍ واحد - فِي رابعٍ عشر شوَّال.(14/323)
674 - عبدُ الكريم بن غازي بن أَحْمَد. الفقيهُ، تاجُ الدّين، أَبُو نصر، ابن الأغْلاقيّ، الواسطيُّ المولدِ، الْمَصْريّ الدار، الشّافعيّ، المُقرئ، الضريرُ. [المتوفى: 640 هـ]
والد شيخنا أَحْمَد.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الجود. وسَمِعَ من البوصيريّ. وتفقهَ عَلَى مذهبِ الشّافعيّ. وحدَّث، وتَصدَّر بالجامع الظافريّ. وأعادَ وأفادَ. وكانَ فاضلًا، ديِّنًا، حادَّ القَريحةِ.
تُوُفّي فِي نصف رجب.(14/324)
675 - عبدُ الملك ابنُ الشَّيْخ الزّاهد ذيَّال. [المتوفى: 640 هـ]
استُشهدَ عَلَى يدَ الفِرنج - لعَنَهم اللَّه - بَديْر أَبِي القرطام من الأرضِ المقدسة فِي ربيع الآخر.
حَكَى عَنْهُ الحافظ الضياء حكايات.(14/324)
676 - عبدُ الواحد بن أَبِي العلي إدريس بْن يعقوب بْن يوسف بْن عَبْد المؤمن بن علي. صاحب المغربِ وأميرُ المؤمنين بِهِ، الملقَّبُ بالرَّشيدِ، ابنُ المأمون. [المتوفى: 640 هـ]
ولِيَ الأمرَ سنة ثلاثين بعد أَبِيهِ. وكانَ أَبُوهُ قد قَطَعَ خطبةَ المهدي ابن تومرت، فأعادَ ذكرَها الرشيدُ، واستمالَ بها قلوبَ جماعةٍ. وبَقيَ إلى أن تُوُفّي غَريقًا فِي صِهْريج بستانٍ لَهُ بمَرَّاكِش، وكَتَمُوا موتَه شهرًا. ووَلِيَ بعده أخوه السعيدُ عَلِيّ بنُ إدريس، فقيل: إنه صُنعَ لَهُ مركبٌ فِي قصرِه، فكان ينزِلُ فِيهِ هُوَ وإماؤه، فقَدِمْنَ بالمركب فانقلبَ بِهِنَّ، فغَرِقوا.(14/324)
677 - عَلِيّ بن إِبْرَاهِيم البغداديّ البُزُوري. [المتوفى: 640 هـ]
شيخٌ صالح، معتبرٌ، كثير البرِّ والصَّدَقَة والمُروءةِ، راغبٌ فِي الخيرات، لَهُ حجاتٌ عديدة. وفُوِّضَ إِلَيْهِ سبيلُ أمير المؤمنين المستنصر بالله، فحُمِدَت فِيهِ سيرتُه. ولمّا حضرَهُ الموتُ تصدق بثُلُث مالِه. أنبأني بذلك نسيبُه أَبُو بَكْر [ص:325]
ابن البُزُوريّ وقال: تُوُفّي فِي المحرَّم، وصَلَّى عَلَيْهِ الخَلْقُ العظيم.(14/324)
678 - عَلِيّ بن مُحَمَّد بن إلياسَ بن عَبْد الرَّحْمَن العَدْلُ، بهاءُ الدّين، أَبُو الحسن، ابن الشّيرجِيِّ، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 640 هـ]
حدَّث عن الخُشُوعي. وتُوُفّي فِي ربيع الأول.
كتبَ عَنْهُ: الزكيُّ البِرْزاليُّ، والعز ابن الحاجب. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّد بن يوسف الذَهبيُّ.(14/325)
679 - عَلِيّ بْن محمود بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عثمان، علمُ الدّين، أَبُو الحسن، ابن العارف الزاهد أبي الفتح، ابن الصابوني، المحموديُّ، الْجَوِّيثيُّ، الصُّوفيّ. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة بالْجُوِّيثِ، وهي حاضرٌ كبيرٌ بظاهر البصرة بيَنهما دِجْلةُ.
واستجازَ لَهُ والده جماعةٌ من الكبار، وتفرَّدَ بالرواية عن بعضهم. أجازَ لَهُ أَبُو الحسن علي بن إبراهيم ابن بِنْت أَبِي سَعْد الْمَصْريّ، وأَبُو المطهرِ القاسمُ بن الفضل الصَّيْدلانيّ، وأَبُو جعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن الصَّيْدلانيّ، وأَبُو طاهر الخَضِرُ بن الفضلِ المعروف بِرجل، ومَعْمَرُ بن الفاخر، وأَبُو مسعودٍ عبد الرحيم الحاجي، وأبو الفتح ابن البطي. وأسمعه أبوه من السِّلَفِيّ، ومنه.
رَوَى عَنْهُ: ابنُه الجمالُ مُحَمَّد، وحفيدُه الشهابُ أَحْمَد بن مُحَمَّد، والضياء مُحَمَّد، والزكيُّ عبدُ العظيم، والشرف عبدُ المؤمن، والضياء السَّبْتيّ، والتَّقيّ بن مؤمن، والتاجُ بن أبي عصرون، والشرف ابن عساكر، وعلي بن بقاء المُقرئ الوزَّانُ، والشمسُ محمد ابن الواسطيّ، وعبدُ الرَّحْمَن ومُحَمَّد ابنا سُلَيْمَان المَشْهَديّ، وسنقر القضائي، والجمال محمد ابن السَّقَطي، وآخرون. وإجازتُه موجودةٌ لجماعة.
ووَلِيَ مشيخةَ الصوفية ببعضِ الرُّبط. وكان عَدْلًا، جَليلًا، مُتواضعًا، كيسًا، واسعَ الرواية.
حدَّث بمصر، ودمشق، وحلب. وأمَّ بالسَّلطانِ الملكِ الأفضل عَلِيّ بالشام [ص:326]
مدّةً. ووَلِيَ مشيخةَ جامعِ الفِيَلة، وبالرِّباط الخاتوني. وله سفراتٌ عديدة من الشام إلى مصرَ، ثمّ سكنها إلى أن تُوُفّي بها بالرَباطِ المجاورِ للستّ نفيسة فِي ثالث عشر شوَّال. وقد انفرد بالسماع منه شمس الدين ابن الشّيرازيّ.(14/325)
680 - عَلِيُّ بن النفيس بن أَبِي منصور، أَبُو الْحَسَن البغداديّ، المعروفُ بابنِ المَقدِسيِّ الإجازاتيّ، ويُعْرُف أيضًا بابن المُكَبرِّ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ ببغداد، ومصر، ودمشق. وحدَّث. وَعُنِيَ بالسماعِ، وسعى فِي حمل الإجازات سنين، وسافر بها فعُرِف بالإجازاتيّ.
تُوُفّي بالقاهرة فِي المحرَّم.(14/326)
681 - عَلِيّ بن أَبِي طَالِب بن عَلِيّ، كمالُ الدّين ابن الشَّوَّاء، الكاتبُ المُجَوِّد [المتوفى: 640 هـ]
صاحب الخطّ المنسوب.
تُوُفّي فِي هذا العام.(14/326)
682 - عُمَر بن عَبْد العزيز بن أَبِي الرِّضا أحمد بن مسعود ابن الناقد، أَبُو الفضلِ، البغداديّ، أمين القاضي، ويُعْرَفُ أيضًا بابن الْجَصَّاص. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من تجني الوهبانية، وعبيد الله بن شاتيل، وغيرهما.
وكان رجلا جيدًا مشكورًا.
كتبَ عَنْهُ محبُّ الدّين عَبْد اللَّه المَقدسيُّ، وغيره. وأجازَ للعمادِ مُحَمَّد بن البالِسيّ، وأقرانه. وتُوُفّي فِي عاشر شوَّال.
وهو من بيت حديث.
وللقاضي، وابن سعد، وابن الشحنةِ، والمُطَعِّمِ، والبِجَّديّ، وبنتِ الواسطيّ، وابن العماد الكاتب - منه إجازةٌ.(14/326)
683 - مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عَبْد الرحيم، الإمامُ سيفُ الدّين، أَبُو المحامد، الزَّنْجانيّ. [المتوفى: 640 هـ][ص:327]
شيخٌ جليلٌ. حدث بـ " إكرام الضيف " للحَرْبيّ، عن أَبِي جعْفَر الصَّيْدلانيّ بحلب فِي رمضان سنة أربعين. سَمِعَ منه: عَبْد اللَّه بن أَحْمَد التّاذفيّ، وعباس بن بزوان، وفتح الدين ابن القيسراني.
ومات بعد السماع بأسبوع في رابع شوال، وله سبعٌ وسبعون سنة.(14/326)
684 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ خلف، أبو عبد الله الأنصاري البلنسي. [المتوفى: 640 هـ]
سمع من أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نوح، وأخذ عنهما القراءات والعربية. وسمع أيضا من أبي الخطاب بن واجب.
ثمّ زَهِدَ وأقبلَ عَلَى العلمِ، وبَرَع في التفسير، وجلس لذلك بجامع بَلَنْسية وَقْتًا. وأخذ عَنْهُ القراءاتِ جماعةٌ. وصنَّفَ كتاب " نسيم الصبا " فِي الوعظِ عَلَى طريقةِ البَغادِدة، وكتابًا فِي الخطب.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّارُ: كتبتُ عَنْهُ وصَحِبتُه طويلًا. أقام بشاطِبَة حالَ حصارِ بَلَنسْيةَ؛ لأنه كَانَ وُجَّه إلى مُرْسِيةَ لاستمدادِ أهلها. وتُوُفّي بأوريُولَة فِي رجب، وأزدَحَم الخلقُ عَلَى نعشِه حتى كسروه. وولد سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة.(14/327)
685 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن المهتدي بالله، الشريفُ أَبُو الحسنِ الهاشميُّ العباسي البغدادي العَدْلُ. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من مُحَمَّد بن نسيم العَيْشُونيّ، وأَبِي العِزِّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مواهب.
وهو من بيتِ خطابةٍ وجلالةٍ.
كتبَ عَنْهُ أَبُو الفتح ابن الحاجب وغيرُه. وله شِعر. [ص:328]
وكان مُتَوددًا، كريمًا، مُتواضِعًا، رئيسًا.
رَوَى لنا عنه بالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسي، ومُحَمَّد البجدي، وبنتُ الواسطيّ، وغيرُ واحد. وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من صفر.
قَالَ ابنُ النجارِ: خَدَمَ فِي الأعمالِ، وعُزل من الشهادة مرارًا.(14/327)
686 - مُحَمَّد بن أَبِي الفَرَج عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابن الشَّيْخ أَبِي طَالِب عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف، أَبُو الْحَسَن اليوُسُفي البغداديّ. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وستين وخمسمائة فِي ذي الحجّة. وسَمِعَ حضورًا من شُهْدَةَ، وأَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقٌ. كتبَ عَنْهُ الضياءُ علي ابن البالسي بمكة، وغيره. وأجاز للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والبدر ابن الخَلَّال، والبِجديَّ، وبنتِ مؤمن، وجماعة.
تُوُفّي فِي ذي الحجّة.(14/328)
687 - مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عيسى ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم ابن الرشيد، الشريفُ، المُسْنِدُ، أَبُو الكرمِ، المُتَوَكِّلي، البغداديّ، المعروفُ بابنِ شُفْنين. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وسَمِعَ من عمه أَبِي تمَّام عبدِ الكريم بن أَحْمَد الهاشمي، وأَبِي نصر يحيى بن السدنك. وأجاز له أبو بكر ابن الزاغوني، وأَبُو القاسم نصرُ بن نصر العُكْبَريّ، وأَبُو الوقت، وأبو المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي، ومُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الرُّطَبِيّ، وأَحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز الْعَبَّاسيُّ، وجماعةٌ.
وكان شيخًا جَليلًا، سَريًا. حَسَنَ الطريقة، جيدَ الفضيلة، عاليّ الإسنادِ.
رَوَى عَنْهُ ابنُ النّجّار فِي " تاريخه " وأثنى عَلَيْهِ، وجمالُ الدّين الشَّريشيّ، ومجدُ الدين ابن العَديم. وسَمِعَ منه ابنُ الحاجبِ، وابنُ المجدِ، والطلبةُ. وبالإجازة: القاضيان ابنُ الخُوَيِّيّ وتقيُّ الدّين الحنبلي، وبهاء الدين البرزالي، والعماد ابن البالسي، وعيسى المطعم، وابن سعد، وأحمد ابن الشحنة، [ص:329]
والبجِديُّ، وبنتُ الرَّضيِّ، وبنتُ مؤمن، وآخرون.
تُوُفّي في رابع رجب.
وشفنين: لَقَبُ عُبَيْد اللَّه.(14/328)
688 - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن خُطْلخ، أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ، الصُّوفيّ، الخَيَّاطُ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ حضورًا من تَجَنِّي، وعبدِ الحق. وسَمِعَ من عُبَيْد اللَّه بن شاتيل. رَوَى عَنْهُ جمال الدين الشريشي، وغيره. وبالإجازة إسماعيل ابن عساكر، وابن سعد، وأحمد ابن الشحنة، وعيسى السمسار، والعماد ابن البالِسيّ، وجماعة.
تُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ جُمَادَى الأولى. وتوفي سميه ابن خطلخ في سنة ست عشرة وستمائة.(14/329)
689 - مُحَمَّد بن مَعْن بن سُلْطَان، أَبُو عَبْد الله، الدمشقي، الصيدلاني، الفقيه، الشّافعيّ. [المتوفى: 640 هـ]
حدَّث عن الحافظ أَبِي المواهب الحسِن بن صَصْرَى. ودرَّسَ بالمدرسة الظاهرية التي بظاهرِ دمشق.
أخبرنا عَنْهُ شرفُ الدّين الفَزاريّ، والفخرُ ابن عساكر.(14/329)
690 - معالي بن أَبِي الخير سَلَامة بن عَبْد اللَّه بن عَلِيّ بن صَدَقَة، أَبُو الفضل الحرّانيّ، العَطَّارُ، الحنبليُّ، العَدْلُ، التاجرُ، المعروف بابن سويطلة. [المتوفى: 640 هـ]
ولد سنة ستٍ وستين وخمسمائة تقريباً بحران. وسمع بأصبهان من أَبِي الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيِّ، وأَحْمَد بن يَنَال التُّرك. وأجازَ لَهُ: أَبُو سعد مُحَمَّد بن عبدِ الواحد الصائغُ، وأَبُو مُوسَى المديني، وأبو الفتح بن شاتيل، وجماعةٌ.
وكان من كِبار التّجّار بحَرَّان.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ عبدُ العظيمِ وأثنى عَلَيْهِ، والنجم بن حمدان الفقيه، [ص:330]
وعبد المنعم ابن النجيب عبد اللطيف، وعلي ابن السيف بن تيمية، والتقي إبراهيم ابن الواسطي، وعبد الملك ابن العتيقة.
وتوفي في شعبان. ومات أخوه محمد قبله.(14/329)
691 - مكيُّ بن أَبِي طاهرِ بن أَبِي العِزِّ بن حَمْدُون. أَبُو الحَرَم الطَّيْبيّ الكُتُبِيّ الأديب. [المتوفى: 640 هـ]
ولد سنة ستين وخمسمائة، وسَمِعَ من أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ، وعُبَيْد اللَّه بن شاتيل، وجماعةٍ. وتُوُفّي فِي سادس عشر رجب.
رَوَى عَنْهُ ابن النّجّار، وأجازَ لابنِ الشّيرازيّ، وجماعةٍ.(14/330)
692 - منصورٌ المستنصرُ بالله، أميرُ المؤمنين، أَبُو جعفرٍ ابنُ الظاهر بأمر اللَّه أمير المؤمنين محمد ابن الناصر لدين الله أبي العباس أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن ابن المستنجد يوسف ابن المقتفي الهاشميّ العباسيُّ البغداديّ. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة. وأمُّه جاريةٌ تركيةٌ. بُوِيعَ بعدَ موت أَبِيهِ فِي رجب سنة ثلاثٍ وعشرين.
قَالَ ابنُ النجار: فنشر العدلَ فِي الرعايا، وبَذَلَ الإنصافَ فِي القضايا، وقَرَّبَ أهلَ العلمِ والدّين، وبنَى المساجدَ والرُّبط والمدارسَ والمارستانات، وأقامَ منارَ الدينِ، وقَمَعَ المتمرِّدة، ونَشَرَ السُّنَنَ، وكَفَّ الفِتَنَ، وحَمَلَ الناسَ عَلَى أقومِ سَنَنِ، وقامَ بأمر الجهاد أحسنَ قيام، وجَمَعَ الجيوش لنُصْرةِ الإِسلْام، وحَفِظَ الثُّغورَ، وافتتحَ الحُصون. إلى أن قَالَ: وكان أبيضَ، أشقرَ الشَّعْرِ، ضَخْمًا، قصيرًا، وَخَطَّهُ الشيبُ، فخَضَبَ بالحِنَّاء، ثمّ تَرَكَ الخِضَابَ.
وقال المُوَفَّق عبدُ اللطيف: بُويعَ أَبُو جعْفَر، وسارَ السِّيرةَ الجميلةَ، وعَمَّرَ طرق المعروف الداثرة، وأقام شعار الدينِ ومنارَ الإسلامِ، وعَمَّرَ بسخَائِه وبَذْلِه. واجتمعَتِ القلوبُ عَلَى حُبِّه والألسنةٌ عَلَى مدحِه.
ولم يَجِدْ أحدٌ من المتعنتة فِيهِ مَعَابًا، قد أطبقوا عَلَيْهِ. وكان جدُّه الناصرُ يُقِّربُه ويُحِبُّه ويُسميه القاضي لعقله وهديه وإنكارِه ما يجدُ من المُنكَرِ. والناسُ معه اليوم فِي بُلَهْنِيَةٍ هنيةٍ، وعيشةٍ [ص:331]
مرضيةٍ.
وسيرَّ إِلَيْهِ خُوارزم شاه يَلْتَمِسُ منه سَرَاوِيلَ الفُتُوة، فسيَّره إِلَيْهِ مَعَ أموال جمَّةٍ وتُحَفٍ. وفيما سيَّر إِلَيْهِ فرسُ النَّوبة، فسُرَّ بذلك وابتهجَ، وقبَّلَ الأرض مراتٍ شكرًا لله عَلَى هذه المنزلَة التي رُزِقَها وحُرِمَها أَبُوهُ، ثمّ إنه أذْعَنَ بالعبوديَّةِ والطاعةِ.
وقال ابنُ واصل: بَنَى المستنصرُ عَلَى دِجْلةَ من الجانب الشرقيّ ممّا يلي دارَ الخلافةِ مدرسةً ما بُنِيَ عَلَى وجه الأرضِ أحسنُ منها ولا أكثُر وقفًا، وهي بأربعة مُدرّسين عَلَى المذاهبِ الأربعة. وعمل فيها بيمارستاناً كبيرًا، ورتَّبَ فيها مَطْبَخًا للفُقهاءِ، ومزملة للماءِ الباردِ.
ورَتَّبَ لبيوتِ الفقهاءِ الحُصُرَ، والبُسُطَ، والفَحْمَ، والأطعمةَ، والوَرَقَ، والحِبْرَ، والزَّيتَ، وغيرَ ذَلِكَ. وللفقيه - بعد ذَلِكَ - فِي الشهر ديناران، ورَتَّبَ لهم حَمَّامًا، ورَتَّبَ لهمِ بالحمَّام قَومَةً. وهذا ما سُبق إِلَيْهِ.
وللمدرسةِ شبابيك عَلَى دِجْلة. وللخليفةِ منظرةٌ مطلةٌ عَلَى المدرسةِ يَحضُر فيها الخليفةٌ، ويَسَمعُ الدّرسَ.
إلى أن قالَ: واستخدمَ عساكرَ عظيمةً لم يَستخدِمْ مثلَها أَبُوهُ ولا جدُّه، وكانت تزيدُ عَلَى مائة ألفٍ وعشرين ألفَ فارسٍ، وأكثرَ منَ ذَلِكَ، كذا قَالَ ابنُ واصل. وكان ذا هِمَّةٍ عاليةٍ، وشجاعةٍ وإقدامٍ عظيمٍ.
قصدت التتار البلاد فلقيهم عسكره فهزموا التتار هزيمة عظيمة. وكان له أخٌ يُقَالُ لَهُ: الخَفَاجي، فِيهِ شهامةٌ زائدةٌ، كانَ يَقُولُ: إنْ وُلِّيتُ لأعْبُرَنَّ بالعساكر نهرَ جَيْحون، وآخذُ البلاد من أيدي التتار وأستأصلهم.
فلمّا ماتَ المستنصرُ لم يَرَ الدُّويدارُ ولا الشَّرابيّ تقليدَ الخَفاجيّ خَوفًا منه، وأقاما أَبَا أَحْمَد للِينةِ وضَعْفِ رأيه؛ ليكونَ لهما الأمرُ ليُنفذَ اللَّه أمرَه فِي عُبَادة. وقد رَثَاه الناصرُ داودُ بقصيدةٍ فائقةٍ مَطْلَعُها:
أيا رَنَّةَ الناعي عَبَثْتِ بَمسْمَعِي ... وأجَّجْتِ نارَ الحُزنِ ما بَيْنَ أضْلُعِي
وأخْرَسْتِ منِّي مِقْوَلًا ذا براعةٍ
يَصُوغُ أفَانِين القَريضِ المُوشَّع ... نَعَيْت إليَّ البَأْسَ والْجُودَ والحِجَى
فَأوْقَفْتِ آمالي وأجْرَيْتِ أدْمُعي [ص:332]
وقال الحافظُ عبدُ العظيمِ: مولدُه فِي صفر سنة ثمانٍ وثمانين، وتُوُفّي فِي العشرين من جُمَادَى الأولى.
قَالَ: وكانَ راغبًا فِي فِعلِ الخير، مجتهداً فِي تكثير أعمالِ البِرِّ. وله فِي ذَلِكَ آثارُ جميلةٌ كثيرة، وأنشأ المدرسة المعروفة بِهِ، ورَتَّبَ فيها من الأمور الدّالَّةِ عَلَى تفقُّدِه لأحوالِ أهل العلم وكثرةِ فكرتِه فيما يقضي براحتهِم وإزاحةِ عِللهم ما هُوَ معروفٌ لمن شاهده وسَمِعَ بِهِ.
وأنبأني ابنُ البُزُوريّ أَنَّهُ تُوُفّي يومَ الجمعة عاشر جُمَادَى الآخرة، وكذا قَالَ ابنُ النّجّار فِي " تاريخه "، وغيرهُ. وهو الصحيحُ. وقولُ المنذريّ وَهْم.
قَالَ ابنُ البُزُوريّ: تُوُفّي بُكْرةً عن إحدى وخمسين سنة وأربعة أشهر وسبعة أيّام. وكُتِمَ يومئذٍ موتهُ فخَطَبوا لَهُ يومئذٍ، فحضرَ شرفُ الدّين إقبال الشَّرابيّ ومعه جمعٌ من الخَدَم إلى التاج الشريف، وحَضَروا بين يدي ولدِه أَبِي أَحْمَد عَبْد اللَّه، فَسَلَّم عَلَيْهِ إقبال بإمرَة المؤمنين، واستدعاهُ إلى سُدَّةِ الخلافةِ.
ثمّ عَرَفَ الوزيرُ، وأستاذُ الدّار ذَلِكَ، واسْتكْتماه إلى اللّيل. ثمّ استدُعيّ الوزيرُ، فجاء من باب السِّرِّ الّذِي بدارِ الأمير علاء الدّين الدُّويدار المقابل لداره، واستدعي - وهو عاجزٌ - فِي محفةٍ، وأحضر أيضًا مؤيَّدُ الدين محمد ابن العَلْقَميّ أستاذُ دار. فمَثَلا بينَ يَدي السُّدّة، فقَبَّلا الأرضَ وهنَّآه بالخلافَة، وعَزَّياه بالمستنصرِ وبايَعاه.
وأحْضِرَ جماعةٌ من الأسرةِ الشريفَة من أعمامِه وأولادِ الخُلفاء، ثمّ خَرَجَ الوزيرُ وسَلَّم إلى الزعماء والولاة محال بغداد، وأمر أن لا يركبَ أحدٌ من الأمراءِ من داره. وفي بُكرةِ السَّبْتِ رَأَى الناسُ أبوابَ الخلافةِ مُغْلَقةً، وجلسَ عبدُ اللطيف بن عَبْد الوَهَّاب الواعظُ وأخبرَ بوفاةِ الخليفة وجلوس ولدِه المُستعصم بالله، ومولده سنة تسعٍ وستمائة.
ثم لما ارتفع النهار استدعي الأعيان للبَيْعَةِ وجلسَ الوزيرُ لعَجزِه، ودونَه بمرقاة أستاذ الدار، وكانَ يأخُذُ البيعةَ عَلَى الناسِ، وصورتُها: " أبايعُ سيِّدَنا ومولانا أمير المؤمنينَ عَلَى كتاب اللَّه وسنةِ رسوله واجتهادِ رأيه الشريف وأن لا خليفة [ص:333]
للمسلمين سواه ".
فبايَعَ النَّاسُ عَلَى درجاتِهم. ثمّ أسْبلت السَّتارةُ. وبايعَ من الغدِ الأمراءُ الصغارُ والمماليكُ الميامينُ. ثمّ بايعَ فِي اليوم الثالث مَنْ تَبقَّى من الأمراءِ والتّجّارُ وبياضُ الناس.
ثمّ جلسَ المَلأ للعزاءِ بالمستنصرِ، وتكلّمَ المحتسبُ جمالُ الدّين أَبُو الفَرَج عبدُ الرَّحْمَن ابن محيي الدين يوسف ابن الإمام أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ. وتكلَّم الشُّعراءُ، فأوَّلُ مَنْ أوردْ مقدمهم صفيُّ الدُّين عَبْد اللَّه بن جميل حاجبُ المخزن بقصيدته التي يَقُولُ فيها:
عَزَّ العَزَاءُ وأعوزَ الإلمامُ
واسْتَرجَعَتْ ما أعطتِ الأيَّامُ ... فَدَعِ العُيونَ تَسُحُّ بَعْد فِراقِهم
عِوَضَ الدُّموعِ دمًا فَلَيسَ تُلامُ
بانُوا فلا قَلْبي يَقِرُّ قَرَارُه ... أسَفًا ولا جَفْني القرِيحُ يَنَامُ
فَعَلى الذين فقدتُهُم وعَدِمْتُهُم
مِنِّي تحيةُ موجعٍ وسَلامُ
ثمّ أنشد الشعراء وعزوا بالمستنصر، وهنؤوا بالمُستعصِمِ. ثمّ بَرَزَت مطالعةٌ عَلَى يد إقبالٍ الشرابيّ فِي كيسٍ، وبَسْمَل الخَدَمُ بينَ يديها، فقرأها الوزيرُ، ثمّ قَرَأها أستاذُ الدّارِ عَلَى الناسِ قائمًا، خُلاصتُها التأسِّي والتَّسَلِّي والوعدُ بالعَدْلِ والإحسانِ.
قلتُ: بلغَ ارتفاعُ وقوفِ المستنصريةِ فِي بعضِ الأعوام نيفًا وسبعين ألفَ مِثْقال، وتليها فِي الكِبَر وكثرةِ الرَّيْع المنصوريةُ بالقاهرة، وبها ضريحُ السُّلطان فِي قبةٍ عظيمة، وبها دارُ حديث، وبها بيمارستان عديم النظير، إلا أن يكون الذي بدمشق.
فمن جُملة القُري الموقوفة عَلَى المدرسة المستنصرية ما مساحتُه مائة ألف جَريب، وخمسون ألفَ جَريب سوى الخاناتِ والرِّباع، وغير ذَلِكَ. ويقرُبُ من وقِفها وقوفُ جامع دمشق وهي أكثرُ منه وُقوفًا. لكن اليومَ ما يدخُلُ المستنصريَّة عُشرُ ذَلِكَ، بل أقَلُّ بكثير.(14/330)
693 - منصورُ بنُ عَبْد اللَّه بن جامع بن مُقَلَّد. الشيخُ شرفُ الدّين، أَبُو عَلِيّ الأَنْصَارِيّ الدَّهْشوريّ الْمَصْريّ المقرئ الضَّريرُ. [المتوفى: 640 هـ]
قرأ القراءاتِ عَلَى أَبي الجودِ، وعلى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عُمَر القُرْطُبيّ [ص:334]
صاحب الشاطبي، وقرأ بدمشق بكتابِ " المُبهج " عَلَى أبي اليمن الكندي. وسمع من عُمَر بن طَبَرْزَد وغيره. وتصدرَ للإقراءِ بالفَيُّوم مدّةً، وقرأ عَلَيْهِ جماعةٌ منهم الرشيدُ بنُ أَبِي الدُّرّ.
تُوُفّي فِي هذا العام أو فِي الّذِي بعدَه، قاله المُنْذريُّ.
ودَهْشور: من أعمال جِيزة الفُسطاطِ.(14/333)
694 - مُوسَى، العلامةُ كمالُ الدّين، ابنُ يونسُ، المَوْصِليّ. [المتوفى: 640 هـ]
ذكرَ المُنْذريُّ وفاتَه في رابع شعبان من هذه السنة. وقد ذكرناه فِي سنةِ تسعٍ. قَالَ: وقرأ شيئًا من الأدب عَلَى أَبِي بَكْر يحيى بن سَعْدون القُرْطبيّ. وبَرَعَ فِي فنونٍ من العلم، ودرَّسَ فِي عدَّةِ مدارس بالموصل. وحدَّث عن والده.(14/334)
695 - هاشمٌ، الشريفُ علاء الدّين أَبُو نَضْلَة، العَلَويّ البغداديّ. رسولُ الخلافةِ المُعَظَّمة. [المتوفى: 640 هـ]
قَالَ المُنْذريُّ: تُوُفّي بالقاهرة فِي عاشر ربيع الآخر.(14/334)
696 - هبة اللَّه بنُ أَبِي بَكْر بن شُنَيْف بنِ نجم. أبو الفضل البغدادي دلال الكتب. [المتوفى: 640 هـ]
حدث عن عُبَيْد اللَّه بن شاتيل. وعاشَ تِسْعًا وستين سنة. [ص:335]
كانَ قبيحَ السِّيرةِ. وقد حدَّث. ولابن الشّيرازيّ، وقاسم ابن عساكر منه إجازةٌ.(14/334)
697 - أبو بكر لافظ بن أحمد بن بدر الحربي، ابن الكُرَيْديّ. [المتوفى: 640 هـ]
قَالَ ابنُ النّجّار: شيخٌ مسنٌ. سَمِعَ أجزاءً من " حِلْية الأولياء " من ابنِ البَطِّيّ، قرأتُ عَلَيْهِ منها. ولعلَّه جاوَزَ التسعينَ. ماتَ في جُمَادَى الآخرة.(14/335)
698 - يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن ربيع. القاضي، أَبُو عامرٍ الأشْعريُّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ أَبَاهُ أَبَا الْحُسَيْن، وأبا القاسمِ بنَ بَشْكُوال. وأجازَ لَهُ أَبُو عَبْد الله بن زرقون، وأبو بكر ابن الجدِّ.
قَالَ الأبَّارُ: كَانَ إمامًا فِي علم الكلام وأصولِ الفقه ماهرًا، نُوظِرَ عَلَيْهِ فِي كُتُب أَبِي المعالي الْجُوَيْني كتابُ " الشامل " وكتاب " الإرشاد " وغير ذَلِكَ.
وله تواليفُ فِي ذَلِكَ. وكانَ يُقَرأُ عَلَيْهِ " صحيح الْبُخَارِيّ "، وغيره تَفَهُّمًا.
ووَلِيَ قضاءَ قُرْطُبَة إلى أن أخذتْها الرومُ فِي سنة ثلاثٍ وثلاثين، فَنَزَحَ عنها، فوَلِيَ قضاءَ غَرْناطةَ. وتُوُفّي بمالَقَةَ مَعْزُولًا من فالجٍ أصابَه وأقعدَه. وعاشَ سَبْعًا وسبعين سنة. وكانَ أجلَّ أهلِ بيِته.
وأمَّا شيخنا أَبُو حيَّان فقالَ: تُوُفّي فِي ربيعٍ الأول سنةَ تسعٍ وثلاثين. روى عنه ابنه القاضي أبو الحسين محمد، وأخوه أبو عبد الله مُحَمَّد، وأَبُو عَلِيّ بن أَبِي الأحوص، وأَبُو جعفر ابن الطَّبَّاع.(14/335)
699 - يحيى بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن غالب. زَيْنُ الدين أَبُو زكريّا الحَضْرميُّ الأندلُسيّ، المالَقيّ، النَّحْويّ، الأديبُ. [المتوفى: 640 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وسبعين بمالَقَة. وسَمِعَ من الحافظِ أبي محمد، وأبي سليمان ابني حَوْط اللَّه. وبمصر من ابن المُفَضَّل الحافظِ. وبنيسابور من المؤيَّد الطُّوسيّ، والقاسم بْن عَبْد اللَّه الصّفّار. وبدمشق من التاج الكِنْديّ، [ص:336]
وجماعةٍ. وقرأ عَلَى الشيوخ، وأقرأ الناسَ القراءات والعربية. وله شعرٌ جيد.
رَوَى عَنْهُ الشَّيْخ زينُ الدّين الفارقيُّ، والشّيخ تاجُ الدّين الفَزَاريّ، وأخوه الخطيب شَرَفُ الدين، والفخر ابن عساكر، وجماعةٌ. وبالحضور أبو المعالي ابن البالسي.
وأدركه أجله بغزة في وسط جمادى الأولى.
وحدث بـ " صحيح مسلم ".(14/335)
700 - أَبُو بَكْر ابن الشيخِ أَبِي المعالي المبارَكِ بن المبارك بن هبة اللَّه بن محمد بن بكري البغداديّ. [المتوفى: 640 هـ]
شيخٌ صالح. حدث عن أَبِي شاكر يحيى بن يوسف السقلاطونيّ. وتُوُفّي فِي المحرَّم.
ولأبيه روايةٌ عن أَبِي بَكْر بن الأشقرِ. هذا أسمه " أَحْمَد " وقد ذُكر.(14/336)
701 - أَبُو بَكْر بن وَرْدَة الحربي. الحَلَاويُّ. [المتوفى: 640 هـ]
ماتَ فِي المحرَّم، سَمِعَ من مُحَمَّد بن المبارك الحلاوي سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. أجاز للبِجديّ، وابن سَعْد، وبنتِ مؤمن.(14/336)
702 - أَبُو القاسم بْن مُحَمَّد بْن أبي القَاسِم بْن مُحَمَّد بن القِير الحَرِيميّ البَوَّابُ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ من أَبِي عَلِيّ أَحْمَد بْن مُحَمَّد الرَّحَبِيِّ. رَوَى لنا عَنْهُ بالإجازة سُلَيْمَان بن حمزة الحاكم، وغيره.
تُوُفّي فِي حادي عشر جُمَادَى الأولى.(14/336)
703 - أَبُو القاسم بن أَبِي الْحَسَن بن أَبِي القاسم الحربي الحَاجيِّ المَالِحَانيّ. [المتوفى: 640 هـ]
سَمِعَ من أَبِي بَكْر عتيق بن صِيلَا. [ص:337]
والمَالِحَاني: هُوَ الّذِي يبيعُ السَّمَكَ المالحَ.
رَوَى عنه القاضيان ابنُ الخُوَيِّيّ، وتقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وغيرهما.
وقالَ ابن النّجّار: لا بأسَ بِهِ. تُوُفّي فِي عاشر صفر، وقد قارَبَ الثمانين.
أجازَ للبِجَّديّ، ورفاقِه.(14/336)
-وفيها وُلِد من المشاهير:
القاضي بهاءُ الدين يوسف ابن القاضي محيي الدين يحيى ابن محيي الدين محمد ابن الزكي القرشي بدمشق. وقطب الدين موسى ابن الشيخُ الفقيِه ببَعْلبَكَّ. والشرفُ عَبْد اللَّه ابنُ الشيخُ شمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عمر، بخلف فيه، وتاج الدين محمد ابن فخرِ الدّين مُحَمَّد بن عَلِيّ الْمَصْريّ، ابن جني. ومحمد بنُ عَلِيّ بن عَبْد اللَّه الحلبيّ العَجْويّ. والمُنْتَجَبُ عَلِيّ بن عَلِيّ الزَّكَويُّ. والحسنُ بنُ أحمد بن مظفر الحظيري، بكنبايت. ومحمود بن أحمد بن يوسف البعلبكي، بدمشق. ومحمد بنُ عثمان بن عَبْد الملك الْمَصْريّ النّجّار.(14/337)
-المُتوفَّوْنَ بعد الثلاثين(14/338)
704 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر بْن سالم. أَبُو عَبْد اللَّه الحدَّادُ. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سَمِعَ من أَبِي هاشم الدُّوشابيِّ " جزء التَّرْقُفي " أو بعضه. رَوَى عَنْهُ بالإجازة أَبُو نصر ابن الشّيرازيّ.(14/338)
705 - المباركُ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عُفَيْجَة. أَبُو البركاتِ البَنْدَنيجيّ. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
من أولادِ الشيوخ.
سَمِعَ أَبَا الْحُسَيْن بن يوسف. أجاز لابن الشيرازي، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وسَعْد.(14/338)
706 - أَبُو بكرٍ بنُ مَسْعُود بنِ أَبِي نصر البغداديّ. ابنُ المشهديَّة. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سَمِعَ من عَبْد الحقّ بن يوسف. أجازَ لابن الشّيرازيّ.(14/338)
707 - أَبُو بَكْر بنُ حديدِ بنِ طاهر البُزِوريّ. وسمَّوْه واثقًا. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سَمِعَ من نصرِ اللَّه القزازِ. أجازَ لابن الشّيرازيّ.(14/338)
708 - مُحَمَّد بن جَابرِ بن عَلِيّ، أَبُو بَكْر الأَنْصَارِيّ، الإشبيليّ، السَّقَطيّ. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
رَوَى عن نَجَبَة بن يحيى، وأبي ذَرّ الخُشَنيّ، وجماعة. وكان محدثاً، مفيداً، مقرئا، نحوياً.
توفي سنة نيفٍ وثلاثين وستمائة.(14/338)
709 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَسَن. أَبُو عَبْد اللَّه ابن الحُصْنيّ، الحمويّ الصُّوفيّ. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سَمِعَ عَبْد الرّزّاق بن نصر النّجّار، وغيره. وحدَّث بدمشق ومصر. وكان من صوفية الخانقاه السعيدية.
روى عنه الشرف ابن عساكر، والحافظ الدمياطي، وغيرهما. وأجاز للعماد ابن البالِسيّ، وغيره.
بقي إلى قريب الأربعين. [ص:339]
وممن كان بعد الثلاثين وستمائة حيًّا(14/338)
710 - السديدُ بنُ أَبِي البيان اليهوديُّ الْمَصْريّ الطبيبُ. اسمه داودُ بنُ سُلَيْمَان بن إسرائيل بنِ أَبِي الطَّيْب. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
وُلِد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة. وكان مُحقِّقًا للطبِّ ماهرًا فِيهِ، بارِعًا فِي الأدويَة المُفرَدةِ والمركبة.
قَالَ المُوَفقُ بنُ أَبِي أصَيبْعة: لقد شاهدتُ منه حيثُ كنّا نُعالْجُ المَرْضَى بالبيمارستان الناصريّ بالقاهرة من حُسنِ تأتِّيه لمعرفة الأمراض وتحقيقها، وذكر مداواتها، والاطلاعِ عَلَى ما ذكره جالينوسُ فيها ما يَعجزُ عَنْهُ الوصفُ.
وكان أقدرَ الناسِ عَلَى تركيب الأدوية ومعرفة مقاديرها. أخذ الطب عن الرئيسِ هبة اللَّه بنِ جُمَيع اليهوديّ، وأَبِي الفضائل ابن الناقد. وخَدَمَ السُّلْطانَ الملكَ العادل. وعاشَ فوقَ الثمانين. وله كتاب " الأقراباذين " فِي غايةِ الحُسن.(14/339)
711 - فتح الدين ابن الجمالِ عثمان بن أَبِي الحوافر الدّمشقيّ. ثمّ الْمَصْريّ، [الوفاة: 631 - 640 هـ]
الطبيبُ. من كبارِ الأطبَّاء، يقرُبُ من والدِه.
خَدَمَ الملكَ الكاملَ بعدَه ابنُه الصالحُ نجمُ الدّين أيّوب، وتُوُفّي فِي دولتهِ.
وهو والدُ شهابِ الدّين طبيب السلطان الملك الظاهر، ورئيس الأطباءِ فِي الدولة الظاهرية.(14/339)
712 - عمرُ بنُ الخَضِر بنِ اللمش بن أُلْدُزْمش بنِ إسرائيل، الحافظُ العالِمُ الحكيمُ كمال الدّين أَبُو حفص التُّرْكيّ، ثمّ الدُّنَيْسَريُّ الشّافعيّ. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سَمِعَ عَبْد المنعم بن كليب، وأبا الفرج ابن الْجَوْزيّ، والمباركَ بنَ المعطوش، وطبقتهم ببغداد. وأبا حَفْصِ بنَ طَبَرْزَد بإرْبِل. وجعفرَ بنَ مُحَمَّد الْعَبَّاسي بِدُنَيْسَر.
وكان مولدُه فِي سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة. سَمِعَ منه جماعةٌ كثيرة بدُنَيْسَر ومارِدِين.
رَوَى عَنْهُ ابنُه أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بنُ عمر. [ص:340]
وكانَ عارفًا بالطبِّ، مجموعَ الفضائلِ. جمعَ " تاريخًا " لدُنَيْسَر.(14/339)
713 - عبدُ الكافي بنُ حسينِ بنِ مُحَمَّد. أَبُو مُحَمَّد الْقُرَشِيّ الصَّقَلِّيّ ثمّ الدّمشقيّ المُقرئُ. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سَمِعَ أَبَا القاسم الحافظ، وأبا الْحُسَيْن أَحْمَد ابن المَوَازينيّ، والمفضل بن حَيْدَرة، وعبد اللَّه بن عبدِ الواحد بن شواش، والخُشُوعيَّ، وطائفةً. وخرَّجَ لَهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ " مشيخة ". حدَّث عَنْهُ: ابنُ الحُلْوانية، وابنُ عَربشاه، وأَبُو عَلِيّ بن الخَلَّال. وأجازَ لابنِ البالِسيّ.(14/340)
714 - عبدُ العزيز بن عَلِيّ بن المظفر ابن المُنقَّى. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
شيخٌ بغداديٌ. سَمِعَ بعض " مشيخة " الفَسَويّ من أبي السعادات القزاز. أجاز للبهاء ابن عساكر، والشمس ابن الشّيرازيّ.(14/340)
715 - عبدُ الرّزّاق بنُ أَبِي القاسم بنِ عَلِيّ دادا. أَبُو بَكْر الخَبَّاز. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
من مَحَلَّةِ النَّصْرية ببغداد، وُلِد سنة سبعٍ وخمسين. وسَمِعَ من أَبِي الْحُسَيْن اليُوسُفي. أجاز لابن الشّيرازيّ، والقاسم ابن عساكر، وجماعةٍ.(14/340)
716 - عَلِيّ بنُ الأنجبِ بنِ ما شاء اللَّه بن حسن. أَبُو الْحَسَن الْجَصَّاصُ الحنبليُّ الفقيهُ. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
كانَ رَأْسًا فِي معرفةِ مسائل الخلاف. سَمِعَ من شُهْدَةَ، وعبدِ الحق. وأنحدرَ، فَقَرأ بواسط عَلَى ابن الباقِلانيِّ.
كتب عَنْهُ ابنُ الشّيرازيّ.(14/340)
717 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الواحد الْبَغْدَادِيّ. أبو بَكْر. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سمع عَبْد الحق اليوسفي، أجاز لابن الشيرازي.(14/340)
718 - مُحَمَّد بن بُزْغُش، [الوفاة: 631 - 640 هـ]
مولى أنوشتكين الْجَوْهريّ.
قَالَ: أخبرنا عَلِيّ بن أنوشتكين الْجَوْهريّ، قال: أخبرنا أبيٌ النَّرْسيّ.
أجاز لابن الشّيرازيّ.(14/340)
719 - مُغِيثُ بنُ أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن يونس بن مُحَمَّد بن يُونُسَ بنِ مغيثٍ. القاضي أبو يونس القرطبي. [الوفاة: 631 - 640 هـ][ص:341]
من بيت العلم والجلالة بقُرْطُبة. رَوَى عن أبيه، وأبي الوليد بن رشد وهو جده لأمه. وعن أبي جعفر بن يحيى الحميري، وطائفةٍ.
لقيه ابن فرتون بسبتة في سنة خمسٍ وثلاثين وستمائة، ولم يذكر له وفاة.(14/340)
720 - أبو بَكْر بْن عُمَر بْن عليّ بْن مقلد الدمشقي الفقاعي. [الوفاة: 631 - 640 هـ]
سمع من السلفي، ومن المسعودي، وابن ياسين.
مولده في رجب سنة ستٍ وخمسين.
وأجاز في إجازة ابن الحاجب سنة ثلاثين في " مشيخة البهاء " عنه.(14/341)
-الطبقة الخامسة والستون 641 - 650 هـ(14/343)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(14/345)
-سنة إحدى وأربعين وستمائة
فيها تردّدت الرُّسُل بين الصّالح إِسْمَاعِيل وبين ابن أخيه الصّالح نجم الدّين، فأطلق ابنه الملك المغيث من حبس قلعة دمشق، فركب المغيث وخطب للصّالح نجم الدّين بدمشق. ولم يبق إلّا أن يتوجَّه المغيث إلى مصر، ورضي صاحب مصر ببقاء دمشق عَلَى عمّه ومشي الحال، فأفسد أمين الدّولة وزير إِسْمَاعِيل القضيّة وقال لمخدومه: هذا خاتم سُلَيْمَان، لا تخرجه من يدك تعدم المُلْك.
فتوقَّف ومنع الملك المغيث من الركوب. وشرع الفَساد، وكاتب الصّالح نجم الدّين الخَوارزميّة فعبروا، وانقسموا قسمين، فجاءت طائفة عَلَى البقاع، وجاءت طائفة عَلَى غوطة دمشق، فنهبوا فِي القُرى وسبوا وقتلوا. وحصَّن الصّالح إِسْمَاعِيل دمشق وأغلقت، فساروا إلى غزة.
قال شمس الدين ابن الجوزيّ: ودخلتُ تِلْكَ الأيّام إلى الإسكندريّة، فوجدتها كما قَالَ اللَّه تعالى: " ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعينٍ " معمورة بالعلماء والأولياء كالشّيخ مُحَمَّد القبّاريّ، والشّاطبيّ، وابن أبي الشامة. ووعظت بها مرتين.
وفيها حاصر صاحب حمص عَجْلُون، وقُتِل من أصحابه يوم الزحف نحو [ص:346]
ثلاثمائة. ويقال: أنفق على الحصار أربعمائة ألف دينار، ولم يقدر عليها فترحّل عَنْهَا.
وجاءت بدمشق الزّيادة العظمى، فوصلت إلى جامع العقيبة.
وفيها استولت التّتار عَلَى بلاد الروم صُلحًا مَعَ صاحبها غياث الدّين بأن يحمل إليهم كلّ يومٍ ألف دينار، وفَرَسًا، ومملوكًا، وجاريةً، وكلبَ صَيْد. وكان ذَلِكَ بعد وقعةٍ كبيرة بين التّتار والمسلمين، فانكسر المسلمون فِي المحرَّم وقُتِل الحلبيّون، وكانوا فِي المقدّمة، فلم يَنْجُ منهم إلا القليل.
وحاصرت التّتار قيصريّة، واستباحوا سيواس. ثم افتتحوا قيصريّة واستباحوها. وكان صاحب الروم شابًّا لعّابًا ظالمًا، قليل العقل، يلعب بالكلاب والسباع، فعضه سبع فمات. وأقامت التتار شحنة بالروم.
وفيها أُهلك الرفيع قاضي دمشق وصودر أعوانه، وولي القضاء محيي الدين ابن الزكي.
وفيها حج بالعراقيين الأمير مجاهد الدين أيبك الدُّوَيْدار ومعه والده المستعصم بالله، وجرَّد معها أربعمائة مملوك. وكان مع الدويدار أربعمائة فارس، ومع قيران مائتان وأربعون فارسًا. وكان عدّة السّبلانات اثني عشر سبيلًا.
وحدث المولى شمس الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْجَزَريّ فِي " تاريخه " عن والده أنّه حجّ فِي هذا العام من بغداد، وعُدَّت جِمال الرَّكْب جميعُها عند مدائن عَائِشَة فكانوا زيادة عَلَى مائة وعشرين ألف جمل. وكان مَعَ الدُّوَيْدار ستُّون ألف دينار، وستّة آلاف خلعة، الخلعة ثوب وزميطيّة وشبختانيّة ليفرّقها على العربان والمحاويج. وعطشنا في الطريق.
قلت: وأعطى السّلطان إِسْمَاعِيل الفرنجَ أماكن، ودخلوا القدس وضربوا الصّخرة، كسروا منها قطعتين، ورموا عليها الخمر، وذبحوا عندها خنزيراً. فأعطاهم قرى عدة، وطبرية، وعسقلان فعمروا قلعتيهما. قال ابن [ص:347]
واصل: فمررت بالقدس، فرأيت القُسوس وقد جعلوا عَلَى الصُّخرة قناني الخمر للقُربان.
قلت: وكان قد أعطاهم قبلها صفد، والشقيف، فواغوثاه بالله!(14/345)
-سنة اثنتين وأربعين وستمائة
لمّا نزلت الخُوارزمية بأراضي غزّة - كما تقدَّم - طال مُقامهم، وبعث إليهم الصّالح نجم الدّين النّفقة والخِلَع والخيل، وأمدّهم بجيشٍ من عنده، وأمرهم أن ينازلوا دمشق. فاتّفق الصّالح إِسْمَاعِيل، والنّاصر دَاوُد، والمنصور إِبْرَاهِيم صاحب حمص، وفرنج السّاحل الّذين أعطاهم إِسْمَاعِيل الشّقيف وصفد وغير ذَلِكَ. وعذّب إِسْمَاعِيل والي الشّقيف لكونه تمنّع مِن تسليم الشّقيف، وسار بنفسه إلى الشّقيف وسلّمها إلى الفرنج.
قَالَ الرّاوي: فخرج الملك المنصور بعسكر دمشق مَعَ الفرنج، وجهّز النّاصر داود عسكره من نابلس مع الظهير بن سنقر والوزيريّ.
قَالَ أَبُو المظفّر: وكنت يومئذٍ بالقدس، فاجتمعوا عَلَى يافا. وكان المصريّون والخَوارزميّة عَلَى غزّة، وسار الملك المنصور والعسكر تحت صلبان الفرنج وراياتهم، والقِسّيسون فِي الأَطْلاب يصلّبون ويقسقسون، وبيدهم كاسات الخمر يسقون الفرنج.
فأقبلت الخَوارزميّة والمصريّون، فكانت الوقعة بين عسقلان وغزّة، وكانت الفرنج في الميمنة، وعسكر الناصر في الميسرة، والملك المنصور في القلب. وكان يوماً مشهوداً. التقوا فانكسرت الميسرة وأُسر الظهير بن سنقر، وانهزم الوزيري، ونهبت خزانة الظهير. ثمّ انهزم الملك المنصور، وأحاطت الخَوارزميّة بالفرنج. وكان عسكر المصريّين قد انهزموا أيضًا إلى قريب العريش.
وكان عدد الفرنج يومئذٍ ألفًا وخمسمائة فارس وعشرة آلاف راجل، وما كانت إلّا ساعة حتّى حصدهم الخَوارزميّون بالسّيوف، وأسروا منهم ثمانمائة. [ص:348]
قال أبو المظفر: فذهبت ثاني يوم إلى موضع المصافّ، فوجدتهم يعدّون القتلى، فقالوا: هُم زيادة عَلَى ثلاثين ألفًا. وبعث الخوارزميون بالأسارى وبالرؤوس إلى مصر. ووصل المنصور فِي نفرٍ يسير، ونهبت خزانته وخيله، وقتِل أصحابه. وجعل يبكي ويقول: قد علمت أنّا لمّا سرنا تحت صلبان الفرنج أننا لا نفلح.
ثم جهز الملك الصالح معين الدين ابن الشَّيْخ فِي العساكر لحصار دمشق، ودخلت الأسارى القاهرة ومُلِئت الحبوس بهم، وخُذِل الصّالح إِسْمَاعِيل وأخذ يتهيأ للحصار، وخرب أرباعاً عظيمة حول البلد، والله المستعان.
وفيها ورد كتاب بدر الدّين صاحب الموصل يَقُولُ فِيهِ: إنّني قررت عَلَى أهل الشّام قطيعةً فِي كلّ سنة عشرة دراهم عَلَى الغنيّ، وعلى الوسط خمسة دراهم، وعلى الفقير درهم. وقرأ القاضي محيي الدين ابن الزّكيّ الكتاب عَلَى النّاس وشرعوا فِي الجباية.
قلت: أظنّ هذا مصالحة عَنْهُمْ للتّتار؛ فإنّ سعد الدّين ذكر فِي " تاريخه " أنّ فِي آخر سنة إحدى وأربعين وصل رسول قاآن إلى صاحب ميافارقين وطلب الدّخول فِي طاعته، وأن فِي المحرّم سنة اثنتين جهز صاحب ميافارقين رسل التتار بهدية عظيمة. وأن فِي أواخر المحرَّم أخذت التّتار خلاط وعبروا إلى بدليس، فأتيت مَعَ الملك المظفّر إلى حصن كيفا.
ثمَّ نفذ إلى ميّافارقين جهّز أمّه وزوجته وما خفّ معهما من جواهر ومصاغ، فطلعوا إلى حصن كيفا عند المعظّم ولد الملك الصالح. وطلب المظفّر ولده الملك السّعيد، وكان شابًّا مليحًا، شجاعًا، كريمًا، فقال: تعود إلى ميّافارقين وتجمع الناس والعسكر لقتال التتر، وأنا فأمضي إلى مصر أو إلى بغداد لجمع الجيوش واستنفار النّاس. فأبى وقال: ما أفارق خدمة السّلطان. فضربه ابن عمّه بسِكّين قتله وقتلوه بعده فِي الحال.
ثمّ سار المظفَّر - وأنا معه - إلى نصيبين ثم إلى ماكسين، وأخذنا عَلَى بلاد الخابور. ثمّ سرنا إلى عانة، ثم عدنا إلى [ص:349]
الجانب الغربيّ، فوصلتنا إقامةُ الخليفة. وجاء الخبر أنّ التّتار وصلوا إلى سنجار. وجاءنا رسول من بغداد معه جوسخاناه، وروايا وقرَب برسم طريق مصر، فعدنا إلى عانة.
وجاءتنا الكتب برحيل التّتار عَن البلادَ؛ لأنّ الطّبق وقع فِي حوافرَ خيلهم، فجئنا إلى مشهد عليّ، ثمّ سرنا إلى أن وصلنا حران، ثم إلى ميافارقين.
وفيها فِي ثالث صفر خرج الأعيان إلى ملتقى أمّ الخليفة وقد رفعوا الغرز، والمدرّسون والقضاة، وقد رفعوا الطَّرحات وجعلوا عددهم حمرًا. وخرج ثاني يوم أستاذ دار الخلافة مؤيّد الدّين مُحَمَّد ابن العلقميّ بالقميص والبقيار والغرزة، متقلّدًا سيفًا ووراءه ثلاثة أسياف، وتوجّهوا إلى زريران، فكان أحدهم يحضر إلى زعيم الحاجّ مجاهد الدّين الدُّوَيدار فيسلّم، وقد نُصب هناك سُرادق عظيم.
فيأتي أحدهم ويقبل الأرض على باب السرادق، فيخرج الأمير كافور ويقول: قد عُرِف حضورك. فلمّا قرُب ابن العلقميّ نزل ولبس بقيارًا بلا غرزة، وغيرَّ عدّة مركوبه فجعلها حمراء، وقصد السُّرادق ومعه زعيم الحاجّ، ثمّ قبّل الأرض، فخرج إِلَيْهِ كافور فتشكّر لَهُ. ثمّ أُحضرت شَبّارة بمَشْرَعَة زريران فنزلت فيها والدة الخليفة، قَالَ: وخُلِع عَلَى الدُّوَيدار وأُنعم عَلَيْهِ بخمسة عشر ألف دينار.
وفي ربيع الأوّل ولي وزارة العراق مؤيّد الدين محمد ابن العلقمي بعد موت ابن الناقد الوزير. ثمّ ولي الأستاذ داريّة الصّاحب محيي الدين يوسف ابن الجوزي.
وفي ذي الحجّة وقعت بطاقة ببغداد أنّ التتار- خذلهم الله - دخلوا [ص:350]
شهرزور، وهرب صاحبها فَلَك الدّين مُحَمَّد بْن سنقر إلى بعض القلاع، وأنّهم قتلوا وفسقوا وبدعوا. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي أواخر السنة شرعوا- أعني المصريّين والخوارزميّة- فِي حصار دمشق، وعلى العساكر معين الدّين ابن الشيخ.(14/347)
-سنة ثلاث وأربعين وستمائة
قِيلَ: فِي أوّلها وصل الصّاحب معين الدّين ابن شيخ الشّيوخ بالجيوش والخُوارزمية، فنازل دمشق وضايقها، وزحفوا عَلَى البلد من نواحيه. فلمّا كَانَ يوم ثامن المحرَّم بعث الصّالح إِسْمَاعِيل إلى معين الدّين سجّادةً وإبريقًا وعُكّازًا، وقال: اشتغالك بهذا أَوْلَى. فبعث إِلَيْهِ المعين بجِنْكٍ وزَمْرٍ وغُلالة حريريّ، وقال: ما بعثتَ بِهِ يصلُحُ لي، وهذا يصلُحُ لك.
ثمّ أصبح فزحف عَلَى دمشق ورموا النّيران فِي قصر حَجّاج، ورموا بالمجانيق، وكان يومًا عظيمًا. وبعث الصّالح النّفْطيّة فأحرقوا جَوْسَق العادل والعُقَيْبَة، ونُهِبت بيوت النّاس ورُمُوا عَلَى الطُّرُق. ودام الحصار إلى ربيع الأوّل، فخرج الملك المنصور صاحب حمص من عند الصّالح، فاجتمع ببركة خان مقدّم الخَوارزميّة ثمّ عاد. فلمّا طال الأمر فُتحت دمشق فِي جُمادى الأولى.
قَالَ سعد الدّين الْجُوَينيّ: كَانَ أمين الدّولة فِي أيّام الحصار يشتغل بالطّلاسم والسِّحر، عمل خيلًا من خشب ووجوهها مقلوبة إلى أذنابها، ودفنها بظاهر البلد، وعمل ثورًا من عقاقير، ووضعه عَلَى منارة الجامع، ووضع فيه النار، فلم تغن شيئًا.
قَالَ ابن الجوزيّ: وبعث أمين الدّولة السّامِريّ إلى ابن الشَّيْخ يطلب منه شيئًا من ملبوسه، فبعث إِلَيْهِ بفَرجِيّة وعِمامة ومنديلٍ فلبسها، وخرج إِلَيْهِ بعد [ص:351]
العشاء، وتحدَّث معه ساعة، ثمّ عاد إلى البلد. ثم خرج مرة أخرى فوفق الحال.
وخرج الصّالح وصاحب حمص إلى بَعْلَبَك وسلّموا البلد، ودخل من الغد معين الدّين ابن الشيخ دمشق. وكان المغيث ابن الصّالح نجم الدّين قد مات بحبس القلعة ودُفِن عند جدّه بالكامليّة. وكان معين الدّين حسن السياسة، لم يمكِّن الخَوارزميّة من دخول البلد خوفًا أن ينهبوها. ثم جهز الوزير السامري تحت الحوطة إلى مصر.
وأمّا الخَوارزميّة فلم يطَّلعوا عَلَى الصُّلح، فرحلوا إلى داريّا ونهبوها، وغضبوا عَلَى ابن الشّيخ ورحلوا عَن دمشق. وراسلوا الصّالح إِسْمَاعِيل فِي أن يكون معهم، وانتقض الصُّلح، وعادت الخَوارزميّة تحاصر البلد وبه معين الدين ابن الشَّيْخ.
وجاءهم إِسْمَاعِيل من بَعْلَبَكّ بعد موت ابن الشَّيْخ وضيَّقوا عَلَى دمشق. وقلّت بها الأقوات وأكلوا الجيف، وبلغت الغرارة القمح ألف وستّمائة درهم، وأبيعت الأملاك والأمتعة بالهوان، وبلغ الخبز كلّ وقيتين إلّا ربع بدِرهم، واللّحم رطل بتسعة دراهم. وهلك النّاس وماتوا جوعًا على الطرق، وأنتنت الدنيا لهم، ووقع المرض والوباء المُفْرِط. وآل الأمر بأن عجزوا عَن دفْن أكثر النّاس، فكانوا يحفرون لهم حفائر ويرمون الموتى فيهم بلا غسل ولا كَفَن. هذا، والخمور دائرة، والفسق ظاهر، والمكوس بحالها.
فلمّا علم الصّالح نجم الدّين بانقلاب الدَّسْت راسل الملك المنصور يفسده ويستميله، فأجابه. وتُوفّي فِي وسط الأمر معين الدّين ابن شيخ الشيوخ فِي رمضان. وكان قد نزل بدار سامة. ودخل الشّهاب رشيد فتسلَّم القلعة. وولى معين الدين القضاء صدر الدين ابن سني الدولة، والولاية جمال الدين هارون. ووصل سيف الدين ابن قِلِيج من عَجْلُون منفصلًا عَن النّاصر، وأوصى بعَجْلُون وبأمواله للصالح نجم الدّين، ونزل بدار فلوس فمات.
وقال شهاب الدّين أَبُو شامة: فِي أوّلها اجتمع على دمشق عساكر عظيمة من المصريّين والخَوارزميّة وغيرهم. وأحرق قصر حَجّاج والشاغور وجامع جراح ونُصِبت المجانيق، ورُميَ بها من باب الجابية وباب الصغير، [ص:352]
ورمي بمجانيق أيضًا من داخل البلد. وترامى الفريقان، وأمر بتخريب عمارة العقيبة، وأحرق حكْر السُّمّاق، وغير ذَلِكَ. واشتدّ الغلاء وعظُم البلاء حتّى أُبيع التّبن كلّ أوقية بقرطاس. ثم أُحرقت العقيبة.
قال أبو المظفر ابن الجوزي: فحُكي أنّ رجلًا كَانَ لَهُ عشر بنات أبكار، فقال لهنّ: اخرجن. يعني لمّا أحرقت العُقَيْبة، فقُلْن: واللهِ لا نخرج، الحريق أهون من الفضيحة، فاحترقن فِي الدّار.
قلت: هذه حكاية مُنْكَرَة، وابن الجوزيّ حاطب ليلٍ وصاحب عجائب.
وقال سعد الدين ابن حَمُّوَيْهِ فِي ذِكر انتقاله من خدمة صاحب ميّافارقين: ثمّ خرجنا من حماة فِي أوَّل ربيع الأوّل مَعَ رُسُل حماة ومعهم مائتا فارس لخوف الطريق، فنزلنا سلمية وسرنا منها. والخَوارزميّة عَلَى الطُّرقات يأخذون من كلّ أحدٍ شيئًا.
إلى أن قَالَ: ونزلت عند ابن عمي معين الدين - بالقرب من المصليّ -، فخلع عليّ. ورأيت دمشق وقد قطع العسكر أكثر أشجارها، ونضبت أنهارها، وخربت أكثر ديارها. وكان الصّالح إِسْمَاعِيل قد خرب أرباضها وأحرقها، وخرّب عسكر مصر بقيّة العمارة الّتي تليهم بحيث ما بقي بظاهر البلد عمارة تُسكن. وكان عليها المجانيق منصوبة من باب الجابية إلى باب النّصر. وفي ربيع الأوّل قفر إلينا ابن صاحب صرخد، فأعطاه ابن عمّي ألف دينار وخلعة وفرس، وكان فِي أكثر الأيام يفرق خمسمائة خلعة وخمسة آلاف دينار على المقفرين.
قَالَ أَبُو شامة: وفي ثامن جُمادى الأولى زال الحصار وترحّل عَن البلد سلطانه الملك الصّالح عماد الدّين ورفيقه صاحب حمص إلى بَعْلَبَكّ وحمص، ودخل من الغد نائب صاحب مصر معين الدّين حسن ابن شيخ الشّيوخ صدر الدّين فنزل فِي دار سامة، وهي الدار المعظمية الناصرية، وعزل محيي الدين [ص:353]
ابن الزّكيّ عَن القضاء وولّى ابنَ سَنِيّ الدّولة.
وفيها وصلت إلى خلاط الست الخاتون الكُرْجيّة ابْنَة ملك الكرج إيواني ومعها منشور من ملك التّتار خاقان بخلاط وأعمالها إطلاقًا. فراسلت الملك شهاب الدين غازي ابن العادل، تَقُولُ: أَنَا كنت زَوْجَة أخيك الملك الأشرف، فإن تزوَّجت بي فالبلاد لك. فما أجابها. وكان جلال الدين ابن خُوارزم شاه قد أخذها لمّا تملَّك خِلاط فغاب خبرها هذه المدّة. وكانت قبل الأشرف عند الملك الأوحد أخيه.
وفيها بعث الملك الصّالح صاحب مصر الأمير حسام الدّين بهرام ليُحضِر ولده الملك المعظّم تورانشاه من حصن كيفا. فبعث إِلَيْهِ الملك المظفر شهاب الدين غازي الخيل والمماليك، وكذا فعل صاحب ماردين. فخاف المعظّم ولم يُجِب أَبَاهُ.
قَالَ أَبُو المظفّر: فحكى لي الأمير حسام الدّين بْن أَبِي عليّ أنّ الصّالح كَانَ يكره مجيء ابنه إِلَيْهِ، وكنّا إذا قلنا له: أرسل أحضره - يغضب وينفض يده، ويقول: أجيبه أقتله؟ وكأن القضاء موكل بالمنطق.
وفيها أخرج الصالح نجم الدين الصاحب فخَر الدّين ابنَ شيخ الشيوخ من السّجن بعد أن حبسه ثلاث سنين ولاقى شدائد وضراً، حتى كان لا ينام من القمل.
وفيها وجّه أمير المؤمنين مَعَ جمال الدّين عبد الرحمن ابن الصاحب محيي الدين ابن الجوزيّ خلعة السّلطنة إلى الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب. وهي: عمامة سوداء، وفَرَجِيّة مذهّبة، وثوبان ذهب، وسيفان بحلْية ذَهَب، وعَلَمان، وطَوق ذَهَب، وحصان بعدّةٍ فاخرة، وترْس ذَهَب، فلبس السلطان [ص:354]
الخلعة بمصر. ووجهوا أيضاً خلعة للصاحب معين، وهي ثوب واسع مذهّب، وعمامة، وسيف، وفَرَس بعدّته. فأعطاها السّلطان للأمير فخر الدّين لبسها لِمَوْت معين الدّين، وخلعة وفرسًا للملك المعظّم ولد السلطان، وخلعاً لأصحابه.
وفيها وصلت التّتار إلى بعقوبا فعاثوا وأفسدوا، فخرج من بغداد الدّوادار الصّغير فِي عسكر بغداد فالتقاهم فِي ربيع الآخر فكسرهم، وردّ ومعه الأسرى.
قال أَبُو شامة: فِي ثامن عشر شوّال بَلَغَتِ الغرارة ستّمائة درهم وذلك فِي تاسع آذار بدمشق. وفي آخر شوّال بلغت الغرارة القمح مائة دينار صُوَرِيّة.
وفي عاشر ذي القعدة تفاقم الأمر وبِيع الخبز الأسود أوقيّتان بدرهم، وخبز الشّعير أوقيّتان ونصف بدرهم. وفي ثاني عشر ذي القعدة بلغت الغِرارة ألفًا ومائتي درهم كامليّة، والزّبيب كلّ أوقيّتين بدِرهم، والباقِلّا الأخضر رِطْل بدرهم ورُبع. ويوم عيد النّحر بِيع رطل الخبز بسبعة دراهم. ثمّ نزلت الأسعار. وفي آخر السّنة نزل إلى رطل بدرهمين، وبعد شهر رخص، واشْتُرِيَ رطل وثلث بدرهم.(14/350)
-سنة أربع وأربعين وستمائة
فِي أوّلها كانت كسرة الخَوارزميّة بين حمص وبَعْلَبَكّ، وذلك أنّ الخَوارزميّة اجتمعوا عَلَى بحيرة حمص، وكتب صاحب مصر فاستمال الملك المنصور إِبْرَاهِيم، وكاتب الحلبيّين بأنّ هَؤُلاءِ الخَوارزميّة قد أخربوا الشّام والمصلحة أن نتّفق عليهم، فأجابوه. وسار شمس الدّين لؤلؤ بجيش حلب. وجمع صاحب حمص إِبْرَاهِيم التُّركُمان والعرب، وسار إليهم عسكر السّلطان الذي بدمشق. فاجتمعوا كلّهم عَلَى حمص.
واتّفق الخَوارزميّة والملك الصّالح إِسْمَاعِيل، والنّاصر دَاوُد، وعز الدّين أيبك المعظَّميّ، واجتمعوا عَلَى مَرْج الصُّفَّر. [ص:355]
فأشار بَرَكَة خان بالمسير لقصدهم فسَاروا، فكان المصافّ عَلَى بُحيرة حمص فِي المحرَّم، فكانت الدّائرة عَلَى حزب إِسْمَاعِيل، وقُتِل رأس الخَوارزميّة بركة خان، وانهزم إِسْمَاعِيل وصاحب صَرْخَد والْجُنْد عرايا جياعًا. ونُهِبت أموالهم، ووصلوا إلى حوران فِي أنحس تقويم. فسَاق صاحب حمص إلى بَعْلَبَكّ فأخذ البلد وسلّمه إلى أمير، وسار الحلبيون ومعهم رأس بركة خان، فنصبت عَلَى باب حلب.
وقدِم صاحب حمص دمشقَ ونزل ببستان سامة، وذهبت طائفة كبيرة من الخَوارزميّة إلى البلقاء، فنزل إليهم النّاصر من الكَرَك وصاهَرَهُم واستخدمهم، وأطلع حريمهم إلى الصَّلْت، وكذا فعل عزّ الدّين صاحب صَرْخَد، وساروا فاستولوا عَلَى نابلس. ومرض صاحب حمص بالنَّيرْب، ومات وحمل إلى حمص.
وجهز صاحب مصر الصاحب الأمير فخر الدين ابن الشّيخ إلى الشّام بعسكر، فقدِم غزّة، فعاد من كَانَ بنابلس من الخَوارزميّة إلى الصَّلْت، فقصدهم فخر الدين فكسرهم ومزقهم. وكان النّاصر معهم ففرَّ إلى الكَرَك وتبِعَتْه الخَوارزميّة، فلم يمكّنهم من دخول الكَرَك. وأحرق ابن شيخ الشّيوخ الصّلت، وهي للنّاصر. ثمّ ساق فنازل الكَرَك. وتحصّن عزّ الدين بصرْخد. وكان يوم الوقعة المذكورة فِي ربيع الآخر.
وقيل: إنّ النّاصر كتب إلى فخر الدّين وهو مُنازِله:
غدوتُ عَلَى قيسٍ لخفْر جِواره ... لأمنع عرضي إنّ عرضي ممنَّع
وكان الأمير حسام الدّين بْن أَبِي عليّ بدمشق، فسار إلى بَعْلَبَكّ وتسلَّم قلعتها باتّفاقٍ من السّاماني مملوك الصّالح إِسْمَاعِيل، وكان واليها. وبعث عيال إسماعيل إلى مصر.
وتسلَّم نوّاب الصّالح نجم الدّين بُصْرَى، وكان بِهَا الشّهاب غازي، فأعطوه حَرَسْتا القنطرة بالمَرْج.
وفي ربيع الآخر وصل الصّالح إِسْمَاعِيل بطائفةٍ من الخَوارزميّة أميرهم كشلوخان إلى حلب، ولم يبق للصّالح مكانٌ يلجأ إِلَيْهِ، فتلقّاه صاحب حلب النّاصر يوسف فأنزله فِي دار جمال الدّين الخادم، وقبض عَلَى كشلوخان [ص:356]
والخَوارزميّة وملأ بهم الحبوس. وقال الأمير شمس الدّين لؤلؤ أتابَك حلب للصّالح: أَبصِرْ عواقبَ الظلم كيف صارت؟
وفي ذي القعدة قدِم السّلطان الملك الصّالح نجم الدّين دمشق، فدخل يوم تاسع عشرة وكان يومًا مشهودًا بكثرة الخلائق والزّينة، وأحسن إلى النّاس. وأقام نصف شهر، ورحل إلى بَعْلَبَكّ فكشفها، ثمّ رجع ومضى نحو صَرْخد فتسلّمها من عزّ الدّين أيبك بعد أن نزل إلى خدمته برأي ابن العميد، فدخلها الصّالح.
ثم مضى إلى بُصْرى، وقدِم عزّ الدين أيبك دمشق، وكتب له منشورا بقرقيسيا، والمجدل، وضياعا فِي الخابور، فلم يحصل لَهُ من ذَلِكَ شيء. وتوجّه السّلطان إلى مصر، وتصدّق فِي القُدس بألفي دينار، وأمر بعمارة سُورها، وقال: اصرفوا دخل البلد في عمارة السور.
وفيها وصلت الأخبار: أنّ البابا طاغوت النَّصرانيّة غضب عَلَى الأنبرورَ وعامل خواصَّه الملازمين لَهُ عَلَى قتْله، وكانوا ثلاثة. وقال لهم: قد خرج الأنبرور عَن دين النّصرانية ومال إلى المسلمين فاقتلوه وخُذوا بلاده لكم. وأعطى أحدهم صقلية، والآخر نغفاته، والآخر بوليه. وهذه الثلاثة مملكة الأنبرور.
فكتب مناصحون للأنبرور إِلَيْهِ بذلك، فعمد إلى مملوكٍ لَهُ، فجعله مكانه عَلَى سرير المُلْك مكانه وأظهر أنّه هُوَ، وأنه قد شرب شربة، فجاء الثّلاثة يعودونه والأنبرور فِي مجلس ومعه مائة بالسّلاح.
فأمّا الثلاثة فإنهم رأوا قتل الأنبرور - لكونه ضعيفاً من الدواء - فرصة، فخطوا عَلَيْهِ، وهو مُغَطّى الوجه، بالسّكاكين فقتلوا الغلام. فخرج عليهم المائة فقبضوا عليهم، وذبحهم الأنبرور بيده وسَلَخَهم. فلمّا بلغ البابا بعث إلى قتاله جيشاً، والخلف بينهم واقع.
وفيها تسلَّم السّلطان نجم الدّين أيّوب قلعة الصبيبة من ابن عمه الملك السعيد ابن الملك العزيز. ثمّ أخذ حصن الصّلت من الناصر. [ص:357]
وفيها كتب توقيع لشرف الدّين عَبْد اللَّه ابن شيخ الشيوخ بن حمويه بمشيخة خوانك دمشق مَعَ الولاية عليها والنّظر فِي وقوفها كوالده. وكتب توقيع للشيخ تاج الدين بن أبي عصرون بتدريس الشامية، فدرّس بِهَا دهرًا طويلًا، فتوجّه المذكوران إلى دمشق.
وبعث السّلطان خمسة عشر ألف دينار إلى الأمير فخر الدين ابن الشيخ إلى غزة ليستخدم بها رجاله.
وفي ربيع الأوّل قَالَ سعد الدّين الْجُوَينيّ: جاء الخبر أنّ المعظّم صاحب حصن كيفا جاءته نجدة الموصل وماردين، فضرب مصافًّا مَعَ الملك المظفّر صاحب مَيّافارِقين فكسره، وشحن عَلَى أكثر بلاده. قَالَ: وسافرت إلى مصر فسرت من الغرابيّ إلى القصير، ثم سريت جئت إلى السائح، نزلت بِهِ، وقد بنى بِهِ السّلطان نجم الدّين دُورًا وبستانًا وقرية بِهَا جامع وفنادق، وسُمّيت الصّالّحية.
قلت: وقبل ذَلِكَ إنّما كَانَ هذا المكان يعرف بالسائح.
وقبض النّاصر فِي الكَرَك عَلَى الأمير عماد الدين ابن موسك وأخذ أمواله.
وفيها ختن المستعصم بالله ولديه أَحْمَد وَعَبْد الرَّحْمَن، وأخاه عليًّا، فذكر ابن السّاعي أنّه أخرج عَلَى الخِتان نحوًا من مائة ألف دينار، فمن ذلك: ألف وخمسمائة رأس شواء.
وفيها قدِم رسولان من التّتار، أحدهما من بركة، والآخر من باجو، فاجتمعا بالوزير مؤيّد الدين ابن العلقمي، وتعمت على الناس بواطن الأمور.
وفيها تُوفّي المنصور صاحب حمص، وتملّك بعده ابنه الملك الأشرف موسى. وعاش أهل الشّام بهلاك الخَوارزميّة، وكانوا كالتّتر في الغدر والمكر والقتل والنهب.
وفيها أخذت الفرنج شاطبة صُلْحًا، ثُم أجْلوا أهلها بعد سنة عَنْهَا.(14/354)
-سنة خمس وأربعين وستمائة
في أولها رجع السّلطان إلى مصر جريدةً وأبقى جيوشه بالشّام، فحاصروا بلاد الفرنج عسقلان وطبرية. ففُتحت طبرّية فِي صَفَر، وفُتحت عسقلان فِي جُمادى الآخرة.
وفي رجب عُزِل خطيب البلد عماد الدّين دَاوُد الآباريّ، مِن الخطابة ومِن الغزاليّة، ووليهما القاضي عماد الدين عبد الكريم ابن الحرستاني.
قال أبو المظفر: نازل فخر الدين ابن الشَّيْخ طبريّة فافتتحها، ثمّ حاصر عسقلان، وقاتل عليها قتالًا عظيمًا وأخذها فِي جُمادى الآخرة.
قلت: وانفرد بفتح هذين البلدين، وعظُم شأنه عند السلطان، ولم يبق له نظير في الأمراء.
قَالَ سعد الدّين بْن حَمُّوَيْهِ: فِي المحرَّم أخذ السلطان من السعيد ابن العزيز قلعة الصُّبَيْبة، وأُعطيَ خبز مائةٍ وخمسين بمصر ومائة ألف درهم وقيسارية جركس وخمسمائة تفصيلة.
وفيه: نفى السلطان مملوكه البُنْدُقْدار. وأضاف أجناده إلى الحلقة لكونه صعِد قلعة عجلون بلا أمر.
قلت: وفي هذه المرّة أخذ السّلطان من مماليك البُنْدُقدار بيبرس، وصار من أعيان مماليكه، وآل أمره إلى سلطنة البلاد.
قَالَ: وزار السّلطان القدس، وأمر أن يُذْرَع سُورُه، فجاء ستّة آلاف ذراع، فأمر أن يصرف مغل القدس فِي عمارة سُوره. وتصدَّق بألفي دينار في الحرم، وزار الخليل. وكان الأمير فخر الدّين نازلًا عَلَى طبريّة فنصب عليها المجانيق، فخرجوا فِي بعض اللّيالي، فقتلوا الأمير سابق الدّين الْجَزَريّ، وقتلوا سبعةً معه.
وركِبنا فِي المراكب فِي البُحَيرة لقطع المِيرة عَن طبريّة، فجاءت مراكبهم وقاتلونا ساعة، ثمّ زحفنا عَلَى القلعة من كلّ مكان، وجرح جماعة. [ص:359]
قَالَ: ووقعت البدنة الّتي علّقناها من الباشورة، فزحفنا كلّنا، وهجم المسلمون الثّغرة، وجاء الفرنج بأسرهم إليها، ورموا بالحجارة، وقتلوا خلقًا كثيرًا. وصبر النّاس، وكلّما تعِب قومٌ خرجوا وجاء غيرهم إلى أن تعبت الفرنج فطلبوا الأمان، فأمّنهم الأمير عَلَى أن يكونوا أسرى. فنزلوا عَلَى ذَلِكَ، فكانوا مائتين وستّين أسيرًا.
وأخذ الأمراء خِفيةً نحو خمسين أسيرًا، وغنم النّاس طبريّة بما فيها. ووجدنا منهم فِي القلعة قتلى كثيرة وجرحى، وكان يومًا مشهودًا. وأُخربت القلعة، وقسمت على العسكر.
ورحلنا بآلات الحصار جميعها إلى عسقلان، وقد نزل عليها قبلنا الأمير شهاب الدين ابن الغَرْز، فأحاطت بِهَا العساكر، ومراكب الفرنج وشوانيهم تحتها، ومراكبنا مُرْسية عَلَى السّاحل. وهي قلعةٌ مليحة ستّة عشر برجًا، نصفها فِي البحر. فنزلنا ورمينا بالمجانيق، وجاءت مراكبهم إلى مراكبنا فاقتتلوا، وكانت ساعة مشهودة.
ثمّ هاج البحر واغتلم، واصطدم موجه فكسر شوانينا وطحنها عَلَى السّاحل، وهي خمسة وعشرون. وسلمت شواني الفرنج؛ لأنهم كانوا مرسين في وسط البحر، فأخذنا خشب الشَّواني عملناه ستائر للزَّحْف. وكمل لنا أربع عشرة منجنيقًا ترمي عَلَى القلعة، ومناجيقهم لا تَبْطُل ساعةً. وأحرقوا ستائر منجنيقين رموها بنصول زيار محمية، وكسروا لنا منجنيقين، وخرجوا وقتلوا جماعة.
وبعد أيّامٍ شرعنا فِي طمّ الخندق من النقب، وجاءهم اثنا عشر مركبًا نجدة. وكان المدد يأتيهم ويأتينا أيضًا. وخرجوا غير مرّة وقاتلوا، فزحفنا فِي عاشر جُمادى الأولى عليها من كلّ جهة، وقاتل المسلمون قتالًا عظيمًا، وملكوا الباشورة، وقُتِل نحو ستّين نفسًا، وجُرح خلق. وبتنا على خنادق القلعة، وأخذنا نقوباً في برج ديدنة.
ثُمَّ بعد يومين زحفنا عليهم. ثُمَّ أخذوا النقوب منّا، وهرب أصحابنا منها، ثُمَّ من الغد استعدْناها منهم. وفي سادس عشر الشّهر أحرقنا البرج فنقبوه من عندهم وأطفؤوا النّار. ثُمَّ تقوّر البرج من الغد، ووقع عَلَى اثني عشر فارسًا منهم، فأخرجهم أصحابنا وغنموا سَلْبهم. ثُمَّ جاءتهم سبْعُ مراكب كبار.
قَالَ: وحجر المنجنيق المغربيّ الّذي لنا وزنه قنطار ورُبع بالشّاميّ. وطال الحصار، [ص:360]
وقفز غير واحد، وقفز فارسان من الفرنج، فخلع عليهما فخر الدين. وذكر أنّ الخُلْف وقع بين الإسبتار والغرب.
وانسلخت الباشورة، فمات منا تحتها ثمانية أنفس. وليلة الخميس ثاني وعشرين جُمادى الآخرة طلع أصحابنا من البرج المنقوب وملكوه وصاحوا، فضربنا الكوسات فِي اللّيل، وعَلَت الصنجات، وتكاثر النّاس، فاندهش الفرنج وخُذلِوا، وهربوا إلى المراكب وإلى الأبراج واحتموا بِهَا.
ودخل المسلمون القلعة فِي اللّيل وبذلوا السّيف، وربمّا قتل بعضهم بعضًا لكثرة العالم وظُلْمة اللّيل وللكسْب. ولم يزالوا ينقلون ذخائرها وأسلحتها طول اللّيل. ودخلها من الغد الأمير فخر الدّين، وأعطى لمن فِي الأبراج أمانًا عَلَى أنفسهم دون أموالهم. وكان فيهم ثلاثة أمراء معتبرين، وكانت الأسرى مائتين وستين أسيراً.
ووجدنا غرقى وأيدي مقطّعة فِي البحر، وسببه تعلّقهم بالمراكب للهرب، فيخاف الآخرون لا تغرق المراكب، فيضربون بالسّيوف عَلَى أيديهم يقطعونها. ثُمَّ شرعنا فِي خراب القلعة ورحلنا، وقد تركناها مأوى للبوم والغربان، ومساكن للأراوي والغزلان، فسبحان الباقي الديان.
وفيها أخذ السّلطان قلعة شُمَيْمس من الأشرف صاحب حمص، فحصنها وبعث إليها الخزائن.
وفيها جاء عسكر حلب فنازلوا حمص وحاصروها مدة، وأخذوها في سنة ست.
وفيها جاءت تذكرة بأن يُحمل إلى مصر القاضي محيي الدين ابن الزكي، وابن العماد الكاتب، وابن الحضيري، وأولاد ابن صصرى الأربعة، والشرف ابن المعتمد، وجماعة؛ لأنّهم كانوا من أصحاب الصّالح إِسْمَاعِيل، فلمّا وصلوا مصر أقاموا بحسب اختيارهم، فبقوا بِهَا إلى بعد موت الصّالح نجم الدين.
وفي ذي القعدة حبس عزّ الدّين أيبك المعظّمي فِي دار فَرُّخْشاه بتواطئ من ابن مطروح وغيره. وصنعوا مترجَمًا قد جاءه من حلب من عند الصّالح إِسْمَاعِيل، وكتبوا إلى السّلطان يخبرونه بذلك، فأمر أن يُحمل إلى القاهرة تحت الحوطة، فحُمِل وأُنزل في دار صواب، فاعتقل بها، ورافعه ولدُه وقال: أموال أَبِي قد بعثها إلى حلب. فمرض أيبك ومات بغُبنه.
ثُمَّ نُقِل في [ص:361]
تابوت، ودُفن فِي قبّته الّتي عَلَى الشُّرف الأعلى.
وفيها كَانَ ببغداد غلاء عظيم، وأبيع الخبز ثلاثة أرطال بقيراط.
وفيها هرب للسّلطان نجم الدّين مماليك، فمُسِك منهم أربعون نفسًا بحلب، وأرسلوهم إلى دمشق، فشنق الأربعين عَلَى أبواب البلد.(14/358)
-سنة ست وأربعين وستمائة
فيها أمر السلطان أن يعمل الُشلاق تحت القلعة ليتفرج، فتشالقوا فقتل سبعة أنفُس وجُرح جماعة. وسببه دخول المماليك بينهم، فمنعهم السّلطان من الشّلاق، وكان يترتّب عَلَيْهِ شر كثير ومفاسد بدمشق.
وفي شعبان ملكت الفرنج إشبيلية بعد حصارهم لها سبعة عشر شهراً، ودخولها صلحاً.
وفيها ملّ صاحب حمص الملك الأشرف من محاصرة الحلبيّين لَهُ، وقايض بِهَا تلّ باشر من أعمال حلب، وسلَّم حمص لنوّاب الملك الناصر يوسف.
وفيها ولدت امرأة ببغداد أربعةً فِي بطنٍ وشاع ذَلِكَ، فطلبهم الخليفة ورآهم وتعجّب، ثمّ أمر لهم بستّمائة دينار وثياب، وكان الأبوان من المساكين.
