87 - علي بْن محمد بْن عليّ إلْكيا، أبو الحَسَن الهرّاسيّ، الطَّبَرِسْتانيّ، الفقيه الشّافعيّ، عماد الدين. [المتوفى: 504 هـ]
تفقَّه بنَيْسابور مدّةً عَلَى إمام الحرمين، وكان مليح الوجه، جهْوريّ الصّوت، فصيحًا، مطبوع الحركات، زكيّ الأخلاق، ثمّ خرج إلى بيْهق، فأقام بها مدّة، ثمّ قِدم العراق، وولي تدريس النّظاميّة ببغداد إلى أن تُوُفّي، وحظي بالحشمة والجاه والتّجمُّل، وتخرَّج بِهِ الأصحاب، وروى شيئًا يسيرًا عَنْ أَبِي المعالي، وغيره.
روى عنه: سعْد الخير الأنصاريّ، وعبد الله بن محمد بن غالب الأنباريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وكان يستعمل الحديث في مناظراته.
وإلْكِيا: بالعجميّ هُوَ الكبير القدْر، المقدم.
توفي في أوّل المحرَّم، وكان مولده في سنة خمسين، وأربعمائة.
وقد رُمي إلْكِيا، رحمه الله، بأنّه يرى في الباطن رأيَ الإسماعيلية، وليس كذلك، بل وقع الاشتباه على القائل بأن صاحب الأَلمُوت ابن الصّبّاح يلقَّب بإلْكِيا أيضًا، فافهم ذلك، وأما الهراسي فبريء مِن ذَلِكَ.
قَرَأْتُ عَلَى الْعَلَّامَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ عبد المؤمن بن خَلَفَ الْحَافِظِ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْحَافِظُ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ إِمْلَاءً، أَنَّهُ قَرَأَ مِن حِفْظِهِ عَلَى أَبِي الحسن علي بن المفضل الحافظ، قال: حدثنا أبو طاهر بن سلفة الحافظ، قال: حدثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ إِلْكِيَا، قال: أخبرنا إِمَامُ الْحَرَمَيْن أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا والدي أبو محمد، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ [ص:53] مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ. مُتَّفَقٌ عَليْهِ.
وَمِمَّنْ يَشْتَبِهُ بِإِلْكِيَا الْهَرَّاسِيِّ مُعَاصِرُهُ.(11/52)
88 - الْإِمَامُ الْقَاضِي: أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن عليّ الطَّبَرِسْتانيّ الآمُليّ. [المتوفى: 504 هـ]
سَمِعَ مِن الحافظ عَبْد الله بْن جعفر الخباز بآمل في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، ومن أَبِي يَعْلَى الخليليّ، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المأمون، وله قصيدة رثى بها إمام الحرمين.
ذكره ابن الصّلاح في الشافعية، ولم يذكر لَهُ وفاة، وكأنّه مات قبل هذا الأوان، فالله أعلم.
روى عنه: قاضي آمُل ابن أخته أبو جعفر محمد بْن الحسين بن أميركا.(11/53)
89 - محمد بْن أحمد بْن عليّ ابن الصَّنْدليّ، أبو بَكْر المقرئ البابَصْريّ. [المتوفى: 504 هـ]
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، وحدَّث، روى عَنْهُ: سعْد الله بْن محمد الدّقّاق، ومات في صَفَر.(11/53)
90 - محمد بْن صالح بْن حمزة بْن محمد، أبو يَعْلَى ابن الهبّارّية، الهاشميّ، العبّاسيّ الشّريف البغداديّ نظام الدّين. [المتوفى: 504 هـ]
أحد الشّعراء المشهورين، أكثر شِعْره في الهجاء والسُّخْف، وكان ملازمًا لخدمة نظام المُلْك، وله كتاب " تاريخ الفطْنة في نظمْ كليلة ودِمْنَة "، وديوان شِعْره في ثلاث مجلَّدات، وهو القائل:
رأيتُ في النّوم عرسي وهي ممسكةٌ ... ذقني وفي كفّها شيءٌ مِن الأَدَمِ
مِعْوجَ الشّكل مسْوَدّ بِهِ نُقَط ... لكّن أسفله في هيئة القَدَم
حتّى تنبّهتُ مُحَمَّر القَذَال فلو ... طال الرُّقادُ عَلَى الشيخ الأديب عمي [ص:54] قَالَ العماد الكاتب: تُوُفّي بِكَرْمان سنة أربعٍ وخمسمائة، وهبّار جدّ لأمّه.
وقيل: تُوُفّي سنة تسعٍ، فسأعيده هناك.(11/53)
91 - محمد بْن الحسين، أبو جعفر السّمِنْجانيّ، [المتوفى: 504 هـ]
إمام مسجد راغوم.
تفقه ببخارى على: أبي سهل الأبيوردي، وبمروالروذ عَلَى: القاضي حسين، وأملى ببلْخ.
قَالَ السّمعانيّ: حدثنا عَنْهُ جماعة بما وراء النّهر، وخُراسان، ومات ببلْخ.(11/54)
92 - محمد بْن عليّ بْن محمد، أبو الحسن ابن الحديثي، البغداديّ، عُرِف بابن الشّدّاد. [المتوفى: 504 هـ]
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والسّلَفيّ.(11/54)
93 - محمد بْن عمر بْن أَبِي العصافير، الخزرجيّ، الْجَيّانيّ، أَبُو عَبْد الله. [المتوفى: 504 هـ]
كَانَ فقيهًا مبُرّزًا، تفقَّه عَلَى أَبِي مروان بْن مالك بقُرْطُبَة، ورحل فأخذ عَنْ عَبْد الحقّ بْن هارون الفقيه، وشُوور في الأحكام، وطال عُمره، وشاخ.(11/54)
94 - يحيى بْن عليّ بْن الفَرَج، أبو الحُسَيْن الْمَصْرِيّ، الخشّاب، المقرئ، الأستاذ. [المتوفى: 504 هـ]
قرأ عَلَى: أَبِي العبّاس بْن نفيس، ومصنَّف " العنوان " أَبِي الطّاهر إسماعيل بْن خَلَف، ومحمد بْن أحمد القَزْوينيّ، وأبي الحُسَيْن الشّيرازيّ، وجماعة، قرأ عَليْهِ الشّريف أبو الفُتُوح الخطيب شيخ أَبِي الْجُود، وغيره.
وتوفي في هذه السّنة.
فأمّا:(11/54)
95 - علي بن أحمد، المصيني، الأبْهريّ، الضّرير، [المتوفى: 504 هـ]
صاحب أَبِي عليّ الأهوازيّ.
فلم أظفر لَهُ بترجمة، وهو أكبر شيخ للشّريف الخطيب، تلا عليه بعد عام خمسمائة.(11/55)
-سنة خمس وخمسمائة(11/56)
96 - أحمد بْن الْعَبَّاسُ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن عَبْد الله بْن كوشيذ، أبو غالب الإصبهانيّ. [المتوفى: 505 هـ]
تُوُفّي في غرة جُمَادَى الأولى، وله ثمانون سنة، مِن شيوخ الحافظ أبي موسى المديني، سمع منه جميع " المعجم الكبير " للطّبَرانيّ، عَنِ ابن رِيذة.(11/56)
97 - أحمد بْن عُمَر بْن عطية، أبو الحُسَيْن الصَّقَلّيّ، المؤدّب. [المتوفى: 505 هـ]
سَمِعَ: أبا القاسم السّمَيْساطيّ، وعبد العزيز الكَتَّانيّ، وكان يؤدب في مسجد رحْبة البَصل.
قَالَ الحافظ ابن عساكر: أدركته وأجاز لي، وتُوُفّي في ربيع الآخر، وهو ثقة، سأله ابن صابر عَنْ مولده، فقال: سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائة.(11/56)
98 - أصْبَغ بْن محمد بن أصْبَغ، أبو القاسم الأَزْديّ، القُرْطُبيّ، العلّامة، [المتوفى: 505 هـ]
كبير المُفْتين بقُرْطُبَة.
روى الكثير عَنْ: حاتم بْن محمد، وتفقَّه عَلَى أبي جعفر بن رزق، وأخذ عَنْ: أَبِي مروان بْن سِراج، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأجاز لَهُ أبو عُمَر بن عبد البر، وأبو عمر ابن الحذّاء ما رووه.
وكان مِن جِلّة العلماء وكبار الفقهاء، بارعًا في المذهب، قدوة في الشّروط لَا يُجارى، وأمَّ بجامع قُرْطُبَة، وكان مجوّدًا للقرآن، فاضلًا، متصوَّنًا، عزيز النّفس، سَمِعَ النّاس منه، وناظروا عَليْهِ.
تُوُفّي في صَفَر، ووُلِد في سنة خمسٍ وأربعين.(11/56)
99 - إبراهيم بْن سعد بْن إبراهيم، النَّيْسابوريّ، [المتوفى: 505 هـ]
شيخ، صالح، دلّال، خَيِّر،
سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا عثمان الصّابوني، وجماعة.
تُوُفّي فجأة.(11/56)
100 - إبراهيم بْن محمد، الفقيه أبو إسحاق الْجُرْجانيّ، الزاهد، [المتوفى: 505 هـ]
نزيل إسفرايين.
ذكره عَبْد الغافر، وأنّه تُوُفّي سنة خمسٍ تخمينًا، وقال: أحد الأولياء والعباد، وأرباب القلوب، المشتغلين بمراعاة الأنفاس مع الله، المعرضين عن الدنيا، بنى دويرة بإسفرايين، إلى أن قَالَ: وكان مِن أصحاب الكرامات الظاهرة، رحمه الله.(11/57)
101 - بركات بْن الفضل بْن محمد، التَّغْلبيّ، الفارقيّ. [المتوفى: 505 هـ]
سمع: أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وأبا الحسين ابن الَّنُّقور، وابن البَطِر، وجماعة في كهولته.
مولده بميافارقين سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وتوفي بصور.
قال ابن عساكر: حدثنا عبدان بن زرين، قال: حدثنا بركات الفارقي في سنة تسع وثمانين وأربعمائة، قال: أخبرنا ابن البطر.(11/57)
102 - تمرتاش بن بجتكين التركي، المجلد. [المتوفى: 505 هـ]
روى عَنْ: أَبِي جعفر ابن المسلمة.
ذِكره شجاع الذهلي في " معجمه ".(11/57)
103 - الحَسَن بْن إسماعيل بْن حفص، أبو المعالي المصري. [المتوفى: 505 هـ]
يروي عن: أبي القاسم ابن القطّاع، روى عَنْهُ: أبو محمد العثمانيّ.(11/57)
104 - الحَسَن بْن عبد الأعلى، أبو عليّ الكَلاعيّ، السَّفَاقُسِيّ. [المتوفى: 505 هـ]
أخذ ببلده عَنْ أبي الحَسَن اللَّخْميّ، وسمع بالأندلس من: أبي عبد الله بن سعدون، وأبي علي الغساني، وسكن سبتة، وأريد علي قضاء الجزيرة الخضراء فامتنع، وكان فقيها، متكلما، عارفا بالهندسة والفرائض، مات كهلا.(11/57)
105 - الحسن بن عبد الواحد بن أحمد بن الحصين، أبو القاسم الدسكري، ويعرف بابن الفقيه، [المتوفى: 505 هـ]
وكيل الخليفة المستظهر، وناظر المخزن. [ص:58]
ذهب رسولًا إلى أصبهان، وحدث عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور، روى عَنْهُ: محمد بن عبد الخالق الجوهري، وطائفة.(11/57)
106 - خَلَف بن سليمان بْن خَلَف بْن محمد بْن فتحون، أبو القاسم الأندلسيّ، [المتوفى: 505 هـ]
مِن أهل أوريولة.
روى عن: أبيه، وأبي الوليد الباجي، وطاهر بن مفوز، وكان فقيها، أديبا، شاعرا، مفلقا، ولي قضاء شاطبة، ودانية، روى عنه: ابنه محمد، وزياد بن محمد.
وكان يصوم الدهر، وله مصنف في الشروط، رحمه الله.(11/58)
107 - سعد بن محمد بن المؤمل، أبو نصر النيسابوري. [المتوفى: 505 هـ]
سمع: أبا حفص بن مسرور.
قال يحيى بن منده: سَمِعْتُ منه، وقدِم إصبهان مرارًا، مات في ربيع الآخر، وله إحدى وسبعون سنة.(11/58)
108 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن محمد بْن عليّ ابن الآبنُوسيّ، أبو محمد، [المتوفى: 505 هـ]
أخو أَبِي الحَسَن أحمد الفقيه.
كَانَ أحد وكلاء القاضي أَبِي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، وغيره مِن القُضاة. وكان قد اشتغل وحصّل، وسمع الحديث مِن: التّنُوخيّ، والجوهريّ، وأبي طَالِب العُشَاريّ. وسمع " التّاريخ " مِن الخطيب.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد الله الحلْوانيّ بمَرْو، وجماعة ببغداد، والسّلَفيّ.
قَالَ أبو بكر السمعاني: سمعت أبا محمد ابن الآبنُوسيّ يَقُولُ: كنت لَا أسمع مُدّة مِن التنوخي لما أسمع من مليه إلى الاعتزال، ثمّ سَمِعْتُ منه حتّى صرت عنده أعز مِن كلّ أحد، وكان يسمّيني يحيى بْن مَعِين.
وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين، وتُوُفّي في يوم الثّلاثاء سادس عشر جُمَادَى الأولى.(11/58)
109 - عبد الملك بن محمد بن حسين، البزوغاني، الحربيّ، أبو محمد. [المتوفى: 505 هـ]
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو المُعَمَّر، وغيرهما، وعبد الحقّ.
مات في المحرَّم.(11/59)
110 - عبد الواحد بْن أحمد بْن عُمَر ابن السَّمَرْقَنْديّ، أبو طاهر، [المتوفى: 505 هـ]
أخو عَبْد الله، وإسماعيل.
سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور، ومات في صَفَر، ولم يَرْوِ.(11/59)
111 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب، أبو الحَسَن بْن أَبِي طاهر ابن العلّاف البغداديّ. [المتوفى: 505 هـ]
مِن بيت الحديث والقراءة، وكان أحد حجّاب الخليفة، عُمّر حتّى رحل إِليْهِ النّاس، وكان ذا طريقةٍ جميلة وخصالٍ حميدة، وهو آخر مِن روى عن الحمّاميّ، وسمع عَبْد المُلْك بْن بِشْران أيضًا.
روى عَنْهُ: ابنه أبو طاهر محمد، ومحمد بْن محمد السنجي، والسلفي، وخطيب الموصل، وأبو بكر ابن الَّنُّقور، وخلق كثير.
وآخر مِن حدَّث عَنْهُ أبو السّعادات القزّاز.
وقال أبو بَكْر السّمعانيّ بعد أن ذكر مِن لحِق مِن أصحاب ابن بِشْران فسمّى ابن العلّاف، وقال: هُوَ أجلّ أصحابه عندي، سمعته يَقُولُ: وُلِدتُ في المحرم سنة ست وأربعمائة، وسمعتُ مِن أَبِي الحُسَيْن بْن بِشْران، وقال: وعظ والدي النّاس سبعين سنة، تُوُفّي في الثّالث والعشرين مِن المحرَّم سنة خمسٍ، وكمّل تسعًا وتسعين سنة.(11/59)
112 - المبارك بْن سَعِيد، أبو الحَسَن الأَسَديّ، البغدادي، التّاجر، ويُعرف بابن الخشّاب. [المتوفى: 505 هـ][ص:60]
سمع: القُضاعيّ، وأبا بَكْر الخطيب، ودخل الأندلس تاجرًا، فحدَّث " بتاريخ بغداد "، سَمِعَ منه: أبو عليّ الغسّاني، والكبار، وسمع هُوَ مِن أَبِي مروان بْن سِراج.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ مِن أهل الثّقة والثّروة، رجع إلى بغداد، وقال ابن السّمعانيّ: كَانَ أحد الشُّهُود المُعدّلين، مات في ذي القِعْدة.(11/59)
113 - المبارك بْن فاخر بْن محمد بْن يعقوب، الأستاذ، إمام النَّحْو، أبو الكرم ابن الدّقّاق. [المتوفى: 505 هـ]
وُلِد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ولازم ابن برهان الأَسَديّ، وروى عَنْ: الجوهري، وابن المسلمة، والقاضي أبي يَعْلَى، وغيره، أخذ عنه: ابن ناصر، والسلفي، وابن السجزي.
وصنف، وتصدَّر، وبرع، تُوُفّي في ذي القِعْدة.
حطّ عَليْهِ ابن ناصر وكذّبه.(11/60)
114 - محمد بْن أحمد بْن محمد بْن أبي النَّضْر، أبو بَكْر البَلديّ، النَّسَفّي، المحدّث، [المتوفى: 505 هـ]
منسوب إلى بلد نَسَف، يعني أنّه لَيْسَ مِن قُرى نَسَف.
حدَّث بالكُتُب الكبار " كالصّحيح " لعُمَر بْن محمد بْن بجير، سَمِعَ مِن: جعفر بْن محمد المستغفري، وأحمد بْن عليّ المايْمَرْغِيّ، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: حدثنا عَنْهُ نحو مِن عشرين نفسًا.
وقال عُمَر بْن محمد النَّسَفيّ في كتاب " القَنْد ": إنّه توفي في ثالث صفر سنة خمس وخمسمائة، وإنه ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
قَالَ أبو سعْد: كَانَ إمامًا فاضلًا، وعُمَّر العُمر الطّويل حتّى روى الكثير، وسمع: أَبَاهُ أبا نصر، ومحمد بْن يعقوب السّلاميّ، وأبا مسعود أحمد بْن محمد البجلي، والحسين بْن إبراهيم القَنْطريّ. روى لنا عَنْهُ أحمد بْن عبد الجبار [ص:61] البلديّ، والحسن بْن عَبْد الله المقرئ، ومسعود بْن عُمَر الدّلّال، وميمون بْن محمد الدّرْبيّ.(11/60)
115 - محمد بْن حَيْدَرة بْن مفوَّز بْن أحمد بْن مفوَّز، أبو بَكْر المَعَافِريّ، الشّاطبيّ. [المتوفى: 505 هـ]
روى عَنْ: عمّه طاهر، وأبي عليّ الغسّانيّ وأكثر عَنْهُمَا.
وأخذ أيضًا عَنْ: أبي مروان بْن سراج، ومحمد بْن فرج الطلّاع.
وأجاز له أبو عمر ابن الحذاء، وأبو الوليد الباجي.
وكان حافظا للحديث وعلله، عارفا برجاله، متقنا، ضابطا، عارفا، بالأدب، والشعر، والمعاني، كامل العناية بذلك، أسمع الناس بقرطبة، وخلف أبا علي شيخه في مجلسه، وله رد على ابن حزم في جزء، وتصدر وعلم إلى أن توفي سنة خمس وخمسمائة، وكان مولده سنة ثلاثٍ وستّين، رحمه اللَّه.(11/61)
116 - مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد، أبو عبد الله ابن المحتسب القُرْطُبيّ، المقرئ. [المتوفى: 505 هـ]
أخذ عَنْ: أَبِي محمد بْن أَبِي شعيب، وأبي مروان بن سراج، وكان نحويا، لغويا، علامة، أخذ الناس عنه.(11/61)
117 - محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو سعد الأصبهاني المديني، يعرف بسرفرتج التاني. [المتوفى: 505 هـ]
كان من أجلاء الكتبة، روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ، وحدَّث عَنْهُ جماعة، منهم أبو موسى المديني، وهو من كبار شيوخه، توفي في آخر يوم من السنة.
وقد حدَّث ببغداد، وروى عنه: أبو الفتح ابن البَطّيّ، والسّلَفيّ، وقد خدم بالشّام.(11/61)
118 - محمد بْن عليّ بْن محمد، شيخ الحنابلة، أبو الفتح الحلواني، الزاهد. [المتوفى: 505 هـ][ص:62]
تُوُفّي يوم الأضحي، وشيّعه خلائق، صحِب القاضي أبا يَعْلَى قليلًا، ثمّ بَرَع عَلَى الشّريف أَبِي جعفر، وأفتى، ودرّس، وتعبّد، وتألّه.(11/61)
119 - محمد بْن عيسى بْن حسن، القاضي أبو عَبْد الله التّميميّ، الفقيه، المالكيّ، السّبْتيّ. [المتوفى: 505 هـ]
أخذ عَنْ: أَبِي محمد المَسِيليّ، ولزمه مدّة، وتفقَّه أيضًا عَلَى أَبِي عَبْد الله بْن العجوز.
وسمع بالمَريّة " صحيح الْبُخَارِيّ " عَلَى ابن المرابط، ورحل إلى قُرْطُبَة، فأخذ عَنْ: عَبْد المُلْك بْن سِراج، وأبي عليّ الغسّانيّ، ومحمد بْن فرج.
وكان حسن السَّمْت، وافر العقل، مليح المَلْبَس، تفقَّه بِهِ أهل سَبْتَة، وكان يُسمّى: الفقيه العامل، تفقَّه عَليْهِ: أبو محمد بْن شَبُونَة، والقاضي عِياض، وأبو بَكْر بْن صلاح، ورحل إليه النّاس مِن النُواحي، وبَعُد صِيته، واشتهر اسمُه، ونَجَب مِن أصحابه خلْق، وكان خيّرًا، رقيق القلب، سريع الدّمْعَة، مُؤْثرًا للطَّلَبَة، بنى جامع سَبْتَة، وعَزَل نفسه مِن القضاء بأخرة، ثمّ ولّوه قضاء الجماعة بفاس، فلم تُعجبه الغُربة، فرجع، وتُوُفّي بسَبْتَة في جُمَادَى الآخرة، قاله تلميذه أبو عَبْد الله محمد بْن حمادة الفقيه، وبالغ في تعظيمه حتّى قَالَ: كَانَ إمام المغرب في وقته، ولم يكن في قُطْر مِن الأقطار منذ يحيى بْن يحيى الأندلسيّ مِن حَمَل النّاس عَنْهُ أكثر منه، ولا أكثر نجابةً مِن أصحابه.
وقال عياض: مولده سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.(11/62)
120 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحمد، الإمام زين الدّين أبو حَامد الغزّاليّ، الطّوسيّ، الفقيه الشّافعيّ، حُجّة الإسلام. [المتوفى: 505 هـ]
قرأ قطعة مِن الفقه بطُوس عَلَى أحمد الرّاذكَانيّ، ثمّ قِدم نيسابور في طائفة مِن طَلَبة الفقه، فجدّ واجتهد، ولزِم إمام الحرمين أبا المعالي حتّى تخرَّج عن مدّة قريبة، وصار أنْظَرَ أهل زمانه، وواحد أقرانه، وأعادً للطّلبة، وأخذ في التّصنيف والتّعليق.
وكان الإمام أبو المعالي مَعَ عُلُوّ درجته وفرط ذكائه، لا يطيب له تصديه [ص:63] للتصانيف، وإن كان في الظاهر متبجحا بِهِ.
ثمّ إنّ أبا حامد خرج إلى المعسكر، فأقبل عَليْهِ نظام المُلْك، وناظر الأقران بحضرته، فظهر اسمُه، وشاع أمره، فولّاه النّظّام تدريس مدرسته ببغداد، ورسَم لَهُ بالمصير إليها، فقدِمها، وأعجبَ الكُلّ مناظرته، وما لَقِي الرجل مثل نفسه، ثمّ أقبل عَلَى عِلم الأصول، وصنَّف فيها وفي المذهب والخلاف، وعظُمَت حشْمته ببغداد، حتى كانت تغلب حشمة الأمراء والأكابر، فانقلب الأمر مِن وجهٍ آخر، وظَهَر عَليْهِ بعد مطالعة العلوم الدّقيقة، ومُمارسة التّصانيف طريق التّزهُّد والتّألُّه فترك الحشمة، وطرح الرُّتْبة، وتزوَّد للمَعَاد، وقصد بيت الله، وحجّ، ورجع عَلَى طريق الشّام، وزار القدس، وأقام بدمشق مدّة سِنين، وصنف بها " إحياء علوم الدّين " وكتاب " الأربعين "، و " القسطاس "، و " محك النَّظَر "، وغير ذَلِكَ.
وأخذ في مجاهَدَة النَّفْس، وتغيير الأخلاق، وتهذيب الباطن، وانقلب شيطان الرُّعونة، وطلب الرياسة والتّخلُّق بالأخلاق الذّميمة، إلى سكون النَّفْس، وكرم الأخلاق، والفراغ عَنِ الرسوم، وتَزَيّا بزيّ الصّالحين.
ثمّ عاد إلى وطنه، لازمًا بيته، مشتغلًا بالتّفكير، مُلازِمًا للوقت، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدّة، وظهرت لَهُ التّصانيف، ولم يبدُ في أيّامه مناقضةٌ لِما كَانَ فيه، ولا اعتراضٌ لأحدٍ عَلَى مآثره، حتّى انتهت نوبة الوزارة إلى فخر المُلْك، وقد سَمِعَ وتحقَّق بمكان أَبِي حامد وكمال فضله، فحضره وسمع كلامه، فطلب منه أن لَا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة، لا استفادة منها ولا اقتباس من أنوارها، وألح عليه كل الإلحاح، وتشدد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج، وقدم نَيْسابور، وكان اللَّيْثُ غائبًا عَنْ عرينه، والأمر خافيا في مستور قضاء الله ومكنونه، ورُسِم لَهُ بأن يدرس بها - بالمدرسة النّظامية - فلم يجد بُدًا من ذَلِكَ.
قَالَ هذا كلّه وأكثر منه عَبْد الغافر بْن إسماعيل في " تاريخه "، ثمّ قَالَ: ولقد زُرْته مِرارًا، وما كنتُ أحدُسُ في نفسي مَعَ ما عهِدْته في سالف الزّمان عَليْهِ مِن الزَّعارة، وإيحاش النّاس، والنّظر إليهم بعين الازدراء، والاستخفاف بهم كِبَرًا وخُيَلاء واغتِرارًا بما رُزِق مِن البسْطة في النُّطْق، والخاطر، والعبارة، [ص:64] وطلب الجاه، والعُلُوّ في المنزلة أنّه صار عَلَى الضّدّ، وتصفيّ مِن تِلْكَ الكُدُورات، وكنت أظنّ أنّه متلفّعٌ بجلباب التَّكَلُّف، متنمّس بما صار إليه، فتحققت بعد السَّبْرِ والتَّنقير أنّ الأمر عَلَى خلاف المظنون، وأنّ الرجل أفاق بعد الجنون، وحكى لنا في ليالٍ كيفيّة أحواله، مِن ابتداء ما ظهر له طريق التّألُّه، وغَلَبة الحال عليه، بعد تبحُّره في العلوم، واستطالته عَلَى الكلّ بكلامه، والاستعداد الّذي خصّه الله بِهِ في تحصيل أنواع العلوم، وتمكّنه مِن البحث والنَّظَر، حتّى تبرَّم بالاشتغال بالعلوم العَريَّة عَنِ المعاملة، وتفكَّر في العاقبة، وما ينفع في الآخرة، فابتدأ بصُحبة أبي عليّ الفارْمَذيّ، فأخذ منه استفتاح الطّريقة، وامتثل ما كَانَ يشير بِهِ عَليْهِ مِن القيام بوظائف العبادات، والإمعان في النّوافل، واستدامة الأذكار والاجتهاد والجدّ، طلبًا للنّجاة، إلى أن جاز تِلْكَ العِقاب، وتكلّف تِلْكَ المشاقّ، وما حصل عَلَى ما كَانَ يرومه.
ثمّ حكى أنّه راجع العلوم، وخاض في الفنون، وعاود الْجَدّ في العلوم الدّقيقة، والتقى بأربابها، حتّى تفتَّحت لَهُ أبوابها، وبقي مدة في الوقائع، وتكافؤ الأدلة، وأطراف المسائل.
ثمّ حكى أنّه فُتِح عَليْهِ بابٌ مِن الخوف، بحيث شغله عَنْ كلّ شيء، وحمله عَلَى الإعراض عمّا سواه، حتّى سهل ذَلِكَ عَليْهِ، وهكذا إلى أن ارتاض كلّ الرياضة، وظهرت لَهُ الحقائق، وصار ما كنا نظن به ناموسًا وتخلقًا، طَبْعًا وتحقُّقًا، وأنّ ذَلِكَ أثر السّعادة المُقَدَّرة لَهُ مِن الله تعالى.
ثمّ سألناه عَنْ كيفية رغبته في الخروج مِن بيته، والرجوع إلى ما دُعيَ إليه مِن أمر نَيْسابور، فقال معتذرًا: ما كنت أجوّز في ديني أن أقف عَنِ الدّعوة، ومنفعة الطّالبين، وقد خفَّ عليَّ أن أبوح بالحقّ، وأنطق بِهِ، وأدعو إِليْهِ، وكان صادقًا في ذَلِكَ، فلمّا خفّ أمر الوزير، وعلم أنّ وقوفه عَلَى ما كان فيه ظهور وحشة وخيال طلب جاهٍ وحِشْمة، ترك ذَلِكَ قبل أن يُتْرَك، وعاد إلى بيته، واتَّخَذَ في جواره مدرسة لطلبة العلم، وخانقاها للصُّوفيّة، ووزّع أوقاته عَلَى وظائف الحاضرين، مِن ختْم القرآن، ومجالسته أصحاب القلوب، والقعود للتّدريس لطالبه، إلى أن توفّاه الله بعد مُقاساة أنواع من القصد، والمناوأة من الخصوم، والسعي بِهِ إلى الملوك، وكفاية الله إيّاه، وحِفْظه وصيانته عَنْ أن تنوشه أيدي النَّكَبَات، أو يُنتهكَ سِتْرُ دينه بشيءٍ مِن الزّلّات. [ص:65]
وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب حديث المصطفى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومجالسة أهله، ومطالعة "الصّحيحَين"، ولو عاش لسبق الكلّ في ذَلِكَ الفنّ بيسيرٍ مِن الأيّام، ولم يتَّفق لَهُ أن يروي، ولم يُعْقِبْ إلّا البنات.
وكان لَهُ مِن الأسباب إرثًا وكسْبًا ما يقوم بكفايته، وقد عرضت عليه أموال فما قَبِلَها.
وممّا كَانَ يُعترض بِهِ عَليْهِ، وقوعُ خَلَلٍ مِن جهة النَّحْو يقع في أثناء كلامه، ورُوجع فيه، فأنْصف من نفسه، واعترف بأنّه ما مارسه، واكتفى بما كَانَ يحتاج إليه في كلامه، مَعَ أنّه كَانَ يؤلف الخطب، ويشرح الكتب بالعبارة التي تعجز الأدباء والفصحاء عن أمثالها.
ومما نقم عليه ما ذَكَر مِن الألفاظ المستبشعة بالفارسيّة في كتاب "كيمياء السّعادة والعلوم"، وشرح بعض الصُّوَر والمسائل، بحيث لَا يوافق مراسم الشّرع، وظواهر ما عَليْهِ قواعد الإسلام، وكان الأَوْلَى بِهِ، والحقّ أحقّ ما يُقال، ترك ذَلِكَ التّصنيف، والإعراض عَنِ الشّرح لَهُ، فإنَّ العَوام ربّما لَا يُحكمون أُصول القواعد بالبراهين والحُجَج، فإذا سمعوا أشياء مِن ذَلِكَ تخيَّلوا منه ما هُوَ المُضِرّ بعقائدهم، ويَنْسِبُون ذَلِكَ إلى بيان مذهب الأوائل عَلَى أنّ المنصف اللّبيب إذا رَجَع إلى نفسه، علم أنّ أكثر ما ذكره ممّا رمز إليه إشارات الشّرع، وإنْ لم يَبُحْ بِهِ، ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطّريقة مرموزةً، ومصرَّحًا بها، متفرّقة، وليس لفظٌ منه إلّا وكما يُشعر أحدُ وجوهه بكلام موهوم، فإنه يشعر سائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملة، فلا يجب إذا حمْله إلّا عَلَى ما يوافق، ولا ينبغي أن يتعلَّق بِهِ في الرّدّ عَليْهِ متعلّق، إذا أمكنه أن يبيّن لَهُ وجهًا، وكان الأَوْلَى بِهِ أن يترك الإفصاح بذلك كما تقدم.
وقد سمعت أنه سمع مِن "سنن أَبِي داود"، عَنِ القاضي أَبِي الفتح الحاكميّ الطّوسيّ، وسمع مِن أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أحمد الخُوَاري، مَعَ ابنيه الشّيخين: عَبْد الجبّار، وعبد الحميد، كتاب "المولد" لابن أَبِي عاصم، عَنْ أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحارث، عَنْ أَبِي الشّيخ، عَنْهُ.
قلت: ما نقم عَبْد الغافر عَلَى أَبِي حامد مِن تِلْكَ الألفاظ الّتي في "كيمياء السّعادة" فلأبي حامد أمثاله في بعض تواليفه، حتّى قَالَ فيه، أظّنه تلميذه ابن [ص:66] العربيّ: بَلَغ شيخنا أبو حامد الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع، رَأَيْت غير واحدٍ مِن الأئمّة يقولون، إنّه ردّ عَلَى الفلاسفة في مواضع، ووافقهم عليها في بعض تواليفه، ووقع في شكوك، نسأل الله السّلامة واليقين، ولكنه متأله حسن القصْد.
وللإمام أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ المازريّ الصَّقَلّيّ كلام عَلَى "الإحياء" يدلّ عَلَى تبحُّره وتحقيقه، يَقُولُ فيه: وبعد فقد تكرّرتْ مكاتبتُكُم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجَم "بإحياء علوم الدّين"، وذكرتم أنّ آراء الناس فيه قد اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصّبت لإشهاره، وطائفة منه حذرت وعنه نفرت، وطائفة لعنته أظهرت، وكُتُبه حرّقت، ولم تنفردوا أهل المغرب باستعلام ما عندي، بل كاتبني أهل المشرق بمثل ذلك، فوجب عندي إبانة الحق، ولم يتقدم لي قراءة هذا الكتاب سوى نُبَذٍ منه، فإن نَفَّس الله في العُمر، مَدَدْتُ في هذا الكتاب الأنفاس، وأزلت عن القلوب الالتباس، واعلموا أنّ هذا الرجل، وإن لم أكن قرأت كتابه، فقد رَأَيْت تلامذته وأصحابه، فكلٌ منهم يحكي لي نوعًا مِن حاله وطريقته، استلْوح منها مِن مذاهبه وسيرته، ما قام لي مقام العِيان، فأنا أقتصر في هذا الإملاء عَلَى ذِكر حال الرجل، وحال كتابه، وذِكر جُمِل مِن مذاهب الموحّدين، والفلاسفة، والمتصوّفة وأصحاب الإشارات، فإنّ كتابه متردّد بين هذه الطّرائق الثّلاث، لَا تعدوها، ثمّ أُتْبع ذَلِكَ بذِكر حيَل أهل مذهبٍ عَلَى أهل مذهب آخر، ثُمَّ أبين عن طرق الغرور، وأكشف عما دفن من خيال الباطل، ليُحذَر مِن الوقوع في حبال صائده.
ثمّ أثنى المازَريّ عَلَى أَبِي حامد في الفقه، وقال: هُوَ بالفقه أعرف منه بأُصُوله، وأمّا عِلم الكلام الَّذِي هُوَ أُصول الدّين، فإنّه صنَّف فيه أيضًا، وُلّيس بالمستبحر فيها، ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره فيها، وذلك أنه قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فنّ الأصول، فكسبته قراءةُ الفلسفة جُرأةً عَلَى المعاني، وتسهُّلًا للهجوم عَلَى الحقائق، لأنّ الفلاسفة تمرّ مَعَ خواطرها، وليس لها حكم شرع يزعها، ولا تخاف من مخالفة أئمة تتبعها، وعرّفني بعض أصحابه أنّه كَانَ لَهُ عُكُوف على رسائل إخوان الصفا، وهي إحدى وخمسون رسالة، ومصنفها فيلسوف قد خاض في علم الشرع والنقل، فمزج ما بين [ص:67] العِلْمَيْن، وذكر الفلسفة، وحسّنها في قلوب أهل الشرع بآيات يتلوها عندها، وأحاديث يذكرها.
ثمّ كَانَ في هذا الزّمان المتأخّر رجلٌ مِن الفلاسفة يُعرف بابن سينا، ملأ الدُّنيا تواليف في علوم الفلسفة، وهو فيها إمامٌ كبير، وقد أدّاه قُوتُه في الفلسفة إلى أن حاول ردّ أُصول العقائد إلى علم الفلسفة، وتلطّف جَهْدَه حَتَّى تم لَهُ ما لم يتم لغيره، وقد رَأَيْت جملا من دواوينه، ووجدت هَذَا الغَزَالِي يعوّل عليه في أكثر ما يشير إِليْهِ مِن علوم الفلسفة.
إلى أن قَالَ: وأمّا مذاهب الصُّوفيّة، فلست أدري عَلَى مِن عوَّل فيها، لكني رَأَيْت فيما علّق عَنْهُ بعضُ أصحابه، أنّه ذكر كُتُب ابن سينا وما فيها، وذكر بعد ذَلِكَ كُتُب أَبِي حَيّان التّوحيديّ، وعندي أنّه عَليْهِ عوّل في مذاهب الصُّوفيّة، وقد أُعْلِمتُ أنّ أبا حَيّان ألّف ديوانًا عظيمًا في هذا الفنّ، ولم يُنقل إلينا شيءٌ منه.
ثمّ ذكر المازَرِيّ تَوَهُّنَه أكثر ما في "الإحياء" مِن الأحاديث، وقال: عادة المتورّعين أن لَا يقولوا: قَالَ مالك، قَالَ الشّافعيّ، فيما لم يثبُت عندهم، وفي كتابه مذاهب وآراء في العمليّات هِيَ خارجة عَنْ مذاهب الأئمّة، واستحسانات عليها طلاوة، لَا تستأهل أن يُفتى بها، وإذا تأمّلتَ الكتابَ وجدتَ فيه مِن الأحاديث والفَتْوى ما قلته، فَيَستحسن أشياء مبناها عَلَى ما لَا حقيقة لَهُ، مثل قصّ الأظْفار أن تبدأ بالسَّبّابة، لأنّ لها الفضل عَلَى بقيّة الأصابع، لأنها المُسَبّحة، ثمّ تقص ما يليها مِن الوسطى، لأنّها ناحية اليمين، وتختم بإبهام اليمنى، وذَكَر في ذَلِكَ أثرًا.
وقال: مِن مات بعد بلوغه ولم يعلم أنّ البارئ قديم، مات مسلمًا إجماعًا، ومن تَساهلَ في حكاية الإجماع في مثل هذا الَّذِي الأقرب أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قال، فحقيق أن لا يوثق بما نقل.
وقد رَأَيْت لَهُ في الجزء الأوّل أنّه ذكر أنّ في علومه هذه ما لَا يسوغ أن تُودَع في كتاب، فليت شِعْري، أحقٌ هُوَ أو باطل؟ فإنْ كَانَ باطلًا فصَدق، وإن كَانَ حقًا، وهو مُرادُه بلا شكّ، فلِمَ لَا يودَع في الكُتُب، أَلغُمَوضه ودِقّته؟ فإن كَانَ هُوَ فَهْمُه، فما المانع من أن يفهمه غيره؟!. [ص:68]
قَالَ الطُّرْطُوشيّ محمد بْن الوليد في رسالة له إلى ابن مظفر: فأمّا ما ذكرت مِن أمر الغزّاليّ، فرأيت الرجل وكلمته، فرأيته جليلًا مِن أهل العِلْم، قد نَهَضَت بِهِ فضائله، واجتمع فيه العقل والفَهْم، وممارسة العلوم طول عُمره، وكان عَلَى ذَلِكَ مُعْظَم زمانه، ثمّ بدا لَهُ عَنْ طريق العالم، ودخل في غُمار العُمّال، ثمّ تصوّف، فهجر العلومَ وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب العقول، ووساوس الشّيطان، ثم شابَها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلّاج، وجعل يطعن عَلَى الفقهاء والمتكلّمين، ولقد كَاد أن ينسلخ مِن الدّين، فلمّا عمل "الإحياء" عمد يتكلّم في عُلُوم الأحوال ومرامز الصُّوفيّة، وكان غير أنيسٍ بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط عَلَى أمّ رأسه وشحن كتابه بالموضوعات.
وقال أبو عَمْرو بْن الصّلاح: فصْلٌ لبيان أشياء مهّمة أُنْكِرتْ عَلَى الغزّاليّ في مصنَّفَاته، ولم يَرْتضِها أهلُ مذهبه وغيرهم مِن الشّذوذ في تصرّفاته، منها قولُه في المنطق: هُوَ مقدّمة العلوم كلّها، ومن لَا يحيط بِهِ، فلا ثقة لَهُ بمعلومه أصلًا، وهذا مردودٌ، فكلّ صحيح الذّهْن مَنْطِقيّ بالطَّبْع، وكيف غفل الشّيخ أبو حامد حال مشايخه ومشايخهم مِن الأئمّة، وما رفعوا بالمنطق رأسًا.
قَالَ ابن الصّلاح: وأمّا كتاب "المضْنوُن بِهِ عَلَى غير أهله"، فَمَعَاذ الله أن يكون لَهُ، شاهدت على نسخة به بخطّ القاضي كمال الدّين محمد بْن عَبْد الله بن الشّهْرزُوريّ أنّه موضوعٌ عَلَى الغزاليّ، وأنّه مخَتَرعٌ مِن كتاب "مقاصد الفلاسفة"، وقد نقضه بكتاب "التّهافُت".
وقال أبو بَكْر الطُّرْطُوشيّ: شحن الغزاليّ كتابه "الإحياء" بالكذِب عَلَى رَسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا أعلم كتابًا عَلَى بسيط الأرض أكثر كذبًا عَلَى رَسُول اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه، ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصفا، وهم قومٌ يرون النُّبُوَّة اكتسابًا، فليس نبيّ في زعمهم أكثر مِن شخص فاضل، تخلَّق بمحاسن الأخلاق، وجانب سفسافها، وساس نفسه، حتّى مَلَك قيادها، فلا تغلبه شهواته، ولا يقهره سوء أخلاقه، ثمّ ساس الخلق بتلك الأخلاق، وزعموا أنّ المعجزات حِيَل ومخاريق.
وقال الحافظ أبو القاسم بْن عساكر في ترجمته: ثمّ حجّ، ودخل [ص:69] الشّام، وأقام بها نحوًا مِن عشر سِنين، وصنَّف، وأخذ نفسه بالمجاهدة، وكان مُقامه بدمشق في المنارة الغربيّة مِن الجامع.
وقد سَمِعَ "صحيح الْبُخَارِيّ" من أبي سهل محمد بْن عُبَيْد الله الحفْصيّ، وقدم دمشق في سنة تسع وثمانين.
قلت: وجالس بها الفقيه نصرا المقدسي.
وقال القاضي شمس الدين ابن خَلّكان: إنّه لزِم إمامَ الحرمين، فلمّا تُوُفّي خرج إلى نظام المُلْك، فبالغ في إكرامه، وولاه نظامية بغداد، فسار إليها في سنة اربعٍ وثمانين، وأقبل عَليْهِ أهْل العراق، وارتفع شأنه، ثمّ ترك ذَلِكَ في سنة ثمانٍ وثمانين، وتزهَّد، وحجَّ، ورجع إلى دمشق، فأشغل بها مدّة بالزّاوية الغربيّة، ثمّ انتقل إلى بيت المقدس، وجُدَّ في العبادة، ثمّ قصد مصر، وأقام مدّة بالإسكندرية، ويقال: إنّه عزم عَلَى المُضِيّ إلى الأمير يوسف بْن تاشفين سلطان مَرّاكُش، فبلغه نَعيُّه، ثمّ أنّه عاد إلى وطنه بطوس.
وصنف التصانيف: "البسيط"، و"الوسيط"، و"الوجيز"، و"الخلاصة" في الفقه، و"إحياء علوم الدين"، وفي الأصول: "المستصفى"، و"المنخول"، و"اللباب"، و"بداية الهداية"، و"كيمياء السعادة"، و"المأخذ"، و"التحصين"، و"المعتقد"، و"إلجام العوام"، و"الرد على الباطنية"، و"المقاصد في اعتقاد الأوائل"، و"جواهر القرآن"، و"الغاية القصوى"، و"فضائح الإباحية"، و"غور الدور"، وله: "المنتخل في عِلم الْجَدَل"، وكتاب "تهافُت الفلاسفة"، وكتاب "محك النظر"، و"معيار العلم"، و"المضنون به على غير أهله"، و"شرح الأسماء الحسنى"، و"مشكاة الأنوار"، و"المنقذ من الضلال"، و"حقيقة القولين"، وغير ذلك من الكتب، وقد تصدر للإملاء.
ولد سنة خمسين وأربعمائة.
وقال عَبْد الغافر: تُوُفّي يوم الإثنين رابع عشر جُمَادَى الآخرة سنة خمس، ودُفِن بمقبرة الطّابران، وهي قصبة بلاد طوس. [ص:70]
وقولهم: الغزّاليّ، والعطّاريّ، والخبّازيّ، نسبة إلى الصَّنائع بلغة العجم، وإنّما ينبغي أن يقال: الغزّال، والعطّار، ونحوه.
وللغزاليّ أخٌ واعظ مدرّس لَهُ القَبُول التّامّ في التّذكير، واسمه: أبو الفتوح أحمد، درّس بالنظاميّة ببغداد، نيابة عن أخيه لمّا ترك التّدريس، قليلًا، وبقي إلى حدود سنة عشرين وخمسمائة.
وقال ابن النّجّار في تاريخه: الغزّاليّ إمام الفُقهاء عَلَى الإطلاق، وربّانيّ الأمة بالاتّفاق، ومجتهد زمانه، وعين أوانه، برع في المذهب، والأُصول، والخلاف، والْجَدَل، والمنطق، وقرأ الحكمة، والفلسفة، وفهم كلامهم، وتصدّى للرّدّ عليهم، وكان شديد الذّكاء، قويّ الإدراك ذا فِطْنة ثاقبة، وغوص عَلَى المعاني، حتى قِيلَ: إنّه ألّف كتابه "المنخول"، فلمّا رآه أبو المعالي قَالَ: دَفنتني وأنا حيّ، فهلّا صبرتَ حتّى أموت، لأنّ كتابك غطّى عَلَى كتابي.
ثمّ روى ابن النّجّار بسنده، أنّ والد الغزّاليّ كَانَ رجلًا مِن أرباب المِهَن يغزل الصُّوف، ويبيعه في دُكّانه بطُوس، فلمّا احتضر أوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديقٍ لَهُ صوفيّ صالح، فعلّمهما الخطّ، وفني ما خلَّف لهما أبوهما، وتعذّر عليهما القُوت، فقال: أرى لكما أن تلجأ إلى المدرسة كأنكما طالبان للفِقْه، عسى يحصل لكما مقدار قُوتكما، ففعلا ذَلِكَ.
وقال أبو العبّاس أحمد الخطيبيّ: كنت يومًا في حلقة الغزّاليّ، رحمه الله، فقال: مات أَبِي، وخلّف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا، ففني، بحيث تعذّر القُوت علينا، وصرنا إلى مدرسةٍ نطلب الفقه، لَيْسَ المراد سوى تحصيل القُوت، وكان تعلُّمنا لذلك لَا لله، فأبى أن يكون إلا لله.
وقال أسعد المَيْهنيّ: سَمِعْتُ الغزّاليّ يَقُولُ: هاجرت إلى أَبِي نصر الإسماعيلي بجُرْجان، فأقمت إلى أن أخذت عَنْهُ "التّعليقة".
قَالَ ابن النجار: قرأت عَلَى أبي القاسم الأَسَديّ العابد بالثّغر، عَنْ أبي محمد عبد الله بن علي الأشيري، قال: سمعت أبا محمد عبد المؤمن بن علي [ص:71] القيسي يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عَبْد الله بْن تُومرْت السُّوسيّ يَقُولُ: أبو حامد الغزّاليّ قرع الباب وفُتِح لنا.
قَالَ ابن النّجّار: بلغني أنّ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ كَانَ يصف تلامذته يَقُولُ: الغزّاليّ بحرٌ مُغْرِق، وإلكيا أسدٌ مخرِق، والخَوَافي نارٌ تحرق.
وقال أبو محمد العثمانيّ، وغيره: سمعنا محمد بْن يحيى بْن عبد المنعم العَبْدَريّ المؤدّب يَقُولُ: رَأَيْت بالإسكندرية سنة خمسمائة كأن الشّمس طلعت مِن مغربها، فعبّره لي عابرٌ ببدعةٍ تَحْدُث فيهم، فبعد أيّامٍ وصل الخبر بإحراق كُتُب الغزّاليّ بالمَرِية.
وقال أبو عامر العَبْدري الحافظ: سَمِعْتُ أبا نصر أحمد بْن محمد بْن عَبْد القاهر الطّوسيّ يحلف بالله أنّه أبصر في نومه كأنّه ينظر في كُتُب الغزّاليّ، فإذا هِيَ كلّها تصاوير.
قلت: للغزّاليّ غَلَط كثير، وتناقض في تواليفه العقلية، ودخولٌ في الفلسفة، وشُكوك، ومن تأمَّل كُتُبُه العقْليّة رَأَى العجائب، وكان مزجيّ البِضاعة مِن الآثار، عَلَى سعة علومه، وجلالة قدره، وعظمته، وقد روى عنه أبو بكر ابن العربيّ الإمام "صحيح الْبُخَارِيّ"، بروايته عَنِ الحفصيّ، فيما حكى ابن الحدّاد الفاسي، ولم يكن هذا بثقة، فالله أعلم.(11/62)
121 - مقاتل بن عطية بن مقاتل، أبو الهيجاء البكْريّ، الحجازي، الأمير شبْل الدّولة، [المتوفى: 505 هـ]
مِن أولاد أمراء العرب. [ص:72]
دخل خُرَاسان، وغَزْنَة لوحشةٍ وقعت بينه وبين إخوته، واختصّ بالوزير نظام المُلْك وصاهره، ثمّ عاد إلى بغداد لمّا قُتِل النّظام، وله شِعْر جيد، ثمّ قصد كَرْمان ليمتدح وزيرَها ناصر الدين مكرم ابن العلاء، فوفد عَليْهِ، فوصَلَه بألفيْ دينار لمّا أنشده قصيدته:
دَعِ العِيسَ تذْرعُ عرْضَ الفلا ... إلى ابنِ العَلاءِ وإلا فلا
ثمّ إنّه دخل هَرَاة، وأحبّ بها امرأةً، وقال فيها الأشعار، ثمّ مرض، وغلبت عَليْهِ السَّوداء، وتُوُفّي في حدود هذه السّنة، في ربيع الأوّل بمرو بالبيمارستان ونظمه فائق وله "ديوان" وقد تسودن وفسد دماغه.
ذكره ابن الفوطي في ست.(11/71)
122 - هبة الله بْن عليّ بْن الفَضْل، أبو سعْد الشّيرازيّ، الأديب. [المتوفى: 505 هـ]
سَمِعَ: أبا طَالِب محمد بْن محمد بْن غَيْلان، روى عَنْهُ: محمد بن أحمد بْن عليّ زُفرة المفيد الإصبهاني، وغيره، وتُوُفّي في صفر عن: أربع وسبعين سنة.(11/72)
123 - يوسف بْن عَبْد العزيز بْن عُدَيْس، أبو الحَجّاج الأنصاريّ، الأندلسيّ. [المتوفى: 505 هـ]
مكثر عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وسمع بطُلَيْطلَة من جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسكنها وتفقَّه بها.
وكان حافظًا، ذكيا، متقنًا، مصنفًا، روى عنه: أبو عامر بْن حبيب الشّاطبيّ.
تُوُفّي في نصف شوال.(11/72)
-سنة ست وخمسمائة(11/73)
124 - أحمد بْن الفَرَج بْن عُمَر، أبو نصر الدّيَنَوريّ، الإبريّ، [المتوفى: 506 هـ]
والد شُهْدَة.
شيخ، زاهد، ثقة، خير، سمع: أبا يعلى ابن الفراء، وأبا الغنائم ابن المأمون، وجماعة، روى عَنْهُ: بنته، وتُوُفّي في جمادى الأولى مِن السّنة.(11/73)
125 - أحمد بْن أَبِي عاصم، الصَّيْدلانيّ، الهَرَويّ، [المتوفى: 506 هـ]
أحد المعمَّرين.
سَمِعَ: أبا يعقوب القرّاب الحافظ.
قَالَ أبو سعْد السّمعانيّ: أجاز لي مَرْويّاته في سنة ستٌّ هذه.(11/73)
126 - أحمد بْن محمد بْن عُمَر بْن إبراهيم، أبو منصور الكرمانيّ، ثمّ الإصبهاني، الواعظ، الزّاهد، ويُعرف بابن إدريس. [المتوفى: 506 هـ]
روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، روى عَنْهُ: أبو موسى الحافظ، وقال: تُوُفّي في تاسع صَفَر، ودُفِن عند قبر حُممة الدَّوْسيّ.(11/73)
127 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن محمد ابن القارئ، أبو غالب الهَمَذَانيّ، الخفّاف، العدْل. [المتوفى: 506 هـ]
كَانَ شيخًا مُسِنًا، مَعْمَرا، مِن أهل الشّهادات، وُجِد سماعُه في كتب المحدّثين، روى عَنْ: أَبِي سَعِيد بْن شُبانة، ومنصور بْن عَبْد الرَّحْمَن الحنبليّ، والحسين بن عمر النهاوندي الصوفي، روى عنه: السلفي، وشهردار بن شيرويه. وأظن الحافظ أبا العلاء روى عنه، وآخر من روى عنه أبو الكرم علي بن عبد الكريم.
وقد حدَّث في سنة ستٌّ هذه، ولم يذكر لَهُ شِيرَوَيْه وفاة.(11/73)
128 - أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسَيْن، الأستاذ أبو الحسين الكرماني، الزاهد، [المتوفى: 506 هـ]
شيخ الصوفية.
ذكره عَبْد الغافر الفارسيّ فقال: أحد أولياء الله، ومن أفراد عصره مجاهدة ومُعاملة وخُلقًا ومشاهدة، ورد نَيْسابور، وأقام عند أَبِي القاسم [ص:74] القشيري، وسلك طريق الإرادة ونفذ فيها، وكان أبو القاسم يعتني بِهِ، وحصّل مِن العلوم ما يحتاج إليه مِن الأصول والفُروع، وجمع كتب أَبِي القاسم وسمعها، ثمّ غلب عَليْهِ قوة الحال، فصار مستغرقًا في الإرادة، وكان ظريف اللّقاء، مقبول المشاهدة، رخيم الصَّوْت، ولم يزل في صُحْبة الشَّيْخ أَبِي القاسم إلى أن تُوُفّي، فعاد إلى كَرمان، وقد طاب وقتُه مرّةً، فخرج مِن الكُتُب الّتي حصّلها، ووضعها في الوسط، فأشار عَليْهِ أبو القاسم بحِفْظ ذَلِكَ، وقال: احفظها وديعةً عندك، ولم يأذن لَهُ في بَيْعها ولا هِبتها، فكان يستصحبها، يصونُها ولا يُطالعها، ويقول: إنّها وديعة للإمام عندي، ويشتغل بما كَانَ لَهُ مِن الأحوال العالية الصّافية، ثم بعد ما صار إلى كَرْمان، بقي شيخَ وقته، ووقع لَهُ القبول عند الملوك، والوزراء، والأكابر، واستكانوا لَهُ، وتبرَّكوا بِهِ، وما كَانَ يرغب فيهم ولا يأخذ أموالهم، بل كَانَ يجتنبهم، ويختار العُزلة والانزواء ببعض القرى، جاء نِعيُّه إلى نيسابور في سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ثمّ ظهر خلاف ذَلِكَ، وعاش إلى سنة ست وخمسمائة، فجاء نعيُّه في منتصف ربيع الأوّل، سَمِعَ الكثير، وما روى إلّا القليل.
قلت: عاش سبعين أو ثمانين سنة.(11/73)
129 - أحمد بْن عليّ بن محمد بن عبدوس، أبو حامد ابن الحذاء النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 506 هـ]
ذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ مستور مِن أقارب الحاكم الحسكانيّ، سَمِعَ مِن: صاعد بْن محمد، وسمع "مُسْنَد العشرة" مِن أبي سعد النصرويي، وسمع "فضائل الصّحابة" لأحمد بْن حنبل مِن النصرويي، بسماعه مِن أَبِي بَكْر القَطِيعيّ سنة سبْعٍ وستين، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أَبِي، وقرئ عَليْهِ بدلالة الوالد عَليْهِ، واسم أَبِي سعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان، وُلِد أحمد في سنة ثمان عشرة، وتُوُفّي في شوّال.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن أحمد الصَّفّار، وجماعة مِن مشيخة عَبْد الرحيم السّمعانيّ.(11/74)
130 - أحمد بْن عَبْد الواحد بْن محمد ابن الدّبّاس، أبو سعْد، ويُعرف بابن السّقْلاطونيّ وبابن الحريريّ. [المتوفى: 506 هـ]
حدَّث عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ، وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السلفي.
توفي في شعبان.(11/75)
131 - أحمد بن أبي نصر، البغدادي، الغضاري. [المتوفى: 506 هـ]
سمع: الحسن بن محمد الخلال، روى عنه: المبارك بن كامل، وأبو طالب بن خضير.
توفي في ذي الحجة، ودفن بباب حرب، رحمه الله.(11/75)
132 - إبراهيم بن حمزة بن ينكي بن محمد بن علي، أبو محمد الخداباذي، البخاري. [المتوفى: 506 هـ]
حج سنة خمسمائة، فسمع بالبصرة، وسمع بمكّة أبا محمد بْن بتنّة، روى عَنْهُ ابنه حمزة ببُخارى.
تُوُفّي بالمدينة، ودُفِن بالبقيع يوم عاشوراء.(11/75)
133 - إدريس بْن هارون بْن الحُسَيْن، أبو محمد البغداديّ، الصّائغ، المقرئ. [المتوفى: 506 هـ]
شيخ صالح، روى قليلًا عن أبي الحسين ابن الَّنُّقور، وتُوُفّي في رمضان، روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو عامر العبدري، وما زال يسمع إلى أن مات.(11/75)
134 - إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بْن أحمد، أبو الرجاء [المتوفى: 506 هـ]
ابن الشَّيْخ أَبِي الفتح الحداد الأصبهاني.
روى عن: أبي بكر بْن رِيذة، وعبد العزيز بْن أحمد بْن فاذويه، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم، روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك السَّرَّاج، والمبارك بْن أحمد الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.
سكن بغداد، ثمّ سكن مصر، وبها تُوُفّي.(11/75)
135 - إسماعيل بْن الحَسَن بْن عليّ بْن حمدون، أبو القاسم السَّنْجَبَسْتيّ الفرائضيّ، [المتوفى: 506 هـ]
القاضي، مُسْنَد وقته.
ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة، وسمع: أبا بَكْر أحمد بْن الحَسَن الحِيريّ، والصَّيْرفيّ، وأبا عليّ الحَسَن البلْخيّ.
وسمع منه الآباء والأبناء، وعُمّر دهرًا طويلًا، وكان ذا مروءة وحشمة، روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو شجاع عُمَر بْن محمد البِسْطاميّ، ومحمد بْن الحُسَيْن الواعظ بواسط، وأبو الفتوح الطّائيّ، وجماعة كثيرة، تُوُفّي في شهر صَفَر بسَنْجَبَسْت.
وثّقه عَبْد الغافر.
وسَنْجَبَسْت: عَلَى مرحلة من نيسابور، وكان يدخل البلد ويحدث.(11/76)
136 - جعفر الحنبليّ، المعروف بالدَّرْزِيجانيّ، الفقيه، [المتوفى: 506 هـ]
صاحب القاضي أبى يعلى ابن الفراء.
ذكره أبو الحسين ابن الفرّاء في " طبقات أصحاب أحمد "، وقد لقّن خلقًا القرآن.
وكان قوالا بالحق، مَهيبًا، ذا سطوة وجلالة، وهو جعفر بْن الحَسَن.
وبالغ في تعظيمه ابن النّجّار، وأنّه كَانَ يختم كلّ يَوْمٍ القرآن في رَكْعةٍ واحدة، وأنه تفقه على أبي يعلى.(11/76)
137 - حبيبة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن سباع، الأندلسية، [المتوفى: 506 هـ]
زوجة أبي القاسم بن مدير.
سَمِعْتُ: أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبا العبّاس العُذْريّ، وكان لها خطّ مليح ومعرفة، وفيها دين، ووُلِدَت سنة سبْعٍ وثلاثين.(11/76)
138 - الحَسَن ابن الحاكم أحمد بن عَبْد الرَّحْيم، الإسماعيلي أَبُو سعيد. [المتوفى: 506 هـ][ص:77]
سَمِعَ من: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وجماعة، وتوفي في ذي الحجة.(11/76)
139 - الحسين بْن محمد بْن محمود بْن سَوْرَة، أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ، [المتوفى: 506 هـ]
سِبْط شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ.
ذكره عَبْد الغافر فقال: فاضل، عالم، عَهْدِناه أفضل أهل بيته، سَمِعَ مِن جدّه ومشايخ عصره، فسمع مِن الواحديّ تفسيره، وعقد مجلس الإملاء، تُوُفّي في شوّال في آخر الكهولة.(11/77)
140 - حَمْد بْن إسماعيل بْن حَمْد بْن محمد، أبو الْحَسَن الْهَمَذَانيّ، المعروف بالشّيخ الزكيّ. [المتوفى: 506 هـ]
كَانَ صدوقًا حَجّاجًا، سَمِعَ: ابن غَيْلان، والخلّال، والطَّنَاجيريّ، وعبد العزيز بْن عليّ الأزَجيّ، وابن المُذْهِب، روى عَنْهُ: عَبْد الخالق بْن يوسف، والسّلَفيّ، وتُوُفّي في نصف ربيع الأوّل بالمدينة، ودُفِن بالبقيع، روى عَنْهُ السّلَفيّ في البلد الأوّل مِن أربعيه.(11/77)
141 - حَمْدُ بْن محمد بْن أَبِي بَكْر، أبو شُكْر الإسكاف. [المتوفى: 506 هـ](11/77)
142 - حمد بْن طاهر بْن أحمد، أبو الفضل الأنماطيّ، المؤذّن. [المتوفى: 506 هـ]
إصبهانيّ، يروي عن الباطِرْقانيّ، روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ.(11/77)
143 - حَيْدَرة بْن أحمد بْن حُسَين، أبو تراب الأنصاريّ، الدّمشقيّ المقرئ، المعروف بالخروف. [المتوفى: 506 هـ]
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن مكّيّ، وأبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب.
قَالَ ابن عساكر: سمعتُ منه جزءًا من " تاريخ بغداد "، وكان مكثرًا، وتوفي في ربيع الأوّل.
قلت: وهو أقدم شيخ لابن عساكر موتًا.(11/77)
144 - خلف بن محمد، الشيخ أبو القاسم ابن العربي. [المتوفى: 506 هـ]
كَانَ مِن سكان الْمَرِية مِن الأندلس. [ص:78]
قال ابن الدباغ: رأيته سنة ست وخمسمائة.
سمع من: أَبِي العبّاس العُذريّ، ولقي أبا عَمْرو عثمان بن سعيد الداني، وكان عنده أدب.(11/77)
145 - صاعد بْن منصور بْن إسماعيل بْن صاعد، أبو العلاء النَّيْسابوريّ، [المتوفى: 506 هـ]
الخطيب، القاضي، المدرّس، قاضي القُضاة.
كَانَ إمام الحرمين يُثني عَليْهِ، وكان محبوبًا، مقبولًا، رضيّ الأخلاق، خَلَف أَبَاهُ في الخطابة، والتدريس، والوعظ، ثم ولي قضاء خُوارَزْم، وحجّ، وأقام ببغداد مدّةً، ثم عاد إلى نَيْسابور، وعقد مجلس الإملاء.
سَمِعَ جدّه: أبا الْحَسَن، وعمّه أبا عليّ، وأباه القاضي أبا القاسم، وعمر بْن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، وعبد الغافر الفارسي، والحسن بن محمد الدَّربَنْديّ، وجماعة، روى عنه: أبو عثمان إسماعيل العصائديّ، وأبو شجاع عُمَر البِسْطاميّ، وغيرهما.
وتوفي في رمضان.(11/78)
146 - طُونة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن طاهر، العالمة، [المتوفى: 506 هـ]
زوجة أبي القاسم بن مدير.
أخذت عَنْ أَبِي عُمَر بْن عبد الْبَرّ، وكتبت تصانيفه، وكانت حسَنة الخطّ، عاشت سبعين سنة.(11/78)
147 - العبّاس بْن أحمد بن محمد، أبو الفضل الحسنويي، النَّيْسابوريّ، الشَّقَّانيّ، الفقيه، المحدّث. [المتوفى: 506 هـ]
أنفق عمره في طلب الحديث، وأفاد، وكتب، وكان رقيق الحال، فقيرًا، قانعًا،
سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمْدان النصرويي، وأحمد بْن محمد بْن الحارث التّميميّ الإصبهانيّ، وأبا حسّان محمد بْن أحمد بْن جعفر، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وجماعة كثيرة، وقل أن يوجد بنَيْسابور جزء إلّا قد سمعه،
رَوَى عَنْهُ: [ص:79] محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعمر بْن محمد البِسْطاميّ، وعبد الرحيم بْن الإخوة، وآخرون كثيرون.
وتوفي في ذي الحجّة، وكان مِن المُسْنِدِين بنَيْسابور، وكان أبوه أبو العباس من الأئمة، وابنه أبو بَكْر محمد: يروي عَنِ القُشَيْريّ، سوف يأتي، والآخر اسمه أحمد، يأتي أيضًا.(11/78)
148 - عَبْد الله بْن الْحَسَن بْن هلال بْن الْحَسَن، أبو القاسم الأزْديّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 506 هـ]
سَمِعَ: أبا عليّ الأهوازيّ، وأبا عَبْد الله بْن سَعْدان، ورشأ بن نظيف، وسختام، وجماعةً سواهم، وكان يسكن بقرية سَقْبا، ولم يكن الحديث مِن شأنه، روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله، وجماعة.
توفي بسقبا، في ذي القِعْدة، وبها دُفِن.(11/79)
149 - عَبْد الجبّار بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي سَعْد محمد بن فورويه، أبو بَكْر الإصبهانيّ، الدّلّال، الصَّفّار. [المتوفى: 506 هـ]
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وسمع مِن: أَبِي نُعَيْم، روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وغيره، ومات في ربيع الآخر.(11/79)
150 - عَبْد المُلْك بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن رضوان، أبو الحسين الْمَرَاتبيّ، [المتوفى: 506 هـ]
مِن أهل باب المراتب.
كَانَ صالحًا، خيرًا، رئيسًا، كثير الصَّدَقة، وكان صاحب ديوان الرسائل لأمير المؤمنين المستظهر بالله، روى عن: أَبِي محمد الجوهريّ، وعنه: أبو المعمر الأنصاري.
وتوفي في شوال.(11/79)
151 - علي بن عبد الملك بن محمد بن شاذان، أبو الْحَسَن الطّوسيّ، الجوهريّ، الصُّوفيّ، الزّاهد. [المتوفى: 506 هـ]
سَمِعَ الكثير بنفسه مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي سَعْد الكنجروذي، ورحل فسمع من: أبي يعلى ابن الْفَراء، وابن المهتديّ بالله، روى عَنْهُ: عليّ بْن الْحَسَن المقرئ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: تُوُفّي بعد سنة أربع وخمسمائة، وكان مقرئًا، صالحًا، زاهدا.
قلت: إنّما كتبته هنا عَلَى سبيل التّقريب، لا أنه تُوُفّي في هذا العام.(11/80)
152 - عليّ بْن ناصر بْن محمد بْن الْحَسَن، أبو الفضل الْعَلَويّ المحمدي، [المتوفى: 506 هـ]
من ولد محمد ابن الحنفيّة.
وكان نقيب مشهد باب التّبْن، وكان يسكن الكرْخ، وله معرفة بالأنساب.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهري، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وغيرهما، وحدَّث في هذه السنة، ولم تؤرخ وفاته.(11/80)
153 - الفضل بْن أحمد بْن محمد بْن مَتُّوَيْه، أبو عمرو الكاكويي، [المتوفى: 506 هـ]
كَانَ يقال لأبيه كاكُو.
سَمِعَ مِن: عَبْد الغافر الفارسيّ، وأبي عثمان الصّابونيّ، وابن مسرور بإفادة والده.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة، وتُوُفّي ليلة عيد الفِطْر، وكان مولده في سنة تسعٍ وثلاثين.
ومن الرُّواة عَنْهُ ولده، وبقي إلى سنة أربعٍ وخمسين، وروى أَبُوهُ أحمد كاكُو عَنْ: أَبِي عَبْد الله بْن نظيف.(11/80)
154 - الْفَضْلُ بْن محمد بْن عُبَيْد بْن محمد بْن محمد بْن مهديّ، أبو محمد القُشَيْريّ، النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 506 هـ]
شيخ، ثقة، مشهور، مِن بيت العدالة والصّلاح، كَانَ مبالغًا في الاحتياط [ص:81] في الشهادات، ومن أعيان العدول، وكان صوفيا، مليحًا، خيّرا.
سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان النصرويي، وعبد القاهر أبا منصور البغداديّ، وأبا حسّان المُزَكّيّ، وأبا الحُسَيْن الفارسيّ، وحدَّث ببغداد لمّا حجّ، روى عَنْهُ: أبو الفتح محمد بْن عَبْد السلام الكاتب، وغيره.
وُلِد سنة عشرين وأربعمائة، وتوفي في رمضان، وهو أخو عُبَيْد القُشَيْريّ، سيأتي.(11/80)
155 - فضل الله بْن محمد بْن أحمد بْن أَبِي جعفر، أبو محمد بْن أَبِي الْفَضْلُ الطَّبَسيّ، [المتوفى: 506 هـ]
مِن أولاد المحدّثين.
سافر الكثير، وسمع، ونسخ، سَمِعَ ببلده: أَبَاهُ، وأبا عثمان العيّار، وأبا بَكْر الْبَيْهَقيّ، وعبيد الله بْن محمد بْن مَنْدَهْ، وبنَيْسابور، وسمع ببغداد من: أبي الفضل بن خيرون وجماعة، وبالبصرة من: أبي علي التستري، وبإصبهان مِن: إبراهيم بْن محمد القفّال، روى عَنْهُ: عَبْد العزيز بْن محمد بْن سيما، وجماعة.
وأجاز للجُنَيْد القاينيّ في هذه السّنة، ولم تضبط وفاته.(11/81)
156 - المبارك بن محمد بن أحمد ابن السدنك، أبو طالب البيع المشتري. [المتوفى: 506 هـ]
سمع أبا إسحاق البرمكي، روى عنه عمر المغازلي، وتوفي في شهر الله المحرم.(11/81)
157 - محمد بن علي، أبو سعد سرفرتج. [المتوفى: 506 هـ]
سمع أبا نعيم، قيل: توفي في سابع محرم، والأصح وفاته في سلخ تلك السنة كما مر.(11/81)
158 - محمد بْن أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله، أبو بَكْر الإصبهانيّ الأعسر، القرابي القصار. [المتوفى: 506 هـ][ص:82]
عبدٌ صالحٌ، يقال: إنّه كَانَ مِن الأبدال، روى عَنْ: ابن رِيذَة، روى عَنْهُ: أبو موسى في مُعْجَمه.
وتُوُفّي فِي ذي الحجة.(11/81)
159 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أيّوب بْن محسّن، أبو محمد القَطَوانيُّ، السمرقنديُّ، [المتوفى: 506 هـ]
وقطوان: على خمسة فراسخ من سمرقند.
كَانَ إمامًا في الوعظ، لَهُ القبول التّامّ مِن الخاصّ والعامّ، سَمِعَ مِن جماعة، وحدَّث، روى عَنْهُ جماعة مِن أهل سَمَرْقَنْد.
وكان مولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، رماه فرسه فاندقّت عنقه، وتُوُفّي مِن الغد في سادس رجب.(11/82)
160 - محمد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن عَيْشُون، موفَّق المُلْك، أبو الْفَضْلُ المنجّم. [المتوفى: 506 هـ]
كَانَ رأسًا في صنعة التّنجيم بالعراق، وله شعر رشيق، روى عنه: أبو الوفاء أحمد بْن محمد بْن الحُصَين، فمن شِعْره:
أنت يا مغرور ميت ... فتأهب للفراق
وذر الحرص على الرز ... ق، فما أنت بباقِ
فالأماني والمنايا ... تتَجَارَى في سَباقِ
لك بالأخرى اشتغالٌ ... فتهيَّأ للتَّلاقِ(11/82)
161 - محمد بْن موسى بْن عَبْد اللَّه، القاضي أبو عبد اللَّه التركي، البلاشاغوني، الحنفيّ. [المتوفى: 506 هـ]
سَمِعَ ببغداد مِن شيخه القاضي أبي عبد الله الدامغاني، ومن: أبي الفضل بن خَيْرون، ونزل بدمشق، روى عَنْهُ: أبو البركات الخضر بن عَبْد الحارثيّ، وولي قضاء القدس مُدّة، فَشَكوه وعُزِل، ثمّ وُلّي قضاء دمشق، وكان قد عزم عَلَى نصْب إمام حنفيّ بجامع دمشق، مِن محبّته في مذهبه، وعيّن إمامًا، فامتنع [ص:83] أهل دمشق مِن الصّلاة خلفه، وصلّوا بأجمعهم في دار الْخَيْل، وهي الْقَيْساريّة الّتي قبَل المدرسة الأمينيّة.
وهو الَّذِي رتَّب الإقامة في الجامع مَثْنَى مَثْنَى، فبقي إلى أن أزيل في أيّام صلاح الدّين في سنة سبْعين.
قَالَ ابن عساكر: سمعتُ أبا الْحَسَن بْن قُبَيْس الفقيه يذمّه، ويذكر أنّه كَانَ يَقُولُ: لو كَانَ لي أمرٌ لأخذتُ مِن الشّافعيّة الْجِزْية، وكان مبغِضًا للمالكيّة أيضًا، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.(11/82)
162 - محمود بْن يوسف بْن حسين، أبو القاسم التَّفْلِيسيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 506 هـ]
قِدم بغداد، وتفقَّه بها على الشيخ أبي إسحاق، وسمع من: أبي يعلى ابن الفراء، وعبد الصمد ابن المأمون، وجماعة، ورجع إلى بلده، روى عنه: الطَّيّب بْن محمد الْغَضَائريّ.
وتُوُفّي في هذه السنة أو بعدها.(11/83)
163 - مُصْعَب بْن محمد بْن أَبِي الفُرات، أبو العرب الْقُرَشِيّ الْعَبْدَريّ، الصَّقَلّيّ، الشّاعر المشهور. [المتوفى: 506 هـ]
دخل الأندلس عند تغلُّب الرّوم عَلَى صَقَلّية، وحظي عند المعتمد بْن عبّاد، وديوانه بأيدي النّاس.
روى عن: أبي عمر بن عبد البر، أخذ عَنْهُ: أبو عليّ بْن عُرَيْب " أدب الكاتب " لابن قُتَيْبة، ثمّ أنّه صار في آخر أمره إلى صاحب مَيُورقَة ناصر الدّولة، فتُوُفّي هناك.
وله:
كأن أديمَ الأرضِ كفّاكَ إنْ يَسِرْ ... بِهِ راكبٌ تَقْبض عَليْهِ الأناملا
فأين يَفِرُّ المرءُ عنكَ بجُرمِهِ ... إذا كَانَ في كفّيَكْ يَطْوِي الْمَرَاحلا(11/83)
164 - المُعَمَّر بْن عليّ بْن المُعَمَّر بْن أبي عمامة، أبو سَعْد الْحَنْبليّ، الواعظ. [المتوفى: 506 هـ]
بغداديّ كبير، درّس، وأفتى، وناظَر، وحفظ الكثير من النوادر والغرر، [ص:84] وانفراد بالكلام عَلَى لسان الوعظ، وانتفع الخلق بمجالسه، وكان يُبكي الحاضرين ويُضْحِكهم، وله قَبُولٌ عظيم، وله مِن سرعة الجواب، وحدّة الخاطر، ما شاع وذاع، ووقع عَليْهِ الإجماع، وكان يؤُمّ المقتدي بالله في التّراويح ويُنادِمه.
وسمع مِن: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، والخلّال، والأَزَجيّ، والحسن بْن المقتدر، وجماعة، روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وُلِد في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الأول، قاله ابن النجار.(11/83)
165 - ناجية بنت أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أحمد بْن الْحَسَن بْن جَرَدة، وتُعرف بستّ السُّعود، الحاجبة. [المتوفى: 506 هـ]
رَوَت عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ، روى عَنْهَا: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وتُوُفّيت في شوال، ودفنت بالحربية.(11/84)
-سنة سبع وخمسمائة(11/85)
166 - أحمد بْن أحمد بْن هبة الله، أبو الفتح العِراقيّ. [المتوفى: 507 هـ]
روى عَنْ: الأمير حسن بْن المقتدر، والحسن بْن محمد الخلّال، وأبي القاسم التنوخي، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وتوفي في شوّال وله تسع وثمانون سنة، وقد سَمِعَ ديوان المطرّز منه، وعنه أيضًا: المبارك بْن خُضَيْر، وغيره.(11/85)
167 - أحمد بْن عثمان بْن عليّ بْن قُرايا، أبو الْحَسَن البغداديّ البزّاز. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ: الحُسَيْن بْن جعفر السَّلَمَاسيّ، صاحب أَبِي حفص بْن شاهين، روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، والسلفي.(11/85)
168 - أحمد بن علي بن بدران بن علي، أبو بكر الحلواني، البغدادي، المعروف بخالوه. [المتوفى: 507 هـ]
شيخ صالح، دين، سمع الكثير بنفسه، وكتب، وخرج له الحميدي فوائد عَنْ شيوخه، سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عليّ بْن شبانة الدّيَنَوريّ، وأبا الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبا الْحَسَن الماورديّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو القاسم السَّمَرْقَنْديّ، والسّلَفيّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وخطيبُ الْمَوْصِل أبو الْفَضْلُ، وخلْق آخرهم ابن كُلَيْب.
ذكره ابن ناصر، فقال: شيخ صالح، ضعيف، لَا يُحتجّ بحديثه، ولم يكن لَهُ معرفة بالحديث.
وُلِد في حدود سنة عشرين وأربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ستٌّ، وأوصى أن يُدْفن بجنْب إبراهيم الْحَرْبيّ.
وقال السّلَفيّ: كَانَ ثقة، زاهدًا.
وقال ابن النّجّار: قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عليّ الْحَسَن بْن غالب، وعليّ بْن محمد بْن فارس الخيّاط، وسمع الكثير وخرج تخريجات، وانتقى عَليْهِ الحُمَيْديّ، قرأ عَليْهِ أبو الكرم الشّهْرَزُورِيّ.(11/85)
169 - أحمد بن محمد بن عبيد الله بن عمروس، الفقيه، أبو العبّاس المالكيّ، [المتوفى: 507 هـ]
مِن أهل محلّه النَّصْريّة ببغداد.
كَانَ صالحًا، خيرَّا، عارفًا بمذهب مالك، ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأجاز لَهُ أبو عليّ بْن شاذان، وأحمد بن البادا.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: قرأتُ عَليْهِ بهذه الإجازة مِن نحو ثلاثين سنة.
وقال غيره: كَانَ أبوه إمامًا مبّرزا في مذهب مالك، وتُوُفّي في ثالث عشر رمضان، حدَّث عَنْهُ: المبارك بن خضير، ونصر الله ابن القزّاز.(11/86)
170 - أحمد بْن محمد بْن عَبْد السّلام بْن قَيْداس، أبو نصر. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عليّ الدّيَنَوريّ المقرئ، وأبا بَكْر بن بشران.
روى عنه: أبو محمد ابن الخشّاب، وتُوُفّي في هذه السّنة أو بعدها.(11/86)
171 - أحمد بْن محمد بْن عَبْد الله أبو منصور الصَّيْرفيّ، الْمَرَاتبيّ. [المتوفى: 507 هـ]
روى عَنْ أَبِي الْحَسَن القزويني يسيرًا، روى عنه: ابنه المبارك، وعبد الوهاب الصابوني.(11/86)
172 - أحمد بن أبي نصر القصاري البغدادي. [المتوفى: 507 هـ]
سمع أبا محمد الخلال، مات في ذي الحجة.(11/86)
173 - إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي، الصالحاني، الإصبهاني. [المتوفى: 507 هـ]
توفي في جمادي الآخرة، وهو من شيوخ أبي موسى الحافظ، روى عَنِ ابن ريذة.(11/86)
174 - إسماعيل بْن الحُسَيْن بْن حمزة، أبو الْحَسَين العلويّ، الْهَرَويّ، العمريّ، [المتوفى: 507 هـ]
مِن وُلِد عُمَر بْن عليّ بْن أَبِي طَالِب.
وُلِد سنة تسعٍ وأربعمائة، وسمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، مات في سابع المحرَّم، وله مائة إلّا سنتين.(11/86)
175 - إسماعيل ابن الإمام أبي بكر أَحْمَد بن الحسين بْن عليّ بْن موسى، شيخ القُضاة، أبو عليّ الْبَيْهَقيّ، الخسْروْجرْديّ. [المتوفى: 507 هـ]
حدَّث عَنْ أبيه، وعن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، روى عنه: أبو القاسم ابن السمرقندي، [ص:87] وإسماعيل بْن أَبِي سَعْد الصُّوفيّ، وأجاز لأبي سعد السمعاني.
وتوفي في جمادى الآخرة ببيهق، وكان قد سافر عَنْهَا نحو ثلاثين سنة، وعاد إليها قبل وفاته بأيّام، وسكن خُوارَزْم مدّةً، ثمّ بَلْخ وكان إمامًا، مدرّسًا، فاضلًا، عالمًا، ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.(11/86)
176 - الحُسَيْن بْن عقيل بْن سِنان، الْخَفَاجيّ، الحلبيّ، المعدّل، الأصُوليّ، الشّيعيّ. [المتوفى: 507 هـ]
لَهُ كتاب "المُنْجي مِن الضّلال في الحرام والحلال" فقه، بلغ عشرين مجلّدة، ذكر فيه خلاف الفقهاء، يدلّ عَلَى تبحره.(11/87)
177 - خيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خَيْرون الدّبّاس، [المتوفى: 507 هـ]
أخو محمد.
سَمِعَ الكثير مِن: أبي علي بن المذهب، وأبي إسحاق البرمكي، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره، وتوفي في المحرم.(11/87)
178 - رابعة بِنْت محمود بْن عَبْد الواحد، أمّ الغيث الإصبهانيّة. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعْتُ: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العيّار، وأبا بَكْر الباطِرْقاني، وحدَّثت ببغداد لمّا حجّت. روى عنها: عُمَر بْن ظَفَر.(11/87)
179 - رضوان ابن سلطان دمشق تُتُش بْن ألْب رسلان السّلْجُوقيّ. [المتوفى: 507 هـ]
وُلّي سلطنة حلب بعد أَبِيهِ إلى أن مات بها في هذه السّنة، وولي بعده ابنه ألْب رسلان الأخرس، وله ستّ عشرة وكان رضوان لمّا مات أَبُوهُ بالرَّيّ في القتال، أقيمت السّكّة والخطبة بدمشق أيّامًا لرضوان، ثمّ استقرّ عَلَى إمرة حلب ونواحيها، ومنه أخذت الفرنج أنطاكيّة سنة اثنتين وتسعين.
وقد ذكرنا من سيرته المذمومة في الحوادث.(11/87)
180 - سراج بن عبد الملك بن سراج بن عبد الله، الإمام أبو الحسين [المتوفى: 507 هـ]
ابن العلّامة اللُّغَويّ أَبِي مروان. [ص:88]
وقد مر أبوه بعد الثمانين وأربعمائة.
سمع: أباه، وأبا عبد الله بن غياث، وخَلَف أَبَاهُ بالأندلس في معرفة الأدب، وكان مِن أذكياء العالم، تُوُفّي بقُرْطُبَة، قاله ابن الدباغ.(11/87)
181 - شجاع بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن غريب بْن بشير بْن عَبْد الله بْن مُنخل بْن ثور بْن مَسْلَمة بْن سَعْنة بْن سَدُوس بْن شيبان بْن ذُهَل بْن ثعلبة، الحافظ أبو غالب الذُّهْليّ، السُهْروَرْديّ، ثمّ البغداديّ، الْحَريميّ. [المتوفى: 507 هـ]
قَالَ ابن السّمعانيّ: نسخ بخطّه مِن التّفسير، والحديث، والفقه، ما لم ينسخه أحدٌ مِن الورّاقين، قَالَ لي عَبْد الوهّاب الأنْماطي: دخلت عَليْهِ يومًا، فقال لي: توبني، قلت: مِن أيّ شيء؟ قَالَ: كتبت شِعر ابن الْحَجّاج بخطّي سبْعٍ مرّات، سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ، والأمير أبا محمد ابن المقتدر، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم، ومن بعدهم، إلى أن سمع مِن جماعة من طبقته، روى عنه: إسماعيل ابن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وعمر بن ظفر، وسلمان بن جروان، وطائفة مِن الطّلبة، وملكتُ بخطّه عدّة أجزاء.
قَالَ عَبْد الوهاب: قَلّ ما يوجد بلدٌ مِن بلاد الإسلام إلّا وفيه شيء بخطّ شجاع الذُّهْليّ، وكان مفيد وقته ببغداد، ثقة، سديد السّيرة، أفنى عمره في الطَّلَب، وكان قد عمل مسوَّدة " تاريخ بغداد " ذيلًا عَلَى تاريخ الخطيب، فغسَله في مرض موته.
تُوُفّي في ثالث جُمَادَى الأولى، ووُلِد في سنة ثلاثين.(11/88)
182 - عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَر بْن جحشوَيْه، أبو محمد الطَّوَابيقيّ، الآجُرّيّ، الحربيّ، القصّار. [المتوفى: 507 هـ]
شيخ صالح، سَمِعَ: أبا الحسن القزويني، والجوهري، روى عنه: المبارك [ص:89] ابن خضير، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وغيرهما.
وتوفي في صَفَر.(11/88)
183 - عَبْد الله بْن مرزوق بْن عَبْد الله، الْهَرَويّ، أبو الخير الحافظ، [المتوفى: 507 هـ]
مولى أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري.
كَانَ أصمّ، غير أنّه تعلَّم ورُزِق فهْم الحديث، وكان حسن السّيرة، جميل الأمر، متقِنًا، متثّبتًا، سَمِعَ: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وغيره بهَرَاة، وأبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره بإصبهان، وأبا القاسم ابن البُسْري، وطبقته ببغداد، وأبا الْفَضْلُ محمد بْن أحمد الحافظ بطَبَس، وجال في الآفاق، ثمّ سكن أصبهان، روى عنه: حنبل البخاري، وأبو العلاء أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ الإصبهاني، وآخرون.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
وأكبر شيخ لَهُ أبو عُمَر الْمَلِيحيّ.(11/89)
184 - عَبْد القادر بْن محمد، أبو محمد الصَّدَفيّ، الْقَرَويّ، المعروف بابن الحنّاط، [المتوفى: 507 هـ]
نزيل الْمَريّة.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى الصَّقَلّيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد الخِرقيّ، وأبي مروان عبد الملك بن زيادة الله الطبني، سَمِعَ منه بالقيروان، ومحمد بْن الْفَرَج، سَمِعَ منه بمصر، وعبد الله بْن محمد الْقُرَشِيّ، والفقيه عَبْد الحقّ الصَّقَلّيّ، وغيرهم.
وكان صالحًا، زاهدًا، مُعْتنيا بالعلم والرّواية، روى عَنْهُ جماعة، وتُوُفّي في ربيع الأوّل عَنْ بضعٍ وثمانين سنة.(11/89)
185 - عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن عُبَيْد الله ابن الصحنائي، أبو غالب البغدادي، المستعمل. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، وعليّ بْن محمد بْن قُشَيْش، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم الأَزَجيّ، روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وعبد الحقّ اليُوُسُفيّ، وآخرون.
توفي في ذي الحجة. [ص:90]
وكان مولده في سنة عشرين وأربعمائة.(11/89)
186 - علي بن الحسين المِرْدُستيّ، أبو الفوارس الحاجب. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ: أبا محمد الجوهري، وكان شيعيا مِن بيت حشمة.(11/90)
187 - عليّ بْن عليّ بْن عَبْد السّميع بْن الْحَسَن الهاشميّ العبّاسيّ، أبو الحارث. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وحدَّث، سمع منه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.(11/90)
188 - عليّ بْن محمد بْن علي بْن أَحْمَد بْن إسماعيل، الواعظ، أبو منصور الأنباريّ. [المتوفى: 507 هـ]
كَانَ يسكن دار الخلافة، سَمِعَ الكثير، وانتشرت عَنْهُ الرّواية، سَمِعَ: ابن غَيْلان، وأبا بَكْر بْن بِشْران، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وجماعة، وقرأ بالروايات عَلَى أَبِي عليّ الشَّرْمقَانيّ، وتفقَّه عَلَى القاضي أبي يَعْلَى، روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق اليوسفي، وأبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي الحجّة، ووُلِد سنة خمسٍ وعشرين، وهو مِن علماء الحنابلة.(11/90)
189 - عُمَر بْن أحمد بْن رزق، أبو بَكْر بْن الْفَصيح التُّجَيْبيّ، الأندلسيّ، [المتوفى: 507 هـ]
مِن أَهْل المَرِيّة.
روى عَنْ: أَبِي عَمْرو الدّانيّ المقرئ، وغيره.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ ثقة فيما رواه، أخذ النّاس عَنْهُ، أخبرني بأمره يحيى بن محمد صاحبنا.(11/90)
190 - مالك بْن عَبْد الله، أبو الوليد العُتْبيّ، السَّهْليّ، القُرْطُبيّ، اللُّغَويّ. [المتوفى: 507 هـ]
مِن أئمّة الأدب، سَمِعَ مِن: محمد بْن عتّاب، وحاتم بْن محمّد، وأبي [ص:91] مروان بن حيان المؤرخ، وسراج القاضي، قيد النّاس عَنْهُ كثيرًا، ومات بقُرْطُبَة.(11/90)
191 - محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن بْن عمر، الإمام أبو بكر الشاشي، الفقيه، الشافعي، [المتوفى: 507 هـ]
مؤلف المستظهري.
ولد بميافارقين سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وتفقَّه عَلَى الإمام أبي عَبْد الله محمد بْن بيان الكازْرُونيّ، وتفقَّه عَلَى قاضي ميَّافارقين أَبِي منصور الطّوسيّ تلميذ الأستاذ أَبِي محمد الجويني، ثم رحل أبو بَكْر إلى العراق، ولازم الشَّيْخ أبا إِسْحَاق، وكان مُعيد درسه، وكان يتردّد إلى أبي نصر ابن الصّبّاغ، فقرأ عَليْهِ " الشّامل ".
وسمع الحديث مِن الكازْرُونيّ شيخه، ومن ثابت بْن أبي القاسم الخيّاط، وبمكّة مِن أَبِي محمد هَيّاج الحِطّينيّ، وسمع ببغداد مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وجماعة، روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وأبو الْحَسَن علي بن أحمد اليزدي، وأبو بكر ابن النُّقور، وشُهْدة، والسّلَفيّ، وغيرهم، وتفقَّه بِهِ جماعة.
قَالَ القاضي ابن خَلّكان: أبو بَكْر الشّاشيّ، الفارقيّ، المعروف بالمُسْتَظهري، الملقّب فخر الإسلام، كَانَ فقيه وقته، ودخل نَيْسابور صُحبة الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وتكلّم في مسألة بين يدي إمام الحرمين، وتعيَّن في الفِقْه ببغداد بعد أستاذه أَبِي إِسْحَاق، وانتهت إليه رياسة الطّائفة الشّافعيّة، وصَنَّف تصانيف حَسَنَة، مِن ذَلِكَ كتاب " حلْية العلماء " في المذهب ذكر فيه مذهب الشّافعيّ، ثمّ ضمّ إلى كلّ مسألةٍ اختلافَ الأئمّة فيها، وسمّاه " المستظهريّ "، لأنّه صنَّفه للإمام المستظهر بالله، وصنَّف أيضًا في الخلاف، وولي تدريس النظامية ببغداد بعد شيخه، وبعْد ابن الصّباغ، والغزاليّ، ثمّ وليها بعد موت إلْكِيا الْهَرَّاسيّ سنة أربع وخمسمائة في المحرَّم، ودرّس بمدرسة تاج المُلْك وزير ملكشاه، وتوفي في خامس وعشرين شوّال، ودُفِن مَعَ شيخه أَبِي إِسْحَاق في قبرٍ واحد، وقيل: دُفِن إلى جانبه.
وكان أشعريًا، أصوليًا صنف عقيدة.(11/91)
192 - محمد بْن إبراهيم بْن سَعِيد بْن نِعَم الخلف، أبو عَبْد الله الرُّعَيْنيّ، الأندلسيّ. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ بسَرَقُسْطَة مِن أَبِي الوليد الباجيّ، ورحل وحجّ، وقرأ القراءات عَلَى أَبِي معشر الطَّبَريّ، وكان مولده في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وتوفي بأورْيُولة، وكان ثقةً، خيارًا.(11/92)
193 - محمد بْن الحُسَيْن بْن وهْبان، أبو المكارم الشَّيْبانيّ. [المتوفى: 507 هـ]
عَنْ: القاضي الطبري، والجوهري، وأنه سمع لنفسه من ابن غيلان، فأرخ ذلك سنة خمسين فافتضح.(11/92)
194 - محمد بْن طاهر بْن عليّ بْن أحمد، الحافظ أبو الفضل المقدسي، ويعرف في وقته بابن الْقَيْسَرانيّ، الشَّيْبانيّ. [المتوفى: 507 هـ]
لَهُ الرحلة الواسعة، سَمِعَ ببلده مِن: نصر المقدسيّ، وابن وَرْقاء، وجماعة، ودخل بغداد سنة سبْعٍ وستّين، فسمع مِن: الصَّريْفينيّ، وابن النّقور، وطبقتهما، وحجَّ، وجاور فسمع مِن: أَبِي عليّ الشّافعيّ، وسعْد الزَّنْجانيّ، وهَيَّاج الحِطّينيّ، وصحِب الزَّنْجانيّ، وتخرّج بِهِ في التّصوُّف، والحديث، والسُّنَّة، ورحَلَ بإشارته إلى مِصْر، فَسَمِعَ بها مِن أَبِي إِسْحَاق الحبّال، وبالإسكندرية مِن الحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّفْراويّ، وبتِنّيس مِن علي بْن الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بن أحمد ابن الحدّاد، حدَّثه عَنْ جدّه، عَنْ أحمد بْن عيسى الوشاء، عن عيسى بن زُغْبَة، وذلك مِن أعلى ما وقع لَهُ في الرحلة المصرية، وسمع بدمشق مِن أَبِي القاسم بْن أبي العلاء الفقيه، وبحلب مِن الْحَسَن بْن مكي الشيزري، وبالجزيرة العمرية من أبي أحمد عَبْد الوهّاب بْن محمد اليمنيّ، عَنْ أبي عُمَر بْن مَهْديّ، وبالرَّحْبَة مِن الحُسين بْن سعدون، وبصور مِن القاضي عليّ بْن محمد بن عبيد الله الهاشميّ، وبإصبهان مِن: عَبْد الوهّاب بْن منده، وإبراهيم بن محمد القفال، وطائفة، وبنيسابور من: الفضل بن المحب، وموسى بن عمران، وأبي بكر بن خلف، وبهراة من: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وكلار، وبيبى، وشيخ الإسلام، وبجرجان من: إسماعيل بن مسعدة، والمظفر بن حمزة البيع، وبآمد من قاسم بن أحمد الخياط الأصبهاني، وهو من كبار شيوخه، [ص:93] سَمِعَ سنة أربع وثمانين وثلاث مائة مِن مُحَمَّد بْن أَحمد بْن جَشْنِس، صاحب ابن صاعد، وبأَسْتِراباذ مِن: عليّ بْن عبد المُلْك الحفْصي، حدَّثه عَنْ هلال الحفّار، وببُوشَنْج مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عفيف كُلار، وبالبصرة من: عبد الملك ابن شَغَبَة، وبالدّيَنورَ مِن: أحمد بْن عيسى بْن عبّاد الدّيَنَوريّ، عَنِ ابن لال الْهَمَذَانيّ، وبالرَّيّ مِن: إسماعيل بْن عليّ الخطيب، عَنْ يحيى بْن إبراهيم المُزَكّيّ، وبسَرْخَس مِن: محمد بْن عَبْد المُلْك المظفَّري، عَنْ أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ الكرابيسيّ، عَنْ محمد بْن حَمْدَوَيْه الْمَرْوَزِيّ، وبشيراز مِن: عليّ بْن محمد بْن عليّ الشّرَوطيّ، عَنِ الْحَسَن بْن أحمد بْن محمد بْن اللَّيْثُ الحافظ إملاءً سنة إحدى وأربعمائة، قال: حدثنا ابن الْبَخْتَرِيّ ببغداد، وبقزوين مِن: أَبِي بَكْر محمد بْن إبراهيم بْن عليّ العِجْليّ الإمام، عَنْ أَبِي عُمَر بْن مهديّ، قِدم عليهم، وبالكوفة مِن: أَبِي القاسم الحُسَيْن بْن محمد، مِن طريق ابن أبي غَرْزَة، وبالْمَوْصل مِن: هبة الله بْن أحمد المقرئ، عَنْ محمد بْن عليّ بْن بحشَل، عَنْ محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن علي بن حرب، وبمرو: محمد بن الحسن المهربندقشاني، عن أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي، وبمروالروذ مِن: الْحَسَن بْن محمد الفقيه، عَنِ الحِيريّ، وبنُوقان مِن: محمد بْن سَعِيد الحاكم، عَنِ السُّلَميّ، وبنهاوند مِن: عُمَر بْن عُبَيْد الله القاضي، عن عبد الملك بن بشران، وبهمذان مِن: عَبْد الواحد بْن علي الصُّوفيّ، عَنْ محمد بْن عليّ بْن حَمْدَوَيْه الطّوسيّ، وبالمدينة النبويّة مِن: طِراد الزَّيْنَبيّ، وبواسط مِن صَدَقة بْن محمد المتولّي، وبساوة مِن: محمد بْن أحمد الكامِخيّ، وبأسَدَاباذ مِن: أبي الْحَسَن عليّ بْن محمد المحلميّ، عَنِ الحِيريّ، وبالأنبار مِن: أَبِي الْحَسَن عليّ بْن محمد بْن محمد الخطيب، وبإسفرايين مِن: عَبْد المُلْك بْن أحمد العدْل، عَنْ عليّ بْن محمد بْن عليّ السّقّاء، وبآمُل طَبَرِسْتان مِن: الْفَضْلُ بْن أحمد البصْريّ، عَنْ جدّه، عَنْ أبي أحمد ابن عَدِيّ، وبالأهواز من: عُمَر بْن محمد بْن حَيْكان النَّيْسابوريّ، عَنِ ابن ريذة، وببِسْطام مِن: أبي الْفَضْلُ محمد بْن عليّ السَّهْلكيّ، عَنِ الحيريّ، وبخُسْرُوجِرْد مِن: الْحَسَن بْن أحمد الْبَيْهَقيّ، عَنِ الحِيريّ، فهذه أربعون مدينة قد سمع فيها الحديث، وسمع في بلدان أُخَر تركتُها.
روى عَنْهُ: شِيرَوَيْه الْهَمَذَانيّ، وأبو جعفر محمد بْن الْحَسَن الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بْن عمر الْغَازي، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وابن ناصر، [ص:94] والسّلَفيّ، وطائفة كبيرة، آخرهم موتًا محمد بْن إسماعيل الطرسوسي الأصبهاني.
قال أبو القاسم ابن عساكر: سمعتُ إسماعيل بْن محمد بْن الْفَضْلُ الحافظ يَقُولُ: أحفظ مِن رَأَيْت محمد بْن طاهر.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ في تاريخه: كَانَ أحد الحُفّاظ، حسن الاعتقاد، جميل الطّريقة، صدوقًا، عالمًا بالصّحيح والسّقيم، كثير التّصانيف، لازمًا للأثَر.
وقال السّلَفيّ: سَمِعْتُ ابن طاهر يَقُولُ: كتبت " صحيح البخاري " " ومسلم " " وأبي داود " سبْعٍ مرّات بالوراقة، وكتبت " سُنَن ابن ماجه " بالوراقة عشر مرّات، سوى التّفاريق بالرَّيّ.
وقال ابن السّمعانيّ: سَأَلت أبا الْحَسَن محمد بْن أَبِي طَالِب عَبْد المُلْك الفقيه بالْكَرَج، عَنْ محمد بْن طاهر، فقال: ما كَانَ عَلَى وجه الأرض لَهُ نظير، وعظَّمَ أمره، ثمّ قَالَ: كَانَ داوديَّ المذهب، قَالَ لي: اخترت مذهب داود، فقلت لَهُ: ولم؟ قَالَ: كذا اتّفق، فسألته عَنْ أفضل مِن رَأَى، فقال: سعْد الزَّنْجانيّ، وعبد الله بْن محمد الأنصاريّ.
وقال أبو مسعود الحاجّيّ: سَمِعْتُ ابْن طاهر يَقُولُ: بُلْتُ الدَّم في طلب الحديث مرَّتين، مرَّة ببغداد، ومرّة بمكّة، وذاك أنّي كنت أمشي حافيا في حرّ الهواجر، فلحِقَني ذَلِكَ، وما ركبتُ دابّةً قطّ في طلب الحديث، وكنتُ أحمل كُتُبي عَلَى ظهري، إلى أن استوطنت البلاد، وما سَأَلت في حال الطّلب أحدًا، وكنت أعيش عَلَى ما يأتي من غير مسألة.
وقال ابن السمعاني: سَمِعْتُ بعض المشايخ يَقُولُ: كَانَ ابن طاهر يمشي في ليلة واحدة قريبًا مِن سبعة عشر فرسخًا، وكان يمشي عَلَى الدّوام باللّيل والنّهار عشرين فرسخًا.
أَخْبَرَنَا إسحاق الأسدي، قال: أخبرنا ابن خليل، قال: أخبرنا خليل بن أبي الرجاء الراراني، قال: حدثنا محمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، قَالَ: محمد [ص:95] ابن طاهر كَانَ صوفيا مَلامتّيا، سكن الرَّيّ، ثمّ هَمَذَان، لَهُ كتاب " صَفْوة الصُّوفيّة "، لَهُ أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ الْبُخَارِيّ ومسلم، وغيرهما. شاهدناه بجرجان، ونيسابور، ذكر لي عَنْهُ حديث الإباحة، أسأل الله أن يُجَنّبنا منها، وممن يَقُولُ بها من الرجال والنساء، والأخابث الكحلية من جونية زماننا، وصوفيّة وقتنا، وأن ينقذنا مِن المعاصي كلّها، وهم قومٌ ملاعين، لهم رموز ورَطَانات، وضلالة، وخذْلان، وإباحات، إنّ قولهم عند فعل الحرام المنع شُؤم، والسّراويل حجاب، وحال المذنبين مِن شربة الخمور والظَّلَمة، يعني خير منهم.
وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر ممّن لَا يُحْتَجّ بِهِ، صنَّف كتابًا في جواز النظر إلى المرد، وأورد فيه حكاية يحيى بْن مَعِين أنّه قَالَ: رَأَيْت جارية بمصر مليحة صلّي الله عَليْهَا.
فقيل لَهُ: تُصلّي عليها؟! فقال: صلّى الله عليها وعلى كلّ مليح.
ثمّ قَالَ ابن ناصر: كان يذهب مذهب الإباحة، قلت: يعني في النَّظَر إلى المِلاح، وإلّا فلو كَانَ يذهب إلى إباحة مطلَقَة لكان كافرًا، والرجل مسلم متبع للأثر، سني، وإن كَانَ قد خالف في أمورٍ مثل جواز السّماع، وقد صنَّف فيه مصنّفًا ليته لَا صنّفه.
وقال ابن السّمعانيّ: سألت عَنْهُ إسماعيل الحافظ، فتوقّف، ثمّ أساء الثّناء عَليْهِ، وسمعت أبا القاسم ابن عساكر يَقُولُ: جمع ابن طاهر أطراف الصّحيحين، وأبي داود، والتّرْمِذيّ، والنَّسَائيّ، وابن ماجه، وأخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشًا، رأيته بخطه عند أَبِي العلاء العطّار.
وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر كَانَ لُحَنة وكان يصحّف، قرأ: وإنّ جبينه "لَيَتَقَصَّدُ" عَرَقًا، بالقاف، فقلتُ: بالفاء، فكابَرَني.
وقال السّلَفيّ: كَانَ فاضلًا يعرف، ولكنه كان لُحَنة، حكى لي المؤتمن قَالَ: كنّا بهَرَاة عند عَبْد الله الأنصاريّ، وكان ابن طاهر يقرأ ويَلْحَن، فكان الشَّيْخ يحرّك رأسه ويقول: لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ.
وَقَالَ ابن طاهر: وُلِدتُ في شوّال سنة ثمانٍ وأربعين ببيت المقدس، [ص:96] وأوّل ما سَمِعْتُ سنة ستّين، ورحلت إلى بغداد سنة سبْعٍ وستّين، ثمّ رجعت إلى بيت المقدس، فأحرمت مِن ثَمّ إلى مكّة.
وقال ابن عساكر: كَانَ ابن طاهر لَهُ مصنَّفات كثيرة، إلّا أنّه كثير الوهْم، وله شِعْر حسن، مَعَ أنّه كَانَ لَا يُحسن النَّحْو، وله كتاب " المختلف والمؤتلف ".
وقال ابن طاهر في " المنثور ": رحلت مِن مصر إلى نَيْسابور، لأجل أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن المحبّ صاحب أَبِي الحُسَيْن الْخَفّاف، فلمّا دخلت عَليْهِ قرأت في أول مجلس جزأين مِن حديث أَبِي العبّاس السَّرَّاج فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدتُ أنّي نلته بغير تعبٍ، لأنّه لم يمتنع عليّ، ولا طالبني بشيء، وكل حديث من الجزأين يسوى رحلة.
وقال: لمّا قصدت الإسكندرية كَانَ في القافلة من رشيد إليها رجلٌ مِن أهل الشّام، ولم أدْرِ ما قصْده في ذَلِكَ، فلمّا كانت اللّيلة الّتي كُنَّا في صبيحتها ندخل الإسكندريّة رحلنا باللّيل، وكان شهر رمضان، فمشيت قُدّام القافلة، وأخذتُ في طريق غير الجادّة، فلمّا أصبح الصّبّاح، كنت عَلَى غير الطّريق بين جبال الرمل، فرأيت شيخًا في مقثأة له، فسألته عَنِ الطّريق، فقال: تصعد هذا الرمل، وتنظر البحر وتقصده، فإنّ الطريق عَلَى شاطئ البحر، فصعدت الرمل، ووقعت في قصب الأقلام، وكنت كلما وجدت قلمًا مليحًا اقتلعته، إلى أن اجتمع مِن ذَلِكَ حزْمة عظيمة، وحميت الشمس وأنا صائم، وكان الصيف، وتعبت، فأخذت أنتقي الجيد، وأطرح ما سواه، إلى أن بقي معي ثلاثة أقلام لم أر مثلها، طول كلّ عُقْدة شِبْرين وزيادة، فقلت: إنّ الْإنْسَان لَا يموت مِن حمل هذه، ووصلتُ إلى القافلة المغرب، فقام إليَّ ذَلِكَ الرجل وأكرمني، فلمّا كَانَ في بعض اللّيل رحلت القافلة، فقال لي: إنّ في هذا البلد مُكس، ومعي هذه الفضّة، وعليها العُشر، فإنْ قدرت وحملتها معك، لعلّها تَسْلَم، فعلتَ في حقّي جميلًا، فقلت: أفعل، قَالَ: فحملتها ووصلت الإسكندرية وسلمت، ودفعتها إِليْهِ فقال: تحبّ أن تكون عندي، فإن المساكن تتعذّر، فقلت: أفعل، فلمّا كَانَ المغرب صلّيت، ودخلت عَليْهِ، فوجدته قد أخذ الثّلاثة [ص:97] الأقلام، وشقّ كلّ واحدٍ منها نصفين، وشدّها شدّة واحدة، وجعلها شبه المسرَجَة وأقعد السَّرَّاج عليها، فلحِقَني مِن ذَلِكَ مِن الغمّ شيءٌ لم يمكنيّ أن آكل الطّعام معه، واعتذرت إليه، وخرجت إلى المسجد، فلمّا صلّيت التّراويح، أقمت في المسجد، فجاءني القيّم وقال: لم تجر العادة لأحد أن يبيت في المسجد، فخرجت وأغلق الباب، وجلست عَلَى باب المسجد، لا أدري إلى أَيْنَ أذهب، فبعد ساعةٍ عبر الحارس، فأبصرني، فقال لي: مِن أنت؟ فقلت: غريب مِن أهل العِلْم، وحكيت لَهُ القصّة، فقال: قُم معي، فقمت معه، فأجلسني في مركزه، وثمَّ سراجٌ جيّد، وأخذ يطوف ويرجع إلى عندي، واغتنمت أَنَا السَّرَّاج، فأخرجت الأجزاء، وقعدت أكتب إلى وقت السَّحَر، فأخرج إليَّ شيئًا مِن المأكول، فقلت: لم تجر لي عادة بالسحور، وأقمتُ بعد هذا بالإسكندرية ثلاثة أيّام، أصوم النّهار، وأبيت عنده، واعتذر إليه وقت السَّحَر، ولا يعلم إلى أن سهَّل الله بعد ذَلِكَ وفتح.
وقال: أقمت بِتّنيس مدّةً عَلَى أبي محمد ابن الحدّاد ونُظَرائه، فضاق بي، ولم يبق معي غير درهم، وكنت في ذَلِكَ أحتاج إلى خبز، وأحتاج إلى كاغد، فكنت أتردّد إنْ صرفته في الخبز لم يكن لي كاغد، وإن صرفته في الكاغد لم يكن لي خبز، ومضى على هذا ثلاثة أيّام ولياليهنّ لم أُطْعَم فيها، فلمّا كَانَ بُكْرَةَ اليوم الرابع قلت في نفسي: لو كان لي اليوم كاغد لم يمكن أن أكتب فيه شيئًا لما بيَ مِن الْجُوع، فجعلت الدّرهم في فمي، وخرجتُ لأشتري الخبز، فبَلَعْتُه، ووقع عليّ الضَّحك، فلِقيني أبو طاهر بْن حُطَامة الصّائغ المواقيتيّ بها وأنا أضحك، فقال لي: ما أضحكك؟ فقلت: خير، فألحَّ علي وأبيت، فحلف بالطّلاق لَتَصْدُقَنّي لم تضحكْ؟ فأخبرته، وأخذ بيدي، وأدخلني منزله، وتكلَّف لي ذَلِكَ اليوم أطعمة، فلمّا كَانَ وقت صلاة الظُّهر خرجت أَنَا وهو إلى الصّلاة، فاجتمع بِهِ بعض وكلاء عامل تِنّيس، فسأله عنّي، فقال: هُوَ هذا، فقال: إنّ صاحبي منذ شهر أمرني أن أوصل إِليْهِ في كلّ يوم عشرة دراهم، قيمتها ربع دينار، وسهوت عَنْهُ، قَالَ: فأخذ منه ثلاثمائة درهم، وجاءني وقال: قد سهّل الله رزقًا لم يكن في الحساب، وأخبرني بالقصّة، فقلت: تكون عندك، ونكون عَلَى ما نَحْنُ من الاجتماع إلى وقت الخروج، فإنني وحدي، ففعل، وكان بعد ذَلِكَ يصِلُني ذَلِكَ القدر، إلى أن خرجت مِن البلد إلى الشّام. [ص:98]
وقال: رحلت مِن طوس إلى إصبهان لأجل حديث أبي زُرْعة الرّازيّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْهُ في الصّحيح، ذاكَرَني بِهِ بعض الرّحّالة باللّيل، فلمّا أصبحت شددت عليَّ، وخرجت إلى إصبهان، فلم أحلُلْ عنّي حتّى دخلت عَلَى الشَّيْخ أَبِي عَمْرو، فقرأته عَليْهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْر القطّان، عَنْ أَبِي زُرْعة، ودفع إليَّ ثلاثة أرغفة وكُمّثْراتَيْن، ثمّ خرجتُ مِن عنده إلى الموضع الَّذِي نزلت فيه، وحَللْت عنّي.
وقال: كنت ببغداد في أوّل الرحلة الثّانية مِن الشّام، وكنت أنزل برباط الزّوزنيّ وكان بِهِ صوفيّ يُعرف بأبي النّجم، فمضى علينا ستّة أيام لم نطْعَم فيها، فدخل عليَّ الشَّيْخ أبو عليّ المقدسيّ الفقيه، فوضع دينارًا وانصرف، فدعوتُ بأبي النّجم وقلت: قد فتح الله بهذا، أيّ شيء نعمل بِهِ؟ فقال: تعبر ذاك الجانب، وتشتري خبزًا، وشِواءً، وحلْواء، وباقِلَّى أخضر، ووردًا، وخسًا بالجميع، وترجع، فتركت الدّينار في وسط مجلَّدة معي وعبرت، ودخلت عَلَى بعض أصدقائنا، وتحدّثت عنده ساعة، فقال لي: لأيّ شيءٍ عبرت؟ فقلت لَهُ، فقال: وأين الدينار؟ فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده، فضاق صدري ونمت، فرأيتُ في المنام كأنّ قائلًا يَقُولُ لي: أليس قد وضعته في وسط المجلَّدة؟ فقمت مِن النّوم، وفتحت المجلَّدة، وأخذت الدّينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته عَلَى رأسي، ورجعت إِليْهِ وقد أبطأتُ عليه، فلم أخبره بشيء إلى أن أكلنا، ثمّ أخبرته، فضحك وقال: لو كَانَ هذا قبل الأكل لكنت أبكي.
وقال: كنت ببغداد في سنة سبْعٍ وستّين، فلمّا كَانَ عشيّة اليوم الَّذِي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق جماعة مِن أهل الشّام، وسألناه عَنِ الْبَيْعة، كيف كانت؟ فحكى لنا ما جرى، ثمّ نظر إليَّ، وأنا يومئذٍ مختطّ، وقال: هُوَ أشبهُ النّاس بهذا، وكان مولد المقتدي في الثاني عشر مِن جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوّال مِن هذه السّنة.
قَالَ أبو زُرْعة طاهر بْن محمد بْن طاهر: أنشدني أَبِي لنفسه: [ص:99]
لمّا رَأَيْت فتاة الحيّ قد برزَتْ ... مِن الحِطَم تَرُوم السَّعيَ في الظُّلمِ
ضوءُ النّهار بدا مِن ضوء بهجتها ... وظُلْمةُ اللّيل مِن مسْوَدّها الفحمِ
خدعتها بكلامِ يُستلَذُّ بِهِ ... وإنّما يخدع الأحرار بالكلم
وقال المبارك بْن كامل الخفّاف: أنشدنا ابن طاهر لنفسه:
ساروا بها كالبدر في هودجٍ ... يميس محفوفًا بأترابه
فاستعبرتْ تبكي، فعاتَبْتُها ... خوفًا مِن الواشي وأصحابه
فقلت: لَا تبكِ عَلَى هالكٍ ... بعدَكِ ما يبقى عَلَى ما بِهِ
للموت أبواب، وكل الورى ... لا بد أن تدخل مِن بابه
وأحسنُ الموتِ بأهل الهوى ... مِن مات مِن فُرْقة أحبابه
وله:
خلعتُ العِذارَ بلا مِنّةٍ ... عَلَى مِن خلعت عَليْهِ العِذارا
وأصبحت حَيْران لَا أرتجي ... جَنانًا، ولا أتّقي فيه نارًا
وقال شِيرَوَيْه في " تاريخ هَمَذَان ": محمد بْن طاهر سكن هَمَذَان، وبنى بها دارًا، وكان ثقة، صدوقًا، حافظًا، عالمًا بالصّحيح والسّقيم، حسن المعرفة بالرجال والمُتُون، كثير التّصانيف، جيّد الخطّ، لازمًا للأثر، بعيدًا مِن الفُضول والتّعصُّب، خفيف الرّوح، قويّ السَّير في السَّفَر، كثير الحجّ والعُمْرة، كتب عَنْ عامّة مشايخ الوقت.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات ابن طاهر عند قدومه بغداد من الحجّ يوم الجمعة في ربيع الأوّل.
وقال أبو المُعَمَّر: تُوُفّي يوم الجمعة النّصف مِن ربيع الأوّل ببغداد.(11/92)
195 - محمد بْن أَبِي العبّاس أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن إسحاق، الرئيس أبو المظفَّر الأُمَويّ، الْمَعَاويّ، الأبِيَوَرْدِيّ، اللُّغَويّ، الشّاعر المشهور، [المتوفى: 507 هـ]
مِن أولاد عَنْبَسة بْن أَبِي سُفْيَان بْن حَرْبِ بْن أُميّة.
كَانَ أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللُّغة والأنساب، وغير ذَلِكَ.
وله تصانيف كثيرة مثل "تاريخ أَبِيَوردْ ونَسَا ". وكان حَسَن السّيرة، جميل [ص:100] الأمر، مَنْظرانيا مِن الرجال، وكان فيه تيه وتكبُّر، وكان يفتخر بنسَبِه ويكتب: الْعَبْشَميّ الْمَعَاويّ، لا أنّه مِن وُلِد معاوية بْن أبي سُفْيان، بل مِن وُلِد معاوية بْن محمد بن عثمان بن عتبة بْن عَنْبَسة بْن أَبِي سُفْيان.
وله شِعْرٌ فائق، وقسَّم ديوان شِعْره إلى أقسام، منها العراقيّات، ومنها النَّجْديّات، ومنها الْوَجْديّات.
وأثنى عليه أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ في تاريخه بحُسن العقيدة، وجميل الطّريقة، وكمال الفضيلة.
وقال ابن السّمعانيّ: صنَّف كتاب " المختلف "، وكتاب " طبقات العِلْم "، " وما اختلف وائتلف مِن أنساب العرب "، وله في اللُّغة مصنَّفات ما سُبِق إليها.
سَمِعَ: إسماعيل بْن مَسْعدة الإسماعيليّ، وأبا بَكْر بْن خلف الشّيرازيّ، ومالك بْن أحمد البانياسي، وعبد القاهر الْجُرْجانيّ النَّحْويّ، وسمعتُ غير واحد من شيوخي يقولون: إنّه كَانَ إذا صلّي يَقُولُ: اللهمَّ ملّكني مشارق الأرض ومغاربها.
وذكره عَبْد الغافر فقال: فَخْر العرب، أبو المظفّر الأبِيَوَرْدِيّ، الكوفنيّ، الرئيس، الأديب، الكاتب، النَّسّابة، مِن مفاخر العصر، وأفاضل الدهر، له الفضائل الرائقة، والفصول الفائقة، والتّصانيف المعجزة، والتّواليف المعجبة، والنَّظْم الَّذِي نسخ أشعار المحدثين، ونسج فيه عَلَى منْوال الْمَعَرّي ومن فوقه مِن المفلِقين، رَأَيْته شابًا قام في درس إمام الْحَرَمَيْن مِرارًا، وأنشأ فَيه قصائد طِوالًا كبارًا، يلفظها كما يشاء زَبَدًا مِن بحر خاطره، كما نشأ ميسّر له الإنشاء، طويل النفس، كثير الحفظ، يلتفت في أثناء كلامه إلى الفقر والوقائع والاستنباطات الغريبة، ثم خرج إلى العراق، وأقام مدّة يجذب فضله بضبعه، ويشتهر بين الأفاضل كمال فضله، ومتانة طبْعه حتّى ظهر أمره، وعلا قَدره، وحصل لَهُ مِن السّلطان مكانة ونعمة، ثمّ كَانَ يرشح من كلامه نوع تشبيب بالخلافة، ودعوة إلى اتباع فضله، وادعاء استحقاق الإمامة، يبيض وسواس الشيطان في رأسه ويفرخ، ويرفع الكِبْرَ بأنفه ويَشْمُخ، فاضطّره الحال إلى مفارقة بغداد، ورجع إلى هَمَذَان، فأقام بها يدرّس ويفيد، ويصنَّف مدّة.
ومن شِعْره: [ص:101]
وهَيْفاء لَا أُصغي إلى مِن يَلُومُني ... عليها، ويغريني بها أن يَعيبَها
أميل بإحدى مُقْلَتَيَّ إذا بَدَتْ ... إليها، وبالأُخْرى أُراعي رقيبَها
وقد غَفَلَ الواشي فلم يدْرِ أنّني ... أخَذْتُ لعيني مِن سُلَيْمَى نصيبَها
وله:
أكوكبٌ ما أرى يا سَعْد أمْ نارُ ... تشُبُّهَا سَهْلَةُ الْخَدَّين مِعْطارُ
بيضاءُ إنّ نَطَقَتْ في الحيّ أو نَظَرَتْ ... تَقَاسَمَ الشَّمْس أسماعٌ وأبصارُ
والرَّكْبُ يسيرون والظَّلْماءُ راكدةٌ ... كأنَّهُمْ في ضمير اللّيل أسرارُ
فاسْرَعُوا وطُلا الأعناق مائلة ... حيث الوسائد للنوام أكوار
أُنبئتُ عَنْ حمّاد الحَرّانيّ، قَالَ: سَمِعْتُ السّلَفيّ يَقُولُ: كَانَ الأبِيَوَرْدِيّ - والله - مِن أهل الدّين والخير والصلاح والثقة، قَالَ لي: والله ما نمت في بيتٍ فيه كتاب الله، أو حديث رسول لله، احترامًا لهما أن يبدو منّي شيء لَا يجوز.
أنشدنا أبو الحسين اليونيني، قال: أخبرنا جعفر، قال: أخبرنا السلفي: قال: أنشدنا الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
وشادنٍ زارني عَلَى عَجَلٍ ... كالبدر في صَفْحة الدُّجا لَمَعَا
فلم أزلْ مُوهِنًا لحديثه ... والبدْرُ يُصْغي إليّ مُسْتَمِعا
وصلْتُ خدّي بخدّه شَغَفًا ... حتى التقى الرَّوْض والغدِيرُ معًا
وقال أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ: سُئل الأديب أبو المظفَّر الأبِيَوَرْدِيّ عَنْ أحاديث الصّفات، فقال: تقر وتمر.
وقال أبو الْفَضْلُ بْن طاهر المقدسيّ: أنشدنا أبو المظفَّر الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
يا مِن يُساجِلُني وُلّيس بمُدْرِكٍ ... شأوي، وأين لَهُ جلالةُ مَنْصبي
لا تتعتبن فدون ما حاولته ... خرط القتادة وامتطاء الكوكب
والمجدُ يعلمُ أيُّنَا خيرٌ أبًا ... فأسالْهُ يعلم أيُّ ذي حَسَبٍ أَبِي
جدّي مُعاويةُ الأَغَرّ سَمَتُ بِهِ ... جُرثُومةٌ مِن طِينها خُلِق النَّبِيّ
ورثته شرفًا رفعتُ مَنَاره ... فبنو أُمَيَّة يفخرون بِهِ وبي [ص:102]
وَقِيلَ: إِنَّهُ كتب رقعة إلى الخليفة المستظهر بالله، وَعَلَى رأسها: المملوك المعاوي، فحك الخليفة الميم، فصار العاوي، ورد إِلَيْهِ الرقعة.
ومن شِعْره:
تنكَّر لي دهري ولم يدر أنّني ... أعزّ وأحداث الزّمان تَهُونُ
فبات يُريني الخطْب كيف اعتداؤه ... وبِتُّ أريه الصَّبْرَ كيف يكون
ومن شِعْره:
نزلنا بنُعْمان الأراكِ وللنَّدَى ... سَقيطٌ بِهِ ابتلَّتْ علينا المطارفُ
فبِتُّ أُعاني الوجْدَ والركْبُ نُوَّمُ ... وقد أخَذَتْ منّا السّرَى والتّنائفُ
وأذكر خُودًا إنْ دَعاني عَلَى النَّوَى ... هواهَا أجابتْهُ الدّموعُ الذَّوارفُ
لها في مَغَاني ذَلِكَ الشّعْبِ منزلٌ ... لئنْ أنْكَرَتْه العينُ فالقلبُ عارفُ
وقفتُ بِهِ والدَّمْع أكثرُهُ دَمٌ ... كأنيّ مِن جَفْني بنعمان راعف
أنشدنا أبو الحسين ببعلبك: قال: أنشدنا أبو الفضل الهمداني: قال: أنشدنا السلفي: قال: أنشدنا الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
مِن رَأَى أشباحَ تِبْرٍ ... حُشيَتْ رِيقةَ نَحلهْ
فجمعناها بُذُورًا ... وقَطَعْناها أهِلَّهْ
تُوُفِّي بإصبهان في ربيع الأول مسموما.(11/99)
196 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الله بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الله بْن محمد بْن الحجاج بْن مندوَيْه، أبو منصور الإصبهاني، الشُّرُوطيّ، المعدّل. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ: أبا نُعَيْم، روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في الثّامن، وقيل السّادس والعشرين مِن جُمَادَى الآخرة.(11/102)
197 - محمد بْن عيسى بْن محمد اللَّخْميّ، أبو بَكْر الأندلسيّ، الشّاعر، المعروف بابن اللّبّانة الدّانيّ. [المتوفى: 507 هـ]
كَانَ مِن جِلّة الأُدباء وفحول الشعراء، معين الطبع، واسع الذرع، غزير الأدب، قويّ العارضة، متصرّفًا في البلاغة، لَهُ تصانيف، لَهُ كتاب " مناقل [ص:103] الفتنة "، وكتاب " نَظْم السُّلوك في وعظ الملوك "، وكتاب " سقيط الدّرّ ولقيط الزّهر " في شِعْر ابن عبّاد، ونحو ذَلِكَ، وديوان شِعْره موجود.
أخذ عَنْهُ: أبو عَبْد الله بْن الصَّفّار، وتُوُفّي بمَيُورقَة.
وقد سُقْتُ من شِعْره في ترجمة المعتمد بْن عبّاد، وكان مِن كبراء دولة محمد بن صمادح، وهو القائل في صاحب مَيُورقَة مبشّر العامريّ:
وضَحتْ وقد فضحتْ ضياءَ النّيّر ... فكأنّما التحفتُ ببشِرْ مبشّر
وتبسّمتْ عَنْ جوهرٍ فحسِبْتُهُ ... ما قلّدته محامدي مِن جوهر
وتكلمت فكان طيب حديثها ... متعت منه بطيب مسك أذفر
هزّت بنَغَمة لفْظِها نفسي، كما ... هزّت بذِكراه أعالي المِنْبرِ
ولثمت فاها فاعتقدت بأنّني ... مِن كفّه سوّغت لثْم الخِنْصَر
بمعاطِف تحت الذّوائب خِلْتُها ... تحت الخوافق ما لَهُ مِن سمْهَرِي
ملك أزِرّة بُردِه ضُمّت عَلَى ... بأس الوصيّ وعزْمة الإسكندر
وهي طويلة.(11/102)
198 - محمد بْن محمد بن أحمد بن محمد ابن الآبنُوسي، أبو غالب بْن أبي الحُسَيْن. [المتوفى: 507 هـ]
روى عَنْ أبيه، وعنه: المُعَمَّر بْن أحمد، وأبو طاهر السّلَفيّ.
مات في شوّال، وله ثمانون سنة.(11/103)
199 - محمد بْن مكّيّ بْن دُوَسْت، أبو بَكْر البغداديّ. [المتوفى: 507 هـ]
يروي عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ، والقاضي أَبِي الطَّيّب، وعنه: السّلَفيّ، وابن خُضَيْر.(11/103)
200 - محمد بن وهبان، أبو المكارم البغداديّ. [المتوفى: 507 هـ]
روى عَنْ: أَبِي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي محمد الجوهريّ.
تُوُفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل.(11/103)
201 - المفضَّل بْن عَبْد الرّزّاق، سديد الدّين، أبو المعالي الأصبهاني، [المتوفى: 507 هـ]
صاحب ديوان الجيش ببغداد.
ولد بعد الأربعين وأربعمائة، وتفقه عَلَى: أبي بَكْر محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ، وولي ديوان العرض، ورأى مِن الجاه والمال ما لم يكن لعارض.
قِدم بغداد مع السلطان بركياروق سنة أربع وتسعين وأربعمائة فأقام بها، فسفر له أبو نصر ابن الْمَوْصِلايا كاتب الإنشاء في الوزارة، وطلب، وخلع عَليْهِ خِلَع الوزارة، وكان ابن الْمَوْصلايا يجلس إلى جانبه فيسدّده، لأنه كَانَ لَا يعرف الاصطلاح، ثمّ عُزِل بعد عشرة أشهر، وكانت حاشيته سبعين مملوكًا مِن الأتراك، فاعتُقِل بدار الخلافة سنةً، ثمّ أُطِلق بشفاعة بركْيَارُوق، فتوجّه إلى المعسكر، فولّاه السّلطان الاستيفاء، ثمّ صودر، وجَرَت لَهُ أمور.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، ورخّه أبو الْحَسَن الْهَمَذَانيّ.(11/104)
202 - مَلَكَةُ بنتُ دَاوُد بْن محمد، الصُّوفيّة، العالمة. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعْتُ بمصر سنة اثنتين وخمسين مِن الشّريف أحمد بْن إبراهيم بْن ميمون الحُسَينيّ، وبمكة مِن كريمة، وسكنت مدّة بدُوَيْرة السُّمَيْساطيّ بدمشق.
سَمِعَ منها: غيث بْن عليّ، وقال: سألتها عَنْ مولدها، فذكرت انّه عَلَى ما أخبرتها أمُّها في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة، بناحية جنزة، ونشأت بتفليس.
توفيت في شوال سنة سبْعٍ، ولها مائة وخمسُ سِنين.
قَالَ ابن عساكر: أجازت لي، وحضرتُ دفْنَها بمقبرة باب الصّغير.(11/104)
203 - المؤتمن بْن أحمد بن علي بن الحسين بن عبيد الله، الحافظ أبو نصر الرَّبَعيّ، الدَّيْرعَاقُوليّ، ثمّ البغداديّ، المعروف بالسّاجيّ، [المتوفى: 507 هـ]
أحد أعلام الحديث.
حافظ كبير، متقْن، حُجّة، ثقة، واسع الرحلة، كثير الكتابة، ورع، زاهد، سمع: أبا الحسين ابن النّقور، وعبد العزيز بْن علي الأنْماطيّ، وأبا القاسم ابن البُسْريّ، وأبا القاسم عَبْد الله ابن الخلّال، وأبا نصر الزَّيْنَبيّ، وإسماعيل بْن مَسْعَدة، وخلْقًا ببغداد، وأبا بَكْر الخطيب بصور، وأبا عثمان بْن ورقاء ببيت [ص:105] المقدس، والحسن بن مكي الشيزري بحلب، ولم أره سَمِعَ بدمشق، ولا كأنّه رآها، ودخل إلى إصبهان فسمع: أبا عَمْرو عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَهْ، وأبا منصور بْن شكروَيْه، وطبقتهما، وبنَيْسابور: أبا بَكْر بْن خلف، وبهَراة: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عامر الأزْديّ، وهؤلاء وأبا علي التستري وجماعة بالبصرة، ثم سمع ببغداد ما لا ينحصر، ثمّ تزهّد وانقطع.
روى عَنْهُ: سَعْد الخير الأنصاريّ، وأبو الْفَضْلُ بْن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو طاهر السلفي، وأبو سعد البغدادي، وأبو بكر ابن السّمعانيّ، ومحمد بْن عليّ بْن فولاذ، وطائفة.
قَالَ ابن عساكر: سَمِعْتُ أبا الوقت عَبْد الأوّل يَقُولُ: كَانَ الإمام عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ إذا رَأَى المؤتمن يَقُولُ: لَا يمكن أحد أن يَكْذِبُ عَلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم - ما دام هذا حيا، حدَّثني أخي أبو الحُسَيْن هبة الله قَالَ: سَأَلت السّلَفيّ، عَنِ المؤتمن السّاجيّ، فقال: حافظ متقن، لم أر أحسن قراءةً منه للحديث، تفقَّه في صباه عَلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وكتب الشامل، عَنِ ابن الصَّبّاغ بخطّه، ثمّ خرج إلى الشّام، فأقام بالقدس زمانًا، وذكر لي أنّه سَمِعَ مِن لفظ أَبِي بَكْر الخطيب حديثًا واحدًا، بصور، غير أَنَّهُ لم يكن عنده نسخة، وكتب ببغداد كتاب " الكامل " لابن عَدِيّ، عَنِ ابن مَسْعَدة الإسماعيليّ، وكتب بالبصرة " السُّنَن " عَنِ التُّسْتَرِيّ، وانتفعت بصُحبته ببغداد، ونُعي إليَّ وأنا بثغر سَلَمَاس، وصلّينا عَليْهِ صلاة الغائب يوم الجمعة.
وقال أبو النَّضْر الفاميّ: أقام المؤتمن بهَرَاة نحو عشر سنين، وقرأ الكثير، وكتب " الجامع " للتّرْمِذيّ ستٌّ كرّات، وكان فيه صَلَفُ نفْسِ، وقناعة، وعفّة واشتغال بما يعنيه.
وقال أبو بَكْر مُحَمَّد بْن مَنْصُور السّمعانيّ: ما رَأَيْت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن السّاجيّ ببغداد، وإسماعيل بْن محمد التَّيْميّ بإصبهان، وسمعت المؤتمن يَقُولُ: سَأَلت عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ الخالديّ، فقال: كَانَ لَهُ في الكذب قصّة، ومن الحِفْظ حِصّة.
وقال السّلَفيّ: لم يكن ببغداد أحسن قراءةً للحديث منه، يعني الساجي، [ص:106] كان لا تمل قراءته وإن طالت، قرأ لنا عَلَى أَبِي الحسين ابن الطيوري كتاب " الفاصل " للرّامَهُرْمُزِيّ في مجلس.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ الحافظ: قِدم المؤتمن السّاجيّ إصبهان، وسمع مِن والدي كتاب " معرفة الصّحابة " وكتاب " التّوحيد " " والأمالي "، " وحديث ابن عُيَيْنَة " لجدّي، فلمّا أخذ في قراءة " غرائب شُعْبَة " بلغ إلى حديث عُمَر في لبْس الحرير فلمّا انتهى إلى آخر الحديث كَانَ الوالد في حال الانتقال إلى الآخرة، وقضى نحْبه عند انتهاء ذَلِكَ بعد عشاء الآخرة، هذا ما رأينا وشاهدنا وعَلِمْنا.
ثمّ قدم أبو الْفَضْلُ محمد بْن طاهر في سنة ست وخمسمائة، وقرأنا عَليْهِ جزءًا مِن مجموعاته، وقرأ عَليْهِ أبو نصر اليونارتي وجزءًا مِن الحكايات فيه، سَمِعْتُ أصحابنا بإصبهان يقولون: إنّما تَمَّم المؤتمن السّاجيّ كتاب " معرفة الصّحابة " عَلَى أَبِي عَمْرو بعد موته، وذلك أنّه كَانَ يقرأ عَليْهِ وهو في النَّزْع، ومات وهو يقرأ عَليْهِ، وكان يُصاح بِهِ: نريد أن نغسّل الشَّيْخ.
قَالَ يحيى: فلمّا سَمِعْتُ هذه الحكاية قلت: ما جرى ذَلِكَ، يجب أن يصلح هذا، فإنه كذِب وزور، وكتب اليُونارتيّ في الحال عَلَى حاشية النّسخة صورة الحال، وأمّا قراءة " معرفة الصّحابة " فكان قبل موت الوالد بشهرين.
وكان المؤتمن والله، متورعًا، زاهدًا، صابرًا عَلَى الفقر، رحمه الله.
وقال أبو بَكْر محمد بْن عليّ بْن فولاذ الطبري: أنشدنا المؤتمن الساجي لنفسه:
وقالوا كُنْ لنا خَدْنًا وخِلًا ... ولا والله أفعل ما شاءوا
أُحابيهم ببعضي أو بكلّي ... وكيف وجلّهم نعَمٌ وشاءُ
وقال ابن ناصر: سَأَلت المؤتمن عَنْ مولده فقال: في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وتوفي في صَفَر سنة سبْعٍ، وصلّيت عَليْهِ، وكان عالمًا، فهمًا، ثقة، مأمونًا.(11/104)
204 - مودود بن ألتون تكين، سلطان الْمَوْصِل. [المتوفى: 507 هـ]
قُتل بدمشق في رمضان صائمًا، كما هو مذكور في الحوادث.(11/106)
205 - ناصر بْن أحمد بْن بكران، القاضي أبو القاسم الخويي. [المتوفى: 507 هـ][ص:107]
قِدم بغداد وتفقَّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق الشّيرازيّ، وسمع: أبا الحسين ابن النُّقور، وقرأ العربية وبرع فيها.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: كتبنا عَنْهُ بخُوَيّ، وكان شيخ الأدب ببلاد أَذرْبَيْجان بلا مدافعة، وله ديوان شِعْر ومصنَّفات، وولي القضاء مدة كأبيه.
تُوُفّي في ربيع الآخر.(11/106)
206 - نصر بْن عَبْد الجبّار بْن منصور بْن عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن، أبو منصور التّميميّ، الْقَزْوينيّ، الواعظ، المعروف بالقُراّئيّ، [المتوفى: 507 هـ]
مِن أهل قَزْوين.
كَانَ واعظًا، صالحًا، صَدُوقًا، قِدم بغداد، وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ، وسمع بقَزْوين مِن: أبي يَعْلَى الخليل بْن عَبْد الله الحافظ، روى عَنْهُ: إسماعيل بْن أَبِي الْفَضْلُ النّاصحيّ، وطيّب بْن محمد الأبِيَوَرْدِيّ، وأظنّ السّلَفيّ سَمِعَ منه.
وقد حدث في سنة سبع وخمسمائة، ولا أعلم وفاته، وقد جمع لنفسه مُعْجَمًا.(11/107)
207 - هادي بْن إسماعيل بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي محمد الْحَسَن بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن عُمَر بْن الحسن بن علي بْن عَلِيّ بْن الحُسين بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب، الشّريف أبو المحاسن الْعَلَويّ، الحُسَيْني، الإصبهانيّ. [المتوفى: 507 هـ]
قَالَ السّمعانيّ: كان لَهُ تقدُّم ووجاهة، وصيت وشُهْرة ببلده، وَرَدَ بغداد حاجًا، فتُوُفّي بها بعد حَجّة، روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبي عثمان العيّار، روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العلاء أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ الإصبهانيّ، وعبد الحقّ بْن يوسف، تُوُفّي في ثالث عشر ربيع الأوّل، وهو أخو داعي.
وقد تقدم في سنة تسعين وأربعمائة وفاة سَميّه هادي بْن الْحَسَن العلويّ، وفي سنة خمسٍ وتسعين ذُكر والده إسماعيل. [ص:108]
وقال السّلَفيّ في " معجم إصبهان ": قرأنا عَليْهِ، وعلى أبيه، وأخيه، وهذا فأحسنهم خُلُقًا، وكتابةً، وخطًا، وحظا، وأنشدنا فيه أبو عبد الله النطنزي:
لهادي بن إسماعيل خلات أربع ... بها غدا مستوجبًا للإمامة
خطابُ ابن عَبّادٍ وخطّ ابن مُقْلَة ... وخلق ابن يعقوب وخلق ابن أمامه(11/107)
208 - يحيى بْن أحمد بْن حُسين، أبو زكريّا الْغَضَائريّ، الدّرْبَنْديّ. [المتوفى: 507 هـ]
سَمِعَ بمصر: أبا عَبْد الله القُضاعيّ، وبمكّة: كريمة الْمَرْوَزيّة، وبآمد: أبا منصور بن أحمد الإصبهانيّ، وبنَيْسابور: أبا القاسم القُشَيْريّ، روى عنه: إسماعيل بن أبي الفضل بطَبَرِسْتان، وغيره، وكان عالمًا، فاضلًا، صالحًا، ورعًا، متميزًا.
كَانَ حيا في سنة سبْعٍ.(11/108)
209 - يحيى بن عبد الله ابن الجد، أبو بَكْر الفِهْريّ، اللّبْليّ، [المتوفى: 507 هـ]
نزيل إشبيلية.
كَانَ جامعًا لفنون مِن العِلْم، وشُوِور في الأحكام بإشبيلية، وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.(11/108)
210 - يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن عثمان بْن الْفَضْلُ، أبو سالم ابن المخبزي، البغدادي، [المتوفى: 507 هـ]
ابن خال أبي الحسين ابن الطُّيُوريّ.
صالح، خير، سَمِعَ: أبا الطَّيّب الطَّبَريّ، والجوهريّ، روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، والسّلَفيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيرهم، ومات في جُمَادَى الأولى.(11/108)
-سنة ثمان وخمسمائة(11/109)
211 - أحمد بْن بَغْراج، أبو نصر البغداديّ. [المتوفى: 508 هـ]
سَمِعَ: أبا الحسين الْقَزْوينيّ، وغيره، وأبا محمد الخلّال.
تُوُفّي يوم عاشوراء، روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، وابن ناصر، وقد قرأ بالروايات عَلَى أبي الخطّاب الصُّوفيّ، وأبي ياسر محمد بْن عليّ الحمّاميّ، قرأ عَليْهِ يوسف بْن إبراهيم الضّرير، وكان شيخًا صالحًا، كثير التّلاوة.
تُوُفّي في المحرَّم، وهو أحمد بْن محمد بْن عَبْد العزيز بْن بغراج.(11/109)
212 - أحمد بْن الْحَسَن، المُخَلَّطِيّ، أبو العبّاس الْحَنْبليّ، الفقيه. [المتوفى: 508 هـ]
مِن علماء بغداد وثقاتهم، سَمِعَ مِن: القاضي أبي يَعْلَى.(11/109)
213 - أحمد بْن خَالِد الطّحّان. [المتوفى: 508 هـ]
تُوُفّي في رجب ببغداد، روى عَنْ: أبي يَعْلَى أيضًا.(11/109)
214 - أحمد بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي الفتح محمد بْن أحمد، أبو غالب المُعيّر، البغداديّ، المقرئ، [المتوفى: 508 هـ]
ابن خال أبي طاهر بن سوار.
قرأ لأبي عمرو على عبد الله بْن مكّيّ السّوّاق، عَنْ أَبِي الْفَرَج الشَّنَبُوذيّ.
قَالَ المبارك بْن كامل: قرأت عَليْهِ برواية أبي عمرو، وقد سمع: محمد بن محمد بْن غَيْلان، ومحمد بْن الحُسَيْن الحرّانيّ، وأبا محمد الخلّال، وأبا الفتح الْمَحَامِليّ، وأحمد بْن عليّ التَّوَّزيّ، وجماعة، روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو الحُسَيْن عَبْد الحقّ.
وكان ثقة، مقرئًا، صالحًا، تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله ثمانون سنة.(11/109)
215 - أحمد بْن محمد بْن أحمد، أبو نصر البغداديّ، سِبْط الأقفاليّ، الزّاهد. [المتوفى: 508 هـ]
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وعنه: السّلَفيّ، سقط مِن سطح فمات في جمادى الأولى.(11/109)
216 - أحمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن غلبُون، أبو عَبْد اللَّه الخَوْلانيّ، القُرْطُبيّ، ثمّ الإشبيليّ. [المتوفى: 508 هـ]
روى عَنْ أبيه الحافظ أَبِي عَبْد الله الْخَوْلانيّ كثيرًا، وسمع معه من: أبي عمرو عثمان بن أحمد القيشطالي، وأبي عبد الله ابن الأحدب، وأبي محمد الشّنْتجاليّ، وعليّ بْن حَمُّوَيْه الشّيرازيّ، وأجاز لَهُ يونس بْن عَبْد الله القاضي، وأبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عَمْرو المرشاني الَّذِي لَهُ إجازة أَبِي بَكْر الآجُرّيّ، وَأَبُو ذَرْ عَبْد بْن أحْمَد الْهَرَويّ، وَأَبُو عِمران الفاسيّ، ومكّيّ بْن أبي طَالِب، وأبو عَمْرو الدّانيّ المقرِئان.
قَالَ ابن بَشْكُوال: وكان شيخًا، فاضلًا، عفيفًا، مُنقبضًا، مِن بيت عِلْم، ودِين، وفضل، ولم يكن عنده كبير عِلْم أكثر مِن روايته عَنْ هَؤلَاءِ الْجِلّة، وكانت عنده أيضًا أصول يلجأ إليها، ويعول عليها، أخذ عنه جماعة من شيوخنا وكبار أصحابنا. قال لي أبو الوليد ابن الدّبّاغ: إنّ هذا وُلِد سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في شَعْبان، وله تسعون سنة.
وهو خال أبي الْحَسَن شُرَيْح، وقد أجاز لابن الدباغ، وسمع منه خلْق منهم عليّ بْن الحُسَيْن اللُّوَاتيّ، وقرأ عَليْهِ ابن الدّبّاغ " الموطّأ "، بسماعه مِن عثمان بْن أحمد، والْحَرَميّ، روى عَنْهُ كتابةً أبو عبد اللَّه.(11/110)
217 - أحمد بْن محمد بْن عبد العزيز بْن بَغْراج، أبو نصر السّقْلاطُونيّ. [المتوفى: 508 هـ]
كَانَ مولده في سنة ثلاث وعشرين، وقد ذُكِر في أوّل السّنة فنُسِب إلى أَبِيهِ.(11/110)
218 - إبراهيم بْن محمد بْن مكّيّ بْن سعد، الفقيه أبو إِسْحَاق السّاوي، الملقَّب بشيخ المُلْك. [المتوفى: 508 هـ]
فاضل معروف، مشتغل بالتّجارة والدَّهْقَنَة، وكان يُعدّ مِن دُهاة الرجال. [ص:111]
روى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي عثمان الصّابونيّ، والحاكم أبي عَبْد الرَّحْمَن الشّاذْياخيّ، وغيرهم.
ومرض مدّة، وقاسي حتّى تُوُفّي في سلْخ صَفَر.(11/110)
219 - إسماعيل بْن المبارك بْن وصيف، أبو خازم الْحَنْبليّ. [المتوفى: 508 هـ]
تفقَّه عَلَى أبي يَعْلَى ابن الفرّاء، وسمع منه، ومن: أَبِي محمد الجوهريّ.
وتوفي في رجب، روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، وبالإجازة ابن كُلَيب.(11/111)
220 - ألْب رسلان ابن السّلطان رضوان ابن السلطان تتش بن ألب رسلان التركي. [المتوفى: 508 هـ]
ولي إمرة حلب في جُمَادَى الآخرة بعد أَبِيهِ صاحب حلب وله ستٌّ عشرة سنة، وولي تدبير مملكته البابا لؤلؤ، فقتل أخويه ملكشاه ومباركًا، وقتل جماعة مِن الباطنيّة، والقرامطة، وكانت دعوتهم قد ظهرت في أيّام أَبِيهِ، ثمّ قِدم دمشق في رمضان مِن سنة سبْعٍ، فتلقّاه طُغتِكين والأعيان، وأنزلوه في القلعة، وبالغوا في خدمته، فأقام أيّامًا، ثمّ عاد إلى حلب وفي خدمته طُغتِكين، فلمّا وصلا إلى حلب لم يَرَ منه طُغتِكين ما يحبّ، ففارقه وردّ إلى دمشق، ثمّ إنّ ألْب رسلان ساءت سيرته بحلب، وانهمك في المعاصي واغتصاب الحُرِم، وخافه البابا لؤلؤ، فقتله في ربيع الآخر سنة ثمان، ونصب في السلطنة أخًا لَهُ طفلًا عُمره ستٌّ سِنين، ثمّ قتل لؤلؤ ببالس في سنة عشر.(11/111)
221 - بغدوين، ملك الفرنج [المتوفى: 508 هـ]
الَّذِي أخذ القدس.
هلك - إلى لعنة الله - من جراحة أصابته يوم مصافّ طَبريّة، وقيل: بل تُوُفّي بعد ذلك كما هو في الحوادث.(11/111)
222 - خَلَفُ بْن محمد بْن خَلَف، أبو القاسم ابن الْعَربيّ، الأنصاريّ، الأندلسيّ، [المتوفى: 508 هـ]
مِن أهل المريّة. [ص:112]
روى عَنْ: أحمد بْن عُمَر العُذْريّ، وأبي بَكْر ابن صاحب الأحباس، وأبي عليّ الغسّانيّ، وكان معتنيًا بالآثار، جامعًا لها، كتب بخطّة عِلْمًا كثيرًا ورواه، وكان متقنًا، أديبًا، شاعرًا، يذكر أنّه لقي أبا عَمْرو الدّانيّ، وأخذ عَنْهُ قليلًا، وكان مولده في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.(11/111)
223 - دَعْجاء بنتُ أَبِي سهل الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله الإصبهانيّ الكاغدِيّ. [المتوفى: 508 هـ]
رَوَت عَنْ جدّها أحمد بْن محمد بْن محمد بْن زْنجُوَيْه، عَنِ ابن فُورَك القبّاب، روى عنها: أبو موسى الْمَدِينيّ.(11/112)
224 - دلال بِنْت الخطيب أبي الفضل محمد بن عبد العزيز ابن المهتدي بالله. [المتوفى: 508 هـ]
سمعت: أباها، وأبا علي ابن المُذْهب، روى عَنْهَا: ابن ناصر، أرّخها ابن النجار.(11/112)
225 - رَيْحان، غلام أَبِي عَبْد الله بْن جَرَدة البغداديّ. [المتوفى: 508 هـ]
روى عَنْهُ أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، عَنْ أبي علي ابن البناء، توفي في ربيع الآخر.(11/112)
226 - سالم بْن إبراهيم بْن الْحَسَن، أبو عَبْد الله الجرّار البغداديّ، الْمَرَاتبيّ. [المتوفى: 508 هـ]
سَمِعَ: أبا يَعْلَى ابن الفرّاء، وعنه: أبو المُعَمَّر.(11/112)
227 - سُبَيْع بْن المسلم بْن عليّ بْن هارون، المعروف بابن قيراط، أبو الوحش الدّمشقيّ، المُقْرِئ، الضّرير. [المتوفى: 508 هـ]
قرأ لابن عامر على رشأ بن نظيف، والأهوازي، وسمع منهما، ومن: عَبْد الوهّاب بْن برهان بصور، وأبي القاسم السّميساطيّ، وجماعة، وانتهت إليه الرياسة في القراءة بدمشق، وصار أعلى النّاس فيها إسنادًا، وكان يُقرئ القرآن مِن ثُلث اللّيل إلى قريب الظُّهْر، وأُقْعِد، فكان يُؤتَى بِهِ محمولًا إلى الجامع. [ص:113]
قال ابن عساكر: سَمِعْتُ منه: وكان ثقةً، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في شَعْبان سنة ثمانٍ.(11/112)
228 - سراج بْن عبد الملك بن سراج بن عبد الله، الوزير أبو الحُسَيْن القُرْطُبيّ. [المتوفى: 508 هـ]
روى عَنْ أَبِيهِ كثيرًا، وعن: محمد بْن عتّاب الفقيه، وبرع في الآداب واللّغة، وحمل النّاس عَنْهُ الكثير، وله شِعْر رائق.
مات في جمادي الآخرة وقد ناطح السبعين، وهو مِن بيت علم وجلالة.(11/113)
229 - سليمان بْن حسين، أبو مروان الأنصاريّ، الأندلسيّ. [المتوفى: 508 هـ]
سَمِعَ بقُرْطُبَة: أبا عبد الله محمد بن عتاب، وأبا عمران ابن القطّان، وحاتم بْن محمد، وبشرق الأندلس: أبا عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ، وأبا الوليد الباجيّ، ووليّ قضاء لَارِدَة، روى عَنْهُ: ابنه أبو الوليد يحيى، والحافظ أبو محمد القلنيّ، وعاش أكثر مِن تسعين سنة.(11/113)
230 - سَعِيد بْن إبراهيم بْن أحمد، أبو الفتح الإصبهانيّ، الصَّفّار. [المتوفى: 508 هـ]
يروي عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم، روى عَنْهُ: الحافظ أبو موسى.
تُوُفّي في ذي الحجّة.(11/113)
231 - سَعِيد بْن محمد بن سَعِيد، أبو الْحَسَن الْجُمَحيّ، الأندلسيّ، المعروف بابن قوطة الفرجي، [المتوفى: 508 هـ]
من أهل مدينة الفرج.
له رحلة في القراءات، قرأ فيها على عبد الباقي بن فارس، وغيره، وأخذ أيضًا عَنْ: أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأقرأ النّاس ببلده، وأخذ عَنْهُ غيرُ واحد.
تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسع وخمسمائة.(11/113)
232 - عَبْد العزيز بْن عَبْد الله بْن محمد بْن أحمد بْن حزمون، أبو الأَصْبَغ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 508 هـ]
روى عَنْ: حاتم بْن محمد، وأبي جعفر بْن رزق وناظر عَليْهِ، وأجاز لَهُ أبو العبّاس العُذْري، وكان إمامًا بصيرًا بالفتوى، أخذ الناس عنه وتفقهوا به.
وولي الإمامة بجامع قرطبة، وتوفي في شعبان وله ثمانٌ وستّون سنة.(11/114)
233 - عَبْد الله بْن الحسين بن أحمد بن جعفر، أبو بكر التويي، الْهَمَذَانيّ. [المتوفى: 508 هـ]
شيخ صالح، مُسِنّ، هُوَ آخر من روى عَنْ أَبِي منصور محمد بن عيسى الهمذاني، سمع أيضًا من والده، وتوفي والده سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، ومن: أبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي، وجعفر بن محمد بن مظفر، وجماعة.
قال شيرويه الحافظ: سَمِعْتُ منه، وكان صدُوقًا، حسن السيرة، عدْلًا، مَرْضيا، تُوُفّي في السّادس والعشرين مِن رمضان.
وقال السّلَفيّ في " معجم السفر ": كان من أعيان الهمذانيين وشهودهم، وكانت له أصول جيّدة، وما كتبته عَنْهُ قد أودعته بسَلَمَاس.
قلت: سمع منه: محمد ابن السمعاني، ومحمد بن محمد السنجي، والسلفي، مات في رمضان.(11/114)
234 - عثمان بْن إبراهيم بْن محمد بْن أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ، أبو عمرو الأسدي، الحنفي، الفضْليّ، الْبُخَارِيّ. [المتوفى: 508 هـ]
كَانَ شيخًا، مَعْمَرا، صالحًا، عالمًا، سمع: إبراهيم ابن الرّيْوَرْثُونيّ، وعليّ بْن الحُسَيْن السُّغْديّ، القاضي.
قَالَ ابن السمعاني: حدثنا عَنْهُ جماعة كثيرة، وعاش اثنتين وثمانين سنة، وكان ابنه السّيف عَبْد العزيز قاضي بُخَارى.(11/114)
235 - عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان، أبو الْحَسَن الشّهْرَزُورِيّ، البغداديّ. [المتوفى: 508 هـ]
شيخ كبير مُسِنّ، صالح، سَمِعَ مجلسًا مِن إملاء أَبِي القاسم بْن بِشْران.
وسمع أيضًا أبا عليّ بْن المذهب، روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي، وابن الخشّاب، وجماعة.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، ووُلِد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.(11/115)
236 - علي بن إبراهيم بن العبّاس بن الحَسَن بن العبّاس بن الحسن ابن الرئيس أبي الجن حُسين بْن عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن إسماعيل ابن الصّادق جعفر بْن محمد، الشّريف، النّسيب أبو القاسم الحُسَيْني، الدّمشقيّ، الخطيب. [المتوفى: 508 هـ]
كَانَ صدْرا، نبيلًا، مَرْضيا، ثقة، محدّثًا، مَهيبًا، سُنّيا، ممدوحًا بكلّ لسان، خرج لَهُ شيخه الخطيب عشرين جزءًا سمعها بكمالها، وعلى أكثر تصانيف الخطيب خطّه وسماعه، وأوّل سماعه في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة، وكان مولده في سنة أربعٍ وعشرين، وقرأ القرآن عَلَى أَبِي عليّ الأهوازيّ، وغيره، وسمع: أبا الحُسَيْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن التّميميّ، ورشأ بْن نظيف، ومحمد بْن عليّ المازنيّ، وسليم بْن أيّوب الفقيه، وأبا عَبْد الله القُضَاعيّ، وكريمة الْمَرْوَزيّة، وأبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب، وجماعة.
روى عنه: هبة الله ابن الأكفانيّ، والْخَضِر بْن شِبْل الحارثيّ، وعبد الباقي بْن محمد التّميميّ، وعبد الله أبو المعالي بْن صابر، والصّائن، وأبو القاسم ابنا ابن عساكر، وخلق سواهم.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ ثقة مُكِثرًا، لَهُ أُصُول بخطوط الورّاقين، وكان متسننًا، وسبب تسنُّنه مؤدّبُه أبو عِمران الصَّقَلّيّ وكثْرةُ سماعه للحديث، سَمِعَ منه شيخه عَبْد العزيز الكتّانيّ، وسمعتُ منه كثيرًا، وحكى لي أنني لما ولدت سَأَلَ أبي: ما سمَّيْتَه وكَنَّيْتَه؟ فقال: أبو القاسم عليّ، فقال: أخذت اسمي وكنيتي، قال لي أبو القاسم السّمَيْساطيّ، أو قَالَ أبو القاسم بْن أبي العلاء، إنّه ما رَأَى [ص:116] أحدًا اسمه عليّ وكُنّي أبا القاسم إلّا كَانَ طويل العُمر، وذكر أنّه صلّى عَلَى جنازة، فكبر عليها أربعًا، قال: فجاء كتاب صاحب مصر إلى أَبِيهِ يُعاتبه في ذَلِكَ، فقال لَهُ أبوه: لَا تُصَلّ بعدها عَلَى جنازة.
قلت: كَانَ صاحب مصر رافضيا.
قَالَ ابن عساكر: كانت لَهُ جنازة عظيمة، ووصّى أن يُصلّي عَليْهِ أبو الْحَسَن الفقيه جمال الإسلام، وأن يُسنم قبرُهُ، وأن لَا يتولّاه أحد من الشيعة.
وحضرت دفنه.
وتوفي في الرابع والعشرين مِن ربيع الآخر، ودُفِن في المقبرة الفخريّة في المُصلّي، ولَقَبُه نسيب الدّولة، وإنْما خُفّف فقيل: النّسيب.(11/115)
237 - عليّ بْن محمد بْن محمد بْن محمد بْن جَهير، الوزير ابن الوزير ابن الوزير، زعيم الدّولة أبو القاسم. [المتوفى: 508 هـ]
وُلّي نظر ديوان الزّمام في أيّام جدّه، ووَزَرَ للمستظهر بالله مرّتين، تخلّلهما الوزير أبو المعالي بْن المطَّلب.
وكان عاقلًا، حليمًا، سديد الرأي، مُعْرِقًا في الوزارة، مات في أوائل الشيخوخة.(11/116)
238 - محمد بْن إبراهيم بْن محمد، الأستاذ أبو بكر ابن الصَّنّاع، المقرئ، الملقّب بالهدهد، [المتوفى: 508 هـ]
مِن أهل بَلَنْسِية.
أخذ القراءات عَنْ أبي دَاوُد، وكان أنبل أصحابه، أخذ عنه: أبو عَبْد الله بْن أبي إسحاق اللري، وأقرأ بقُرْطُبَة، وتُوُفّي كَهْلًا.(11/116)
239 - محمد بْن سليمان، أبو بَكْر الْكَلاعيّ، الإشبيليّ، الكاتب المعروف بابن القصيرة. [المتوفى: 508 هـ]
رأس أهل البلاغة في زمانه، أخذ عَنْ: أَبِي مروان بْن سِراج، وغيره.
وكان مِن أهل الأدب البارع، والتّفنُّن في أنواع العلوم، وتوفي عَنْ سِن عالية، وقد خَرِف.(11/116)
240 - محمد بن عبد الواحد بن الحسن، أبو غالب الشَّيْبانيّ، البغداديّ، القزّاز. [المتوفى: 508 هـ]
قرأ القراءات عَلَى: الشرمقاني، وأبي الفتح بْن شيطا، وحدَّث عن: أَبِي إِسْحَاق الْبَرْمَكِيّ، وَالْجَوْهَرِيّ، والعشاري، وجماعة، وكان مولده سنة ثلاثين وأربعمائة، نَسَخ الكثير، وسمع، وسمّع ولده أبا منصور عَبْد الرَّحْمَن، وتوفي في رابع شوّال.
وكان ثقة، مقرئًا، فاضلًا، حاذقًا بالقراءات، روى عَنْهُ: حفيده نصر الله بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسعد الله الدقاق، ويحيى ابن السدنك.(11/117)
241 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد، القاضي أبو سَعِيد الْمَرْوَزِيّ الدّهّان. [المتوفى: 508 هـ]
سَمِعَ: أبا غانم الكراعيّ، وابن عَبْد العزيز الْقَنْطَريّ، وجماعة، أجاز للسّمعانيّ، وعنده " تفسير ابن راهَوَيْه "، يرويه عَنِ الحاكم محمد بْن عَبْد العزيز الْقَنْطريّ، عَنِ الحاكم محمد بْن الحسين الحدّادي، عَنْ محمد بْن يحيى بْن خَالِد الْمَرْوَزِيّ، عَنْهُ.
وُلِد في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.
وقيل: مات سنة عشر.(11/117)
242 - محمد بْن عليّ بْن محمد بْن عبد العزيز بْن حمدين، أبو عَبْد الله، [المتوفى: 508 هـ]
قاضي القُضاة بقُرْطُبَة.
تفقَّه عَلَى والده، وروى عَنْهُ، وعن: محمد بْن عتّاب، وجماعة، وكان مِن أهل التّفنُّن في العلوم، وكان حافظًا، ذكيا، فطنًا، أديبًا، شاعرًا، لغويًا أُصُوليا، وُلّي القضاء سنة تسعين، فحُمدت سيرته، وتوفي في المحرم سنة ثمان وخمسمائة، وكان مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.(11/117)
243 - محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بْن عَبْد الله بْن المؤيّد بالله، أبو العزّ الهاشميّ العبّاسيّ، المعروف بابن الخُصّ، [المتوفى: 508 هـ]
والد الشيخ أبي تمام أحمد،
نزيل خراسان. [ص:118]
من أهل الحريم الطّاهري، شريف، ثقة، صالح، ديّنْ، سَمِعَ الكثير، وعُمّر حتى حمل عنه، روى عَنْ: أَبِي الحسن القزويني، وأبي علي ابن المُذْهِب، وعبد العزيز الأَزَجيّ، والْبَرْمكيّ، روى عَنْهُ: أبو علي الرحبي، وأحمد ابن السدنك، وابن كليب.
وتوفي في عاشر المحرم وله ثمانون سنة.(11/117)
244 - مسعود ابن السلطان أبي المُظَفَّر إبراهيم ابن السُّلطان مسعود ابن السلطان محمود بن سبكتكين، الملك علاء الدولة أبو سعد [المتوفى: 508 هـ]
صاحب غزنة والهند.
مات في شوال، وملك بعده ولده أرسلان شاه. وأمُّه سُلجوقية عمَّة السُّلطان ملك شاه فقبض على إخوته، فهرب منهم بهرام شاه بن مسعود إلى السلطان سنجر فأرسل سنجر يعتب على أرسلان شاه، فما التفت عليه، فتجهز سنجر لقتاله فبعث أرسلان شاه إلى السلطان محمد يشكو أمر سنجر، فكتب محمد إلى أخيه يأمره بالصلح وقال لرسوله: إن رأيت أخي قد سار نحوهم فدعه فلأن يملك أخي الدنيا أحب إلي، فذهب فوجد جيوش سنجر قد سارت وأقبلت جيوش صاحب غزنة فالتقوا فانهزم صاحب غزنة وذل وطلب الموادعة، فقويت أطماع سنجر وسار بنفسه فالتقوا على فرسخ من غزنة فكان جيش صاحب غزنة ثلاثين ألفاً سوى الرَّجالة ومائة وستين فيلاً فحملت الفيلة على القلب وفيه سنجر فرشقوا الفيلة بالنشاب رشقة واحدة فانحرفت الفيلة إلى الميسرة وعليها أبو الفضل صاحب سجستان فترجَّل وقتل فيلين وشق بطن مقدَّم الفيلة فطعفت ميمنة سنجر وردفت الميسرة وحملوا فانهزمت الغزنويون ودخل السلطان سنجر غزنة في العشرين من شوال سنة عشر، وبقيت القلعة وهي منيعة لا تُرَام فسلَّموها إلى سنجر لسوء سيرة أرسلان شاه وظُلْمه. ونصب سنجر في مملكة غزنة بهرام شاه على أن يخطب للسُّلطان محمد وبعده لسنجر ثم لنفسه، وعاثت جيوش سنجر ونهبوا وأخذوا أموالاً عظيمة وهو يمنعهم بجهده فما كفُّوا حتى صلب جماعة. قال ابن الأثير: ومما حصل لسنجر خمسة تيجان قيمة أحدها تزيد [ص:119] على ألفي ألف دينار، وألف وثلاث مائة قطعة مصاغة مرصَّعة وسبعة عشر سريراً من الذَّهب والفضة وأقام بغزنة أربعين يوماً وصحَّ له ما لم يصح لآبائه. فلما رجع إلى خراسان جمع أرسلان شاه العساكر وقصد غزنة وجرت له فصول ثم أسلمه أصحابه أسيراً وخُنِقَ. وكان مليح الصورة، عاش سبعاً وعشرين سنة.(11/118)
245 - ميمون بْن محمد بْن محمد بْن مُعْتَمد بْن محمد بْن محمد بْن مكحول بْن الْفَضْلُ، الإمام، الزّاهد، أبو المعين المكحوليّ، النَّسَفيّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -. [المتوفى: 508 هـ]
قَالَ عُمَر بْن محمد النَّسَفيّ في كتاب " الْقَنْد ": هو أستاذي، كَانَ بسَمَرْقَنْد مدّة، وسكن بُخَارى، يغترفُ علماءُ الشّرق والغرب مِن بحاره، ويستضيئون بأنواره، تُوُفّي في الخامس والعشرين مِن ذي الحجّة، وعمره سبعون سنة.
قلت: روى عَنْهُ شيخ الإسلام محمود بن أحمد الساغرجي، وعبد الرشيد بن أبي حنيفة الولوالجي.(11/119)
246 - هبة الله بْن الْحَسَن بْن محمد، الحافظ، الزّاهد، أبو الخير الأَبَرْقُوهيّ. [المتوفى: 508 هـ]
رحل إلى إصبهان، وسمع مِن: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وطبقته، وقع لنا مِن حديثه، روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو الفتح الخِرَقي، وآخرون.
تُوُفّي بأبَرْقُوه في شَعْبان، وكان قد عمي.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ قاضي أبَرْقُوه، وهي بقرب يَزْد، وكان مِن المكثرين، مِن أهل الْفَضْلُ، ثقة.(11/119)
-سنة تسع وخمسمائة(11/120)
247 - أحمد بْن أبي القاسم الْحَسَن بْن أحمد بْن محمد بْن أحمد، أبو العبّاس الإصبهانيّ، المعروف بنجَّوكه. [المتوفى: 509 هـ]
روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ، وتُوُفّي في عَشْر التّسعين، روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في ثامن شوّال.(11/120)
248 - أحمد بْن الحُسَيْن بْن أَبِي ذَرّ محمد بْن إبراهيم بْن عليّ، أبو العبّاس، الصّالْحانيّ، الواعظ، الرجل الصّالح. [المتوفى: 509 هـ]
وُلِد في حدود سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وحدث عَنْ جدّه أبي ذَرّ.
روى عَنْهُ: أبو موسى وقال: تُوُفّي في ربيع الآخر، وقال غيره: في ربيع الأوّل.(11/120)
249 - إبراهيم بْن حمزة بْن نصر، أبو طاهر الْجَرْجَرائي، ثمّ الدّمشقيّ، المقرئ، المعدّل. [المتوفى: 509 هـ]
قرأ عَلَى أَبِي بَكْر أحمد الْهَرَويّ صاحب الأهوازيّ، وسمع: الْحَسَن بْن عليّ اللّباد، وأبا بَكْر الخطيب، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل.(11/120)
250 - إبراهيم بْن غالب، أبو إسحاق الفقيه الشّافعيّ، ابن الآمديّة. [المتوفى: 509 هـ]
مِن علماء الإسكندرية، روى عنه: أبو محمد العثماني.(11/120)
251 - إسماعيل بْن محمد بْن أحمد بْن محمد بْن جعفر بْن أَبِي سَعِيد بْن مَلَّة، أبو عثمان المحتسب، الواعظ، الإصبهانيّ، [المتوفى: 509 هـ]
صاحب المجالس المروية.
سمع: أبا بكر ابن رِيذة، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم، وجماعة مِن أصحاب ابن المقرئ، وغيره، وأملى بجامع المنصور، روى عَنْهُ: ابن ناصر، وظاعن بْن محمد الخيّاط، وجماعة آخرهم موتًا عَبْد المنعم بْن كُليب، وكان ضعيفًا. [ص:121]
قَالَ ابن ناصر: وضع حديثًا وأملاه، وكان يخلّط.
تُوُفّي في ثاني ربيع الأوّل بإصبهان.
قلت: روايته عَنِ ابن رِيذة حضور، فإنّه قَالَ: وُلِدْتُ في رجب سنة ستٌّ وثلاثين، قلت: ومات ابن ريذة سنة أربعين.
وقال أبو نصر اليُونَارْتيّ في " معجمه ": إسماعيل بْن ملّة كَانَ مِن الأئمّة الْمَرْضيين، يرجع في كلّ فن مِن العِلْم إلى حظً وافر.
وروى عَنْهُ السّلَفيّ فقال: هُوَ مِن المكثرين، يروي عن عبد العزيز بن فاذوَيْه، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن مِن أَبِي بكر الذكواني، وكان يعظ، وأبوه فيروي عن أبي محمد بن زكريا البيع.(11/120)
252 - جامع بْن أبي بَكْر الْحَسَن بْن عليّ، أبو الْحَسَن الفارسيّ. [المتوفى: 509 هـ]
سَمِعَ: أباه، وأبا حفص بن مسرور، وجماعة، وتوفي في شَعْبان.(11/121)
253 - جامع بْن الْحَسَن بْن عليّ، أبو علي البيهقي. [المتوفى: 509 هـ]
وذكر أبو سعد السّمعانيّ أنّه حضر عَليْهِ بقراءة والده، وأنّه كَانَ مَعْمَرا، سَمِعَ مِن: أَبِي بَكْر أحمد بْن محمد بْن الحارث الإصبهانيّ، والفضل بْن عَبْد الله الأبِيَوَرْدِيّ، وأنّ مولده بعد العشرين وأربعمائة، ومات في شعبان أيضًا.(11/121)
254 - الحسين بن نصر بن عُبَيْد الله بن عُمَر بْن محمد بْن علّان، النّهَاونديّ، أبو عبد الله ابن المُرْهَف. [المتوفى: 509 هـ]
فقيه فاضل، قِدم بغداد، وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وجماعة، وحدَّث بإصبهان، ونهاوند، روى عنه: مهدي بن إسماعيل العلوي، توفي في المحرم.(11/121)
255 - شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرة بن خَسْرُكان، الحافظ، أبو شجاع الدَّيْلَميّ، الْهَمَذَانيّ، [المتوفى: 509 هـ]
مؤرّخ هَمَذَان، ومصنف كتاب " الفِرْدوس ".
سَمِعَ الكثير بنفسه، ورحل، سَمِعَ: أبا الْفَضْلُ محمد بن عثمان القُومَسَانيّ، ويوسف بْن محمد بْن يوسف المستملي، وسُفْيان بْن الحُسَيْن بْن [ص:122] محمد بْن فَنْجُوَيْه الدّيَنَوريّ، وعبد الحميد بْن الْحَسَن الفقاعي الدلال، وأبا الْفَرَج علي بن مُحَمَّد بن علي الجريري الْبَجَليّ، وأحمد بْن عيسى بْن عبّاد الدّيَنَوريّ، وخلقًا سواهم، وببغداد: أبا منصور عبد الباقي بن علي العطّار، وأبا القاسم بْن البُسْريّ، وخلقًا، وبإصبهان: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره، وبقزوين والجبال.
قَالَ فيه يحيى بْن مَنْدَهْ: شاب كيّس، حسن الخلق والخلق، ذكي القلب، صلب في السنة، قليل الكلام، قال: روى عَنْهُ ابنه شهردار، ومحمد بْن الْفَضْلُ الإسفراييني، ومحمد بن أبي القاسم الساوي، وأبو العلاء أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ الحافظ، وآخرون، وتُوُفّي في تاسع عشر رجب.
وهو متوسط المعرفة، وليس هُوَ بالمُتْقِن، وُلِد سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان صلْبًا في السُّنَّة، دخل إصبهان في سنة خمس وخمسمائة، فروى عنه أبو موسى المديني، وطائفة.(11/121)
256 - صَدَقة بْن محمد بْن صَدَقة، أبو الْكَرَم الإسكاف. [المتوفى: 509 هـ]
شيخ صالح بغداديّ، سَمِعَ: أبا يَعْلَى ابن الفراء، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر.(11/122)
257 - ظَفَرُ بْن عَبْد المُلْك، الخلّال الإصبهانيّ. [المتوفى: 509 هـ]
ورّخه عبد الرحيم الحاجّيّ، تُوُفّي في ربيع الأوّل، كأنه أخو الحسين.(11/122)
258 - عبد الله بن بُنُنَان، أبو محمد النحوي، [المتوفى: 509 هـ]
نزيل إشبيلية.
روى عن أبي عبد الله بن يونس الحجاري، وعاصم بن أيوب، وأبي الحجاج الأعلم، روى عَنْهُ: أبو الوليد بْن خيرة، وأبو عامر بْن ربيع الأشعريّ، وهارون بْن أبي الْغَيْث، وأبو الْحَسَن بْن فيل.
وكان حافظًا لكتب الآداب، ذاكرًا " للكامل " للمبردّ، " وأمالي القالي ".
علّم النّاسَ النَّحْو بقُرْطُبَة، وكان حيا في هذه السنة، قاله ابن الأبّار.(11/122)
259 - عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت، أبو محمد الأُمَويّ، الأندلسيّ، [المتوفى: 509 هـ]
خطيب شاطبة.
روى كثيرًا عَنْ أَبِي عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ، وعن: أَبِي العبّاس العُذْريّ، وكان زاهدًا، ورِعًا، فاضلًا، منقبضًا، سَمِعَ منه جماعة، ورحلوا إِليْهِ، واعتمدوا عليه.
ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة، وقال: زارنا ابن عبد البر مرة إلى منزلنا، فحفظت مِن لفظه يَقُولُ:
لَيْسَ المزارُ عَلَى قدْر الودادِ، ولو ... كانا كفيّيْن كنّا لا نزال معًا(11/123)
260 - عبيد الله بن عبد العزيز ابن المؤمل، الأديب، أبو نصر الرسولي. [المتوفى: 509 هـ]
كَانَ إخباريا، علّامة، روى عَنْ: أحمد بْن عمر النهرواني، وعلي بْن محمود الزّوزَنيّ، ومحمد بْن الحُسَيْن ابن الشّبْل، وجماعة مِن الشُّعراء، روى عنه: عَبْد الخالق اليوسفي، وعبد الرحيم ابن الإخوة، والسّلَفيّ، وآخرون.
قَالَ السّمعانيّ: ما كَانَ مَرْضِيّ السّيرة، كَانَ جماعة مِن شيوخي يسيئون الثّناء عَليْهِ، تُوُفّي في ذي القِعْدة، وله تسعون سنة.(11/123)
261 - عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن عبيد الله ابن الصَّحْنائيّ، أبو غالب المستعمل. [المتوفى: 509 هـ]
عَنْ: جدّه لأمّه عَبْد الوهّاب بْن أحمد الدّلّال، وابن غَيْلان، وعبد العزيز الأَزَجيّ، وعدّة، وعنه: عُمَر المغازليّ، وآخرون.
مات في ذي الحجّة عن تسعين سنة.(11/123)
262 - علي بن أحمد بن سعد الله، أبو الْحَسَن الْيَعْمريّ، الشّاعر، الأندلسيّ، الأديب. [المتوفى: 509 هـ]
أخذ بقُرْطُبَة عَنْ أَبِي مروان بْن سِراج، وأقرأ العربية والأدب، وكان كاتبًا، شاعرًا، فقيهًا.
توفي وهو في عشر الثمانين.(11/123)
263 - علي بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن النيسابوري، الواعظ، [المتوفى: 509 هـ]
وأصلة من إصبهان.
سمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر، وغيرهما.
قال السلفي: بلغني أنه تُوفي سنة تسع وخمسمائة.
وقال ابن عساكر: أجاز لي سنة عشر.
قلت: سأعيده في سنة عشر.(11/124)
264 - عليّ بْن محمد بْن عَبْد الله، أبو الْحَسَن الْجُذَاميّ، الأندلسي، مِن أهل الْمَريّة، ويُعرف بالْبَرْجيّ، بفتح الباء. [المتوفى: 509 هـ]
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي دَاوُد، وابن الدّش، وسمع مِن أبي عليّ الغسّانيّ.
وكان مقرئًا حاذقًا، وفقيهًا مُفْتيا، مِن أهل الخير والصّلاح، والتّفنُّن في العِلْم.
قَالَ ابن الأبّار: دارت لَهُ مَعَ قاضي الْمَريّة مروان بْن عَبْد المُلْك قصّة غريبة في إحراق ابن حمْدين كُتُب الغزاليّ وأوجب فيها حين استُفْتي تأديب مُحرقها، وضمّنه قيمَتَها، وتبِعه عَلَى ذَلِكَ أبو القاسم بْن ورد، وعمر بْن الفصيح، أخذ عَنْهُ: عُمَر بن نمارة، والشيخ أبو العباس ابن العريف.(11/124)
265 - عليّ بْن محمد بْن عليّ، أبو الحسن بن لنديشة، النيسابوري، الشعري. [المتوفى: 509 هـ]
ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة، وسمع: أبا العلاء صاعد بْن محمد، وابن مسرور.
قال السمعاني: حضرت عليه " جزء ابن نجيد "، ومات في رمضان.(11/124)
266 - غْيث بْن عليّ بن عبد السلام بْن محمد، أبو الفَرَج الصُّوري، الأَرْمَنَازيّ، [المتوفى: 509 هـ]
خطيب صور، ومحدثها ومفيدها.
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعليّ بْن عُبَيْد الله الهاشميّ، وجماعة، وقدم دمشق، وسمع: أبا نصر بْن طلاب، وأبا الحَسَن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي [ص:125] الحديد، وجماعة، ورحل إلى تِنّيس، فسمع بها في سنة تسعٍ وستّين مِن: رمضان بْن عليّ. وبمصر، والإسكندرية، وكتب الكثير، وسوَّد تاريخًا لصُور.
وكان ثقة، ثْبتًا، حسن الخطّ، روى عَنْهُ شيخه الخطيب شِعْرا، وسكن دمشق في الآخر، وبها تُوُفّي في صَفَر، وله ستٌّ وستون سنة، وروى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وجماعة.(11/124)
267 - قوام بْن زيد بْن عيسى، الإمام أبو الفَرَج الْقُرَشِيّ، التَّيْميّ، البكْريّ، الدّمشقيّ، المُرّيّ، الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 509 هـ]
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب بدمشق، والصَّريْفينيّ، وابن النقور ببغداد، روى عنه: الصائن ابن عساكر، وأخوه الحافظ، وعبد الصّمد بْن سَعْد النسوي، وغيرهم.
قال الحافظ ابن عساكر: كَانَ شيخًا ثقة، حدَّث عَنْهُ الفقيه نصر الله المصيصي، وتوفي في رمضان، وحضرتُ دفنه.
قلت: عاش سبْعًا وسبعين سنة.(11/125)
268 - محمد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى بْن الحَسَن بْن القاسم الزَّيْنَبيّ بْن إبراهيم طباطبا بْن إسماعيل، العلويّ الإصبهانيّ. [المتوفى: 509 هـ]
شيخ جليل مَعْمَر، يروي عَنْ: أبي سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عُمَر الصَّفّار، روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وتُوُفّي في ثاني رمضان، كنيته أبو العسّاف.(11/125)
269 - محمد بْن الخلف بْن إسماعيل، أبو عَبْد الله الصَّدّفيّ، البَلنْسيّ، المعروف بابن علْقَمَة الكاتب. [المتوفى: 509 هـ]
صنَّف " تاريخ بَلَنْسِيَة "، وحمله الناس عنه على سوء رصفه.
تُوُفّي في شوّال، وقد جاوز الثمانين.(11/125)
270 - محمد بْن أَبِي العافية، أبو عَبْد الله الإشبيليّ النَّحْويّ، المقرئ، [المتوفى: 509 هـ]
إمام جامع إشبيلية.
أخذ عَنْ: أَبِي الحجاج الأعلم النَّحْويّ، وكان بارعًا في النَّحْو، واللغة، حمل النّاس عَنْهُ.
وقد قرأ بالقراءات عَلَى أَبِي عَبْد الله محمد بْن شُرَيح.(11/126)
271 - محمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أبي المضاء محمد بْن أحمد بْن أبي المضاء، أبو المضاء البَعْلَبَكّيّ، ويُعرف بالشّيخ الدَّيّن. [المتوفى: 509 هـ]
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة، روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله، وأجاز للحافظ أبي القاسم.
تُوُفّي في شَعْبان وله أربعٌ وثمانون سنة، وأول سماعه سنة ست وأربعين وأربعمائة.(11/126)
272 - محمد بْن سَعْد، الإمام أبو بَكْر البغداديّ، الحَنْبليّ، الغسّال، المقرئ، الملقّب بالتّاريخ. [المتوفى: 509 هـ]
حدَّث عَنْ: أَبِي نصر الزَّيْنَبيّ، وعدّة، وكان رأسًا في حفْظ القرآن، وحسن الصَّوت، خيّرا، ثقة، صالحًا، كبير القدر، محببا إلى النّاس، كانت جنازته مشهودة، عاش بِضْعًا وأربعين سنة.(11/126)
273 - محمد بْن كُمار بْن حسن بْن عليّ، الفقيه أبو سَعِيد الدّيَنَوريّ، ثمّ البغدادي. [المتوفى: 509 هـ]
قال: ولدت سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكانت زَوْجَة أَبِي بَكْر الخطيب تُرضِعُني، فلمّا كبرت أسمعني مِن: ابن غَيْلان، وأبي محمد الخلال، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي الحسن الفالي، وغيرهم، وقرأتُ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وسمعت منه الحديث، وقرأت " المقنع " عَلَى القاضي أبي الطَّيّب الطَّبَريّ، ثمّ علّقت تعليقة كاملة في الخلاف عَنْ أَبِي إسحاق الشّيرازيّ، وقرأت الفرائض على أبي عبد الله الوني، إلا أن كُتُبي ذهبت كلّها في النَّهْب، [ص:127] ولم يبق عندي منها شيء إلّا ما بقى بأيدي النّاس مِن مسموعي، ووزَنّا عشرة دنانير حتّى سمعنا " المُسْنَد " من ابن المُذْهب، وسمعت مِن الأَزَجيّ، يعني عَبْد العزيز، كتاب " يوم وليلة " للمعْمريّ.
قلت: روى عَنْهُ: الحُسَيْن بْن خُسْرُو البلْخيّ، والسّلَفيّ، عَنِ البرمكيّ، والفالي، ثم انحدر إلى واسط، وبها مات في جمادى الآخرة سنة تسع.(11/126)
274 - محمد ابن الهبارية، هو محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن محمد بن عيسى بن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ داود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بن عبد الله بن عباس، أبو يعلي الهاشمي، العباسي، البصري. [المتوفى: 509 هـ]
والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب.
قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر. وله معرفة بالأنساب، وصنَّف كتاب " الصّادح والباغم والحازم والعازم "، نظمه لسيف الدّولة صَدَقة، وضمّنه حكَمًا وأمثالًا، ونظم كليلة ودِمْنة، وله كتاب " مجانين العقلاء "، وغير ذَلِكَ. وله كتاب " ذِكر الذّكْر وفضل الشّعْر ".
وقد بالغ في الهجو حتّى هجا أَبَاهُ وأمّه، وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة، أوّلها:
حَيّ عَلَى خير العمل
يقول فيها:
لو كان لي بضاعه ... أو في يدي صناعه
أكفى بها المَجَاعَهْ ... لم أخلع الخلاعةْ
ولم أُفِقْ مِن الخذَل ... ولا درستُ مسألَهْ
ولا رحلت بعملهُ ... ولا قطعت مجهلهْ
ولا طلبت منزلهْ [ص:128]
ولا تعلّمتُ الْجَدَل ... ولا دخلتُ مدرسهْ
سِباعها مفترسهْ ... وجوههم معبَّسَهْ
ما لي وتلك المَنْحَسَةْ ... لولا النّفاقُ والخَبَل
الأصفر المنقوش ... شيدت بِهِ العروش
بِهِ الفتى يعيش ... وباسمه يطيش
مولاه ما شاء فعل ... يا عجبًا كلّ العَجَب
لا أدبٌ ولا حَسَب ... ولا تُقَى ولا نَسَب
يُغْني الفتى عَنِ الذَّهَب ... سبحانه عزّ وجل
بؤسًا لربّ المحبره ... وعيشه ما أكدره
ودرسه ودفترهْ ... يا ويله ما أدْبَرَهْ
إنّ لم تصدّقني فَسَل ... اصعد إلى تِلْكَ الغُرَف
وانظر إلى تلك الحِرفَ ... وابك لفضلي والشَّرَف
واحكم لضريّ بالسَّرَف ... واضرب بخذلاني المثل
وله القصيدة الطويلة التي أولها:
لو أن لي نَفْسًا هَربتْ لِما ... أَلْقى، ولكنْ لَيْسَ لي نَفْسُ
ما لي أُقيمُ لدى زعانفةٍ ... شُمّ القُرُون أُنُوفُهم فُطْسُ
لي مأتمٌ مِن سوء فِعْلِهِمُ ... ولهم بحُسن مدائحي عُرْسُ
وهجا في هذه القصيدة الوزير، والنقيب، وأرباب الدّولة بأسرهم فأطيح دمه، فاختفى مدّة، ثمّ سافر ودخل إصبهان، وانتشر ذِكره بها، وتقدَّم عند أكابرها، فعاد إلى طبْعه الأوّل، وهجا نظام المُلْك، فأهدر دمه، فاختفى، وضاقت عَليْهِ الأرض. ثمّ رمى نفسه عَلَى الإمام محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ، [ص:129] فتشفّع فيه، فعفا عَنْهُ النظام، فاستأذن في مديح، فأذن لَهُ فقام، وقال قصيدته الّتي أوّلها:
بعزّة أمرك دار الفَلَك ... حنانَيْك فالخَلْقُ والأمرُ لك!
فقال النظام: كذبْتَ، ذاك هُوَ الله تعالى.
وتمّم القصيدة، ثمّ خرج إلى كَرمان وسكنها، ومدح بها، وهجا عَلَى جاري طبيعته. وحدث هناك عن: أبي جعفر ابن المسلمة. سمع منه: محمد بْن عَبْد الواحد الدقاق، ومحمد بن إبراهيم الصيقلي في آخر سنة ثمان وتسعين.
وروى عنه: القاضي أحمد بن محمد الأرجاني الشاعر حديثًا عَنْ مالك البانْياسيّ.
قَالَ ابن النّجّار: فأخبرنا محمد بْن مَعْمَر الْقُرَشِيّ كتابةً أنّ أبا غالب محمد بن إبراهيم أخبره قال: أخبرنا أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح العباسي الشاعر بكرمان، قال: أخبرنا ابن المسلمة سنة ستين وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو الفضل الزهري، قال: أخبرنا الفريابي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا محمد بن جحادة - فذكر حديثًا.
وقد روى عَنْهُ مِن شِعْره: عُمَر بْن عَبْد الله الحربيّ، وأبو الفتح محمد بن علي النطنزي، وأحمد بن محمد بْن حفص الكاتب، وآخرون.
ومن غُرر قصائده قولّه:
يا صاحبي هات المُدامَة هاتِها ... فصبيحة النَّيْرُوز مِن أوقاتها
كَرْميّة، كَرَميّةً، ذهبيّةً ... لهبيّةً، بِكْرًا تقوم بذاتها
رقَّت وراقت في الزّجاج فخِلْتُها ... جادت بها العشّاق مِن عَبراتها
مِن كفّ هَيْفَاء القوام كأنّما ... عصرت سلّاف الخمْر مِن وَجَناتها
السّحْر في ألحاظها، والغَنْجُ في ... الفاظها، والدَّلّ في حَرَكاتها
أوَما ترى فصلَ الرّبيع وطِيبَه ... قد نَبّه الأرواح مِن رَقَداتها
والطَّيْرُ تصدح في الغُصون كأنمّا ... مَدَحَتْ نظامَ المُلْك في نَغَماتها
فانهض بنا وانشط لنأخُذَ فُرصةً ... مِن لذّة الأيّام قبل فَوَاتها
يا صاحِبَيْ سرّى فلا أُخفيكما ... ما أطيب الدُّنيا على علاتها [ص:130]
قُمْ فاسقِنيها بالكبير، ورُحْ إلى ... راحٍ تُريح النفس من كرباتها
إن مت مِتُّ فخلّني وغوايتي ... إنّ الغواية حُلْوةٌ لِجُناتها
ولقد جريت على الصبابة والصّبي ... وجذبت أقراني إلى غاياتها
ثمّ ارْعَوَيْتُ وما بكفّي طائل ... مِن لذّة الدُّنيا سوى تبعاتها
وهي قصيدة طويلة.
قَالَ الأرجانيّ: سَأَلت ابن الهبّاريّة عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.
وقال أبو المكارم يعيش بْن الفَضْلُ الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جُمَادَى الآخرة سنة تسع وخمسمائة.
ولابن الهبارية:
وإذا البياذق في الدُّسْوت تَفَرْزَنَتْ ... فالرّأي أن يتبَيْذق الفِرْزانُ
خُذْ جُملة البَلْوَى ودعْ تفصيلها ... ما في البَريّة كلّها إنسانُ(11/127)
275 - مغاور بْن الحَكَم، أبو الحَسَن السُّلَميّ، الشاطبي، المؤدّب. [المتوفى: 509 هـ]
أخذ القراءات عَنْ: أبي الحسن ابن الدّش. وأقرأ النّاس. أخذ عَنْهُ: ابنه محمد، وأبو عَبْد الله بْن بركة، وعبد الغنيّ بْن مكّيّ.(11/130)
276 - مهذّب الدولة، أمير البطائح، هُوَ أبو العبّاس أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد بْن أبي الجبْر الكنانيّ. [المتوفى: 509 هـ]
أديب، فاضل، شاعر، إخباريّ، دوّن شِعْره. وُلّي البطيحة وأعمالها، وتولّى النَّظَر بواسط وأعمالها، مضافًا إلى إمرة البطيحة. ولم يزل آباؤه وأجداده أمراء البَطيحة.
وله شِعْر في المستظهر بالله، تُوُفّي في المحرَّم.(11/130)
277 - هابيل بْن محمد بْن أحمد بْن هابيل، أبو جعفر الألْبِيريّ، الأندلسيّ. [المتوفى: 509 هـ]
أخذ بقُرْطُبَة عَنْ: أَبِي القاسم بْن عَبْد الوهّاب المقرئ، وأبي مروان [ص:131] الطّبنيّ، وأبي مروان بن سِراج. روى عَنْهُ أبو الحسن بن الباذش المقرئ.
وتوفي في رمضان سنة تسعٍ، ويُحتمل أن تكون سنة سبْعٍ.(11/130)
278 - هبة الله بْن أحمد بْن هبة الله بْن الرَّحْبيّ، أبو القاسم الدّبّاس. [المتوفى: 509 هـ]
مِن أولاد الشّيوخ. سَمِعَ: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأحمد بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وعليّ بْن المحسّن. روى عَنْهُ: عمر المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.(11/131)
279 - هبة الله بْن المبارك بْن موسى بْن عليّ، أبو البركات السَّقَطيّ، المفيد. [المتوفى: 509 هـ]
أحد مِن عُني بهذا الشأن، وسمع ببغداد، وإصبهان، والموصل، والكوفة، والبصرة، وواسط. وتعب وبالَغ، وكان فيه فضل ومعرفة باللُّغة.
جمع الشّيوخ، وخرّج الفوائد، وقيل: إنّه ذيّل عَلَى تاريخ الخطيب، وما ظهر ذَلِكَ. وله مُعْجم في مجلَّد، ادّعى فيه لُقيّ أُناس كأبي محمد الجوهريّ، ولم يدركه.