وكان ببغداد الغرق الكبير الذي هو أكبر من غرق سنة أربع عشرة وستمائة، بحيث أن الأمراء والوزير بنفسه نزل وحمل حرزة حطب للسّدّ. ثُمَّ زاد الماء بعد شهرين زيادةً أعظم من الأولى وتهدَّم من السّور عدّة أبراج، ونبع الماء من أساس المستنصريّة، ولا يُحصى ما تهدَّم من الدُّور. وبقي الماء فِي النّظامّية ستّة أذرع، وغرقت الرّصافة، وجرى ما لا يُعبرَّ عَنْهُ، وذهبت أموال لا تحصى.
وفيها خرج السّلطان نجم الدّين من مصر، وجهَّز الجيش مَعَ فخر الدّين بْن الشَّيْخ إلى حمص، وتعثر الفلّاحون بجرّ آلة الحصار والمجانيق إلى حمص. ثُمَّ نازلوا حمص يحاصرون نوّاب النّاصر صاحب حلب، ونصبت المجانيق، فجاء عسكر حلب في النجدة. وكان الشيخ نجم الدين عبد الله البادرائي قد جاء رسولا، فدخل في القضية، ورد العسكرين.(14/361)
-سنة سبع وأربعين وستمائة
فيها رجع السلطان إلى مصر مريضا في محفة، واستعمل على نيابة دمشق الأمير جمال الدين ابن يغمور.
وفيها ولدت امْرَأَة ببغداد ابنين وبنتين فِي جوف، وشاع ذاك فطُلِبوا إلى دار الخلافة، فأُحضروا وقد مات واحدٌ فأُحضر ميتًا، فتعجّبوا. وأُعطيت الأمّ من الثّياب والحُليّ ما يبلغ ألف دينار، وكانت فقيرةً مستورة.
وفيها توجه الناصر داود إلى حلب.
وجاء كتاب السّلطان نجم الدّين إلى ابن يغمور بخراب دار سامة، وقطْع شجر بستان القصر الّذي للنّاصر دَاوُد بالقابون، وخراب القصر، ففعل ذلك.
وفيها مضى الأمجد حسن ابن النّاصر من الكَرَك إلى مصر، وسلَّم الكَرَك إلى السّلطان، وخبث عَلَى أَبِيهِ وخانه. فأعطاه السّلطان جملة، وأخرج من الكَرَك عيال المعظَّم وأولاده وبناته، وبعث إليهم بأموالٍ وتُحَفٍ يُرْضيهم بِهَا.
وأمّا سعد الدّين فقال فِي " تاريخه ": وصل كتاب الظاهر ابن الناصر إلى السلطان بأن يسلم الكرك، ويعطيه السلطان خبزا بمصر. ففرح السّلطان بذلك، وأنفذ أستاذ داره جمال الدّين آقوش النجيبي ليتسلّمها. فلمّا قدِم الملك الظّاهر أمر السّلطان بتلقيه واحترمه، ودفع له أبسوك، ومائتي فارس، وخمسين ألف دينار، وثلاثمائة قطعة قماش ثم الذّخائر الّتي بالكَرَك. وأعطى لأخيه الأمجد إخميم، ومائةً وخمسين فارسًا، ثُمَّ بعث خزانةً إلى الكَرَك مَعَ مُجير الدّين بْن أَبِي زكري مبلغها مائتا ألف دينار. [ص:363]
وفيها هجمت الفرنج دِمياط، وأحاطت بِهَا فِي ربيع الأول، وكان عليها فخر الدين ابن الشَّيْخ والعساكر، فخرجوا عَنْهَا، وخرج أهلها منها من الجهة الأخرى. وملكتها الفرنج صفْوًا عَفْوًا بلا قتال ولا كلفة، بل مجرّد خذْلانٍ نزل، فلا حول ولا قوّة إلّا بالله.
وهذا من أغرب ما تمّ فِي الوجود حتّى إنّ الفرنج اعتقدوا أنّ المسلمين فعلوا هذا مكيدةً. ثم بان لهم الأمر، وابتلى الله العسكَر بالعدوّ وذَهاب أموالهم. فقيل: سبب هروبهم أنّهم بطّقوا مرّةً بعد أخرى إلى السّلطان ليكشف فما جاء خبر، وكان قد سقاه الطّبيب دواء مخدّرًا، وأوصى بأن لا يُزعج ولا ينبَّه، فكتموه الخبر، فوقع إرجاف فِي دِمياط بموته، ونزل بهم الخذْلان.
وكان الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب عَلَى المنصورة نازلًا، فغضب كيف يسيّبها أهلها؟ وشنق من أَعيان أهلها ستّين رجلًا. ولّما أمر بشنقهم قَالُوا: ما ذَنْبُنا إذا كانت عساكره وأمراؤه هربوا وأحرقوا الزَّرَدْخاناه، فأيش نعمل نَحْنُ؟ وقامت القيامة عَلَى العسكر، وخرج أهل دِمياط حُفاةً عُراة جياعًا فقراء حَيَارى بالحريم والأطفال، قد سَلِم لهم بعض ما يعيشون بِهِ، فنهبهم المسلمون فِي الطّريق! وأمّا العسكر فاستوحشوا من السّلطان ودعوا بهلاكه.
قال أبو المظفر: بلغني أنّ مماليكه أرادوا قتله، فقال لهم فخر الدين ابن الشَّيْخ: اصبروا عَلَيْهِ فهو عَلَى شَفَا. فمات ليلة نصف شعبان وهو عَلَى المنصورة.
وكانت أمّ خليل زوجته معه، وهي المدبّرة لأموره أيّام مرضه، فلم تغيرّ شيئًا، بل الدِّهليز بحاله، والسماط يمد كل يوم، والأمراء يجيؤون للخدمة، وهي تَقُولُ: السّلطان مريض، ما يصل إليه أحد. فبعثوا إلى الملك المعظَّم تورانشاه ولده، وهو بحصن كيفا، الفارس أقطاي أكبر مماليك أَبِيهِ، فسلك عَلَى البرّيّة وكاد يهلك عطشًا، وأسرع بِهِ أقطاي، فقدِم دمشق فِي آخر رمضان، وخلع عَلَى أمراء دمشق وأحسن إليهم. [ص:364]
قَالَ أَبُو المظفّر: بلغني أنّه وجد فِي دمشق ثلاثمائة ألف دينار فأنفقها، واستدعى من الكَرَك مالًا فأنفقه. وأمر فخر الدين ابن الشَّيْخ الأمراء فحلفوا للمعظّم. وأخفوا موت السّلطان
وكانت أمّ خليل تعلّم عَلَى التّواقيع عَلَى هيئة خطّ السّلطان. وقيل: بل كَانَ يعلّم عَلَى التّواقيع خادمٌ يشبه خطُّه خطَّ السّلطان، يقال له: السهيلي.
قال: وكان قد نسر مخرجه وامتدّ إلى فخذه، وعمل عَلَيْهِ جَسَده، وهو يتجلدّ ولا يُطْلِعُ أحدًا عَلَى حاله حتى هلك.
وكان المسلمون مرابطين بالمنصورة مدّة أشهر، وجرت لهم مَعَ الفرنج فصول طويلة ينال هَؤُلاءِ من هَؤُلاءِ، وهَؤُلاءِ من هَؤُلاءِ، فمنها وقعة عُظمى يوم مُستهلّ رمضان استشهد فيها جماعة من كبار المسلمين.
ونزلت الفرنج بقرب المنصورة، وكانت وقعة المنصورة الوقعة التي اشتهرت في ذي القعدة على المنصورة، وذلك أن الفرنج ساقوا ووصلوا إلى دهليز السلطان، فخرج مقدم العساكر فخر الدين ابن الشيخ، فقاتل فقتل فانهزم المسلمون، ثمّ تناخوا وكرّوا عَلَى الفرنج فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وكان الفتح.
ووصل المعظّم إلى مصر بعد أن أقام بدمشق سبعة وعشرين يومًا، فدخل الدّيار المصّرية فِي ذي الحجّة بعد الوقعة. وكان فِي عزمه الفتْك بابن الشَّيْخ؛ لأنّه بلغه أنّه يريد الملك والناس يريدونه، فقتل.
وقال ابن السّاعي: فِي أوّل السّنة أخذت الفرنج دِمياط، نزلوا عليها، فأرسل الصّالح نجم الدّين عسكرًا نجدة لمن بِهَا، وكان مريضًا، فكسروا الفرنج. ثُمَّ ظهرت الفرنج عليهم، فانتخى أميران وهما: ابن شيخ الإِسْلَام، والجولانيّ، فحملا عليهم، فاستشهد ابن شيخ الإِسْلَام، وسَلِمَ الْجَوْلانيّ، وغُلِّقت أبواب دِمياط، وأرسلوا بطاقة. وكان السّلطان قد سُقِيَ دواء مخدّرًا، وأمرهم الطّبيب أن لا ينبّهوه، فوقعت البطاقة فكتمها الخادم، ثُمَّ وقعت أخرى [ص:365]
فلم يردّ عليهم جواب، والسّلطان لا يعلم بشيء.
فقيل فِي دِمياط: إنّ السّلطان مات، فضعُفت النّفوس، وعزم أهل دِمياط عَلَى الهرب، فاحرقوا بابًا وخرجوا، فأخذ العسكر فِي ردّهم فلم يلتفتوا، فعاد العسكر ونهب البلد. فخرج أهل البلد عَن آخرهم، وهلك خلقٌ فِي زحمة الأبواب. وأخلوا البلد، فأخذه الفرنج بلا كلفة.
فلمّا علم السّلطان غضب وهَمّ بقتل ذَلِكَ العسكر الّذين نهبوا دِمياط، ثُمَّ صلب منهم نيفاً وثمانين أميرا، وغيرهم تُرْك، وأمر أن لا تُضرب النّوبة إلا للجولاني وحده.
قَالَ: وفيها قتل شيحة أمير المدينة، وكان قد خرج عَن المدينة فِي نفرٍ يسير فوقع عَلَيْهِ قوم من العرب بينه وبينهم دمٌ فحاربوه، فقُتِل وسلبوه، وكان موصوفًا بالخير والتواضع، وولي مكانه ولده الأكبر عيسى.
قَالَ: وفي نصف ذي الحجّة سعى علي الإربليّ السّاعي من دَقُوقا إلى بغداد فوصل بُعَيْد العصر، فأنعم عَلَيْهِ الأمير مبارك بما قيمته عشرة آلاف دينار.
وفيها جاء سَيْلٌ عظيم عَلَى السّلامية من عمل الموصل، فأهلك خلقاً، وأتلف الزروع، وهدم الأسواق، وغرق كثيرا من المواشي، وغرقت السّلامية كلّها، وكان بِهَا أكثر من ثلاثة آلاف نفس.
وجاءت الزّيادة عَلَى جزيرة ابن عُمَر حتّى كادت تدخل من شراريف سور البلد، وكان أمراً مهولاً.
وفيها كُتِبت فُتْيا ببغداد: هَل الإِيمَان يزيد وينقُص؟ فامتنع الفقهاء من الجواب خوفًا من الفتنة، وكتب فيها الكمال عليّ بْن وضّاح والمحدّث عَبْد العزيز القحيطيّ وبالغا فِي ذمّ مَن يَقْولُ: لا يزيد ولا ينقص.
فأخذ الفُتيا بعضُ الحنفيّة، وعرضها عَلَى الدّيوان العزيز، وقال: قد تعرّض لسبّ أَبِي حنيفة. فأُمر بإخراج ابن وضّاح من المستنصريّة وبنفْي القحيطيّ.
وفيها وصل إلى بغداد أَبُو منصور الإصبهانيّ، رجل كهل، صغير الخلقة جدا، طوله ثلاثة أشبار وثلاثة أصابع، ولحيته طولها أكثر من شبر، فحُمِل إلى [ص:366]
دار الخلافة، فأُنعم عَلَيْهِ، ودار عَلَى الأكابر.
وفيها قتلت التتار بخانقين خلقًا عظيمًا من النّزال ونهبوا أغنامهم وأبقارهم، ثُمَّ نهبوا ناحية البَتّ والرّاذان وأخربوا تِلْكَ النّواحي، فخرج من بغداد عسكر لذلك. وأُمر النّاس فِي جُمادى الآخرة بالمبيت فِي أسواق بغداد وفي دروبها وبالوقيد.
وفيها سار عسكر حلب فالتقوا بالمواصلة بنصِيبين، فانهزمت المواصِلَة واستولى الحلبيّون عَلَى خيامهم، وتسلّموا نصيبين، ودارا، وقرقيسيا.(14/362)
-سنة ثمان وأربعين وستمائة
استهلّت والفرنج عَلَى المنصورة والجيش المصريّ بإزائهم، وقد ضعُف حال الفرنج لانقطاع الميرة عَنْهُمْ، ووقع فِي خيلهم مرض وموت، وعَزَم ملكهم الفرنسيس عَلَى أن يركب فِي أوّل اللّيل ويسير إلى دِمياط، فعلم المسلمون بذلك. وكان الفرنج قد عملوا جسرًا عظيمًا من الصَّنَوبر عَلَى النّيل، فسَهَوا عَن قطْعه، فعبر منه المسلمون فِي اللّيل إلى برّهم، وخيامُهم عَلَى حالها وثقلهم، فبدؤوا فِي المسير.
وأحدق المسلمون بهم يتخطّفونهم طول الليل قتلاً وأسراً، فالتجؤوا إلى قريةٍ تُسمّى مُنْية أَبِي عَبْد اللَّه وتحصّنوا بِهَا. ودار المسلمون حولها. وظفر أصطول المسلمين بأصطولهم فغنموا جميع المراكب بمن فيها.
واجتمع إلى الفرنسيس خمسمائة فارس من أبطال الفرنج وقعد فِي حوش المُنْيَة، وطلب الطّواشي رشيد والأمير سيف الدّين القَيْمُرِيّ، فحضروا إِلَيْهِ. فطلب منهم الأمان عَلَى نفسه وعلى مَن معه، وأن لا يدخلوا بين السُّوقة والرُّعاع، فأجاباه وأمَّناه، وهرب باقي الفرنج عَلَى حميّة. وأحدق المسلمون بهم وبقوا حملةً وحملةً حتّى أُبيدت الفرنج، ولم يبق منهم سوى فارسين رفسوا بخيولهم فِي البحر فغرِقوا. وغنم المسلمون منهم ما لا يوصف، واستغنى خلق.
وأُنزل الفرنسيس فِي حرّاقة، وأحدقت بِهِ مراكب المسلمين تُضْرَبُ فيها [ص:367]
الكوسات والطُّبول، وفي البرّ الشّرقيّ أطلاب العساكر سائِرة منصورة، والبرّ الغربيّ فِيهِ العربان والعوامّ فِي لَهْوٍ وسرور بهذا الفتح العظيم، والأسرى تُقاد فِي الحبال.
فذكر سعد الدّين فِي " تاريخه " أنّ الفرنسيس لو أراد أن ينجو بنفسه خلص عَلَى خيلٍ سَبَق أو فِي حُرّاقة، لكنّه أقام فِي السّاقة يحمي أصحابه، وكان فِي الأسرى ملوك وكُنُود.
وأُحصي عدّة الأسرى فكانوا نيّفًا وعشرين ألف آدميّ، والّذي غرق وقُتِل سبعة آلاف نفْس، فرأيت القتلى وقد ستروا وجه الأرض من كثرتهم. وكان الفارس العظيم يأتيه وشاقيٌّ يسوقُه وراءه كأذلّ ما يكون، وكان يومًا لم يُشاهد المسلمون ولا سمعوا بمثله، ولم يُقتَل فِي ذَلِكَ اليوم من المسلمين مائةُ نفس.
ونفذ الملك المعظّم للفرنسيس وللملوك والكُنُود خِلَعًا، وكانوا نيّفًا وخمسين، فلبس الكلّ سواه وقال: أَنَا بلادي بقدر بلاد صاحب مصر كيف ألبس خلعته؟ وعمل من الغد دعوةً عظيمة، فامتنع الملعون أيضًا من حضورها، وقال: أَنَا ما آكل طعاما، وما يحضرني إلّا ليهزأ بي عسكرُه، ولا سبيل إلى هذا. وكان عنده عقل وثبات ودين، فهم كانوا يعتقدون فِيهِ. وكان حَسَن الخلقة. وانتقى المعظّم الأسرى فأخذ أصحاب الصّنائع، ثُمَّ أمر بضرب أعناق الجميع.
وقال غيره: ثم حبسوا الإفرنسيس بالمنصورة بدار الطواشي صبيح مكرماً غاية الكرامة. وفي ذلك يقول الصاحب جمال الدين ابن مطروح:
قُل للفرنسيس إذا جئتَه ... مقالَ صدقٍ من قؤولٍ فصيح
أتيتَ مصرَ تبتغي ملْكها ... تحسب أنّ الزّمر بالطّبل ريح
فساقك الحينُ إلى أدهمٍ ... ضاق بِهِ عَن ناظريْك الفسيح
وكلّ أصحابك أودَعْتَهُم ... بحُسْن تدبيرك بطْنَ الضّريح
تسعين ألفًا لا ترى منهم ... إلا قتيلاً أو أسيراً جريح [ص:368]
وقل لهم إنْ أضمروا عَوْدةً ... لأخذ ثأرٍ أو لعقدٍ صحيح
دار ابن لُقمان عَلَى حالها ... والقيد باقٍ والطُّواشي صبيح
وكان هذا النّصر العزيز فِي أوّل يوم من السّنة. وبقي الفرنسيس فِي الاعتقال إلى أنْ قُتل السلطان الملك المعظم ابن الصّالح، فدخل حسام الدّين بْن أَبِي عليّ فِي قضيته عَلَى أن يسلّم إلى المسلمين دمياط ويحمل خمسمائة ألف دينار، فأركبوه بغلةً وساقت معه الجيوش إلى دمياط، فما وصلوا إلّا والمسلمون عَلَى أعلاها بالتّهليل والتّكبير، والفرنج الّذين بِهَا قد هربوا إلى المراكب وأَخْلَوها.
فخاف الفرنسيس واصفرّ لونه، فقال الأمير حسام الدّين: هذه دِمياط قد حصَلَتْ لنا، وهذا الرجل فِي أسِرْنا وهو عظيم النّصرانيّة وقد اطّلع عَلَى عوراتنا، والمصلحة أن لا نُطلقه.
وكان قد تسلطن الملك المعزّ أَيْبَك الصّالحّي، فقال: ما أرى الغدر! وأمرَ بِهِ فركب فِي البحر الرُّوميّ فِي شيني. وذكر حسام الدّين أنّه سأله عَن عدّة العسكر الّذين قدِم بهم، فقال: كان معي تسعة آلاف وخمسمائة فارس، ومائة ألف وثلاثون ألف طقشيّ، سوى الغلمان والسُّوقيّة والبحّارة.
وقال سعد الدّين فِي " تاريخه": اتّفقوا عَلَى أن يسلّم الإفرنسيس دِمياط، وأن يعطي هو والكنود ثمانمائة ألف دينار عوضًا عمّا كَانَ بدِمياط من الحواصل، ويطلقوا أسرى المسلمين. فحلفوا عَلَى هذا، وركب العسكر ثاني صَفر، وسُقنا وقفنا حول دِمياط إلى قريب الظُّهر. ودخل النّاس إليها ونهبوا وقتلوا من بقي من الفرنج، فضربتهم الأمراء وأخرجوهم، وقوَّموا الحواصل الّتي بقيت بِهَا بأربعمائة ألف دينار، وأخذوا من الملك الإفرنسيس أربعمائة ألف دينار.
وأطلقوه العصر هو وجماعته، فانحدروا فِي شيني إلى البُطس، وأنفذ رسولًا إلى الأمراء يقول: ما رأيت أقل عقلا ولا دينا منكم؛ أمّا قِلّة الدّين فقتلتم سلطانكم، وأمّا قلّة العقل فكون مثلي ملك البحر وقع في أيديكم بعتموه بأربعمائة ألف دينار، ولو طلبتم مملكتي دفعتها لكم حتى أخلص.
وجاء إلى دمشق كتاب الملك المعظم، وفيه: ولمّا كَانَ يوم أوّل السّنة [ص:369]
فتحنا الخزائن وبذلنا الأموال وفرّقنا السّلاح، وجمعنا العربان والمطَّوِّعة واجتمع خلائق.
فلمّا رَأَى العدوّ ذَلِكَ طلب الصّلح عَلَى ما كَانَ أيّام الكامل فأبينا، فلمّا كَانَ اللّيل تركوا خيامهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين. وطلبنا وما زال السّيف يعمل فِي أقفيتهم عامّة اللّيل وإلى النّهار، فقتلنا منهم ثلاثين ألفًا، غير من ألقى نفسه فِي اللُّجَج. وأمّا الأسرى فحدِّث عَن البحر ولا حَرَج.
وطلب الفرنسيس الأمان فأمنّاه وأخذناه وأكرمناه، وتسلّمنا دِمياط. وأرسل المعظّم إلى نائب دمشق ابن يغمور بغفارة الإفرنسيس فلبسها، وهي سَقْرلاط أحمر بفَرْو سِنْجاب، فكتب إلى السّلطان بيتين لابن إسرائيل:
أسيِّد أملاكِ الزّمانِ بأسرهمُ ... تنجَّزْتَ من نصر الله وُعوده
فلا زال مولانا يبيح حمى العدى ... ويُلبسُ أسلاب الملوك عبيده
وفيها وصل الملك السعيد ابن الملك العزيز صاحب بانياس، والصبيبة من مصر، وحبس بعزتا.
وفي الثامن والعشرين من المحرم قتلوا السلطان الملك المعظم، وسلطنوا عليهم عزّ الدّين أيبك الترُّكُمانيّ، ورجعوا إلى القاهرة، وكاتبوا أمراء الشّام.
قَالَ سعد الدّين: جاء الترُّك إلى دِهْليز السّلطان وحلفوا لشَجَرَ الدُّرّ ولنائبها الأمير عز الدّين الترُّكمانيّ. وفي صفر سرعت السّتّ شجر الدُّر فِي الخلع للأمراء، وأعطتهم الذهب والخيل. وأطلقوا خمسمائة أسير من الفرنج، فيهم مائة فارس.
وفي أول ربيع الأول دفعوا خبز فخر الدين ابن الشيخ، وزيادة ثلاثة وضياع للفارس أقطاي الْجَمْدار، وجرّدوا عشرة أمراء إلى غزّة مقدّمهم خاصّ تُرْك الكبير، ونفوا أولاد الناصر داود. وفي ربيع الآخر خرج عسكر مصر جميعه لأجل حركة الحلبيين.
قلت: فسار الملك النّاصر صلاح الدّين يوسف صاحب حلب بمن معه من الملوك والعساكر لأخذ البلاد والانتقام ممن قتل السلطان. [ص:370]
وقال غيره: فلمّا قرب النّاصر من دمشق أرسل النائب جمال الدين ابن يغمور والقيمُرِيّة إلى عَزَّتا، فأخرجوا ابن الملك العزيز إلى دمشق واحترموه، وأسكنوه دار فَرُّخْشاه. ونزل الملك النّاصر بالقُصَيْر، ثُمَّ انتقل إلى داريَّا، وزحفوا عَلَى دمشق فِي ثامن ربيع الآخر عند باب الصّغير، وكان مسلَّمًا إلى ضياء الدّين القَيْمُرِيّ. ومن عند باب الجابية، وكان مسلّمًا إلى ناصر الدّين القَيْمُرِيّ.
فلمّا وصلوا إلى البابين كُسرت لهم الأقفال من داخل، وفُتحت لهم الأبواب فدخلوا، ونُهبت دار جمال الدين ابن يغمور وسيف الدّين المشدّ ودُور عسكر دمشق، وأُخذت خيولهم وأمتعتهم. ودخل ابن يغمور القلعة ثمّ نوديَ بالأمان، ودخل الملك النّاصر يوسف القلعة.
وكان الملك الناصر داود ابن المعظّم نازلًا بالعُقَيبة، فجاءه ابن الملك العزيز الّذي كَانَ محبوسًا بعزَّتا فبات عنده، ثُمَّ قام بليلٍ فساق إلى الصّبيبة، وكان بِهَا خادم لَهُ قد كاتبه، ففتح لَهُ الخادم بابها فدخل وتسلمها. وأما الملك الناصر فتسلم بعلبك وصرخد.
ثُمَّ تمرّض السّلطان النّاصر وخرج إلى المِزّة، فبعث ناصر الدّين القَيْمُرِيّ ونظام الدّين ابن المولى الحلبيّ إلى النّاصر دَاوُد، وكان نازلًا بالقابون، فحضر معهما إلى السّلطان فقبض عَلَيْهِ، ثُمَّ بعث بِهِ إلى قلعة حمص فاعتقله بِهَا، وأنزل حُرَمُه وأولاده بالخانقاه الشّبليّة عند ثورا.
قَالَ سعد الدّين: فِي ربيع الآخر أراد جماعة من البحرية الفتك بعز الدين الترُّكُمانيّ، فمسك منهم قومًا، وحلّف الأمراء مرّة أخرى. وفي هذين الشهرين كل يوم يتزوج اثنين ثلاثة مِن البحرية، والمماليك تزوّجهم السّت بجواري القلعة، وأخرجت معهم نعماً عظيمة.
ثُمَّ مسكوا أمراء الأكراد سيف الدّين القَيمريّ، وجمال الدين هارون، والشّرف الشَّيْزَرِيّ، والعزّ القَيْمُريّ، وعلاء الدين ابن الشهاب، والحسام ابن القبيسي، وقطب الدين قرابة صاحب آمد، وقطب الدين صاحب السويداء، وناصر الدين التبنيني، وشرف الدين ابن المعتمد الَّذِي كَانَ والي قلعة دمشق، وشمس الدين ابن بكا الَّذِي كَانَ ولي دمشق، والشّجاع الحاجب.
ثُمَّ فِي الثّامن والعشرين منه تسلطن عزّ الدّين أيْبَك وركب بأُبهة المُلْك، ثُمَّ فِي ثاني جُمادى الأولى استقال منها، وحلف العسكر [ص:371]
للملك الأشرف ابن صلاح الدين بن المسعود أقسيس ابن الكامل، وله ثمان سنين، وبقي عزّ الدّين أتابكه، وقطعوا خبزي.
وفيه أمّروا البُنْدُقْدار، وأخرجوا جماعة أمراء من حبس الصّالح، وهم: بدر الدّين يونس، وعَلَم الدين شمائل، ولؤلؤ الباسلي، وناصر الدين ابن بُرْطاس، وآخرين. وهرب خاصّ تُرك الكبير، والشّهاب رشيد الكبير، وشهاب الدين ابن الغرز، وجماعة أمراء، وراحوا إلى الكرك.
وجاء الخبر أن الملك المغيث ابن العادل ابن الكامل استولى عَلَى الكَرَك، فبعد أيّامٍ قبض المغيث عَلَى رشيد الكبير، وعلى ابن الغَرْز لمكاتبتهم الحلبيّين، ومسك المعزّ عدّة أمراء فأسرف.
قلت: ثُمَّ سار السلطان الملك النّاصر يريد الدّيار المصريّة بإشارة نائبه شمس الدّين لؤلؤ وإلحاحه عَلَيْهِ، وكان يستهزئ بعسكر مصر، ويقول: آخذها بمائتي فارس. وكانت تأتيه كُتُبٌ من مصر فساروا، وتقدَّم جمال الدّين ابن يغمور وسيف الدين المشد بجمهرة الجيش.
وانفرد لؤلؤ وضياء الدّين القَيْمُرِيّ، وبرز الصّالحيّون، فكان الملتَقَى فِي ذي القعدة عند الصّالحية فِي آخر الرمل، فانكسرت الصّالحيّة ونُهِبت أثقالهم. وانهزم طائفة منهم إلى الصّعيد، وخُطِب فِي ذَلِكَ اليوم بالقاهرة وبقلعة مصر للملك الناصر، وبات جمال الدين ابن يغمور تلك الليلة بالعباسية، وأحمى الحَمّام للسّلطان، وهيّأ الإقامات. هذا، والسّلطان ما عنده خبر من نُصْرته، وهو واقف بسناجقه وخزائنه وخواصه.
وأمّا الصّالحيّة فلمّا رأوا الكسرة ساق منهم عزّ الدّين أَيْبَك الترُّكمانيّ- الَّذِي تسلطن- والفارس أقطايا في ثلاثمائة فارس هاربين طالبين الشّام، فمرّوا فِي طريقهم بالشّمس لؤلؤ، والضّياء القَيْمُرِيّ، فالتقوا عَلَى غير تعبئة، فحمل عليهم لؤلؤ وحملوا عَلَيْهِ، فظفروا بِهِ وأسروه، وقتلوا ضياء الدين، ثم قتلوا لؤلؤا صبْرًا بين يدي الترّكمانيّ؛ لأنّهم بلغهم استخفافُه بهم، وقوله: أَنَا آخذ مصر بمائتي قناع.
ثُمَّ ساقوا فاعترضوا طلب السّلطان، فخامر جماعة من الأمراء العزيزية عَلَيْهِ، وانحازوا إلى الترّكمانيّ وجسرّوه عَلَى السُّلطان، وعطفوا بِهِ عَلَى الطّلب، وكسروا سناجق السّلطان، ونهبوا الخزائن، ورموا بالنُّشّاب. [ص:372]
فأخذ نوفل البدويّ السّلطان والخاصكيّة، ومضى بهم سَوْقًا إلى دمشق، وكان معه الملك المعظّم تورانشاه ولد السلطان صلاح الدين، فأسروه مجروحاً، وجرحوا ولده تاج الملوك بن تورانشاه، وأسروا أخاه النصرة ابن صلاح الدّين، والملك الأشرف موسى ابن صاحب حمص، والملك الصالح إسماعيل ابن العادل، والملك الزّاهر ابن صاحب حمص، والشرّيف المُرْتَضَى.
فمات تاج الملوك من جراحه، فحُمِل ودُفن بالقدس. وجُرح حسام الدّين القَيْمُرِيّ، فحُمل إلى القدس، فمات به. وجاءت الشريف المرتضى هذا ضربة سيف في وجهه، فقال: بقيت مُلقى فِي الرمل يومًا وليلة والدّماء تخرج، فمنّ اللَّه عليَّ بالملك الصّالح ابن صاحب حمص فخيّط وجهي بمِسَلَّةٍ وحملني وعاينْتُ الموت.
وتمزّق طائفة كبيرة من الجيش الشامي، ومشوا في الرمال وتعثروا، ودخلت الصالحية بالأسارى، والسّناجق منكّسَة مكسَّرة، والخيول والطّبول مُشَقَّقة. فلمّا عبروا عَلَى تربة السّلطان الملك الصّالح نجم الدّين أحاطوا بالصّالح إِسْمَاعِيل وصاحُوا: يا خَوَنْد أين عينك ترى عدوّك؟ ثم رموا الأسارى فِي الْجُبّ، وجمعوا بين الصّالح وبين أولاده أيّامًا، ثُمَّ أفردوه وأعدموه سرًّا، ولم يُدْرَ أَيْنَ دُفِن.
ذكر سعد الدّين أَنَّهُ قُتِل فِي هذه الوقعة مَعَ شمس الدّين لؤلؤ حسام الدّين المذكور، وناصر الدّين ابن الأمير سيف الدّين القَيْمُرِيّ، والأمير ضياء الدين القَيْمُرِيّ، والأمير سعد الدّين الحميدي، رحمهم الله.
وقال ابن السّاعي: لمّا قُتِل المعظّم ثارت أسرى الفرنج وفكّوا قيودهم وقتلوا خلقًا، فأحاط بهم العسكر وقتلوا منهم زيادة عَلَى ثلاثة عشر ألفاً.
وكان أمين الدولة السّامرّيّ محبوسًا فِي قلعة مصر هُوَ وابن يغمور ناصر الدّين، وسيف الدّين القَيْمُرِيّ ومقدّم الخَوارزميّة صهر الملك النّاصر يوسف، فخرجوا من الحبْس لمّا خُطب ذَلِكَ اليوم للنّاصر وصاحوا: الملك النّاصر يا منصور.
فجاء الترُّك ودخلوا القلعة وشنقوهم، سوى ابن يغمور؛ فإنّه لم يوافقهم، بل جاء وقعد عَلَى باب دار حريم الترّكمانيّ وحماها. وكان الملك النّاصر يوسف بَعَثَ الصّاحب كمال الدّين ابن العديم رسولًا إلى بغداد إلى الخليفة ليجيئه بتقليد السلطنة، فدخلها في شعبان. [ص:373]
وفي وسط السّنة أخلى الملك المُعِزّ قلعة الجزيرة الّتي قبالة مصر، وقطعوا جسرها الَّذِي على النيل، وترك بِهَا نحو مائة نفس يحفظون أبراجها. وكان الملك الصّالح قد أنشأها فِي أيّامه، وغرم عليها أموالًا عظيمة لا تُحصَى. وكان مكانها دُور ومساجد ونخل وبستان، فخرّب المساجد والدُّور، وكثر الدّعاء عَلَيْهِ لذلك. ثم بعثوا حجّارين لخراب سُور دِمياط باتّفاقٍ من أمراء الترُّك، ثُمَّ أحضروا بعد أيّام أبوابها إلى مصر. وقبض المعزّ فِي هذه الأيّام عَلَى خلقْ من الأمراء والمفاردة.
وفيها كثرت الحراميّة ببغداد، وصار لهم مقدَّم يقال لَهُ: غيث، وتجرؤوا على دور الأمراء.
وفيها ثارت طائفة من الْجُنْد ببغداد، ومنعوا يوم الجمعة الخطيب من الخطبة، واستغاثوا لأجل قطع أرزاقهم وفاقتهم. وكلّ ذَلِكَ من عمل الوزير ابن العلقميّ الرّافضيّ، وكان حريصًا عَلَى زوال دولة بني العبّاس ونقْلها إلى العلويين. والرُّسُل فِي السّر بينه وبين التّتر، والمستعصم بالله تائه فِي لذَّاته لا يطَّلع عَلَى الأمور، ولا لَهُ غرض في المصلحة.
وفيها حجّ طائفة من العراق، ولم يحجّ أحد من الشّام ولا مصر لاضطراب الأمور، فأغلق صاحب مكّة أَبُو سعد أبواب مكّة، وأخذ على الرأس دينارًا، ورتَّب إمامًا للزَّيديّة فِي الحرم عنادًا وتقرُّبًا إلى العلويّ الخارج باليمن.
ومن زمان المستنصر بالله إلى الآن لم يخرج من بغداد ركْب، إنّما يتجمّع ناس ويحجّون مَعَ عرب البصرة يخْفُرُونهم، وذلك لضعف الخلافة وخبث الوزير قاتله الله.
وفيها فرغوا من حروب دِمياط، وتفرّق أهلها، ونقلوا أخشاب بيوتهم وأبوابها، وتركوها خاويةً على عروشها. ثُمَّ بُنيت بُلَيدة قريبًا منها تسمّى المنشيّة، وكان سور دمياط من عمارة المتوكل على الله.(14/366)
-سنة تسع وأربعين [وستمائة]
فيها وصل الملك النّاصر دمشق، فإنّه أقام عَلَى غزة حتى تراجع أكثر عسكره.
وفيها جاء عسكر مصر فنزلوا عَلَى غزّة والسّاحل ونابلس، وحكموا عَلَى بلاد فلسطين. فجهّز الملك النّاصر جيشًا، وجاءته النّجدة، فسار عسكره إلى [ص:374]
غزّة، وتقهقر المصريّون إلى بلادهم، وأقام عسكر الشّام عَلَى غزّة سنتين وأشهرًا، وتردّدت الرُّسُل بين الملك المعزّ أَيْبَك، وبين الملك النّاصر يوسف.
وفيها تملّك الملك المغيث ابن الملك العادل ابن الكامل الكَرَك والشَّوْبك، أعطاه إيّاها الطّواشيّ صواب متوليها.
وفيها قصد الفارس أقطايا غزة في ألف فارس.
وفيها تزوّج الملك المُعِزّ بشَجَر الدُّر حظِيّة الملك الصّالح أستاذه عَلَى صَداقٍ مَبلَغُهُ ثلاثون ألف دينار.
وفيها حاصر لؤلؤ صاحب الموصل لزوج بنته الملك المسعود ابن المعظّم الأتابكيّ صاحب الجزيرة، وأخذها منه، وأنزله من القلعة وقيّده، ثمّ غرّقه. وسلطن بالجزيرة ولده، وأزال عَن أهلها كثيرًا من المكوس.
وكان المصريّون فِي هذا العام فِي جُور عظيم، ومصادرة لكلّ أحدٍ حتّى آحاد النّاس، وأخذوا مال الأوقاف ومال الأيتام عَلَى نيّة القَرْض، ومن أرباب الصّنائع، ومن الأطباء، ومن الشهود.(14/373)
-سنة خمسين وستمائة
فيها وصلت التّتار إلى أطراف ديار بَكْر، وميّافارِقين، وسَرُوج، فعاثوا وقتلوا أكثر من عشرة آلاف، وأخذوا قَفَلًا كبيرًا قد قدِم من الشّام يكون ستّمائة جمل. وقُتِل مقدّمهم كشلوخان في هذه السنة.
وفيها حجّ الرَّكب العراقيّ بعد انقطاعه عشر سنين.
وفيها توجه نجم الدين الباذرائي رسول الخليفة من دمشق إلى الملك المُعِزّ أَيْبك فأصلح بين النّاصر والمعزّ، وكان كل واحد من الطائفتين قد سئم وضرس من الحرب. وقرّر أن تكون غزّة والقدس للمعزّ، ونابلس وما يليها للنّاصر. وكان معه نظام الدّين ابن المولى، فرجع بالصّلح فِي أوّل سنة إحدى وخمسين، وسكنت الفتنة، ولله الحمد على كل حال.(14/374)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(14/375)
-سنة إحدى وأربعين وستمائة
ذكر من توفي فيها(14/375)
1 - أَحْمَد بْن سَعِيد بْن يعقوب بْن إِبْرَاهِيم ابن البنّاء البغداديّ الأَزَجيّ. [المتوفى: 641 هـ]
شيخ صالح، سَمِعَ: أَبَا الْحُسَيْن عَبْد الحّق، وأبا العلاء بْن عَقِيل، ونصر اللَّه القزّاز. وطلب بنفسه وكتب الأجزاء، وكان يعبرّ الرؤيا.
تُوُفّي فِي التّاسع والعشرين من رمضان.
وإجازته موجودة للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بِنْت جوهر، والقاضي تقيّ الدّين، وابن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشِّحْنة، وجماعة.
روى عَنْهُ ابن النّجّار، وقال: هُوَ صالح صَدُوق حافظٌ لكتاب اللَّه، لَهُ معرفة بالعِلْم والتّعبير.(14/375)
2 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي القاسم شمس الدّين، أَبُو الْعَبَّاس التونسي الشافعي. [المتوفى: 641 هـ]
سمع: الخشوعي، والبهاء ابن عساكر. روى عنه: ابن الحلوانية، والفخر ابن عساكر، والخطيب شَرَف الدّين الفَزَاريّ. وبالحضور العماد محمد ابن البالسِيّ.
تُوُفّي فِي شعبان.(14/375)
3 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُفْلِح المَقْدِسيّ. [المتوفى: 641 هـ][ص:376]
توفي بسفح قاسيون كهلاً. وله رواية نازلة.(14/375)
4 - أَحْمَد بْن أَبِي الفَتْح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن بختيار بْن عليّ، أَبُو الْعَبَّاس المَنْدَائيّ، الواسطي. [المتوفى: 641 هـ]
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع بواسط من الْحَسَن بْن عليّ السَّواديّ، وأبي طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ، وغيرهما. روى عَنْهُ عزّ الدّين أَحْمَد الفاروثيّ، وغيره. وتوفي بطريق الحج بوادي الصفراء.
وروى عنه مجد الدين ابن العديم.(14/376)
5 - إِبْرَاهِيم بْن جَابِر، أَبُو إِسْحَاق المخزوميّ، المَرّاكِشيّ الواعظ، المعروف بالقفّال. [المتوفى: 641 هـ]
قَالَ الأَبّار: كَانَ عالِمًا عامِلًا. أقام بإشبيلية مدّةً، ثمّ بمرّاكِش، فوعظ بها إلى أن مات. وعاش إحدى وثمانين سنة.(14/376)
6 - إِبْرَاهِيم بْن شُكْر بْن إِبْرَاهِيم بْن عليّ. وجيهُ الدّين أَبُو إِسْحَاق السّخاويّ، [المتوفى: 641 هـ]
أخو الشّيخ عَلَم الدّين لأُمّه.
حدَّث عَن أَبِي القاسم البوصيري بدمشق، روى عنه الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه الخطيب شرف الدّين أحمد، وأبو علي ابن الخلال، والفخر ابن عساكر، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة.
تُوُفّي فِي سابع عشر ذي القعدة، وله سبعون سنة.
وكان فقيهًا عالِمًا.(14/376)
7 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الأزهر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. الحافظ تقيّ الدّين أَبُو إِسْحَاق الصِرَّيفينيّ، العراقيّ الحنبليّ. [المتوفى: 641 هـ][ص:377]
ولد بصريفين سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وكان أحد أوعية العلم. رحل فِي الحديث إلى الشّام، والجزيرة، وخُراسان، وإصبهان. وصحِب الحافظ عَبْد القادر مدّة، وتخرَّج بِهِ. وسمع من المؤيَّد الطوسي، وزينب الشعرية، وأبي روح الهروي، وعليّ بْن منصور الثّقفيّ الإصبهانيّ، وعمر بْن طَبَرْزَد، وحنبل بْن عَبْد اللَّه سَمِعَ منهما بإربل، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم الأنصاري الحاكم، وأبي محمد ابن الأخضر، وخلق من هذه الطّبقة.
روى عَنْهُ: الحافظ الضّياء وهو أكبر منه، والمجد ابن العديم، والمجد ابن الحُلْوانيّة، والتّاج عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه الشَّرَف الخطيب، والزين الفارقي، والبدر ابن الخلال، والفخر ابن عساكر، وآخرون.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد المنذريّ: كَانَ ثقة حافظًا صالحًا، لَهُ جُموع حَسَنة لم يتمها.
وقال العز عمر ابن الحاجب: إمام صَدُوق، ثَبت، واسع الرّواية، سخيّ النّفس، مَعَ القلّة. سافر الكثير، وكتب وأفاد. وكان يرجع إلى فقهٍ وورع. ولي مشيخة دار الحديث بمنبج، ثمّ تركها وسكن حلب. وولي مشيخة دار الحديث الّتي لابن شدّاد. سَأَلت الضّياء عَنْهُ فَقَالَ: إمام حافظ ثقة حَسَن الصُّحْبة، لَهُ معرفة بالفِقْه.
قَالَ العزّ: قرأ القرآن عَلَى والده وعلى الشّيخ عَوض الصِرَّيفينيّ. وتفقَّه عَلَى عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد البوازيجيّ. وقرأ الأدب عَلَى هبة اللَّه بْن عُمَر الدُّوريّ.
قلت: وقدِم دمشق أخيرًا، وروى بها. وبها مات فِي سادس عشر جُمادى الأولى، ودُفن بسفح قاسيون. وتخاريجُه وتَوَاليفُه تدلّ عَلَى حِفْظه ومعرفته.(14/376)
8 - أسعد ابن القاضي أَبِي نصر مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن محمد ابن الشّيرازيّ الأجلّ، أَبُو الفتح الدّمشقيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 641 هـ]
هُوَ أصغر من أخيه تاج الدّين أَحْمَد، سَمِعَ من عَبْد الرَّحْمَن بْن علي [ص:378]
الخرقيّ، والتّاج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، ويوسف بْن معالي، والخُشُوعيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ الحافظ عبد العظيم، وأخوه أبو الفضل ابن الشيرازي، وآحاد الطلبة. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره.
توفي في ذي القعدة.(14/377)
9 - إِسْمَاعِيل بْن محمود الفقيه أَبُو البركات القَزْوينيّ الصوفي. [المتوفى: 641 هـ]
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وسمع من أَبِي الخير القزوينيّ الطّالقانيّ، وولي مشيخة رباط والدة النّاصر لدين اللَّه، وَتُوُفّي في جمادى الأولى ببغداد.(14/378)
10 - أعزّ بْن كَرَم بْن مُحَمَّد بْن عليّ أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو الشُّكْر الحربيّ، البزّاز ويعرف بابن الإسكاف. [المتوفى: 641 هـ]
شيخ جليل مُسْنِد مُسِنّ. وُلِدَ سنة خمسٍ وخمسين وسمع من يحيى بْن ثابت، وَأَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وعمر بْن بنيمان.
كتب عنه عمر ابن الحاجب، وقال: لا بأس بِهِ.
وروى عَنْهُ بالإجازة: القاضيان ابن الخويي وتقي الدين الحنبلي، وبهاء الدين ابن البرزالي، وأبو نصر ابن الشيرازي، ومحمد البجدي، وبنت مؤمن، وأبو المعالي ابن البَالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي التّاسع والعشرين من صفر.(14/378)
11 - جبريل بْن محمود بْن موسى أَبُو الأمانة المصريّ، الحريريّ. [المتوفى: 641 هـ]
سَمِعَ من العلّامة عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ، وسعيد المأمونيّ، روى عَنْهُ: الحافظان المنذري والدمياطي، وجماعة. وبالإجازة: أبو الفضل ابن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي، وتوفي في جمادى الآخرة.(14/378)
12 - حَرَميّ بْن موسى بْن هِلْوَات، الشَّيْخ الصّالح أبو موسى الْجُذَاميّ النّاتِليّ، الشّافعيّ، الخرّاط. [المتوفى: 641 هـ]
وُلِدَ بمصر فِي سنة تسعٍ وخمسين، وسمع من أَبِي المفاخر سعَيِد المأمُونيّ. رَوَى عَنْهُ: الحافظان المنذري والدِّمياطيّ.
وناتِل: بطْنٌ من جُذام، وناتل أيضًا فِي قُضَاعة، وفي الصَّدَف.
أمّا أَبُو عَبْد اللَّه الناتلي فمنسوب إلى ناتل، بليدة بنواحي آمل طبرستان وقد خرج منها جماعة من الفُضلاء.
تُوُفّي فِي أوائل السنة.(14/379)
13 - الحسن ابن الأجلّ العالمِ أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن هبة اللَّه، أَبُو عليّ الأَنْصَارِيّ المصريّ المقرئ المصحفيّ. [المتوفى: 641 هـ]
شيخ معمَّر جاوز التّسعين، وحدّث عَن عَلِيّ بْن نصر الأرتاحيّ. روى عَنْهُ الزّكيّ المُنْذريّ، وقال: كَانَ مشهورًا بالخير والصّلاح والعِفّة، وكان قارئ المصحف بجامع مصر كوالده. توفي فِي خامس ربيع الآخر.(14/379)
14 - حمزة بْن عُمَر بْن عتيق بْن أوس، أَبُو القاسم الإسكندرانيّ الأنصاريّ، المالكيّ، الغزّال. [المتوفى: 641 هـ]
حدّث عَن السِّلَفيّ. وكان فقيهًا متيقّظًا. لَهُ حانوت بقَيْساريّة الغزْل، وكان دلالاً.
كتب عنه عمر ابن الحاجب، وابن الجوهري، وحدث عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، والشَّرَف الدِّمياطيّ، والضّياء عيسى السّبتيّ، والجمال ابن الصابوني، وغيرهم.
وتوفي في ثالث ذي الحجة.(14/379)
15 - خديجة بنت الحسن بْن علي بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن عَبْد العزيز، أمُّ البقاء القُرَشيّة الدّمشقيّة. [المتوفى: 641 هـ][ص:380]
كانت صالحة زاهدة قارئة، تحفظ القرآن وتشتغل بالفقه. وهي بنت عم القاضي محيي الدّين الزَّكَويّ.
سَمِعْتُ من أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وحدثنا عنها بالإجازة أبو المعالي ابن البالِسيّ.
وهي عمّة والد المعين القُرَشيّ المحدّث.
توفيت في رجب.(14/379)
16 - الخضر بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو منصور الحربيّ. [المتوفى: 641 هـ]
روى عَن يحيى بْن غالب الحربيّ، وَتُوُفّي فِي المحرَّم.(14/380)
17 - خليل بْن عَلِيّ بْن حسين، أَبُو النّجْم الحَمَويّ الحنفيّ، [المتوفى: 641 هـ]
مدرّس الزّنجيليّة الّتي عند خان الطّعم، وقاضي العسكر.
ذهب فِي الرّسْليّة إلى بغداد، وخدم الملك المعظّم، وناب في القضاء عن الرفيع الجيلي.
لقبه نجم الدين.
توفي في ربيع الأول.(14/380)
18 - سلطان بْن محمود البَعْلَبَكِّيّ الزّاهد، [المتوفى: 641 هـ]
من أصحاب الشيخ عبد الله اليونيني.
كان من كبار أولياء الله. توقت مدّةً من مُباح جبل لُبنان، وله كرامات وأحوال.
حكى العماد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعد أنّ الشَّيْخ مَعَالي خادم الشَّيْخ سلطان حدّثه أَنَّهُ سَأَلَ الشَّيْخ سلطان، فَقَالَ لَهُ: يا سيّدي، كم مرّة رُحتَ إلى مكّة فِي ليلة؟ قَالَ: ثلاث عشرة مرّة.
قلت: فَالشَّيْخ عَبْد اللَّه اليُونينيّ؟ قَالَ: الشَّيْخ عَبْد اللَّه لو أراد أن لا يُصليّ فريضةً إلّا فِي مكّة لَفَعَل.
وقال الشَّيْخ عَبْد الدّائم بْن أَحْمَد بْن عَبْد الدّائم: لمّا أُعطي الشَّيْخُ سُلطان الحال جاء إِلَيْهِ سائسٌ كُرْديّ، فَقَالَ: قد عُزِلت أَنَا ووُلِّيتَ أنت، وبعد ثلاثة أيّام ادفنّي. قَالَ: فمات بعد ثلاثٍ ودفنه. [ص:381]
وحكى الشَّيْخ الصّالح محمود بْن سُلطان أنّ أَبَاهُ كانت تُفْتح لَهُ أبواب بَعْلَبَكّ باللّيل. وقال أبي: إذا كانت لك حاجة تعال إلى قبري، واسأل الله؛ فإنها تقضى.
فهذا ما وجدت من أخبار هذا الشَّيْخ، وفي النّفس شيءٌ من ثُبُوت هذه الحكايات. والدّعاء عند القبور جائزٌ، لكنْ فِي المسجد أفضل، وفي السَّحَر أفضل، ودُبُر الصّلاة أفضل. والصّلاة لا تجوز عند القبور الفاضلة.
وأمّا مُضيّ الوليّ إلى مكّة فممكن، لكنّ ذَلِكَ بلطيفته لا بهذا الجسد، فالّذي أُسري بِهِ لَيلًا إلى المسجد الأقصى هُوَ سيّد البشر، وذلك كَانَ بجسده ولا يشاركه فِي ذَلِكَ بَشرَ إلا أن يشاء الله.(14/380)
19 - عَائِشَة بِنْت أَبِي المظفّر مُحَمَّد بْن عَليّ بن نصر بْن البَلّ الدُّوريّ، الواعظ أَمَة الحَكَم الواعظة. [المتوفى: 641 هـ]
سمِعَتْ من والدها. وأجاز لَهَا مثلُ أَبِي الحسن بن غبرة، والشيخ عبد القادر وابن البطي. روى عنها: المجد ابن الحلوانية وغيره، وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي.
تُوُفّيت فِي خامس وعشرين جُمَادَى الأولى.(14/381)
20 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز، أَبُو الفضل العبّاسيّ المكّيّ ثُمَّ البغداديّ. [المتوفى: 641 هـ]
من بيت عِلْم وشَرَف، وهو أخو المحدّث جَعْفَر. عاش ستًّا وخمسين سنة، وحدَّث عَن عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.(14/381)
21 - عَبْد اللَّه بْن يوسف، الفقيه أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ الأندلُسيّ. [المتوفى: 641 هـ]
أخذ عَن أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد خطيب قُرْطُبة ورحل فتفقّه بمصر، وأخذ عَن زاهر بْن رستم بمكّة، وعن الحافظ ابن المفضّل. ومات فِي جمادى الأولى بالأندلُس.(14/381)
22 - عبد الحق بن خلف بن عبد الحق، ضياء الدّين أَبُو مُحَمَّد الدّمشقيّ الصّالحيّ الحنبليّ المغسّل، [المتوفى: 641 هـ]
إمام مسجد الأرزة الَّذِي بطريق الجسر الأبيض.
ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة تقريبًا، وسمع من أَبِي الفَهْم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العجائز، وَأَبِي الغنائم هِبَةِ اللَّه بن محفوظ بن صَصْرَى، وعبد الصمد بن سعد النسوي، وأحمد بن أبي الوفاء، وأبي المعالي بن صابر، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني، والفضل ابن البانياسيّ، وَعَبْد الرّزّاق النّجّار، وَمُحَمَّد بْن حمزة بْن أَبِي الصَّقْر، وجماعة. وله" مشيخة "، وسماعه من ابن أبي الوفاء بحران.
روى عَنْهُ: الحافظان البِرْزاليّ والضّياء مُحَمَّد، وحفيده عزّ الدّين عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد المعدّل، وسبطه كمال الدّين عليّ بْن أَحْمَد القاضي، وَأَبُو علي ابن الخلال. والمحدث إسماعيل ابن الخباز، والعز أحمد ابن العماد، وآخرون. وبالحضور: القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، والعماد ابن البالِسيّ.
قَالَ الضّياء: هُوَ ديِّن خيرِّ.
وقال غيره: هُوَ شيخ معمّر صالح، حَسَن المحاضرة، حُلْو النّادرة.
وقال الزّكيّ عَبْد العظيم: هُوَ مشهور بالصّلاح والخير، وعجز فِي آخر عمره عَن التّصّرف، وَتُوُفّي فِي العشرين من شعبان.(14/382)
22 - م- عبد الرحمن بن عبد السلام ابن سُكَيْنَة الضّرير، [المتوفى: 641 هـ]
فيها.(14/382)
23 - عَبْد الرَّحْمَن بْن يونس بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، المغربيّ، التُّونسيّ. [المتوفى: 641 هـ]
ولد بتونس سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وقدِم الشّام فسمع بِهَا من عُمَر بْن طَبَرْزَد وكتب بخطّه. وكان خيِّرًا، نزهًا، منقبضًا. أقام بدمشق، وكتب عَنْهُ: ابن الحاجب، والضّياء ابن البالسي. وتوفي في شعبان.(14/382)
24 - عبد العزيز، الرفيع الجيليّ. [المتوفى: 641 هـ]
قيلَ: إنّه هلك فِي آخر السّنة، وقيل: فِي أوّل السّنة الآتية. وقد ذكرناه هناك.(14/383)
25 - عَبْد الغنيّ بْن أَحْمَد بْن فهد العَلْثيّ. [المتوفى: 641 هـ]
سَمِعَ ابن كُلَيْب، وتُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ.(14/383)
26 - عبدُ اللطيفِ بنُ جوهر بْن عَبْد الرَّحْمَن البغداديّ، المطرّز، الزّاهد. [المتوفى: 641 هـ]
كَانَ يطرّز، ثُمَّ تزهّد وتعبّد وتصوّف، وتكلّم فِي الحقيقة، ورُزق القبول التّامّ، وصار لَهُ أتباع.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل، وشيّعه أُمَم.(14/383)
27 - عَبْد اللّطيف بن أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بن عَليّ بن حمزة بن فارس، أبو طالب ابن القُبَّيْطِيّ، الحرّانيّ ثُمَّ البغداديّ، التّاجر، الجوهريّ، [المتوفى: 641 هـ]
مُسْنِد العراق فِي وقته.
وُلِدَ فِي شعبان سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وسمع من جدّه أَبِي الْحَسَن، وَالشَّيْخ عَبْد القادر الجيليّ، وابن البّطيّ، وَأَبِي زُرْعَة، وَأَحْمَد ابن المقرَّب، وهبة اللَّه بْن الْحَسَن الدّقّاق، وَأَحْمَد بْن عَبْد الغنيّ الباجِسرائيّ، ويحيى بْن ثابت، وأبي بكر ابن النقور، وسعد الله ابن الدَّجاجِيّ، وَعَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وَأَبِي محمد ابن الخشّاب، وشُهْدَة، وجماعة.
وروى الكثير، وسمع منه الحُفّاظ. وكان دَيِّنًا، خيرًّا، حافظًا للقرآن، مُحِبًّا للرّواية. تكاثر عَلَيْهِ الطَّلَبة، وحملوا عَنْهُ الكثير.
وروى " المقامات " عَن ابن النَّقُّور عَن الحريريّ، وروى " سنن النسائي " بفَوْت سبعة أجزاء، أول الفَوْت باب الإحداد فِي الجزء التّاسع عشر إلى باب عفْو النّساء عَن الدّم فِي الجزء الخامس والعشرين. ثمّ الجزء السّابع والعشرين بكماله، عَن أَبِي زُرْعَة.
وروى عَنْهُ " سُنَن ابن ماجة " بفَوْت نصف جزء أوله من ترجمة (مَن لبَّد رأسَه)، وآخره (الأضاحي واجبة أم لا)، عَن أَبِي زُرْعة أيضًا. وروى " مسند [ص:384]
الحميدي " عن الباجسرائي، و " ديوان المتنبي " عن ابن الوكيل، و "غريب الحديث " لأبي عبيد عن عبد الحق، و " فصيح ثعلب " عن غلام التبريزي، و"مغازي الأموي " عن عبد الله بن منصور، و "مصافحة البرقاني "، عن شهدة، و"سنن الدارقطني " عن عبد الحق، و"فضائل القرآن " لأبي عبيد عَن أَبِي زُرْعَة. وروى "جزء الحفار" و"تذكرة الحميدي "، و"أخلاق حملة القرآن " للآجري، و"جزء ابن مخلد "، و"جزء البانياسي " و"أربعة مجالس ابن أبي الفوارس ". وروى "المستنير" في القراءات عَن ابن المقرّب، عَن مؤلّفه.
وولي مشيخة المستنصريّة بعد ابن القَطِيعيّ، وعُفِي من المجيء إليها، فكان يقيم الوظيفة فِي بيته.
روى عَنْهُ جمال الدّين أَبُو بَكْر الشُّرَيْشيْ، والعلاء بْن بَلَبَان، وتقيّ الدّين بْن الواسطيّ، والشّمس عبد الرحمن ابن الزين، والرّشيد مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم، والعماد إِسْمَاعِيل ابن الطبال، والشيخ شمس الدين محمد ابن العماد، والمجد عبد العزيز ابن الخليليّ، وَالشَّيْخ عَبْد السّاتر بْن عَبْد الحميد، والقُطْب سَنْجَر النَّحْويّ، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الهادي، وَمُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معضاد الصَّرْصَريّ، والإمام أَبُو مُحَمَّد عَبْد الجبّار بن عبد الخالق بن عكبر الواعظ.
وأخبرنا عنه: أبو بكر ابن البزوري، وأبو الحسن الغرافي، وسنقر القضائي.
وَتُوُفّي فِي منتَصَف جمادى الآخرة.
وقد تفرّد بالسماع من الشيخ عبد القادر.
وإجازته متيسرة لجماعة منهم البجدي، وبنت الواسطي، وابن العماد الكاتب.
وقُبَّيْط حَرّان: حلاوة تُعْمَل من العسل.
قَالَ السيف ابن المجد: شيخ متيقظ، حافظ لأمره، رأيته بآخَرَة ملازمًا لبيته طول الزّمان، يخرج إلى الْجُمعة فقط. وكان يُؤثِر الخُمُول، وكان كثير الحكايات، ويتشدَّد فِي إعارة كُتُبه. وقد عمل التّجارة إلى مصر والرّوم [ص:385]
والشّام سِنين. ثُمَّ تَجَرَ ابنُ امرأته إلى المغرب وذهب مالُه وبقي لَهُ دُوَيْرات فيها كراء.(14/383)
28 - عَبْد الملك بْن عَبْد الحق بْن عَبْد الوهّاب بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ مجد الدين أبو الوفاء ابن الحنبليّ الأَنْصَارِيّ، العباديّ، السّعدي، الشّيرازيّ الأصل، الدّمشقيّ [المتوفى: 641 هـ]
ابن عم الناصح ابن الحنبلي.
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ورحل إلى الإسكندريّة، وسمع من السِّلَفيّ " الأربعين " وسمع بمكة من المبارك ابن الطباخ، وبدمشق من أبي الحسين ابن الموازيني وأم بمسجد الرماحين مدّة.
روى عَنْهُ الزّكيّ البِرْزاليّ فِي حياته، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، والشهاب بن مشرف، وعبد الرحمن ابن الإسفراييني، وجماعة سواهم وبالحضور العماد ابن البالسي.
وتوفي في ثامن جمادي الآخرة.(14/385)
29 - عبد الواحد بن عبد الرحمن بن أبي المكارم عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن المسلَّم بن الحسن بن هلال بن الحسن، العدل، مخلص الدّين أَبُو المكارم الأزْديّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 641 هـ]
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّين، وسمع سنة سبعين من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر وسَمِعَ من أَبِي سَعْد بْن أَبِي عصرون، وأسامة بْن مُنْقِذ، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، وغيرهم.
وكتب عَنْهُ الحُفّاظ، وحدَّث عَنْهُ: الزّكيّ البِرْزاليّ، وابن الحُلْوانيّة، ومجد الدّين العديميّ، وَأَبُو علي ابن الخلال، وأبو الفداء ابن عساكر، والنجم بن صصرى الكاتب، والشرف ابن عساكر، وجماعة سواهم من شيوخنا.
وَتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رجب.(14/385)
30 - عثمان بن أسعد بن المنجى بْن أَبِي البركات. الأجَلّ عزّ الدّين، أَبُو عَمْرو، وَأَبُو الفتح التَّنُوخيّ، الدّمشقيّ، الحنبليّ، [المتوفى: 641 هـ]
والد شيخينا زين الدين المنجى ووجيه الدّين مُحَمَّد، وصدر الدّين أسعد واقف المدرسة الصدرية.
ولد سنة سبع وستين وخمسمائة. وسمع بمصر من البُوصِيريّ، وببغداد من ابن بوش، وعبد الوهاب ابن سُكَيْنة. ودرّس بالمسماريّة نيابةً عَن أخيه القاضي شمس الدّين عُمَر.
وكان ذا مالٍ وثروة، ويتعانى التجارات والمعاملة.
روى عنه المجد ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلّال، وابناه الوجيه وزين الدّين.
وَتُوُفّي فِي مُستَهَلّ ذي الحجّة. وفيها تُوُفّي أخوه كما يأتي.(14/386)
31 - عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن عَبْد الرحمن، أبو الحسن ابن الفخار الشّريشيّ. [المتوفى: 641 هـ]
شيخ فاضل، عالم. حدَّث عَن، أَبِي الحَسَن بْن لُبّال، وَأَبِي عَبْد اللَّه ابن الفخار، وَأَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيد اللَّه. روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار.
وذكر الشّريف عزّ الدّين وفاته فِي ربيع الأوّل، وقال: كَانَ مَدار الفتوى عَلَيْهِ ببلده. وزاد أَنَّهُ رَوَى عن أَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرقون، وَأَنَّهُ تُوُفّي سنة اثنتين وأربعين.(14/386)
32 - عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن خَلَف بْن سُكَين، أَبُو الْحَسَن الإسكندرانيّ المالكيّ. [المتوفى: 641 هـ]
سَمِعَ من مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ القاضي. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من السِّلَفيّ. [ص:387]
وولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة روى عنه الدمياطي، وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة.(14/386)
33 - عَلِيّ بْن زيد بْن عَلِيّ بْن مفرّج أَبُو الرّضا الْجُذَاميّ السّعديّ التّسَارِسيّ، - وتسارس من قرى بَرْقَة -، ثُمَّ الإسكندرانيّ، المالكيّ، الخيّاط، ثم الضرير. [المتوفى: 641 هـ]
ولد سنة ستين وخمسمائة، وسمع من السِّلَفيّ.
وقدِم دمشقَ فِي شبيبته.
سمع منه: عمر ابن الحاجب وقال: كَانَ شاعرًا فاضلًا حَسَن السَّمْت.
قلت: روى عَنْهُ المجد ابن الحُلْوانيّة، والشَّرَف الدّمياطيّ، والضّياء السَّبْتيّ، ونصر اللَّه بْن عَيّاش، والتّاج الغرافيّ، وجماعة وقد تفرّد بالرّواية عَنْهُ أَبُو القاسم بْن جماعة بالإسكندريّة وروى عَنْهُ بالإجازة: أَبُو المعالي بْن البالِسيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من رمضان.
أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللَّهِ، قال: أخبرنا علي بن زيد، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا الفضل بن عبد العزيز قال: حدثنا أحمد بن محمد الأنماطي، قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي، قال: حدثنا محمد بن غالب، قال: حدثنا عبد الصمد بن النعمان، قال: حدثنا ورقاء عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحْسَبُ كل شيء بمنزلة الطعام.(14/387)
34 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الفَرَج مهران بْن عَلِيّ بْن مهران، الإِمَام محيي الدين أبو الحسن القرميسيني ثم الإسكندرانيّ، الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 641 هـ][ص:388]
ولد سنة سبع وستين وخمسمائة. وتفقّه عَلَى جماعة، وأتقن المذهب ولازم أَبَا العز مظفر بن عبد الله الشّافعيّ المعروف بالمُقْتَرَح.
وسمع من الإِمَام: أبي طاهر إِسْمَاعِيل بْن عوف، وَعَبْد العزيز بْن فارس الشَّيْبانيّ الطّبيب، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكِرْكِنْتيّ.
وتأدّب وقال الشِّعر، وولي جامع الشّافعيّة بالثّغر، ودرّس وأفتى وتخرّج بِهِ جماعة مَعَ الدّين والصّيانة.
وهو من بيت فضل وتقدّم. روى جده عن كتائب الفارقي، وغيره.
حدث عنه: الحافظ أبو الحسن ابن المفضّل، وكان أَبُو الفَرَج من نُبَلاء التّجّار المسافرين، كتب عَنْهُ السِّلَفيّ.
روى عَنِ المحيي: الحافظان المنذريّ والدِّمياطيّ. وَتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من جمادى الأولى.(14/387)
35 - عَلِيّ بْن أَبِي الفخار هبة اللَّه بْن أَبِي منصور مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد، الشّريفُ أَبُو التّمام الهاشمي العباسي، [المتوفى: 641 هـ]
من ولد أخي السفاح العباس بْن مُحَمَّد.
ولي خطابة جامع فخر الدولة ابن المطلب. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، وأبي زرعة، وأحمد ابن المقرب، وسعد الله ابن الدجاجي، وغيرهم.
وهو ممن جاوز التّسعين، فإنّه وُلِدَ فِي أوّل يوم من عام أحدٍ وخمسين. وحدَّث عَن ابن المادح بنسخة محمد ابن السَّرِيّ - فيما بَلَغَني -، فهو آخر من أدرك ابن المادح.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَأَبُو القاسم بن بلبان، والتقي ابن الواسطيّ، وسُنْقُر القضائيّ الحلبيّ، وجماعة. وكتب عَنْهُ: عمر ابن الحاجب، والقُدماء.
وقال ابن نُقْطَة: الثناء عَلَيْهِ غير طيّب.
قلت: قد عاش بعد هذا القول زمانًا ولعلَّه انصلح.
وقد روى عَنْهُ بالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وأحمد بن سلمان [ص:389]
الأرزونيّ، وفاطمة بِنْت النّاصح بْن عَيّاش، وهديّة بِنْت عَبْد اللَّه بْن مؤمن، وجماعة سواهم.
تُوُفّي فِي ثاني جمادى الآخرة.(14/388)
36 - عَلِيّ بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز الرّئيس زين الدين أبو الحسن ابن السّدّار الأنصاريّ، المصريّ، الكاتب، المنشئ البليغ. [المتوفى: 641 هـ]
وُلِدَ بالقاهرة فِي الدّولة العُبَيْديّة المصريّة فِي سنة خمسٍ وخمسين، وخدم فِي شبيبته.
قَالَ الحافظ عَبْد العظيم: كتب فِي ديوان الإنشاء للدّولة النّاصريّة والعادليّة والكامليّة. وهو أخو الوجيه مُحَمَّد المُتَوَفَّى قبله.
تُوُفّي فِي رابع شعبان.
وقد حدث عن: العلامة أبي الطاهر بن عوف. روى عَنْهُ: الحافظ عَبْد العظيم. وأجاز: للعماد ابن البالِسيّ، وأضرابه.(14/389)
37 - عَلِيّ بْن يحيى بْن حسن الواسطي الأديب، أبو الحسن ابن بِطْريق الشّاعر. [المتوفى: 641 هـ]
كَانَ فقيهًا فاضلًا أُصوليًّا، قدِم الشّام ومدح ملوكها، ثُمَّ عاد إلى بغداد.
فمن شِعره:
أجمال من أحببته وجماله ... حُلوان لولا هجره ودلاله
وعتابه وملامه لمحِبّه ... مُرّان لولا عطْفه ووِصاله
كم ذا أغضّ عَلَى القذا جَفْن الرّضا ... وأقول يا قلبي عسى إقباله
وأرى اللّيالي ينقضين وما انقضى ... عمري ووجدي وما انقضت أشغاله
قلبي الّذي حمل الهوى وشكا الضنى ... ما باله لا خففت أثقاله [ص:390]
قد كَانَ يُوعدني التّسليّ عَنْهُمْ ... لكن يوم البَيْنِ بان مُحاله
لو أنّهم رحموه كنت عذرتُهُ ... فيهم ولكنّ دَأْبَهم إهماله
تُوُفّي فِي عاشر صفر، وهو فِي عَشْر السّبعين.
خدم فِي ديوان الإنشاء مدّة.(14/389)
38 - عَلِيّ بْن يرنقش. الأمير أَبُو الْحَسَن شجاع الدّين الدّمشقيّ. [المتوفى: 641 هـ]
تُوُفّي بالقاهرة فِي المحرَّم عَن سِنٍّ عالية.
روى عَن: أَبِي الْحَسَن علي ابن الساعاتي شعراً. روى عنه: الزكي المنذري، وسأله عَن مولده فَقَالَ: بدمشق فِي سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة.
وهو أخو الأمير أبي شامة المسعود.(14/390)
39 - عمر بن أسعد بن المنجى بْن أَبِي البركات. القاضي شمس الدّين أَبُو الفتح التّنوخيّ المعرّيّ الأصل، الدّمشقيّ، الفقيه الحنبليّ، [المتوفى: 641 هـ]
مدرّس المسماريّة.
ولي قضاء حرّان مدّة، وكذا ولي أَبُوهُ قضاء حرّان. وكان عارِفًا بالقضايا، بصيراً بالشروط، صدراً نبيلاً.
ولد بحران إذ أبوه عَلَى قضائها فِي الدّولة النُّوريّة، ونشأ بِهَا وتفقّه عَلَى والده. ثُمَّ قدِم دمشق معه وسَمِعَ من أَبِي المعالي بْن صابرٍ، وأَبِي سعد بن أبي عصرون، وأبي الفضل ابن الشَّهْرَزُوريّ قاضي دمشق، وابن صدقة الحرّانيّ، ورحل هو وأخوه عز الدين عثمان فسمعا من يحيى بْن بَوْش، وَعَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وَعَبْد الوهّاب بْن أَبِي حبَّة.
روى عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، ومجد الدين ابن العديم، وسعد الخير ابن النابلسي، وأبو علي ابن الخلال، وجماعة، وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي، وآخر من حدث عنه بنته المعمّرة المُسْنِدة ستّ الوزراء.
تُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الآخر وله أربعُ وثمانون سنة.(14/390)
40 - فاطمة بِنْت أَبِي الفتح، مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن المعزّ الحرّانيّ، ثُمَّ البغداديّ، عين النّساء. [المتوفى: 641 هـ]
رَوَت عَن: عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وَعُبَيْد اللَّه الشّاتيليّ. وتُوُفّيت فِي تاسع ربيع الأوّل.
روى لنا عنها بالإجازة: الفخر ابن عساكر، وبنت سليمان.(14/391)
41 - قريش بن عبد الله بن نادر، أبو العرب الكتامي المصري المنادي. [المتوفى: 641 هـ]
ولد في بضع وستين. وسمع من: البوصيري، وغيره، روى عنه: الزكي المنذري.
ونادر: بالنون.(14/391)
42 - قيصر بْن فيروز، أَبُو مُحَمَّد الرُّوميّ ثُمَّ البغداديّ القَطِيعيّ المقرئ البوّاب. راوي " التّاريخ الكبير " للبخاريّ، عَن عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ. [المتوفى: 641 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وكان شيخًا حَسَنًا، مليح الشّكْل والبِزّة.
من مسموعه أيضًا كتاب " الغُرباء " للآجُرّيّ.
روى عَنْهُ: جمال الدّين مُحَمَّد الشُّرَيْشيّ، وتاج الدّين عليّ الغرافيّ، وغيرهما. وبالإجازة: القاضيان ابن الخوبيّ وتقيّ الدين سليمان، وأبو الفضل ابن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي، وجماعة.
وتوفي في الحادي والعشرين من شعبان.(14/391)
43 - كريمة بِنْت أَبِي صادق عَبْد الحقّ بْن هبة اللَّه بْن ظافر بْن حمزة القُضَاعيّ المصريّ الشّافعيّ. أمّ الفضل. [المتوفى: 641 هـ]
شيخة صالحة، وهي أخت مُحَمَّد. سَمِعْتُ من: إِسْمَاعِيل بْن قاسم الزّيّات. روى عَنْهَا: الحافظان عَبْد العظيم وَعَبْد المؤمن، وجماعة. وبالإجازة: [ص:392]
أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره. وتُوُفّيت فِي منتصف ذي الحجّة.
وقد حدَّث أبوها، وجدّها.(14/391)
44 - كريمة، فخر النّساء بِنْت المحدّث أَبِي الوحش عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي منصور بْن نَسيم بْن الْحُسَيْن. الدّمشقيّة. [المتوفى: 641 هـ]
سَمِعْتُ من: الخُشُوعيّ، وستّ الكَتَبَة بِنْت الطّرّاح. روى عنها: المجد ابن الحُلْوانيّة، ولم يحدّثنا أحد عَنْهَا.
تُوُفّيت فِي ثالث عشر ذي الحجة عَن نحو خمسين سنة.(14/392)
45 - كريمة بِنْت المحدّث العدل الأمين أَبِي مُحَمَّد عَبْد الوهَّاب بْن عَليّ بْن الخَضِر بْن عبد الله بن عَلِيّ، الشَّيْخة المعمَّرة، مُسْنِدَة الشّام، أُمُّ الفضل القُرَشيّة الزُّبَيْريّة الدّمشقيّة، بِنْت الحَبَقْبَق. [المتوفى: 641 هـ]
وُلِدَت سنة خمس أو ست وأربعين وخمسمائة. وسمعت أجزاء يسيرة من: أَبِي يَعْلَى حمزة ابن الحُبُوبيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْحَسَن الدّارانيّ، وحسّان بْن تميم الزّيّات، وعليّ بْن مَهْديّ الهلاليّ، وعليّ بْن أَحْمَد الحَرَسْتَانيّ - عَلَى مقالٍ فيه -. وتفردت في الدنيا بالرواية عنهم.
وروت بالإجازة: " صحيح البخاريّ " عَن أَبِي الوقت، وهي آخر من روى عَنْهُ بالإجازة، وروت أيضًا الكثير كتابةً عَن: مَسْعُود الثّقفيّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه الرُّسْتميّ، وَأَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَحْمَد الباغبان، والقاسم بن الفضل الصيدلاني، ورجاء بْن حامد المعدانيّ، وَعَبْد الحاكم بْن ظَفَر، ومحمود فورجة، وأبي الفتح ابن البَطّيّ، والشّيخ عَبْد القادر الجيليّ، وخلْق سواهم.
وخرّج لَهَا الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليّ " مشيخة " في ثمانية أجزاء؛ قد تفرد بروايتها عنها الزين إبراهيم ابن الشيرازي.
وكانت امرأة صالحةً صينة، جليلة، طويلة الرّوح إلى الغاية عَلَى الطَّلَبة، لا تضجر من التّسميع.
أخذ عَنْهَا حُفّاظ وأئمّة، وحدّثت نيِّفًا وأربعين سنة. روى عَنْهَا: الحفاظ شمس الدين ابن خليل، وزكيّ الدّين البِرْزاليّ، وضياء الدّين المقدسيّ، وزكي [ص:393]
الدين المنذري، وشرف الدين ابن النابلسي، وجمال الدين ابن الصابوني، وجمال الدين ابن الظاهري، وعلاء الدين ابن بلبان، وشمس الدين ابن هامل، وخديجة بنت غنيمة، والشَّرَف عُمَر بْن خواجا إمام، والصّدر مُحَمَّد بْن حسن الأُرْمَوِيّ، وزين الدّين عَبْد اللَّه الفارقي، والتقي ابن مؤمن، وداود بْن حمزة، وأخوه القاضي تقيّ الدين، وست الفخر بنت عبد الرحمن ابن الشّيرازيّ، وبنت عمّها ستّ القُضاة، والزَّيْن إِبْرَاهِيم ابن القواس، والشرف عبد المنعم ابن عساكر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان الأَنْصَارِيّ، وعيسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المُطْعِم، والتّاج عَلِيّ بْن أَحْمَد الغرافي، وأبو المحاسن ابن الخرقي، وأبو علي ابن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ، وخلق كثير، وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي، ومحمد ابن الكركرية، وأبو الفضل ابن البِرْزاليّ.
وتُوُفّيت ببستانها بالمَيْطُور فِي رابع عشر جمادى الآخرة، ودفنت بسفح قاسيون.
وروى الحديث أَخَوَاها عَلِيّ وصفيّة، وأبوها وعمُّها الحافظ عُمَر بْن عَلِيّ الْقُرَشِيّ، وابنه عَبْد اللَّه بن عمر.(14/392)
46 - محمد بن أحمد بن علي الفقيه الإمام أبو عبد الله ابن جارة الأزدي الإسكندراني. [المتوفى: 641 هـ]
روى عنه الدمياطي حديثا عَن فتوح بْن خَلَف صاحب السِّلَفيّ.(14/393)
47 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصّمد، أبو عبد الله ابن الطَّرَسُوسيّ الحلبيّ. [المتوفى: 641 هـ]
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا سعد بْن أَبِي عصرون، وأبا الفتح عُمَر بْن عَلِيّ الْجُويْنيّ، ويحيى بْن محمود الثّقَفيّ. وحدَّث بحلب ودمشق.
وكان صالحًا متزهّدًا منقبضًا. وكان والده من الزُّهّاد الفُضَلاء.
روى عَن أَبِي عَبْد الله الصاحب أبو المجد ابن العديم، وغيره.
وَتُوُفّي فِي المحرَّم وَلَهُ سبعون سنة.(14/393)
48 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن خَلَف. قاضي الجماعة أبو الوليد ابن الحاجّ التُّجِيبيّ الأندلُسيّ، القُرْطُبيّ، المالكيّ. [المتوفى: 641 هـ]
ذكره الأَبَّار فَقَالَ: سَمِعَ من مشايخ بلده، ودخل بَلَنْسِيَة وسمع من شيخنا أَبِي الرّبيع بْن سالم، قَالَ: وأجاز لَهُ: أَبُو القاسم بْن بَشْكُوالَ، وأبو بكر ابن الجدّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن زرقون، ونظراؤهم، ووُليّ قضاء قُرطُبة فحُمدت سيرته، وعُرِف بالفضل ولِين الجانب. ثُمَّ خرج من قُرطُبة لدخول الرّوم - لعنهم اللَّه - إليها فولي قضاء إشبيلية، وقد حدَّث، وأُخِذ عَنْهُ، وَتُوُفّي بإشبيلية فِي أوائل جمادى الأولى.
قلت: هُوَ جدُّ شيخنا الإِمَام أَبِي الوليد مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي الوليد ابن الحاجّ إمام مقصورة المالكيّة - بارك اللَّه فِي عُمره -.
وقال الشّريف عزّ الدّين أَبُو القاسم الحسيني في " الوفيات " له: أنّ القاضي أَبَا الوليد هذا روى عَن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حُبَيْش، ويحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن المَجْريطيّ، قال: وله " مشيخة ". وكان يفهم الحديث.
توفي هو وابن عمه قاضي غرناطة في عام.(14/394)
49 - محمد بْن أَبِي جَعْفَر وقيل: ابن جَعْفَر بْن يحيى بن محمد ابن أَبِي فراس الأمير حسام الدّين، أَبُو فراس الحلي. [المتوفى: 641 هـ]
كان بطلاً شجاعاً محترماً ببغداد. وليّ نيابة واسط، وحجّ بالنّاس خمس عشرة حَجَّة نيابةً واستقلالًا. وكان قد عانده الوزير مؤيَّد الدّين القُمّي، ففارق الرّكْب العراقيّ، وقصد الملك الكامل صاحب مصر فأكرم مورده، فلمّا مات القُمّي عاد إلى العراق، فأُعيد إلى رُتْبته وزعامته.
وَتُوُفّي فِي شوّال. وكانت لَهُ جنازة مشهودة، وحمل فدفن بمشهد الحسين.(14/394)
50 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَبِي البدر أَبُو جَعْفَر البغداديّ الكاتب. [المتوفى: 641 هـ][ص:395]
أحد من عُني بالحديث، وسمع الكثير. وانتقى عَلَى جماعةٍ، وسمع من عَبْد اللَّه بْن دهبل بْن كارة، وَعَبْد العزيز بْن الأخضر، وهذه الطّبقة، وله إجازة من أَبِي منصور بْن عَبْد السّلام، وابن كُلَيْب، وسمع "جزء ابن عَرَفَة " من خلْقٍ نحو المائتين. وفي حاله مقال.(14/394)
51 - مُحَمَّد بْن روميّ بْن مُحَمَّد بْن روميّ بْن أَحْمَد بْن زنْك. أَبُو عَبْد اللَّه الغُوطيّ الحردانيّ ثُمَّ السَّقْباني. [المتوفى: 641 هـ]
حدَّث فِي هذا العام عن الحافظ ابن عساكر بجزءٍ من حديثه، روى عَنْهُ: المجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، والعماد ابن البالسي حضوراً له، وكتب عَنْهُ ابن الحاجب، والقُدماء.(14/395)
52 - مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن خلف، أبو الحسن ابن الحاجّ التُّجِيبيّ، القُرْطُبيّ، المالكيّ [المتوفى: 641 هـ]
ابن عمّ القاضي أَبِي الوليد المذكور آنفًا.
سَمِعَ من أَبِي العبّاس المَجْرِيطيّ، وَأَبِي جَعْفَر بْن يحيى، وَأَبِي القاسم بن بقي، وأجاز لَهُ: أَبُو مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن زرقون، وَأَبُو الوليد يزيد بْن بَقِيّ، وجماعة.
قَالَ الأبّار: وليّ القضاء بغَرْنَاطَة وبالجزيرة الخضراء، فحُمِدت سيرته، وحدَّث. توفي بمرَّاكِش، وله سبْعٌ وستّون سنة.(14/395)
53 - مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عثمان. شَرَفُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه المقدسيّ الحنبليّ، الصّالحيّ، [المتوفى: 641 هـ]
أخو الزَّيْن أَحْمَد.
سَمِعَ: أَبَا طاهر الخُشُوعيّ، وجماعة. وبإصبهان من عفيفة الفارفانية، وأسعد بن سعيد، والمؤيد بن الإخوة، وجماعة.
حدث في هذه السّنة بمصر فسمع منه عيسى الحُمَيْديّ، وَعُبَيْد الإسْعِرْديّ. وسمع منه بغزّة كمال الدّين ابن العديم، وغيره. حدث عنه: مجد [ص:396]
الدين ابن الحلوانية، وبيبرس العديمي، وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ. وروت عَنْهُ: مريم أخت المُحِبّ حضورًا.(14/395)
54 - مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن حمزة بْن كَرَوَّس. المحتسب جمال الدّين، أَبُو المكارم السُّلَميّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 641 هـ]
وُلِدَ سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع من بهاء الدين القاسم ابن عساكر، وابن حَيُّوس.
وكان رئيسًا محتشمًا قيّمًا بالحسبة.
روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وغيره. وحدثنا عَنْهُ مُحَمَّد ابن خطيب بيت الأبار. ومات فِي سابع عشر شوّال.(14/396)
55 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مروان بْن فِهْر أَبُو الفضل اللَّخْميّ عُرِف بابن أَبِي نباتة الإشبيليّ. [المتوفى: 641 هـ]
روى عَن: أَبِيهِ القاضي أَبِي بَكْر؛ وعن أبي بكر ابن الْجَدِّ، وأَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقُون، وأَبِي جَعْفَر بْن مضاء، وجماعة.
قَالَ الأبّار: كَانَ صاحب ضبط وتقييد. ثُمَّ ورّخه بالسّنة.(14/396)
56 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الملك بْن مُحارب، المحدّث أَبُو عَبْد اللَّه القَيْسيّ الغَرْناطيّ ثُمَّ الإسكندريّ. [المتوفى: 641 هـ]
وُلِدَ بالإسكندريّة سنة سبْعٍ وخمسين تقريبًا أو قبل ذَلِكَ. وقال الأبّار: وُلِدَ سنة أربعٍ وخمسين.
وسمع من: أَبِي الطّاهِر إِسْمَاعِيل بْن عَوْف، والقاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وَعَبْد العزيز بْن فارس، وحمّاد بْن هبة اللَّه الحرّاني، وابن موقى، ومنصور بْن خميس، وجماعة. وسمع بمصر من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وبدمشق من: أَبِي اليُمْن الكِنْديّ. وببغداد من أَبِي مُحَمَّد بْن [ص:397]
الأخضر. ودخل الأندلس قبل ذَلِكَ فسمع بمُرْسِيَة من: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي جمرة، وبغَرْناطَةٍ من: قاضيها أَبِي مُحَمَّد عَبْد المنعم ابن الفَرَس، وَأَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن عليّ بْن حَكَم سَمِعَ منه " الشّفا " بسماعه لجميعه من القاضي عِياض، وسمع من: أَبِي بَكْر عَبْد اللَّه بْن طلحة المحاربيّ، وأجاز لَهُ أَبُو مُحَمَّد التّادليّ روايته عَن أَبِي مُحَمَّد بْن عتّاب خاصّة. وكان يَقْولُ: إنّه سَمِعَ من السِّلَفيّ " الأربعين البلْدانيّة ".
وكانت لَهُ عناية جيّدة بالحديث ومعرفة وإتقان. وكتب بخطّه، وحصَّل الأُصول. وطال عمره.
روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وَأَبُو القاسم بْن بَلَبَان، والضّياء عيسى السَّبْتيّ، ونصر اللَّه بْن عيّاش السّكاكينيّ، وجماعة.
تُوُفّي هُوَ وكريمة القُرَشيّة فِي ليلةٍ واحدة.