وضعفه شُجاع الذُّهْليّ، وكذّبه ابن ناصر.
روى عَنْهُ: ابنه أبو العلاء وجيه، وأبو المعمر الأزجي، والشيخ عبد القادر الجيلي، وغيرهم. وتوفي في ربيع الأوّل، سامحه الله.(11/131)
280 - هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب، أبو المعالي الكرمانيّ، الكاتب الوزير. [المتوفى: 509 هـ]
مِن رؤساء بغداد، تفرد في عصره بكتابة الحساب والديوان. وزر للمستظهر سنتين ونصفا، ثمّ عُزِل. وكان فقيهًا شافعيا. سَمِعَ: عَبْد الصمد ابن المأمون، وطبقته.
وله معروف وصَدَقات. روى اليسير، ولقبه مجد الدين. ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وكان مِن الأذكياء حسن المحاضرة.
عُزِل سنة اثنتين وخمسمائة. ومات سنة تسع.(11/131)
281 - هشام بْن أحمد بْن سَعِيد. أبو الوليد القُرْطُبيّ، المعروف بابن العوّاد. [المتوفى: 509 هـ]
تلميذ أَبِي جعفر أحمد بْن رزق، وأخذ أيضًا عَنْ: أَبِي مروان بن سراج، ومحمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني. وكان من جلة الأئمة وأعيان المفتين بقرطبة، مقدما في الرأي والمذهب على جميع أصحابه، ذا دين وورع، وانقباض عَنِ الدّولة، وإقبال عَلَى نشر العِلْم وبثّه، واسع الخُلُق، حسن اللّقاء، مُحَبَّبًا إلى النّاس، حليمًا متواضعًا. دُعي إلى القضاء فامتنع. تفقَّه بِهِ خلْق كثير نفعهم الله بِهِ.
تُوُفّي في صَفَر، وشيعّه عالم كثير، ومتولّي قُرْطُبَة. مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وعاش سبْعًا وخمسين سنة، رحمه الله، ورضي عنه.(11/132)
282 - يحيى ابن السّلطان تميم بْن المُعِزّ بْن باديس. المُلْك أبو طاهر الحِمْيَريّ، الصّنْهاجيّ [المتوفى: 509 هـ]
صاحب إفريقية وبلادها.
تسلطن بعد أَبِيهِ، وخلع عَلَى الأمراء، ونشر العدل، وافتتح قِلاعًا لم يتمكّن أَبُوهُ مِن فتحها. وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسّيَر، شفوقًا عَلَى الرعيّة والفقراء، مقرَّبًا للعلماء، جوادًا، مُمَدَّحًا.
وفيه يَقُولُ أبو الصّلْت أُمَيَّة بْن عَبْد العزيز بْن أبي الصّلْت:
وارغب بنفسك إلّا عَنْ ندًى ووغًى ... فالمجد أجمعُ بين البأْسِ والْجُودِ
كدأْب يحيى الَّذِي أحْيَتْ مَواهبُهُ ... مَيْتَ الرَّجاء بإنْجاز المواعيدِ
مُعْطي الصّوارمِ والهيف النواعم والـ ... ـجرد الصُّلادِم والبُزْلِ الْجَلاميدِ
إذا بدا بسريرِ المُلْك مُحْتبِيا ... رَأَيْتَ يوسُفَ في مِحراب داودِ
تُوُفّي يحيى يوم الأضحى فجاءة في أثناء النّهار، وخلّف ثلاثين ولدًا ذَكَرًا، وقام بالمُلك بعده ابنه عليّ، فبقي ستٌّ سنين ومات، فأقاموا في المملكة ابنه الحَسَن ابن عليّ، وهو صبيّ ابنُ ثلاث عشرة سنة، فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنْج أَطْرابُلُسَ المغرب بالسيّف، وقتلوا أهلها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فخاف الحَسَن وخرج هاربًا مِن المَهدّية هُوَ وأكثر أهلها، [ص:133] ثمّ إنّه التجأ إلى السّلطان عَبْد المؤمن بْن عليّ.
وممّا تمَّ ليحيى أنّ ثلاثة غرباء كتبوا إليه أنهم كيمائيون، فأحضرهم ليعملوا ويتفرَّج. وكان عنده الشّريف أبو الحَسَن وقائد الجيش إبراهيم، فجذب أحدهم سكّينًا، وضرب يحيى، فلم يصنع شيئًا، ورفسه يحيى ألقاه على ظهره، ودخل المجلس وأغلقه، وأما الثّاني، فضرب الشّريف قتله، وجذب الأمير إبراهيم السّيف وحطّ عليهم، ودخل الغلمان فقتلوا الثّلاثة، وكانوا من الباطنية.(11/132)
-سنة عشر وخمسمائة.(11/134)
283 - أحمد بن الحسين بن علي بن قريش، أبو العبّاس البغداديّ، البنّاء، النّسّاج، المقرئ. [المتوفى: 510 هـ]
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إسحاق البرمكيّ، وجماعة. روى عنه: إسماعيل ابن السمرقندي، وأحمد ابن الطّلّاية الزّاهد، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وفارس الحفّار. ومات في رجب وله خمسٌ وثمانون سنة.
وكان صالحًا ثقة، أجاز لابن كليب.(11/134)
284 - أحمد بْن عَبْد الله بْن مُظَفَّر بْن محمد بن ماجه. أبو الرجاء الإصبهانيّ. [المتوفى: 510 هـ]
روى عَنْ: ابن ريذَة، وغيره. روى عَنْهُ أبو موسى الحافظ.(11/134)
285 - أحمد بْن محمد بْن عُمَر المركزيّ، أبو البركات. [المتوفى: 510 هـ]
شيخ مؤدب ببغداد. روى عن أبي إِسْحَاق البرمكيّ. وعنه: السّلَفيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
مات في نصف شَعْبان.(11/134)
286 - أحمد بْن محمد بْن الحَسَن بْن محمد بْن سُلَيْم، أبو الفَضْلُ بْن أَبِي بَكْر بْن أبي عليّ. [المتوفى: 510 هـ]
مِن بيت حديث، تُوُفّي في صَفَر. روى عَنْهُ أبو موسى المَدِينيّ، عَنْ عليّ بْن أحمد بْن يوسف.(11/134)
287 - إبراهيم بْن أحمد. أبو الفَضْلُ المخرّميّ، البغداديّ. [المتوفى: 510 هـ]
روى عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن النقور. توفي في ربيع الأول.(11/134)
288 - إسماعيل بْن الفَضْلُ بْن إسماعيل، أبو القاسم بْن أبي عامر التّميميّ، الْجُرْجاني. [المتوفى: 510 هـ]
قِدم في هذه السّنة بغداد ليحجّ، فحدّث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد العسكريّ، عَنْ أبي أحمد الغطريفي. روى عنه: المبارك بن كامل، وروح بن [ص:135] أحمد الحديثي قاضي القضاة، ويحيى بن هبة الله البزاز، وأحمد بن سالم المقرئ، وأبو الفتح عبد الوهاب بن الحسن الفرضي.(11/134)
289 - حبيب بن أبي مسلم محمد بن أحمد بن يحيى، الفقيه الزاهد الكبير، أبو الطيب الطهراني، الأصبهاني. [المتوفى: 510 هـ]
روى عَنْ أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم. وعنه: أبو موسى، وغيره.
تُوُفّي ليلة الثّلاثاء، ثاني عشر ربيع الأوّل، وهو مِن شيوخ السّلَفيّ ومن أقاربه.(11/135)
290 - الحَسَن بْن أحمد بْن يحيى. أبو أحمد بْن أبي سَلَمَة الكاتب، النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 510 هـ]
أحد المعروفين بالفضل والشّعْر. سَمِعَ مِن: الأمير أَبِي الفَضْلُ عُبَيْد الله بْن أحمد الميكالّي، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر. روى عَنْهُ ولده أحمد.
وتوفي في ربيع الأوّل.(11/135)
291 - الحَسَن بْن عَبْد الكريم، أبو حرب العبّاسيّ، الإصبهانيّ، النّقيب. [المتوفى: 510 هـ]
سَمِعَ: أبا أحمد المكفوف، كتب عَنْهُ: يحيى بن منده، توفي في المحرم.(11/135)
292 - خميس بْن علي بن أحمد بْن علي بْن الحَسَن، الحافظ، أبو الكرم الواسطيّ، الحَوْزيّ. [المتوفى: 510 هـ]
ورد بغداد، وسمع أبا القاسم ابن البُسْري، وطبقته. وسمع بواسط: عليّ بْن محمد النّديم، وهبة الله بْن الجلخْت، وخلْقًا سواهم. وكتب وجمع. روى عَنْهُ: أبو الجوائز سَعْد بن عبد الكريم، وأبو طاهر السّلَفيّ، وآخر من روى عَنْهُ أبو بَكْر عبد الله بْن عِمران الباقلّانيّ، المقرئ.
وله شِعْر جيّد، فمنه:
إذا ما تعلّق بالأشعريّ ... أُناسٌ، وقالوا: وثيق العُرى
وطائفة رأت الاعتزال ... صوابًا، وما هُوَ فيما ترى
وأخرى رَوَافضُ لَا تستحقّ ... إذا ذُكر النّاس أن تذكرا [ص:136]
فنحن معاشرُ أهل الحديث ... علِقْنا بأذيال خير الورى
فمن لم يكن دأبُهُ دأبنا ... فنحن وأحمد منه بُرَا
وقد سال السّلَفيّ خميسًا عَنْ أهل واسط المتأخّرين، فأجابه في جزء، وانتقى عليه جزءا سمعناه، وكان يثني عليه ويقول: كان عالما ثقة، يملي علي من حفظه.
وقد ذكره ابن نقطة، فذكر معه الحسن بن إبراهيم بن سلامويه، قال: والحوز قرية بشرقي واسط، حدَّث عَنْ عَبْد العزيز بن علي الأنماطي، ومحمد بن محمد العُكْبَريّ النديم، قَالَ: وكان لَهُ معرفة بالحديث والأدب، قَالَ: ومولده في شَعْبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة. ومات أيضًا في شعبان.(11/135)
293 - طاهر بْن أحمد بْن الفَضْلُ، أبو القاسم الأصبهاني، الخطاط، المعروف بالبزار. [المتوفى: 510 هـ]
تُوُفّي في شَعْبان، وله تسعون سنة. روى عَنْ ابن رِيذَة. وعنه أبو موسى المَدِينيّ.(11/136)
294 - عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت، أبو محمد الأندلسيّ، ثمّ الشّاطبيّ، البلاليّ، [المتوفى: 510 هـ]
وبلالة مِن عمل شاطبة.
ديّن، عاقل، عالم. سَمِعَ مِن: ابن عَبْد البَرّ، وأبي العبّاس العُذْري. وعنه: أبو الوليد يوسف ابن الدباغ، وقال: سمعت منه كتاب الصحابة، وكتاب التّقصيّ، وكتاب الأنباء، وقرأت عَليْهِ الموطّأ والسّيرة. أخبرنا بجميع ذَلِكَ عَنْ أبي عُمَر، وقال: كَانَ بيننا وبين أبي عمر مصاهرة، ومولدي في سنة ست وأربعين وأربعمائة.(11/136)
295 - عَبْد الغفّار بْن محمد بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن شِيرَوَيْه بْن عليّ، أبو بَكْر الشّيرُويّيّ، النَّيْسابوريّ، التّاجر. [المتوفى: 510 هـ]
سَمِعَ: أبا بَكْر الحِيري، وأبا سَعِيد الصَّيْرفي. وهو آخر من روى في الدنيا [ص:137] عنهما. وروى عَنْ: أبي حسّان المُزَكّيّ، وأحمد بْن محمد بْن الحارث النَّحْويّ، ووالده.
روى عنه: الحافظ أبو سعد السمعاني، وأبو الفتوح الطائي، وعبد المنعم الفراوي، وخلق كثير. وروى عنه بالإجازة: ذاكر بن كامل الخفاف، وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان.
وكان مولده في ذي الحجة سنة أربع عشرة، وتوفي في ثامن عشر ذي الحجة، وقد استكمل ستا وتسعين سنة.
قال السمعاني في كتاب الأنساب: كان صالحا، عابدا، معمرا، رحل إليه من البلاد، وسمع الحيريّ، والصَّيْرفيّ، وعبد القاهر بن طاهر، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وقد دخل إصبهان، وسمع بها مِن ابن رِيذَة، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم. أحضرني والدي مجلسه، وكان أَبُوهُ يروي عَنِ المخلّص، وهو فقد أجاز لمن شاء الرواية عَنْهُ.
وهو مِن قرية كُونابَذ، ثمّ عُرَّبَتْ، فقيل: جُنَابَذ، بفتح الباء، وهي مِن قُهِسْتان مِن رساتيق نَيْسابور.
وكان صالحًا، عفيفًا، يتجر إلى البلاد مُضاربةً بأموال النّاس، ثمّ عجز، وانقطع لتسميع الحديث، وكان مُكْثِرًا. ومن شيوخه أبو سَعِيد نصر الدّين بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبو منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ.
ألْحق الأحفاد بالأجداد، وسمع منه مِن دب ودرج، وسار ذكره، ولم تتغير حواسَّه، إلّا بصره فضَعُف. ومن شيوخه: أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي.
قَالَ الفَضْلُ بْن عَبْد الواحد الإصبهانيّ: سَمِعْتُ الرئيس الثقفي يقول: لا جاء الله من خراسان بأحد إلّا بأبي بَكْر الشّيرُويّيّ؛ فإنّه أخْيَرهم وأنفعهم.
قال السمعاني: سَمِعْتُ منه الكثير، وُلّي ثلاث سنين ونصف بقراءة أبي، وسمّع أخي في الخامسة، فمن ذَلِكَ جزء سُفْيان، وخمسة أجزاء مِن ثمانية من مسند الشافعي، فالفوت جزءان من أول المسند وجزء من آخره.(11/136)
296 - عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يونس، أبو محمد بن خيرون الأندي، القُضاعيّ. [المتوفى: 510 هـ]
محدّث مُكِثر عَنِ ابن عَبْد البَرّ، وسمع: أبا الوليد الباجيّ، وابن دلْهاث، وكان عارفًا بالفقه، والآداب، والشعر، ولي قضاء مربيطر.
روى عَنْهُ: أبو محمد بْن عَلْقَمة، ومحمد بْن محمد بْن يعيش، وعبد الوهّاب التُّجَيْبيّ، وآخرون.(11/138)
297 - عليّ بْن أحمد بن محمد بْن بَيَان، أبو القاسم ابن الرّزّاز، البغداديّ، [المتوفى: 510 هـ]
مُسْنَد الدُّنيا في عصره.
روى عَنْهُ خلْق لَا يُحْصَوْن. سَمِعَ: أبا الحَسَن محمد بْن محمد بْن محمد بْن مَخْلَد، وطلحة بْن الصَّقْر الكتّانيّ، وأبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم بن بشران، وأبا القاسم الحرفي الواعظ، وأبا العلاء الواسطيّ، وجماعة.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وكانت إِليْهِ الرحلة مِن الأقطار، وهو آخر مِن حدَّث بنسخة ابن عَرَفَة.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: وكان يأخذ عَلَى روايتها دينارًا عَنْ كلّ واحدٍ عَلَى ما سَمِعْتُ. وأجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة كثيرة. سَمِعْتُ أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي يَقُولُ: كَانَ أبو القاسم بْن بيان يَقُولُ: أنتم ما تطلبون الحديث والعِلْم، أنتم تطلبون العُلُوّ، وإلّا ففي دَرْبي جماعة سمعوا منّي هذا الجزء، فاسمعوه منهم. ومن أراد أن يسمع منّي يَزِن دينارًا.
سمعتُ أَبَا بَكْر محمد بْن عَبْد اللَّه العطّار بمَرْو يَقُولُ: وزنت الذّهب لأبي القاسم بْن بيان، حتّى سَمِعْتُ منه جزء ابن عَرَفَة، وكذا ذكر لي محمد بْن أَبِي العبّاس بسمرقند أنّه أعطاه دينارًا حتّى سَمِعَ منه.
قلت: روى عَنْهُ: أبو الفُتُوح الطّائيّ، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأحمد بْن محمد بْن قُضاعة، وأحمد بْن محمد المنبجيّ، وأبو محمد عَبْد الله بْن الخشّاب النَّحْويّ، ومحمد بْن عَبْد الباقي ابن النَّرْسيّ، والمبارك بْن محمد بْن سكّينة، ووفاء بْن أسعد التُّركيّ، والحافظ أبو العلاء العطّار، ومحمد بْن بدر الشّيحيّ، ومحمد بْن جعفر بْن عَقيل، وأبو الفَرَج محمد بْن أحمد حفيد [ص:139] ابن نبهان، وأبو الفتح بْن شاتيل، وأحمد بْن المبارك بْن دُرّك، وأحمد بْن أَبِي الوفاء الصّائغ، وأبو السّعادات نصر الله القزّاز، وأبو منصور عَبْد الله بْن عَبْد السّلام، وعبد المنعم بْن كُلَيب.
تُوُفّي في سادس شَعْبان.(11/138)
298 - عليّ بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد، أَبُو الحَسَن النَّيْسابوريّ، الواعظ. [المتوفى: 510 هـ]
تُوُفّي في سلْخ المحرَّم، وله نيّف وتسعون سنة. روى بإصبهان عن: أبي حفص بْن مسرور. وعنه: أبو موسى الحافظ، وأبو طاهر السّلَفيّ، ومحمد بْن حمزة الزَّنْجانيّ، وأبو غانم بْن زينة، وزيد بْن حمزة الطُّوسيّ.
وروى عنه بالإجازة أبو القاسم ابن عساكر، وقال: سَمِعَ أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ. وبدمشق: أبا القاسم الحِنائيّ. رَوَى عَنْهُ: الفقيه نصر المَقْدِسِيّ.
قُلْتُ: وَهُوَ أكبر منه، وَأَبُو موسى، وَذَلِكَ يدخل في السابق واللاحق.
قَالَ السّلَفيّ: أبو الحسن عليّ بْن عبد الله ابن الصباغ، ذكر لي أنّه يُعرف بنَيْسابور بالإصبهانيّ، وبإصبهان بالنَّيْسابوريّ. وكان يعقد المجلس في جامع أصبهان، ثقة.(11/139)
299 - غانم بْن أحمد بْن محمد بْن أحمد بن سعيد، أبو سهل [المتوفى: 510 هـ]
ابن الشيخ أبي الفتح الحدّاد.
يروي عَنْ: أَبِي القاسم بْن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ، والإصبهانيّين. وعنه: أبو موسى، وجماعة. وحدَّث ببغداد عَنْ: الذَّكْوانيّ، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبي نصر الكِسائيّ.
تُوُفّي في ربيع الأول، وهو أخو صاحب الأموال الجزيلة أَبِي سعيد الحدّاد ووالد محمد ومحمود. سَمِعَ أيضًا مِن أَبِي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي الوليد الدَّربَنْديّ، وإبراهيم بن محمد الكسائي، وعدة. أجاز للسمعاني.(11/139)
300 - المبارك بْن الحُسَيْن بْن أحمد الغسّال، أبو الخير البغدادي، الشافعي، المقرئ، الأديب. [المتوفى: 510 هـ]
كَانَ صالحًا، ثقة، متميّزًا، قرأ القرآن عَلَى: أبي القاسم ابن الغُوريّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عليّ الخيّاط، وأبي عليّ الحَسَن بْن غالب المقرئ، وأبي بَكْر بن الأُطْرُوش، وأبي بَكْر اللّحْيانيّ. ورحل إلى واسط في طلب القراءات، فقرأ عَلَى أَبِي عليّ غلام الهرّاس، وتصدّر للإقراء، وقصده الطَّلَبَة، وكان حافظًا، مجودًا، يتكلّم عَلَى معاني القرآن.
وسمع الحديث مِن: أَبِي محمد الخلّال، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي يعلى ابن الفرّاء. روى عَنْهُ: أبو طاهر محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعليّ بْن أحمد المحموديّ، وسعد الله بْن محمد. وآخر مِن روى عَنْهُ: عَبْد المنعم بْن كُلَيب، وقد أجاز لابن السمعاني.
وكان مولده قبل الثلاثين وأربعمائة، وتوفي في غُرّة جُمَادَى الأولى.
والغَسّال بغين معجمة.
وممن قرأ عليه سبط الخياط.
قال ابن ناصر: كان ضعيفا في الرواية لينا، ثم ذكر أشياء استدل بها، فيها تعنت من ابن ناصر كعادته.(11/140)
301 - المبارك بن محمد بْن عليّ، أبو الفَضْلُ الهمذاني. [المتوفى: 510 هـ]
سمع: أبا يعلى ابن الفرّاء، وابن المسلمة. وأجاز لَهُ أبو محمد الجوهريّ. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره.
تُوُفّي في ربيع الآخر.(11/140)
302 - محفوظ بْن أحمد بن الحسن بن الحسن، الإمام، أبو الخطّاب الكَلْوذانيّ، الأَزَجيّ، [المتوفى: 510 هـ]
شيخ الحنابلة.
كَانَ مُفْتيا، صالحًا، ورِعًا، دينًا، وافر العقل، خبيرًا بالمذهب، مصنَّفا فيه، حسن العِشْرة والمجالسة. لَهُ شِعْر رائق، صنَّف كتاب الهداية المشهور في المذهب، ورؤوس المسائل، وتفقَّه عَلَى أَبِي يَعْلَى.
وَسَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ، وأبا عليّ محمد بْن الحُسَيْن الجازريّ. حدَّث عَنْهُ بكتاب الجليس والأنيس للمعافَى.
رَوَى عَنْهُ: [ص:141] أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والمبارك بْن خُضَيْر، وأبو الكرم ابن الغسال، وتفقَّه عَليْهِ أئمّة.
وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
ولأبي الخطّاب قصيدة في العقيدة يَقُولُ فيها:
قَالُوا: أَتَزْعُم أنّ عَلَى العرش استوى ... قلت: الصّواب كذاك خُبّر سيّدي
قَالُوا: فما معنى استواهُ أَبنْ لنا ... فأجبتُهُم: هذا سؤال المعتدي
قال السمعاني: أنشدنا دلف بن عبد الله ابن التّبّان بسَمَرْقَنْد في فتوى جاءت إلى أَبِي الخطّاب:
قلَّ للإمام أبي الخطّاب مسألةً ... جاءت إليك، وما إلّا سواك لها:
ماذا عَلَى رجلٍ رام الصّلاة، فإذ ... لاحت لناظِرِهِ ذاتُ الْجَمال لَهَا؟
فكتب في الحال:
قُلْ للأديب الَّذِي وافَى بمسألةٍ: ... سَرَّتْ فؤادي لمّا أنْ أصخت لها
إن الذي فتنته عَنْ عِبادته ... خريدةٌ ذاتُ حُسْنٍ فانْثَنَى وَلها
إنْ تاب، ثمّ قضى عَنْهُ عبادته ... فرحمةُ الله تَغْشَى مِن عصى ولها
تُوُفّي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة.(11/140)
303 - محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد، أبو منصور البغداديّ، الخازن. [المتوفى: 510 هـ]
أخو أَبِي غالب المُتَوفيّ سنة أربع وتسعين. سمعا معًا مِن: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، وأبي القاسم بْن المحسن التنوخي، وجماعة. روى عنهما: أبو منصور بن الجواليقيّ، وابن ناصر. وروى عَنْ هذا عَبْد المنعم بن كليب.
وكان من رؤوس الشّيعة وفُقَهائهم، وفيه اعتزال، وقد أدّب أولاد نقيب الطّالبيّين، وعاش نيّفًا وتسعين سنة. أخذ النَّحْو عَنِ ابن برهان، والثّمانينيّ.
تُوُفّي في شعبان.(11/141)
304 - محمد ابن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد ابن البنّاء، أبو نصر الحَنْبليّ. [المتوفى: 510 هـ][ص:142]
بغداديّ مِن بيت العِلْم والرّواية.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا بَكْر محمد بن عبد المُلْك بْن بِشران.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاري، وغيره.
توفي في ربيع الأوّل وله اربعٌ وسبعون سنة.(11/141)
305 - محمد بْن الحُسَيْن بن محمد بْن إبراهيم، الدّمشقيّ أبو طاهر الحِنَّائيّ. [المتوفى: 510 هـ]
مِن أهل بيت حديث، وعدالة، وسنة، وكان ثقة، صدوقًا. سَمِعَ: أَبَاهُ أبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا الحُسَيْن محمد وأبا عليّ أحمد ابنَيْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، ومحمد بْن عبد الواحد الدارمي، وابن سختام، والأهوازيّ، ورشأ بْن نظيف، ومحمد بْن عَبْد السّلام بْن سعدان، ومحمد بْن عليّ بْن سلوان، والحسن بْن عليّ بْن شواش، وطائفة سواهم.
روى عَنْهُ: الحافظان السّلَفيّ، وابن عساكر، والصّائن ابن عساكر، وأبو طاهر بْن الحِصْنيّ، والخَضِر بْن شِبْل الحارثي، والخضر بْن طاوس، والفضل بْن البانياسيّ، وأبو المعالي بْن صَابر.
وُلِد سنة ثلاثٍ وثلاثين، وأوّل سماعه في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. وتوفي في ثالث جُمَادَى الآخرة عَنْ سبْعٍ وسبعين سنة.(11/142)
306 - محمد بْن عَبْد المنعم بْن حسن بن أنس، السمرقندي، الفقيه. [المتوفى: 510 هـ]
تفقَّه عَلَى السّيد أَبِي شجاع بْن حمزة العَلَويّ، وسمع: أبا عُمارة بْن أحمد. روى عنه: عمر النسفي، وتوفي بسَمَرْقَنْد في رابع عشر رجب.(11/142)
307 - محمد بْن عليّ بْن ميمون بْن محمد، الحافظ أبو الغنائم النَّرْسيّ، الكوفيّ، المقرئ، ويُعرف بأبيّ. [المتوفى: 510 هـ]
ثقة، مفيد. سَمِعَ الكثير بالكوفة، وببغداد، وكان ينوب عن خطيب الكوفة. سمع: مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، وأبا طاهر محمد ابن العطّار، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن فَدُّوَيْه، ومحمد بْن محمد بْن خازم بْن نفّطْ، وجماعة بالكوفة، وكريمة المروزية، وعبد العزيز بن بُنْدار الشّيرازيّ بمكّة، وأبا [ص:143] الحسن أحمد بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وعبد الكريم بن محمد المَحَامِليّ، وأبا الفتح بْن شيطا، وأبا بَكْر بن بشران. وأبا عبد الله بن حبيب القادسيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وأبا إِسْحَاق البرمكي، وأبا الطيب الطبري، وأبا منصور ابن السّوّاق ببغداد.
وقدم الشّام زائرًا بيت المقدس، وسمع بالشّام، وكان يَقُولُ: ما بالكوفة أحدٌ من أهل السنة والحديث إلا أنا.
وكان مولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو الفتح نصر المقدسيّ الفقيه مَعَ تقدّمه، وابن كُلَيْب إجازةً وبينهما في الموت مائة وست سنين، ومحمد بْن ناصر، ومَعَالي بْن أبي بَكْر الكيّال، ومسلم بْن ثابت النّحّاس، ومحمد بْن حَيْدرة بْن عُمَر الحُسَينيّ، وخلْق كثير.
وسمع منه الحُفّاظ: أبو عَبْد الله الحُمَيْديّ، وجعفر بن يحيى الحكاك، وأبو بكر ابن الخاضبة، وأبو مسلم عُمَر بْن عليّ اللَّيْثي في سنة ستين وأربعمائة.
وجمع لنفسه مُعْجَمًا، وخرّج مجاميع حِسانًا، ونسخ الكثير. وممّن روى عَنْهُ مِن القدماء عَبْد المحسن بن محمد الشّيحيّ التّاجر.
وقال: أوّل سماعي للحديث سنة اثنتين وأربعين، وأوّل رحلتي سنة خمس، أدركت البرمكيّ، فسمعت منه ثلاثة أجزاء ومات.
وقد وصفه عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ بالحِفْظ والإتقان، وقال: كانت لَهُ معرفة ثاقبة.
وقال محمد بْن عليّ بْن فولاذ الطَّبَريّ: سَمِعْتُ أبا الغنائم الحافظ يَقُولُ: كنت أقرأ القرآن عَلَى المشايخ وأنا صبيّ، فقال النّاس: أنت أبيّ، وذلك لجودة قراءتي.
قلت: قرأ على محمد بْن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، عَنْ قراءته عَلَى أبي عَبْد الله الْجُعْفيّ. قرأ عَليْهِ أبو الكرم الشّهْرُزُوريّ لعاصم، وروى عَنْهُ السّلَفيّ أجزاء وقَعَت لنا.
وقال ابن ناصر: كَانَ حافظًا، ثقة، متقنًا، ما رأينا مثله. كَانَ يتهجّد، ويقوم اللَّيلْ. قرأ عَليْهِ أبو طاهر بْن سِلَفَة حديثًا فأنكره، وقال: لَيْسَ هذا مِن [ص:144] حديثي، فسأله عَنْ ذَلِكَ، فقال: أعرف حديثي كلّه؛ لأنّي نظرت فيه مِرارًا، فما يخفى عليّ منه شيء، وكان يَقْدَم كلًّ سنةٍ مِن سنة ثمانٍ وتسعين في رجب، فيبقى ببغداد إلى بعد العيد ويرجع، وينسخ بالأُجرة ليستعين عَلَى العيال. وأوّل ما سَمِعَ سنة اثنتين وأربعين، وكان أبو عامر العَبْدَريّ يُثني عَليْهِ ويقول: خُتم هذا الشّأن بأُبيّ رحمه الله!
مرض أُبَيّ ببغداد، وحُمِل إلى الكوفة، فأدركه أجله بالحِلّة السّيفيّة، وحُمِل إلى الكوفة ميتًا، فدُفِن بها، وذلك في شَعْبان. ومات يوم سادس عشرة.(11/142)
308 - محمد بْن عليّ بْن محمد، القصار، الأصبهاني، يعرف بمكرم. [المتوفى: 510 هـ]
من شيوخ بغداد. روى عَنْ: القَزْوينيّ، وابن لؤلؤ، وأبي محمد الجوهري. روى عنه: المبارك بن كامل، وقال: تُوُفّي في رجب.(11/144)
309 - محمد بْن عليّ بْن محمد بْن علي بْن خُزَيْمَة، أبو بَكْر الخُزَيْميّ، النَّسَويّ، العطّار، الفقيه، المُزَكّيّ. [المتوفى: 510 هـ]
سَمِعَ: جدّه محمد بْن عليّ، وأبا عامر الحَسَن بْن محمد النسوي، أجاز لأبي سعد ابن السمعاني، وقال: توفي في رجب، وحدثنا عَنْهُ عَبْد الخالق بْن زاهر.(11/144)
310 - محمد بْن منصور بْن محمد بْن عَبْد الجبّار، الإمام أبو بكر بن العلّامة أَبِي المظفَّر التّميميّ، السّمعانيّ، المَرْوَزِيّ، الحافظ، [المتوفى: 510 هـ]
والد الحافظ أَبِي سَعْد.
قَالَ ولده: نشأ في عبادة وتحصيل، وحظي مِن الأدب وثمرته نظْمًا ونْثرًا بأعلى المراتب، وكان متصرّفًا في الفنون بما يشاء، وبرع في الفقه والخلاف. وزاد عَلَى أقرانه بعلم الحديث، ومعرفة الرجال، والأنساب، والتّواريخ. وطرّز فضله بمجالس تذكيره الَّذِي تصدع صم الصخور عند تحذيره، ونفق سوق تقواه عند الملوك والأكابر، وسمع: والده، وأبا الخير محمد بْن أَبِي عِمران الصَّفّار، وأبا القاسم الزاهري، وعبد الله بن أحمد الطاهري، وأبا الفتح عُبَيْد الله [ص:145] الهاشميّ.
ورحل إلى نَيْسابور، فسمع: أبا عليّ نصر الله بن أحمد الخشنامي، وعلي ابن أحمد المؤذن، وعبد الواحد ابن القُشَيْريّ، ودخل بغداد سنة سبْعٍ وتسعين، فسمع بها: ثابت بْن بُنْدَار، ومحمد بْن عَبْد السّلام الأنصاريّ، وأبا سَعْد بْن خُشَيْش، وأبا الحسين ابن الطُّيُوريّ، وطبقتهم.
وبالكوفة: أبا البقاء المُعَمَّر الحبّال، وأبا الغنائم النَّرْسي، وبمكة، والمدينة.
وأقام ببغداد مُدّة يعظ بالنّظاميّة، وقرأ التّاريخ عَلَى أَبِي محمد ابن الأَبَنُوسيّ، عَنِ الخطيب. ثمّ رحل إلى هَمَذَان في سنة ثمانٍ وتسعين، فسمع بها وبإصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد ابن مردويْه، وأبي الفتح أحمد بْن محمد الحدّاد، وأبي سَعْد المطرّز، ورجع إلى مَرْو.
قَالَ: ثم رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور، وأسمعنا من الشيرويي، وغيره. وتوفي في صَفَر، وله ثلاثٌ وأربعون سنة. وقد أملى مائةً وأربعين مجلسًا بجامع مَرْو، كلّ مِن رآها اعترف لَهُ أنّه لم يُسبَق إليها. وكان يروي في الوعظ والحديث بأسانيده، وقد طلب مرة للذين يقرؤون في مجلسه، فجاءه لهم ألف دينار مِن الحاضرين.
وَقِيلَ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْوَعْظِ: مَا يُدْرِينَا أَنَّهُ يَضَعُ الْأَسَانِيدَ فِي الْحَالِ وَنَحُنْ لا نَدْرِي؟ وَكَتَبُوا لَهُ بِذَلِكَ رُقْعَةً، فَنَظَرَ فِيهَا، وَرَوَى حَدِيثَ: مَنْ كَذِبَ عَلِيَّ مُتَعَمِّدًا. مِنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِينَ طَرِيقًا، ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَعْرِفُ فَقُولُوا لَهُ يَكْتُبْ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدِهَا، وَيَخْلِطُ الْأَسَانِيدَ، وَيُسْقِطُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ أُمَيِّزْهَا فَهُوَ كَمَا يَدَّعِي.
فَفَعَلُوا ذَلِكَ امْتِحَانًا، فرد كل اسم إلى موضعه، ففي هَذَا الْيَوْمِ طَلَبَ لِقُرَّاءِ مَجْلِسِهِ، فَأَعْطَاهُمُ النَّاسُ ألف دينار. هذا معنى ما حدثنا شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيُّ.
وسمعت إسماعيل بْن محمد الإصبهانيّ الحافظ يَقُولُ: لو صرف والدك همّته إلى هدْم هذا الجدار لسقط.
وقال السّلَفيّ فيه فيما سَمِعْتُ أبا العزّ البُسْتيّ ينشده عَنْهُ:
يا سائلي عَنْ عِلم الزّمان ... وعالمِ العصر لدى الأعيان
لست ترى في عالم العِيان ... كابن أَبِي المظفَّر السّمعانيّ
وله:
هُوَ المُزَنيّ كَانَ أبا الفتاوى ... وفي علم الحديث التّرْمِذيّ
وجاحظُ عصْره في النَّثْر صِدقْا ... وفي وقت التّشاعر بُحْتُريّ
وفي النَّحْو الخليلُ بلا خلافٍ ... وفي حِفْظ اللّغات الأصمعي [ص:146]
قلت: روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو الفتوح الطّائيّ، وخلْقٌ مِن أهل مَرْو.(11/144)
311 - محمد بْن منصور بْن محمد بْن الفَضْلُ، الشَّيْخ أبو عَبْد الله الحضْرميّ، الإسكنْدرانيّ، المقرئ. [المتوفى: 510 هـ]
قرأ لِوَرْش عَلَى أحمد بْن نفيس، وسمع مِن جماعة. قرأ عليه أحمد ابن الحُطَيْئة. وروى عَنْهُ العثمانيّات.
ورّخ موته ابن المفضّل.(11/146)
312 - محمود بْن سعادة بْن أحمد بْن يوسف، أبو القاسم الهلاليّ، السَّلَمَاسيّ. [المتوفى: 510 هـ]
سَمِعَ: أحمد بْن حريز السَّلَمَاسيّ، الفقيه، وأبا يَعْلَى الخليليّ، وأبا عثمان الصابوني، قدما عليهم.
وهو من بيت رياسة وصلاح. روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في سنة عشر، وسماعه من الخليلي في سنة اثنتين وعشرين، مات وقد قارب المائة.(11/146)
313 - مسعود بْن حمزة، أبو الوفاء الحدّاد. [المتوفى: 510 هـ]
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ. روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد، وغيره.
تُوُفّي سنة إحدى عشرة.(11/146)
314 - نصر بْن أحمد بْن إبراهيم، أبو الفتح الهَرَويّ، الحنفي، الزّاهد، العابد. [المتوفى: 510 هـ]
سَمِعَ: جدّه لأمّه أبا المظفَّر منصور بْن إسماعيل صاحب ابن خَمِيروَيْه، وإسحاق القرّاب، وأبا الحَسَن الدّبّاس، وجماعة.
وخرّج لَهُ شيخ الإسلام ثلاث مجلّدات، وكان أسند مِن بقي بهَرَاة وأعبدهم، رحمه الله.
آخر الطبقة والحمد لله(11/146)
-الطبقة الثانية والخمسون 511 - 520 هـ(11/147)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(11/149)
-سنة إحدى عشرة وخمسمائة
زُلْزِلَت بغداد يوم عَرَفَة، ووقعت دُورٌ وحوانيت بالجانب الغربي على أهلها.
وفيها هجمت الفرنج حماه في اللَّيلْ، وقتلوا بها مائة وعشرين رجلًا.
وفيها ترحّلت العساكر، وتركت حصار الألموت عندما بلغها موت السّلطان محمد، بعد أن كادوا يفتحونها.
وفيها غرقت سنْجار، جاءها سيلٌ عرِم، وهدم سورها، وهلك خلْق كثير، حتى أنّ السّيل أخذ باب المدينة وذهب بِهِ عدّة فراسخ، واختفى تحت التّراب الَّذِي جرّه السَّيل. ثمّ ظهر بعد سنوات، وسلم طفلٌ في سريرٍ لَهُ، حمله السيل، فتعلق السرير بزيتونة، وعاش وكبر.
وفيها فتك قوم من الأتراك بلؤلؤ الخادم صاحب حلب وهو متوجّهٌ إلى قلعة جعبر.
والسّلطان محمد بْن ملِكْشاه، فيها تُوُفّي أيضًا بأصبهان، وقام بالأمر بعده ابنه محمود، وفرّق خزائنه في العسكر. وقيل: كانت أحد عشر ألف ألف دينار عينًا، وما يناسب ذلك من العروض.
وفيها هلك بغدوين صاحب القدس، وفيها هلك ملك القُسْطنطينيّة، لَعَنُهما الله.(11/149)
-سنة اثنتي عشرة وخمسمائة
فيها كان حريق كبير ببغداد، احترقت الريحانيين، ومسجد ابن عبدون.
وفيها قُبض عَلَى صاحب المخزن أبي طاهر ابن الخرزي وأعدم، وأخذ من داره أربعمائة ألف دينار مدفونة. [ص:150]
وتُوُفّي وُلِد المسترشد بالله الكبير، ثمّ الصّغير بالْجُدَرِيّ، فبكى عَليْهِ المسترشد بالله حتّى أُغمي عليه.
وقُبض عَلَى ابن كَمُّونة وصُودر، وأُخِذ منه مال كثير.
وفيها كان على إمرة الموصل مسعود ابن السلطان ملكشاه، وله أربع عشرة سنة، وأتابكه جيوش بك، ووزيره فخر المُلْك أبو عليّ بن عمار صاحب طرابلس.
وفيها خُلِع عَلَى دُبَيْس بْن مَزْيَد جُبَّة، وفرجية، وطوق، وعمامة، وفرس، وسيف، ومنطقة ولواء، وحمل ذلك إليه نقيب النقباء ونجاح، وكان يومًا مشهودًا.
وصرف عن الحجابة أبو جعفر ابن الدامغاني، وولي أبو الفتوح بن طلحة.
وفيها وُلّي شِحنكيّة بغداد أقْسُنْقُر البُرْسُقيّ، وعُزِل مجاهد الدّين بهْرُوز الخادم، وتحوَّل بهروز إلى تِكْريت، وهي لَهُ. ثمّ وُلّي شِحنكيّة بغداد منكبرس، فحاربه البرسقي بإذن الخليفة، فنصر البرسقي.
ومات الخليفة المستظهر بعد أيّام، وبُويع المسترشد ولده، فنزل أبو الحسن علي ابن المستظهر في مركب هو وثلاثة نفر، وانحدر إلى المدائن ثم سار إلى الحِلّة إلى عند دُبَيْس، فأكرمه وخدمه. وأهمّ ذَلِكَ المسترشد، وطلبه مِن دُبَيْس، فتلطَّف في المدافعة عنه.(11/149)
-سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
وفيها انفصل على الحلة الأمير أبو الحسن ابن المستظهر بالله، فمضى إلى واسط، ودعا إلى نفسه، واجتمع معه جيش، وتملك واسط وأعمالها، وجبى الخراج، وشُقّ ذَلِكَ عَلَى الخليفة، فبعث ابن الأنباريّ كاتب الإنشاء إلى دبيس، وعرفه. وقال: أمير المؤمنين معول عليك، فأجاب، وجهز صاحب جيشه عنانا في جَمْعٍ كبير.
فلمّا سَمِعَ أبو الحَسَن ذلك ترحّل مِن واسط في عسكره ليلًا، فأضلُّوا الطّريق، وساروا ليلهم أجمع حتّى وصلوا إلى عسكر دُبَيْس. فلمّا لاح لهم العسكر انحرف أبو الحَسَن عَنِ الطّريق، فتاه مَعَ عددٍ مِن خواصّه، وذلك في تمّوز. ولم يكن معهم ماء، فأشرفوا عَلَى التلف، فأدركه [ص:151] نصر بْن سَعْد الكرديّ، فسقاه، وعادت نفسُه إِليْهِ، ونهب ما كَانَ معه مِن مال، وحمله إلى دُبَيْس إلى النعمانية، فأقدمه إلى بغداد وخيّم بالرَّقَّة.
وبعث بِهِ إلى المسترشد بعد تسليم عشرين ألف دينار قررت عنه، وكانت أيّامه أحَدَ عشر شهرًا، وشُهّر وزيرُهُ ابن زَهْمُوَيْه عَلَى جَمَلٍ، ثمّ قُتل في الحبْس، فقيل: إنّ الأمير أبا الحَسَن دخل عَلَى أخيه المسترشد، فقبَّل قدمه فبكيا جميعًا، ثم قال له: فضحت نفسك، وباعوك بيع العبيد. وأسكنه في داره الّتي كَانَ فيها وهو وليّ عهد، وردّ جواريه وأولاده، وأحسن إليه، ثم شدد عليه بعد ذلك.
وفيها خُطِب بولاية العهد للأمير أبي جعفر منصور ابن المسترشد، وله اثنتا عشرة سنة.
وفي جُمَادَى الأولى كانت الوقعة بين السُّلطانين سَنْجَر ومحمود ابن أخيه وزوج ابنته، وذلك أنّ سَنْجَر لما بلغه موت أخيه السّلطان محمد دخل عليه حزن مفرط، وجلس عَلَى الرَّماد وصاح، وأغلق البلد أيّامًا. وعزم عَلَى قصْد العِراق ليملكه، وندِم عَلَى قتل وزيره أبي جعفر محمد ابن فخر المُلْك ابن نظام الملك لأمورٍ بَدتَ منه، وأخذ أمواله. وكان لَهُ مِن الجواهر والأموال ما لَا يوصف، فالذي وجدوا لَهُ من العين ألفا ألف دينار، فلمّا قتله استوزر بعده شهاب الإسلام عَبْد الرّزّاق ابن أخي نظام المُلْك.
ولما سَمِعَ محمود بحركة عمّه سَنْجَر نحوه راسله ولاطَفَه وقدَّم لَهُ تقادُم، فأبى إلّا القتال أو النّزول لَهُ عَنِ السَّلْطَنة. فتجهَّز محمود، وتقدم على مقدمته أمير حاجب في عشرة آلاف، ووصل محمود إلى الرَّيّ فدخلها، ثمّ ضجر منها وتقدَّم منها. وجاء إلى خدمته منصور أخو دُبَيْس، وجماعة أمراء، وتصمد معه ثلاثون ألفًا.
وأقبل سنجر في نجو مائة ألف، وكانت الوقعة بصحراء ساوَة، وكان مَعَ سَنْجَر خمسةُ ملوك عَلَى خمسة أَسِرَّةَ وأربعون فيلًا، عليها البركصطوانات والمراوات والزينة الباهرة، وأُلُوف مِن الباطنيّة، وأُلُوف مِن كُفّار التُّرْكَ.
فلمّا التقوا هبّت ريح سوداء أظلمت الدنيا، وظهر في الجو حمرة منكرة، وآثار مزعجة، وخاف الناس. ثم انكشفت الظلمة واقتتلوا، فانكسرت ميمنة سَنْجَر، ثمّ ميسرته، وثبت هو في القلب والفيلة معه. وكذا بقي محمود في القلب وحده، وتفرَّق أكثر جيشه في النَّهب، فحمل سَنْجَر بالفِيلَة، فولَّت الخيل منها، فتأخّر محمود ولم ينهزم، فلم يتْبعه سَنْجَر؛ لأنّه رَأَى مجنَّبَتَيْه قد [ص:152] انهزموا، وثِقْلَه يُنْهب، وكثيرٌ مِن أُمرائه قد قُتِلوا، ووزيرُه قد أُسِر، ورأى ثبات ابن أخيه.
فأخذ في المخادعة وأرسل إلى محمود ابن أخيه، يقول: أنت ابن أخي وولدي، وما أؤاخذك؛ لأنك محمولٌ عَلَى ما صنعت، ولا أؤاخذ أصحابك؛ لأنّهم لم يطّلعوا عَلَى حُسْن نيتي لهم. فقال محمود: أنا مملوكه، ثمّ جاء بنفسه، وسنجر قد جلس عَلَى سرير، فقبّل الأرض.
فقام لَهُ سَنْجَر، واعتنقه وقبّله، وأجلسه معه، وخلع عَليْهِ خلعة عظيمة، كَانَ عَلَى سَرْج فَرَس الخِلْعَة جوهر بعشرين ألف دينار، وأكل معه، وخلع عَلَى أُمَرائه. وأفرد لَهُ إصبهان يكون حاكمًا عليها، وعلى مملكة فارس وخوزسْتان. وجعله وليّ عهده، وزوَّجه بابنته، ثمّ عاد إلى خُراسان، ثمّ جاءت رسله بالتقادم إلى الخليفة.
وفيها اجتمع عسكر طغتكين وإيلغازي، وخرج صاحب أنطاكية في عشرين ألفًا، فالتقوا بأرض حلب، فانهزم الملعون، وقُتِل مِن أصحابه خلْق، وأُسِر خلْق، ولم ينجُ إلّا الأقلّ. وفرح المؤمنون بهذه الوقعة الهائلة، وقد ذكرها أبو يعلى حمزة، فقال: ولم تمض ساعة إلا والإفرنج على الأرض بسطحة واحدة، فارسهم وراجلهم، بحيث لم يفلت منهم شخصٌ يُخَبر خَبَرهم. وقُتِل طاغيتُهم صاحب أنطاكيّة، ولم يتفق مثل هذا الفتح للمسلمين.
وفيها وقعت الفتنة والمباينة بين الأفضل أمير الجيوش وبين الآمر، واحترز كلٌ منهما. وحرَّض الأفضل عَلَى اغتيال الآمر، ودسّ إِليْهِ السُّمَّ مِرارًا، فلم يقدر، وجَرَت لهما أمور طويلة.
وفيها خُلِع عَلَى أَبِي عليّ بْن صَدَقة، ولقب جلال الدين.
ووردت كُتُب مِن السّلطان سَنْجَر، فيها أقطاع للخليفة بخمسين ألف دينار، وللوزير ببضعة آلاف دينار، ثمّ جاء مِن سَنْجَر هدايا، ثلاثين تختًا من الثياب، وتحف وعشرة مماليك.
وفي آخر السّنة زاد التّضييق عَلَى الأمير أَبِي الحَسَن، وسُدّ عَليْهِ الباب، وكان يُنَزَّل إليه ما يصلحه من طاقة.
وفيها ولي منكبرس شحنكية بغداد، فظلم وعسف، وعثر الرعية، وضج [ص:153] الناس منه. وأغلقت الأسواق إلى أن قَلَعَه الله، وطلبه السلطان، وقتله صبرًا، ثم أعيد الخادم بهروز إلى الشحنكية.
ومات فيها وزير السلطان ربيب الدولة، ووزر بعده الكمال السميرمي.
وفيها ظهر قبر إبراهيم الخليل، وقبر إسحاق ويعقوب صلى الله عليهم، ورآهم كثير مِن النّاس لم تَبْلُ أجسادُهم. وعندهم في المغارة قناديل مِن ذَهَب وفِضّة، قاله حمزة بْن أسد التّميميّ في تاريخه عَلَى ما حكاه ابن الأثير.(11/150)
-سنة أربع عشرة وخمسمائة
فيها خُطب للسُّلطان سَنْجَر ولابن أخيه السّلطان محمود معًا في موضعٍ واحد، وسُميّ كلُّ واحدٍ شاهنشاه، ولُقّب سَنْجَر: عضُد الدّولة، ولُقّب محمود: جلال الدولة.
وفي صَفَر نُقل أبو الفتوح حمزة بْن عليّ مِن الحجابة إلى وكالة الخليفة، وإلى نظر المخزن.
وتمرد العيارون، وأخذوا زواريق منحدِرَة إلى بغداد، وفتكوا بأهل السّواد وأسرفوا، وهجموا على محلة العتابيين، فحفظوا أبواب المحلّة ونهبوها عَنْوة. فأمر الخليفة بإخراج أتراك داريّة لقتالهم، فخرجوا وحاصروهم في الأجمة خمسة عشر يومًا.
ثمّ أنّ العيّارين نزلوا في السفن، وانحدوا إلى شارع دار الرّقيق ودخلوا المحلّة، وأفلتوا منها إلى الصَّحارى. وقصد أعيانُهم دار الوزير أبي عليّ بْن صَدَقة بباب العامّة في ربيع الأوّل، وأظهروا التّوبة. وخرج فريقٌ منهم لقطع الطريق، فقتلهم أهل السّواد بأوَانا، وبعثوا برؤوسهم إلى بغداد.
وفيها ورد قاضي الكوفة أبو جعفر عَبْد الواحد بْن أحمد الثَّقَفيّ مِن جهة سيف الدولة دبيس إلى الأمير إيلغازي بْن أُرْتُق خطب منه ابنته لدُبَيْس، فزوَّجه بها، ونفذها في صحبته. [ص:154]
ولما بلغ دبيسا اشتغالُ محمود أخذ في أَذية السّواد، وانجفل أهل نهر عيسى، ونهر الملك. وأتى عنان صاحب جيشه، فحاصر بعقوبا، وأخذها، وسبى الحريم والأولاد.
وكان دُبَيْس يعجبه اختلاف السّلاطين، فلمّا خاف مِن مجيء محمود أمر بإحراق الغلّات والأتْبان، وبعث إِليْهِ الخليفة يُنْذره فلم ينفع، وبعث إِليْهِ السّلطان محمود يتألّفه، فلم يهتزّ لذلك.
وقدم بغداد ونازلها بإزاء دار الخليفة، فوجل منه النّاس، وأخرج نقيب الطّالبيّين، وتهدَّد دار الخلافة، وقال: إنكّم استدعيتم السّلطان؛ فإنْ أنتم صرفتموه، وإلّا فعلت وفعلت. فأنفذ إليه أنّه لَا يمكن ردّ السّلطان، بل نسعى في الصُّلْح. فانصرف دُبَيْس، فسمع أصوات أهل باب الأزج يَسُبَّونه، فعاد وتقدّم بالقبض عليهم، وضرب جماعة منهم بباب النوبي.
وفيها قَالَ ابن الأثير: خرج الكُرْج، وهم الخَزَر، إلى بلاد الإسلام، وكانوا قديما يغيرون، فامتنعوا أيّام ملِكْشاه. فلمّا كَانَ في هذه السّنة خرجوا ومعهم القُفْجاق وغيرهم، فسار لحربهم دبيس وإيلغازي وجماعة في ثلاثين فارس، فالتقى الْجَمْعان، فانكسر المسلمون، واصطدم المنهزمون. وتبعهم الكُفّار يقتلون ويأسرون، فقتلوا أكثرهم، وأسروا أربعة آلاف رَجُل، ونجا طُغْرُل أخو السّلطان ودبيس.
ونازلت الكرج تفْلِيس، وحصروها مدّة إلى سنة خمس عشرة، وأخذوها بالسيف.
وفيها في ربيع الأوّل كَانَ المَصافّ بين السّلطان محمود وأخيه المُلْك مسعود، وكان بيد مسعود أذَرْبَيْجان والموصل، وعُمره إحدى عشرة سنة. وسبب الحرب أن دُبَيْس بْن صَدَقة كَانَ يكاتب أتابك المُلْك مسعود، ويحثّه عَلَى طلب السَّلْطَنة لمسعود، وكان مَعَ مسعود قسيم الدّولة أقسُنْقُر البُرْسُقيّ الَّذِي كَانَ شِحْنة بغداد قد أقطعه مَرَاغَة والرَّحْبَة، وكان معاديا لدُبَيْس. فكاتب دبيس الأتابك جيوش بك يحرّضه عَلَى القبض عَلَى البُرْسُقيّ، فعرف البُرْسُقيّ، ففارقهم إلى محمود، فأكرمه ورفع محلَّه.
واتّصل أبو إسماعيل الحُسَيْن بْن عليّ الإصبهانيّ الطُّغْرائيّ مصنَّف لاميّه [ص:155] العجم بمسعود، وكان ولد الطغرائي يكتب مسعودا.
فَلَمَّا وصل الطُّغْرَائِي استوزره مَسْعُود قبل أن يعزل أبا عليّ بْن عمّار الَّذِي كَانَ صاحب طرابُلُس، فحسّن أيضًا لمسعود الخروج عَلَى أخيه محمود، وخطب لمسعود بالسلطنة، ودقت لَهُ النوبة في الأوقات الخمس.
فأقبل محمود، والتقوا عند عقبة أسداباذ، ودام القتال طول النّهار، وانهزم جيش مسعود، وأُسِر منهم خلْق، منهم الطُّغْرائيّ، ثمّ قُتِل بحضرة السّلطان محمود، وهرب خواصّ مسعود بِهِ إلى جبلٍ، فاختفى بِهِ وبعث يطلب الأمان. فرقّ لَهُ السّلطان محمود وأَمَّنَه.
ثمّ قوّوا نفس مسعود، وساروا به إلى الموصل، فلحقه البُرْسُقيّ، وردّ بِهِ، واعتنقه أخوه وبكيا، وعُدَّ ذلك مِن مكارم محمود. ثمّ جاء جيوش بك وخاطر فعفا أيضًا عنه السلطان.
وفي هذا الوقت كَانَ ظهور ابن تُومَرْت بالمغرب كما هُوَ مذكور في ترجمته، وانتشرت دعوته في جبال البربر، إلى أن صار من أمره ما صار.
وفي رجب قِدم السّلطان محمود، فتلقّاه الوزير، ونثر عَليْهِ أهل باب الأزَج الدّنانير، فبعث دبيس زوجته بنت عميد الدولة ابن جَهير إلى السّلطان، فقدم عشرين ألف دينار، وثلاثة عشر فرسًا. فما وقع الرَّضا عَنْهُ، وطُولب بأكثر مِن هذا. فأصرّ عَلَى اللَّجاج، ولم يبذل شيئًا آخر، فمضى السّلطان إلى ناحيته، فبعث يطلب الأمان، وغالَطَ لينهزم، فلمّا بعث إليه خاتم الأمان دخل البرية.
وفيها أمر الخليفة بإراقة الخمور التي بسوق السلطان، ونقض بيوتهم.
وفيها ردَّ وزير السّلطان الوزير المعروف بالسّمْيرميّ المُكُوس والضّرائب، وكان السّلطان محمد قد أسقطها سنة إحدى وخمسمائة. ورجع السّلطان، فتلقّاه الوزير والموكب، فطلب الإفراج عَنِ الأمير أبي الحَسَن أخي المسترشد بالله، فبذل له ثلاثمائة ألف دينار ليسكت عن هذا.
وفيها نازل ملك الفرنج ابن رذمير مدينة قُتُنْدَة، فحاصرها، وهي قريبة مِن مَرْسيّة، فجاء عسكر المسلمين، فعملوا المَصافّ، فانهزم المسلمون. وقُتل خلْق، منهم ابن الفراء وابن سكرة، واستطال ابن رذمير لعنه الله.(11/153)
-سنة خمس عشرة وخمسمائة
فيها بلغ السلطان محمودا وفاةُ جدّته، فردّ مِن الصَّيد، وعمل عزاءها ببغداد. وتكلّم أبو سَعْد إسماعيل بْن أحمد، وأبو الفتوح أحمد الغزالي الطوسيان.
وفيها استدعي علي بن طراد النقيب بحاجب مِن الدّيوان، وقرأ عَليْهِ الوزير توقيعًا بأنْ قد استُغْني عَنْ خدمتك. فمضى ولزِم بيته، وكانت بنته متّصلة بالأمير أبي عَبْد الله ابن المستظهر، وهو المقتفي.
وفي ربيع الأوّل انحدر أبو طَالِب عليّ بْن أحمد السميرميّ وزير السّلطان متفرّجًا، فلمّا حاذى باب الأزج عبر إليه عليّ بْن طِراد وحدَّثه، فوعده، ثمّ تكلم في حقه، فأعيد إلى النقابة.
وفيه انقض كوكب صارت مِن ضوئه أعمدة عند انقضاضه، وسمع عند ذلك صوت هدة كالزلزلة.
وفيه خُلِع عَلَى القاضي أبي سَعْد الهَرَويّ خِلْعةُ القضاء، قلّده السّلطان محمود القضاء بجميع الممالك سوى العراق مُرَاعاةً لقاضي القُضاة أبي القاسم الزَّيْنَبيّ، وركب إلى داره ومعه كافّة الأمراء.
وفي جُمَادَى الآخرة احترقت دار المملكة الّتي استجدّها بهروز الخادم، وكان بها السّلطان نائمًا عَلَى سطح، فنزل وهرب في سفينة، وذهب من الفرش والآلات والجواهر ما تزيد قيمته عَلَى ألف ألف دينار، وغسّل الغسّالون التّراب، وظفروا بالذّهب والحُليّ قد تسبَّك.
ولم يَسْلَم مِن الدّار ولا خَشَبَة، وأمر السّلطان ببناء دار له عَلَى المُسَنّاة المستحدثة، وأعرض عَنِ الدار الّتي احترقت، وقال: إنّ أَبِي لم يُمَتّع بها ولا امتدّ بقاؤه بعد انتقاله إليها، وقد ذهبت أموالنا فيها.
واحترق بإصبهان جامعٌ كبير أنفِقَت عَليْهِ أموال، يقال: إنه غرم على أخشابه ألف ألف دينار.
وفي شعبان عقد مجلس، وحلف السلطان للخليفة عَلَى المناصحة والطّاعة، ثمّ نفَّذ هديةً إلى الخليفة، وجلس الخليفة في الدّار الشّاطئيّة، وهي [ص:157] مِن الدُّور البديعة الّتي أنشأها المقتدي، وتمَّمها المسترشد، فجلس في قُبَّته، وعليه ثوب مُصْمت وعِمامة رصافية، وعلى كتفه البُرْدة، وبين يديه القضيب.
ورتَّب وزيره ابن صَدَقة الأمور، وأتى وزير السّلطان أبو طَالِب السُّمَيْرميّ والمستوفي وخواصّ دولتهم. ثم وقف ابن صدقة عن يسار السُّدَّة، وأبو طَالِب السُّمَيْرميّ عَنْ يمينها، وأقبل السلطان محمود يده في يد أخيه مسعود.
فلمّا قرُب استقبله الوزيران والكبار، وحجبوه إلى بين يدي الخليفة. فلمّا قاربوا كُشِفت السّتارة لهما، ووقف السّلطان في الموضع الَّذِي كَانَ وزيره واقفًا فيه، وأخوه إلى جانبه، فخدما ثلاث مرات ووقفا، والوزير ابن صَدَقة يذكر لَهُ عَنِ الخليفة أنسه به وبقربه وحُسْن اعتقاده فيه.
ثمّ أمر الخليفة بإفاضة الخِلَع عَليْهِ، فحمُل إلى مجلسٍ لذلك. ثمّ وقف الوزيران بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميرًا أميرًا، فيخدم وتعرف خدمته، فيقبّل الأرض وينصرف.
ثمّ عاد السّلطان وأخوه، فمثّلًا بين يدي الخليفة، وعلى محمود الخلع السبع والطوق، والسّواران، والتّاج، فخدما. وأمر الخليفة بكُرْسيّ، فجلس عليه السلطان، ووعظه الخليفة وتلا عَليْهِ قوله تعالى: " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خيرًا يره ". وأمره بالإحسان إلى الرّعيّة.
ثمّ أذن للوزير أَبِي طَالِب في تفسير ذَلِكَ عَليْهِ، ففسّره، وأعاد عَنْهُ أنّه قَالَ: وفّقني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين، وارتسامها بالسعادات، وسلم الخليفة إلى الوزيرين سيفين وأمرهما أن يقلدا بهما السلطان. فلما فعلا قال له: اقمع بهما الكُفّار والمُلْحِدين! وعَقَد لَهُ بيده لواءين حُمِلا معه، وخرج، فقُدَّم لَهُ في صحن الدّار فَرَسٌ مِن مراكب الخليفة، بمركبٍ جديد صينيّ، وقيد بين يديه أربعةُ أفراس بمراكب الذَّهَب.
وفيها كان ببغداد أمطار عظيمة متوالية، ثمّ وقع ثلْجٌ عظيم، وكبرُ حتى كَانَ عُلُوَّ ذراع.
قال ابن الجوزيّ: وقد ذكرنا في كتابنا هذا، يعني المنتظم أنّ الثّلج وقع في سنين كثيرة في أيام الرّشيد، وفي أيّام المقتدر، وفي أيام المطيع، والطائع، والقادر، والقائم. وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السنة، فإنه بقي [ص:158] خمسة عشر يومًا ما ذاب، وهلك شجر الأترج، والليمو، ولم يُعْهَد سقوط ثلجٍ بالبصرة إلّا في هذه السنة.
ودخل دبيس الحِلّة، فأخرج أهلها، فازدحموا عَلَى المعابر، فغرق منهم نحو الخمسمائة. ودخل أخوه النّيل، فأخرج شِحْنة السّلطان منها، وأخذ ما فيها مِن الميرة. فحثّ الخليفةُ السّلطان عَلَى دُبَيْس، فندب السّلطان الأمراء لقصد دُبَيْس، فلمّا قصدوه أحرق دار أَبِيهِ، وذهب إلى النّيل. فأتى العسكر الحِلّة، فوجدوها فارغة، فقصدوه وهو بنواحي النيل، ثم صالحوه، وحلف للسلطان.
وفي صفر أقطع السلطان لآقسنقر البُرْسُقيّ المَوْصِل وأعمالها، وبعثه إليها، وأمره بجهاد الفرنج، فسار إليها في عسكر كبير، واستقرّ بها.
وكان الأمير إيلغازي بْن ارْتُق في هذه المدّة حاكمًا عَلَى ماردين وحلب، وابنه سليمان بحلب، فعزل سليمان منها لكونه أراد أن يعصي على أبيه.
وفيها أُعيدت المُكُوس، وأُلْزمت الباعة أن يدفعوا إلى السّلطان ثُلُثي ما يأخذونه مِن الدّلالة، وفُرِض عَلَى كلّ ثوبٍ مِن السّقْلاطونيّ ثمانية قراريط، ثمّ قِيلَ للباعة: زِنوا خمسة آلاف شكرًا للسلطان، فقد أمر بإزالة المكس.
ومرض وزير السّلطان، فعاده السّلطان وهنّأه بالعافية، فاحتمل واحتفل وعمل، أعني الوزير، وليمة عظيمة إلى الغاية، فيها الملاهي والأغاني، نابه عليها خمسون ألف دينار.
وفيها تُوُفّي عليّ بْن يلدرك التُّرْكيّ، وكان شاعرًا مترسّلًا ظريفًا، تُوُفّي في صَفَر ببغداد. قال أبو الفرج ابن الْجَوْزيّ: نقلت مِن خطّ ابن عقيل، قَالَ: حدَّثني الرئيس أبو الثّناء عليّ بْن يلدرك، وهو ممن خَبرته بالصّدْق، أنّه كَانَ في سوق نهر المُعَلَّى، وبين يديه رَجُل عَلَى رأسه قفص زجاج، وهو مضطّرب المشْي، يظهر منه عدم المعرفة بالحَمْل، فما زلت أترقَّب سقوطه.
قَالَ: فسقط، فتكسّر الزّجّاج، فبُهت الرجل، ثمّ أخذ عند الإفاقة مِن البكاء يَقُولُ: هذا والله جميعُ بضاعتي، والله لقد أصابني بمكّة مصيبة عظيمة تُوُفّي على هذه، ما دخل قلبي مثل هذه! واجتمع حوله جماعة يَرْثُون لَهُ، ويبكون عَليْهِ، وقالوا: [ص:159] ما الذي أصابك بمكة؟ فقال: دخلت قُبَّة زمزم، وتجرَّدت للاغتسال، وكان في يدي دملج فيه ثمانون مثقالًا، فخلعته واغتسلت، وأُنْسيتُه، وخرجت. فقال رَجُل مِن الجماعة: هذا دملجك خُذْه، لَهُ معي سنين! فدُهش النّاس مِن إسراع جبر مصيبته.
وفيها نازل المُلْك عليّ بْن يوسف بْن تاشفين البربري مدينة قرطبة وضايقها، وآذى النّاس، فتذلَّلوا لَهُ، وبذلوا لَهُ أموالًا عظيمة، حتّى ترحّل عَنْهُم. وكانوا قد خرجوا عَليْهِ لكونه بعث عَلَى نيابه قُرْطُبَة قائدًا ظالمًا، فأراد عبدٌ مِن عُبَيْده أن يُكره امرَأَة ويضطهدها علانية، فضربه النّاس، فآل الأمر إلى قتال، حتّى تسوّروا عَلَى القائد وأخرجوه، بعد أن كادوا يقتلونه. وجَرَت فتنة عظيمة، وكان البربر في هذه السّنين غالبين عَلَى الأندلس، وفيهم قِلّة دِين.
وقبل سفر ابن تاشّفين وقف لَهُ بجامع مُرّاكُش محمد بْن تُومَرْت الفقيه، وكلّمه بكلام فجّ، فقال: أيّها الأمير، إنّك حِلْت بين بصرك وبين الحق بظلمة التقليد، فقلدت قومًا أكلوا الدّنيا بالآخرة، وأنا أُناظرهم بين يديك، وأصقل مرآتك، حتّى تأمر بالاحتياط عَليْهِ. وأحضر لَهُ جماعة مِن أهل الأُصول والفروع.(11/156)
-سنة ست عشرة وخمسمائة
فيها كلّم الخليفة الوزير أبا طَالِب السّميرميّ في أمر دبيس، وأن في قربه مِن بغداد خطرًا، فنؤثر مقام أقسُنْقُر البُرْسُقيّ عندنا لنُصْحه، فوافق السّلطان محمود عَلَى ذَلِكَ وفعله.
ثمّ خرج في ربيع الأوّل مِن بغداد، وكانت إقامته بها سنة وسبعة أشهر ونصفا. وخلع عَلَى البُرْسُقيّ، وكُلّم في شأن دُبَيْس، فتوجّه إلى صَرْصر. وتصافّ العسكران، وانْجَلَت الوقعة عَنْ هزيمة البُرْسُقيّ، وكان في خمسة آلاف فارس، ودُبَيْس في أربعة آلاف بأسلحة ناقصة، إلّا أنّ رَجّالته كانت كثيرة.
ورأى البُرْسُقيّ في الميسرة خَلَلًا، فأمر بحطّ خيمته لتُنْصب عندهم ليشجعهم بذلك، وكان ذَلِكَ ضلّة من الرّأي؛ لأنهم لمّا رأوْها حُطَّت أشفقوا فانهزموا، وكان الحر شديدًا، فهلكت البراذين والهماليج عطشًا. وترقّب النّاس مِن دُبَيْس الشّرَّ، فلم يفعل، وأحسن السّيرة، وراسل الخليفة وتلطّف، وتقرَّرت قواعد الصلح. [ص:160]
ثمّ جرت أمور، وولي عليّ بْن طِراد الزَّيْنَبيّ نيابة الوزارة، وعُزِل ابن صَدَقة، ولم يؤذ. ثمّ قِدم قاضي القضاة أبو سَعْد الهَرَويّ مِن العسكر بتُحَفٍ مِن سَنْجَر، وأنّ السّلطان محمودا قد استوزر عثمان بْن نظام المُلْك، وعوَّل عثمان عَلَى أَبِي سَعْد بأن يخاطب الخليفة في أن يستوزر أخاه أحمد ابن نظام المُلْك، وأنّه لَا يستقيم لَهُ وزارة بدار الخلافة. فتخيّر ابن صَدَقة حُدَيْثة الفرات ليكون عند سليمان بْن مُهارش، فأُخرج وخُفِر، فوقع عَليْهِ يونس الحرامي، وجرت له معه قصص.
واستدعي أبو نصر أحمد ابن النظام من داره بنقيب النُّقباء عليّ بْن طِراد، وابن طلحة، ودخل إلى الخليفة وحده وخرج مسرورًا، وخلع عَليْهِ للوزارة.
وفي رمضان بعث دُبَيْس طائفة، فنهبوا أكثر من ألف رأس، فأرسل إليه الخليفة يُقَبّح ما فعل، فبثّ ما في نفسه، وما يعامَل بِهِ مِن الأمور المُمضّة: منها أنّهم ضمنوا لَهُ إهلاك عدوّه ابن صَدَقة الوزير، فأخرجوه مِن الضّيق إلى السَّعة. ومنها أنّه طلب إخراج البُرْسُقيّ مِن بغداد، فلم يفعلوا.
ومنها أنّهم وعدوه في حقّ أخيه منصور أن يُطْلقُوه، وكان قد عصى عَلَى السّلطان بَركْيَارُوق وخطب لمحمد. فلمّا وُلّي محمد صار لَهُ بالخطبة جاه عند محمد، وقرّر مَعَ أخيه أن لَا يتعرَّض لصَدَقة، وأقطعه الخليفة الأنبار، ودممًا، والفَلُّوجة، وأعطاه واسط، وأذن لَهُ في أخْذ البصرة.
فصار يدلّ عَلَى السّلطان الإدلال الَّذِي لَا يحتمله، وإذا وقع إليه رد التوقيع، أو طال مُقام الرَّسُول عَلَى مواعيد لَا يُنْجزها، وأوحش أصحاب السّلطان، وعادى البُرْسُقيّ.
وكان أيضًا قد أظهر سبّ الصّحابة بالحِلّة، فأخذ العميد أبو جعفر ثقة الملك فتاوى فيما يجب عَلَى من يسب، وكتب المَحَاضِر فيما يتمّ في بلاد ابن مَزْيَد مِن تَرْك الصَّلَوات، وأنّهم لَا يعتقدون الجمعة ولا الجماعات، ويتظاهرون بالمحرَّمات. فكتب الفُقهاء بأنّه يتعيَّن قتالهم.
ثمّ قصد العميد باب السّلطان، وقال: إنّ حال ابن مَزْيَد قد عظُمَت، وقد قلّت فكرته في أصحابك، واستبدّ بالأموال، وأراه الفَتْوَى، وقال: هذا سُرْخاب قد لجأ إِليْهِ، وهو عَلَى غاية مِن بِدْعته الّتي هِيَ مذهب الباطنيّة. وكانا قد اتّفقا على قلب الدولة، وإظهار مذهب الباطنية. وكان السّلطان قد تغيّر عَلَى سُرخاب، فهرب منه إلى الحلة، فتلقاه بالإكرام.
فراسله السّلطان، وطالبه بتسليم سُرخاب، فقال: لَا أسلَّم من لجأ إليَّ. وإنّ [ص:161] السّلطان قَصَده، فاستشار أولاده، فقال ابنه دُبَيْس: تُسلّم إليَّ مائة ألف دينار، وتأذن لي أن أنتقي ثلاثمائة فرس من الإصطبلات، وتجرد معي ثلاثمائة فارس؛ فإنّي أقصد باب السّلطان، وأعتذر عنك، وأخدمه بالمال والخيل وأقرر معه أن لَا يتعرَّض لأرضك.
فقال غيره: الصّواب أن لَا تُصانع مِن تغيَّرت فيك نيتّه، فقال: هذا الرأي. وجمع عشرين ألف فارس، وثلاثين ألف راجل، وتمّت وقعة هائلة، ثم قتل صدقة، وقد مر ذلك.
ونشأ دُبَيْس، ففعل القبائح، ولقي النّاس منه فنون الأذى، وطغى وبغى فنفذّ إليه المسترشد يهدّده، فتواعد وأوعد، وأرسل، وبعث طلائعه. فانزعج أهل بغداد، فلمّا كَانَ ثالث شوّال صلب البُرْسُقيّ تسعةً، قِيلَ: إنّهم مجهّزون مِن دُبَيْس لقتْل البُرْسُقيّ، وعبر البُرْسُقيّ في ذي القِعْدة، وضرب الخليفة سُرَادقة عند رقة ابن دحروج، ونصب هناك الجسر، وبعث القاضي أبا بَكْر الشّهْرَزُورِيّ إلى دُبَيْس يُنْذره، وفي الكلام: " وَمَا كُنَّا معذبين حتى نبعث رسولًا ".
فاحْتدّ وغضب وجمع، فكانت فرسانه تزيد عَلَى ثمانية آلاف، ورجّالته عشرة آلاف، ونزل المسترشد بالله راكبًا مِن باب الغربة، ثمّ عبر في الزبزب، وعليه القباء، والعمامة، وبيده القضيب، وعلى كتفه البُرْدَة النّبويّة، وعلى رأسه طرحة. ومعه وزيره أحمد ابن نظام المُلْك، وقاضي القُضاة الزَّيْنَبيّ، والنّقيبان، والهاشميّون، والقضاء، فنزل بالمخيم، وأقام به أيامًا.
وفيها قُتِل الوزير أبو طَالِب السُّمَيْرميّ ببغداد، وولي وزارة السّلطان محمود بعده شمس المُلْك عثمان ابن نظام المُلْك، فأبطل ما جدّده السُّمَيْرميّ مِن المكوس.
وفي رمضان قتل السّلطان محمود الأمير جيوش بك، وكان تُركيّا مِن مماليك السّلطان محمد، وكان مهيبًا شجاعًا، قتله محمود خوفًا من غائلته.
وفيها مات إيلغازي صاحب ماردين، وحلب، وميّافارقين.
وفيها أقطع السّلطان محمود قسيمَ الدّولة البُرْسُقيّ واسطًا وأعمالها، مُضافًا إلى ولاية المَوْصِل، وشِحنكيّة العراق، فسيّر إلى واسط عماد الدّين زنْكيّ بْن آقسنقر. [ص:162]
وفيها وصل إلى بغداد أبو الحَسَن الغَزْنَويّ، فوعظ، وأقبلوا عليه. ثم ورد بعده أبو الفتوح الإسفراييني، ونزل برباط أبي سَعْد، وتكلَّم بمذهب الأشْعَريّ، ثمّ سلّم إِليْهِ رباط الأرجُوانيّة.(11/159)
-سنة سبْعٍ عشرة وخمسمائة
في أوّلها رحل المسترشد بالله، ثمّ نزل بقرية تعرف بالحُدَيْثة مِن نهر المُلْك، وأتاه البرسقي وجماعة الأمراء، وحلفوا عَلَى المناصحة والمبالغة في الحرب.
وقرأ محمد بن عمر الأهوزاي عَلَى المسترشد جُزْء ابن عَرَفَة وهو سائر، ثمّ سار إلى النّيل. ورتّب البُرْسُقيّ بنفسه الجيش صفوفًا، فكانوا نحو الفرسخ عَرْضًا، وجعل بين كلّ صفين مجالًا للخيل، ووقف الخليفة في موكبه مِن ورائهم، بحيث يراهم.
فرتَّب دُبَيْس عسكره صَفًا واحدًا، والرّجالة بين يدي الفُرْسان بالتّراس الكبار، ووقف في القلب، ومنّى عسكره، ووعدهم نهْبَ بغداد. فلمّا تراءى الْجِمْعان حملت رجّالة دُبَيْس، وكان قد استصحب معه القِيان والمخانيث بالدُّفوف والزَّمْر يحرّضون عسكره، ولم يُسمع في عسكر الخليفة إلّا القرآن والذَّكر والدعاء.
فحمل عنيز الكرديّ عَلَى صفّ الخليفة، فتراجعوا وتأخّروا، ثمّ جرد الخليفة سيفه وصعد على تل، فقال عسكر دبيس: إن عنيزا خامر، فلم يصدَّق. فلمّا رَأَى المهد والعَلَم والموكب قد صعدوا تيقن غدر عنيز بْن أَبِي العسكر، فهرب ووقعت الهزيمة.
وعَبَر دبيس الفُرات بفَرَسه، وأدركته الخيل، ففاتهم، فقيل: إن عجوزًا هناك قالت: دبيس دبير جيت، فقال: دُبير مِن لم يجئ.
وقُتِل خلْقٌ من رجالته، وأسر خلق كثير، وقُتل مِن عسكر الخليفة عشرون فارسًا، وعاد منصورًا. ودخل بغداد يوم عاشوراء، وأمر بجباية الأموال ليعمل سورًا على بغداد، فجبي شيء كثير، ثم أعيد ذلك إليهم، فعظُم دعاؤهم لَهُ. وشرعوا في عمل السُّور في صَفَر، وكان كلّ جمعة يعمل أهل محلة يخرجون بالطبول والخيالات.
وعزم الخليفة على ختان أولاده وأولاد إخوته، فكانوا اثني عشر صبيا، فغلّقت بغداد، وعمل النّاس القباب، وعملت خاتون قبّة باب النّوبيّ، وعلَّقت عليها مِن الدّيباج والجواهر ما أدهش الأبصار. وعملت قبّة عَلَى باب السّيّد العلويّ، عليها غرائب الحُليّ والحلل. من ذَلِكَ ستران مِن الدّيباج الرُّوميّ، [ص:163] طُول الستْر نحو عشرين ذراعًا، عَلَى الواحد اسم المتّقي لله، وعلى الآخر اسم المعتزّ بالله، وبقوا أسبوعًا.
وجاء الخبر أن دبيسا ذهب إلى غَزَيَّة، فدعاهم إلى الشّقاق، فقالوا: ما عَادتُنا معاداةُ الملوك، فذهب إلى بني المنتفق، فخالفوه. وقصد البصرة، وكبس مشهد طلْحة والزُّبَيْر، فنهب ما هناك، وقتل خلقًا كثيرًا، وعزم عَلَى قطْع النَّخْل، فصالحوه عَلَى مال، وجعلوا على كل رأس شيئًا.
وفيها قبض السّلطان محمود عَلَى وزيره شمس الملك عثمان ابن نظام المُلْك؛ لأنّ سَنْجَر طلبه منه. فقال أبو نصر المستوفي لَهُ: مَتَى ذهب إلى سَنْجَر لم تأمَنْه، فاقتله وابعث برأسه، فقتله وبعث إلى الخليفة ليعزل أخاه، فانقطع في منزله، وناب في الوزارة عليّ بْن طِرَاد. ثمّ طلب الوزير ابن صَدَقة مِن الحُدَيْثَة، فأحضر، واستوزر في ربيع الآخر.
وفيها استولى الأمير بَلْك بْن بهرام بْن أُرْتُق عَلَى حَرّان، وسار منها فنزل عَلَى حلب وضيق عليها، وبها ابن عمه بدر الدين سليمان بْن عَبْد الجبّار، فسلمها إِليْهِ بالأمان، فدخلها وتزوج ببنت الملك رضوان.
وقدم ابن الباقَرْحِيّ ومعه كُتُب محمود وسَنْجَر بتدريس نظامية بغداد، ثمّ وصل في شَعْبان أسعد الميهني بتدريسها، وصرف ابن الباقرحي.
وفيها سار محمود بْن قُراجا صاحب حماه إلى حصن فامية، ونهب ربضها، فأصابه سَهْم، وعاد فمرض ومات. وكان ظالمًا جائرًا، فاستولى طُغتِكين صاحب دمشق عَلَى حماه، ورتب بها واليًا وعسكرًا.(11/162)
-سنة ثمان عشرة وخمسمائة
وردت الأخبار بأنّ الباطنيّة ظهروا بآمِد وكثُرُوا، فنفر إليهم أهل آمد، فقتلوا منهم سبعمائة رجل.
وردت شحنكية بغداد إلى سعد الدولة برنقش الزكوي، وأمر البرسقي بالعود إلى الموصل.
وفيها التقى صاحب حلب بَلْك بن بهرام هُوَ والفرنج، فهزمهم وقتل منهم خلقًا، وعاد فحاصر مَنْبج، وهي لحسّان البَعْلَبَكّيّ، فجاءه سهمٌ غرب [ص:164] قتله، وكان معه ابن عمه تمرتاش بْن إيلغازيّ، فحمله قتيلًا إلى ظاهر حلب، وتسلّمها في ربيع الأوّل مِن السّنة. واستقرّ بها، ثمّ رتَّب بها نائبًا لَهُ وردّ إلى ماردين؛ لأنّه رَأَى الشّام كثيرة الحروب مَعَ الفرنج، وكان يحبّ الرّاحة، فلمّا رد أخذت حلب منه.
وفيها أخذت الفرنج صور، وكان بها عسكر للعبيديين ونائب إلى سنة ست وخمسمائة، فحاصرتها الفرنج، وخرَّبوا ضِياعها، ثمّ نَجَدَهُم صاحب دمشق طُغتِكين، وأمدَّهم بما يُصلحهم، ولم يقطع منها خطبة المصرييّن، فبعث إليه صاحب مصر يشكره ويثني عليه، وجهز لها أسطولًا.
واستقام أمرها عشر سنين بالأمير مسعود الطّغْتكِينيّ، لكنّه كثرت الشّكاية منه، فجاء أسطول مِن مصر، ومعهم أمرٌ أن يقبضوا عَلَى مسعود، فخرج مسعود للسلام على مقدم الأسطول، وطلع إلى المركب، فقبض عَليْهِ المقدّم، ونزل إلى البلد، فاستولى عَليْهِ، وبعث مسعودًا إلى مصر، فأكرموه وردوه إلى دمشق، فرضي طغتكين بذلك.
وتحرّكت الفرنج، وقويت أطماعهم. فرأى المصريّون أن يردّوا أمرها إلى طُغتِكين، وراسلوه بذلك، فملكها، ورتب بها الجند، فنازلتها الفرنج، وجَدُّوا في الحصار، وقلَّت بها الأقوات. وسار طُغتِكين إلى بانياس ليرهب الفرنج، فما فكّروا فيه، واستنجد بالمصرييّن، فما نجدوه.
وتمادت الأيام، وأشرف أهلها على الهلاك، فراسل طغتكين ملك الفرنج، على أن يسلمها إليه، ويمكن أهلها مِن حمل ما يقدرون عَليْهِ مِن الأمتعة، فأجابه إلى ذَلِكَ، ووفى بالعهد. وتفرَّقت أهلوها في البلاد، ودخلتها الفرنج في الثّالث والعشرين مِن جُمَادَى الأولى، وكانت مِن أمنع حصون الإسلام، فإنا لله وإنّا إِليْهِ راجعون، ودامت في يد الفرنج إلى سنة تسعين وستمائة.
وفيها عزل عن بغداد البرسقي، وولي سعد الدولة برنقش الزكويّ؛ لأن المسترشد نفر عَنِ البُرْسُقيّ، وطلب من السلطان أن يصرفه، فأجابه.
وسار عماد الدّين زنكي مِن البصرة، وكانت إقطاعه، إلى خدمة السّلطان محمود، فأكرمه وردّه على إمرة البصرة.
وفي ذي الحجّة ملك البُرْسُقيّ مدينة حلب، وكانت الفرنج لمّا ملكوا [ص:165] صور طمِعوا، وقويت نُفُوسهم. ثمّ وصل إليهم دُبَيْس بْن صَدَقة، قبّحه الله، فطمَّعهم أيضًا في المسلمين، وقال: إنّ أهل حلب شيعة، ويميلون إلى، ومتى رأوْني سلّموها إلى، فأكون نائبًا لكم. فساروا معه، وحاصروا حلب حصارًا شديدًا، فاستنجد أهلها بالبُرْسُقيّ، فسار إليها بجيوشه، فترحل الفرنج عنها وهو يراهم، فلم يهجمهم، ودخل حلب ورتّب أمرها.
وورد الخبر بأنّ دُبَيْس بْن صَدَقة التجأ إلى المُلْك طُغْرُلْبَك أخي السّلطان محمود بعد عوده مِن الشّام، وأنّهما عَلَى قصْد بغداد، فتأهَّب الخليفة، وجمع الجيوش من كل ناحية.
وجاء الوباء ببغداد وإلى البصرة في ربيع الأول.
وتزوج الخليفة ببنت السلطان سنجر.
وفيها أخذ جماعة من الباطنية كانوا قدموا في قافلة، فقتلوا ببغداد، قِيلَ: جاءوا لقتل الوزير ابن صَدَقة والأمير نظر، وأُخذ في الجملة ابن أيّوب قاضي عكبرا ونهبت داره، فقيل: كانت عنده مدارج مِن كُتُب الباطنيّة، وأخذ آخر كان يعينهم بالمال.
وفيها قُبِض عَلَى ناصح الدّولة أستاذ الدّار وصودر، وقرر عليه أربعون ألف دينار.(11/163)
-سنة تسع عشرة وخمسمائة
في صِفْر برز الخليفة إلى صحراء الشّمّاسيّة بجيوشه، ثمّ رحل فنزل الدَّسْكَرَة، وجاء دُبَيْس وطُغْرُلْبَك فدبّروا أن يكبسوا بغداد ليلًا، ويحفظ دبيس المخائض، ويَنْهب طُغْرُلْبَك بغداد. فمرض طُغْرُلْبَك تِلْكَ الليلة، وجاء المطر، وزاد الماء، وضجّ النّاس بالابتهال إلى الله، وأُرْجِف عند الخليفة بأنّ دُبَيْسا دخل بغداد، فرحل مُجدّا إلى النّهروان.
فلم يشعر دُبَيْس إلّا برايات الخليفة، فلمّا رآها دُهش، وقبّل الأرض، وقال: أَنَا العبد المطرود، أمّا أن يُعْفى عَنِ العبد المذنب؟ فلم يُجِبْه أحد، فأعاد القول والتضرُّع، فرقَ لَهُ الخليفة، وهم بالعفو عَنْهُ، فصرفه عن ذَلِكَ الوزير أَبُو علي بن صدقة، وبعث الخليفة نظرا الخادم إلى بغداد بالبشارة، ونودي في البلد بأن يخرج العسكر لطلب دُبَيْس، والإسراع مَعَ الوزير ابن صَدَقة.
ودخل الخليفة، وسار دُبَيْس [ص:166] وطُغْرُلْبَك إلى سَنْجَر مستجيرين بِهِ، هذا مِن أخيه محمود، وهذا من الخليفة، فأجارهما، ولبسا عَليْهِ، فقالا: قد طَرَدنا الخليفة، وقال: هذه البلاد لي، فقبض سنجر على دبيس وسجنه خدمة للخليفة.
وفي رجب راح سعد الدولة برنقش، فاجتمع بالسّلطان خاليا وأكثر الشّكوى مِن الخليفة، وحقّق عنده أنّه يطلب المُلْك، وأنّه خرج مِن بيته نَوْبَتَين وكَسَر مِن قَصَده، وإن لم يفكّر في حسْم ذَلِكَ اتسع الخَرْق، وسترى حقيقة ذَلِكَ إذا دخلت بغداد. والّذي يحمله عَلَى ذَلِكَ وزيره، وقد كاتب أمراء الأطراف، وجمع الأكراد والعرب، فحصل في نفس محمود ما دعاه إلى المجيء إلى بغداد.
وفيها قتلت الباطنية بالموسل أقسُنْقُر البُرْسُقيّ في مقصوره الجامع، فيما ذكر ابن الجوزي، والصحيح سنة عشرين.
وفيها قِدم البُرْسُقيّ فنازل كَفَرْطاب، وأخذها مِن الفرنج، ثمّ عمل مَصَافًا مَعَ الفرنج، وكانوا خلْقًا، فكسروه، وقتلوا نحو الألف مِن المسلمين، وأسروا خلقًا.
وفيها جمع بغدوين الصّغير صاحب القدس وحشد، وأغار عَلَى حَوْران، فخرج لحربه طُغتِكين في خلْق كثير وتُرْكُمانٌ قدموا للجهاد، وخلْقٌ مِن أحداث دمشق، ومن المرج، والغُوطةً بالعُدَد التّامّة. فالتقوا بمرج الصُّفَّر، فحملت الملاعين عَلَى المسلمين، فهزموهم إلى عَقَبَة سحوراء، وقتلوا أكثر الرّجّالة، وما نجا إلّا مِن لَهُ فَرَسٌ جواد.
وجاء طُغتِكين وقد أُسِرت أبطالُه، وما شكّ النّاس أنّ الفرنج يصبّحون البلد، فحازوا الغنائم والأسرى ورجعوا، فلا قوة إلا بالله.
وفيها عسكر اللعين ابن رذمير الذي استولى على شرق الأندلس بجيش في أربعة آلاف فارس بفاوة، فسار مِن سَرَقُسْطَة، ثمّ عَلَى بلنسية، ثمّ مُرْسِيّة. ومر على جزيرة شقر، فنازلهم أيّامًا. وكان عَلَى الأندلس تميم بْن يوسف بْن تاشَفين، ومُقامه بغُرْناطة، فجمع الجيوش، والتف على ابن رذمير سوادٌ عظيمٌ مِن نصارى البلاد، فوطئ بلاد الإسلام يغِير ويَنْهَب.
وقصده المسلمون، [ص:167] فالتقوا، فأصيب خلق من المسلمين وعاث ابن رذمير في بلاد الإسلام أكثر مِن سنة، ورجع بغنائم لا تحصى.(11/165)
-سنة عشرين وخمسمائة
لمّا علم السّلطان محمود بقتال الخليفة لطُغْرُلْبَك فرح، وكاتب الخليفة، وقال: قد علمت ما فعلت لأجلي، وأنا خادمك، وتراسلا بالأيْمان والعهود على أنهما ينقضان على سنجر، ويمضيان إلى قتاله، ويكون محمود في السلطنة التي لسنجر.
فعلم سَنْجَر، وبعث إلى محمود يَقُولُ: أنت صبيّ، والخليفة قد عزم عَلَى أن يمكر بك وبي، فإذا اتّفقتما عليَّ ففرغ مني عاد إليك، فلا تَصْغِ إليه، وأنا فما لي ولدٌ ذَكَر، وأنت لمّا ضربْتَ معي مصافًا وظفرت بك لم أسئ إليك وقتلتُ مِن كَانَ سببًا لقتالنا، وأَعَدْتك إلى السَّلطنة، وجعلتك وُلّي عهدي، وزوَّجتُك ابنتي، فلمّا تُوُفّيَتْ زوَّجتُك الأخرى.
فسِر إلى بغداد بالعساكر، وأمسك الوزير ابن صدقة، واقتل رؤوس الأكراد وخُذ آلة السَّفَر الّتي عملها، وتقول للخليفة: ما تحتاج إلى هذا، أَنَا سيفك وخادمك. فإنْ فعل وإلّا أخذته بالشّدّة، وإلّا لم يبق لي ولا لك معه أمر. وبعث إليه رجلًا، وقال: هذا يكون وزيرك، فثنى عزمه.
فكتب صاحب الخبر إلى الخليفة بذلك، فنفَّذ الخليفة إِليْهِ سديد الدّولة ابن الأنباريّ يَقُولُ له: ينبغي أن تتأخر في هذه السّنة لقلّة المِيرة، فقال: لَا بدّ لي مِن المجيء. وتوجّه.
فلمّا سَمِعَ الخليفة نفّذ رسولًا وكتابًا إلى وزير السّلطان، يأمره بردّ السّلطان عَنِ المجيء، فأبي، وأجاب بجوابٍ ثَقُل سماعُه عَلَى الخليفة، وشرع في عمل آلة القتال، وجمع الجيش. ونوديَ ببغداد في ذي القِعْدة بعبور النّاس إلى الجانب الغربي، وازدحم الخلق.
ثم بعد أيام بدا للخليفة، وقال: أَنَا أُخَلّي البلد لَهُ، وأحقن دماء المسلمين. ونوديَ بالعبور إلى الجانب الشرقيّ، واشتدّت الأمطار حتّى كادت الدُّور أن تغرق. وانتقل الخليفة إلى مخيَّمة بالجانب الغربيّ تحت الرَّقَّة.
فعرف السّلطان، وقُرب من بغداد، فبعث برنقش الزَّكَويّ، وأسعد الطُّغْرائيّ، فذهبا إلى الخليفة، وأدّيا رسالة السّلطان وتألُّمه مِن انزعاج الخليفة. ثمّ حشيا في آخر الرّسالة، فقال المسترشد: أَنَا أقول لَهُ: يجب أن تتأخر في هذه السّنة، ولا يقبل؟ ما بيني وبينه [ص:168] إلا السيف! وقال لبرنقش: أنت كنت السبّب في مجيئه وأنت أفسَدته، وهمَّ بقتله. فمنعه الوزير، وقال: هُوَ رسول. فرجعا بكتاب الخليفة وبالرسالة، فاستشاط غضبًا، وأمر بالرحيل إلى بغداد.
وفي يوم الأضحي نُصِبت خيمة عظيمة، وصلّى المسترشد الخليفة بالنّاس، وكان المكبّرون خُطباء الجوامع ابن الغريق، وابن المهتدي، وابن البرمكي. وصعد المنبر، ووقف وُلّي عهده الراشد بالله دونه، بيده سيفٌ مشهور، فقال: الله أكبر، ما سحّت الأنواء، وأشرق الضّياء، وطلعت ذُكاء، وعَلَت عَلَى الأرض السّماء! الله أكبر، ما هَمَع سحاب، ولمع سراب، وأنجح طلاب، وسُرّ قادما إياب!
وذكر خطبة بليغة، ثمّ جلس. ثمّ قام فخطب، وقال: اللهمّ أَصْلِحْني في ذُرّيتي، وأعِنّي على ما وليتني، وأوزعني شكر نعمتك، ووفقتي وانصُرني! فلمّا أنهاها وتهيّأ للنزول بَدَره أبو المظفَّر محمد بْن أحمد بْن عَبْد العزيز الهاشميّ فأنشده:
عليك سلامُ الله يا خير مِن عَلا ... عَلَى مَنْبرٍ قد حفَّ أعلامه النَّصْرُ
وأفضل مِن أمَّ الأنامَ وعَمَّهم ... بسيرته الحُسْنى وكان لَهُ الأمرُ
وأفضل أهل الأرض شرقًا ومَغْربًا ... ومَن جدّه مِن أجله نزل القَطْرُ
لقد شَرَّفَتْ أسماعَنَا منك خُطْبةٌ ... وموعظةُ فصل يَلين لها الصَّخْرُ
ملأتَ بها كلّ القُلُوب مَهَابة ... فقد رجَفَتْ مِن خوفٍ تخويفها مصرُ
وزدت بها عدنان مجدًا مؤثل ... فأضحى لها من الأنام بك الفخْرُ
وسُدْتَ بني العبّاس حتّى لقد غدا ... تُباهي بك السّجاد والعلم البحرُ
فلله عصر أنت فيه إمامُهُ ... ولله دينٌ أَنْتَ فيه لنا الصَّدْرُ
بقيتَ عَلَى الأيّام والمُلْك كلَّمًا ... تَقَادَم عصرٌ أنت فيه أتى عصر
وأصبحت بالعيد السعيد مهنأ ... تشرّفنا فيه صلاتُك والنَّحْر
ونزل، فنَحَر البَدَنَة بيده، وكان يومًا لم يُرَ مثلُه مِن دهر، ثمّ دخل السُّرادق، ووقع البكاء عَلَى النّاس، ودعوا لَهُ بالنّصر، وجُمعت السّفُن جميعها إلى الجانب الغربي، فانقطع عبور الناس بالكلية.