حَدَّثَنِي ابن رافع أنّ الحافظ عَبْد الكريم أراه أصل سماع ابن محارب " بالأربعين " من السِّلَفيّ. ورأيت بخطّ ابن عرام الشّاذليّ أنّ ابن محارب حدَّث " بالأربعين السِّلَفيّة " فِي ذي الحجّة سنة تسع وثلاثين وستمائة، بسماعه من الحافظ، فسمعها منه الدّمياطيّ. والتقى عُبَيْد الإسْعِرديّ، وعيسى بْن يحيى السَّبْتيّ، وعيسى بن أبي بكر الحميدي.(14/396)
57 - مُحَمَّد بْن نصر بْن قُمَيْرة [المتوفى: 641 هـ]
أخو المؤتَمَن.
ولَهُ ستّون سنة إلّا سنة.(14/397)
58 - مُحَمَّد بْن النّفيس بْن أَبِي القاسم، أَبُو عَبْد اللَّه الحربيّ السَّنَكيّ - بفتح السّين والنّون. [المتوفى: 641 هـ]
وهو يشْتبه بالسُّبْكيّ -.
روى عَن: عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن قنان. ومات في المحرم.(14/397)
59 - محمد ابن الخطيب أَبِي طاهر هاشم بْن أَحْمَد بْن عبد الواحد. الخطيب العالمِ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الأَسَديّ، الحلبيّ، [المتوفى: 641 هـ]
خطيب حلب وابن خطيبها. [ص:398]
ولد في حدود الستين وخمسمائة، ونيّف عَلَى الثّمانين، وحدَّث عَن أَبِيهِ.
ولأبيه ديوان خطب. وكانا شافعيَّين.
روى عَن هذا: مجد الدّين العديميّ فِي " مُعْجمه " حديثًا واهيًا.
وَتُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وله ذُرّية بحلب.(14/397)
60 - مُحَمَّد بْن أَبِي سعد بْن حسين أَبُو عَبْد اللَّه الأَسَديّ الحلبيّ. [المتوفى: 641 هـ]
شيخ زاهد جليل. ولد سنة ستين وخمسمائة، وسمع من يحيى الثّقفيّ، روى عَنْهُ مجد الدّين أيضًا. ومات بحلب فِي رمضان.(14/398)
61 - محاسن بْن أَبِي القاسم بْن مُحَمَّد الْجَوْبَرِيّ الخبّاز المعروف بابن الرُّطَيْل. [المتوفى: 641 هـ]
سَمِعَ من أَبِي القاسم الحافظ جزءًا. روى عَنْهُ: البِرْزاليّ، وابن الحُلْوانيّة في " معجميهما "، وروى لنا عنه بالحضور: أبو المعالي ابن البالِسيّ. وَتُوُفّي بجَوْبَر فِي الرّابع والعشرين من شعبان.(14/398)
62 - معتوق بْن نصر بْن جميل الزّاهد أَبُو الفَرَج الواسطيّ، المعروف بابن المعلّم. [المتوفى: 641 هـ]
قرأ القرآن وجوّده، وحصّل الأدب. وتفقّه للشّافعيّ. وقدِم بغداد فسمع من ابن كُلَيْب، وجماعة، وصحِب الصّالحين.
قَالَ ابن النّجّار: علّقت عَنْهُ أناشيد، وكان صالحًا، كثير العبادة، متورّعًا، لازمًا للانقطاع، متواضعًا. تُوُفّي ببغداد في ربيع الأول.(14/398)
63 - منصور بن عبد الله بن أبي البركات المبارك بن كرم أبو البدر ابن البندنيجي البغدادي. [المتوفى: 641 هـ]
روى عن: تجني الوهبانية، وتوفي في ثالث جمادى الآخرة.(14/398)
64 - مُهَلْهَل بْن بدران بْن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن رافع بْن يزيد الأمير الأجلّ، المحدّث، أَبُو المنصور ابن الأمير مجد الملك الأَنْصَارِيّ الحَسّانيّ، الْجِيتيّ، المصري، الحنبليّ. [المتوفى: 641 هـ]
من وُلِدَ حسّان بْن ثابت.
وقد ساق الحافظ أَبُو مُحَمَّد المنذريّ نَسَبه إلى حسّان.
سَمِعَ بنفسه فِي شبيبته من البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، والأرتاحي، والنقيب محمد بن الحسين الفاطميّ، وابن نجا، وبنت سعد الخير، والحافظ عَبْد الغنيّ، وجماعة كثيرة، وقرأ ونسخ وحدَّث.
وجِيت: قريةٌ من عمل نابلس.
وُلِدَ بمصر في حدود سنة سبع وستين وخمسمائة، وبها تُوُفّي فِي سابع عشر شعبان.
روى عَنْهُ: الزّكيّ عَبْد العظيم. وسمع منه شيخنا أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ ولم يَرْو عَنْهُ، كأنّه ضاع سماعه منه. وروى عنه: المجد ابن الحلوانية. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي.(14/399)
65 - نصر بن رضوان بن ثروان الفردوسي الدارني، المقرئ الصّالح [المتوفى: 641 هـ]
الملقِّن بالجامع بحلقة الحنابلة.
روى عَن: الخُشُوعيّ، ويوسف بْن معالي، والجنْزَويّ. روى عَنْهُ: البِرْزاليّ، وابن الحُلْوانيّة، وَأَبُو إِسْحَاق المخرّمي، وغيرهم.
توفي في الخامس والعشرين من شعبان عن اثنتين وتسعين سنة.(14/399)
66 - النظّام القزويني. [المتوفى: 641 هـ]
صدر كبير قدِم دمشق رسولًا من التّتار عَلَى الملك الصّالح إِسْمَاعِيل، وركب الصّالح لتَلَقّيه، وكان فِي صُحبته غلامٌ، شراؤه عَلَيْهِ ألف دينار. فذبحه الغلام ودُفن بقاسيون بعد أن أدى الرسالة.(14/399)
67 - يونس، السّلطان الملك الجواد مظفَّر الدّين ابن الأمير مظفَّر الدّين ممدود ابن الملك العادل سيف الدّين أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب. [المتوفى: 641 هـ]
كَانَ فِي خدمة عمّه الملك الكامل، فوقع بينهما واقع، فغضب وسار إلى عمّه الملك المعظّم، فأقبل عَلَيْهِ وأحسن إِلَيْهِ. ثم عاد إلى مصر واصطلح مَعَ الكامل. فلمّا مات الملك الأشرف جاء مَعَ الكامل إلى دمشق، فلم يلبث الكامل أنْ مات، وتملّك الملك الجواد دمشق. وكان جواداً كلقبه، لكن كان حوله ظلمة. وهو مبذر لما في الخزائن.
قصد الناصر داود والتقاه فانهزم الناصر. وكان المصاف على مكان يقال له: ظهر حمار، فاحتوى الجواد على خزائن الناصر وذخائره، ثم دخل نابلس ونزل بدار المعظم، واحتوى على ما فيها. وولى نوابه بالقدس وأعمالها. فلما بلغ العادل ابن الكامل ذلك خاف منه وأمره برد بلاد الناصر إليه وبالرجوع إلى دمشق. فترحل ودخل دمشق في تجمل عظيم، وزينت دمشق زينة ما سُمِع بمثلها، وتمكّن واستقلّ بالسّلطنة، إلّا أنّ الخطبة للعادل قبل الجواد، فانتدب لَهُ عماد الدّين ابن شيخ الشّيوخ.
وفي وقعة ظهر حمار يقول الجمال بْن عَبْد، وأجاد:
يا فقيهًا قد ضَلَّ سبيلَ الرّشاد ... لَيْسَ يُغْني الْجِدال يوم الْجِلادِ
كيف يُنجي ظهرُ الحمار هزيمًا ... من جوادٍ يكرّ فوق جوادِ
وكان يحبّ الصّالحين والفقراء. وتقلّبت بِهِ الأحوال وعجز عَن مملكة دمشق وتقلقل، فكاتب الملك الصالح نجم الدين ابن الكامل فقدم وسلم إليه دمشق وعوضه بسنجار وعانة، وسار إلى الشرق فلم يتم له الأمر وأخذت منه سنجار وبقي في عانة. وسار إلى بغداد فأنعم عليه، وباع عانة للخليفة بجملة من الذهب، ثم سار إلى الديار المصرية وافدا على الملك الصالح، فهم بالقبض عليه، فتسحب إلى الكرك إلى عند الملك الناصر، فقبض عليه الناصر، ثم انفلت منه وقدم على الملك الصالح إسماعيل صاحب دمشق، فلم يبش به. فقصد ملك الفرنج الَّذِي بالسّاحل صيدا وبيروت، فأكرموه وشهد معهم وقعة قلسوة، وهي قرية من أعمال نابلس، قتلوا فيها ألف مُسْلِم - فنعوذ بالله من مكر اللَّه -. وما أمكنه أن يدفع عَن المسلمين بكلمة. ثُمَّ بعث إليه إسماعيل [ص:401]
الأمير ناصر الدين ابن يغمور ليحتال فِي القبض عَلَيْهِ بخديعة، فيُقال: إنّه اتّفق معه عَلَى إِسْمَاعِيل. ثُمَّ إنّ إِسْمَاعِيل ظفر بالجواد وسجنه بحصن عزتا، وسجن ابن يغمور بقلعة دمشق. فطلب الفرنج الملك الجواد من إِسْمَاعِيل، وقالوا: لا بدّ لنا منه. فأظهر أَنَّهُ قد مات، وأهله يقولون: إنّه خنقه - فالله أعلم - ودُفِن فِي شوّال بقاسيون بتُربة المعظّم. ويقال: كانت أمّه إفرنجيّة.(14/400)
68 - يونس بْن منصور بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصّمد بْن معالي أَبُو بَكْر السَّقْبَانيّ المؤذّن. [المتوفى: 641 هـ]
كَانَ شيخًا صالحًا يؤذّن احتساباً.
سمع من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر. كتب عنه ابن الحاجب، والضياء ابن البالِسيّ، وجماعة. وحدَّث عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة. وَأَبُو علي ابن الخلال. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالِسيّ.
حدَّث فِي هذه السّنة، وَتُوُفّي فيها أَو بعدها.(14/401)
69 - يونس بْن يوسف بْن سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن أيّوب. المحدّث أَبُو سهل الْجُذَاميّ الأندلُسيّ القَصْريّ - قصر عَبْد الكريم - كَانَ يُعرف بابن طربجة. [المتوفى: 641 هـ]
لَهُ مشاركة جيّدة فِي فنون من العِلم.
ذكرَه أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّارُ فَقَالَ: سَمِعَ من أَبِي الحسن نجبة بن يحيى، وَأَبِي ذَرّ بْن أَبِي ركب الخُشْنيّ، وَأَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وجماعة، وأجاز لَهُ أبو بكر ابن الْجَدّ، وغيره. وطوّف ونزل تونس ثُمَّ ولي قضاء طرابلس المغرب. ثُمَّ انتقل إلى القاهرة فِي سنة سبْعٍ وعشرين فحظي هناك، وخلف أبا الخطاب ابن الجميل - يعني ابن دحية - بعد وفاته. قال: وكان يتسمح كثيرًا فيما يحدّث بِهِ. وَتُوُفّي فِي آخر سنة إحدى وأربعين.
قلت: روى عَنْهُ الدّمياطيّ، وقال: كَانَ قليل الرّواية. كتبتُ عَنْهُ أناشيد للمغاربة. وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من رمضان. [ص:402]
وقال الشّريف عزّ الدّين: روى عَن الحافظ ابن عَبْد الواحد الغافقيّ، وغيره. وتولّى مشيخة دار الحديث الكاملية دار الحديث الكامليّة مدّة. واختصر " صحيح مُسْلِم".(14/401)
70 - أبو بكر الشعيبي الزاهد. [المتوفى: 641 هـ]
أحد الأولياء ببلد ميافارقين. والشُّعَيْبيَة: من قُرى مَيَّافارقين.
قَالَ سعد الدّين الْجُوينيّ: كَانَ من صلحاء الأبدال. صاحب علم وعمل ورياضات ومجاهدات. سألني السلطان الملك المظفر أن أقول لَهُ أن يأذن لَهُ فِي زيارته فلم يجب، وقال: أَنَا أدعو لَهُ أن يصلحه الله لنفسه ولرعيته فيجتهد أن لا يظلم. قَالَ: وكان أكثر أوقاته يتكلَّم عَلَى الخاطر. وكان كثيرًا ما يَقْولُ عقيب كلامه: اللهم ارحمنا. فسألته عَن التّتار قبل أن يطرقوا البلاد فزفر زفرةً ثُمَّ أنشد:
وما كلّ أسرار النّفوس مُذاعةٌ ... ولا كلّ ما حلّ الفؤاد يُقالُ
خرج إلى قريته الشُّعَيْبيّة وقال لأولاده: احفروا لي قبرًا فأنا أموت بعد يومين. فحفروا لَهُ، ثُمَّ مات فِي اليوم الَّذِي عيّنه، رحمه اللَّه.(14/402)
-وفيها وُلِدَ:
وجيه الدّين يحيى بْن أَحْمَد القُونُويّ المقرئ، وصفيّ الدّين أَبُو بَكْر بْن أحمد السلامي، والجمال محمد ابن الرّشيد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الإصبهانيّ المصريّ، سَمِعَ: السبط، والمحدّث شهاب الدّين أَحْمَد بْن يونس بْن أَحْمَد بْن بركة الإربليّ، بالقاهرة؛ والشَّرَف أَبُو الفتح محمد بن عبد الرحيم ابن النشو القُرَشيّ بالقرافة، والتّاج مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد ابن النصيبي، بحلب، وطاهر ابن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن العجميّ الحلبيّ، والشّمس مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الفتح ابن السَّنْجاريّ المؤدّب، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الوليّ الفلّاح سِبْط اليَلْدانيّ، والجمال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن شُكْر المقدسيّ. وعلي بن النصير ابن الدّفوفيّ المصريّ، ووالدي أَحْمَد بْن عثمان الذّهبيّ.(14/402)
-سنة اثنتين وأربعين وستمائة(14/403)
71 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن بختيار أَبُو القاسم الواسطيّ، ثُمَّ البغداديّ. [المتوفى: 642 هـ]
من أولاد الأمراء.
لَهُ شِعْر حَسَن، فمنه:
ملْ بي إلى الدَّيْر من نجران مُصطبحاً ... يا صاح قبل التفاف السّاق بالسّاق
أَما ترى الوُرق تشدوا فِي الغُصُون ... وكم من ساق جرٍّ يغنينا عَلَى ساقِ
والنّور يُضحكهُ باكي الغَمام فقُم ... مشمّرًا لارتشافِ الكأسِ عَن ساقِ
وهاتها كشُعاع الشّمس صافيةً ... تَغْشَى العيونَ رعاكَ اللَّهُ من ساقِ
ضعف وافتقر ولزِم رباط أَبِيهِ إلى أن مات في جمادى الآخرة.
كان أبوه أستاذ دار الخلافة.(14/403)
72 - أَحْمَد بْن أَبِي الفتح مُحَمَّد بْن أَحْمَد ابن المَنْدائيّ الواسطيّ، أَبُو الْعَبَّاس [المتوفى: 642 هـ]
المذكور فِي السّنة الماضية.
ثُمَّ أنبأني ابن البُزُوريّ أَنَّهُ تُوُفّي راجعًا من الحجّ فِي ثامن عشر محرَّم سنة اثنتين. وَأَنَّهُ خَدَمَ فِي خِدَم آخرها نيابة صدرية واسط.(14/403)
73 - أحمد بن محمد بن علي، الوزير الكبير نصير الدين أبو الأزهر ابن النّاقد البغداديّ. [المتوفى: 642 هـ]
كَانَ أَبُوهُ من كبار التّجّار.
وولد في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. واشتغل وقرأ العربيّة وعانى الكتابة، وتقلّب فِي المناصب. وتنقّلت بِهِ الأحوال. وكان بينه وبين الخليفة الظاهر رضاع شرف به فنبل في زمانه. ثمّ ولي أستاذ داريّة الخلافة فِي سنة سبْعٍ وعشرين بعد وفاة عضُد الدّين المبارك بْن الضّحّاك، ثُمَّ وليّ الوزارة فِي سنة تسعٍ وعشرين.
وكان فِي شبيبته متعبّدًا كثير التّلاوة، ربّما قرأ القرآن فِي رَكْعتين فنفعه ذلك. [ص:404]
وعرض لَهُ فِي سنة أربعٍ وثلاثين ألم المفاصل منعه عَن القيام وعجز عَن الحركة والخطّ. وهو محتَرَم معظَّم إلى الغاية. واستناب من يكتب عَنْهُ.
ولمّا كَانَ يوم البيعة المستعصميّة، حضر فِي محفّة وجلس بين يدي السُّدّة، وإنّما العادة أن يقف الوزير، فاغتفر ذلك لعجزه، وأُقر على رتبته. وبقي على الوزارة إلى أن مات، ووليها بعده المشؤوم الطلعة ابن العَلْقَميّ.
تُوُفّي فِي سادس ربيع الأوّل، وغسّله الإمام نجم الدين عبد الله الباذرائي مدرّس النّظامية يومئذ، وشيّعه عامّة الدّولة.
وكان من رجالات العالم رأيًا وحزْمًا وأدبًا وكتابة وترسُّلًا وحُسن سيرة، يرجع إلى دين وخير، فالله يرحمه ويسامحه.
وولي فِي منصب ابن العلقمي الأستاذ دارية الصاحب محيي الدين الجوزي.(14/403)
74 - أحمد ابن القاضي أَبِي نصر مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد القاضي الرّئيس تاج الدّين أَبُو المعالي ابن الشّيرازيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 642 هـ]
سَمِعَ: من جدّه، وَأَبِي المجد الفضل ابن البانياسيّ، وَعَبْد الرزاق النّجّار، وابن صَدَقة الحرّانيّ. وأجاز لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفيّ.
وكان صدرًا رئيسًا مبجَّلًا مُعَدَّلًا، وافر الحُرْمة.
روى عَنْهُ: الجمال محمد ابن الصابوني، وابنه الشهاب أحمد، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وابن عمه عبد المنعم ابن عساكر، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ، والزَّيْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن حفيده، والمجد عَبْد الرَّحْمَن بن محمد الإسفراييني، وأبو علي ابن الخلّال، وآخرون.
وُلِدَ فِي صَفَر سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وتوفي في خامس رمضان.(14/404)
75 - إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ أَبُو إِسْحَاق العَبْدَريّ المَيُورَقيّ، المعروف بابن عَائِشَة. [المتوفى: 642 هـ][ص:405]
قَالَ الأَبّار: روى عَن: أَبِي عَبْد اللَّه ختن فضل وتفقَّه بِهِ، ومال إلى عِلْم الرأي. وكان ديّنًا نزهًا. أسره العدوّ فِي الحادثة الكائنة عَلَى مَيُورقة، ثُمَّ خلص وقدِم بَلَنْسِيَة. ثم ولي قضاء دانية. وسمعتُ منه بتونس، وبها توفي في ذي القعدة، وله بضْعٌ وستّون سنة.(14/404)
76 - إِبْرَاهِيم بْن صالح بْن خَلَف بْن أَحْمَد الْجُهَنيّ، القاضي، الشّابّ الصّالح الإِمَام جمال الدّين أَبُو إِسْحَاق. [المتوفى: 642 هـ]
تُوُفّي وله ستٌّ وثلاثون سنة. وهو أخو شيخنا محمد.
قرأ القراءات عَلَى الفقيه زيادة، وبرع فِي مذهب الشّافعيّ. وسمع من جماعة.
وكان أحد الأذكياء. وليّ قضاء بِلْبِيس، ثُمَّ قضاء البَهْنَسَا فأدركه أَجَلُه بها في ربيع الأول.(14/405)
77 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن قَسُّوم. أَبُو إِسْحَاق اللَّخْميّ الإشْبيليّ [المتوفى: 642 هـ]
قَالَ الأبّار: روى عن: أبي بكر ابن الْجَدِّ، وأَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقُون، وأَبِي عمرو ابن عظيمة، وأخذ عَنْهُ القراءات. وروى أيضًا عَن: أَبِي محمد بن عبيد الله، وأبي الحسن نجبة بْن يحيى. وكان فقيهًا أُصُوليًا ناسكًا، صادعًا بالحقّ. تغلب عَلَيْهِ العبادة.
وهو أخو أَبِي بَكْر المُتَوَفَّى قبل الأربعين.
تُوُفّي هذا فِي شوّال عَن سِنٍّ عالية.(14/405)
78 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المنعم بْن عَلِيّ. القاضي شهاب الدين، أبو إسحاق الهمداني الحَمَويّ الشّافعيّ، المعروف بابن أَبِي الدَّم، قاضي حماة. [المتوفى: 642 هـ]
وُلِدَ بِهَا فِي سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة، ورحل فسمع ببغداد من [ص:406]
عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة. وحدَّث بحماة، وحلب، والقاهرة. وله نظْم ونثْر ومصنَّفات وترسُّل عَن صاحب حماة.
سَمِعَ منه: أَبُو بَكْر الدَّشْتيّ شيخنا، وغير واحد. وتوفي فِي جمادى الآخرة بحماة.
وله " التاريخ الكبير المُظَفَّريّ".(14/405)
79 - أرسلان شاه هُوَ السّلطان نور الدّين صاحب شَهْرزور ابن الملك عماد الدّين زنكي بْن نور الدّين رسلان شاه ابن السّلطان عز الدّين مَسْعُود ابن السّلطان قُطْب الدّين مودود ابن أتابك زنكي ابن قسيم الدّولة أقسنقر بْن عَبْد اللَّه التُّركيّ الأصل والنَّسَب، المَوْصِليّ. [المتوفى: 642 هـ]
كَانَ محبوبًا إلى والده فلمّا احتضر أخذ لَهُ العهد والميثاق عَلَى الأمراء والأعيان، وملك بعده شهرزور.
وكان شجاعًا مَهِيبًا لاقى التّتار غير مرّة. وقدِم بغداد بعساكره فِي سنة أربعٍ وثلاثين لنُصْرة الإِسْلَام فبهرَ الأنام بجماله فإنّه كَانَ بديع الحُسن.
وُلِدَ فِي سنة أربعِ عشرة وستمائة، وَتُوُفّي يوم رابع عشر شعبان بقلعته.(14/406)
80 - إِسْحَاق بْن الخضِر بْن كامل بْن سالم. الصَّفِيُّ أَبُو عَبْد اللَّه السّروجيّ ثُمَّ الدّمشقيّ السُّكَّريّ، ابن المعبرّ. [المتوفى: 642 هـ]
سكن قاسيون، وله بِهَا عقِب. وسمع من: يوسف بْن معالي الكِنانيّ، والخُشوعيّ، وحنبل، وغيرهم.
وسُئِل عَنْهُ الضّياء مُحَمَّد، فَقَالَ: ثقة، ديِّن.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه شَرَف الدّين أَحْمَد، والبدر ابن الخلال، وجماعة. وحضر عليه أبو المعالي ابن البالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي جمادى الأولى.(14/406)
81 - إِسْمَاعِيل بْن زيد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَقِيل أَبُو الفضل العلوي الحسني الخُرَاسانيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 642 هـ][ص:407]
شيخ صالح، خرَّج لَهُ الزّكيّ البِرْزاليّ " مشيخة ". أجاز لَهُ أَبُو الفضل خطيب الموصل، وَأَبُو المعالي بن صابر، وسمع من التّاج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعودي، والقاسم ابن عساكر، وحمزة بْن أسعد التّميميّ.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحلوانية، وغيره.
وتوفي فِي جمادى الأولى.(14/406)
82 - أيبه، الأمير الكبير زين الدين التركي، الناصري، الخليفتي. ويعرف بالأيسر. [المتوفى: 642 هـ]
كَانَ فارسًا شجاعًا، ثُمَّ شاخ وانقطع بمنزله. وتوفي في رجب.(14/407)
83 - تُرْشُك، الأمير بهاء الدّين النّاصريّ الخليفتيّ. [المتوفى: 642 هـ]
تُوُفّي فِي المحرَّم. وكان من أعيان الدّولة ببغداد.(14/407)
84 - ثروان بْن مُحَمَّد بْن ثروان بْن عَبْد الصّمد القَيْسيّ، التَّدْمُرِيّ. شيخ تَدْمُر. [المتوفى: 642 هـ]
رَجُل صالح من بيت مشيخة وزهادة. مات فِي صَفَر عَن بضعٍ وخمسين سنة.
صحِب والدَه - الَّذِي ذكرناه فِي سنة سبْع عشرة -، وخلَّف بعده ولدَه الشّيخَ الزّاهد عيسى ابنَ تِسعِ سِنين. وقد أدركنا الشيخ عيسى.(14/407)
85 - حامد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الحربيّ الخيّاط. [المتوفى: 642 هـ]
سَمِعَ: أَبَا منصور بْن عَبْد السّلام.(14/407)
86 - الْحَسَن بْن سالم بْن عليّ بْن سلّام الصّدرُ الكبير نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد الطّرابُلُسيّ الأصل، الدّمشقيّ الكاتب. [المتوفى: 642 هـ]
والد المحدّث أَبِي عَبْد اللَّه محمد.
ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسَمِعَ من يحيى الثَّقفيّ، وابن [ص:408]
صَدَقَة الحرّانيّ، وطغدي الأميريّ، وَمُحَمَّد بْن أَحْمَد الطالقاني، وعبد الرحمن ابن الخرقي.
وولي نظر الزّكاة، ثُمَّ ولي نظر الدّواوين.
وكان سمحًا جوادًا، حَسَن العِشْرة، يحبّ الصّالحين. وفيه دِين ومروءة. وله دار ضيافة فِي رمضان. ولكنّه دخل فِي أشياء، وقام فِي أمر الصّالح إِسْمَاعِيل وفرَّق الذَّهَب فِي بيته عَلَى الأمراء، حتّى جاء وأخذ دمشق.
فذكر الصاحب معين الدين ابن الشيخ قال: أوصاني الملك الصّالح نجم الدّين أنّني إذا فتحت دمشق أن أعَلِّق ابن سلّام بيده على بابه.
قلت: فستره الله بالموت قبل أن يفتح البلد بأشهُر. ثم مات بعده ولده، وتمزّقت أمواله ورياسته مع أنه كان كبير أهل البلد فِي وقته ورئيسهم. وقد نُسِب إلى تشيُّع، ولم يصحّ ذَلِكَ. وكان كثير الإحسان إلى الحنابلة.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وابن الحُلْوانيّة، وابن الخلّال، والنَّجْم إِبْرَاهِيم بْن محمود العقرباني، والشرف مُحَمَّد ابن خطيب بيت الأبار.
ومات فِي سادس عشر ذي الحجّة.(14/407)
87 - الْحَسَن بْن أَبِي الفضل شمس الدين ابن القصبانيّ البغداديّ، التّاجر الجوهريّ. [المتوفى: 642 هـ]
كَانَ المعتَمَد عَلَيْهِ في عصره في معرفة الجواهر وقيمتها. وكان من كبار التُّجّار وذوي الثّروة. وكان من أعيان الرّافضة.
تُوُفّي فِي صفر، وكانت لَهُ جنازة حَفِلَة.(14/408)
88 - الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه. الشّريف أبو طالب بهاء الدين ابن المهتدي بالله الهاشميّ العَباسيّ، [المتوفى: 642 هـ]
نقيب بني هاشم بالعراق، وخطيب جامع القصر الشّريف.
كَانَ صدرًا محتشماً، كبير القدر، ذا دين وعدالة. [ص:409]
توفي فِي رجب، وشيّعه الأعيان سوى الوزير وأستاذ الدّار ابن الجوزيّ، وسوى الأميرين مجاهد الدّين وعلاء الدّين الدّويدارين.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ عاقلًا ديِّنًا لكنّه قليل العِلم. روى شيئًا عَن يحيى بْن الْحُسَيْن الأَوَانيّ.(14/408)
89 - الْحُسَيْن بْن عمر بن عبد الجبار، الموفق، ابن الرّوّاس الواسطيّ. [المتوفى: 642 هـ]
كَانَ من أكبر أعوان الرّفيع الْجِيليّ، وممّن عمل عَلَى أذِيَّة المسلمين وأخذ أموالهم بالباطل والتزوير، فقُبِض عَلَيْهِ وعُذِّب وصودِر ثم أُعدِم، فقيل: إنّه أُخرِج ليلًا وخُنِق عند تلّ النّصارى بظاهر دمشق. ورُميَ أو قُبِرَ فِي شهر جمادى الأولى.
وكان ظالمًا جباراً، جسر الرفيع على جهنم، وقيل: إنّه أخذ من أموال المسلمين لنفسه ستّمائة ألف درهم، وعصر وكسرت ساقاه؛ وقيل: إنّه مات تحت الضَّرْب، فانظُر كيف عاقبة الظلم، فاعتبروا أيُّها الظَّلَمة، وهذا خفيفٌ بالنّسبة إلى ما ادخر له في الآخرة.(14/409)
90 - حميد الأَبْلَه الملقّب بالأدغم. [المتوفى: 642 هـ]
كَانَ مُوَلَّهًا ناقص العقل أو عادم العقل. وكان غير محترز من النّجاسات عَلَى قاعدة المجانين. وكان يصيح بِهِ الصّبيان: يا أدغم، فيثور ويصيح، وربَّما أذى نفسه بالضّرب. وكان لأهل بغداد فِيهِ اعتقاد، ويعدّونه من أصحاب الكرامات.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة، وازدحموا على نعشه، فواعجباً لبني آدم ما أغفلهم وأغرهم.(14/409)
91 - خاطب بْن عَبْد الكريم بْن أَبِي يَعْلَى أَبُو طَالِب الحارثيّ المِزّيّ. [المتوفى: 642 هـ]
وُلِدَ سنة سبْعٍ وأربعين. وسمع " تاريخ المزة " من الحافظ ابن عساكر، وأخذ عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزاليّ، وابن الجوهريّ، والكمال ابن الدّخْمِيسيّ، والجمال بْن شُعَيب، والقُدماء. وحدَّث عَنْهُ: أبو علي ابن الخلال، وأبو المحاسن ابن [ص:410]
الخرقي، وَمُحَمَّد بْن سالم النّابلسيّ المؤذّن، وَأَبُو حامد ابن الصّابونيّ، وعنبر وَعَبْد الرحيم بْن خَلَف المِزِّيّان.
وكان شيخًا معمَّرًا من أهل البِرّ.
تُوُفّي فِي المحرَّم بالمِزَّة.(14/409)
92 - خليل بْن بدر. [المتوفى: 642 هـ]
من رؤوس الضلال. قد كان قوي بأسه واستولى عَلَى قلاعٍ من أعمال سُلَيْمَان شاه، وتقوَّى بالتّتار. وكان بزِيّ القَلَنْدريَّة، يشرب الخمر ويأكل الحشيش ويدَّعي أنّه من الرّفاعيّة. وأظهر الإباحة والزَّنْدقة، واجتمع لَهُ عددٌ كثير، فحاربهم سُلَيْمَان شاه، فقُتِل خليل فِي المصافّ، وقُتِل من أصحابه ألف ومائتان، وجُرِح خلّق، وعُلِّق راس خليل - لعنه الله -، على باب خانقين، وهرب أخوه ومَن نجا مِن أصحابه إلى التتار.(14/410)
93 - رحمة بْن الخضِر بْن مختار القاضي أَبُو الغيث الأشجعيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 642 هـ]
قاضي ذات الكَوْم.
تُوُفّي بِهَا، وله نحوٌ من سبعين سنة.
وقال: إنّه سَمِعَ من البُوصِيريّ.
تُوُفّي فِي ربيع الأول.(14/410)
94 - سعد اليمني [المتوفى: 642 هـ]
مولى الحافظ أَبِي المواهب بْن صَصْرَى التَّغْلبيّ.
تُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة. وقد أجاز لأبي المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.(14/410)
95 - سُلَيْمَان بْن عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد اللَّه الفقيه أَبُو القاسم الأنصاريّ الدّمشقيّ المقرئ المجوِّد. [المتوفى: 642 هـ]
سمّعه خاله المحدث عبد العزيز الشيباني من الخُشُوعيّ، وابن طَبَرْزَد، وحمّاد الحّرانيّ، وجماعة. ورحل إلى بغداد فسمع من أَبِي أَحْمَد بن سكينة، [ص:411]
ويحيى بْن الربيع الفقيه، وسليمان المَوْصِليّ، وجماعة.
وكان مع فِقْهه عارفًا بالقراءات مُجَوِّدًا لَهَا. قرأ عَلَيْهِ جماعة. وروى عنه الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي ابن الخلال، وإسماعيل ابن عساكر، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة.
وهو والد شيختنا فاطمة بِنْت سُلَيْمَان.
وقد روى عنه بالحضور: العماد ابن البالسي، وغيره.
وكان يؤدّب. ويُعرف بابن السّيُوريّ.
تُوُفّي في ثاني عشر شعبان، وله سبْعٌ وستّون سنة.(14/410)
96 - سُلَيْمَان بْن عَلِيّ، أَبُو الربيع الكُتَاميّ الأندلُسيّ الشِّلْبيّ. [المتوفى: 642 هـ]
صحِبَ الحافظَ أَبَا مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، ولازَمَه مدّة. وحمل " صحيح البخاريّ " عَن أَبِي الوليد بْن خَالِد العَبْدَريّ.
وكان الغالب عَلَيْهِ الأدب مع الضبط والإتقان.
توفي بميورقة.(14/411)
97 - طَيْبَرْس بْن أَيْبَك. الأمير الكبير بهاء الدّين ابن الأمير حسام الدّين. [المتوفى: 642 هـ]
من أمراء البغدادِيّين.
أُمِّرَ بعد وفاة والده، وخُلِع عَلَيْهِ. وكان من المِلاح، فَتُوُفّي وهو شابّ طرِيّ، فتحزَّن بعض الناس عليه لحسنه.
مات في شعبان.(14/411)
98 - ظافر بن طاهر بن ظافر بْن إِسْمَاعِيل بْن الحَكَم بْن إِبْرَاهِيم بْن خَلَف. أَبُو المنصور الأَزْديّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، المطرِّز المعروف بابن شَحْم. [المتوفى: 642 هـ]
وُلِد سنة أربع وخمسين، وسَمِعَ من السِّلَفِيّ، وأَبِي الطّاهر بْن عوفٍ، ومخلوف بن جارة الفقيه، والقاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وأخيه [ص:412]
الفقيه أَبِي الفضل أَحْمَد، وجماعة.
وكان يؤمّ بمسجد.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والشَّرَف الدّمياطيّ، والتّاج الغرافيّ، وجماعة، وبالإجازة: القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، وأبو المعالي ابن البالِسيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي نصف ربيع الأوّل بالإسكندريّة.(14/411)
99 - ظَبْيَة، مُعْتَقَة المحدّث عَبْد الوهّاب بْن رواج. [المتوفى: 642 هـ]
سمعت من: عبد المجيد بن محمد الكركنتي. روى عنها: الدمياطي، وغيره.
ماتت بالإسكندرية.(14/412)
100 - عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن الخضِر. أَبُو بَكْر الحلبيّ الشّافعيّ الشُّرُوطيّ. [المتوفى: 642 هـ]
روى عَن: حنبل بالعُلى وعنه مجد الدّين ابن العديم.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(14/412)
101 - عَبْد اللَّه بْن صبح بن حسنون العسقلّانيّ الأصل، التِّنِّيسيّ، ثمّ الدّمياطيّ، المقرئ، الفَرَضيّ، الخطيب نبيه الدين. [المتوفى: 642 هـ]
روى بالإجازة عَن: نصر اللَّه بْن سلامة الهيتي، وأبي الفرج ابن الْجَوْزيّ.
حدَّث عَنْهُ: الدّمياطيّ وقال: هُوَ أستاذي فِي القراءة والفرائض. مات فِي ذي القعدة، وله سبعون سنة.(14/412)
102 - عَبْد الرَّحمن بْن عَبْد المنعم ابن الخطيب أبي البركات الخضر ابن شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد. عز الدين أبو محمد ابن عبد الحارثي، الدمشقي، الشافعي. [المتوفى: 642 هـ]
ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وحدَّث عَن القاضي أَبِي سعد بْن أَبِي عصرون، وعبد الرزاق النجار، وإسماعيل الجنزوي، وجماعة. روى عنه: [ص:413]
المجد ابن الحلوانية، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار.
وَتُوُفّي فِي سابع المحرَّم وله ثمانون سنة.
وهو أخو الكمال.(14/412)
103 - عَبْد السلام عَبْد اللَّه ابن شيخ الشيوخ عمر بن علي ابن الزّاهد العارف أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن حَمُّوَيْه الْجُوينيّ، شيخ الشّيوخ، تاج الدّين، أَبُو محمد. [المتوفى: 642 هـ]
ولد سنة ست وستين وخمسمائة بدمشق. وسمع من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، ويحيى الثّقفيّ، وَأَبِي الفتح والده. وسمع ببغداد من شُهْدَة.
ودخل الدّيار المصريّة، ثُمَّ دخل المغرب في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وأقام بها إلى سنة ستمائة، وأخذ بها عن أبي مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، وجماعة. وسكن مُرّاكش.
وكان فاضلًا مؤرّخًا. لَهُ أدب وشِعر وتواليف؛ وله " تاريخ ". وكان عفيفًا متواضعًا لا يلتفت إلى بني أخيه لأجل رياستهم، وقد كانوا كالملوك فِي دولة الملك الصّالح نجم الدّين.
روى عَنْهُ: الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ، والمفتي زين الدّين الفارِقيّ، وشمس الدّين مُحَمَّد بْن غانم الموقّع، والبدر أَبُو عَلِيّ ابن الخلال، والركن أحمد الطاووسي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وجماعة. وأبو المعالي ابن البالِسيّ بالحضور.
وكان من كبار الصُّوفية وله بينهم حُرْمة وافرة.
تُوُفّي فِي خامس صَفَر.
ودخل مَرّاكش وحظي عند ملكها أَبِي يوسف، فَقَالَ: قَالَ لي يومًا: كيف ترى هذه البلاد يا أبا محمد؟ وأين هِيَ من بلادك الشّامية؟ قلت: يا سيّدنا بلاد حسنة أنيقة مكملة وفيها عيب واحد. قَالَ: ما هُوَ؟ قلت: [ص:414]
تُنْسي الأوطان. فتبسَّم وأمر لي بزيادة رُتْبة وإحسان.(14/413)
104 - عبد العزيز بن عبد الصمد، أبو محمد ابن الخرزي. الطّبيب المصريّ. [المتوفى: 642 هـ]
حدّث عَن: البُوصِيريّ، وغيره. وكان يطب الفقراء ويؤثرهم بالأشربة.(14/414)
105 - عَبْد العزيز بْن عَبْد الواحد بْن إِسْمَاعِيل قاضي القُضاة بدمشق، رفيعُ الدّين، أَبُو حامد الْجِيليّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 642 هـ]
الَّذِي فعل بالنّاس الأفاعيل.
كَانَ فقيهًا فاضلًا، متكلّمًا، مُناظِرًا، متفلسفًا، رديء العقيدة معثراً. قدِم الشّام، ووُليّ قضاءَ بَعْلَبَكّ فِي أيّام صاحبها الملك الصّالح إِسْمَاعِيل، ووزيره أمين الدّولة السّامريّ، فنفق عليهما، فلمّا انتقلت نوبة السَّلطنة بدمشق إلى إسماعيل ولاه القضاء، فاتفق هو وأمين الدّولة فِي الباطن عَلَى المسلمين، فكان عنده شهود زُور قد استعملهم ومدَّعون زُور. فيحضر الرجل إلى مجلسه من المتموّلين فيدّعي عَلَيْهِ المدَّعي بأنّ لَهُ فِي ذمّته ألف دينار أو ألفي دينار، فيبهت الرّجل ويتحيرَّ ويُنْكر، فيقول المدَّعي: لي شهود؛ ويحضر أولئك الشّهود فيلزمه الحُكْم، ثُمَّ يَقْولُ: صالح غريمك؛ فيصالحه عَلَى النِّصْف أو أكثر أو أقلّ، فاستبيحت للنّاس أموالٌ لا تُحصَى بمثل هذه الصّورة.
وفي " جريدة " صدر الدّين عَبْد الملك بْن عساكر بخطّه أنّ القاضي الرّفيع دخل من توجُّهه إلى بغداد رسولًا، وخرج لِتَلَقّيه الوزير أمين الدّولة والمنصور ابن السّلطان إِسْمَاعِيل. ودخل في زخم عظيمٍ وعليه خِلْعة سوداء وعلى جميع أصحابه. فقيل: إنّه لم يدخل بغداد ولا أُخذت منه رسالته، ورُدّ واشترى الخِلَع من عنده لأصحابه. وشرع الملك الصّالح فِي مصادرة النّاس عَلَى يد الرّفيع الْجِيليّ. وكتب إلى نوّابه فِي القضاء يطلب منهم إحضار ما تحت أيديهم من أموال اليتامى. فهذا القاضي ما ولي قاض مثله. كَانَ يسلك طريق الوُلاة ويحكم بالرِّشْوة، ويأخذ من الخصمين، ولا يعدّل أحدًا إلّا بمال، ويأخذ ذَلِكَ جَهْرًا، وفسْقه ظاهر. وقد استعار أربعين طبقًا ليهْدي فيها هديّة إلى صاحب حمص فلم يردها. فنسي الناس بأفعاله جور الولاة وأصحاب الشرط. [ص:415]
وغارت المياه في أيامه ويبست البساتين وصقعت، وحصل القحط، وبقي الناس في البساتين يستقون بالجرار، وبطلت طواحين كثيرة، وصار نهر ثورا يوم النتوج لا يبلغ طاحونة مَقْرَى. ومات فِي ولايته عجميٌّ خلّف مائة ألف وابنة، فما أعطى البنت فلساً. وأذن الرفيع للنساء بدخول جامع دمشق، وقال: ما هُوَ بأعظم من الحَرَمين؟ فدخلْنَ وامتلأ بالنّساء والرّجال ليلة النّصف، وتأذّى النّاس بذلك حتّى شكوا إلى السّلطان، فمنع النساء منه.
قال أبو المظفر ابن الجوزي: حدَّثني جماعة أعيان أَنَّهُ كَانَ فاسد العقيدة، دَهْرِيًّا، مستهترًا بأمور الشّريعة، يجيء إلى صلاة الْجُمعة سَكْرانًا. وأنّ داره كانت مثل الحانة، شهد بهذه الأشياء عندي جماعةٌ عُدُول. وحكى لي جماعة أنّ الوزير السّامري بعث بِهِ فِي اللّيل من دمشق إلى قلعة بَعْلَبَكّ عَلَى بغْل بأكاف، فاعتقله واستأصله، ثُمَّ بعث بِهِ إلى مغارة أُفْقَة فِي جبل لُبْنان فأهلكه بِهَا. وبعث إِلَيْهِ عَدْلَين شهدوا عَلَيْهِ ببيع أملاكه. فحدَّثني أحدُهما قَالَ: رَأَيْته وعليه قنْدُورة صغيرة، وعلى رأسه تخفيفة، فبكى وقال: معكم شيء آكُل فلي ثلاثة أيّام ما أكلت شيئاً. فأطعمناه من زادنا، وشهِدنا عَلَيْهِ ببيع أملاكه للسّامريّ، ونزلنا من عنده، فبلغنا أنهم جاؤوا إِلَيْهِ، فأيقن بالهلاك وقال: دعوني أُصليّ ركعتين. فقام يصليّ وطوّل، فَرَفَسَه دَاوُد من رأس شَقِيف مُطِلٍّ عَلَى نهر إِبْرَاهِيم، فما وصل إلى القرار إلّا وقد تقطّع. وحكى لي آخر أنّ ذيله تعلّق بسنّ الجبل فضربوه بالحجارة حتّى مات.
وذكر ناصر الدّين مُحَمَّد ابن المُنَيْطِريّ، عَن عَبْد الخالق رئيس النَّيْرَب قَالَ: لمّا سُلِّم القاضي الرّفيع إلى المقدَّم دَاوُد سيف النقمة وإليَّ أيضًا وصلْنا بِهِ إلى الشَّقِيف وفيه عين ماء، فَقَالَ: عليَّ غُسْل وأشتهي تُمكّنوني أغتسِل وأصليّ. فنزل واغتسل وصلّى ودعا، ثُمَّ قَالَ: افعلوا ما شئتم. فدفعه داود، فما وصل إلى الوادي إلّا وقد تلف. [ص:416]
قَالَ أَبُو المظفَّر: وحكى لي أعيان الدّماشقة أنّ الموفَّق الواسطيّ هُوَ كَانَ أساس البلاء، فتح أبواب الظُّلم، وجسَّر الرّفيع عَلَى جهنّم، وأخذ لنفسه من أموال النّاس ستّمائة ألف درهم. وآخر أمر الموفّق أَنَّهُ عُذِّب عذابًا ما عُذِّبه أحد، وكُسرت ساقاه ومات تحت الضَّرْب، وأُلقيَ فِي مقابر النّصارى، فأكلته الكلاب وصار عبرة.
قلت: وبلغني أن سبب هلاكه - أعني: الرّفيع وهذا - أنّ النّاس استغاثوا إلى الصّالح إِسْمَاعِيل من الرّفيع ورافعوه، وكثُرت الشّنائع، فخاف الوزير السّامريّ، وعجّل بهلاكهما ليمحو التُّهمة عَن نفسه ويُرضي النّاس، ولئلّا يُقِرّا عَلَيْهِ.
وقيل: إنّ السّلطان كَانَ عارفًا بالأمور، فالله أعلم.
ولم يُعِدّ النّاس قضيّة الرّفيع وقَتْلَه محنةً بل نقمة، نسأل اللَّه السّتْر والعافية.
وكان القبض عَلَيْهِ فِي آخر سنة إحدى وأربعين. وذكر واقعته فِي سنة اثنتين ابن الْجَوْزيّ، وغيره، فإنّ فيها اشتهر إعدامه.
وقال الإِمَام أَبُو شامة: وفي ذي الحجّة سنة إحدى قُبضَ عَلَى أعوان الرّفيع الْجِيليّ الظَّلَمة الأرجاس وكبيرهم الموفَّق حسين الواسطي ابن الرّوّاس، وسُجنوا ثُمَّ عُذِّبوا بالضَّرْب والعصر والمصادرة. ولم يزل ابن الرّوّاس فِي العذاب والحبس إلى أن فُقِد فِي جمادى الأولى سنة اثنتين.
قَالَ: وفي ثاني عشر ذي الحجّة أُخرج الرّفيع من داره وحُبِس بالمُقَدَّميّة. قَالَ: ثُمَّ أُخرج ليلًا وذُهِب بِهِ فسُجن بمغارة أُفْقَة من نواحي البِقاع، ثُمَّ انقطع خبره. وذكروا أنه توفي، ومنهم من قَالَ: أُلقيَ مِن شاهِق. وقيل: خُنِق. وولي القضاء محيي الدين ابن الزّكيّ.
قَالَ ابن واصل: حكى لي ابنُ صُبْح بالقاهرة أَنَّهُ ذهب بالرّفيع إلى رأس [ص:417]
شقيف، فعرف أنيّ أريد رَمْيَه، فَقَالَ: باللّه عليك أمهِلْ حتّى أصليّ ركعتين. فأمهلته حتّى صلّاهما ثمّ رميته فهلك.
وقال غيره: كَانَ الرفيع فقيهاً بالعذراوية وبالشّاميّة والفلكيّة، وكان يشغل النّاس. وكان ذكيًّا كثير التّحصيل. وصارت بينه وبين أمين الدّولة عَلِيّ بْن غزال الوزير صُحْبة أكيدة، فولّاه قضاء بَعْلَبَكّ، فلمّا تُوُفّي القاضي شمس الدّين الخويي طلبه أمين الدّولة ووُليّ قضاء دمشق. فصار لَهُ جماعة يكتبون محاضر زُور عَلَى الأغنياء ويُحضِرونهم فيُنكرون، فيُخرجون المحاضر فيعتقلهم بالجاروخيّة، فيصالحون عَلَى البعض، ويُسيرِّ فِي السّرّ إلى أمين الدّولة ببعض ذَلِكَ. فكثُرت الشّكاوى. وبلغ السّلطانَ، فأمر بكشف ما حمل إلى الخزانة فِي مدّته. وكان الوزير لا يحمل إلى الخزانة إلّا اليسير. فَقَالَ الرّفيع: الأمور عندي مضبوطة مكتوبة. فخافه الوزير وشغب عَلَيْهِ قلب السلطان وحذره غائلته، فَقَالَ: أنت جئت بِهِ وأنت تتولّى أمره أيضاً. فأهلكه.
ومن تعاليق عبد الملك ابن عساكر قَالَ: وليلة استهلّت سنة اثنتين نزل الوالي ابن بكّا إلى دار الرّفيع واحتاطوا عَلَى ما فيها، وشرعوا بعد يومٍ فِي البيع، فمن ذلك: أربع عشرة بغلة، ومماليك، وتسعمائة مجلّد وجَوَارٍ وأثاث. وساروا بالقاضي فألبسوه طرطورًا وتوجهوا به نحو بعلبك. وولي القضاء محيي الدين ابن الزّكيّ.
وذكر صاحبنا شمس الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم فِي "تاريخه" قَالَ: وفيها - يعني سنة اثنتين - عُزِل الرّفيع الْجِيليّ عَن مدارسه. وكان فِي آخر السّنة الماضية قد عُزِل عَن القضاء، وسبب عزْله وإهلاكه الوزير السّامريّ؛ فإنّ الرفيع كتب فِيهِ ورقة إلى الملك الصّالح يقول: قد حملت إلى خزانتك ألف ألف دينار من أموال النّاس. فَقَالَ الصّالح: ولا ألف ألف درهم. وأوقف السّامريّ عَلَى الورقة فأنكر. فبلغ الرّفيع فَقَالَ: أَنَا أحاققه. فَقَالَ السّامريّ: هذا قد أكل البلاد وأقام علينا الشَّناعات، والرّأي عزْله ليتحقّق النّاس أنّك لم تأمره. فعزله وأعطى العادليّة لكمال الدين التفليسي صهر الخويي، والشّاميّة الكُبرى لتقيّ الدّين مُحَمَّد بْن رزين الحموي، والعذراوية لمحيي الدين يحيى [ص:418]
ابن الزكي، والأمينية لابن عبد الكافي. ثم ولي القضاء محيي الدين، وناب له صدر الدين أحمد ابن سني الدولة. وأسقط محيي الدّين عدالة أصحاب الرّفيع وهم: العز ابن القطان، والزين ابن الحموي، والجمال بن أسيدة، والموفّق الواسطيّ، وسالم المقدسيّ، وابنه مُحَمَّد. وكان الطّامّة الكبرى الموفّق فإنّه أهلك الحرْث والنَّسْل.
وقال الموفَّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيبعة: كَانَ بالعذراوية يشغل فِي أنواع العلوم والطِّبّ. وقرأت عَلَيْهِ شيئًا من العلوم الحكمية، وكان فصيح اللّسان، قويّ الذّكاء، كثير الاشتغال والمطالعة. وولي قضاء بَعْلَبَكّ. وكان صديقًا للصّاحب أمين الدّولة وبينهما عِشرة. وله من الكُتُب كتاب " شرح الإشارات والتنبيهات "، واختصار " الكُلّيّات من القانون " وغير ذَلِكَ.(14/414)
106 - عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن فُتُوح أَبُو الْحُسَيْن النَّفْزِيّ الشاطبي الفقيه. [المتوفى: 642 هـ]
روى عَن: أَبِيهِ، وَأَبِي الخطّاب بْن واجب. وتفقّه بإشبيلية عَلَى: أَبِي الْحُسَيْن بْن زرقون. ثُمَّ أقبل عَلَى العبادة والزُّهد. وكان حافظًا للفقه والحديث.
ورَّخه الأَبّار.(14/418)
107 - عليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الغنيّ أَبُو الْحَسَن المصريّ، النحاس الزناجلي. [المتوفى: 642 هـ]
والزناجل آنية من النحاس.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النّحْويّ، وإسماعيل بْن قاسم الزّيّات.
رَوَى عَنْهُ: الحافظ أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره. ولم ألقَ أحدًا روى لي عنه. وبالإجازة: العماد ابن البالِسيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي تاسع عشر المحرّم.(14/418)
108 - عَلِيّ بنُ الأنجبِ بنِ ما شاء اللَّه بن حسن الفقيه، المقرئ، أبو الحسن ابن الجصّاص البغداديّ، الحنبليّ. [المتوفى: 642 هـ]
قرأ القرآن بواسط عَلَى أبي بكر ابن الباقلاني. وسمع من ابن شاتيل، ويحيى بن بوش، وابن كُلَيْب، وعاش بِضْعًا وسبعين سنة.
وكان ينسخ بالأُجرة، وله أدب وفضائل، وأُحضِر ليلقّن مجاهدَ الدّين أيْبَك الدُّوَيْدار الصّغير فِي صِغَره، فحصّل جملةً من المال والعقار. واتجَّر فِي الكتب.
توفي في جمادى الأولى ببغداد.
ذكر أَنَّهُ سَمِعَ من شُهْدَة.(14/419)
109 - عَلِيّ بْن عَبْد الباقي بْن عَلِيّ الحاجّ أَبُو الْحَسَن الدّمشقيّ الصّالحيّ. [المتوفى: 642 هـ]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، ودُفن بقاسيون.
قَالَ الضّياء: روى شيئًا من الحديث، أظنّه عَن ابن طَبَرْزَد.(14/419)
110 - عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن، أبو الحسن ابن الفُقّاعيّ، السّعديّ، المصريّ. [المتوفى: 642 هـ]
روى عَن: أَبِي الفتح محمود ابن الصابوني، والمشرف ابن المؤيّد. وَتُوُفّي [فِي] جمادى الأولى.(14/419)
111 - عَلِيّ بْن عبد الصمد بن علي أبو الحسن ابن الْجَنّان الأندلُسيّ، الفقيه. [المتوفى: 642 هـ]
ذكر وفاته فيها عزُّ الدّين الحسينيّ، وقال: وُلِد فِي سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: الحافظين أبي بكر محمد بن عبد الله ابن الجد، وأبي عبد الله محمد بن سعد بْن زرقون، وجماعة.(14/419)
112 - عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب بْن أَبِي القاسم الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، عزّ الدّين، أَبُو القاسم. وهو بالكنية أشهر. [المتوفى: 642 هـ]
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من الخشوعي، روى عنه: المجد ابن الحُلْوَانيّة، والشّيخ زين الدّين الفارِقيّ.
وكان عدْلًا بباب الجامع.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.(14/420)
113 - عَلِيّ بْن أَبِي القاسم بْن صالح أَبُو الحسن الدربندي، الصوفي، المعروف بابن الزنف، [المتوفى: 642 هـ]
من أهل خانكاه الطّواويس بدمشق.
سَمِعَ مِنْ: الخشوعي، ومحمد ابن الخصيب
رَوَى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة فِي " مُعْجَمه "، ومات فِي صَفَر.(14/420)
114 - عُمَر، الملك المغيث جلال الدّين ابن السّلطان الملك الصّالح نجم الدّين أيوب ابن السلطان الملك الكامل محمد ابن العادل. [المتوفى: 642 هـ]
تُوُفّي شابًّا بقلعة دمشق فِي حبْس عمّ والده الملك الصّالح إِسْمَاعِيل، وكان والده لمّا خرج من دمشق إلى فلسطين استناب ولده هذا بقلعة دمشق. فلمّا أخذ إِسْمَاعِيل دمشقَ اعتقله. فلم يزل إلى أن تُوُفّي في ربيع الآخر. فتألمَّ أبوه لموته، واتَّهَم عمّه بأنّه سقاه، وحاربه، وتجهَّز لَهُ.(14/420)
115 - عُمَر بْن عَبْد الرّحيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحسن بْن عَبْد الرَّحْمَن، الفقيه الإِمَام كمال الدّين، أَبُو هاشم ابن العجمي الحلبي. [المتوفى: 642 هـ]
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وتفقه على الفقيه طاهر بن جهبل. وسمع من يحيى الثّقفيّ، وحدَّث ودرّس.
وقيل إنه ذكر كتاب " المهذب " دروسا خمسًا وعشرين مرّة. وكان شديد الوسواس فِي الطّهارة، فدخل الحمّام وقصد الخزانة ليتطهّر منها، فضاق بِهَا نَفَسُه وخارت قواه فمات، رحمه اللَّه.
سَمِعَ منه: أَبُو عَبْد اللَّه البِرْزاليّ، وعباس بن بزوان، وجماعة. [ص:421]
توفي فِي حادي عشر رجب.
وهو من بيت حشمة وعلم.(14/420)
116 - عمر، الملك السعيد ابن السلطان شهاب الدين غازي ابن الملك العادل، [المتوفى: 642 هـ]
وُلِدَ صاحب مَيَّافارِقين.
كَانَ شابًّا مليحًا، شجاعًا، جوادًا، فلمّا استولت التّتار عَلَى ديار بَكْر وأخذوا خِلاط، خرج شهابُ الدّين من بلاده خائفًا، واستنجد بالخليفة وبالملوك. وكان معه ابنه هذا وابن أخيه حسن ابن تاج الملوك. فجاء حسن إلى عُمَر فضربه بسِكّينٍ فقضى عَلَيْهِ وهرب، فأُخذ فِي الحال وقتله عمه به. فذكر سعد الدين ابن حَمُّوَيْهِ - وكان مَعَ شهاب الدّين - قَالَ: نزلنا بالهرماس من نواحي حصن كيفا، فَقَالَ السّلطان لولده الملك السّعيد: تعود إلى مَيَّافارِقين وتجمع الناس، وأروح أنا إلى مصر أو بغداد لاستنفار النّاس. فَقَالَ: ما أفارق السّلطان. وجاء أمير حسن قعد إلى جانبه، ثُمَّ أخرج سِكِّينًا ضرب بِهَا عُمَر وهرب، ورمى بنفسه بثيابه في العين يغرق نفسه، فصاح السّلطان: أَمْسِكُوه؛ فعاد إلى السّلطان ليضربه أيضاً، فوقف عمر بينه وبين أبيه وقال: يا عدوّ اللَّه قتلتني وتقتل السّلطان أيضًا! فضربه بالسّيف قطع خاصرته، فوقع وتكاثر الغلمان على حسن، وقال لَهُ السّلطان: ويْلك ما حملك عَلَى قتل ولدي من غير ذنْبٍ لَهُ إليك؟ قَالَ: اقتل إنْ كنت تقتل. فأمر بِهِ فقطّعوه بين يديه. ثم سار إلى العراق يستنفر على التتار.(14/421)
117 - القاسم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن سليمان. الحافظ أبو القاسم ابن الطَّيْلسان الأَنْصَارِيّ، الأَوْسيّ، القُرْطُبيّ. [المتوفى: 642 هـ]
وُلِدَ سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة أو نحوها. ذكره أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار، فَقَالَ: روى عَن: جدّه لأمّه أَبِي القاسم بْن غالب الشّرّاط، وَأَبِي العبّاس بْن مقدام، وَأَبِي مُحَمَّد عَبْد الحقّ الخَزْرَجيّ، وَأَبِي الحَكَم بْن حَجَّاج، وجماعة من شيوخنا. وأجاز لَهُ: عَبْد المنعم بْن الفَرَس، وَأَبُو القَاسِم بْن سمجون، وشيوخه ينيفون عَلَى المائتين. وتصدّر للإقراء والإسماع. وكان مَعَ معرفته بالقراءات [ص:422]
والعربية متقدماً في صناعة الحديث متفنناً. لَهُ من المصنّفات: كتاب " ما ورد من الأمر فِي شرْبة الخمر"، وكتاب " بيان المِنَن عَلَى قارئ الكتاب والسُّنَن "، وكتاب " الجواهر المفصَّلات فِي المسلسلات "، وكتاب " غرائب أخبار المُسْنِدين ومناقب آثار المهتدين "، وكتاب " أخبار صُلحاء الأندلس ". أخَذَ عَنْهُ جماعة من أكابر أصحابنا، وكان أهلًا لذلك. خرج من قُرْطُبة، وقت أخْذ الفِرنج لها، فنزل بمالقة، وولي خطابتها إلى أن تُوُفّي فِي ربيع الآخر.(14/421)
118 - قمر بْن هلال بْن بطّاح أَبُو هلال، وَأَبُو الضّوء القَطِيعيّ، الهرّاس، المكاريّ، ثُمَّ البقّال. ويُسمّى أيضًا عمر. [المتوفى: 642 هـ]
سَمِعَ من شُهْدَة الكاتبة، وتَجَنِّي الوهْبانيّة، وَعَبْد الحق اليوسفي.
وكان شيخاً أمياً.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة: القاضي تقيّ الدِّين سليمان، وأبو المعالي ابن البالسي، وغيرهما.
توفي في رجب.(14/422)
119 - كامل بْن أَبِي الفَرَج التَّيْميّ، البكْريّ، البغداديّ، الأديب [المتوفى: 642 هـ]
الَّذِي فاق أهلَ زمانه فِي تجليد الكُتُب.
وله شِعْرٌ حَسَن.
تُوُفّي فِي المحرَّم، وله ستُّ وسبعون سنة.(14/422)
120 - محمد بن إبراهيم بن يحيي أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي، المعروف بالغلاظي. [المتوفى: 642 هـ]
سَمِعَ أبا القاسم عبد الرحمن بن حُبَيْش، وأجاز له من مصر العلامة عبد الله بن بري، وغيره، وحدث بيسير.
قال الأبار: استشهد في ذي القعدة بيد الروم، وهو من أهل مرسية.(14/422)
121 - محمد بن أسد بن عَبْد الكريم بن يحيى بن شُجاع، شهاب الدين أبو عبد الله القيسي الدمشقي، ابن الهادي، [المتوفى: 642 هـ]
ابن أخي المحتسب.
سمع من: جده عبد الكريم وإسماعيل الجنزوي وبركات الخشوعي. روى عنه: ابن الحلوانية، والخطيب شرف الدين الفزاري، والبدر ابن الخلال، والشرف ابن خطيب بيت الآبار، وبالحضور: العماد ابن البالسي. ومات في شوال وله سبعون سنة.(14/423)
122 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن رَوَاحَة بْن إِبْرَاهِيم نفيسُ الدّين، أَبُو البركات الأَنْصَارِيّ الحَمَويّ الضّرير. [المتوفى: 642 هـ]
أخو عزّ الدّين عَبْد اللَّه.
وُلِدَ بحماة فِي رجب سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع بمكّة من: عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه الفراويّ. وبالإسكندريّة من: أَبِي طَالِب أَحْمَد بْن المُسَلِّم اللَّخْميّ، وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف. وبمصر من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وبحماة من: والده. وأضّر فِي أثناء عُمره.
روى عَنْهُ: القاضي مجد الدّين العديميّ، والمحدّث تقيّ الدّين إدريس بْن مزيز، والشّهاب أَحْمَد الدّشْتيّ، وجماعة. وبالإجازة: العماد ابن البالِسيّ، وغيره.
وسمعْتُ من بنته فاطمة بحماة، وطرابُلُس.
تُوُفّي فِي آخر يومٍ من السّنة بحماة.
وسمع منه: سنقر القضائي، والأمين أحمد ابن الأشْتَريّ، والخابُوريّ.(14/423)
123 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي كامل القاضي شمس الدّين أَبُو عَبْد اللَّه المصريّ الورّاق، المعروف بالسَّنَائيّ. [المتوفى: 642 هـ]
قَالَ الحافظ عَبْد العظيم: تُوُفّي فِي ثالث صفر، وقد علت سنه. حدث عَن السِّلَفيّ بالإجازة. وكانت لَهُ خبرة تامّة بالوراقة وأحكامها. وكان جدّه قاضي مصر.(14/423)
124 - مُحَمَّد بْن عَبْد السّتّار بْن مُحَمَّد العماديّ الكردري البراتقيني، - وبراتقين قصبة من قصبات كَرْدَر من أعمال جُرْجانية خُوارزم - العلّامة شمس الأئمّة أَبُو الوحدة. [المتوفى: 642 هـ]
كَانَ أستاذ الأئمّة عَلَى الإطلاق، والموفود عَلَيْهِ من الآفاق.
قرأ بخوارزم عَلَى برهان الدّين ناصر بْن عَبْد السّيّد المطرزي، مصنّف " شرح المقامات". وتفقّه بسَمَرْقَنْد عَلَى شيخ الإِسْلَام برهان الدّين عَليّ بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الجليل المَرْغِينانيّ، وسمع منه. وتفقّه ببُخَارَى عَلَى العلّامة بدر الدّين عُمَر بْن عَبْد الكريم الورسكي، وَأَبِي المحاسن الْحَسَن بْن منصور قاضي خان، وجماعة. وبرع فِي المذهب وأصوله.
تفقه عليه خلق، ورحل إليه إلى بخارى جماعة منهم: ابن أخيه العلّامة مُحَمَّد بْن محمود الفقيهيّ، وسيف الدّين الباخَرْزيّ، وشيوخ الفَرَضيّ العلّامة حافظ الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر، وظهير الدّين مُحَمَّد بْن عُمَر النّوجاباذيّ، وجماعة ذكرهم الفَرَضيّ. ومن خطّه نقلتُ هذا كلَّه.
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة. وَتُوُفّي ببُخَارَى فِي محرَّم سنة اثنتين وأربعين وستّمائة، ودُفِنَ عند الإِمَام عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الحارثيّ البخاريّ.(14/424)
125 - مُحَمَّد بْن عَبْد الوّهاب بْن يوسف، شمس الدّين ابن الإِمَام بدر الدّين المصريّ الحنفيّ، المعروف بابن المجن. [المتوفى: 642 هـ]
حدث عن أبي محمد القاسم ابن عساكر.
وكان والده من أعيان الحنفيّة ومدرّسيهم.
تُوُفّي مُحَمَّد فِي ربيع الْأَوَّل.(14/424)
126 - مُحَمَّد بْن عَليّ بْن عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن المفضّل بن القامغار الأديب الكاتب مهذب الدين ابن الخِيميّ الحِليّ العِراقيّ الشّاعر. [المتوفى: 642 هـ][ص:425]
شيخ معمّر، فاضل. وُلِدَ بالحِلّة فِي سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
قدِم دمشقَ وأخذ بِهَا عَن التّاج الكِنْدِيّ. وسمع بمصر من أَبِي يعقوب بْن الطُّفَيْل، وأبي الحسن بْن نجا، وبنت سعد الخير.
واستوطن مصر. وكان من أعيان الأدباء. وكان يذكر أنّه لقي ببغداد العلامة أبا محمد ابن الخشّاب وأنّه هو لَقَّبَه: مُهَذَّب الدّين. قَالَ: ثُمَّ دخلتُها سنة سبعين وقرأتُ بِهَا الأدب على ابن العصار، والكمال الأنباريّ، وابن عُبَيْدة، وابن حُميدة، وَأَبِي الحسن ابن الزّاهدة. ثُمَّ سافرت إلى الشّام بعد الثّمانين.
قَالَ ابن النّجّار: كتبت عَنْهُ بالقاهرة، وهو شيخ فاضل كامل المعرفة بالأدب ويقول الشِّعر الجيّد، وله مصنّفات كثيرة. وهو حَسَن الطّريقة متدين متواضع. أنشدني لنفسه:
أَأَصْنامَ هذا العصِر طُرّاً أكلُّكم ... يَعُوقُ أما فيكم يَغُوثُ ولا ودُّ
لقد طال تردادي إليكم فلم أجد ... سوى ربّ شأنٍ فِي الغِنَى شأنه الرّدُّ
وذكر لَهُ ابن النّجّار عدّة مصنّفات أدبية، وَأَنَّهُ تُوُفّي فِي ذي القعدة سنة إحدى وأربعين - كذا قَالَ: سنة إحدى - وقال: ذكر لي، قَالَ: دخلت بغداد مع أبي وأنا صغير وأسمعني شيئا من ابن الزّاغُونيّ.
وروى عَنْهُ الحافظ عَبْد المؤمن فِي " معجمه".
قَالَ الشّريف عزّ الدّين: تُوُفّي فِي العشرين من ذي القَعْدَةِ سنة اثنتين هذه، وهو أصحّ. وكذا قرأته بخطّ ابن خلكان.(14/424)
127 - مُحَمَّد بْن عيّاش بْن حامد بْن محمود بْن خليف أَبُو عَبْد اللَّه السّاحليّ، ثُمَّ الدّمشقيّ الصّالحيّ، [المتوفى: 642 هـ]
والد شيخنا نصر اللَّه.
كَانَ شيخاً صالحاً خيراً. روى عن: أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والجمال ابن الصّابونيّ.
وَتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة. ورخه الضياء وقال: كَانَ خيرًّا ديّنًا.(14/426)
128 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي السداد موفق، مولى زاكي اللّمتُونيّ القاضي أَبُو عيسى المُرْسيّ. [المتوفى: 642 هـ]
وُلِدَ سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وسمع الكثير من أبي القاسم بن حبيش الحافظ، ولازمه من سنة ثمان وسبعين إلى أن مات، وسمع أيضا من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن حُمَيْد، وجماعة. وأجاز له: أبو بكر ابن الجدّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن زرقون، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة. ورَّخه الأَبّار، وقال: ناب في القضاء دهرًا طويلًا بمُرْسِيَة، ثُمَّ وليه استقلالًا. وأخذ عَنْهُ بعضُ أصحابنا. ولم يكن يُبصر الحديث.(14/426)
129 - مُحَمَّد بْن يوسف بْن سَعِيد بْن مسافر بْن جميل أَبُو عَبْد اللَّه الأَزَجيّ القطّان الحنبليّ. [المتوفى: 642 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وسبعين، وسمّعه أَبُوهُ من أَبِي العلاء مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن عقيل، وعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر اللَّه القزّاز، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن جامع.
وكان فاضلًا ذكيًّا، حَسَن المشاركة فِي العلوم. وله مجاميع وفوائد.
روى عَنْهُ: جمال الدّين الشُّرَيْشيّ، وَالشَّيْخ عَلِيّ بْن عَبْد الدّائم. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر ابن الشّيرازيّ.
وَتُوُفّي فِي ثالث رجب شهيدًا من لُقْمةٍ غَصَّ بِهَا.(14/426)
130 - محمد بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الواحد أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ المِعْمار. [المتوفى: 642 هـ]
روى عَن: أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ اليوسفيُّ. ومات فِي جمادى الأولى. ورّخه الشّريف عزّ الدّين.(14/427)
131 - محمود بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن شاهِنْشَاه بْن أيّوب. صاحب حماة الملك المظفَّر تقيّ الدين ابن المنصور ناصر الدين ابن المظفّر تقيّ الدّين. [المتوفى: 642 هـ]
كانت دولته خمسًا وعشرين سنة وسبعة أشهر. ومرض بالفالج ثلاثين شهرًا. ومات فِي ثامن جمادى الأولى. وتملّك بعده الملك المنصور مُحَمَّد ولده.
قَالَ ابن واصل: مات لثمانٍ بقين من جمادى الأولى عَن نحوٍ من ثلاثٍ وأربعين سنة. وخلّف من الذّكور: المنصور والأفضل عليًّا. وكان المظفّر شجاعًا إلى الغاية، ولم يعرف أحد من أهل بيته أفرس منه. وكان أبدًا يحمل لُتًّا من حديد عَلَى كتِفه فِي ركوبه لا يقدر أحدٌ عَلَى حمله. حضر حروبًا كثيرة بيَّن فيها. وكان فطِنًا ذكيًّا، قويّ الفراسة، عظيم الهيبة، طيب المفاكهة، لَهُ مَيْل إلى الفضيلة. حصل لي منه حظّ. وذلك قبل موته بسنة. وكان ناقص الحظّ لم يزل مَعَ جيرانه فِي حروب. وكان يرجو ظهور الصّالح نجم الدّين لينتقم بِهِ من أعدائه. وكان مُحِبًّا فِيهِ، حريصًا بكلّ ممكنٍ عَلَى قيام ملكه. فلمّا تملّك الدّيار المصريّة خُطب لَهُ بحماة، وحصل عنده من السّرور شيء عظيم، وزُيّنت قلعة حماة زينة عظيمة حتّى عمّت الزّينة جميع أبراجها، ونثرت الدنانير والدراهم وقت الخطبة له.
قَالَ: وحين ظهر الصّالح وتمكّن عَرَض للملك المظفَّر من المرض ما عرض، وبقي سنتين وتسعة أشهر. ولم يكن موته بالفالج بل عرضت لَهُ حمى حادّة أيّامًا، وَتُوُفّي إلى رحمة الله. وتملّك ولده المنصور وعُمره عشر سنين وثلاثة وأربعون يومًا، فقام بالأمور الأستاذ دار طُغْرِيل، وشيخ الشّيوخ شَرَف الدّين، والشّجاع مرشد، والوزير بهاء الدّين، والكلّ يرجعون إلى أوامر [ص:428]
الصاحبة غازية بِنْت الملك الكامل زَوْجَة المظفَّر. ولمّا بلغ السُّلطانَ موتُ المظفَّر حزن لموته حُزْنًا عظيمًا، وجلس للعزاء ثلاثة أيّام.
قلت: ومن ثَمّ دام ملك حماة إلى آخر شيء للمنصور وابنه، وإن الدّولة ما زالت فِي بيت الصّالح ومواليه، وهم مُتصافون متناصحون.(14/427)
132 - مَسْعُود، أَبُو الخير الحَبَشيّ [المتوفى: 642 هـ]
مولى الشّريف أَبِي القاسم حمزة بْن عَلِيّ المخزوميَّ العثمانيّ المصريّ.
سَمِعَ من البُوصِيريّ، والقاسم ابن عساكر. روى عَنْهُ: الحافظان: المنذريّ والدّمياطيّ. وَتُوُفّي في المحرم.
ووصفه المنذري بالصلاح.(14/428)
133 - منصور ابن الشَّيْخ أَبِي عَلِيّ حسّان بْن أَبِي القاسم الْجُهَنيّ المهدويّ، ثُمَّ الإسكندرانيّ. [المتوفى: 642 هـ]
روى بالإجازة عَن السلفي. ومات في المحرم.(14/428)
134 - مهنّا بْن الْحَسَن بْن حمزة الأمير أَبُو البقاء المدنّي، العَلَويّ الحُسينيّ. [المتوفى: 642 هـ]
أقام ببغداد، وولي نظر الكوفة والحلّة. ونُفِّذَ رسولًا إلى النّواحي وفوض إليه وقف المدينة. ثم سار يحمل الكسوة الشريفة.
توفي في المحرم ببغداد.(14/428)
135 - المؤَيَّد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الفقيه أَبُو شجاع ابن الشَّصّاص الحنفيّ. [المتوفى: 642 هـ]
شيخ بغداديّ. وُلِدَ فِي رمضان سنة خمسٍ وستّين، وسمع من: عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ.
تُوُفّي فِي آخر رجب، ولم يحدّث. ومات بحلب. قاله ابن النجار.(14/428)
136 - ناصر بْن منصور بْن ناصر بْن حمدان. نجيب الدين أبو الوفاء العرضي التاجر السفار. [المتوفى: 642 هـ]
ولد بعرض - بُلَيْدة بقرب الفُرات من الشّام - فِي سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
دخل خُوارزم وسمع من: مُحَمَّد بْن فضل اللَّه السّالاريّ، ونجم الدّين الكُبريّ أَحْمَد بْن عُمَر.
روى عَنْهُ: جمال الدّين الفاضليّ، وَأَبُو علي ابن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ. وبالحضور: أَبُو المعالي ابن البالسي.
وكان ذا ثروة ومال. وسكن بزبدين من الغوطة.
وتُوُفّي في السادس والعشرين من ربيع الأَوَّل.
وهو آخر من ذُكر فِي كتابَ " التّكملة فِي وفيات النقلة " للحافظ زكي الدين.(14/429)
137 - هاشم بن أشرف بْن الأعزّ بْن هاشم بْن القاسم. الرّئيس السّيّد شَرَف العلا، أَبُو المكارم العَلَويّ، الكاتب. [المتوفى: 642 هـ]
قَالَ الشّريف عزّ الدّين: وُلِدَ بآمِد سنة ثمان وستين. وسمع بدمشق من القاسم ابن عساكر، وكتب الإنشاء بحلب مدّةً فِي الدّولة الظّاهرية، ثُمَّ عاد إلى مدينة آمِد وخدم صاحبها الملك المسعود ابن العادل.
وكان عارفًا بالأخبار والتّاريخ والنَّسَب.
ثُمَّ عاد إلى ديار مصر وبها تُوُفّي فِي ثامن رمضان.(14/429)
138 - هبة اللَّه بْن صَدَقة بْن عَبْد اللَّه بْن منصور، الطّبيب العالمِ، نفيسُ الدين ابن الزُّبَير الكَوْلَميّ. [المتوفى: 642 هـ]
وُلِدَ فِي حدود سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة بأسْوان. وسمع من: الأمير أُسامة بْن منقِذ بدمشق، ومن يوسف بْن الطُّفَيْل بمصر. وبرع في العلم [ص:430]
الطبيعي. وولي رياسة الأطبّاء بالدّيار المصريّة. وكان فِيهِ عدالة، وله نظر فِي مذهب الشّافعيّ.
روى عَنْهُ: الحافظان المنذري والدمياطي، وجماعة. توفي فِي خامس ربيع الآخر.
وكَولم: بفتح الكاف، بلد بالهند.
قرأ الطّبّ أوّلًا عَلَى ابن شوعة، ثُمَّ عَلَى الشَّيْخ السّديد.
وبرع أيضًا فِي صناعة الكُحْل، واشتهر أيضًا بِهَا. وخدمَ الكامل.(14/429)
139 - هبة الله بن منصور بن منكدا، الإِمَام أَبُو الفضل الواسطيّ المقرئ النَّحْويّ. [المتوفى: 642 هـ]
سَمِعَ من أبي الفتح المندائي " جزء الأنصاري ".(14/430)
140 - يوسف بْن عَبْد المعطي بْن منصور بْن نجا بْن منصور، الصّدر جمال الدّين، أَبُو الفضل ابن المَخِيليّ، الغسّانيّ، الإسكندراني، المالكيّ. [المتوفى: 642 هـ]
من أكابر أهل الثّغر. ومَخِيل: من بلاد بَرَقة.
وُلِدَ سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسَمِعَ من السِّلَفِيّ، وأَبِي الطّاهر بْن عوفٍ، وأبي الطيب بن الخلوف.
حدثنا عَنْهُ: الدِّمياطيّ، والضّياء السَّبْتيّ، وَمُحَمَّد بْن أبي القاسم الصقلي، وأبو الحسن علي ابن المنير، وَأَبُو المعالي الأَبَرْقُوهيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه محمد بن سليمان ابن النّقيب المفسرّ. وروى عَنْهُ جماعة سوى هَؤُلاءِ.
وتفقّه عَلَى مذهب مالك.
وقال ابن الحاجب: قَالَ لي: إنّه دخل دمشق.
تُوُفّي فِي سابع جمادى الآخرة.(14/430)
141 - أَبُو البدر بْن جَعْفَر بْن كَرَم بْن أَبِي بَكْر البغداديّ ويُعرف بابن الأعرج. [المتوفى: 642 هـ]
سَمِعَ من شُهْدة كتاب " محاسبة النّفس " لابن أَبِي الدنيا. أجاز: لابن سعد، [ص:431]
وابن الشيرازي، والمطعم، والبجدي، وعاش سبْعًا وثمانين سنة. روى عَنْهُ بالإجازة والسّماع غير واحد. ومات فِي الثّالث والعشرين من رمضان.(14/430)
142 - أَبُو سعد بْن أَبِي المعالي بن تمام المصري الطبيب، [المتوفى: 642 هـ]
من أعيان الأطباء.
عمر وأهرم، وعجز أخيرًا، ومات وقد قارب المائة. وكان جماعةٌ من الأعيان يختارون علاجه ويرغبون فِيهِ. تُوُفّي فِي المحرَّم.(14/431)
-وفيها وُلِد:
المؤرّخ كمال الدين عبد الرزاق ابن الفوطي، والقاضي صدر الدين علي ابن أَبِي القاسم بْن مُحَمَّد البُصْراويّ، شيخ الحنفيّة بقلعة بُصْرَى فِي رجب، والعفيف إِسْحَاق بْن يحيى الآمدي بآمد، والبهاءُ إِبْرَاهِيم بن عَبْد الرَّحْمَن بن نوح ابن المقدسي بدمشق، والصّلاح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن تبع القصير، والأسد عبد القادر بن عبد العزيز ابن الملك المعظَّم، والجمال أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بْن محمد ابن الفقاعي بحماة، والتاج أحمد بن محمد ابن الكمال الضّرير العبّاسيّ، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحَكَم السَّعْديّ ابن الماشطة، وَمُحَمَّد بْن أَبِي الفتح بن صديق ابن الخِيَميّ التّاجر، فِي ذي القعدة بدمشق، وإسماعيل بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي التّائب الأنصاريّ، وشمس الدّين مُحَمَّد بْن يوسف بْن أفتِكِين، وشيخ التّعبير بمصر نجم الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي بكر بن محمود بن إبراهيم الحنبلي ابن الدقاق، والشيخ محمد ابن الصّلاح موسى بْن مُحَمَّد بْن راجح، والنَّجْمُ عَبْد الرحيم بْن يحيى بْن مَسْلَمَة المَقْبُريّ، والقاضي صدر الدّين سُلَيْمَان بْن هلال الجعفريّ، وَأَحْمَد بْن عليّ الكلبيّ عمّ النّاس فِي ذي الحجة.(14/431)
-سنة ثلاث وأربعين وستمائة
وهي سنة الخوارزمية
تُوُفّي فيها بدمشق أمم لا يحصيهم إلا الله تعالى(14/432)
143 - أحمد بن إسماعيل ابن الواعظ الإِمَام أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن نجا الأَنْصَارِيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وتسعين. وسمع من جدّته فاطمة بِنْت سعد الخير، وبدمشق من جماعة.
تُوُفّي فِي أوّل جمادى الأولى.(14/432)
144 - أَحْمَد بْن عَبْد الخالق بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أَبِي هشام، صفيُّ الدّين أَبُو الْعَبَّاس القُرَشيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
نسخ الكثير، وقرأ الحديث. وكانت عنده فضيلة ومعرفة. وعاش ثمانين سنة.
وسمع: أبا الحسين أحمد ابن الموازيني، والخطيب أبا القاسم الدولعي، وبزغش عتيق ابن شافع، وعلي بن محمد ابن جمال الإسلام.
كتب عنه: عمر ابن الحاجب، والنّجيب الصّفّار، وجماعة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ علي، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الخالق حضوراً، قال: أخبرنا أحمد بن حمزة، قال: أخبرنا جدي كتابةً، قال: أخبرنا رشأ بن نظيف، قال: حدثنا الحسن بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الملك بن بحر، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا غندر، قال: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ التَّيْميِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ رجلا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلامَةً قَالَ: مَا تَعُدُّونَ الْمُرُوءَةَ فِيكُمْ؟ قَالَ: الْعِفَّةُ وَالْحِرْفَةُ.
تُوُفّي في خامس محرم.(14/432)
145 - أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن خليفة الحرّانيّ ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة، وله ثنتان وسبعون سنة.
حدَّث عَن: أَبِي الفوارسِ الحسنِ بْن عَبْد اللَّه بْن شافع.(14/433)
146 - أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن عَلِيّ، القاضي الأشرف أَبُو الْعَبَّاس [المتوفى: 643 هـ]
ابن القاضي الفاضل.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وسبعين. وسمع من القاسم ابن عساكر، والأثير بن بنان، والعماد الكاتب، وفاطمة بنت سعد الخير.
وأقبل على الحديث في الكهولة وعني به، واجتهد في الطلب، وحصل الأصول الكثيرة. وسمع أولاده. وكان صدراً رئيساً، من نبلاء الرجال وممن يصلح للوزارة.
توفي في سادس جمادى الآخرة بمصر.
وقد قرأ القرآن عَلَى أَبِي القاسم الشّاطبيّ، وتفقّه عَلَى ابن سلامة، وقرأ النَّحْو عَلَى مهذَّب الدين حسن بْن يحيى اليمنيّ.
وسمع فِي الكهولة ببغداد من أبي علي ابن الجواليقيّ، وطبقته، وبدمشق من ابن البنّ، وابن صَصْرَى، وزين الأُمناء، وخلْق.
وأقام بدمشق مدّة، ثُمَّ بمصر. ودرّس بمدرسة أَبِيهِ. وكان مجموع الفضائل، كثير الأفضال عَلَى المحدّثين والشّيوخ.
قَالَ عمر ابن الحاجب: استوزره الملك العادل سيف الدّين، فلمّا مات العادل عُرِضت عَلَيْهِ الوزارةُ فلم يقبلْها، وأقبل عَلَى طلب الحديث حتّى صار يُضْرَب بِهِ المَثَل. وكان كثير الإنفاق عَلَى الشّيوخ والطلبة. وقوراً، مهيباً، فصيحاً، سريع القراءة.
وحكى القاضي الصاحب شرف الدين ابن فضل اللَّه: أنّ الكامل صاحب مصر نفَّذ القاضي الأشرف رسولاً إلى الخليفة، فأظهر من الحِشْمة والصَّدَقات والصِّلات أمرًا عظيمًا. وأنّ الَّذِي أعطاه الخليفة من الجوائز فرَّقه كلَّه فِي حاشية الخليفة. وحُسِبَ ما أنفقه ببغداد تِلْكَ الأيّام فكان ستّة عشر ألف دينار. سمعها منه علاء الدّين الكِنْديّ.(14/433)
147 - أَحْمَد بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْدِ الله بن سعد بن مفلح، الجمال أبو الْعَبَّاس المقدسيّ الحنبليّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة تسعين، وسمع من الخشوعيّ، وابن طَبَرْزَد، وبإصبهان من عفيفة، وزاهر بن أحمد، وأبي الفخر أسعد بْن سعيد، وابن الأخوة.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وَأَبُو بَكْر الدَّشْتيّ، والقاضي تقي الدين سليمان، وجماعة.
وتوفي في رجب.(14/434)
148 - أحمد بن عيسى ابن العلّامة مُوَفَّق الدِّين عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة. الإِمَام الحافظ الزّاهد القدوة، سيف الدين ابن المجد الحنبليّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وداود بْن ملاعب، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ العطّار، وموسى بْن عَبْد القادر، وابن أَبِي لُقْمة، وجدّه. وتخرج بخاله الشَّيْخ الضّياء. ورحل إلى بغداد سنة ثلاثٍ وعشرين، فسمع: الفتح ابن عبد السلام، وعلي بن بوزندار، وهذه الطّبقة. ثُمَّ رحل سنة ستٍّ وعشرين.
وكتب بخطّه المليح ما لا يوصف. وصنَّف وخرَّج، وسوَّد مسوَّدات لم يتمكّن من تبييضها، وكان ثقة حُجّة، بصيرًا بالحديث ورجاله، عاملًا بالأثر، صاحب عبادة وتهجُّد وإنابة. وكان إمامًا فاضلًا ذكيًّا، حادّ القريحة، تامّ المروءة، كثير الأمر بالمعروف والنَّهي عَن المُنْكَر، ولو طال عُمره لساد أهل زمانه عِلْمًا وعملًا، فرحمه الله ورضي عنه.
حدثنا عَنْهُ الشّهاب أَبُو بَكْر الدَّشْتيّ. ومات قبل أوان الرّواية فإنّه عاش ثمانيًا وثلاثين سنة.