وبلغ السلطان حلوان، فأرسل من هنالك الأمير زنكي إلى واسط، فأزاح عنها عفيفا الخادم، فلحِق بالخليفة، ولم يبق بالجانب الشرقيّ سوى الحاجب [ص:169] لحِفْظ دار الخلافة. وسُدّت أبوابها كلّها سوى باب النّوبي، ونزل السّلطان بالشّمّاسيّة في ثامن عشر ذي الحجّة. ونزل عسكره في دُور النّاس، وتردّدت الرّسُل إلى الخليفة تتلطّف بِهِ، وتطلب الصُّلْح وهو يمتنع ثمّ وقف عسكر للسلطان بالجانب الشّرْقيّ، والعامّة بالجانب الغربي يسبُّون الأتراك، ويقولون: يا باطنيّة، يا مَلاحدة! عصيتم أمير المؤمنين، فعُقُودكم باطلة وأنكحتكم فاسدة! وتراموا بالنّشّاب.
وفيها عاث ملك الفرنج ابن رذمير، لعنة الله، بالأندلس، وشقّ بلاد المسلمين جميعها، وسبى ونهب، حتى انتهى إلى قريب قرطبة، فحشد المسلمون وقصدوه، فبيتهم وقتل منهم مقتلة. ثمّ عاد نحو بلاده، وهو الَّذِي كسر المسلمين أيضًا سنة أربع عشرة وخمسمائة، ثمّ حاصر سنة ثمانٍ وعشرين مدينة أفراغة، وأهلكه الله.
وفيها هاجت الإسماعيلية بخُراسان، ونُصِر عليهم عسكر سَنْجَر، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة.
وفيها قتل البرسقي.
وفيها كثُرت الإسماعيلية بالشام، وكان النّاس والكبار يخافونهم، فرأى الوزير أبو طاهر بن سعد المَزْدقانيّ مِن المصلحة أن يسلّم إلى رئيسهم بهرام حصنًا، فأعطاه طُغتِكين بانياس وتألَّم النّاس لذلك.
وفي سنة عشرين وقعة مرج الصفر، ساقها ابن الأثير، فقال: التقوا في أواخر ذي الحّجة، واشتد القتال، فسقط طُغتكين، فظن الْجُنْد أنه قُتِلَ فانهزموا إلى دمشق، وركب فرَسَه ولحِقَهم. فساقت الفرنج وراءهم، وبقي رجالة التركمان قد عجزوا عن الهزيمة، فحملوا على رجَّالة الفرنج، فقتلوا عامّتهم، ونهبوا عسكر الفرنج وخيامهم، ثم عادوا سالمين غانمين إلى دمشق.
ولما ردّت خيالة الفرنج من وراء طُغتِكين رأوا رجالتهم صَرْعى، وأموالهم قد راحت، فتمّوا منهزمين. قال: وهذا من الغريب أنّ طائفتين ينهزمان.
وفيها استفحل أمر بهرام داعي الباطنيّة بحلب والشّام، وعظُم الخَطْب وهو عَلَى غاية الاختفاء، يغيّر الزيّ، ويطوف البلاد والقلاع، ولا يُعرف. إلى [ص:170] أن حصل بدمشق بتقريرٍ قرره إيلغازي بْن أرتق مع طغتكين، فأكرم اتقاء شره، وتأكدت العناية بِهِ، فتبِعَه جَهَلةٌ وسُفهاء مِن العامّة وأهل البَرّ وتَحَزَّبُوا معه. ووافقه الوزير طاهر بْن سَعْد المَزْدَقانيّ، وإن لم يكن عَلَى عقيدته، وأعانه عَلَى بثّ شَرّه، وخَفَّى سرّه ليكون عونًا لَهُ.
ثمّ التمس مِن طُغتِكين حصنًا يحتمي بِهِ، فأعطاه بانياس سنة عشرين هذه، فصار إليها وتجمع إليه أوباش استغواهم مُحَالةً وخداعة، فعظُمت البَليّة بهم، وتألَّم العلماء وأهل الدّين. وأحجموا عَنِ الكلام فيهم والتعرض لهم، خوفًا مِن شرّهم؛ لأنّهم قتلوا جماعة من الأعيان، وصاروا بحيث لَا يُنكر عليهم ملك ولا وزير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسيأتي باقي أمرهم سنة ثلاث.(11/167)
بسم الله الرحمن الرحيم
-الوفيات(11/171)
-سنة إحدى عشرة وخمسمائة(11/171)
1 - أحمد بْن إبراهيم بْن أحمد، أبو جعفر بْن سُفْيان القُرْطُبيّ. [المتوفى: 511 هـ]
أخذ عَنْ أَبِي جعفر أحمد بْن رزق، وسمع الكثير مِن حاتم بْن محمد، وشوّور في الأحكام، ووُلّي خطابة قرطبة. وتوفي في جُمَادَى الآخرة، وله أربعٌ وستّون سنة.(11/171)
2 - أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق، أبو جعفر الخزرجي القرطبي المقرئ. [المتوفى: 511 هـ]
روى عن: أَبِي القاسم الخَزْرَجيّ وأبي عَبْد الله الطّرفيّ المقرئين ونظرائهما، وقرأ عَلَى الأستاذ مكّيّ بْن أَبِي طَالِب أحزابًا مِن القرآن، وأقرأ النّاس دهرًا، وعمر وعاش تسعين سنة، وتُوُفّي في ربيع الأوّل.
قَالَ ابن بَشْكُوال: جالسْتُه وأنا صغير.(11/171)
3 - أحمد بن محمد بن عبد الله، أبو الوفاء ابن الحصين، الكاتب، المحدّث. [المتوفى: 511 هـ]
سَمِعَ الكثير بنفسه، وكتب وعلّق. روى عَنْ: أَبِي نصر الزَّيْنَبيّ، وعاصم بْن الحسن، فمن بعدهما بحيث أنه أكثر عن أصحاب الجوهريّ. روى عَنْهُ: الحُسَيْن بْن خسْرُو، والسلفي، وله شعر جيد.(11/171)
4 - أحمد العريبي، الرجل الصّالح. [المتوفى: 511 هـ]
رَأَى أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وقرأ عَليْهِ شيئًا مِن القرآن.
ذكره أحمد بْن صالح فقال: ولي لله، حزر الْجَمْعُ في جنازته بمائة ألف، وصلّى عَليْهِ أبو الحسين ابن الفرّاء بوصيّةٍ منه، ودُفِن بقرب قبر معروف. [ص:172]
وكان من المنطقين الملهمين، رحمه الله. وكان من بقايا العُبّاد ببغداد، تُوُفّي في رمضان.
قَالَ المبارك بن كامل: أحصي من حضره فنيف على سبعين ألفًا.(11/171)
4 - مكرر - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن نوح بن النعمان النوحي السمرقندي. [المتوفى: 511 هـ]
روى عن أبيه أبي بكر، عن علي بن أحمد الخزاعي. وقد توفي أبو بكر سنة تسع وخمسين وأربعمائة.(11/172)
5 - أسعد ابن طبيب خُراسان عَبْد الرَّحْمَن بْن علي بْن أَبِي صادق، أبو الفَضْلُ النَّيْسابوريّ الطّبيب. [المتوفى: 511 هـ]
كَانَ أبوه جالينوس زمانه. سَمِعَ أسعد مِن: أَبِي عثمان البَحيريّ، وأبي سَعْد الكَنْجَرُوذيّ.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أسمعني منه والدي حضورًا، وعاش نحوًا من ثمانين سنة.(11/172)
6 - بختيار السّلار، [المتوفى: 511 هـ]
نائب طُغتِكين عَلَى دمشق.
كَانَ ورِعًا نزهًا، دينًا حسن السّيرة، وافر الحُرْمة، أمّارًا بالمعروف نهّاءً عَنِ المنكر، كثير المحاسن. تُوُفّي في شَعْبان، وحزن عَليْهِ النّاس. وولي شِحنكيّة دمشق بعده ابنه عُمَر السّلار.(11/172)
7 - بغدوين، هُوَ بردويل الفرنجيّ الطّاغية، [المتوفى: 511 هـ]
الَّذِي افتتح القدس وغيرها مِن مدن الشّام.
وكان شجاعًا مهيبًا جبارا خبيثًا، وقد استفحل شرُّه، وكثُر جُنْدُه، فجمع العساكر وسار ليأخذ الدّيار المصريّة مِن بني عُبَيْد، إلى أن قارب تِنّيس، فسبح في النّيل، فانتقض عَليْهِ جرح كَانَ بِهِ، فرجع ونزل به الموت بالصبخة المعروفة به. فمات، فشقّوا بطنه، ورموا بحشوته هناك، فهي تُرْجَم إلى اليوم. وحملوه فدفنوه بالقُمامة بالقدس في ذي الحجّة سنة إحدى عشرة، وكان قد [ص:173] جاء القُمّص صاحب الرُّها إلى القدس زائرًا، فوصّى بغدوين لَهُ بالمُلْك مِن بعده. فبعث يطلب عقد الهدنة من طُغتِكين، فسار طُغتِكين إلى طبريّة فنهبها وما حولها، وسار إلى عسقلان، وكاتب المصريّين، فجاءته سبعة آلاف فارس، فأقاموا بعسقلان شهرين، ولم يؤثروا في الفرنج أثرا، ورجع طغتكين.(11/172)
8 - تميم بن علي الواعظ، أبو سعد البقال القصار. [المتوفى: 511 هـ]
سمع أبا بكر بن ريذة،
وَعَنْهُ: أبو موسى.
توفي في تاسع المحرم.(11/173)
9 - الحسن بن عبد الله بن الحسين، أبو محمد البصيدائي الجندي، [المتوفى: 511 هـ]
من أهل باب الأزج.
سمع أبا محمد الجوهري. روى عنه أبو المعمر الأنصاري.(11/173)
10 - الحسين بن أحمد، أبو عبد الله ابن الشّقّاق البغداديّ. [المتوفى: 511 هـ]
لم يكن لَهُ نظير في الفرائض ببغداد، ولا في الحساب. روى عَنْهُ خطيب المَوْصِل مِن شِعْره، وعليه تفقَّه أبو حكيم الخَبْريّ، وغيره. وممّن روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو طالب ابن العجمي الحلبيّ، والسّلَفيّ، وقال: كان آية مِن آيات الزمان، ونادرة مِن نوادر الدهر.
قَالَ ابن النجار: وسمع من أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وكان شقاقًا للقرون للقسي، قرأ الفرائض والحساب عَلَى الخَبْريّ، وعبد المُلْك بْن إبراهيم الهَمَذَانيّ. ومات في ذي الحجة عن إحدى وسبعين سنة.(11/173)
11 - الحسين بن الحسن بن محمد بن علي بن يمن، أبو القاسم العصار، عرف بابن بعصين الكرخي. [المتوفى: 511 هـ]
سمع أبا محمد الجوهري، وأبا يعلى القاضي. توفي في رجب.(11/173)
12 - الحسين بن محمد بن إسماعيل بن صاعد، القاضي أبو الفضل، [المتوفى: 511 هـ]
ولد قاضي القضاة أبي علي، ووالد صاعد أبي العلاء.
سمع من أبي بكر محمد بن عبد العزيز الحيري الحافظ "تاريخ نيسابور" [ص:174] كله بسماعه من مؤلفه الحاكم. وسمع من أبي سعد الكنجروذي، أخذ عنه جماعة. وأجاز لأبي سعد الحافظ، وقال: مات في جمادى الأولى.(11/173)
13 - الحسين بن محمد الطهراني الزاهد. [المتوفى: 511 هـ]
أصبهاني جليل، توفي في شوال.(11/174)
14 - الحُسَيْن بْن محمد بْن الحُسَيْن، الوزير أبو منصور ابن الوزير الكبير أبي شجاع الرُّوذْراوَرِيّ، ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 511 هـ]
وَزَرَ أَبُوهُ للمقتدي، ووزر هو للمستظهر سنة ثمان وخمسمائة، ثمّ خرج إلى إصبهان، فمات بها.
ذكره ابن الدبيثي.(11/174)
15 - خلف بن إبراهيم بن خلف بن سعيد، الخطيب أبو القاسم ابن النَّخَّاس وابن الحصَّار القرطبيُّ المقرئ، [المتوفى: 511 هـ]
خطيب قرطبة.
روى عن صهره أبي القاسم بن عبد الوهَّاب المقرئ، ومحمد بن عابد، وحاتم بن محمد، وجماعة. وحجَّ فقرأ القراءات بمكة على أبي معشر الطبري، وسمع من كريمة. وأخذ بمصر عن أبي الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبي الحسن طاهر بن بابشاذ، وطال عمره. وكانت الرحلة إليه في وقته، ومدار الإقراء عليه.
قال اليسع بن حزم: له يدٌ في علم الحديث والقرآن واللغات والآداب مع سمتٍ وسكينةٍ ومكانةٍ في الخير مكينة تفخر به جُمُعِ قرطبة وأعيادها.
وقال ابن بشكوال: كان ثقة صدوقاً، بليغ الموعظة، فصيح اللسان، حسن البيان، جميل المنظر والملبس، فكه المجلس. سمعت خطبه في الجُمع والأعياد. ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وتوفي في صفر.
قلت: قرأ عليه القراءات أبو عبد المُنْعم يحيى ابن الخلُوف الغرناطي، وخلق كثير لا يحضرني ذكرهم، منهم يحيى بن سعدون. وسمع منه ابن الدبَّاغ، وذكر له ترجمة في "التقييد" له.(11/174)
16 - عبّاد بن محمد بْن المحسّن، أبو القاسم الجعفريّ الإصبهانيّ. [المتوفى: 511 هـ]
من بيت شرف وتقدُّم. سَمِعَ تفسير أبي الشيخ من أبي أحمد محمد بْن عليّ ابن المكفوف، عَنْ مؤلّفه.
وسمع: أبا سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الصَّفّار، وعليّ بْن مهران.
قَالَ السّمعانيّ: أجاز لنا في ذي القِعْدة سنة عشر.
قلت: لعلّ السّلَفيّ سَمِعَ منه.(11/175)
17 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد القادر بن محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف، أبو طاهر البغداديُّ البزَّاز. [المتوفى: 511 هـ]
من بيت مشهور بالحديث. سمع أبا علي ابن المُذْهب، وأبا إسحاق البرمكيّ، وأبا محمد الجوهريّ، وجماعة. وحدَّث بالكُتُب الكبار كـ"سُنن الدَّارقُطْني" وغيره. روى عنه أخوه عبد الخالق، وابنا أخيه عبد الحق وعبد الرحيم، وأبو المُعَمَّر الأنصاري وأبو طاهر السِّلفي.
قال السِّلفي: وكان من أعيان رؤساء بغداد، وممن روى عنه المبارك بن خضَير. ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في شوال هو وابن نبهان في ليلة، وكان من أهل الثِّقة والأمانة والسُّنة.
سمع "السُّنن" من أبي بكر بن بشران عن الدَّارقطني، وسمع أيضاً من عبد العزيز بن علي الأزجي، وعبد الوهَّاب بن محمد الغندجاني.(11/175)
18 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عليّ بْن صابر بْن عمر، المحدّث أبو محمد السُّلَميّ الدّمشقيّ، ويعرف بابن سَيّده. [المتوفى: 511 هـ]
سَمِعَ: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح نصرًا المقدسيّ، وخلْقًا بعدهم.
قَالَ ابن عساكر: سمعنا بقراءته الكثير، وكان ثقة متحرّزًا، وُلِد سنة إحدى وستّين وأربعمائة. [ص:176]
قلت: روى عَنْهُ الحافظان: السّلَفيّ، وابن عساكر. وتوفي في رمضان، وهو والد أَبِي المعالي عَبْد الله.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ قارئ الحديث بدمشق، وكان ثقة، سيء الخلق، بخيلًا بالإفادة، جسدا ملئ حسدا.(11/175)
19 - عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن إسماعيل، أبو الفضائل الأُمَويّ العثمانيّ الديباجيّ. [المتوفى: 511 هـ]
روى عَنْ جدّه لأُمّه أَبِي حفص البُوصِيريّ، وعنه ولده أبو محمد عَبْد الله العثمانيّ.
ورّخه ابن المفضّل، وقال: تكلم في سماعه.(11/176)
20 - عُزيز بن عبد الرحمن بن جامع، أبو القاسم النَّيْسابوري الكاتب المزكيُّ. [المتوفى: 511 هـ]
سمع أبا سعد الكنجروذي، ورحل به أبوه إلى أصبهان، فسمَّعه بها من أحمد بن محمود الثَّقفي صاحب ابن المقرئ. توفي أواخر رمضان.(11/176)
21 - عليّ بن أحمد بن عبد الله، أبو الحسن السرويُّ الطبرستانيُّ المطوِّعيُّ الصُّوفيُّ. [المتوفى: 511 هـ]
سافر الكثير، وصحب المشايخ، وسمع أبا جعفر ابن المُسْلمة وغيره. روى عنه أبو الفضل بن عطاف، والسِّلفي. وولد بسارية سنة أربع وعشرين.(11/176)
22 - عليّ بْن أحمد بْن كُرْز، أبو الحَسَن الأنصاريّ الغَرْناطيّ المقرئ. [المتوفى: 511 هـ]
روى عَنْ: أَبِي القاسم بن عبد الوهاب المقرئ، وغانم بن وليد، وأبي عَبْد الله بْن عتّاب، وجماعة.
وعُني بالإقراء وسماع العلم، وكان ثقة فاضلًا.(11/176)
23 - علي بن رافع بن المحسن الرفاء. [المتوفى: 511 هـ]
سمع أبا إسحاق البرمكي. وعنه أبو نصر اليونارتي والسلفي، عاش تسعا وثمانين سنة.(11/177)
24 - غانم بْن محمد بْن عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن أيّوب بْن زياد، أبو القاسم بْن أبي نصر الإصبهانيّ البُرجيّ، [المتوفى: 511 هـ]
وبرج قرية مِن قرى إصبهان.
سَمِعَ أبا نُعَيْم، مِن ذلك " مسند الحارث بن أبي أسامة "، أخبرنا ابن خلّاد النَّصيبيّ، ولأبي نُعَيْم فَوْت معروف. وسمع مِن ابن فاذشاه. وأجاز لَهُ: أبو عليّ بْن شاذان، وأبو القاسم بن بشران، والحسين بْن شجاع المَوْصِليّ - أجازوا لَهُ في سنة تسع عشرة وأربعمائة - والحسين بن إبراهيم الجمال، وعاش تسعين سنة أو نحوها.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وأبو العلاء الحَسَن بْن أحمد العطّار، ومَعْمَر بْن الفاخر، وأبو طاهر محمد بن محمد السّنْجيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو سَعْد محمد بْن عَبْد الواحد الصّائغ الحفّاظ. والفضل بْن القاسم الصَّيْدلانيّ، ومسعود بْن أَبِي منصور الجمّال، ومحمد بن عبيد الله ابن الشَّيْخ أبي عليّ الحدّاد، وآخر مِن روى عَنْهُ بالإجازة أبو المكارم اللّبّان.
قَالَ السّمعانيّ: أجاز لي، وهو شيخ صالح، سديد، ثقة، مُكثر، عُمّر العُمر الطّويل. وكان مِن تلاميذ محمد الخابوطيّ. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وابن فاذشاه، والفضل بن محمد القاساني، ومحمد بْن عَبْد الله بْن شَهْرَيار، وعمر بْن محمد بْن عَبْد الله بْن الهيثم، وأبا الفتح محمد بن عبد الرزاق بْن أبي الشَّيْخ.
ومن مسموعه مُسْنَد الطَّيَالِسيّ، مِن أَبِي نُعَيْم. وسمع " الحلْية " سوى أجزاء مِن موضعين، وجزء محمد بْن عاصم، وجزء الجابريّ. ثم سمّى السّمعانيّ عدّة مَرْوِيّات.
قَالَ أبو موسى: وفاته في سابع وعشرين ذي القِعْدة، وسأله أَبِي عَنْ مولده فقال: في ذي القعدة سنة سبع عشرة وأربعمائة.(11/177)
25 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن فاذُوَيْه، أبو الفَضْلُ ابن العجميّ الواسطيّ البزّاز. [المتوفى: 511 هـ]
سَمِعَ: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد، والحسن بْن أحمد الغَنْدَجانيّ. وببغداد مِن: ابن المسلمة، وابن الَّنُّقور. وروى الكثير. روى عَنْهُ أبو طَالِب الكتّانيّ المحتسب، وهبة الله بْن نصر الله بن الجلخت، وأحمد بن سالم البرجوني، وعدّة. وأملى بجامع واسط.
وثّقه أبو الكرم الحوزي، وأثنى على فهمه.
توفي في صفر بواسط.(11/178)
26 - محمد بْن أَبِي العبّاس أحمد بْن محمد بن عبد الله، أبو بكر الأصبهانيُّ البقَّال، المعروف بالصَّغير وبابن تُرْكة. [المتوفى: 511 هـ]
توفي في ذي القعدة أيضاً. روى عن أبي بكر بن ريذة. وعنه أبو موسى حضوراً.(11/178)
27 - محمد بن أغلب بن أبي الدَّوْس، أبو بكر المُرْسيُّ. [المتوفى: 511 هـ]
روى عن أبي الحجاج الأعلم، والمبارك بن سعيد الخشَّاب، وعبد الدائم القيروانيِّ، وأبي علي الغساني.
وكان عالماً بالعربية والآداب، فائق الخط، علَّم ولدي المعتمد محمد بن عبَّاد، ثم سكن فارس ثم أغمات. وصنَّف في شرح "الأمثال" لأبي عبيد. يروي عنه أبو عبد الله بن أبي الخصال، وأبو بكر بن الخلوف، وأبو عبد الله بن أبي زيد.
وتوفي بمرَّاكش.(11/178)
28 - محمد بْن الْحُسَن بْن عَبْد اللَّه بْن باكيرا، أبو جعفر الكاتب. [المتوفى: 511 هـ]
شيعي، تولّى في الأعمال السّلطانية، وسمع: الحَسَن بْن عليّ الشّاموخيّ بالبصرة، وعبد السّلام بْن سالبة الصُّوفيّ بفارس. سَمِعَ منه تفسير النّقّاش بروايته عَنْ أَبِي القاسم عليّ بْن محمد الزّيديّ الحرّانيّ، عَنْهُ. روى عَنْه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وهبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي. [ص:179]
قَالَ ابن ناصر: حاله أشهر مِن أن يُذْكر، صاحب المظالم، لَا تحلّ الرواية عَنْهُ. تُوُفّي في ربيع الأوّل عَنْ بضْعٍ وثمانين سنة.(11/178)
29 - محمد بْن سَعِيد بْن إبراهيم بْن سَعِيد بْن نَبْهَان، أبو عليّ الكاتب، [المتوفى: 511 هـ]
مِن أهل الكرْخ.
سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وبشرى الفاتنيّ، وابن دُوما النّعاليّ، وجدّه لأُمّه أبا الحُسَيْن الصّابئ، وطال عُمره، وأَلْحَقَ الصّغار بالكبار.
روى عنه: حفيده محمد بْن أحمد، ومحمد بْن جعفر بْن عقيل، وأبو طاهر بْن سِلفة، ودَهْبَل بْن كَارَة، وعيسى بن محمد الكَلْوَذَانيّ، وآخر مِن روى عَنْهُ عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ عالم فاضل مُسِنّ، مِن ذوي الهيئات، وهو آخر من حدث عَنِ ابن شاذان، وُلّي منه إجازة.
وقال ابن ناصر: كَانَ فيه تشيُّع، وكان سماعه صحيحًا، وبقي قبل موته بسنة مُلقَى عَلَى ظهره لا يعقل، فمن قرأ عليه في تلك الحالة فقد أخطأ وكَذَبَ عَليْهِ؛ فإنّه لم يكن يفهم ولا يعقل ما يُقرأ عَليْهِ مِن أوّل سنة إحدى عشرة.
وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مولدي سنة إحدى عشرة وأربعمائة، ثم سمعته مرّةً أخرى يَقُولُ: سنة خمس عشرة. فقلت له ذلك، فقال: أردت أن أدفع عنيّ العَيْن، وإلّا فمولدي سنة إحدى عشرة.
وقال ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا العلاء بْن عقيل يَقُولُ: كَانَ شيخنا ابن نَبْهان إذا مكث عنده أصحاب الحديث وطوّلوا قَالَ: قوموا، فإنّ عندي مريضًا. بقي عَلَى هذا سنين، فكانوا يقولون: مريض ابن نبهان لَا يبرأ. تُوُفّي ابن نَبْهان ليلة الأحد السّابع عشر مِن شوّال، وقد استكمل مائة سنة.
قَالَ ابن النجار: قرأت بخطّ ابن ناصر: كَانَ ابن نبهان قد بلغ ستّا وتسعين سنة، وسمعه جدّه هلال بن المحسن من ابن شاذان في سنة ثلاث وعشرين، ولم يكن من أهل الحديث. وكان في أوّل أمره عَلَى معاملة الظلَمَة، وكان رافضيا، وقد تغيَّر في سنة إحدى عشرة.
قَالَ: والصّحيح أنّ مولده سنة [ص:180] خمس عشرة، وكذلك وجد بخط الحُمَيْديّ، وذكر أنه وجده بخطّ جَدّه ابن الصّابئ.(11/179)
30 - محمد بْن عليّ بْن طَالِب، أبو الفضل البغداديّ الخِرَقيّ، ويُعرف بابن زبيبا. [المتوفى: 511 هـ]
حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ ابن المذهب، وأبي بَكْر بْن بِشْران، وأبي حفص بْن أبي طالب المكي، وأبي محمد الجوهري، وتوفي في شوّال.
قَالَ ابن ناصر: كَانَ كثير السماع، ولم يكن في دينه مرضيًا، كان يذهب إلى أنّ النّجوم هِيَ المدبّرة للعالم، لَا تجوز الرواية عنه.
قلت: وكان بزازًا، أجاز لابن كُلَيْب. وروى عَنْهُ: الصّائن ابن عساكر، وأبو المعمر المبارك بن أحمد.(11/180)
31 - محمد بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ مسلمة، أبو عامر القرطبيُّ الأديب. [المتوفى: 511 هـ]
روى عن أبي الحجاج الأعلم، وحاتم بن محمد الطَّرابلسي، وأبي محمد بن حزم الحافظ. وكان ذا عناية بالعلم وجمعه، وله معرفة باللغة والأخبار والشِّعْر. تُوُفّي في صَفَر، وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. دُفن بإشبيلة.(11/180)
32 - محمد بن ملكشاه بن ألب رسلان أبي شجاع محمد بْن دَاوُد بْن ميكائيل بْن سُلْجُوق بْن دُقاق، السُّلطان غياثُ الدين أبو شجاع. [المتوفى: 511 هـ]
لما توفي أبوه اقتسم الأولاد الثَّلاثة المملكة وهم: غياث الدين هذا، وبركياروق، وسنجر. وذلك في سنة خمس وثمانين وأربعمائة، فلم يكن للأخوين مع بركياروق أمر، بل كانا كالأتباع له. ثم قدما بغداد والتمسا من المُسْتَظهر بالله أن يجلس لهما، فجلس لهما، وحضر الأعيان ووقف سيف الدولة صدقة بن مزيد صاحب الحِلَّة عن يمين السُّدَّة. وعلى كتف أمير المؤمنين البُرْدة النَّبوية، وعلى رأسه العِمَامة وبين يديه القضيب، فأُفيض على محمد سبع خلع وأُلْبِس التَّاج والطَّوْق والسِّوار، وعقد له أمير المؤمنين اللواء [ص:181] بيده، وقلَده سيفين، وأعطاه خمسة أفراس. ثم خلع على سنجر دونه.
وخُطِب للسلطان محمد في جوامع بغداد، وتُرِكت الخُطبة لبركياروق، وكان ذلك في سنة خمس وتسعين وأربعمائة لسبب اقتضى ذلك.
وكان بركياروق مريضاً، فانحدر إلى واسط. ثم قوي أمره واشتدَّ، وجرى بينه وبين أخيه محمد مصاف على الرَّي، وانكسر محمد وجرت أمور يطول شرحها.
وكان محمد رجل السَّلاطين السُّلْجُوقية وفحلهم، وله سيرة حسنة وبر وافر. وقد حارب الملاحدة، واستقل بالمُلك بعد موت أخيه بركياروق، وصفت له الدُّنيا. ثم مرض زماناً وتوفي في ذي الحجة في الرَّابع والعشرين منه، ودُفن بأصبهان في مدرسة له عظيمة موقوفة على الحنفية. ولما آيس من الحياة ودَّع ولده السلطان محموداً، وأمره بالجُلُوس على تخت المُلْك.
وخلَّف خمسة أولاد: محمود، ومسعود، وطغريل، وسليمان، وسُلجوق. وكلهم خُوطب بالسَّلْطنة سوى سلجوق. وخلَّف من الأموال والذَّخائر ما لم يُخلِّف أحد من ملوك السُّلجوقية، وتزوج أمير المؤمنين المقتفي بابنته فاطمة في سنة إحدى وثلاثين، وتوفِّيت في عصمته سنة اثنتين وأربعين. وكان عمره سبعاً وثلاثين سنة وأشهراً.(11/180)
33 - المبارك بْن طَالِب، الإمام أبو السُّعُود الحلاويّ الحَنْبليّ [المتوفى: 511 هـ]
صاحب الزّاهد أَبِي منصور الخيّاط.
سَمِعَ: ابن هزارمرد، وأبا علي ابن البناء، وتلا على ابن البناء، وعلي الخيّاط. سَمِعَ منه: ابن ناصر، وغيره.
وكان أمّارًا بالمعروف، زاهدًا، حَسَن التّلاوة، مات في ربيع الأول.(11/181)
34 - مسعود بْن حمزة، أبو الوفاء الحدّاد. [المتوفى: 511 هـ]
سَمِعَ أبا محمد الجوهريّ. روى عَنْهُ المبارك بْن أحمد، وغيره.
توفي في هذه السنة، وقد تقدم في التي قبلها.(11/181)
35 - نصر بْن أحمد بْن إبراهيم بْن أسد بْن أحمد، أبو الفتح الحنفيّ الهَرَويّ. [المتوفى: 511 هـ]
وساق السّمعانيّ نسبه إلى حنيفة بْن لُجَيْم بْن صعب بْن عليّ بْن بَكْر بْن وائل، وقال: هُوَ مِن أهل العِلْم والسّداد والصّلاح، أفنى عمره في كتابة العِلْم. حدَّث بالكثير، وتفرد بالرواية الكثيرة.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وجدّه أبا العبّاس إبراهيم، وجدّه لأمّه منصور بْن إسماعيل الحنفيّ، وأبا عثمان سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وإسحاق بن أبي إسحاق القراب، وعبد الوهاب بْن محمد بْن عيسى، ومحمد بْن الفُضَيْل الفضيلي. وحدثني عنه جماعة بهراة، ومرو، وبوشنج. ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، ومات بهَرَاة في سابع شَعْبان.
قلت: هذا كَانَ مُسْنَد تِلْكَ الدّيار في عصره، وقد مرَّ أيضًا في سنة عشر، ولكن هذا أصح.(11/182)
36 - نوشروان بن شيرزاد بن أبي الفوارس، أبو محمد الديلمي الأصبهاني. [المتوفى: 511 هـ]
سمع أبا بكر بن ريذة، وعاش نيفا وثمانين سنة. روى عنه أبو موسى، وقال: توفي في عشر ذي الحجة.(11/182)
37 - هبة الله بْن المبارك بْن أحمد، أبو المعالي ابن الدَّواتيّ الكاتب، [المتوفى: 511 هـ]
مِن أهل باب المراتب.
كَانَ ينسخ بالأُجرة.
سَمِعَ ابن غَيْلان، وأبا الحُسَيْن التَّوَّزيّ، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، والبرمكيّ.
قَالَ ابن ناصر: لم يكن في دينه بذاك، وكان يتهم بالرفض والاعتزال.
وجمع نحو مائتي دينار، وهو يُظهِر الفَقْر. فأُخذت منه في الحمام، وبقي متحسّرّا عليها، وترك من كان يُحسن إليه مراعاته.
أخبرني جماعة أنّه لم يُرَ في يوم الجمعة قطّ في الجامع.(11/182)
38 - هبة الله بْن المبارك بْن عَبْد الجبّار ابن الطُّيُوريّ، الأخرس. [المتوفى: 511 هـ]
سمعّه أَبُوهُ مِن أَبِي الحُسَيْن ابن الزينبي، وتوفي في شوال.(11/182)
39 - يحيى بن عبد الوهَّاب ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده، الحافظ أبو زكريا بن أبي عمرو العَبْديُّ الأصبهانيُّ. [المتوفى: 511 هـ]
من بيت الحفظ والحديث. سمع أباه، وعمَّيه عبد الرحمن وعبيد الله، وأبا بَكْر بْن رِيذة، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبا العباس الفضَّاض، وأبا طاهر أحمد بن محمود، وإبراهيم بن منصور السِّبْط، ومحمد بن علي بن الحُسين الجُوزداني، ومحمد بن علي بن محمد الجصَّاص، وأبا الفتح علي بن محمد بن عبد الصمد الدُّليلي، وأبا بكر أحمد بن منصور بن خلف، وسعيد بن أبي سعيد العيَّار، وأبا الوليد الحسن بن محمد الدَّربندي الحافظ، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرَّازي.
ورحل إلى نيسابور، فسمع أبا بكر البيهقي الإمام وأحمد بن منصور المذكور، وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري وعبد الرحمن بن إسحاق الفامي. وبهمذان أبا بكر محمد بن عبد الرحمن النَّهاوندي وجماعة.
ولم يرحل إلى بغداد، بل دخلها في شيخوخته، وأملى بها بجامع المنصور سنة ثمان وتسعين، وحجَّ. وله إجازة من أبي طالب بن غيلان.
قال السَّمعاني في "معجمه": ومن مسموعاته كتاب "المعجم الكبير" للطَّبراني و"المعجم الصغير" له، رواهما عن ابن ريذة. و"مسند أبي يعلى" روايته عن محمد بن علي وإبراهيم بن منصور عن ابن المقرئ عنه. وكتاب "الرُّهون" لابن أبي عاصم، يرويه ابن عبد الرحيم عن القبَّاب عنه. وكتاب "تاريخ الليث بن سعد"، يرويه عن ابن عبد الرحيم، عن أبي الشَّيخ عن ابن مهران عن يحيى بن بُكَير عنه. و"سنن الدَّارقطني"، يرويه عن ابن عبد الرحيم عنه.
روى عنه عبد الوهَّاب الأنماطي، ويحيى بن عبد الغفار ابن الصباغ، وعلي بن أبي تراب، ومحمد بن ناصر الحافظ، والشيخ عبد القادر الجيلي، وأبو محمد ابن الخشَّاب، وأبو طاهر السِّلفي، وأبو الحُسين عبد الحق اليوسفي.
وآخر مَنْ روى عنه محمد بن إسماعيل الطَّرسوسي. وأجاز له مروياته ولجماعة. ورأيت له "مناقب الإمام أحمد" ثلاثين جزءاً، جوَّده وتعب عليه.
وذكره أبو سعد السَّمعاني، فقال: هو جليل القدر، وافر الفضل، [ص:184] واسع الرِّواية، ثقة، حافظ، مكثر، صدوق، كثير التَّصانيف، حسن السِّيرة، بعيد من التَّكلُّف، أوحد بيته في عصره.
خرَّج التَّخاريج لنفسه ولجماعة من شيوخنا الأصبهانيين، وكتب لي بالإجازة بجميع مسموعاته. وسألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه، فأثنى عليه، ووصفه بالحفظ والمعرفة والدّراية.
وسمعت أبا بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني الحافظ يقول: بيتُ ابن منده بُدئ بيحيى وخُتم بيحيى.
قرأت بخط اليونارتي: ولد يحيى بن عبد الوهاب في شوَّال سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. وكتب إليَّ معمر بن الفاخر أنه توفي يوم النَّحر سنة إحدى عشرة.
قلت: وكتب أبو مسعود الحاجي إلى كريمة أنه توفي يوم الجمعة وقت الضُّحى الحادي عشر من ذي الحجة.
وفي "الوفيات" لأحمد بن صالح بن شافع أنها في يوم السبت ثاني عشر ذي الحجَّة.(11/183)
40 - يمن، أبو الخير الحبشي، [المتوفى: 511 هـ]
مولى المستظهر بالله.
كَانَ مَهِيبًا وقورًا، سَمْحًا، جوادًا، فطِنًا، ذا رأيٍ ومعرفة، وُلّي إمرة الحاجّ، ونُفّذ رسولًا غير مرّة إلى السّلطان. وسمع أبا عَبْد الله النّعاليّ، وحدَّث بإصبهان، وكان يُلقَّب أمير الجيوش.
تُوُفّي في ربيع الآخر.(11/184)
-سنة اثنتي عشرة وخمسمائة(11/185)
41 - أحمد المستظهر بالله، أمير المؤمنين أبو العبّاس ابن المقتدي بالله أمير المؤمنين أبي القاسم عَبْد الله ابن الأمير محمد الذّخيرة ابن القائم بأمر الله أَبِي جعفر عَبْد الله ابن القادر بالله أحمد بن إسحاق ابن المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد الهاشميّ العبّاسيّ. [المتوفى: 512 هـ]
بُويع بالخلافة بعد موت المقتدي في ثامن عشر المحرَّم سنة سبْعٍ وثمانين، وعمره ستّة عشر عامًا وشهران؛ فإنّه وُلِد في شوّال سنة سبعين، وصلّى بالنّاس الظُّهْر، ثمّ صلّى عَلَى والده.
وكان ميمون الطَّلْعة، حميدَ الأيّام. وَزَرَ لَهُ أبو منصور بن محمد بن جَهِير، وولي القضاء لَهُ أبو بَكْر بْن المظفَّر الشّاميّ قليلًا. ومات فولي بعده القضاء أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن عليّ الدّامَغَانيّ.
ووَزَرَ لَهُ بعدُ عميد الدّولة أَبِي منصور سديد الدّولة أبو المعالي الأصفهانيّ، ثمّ زعيم الرؤساء أبو القاسم علي ابن عميد الدّولة بْن جَهير، ثمّ مجد الدّين أبو المعالي هبة الله بْن المطَّلب، ثمّ نظام الدّين أبو منصور الحُسَيْن بْن أَبِي شجاع الوزير.
قَالَ ابن الأثير: كَانَ ليّن الجانب، كريم الأخلاق، يسارع في أعمال البَرّ، وكانت أيّامه أيّام سرور للرّعيّة، فكأنّها مِن حُسْنها أعياد. وكان حسن الخطَّ، جيّد التّوقيعات، لا يقاربه فيها أحد، تدل عَلَى فضلٍ غزير، وعِلْمٍ واسع.
ومات بعِلّة التّراقي، وهي دُمَّل تطلع في الحَلْق، وكان سَمْحًا جوادًا.
قَالَ ابن الجوزي: كَانَ حافظًا للقرآن، مُحبًا للعلماء والصّالحين، منكرًا للظُّلم.
ومن شِعْره:
أذاب حَرُّ الهوى في القلب ما جمدا ... يوما مددت إلى رسْم الوداع يدا
وكيف أسْلُكُ نَهجَ الاصطبار وقد ... أرى طرائقَ مَهْوَى الهَوَى قِدَدا
إن كنت أنقض عهد الحب فسلني ... مِن بعد حبّي فلا عاتبتكم أبدا [ص:186]
وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وأيّامًا، ولم تَصْفُ لَهُ الخلافة، بل كانت أيامه مضطّربة، كثيرة الحروب. وغسّله شيخ الحنابلة ابن عقيل، وصلّى عَليْهِ ابنه المسترشد بالله الفَضْلُ.
وخلّف مِن الأولاد هذا، والمقتفي لأمر الله محمدًا، وعليا، وأبا طَالِب العبّاس، وإبراهيم، وعيسى، وإسماعيل.
وتُوُفّيت بعده بقليل جدّته أرْجُوان الأرمنيّة والدة المقتدي، ولا يُعَلم خليفة عاشت بعده جدّته إلّا هُوَ.
قَالَ السّلَفيّ: قَالَ لي أبو الخطّاب ابن الجرّاح: صلّيت بالمستظهر بالله في رمضان فقرأت: " إن ابنك سرق " رواية رويناها عَنِ الكِسائيّ. فلمّا سلّمتُ قَالَ: هذه قراءة حَسَنة؛ فيها تنزيهُ أولاد الأنبياء عَنِ الكذب.
وللصارم مرجى البطائحي الشاعر:
أصبحت بالمستظهر ابن المقتدي ... بالله ابن القائم ابن القادر
مستعصمًا أرجو نوافل كفه ... وبأن يكون عَلَى العشيرة ناصري
فيقرّ مَعَ كَبِري قراري عنده ... ويفوز مِن مدحي بشِعرٍ سائر
فوقع المستظهر: يخير بين الصلة والانحدار، أو المقام والإدراز. فاختار الانحدار.
ولمرجى هذا شعر كثير ثائر، أكثره في الهجو.
توفي إلى رضوان الله في يوم الأربعاء الثّالث والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة.(11/185)
42 - أحمد بن عبد الرَّزَّاق بن حسَّان بن سعيد المنيعيُّ، كمال القضاة أبو إبراهيم المروالرُّوذيُّ القاضي الخطيب. [المتوفى: 512 هـ]
فاضل، عالم، مناظر، خطب في جامع جدِّه مدة. وتوفي في شعبان، وقد روى الحديث.(11/186)
43 - أحمد بْن عليّ بْن محمد بْن علي بْن محمد بن الهيثم الزَّاهد، أبو عبد الله الأسواريُّ الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ. [المتوفى: 512 هـ][ص:187]
توفي في تاسع شوَّال، وقيل: في ثاني وعشرين من شوال، وله تسع وسبعون سنة. روى عَنْهُ أبو موسى الحافظ.(11/186)
44 - أحمد بْن الفضل بن عمر، أبو العلاء الأصبهانيُّ المقرئ، المعروف بالكندوج. [المتوفى: 512 هـ]
توفي لليلة بقيت من صفر، وكان مولده في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وحدَّث في الشَّهر الذي مات فيه. روى عن أبي عثمان سعيد بن أبي سعيد العيَّار وأحمد بن محمد بن المرزبان. روى عَنْهُ أبو موسى المَدِينيّ، وأبو جعفر الصَّيْدلاني، له عنه حضور.(11/187)
45 - أحمد بْن محمد بْن إبراهيم بْن عليّ، العلامة المفتي عالم أهل بخارى في زمانه أبو سعد ابن مفتي بخارى الشيخ أبي الخطاب، الكعبي الطبريُّ الفقيه. [المتوفى: 512 هـ]
تفقه على أبيه، وسمع من جدِّه، ومن السَّيد محمد بن محمد الحسيني الحافظ، ونصر بن علي الزَّندي. مات في رمضان كهلاً. من "التحبير".(11/187)
46 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن عليّ، أبو العباس ابن الزّوال الهاشميّ العبّاسيّ المأمونيّ المعدّل. [المتوفى: 512 هـ]
سَمِعَ: القاضي أبا يَعْلَى، وأبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وجماعة، وكتب بخطه كثيرا.
روى عنه محمد بن ناصر، والسلفي، وجماعة. وقد قرأ القرآن عَلَى: محمد بْن علي الخياط، وأبي علي ابن البناء. تُوُفّي في المحرَّم عَنْ سبعين سنة.(11/187)
47 - أحمد بن محمد بن عبد السلام بن قيداس، البغداديّ، أبو نصر المقرئ. [المتوفى: 512 هـ]
سَمِعَ: أبا طَالِب محمد بْن الحُسَيْن بْن بُكَيْر، وأبا طاهر ابن العلّاف، وأبا بَكْر بْن بِشْران. وعنه: أبو محمد ابن الخشاب، وأبو العز محمد بن محمد ابن الخراساني، ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
قلت: إن صح مولده فروايته عن ابن بكير حضورًا أو غلط. [ص:188]
قال أبو الحسن ابن الزاغوني: تُوُفّي ابن قيداس المقرئ بالحريم في جُمَادَى الأولى، وقد قرأ القرآن بروايات، وسمع الحديث.(11/187)
48 - أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن حمدان الحارثي السرخسي. [المتوفى: 512 هـ]
رئيس جليل، ورد بغداد حاجا، وسمع أبا الفضل بن خيرون وجماعة في الكهولة؛ فإنه ولد في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. أجاز لأبي سعد السمعاني.(11/188)
49 - أرجوان، وتُدعى قُرّة العين، الأرمنيّة، [المتوفى: 512 هـ]
والدة الخليفة المقتدي بالله، وجدّه المستظهر.
عاشت في العزّ والجاه حتّى رأت البطْنَ الرّابع مِن أولادها، وكانت صالحة، كثيرة الصدقة. حجت ثلاث مرات بحشمة وأبهة، ولها رباط بمكة، ورباط ببغداد.
عاشت إلى هذا الوقت.(11/188)
50 - أرسلان شاه، ابن السلطان علاء الدولة مسعود بن إبراهيم بن مسعود ابن السلطان محمود بن سبكتكين. [المتوفى: 512 هـ]
ولي مملكة غزنة بعد أبيه سنة ثمان وخمسمائة، وخنق في جمادى الآخرة من سنة اثنتي عشرة. وقد مرت أخباره في وفاة أبيه.(11/188)
51 - بَكْر بْن محمد بْن عليّ بْن الفَضْلُ بْن الحَسَن بْن أحمد بْن إبراهيم، العلّامة أبو الفَضْلُ الأنصاريّ الجابريّ، مِن وُلِد جَابِر بن عبد الله، البخاري الزَّرَنْجريُّ، وزرنجرة مِن قرى بُخارى الكبار، ويُعرف بشمس الأئمّة أَبِي الفَضْلُ. [المتوفى: 512 هـ]
كَانَ فقيه تِلْكَ الدّيار، ومفتي ما وراء النّهر، وكان يضرب بِهِ المثل في حِفْظ مذهب أبي حنيفة.
قَالَ لنا أبو العلاء الفَرَضيّ: كَانَ الإمام عَلَى الإطلاق، والموفود إِليْهِ مِن الآفاق. رافق في أوّل أمره برهان الأئمّة سراج الأمّة الماضي عَبْد العزيز بن [ص:189] عمر بن مازة، تفقهًا معًا عَلَى شمس الأئمّة محمد بن أبي سهل السرخسي.
ولد أبو الفضل في سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وسمع الحديث في صغره، وأدرك الكبار، وتفقَّه أيضًا على شمس الأئمة أبي محمد عَبْد العزيز بْن أحمد الحَلْوائيّ، وكان أَبُوهُ محمد يروي عَنْ إسماعيل بْن أحمد الفضائليّ، وغيره.
سَمِعَ: أباه، وأبا حفص عُمَر بْن منصور بْن خَنْب، وأبا مسعود أحمد بْن محمد البَجَليّ، وميمون بْن عليّ الميموني، وأبا سهل أحمد بن عليّ الأبِيَوَرْدِيّ، وإبراهيم بْن عليّ الطَّبَريّ، ويوسف بْن منصور السّيّاريّ الحافظ، وأبا بَكْر محمد بن سليمان الكاخستواني. وسمع صحيح الْبُخَارِيّ مِن أبي سهل المذكور، قال: أخبرنا أبو عليّ بْن حاجب الكُشَانيّ.
وقال أبو سعد السمعاني: وورد بغداد حاجا قبل الخمسمائة، وتفرَّد بالرّواية عَنْ جماعة، وكتب لي بالإجازة بمسموعاته، وكان يسمّى أبا حنيفة الأصغر.
سألوه عن مسألة، فقال: كررت عليها أربعمائة مرة. وكانت له معرفة بالأنساب والتواريخ، وحدثنا عَنْهُ جماعة منهم: عُمَر بْن محمد بْن طاهر الفرغاني، وأبو جعفر أحمد بن محمد الخلمي البلْخيّ، ومحمد بْن يعقوب نزيل سَرْخَس، وعبد الحليم بْن محمد الْبُخَارِيّ.
تفقَّه عَلَى شمس الأئمة هذا ابنه عمر. توفي ولده عماد الدين عمر سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وشيخ الإسلام برهان الدّين عليّ بْن أبي بكر الفرغاني، وجماعة.
وتوفي في تاسع عشر شَعْبان.(11/188)
52 - الحَسَن بْن عُمَر بْن الحَسَن بْن عُمَر، أبو القاسم الهَوْزنيّ الإشبيلي. [المتوفى: 512 هـ]
روى عن: أبيه، وأبي محمد ابن الباجي، وأبي عبد الله بن منظور وحجّ، وسمع بالمَهْديّة مِن: عَبْد الله بْن محمد القرشي، وبالإسكندرية من محمد بن [ص:190] منصور الحضْرميّ، وبمصر مِن: محمد بْن بركات.
وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بْن وليد. وكان فقيهًا مشاورًا، فاضلًا، رحل الناس إليه.
وتوفي في ذي القعدة، وكان مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.(11/189)
53 - الحُسَيْن بن محمد بْن عليّ بْن الحَسَن، نور الهدى أبو طَالِب الهاشميّ العبّاسيّ الزَّيْنَبيّ، الفقيه الحنفيّ، [المتوفى: 512 هـ]
رئيس الطّائفة الحنفيّة.
كَانَ إمامًا معظّمًا كبير الشّان، مكرّمًا للغرباء، بارِعًا في المذهب. ولد سنة عشرين وأربعمائة، وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم الأزهري، وأبا القاسم التنوخي، والحسن ابن المقتدر، وسمع بمكّة الصّحيح مِن كريمة، وتفرّد بِهِ عَنْهَا ببغداد، وسمعه منه النّاس.
روى عنه: عَبْد الغافر الكاشْغَريّ. ومات قبله بأربعين سنة أو أكثر، وابن أخيه عليّ بْن طِراد الوزير، والصائن هبة الله ابن عساكر.
وسمع منه الصّحيح عَبْد المنعم بْن كُلَيْب، وقد قرأ القرآن عَلَى الزّاهد أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وتفقَّه عَلَى قاضي القُضاة أَبِي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، وقد مدحه الغزّي الشّاعر بقصيدة حَسَنة.
تُوُفّي في صَفَر، وله اثنتان وتسعون سنة، فهو وأخواه أبو نصر محمد وطِراد ماتوا في عَشْر المائة، وتفرّدوا في وقتهم.
ولم يزل نور الهدى مدرّس مدرسة شرف المُلْك، وترسَّل إلى ملوك الأطراف. وولي نقابة العبّاسييّن والطّالبيّين، ثمّ استعفى بعد أشهر، فأُعفي، وأُحضر أخوه طِراد من الكوفة، وكان نقيبها، فوُلّي نقابة العبّاسييّن.(11/190)
54 - حَمْدُ بْن نصر بن أحمد بن محمد بن معروف، الحافظ أبو العلاء الهَمَذَانيّ الأعمش الأديب. [المتوفى: 512 هـ]
أجاز لأبي سعد السمعاني فقال: كَانَ عارفًا بالحديث حافظًا ثقة، مكثرًا. سَمِعَ الكثير بنفسه وأملى وحدث. سمع بهمذان: أبا مُسْلِم بْن غزو النّهاوندي، وأبا الحَسَن عُبَيْد الله بْن أَبِي عَبْد الله بْن مَنْدَهْ، وهارون بن ماهلة [ص:191] الهمذاني، وطبقتهم، مولده بهمذان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. ومات في عاشر شوال.
قلت: روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو العلاء العطّار، وجماعة. وكان مَعَ بصره بالحديث عارفًا بمذهب أحمد، ناصرًا للسُّنّة، وافر الحُرْمة. أملى عدّة مجالس مِن حفظه، رحمه الله تعالى! وكان أحد الأدباء بارعًا في فضائله، وقع لنا من روايته في السلماسية.
أخبرنا أحمد بن عبد الكريم قال: أخبرنا نصر بن جرو قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: سمعت حمد بن نصر الحافظ بهمذان يقول: سمعت علي بن حميد الحافظ يقول: سَمِعْتُ طاهر بْن عَبْد الله الحافظ يَقُولُ: سَمِعْتُ حمْد بْن عُمَر الزَّجَّاج الحافظ يَقُولُ: لما أملى صالح بْن أحْمَد التميمي الحافظ بهَمَذَان كانت لَهُ رَحًى، فباعها بسبعمائة دينار، ونثرها عَلَى محابر أصحاب الحديث.
رواها أبو سَعْد السّمعانيّ، عَنْ شيخ له، عَنِ السّلَفيّ، فكأني لقِيتُه وسمعتها منه، مَعَ أنّ حمد بن نصر قد أجاز لأبي سعد.(11/190)
55 - رابعة بِنْت الإمام أَبِي حكيم عَبْد الله بْن إبراهيم الخَبْريّ، أم الفَضْلُ [المتوفى: 512 هـ]
والدة الحافظ ابن ناصر.
امرَأَة صالحة. سَمِعْتُ: أباها، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة. روى عنهَا: ابنها، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتُوُفّيت في ذي القِعْدة.(11/191)
56 - سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله، أبو محمد المؤدِّب، كان يقال له: السعيد، بالألف واللام. [المتوفى: 512 هـ]
وكان عارفاً باللغة والأدب. سمع عبد الصمد ابن المأمون والحسن بن عبد الودود، والصريفيني. روى عنه أبو بكر المفيد وجماعة.
توفي ببغداد في المحرم، وكان أشعريًّا، عاش نيفاً وسبعين سنة.(11/191)
57 - سلمان بن ناصر بن عمران، أبو القاسم الأنصاريُّ النَّيْسابوريُّ الصُّوفيُّ الفقيه، [المتوفى: 512 هـ]
صاحب إمام الحرمين. [ص:192]
كان بارعاً في الأصول والتَّفسير. سمع بدمشق وغيرها، وحدَّث عن أبي الحسين بن مكي، وفضل الله بن أحمد الميهني، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وجماعة. وشرح كتاب "الإرشاد" لشيخه، وخدَمَ أبا القاسم القشيري مدة. وكان صالحاً، زاهداً، إماماً، عارفاً من أفراد الأئمة.
توفي في جمادى الآخرة، وقد سمع بمكة من كريمة المروزية، وهو من كبار المصنِّفين في علم الكلام، وهو مشهور بأبي القاسم الأنصاري.
قال ابن السَّمعاني: أجاز لي مروياته. وسمعت محمد بن أحمد النُّوقاني يقول: سمعت أبا القاسم الأنصاري يقول: كنت في البادية فأنشدت:
سرى بخبط الظَّلماء واللَّيل عاسفٌ ... حبيب بأوقات الزِّيارة عارف
فما راعني إلا السلام عليكم ... أأدخل قلت ادخل ولم أنت واقف
فجاء بدوي وجعل يطرب، ويستعيدني.
أرخه عبد الغافر، وقال ناصر ولده: مات سنة إحدى عشرة.(11/191)
• - شمس الأئمة. اسمه بكر، [المتوفى: 512 هـ]
مر.(11/192)
58 - طلحة بْن أحمد بْن طلحة بْن أحمد بْن الحَسَن بْن سليمان بْن الحارث، أبو البركات الكندي العاقولي. [المتوفى: 512 هـ]
ولد بدير العاقول، وهي على خمسة عشر فرسخا مِن بغداد، ودخل بغداد سنة ثمانٍ وأربعين. واشتغل بالعلم، وقرأ عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى كتاب الخصال. وسمع منه، ومن: أَبِي محمد الجوهري، وأبي الحسين بْن حَسْنُون النَّرْسيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: هبة الله الصائن، ومحمد بْن أَبِي القاسم بْن حمزة الساوي، وابن ناصر، وغيرهم. وكان من الصالحين والأئمة. تُوُفّي في شَعْبان ببغداد، وله ثمانون سنة.(11/192)
59 - عاصم بن زياد بن مظفر الشيباني الأصبهاني. [المتوفى: 512 هـ][ص:193]
روى عن سعيد العيار، روى عنه أبو موسى الحافظ، وتوفي يوم عاشوراء.(11/192)
60 - عبد الجبار بن أبي سعد الفضل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن سعدان، أبو الوفاء الأموي المرواني الهشامي الأصبهاني. [المتوفى: 512 هـ]
مات في ربيع الآخر، وهو من شيوخ أبي موسى.(11/193)
61 - عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن إسماعيل، أبو الفضائل الأُمَويّ العثمانيّ الدّيباجيّ، [المتوفى: 512 هـ]
والد العثمانيّين.
قَالَ ابن المفضل: روى عَنْ جدّه لأُمّه أَبِي حفص البُوصِيريّ، روى عَنْهُ: ولده أبو محمد العثمانيّ، ثمّ قَالَ ابن المفضل الحافظ: وقد تكلّم في سماعه، مات في المحرَّم.(11/193)
62 - عَبْد الكريم بْن أحمد بْن قاسم بْن أبي عَجينة، الشَّيْخ أبو محمد القباريّ، المعروف بالخُلْقانيّ الإسكندرانيّ، [المتوفى: 512 هـ]
المؤذّن المُعَمَّر.
مِن شيوخ السّلَفيّ، قَالَ فيه: كَانَ يقال: إنه ابن مائة وعشرين سنة.
أخبرنا عَنْ أحمد بْن إبراهيم الرّازيّ، وغيره. وسمعت أبا عبد الله ابن الحطاب الرّازيّ، وجماعة يقولون: ما عندنا أكبر منه سنًا. قَالَ أبو عَبْد الله: وقد بلغ مائة وعشرين سنة أو دُونها بقليل، وبلغني أنه بقي ثلاثًا وستين سنة لم يأكل لحمًا إلّا لحم الصَّيد الَّذِي يصيده بنفسه، ومنه قُوتُه، ولم يأكل اللَّبَن ولا الْجُبْن هذه المدّة تورُّعًا، وكان يأكل مِن القبار والمباح، ويعبّر المنامات ويُصيب، وهو أُميّ لَا يكتب. رَأَيْته وهو حاضر الذّهْن يُبصر ويسمع، ويعبّر المنام، ولا يتتعتع في حرف، وقد سَمِعَ عَلَى أَبِي العبّاس الرّازيّ كثيرًا، وتوفي في رجب، رحمه الله تعالى.
قَالَ السّلَفيّ: وقد كنت أداعبه وأقول: أنت مكبر، معبر، مجبر، فيتبسم، وقد ذكر لي أنّه رَأَى أبا عِمران الفاسيّ لمّا قِدم الإسكندريّة حاجًا. [ص:194]
قال: وكان يجبر، وكان مالكيا، كَانَ مَعَ كَبِر سِنّه يقصدني إلى أن مات محمولًا كأنّه قُفّه.(11/193)
63 - عَبْد الكريم بْن عليّ بْن محمد بْن علي بْن فُورَجَة، أبو الخير الإصبهانيّ. [المتوفى: 512 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين وأربع مائة، وروى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن بْن فاذشاه، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم. روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وغيره، وآخر مِن روى عَنْهُ حضورًا أبو جعفر الصيدلاني. توفي في ثاني عشر شوّال.
وممّا يروي الزُّهْد لأسد، سمعه مِن ابن فاذشاه، وكتاب "ثواب الأعمال" لأبي الشَّيْخ، رواه عَنِ الفَضْلُ بْن محمد بْن سعيد، عنه.(11/194)
64 - عبد الملك بن أحمد، أبو سعيد النيسابوري الحرفي. [المتوفى: 512 هـ]
كان من الدهاقين الشجعان، سمع محمد بن عبد العزيز النيلي، وابن مسرور، وعبد الغافر. روى عنه السمعاني حضورا. مات في شوال.(11/194)
65 - عُبَيْد بْن محمد بْن عُبَيْد، أبو العلاء القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ التّاجر. [المتوفى: 512 هـ]
مِن بيت عدالة ورواية، سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وعبد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وأبا حسّان محمد بْن أحمد المُزَكّيّ، وأبا حفص بْن مسرور، وسافر في شبيبته إلى المغرب تاجرًا، وأقام هناك مُدَّة، وحصَّل أموالًا، ثمّ عاد إلى نَيْسابور ولزم داره، وكان قليل المخالطة. وحدَّث ببغداد مَعَ أخيه لمّا قِدم للحجّ، وقد مرَّ أخوه الفَضْلُ مِن سنوات. روى عَنْهُمَا: أبو الفتح محمد بْن عَبْد السّلام، سَمِعَ منهما في سنة سبْعٍ وثمانين.
وسأله اليُونارتيّ عَنْ مولده، فقال: في سنة سبْعٍ عشرة وأربع مائة. وذكر أنه غاب عن نَيْسابور نيّفًا وعشرين سنة.
ووصفه عَبْد الغافر في تاريخه: بالصّدق والعدالة والعبادة، وصحّة [ص:195] السّماع، والإنفاق عَلَى الفقراء، وتصدّق في آخر عمره بصدقات كثيرة، وثقُل سمعه، وتُوُفّي في شَعْبان.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: كان والدي أحضرني السماع عليه في سنة تسع وخمس مائة، وتوفي في ثامن عشر شعبان سنة اثنتي عشرة وخمس مائة، رحمه الله، قاله ابن النجار.(11/194)
66 - عطاملك بن عبد الجبار بن أبي طاهر بن المعين الخطيب، أبو محمد، السَّمرقنديُّ، النحويُّ. [المتوفى: 512 هـ]
ولد في صفر سنة تسع وثلاثين وأربع مائة، وروى عن أبي حفص بن شاهين السَّمرقندي، وتوفي في رجب. روى عنه عمر بن محمد النَّسفي، وغيره.(11/195)
67 - علي بن أحمد بن علي بن منصور، أبو الحسن الطَّبريُّ الزُّجاجيُّ الفقيه الضَّرير. [المتوفى: 512 هـ]
سمع ابن غيلان، وأبا منصور السَّواق، وأحمد بن علي التَّوزَّي. وعنه ابن ناصر، والسِّلفي.
مات في شوال. ذكره ابن النَّجار.(11/195)
68 - عليّ بن مليح، أبو المعالى البزَّاز. [المتوفى: 512 هـ]
سمع الحسين بن منصور المُخَرِّمي، وعبد الصمد ابن المأمون.
توفي في ربيع الآخر ببغداد. وعنه ابن ناصر.(11/195)
69 - عمر بن محمد بن عمر بن أحمد بن أبان، أبو حفص المُعَلِّم، الأصبهانيُّ. [المتوفى: 512 هـ]
توفي في جمادى الأولى. روى عن أبي القاسم ابن مندة، وعنه أبو موسى المديني.(11/195)
70 - عيسى بْن شُعيب بْن إبراهيم، الزّاهد المُعَمَّر أبو عَبْد الله السّجْزيّ الصُّوفيّ، [المتوفى: 512 هـ]
نزيل هَرَاة. [ص:196]
الحافظ، وبهَرَاة مِن عَبْد الوهّاب بْن محمد الخطّابيّ، وبغزْنَة الخليل بْن أبي يَعْلَى، وحَمَلَ ولده أبا الوقت عَلَى كتفه مِن هَرَاة إلى بوشنج، فأسمعه الصحيح.
ولد بسِجِسْتان بعد سنة عشر وأربع مائة، وسمع بها من علي بن بشرى.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: شيخ صالح، مُسِنّ، حريص عَلَى السّماع. أجاز لي مَرْويّاته. مولده في سنة عشر وأربع مائة، وتوفي بمالين هَرَاة في ثاني عشر شوّال، وله مائة وسنتان.(11/195)
71 - مباركة، ست الأهل بنت عبد الملك الشهرزوري. [المتوفى: 512 هـ]
روت عن أبي علي ابن المذهب، أخذ عنها ابن ناصر، وقال: سماعها صحيح.
توفيت في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة.(11/196)
72 - محمد بْن أحمد بن عبد الرَّحْمَن، أبو عَبْد الله الأنصاريّ الطُّلَيْطُليّ المقرئ، ويُعرف بابن قرقاشش، [المتوفى: 512 هـ]
نزيل فاس.
لَهُ مصنَّف في القراءات، أخذ عَنْ: المَغَاميّ، وأبي الحَسَن الألْبِيريّ. قرأ عَليْهِ في هذا العام بغَرْنَاطة: أبو إِسْحَاق الغَرْنَاطيّ.(11/196)
73 - محمد بْن أحمد بْن عَوْن، أبو عَبْد الله المَعَافِريّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 512 هـ]
روى عَنْ: حاتم بْن محمد، وأبي عَبْد الله بْن عتّاب. وكان فقيهًا، إمامًا، ورِعًا، مُتَصَاونًا، كثير الكُتُب، ومات في ذي القِعْدة، فصلّى عَليْهِ ابنه أبو بَكْر.(11/196)
74 - محمد بْن أحمد بْن محمد بن يوسف، أبو عبد الله الفارسيُّ الصُّوفيُّ الخيَّاط، [المتوفى: 512 هـ]
نزيل أصبهان.
رجل صالح روى عن عبد الوهَّاب بن مندة، ولم يزل يسمع إلى أن مات في رمضان. روى عنه أبو موسى، وغيره.(11/196)
75 - محمد بن حاتم بن محمد، أبو الحسن الطَّائيُّ الطوسيُّ الشافعيُّ، [المتوفى: 512 هـ]
تلميذ إمام الحرمين.
سافر معه إلى الحجاز والشَّام والثُّغور. وسمع من إسماعيل النُّوقاني، وابن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر المقدسي، ورزق الله التَّميمي. روى عنه أبو بكر ابن السَّمعاني، وأجاز لابنه أبي سعد في هذه السنة، لم يبلغنا تاريخ وفاته.(11/197)
76 - محمد بن الحسن بن الحسين، أبو الحسين الوثَّابيُّ الوركانيُّ الأصبهانيُّ. [المتوفى: 512 هـ](11/197)
77 - محمد بْن الحُسَيْن بْن محمد، فخر القُضاة أبو بَكْر الأرسابَنديّ المَرْوَزِيّ، [المتوفى: 512 هـ]
وأرسابَند: مِن قرى مَرْو.
تفقَّه عَلَى الأستاذ أَبِي منصور السّمعانيّ، ورحل إلى بُخارى، فتفقَّه عَلَى القاضي الزَّوْزنيّ صاحب أَبِي زيد، وبرع حتّى صار يُضْرب بِهِ المثل في علم النَّظر، وحجّ، وسمع مِن رزق الله التّميميّ.
روى عَنْهُ: صاحباه أبو الفَضْلُ عَبْد الرَّحْمَن بْن أميرُوَيْه الكرْماني، وقاضي مرو محمد بن عبد الله الصائغي، وغيرهما من كبار الحنفية، وتوفي في ربيع الأول.(11/197)
78 - محمد بن أبي القاسم عبد الله بن أحمد، أبو الفتح الخِرقيُّ الأصبهانيُّ، المعروف بتليزة الشَّرابيُّ. [المتوفى: 512 هـ]
ولد سنة ثمان وعشرين، وروى بالإجازة عن أَبِي نُعَيْم،
رَوَى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وتوفي في رمضان.
وقال ابن السمعاني: أجاز لي. سمع ابن ريذة، وهو شيخ صالح. وقال ابن نقطة: أوله تاء مثناة من فوق، وكأنه الكبير البطن.(11/197)
79 - مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن وانيدة، أبو طاهر الأصبهانيُّ. [المتوفى: 512 هـ][ص:198]
توفي في ثاني صفر.(11/197)
80 - محمد بن عتيق أبي بكر بن محمد بن أبي نصر، أبو عبد الله التّميميّ القَيْرواني الأشعريّ المتكلّم، ويُعرف بابن أَبِي كُدَيَّة. [المتوفى: 512 هـ]
درس الأصول بالقيروان عَلَى أَبِي عَبْد الله الحُسَيْن بْن حاتم الأزْديّ صاحب ابن الباقِلّانيّ، وسمع بمصر مِن أَبِي عبد الله القُضاعيّ. وقدم الشّام، فأخذ عَنْهُ أبو الفتح نصر الله بْن محمد المصّيصيّ، ودخل العراق، وأقرأ علم الكلام بالمدرسة النّظاميّة، وكان صلْبًا في الاعتقاد.
تُوُفّي ببغداد في ذي الحجّة، وقد سَمِعَ بالأندلس مِن ابن عبد البَرّ، وقرأ بالروايات بمصر عَلَى أَبِي العبّاس بْن نفيس، وسمع ببغداد مِن عَبْد الباقي العطّار، صاحب المخلّص، وأقام بالشّام مدّة، ثمّ قِدم بغداد ثانيًا، وأقرأ بها القراءات أيضًا، قرأ عليه: أبو الكرم الشهرزوري، وحدث عنه: عبد الحق اليوسفي بكتاب الشهاب، وقال فيه ابن عقيل: ذاكَرْتُهُ، فرأيته مملوءًا عِلمًا وحِفظًا.
وقال السّلَفيّ في مُعْجَمه: كَانَ مشارًا إليه في علم الكلام، وقال لي: أَنَا أدرّس علم الكلام مِن سنة ثلاثٍ وأربعين وأربع مائة، وكان مقدّمًا عَلَى نُظَرائه، مبجلًا عند مِن ينتحل مذهبه، مجانبًا عند مخالفيه، جَرَت بينه وبين الحنابلة فتن، وأُوذي غاية الإيذاء، وأنشدني مِن شِعْر صديقه الحَسَن بْن رشيق، وقال لي: إنّه قرأ أيضًا الكلام ببلده عَلَى أبي طاهر عليّ بْن محمد بْن عُرْس المَوْصِليّ صاحب ابن الباقِلّانيّ، وأنّه سَمِعَ مِن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الخِرَقيّ.
قلت: عاش تسعين سنة أو جاوزها، وسأله السّلَفيّ عَنْ مسألة الاستواء، فذكر أنّ أحد الوجهين لأبي الحَسَن الأَشْعريّ أن يُحمل عَلَى ما ورد ولا يُفسّر.(11/198)
81 - محمد بْن عيسى بْن محمد بْن بقاء، أبو عَبْد الله الأنصاريّ الأندلسيّ. [المتوفى: 512 هـ]
أحد القرّاء المجوّدين، قرأ عَلَى أبي داود صاحب أَبِي عَمْرو الدّانيّ. [ص:199]
وأقرأ بدمشق، قرأ عَليْهِ جماعة مِن الدّمشقيّين.
وكان فاضلًا، تاركًا للتكلُّف، حَفَظَه للحكايات، يسكن في دار الحجارة، تُوُفّي في ذي القِعْدة وله ثمان وخمسون سنة.(11/198)
82 - محمد بْن محمد بن عليّ بن حكم، أبو عبد الله الباهلي القرقوبي، الأندلسي، المريي. [المتوفى: 512 هـ]
سَمِعَ: أبا خَالِد يزيد مولى المعتصم، وأبا عَلَيّ الغسّانيّ. وحدَّث بتقييد المُهْمَل لأبي عليّ بالإسكندريّة، فأخذه عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو محمد العثماني، وأخوه أبو الفَضْلُ العثمانيّ، وروى عَنْهُ بالإجازة: بركات الخشوعي.
ووصفه السلفي بالحفظ، وقال: حدثنا من حفظه، عن أبي بكر حازم بن محمد الطليلطي، وكان مِن أهل المعرفة بقوانين الحديث، أخذ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عليّ الْجَيّانيّ، وغيره، وقد كتب عنّي.
قَالَ ابن الأبّار: تُوُفّي في رجب سنة اثنتي عشرة.
قَالَ السّلَفيّ: تُوُفّي في رجوعه مِن الحجّ بالبادية.(11/199)
83 - محمود بْن الفضل بْن محمود بْن عَبْد الواحد، أبو نصر الصباغ الأصبهاني الحافظ. [المتوفى: 512 هـ]
نزل بغداد، وبالغ في الطلب، وكتب بخطّه السّريع كثيرًا لنفسه ولغيره.
وكان حميد الطريقة، مفيدًا للغرباء، نسخ الكتب الكبار. وقد سمع عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله بن منده، وأبا الفضل البزاني، وأبا بكر بن ماجه، وحدث ببغداد بشيء يسير عن عائشة بنت الحسن الوَرْكانيّة.
قَالَ شِيرَوَيْه الدَّيْلَميّ: قِدم علينا هَمَذَان سنة اثنتين وخمس مائة، وكان حافظًا ثقة، يحسن هذا الشأن، حسن السيرة، عارفًا بالأسماء والنسب، مفيدًا لطلبة العِلْم.
وقال غيره: تُوُفّي في جمادى الأولى ببغداد، وقد سمع بها من رزق الله التميمي، وطراد، وطبقتهما، وخلق من أصحاب أبي علي ابن شاذان، ثم خلق مِن أصحاب ابن غَيْلان، وبالغ حتّى كتب عن أصحاب الصريفيني، وعلي ابن [ص:200] البُسْريّ، روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو الفتح بْن عَبْد السّلام، والمبارك بْن كامل.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ رفيقنا محمود بْن الفَضْلُ يطلب الحديث، ويكتب العالي والنّازل، فعاتبته في كَتْبَه النّازل، فقال: والله، إذا رَأَيْت سماع هَؤلَاءِ لَا أقدر عَلَى تركه، فرأيته بعد موته، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غفر لي بهذا، وأخرج مِن كُمّه جُزءًا.(11/199)
84 - مروان بْن عَبْد المُلْك، الفقيه. [المتوفى: 512 هـ]
وُلّي قضاء المَريّة، وجَرَت لَهُ قصّة مَعَ أبي الحَسَن البرجيّ المقرئ في إحراق كُتُب أبي حامد الغزّاليّ الذي اتبعه عليها أبو القاسم بْن ورد وغيره.
تُوُفّي بالمَرِيّة سنة اثنتي عشرة.(11/200)
85 - هبة الله بن محمد بن محمد، أبو زيد الحاجي الأصبهاني. [المتوفى: 512 هـ]
توفي في أول رمضان، وهو من شيوخ أبي موسى المديني.(11/200)
86 - يحيى بْن عثمان بْن الحُسَيْن بْن عثمان، أبو القاسم ابن الشّوّاء البغداديّ، البيّع، الفقيه الحَنْبليّ، [المتوفى: 512 هـ]
تلميذ القاضي أبي يَعْلَى.
كتب أكثر تواليفه، وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة.
أجاز لابن كُلَيْب، مات في جُمَادَى الآخرة سنة اثنتي عشرة وخمس مائة.(11/200)
87 - يحيى بْن محمد بْن حسّان، أبو محمد القَلْعيّ الأندلسيّ المقرئ، [المتوفى: 512 هـ]
مِن قلعة أيّوب.
أخذ القراءات عَنْ أَبِي جعفر عَبْد الوهّاب بْن حَكَم، ورحل فأخذ عَنْ أَبِي عَبْد الله ابن الحدّاد الأقطع القراءات بالمهدية، وعن أبي عَبْد الله الطّرابُلُسي الأشقر، وتصدَّر ببلده للإقراء، أخذ عنه: أبو عمرو البلجيطي.
وكان صوامًا صالحًا، توفي سنة اثنتي عشرة أو نحوها.(11/200)
-سنة ثلاث عشرة وخمس مائة(11/201)
88 - أحمد بْن الحَسَن بْن طاهر، أبو المعالي الفيج. [المتوفى: 513 هـ]
بغداديّ جليل، روى عَنْ: أبي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي يعلى ابن الفرّاء.
قَالَ المبارك بْن كامل: تُوُفّي في رجب.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، والمبارك بْن خضير، وعبد الحق اليوسفي.(11/201)
89 - أحمد بن عثمان بن مكحول، أبو العباس الأندلسي، [المتوفى: 513 هـ]
نزيل المرية.
أخذ ببطليوس عن أبي بكر ابن العراب، وحج سنة إحدى وخمسين فأخذ عن كريمة، وأبي الحسن طاهر بن بابشاذ، وأبي عبد الله القضاعي.
وكان شيخا فاضلا، حدث، وتُوُفّي في شعبان.(11/201)
90 - أحمد بْن محمد بْن شاكر، أبو سَعِيد الطرسوسي، ثم البغدادي الخرزي. [المتوفى: 513 هـ]
شيخ مستور، يبيع الخَرزَ في رَحبة الجامع، سَمِعَ: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، والجوهريّ، وابن غَيْلان، وحدث، وتوفي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وذاكر بْن كامل، وعاش خمسًا وتسعين سنة، وقد كان يمكنه أن يسمع من أبي علي ابن شاذان، قرأ القرآن عَلَى القَزْوينيّ أيضًا، قاله ابن النجار.
ويقال له: البارزي، وكذا يقال لبياع الخرز والخواتم، وروى عنه السلفي، وقال فيه: الموازيني العتابي.(11/201)
91 - إبراهيم بن جعفر بن أحمد، أبو إسحاق اللَّواتيُّ السَّبْتيُّ، المعروف بابن الفاسي. [المتوفى: 513 هـ]
كان إماماً زاهداً، متقشِّفًا، مقدَّمًا في علم الشُّروط وفي الأحكام، مشاركاً في علم الأصول، والأدب. قرأ على أبي محمد بن سهل المقرئ، وصحب القاضي أبا الأصبغ بن سهل. وسمع من مروان بن سمجون. [ص:202]
روى عنه القاضي عياض، وتوفي في ثامن جمادى الأولى من السَّنة.(11/201)
92 - إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن يوسف، أبو غالب النُّوبندجانيُّ الفارسيُّ. [المتوفى: 513 هـ]
شيخ صالح سفَّار. حدَّث بأصبهان وبغداد عن أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وأبي الحسين ابن النقُّور. مات ليلة نصف شعبان ببغداد. روى عنه عمر بن ظفر، والمبارك بن كامل، والمبارك بن أحمد الأنصاري. وكان صوفيًّا.(11/202)
93 - إسماعيل بن إبراهيم بن شبل، أبو الطَّاهر الإسكندرانيُّ الشَّاهد، [المتوفى: 513 هـ]
أخو أبي بكر يحيى بن إبراهيم.
حدَّث هو وأخوه عن عبد الحق السَّهْمي. ومولد إسماعيل سنة ثمان وعشرين وأربع مئة. وسيأتي يحيى في العام الآتي.(11/202)
94 - الحسن بن محمد بن الحسن بن سُليْم الأصبهانيُّ، أبو علي. [المتوفى: 513 هـ]
أحد شيوخ الحافظ أبي موسى، توفي في جمادى الآخرة.(11/202)
95 - الحُسَيْن بْن عليّ بْن داعي بْن زيد بن علي، السيد أبو عَبْد الله العَلَويّ الحَسَنيّ النّسّابة النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 513 هـ]
سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ أبي الحَسَن الزّاهد مِن: أبي حفص بن مسرور، وأبي سعد الكنجروذي، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وجماعة، وختم بِهِ كثير مِن الأجزاء، فإنّه كَانَ مِن المكثرين في السماع.
وتوفي في المحرم، وكان معنيًا بالأنساب ودقائقها.(11/202)
96 - خُلَيْص بْن عُبَيْد الله بْن أحمد، أبو الحَسَن العَبْدَريّ البَلَنْسِيّ. [المتوفى: 513 هـ]
روى عَنْ: أبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي الوليد الباجيّ، وجماعة، وكتب بخطّه عِلمًا كثيرًا، ولم يكن بالضّابط لما كتب.
قَالَ ابن بَشْكُوال: سَمِعْتُ بعضهم يضعّفه وينسبه إلى الكذِب. [ص:203]
قلت: روى عنه السلفي بالإجازة.(11/202)
97 - عبد الله بن محمد بن دري، أبو محمد التُّجِيبيُّ الرَّكْليُّ، [المتوفى: 513 هـ]
وركلة: من أعمال سرقسطة.
روى عن أبي الوليد الباجي، وأبي مروان بن حيان، وكان قديم الطلب.
قال ابن بشكوال: سمع منه أصحابنا ووثقوه، وتوفي في شوال.(11/203)
98 - عَبْد الباقي بْن محمد بْن عَبْد الواحد، أبو منصور البغداديّ الغزّال، [المتوفى: 513 هـ]
والد يحيى بْن عَبْد الباقي.
شيخ صالح عابد، سَمِعَ: أبا محمد الجوهري، وأبا الغنائم ابن المأمون، روى عنه جماعة، وتوفي في رجب.(11/203)
99 - عبد الكريم بن هبة الله بن علي ابن النَّحويِّ، أبو البركات البغداديُّ القُرُيَّتيُّ. [المتوفى: 513 هـ]
سمع أبا علي ابن المُذهب، وأبا الحسن القزويني، والبرمكي. ومولده في سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
وتوفي في جمادى الأولى. وثَّقه محمد بن ناصر اليزدي.(11/203)
100 - عبد الملك بن رافع، أبو المعالي الشَّيبانيُّ الهرويُّ ثم البغداديُّ، [المتوفى: 513 هـ]
أحد الرُّؤساء.
روى عن الصَّريفيني، وتوفي في ربيع الأول.(11/203)
101 - عليّ بْن عقيل بْن محمد بْن عقيل بْن عَبْد الله، الإمام أبو الوفاء البغداديّ، الظفري، [المتوفى: 513 هـ]
شيخ الحنابلة، ومصنف التّصانيف.
كَانَ يسكن الظَّفَريّة، ومسجده بها معروف، وُلِد سنه إحدى وثلاثين [ص:204] وأربع مائة، وسمع: أبا بَكْر محمد بْن عَبْد المُلْك بْن بِشران، وأبا الفتح بْن شيطا المقرئ، وأبا محمد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، والحسن بْن غالب المقرئ، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو حفص المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، والسّلفيّ، وخطيب المَوْصِل، وآخرون.
وتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، وعلى الموجودين بعده، وقرأ عِلم الكلام عَلَى أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم ابن التبان البغداديين صاحبَيِ القاضي أَبِي الحُسَيْن البصْريّ.
أُنبئتُ عَنْ حمّاد الحَرّانيّ قَالَ: سَمِعْتُ السّلَفيّ يَقُولُ: ما رأت عيني مثل الشَّيْخ أَبِي الوفاء بْن عقيل الفقيه، ما كَانَ أحد يقدر أن يتكلّم معه لغزارة عِلْمه، وحُسْن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوّة حُجّته، ولقد تكلَّم يومًا مَعَ شيخنا أَبِي الحَسَن إلْكيا في مسألةٍ، فقال لَهُ شيخنا: هذا لَيْسَ بمذهبك. فقال لَهُ أبو الوفاء: أكون مثل أَبِي عليّ الْجُبّائيّ، وفلان، وفلان لَا أعلم شيئًا؟ أَنَا لي اجتهاد، متى ما طالبني خصْمٌ بحُجةٍ، كَانَ عندي ما أدفع بِهِ عَنْ نفسي وأقوم لَهُ بحجَّتي. فقال شيخنا: كذلك الظنّ بك.
قلت: وكان إمامًا مبرزًا، مناظرًا، كثير العلوم، له يد طولى في علم الكلام. وكان يتوقّد ذكاءً، لَهُ كتاب "الفنون" لم يصنَّف في الدُّنيا أكبر منه، حدَّثني مِن رَأَى منه المجلَّد الفُلانيّ بعد الأربع مائة يحكي فيه بحوثًا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع له.
وقال: عَصَمني الله في شبابي بأنواع مِن العصمة، وقَصَر محبّتي عَلَى العِلْم، وما خالَطْتُ لعّابًا قطّ، ولا عاشرت إلّا أمثالي مِن طَلَبة العِلْم، وأنا في عَشْر الثّمانين، أجد مِن الحرص على العلم أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين، وبلغت لاثنتي عشرة سنة، وأنا اليوم لَا أرى نقصًا في الخاطر والفِكْر والحِفْظ، وحدَّة النَّظر بالعين لرؤية الأَهِلَّة الخَفيّة، إلّا أنّ القوّة ضعيفة.
قَالَ ابن الجوزيّ: وكان دَينًا، حافظًا للحدود، تُوُفّي لَهُ وَلَدان، فظهر [ص:205] منه مِن الصَّبر ما يتُعَجَّب منه، وكان كريمًا ينفق ما يجد، وما خلَّف سوى كُتُبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار. وتُوُفّي بُكْرة الجمعة ثاني عشر جُمَادَى الأولى، وكان الْجَمْع يفوت الإحصاء. قَالَ شيخنا ابن ناصر: حزرتهم بثلاث مائة ألف.
أخبرنا إسحاق الأسدي، قال: أخبرنا أبو البقاء يعيش، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الخطيب، قال: أخبرنا أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا هوذة، قال: حدثنا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِن صَنْعَةِ يَدَيِ التَّصَاوِيرِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عَذَّبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا، وليس بنافخ فيها أبدًا ". فربا لَهُ الرَّجُلُ وَاصْفَرَّ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ بُدٌّ فَعَلَيْكَ بِالشَّجَرِ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ.
رَأَيْت شيخنا وغيره مِن علماء السُّنَّة والأثر يحطّون عَلَى ابن عقيل لمّا تورَّط فيه مِن تأويلات الجهْميّة، وتحريف النّصوص، نسأل الله السّتْر والسّلامة، وقد تُوُفّي في سادس عشر جُمَادى الآخرة، وقيل في جُمَادَى الأولى، فالله أعلم.
وقال أبو الفرج ابن الْجَوْزيّ فيه: فريد دهره، وإمام عصره، وكان حسن الصورة، ظاهر المحاسن. قرأ بالروايات عَلَى أبي الفتح بْن شيطا، وأخذ النَّحْو عَنْ أَبِي القاسم بْن برهان.
وقال: قرأت عَلَى القاضي أبي يَعْلَى مِن سنة سبْعٍ وأربعين إلى أن تُوُفّي، وحظيت مِن قُربه بما لم يحظ بِهِ أحدٌ مِن أصحابه مَعَ حداثة سنّي. وكان [ص:206] أبو الحَسَن الشّيرازيّ إمام الدُّنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلمني المناظرة، وانتفعت بمصنَّفاته، ثمّ ذكر جماعة مِن شيوخه.
قَالَ: وكان أصحابنا الحنابلة يريدون منّي هجران جماعة مِن العلماء، وكان ذَلِكَ يحرمني عِلمًا نافعًا، وأقبل عليَّ أبو منصور بْن يوسف، وقدَّمني عَلَى الفتاوى، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لمّا مات شيخي سنة ثمانٍ وخمسين، وقام بكل مؤونتي وتجملي، وأما أهل بيتي فإن بيت أبي كلّهم أرباب أقلام وكتابة وأدب، وعانيت مِن الفقر والنَّسْخ بالأجرة شدّةً، مَعَ عفّة وتُقَى، ولا أزاحم فقيهًا في حلقة، ولا تطلب نفسي رُتبةً مِن رُتَب أهل العِلْم القاطعة عن الفائدة، وأوذيت مِن أصحابي حتّى طُلب الدّم، وأوذيت في دولة النّظام بالطّلب والحبْس.
وقال ابن الأثير في تاريخه: كَانَ قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدّة سنين، ثمّ أظهر التّوبة.
قَالَ ابن الجوزيّ: وتكلّم عَلَى المنبر بلسان الوعظ مدّة، فلمّا كانت سنة خمسٍ وسبعين، وجَرَت الفتنة ترك الوعظ.
وذكر سبط الجوزيّ في ترجمة ابن عقيل حكايات، ثمّ قَالَ: ومنها ما حكاه ابن عقيل عَنْ نفسه، قَالَ: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ منظوم في خيطٍ أحمر، فإذا بشيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خُذ الدّنانير، فامتنعت. قَالَ: وخرجت إلى الشّام، وزرت القدس، ونزلت إلى دمشق، وقصدت بغداد، وكانت أمّي باقية، فاجتزت بحلب، وأوَيت إلى مسجدٍ وأنا جائع بردان، فقدّموني فصلّيت بهم، فعشّوني، وكانت ليلة رمضان، وقالوا: إمامنا تُوُفّي مِن أيّام، ونسألك أن تصلّي بنا هذا الشّهر، ففعلت، فقالوا: لإمامنا الميت بِنْت، فتزوَّجت بها، فأقمت معها سنة، ووُلِد لي منها وُلِد، ثمّ مرضَتْ في نفاسها، فتأمّلتها ذات يوم، وإذا بخيط أحمر في [ص:207] عنقها، فإذا بِهِ العقْد الَّذِي لقيته بعينه، فقلت لها: يا هذه، إنّ لهذا العقد قصّة. وحكيت لها، فبكت وقالت: أنتَ هُوَ والله، لقد كَانَ أَبِي يبكي ويقول: اللّهم ارزُق بنتي مثل الَّذِي ردّ عليَّ العقد، وقد استجاب الله منه. ثمّ ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد.
قال: ومنها ما حكاه أيضًا عَنْ نفسه، قَالَ: كَانَ عندنا بالظَّفَريّة دار كلمّا سكنها ناس أصبحوا موتى، فجاء مرّةً رجلٌ مقرئ، فقال: أُكْروني إيّاها، فقالوا: قد عرفتَ حالها، قَالَ: قد رضيت، فبات بها وأصبح سالمًا، فعجب الجيران، وأقام مدة، ثم انتقل بعد مدة، فسُئل عَنْ ذَلِكَ؟ فقال: لمّا دخلتها صلّيت العشاء، وقرأت شيئًا، وإذا بشابٍ قد صعد مِن البئر، فسلَّم عليَّ، فبُهتُّ، فقال: لَا بأس عليك، علَّمني شيئًا مِن القرآن، فشرعت أُعلّمه، فلمّا فرغت، قلت: هذه الدّار كيف حديثها؟ قَالَ: نحن قوم مِن الجنّ مسلمون نقرأ ونصلّي، وهذه الدّار ما يكتريها إلّا الفساق، فيجتمعون على الخمر، فنخنقهم، قلت: ففي اللَّيلْ أخاف منك فاجعل مجيئك في النّهار، قَالَ: نعم، فكان يصعد مِن البئر في النهار، وألقنه، فبينما هُوَ قاعد عندي يقرأ إذا بمعزّم في الدّرْب يَقُولُ: المُرْقي مِن الدّبيب ومن العين ومن الْجِنّ، فقال: إيش هذا؟ قلت: هذا معزّم يعرف أسماء الله، يفعل ما تسمع، فقال: اطلبه، فقمت وأدخلته، فإذا بالجنّيّ قد صار ثعبانًا في السّقْف، فضرب المعزّم المنْدَل وعَزَّم، فما زال الثّعبان يتدلّى حتّى سقط في وسط المندل، فقام ليأخذه ويدعه في الزّنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني مِن صَيْدي؟ فأعطيته دينارًا وأخرجته، فانتفض الثّعبان، وخرج الجّنيّ وقد ضعّف واصْفَرّ وذاب، فقلت: ما لك؟ قَالَ: قتلني هذا الرجل بهذه الأسامي، وما أظنّني أُفْلح، فأجعل بالك اللّيلة، مَتَى سَمِعْتُ مِن البئر صُراخًا فانهزم، قَالَ: فسمعت تِلْكَ اللّيلة النَّعيّ، فانهزمت. قَالَ ابْن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تِلْكَ الدّار.
ولابن عقيل في الفنون، قال: الأصلح لاعتقاد العوامّ ظواهر الآي؛ لأنهم ما يثبتون بالإثبات، فمتى مَحَوْنا ذَلِكَ مِن قلوبهم زالت الحشْمة، فتهافُتُهم في التّشبيه أحبّ إليَّ مِن إغراقهم في التّنزيه؛ لأنّ التّشبيه يغمسهم في [ص:208] الإثبات، فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، ولا طمع ولا مخافة في النفي. ومن تدبّر الشّريعة رآها غامسة للمكلّفين في التّشبيه بالألفاظ الّتي لَا يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابيّ: أو يضحك ربّنا؟ قَالَ: نعم. فلم يكْفَهر لقوله، بل تركه وما وقع لَهُ.(11/203)
102 - علي بن محمد بن علي ابن الدَّامغانيِّ، الحنفيُّ، [المتوفى: 513 هـ]
قاضي القضاة ببغداد، ابن قاضي القضاة.
تفقه على والده، وبرع في المذهب، وكان كثير المحفوظ. ولي القضاء بعد أبي بكر الشَّامي سنة ثمان وثمانين إلى حين وفاته، وشهد عند والده وله سبع عشرة سنة، فولاه يومئذ قضاء باب الطَّاق، ولم يُسْمَع أن قاضياً ولي في هذا السِّنِّ، وقد ناب في الوزارة في أيام المستظهر والمسترشد وقام بأخذ البيعة وعقدها للمسترشد، وكان ذا دين وعفاف، ومروءة وصدقات.
قال ابن الجوزي: حدَّثني أبو البركات ابن الجلاء الأمين، قال: حضر أبو الحسن ابن الدَّامغاني باب الحُجرة، فقال له الخادم: أمير المؤمنين يسمع كلامك ويقول: أنحن نحكمك أو أنت تحكمنا؟ فقال: كيف يقال هذا وأنا بحكم أمير المؤمنين، إذا كان يوم القيامة جيء بديوان ديوان فسئلت عنه فإذا جيء بديوان القضاء كفاك أن تقول وليته لذلك المدبر ابن الدَّامغاني فتسلم أنت وأقع أنا، فبكى الخليفة، فقال: افعل ما تريد.
وقد سمع أبا محمد الصَّريفيني، وأبا الحسين أحمد بن محمد السِّمْناني؛ روى عنه أبو المعمَّر الأنصاري، وغيره.
ولد سنة تسع وأربعين وأربع مئة. وتوفي في رابع عشر محرَّم، وكان ورعاً مهيباً، مقدَّماً عند الدولة ذا رأي وحزم وسؤدد، وهو أحد مَنْ قتله الطِّب؛ قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: فإنَّ جوفه علا وظنوه استسقاء فأعطوه الحرارات وحموه البوارد، وكان في جوفه مادة دواؤها البقلة فلم يمكنوه من شرب الماء فلما أنضجتها الحرارات بان لهم الخطأ. وقيل: إنَّه أنشد عند موته: [ص:209]
والناس يلحون الطَّبيب ... وإنما غلط الطبيب إصابة الأقدار(11/208)
103 - الفضل بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون، أبو محمد ابن الحافظ أبي الفضل البغداديُّ. [المتوفى: 513 هـ]
سمع أبا الحسين ابن النقُّور وطبقته، وطلب بنفسه، وما كأنَّه حدَّث بشيء.
توفي في رمضان.(11/209)
104 - كتائب بْن عليّ بْن حمزة بْن الخَضِر، السُّلَميّ الدّمشقيّ الجابي، أبو البركات ابن المقصّص الحَنْبليّ. [المتوفى: 513 هـ]
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، ورحل إلى بغداد وإصبهان، وسمع: مالكًا البانياسيّ، وغيره.
قَالَ السَّلَفيّ: قَالَ لي كتائب: لمّا دخلت إلى إصبهان كتب عنّي الحافظ يحيى بْن مَنْدَهْ، وكتب عنّي عُمَر الدّهستانيّ وقت قُدُومه دمشق، وقال: اسمك غريب نحتاج إليه في مُعْجَم الشّيوخ.
وقال الحافظ ابن عساكر: سمعت أبا محمد ابن الأكفانيّ يَقُولُ للحافظ أبي طاهر الإصبهانيّ: بَلَغَني أنّك سَمِعْتُ مِن ابن المقصّص؟ قَالَ: نعم، دخل إلينا إلى الدُّوَيْرة، وسمعنا منه، فقال: هذا كَانَ في صباه يغني ويأخذ الجذر عَلَى الغناء، فاعتذر إِليْهِ أبو طاهر بأنّه ما علم بذلك.
وُلِد كتائب سنة أربعٍ وأربعين وأربع مائة، وتُوُفّي قريبًا مِن سنة ثلاث عشرة وخمس مائة.(11/209)
105 - محمد بن أحمد بن بشرويه الأصبهاني. [المتوفى: 513 هـ]
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(11/209)
106 - محمد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن بْن محموَيْه، أبو عَبْد الله اليزديّ، [المتوفى: 513 هـ]
أخو أَبِي الحسن. [ص:210]
سافر في طلب القراءات إلى البلاد، وكان طيّب الصّوت، يبكّي مِن يسمعه، وقد حدَّث عَنْ أَبِي إسحاق الشّيرازيّ.
وكان مولده في سنة خمسٍ وخمسين، وقرأ عَلَى أصحاب الحمّاميّ، وغيره.(11/209)
107 - محمد بن الحسن بن الحسين بن علي السُّلميُّ، أبو الفضل ابن الموازيني، الدِّمشقيُّ المعبِّر، [المتوفى: 513 هـ]
أخو أبي الحسن.
سمع أبا عبد الله بن سلوان، وأبا القاسم ابن الفرات، وعبد العزيز الكتَّاني، وأبا الحسين محمد بن مكي. وكان عالماً بالفرائض، يجالس جمال الإسلام أبا الحسن. روى عنه السِّلفي، وابن عساكر، والفضل بن الحسين البانياسي، وآخرون.