وتوفي - بعد أن لقن خلقًا كثيرًا وتديَّن لذلك وسعى بكلّ ممكن - فِي أوّل شعبان. ومحاسنه جمَّة.(14/434)
149 - أَحْمَد بْن كَشَاسِبَ بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الإِمَام كمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الدِّزْمارِيّ، الفقيه الشافعي، الصوفي. [المتوفى: 643 هـ]
روى عن سراج الدين الحسيني ابن الزّبيديّ. وله تصانيف.
أثنى عَلَيْهِ الإِمَام أَبُو شامة، وقال: كَانَ فقيهًا صالحًا متضلِّعًا من نقل وجوه المذهب وفهم معانيه. قَالَ: وهو أخبر من قرأت عَلَيْهِ المذهب فِي صباي. وكان كثير الحجّ والخير. وقَفَ كُتُبه. وهو الَّذِي ذكره شيخنا عَلَم الدّين فِي خُطَبه تفسيره. تُوُفّي فِي ربيع الآخر.(14/435)
150 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن الحافظ عَبْد الغني بْن عَبْد الواحد. الإِمَام تقي الدين، أبو العباس ابن العِزّ المقدسيّ، الحنبليّ، الفقيه. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة إحدى وتسعين. وسمع من الخُشُوعيّ، وحنبل، وجماعة. ورَحَلَ إلى أصبهان وسَمِعَ من أَبِي الفخر أسعد، وعفيفة الفارفانية، وزاهر الثّقفيّ. ورجع فلازَم الفِقْهَ والاشتغال عَلَى جده لأمه موفق الدين، حتى برع فِي المذهب، وحفظ " الكافي " لجدّه جميعه، وقد تفقّه ببغداد عَلَى: الفخر إِسْمَاعِيل غُلام ابن المَنِّيّ، وتميّز، وحصّل ما لم يحصِّلْه غيرُه، ودرّس وأفتى، ولم يكن للمقادسة فِي وقته أعلم منه بالمذهب.
روى عَنْهُ: العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وَمُحَمَّد بْن مشرق الخشاب، وغيرهم.
وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من ربيع الآخر.
وكان فصيحًا مَهِيبًا وَقُورًا، مليح الشّكل، حَسَن الأخلاق وافر الحُرْمة، معظَّمًا عند الدّولة، كثير الإيثار، كبير المقدار، رحمه الله.
أنبأنا أبو الفداء ابن الخبّاز أنّ الخَوارزميّة نزلت حول دمشق، وخاف النّاس، فأمر الشَّيْخ التّقيّ بتدريب الطُّرُق فِي الجبل، وتحصيل العُدَد، وجْمع الرجال والاحتراز. ثُمَّ ركب الخانات - يعني مقدَّمين الخَوارزميّة - ووصلوا [ص:436]
إلى المَيْطُور، فخرج التّقيّ والنّاس بالعُدد، فإذا رسولٌ قد جاء يبشّر بالأمان، وأنّهم لا يدخلون الجبل إلّا بأمر الشَّيْخ. فمضى الشَّيْخ والجماعة حوله بالعدد إلى أن وصل إلى تل الحوراني شرقيّ الجبل والخانات عَلَى خيولهم، فلمّا رأوا الشَّيْخ نزلوا عَن الخيل والتقوا الشَّيْخ ورحّبوا بِهِ وقبّلوا يده، ثُمَّ قَالُوا: طيّبوا قلوبكم، فإنْ أذِنتم لنا فِي العبور وإلّا رجعنا. فأذِن لهم، ولم يدخلوا فِي وسط السّوق بل في سفح الجبل إلى العقبة ثم إلى المِزّة ولم يتأذّ أحدٌ من أهل الجبل سوى حسن غلام الشرف ابن المعتمد قاتلهم فقتلوه. ثُمَّ نُصّبت أعلامهم عَلَى أماكن مرتفعة أمانًا منهم، ووفوا بالأمان.(14/435)
151 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد أَبُو جَعْفَر القَيْسيَّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن أَبِي حجّة. [المتوفى: 643 هـ]
ذكره الأبّار فَقَالَ: تُوُفّي بمَيُورقَة، وقد سَمِعَ من أَبِي القاسم بْن بشكُوَال، وابن مضاء، وغيرهما. وتصدّر للإقراء والتّعليم والنّحْو، واختصر " التّبصرة " لمكّيّ، وصنَّف فِي النّحْو. وسكن إشبيلية بعد خروجه من قُرْطُبة، وأَسرته الرّوم، وعُذِّب وقاسى.(14/436)
152 - أَحْمَد بْن محمود بْن إِبْرَاهِيم بْن نبهان الحافظ المفيد شَرَفُ الدّين، أَبُو العباس ابن أَبِي الثّناء الدّمشقيّ، المعروف بابن الجوهريّ. [المتوفى: 643 هـ]
أحد من عُني بهذا الشأن وتعب عَلَيْهِ، ورحل وسهر وكتب الكثير، وحصّل ما لم يحصّلْه غيره. ثُمَّ أدركه الأَجَل شابًّا، فالله يرحمه.
سمع: أبا المجد القزويني، والمسلم بْن أَحْمَد المازِنيّ، ومُكْرَم بْن أَبِي الصَّقْر، وهذه الطّبقة. ورحل بعد الثلاثين، وسمع من أبي الحسن القَطِيعيّ، وابن اللّتّيّ، والأنجب الحمّاميّ، وطائفة من أصحاب ابن البّطيّ، وشُهْدَة. فأكثر ورجع بحديثٍ كثير، ونسخ واستنسخ. ثُمَّ رحل إلى مصر فأكثر عن الصفراوي، والهمداني، وابن مختار، ونظرائهم. وأقدم معه أبا الفضل الهمداني فأفاد الدمشقيين.
وكانت له دنيا وميراث، فأنفق سائر ذَلِكَ فِي الطَّلب. وكان صَدُوقًا مُتقِنًا متثبّتًا، غزير الفائدة، نظيف الخطّ، قليل الضَّبط لقلّة بِضاعته من [ص:437]
العربيّة، لكنّه كَانَ ذكيًّا فطِنًا. وكانت الصّدريّة قاعةً له فاشتراها منه ابن المنجى، ووَقَفَها مدرسةً.
ولمّا احتضر وقَفَ كُتُبَه وأجزاءه بالنُّوريّة وارتفق بِهَا الطَّلَبة.
وأظنّه حدَّث بشيء.
تُوُفّي فِي صفر، رحمه اللَّه تعالى.
وهو خال أمّ شيخنا ابن الخلّال.(14/436)
153 - أَحْمَد بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن صباح أَبُو الْعَبَّاس المصريّ المؤذّن. [المتوفى: 643 هـ]
روى عَن البُوصِيريّ. حدَّث عَنْهُ: الدّمياطيّ، وابن الحُلْوانيّة. ومات فِي صفر.(14/437)
154 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَليّ بْن عَبْد العزيز. القاضي شرفُ الدّين أَبُو إِسْحَاق المخزومي، المصريّ، الكاتب. ويُعرف بابن قُرَيش. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة، اثنتين وسبعين بمصر. وسمع بِهَا من البهاء ابن عساكر، وبنت سعد الخير.
وكتب الخطَّ الفائق وتأدب، وخدم في ديوان الإنشاء. وكتب بخطّه كثيرًا، وكان فِيهِ خير ومحبّة للصّالحين.
وهو ابن أخت القاضي الفاضل.
تُوُفّي بدمشق في جمادى الأولى.(14/437)
155 - إبراهيم بن. . .، هو صدر الدين ابن اللّهيب. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة. ورّخه الإمام أَبُو شامة مختصرًا.(14/437)
156 - إِسْحَاق بْن أَبِي القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ ابن صَصْرى، أَبُو إِسْمَاعِيل التّغْلبيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وسبعين. وسمع من القُطْب مَسْعُود النَّيْسابوريّ، وأحمد [ص:438]
ابن الموازينيّ، ويحيى الثقفيّ، ويوسف بْن معالي، وعمّه أبي المواهب الحافظ، وإسماعيل الجنزوي، وجماعة.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه الخطيب شَرَف الدّين، وَالشَّيْخ زين الدين الفارقي، والبدر ابن الخلّال، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وطائفة.
ومات فِي تاسع عشر جمادى الأولى.(14/437)
157 - آسية بِنْت شجاع بْن مفرج بْن قَصّة. [المتوفى: 643 هـ]
قرأتُ وفاتهَا بخطّ الضّياء فِي ربيع الأوّل.(14/438)
158 - آمنة بِنْت إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله. [المتوفى: 643 هـ]
قرأت وفاتها بخط الضياء في سلخ ربيع الآخر، وقال: كانت كثيرة الصّلاة باللّيل والصّيام.
وأظنُّها روت بالإجازة.(14/438)
159 - آمنة بِنْت حمزة بن أَحْمَد بْن عُمَر بْن أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن قدامة، [المتوفى: 643 هـ]
أخت القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان الحنبليّ، وزوجة الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ.
قَالَ: تُوُفّيَتْ فِي سَلْخ جمادى الأولى، وكانت ديِّنة خيرَّة موافقة، حفظت عليَّ القرآن العزيز، رحمها الله تعالى.(14/438)
160 - بردي خان ولَقَبُه اختيار الدّين الخُوارزميّ. [المتوفى: 643 هـ]
أحد الخانات الأربعة الذين نازلوا دمشق.
كَانَ شيخًا عاقلا، خبيثًا، ذا رأيٍ ودهاء. وكان أمير حاجب السّلطان جلال الدّين خوارزم شاه.
قَالَ سعد الدّين: تُوُفّي فِي رابع ربيع الآخر. ذكره فِي " تاريخه ".(14/438)
161 - بِهرام شاه بْن شاهنشاه بْن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي. [المتوفى: 643 هـ]
صاحب بَعْلَبَكّ.
مات ببغداد، ولبس غلمانه المُسُوح، وقد وخطه الشيب وناهز الخمسين.(14/438)
162 - جفال بْن يوسف بْن عليّ الدّارانيّ. [المتوفى: 643 هـ]
شيخ معمَّر. وُلِدَ سنة ثلاثٍ وأربعين، وحدَّث عَن ابن عساكر. حدث [ص:439]
عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، وَالشَّيْخ عليّ بْن هارون. وبالإجازة: أَبُو المعالي ابن البالِسيّ.
ولا أعلم مَتَى تُوُفّي، إلّا أنّه انقطع ذكره من هذا الوقت ومن قبله.(14/438)
163 - الجلال ابن الحارس، [المتوفى: 643 هـ]
وزير صاحب اليمن الملك المسعود أقسيس.
توفي في هذا العام باليمن.(14/439)
164 - جَهْمَةُ بِنْتُ هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن حَيْدرة السُّلَمِيّة الدّمشقيّة، أُمّ الخير. [المتوفى: 643 هـ]
روت عن أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وتوفيت في ذي الحجة.(14/439)
165 - الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ، الصّاحب الأمير، مقدَّم الجيوش، معين الدّين، أَبُو عليّ ابن شيخ الشّيوخ صدر الدّين أَبِي الْحَسَن. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ بدمشق قبل التّسعين، وتقدَّم فِي الدول الكاملية، وعظم شأنه في الدولة الصالحية، ووَزَرَ للملك الصّالح، وقدِم دمشقَ بالجيوش المصريّة وبالخوارزمية فحاصرها، ثم تسلّمها من الصّالح إِسْمَاعِيل. ومرض بالإسهال والدّم.
ومات - وما مُتِّع - فِي الثّاني والعشرين من رمضان، وله نيِّفٌ وخمسون سنة، ودُفِن بسفح قاسيون إلى جانب أخيه العماد.
وكان بين حصول أُمنيته وحلول مَنِيّته أربعة أشهر ونصف. وكان فِيهِ كرم وسخاء ودِين في الجملة.
وأخرج الملك الصالح أيوب أخاه فخر الدين ابن الشَّيْخ فِي أثناء السّنة من الحبس بعد أن لاقى شدائد، وسجنه ثلاث سنين. فأنعم عَلَيْهِ وقرّبه.(14/439)
166 - الْحَسَن بْن ناصر بْن عَلِيّ، أبو علي الحضرمي المهدوي المغربيّ، [المتوفى: 643 هـ]
نزيل الإسكندريّة.
وُلِدَ سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين بالمغرب.
وحدَّث عَن: عَبْد المجيد بْن دليل، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن موقى. [ص:440]
وكان صالحًا معمَّرًا.
روى عَنْهُ: شيخنا الدِّمياطيّ، وغيره. وقال: مات في سنة أربعٍ. وقال الشّريف: تُوُفّي فِي خامس ربيع الآخر سنة ثلاثٍ. فيُحَرَّر ذَلِكَ.
وأجاز: للبهاء ابن البرزالي، والعماد ابن البالسي.(14/439)
167 - الحسين بن علي بن أحمد ابن المهتدي بالله. الهاشميّ العبّاسيّ، أَبُو طَالِب، [المتوفى: 643 هـ]
نقيب العراق.
ورخه في أوائل السنة الشريفة عز الدين، وأنه روى عَن: يحيى بْن الْحُسَيْن الأَوَانيّ.
وقد ذكرناه فِي السّنة الماضية وأنّه الْحُسَيْن بْن أَحْمَد، فالله أعلم.(14/440)
168 - خديجة بِنْت الشَّيْخ العماد إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد، المقدسيّة. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّيت بالجبل فِي ثالث جمادى الأولى.
قَالَ الضّياء: قد سمِعَت الحديثَ، ولا أدري هَلْ رَوَتْ أم لا؟(14/440)
169 - خديجة بِنْت علي ابن الوزير أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه ابن رئيس الرؤساء. [المتوفى: 643 هـ]
امْرَأَة صالحة، رَوَت عَن: تجَنِّي الوهْبانيّة، وشُهْدة. روى لنا عَنْهَا بالإجازة: القاضي، وسعد الدين، والمطعم، والبجدي، وطائفة. وماتت فِي جمادى الأولى، ولها ثلاثٌ وسبعون سنة.(14/440)
170 - راجح بْن أَبِي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم أَبُو محمد ابن منجال المَنُورقيّ - بالنّون فيهما - الصّوفيّ. [المتوفى: 643 هـ][ص:441]
روى بالإجازة: عَن الكِنْديّ. سَمِعَ منه: شيخنا الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي بمكّة فِي شوّال.(14/440)
171 - ربيعة خاتون بِنْت نجم الدّين أيّوب بْن شاذي، [المتوفى: 643 هـ]
أخت الناصر والعادل.
تزوجت أولاً بالأمير سَعْد الدِّين مسعود ابن الأمير مُعين الدِّين أنر، فلمّا مات تزوّجت بالملك مظفَّر الدين صاحب إربل، فبقيت بإربل دهرًا معه. فلمّا مات قدِمت إلى دمشق، وخدمتها العالمة أَمَةُ اللّطيف بنت الناصح ابن الحنبليّ، فأحبّتها وحصل لَهَا من جهتها أموال عظيمة، وأشارت عليها ببناء المدرسة بسفح قاسيون، فَبَنَتْها ووَقَفَتْها عَلَى النّاصح والحنابلة.
وتُوُفّيَت بدمشق فِي دار العقيقيّ الّتي صُيِّرَت المدرسة الظّاهريّة. ودُفنت بمدرستها تحت القبو. ولقيت العالمة بعدها شدائد من الحبس ثلاث سنين بالقلعة والمصادرة، ثُمَّ تزوَّج بِهَا الأشرف صاحب حمص ابن المنصور، وسافر بِهَا إلى الرَّحبة فَتُوُفّيَتْ هناك سنة ثلاثٍ وخمسين.
ولربيعة خاتون عدّة محارم سلاطين، وهي أخت ستّ الشّام.
واستولى الصّاحب معين الدين ابن الشَّيْخ عَلَى موجودها، فلم يُمتَّع، وعاش بعدها أياماً قلائل.
توفيت في ثامن رجب - رحمها الله - عن سن عالية.(14/441)
172 - زينب بِنْت الجمال أَبِي حمزة أَحْمَد بْن عمر ابن الشَّيْخ أَبِي عُمَر [المتوفى: 643 هـ]
عمَّة القاضي تقيّ الدّين سليمان.
روت بالإجازة عن: مسعود الجمال. وتُوُفّيت فِي جمادى الأولى.(14/441)
173 - زينب بِنْت أَبِي أَحْمَد عَبْد الواحد بْن أَحْمَد، أمّ مُحَمَّد، [المتوفى: 643 هـ]
أخت الحافظ الضّياء.
وُلِدَت سنة اثنتين وستّين وخمسمائة. وعاش إحدى وثمانين سنة. ورَوَت بالإجازة عَن: صالح ابن الرخلة، وَأَبِي العلاء الهَمَذَانيّ، والسِّلَفيّ.
كتب عَنْهَا: أخوها، والسيف ابن المجد. وروى عنها: شمس الدين محمد [ص:442]
ابن الكمال، وعائشة بِنْت المجد، والقاضي تقيّ الدّين سليمان. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.
قَالَ أخوها الضّياء: تُوُفّيت فِي الخامس والعشرين من ربيع الأوّل. قَالَ: وكانت دينة خيرة، ذات مروءة وسعة خلق.(14/441)
174 - سارة بنت عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة، [المتوفى: 643 هـ]
أمُّ حمزة وجدّةُ قاضي القُضاة تقيّ الدين سليمان.
ولدت قبل السبعين وخمسمائة، وأجاز لَهَا: السِّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وجماعة.
رَوَت الحديث، وحدث عنها: شمس الدين محمد ابن الكمال، والشَّرَف أَحْمَد بْن أَحْمَد الفَرَضيّ، وعائشة بنت المجد، وحفيدها القاضي. وبالإجازة: العماد ابن البالِسيّ.
وكانت صالحةً كسائر عجائز الدَّير المبارك.
وتُوُفّيت فِي جمادى الأولى.(14/442)
175 - سالم بْن عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن سَعِيد المالقيّ، [المتوفى: 643 هـ]
قيّم دار الحديث النُّوريّة.
رَجُل صالح، سَمِعَ من: القاسم ابن عساكر، وعمر بْن طَبَرْزَد. حمل عَنْهُ: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، والجمال ابن الصّابونيّ. وأجاز لجماعة. وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.(14/442)
176 - سالم بْن عَبْد الرّزّاق بْن يحيى بْن عمر بن كامل، سديد الدين العقرباني، [المتوفى: 643 هـ]
خطيب عَقْرَبا.
كَانَ فاضلًا، يُنشئ الخُطَب. وُلِدَ سنة تسع وستين وخمسمائة، وسمع من أَبِي المعالي بْن صابر، ويحيى بْن محمود الثّقفيّ، وابن صَدَقَة.
روى عَنْهُ: ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار. وحضر عَلَيْهِ ابن البالِسيّ.
تُوُفّي فِي نصف ربيع الأوّل.(14/442)
177 - سيف الدين ابن قلِيج، الأمير الكبير [المتوفى: 643 هـ]
صاحب القِلِيجيّة.
تُوُفّي فِي شعبان بدمشق، ودُفن بتُربته الّتي فِي مدرسته بدمشق. وقد عمل نيابة دمشق.
وكان أَبُوهُ من الأمراء الظّاهرية الحلبيّة.
واسم سيف الدّين: عَلِيّ.
كتب عَنْهُ القُوصيُّ شِعرًا، وذكره فِي " مُعجمه "، وقال: كانت مدرسته دار خَالِد بْن الوليد.(14/443)
178 - شعبان بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب الدّارانيّ، الحمصيّ الأصل، [المتوفى: 643 هـ]
أخو مُحَمَّد وعليّ.
سمعوا من الحافظ ابن عساكر. وكتب عَنْهُم ابن الحاجب.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وابن الخلّال، وجماعة. وَتُوُفّي فِي هذه السنة.(14/443)
179 - شُكْرُ اللَّه بْن عَبْد اللّطيف بْن مُحَمَّد بْن ثابت، الخُوارَزْميّ ثُمَّ الإصبهانيّ أَبُو أَحْمَد. [المتوفى: 643 هـ]
من أولاد الشّيوخ.
وُلِدَ بأصبهان، وسمع فيما أظنّ من والده، وكتب فِي الإجازات. ومات في ربيع الآخر.(14/443)
180 - صاروخان، [المتوفى: 643 هـ]
أَحْد مقدَّمي الخَوَارَزْميّة.
كَانَ شيخًا سمينًا، قليل الفهم. وكان شحنة جمال السلطان جلال الدين خوارزم شاه، وكان أحد الخانات الأربعة الذين حاصروا دمشق، فمات هو وبردى خان على دمشق؛ مات في جمادى الآخرة.(14/443)
181 - الصفي الحلبي، المقرئ على الجنائز بدمشق. [المتوفى: 643 هـ]
توفي فِي ربيع الأوّل.(14/443)
182 - صفيّة بِنْت إِسْحَاق بْن الخِضر. [المتوفى: 643 هـ]
سمِعَت الحديث، وماتت فِي ربيع الآخر.
سَمِعْتُ " المُسْنَد " كلّه من حنبل. وسمعت من ابن طَبَرْزَد، وكانت من نساء الجبل.(14/443)
183 - صفية بنت أَحْمَد بْن عُمَر ابن الشّيْخ أَبِي عُمَر المقدسيّ، [المتوفى: 643 هـ]
عمّةُ القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان.
تُوُفّيت هِيَ وأختُها زينب بِنْت أَحْمَد فِي جمادى الأولى.
وقد رَوَتا إجازةً عَن مَسْعُود الجمّال، وعفيفة الفارفانية.(14/444)
184 - صفيّة، أمّ أَحْمَد ابْنَة الشَّيْخ موفّق الدّين ابن قدامة. [المتوفى: 643 هـ]
ولدت بعد السبعين وخمسمائة. وروت بالإجازة عَن أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وخطيب الموصل، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وجماعة.
سئل عَنْهَا الضّياء، فَقَالَ: كانت صاحبة أوراد، وهي كثيرة المعروف.
قلت: روى عَنْهَا: ابن الكمال، وعائشة بِنْت المجد. وتُوُفّيَتْ فِي ربيع الآخر فِي أواخره.
روى عنها بالإجازة أيضاً أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.(14/444)
185 - صفيّة بِنْت النّاصح مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد، أمُّ مُحَمَّد. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّيت فِي جمادى الأولى.
روت بالإجازة شيئًا يسيرًا؛ سَمِعَ منها: الزكي البرزالي، والسيف ابن المجد. وأخبرنا عنها القاضي تقي الدين.(14/444)
186 - طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّد بْن طلحة الأُمَويّ الإشبيليّ، المقرئ. [المتوفى: 643 هـ]
أخذ عَن أَبِيهِ، وعمّه أبي العباس. وأتقن القرآن والعربية، وتصدر.
مات في أول السنة.(14/444)
187 - طي بْن أَبِي الجود الصُّوفيّ. [المتوفى: 643 هـ]
خدم الملك المحسن ابن صلاح الدين. وروى بالإجازة عن البوصيري.(14/444)
188 - عبد الله بن عبد العزيز اليونيني الزاهد، [المتوفى: 643 هـ]
والد شيخنا أحمد. من أصحاب الشيخ عبد الله اليونيني.
توفي في ثامن رجب. وكان من الصالحين الأولياء. [ص:445]
حكى شيخنا ولده أحمد، قَالَ: عنَّفني مرَّةً وانزعج، فقال: والك، أَنَا قضيت إلى يومي هذا صلاةَ أربعين سنة. وحدَّثني فقيرٌ، قَالَ: اقتات أبوك سنة بثلاثة دراهم؛ اشترى بدرهم دقيقا، وبدرهم سمنا، وبدرهم عسلا، ولته وجعله ثلاثمائة وستّين كبّة، كَانَ يُفْطر كلّ ليلة عَلَى كبّة. وقيل إنّه عمل مرّةً مجاهدةً تسعين يومًا، يُفطِر كلّ ليلةٍ عَلَى حِمصة حتّى لا يواصل!.
وقال الشَّيْخ إسرائيل بْن إِبْرَاهِيم: كَانَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه بْن عزيز إذا دخل رجب تمارض ويأكل فِي كلّ عشرة أيّام أكلة.
وحكى العماد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعْد قَالَ: أخبرني الشَّيْخ إِبْرَاهِيم البطائحيّ، قَالَ: كَانَ فِي المِزّة شابٌّ يشرب، فَقَالَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز: أحضِروه لعلَّه يتوب، وكان يُحسِن إلى جماعة المِزّة. قال: فدعا إنسان للشيخ عبد الله وأصحابه، فحضر الشاب، فأنشد فقير أبياتاً فطاب للشيخ، وكان ثم شمعةٌ فجعل الشّيخ لحيته عليها وبقيت النّار تخرج من خَلَلها. وكان الشَّيْخ كَثّ اللّحية، فوقع الشّابّ عَلَى رِجْليّ الشَّيْخ وتاب، وجاء منه رجلٌ صالح. وحكى غيرُ واحدٍ من أهل المِزّة أنهّم شاهدوا الشَّيْخ والنّار تخرج من خَلَل لحيته، وأنّ الشّابّ تاب. وهذه حكاية صحيحة.
وقال الشَّيْخ يوسف الزّاهد: قدِمتُ من الحج وأنا عريان، قال: فخطر لي أنّ ما فِي دمشق مثل الشَّيْخ عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز، فذكرته للشّيخ مُحَمَّد السّلاويّ فَقَالَ: وأزيدك، ما فِي الشّام.
وعن الشَّيْخ عَلِيّ الشِّبْليّ قَالَ: احتاجت زوجتي إلى مقنِّعة وطالَبَتْني، فقلت: عليَّ دَينٌ خمسة دراهم فمن أَيْنَ أشتري لك؟ فنمتُ فرأيت كأن من يقول لي: إن أردت أن تنظر إلى إِبْرَاهِيم الخليل فانظُر إلى الشَّيْخ عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز. فلمّا أصبحت أتيتُه بقاسيون، فَقَالَ لي: والَكَ يا عليّ اجلِس. وقام إلى منزله وعاد ومعه مُقَنِّعة وفي طَرَفها خمسة دراهم، فرجعت، وكان عندنا وردٌ فجمعتْهُ المرأةُ وأتت بِهِ إلى بيت الشَّيْخ عَبْد اللَّه فوجدت زوجته وما عَلَى رأسها سوى مِئْزَرٍ معقودٍ تحت حِنكها. [ص:446]
وحكى ولده الفقيه أَحْمَد، قَالَ: قَالَ أَبِي: واللَّهِ ما نظرتُ إلى فقير إلّا قلت: هذا خيرٌ منّي.
قلت: وبَلَغَنَا أنّ الشَّيْخ عبد الله كان كثير الذِّكر، كثير الإيثار مَعَ الفقر، كبير القدرْ، بعيد الصِّيت. صحِب الشَّيْخ عَبْد اللَّه اليونينيّ الكبير مدّة. وقبره بسفح قاسيون بقرب التُّربة المعظمية، رحمه الله.
روى لنا ولده عَن ابن الزُّبَيْديّ.
ومن مناقب ابن عزيز فيما رَوَاهُ ابن العزّ عُمَر خطيب زَمْلَكا عَن الشَّيْخ مُرّيّ خادم ابن عزيز أنه كان الشيخ إذا رأى الفقير قال: ما تجيء تعمل عندي فِي جُبّ؟ فإذا أجاب قَالَ: عَلَى شرط أيّ شيء جاءنا فُتُوح تأخذه. فكان إذا عمل الفقير عُمْقَ شِبْرَيْن، فإنْ أُتَيَ الشّيخ بشيءٍ دفعه إِلَيْهِ فإذا راح عمد الشيخ فطم ما حفر الفقير.(14/444)
189 - عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه بْن سعد، الشّمس أَبُو مُحَمَّد المقدسيّ، [المتوفى: 643 هـ]
أخو الجمال أَحْمَد.
سَمِعَ من حنبل، وابن طَبَرْزَد. روى عَنْهُ شيوخنا أبو محمد الفارقي، وأبو علي ابن الخلّال، والصّدر الأُرْمَوِيّ. ومات فِي جمادى الأولى.(14/446)
190 - عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْنِ عَبْدِ الله ابن النّخّال، أَبُو بَكْر البغداديّ البوّاب، الرّجل الصّالح. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ من شُهْدَة كتاب " المصافحة "، والرّابع من " المحامليات "، وغير ذَلِكَ.
روى عَنْهُ مجد الدّين العديميّ، وفتاه بَيْبَرس، وَالشَّيْخ مُحَمَّد القزّاز.
وما أدري تُوُفّي فِي هذه السّنة أو عَلَى أثرها.
وقد أجاز للمطعم، والبجدي، وبنت الواسطي، وطائفة.(14/446)
191 - عبد الله ابن الشيخ أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة. الإِمَام الخطيب شَرَفُ الدّين، أَبُو مُحَمَّد المقدسيّ، [المتوفى: 643 هـ]
خطيب جامع الجبل. [ص:447]
كَانَ فقيهًا عالِمًا، ديّنًا، ورِعًا، صالحًا، قليل الكلام، وافر الحُرمة، كبير القدْر.
وُلِدَ فِي رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسَمِعَ من يحيى الثَّقفيّ، وابن صَدَقَة الحراني، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الخِرَقيّ، وجماعة. وبمصر من البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، والأَرْتاحيّ. وببغداد: المبارك ابن المعطوش، وأبا الفرج ابن الْجَوْزيّ، وَعَبْد اللَّه بْن أبي المجد، وجماعة.
واشتغل ببغداد وبدمشق عَلَى عمّه الشَّيْخ الموفَّق.
روى عنه الشيخ محمود الدشتي، وابن أخيه أَحْمَد بْن مُحَمَّد الدَّشْتيّ، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، وَالشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرحمن، وأخوه، وأبو علي ابن الخلّال، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، والنّجم إسماعيل ابن الخباز، وجماعة درجوا إلى الله، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعم، وطائفة سواهم.
وقد سَمِعَ منه: الشَّيْخ الضّياء، وذكره فِي شيوخه. وورّخ وفاته فِي العشرين من جمادى الآخرة. ثم مات بعده بأسبوع.(14/446)
192 - عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد بْن الوليد، أَبُو منصور البغداديّ، الحافظ. [المتوفى: 643 هـ]
أحد من عُني بهذا الشّأن ورحل فِيهِ. سَمِعَ: عَبْد العزيز بْن الأخضر الحافظ، وَعَبْد العزيز بن منينا، ومسعود بْن بركة، وطائفة ببغداد. والحافظ عَبْد القادر بحرّان، وأبا هاشم عَبْد المطَّلب بحلب؛ والتّاج الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتانيّ بدمشق.
وكان مشهورًا بجودة القراءة وسرعتها، وخطه ضعيف. طريقه تشبه طريقة عبد القادر الرهاوي شيخه، وكان من كبار أئمة السنة. وله مصنفات وتخاريج مفيدة.
توفي في ثالث جمادى الأولى، وهو كهل.(14/447)
193 - عبد الله بن نصر بن علي ابن المجاور الدمشقي. [المتوفى: 643 هـ][ص:448]
أديب فاضل، روى عَنْهُ الحافظ عَبْد العظيم شِعْرًا. وَتُوُفّي عَن إحدى وستّين سنة بالفَيُّوم.(14/447)
194 - عَبْد الجليل بْن عَبْد الجبّار بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد الجليل. المحدّث تاج الدّين الأبهري العدل. [المتوفى: 643 هـ]
ولد بأبهر زنجان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وقدِم دمشقَ فاشتغل بِهَا ونسخ الكثير. وسمع من حنبل، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ.
روى عَنْهُ المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد ابن البالِسيّ، وجماعة.
وخطّه طريقة مشهورة.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وكان صوفيًّا.(14/448)
195 - عَبْد الحقّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَلّاق بْن خلف، أَبُو سُلَيْمَان الخَزْرَجيّ المصريّ، ويُعرف بابن الحَجّاج. [المتوفى: 643 هـ]
محدث معروف؛ ولد سنة اثنتين وسبعين. وطلب وسمع من أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وَأَبِي نزار ربيعة، وبدمشق: الخضِر بْن كامل، وابن الحَرَسْتانيّ.
تُوُفّي فِي العشرين من جمادى الأولى.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ.
وهو ابن عمّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد.(14/448)
196 - عَبْد الحقّ بْن عَبْد السّلام بْن عَبْد الحقّ، أَبُو مُحَمَّد التّميميّ الصّقليّ ثُمَّ الدّمشقيّ [المتوفى: 643 هـ]
المؤدّب بمسجد الرَّحبة.
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّين. وسمع من يحيى الثّقفيّ. روى عنه الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وجماعة سواهم. وبالإجازة أبو المعالي ابن البالِسيّ.
تُوُفّي فِي سلْخ ربيع الأوّل.(14/448)
197 - عبد الرحمن بن عبد الله ابن الحافظ عَبْد الغنيّ المقدسيّ. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي شابًّا.(14/449)
198 - عَبْد الرحمن ابن الحَافِظ عَبْد الغَنِيّ بْن عَبْد الواحد بْن عَلِيّ، الفقيه أَبُو سُلَيْمَان المقدسيّ مُحيي الدّين. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وثمانين. وسمع من أَبِيهِ، والخُشُوعيّ، وجماعة. وبمصر من البُوصِيريّ، وابن ياسين، والأرتاحي. وببغداد من أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، والمباركَ بن المَعْطُوش، وعبد اللَّه بن أَبِي المجد، وعمر بْن عَلِيّ الواعظ، والحسن بن علي بن أشنانة، وطائفة. وتفقه على الشيخ الموفق.
وكان فقيهاً، متقناً، صالحًا، خيِّرًا، عابدًا، مدرّسًا، من أعيان الحنابلة. قيل: إنه حفظ كتاب " الكافي " جميعه.
وكان دائم البِشْر، حَسَن الأخلاق، لطيف الشّمائل.
روى عَنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين عبد الرحمن، والمجد ابن الحلوانية، وأبو الحسين ابن اليونيني، وأبو علي ابن الخلّال، والتّاج عَبْد الخالق القاضي، وابنه عَبْد السّلام، والشَّرَف إِبْرَاهِيم بْن حاتم، وَأَبُو بَكْر ابن الدكري، وأبو بكر الدَّشْتيّ، وَأَبُو الفضل سُلَيْمَان بْن حمزة الحاكم، وطائفة سواهم.
وَتُوُفّي فِي التّاسع والعشرين من صفر.(14/449)
199 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللّطيف بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي سعد، الشَّيْخ أَبُو البركات ابن شيخ الشّيوخ النَّيْسابوريّ، ثُمَّ البغداديّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة سبعين وخمسمائة. وسمع: أَبَاهُ، وعمّه صدر الدّين عَبْد الرّحيم، وأبا الفتح ابن شاتيل، والقزّاز.
وكان صالحًا عابدًا، ولي مشيخة الرباط البسطامي.
روى عنه جمال الدين الشريشي، وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وأبو نصر ابن الشيرازي، والبجدي، وبنت الواسطيّ، وخلْق.
قَالَ الشّريف: تُوُفّي فِي ثالث ذي القعدة.(14/449)
200 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إلياس. نجمُ الأُمَنَاء أَبُو مُحَمَّد الأزْديّ الحمصيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، التّاجر. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ بدمشق سنة ستٍّ وخمسين. وسمع من الحافظ أَبِي القاسم شيئا يسيرًا. رَوَى عَنْهُ ابنُ الحُلْوانية، وَالشَّيْخ تاجُ الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وغيرهم. وَتُوُفّي فِي نصف شعبان يوم الجمعة.
روى لنا عَنْهُ شَرَفُ الدّين عشرة أحاديث.(14/450)
201 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن بركات بْن شُحانة. المحدّث العالم، سراج الدّين، أَبُو مُحَمَّد الحرّانيّ. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي بميّافارقين فِي جُمادى الآخرة. وسماعاته كثيرة سنة نيف عشرة وستمائة بدمشق، ومصر، وحلب، والموصل. وكتب شيئًا كثيرًا. سَمِعَ: القاضي أَبَا القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وداود بْن ملاعب، والافتخار الهاشميّ، ومِسْمار ابن العُوَيْس، وخلقًا كثيرًا.
وكان ثقة، فَهمًا، حَسَن المذاكرة.
روى عنه بالإجازة أبو نصر ابن الشّيرازيّ.(14/450)
202 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز. وجيهُ الدّين أَبُو القاسم اللَّخْميّ القُوصيّ، الحنفيّ، الفقيه. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ بقُوص سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع بمصر من عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وعليّ بْن هبة اللَّه الكامليّ، ومحمود بن أحمد ابن الصابوني، والقاسم ابن عساكر. وعنه: ابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، وَأَبُو الْحَسَن الغرافيّ، وغيرهم.
وكان أديبًا شاعرًا مَعَ ما فيه من التبحر بمذهبه، فإنّه درس وأفتى، وناظَرَ، وطال عُمره. وَتُوُفّي فِي سابع ذي القعدة بالقاهرة.(14/450)
203 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مقرَّب بْن عَبْد الكريم، الحافظ المفيد، أسعد الدّين، أَبُو القاسم الكِنْديّ، الإسكندراني، المعدل. [المتوفى: 643 هـ]
ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وقرأ بنفسه عَلَى: البُوصِيريّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن موقى، وَأَبِي الفضل الغَزْنَويّ، والأَرْتاحيّ، وبنت سعد الخير، وجماعة. ولزم الحافظ أبا الحسن ابن المفضّل وتخرَّج بِهِ، وخرَّج لنفسه عشرين " جزءًا " أبان فيها عَن معرفةٍ ونَبَاهة.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، والزَّينُ مُحَمَّد بْن منصور الورَّاق، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي ثالث عشر صفر.
وهو والد مقرب الراوي عن ابن عماد.(14/451)
204 - عبد الرحيم ابن الإِمَام أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن نجا، أَبُو سعد الخير الأَنْصَارِيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ بدمشق سنة أربعٍ وخمسين. وسمع من والديه. وأجاز لَهُ: أَبُو موسى المَدِينيّ، وجماعة.
وتهاون بِهِ أَبُوهُ ولم يُسمّعه فِي صِغَره ولا استجاز له.
توفي بالقاهرة في ربيع الآخر.
وقد سَمِعَ منه الزّكيّ المنذريّ. وروى عَنْهُ الدِّمياطيّ، وغيره.(14/451)
205 - عَبْد الرّزّاق بْن أَبِي الغنائم بْن ياسين بْن العلاء، أَبُو مُحَمَّد مهذّب الدّين الدّقُوقيّ، العراقيّ، الضّرير، المقرئ، الشّاعر. [المتوفى: 643 هـ]
قدِم دمشق شابًّا، فسمع بِهَا من عَبْد اللّطيف بْن أبي سعد لما قدمها، ومن القاسم ابن عساكر، والمفضّل بْن عَقِيل، والخطيب الدَّوْلَعيّ، وَأَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن يوسف الآمُليّ، وغيرهم. [ص:452]
روى عنه زين الدين الفارقي، والبدر ابن الخلال، والعماد ابن البالِسيّ، وغيرهم.
ومات فِي ثامن شعبان بدمشق.(14/451)
206 - عَبْد السّلام بْن ممدود بْن أَبِي الوحش أبو محمد ابن السّيُوريّ، الشَّيْبانيّ. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ من الخُشُوعيّ. وَتُوُفّي فِي رجب، وله ستّون سنة.
حدَّث وأجاز.(14/452)
207 - عَبْد السلام بن يرنقش القضائي الزكوي. وكان يرنقش تَسَمّى بإسحاق. [المتوفى: 643 هـ]
روى عَن الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف الصوفي. وعنه: ابن الحلوانية، وغيره. ومات في جمادى الأولى.(14/452)
208 - عبد السيد بن أبي الرجاء مظفر بن أبي عبد الله محمد بن محفوظ ابن صصرى، أبو محمد التغلبي الدمشقي. [المتوفى: 643 هـ]
حدث عَن عبد الكريم ابن الهادي. وسمع منه الطَّلَبة. ومات فِي سادس عشر ربيع الآخر.
روى عنه البهاء ابن عساكر بالإجازة.(14/452)
209 - عَبْد الكريم بْن أَبِي الفتح الحنفي، الفقيه. [المتوفى: 643 هـ]
دمشقي يروي عن الخشوعي. حدثنا عنه: الفخر ابن عساكر.
توفي فِي جمادى الأولى.(14/452)
210 - عَبْد اللّطيف بْن الْحَسَن بن محمد بن الحسن ابن عساكر، أبو الحسن ابن زَيْن الأُمَناء. [المتوفى: 643 هـ]
والد شيخنا عَبْد المنعم.
كَانَ صالحاً متزهداً.
توفي في شوال.(14/452)
211 - عَبْد المحسن بْن حمّود بْن المحسّن بْن عَلِيّ، المولى أمين الدّين، أَبُو الفضل التّنوخيّ، الحلبيّ، [المتوفى: 643 هـ]
الكاتب المنشئ البليغ.
وُلِدَ سنة سبعين وخمسمائة. ورحل فسمع بدمشق من حنبل، وابن طَبَرْزَد، وابن الزّنف، وَأَبِي اليُمْن الكِنْديّ، وطائفة.
وعُنِي بالأدب، وجمع كتابًا فِي عشرين مجلّدة فِي الأخبار والنّوادر، روى فِيهِ بالأسانيد، وله " دِيوان شعر"، و " ديوان ترسُّل ".
روى عَنْهُ الشّهاب القُوصيّ، والزّيْن الفارقيّ شيخنا، وأبو علي ابن الخلال، والشيخ علي بن هارون، والعماد ابن البالسي. وغيرهم.
ومن شِعره:
اشتغِلْ بالحديث إنْ كنتَ ذا فهْـ ... ـمٍ ففيه المُرادُ والإِيثارُ
فهو للعِلم معلمٌ وبه بيـ ... ـن ذوي الدّين تحسُنُ الآثارُ
إنّما الرّأيُ والقياس ظلامٌ ... والأحاديثُ للورى أنوارُ
كُنْ بما قد علمته عاملا ًفالـ ... ـعلم دوحٌ منهنّ تُجنى الثَمارُ
وإذا كنتَ عالمًا وعليماً ... بالأحاديث لن تمسّك نار
وقد كتب أمين الدين ابن حمّود لعزّ الدّين أَيْبَك صاحب صَرْخَد ووَزَرَ له.
وكان دينا ًخيرًا، كامل الأدوات.
تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من رجب.(14/453)
212 - عبد الملك بْن عَبْد الوهّاب ابن زين الأُمناء ابن عساكر، أَبُو الوفاء. [المتوفى: 643 هـ]
من علماء المحدّثين وفُضَلائهم. كتب وأجاد وخرَّج، وقرأ عَلَى الشّيوخ. ولو عاش لتعين. مات فِي المحرَّم، وله اثنتان وثلاثون سنة. [ص:454]
سَمِعَ: جدّه، وابن اللّتّيّ.(14/453)
213 - عَبْد الوهّاب بْن معد بن أحمد ابن الواثق، أبو محمد العباسي البغدادي. [المتوفى: 643 هـ]
روى عَن عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل. ومات فِي ثامن عشر صفر.(14/454)
214 - عُبَيْد اللَّه بْن جُبارة المرداويّ الصّالحيّ، الفقيه الحنبليّ. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي بالجبل فِي جمادى الآخرة.(14/454)
215 - عتيق بْن أَبِي الفضل بْن سلامة بْن عَبْد الكريم بْن ثابت العدْل، أَبُو بَكْر السَّلَمانيّ، الشّاهد تحت السّاعات. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وسمع الكثير من أَبِي القاسم الحافظ، وسمع أيضًا من أَبِي المعالي عَلِيّ بْن خلدون، ومن أَبِي طَالِب مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عبدان.
وكان كثير التّلاوة، مواظبًا عَلَى الصَّلوات فِي جماعة، وعنده مُزاح ودُعابة.
روى عَنْهُ الحافظ زكيُّ الدّين البِرْزاليّ مَعَ تقدّمه، وَأَبُو مُحَمَّد الجزائريّ، وَأَبُو الفضل الإربليّ الذّهبيّ، وَأَبُو الفضل ابن عساكر، وابن عمه الفخر، وأبو علي ابن الخلّال، والعلاء بْن البقّال، والخطيب شَرَف الدّين الفزاري، وآخرون.
وحضر عليه أبو المعالي ابن البالِسيّ جميع كتاب " المجالسة " بسماعه - سوى الأوّل والثّامن بفَوْت والخامس - عَلَى ابن عساكر. وحضر عَلَيْهِ " الأربعين المساواة " لابن عساكر، ومجلس " فضل رجب " وهو السادس بعد الأربعمائة. وحضر عَلَيْهِ عوالي حِسانًا، والأوّل والثّاني من " سباعيات " الحافظ، و" جزء " أبي معاذ للشاه وما معه، و" سداسيات " الفُرَاويّ، وغير ذَلِكَ.
تُوُفّي فِي الثّاني والعشرين من ذي القعدة، ودُفن بمقبرة باب الفراديس.(14/454)
216 - عثمان بْن حامد الفقيه. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة.(14/455)
217 - عثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُثْمَان بْن مُوسى بْن أَبِي نصر. الإِمَام مفتي الإِسْلَام تقيّ الدّين أَبُو عَمْرو ابن الإِمَام البارع أَبِي القاسم صلاح الدّين النَّصريّ، الكُرديّ، الشَّهْرَزُوريّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة سبْع وسبعين، وتفقّه عَلَى والده الصّلاح بشَهْرَزُور، وكان والده شيخ تِلْكَ النّاحية، ثُمَّ نقله إلى المَوْصِل فاشتغل بِهَا مدّة، وبرع فِي المذهب.
قَالَ ابن خَلِّكان فِي " تاريخه ": بَلَغَني أَنَّهُ كرّر عَلَى جميع " المهذّب " ولم يَطرَّ شاربُه، ثُمَّ ولي الإعادة عند العلامة العماد ابن يونس.
قلت: وسمع من عُبَيْد اللَّه بْن أحمد ابن السّمين، ونصر اللَّه بْن سلامة الهيْتيّ، ومحمود بْن عَلِيّ المَوْصِليّ، وَعَبْد المحسن ابن خطيب المَوْصِل، وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي السّنان بالمَوْصِل. ورحل - وله بضْعٌ وعشرون سنة - إلى بغداد، فسمع بِهَا من أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهّاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد؛ وبدنيسر من إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الخبّاز، وبهَمَذَان من أبي الفضل ابن المعزّم، وجماعة. وبنَيْسابور من منصور الفُرَاويّ، والمؤيَّد الطوسي، والقاسم ابن الصّفّار، وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن الصّرّام، وَأَبِي المعالي بن ناصر الأنصاري، وأبي النجيب إسماعيل القارىء، وزينب الشِّعْريّة. وبمَرْو من أَبِي المظفّر عَبْد الرحيم ابن السّمعانيّ، وَمُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المُوسَوِيّ، وَأَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السّنْجيّ، وَمُحَمَّد بْن عُمَر المسعوديّ، وجماعة. ودخل الشّام فِي سنة سبْع عشرة أو قبلها فسمع من الموفّق شيخ الحنابلة، وزَيْن الأُمَناء، وأخيه المفتي فخر الدّين. وسمع بحلب من أَبِي مُحَمَّد ابن الأستاذ. وقد ورد دمشق قبل ذَلِكَ، وسمع من القاضي جمال الدين ابن الحَرَسْتانيّ. وسمع بحرّان من الحافظ عَبْد القادر، ثُمَّ فِي النّوبة الثّانية.
درَّس بالقدس بالمدرسة الصّلاحيّة، فلمّا خرّب المعظَّم أسوار القدس قدِم دمشق، ووُليّ تدريس الرّواحيّة. ووُليّ سنة ثلاثين مشيخة الدار [ص:456]
الأشرفيّة، ثُمَّ تدريس الشّاميّة الصُّغْرى.
وكان إمامًا بارعًا، حُجّة، متبحِّرًا فِي العلوم الدينيّة، بصيرًا بالمذهب ووجوهه، خبيرًا بأُصوله، عارفًا بالمذاهب، جيّد المادّة من اللّغة والعربيّة، حافظًا للحديث متفنِّنًا فِيهِ، حَسَن الضَّبْط، كبير القدْر، وافر الحُرْمة، مَعَ ما هُوَ فِيهِ من الدّين والعبادة والنُّسُك والصّيانة والورع والتَّقْوى. فكان عديم النّظير فِي زمانه.
قَالَ ابن خَلِّكان: كَانَ أحد فُضَلاء عصره فِي التّفسير، والحديث، والفقه، وله مشاركة في فنون عدة، وكانت فتاويه مسدَّدة، وهو أحد أشياخي الّذين انتفعتُ بهم. وكان من العِلم والدّين عَلَى قَدَمٍ حسن. أقمت عنده للاشتغال، ولازمته سنة؛ سنة اثنتين وثلاثين. وقد جمعت فتاويه فِي مجلّدة. وله إشكالات عَلَى " الوسيط ".
وقال ابن الحاجب فِي " معجمه ": إمام ورع، وافر العقلِ، حَسَن السَّمْت، متبحّر فِي الأُصُول والفروع، بالَغَ فِي الطَّلَب حتّى صار يُضْرب بِهِ فِيهِ المَثَل، وأجهد نفسَه فِي الطّاعة والعبادة.
قلت: وكان حَسَن الاعتقاد عَلَى مذهب السِّلَف، يرى الكَفَّ عَن التّأويل، ويؤمن بما جاء عَن اللَّه ورسوله عَلَى مُرادهما. ولا يخوض ولا يتعمّق. وفي فتاويه: سُئل عمّن يشتغل بالمنطق والفلسفة؟ فأجاب: الفلسفة أسُّ السَّفَه والانحلال، ومادّة الحيرة والضلال، ومثار الزَّيْغ والزَّنْدَقة. ومَن تفلسَفَ عَمِيَتْ بصيرتُه عَن محاسن الشّريعة المؤيَّدة بالبراهين. ومن تلبَّس بِهَا قارنه الخذْلان والحرمان، واستحوَذ عَلَيْهِ الشّيطان، وأظلم قلبُه عَن نُبُوَّة محمدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -. إلى أن قَالَ: واستعمال الاصطلاحات المنطقيّة فِي مباحث الأحكام الشّرعيّة من المُنْكَرَات المستبشَعَة، والرّقاعات المستَحْدَثَة، وليس بالأحكام الشّرعيّة - ولله الحمد - افتقار إلى المنطق أصلاً، وهو قعاقع قد أغنى اللَّه عَنْهَا كلَّ صحيح الذِّهْن. فالواجب عَلَى السّلطان - أعزّه اللَّه - أن يَدفع عَن المسلمين شرّ هَؤُلاءِ المشائيم، ويُخرجهم من المدارس ويبعدهم. [ص:457]
وللشّيخ فتاوٍ هكذا مُسَدَّدة، فرحِمه اللَّه ورضي عَنْهُ - وكان معظّمًا فِي النّفوس، حَسَن البِزَّة، كثير الهَيْبة، يتأدَّب معه السّلطان فمَن دونه.
تفقه عليه خلق كثيرٌ، منهم: الإِمَام شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن نوح المقدسيّ، والإِمَام شهاب الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل أَبُو شامة، والإِمَام كمال الدّين سلار، والإِمَام كمال الدّين إِسْحَاق، والإِمَام تقي الدين ابن رزين قاضي الدّيار المصريّة، والعلّامة شمس الدّين ابن خَلِّكان قاضي الشّام.
وروى عَنْهُ الفخر عُمَر بن يحيى الكرجي، والمجد يوسف ابن المِهْتار، وابنه مُحَمَّد، والتّاج عَبْد الرَّحْمَن شيخ الشّافعيّة، والجمالُ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الشَّريشيّ، والزَّيْن عَبْد اللَّه بْن مروان مفتي الشّافعيّة، والجمال عَبْد الكافي الرَّبَعيّ، والشَّرَف أَحْمَد الفزاري، والشرف أحمد ابن عساكر، والكمال عَبْد اللَّه بْن قوام، والشّهاب مُحَمَّد بْن مُشَرَّف، والشَّرَف عُمَر بْن خواجا إمام، والصدر مُحَمَّد بْن يوسف الأُرْمَوِيّ، والشّمس مُحَمَّد بْن يوسف الذهبي، والعماد محمد ابن البالسي، والشرف محمد ابن خطيب بيت الآبار، والقاضي أَحْمَد بْن علي الجيلي، والشهاب محمد ابن العفيف، وغيرهم.
وانتقل إلى رحمة اللَّه فِي سَحَر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من ربيع الآخر، وحمل على الرؤوس، وازدحم عَلَيْهِ الخلْق. وكانت عَلَى جنازته هيبة وخشوع، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ بالجامع، وشيّعوه إلى عند باب الفرج، فصلي عليه بداخله ثانيا، ورجع النّاس لأجل حصار البلد بالخَوارَزْميّة، وخرج به دون العشرة مشمرين ودفنوه بمقابر الصُّوفيّة، وقَبْرُه فِي طرفها الغربيّ عَلَى الطّريق ظاهر. وعاش ستًّا وستّين سنة.(14/455)
218 - عقيل بْن نصر اللَّه بْن عقيل بْن المُسَيَّب بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد، شَرَفُ الدّين أبو طالب ابن أَبِي الفِتْيان بْن أَبِي طَالِب بْن أَبِي الفوارس ابن الرئيس أبي الحسن ابن الصوفي محمد الدمشقي. [المتوفى: 643 هـ]
من بيت حشمة ورياسة، وكان إمام مسجد الدّيماس، وله محفوظات، وفيه دِين وتزهُّد.
وُلِدَ سنة تسع وستّين، وسَمِعَ من يحيى الثَّقفيّ، وابن صَدَقَة الحرّانيّ. [ص:458]
رَوَى عَنْهُ ابنُ الحُلْوانية، والشيخ تاجُ الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين، والفخر ابن عساكر، والركن أحمد الطاووسي، والشَّرَف مُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار. وحضورًا أبو المعالي ابن البالِسيّ.
وَتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.(14/457)
219 - عَلِيّ بْن الحسن بْن حمزة الغسّانيّ، الصّيداوي، ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
سمع محمد ابن الخصيب، وحدث وأجاز.
تُوُفّي فِي عاشر ربيع الآخر.(14/458)
220 - عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن منصور، المُسْنِد الصّالح المعمَّر، أبو الحسن ابن أبي عبد الله ابن المقيرّ البغداديّ الأَزَجيّ، الحنبليّ، المقرئ النّجّار، [المتوفى: 643 هـ]
مُسْنِد الدّيار المصريّة، بل مُسْنِد الوقت.
وُلِدَ ليلة عيد الفِطْر سنة خمسٍ وأربعين، وأجاز لَهُ أبو بكر محمد ابن الزَّاغُونيّ، ونصر بْن نصر العُكْبَريّ، وَمُحَمَّد بْن ناصر الحافظ، وسعيد ابن البنّاء، وَأَبُو الكَرَم الشَّهْرَزُوريّ، وَأَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد العبّاسيّ، وجماعة. وكان يمكنه السّماع من هَؤُلاءِ، فإنّهم كانوا أحياءً فِي سنة خمسين وخمسمائة ببلده.
وسمع بنفسه من شهدة، ومعمر ابن الفاخر، وعبدِ الحقّ اليُوسُفيّ، وعيسى بْن أَحْمَد الدُّوشابيّ، وأحمد ابن النّاعم، وَأَبِي عَلِيّ بْن شِيرُوَيْه، وجماعة.
وهو آخر من روى بالإجازة عَن أولئك، وبالسّماع عَن ابن الفاخر.
وحدَّث ببغداد، ودمشق، ومصر، ومكّة. وقدِم دمشقَ سنة اثنتين وثلاثين فأقام بِهَا سنتين. وحجّ وراح إلى مصر فأقام بِهَا. وجاور بمكّة أيضًا. وَتُوُفّي بمصر.
قَالَ التّقيُّ عُبَيْد وغيره: كَانَ شيخًا صالحًا، كثير التّهجُّد والعبادة والتّلاوة، صابرًا عَلَى أهل الحديث. [ص:459]
وقال الشّريف عزّ الدّين: كَانَ من عباد اللَّه الصّالحين، كثير التّلاوة، مشتغلًا بنفسه. تُوُفّي ليلة نصف ذي القعدة.
قلت: حمل عَنْهُ أئمة وحفاظ. وأخبرنا عَنْهُ: عَبْد المؤمن بْن خَلَف الحافظ، والضّياء عيسى السبتي، والجلال عَبْد المنعم القاضي، وَأَبُو علي ابن الخلّال، وَأَبُو الفضل الذَّهَبيّ، وَأَبُو الْعَبَّاس بْن مؤمن، ومحمد بن يوسف الحنبلي، وعيسى المغاري، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وَأَبُو السُّعُود مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم المنذري، وزينب بِنْت القاضي محيي الدّين، والجمال بْن مُكْرم الكاتب، وَمُحَمَّد بن المظفر الفقيه، صبيح الصوابي، وبيبرس القيمري، وشهاب بن علي، وشرف الدين أبو الحسين بْن اليُونينيّ، وغيرهم.
وقد انفرد بدمشق عَنْهُ: بهاء الدين القاسم ابن عساكر بجملةٍ عالية. وآخر من روى عَنْهُ بالسّماع وبالإجازة يونس الدّبابيسيّ بالقاهرة.(14/458)
221 - عَلِيّ بْن شاهنشاه، الأديب أَبُو الْحَسَن. [المتوفى: 643 هـ]
لَهُ شِعْر كيِّس.
تُوُفّي فِي سابع ذي القعدة.
أظنّه مصريًّا.(14/459)
222 - عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد. أَبُو الْحَسَن الزُّهْريّ الإشبيليّ. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ " صحيح البخاريّ " من أَبِيهِ. وأخذ القراءات عَن أَبِي بكر بن صاف. والعربيّة عَن أَبِي إِسْحَاق بْن ملكون.
وولي الخطابة فِي آخر عُمره بجامع العدّبس. وولي قضاء القُضاة فِي أيّام أَبِي مروان أَحْمَد بْن مُحَمَّد الباجيّ قتيل ابن الأحمر.
وقد حدث بيسير، وعمر دهراً. وتوفي في ربيع الآخر بالأندلس.
ذكره الأبار.(14/459)
• - سيف الدين علي بن قليج، [المتوفى: 643 هـ]
في السين.(14/460)
223 - علي بن محاسن بن عوانة بن شهاب، القاضي نور الدولة أبو الحسن النميري الكفربطنائي، ويعرف بقاضي كفربطنا. [المتوفى: 643 هـ]
كان كبير القرية ومحتشمها، وعلى قبره جملون ومقرىء إلى جانب مسجد أبيه.
حدث عَن الخُشُوعيّ. روى عنه الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي ابن الخلال، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار. وحضر عَلَيْهِ أبو المعالي ابن البالِسيّ.
تُوُفّي فِي خامس رمضان.
ولأبيه رواية عن الحافظ ابن عساكر. ولابنه مُحَمَّد رواية عَن ابن اللّتّيّ.
وسمعنا عَلَى بِنْت ابنه ستّ القُضاة سنة بضع عشرة وسبعمائة بإجازة سِبْط السِّلَفيّ.(14/460)
224 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصّمد، العلّامة عَلَمُ الدّين، أَبُو الْحَسَن الهَمْدانيّ، السَّخاويّ، المصريّ، [المتوفى: 643 هـ]
شيخ القرّاء بدمشق.
وُلِدَ سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة، وسمع بالثغر من السلفي، وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف. وبمصر من أَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وأَبِي القاسم البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، وجماعة. وبدمشق من ابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وحنبل. وسمع الكثير من الإِمَام أَبِي القاسم الشّاطبيّ، وقرأ عَلَيْهِ القراءات، وعلى أَبِي الجود غياث بْن فارس، وعلى أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن يوسف الغَزْنَوِيّ. وبدمشق عَلَى أبي اليمن الكندي، قرأ عليهما بـ " المبهج " لسِبْط الخيّاط، ولكن لم يسند عَنْهُمَا القراءات، فرأيتهم يقولون: إنّ الشّاطبيّ قَالَ لَهُ: إذا مضيت إلى الشّام فاقرأ عَلَى الكنْديّ ولا تَرْوِ عَنْهُ. وقيل: إنّه رَأَى الشّاطبيّ فِي النّوم فنهاه أن يُقْرِئ بغير ما أقرأه.
وكان إمامًا علّامة، مقرِئًا، محقّقًا، مجوّدًا، بصيرًا بالقراءات وعِلَلها، ماهرًا بِهَا، إمامًا فِي النَّحو والّلغة، إمامًا فِي التّفسير، كَانَ يتحقّق بهذه العلوم الثلاثة ويحكمها. وله شعر رائق ومصنفات في القراءات والتجويد والتفسير، وله [ص:461]
معرفة تامة بالفقه والأصول. وكان يُفْتي عَلَى مذهب الشّافعيّ. تصدّر للإقراء بجامع دمشق، وازدحم عَلَيْهِ الطّلبة وقصدوه من البلاد، وتنافسوا فِي الأخذ عَنْهُ. وكان ديِّنًا خيِّرًا متواضعًا، مُطَّرِحًا للتّكلُّف، حُلْو المحاضرة، مطبوع النّادرة، حادّ القريحة من أذكياء بني آدم. وكان وافر الحرمة، كبير القدر، محببا إلى النّاس. روى الكثير من العوالي والنّوازل، وكان لَيْسَ لَهُ شُغْل إلّا العِلم والإفادة. قرأ عَلَيْهِ خلْقٌ كثير إلى الغاية، ولا أعلم أحدًا من القرّاء فِي الدّنيا أكثر أصحابًا منه.
ومن مصنَّفاته: " شرح الشّاطبيّة " فِي مجلدتين، و" شرح الرّائيّة " فِي مجلّد فِي رسم المُصْحَف، وكتاب " جمال القراء وتاج الإقراء "، وكتاب " منير الدَّياجيّ فِي تفسير الأحاجي "، وكتاب " التّفسير" إلى الكهف فِي أربع مجلَّدات، وكتاب " المفضّل فِي شرح المفصل " للزمخشري، وغير ذَلِكَ ممّا لم يحضرني ذكره.
أقرأ عَنْهُ القراءات: شمسُ الدّين أَبُو الفتح مُحَمَّد بن علي الأنصاري، وشهابُ الدّين أَبُو شامة، وزين الدِّين عَبْد السّلام الزَّواوي، ورشيدُ الدِّين أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدّرّ المكيني، وتقيّ الدّين يعقوب الجرائديّ، وجمال الدّين إِبْرَاهِيم الفاضليّ، ورضيّ الدّين جَعْفَر بْن دَبُوقا الحراني، وشمس الدين محمد ابن الدمياطي، ونظام الدين محمد التبريزي، والشهاب مُحَمَّد بْن مُزْهر.
وروى عَنْهُ من شيوخنا الّذين لقِيناهم: الشَّيْخ زين الدّين الفارقيّ، والجمال عَبْد الواحد بْن كثير النّقيب، وقد قرأ عليه القراءات ونسي، ورشيد الدين إسماعيل ابن المعلم وقد قرأ عليه القراءات ونسي، والشمس محمد بن قايماز، وقد قرأ عليه القراءات ونسي رأيت إجازته بالقراءات له، وشرف الدين أحمد بن إبراهيم الخطيب وقد قرأ عليه لنافع وأبي عمرو وعاصم وأقرأ عَنْهُ، وشَرَف الدّين إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وقد قرأ عَلَيْهِ ختْمةً، والشّهاب أَحْمَد بْن مروان التّاجر وقد قرأ القرآن وعرض عليه " الشاطبية "، وأبو علي ابن [ص:462]
الخلال، والزين إبراهيم ابن الشيرازي، وأبو المحاسن ابن الخرقي وقد قرأ عليه القرآن وجوده، وكمال الدين أحمد ابن العطار، وإبراهيم ابن أخي علاء الدين ابن النصير، وزين الدين أحمد بن محمود القلانسي، وقد قرأ عليه القراءات وترك، والصّدر إِسْمَاعِيل بْن يوسف بْن مكتوم وقال: قرأت عَلَيْهِ ختْمةً لأبي عَمْرو.
وذكره القاضي ابن خَلَّكان فِي " تاريخه " وقال: رَأَيْته مراراً راكباً بهيمة إلى الجبل وحوله اثنان وثلاثة يقرؤون عَلَيْهِ فِي أماكن مختلفة دفعةً واحدة، وهو يردّ عَلَى الجميع.
قلت: وفي نفسي شيءٌ من صحّة الرّواية عَلَى هذا النَّعْت؛ لأنّه لا يُتَصَّور أن يسمع مجموع الكلمات، فما جعل اللَّه لرجلٍ من قلبين فِي جوفه. وأيضًا فإنّ مثل هذا الفِعل خلاف السُّنّة، ولا أعلم أحدًا من شيوخ المقرئين كَانَ يترخّص فِي هذا إلا الشَّيْخ عَلَم الدّين. وكان - رحمه اللَّه - أقعد بالعربيّة والقراءات من تاج الدين الكندي. ومحاسنه كثيرة، وفرائده غزيرة. ومن شِعره:
قَالُوا: غدًا نأتي ديارَ الحِمَى ... وينزل الرّكْبُ بمغْناهم
وكلّ من كَانَ مُطيعاً لهم ... أصبح مسرورًا بلُقْياهم
قلت: فلي ذنبٌ فما حِيلَتي ... بأيّ وجهٍ أتلقّاهم؟
قِيلَ: أَلَيس العَفْوُ من شأنهم؟ ... لا سيّما عمّن ترجّاهم
وقد ذكره العماد الكاتب فِي " السّيل والذيل " فقال: علي بن محمد السَّخَاويّ، عرض لَهُ قاضي الإسكندريّة عَلَى السّلطان الملك النّاصر صلاح الدّين هذه القصيدة بظاهر عكّا بالمعسكر المنصور فِي سنة ستٍّ وثمانين وخمسمائة، وأثنى على فضله وفهمه وأدبه وعِلْمه، وهي:
بين الفؤادين من صبٍّ ومحبوب ... يظلّ ذو الشّوق في سدّ وتقريبِ
صَبْرُ المُتَيَّمِ فِي قُرْب الدّيارِ بِهِ ... أَوْلَى من الصَّبْر فِي نأْيٍ وتغريبِ
وهي طويلة أورد منها العماد قطعةً فِي مدح السّلطان.
وقد مدح الأديب رشيد الدين عمر الفارقي بقصيدته الّتي أوّلها: [ص:463]
فاق الرّشيدُ فأمَّتْ بحرَهُ الأُمم ... وصدّ عَن جَعْفَر وردًا لَهُ أُمم
وبين وفاتيَ المذكورين أكثر من مائة سنة.
قَالَ أَبُو شامة: وفي ثاني عشر جمادى الآخرة تُوُفّي شيخنا عَلَمُ الدّين علّامة زمانه، وشيخ أوانه بمنزله بالتُّربة الصّالحيّة، ودُفِن بقاسيون. وكانت عَلَى جنازته هيبة وجلالة وإخبات. ومنه استفدتُ علومًا جمّة، كالقراءات، والتّفسير، وفنون العربيّة، وصحِبْتُه من شعبان سنة أربع عشرة وستّمائة. ومات وهو عنّي راضٍ.
قلت: وكان شيخ الإقراء بالتُّربة المذكورة، وله تصدير وحلقة بجامع دمشق. وكانت حلقته عند المكان المسمّى بقبر زكريّا مكان الشَّيْخ عَلَم الدّين البِرْزاليّ الحافظ.(14/460)
225 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن كامل بْن أَحْمَد بْن أسد أبو الحسن ابن الشَّيْخ أَبِي المحاسن التُّنُوخيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ وسبعين. وسمع من الخُشُوعيّ، ومن أَبِيهِ. روى عنه المجد ابن الحُلْوانية وغيرُه. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: مُحَمَّد بْن يوسُفَ الذّهبيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وإبراهيم بْن صَدَقة المُخَرّميّ. وَتُوُفّي فِي رمضان.(14/463)
226 - عَلِيّ بن. . . . الدمشقي الحنفي. عرف بابن الحجة. [المتوفى: 643 هـ](14/463)
227 - عمران بْن مجاهد بْن شِبْل، أَبُو موسى الأَنْصَارِيّ، السُّوَيْديّ، الشُّرُوطيّ. بدمشق. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ الكثير بنفسه، وكتب الطباق على الخشوعي، والقاسم ابن عساكر، والضّياء الدَّوْلَعيّ، وَعَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد، وابن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ الشَّيْخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، والزين إبراهيم ابن الشيرازي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وأحمد بن محمد الصواف. [ص:464]
وتوفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة.(14/463)
228 - عُمَر بْن نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن محفوظ بْن صَصْرَى، أَبُو حفص التّغلِبيّ الدّمشقيّ، الجندي. [المتوفى: 643 هـ]
سمع: القاضي أبا سعد بن أبي عصرون، وأحمد ابن الموازينيّ، وبركات الخُشُوعيّ.
روى عَنْهُ الشَّيْخ تاج الدّين وأخوه شَرَفُ الدّين الخطيب، وَأَبُو عَلِيّ ابن الخلّال، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وآخرون.
وَتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
روى عَنْهُ بالإجازة: البهاء ابن عساكر.(14/464)
229 - عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن جَعْفَر، الفقيه الصّالح، علاء الدّين الكُرديّ. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي بدمشق.
ذكره أَبُو شامة هكذا.(14/464)
230 - عيسى بْن حامد بْن عَلِيّ الدّارانيّ. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ من الحافظ أَبِي القاسم. كتب عَنْهُ الطَّلَبة، وحضر عَلَيْهِ من شيوخنا العماد ابن البالسي. وتوفي في هذه السنة.(14/464)
231 - فاطمة بنت الشيخ مُوَفَّق الدِّين عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّيت عَن نيِّفٍ وخمسين سنة. وكانت دينة خيرة ذات معروف ومروءة.
أجاز لها يحيى بن بوش، وابن كليب.
روت شيئا، وتوفيت في جمادى الآخرة.
وروى عَنْهَا القاضي بإجازتها من ابن القزّاز، ومن السِّلَفيّ. وما كأنهّا أدركَتْ ذَلِكَ.(14/464)
232 - فاطمة بِنْت القاضي محيي الدّين أَبِي المعالي مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد القُرَشيّ. [المتوفى: 643 هـ]
من بيت قضاء وحشمة.
تُوُفّيت فِي ربيع الآخر. وقد روت عن أبيها.(14/465)
233 - الفتح بن علي بن محمد بْن الفتح، الأديب قوام الدّين أَبُو إِبْرَاهِيم البُنْداريّ الإصبهانيّ، الكاتب الشّاعر، [المتوفى: 643 هـ]
نزيل دمشق.
سَمِعَ الكثير، وكتبوا عَنْهُ من نظْمه. وله مديحٌ فِي الشَّيْخ الموفَّق.
تُوُفّي فِي سابع ربيع الأوّل. وقد كتب فِي الإجازات.(14/465)
234 - الفضل بْن سالم بْن مرشد، أَبُو البَرَكات التّنُوخيّ المَعَرّيّ الكاتب، [المتوفى: 643 هـ]
صاحب الإنشاء والتَّرسُّل لصاحب حماة.
روى عَن أَبِيهِ، وعن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد ابن المهذّب.
وكان ذا حظوة وتقدُّم عند مخدومه.
تُوُفّي بحماة فِي العشرين من جمادى الأولى.
وله شِعْر جيّد.(14/465)
235 - الفضل بْن نبا بْن أَبِي المجد الفضل بْن الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم، أبو المجد ابن البانياسيّ الحِمْيرَيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ بحلب سنة ثلاثٍ وثمانين، وسمع من جدّه لأمّه الحافظ البهاء قاسم ابن عساكر، وَأَبِي طاهر الخُشُوعيّ.
وكان فصيحًا، أديبًا، شاعرًا، لكنّه تُكُلِّم فِي دِينه وعقيدته، فالله أعلم.
تُوُفّي بدمشق فِي تاسع رجب.(14/465)
236 - الفَلَكُ المسيري الوزير، واسمه عَبْد الرَّحْمَن بْن هبة اللَّه. [المتوفى: 643 هـ]
كَانَ صدْرًا كبيرًا محتشمًا، وافر الحُرمة، ظاهر النّعمة، كثير التيه والصلف. [ص:466]
قال سعد الدين ابن الشَّيْخ فِي " تاريخه " إنّ الملك الأشرف رسم عَلَى الفَلَك واحتاط عَلَى موجوده فِي سنة أربع وثلاثين، لكونه نقل إليه أنه يكاتب أخاه الكامل.
قَالَ: وكان لَهُ حظٌّ عند الأشرف مَعَ أَنَّهُ كَانَ يستجهله. كنت عند الأشرف يومًا فخرج الفلك لشُغُلٍ وعاد، فَقَالَ: أين كنت يا فلك؟ قَالَ: يا مولانا سيرّت الدّوابّ إلى الإصطَبل. فَقَالَ: عجبٌ ما رُحْتَ معها! يعني أَنَّهُ من الدواب.(14/465)
237 - قَيْسُ بْن إِبْرَاهِيم الحلبيّ الشّاعر. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي فِي المحرم.(14/466)
238 - كيخسرو بن كيقباذ بْن كَيْخِسْرُو السّلْجُوقيّ، [المتوفى: 643 هـ]
صاحب الرّوم.
تسلطن بعد أبيه وهو شاب يلعب. وقصد فرقة من التّتار أَرْزَن الرّوم فحاصروها، وأخذوا منها أموالًا جَمَّة، ثُمَّ نازَلُوا بعضَ بلاده، فجمع وحشد وسار إليهم فهزموه، وأُسِرت أمّه. وبعد انهزامه ولي السّلطنة ابنٌ لَهُ عمره سبْعُ سنين.
مات كَيْخِسْرُو فِي هذه السنة على ما ورخه ابن الساعي.(14/466)
239 - لؤلؤ الحارميّ الأصل - وحارِم من أعمال حلب - المصريّ. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ مَعَ مولاه نصر بْن مُحَمَّد بن أبي الفنون النحوي مِنْ: أبي القاسم البوصيري، والأرتاحي.
وتوفي بالقاهرة يوم الفطر.(14/466)
240 - محمد ابن تاج الأُمَنَاء أَبِي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحسن بْن هبة اللَّه بْن عساكر. الرّئيس العالم النّسّابة عزّ الدّين أَبُو عَبْد الله الدمشقي. [المتوفى: 643 هـ]
ولد سنة خمس وستين وخمسمائة، وسمع من الحافظ أَبِي القاسم عمّ والده، ومن أَبِي المعالي بْن صابر، وَعَبْد الصَّمَد بْن سعد النّسويّ، وَأَبِي الفهم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العجائز، وَأَبِي طَالِب الخضر بْن طاوس، وجماعة. [ص:467]
روى عنه خلق كثير، منهم: العلّامة تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن وأخوه، ورشيد الدين إسماعيل ابن المعلم، والبدر ابن الخلال، والفخر ابن عساكر، وكمال الدين ابن العطار، والنجم عبد العالي الشروطي، والبهاء ابن عساكر، والزين إبراهيم ابن الشّيرازيّ.
وكان رئيسًا، عالِمًا، متجمّلًا، يركب البغْلة، ويلبس البِزّة الحَسَنة. وله " تاريخ " عَلَى الحوادث فِيهِ الدُّرّة والبَعْرة وأشياء باردة، ولم يُظْهره الرجل، وإنما هو تعاليق في جريدة، وتسمى " موايمة النّسابة ".
تُوُفّي فِي ثالث جمادى الأولى.
وله نظْمٌ حَسَن.(14/466)
241 - مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن عَلِيّ، الإِمَام المحدّث تاج الدّين أَبُو الحسن القرطبي، [المتوفى: 643 هـ]
إمام الكلّاسة وابن إمامها.
وُلِدَ فِي أوّل سنة خمس وسبعين وخمسمائة بدمشق. وحجّ بِهِ أَبُوهُ سنة تسعٍ فسمع فِي أواخر الخامسة من عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه الفُرَاويّ " سُباعيّاته الأربعين "، ومن عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وَأَبِي يَعْلى مُحَمَّد بْن المطهَّر الفاطميّ، وَأَبِي غالب زهير شعرانة بمكّة. وسمع بدمشق بعد ذَلِكَ من أَبِي سعد بن أبي عصرون، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني، والفضل ابن البانياسيّ، ويحيى الثَقفيّ، والتّاج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، وطائفة سواهم.
ثم أقبل في أواخر عُمره عَلَى الحديث إقبالًا كُلّيًّا، ونسخ الكثير، وقرأ عَلَى الشّيوخ، ومشى مَعَ الطَّلَبة. وكان ثقة، خيِّرًا، فاضلًا، صالحًا، مُحَبَّبًا إلى النّاس. وروى الكثير.
حدَّث عَنْهُ: الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه الإشبيليّ مَعَ تقدُّمه، وشَرَفُ الدّين النّابلسيّ، والشيخ تاج الدين، وأخوه، وأبو المحاسن ابن الخرقي، وَأَبُو عَبْد اللَّه الدِّمياطيّ، والمفتي زَين الدّين الفارقي، وأبو علي ابن الخلّال، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، وخلق سواهم. وبالحضور: العماد ابن البالسي، وغيره. [ص:468]
وقد سافر في شبيته إلى اليمن والهند، وتغرَّب مدّةً.
تُوُفّي إلى رحمة الله في خامس جمادى الأولى بدمشق. وكانت لَهُ جنازة حفِلة، وحُمِل نعشه على الرؤوس، ودُفِن بسفح قاسيون عند أَبِيهِ.(14/467)
242 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سالم بْن أَبِي عَبْد اللَّه. أَبُو عَبْد اللَّه المقدسيّ، المعروف بالبدر النّاسخ. [المتوفى: 643 هـ]
من أهل جبل الصّالحية.
وكان أَبُوهُ من الصالحين.
ولد هذا سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من يوسف بْن معالي، والخُشُوعيّ، وابن طبرزد. روى عنه. . . . . .
وكان مليح الخطّ، كريم النّفس.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رجب.(14/468)
243 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن زُهَير الدَّارانيّ. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ بدارَيّا من الحافظ ابن عساكر " تاريخ دارَيّا ". روى عَنْهُ أَبُو عَلِيّ ابن الخلال، وأبو المحاسن بن أبي الحرم ابن الخرقي، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.(14/468)
244 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن دَاوُد، أَبُو عَبْد اللَّه التُّونسيّ. [المتوفى: 643 هـ]
قدِم مصر، وسمع من البُوصِيريّ. وبدمشق من ابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ. وَتُوُفّي بمصر فِي ذي الحجّة وله سبعون سنة.(14/468)
245 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الملك، أبو عبد الله الأزدي القارجي، الأندلسيّ، [المتوفى: 643 هـ]
من أهل قيجاطة.
قَالَ ابن الزُّبَيْر: يُعرف بابن القُرَشيّة. [ص:469]
قلت: أخذ القراءات ببلده عَن أَبِي عَبْد اللَّه بْن يربوع، وقيَّد عَلَيْهِ كتب العربيّة وسمع منه. ثُمَّ حجَّ وسمع بالقاهرة من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عُمَر القُرْطُبيّ، وذكر أَنَّهُ لقي عَلِيّ بْن مُحَمَّد التُّجِيبيّ؛ فأخذ عَنْهُ القراءات تلاوةً، وكتاب " التّيسير". وحدَّثه بذلك عَن المعمّر سُلَيْمَان بْن طاهر عَن أَبِي عَمْرو الدّاني. وحدَّثه أيضًا عَن أَبِي إسحاق المجنقوني، عَن أَبِي عَمْرو.
قَالَ الأبّار: وفي هذا كلّه نَظَر.
وأخذ بدمشق عَن الخُشُوعيّ، والقاسم ابن عساكر. ورجع فأخذ القراءات عَن أَبِي جَعْفَر الحصّار. وأقرأ بمُرْسِية. وحدَّث بيسير. وَتُوُفّي فِي المحرَّم.(14/468)
246 - مُحَمَّد بْن تميم بْن أَحْمَد بْن أحمد بن كرم، أبو القاسم ابن البندنيجي البغدادي، المعدل. [المتوفى: 643 هـ]
سمع ابن بوش، وَعَبْد المنعم بْن كُلَيْب، وَمُحَمَّد بْن حَيْدرَة العَلَويّ، وأبا الفتح المَنْدَائيّ؛ سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ، فإنّ مولده فِي حدود الخمس والثّمانين.
وكان من أعيان البغاددة وفضلائهم.
روى عَنْهُ أَبُو المعالي الأَبْرقُوهيّ، وغيره. وكتب عنه: ابن الحاجب، والطلبة. وتوفي فِي ذي القَعْدَةِ.(14/469)
247 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل بْن مظفَّر بْن الفُرات الإسكندرانيّ، أَبُو عَبْد اللَّه. [المتوفى: 643 هـ]
روى عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن موقى. حدَّث عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وغيره.
وكان من عدول الإسكندرية.
توفي في صفر.(14/469)
248 - مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن أَبِي البقاء الموفّق بْن عَلِيّ. أبو بكر ابن الخازن النَّيْسابوريّ، ثُمَّ البغداديّ، الصّوفيّ. [المتوفى: 643 هـ]
مُسْنِد بغداد. [ص:470]
وُلِدَ فِي صفر سنة ستٍّ وخمسين. وسمع: أبا زرعة المقدسي، وأبا بكر أحمد ابن المقرب، وشهدة، وأبا العلاء بن عقيل، وجماعة.
روى عَنْهُ مجد الدّين عَبْد الرَّحْمَن ابن العديم، وفتاه بَيْبَرس، وعزُّ الدّين أَحْمَد الفاروثيّ، وعلاء الدّين عَلِيّ بْن بَلَبَان، ورشيد الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم، وتقيّ الدّين إِبْرَاهِيم ابن الواسطي، وشمس الدين عبد الرحمن ابن الزين، ومحيي الدين محمد ابن النّحّاس الحنفيّ، وابن عمّه بهاء الدّين أيّوب، ورُكن الدّين أَحْمَد الطّاوسيّ، وجمال الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد الشَّرَيْشيّ، وتاج الدّين عَلِيّ الغرّافيّ، وخلْق سواهم.
وكان صيِّنًا، متديِّنًا، حَسَن السِّمْت. من أعيان الصُّوفيّة.
كتب عَنْهُ الكبار مثل الدُّبيثيّ، وابن النّجّار. وقد أجاز للبهاء ابن عساكر، وابن الشّيرازيّ، وسعد الدّين، والمُطْعم، والبجديّ، وهديّة بِنْت مؤمن، وبنت الواسطي، وبنت المحبّ، وخلْق.
وتُوُفيّ فِي السابع والعشرين من ذي الحجَّة ببَغْدَاد.(14/469)
249 - محمد بن شيبان بن تغلب الصّالحيّ. [المتوفى: 643 هـ]
أخو المُسْنِد المعمَّر أَحْمَد.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى. وما كأنه حدث.(14/470)
250 - محمد ابن القاضي شرف الدين عبد الله ابن زين القُضاة عَبْد الرَّحْمَن بْن سلطان، شَرَفُ الدّين القُرَشيّ. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي فِي رمضان بدمشق.(14/470)
251 - مُحَمَّد بن عبد الله ابن الحافظ عَبْد الغنيّ، [المتوفى: 643 هـ]
أخو الإِمَام الشَّرَف حسن.
تُوُفّي شابًّا فِي جمادى الأولى.(14/470)
252 - مُحَمَّد بْن عبد الله بن أبي الفتح ابن مطيع الدّولة الدّمشقيّ الحنفيّ. [المتوفى: 643 هـ][ص:471]
تُوُفّي فِي شعبان، وله ثمانون سنة.(14/470)
253 - مُحَمَّد ابن البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم، الفقيه تقيّ الدّين، أَبُو الرِّضا المقدسيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة تسعٍ وسبعين وخمسمائة، وسمع من إِسْمَاعِيل الْجَنْزويّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الخِرَقيّ، والخُشُوعيّ، وجماعة، وسفّره أَبُوهُ مَعَ الشَّيْخ الضّياء وأقاربه إلى مصر فسمع من البُوصِيريّ، والأرتاحيّ، وجماعة، وسمع ببغداد من أَبِي الفرج ابن الْجَوْزيّ، وأصحاب ابن الحُصَيْن.
وكان فقيهًا فاضلًا، سليم الباطن، كثير السُّكُوت.
روى عَنْهُ أَبُو علي ابن الخلّال، وَأَبُو بَكْر الدّشْتيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي سلْخ شعبان.(14/471)
254 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْنِ عَبْد الرحمن ابن الجبّاب العَدْل ظهير الدّين، أَبُو إِبْرَاهِيم التّميميّ، السَّعديّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ. [المتوفى: 643 هـ]
من بيت رواية وشهرة. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع من السِّلَفيّ، وَأَبِي مُحَمَّد العثمانيّ، وغيرهما. روى عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، والتَّقيُّ عُبَيد الإِسْعَرْديّ، والضّياء عيسى السَّبْتيّ، ونصر اللَّه بْن عيّاش الصّالحيّ، وغيرهم.
وسمع من السِّلَفيّ كتاب " الطّبقات " لمسلم، والأوّل من انتخاب السِّلَفيّ عَلَى السراج، ومقطعات من شعر المتنبي، و" جزء الجمال "، وغير ذَلِكَ.
ومات فِي خامس المحرَّم.(14/471)
255 - مُحَمَّد بْن عَبْد العظيم بْن عَبْد القويّ، الحافظ المتقن، رشيد الدين، أبو بكر ابن الحافظ الكبير زكيّ الدّين المنذريّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاث عشرة وستّمائة فِي رمضان. وسمّعه أَبُوهُ الكثير من عبد القوي ابن الجبّاب، وَأَبِي طَالِب بْن حديد، والفخر الفارسيّ، وأصحاب [ص:472]
السِّلَفيّ. ثُمَّ أكبَّ عَلَى الطَّلب بنفسه بعد الثّلاثين، ورحل وسمع بدمشق وحلب.
وكان ذكيًّا، فطِنًا، حافظًا.
روى عَنْهُ رفيقه الحافظ أَبُو محمد الدمياطي.
وتوفي شاباً إلى رحمة الله فِي ذي القعدة. وصَبَرَ أَبُوهُ واحتسبه.(14/471)
256 - مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل، الحافظ الحُجّة الإِمَام ضياء الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه السّعديّ، المقدسيّ، ثُمَّ الدمشقيّ الصّالحيّ، [المتوفى: 643 هـ]
صاحب التَّصانيف النّافعة.
وُلِدَ بالدّير المبارك في سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من أَبِي المعالي بْن صابر، وَمُحَمَّد بن حمزة بْن أَبِي الصَّقْر، وَأَبِي المجد الفضل بْن الحسين البانياسي، وأبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ، والخضِر بْن طاوس، ويحيى الثَّقفيّ، وأَبِي الفتح عُمَر بْن عَلِيّ الْجُوينيّ، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، وإسماعيل الجنزويّ، وخلْق.