وتُوُفّي في رجب. وكان مولده في سنة ثمان وثلاثين وأربع مئة.
قال ابن عساكر: جالسته غير مرة.(11/210)
108 - محمد بن طرخان بن يلتكين بن مبارز بن بجكم، أبو بكر التركيُّ ثم البغداديُّ المحدِّث. [المتوفى: 513 هـ]
سمع الكثير، ونسخ بخطه، وحصَّل، وكان عارفاً بالحديث، والنَّحو. سمع ابن هزارمرد الصَّريفينيَّ وطبقته، وسمع قبله على أبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله. ولزم الحُمَيْدي مدةً، وسمع "الإكمال" من ابن ماكولا. وقرأ الفقه على الإمام أبي إسحاق، والكلام على أبي عبد الله القيرواني. وكان ينسخ للناس، وخطه مليح. وكان مع فضائله زاهداً ثقة، كثير العبادة، مستجاب الدعوة.
روى عنه أبو بكر ابن العربي الأندلسي، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه، والسِّلفي، وجماعة.(11/210)
109 - مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ الحسين بن الحارث، أبو بكر خوروست الأصبهانيُّ المجلِّد، ويُكْنَى أيضاً أبا الفتح. [المتوفى: 513 هـ]
ولد في حدود سنة خمس وعشرين وأربع مئة، وسمع أبا الحسين بن [ص:211] فاذشاه، وأبا القاسم عبد الله بن محمد المقرئ العطَّار الراوي عن أبي الشِّيخ، وأبا بكر بن ريذة، وجماعة.
روى عنه أبو موسى المديني، وجماعة آخرهم أبو جعفر الصَّيدلانيُّ.
توفي في جمادى الأولى.
قال السَّمعاني: أجاز لنا وكان شيخاً صالحاً يُلقِّن الصِّبيان. سمع أيضاً أحمد بن حسن بن فورك الأديب، وعبد الملك بن الحسين بن عبد ربه، وهارون بن محمد التَّاني. ومن سماعه كتاب "المستخرج على مسلم" لأبي الشَّيخ، يرويه عن أبي سعيد القُرقُوبي، عنه، وكتاب "مغازي" ابن إسحاق، رواه عن أبي طاهر عبد الرحيم.(11/210)
110 - محمد بْن عبد الباقي بْن محمد بْن يُسْر، أبو عَبْد الله الدُّوريّ السَّمْسار. [المتوفى: 513 هـ]
شيخ صالح، ثقة، بغداديّ، سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طالب العشاري، وأبا بكر ابن بشران، وغيرهم.
ولد في سنة أربع وثلاثين وأربع مائة. وتوفي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو عامر العَبْدَريّ، وابن ناصر، والسَّلَفيّ، وذاكر بْن كامل، والصّائن ابن عساكر، وجماعة.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ شيخًا صالحًا، ثقة، خيرًا.
وقال ابن نُقْطة: هُوَ محمد بْن عَبْد الباقي بْن محمد بْن أبي اليسر، وآخر مِن حدَّث عَنْهُ بالإجازة عَبْد المنعم بن كليب.(11/211)
111 - محمد بن عبد الرزاق بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي، الخطيب أبو ذر الصالحاني الصوفي. [المتوفى: 513 هـ]
ولد سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، وحدث عن أبي طاهر أحمد بن محمود وغيره، روى عنه أبو موسى المَدِينيّ.
وتُوُفّي في ربيع الأوَّل.(11/211)
112 - محمد بن محمد بن الحسين، أبو الحسن ابن القلعي، الكاتب الأواني. [المتوفى: 513 هـ]
عن عبد الصمد ابن المأمون، وأبي علي ابن الشبل الشاعر، وعنه أبو طاهر السلفي، وسعد الله بن محمد الدقاق.(11/212)
113 - محمد بْن محمد بْن القاسم بْن منصور، أبو بكر بن عمران العمراني الكسبوي النَّسَفيّ، الوزير. [المتوفى: 513 هـ]
ثمّ ترك الوزارة في آخر عمره، وتوفي في ذي القِعْدة سنة ثلاث عشرة، وهو ابن ثلاثٍ وثمانين سنة، قاله مصنَّف القنْد، وحدث عنه، قال: أخبرنا الدهقان إبراهيم بن محمد الحاجي الخلمي.(11/212)
114 - المبارك بْن عليّ بْن الحُسَيْن، أبو سَعْد المخرَّميّ، الفقيه الحَنْبليّ، [المتوفى: 513 هـ]
أحد شيوخ المذهب.
وُلّي القضاء بباب الأزج، وكان إمامًا مُفْتيا، ذكيا، كثير المحفوظ، جميل السّيرة، مليح العِشْرة.
تفقَّه على: الشريف أَبِي جعفر بْن أَبِي موسى الهاشميّ، وعلى: القاضي يعقوب بن إبراهيم العكبري، وسمع: القاضي أبا يعلى، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وجماعة.
وكان مولده في سنة ستٍّ وأربعين وأربع مائة، وتوفي ليلة الجمعة ثامن عشر المحرَّم، روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وتفقَّه بِهِ جماعة كثيرة، ودفن بجنب المروذي في مدرسة بباب الأزج، ثمّ شُهِرت بالشّيخ عَبْد القادر تلميذه.(11/212)
115 - المباركة بنت الشيخ أبي البركات عبد الملك بن أحمد الشهرزوري، وتدعى ست الأهل. [المتوفى: 513 هـ]
سمعت أبا علي ابن المذهب وحدثت.(11/212)
116 - المؤمَّل بْن محمد بْن الحُسَيْن بْن عليّ بن عبد الواحد بن إسحاق ابن المعتمد على الله ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد، أبو البقاء العباسي الواسطي الخطيب، ويعرف بابن المنبور. [المتوفى: 513 هـ]
سكن بغداد، وأمَّ بالنّظامية، وسمع: أبا الحسين ابن النقور. سمع منه: الصائن هبة الله ابن عساكر، وغيره.(11/213)
117 - نصر بن أبي القاسم بن محمد الصباغ الأصبهاني. [المتوفى: 513 هـ]
روى عَنْ ابن رِيذَة، وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في ذي القعدة.(11/213)
118 - هبة الله بن المبارك بن عبيد الله، أبو المعالي الوقاياتي البغدادي المعدل. [المتوفى: 513 هـ]
سمع أبا محمد الخلال، وأبا بَكْر بْن بِشْران، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وحدث بشيء يسير، وهو ثقة، مات في صفر.(11/213)
119 - يوسف بْن محمد، أبو الفَضْلُ القَيْرَوانيّ، ابن النَّحْويّ. [المتوفى: 513 هـ]
روى عَنْ أَبِي الحَسَن اللَّخْميّ صحيح البخاري، وعن أبي عبد الله المازري.
وكان عارفًا بالفقه وأصول الدين، وله تصانيف، وكان لَا يرى التّقليد، روى عَنْهُ: القاضي موسى بْن حمّاد، وغيره.
وعاش ثمانين سنة، وله رحلة إلى الأندلس.(11/213)
-سنة أربع عشرة وخمس مائة(11/214)
120 - أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي ليلى، أبو القاسم المُرْسيّ. [المتوفى: 514 هـ]
روى عَنْ: هشام بْن أحمد بْن وضّاح المُرْسيّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي العبّاسيّ العُذْريّ، وكان فقيهًا فاضلًا، شروطيًا، استقضي بشلب، ومات فجاءة عن خمس وستين سنة.(11/214)
121 - أحمد بْن الْخَطَّاب بْن حسن، أبو بكر البغدادي الحنبلي المقرئ، ويُعرف بابن صُوفان الغسّال. [المتوفى: 514 هـ]
قرأ بالرّوايات عَلَى: أبي علي ابن البناء، وسمع من: عبد الصمد ابن المأمون، والصَّريْفينيّ. روى عنه: ذاكر بْن كامل، ومات في ذي القِعْدة، قاله ابن النّجّار.(11/214)
122 - أحمد بن عبد الله بن شانج، أبو جعفر القرطبي المطرز. [المتوفى: 514 هـ]
روى عن سِراج بن عبد الله القاضي، وابنه أبي مروان عبد الملك، وصحبه أربعين سنة، وكان عارفا باللغة والآداب والشعر، كتب بخطّه عِلمًا كثيرًا ولم يكن بالضّابط لما كتبه مع معرفته، وكان عسر الأخذ، نكد الأخلاق، ما حدث إلا على وجه المذاكرة.(11/214)
123 - أحمد بْن عَبْد الوهّاب بْن هبة الله بن عبد الله، أبو البركات ابن السّيبيّ البغداديّ، [المتوفى: 514 هـ]
مؤدَّب أولاد المستظهر بالله.
سَمِعَ: أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا القاسم ابن البسري. وحدث وولي نظر المخزن سنة وثمانية أشهر، وكان كثير الصدقات والمعروف، وخلّف مائة ألف دينار أو نحوها، وأوصى بثُلث ماله، وعاش ستًا [ص:215] وخمسين سنة وثلاثة أشهر، روى عنه: الخليفة المقتفي، والمبارك بن كامل، وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة.(11/214)
124 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد المحاملي. [المتوفى: 514 هـ]
روى عن أبي محمد الجوهري، والملطي، روى عنه المبارك بن كامل، وقال: تُوُفّي في ذي القعدة.
وروى عنه جماعة وكان عطارا.(11/215)
125 - أحمد بن محمد بن علي بن أحمد، أبو المعالي ابن البخاريّ، البزّاز. [المتوفى: 514 هـ]
بغداديّ، قال أبو بكر المفيد: هو ابن البُخُوريّ فجُعِل البخاريّ، كما جرت عادة البغاددَة في تقليب الألفاظ، كان جدّه يبخّر النّاس يوم الجمعة بالمبخرة، وكان شيخًا مستورًا خيِّرا، سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي ابن المُذْهِب، وأبا محمد الجوهريّ.
روى عنه: هبة الله ابن عساكر، وأبو المعمَّر الأنصاريّ، وأبو منصور الدّقّاق، والسَّلفيّ، وابن أبي عصرون، وجماعة، وتُوُفّي في جمادى الآخرة، وله أربع وثمانون سنة.(11/215)
126 - أحمد بن هبة اللَّه بن أَحْمَد بن عليّ، أبو الفضل ابن الزَّيات البغداديُّ الوكيل. [المتوفى: 514 هـ]
سمع أحمد بن محمد بن حمدويه، وعلي ابن البسري. وعنه المبارك بن كامل وأخوه ذاكر.
توفي في جمادى الآخرة.(11/215)
127 - إبراهيم بن أبي الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن إبرويه، أبو القاسم سبط الصَّالحانيِّ، الأصبهانيُّ. [المتوفى: 514 هـ]
روى عن ابن ريذة، وابن عبد الرَّحيم. وعنه أبو موسى. توفي يوم عرفة.(11/215)
128 - إبراهيم بن محمد، أبو غالب الصُّوفيُّ النُّوبَنْدجانيُّ. [المتوفى: 514 هـ][ص:216]
مات في شعبان، سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وابن النَّقور.(11/215)
129 - إسماعيل بن محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن، أبو القاسم المَدِينيّ. [المتوفى: 514 هـ]
روى عن: ابن ريذة، وتُوُفّي في ذي القعدة فجاءة في التّشهُّد الأول من صلاة العصر، وهو إمام، روى عنه أبو موسى الحافظ، وبالإجازة ابن السمعاني، عرف بالكاغذي.(11/216)
130 - ثابت بن عبد الله بن ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت، أبو القاسم السَّرَقُسْطيّ العَوْفيّ، [المتوفى: 514 هـ]
قاضي سرقسطة.
من بيت فضل وجلالة وعلم.(11/216)
131 - الحَسَن بن خَلَف بن عبد الله بن بَلَّيمَة، أبو عليّ القَرويّ المقرئ الأستاذ، [المتوفى: 514 هـ]
نزيل الإسكندريّة، ومصنَّف كتاب "تلخيص العبارات بلطيف الإشارات" في القراءات.
وُلِد سنة سبْعٍ أو ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، وعُنِي بالقراءات في صِغَره، فقرأ بالقيروان على: أبي بكر القصْريّ، والحَسَن بن عليّ الجلوليّ، وأبي العالية البندونيّ، وعثمان بن بلال العابد، وعبد الملك بن داود القسطلاني، وقرأوا على أبي عبد الله محمد بن سُفْيَان الفقيه، مصنَّف كتاب "الهادي"، ثمّ رحل إلى مصر، وقرأ بها سنة خمسٍ وأربعين على محمد بن أحمد بن عليّ القزوينيّ تلميذ طاهر بن غلبُون، وعلى: عبد الباقي بن فارس، وأبي العبّاس أحمد بن سعيد بن نفيس، وتَصَدَّرَ للإقراء والإفادة.
قرأ عليه: أبو القاسم عبد الرحمن بن عطيّة شيخ الصَّفْراويّ، وأبو العباس أحمد ابن الحُطَيْئَة.
وتُوُفّي في ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة.
وكان هو وابن الفحّام أسند من بقي بديار مصر، وماتا بالإسكندريّة.(11/216)
132 - الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصّمد، العميد مؤيَّد الدّين، أبو إسماعيل الإصبهاني، صاحب ديوان الإنشاء، ويُعرف بالطُّغْرائيّ. [المتوفى: 514 هـ]
كان يتولّى الطُّغْراء، وهي العلامة الّتي تُكتَب على التّواقيع، ولّي من قِبَل السّلطان محمد بن ملكشاه، ثم إنه وُلّي الوزارة لابنه السّلطان مسعود بن محمد. وكان من أفراد الدّهر، وحامل لواء الشَّعْر، كامل الظُّرْف، لطيف المعاني، وهو صاحب لاميّة العجم المشهورة:
أصالَةُ الرَّأْي صانَتْني عن الخَطَلِ ... وحِلْيةُ الفضْلِ زانْتني لَدَى العَطَلِ
ومن شِعره في قصيدةٍ مدح بها نظام المُلْك:
إذا ما دجى ليلُ العُجاجة لم تَزَلْ ... بأيديهم حمر إلى الهند منسوب
عليها سطور الضرب يعجمها القنا ... صحائف يغشاها من النقع تتريب
ومن شعره:
تمنَّيت أن ألقاك في الدّهر مرّةً ... فلم أكُ في هذا التّمنيّ بمرزوقِ
سوى ساعة التّوديع دامت فكَمْ منّي ... أنالت وما قامت بها أملًا سوقي
فيا ليت أنّ الدهر كلّ زمانه ... وداع، ولكن لا يكون بتفريق
ومن شعره:
يا قلب ما لك والهوى من بعد ما ... طاب السلو وأقصر العشاق
أوما بدا لَكَ في الإفاقَةِ والأُلَى ... نازَعْتَهُمْ كأسَ الغرام أفاقوا
مرض النسيم وصح والداء الذي ... تشكوه لا يرجى له إفراق
وهدى خفوق البرق والقلب الذي ... تطوى عليه أضالعي خفاق
وله في غلام:
يا أرض تِيهًا فقد ملكتِ به ... أُعجوبةً من محاسن الصّورِ
إنّ قذيت مُقْلتي فلا عجب ... فقد حثوا تُرْبَه على بَصَري [ص:218]
لا غرْوَ إنْ أشرقَتْ مضاجعُهُ ... فإنّها من منازل القمرِ
وذكره أبو البركات ابن المستوفي في تاريخ إربل، وأنّه وُلّي الوزارة بمدينة إربل مدّةً.
وذكره العماد الكاتب في كتاب "نصرة الفترة وعصرة القطرة"، وهو تاريخ الدّولة السّلْجُوقيّة، وذكر أنه كَانَ يُنْعَتُ بالأستاذ، وكان وزير السّلطان مَسْعُود بالمَوْصِل، وَأَنَّهُ لَمَّا جرى المصاف بين مَسْعُود وبين أخيه السُّلْطَان محمود بقرب هَمَذَان، فكانت النَّصْرة لمحمود، وانهزم مسعود، أسِر الطُّغْرائيّ، وذُبح بين يدي محمود، وذلك في ربيع الأوّل سنة أربع عشرة. وقيل: في سنة ثلاث عشرة، وجاوز ستين سنة، وقيل: قتله طغرل أخو محمود بيده.(11/217)
133 - الحسين بن محمد بن فِيرَّة بن حيُّون بن سُكَّرَة، أبو عليّ الصَّدَفيّ السَّرَقُسْطيّ الأندلسيّ الحافظ. [المتوفى: 514 هـ]
أخذ ببلده عن: أبي الوليد الباجيّ، وغيره، ورحل فسمع ببَلَنْسيَة من أبي العبّاس بن دِلْهاثِ، وبالمَريَّة من محمد بن سعدون القَرَويّ الفقيه، وحجّ سنة إحدى وثمانين، ودخل بمصر على أبي إسحاق الحبّال، وقد منعه المستنصر العُبَيْديّ الرّافضيّ من التّحديث، قال: فأوّل ما فاتحته الكلام أجابني على غير سؤالي، حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطته وأَعلمتُه أنّني من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا وامتنع من غير ذلك. وأخبرني أنّ مولده سنة إحدى وتسعين، وأنّه سمع من عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبع وأربعمائة. وأنّه تُوُفّي سنة ثمانٍ.
ورحل أبو عليّ إلى العراق، فسمع بالبصرة من: جعفر بن محمد بن الفضل العَبَّادانيّ، وعبد الملك بن شَغَبة، وبالأنبار: الخطيب أبا الحسن عليّ بن محمد بن محمد الأقطع، وببغداد: عليّ بن الحسين بن قريش أبا الحسن صاحب ابن الصَّلْت الأهوازيّ، وعاصم بن الحسن الأديب، وأبا عبد الله الحُمَيْديّ، ومالك بن أحمد البانياسيّ، وبواسط: أبا المعالي محمد بن عبد السّلام بن أُحْمُولَة. [ص:219]
وتفقّه ببغداد على: أبي بكر الشّاشيّ، وأخذ عنه التّعليقة الكبرى، وأخذ بالشّام عن الفقيه نصر المقدسيّ.
ورجع إلى بلاده في سنة تسعين بعلْمٍ كثير، وأسانيد شاهقة، واستوطن مُرْسِيّة، وجلس للإسماع بجامعها، ورحل النّاس إليه، وكان عالمًا بالحديث وطُرُقه، عارفًا بعَلله ورجاله، بصيرًا بالجرْح والتّعديل، مليح الخطّ، جيّد الضَّبْط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنَّفات الحديث، ذاكرًا لمتُونها وأسانيدها، وكان قائمًا على الصّحيحين مع جامع أبي عيسى، ولي قضاء مُرْسِيّة ثمّ استعفى منه فأُعفيَ، وأقبل على نشْر العِلم وتأليفه، وكان صالحًا ديَّنًا، خيّرًا، عاملًا بعلِمه، حليمًا، متواضعًا.
قال ابن بَشْكُوال: هو أجلّ مَن كتبَ إلي بالإجازة.
وخرَّج له القاضي عِياض مشيخةً، فذكر في أوّلها ترجمة لأبي علي في أوراق، وأنه أخذ عن مائة وستّين شيخًا، وأنّه جالَس نحو أربعين شيخًا من الصّالحين والفُضَلاء، وأنّه أُكرِه على القضاء فوليه، ثمّ اختفى حتّى أُعفي منه، وأنّه قرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون، ولقالون على رزق الله التّميميّ، وأنّ الفقيه نصر بن إبراهيم كتب عنه ثلاثة أحاديث.
قلت: روى عنه بدمشق: ابنا صابر، وأبو المعالي محمد بن يحيى القُرَشيّ القاضي، وبالمغرب: القاضي عِياض، وخلْق، وقد سمع منه عِياض صحيح مسلم، حدثه به عن العُذْريّ، عن أبي العبّاس أحمد بن الحسن الرّازيّ.
استُشْهِد أبو عليّ الصَدَفيّ في وقعة قُتُنْدَة بثغر الأندلس، لسِتّ بقين من ربيع الأوّل، وهو من أبناء السّتّين، وكانت هذه الوقعة على المسلمين، وكان عَيْش أبي عليّ من كسْب بضاعة مع ثقات إخوانه.(11/218)
134 - حمْدُ بن محمد بن أحمد بن مَنْدُوَيْه، أبو القاسم الإصبهاني القاضي. [المتوفى: 514 هـ]
وُلِد في حدود الثّلاثين، وسمع: أبا بكر بن ريذَة، روى عنه: السّمعانيّ [ص:220] بالإجازة، ومن مسموعاته: الفِتَن لنُعَيم بن حمّاد، من ابن ريذة.
مات في شعبان.(11/219)
135 - خَلَف بن محمد بن عبد الله بن صَواب، أبو القاسم التُّجيْبيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 514 هـ]
روى عن: سِراج بن عبد الله القاضي، وأبي عبد الله الطّرفيّ المقرئ، وأبي محمد بن شعيب، وأبي محمد البشكلاري، وطائفة سواهم.
وكان فاضلًا، ثقة، قديم الطّلب، ذا عناية بلقى الشيوخ، عارفًا بالقراءات وطُرُقها، كتب بخطّه عِلْمًا كثيرًا.
قال ابن بَشْكُوال: وأجاز لي ما رواه، وسمع منه جلة أصحابنا، وعُمَّر وكُفّ بصره في آخر عمره، ولم ألقَ في شيوخنا أسنّ منه، وُلِد في المحرم سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي في ثالث جُمَادى الأولى، وصلّى عليه قاضي الجماعة أبو الوليد بن رُشْد.
قلت: لعله قرأ على ابن شعيب.(11/220)
136 - رجاء بْن محمد بْن أحمد بْن عُمَر، أبو طاهر الأصبهانيُّ السِّمسار. [المتوفى: 514 هـ]
توفي في سادس ربيع الآخر، وله ثمان وسبعون سنة، وكان قد أضرَّ. روى عنه أبو موسى.(11/220)
137 - سعد الله بن علي بن الحسين بن أيوب البزَّاز، أبو محمد. [المتوفى: 514 هـ]
بغدادي من أولاد الشيوخ المعروفين، صالح مكثر. سمع أبا يعلى ابن الفرَّاء، وأبا جعفر ابن المسلمة. روى عنه أبو المُعمَّر، وعاش سبعين سنة.(11/220)
138 - عبد الله بن يوسف بن جوشن، أبو محمد الأزديُّ، [المتوفى: 514 هـ]
من أهل دورقة.
نزل شاطبة، وأخذ القراءات عن عبد الوهَّاب بن محمد صاحب المغامي، وبرع فيها وفي عللها، وتقدم في علم اللسان. [ص:221]
أخذ عنه عبد الغنيّ بن مكّيّ، وأبو عبد الله المِكْناسيّ، وأبو الحسن بن أبي العيش وآخرون.
مات قبل الكُهُولة مثل شيخه.(11/220)
139 - عبد الجبار بن أحمد بن نصر القاضي، أبو محمد المديني السمرقنديُّ. [المتوفى: 514 هـ]
كان يسكن في سكة مقاتل.
وقال عمر بن محمد النَّسفيُّ في "تاريخه": توفي في رجب. وأخبرنا عن أبي حفص عمر بن أحمد بن محمد بن شاهين عن إسماعيل بن حاجب.(11/221)
140 - عبد الرحمن بن محمد بن نجا بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن شاتيل الدّبّاس، أخو عبد الله، وعمّ عُبَيْد الله، ووالد قاضي المدائن حَمْد، أبو البركات الأزجي. [المتوفى: 514 هـ]
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر محمد بن علي الخياط، وتوفي في ذي القعدة، روى عنه: عبيد الله بن شاتيل، وغيره.(11/221)
141 - عبد الرَّحيم بن أبي القاسم عَبْد الكريم بْن هوازن بْن عَبْد المُلْك، أبو نصر القُشيريُّ النَّيسابوريُّ، [المتوفى: 514 هـ]
الرابع من أولاد أبي القاسم.
ربَّاه والده واعتنى به حتى برع في النَّظْم والنَّثْر، واستوفى الحظَّ الأوفى من علم التَّفسير والأصول تلقيناً من أبيه. ورُزق سرعة الخط حتى كان يكتب كلَّ يوم طاقات. ثم لازم بعد أبيه أبا المعالي الجويني حتى حصَّل طريقته في المذهب والخلاف، وتهيأ للحجِّ، فدخل بغداد وعقد المجلس، ثم حجَّ وعاد إلى بغداد، وأخذ في التَّعصُّب للأشاعرة، وشمَّر لترتيب شُغْله أبو سعد أحمد بن محمد الصُّوفي عن ساق الجد، وبلغ الأمر إلى ما بلغ من الفتنة الكبرى بين الحنابلة والأشاعرة، وزاد الأمر إلى أن خيف من التَّشويش والقتال، وظهر أوائل الشَّرِّ فحجَّ من قابل وعاد وأمر القبول كما هو، والفتنة شديدة تكاد أن تضطرم، فكتب أولو الأمر إلى نظام الملك وهو بأصبهان ما جرى، واستدعوا من النِّظام أن يطلب أبا نصر إلى الحضرة لإطفاء النَّائرة، فاستحضره، فلما قَدِمَ [ص:222] أكرمه غاية الإكرام، وأشار إليه بالرُّجوع إلى الوطن، فرجع ولزم الطريقة المستقيمة إلى أن سُئِلَ أن يُدرِّس ويعظ فأجاب إلى ذلك. ولم يزل يفتر أمره قليلاً قليلاً، وأصابه ضعف في أعضائه واشتدَّ به، وأخذه فالج فاعتقل لسانه إلا عن الذِّكر، وبقي بعد ذلك قريباً من شهر وتوفي.
سمع أباه، وأبا عثمان الصَّابوني، وأبا الحسين الفارسي، وأبا حفص بن مسرور، وجماعة، وببغداد ابن النَّقور وأبا القاسم المهرواني، وبمكة أبا القاسم الزَّنجاني، وجماعة.
وحدًّث بالكثير، روى عنه سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر الصَّفار، وأبو الفُتُوح الطائيُّ، وأبو الفضل الطُّوسي خطيب الموصل، وعبد الصَّمد بن علي النَّيسابوري، وجماعة، وبالإجازة الحافظان ابن عساكر، وابن السَّمعاني.
وتوفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، وهو في عشر الثمانين.
ذكره عبد الغافر، فقال: زين الإسلام أبو نصر إمام الأئمة وخير الأمة، وبحر العلوم وصدر القروم، أشبههم بأبيه خلقاً، حتى كأنه شُقَّ منه شقًّا، كمل في النَّظم والنَّثر حتى حاز فيهما السَّبق، ثم لزم إمام الحرمين فأحكم عليه المذهب والخلاف والأصول، وصحبه ليلاً ونهاراً، وكان الإمام يعتدُّ به. ثم خرج حاجًّا، ورأى أهل بغداد فضله وكماله، وبدا له من القبول ما لم يُعْهد لأحدٍ قبله، وحضر مجلسه الخواص وأطبقوا على أنهم لم يروا مثله في تبحُّره، فحجَّ وعاد إلى بغداد. إلى أن قال: وبلغ الأمر في التَّعصب له مبلغاً كاد أن يؤدي إلى الفتنة. ثم حجَّ ثانياً من قابل واستدعاه النِّظام فبقي أهل بغداد عطاشاً إليه، وقد سمع الكثير في صباه.
قلت: آخر مَنْ سمع منه سبطه أبو سعد الصَّفار.
قال أبو عمرو ابن الصلاح: قال شيخنا أبو بكر القاسم بن عبد الله الصَّفَّار: ولد أبي سنة ثمان وخمس مئة، وسمع وهو ابن أربع سنين أو أزيد من جده أبي نصر ابن القُشيري. قال: والعجب أنه كَتَبَ مع صغره الطبقة بخطِّه، وبقي إلى سنة ست مئة.(11/221)
142 - عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع، أبو الحسن الأندلسيّ المَريّيّ، الفقيه الأستاذ، [المتوفى: 514 هـ]
تلميذ أبي محمد عبد الله بن سهل.
روى عن: أبي عمر بن عبد البر، وأبي تمام القطيني النحوي، وخلف بن إبراهيم المقرئ الطليطلي، وابن سهل، وغيرهم.
وأقرأ الناس بجامع المرية.
أخذ عنه: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام الفرس، وغيره.
قال ابن بشكوال: كان شيخا صالحا، مجودا للقرآن، حسن الصوت به. وسمعت صاحبنا أبا عبد الله القطّان يُثني عليه، ويصحّح سماعه من ابن عبد البر، وقد أخذ عنه بعض أصحابنا وتكلم بعضهم فيه، وأنكر سماعه من ابن عبد البَرّ، مولده قبل الثّلاثين وأربع مائة، وتُوُفّي بالمَريّة في شعبان، وله بضعٌ وثمانون سنة.(11/223)
143 - عبد العزيز بن عليّ بن عمر، الدَّيْنَورِيّ، ثم البغداديّ أبو حامد. [المتوفى: 514 هـ]
أحد ذوي اليَسار المعروفين بفعل الخيرات والإيثار، روى قليلًا عن: أبي محمد الجوهريّ، وابن النَّقُّور، روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العباس بن هالة.
وهو والد المحدَّث أبي بكر محمد بن عبد العزيز الدَّيْنَورِيّ، وجدّ شيخ الأَبَرْقُوهيّ محمد بن هبة الله بن عبد العزيز، روى عنه: عبد الحقّ اليُوسُفيّ.(11/223)
144 - عُبَيْد الله بن نصر، أبو محمد الزاغوني، [المتوفى: 514 هـ]
والد العلّامة أبي الحسن، والمُسْنِد أبي بكر.
كان صالحًا من أهل القرآن، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وجماعة، روى عنه: ذاكر بن كامل، وتوفي في صفر.(11/223)
145 - علي بن الحسن بن الحسين بن علي السُّلميُّ الدِّمشقيُّ، أبو الحسن ابن الموازينيِّ. [المتوفى: 514 هـ][ص:224]
قال ابن عساكر: شيخ مستور، ثقة، حافظ للقرآن. سمع أبا علي وأبا الحسين ابني عبد الرحمن بن أبي نصر، ورشأ بن نظيف، وأبا علي الأهوازي، ومحمد بن عبد السَّلام بن سعدان، وأبا القاسم بن الفرات، وأبا عبد الله بن سلوان، وعبد الله بن علي بن أبي عقيل، وجماعة، وسمعت منه أجزاء يسيرة.
قلت: مولده في رجب سنة ثلاثين. روى عنه الفضل بن الحسين البانياسي، وأبو طاهر السِّلفي، وحفيداه أبو الحسين أحمد بن حمزة ابن الموازيني، ومحمد بن حمزة، وعبد الرَّزاق بن نصر النَّجَّار، وعبد الرحمن بن علي ابن الخرقي، وآخرون.
قال السِّلفي: كان حسن الأخلاق، مرضي الطريقة، شيوخه شيوخ أبي طاهر الحنَّائي، سمعا معاً الكثير.(11/223)
146 - علي بن عبد الرحمن بن مهدي بن عمران، أبو الحسن ابن الأخضر التَّنوخيُّ الإشبيليُّ اللُّغويُّ. [المتوفى: 514 هـ]
كان مقدَّمًا في علم اللُّغة والعربية والآداب، أخذ عن أبي الحجَّاج يوسف الأعلم. وسمع من أبي علي الغسَّاني، وغيره، وكان موصوفاً بالذَّكاء والإتقان والدِّين والثِّقة، حمل عنه الناس، وتوفي في مُنْسَلخ السّنة.(11/224)
147 - محمد بن إبراهيم بن محمد، أبو عبد الله الأبيوردي المقرئ الصُّوفِيّ، [المتوفى: 514 هـ]
نزيل بَغْدَاد.
قرأ بالروايات على أَبِي معشر الطَّبَرِيّ بمَكَّة، وَسَمِعَ من: إسماعيل بن مسعدة، وغيره، قرأ عليه: أبو العلاء العطّار الهَمَذَانيّ، برواية أبي عَمْرو، وروى عنه: هو، والسَّلَفيّ، وعبد الملك بن عليّ الهَرّاسيّ، وسعد الله بن محمد المقرئ.
وتوفي في شوّال، وله نيِّفٌ وثمانون سنة.(11/224)
148 - محمد بن أحمد بن الحسين، أبو بكر البغداديُّ الصُّوفيُّ النَّجَّار. [المتوفى: 514 هـ][ص:225]
روى عن أبي علي ابن المُذهب، وأبي طالب العُشاري، وأبي يعلى ابن الفرَّاء.
توفي في ذي القعدة، روى عنه السِّلفي، وذاكر بن كامل الخفاف.(11/224)
149 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن، أَبُو علي الزُّهريُّ الفوركيُّ ثم النَّيسابوريُّ، الملقَّب بالسُّلطان. [المتوفى: 514 هـ]
سمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصَّابوني، مات فِي رمضان عَنْ ثمانين سنة.(11/225)
150 - مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد، أبو الرَّجاء بن أبي زيد الجركانيُّ الأصبهانيُّ. [المتوفى: 514 هـ]
محدث معروف. سَمِعَ أبا بَكْر بْن رِيذة، وأبا طاهر بن عبد الرحيم ولم يزل يسمع إلى أن توفي.
روى عنه الحافظان: السِّلفي، وأبو موسى، وتوفي في شوَّال.(11/225)
151 - محمد بن الحسين، أبو بكر الحضرميُّ الدَّانيُّ ابن الحنَّاط الفقيه. [المتوفى: 514 هـ]
سمع من أبي علي الغسَّاني، وأبي داود ونوظر عليه. روى عنه جماعة.(11/225)
152 - محمد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، أَبُو الفوارس الكرْخيّ، [المتوفى: 514 هـ]
قيل: إنّه من كرْخ البصْرة.
سمع: أبا بكر بن بِشْران، وأبا جعفر ابن المسلمة، روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره، وتوفي في ربيع الآخر، وعنه أيضًا حفيده عبد الرحمن بن محمد.(11/225)
153 - محمد بن عليّ بن محمد الدَّيْنَورِيّ، القصّاب المؤدّب، أبو بكر. [المتوفى: 514 هـ]
شاعر بليغ، كان يؤدّب بدرب الدّوابّ، أخذوا عنه من شِعْره، وتُوُفّي في المحرَّم، كتبوا عنه كثيرًا، وهو مشهور.(11/225)
154 - محمد بن محمد بن عليّ، أبو الفتح الفُرَاويّ الواعظ. [المتوفى: 514 هـ][ص:226]
كان حَسَن الوعْظ، حُلْو الإيراد، مليح الإشارة، قدِم بغداد، وعقد بها مجلس الوعظ والإملاء، وحدث عن: أبي القاسم القُشَيْريّ، وغيره، وكانت وفاته بالرَّيّ.
قال ابن الجوزيّ: لكنّه كان يروي الكثير من الموضوعات. قال: وكذلك مجالس الغزالي الواعظ، وابن العبادي فيها العجائب المخترصة والمعاني التي لَا توافق الشّريعة، وهذه المحنة تعمّ أكثر القُصّاص، بل كلّهم، لاختيارهم ما يَنْفُق على العوام.
وذكر ابن النَّجَّار أبا الفتح هذا في "تاريخه" وأنه من ذرية إمام الأئمة ابن خزيمة، وأنه أملى ببغداد باستملاء من أبي بكر ابن الخاضبة، وسمع من عبد الغافر الفارسي، وأبي الخير محمد بن أبي عمران الصَّفَّار والقشيري. روى عنه محمد بْن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد الله، وسعد الله بن محمد الدَّقاق، وتوفي في المحرَّم.(11/225)
155 - محمد بن يحيى بن عبد الله بن زكريا، القاضي الزاهد أبو عبد الله ابن الفرَّاء الأندلسيُّ، [المتوفى: 514 هـ]
قاضي المريَّة.
روى عن أبي العبَّاس العُذْري كثيرًا، وعن أبي عبد الله ابن المرابط، وأبي محمد ابن العسَّال. وكان إمامًا، زاهدًا، صالحًا، ورِعًا، متواضعًا، قوَّالاً بالحقّ، مقبلًا على الآخرة؛ لمّا شرعوا في جباية المعونة كتب إلى عليّ بن يوسف بن تاشفين: إنّ الله قلَّدك أمر المسلمين ليَبْلُوَك فيما آتاك ممّا يُزْلِفك لديه أو يوبقك بين يديه، وهذا المال الّذي يسمَّى المعونة جُبِيَ من أموال اليتامى والمساكين بالقَهْر والغصْب وأنت المسؤول عنه والمحاسب على النَّقير والقِطْمِير، والكلُّ في صحيفتك، ولعلَّ بعض فُقهاء السُّوء أشار عليك بهذا واحتجّ لك بأنّ عُمَر أخذ من المسلمين معونةً جهَّز بها جيشًا، فإنَّ عمر لم يفعل حتّى توجَّه إلى القِبْلة وحلف أنّه ليس في بيت المال دِرهم وإنّ تجهيز ذلك الجيش مهّم فيلْزمك أن تفعل كعمر. فلمّا وقف على هذا الكتاب قَالَ: صدق، هم والله أشاروا عليَّ وما بيت المال بمحتاج، ثمّ ردَّ ثُلث الأموال إلى أربابها [ص:227] ولم يكن بين يدَى ابن الفرَّاء شرطيٌّ قطّ.
استُشْهِدَ ابن الفرَّاء في وقعة كتُنْدة، ويقال قُتنْدَة، رحمه الله، وقد أراد ابن تاشفين مصادرته، وأن يقيّده، فدفع الله عنه بصِدْقه ودينه.(11/226)
156 - محمود بن إسماعيل بن محمد بن محمد، أبو منصور الإصبهانيّ الصَّيْرفيّ الأشقر، راوي المعجم الكبير عن أَبِي الحسين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فاذشاه، وهو محمود بن أبي العلاء. [المتوفى: 514 هـ]
وُلِد في ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، وَسَمِعَ المعجم وغيره في سنة إحدى وثلاثين، وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج.
روى عنه: أبو القاسم إسماعيل التَّيْميّ في كتاب "التّرغيب"، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو بكر محمد بن أحمد المهاد، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وآخر من روى عنه أبو جعفر الصيدلاني، سمع منه حضورًا.
قال السّلَفيّ: كان رجلًا صالحًا، وله اتّصال ببني مَنْدَهْ، وبإفادتهم سمع الحديث.
وقال أبو موسى: تُوُفّي في ذي القعدة.(11/227)
157 - محمود بن مسعود بن عبد الحميد، أبو بكر الشعيبي اليوزجندي، [المتوفى: 514 هـ]
ويوزجندة بلدة بفَرغانة.
وُلِد سنة أربعين وأربع مائة تقريبًا.
قال ابن السّمعانيّ: كان إمامًا، فاضلًا، مفتيا، متفنّنًا، مناظرًا، مبرّزًا، تفقّه على الإمام محمد بن أبي سهل السَّرْخَسيّ، وحظي من الملوك. وجاء رسولًا إلى المستظهر بالله من جهة الخاقان صاحب ما وراء النَّهر، وأكرم مورده، سمع من: شيخه ابن أبي سهل، وأبي بكر محمد بن عليّ بن حيدرة الجعفريّ، والمشطّب الفَرغانيّ، وعطاء بن عليّ الأديب، روى عنه: محمد [ص:228] وعمر ابنا أبي بكر محمد بن عثمان السّنْجيّ، ومحمود بن أبي بكر الصّابونيّ، وغيرهم.
قال عمر بن محمد النسفي في كتاب "القنْد": تُوُفّي قاضي القُضاة أبو بكر الشُّعَيْبيّ بسمرقند في سابع ربيع الأوّل، وحُمِل تابوته إلى بخارى.(11/227)
158 - المُعَمَّر بن محمد بن الحسين، أبو نصر الأنْماطيّ البَيّع. [المتوفى: 514 هـ]
بغداديّ صالح، مكثِر، كثير التّلاوة، مقرئ، فاضل، حدَّث بتاريخ الخطيب عنه، وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وابن المسلمة، وأبا الحسين ابن الأبنوسيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العبّاس بن هالة، وهبة الله ابن عساكر، وآخرون، آخرهم ذاكر بن كامل، وكان يؤدّب الصّبيان.
وزعم الحافظ ابن ناصر أنّه كان ضعيفًا، ألحق سماعه في جزأين من تاريخ الخطيب، فقلت له: لِمَ فعلت هذا؟ قال: لأنّي سمعت الكتاب كلّه.
تُوُفّي في شعبان، عن سبعين سنة.
قلت: لَا يؤثّر قدْح ابن ناصر فيه، فإنّ الرجل كان فيه نباهة، وما يمنع من أن كان له فَوْتٌ، فأعيد له بعد كتابة الطبّقة، ثمّ ألْحق اسمه، بل الضّعيف من يروي الموضوعات، ولا يتكلّم عليها.(11/228)
159 - مكّيّ بن أحمد بن محمد بن مظفر، أبو بكر البغداديّ المقرئ الحنبليّ. [المتوفى: 514 هـ]
قرأ بالروايات على غلام الهَرّاس، وابن موسى الخيّاط، وأبي عليّ بن البناء. وكانت رحلته إلى غلام الهرّاس في سنة خمسٍ وخمسين. قرأ عليه طائفة منهم: أحمد بن محمد بن شنيف، ومقبل ابن الصَّدْر، وحدَّث عنه: أبو طالب بن خضير.
توفي في رمضان سنة أربع عشرة.(11/228)
160 - نجا بن المبارك، أبو العز البغداديُّ الفقيه الشَّافعيُّ. [المتوفى: 514 هـ][ص:229]
سمع أبا يعلى ابن الفراء، وأبا جعفر ابن المسلمة. وعنه أبو المعَمَّر الأنصاري وأبو طاهر السِّلفي، وأحمد بن محمد بن هالة الأصبهاني. وكان أولاً حنبليًّا ثم صار حنفيًّا ولم يكن بثقة.
توفي في شعبان.(11/228)
161 - ناصر بن محمد بن أبي عياض، أبو الفتح العياضيُّ السَّرخسيُّ، [المتوفى: 514 هـ]
والد أبي نصر محمد.
كان فقيهاً واعظاً، ثقة عارفاً بالحديث، صاحب تصانيف وأشعار.
سمع من جده أبي منصور عبد الله، والليث بن الحسن الليثي، والبيهقي، والفضل بن المُحِب. عاش بضعاً وسبعين سنة.(11/229)
162 - هبة الله بن المُحَسِّن بن رزق الله، أبو القاسم المقدسيُّ. [المتوفى: 514 هـ]
يروي عن الفقيه نصر المقدسي.(11/229)
163 - يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن شبل، أبو بكر الإسكندرانيُّ المالكيُّ. [المتوفى: 514 هـ]
رحل وسمع أبا بكر الخطيب، وأبا عثمان بن ورقاء وجماعة، ولقي الخطيب بصور في سنة إحدى وستين. وكان مولده في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة. روى عنه السِّلفي وأبو محمد العثماني وأجاز للحافظ ابن عساكر.
قال السِّلفي: ثقة ديٍّن، طلب الحديث ورحل فيه.
قلت: رحل من الغلاء في مصر.(11/229)
164 - يونس بن أبي سهولة بن فَرَج، أبو الوليد الشَّنْتَجَاليّ، [المتوفى: 514 هـ]
نزيل دانية.
لقي أشياخ طُلَيْطُلَة كأبي محمد بن عبّاس، وأبي المُطَرّف بن سلمة. وكان إمامًا مدرسًا مشاورًا. [ص:230]
حدث عنه: أبو عبد الله ابن برنجال، وأبو عبد الله بن سعيد بن غلام الفرس، وأبو إِسْحَاق بن خليفة.
تُوُفّي بدانية في ربيع الأوّل.(11/229)
-سنة خمس عشرة وخمسمائة(11/231)
165 - أحمد بن خطاب الحنبلي. [المتوفى: 515 هـ]
بغدادي، يروي عن عبد الصمد ابن المأمون.(11/231)
166 - أحمد بن عبد الرحمن بن جَحْدَر، أبو جعفر الأنصاريّ الشّاطبيّ. [المتوفى: 515 هـ]
روى عن: طاهر بن مُفَوَّز، ومحمد بن سعدون القرويّ، وعلي بن عبد الرحمن المقرئ.
وكان حافظا للفقه، بصيرا بالفتوى، ثقة ضابطا، وولي القضاء بشاطبة، ثم صُرِف.(11/231)
167 - أحمد بن موسى بن جَوْشين بن زغانم بن أحمد، أبو العباس الأشنهيُّ، [المتوفى: 515 هـ]
وأشنه: من بلاد أذربيجان.
نزل بغداد، وتفقه على أبي سعد المُتولِّي فأتقن الفقه. وسمع أبا الغنائم الدَّقاق، وتوفي في ذي الحجة، حدَّث بكتاب "تنبيه الغافلين".(11/231)
168 - بركة بن محمد بن أحمد، أبو البركات الخرزيُّ البيِّع. [المتوفى: 515 هـ]
بغدادي، حدَّث عَنْ أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وأبي إِسْحَاق البرمكي، وتوفي في ذي القعدة.(11/231)
169 - جعفر بن المُحَسِّن بن جعفر بن محمد، أبو القاسم السِّلماسيُّ. [المتوفى: 515 هـ]
سَمِعَ أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلاَّل. روى عنه الصَّائن هبة الله، وأبو منصور بن عبد السلام، والسِّلفي. وكان يتولى التَّرِكات.
قال عبد الوهَّاب الأنماطي: كان لا شيء، توفي في رجب عن خمس وثمانين سنة.(11/231)
170 - الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن مِهْرة، أبو علي الأصبهاني الحداد المقرئ، [المتوفى: 515 هـ]
"مسند إصبهان في القراءات والحديث".
ولد في شعبان سنة تسع عشرة وأربعمائة، فسمع الحديث في سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وبعدها، وعاش بعد ما سمع إحدى وتسعين سنة.
سمع: أبا بكر محمد بن عليّ بن مُصْعَب، وأبا نُعَيْم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الحافظ، فأكثر عنه إلى الغاية، وأبا الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عبد الرّزّاق بن أبي الشّيخ، وهارون بن محمد الكاتب، وأبا القاسم عبد الله بن محمد العطّار المقرئ، وأبا سعد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصّفّار، وعلي بن أحمد بن مهران الصحاف، وأحمد بن محمد بن يزدة الملنجي، وأحمد بن محمد بن الأسود الشُّرُوطيّ، وأبا نصر الفضل بن محمد القاشانيّ، ومحمد بن عبد الله التّبّان، وأبا أحمد محمد بن عليّ بن سيُوَيْه المكفوف، ومحمد بن عبد الله بن مهران البقّال، وأبا ذَرّ محمد بن إبراهيم الصّالْحانيّ، وأبا بكر بن ريذة، وطائفة كبيرة.
وخرّج لنفسه مُعْجَمًا سمعناه، أو لعلّه بتخريج ولده الحافظ عُبَيْد الله.
وقرأ بالروايات على: أبي القاسم عبد الله بن محمد العطّار مقرئ إصبهان، صاحب أبي جعفر التميمي الصابوني محمد بن جعفر الّذي قرأ على جعفر بن محمد بن المِطيار، وقرأ على: أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرّازيّ الزّاهد، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وأحمد بن يَزْدَة، وجماعة.
قال السّمعانيّ في تحبيره: رحل النّاس إليه، ورأى من العزّ ما لم يره أحدٌ في عصره، وكان خيّرًا، صالحًا، مقرئًا ثقة، صَدُوقًا. وهو أجلّ شيخ أجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة كثيرة، ومن مسموعه على أبي نُعَيْم: كتاب "التّوبة والاعتذار"، وكتاب "شرف الصَّبر "، وكتاب "ذمّ الرّياء والسُّمعة "، وكتاب "الحثّ على كسْب الحلال "، وكتاب "حفظ اللّسان "، وكتاب " تثبيت [ص:233] الإمامة "، وكتاب "رياضة الأبدان "، وكتاب "فضل التّهجُّد "، وكتاب "الإيجاز وجوامع الكَلِم "، وكتاب "خصائص فضل عليّ "، وكتاب "الخُطَب النّبويّة "، وكتاب "لباس السّواد "، وكتاب "تعظيم الأولياء "، وكتاب "السّاعين "، وكتاب "التّعبير "، وكتاب "رفع اليدين في الصّلاة "، وكتاب "تجويز المزاح "، وكتاب "الهديّة "، وكتاب "حُرْمة المساجد "، وكتاب "فضل الجار "، وكتاب "فضل السُّحُور "، وكتاب "الفرائض "، وكتاب "اثنتين وسبعين فرقة "، وكتاب "مدح الكرام "، وكتاب "الجواب عن: ثم أورثنا الكتاب "، وكتاب "إسماع الكليم "، وكتاب "سحنة العقلاء "، وكتاب "حديث الطَّيْر "، وكتاب "لبْس الصُّوف "، وكتاب "الأربعين في الأحكام"، و"أربعي الصوفية "، وكتاب "بيان حديث النزول "، وكتاب "الفلك وإنه غير مدبر "، وكتاب "المعراج "، وكتاب "الاستسقاء "، وكتاب "الخسْف "، وكتاب "الصّيام والقيام "، وكتاب "الروية "، وكتاب "قراءات النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ "، وكتاب "معرفة الصحابة "، وكتاب "علوم الحديث"، و"تاريخ إصبهان "، وكتاب "الإخوة "، وكتاب "العلم "، وكتاب "الحلْية "، وكتاب "المتواضعين "، وكتاب "القراءة خلف الإمام "، وكتاب "التشهد "، وكتاب "حسن الظن "، وكتاب "المؤاخاة "، وكتاب "وعيد الزّناة "، وكتاب "الشُّهداء "، وكتاب "القدر"، وكُتُبًا غير ذلك، الجميع تأليف أبي نُعَيْم، وسماعه منه.
روى عنه: معمّر بن الفاخر، وأبو العلاء الحسن بن أحمد الهَمَذَانيّ العطّار، وقرأ عليه بالرّوايات وأكثر عنه، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو مسعود الحاجّيّ، وأبو الفتح عبد الله الخِرَقيّ، وأبو الفضل خطيب الموصل، وأبو سعد الصّائغ، ويحيى الثّقفيّ، والفضل بن القاسم الصَّيْدلانيّ، ومحمد بن الحسن بن الفضل الأَدَميّ، والأديب محمد بن أحمد المصلح، وعبد الرحيم بن محمد الخطيب، ومسعود بن أبي منصور الخيّاط، وخليل بن بدر الرّارانيّ، ومحمد بن إسماعيل الطَّرَسُوسيّ، وأبو المكارم اللّبّان، ومحمد بن أبي زيد الكرّانيّ، وأبو جعفر الصَّيْدلانيّ، وله عنه حضور كثير، ولم يسمع منه مع إمكان ذلك، وآخر من روى عنه بالإجازة عفيفة الفارفانية، وعاشت بعده إحدى وتسعين سنة. [ص:234]
قال أبو سعد السّمعانيّ: كان عالمًا ثقة، صدوقًا، من أهل العلم والقرآن والدّين، قرأ القرآن بروايات، وعمر الطويل، حتى حدث بالكثير، ورحل إليه الناس ورأى من العز ما لم ير أحد في عصره، وكان خيرا دينا صالحا، كان والده إذا خرج إلى حانوته ليعمل في الحديد يأخذ بيد الحسن، ويدفعه في مسجد أبي نُعَيْم، فأكثر عنه، حتّى صار بحيث لَا يفوته عنه إلّا ما شاء الله.
قال ابن نُقْطَة: سمع من أبي نُعَيْم "الموطّأ"، عن الطَّبَرانيّ، عَنْ عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيزِ، عَنِ القَعْنَبيّ، عن مالك (ح) وعن ابن خلّاد النَّصِيبيّ، عن تمتام، عن القَعْنِبيّ، عن مالك، وسمع من أبي نُعَيْم "مُسْنَد الإمام أحمد"، عن ابن الصّوّاف بعضه، وتمامه عن القَطِيعيّ، كلاهما عن عبد الله، عن أبيه، وسمع منه "مسند الطيالسي"، و"مسند الحارث بن أبي أسامة"، لكن لأبي نُعَيْم فَوْتٌ في "مُسْنَد الحارث"، وذلك جزءان معلومان: الثّالث عشر، والسّادس والعشرون، وكتاب "السُّنَن" لأبي مسلم، رواه له عن فاروق الخطّابيّ، وبعضه عن حبيب القزّاز، وسمع منه المستخرجين على الصحيحين، وكتاب "الحلية"، وأشياء كثيرة، و"المعجم الأوسط" للطَّبَرانيّ، ومسانيد سُفيان الثَّوْريّ، وعوالي الأوزاعيّ، و"الجود"، و"مسند الشاميين"، و"السنن المخرجة من كتب عبد الرزاق"، و"جامع عبد الرّزّاق ومغازيه"، الكلّ سمعه من أبي نعيم، قال: أخبرنا الطَّبَرانيّ.
وسمع من أبي نُعَيْم كتاب "غريب الحديث" لأبي عُبَيْد، وكتاب "مقتل الحسين"، وكتاب "الشواهد"، وكتاب "القضاء" بسماعه للكل من الطَّبَرانيّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أبي عُبَيْد، وسمع من أبي نُعَيْم "فوائد" سمويه، وفوائد أبي علي ابن الصواف، و"مسند الطيالسي"، و"الطبقات" لابن المديني، و"تاريخ الطالبيين" للجعابي، و"جزء محمد بن عاصم"، و"جزء ابن الفرات"، و"أربعي الآجري". وسمع من ابن ريذة "المعجم الكبير" للطبراني. [ص:235]
توفي في السادس والعشرين من ذي الحجة، ودفن عند القاضي أبي أحمد العسَّال.(11/232)
171 - الحسن بن بشَّار بن محمد بن مرزوق، أبو محمد ابن الدَّيان الحلبيُّ النَّحويُّ، [المتوفى: 515 هـ]
من مشايخ الرَّافضة.
له مصنَّف في الفرائض على مذهبه، ومصنَّف في منع رؤية الله، وغير ذلك، وهو من تلامذة العين زربي.(11/235)
172 - الحسن بن علي بن عمر الواعظ، أبو محمد الزَّنجانيُّ، الملقب بالقحف. [المتوفى: 515 هـ]
سافر إلى الأقاليم، ورأى العلماء وذكر أنه لقي أبا العلاء المعرِّي، ثم سكن بغداد، وكان يعظ في التَّعازي، ويعظُ في الأسواق، لم يكن موثَّقاً، كان كثير المحفوظ معمَّراً.
مات في ذي الحجَّة، علَّق عنه ابن الخشَّاب وغيره.(11/235)
173 - الحسن بن محمد بن سورة، أبو سعد التميمي النيسابوري. [المتوفى: 515 هـ]
شيخ صالح، سمع أبا عثمان الصابوني، وأبا سعد الكنجروذي. حضر عليه أبو سعد السمعاني، وقال: مات في المحرم.(11/235)
174 - خلف بن سعيد بن خير، أبو القاسم الطليطلي الزاهد، [المتوفى: 515 هـ]
نزيل قرطبة.
كان يلقن القرآن، وقد قرأ على: أبي عبد الله المَغَاميّ، وأخذ أيضًا عن: عبد الصّمد بن سَعْدُون.
وكان ورعًا، قانعًا، متواضعًا، متبركًا به، حسن الأخلاق مذكورًا بإجابة الدّعوة، وكان ينوب في جامع قُرْطُبة.
تُوُفّي في نصف ذي القعدة، وكانت جنازته مشهودة قل أن سمع بمثلها، رحمة الله عليه.(11/235)
175 - رُوزبَة بن موسى بن رُوزبَة، أبو الحسن الخزاعي الفقيه. [المتوفى: 515 هـ][ص:236]
وُلّي القضاء بغير موضع بمصر، ثمّ استعفى من القضاء، وكان مولده في رجب سنة عشرين وأربعمائة.
قال السّلَفيّ: روى لنا عن نصر بن عبد العزيز الشّيرازيّ، وأبي إسحاق الحبّال، وتُوُفّي في رجب، وكان حَسَن الخَلْق والخُلُق، كثير العبادة، قال ابنه: كان أبي يختم في اليوم والليلة، ويقوم الليل رحمه الله.(11/235)
176 - سعيد بن فتح، أبو الطّيّب الأنصاريّ الأندلسيّ القَلْعيّ المقرئ، [المتوفى: 515 هـ]
من قلعة أيّوب.
أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدش، وابن البياز، وأبي القاسم بن النخاس، وسمع من جماعة، وتصدَّر للإقراء بمُرْسِيّة، وعلَّم، وكان ماهرًا مجوّدًا، أديبًا، محقّقًا، أخذ عنه: أبو عبد الله بن فَرَج المكناسيّ، وغيره.
توفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي بعدها.(11/236)
177 - شاكر بن عمر بن عبيد الله، أبو ياسر الخواص. [المتوفى: 515 هـ]
شيخ أمي من أهل باب الأزج، سمع أبا محمد الجوهريّ، وغيره، روى عنه عمر بن ظفر، توفي في ذي القعدة.(11/236)
178 - شاهنشاه الأفضل، أمير الجيوش، أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ الأرمنيّ. [المتوفى: 515 هـ]
كان بدر هو الكُلّ، وكان المستنصر مقهورًا معه، وتُوُفّي سنة ثمان وثمانين، فلمّا مات قام الأفضل مقام أبيه، وقضيّته مع نزار ابن المستنصر وغلامه أفْتِكين متولّي الإسكندريّة مشهورة في أخْذِهما وإحضارهما إلى القاهرة، ثمّ لم يظهر لهما خبرٌ بعد ذلك، وذلك في سنة ثمانٍ وثمانين أيضًا، فأمّا أفْتِكين فقتل ظاهرًا، وأمّا نزار فيقال: إنّ المستعلي أخاه بنى عليه حائطًا، ونزار المذكور هو الّذي تُنْسَب إليه الإسماعيليّة أرباب قلعة الأَلَمُوت.
وكان الأفضل داهية، شهْمًا، مَهِيبًا كأبيه، فَحْل الرأي، جيّد السّياسة، أقام في الخلافة الآمر وُلِد المستعلي بعد موت المستعلي، ودبّر دولته، وحَجَر عليه، ومنعه من شهواته، فإنه كان كثير اللّعِب، فحمله ذلك على قتْله، فأوثب عليه [ص:237] جماعة، وكان يسكن بمصر، فلمّا ركب من داره وثبوا عليه فقتلوه في سلْخ رمضان من هذه السّنة، وخلَّف من الأموال ما لم يُسمع بمثله.
قال ابن الأثير: كانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة، وكان الإسماعيلية يكرهونه لأسبابٍ، منها: تضييقه على إمامهم، وترْكه ما يجب عندهم سلوكُه معهم، وترْكه معارضة أهل السُّنّة في اعتقادهم، والنَّهْي عن معارضتهم، وإذْنه للنّاس في إظهار معتقداتهم، والمناظرة عليها.
قال: وكان حَسَن السّيرة، عادلًا، يُحكى أنّه لمّا قُتِل وظهر الظّلْم بعده اجتمع جماعة، واستغاثوا إلى الخليفة، وكان من جملة قولهم: إنّهم لعنوا الأفضل، فسألهم عن سبب لعنته، فقالوا: إنّه عَدَل وأحسن السّيرة، ففارقْنا بلادنا وأوطاننا، وقصدْنا بلاده لعدله، فقد أصابنا هذا الظُّلم، فهو كان سبب ظُلْمنا، فأمر الخليفة بالإحسان إليهم وإلى النّاس، وقيل: إنّ الآمر بأحكام الله وضع عليه من قتله، وكان قد فسد ما بينهما، وكان أبو عبد الله البطائحيّ هو الغالب على أمر الأفضل، فأسرّ إليه الآمر أن يعمل على تلافه، ووعده بمنصبه، فلمّا قُتِل وُلّي البطائحي وزارة الآمر، ولُقّب بالمأمون، وبقي إلى سنة تسع عشرة وصُلِب.
وقال سبط الجوزيّ في ترجمة الأفضل، ووضعها في سنة ستّ عشرة، وكأنّه وهِم، قال: إن الأفضل ولد بعكا سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، قال أبو يعلى ابن القلانِسِيّ: وكان الأفضل حَسَن الاعتقاد، سُنّيّا، حميد السّيرة مُؤْثِرًا للعدل، كريم الأخلاق، صادق الحديث، لم يأتِ الزّمان بمثله، ولا حُمِد التّدبير عند فقْده، واستولى الآمر على خزائنه، وجميع أسبابه.
وكان الأفضل جوادًا مُمَدَّحًا، مدحه جماعة، منهم قاضي مصر القاضي الرشيد أحمد بن القاسم الصَّقَلّيّ صاحب الدّيوان الشّعْر. [ص:238]
قال القاضي شمس الدّين: قال صاحب الدّول المنقطعة: خلّف الأفضل ستّمائة ألف ألف دينار، ومائتين وخمسين إرْدَبّ دراهم، وخمسة وسبعين ألف ثوب ديباج، وثلاثين راحلة أحقاق ذَهَب عراقي، ودواة ذهب مجوهرة قيمتها اثنا عشر ألف دينار، ومائة مسمار من ذهب، وزن المِسْمار مائة مِثقال، في كلّ مجلس منها عشرة، على كل مسمار منديل مشدود مذهب، فيه بدلة بلون من الألوان، أيّما أحبّ منها لبسه، وخمسمائة صندوق كسوة لخاصه، وخلّف من الرقيق والخيل والبِغال والطّيب والتّجمُّل ما لم يعلم قدرَه إلّا الله، ومن الجواميس والبقر والغنم ما يستحيى من ذِكر عدده، بلغ ضمان ألْبانها في العام ثلاثين ألف دينار.
قلت: كذا قال هذا النّاقل ستّمائة ألف ألف دينار، والعهدة عليه، وفي الجملة فإنّ الأفضل هذا تصرَّف في الممالك، وكَنَزَ الأموال، وجمع ما لم يجمعه ملك، وكان ملكه سبْعًا وعشرين سنة.
وفي أيّامه تغلّبت الفرنج - لعنهم الله - على القدس، وأنطاكية، وعكّا، وطرابُلُس، وصور، وصيدا، وبيروت، وقَيْساريّة، وعدّة حصون سوى ذلك.
وكذا كلّ ملك نَهْمَتُه في جَمْع الأموال يبخل عن استخدام الجيوش، ويفْرط، فللّه الأمر كلُّه.
قال ابن الأثير في "كامله": وثبَ عليه ثلاثةٌ، فضربوه بالسّكاكين، فقتلوه، وحُمِل وبه رَمَق إلى داره، ونزل الآمر بأحكام الله إلى داره، وتوجّع له، فلمّا مات نقل من أمواله ما لَا يعلمه إلّا الله، وبقي الخليفة الآمر في داره أربعين يومًا أو نحوها، والكتاب بين يديه، والدّوابّ تحمل وتنقل ليلًا ونهارًا، ووجد له من الأعلاق النفيسة، والأشياء المعدومة ما لَا يوجد لغيره، وحبس أولاده.(11/236)
179 - شمس النّهار بنت الحافظ أبي عليّ أحمد بن محمد البَرَدَانيّ، أمّ الفضل، [المتوفى: 515 هـ]
زوجة أبي منصور عبد الرحمن بن زُرَيْق القزّاز. [ص:239]
سمّعها أبوها من أبي جعفر ابن المسلمة، وغيره، روى عنها: أبو المعمر الأنصاري.(11/238)
180 - طلْحة بن الحسين بن أبي ذَرّ محمد بن إبراهيم الصّالحانيّ، الأديب، أبو الطّيّب. [المتوفى: 515 هـ]
وُلِد سنة ستّ وعشرين وأربع مائة، وسمع من: جدّه، وابن ريذة، روى عنه: أبو موسى، وقال: تُوُفّي في صفر، وأجاز لابن السّمعانيّ، وقال: فمن مسموعاته: كتاب "أخلاق النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وشمائله" لأبي الشّيخ، يرويه عن جدّه أبي ذَرّ، عنه، وكتاب "السُّنّة الصغير" لأبي الشيخ، عن جده عنه، والبِرّ والصّلَة لأبي الشيخ بالإسناد، وكتاب "القدر" لعليّ بن محمد الطَّنَافسيّ، وكتاب "الصَّوم" لابن أبي عاصم، عن جدّه، عن القبّاب، عنه.(11/239)
181 - عبد الله بن إدريس، أبو محمد السَّرَقُسْطيّ المقرئ. [المتوفى: 515 هـ]
كان من أهل الأداء والضبط، أخذ عن: عبد الوهاب بن حَكَم، وغيره، وتصدر بجامع سبتة للإقراء، قرأ عليه: القاضي عِياض، وغيره.(11/239)
182 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بن محمد بن الحسن، أبو ياسر البَرَدَانيّ، [المتوفى: 515 هـ]
أخو أبي عليّ.
شيخ صالح خيّر، سمع: أباه، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا إسحاق البرمكيّ، وأبا محمد الجوهريّ، وجماعة، روى عنه: عليّ بن طِراد، وشُعْبة بن عمر الإصبهانيّ، والصّائن هبة الله، والسّلَفيّ، وجماعة.(11/239)
183 - عبد الله بن منصور بن أحمد بن خطَّاب، أبو غالب ابن النَّو المقرئ. [المتوفى: 515 هـ]
قرأ بمكة على أبي معشر، وسمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأحمد بن محمد بن حمدويه. روى عنه عمر المغازلي، وجماعة.(11/239)
184 - عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن منتيل، أبو زيد الأنصاريُّ السَّرقسطيُّ، [المتوفى: 515 هـ]
صهر أبي علي الصَّدفي.
روى عن القاضي محمد بن إسماعيل، وغيره، وكان صالحاً وَرِعًا، تقيًّا، [ص:240] كبير القدر، أديباً شاعراً ولي خطابة بلده. أخذ عنه أبو علي قليلاً.(11/239)
185 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَحْمَد بْن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن الحافظ بقي بن مخلد، أبو الحسن القرطبيُّ. [المتوفى: 515 هـ]
روى عن أبيه، والقاضي سراج، ومحمد بن عتَّاب، وأجاز له أبو العبَّاس العُذْري، وتولَّى الأحكام بقرطبة، وكان درباً بها.
توفي في نصف ذي الحجَّة، وكان مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة، وشيَّعه الخلق، وصلى عليه أخوه أبو القاسم. سمع منه ابن بشكوال.(11/240)
186 - عبد الرَّزَّاق بْن عبد الله بْن عليّ بن إسحاق، الوزير أبو المحاسن [المتوفى: 515 هـ]
ابن أخي الوزير نظام الملك.
تفقه على إمام الحرمين وأفتى وناظر، ثم وزرَ للسُّلطان سنجر، واشتغل بتدبير الممالك، فلما مات وَزَرَ بعده لسنجر أبو طاهر معد القُمِّي.
سمع يعقوب بن أحمد الصَّيْرفي، ومحمد بن إسماعيل التَّفليسي. سمع منه السَّمعاني في صغره، وقال: كان إمام نيسابور في عصره، كان فصيحاً جريئاً مناظراً، قرأت عليه في كتاب "الهادي". مولده في سنة تسع وخمسين. ومات بسرخس في المحرَّم.(11/240)
187 - عبد الواحد بْن أحمد بْن الحسن، أبو محمد اللَّحيانيُّ الصَّفَّار. [المتوفى: 515 هـ]
بغدادي، خيِّر، مقرئ، سمع علي بن إبراهيم الباقلاني، وأبا بكر محمد بن أحمد الكازروني، وحدَّث. تغيَّر في آخر عمُره، روى عنه أبو المُعَمَّر.(11/240)
188 - عبد الوهاب بن حمزة، أبو سعد الحنبلي [المتوفى: 515 هـ]
صاحب أبي الخطّاب.
كان فقيهًا مُفْتِيا، معدّلًا،
سَمِعَ: أبا محمد الصريفيني، وابن النقور،
رَوَى [ص:241] عَنْهُ: أبو حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني،
وتوفي في شعبان.(11/240)
189 - عليّ بن أحمد بن الحسن، أبو القاسم الفارسي الصيرفي، [المتوفى: 515 هـ]
الساكن بسمرقند.
سمع سعيد بن أبي سعيد العيار، وحدث بغزنة، وأعطاه سلطان غزنة ألف دينار، وتوفي في جمادى الأولى، روى عنه عمر بن محمد النسفي.(11/241)
190 - عليّ بن جعفر بن علي بن محمد بن عبد الله بن حسين بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب، الأغلبي، أبو القاسم ابن القطاع، السعدي الصقلي، الكاتب اللغوي. [المتوفى: 515 هـ]
ولد بصقلية في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، وأخذ بها عن: أبي بكر محمد بن عليّ بن البرّ اللُّغَويّ، وغيره، وبرع في النَّحْو، وصنَّف التّصانيف، ونزح عن صَقَلّية حين أشرف الفرنج على تملُّكها، وقدِم مصر في حدود الخمس مائة، فبالغوا في إكرامه، وأحسن إليه الدّولة.
وله كتاب "الأفعال"، من أجْوَد الكُتُب في معناه، وكتاب "أبنية الأسماء" جَمَعَ فيه فأوعب، وله مصنَّف في العَرُوض، وكتابَ "الدّرّة الخطيرة في المختار من شعراء الجزيرة" (جزيرة صقلية) أورد فيه لمائةٍ وسبعين شاعرًا، وكتاب "لُمَح المُلَح".
وكان نقّاد المصريّين ينسبونه إلى التّساهل في الرواية، وذلك لأنّه لمّا قدِم سألوه عن كتاب "الصَّحاح" للجوهريّ، فذكر أنّه لم يصل إلى صَقَلّية، ثمّ إنّه لمّا رأى اشتغالهم به ركَّب له إسنادًا، وأخذه النّاس عنه مقلّدين له.
قال السّلَفيّ: سمعت عبد الواحد بن غلاب يقول: سمعت أبا القاسم ابن القَطاع يقول: لمّا خرجت من المغرب، شيّعني شيخي أبو بكر محمد بن علي بن البَرّ التّميميّ اللُّغَويّ، وقال: توجَّهْ حيث أردت، فما ترى مثلُك.
قال ياقوت الحمويّ: كان أبوه جعفر ذا طبقة عالية في اللّغة والنّحْو، وجدّه عليّ شاعر محسِن، مَدَح الحاكم، ووُلّي ديوان الخاصّة، وجدّ أبيه من الشّعراء أيضًا، وكذلك جدّهم الأعلى الحسين بن أحمد، وكان أبو القاسم ابن [ص:242] القَطّاع يعلّم وُلِد الأفضل أمير الجيوش، إلى أن ذكر أنه مات سنة أربع عشرة وخمس مائة. وكان ذكيًا شاعرًا، راوية للآداب.
وله في غلام اسمه حمزة:
يا من رمى النار في فؤادي ... وأنبظ العينَ بالبكاء
اسمُكَ تصحيفُهُ بقلبي ... وفي ثناياك بُرْءُ دائي
أردُدْ سلامي فإنّ نفسي ... لم يَبْقَ منها سوى الذّماء
وله:
وشادن في لسانه عُقَدٌ ... حلَّت عُقُودي وأوهنت جلدي
عابوه جَهْلًا بها فقلت لهم ... أما سمعِتم بالنَّفث في العقد
توفي بمصر في صفر، وهو من وُلِد زيادة الله بن الأغلب الأمير.(11/241)
191 - عليّ بن زيد بن شهريار، أبو الوفاء الأصفهاني التاجر المقرئ. [المتوفى: 515 هـ]
توفي في جمادى الأولى، سمع: أبا الحسن الدّاوديّ، وأبا عمر المَلِيحيّ، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وطبقتهم، وعنه: أحمد بن مسعود ابن النّاقد، ويحيى بن ثابت، والسّلَفيّ.
من كبراء أهل إصبهان وثقاتهم، له بصرٌ بالحديث، عاش سبعًا وسبعين سنة.(11/242)
192 - علي بن المؤمَّل بن غسَّان، أبو الحسن المصريُّ الكاتب. [المتوفى: 515 هـ]
سمع أبا عبد الله القضاعي، والشَّريف ابن حمزة الحسين، وابن كُناس.
قال السِّلفي: حدَّثنا بالإسكندرية، وكتبنا عنه كثيراً، قال لي: ولدت بمصر سنة خمس وثلاثين وأربع مئة، وتوفي في جمادى الأولى وله ثمانون سنة.
وروى عنه أبو محمد العُثماني.(11/242)
193 - علي بْن يحيى بْن تميم بْن المُعِز بْن باديس، [المتوفى: 515 هـ]
صاحب إفريقية وغيرها.
توفي في ربيع الآخر، وكان إمارته خمس سنين وأربعة أشهر، وكان شهماً شجاعاًَ عالي الهمَّة، ولي الأمر بعده ابنه الحسن، وقام بتدبير دولته صندل الخادم وكان للحسن حينئذ اثنتي عشرة سنة.(11/243)
194 - محمد بن إبراهيم، أبو عبد الله الأبيورديُّ المقرئ. [المتوفى: 515 هـ]
سمع إسماعيل بن مسعدة، وقرأ بمكة على أبي معشر الطَّبري.(11/243)
195 - محمد بن أحمد بن مبارك القطّان، أبو عبد الله القُرْطُبيّ. [المتوفى: 515 هـ]
سمع: أبا عليّ الغسّانيّ، وأبا عبد الله أحمد بن محمد الخولانيّ، وكان مختصًا بالقراءة على الشّيوخ لمعرفته وذكائه، وحُسْن قراءته، وكان الشّيوخ يعظّمونه ويكرمونه، تُوُفّي كهلًا.(11/243)
196 - محمد بن الحسن بن عليّ، أبو عبد الله الخولاني الأندلسي المريي، ويعرف بالبلغيي. [المتوفى: 515 هـ]
رحل، وقدِم دمشق، وحدَّث بها عن: خَلَفُ بن إبراهيم، والحسين بن بُكَيْر، وسمع من: سهل بن بشر الإسفراييني، وأبي حامد الغزّاليّ، والشّريف النّسيب.
وكان صالحًا، مقبلًا على شأنه، قانعًا باليسير، طَلّابةً للعِلْم. روى عنه: هبة الله بن طاوس.
وتُوُفّي بالمَرِيّة في رمضان سنة خمس عشرة، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.(11/243)
197 - محمد بن خليفة بن محمد بن حسين، أبو عبد الله النَّمَريّ العراقيّ، الشّاعر المعروف بالسَّنْبِسيّ، [المتوفى: 515 هـ]
لأنّ أُمّه سِنْبِسِية.
أصله من هيت، وأقام بالحلة عند صَدَقة بن مَزْيَد، وكان شاعره وشاعر ولده دبيس، لكن لم يحسن إليه دُبَيْس فتركه، وقدِم بغداد، ومدح الوزير أبا عليّ بن صَدَقة، فأجزل عطاءه، وأقام ببغداد. [ص:244]
وله شِعْرٌ رائق، روى عنه: السَّلَفيّ، وعبد الرحيم ابن الإخْوة، وهزارسب بن عوض، وغيرهم، وكان يعرف بالقائد السنبسي. توفي في أول العام، وقد عمي، وجاوز التّسعين.
فمن شعر القائد السنبسي، قال عزّ الدّين أبو القاسم بن رواحة: أنشدنا السَّلَفيّ قال: أنشدني أبو عبد الله السَّنْبِسيّ لنفسه من قصيدة:
وكم ليلةٍ قد سِرْتُها غيرَ مرّةٍ ... إليها وقد نام الغَيُور المخلفُ
فبات حشاها تحت ركني بطانةً ... لكَشْحي وما عينٌ من النّاس تَطْرُفُ
وما بيننا إلا النطاق وحليها ... وأبيض مشحوذ العرانين أهْيفُ
فبِتُّ أُجاريها الحديثَ وأشتكي ... جَوى الحُبَّ حتى كادت الشمس تشرف
وأبت ولم تحلُلْ معاقِدَ مِئْزَري ... على ريبةٍ أخْزَى بها حين أقرفُ
سوى رَشَفاتٍ من شِفاهٍ كأنها ... جنْي الورْد من أغصانه حين يُقْطفُ
أُبرَّدُ أنفاسي بهنَّ وأَلْتَوي ... على كَبِدي والله بالسّرِّ أعرفُ
وممّا شجاني يوم بانتْ حمُولُها ... حَمامٌ بأعلى دمْنةِ الدّار هُتّفُ
عشيّة راحوا بالنّياق فغرَّبُوا ... وأصبحتُ في آثارها أتعرّفُ
بكيت إلى أن لان من ماء أدمُعِي ... صميمُ الحصا أو كاد بالدمع ينطف
فما الحيُّ بالحي الّذين ألِفْتُهُم ... ولا الدّار بالدّار الّتي كنت أعرفُ(11/243)
198 - محمد بن عبد الباقي بن جعفر بن محمد بن مجالد، أبو منصور البَجَليّ الكوفيّ الشّاهد. [المتوفى: 515 هـ]
سمع: الشّريف محمد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، وعُبَيْد الله بن عليّ بن أبي قربة، ومحمد بْن عَبْد العزيز النّهْشَليّ العطّار، ومحمد بْن إِسْحَاق بن فدوية، ودارم بن محمد، ومحمد ومحمد ابني محمد بْن عيسى بْن حازم، ومحمد بْن حمزة التّميميّ الزّيّات، وجماعة. وخرّج لَهُ أُبيّ النَّرْسيّ جزءًا عَنْ شيوخه، وقدِم بغداد تاجرًا غير مرّة.
روى عَنْهُ ابن ناصر، وعبد الوهاب ابن الصّابونيّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وغيرهم. [ص:245]
وثقة أبي.
وقال يحيى بن سعد الله بْن عَبْد الباقي البَجَليّ: تُوُفّي عمّي في السّابع والعشرين مِن ربيع الأوّل بالكوفة.
قلت: وسمع منه: السّلَفيّ، والصّائن ابن عساكر.
ذكره الحافظ ابن عساكر وقال: أجاز لي، وذكر أنّه قِدم دمشق.(11/244)
199 - محمد بْن عليّ بْن عبيد الله، أبو بكر ابن الدَّنِف. [المتوفى: 515 هـ]
بغداديّ مقرئ.
سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وابن المسلمة. وكان إمامًا صالحًا، خيرًا، حنبليا، تُوُفّي في شوّال، وقد تفقّه عَلَى أبي جعفر بن أبي موسى، وجلس للإشغال مدّة، روى عَنْهُ: ذاكر بْن كامل، وابن بوش.(11/245)
200 - محمد بن فرُّخ، أبو عبد الله الحفصُويِّيُّ المروزيُّ الزَّاهد. [المتوفى: 515 هـ]
سمع أبا بكر البيهقي، وأبا عمرو محمد بن عبد العزيز القنطري، ومحمد بن محمد بن محمد القاشاني، وأبا الحسن محمد بْن محمد بْن زيد العَلَويّ.
قال أبو سعد السَّمعاني: سمعت منه "الدعوات الصغير" للبيهقي، وتوفي في حدود سنة خمس عشرة وقد جاوز الثمانين.
قلت: وفرُّخ براء ثقيلة مضمومة ثم بخاء معجمة.
قال: وكان يكتب محمد بن عبد الله ومحمد بن عبد الواحد، وكان فرُّخ والده مولى أبي نصر الحفصويي، سمعت منه في سنة أربع عشرة.(11/245)
201 - محمد بْن محمد بْن أحمد، أبو البركات الخرزيُّ التَّاجر. [المتوفى: 515 هـ]
سمع أبا إسحاق البرمكي، وأبا محمد الجوهري. وعنه أبو المعمَّر الأنصاريُّ، وابن ناصر، والشَّيخ عبد القادر الجيلي، وعاش تسعين سنة.(11/245)
202 - محمد بن محمد بن عبد العزيز بن العبَّاس، ابن المهدي بالله، الخطيب أبو علي بن أبي الفضل. [المتوفى: 515 هـ][ص:246]
عدل شريف ديِّن عفيف، من أهل الحريم، سمع أباه، وابن غيلان، وعبيد الله ابن شاهين، والقزويني، وأبا الحسن العتيقي، والبرمكي، وأبا القاسم التنوخي.
وكان من الثِّقات المكثرين، أجاز لابن السمعاني، وقال: توفي في ذي الحجَّة وولد سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة، آخر مَنْ حدَّث عنه المبارك ابن المعطوش، وكان آخر من بقي من شهود القائم بأمر الله.
وقد روى عنه ابن ناصر، والسِّلفي، ودهْبَل ولاحق ابنا كاره، وذاكر بن كامل، وأحمد بن موهوب ابن السَّدنك وأخوه يحيى ابن السَّدَنْك.
قال ابن النَّجَّار: كان ثقة صدوقاً، نبيلاً من ظرَّاف البغداديين، ومحاسن الهاشميين.
وقال عبد الوهَّاب الأنماطي: دخلت على أبي علي ابن المهدي، فقال: اليوم كان عندي رسولان من رسل ملك الموت. فتبسَّمتُ وقلت: كيف؟ قال: جاء جماعة حتى أشهدتهم على شهادة عندي في كتاب، وجاء أصحاب الحديث يسمعون فهؤلاء يشتهون موتي حتى يشهدون عليَّ وهؤلاء يشتهون موتي حتى يرووا عني، ثم قال: دخلت يوماً على القاضي أبي الحسين ابن المهتدي بالله واتفق له مثل هذا فقال لي مثل ذلك.
قال عبد الوهَّاب الأنماطي: أبو عليّ ثقة صالح، توفي في ليلة السبت سادس عشري شوال سنة خمس عشرة.
قلت: أظنُّه آخر مَنْ روى عَنْ أَبِي مَنْصُور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن السّوَّاق، وتفرَّد بإجازة محمد بن عبد الواحد بن رزمة.
وثَّقه ابن النجار، وقال: أخبرنا ذاكر بن كامل سنة تسعين، قال: أخبرنا ابن المهدي سنة ثلاث عشرة وخمس مئة.(11/245)
203 - هزارسب بْن عَوَض بْن حسن، أبو الخير الهَرَويّ، المفيد، المحدّث، [المتوفى: 515 هـ]
نزيل بغداد.
أحد مِن عنِي بهذا الشأن وتعبَ عَليْهِ، وكان يحرّض النّاس عَلَى السّماع، ويفيدهم ويبالغ، وحصّل أصُولًا كثيرة، وتوفي قبل أوان الرواية.
سمع طرادا الزَّيْنَبيّ، وأحمد بْن عَبْد القادر بْن يوسف، وأصحاب أبي [ص:247] عليّ بْن شاذان، إلى أن سَمِعَ مِن أصحاب أبي الحسين ابن الَّنُّقور، وتُوُفّي في ربيع الأوّل.
وخطّه دقيق مليح، روى عنه: علي بن أحمد اليزدي، وذاكر بن كامل.(11/246)
204 - يحيى بْن صاعد بْن سيّار، الكِنانيّ، الهَرَويّ، الحنفيّ، أبو عَمْرو، [المتوفى: 515 هـ]
قاضي قُضاة هَرَاة.
قَالَ أبو النضر عَبْد الرَّحْمَن الفاميّ: كَانَ في العلوم بحرًا لا يدرك قعره.
عاش ثلاثًا وسبعين سنة.(11/247)
205 - يحيى بن محمد بن فرج، أبو العباس ابن الحاج الأندلسي، [المتوفى: 515 هـ]
من أهل مجريط.
روى عن يوسف بن عبد الرحمن بن حماد، وغيره، وكان حاذقا بالعربية يعلمها، أخذ عنه جماعة، وتوفي في ربيع الأول.(11/247)
206 - أبو الوفاء بن شهريار، [المتوفى: 515 هـ]
شيخُ السِّلَفِي.
توفي فيها.(11/247)
-سنة ست عشرة وخمس مائة(11/248)
207 - أحمد بن سعيد بْن خَالِد بْن بَشْتَغير، أبو جعفر اللَّخْميّ اللوُرْقيّ. [المتوفى: 516 هـ]
روى عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ، وطاهر بْن هشام، وجماعة، وأجاز لَهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وحاتم بْن محمد. وكان واسع الرّواية، كثير السَّماع، عالي الإسناد، أجاز لابن بشكوال.(11/248)
208 - إبراهيم بن الحسن بْن محمد بْن الحسن، أبو القاسم الرُّويدشتيُّ. [المتوفى: 516 هـ]
روى عن منصور بن الحسين الأصبهاني صاحب ابن المقرئ، وعنه الحافظ أبو موسى.(11/248)
209 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أبو إسحاق الأصبهانيُّ البادرانيُّ. [المتوفى: 516 هـ]
سمع من سعيد العيَّار. وتوفي عن سبع وثمانين سنة في آخر العام.(11/248)
210 - إيلغازي بن أرتق بن أكسب، الأمير نجم الدين التُّركمانيُّ، [المتوفى: 516 هـ]
صاحب ماردين.
كان هو وأخوه سقمان من أمراء الملك تُتُش صاحب الشام، وأقطعهما بيت المقدس قبل أن يتملكها الفرنج وجرت لهما أمور يطول شرحها ذكرنا منها في الحوادث. واستولى إيلغازي على ماردين، وحارب الفرنج غير مرة، وكان موصوفاً بالشَّجاعة والرأي، وله هيبة في النُّفوس، تملَّك حلب بعد أولاد رضوان بن تُتش وتملَّك ميَّافارقين عام أوَّل.
وكان في هذه السَّنة قد استنجد به أهل تفليس، فسار هو ودُبَيْس الأسدي زوج بنته للكشف عنهم، ووافاهما شمس الدَّولة طُغان صاحب أرْزَن والملك طُغريل أخو السُّلطان محمود وكانت العساكر متفرقة قد سبق بعضهم فتحدَّر [ص:249] عليهم الملك داود الكرجي من الجبال فبيَّتهم وهرب إيلغازي ودبيس، ونازل داود تفليس، وأخذها بالسَّيف وحرَّقها، ثم جعلهم رعيته وعدل فيهم، ومكَّنهم من إقامة شعائر الإسلام، والتزم ألا يذبح فيها أحد خنزيراً.
قال ابن الجوزي: فكان داود يدخل يوم الجمعة الجامع ويسمع الخطبة والقراءة ويعطي الخطيب والمؤذنين بتفليس الذَّهب الكثير وعمَّر الرُّبط للضيوف والمنازل للصُّوفية والوعَّاظ والشُّعراء، وأقام لهم الضِّيافات والصِّلات، وكان يحترم المسلمين.
قال سبط الجوزي: توفي نجم الدِّين إيلغازي صاحب ديار بكر وحلب بعد عوده من تفليس، وكان شجاعاً جواداً له غزوات عديدة، توفي في رمضان بظاهر ميَّافارقين، واستولى ولده حسام الدِّين تمرتاش على ماردين وولده شمس الدولة سليمان على ميَّافارقين، وكان نائبه بحلب ابن أخيه سليمان بن عبد الجبار بن أُرتق فحكم عليها إلى أن أخذها منه ابن عمِّه بلك بن بهرام.
قال سبط الجوزي: وقيل: إنما مات سنة خمس عشرة ومعه زوجته خاتون بنت صاحب دمشق طغتكين، ثم خطب ولده سليمان ابنة السُّلطان قلج أرسلان فتزوجها وأُحْضِرَت إليه من ملطية فمات سنة ثمان عشرة، وتسلَّم أخوه تمرتاش ميَّافارقين، وبقي في يده ويد بنيه مُلْك ماردين إلى اليوم.(11/248)
211 - توفيق بن محمد بن حسين الأطرابلسيُّ النَّحْويُّ. [المتوفى: 516 هـ]
ولد بأطرابلس، وسكن دمشق، وأقرأ العربية وكان بها عارفاً، وله شعر مليح، ومعرفة بالهندسة والحساب، واتهم بالفلسفة ورأى الأوائل.
توفي في صفر بدمشق.(11/249)
212 - جامع بْن عَبْد الصّمد، أبو منصور الخُلْقَانيّ الصوفي. [المتوفى: 516 هـ]
نيسابوري، روى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وابن مسرور، والكنجروذي، وجماعة، وتُوُفّي في ذي القِعْدة. [ص:250]
وكان كثير الصّلاة والصّيام، لَهُ عناية بإحياء قبور المشايخ، سَمِعَ منه: أبو سَعْد السّمعانيّ، وغيره.(11/249)
213 - جعفر بن إسماعيل بن خلف، أبو الفضل ابن المقرئ أبي الطاهر الأنصاري الصقلي المقرئ. [المتوفى: 516 هـ]
توفي بالإسكندرية في جمادى الآخرة، روى عن عبد الله بن الوليد المالكي، وأبي العباس بن نفيس، وعنه السلفي، والعثماني، وجماعة.(11/250)
214 - الحَسَن بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن مَخْلَد، أبو عليّ الباقَرْحِيّ، ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 516 هـ]
مِن أولاد المحدّثين، رَجُل مستور، كثير السَّماع، وُلِد سنة سبْعٍ وثلاثين وأربع مائة، وسمع: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا بَكْر بْن بَشْران، وأبا الفتح بْن شيطا، وأبا طاهر محمد بْن عليّ العلّاف، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ.
روى عَنْهُ جماعه، وله مشيخة سمعناها، روى عنه: ذاكر بْن كامل، وأبو نصر بن يوسف، ومات في رجب.(11/250)
215 - الحسين بن علي بن الملقَّب. [المتوفى: 516 هـ]
روى عن أبي محمد الجوهري، توفي في شعبان.(11/250)
216 - الحسين بن مسعود بن محمد، العلاَّمة محيي السُّنة أبو محمد البغويُّ ابن الفرَّاء، الشَّافعيُّ الفقيه المحدِّث، المفسِّر. [المتوفى: 516 هـ]
مصنف "شرح السنة" و"معالم التنزيل" و"المصابيح" وكتاب "التهذيب" في الفقه "والجمع بين الصحيحين" و"الأربعين حديثاً".
كان إماماً في التَّفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الفقه، تفقه على القاضي حسين بن محمد المروروذي صاحب "التَّعليقة" وسمع الحديث منه، ومن أبي عمر عبد الواحد المليحي، وأبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الدَّاودي، وأبي بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبي الحسن علي بن يوسف الجويني، وأبي الفضل زياد بن محمد الحنفي، وأحمد بن أبي نصر الكوفاني، [ص:251] وحسَّان المنيعي وأبي بكر محمد بن أبي الهيثم التُّرابي، وأبي الحسن محمد بن محمد الشِّيرزي، وطائفة. وعامة سماعاته بعد السِّتِّين وأربع مائة، ولا قَدِمَ بغداد ولا حجَّ، وبورك له في تصانيفه، ورُزِقَ فيها القبول لحسن قصده وصدق نيَّته، وكان لا يلقي الدُّروس إلا على طهارة. روى عنه أبو منصور محمد سعد العطَّاري المعروف بحفدة، وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وأهل مرو. وكان قانعاً، ورعاً، يأكل الخبز وحده، ثم عُذِلَ في ذلك فصار يأكله بزيت. وكان أبوه يعمل الفِرَاء ويبيعها ولُقِّب محيي السُّنة أيضاً: ركن الدِّين، وثبت أنَّه توفي بمرو الرُّوذ في شوال سنة ست عشرة ودُفِن عند شيخه القاضي حسين، وأظنه جاوز الثمانين، وآخر مَنْ روى عنه في الدُّنيا أبو المكارم فضل الله بن محمد النُّوقاني؛ روى عنه بالإجازة وبقي إلى سنة ست مائة. وأجاز للفخر علي ابن البخاري.(11/250)
217 - حمد بن علي بن محمد بن حسين، أبو شُكر المُعَلِّم الأصبهانيُّ، المعروف بالحبَّال، [المتوفى: 516 هـ]
سبط عائشة الوركانية.
توفي في رمضان، وله خمس وتسعون سنة. روى عن أبي بكر بن ريذة، وغيره. روى عنه أبو موسى المديني.(11/251)
218 - دَاوُد بْن إسماعيل بْن الحَسَن بْن محمد بْن الحُسين بْن دَاوُد، السّيّد أبو جعفر ابن النّقيب أَبِي المعالي العَلَويّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 516 هـ]
شيخ أهل بيته في وقته، سَمِعَ: أبا حفص بْن مسرور، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبا سَعْد الكَنْجَرُوذيّ، تُوُفّي في سادس صَفَر، وعنده صحيح مسلم.(11/251)
219 - سعد الحبشي الحيدري، أبو عثمان [المتوفى: 516 هـ]
مولى حيدرة.
شيخ مذكور بالصلاح، سمع أبا زكريا عبد الرحيم البخاري. روى عنه السلفي، سمع منه بالإسكندرية، وقال: توفي سنة ست عشرة، وقد قارب المائة.(11/251)
220 - سليمان بْن الفيّاض، أبو الربيع الإسكندرانيّ، الشّاعر، [المتوفى: 516 هـ]
تلميذ أمية بن أبي الصّلْت.
قرأ عَلَيْهِ مِن الفلسفة والعلوم المهجورة شيئًا كثيرًا، وكان مِن فُحُولِ الشُّعراء، دخل العراق، وخُراسان، والهند، وتُوُفّي في الغُربة في حدود سنة ستّ عشرة، أو بعد ذَلِكَ بيسير.
وله:
بَيْني وبَيْنَكَ ما لو شئتَ لم يُضِعْ ... سرٌ إذا ذاعت الأسرارُ لم يَذِعِ
تِهْ أَحْتَمِل، وَاسْتَطِلْ أَصْبِر، وَعِزَّ أَهُنْ ... وَوَلِّ أقْبِل، وَقُلْ أسْمَع، وَمُرْ أطعِ(11/252)
• - السميرمي، هو علي، أبو طالب الوزير. [المتوفى: 516 هـ]
يأتي في حرف العين.(11/252)
221 - صالح بن حميد بن مُلْهَم اللَّبَّان، أبو الثّنَاء المالكيُّ المِصْريُّ. [المتوفى: 516 هـ]
سمع أَبَا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد الله المحاملي، ونصر بن عبد العزيز الشِّيرازي، وكريمة المجاورة.
روى عنه السِّلفي، وقال: كان قديماً يؤم في الجامع بطائفة من أهل السُّنة، ولد في سنة سبع وثلاثين وأربع مائة.
وتوفي بمصر في صَفَر.(11/252)
222 - عبد الله بن أحمد بن علي، أبو محمد السَّامرِّيُّ البغداديُّ. [المتوفى: 516 هـ]
سمع من القاضي أبي يعلى ابن الفرَّاء، وعبد الصَّمد ابن المأمون. روى عنه يحيى بن بوش، وغيره. توفي في آخر السنة ببغداد.(11/252)
223 - عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، أبو محمد السَّمرقنديُّ الحافظ اللُّغويُّ الأديب، [المتوفى: 516 هـ]
أخو إسماعيل.
ولد بدمشق، وسمع بها أبا بكر الخطيب، والكتَّاني. وأبا نصر بن طلاب، وجماعة. ثم انتقلوا إلى بغداد فسمع بها أبا الحسين ابن النَّقُّور [ص:253] وطبقته، ورحل إلى خراسان فسمع الفضل بن المُحِب، وبأصبهان أبا منصور ابن شكرويه، وطبقته. وأكثر من السَّماع، وعُنِيَ بالحديث، وكان يفهم كثيراً منه، مع دين وثقةٍ وإتقان. وكان يقرأ لنظام الملك على الشُّيوخ، ويفيده عنهم. وخرَّج لنفسه "معجماًَ" في ثمانية أجزاء، وحدَّث بشيء كثير.
وكان مولده في سنة أربعٍ وأربعين وأربع مائة، وتوفي في ربيع الآخر ببغداد، رحمه الله.
روى عنه السِّلفي، فقال: كان فاضلاً عالماً ثقة، ذا لسن وكان له أخ اسمه أبو القاسم إسماعيل يسمع معنا، وكان ثقة يعرف الحديث ويبيع الكُتُب، قال: وكان أبو محمد قد رُزِقَ حظًّا من الأدب، إذا قرأ الحديث أعرب وأغرب.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل: هو شاب حافظ، بالغ في الحفظ، حديد الخاطر، خفيف الرُّوح، لطيف المحاورة، كان حافظ وقته.
وقال الدَّقَّاق: صَحِبَ الخطيب، وتلمذ له، وكان ممن يتعصَّب للأشعري.
قلت: سمع أيضاً بدمشق من أبي القاسم الحنَّائي، ومحمد بن مكي المصري. روى عنه بنته كمال، وذاكر بن كامل، والسِّلفي، ويحيى بن بوش.(11/252)
224 - عبد الله بن طلحة بن محمد، أبو بكر اليابوريُّ، [المتوفى: 516 هـ]
نزيل إشبيلية.
روى عن أبي الوليد الباجي، وعاصم بن أيوب، وكان ذا معرفة بالفقه والأصول والنَّحو والتَّفسير، خصوصاً التَّفسير، وله ردٌّ على أبي محمد بن حزم. وصنَّف كتاباً في شرح "صدر رسالة ابن أبي زيد" وبيَّن ما فيه من العقائد، ولم أقف عليه أنا، واستوطن مصر مديدة، وحجَّ وتوفي بمكة.