ولزِم الحافظ عَبْد الغنيّ وتخرَّج بِهِ، وحفظ القرآن، وتفقَّه. ورحل أولاً إلى مصر سنة خمس وتسعين، فسمع: أَبَا القاسم البُوصِيرِيّ، وإسماعيل بْن ياسين، والأرتاحيّ، وبنت سعد الخير، وعليّ بْن حمزة، وجماعة. ورحل إلى بغداد بعد موت ابن كُلَيْب؛ فلهذا روى عَن أصحابه، وفاته الأخْذ عنه، وقد أجاز له ابن كليب ومن هو أكبر من ابن كليب كشهدة، والسلفي، وسمع من المبارك ابن المعطوش، وهو أكبر شيخ له ببغداد، وأبي الفرج ابن الجوزي، وعبد الله بن أبي المجد، وبقاء بن حند، وعبد الله بن أبي الفضل بن مزروع، وعبد الرحمن بن محمد ابن ملاح الشط، وطائفة من أصحاب قاضي المرستان، وابن الحصين، وعرض القرآن على عبد الواحد بن سلطان.
ثم دخل أصبهان بعد موت أبي المكارم اللبان، وسمع من أَبِي جَعْفَر الصَّيْدلانيّ، وَأَبِي القاسم عَبْد الواحد الصَّيْدلانيّ، وخَلَف بْن أَحْمَد الفراء، [ص:473]
والمفتي أسعد بْن محمود العِجْليّ، وَأَبِي الفَخْر أسعد بْن سَعيد بْن رَوْحٍ، وأسعد بْن أَحْمَد الثقفي الضرير، وإدريس بن محمد آل والويه، وزاهر بن أحمد الثقفي هو أخو أسعد، والمؤيد ابن الأخوة، وعفيفة الفارفانية، وأبي زرعة عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد اللّفْتُوانيّ، وخلْق سواهم، وبهَمَذان من عَبْد الباقي بْن عثمان بْن صالح، وجماعة، ورجع إلى دمشق بعد السّتّمائة.
ثُمَّ رحل إلى أصبهان ثانيًا فأكثر بِهَا وتزيَّد، وحصّل شيئًا كثيرًا من المسانيد والأجزاء.
ورحل منها إلى نَيْسابور فدخلها ليلة وفاة منصور الفُرَاويّ، فسمع من المؤيَّد الطُّوسيّ، وزينب الشِّعْريّة، والقاسم الصفار.
ورحل إلى هراة فأكثر بها عن أَبِي رَوْح عَبْد المعزّ، وجماعة.
ورحل إلى مَرْو فأقام بِهَا نحوًا من سنتين. وأكثر بها عن أبي المظفر ابن السّمعانيّ، وجماعة.
وسمع بحلب، وحرّان، والموصل.
وقدِم دمشقَ بعد خمسة أعوام بعلمٍ كثير وكُتُب وأصول نفيسة فتح اللَّه عَلَيْهِ بِهَا هبةً ونسخًا وشراءً.
وسمع بمكة من أبي الفتوح ابن الحُصْريّ وغيره. ورجع ولزِم الاشتغال والنَسْخ والتّصنيف. ويسمع في خلال ذلك على الشيخ الموفق ويأتيه.
وأجاز لَهُ: السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وَأَحْمَد بْن عَلِيّ ابن الناعم، وأسعد بْن يلدرك، وتَجَنِّي الوهْبَانيَّة، وابن شاتيل، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وأخوه عَبْد الرحيم اليُوسفيّ، وعيسى الدوشابي، ومحمد بن نسيم العيشوني، ومسلم ابن ثابت النخاس، وَأَبُو شاكر السّقلاطونيّ، وَعَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وخلْق كثير.
ذكره ابن الحاجب تلميذه فَقَالَ: شيخنا أَبُو عَبْد اللَّه شيخ وقته، ونسيج وحده علماً وحفظاً وثقة ودينًا، مِن العُلماء الربّانيّين، وهو أكبر من أن يدلّ عَلَيْهِ مثلي. كَانَ شديد التّحرّي فِي الرواية، ثقة فيما يؤديه، مجتهدًا فِي العبادة، كثير الذِّكْر، منقطعًا عَن النّاس، متواضعًا فِي ذات اللَّه، صحيح الأُصُول، سهل العارية. ولقد سألت في رحلتي عنه جماعةً من العارفين [ص:474]
بأحوال الرجال، فأطنبوا فِي حقّه ومدحوه بالحِفْظ والزُّهْد، حتّى إنّه لو تكلَّم فِي الْجَرْح والتّعديل لقُبِل منه. سألتُ أَبَا عَبْد اللَّه البِرْزَاليّ عَنْهُ، فَقَالَ: حافظ، ثقة، جبل، دِين.
وذكره ابن النّجّار فِي " تاريخه " فَقَالَ: كتب وحصَّل الأُصُول، وسمعنا بقراءته الكثير. وأقام بهَرَاة ومَرْو مدّةً، وكتب الكُتُبَ الكِبار بهمَّةٍ عالية، وجدٍّ واجتهاد، وتحقيقٍ وإتقان. كتبتُ عَنْهُ ببغداد، ودمشق، ونيسابور. وهو حافظٌ متقِن، ثَبْت، حُجّة، عالِم بالحديث والرّجال. ورع، تقيّ، زاهد، عابد، محتاط فِي أكل الحلال، مجاهد فِي سبيل اللَّه. ولَعَمْري ما رَأَت عيناي مثله فِي نزاهته وعفَّته وحُسْن طريقته فِي طلب العِلم. سَأَلْتُهُ عَن مولده فَقَالَ: فِي جمادى الأولى سنة تسعٍ وستين. ورأيت بخطه: مولدي فِي سادس جمادى الآخرة، فالله أعلم.
قلت: الثاني هُوَ الصّحيح، فإنّه كذلك أخبر لعمر ابن الحاجب.
قلت: سَمِعْتُ الحافظ أَبَا الحَجّاج المِزّيّ - وما رَأَيْت مثله - يَقْولُ: الشَّيْخ الضّياء أعلم بالحديث والرّجال من الحافظ عَبْد الغنيّ، ولم يكن في وقته مثله.
وحكى النجم ابن الخبّاز عَن العزّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد ابن الحافظ قَالَ: ما جاء بعد الدّارَقُطْنيّ مثلُ شيخنا الضياء.
وقال الشرف أبو المظفر ابن النّابلسيّ: ما رَأَيْت مثل شيخنا الضّياء.
ذِكر تصانيف الضّياء: كتاب " الأحكام " يعوز قليلًا فِي ثلاث مجلّدات، " فضائل الأعمال " فِي مجلّد، " الأحاديث المختارة " خرَّج منها تسعين جزءًا، وهي الأحاديث الّتي تصلُح أن يُحتَجَّ بِهَا سوى ما فِي " الصّحيحين "، خرجها من مسموعاته. كتاب " فضائل الشّام " ثلاثة أجزاء، كتاب " فضائل القرآن " جزء، " كتاب الجنة "، " كتاب النّار"، كتاب " مناقب أصحاب الحديث "، كتاب " النَّهْيُ عَن سَبّ الأصحاب "، كتاب " سِيَر المقادسة " كالحافظ عَبْد الغنيّ، والشّيخ الموفَّق، والشّيخ أَبِي عُمَر، وغيرهم فِي عدّة أجزاء. وله تصانيف كثيرة فِي أجزاء عديدة لا يحضُرني ذِكرُها. وله مجاميع ومُنتخبات كثيرة. وله كتاب " الموافقات " فِي نيِّفٍ وخمسين جزءًا. [ص:475]
وبنى مدرسةً عَلَى باب الجامع المظفَّريّ، وأعانه عليها بعضُ أهل الخير، وجعلها دار حديث، وأن يسمع فيها جماعة من الصّبيان، ووقف بها كتبه وأجزاءه. وفيها من وَقَفَ الشَّيْخ الموفّق، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، والحافظ عَبْد الغنيّ، وابن الحاجب، وابن سلام، وابن هامل، وَالشَّيْخ عَلِيّ المَوْصِليّ. وقد نُهِبت فِي نكْبة الصّالحيّة، نوبةَ غازان، وراح منها شيء كثير. ثم تماثلت وتراجع حالُها. وفيها - بحمد اللَّه - الآن جملة نافعة للطَّلبة.
وكان - رحمه اللَّه - ملازمًا لجبل الصّالحيّة، قَلّ أن يدخل البلد أو يحدث به. ولا أعلم أحدًا سَمِعَ منه بالمدينة، وإنْ كَانَ فَنَزْرٌ يسير.
أخذ عَنْهُ: جماعة من شيوخه، وروى عَنْهُ: الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه البرزالي، والحافظ أبو عبد الله ابن النجار، وجماعة. ومن شيوخنا: أبو العباس ابن الظاهري، وأبو الفداء إسماعيل ابن الفراء، والتقيُّ أَحْمَد بن مؤمن، والشمسُ مُحَمَّد بن حازم، والشيخ علي بن بقاء، والنجم موسى الشقراوي، والنجم إسماعيل ابن الخبّاز، وداود بْن حمزة، وَمُحَمَّد بْن عَلِيّ ابن الموازينيّ، وعثمان الحمصيّ، والشّهاب أَحْمَد الدّشتيّ، وَأَبُو علي ابن الخلال، وعيسى المُطْعِم، وَأَبُو بَكْر بْن عَبْد الدّائم، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وزينب بِنْت عَبْد الله ابن الرضي، والقاضي المجد سالم بن أبي الهيجاء، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، ومُسْنِد الشّام القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان فأكثر عَنْهُ، فإنيّ سَمِعْتُهُ يَقْولُ: سَمِعْتُ من شيخنا الضّياء ألف جزء.
وقرأت بخطّ المحدّث مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سلام قَالَ: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد شيخنا، ما رأينا مثله فِي ما اجتمع لَهُ. كَانَ مقدَّمًا فِي علم الحديث، فكأنّ هذا العِلم قد انتهى إِلَيْهِ وسلَّم لَهُ. ونظر فِي الفِقْه وناظَرَ فِيهِ. وجمع بين فِقه الحديث ومعانيه. وشدا طرفًا من الأدب، وكثيرًا من اللّغة والتّفسير. وكان يحفظ القرآن واشتغل مدّة بِهِ، وقرأ بالرّوايات عَلَى مشايخ عديدة، وكان يتلوه تلاوةً عذْبة. وجمع كلَّ هذا مَعَ الورع التّامّ، والتّقشُّف الزَّائد، والتّعفُّف والقناعة، والمروءة، والعبادة الكثيرة، وظلف النَّفْس وتجنّبها أحوال الدّنيا ورُعُوناتها، والرّفق بالغُرباء والطُّلاب، والانقطاع عَن النّاس، وطول الرّوح [ص:476]
على الفقير والغريب. وكان محبا لمن يأخذ عنه، مكرما لمن يسمع عليه. وكان يحرض على الاشتغال، ويعاون بإعارة الكتب. وكنت أسأله عَن المشكلات فيجيبني أجوبةً شافية عجز عَنْهَا المتقدّمون، ولم يدرك شَأْوها المتأخّرون. قرأتُ عَلَيْهِ الكثير، وما أفادني أحدٌ كإفادته. وكان ينبّهني عَلَى المهمّات من العوالي، ويأمرني بسماعها، ويُكْرمني كثيرًا، وقرأت عَلَيْهِ " صحيح مُسْلِم ". كانت لَهُ أُرَيْضَة بباب الجامع ورِثها من أَبِيهِ، وكان يبني فيها قليلًا قليلًا عَلَى قدر طاقته، فيسر بناء كثير منها بهمّته وحُسْن قصده وإجابة دعوته، ونزل فيها المشتغلين بالفِقه والحديث، وكان ما يصل إِلَيْهِ من رمق يوصله إليهم ويصرفه عليهم. ورام بعضُ الكبار مساعدتَه ببناء مصنّع للماء فأبى ذَلِكَ وقال: لا حاجة لنا فِي ماله. وكان من صِغره إلى كِبره موصوفًا بالنُّسك، مشتغلًا بالعِلم.
قلت: توفي في يوم الإثنين الثّامن والعشرين من جمادى الآخرة، وله أربعٌ وسبعون سنة وأيّام - رحمه اللَّه ورضي عَنْهُ -.(14/472)
257 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن منصور اليمنيّ، شهابُ الدّين، المقرئ المحدّث المعروف بابن الحجازيّ. [المتوفى: 643 هـ]
أحد تلامذة الشَّيْخ عَلَم الدّين السَّخاويّ.
سَمِعَ الكثير وكتب الأجزاء. وخطّه مليح. وكان من فُضلاء الشّباب، - رحمه اللَّه -.
وهو وأبوه من أصحاب السّخاويّ.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة. ورّخه أَبُو شامة.(14/476)
258 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد الكريم، الإِمَام فخر الدّين الحِمْيرَيّ، الدّمشقيّ، الشافعي المعروف بالفخر ابن المالكي. [المتوفى: 643 هـ]
ولد ظناً في سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع من الخشوعي، والقاسم ابن عساكر، وحنبل بْن عَبْد اللَّه، وابن طَبَرْزَد. وأكثر عن المتأخرين كأبي محمد ابن البن، وزَيْن الأُمَناء. [ص:477]
وعُني بالرّواية، وكتب الأجزاء والطِّباق. وخطّه فِي غاية الحُسْن، دقيق معلّق. صاحَبَ أهل الخير والعِلم. وكان ذا جلالةٍ ووقار وزُهْد وخير. وكان لَهُ بيت بالمنارة الشّرقيّة من جامع دمشق، وخزانة كُتُب تجاه محراب الصّحابة، وهي التي بيد الشيخ علم الدين للآن. وكان كثير الملازمة لحلقة السّخاويّ، وروى معه الكثير.
حدَّث عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرحمن، وأخوه، ومجد الدين ابن الحُلْوانيّة، والمحدّث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، وَأَبُو علي ابن الخلال، وآخرون، وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي، وبالإجازة غير واحد.
وتوفي في نصف شعبان. وقيل: فِي رجب.
وكان قد ولي إمامة الكلّاسة بعد الشَّيْخ تاج الدّين في السنة.(14/476)
259 - محمد بن عمرو بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن مفلح، أبو عَبْد اللَّه المقدسيّ، الحنبليّ، فخر الدّين. [المتوفى: 643 هـ]
حدث عن: يحيى الثّقفيّ، وابن صَدَقَة الحَرَّانيّ، والْجَنْزَويّ، والخُشُوعيّ، وجماعة.
وكان صالحًا زاهدًا عابدًا، صاحب ليل وأوراد - رحمه الله -.
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الشرف الخطيب، والبدر حسن ابن الخلال، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي.
ووصفه الحافظ الضياء، فقال: رجل خير ثقة، كثير الذكر.
قلت: ولد سنة أربع وسبعين ظنا، ومات في الرابع والعشرين من ربيع الآخر.
وكان وكيلاً بطاحونة مقرى.(14/477)
260 - محمد ابن المجد عيسى ابن الشيخ الموفق، [المتوفى: 643 هـ]
أخو الحافظ سيف الدين أحمد.
توفي شابا في جمادى الأولى، وكان قد تفقه وسمع من جدَّه. وما أظنّه حدَّث.(14/477)
261 - مُحَمَّد بْن قاسم بْن منداس، أَبُو عَبْد اللَّه المغربيّ البِجّائيّ الجزائريّ - والجزائر من عمل بِجّاية - ويُعرف أيضًا بالأشيريّ؛ النَّحْويّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وأخذ العربيّة بالجزائر عَن أَبِي موسى عيسى الجزولي النحوي، لقيه في سنة ثمانين وخمسمائة. وأخذ عَن أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وَأَبِي الْحَسَن نجبة، وعليّ بْن عتيق. ولقي بفاس أبا القاسم ابن مجكان، آخر الرُّواة عَن أَبِي عَبْد اللَّه المازريّ، فسمع منه.
وأقرأ ببلده العربيّة، وروى اليسير. وروى أيضًا بالإجازة العامّة عَن السِّلَفيّ.
قال الأبار: أجاز لنا، وتوفي في أول المحرم.(14/478)
262 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي طالب بن أبي القاسم ابن القطان الدمشقي، أبو طالب. [المتوفى: 643 هـ]
سمع من: الخشوعي، وابن طبرزد، وتوفي في جمادى الأولى.(14/478)
263 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن عمر، أبو عبد الله المصري الكاتب ابن نقّاش السّكّة، [المتوفى: 643 هـ]
أخو أَحْمَد.
سَمِعَ: البُوصِيريّ، والأَرْتاحيّ روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ.
وَتُوُفّي فِي حادي عشر ذي القعدة، قاله الشّريف. ثُمّ قَالَ: وقيل: تُوُفّي فِي ذي القعدة من سنة أربعٍ وأربعين.(14/478)
264 - مُحَمَّد بْن محمود بْن الحَسَن بْن هبة اللَّه بْن محاسن، الحافظ الكبير مُحِبّ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه ابن النجار البغدادي، [المتوفى: 643 هـ]
صاحب " التاريخ ".
وُلِدَ فِي ذي القعدة سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من عَبْد المنعم بْن كُلَيْب، ويحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، والمبارك ابن المعطوش، وأبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، وأصحاب ابن الحُصَين، والقاضي أَبِي بَكْر فأكثر. وأول [ص:479]
سماعه وله عشر سنين. وأول عنايته بالطلب وله خمس عشرة سنة، وقرأ بنفسه عَلَى مثل ابن الجوزي. وتلا بعدة كتب " كالمبهج " وغيره، مرّاتٍ عَلَى أَبِي أَحْمَد بْن سُكَيْنَة. وما علِمْتُه أقرأ.
وله الرّحلة الواسعة إلى الشّام، ومصر، والحجاز، وإصبهان، وخُراسان، ومَرْو، وهَرَاة، ونَيْسابور، ولقيَ أَبَا رَوْح الهَرَويّ، وعينَ الشّمس الثّقفيّة، وزينب الشِّعْريّة، والمؤيَّد الطُّوسيّ، وداود بن معمر، والحافظ أبا الحسن علي ابن المفضل، وأبا اليُمْن زيد بْن الْحَسَن الكِنْديّ، وأبا القاسم ابن الحرستاني، فمن بعدهم. وأكثر حتى كتبٍ عَن أصحاب ابن شاتيل وأصحاب أَبِي جَعْفَر الصَّيدلانيّ.
وسمع الكثير ونسخ، وحصّل الأُصُول والمسانيد، وخرَّج لنفسه ولغير واحد. وجمع " التّاريخ " الَّذِي ذيَّل بِهِ عَلَى " تاريخ بغداد " للخطيب، واستدرك فِيهِ عَلَى الخطيب فجاء فِي ثلاثين مجلّدًا، دلّ عَلَى تبحّره فِي هذا الشّأن وسعة حِفْظه.
وكان إمامًا ثقةً، حُجّة، مقرِئًا، مجوداً، حلو المحاضرة، كيساً، متواضعاً، صالحًا، خيِّرًا، متنسِّكًا.
أثنى عَلَيْهِ ابن نُقْطَة، والدُّبَيْثيّ، والضّياء المقدسيّ، وهم من صغار شيوخه من حيث السَّنَد.
وروى عَنْهُ: الجمال مُحَمَّد ابن الصابوني، والعِزّ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الفاروثيّ، والجمال أَبُو بَكْر الوائليّ الشَّرِيشيّ، والتّاج عليّ بْن أحمد الغرافي، والعلاء ابن بَلَبَان، والشّمس مُحَمَّد بْن أَحْمَد القزّاز، وجماعة. وبالإجازة: القاضيان ابن الخُوَيّيّ، وتقيّ الدّين سُلَيْمَان، والحافظ أبو العباس أحمد ابن الظاهري، وأبو المعالي ابن البالسي. [ص:480]
وقال ابن السّاعي فِي " تذييله " عَلَى ابن الأثير: إنّه مات فِي منتصف شعبان، وإنّه كَانَ شيخ وقته وكانت رحلته سبعًا وعشرين سنة. واشتملت " مشيخته " عَلَى ثلاثة آلاف شيخ سوى النّساء. وله كتاب " القمر المنير فِي المُسْنَد الكبير" ذكر كلّ صَحابيّ وما لَهُ من الحديث. وصنف كتاب " كنز الإمام في السير والأحكام "، وله كتاب " المختلف والمؤتلف " ذيَّلَ بِهِ عَلَى ابن ماكولا، وكتاب " المتّفق والمفترق " عَلَى منهاج كتاب الخطيب، وكتاب " نسب المحدّثين إلى الآباء والبلدان "، وكتاب " عواليه "، وكتاب " مُعجمه "، وكتاب " جنّة النّاظرين فِي معرفة التّابعين"، وكتاب " الكمال فِي معرفة الرّجال "، وكتاب " العِقْد الفائق فِي عيون أخبار الدّنيا ومحاسن تواريخ الخلائق "، وكتاب " ذيل تاريخ بغداد " وهذا بيضه فِي ستة عشر مجلدا، وقرأته عليه كله، وكتاب " المستدرك على تاريخ الخطيب "، وكتاب " الدرة الثمينة فِي أخبار المدينة "، وكتاب " روضة الأولياء فِي مسجد إيلياء "، وكتاب " نزهة الوَرَى فِي أخبار أمّ القُرَى "، وكتاب " الأزهار في أنواع الأشعار"، وكتاب " سلوة الوحيد "، وكتاب " غرر الفوائد " في ست مجلدات، وكتاب " مناقب الشافعي ". وقد أوصى إلي، ووقف كتبه بالنظامية، فنفذ إلي الشرابي مائة دينار لتجهيز جنازته. وكان من محاسن الدنيا. ورثاه جماعة.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي، قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ سَنَةَ ثلاث وثلاثين وستمائة، قال: أخبرنا عبد المعز بن محمد البزاز (ح)، وأخبرنا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ، قال: أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا حبيب بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله بن أيوب، قال: أخبرنا أبو نصر التمار، قال: أخبرنا حماد عن عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ كَتَمَ علماً علمه الله ألجمه الله تعالى بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ". [ص:481]
أنشدنا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَن محمد بن محمود ابن النجار أن أَبَا بَكْر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ الحنفي الفرغاني أنشده لنفسه
تَحرَّ فَدَيْتُكَ صِدْقَ الحديث ... ولا تحسب الكذِب أمرًا يسيرا
فمن آثر الصّدق فِي قَوْلُهُ ... سَيَلْقى سرورًا ويَرْقَى سريرا
ومَن كَانَ بالكذبِ مستهترًا ... سيدعوا ثُبُورًا ويَصْلَى سعيرا
توفي ابن النجار فِي خامس شعبان ببغداد.(14/478)
265 - مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو عَبْد اللَّه المازنيّ النّصيبيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع الحديث وكتب في الإجازات.
توفي في جمادى الأولى.(14/481)
266 - محمد بن مملان، أَبُو الفضل الكاتب. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي ببغداد فِي شعبان.
وكان سريع الكتابة والإنشاء، ذُكِر أَنَّهُ كتب فِي يومٍ واحد ستّة عشر كراساً قطع الثمن. وكان ينشيء الرّسالة معكوسة، يبدأ بالحمْدَلَة ويختم بالبَسْمَلَة!.
مات فِي عَشْر السّبعين.(14/481)
267 - مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بن سرايا، أبو عبد الله الحراني، المعروف بالمعين المنكِر. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ ببغداد من: أَبِي الفَرَج ابن الْجَوزيّ، وغيره، وحدَّث.
وله وقائع عجيبة فِي إنكار المُنْكَر بحرّان. وعاش أربعًا وسبعين سنة، ومات في ربيع الآخر.(14/481)
268 - محمد ابن الخيسي عز الدين. [المتوفى: 643 هـ][ص:482]
شابٌّ فاضل من أصحاب السَّخاويّ.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.(14/481)
269 - محاسن بْن الحارث الحربيّ. [المتوفى: 643 هـ]
روى عن: عبد الخالق ابن البندار. وتوفي فِي أوّل جمادى الآخرة ببغداد.(14/482)
270 - محاسن بْن عَبْد الملك بْن عَلِيّ بْن نجا، الفقيه العلّامة، ضياء الدّين التّنوخيّ، الحمويّ، الحنبليّ، [المتوفى: 643 هـ]
نزيل دمشق.
تفقّه عَلَى الشَّيْخ الموفّق وغيره. وسمع الكثير. وحدَّث عَن: أَبِي طاهر الخُشُوعيّ. وأجاز: لأبي المعالي ابن البالسيّ، وطبقته.
وكان إمامًا صالحًا، قانعًا، متعفِّفًا، زاهدًا، كبير القدر.
ذكره الحافظ الضّياء، فَقَالَ: كَانَ الضّياء محاسن عالمًا، نافعًا للخلق.
وقال غيره: كَانَ خبيرًا بمذهب أَحْمَد وبغيره من أقوال العلماء، قليل الشَّر، متواضعًا، خاملًا، ما نافس أحدًا فِي منصب قَطّ، ولا أكل من وقْف. بل كَانَ يتقوَّت من شكارة تُزرع لَهُ بحَوْران. وما أذى مسلمًا قَطُّ، ولا دخل حماماً، ولا تنعَّم فِي مأكل ولا ملبس، ولا زاد عَلَى ثوبٍ وعِمامة صغيرة. وكان صاحب عبادة وصلاح. تفقَّه عَلَيْهِ جماعة. ومات فِي ثالث جمادى الآخرة.(14/482)
271 - محمود بن حميد بن خضير، أَبُو حُمَيْد الدّارانيّ. [المتوفى: 643 هـ]
شيخ صالح، خيّر. سَمِعَ من: الحافظ ابن عساكر. أخذ عَنْهُ: الشرف أَحْمَد بْن الجوهري، والجمال ابن شعيب. وروى عنه: أبو المحاسن ابن الخرقي، وأبو علي ابن الخلال، وأبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيرهم.
وقال النّجيب الصّفّار: تُوُفّي فِي شهور سنة ثلاث وأربعين.(14/482)
272 - محمود بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن بُنْدار، الفقيه العالم معين الدّين أَبُو الثّناء الأُرْمَوِيّ، الشّافعيّ، [المتوفى: 643 هـ]
التّاجر، جدّ قاضي القُضاة شهاب الدّين محمد ابن الخويي لأمه.
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ورحل فِي التّجارة، وسمع بخُوارزم من مُحَمَّد بن فضل الله السالاري، وبدمشق من العماد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الإصبهانيّ الكاتب.
وكان صاحب مال فافتقر وجلس مَعَ الشهود، وحضر المدارس.
روى عنه: البدر ابن الخلال، وقبله المجد ابن الحُلْوانيّة، وغيرهما.
مات فِي ثامن ربيع الأوّل.(14/483)
273 - مدرك بْن أَحْمَد بْن مدرك بْن حسن، أبو المشكور البهراني، الحموي، المعروف بابن حبيش. [المتوفى: 643 هـ]
ولد بحماة في سنة ستين وخمسمائة. وروى عَن: أَبِيهِ، وبالإجازة عَن: السِّلَفيّ. روى عَنْهُ: إدريس بن مزيز، وأبو حامد ابن الصابوني، وغيرهما. روى لنا عنه بالإجازة سبطه الخطيب موفَّق الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الحَمَويّ.
تُوُفّي فِي سلْخ ذي القعدة.
وكان فاضلًا، رئيساً ببلده.
وروى عَنْهُ أيضًا مجد الدّين العديميّ.
وورَّخه ابن الظّاهريّ سنة اثنتين.(14/483)
274 - مفضَّل بْن عَلِيّ بْن عَبْد الواحد، المحدِّث الرحّال، أَبُو العزّ القُرَشيّ، الشافعي، أخو عثمان، ويُعرف بابن خطيب القرافة. [المتوفى: 643 هـ]
فقيه صالح، متصوّن، كثير التّحرّي، وهو من أهل السُّنَّة والدّين والعدالة. كتب بخطِّه الكثير.
وسمع بدمشق من الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وجماعة. وبأصبهان: محمد بن محمد ابن الْجُنَيْد، وبنَيْسابور من المؤيَّد، وزينب الشّعريّة، وبهَرَاة من أَبِي رَوْح. وأجاز لَهُ السِّلَفيّ، ولأخيه. [ص:484]
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، والشَّرَف مُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي.
توفي في ثالث شوال.(14/483)
275 - المُنْتَجَب بْن أَبِي العزّ بْن رشيد، الإِمَام منتجب الدين أبو يوسف الهمذاني، المقرئ، [المتوفى: 643 هـ]
نزيل دمشق، وشيخ الإقراء بالزَّنْجِيليّة، ومصنِّف " شرح الشاطبية "، وغير ذلك.
كان صوفياً، مقرئاً فاضلاً، خبيراً بالعربيّة. شرح " الشّاطبيّة " شرحًا مطوَّلًا مفيدًا، وشرح " المفصل " للزَّمَخْشَرِيّ فأجاد.
وروى عَن: أَبِي حفص بْن طَبَرْزَد، والكِنْديّ. وأخذ القراءات عَن أَبِي الجود غياث بْن فارس.
سَمِعَ منه الحديث: شَرَفُ الدّين أحمد ابن الجوهريّ، وَأَحْمَد بْن محمود الشَّيْبانيّ، وبدر الأتابكيّ الخادم. وقرأ عَلَيْهِ: الصّائن الواسطيّ الضّرير نزيل قُونية، وشيخُنا النّظام مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم التِّبريزيّ، وغيرهما. وكان سُوقه كاسدًا مَعَ وجود السَّخَاويّ.
تُوُفّي فِي ثالث عشر ربيع الأوّل.
وقال الإِمَام أَبُو شامة: فِي سادس ربيع الأول توفي المنتجب الهمذاني، وكان مقرئًا مجودًا. قرأ عَلَى أَبِي الْجُود، والكندي، وانتفع بشيخنا أَبِي الْحَسَن السّخاويّ فِي معرفة قصيد الشّاطبيّ، ثُمَّ تعاطى شرح القصيد فخاض، ثُمَّ عجز عَن سباحته، وجحد حقّ تعليم شيخنا له وإفادته، والله يعفو عنا وعنه. سمعت النظام التّبريزيّ يَقْولُ: قرأت القرآن بأربع روايات عَلَى المُنْتَجَب، فكنت أقرأ عَلَيْهِ خفْيةً من شيخنا عَلَم الدّين؛ لأنّ من كَانَ يقرأ عَلَى السّخاويّ لا يجسر أن يقرأ عَلَى المُنْتَجَب، فتكلَّم فيَّ بعض الطّلبة عند السّخاويّ، فَقَالَ الشَّيْخ: هذا ما هُوَ مثل غيره، هذا يقرأ ويروح وما يكثر [ص:485]
فضولاً. وسامحني الشَّيْخ عَلَمُ الدّين دون غيري.(14/484)
276 - منصور بْن أَبِي الفتح أَحْمَد بْن أَبِي غالب مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ابن السَّكَن. أَبُو غالب البغداديّ، المَرَاتبيّ، الخلّال، المعروف بابن المعوج. [المتوفى: 643 هـ]
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ومحمد بن إسحاق الصابي، وأبي محمد ابن الخشّاب النَّحْويّ، وَأَبِي طَالِب المبارك بْن خُضَيْر، وَعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل.
وكان شيخًا جليلًا ديّنًا، أمينًا عالي الرّواية، سَمِعَ النّاس منه وروى عَنْهُ: مجد الدّين العديميّ. وأجاز لجماعة، منهم: الفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو المعالي محمد ابن البالِسيّ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعم، وسعد بْن مُحَمَّد، وأَبُو بَكْر بْن عَبْد الدائم، وفاطمةُ بنتُ جوهر، وأحمد ابن الشحنة، وأبو نصر ابن الشيرازي، والبجدي، وبنت الواسطيّ.
وَتُوُفّي فِي ثاني عشر جمادى الآخرة ببغداد، ويومئذٍ مات السّخاويّ أيضًا.(14/485)
277 - منصور بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن جحدر المصريّ. [المتوفى: 643 هـ]
توفي بمصر في ذي القعدة.
وروى عَن أَبِي يعقوب بْن الطُّفَيْل.(14/485)
278 - موسى بْن مُحَمَّد بْن خَلَف بْن راجح، الشَّيْخ صلاح الدّين أَبُو الفتح ابن الإِمَام شهاب الدّين المقدسيّ الحنبليّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ فِي صفر سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. وكان صالحاً، زاهداً، فقيراً، ديناً، فاضلاً، أديباً، شاعراً، بديع الخط، كثير الفضائل.
روى عَن: يوسف بْن معالي، وبركات الخُشُوعيّ، ومحمود بْن عَبْد المنعم، وجماعة. وسمع بواسط من: أَبِي الفتح المَنْدائيّ. وببغداد من: أصحاب قاضي المرستان. [ص:486]
وكان كثير الأسفار، كريم النَّفْس، حُلْو المحاضرة. له أصحاب وأتباع يحبونه ويعتقدون فيه.
روى عَنْهُ: الحافظ زكي الدّين البِرْزاليّ، والمجد ابن الحُلْوانيّة، وَالشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن جوهر التّلْعَفْرِيّ، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ.
وقد كَانَ صحب الشيخ علي الفرنثي، وَالشَّيْخ عَبْد اللَّه بْن عَبْد العزيز، وأظنّه صحِب الشَّيْخ عَبْد اللَّه اليُونينيّ.
وحكى العزّ عُمَر بْن أَحْمَد الشُّرُوطيّ عَن أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى فِي المنام الصّلاح موسى وقائلًا يَقْولُ: يا جمال ارض عن موسى حتى يرضى عنك فهو أقرب إلينا من حبل الوريد. فكان بعد يخضع له.
فمن شعره:
لمن هذه الآرام في الرّوض ترتع ... يشوقك مرأى بينهنّ ومسمع
وألحان أطيارٍ على الأيك أفصحت ... فأشجت فؤادًا بالصّبابة مُولِعُ
أَيَا مَنْ حَوَى كلَّ الملاحة وجهُهُ ... ومن جُمِعت فِيهِ المحاسن أجمعُ
أما آن أن يحنو على ذي صبابةٍ ... حليفٍ ضناً أحشاؤه تتقطّعُ
وقرأت بخطّ البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم فِي " مشيخته ": أنشدني الزّاهد العارف أبو عيسى موسى بن محمد بن خلف المقدسيّ لنفسه:
يا غافلًا عَن رُشْده مُتَعَامي ... متورّطاً في ورطة الآثام
أَحَسِبْتَ أنّ الفقَر لبْسُ عباءةٍ ... أو كشْفُ رأسٍ أوحفا أقدام
الفقر تركك حظّ نفسك والـ ... ـهوى متقيدا بشريعة الإسلام
وتُوُفّي فِي السّابع والعشرين من جُمَادَى الآخرة.
وكان ذا همة وعزم. يمضى ويشترى الأسرى من الفِرَنْج. وقد حبسه الملك الصّالح نجم الدّين مدّةً بمصر.(14/485)
279 - موسى بْن يونس بْن قسيم العزيزي الواعظ. [المتوفى: 643 هـ]
كتب عنه: النجيب ابن شقيشقة أناشيد، وقال: مات فِي رمضان وقد جاوز التّسعين وعمر.(14/486)
280 - مؤمنة بِنْت عَبْد الدّائم بْن نعمة المقدسيّة، [المتوفى: 643 هـ]
أخت الزين أحمد.
لها إجازات وكأنها روت شيئاً، وماتت في جمادى الأولى.(14/487)
281 - النّاصح الفارسيّ الأمير الكبير مقدَّم الجيوش الحلبيّة. [المتوفى: 643 هـ]
جاء بالعسكر نجدةً لصاحب مصر على عمه.
مات بدمشق وحُمِل إلى حلب.
وكان فاسقًا يشرب الخمر.(14/487)
282 - ناعمة، أخت مؤمنة بنتا عَبْد الدّائم بْن نعمة المقدسيّ. [المتوفى: 643 هـ]
روت بالإجازة أيضًا، وماتت فِي جمادى الآخرة.(14/487)
283 - نبا بْن أَبِي المكارم بْن هجّام، نجم الدّين أَبُو البيان الطَّرابُلُسيّ، ثُمَّ المصريّ، الحنفيّ، الفقيه. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ من: عبِد اللَّه بْن بَرِّي، وإسماعيل بْن قاسم الزّيّات، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، وجماعة.
ووُلِدَ بعد السّتّين بقليل.
رَوَى عَنْهُ: الحافظانِ المُنْذريُّ والدّمياطيّ، وأَبُو المعالي الأبرقوهي، وأبو حامد ابن الصابوني، وجماعة.
وكان من فقهاء مدرسة السيوفيين.
مات فِي نصف جمادى الآخرة.(14/487)
284 - نجم الدّين القَيْمُرِيّ، [المتوفى: 643 هـ]
أحد أمراء دمشق الموصوفين بالشّجاعة والدّيانة.
تُوُفّي فِي شوّال.(14/487)
285 - نصر اللَّه بْن أَحْمَد بن نجم بن عَبْد الوهاب ابن الحنبليّ، أَبُو الفتح. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ سنة سبْعٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من: الخُشُوعيّ. وأجاز لَهُ: يحيى الثّقفيّ. رَوَى عَنْهُ: ابنُ الحُلْوانية، والشيخ تاجُ الدين، وأبو علي ابن [ص:488]
الخلال، والفخر ابن عساكر، والشرف محمد ابن خطيب بيت الأبار، وجماعة.
وَتُوُفّي فِي أواخر رمضان.(14/487)
286 - نصر بْن أحمد ابن الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن المسلَّم ابن الخِرَقيّ الدّمشقيّ أَبُو المظفَّر. [المتوفى: 643 هـ]
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.
كتب في الإجازات وحدث.(14/488)
287 - نصر بن أبي السعود المظفَّر بْن الخضر بْن بَطَّة. الفقيه أَبُو القاسم البعقوبي، البغداديّ، الضّرير، الحنبليّ. [المتوفى: 643 هـ]
حدّث عَن أَبِي الفتح بْن شاتيل، وابن كُلَيْب. وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة ببغداد.
وكان فقيهًا، إمامًا، مُفْتيًا، مناظِرًا، أديبًا، نَحْويًا، بارعًا فِي الخلاف والفقه.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة: أَبُو المعالي الأَبَرْقُوهيّ.
وعاش إحدى وثمانين سنة.
وأجاز أيضاً: للمطعم، ولسعد، والبجدي، وبنت مؤمن، وتقية بنت الواسطي.(14/488)
288 - يحيى بْن عَبْد الرّزّاق بْن يحيى بْن عُمَر بْن كامل، الخطيب العدْل جمال الدّين، أبو زكريا الزبيدي، المقدسي، [المتوفى: 643 هـ]
خطيب عقرباء وابن خطيبها.
ولد سنة تسع وستين وخمسمائة، وسمع: أبا المعالي بْن صابر، ويحيى الثّقفيّ، وأُسامة بْن مُنْقِذ.
روى عَنْهُ: حفيداه عليّ وعمر ابنا إِبْرَاهِيم، وَمُحَمَّد بْن دَاوُد ابن خطيب بيت الآبار، وأبو علي ابن الخلال، والمجد ابن الحلوانية. [ص:489]
وَتُوُفّي فِي ثامن عشر محرّم.
قَالَ عُمَر ابن الحاجب: كان يتهم في شهاداته.(14/488)
289 - يحيى بْن عَلِيّ بْن عَلِيّ بْن عنان، أبو بكر ابن البقّال البغداديّ، الغَنَويّ، الفَرَضيّ. [المتوفى: 643 هـ]
سَمِعَ الكثير من ابن شاتيل، وغيره وعاش نيِّفًا وسبعين سنة.(14/489)
290 - يعقوب بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد، شهاب الدين أبو يوسف ابن المجاور الشَّيْبانيّ، [المتوفى: 643 هـ]
الوزير الصّاحب.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. وسمع من أَبِي المجد الفضل بْن الْحُسَيْن ابن البانياسيّ؛ وأجاز لَهُ: الحافظ أَبُو العلاء الهَمَذَانيّ، ومحمد بن بنيمان الهمذانيّ.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والشّهاب القُوصيّ، والشَّرَف أَحْمَد بْن عساكر، وابن عمّه الفخر إِسْمَاعِيل، وابن عمّهما الشَّرف عَبْد المنعم، وابن عمهم البهاء أبو محمد الطبيب، وأبو علي ابن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وَأَبُو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره.
وكان رئيساً محتشماً، ذا عقل وديانة وسؤدد.
ووزر للمك الأشرف موسى، ووَزَرَ خالُه أَبُو الفتح يوسف بن الحسين بن المجاور، للملك العزيز عثمان ابن صلاح الدين.
وتوفي في ثامن عشر ربيع الأوّل بدمشق.(14/489)
291 - يعيش بْن عَلِيّ بْن يعيش بْن أَبِي السّرايا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن المفضّل بْن عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن حيّان ابن القاضي بِشْر بْن حيّان الأسَديّ، العلّامة موفَّق الدّين أَبُو البقاء الأَسَديّ المَوْصِليّ الأصل، الحلبيّ، النَّحْويّ. [المتوفى: 643 هـ]
وُلِدَ بحلب في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة فِي رمضان. وسمع بِهَا [ص:490]
من القاضي أبي سَعْد بن أبي عصرون، ويحيى الثَّقَفيّ، وَأَبِي الْحَسَن أحمد بْن مُحَمَّد ابن الطَّرَسُوسيّ. ورحل فسمع بالموصل من الخطيب أَبِي الفضل الطّوسيّ " مشيخته " وغير ذَلِكَ.
وكان يُعرف بابن الصّائغ. وكان من كبار أئمّة العربيّة تخرّج بِهِ أهل حلب، وطال عُمره، وشاع ذِكره.
وأخذ النّحو عَن أَبِي السّخاء الحلبيّ، وَأَبِي الْعَبَّاس المغربيّ، وليسا بالمشهورَيْن، وقدِم دمشقَ فجالَسَ الكِنْديّ. وسأل عَن قول الحريريّ فِي " المقامة العاشرة ": " حتّى إذا لألأ الأُفق ذَنَب السرحان وآن انبلاج الفجر وحان "، فتوقّف وقال: علمت قصْدك، وأنّك أردت إعلامي بمكانتك من النَّحْو. والمسألة أن يرفع الأفق وينصب ذَنَب، وبالعكس أحسن وأصحّ. ويجوز رفْع ذَنَب عَلَى البَدَل. وقيل بنصْبهما.
وذكر ابن خلكان: أَنَّهُ قرأ عَلَيْهِ سنة ستٍّ وبعض سنة سبْعٍ وعشرين معظم " اللُّمَع " لابن جنّيّ. وقال: حضَرْتُهُ وقد شرح هذا البيت، فطوّل وأوضح، والشخص الذي شرح لَهُ ساكت، منصت إلى الآخر ثُمَّ قَالَ: يا سيّدي، وأيْشٍ فِي المليحة ما يشبه الظبية؟ قال: قرونها وذنبها! فضحك الجماعة وخجل الرجل.
والبيت:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النقا أأنتِ أم أُمّ سالم
روى عَنْهُ: الصّاحب كمال الدّين ابن العديم، وابنه مجد الدّين، وابن الحلوانية، وابن هامل، وبهاء الدين أيوب ابن النحاس، وأخوه أبو الفضل إسحاق، وسنقر القضائي، والحافظ أبو العباس ابن الظاهري، وَأَبُو بَكْر أَحْمَد الدَّشْتيّ - وهو آخر من حدث عنه - وعبد الملك ابن العنيقة العطار.
وكان ظريفاً مطبوعاً، خفيف الروح، طيب المزاح، مَعَ سكينةٍ ورَزَانة. وله نوادر كثيرة. وكان طويل الروح، حسن التفهيم، وعامة فضلاء حلب تلامذته، لأنه أقرأ العربيّة والتّصريف مدّةً طويلة. وكان يُعرف قديماً بابن الصائغ. شرح " المفصل " للزمخشري، و" التصريف " لأبي الفتح ابن جنّيّ.
وَتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من جمادى الأولى بحلب، وله تسعون [ص:491]
سنة.(14/489)
292 - يوسف بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف، الفقيه الإِمَام زين الدّين، أَبُو الحَجّاج الكُرديّ، الحصْكفيّ، الشافعي. [المتوفى: 643 هـ]
ولد بحصن كيفا سنة تسع وسبعين. ودخل بغداد. وسمع من: عَبْد العزيز ابن الأخضر، وابن منينا، والعلامة يحيى ابن الربيع، وكانت له بدمشق حلقة للإشغال والتّدريس.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ زين الدّين الفارِقيّ، وأبو علي ابن الخلال، والبدر أحمد ابن الصواف، ومحمد بن أحمد ابن الكركرية، وجماعة سواهم.
وَتُوُفّي فِي سادس عشر جمادى الآخرة.(14/491)
293 - يوسف بْن عَبْد السّيّد بْن يوسف بْن إِبْرَاهِيم، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، الكتّانيّ. [المتوفى: 643 هـ]
روى عَن: الخُشُوعيّ، روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَمُحَمَّد بْن محمد الكنجي، والخطيب شرف الدين الفزاري، وغيرهم.
ورّخه ابن الشُّقَيْشقة.(14/491)
294 - يوسف بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن أبي يداس، المقرئ الفقيه أبو محمد ابن الحافظ زكيّ الدّين البِرْزاليّ، الإشبيليّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الشّاهد. [المتوفى: 643 هـ]
سمّعه والده الكثير من أَبِي القاسم بْن صَصْرَى، وزين الأُمَنَاء، وَأَبِي عَبْد اللَّه ابن الزُّبَيْديّ، وخلق.
ومات ولم يحدّث، فإنّه مات شابًّا، وله إحدى وعشرون سنة أو نحوها، وخلف ولده العدْل بهاء الدّين أَبَا الفضل وله خمس سنين فكفله جدّه لأمّه الشَّيْخ عَلَم الدّين أَبُو مُحَمَّد القاسم الأندلسي.
تُوُفّي فِي جُمادى الآخرة.(14/491)
295 - يوسف بْن يونس بْن جَعْفَر بْن بركة أَبُو الحَجّاج البغداديّ المقرئ، [المتوفى: 643 هـ]
سبط ابن مداح البغدادي. [ص:492]
ولد ببغداد سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: عَبْد الخالق بْن عَبْد الوهّاب الصّابونيّ، ويحيى بْن بَوْش، وبدمشق من الخُشُوعيّ، وسكن دمشق وقرأ القراءات عَلَى التّاج الكِنْديّ، ولقّن بالجامع مدّة. روى عَنْهُ: الحافظ زكيّ الدين البرزالي مع تقدمه، والمجد ابن الحُلْوَانيّة، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ الصّوفيّ، وَأَبُو علي ابن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار. وبالحضور أَبُو المعالي البالِسيّ، وغيره.
وَتُوُفّي فِي تاسع جمادى الآخرة بدمشق.(14/491)
296 - يونس بْن أَبِي الغنائم بْن أَبِي بَكْر، أَبُو الفتح ابن المقرئ، (المقرئ) بالألحان. [المتوفى: 643 هـ]
كَانَ شيخًا معمَّرًا. سَمِعَ ببغداد من يحيى بْن بَوْش. ومات بحلب فِي رابع جمادى الأولى.(14/492)
297 - أَبُو بَكْر بْن أَحْمَد بْن عُمَر البغداديّ، الزاهد، [المتوفى: 643 هـ]
إمام مسجد حارة الخاطب بدمشق.
صاحب عبادة ومجاهدة، سَمِعَ بمصر من: أَبِي الفتح محمود بْن أَحْمَد الصّابونيّ وبدمشق من: إسماعيل الجنزوي، والكندي.
قال عمر ابن الحاجب: سَأَلت شيخنا الضّياء عَنْهُ فَقَالَ: بلغني أَنَّهُ جاور بمكّة سنة قرأ فيها ألف ختمة.
قلت: روى عنه أبو حامد ابن الصّابونيّ، وغيره.
وكان يُعرف بالمَرَاوِحيّ. وروى لنا عنه بالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره. ومات فِي نصف جمادى الآخرة.(14/492)
298 - أَبُو بَكْر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الدّمشقيّ، الحنبلي، الخباز. [المتوفى: 643 هـ]
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق. [ص:493]
شيخ حَسَن السَّمْت من أهل العُقَيبة، يُعرف بالقاضي. روى عن: يوسف بن معالي، أخذ عنه: المجد ابن الحلوانية، والشهاب أحمد ابن الخَرَزِيّ، وروى لنا عَنْهُ بالإجازة: ابن البالِسيّ. ومات فِي رابع ربيع الآخر.(14/492)
299 - أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر الدّمشقيّ النجار. [المتوفى: 643 هـ]
أحد من أجاز لابن البالِسيّ. ومات فِي شعبان. ورّخه النّجيب الصّفّار.(14/493)
300 - أَبُو القاسم بْن صدّيق بْن سالم الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 643 هـ]
أجاز لابن البالِسيّ وَتُوُفّي فِي رجب.
ضبطه النجيب أيضاً.(14/493)
301 - ملك الرّوم ابن علاء الدّين كيقباذ، [المتوفى: 643 هـ]
صاحب الرُّوم.
قال أبو المظفر الْجَوْزيّ: كَانَ شابًّا لَعّابًا، صانَعَ التّتار، والْتَزَمَ لهم كلَّ يومٍ بألف دينار.
اعْلَم أنّني لم أترك فِي هذه السّنة أحدًا بَلَغني موته من النّاس. فلهذا أثبت فيها خلقًا مجهولين دون غيرها من السّنين.(14/493)
-وفيها وُلِدَ:
القاضي شَرَفُ الدّين منيف بْن سُلَيْمَان السُّلَميّ بزُرَع فِي صفر، وتاج الدّين أَحْمَد بْن إدريس بن مزيز بحماة في رجب، وأبو الهدى أحمد بن إسماعيل ابن الجباب بمصر، والنجم عبد الله بن علي ابن البالسي في صفر بدمشق، والتقي محمد بن الحسن ابن تاج الدين علي ابن القسطلاني خطيب مصر، وناصر الدين محمد بْن أَيْبَك الشِّبْليّ المحدّث بالقاهرة، ورُكْن الدّين عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ الخالديّ الشّافعيّ فِي صفر باليمن، سمع من: السبط، وأحمد بن عثمان ابن الشيزري ببعلبك، سمع الفقيه.(14/493)
-سنة أربع وأربعين وستمائة(14/494)
302 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حسين بْن عبد العزيز، أبو العباس البكري، التَّيْميّ، الإسكندرانيّ، المؤدّب، المحدّث. [المتوفى: 644 هـ]
روى عَن: ابن موقى، وغيره، وعنه: الدّمياطيّ.(14/494)
303 - أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن معْقل، أَبُو العبّاس المُهَلّبيّ الحمصيّ، العزّ، الأديب. [المتوفى: 644 هـ]
ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، رحل إلى العراق. وأخذ الرفض بالحلة عَن جماعة، والنّحو: ببغداد عَن أَبِي البقاء العُكْبَرِيّ، والوجيه الواسطيّ. وبدمشق عَن: أَبِي اليُمْن الكندي، حتى برع في العربية والعروض وصنف فيهما. وقال الشِّعر الرّائق العذْب وقد نظم " الإيضاح " و" التكملة " فأجاد. وقدّم الكتاب للملك المعظَّم فأجازه بثلاثين دينار وخِلْعة.
وكان أحْوَل، قصيرًا. وافر العقل، غاليًا فِي التَّشَيُّع، ديِّنًا متزهّدًا.
وقد حكم لَهُ التّاج الكِنْديّ بأنّ الكتاب المذكور أعلق بالأفكار وأثبت فِي القلوب من لفظ أَبِي عَلِيّ الفارسيّ.
واتّصل سنة بضع عشرة بالملك الأمجد صاحب بَعْلَبَكّ، ونَفَقَ عَلَيْهِ، وأقام عنده. وقرر لَهُ جامكيّة، وعاش بِهِ رافضةُ تِلْكَ النّاحية وأخذوا عنه.
ومن شعره ديوان مختص بمدح أهل البيت فيه التنقص بالصحابة.
وله:
أما والعيون النّجل حلفة صادقٍ ... لقد بيَّضَ التّفريقُ سُودَ المفارقِ
وجرَّعني كأسًا من الموتِ أحمرا ... غداة غدتْ بالبيض حمرُ الأيانقِ
حملنَ بدورًا فِي ظلام ذوائبٍ ... تُضلُّ ولا يهدى بِهَا قلبُ عاشقِ
أشَرْنَ لتوديعي حذارَ مراقبٍ ... بقضبان درٍّ قُمّعت بعقائقِ
فلمْ أَر آرامًا سواهنّ كنَّساً ... عَلَى فرشٍ موشيّةٍ ونمارق
ولكن فؤادي جازعٌ خافقٌ وقد ... أرقْتُ لبرقٍ من حمى الجزع خافقِ [ص:495]
وظبي من الأتراك أرهق مُهجتي ... هواهُ ولم يستوفِ سنَّ المراهقِ
غدا قدُّهُ غُصْنًا رطيبًا لعاطفٍ ... وطلعته بدراً منيراً لرامق
وله:
ما لي أزوّر شيبي بالسّواد وما ... من شأني الزّور في فعلي ولا كلمي
إذا بدا سرُّ شيبٍ فِي عِذار فتى ... فليسَ يُكتمُ بالحنّاء والكَتَمِ
تُوُفّي ابن معقل بدمشق فِي الخامس والعشرين من ربيع الأوّل.(14/494)
304 - أَحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو الْعَبَّاس المالَقيّ، المقرئ المجوّد. [المتوفى: 644 هـ]
أخذ القراءات عَن أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بن علي الحصار ببلنسية. ومات فجاءة فِي رجب.(14/495)
305 - إِبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الجبّار، الحكيم البارع سعد الدّين السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الطّبيب. [المتوفى: 644 هـ]
خدم الملك الأشرف. وكان عَلَى خير ودين. ومات فِي سادس جمادى الأولى.
وكان مع تقدُّمه فِي الطِّبّ عالِمًا بالفقه عَلَى مذهب الشّافعيّ. وهو الَّذِي تولّى عمارة الْجَوْزيّة بدمشق. وعاش إحدى وستّين سنة.
وكان أَبُوهُ الموفّق طبيب الملك العادل.
وكان لسعد الدين مجلس عام للإشغال في الطب.
وللصدر البكري فيه من أبيات:
حكيمٌ لطيفٌ من لَطَافَةِ وصْفِهِ ... يودّ المُعَافَى السّقَمَ حتّى يعوده(14/495)
306 - إِبْرَاهِيم، السّلطان الملك المنصور، ناصر الدّين صاحب حمص، ابن الملك المجاهد أسد الدّين شيركوه صاحب حمص، ابن الأمير ناصر الدّين مُحَمَّد ابن الملك المنصور أسد الدّين شيركوه بْن شاذي بْن مَرْوَان. [المتوفى: 644 هـ]
تُوُفّي عقِيب كسرته للخَوَارَزْميّة فِي صفر، وكانت وفاته بدمشق بالنَّيرب بالدَّهْشَة، وحُمِل إلى حمص.
وكانت سلطنته ستّ سنين ونصف. وتملّك بعده ابنُه الملك الأشرف موسى، وله يومئذٍ سبْع عشرة سنة. وهو الَّذِي كسر التّتار عَلَى حمص فِي سنة تسع وخمسين.
وكان الملك المنصور بطلًا شجاعًا، عالي الهمّة، وافر الهيبة، لَهُ أثر عظيم في هزيمة جلال الدين ابن خوارزمشاه وعسكره مَعَ الأشرف سنة سبْع وعشرين وستّمائة. فإنّ والده سيرَّه نجدةً للأشرف. ثُمَّ كسر الخَوارزميّة بالشّرق مرَّتين وأضعف رُكْنهم، لا سيما فِي سنة أربعين، فإنّه سار بجيش حلب إلى آمِد، واجتمع بعسكر الرّوم، فصادف إغارة التّتار عَلَى خَرت بِرْت، فخافهم فساق وقصد الخَوارزميّة وهم مَعَ الملك المظفَّر شهاب الدّين غازي، ومعه خلقٌ لا يُحصَوْن من التُّركمان، حتّى قِيلَ: إنّ مقدّمهم قَالَ لغازي: أَنَا أكسر الحلبيين بالجوابنة الّذين معي، وكان عدّتهم فيما قِيلَ سبعين ألف جوبان سوى الخيّالة منهم. فالتقاهم صاحب حمص فِي صفر من سنة أربعين، فانكسر غازي والخَوارزميّة وانهزموا، ووقع الحلبيّون فِي النَّهب فِي الخِيَم والخِرْكاوات، فحازوا جميع ما فِي معسكر غازي، وأخذوا النّساء الخُوارزميّات والتُّركُمانيّات. ونزل صاحب حمص فِي خيمة غازي، واستولى عَلَى خزائنه. وغنم الحلبيون ما لا يُحدّ ولا يوصف. وبِيعت الأغنام بأبخس الأثمان. ثُمَّ إنّ صاحب حمص صالح الصّالح نجم الدين وصفا له وكسر الخوارزمية الكسْرة العُظْمى بعيون القَصَب.
وكان محسِنًا إلى رعيّته، سَمْحًا حليمًا بخلاف أَبِيهِ. ثُمَّ إنّه قدِم دمشق في آخر أيّامه فبالغ فِي خدمته الأمير حسام الدّين بْن أَبِي عَلِيّ نائب الصالح، [ص:497]
وكان قد ابتدأ بِهِ مرض السّلّ فقوي بِهِ حتّى خارت قواه، ومات.(14/496)
307 - إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن ياسين العسقلانيّ، العدل جمال الدّين الدّمشقيّ، ويُعرف بابن البلّان. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ " العِلم " لأبي خَيْثَمَة ببغداد من عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ المَوْصليّ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، والفخر إسماعيل بن عساكر، والبدر أحمد ابن الصّوّاف، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار. وروى عنه حضوراً: العماد ابن البالِسيّ. ومات فِي ربيع الآخر.(14/497)
308 - إِبْرَاهِيم بْن يحيى بن الفضل ابن البانياسيّ، كمال الدّين، أَبُو إِسْحَاق الحِمْيَرِيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 644 هـ]
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر، ومنصور الطَّبَريّ، وحفظ كتاب " التّنبيه " عَلَى الشَّيْخ عيسى الضرير، وعلى القاضي محيي الدين محمد ابن الزَّكيّ.
وولي نظر جامع دمشق ونظر المارستان، كلاهما معًا.
وكان أمينًا، كافيًا، رئيسًا، نبيلًا.
قال عمر ابن الحاجب: سَأَلْتُهُ عَن نِسْبتهم إلى بانياس فَقَالَ: كَانَ لنا جدٌّ يرمي بالبُنْدُق، فصرع الطّير وادعي لصاحب دمشق. قَالَ: فأعطاه بانياس إقطاعًا، فكان يخزن رزها حتى يطلب، فكان الباعة يقولون: عليكم بالبانياسيّ، فعُرف بذلك.
قلت: روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وعمر ابن خطيب عقربا الجنديّ، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار. وبالإجازة أبو المعالي ابن البالِسيّ، والقاضي الحنبليّ، وجماعة.
ومات فِي صَفَر.(14/497)
309 - إسماعيل [بن طاهر بن نصر الله بن] جهبل، الفقيه الإمام تاج الدّين، أَبُو الفضل الحلبيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 644 هـ][ص:498]
كَانَ فقيهًا بصيرًا بالمذهب، ديّنًا خيّرًا صالحًا، كريم النَّفْس، سليم الصّدر. تُوُفّي بحلب. قاله أَبُو شامة.(14/497)
310 - إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الكورانيّ، الزّاهد، [المتوفى: 644 هـ]
المقيم بمقصورة الحنفيّة من الجامع.
كَانَ زاهدًا عابدًا، أمّارًا بالمعروف، كبير القدر. وكان يغلظ للملوك وينصحهم ويُنكر عليهم، ولا يقبل صِلَتهم.
سَمِعَ بحلب من أَبِي الْحَسَن أَحْمَد بْن محمد ابن الطَّرَسُوسيّ. وحدَّث.
وَتُوُفّي بدمشق فِي ثامن عشر شعبان، ودفن بمقابر الصوفية، وشيعه خلق.(14/498)
311 - بدر العلّائيّ، [المتوفى: 644 هـ]
من الخُدّام الأشرفيّة الأعيان.
سَمِعَ كثيراً من الحديث، وما أظنه حدث.
توفي في جمادى الآخرة.(14/498)
312 - بركة خان الخُوارَزْميّ. [المتوفى: 644 هـ]
من ملوك الخُوارزميّة الأربعة.
وكان هو أجلّهم وأميرهم، وكان مائلًا إلى الخير فِي الجملة والرِّفق بالنّاس، وكان الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب قد صاهره وأحسن إِلَيْهِ، ثُمَّ خرج عَلَى الصّالح وأعان أعداءه، وصار من حزب الملك الصّالح إِسْمَاعِيل، فانتدب لحربهم الملك المنصور صاحب حمص، وشمس الدّين لؤلؤ نائب السّلطنة بحلب والتُّركُمان، والْتَقَى الْجَمْعان عَلَى بُحَيْرة حمص، فقُتِل فِي المعركة بركة خان فِي ثامن المحرَّم من السّنة، وحُمِل رأسه إلى حلب. ولم يقم للخَوارزْميّة بعده قائمة. فإنّ في العام الماضي مات من رؤوسهم بردى خان، وصارواخان.(14/498)
313 - الْحَسَن بْن عديّ بْن أَبِي البركات بْن صخر بن مسافر بن إسماعيل، المقلب بتاج العارفين شمس الدّين، أَبُو مُحَمَّد شيخ الأكراد. [المتوفى: 644 هـ]
وجدّه أبو البركات هو أخو الشيخ القدوة عَدِيّ، رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
وكان الْحَسَن هذا من رجال العالم رأيًا ودهاء، وله فضل وأدب، وشعر جيد، وتصانيف فِي التّصوُّف. وله أتباعٌ ومُرِيدون يتغالون فِيهِ. وبينه وبين الشيخ عدي من الفرق كما بينَ القَدَم والفَرْق، وبلغ من تعظيم العدويّة لَهُ - فيما حَدَّثَنِي - أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن أَحْمَد الإربليّ قَالَ: قدِم واعظٌ عَلَى الشَّيْخ حَسَن هذا فوعظ حتّى رقّ حَسَن وبكى وغُشي عَلَيْهِ، فوثب بعض الأكراد عَلَى الواعظ فذبحوه. ثم أفاق الشيخ حسن فرآه يخبط فِي دمه فَقَالَ: ما هذا؟ فقالوا: والا أَيْشٍ هذا من الكلاب حتّى يُبْكِي سيّدي الشَّيْخ؟ فسكت حفظًا لدَسْته وحُرْمته.
قلت: وقد خاف منه الملك بدر الدين لؤلؤ صاحب المَوْصِل، وعمل عَلَيْهِ حتّى قبض عَلَيْهِ وحبسه، ثُمَّ خنقه بوَتَرٍ بقلعة المَوْصِل خوفًا من الأكراد، لأنّهم كانوا يشنُّون الغارات عَلَى بلاده، فخشي لا يأمرهم بأدنى إشارة فيخرّبون بلاد المَوْصِل لشدّة طاعتهم لَهُ. وفي الأكراد طوائف إلى الآن يعتقدون أنّ الشَّيْخ حسنا لا بد أنْ يرجع، وقد تجمّعت عندهم زَكَوَاتٌ ونُذُورٌ ينتظرون خروجه، وما يعتقدون أَنَّهُ قُتِل.
ورأيت لَهُ كتابًا فِيهِ عشرة أبواب، أحد الأبواب إثبات رؤية الله تعالى في الدنيا عيانًا، وأنّ غير واحدٍ من الأولياء رَأَى الله عيانًا، واستدلّ عَلَى ذَلِكَ، فنعوذ بالله من الخذْلان والضّلال!
ومن تصانيفه: كتاب " مَحَكّ الإيمان "، وكتاب " الجلوة لأرباب الخَلْوة "، وكتاب " هداية الأصحاب "، وله " ديوان شِعر" فِيهِ أشياء من الاتّحاد، فمن ذَلِكَ:
وقد عصيت اللّواحي فِي محبّتها ... وقلت كفّوا فهتك السترّ ألْيَقُ بي
فِي عِشْق غانيةٍ فِي طَرْفها حورٌ ... في ثغرها شنبٌ وجدي من الشّنب [ص:500]
فنيت عنّي بها يا صاح إذ برزت ... وغبت إذ حضرتْ حقًّا ولم تَغِبِ
وصرت فَرْدًا بلا ثانٍ أقومُ بِهِ ... وأصبح الكُلُّ والأكوانُ تَفْخَرُ بي
وكلّ معنايَ معناها وصُورتها ... كصورتي وهي تدعى ابنتي وأبي
وله من أُرْجُوزة:
وشاهدت عينايَ أمرًا هائلًا ... جلّ بأنْ ترى لَهُ مُماثلًا
فغبتُ عند ذاك عَن وُجُودي ... لمّا تَجَلَّى الحقُّ فِي شُهودِي
وعاينت عيناي ذات الباري ... من غير ما شكٍّ ولا تَماري
فكنت من ربيّ لا محالَهْ ... كقابِ قوسينِ وأَدْنَى حالهْ
كَذَبَ وفَجَرَ، قاتله الله أنى يؤفك.
وله:
الحكمة أنْ تشربَ فِي الحانات ... خمرًا قرِنتْ بسائر اللّذّاتِ
من كفّ مهفهفٍ مَتَى ما تُليت ... آيات صفاته بدت من ذاتي
وله:
سطا وله فِي مذهب الحبّ أنْ يسطو ... مليحٌ لَهُ فِي كلّ جارِحة قسط
ومن فوق صحن الخدّ للنّقط غاية ... يُدلّ على ما يفعل الشّكل والنّقط
لكاتبه:
أمرد وقهوة وقحبة ... أوراد أرباب الهوى
هذي طريق الجنّة ... فأين طريق النّار؟
وأقول: لا يكمل للرجل إيمانه حتى يتبرأ من الحُلُوليّة والاتّحاديّة الّذين يقولون: إنّ اللَّه سبحانه حل في الصور أواتحدت ذاته بذوات البَشَر.
وعاش الشَّيْخ حسن هذا ثلاثًا وخمسين سنة.(14/499)
314 - الْحَسَن بْن ناصر بْن عَلِيّ الحضرميّ، المَهْدويّ، أَبُو عَلِيّ. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ من عَبْد المجيد بْن دليل. روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وعاش تسعين سنة. توفي في ربيع الأول بالإسكندرية.(14/500)
315 - حماد بن حامد بن أحمد، أبو المكارم العرضيّ. [المتوفى: 644 هـ]
رحل وسمع من: المؤيّد الطُّوسيّ، وزينب الشعرية، وحدث بسنجار، وبها توفي.(14/501)
316 - داود بن موسك بن جكو بن مُوسَك، الأمير الكبير عماد الدّين. [المتوفى: 644 هـ]
تُوُفّي فِي شعبان أو فِي رجب.
كَانَ فِي حبْس النّاصر بالكَرَك فمرض فأخرجه، وقد خرج فِي عنقه خراج فبطوها بغير اختياره فمات.
وكان ذا فتوة ومروءة، وكم أغاث ملهوفًا وأعان مكروبًا - فرحمه اللَّه وسامحه - وكانت فيه رياسة، وله نفْس شريفة. اتهّمه النّاصر بالمسير إلى صاحب مصر فسجنه.
وهو أخو الأمير أَبِي الثّناء محمود الَّذِي روى " الأربعين " عَن السِّلَفيّ، حدثنا ابن الخلّال بِهَا. ولم أظفر بوفاة محمود بعد.(14/501)
317 - صالح، أَبُو البقاء الدَّوْلَعيّ، [المتوفى: 644 هـ]
أخو الخطيب جمال الدين محمد ابن أَبِي الفضل.
سَمِعَ من حنبل المكبّر؛ وكتب في الإجازات، ومات في شوال.(14/501)
318 - ضوء بن مصبح بن متوج جمال الدين، الفقيه الحلبي، الوكيل. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ من حنبل؛ وحدّث فِي هذا العام، ولم يلْقَهُ الدّمياطيّ.
روى لنا عَنْهُ إسحاق النحاس.(14/501)
319 - ظافر بن عبد الغنيّ، أَبُو منصور الشّافعيّ، قاضي بِلْبِيس. تُوُفّي بِهَا وقد جاوز التّسعين وانهرم. [المتوفى: 644 هـ]
روى عَن: مؤدبه بريك بن عوض.(14/501)
320 - عبد الله بن المختار، أبو الفتح الزهري الكاتب الشاعر. [المتوفى: 644 هـ]
تُوُفّي فِي شوّال بمصر، وَلَهُ إحدى وستّون سنة.(14/502)
321 - عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن زيدان، أَبُو مُحَمَّد المغربيّ الفاسيّ النَّحْويّ، الأُصُوليّ، المعدّل. [المتوفى: 644 هـ]
تُوُفّي بمصر كهلًا فِي جُمَادَى الأولى.(14/502)
322 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر، أَبُو القاسم الرَّبَعيّ المقرئ الصُّوفيّ. [المتوفى: 644 هـ]
تُوُفّي بمصر فِي المحرَّم وله ثمانون سنة.
صحِبَ: أَبَا الرّبيع المالَقِيّ، وَالشَّيْخ أَبَا عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ.(14/502)
323 - عَبْد الرحمن بن سلطان بن جامع بن غويش. الفقيه زكي الدّين التّميميّ الدّمشقيّ الحنفيّ أَبُو بَكْر. [المتوفى: 644 هـ]
وُلِدَ سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع: مُحَمَّد بْن صَدَقَة، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الخِرَقيّ، ويوسف بْن معالي.
وكان إمام مسجد البياطرة قبل ولده شيخنا أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد جدّ صاحبنا أمين الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم إمام المسجد يومئذ.
روى عنه: محمد بن محمد الكنجي، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، والفخر ابن عساكر، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار. وبالحضور العماد ابن البالسي.
وتوفي فِي ثامن عشر صفر.(14/502)
324 - عَبْد الرَّحْمَن، ضياء الدّين المالكيّ الغماريّ. [المتوفى: 644 هـ][ص:503]
الذي جلس مكان الشيخ أبي عمرو ابن الحاجب لمّا انفصل عَن دمشق، وجلس فِي حلقته بالجامع فِي زاوية المالكيّة ومدرستهم.
وكان فقيهاً كريماً، شاعراً، فاضلًا.
تُوُفّي فِي شعبان. قاله أَبُو شامة.(14/502)
325 - عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن بنين بْن خَلَف، أَبُو الفضل المصريّ السِّمْسار. [المتوفى: 644 هـ]
روى عَن: عشير بْن عَلِيّ، وابن ياسين، والبُوصِيريّ. ومات في ثالث ذي الحجة.
سمع منه؛ قاله الدّمياطيّ.(14/503)
326 - عَبْد العزيز بْن عثمان بْن أَبِي طاهر بْن مفضّل، الشَّيْخ عزّ الدّين أَبُو مُحَمَّد الإربليّ، المحدّث، [المتوفى: 644 هـ]
إمام دار الحديث النُّوريّة.
طلب الكثير وسمع بنفسه. وكان صاحب وقار وسَمْتٍ حَسَن.
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عساكر، وحنبل بْن عَبْد اللَّه. وبمصر من الأرتاحيّ، وبنت سعد الخير. وسمع أيضًا من العماد الكاتب، ومن عَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد.
وكان أديبًا فاضلًا حَسَن المشاركة فِي العلوم.
كتب عَنْهُ القدماء كعمر ابن الحاجب وطبقته. وروى عنه: أبو محمد الجزائري، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو علي ابن الخلّال، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وإبراهيم بْن صَدَقَة المخرّميّ، وآخرون.
وُلِدَ بإربِل فِي سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ومات بالغُوطة بجَوْبر فِي ثامن عشر ربيع الأول.(14/503)
327 - عَبْد المحسن بْن عَبْد الكريم بْن علوان. أَبُو مُحَمَّد المخزوميّ المصريّ، المالكيّ العدل. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ البُوصِيريّ، وغيره. ومات فِي شوّال عَن بضْعٍ وستّين سنة.(14/504)
328 - عَبْد المنعم بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي المضاء. أَبُو المظفَّر البَعْلَبَكّيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، [المتوفى: 644 هـ]
نزيل حماة.
روى عَن: أَبِي القاسم ابن عساكر، والخضِر بْن طاوس. روى عَنْهُ: الشّهاب أحمد ابن الخرزي، والتقي إدريس بن مزيز.
وكان من شهود حماة. تُوُفّي بِهَا فِي الرّابع والعشرين من ذي الحجّة.(14/504)
329 - عَبْد الوهّاب بْن. . . . الحنفيّ القاضي شَرَفُ الدّين نائب الحكم بدمشق. [المتوفى: 644 هـ]
توفي في صفر.(14/504)
330 - عرفة بْن مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه، الفقيه عزّ الدّين الدّمشقيّ، الحنفيّ. [المتوفى: 644 هـ]
كَانَ من فُضَلاء الحنفيّة. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والكندي. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والفخر ابن عساكر، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وغيرهم.
وولي تدريس الصّادريّة. وَتُوُفّي فِي ربيع الآخر.(14/504)
331 - عَلِيّ بْن الخَضِر بْن بكران بْن عمران أَبُو الْحَسَن الرَّبَعيّ، الْجَزَريّ. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ بدمشق من: ابن طَبَرْزَد، وغيره. وبمصر من البوصيري، والأرتاحيّ.
وكان شيخًا صالحًا، حافظًا لكتاب اللَّه. [ص:505]
روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، وأبو المعالي ابن البالسي.
ومات فِي جُمادى الآخرة.(14/504)
332 - عَلِيّ بْن عَبْد الكافي بْن عَلِيّ بْن موسى، الإِمَام الفقيه، نجم الدّين، أَبُو الْحَسَن الرَّبَعِيّ، الصَّقَلّيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، والقاسم، والعماد الإصبهانيّ، وأبا المفضل ابن الخصيب، وغيرهم.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، والبدر أحمد ابن الصواف، والزين إبراهيم ابن الشّيرازيّ، وجماعة.
ومات فِي ثاني رمضان.(14/505)
333 - عيسى بْن مُحَمَّد بْن حسّان، أَبُو القاسم الأنصَاريّ، الشّافعيّ، الحاكم. [المتوفى: 644 هـ]
وُلِدَ بأسيوط سنة سبْعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع ببغداد من منوجهر بْن تركانشاه. وأجاز لَهُ أيضًا. روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، وغيره. وتوفي بأسوان في ثامن شوال.(14/505)
334 - مُحَمَّد بْن حسّان بْن رافع بْن سُمير، الخطيب صائنُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه العامريّ، الدّمشقيّ، المعدّل، المحدّث. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف الصوفي، وابن طبرزد، وخلقا سواهم. وكتب الكثير، وعُني بالحديث. وسمّع أولاده وأقاربه، وكان فاضلًا مفيدًا، مليح الكتابة، مشكور السيرة. وكان يؤمّ بمسجد قصر حَجّاج، ويخطب بجامع المُصَلَّى.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين الفَزَاريّ، وأخوه أبو علي ابن الخلّال، وَأَبُو عَبْد اللَّه ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. [ص:506]
وتوفي في صفر.(14/505)
335 - مُحَمَّد بْن حمّاد بْن أَبِي الْحَسَن سعد اللَّه، أَبُو بَكْر الحنبليّ، الحلبيّ، مخلص الدّين، الفقيه. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ ببغداد، وحدَّث عَن أَحْمَد بْن يحيى الدّبيقيّ، وَأَبِي البقاء العُكْبَرِيّ. سَمِعَ منه: الزكي البرزالي مع تقدمه، والنجيب الصفار. وحدثنا عنه: محمد بن يوسف الذهبي، وغيره. وتوفي في رمضان.(14/506)
336 - مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر بْن هبة اللَّه ابن النَّصِيبيّ الحلبيّ، أَبُو عَبْد اللَّه المحدّث. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ: حنبلًا، وابن طَبَرْزَد، والافتخار الهاشميّ، وجماعة. وسمّع أولاده، وكتب وحصّل وعُنِي بالطَّلَب. وَتُوُفّي فِي سادس ربيع الأوّل بحلب.(14/506)
337 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن خليفة، أَبُو بَكْر الدّمشقيّ المجلّد، الأَنْصَارِيّ، المعروف بالزكي البستان. [المتوفى: 644 هـ]
وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين. وسمع: الخُشُوعيّ، وَمُحَمَّد ابن الخصيب. وَتُوُفّي فِي ذي القِعْدَة.(14/506)
338 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي صالح، أَبُو صالح التجيبي الأندلسي المالقي، الزاهد. [المتوفى: 644 هـ]
أخذ عن: أبي محمد ابن القُرْطُبيّ، وجماعة. ونزل سَبْتَةَ وأقرأ بِهَا القرآن والعربيّة.
وكان قدوةً فِي الزُّهد والورع، مشهورًا.
توفي في ربيع الأول. وكانت جنازته مشهودة.(14/506)
339 - مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد المنعم، الإِمَام تقيُّ الدّين المراتبيَّ، الحنبليّ. [المتوفى: 644 هـ]
كَانَ فقيهًا إمامًا بارعًا فِي مذهبه، ذا فنون.
تُوُفّي بدمشق ودُفن بالجبل فِي جمادى الآخرة.
ذكره أَبُو شامة فَقَالَ: كَانَ عالمًا متفنّنًا، ولي بِهِ صُحبة قديمة، وبعده لم يبق فِي مذهب أحمد بدمشق مثله.
قلت: هو والد شيخينا خديجة ومحمود الأصمّ.
تفقّه عَلَى: الشَّيْخ الموفّق، وغيره. وسمع من: أبي علي الإوقي، وطائفة.(14/507)
340 - محمود بْن نصر اللَّه بْن محمود بْن كامل، زكيّ الدّين أَبُو الثّناء الأنصاريّ الدّمشقيّ التاجر ابن البعلبكي. [المتوفى: 644 هـ]
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وغيره. وببغداد من عَبْد المنعم بْن كُلَيب.
روى عنه: أبو الحسين علي ابن اليونيني، وأبو علي ابن الخلّال، والصّدر مُحَمَّد الأُرْمَويّ، وجماعة.
ومات فِي ربيع الأول.(14/507)
341 - معين الدين ابن الشَّهْرَزُوريّ القاضي. [المتوفى: 644 هـ]
رئيس فاضل. تُوُفّي بدمشق. قاله سعد الدين بن مَسْعُود الْجُويْنيّ وهو. . . . .(14/507)
342 - نصر اللَّه بْن أَحْمَد بن أرسلان بْن فتيان بْن كامل، مجد الدّين، أَبُو الفتح الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، العدل، عُرف بابن البَعْلَبَكّيّ. [المتوفى: 644 هـ][ص:508]
سمع من: الخشوعي، وجماعة. وأجاز له مَسْعُود الجمّال، وحضر " جزء ابن عَرَفَة " عَلَى ابن كليب.
روى عنه: أبو الحسين ابن اليونيني، والصدر محمد الأرموي. وحضوراً: محمد ابن البالِسيّ.(14/507)
343 - نصْر اللَّه بْن عين الدّولة بْن عيسى، موفَّقُ الدّين أَبُو الفتح الدّمشقيّ الحنفيّ. [المتوفى: 644 هـ]
سَمِعَ: الكِنْديّ، وجماعة وبحلب: الافتخار الهاشميّ. وحدّث. وتوفي في جمادى الأولى.(14/508)
344 - هاشم ابن الشريف البهاء عبد القاهر بن عَقِيل بن عُثمان بن عبد القاهر. تاج الدّين أَبُو مُحَمَّد الهاشميّ، العبّاسيّ، الدّمشقيّ، الشُّرُوطيّ، [المتوفى: 644 هـ]
والد شيخنا مُحَمَّد.
وُلِدَ سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد، وحنبل بْن عَبْد اللَّه. روى عَنْهُ: المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، وأبو المعالي ابن البالِسيّ، وجماعة.
تُوُفّي فِي سادس رمضان.(14/508)
345 - هبة اللَّه بْن عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد، أَبُو القاسم ابن النّحّاس. [المتوفى: 644 هـ]
روى عَن: الأمير أسامة بْن مُنْقِذ شيئًا من شِعره. ومات فِي جمادى الآخرة بدمشق.(14/508)
346 - يعيش بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن حَفّاظ، أمينُ الدّين أَبُو البقاء بْن الكُوَيْس العامريّ. [المتوفى: 644 هـ]
ولد سنة ثمانين. سمع من: الخشوعي، والقاسم ابن عساكر. [ص:509]
وكان مُقرِئًا فاضلًا.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه مُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وآخرون. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالِسيّ.
ومات فِي ثامن شوّال.(14/508)
347 - يوسف بْن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن طلحة. أَبُو العزّ المقدسيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الحنبليّ، التّاجر، [المتوفى: 644 هـ]
والد شيخنا الموفَّق الشّاهد.
حدَّث عَن: الخشوعي.
روى عنه: المجد ابن الحُلْوانيّة، وَمُحَمَّد الكنْجيّ، وَالشَّيْخ تاج الدّين، وأخوه، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وغيرهم.
وَتُوُفّي بحلب في ربيع الآخر.(14/509)
348 - أَبُو الحَجّاج الأَقْصُرِيّ الزّاهد، هُوَ: يوسف بْن عَبْد الرّحيم بْن غزّيّ الْقُرَشِيّ الأَقْصُريّ. [المتوفى: 644 هـ]
لَهُ أتباع ومريدون. ألف " مواقف " كمواقف النفري. صحِب الشَّيْخ عَبْد الرّزّاق التَّيْنمليّ تلميذ أَبِي مدين.
قَالَ لي أَبُو عَمْرو المُرابطيّ: وفاتُه عَلَى لوح قبره سنة أربعٍ.(14/509)
349 - أَبُو السُّعُود بْن أَبِي العشائر بْن شعبان الباذبيني، ثُمَّ المصريّ الزّاهد، [المتوفى: 644 هـ]
شيخ الفقراء السُّعُوديّة.
تُوُفّي فِي تاسع شوّال.
وكان صاحب عبادة وزُهد وأحوال. وكان بالقرافة. وله أتباعٌ ومريدون.
لم يبلُغْنا شيء من أخباره.(14/509)
350 - أَبُو اللَّيْث الزّاهد الحمويّ. [المتوفى: 644 هـ]
صاحب عبادة ومجاهدة. وكان يعمل الرّياضة الأربعينيّة. وله زاوية مليحة [ص:510]
بحماه، وأصحاب وأتباع. وكان يأتي بَعْلَبَكّ ويقيم بِهَا، وصحِب الشَّيْخَ عَبْدَ اللَّه اليُونينيّ الَّذِي يقال له: أسد الشام.
توفي الشيخ أَبُو اللَّيْث بحماة فِي هذه السّنة.(14/509)
-وفيها وُلِد:
إمام الكلّاسة وابن أمامها شمسُ الدّين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان الخِلاطيّ خطيب دمشق، في رمضان، وشمس الدين محمد ابن الفخر عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنبلي فِي آخر السّنة، وصدرُ الدّين أَبُو المجامع إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد الدّين مُحَمَّد بْن المؤيَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد ابن حَمُّوَيْه الْجُويْني بآمُلَ فِي شعبان، وشمسُ الدّين أبو العلاء محمود بن أبي بكر البخاري الفَرَضيّ المحدّث، وأمينُ الدّين سالمُ بْنُ مُحَمَّد بْن صَصْرَى أخو قاضي القضاة، وشهابُ الدّين محمودُ بْن سُلَيْمَان الكاتب بحلب فِي شعبان، والقاضي شمسُ الدّين محمدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بْن إِبْرَاهِيم الأذْرعيّ الحنفيّ - فيها تقريبًا - وَأَبُو الْحَسَن بن عبد الله ابن الشيخ غانم بنابلس، والشرف محمد بن عبد الله بن رقية المقدسي، والعز عبد العزيز بن عمر الحموي ابن غازي، والسديد عبد الله ابن العماد أحمد بن علي المقدسي العقرباني، والشّهابُ أَحْمَدُ بْنُ سامة، والفخر عثمانُ بْنُ عبد الرحمن بن أبي علي التنوخي المَعَرِّيّ المقرئ، وَالشَّيْخ نورُ الدّين عَلِيُّ بْنُ يوسف بن جرير بن معضاد الشطنوفي المقرئ، بالقاهرة في شوال، والبرهان إبراهيم بن عبد الكريم ابن العنبري.(14/510)
-سنة خمس وأربعين وستمائة(14/511)
351 - أحمد بن علي، أبو جعفر ابن الفحّام المالقيّ النّاسخ. [المتوفى: 645 هـ]
أجاز لَهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن زرقون، وسمع من: أَبِي القاسم بن سمجون، وابن نوح الغافقيّ، وابن عَوْن اللَّه الحصار.
وكان أنيق الوِراقة يعيش منها. وله مشاركة في النحو وغيره.
وقد ذكره ابن فرتون فِي " ذيل الصّلة " لَهُ، فسمّاه أَبَا العبّاس أحمد بن يوسف بن أحمد الأنصاري. وقال: شُهِرَ بابن الفحّام. اجتمعت بِهِ بمالقة وأجازني، ومن شيوخه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر بْن صاف، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن طلحة، وجماعة، تُوُفّي بمالقة فِي جمادى الأولى عام خمسة وأربعين.
فأظن ابن فرتون واهمًا قد أدخل ترجمةً فِي ترجمة.(14/511)
352 - أَحْمَد بْن يوسف، أَبُو العبّاس الأنصاريّ، الإشبيليّ، ابن النّجّار. [المتوفى: 645 هـ]
أحد المتصدّرين للأقراء بإشبيلية.
أخذ القراءات عَن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن صاف، ومات فِي آخر العام، والفرنج تحاصر إشبيلية.(14/511)
353 - إبراهيم بن خير خان بن مودود بن خير خان ابن سيف الدّولة قراجا، أَبُو إِسْحَاق الحنفيّ، الدّمشقيّ، المعدّل. [المتوفى: 645 هـ]
سَمِعَ: البُوصِيريّ، والخُشُوعيّ، وَتُوُفّي فِي المحرَّم.
روى عنه: المجد ابن الحلوانية.(14/511)
354 - إبراهيم بن عثمان بن يوسف بن أزرتق، مُسْنَدِ العراق، أَبُو إِسْحَاق الكاشْغَريّ، ثُمَّ البغداديّ، الزَّرْكشيّ. [المتوفى: 645 هـ]
وُلِدَ فِي جمادى الأولى سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمعه أبوه من: أبي الفتح ابن البطّيّ، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّد الكاغَديّ، وَأَبِي الْحَسَن علي ابن تاج [ص:512]
القراء، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، وأبي بكر ابن النَّقُّور، ويحيى بْن ثابت، ونفيسة البزّازة، وهبة اللَّه بْن يحيى البُوقيّ، وجماعة.
وطال عُمُره، واشتهر اسمُه، ورحل إِلَيْهِ الطّلبة.
روى عَنْهُ الحُفّاظ الكِبار: البِرْزاليّ، وابن نُقْطَة، والضّياء، وابن النّجّار، والمُحِبّ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، وموسى بن أبي الفتح، وعبد الرحيم ابن الزجاج، والمحيي يحيى بن محمد ابن القلانسيّ، وَمُحَمَّد بْن عامر الغُسُوليّ، ومدرّس الحلاويّة الكمال إبراهيم بن عبد الله ابن أمين الدولة، والتقي إبراهيم ابن الواسطي، وأخوه محمد، والعز إسماعيل ابن الفراء، والتقي بن مؤمن، والمجد ابن العديم قاضي القُضاة، وفتاهُ بَيْبَرْس وهو آخر من روى عنه، ومحيي الدين محمد ابن النّحّاس، وابن عمّه البهاء أيّوب، والمجد مُحَمَّد ابن الظَّهير الحنفيّون، وَعَبْد اللّطيف وَعَبْد الكريم ابنا ابن المغيزل، وأحمد بن محمد ابن العماد، وعَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد الدّائم، وشُهْدَة بِنْت ابن العديم، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن النَّصيبيّ، وعَلِيّ بْن عثمان الطَّيّبيّ. وسمعنا من جماعة بإجازته، وهي متيَّسرة.