روى عنه أبو المُظَفَّر الشيباني، وأبو محمد العثماني، ويوسف بن محمد القيرواني، وعثمان بن فرج العبدري، وجماعة، بقي إلى سنة ست عشرة هذه.(11/253)
225 - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن سليمان التَّنوخيُّ، أبو محمد المعرِّيُّ، [المتوفى: 516 هـ]
والد أبي اليسر شاكر.
ولد سنة سبع وسبعين وأربع مئة، وتوفي بمصر شابًّا، وله شعر رائق، فمنه:
يا من تنكَّب قوسه وسِهَامه ... وله من اللَّحظ السَّقيم سيوف
تُغْنيك عن حمل السِّلاح إلى العِدَى ... أجفانُك المرضى فهُنَّ حُتُوفُ(11/254)
226 - عَبْد الجبّار بْن أَبِي بَكْر محمد بْن حمديس، أبو محمد الصقلي الشاعر. [المتوفى: 516 هـ]
امتدح ملوك الأندلس بعد السّبعين وأربع مائة، واختصّ بالمعتمد ابن عبّاد، فحظي لديه لحُسْن شِعره، فلمّا أُسِر المعتمد وسُجِن بأغمات قدِم عَلَيْهِ أبو محمد وافيًا له ومعزيًا له، وانصرف إلى إفريقية، فامتدح ملكها يحيى بْن تميم الصّنْهاجيّ، ثمّ ابنه عليا، ثمّ ابنه الحَسَن، وآخر العهد بِهِ سنة ستّ عشرة.
ومن شِعره:
حَرّك لمعناك لفظًا كي تزان بِهِ ... وَقُلْ مِن الشّعْر سحْرًا أو فلا تَقُلْ
فالكحْل لَا يفتنُ الأبصار منظَرُهُ ... حتّى يصير حشْوَ الأَعْيُن النُّجْل(11/254)
227 - عبد الجبّار بن عبد الله بْن أحمد بْن أصْبَغ، أبو طَالِب الأُمَويّ المَرْوانيّ الهشاميّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 516 هـ]
روى عَنْ: محمد بْن فرج الفقيه، وأبي جعفر بْن رزق، وجماعة. وجمع تاريخًا كبيرًا، وكان أديبًا أخباريًا، شاعرًا ذكيًا، ولد سنة خمسين وأربع مائة، وتُوُفّي في رمضان.
وقد لقي أبا عُبَيْد البكري المؤرخ، وحمل عنه.(11/254)
228 - عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف، أبو القاسم الصِّقلِّيُّ المقرئ المجوِّد، المعروف بابن الفحَّام، [المتوفى: 516 هـ]
مصنف "التجريد في القراءات السبع". [ص:255]
كان من كبار شيوخ الإقراء، سكن الإسكندرية، وأقرأ الناس بها، وقُصِدَ من النَّواحي لعلو إسناده، وإتقانه.
وثَّقَهُ السِّلفي، وأبو الحسن علي بن المُفَضَّل.
رحل إلى ديار مصر، وأدرك الكبار، فقرأ على أبي العباس بن نفيس، وعبد الباقي بن فارس بن أحمد الحمصي وأبي الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي، وغيرهم. وسمع الحديث من بعضهم.
قرأ عليه أبو العباس ابن الحُطيئة، وأبو طاهر السِّلفي، ويحيى بن سعدون القرطبي، وعبد الرحمن بن خلف الله بن عطية، وطال عمُرُه وتفرَّد في عصره، وأعلى ما أسندت القرآن العظيم من طريقه.
توفي رحمه الله في ذي القعدة وقد جاوز التِّسعين، فإنه كان يتردد في مولده، هل هو في سنة اثنتين وعشرين أو سنة خمس وعشرين وأربع مئة.
وقد ذكره القفطي في "تاريخ النُّحاة"، فقال: رحل في القراءات سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة، وبقي في الطَّلب بمصر بضع عشرة سنة. أخذ النَّحو عن ابن بابشاذ، وصنَّف شرحًا "لمقدمته"، وكان متقناً صدوقاً. قال سليمان بن عبد العزيز الأندلسي: ما رأيت أعلم بالقراءات منه لا بالمشرق ولا بالمغرب.
قلت: آخر مَنْ روى عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر الخُشوعي، عظَّمه السِّلفي.(11/254)
229 - عَبْد القادر بْن محمد بْن عبد القادر بْن محمد بْن يوسف، أبو طَالِب بْن أبي بكر البغداي. [المتوفى: 516 هـ]
كَانَ يسكن القرية داخل دار الخلافة، وُلِد سنة نيّفٍ وثلاثين وأربع مائة، وسمع المصنّفات الكبار من: أبي علي ابن المُذْهب، وأبي إِسْحَاق البرمكيّ، وأبي بَكْر بْن بَشْران، وأبي محمد الجوهريّ، وجماعة.
وتفرّد في وقته بكثرة المرويّات، روى عنه: السّلَفيّ، وأبو العلاء الهَمَذَانيّ، والصّائن ابن عساكر، وأبو طَالِب بن خضير، وأبو محمد ابن الخشّاب، وأبو الحَسَن بْن عساكر البطائحيّ، وأبو بكر ابن الَّنُّقور، والشّيخ عَبْد القادر الجيليّ، وأبو الحسين عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وأبو منصور محمد بْن [ص:256] أحمد الدقاق، ويحيى بن بوش، وخلْق سواهم.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة، دين، متحرٍ في الرّواية، كثير السَّماع، انتشرت عَنْهُ الرواية في البُلدان، وحمل عَنْهُ الكثير.
وقال السّلَفيّ: تربّي أبو طَالِب عَلَى طريقة والده في الاحتياط التّامّ في الدّين مِن غير تكلُّف، وكان كامل الْفَضْلِ، حَسَن الجملة، ثقة، متحرّيًا إلى غايةٍ ما عليها مَزْيَد، قَلَّ مِن رَأَيْت مثله، وكان والده أبو بَكْر أزهد خلْق الله.
وقال محمد بْن عطاف: تُوُفّي في آخر يوم الجمعة، وقيل: ليلة السّبت، ثامن عشر ذي الحجة، رحمه الله ورضي عنه.(11/255)
230 - عبد الكريم بن سعيد الأندلسيُّ. [المتوفى: 516 هـ]
روى مُعشَّرات أبي الحسن الحُصْري عنه. سمعها منه أبو محمد العثماني الإسكندراني.(11/256)
231 - عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن أحمد، أبو خليفة الأصبهانيُّ، وكان يعرف بمحمد بن أبي الفتح ويعرف بمُسدَّد، [المتوفى: 516 هـ]
سمَّاه جده بذلك.
روى عَنْ أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم. وعنه أبو موسى، وقال: توفي في ذي القعدة.(11/256)
232 - عزبانوية بنت أبي بكر محمد بن الحسن بن سُليم الأصبهانية، أمُّ الرِّضا. [المتوفى: 516 هـ]
روت عن عبد الرزاق بن شمة. وعنها أبو موسى. توفيت في ربيع الأوَّل.(11/256)
233 - عطاء بن هبة الله بن جبريل، أبو الجود الإخميميُّ. [المتوفى: 516 هـ]
عن أبي إسحاق الحبَّال. روى عنه السِّلفي، وقال: توفي في آخر السَّنة بمصر.(11/256)
234 - عليّ بْن أحمد بْن حرب، أبو طَالِب السميرمي، [المتوفى: 516 هـ]
وزير السلطان محمود، وسُمَيْرم: قرية مِن قرى إصبهان. [ص:257]
كَانَ مجاهرًا بالظُّلْم والفسْق، بنى ببغداد دارًا فظلم النّاس، وأخرب محلّه التُّوثَةِ، ونقل آلتها إليها، فاستغاث أهلُها، فحبسهم وغرّمهم، وهو الَّذِي أعاد المُكُوس بعد أربع عشرة سنة، وكان يَقُولُ: لقد سننت السنن الجائرة، وفرشت حصيرا لي في جهنم، وقد استحييت مِن كثرة الظُّلْم، قَالَ هذا في اللّيلة الّتي قُتِلَ في صبيحتها، ركب في موكبٍ عظيم وحوله السّيوف المسلّلة، فمرّ بمضيق، فظهر رجلٌ مِن دكَّة فضربه، فجاءت في البغلة، فهرب، فتبِعه الأعوان والغلْمان، وبقي منفردًا، فوثب عَلَيْهِ آخر فضربه في خاصرته، وجذَبه رماه، ثمّ ضربه عدَّة جراحات ثمّ ذبحه، وَقُتِلَ ذَلِكَ الرجل فوق الوزير، وَقُتِلَ اثنان مِن أصحاب الوزير، وَقُتِلَ ثلاثة كانوا مَعَ قاتله يقاتلون الغلمان فقُتلوا، وذلك في سلخ صفر.
وكان جوادا ممَدَّحًا عالي الهمة، ذا رأي ودهاء وخبرة. قال سِبْط الجوزي: مدحه ألف شاعر، وكان يجيزهم جوائز كثيرة. وثب عليه ثلاثة وهو راكب بالسيوف المسللة والأسلحة والحُجَّاب، فجذبوه من البغلة إلى الأرض، وانهزم أصحابه، وبرك على صدره شيخ من الثلاثة، وقال: الله أكبر، أنا مسلم موحِّد، وهذا ظالم كافر، والوزير يصيح: أنا مسلم، ورجع أصحاب الوزير فضربوا الشيخ بسيوفهم وهو على صدر الوزير، وذبح هو الوزير كما تُذْبح الشاة. وخلَّف أموالاً ونعمة كبيرة. وقُتِلَ في سلخ صفر، ووزر أربع سنين وقيل: قتله غلمان الطُّغرائي لأنه أشار بقتله.(11/256)
235 - عليّ بن أحمد بن محمد الإمام، أبو الحسن النَّيسابوريُّ الغزَّال المقرئ المُجَوِّد، [المتوفى: 516 هـ]
من وجوه أئمة خراسان.
ذكره أبو سعد السَّمْعَاني فيمن أجاز له، وقال: كان عارفاً بوجوه القراءات وبالعربية له تصانيف مفيدة في القراءات والنَّحو، لازم أستاذه أبا نصر محمد بن محمد بن هميماه الرَّامشي المقرئ حتى تخرَّج به، وزاد عليه في الفقه والورع، وقصر اليد عن الدُّنيا، ولزوم العبادة والتَّألُّه، كان منقطع القرين. [ص:258]
قلت: كان حاذقاً بالقراءات. روى عن أبي سعد الكنجروذي وأبي سهل الحفصي، وأبي القاسم القشيري، وكان خيِّرا زاهداً، توفي في شعبان.(11/257)
236 - علي بن حسكويه بن إبراهيم، أبو الحسن المراغيُّ الأديب. [المتوفى: 516 هـ]
قَدِمَ بغداد، وتفقه على الشيخ أبي إسحاق، وكان لغويًّا شاعراً، سكن مرو، وروى بها عن أبي بكر الخطيب وابن هزارمرد الصَّريفيني، وجماعة.
روى عَنْهُ أبو سعد السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي فجاءة، عثر فوقع ميتاً في المُحرم في سلخه.(11/258)
237 - عليّ بن محمد بْن الحُسَيْن، أبو الحسن المذاري، [المتوفى: 516 هـ]
أخو أحمد، وأبي السّعود.
بغداديّ مِن باب المراتب، كَانَ محتشمًا متموّلًا، سَمِعَ: أبا الحُسَيْن ابن الأَبَنُوسيّ، وأبا الحَسَن الْمَكِّيّ، وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاري.
مات في ذي الحجّة.(11/258)
238 - علي بن محمد بن علي، أبو الحسن بن أبي زيد الاستراباذيُّ النَّحويُّ، المعروف بالفصيحي. [المتوفى: 516 هـ]
أخذ العربية عن عبد القاهر الجُرجاني فبرع حتى صار من أنجى أهل زمانه، ودرَّس النَّحْو بنظامية بغداد وتخرَّج به خلق منهم السِّلفي، ومات في ذي الحجَّة.(11/258)
239 - علي بن مسعود بن محمد، أبو نصر الشُّجاعيُّ، [المتوفى: 516 هـ]
الإمام الدَّين الورع، من وجوه أهل بيته.
سمع من جده أبي المُظَفَّر، وأبي القاسم القُشَيْري، وجماعة. ولم يرو إلا القليل.(11/258)
240 - عمر ابن الأستاذ أَبِي بَكْر محمد بْن الحُسَن الخُراسانيّ، المعروف بالحامديّ الزّاهد الصُّوفيّ، الأستاذ أبو عَبْد الرَّحْمَن. [المتوفى: 516 هـ]
ذكره عَبْد الغافر فقال: مِن وجوه أصحاب أبي عَبْد الله الإمام في علم [ص:259] القراءات، وسمع صحيح مُسْلِم مِن: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وسمع مِن: عُمَر بْن مسرور، وحدث، وتوفي في ثامن عشر ربيع الأول.(11/258)
241 - فيروز الحاجب، شحنة دمشق [المتوفى: 516 هـ]
الذي تُنْسَب إليه مئذنة فيروز.
مات في ربيع الأول.(11/259)
242 - فارس بن أبي النَّجْم أحمد بن فارس بن إدريس الأصبهانيُّ الأديب. [المتوفى: 516 هـ]
روى عن عبد الله بن شبيب. وعنه أبو موسى الحافظ، وقال: تُوفي في رجب.(11/259)
243 - القاسم بن علي بن محمد بن عثمان، الأديب أبو محمد البصريُّ الحراميُّ الحريريُّ، [المتوفى: 516 هـ]
مصنِّف "المقامات".
كان يسكن ببني حرام إحدى محال البصرة مما يلي الشَّط، كان مولده ومرباه بقرية المشان من نواحي البصرة، وكان أحد أئمة عصره في الأدب والنَّظْم والنَّثْر والبلاغة والفصاحة، رُزِقَ الحظوة التَّامة في مقاماته.
ذكر المُوقاني وغيره أنَّ الحريري قرأ الأدب بالبصرة على القصباني فحُكِيَ أن القصباني، قال: إذا قلت: ما أسود زيداً وما أسمر عمراً وما أصفر هذا الطَّير وما أبيض هذه الحمامة وما أحمر هذا الفرس لا تصح إن أردت الألوان، وتصح إن أردت التَّعجب من سُؤدد زيد وسمر عمرو وصفير الطَّير وكثرة بيض الحمامة وحمَرَ الفَرس وهو أن ينتن فوه. وحكى الحريري، قال: كان أبو زيد السُّروجي شيخاً شحَّاذاً بليغاً، ومكدِّيًا فصيحاً، ورد علينا البصرة فوقف في مسجد بني حرام، فسلَّم ثم سأل، وكان بعض الولاة حاضراً والمسجد غاص بالفُضَلاء، فأعجبتهم فصاحته وحسن صياغة كلامه، وذكر أسر الرُّوم ولده كما ذكرناه في المقامة الحرامية، فاجتمع عندي عشية جماعة فحكيت ما شاهدت من ذلك السَّائل وما سمعت من لطافة عبارته وظرافة إشارته في تحصيل مراده، فحكى لي كلُّ واحد من جُلسائي أنَّه شاهد من هذا السَّائل في مسجده مثل ما شاهدت وأنه سمع منه في معنى آخر فصلاً أحسن مما سمعتُ، وكان يُغيِّرُ في كلِّ مسجد شكله وزيَّه، فتعجبوا من جريانه في ميدانه وتصرُّفه في تلوُّنه وإحسانه، فأنشأتُ المقامة الحرامية ثم بنيتُ عليها سائر [ص:260] المقامات؛ رواه التَّاج المسعودي عن أبي بكر ابن النَّقور أنه سمع الحريري.
وذكر ولد الحريري، أبو القاسم عبد الله، قال: كان السَّبب في وضع هذه "المقامات" أنَّ أبي كان جالساً في مسجده ببني حرام فدخل شيخ ذو طمرين، عليه أهبة السَّفر فصيح الكلام، حسنُ العبارة فسأله الجماعة من أين الشَّيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته فقال: أبو زيد، فعمل أبي المقامة المعروفة "بالحرامية" وهي الثَّامنة والأربعون، وعزاها إلى أبي زيد المذكور واشتُهِرَت، فبلغ خبرها الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد القاشاني، وزير المسترشد، فأعجبته وأشار على أبي أن يضمَّ إليها غيرها فأتمَّها خمسين مقامة، وإلى الوزير أشار الحريريُّ بقوله في الخطبة: فأشار من إشارته حُكْم، وطاعته غُنْم. وأما تسمية الراوي بالحارث بن همَّام فإنما عنى به نفسه، أخذه من قوله عليه السَّلام: "كلُّكم حارث وكلُّكُم همّام"، فالحارث الكاسب والهمَّام الكثير الاهتمام؛ لأن كلَّ أحد كاسب ومهتمُّ بأموره.
وقد سمع من أبي تمَّام محمد بن الحسن بن موسى المقرئ، وأبي القاسم بن الفضل القصباني الأديب، وأملى بالبصرة مجالس، وصنَّف أيضاً "دُرَّة الغواص في أوهام الخواص" و"الملحة" في النحو وصنَّف لها شرحاً، وله ديوان ترسُّل وشعر كثير.
روى عنه ابنه أبو القاسم، وأبو العباس المندائي، الواسطي، وأبو الكرم الكرابيسي، والوزير علي بن طراد، وأبو علي ابن المتوكِّل، وقوام الدِّين علي ابن صدقة الوزير، وابن ناصر الحافظ، وعلي بن المظَفَّر الظَّهيري، ومنوجهر ابن تركانشاه، وأحمد بن علي ابن النَّاعم، وأبو بكر ابن النَّقَّور، ومحمد بن أسعد العراقي، وأبو المُعَمَّر المبارك بن أحمد الأزجي. وآخر مَنْ روى عنه بالإجازة أبو طاهر بركات بن إبراهيم الخُشُوعي.
ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة، وقرأ الأدب بالبصرة على القصباني ثم استعان بذكائه وفطنته على اللُّغات والآداب. [ص:261]
قال قاضي القضاة ابن خلِّكان: وجدت في عدَّة تواريخ أنَّ الحريري صنَّف "المقامات" بإشارة أنوشروان إلى أن رأيت بالقاهرة سنة ست وسبعين نسخة مقامات كلها بخط مصنِّفها، وقد كتَبَ بخطه أيضاً أنه صنَّفها للوزير جلال الدين عميد الدولة أبي علي الحسن بن علي بن صدقة وزير المسترشد، ولا شك في أنَّ هذا أصح لأنه بخط المصنِّف، وتُوفي الوزير المذكور في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
وذكر الوزير جمال الدين علي بن يوسف الشَّيباني القفطي في "تاريخ النُّحاة": أن أبا زيد السَّروجي اسمه المُطهّر بن سلاَّر، وكان بصريًّا لغويًّا صحب الحريري، وتخرَّج به، وقد روى أبو الفتح محمد بن أحمد المندائي "مُلْحة الإعراب" عنه عن الحريري، حدَّثهم بها بواسط في سنة ثمان وثلاثين. وتوفي بعد الأربعين وخمسمائة، وقد شرح "المقامات" جماعة من الفضلاء.
قال القاضي: ورأيت في بعض المجاميع أن الحريري عمل "المقامات" أربعين مقامة، وحملها إلى بغداد فاتهمه جماعة من أدباء بغداد، وقالوا: هي لرجل مغربي مات بالبصرة ووقعت أوراقه إلى الحريري، فظفر بها، فادعاها، فسأله الوزير عن صناعته، فقال: أنا رجل مُنْشئ، فاقترح عليه إنشاء رسالة في واقعة عيَّنها، فانفرد في ناحية من الدار وأخذ الدَّواة والورقة ومكث زماناً، فلم يُفْتَح عليه بشيء يكتبه، فقام خجلاً، وكان ممن أنكر دعواه علي بن أفلح الشَّاعر، فعمل في ذلك:
شيخ لنا من ربيعة الفرس ... ينتف عثنونه من الهوس
أنطقه الله بالمشان كما ... رماه وسط الدِّيوان بالخرس
وكان الحريري يذكر أنَّه من ربيعة الفرس، وكان يولع بنتف لحيته عند الفكرة، وكان يسكن في مشان البصرة، فلما رجع إلى بلده أكملها خمسين مقامة، وسَّير العشرة، واعتذر عن عيِّه بالهيبة.
وقيل: بل كره المُقام ببغداد فتجاهل. [ص:262]
ويُحْكَى أنه كان دميماً قبيح المَنْظر، فأتاه غريب يزوره ويأخذ عنه، فلما رآه استزرى شكله، ففهم الحريري ذلك منه، فلما التمس أن يملي عليه، قال اكتب:
ما أنت أوَّل سارٍ غرَّهُ قمَرُ ... ورائد أعجبته خضرة الدّمن
فاختر لنفسك غيري إنني رجل ... مثل المُعَيْدي فاسمع بي ولا ترني
وكان الحريري من الأغنياء بالبصرة، يقال: كان له ثمانية عشر ألف نخلة، وقيل: كان قذراً في نفسه وشكله ولُبْسه، قصيراً دميماً، بخيلاً، مولعاً بنتف لحيته، فنهاه الأمير وتوعَّده على ذلك، وكان كثير المجالسة له، فبقي كالمُقيَّد لا يتجاسر أن يعبث بلحيته، فتكلَّم في بعض الأيام بكلام أعجب الأمير، فقال له: سلني ما شئت حتى أعطيك، فقال: أقطعني لحيتي، قال: قد فعلتُ!
وقال القاضي جابر بن هبة الله: قرأتُ "المقامات" على الحريري في سنة أربع عشرة، وكنت أظنُّ أنَّ قوله:
يا هل ذا المعنى وُقيتُم شرّا ... ولا لقيتُم ما بقيتُم ضرّا
قد دفع اللَّيل الذي اكفهرّا ... إلى ذُراكم شعثًا مُعْبَرّا
فقرأت "سغبًا معترّا" ففكر ثم قال: والله لقد أجدت في التصحيف وإنه لأجود فرُبَّ شعث مُغْبَر غير محتاج، و"السغب المعتر" موضع الحاجة، ولولا أني قد كتبت خطِّي إلى هذا اليوم على سبعمائة نسخة قُرئتْ عليّ لغيَّرته كما قلت.
ومن لُغَز الحريري وأجاد:
ميم موسى من نون نصر ففتش ... أيّهاذا الأديب ماذا عنيتُ
ميم: أي أصابه الموم، وهو البرسام، ويقال: هو أثر الجدري. والنون: السَّمكة، يعني: أكل سمكة نصر فأصابه الموم.
وله:
باء بكر بلام ليلى فما ينفـ ... ـك منها إلا بعين وهاء
البَكْر: الجَمَل، وباء: أقر، واللاَّمُ: الزرع، فلازمته ليلى فما ينفك منها [ص:263] مما تلطمه في وجهه إلا بعين واهية من اللطم.
وله:
لا تخطونَّ إلى خطإ ولا خطاء ... من بعد ما الشَّيْب في فودَيْك قد وخطَا
وأي عُذْر لمن شابت ذوائبه ... إذا سعى في ميادين الصِّبا وخطَا
حدَّث جابر بن زهير، قال: حضرنا مع ابن الحريري دعوة لرئيس البصرة ظهير الدين ابن الوجيه في ختان ابنه أبي الغنائم، وحضر محمد البصري المغني فغنَّى:
بالذي ألهم تعذيـ ... بي ثناياك العذابا
ما الذي قالته عينا ... ك لقلبي فأجابا
فطَرِب الحاضرون وسألوا ابن الحريري أن يزيد لها مطلعاًَ فقال:
قل لمن عذَّب قلبي ... وهو محبوب محابى
والذي إن سمته الوصـ ... ل تغالى وتغابى
فألزم الحاضرون لمحمد أن لا يغنيهم غيرها، فمضى يومهم أجمع بها.
قال المُوقاني: مات الحريري في سادس رجب سنة ست عشرة بالبصرة.
وقال غيره: خلَّف ولدين: نجم الدين عبد الله، وقاضي البصرة ضياء الإسلام عبيد الله.(11/259)
244 - كتائب بن عليّ الفارقيُّ، أبو عليّ الفقيه الشافعيُّ التاجر، [المتوفى: 516 هـ]
نزيل الاسكندرية.
سمع بمصر أبا طاهر محمد بن الحسين بن سعدون الموصليَّ في سنة سبع وأربعين وأربعمائة. وإنما سمع وهو كبير.
وكان من أعيان التجار، ومن خيار الناس؛ روى عنه أبو طاهر السِّلفي، [ص:264] وعبد الله العثماني، وعلي بن مهران القرميسيني.
وتوفي في جمادى الآخرة.
قال السِّلفي: قال لي صحبت ابن سعدون مدة مديدة بمصر، وسمعت منه "سنن الدَّارقطني" وأشياء، وضاعت أصولي. وسمعت من القُضاعي، والشريف ابن حمزة. وقال أبو عبد الله الرازي: كتائب أكبر مني بكثير.
قلت: هو ممن جاوز المائة فيما قيل.
قال السِّلفي: قال لي أبو الفرج القرميسيني في سنة اثنتي عشرة: قارب كتائب المائة أو جاوزها، ورافقته في التجارة إلى اليمن، وهو ديِّنٌ.(11/263)
245 - محمد بْن أحمد بْن أَبِي عُمَر المطهّر بْن أَبِي نزار محمد بْن عليّ بْن محمد بْن أحمد بْن بجير، الرئيس أبو عدنان الرَّبَعيّ الإصبهانيّ، [المتوفى: 516 هـ]
مِن أولاد المحدّثين.
وُلِد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وسمع " المعجم الصغير " مِن ابن ريذة، روى عنه: يحيى الثقفي، وأبو موسى المديني، وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وأجاز للسّمعانيّ، وقال فيه: شيخ سديد، صالح، وهو والد شيخينا عَبْد المغيث وعبد الجليل. وسمع مِن: جدّه المطهّر، وجعفر بْن محمد بْن جعفر، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن محمد الذَّكْوانيّ، يروي كتاب الرهبان للأسلي، عَنِ الذَّكْوانيّ، عَنْ أبي عثمان، عَنِ الشّعرانيّ، عَنْهُ، وكتاب " معرفة شيوخ شُعْبَة "، ألّفه أبو دَاوُد الطَّيَالِسيّ، بسماعه مِن الذَّكْوانيّ، عَنْ أَبِي الشيخ، وكتاب " العيد " لأبي الشيخ، و" الأطعمة " لابن أبي عاصم، و" السنة " ليعقوب الفسوي، و" المحنة " جمع صالح بن أحمد، وعدة تواليف ذكرها السّمعانيّ.(11/264)
246 - محمد بْن عَبْد الله، أبو الوفاء الطّوسيّ، المعروف بالمقدسيّ. [المتوفى: 516 هـ]
شيخ الحرم في وقته، رَأَى الكبار وخَدَمهم، وكان سديد الطّريقة، مَرْضِيّ الأمر، جاورَ مدَّة طويلة، وسمع مِن: هياج بْن عُبَيْد، وببغداد مِن: أَبِي بَكْر الطريثيثي. [ص:265]
وتُوُفّي في حدود سنة ستٌّ عشرة، رحمه الله.(11/264)
247 - محمد بن عبد الواحد بن محمد، الحافظ أبو عَبْد الله الدّقّاق، الإصبهانيّ. [المتوفى: 516 هـ]
قَالَ: عرفت بين المحدثين بالدقاق بصديقي أبي علي الدقاق، فإنهم سألوني وقت سماعي: بأيّ شيء تكتب تعريف سماعك؟ فقلت: بالدّقّاق، ووُلِدت بمحلَّة جُرْواءان سنة بضْعٍ وثلاثين وأربعمائة، وسمعت سنة سبْعٍ وأربعين مِن أَبِي المظفَّر عَبْد الله بْن شبيب الضّبّيّ المقرئ الخطيب، وأبي بَكْر أحمد بْن الْفَضْلِ الباطِرْقانيّ المقرئ، وسمعت ستة من أصحاب أبي بكر ابن المقرئ، وسمعت مِن أَبِي الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد الرازي المقرئ قِدم علينا، ومن سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد العيّار، وأوّل مِن سَمِعْتُ منه: السّديد الأوحد، أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن مَنْدَهْ، وأوّل رحلتي في سنة ست وستين وأربعمائة، وأوّل ما أمليت الحديث بِسَرْخَس في سنة أربعٍ وسبعين، فسمع منيّ: الإمام أبو عَبْد الله العُمَيريّ، وأبو عَرُوبة عَبْد الهادي الأنصاريّ، وأبو الفتح عَبْد الرّزّاق بْن حسّان المَنِيعيّ، وجماعة مِن شيوخي، وكان أَبِي مِن أهل البيوتات، لم يكن مِن المحتشمين، كَانَ مِن أوساط المسلمين مِن أهل القرآن والصّلاح، معبرًا، يرجع إلى قليل مِن العِلْم، سَمِعَ مِن أبي سَعِيد النّقّاش، وغيره.
ثمّ إنّه ذكر البُلدان الّتي دخلها لسماع الحديث، فذكر نَيْسابور، وطوس، وسرخس، وهراة، ومرو، وبَلْخ، وجُرْجان، وبُخارى، وسَمَرْقَنْد، وكرْمان، إلى أن ذكر أكثر مِن مائةٍ وعشرين موضعًا، ما بين مدينةٍ إلى قرية، ولم يصل إلى العراق، ولا حجّ، مَعَ كَثْرة تَرْحاله وتغرُّبه.
وقال: فأما المشايخ الذين كتبت عَنْهُمْ بإصبهان، فأكثر مِن ألف شيخ إنّ شاء الله، وأمّا مِن كتبت عَنْهُمْ في الرحلة، فأكثر مِن ألف أخرى، لأني سمعتُ بنَيْسابور، وهَرَاة مِن نحو ستّمائة شيخ.
وكان الدّقّاق صالحًا، محدّثا، سُنّيًا، أثريًا، قانعًا باليسير، فقيرًا متقلّلًا، روى عَنْهُ: أبو طاهر السلفي، وخليل بن أبي الرجاء الراراني، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ. [ص:266]
أخبرنا أبو علي الخلال أَنَّ أمَّ الْفَضْلِ الأَسَديَّة أخبرتهم، عَنْ عَبْد الرحيم بْن أَبِي الوفاء الحاجيّ قَالَ: تُوُفّي الشَّيْخ الحافظ أبو عبد الله الدّقّاق ليلة الجمعة، وقْت السَّحَر، السّادس مِن شوّال، سنة ست عشرة.(11/265)
248 - محمد بن علي بن جعفر، أبو علي ابن القطاع السعدي الصقلي. [المتوفى: 516 هـ]
هكذا ذكره السلفي في " معجم البلدان " له، فأحسبه وقع فيه وهم، وإلا فهو ولد العلامة أبي القاسم ابن القطاع.
قال السلفي: كانت له حلقة في جامع عمرو بن العاص لإقراء اللغة، وكان دمث الأخلاق، مالكي المذهب، مائلا إلى الحديث وأهله، توفي في شهر رمضان.
قلت: وقد ذكرنا أن أبا القاسم توفي في صفر سنة خمس عشرة.(11/266)
249 - محمد بْن عَلِيُّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن أَبِي العلاء، أبو عَبْد الله ابْن الفقيه أَبِي القاسم المَصّيصيّ، ثمّ الدّمشقيّ المعدّل. [المتوفى: 516 هـ]
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا القاسم السّمَيْساطيّ، وأبا القاسم الحنائي، وعبد الدائم الهلالي، وأبا بَكْر الخطيب، وجماعة.
وكان ثقة صحيح السَّماع، روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو القاسم ابن عساكر، وعبد الرزاق النّجّار، وتُوُفّي في رمضان، وله إحدى وسبعون سنة.(11/266)
250 - محمد بْن عليّ بْن منصور بْن عَبْد المُلْك، أبو منصور القُرّائيّ، قيّده ابن نقطة بضمّ القاف، وألف ساكنة، القرّاء القَزْوينيّ، اللُّغَويّ، [المتوفى: 516 هـ]
نزيل بغداد، أو وُلِد بها.
قرأ القرآن عَلَى: أَبِي بَكْر بْن موسى الخيّاط، وأقرأه عَنْهُ، وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إسحاق البرمكيّ، وأبا الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبا الحَسَن الماوَرْديّ، روى عنه: الصّائن ابن عساكر، وجماعة آخرهم يحيى بْن بوش.
ومولده تقديرًا في سنة أربعٍ وثلاثين، وتُوُفّي في شوّال، والقراء من أجداده.(11/266)
251 - محمد بن محمد بن الحسن بن قُنَيْن، أبو عليّ البغداديُّ البزَّاز. [المتوفى: 516 هـ]
عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وعنه أبو طالب بن خُضَيْر، وأبو المُعَمَّر الأنصاري.(11/267)
252 - محمد بْن هبة اللَّه بْن محمد بْن يحيى بن مميل، أبو نصر الشيرازيُّ. [المتوفى: 516 هـ]
من كُبراء أهل شيراز قدم بغداد في شبيبته، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وبرَعَ، وأعاد بالمدرسة النِّظامية ببغداد. وسمع الكثير من ابن هَزَارْمَرْد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وعبد العزيز الأنماطي، وأبي القاسم ابن البُسْري، وخلقٍ سواهم.
وكان رئيساً متميزاً ديناً صالحاً جاور بمكة، وكان يقدم أحياناً إلى بغداد، ويرجع إلى مكة، وكان ثقة. روى عنه ابنه هبة الله والد القاضي شمس الدين، ومحمد بن بركة الصِّلْحي، ويحيى بن بوش.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وله اربعٌ وسبعون سنة.(11/267)
253 - المعلى بن عبد العزيز، أبو محمد المَرْغِينانيّ الحنفيّ. [المتوفى: 516 هـ]
حجّ في أواخر عمره، وسكن بغداد يدرّس بها ويفتي ويناظر، أملى عَنْ: والده، ومحمد بْن أبي سهل السرخسي، وأبي المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني الحافظ، روى عنه: الحُسَيْن بْن خسْرو، وعليّ بْن أبي سعد الخباز.
مات في رمضان عن اثنتين وسبعين سنة.(11/267)
254 - هشام بْن محمد بْن سَعِيد، القُدوة، أبو عليّ المغربيّ الطُّلَيْطُليّ الزّاهد، [المتوفى: 516 هـ]
نزيل بغداد.
مِن كبار المشايخ، له كلام في الحقيقة، ونظم في الزُّهْد، حكى عَنْهُ جماعة، ذكره ابن النجار.(11/267)
255 - يحيى بْن محمد بْن أَبِي نُعَيْم، أبو نُعَيْم الأبِيَوَرْدِيّ، [المتوفى: 516 هـ]
شيخ الصُّوفيَّة بأَبيوَرْد.
حجّ سبْعٍ حجج، وكان من سادة القوم، توفي في صفر.(11/267)
-سنة سبع عشرة وخمسمائة(11/268)
256 - أحمد بن سرور بن سليمان السمسطاوي. [المتوفى: 517 هـ]
حدث بمكة عن أبي إسحاق الحبال، وأبي معشر الطبري، وعلي بن محمد الهاشمي، وعمي بأخرة، وتوفي بالصعيد.(11/268)
257 - أحمد بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم، أبو سَعْد ابن الطُّيُوريّ، الصَّيْرفيّ الكُتُبيّ المقرئ المجوّد البغداديّ، [المتوفى: 517 هـ]
أخو المبارك.
شيخ صالح مكثِر، اعتنى به أخوه، وسمّعه واستجاز لَهُ، سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلّال، وأبا الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبا طَالِب العشاريّ، وأبا محمد الجوهريّ، وآخرين، وأجاز لَهُ محمد بْن عليّ الصُّوريّ الحافظ، وأبو عليّ الأهوازيّ المقرئ، وكان دلّالًا في الكُتُب، صدوقًا.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، والصّائن ابن عساكر، وذاكر بْن كامل، وجماعة آخرهم وفاة يحيى بن بوش.
وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وتُوُفّي في رجب.
قَالَ ابن النّجّار: قرأ بالروايات على: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن علي الخياط، وأبي علي ابن البناء، وأجاز لَهُ: الحَسَن بْن محمد الخلّال، وعبد العزيز الأزجي أيضًا.(11/268)
258 - أحمد بن محمد بن علي بن يحيى بن صدقة، أبو عبد الله التَّغْلبيُّ الكاتب الدِّمشقيُّ الشاعر، المعروف بابن الخيَّاط. [المتوفى: 517 هـ]
كان شاعراً محسناً، بديع القول، حُفَظة لأشعار المتقدمين وأخبارهم، ذكيًّا عارفاً باللغة، لم يكن بالشام في وقته أحد أشعر منه. وكان مولده في سنة خمسين وأربعمائة، ويُعرف بابن سني الدولة أبي الكتائب الطرابلسي الكاتب. وقد كتب محمد لبعض الأمراء، وكتب أبو عبد الله بحماة لأبي الفوارس بن مانك مدة ثم اشتهر بالشعر، ومدح الملوك والأمراء، وأخذ بحلب عن الأمير أبي الفتيان محمد بن حيُّوس، وروى عنه وعن السابق: محمد بن الخضر بن [ص:269] أبي مهزول المعرِّي، وحسَّان بن الحُباب، وأبي نصر ابن الخيسي، وعبد الله بن أحمد بن الدويدة.
تخرج به محمد بن نصر القيسراني الشاعر.
قال السِّلفي: كان ابن الخياط في عصره شاعر الشام، قال: لي نجا بن إسماعيل العمري بدمشق، وكان شاعراً مُفْلِقًَا: ابن الخياط في عصره أشعر الشاميين بلا خلاف.
قال السِّلفي: وقد اخترت من شعره مجلدة لطيفة وسمعتها منه.
ولما أنشد ابن حيوس، قال: نُعِيت إليَّ نفسي فإنَّ الشَّام لا تخلو من شاعر مجيد، فأنت وارثي، فاقصد بني عمار بطرابلس، فإنهم يُحبُّون هذا الفن. ثم وصله ابن حيُّوس بثياب ودنانير، ومجح بني عمَّار فأجازوه.
قال العماد الكاتب: ابن حيوس أشعر من ابن الخيَّاط، لكن لشعر ابن الخياط طلاوة ليست لابن حيُّوس، ومَنْ كان ينظر إلى ابن الخياط يعتقده جمَّالاً أو حمالاً في بزته وشكله، وله في وجيه المُلْك أبي الذَّوَّاد مفرّج بن الحسن الصوفي:
لو كنت شاهد عبرتي يوم النَّقا ... لمنعت قلبك بعدها أن يعشقا
وعذرت في أن لا أطيق تجلُّدًا ... وعجبت من أن لا أذوب تحرُّقا
إن الضِّباء غداة رامة لم تدع ... إلا حشى قلقًا وقلبًا شيِّقاً
سنحت وما منحت وكم من عارض ... قد مرَّ مجتازاً عليك وما سقى
وهي طويلة.
وله في الأمير عضب الدَّولة أبق بن عبد الرزَّاق الدمشقي يقول:
سلو سَيْفَ أَلْحاظه المُمُتَشَقْ ... أعِنْدَ القلوبِ دَمٌ للحَدَقْ
أما من معين ولا عاذر ... إذا عنَّف الشَّوق يومًا رفق
تجلى لنا صارم المقلتيـ ... ـن ماضي المُوشَّح والمُنْتَطَقْ [ص:270]
من التُّرك ما سهمه إذ رمى ... بأفتك من طرفه إذا رمَقْ
وليلة وافيته زائراً ... سمير السُّهاد ضجيع القلَقْ
وقد راضت الكأس أخلاقه ... ووقَّر بالسُّكر منه النَّزَقْ
وخفَّ العناق فقبَّلْتُهُ ... شهِيَّ المُقَبَّل والمُعْتَنَقْ
وبتُّ أخالج شكِّي به ... أزَوْر طرا أم خيال طَرَقْ
أفكر في الهَجْر كيف انقضى ... وأعجبُ للوصل كيف اتفق
فللحب ما عزَّ مني وهان ... وللحسن ما جلَّ منه ودقْ
لقد أبق الدمع من راحتـ ... ـي لمَّا أحسَّ بنُعْمَى أبَقْ
تطاوح يهرب من جوده ... ومن أمَّه السَّيْل خاف الغرَقْ
وقال أبو عبد الله أحمد بن محمد الطُّلَيْطليُّ النَّحْوي: كان ابن الخيَّاط أول ما دخل طرابلس يغشاني ويُنْشدني ما أستكثره له، لأنني كنت إذا سألته عن شيء من الأدب لا يقوم به، فوبخته يوماً على قطعة عملها وقلتُ: أنت لا تقوم بنحوٍ ولا لغة فمن أين لك هذا الشعر؟ فقام إلى زاوية ففكَّر ثم أتى، وقال: اسمع:
وفاضل قال إذا أنشدته نُخَبًا ... من بعض شعري وشعري كله نُخُبُ
لا شيء عندك مما يستعين به ... من شأنه معجزات النَّظْم والخُطَبُ
فلا عروض ولا نحو ولا لغة ... قل لي فمن أين هذا الفضل والأدب
فقلت قول امرئ صحَّت قريحتُهُ ... إنَّ القريحة علم ليس يكتسب
ذوقي عروضي ولفظي جُلُّه لُغتي ... والنَّحو طبعي فهل يعتاقُني سببُ
فقلت: حسبُك، والله لا استعظمتُ لك بعدها عظيماً، ولزمني بعد ذلك، فأفاد مني من الأدب ما استقل به.
وقال ابن القيسراني: وقَّع الوزير أبو النجم هبة الله بن بديع لابن الخيَّاط بألف دينار، وهو آخر شاعر في زماننا وُقِّع له بألف دينار، وله من قصيدة في أبي النَّجم. [ص:271]
وخيل تمطَّت بي وليل كأنه ... ترادُف وفد الهمِّ أو زاخر اليمِّ
شققتُ دُجاه والنّجوم كأنها ... قلائد نظمي أو مساعي أبي النَّجْم
وله:
أو ما ترى قلق الغدير كأنه ... يبدو لعينك منه حَلْيُ مناطق
مُتَرقْرِقٌ لعب الشُّعاع بمائه ... فارتج يخفقُ مثل قلب العاشق
فإذا نظرت إليه راعك لَمْعُهُ ... وعلَلْتَ طرفكَ من سَراب صادق
توفي في حادي عشر رمضان بدمشق.(11/268)
259 - أحمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن حسنون، أبو نصر ابن النَّرْسيّ، [المتوفى: 517 هـ]
مِن أهل باب المراتب.
سمع: جدّه أبا الحُسَيْن، وَقِيلَ: أنّه تغيّر بآخرة واختلط.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وقد شهد عند أبي الحسن علي ابن الدّامَغَانيّ، وكان متدينًا، حسن الطّريقة، روى عنه: ابن ناصر، ويحيى بْن بوش، وأبو طاهر ابن سلفة وقال: ذكر لي أبو منصور ابن الَّنُّقور، قَالَ: قَلَّما قمت مِن اللّيل إلّا وسمعت قراءة أبي نصر بْن النَّرْسيّ في الصلاة.(11/271)
260 - إبراهيم بن محمد بْن خِيَرة، أبو إِسْحَاق القُونكيّ، [المتوفى: 517 هـ]
نزيل قُرْطُبَة.
روى بقُونْكَة عَنِ القاضي محمد بن خلف ابن السّقّاط " صحيح الْبُخَارِيّ "، وأكثر بقُرْطُبَة عَنْ: أَبِي عليّ الغسّانيّ، وخازم بْن محمد، ومحمد بْن فرج.
وكان حافظًا للحديث، وهو مِن شيوخنا، قاله ابن بَشْكُوال.
وتُوُفّي في شوّال.(11/271)
261 - إبراهيم بْن محمد، أبو إِسْحَاق الأنصاريّ، القُرْطُبيّ الضّرير. [المتوفى: 517 هـ]
جوّد القرآن عَلَى أَبِي عَبْد الله المَغَاميّ، وسمع مِن: جُماهر بن عبد الرَّحْمَن، وأقرأ النّاس القراءات، وكان ثقة صالحًا منقبضًا، مقبِلًا عَلَى شأنه. [ص:272]
تُوُفّي في شَعْبان.(11/271)
262 - إسماعيل بْن نصر بْن بَكْر بْن أحمد بْن الحُسَيْن بْن مِهْران، المقرئ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 517 هـ]
سَمِعَ: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ، أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ.
مات في صفر، وكان من أولاد الأئمة.(11/272)
263 - الحسن بن الحسن بن أحمد، أبو الفضائل الكلابيُّ الدمشقيُّ الماسحُ المؤدِّبُ، [المتوفى: 517 هـ]
إمامُ مسجد سوق اللؤلؤ بدمشق.
سمع أبا بكر الخطيب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأحمد بن علي الكفرطابي. روى عنه ابنه أبو القاسم علي، والصائن هبة الله.
وتُوُفّي في رجب، وله ستٌّ وسبعون سنة.
وكان ثقة حاسباً، فاضلاً، على مساحته العُمْدَة.(11/272)
264 - الحسن بن يعقوب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أبو بَكْر الأديب. [المتوفى: 517 هـ]
سمع بإفادة أبيه من أبي الحسين عبد الغافر وغيره، وتوفي في المحرم بنيسابور. روى عنه بالإجازة أبو سعد السمعاني، وقال: صاحب التصانيف الحسنة وكان أستاذ أهل نيسابور، يعني في الأدب، قال: كان غالياً في الاعتزال داعياً إلى التشيُّع، سمع من أبيه يعقوب بن أحمد الأديب، ومنصور ابن فلان، ومسعود بن ناصر السِّجْزي وجماعة.(11/272)
265 - حمد بن محمد بن أبي الفَْتْح بن منصور، أبو القاسم الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ القصَّاب الطَّويل. [المتوفى: 517 هـ]
روى عن أبي طاهر أحمد بن محمود. وعنه أبو موسى المديني، وغيره. وتوفي في رجب. سمع أيضاً من سعيد العيَّار، وعليّ بن عليَّك.(11/272)
266 - حمزة بْن العبّاس بْن علي بْن الحَسَن بْن عليّ، الشريف أبو محمد العَلَويّ الحُسَيْني الإصبهانيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 517 هـ]
تُوُفّي في سادس عشر جمادى الأولى، قاله أبو موسى.
سَمِعَ أبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وغير واحد بإصبهان. وعنه: أبو موسى، وأبو سَعْد محمد بْن عَبْد الواحد الصائغ، وأبو طاهر السّلَفيّ، ومحمد بن عبد الخالق بن أبي شكر الجوهريّ، وجماعة سواهم، آخرهم موتًا عفيفة الفارفانيَّة.
وروى عَنْهُ بالإجازة أبو سَعْد السّمعانيّ، وقال: مات سنة ستٌّ عشرة، وطوّل ترجمته بتسمية مسموعاته، وقال: كَانَ شيخ الصُّوفيَّة ومقدّمهم، ويُعرف ببرطلة سيد، حسن السيرة، جميل الأمر، ورِع، عفيف، رحل النّاس إليه، سَمِعَ: أبا أحمد محمد بْن عليّ بْن سَمُّوَيْه المكفوف، وابن ريذة، والحسين بْن عَبْد الله بْن منجويه، وعليّ بْن القاسم الخيّاط، وابن النُّعْمان القَصّاص، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأجاز لَهُ: أبو الحَسَن بْن صخر الأزْديّ مِن مكَّة، وأبو سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الصَّفّار، ومن مسموعاته: " فوائد " أبي علي بن منجويه، خمسون جزءًا سمعها منه، وكتاب التّوحيد لعليّ بن أحمد البوشنجي، رواه عَنْ عليّ بْن القاسم، عَنْ أَبِي بَكْر الطّاهريّ، عَنْ محمد بْن حامد المَوْصِليّ عَنْهُ، وكتاب " الهادي " للحافظ ابن مَنْدَهْ، وكان مولده في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.(11/273)
267 - ذو النون بن إسماعيل بن منصور، أبو الحسن النَّيسابوريُّ الفقَّاعيُّ المُغَسِّل. [المتوفى: 517 هـ]
رجل صالح، قدم بغداد حاجًّا، وروى عن أبي الحسين عبد الغافر.(11/273)
268 - رجاء بن إبراهيم بن أبي بكر عمر بن حسن بن يونس، أبو الفتح الأصبهانيُّ الخبَّاز. [المتوفى: 517 هـ][ص:274]
روى عَنْ أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم. وعنه أبو موسى، توفي في ربيع الآخر.(11/273)
269 - زهرة بنت أبي بكر محمد بن عمر بن أحمد، أمُّ الرِّضا الأصبهانية العمياء. [المتوفى: 517 هـ]
روت عن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي عليّ. وعنها أبو موسى. توفيت في شعبان.(11/274)
270 - ظريف بن محمد بن عبد العزيز بن احمد بن محمد بن أَحْمَد بن محمد بن شاذان، أبو الحسن الحيريُّ النَّيسابوريُّ. [المتوفى: 517 هـ]
سمع أباه، وأبا عثمان الصَّابوني، وأبا حفص بْن مسرور، وأبا عامر الحسن بن محمد، وأبا مسعود أحمد بن محمد البجلي وغيرهم.
روى عنه عمر البسطاميُّ، والمبارك بن أحمد الأزجي، وشُهْدَة الكاتبة، وعبد المنعم ابن الفُرَاوي، والسِّلفي، وأبو الحسن محمد بن المبارك بن الخل.
قَدِمَ بغداد للحج في سنة ثلاث وتسعين.
قال أبو سعد السَّمعاني: كان ثقة مأموناً، حسن السِّيرة، جميل الطريقة، من أولاد المحدثين. ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة بنيسابور.
وقال عبد الغافر: ثقة أمين، عنده سماع "الإكليل" للحاكم، و"المستدرك".
أخبرنا عليّ بن بقاء ومحمد بن حازم، قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم، قال: أخبرتنا شُهْدَة، قالت: أخبرنا ظريف بن محمد، قال: أخبرنا منصور بن عبد الوهاب الصوفي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله، إنَّ ابن [ص:275] جُدْعان كان في الجاهلية يصل الرَّحم ويطعم المسكين، أنافعه ذلك؟ قال: "لا ينفعه، إنه لم يقل يوماً، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين".
أخرجه مسلم عن أبي بكر مثله.(11/274)
271 - عبد الله بن محمد بن سارة ويقال: صارة - بالصاد - أبو محمد البكريُّ الشَّنترينيُّ، [المتوفى: 517 هـ]
نزيل إشبيلية.
كان شاعراً مُفُلِقًا، لغويًّا، مليح الكتابة، نسخ الكثير بالأجرة. وكان قليل البخت. روى عنه أبو جعفر ابن الباذش، وأبو الطاهر التَّميمي، وأبو بكر بن مسعود النَّحوي، وغيرهم. وتجوَّل في الأندلس، وامتدح الأمراء، وكتب لبعضهم.
ومن شعره في الوراقة:
أما الوراقة فهي أيكة حرفةٍ ... أوراقها وثمارها الحِرْمان
شبَّهتُ صاحبها بصاحب إبرةٍ ... يكسو العُراة وجِسْمُهُ عُريان
وله:
أي عُذْر يكون لا أي عُذْر ... لابن سبعين مولع بالصَّبابه
وهو ماء لم تُبْق منه الليالي ... في إناء الحياة إلا صُبَابَهْ
وله:
ومُهفْهَفٍ أبصرتُ في أطواقهِ ... قمَراً بآفاق المحاسن يُشْرق
تقضي على المُهْجاة منه صَعْدة ... متألق منها سنان أزرق
وله:
يا من يُصيخ إلى داعي السُّقاة وقد ... نادى به الناعيان: الشيب والكِبْرُ
إن كنت لا تسمع الذِّكرى ففيم ثوى ... في رأسك الواعيان: السَّمع والبصرُ
ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل ... لم يهده الهاديان: العَيْنُ والأثرُ
لا الدَّهر يبقى ولا الدُّنيا ولا الفلك الـ ... أعلى ولا النَّيِّران: الشمس والقمرُ [ص:276]
لبَرْحَلن عن الدُّنيا وإن كرها ... فراقها الثاويان: البَدْو والحَضَرُ
وله "ديوان" موجود، وتوفي بالمريَّة في هذه السنة، وشنترين: بلدة من الأندلس على ساحل البحر المحيط.(11/275)
272 - عبد الرحمن بن محمد بن الغَمُورة بن حريز، أبو القاسم الرُّعيني القيروانيُّ المغربيُّ، [المتوفى: 517 هـ]
من شيوخ بغداد.
تفقه على أبي إسحاق، وأبي نصر ابن الصَّبَّاغ، وسمع من أبي الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة، وحدَّث.
توفي في رمضان.(11/276)
273 - عَبْد الصّمد بْن أبي الفوارس أحمد بْن الْفَضْلِ، أبو نَهْشَلٍ العنْبريّ الإصبهانيّ، [المتوفى: 517 هـ]
مِن بني العنبر.
ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وسمع: أبا بَكْر بْن ريذة، وله إجازة مِن ابن فاذشاه، وعاينت أصل سماعه " بالزُّهد " لأسد مِن ابن فاذشاه سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو جعفر الطَّرَسُوسيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي الحِجّة.
وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد الرحيم بْن محمد بْن حَمُّوَيْه الإصبهانيّ، ومسعود بْن أبي منصور الجمّال، ومسعود بْن محمود بْن خَلَف العِجْليّ، وعبد الواحد بْن أَبِي المطهَّر الصَّيْدلانيّ.
وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وقال: كَانَ مَعْمَرا مكثِرا، ووالده أبو الفوراس كَانَ مِن فُضَلاء الأدباء، وكان عَبْد الصّمد من غلاة العبدرحمانية، سَمِعَ هارون بْن محمد بْن أحمد، وابن فاذشاه، وابن ريذة، وأبا بَكْر بْن شاذان الأعرج، فمن مسموعاته: " المعجم الكبير "، و" المعجم الصغير " للطبراني، رواهما عَنِ ابن ريذة، وكتاب " فضائل القرآن " لعبد الرّزّاق، رواه عَنْ هارون، عَنِ الطّبَرانيّ، عَنِ الدبري عنه، وكتاب " المواعظ " لأبي عبيد، و" بر الوالدين " لأبي الشيخ، و" فضائل القرآن " لإسماعيل بن عمرو البَجَليّ، رواه عَنْ أَبِي القاسم بْن [ص:277] مِهْران، عَنْ عَبْد العزيز بْن محمد السّعديّ، عَنْ محمد بْن عليّ بْن مَخْلَد عَنْهُ، و" الموطأ " رواه عن أبي القاسم بن مهران، عن المقرئ، عَنْ عليّ بن عبد الله بْن عَبْدان الْمَكّيّ القّزّاز عَنْ أَبِي مُصْعَب، عَنْ مالك.(11/276)
274 - عبد الكريم بن عبد الله، أبو البهاء الصقلي المقرئ. [المتوفى: 517 هـ]
روى عن السمنطاري، وغيره، ومولده بصقلية سنة أربعين وأربعمائة.(11/277)
275 - عَبْد المنعم بْن حفّاظ بن أحمد بْن خلف، أبو البركات ابن البَقَليّ، الأنصاريّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 517 هـ]
سَمِعَ: أبا القاسم بْن أَبِي العلاء، وبمصر: أبا الحَسَن الخِلَعيّ، وبمكَّة: هيّاج بْن عُبَيْد، ووَزَرَ لصاحب حمص، ثمّ غضب عَلَيْهِ وكحّله فأعماه، سَمِعَ منه جماعة.(11/277)
276 - عبد الوهاب بن محمد بن عبد الملك اللخمي الإشبيلي. [المتوفى: 517 هـ]
جاور سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، فسمع " صحيح مسلم " على الحسين بن علي الطبري، وحدث به سنة سبع عشرة هذه، روى عنه عمرو بن حجاج، ونجا بن غالب الجذامي.(11/277)
277 - عُبَيْد الله بْن أَبِي عليّ الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن الإصبهانيّ، الحدّاد، أبو نُعَيْم الحافظ. [المتوفى: 517 هـ]
رحل في الحديث، وعُني بجمعه، ونسخ الكثير بخطّه المليح، وكان يكرم الغرباء ويفيدهم، ويقرأ لهم، ويهبهم الأجزاء، وينسخ لهم، مَعَ الدّين والتَّقوى والبُكاء والخشْية والفضيلة التّامَّة.
جمع أطراف " الصّحيحين "، وانتشرت عَنْهُ، واستحسنها كلّ مِن رآها، وانتقى على الشّيوخ، سَمِعَ: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وسليمان بْن إبراهيم، وأبا طاهر أحمد بْن محمد النّقّاش، وحَمْد بْن ولكيز، ورحل بُعَيْد الثّمانين، فسمع بنَيْسابور: أبا المظفَّر موسى بْن عِمران، وأبا بَكْر بْن خلف، وبهَرَاة: أبا عَبْد الله العُمَيْريّ، وأبا سهل نجيب بْن ميمون، وأبا عامر الأزْديّ. وببغداد: أبا الغنائم بْن أبي عثمان، وابن طلحة النعالي، وجماعة. [ص:278]
قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: وبأصبهان صديق لي هو أبو نعيم ابن الحدّاد، أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مُدَافَعة، وله عندي أيادٍ كثيرة سَفَرًا وحَضرًا، وجمع ما لم يجمعه أحدٌ مِن أقرانه، وحصّل ما لم يحصّلْه أحدٌ مِن إخوانه، مِن الكُتُب الكثيرة، والسّماعات الغزيرة النّفيسة، صدوقٌ في جَمْعه وكَتْبه، أمين في قراءته، بارك الله فيه وفي عُمره.
قال السمعاني: سألت الحسين ابن الحدّاد عَنْ وفاة أخيه؟ فقال: في جُمَادَى الأولى، ثمّ كتب إليَّ مَعْمَر: إنّها في ربيع الآخر.
قلت: هذا غلط، فإن أبا موسى الحافظ روى عَنْهُ، وقال: تُوُفّي يوم الإثنين السّادس والعشرين مِن جُمَادَى الأولي.
وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
وقال أبو مسعود الحاجي: مات يوم الثلاثاء وقت الظُّهْر السّابع والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.
قلت: كأنه ورَّخ ساعة دفْنه، وورّخ أبو موسى موته، وآخر مِن روى عنه بالإجازة عفيفة الفارفانية.(11/277)
278 - عثمان بن عليّ بن المعمَّر، أبو المعالي البغداديُّ البقَّال، [المتوفى: 517 هـ]
أخو المعَمَّر.
سمع ابن غيلان، وعمر بن عبد الملك الرَّزَّاز. روى عَنْهُ أبو المعمَّر الأنصاريُّ، وأبو الفضل ابن الإخوة، وأبو طاهر السِّلفي. وله شعر، ومعرفة بالنحو، لكنه كان يُخِلُّ بالصلوات، وكان مع فسقه عسراً في الرواية.
توفي في ربيع الأوَّل، وله تسعون سنة.(11/278)
279 - عثمان ابن نظام الملك الوزير، لقبه شمس الملك. [المتوفى: 517 هـ]
قتلُه مذكور في الحوادث. بعث إليه السُّلطان عنبراً الخادم ليقتله، فقال: أمهلني، وقام فاغتسل، وصلَّى، وأخذ السَّيف فنظر فيه، وقال: سيفي أمضى من هذا فأعطاه للسَّيَّاف، وقال: اضربني به ولا تعذبني، فضرب عنقه، وبعث [ص:279] برأسه، ثم بعد قليل قُتِلَ أبو نصر المستوفي الذي أشار على السُّلطان محمود بقتله.(11/278)
280 - عليّ بْن محمد بْن أَبِي الحُسين أحمد بْن محمد ابن الَّنُّقور، أبو الحَسَن البغداديّ. [المتوفى: 517 هـ]
شيخ صالح، سَمِعَ جده، وحدث، توفي في ربيع الأوّل.(11/279)
281 - عليّ بن محمد بن قيداس البغدادي. [المتوفى: 517 هـ]
روى عن عبد الصمد ابن المأمون.(11/279)
282 - علي بن منكديم بْن محمد بْن محمد، السّيّد أبو الحَسَن العَلَويّ الحُسَيْني الفارسيّ، الأمير الشّاعر المُفْلِق. [المتوفى: 517 هـ]
تُوُفّي فجاءة في شوال، ذكره عبد الغافر الفارسي.(11/279)
283 - عمر بن بكر بن محمد بن أبي سهل السُّبْعيّ الصوفي. [المتوفى: 517 هـ]
روى عن الصريفيني.(11/279)
284 - عيسى بْن إسماعيل بْن عيسى بْن إسماعيل بْن محمد، أبو زيد العَلَويّ الحُسَيْني الصُّوفيّ الأبهريّ. [المتوفى: 517 هـ]
شيخ عارف نبيل، كثير الأسفار، لَهُ حال عجيب في السَّماع، وفيه كَيْس وظُرْف، سَمِعَ في الْكُهُولَةِ مِن: فاطمة بِنْت أَبِي عليّ الدّقّاق، ومحمد بْن عليّ العُمَيْريّ الهَرَويّ، ورزق الله التميمي، ومكي الرميلي، وخلْق، روى عَنْهُ: شهردار بْن شِيرَوَيْه، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وجماعة.
وتوفي في شوال بنيسابور.(11/279)
285 - محمد بْن أحمد بْن عُمَر بْن الطّبر، أبو غالب البغداديّ الحريريّ. [المتوفى: 517 هـ]
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن ابن زوج الْحُرَّةِ، وأبي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي طَالِب العشاريّ.
تُوُفّي في صفر، وهو أخو هبة الله بْن الطَّبر.(11/279)
286 - محمد بْن أحمد بن فِرْناس، أبو عبد الله الغَرْناطيُّ. [المتوفى: 517 هـ][ص:280]
سمع من أبي العباس العُذْري، وأبي عبد الله الحمزي، وأبي عبد الله ابن المرابط. وأجاز له أبو الوليد الباجي.
وكان مقرئاً نحويًّا فاضلاً؛ روى عنه أبو جعفر بن الباذش، ويوسف بن أبي عيشون، وغيرهما.(11/279)
287 - محمد بن أبي الفتح أحمد بن محمد بن علي ابن العطَّار الأصبهانيُّ، أبو الحسين، [المتوفى: 517 هـ]
سبط أبي العباس الأسديِّ.
سمع من والده سنة إحدى وأربعين. وتوفي سنة اثنتين. روى عنه أبو موسى المديني، ووصفه بالعدالة، وقال: توفي في شعبان.(11/280)
288 - محمد بن إسماعيل بن حفصُويه، العلامة أبو الفتح المروزيُّ الصَّدقيُّ اللُّغويُّ، [المتوفى: 517 هـ]
يسكن سكة صدقة بمرو.
تخرَّج به أئمة. روى عن محمد بن عبد الصَّمد بن أبي الهيثم التُّرابي، وجماعة.
مات في صفر، في عشر الثمانين؛ قاله السمعاني.(11/280)
289 - محمد بن حمد بن سعد بن بُنْدار، أبو بكر الأصبهانيُّ الصَّيْرفيُّ. [المتوفى: 517 هـ]
ولد سنة ست وثلاثين، وروى عن محمود بن محمد بن المرزبان صاحب ابن المقرئ، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم. روى عَنْهُ أبو موسى.(11/280)
290 - محمد بْن حيدر، أبو طاهر البغداديّ، الشّاعر المشهور. [المتوفى: 517 هـ]
شاعر محسن، سائر القول، تُوُفّي في رجب.
ومن شعره:
بنفسي الّتي عاد عَوْد الأراك ... عَنْ ثغرها وهو للطّيب عود
ولكنْ علا قدرُهُ في النُّفُوس ... مِن أن يحكم فيه الوقود(11/280)
291 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد، أبو منصور بْن أَبِي ياسر البَرَدَانيّ الحريمي. [المتوفى: 517 هـ]
مِن بيت الحديث والفضيلة، سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الغنائم ابن المأمون، وعنه: عليّ بْن أَبِي سَعْد الخبّاز، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتُوُفّي في أوّل العام وله نيف وستون سنة.(11/281)
292 - محمد بن عبد الحميد بن يوسف، القاضي أبو شجاع الأصبهاني. [المتوفى: 517 هـ]
توفي في صفر.(11/281)
293 - محمد بْن عثمان بْن أَبِي بَكْر بْن نصر، الإمام أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ الدّبّاس [المتوفى: 517 هـ]
أمير الحاجّ.
حجّ بأهل سَمَرْقَنْد مرّات، وتُوُفّي بسَرْخَس، رحمه الله، روى عن: أبي الحسين ابن النقور، وعنه: عمر بن محمد النسفي.(11/281)
294 - محمد بن عليّ بن يحيى بن هبيرة، أبو الرِّضا النَّسفيُّ ثم البغداديُّ. [المتوفى: 517 هـ]
كان صالحاً فاضلاً، خبيراً بالتفسير والنَّحو والأدب، وحدَّث عن طراد وابن البطر.
توفي في المحرم، ودفن بالوردية. وقد سمع في صباه بنسف من أبي نصر أحمد بن محمد البلدي، والحسن بن محمد بن مكي الحمَّادي، وبجرجان من كامل بن إبراهيم الخندقي.
روى عنه أبو محمد ابن الخشاب النَّحويُّ، وغيرُه.(11/281)
295 - محمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن المهتدي بالله، أبو الغنائم الهاشميُّ الخطيب، [المتوفى: 517 هـ]
من ساكني الحريم.
شيخ صالح خيِّر، صدوق، سمع أبا القاسم بن لؤلؤ، والبرمكي، وأبا الحسن القزويني، وأبا محمد الجوهري، وغيرهم. روى عنه جماعة.
ولد في سنة ست وثلاثين وأربعمائة. وتوفي في ربيع الأول.
روى عنه ابن ناصر، وذاكر بن كامل الخفَّاف. وآخر مَنْ حَدَّث عنه أبو [ص:282] طاهر المبارك ابن المعطوش. وقد أجاز للخُشوعي.(11/281)
296 - محمد بن محمد بن أبي عمرو محمد، أبو الوفاء المدينيُّ المُعَلِّم، ويُعرف بابن أبي حسين. [المتوفى: 517 هـ]
شيخ صالح، روى عَنْ أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم. وعنه أبو موسى.
توفي في شعبان.(11/282)
297 - محمد بن مرزوق بن عبد الرزاق بن محمد، أبو الحسن الزَّعفراني البغداديُّ الجلاَّب. [المتوفى: 517 هـ]
محدِّث ديِّن ثقة، مكثر، كتب الكثير وجمع، وعُني بالحديث، وبَرَعَ في مذهب الشافعي، وتفقه مدة على الشيخ أبي إسحاق، وصنَّف عدة كتب، ورحل إلى أصبهان، وإلى الشام، ومصر، والبصرة. وكان يتاجر إلى البلاد ويسمع.
أكثر عن الخطيب، وأبي جعفر ابن المُسْلمة، وابن المأمون، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله، وطبقتهم. وسمع بدمشق من أبي نصر بن طلاَّب، وبالبصرة من محمد بن عليّ السِّيرافي وأبي عليّ التُّستري، وبأصبهان من أبي منصور بن شكرويه، وبمصر من صالح بن إبراهيم بن رشدين.
وكتب الكثير، وكان جيِّد الضَّبْط متقنًا؛ روى عنه يوسف بن مكي، وأبو طاهر ابن الحصني، والصائن هبة الله، وأبو طاهر السِّلفي، وعبد الحق اليوسفي، وأخوه أبو نصر عبد الرحيم، ويحيى بن بَوْش، وآخرون.
وكان مولده في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وتوُفي ببغداد في صفر.(11/282)
298 - مرشد بْن يحيى بْن القاسم، أبو صادق المَدِينيّ، ثمّ المصريّ. [المتوفى: 517 هـ]
سَمِعَ: أبا الحَسَن عليّ بْن حِمّصَة الحرّانيّ، وعليّ بْن ربيعة، وعلي بْن محمد الفارسيّ، وأبا الحَسَن محمد بْن الحسين الطفال، وداجن، والحكيمي، وجماعة، وأجاز له علي بن منبر بْن أحمد الخلّال، والقاضي أبو الحَسَن بْن صخر، وغيرهما.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ ثقة، صحيح الأُصُولِ، أكثرها بخط ابن بقاء وبقراءته.
روى عَنْهُ السّلَفيّ، ومحمد بْن عليّ بن محمد الرحبي، وعشير بْن عليّ المزارع، وإسماعيل بْن قاسم الزّيّات، وعليّ بْن هبة الله الكامليّ، وعبد الله بن [ص:283] برّيّ النَّحْويّ، وأبو القاسم هبة الله بْن عليّ البُوصيريّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي القِعْدة.(11/282)
299 - موسى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن موسى بْن أبي تَلِيد، أبو عِمران الشّاطبيّ. [المتوفى: 517 هـ]
من بيت الرواية، فإن جدهم الأعلى أبا تَلِيد رحل وسمع مِن النَّسَائيّ، وحدث "بالسنن" بالأندلس سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وابنه موسى سَمِعَ مِن قاسم بْن أصْبَغ وجماعة، وحفيده خَلَف بْن موسى سَمِعَ مِن عبد الوارث بن سفيان، روى عنه ولده عبد الرحمن.
وولد موسى في سنة أربعٍ وأربعين، وسمع كثيرًا مِن أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وسماعه بخطوط الثّقات.
روى عنه: ابن الدّبّاغ وأثنى عَلَيْهِ، وقال: سمع كتاب " الاستذكار "، وكتاب " التقصي "، وحج، وسمع عيسى بْن أَبِي ذَرّ الهَرَويّ، وحدَّث، روى عَنْهُ جماعة: أبو عَبْد الله بْن زرقون، وغيره.(11/283)
300 - ناصر بن محمد بْن أَبِي الفتح عَبْد الله بْن محمد، أبو الفتح النَّقَّاش. [المتوفى: 517 هـ]
أصبهانيٌّ، روى عن أبي الطيب محمد بن أحمد بن إبراهيم. وعنه أبو موسى المديني. توفي في شعبان.(11/283)
301 - نصر الله بن محمد بن مسلم، أبو القاسم البغداديُّ الفُرْضيُّ. [المتوفى: 517 هـ]
سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، ويحيى بن بَوْش. حدَّث في هذا العام ولم أعلم متى مات.(11/283)
302 - هبة الله بن ثابت بن أحمد، أبو البركات البغداديُّ، [المتوفى: 517 هـ]
غلام ابن الشَّعيري. [ص:284]
ثقة صالح، سمع الجوهريَّ، وعبد الصمد ابن المأمون، توفي في جمادى الآخرة.(11/283)
303 - هبة الله بن محمد بن أحمد بن مسلم، أبو المعالي بن أبي طاهر الفرَضيُّ. [المتوفى: 517 هـ]
بغدادي ثقة، سَمِعَ أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلاَّل، وغيرهما. توفي في شعبان.(11/284)
304 - يحيى بن تمام بْنِ عَلِيٍّ، أبو الْحُسَيْنِ المقدسيّ الرمليّ، [المتوفى: 517 هـ]
خطيب الأعزية بدمشق.
سَمِعَ بالقدس: أبا عثمان محمد بْنَ أحمد بن ورقاء، وبدمشق: أبا القاسم بْن أبي العلاء، تُوُفّي في رمضان وله سبْعٌ وستّون سنة، أجاز للحافظ ابن عساكر.(11/284)
-سنة ثمان عشرة وخمسمائة(11/285)
305 - أحمد بن الحسن بن المُطَهَّر، أبو العباس الخطيب. [المتوفى: 518 هـ]
سمع أبا نصر الزَّينبي، وعاصم بن الحسن، وعبد الملك بن شغبة - بغين معجمة مفتوحة - البصري، وجماعة. روى عنه يحيى بن بَوْش، وغيره.(11/285)
306 - أحمد بن الحسين الصائغ. [المتوفى: 518 هـ]
بغداديٌّ، صحيح السَّماع، حدَّث عن محمد بن علي ابن المهتدي بالله، وأبي الحسين ابن النَّقُّور.
قال المبارك بن كامل: توفي في جُمادى الآخرة، وقرأ القرآن على أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن علي الخياط وغيره، وكان صالحاً فاضلاً.(11/285)
307 - أحمد بن عبد الله، أبو العبَّاس الأندلسيُّ القُونكيُّ. [المتوفى: 518 هـ]
حجَّ وأدرك كريمة، وأخذ عنها "صحيح البخاري". روى عنه ابن بشكوال في "معجمه".(11/285)
308 - أحمد بن عليّ بن محمد بن برهان، أبو الفتح ابن الحمَّامي، البغداديُّ الفقيه. [المتوفى: 518 هـ]
تفقّه عَلَى أَبِي الوفاء بْن عقِيل، ثمّ تحوَّل شافعيًّا وتفقه على الشاشي والغزَّالي، وترقَّت حاله في العلوم حتى درَّس بالنظامية فوليها نحواً من شهر. وكان بارعاً في الفقه والأصول، من أذكياء العالم.
توفي في ربيع الأول ببغداد. وقد سمع من النِّعالي، ونصر بن البَطِر، وجماعة. وسمع ابن كليب "صحيح البخاري" بقراءته على أبي طالب الزَّينبي. روى عنه المبارك بن كامل.
ذكره ابن النَّجَّار، فقال: كان خارق الذكاء لا يكاد يسمع شيئاً إلا حفظه، ولم يزل يبالغ في الطلب والتَّحقيق، وحل المشكلات حتى صار يُضْرب به المثَل في تبحره في الأصول والفروع، وصار علمًا من أعلام الدِّين، [ص:286] قصده الطلبة من البلاد حتى صار جميع نهاره وقطعة من ليله مستوعباً في الإشغال وإلقاء الدروس. ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وورَّخ وفاته أبو الحسن ابن الزاغوني في ثامن عشر جُمَادى الأولى.(11/285)
309 - أَحْمَد بن محمد بن أَحْمَد بن إبراهيم، أبو الفضل النَّيسابوريُّ الميدانيُّ الأديب المشهور. [المتوفى: 518 هـ]
فريد عصره، ولد في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. كان بارعاً في العربية والأصول والأخبار. وله تصانيف متقنة. اختص بصحبة الواحدي المُفَسِّر، وسمع منه تفسيره، وتعلَّم منه النحو.
وذكره عبد الغافر فبالغ في إطرائه، وقال: إنه ما رأى مثله في العربية واللغة، وأنه كان متواضعاً سليم العقيدة، مرضي الطريقة، وتوفي في سادس وعشرين رمضان.
وقد ذكره ابن نقطة، فقال: سمع الواحدي وأخاه عبد الرحمن ويعقوب الصيرفيَّ، وبهراة شيخ الإسلام الأنصاري وعدة.
وله كتاب "الهادي في الحروف والأدوات"، وكتاب "الأنموذج" في النحو، وكتاب "النحو الميداني"، وكتاب "المصادر"، وكتاب "نزهة الطرف في علم الصَّرف"، وكتاب "شرح المفضليات"، وكتاب "منية الراضي"، وكتاب "الأمثال" الذي ما لأحد مثله، وكتاب "السامي في الأسامي".
ومن شعره:
تنفَّس صُبْح الشيب في ليل عارضي ... فقلت عساه يكتفي بعذار
فلما فشا عاتبتُه فأجابني ... أيا هل ترى صُبْحًا بغير نهار
وله:
يا كاذباً أصبح في كذبه ... أعجوبة أية أعجوبه
وناطقاً ينطق في لفظةٍ ... واحدة سبعين أكذوبه
شبَّهك الناس بعرقوبهم ... لما رأوا أخذك أُسلُوبهْ [ص:287]
فقلتُ كلاَّ إنه كاذب ... عرقوب لا يبلغ عرقوبه
قيل: لمَّا صنَّف الميدانيُّ كتاب "الأمثال" وقف عليه الزَّمخشري، فحسده وأخذ القلم وزاد في لفظة "الميداني" سنَّةً فصارت "النَّميداني" وهو بالفارسية: الذي لا يعرف شيئاً، فرآها الميداني، فعمد إلى تصنيف للزمخشري وزاد فيه سنَّة وعمل الميم نوناً وهو بالفارسية: بائع زوجته.
توفي بنيسابور في رمضان، وله ولد فاضل أديب بقي إلى سنة تسع وثلاثين، وحدَّث.(11/286)
310 - أحمد بْن محمد بْن الفَضْلِ بْن عَبْد الخالق، أبو الفضل ابن الخازن الدّيَنَوريّ الأصل، البغداديّ، الكاتب الشّاعر، [المتوفى: 518 هـ]
صاحب الخطّ الفائق.
وهو والد أبي الفتح نصر الله الكاتب المشهور أيضًا الذي توجد بخطّه مقامات الحريريّ كثيرًا.
ومن شِعْر أبي الفَضْلِ - وقد دعاه صديقٌ لَهُ إلى بستان، وفيه حمّام، فدخله وتغسّل:
وَافَيْتُ منزلَهُ فلم أر حاجبًا ... إلّا تلقّاني بسِنّ ضاحكِ
وَالْبِشْرُ في وجه الغلام أمارةً ... لمقدّمات حَياء وجه المالكِ
ودخَلت جنّتَهُ وَزُرْتُ جحيمه ... فشكرتُ رضوانًا ورأفةَ مالكِ
وله:
مَن لي بأسمَرَ حَجَّبُوهُ بمثلهِ ... في لوِنه والقدّ والعَسلانِ
مَن رامَهُ فلْيَدَّرِعْ صبرًا عَلَى ... طَرَفِ السّنانِ وطرْفهِ الوسْنان
راحُ الصَّبا تثنيهِ لَا ريحُ الصّبا ... سَكرانُ بي مِن حُبّهِ سُكرانِ
تُوُفّي في صَفَر سنة ثمان عشرة، وله سبعٌ وأربعون سنة، وذكره ابن الجوزيّ في " المنتظم " في سنة اثنتي عشرة، وذكره ابنه وغيره سنة ثمان عشرة، وهو الصّحيح.
وقد ذكره العماد في " الخريدة "، وقال: ما بعد خط أبي الفوارس ابن [ص:288] الخازن مثل خطّه في الحُسْن، وكلاهما يقال لَهُ ابن الخازن، وقد تناسبا خطّا وفضلًا، فهو أبو الفضل وابن الفضل كنية، وَنَسَبًا، وأدبًا وحَسَبًا، وكان ظريفًا، لبيبًا، أديبًا، أريبًا، كاتبًا حاسبًا.
مرّ أبو الفوارس سنة اثنتين وخمسمائة.(11/287)
311 - أحمد بْن أَبِي الفتوح محمد بْن أحمد بْن عليّ، أبو العبّاس الخُراسانيّ الواعظ. [المتوفى: 518 هـ]
حدَّث بإصبهان عَنِ الحَسَن بن عبد الرَّحْمَن الْمَكّيّ الشّافعيّ، وعنه: أبو موسى الحافظ، وسمع أيضًا مِن: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العيّار، وعبد الوهّاب بْن مَنْدَهْ.
وحجّ خمس حجج، وجاور، ووعظ ببغداد، ونَفَقَ عليهم لعُذُوبة منطقه ولزُهده وورعه.
قَالَ مَعْمَر بْن الفاخر: بِتُّ عند أحمد بن أبي الفتوح ابن الخُراسانيّ، ففرغ الدّهْن مِن السّراج، فقال: أَدْنُوا منّي السّراج، فأدنيته، فأصلح الفتيلة وقال: لَا تقربوا منه، فكان يضيء إلى أن فرغت من نسخ جزئي جملة، ثم نمنا وهو يزهر.(11/288)
312 - إبراهيم بن الحسن بن أحمد ابن البناء، أبو الفضل [المتوفى: 518 هـ]
أخو أبي غالب.
سمع أبا الحسين ابن الغريق وطبقته، روى عنه يحيى بن بوش.
من أبناء السبعين.(11/288)
313 - إِسْحَاق بْن محمد بْن إبراهيم بْن محمد بْن محمد بْن نوح، الخطيب أبو إبراهيم النَّسَفيّ النوحي، الفقيه. [المتوفى: 518 هـ]
أملى بسَمَرْقَنْد، وسمع منه أمم.
روى عن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، نافلة محمد بن علي الترمذي، راوي كتاب " تنبيه الغافلين " عَنْ مصنّفه أَبِي اللَّيْثُ السَّمَرْقَنْديّ، وكان محمد هذا مَعْمَرا.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: عاش أزْيَد مِن مائةٍ وعشْر سنين. [ص:289]
وروى النُّوحيّ عَنْ: عليّ بْن الحُسَيْن السَّعْديّ، وعليّ بْن الحَسَن بْن مكّيّ النَّسَفيّ، وعمر بن أحمد بن شاهين السمرقندي، والفقيه عَبْد العزيز بْن أحمد الحَلْوانيّ، وأبي مسعود أحمد بْن محمد البَجَليّ، وجماعة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وكان مِن كبار الفقهاء أصحاب الرأي، وعاش خمسًا وثمانين سنة.
روى عَنْهُ: عمر بن الحسن الدرغمي، وإبراهيم بْن يعقوب الواعظ، ومحمد بْن محمد السَّعديّ المعلّم، ومحمد بْن يوسف النّجَانيكثيّ، وأسعد بْن إبراهيم القطواني، ومحمد بْن أحمد بْن فارس الهاشمي، ومحمود بن علي النَّسَفيّ، وعليّ بن عبد الخالق اليشكري، وخلق من مشيخة عبد الرحيم ابن السمعاني.(11/288)
314 - أسعد بْن نصر المِهْرَانيّ النَّيْسابوريّ المقرئ. [المتوفى: 518 هـ]
سَمِعَ أبا محمد عَبْد الله بْن يوسف الْجُوَيْنيّ، وعبد الغافر الفارسيّ والكَنْجَرُوذيّ، أجاز للسّمعانيّ.
مات في جمادى الأولى.(11/289)
315 - إسماعيل بْن عليّ بْن سهل المُسَيّبيّ، [المتوفى: 518 هـ]
شيخ الصوفية.
سمع: أبا عثمان الصابوني، والقشيري، أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وأرّخه في " مُعْجَمه ".(11/289)
316 - تقية بنت عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يحيى بن منده الأصبهانية. [المتوفى: 518 هـ]
روت عن عمَّيها عبد الرحمن وعبد الوهَّاب. وعنها أبو موسى المديني. توفيت في شهر ذي القعدة.(11/289)
317 - الحسن بن الصَّبَّاح، [المتوفى: 518 هـ]
ملك الإسماعيلية وصاحب الألموت. [ص:290]
هلك في هذه السنة، وكان من دهاة العالم وشجعانهم وشياطينهم، وطالت مدته، وقام بعده ابنه محمد.(11/289)
318 - الحسين بن أحمد بن عليّ البغداديُّ، المجلِّد. [المتوفى: 518 هـ]
رجل صالخ خيِّر. سمع أبا محمد الجوهري، وغيره. وعنه الصائن ابن عساكر، وجماعة، وعاش نحواً من تسعين سنة، توفي في ربيع الآخر.
قال السِّلفي: ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
قلت: آخر مَنْ روى عنه يحيى بن بَوْش.(11/290)
319 - الحسين بن عبد الله الكردليُّ. [المتوفى: 518 هـ]
بغداديٌّ، قال المبارك بن كامل: كان يدعي أشياء؛ وحدَّثنا عن الجوهري، وأبي بكر الخطيب، وتوفي في المحرم.(11/290)
320 - حمزة بْن أَبِي عليّ محمد بْن طاهر بْن عليّ بْن محمد بْن أحمد بن محمد بْن أحمد بْن إبراهيم الملقّب بطباطبا ابن إسماعيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْن الحَسَن بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب، الشّريف أبو الْفَضْلِ الإصبهانيّ العَلَويّ. [المتوفى: 518 هـ]
تُوُفّي يوم الجمعة سلخ السنة، من شيوخ أبي موسى.(11/290)
321 - داعي بن إسماعيل بن الحسن بن علي، السيد أبو الفتوح العلوي الحسيني الأصبهاني. [المتوفى: 518 هـ]
روى عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وعنه أبو موسى الحافظ مات في ذي الحجة.
قال ابن النجار: وسمعه العيار، وعنه عبد الوهاب ابن الصابوني.(11/290)
322 - دَاوُد، الملك الكرجيّ، [المتوفى: 518 هـ]
ملك الأبخاز الَّذِي افتتح تَفْلِيس.
مات في هذه السّنة وهو عَلَى كفره.(11/290)
323 - رابعة بنت أبي بَكْر محمد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الكسائيِّ، أم الفَتْح. [المتوفى: 518 هـ]
روت عن أبي نصر الكسائي صاحب ابن المقرئ. وعنها أبو موسى. [ص:291]
توفيت في جُمادى الأولى.(11/290)
324 - صَنْدل، أبو الحسن القائميُّ، المعروف بالأجل المخلص. [المتوفى: 518 هـ]
من خواص دور الخلافة. سمع أبا الحسين بن النَّقُّور. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري.(11/291)
325 - طالب بن ابي الوفاء زيد بن علي بن شهريار، أبو النَّجيب الأصبهانيُّ البيِّع. [المتوفى: 518 هـ]
من شيوخ أبي موسى، لا أعلم متى تُوُفّي، لكنّه كان في هذه المُدة.(11/291)
326 - طالب بن سعد بن القاسم، أبو محمد البنَّاء. [المتوفى: 518 هـ]
سمع منه أبو موسى في هذا العام، وقال: حدثني أنَّ له إحدى ومائة سنة.(11/291)
327 - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ محمد، أبو جعفر الدَّامغانيُّ. [المتوفى: 518 هـ]
سمع أبا جعفر ابن المُسْلمة، والصَّريفني، وأبا الحسين ابن النَّقُّور. وشهد عند قاضي القضاة، وولي قضاء ربع الكرخ، ثم ترك ذلك وخلع الطيلسان، وولي حجابة باب النُّوبي، ثم عُزِلَ، ثم أُعِيد.
وكان صدراً رئيساً نبيلاً، توفي في ثاني جمادى الأولى. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري.(11/291)
328 - عبد الرحمن بْن أحمد بْن سهل بْن محمد بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ حمدان، أبو نصر بن أبي بكر السَّرَّاج الفقيه ابن الفقيه. [المتوفى: 518 هـ]
من بيت العلم والورع والخير بنيسابور. تفقه على أبي المعالي الجوَُيني حتى برع وصار من معيديه. وكان ورعاً قانعاً باليسير، صالحاً نبيلاً، سمع أباه، وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبا سعد الكنجروذي، وأبا القاسم القُشيري.
قال أبو سعد السَّمْعاني: أحضرني والدي عنده، وقرأ لي عليه جزءاً، وحدثنا عنه ببغداد عبد الوهَّاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد الأنصاري، قَدِمَ عليهم حاجًّا. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.(11/291)
329 - عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن الهيثم، أبو طاهر الإصبهانيّ الذّهبيّ الصّبّاغ، المعروف بالدَّشْتَج وبالدَّشْتيّ. [المتوفى: 518 هـ]
آخر مِن حدَّث عَنْ أَبِي نُعَيْم الحافظ، تُوُفّي في ربيع الأوّل في ثاني عشره.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأحمد بْن أبي الفضل الكراني، وعفيفة الفارفانية، وجماعة، وعفيفة آخر مِن سَمِعَ منه، وروى عَنْهُ حضورًا: أبو جعفر، وعَبْد الواحد بْن القاسم الصَّيْدلانيّان، وهو أيضًا آخر مِن حدَّث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عُمَر الصَّفّار، وسمع مِن: ابن ريذة، وأبي الوفاء مهديّ بن محمد، وعُبَيْد الله بْن المعتزّ النَّيْسابوريّ، سَمِعَ منه أيضًا حضورًا يحيى الثَّقَفيّ.(11/292)
330 - عبيد الله بن عبد الملك بن أحمد بن علي، أبو غالب الشهرزوري، ثم البغدادي أمين الحكم. [المتوفى: 518 هـ]
سمع أبا علي بن المذهب، وأبا محمد الجوهري، وأجاز له أبو منصور محمد بن محمد السواق، وسليم بن أيوب الرازي. روى عنه المبارك بن كامل، وهبة الله بن المكرم الصوفي، ويحيى بن بوش.
قال ابن ناصر: سماعه صحيح، ولم يكن من أهل هذا الشأن.
قال ابن خسرو: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين.(11/292)
331 - عثمان بْن عَبْد الرحيم بْن محمد، أبو عمرو اللبيكي النبيسابوري. [المتوفى: 518 هـ]
حدث في هذا العام بإصبهان عَنْ: عُمَر بْن مسرور، روى عَنْهُ: أبو موسى المديني.(11/292)
332 - علي بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الفتح، أبو الحسن ابن المعير. [المتوفى: 518 هـ]
شيخ بغدادي من أولاد الشيوخ، سمع: ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، [ص:293] وأبا محمد الصريفيني، وعنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي، وأحمد بن محمد الزناتي.
توفي في ربيع الأول.(11/292)
333 - علي بن أحمد بن عليّ بن بدران، ابن الحلوانيِّ، أبو الحَسَن. [المتوفى: 518 هـ]
سمع أبا جعفر ابن المُسْلمة، وعدة. وعنه السِّلفي. وكان صالحاً، كاتباً مجوداً.(11/293)
334 - علي بن أحمد بن محمد، أبو الحسن ابن المُرَتِّب. [المتوفى: 518 هـ]
كان يرتب صفوف الصلاة بجامع المنصور. سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وعنه السِّلفي، والحسن بن جعفر المتوكلي، وخطيب الموصل.
زوَّر لنفسه جزءاً عن الخطيب.(11/293)
335 - عليّ بن عثمان الفاكهيُّ النَّيسابوريُّ. [المتوفى: 518 هـ]
شيخ مستور أمين، سمع كثيراً من عبد الغافر، وابن مسرور، وطال عمره، مات في ربيع الأول.(11/293)
336 - عليّ بن المُشَرِّف بن المسلَّم الأنماطيُّ المصريُّ. [المتوفى: 518 هـ]
ورَّخه الحافظ ابن المفَضَّل، وقال: هو مكثر جدًّا وفيه ضعف.
وقال السِّلفي: زوَّر له سماعات بخطه غير صحيحة، وقد سمعنا منه.
سمع أبا إبراهيم أحمد بْن القاسم الحُسَيْني. سكن في أيّام الشّدَّة الثّغر، وكان شافعيًا، فتمذهب لمالك، وكان كثير السّماعات، وُلِدَ سنة سبْعٍ وثلاثين وأربعمائة، وأدرك ابن الفارسي، والطَّفَّال، وسمع مِن أَبِي زكريّا الْبُخَارِيّ، ونصر الشِّيرازي، وانتقيت مِن أصوله الّتي ارتاب فيه أكثر مِن مائة جزء، ووقفتُ فيها عَلَى ما لَا أرتضيه، وخلَّف كتبا كثيرة، مات في شعبان.(11/293)
337 - علي بن نصر بن سعد، أبو تراب الكاتب الأديب. [المتوفى: 518 هـ]
بغداديٌّ، أخذ العربية عن ابن برهان النَّحْوي، وانحدر إلى البصرة وأقام [ص:294] بها مدة، وكتب لنقيب الطالبيين. ثم كتب أيضاً ببغداد لنقيب العلويين.
وكان مولده بعكبرا في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة، وله تسعون سنة.(11/293)
338 - علي بن أبي سعد هاشم بْن طاهر بْن عليّ بْن محمد بْن أحمد بن محمد بن أحمد ابن الشريف طباطبا، العلوي أبو الحسين الإصبهاني، [المتوفى: 518 هـ]
صاحب ابن ريذة.
تُوُفّي في ذي الحجَّة قبل ابن عمه المذكور بعشرة أيّام، وله ستٌّ وتسعون سنة، وعنه: أبو موسى.(11/294)
339 - عمر بن حَمْد بن محمد بن عمر بن حسنويه، أبو حفص الأصبهانيُّ البقَّال الحاجِّيُّ. [المتوفى: 518 هـ]
روى عن أبي طاهر بن محمود، وتوفي في رمضان. روى عنه أبو موسى.(11/294)
340 - عمر بن أبي بكر بن أبي الأشعث بن أبي عصمة السَّمرقنديُّ الفرَّاء. [المتوفى: 518 هـ]
ولد في حدود سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وسمع عمر بن أحمد بن محمد بن شاهين الفارسي، وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه عمر النَّسفي في "تاريخه".(11/294)
341 - عمر بن المُنخَلَّ، أبو الأسوار البابيُّ التَّاجر السَّفَّار. [المتوفى: 518 هـ]
سمع الكثير في عدة مدائن. كتَبَ عنه السِّلفي، وسمع معه من أبي صادق بمصر.
توفي بالحجاز عن ثمان وسبعين سنة. سماعاته في الكهولة.(11/294)
342 - غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمَّام بن عطيَّة، أبو بكر المحاربيُّ الغرْناطيُّ. [المتوفى: 518 هـ]
روى عن أبيه، والحسن بن عبيد الله الحضرمي المقرئ، ومحمد بن حارث النَّحوي، ومحمد بن أبي غالب القروي، ومحمد بن نعمة، وأبي علي [ص:295] الغسَّاني. ورأى أبا عمر بن عبد البر، وحج سنة تسع وستين، ولقي الحسين بن عليّ الطَّبري، وابن أبي ذر، فحمل عنهما الصحيحين، ولقي بمصر أبا الفضل عبد الله بن حسين الجوهري، ولقي بالمهدية محمد بن معاذ التَّميميَّ.
وكان حافظاً للحديث وطرقه وعلله، عارفاً بأسماء رجاله ونقلَتُهُ، ذاكراً لمتونه ومعانيه، قاله ابن بشكوال، ثم قال: قرأتُ بخط بعض أصحابنا أنَّه سمع أبا بكر بن عطيَّة يذكرُ أنَّه كرَّرَ على "صحيح البخاري" سبعمائة مرة. وكان أديباً شاعراً لغويًّا ديِّنًا فاضلاً، أكثر النَّاس عنه، وكُفَّ بصرُهُ في آخر عمره. وكتب إلينا بإجازة ما رواه. ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتوفي بغرناطة في جمادى الآخرة.(11/294)
343 - الْفَضْلُ بْن محمد بْن أحمد بْن أَبِي منصور، أبو القاسم الأبِيَوَرْدِيّ العطّار. [المتوفى: 518 هـ]
أحد شيوخ نَيْسابور، كَانَ صالحًا عفيفًا، حسن السّيرة، عابدًا، جاوَرَ بمكَّة مدَّة، وسمع: فضل الله بْن أَبِي الخير الميْهَنيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وأبا القاسم القشيري.
روى عَنْهُ: عُمَر الفَرْغُوليّ، وإبراهيم بْن سهل المسجديّ، ويوسف بن شعيب وجماعة.
وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وهو الَّذِي ترجمه وقال: تُوُفّي في سادس صَفَر بنَيْسابور.
وقال عَبْد الغافر: شيخ مشهور، مَعْمَر، نيَّفَ عَلَى المائة، وكان كثير العبادة، مشتغلًا بنفسه، سمع الكثير من مثل: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وابن مسرور.
وسمّى جماعة، ثمّ قَالَ: وسمع معجم البَغَويّ من أبي نصر الإسفراييني، رحل إليه إلى إسفرايين، وعاش حتّى قُرِئ عَلَيْهِ الكثير، وقد سَمِعَ سنن الدارقطني عاليًا، وانقطع إسناده بموته، رواه عَنِ النّوقانيّ، عَنْهُ، رواه عَنْهُ أبو سَعْد الصَّفّار.
وقال السمعاني: امتد عمره حتّى أناف عَلَى المائة، وكان كثير العبادة. [ص:296]
سمع محمد بْن عَبْد العزيز النيليّ، وعدَّة، روى لي عنه جماعة كثيرة.(11/295)
344 - قاسم بْن أَبِي هاشم العَلَويّ الحَسَنيّ، [المتوفى: 518 هـ]
أمير مكة.
توفي في صفر وخلفه ابنه أبو فليتة فأحسن السياسة، وأسقط المكس عن أهل مكة.(11/296)
345 - كامل بْن ثابت، أبو تمّام الصُّوريّ الفَرضيّ. [المتوفى: 518 هـ]
وُلِد سنة إحدى وثلاثين، وسمع بصور: أبا بَكْر الخطيب، وغيره، وبمصر: أبا الحَسَن الخِلَعيّ.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: كامل كَانَ كاملًا في فنون العِلْم، منها الفرائض، وله حلقة بمصر لإقراء الفرائض، وكان فريد عصره، قَالَ لي: ألّفت في الفرائض تصانيف، ووُلِدتُ بعكّا سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وأنا أدرّس الفرائض والحساب مِن ستّين سنة، قرأتُ الفرائض عَلَى أَبِي عَبْد الله الونّيّ، وعلى أبي الحَسَن الجهرميّ.
قَالَ السّلَفيّ بعد أن روى عَنْهُ حديثًا وشيئًا من نظْمه: توفي سنة ثمان عشرة، أو سنة تسع عشرة بمصر.(11/296)
346 - محمد بن الحسن، أبو السَّعادات البغداديُّ، ابن كردي. [المتوفى: 518 هـ]
قال ابن كامل: حدثنا عن أبي جعفر ابن المسلمة، وتوفي في شهر رمضان، ولي قضاء بعقوبا.(11/296)
347 - محمد بن عبد الرحمن بن نبيل، أبو عبد الله الرُّعينيُّ القُرطبيُّ. [المتوفى: 518 هـ]
روى عَنْ حاتم بْن محمد، وأبي الأصبغ بن خيرة، وأبي علي الغسَّاني. وكان متقدِّمًا في فن الشُّروط.
قال ابن بشكوال: قد أخذنا عنه، وتوفي في شوال، وله خمس وستون سنة.(11/296)
348 - محمد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي الخير بْن عليّ، أبو عَبْد الله الأنصاريّ السَّرَقُسْطيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 518 هـ]
روى عَنْ: أبي الوليد الباجيّ واختصّ به، وأبي العباس العذري، ومحمد [ص:297] ابن سعدون القرويّ، وأبي دَاوُد المقرئ، وقرأ القراءات عَلَى أبي عَبْد الله المَغَاميّ فأحكمها، وكان عارفًا بالأصول والفروع، كامل المروءة، كثير البَرّ، وقد أخذ عَنْهُ: أبو عليّ الغسّانيّ، والقاضي أبو عَبْد الله بْن الحاجّ.
قَالَ ابن بشكوال: قرأت عَلَيْهِ كثيرًا مِن روايته، وصحِبْتُه إلى أن تُوُفّي في رجب، وصلّى عَلَيْهِ أخوه أبو جعفر.(11/296)
349 - محمد بن علي بن سعدون، أبو ياسر البغداديُّ. [المتوفى: 518 هـ]
روى عن ابن المسلمة، وابن الدَّجاجي. وعنه المبارك بن كامل. مات بالمارستان في آخر السنة. وآخر مَنْ روى عنه ذاكر الخفاف، وكان من كبار العُدول.(11/297)
350 - محمد بن علي بن محمد بن شهفيروز، الفقيه أبو جعفر اللازريُّ الطَّبريُّ الشافعيُّ. [المتوفى: 518 هـ]
سمع ببلده آمل طبرستان من أبي المحاسن الرُّوياني، وبنيسابور من عليّ ابن أبي صادق الحيري، والشيرويي، وبأصبهان من أبي علي الحدَّاد، وببغداد، ومكة. وكتب الكثير.
سمع منه جماعة، وحدَّث عنه يحيى بن بَوْش، ووقف كُتُبَهُ بالنِّظامية، وتوفي في المحرم.(11/297)
351 - محمد بن محمد بن عبد القاهر بن هشام، أبو البركات ابن الطُّوسي، [المتوفى: 518 هـ]
عمُّ خطيب المَوْصل.
ولد ببغداد، ونشأ بها، وتفقه على الشيخ أبي إسحاق، وسمع من أبي الحسين ابن النَّقُّور، وأبي بكر محمد بن عبد الله النَّاصحي النَّيسابوري، ثم سكن المَوْصل. وكان يتردد إلى بغداد.
قال ابن النَّجَّار: كان فقيهاً فاضلاً، وأديباً كاملاً، بينه وبين الأبيوردي مكاتبات روى عنه المبارك بن أحمد الأنصاري، وإبراهيم بن علي الفرَّاء الفقيه، وشيخنا ابن بَوْش. توفي في ربيع الأول سنة ثمان عشرة وخمسمائة.(11/297)
352 - محمد بْن نصر بْن منصور، القاضي أبو سَعْد الهَرَويّ الحنفيّ. [المتوفى: 518 هـ][ص:298]
قِدم دمشق ووعظ بها، ثمّ توجّه إلى بغداد فولي قضاء الشّام، وعاد قاضيًا فأقام مدَّة، ثمّ رجع إلى العراق، وقد وُلّي القضاء في مدن كثيرة بالعجم، وكان في صباه يؤدّب الصّبيان، ثمّ ترقّت حاله وبلغ ما بلغ، وكان مِن دُهاة العالم، قتلته الباطنيَّة لعنهم الله بجامع هَمَذَان في هذه السنة.
وله شعر رائق، فمنه:
البحر أنت سماحة وفصاحة ... والدر يُنْثَر بين يديكَ وفيكا
والبدرُ أنت صباحةً وملاحة ... والخير مجموع لديك وفيكا
وكان بفرد عين، ويلقَّب بزَيْن الإسلام، وترسَّل مِن الدّيوان العزيز إلى الملوك، وبَعُدَ صِيتُه، وعظُمت رُتْبته.
قَالَ ابن النّجّار: وُلّي القضاء ببغداد سنة اثنتين وخمسمائة للمستظهر بالله عَلَى حريم دار الخلافة وما يليه مِن النّواحي والأقطار، وديار مُضَر، وربيعة، وغير ذلك، وخوطب بأقضى القضاء زين الإسلام، واستناب في القضاء أبا سَعْد المبارك بْن عليّ المخرَّميّ الحنبليّ بباب المراتب وباب الأزَج، والحسن بْن محمد الإسْتِراباذي الحنفيّ بباب النوبي، وأبا الفتح عبد الله ابن البيضاويّ بسوق الثّلاثاء، ثمّ عُزِل في شوّال سنة أربع وخمسمائة، واتّصل بخدمة السّلاطين السَّلْجُوقيَّة إلى أن قُتِلَ، وقد حدَّث بأحاديث مظلمة، رواها عَنْهُ الحُسَيْن بن محمد البلْخيّ، وللغزّيّ يهجوه:
واهًا لإسلامٍ غدا ... والأعورُ الهَرَويّ زَيْنُه
أَيزينُ الإسلامَ مَن ... عُميَتْ بصيرتُهُ وعينُهّ!(11/297)
353 - محمد بْن وهْب بْن محمد بْن وهْب، أبو عَبْد الله بْن نوح الغافقيّ الأندلسيّ، [المتوفى: 518 هـ]
أحد الفقهاء.
كَانَ إمامًا مشاوَرًا معظمًا، ترعاه السّلاطين، ونزل بَلَنْسِيه، وولي قضاء جزيرة شقر، وبها مات في صَفَر، حدَّث عَنْهُ: ابنه أيوب.(11/298)
354 - المبارك بن جعفر بن مسلم، أبو الكرم الهاشميُّ البغداديُّ الفقيه. [المتوفى: 518 هـ]
تفقه على أبي القاسم يوسف بن محمد الزَّنجاني، وجالس أبا الحسن ابن الزَّاغوني، وسمع الحديث من رزق الله التَّميمي، وطراد الزَّينبي، وخلقاً بعدهما.
وكان صالحاً خيِّراً.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: هو أوَّل مَنْ لقنني القرآن وأنا طفل، وتوفي في ذي الحجة.(11/299)
355 - المطهر بن حَمْد الأصبهانيُّ. [المتوفى: 518 هـ]
من مشيخة أبي موسى المديني، يروي عن. . . . . . . .(11/299)
356 - ناطق بن عبد الله المقتدويُّ المستظهريُّ، أبو الحسن، [المتوفى: 518 هـ]
مولى المقتدي بأمر الله.
كان صالحاً خيراً، عابداً، حريصاً على سماع الحديث. سمع أبا نصر الزينبي، ورزق الله. روى عَنْهُ أبو طَالِب بْن خُضَيْر.
تُوُفّي في ربيع الآخر.(11/299)
357 - الهيثم بن محمد بن الهيثم بن عبد الله بن محمد بن الهيثم، أبو عبد الله الأصبهانيُّ، [المتوفى: 518 هـ]
مولى الأشعريين.
روى عن ابن ريذة، وعن والده، وعن أبي الوفاء محمد بن بديع؛ قاله السَّمْعاني، وقال: مولده في أول سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
قلت: وعنه أبو موسى المديني، وغيره.(11/299)
358 - يحيى بن محمد بن صاعد، القاضي أبو الوفاء. [المتوفى: 518 هـ]
أصبهانيٌّ، توفي في ربيع الأول. عنه أبو موسى.(11/299)
-سنة تسع عشرة وخمسمائة(11/300)
359 - أحمد بن طاهر المروزيُّ المرتِّب. [المتوفى: 519 هـ]
قال المبارك بن كامل: حدثنا عن أبي علي التُّستري "بسنن أبي داود"، وتُوُفّي في ربيع الآخر.(11/300)
360 - أحمد بْن عَبْد العزيز بن أبي الخير، أبو جعفر السَّرقسطيُّ الأنصاريُّ، [المتوفى: 519 هـ]
نزيل قرطبة.
توفي بعد أخيه بعام، وقد مرَّ أخوه أبو عبد الله. سمع أبا الوليد الباجي، وأجاز له رزق الله التَّميمي وغيره من بغداد.
روى عنه ابن بشكوال في "معجمه".(11/300)
361 - أحمد بن عبد الملك بن موسى بن المظفر، القاضي أبو نصر الأشروسني، المعروف بكاك. [المتوفى: 519 هـ]
مِن علماء ما وراء النَّهر، وُلِد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وحدث عن العلّامة محمود بْن حسن القاضي، فسمع منه " المصنّف ".
وفاته في ربيع الأوّل.(11/300)
362 - أحمد بْن عمر، الشيخ أبو بكر الحلاوي القطائفي. [المتوفى: 519 هـ]
حدث عن أبي محمد الجوهري، وسماعه صحيح، مات في رمضان.(11/300)
363 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن إبراهيم، أبو البقاء البغداديّ الملحيّ، المقرئ المؤدِّب. [المتوفى: 519 هـ]
قرأ بالروايات عَلَى: أَبِي بَكْر محمد بْن عليّ بْن موسى الخيّاط، وأبي الخطّاب بن الجرّاح، وسمع مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وأبي محمد الصَّريْفينيّ، روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، وغيره.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وما أعلم أحدًا قرأ عليه.(11/300)
364 - إسماعيل بن نصر المقرئ الطوسي الصوفي ثم الدمشقي. [المتوفى: 519 هـ]
ولد سنة ثلاث وثلاثين، وسمع أباه نصر بن أبي نصر، والقاضي عبد الله [ص:301] ابن علي بن أبي عقيل، ومشرف ابن المزجى المقدسي، ولقن بجامع دمشق، حدث وأجاز لابن عساكر، وتوفي في المحرم، وتوفي أبوه بصور في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.(11/300)
365 - الحَسَن بْن الحُسَيْن ألْب رسلان، الحافظ الإمام أبو عليّ. [المتوفى: 519 هـ]
روى عَنْ: إِسْحَاق بْن أبي نصر، روى عَنْهُ: عُمَر النَّسَفيّ في كتاب " القنْد "، وقال: تُوُفّي في تاسع عشر ربيع الآخر، وهو ابن مائة سنة وتسع وثلاثين سنة، وخرجت الحَيّات مِن المقبرة الّتي دُفن فيها بسمرقند.(11/301)
366 - الحسن بْن هبة الله بْن عَبْد الله بْن الحسين، أبو محمد الدِّمشقيُّ المعدَّل، [المتوفى: 519 هـ]
والد الحافظ أبي القاسم ابن عساكر.
صحب الفقيه نصر بن إبراهيم، وسمع منه "صحيح البخاري" عن ابن السِّمسار عن أبي زيد المروزي. وأجاز له الحافظ أبو الفضل بن خيرون.
روى عنه ابنه، وقال: ولد سنة ستين وأربعمائة، وتوفي في رمضان.(11/301)
367 - الحسين بن أحمد بن علي البغداديُّ المجلِّد. [المتوفى: 519 هـ]
صالح، خير، سمع أبا محمد الجوهري، وأبا يعلى ابن الفرَّاء. وعنه المبارك بن كامل، والصائن ابن عساكر. وتوفي في ربيع الآخر، وله تسعون سنة.(11/301)
368 - خلف بن خلَف بن محمد بن سعيد بن إسماعيل، أبو القاسم الأنصاريُّ السَّرقسطيُّ، المعروف بابن الأنقر الفقيه. [المتوفى: 519 هـ]
روى عن أبي عبد الله ابن الفرَّاء الجيَّاني، وأبي عبد الله بن سماعة صاحب "الأحكام"، ومحمد بن يحيى بن قورتش الفقيه، وصحبه ثمانية عشر عاماً. وأخذ العربية عن أبي عبد الله بن ميمون الحسيني. وذكر بعضهم أن له رواية عن أَبِي عُمَر بْن عَبْد البرِّ.
وكان من أهل الفقه والحديث؛ مقدَّمًا في الحفظ، صدراً في الفتوى، نزل بلنسية، وروى بها، وأفتى، ولم تُخرج بلدُهُ مثلهُ ومثل أبي زيد بن منتيال. وكان ابن الأنقر موصوفاً بالصَّلابة في الدِّين. [ص:302]
روى عنه أبو مروان ابن الصَّيقل، وأبو بكر بن نمارة، وأيوب بن نوح الغافقي، وآخرون.
ولد بسرقُسْطة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في سلخ شوال.(11/301)
369 - سليمان بن محمد بن عبد الله بن أبي داود، أبو عليّ الفارسيُّ ثم المصريُّ، ويعرف بالحكيم. [المتوفى: 519 هـ]
أجاز له عبد العزيز ابن الضَّرَّاب، وسمع من الحبَّال. روى عنه السِّلفي، وتوفي في هذه السَّنة.(11/302)
370 - عبد الوهَّاب بن إسماعيل، أبو الحسن ابن العُصْفريِّ، [المتوفى: 519 هـ]
الوكيل على أبواب القضاة.
سمع الصَّريفيني. وعنه أبو المُعَمَّر المبارك، ويحيى بن بَوْشِ.(11/302)
371 - علي بن إبرهيم بْن عُمَر، أبو الحسن النّاتليّ، الحلبيّ، التّاجر. [المتوفى: 519 هـ]
سمع بنيسابور مِن: موسى بْن عِمران، ومحمد بْن إسماعيل التّفْلِيسيّ، وأبي بَكْر بْن خَلَف، وكان يفهم ويعرف، سَمِعَ منه ابن ناصر، وحدَّث عَنْهُ: أبو محمد ابن الخشّاب، ويحيى بْن بوش، وكان مولده بحلب، وعاش سبعين سنة.(11/302)
372 - عليّ بْن الحُسَيْن بْن عمر، أبو الحسن ابن الفرّاء المَوْصِليّ، ثمّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 519 هـ]
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: مِن ثقات الرُّواة، وأكثر شيوخنا بمصر سماعًا، ومن شيوخه: عبد العزيز ابن الضّرّاب أخذ عَنْهُ المجالسة، وعبد الباقي بْن فارس، وأبو زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ، وابن المَحَامِليّ، وأبو إبراهيم أحمد بْن القاسم بْن ميمون العَلَويّ، ومحمد بْن مكّيّ الأزْديّ، وكريمة المروزية بمكة، وابن الغراء بالقدس، وأصوله أُصول أهل الصّدْق، وقد انتخبت مِن أجزائه مائة جزء، وقال لي: وُلِدتّ في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة [ص:303] في أوّل يوم منها، وتُوُفّي في ربيع الآخر، وروى عَنْهُ: أبو القاسم البُوصيريّ، وبالإجازة أبو عَبْد الله الأرتاحي.(11/302)
373 - عليّ بن عبد الجبار بن سلامة بن عيذون، أبو الحسن الهُذليُّ التُّونسيُّ اللغويُّ. [المتوفى: 519 هـ]
ولد بتونس يوم الأضحى سنة ثمان وعشرين، وكان علاَّمة عصره في اللغة، لقي ابن رشيق الشَّاعر، ورأى ابن البرِّ فترك الأخذ عنه تديناً لما كان عليه ابن البرِّ من التَّبدُّد، وأخذ عن أبي القاسم ابن القطَّاع.
روى عنه السِّلفي؛ لقيه بالإسكندرية، ووصفه بإتقان اللُّغة، وأنَّ له قصيدة أحد عشر ألف بيت على قافية واحدة في الرَّد على المرتد البغدادي لعنه الله، توفي في أواخر ذي الحجة وله نيِّف وتسعون سنة.
قال السِّلفي: كان بحيث لو قيل: لم يكن في زمانه ألغى منه لما استُبْعِدَ. وله إليَّ قصائد أجبته عنها، وقال لي: رأيتُ أبا عليّ الحسن بن رشيق القيروانيَّ بمازر وأنشدني من شعره، ولم أر قط أحفظ للغة والعربية من أبي القاسم ابن القطَّاع الصِّقلِّي، فقرأتُ عليه كثيراً.(11/303)
374 - عليّ بْن القاسم بن محمد، أبو الحسن التّميميّ، المغربيّ، القُسَنْطينيّ الأَشْعريّ المتكلّم. [المتوفى: 519 هـ]
سَمِعَ بدمشق " الْبُخَارِيّ " مِن الفقيه نصر المقدسيّ، وأخذ الكلام عَنْ أَبِي عَبْد الله محمد بْن عتيق القَيْروانيّ، ورحل إلى العراق، وله تصنيف سمّاه " تنزيه الإلهية وكشف فضائح المشبهة الحشوية "، خرج فيه من قشوره.
قَالَ ابن عساكر: وكَانَ يُذكر عَنْهُ أنه يعمل كيمياء الفِضَّة، تُوُفّي بدمشق.(11/303)
375 - عليّ بْن أَبِي القاسم محمود بن محمد، النَّصْراباذيّ النَّيْسابوريّ أبو الحَسَن، [المتوفى: 519 هـ]
المتفنّن في العلوم.
أنفق عمره وماله عَلَى العِلْم، وحدَّث عَنْ: أبي صالح المؤذن، وجماعة، وكان مكثرًا بمرَّة، تُوُفّي في نصف شَعْبان، وسمع أيضًا مِن: عليّ بْن محمد الدّيَنَوريّ نزيل غَزْنَة، وأبي الحَسَن الواحدي، وطائفة.
أجاز للسمعاني.(11/304)
376 - المأمون، أبو عبد الله ابن البطائحي، [المتوفى: 519 هـ]
وزير الديار المصريَّة.
وُلّي الممالك بعد قَتْلِ الأفضل أمير الجيوش سنة ستٌّ عشرة، وكان أَبُوهُ مِن جواسيس أمير الجيوش بالعراق، فمات ولم يخلف شيئًا، ورُبّي محمد هذا يتيمًا، فاتّصل بإنسان يعرف النبات بمصر، ثمّ صار حمّالًا بالسّوق، فدخل مَعَ الحمّالين إلى دار الأفضل مرةً بعد أخرى، فرآه الأفضل شابًا خفيفا، حُلْو الحركات، فأعجبه، فسأل عَنْهُ، فقيل: هُوَ ابن فُلان، فاستخدمه مَعَ الفرّاشين، ثُمَّ تقدَّم عنده، وترقت حاله، وكان آخر أمره أنه عمل عَلَى قَتْلِ الأفضل، ووُلّي منصبه.
وكان كريمًا، شهمًا، مقدامًا سفّاكًا للدّماء، وفي الآخر راسَلَ أخا الآمر ومالأه على قتل الآمر ويجعله خليفة، فأحس الآمر بذلك، فأمسكه، ثمّ صلبه.(11/304)
377 - محمد بْن أحمد بن عمَّار، أبو عبد الله التُّجيبيُّ الأندلسيُّ. [المتوفى: 519 هـ]
من أهل لاردة، رحل إلى بلنسية إثر استرجاعها من الرُّوم في سنة خمس وتسعين، وهو ابن ثمان عشرة سنة فأدرك أبا داود المقرئ، وأخذ عنه القراءات في ختمة واحدة للسَّبعة، وقرأ عليه "جامع البيان" وغيره. أقرأ بلاردة وبمرسية، وولي خطابة أوريولة، وأقرأ بها إلى أن توفي في رمضان.
أخذ عنه زياد ابن الصَّقار القراءات والعربية، وأخذ عنه أبو القاسم بن فتحون وأبو عبد الله بن مُعْطٍ. [ص:305]
قال ابن عيَّاد: كان مشاركاً في عدَّة علوم، صنَّف كتاباً في معاني القراءات.(11/304)
378 - محمد بن طاهر بن عليّ، أبو عبد الله النَّحويُّ الأنصاريُّ الدَّانيُّ. [المتوفى: 519 هـ]
قدم دمشق، وأقرأ بها النَّحْو مدَّةً، وكان متوسوساً في الطَّهارة فقيل: إنه كان يبقى أياماً لا يُصلِّي لأنَّه لا يتهيأ له ما يتوضأ به، وكان يتوضأ من ثورا من بعد المنيقبة لأجل السِّقاية التي للرَّبوة. ثم خرج إلى بغداد. سمع من أبي داود المقرئ، وغيره؛ ورَّخه ابن عساكر.(11/305)
379 - محمد بْن عَبْد الله بْن حسين، أبو عَبْد الله بْن حسّون الكلبيّ المالقيّ، [المتوفى: 519 هـ]
قاضي مالقة وابن قاضيها.
وكان فصيحًا بليغًا، ماضي الأحكام، وولي قضاء مالقة.(11/305)
380 - محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى بْن عِياض، أبو عَبْد الله المخزومي الشاطبي المقرئ المنتشي، [المتوفى: 519 هـ]
من قرية المنتشية.
أخذ القراءات عن أبي داود، وابن الدش، وابن شفيع، وأبي القاسم ابن النّحّاس، ومنصور بْن الخير، وجماعة، وسمع مِن ابن سُكَّرَة، وجماعة.
وتصدّر للإقراء بشاطبة، فأخذ عَنْهُ النّاس، وكان إمامًا في التفسير، مُقَدَّمًا في البلاغة، مشاركًا في أشياء، وكان يفسّر كلّ جمعة، روى عَنْهُ أبو عَبْد الله المكناسي، وتوفي وهو كهل.(11/305)
381 - محمد بن عبد الصمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه، أبو بكر. [المتوفى: 519 هـ]
أقام بسمرقند، وحدَّث بها، وتوفي بها. روى عنه عمر بن محمد [ص:306] النَّسفي؛ قال: أخبرنا الخاقان الملك أبو شجاع محمد بن يوسف سنة تسع وأربعين، قال: حدثنا أبو الوفاء عبد الرحيم بن علي البلخي.(11/305)
382 - محمد بن علي بن محمد بن علي ابن الدَّامغانيِّ، تاج القضاة أبو عبد الله [المتوفى: 519 هـ]
ابن قاضي القضاة أبي الحسن.
ناب في بغداد عن والده، ورُشِّح بعده لقضاء القضاة، ونُفِّذ رسولاً إلى سلطان ما وراء النَّهر الخان محمد بن سليمان بن داود بن إبراهيم، فمات هناك شابًّا، وجاء الخبر بموته في أواخر رمضان وقد توفي من مدة، فقيل: توفي سنة ست عشرة.(11/306)
383 - محمد بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب، أبو الحسن القيسي البلنسي، قاضي بلنسية. [المتوفى: 519 هـ]
روى عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ وأكثر عَنْهُ، وعن أَبِي الوليد الباجيّ، وأبي اللَّيْثُ السَّمَرْقَنْديّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كتب إلينا بمرويّاته، وكان محببًا إلى أهل بلده، رفيقًا بهم، عفيفًا، تُوُفّي في ذي الحجة، وله اثنتان وسبعون سنة.(11/306)
384 - منصور بن علي. [المتوفى: 519 هـ]
روى عَنْهُ العثماني بالإسكندرية، ورخه ابن المفضل.(11/306)
385 - هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي بْن أَحْمَد، أبو البركات ابن البخاريِّ، يعني المبخر. [المتوفى: 519 هـ]
أحد عدول بغداد، سمع أبا علي ابن المذهب، وأبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم التَّنوخي، وأبا الحسن الباقلاني، والعُشاري والجوهري. روى عنه عبد الجبار بن هبة الله البُنْدار، ويحيى بن بَوْش والصَّائن ابن عساكر، وجماعة.
وكان مولده في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ببغداد، وتوفي في ثاني عشري رجب. وكان صحيح السَّماع.(11/306)
386 - يحيى بن محمد، أبو بكر السَّرقسطيُّ، المعروف باللُّبانيِّ. [المتوفى: 519 هـ][ص:307]
أخذ عن أبي الوليد الوقشي، وتَلْمَذَ لأبي الحسن بن أفلح النَّحوي. وبرع في اللُّغة. والعربية. أقرأ بمرسية، أخذ عنه أبو عبد الله بن سعادة، وأبو علي بن غريب، وطائفة.
بقي إلى هذا الوقت.(11/306)
-سنة عشرين وخمسمائة(11/308)
387 - أحمد بن حمزة بن أحمد، أبو غانم ابن القزوينيِّ، الأصبهانيُّ. [المتوفى: 520 هـ]
روى عن أبي الطيب بن شمَّة. وعنه أبو موسى المَدِينيّ.
تُوُفّي في ربيع الأول.(11/308)
388 - أحمد بن طاهر بن عيسى، أبو العباس الأنصاريُّ الدَّانيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
أخو محمد.
روى عن أبي داود المقرئ، وأبي عليّ الغسَّاني. وصنَّف، وعُني بالحديث، وحصَّل، وولي الشورى بدانية، وامتنع من القضاء.
توفي نحو العشرين.(11/308)
389 - أحمد بن عبد الله بْن أحمد بْن عبد الله بن طريف بن سعد، أبو الوليد القرطبيُّ. [المتوفى: 520 هـ]
روى عن القاضي سراج، وأبي عمر ابن القطَّان، وأبي عبد الله محمد بن عتَّاب، وأبي عمر ابن الحذَّاء، وحاتم بن محمد، وأبي مروان الطُّبني، والقاضي أبي بكر محمد بن أحمد بن منظور؛ سمع منه "الموطأ"، وجماعة فيهم كثرة. وأجاز له أبو محمد عبد الله بن الوليد الأندلسي نزيل مصر، وأبو عمر بن عبد البر.
وكان شيخاً سريًّا، نبيلاً، نحويًّا، بليغاً، لغويًّا، كاتباً، محدثاً، كثير السَّماع، ولم تكن له أصول. وكان حسن الأخلاق كامل العقل، برًّا بإخوانه، ذا مروءة.
ترجمه ابن بشكوال، وقال: سمعت معظم ما عنده، وتوفي في سلخ صفر، وولد يوم النَّحر سنة اثنتين وثلاثين.
وروى عنه أيضاً الحافظ أبو الوليد ابن الدَّباغ.(11/308)
390 - أحمد بْن عبد الباقي بْن أحمد بْن بشر، أبو غالب الكرخيُّ العطَّار. [المتوفى: 520 هـ]
قال ابن النَّجار: سَمِعَ أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الجوهري، وعبد الملك بن محمد العطَّار. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو العلاء محمد بن جعفر بن عقيل.
قال أبو المُعَمَّر: كان يشرب إلى أن مات، يعني الخمر.
وقال أحمد بن صالح الجيلي: مات في جمادى الأولى.
قلت: عاش بضعاً وثمانين سنة.(11/309)
391 - أحمد بن عبد السَّلام بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد، أَبُو عَبْد اللَّه بن أبي الطلائع الطُّوسيُّ المدينيُّ ثم النَّيسابوريُّ الصُّوفيُّ. [المتوفى: 520 هـ]
سمع أبا عثمان الحيري وغيره، وحدَّث ببغداد؛ روى عنه أبو جعفر السَّاوي وغيره.
قال ابن النَّجار: كان يخدم في خانكاه الشَّيخ أبي عبد الرحمن السُّلمي، كنيته أبو عبد الله. سمع أبا سعد الكنجروذي، وأبا يعلى الصَّابوني، وجماعة. سمع منه ابن ناصر ببغداد، والسِّلفي.(11/309)
392 - أحمد بن علي بن غزلون، أبو جعفر الأُمَويّ الأندلسي. [المتوفى: 520 هـ]
روي عَنْ: أَبِي الوليد الباجيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: وهو معدود في كبار أصحابه، وكان من أهل الحفظ والمعرفة والذكاء، أخذ عنه أصحابنا، وتوفي بالعدوة في نحو العشرين وخمسمائة، وقيل: توفي سنة أربع وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين.(11/309)
393 - أحمد بن عمر النهاوندي ثم البغدادي، أبو بكر القطائفي. [المتوفى: 520 هـ]
قال المبارك بن كامل: توفي في رمضان، حدثنا عن أبي محمد الجوهري.(11/309)
394 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسي بن منظور، أبو القاسم القيسي الإشبيلي، [المتوفى: 520 هـ]
قاضي إشبيلية.
روي عَنْ: أبيه، وابن عم أَبِيهِ أَبِي عَبْد الله محمد بْن أحمد، واستقضى ببلده مدَّة طويلة.
أخذ عَنْهُ ابن بَشْكُوال، وعاش أربعًا وثمانين سنة، والصّواب في جدّهم محمد بدل عيسى، حرره ابن رشيد.(11/310)
395 - أحمد بن محمد بن أبي زرعة زكريا بن عبد الواحد، القاضي أبو زُرعة الأصبهانيُّ المعدَّل، [المتوفى: 520 هـ]
خطيب جامع جورجير.
مات في شوَّال. روى عن أحمد بن الفضل الباطرقاني. وعنه أبو موسى المديني.(11/310)
396 - أحمد بن محمد بن عليّ، أبو العباس الرَّازيُّ الصُّوفيُّ الخيَّاط. [المتوفى: 520 هـ]
روى عن سعيد العيَّار. وعنه أبو موسى، وقال: تُوفي في جُمادى الآخرة.(11/310)
397 - أحمد بن محمد بن محمد، الواعظ أبو الفتوح الغزَّاليُّ، [المتوفى: 520 هـ]
أخو الإمام أبي حامد الغزَّالي، الطُّوسيُّ.
كان صوفيًّا متزهِّدًا، ثم وعظ فكان بليغاً مفوَّهاً قادراً على ما يورده، ظهر له القبول التَّام، وكان يحضره خلائق، وقد جمع صاعد اللَّبَّان من مجالس وعظه مجلَّدين، وقد ناب عن أخيه بتدريس النِّظامية.
وعظ في دار السلطان محمود فأعطاه ألف دينار، فلما خرج رأى فرس الوزير فركبه، فأخبروا الوزير فقال: دعوه، ولا يُعاد إليَّ الفرس؛ حكى ذلك ابن الجوزي في "المنتظم"، وقال: خرج يوماً إلى ناعورة فسمعها تئن فرمى طيلسانه عليها، فتمزق قطعاً. وكانت له نكت، إلا أن الغالب على كلامه التَّخليط ورواية الموضوعات والحكايات الفارغة والمعاني الفاسدة، من ذلك أنه قال: نزل إسرافيل بمفاتيح الكنوز عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل، فاصفر [ص:311] وجه جِبْرِيلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا إسرافيل، هل نَقَصَ مما عنده شيء؟ قال: لا. قال: ما لا ينقص الواهب ما أريده.
وقال: دخل يهودي على الشيخ أبي سعيد، فقال: أريد أن أُسْلِم. قال له: لا تُرِدْ. فقال النَّاس: يا شيخ تمنعه الإسلام؟ فقال له: تريد بلا بد؟ قال: نعم. قال: برئت من نفسك ومالك؟ قال: نعم. قال: هذا الإسلام عندي، احملوه إلى الشَّيخ أبي حامد حتى يعلِّمه لألأ المنافقين، يعني: لا إله إلا الله. ثم قال أحمد الغزَّالي: إنَّ الذي يقول: لا إله إلا الله غير مقبول، ظنوا أنَّ لا إله إلا الله منشور ولايته، ذا منشور عَزْله.
قال: وحكى عنه القاضي أبو يعلى ابن الفرَّاء، يعني الصغير، أنه صعد يوماً، فقال: يا معشر المسلمين، كنت دائماً أدعو إلى الله، وأنا اليوم أحذركم منه، والله ما شُدَّت الزَّنانير إلا من حُبَّه، ولا أُدِّيت الجزية إلا في عشقه.
وقال محمد بن طاهر المقدسي: كان أحمد الغزَّالي آية في الكذب، يتوصل إلى الدُّنيا بالوعظ، سمعته بهمذان يقول: رأيت إبليس في وسط هذا الرِّباط يسجد لي. قال ابن طاهر: فقلت: ويحك إنَّ الله أمره بالسجود لآدم فأبى، فقال: والله لقد سجد أكثر من سبعين مرة، فعلمت أنه لا يرجع إلى دين.
قال: وكان يزعم أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في اليقظة، ويذكر على المنبر أنه كلَّما أشكل عليه أمر سأل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فدله على الصواب. قال: وسمعته يوماً يحكي حكاية، فلما نزل سألته عنها، فقال: أنا وضعتها.
وقال ابن الجوزي: كان أيضاً يتعصَّب لإبليس ويعذره حتى قال يوماً: لم يدر ذلك المسكين أن أظافير القضاء إذا حكَّت أدْمَت، وقسي القدر إذا رمَت أصمت. وحضر يوسف بن أيوب الهمذاني مجلسه فقال: مدد كلام هذا شيطاني لا ربَّاني، ذهب دينه والدُّنيا لا تبقى له. [ص:312]
قال ابن الجوزي: ثم شاع عنه أنه يقول بالشاهد وينظر إلى المُرد ويجالسهم، وكان له مملوك تركي.
وقال أبو سعد السَّمعاني: كان مليح الوعظ، حلو الكلام، حسن المنظر، قادراً على التَّصرُّف، اجتهد في شبيبته بطوس غاية الاجتهاد، واختار الخلوة، ثم خدم الصُّوفية بنفسه.
وقال غيره: إنه درَّس بالنِّظامية ببغداد نيابة عن أخيه.
ومن شعره:
أَنَا صبٌّ مُسْتهامُ ... وهمومٌ لي عظامُ
طال ليلي دون صُحبي ... سهرتْ عينيّ وناموا
بي غليلٌ وعليل ... وغريم وغرامُ
ففؤادي لحبيبي ... ودمي لَيْسَ حرامُ
ثمّ عِرضي لعَذُولي ... أمّة العشق كرام
قال ابن الجوزي وابن خلِّكان: توفي بقزوين سنة عشرين. وقد ذكره ابن الصَّلاح في "طبقات الشَّافعية" فقال: كان يلقب بلقب أخيه حجة الإسلام زين الدِّين، كان أحد فرسان المذكِّرين، رأيت من وعظه أربع مجلَّدات، فإذا هي مشتملة على شقاشق الوعَّاظ وحرفهم وجسارات متأخري الصُّوفية وعسفهم. وكان عنده مخاشنة في كلامه لاسيما في أجوبته، وكان يقول: الفقهاء أعداء أرباب المعاني، ينصر بقوله هذا كلَّ ما يدعيه من علوم القلوب، وأنها تطالع بصفائها أحكام الغيوب. وكان المقدسي العثماني ببغداد ينكر كلامه ويلوِّح هو بالطَّعن في العثماني وأنه غير عارف بكلامه، وأنه واقف مع صورة الكلام، ولم يصل بعد إلى حقائق المعاني.
ومن كلامه: الأسرار مصونة بإنكار الأغيار. وقال: إنكار الأغيار سور على أسرار الأبرار، والأسرار مقبورة في قلوب الأحرار إلا في وقت من [ص:313] الأوقات عتت عن أمر ربِّها فإذا رجع النَّظر إلى المصالح {وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي}.
قال: وطلب يوماً في المجلس مالاً يقضي دينه فما أعطوه شيئاً وطالت عليه الأيام، وذكر محمد بن طاهر أنه سمعه يقول: لا أحتاج إلى الحديث، مهما قلت سُمِعَ مني!
ومن كلامه: يا هذا تكلَّفت ما ليس إليك، طُلِبَ منك ما لم تُعْطِه، فإن رأيت نفسك مجبورة على فعل ما لا يُرْضَى فارض أنت بما يُفعل، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
وله من هذا النمط مؤلفات.(11/310)
398 - إِسْحَاق بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، أبو القاسم النَّيْسابوريّ الشّجاعيّ الجميليّ، الشّاعر المشهور الشُّرُوطيّ. [المتوفى: 520 هـ]
كَانَ كثير الفنون، شاعرًا مفلقًا، مجودًا في فنون الشّعر، كثير القول، سَمِعَ: عُمَر بْن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وأبا عثمان الصابوني، والطبقة، وعقد مجلس الإملاء، وأملى مدة حتى عجز وضعف وكان يختم أماليه بأشعاره الرائقة، وحسُنَت سريرته وتوبته في آخر أيّامه، وكان ذا تجمَّل وحشمة.
توفي في جمادى الآخرة، وعاش أربعا وثمانين سنة، روى عَنْهُ: أبو سَعْد السّمعانيّ بالإجازة.(11/313)
399 - إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بْن مُكْرَم، أبو القاسم الصَّيْدلانيّ النَّيْسابوريّ العطّار. [المتوفى: 520 هـ]
كَانَ والده أبو حامد محدّث عصره، وُلِد أبو القاسم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وسمع: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور، وعبد الله بْن يوسف الْجُوَيْنيّ، أجاز للسمعاني.(11/313)
400 - آقسُنْقُر، سيف الدين قسيم الدولة أبو سعيد البُرْسُقيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
مولى الأمير بُرْسُق غلام السُّلطان طغرلبك. [ص:314]
ترقت به الحال إلى أن ولاه السُّلطان محمود بن محمد إمرة المَوْصل والرَّحْبة، ثم ولاَّه شحنكية بغداد إلى أن عُزِلَ عنها في سنة ثمان عشرة، وسار إلى الموصل، فكاتبه الحلبيون إلى حلب لما حصرهم الفرنج، فسار إليهم وترحَّل الفرنج عنها فملكها في ذي الحجة من السنة. وكان بلك بن بهرام بن أرتق قد قتل بمنبج فتملك ابن عمِّه تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق. وكان بغدوين ملك الفرنج أسيراً في يد بلك فاشترى نفسه من تمرتاش وهادنَهُ واتفق موت والده شمس الدولة إيلغازي صاحب ماردين، فتوجه ابنه إليها، واشتغل بملكها، فغدر بغدوين واتفق مع دُبيس بن صدقة وإبراهيم بن رضوان بن تتش فنازلوا حلب وطال الحصار حتى أكلوا الجيف ووقع فيهم الوباء بحلب وهم مع ذلك ثابتو الجأش في القتال، فأغاثهم الله بقسيم الدولة؛ وذلك أن أهل حلب اتفقوا وأخرجوا في اللَّيل قاضيهم أبا غانم والشريف زُهْرة وابن الحلِّي إلى تمرتاش صاحب حلب وهو بماردين، فلما أصبح الصَّباح صاح الفرنج: أين قاضيكم أين شريفكم، فما شكَّ النَّاس أنهم قد أُسروا. فوصل منهم كتاب بأنهم فاتوا الفرنج فقدموا على حسام الدين تمرتاش، فأخذ يماطلهم ويسوفهم إلى أن قال مرة: خلُّوهم إذا أخذوا حلب عُدتُ وأخذتُها، فقلنا: لا تفعل ولا تسلم المسلمين إلى عدوهم. فقال: كيف أقدر على لقائهم؟ فقال القاضي أبو غانم: وأيش هم حتى لا تقدر عليهم. ثم لما خاف أن ننفصل عنه إلى غيره رسم علينا من يحفظنا، فأعملنا الحيلة في الهرب إلى الموصل إلى آقسنقر، فتحدثنا مع من يُهَرِّبُنَا وكان للمنزل الذي نحن فيه باب يصرُّ عظيماً إذا فُتِحَ فطرحنا فيه زيتاً وواعدنا الغِلْمان أن يأتونا بالدَّواب، وكان الثَّلج كثيراً. قال أبو غانم: فنام الموكلون بنا، وجاء الغلمان إلا غلامي ياقوت، فأخبروا أن قيد الدابة تعسر عليه، فضاقت صدورنا، فقلت لأصحابي: امضوا أنتم ولا تنتظروني. ثم جاءني ياقوت بالدَّابة سحَرًا، فركبت ولا أعرف الطريق، ثم قصدت الجهة، فلما طلع الضَّوء إذا أنا وأصحابي في مكان واحد، وكانوا قد ضلُّوا عن الطَّريق، فصلينا الصُّبح وسُقنا، فجئنا فإذا البُرْسقي مريض، وقد تماثل ولكنه ضعيف، فطلبنا منه أن يغيث المسلمين وذكرنا له ما حلَّ بهم من الحصار والضِّيق والقلّة، فقال: كيف لي بالوصول إليهم وأنا هكذا؟ فقلنا: يجعل المولى في نيَّته وعزمه إن خلَّصه الله أن ينصرهم. فقال: إي، والله، ثم [ص:315] رفع رأسه إلى السَّماء وقال: اللهم إني أشهدك إن عوفيت لأنصرنَّهم. قال: ففارقته الحُمَّى بعد ثلاث، فنادى في عسكره: الغزاة، وبرَّز خيمته، ثم توجَّه بعساكره، فلما أشرف على حلب رحل الفرنج عنها، وتأخروا إلى جبل جوشن، فقاربها وخرج أهلها إلى لقائه فقصد نحو الفرنج بعسكره وبأهل البلد، فانهزم الفرنج، فسار وراءهم حتى أبعدوا، ورجع ودخل البلد، ورتَّبه وجلب إليه الغلال، وكان ذلك في آذار، فجعل الناس يبلُّون الحنطة والشَّعير بالماء ويزرعونها، وجاء مغل صالح. وترك ولده عز الدين مسعوداً بها، وعاد إلى الموصل، فقتلته الإسماعيلية بالجامع يوم الجُمُعة، ثار عليه عشرة فقتل بيده منهم ثلاثة وقُتِل، ولم يفلت منهم سوى رجل، وذلك في تاسع ذي القعدة من سنة عشرين. وقيل: إنهم كانوا بزي الصُّوفية، وكان قد تصدى لإبادة الإسماعيلية والباطنية، وقَتَلَ منهم جماعة كثيرة.
قال القاضي بهاء الدين بن شدَّاد: كان البرسقي دينا، عادلاً، حسن الأخلاق، يؤثر عنه أنه قال لقاضيه: أريد أن تساوي بين الرَّفيع والوضيع في مجلس الحُكم، فقال: كيف لي بذلك؟ فقال: الطريق في هذا أن ترتاد لي خصماً وتدعوني إلى مجلس الحكم، فإذا حضرت إليك تلتزم معي ما تلتزمه مع خصمي. ثم قال لزوجته الخاتون: وكِّلي وكيلاً يطالبني بصداقك، فوكلت رجلاً، فمضى إلى مجلس الحكم، وقال: لي خصومة مع قسيم الدولة وأطلب حضوره إلى مجلسك. فسيَّر بطلبه، فحضر إلى الحكم، فلم يقم له القاضي، وساوى بينه وبين الوكيل، فادَّعى عليه، فاعترف، فأمره القاضي بدفع المال، فقام ودفع إليه من خزانته. ثم إنه أمر القاضي أن يتخذ مسماراً على باب داره نقشه "أجب داعي الله" وأن يختم عليه بشمعه، فمن كان له خصم حضر وختم بشمعه على ذلك المسمار ومضى إلى خصمه بها كائناً مَنْ كان، فلا يجسر أن يتخلَّف، فرحمه الله تعالى. وولي بعده ابنه عز الدين مسعود فلم يسن.(11/313)
401 - بهرام بْن بهرام بْن فارس، أبو شجاع البغدادي البيع. [المتوفى: 520 هـ][ص:316]
أحد الرُّؤساء والمتموّلين، وُلِد في المحرَّم سنة ثلاثين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم التّنُوخيّ، وأبا محمد الجوهري، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: صَلُح أمرُه في آخره عمره، وحسُنَت طريقته، وكان لَهُ معروف كثير وصدقة جارية.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: كَانَ سماعه صحيحًا، وكان كريمًا، بنى مدرسة للحنابلة بكلْوَاذا ودُفِن فيها، ووقف قطعة مِن أملاكه عَلَى الفقهاء، وتُوُفّي في سادس عشر محرم.(11/315)
402 - جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن متّ الأنصاريّ، شيخ هَرَاة، أبو عطيَّة [المتوفى: 520 هـ]
ابن شيخ الإسلام أَبِي إسماعيل.
كَانَ زاهدًا صلفًا، تامّ المروءة، ذا هيبة وجلالة، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وسمع الكثير مِن أصحاب عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي شُرَيح، وغيرهم، وكان قليل العِلْم، وكان يعِظ ويزدحمون عَلَيْهِ، سَمِعَ: أبا عُمَر المليحيّ، ومحلم بْن إسماعيل الضّبّيّ، ومحمد بْن عَبْد العزيز الفارسيّ، روى عَنْهُ طائفة.
ومات في غرة ذي القعدة.(11/316)
403 - جعفر بن محمد بن عبيد الحوفيُّ. [المتوفى: 520 هـ]
شيخ صالح معمَّر، قال السَّلفي: يروي عن سبط عبد الكريم بن أبي جدار، وعبد العزيز ابن الضَّرَّاب، وغيرهما. وتوفي بمصر في صفر، وحدَّثني أنَّ مولده في سنة سبع وعشرين وأربعمائة.(11/316)
404 - الحسن بن أحمد بن أميرك بن يحيى، أبو أحمد النَّيسابوريُّ الكاتب. [المتوفى: 520 هـ]
حدَّث عن ابن مسرور، وعبد الغافر، وأبي عثمان الصَّابوني، وجماعة.
توفي في ربيع الأول.(11/316)
405 - الخضر بن الفضل، من شيوخ أبي موسى المديني، هو أبو القاسم الأصبهانيُّ الغازي القصَّاب. [المتوفى: 520 هـ]
سمع أبا طاهر بن عبد الرحيم، وعبد الرَّزَّاق بن شمَّة، وسبط بحرويه، وأحمد الباطرقاني. روى عنه أبو موسى، ومحمد بن الحسن الأصفهبذ، وغيرهما.
مات في ربيع الآخر، وله جزء مروي.(11/317)
406 - سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص بن سفيان بن عيسى، أبو بحر الأسديُّ الأندلسيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
نزيل قرطبة، من أهل مُرْبَيْطَر.
روى عن أبي عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري وأكثر عنه، وعن أبي الفتح أبي الليث بن الحسن، وأبي الوليد الباجي، وهشام بن أحمد الكناني واختصَّ به، ومحمد بن سعدون، وأبي داود المقرئ، وغيرهم.
وكان من جلّة العلماء، وكبار الأدباء، ضابطاً لكتبه، صدوقاً في روايته. سمع منه الناس كثيراً؛ قاله ابن بشكوال.
وسمع منه الكثير هو وغيره، وتوفي في جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة.
وقال ابن الدَّبَّاغ: سمع من ابن عبد البر كتاب "الموطأ" رواية يحيى بن يحيى، وكتاب "بهجة المجالس" من تأليفه، وكتاب "الفرائض" له، ولم يجزه.(11/317)
407 - صاعد بْن سيَّار بْن محمد بْن عبد اللَّه بن إبراهيم، أبو العلاء الإسحاقيُّ الهرويُّ الدَّهَّان الحافظ. [المتوفى: 520 هـ]
حجَّ، وحدَّث ببغداد عن أبي سعد عبد الرحمن بن أبي عاصم، وأبي إسماعيل الأنصاري، وأبي عامر الأزدي، وعلي بن فضال المُجاشعي النَّحوي، وعبد الله بن عطاء البغاورداني. وروى "الجامع" للترمذي عن أبي عامر؛ قرأه عليه الحافظ ابن ناصر، وسمعه منه أبو الفرح بن كُلَيْب وغيره.
قال أبو سعد السَّمْعاني: كان حافظاً متقناً، واسع الرِّواية، كتب الكثير، [ص:318] وجمع الأبواب، وعرف الرجال، ولي عنه إجازة؛ روى لنا عنه ابن ناصر، وأبو المعمَّر الأنصاريّ، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل، وجماعة. ومات في ذي القعدة بغورج؛ قرية على باب هراة.
وقال أبو موسى المديني: أخبرنا الحافظ أبو العلاء صاعد بن أبي نصر سيَّار بن أبي إسماعيل محمد بن أبي القاسم عبد الله بن أبي إسحاق إبراهيم الإسحاقيُّ الهروي، قدم علينا أصبهان.(11/317)
408 - صالح بن الفضل بن أبي مسلم الأصبهانيُّ الأبَّاريُّ، أبو مسلم. [المتوفى: 520 هـ]
يروي عن عبد الوهَّاب بن منده. وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في المحرم.(11/318)
409 - طُرْخان بْن محمود الشَّيْبانيّ. [المتوفى: 520 هـ]
أحد الأمراء الكبار بدمشق، وصاحب المدرسة الّتي بجَيْرُون، تُوُفّي في رجب.(11/318)
410 - عبد الله بن أحمد، أبو محمد الهمداني الجياني. [المتوفى: 520 هـ]
أخذ القراءات عن أبي عبد الله ابن الفراء صاحب مكي بن أبي طالب، وجلس للتعليم والإقراء، روى عنه أبو جعفر ابن الباذش.(11/318)
411 - عَبْد الله بْن طاهر بْن محمد بْن كاكو، أبو محمد الصُّوريّ، الواعظ، المعروف بالقاضي ابن زينة، [المتوفى: 520 هـ]
واعظ الأعزية.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ كثير التّطفيل، ذكر لي أنّه سَمِعَ بمصر مِن أبي عَبْد الله القُضاعيّ، وأنّه تفقَّه ببغداد عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشّيرازيّ، وأنّه ولد سنة نيف وثلاثين وأربعمائة، اجتمعتُ بِهِ غير مرَّة.(11/318)
412 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن الحَسَن، أبو القاسم الإصبهانيّ الصَّفّار، [المتوفى: 520 هـ]
أخو أَبِي عليّ الدّقّاق الحافظ.
روى عَنْ: إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، وعنه: أبو موسى، وتُوُفّي في رمضان.(11/318)
413 - عبد الرحمن بن سعيد، أبو الحسن الطلبيري الأندلسي. [المتوفى: 520 هـ][ص:319]
روى عن أبي الوليد مرزوق، وأبي عبد الله المغامي، وتوفي في شوّال.(11/318)
414 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عبد الرحمن، أبو محمد الجزباران. [المتوفى: 520 هـ]
ذكره عَبْد الغافر، فقال: شيخ معروف مِن أبناء المياسير وذوي النّعَم، سَمِعَ الكثير مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي عثمان الصّابونيّ، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، والكَنْجَرُوذيّ، وأبي عثمان البَحيريّ، وأبي بَكْر البَيْهَقيّ، والمتأخرين، تُوُفّي سنة عشرين.
وذكره السّمعانيّ فيمن أجاز لَهُ، وقال فيه: التّميميّ البَيَّع الجيزبارانيّ المعروف بالجيزباران، مات في ربيع الأوّل، سَمِعْتُ مِن ولده محمد الكثير، وأمّا والده فعاش مائة وخمس سنين.(11/319)
415 - عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن عتَّاب بْن محسن، أبو محمد القرطبيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
مسند الأندلس في عصره.
قال ابن بشكوال: هو آخر الشيوخ الجلَّة الأكابر بالأندلس في علوِّ الإسناد، وسعة الرِّواية، سمع معظم ما عند أبيه، وسمع من حاتم بن محمد الطرابلسي. وأجاز له مكي ومحمد بن عبد الله بن عابد، وعبد الله بن سعيد الشّنتجالي، وأبو عمرو السَّفاقسي، وأبو حفص الزَّهراوي، وأبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو عمر ابن الحذَّاء. وجوَّد القراءات بالسبع على عبد الرحمن بن محمد بن شعيب المقرئ. وكان عارفاً بالطُّرق، واقفاً على كثير من التَّفسير والغريب والمعاني، مع حظٍّ وافر من اللغة والعربية، وتفقه عند أبيه، وشُوور في الأحكام بعده بقية عمره. وكان صدراً فيمن يُسْتَفْتَى لسنِّه وتقدُّمه. وكان من أهل الفضل والحَلْم والوقار والتواضع. وجمع كتاباً حفيلاً في الزُّهد [ص:320] والرقائق سمَّاه "شفاء الصُّدور". وكانت الرحلة إليه في وقته، وكان صابراً على القعود للناس، مواظباً على السماع، يجلس لهم النَّهار كلَّه وبين العشاءين. وسمع منه الآباء والأبناء، وسمعت عليه معظم ما عنده، وقال لي: ولدت في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في خامس جمادى الأولى، وله سبع وثمانون سنة.
قلت: وروى عنه الحافظ أبو بَكْر محمد بْن عبد الله بْن الجدّ، وعبد الحق بن عبد الملك بن بونه الغرناطي، وأخوه محمد بن عبد الملك، وأحمد بن عبد الملك بن عميرة الضَّبِّي، وأحمد بن يوسف بن رُشْد، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبادة الأنصاري، ومحمد بن يوسف بن سعاة المرسي، ومحمد بن عرَّاق الغافقي، وعبد الله بن خلف الفهري، وخلق.(11/319)
416 - عَبْد العظيم بْن سَعِيد اليَحْصُبي، الدّانيّ، المقرئ أبو محمد. [المتوفى: 520 هـ]
روى عَنْ: أَبِي سهل المقرئ، وأبي الوليد الباجي، وأبي الحسن ابن الخشاب، وأبي القاسم الطليطلي، وأقرأ الناس بدانية، وتوفي في نحو العشرين وخمسمائة.(11/320)
417 - علي بن محمد بن دري، أبو الحسن الطليطلي الغرناطي، [المتوفى: 520 هـ]
خطيب غرناطة.
روى عَنْ: أَبِي عَبْد الله المَغَامِيّ، وأبي الوليد الوقْشيّ، وأبي المطّرف ابن سَلَمَةَ، وجماعة.
وكان مقرئًا، فاضلًا، ضابطًا، عارفًا، أخذ الناس عنه، توفي في رمضان.(11/320)
418 - عمر بن عبد الرحيم، أبو حفص النيسابوري اللبيكي المقرئ. [المتوفى: 520 هـ]
سمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، مات في جُمادى الآخرة وله ثمانون سنة وأشهر. أجاز للسمعاني.(11/320)
419 - عُمَر بْن محمود بْن غَلّاب، أبو حفص الإفريقيّ الباجيّ، [المتوفى: 520 هـ]
باجة إفريقيَّة، لَا باجة الأندلس.
تُوُفّي في صَفَر، وله ستٌّ وثمانون سنة.
قَالَ السّلَفيّ: علّقت عَنْهُ حكايات عَنْ شيوخه الذين صحبهم، كعبد الحق بن محمد السبتي، وعبد الجليل بن مخلوف.(11/321)
420 - غانم بن الفضل بن محمد، أبو الخير الأصبهانيُّ القصَّار. [المتوفى: 520 هـ]
روى عَنْ إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه. وعنه أبو موسى، وقال: كان شيخاً نبيلاً، توفي في ربيع الآخر.(11/321)
421 - فاطمة بنت عبد القادر بن أحمد بن الحسين ابن السَّمَّاك الواعظة، وتُدْعَى المباركة، [المتوفى: 520 هـ]
أخت أبي الحسين.
امرأة واعظة عالمة، من بيت العلم؛ سمعت أبا بَكْر محمد بْن عَبْد المُلْك بْن بِشران، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وتوفيت في رجب أو شعبان، ولها نيِّف وتسعون سنة. روى عنها أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وأبو طاهر السِّلفي، وأبو القاسم ابن عساكر وهي أقدم شيخ توفي له ببغداد.(11/321)
422 - فضل الله بْن عُمَر بْن أحمد بْن محمد، أبو طاهر المعروف بليلى النسوي، [المتوفى: 520 هـ]
نزيل مرو، أحد شيوخ الصوفية.
سمع أبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وزاهر بن عطاء النسوي، وبدمشق: أبا القاسم الحُسَيْن بْن محمد، وبصور: أبا بَكْر الخطيب، وبالقدس: عَبْد العزيز بن أحمد النصيبي.
روى عنه أبو سعد السعماني، وقال: كَانَ شيخًا مَعْمَرا مشهورًا، سَمِعَ منه الكبار في مجلس نظام المُلْك مثل جدّي أبي المظفَّر السّمعانيّ، ووالدي، وعمّي، وتُوُفّي في رمضان، ودفن برباطه بمرو، وله تسعون سنة.(11/321)
423 - محمد بن أحمد بن أحمد بن رُشْد، أَبِي الوليد القُرْطُبيّ المالكيّ، [المتوفى: 520 هـ]
قاضي الجماعة بقُرْطُبَة.
روى عَنْ أَبِي جعفر أحمد بْن رزق الفقيه شيخه، وعن أبي مروان بن [ص:322] سراج، ومحمد بن خيرة، ومحمد بْن فَرَج الفقيه، وأبي علي الغساني، وأجاز له أبو العباس العذري.
قال ابن بَشْكُوال: وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفِقْه، مقدَّمًا فيه عَلَى جميع أهل عصره، عارفًا بالفتوى عَلَى مذهب مالك وأصحابه، بصيرًا بأقوالهم، نافذَا في علم الفرائض والأصول، من أهل الرياسة في العلم والبراعة والفهم، مَعَ الدّين والفضل والوقار والحلْم، والسَّمْت الحَسَن والهدْي الصّالح، ومن تصانيفه: كتاب المقدمات لأوائل كُتُب المدوَّنَة، وكتاب البيان والتّحصيل لمّا في المستخْرَجَة مِن التّوجيه والتّعليل، واختصار المبسوطة، واختصار مشكل الآثار للطّحاويّ، إلى غير ذَلِكَ، سمعنا عَلَيْهِ بعضها، وأجاز لنا سائرها، وسار في القضاء بأحسن سيرة وأقْوَم طريقة، ثمّ استعفى منه فأُعفي، ونشر كُتُبُه وتواليفه، وكان النّاس يعولون عليه ويلجؤون إِليْهِ، وكان حَسَن الخُلُق، سهل اللّقاء، كثير النفع بخاصته، جميل العِشرة لهم، حافظًا لعهدهم، بارَّا بهم، تُوُفّي في حادي عشر ذي القِعْدة، وصلّى عَلَيْهِ ابنه أبو القاسم، وعاش سبعين سنة.
قلت: روى عَنْهُ أبو الوليد ابن الدّبّاغ، فقال: كَانَ أفقه أهل الأندلس في وقته، وقد صنَّف شرحًا للعتبية، وبلغ فيه الغاية.
قلت: وهو جدّ ابن رُشْد الفيلسوف.(11/321)
424 - محمد بْن أبي أحمد بن العباس الزاهد، أبو الفتح المروزيُّ الصائغ، المعروف بإسلام. [المتوفى: 520 هـ]
مات في جمادى الأولى عن تسعين سنة. سمع محمد بن بختويه الشِّيرنخشيري، وأبا محمد بن الحسن القزَّاز، وجماعة.
قال السَّمعاني: سمعت منه الكثير، يقال: لازم اعتكاف العشر الأُخر بالجامع ستين عاماً.(11/322)
425 - محمد بن أحمد بن محمد الشِّبلي، أبو الغنائم القصَّار، [المتوفى: 520 هـ]
أخو هبة الله. [ص:323]
سمع ابن النَّقُّور، وأبا نصر الزَّينبي، وعنه أبو محمد ابن الخشَّاب.
توفي فيها ظنًّا.(11/322)
426 - محمد بن بركات بن هلال بن عبد الواحد، أبو عبد الله السَّعيديُّ المصريُّ النَّحويُّ اللغويُّ. [المتوفى: 520 هـ]
أحد الأعلام، أخذ النَّحو عن طاهر بن بابشاذ، وسمع "الصَّحيح" بمكة من كريمة، وسمع من عبد العزيز ابن الضرَّاب، وأبي عبد الله القُضَاعي، وجماعة.
قال أبو طاهر السِّلفي: كان شيخ مصر في عصره في اللُّغة، وقال لي: إن مولده في المحرم سنة عشرين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الآخر، وله مائة سنة وثلاثة أشهر.
قلت: كان يمكنه السَّماع من مسند مصر أبي عبد الله بن نظيف، وقد روى عنه أبو القاسم البوصيري وجماعة، والشريف الخطيب، وإسماعيل بن علي النَّحوي.
وقيل: إن ابن بركات مرَّ في الطريق فرأى يعقوب بن خرَّزاد النَّجيرمي ولم يهتد للأخذ عنه، وأخذ عنه عن أصحابه.
قال أبو المكارم هبة الله بن صدقة: وقف ابن بركات النَّحوي للأفضل أمير الجيوش فأنشده:
يا رحمة الله التي ... واسعها لم يضق
لم يبق إلا رمقي ... فاستبق منِّي رمقي
تسعون عاماً فنيـ ... ـت بخمسة في نسق
وعن قليل لا أرى ... كأنني في نسق
فسأله عنه الأفضل، فقالوا: هذا بحر العلم ابن بركات، فقال له الأفضل: أنت شيخ معروف وفضلك موصوف، وقد حملنا عنك الوقف، وأمر له بشيء.
قال السِّلفي: سمعت محمد بن بركات يقول: لما قرأت "الشهاب" على مؤلفه، فقلت له في قوله "يا دنيا مري على عبادي ولا تحلولي لهم فتفتنيهم" [ص:324] بضم "مُري"، فقلت: هو من المرور أو من المرارة؟ قال: من المرارة، فقلت: يجب أن يفتح، فقال: صدقت، وأصلحه.
قال السِّلفي: هو ثقة فاضل، كان ابن القطَّاع يقول فيه: مزبلة علم.
قال العماد الكاتب: له في مسافر العطَّار:
يا عنُق الإبريق من فضَّة ... ويا قوام الغُصْن الرَّطْب
هبك تجافيت فأقصيتني ... تقدر أن تخرُج من قلبي(11/323)
427 - محمد بْن خَلَف بْن سليمان بْن فَتْحُون، أبو بَكْر الأندلسيّ الأُورِيُوليّ الحافظ. [المتوفى: 520 هـ]
روى عَنْ أَبِيهِ، وأبي الحَسَن طاهر بْن مُفَوَّز، وأكثر عَنْ أبي عليّ بْن سُكَّرَة، وغيره.
وكان معتنيًا بالحديث، عارفًا بالرجال، وله استدراك عَلَى ابن عَبْد البَرّ في كتاب الصّحابة في سِفْرَين، وكتاب، آخر في أوهام الصّحابة المذكور، وأصلح أيضًا أوهام معجم ابن قانع في جزء، وأجاز لابن بَشْكُوال مِن مُرْسِيَة.(11/324)
428 - محمد بن الربيع، أبو سعد الهروي الجبلي. [المتوفى: 520 هـ]
يروى صحيح البخاري عن أبي عمر المليحي، ويروي جامع التّرْمِذيّ عَنْ جماعة، تُوُفّي في حدود العشرين.(11/324)
429 - محمد بْن عَبْد الخالق بْن محمد، القاضي أبو المؤيَّد ابن القاضي أبي بكر. [المتوفى: 520 هـ]
ولي قضاء سمرقند، ثم قضاء كش أكثر مِن ثلاثين سنة، وكان مِن خِيار الحنفية، مات أبوه في سنة ثمانين وأربعمائة، وكان أبوه مستملي شمس الأئمة الحلواني بكش.(11/324)
430 - محمد بن علي بن ميمون، أبو بكر الدَّبَّاس المقرئ. [المتوفى: 520 هـ]
شيخ بغدادي، روى عَنْ أَبِي نصر الزَّينبي، وعاصم بْن الحسن، [ص:325] وجماعة. روى عنه ذاكر بن كامل وغيره.(11/324)
431 - محمد بن عمر بن محمد بن قرطف، أبو عبد الله النُّعمانيُّ ثم البغداديُّ. [المتوفى: 520 هـ]
سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور وغيره. وعنه المبارك بن كامل؛ قاله ابن النَّجَّار.(11/325)
432 - محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب، أبو بكر الفهريُّ الطرطوشيُّ الأندلسيُّ الفقيه المالكيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
نزيل الإسكندرية، وطرطوشة: آخر بلاد المسلمين من الأندلس، وقد عادت للفرنج، ويُعرف بابن أبي زندقة.
صحب القاضي أبا الوليد الباجي بسرقُسْطَة وأخذ عنه مسائل الخلاف ثم حجَّ، ودخل العراق، وسمع بالبصرة "السُّنن" من أبي علي التُّستري، وسمع ببغداد من قاضي القضاة محمد بن علي الدَّامغاني، ومحمد بن أبي نصر الحميدي، ورزق الله التَّميمي، وجماعة وتفقه على أبي بكر الشَّاشي، ودخل الشَّام وأقام ببيت المقدس مدَّةً، ثم سكن الإسكندرية ودرَّس بها.
قال ابن بشكوال: كان إماماً، عالماً، عاملا، زاهداً، ورعاً، ديِّناً، متواضعاً، متقشِّفًا، متقلِّلاً من الدُّنيا، راضياً باليسير، أخبرنا عنه القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري، ووصفه بالعلم والعمل والفضل والزُّهد والإقبال على ما يعنيه قال لي: إذا عرض لك أمران، أمر دنيا وأمر أخُرى فبادر بأمر الأخرى يحصل لك أمر الدُّنيا والأخرى.
وقال الفقيه إبراهيم بن مهدي بن قلنبا: كان شيخُّنا أبو بكر زهدُه وعبادته أكثر من علمه.
وقال بعض العلماء: أنجب على أبي بكر الطَّرطوشي نحو مائتي فقيه مفتي، وكان يأتي إلى الفقهاء وهم نيام فيضع في أفواههم الدَّنانير فيستفيقوا فيرونها في أفواههم. [ص:326]
ونقل القاضي ابن خلِّكان أنه دخل على الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بمصر فبسط تحت مئزره وكان إلى جانب الأفضل نصراني فوعظ الأفضل حتى أبكاه ثم أنشده:
يا ذا الذي طاعته قرْبَةٌ ... وحقه مفترض واجب
إنَّ الذي شُرِّفت من أجله ... يزعم هذا أنَّه كاذب
وأشار إلى النَّصراني، فأقام الأفضل النَّصراني من موضعه.
وقد صنَّف كتاب "سراج الملوك" للمأمون ابن البطائحي الذي ولي وزارة مصر بعد الأفضل، وصنَّف طريقة في الخلاف وكان المأمون قد بالغ في إكرامه.
وتوفي أبو بكر بالإسكندرية فيما قال أبو الحسن بن المُفَضَّل في جمادى الأولى، قال: وهو نشر العلم بالإسكندرية، وأكثر شيوخنا من طلبته.
وقال غيرُه: ولد تقريباً سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ودخل بغداد في سنة سبع وسبعين في حياة أبي نصر الزَّينبي، وقال: رأيت بها آية؛ كنت جالساً يوماً العصر لإحدى عشرة بقيت من جُمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين إذ سمعنا دويًّا عظيماً وأقبل ظلام فإذا ريح لم أر قط أقوى ولا أشد عصوفاً منها. سوداء ثخينة يبين لك جسمها فاسودَّ النَّهار وذهبت آثاره، وغابت الشَّمس وأثرها، وبقينا كأنا في أشدِّ ما يكون من الظَّلام الحُنْدُس لا يبصر أحد يده، وماج النَّاس ولم نشك أنها القيامة أو خسف أو عذاب قد أحاط بالخلائق وبقي الأمر كذلك قدر ما ينضج الخُبْز. ورجع ذلك السَّواد حُمْرة كأنه لهب نار أو جمر يتوقَّد فلم نشك حينئذ أنها نار أرسلها الله على العباد، وأيسنا من النَّجاة، ثم مكثت أقل من مكث الظَّلام، وتجلَّت بحمد الله عن سلامة ونهب النَّاس بعضهم بعضاً في الأسواق وتخاطفوا عمائمهم ورحالاتهم، ثم طلعت الشَّمس، وبقيت ساعة إلى الغروب. ذكرها في الجزء الأول من "فوائده".
وقد روى عنه السِّلفي، وأبو الحسن سلاَّر ابن المقدّم الفقيه، وجوهر بن لؤلؤ المقرئ، وصالح بن إسماعيل الفقيه ابن بنت معافى المالكي، وعبد الله بن عطاف الأزدي، ويوسف بن محمد القروي الفرضي، وعليّ بن مهدي بن [ص:327] قُلُنْبَا، وأبو طالب أحمد بن المُسلَّم اللَّخْمي، وظافر بن عطية اللَّخْمي، وأبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العُثْماني، وعبد المجيد بن دُلَيل، وآخرون.(11/325)
433 - المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد، أبو البقاء ابن الخل البغداديُّ الصُّوفيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
والد الفقيه أبي الحسن.
سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأبا عبد الله بن سكِّينة. وحدَّث باليسير.
قال أبو سعد السَّمعاني: وله كلام على لسان الصُّوفية بالغ فيه حتى خرج إلى الشَّطح. روى عنه ابنه أبو الحسن.(11/327)
434 - مسعود بْن الحسين، أبو المعالي الكُشَانيَ السَّمَرْقَنْديّ. [المتوفى: 520 هـ]
نقله الخاقان مِن بُخارى إلى سَمَرْقَنْد للتّدريس بالمدرسة الخاقانيَّة وولّاه خَطَابة سَمَرْقَنْد، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدَّة، وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.
تفقَّه عَلَيْهِ غير واحد.(11/327)
435 - منصور بن محمد بن أحمد، الأمير أبو سعد الشَّيبانيُّ العاصميُّ البُوشَنْجيُّ. [المتوفى: 520 هـ]
أديب خراسان، ومن سار شعره في الآفاق. سمع جدَّه أبا القاسم أحمد بن محمد العاصمي، وجمال الإسلام الدَّاودي، والفضل بن إسماعيل الجُرْجاني، ولما عُمِّر أملى مجالس، وحضره الأئمة.
ولد سنة اثنتين وخمسين، ومات في شوال، وتوفي جده في سنة ثمانين وأربعمائة.(11/327)
436 - مهران بن عليّ بن مهران، أبو الفرج القرمسينيُّ التَّاجر، [المتوفى: 520 هـ]
نزيل الثَّغْر.
قال السِّلفي: كان لي به أنس، وسمع معي وأخبرنا عن أبي العبَّاس [ص:328] الرَّازي وقال: ولدت سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وتوفي في المحرَّم وشيَّعه خلق لا يُحْصون.
قلت: وعنه العثماني أيضاً.(11/327)
437 - هبة الله بن علي بن إبراهيم، أبو المعالي الشِّيرازيُّ القاضي [المتوفى: 520 هـ]
نزيل كرمان، وكان من كبار العلماء.
أملى عدَّة مجالس، سمع عبد الوارث بن أحمد الشِّيرازي وأحمد بن أحمد الواسطي، وأبا المُطَهَّر البُزاني، وأبا الحسن محمد بْن محمد بْن زيد العَلَويّ، وطائفة.
قال أبو سعد السَّمعاني: حدَّثنا عنه عبد الخالق اليوسفي، وأبو العلاء أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ، وأحمد بن محمد الرُّناني، وكتب إليَّ بالإجازة بمسموعاته، ومن شعره:
رواة أحاديث الرَّسول عصابة ... بهم يثبت الإسلام والدِّين والدُّنيا
فلولاهم لم يبد للدِّين منصب ... ولم يكُ بين النَّاس حكم ولا فتيا
أجاز لنا في شعبان من سنة عشرين وتوفي بعيد ذلك.(11/328)
438 - واثق بن عبد الملك بن أحمد الطَّبريُّ، أبو القاسم [المتوفى: 520 هـ]
سِبْط الشِّبليِّ.
سمع ببغداد، ورحل وسمع بنيسابور، وبلخ، وهراة، والنَّواحي. وكان متَّهماً، أفسد سماعات جماعة، ولم يُمتَّع، مات أيام الطَّلب في هذا الوقت، وقيل: مات بعد العشرين.(11/328)
439 - يحيى بن عليّ، أبو سعد الحلوانيُّ الفقيه الشَّافعيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
أحد الأئمة ببغداد.
تفقه على أبي إسحاق الشِّيرازي ولزمه مدة، وكان بارعاً في المناظرة، ولي تدريس النِّظامية مدَّة. وسمع من أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي إسحاق شيخه، وجماعة. [ص:329]
قال أبو سعد السَّمعاني: قَدِمَ علينا رسولاً إلى خاقان ملك ما وراء النَّهر في رجب سنة عشرين فسمعت منه جزءاً وكان سيِّئ الخلق، عسراً متكبِّرًا، ولد بعد الخمسين وأربعمائة، مات بسمرقند في رمضان.
قلت: هو مصنِّف كتاب "التَّلويح" في المذهب.(11/328)
440 - يوسف بن موسى، أبو الحجّاج السّرقسطيُّ الضّرير. [المتوفى: 520 هـ]
روى عن أبي عليّ الغسَّاني، وأبي مروان بن سراج وكان من أهل النَّحْو والتَّقَّدُّم في الكلام والاعتقاد. وهو أحد الأئمة، وله تصانيف حسان، وانتقل أخيراً إلى العدوة.(11/329)
-ومن هذه الطبقة ممن لَا أعرف وفاته(11/330)
441 - أحمد بن العبَّاس الكوشيديُّ، أبو غالب الأصبهانيُّ. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
سمع ابن ريذة. وعنه أبو موسى.(11/330)
442 - أحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بن محمد بْن أحمد بْن سلمُوَيْه، أبو العبّاس النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ، [الوفاة: 511 - 520 هـ]
مِن أولاد المشايخ.
مرَّ أَبُوهُ سنة ثمانٍ وسبعين، وهو شيخ صالح، سَمِعَ مِن عَبْد الغافر الفارسيّ، وابن مسرور، وغيرهما.
سَمِعَ منه: أبو سَعْد السّمعانيّ حضورًا، وذكره في الأنساب في السلمويي، وقال: توفي سنة ... عشرة وخمسمائة.(11/330)
443 - إسحاق بن أحمد بن محمد، أبو طاهر الراشتيناني الأصبهاني. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
روى عنه أبو موسى المديني، وغانم بن محمد الصفار، أو القصار الكراني، ومحمد بن أبي زيد بن حمد الكراني، وأبو نعيم أحمد بن أبي الفضل الهراس الكراني، وغيرهم. سمع من ابن ريذة.(11/330)
444 - أسعد بْن أحمد بْن أَبِي رَوْح، القاضي العالم أبو الفَضْلِ الطَّرَابُلُسي، [الوفاة: 511 - 520 هـ]
رأس الشّيعة بالشّام، وتلميذ القاضي ابن البراج.
جلس بعد ابن البرّاج بطرابُلُس لتدريس الرَّفْض، وصنَّف التّصانيف، وولّاه ابن عمّار قضاء طرابُلُس بعد ابن البرّاج، وكان أخذه عن ابن البراج في سنة ثمانين وأربعمائة وقبلها، وله كتاب " عيون الأدلَّة في معرفة الله "، وكتاب " التَّبصرة " في خلاف الشّافعيّ للإمامية، وكتاب " البيان عَنْ حقيقة الْإنْسَان "، وكتاب " المقتبس في الخلاف بيننا وبين مالك بْن أنَس "، وكتاب " التّبيان في الخلاف بيننا وبين النُّعْمان "، " مسألة تحريم الفُقّاع "، كتاب " الفرائض "، كتاب " المناسك "، كتاب " البراهين "، وأشياء أخر ذكرها ابن أبي طيئ في "تاريخه"، وأنه انتقل مِن طرابُلُس إلى صيدا، وأقام بها، وكان مرجع الإماميَّة بها إليه، [ص:331] فلم يزل إلى أن ملكت الفرنج صيدا، قال أبي: فأظنّه قُتِلَ بصيدا عندما ملكت الفرنج البلاد، ورأيت مِن يَقُولُ: إنّه انتقل إلى دمشق.
قَالَ: وذكره ابن عساكر، فقال: كَانَ جليل القدر، يرجع إليه أهل عقيدته.
قَالَ: وكَانَ عظيم الصّلاة والتّهجُّد، لَا ينام إلّا بعض اللّيل، وكان صمته أكثر مِن كلامه.
قلت: لم أره في تاريخ ابن عساكر، وحكى أبو اللطيف الدّارانيّ، قَالَ: ما استيقظت مِن اللّيل قَطّ إلّا وسمعت حسّه بالصّلاة، وبالغ في وصفه، وحكى لَهُ كرامة، وحكى الرّاشديّ تلميذه قَالَ: جمع ابن عمّار بين أبي الفَضْلِ وبين مالكي فناظره في تحريم الفقاع، وكان الشيخ جريئًا فصيحًا، فنطق بالحجَّة ووضح دليله، فانزعج المالكيّ وقال: كُلْني كُلْني، فقال: ما أَنَا عَلَى مذهبك، أراد أن مذهبه جواز أكل الكلب.
وقال لَهُ ابن عمّار يومًا: ما الدّليل عَلَى حدَّث القرآن؟ قَالَ: النَّسخُ، والقديم لَا يتبدَّل ولا يدخله زيادة ولا نقص.
وقال له آخر: ما الدليل على أنّا مخيَّرون في أفعالنا؟ قَالَ: بعْثةُ الرُّسُل، وقال لَهُ أبو الشُّكر بن عمّار: ما الدليل عَلَى المتْعة؟ قَالَ: قولُ عُمَر: متعتان كانتا عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا أنهى عَنْهُمَا، فقبِلْنا روايته، ولم نقبل قوله في النَّهْي.
قلت: هلّا قبلت رواية إمامك علي في النهي عن متعة النساء؟!.(11/330)
445 - حَمْد بن عليّ، أبو شُكر الحبَّال الأصبهانيُّ. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
سمع ابن ريذة. من شيوخ أبي موسى.(11/331)
446 - خَجَستة بنت علي بن أبي ذر الصَّالحانية الواعظة، أمُّ الرَّجاء. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
روت عن ابن ريذة. وعنها أبو موسى، وداود بن نظام الملك، ومحمد بن أحمد الفارفاني، وناصر الويرج.(11/331)
447 - سليمان الشَّاطبيُّ ويعرف بالبَيْغيِّ، [الوفاة: 511 - 520 هـ]
نزيل سَبْتَة.
روى عن أبي عمر بن عبد البر، وأبي العبَّاس العُذْري.
حَمَلَ عَنْهُ: القاضي [ص:332] عياض،
وتوفي في حدود العشرين وخمسمائة.(11/331)
448 - علي بن عبد الله بن محمد بن الهَيْصم، الإمام أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
أحد الوجوه، مِن أئمَّة أصحاب أَبِي عَبْد الله، البارع في الفنون، سَمِعَ الحديث في صباه، وسمع صحيح مسلم من أبي الحسين عبد الغافر، وسمع من أبيه، وله أولاد نجباء.(11/332)
449 - علي بن هاشم بن طاهر أبو الحسين العلوي. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
و(11/332)
450 - محمد بن أبي الهيثم القصار [الوفاة: 511 - 520 هـ]
كذلك.(11/332)
451 - عيسى بْن شُعيب بْن إبراهيم، أبو عَبْد الله السّجْزيّ. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
شيخ صالح، خيّر، سكن هَرَاة وولد له بها أبو الوقت، سَمِعَ عليّ بْن بشرى الليثي.
قال أبو سعد السعماني: أجاز لي مسموعاته، ومات سنة نيّف عشرة وخمسمائة.
قلت: مر سنة اثنتي عشرة.(11/332)
452 - محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن، أبو منصور الرزاز الخلال، ويعرف بالرفاء، [الوفاة: 511 - 520 هـ]
أخو أبي تغلب.
شيخ بغدادي عالي الإسناد، حدث في سنة سبع عشرة، وكان ذا دين وصلاح وتلاوة، وُلِد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة في صَفَر، وسمع مِن الحافظ أَبِي محمد الخلّال، وأبي طَالِب العُشَاريّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ المبارك بْن أحمد الأنصاريّ، وصالح بْن زرعان التّاجر، ويحيى بْن بوش.
ذكره ابن النَّجَّار.(11/332)
453 - محمد بن أحمد بن جُوامَرْد، أبو بكر الشِّيرازيُّ النَّحويُّ عُرِفَ بالقطَّان. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
من نُحاة بغداد، أخذ عن عليّ بن فضَّال المجاشعي، وغيره. وسمع من عاصم بن الحسن وغيره.
روى عنه السِّلفي، وأبو محمد الخشَّاب، وعلَّق عنه ابنُ الخشَّاب من النَّحو، وكان يعتمد على نقله، وقال: أنشدني سنة عشر ببغداد.
وقد ذكره القِفْطي مختصراً، وقال: وعنه أخذ ابن الخشَّاب حتى نُقِلَ عن ابن الخشَّاب أنه لم يقرأ النَّحو على غيره، ولم يذكر متى توفي.(11/333)
454 - محمد بْن عَبْد الجبّار بْن محمد بْن الحَسَن، أبو سَعْد الجويميّ الفارسيّ، المقرئ الشّيرازيّ. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
أحد مِن عُني بالقراءات، ورحل إلى الآفاق فيها، وصنف فيها المصنفات، قرأ على أهل فارس وأصبهان وبغداد، وسمع من جماعة، قرأ بتستر عَلَى: أَبِي القاسم هبة الله بْن عليّ بْن عِراك المغربيّ التّاجر، تلميذ أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الأهوازيّ، وقرأ بالأهواز عَلَى: أَبِي بَكْر محمد بْن عَبْد الكريم الفَرغانيّ، وببغداد على: أبي الخطاب ابن الجرّاح، وابن سوار، وسمع مِن طِراد، وجماعة، وسكن بغداد، قرأ عَلَيْهِ: المبارك بْن كامل الخفاف، وهبة الله ابن بدر العجان في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
وروى عَنْهُ مَعْمَر بْن الفاخر.(11/333)
455 - محمد بْن عبد الملك بن محمد، أبو بكر الأشتاني، المؤدب، الأديب، المعروف بالباقلاني، [الوفاة: 511 - 520 هـ]
وأشتان مِن قُرى بلد الخالص.
سكن بباب الأزج يؤدب، روى عنه من شعره: منوجهر بن تركانشاه، وأبو نصر الرسولي، وأبو المعمر المبارك الأنصاريّ، قَالَ أبو المُعَمَّر: أنْشَدَنا لنفسه:
قلْ للمليحة في الخمار المُذْهب ... ذهب الزَّمانُ وحبكّم لم يذهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن ذهبيهما من مذهب [ص:334]
نورُ الخمار ونورُ وجهكٍ نُزْهةً ... عَجبَا لخدّك، كيف لم يتلهب؟
وإذا بدت عيني لتسرق نظرةً ... قَالَ الجمال لها: اذهبي لا تذهب(11/333)
456 - المؤيد بن الجنيد بن محمد، أبو الفتوح الإسفراييني، الصوفي، [الوفاة: 511 - 520 هـ]
شيخ الصوفية.
قال عبد الغافر: يختم في اليوم واللّيلة ويتهجد لصلاة اللّيل، ويقوم بحقوق الصُّوفيَّة، سَمِعَ مِن سَعِيد بْن أبي سعيد العيار، وتوفي قبل العشرين وخمسمائة.(11/334)
457 - نجا بن سعود الحبشي، [الوفاة: 511 - 520 هـ]
مولى بني يوسف.
سمع أبا الحسين ابن النقور، وغيره، وعنه أبو المعمر الأنصاري، ويحيى بن بوش.(11/334)
458 - هبة الله بن علي ابن العقاد، أبو الحسين العِجْليّ، المؤدّب. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
مِن فُضَلاء بغداد، روى عَنْ أَبِي طَالِب بْن غَيْلان.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ أديبًا لَسِنًا، له بلاغة وفصاحة وفيه دين وعفة، سمع بإفادة أبيه.
حدثنا عنه أبو المعمر الأزجي، ومحمد بن علي بن عبد السلام الكاتب.(11/334)
459 - هبة الله بن علي بن محمد البغداديُّ، أبو محمد. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
عن أبي محمد الجوهري. وعنه أبو المُعَمَّر.(11/334)
460 - هبة الله بن عليّ بن محمد، أبو البركات الكرْخيُّ الحاجب. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
عن أبي جعفر ابن المُسْلمة. وعنه أبو المُعَمَّر أيضاً.(11/334)
461 - هبة الله بن عليّ بن محمد، أبو نصر ابن المُجْلي البابَّصريُّ. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
فاضل، ديِّن، ثقة، له تخاريج وجموع وخُطب. سمع أبا جعفر ابن المُسْلِمَة، وأبا الغنائم ابن المأمون. روى عنه أبو البركات بن أبي سعد بعض خُطَبه. وقد سَمِعَ الكثير.(11/334)
462 - يحيى بن علي بن عبد اللطيف، أبو الحسن التنوخي المعري، الأديب. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
ذكر أنّه سمع مِن أبي صالح محمد بْن المهذب بالمعَرَّة، وروى أناشيد عَنْ عَبْد الباقي بْن أَبِي حُصَين المَعَرّيّ، وغيره.
كتب عَنْهُ السّلَفيّ، وقال: هُوَ حَفَظَه للتواريخ وأخبار العرب والملوك، وأشعار القُدَماء والمحدّثين، قَالَ لي قاضي دمشق أبو المعالي: هذا تاريخ الشّام.
قَالَ السّلَفيّ: وكان يتحرى الصدق، ويذكر بالصلاح.
قال السّلَفيّ: أنْشَدَنا يحيى بْن عليّ، قَالَ: حفّظني أبي هذين البيتين، ثمّ أمر غلامنا، فحملني إلى أبي العلاء المَعَرّيّ، فقرأتهما عَلَيْهِ، وهما له:
إلى الله أشكو أنّني كلّ ليلةٍ ... إذا نمتُ لم أُعدَم طوارق أوهام
فإنْ كَانَ شرًا فهو لا بد واقعٌ ... وإنْ كَانَ خيرًا فهو أضغاثُ أحلام(11/335)
463 - يوسف بْن أحمد بْن عبد الله، أبو يعقوب اللّجاميّ الغَزْنَوِيّ، الواعظ الشّهير. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
سار ذكره في الآفاق، وتخرَّج بِهِ العلماء، وله رحلة إلى العراق وغيرها، وعمر حتى صار يحمل في محفَّة.
ذكره السّمعانيّ هكذا فيمن أجاز لَهُ، وقال: سَمِعَ أبا بَكْر بْن ريذة الضّبّيّ، وخاله محمد بْن أحمد بْن حمدان الحدّاديّ، ويوسف بْن إسرائيل القاضي، وأبا محمد سَعِيد بْن إِسْحَاق المفسّر، وأبا عثمان العَيّار، وعليّ بْن نصر الدّيَنَوريّ اللّبان، وأبا جعفر محمد بن إسحاق البحاثي الزوزني، تُوُفّي بغَزْنَة في السّنة الّتي تُوُفّي فيها القاضي الفخر. [ص:336]
كذا قال، ولم أعرف وفاة الفخر.(11/335)
• - أبو عدنان، محمد بْن أَبِي نِزار. [الوفاة: 511 - 520 هـ]
مرّ سنة ست عشرة وخمسمائة.(11/336)
-الطبقة الثالثة والخمسون 521 - 530 هـ(11/337)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(11/339)
-سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
قد ذكرنا أن أهل بغداد كلهم كانوا بالجانب الغربي، وعسكر محمود في الجانب الشرقي، وتراموا بالنَّشّاب، ثم إن جماعة من عسكر محمود حاولوا الدّخول إلى دار الخلافة من باب النّوبي، فمنعتهم الخاتون، فجاءوا إلي باب الغربة في رابع المحرَّم، ومعهم جمع من الساسة والرُّعاع، فأخذوا مطارق الحدّادين، وكسروا باب الغربة، ودخلوا إلي التاج فنهبوا دار الخلافة من ناحية الشّطّ، فخرج الجواري حاسرات يلطمن، ودخَلْنَ دار خاتون، وضجّ الخلْق، فبلغ الخليفة، فخرج من السّرادق، وابن صَدَقة بين يديه، وقدموا السفن في دفعةً واحدة، ودخل عسكر الخليفة، وألبسوا الملاحين السلاح، وكشفوا عنهم بالنشاب، ورمى العيّارون أنفسهم في الماء وعبروا، وصاح المسترشد بالله بنفسه: يا آل بني هاشم، فصَدَق الناس معه القتالَ، وعسكرُ السلطان مشغولون بالنَّهْب، فلما رأوا عسكر الخليفة ذلّوا وولوا الأدْبار، ووقع فيهم السيف، واختفوا في السراديب، فدخل وراءهم البغداديون وأسروا جماعة، وقتلوا جماعة من الأمراء، ونهب العامة دور أصحاب السلطان، ودار وزيره، ودار العزيز أبى نصر المستوفي، وأبي البركات الطيب، وأُخذ من داره ودائع وغيرها بما قيمته ثلاثمائة ألف، وقُتِلَ من أصحاب السلطان عدةٌ وافرةٌ في الدروب والمضائق.
ثم عبر الخليفة إلى داره في سابع المحرم بالجيش، وهم نحو ثلاثين ألف مقاتل بالعوام وأهل البر، وحفروا بالليل خنادق عند أبواب الدروب، ورتب على أبواب المحال من يحفظها، وبقي القتال أيامًا إلى يوم عاشوراء، انقطع القتال، وترددت الرسل، ومال الخليفة إلى الصُّلح والتحالف، فأذعن [ص:340] السلطان وأحب ذلك، وراجع الطاعة، وأطمأن الناس، وطُمَّت الخنادق، ودخل أصحاب السلطان يقولون: لنا ثلاثة أيام ما أكلنا خبزا، ولولا الصُّلح لمتنا جوعًا، وكانوا يسلقون القمح ويأكلونه، فما رؤي سلطانٌ حاصر فكان هو المحاصَر، إلا هذا، وظهر منه حلم وافر عن العوام، وبعث الخليفة مع علّي بن طِراد إلى سَنْجر خِلعًا وسيفين، وطوقًا ولواءين، ويأمره بإبعاد دبيس من حضرته.
وجاء الخبر بأن سنجْر قتل من الباطنية اثني عشر ألفًا، فقتلوا وزيره المعين، لأنه كان يحرض عليهم وعلى استئصالهم، فتحيل رجل منهم، وخدم سائسا لبغال المعين، فلما وجد الفرصة وثب عليه وهو مطمئن فقتله، وقُتِلَ بعده، وكان هذا الوزير ذا دِين ومروءة، وحسن سيرة.
ومرض السّلطان محمود في الميدان، وغُشى عليه، ووقع من فرسه، واشتد مرضه، ثم تماثل فركب، ثم انتكس، وأُرجِف بموته ثمّ خُلع عليه وهو مريض، وأشار عليه الطّبيب بالرواح من بغداد، فرحل يطلب هَمَذَان، وفوّض شِحْنكيَّة بغداد إلى عماد الدين زنكي.
وبعد أيام جاء الخبر من همذان بأن السلطان قَبض على العزيز المستوفي وصادره وحبسه، وعلى الوزير فصادره وحبسه، وكان السبب أنّ الوزير تكلَّم على العزيز، وأن برنقش الزكوي تكلم على الوزير، ثمّ بعث السلطان إلي أنوشروان بن خالد الملقب شرف الدين، وهو ببغداد، فاستوزره، فلم يكن له ما يتجهَّز به حتى بعث له الوزير جلال الدين من عند الخليفة الخِيَم والخيل، فرحل إلي أصبهان في أول رمضان في السنة، أقام في الوزارة عشرة أشهر، واستعفى وعاد إلى بغداد.
وفي رمضان وصل مجاهد الدّين بهروز إلي بغداد، وقد فوض إليه السلطان بغداد والحلة، وفوض إلى زنكي الموصل، فسار إليها.
ومات عزّ الدّين مسعود بن آقْسُنْقُر البُرْسُقيّ في هذه السنة، وكان قد ولي الموصل بعد قتل والده، واتفق موتُه بالرَّحْبَة، فإنه سار إليها، وكان بطلًا شجاعًا، عالي الهمَّة، ردّ إليه السُلطان جميع إقطاع والده، وطمع في التّغلُّب [ص:341] على الشّام، فسار بعساكره، فبدأ بالرَّحْبَة، فحاصرها، ومرض مرضًا حادًا، فتسلم القلعة، ومات بعد ساعة، وبقي مطروحًا على بساط، وتفرق جيشه، ونهب بعضُهم بعضًا، فأراد غلمانه أن يُقيموا ولده، فأشار الوزير أنوشروان بالأتابك زنكي لحاجة الناس إلى من يقوم بإزاء الفرنج، لعنهم الله.
وفيها سئل أبو الفتح الإِسْفَرَايِينِيُّ فِي مَجْلِسِهِ بِبَغْدَادَ عَنِ الْحَدِيثِ: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ "، فَقَالَ: لَمْ يصح، والحديث في الصّحيح.
وقال يومًا على المنبر: قيل يا رسول الله، كيف أصبحت؟ فقال: " أعمى بين العُمْيان، ضالًّا بين الضلال "، فاستحضره الوزير، فأقر، وأخذ يتأول تأولات فاسدة، فقال الوزير للفُقهاء: ما تقولون؟ فقال ابن سلمان مدرّس النّظاميَّة: لو قال هذا الشّافعي ما قبِلْنا منه، ويجب على هذا أن يجدد إيمانه وتوبته، فمُنع من الجلوس بعد أن استقرّ أنّه يجلس، ويشدّ الزّنّار، ثم يقطعه ويتوب، ثم يرحل، فنصره قومٍ من الأكابر يميلون إلى اعتقاده، وكان أشعريًا، فأعادوه إلى الجلوس، وكان يتكلَّم بما يُسقِط حُرْمة المُصْحَف من قلوب العوامّ، فافتتن به خلق، وزادت الفتن ببغداد، وتعرض أصحابه لمسجد ابن جردة فرجموه، ورُجم معهم أبو الفتوح، وكان إذا ركب يلبس الحديد ومعه السيوف مُسَلَّلَة، ثم اجتاز بسوق الثُّلاثاء، فرُجم ورُميت عليه الميتات، ومع هذا يقول: ليس هذا الّذي نتلوه كلام الله، إنما هو عبارة ومَجَاز، ولمّا مات ابن الفاعوس انقلبت بغداد، وغُلَّقت الأسواق، وكان عوامّ الحنابلة يصيحون على عادتهم: هذا يوم سُنّيّ حنبلي لَا أشعريّ ولا قشيري ويصرحون بسب أبي الفتوح هذا، فمنعه المسترشد بالله من الجلوس، وأمره أن يخرج من بغداد، وكان ابن صَدَقة يميل إلى السُّنَّة، فنصرهم. [ص:342]
ثم ظهر عند إنسان كرّاس قد اشتراها، فيها مكتوب القرآن، وقد كُتِب بين الأسطر بالأحمر أشعار على وزن أواخر الآيات، ففُتَّش على كاتبها، فإذا هو مودب، فكُبس بيته، فإذا فيه كراريس كذلك، فحُمل إلى الديوان، وسُئل عن ذلك، فأقرّ، وكان من أصحاب أبي الفتوح، فنُودي عليه على حمار، وشُهر، وهمّت العامَّة بإحراقه، ثم أُذن لأبي الفتوح، فجلس.
وظهر في هذه الأيام الشيخ عبد القادر الجيلي، فجلي في الحَلبة، فتشبَّث به أهل السُّنَّة، وانتصروا بحسن اعتقاد الناس فيه.(11/339)
-سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة
فيها تُوُفّي ابن صَدَقة الوزير، وناب في الوزارة علي بن طراد.
وفيها ذهب السّلطان محمود إلي السّلطان سَنْجر، فاصطلحا بعد خشونة، ثم سلّم سنجر إليه دُبَيْسا، وقال: تعزل زنكي ابن آقْسُنْقُر عن الموصل والشّام، وتسلّم البلاد إلى دُبَيْس، وتسأل الخليفة أن يرضى عنه، فأخذه ورحل.
وقال أبو الحسن ابن الزّاغونيّ: تقدم إلى نقيب النُّقباء ليخرج إلى سنجر، فرفع إلى الخزانة ثلاثين ألف دينار، ليعفى، فتقدم إلى شيخ الشّيوخ ليخرج، فرفع إلى الخزانة خمسة عشر ألف دينار ليعفى.
وتطاول للوزارة عزّ الدّولة بن المطّلب، وابن الأنباري، وناصح الدولة ابن المسلمة، وأحمد ابن نظام المُلْك، فمُنِعوا من الكلام في ذلك.
وفي أول السّنة سار عماد الدّين زنكي فملك حلب، وعظُم شأنه، واتّسعت دولته.(11/342)
-سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة
في المحرَّم دخل السلّطان محمود بغداد، وأقام دُبَيْس في بعض الطّريق، واجتهد في أن يمكن دبيس من الدخول فلم يمكن ونفذ إلى زنكي ليسلم البلاد إلى دبيس فامتنع. [ص:343]
وأمر السلطان بالختم على أموال وقف مدرسة أبي حنيفة ومطالبة العمال بالحساب، ووكل بقاضي القضاة الزينبي لذلك، وكان قد قيل للسّلطان: إن دَخْلَ المكان ثمانون ألف دينار، ما ينفق عليه عشره.