قَالَ ابن نُقْطَة: سمعت منه، وسماعه صحيح.
وقال عمر ابن الحاجب: كان شيخاً سهلاً سمحاً، ضحوك السن، له أصول يحدّث منها. وكان سليم الباطن، مشتغلًا بصنعته، إلّا أَنَّهُ كَانَ يتشيّع ولم يظهر منه إلا الجميل.
وقال أبو طالب ابن السّاعي: هُوَ أوّل من رُتّب شيخًا بدار الحديث المستنصريّة، وذلك فِي ذي القعدة سنة إحدى وأربعين.
قلت: إنّما وليها بعد موت شيخها ابن القُبّيْطيّ. وقد عُمّر وساء خُلُقُه، وبقي يحدث بالأجرة، ويتعاسر عَلَى الطَّلَبة. وحكاية المُحِبّ معه مشهورة، فإنّه لما دخل بغداد بادر وذهب إليه بـ " جزء ابن البانياسيّ " ليقرأه عَلَيْهِ وهو [ص:513]
على حانوت، فقال: ما لي فراغٌ السّاعة. فألحّ عَلَيْهِ فتركه وراح، فتبِعَه وشرع يقرأ فِي " الجزء ". وقرأ ورقة، ووصل إلى بيته، فضربه بعصاه ضربتين، وقعت الواحدة في " الجزء "، ودخل وأغلق الباب.
قرأت ذَلِكَ بخطّ المُحِبّ. ثُمَّ استولى عَلَيْهِ فِي سنة ثلاثٍ وأربعين الأمراض والهَرَم، وانقطع فِي بيته.
قَالَ ابن النّجّار: هُوَ صحيح السّماع إلّا أَنَّهُ عسِر جدًّا، يذهب إلى الاعتزال. قَالَ: ويقال: إنّه يرى رأي الفلاسفة، ويتهاون بالأمور الدّينيّة، مَعَ حُمْقٍ ظاهرٍ فِيهِ وقلّة عِلْم.
ثُمَّ روى ابن النّجّار عَنْهُ حديثًا من " جزء أَحْمَد بْن ملاعب ".
وهو آخر من كَانَ فِي الدّنيا بينه وبين مالك رحمه الله خمسة أنفس بإسناد صحيح متصل. وهم: ابن البطّيّ وغيره، عَن البانياسيّ، عَن ابن الصَّلْت، عَن الهاشميّ، عَن أَبِي مُصْعَب، عَن مالك.
تُوُفّي فِي حادي عشر جمادى الأولى.
وفات الشّريفَ وفاتُهُ.(14/511)
355 - إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي نصر أَبُو إِسْحَاق ابن النّحّاس الحلبيّ العدل، ويُعْرَف قديمًا بابن عمرون. [المتوفى: 645 هـ]
ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وسمع من: ابن طَبَرْزَد، والافتخار الهاشميّ، ورحل إلى بغداد فسمع من: عَبْد العزيز بْن الأخضر، وأحمد ابن الدّبيقيّ، وجماعة.
وكتب الكثير، وعُنِي بالحديث، روى عَنْهُ: ابنه شيخنا بهاء الدّين مُحَمَّد النَّحْويّ.
وتوفي في سابع عشر المحرم.(14/513)
356 - تمّام بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ، أَبُو المكارم شهابُ الدّين الأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ، المعروف بابن الشيرجي. [المتوفى: 645 هـ][ص:514]
من بيت عدالة وكتابة وتقدُّم. سَمِعَ: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف الصّوفيّ، وحنبل بْن عَبْد اللَّه.
روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، والصدر محمد الأرموي، والمجد عبد الرحمن ابن الإسفراييني، وجماعة.
ومات فِي شعبان وقد قارب السّتّين.
وأجاز لأبي نصر ابن الشيرازي.(14/513)
357 - الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حمزة نقيبُ الأشراف، قُطْبُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه العلوي الحسيني، الأديب. [المتوفى: 645 هـ]
اتفق أنه قال مرة عَلَى سبيل التّصحيف: " نريد حليقة حديد "، أي " خليفة جديد ". فنُقِلت إلى الإِمَام النّاصر فَقَالَ: بل حلقتان. فقيّده وسجنه بالكوفة إلى أن مات الناصر. ثم أخرج وولي فِي أوّل الدّولة المستنصريّة النّقابة، وحظي عند المستنصر.
تُوُفّي فِي المحرَّم وقد جاوز السّبعين.
وخلّف دنيا واسعةً، من ذَلِكَ ذهب عين عشرون ألف دينار.(14/514)
358 - الحسن بن الحسن بن علي الرئيس الأديب النديم النقيب قطب الدين أبو عبد الله العلوي ابن الأقساسي البغدادي. [المتوفى: 645 هـ]
كان من ظرفاء وقته بدت منه كلمة فقال: " نريد حليقة حديد " على وجه التصحيف فبلغت الناصر فقال: لا تكفيه حليقة لكن حليقتان. فقيد وحمل فسجن بالكوفة ثم استخلف الظاهر فأطلقه وكان نديما للمستنصر.
مات سنة خمس.(14/514)
359 - خديجة بِنْت القاضي أَبِي المجد عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن قُرَيش المخزوميّ، وتُدْعَى ستّ النّساء. [المتوفى: 645 هـ]
روت بالإجازة عَن أَبِي الطّاهر بْن عوف. روى عنها: شيخنا الدمياطي.(14/515)
360 - زينب بِنْت سالم البغداديّة. [المتوفى: 645 هـ]
روت بالإجازة عَن شهدة.(14/515)
361 - السيبي، [المتوفى: 645 هـ]
من صُلحاء العراق ومشاهير المشايخ.(14/515)
362 - سُلَيْمَان بْن داود ابن العاضد بالله عبد الله بن يوسف ابن الحافظ العُبَيْديّ المصريّ. [المتوفى: 645 هـ]
هلك فِي شوّال سنة خمس وأربعين وستمائة بقلعة الجبل.
قال القاضي جمال الدين ابن واصل: سافرتُ إلى مصر سنة إحدى وأربعين وسمعت أنّ دعوة الإسماعيليّة المصريّين لَهُ، ولهم فِيهِ اعتقاد عظيم. ورأيت مَن اجتمع بِهِ وتحدّث معه فأخبرني أَنَّهُ فِي غاية الجهل والغباوة.
قَالَ ابن واصل: وكان قد أُدخِلَتْ أمه إلى داود ابن العاضد فِي الحبْس-يعني أيّام صلاح الدّين- في زي مملوك، وذلك سرا فوطئها دَاوُد؛ فحملت بسليمان، ثُمَّ حُملت الجارية إلى الصعيد فولدت سليمان وترعرع، وأخفي أمره من الدولة عند بعض الدعاة، فأُعلم بِهِ الملك الكامل، فظفر بِهِ وحبسه. ولمّا زالت الدّولة بموت العاضد قَالَتْ دُعاتهم: الإمامة صارت لابنه دَاوُد، ولَقَّبُوه بينهم: الحامد لله، ومات دَاوُد هذا فِي السّجن فِي سلطنة العادل. وأمّا سُلَيْمَان فلم يخلِّف ولدًا ذكراً.
قال ابن واصل: وسمعت من ينتمي إلى مذهبهم يدّعي أنّ لَهُ ولدًا قد أُخفي. [ص:516]
قَالَ ابن واصل: وبقي منهم اليوم رجلان محبوسان بقلعة الجبل شيخان جدّهما العاضد. وكان أحدهما واسمه القاسم قد بلغه أني صنفت " تاريخاً ً" للسّلطان الملك الصّالح وذكرت فِيهِ أخبار هَؤُلاءِ القوم وما قاله النّسّابون فيهم، وأنّ بعضهم قَالَ: أصلهم يهود. فطلعت يومًا إلى القلعة المحروسة، ودخلت عَلَى باب الحبس، والقاسمُ هذا قاعدٌ عَلَى الباب، فسأل عنّي، فعُرِّف بي، فاستدعاني فأتيتُه، فَقَالَ: أنتَ ذكرتَ أنّ نَسَبَنَا يرجع إلى اليهود؟ فخجلت منه وما أمكنني إلّا الاعتراف، وأحَلْت الأمرَ عَلَى قول المؤرّخين.
قال: وبالجملة مذاهبهم رديئة واعتقادهم في الإلهيات ينزع إلى رأي المتفلسفة، وسُمُّوا الباطنيّة لأنّهم ينزّلون القرآن على معان موافقة لآرائهم ويصرفونه عن ظاهره.(14/515)
363 - شُعَيب بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عطيّة أَبُو مَدْيَن القَيْرَوانيّ الأصل، الإسكندرانيّ، التاجر ابن الزعفراني، [المتوفى: 645 هـ]
نزيل مكة.
ولد سنة خمس وستين وخمسمائة، وسمع من: السِّلَفيّ.
وجاوَرَ مدّة. وكان معروفًا بالبِرّ والإيثار.
روى عَنْهُ: الزّكيّ المنذريّ، والشَّرَف الدمياطي، والجمال ابن الظاهري، والرِّضى إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، إمام المقام، وأخوه الصفي أحمد بن محمد، والبهاء أيوب ابن النّحّاس، وأخوه الأمين مُحَمَّد، والمُحِبّ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الطّبريّ الفقيه، وجماعة من المكّيّين.
وتُوُفّي فِي الثّالث والعشرين من ذي القعدة وله ثمانون سنة.(14/516)
364 - صلف، تاج النّساء بِنْت قاضي القُضاة جَعْفَر بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد الثّقفيّ البغداديّة. [المتوفى: 645 هـ]
روت عَن: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، وَتُوُفّيت فِي رمضان.
روى عَنْهَا: بالإجازة البهاء فِي " معجمه ".(14/516)
365 - عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد بْن القائد القاضي أَبُو مُحَمَّد الهلاليّ، الرِّيغيّ، [المتوفى: 645 هـ]
ورِيغ معاملة من ناحية الجنوب ببلاد المغرب
وُلِدَ بها في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة تقريبًا، وكتب إِلَيْهِ السِّلَفيّ بالإجازة، ثُمَّ قدِم الإسكندريّة، وسمع من: الإِمَام أَبِي الطّاهر بْن عَوْف، والفقيه مخلوف بْن جارة.
وكان بصيرًا بمذهب مالك. أعاد بمدرسة المالكيّة بمصر. وسمع من: أَبِي القاسم الشّاطبيّ جميع " المُوَطَّأ " عَن ابن هُذَيْل.
وولي قضاء الإسكندريّة، وكان ورِعًا، صليبًا فِي الأحكام، ديِّنًا مَهِيبًا. وولي الخطابة أيضًا أربعين سنة. واستعفى من القضاء قبل موته بسنة.
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ وأثنى عَلَيْهِ.
وَتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من ربيع الآخر عن أربع وتسعين سنة.(14/517)
366 - عبد الله ابن زين الأُمناء أبي البركات الْحَسَن بْن مُحَمَّد، نظامُ الدّين الدّمشقيّ، الشّافعيّ، ابن عساكر [المتوفى: 645 هـ]
أخو عَبْد الوهّاب وَعَبْد اللّطيف.
تُوُفّي فِي هذه السّنة.(14/517)
367 - عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه أَبُو مُحَمَّد عتيق عبدون الرُّهاويّ. [المتوفى: 645 هـ]
شيخ مُسْنِد، سَمِعَ ببغداد من ذاكر بْن كامل، ويحيى بْن بَوْش، وعبدِ المنعم بن كُلَيب، وداود ابن نظام المُلْك، وأخته بِلْقيس.
روى لنا عَنْهُ: أبو الفضل إِسْحَاق النّحّاس. وسمع منه شيخنا ابن الظّاهريّ، وجماعة.
وَتُوُفّي بحرّان فِي جمادى الآخرة.(14/517)
368 - عَبْد الله بن علي بْن هلال الباجِسْرائيّ. [المتوفى: 645 هـ]
سَمِعَ ابن بَوْش، وابن كليب.(14/517)
369 - عَبْد اللَّه بْن قاسم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن خَلَف. أَبُو مُحَمَّد اللَّخْميّ الحافظ الأندلسي، الحريري. [المتوفى: 645 هـ]
ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الزُّهْرِيّ " صحيح الْبُخَارِيّ " بسماعه من شُرَيْح. وسمع من: أَبِي الْحَسَن بْن عظيمة، وطائفة.
وعُنِي بالحديث أتمّ عناية، وصنّف كتاب " حديقة الأنوار" فِي معرفة الأنسَاب، وكتابُ " المنهج الرّضِيّ فِي الجمع بين كتابي ابن بشكُوال وابن الفَرَضِيّ "، وكان مع حفظه شاعراً مجوداً، مليح الخط.
تُوُفّي بإشبيلية فِي حصار الرّوم - لعنهم اللَّه - لها في شوال من سنة خمسٍ، وفي خامس شعبان سنة ستٍّ، تسلمها الطّاغيةُ صاحب قشْتَالة صُلْحًا بعد أن حاصرها سبعة عشر شهرًا، فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون.(14/518)
370 - عَبْد الجبّار بْن بشّار المقدسيّ، ثُمَّ الإسكندرانيّ، المالكي. [المتوفى: 645 هـ]
روى عن: ابن موقى. وعنه: الدمياطي، وغيره. وأجاز للبهاء ابن البرزالي، والعماد ابن البالِسيّ. وَتُوُفّي فِي المحرَّم.(14/518)
371 - عَبْد الخالق بْن تروس بْن قسطة، [المتوفى: 645 هـ]
مولى القاضي الزّكيّ.
روى عَن: عَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد. ومات فِي جُمَادَى الآخرة.(14/518)
372 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَرَميّ فُتُوح بْن بَنِين. أَبُو القاسم المكّيّ، العطّار، الكاتب، المعمّر الفاضل، الورّاق. [المتوفى: 645 هـ]
وُلِدَ سنة بضع وأربعين وخمسمائة، وأدرك ابن ناصر وأبا بكر ابن الزّاغونيّ، ولكن لم يكن لَهُ من يستجيز لَهُ. فلمّا شبّ سَمِعَ بنفسه " صحيح الْبُخَارِيّ " من عَلِيّ بْن عمّار المقرئ، بسماعه لَهُ من عيسى بْن أَبِي ذَرّ، عَن أَبِيهِ. ثُمَّ رحل إلى الشّام والعراق، سنة ثمانين وخمسمائة، فسمع ببغداد من أبي الفتح ابن شاتيل، ونصر اللَّه القزّاز. وبدمشق من الفضل بن الحسين البانياسي، [ص:519]
وأبي سعد بْن أَبِي عصرون، وغيرهما. وأجاز لَهُ: أَبُو طاهر السِّلَفيّ.
روى عَنْهُ: الإِمَام مُحِبُّ الدّين أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الطَّبريّ، والقاضي مجد الدين ابن العديم، والحافظ شَرَفُ الدّين الدّمياطيّ، ورضيُّ الدّين إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الطَّبريّ، وأخوه الصّفيّ أَحْمَد، وآخرون.
قَالَ الدّمياطيّ: تُوُفّي فِي نصف رجب، وقد جاوز المائة.(14/518)
373 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مكّيّ بْن جَعْفَر أَبُو القاسم الأَزَجيّ الدّبّاس. [المتوفى: 645 هـ]
سَمِعَ: أبا الْحُسَيْن عبدِ الحقّ اليوسفيُّ. ومات فِي ربيع الأوّل، كذا ذكره الشريف عزّ الدّين، ولا أعرفه.(14/519)
374 - عَبْد الرَّحْمَن بن يحيى بن عتيق أبو القاسم ابن علّاس الغسّانيّ الإسكندرانيّ، المالكيّ، ويُعرف بابن القِصْدِيريّ. [المتوفى: 645 هـ]
ولد سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع من: القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وحمّاد الحّرانيّ. روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره. وتوفي في شوال.(14/519)
375 - عبد الرحيم ابن الحافظ القاضي أبي المحاسن عُمَر بْن عَلِيّ الْقُرَشِيّ، الزُّبَيْريّ، أَبُو البركات الدّمشقيّ، ثُمَّ البغداديّ. [المتوفى: 645 هـ]
وُلِدَ فِي رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين، وحضّره أَبُوهُ عَلَى تَجَنِّي الوهْبانيّة، واستجاز له شهدة. ثم مات أَبُوهُ وهو طفل، فتولّاه اللَّه ونشأ ولدًا مباركًا.
وكان ورِعًا، صالحًا، ديِّنًا، سَلَفِيًّا.
تُوُفّي فِي الثّاني والعشرين من شعبان.
أجاز لابن الشيرازي، وسعد، والبجدي، وبنت مؤمن.(14/519)
376 - عبد القادر بن محمد بن الحسن أبو محمد ابن اللّكّاف البغداديّ، المقرئ، الحنفيّ. [المتوفى: 645 هـ]
كَانَ شيخ الحنفيّة وعالَمهم بالعراق. وقد سَمِعَ بدمشق من التّاج [ص:520]
الكندي، وأبي عبد الله ابن البناء. وتوفي في ربيع الأول.(14/519)
377 - عبيد الله ابن النّيّار الأَجَلّ تاج الدّين البغداديّ. [المتوفى: 645 هـ](14/520)
378 - علوان بْن عَلِيّ بْن جُميع، الرجل الصّالح، أَبُو عَلِيّ الحرّانيّ. [المتوفى: 645 هـ]
روى بالإجازة عَن: أَبِي زرعة المقدسيّ، وأحمد ابن المقرب، وأبي بكر ابن النَّقُّور، وجماعة. روى عَنْهُ: الشَّرَفُ عَبْد الأحد ابن تيمية.
توفي فِي جمادى الآخرة.(14/520)
379 - عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن بَكْرُوس، الفقيه أَبُو الْحَسَن التّميميّ، البغداديّ، الحنبليّ. [المتوفى: 645 هـ]
وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة. وسمع من: يحيى بْن بَوْش، وابن كُلَيْب. روى لنا عَنْهُ: الشَّيْخ مُحَمَّد بْن أَحْمَد القزّاز. ومات فِي رجب.(14/520)
380 - عَلِيّ بْن عَبْد الرحمن بن أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، الصّدر شمس الدّين، أَبُو الْحَسَن الأزْديّ، الدمشقي. [المتوفى: 645 هـ]
ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: العدل عَبْد الوهّاب والد كريمة، وأبي محمد القاسم ابن عساكر. روى عنه: الفخر إسماعيل ابن عساكر، وغيره. وَتُوُفّي فِي الثّامن والعشرين من شعبان.(14/520)
381 - عَلِيّ بْن يعقوب الفقيه كمال الدّين الدولبي الشّافعيّ. [المتوفى: 645 هـ]
ولي قضاء بَعْلَبَكّ، ثُمَّ قضاء صَرْخَد، ثُمَّ زُرَع.
تُوُفّي فِي رمضان.(14/520)
382 - عَلِيّ بْن أَبِي الْحَسَن بْن مَنْصُور الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن، وَأَبُو مُحَمَّد الحريريّ، مقدّم الطّائفة الفقراء الحريريّة أولي الطّيبة والسّماعات والشّاهد. [المتوفى: 645 هـ]
كَانَ لَهُ شأن عجيب ونبأ غريب. وهو حورانيّ من عشيرة يُقال لهم: بنو [ص:521] الرّمان. وُلِدَ بقرية بُسْر، وقدِم دمشق صبيًّا فنشأ بِهَا. وذكر الشَّيْخ أنّ مرجع قومه إلى قبيلةٍ من أعراب الشّام يُعرفون ببني قرقر- وفي قرية مردا من جبل نابلس قوم من بني قرقر-. وكانت أمّ الشّيخ دمشقيّة من ذُرّيّة الأمير قِرْواش بْن المسيّب العُقَيْليّ، وكان خاله صاحب دُكّان بسوق الصّاغة.
قال النجم ابن إسرائيل الشّاعر: أدركتُه ورأيته. قَالَ: وَتُوُفّي والد الشَّيْخ وهو صغير فنشأ فِي حَجْر عمّه، وتعلّم صنعة العتّابيّ، وبرع فيها حتّى فاق الأقران. ثُمَّ اقتطعه اللَّه إلى جنابه العزيز فصحِب الشَّيْخَ أَبَا عَلِيّ المغربل خادم الشَّيْخ رسلان.
قرأت بخط الحافظ سيف الدين ابن المجد ما صورته: علي الحريري وطئ أرض الجبل ولم يكن ممّن يمكنه المقام بِهِ، والحمد لله. كَانَ من أفتن شيء وأضره على الإسلام؛ تظهر منه الزَّنْدقة والاستهزاء بأوامر الشّرع ونواهيه. وبلغني من الثّقات بدء أشياء يُسْتَعْظَم ذِكرُها من الزَّنْدقة والْجُرأة عَلَى اللَّه. وكان مُسْتَخِفًّا بأمر الصّلوات وانتهاك الحُرُمات.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُل أنّ شخصًا دخل الحمّام فرأى الحريريَّ فِيهِ ومعه صبيان حسان بلا مآزر، فجاء إِلَيْهِ فَقَالَ: ما هذا؟ فَقَالَ: كأنّ لَيْسَ سوى هذا، وأشار إلى أحدهم تمدَّد عَلَى وجهك، فتمدّد. فتركه الرجل وخرج هاربًا ممّا رَأَى! وحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق الصَّريفينيّ قَالَ: قلت للحريريّ: ما الحُجَّةُ فِي الرَّقص؟ قَالَ: قوله: " إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَها ". وكان يُطْعِم ويُنْفق ويهوِّن أمورَ الدّين فيتبعه كلُّ مريب. وشاع خبره. وشهِد عَلَيْهِ خلقٌ كثير بما رأوا منه ومن أصحابه بما يوجب القتْل. ورُفِع أمره إلى السّلطان، فلم يقدم عَلَى قتله، بل سجنه مرّة بعد أخرى، ثُمَّ أُطلِق والله المستعان عَلَى هذه المصيبة التي لم يُصَب المسلمون بمثلها.
قلت: رحم اللَّه السّيفَ ابن المجد ورضي عَنْهُ، فكيف لو رَأَى كلام الشيخ ابن العربيّ الَّذِي هُوَ محض الكُفْر والزَّنْدقة؟ لقال: إن هذا الدجال المنتظر. ولكنْ كَانَ ابن العربيّ منقبضًا عَن الناس، إنما يجتمع بِهِ آحاد الاتّحادية، ولا يصّرح بأمره لكل أحد، ولم تشتهر كُتُبه إلا بعد موته بمدّة. ولهذا تمادى أمره، فلما كان على رأس السبعمائة جدّد اللَّه لهذه الأمّة دينها بهتْكه وفضيحته، ودار [ص:522]
بين العلماء كتابه "الفصوص". وقد حطّ عَلَيْهِ الشَّيْخ القُدوة الصّالح إِبْرَاهِيم بْن معضاد الْجَعْبَريّ، فيما حَدَّثَنِي بِهِ شيخُنا ابن تَيْميّة، عَن التّاج البرنْباريّ، أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم يذكر ابنَ العربيّ فَقَالَ: كَانَ يقول بقِدَم العالم ولا يُحرِّم فَرْجًا.
وأنبأنا العلّامة ابنِ دقيق العيد أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخ عز الدين ابن عَبْد السّلام يَقْولُ فِي ابن العربيّ: شيخ سوء كذّاب.
وممّن حطّ عَلَيْهِ وحذّر من كلامه الشَّيْخ القُدوة الوليّ إِبْرَاهِيم الرّقّي.
وممّن أفتى بأنّ كتابه " الفصوص" فِيهِ الكُفْر الأكبر قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وقاضي القُضاة سعد الدّين الحارثيّ، والعلّامة زين الدّين عُمَر بْن أَبِي الحَرَم الكتّانيّ، وجماعة سواهم.
وأمّا الحريري فكان متهتّكًا، قد ألقى جِلْباب الحياء، وشطح حتّى افتضح، واشتهر مُروقُه واتضح. وأبلغ ما يقوله في هؤلاء جبناء العلماء أنّ لكلامهم معاني وراء ما نفهمه نَحْنُ، مَعَ اعترافهم بأنّ هذا الكلام من حيث الخطاب العربي كُفْر وإلحاد، لا يخالف فِي ذَلِكَ عاقل منهم إلّا من عاند وكابر.
فخُذْ ما قاله الحريري في "جزء" مجموع من كلامه يتداوله أصحابُه بينهم قَالَ: إذا دخل مريدي بلدَ الرّوم، وتنصّر، وأكل لحم الخنزير، وشرِب الخمر كَانَ فِي شُغلي.
وسأله رَجُل: أيّ الطُّرُق أقرب إلى اللَّه حتَّى أسير فيه؟ فقال له: اترك السير وقد وصلتَ.
قلت: هذا مثل قول العفيف التّلمِسانيّ:
فلسوفَ تعلم أنّ سيرَك لم يكنْ ... إلّا إليك إذا بلغت المنزلا
وقال لأصحابه: بايِعُوني عَلَى أن نموتَ يهودَ، ونُحشر إلى النّار حتّى لا يصاحبني أحد لعِلّة.
وقال: ما يَحْسُن بالفقير أن ينهزم من شيء، ويَحْسُن بِهِ إذا خاف شيئًا قصده.
وقال: لو قدم عليَّ من قتل ولدي وهو بذلك طيّب وجدني أطيب منه. [ص:523]
وللحريريّ فِي " الجزء" المذكور:
أمرد يقدِّم مداسي أَخْيَرُ من رضوانكم ... ورُبْع قحبةٍ عندي أحسنُ من الولدان
قالوا: أنت تدعى صالح دع عنك هذي الخندقة ... قلت: السّماع يصلح لي بالشّمع والمردان
ما أعرف لآدم طاعةً إلّا سجود الملائكة ... وما أعرف آدم عصى الله تعظيم الرحمن
إن كنت أُقجي تقدّم وإن كنت رمّاحا انتبه، وإن كنت حشو المخدّة أُخرُجْ ورُدَّ الباب!.
أوّد اشتهي قبل موتي أعشق ولو صورة حجر، أنا مثّكلٌ محيرّ والعشق بي مشغول.
وقال النجم ابن إسرائيل: قَالَ لي الشَّيْخ مرّةً: ما معنى قوله تعالى: " كُلَّما أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأهَا اللَّهُ " فقلت: سيّدي يَقْولُ وأنا أسمع. قَالَ: ويحك من الموقد ومن المطفئ؟ لا تسمع لله كلامًا إلّا منك فيك، قلت: ومن أين لي؟ قال: بمحو آنيّتك، وقال: لو ذبحت بيدي سبعين نبيًّا ما اعتقدت أنيّ مخطئ. يعني لو ذبحتهم لفعلت ما أراده اللَّه منّي، إذ لا يقع شيء في الكون إلا بإرادته سبحانه وتعالى.
قلت: وطرد ذَلِكَ أنّ اللَّه أراد منا أن نلعن قتلة الأنبياء، ونبرأ منهم، ونعتقد أنّهم أصحاب النّار، وأن نلعن الزّنادقة، ونضرب أعناقهم، وإلّا فلأَيِّ شيءٍ خُلِقت جهنَّم؟ واشتدّ غضب اللَّه عَلَى من قتل نبياً، فكيف بمن يقتل سبعين نبيًّا؟ والله تعالى يحبّ الأبرار، ويبغض الفجّار، ويخلّدهم فِي النّار، مَعَ كونه أراد إيجاد الكفر والإيمان فهو يريد الشيّء، فإنّه لا يكون إلّا ما يريد. ولكنه لا يرضى لعباده الكُفْر ولا يحبّه، نعم يريده ولا يُسأل عمّا يفعل، ولا يُعتَرَض عَلَيْهِ، فإنّه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، لا يخلق شيئًا إلّا لحكمة، لكن عقولنا قصيرة عَن إدراك حكمته، فالخلْق ملكه، والأمر أمره ولا مُعَقِّب لُحكمه، يخلِّد الكفّار فِي النّار بعدله وحكمته، ويخلّد الأبرار فِي الجنّة بفضله ورحمته. فجميع ما يقع فِي الوجود فبِأمره وحكمته، وعدم علمنا بمعرفة حكمته لا يدلّ [ص:524]
عَلَى أَنَّهُ يخلق شيئًا بلا حكمة تعالى اللَّه عَن ذَلِكَ " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ ترْجَعُونَ ".
وقال أبو الحسن علي بن أنجب ابن السّاعي فِي " تاريخه ": الفقير الحريريّ الدّمشقيّ شيخ عجيب الحال، لَهُ زاوية بدمشق يقصده بِهَا الفقراء وغيرهم من أبناء الدّنيا، وكان يُعاشر الأحداث ويَصْحبهم ويقيمون عنده، وكان النّاس يُكثرون القول فِيهِ، وينسبونه إلى ما لا يجوز، حتّى كَانَ يقال عَنْهُ إنّه مُباحيّ، ولم تكن عنده مراقبة ولا مبالاة، بل يدخل مَعَ الصّبيان الأحداث، ويعتمد معهم ما يسمّونه تخريبًا، والفقهاء يُنكرون فِعْله، ويوجّهون الإنكار نحوه، حتى إنّ سلطان دمشق أخذه مِرارًا وحبسه، وهو لا يرجع عَن ذَلِكَ ويزعم أَنَّهُ صحيح فِي نفسه. وكان لَهُ قَبُول عظيم لا سيّما عند الأحداث، فإنّه كَانَ إذا وقع نظره عَلَى أحدٍ من الأحداث سواء كَانَ من أولاد الأمراء أو أولاد الأجناد أو غيرهم يحسن ظنّه فِيهِ، ويميل إِلَيْهِ، ولا يعود ينتفع بِهِ أهله، بل يلازمه ويقيم عنده اعتقادًا فِيهِ.
وكان أمره مشكلًا، والله يتولّى السّرائر. ولم يزل عَلَى ذَلِكَ إلى حين وفاته. وكان فِيهِ لُطف. وله شِعر، فمنه:
كم تتعبني بصحبة الأجساد ... كم تسهرني بلذّة الميعاد
جُد لي بمُدامة تقوّي رَمَقي ... والجنّة جُد بِهَا عَلَى الزّهّاد
وقال الإِمَام أَبُو شامة: الشَّيْخ عَلِيّ الحريريّ المقيم بقرية بُسْر، كَانَ يتردّد إلى دمشق، وتبِعه طائفة من الفقراء المعروفين بالحريريّة أصحاب الزِّيّ المنافي للشّريعة وباطنهم شر من ظاهرهم، إلا من رجع إلى الله منهم.
وكان عند هذا الحريريّ من القيام بواجب الشّريعة، ما لم يعرفه أحد من المتشّرعين ظاهرًا وباطنًا، ومن إقامة شرائع الحقيقة ما لم يكن عند أحد فِي عصره من المحافظة عَلَى محبّة اللَّه وذِكره والدّعاء إِلَيْهِ والمعرفة بِهِ. وأكثر النّاس يغلطون فِي أمره الظّاهر وفي أمره الباطن. ولقد أفتى فِيهِ مشايخ العلماء [ص:525]
- يعرّض بابن عَبْد السّلام لكونه أُخرِج من دمشق - وما بلغوا منتهى فُتْياهم، وبلغ هُوَ فيهم ما كانوا يريدون أن يبلغوه فيه، ولقد كَانَ - قدّس اللَّه روحه - مكاشفًا لِما فِي صدور خلق اللَّه ممّا يضمرونه، بحيث قد أطلعه اللَّه عَلَى سرائر خلْقه وأوليائه.
قلت: المكاشفة لما فِي ضمائر الصّدور قَدَر مشترك بين أولياء اللَّه وبين الكُهّان والمجانين. ولكنّ الشَّيْخ شهاب الدّين يتكلّم من وراء العافية، ويُحسِن الظّنَّ بالصّالحين والمجهولين، والله يثيبه عَلَى حُسْن قصده وصِدْق أدبه مَعَ أُولي الأحوال، ونحن فالله يُثيْبنا عَلَى مقاصدنا، والله هُوَ المطّلع عَلَى نيّاتنا ومُرادنا، وهو حسبنا ونِعْمَ الوكيل، قَالَ اللَّه تعالى: " وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحَونَ إِلى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ".
ولبعضهم:
دُفٌّ ومِزْمار ونَغِمةُ شادنٍ ... فمتى رَأَيْت عبادةً بملاهي
يا فرقة ما ضر دين محمد ... وسطا عَلَيْهِ وملّة إلّا هِيَ
ومن قول الحريريّ: الشعر باب السر.
قلت: بل باب الشر، فإنه ينبت النّفاق فِي القلب، وقال عَلَيْهِ السّلام: " لأن يمتلئ جوفُ أحدكم قَيْحًا خيرٌ لَهُ من أن يمتلئ شِعرًا. "
ونهى أصحابه عَن غلْق الباب وقت السّماع حتّى عَن اليهود والنّصارى وقال: دار الضَّرْب الّتي للسّلطان مفتوحة، وضارب الزَّغَل يُغلق بابه. وقال: لو اعتقدت أنيّ تركت شرب الخمر عدت إليه. وله مِن هذا الهَذَيان شيء كثير.
وذكر النّسّابة فِي " تعاليقه " قَالَ: وفي سنة ثمانٍ وعشرين وستمائة أمر الصالح بطلب الحريري واعتقاله فهرب إلى بُسْر، وسببه أنّ ابن الصّلاح، وابن [ص:526]
عَبْد السّلام، وابن الحاجب أفتوا بقتله لِما اشتهر عنه من الإباحة، وقذف الأنبياء والفسْق، وترك الصّلاة. وقال الملك الصّالح أخو السّلطان: أَنَا أعرف منه أكثر من ذَلِكَ. وسجن الوالي جماعة من أصحابه، وتبرّأ منه أصحابه وشتموه، ثُمَّ طُلِب وحبِس بعِزتا، فجعل ناس يترددون إليه فأنكرالفقهاء، وأرسلوا إلى الوزير ابن مرزوق: إنْ لم تعمل الواجب فِيهِ وإلّا قتلناه نَحْنُ. وكان ابن الصّلاح يدعو عَلَيْهِ فِي أثناء كلّ صلاةٍ بالجامع جَهْرًا، وكتب طائفةٌ من أصحابه غير محضرٍ بالبراءة منه.
قلت: ومن كلامه المليح: دورت طول عمري على من ينصفني فوجدت فرد واحد، فلمّا أنصفني ما أنصفتُه.
وقال: أقمتُ شهرًا لا أفتر من الذّكْر، فكنت ليلةً فِي بيتٍ مظلم فجفّ لساني، ولم يبق فِي حركةٌ سوى أنيّ أسمع ذِكر أعضائي بسمعي.
وقال: ما يحسن أن تكون العبادة هِيَ المعبود.
وقال: أعلى ما للفقير الاندحاض.
وكان الحريريّ يلبس الطّويل والقصير والمدوَّر والمفرَّج، والأبيض والأسود، والعمامة والمِئزَر والقَلَنْسُوَة وحدها، وثوب المرأة والمطرّز والملوّن، وسأله أصحابه لمّا حُبِس أن يسأل ويتشفَّع، فلم يفعل، فلمّا أقام أربع سنين زاد سؤالهم، فأمرهم أن يكتبوا قَصّةً فيها: " من الخلق الضعيف إلى الرأي الشّريف، ممّن هُوَ ذنب كلّه إلى من هُوَ عفْوٌ كلّه، سبب هذه المكاتبة الضّعف عَن المعاتبة، أصغر خَدَم الفقراء عليّ الحريريّ:
فقيرٌ ولكن من صلاح ومن تُقَى ... وشيخ ولكن للفُسُوق إمامُ "
فسَعوا بالقَصَّة وأرادوا أن تصل إلى السّلطان، فما قرأ أحد من الدولة القصة إلّا ورماها، فبلغه ذَلِكَ، فاحتدّ، وقال: لأجل هذا ما أذنت لكم بالسعي.
وأقام فِي عزتا ستَّ سنين وسبعة أشهر، يعني فِي الحبْس، وأصاب النّاسَ جدْبٌ، وكان هُوَ - فِي ذَلِكَ الوقت - يركب الخيل العربيّة ويلبس الملبوس الجميل، ولم يكن فِي بيته حصير، وربّما تغطّى هُوَ وأهلُه بجِلّ الفَرَس. وقال: نسجت ثوب حرير يلبس كما جرت العوائد والثوب كالثياب المعتادة بالتخاريس والأكمام والنيافق، والكل نسيج لم يدخل فِيهِ خَيْطٌ ولا إبْرة، فلمّا فرغ وزفوه [ص:527]
فِي البلد، وشهد الصُّنّاع بصحّته، تركته وبكيت، فَقَالَ لي إنسان: عَلَى أَيْشٍ تبكي؟ فقلت: على زمان ضيعته في فكري في عملي هذا كيف ما كَانَ فيما هُوَ أهم منه.
وقال لنا صاحبنا شمسُ الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْجَزَريّ فِي " تاريخه ": حكى لي زينُ الدّين أَبُو الحَرَم بْن مُحَمَّد بْن عنيزة الدّمشقيّ الحريريّ قَالَ: كَانَ أَبِي مجاور الشَّيْخ عَلِيّ الحريريّ بدُكّان عَلَى رأس درب الصّقيل، وكان قد وقف عَلَى الشَّيْخ عَلِيّ دراهمَ كثيرة، فحبسوه، ودخل الحبْس وما معه دِرهم، فبات بلا عَشاء، فلمّا كَانَ بُكْرةً صلّى بالمُحَبَّسِين، وقعد يذكّر بهم إلى ساعتين من النّهار، وبقي كلُّ من يجيئه شيء مِن أهله من المأكول يشيله، فلمّا قارب وقت الظُّهر أمرهم بمدّ ما جاءهم، فأكل جميع المحبَّسين وفضل منه، ثُمَّ صلّى بهم الظُّهر، وأمرهم أن يناموا ويستريحوا، ثُمَّ صلّى بهم العصر، وقعد يذكر بهم إلى المغرب، وكلّما جاءهم شيء رفعه، ثم مدوه بعد المغرب مَعَ فضلة الغداء، فأكلوا وفضل شيء كثير. فلمّا كَانَ فِي ثالث يوم أمرهم: مَن عَلَيْهِ أقلّ من مائة درهم أن يَجْبوا لَهُ من بينهم، فخرج منهم جماعة وشرعوا فِي خلاص الباقين- يعني الّذين خرجوا - وأقام ستّة أشهر، فخرج خلْقٌ كثير؛ ثم إنّهم جَبَوا لَهُ وأخرجوه، وعاد إلى دُكّانه. وصار أولئك المحبَّسون فيما بعد يأتونه العصر، ويطْلعون بِهِ إلى عند قبر الشَّيْخ رسلان فيذكر بهم. وربّما يطلعون إلى الجسر الغيدي، وكلّ يوم يتجدّد لَهُ أصحابٌ إلى أن آل أمرُه إلى ما آل.
وقال الْجَزَريّ أيضًا: حَدَّثَنِي عماد الدّين يحيى بْن أَحْمَد الحسني البصروي، ومؤيد الدين علي ابن خطيب عقرباء أن جمال الدين خطيب عقرباء جدّ المؤيّد، والفَلَك المسيريّ الوزير، وابن سلام، طلعوا إلى قرية للفلك بنوى فعزموا عَلَى زيارة الحريريّ ببسر، فَقَالَ أحدهم: إنْ كَانَ رجلًا صالحًا فعند وصولنا يُطْعمنا بسيسة، وقال الآخر: ويطعمنا بطيخا أخضر، وقال الآخر: ويحضر لنا فقاعاً بثلج. فأتَوْه فتلقّاهم أحسن مُلْتقى، وأَحضر البسيسة، وأشار إلى من اشتهاها أنْ كُلْ، وأحضَر البِطّيخ وأشار إلى الآخر أنْ كُل. ثُمَّ نظر إلى الَّذِي اشتهى الفُقّاع وقال: كَانَ عندي باب البريد. ثُمَّ دخل فقير وعلى رأسه دَسْت فُقّاع وثلج فَقَالَ: اشربْ بسم اللَّه.
وذكر المولى بهاءُ الدّين يوسف بْن أحمد ابن العجميّ- فيما حَدَّثَنِي بِهِ [ص:528]
رَجُل معتبر عَنْهُ - أنّ الصّاحب مجد الدّين ابن العديم حدّثه عَن أَبِيهِ الصّاحب كمال الدّين قال: كنت أكره الحريري وطريقه، فاتفق أنني حججتُ، فحجّ فِي الرّكْب ومعه جماعة ومُرْدان، فأحرموا وبقي تبدو منهم فِي الإحرام أمورٌ مُنْكَرَة. فحضرتُ يومًا عند أمير الحاجّ فجاء الحريريّ، فاتّفق حضور إنسان بَعْلَبَكّيّ وأحضر ملاعق بَعْلَبَكّيّة، ففرّق علينا لكلّ واحدٍ مِلْعَقَتَين، وأعطى للشَّيْخ الحريريّ واحدةً، فأعطاه الجماعة ملاعقهم تكرمةً لَهُ، وأمّا أَنَا فلم أُعْطِهِ مِلْعقتي، فَقَالَ: يا كمال الدّين، ما لَكَ لا توافق الجماعة؟ فقلت: ما أعطيك شيئاً. فقال: الساعة نكسرك أو نحو هذا. قَالَ: والمِلْعقتان عَلَى رُكبتي، فنظرت إليهما فإذا بهما قد انكسرتا شقفتين، فقلت: ومع هذا فما أرجع عَن أمري فيك، وهذا من الشّيطان. أو قَالَ: هذا حال شيطانيّ.
وقال ابن إسرائيل فيما جمعه من أخبار الحريريّ: صحِبْتُه حَضَرًا وسَفَرًا، وبلغ سبعاً وتسعين سنة - كذا قَالَ ابن إسرائيل - قَالَ: وَتُوُفّي في الساعة التاسعة من يوم الجمعة السّادس والعشرين من رمضان سنة خمسٍ وأربعين من غير مرض. وكان أخبر بذلك قبل وقوعه بمدّة. ثُمَّ قَالَ ابن إسرائيل: وشهر إخبارا متواترا في اليوم الذي عبر فِيهِ فِي ليلته بحيث إنّه أوصى كما يوصي من هُوَ بآخر رمق، وهو حينئذٍ أصحّ ما كَانَ، وقُبِضَ جالسًا مستقبل القِبْلة ضاحكًا. وحضرتُ وفاتَه وغسَّلتُه وأَلْحدْتُهُ. ورثيته بهذه القصيدة:
خطبٌ كما شاء الإلهُ جليلُ ... ذهلتْ لديه بصائرُ وعُقُولُ
قلت: وهي نيفٌ وسبعون بيتاً.
وسن أصحابه المحيا كلّ عام فِي ليلة سبعة وعشرين، وهي من ليالي القدر، فيُحْيُون تِلْكَ الليلة الشريفة بالدُّفوف والشّبّابات والمِلاح والرَّقْص إلى السَّحَر، اللَّهُمّ لا تمكُرْ بنا وتَوَفنَّا عَلَى سُنَّةِ نبيَّك!(14/520)
383 - عُمَر بْن رسول الملك نور الدّين [المتوفى: 645 هـ]
صاحب اليمن.
قال سعد الدين في " الجريدة ": فِي سنة خمسٍ وأربعين وفي ذي القعدة وصلنا الخبر بأنه مات. [ص:529]
[وقال المؤلف في وفيات سنة 648]
: عمر بن رسول (بن هارون بن أبي الفتح) السلطان نور الدين التركماني صاحب اليمن.
تملك البلاد اليمانية بضع عشرة سنة، وقتله مماليكه في هذا العام. ولي السّلطنة بعده ولدُه الملك المظفّر يوسف بْن عُمَر، واستقرّ مُلْكُه بعد محاربةٍ بينه وبين ابن عمّه. وبقي يوسف فِي السّلطنة نيّفًا وأربعين سنة.(14/528)
384 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه الأستاذ أَبُو عَلِيّ الأَزْديّ، الإشبيلي، النحوي، المعروف بالشلوبين. وبالشلوبيني، والشَّلُوبِين بلُغة أهل الأندلس هُوَ الأبيض الأشقر. [المتوفى: 645 هـ]
كَانَ إمام العصر فِي معرفة العربيّة. وُلِدَ سنة اثنتين وستين وخمسمائة بإشبيلية.
قَالَ الأَبّار: سَمِعَ من: أَبِي بَكْر ابن الْجَدِّ، وأَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقُون، وأَبِي مُحَمَّد بْن بُونة، وَأَبِي زيد السُّهَيْليّ، وَعَبْد المنعم بْن الفَرَس. وأجاز لَهُ: أَبُو القاسم بْن حُبَيْش، وَأَبُو بَكْر بْن خَيْر، وَأَبُو طاهر السِّلَفيّ كتب إِلَيْهِ من الثَّغَر.
قلت: وكان مختَصًا بابن الجدّ ورُبيّ فِي حَجْره؛ لأنّ والده كَانَ يخدم ابن الجدّ. وسمع الكثير. وأقبل عَلَى النَّحْو ولزِم أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن خَلَف بْن صافٍ النَّحْويّ حتّى أحكم الفن. [ص:530]
وأما الأبار فقال: أخذ العربية عَن أَبِي إِسْحَاق بْن مُلكون، وَأَبِي الْحَسَن نَجَبَة. وجمع " مشيخته " ونص على اتساع مسموعاته. وسمعت من ينكر عليه ذلك ويدفعه عنه. وكان في وقته علما في العربية وصناعتها، لا يُجارى ولا يُبارى قيامًا عليها واستبحارًا فيها. وقعد لإقرائها بعد الثمانين وخمسمائة، وأقام عَلَى ذَلِكَ نحوًا من ستّين سنة، ثُمَّ ترك فِي حدود الأربعين وستّمائة لكِبَر سِنّه، وزُهْد النّاس فِي العِلْم، وإطباق الفتنة، وتغلُّب الرّوم حينئذٍ عَلَى قُرْطُبَة وبَلَنْسِيَة ومُرْسِيَة، وتصديهم لسائر الأندلس. وله تواليف مفيدة وتنابيه بديعة مَعَ حُسْن الخطّ. وقد أخذ عَنْهُ عالَم لا يُحصَوْن. سَمِعْتُ عَلَيْهِ وأجاز لي " ديوان أبي الطيب المتنبي". وتوفي في نصف صفر.
وقال ابن خَلِّكان: قد رَأَيْت جماعةً من أصحاب أبي علي الشلوبيني، وكلٌّ منهم يَقْولُ: ما يتقاصر الشَّيْخ أَبُو عَلِيّ عَن الشَّيْخ أَبِي عَلِيّ الفارسيّ. وقالوا: كَانَ فِيهِ مَعَ هذه الفضيلة غَفْلَة وصورةُ بَلَهٍ. حتّى قَالُوا: كَانَ يومًا إلى جانب نهرٍ وبيده كراريس يطالع، فوقع كرّاسٌ فِي الماء، فغرّقه بكرّاسٍ آخر فتلِفا. شرح " المقدّمة الجزولية " شرحين. وبالجملة فإنه على ما يقال: كان خاتمة أئمّة النَّحْو.
قلت: عاش ثلاثًا وثمانين سنة.(14/529)
385 - عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الفتّاح أَبُو حفص المالِيني الصّوفيّ. [المتوفى: 645 هـ]
حدَّث ببغداد عَن: أَبِي رَوْح عَبْد المعزّ الهَرَويّ. ومات في شوال ببغداد.(14/530)
386 - غازي السّلطان الملك المظفَّر شهابُ الدّين ابن الملك العادل أَبِي بَكْر بْن أيّوب بْن شاذي. [المتوفى: 645 هـ]
صاحب مَيّافارِقِين، وخِلاط، وحصن منصور. [ص:531]
كَانَ سَمْحًا جوادًا، وبطلًا شُجاعًا، شَهْمًا، مَهِيبًا.
قَالَ أَبُو المظفَّر الْجَوْزيّ: حضر مجلسي بالرُّها سنة اثنتي عشرة وستّمائة وأنا قاصد خِلاط، فأحسن إليَّ؛ وكان لطيفًا يُنْشد الأشعار ويحكي الحكايات. وحجّ عَلَى درْب العراق. وتسلطن بعده ابنُه الشّهيد الملك الكامل ناصرُ الدّين مُحَمَّد. أنشَدَنا سعد الدّين مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر الجويني لنفسه في كتابه:
ألا رَوَّى الإلهُ تُرابَ قبرٍ ... حللتَ بِهِ شهاب الدّين غازي
وأسكنك المليك جِنان عدنٍ ... وكان لك المُكافي والمجازي
فضلت النّاس مكرُمة وجُودًا ... فما لك فِي البريّة من موازي
وكنت الفارس البطْل المُفَدَّى ... مُبيد القرن فِي يوم البراز
قَالَ الشّريف عزُّ الدّين الحسينيّ: تُوُفّي فِي رجب.
وقال غيره: تُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين، فوهم.(14/530)
387 - فضل بْن الْحَسَن الهكّاريّ، الكُرديّ، الزاهد، [المتوفى: 645 هـ]
من أهل سفح قاسيون.
كَانَ عَلَى قدم من العبادة والقناعة والطّاعة.
قَالَ الشَّيْخ إسرائيل بْن إِبْرَاهِيم: حَدَّثَنِي الشَّيْخ الفقيه اليُونينيّ قَالَ: بينما الشيخ عبد الله قاعد إذ نظر إلى الشَّيْخ توبة وقال: يا توبة، أمرني مولاي أن آخذ العهد عَلَى شخص. ثُمَّ قام وتبِعَه الشَّيْخ توبة، فبات بالرَّبْوَة، وأصبح إلى الغسُولة، وأخذ العهد عَلَى الشَّيْخ فضل.
وقال الشمس محمد ابن الكمال: كَانَ الشَّيْخ فضل يصليّ فِي جامع الجبل إلى جانب المِنْبر، فانقطع، فسأله التّقيّ ابن العزّ عَن انقطاعه، وكان قد انتقل إلى عند قبّة الحجّة الّتي عند الميْطُور، فَقَالَ فضل: سَمِعْتُ فِي الحديث أنّ الجار يسأل عَن جاره فخشيت أن يسألكم اللَّه عنّي فتحوّلت. وكان لا يقبل من أحد شيئًا، فإذا ألحَّ عَلَيْهِ وأعلمه أَنَّهُ حلال أخذه. فإذا أتاه مرّةً ثانية لم يقبلْه ويقول له: أجعلك صنما أكون أنتظرك، أو ما هذا معناه. [ص:532]
وقال الخطيب عبد الله ابن العزّ عُمَر: حَدَّثَنِي الشَّيْخ أَبُو الزّهر بْن سالم قال: ذكر الشيخ فضل عند الملك الأشرف أنه ترك الْجُنْديّة وتزهَّد، وكان حاضرًا الصّلاح موسى بْن راجح، فأثنى عَلَيْهِ، فَقَالَ السّلطان: حتّى نطلع نزوره. فبلغه فسمعتُه يدعو باللّيل: اللَّهُمَّ أشغَلْ عبدَك موسى عنّي بما شئت. قَالَ: فما رجع ذَكَرَه. وكان لَهُ بنات ربّما جاعوا. توفي في حدود ذا العام.(14/531)
388 - كُتاب بِنْتُ مُرْتَضى بْن أَبِي الجودِ حاتِم بْن المُسَلَّم، أمُّ إِبْرَاهِيم الحارثيّة المصريّة. [المتوفى: 645 هـ]
سمّعها أبوها من إِسْمَاعِيل بْن قاسم الزّيّات، ومُنْجِب بْن عَبْد اللَّه المرشدي، وعبد الرحمن بن محمد السبيي.
وأجاز لها السلفي.
روى عنها: الحافظان المنذري، والدمياطي، وجماعة، وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره.
وتوفيت في رجب.(14/532)
389 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خليل السَّكُونيّ أَبُو عُمَر. [المتوفى: 645 هـ](14/532)
390 - مُحَمَّد بْن ثامِر أَبُو عَبْد اللَّه السيبي، البغداديّ، الزّاهد. [المتوفى: 645 هـ]
كَانَ صالحًا عابدًا متبتّلًا، صوّامًا، قوّامًا، سليم الصّدر، خشن العَيْش، قانعًا.
وله من الدولة قبول زائد لا سيّما من أستاذ الدّار الدّولة الناصرية الإمامية رشيق الشرابي وغيره.(14/532)
391 - محمد بن جعفر بن نما كبيرُ الإماميّة، نجيبُ الدّين الحِلّيّ الرّافضيّ. [المتوفى: 645 هـ](14/532)
392 - مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن عليّ أَبُو عَبْد اللَّه الأنصاري الغرناطي، الطراز، المحدث [المتوفى: 645 هـ]
سبط الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه النُّمَيْريّ.
سَمِعَ: أَبَا القاسم بن سمجون، وعليّ بْن جَابِر، وطائفة. وأجاز لَهُ: أَبُو اليمن الكندي. [ص:533]
كَانَ لَهُ عناية تامّة بالرّواية، معروفًا بالإتقان، موصوفًا بالبلاغة والبيان. تُوُفّي فِي شوّال عَن سبْعٍ وخمسين سنة.
وقد طوَّلَه ابن الزُّبَيْر.(14/532)
393 - محمد عَبْد الأوّل بْن عَلِيّ بْن هبة اللَّه. أَبُو الوقت الرّكَبْدار المستنصريّ، الواسطيّ المقرئ، الملقَّب شجاع الدّين. [المتوفى: 645 هـ]
شيخ صالح، خيّر، أديب، شاعر، ماهر فِي فنّه. كَانَ رِكَبْدار المستنصر بالله، وله حرمة وافرة.
ولد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: أَبِي السّعادات القزّاز، وَعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، وَأَبِي الخير أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل الطّالْقانيّ، ومسعود بْن النّادر.
حدَّث عَنْهُ: القاضي أبو المجد ابن العديم، والإمام أبو بكر بن أحمد الشريشي، والشهاب أحمد ابن الخرزي، والمجد مُحَمَّد بْن خَالِد بْن حمدون الحَمَويّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بْن أَحْمَد القزّاز. وروى عَنْهُ بالإجازة: آخرون.
وَتُوُفّي فِي الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل. وكان يصحب الفُقَراء.
أجاز: للبجديّ، وبنت الواسطيّ، وبنت مؤمن.
وكان الخليفة ربّما باسَطَهُ.(14/533)
394 - مُحَمَّد بْن عَوَض بْن سلامة أَبُو بَكْر البغداديّ، الصُّوفيّ، الغرّاد. [المتوفى: 645 هـ]
سَمِعَ من: عبيد اللَّه بْن شاتيل. وعاش ستًّا وثمانين سنة، وَتُوُفّي فِي المحرَّم.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة: أبو المعالي ابن البالِسيّ.(14/533)
395 - مُحَمَّد بْن مفضّل بْن الْحَسَن أَبُو بَكْر اللَّخْميّ الأندلسيّ، [المتوفى: 645 هـ]
خطيب المَرِيّة.
كَانَ فاضلًا شاعراً، أديباً، متصوفاً. سمع من: أبي الحسين بن زرقون.(14/533)
396 - المبارك ابن الوزير أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن هبة الله ابن المظفر ابن رئيس الرؤساء، رئيس الرؤساء أبو الفتح [المتوفى: 645 هـ]
ابن وزير المستنصر بالله.
كَانَ بارعًا فِي الفلسفة والهندسة والأدب والشِّعْر والطِّبّ. وأقرأ علم الأوائل فِي داره. وولي صدريّة المخزن فِي سنة خمسٍ وستّمائة أشْهُرًا، وعُزِل.
وكان محتشمًا وافر الحُرمة. عمل رباطًا للفقراء إلى جانب داره ووقف عَلَيْهِ.
وَتُوُفّي فِي ذي القعِدة وله نيِّفٌ وثمانون سنة.
ولم أر لَهُ رواية. بلى، سَمِعَ من: يحيى بن ثابت، وتجني.
ولد في رجب سنة ستين وخمسمائة. وأجاز لأبي نصر ابن الشيرازي، ولمحمد البجدي. ورثاه تلميذه الموفّق بْن أَبِي الحديد.(14/534)
397 - محمود بن علي بن الخضر أبو الثناء ابن الشّمّاع الدّمشقيّ العامريّ. [المتوفى: 645 هـ]
وُلِدَ سنة إحدى وثمانين. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، روى عَنْهُ: الشَّيْخ زين الدّين الفارِقيّ، وأبو علي ابن الخلال، وأبو الفضل ابن البِرْزاليّ، وغيرهم.
تُوُفّي فِي شعبان.(14/534)
398 - مصطفى بْن محمود بْن موسى بْن محمود. أَبُو عَلِيّ الأنصاري المصري، نزيل مكة. كان يلقب صفي الدّين. [المتوفى: 645 هـ]
سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وأبا المفاخر المأمونيّ. روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ، وجماعة. [ص:535]
وكان فقيهاً فاضلاً. ولد بعد الستين وخمسمائة. وَتُوُفّي بمكّة فِي رابع عشر جمادى الأولى.
وقد جاور مدة سنين، وسمع منه المكّيّون.(14/534)
399 - مظفَّر بْن عَبْد اللَّه بن يحيى، الشَّرَف أَبُو المنصور القَيْسيّ، المحلّيّ، الأديب المعروف بابن قديم. [المتوفى: 645 هـ]
كَانَ من كبار الأُدباء المصريّين.
تُوُفّي فِي ذي القعدة، وعاش ستًّا وخمسين سنة.(14/535)
400 - مُكَرَّم بْن أَبِي الحَسَن رضوان بْن أَحْمَد بْن أَبِي القاسم. الرّئيس جلالُ الدّين أبو العز الأنصاريّ، الرُّوَيْفعيّ؛ [المتوفى: 645 هـ]
من وُلِدَ رُوَيْفع بْن ثابت صَاحَبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد ساق نَسَبَه الشّريفَ عزُّ الدّين، وقال: وُلِدَ بالقاهرة فِي صفر سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أَبِي الْجُود اللَّخْميّ، وعليّ بْن نصر ابن العطّار، وَعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُجلي، وأبي الحسن ابن المفضَّل الحافظ، وطائفة. وأجاز لَهُ: خلق كثير. وخرَّج لَهُ المحدّث أَبُو بَكْر بْن مسد " مشيخةً" بالسماع وبالإجازة. وكان أحد المشايخ المشهورين بالأدب والفضل والتّقدُّم وكثرة المحفوظات. وتقدَّم عند الدّولة.
قلت: وكان ذا حَظْوةٍ وحِشْمة. وهو والد الرّئيس المُسْند جمال الدّين مُحَمَّد.
وممّن أجاز لَهُ: البُوصِيريّ، والخُشُوعيّ، وَأَبُو جَعْفَر الصَّيْدلانيّ.
روى عَنْهُ: ابنه، وشيخنا الدمياطي، وقال فيه: هو جلال الدين ابن المغربي الإفريقي. توفي في سابع عشر شعبان.(14/535)
401 - موسى بْن إِسْمَاعِيل بْن فتيان التّميميُّ، السّعْديّ، الحمصيّ، التّاجر، الأديب. ويُعرف بابن العصوب وبابن الدقيق. [المتوفى: 645 هـ][ص:536]
قتِل غِيلةً بقُوص، وهو كهْل. وكان لَهُ معرفة بالنحو والشعر.(14/535)
402 - نصر بْن تُرْكيّ بْن خَزْعَل بْن تُركيّ. أَبُو غالب الحَنْظَليّ البصريّ، المسكيّ التّاجر. [المتوفى: 645 هـ]
سَمِعَ من: ابن كُلَيْب، وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي المجد. ومات في أول رجب.(14/536)
403 - هاجر، والدة الخليفة المستعصم بالله [المتوفى: 645 هـ]
حجّت وأنفقت أموالًا عظيمة فِي الحجّ. وَتُوُفّيت فِي هذه السنة، وشيعها الوزير فمن دونه مشاةً.(14/536)
404 - هبة اللَّه بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن عَلِيّ البغداديّ، أَبُو المعالي ابن الدَّواميّ، الملقَّب عزُّ الكُفَاة، [المتوفى: 645 هـ]
ابن الصّاحب أَبِي عَلِيّ.
وُلِدَ فِي شوّال سنة إحدى وستّين وخمسمائة. وسمع: تَجَنِّي الوهْبانيّة، وأبا الفتح بْن شاتيل.
ولي حاجب الحُجّاب مدّةً، وكان أَبُوهُ وكيل الإِمَام الناصر، ثُمَّ وُليّ أَبُو المعالي حمل كِسْوة الكعبة، ووُليّ صدر ديوان الزِّمام، وانحدر إلى أعمال واسط، فلم يؤذِ أحدًا، وحُمِدت سيرتُه، فعُزل لِلِين جانبه وخيره، كما عُزِل الَّذِي قبله لخيانته. وكتب الإِمَام: " يلحق الثّقة العاجز بالخائن الجلْد". فلزِم الرّجُل منزلَه فِي حال تعفُّفٍ، وانقطاعٍ وعبادةٍ، وكَثْرة تِلاوةٍ، وصومٍ، وصَدَقة.
روى لنا عَنْهُ: علاء الدّين بَيْبَرْس العديميّ. وروى عَنْهُ بالإجازة: القاضي شهابُ الدّين الخُويّيّ، والفخر إِسْمَاعِيل المشرف، وغيرهما. وقد سَمِعَ منه: ابن الحاجب، وابن النّجّار، والطَّلَبة.
وَتُوُفّي فِي السّادس والعشرين من جمادى الأولى سنة خمسٍ وأربعين وستّمائة، وشيّعه خلْق.
ورثاه أَبُو العزّ عبد الله بن جميل بقصيدة منها: [ص:537]
أندى مصلاّك البكاء وشاقه ... من وِرْدكَ التّكبيرُ والتَّهليلُ
وتَعَطَّل المحرابُ من متجهد ... لخشوعه منه الدّموع تسيل
لم يتل في اللّيل الكتاب مرتّلاً ... إلاّ وكان رسيله جبريل
أخبرنا بـ " جزء الحفار " بيبرس قال: أنبانا ابن الدوامي سنة اثنتين وأربعين، قال: أنبأتنا تَجَنِّي بسَنَدها.
وسمع من: تَجنِّي الرّابع من " المَحَامِليّات " بقراءة ابن الحصْريّ فِي سنة خمسٍ وسبعين من المحرم.
وقد أجاز لأحمد ابن الشحنة، والمطعم، وابن سعد، والبجدي، وهدية بِنْت مؤمن، وجماعة.(14/536)
405 - يعقوب بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عيسى بْن درباس الأمير الكبير، شَرَفُ الدّين أَبُو يوسف الهَذَبَانيّ، الكُرديّ، الإربليّ، ثُمَّ المَوْصِليّ، [المتوفى: 645 هـ]
من أمراء الدّيار المصريّة.
وُلِدَ في صدر سنة ثلاث وستين وخمسمائة بالعِماديّة. وسمع بالمَوْصِل من يحيى الثّقفيّ، ومنصور بْن أَبِي الْحَسَن الطَّبَريّ، وَعَبْد الوهّاب بْن أَبِي حبّة، وإسماعيل بْن عُبَيْد. وقيل: إنّه سمع من أبي الفضل خطيب الموصل.
ذكره التقي عبيد فقال: قرأ على أبي السعادات ابن الأثير أكثر مصنّفاته، وحدَّث بِهَا.
قلت: وقدِم دمشقَ وهو ابن عشرين سنة، فسمع من: القاسم ابن عساكر، وبمصر من الأثير محمد بْن بنان. وحدّث بدمشق والقاهرة. ووُليّ شدّ الدّواوين بدمشق.
وكان بيته مأوى الفُضَلاء، وعنده أدب وفضيلة، وفِقْه، وفرائض.
روى عَن: منصور الطّبريّ " مُسْنَد أَبِي يَعْلَى". روى عَنْهُ: الحافظ أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، والعماد عَبْد اللَّه بْن حسان خطيب المصلى، وناصر الدين أحمد ابن [ص:538]
الماكسانيّ. وروى عَنْهُ: بمصر " مُسْنَد أَبِي يَعْلى " شيخٌ ما أظنّه تُوُفّي بعد الآن.
تُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الأوّل بمصر.
وقد سَمِعَ منه الصّدر القُونُويّ " جامع الأصول " ورواه. قرأه عليه القطب الشيرازي.(14/537)
406 - يوسف ابن القاضي زين الدّين عَلِيّ بْن يوسُف بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدار. أَبُو الحَجّاج الدّمشقيّ الأصل، المصريّ المعدّل شَرَف الدّين. [المتوفى: 645 هـ]
عاش أربعًا وستّين سنة. وحدَّث عَن: البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين.
وهو أخو المعين أَحْمَد.
تُوُفّي فِي جمادى الآخرة.
وهو من شيوخ الدمياطي.(14/538)
407 - أبو بكر، السلطان الملك العادل سيف الدّين ابن السّلطان الملك الكامل محمد ابن العادل. [المتوفى: 645 هـ]
تملَّك الدّيار المصريّة سنة خمسٍ وثلاثين بعد موت والده، وهو شابٌّ طرِيّ لَهُ عشرون سنة.
قَالَ الإِمَام أَبُو شامة: تُوُفّي الكامل وتولّى بعده دمشقَ ومصرَ ابنُه العادلُ أَبُو بَكْر. وكان نائبه عَلَى دمشق الملك الجواد يونس بْن ممدود، فهمَّ بمَسْك الجواد، فكاتب الجواد الملك الصّالح وأقدمه إلى دمشق وسلّمها إِلَيْهِ وعوّضه عَنْهَا، وجرت أمورٌ مذكورة فِي الحوادث وفي ترجمة الصّالح. وعمل أمراء الدّولة عَلَى العادل وعزلوه، وملّكوا الصّالح. وكانت سلطنة العادل بضعةً وعشرين شهرًا. وحبسه أخوه فبقي فِي الحبْس عشر سِنين، ثُمَّ قتله، فما عاش بعده إلّا سنةً وعشرة أشهر. [ص:539]
فأنبأني سعدُ الدّين مَسْعُود ابن شيخ الشّيوخ قَالَ: فِي خامس شوّال من سنة خمسٍ وأربعين جهّز الملك الصّالح أخاه العادل مَعَ نسائه إلى الشَّوْبَك، فبعث إِلَيْهِ الخادم محسن إلى الحبْس وقال: يَقْولُ لك السّلطان لا بُدّ من رواحك إلى الشَّوْبَك. فَقَالَ: إنْ أردتُم قتلي فِي الشَّوْبَك فهنا أَوْلَى، ولا أرُوح أبدًا. فلامه وعذله، فرماه العادل بدَوَاةٍ، فخرج وعرَّف السّلطان فَقَالَ: دبِّر أمرَه. فأخذ ثلاثة مماليك، ودخلوا عَلَيْهِ ليلة ثاني عشر شوّال فخنقوه بوَتَر، وقيل: بشاش وعُلِّق بِهِ، وأظهروا أَنَّهُ شنق نفسه. وأخرجوا جنازته مثل الغُرباء.
قلت: عاش إحدى وثلاثين سنة.
قَالَ القاضي جمال الدين ابن واصل: كَانَ العادل يعاني اللَّهْو واللَّعِب، ويقدّم من لا يصلُح ممّن هُوَ عَلَى طريقته، ويُعرض عَن أكابر الدّولة ويُهملهم، فنفروا منه لهذا، ومالوا إلى الصالح أخيه وكاتبوه وطلبوه لأهليته. واتفقت الأشرفية ورأسهم أيبك بن الأسمر، وجوهر الكامليّ كبير الخدّام، وركِبوا وأحاطوا بالدِّهليز، فرموه، وجعلوا العادل فِي خيمةٍ صغيرةٍ، ووكّلوا بِهِ، فلم يتحرَّك معه أحدٌ، ولزِم كلُّ أميرٍ وِطاقَه، فسار الصّالح مَعَ ابن عمّه النّاصر دَاوُد يطويان المَرَاحل. وبقي كلَّ يومٍ يتلقاه طائفة من الأمراء، إلى أن وصل إلى بِلْبِيس، فتسلَّم المُلْك ليلةَ الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبْعٍ وثلاثين، وزُيِّنت القاهرة، وفرح النّاس بالصالح لنجابته وشهامته. ونزل النّاصر بدار الوزارة.(14/538)
408 - أَبُو الْحَسَن بْن الأعزّ بْن أَبِي الْحَسَن البغداديّ الرّفّاء. [المتوفى: 645 هـ]
سَمِعَ من: المبارك بْن عَلِيّ بْن خُضَيْر وحدَّث.
وطال عُمُرُه، وَتُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ رجب.
وهو آخر من حدَّث عَن هذا. سمعه مؤدبه.
روى عنه إجازةً: البهاء ابن عساكر.
وسمي بركة، ويسمى عليًّا.
وفي رجب قَالَ سعد الدّين فِي " جريدته ":
توفي(14/539)
409 - الأمير ظهير الدين ابن سنقر الحلبي. [المتوفى: 645 هـ][ص:540]
و(14/539)
410 - الأمير علاء الدين قراسنقر العادلي، [المتوفى: 645 هـ]
فاحتاط السّلطان عَلَى موجوده، ولم يُعْقِب.
وفي شعبان مات:(14/540)
411 - الأمير صلاح الدّين ابن الملك المسعود أقْسِيس، [المتوفى: 645 هـ]
وكانت لَهُ جنازة حَفِلَة.(14/540)
-وفيها وُلِدَ:
العلّامة شمسُ الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح فِي أوائلها، ببَعْلَبَكّ، والمفتي مجدُ الدّين إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد تقريبًا بحرّان، والقاضي شَرَفُ الدّين هبة الله ابن القاضي نجم الدين ابن البارِزيّ بحماة، والإمام بدرُ الدّين مُحَمَّد بْن عَبْد المجيد بْن زيد النَّحْويّ، ببَعْلَبَكّ، والصّاحب محيي الدين يحيى بْن فضل اللَّه العَدَويّ، بالكَرَك، والفقيه أمينُ الدّين مُحَمَّدُ بْن عَبْد الوليّ بْن خَوْلان، ببعلبك، والتقي محمد بن بركات ابن القريشية، وعلاء الدين علي بن محمد بن النصير الشروطي، والشهاب أحمد ابن الحلبيّة الملقِّن بالجبل، وفتح الدّين أَحْمَد بْن عبد الواحد ابن الزملكاني، وعبد الله بن عبد الوهاب ابن المُحْيي حمزة البهْرانيّ، بحماة، وناصر الدّين مُحَمَّد بن إبراهيم ابن البَعْلَبَكيّ الشّاهد، والبدر عَبْد اللّطيف بْن أَبِي القاسم ابن تَيْميّة، بحرّان، أحد التّجّار، والأديب البارع شمسُ الدّين مُحَمَّد بْن حسن بْن سِباع الدّمشقيّ الصّائغ الشّاعر العَرُوضيّ، وبدرُ الدّين مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سلطان بْن يحيى الْقُرَشِيّ، فِي المحرَّم، والشّريفُ يونسُ بْن أَحْمَد بْن أَبِي الجنّ، فِي ذي الحجّة، وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن علي بْن عنْتَر السلمي الدمشقي، والعماد إبراهيم ابن الكيّال، وَأَبُو بَكْر بْن عَبْد الباري الإسكندرانيّ التاجر، في صفر حدثنا عَن السِّبْط، وَمُحَمَّدُ بْن إِبْرَاهِيم بْن مرّيّ الطحان، ومحمد ابن الشّجاع عَبْد الخالق بْن مُحَمَّد بْن سَرِيّ المزي، والشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم الأرموي، والبدر سعد ابن الجمال أَبِي عَبْد اللَّه بْن يوسف النّابلسيّ، ويوسف بن عمر الختني، له حضور على الساوي، والشرف محمد ابن العزّ بْن صالح بْن وُهَيْب الحنَفيّ، ومظفّرُ الدين موسى ابن الأمير عز الدين عثمان بن تميرك.(14/540)
-سنة ست وأربعين وستمائة(14/541)
412 - أحمد بن إسماعيل بن فلوس المحدِّث نجمُ الدّين الحنفيّ [المتوفى: 646 هـ]
ابن مدرِّس العزّيَّة الّتي عَلَى الميدان.
سَمِعَ الكثير ونسخ الأجزاء.
قال التاج ابن عساكر: وُجِد فِي خندق باب النّصر ميّتًا، ودُفِن عَلَى أَبِيهِ.(14/541)
413 - أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن خضر ابن رِيش عزّ الدّين أَبُو العبّاس الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، المعدّل. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ سنة إحدى وسبعين. وسمع من جدّه لأمّه الخضِر بْن طاوس " نسخة أَبِي مسهر".
كتب عنه: عمر ابن الحاجب والقُدماء. وروى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ، وأبو علي ابن الخلال، والفخر ابن عساكر، وَأَبُو الفضل الذّهبيّ، وجماعة.
وَتُوُفّي بالمِزّة فِي رابع جمادى الآخرة.(14/541)
414 - أَحْمَد بْن سلامة بْن أَحْمَد بْن سَلْمان الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس ابن النّجّار الحرّانيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 646 هـ]
شيخ صالح زاهد، عابد، صاحب صلاة وصوم، من الراسخين في السنة، له طلب وتحصيل.
رحل وسمع من: ابن كليب، وأبي طاهر ابن المعطوش، وحمّاد بْن هبة اللَّه الحرّانيّ، وَعَبْد الرحمن بن علي الخرقي، وجماعة.
وحدَّث بدمشق وحرّان. روى عَنْهُ: الحافظ الضّياء، والكبار. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: مُحَمَّد بْن قَيْماز الدّقيْقيّ، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وعيسى المغازي، وغيرهم.
وفي خطّه سَقَمٌ كثير.
تُوُفّي فِي رجب أو شعبان.(14/541)
415 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُميّة الحافظ أَبُو العبّاس العَبْدَريّ، المَيُورقيّ، المحدّث، الرَّحّال. [المتوفى: 646 هـ]
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ من شِعره. ومات فِي ذي الحجّة كهْلًا بالقاهرة. ومولده بمَيُورقَة.(14/542)
416 - إِبْرَاهِيم بْن سهل اليهوديّ، شاعر أهل الأندلس. بل شاعر زمانه. [المتوفى: 646 هـ]
غرق فِي البحر فِي هذا العام عَلَى ما حكاه لي أَبُو القاسم بْن عمران السَّبْتيّ، وسيأتي فِي الطّبقة الآتية.(14/542)
417 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد أَبُو إِسْحَاق الأصبحيّ الإشبيليّ. [المتوفى: 646 هـ]
نزيل حصن القصر.
أخذ القراءات السَّبْع عَن أَبِي عَبْد اللَّه بْن مالك المرتليّ فِي سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة. وعاش إلى هذا الوقت.
وكان أديبًا فاضلًا، شاعرًا.
وكان شيخه أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مالك من أصحاب أَبِي الْحَسَن شُرَيْح الكبار.
تُوُفّي أَبُو إِسْحَاق فِي سنة ستٍّ هذه فِي آخرها.(14/542)
418 - إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي الوقار. أَبُو الطّاهر التّنوخيّ الدّمشقيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 646 هـ]
سمع من: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللطيف بْن أَبِي سعد. وبمصر من البُوصِيريّ.
وسكن مصر، وولي مشارفة المارستان. وكان من ذوي البيوتات.
تُوُفّي فِي عاشر رمضان.(14/542)
419 - إِسْمَاعِيل بْن سودكين بْن عَبْد اللَّه أَبُو الطاهر الملكي النّوريّ، الحنفيّ، الصّوفيّ، المتكلّم. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ بالقاهرة فِي سنة تسع وسبعين وخمسمائة. سمع من: أبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي. وسمع بحلب من الافتخار عبد المطلب، وغيره. وصحب الشيخ المحيي ابن العربيّ مدّةً، وكتب عَنْهُ كثيرًا من تصانيفه. وكان عَلَى مذهبه فيما أحسب. وله نظْمٌ جيّد وفضيلة.
روى لنا عَنْهُ: أَبُو حفص ابن القوّاس. ومات بحلب فِي الرّابع والعشرين من صفر.
وكان أَبُوهُ من مماليك السّلطان نور الدّين محمود، فتزهّد هُوَ وتصوَّف.(14/543)
420 - أَيْبك المعظَّميّ الأمير الكبير عزّ الدّين [المتوفى: 646 هـ]
صاحب المدرسة الّتي بالكشك والتُّربة الّتي عَلَى الشَّرف.
وكان صاحب قلعة صرخد أعطاه إياها. أستاذه الملك المعظَّم فِي سنة ثمانٍ، وقيل: سنة إحدى عشرة وستمائة، واستمر بها إلى أن أخذها منه الصّالح نجمُ الدّين سنة أربع وأربعين وستمائة، وقبض عليه وسجنه بمصر إلى أن مات سنة ستٍّ، ثُمَّ نُقِلَ إلى الشّام فدُفِن بتُربته.
وكان المعظَّم قد أخذ صرخد من صاحبها ابن قراجا.(14/543)
421 - بشير بْن حامد بْن سُلَيْمَان بْن يوسف بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه. الإِمَام نجمُ الدّين أَبُو النُّعْمان القُرَشيّ، الهاشميّ، الطّالبيّ، الجعفريّ، الزَّيْنَبيّ، التّبريزيّ، الصّوفيّ الفقيه. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ بأردبيل فِي سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: عَبْد المنعم بْن كُلَيْب، ويحيى الثّقفيّ، وَأَبِي الفتح المَنْدائيّ، وابن سُكَيْنَة، وابن طَبَرْزَد، وجماعة. روى لنا عَنْهُ: الحافظ عَبْد المؤمن، والمحدّث عيسى السَّبْتيّ وَتُوُفّيّ بمكّة مجاورًا فِي ثالث صفر.
وكان إمامًا مشهورًا بالعِلم والفضل، وله " تفسير" مليح فِي عدّة مجلّدات.
وروى عنه أيضاً: الشيخ جمال الدين ابن الظّاهريّ، وَالشَّيْخ مُحِبّ الدّين الطّبريّ، وعدّة. [ص:544]
قَالَ ابن النّجّار فِي " تاريخه " بعد أن ساق نِسبته إلى أَبِي طَالِب: تَفَقَّه ببغداد عَلَى أَبِي القاسم بْن فَضْلان، ويحيى بْن الرّبيع. وحفظ المذهب والأُصول والخلاف، وناظر وأفتى، وأعاد بالنظامية. سمع منه جماعة، ولي نظر مصالح الحرم وعمارة ما تشعث. وهو حَسَن السّيرة، متديّن.
وقال لنا الحافظ قطب الدين: أنشدنا الإمام قطب الدين ابن القسطلانيّ قَالَ: حكى لي نجمُ الدّين بشير التبريزي قال: دخلت على ابن الخوافي ببغداد، فسُرِقتْ مَشَّايتي، فكتبتُ إِلَيْهِ:
دخلت إليك يا أملي بشيراً ... فلما أن خرجت بقيت بِشْرا
أعِدْ يائي الّتي سَقَطَتْ من اسمي ... فيائي فِي الحِسابِ تُعَدُّ عَشْرا
قَالَ: فسيَّر لي نصف مثقال.(14/543)
422 - سليمان بن يحيى بن سليمان بن يَدَّر أَبُو عَمْرو القَيْسيّ الإشبيليّ. [المتوفى: 646 هـ]
سَمِعَ: الحافظ أَبَا مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، وغيره. وقرأ العربيّة والأُصول، ودرَّس، وولي خطّة الشُّورَى.
تُوُفّي فِي رمضان.(14/544)
423 - صفيّةُ بنتُ العَدْل عَبْد الوهَّاب بْن عَليّ بْن الخَضِر بْن عبد الله بن علي، أمُّ حمزة الْقُرَشِيّة الأَسَدِيّة، الزُّبَيْريّة، الدّمشقيّة، ثُمَّ الحَمَويّة، [المتوفى: 646 هـ]
زَوْجَة قاضي حماة محيي الدّين حمزة البَهْرانيّ.
كانت أصغر من أختها كريمة، ولم يسمّعها أبوها شيئًا، بل استجاز لَهَا عمّها، فأجاز لَهَا مَسْعُود الثّقفي، والحسن بْن الْعَبَّاس الرُّسْتميّ، والقاسم بن الفضل الصيدلاني، ورجاء بن حامد المعداني، ومعمر بن الفاخر، وأبو الحسن علي ابن تاج القُرّاء، وطائفة. وطال عُمْرها، وتفرّدت بإجازة جماعة.
روى عنها: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والجمال ابن الظّاهريّ، والتّقيّ إدريس بْن مُزَيْز، وَأَبُو بَكْر أحمد الدشتي، والأمين محمد ابن [ص:545]
النّحّاس، وجماعة. وبالحضور: حفيدها عَبْد اللَّه بْن عَبْد الوهّاب، وَأَحْمَد بْن مُزَيْز.
قَالَ الدّمياطيّ: حضرتُ جنازتها بحماة فِي خامس رجب.
وقد سمع منها من القدماء: أبو الطاهر إسماعيل ابن الأنماطي، وأبو الفتح ابن الحاجب، وجماعة.(14/544)
424 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الحكيم العلّامة، ضياء الدين ابن البيطار الأندلسي، المالقي، النباتي، [المتوفى: 646 هـ]
الطبيب مصنِّف كتاب " الأدوية المفردة " ولم يُصنَّف مثله.
كَانَ ثقة فيما ينقله، حُجّة. وإليه انتهت معرفة النبات وتحقيقه وصفاته وأسمائه وأماكنه. كَانَ لا يُجارى فِي ذَلِكَ. سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الرّوم. وأخذ فنّ النّبات عَن جماعة، وكان ذكيًّا فطِنًا.
قَالَ الموفّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيْبعَة: شاهدت معه كثيرًا من النّبات فِي أماكنه بظاهر دمشق. وقرأت عَلَيْهِ تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدس فكنت أجد من غزارة عِلمه ودرايته وفهمه شيئًا كثيرًا جدًّا.
ثُمَّ ذكر الموفّق فصلًا في براعته في النبات والحشائش، ثم قَالَ: وأعجب من ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ ما يذكر دواءً إلّا ويعينّ فِي أيّ مقالةٍ هو في كتاب ديسقوريدس وجالينوس وفي أيّ عددٍ هُوَ من جملة الأدوية المذكورة فِي تِلْكَ المقالة. وكان فِي خدمة الملك الكامل، وكان يعتمد عَلَيْهِ فِي الأدوية المفردة والحشائش، وجعله بمصر رئيسًا عَلَى سائر العشابين وأصحاب البسطات. ثم خدم بعده ابنه الملك الصّالح. وكان متقدّمًا فِي أيّامه، حظيًّا عنده.
تُوُفّي ابن البيطار بدمشق فِي شعبان.(14/545)
425 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن موسى ابن حفص أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ الدّانيّ، [المتوفى: 646 هـ]
نزيل شاطبة.
سَمِعَ من: أُسامة بْن سُلَيْمَان صاحب ابن الدّبّاغ، وَأَبِي القاسم بْن إدريس، وَأَبِي القاسم أَحْمَد بْن بَقِيّ. وقرأ العربيّة والآداب: ورحل فسمع بالإسكندرية [ص:546]
من محمد بن عماد، وبدمشق من الحَسَن بْن صبّاح، وجماعة.
ومال إلى عِلْم الطِّبّ، وعُنِي بِهِ وشارك فِي فنون.
أثنى عليه الأبار، وقال: كَانَ من أهل التّواضع والطّهارة. صاحَبْتُهُ بتونس وسمعت منه كثيرًا، ورحل ثانيةً إلى المشرق، فَتُوُفّي بالقاهرة فِي سلْخ شعبان وهو في آخر الكهولة.(14/545)
426 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عطية القيسي، المالقي. [المتوفى: 646 هـ]
حجّ، وسمع من: مرتضى بْن أَبِي الجود، وجعفر الهمداني وكان زاهدًا صالحًا.
ورّخه الأَبّار.(14/546)
427 - عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن أَبِي الفتح منصور بْن أَبِي عَبْد اللَّه. القاضي الفقيه، أَبُو المكارم السّعديّ، الدّمياطيّ، المقدِسيّ الأصل. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستين وخمسمائة.
وقرأ القرآن عَلَى أَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وتَفَقَّه عَلَى العلّامة الشِّهاب الطُّوسيّ.
ورحل إلى العراق، فسمع من: أَبِي منصور عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام، والحافظِ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن مُوسَى الحازميِّ. وأجاز لَهُ الحافظان: ابن عساكر، والسِّلَفيّ.
ودرّس بالمدرسة النّاصريّة بدِمياط، ووُليّ القضاء والخطابة بِهَا.
روى عنه: الحافظ شرف الدين التوني وقال: هُوَ شيخي ومُفَقِّهي جلال الدّين، صحِبْتُه سِنين بدِمياط، وتفقّهت عَلَيْهِ وعلى أخيه القاضي أَبِي عَبْد اللَّه الْحُسَيْن.
وروى عَنْهُ أيضًا: الحافظ عَبْد العظيم، وَأَبُو المعالي الأَبَرْقُوهيّ، وَأَبُو الحمد أقوش الافتخاريّ، وجماعة.
تُوُفّي بالقرافة فِي سابع عشر شعبان.(14/546)
428 - عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن رَوَاحة بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن رَوَاحة بْن عُبَيْد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن رَوَاحة بْن ثعلبة بْن امرئ القيس بْن عَمْرو. المُسْنِد عزّ الدّين أَبُو القاسم الأَنْصَارِيّ الخَزْرَجيّ، الحَمَويّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ بجزيرة من جزائر المغرب، وهي جزيرة صقليّة، وأبوه بِهَا مأسور في سنة ستين وخمسمائة. وكان قد أُسِرَ أبواه وهو حَمْل، ثُمَّ يسر الله بخلاصهما. وهو من بيت عِلم وعدالة.
رحل بِهِ أَبُوهُ إلى الإسكندريّة بعد السَبعين، وسمّعه الكثير من السِّلَفيّ، فمن ذَلِكَ: " السّيرة " تهذيب ابن هشام، وقد سمعها من ابن رَوَاحة ببَعْلَبَكّ شيخُنا القاضي تاجُ الدّين عَبْدُ الخالق. وتفرَّد عَن السِّلَفيّ بأجزاء كثيرة. وسمع من: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وَأَبِي المفاخر المأمونيّ، وأبي طالب أحمد بن رجاء اللَّخْميّ، وعَلِيّ بْن هبة اللَّه الكامِليّ، وَأَبِي الطّاهر إِسْمَاعِيل بْن عوف، وَأَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وَأَبِي سعد بْن أَبِي عصرون الشّافعيّ، وجماعة. وسمع من: والده قطعةً من شِعره. وكذلك من تقيّة بِنْت غيث الأَرْمنازيّ الشّاعرة. وقرأ الأدب عَلَى أَبِيهِ وعلى ابن بَرّيّ.
وتفقّه. وكان يرتزق من الشّهادة، وكان يأخذ عَلَى التّحديث، اللَّه يسامحه.
حَدَّثَنِي إِسْحَاق الصفار قال: بعث شيخنا الحافظ ابن خليل إلى ابن رَوَاحة يعتب عَلَيْهِ فِي أخذه عَلَى الرّواية، فاعتذر بأنّه فقير.
وقرأت بخط أبي الفتح ابن الحاجب: قال لي الحافظ ابن عَبْد الواحد: ذكر لي أخي الشّمس أَحْمَد أنّه لمّا كَانَ بحمص ورد عَلَيْهِ ابن رواحة فأراد أن يسمع منه، فذكر لَهُ جماعةٌ من أهل حمص أنّ ابن رَوَاحة يشهد بالزور فتركه.
وقال أَبُو الفتح: قَالَ لي تقيّ الدّين أحمد ابن العزّ: كلّ ما سَمِعْتُهُ عَلَى ابن رَوَاحة فقد تركته لله.
وقال الزكي البرزالي: كان عنده تسامح. [ص:548]
قلت: وكان لَهُ شِعْر وسَط يمتدح بِهِ ويأخذ الصِّلات، وحدَّث بأماكن عديدة.
وقال الحافظ زكيّ الدّين عَبْد العظيم: سَأَلْتُهُ عَن مولده فَقَالَ: فِي جزيرة مسّينة بالمغرب سنة ستّين. كَانَ أَبِي سافر إلى المغرب فأُسِر، فوُلِدْتُ لَهُ هناك.
روى عَنْهُ: زكيّ الدّين، وَأَبُو حامد ابن الصابوني، وأبو محمد الدمياطي، وأبو العباس ابن الظاهري، وأبو الفضل ابن عساكر، وأبو الحسين ابن اليُونينيّ، وإدريس بْن مُزَيْز، وبنته ستّ الدّار، وفاطمة بِنْت النّفيس بْن رَوَاحة بِنْت أخيه، والبهاء ابن النحاس، وأخوه الكمال إِسْحَاق، وَأَبُو بَكْر الدَّشْتيّ، والشَّرَف عَبْد الأحد ابن تَيْميّة، والمفتي أَبُو مُحَمَّد الفارقيّ، وفاطمة بِنْت جوهر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان، والشّمس أَحْمَد بْن محمد ابن العجميّ، وخلْق سواهم.
وَتُوُفّي بين حماة وحلب. وحُمِل إلى حماة فدُفِن بِهَا فِي ثامن جمادى الآخرة.(14/547)
429 - عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم أبو محمد ابن الأستاريّ، الأنصاريّ، [المتوفى: 646 هـ]
نزيل إشبيلية.
أخذ القراءات عَن أَبِي الْحَسَن بْن عظيمة. والنّحْو عَن أَبِي علي الشلوبيني. وحجّ فتفقّه بتلك الدّيار، وسمع قطعة من " جامع التِّرْمِذِيّ " عَلَى زاهر بْن رستم، وعاد إلى إشبيلية. ودرس الأُصول ومذهب مالك، ثُمَّ انتقل إلى سبتة واشتغل بها. وتوفي فِي آخر السّنة.(14/548)
430 - عَبْد الباري بْن عَبْد الخالق بْن أَبِي البقاء صالح بْن عَلِيّ بن ريدان. أبو الفتح الأموي، المسكي الأصل، المصري، العطار، المؤذن. [المتوفى: 646 هـ][ص:549]
سمع مع أبيه من أبي عبد الله الأرتاحي، وجماعة.
وأبوه من أعيان الفُضَلاء.
تُوُفّي عَبْد الباري فِي نصف شعبان.(14/548)
431 - عَبْد الرَّحْمَن بْن الخضِر بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدان. نجم الدّين أَبُو الْحُسَيْن الأَزْديّ، الدّمشقيّ، [المتوفى: 646 هـ]
والد شيخنا الشّمس أَبِي القاسم.
وُلِدَ سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من الخشوعي، والقاسم ابن عساكر، وحنبل، وطائفة فأكثر.
روى عَنْهُ الشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وَأَبُو عَلِيّ ابن الخلال، وأبو الفداء ابن عساكر، ومحمد بن محمد الكنجي، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(14/549)
432 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد العزيز بْن عَلِيّ بْن عبد العزيز. أبو القاسم القرشي، المخزومي، المصري، الشارعي شرف الدين ابن الصَّيْرفيّ. [المتوفى: 646 هـ]
تُوُفّي فِي ذي الحجّة عَن خمسٍ وستّين سنة. وحدَّث عَن: البُوصِيريّ، وقاسم بْن إِبْرَاهِيم المقدسيّ، وجماعة.
وهو من شيوخ الدّمياطيّ.(14/549)
433 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن عُثْمَان بْن يوسف بْن إِبْرَاهِيم. القاضي المكرَّم، أَبُو المعالي بن أبي الحسن القرشي، المخزومي، المغيري المصري، الشافعي. [المتوفى: 646 هـ]
ولد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، ومحمد بن علي الرحبي، والبُوصِيريّ، وإِسْمَاعِيل بْن ياسين، والقاسم بْن عساكر.
وأجاز لَهُ: السِّلَفيّ، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، والحافظ ابن عساكر، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وطائفة.
وروى الكثير، وهو من بيت كتابة وجلالة. [ص:550]
حدَّث عَنْهُ: الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ مَعَ تقدمه. وحدثنا عَنْهُ الحافظ أَبُو مُحَمَّد بْن خَلَف، وبَيْبَرْس القيمري.
توفي فِي سابع رمضان.(14/549)
434 - عَبْد الرّزّاق ابن الإِمَام المفتي فخر الدّين أَبِي مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن هبة اللَّه ابن عساكر. أبو الفتوح الدمشقي، المعدل. [المتوفى: 646 هـ]
سمع من: حنبل، وابن طبرزد، وسكن مصر وحدث بها، وتوفي بالقاهرة في ربيع الآخر، وله عقب بمصر.(14/550)
435 - عبدُ العزيز بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز بن إسماعيل أبو الوقار الأنصاري المغربي ثم المصري المعروف بابن التلمساني. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ سنة أربع وسبعين. وسمع من: البُوصِيريّ. روى عنه: الدمياطي. وَتُوُفّي فِي رمضان.(14/550)
436 - عَبْد القويّ بْن عَبْد الله بن إبراهيم الأستاذ أبو محمد ابن المغربل السَّعْديّ، المصريّ، الأَنْماطيّ، المقرئ. [المتوفى: 646 هـ]
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْجُود وسمع منه. ومن العماد الكاتب، وابن نجا الواعظ. وتصدَّر لإقراء القرآن بجامع السّرّاجين بالقاهرة مدّةً، وانتفع بِهِ جماعة.
تُوُفّي فِي العشرين من شوّال.(14/550)
437 - عَبْد المنعم بْن مُحَمَّد بْن يوسف العدل، أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، المصريّ، الخِيَميّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 646 هـ]
والد الأديب مُحَمَّد ابن الخيمي.
سمع من: العماد محمد بن محمد الكاتب. وفي الحجّ من جَعْفَر بْن آموسان. وَتُوُفّي فِي رجب بالقاهرة.(14/550)
438 - عثمان بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن يونس العلامة جمال الدين أبو عمرو ابن الحاجب الكردي، الدويني الأصل، الإسنائي المولد، المقرئ المالكي، النحوي، الأصولي، [المتوفى: 646 هـ]
صاحب التّصانيف المنقّحة.
وُلِدَ سنة سبعين أو إحدى وسبعين- هُوَ شَكّ - بأسْنا من عمل الصّعيد.
وكان أَبُوهُ جنديًّا كرديًّا حاجبًا للأمير عزّ الدّين موسك الصّلاحيّ.
فاشتغل أَبُو عَمْرو فِي صِغَره بالقاهرة وحفظ القرآن. وأخذ بعض القراءات عَن الشّاطبيّ، رحمه اللَّه، وسمع منه " التيسير". وقرأ بطرق " المبهج " عَلَى أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن يوسف الغَزْنَويّ، وقرأ بالسّبع عَلَى أَبِي الْجُود. وسمع من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، والقاسم ابن عساكر، وحمّاد الحرّانيّ، وبنت سعد الخير، وجماعة. وتفقَّه عَلَى أَبِي منصور الأبياريّ، وغيره. وتأدَّب على الشاطبي، وابن البناء. ولزِم الاشتغالَ حتّى برع فِي الأُصول والعربيّة.
وكان من أذكياء العالم. ثُمَّ قدِم دمشقَ ودرَس بجامعها فِي زاوية المالكيّة، وأكبَّ الفُضَلاء عَلَى الأخْذ عَنْهُ. وكان الأغلب عَلَيْهِ النّحْو. وصنَّف فِي الفِقْه مختصرًا، وفي الأُصول مختصرًا، وفي النحو مقدّمتين. وكلّ مصنَّفاته فِي غاية الحُسْن. وقد خالف النحاة في مواضع، وأورد عليهم إشكالات وإلزامات مفحمة تعسر الإجابة عنها.
ذكره الحافظ أبو الفتح عمر ابن الحاجب الأميني فقال: هو فقيه مفت مُناظر، مبرِّزٌ فِي عدّة علوم، متبحّر مَعَ ثقة ودِين وورع وتواضع واحتمال واطّراح للتّكلُّف.
قلت: ثُمَّ نزح عَن دمشق هُوَ وَالشَّيْخ عز الدين ابن عَبْد السّلام فِي الدّولة الإسماعيليّة عندما أنكرا عَلَى الصّالح إِسْمَاعِيل، فدخلا مصر، وتصدّر هُوَ بالمدرسة الفاضليّة ولازَمَه الطَّلَبة.
قَالَ القاضي شمسُ الدين ابن خَلِّكان: كَانَ من أحسن خلْق اللَّه ذِهنًا. [ص:552]
وجاءني مِرارًا بسبب أداء شهادات، وسألتُه عَن مواضع فِي العربيّة مُشْكِلة، فأجاب أبلغَ إجابةٍ بسكون كثير وتثبت تامّ، ثُمَّ انتقل إلى الإسكندريّة ليُقيم بِهَا، فلم تَطُلْ مدّتُه هناك، وَتُوُفّي بِهَا فِي السّادس والعشرين من شوّال.
قلت: قرأ عَلَيْهِ بالروايات شيخُنا الموفَّق مُحَمَّد بْن أَبِي العلاء، وحدَّث عنه الحافظان المنذري والدمياطي والجمال الفاضلي وأبو محمد الجزائري، وأبو علي ابن الخلال، وأبو الفضل الإربلي، وأبو الحسن ابن البقال، وطائفة. وبالإجازة قاضي القضاة ابن الخويي والعماد ابن البالسي.
وأخذ عَنْهُ العربيَّة شيخُنا رضيُّ الدِّين أَبُو بكر القُسَنْطِينيّ.
وقد رُزِقت تصانيفُه قَبُولًا زائدًا لحُسْنها وجَزَالتها.(14/551)
439 - عثمان بْن نصر اللَّه بْن عثمان أَبُو عَمْرو الشَّقَّانيّ، الصّوفيّ. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ بحلب سنة خمسٍ وستين وخمسمائة، ودخل مصر وسمع بِهَا من: عشائر بْن عَلِيّ، وهبة اللَّه البُوصِيريّ. روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره. وبالإجازة العدلان: ابن البرزالي، وابن البالسي. ومات في المحرم.(14/552)
440 - علي ابن المأمون أبي العلاء إدريس ابن المنصور يعقوب بْن يوسف بْن عَبْد المؤمن بْن عَلِيّ القَيْسيّ، الخليفة المغربيّ، الملقّب بالمعتضد وبالسّعيد، أَبُو الْحَسَن. [المتوفى: 646 هـ]
ولي الأمر بعد أخيه عَبْد الواحد الملقّب بالرّشيد سنة أربعين، فبقي إلى أن خرج إلى ناحية تلِمسان، وحاصر قلعةً هناك، فقُتِل عَلَى ظهر فَرَسه فِي صفر من هذا العام. وولي الأمر بعده المرتضى أبو حفص، فامتدت أيامه عشرين عامًا.
وكان السّعيد أسود اللّون، فارسًا، شجاعًا. مات فِي سلْخ صفر سنة ستٍّ مقتولًا.(14/552)
441 - عَلِيّ بْن جَابِر بْن عَلِيّ الإِمَام أَبُو الْحَسَن الإشبيليّ الدّبّاج. مقرئ الأندلس. [المتوفى: 646 هـ][ص:553]
أخذ القراءات عَن أَبِي بَكْر بْن صاف، وَأَبِي الْحَسَن نجبة بْن يحيى. وأخذ العربيّة عَن أَبِي ذَرّ بْن أَبِي ركب الخُشَنيّ، وأبي الحسن بن خروف. وتصدر للإقراء والعربية نحواً من خمسين سنة.
ذكره أَبُو عَبْد الله الأبار فقال: كان من أهل الفضل والصلاح، وأَمّ بجامع العَدَبّس. وكان مولده فِي سنة ست وستين وخمسمائة. وَتُوُفّي بإشبيلية فِي شعبان بعد دخول الرّوم الملاعين صلحًا البلد بجُمعة. فإنه هالَهُ نُطْقُ النواقيس وساءه خرس الأذان، فما زال يتأسّف ويضطّرب ارتماضًا لذلك إلى أن قضى نحبه، رحمه الله. وقيل: مات يوم دخلوها.
قلت: وكان أستاذًا فِي العربيّة، يُقرئ " كتابِ سيبَويْه "، وغيره. وكان حُجّةً فِي نقْله، مسدّدًا فِي بحثه، رحمه الله.(14/552)
442 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ اللري، ثم المكي. [المتوفى: 646 هـ]
سمع من: يحيى بن ياقوت، وزاهر بْن رستم، ويونس الهاشميّ، وجماعة. روى عَنْهُ: الدمياطي، وأهل مكة. ومات في ذي الحجة.(14/553)
443 - علي بن يحيى ابن المخرّميّ أَبُو الْحَسَن البغداديّ، الفقيه. [المتوفى: 646 هـ]
أحد الأذكياء الموصوفين، كَانَ متوقِّد القريحة. ومات شابًّا. ورثاه أَبُو المعالي القاسم بْن أَبِي الحديد.
وقد ناب عَن أخيه الرّئيس أَبِي سعد المبارك فِي صدرية ديوان الزّمام، فلمّا عُزِل أخوه أقبل عَلَى عِلم القرآن والحديث والعبادة، وكان سنياً سلفياً أثرياً.(14/553)
444 - عَلِيّ بْن يوسف بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد، الوزير الأكرم جمالُ الدّين أَبُو الْحُسَيْن الشَّيْبَاني، القِفْطيّ، المعروف أيضًا بالقاضي الأكرم، [المتوفى: 646 هـ]
وزير حلب.
كان إماماً أخبارياً مؤدباً، جم الفوائد وافر الفضائل، صدْرًا محتشمًا، معظّمًا، كريمًا جوادًا، كامل السُّؤدُد، حُلْو الشّمائل، لَهُ عدّة تصانيف منها: كتاب " أخبار النُّحاة وما صنّفوه "، وكتاب " أخبار المصنّفين وما صنّفوه "، وكتاب [ص:554]
" الكلام عَلَى الموطّأ "، وكتاب " أخبار الملوك السّلجوقيّة "، وكتاب " تاريخ مصر" إلى دولة صلاح الدّين في ست مجلدات، و" تاريخ الألموت "، و" تاريخ اليمن "، و" تاريخ محمود بن سبكتكين وأولاده "، و" تاريخ آل مِرْداس ". وخرّج " مشيخة " للكِنْديّ. وله: " إصلاح ما وقع فِي الصّحاح ". وجمع من الكُتُب ما لا يوصف، وقصد بِهَا من الآفاق. ولم يكن يحب من الدنيا سواها. ولم تكن لَهُ دارٌ ولا زَوْجَة. وأوصى بكُتُبه للنّاصر صاحب حلب، وكانت تساوي خمسين ألف دينار.
ومات فِي رمضان.
وهو أخو المؤيَّد القِفْطيّ نزيل حلب أيضًا.
وله حكايات عجيبة فِي غرامه بالكُتُب، وأظنّه جاوز السّتّين من عمره.(14/553)
445 - عُمَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي المكارم بْن فتيان، الشَّيْخ بهاءُ الدّين، أَبُو حفص الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، ثُمَّ المصريّ، الفقيه. [المتوفى: 646 هـ]
كَانَ أَبُوهُ أَبُو القاسم من كبار الفُقَهاء الشّافعيّة.
وُلِدَ البهاء في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وسمع من: جدَّيه أَبِي الْحَسَن بْن نجا، وفاطمة بِنْت سعد الخير، وَأَبِي القاسم البُوصِيريّ، وجماعة.
وخطب بجامع المقسم بظاهر القاهرة. وحدَّث بدمشق، ومصر، روى عَنْهُ: أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن يوسف الإِرْبِليّ، وَأَبُو محمد الدمياطي الحافظ، وأبو الحسن ابن البقّال، وجماعة.
ومات فِي شعبان.(14/554)
446 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حَيْدرة الظّهير الرّحْبيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، أَبُو حفص. [المتوفى: 646 هـ]
كَانَ منقطعًا متزهّدًا، وله زاوية.
سمع: القاسم ابن عساكر. كتب عَنْهُ: ابن الحاجب، وروى عَنْهُ: القاسم ابن عساكر فِي " معجمه ".
وُلِدَ سنة سبْعٍ وخمسين وخمسمائة.(14/554)
447 - غازي صاحب مَيّافارقين. [المتوفى: 646 هـ]
قد مرّ عام أوّل. وقيل: مات فِي هذه السّنة.
وتملّك بعده ولده الشهيد الملك الكامل محمد.(14/555)
448 - محمد بن أحمد بن خليل بن إسماعيل، أبو عمر السكوني، اللبلي، [المتوفى: 646 هـ]
من بيت عِلْمٍ وجلالة.
روى عَن: أَبِيهِ، وأعمامه، وأبي بكر ابن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وابن بشْكُوَال.
وكان من جِلَّة العُلماء، لَهُ تصانيف في الفقه، ولي القضاء بمواضع.(14/555)
449 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أسامة الفقيه شمس الدين الدمشقي، الشافعي [المتوفى: 646 هـ]
مدرس سنجار.
حدث عن: عبد المنعم بن كليب، وغيره.
وأقام بسنجار دهرا. وكان إماما فاضلا.
توفي في صفر بسنجار.(14/555)
450 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد أَبُو عَبْد الله العراقي، الجمدي- والجمد: قرية بالعراق - وكان يُعرف بالقاصّ. [المتوفى: 646 هـ]
حدَّث عَن: أبي الفرج ابن الجوزي، حدثنا عَنْهُ: أَبُو بَكْر الدَّشْتيّ.
وكان يقصّ فِي الأعزية بحلب، ويؤدب الصبيان.
وسمع أيضاً من ابن بوش.(14/555)
451 - مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن حَمْزة بْن أَبِي البركات أبو عبد الله ابن الطبال البغداديّ، الأَزَجِيّ، الدّقّاق. [المتوفى: 646 هـ]
سَمِعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، وَعَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حمتيس، وغيرهما. أخذ عنه: المحب القدسي، وجماعة، وأخبرنا عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد القزاز. [ص:556]
توفي في رابع رجب.(14/555)
452 - محمد بن عتيق بن علي بْن عَبْد اللَّه بْن حُمَيْد الإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه التُّجِيبيّ، الغَرْناطيّ، المعروف باللّارَدِيّ، [المتوفى: 646 هـ]
صاحب التّصانيف.
روى عَن: أَبِيهِ أَبِي بَكْر، وسمع ببلنسية من أبي عبد الله بن حميد.
وولد في صفر سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وكان من الأدباء العُلماء، وكان حيًّا إلى هذا العام، وَتُوُفّي فِيهِ أو عَلَى أثره.
ذكره أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار فَقَالَ: وُليّ القضاء وصنَّف. ومن تواليفه: " أنوار الصّباح فِي الجمع بين الكُتُب السّتّة الصّحاح "، وكتاب " مطالع الأنوار ونفحات الأزهار فِي شمائل المختار "، وكتاب " النُّكَت الكافية " فِي الاستدلال عَلَى مسائل الخلاف بالحديث، وكتاب " منهاج العمل فِي صناعة الجدل"، وكتاب " المسالك النّوريّة إلى المقامات الصّوفيّة".(14/556)
453 - مُحَمَّد بْن عثمان بن أميرك النشاوي، الخيّاط، [المتوفى: 646 هـ]
نزيل الإسكندريّة.
أجاز لَهُ: السِّلَفيّ. سَمِعَ منه: شيخنا الدّمياطيّ، وهو قيّد وفاته.(14/556)
454 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَبَاتَة الوزير جلال الدّين أَبُو الفتح الفارقيّ الكاتب. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ بماردِين سنة إحدى وسبعين. وروى شيئًا من شِعره. ومات بمَيَّافارِقِين فِي ثالث عشر رجب.
وكان صدْرًا رئيسًا، وافر الحُرْمة.(14/556)
455 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الحَوْش. أَبُو عَبْد اللَّه الإسْعِرْديّ، المقرئ الحنبليّ، التّاجر. [المتوفى: 646 هـ]
سَمِعَ من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم ابن الصفار. روى [ص:557]
عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، والجمال ابن الصّابونيّ، وغيرهما. وَتُوُفّي بالقاهرة يوم عاشوراء.
وحدَّث بدمشق.(14/556)
456 - مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن نَبْهَان نظامُ الدّين التّميميّ، البغداديّ، المقرئ. [المتوفى: 646 هـ]
قَالَ الشّريف: تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رجب بالقاهرة، وتصدَّر لإقراء القرآن بالمدرسة الفاضليّة مدّةً، وانتفع بِهِ جماعة. لم يذكر على من قرأ. تلا على أصحاب الشهرزوري، تلا عليه الكمال ابن المَحَلّيّ، وغيره.(14/557)
457 - مُحَمَّد بْن نَامَاوَر بْن عَبْد الملك القاضي أفضل الدين، أبو عبد الله الخونجي الشافعي. [المتوفى: 646 هـ]
ولد سنة تسعين وخمسمائة. ووُليّ قضاءَ مدينة مصر وأعمالها. ودرّس بالمدرسة الصّالحيّة وأفتى، وصنَّف ودرّس.
قَالَ الإِمَام أَبُو شامة: كان حكيماً منطيقياً. وكان قاضي قُضاة مصر.
وقال ابن أَبِي أُصَيْبعة: تميّز فِي العلوم الحِكميّة، وأتقن الأمور الشّرعيّة. قويّ الاشتغال، كثير التّحصيل. اجتمعتُ بِهِ، ووجدته الغاية القُصْوَى فِي سائر العلوم. وقرأتُ عَلَيْهِ بعض الكُلِّيات من كتاب " القانون" للرّئيس. وقد شرح " الكلّيات" إلى النَّبْض. وله مقالة فِي الحدود والرّسوم، وكتاب " الْجُمَل " فِي المنطِق، وكتاب " الموجز " في المنطق، وكتاب " كشف الأسرار " في أشأم المنطِق، وكتاب " أدوار الحُمَّيَات ". ومات فِي خامس رمضان. ورثاه العز الضرير الإربلي الفيلسوف محمد بن حسن، فَقَالَ:
قضى أفضل الدّنيا فلم يبقَ فاضلٌ ... وماتت بموت الخونجي الفضائل
فيا أيّها الحبر الَّذِي جاء آخِرًا ... فحلّ لنا ما لم تحلّ الأوائل [ص:558]
وهي طويلة.(14/557)
458 - مُحَمَّد بْن يحيى بْن هشام العلّامة أَبُو عَبْد اللَّه الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجيّ، الأندلُسيّ، المعروف بابن البَرْذَعيّ، النَّحْويّ. [المتوفى: 646 هـ]
من أهل الجزيرة الخضراء.
روى عَن: أَبِيهِ وأخذ عَنْهُ القراءات. وأخذ العربيّة عَن أَبِي ذَرّ الخشنيّ. وسمع من: جماعة.
وكان رأسًا فِي عِلْم اللّسان، عاكفًا عَلَى التّعليم والتّعليل والتّصنيف، كَانَ أَبُو عَلِيّ الشَّلُوبِينيّ يُثْني عَلَيْهِ ويعترف لَهُ. صنَّف كتاب " فصل المقال فِي أبْنية الأفعال"، وكتاب " مسائل النُّخَب " فِي عدّة مجلّدات، وكتاب " الإفصاح "، وغير ذلك.
توفي بتونس فِي جُمَادَى الآخرة وقد نيَّفٍ عَلَى السّبعين.(14/558)
459 - مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَبِي الْحَسَن ياقوت بْن عَبْد اللَّه. أَبُو الْحَسَن الإسكندرانيّ، المالكيّ، المقرئ. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ بالإسكندريّة فِي رجب سنة ثمانٍ وستّين، فأتى أَبُوهُ إلى السِّلَفيّ ليُسمّيه ويكنّيه، فسمّاه مُحَمَّدًا، وكنّاه أَبَا الْحَسَن.
وسمع من: السِّلَفيّ، ومن القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضرميِّ، وعبد الرحمن بن موقى. وكانت لَهُ حلقة يوم الجمعة.
روى عَنْهُ: المجد ابن الحُلْوانيّة، وشَرَفُ الدّين الدّمياطيّ، وتاج الدّين الغرافيّ، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وطبقته.
وتوفي فِي سابع عشر ربيع الآخر.(14/558)
460 - مُحَمَّد بْن أَبِي الكرم بْن المعلّى القاضي عزيز الدّين السّنجاريّ، الحنفيّ. [المتوفى: 646 هـ]
حدَّث بدمشق عَن أَبِي طاهر أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه خطيب الموصل، وناب فِي القضاء عَن القاضي جمالِ الدّين يونس المصري. [ص:559]
تُوُفّي بدمشق فِي شعبان.(14/558)
461 - منصور بْن سَنَد بْن منصور بْن أَبِي القاسم بْن الْحُسَيْن، أبو علي الإسكندراني السمسار النخاس، المعرف بابن الدماغ. [المتوفى: 646 هـ]
وُلِدَ سنة ستّين أو إحدى وستّين، وسمع من: السلفي، روى عنه: الجمال ابن الصّابونيّ، والضّياء السَّبْتيّ، والعلاء بْن بَلَبَان، والشَّرَف الدمياطي، وآخرون.
مات فِي السّادس والعشرين من ربيع الأوّل.
والنّخّاس: بخاء معجمة.(14/559)
462 - مهنا بْن مانع أمير عَرَب الشّام، أَبُو عيسى. [المتوفى: 646 هـ]
تُوُفّي فِي هذه السّنة، ورّخه سعد الدّين.(14/559)
463 - الرشيد، أبو سعيد ابن الموفَّق يعقوب النَّصْرانيّ، المقدسيّ، الطّبيب. [المتوفى: 646 هـ]
من أعيان الأطباء وعلمائهم المشاهير.
أخذ من النحو عن التقي خزعل بن عسكر، وأخذ الطِّبّ عَن الحكيم رشيد الدّين عَلِيّ بْن خليفة بْن أَبِي أُصَيْبَعَة، عم مؤرِّخ الأطباء. وهو أنجب تلامذة المذكور. واشتغل أيضًا عَلَى المهذَّب عَبْد الرحيم بْن عَلِيّ.
وخدم الملك الكامل بالقاهرة، ثُمَّ بعده خدم الملك الصالح نجم الدين، فلما عرض للصّالح وهو بدمشق آكلة فِي فخذه. وكان يعالجه الرشيد أبو حليقة، فلما طال الأمر بالسلطان استحضر أبا سعيد ابن الموفَّق وشكى حاله إِلَيْهِ، وكان بين هذا وبين أبي حليقة منافسة، فتكلم في أن أبا حليقة أخطأ فِي المعالجة، فنظر السّلطان إلى أَبِي حليقة نظر غضب فقام وخرج.
قَالَ الموفَّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيْبَعَة: ثُمَّ فِي أثناء ذَلِكَ المجلس بعَيْنه قُدّام السّلطان عرض لأبي سَعِيد المذكور فالج، وبقي مُلْقَى بين يديه. فأمر السّلطان بحمله إلى داره، فبقي كذلك أربعة أيّام ومات فِي أواخر رمضان بدمشق، وله من المصنَّفات - لا رحمه اللَّه! - كتاب " عيون الطب" وهو من [ص:560]
أجَلّ كتابٍ صُنِّف فِي الطّبّ، ويحتوي عَلَى علاجات ملخّصة مختارة. وله تعاليق عَلَى كتاب " الحاوي " فِي الطّبّ.(14/559)
-وفيها ولد:
القاضي شَرَفُ الدّين عَبْد الغنيّ بْن يحيى بْن مُحَمَّد الحرّانيّ الحنبليّ فِي رمضان بحرّان، وشَرَفُ الدّين عبد الله ابن الشرف حسن بن عبد الله ابن الحافظ، وشَرَفُ الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر الله بن المظفر ابن القلانِسيّ، ونجمُ الدّين عَلِيّ بْن عَبْد الكافي بْن عَبْد الملك المحدّث، والزّينُ أَبُو بَكْر بْن يوسف المِزيّ تقريبًا، والزَّينُ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل المقدسيّ، وَمُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك ابن الفصيح، وإمامُ مَقْرَى ناصرُ الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو، والشِّهابُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن الصَّرْخَدِيّ، سَمِعَ الخمسة من خطيب مردا. والجمالُ يوسفُ بْنُ إسرائيل المقرئ بالكَرَك، وأمينُ الدّين سالمُ بْنُ أَبِي الدُّرّ القلانِسيّ، والشَّمْسُ محمد بن أحمد ابن الزّرّاد الصّالحيّ، والنَّجمُ عَبْدُ الملك بْن عَبْد القاهر ابن تَيْمِيّة، وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَن بْن أَبِي مُحَمَّد القرامزي، والفخر عثمان بن أبي الوفاء العزازي، والجمال يوسف قاضي حران، وعلي ابن السكاكري.(14/560)
-سنة سبع وأربعين وستمائة(14/561)
464 - أَحْمَد بْن الفضل بْن عَبْد القاهر بْن مُحَمَّد، أَبُو الفضل الأُمَويّ الحلبيّ. [المتوفى: 647 هـ]
سَمِعَ من: يحيى الثّقفيّ. روى عَنْهُ: الحافظ أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، وإسحاق الأَسَديّ، وغيرهما، وَتُوُفّي فِي سابع عشر ربيع الآخر، وله خمسٌ وثمانون سنة.
عنده نسخة نبيط.(14/561)
465 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُميّة بْن عَلِيّ أَبُو الْعَبَّاس العَبْدريّ المَيُورقيّ، المحدّث. [المتوفى: 647 هـ]
تُوُفّي بالقاهرة فِي أوّل السّنة، وقيل: فِي آخر السّنة الماضية.
وله شِعرٌ جيّد، روى عَنْهُ منه: شيخنا الحافظ عَبْد المؤمن.
ومات وقد قارب الخمسين.(14/561)
466 - إِبْرَاهِيم بْن يحيى بن إبراهيم العكّيّ الشَّقْراويّ، الحنبليّ. [المتوفى: 647 هـ]
فقيه صالح. ولي خطابةً في البر، وروى عن: الخشوعي، والحافظ عبد الغني، وجماعة. روى لنا عنه: ابنه النّجم، وَأَبُو بَكْر الدَّشْتيّ.
حدَّث فِي شوّال من هذه السّنة. ولا أعلم مَتَى مات.(14/561)
467 - إِبْرَاهِيم بْن يعقوب بْن يوسف بْن عامر، أَبُو إِسْحَاق العامريّ المصريّ، المؤدّب، المقرئ، المالكيّ. [المتوفى: 647 هـ]
عاش خمسًا وثمانين سنة، وسمع من: البُوصِيريّ، وغيره، وصنَّف مصنَّفًا فِي القراءات، وتصدَّر للإقراء.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومات فِي ربيع الأوّل.(14/561)
468 - إدريس بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن موسى، أَبُو العلاء الأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 647 هـ][ص:562]
أخذ عَن: أَبِي جَعْفَر بْن يحيى الخطيب، وَأَبِي مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، ومال إلى العربيّة والآداب. وأقرأ ذَلِكَ بقُرْطُبة. ثُمَّ نزل سبتة وأفاد بها. ومات في آخر العام بِهَا.(14/561)
469 - إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الحبشيّ النّجاشيّ، أَبُو طاهر، [المتوفى: 647 هـ]
خادم الضّريح النَّبويّ.
سَمِعَ من: ابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ.
وذكر أَنَّهُ من وُلِدَ النّجاشيّ أصحمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
تُوُفّي فِي رابع عشر ربيع الآخر.
أجاز لأبي المعالي ابن البالِسيّ، وغيره.(14/562)
470 - أيّوب، السّلطان الملك الصّالح نجمُ الدّين ابن السّلطان الملك الكامل ناصر الدّين أَبِي المعالي مُحَمَّد ابن السّلطان الملك العادل أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب. [المتوفى: 647 هـ]
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّمائة بالقاهرة، فلمّا قدِم أَبُوهُ دمشقَ فِي آخر سنة خمسٍ وعشرين استنابه عَلَى ديار مصر، فلمّا رجع انتقد عَلَيْهِ أَبُوهُ أحوالًا، ومال عَنْهُ إلى الملك العادل ولده. ولمّا استولى الكامل عَلَى حَرَّان، وعلى حصنِ كيفا وآمِد وسِنْجار سلْطَنَه عَلَى هذه البلاد وأرسله إليها. فلمّا تُوُفّي الكامل تملَّك بعده ديارَ مصر ابنُه العادل أَبُو بَكْر، فطمع الملك الصّالح وقوِيتْ نفسُه، وكاتَبَ الأمراءَ، واستخدم الخَوَارَزْميّة. فاتّفق أنّ الملك الرّحيم لؤلؤ صاحب الموصل قصد الصّالح وهو بسَنْجار، فحاصره حتّى أشرف على أخذ سنجار، فأخرج من السور فِي السّرّ القاضي السَّنْجاريّ، وراح إلى الخَوَارَزْميّة، فوعدهم ومناهم، فجاؤوا وكشفوا عَن سَنْجار، ودفعوا لؤلؤ عَن سِنْجار، وقيل: كسروه. وكان الجواد بدمشق فضعُف عَن سلطنتها، وخاف من الملك العادل، فإنّه أراد القبض عَلَيْهِ، فكاتب الملك الصّالح واتّفق معه عَلَى أن يعطيه سَنْجار، والرقة، وعانة بدمشق. فقدم الملك الصّالح دمشق وتملّكها، وأقام بِهَا أشهرًا من سنة ست [ص:563]
وثلاثين، ثُمَّ سار إلى نابلس، وراسل الأمراء المصريين واستمالهم، وكان عمه الصالح إِسْمَاعِيل عَلَى إمرة بَعْلَبَكّ، فقوِيتْ نفسُه عَلَى أخْذ دمشق، وكاتب أهلَها، وساعده الملك المجاهد صاحب حمص، وهجم عَلَى البلد فأخذها، فردّ الملك الصّالح أيّوب ليستدرك الأمر، فخذله عسكره، وبقي فِي طائفةٍ يسيرة، فجهَّز الملك النّاصر دَاوُدَ من الكَرَك عسكرًا قبضوا عَلَى الصّالح بنابلس، وأتوا بِهِ إلى بين يدي النّاصر، فاعتقله عنده مكرَّمًا. وتغيَّر المصريّون عَلَى العادل، وكاتبهم النّاصر، وتوثَّق منهم، ثُمَّ أخرج الصّالح واشترط عَلَيْهِ إن تملَّك أن يُعطِيَه دمشقَ، وأن يُعْطِيَه أموالًا وذخائر. وسار إلى غزّة فبرز الملك العادل بجيشه إلى بِلْبِيس وهو شابٌّ غرّ، فقبض عَلَيْهِ مماليك أَبِيهِ، وكاتبوا الصّالحَ يستعجلونه، فساق هُوَ والنّاصر دَاوُد إلى بلبيس، ونزل بالمخيم السُّلطانيّ وأخوه معتَقَلٌ فِي خِرْكاه. فقام فِي اللَّيْل وأخذ أخاه فِي محفَّة، ودخل قلعة الجبل، وجلس عَلَى كُرْسيّ المُلْك. ثُمَّ ندم الأمراء، فاحترز منهم، ومسك طائفةً فِي سنة ثمان وثلاثين وستمائة.
قال ابن واصل: سار الصّالحُ نجمُ الدّين بعد الاتّفاق بينه وبين ابن عمّه الجواد إلى دمشق، وطلب نجدة من صاحب المَوْصِل لمّا صالحه، فبعث إِلَيْهِ نجدةً. وكان الملك المظفَّر صاحب حماة معه قد كاتَبَه، فقدِما دمشقَ فزيّنت، وتلقّاه الجواد. ثُمَّ تحوّل الجواد إلى دار السّعادة، وهي لزوجته بِنْت الأشرف، فكانت مدة ملكه دمشقَ عشرة أشهر، ثُمَّ ندم الجواد واستقلّ من جاء مع الصّالح، فطلب جماعةً واستمالهم، فأتاه المظفَّر وعاتبه واستحلفه، وضمن لَهُ ما شَرَط لَهُ الصّالح، فخرج من البلد وسار فتسلَّم سَنْجار وغيرها. فعند ذَلِكَ أخرب صاحب حمص سَلَمية، ونقل جميع أهلها إلى حمص أذى لصاحب حماة. فلمّا مات المجاهد ردّ أهلها وعَمَّروها.
وجاءت الخَوارِزْميّة، فاتّفق معهم المظفَّر، ونازل حمصَ وجدَّ فِي القتال، فراسل المجاهد الخَوَارِزْميّة واستمالهم وبذل لهم مالًا، فأخذوه، فعرف المظفَّر فخافهم وردّ إلى حماة، وعادت الخَوَارِزْميّة إلى الشَّرق فأقاموا في [ص:564]
بلادهم الّتي أقطعهم الملك الصّالح.
ثُمَّ تواترت كُتُب المظفَّر ورُسُلُه عَلَى الصّالح يحضُّه عَلَى قصْد حمص، وقدِم عَلَى الصّالح عمُّه الصّالح إِسْمَاعِيل من بَعْلَبَكّ، فأظهر لَهُ الوُدَّ وحلف لَهُ، ورجع إلى بلده ليومه.
وأمّا العادل فانزعج بمصر لقدوم أخيه وأخْذه دمشق، وخاف. ثُمَّ ورد عَلَى الصّالح رسول ابن عمّه الناصر داود بمؤازرته بأخذ مصر له بشرط أن تكون دمشق للنّاصر، فأجابه. ثُمَّ برز الصّالح إلى ثَنِيّة العُقَاب، وأقام أيّامًا ليقصد حمص. وجاءه أستاذ داره حسامُ الدّين بْن أَبِي عَلِيّ الهَذبانيّ من الشّرق، فدبَّر الدّولة بعقله وفضله. وجاءته القصاد من أمراء مصر سرًّا يدعونه إلى مصر ليملكها، فتحيَّر هَلْ يقصد مصر أو حمص؟ ثم رجح مصر فترحل إلى الغور، وبلغه مجيء جماعة أمراء من مصر مقفرين، فنزلوا بغزَّة. وكان مَعَ الصّالح نحو ستّة آلاف فارس جياد، وفيهم عمّاه مجيرُ الدّين يعقوب وتقيُّ الدّين عَبَّاس وجماعة من الأمراء المعظَّميّة، وجاءه الأمراء المصريون بخربة اللصوص، ومعه ولده المغيث عمر. وترك بقلعة دمشق ولدَه الصّغير مَعَ وزيره صفيّ الدين ابن مهاجر، فمات الصّبيّ، ثُمَّ سار إلى نحو نابلس، وكان النّاصر دَاوُد بمصر، فنزل بجيشه مدينة نابلس ثلاثة أشهُر.
ولمّا لم يقع اتّفاقٌ بين الصّالح وابن عمّه النّاصر، ذهب النّاصر إلى مصر فتلقّاه العادل واتّفقا عَلَى محاربة الصّالح، ووعده العادل بدمشق.
وتواترت عَلَى الصّالح كُتُب أمراء مصر يستدعونه لأنّه كَانَ أَمْيَز من أخيه وأعظَم وأخْلَق بالمُلْك. وممّن كاتَبَه فخرُ الدّين ابن شيخ الشّيوخ، فعلِم بِهِ العادل فحبسه. واستعمّل الصّالح نوّابه عَلَى أعمال القدس، وغزّة، وإلى العريش. وجهَّزَ عسكرًا إلى غزّة، وضُرِبت خيمته على العوجاء، وعملوا الأزواد لدخول الرّمل، وقدِم عَلَيْهِ رسولُ الخلافة ابن الْجَوْزيّ. وأرسل إلى الصّالح إِسْمَاعِيل ليمضي معه إلى مصر، فتعلَّل واعتذر، وسيَّر إِلَيْهِ ولده الملك المنصور محمودًا نائبًا عَنْهُ، ووعده بالمجيء، وهو فِي الباطن عَمَّالٌ عَلَى أخْذ دمشق.
ودخلت سنة سبْعٍ وثلاثين فبرز العادل إلى بِلْبِيس، وأخذ ابن الْجَوْزيّ فِي الإصلاح بين الأَخَوَين عَلَى أن تكون دمشق وأعمالُها للصّالح مَعَ ما بيده من [ص:565]
بلاد الشّرق، ومصر للعادل. وكان مَعَ ابن الجوزي ولده شرف الدين شاب ذكي فاضل، فتردّد فِي هذا المعنى بين الأخَوَيْن حتّى تقارب ما بين الأخوين لولا حدث العمّ إِسْمَاعِيل، فإنّه بقي يكاتب العادل ويُقوّي عزمه ويقول: أنا آخذ دمشق ثانياً لك. ثُمَّ حشد وجمع، وأعانه صاحبُ حمص. ثُمَّ طلب ولده من الصّالح، زعم ليستخلفه ببعلبك وتقدم هُوَ، فنفّذه إِلَيْهِ، ونفّذ ولده الملك المغيث ليحفظ قلعة دمشق، ولم يكن معه عسكر.
وأمّا صاحب حماة فأشفق عَلَى الصّالح وتحيَّل فِي إرسال عسكر ليحفظ لَهُ دمشق، فأظهر أَنَّهُ متألّم خائف، وَأَنَّهُ يريد أن يسلّم حماة إلى الفِرَنج، وأنّ نائبه سيف الدّين ابن أَبِي عَلِيّ قد عرف بهذا منه، وَأَنَّهُ سيفارقه فأظهر الخلاف عَلَيْهِ، فخرج من حماة، وتبعه أكثر العسكر، وطائفة كبيرة من أعيان الحَمَوِيّين خوفًا من الفرنج. ورام المظفر أن يتم هذه الحيلة فما تمّت. فسار الأمير سيفُ الدّين بالنّاس، وقوّى المظفَّر الوهْمَ بأنِ استخدم جماعةً من الفِرنْج وأنزلهم القلعة، فقوي خوفُ الرعية. وتبع سيف الدين خلق، فسار وراءه المظفَّر يُظْهِر أَنَّهُ يسترضيه فما رجع، فنزلوا عَلَى بُحَيْرة حمص، فركب صاحب حمص وأتاهم واجتمع بسيف الدّين مُطْمَئِنًّا. ولو حاربه سيفُ الدّين بجَمْعه لَمَا قدر عَلَيْهِ صاحب حمص، ولَكَان وصل إلى دمشق وضَبَطَها ولَعَزَّ عَلَى الصّالح إِسْمَاعِيل أن يأخذها. فسأل سيف الدّين عَن مَقْدَمه فَقَالَ: هذا الرّجل قد مال إلى الفرنج واعتضد بهم، فطلبنا النّجاة بأنفُسنا. فوانسه الملك المجاهد، وطلب منه دخول حمص ليضيفه، فأجابه سيف الدّين وصعِد معه إلى القلعة. وأظهر لَهُ الإكرام، ثُمَّ بعث إلى أصحابه فدخل أكثرهم حمص، ومن لم يُجِبْ هرب. ثُمَّ قبض المجاهد عليهم وضيّق عليهم، واعتقل الأكابر وعاقبهم وصادرهم حتّى هلك بعضهم فِي حبْسه، وبعضهم خلّص بعد مدّة، وباعوا أملاكهم وأدّوها فِي المصادرة. وهلك فِي الحبْس سيف الدين ابن أَبِي عَلِيّ، وهو أخو أستاذ دار الملك الصالح حسام الدين، ويا ما ذاق من الشّدائد حتّى مات.
وضعُف صاحب حماة ضعفًا كثيرًا، واغتنم ضعفَه صاحبُ حمص فسار وقصد دمشق مؤازرًا لإسماعيل، فصبّحوا دمشق فِي صَفَر سنة سبْعٍ، وأُخِذت بلا قتال. بل تسلَّق جماعةٌ من خان ابن المقدّم من السور، ونزلوا فكسروا قفْلَ [ص:566]
باب الفراديس ودخلوا. ثم قصدوا القلعة، وقاتلوا المغيثَ ثلاثة أيّام، فسلَّمت بالأمان، ودخل إِسْمَاعِيل القلعة، وسجن المغيثَ فِي بُرجٍ إلى أن مات به.
فلمّا وردت أخبار أخْذ دمشق فارق الملكَ الصّالحَ سائرُ الأمراء والْجُنْد وطلبوا بلدهم وأهاليهم، وترحّل هُوَ إلى بَيْسان، وفسدت نيّات من معه، وعلموا أنه لا ملجأ لَهُ، وَأَنَّهُ قد تلاشى بالكُلِّيّة، وقالوا لَهُ - حتّى أعمامه وأقاربه -: لا يمكننا المُقامُ معك وأهالينا بدمشق. فأذن لهم فرحلوا بأطلابهم وهو ينظر إليهم، حتّى فارقه طائفةٌ من مماليكه، ولم يبق معه إلّا أستاذ داره وزَيْن الدّين أمير جاندار ونحو سبعين مملوكًا لَهُ. فلمّا جنّه اللّيل أمر أن لا تُشْعل الفوانيس، ثُمَّ رحل فِي اللّيل وردّ إلى جهة نابلس. فحكى لي الأميرُ حسامُ الدّين قَالَ: لمّا رحل السّلطان من منزلته اختلفت كلمة من بقي معهم، فأشار بعضهم بالمضي إلى الشقيف والتحصن به، فلم يره مصلحة، وعلم أن عمه يأخذه ويقبض عليه. وأشار بعضهم بالرّجوع إلى الشّرق، فخاف أن يؤخذ لبُعْد المسافة وقال: ما أرى إلّا التَّوجُّه إلى نابلس فالتجئ إلى ابن عمّي الملك النّاصر. فتوجّه إلى نابلس. فلمّا طلعت الشّمس ورأى مماليكُه ما هُوَ فِيهِ من القِلّة واقَعَهُمُ البكاءُ والنّحيب. واعترضهم جماعةٌ من العربان فقاتلوهم وانتصروا عَلَى العرب، ونزلوا بظاهر نابلس.
وقوي أمرُ الصّالح إِسْمَاعِيل، وجاءته الأمراء وتمكّن. وكان وزيره أمينُ الدّولة سامريًّا أسلم فِي صِباه. وكان عمّه وزيرًا للأمجد صاحب بَعْلَبَكّ، ومات عَلَى دينه.
وأمّا العادل بمصر فإنّه استوحش من النّاصر دَاوُد وتغيَّر عَلَيْهِ، فخلّاه النّاصر، وردَّ إلى الكَرَك ومعه سيفُ الدّين عَلِيُّ بْن قليج فوافق ما تمّ عَلَى الصّالح. فبعث إلى الصّالح يعِده النَّصر، وأشار عَلَيْهِ بالنّزول بدار الملك المعظَّم بنابلس. ثُمَّ نزل النّاصر بعسكره. ثُمَّ أمر يومًا بضرب البُوق، وأوهم أنّ الفِرَنْج قد أغاروا عَلَى ناحيته، فركب معه جماعة الصّالح الّذين معه، فحينئذٍ أمر النّاصر بتسيير الملك الصّالح إلى الكَرَك فِي اللّيل. فلم يَصْحَب الصّالح من غلمانه سوى الأمير رُكْن الدّين بَيْبَرْس الكبير، وبعث معه جاريته أُمَّ خليل شَجَرَ الدُّر، فأُنزل بقلعة الكَرَك بدار السّلطنة. وتقدَّم النّاصر إلى أمّه وزوجته أن يقوما بخدمة الصّالح، وبعث إِلَيْهِ يَقْولُ: إنّما فعلت هذا احتياطًا لئلًا يصل إليك [ص:567]
مكروهٌ من أخيك أو عمّك، ولو لم أنقلك إلى الكَرَك لقصداك. ثُمَّ أمر شهابَ الدّين ونَجْمَ الدّين ابنَيْ شيخ الإِسْلَام بملازمة خدمة الصّالح ومؤانسته، وهما من أخصّ أصحاب النّاصر ومن أجناده - وقد وُليّ الشّهاب هذا تدريس الجاروخية بدمشق. ولما تملك الصّالح ديارَ مصر قصداه فأكرمهما وقدّمهما، واستناب شهابَ الدّين عَلَى دار العدل. واستُشْهِد نجمُ الدّين عَلَى دِمياط - وكان أولاد النّاصر دَاوُد لا يزالون فِي خدمة الصّالح بالكَرَك، ولم يفقد شيئًا من الإكرام.
ثُمَّ خيَّر النّاصرُ أصحابَ الصّالح بين إقامتهم عندهُ مكْرَمِين وبين السَّفَر إلى أَيْنَ أحبُّوا، فاختار أكثرُهم المُقامَ عنده، فكان منهم البهاء زهير، وشهاب الدين ابن سعد الدين ابن كسا - وكان والدُه سعدُ الدّين ابنَ عمّةِ الملك الكامل- وأمّا الأستاذ دار حسامُ الدّين ابنُ أَبِي عَلِيّ وزَيْنُ الدّين أميرُ جُنْدَار فطلبا دستوراً، فأذِن لهما، فقدِما عَلَى الصّالح إِسْمَاعِيل، فقبض عَلَى حسام الدّين وأخذ جميع ماله وقيّده، وقيّد جماعةً من أصحاب الصّالح نجم الدّين، وبقوا فِي حبْسه مدّة. ثُمَّ حوّل حسامَ الدّين إلى قلعة بَعْلَبَكّ وضيَّق عَلَيْهِ.
ولمّا بلغ العادلَ ما جرى عَلَى أخيه أظهر الفرح ودقّت البشائر وزُيّنتْ مصر، وبعث يطلبه من النّاصر فأبى عَلَيْهِ.
فلمّا كَانَ فِي أواخر رمضان سنة سبْعٍ طلب الملك النّاصر دَاوُد الصّالح نجم الدّين فنزل إِلَيْهِ إلى نابلس، فضرب لَهُ دِهْليزًا والتفّ عَلَيْهِ خواصّه، ثُمَّ أمر النّاصر بقطع خُطْبة العادل، وخطب للصّالح. ثُمَّ سارا إلى القدس وتحالفا وتعاهدا عند الصّخرة عَلَى أن تكون مصر للصّالح، والشام والشرق للناصر، ثم سارا إلى غزّة. وبلغ ذَلِكَ العادلَ فعظُم عَلَيْهِ، وبرز إلى بلبيس، وسار لنجدته الصالح إسماعيل من دمشق، فنزل بالغوار من أرض السَّواد. ثُمَّ خاف النّاصر والصّالح من جيش يلقاهما وجيشٍ خلفهِما، فرجعا إلى القدس. فما لبِثا أنْ جاءت النجّابون بكُتُب المصريّين يحثّون الصّالح، فقويت نفسُه، وسار مُجِدًّا مَعَ النّاصر، وتملّك مصر بلا كُلْفة، واعتقل أخاه. ثُمَّ جهّز مَن أوهم النّاصر بأنّ الصّالح فِي نيّة القبض عَلَيْهِ فخاف وغضب وأسرع إلى الكَرَك. [ص:568]
ثُمَّ تحقّق الصّالحُ فسادَ نِيّات الأشرفيّة وأنّهم يريدون الوثوب عَلَيْهِ، فأخذ فِي تفريقهم والقبْض عليهم. فبعث مقدّم الأشْرفيّة وكبيرَهم أيْبَك الأسمر نائبًا عَلَى جهة، ثُمَّ جهّز مَن قبض عَلَيْهِ، فذُلَّت الأشرفيّة، فحينئذٍ مَسَكَهم عن بُكْرة أبيهم وسجنهم. وأقبل على شراء مماليك الترك والخطائية، واستخدم الأجناد. ثم قبض على أكبر الخدّام شمس الدّين الخاصّ، وجوهر النُّوبيّ، وعلى جماعةٍ من الأمراء الكامليّة، وسجنهم بقلعة صدر بالقرب من أيلة. وأخرج فخرُ الدّين ابنُ الشَّيْخ من حبْس العادل فركب ركبةً عظيمة، ودعت لَهُ الرَّعيَّة لكَرَمه وحسن سيرته، فلم يعجب الصالح ذلك وتخيل، فأمره بلُزُوم بيته، واستوزر أخاه مُعينَ الدّين. ثُمَّ شرع يؤمّر غلْمانه، فأكثَرَ من ذَلِكَ. وأخذ في بناء قلعة الجيزة، واتّخذها سَكَنًا، وأنفق عليها أموالًا عظيمة. وكانت الجيزة قبل متنزهاً لوالده، فشيّدها فِي ثلاثة أعوام، وتحوّل إليها.
وأمّا النّاصر فإنّه اتّفق مَعَ عمه الصّالح إِسْمَاعِيل والمنصور صاحب حمص فاتّفقوا عَلَى الصّالح.
وأمّا الخَوَارِزْميّة فإنّهم تغلَّبوا عَلَى حرّان، وملكوا غيرها من القِلاع، وعاثوا وأخربوا البلاد الْجَزَريّة، وكانوا شرًّا من التّتار لا يعفّون عن قتْلٍ ولا عن سبْي، ولا فِي قلوبهم رحمة.
وفي سنة إحدى وأربعين وقع الصُّلح بين الصّالَحينْ وصاحب حمص، عَلَى أن تكون دمشق للصّالح إِسْمَاعِيل، وأن يُقيم هُوَ والحلبيّون والحمصيّون الخُطْبة فِي بلادهم لصاحب مصر، وأن يُخرج ولده الملك المغيث من اعتقال الصّالح إسماعيل وكذلك أصحاب الملك الصالح مثل حسام الدين ابن أبي علي ومجير الدين ابن أبي زكري؛ فأطلقهم الصالح إسماعيل، وركب الملك المغيث وبقي يسير ويرجع إلى قلعة دمشق، وردّ عَلَى حسام الدّين ما أُخِذَ له، ثم ساروا إلى مصر. واتّفق الملوك عَلَى عداوة النّاصر دَاوُد. وجهّز الصّالح إِسْمَاعِيل عسكرًا يحاصرون عجلون، وهي للنّاصر، وخطب لصاحب مصر فِي بلاده، وبقي عنده المغيث حتّى تأتيه نُسَخ الأَيْمان، ثُمَّ بَطَلَ ذَلِكَ كلُّه. [ص:569]
قَالَ ابن واصل: فحدّثني جلالُ الدّين الخِلاطيّ قَالَ: كنت رسولًا من جهة الصّالح إِسْمَاعِيل، فورد عليَّ منه كتابٌ وفي طيّه كتابٌ من الصّالح نجم الدّين إلى الخَوَارِزْميّة يحثُّهم عَلَى الحركة ويُعلِمُهم أَنَّهُ إنّما يصالح عمَّه ليخلص المغيثُ من يده، وَأَنَّهُ باقٍ عَلَى عداوته، ولا بُدّ لَهُ من أخْذ دمشق منه. فمضيت بهذا الكتاب إلى الصّاحب مُعين الدّين، فأوقفته عَلَيْهِ، فما أبدى عَنْهُ عُذْرًا يسوغ. وردّ الصّالحُ إِسْمَاعِيلُ المُغِيثَ إلى الاعتقال، وقطع الخُطْبة، وردّ عسكره عن عجلون، وراسل النّاصرَ واتّفق معه عَلَى عداوة صاحب مصر. وكذلك رجع صاحب حلب وصاحب حمص عَنْهُ، وصاروا كلمةً واحدةً عَلَيْهِ. واعتُقِلت رُسُلُهُم بمصر.
واعتضد صاحب دمشق بالفِرَنج، وسلَّم إليهم القدسَ، وطَبَرَيّة، وعسْقلان. وتجهَّز صاحب مصر للقتال وجهّز البعوث، وجاءته الخَوَارِزْميّة، فساقوا إلى غزّة، واجتمعوا بالمصريّين وعليهم رُكْن الدّين بَيْبَرْس البُنْدُقْدار الصّالحيّ- وليس هُوَ الَّذِي مَلَكَ، بل هذا أكبر منه وأقدم، ثُمَّ قبض عَلَيْهِ الصّالح نجمُ الدّين وأعدمه -.
قَالَ ابن واصل: فتسلَّم الفرنجُ حَرَم القُدس وغيرَه، وعمّروا قلعتَيْ طَبَرَيّة، وعسقلان وحصّنوهما. ووعدهم الصّالح بأنّه إذا مَلَكَ مصرَ أعطاهم بعضها. فتجمّعوا وحشدوا. وسارت عساكر الشّام إلى غزّة، ومضى المنصور صاحب حمص بنفسه إلى عكّا فأجابوه. فسافرتُ أَنَا إلى مصر، ودخلت القُدس فرأيت الرُّهْبان عَلَى الصّخرة وعليها قناني الخمر، ورأيت الجرص فِي المسجد الأقصى، وأُبْطِل الأذان بالحَرَم وأُعْلِن الكُفْر. وقدِم - وأنا بالقدس - النّاصر دَاوُد إلى القُدس فنزل بغربيّه.
وفيها ولّى الملكُ الصّالح قضاءَ مصر للأفضل الخَوْنَجِيّ بعد أنْ عزل ابنَ عَبْد السّلام نفسه بمُدَيْدة.
ولمّا عدّت الخَوَارِزْميّة الفُرات، وكانوا أكثر من عشرة آلاف، ما مرّوا بشيءٍ إلّا نهبوه، وتقهقر الذين بغزّة منهم. وطلع النّاصر إلى الكَرَك، وهربت [ص:570]
الفرنج من القدس، فهجمت الخوارزمية القدس، وقتلوا مَن بِهِ مِن النّصارى، وهدموا مقبرة القُمامة، وأحرقوا بِهَا عظام الموتى، ونزلوا بغزّة وراسلوا صاحب مصر، فبعث إليهم الخِلَع والأموال، وجاءتهم العساكر، وسار الأمير حسام الدين ابن أبي عَلِيّ بعسكرٍ ليكون مركزًا بنابلس. وتقدَّم المنصور إِبْرَاهِيم عَلَى الشّاميّين - وكان شَهْمًا شجاعًا قد انتصر عَلَى الخَوَارِزْميّة غير مرّة - وسار بهم، ووافَتْهُ الفِرَنْجُ من عكّا وغيرها بالفارس والرّاجل، ونفّذ النّاصرُ داودُ عسكرَه فوقع المَصَافُّ بظاهر غزة فانكسر المنصور شرّ كسْرة واستحرّ القتْل بالفرنج.
قَالَ ابن واصل: أخذت سيوفُ المسلمين الفرنجَ فأفْنَوْهم قتلاً وأسراً، ولم يفلت منهم إلّا الشّارد، وأسر أيضًا من عسكر دمشق والكَرَك جماعةَ مقدَّمين؛ فحُكيَ لي عن المنصور أَنَّهُ قَالَ: واللَّهِ لقد قصَّرْتُ ذَلِكَ اليوم، ووقع فِي قلبي أنّنا لا نُنْصَر لانتصارنا بالفِرَنج، ووصلتْ عساكرُ دمشق معه فِي أسوأ حال.
وأما مصر فزُيِّنتْ زِينةً لم تُزَيَّن مثلها، وضُرِبت البشائر، ودخلت أسارى الفرنج والأمراء، وكان يومًا مشهودًا بالقاهرة.
ثم عطف حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ، ورُكْنُ الدّين بَيْبَرْس فنازلوا عسقلان وحاصروا الفرنج الّذين تسلّموها، فجُرِح حسام الدّين، ثُمَّ ترحّلوا إلى نابلس، وحكموا عَلَى فلسطين والأغوار، إلّا عجلون فهي بيد سيف الدّين ابن قليج نيابةً للناصر داود. ثم بعث السّلطان الصّالح نجم الدّين وزيرَه مُعِينَ الدّين ابن الشيخ عَلَى جيشه، وأقامه مُقام نفسه، وأنفذ معه الخزائن، وحكّمه فِي الأمور، وسار إلى الشّام ومعه الخَوَارِزْميّة، فنازلوا دمشقَ وبها الصّالح والمنصور صاحب حمص، فذل الصالح إسماعيل وبعث وزيره أمين الدولة متشفعا بالخليفة ليصلح بينه وبين ابن أخيه الصالح؛ فلم يظفر بطائلٍ ورجع. واشتدّ الحصار عَلَى دمشق وأُخذت بالأمان لقلّة مَن مَعَ صاحبها، ولفَنَاء ما بالقلعة من الذّخائر، ولِتَخَليّ الحلبيّين عَنْهُ، فترحّل الصّالح إِسْمَاعِيل إلى بَعْلَبَكّ [ص:571]
والمنصور إلى حمص. وتسلّم الصّاحب مُعينُ الدّين القلعةَ والبلدَ.
ولمّا رأت الخَوَارِزْميّة أنّ السّلطان قد تملّك الشّام بهم وهزم أعداءه، صار لهم عليه إدلال كبير، مع ما تقدَّم من نصْرهم لَهُ عَلَى صاحب المَوْصِل وهو بسنجار، فطمعوا في الأخباز العظيمة، فلمّا لم يحصلوا عَلَى شيءٍ فَسَدَتْ نيَّتُهُم لَهُ، وخرجوا عَلَيْهِ، وكاتبوا الأميرَ رُكْنَ الدين بيبرس البندقدار- وهو أكبر أمراء الصالح نجم الدين أيوب، وكان بغزّة - فأصغى إليهم فيما قِيلَ، وراسلوا صاحب الكرك، فنزل إليهم ووافقهم، وتزوج منهم.
قلت: وكانت أمه أيضاً خوارزمية.
ثُمَّ طلع إلى الكَرَك واستولى حينئذٍ عَلَى القدس ونابلس وتلك الناحية، وهرب منه نُوّابُ صاحبِ مصر.
ثُمَّ راسلت الخُوَارَزْميّة الملكَ الصّالحَ إسماعيلَ، وحلفوا لَهُ فسار إليهم، واتّفقتْ كلمةُ الجميع عَلَى حرب صاحب مصر، فقلِق لذلك، وطلب رُكْن الدّين بَيْبَرْس فقدم مصر فاعتقله وكان آخر العهد بِهِ. ثُمَّ خرج بعساكره فخيم بالعباسة، وكان قد نفذ رسوله إلى المستعصم بالله يطلب تقليداً بمصر والشام والشرق، فجاءه التّشريف والطَّوقُ الذَّهَب والمركوب. فلبس التّشريف الأسود والعمامة والجبة، وركب الفرس بالحلْية الكاملة، وكان يومًا مشهودًا.
ثُمَّ جاء الصالح إسماعيل والخوارزمية ونازلوا دمشق وليس بها كبيرُ عسكرٍ، وبالقلعة الطُّوَاشيُّ رشيد، وبالبلد نائبها حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ الهَذبانيّ، فضبطها وقام بحِفْظها بنفسه ليلًا ونهارًا، واشتدّ بِهَا الغلاء، وهلك أهلُها جوعًا ووباءً. وبلغني أنّ رجلًا مات فِي الحبس فأكلوه، كذلك حدثني حسام الدين ابن أَبِيّ عَلِيّ.
فعند ذَلِكَ اتّفق عسكر حلب والمنصور صاحب حمص عَلَى حرب الخُوَارَزْميّة وقصدوهم وتركوا حصار دمشق، وساقوا أيضًا يقصدونهم، فالتقى الجمعان، ووقع المَصَافُّ فِي أوّل سنة أربعٍ وأربعين عَلَى القصب - وهي منزلة عَلَى بريد من حمص من قِبْلِيّها - فاشتدّ القتال والصّالح إِسْمَاعِيل مع الخوارزمية [ص:572]
فانكسروا عندما قُتِل مقدَّمُهُم الملكُ حسامُ الدّين بركةُ خان، وانهزموا ولم تقُم لهم بعدها قائمة، قتل بركةَ خان مملوكٌ من الحلبيّين، وتشتّتت الخُوَارَزْميّة، وخدم طائفة منهم بالشّام، وطائفة بمصر، وطائفة مع كشلوخان ذهبوا إلى التّتار وخدموا معهم، وكفى اللَّه شرَّهم. وعُلِّق رأسُ بركةَ خان عَلَى قلعة حلب. ووصل الخبر إلى القاهرة فزُيِّنت، وحصل الصُّلْح التّامّ والوداد بين السّلطان وبين صاحب حمص والحلبيّين.
وأمّا المُحَارِفُ الملكُ إِسْمَاعِيلُ فإنّه التجأ إلى حلب إلى عند ابن ابن أخته الملك النّاصر صلاح الدّين، فأرسل صاحبُ مصر البهاءَ زُهير إلى الناصر صلاح الدين يطلب منه إِسْمَاعِيلَ، فشقّ ذَلِكَ عَلَى النّاصر وقال: كيف يحسن أن يلتجئ إلي خال أَبِي - وهو كبير البيت - وأبعثه إلى من يقتله وأخفِر ذِمَّته؟! فرجع البهاء زُهير.
وأمَّا نائبُ دمشق حسامُ الدّين فإنّه سار إلى بَعْلَبَكّ وحاصرها، وبها أولاد الصّالح إِسْمَاعِيل، فسلّموها بالأمان، ثُمَّ أُرسِلُوا إلى مصر تحت الحَوْطة هم والوزير أمينُ الدّولة والأستاذ دار ناصر الدين ابن يغمور، فاعتُقِلوا بمصر.
وصَفَت البلاد للملك الصّالح. وبقي النّاصر دَاوُد بالكَرَك فِي حُكْم المحصور. ثم رضي السلطان على فخر الدّين ابن شيخ الشّيوخ. وأخرجه من الحبس بعد موت أخيه الوزير معين الدّين، وسيَّره فاستولى عَلَى جميع بلاد النّاصر دَاوُد، وخرّب ضِياع الكَرَك، ثُمَّ نازلها أيّامًا، وقَلَّ ما عند الناصر من المال والذّخائر بِهَا، وقلّ ناصُره، فعمل قصيدةً يعاتب فيها السّلطانَ، ويذكر فيها ما لَهُ من اليد عنده من ذَبّه عَنْهُ وتمليكه ديار مصر، وهي:
قلْ للَّذي قاسمتُه ملكَ اليدِ ... ونهضتُ فيه نهضة المتأسد
عاصيتُ فِيهِ ذوي الحِجَى من أسرتي ... وأطعتُ فِيهِ مكارمي وتودُّدي
يا قاطع الرّحم الّتي صِلتي بِهَا ... كُتبت عَلَى الفَلَك الأثير بعسجدِ
إن كنتَ تقدحُ فِي صريح مناسبي ... فاصبِرْ بعرضك للهيب المرصدِ
عمّي أبوك ووالدي عمٌّ بِهِ ... يعلو انتسابُك كلّ ملكٍ أصْيَدِ
صالا وجالا كالأُسود ضوارياً ... وارتدّ تيّار الفرات المزبد [ص:573]
ومنها:
دع سيف مقولي البليغ يذب عن ... أعراضكم بفِرِنْدِهِ المتوقدِ
فهو الَّذِي قد صاغ تاجَ فَخَارِكم ... بمفصَّلٍ من لؤلؤٍ وزبرجدِ
ثُمَّ أخذ يصف نفسه وجُودَه ومحاسنه وسُؤدُدَه، إلى أن قَالَ:
يا مُحرجي بالقول، واللهِ الَّذِي ... خَضَعَتْ لعزّتِهِ جِبَاهُ السُّجّد
لولا مقالُ الهجرِ منكَ لَمَا بَدا ... منّي افتخارٌ بالقريضِ المُنشد
إنْ كنتُ قلتُ خلافَ ما هُوَ شِيمتي ... فالحاكمونَ بمسمعٍ وبمشهدِ
واللهِ يا ابن العمّ لولا خيفتي ... لرميت ثغرك بالعداة المُرّد
لكنّي مّمن يخاف حرامة ند ... ماً يُجرّعني سِمامَ الأُسود
فأراك ربُّك بالهُدَى ما ترتجي ... ليراك تفعل كلَّ فعلٍ مُرشد
لتعيدَ وجهَ المُلك طلْقًا ضاحكًا ... وتردَّ شملَ البيتِ غير مُبدّد
كيلا ترى الأَيامُ فينا فرصة ... للخارجين وَضحكة للحُسّد
ثُمَّ إنّ السّلطان طلب الأمير حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ وولّاه نيابةَ الدّيار المصريّة، واستناب عَلَى دمشق الصّاحبَ جمالَ الدّين يحيى بْن مطروح. ثم قدم الشام، وجاء إلى خدمته صاحبُ حماة الملكُ المنصور- وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وصاحب حمص - وهو صغير- فأكرمهما وقرّبهما، ووصل إلى بَعْلَبَكّ، ثُمَّ ردّ إلى دمشق. ثُمَّ قدِم عَلَى نائب مصر حسام الدّين والدُه بدرُ الدّين محمدُ بْنُ أَبِي عَلِيّ، وقَرَابتُهُ علاءُ الدّين، وكانا فِي حبْس صاحب حمص، فلمّا مات أطلقهما ابنه، فَتُوُفّي بدرُ الدّين بعد قدومه بيسير. ثُمَّ رجع السّلطان ومرض فِي الطّريق.
حكى لي الأميرُ حسامُ الدّين قَالَ: لمّا ودّعني السّلطان قَالَ: إنيّ مسافرٌ، وأخاف أن يعرض لي موتٌ وأخي العادل بقلعة مصر فيأخذ البلاد، وما يجري عليكم منه خيرٌ، فإنْ مرضتُ ولو أَنَّهُ حُمى يومٍ فأَعْدِمْه، فإنّه لا خير فِيهِ، وولدي تورانشاه لا يصلحُ للمُلْك، فإنْ بَلَغَكَ موتي فلا تسلِّم البلادَ لأحدٍ من أهلي، بل سلّمْها للخليفة.
وأمّا عسقلان وطبرية، فلما تسلمتهما الفرنج من الصالح إسماعيل بنوهما، وحصّنوا القلعتين فنازلَهَما فخرُ الدّين ابنُ شيخ الشّيوخ بعدما ترحّل عن [ص:574]
حصار الكَرَك، ففتحهما وهدمهما. ودُقّت البشائر. وفَتَر السلطان عن أخذ حمص لانتماء صاحبها الأشرف، وأبوه إلى السلطان ومؤازرتهما له. ثم قدم الأشرف للسلطان قلعة شميمس فتسلَّمها. وأمّا حماة فكانت لابن أخته الملك المظفَّر وبها الصّاحبة أخت السّلطان، ثُمَّ تملّكها الملك المنصور ابن المظفر، وتزوج ببنت أخت السّلطان فاطمة خاتون ابْنَة الكامل، وكانت فاطمة بحلب، وهي والدة صاحبها الآن الملك الناصر صلاح الدين ابن العزيز، فزوَّج أختَه بصاحب حماة فِي هذه السّنة، وجاءت إِلَيْهِ فِي تجمُّلٍ عظيم.
ثُمَّ دخلت سنة ستٍّ وأربعين فصرف السّلطان نيابةَ مصر عن حسام الدين بجمال الدين ابن يغمور، وبعث الحسامَ بالمصريّين إلى الشّام، فأقاموا بالصّالحيّة أربعة أشهر.
قَالَ ابن واصل: وأقمتُ مَعَ حسام الدّين هذه المدّة، وكان السّلطان في هذه المدة وقبلها مقيمًا بأشمون طناح، ثُمَّ رجعنا إلى القاهرة.
وفيها خرجت الحلبيّون وعليهم شمسُ الدّين لؤلؤ الأمِينيّ، فنازلوا حمص ومعهم الملك الصّالح إِسْمَاعِيل يرجعون إلى رأيه، فنصبوا المجانيق وحاصروها شهرين، ولم يُنْجِدْها صاحبُ مصر، وكان السّلطان مشغولًا بمرض عرض له في بيضه، ثُمَّ فتح وحصل منه ناسور يعسر برؤه، وحصلت له في رئته بعد قرحة متلفة، لكنّه عازمٌ عَلَى إنجاد صاحب حمص.
ولمّا اشتدّ الخناق بالأشرف صاحب حمص اضطرَّ إلى أن أذعن بالصُّلْح، وطلب العِوَض عن حمص تلّ باشر مُضافًا إلى ما بيده، وهو الرحبة وتدمر، فتسلّمها الأميرُ شمسُ الدّين لؤلؤ الأمينيّ، وأقام بِهَا نوّابًا لصاحب حلب. فلمّا بلغ السّلطانَ وهو مريض أخذ حمص غضب وعظُمَ عَلَيْهِ، وترحّل إلى القاهرة، واستناب بِهَا ابن يغمور، وبعث الجيوش إلى الشّام لاستنقاذ حمص. وسار السّلطان فِي مَحِفَّة، وذلك فِي سنة ستٍّ وأربعين، فنزل بقلعة دمشق وبعث جيشه فنازلوا حمص، ونصبوا عليها المجانيق، فممّا نُصِب عليها منجنيقٌ مغربيّ، ذكر لي الأميرُ حسامُ الدّين أَنَّهُ كَانَ يرمي حجرًا زنته مائة وأربعون رطلاً بالشامي. ونصب عليها قرابغا واثني عشر منجنيقًا سلطانيّة، وذلك فِي الشّتاء.
وخرج صاحب حلب بعسكره فنزل بأرض كَفَرْطاب، ودام الحصار إلى [ص:575]
أنْ قدِم الباذرائيّ للصُّلْح بين صاحب حلب وبين السّلطان، عَلَى أن يقرّ حمص بيد صاحب حلب، فوقع الاتّفاق عَلَى ذَلِكَ، وترحّل عسكر السّلطان عن حمص لمرض السّلطان، ولأنّ الفرنج تحرّكوا وقصدوا مصر، وترحّل السّلطان إلى الديّار المصريّة لذلك وهو فِي مَحِفَّة. وكان النّاصر صاحب الكَرَك قد بعث شمسَ الدّين الخُسْروشاهيّ إلى السّلطان وهو بدمشق يطلب منه خبزا بمصر والشَّوْبَك لينزل لَهُ عن الكَرَك، فبعث السّلطان تاج الدّين ابن مهاجر فِي إبرام ذَلِكَ إلى النّاصر، فرجع عن ذَلِكَ لمّا سَمِعَ بحركة الفرنج، وطلب السّلطان نائبَ مصر جمالَ الدين ابن يغمور، فاستنابه بدمشق، وبعث على نيابة مصر حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ، فدخلها فِي ثالث محرَّم سنة سبْعٍ. وسار السّلطان فنزل بأشمون طناح ليكون فِي مقابلة الفرنج إنْ قصدوا دِمياط. وتواترت الأخبار بأن ريذا فرنس مقدَّم الإفرنسيسيّة قد خرج من بلاده فِي جموع عظيمة وشتى بجزيرة قبرص، وكان من أعظم ملوك الإفرنج وأشدهم بأساً. وريذ: بلسانهم الملك.
وشُحِنت دِمياط بالذّخائر، وأحكِمت الشّواني. ونزل فخر الدين ابن الشَّيْخ بالعساكر فنزل عَلَى جيزة دِمياط، فأقبلت مراكب الفرنج فأرست في البحر بإزاء المسلمين فِي صفر. ثُمَّ شرعوا من الغد فِي النّزول إلى البرّ الَّذِي فِيهِ المسلمون. وضربت خيمة حمراء لريذا فرنس، وناوشهم المسلمون القتال، فقُتل يومئذٍ الأميرُ نجمُ الدّين ابنُ شيخ الإِسْلَام، والأمير الوزيريّ، فترحّل فخر الدين ابن الشَّيْخ بالنّاس، وقطع بهم الجسرَ إلى البرّ الشّرقيّ الَّذِي فِيهِ دِمياط، وتقهقر إلى أشمون طناح، ووقع الخذْلان عَلَى أهل دِمياط، فخرجوا منها طول اللَّيل عَلَى وجوههم حتّى لم يبق بها أحد. وكان هذا من قبح رأي فخر الدّين فإنّ دمياط كانت فِي نوبة سنة خمس عشرة وستّمائة أقلّ ذخائر وعددًا، وما قدر عليها الفرنج إلى بعد سنة، وإنّما هرب أهلها لمّا رأوا هربَ العساكر وعلموا مرض السّلطان. فلمّا أصبحت الفرنجُ تملّكوها صَفْوًا بما حَوَت من العُدد والأسلحة والذّخائر والغِلال والمجانيق، وهذه مصيبةٌ لم يجر مثلها. [ص:576]
فلمّا وصلت العساكر وأهلِ دِمياط إلى السّلطان، حنق عَلَى الكِنانيّين الشّجعان الّذين كانوا بِهَا، وأمر بهم فشُنِقوا جميعًا، ثُمَّ رحل بالجيش وسار إلى المنصورة، فنزل بِهَا فِي المنزلة الّتي كَانَ أَبُوهُ نزلها، وبها قصرٌ بناه الكامل. ووقع النّفير العام فِي المسلمين، فاجتمع بالمنصورة أمم لا يحصون من المطوعة والعربان والحرافشة، وشرعوا فِي الإغارة عَلَى الفِرنج ومناوشتهم وتخطفهم، واستمر ذلك أشهراً، هذا والسلطان يتزايد مرضه، والأطباء قد آيسته لاستحكام السّلّ بِهِ.
وأمّا الكَرَك فإنّ صاحبها سافر إلى بغداد، فاختلف أولاده، وسار أحدهم إلى الملك الصّالح، فسلَّم إِلَيْهِ الكَرَك، ففرح بِهَا السّلطان مَعَ ما هُوَ فِيهِ من الأمراض، وزُيّنت بلادُه، وبعث إليها الطُّوَاشيّ بدرَ الدّين الصّوابيّ نائبًا، وقدِم عَلَيْهِ آلُ النّاصر دَاوُد فبالغ في إكرامهم وأقطعهم أخبازاً جليلة.
إلى أن قَالَ ابن واصل فِي سيرة الصّالح: وكان مَهِيبًا، عزيز النّفْس، أَبِيَّها، عالِيَها، حَيِّيًا، عفيفًا، طاهرَ اللّسان والذّيل، لا يرى الهزل ولا العبث، شديد الوقار، كثير الصّمت. اشترى من المماليك التُّرْك ما لم يشتره أحدٌ من أهل بيته، حتّى صاروا مُعظم عسكره، ورجّحهم عَلَى الأكراد وأمّرهم، واشترى - وهو بمصر- خلْقًا منهم وجعلهم بِطانته والمحيطين بدِهليزه وسمّاهم البحريّة.
حكى لي حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ أنّ هَؤُلاءِ المماليك مَعَ فَرْط جبروتهم وسطْوتهم كانوا أبلغ مَن يعظّم هيبة السّلطان، فكان إذا خرج وشاهدوا صورته يرعدون خوفًا منه، وَأَنَّهُ لم يقع منه فِي حال غضبه كلمةٌ قبيحةٌ قطّ، أكثر ما يَقْولُ إذا شَتَم: يا متخلّف. وكان كثير الباه لجواريه فقط، ولم يكن عنده فِي آخر وقتٍ غير زوجتين، إحداهما شَجَر الدُّرّ، والأخرى بِنْت العالمة تزوّجها بعد مملوكه الْجُوكنْدار. وكان إذا سَمِعَ الغناء لا يتزعزع ولا يتحرّك، وكذلك الحاضرون يلتزمون حالته كأنما على رؤوسهم الطَّير. وكان لا يستقلّ أحدٌ من أرباب دولته بأمر، بل يراجع بالقَصَص مَعَ الخُدّام، فيوقِّع عليها بما يعتمده كِتاب الإنشاء. وكان يحبّ أهلَ الفضل والدّين، وما كَانَ لَهُ مَيلٌ إلى [ص:577]
مطالعة الكتب، وكان كثير العزلة والانفراد، وله نهمة فِي اللَّعِب بالصَّوَالجة وفي إنشاء الأبنية العظيمة الفاخرة.
وقال غير ابن واصل فِي سيرة الملك الصالح: وكان الصالح لا يجتمع بالفضلاء، لأنه لم تكن لَهُ مشاركةٌ بخلاف أَبِيهِ، وكان اجتماعه بالنّاس قليلا جدا، بل كَانَ يقتصر عَلَى نُدمائه المعروفين بحضور مجلس الشراب، كَانَ ملكًا مَهِيبًا، جبّارًا ذا سطوةٍ وجلالة، وكان فصيحًا، حَسَن المحاورة، عفيفًا عن الفواحش، فأمّر مماليكه التُّرْك، وجرى بينه وبين عمّه إِسْمَاعِيل أمورٌ وحروبٌ إلى أن أخذ نوّابه دمشقَ عام ثلاثة وأربعين، وذهب إِسْمَاعِيل إلى بَعْلَبَكّ، ثُمَّ أُخذت من إِسْمَاعِيل بَعْلَبَكّ، وتعثّر والتجأ إلى النّاصر صاحب حلب، ولمّا خرج الملك الصّالح من مصر إلى الشّام خاف من بقاء أخيه، فقتله سرًّا، فلم يُمَتَّع، ووقعت الآكلة في فخذه بدمشق، ونزل الإفرنس ملك الفرنج بجيوشه عَلَى دِمياط فأخذها، فسار إِلَيْهِ الملك الصّالح فِي مَحِفّةٍ حتّى نزل بالمنصورة عليلًا، ثُمَّ عرض لَهُ إسهالٌ إلى أن تُوُفّي ليلة النّصف من شعبان بالمنصورة وأُخْفي موتُه حتّى أُحضِر ولدُه الملكُ المعظَّم من حصن كيفا، وملّكوه بعده.
فذكر سعدُ الدّين: أنّ ابن عمّه فخر الدّين نائب السّلطنة دخل من الغد خيمة السّلطان، وقرَّر مع الطواشي محسن أن يظهر أن السلطان أمر بتحليف النّاس لولده الملك المعظّم، ولوليّ عهده فخر الدين، فتقرر ذلك وطلبوا الناس، فحلفوا إلا أولاد الناصر، توقفوا وقالوا: نشتهي أن نبصر السّلطان، فدخل خادم وخرج، وقال: السّلطان يسلّم عليكم، وقال: ما يشتهي أن تروه فِي هذه الحالة، وقد رسم لكم أن تحلفوا فحلفوا، وجاءتهم من كلّ ناحية، راحت الكَرَك منهم، واسودّت وجوههم عند أبيهم بغدرهم، ومات السّلطان الَّذِي أمّلوه، ثُمَّ عَقِيب ذَلِكَ نفَوْهم من مصر، ونَفَّذ الأميرُ فخرُ الدين نسخ الأيمان إلى البلاد ليحلفوا للمعظَّم.
قلت: وكانت أمّ ولده شَجَر الدر ذات رأي وشهامة، فدولبت الملك مدة شهرين أو أكثر، وجرت لَهَا أمور، وخُطِب لَهَا عَلَى المنابر، وبقي المُلْك بعده فِي مواليه الأتراك وإلى اليوم، وتربته بمدرسته بالقاهرة.(14/562)
471 - ثابت الفقير. [المتوفى: 647 هـ]
شيخٌ بُستانيٌّ فلّاح، لَهُ أصحاب ومُحِبُّون، وله زاوية بقصر حَجّاج.
قَالَ التّاج عبد الوهاب ابن عساكر: كان له عادة في كل يوم جمعة لا يفيق ولا يصليّ ولا يأكل ولا يعي اليومَ كلَّه إلى أن مات، كانت له جنازة حفلة.(14/578)
472 - جَعْفَر بْن عَبْد الجليل الفقيه أبو الفضل القَلْعيّ المالكيّ. [المتوفى: 647 هـ]
سَمِعَ بدمشق من القاضي جمال الدين ابن الحرستاني، وحدث، ومات بالإسكندرية في شعبان.(14/578)
473 - حَرَميّ بْن عَبْد الغنيّ بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر، أَبُو المكرّم الأَنْصَارِيّ، المصريّ، الوراق، تقي الدين. [المتوفى: 647 هـ]
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وسمع من: عشير بْن عَلِيّ، وَعَبْد اللَّه بْن برّيّ النّحْويّ، وَأَحْمَد بْن طارق الكَرْكيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والدِّمياطيّ، وجماعة من المصريّين، وروى عَنْهُ: بالإجازة القاضي الحنبليّ، والعماد ابن البالِسيّ، وغيرهما.
وتُوُفّي فِي السّابع والعشرين من ذي القعدة.(14/578)
474 - الحسن بْن موسى بْن فيّاض الإِمَام أَبُو عَلِيّ الإسكندرانيّ. [المتوفى: 647 هـ]
من وجوه علماء الثّغر.
درّس وأفتى، ومات فِي رجب.
روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ عن عبد الرحمن مولى ابن باقا، وقد سمع أيضا من علي ابن البناء المكّيّ.(14/578)
475 - الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن منصور أَبُو عَبْد اللَّه السّعديّ، المقدسيّ الأصل، الدّمياطيّ، الشّافعيّ القاضي الملقّب بزَين الدّين [المتوفى: 647 هـ]
أخو الشَّيْخ عَبْد اللَّه.
روى عن: الحازميّ بالإجازة.
قَالَ شيخنا الدمياطي: هو شيخي ومفقهي، درست عليه " التنبيه " وبعض " المهذب "، و" منخول الغزالي " في أصول الفقه، و" جمل الزَّجّاجيّ ". قَالَ: وسمعت منه تصنيفه فِي البِدَع والحوادث، وكان صالحًا زاهدًا، ما ركب دابّة [ص:579]
فِي ولايته القضاءَ قَطّ. مات بالصّعيد فِي أحد الجماديين.(14/578)
476 - سيّدةُ بِنْتُ عَبْد الغنيّ أمُّ العلاء العبدريّة الغرناطية، العالمة. [المتوفى: 647 هـ]
كانت حافظة للقرآن، مليحة الخطّ، كثيرة العبادة والبِرّ والمعروف وفَكّ الأسارى، ونسخت بخطّها " إحياء علوم الدّين "، وغير ذلك، وعلمت فِي دُور الملوك.
وَتُوُفّيت بتونس، أرّخها الأبّار.(14/579)
477 - صِدّيق بْن رمضان بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه أَبُو الفضل، وَأَبُو بَكْر الدّمشقيّ، الصّوفيّ، [المتوفى: 647 هـ]
نزيل حلب.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وسمع من: القاضي أبي سَعْد بن أبي عصرون، ويحيى الثَّقَفيّ.
روى عَنْهُ شيوخنا: ابن الظّاهريّ، والدّمياطيّ، وإسحاق النّحّاس، وَتُوُفّي فِي السّادس والعشرين من شوال.(14/579)
478 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الصّنْهاجيّ الناميسي الطَّنْجيّ، المغربيّ. [المتوفى: 647 هـ]
سَمِعَ بسَبْتة من أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وبفاس من أَبِي عَبْد اللَّه الفَنْدلاويّ، وسمع كتاب " شُعَب الإِيمَان " من مؤلّفه عَبْد الجليل بْن موسى، وأجاز لَهُ: أبو القاسم ابن الملجوم، وَأَبُو الْعَبَّاس بْن مضاء.
وولي قضاء شِرَيش، ثُمَّ غرّب عن وطنه إلى تونس سنة اثنتين وأربعين.
وكان مشاركًا فِي عِلم الكلام.
كتب عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار، وذكر: أَنَّهُ كَانَ حيًّا فِي سنة سبْعٍ هذه.(14/579)
479 - عَبْد الصّمد الحجازيّ الشّريف الزّاهد، [المتوفى: 647 هـ]
نزيل دمشق.
كَانَ مقيمّا فِي المسجد الَّذِي بين القصاعين والفسقار.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى وازدحم النّاس عَلَى نعشه، رحمه اللَّه.(14/579)
480 - عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن إِسْمَاعِيل بْن مكّيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن عِيسَى بْن عوف الفقيه أبو الفضل ابن الفقيه أبي محمد ابن العلّامة أَبِي الطّاهر بْن عَوْف الْقُرَشِيّ، الزُّهْريّ، العَوْفيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، رشيد الدّين. [المتوفى: 647 هـ]
وُلِدَ سنة سبع وستين وخمسمائة، وسمع " الموطَّأ " من: جدّه، وسمع من: أَبِي الطَّيِّب عَبْد المنعم بْن الخلوف، وبمكة من زاهر بْن رستم.
والعجب كيف لم يسمع من: السِّلَفيّ؟ فإنّه من بيت العِلم والرّواية والصلاح، وكان ورعا، زاهدا، خيرا.
حدثنا عنه: الحافظ أبو محمد الدمياطي، وكان عنده عنه " موطَّأ مالك "، وروى عَنْهُ: جماعة من المصريّين، وعاش ثمانين سنة، ومات فِي عاشر صفر.(14/580)
481 - عَبْد العزيز بْن محمود الدّمشقيّ، الحنبليّ. [المتوفى: 647 هـ]
حدَّث عن: حنبل، وابن طَبَرْزَد، وكان يقرأ عَلَى الجنائز بحلب، ويُعرف بابن الأغماتيّ.
روى عَنْهُ: الدمياطي، وغيره، وإسحاق الصّفّار.(14/580)
482 - عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي القاسم بْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد المَوْصِليّ المعبّر، المعروف بابن التُّرابيّ. [المتوفى: 647 هـ]
نزيل القاهرة.
روى عن: أَبِي الفضل خطيب الموصل قطعةً من "مشيخته ". روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ، وجماعة.
وقد أنبأنا ابن البالسيّ أنّ هذا الشَّيْخ أجاز لَهُ: فِي سنة سبْعٍ هذه من ديار مصر، قال: أخبرنا أَبُو الفضل عَبْد اللَّه فِي جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمسمائة، فذكر حديثًا.
قلت: ولم أقع بتاريخ وفاته، وهذه السّنة آخر العهد بِهِ.(14/580)
483 - عَجِيبَة بِنْت الحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي غالب بْن أَحْمَد بْن مرزوق الباقداريّ البغدادي، وتدعى ضوء الصباح. [المتوفى: 647 هـ]
شيخة مسنة مشهورة. تفردت في الدنيا بالإجازة من جماعة، وسمعت من عَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وجماعة، وأجاز لَهَا مَسْعُود الثّقفيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه الرُّستُميّ، وَأَبُو الخير الباغبان، وابن عمه أبو رشيد الباغبَان، وهبة اللَّه بْن أَحْمَد الشِّبْليّ البغداديّ، ورجاء بْن حامد المعداني، وغيرهم، وخرّجوا لها " مشيخةً " في عشرة أجزاء.
وولدت في صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وكانت امْرَأَة صالحة.
روى عَنْهَا: المُحِبّ عَبْد اللَّه، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الهادي، وموسى بْن أَبِي الفتح، المقدسيّون، وَمُحَمَّد بن أبي بكر الجعفري، والحاج عبد الصمد المقرئ، والشيخ عبد الرحيم ابن الزجاج، وَمُحَمَّد بْن عَبْد المحسن الواعظ، وجماعة.
وَتُوُفّيت في صفر وقد كملت ثلاثا وتسعين سنة.
أخبرنا ابن البالسي، عن عجيبة، قالت: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا ابن الطيوري، قال: أخبرنا الحسين الطناجيري، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم البزاز، قال: حدثنا نفطويه، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ ". [ص:582]
وقد أجازت أيضا لمحمد البجدي، وبنت الواسطيّ، وجماعة، وتفرّدت عَنْهَا الشّيخةُ زينبُ بنت الكمال بالإجازة فروت بها الكثير في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، بل وفي سنة سبع وثلاثين، بل وفي سنة تسعٍ وثلاثين.(14/581)
484 - عقيل بْن أَبِي الفتح مُحَمَّد بْن يحيى بْن مواهب بْن إسرائيل أبو الفتوح البرداني الخباز. [المتوفى: 647 هـ]
سمع: أباه، وأبا الفتح بْن شاتيل، وأبا السّعادات القزّاز، وعبد اللَّه بن أَحْمَد بن حَمْتيس السرَّاج.
وكان شيخًا صحيح السَّماع، لا بأس به.
روى عنه: المحب ابن النجار، وغيره، وسمعنا بإجازته من: أبي المعالي ابن البالسي.(14/582)
485 - عَلِيّ بْن أَبِي القاسم بْن غزّيّ أَبُو الْحَسَن الدّمياطيّ الزّاهد. [المتوفى: 647 هـ]
وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين وخمسمائة.
وروى عن: ابن جُبَير الكِنانيّ، روى عَنْهُ: الحافظ عَبْد المؤمن.
وكان أحد المشايخ المشهورين بالعبادة والصّلاح. أسَرَتْهُ الفرنج عند استيلائهم عَلَى دِمياط، وكانوا يعظمونه ويحترمونه لشهرة صلاحه.
تُوُفّي برِباطه بالقَرَافة الكُبرى، وقبره بالرّباط ظاهر يزار.(14/582)
486 - عُمَر بْن عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد بْن طاهر بْن عَبْد العزيز، صفيُّ الدّين، أَبُو البركات الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ، المعدّل، المعروف بابن البراذعيّ. [المتوفى: 647 هـ]
ولد سنة ستين وخمسمائة تقريبا، وسمع من: أبي القاسم ابن عساكر، وَأَبِي سعد بْن أَبِي عصرون، وجماعة، وله " مشيخة " خرجها له الزّكيُّ البِرْزاليّ.
وكان من عدول تحت السّاعات.
روى عَنْهُ: البِرْزاليّ مَعَ تقدُّمه، وحفيدُ البِرْزاليّ، وابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وقاضي القُضاة ابن الخويي، وَالشَّيْخ تاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وأخوه، وَمُحَمَّد ابن خطيب بيت الآبار، وإسماعيل ابن عساكر، [ص:583]
وَمُحَمَّد بْن عتيق الشُّرُوطيّ، وَأَبُو المعالي مُحَمَّد ابن البالسي، وجماعة كثيرة، وتوفي في خامس ربيع الآخر.(14/582)
487 - قيصر بْن آقْسُنْقُر بْن قفجق بْن تكِش التُّرْكُمانيّ الصّوفيّ. [المتوفى: 647 هـ]
جاور بمكة نحْوا من ستّين سنة، وحدّث عن: يونس بْن يحيى الهاشميّ. أخذ عَنْهُ الأَبِيوَرْدِيّ، والدّمياطيّ، وجماعة، ومات فِي سلخ المحرم.(14/583)
488 - مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الجبّار بْن أَبِي الحَجّاج شِبْل بْن عَلِيّ، القاضي الرئيس ضياء الدين أبو الحسين ابن القاضي أَبِي الطّاهر الْجُذَاميّ الصُّوَيْتِي المقدسيّ ثُمَّ المصريّ. الأديب الكاتب. [المتوفى: 647 هـ]
وُلِدَ فِي تاسع صفر سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وسمع من: أَبِي القاسم البُوصِيريّ، وَأَبِي مُحَمَّد ابن عساكر، وجماعة بمصر، وَأَبِي الفتح المندائيّ بواسط، وَأَبِي أَحْمَد عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة ببغداد، والخُشُوعيّ، وجماعة بدمشق.
وعُني بالحديث وخرّج لجماعة وكتب، وهو من بيت رياسة وفضيلة. سمع منه: الجمال ابن شعيب، والنجيب الصفار، والضياء ابن البالسي، وحدث عنه الشرف الدمياطي، والعماد ابن البالِسيّ، وجماعة.
طعنه الفِرَنْج بالمنصورة طعنةً فحُمِل إلى القاهرة، وأدركه أجله بسمنود فِي خامس ذي القعدة، رحمه اللَّه.
وكان صاحب ديوان الجيش الصّالحيّ.(14/583)
489 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ، أوحدُ الدّين الْقُرَشِيّ، الزُّبَيْريّ، الدمشقي. [المتوفى: 647 هـ]
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بدمشق، وسمع أَبَا طاهر الخُشُوعيّ، وغيره. روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجيّ، وجماعة.
ويُعرف بابن الكعكيّ.
تُوُفّي فِي ثامن رجب.
وقد أجاز لي ابنه عَبْد اللَّه ابن الأوحد.(14/583)
490 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عشائر. الموصلي القبيصي. [المتوفى: 647 هـ]
حدّث بحلب عن حنبل المكبّر؛ وعنه الدِّمياطيّ، وغيره.
وكان شاهدًا بحلب، وروى لنا عَنْهُ إِسْحَاق الأسَديّ.(14/584)
491 - مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عَلِيّ، أَبُو جعفر ابن أَبِي عَلِيّ السّيّديّ، الإصبهانيّ، ثُمَّ البغداديّ الحاجب. [المتوفى: 647 هـ]
وُلِدَ فِي ذي القعدة سنة أربعٍ أو ثمان وستين وخمسمائة عَلَى قَوْلين لَهُ، وسمّعه أَبُوه من أَبِي الحسين عَبْد الحقّ اليوسُفيّ، وَأَبِي العلاء مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عقيل، وتَجَنّي الوهْبانيّة، ونصر اللَّه القزّاز، ومسعود بْن النّادر، وخلق، وروى الكثير، وطال عُمرُه.
روى عَنْهُ: ابن النّجّار، والمُحِبّ عَبْد اللَّه المَقْدِسيّ، وجمالُ الدّين أَبُو بَكْر الشريشي، وأبو جعفر ابن المُقيِّر، وطائفة.
وَتُوُفّي فِي هذه السّنة؛ كذا ذكره الشّريفُ ولم يُعيِّن الشَّهْرَ.
أجاز لسعد الدين، والبجدي، وعلي ابن السكاكري، وست الفقهاء بنت الواسطي، وبنت مؤمن، وخطباء ابْنَة البالِسيّ، وابن العماد الكاتب.
قَالَ ابن النجار: سمعه جده الكثير، ورأيت في ثبته مكشوطًا أماكن لأبيه، وقد جعل عِوَضها اسْمَه، ولَعَمْري لقد خلط عَلَى نفسه، وهو حريص على الرواية متكسب بِهَا وليس لَهُ فَهْم.
قلت: تفرَّدَتْ بِنْتُ الكمال بإجازته، وقد ذمّه المُحِبّ، وذكر أَنَّهُ خوّفه من اللَّه فِي ادّعاء إجازةٍ فيها ابن الخشّاب وغيره، وإنّما هِيَ لأخٍ لَهُ اسمُه باسمه مات صغيرًا، فادّعاها أَبُو جَعْفَر، وكان أخوه الَّذِي مات يُكنَى أَبَا جَعْفَر أيضا. يؤيد ذلك أنه سمع بعض أجزاء " الطب " للخلال، عَلَى عَبْد الحقّ فِي محرَّم سنة [ص:585]
سبعين حضورًا وله سنتان. ثُمَّ قَالَ المُحِبّ المذكور: وهذا بلاء عظيم وتخليط شديد، وسماع هذا يدلّ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ سنة ثمانٍ وستّين، وليس لَهُ سماع إلّا بعد السبعين، وقد فاوضْتُهُ وخوَّفْتُهُ وأنكرتُ عَلَيْهِ، وحضر عندي بعد أيّام، وأخرج الإجازة الّتي بخطّ ابن شافع، وقد ضُرِب عَلَى ذَلِكَ الاسم فِي غير موضع، فقلت: ما هذا؟ قَالَ: لا أدري من فعل هذا؟ أو لعل أحدًا قصد أذايَ فعل هذا، وأخذ يصّر عَلَى أنّ المضروبَ عَلَيْهِ اسمُه مَعَ ضعْفٍ فِي النُّطْق وارتعادٍ وتغيُّر لونٍ. فقلت: المصلحة أنْ تُخْفي هذه الإجازة واقنَعْ بما لك من السّماع الصّحيح، وهذا أمرٌ عظيم يسألك عَنْهُ رَسُول اللَّه صَلّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلّمَ في الآخرة، قال: فخجل وانكسر.(14/584)
492 - مُحَمَّد بْن غنائم بْن بيان الدّمشقيّ الحنفيّ، الواعظ. [المتوفى: 647 هـ]
سَمِعَ من: إِسْمَاعِيل الْجَنْزَويّ، والفقيه مَسْعُود بْن شجاع الحنفيّ، ومات فِي ذي القِعْدَة.(14/585)
493 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ المُضَرِيّ البصْريّ، ثُمَّ البغداديّ شهاب الدّين التّاجر. [المتوفى: 647 هـ]
روى عن: ابن الأخضر، وَتُوُفّي بمصر.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ.(14/585)
494 - نجم الدّين ابن شيخ الإِسْلَام [المتوفى: 647 هـ]
من الأمراء الصّالحيّة.
قُتِل عَلَى دِمياط، فَقَالَ الملك الصّالح: ما قدرتم تقفون ساعةً بين يدي الفرنج لمّا دخلوا دِمياط، ولا قُتل من العسكر إلّا هذا الضيف، وكان هذا قد قفز من عند صاحب الكَرَك، ولمّا هجم الفرنج ودخلوا دِمياط من بابٍ خرج ابنُ شيخ الإِسْلَام والعسكرُ من بابٍ، وتوقّف الفرنج ساعةً، وخافوا من مكيدَة، وهج أهل دِمياط عَلَى وجوههم حَيَارى بنسائهم وصغارهم، ونهبوا في الطرقات، وتوصلوا إلى القاهرة.(14/585)
495 - ولي بن عبد الخالق بن عبد الله بن ملهم ابن العَبُوس الكِنانيّ المصريّ، أَبُو الْحُسَيْن الأديب. [المتوفى: 647 هـ]
حدّث عن: البُوصِيريّ، والأرْتاحيّ، وله شِعْرٌ حَسَن رائق.(14/586)
496 - يحيى بْن عَبْد الواحد ابْن الشَّيْخ أَبِي حفص عمر الهنتاتي، الأمير أبو زكري [المتوفى: 647 هـ]
صاحب إفريقيّة وتونس.
كَانَ أَبُوهُ نائبًا لآل عَبْد المؤمن عَلَى إفريقيّة، فلمّا تُوُفّي والده جاء من قبل المؤمني الأمير عبوا، فولي مدّةً عَلَى إفريقيّة، فقام عَلَيْهِ يحيى هذا ونازعه وقهره، وغلب عَلَى إفريقيّة وتمكّن وامتدّت أيّامُه، وتملّك بِضْعًا وعشرين سنة، واشتغل عَنْهُ بنو عَبْد المؤمن بأنفسهم.
تُوُفّي بمدينة بونه من إفريقية فِي جمادى الآخرة سنة سبْعٍ وأربعين، أو في سنة تسع فيحرر.(14/586)
497 - يوسف بن حسن الرقام الموصلي ثم البغداديّ، المحدّث. [المتوفى: 647 هـ]
من مشاهير الطَّلبة.
ورّخه ابن أنجب.(14/586)
498 - يوسف ابن شيخ الشّيوخ صدرِ الدّين أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد ابن شيخ الشّيوخ أَبِي الفتح عُمَر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حَمُّوَيْه بْن مُحَمَّد بْن حَمُّوَيْه. الأمير الصّاحب، مقدَّم الجيوش الصالحية، فخر الدين أبو الفضل الحمويي الْجُويْنيّ الأصل، الدّمشقيّ. [المتوفى: 647 هـ]
وُلِدَ بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وسمع: منصور بْن أَبِي الْحَسَن الطَّبريّ، وغيره، وبمصر من محمد بن يوسف الغزنوي، وحدث.
وكان رئيسا، عاقلا مدبرا، كامل السؤدد، خليقا للإمارة، محبَّبًا إلى [ص:587]
النّاس، سَمْحًا جوادًا، لم يبلُغْ أحدٌ من إخوته الثّلاثة إلى ما بلغ من الرُّتْبة، وقد حبسه السّلطان نجمُ الدّين سنةَ أربعين، وبقي فِي الحبْس ثلاثة أعوام، وقاسى ضرًّا وشدائد، وكان لا ينام من القمل، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وأنعم عَلَيْهِ، وجعله نائب السّلطنة، وكان يتعانى شُرْب النّبيذ - نسأل اللَّه العفو - فلمّا تُوُفّي السّلطان ندبوا فخرَ الدّين إلى السّلطنة فامتنع، ولو أجاب لَتَمّ لَهُ الأمر.
بَلَغَنَا عَنْهُ أنه قدِم دمشقَ مَعَ السّلطان فنزل دار سامة فدخل عليه العماد ابن النّحّاس فَقَالَ لَهُ: يا فخر الدّين إلى كم؟ ما بقي بعد اليوم شيء؟ فَقَالَ: يا عماد الدّين، والله لأسبقنّك إلى الجنّة. فصدّق اللَّه - إن شاء اللَّه - قوله، واستشهد يوم وقعة المنصورة.
ولمّا مات الصّالح قام فخر الدين بأمر الملك، وأحسن إلى الناس، وأنفق في العسكر مائتي ألف دينار، وأحسن إلى الرّعيّة، وأبطل بعض المُكُوس، وركب بالشاويشية، ولو أمهله القضاءُ لكان ربّما تسلْطَن.
بعث الفارس أقْطاي إلى حصن كيفا لإحضار الملك المعظّم تورانشاه وُلِدَ السّلطان، فأحضره وتملّك، وقد همّ المعظَّم هذا بقتله، فإنّ المماليك الّذين ساقوا إلى دمشق يستعجلون المعظَّم أوهموه أنّ فخر الدّين قد حلّف لنفسه عَلَى المُلْك، واتّفق مجيء الفِرَنْج إلى عسكر المسلمين، واندفاعُ العسكر بين أيديهم منهزمين، فركب فخرُ الدّين وقت السَّحَر ليكشف الخبر، وأرسل النُّقَباء إلى الجيش، وساق فِي طلبه، فصادف طلْب الدّيويّة، فحملوا عَلَيْهِ، فانهزم أصحابه وطُعِن هُوَ فَسَقط وقُتِل، وأمّا غلمانه فنَهبوا أمواله وخَيْله.
قَالَ سعد الدّين ابن عمّه: كَانَ يومًا شديد الضّباب فطعنوه، رَمَوْه، وضربوا فِي وجهه بالسّيف ضربتين، وقُتِل عَلَيْهِ جَمْدارُه لا غير، وأخذ الجولانيّ قُدورَ حمّامه الَّذِي بناه بالمنصورة، وأخذ الدمياطي أبواب داره، وقتل يومئذ نجم الدين البهنسي والشجاع ابن بوشو، والتعبه دار الكاتب، ونهب خيم الميمنة جميعها. ثُمَّ تراجع المسلمون وأوقعوا بالفِرَنج، فقُتِل منهم ألف وستّمائة فارس. ثُمَّ ضربت الفرنج خِيَمَهم فِي هذا البر، وشرعوا في حفر خندق عليهم. ثم شلنا فخر الدين وهو بقميص لا غير، وأمّا داره الّتي أنشأها بالمنصورة فإنها [ص:588]
فِي ذَلِكَ النّهار خربت حتّى يقال: كَانَ هنا دار هِيَ بالأمس كانت تصطف عَلَى بابها سناجق سبعين أميرًا ينتظرون خروجه، فسبحان من لا يحول ولا يزول. ثُمَّ حُمِل إلى القاهرة، وكان يوم دفنه يوما مشهودًا، حُمِل عَلَى الأصابع، وعُمِل لَهُ عزاءٌ عظيم.
قتل يوم رابع ذي القعدة.
ومن شعره: دوبيت:
صيرّتُ فمي لفيه باللّثم لثام ... غصبا ورشفت من ثناياه مُدام
فاغتاظ وقال أنت في الفقه إمام ... ريقي خمرٌ وعندك الخمرُ حَرَامُْ
وله:
فِي عشقك قد هجرتُ أُمّي وَأَبِي ... الرّاحةُ للغَير وحظّي تعبي
يا ظالم في الهوى أما تُنصفني ... وحّدتُك في العشق فلم تُشرك بي
وأنشد أيضا:
وتعانَقْنَا فقُل ما شئت من ماءٍ وخمرِ ... وتعاتبنا فقُل ما شئت من غِنْج وسِحرِ
ثُمَّ لمّا أدبر اللّيلُ وجاء الصُّبح يجري ... قَالَ إيّاك رقيبي بك يدري قلت يدري
وله:
إذا تحقّقتم ما عند صاحبكم من ... الغرام فذاك القدر يكفيه
أنتم سكنتم فؤادي وهو منزلكم ... وصاحب البيت أدرى بالّذي فِيهِ(14/586)
499 - يوسف بْن محمود بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد، شمس الدّين أَبُو يعقوب الساوي الأصل الدمشقي المولد، المصري الصوفي، ويعرف بابن المخلص. [المتوفى: 647 هـ]
وُلِدَ فِي ربيع الأوّل سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة، وسمع من: السِّلَفيّ، والتّاج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، وَعَبْد اللَّه بْن بَرّيّ، والبُوصيريّ، وغيرهم. [ص:589]
روى عنه: الحافظ عبد العظيم، والكبار، وطال عمره وشاع ذكره.
أخبرنا عنه: أبو محمد الدمياطي، والشرف حسن ابن الصيرفي، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو الفتح ابن القَيْسَرانيّ، والشَّرَفُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الرَّحيم الْقُرَشِيّ، والأمين مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصّفّار، وطائفة.
وَتُوُفّي فِي حادي عشر رجب.
وكان من صوفية خانقاه سعيد السعداء.(14/588)
500 - أَبُو الْحُسَيْن بْن عَبْد الخالق الكِنانيّ، الأديب، المعروف بالبراد. [المتوفى: 647 هـ]
اسمه ولي، قد ذُكر، وهو من شيوخ الدّمياطيّ.(14/589)
-وفيها وُلِدَ:
شهاب الدّين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الولي بن جبارة المقرئ، وشمس الدّين مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن شِبْل الْجَزَريّ، مفتي المالكيّة، وسعدُ الدّين سعدُ اللَّه بْنُ بخيخ الحرّانيّ الأديب، وعليُّ بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر ابْن خطيب بيت الآبار، فِي جمادى الأولى، وَمُحَمَّدُ بْنُ يونس بْن أَحْمَد الحنفيّ المؤذّن، والنّجمُ أبو بكر ابن بهاء الدّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن خَلِّكان، والصّائنُ محمدُ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسّان، فِي شوّال، والشِّهابُ أَحْمَدُ بْن أَبِي العِزّ بْن صالح الأذْرعيّ، والنّجمُ عَبْدُ الرّحيم بْن محمود بْن أَبِي النّور، وصفيُّ الدّين محمود بْن أَبِي بَكْر الأُرْمَوِيّ، المحدّث بالقرافة، وشرف الدين أحمد بن عيسى ابن الشيرجي، في ربيع الآخر، والنجم أحمد ابن تاج الدين إسماعيل بن قريش المخزومي وقد حضر السبط والزين أحمد بن الحسن ابن تاج الدين ابن القسطلانيّ، حضر أيضًا السِّبْط، والجمالُ يوسفُ بْن إبراهيم قاضي إبل السوق، والبهاء محمد بن نصر الله ابن سَنِيّ الدّولة، والعلاءُ عَلِيُّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن قاسم الإربِليّ، ثُمَّ الدّمشقيّ التّاجر، والنّجمُ إِبْرَاهِيم بْن المسيّب بْن أَبِي [ص:590]
الفوارس، وأمينُ الدّين مُحَمَّدُ بْن مُحَمَّد بْن هلال الأَزْديّ، ونورُ الدّين عَلِيُّ بْن يُوسف بْن جرير الشَّطَنُوفيّ المقرئ فِي قَوْلٍ، وشَرَفُ الدين محمد بن شريف بن يوسف ابن الوحيد، الكاتب الزُّرَعيّ بدمشق، والشَّرَفُ يعقوب بْن أَحْمَد، أخو قاضي الحصْن، وإبراهيم بْن مُحَمَّد ابن الظاهري.(14/589)
-سنة ثمان وأربعين وستمائة.(14/591)
501 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن أحمد. فخر القضاة أبو الفضل ابن الجبّاب التّميميَّ السَّعْديَّ المصريّ المالكيّ العدْل، [المتوفى: 648 هـ]
ناظر الأوقاف.
ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة، وسمع: السلفي، وأبا المفاخر المأمونيّ، وَعَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وحدَّث بـ " صحيح مُسْلِم " مرّات عديدة عن المأمونيّ.
روى عَنْهُ الحافظان: المنذري والدمياطي، وجمال الدين ابن الظاهري، وفتح الدين ابن القَيْسرانيّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد القزّاز الحرّانيّ، وطائفة سواهم، وكان صحيح السَّماع.
قَالَ الدّمياطيّ: قرأت عَلَيْهِ " صحيح مُسْلِم " مرَّتين، وكان محسنًا إليَّ، بارًّا بي، وقال غيره: كَانَ أَبُوهُ وزيرًا جليلًا.
تُوُفّي ليلة الحادي والعشرين من رمضان.(14/591)
502 - أَحْمَد ابْن الرِّضَى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار. المقدِسيّ. [المتوفى: 648 هـ]
سَمِعَ: ابن طَبَرْزَد وجماعة، وعنه: الدّمياطيّ، وقال: مات بين العيدين.(14/591)
503 - أَحْمَد بْن يوسف بْن عَلِيّ الفقيه الشّريف عمادُ الدّين أَبُو نَصْر العَلَويّ الحَسَنيّ الموصليّ، الحنفيّ. [المتوفى: 648 هـ]
وُلِدَ سنة نيف وستين وخمسمائة، وتفقه على التاج أحمد بْن مُحَمَّد الحنفيّ، وسمع من: الشّريف أَبِي هاشم عَبْد المطَّلب، وغيره بحلب.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي بحلب، وإسحاق الصّفّار.(14/591)
504 - إِبْرَاهِيم بن علي بْن ظافر أَبُو إِسْحَاق الدّمياطيّ، المهندس المعروف بابن بقي المَنْجَنِيقيّ. [المتوفى: 648 هـ]
سَمِعَ بدمشق من: زَيْن الأُمَناء، وبدِمياط من: إِبْرَاهِيم بْن سُمّاقا قاضي دِمياط، وأجاز لَهُ: البُوصِيريّ وجماعة. [ص:592]
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: قَتَلَتْهُ الفِرنجُ عَلَى رأس المنجنيق لمّا فتحوا دمياط فِي ذي القعدة.(14/591)
505 - إِبْرَاهِيم بْن محمود بْن جوهر الشَّيْخ الزّاهد أبو إسحاق البعلبكي، الحنبلي، المقرئ البطائحي، [المتوفى: 648 هـ]
والد شيختنا المعمَّرة فاطمة.
روى عن: أَبِي اليمن الكندي وغيره وصحِب الشَّيْخ العماد مدة، وقرأ عليه القرآن، وجمع له سيرة حسنة في " جزء " مفرد، وكتب بخطه العلم والحديث، وتفقه على الشيخ الموفق، وغيره.
وكان من سادة المشايخ في وقته علما وزهدا وعبادة. كان يلقن الناس ويحرص عليهم، وأقام بالعقيبة مدة.
ذكره الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر فقال: عرفته ثلاثين سنة، ما سَمِعْتُ منه كلمةً يُعْتَذَرُ منها.
قلت: رجع فِي آخر عُمُره إلى بَعْلَبَكّ وحدَّث بِهَا.
روى لنا عَنْهُ: الشَّيْخ قُطْبُ الدّين موسى ابن الفقيه، والشهاب ابن باجوك، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وَتُوُفّي فِي نصف رجب، ودُفِن إلى جانب شيخه عَبْد اللَّه اليونيني، رحمة الله عليه.
وقد صحِب أيضًا الشَّيْخ عَبْدَ اللَّه البَطائحيّ مدّةً، وكان بِهِ خصِّيصًا.
وكان الشَّيْخ تقيُّ الدين ابن الواسطيّ يُثْني عَلَى الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بْن جوهر كثيرا، وقال: كان رجلا محقا.(14/592)
506 - إِبْرَاهِيم بْن محمود بْن سالم بْن مهديّ أبو محمد، وأبو إسحاق الأزجي، المقرئ، المعروف بابن الخيِّر الحنبليّ. [المتوفى: 648 هـ]
وُلِدَ فِي آخر سنة ثلاثٍ وستّين. سَمِعَ الكثير من أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقّ، وشُهْدَة، وخديجة النّهروانيّة، والحسن بْن شيرويه، وعبيد اللَّه بْن شاتيل، وغيرهم، وأجاز لَهُ: أَبُو الفتح ابن البطّيّ، وجماعة، وقرأ بالرّوايات عَلَى جماعة. [ص:593]
وكان صالحًا، ديِّنًا، فاضلًا، دائم البِشْر. روى الكثير وأقرأ مدّةً طويلة، وطال عُمُره، ورُحِل إِلَيْهِ.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، ومجد الدّين العديميّ، وجمال الدّين الشَّرِيشيّ، والخطيب عزّ الدين الفاروثي، وتقي الدين ابن الواسطي، والشيخ محمد الشمعي، والشيخ محمد القزاز، والشيخ عبد الرحمن ابن المقيّر، وَأَبُو القاسم بْن بَلَبَان، وَأَبُو الْحَسَن الغَرَافيّ، وخلق كثير.
وكان شيخنا الدّمياطيّ يتندّم لكونه لم يدر أن " جزء الحفّار " سماعه إلّا بعد موته، وقال لنا: مات فِي سابع عشر ربيع الآخر، وكانت جنازته مشهودة.
قَالَ ابن النّجّار: كتب بخطّه كثيرًا من الكُتُب المُطَوَّلات، ولقَّنَ خلْقًا. كتب عَنْهُ شيئًا يسيرًا عَلَى ضعْفٍ فِيهِ.(14/592)
507 - إسحاق بن سلطان بن جامع بن عويش بْن شدّاد، شَرَفُ الدّين التّميميّ، الدّمشقيّ، الحنفيّ، [المتوفى: 648 هـ]
المؤذّن بالعُقّيْبَة.
سَمِعَ من: الخُشُوعيّ، وغيره. روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنجي، وأبو علي ابن الخلّال، وجماعة، وابن البالِسيّ حضورًا.
تُوُفّي فِي جمادى الأولى.(14/593)
508 - إِسْمَاعِيل السّلطان الملك الصّالح عمادُ الدين أبو الخيش ابن الملك العادل أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب بْن شاذي، [المتوفى: 648 هـ]
صاحب بَعْلَبَكّ، وبُصْرَى ودمشق.
ملك دمشق بعد موت أخيه الملك الأشرف، وركب بأُبَّهة السَّلطنة، وخلع عَلَى الأمراء، وبقي أيّامًا، فلم يَلْبَث أن نازل دمشقَ الملكُ الكاملُ أخوه فأخذها منه وذهب هُوَ إلى بَعْلَبَكّ، ثُمَّ هجم هُوَ وصاحبُ حمص عَلَى دمشق وتملكها فِي سنة سبْعٍ وثلاثين، كما هُوَ مذكور فِي الحوادث.
وبَدَتْ منه هناتٌ عديدة، واستعان بالفِرَنج عَلَى حرب ابن أخيه، وأطلق [ص:594]
لهم حصن الشَّقِيف. ثُمَّ أُخذت منه دمشق فِي سنة ثلاثٍ وأربعين، وذهب إلى بَعْلَبَكّ فلم يَقَرّ لَهُ قرار، والتفّ عَلَيْهِ الخُوَارَزْميّة، وتمّت لَهُ خُطُوبٌ طويلة، فالتجأ إلى حلب، وراحت منه بُصْرَى وبَعْلَبَكُّ، وبقي فِي خدمة ابن ابن أخته الملك النّاصر.
فلمّا سار النّاصر لأخذ الدّيار المصريّة ومعه الملك الصّالح أُسِر الصّالح فيمن أُسِر وحُبِس بالقاهرة ومرّوا بِهِ أسيرًا عَلَى تُربة ابن أخيه الصّالح نجم الدّين فصَاحت البحريّة - وهم غلمان نجم الدّين -: يا خَوَنْد أَيْنَ عينُك تُبصر عدوَّك؟.
قَالَ سعد الدّين فِي " تاريخه ": وفي سلْخ ذي القعدة أخرجوا الصّالح إِسْمَاعِيل من القلعة ليلًا ومضوا بِهِ إلى الجبل فقتلوه هناك وعُفي أثرُهُ.
قلت: حصل لَهُ خيرٌ بالقتل، والله يسامحه، وقد رَأَيْت ولديه الملك المنصور والملك السّعيد والد الكامل، وقد روى عن: أَبِيهِ جزءًا من " المحامليات "، قرأه عليه السيف ابن المجد وكان لَهُ إحسان إلى المَقَادِسة، ولكنّ جناياته عَلَى المسلمين ضخمة.
قَالَ ابن واصل: لما أتي بالملك الصالح عماد الدين إِسْمَاعِيل إلى الملك المُعِزّ - وإنّما أُتيَ صبيحة الوقعة - أُوقِف إلى جانبه، قَالَ حسامُ الدّين ابن أَبِي عَلِيّ: فَقَالَ لي المُعِزّ: يا خَونْد حسام الدّين، أما تسلِّم عَلَى المولى الملك الصّالح؟ قَالَ: فدنوت منه وسلّمت عَلَيْهِ ثُمَّ دخل المُعِزّ - وقد انتصر - القاهرة. قَالَ ابن واصل: كان يوما مشهودا، فلقد رأيت الصّالحَ إِسْمَاعِيل وهو بين يدي المُعِزّ، وإلى جانبه الأمير حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ، فحكى لي حسامُ الدّين قَالَ: قلت لَهُ: هَلْ رأيتم القاهرة قبل اليوم؟ قَالَ: نعم، رأيتها مَعَ الملك العادل وأنا صبي، ثم اعتُقل الصّالح بالقلعة أيّامًا، ثُمَّ أتاه ليلة السّابع والعشرين من ذي القعدة عزُّ الدّين أيْبَك الرُّوميّ وجماعةٌ من الصّالحيّة إلى الدّار الّتي هُوَ فيها، وأمروه أن يركب معهم، فركب ومعهم مشعل، ومضوا بِهِ إلى باب القلعة [ص:595]
من جهة القرافة، فأطفؤوا المشعل وخرجوا به، فكان آخر العهد بِهِ، فقيل: إنّه خُنِق كما أمر هو بخنق الملك الجواد.
قَالَ: وكان ملكًا شَهْمًا، يقِظًا، محسنًا إلى جنده، كثير التجمل، وكان أَبُوهُ العادل كثير المحبّة لأمّه، وكانت من أحظى حظاياه عنده، ولها مدرسة وتُربة بدمشق.(14/593)
509 - أمين الدولة الصاحب أبو الحسن الطبيب السّامريّ ثُمَّ المسلمانيّ، [المتوفى: 648 هـ]
وزير الملك الصّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل.
قَالَ أبو المظفَّر الجوزيّ: ما كَانَ مسلمًا ولا سامريًّا، بل كَانَ يتستّر بالإسلام ويبالغ فِي هدْم الدّين. فقد بلغني أنّ الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الكُورانيّ قَالَ لَهُ يومًا: لو بقيتَ عَلَى دينك كَانَ أصلح لأنّك تتمسّك بدينٍ فِي الجملة. أمّا الآن فأنت مُذَبْذَبٌ لا إلى هَؤُلاءِ ولا إلى هَؤُلاءِ!.
قال: وآخر أمره شُنِق بمصر، وظهر لَهُ من الأموال والجواهر ما لا يوصف. فبلغني أنّ قيمة ما ظهر له ثلاثة ألف ألف دينار، ووُجِد لَهُ عشرة آلاف مجلّد من الكُتُب النّفيسة.
قلت: وإليه تُنْسَب المدرسة الأمينيّة ببَعْلَبَكّ.
حبس بقلعة مصر مدّة، فلمّا جاء الخبر الَّذِي لم يتمّ بأخذ الملك النّاصر صاحب الشّام الدّيارَ المصريّة كَانَ السّامريُّ في الجب هو وناصر الدين ابن يغمور أستاذ دار الصّالح إِسْمَاعِيل، وسيف الدّين القَيْمُرِيّ والخُوَارَزْميّ، صهر الملك النّاصر، فخرجوا من الْجُبّ وعَصَوا فِي القلعة، ولم يوافقهم القَيْمُرِيّ، بل جاء وقعد عَلَى باب الدّار الّتي فيها حرمُ عزّ الدّين أيْبَك التُّرْكُمانيّ وحماها، وأما أولئك فصاحوا بشعار الملك الناصر، ثم كانت الكرة للترك الصالحية، فجاؤوا وفتحوا القلعة وشنقوا أمينَ الدّولة وابن يَغْمُور والخُوَارَزْميّ وقد ذكرنا فِي ترجمة القاضي الْجِيليّ بعضَ أخبار أمين الدّولة.
وهو أبو الحسن بْن غَزَال بْن أَبِي سَعِيد، ولمّا أسلم لُقِّب بكمال الدّين وكان المهذَّب السّامريّ وزير الأمجد عمه. [ص:596]
وكان ذكيا، فطنا، داهيةً، شيطانًا، ماهرًا فِي الطِّبّ. عالج الأمجد واحتشم فِي أيّامه، فلمّا تملك الصّالح إِسْمَاعِيل بَعْلَبَكّ وَزَر لَهُ ودَبَّر مملكته، فلمّا غلب عَلَى دمشق استقلّ بتدبير المملكة، وحصَّل لمخدومه أموالًا عظيمة، وعَسَف وظَلَم. ثُمَّ لمّا عجز الصّالح عن دمشق وتسلّمها نوّاب الصّالح نجم الدّين، احتاطوا عَلَى أمين الدّولة واستصفوا أمواله، وبعثوه إلى قلعة مصر فحُبِس بِهَا خمس سنين، وأكثر هو وجماعة من أصحاب الصالح.(14/595)
510 - إياز بْن عَبْد اللَّه أَبُو الخير الشَّهْرَزُوريّ القضائيّ، مولاهم. [المتوفى: 648 هـ]
شيخ مُسِنّ، سَمِعَ من: خطيب الموصل أَبِي الفضل عَبْد اللَّه، روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره وأجاز للعماد ابن البالسي في هذا العام، وانقطع خبره.(14/596)
511 - تورانشاه بن أيوب بن محمد ابن العادل السّلطان الملك المعظَّم غياثُ الدّين، وُلِدَ السّلطان الملك الصّالح نجم الدّين. [المتوفى: 648 هـ]
لمّا تُوُفّي الصّالح جمع فخرُ الدّين ابن الشَّيْخ الأمراء وحلفوا لهذا، وكان بحصن كيفا، ونفذوا فِي طلبه الفارس أقطايا، فساق على البرية، هُوَ ومن معه، وكانوا خمسين فارسًا، ساروا أوّلًا إلى جهة عانَة وعَدّوا الفُرات، وغرَّبوا على بر السماوة وأخذ عَلَى البرّيّة بِهِ أيضًا لئلّا يعترضه أحدٌ من ملوك الشّام فكاد أن يهلك من العطش، ودخل دمشق بأُبَّهَة السَّلطنة فِي أواخر رمضان، ونزل القلعة وأنفق الأموال، وأحبّه النّاس. ثُمَّ سار إلى الدّيار المصريّة بعد عيد الأضحى، فاتّفق كسرةُ الفِرنج - خَذَلَهُم اللَّه - عند قدومه، ففرح النّاس وتيمّنوا بطَلْعته. لكنْ بدت منه أمورٌ نفَّرت منه القلوب، منها أَنَّهُ كَانَ فِيهِ خِفَّةٌ وطَيْش.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدِّين: كان الأمير حسام الدين ابن أَبِي عليّ ينوب للصّالح نجم الدّين فسيِّر القُصّاد عند موته سِرًّا إلى المعظَّم بحصْن كيفا يستحثه على الإسراع، فسار مجدا، وترك بحصن كيفا ولده الملك الموحّد عَبْد اللَّه وهو ابن عشر سنين، وسار يعسف البادية خوفًا من الملوك الّذين فِي طريقه، فدخل قلعة دمشق، ثُمَّ أخذ معه شَرَف الدّين الوزير هبة اللَّه الفائزيّ وكان حسامُ الدّين المذكور قد اجتهد فِي إحضاره مَعَ أنّ والده كَانَ يَقْولُ: ولدي ما [ص:597]
يصلُح للمُلْك، وألحَّ عَلَيْهِ الحُسامُ أنْ يُحضِره، فَقَالَ: أجيبه إليهم يقتلونه؟ فكان كما قَالَ!.
وقال سعد الدين ابن حمُّوَيه: قدِم المعظَّم فطال لسان كلّ من كَانَ خاملًا فِي أيّام أَبِيهِ، ووجدوه مُخْتَلَّ العقل، سيّئَ التّدبير ودُفع خُبْزُ فخرِ الدّين ابن الشيخ بحواصله لجوهر الخادم لالاته، وانتظر الأمراء أن يُعطيهم كما أعطى أمراءَ دمشق، فلم يَرَوا لذلك أثرًا، وكان لا يزال يحرّك كتِفَه الأيمن مَعَ نصف وجهه، وكثيرًا ما يولعُ بلحيته، ومتى سكر ضرب الشمع بالسيف، وقال: هكذا أريد أفعل بغلمان أبي، ويتهدد الأمراء بالقتل. فيشوش قلوب الجميع ومقتته الأنْفُس، وصادف ذَلِكَ بُخْلًا.
قلت: لكنّه كَانَ قويّ المشاركة فِي العلوم، حسن المباحثة، ذكيًّا.
قَالَ أَبُو المظفّر الْجَوْزيّ: بلغني أَنَّهُ كَانَ يكون عَلَى السّماط بدمشق، فإذا سَمِعَ فقيهًا يَقْولُ مسألةً قَالَ: لا نسلّم. يصيح بِهَا ومنها أَنَّهُ احتجب عن أمور النّاس، وانهمك عَلَى الفساد مَعَ الغلمان - عَلَى ما قِيلَ -، وما كَانَ أَبُوهُ كذلك، وقيل: إنّه تعرّض لحظايا أَبِيهِ وكان يشرب، ويجمع الشُّموع، ويضرب رؤوسها بالسّيف ويقول: كذا أفعل بالبحريّة - يعني مماليك أَبِيهِ - ومنها أَنَّهُ قدّم الأراذل وأخّر خواصَّ أبيه، وكان قد وعد الفارس لمّا قدِم إِلَيْهِ إلى حصن كيفا أن يؤمّره فما وفى لَهُ، فغضب وكانت أم خليل زَوْجَة والده قد ذهبت من المنصورة إِلَى القاهرة، فجاء هُوَ إِلَى المنصورة، وأرسل يتهددها ويطالبها بالأموال، فعاملت عليه فلمّا كَانَ اليوم السّابع والعشرين من المحرَّم من هذا العام ضربه بعض البحريّة وهو عَلَى السِّماط، فتلقّى الضَّربة بيده، فذهبت بعضُ أصابعه، فقام ودخل البُرج الخشب الَّذِي كَانَ قد عُمِل هناك، وصاح: مَن جرحني؟ فقالوا: بعض الحشيشيّة. فَقَالَ: لا والله إلّا البحريّة، واللَّهِ لأفنينّهم! وخيط المزين يده وهو يتهددهم، فقالوا فيما بينهم: تمموه وإلا أبادنا. فدخلوا عَلَيْهِ، فهرب إلى أعلى البُرج، فرموا النّار فِي البُرج ورموا بالنشاب [ص:598]
فرمى بنفسه، وهرب إلى النّيل وهو يصيح: ما أريد ملكا، دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين، أما فيكم من يصطنعُني؟ فما أجابه أحد، وتعلق بذيل الفارس أقطايا، فما أجاره، فقيل: إنّه هرب من النُّشّاب، ونزل فِي الماء إلى حلقه، ثُمَّ قتلوه، وبقي مُلْقًى عَلَى جانب النّيل ثلاثة أيّام منتفخًا، حتّى شفّع فِيهِ رسول الخليفة فواروه وكان الَّذِي باشر قتْله أربعةٌ، فلمّا قتِل خُطِب عَلَى منابر الشّام ومصر لأمّ خليل شَجَر الدُّرّ معشوقة الملك الصّالح، وكانت ذات عقلٍ وفِطْنة ودهاء.
قَالَ أَبُو شامة: قتلوه وأمّروا عليهم شَجَرَ الدُّرّ، فأخبرني من شاهد قتله أَنَّهُ ضُرِب أوّلًا، فتلقّى السَّيفَ بيده فجُرِحت، واختبط النّاس، ثُمَّ قَالُوا: بعد جَرْح الحيّة لا ينبغي إلّا قتلُها، فلبسوا وأحاطوا بالبرج الذي صنع له في الصحراء لمنازلة الفرنج، فأمروا زراقا بإحراق البرج، فامتنع، فضربوا عُنُقه، وأمروا آخَرَ فرماه بالنِّفْط، فهرب من بابه، وناشدهم الله في الكف عَنْهُ، وَأَنَّهُ يُقْلع عمّا نقموا عَلَيْهِ، فما أجابوه، فدخل فِي البحر إلى حلْقه، فضربه البندقداري بالسيف فوقع، وقيل: ضربه عَلَى عاتقه، فنزل السّيف من تحت إبْطه الأخرى وحُدِّثْتُ أَنَّهُ بقي يستغيث برسول الخليفة: يا أبي عزّ الدّين أدرِكْني. فجاء وكلّمهم فِيهِ، فردّوه وخوّفوه من القتل، فرجع، فلمّا قتلوه نودي: لا بأس، النّاس عَلَى ما هم عَلَيْهِ، وإنّما كانت حاجةً قضيناها، واستبدّوا بالأمر، وسلطنوا عليهم عِزَّ الدّين أَيْبَكَ التُّرْكُمانيّ، ولقّبوه بالملك المُعِزّ، وساروا إلى القاهرة.
قَالَ ابن واصل: ولمّا دخل المعظَّمُ قلعةَ دمشق قامت الشُّعراء، فابتدأ شاعر بقصيدة، أوّلها:
قُل لنا كيف جئت من حصن كيفا ... حين أرغمت للأعادي أُنُوفا
فَقَالَ المعظَّم في الوقت:
الطّريق الطّريق بألف نحسٍ ... مرّةً أمنا وطورا مخوفا
فاستظرفه الناس واشتهر ذلك ثُمَّ إنّه سار فلمّا قطع الرَّمْل ونزل بقصر [ص:599]
الصّالحيّة وقع من حينئذٍ التّصريح بموت أَبِيهِ، وكان مدة كتمان موته ثلاثة أشهر. كان يخطب له ثم ولاية العهد للمعظّم. ثُمَّ قدِم إلى خدمته نائبُ سلطنة مصر حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ الَّذِي كَانَ أستاذ دار أَبِيهِ وأتابَكَ جُنْده فِي حصن كيفا، فخلع عَلَيْهِ خِلْعَةً تامّة وسيفًا مُحَلًى وفَرَسًا بِسَرْجٍ مُحَلَّى، وثلاثة آلاف دينار.
قَالَ ابن واصل: وكنتُ يومئذٍ مَعَ حسام الدّين، فذكرني للسّلطان، فأتيت وقبَّلْتُ يده، ثُمَّ حضرت أَنَا وجماعة من علماء المصريّين عنده، فأقبل علينا وذكر ابن نباتة مشاكلة الخطيبين عماد الدّين وأصيل الدّين الإسْعِرْديّ، فلم ينطقا لخُلُوِّهما من فضيلة، فقلت: إنّ بعض النّاس ردّ عَلَيْهِ فِي قوله: الحمد لله الَّذِي إن وعد وفى وإنْ أوعد عفا، كأنّه نظر إلى قول الشاعر:
لمخلف إيعادي ومُنجز موعدي
وهذا مدح لآدميّ، لكنّه لا يكون مدْحًا في حق الله إذ الخَلْفُ فِي كلامه مُحالٌ عقلًا، فأقبل عليّ، وقال: أليس الله يعفو بعد الوعيد؟ قلت: يا خونْد هذا حقّ، لكنّه يكون وعيده مخلفا، فإذا عفا عن شخصٍ من المتواعدين عُلِم أَنَّهُ ما أراد به بذلك العموم ذلك الشخص، أمّا إذا توعْد شخصًا بعينه بعُقُوبة، فلو لم يعاقبه لزِم الخُلْف فِي خبره، وهو محال فأعجبه، وأخذ يحادثني بأشياء من عِلْم الكلام وغيره من الأدب، فتكلّم كلامًا حَسَنًا. ثُمَّ رجَّح أَبَا تمّام عَلَى المتنبّي، وأشار إلى حسام الدّين وقال: الأمير حسام الدّين يوافقني عَلَى ترجيحه، ثُمَّ وصلْنا إلى المنصورة لسبْعٍ بقين من ذي القعدة، فنزل بقصر أَبِيهِ، فلو أحسن إلى مماليك أَبِيهِ لَوَازَرُوه، ولكنّه اطّرحهم وجفاهم ففسدت أحواله، وقدِم جماعةٌ من علماء القاهرة كابن عَبْد السّلام، وابن الْجُمَّيْزي، وسراجُ الدّين الأُرْمَوِيّ، ووجدوا سوق الفضائل عند المعظم نافقة.(14/596)
512 - الحافظية، اسمها: أرغوان، عتيقة الملك العادل. [المتوفى: 648 هـ]
وهي الّتي ربت الملك الحافظ صاحب قلعة جعبر وكانت بدمشق، وكانت تبعث إلى القلعة بالأطعمة والثّياب إلى الملك المغيث عمر ابن الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب وهو محبوس، فحقد عليها الصّالح إِسْمَاعِيل، وصادرها وأخذ منها أموالا كثيرة. [ص:600]
بنت لَهَا تُربةً مليحة فوق عين الكرْش، ووقفت دارها بدمشق عَلَى خُدّامها، وعاشت زمانًا.(14/599)
513 - الْحَسَن بْن أَبِي طاهر إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد بن يحيى بن محمد ابن الخشّاب الحلبيّ [المتوفى: 648 هـ]
من كبراء الحلبيّين.
وهم بيت حشمة وتشيُّع.
مات فِي جمادى الآخرة.(14/600)
514 - الْحَسَن بن الحسن بن محمد ابن العُمرانيّ. أَبُو مُحَمَّد المَوْصِليّ، المعروف بابن الأثير شرف الدّين. [المتوفى: 648 هـ]
حدث عن: يحيى الثُّقفيّ، وَعَبْد الله بن علي بن سويدة التّكريتيّ روى عَنْهُ: شيخنا الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي في ربيع الأول.(14/600)
515 - الحسين بن الحسن بن إبراهيم بن سنان بْن موسى أَبُو عَلِيّ الدّاريّ التّميميّ، الخليليّ، العدل، التّاجر. [المتوفى: 648 هـ]
وُلِدَ ببلبيس سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، وسمع ببغداد من عَبْد اللَّه بْن دَهْبَل بْن كارة، وكان من أعيان التُّجّار المتموّلين.
توفي بمصر في سادس عشر رمضان.
وهو جد الوزير فخر الدين عمر ابن الخليلي.(14/600)
516 - حمدان بْن شَبِيب بْن حمدان بْن شَبِيب بن حمدان بن شبيب بن محمود بن غياث، أبو الثناء الحراني العطار، [المتوفى: 648 هـ]
والد المفتي نجم الدين أحمد الحنبلي.
سمع من: عبد الوهاب بن أبي حبة، وأجاز له: عبيد الله بن شاتيل، وأبو الحسين أحمد ابن الموازيني وجماعة. روى عنه: الدمياطي.
قال الشريف عز الدين: توفي في صفر.
وقال غيره: توفي سنة تسع وأربعين. فيحرر.(14/600)
517 - خديجة بِنْت المحدّث أَبِي الميمون عَبْد الوَهَّاب بْن عَتِيق بْن هِبَة اللَّه بْن وردان، أمُّ الخير المصريّة. [المتوفى: 648 هـ]
سمّعها أبوها من عَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد الصُّوفيّ، وَعَبْدِ المُجيب بْن زُهير، وجماعة، وسمعت حضورًا من البُوصِيريّ.
روى عنها: الدمياطي، وغيره من طلبة المصريين.
توفيت في ذي الحجة.(14/601)
518 - خيلخان بْن عَبْد الوهّاب بْن محمود، أَبُو مُحَمَّد القرشي العُمَريّ المصريّ المالكيّ الضّرير المقرئ. [المتوفى: 648 هـ]
قرأ القراءات، وتصدّر لإقرائها بالجامع العتيق، وقرأ عَلَى الكبار، فإنه ولد سنة أربع وستين وخمسمائة، وسمع من: البُوصِيريّ، وجماعة وَتُوُفّي فِي سلْخ ربيع الآخر.
وكان فقيرا قانعا.(14/601)
519 - داود بن سليمان بن عبد الوهاب ابن الشّيخ عَبْد القادر أَبُو سُلَيْمَان الْجِيليّ، ثُمَّ البغداديّ. [المتوفى: 648 هـ]
سَمِعَ من: جدّه عَبْد الوهّاب روى عنه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي في ربيع الأول ودفن عند آبائه بمقبرة الحلبة.(14/601)
520 - سالم بْن مساهل بْن سالم الحجريّ، الإسكندرانيّ. [المتوفى: 648 هـ]
روى عن: حمّاد الحرّانيّ وَتُوُفّي بالإسكندريّة فِي نصف ربيع الآخر.(14/601)
521 - ضياء الدّين القَيْمُرِيّ [المتوفى: 648 هـ]
من كبار الأمراء النّاصريّة.
قُتِل بين يديّ الملك المُعِزّ صبْرًا مَعَ الأمير شمس الدّين لؤلؤ بآخر رمل مصر.(14/601)
522 - عامر بْن مكّيّ بْن غالب البغداديّ المقرئ، الخطيب، الضرير. [المتوفى: 648 هـ][ص:602]
سَمِعَ: عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وجعفر بْن أَمُوسَان، روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وَتُوُفّي فِي شعبان.(14/601)
523 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عطيّة، أَبُو مُحَمَّد القَيْسيّ المالكي المالَقيّ. [المتوفى: 648 هـ]
قَالَ الشّريف عزّ الدّين: مولده سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة، وسمع من: أَبِي الحَجّاج المالقيّ، وَأَبِي مُحَمَّد عبد الله ابن القُرْطُبيّ الحافظ، وأجاز لَهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن زَرْقون، وخلْق كثير، ورحل، وحجّ وسمع من: مرتَضَى بْن أَبِي الجود، وجعفر الهَمْدانيّ، وكتب حديثًا كثيرًا، وكان شيخًا مُسِنًّا من صلحاء المسلمين. توفي في هذه السّنة.
قلت: ذكره الأَبّار فِي سنة ستٍّ وأربعين مختصرا.
وقد ذكره أبو جعفر ابن الزُّبَيْر فِي " بَرْنامجه " وعظّمه وأثنى عَلَيْهِ، وقال فِيهِ: الزّاهد، العارف، اللُّغَويّ، الحافظ، أجاز لَهُ: عَبْد الحقّ صاحب " الأحكام "، وَأَبُو الطّاهر بْن عوْف. ثم سمّى جماعة، قَالَ: وأخذ فِي رحلته سنة تسع عشرة وستمائة عن نيِّفٍ وستّين شيخًا، وكان يغيب كثيرًا عن مدينة مالقة بأملاكه. مولده سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة، وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة سنة ثمانٍ.(14/602)
524 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أيّوب الخطيب، أَبُو مُحَمَّد التُّجِيبيّ الْجَيّانيّ. [المتوفى: 648 هـ]
روى عن: أَبِي الْحُسَيْن بْن زَرْقون، وَأَبِي الخطّاب بْن واجب، وألّف " جزءًا " فِي السّتْرة فِي الصّلاة ومذاهب النّاس فيها.
سَمِعَ منه ابن الزُّبَيْر الثَّقَفيّ، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الْأَوَّل.(14/602)
525 - عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن مُحَمَّد، أَبُو معتوق الحربيّ، المعروف بابن الكل. [المتوفى: 648 هـ][ص:603]
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وسمع من: عَبْد المغيث بْن زُهَير، ويعقوب بْن يوسف المقرئ، والمبارك بْن المبارك بْن المعطوش، وجماعة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي أوّل رجب.(14/602)
526 - عَبْد السّلام بْن عَلِيّ بْن هبة اللَّه الفقيه أَبُو مُحَمَّد المصريّ المعدّل. [المتوفى: 648 هـ]
روى عن: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه ابن البناء، ومات فِي المحرَّم بمصر.(14/603)
527 - عَبْد العزيز بْن عيسى بن محمد المكي [المتوفى: 648 هـ]
يروي عن: يونس الهاشمي.(14/603)
528 - عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عصية البغدادي. [المتوفى: 648 هـ]
سمع: عبد الله بن أبي المجد، وعمر بن طبرزد، وتوفي في رجب.(14/603)
529 - عَبْد العزيز بْن يوسف بْن أَبِي الفَرَج ابن المهذّب أَبُو مُحَمَّد التّنُوخيّ الحَمَويّ، ثُمَّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 648 هـ]
سمع من: عَبْد اللطيف بن أَبِي سعد، والقاسم ابن عساكر، وحنبل.
وكان صالحًا، زاهدًا، كثير الحجّ والتّلاوة.
روى عَنْهُ: ابن الحُلْوانيّة، وغيره.
ومات في رجب.(14/603)
530 - عبد الغني بن فاخر، [المتوفى: 648 هـ]
مهتر الفرّاشين بدار الخلافة.
وكان حَسَن الزِّي، كثير النعم جدًّا. نفقته فِي الشّهر فوق مائة وخمسين دينارا، وله عدة حظايا، وكان مهوسا بأمر الْجِنّ ويزعم أَنَّهُ يستحضرهم، وله وقْفٌ وبر.
وعاش نيّفًا وسبعين سنة.(14/603)
531 - عَبْد القُدُّوس بْن عَرَفَة بن علي، أبو أحمد ابن البقليّ، البغداديّ، المقرئ. [المتوفى: 648 هـ]
روى عن: أَبِيهِ أَبِي المعالي " جزءًا " عن أَبِي الكَرم الشَّهْرَزُوريّ. أخذ عنه: الدمياطي، وغيره، ومات في صفر.(14/603)
532 - عَبْد المحسن بْن زين بْن سلطان الكِنانيّ، المقرئ، المصريّ. [المتوفى: 648 هـ]
قرأ القراءات، وتصدّر لإقرائها بالقاهرة، وسمع من: عَلِيّ بْن المفضَّل الحافظ.
تُوُفّي فِي العشرين من شعبان وله ثمانٍ وسبعون سنة.
روى عنه: الدمياطي من شِعره.(14/604)
533 - عَبْد الملك بْن عبدُ السَّلام بنُ إسْمَاعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن، الفقيه مجد الدين، أبو محمد اللمغاني، ثم البغدادي، الحنفي. [المتوفى: 648 هـ]
روى عن: أَحْمَد بْن أزهر السّبّاك، وغيره.
وكان مدرّس مشهد أَبِي حنيفة ببغداد.
روى عَنْهُ: الدِّمياطيّ، وغيره.
ومات فِي ذي الحجّة.(14/604)
534 - عَبْد الوَهَّاب بْن ظافر بْن عَلِيّ بْن فتوح بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم، المحدّث المُسْنِد رشيد الدين، أبو محمد ابن رَوَاج - وهو لَقَبُ أَبِيهِ - الأزْديّ أو القُرَشيّ - فيُحَرَّر - الإسكندرانيّ، المالكيّ، الْجَوْشَنيّ. [المتوفى: 648 هـ]
وُلِدَ سنة أربعٍ وخمسين، وسمع الكثير من السِّلَفيّ، ومخلوف بْن جارة الفقيه، وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف، وَأَبِي طَالِب أحمدَ بْن المُسلَّم اللَّخميّ، والمشرف بْن عَلِيّ الأَنْماطيّ، وَأَحْمَد وَمُحَمَّد ابنَيْ عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، ومقاتل بْن عَبْد العزيز البَرْقيّ، وظافر بْن عطيّة اللّخْميّ، وَمُحَمَّد بْن القاسم الفاسيّ، ويحيى بن عبد المهيمن بن قلنبا، ومحمد بن محمد الكركنتي، وَعَبْد الواحد بْن عسكر، وغيرهم.
وكتب بخطّه الكثير، وخرّج لنفسه " أربعين " حديثًا، وكان فقيهًا لبيبًا، فاضلًا، ديّنًا، صحيح السَّماع، متواضعًا، سهل الانقياد، انقطع بموته شيءٌ كثير. [ص:605]
روى عَنْهُ: ابن نُقطة، وابن النّجّار، والزّكيّ المنذريّ، والرّشيد العطّار، وابن الحُلْوانيّة، والدّمياطيّ، والضّياء السبتي، والشرف حسن ابن الصيرفي، والتاج علي الغرافي، والشهاب أحمد ابن الدفوفي، والطواشي بلال المغيثي، ومحمد بن النصير بْن الأصفر، وشهابُ بْن عَلِيّ، وَأَبُو بَكْر ثابت البشطاريّ، وَمُحَمَّد بْن أَبِي القاسم الصّقِلّيّ، والشمس عبد القادر ابن الحظيري، والشرف محمد بن عبد الرحيم ابن النشو، وخلْق كثير.
وحدّث بالإسكندريّة، والقاهرة.
سَمِعْتُ عَبْد المؤمن الحافظ يَقْولُ: قرأ ابن شُحَانَة عَلَى ابن رَوَاج فَقَالَ: الإِبطِ؛ بكسر الباء، فَقَالَ: لا تُحَرِّكْهُ يَفِحُّ صِنانُه!.
تُوُفّي ابن رَوَاج فِي ثامن عشر ذي القعدة.
وختم أصحابه بيوسف بن عمر الختني، أعني بالسّماع.(14/604)
535 - عثمان بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحمن بْن سلطان بْن يحيى بْن عَلِيّ مجدُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 648 هـ]
سَمِعَ من: جدّه زَيْن القضاة أَبِي بَكْر، وَعَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد، وحنبل، وغيرهم.
وأضّر بأَخَرَة، وانقطع عن النّاس.
روى عَنْهُ: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد ابن البالِسيّ، وآخرون.
تُوُفّي فِي رجب.(14/605)
536 - عَلِيّ بْن سالم بْن أَبِي بَكْر بْن سالم، أَبُو القاسم البعقوبي، الخشاب. [المتوفى: 648 هـ]
ولد قبل السبعين وخمسمائة، وسمعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصرِ الله القزاز، وغيرهما، كتب عنه: عمر ابن الحاجب، والكبار، وروى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الدِّمياطيّ، وغيره، وأجاز لجماعة من شيوخنا، وَتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من رمضان ببغداد.(14/605)
537 - عَلِيّ بْن عَبْد المجيد بْن مُحَمَّد بْن محمد، أبو الحسن الكركنتي، الإسكندري، [المتوفى: 648 هـ]
وكِرْكِنْت: من قُرى القيروان.
حدَّث عن: القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، ومات فِي رمضان.(14/606)
538 - عُمَر بْن إِسْحَاق، فخر الدّين، أَبُو حفص الدَّوْرَقيّ. [المتوفى: 648 هـ]
صدر مُعَظَّم كبير، واسع الجاه، كان راتبه كل يوم خمسمائة رطْل خُبْز، إلى مثل ذَلِكَ من اللّحْم والأدم، وكان خيرا سليم الصدر.(14/606)
539 - لؤلؤ، الأمير الكبير شمسُ الدّين، أَبُو سَعِيد الأمينيَّ المَوْصِليّ، [المتوفى: 648 هـ]
كافل الممالك الشّاميّة.
وُلِدَ سنة خمس وثمانين وخمسمائة تقريبا، وسمع من: محمد بن وهب ابن الزّنف، وعمر بْن طَبَرْزَد.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومجد الدين ابن العديم، وغيرهما.
وكان بطلًا شجاعًا، كريمًا، ديّنًا، عابدًا، صالحًا، أمّارًا بالمعروف. إلّا أنّ فِيهِ عقْل التُّرك!.
كَانَ مدبّر الدّولة النّاصريّة، فحرص كلَّ الحِرْص عَلَى العبور إلى الدّيار المصريّة ليفتحها لمخدومه، فسار بِهِ وبالجيوش، وعمل مَعَ عسكر مصر مَصَافًّا بقرب العبّاسة فانكسر المصريّون، ثُمَّ تناخت البحريّة بعد فراغ المَصَافّ، وحملوا عَلَى لؤلؤ وهو فِي طائفةٍ قليلة فأسروه، ثم قتلوه بين العباسة وبِلْبِيس فِي تاسع ذي القِعدة، وقتِل معه جماعة.
قال ابن واصل: وقع المصاف فحمل الشاميون حملة شديدة فهزموا المصريين وتبعهم الشّاميّون، وثبت المُعِزّ فِي جماعة من البحريّة، وتحيّز بهم ومعه الفارس أقطاي، وعزموا عَلَى قصد ناحية الشَّوْبَك، وبقي السّلطان الملك النّاصر تحت السّناجق فِي جمعٍ قليل أيضًا، وبَعُد عَنْهُ جيشُه إذ ساقوا خلْف المصريّين إلى العباسة، وتم لهم النصر، ونصبوا دهليز السلطان بالعباسة. [ص:607]
وحكى لي الأمير حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ أنّ فرسه تقنطر بِهِ، فجاء جُنديٌّ فركبه وقال لَهُ: قد تمّت الكسْرة علينا قَالَ: فشاهدت طلْبًا قريبًا منّي فقصدتُهُم، فرأيت رنكهم رنك المصريين فأتيتهم، فوجدتهم المُعِزّ وأقطاي فِي جماعةٍ لا يزيدون عَلَى سبعين فارسًا فسلّمتُ عَلَى الملك المُعِزّ ووقفت، فَقَالَ لي: ترى هذا الْجَمْع؟ قلت: نعم. فَقَالَ: هذا الملك النّاصر وجماعتُه، ثُمَّ إنّ المُعِزّ حمل عَلَى النّاصر، فانهزم وكُسِرَت سناجقُه، ونُهِبَ ما معه، وأُسِر بعضهم، ونجا البعض، وانضاف بعض العزيزيّة إلى المُعِزّ وكثُر جَمْعه، فلقد أساء شمسُ الدّين لؤلؤ التّدبيرَ فِي تركه السلطان في قل من الناس، وكان ينبغي لَهُ وللعسكر أن يُلازموه إلى أن ينزل بالمنزلة، ولو فعلوا ذَلِكَ لَمَلَكُوا البلاد. فأسَرَ أصحاب المُعِزّ الملكَ الصّالحَ إِسْمَاعِيلَ والأشرفَ صاحب حمص، والمعظَّمَ وَلَدَيِ السّلطان صلاح الدين، وبلغ لؤلؤ هرب السلطان فقال: ما يضرنا بعد أن انتصرنا، هو يعود إذ تمكّنا، ثُمَّ كرَّ راجعًا فِي جَمْعٍ، وحمل على الملك المعز، فحمل أيضا عليه، فانكسر جماعة لؤلؤ، وأُسَر هُوَ وضياءُ الدّين القيمري.
فحدثني حسام الدين ابن أَبِي عَلِيّ قَالَ: ما رَأَيْت أَحسن ثَبَاتًا من لؤلؤ، ولا أشدّ صبرًا. لم يتكلَّم بكلمةٍ ولا ذَلّ ولا خضع ولا اضطّرب حتى أخذته السيوف.(14/606)
540 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ القاضي أَبُو القاسم الْجَيّانيّ، الأندلُسيّ [المتوفى: 648 هـ]
من كبار المُسْنِدِين.
روى عن: ابن الجد، والسُّهَيْليّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرقون بالإجازة.(14/607)
541 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد السّلام بْن عتيق، الإِمَام، قاضي الإسكندريّة أَبُو عَبْد اللَّه التّميميّ، السّفاقُسيّ المالكيّ، الخطيب. [المتوفى: 648 هـ]
سَمِعَ من: ابن موقى.
توفي فِي ربيع الأوّل.(14/607)
542 - مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن عَلِيّ بْن سالم، أَبُو عَبْد اللَّه الحَمَويّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الحنفيّ الواعظ [المتوفى: 648 هـ]
أخو أَبِي بَكْر. [ص:608]
وُلِدَ سنة تسعٍ وسبعين، وسمع بالقاهرة من الزَّوجَين ابن نجا وفاطمة بِنْت سعد الخير، وبدمشق من ابن طَبَرْزَد، روى عَنْهُ: أَبُو علي ابن الخلّال، وغيره، وَتُوُفّي فِي ذي القعدة بدمشق.(14/607)
543 - محمد بن سنجرشاه بْن غازي بْن مودود، الملك المعظّم [المتوفى: 648 هـ]
صاحبُ الجزيرة العُمَريّة، وابن صاحبها.
بقي فِي المُلْك ثلاثًا وأربعين سنة، ولَقَبُه مُعِزّ الدّين.
تزوَّج ابنُه ببنت بدر الدّين صاحب المَوْصِل، وكان ديّنًا قبل السّلطنة، فلمّا طالت أيّامه تَجَبَّر وظلم وتَفَرْعَنَ، وكان صاحب مصر الكامل يُهاديه ويُراسله، وكذا الخليفة وصاحب الموصل ويحترمونه، لكونه بقية البيت الأتابكي.
تملك الجزيرة بعده ابنه الملك المسعود زوج بِنْت صاحب الموصل، فبغى عَلَيْهِ صاحب الموصل وغرّقه.(14/608)
544 - مُحَمَّد بْن أَبِي بكر عَبْد اللَّه بْن أَبِي السّعادات، أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ، الدّبّاس، الحنبليّ، [المتوفى: 648 هـ]
من كبار علماء الحنابلة.
كَانَ صالحًا، ديِّنًا، خيرًّا، صابرًا عَلَى تعليم العِلْم. أعاد بالمستنصريّة مدّةً، وسمعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصرِ اللَّه القزّاز، وقرأ بنفسه عَلَى أصحاب ابن الحُصَيْنِ.
تُوُفّي فِي شعبان. قاله الْجَزَريّ.
وقد ذكره ابن النّجّار، وروى عَنْهُ: حديثًا، وأطنب فِي وصفه وتفخيمه.(14/608)
545 - مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سهل أَبُو عَبْد اللَّه الصّوفيّ البَنْدَنِيجيّ. [المتوفى: 648 هـ]
شيخ صالح، سَمِعَ من: يحيى بْن بَوْش، ومات فِي جمادى الآخرة.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومجد الدّين العديميّ.(14/608)
546 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن منصور بْن أَبِي سعد، مجدُ الدّين أَبُو عَبْد اللَّه الإسْفَرَايينيّ الصّوفيّ المعروف بابن الصّفّار. [المتوفى: 648 هـ][ص:609]
ولد يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وخمسمائة بإسفرايين، وسمع بنَيْسابور من المؤيَّد الطُّوسيّ، والقاسم بْن عَبْد اللَّه الصّفّار، وعثمان بْن أَبِي بَكْر الخَبُوشانيّ، وزينب الشِّعْريّة، وغيرهم.
وكان صوفيًّا محدّثًا عالِمًا، وُليّ القراءةَ بدار الحديث من أوَّل ما فُتحت، وكان مليحَ القراءة، متزهّدًا، كثير السُّكُون، صحيح الكتابة.
روى عَنْهُ: الشَّيْخ زَيْن الدّين الفارقيّ، والخطيب شَرَف الدّين الفَزَاريّ، وبهاء الدين ابن المقدسي، وركن الدين الطاووسي، وَمُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكنْجي، وجلال الدّين النّابُلُسيّ الحاكم، وجماعة، وبالحضور: العماد ابن البالِسيّ، وغيره.
تُوُفّي بالسُّمَيْساطِيّة فِي تاسع عشر ذي القِعدة.(14/608)
547 - مُحَمَّد ابن الوزير نصير الدّين ناصر بْن مهديّ بْن حمزة، أَبُو عَبْد اللَّه العَلَويّ، البغداديّ، الأديب. [المتوفى: 648 هـ]
وُليّ نظر الخزانة فِي دولة أَبِيهِ، فلما نُكِب أَبُوهُ حُبسَ هذا، ثم أفرج عنه وخمل أمره وبقي إلى هذه السّنة.(14/609)
548 - محمود بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي الفوارس القاضي أَبُو الثّناء الشَّهْرَزُوريّ، الشّافعيّ، قاضي كفرطاب. [المتوفى: 648 هـ]
ولد بالصامغان، من نواحي شَهْرَزُور، وحدَّث عن: عُمَر بْن طَبَرْزَد.
تُوُفّي فِي رجب بكَفَرْطاب.(14/609)
549 - مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه، أَبُو الخير التّكْرُوريّ الزّاهد، [المتوفى: 648 هـ]
صاحب المحدث عبد العزيز بن هلالة.
سَمِعَ من: منصور الفُرَاويّ، وَأَبِي رَوْح عَبْد المُعِزّ، وزينب الشِّعْريّة، وسكن مُنْيَةَ بني خصيب إلى حين وفاته.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره، وَتُوُفّي فِي صفر.(14/609)
550 - مظفّر بْن عَبْد الملك بْن عتيق بْن مكّيّ، أَبُو منصور الفِهْريّ، ابن الفُوِّيّ، الإسكندرانيّ، المالكي، الشاهد. [المتوفى: 648 هـ]
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وسمع من: السِّلَفيّ، روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وَأَبُو القاسم بْن بَلَبَان، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الوهاب بن عطية، وأبو محمد ابن الصَّيْرفيّ، وَأَبُو الهُدَى عيسى السَّبْتيّ، وعدّة.
تُوُفّي في سلخ ذي القعدة.(14/610)
551 - هديّة بِنْت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خميس المغربيّ أمُّ الفتح الحلبيّة الواعظة. [المتوفى: 648 هـ]
تروي عن: يحيى الثَّقَفيّ، روى عَنْهَا: ابن الحُلْوانيّة، وابن الظّاهريّ، والدّمياطيّ، وسُنْقُر الزِّينيّ، وإسحاق الصّفّار، وجماعة وماتت في ثاني رجب.(14/610)
552 - يحيى بْن عُمَر، أَبُو المفضَّل البغداديّ، التّاجر، المطرّز. [المتوفى: 648 هـ]
حدّث عن: حنبل، وابن طَبَرْزَد، روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره ومات بالقاهرة.
وكان يُعرف بابن صفير، بالفاء.(14/610)
553 - يوسف بْن خليل بْن قُرَاجا بْن عَبْد اللَّه الحافظُ شمسُ الدّين، أَبُو الحَجّاج الدّمشقيّ الأَدَميّ، [المتوفى: 648 هـ]
نزيل حلب.
وُلِدَ سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة بدمشق، وكان مشتغلا بصنعته إلى أن صار ابن نيّفٍ وثلاثين سنة، فأخذ يسمع الحديث فسمع من: يحيى الثّقفيّ، وَأَحْمَد بن حمزة ابن المَوَازِينيّ، وابن صَدَقَة الحرّانيّ، ثُمَّ طلب الحديث وكتب الطباق، ونسخ أجزاء، وتخرج عند الحافظ عَبْد الغنيّ، وسمع منه الكثير.
وكان شابًّا؛ فطِنًا، مليح الخطّ، فحسّن لَهُ الحافظ الرّحلة وإدراك الأسانيد العراقيّة، فرحل إلى بغداد سنة سبع وثمانين، وسمع بِهَا الكثير من ذاكر بْن [ص:611]
كامل، ويحيى بْن بَوْش، وابن كُلَيْب، ورجب بن مذكور، وَأَبِي منصور بْن عَبْد السّلام، وَعَبْد اللَّه بْن المبارك الأَزَجيّ، وخلْق من أصحاب ابن الحُصَيْنِ، وغيره ورجع إلى بلده بحديث كثير، وقد فهم وحفظ، وصار من خيار الطَّلَبة، فبقي متطلّعًا إلى ما بأصبهان من العوالي فِي هذا الوقت، فرحل إليها فِي سنة إحدى وتسعين، وأدرك بِهَا إسنادًا فِي غاية العُلُوّ. أكثر عن أصحاب أَبِي عَلِيّ الحدّاد وسمع الكثير من مسعود الجمال، وخليل بن بدر الراراني، وَأَبِي الفضائل عَبْد الرحيم الكاغَديّ، وَأَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الطَّرَسُوسيّ، وَأَبِي طاهر بْن فاذشاه، وَأَبِي المكارم اللّبّان، والكَرّانيّ، وناصر الويرج، وَمُحَمَّد بْن أَحْمَد المهّاد، وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن الأصفهبذ، وخلْق.
وكتب الكُتُبَ الكِبار والأجزاء، وحسُن خطّه، واتّسع حِفْظه، وجلب إلى الشّام خيرًا كثيرًا.
ثُمَّ رحل إلى مصر وسمع من: البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، وَأَبِي الْجُود المقرئ، وفاطمة بِنْت سعد الخير، وجماعة.
قَالَ عُمَر ابن الحاجب: سَأَلت أَبَا إِسْحَاق الصِرَّيْفِينيّ عَنْهُ، فَقَالَ: حافظ ثقة، عالِم بما يُقرأ عَلَيْهِ، لا يكاد يفوته اسمُ رَجُل.
وقال ابن الحاجب: وسألت الضّياء عَنْهُ فَقَالَ: حافظ، سَمِعَ وحصّل الكثير، وهو صاحب رحلة وتَطْواف.
قَالَ ابن الحاجب: هُوَ أحد الرّحّالين بل واحدهم فضلًا، وأوسعهم رحلة، نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر، وهو طيّب الأخلاق، مرضي الطريقة، متقن، ثقة، حافظ.
قلت: روى عَنْهُ: جماعة منِ كبار الحفّاظ وأخبرنا عَنْهُ الحافظان: الدّمياطيّ، وابن الظّاهريّ، وَمُحَمَّد بْن سُلَيْمَان المغربيّ، وَمُحَمَّد بْن جوهر المقرئ، وعلي بن أحمد الهاشمي، والبهاء أيوب ابن النّحّاس، وأخوه إِسْحَاق، وعزّ الدّين عَبْد العزيز ابن العديم الحاكم، وأخوه عَبْد المحسن، وطاهر بْن عبد الله ابن العجمي، وعبد الملك ابن العنيقة، وسُنْقُر الزَّيْنيّ، وَعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد المخزوميّ، وَأَبُو حامد المؤذّن، وتاج الدّين صالح الفَرَضيّ، وَأَبُو بَكْر الدَّشْتيّ، وآخرون. [ص:612]
وممّن يروي عَنْهُ فِي هذا الوقت - وهو سنة أربع عشرة -: ابن ساعد بمصر، ونخوة بِنْت النّصيبيّ بحماة، وابن أخيها مُحَمَّد بْن أحمد، وأحمد بن محمد ابن العجميّ، وإبراهيم وإسماعيل وَعَبْد الرَّحْمَن بنو صالح ابن العجميّ بحلب، والعفيف إِسْحَاق الآمِديّ، والأمين مُحَمَّد ابن النّحّاس بدمشق.
وقد خرّج لنفسه " معجمًا " سمعتُه من ابن الظاهري، و" عوالي " و" فوائد " كثيرة سمعنا عامّتها، وتفرّد بأشياء كثيرة من حديث أصبهان لخرابها واستيلاء الهَلاك عليها، مَعَ أَنَّهُ ما رحل إليها حتّى مضى من عُمره عُنْفُوانُ الشّبيبة، وصار ابن ستٍّ وثلاثين سنة.
توفي فِي ليلة عاشر جمادى الآخرة بحلب.(14/610)
554 - يونس بْن خليل بْن قُراجا، أَبُو مُحَمَّد الدّمشقيّ الأَدَميّ، [المتوفى: 648 هـ]
أخو الحافظ شمس الدّين يوسف.
وُلِدَ في أول سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وسمع مع أخيه من الخُشُوعيّ، وغيره، ورحل معه إلى مصر متفرّجًا، فسمع من: البُوصِيريّ، وإسماعيل بْن ياسين، ولزِم صنعته إلى أن تُوُفّي.
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، والبدر ابن الخلّال، وَمُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، والحافظ أَبُو محمد بن خلف، وأبو المعالي ابن البالِسيّ، وجماعة.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من المحرم بدمشق، وله تسعون إلا سنة، وإجازته موجودة لجماعة.(14/612)
555 - أَبُو بَكْر بْن إِسْمَاعِيل بْن جوهر بْن مطر الأنصاريّ الدّمشقيّ الفرّاء التّاجر. [المتوفى: 648 هـ][ص:613]
حدث عن: يوسف بن معالي، والحسن بْن عَبْد اللَّه بْن شوّاش. أخذ عَنْهُ: ابن الحلوانية، والجمال ابن الصّابونيّ، والتَقَى عُبَيْد الإسْعِرْديّ، وَتُوُفّي فِي رجب.(14/612)
556 - أَبُو الفتح بْن أَبِي الغنائم بْن هبة الله بْن المبارك بْن حيدرة السُّلَميّ. [المتوفى: 648 هـ]
سَمِعَ حضورا من أبي الحسين ابن المَوَازينيّ، وَتُوُفّي فِي جمادى الآخرة.(14/613)
-وفيها وُلِدَ:
نورُ الدّين عَلِيُّ بْن أَبِي بَكْر بْن بُحْتُر الحنفيّ فِي شوّال، والمعينُ خطابُ بْن محمد بن زنطار، وشمسُ الدّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الرقي القاضي، والشرف محمد ابن فتح الدين عبد الله ابن القَيْسرانيّ بحلب، والجمالُ عَبْدُ القاهر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد التّبْريزيّ الخطيب قاضي سَلَمية بحران، والملك الأوحد شاذي ابن الملك الزاهر ابن صاحب حمص، والشّهابُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معالي الزَّعْتر، والشّمسُ مُحَمَّدُ بْن الخضر نقيب المالكي، والمحيي يحيى بن يحيى الزواوي الشاهد، والفخر عثمان بن محمد ابن قاضي القُضاة ابن درباس، وعيسى بْن عَبْد الغني بن خازم المقدسيّ، وشُهْدَة بِنْت المكين أَبِي الحَسَن الحصْنيّ بمصر، والنّورُ محمود بْن أَبِي طَالِب بْن مَرْضِيّ الحَمَويّ، وإمامُ الدّين مُحَمَّد بْن عُمَر بن محمد الفارسيّ، ويعقوب بْن مُحَمَّد التُّرْكُمانيّ، وَأَبُو بَكْر بْن عامر بْن شريط، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بْن محمد الحراني المقرئ، وعبد الرحمن ابن العز الفراء، والشيخ أحمد ابن الفخر تقريبا، والتقي أحمد ابن الشيخ العز الحنبلي في شعبان، وأحمد ابن قطب الدين محمد ابن القسطلاني، والبدر عثمان بن عبد الصمد ابن الحَرَسْتانيّ، ومحيي الدّين يحيى ابن قاضي زُرَع الشيباني تقريبا.(14/613)
-سنة تسع وأربعين وستمائة(14/614)
557 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الصمد بْن الْحُسَيْن بْن أحمد بْن تميم، أَبُو بَكْر التّميميّ الدّمشقيّ الكاتب. [المتوفى: 649 هـ]
من أكابر الدمشقيين ومن بيت قديم.
سمع: القاسم ابن عساكر، وعمر بْن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وغيرهم. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي ابن الخلال، وأحمد بن محمد الصواف، وجماعة.
توفي فِي سلْخ رجب عن ثلاثٍ وستّين سنة.(14/614)
558 - أَحْمَد بْن مُسْلِم بْن أَبِي الفتح بْن أَبِي غانم. أَبُو الْعَبَّاس الْجَبَليّ الحلبيّ. [المتوفى: 649 هـ]
سَمِعَ من: يحيى الثَّقَفيّ، وحدّث بدمشق، وحلب، وَتُوُفّي فِي حلب ليلة رابع شعبان. قاله الشّريف.
ولم أر الدمياطي آخذا عنه.
وروى عنه: أبو حامد ابن الصابوني، وقال: هُوَ من جَبَلَة بالسّاحل.(14/614)
559 - أَحْمَد بْن نصر بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي الْحَسَن أبو العباس ابن أَبِي السُّعُود التّميميّ الحنظليّ الأَزَجيّ. التّاجر المعروف بابن قُمَيْرَة، [المتوفى: 649 هـ]
أخو يحيى.
شيخ معمَّر، وُلِدَ سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وسَمِعَ من: أبي مُحَمَّد عبد الله بن أحمد بن هبة الله ابن النَّرْسِيّ نصف " جزء "؛ وهو آخر من حدَّث عنه.
روى عنه: القاضي مجد الدين ابن العديم، والحافظ شَرَفُ الدّين الدّمياطيّ، والواعظ مُحَمَّد ابن الدواليبي، وهو آخر من حدث عن: النرسي.
تُوُفّي فِي أوائل هذا العام. [ص:615]
وقد روى عنه: ابن النّجّار، وقال: شيخ متيقّظ، حَسَن الطّريقة، سافر الكثير إلى خُراسان، وخُوارزْم، والجزيرة، والشّام، ومصر، وهو من أعيان التجار، وذوي الثروة الواسعة واليسار.(14/614)
560 - أَحْمَد بْن يوسف بْن عَبْد الواحد بْن يوسف. الفقيه العلّامة، أَبُو الفتح الأنصاريّ، الدّمشقيّ، ثُمَّ الحلبيّ، الحنفيّ، الصّوفيّ. [المتوفى: 649 هـ]
تفقّه وبرع فِي عِلْم الخلاف والنَّظَر، وطُلِب إلى بغداد فوُليّ بِهَا تدريس مذهبه بالمستنصريّة مدّةً. ثُمَّ استأذن في العود إلى وطنه، وعاد إلى حلب ودرّس بِهَا بالمقدّميّة وبمدرسة الحدّادين، ووُليّ مشيخة رباط سُنْقُر شاه بعد موت أَبِيهِ، وروى عن: شيخه الافتخار الهاشميّ، وغيره.
توفي في شعبان رحمه الله.(14/615)
561 - أَحْمَد بْن أَبِي البركات واسم أَبِي البركات الخضِر بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن القاسم. أبو العباس القرشي الدمشقي، الطبيب المعروف بابن المجريّ. [المتوفى: 649 هـ]
حدّث عن: الخُشُوعيّ، وَعَبْد اللّطيف بْن أَبِي سعد، وحدّث بمصر، ومات بعجلون فِي ذي الحجّة.(14/615)