وفي ربيع الآخرة خلع المسترشد على أبي القاسم عليّ بن طراد واستوزره.
وضمن زنكيّ أن ينفّذ للسّلطان مائة ألف دينار، وخيلًا، وثيابًا، على أن يقر في مكانه، واستقر الخليفة على مثل ذلك، على أن لا يولى دبيس شيئًا، وباع الخليفة عقارًا بالحريم، وقرى لذلك، وما زال يصحح، ثم إن دُبَيْسًا دخل إلى بغداد بعد جلوس الوزير ابن طِراد، ودخل دار السلطان، وركب في الميدان ورآه الناس.
وجاء زنكي فخدم السلطان، وقدم تحفا، فخلع عليه، وأعاده إلى المنصب ورحل السلطان، وسلمت الحلة والشحنكية إلى بهروز.
وكانت بنت سنْجر التي عند ابن عمّها السّلطان محمود قد تسلّمت دُبَيْسًا من أبيها، فكانت تشدّ منه وتمانع عنه، فماتت، ومرض السّلطان محمود، فأخذ دُبَيْس ولدًا صغيرًا لمحمود، فلم يعلم به حتّى قُرب من بغداد، فهرب بهروز من الحِلة، فقصدها دُبَيْس ودخلها في رمضان وبعث بهروز عرَّف السّلطان، فطلب قزل والأجهيليّ، وقال: أنتما ضمنتما دُبَيْسًا، فلا أعرفه إلا منكما.
وساق الأجهيليّ يطلب العراق، فبعث دُبَيْس إلى المسترشد: إن رضِيتَ عنّي ردْدتُ أضعاف ما نفذ من الأموال، فقال الناس: هذا لَا يؤمن، وباتوا تحت السلاح طول رمضان، ودُبَيْس يجمع الأموال، ويأخذ من القرى، حتّى قيل: إنه حصل خمسمائة ألف دينار، وإنه قد دوَّن عشرة آلاف، بعد أن كان قد وصل في ثلاثمائة فارس، ثمّ قدِم الأجهيليّ بغداد، وقبَّل يد الخليفة، وقصد الحِلَّة، وجاء السّلطان إلى حُلْوان، فبعث دبيس إلى السلطان رسالة وخمسين مهْرًا عربيَّة، وثلاثة أحمال صناديق ذَهب، وذكر أنْه قد أعدَّ إن رضي عنه الخليفة ثلاثمائة حصان، ومائتي ألف دينار، وإنْ لم يرض عنه دخل البّريَّة، فبلغه أنّ السّلطان حنق عليه، فأخذ الصّبيّ وخرج من الحِلة، وسار إلى [ص:344] البصرة، وأخذ منها أموالا كثيرة، وقدم السّلطان بغداد، فبعث لحربه قزل في عشرة آلاف فارس، فسار دبيس ودخل البرية.
وفي سنة ثلاث أظهر عماد الدّين زنكيّ بن آقْسُنْقُر أنّه يريد جهاد الفرنج، وأرسل إلى تاج المُلُوك بوريّ يستنجده، فبعث له عسكرًا بعد أن أخذ عليه العهد والميثاق، وأمر ولده سونج أن يسير إليه من حماة، ففعل فأكرمهم زنكي، وطمنهم أيّامًا، وغدر بهم، وقبض على سونج، وعلى أمراء أبيه، ونهب خيامهم، وحبسهم بحلب، وهرب جُنْدهم، ثمّ سار ليومه إلى حماة، فاستولى عليها، ونازل حمص ومعه صاحبها خيرخان فأمسكه، فحاصرها مدَّة، ولم يقدر عليها ورجع إلى الموصل، ولم يُطْلق سونج ومن معه حتّى اشتراهم تاج الملوك بوري منه بخمسين ألف دينار، ثم لم يتم ذلك، ومقت الناس زنكي على قبيح فعله.
وفيها وثبت الباطنية على عبد اللطيف ابن الخجندي رئيس الشافعية بأصبهان، ففتكوا به.
وأما بهرام، فإنه عتى وتمرد على الله، وحدثته نفسه بقتل برق بن جنْدل من مقدّمي وادي التَّيْم لَا لسبب، فخدعه إلى أن وقع في يده فذبحه، وتألّم النّاس لذلك لشهامته وحُسْنه وحداثة سِنّه، ولعنوا من قتله علانية، فحملت الحميَّة أخاه الضّحّاك وقومه على الأخذ بثأره، فتجمعوا وتحالفوا على بذل المهج في طلب الثأر، فعرف بهرام الحال، فقصد بجموعه وادي التّيم، وقد استعدوا لحربه، فنهضوا بأجمعهم نهضة الأسود، وبيَّتوه وبذلوا السّيوف في البهراميَّة، وبهرام في مخيمه، فثار هو وأعوانه إلى السلاح، فأرهقتهم سيوف القوم وخناجرهم وسهامهم، وقطع رأسُ بهرام لعنه الله.
ثم قام بعده صاحبه إسماعيل العجمي، فحذا في الإضلال والاستغواء حذوه، وعامله الوزير المَزْدقانيّ بما كان يعامل به بهرامًا، فلم يُمْهله الله، وأمر الملك بوري بضرب عُنقه في سابع عشر رمضان، وأحرق بدنه، وعلّق رأسه، [ص:345] وانقلب البلد بالسّرور وحُمِد الله وثارت الأحداث والشُّطّار في الحال بالسّيوف والخناجر يقتلون من رأوا من الباطنية وأعوانهم، ومن يتهم بمذهبهم، وتتبعوهم حتى أَفْنَوْهم، وامتلأت الطُرُق والأسواق بجِيَفهم، وكان يومًا مشهودًا أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأُخِذ جماعةٌ أعيانٌ منهم شاذي الخادم تربية أبي طاهر الصَائغ الباطنيّ الحلبيّ، وكان هذا الخادم رأس البلاء، فعوقب عقوبة شَفَت القلوب، ثمّ صُلِب هو وجماعة على السُّور.
وبقي حاجب دمشق يوسف فيروز، ورئيس دمشق أبو الذّواد مفرج بن الحسن ابن الصّوفيّ يلبسان الدّروع، ويركبان وحولهما العبيد بالسّيوف، لأنهما بالغا في استئصال شأفة الباطنية.
ولمّا سمع إسماعيل الدّاعي وأعوانه ببانياس ما جرى انخذلوا وذلُّوا، وسلَّم إسماعيل بانياس إلى الفرنج، وتسلل هو وطائفته إلى البلاد الإفرنجية في الذلة والقلة، ثمّ مرض إسماعيل بالإسهال، وهلك في أوائل سنة أربعٍ وعشرين، فلما عرف الفرنج بواقعة الباطنيَّة، وانتقلت إليهم بانياس، قويت نفوسهم، وطمعوا في دمشق، وحشدوا وتألّبوا، وتجمّعوا من الرُّها، وأنطاكّية، وطرابُلُس، والسّواحل، والقدس، ومن البحر، وعليهم كُنْدهر الّذي تملّك عليهم بعد بغدوين، فكان نحوًا من ستين ألفًا، من بين فارسٍ وراجل، فتأهّب تاج الملوك بوري، وطلب التُّرْكُمان والعرب، وأنفق الخزائن، وأقبل الملاعين قاصدين دمشق، فنزلوا على جسر الخشب والميدان في ذي القعدة من السّنة، وبرز عسكر دمشق، وجاءت التركمان والعرب، وعليهم الأمير مري بن ربيعة وتعبّوا كراديسٍ في عدَّة جهات، فلم يبرز أحد من الفرنج، بل لزِموا خيامهم، فأقام الناس أيّامًا هكذا، ثمّ وقع المَصَافّ، فحمل المسلمون، وثبت الفرنج، فلم يزل عسكر الإسلام يكرّ عليهم ويفتك بهم إلى أن فشلوا وخُذلوا، ثمّ ولّى كليام مقدَّم شجعانهم في فريقٍ من الخّيالة، ووضع المسلمون فيهم السّيف، وغُودروا صَرْعَى، وغنم المسلمون غنيمة لَا تُحَدّ ولا توصف، وهرب جيش الفرنج في اللّيل، وابتهج الخلْق بهذا الفتح المبين. [ص:346]
ومنهم من ذكر هذه الملحمة في سنة أربعٍ كما يأتي، وانفرجت الكربة وجاء من نصر الله تعالي ما لم يخطر ببال، وأمن النّاس، وخرجوا إلى ضياعهم، وتبدّلوا بالأمن بعد الخوف.
وفيها قُتِلَ مَن كان يُرمى بمذهب الباطنيَّة بدمشق، وكان عددهم ستة آلاف، وكان قد قِتل ببغداد من مُدَيْدَة إبراهيم الأَسَدَاباذيّ، وهرب ابن أخيه بهرام إلى الشّام وأضل خلقا بها واسْتَغْواهم، ثمّ إنّ طُغتكين ولّاه بانياس، فكانت هذه من سيّئات طُغتكين، عفا الله عنه، وأقام بهرام له بدمشق خليفة يدعو إلى مذهبه، فكُثر بدمشق أتباعه، وملك بهرام عدَّة حصون من الجبال منها القَدْمُوس، وكان بوادي التَّيْم طوائف من الدَّرْزيَّة والنُصَيْريَّة والمجوس، واسم كبيرهم الضَحّاك، فسار إليهم بهرام وحاربهم، فكبس الضّحّاك عسكر بهرام، وقتل طائفة منهم، ورجعوا إلى بانياس بأسوأ حال، وكان المَزْدقانيّ وزير دمشق يُعينهم ويُقوّيهم، وأقام بدمشق أبا الوفاء، فكثُر أتباعه وقويت شوكته، وصار حكمه في دمشق مثل حكم طُغتِكين، ثمّ إنّ المَزْدقاني راسلَ الفرنج، لعنهم الله، ليُسلِّم إليهم دمشق، ويُسلَّموا إليه صور، وتواعدوا إلى يوم جمعة، وقررّ المَزْدقاني مع الباطنيَّة أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع، لَا يمكنون أحدًا من الخروج، ليجيء الفرنج ويملك دمشق، فبلغ ذلك تاج المُلوك بوري، فطلب المَزْدقاني وطمّنه، وقتله وعلَّق رأسه على باب القلعة، وبذل السّيف في الباطنيَّة، فقتل منهم ستة آلاف، وكان ذلك فتحا عظيمًا في الإسلام في يوم الجمعة نصف رمضان، فخاف الّذين ببانياس وذلُّوا، وسلّموا بانياس إلى الفرنج، وصاروا معهم، وقاسوا ذلًا وهوانًا.
وجاءت الفرنج ونازلت دمشق، فجاء إلى بغداد في النفير عبد الوهاب الواعظ ابن الحنبليّ، ومعه جماعة من التّجّار، وَهَمُّوا بكسر المنبر، فوُعِدوا بأن ينفّذ إلى السّلطان في ذلك، وتناخى عسكر دمشق والعرب والتُّركُمان، فكبسوا الفرنج، وثبت الفريقان، ونصر الله دينه، وقتل من الفرنج خلق، وأسر منهم ثلاثمائة، وراحوا بشَرّ خَيْبَة، ولله الحمد.(11/342)
-سنة أربع وعشرين وخمسمائة
وردت أخبار بأنّ في جُمَادى الأولى ارتفع سحاب أمطر بلدَ الموصل مطرًا عظيمًا، وأمطر عليهم نارًا أحرقت من البلد مواضع ودُورًا كثيرة، وهرب الناس.
وفيها كسرت الفرنج على دمشق، وقُتِلَ منهم نحو عشرة آلاف، ولم يفلت منهم سوى أربعين، وَصَل الخبر إلى بغداد بذلك، وكانت ملحمة عظيمة.
وفيها كانت ملحمة كبرى بين ابن تاشَفين، وبين جيش ابن تومرت، فقُتل من الموحّدين ثلاثة عشر ألفًا، وقُتِلَ قائدهم عبد الله الونشريسي، ثم تحيز عبد المؤمن بباقي الموحدين، وجاء خبر الهزيمة إلى ابن تومرت وهو مريض، ثم مات في آخر السنة.
وفيها راسل زنكي ابن آقْسُنْقُر صاحب حلب تاج الملوك بوري يلتمس منه إنفاذ عسكره ليحارب الفرنج، فتوثّق منه بأيمانٍ وعُهُود، ونفذ خمسمائة فارس، وأرسل إلى ولده سونج وهو على حماة أن يسير إلى زنكيّ، فأحسن ملتقاهم وأكرمهم، ثمّ عمل عليهم، وغدر بهم، وقبض على سونج وجماعة أمراء، ونهب خيامهم، وهرب الباقون، ثم زحف إلى حماة فتملكها، ثم ساق إلى حمص، وغدر بصاحبها خيرخان بن قراجا واعتقله، ونهب أمواله، وطلب منه أن يسلمه حمص، ففعل، فأبى عليه نوابه بها، فحاصرها زنكيّ مدَّة، ورجع إلى الموصل ومعه سونج، ثم أطلقه بمالٍ كثير.
وفيها قُتِلَ صاحب مصر الخليفة الآمر بأحكام الله.
وفي سنة أربعٍ قُتِلَ أمير سمرقند، فسار السّلطان سنجر فاستولى عليها، ونزل محمد خان من قلعتها بالأمان، وهو زوج بنت سنجر، وأقام سنجر بسمرقند مدة.
وأمّا أهل حلب فكانوا مع الفرنج الّذين استولوا على حصن الأثارب في ضرٍ شديد لقربهم منهم، والأثارب على ثلاثة فراسخ من غربيّ حلب، فجاء عماد الدّين زنكيّ في هذا العام وحاصره، فسارت ملوك الفرنج لنجدته [ص:348] وللكشف عنه، فالتقاهم زنكيّ، واشتدّ الحرب، وثبت الفريقان ثباتًا كُلّيًا، ثمّ وقعت الكسرة على الملاعين، ووضع السيف فيهم، وأسر منهم خلْق، وكان يومًا عظيمًا، وافتتح زنكيّ الحصن عنوةً، وجعله دكًا.
ثمّ نزل على حارِم، وهي بالقرب من أنطاكيَّة، فحاصرها، وصالحهم على نصف دَخْلها، ومنها ذلَّت الفرنج، وعلموا عجزهم عن زنكيّ، واشتدّ أزر المسلمين.
وعدّى زنكيّ الفُرات، فنازل بعض ديار بكر، فحشد صاحب ماردين لقتاله، ونَجَده ابن عمُّه داود بن سُقْمان من حصن كَيْفا، وصاحب آمِد، حتى صاروا في عشرين ألفًا، فهزمهم زنكي، وأخذ بعض بلادهم.
وفيها مات الآمر بأحكام الله صاحب مصر، وولي بعده الحافظ.
وفيها ماتت زوجة السّلطان محمود خاتون بنت السلطان سنجر.
وفيها قتل بيمند صاحب أنطاكية.
وفيها وَزَر بدمشق الرّئيس مفرّج ابن الصّوفي.
وفيها ظهر ببغداد عقارب طيارة، لها شوكتان، وخاف النّاس منها وقد قتلت جماعة أطفال.
وفيها تملك السلطان محمود قلعة ألموت.(11/347)
-سنة خمس وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث أنّ دُبَيْسًا ضلّ في البرّيَّة، فقبض عليه مَخْلَد بن حسّان بن مكتوم الكلْبيّ بأعمال دمشق، وتمزّق أصحابه وتقطّعوا، فلم يكن له منجى من العرب، فحُمل إلى دمشق، فباعه أميرها ابن طُغتكِين مِن زنكيّ بن آقسنقر صاحب الموصل بخمسين ألف دينار، وكان زنكي عدوّه، لكنّه أكرمه وخوّله المال والسلاح، وقدمه على نفسه.
وقد ساق ابن الأثير قصَّة دُبَيْس فقال: لمّا فارق البصرة قصد الشّام، لأنه جاءه من طلبه إلى صرخد، وكان قد مات صاحبها، وغلبت سريّتُه [ص:349] على القلعة، وحدّثوها بما جرى على دُبَيْس، فطلبته للتزوج به، وتُسلَّم إليه صَرْخَد بما فيها، فجاء إلى الشّام في البرّيَّة، فضلّ ونزل بأُناس من كلْب بالمرج، فحملوه إلى تاج الملوك، فحبسه، وعرف زنكيّ صاحب الموصل، فبعث يطلبه من تاج الملوك، على أن يُطْلق ولده سونج ومَن معه مِن الأمراء، وإن لم يفعل جاء وحاصره بدمشق، وفعل وفعل، فأجاب تاج الملوك، وسلّم إليه دُبَيْسًا، وجاءه ولده والأمراء، وأيقن دُبَيْس بالهلاك للعداوة البليغة الّتي بينه وبين زنكيّ، ففعل معه خلاف ما ظنّ، وبالغ في إكرامه، وغرِم عليه أموالًا كثيرة، وفعل معه ما يفعل مع أكابر الملوك.
ولما جرى على الباطنية ما ذكرناه عام ثلاثةٍ وعشرين تحّرقوا على تاج الملوك، وندبوا لقتله رجلين، فتوصلا حتّى خدما في ركابه، ثمّ وثبا عليه في جُمادَى الآخرة سنة خمسٍ، فجرحاه، فلم يصنعا شيئًا، وهبروهما بالسّيوف، وخيط جرح بعُنقه فبرأ، والآخر بخاصرته، فتنسر، وكان سببًا لهلاكه.
وفيها تُوُفّي الشَيخ حمّاد الدّبّاس الزّاهد ببغداد.
قال ابن واصل: وفى المحرَّم سنة خمسٍ وعشرين توجّه زنكيّ راجعًا من الشّام إلى الموصل.
وفي ربيع الآخر من السّنة ردّ السّلطان محمود أمر العراق إلى زنكيّ، مُضافًا إلى ما بيده من الشام والجزيرتين.
وتوفي للمسترشد ابنٌ بالجدري، عمره إحدى وعشرون سنة.
وتُوُفي السلطان محمود، فأقاموا ابنه داود مكانه، وأقيمت له الخطبة ببلاد الجبل وأَذَرْبَيْجان، وكُثرت الأراجيف، وأراد داود قتال عمه مسعود.(11/348)
-سنة ست وعشرين وخمسمائة
فيها سار الملك مسعود بن محمدٍ إلى بغداد في عشرة آلاف فارس، وورد قُراجا السّاقي معه سلْجُوق شاه بن محمد أخو مسعود، وكلاهما يطلب السّلطنة، وانحدر زنكيّ من الموصل لينضم إلى مسعود أو سلْجوق، فأرجف الناس بمجيء عمهما سنجر، فعملت الستور وجبي العقار، وخرجوا بأجمعهم مُتَوَجهين لحرب سَنْجَر، وألزم المسترشد قُراجا بالمسير، فكرهه ولم يجد بُدًّا [ص:350] من ذلك، وبعث سَنْجَر يقول: أنا العبد، ومهما أُريدَ مني فعلت، فلم يقبل منه، ثمّ خرج المسترشد بعد الجماعة، وقُطعت خطبة سنجر، وقدم سَنْجَر هَمَذَان، فكانت الوقعة قريبًا من الدَّينَوَر.
قال ابن الْجَوْزيّ: وكان مع سَنْجَر مائة ألف وستّون ألفًا، وكان مع قُراجا ومسعود ثلاثون ألفًا، وكانت ملحمة كبيرة، أُحصِي القتلى فكانوا أربعين ألفًا، وقُتِلَ قُراجا، وأُجلس طُغْرُل على سرير الملك، بقيام عمّه سَنْجَر.
وكان طُغْرُل يوم المصافّ على ميمنة عمّه، وكان على الميسرة خُوارَزْم شاه بن أتسِز بن محمد، فبدأهم قُراجا بالحملة، فحمل على القلب بعشرة آلاف، فعطف على جنبتي العشرة آلاف ميمنة سنجر وميسرته، فصار في الوسط، وقاتلوا قتال الموت وأثخن قراجا بالجراحات، ثم أسروه، فانهزم الملك مسعود، وذلك في ثامن رجب، وقتل قراجا وجاء مسعود مستأمنًا إلى السّلطان سنجر، فأكرمه وأعاده إلى كَنْجَةَ وصفح عنه وعاد سنجر إلى بلاده.
وجاء زنكي ودبيس في سبعة آلاف ليأخذا بغداد، فبلغ المسترشد اختلاط بغداد، وكسرة عسكره، فخرج من السرادق بيده السّيف مجذوب، وسكن الأمر، وخاف هو، وعاد من خانقين، وإذا بزنكيّ ودُبَيْس قد قاربا بغداد من غربيّها، فعبر الخليفة إليهم في ألفَين، وطلب المهادنة، فاشتطا عليه، فحاربهما بنفسه وعسكره، فانكسرت ميسرته، فكشف الطّرحة ولبس البُرْدة، وجذب السّيف، وحمل، فحمل العسكر، فانهزم زنكيّ ودُبَيْس، وقتل من جيشهما مقتلة عظيمة، وطلب زنكي تكريت، ودبيس الفرات منهزمين.
وفيها هلك بغدوين الرويس ملك الفرنج بعكّا، وكان شيخًا مُسِنًّا، داهية، ووقع في أسْر المسلمين غير مرَّة في الحروب، ويتخلّص بمكرْه وحيله، وتملك بعده القومص كندانجور، فلم يكن له رأي، فاضطربوا واختلفوا ولله الحمد.
وتملك دمشق شمس الملوك إسماعيل بعد أبيه تاج الملوك بوري بن طُغتِكين، فقام بأعباء الأمر، وخافته الفرنج، ومهد الأمور، وأبطل بعد المظالم، وفرح النّاس بشهامته وفَرْط شجاعته، واحتملوا ظلمه. [ص:351]
وفيها كانت وقعة بهَمَذان بين طُغْرُل بن محمد وبين داود بن محمود بن محمد، فانتصر طغرل.
وفيها وَزَر أنُوشُرْوان بن خالد للمسترشد بعد تمنع، واستعفاء.
وعاد دُبَيْس بعد الهزيمة يلوذ ببلاده، فجمع وحشد، وكانت الحِلَّة وأعمالها في يد إقبال المسترشدي، وأمد بعسكرٍ من بغداد، فهزم دبيسا، وحصل دُبَيْس في أَجَمة فيها ماء وقصب ثلاثة أيّام، لَا يأكل شيئًا، حتّى أخرجه جماس على ظهره وخلصه.
وقدم الملك داود بن محمود إلى بغداد.
وفيها قبض الخليفة على الوزير شرف الدّين، وأخذ سائر ما في دياره.(11/349)
-سنة سبع وعشرين وخمسمائة
خُطِب لمسعود بن محمد بالسّلطنة ببغداد في صَفر، ومِن بعده لداود، وخُلِع عليهما وعلى الأمير آقْسُنْقُر الأحمديليّ مقدَّم جيوش السّلطان محمود، وهو المقيم داود بعده في الملك، واستقرّ مسعود بهمذان.
وكانت وقعة انهزم فيها طغرل، ثم قتل آقسنقر، قتلته الباطنية.
وفيها قصد أمراء التركمان الجزريون بلاد الشام، فأغاروا على بلاد طرابلس، وغنموا وسبوا، فخرج ملك طرابلس بالفرنج، فتقهقر التركمان، ثمّ كرّوا عليه فهزموه، وقتلوا في الفرنج فأكثروا وأطيبوا، فالتجأ إلى حصن بَعرين، فحاصرته التُرْكُمان أيّامًا، وخرج في الليل هاربًا، فجمعت الفرنج وسار لنجدته ملوكهم، وردّ فواقع التُرْكُمان ونال منهم.
وفيها وقع الخُلْف بين الفرنج بالشّام، وتحاربوا وقُتِلَ منهم، ولم يجر لهم بذلك سابقة.
وفيها واقع الأمير سوار نائب زنكيّ على حلب الفرنج، فقتل من الفرنج نحو الألف، ولله الحمد.
وفيها وثب على شمس الملوك صاحب دمشق مملوك نجدة، فضربه بسيفٍ فلم يُغن شيئًا، وقتلوه بعد أن أقرّ على جماعة وادّعى أنه إنما فعل ذلك ليريح المسلمين من ظُلمه وعسفه، فقُتِلَ معه جماعة.
وقتل شمس الملوك أخاه سونج الذي أسره زنكي، فحزن الناس عليه. [ص:352]
وفيها جمع دُبَيْس جمْعًا بواسط، وانضم إليه جماعة من واسط، فنفّذ الخليفة لحربه البازدار وإقبال الخادم، فهزموه وأسروا بختيار.
وعزم المسترشد على المسير إلى الموصل، فعبرت الكوسات والأعلام إلى الجانب الغّربي في شعبان، ونودي ببغداد: من تخلّف مِن الْجُنْد حُلّ دمُهُ، ثمّ سار أمير المؤمنين في اثني عشر ألف فارس، ونفِّذ إلى بهروز يقول له: تنزل عن القلعة، وتسلّم الأموال، وتدخل تحت الطّاعة، فقال: أنا رجل كبير عاجز، ولكن أنفَّذ الإقامات وتقدمه، ففعل وعفى عنه، ووصل الخليفة الموصل في العشرين من رمضان، فحاصرها ثمانين يومًا، وكان القتال كلّ يوم، ووصل إليه أبو الهيج الكرديّ من الجبل في عساكر كثيرة.
ثمّ إنّ زنكيّ بعث إلى الخليفة: إني أعطيك الأموال، وترحل عنّا، فلم يُجِبْه، ثمَّ رحل، فقيل: كان سبب رحيله أنّه بلغه أنّ السّلطان مسعودًا قد غدر وقتل الأحمديلي، وخلع على دبيس.
قال ابن الجوزي: وتوفي شيخنا ابن الزاغوني، فأخذ حلقته بجامع القصر أبو علي ابن الراذاني، ولم أعطها لصغري، فحضرت عند الوزير أنوشروان، وأوردت فصلًا في الوعظ، فأذِن لي في الجلوس بجامع المنصور، فحضر مجلسي أوّل يومٍ الكبار من أصحابنا عبد الواحد بن شنيف، وأبو علي بن القاضي، وابن قشامي، وقوي اشتغالي بفنون العلم، وأخذت عن أبي بكر الدِّينَوَرِيِّ الفقه، وعن ابن الجواليقيّ اللّغة، وتتبعت مشايخ الحديث.
وفيها أخذ شمس الملوك بانياس من الفرنج بالسيف، وقلعتها بالأمان، فلما نزلوا أسروا كلهم، وقدم شمس الملوك دمشق مؤيدا منصورا، والأسرى بين يديه ورؤوس القتلى، ورأى النّاس ما أقرّ أعينهم، فلله الحمد، وكان يومًا مشهودًا.
وفيها مات صاحب مكَّة أبو فُلَيْتَة، وولي بعده أبو القاسم.
وفيها نازل ابن رذمير مدينة إفراغه، فحاصرها وبها ابن مرديش.(11/351)
-سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
فيها خُلِع على إقبال الخادم خِلْعة المُلْك، ولقب سيف الدولة ملك العرب.
ووقع الصُلح مع زنكيّ بن آقْسُنْقُر، وجاءَ منه الحمل.
وصُرِف عن الوزارة أنوشروان، وأُعيد أبو القاسم بن طراد، وقبض على نظر الخادم وسُجن وأُخِذت أمواله، وخُلِع على ابن طراد خلعة الوزارة، وأعطي فرسًا برقبة، وثلاثة عشر حمل كوسات، وأعلامًا ومهدًا.
وقدِم رسول السّلطان سنْجر، فخلع عليه، وأرسل إلى سنجر مع رسوله، ومع ابن الأنباري خلع عظيمة الخطر بمائة وعشرين ألف دينار.
وبعث الخليفة إلى بهروز الخادم، وهو بالقلعة، يطلب منه حملًا فأبى، فبعث جيشًا لقتاله، فحاصروه.
وقدم ألبقش السلحدار التركي طالبًا للخدمة مع الخليفة.
ثمّ إنّ الخليفة خلع على الأمراء، وعرض الجيش يوم العيد، ونادى: لَا يختلط بالجيش أحد، ومن ركب بَغْلًا أو حمارًا أُبيح دَمُه، وخرج الوزير وصاحب المخزن والقاضي ونقيب النُقباء، وأركان الدَولة في زِيّ لم يُرَ مثله من الخيل والزينة والعسكر الملبس، فكان الجيش خمسة عشر ألف فارس.
وعاد طُغْرُل إلى هَمذان وانضمت إليه عساكر كثيرة، وتوطّد له المُلْك، وانحل أمر أخيه مسعود، وسببه أنّ الخليفة بعث بخِلَع إلى خوارزم شاه، فأشار دُبَيْس على طُغْرُل بأخذها، وإظهار أنّ الخليفة بعثها له، ففعل وبعث الخليفة يحثّ مسعودًا على المجيء ليرفع منه، فدخل أصبهان في زِيّ التُرْكُمان، وخاطر إلى أن وصل بغداد في ثلاثين فارسًا، فبعث إليه الخليفة تُحَفًا كثيرة.
وعثر على بعض الأمراء أنه يكاتب طُغْرل، فقبض عليه الخليفة، فهرب بقيَّة الأمراء إلى مسعود، وقالوا: نحن عبيدك، فإذا خَذَلْتنا قَتَلَنا الخليفة، فطلبهم الخليفة، فقال مسعود: قد التجؤوا إليّ، فقال الخليفة: إنما أفعل هذا لأجلك، وأنصبك نوبة بعد نوبة، ووقع الاختلاف بينهما، وشاش العسكر، [ص:354] ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين، وتعذر المشْي بين المَحَالّ، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات، وتأخذ العسكر الّذين صاروا إليك، فرحل في آخر السّنة والخواطر متوحّشة، فأقام بدار الغربة، وجاءت الأخبار بتوجُّه طُغْرُل إلى بغداد، فلّما كان يوم سلْخ السّنة نفّذ إلى مسعود الخِلع والتّاج، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نعم.
وفيها حاصر ملك الفرنج ابن رذمير مدينة أفراغه من شرق الأندلس، وكان إذ ذاك على قُرْطُبة تاشَفين ابن السّلطان، فجهّز الزّبير اللُّمتُونيّ بألفي فارس، وتجهّز أمير مُرْسيَّة وبلنسية - يحيى بن غانية - في خمسمائة وتجهز عبد الله بن عياض صاحب لارَدَة في مائتين، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى أفراغه، وكان ابن عياض فارس زمانه، وكان ابن رذمير في اثني عشر ألف فارس، فأدركه العُجْب، وقال لأصحابه: اخرجوا خُذُوا هذه الميرة، ونفّذ قطعة من جيشه، فهزمهم ابن عياض، فساق ابن رذمير بنفسه، والْتحم الحرب، واسْتَحَر القتْل في الفرنج، وخرج أهل أفراغه الرّجال والنّساء، فنهبوا خِيَم الروم، فانهزم الطّاغية، ولم يفلت من جيشه إلا القليل، ولحق بسَرَقُسْطة، فبقي يسأل عن كبار أصحابه، فيقال له: قُتِلَ فُلان، قُتِلَ فُلان، فمات غمًّا بعد عشرين يومًا، وكان بلية على المسلمين، فأهلكه الله.
وفيها خرج عبد المؤمن في الموحِّدين من بلاد تينمل فافتتح تادلة ونواحيها، وسار في تلك الجبال يفتتح معمورها، وأقبل تاشفين من الأندلس باستدعاء ابنه، فانُتدِب لحرب الموحدين.
وفيها سار صاحب القدس بالفرنج، فقصد حلب، فخرج إليه عسكرها، فالتقوا، فانهزم المسلمون، وقُتِلَ منهم مائة فارس، ثمّ التقوا ونَصَر الله.
وفيها وثب إيليا الطّغتِكينيّ في الصيد على شمس الملوك بأرض صيدنايا فضربه بالسيف، فغطس عنها، ورمى نفسه إلى الأرض، وضربه ثانية، فوقعت في رقَبَة الفرس أتلفته، وتلاحق الأجناد فهرب إيليا، ثم ظفروا به، فقتله صبرًا، وقتل جماعة بمجرّد قول إيليا فيهم، وبنى على أخيه حائطًا، فمات [ص:355] جوعًا، وبالغ في الظُلْم والعَسف، وبنى دار المسرة بالقلعة، فجاءت بديعة الحسن.
وفيها جاءت الأخبار من مصر بخُلْف ولدي الحافظ لدين الله عبد المجيد وهما: حيدرة، والحسن، وافترق الْجُند فِرقتين، إحداهما مائلة إلى الإسماعيلية، والأخرى إلى مذهب السُّنَّة، فاستظهرت السُّنَّة، وقتلوا خلقًا من أولئك، واستحر القتْل بالسّودان، واستقام أمر وليّ العهد حسن، وتتبّع من كان ينصر الإسماعيليَّة من المقدَّمين والدُّعاة، فأبادهم قتْلًا وتشريدًا.
قال أبو يَعْلى حمزة: فورد كتاب الحافظ لدين الله على شمس الملوك بهذا الحال.
وفيها فسخت الفرنج الهدنة وأقبلت بخُيَلائها، فجمع شمس الملوك جيشه، واستدعى تُرْكُمان النواحي، وبرز في عسكره نحو حَوران، فالتقوا، وكانت الفرنج في جمعٍ كثيف، فأقامت المناوشة بين الفريقين أيامًا، ثمّ غافلهم شمس الملوك، ونهض بشطر الجيش، وقصد عكا والناصرة، فأغار وغنم، فانزعجت الفرنج، وردوا ذليلين، وطلبوا تجديد الهدنة.(11/353)
-سنة تسع وعشرين وخمسمائة
قد ذكرنا أنّ الخليفة قال لمسعود: أرحل عنّا، وأنه بعث إليه بالخِلَع والتّاج، ثمّ نفذ إليه الجاولي شحنة بغداد، مضايقًا له على الخروج، وأمره إن هو دافع أن يرمي خيمه، ثمّ أحسَّ منه أنّه قد باطَنَ الأتراك، واطّلع منه على سوء نِية، فأخرج أمير المؤمنين سُرَادقه، وخَرَج أرباب الدّولة، فجاء الخبر بموت طُغْرُل، فرحل مسعود جريدةً، وتلاحَقَتْه العساكر، فوصل هَمَذَان، واختلف عليه الجيش، وانفرد عنه قُزُل، وسُنْقُر، وجماعة، فجهز لحربهم، وفرّق شملهم، فجاء منهم إلى بغداد جماعة، وأخبروا بسوء نيته، منهم البازدار، وقزل، وسنقر.
وسار أنوشروان بأهله إلى خُراسان لوزارة السّلطان مسعود، فأخذ في الطريق. [ص:356]
وفيها افتتح أتابك زنكيّ بن آقْسُنْقُر المَعَرَّة، فأخذها من الفرنج، وكان لها في أيديهم سبعٌ وثلاثون سنة، ورد على أهلها أملاكهم، وكثر الدعاء له.
وفيها قدم من الموصلَ ابن زنكيّ من عند والده بمفاتيح المَوصل مُذْعِنًا بالطّاعة والعُبوديَّة للخليفة، فخرج الموكب لتلقيه، وأكرم مورده، ونزل وقبل العتبة، وجاء رسول دُبَيْس يقول: أنا الخاطئ المُقِرّ بذنْبه، فمات رسوله، فذهب هو إلى مسعود.
وجاء السديد ابن الأنباري من عند السّلطان سنْجر، ومعه كتابه يقول فيه: أنا العبد المملوك.
ثمّ تواترت الأخبار بعزم مسعود على بغداد، وجمع وحشد، فبعث الخليفة إلى بكبة نائب البصرة، فوعدَ بالمجيء، ووصل إلى حلوان دبيس وهو شاليش عسكر مسعود، فجهّز الخليفة ألفيْ فارس تقدّمه، وبعث إلى أتابك زنكيّ، وكان مُنازِلًا دمشق ليسرع المجيء.
وبعث سَنْجَر إلى مسعود: أن هؤلاء الأمراء، وهم البازدار وابن برسق، وقزل، وبرنقش، ما يتركونك تنال غَرَضًا لأنّهم عليك، وهم الّذين أفسدوا أمر أخيك طُغْرُل، فابعث إليَّ برؤوسهم، فأطلعهم على المكاتبة، فقبّلوا الأرض وقالوا: الآن علمنا أنّك صافٍ لنا، فابعث دُبَيْسًا في المقدّمة، ثمّ اجتمعوا وقالوا: ما وراء هذا خير، والرأي أن نمضي إلى أمير المؤمنين، فإن له في رقابنا عهدًا، وكتبوا إليه: إنا قد انفصلنا عن مسعود، ونحن في بلاد برسُق، ونحن معك، وإلّا فاخطب لبعض أولاد السّلاطين، ونفّذه نكون في خدمته، فأجابهم: كونوا على ما أنتم عليه، فإني سائر إليكم، وتهيأ للخروج، فلما سمع مسعود بذلك ساق ليبيتهم، فانهزموا نحو العراق، فنهب أموالهم، وجاءت الأخبار، فهيأ لهم الخليفة الإقامات والأموال.
وخرج عسكر بغداد والخليفة، وانزعج البلد، وبعث مسعود خمسة آلاف ليكبسوا مقدّمة الخليفة، فبيّتوهم وأخذوا خيلهم وأموالهم، فأقبلوا عراة، ودخلوا بغداد في حالٍ ردية في رجب، فأطلق لهم ما أصلح أمرهم، وجاء الأمراء الكبار الأربعة في دجلة فأكرموا وخُلِع عليهم، وأُطلق لهم ثمانون ألف [ص:357] دينار، ووعدوا بإعادة ما مضى لهم، وقطعت خطبة مسعود وخطب لسنجر، وداود.
ثمّ برز الخليفة، وسار في سبعة آلاف فارس، وكان مسعود بهمذان في ألفٍ وخمسمائة فارس، ثم أفسد نيات نواب الأطراف بالمكاتبة، واستمالهم حتّى صار في نحو من خمسة عشر ألف فارس، وتسلَّل إليه ألفا فارس من عسكر المسترشد، ونفّذ زنكيّ إلى الخليفة نجدةً، فلم تلحق.
ووقع المصافّ في عاشر رمضان، فلمّا التقى الْجَمْعان هرب جميع العسكر الّذين كانوا مع المسترشد، وكان على ميمنته قزل، والبازدار، ونور الدولة الشحنة، فحملوا على عسكر مسعود، فهزموهم ثلاثة فراسخ ثمّ عادوا فرأوا المَيْسَرَة قد غدرت، فأخذ كلّ واحدٍ منهم طريقًا وأُسِر المسترشد وحاشيته، وأُخِذ ما معه، وكان معه خزائن عظيمة، فكانت صناديق الذَّهب على سبعين بغلًا أربعة آلاف ألف دينار، وكان الثّقْل على خمسة آلاف جَمَل، وخزانة السبق أربعمائة بغْل، ونادى مسعود: المال لكم، والدَّمُ لي، فمن قُتِلَ أَقَدْتُه، ولم يُقتل بين الصَّفَّيْن سوى خمسة أنْفُس غَلَطًا، ونادى: من أقام من أصحاب الخليفة قُتِلَ، فهرب النّاس، وأخذتهم التُّرْكُمان، ووصلوا بغداد وقد تشقَّقت أرجُلُهم، وبقي الخليفة في الأسر.
وبعث بالوزير ابن طِراد وقاضي القُضاة الزَّيْنبيّ، وبجماعةٍ إلى قلعة، وبعث بشحنة بغداد ومعه كتاب من الخليفة إلى أستاذ الدّار، أمره مسعود بكتابته، فيه: ليعتمد الحسين بن جَهِير مُراعاة الرّعيَّة وحمايتهم، فقد ظهر من الولد غياث الدّنيا والدّين، أمتع الله به في الخدمة ما صدقت به الظُّنُون، فلْيجتمع، وكاتب الزّمام وكاتب المخزن إلى إخراج العمّال إلى النّواحي، فقد ندب من الجانب الغياثيّ هذا الشِّحْنة لذلك، ولْيَهْتمّ بكِسوَة الكعبة، فنحن في إثر هذا المكتوب.
وحضر عيد الفِطْر، فنفر أهل بغداد، ووثبوا على الخطيب، وكسروا المنبر والشّبّاك، ومنعوه من الخطبة، وحثوا في الأسواق على رؤوسهم التُّراب يبكون ويضجّون، وخرج النّساء حاسراتٍ يندُبن الخليفة في الطُّرُق وتحت التّاج، وهمّوا برجْم الشحنة، وهاشوا عليه، فاقتتل أجناده والعوامّ، فقتِل من العوامّ [ص:358] مائة وثلاثة وخمسون نفْسًا، وهرب أبو الكَرَم الوالي، وحاجب الباب إلى دار خاتون، ورمى أعوان الشحنة الأبواب الحديد التي عَلَى السور، ونقبوا فِيهِ فتحات، وأشرفت بغداد على النَّهْب، فنادى الشِّحْنة: لَا ينزل أحدٌ في دار أحد، ولا يؤخذ لأحدٍ شيء، والسلطان جائي بين يدي الخليفة، وعلى كتفه الغاشية، فسكن النّاس، وطلب السّلطان من الخليفة نظرا الخادم فنفّذ، أطلقه، وسار بالخليفة إلى داود، إلى مراغة.
وقال ابن الجوزيّ: وزلزلت بغداد مِرارًا كثيرة، ودامت كلّ يومٍ خمس أو ست مرّات إلى ليلة الثّلاثاء، فلم تزل الأرض تَمِيد من نصف اللّيل إلى الفجر، والنّاس يستغيثون.
وتصّرف عمّال السّلطان في بغداد، وعوّقوا قرى وليّ العهد، وختموا على غلّاتها، فافْتَكّ ذلك منهم بستّمائة دينار، فأطلقوها، وتفاقم الأمر، وانقطع خبر العسكر، واستسلم الناس، ثمّ أرسل سَنْجَر إلى ابن أخيه مسعود يقول: ساعة وقوف الولد غياث الدّنيا والدّين على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين ويقبل بين يديه، ويسأله العفو والصفح، ويتنصل غاية التّنصُّل، فقد ظهرت عندنا من الآيات السّماويَّة والأرضية ما لَا طاقة لنا بسماع مثلها، فضلًا عن المشاهدة من العواصف والبُرُوق والزلازل، ودوام ذلك عشرين يومًا، وتشويش العساكر وانقلاب البلدان، ولقد خِفْت على نفسي من جانب الله وظهور آياته، وامتناع الناس من الصّلوات في الجوامع، ومنْع الخُطَباء ما لَا طاقة لي بحمله، فالله الله بتلافي أمرك، وتعيد أمير المؤمنين إلى مقّر عزّه، وتسلِّم إليه دُبَيْسًا ليحكم فيه، وتحمل الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء، كما جرت عادتنا وعادة آبائنا، فنفّذ مسعود بهذه المكاتبة مع الوزير، ونظر، فدخلا على الخليفة، واستأذنا لمسعود، فدخل وقبّل الأرض، ووقف يسأل العفو، فقال: قد عُفِي عن ذنْبك، فاسكن وَطِبْ نفسًا. [ص:359]
ثمّ عامله مسعود بما أمره به عمّه، وسأل من الخليفة أن يُشَفَّعه في دُبَيْس، فأجابه، فأحضروه مكتوفا بين أربعة أمراء، ومع واحد سيف مجذوب، وكَفَن منشور، وأُلقي بين يدي السّرير، وقال مسعود: يا أمير المؤمنين هذا السّبب الموجب لِما تمّ، فإذا زال السّبب زال الخلاف، ومهما تأمر نفعل به، وهو يبكي ويتضرع ويقول: العفو عند القدرة، وأنا أقَلّ وأَذَلّ، فعفي عنه وقال: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} فحلوه، وقبّل يد أمير المؤمنين وأَمرَّها على وجهه، وقال: بقرابتك مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلّا ما عفوت عنّي، وتركتني أعيش في الدّنيا، فإنّ الخوف منك قد برح بي.
وأمّا بكبة شِحْنة بغداد، فإنّه أمر بنقْض السور ببغداد، فنقضت مواضع كثيرة، وقال: عمرتموه بفرح، فانقضوه كذلك، وضربت لهم الدبادب، وردوا الباب الحديد الّذي أُخِذ من جامع المنصُور إلى مكانه.
وقدم رسولٌ ومعه عسكر يستحث مسعودا من جهة عمّه على إعادة الخليفة إلى بغداد، فجاء في العسكر سبعة عشر من الباطنيَّة، فذُكر أنّ مسعودًا ما علم بهم، فالله أعلم، فركب السّلطان والعساكر لتلقي الرسول، فهجمت الباطنيَّة على الخليفة، ففتكوا به رحمه الله، وقتلوا معه جماعة من أصحابه، فعلم العسكر، فأحاطوا بالسُّرادق فخرج الباطنيَّة وقد فرغوا من شُغلهم، فقُتِلَوا، وجلس السّلطان للعزاء، ووقع النّحيب والبكاء، وذلك على باب مَرَاغة، وبها دُفن.
وجاء الخبر، فطلب الرّاشد النّاس طول الليل فبايعوه ببغداد، فلمّا أصبح شاع قتْله، فأغلق البلد، ووقع البكاء والنّحيب، وخرج النّاس حُفاةً مخرقين الثّياب، والنّساء منشّرات الشُّعور يلْطِمْن، ويقُلْن فيه المراثي على عادتهنّ، لانّ المسترشد كان محبَّبًا فيهم بمرة، لما فيه من الشّجاعة والعدل والرَّفْق بهم.
فمن مراثي النّساء فيه:
يا صاحب القضيب ونور الخاتم ... صار الحريم بعد قتلك مأتم
اهتزّت الدّنيا ومَن عليها ... بعد النّبيّ ومن ولي عليها
قد صاحت البومة على السُّرادق ... يا سيّدي ذا كان في السّوابق
تُرَى تراك العين في حريمك ... والطرحة السوداء على كريمك
وَعُمِلَ العزاء في الدّيوان ثلاثة أيام، تولى ذلك ناصح الدّولة ابن جَهير، وأبو الرّضا صاحب الديوان، ثم شرعوا في الهناء، وكتب السلطان إلى [ص:360] الشِّحنة بكبة أن يبايع للرّاشد، وجلس الرّاشد في الشباك في الدار المثمنة المقتدوية، وبايعه الشحنة من خارج الشّبّاك، وذلك في السابع والعشرين من ذي القعدة، وظهر للنّاس، وكان أبيض جسيمًا بحمرةٍ مستحسنا، وكان يومئذٍ بين يديه أولاده وإخوته، ونادى بإقامة العدل ورد بعض المظالم.
وفي أيّام الغدير ظهر التَّشيُّع، ومضى خلقٌ إلى زيارة مشهد علي ومشهد الحسين.
وفيها نازل زنكيّ دمشق، وحاصرها أشدّ حصار، فقام بأمر البلدان أتمّ قيام، وأحبّه النّاس، فجاء إلى زنكي رسول المسترشد بالله يأمره بالرحيل.
وفي ذي القعدة سار السّلطان سَنْجَر بالجيوش إلى غَزْنَة فأشرف عليها، وهرب منه ملكها، فأمّنه ونهاه عن ظُلْم الرّعيَّة، وأعاده إلى مملكته، وهو بهرام شاه، ورجع السّلطان فوصل بلْخ في شوّال من سنة ثلاثين.(11/355)
-سنة ثلاثين وخمسمائة
جاء برنقش بأمورٍ صعبة، فقالوا للراشد بالله: جاء مطالبًا بخطٍ كتبه المسترشد بالله لمسعود ليتخلص من أسره بمبلغ، وهو سبعمائة ألف دينار، ويطالب لأولاد صاحب المخزن بثلاثمائة ألف، وبقسط على أهل بغداد خمسمائة ألف دينار، فاستشار الراشد الكبار، فأشاروا عليه بالتجنيد، وأرسل الخليفة إلى برنقش: أما الأموال المضمونة فإنما كانت لإعادة الخليفة إلى داره، وذلك لم يكن، وأنا مطالب بالثّأر، وأما مال البيعة، فلَعَمري، لكن ينبغي أن تُعاد إلى أملاكي وإقطاعي، حتى يتصوَّر ذلك، وأما الرعيَّة فلا سبيل لكم عليهم، وما عندي إلّا السّيف، ثمّ أحضر كجبة وخلع عليه، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وقال له: دون بهذه عسكرا، وجمع العساكر، وبعث إلى برنقش يقول: كنا قد تركنا البلد مع الشِّحْنة والعميد، فلما جئت بهذه الأشياء فعلنا هذا.
وانزعج أهل بغداد، وباتوا تحت السّلاح، ونقل النّاس إلى دار الخلافة ودار خاتون متاعهم، وقيل للخليفة: إنهم قد عزموا على كبس بغداد وقت الصّلاة، فركب العسكر، وحفظ النّاس البلد، وقطع الجسر، وجرى في أطراف البلد قتال قويٌ.
وفي صَفَر قدِم زنكيّ، والبازدار، وإقبال، عليهم ثياب العزاء، وحسّنوا للراشد الخروج فأجابهم، واستوزر أبا الرضا بن صَدَقة، واتفقوا على حرب [ص:361] مسعود، وجاء السّلطان داود بن محمود فنزل بالمزرفة، ثمّ دخل دار المملكة، وأظهر العدل، وجاء إليه أرباب الدّولة ومعهم تقدمة من الراشد، فقام ثلاث مرات، يقبل الأرض، وجاء صَدَقة ولد دُبَيْس ابن خمس عشرة سنة وقبّل الأرض بإزاء التّاج وقال: أنا العبد ابن العبد جئت طائعًا، وقطعت خطبة مسعود، وخطب لداود.
وقبض على إقبال الخادم ونُهب ماله، فتألّم العسكر من الخليفة لذلك، ونفَّذ زنكيّ يقول: هذا جاء معي، ويعتب ويقول: لَا بدّ من الإفراج عنه، ووافقه على ذلك البازدار، وغضب كجبة ومضى إلى زنكيّ، فرتَّب مكانه غيره، واستشعر العسكر كلهم وخافوا، وجاء أصحاب البازدار وزنكيّ فخرّبوا عقْد السُّور، فشاش البلد، وأشرف على النَّهْب، وجاء زنكيّ فضرب بإزاء التّاج، وسأل في إقبال سؤالًا تحته إلزام، فأطلق له.
وأما السّلطان مسعود فإنه أفرج عن الوزير ابن طِراد، وقاضي القُضاة والنّقيب وسديد الدّولة ابن الأنباريّ، فأما نقيب الطّالبيّين أبو الحسن بن المعمّر فتُوُفيّ حين أُخرج، وأما القاضي الزَّينبيّ فدخل بغداد سرًا، وأقام الباقون مع مسعود.
وقبض الراشد على أستاذ داره أبي عبد الله بن جَهِير، فخاف النّاس من الراشد وهابوه.
ثمّ نفّذ زنكيّ إلى الراشد يقول: أريد المال الّذي أُخذ من إقبال، وهو دخل الحلَّة، وذلك مال السّلطان، وتردد القول في ذلك، ثمّ نفّذ الراشد إلى الوزير ابن صَدَقة وصاحب الدّيوان يقول: ما الّذي أقْعَدكُما؟ وكانا قد تأخّرا أيامًا عن الخدمة خوفًا من الراشد، فقال ابن صَدَقة: كلّما أُشير به يفعل ضدّه، وقد كان هذا الخادم إقبال بإزاء جميع العسكر، وأشرت بأن لَا يُمسك، فما سمع مني، وأنا لَا أوثر أن تتغيّر الدّولة وينْسَب إليّ، فإن هذا ابن الهارونيّ الملعون قصْده إساءة السُّمْعة وإهلاك المسلمين، فقبض الخليفة على ابن الهارونيّ في ربيع الأوّل، فجاءت رسالة زنكيّ يشكو ما لقي من ابن الهاروني وتأثيراته في المكوس والمواصير، ويسأل تسليمه إلى المملوك ليقتله، فقال: ندبّر ذلك، ثمّ أمر الوالي بقتله فقتله، وصُلب وَمَثَّلَ به العوامّ، فسرقه أهله بالليل، وعفَّوْا أثره، وظهر له أموال، ووصل إلى الخليفة من ماله مائتا ألف، وأُقطِعت أملاك الوكلاء، وسببه أن زنكيّ طلب من الخليفة مالًا يجهّز به العسكر لينحدروا إلى [ص:362] واسط، فقال: الأموال معكم، وليس معي شيء، فاقطعوا البلاد.
ثمّ استقر أن يُدفع إلى زنكيّ ثلاثون ألفًا مصانعةً عن الأملاك، ثمّ بات الحَرَس تحت التاج خوفًا من زنكي، ثمّ أشار زنكيّ على ابن صَدَقة أن يكون وزيرًا لداود، فخلع عليه لذلك، ثمّ استوثق زنكيّ من اليمين من الخليفة وعاهده، وقبّل يده، وطلب الخليفة أبا الرضا بن صدقة فجاء، ففوض إليه الأمور كلها.
وأمر السّلطان داود والأمراء بالمسير لحرب مسعود، فساروا، فبلغهم أنّه رحل يطلب العراق، فردّهم الراشد وحلَّفهم، وقال: أريد أن أخرج معكم، فلما انسلخ شعبان خرج الخليفة ورحلوا، وخاف العّامة، وشرعوا في إصلاح السُّور، ولبِسوا السّلاح، فكان الأمراء ينقلون اللَّبِن على الخيل، وهم نقضوه.
وجاءت كتبٌ إلى سائر الأمراء من مسعود، فأحضروها جميعها إلى الخليفة، وأنكر شِحْنة بغداد المكاتبة وأخفاها، ثمّ كتب جوابها إلى مسعود، فأخذه زنكيّ فغرقه.
وفي وسط رمضان جاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد، ووقع القتال، وخامر جماعة أمراء إلى الخليفة، فخلع عليهم وقبَّلهم، ثمّ بعد أيّام كان وصول رسول مسعود يطلب الصّلح، فقُرِئت الرسالة على الأمراء، فأبوا إلّا القتال.
وصلّى النّاس العيد داخل السّور، فوصل يومئذٍ أصحاب مسعود فدخلوا الرّصافة، وكسروا أبواب الجامع ونهبوا، وقلّعوا شبابيك التُّرَب وعاثوا، وجاء مسعود في رابع شوّال في خمسة آلاف راكب على غفْلة، وخرج النّاس للقتال، ودام الحصار أيّامًا، وجاء ركابي لزنكيّ، فقتله العّيارون فقال زنكيّ: أريد أن أكبس الشّارع والحريم، وآخذ ما قيمته خمسمائة ألف دينار من الحرير والقماش والذهب والفضَّة.
ونفّذ مسعود عسكرًا إلى واسط فأخذها، والنُّعمانية فنهبها، فتبِعهم عسكر الخليفة ونُودي: لَا يبقى ببغداد أحد من العسكر، وخرج الراشد فنزل على صرصر، واستشعر بعض العسكر من بعض، فخشي زنكيّ من البازدار والبقش، فعاد إلى ورائه، فرجع أكثر العسكر منهزمين، ودخل الراشد بغداد، وقيل: إن مسعودًا كاتَب زنكيّ سرًّا، وحلف له أنه يُقِرّه على الموصل والشّام، وكاتب الأمراء أيضا فقال: مَن قبض منكم على زنكيّ أو قتله أعطيته بلاده، فعرف زنكي، فأشار على الراشد أن يرحل صُحْبته.
وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلًا وسار، وزنكي قائم ينتظره، [ص:363] فدخل دار برنقش، ولم ينم النّاس، وأصبحوا على خوفٍ شديد، وخرج أبو الكرم الوالي يطلب الخليفة فأُسر وحُمِل إلى مسعود، فأطلقه وأكرمه، وسلَّم إليه بغداد، ورحل الراشد يومئذٍ ولم يَصْحبه شيء من آلة السفر، لأنه لما بات في دار برنقش أصبحوا، ودخل خواصه يصلحون له آلة السفر، فرحل على غفلة.
ودخل مسعود بغداد، ونهب دوابَّ الْجُنْد، وجاء صافي الخادم فقال: لم يفعل الخليفة صوابًا بذهابه، والسّلطان له على نيَّة صالحة، وسكن النّاس. وأظهروا العدل، واجتمع القُضاة والكبار عند السّلطان مسعود، وقدحوا في الراشد، وبالغ في ذلك الوزير عليّ بن طِراد، وقيل: بل أخرج السلطان خط الراشد: إني متى جَنَّدْت أو خرجت انعزلت، فشهد العُدول أن هذا خط الخليفة، والقول الأول الأظهر.
ثمّ أحكم ابن طِراد النّوبة، واجتمع بكلٍ من القُضاة والفُقهاء، وخوّفهم وهدّدهم إن لم يخلعوه، وكتب محضرًا فيه: إنّ أبا جعفر ابن المسترشد بدا منه سوء أفعال وسفْك دماء، وفعل ما لَا يجوز أن يكون معه إمامًا، وشهد بذلك الهَيْتِيّ، وابن البيضاوي، ونقيب الطّالبيّين، وابن الرّزّاز، وابن شافع، ورَوْح بن الحُدَيْثيّ، وأُخر، وقالوا: إنّ ابن البيضاويّ شهد مُكْرَهًا، وحكم ابن الكرْخيّ قاضي البلد بخلْعه في سادس عشر ذي القعدة، وأحضروا أبا عبد الله محمد ابن المستظهر بالله، وهو عم المخلوع.
قال سديد الدولة ابن الأنْباريّ: أرسل السّلطان مسعود إلى عمّه السّلطان سَنْجَر: من نُوَلي؟ فكتب إليه: لَا تولّي إلّا من يضمنه الوزير، وصاحب المخزن، وابن الأنباريّ، فاجتمع مسعود بنا، فقال الوزير: نولي الزاهد الدين محمد ابن المستظهر، فقال: وتَضْمَنُه؟ قال: نعم، وكان صهرًا للوزير على بنته، فإنها دخلت يومًا في خلافة المستظهر، فطلب محمد ابن المستظهر هذا من أبيه تزويجها، فزوّجه بها، وبقيت عنده، ثمّ تُوُفّيت.
قلت: فبايعوه، ولُقِّب المقتفي لأمر الله، ولقب بذلك لسبب، قال ابن الجوزي: قرأتُ بخطّ أبي الفَرَج بن الحسين الحدَّاد، قال: حدَّثني من أثق به أنّ المقتفي رأى في منامه قبل أن يُسْتَخْلف بستَّة أيام رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يقول له: " سيصل هذا الأمر إليك، فاقتف بي "، فلُقِّب المقتفي لأمر الله، ثمّ بويع اليوم الثاني البيعة العامة في محفلٍ عظيم، وبعث مسعود بعد أن أظهر العدل، ومهد بغداد، فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دوابّ، وأثاث، وذهب، وسُتُور، [ص:364] وسُرَادق، ومساند، فلم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس، وثمانية أبغال برسم الماء، فيقال: إنهم بايعوا المقتفي على أن لَا يكون عنده خيل ولا آله سَفَر، وأخذوا من الدّار جواري وغلمانًا، ومضت خاتون تستعطف السلطان، فاجتازت بالسوق وبين يديها القراء والأتراك، وكان عندها حظايا الراشد وأولاده، فأطلق لهم القرى والعقار، ثمّ إنّ السّلطان ركب سفينة، ودخل إلى المقتفي، فبايعه يوم عَرَفة، وفي ثاني الأضحى وصلت الأخبار بأنّ الراشد دخل الموصل، وبلغه أنّه خُلِع من الخلافة.
وفي جُمادى الأولى ولي أتابكية جيش دمشق الأمير أمين الدولة كُمُشْتِكين الأتابكي الطُّغتِكيني، واقف الأمينّية، متولّي بُصرى وصَرْخَد، وأُنزل في دار الأتابك بدمشق، وخلع عليه، ثمّ بعد يومين قُتِلَ الأمير يوسف بن فيروز الحاجب في الميدان، وكان من أكبر الأمراء، تملّك مدينة تدْمُر مدَّةً، وكان فيه ظُلْم وشرّ، شدّ عليه الأمير بُزْواش فقتله، ثمّ حُمِل إلى المسجد الّذي بناه فيروز بالعقيبة، فدفن في تربته، وجَرَت أمور، ثمّ صُرِف أمين الدّولة، وولي الأتابكية الأمير بُزْواش المذكور، ولُقِب بجمال الدّين، وتوجّه أمين الدّولة مُغاضبًا إلى ناحية صَرْخَد.
وفيها، في أيّار، جاء بدمشق سيلٌ عظيم لم يُسمع بمثله، وطلعت على البلد سحابة سوداء، بحيث صار الجوّ كالليل، ثمّ طلع بعدها سحابة حمراء، صار النّاظر يظنّها كالنار الموقدة.
وفي شَعْبانها، اجتمعت عساكر حلب مع الأمير سوار نائب حلب، وكبسوا اللاذقيَّة بغتة، فقتلوا وأسروا وغنموا، قال ابن الأثير: كانت الأسرى سبعة آلاف نفس بالصغار والكبار، ومائة ألف رأس من الدواب والمواشي، وخَربوا اللاذقية، وخرجوا إلى شَيْزَر سالمين، وفرح المسلمون بذلك فرحًا عظيمًا، ولم يقدر الفرنج، لعنهم الله، على أخذ الثأر عجزًا ووهنًا، فلله الحمد.(11/360)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(11/365)
-سنة إحدى وعشرين وخمسمائة(11/365)
1 - أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن الشفنين عُبَيْد الله بن محمد بن أبي عيسي بن المتوكل، أبو السّعادات المتوكّليّ الهاشميّ البغدادي. [المتوفى: 521 هـ]
شريف صالح، حافظ لكتاب الله، سمع الكثير، وحدَّث عن أبي بكر الخطيب، وابن المسلمة، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزيّ، وعبد الرحمن بن جامع بن غُنَيْمَة.
قال أبو بكر المفيد: ختم أبو السّعادات القرآن في التراويح ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان، ورجع إلى بيته، فوقع من السَّطح في محلَّة التّوثة، ومات لساعته، وعاش ثمانين سنة.(11/365)
2 - أحمد بن ثابت بن محمد أبو العبّاس الطَّرْقيّ الحافظ، [المتوفى: 521 هـ]
نزيل يزد. وطرق: من قُرى أصبهان. ويزد: بين أصبهان وكرْمان من نواحي إصْطَخْر.
كان حافظًا عارفًا بالفقه والأصول والأدب، حَسَن التّصنيف، رحل وسمع أباه، وأبا عَمرو بن مَنْدَهْ، والمُطَهَّر بن عبد الواحد البُزَاني، ورحل إلى نَيْسابور، وإلى الأهواز، وهَرَاة.
قال ابن السّمعانيّ: سمعت جماعة من الشّيوخ يقولون إنّه كان يقول: إن الروح قديمة. [ص:366]
توفي بعد العشرين وخمسمائة بَيزْد.
قال عبد الخالق بن أحمد بن يوسف: تُوُفّي في شوّال سنة إحدى وعشرين، وقد سمع ببغداد من أبي القاسم عليّ ابن البُسْريّ، وأبي نصر الزَّيْنَبيّ، وبَهَراة: شيخ الإسلام.(11/365)
3 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن الحارث، أبو المظفر الأصبهاني خورست، [المتوفى: 521 هـ]
أخو أبي بكر محمد.
روى عن علي بن القاسم المقرئ، وعنه أبو موسى المَدِينيّ، وقال: توفى في ذي القعدة.(11/366)
4 - أحمد بن عبد السلام بن محمد المَدِينيّ، أبو عبد الله الصُّوفيّ ابن الصُّوفيّ، [المتوفى: 521 هـ]
شيخ الصُّوفيَّة بنَيْسابور بدُوَيْرة السُّلَميّ.
سمع من أبى سعيد الحبيبيّ، وأبى القاسم القُشَيْريّ، وله نفسٌ وقبول عند الصُّدور، وإنفاق على الصُّوفيَّة ومعرفة برسومهم.(11/366)
5 - أحمد بن محمد بن عبد الوهاب، أبو البركات الدّبّاس، [المتوفى: 521 هـ]
أخو الشَيخ أبي عبد الله البارع.
سمع أبا يعلى ابن الفرّاء، والحسن بن غالب المقرئ، روى عنه المبارك بن أحمد الأنصاري، وذاكر بن كامل، وابن بوش.
مات في سابع شوّال.(11/366)
6 - أحمد بن محمد بن علي بْن محمد بْن عبد العزيز بْن حمدين، أبو القاسم التغلبي الأندلسي، [المتوفى: 521 هـ]
قاضي الجماعة بقُرْطُبة.
تفقّه على أبيه، وسمع من محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغسّاني، وجماعة، وتقلّد القضاء مَرتين، وكان نافذًا في أحكامه، جزْلًا في أفعاله، من بيت علم وجلالة.
توفي على القضاء في ربيع الآخر، وصلّى عليه ابنه أبو عبد الله، وعاش خمسين سنة.(11/366)
7 - أحمد بن منصور بن شاه ملك بن أبي العباس بن الخَضِر، الإمام أبو نصر المرغينانيُّ الدِّهْقان. [المتوفى: 521 هـ]
حدث عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن إبراهيم المروزي المطَّوعي، ودخل بُخارى وسمرقند.
قال عمر بن محمد النَّسفي: بلغ مائة وسبع سنين، وتوفي في عاشر جمادى الآخرة.(11/367)
8 - حامد بن محمد بن حامد بن محمود، أبو منصور الأصبهاني الحداد. [المتوفى: 521 هـ]
روى عن أبي طاهر بن محمود الثَّقفي. وعنه أبو موسى، وقال: مات في محرم.(11/367)
9 - الحسين بن أبي نصر ابن رئيس الرُّؤساء. [المتوفى: 521 هـ]
روى عن نسيبه أبي جعفر ابن المُسْلِمَة. وعنه المبارك بن كامل، وتوفي في ربيع الأول.(11/367)
10 - حَمْد بن رضوان، أبو غانم الكرمانيُّ، [المتوفى: 521 هـ]
من أهل بَرْدَسِير كَرْمان.
سمع من سعيد العيَّار، وأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرَّازي. مات في صفر عن اثنتين وثمانين سنة.(11/367)
11 - عبد الله بن أحمد بن حسن بن طاهر البغداديُّ العلاَّف الشافعيُّ الفرضيُّ. [المتوفى: 521 هـ]
سمع من هنَّاد النَّسفيِّ، وابن هزارمرد الصَّريفيني. وعنه جماعة منهم: أبو المُعَمَّر الأنصاري، ويحيى بن بَوْش.
مات في ذي الحجَّة.(11/367)
12 - عَبْد اللَّه بْن القاسم بن المُظَفَّر بن عليّ، أبو محمد الشَّهْرَزُوريُّ المَنْعوت بالمُرْتَضَى، [المتوفى: 521 هـ]
والد القاضي كمال الدِّين.
كان واعظاً، رشيقاً، أديباً، شاعراً، وله قصيدة طنَّانة طويلة على طريقة الصُّوفية وهي: [ص:368]
لمعت نارُهم وقد عَسْعَسَ اللَّيـ ... ـل ومَلَّ الحادي وحار الدَّليل
فتأملتها وفكري من البَيْـ ... ـن عليلٌ ولحظُ عيني كَلِيل
وفؤادي ذاك الفؤاد المُعَنَّى ... وغَرَامي ذاكَ الغَرامُ الدَّخِيل
ثم قابلتُهَا وقلتُ لصَحْبي ... هذه النَّار نارُ ليلى فميلوا
وهي نحو أربعين بيتاً.(11/367)
13 - عبد الله بن أبي بكر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن جعفر بن عُزيزة الأصبهانيُّ المُعَدَّل، [المتوفى: 521 هـ]
إمام الجامع العتيق.
كان من نُبَلاء الشُّيوخ. روى عن المصقليين. روى عنه أبو موسى المديني، وقال: توفي فِي المحرَّم.(11/368)
14 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن السِّيد، أبو محمد البطليوسيُّ النَّحويُّ، [المتوفى: 521 هـ]
نزيل بلَنْسية.
روى عن أخيه عليّ، وعاصم بن أيوب الأديب، وأبي عليّ الغسَّاني، وأبي سعيد الورَّاق.
قال ابن بَشْكُوال: كان عالماً باللُّغات والآداب مستبحراً فيها، مقدَّمًا في معرفتها يجتمع النَّاس إليه، ويقرؤون عليه. وكان حسن التَّعليم، صنَّف كُتباً حساناً، منها: كتاب "الاقتضاب في شرح أدب الكُتَّاب"، وكتاب "التَّنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة"، وكتاباً في شرح "الموطأ". كتب إلينا بجميع مروياته، وأنشدني محمد بن يوسف صاحبنا أنَّ ابن السِّيد أنشده لنفسه:
أخو العلم حيّ خالد بعد مَوْته ... وأوصاله تحت التُّراب رميم
وذو الجهل ميِّتٌ وهو ماش على الثَّرى ... يظنُّ من الأحياء وهو عديم
ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وتوفي في نصف رجب ببلنسية.
وقال غيره: إنه صنَّف "المثَلَّث" في اللغة، وكتاب "شرح سقط الزَّند"، وكتاب "الاسم والمُسمَّى"، وله يمدح المستعين بن هود: [ص:369]
هم سلبوني حُسْنَ صبري إذ بانوا ... بأقمار أطواق مطالعها البان
لئن غادروني باللوى ... إنَّ مهجتي مسايرة أضعانَهُم حيثما كانوا
سقى عهدهم بالخيف عهد غمائم ... ينازعُها مُزْنٌ من الدَّمْع هتَّان
أأحبابنا هل ذلك العهد راجع ... وهل لي عنكم آخر الدَّهر سُلْوان
ولي مُقْلَة عَبْرَى وبين ... جوانحي فؤاد إلى لقياكم الدَّهْر حنَّان
تنكرت الدُّنيا لنا بعد بُعْدكم ... وحلَّت بنا من مُعْضَل الخطب ألوان(11/368)
15 - عبد الجبار بْن إبراهيم بْن أَبِي عَمْرو عبد الوهَّاب ابن الإمام أبي عبد الله بن منده، أبو نصر العبديُّ الأصبهانيُّ. [المتوفى: 521 هـ]
صالح، خيِّر، راغب في الخير. جاور بمكة زماناً، سمع جدَّه أبا عمرو، وعمَّ أبيه أبا القاسم، وأبا عيسى بن زياد، وأبا بكر بن ماجه، وسمع ببغداد من ابن البَطِر، والنِّعالي.
وكان مولده في ربيع الآخر سنة ثمان وستين وأربعمائة، فعلى هذا سماعه من عم أبيه حضور، وتوفي بمكة في رمضان.
روى عنه أبو موسى المديني، وقال: شيخُ الحرم سنين عدة، قَدِمَ علينا سنة عشرين ثم رجع فمات بها.(11/369)
16 - عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن نُصَيْر، أبو سعد البُرُوجرديُّ الفقيه. [المتوفى: 521 هـ]
قَدِمَ بغداد، وتفقَّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيُّ، وسمع الحديث من عبد الصمد ابن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي بالله.
قال ابن السَّمعاني: حدَّثنا عنه أحمد بن حامد الثَّقفي، وعبد الغفار بن يحيى الهمذاني، وتوفي بعد سنة إحدى وعشرين.(11/369)
17 - عبد الرحمن بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف، أَبُو الْحَسَن بن عفيف، وعفيف جدّه لأمه، الأُمَويّ الطُّلَيطُليّ، [المتوفى: 521 هـ]
نزيل قُرْطُبَة.
سمع قاسم بن محمد بن هلال، وجُمَاهِر بن عبد الرحمن، وأجاز له محمد بن عَتَّاب مَرْويّاته.
وكان فاضلًا عفيفًا يعِظ النَّاس، ويُصلى بجامع قُرْطُبَة، وكانت العامَّة تعظّمه لصلاحه، ولم يكن بالضابط، كان كثير الوهْم في الأسانيد، قاله ابن [ص:370] بَشْكُوال وقال: روينا عنه، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وولد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة.(11/369)
18 - عبد الملك بن أحمد بن الحسين بن قريش، أبو سعد القزاز، [المتوفى: 521 هـ]
من محلة النصرية.
سمع ابن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وعنه ذاكر بن كامل، مات في رجب، حدث باليسير.(11/370)
19 - عبد الوهّاب بن عبد الله بن عبد العزيز، أبو محمد الصَّدَفي القُرْطُبيّ. [المتوفى: 521 هـ]
أخذ عن أبي بكر المرادي، وتفقّه على أبي الوليد هشام بن أحمد، وكان ملازمًا لمجلس أبي الوليد بن رشد، وكان حافظًا للفقه، ذاكرًا للمسائل والفرائض والأصول.
توفي في ذي الحجة.(11/370)
20 - عبد الوهَّاب ابن المعتمد على الله محمد بن عبّاد بن محمد بن إسماعيل، أبو محمد اللَّخميُّ الإشبيليُّ. [المتوفى: 521 هـ]
أخذ عن مالك بن وُهَيْب، وأبي الحسن بن الأخضر العربية، وأخذ عن شهاب بن محمد الطِّبَّ. وتفقَّه بعد خلع أبيه بمراكش على مالك بن وُهَيْب ولزمه. ثم أمَّ بجامع مراكش.
وكان خيِّراً وقوراً، نزهاً، رئيساً.
توفي بعد العشرين وخمسمائة.(11/370)
21 - عبيد الله بن عبد الكريم بن هوازن، أبو الفتح ابن القُشيريِّ، النَّيسابوريُّ الصوفيُّ. [المتوفى: 521 هـ]
فاضل عابد، له مصنفات في علم القوم، سكن إسفرايين،
وَحَدَّثَ عَنْ: [ص:371] أبيه، وعمر بْن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسيُّ، وأبي سعد محمد بن عبد الرحمن، وجماعة.
وحج سنة ثمانين وأربعمائة، وحدَّث ببغداد، وبقي إلى هذا العام،
وتوفي برجب،
ذكره ابن النَّجَّار، ولم يذكر أحداً روى عَنْهُ.(11/370)
22 - علي بْن عَبْد الله بْن محبوب، الطَّرَابُلُسيّ المغربي. [المتوفى: 521 هـ]
قال السِّلَفيّ: قدِم الإسكندرية متفقّهًا، وكان له اهتمام بالتواريخ، صنف تويريخًا لطرابلس حدثني به، وكتب عني، وكان فاضلًا في فنون، تُوُفّي بمكة.(11/371)
23 - على بن عبد الواحد بن أحمد، أبو الحسن الدِّينَوَري، ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 521 هـ]
سمع أبا الحسن القَزْوينيّ، وأبا محمد الخلّال، وابا محمد الجوهريّ، وغيرهم، روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، والحافظ ابن عساكر، وأخوه الصّائن، وابن الجوزيّ.
قال ابن السّمعانيّ: كان صاحب الخبر، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.(11/371)
24 - علي بن محمد بن أبي الفتح بن بحسول الهمذاني الفقيه. [المتوفى: 521 هـ]
رحل إلى بغداد وسمع أبا القاسم بن بيان، وبهمذان من مكي بن منصور الكرجي، وحدث في هذا العام.(11/371)
25 - علي بن المبارك بن علي ابن الفاعوس، أبو الحسن البغدادي، الإسكاف، الزّاهد. [المتوفى: 521 هـ]
كان شيخًا صالحًا، خيِّرًا، عابدًا، متقشّفًا، من أصحاب الشّريف أبي جعفر بن أبي موسى، كان يقرأ للنّاس يوم الجمعة الحديث بلا سَنَد، وكان صاحب إخلاص، وله قبولٌ تام عند العامة.
سمع أبا يعلى ابن الفّراء، وأبا منصور العطّار، روى عنه أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر. [ص:372]
قال أبو سعد السّمعاني: سمعت أبا القاسم بدمشق يقول: ابن الفاعوس كان يتعسر في الرّواية، وأهل بغداد يعتقدون فيه، وأبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ كان يقول: إن أبا بكر ابن الخاضبة يقول لابن الفاعوس الحَجَريّ لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمينُ الله حقيقةً.
قلت: هذا تشغيب وأذية لرجلٍ صالح، وإلا فهذا نزاع مَحْض في عبارة، وعرفنا مُراده بقوله: يمينُ الله حقيقةً، كما تقول: بيت الله حقيقةً، وناقة الله حقيقةً، إذ ذلك إضافة ملك وتشريف، فهي إضافة حقيقية، وإن شئت قلت: يمين الله مَجَازًا، وهو أفصح وأظهر، لأنّ في سياق الحديث ما يوضَّح ذلك، وهو قوله: " فمن صافَحَه فكأنما صافح الله: يعني هو بمنزلة يمين الله في الأرض، قال غير واحد: حدثنا يحيى بن سليم، عن ابن جريج، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الرُّكْنَ الأَسْوَدَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ، يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ مُصَافَحَةَ الرَّجُلِ أَخَاهُ.
وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرُوِيَ بإسناد آخر، عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حسين، عن ابن عباس.
ورواه عبد الرّزّاق، عن أبيه، عن وهْب بن منبّه، قوله.
فإما أن يكون أراد به يمين الله، استغفر الله، حقيقة باعتبار صفة الذّات، فهذا لَا يعتقده بشرٌ، فضلًا عن أنْ يعتقده مسلم، بل ولا يدور في ذهْن عاقل.
وأما قوله: كان يتعسّر في الرواية، فكان يفعل ذلك إزراءً على نفسه، وتفويتًا لحظَّة، وقد رأينا غير واحدٍ من الصالحين يمتنع من الرواية، ولكن من فعل ذلك ثقالةً ونكادةً كابن يوسف الإرْبِليّ وغيره من شيوخنا، فهو مذموم.
وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ: تُوُفّي في تاسع عشر شوّال، وانقلبت [ص:373] بغداد بموته، وغُلِّقَت الأسواق، وضجّ العوامّ بذِكْر السّنة، ولعن أهل البِدَع، ودُفن بمقبرة الإمام أحمد.(11/371)
26 - فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلُوَيْه الرازي، العالمة المعروفة ببنت حمزة. [المتوفى: 521 هـ]
واعظة مشهورة ببغداد، متعبدة، لها رباط يأوي إليه النّساء، رَوَت عن ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب، روى عنها: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفيت في ربيع الأول، وروى عنها: ابن ناصر، وأبو الفرج ابن الجوزي.(11/373)
27 - كافور الحبشيُّ الليثيُّ الصُّوريُّ، أبو الحسن. [المتوفى: 521 هـ]
مصريُّ المولد والولاء، سكن صور، ورحل وطوَّف، وكان ذا معرفة باللغة والأدب والشِّعر، كثير السَّماع؛ رحل إلى خراسان وما وراء النَّهر، سمع الفقيه نصراً المقدسيَّ بدمشق، ومقلَّد بن القاسم بالإسكندرية، ومالكاً البانياسيَّ ببغداد، وسكن بغداد.
روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ويحيى بن بَوْش، وكان خصيًّا.
توفي في رجب، ومن شعره وكتب بهما إلى الرئيس محمد بن منصور البيهقي:
هل من قرىً يا أبا سعد بن منصور ... لخادم قادم وافاك من صور
شعاره إن دنت دار وإن بَعُدت ... الله يُبْقي أبا سَعْد بن منصور(11/373)
28 - محمد بن أَحْمَد بن مُطَرِّف، أبو عبد الله البكريُّ الأندلسيُّ المقرئ. [المتوفى: 521 هـ]
أخذ عن أحمد بن أبي عمرو المقرئ، وأبي علي بن مُبشِّر، وأبي الوليد الباجي. أخذ عنه جماعة، وتوفي بالمرية.(11/373)
29 - محمد بن الحسين بن بندار، أبو العز الواسطيُّ القلانسيُّ، [المتوفى: 521 هـ]
مقرئ العراق وصاحب التصانيف في القراءات.
قرأ بالروايات على أبي عليّ غلام الهرَّاس، وأخذ عن أبي القاسم [ص:374] الهُذَلي، وروى عنه كتاب "الكامل" تأليفه، ورحل إلى بغداد سنة إحدى وستين، وسمع أبا جعفر ابن المُسْلِمَة، وابن المأمون، وأبا الحسين ابن المُهْتدي بالله.
قال ابن السَّمعاني: قرأ عليه عالم من النَّاس، ورُحِلَ إليه من الأقطار وسمعت عبد الوهَّاب الأنماطي نسب أبا العز القلانسي إلى الرَّفض وأساء الثناء عليه.
قال أبو سعد السَّمعاني: ثم وجدت لأبي العز أبياتاً في فضيلة الجماعة.
وقال الحافظ ابن ناصر: ألحق سماعه في جزء من كتاب "هاءات الكناية" لابن أبي هاشم من أبي علي ابن البنَّاء بعد أن لم يكن سماعه فيه.
وقال أبو سَعْد: سمعت أبا بكر المبارك بن غالب المفيد يقول: قرأ ابن ميمون، صبي كان سمع معنا، على أبي العز القلانسي وما كان يحسن أن يقرأ، فكتب له بخطه: قرأ عليَّ فلان وجوَّد، فقلنا له: كيف جوَّد القراءة. قال: يا سيدي جوَّد الذَّهب!
وقال ابن النَّجَّار: سمعتُ أبا العباس أحمد ابن البندنيجي يقول: سألت شيخنا أبا جعفر أحمد بن أحمد ابن القاص: هل قرأت على أبي العز القلانسي؟ فقال: لمَّا قَدِمَ القلانسيُّ إلى بغداد أردت أن أقرأ عليه، فطلب مني ذهباً، فقلت له: والله إني قادر على ما طلبت مني ولكنِّي لا أعطيك على القرآن أجراً، ولم أقرأ عليه.
وقال السِّلفي: سألت الحَوْزي عن أبي العز بن بندار، فقال: هو أحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن، قرأ على غلام الهرَّاس، وبرع في القراءات وسمع من جماعة، وهو جيِّد النَّقل ذو فَهْم فيما يقوله.
وقال أبو سعد السَّمْعاني: وأنشدنا سعد الله بن محمد المقرئ بالدَّسكرة، قال: أنشدني أبو العز لنفسه.
إن من لم يقدِّم الصِّديقا ... لم يكن لي حتى الممات صديقا
والذي لا يقول قولي في الفا ... روق أنوي لشخصه تفريقا
ولنار الجحيم باغض عثما ... ن ويهوي منها مكاناً سحيقا [ص:375]
من توالى عندي عليًّا وعادا ... هم طُرًّا عددته زنديقا
قلت: قرأ عليه أبو محمد سبط الخيَّاط، وأبو الفتح المبارك بن زُرَيْق الحدَّاد، وأبو بكر عبد الله بن منصور الباقِلانيّ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر البطائحي، وعليّ بن مُظَقَّر الواسطي الخطيب، وخلق.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: توفي في شوَّال بواسط، وولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.(11/373)
30 - محمد بن عبد الرحمن بن أَحْمَد بن خلصة، أبو عبد الله اللَّخميُّ البلنسيُّ النَّحويُّ اللغويُّ. [المتوفى: 521 هـ]
سمع أبا عليّ بن سُكَّرة، وصحب أبا بكر ابن العربي، وعاجلته المنيَّة.
قال ابن الأبَّار: كان أستاذاً في علم اللِّسان، مقدَّمًا في العربية والأدب، فصيحاً مفوهاً، حافظاً للغات، وله يد في النَّثْر. أقرأ بدانية وبلنسية "كتاب" سيبوية. أخذ عنه أبو بكر بن رزق وزيد ابن الصَّفَّار، وتوفي في المحرَّم.(11/375)
31 - محمد بن عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد، أبو الحسن الهمذانيُّ الفرضيُّ، [المتوفى: 521 هـ]
ابن الشيخ أبي الفضل.
جمع تاريخاً في الملوك والدُّول، وله تصانيف، وكان مطبوعاً كيِّساً ظريفاً. روى عن أبي الحسين ابن النَّقُّور وغيره. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر.
وقال ابن النَّجَّار: كان فاضلاً، حسن المعرفة بالتواريخ والدُّول والملوك والحوادث، وبه خُتِمَ هذا الفن، ذيَّل "تاريخ" محمد بن جرير، وله كتاب "عنوان السِّير"، وكتاب "أخبار الوزراء"، وكتاب "طبقات الفقهاء". وله ذيل ذيّله على "تاريخ" الوزير أبي شجاع التالي لكتاب "تجارب الأمم" لمسكويه. وتوفي في سادس شوال، ودفن إلى جانب قبر الإمام أبي العباس بن سُرَيْج.
ذكره ابن الجوزي، وقال: ذكر عنه شيخنا عبد الوهاب، يعني [ص:376] الأنماطي، ما يوجب الطَّعن فيه، وتوفي فجاءة.(11/375)
32 - محمد بن الفضل بن محمد، أبو طاهر الأصبهانيُّ الحدَّاد البيِّع. [المتوفى: 521 هـ]
حدَّث بكرمان عن أحمد بن محمود الثَّقفي "بمعجم أبي يعلى" عن ابن المقرئ عنه.
مات في سادس شوال: أجاز للسَّمعاني.(11/376)
33 - هبة الله بن عبد الله بن الحسن ابن البصيدائي، وبصيدا: من قرى بغداد، أبو البقاء، [المتوفى: 521 هـ]
أحد الرؤساء والأكابر.
سمع أبا محمد الجوهريّ، وغيره، روى عنه أبو المعمّر الأنصاريّ، وأبو القاسم الحافظ، وتوفي في صفر.(11/376)
34 - يحيى بن عُبَيْد بن سعادة، الزّاهد الخيّر، [المتوفى: 521 هـ]
من أهل الإسكندرية.
قال السلفي: أجبرنا عن أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم الرّازي.(11/376)
35 - يحيى بن عَمرو بن بقاء، أبو بكر الجذامي المرجونيّ. [المتوفى: 521 هـ]
نزل قُرْطُبَة، وأخذ بها عن محمد بن فَرَج الفقيه، وأبي عليّ الغسّانيّ، وتفقّه عند أبي الحسن بن حمدين، وكان حافظًا للفقه، بارعًا في معرفة الشّروط، حصّل منها دنيا.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله بضعٌ وستّون سنة.(11/376)
-سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة(11/377)
36 - الحسن بن عليّ بن صَدَقة، أبو عليّ الوزير جلال الدّين، [المتوفى: 522 هـ]
وزير المسترشد بالله.
كان من رجال الدّهر رأيًا وحزْمًا، وله في مخدومه المسترشد بالله:
وجَدتُ الوَرَى كالماء طعْمًا ورِقَّةً ... وأَنّ أمير المؤمنين زُلالُهُ
وصوَّرْتُ مَعْنَى العقل شخصًا مصوَّرًا ... وأنَّ أمير المؤمنين مِثالُهُ
ولولا مكان الدّين والشَّرْع والتُّقَى ... لَقُلتُ من الإعظام: جل جلاله
توفي في غرة رجب، قاله ابن الجوزيّ.
وقد تكرر ذِكره في الحوادث.
وذكره ابن النّجّار، فقال: وُلد بنصيبين سنة تسعٍ وخمسين، وخدم إبراهيم بن قرْواش صاحب الموصل، فلما أُمسك هرب جلال الدّين إلى بغداد، ثمّ خدم بها، ولم يزل في ارتقاء إلى أن تزوَّج بابنة الوزير ابن المطلب، ثم ولي الوزارة في سنة ثلاث عشرة، ثمّ قُبض عليه بعد ثلاث سنين، ونُهبت داره، ورضوا عنه، ثمّ أعيد إلى الوزارة سنة سبْع عشرة، فكان يومًا مشهودًا، وكان منشئًا بليغًا أديبًا.(11/377)
37 - الحسين بن علي بن أبي القاسم، الشَيخ أبو علي الّلامشيّ السَّمَرْقنْدي الحنفي. [المتوفى: 522 هـ]
قال السّمعاني: إمام فاضل متديّن يُضرب به المثل في النَّظر وعلم الخِلاف، وكان على طريقة السَّلف من طَرْح التّكلُّف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، روى نسخة دينار لنا عن القاضي محمد بن الحسن بن منصور النَّسَفيّ، وسمع أيضًا من الحافظ عبد الرحمن بن عبد الرحيم القصّار، وأبي علي الحسين بن عبد الملك النَّسفيّ، وتُوُفّي في رمضان.
قال ابن الجوزيّ: قدِم رسولًا من خاقان ملك سَمَرْقَنْد. [ص:378]
قال السّمعانيّ: مرّ بمْرو رسولًا من ملك سَمَرْقَند محمد بن سليمان، ولامش: مِن قُرى فَرغَانَة، سمعتُ منه بقراءة عمّي أبي القاسم، ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وكان قوالًا بالحق.(11/377)
38 - رضوان بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن خورة، أبو منصور الأصبهاني المؤدب. [المتوفى: 522 هـ]
رحل به أبوه وحج، يروي عن شجاع وأحمد المصقليين، وعنه أبو موسى.(11/378)
39 - سهل بن إبراهيم المسْجدي السُّبعيّ، أبو القاسم النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 522 هـ]
يروي عن أبي حفص بن مسرور، وعبد الغافر الفارسيّ، وأبي محمد الجويني، سمع منه حضورًا أبو سعد السّمعانيّ.
وكان والده يقرأ كل يوم سبعا، وابنه أحمد بن سهل يروي عن يعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ، تُوُفّي سهل سنة نيَّف وعشرين.
قال السّمعاني: كان صالحًا حَسَن السّيرة، كثير العبادة، سمع الكثير، وعمّر الطّويل، وتفرد عن جماعة.
قلت: روى عن أبي عثمان الصّابونيّ، ودِحية بن أبي الطيب الجلاب، والكنجروذي، روى عنه حفيده محمد بن أحمد، وأبو المعالي ابن الفُرَاويّ، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشّعريّ، وأبو سعد الصّفّار، وابن ياسر الجيّانيّ، وآخرون، وكان خادم مسجد المطرز.
دين صالح.(11/378)
40 - طُغْتِكِين، الأمير أبو منصور، المعروف بأتابك. [المتوفى: 522 هـ]
من أمراء تاج الدولة، زوّجه بأم ولده دُقاق، وكان مع تاج الدّولة لمّا سار إلى الرَّيّ لقتال ابن أخيه، فلما قُتِلَ تاج الدولة رجع إلى دمشق، وصار أتابك دُقاق، فلّما مات دُقاق تملَّك بدمشق، وكان شَهْمًا، مَهِيبًا، شديدًا على الفرنج والمفسدين. [ص:379]
ولَقَبُه ظهير الدّين وهو والد تاج المُلوك بوري بن طُغْتِكِين.
قال ابن الأثير: تُوُفّي أتابك طغرتكين - كذا سمّاه ابن الأثير - في ثامن صَفَر، وهو من مماليك الملك تُتُش بن ألْب أرسلان، وكان عاقلًا خبيرًا، كثير الغزوات والجهاد للفرنج، حِسَن السّيرة في رعيته، مُؤْثِرًا للعدل، وملك بعده ابنه بوري أكبر أولاده بوصيةٍ منه، فاقر وزير أبيه أبا علي طاهر بن سعد المزدقاني على وزارته.
وقال سِبْط الجوزيّ: كان طُغْتِكِين شجاعًا، شَهْمًا، عادلًا، حزن عليه أهل دمشق، ولم يبق فيها محلَّة ولا سوق إلا والمأتم قائم عليه فيه، لأنه كان حَسَن السّيرة، ظاهر العدل، مدبّرًا للممالك، أقام حاكمًا على الشام خمسا وثلاثين سنة، وسار ابنه سيرته مدة ثمّ تغيّرت نيته، وأضمر السُّوء لأصحاب أبيه، والظلم للرعية، وتمكن وزيره المزدقاني من أهل دمشق، وصادق الباطنية، واستعان بهم، وقبض بوري على خواصّ أبيه، فاسترابوا به، ونفرت القلوب منه.
وقال أبو يعلى ابن القلانِسِيّ: مرض أتابك طُغْتِكِين مرضًا أنْهك قوّته، وأَنْحَل جسمه، وتُوُفّي في ثامن صَفَر، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفتَّ في الأعضاد، وفتّت الأكباد، وازداد الأسف، فرحمه الله وبرّد مضْجعه، وماتت زوجته الخاتون شرف النّساء، أمّ بوري، بعده بثلاثة أشهر، ودفنت بقبتها التي خارج باب الفراديس.
قلت: مات في هذه السّنة ودُفن بتُربته، قِبليّ المُصَلَّى في ثامن صفر.(11/378)
41 - عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن يربوع، الأستاذ الحافظ أبو محمد الأندلسيّ الشَنْتَرينيّ ثمّ الإشبيليّ، [المتوفى: 522 هـ]
نزيل قُرْطُبة.
سمع " صحيح البخاريّ " من محمد بن أحمد بن منظور، عن أبي ذَرّ الهَرَويّ، وسمع من أبي محمد بن خَزْرج، وحاتم بن محمد، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني، وأجاز له أبو العباس العذري. [ص:380]
قال ابن بَشْكُوال: وكان حافظًا للحديث وعِلَله، عارفًا برجاله وبالجرح والتّعديل، ضابطًا، ثقة، كتب الكثير، وصحب أبا علي الغسانيّ واختص به، وكان أبو علي يفضله، ويِصفهُ بالمعرفة والذّكاء، صنَّف كتاب " الإقليد في بيان الأسانيد "، وكتاب " تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ "، وكتاب " البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان "، وكتاب " المنهاج في رجال مسلم " وسمعتُ منه مجالس، وتُوُفّي في صَفَر، ومولده في سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.(11/379)
42 - عبد الرحمن بن سعيد بن هارون، أبو المطرف الفهمي السرقسطي المقرئ ابن الوراق. [المتوفى: 522 هـ]
روى عن أبي عبد الله المغامي، والحسن بن مبشّر، وأبي داود، وغيرهم من القرّاء، وجوّد القراءات، وسمع من أبي الوليد الباجيّ، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأقرأ الناس بجامع قُرْطُبة، وأَمّ بالناسّ فيه.
أخذ الناس عنه، وكان ثقة، تُوُفّي في صَفَر، وله ثمانون سنة، أجاز لابن بشكوال.(11/380)
43 - عبد الكريم بن عبد الرَّزاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد، أبو طاهر الحسناباذيُّ الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ، الزاهد، المعروف بمكشوف الرأس. [المتوفى: 522 هـ]
ولد في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة، وسمع أباه أبا الفتح، وعلي بن القاسم بن إبراهيم المقرئ، وأبا بكر الباطرقاني، وأبا طاهر أحمد بن محمود. ورحل وسمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، والصَّريفيني. روى عنه أبو بكر ابن السَّمعاني، وأبو موسى المديني، وجماعة من الأصبهانيين ممن لا يحضرني ذكرهم.
وقال أبو موسى: كان أوحد في طريقته، صاحب كرامات، صُلْباً في السنة.
وقال أبو سعد السَّمعاني: روى لنا عنه جماعة، وأجاز لي، وكان أحد [ص:381] المعروفين بالخصال الجميلة، والأخلاق المرضيَّة، يرجع إلى معرفة بالفقه والعربية، ولسان أهل المعرفة.
قال أبو موسى: تُوفي يوم الجُمُعَة ثاني عشر ربيع الأول.(11/380)
44 - عبد الكريم بن علي بن أبي طالب، الأستاذ أبو القاسم الرازيُّ، [المتوفى: 522 هـ]
تلميذ الغزَّالي.
قال ابن السَّمعاني: إمام ظريف عفيف، حسن الطريقة، تفقه كبيراً، وحصَّل المذهب والخلاف. وكان رشيق العبارة في النَّظر، صحب الغزَّالي، وحصَّل كتبه، وأقام بهراة بين الصوفية مدة. وسمع ببغداد أبا بكر ابن الخاضبة، وأبا بكر بن سُوسَن. روى لنا عنه علي بن أحمد اليزدي ببغداد، وأبو النَّضر الفامي بهراة.
توفي ظنًّا سنة اثنتين وعشرين.(11/381)
45 - علي بن أسفتكين، الأمير أبو الحسن العميديّ، الحاجّيّ، النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 522 هـ]
كان خفيف الرّوح، صالحًا عابدًا، ترك الخدمة ولبس لباس الصّالحين، وقنع بما له من ميراث، وحدَّث عن أبي الحسن محمد بن محمد الحسينيّ العَلَويّ، والحسن بن محمد الصّفار، وأبي نصر عبد الرحمن التّاجر، وغيرهم، تُوُفّي بنَيْسابور.(11/381)
46 - علي بن الحسن بن علي بن سعيد بن محمد، أبو الحسن الدّمشقيّ العطّار. [المتوفى: 522 هـ]
كان أبوه مقدّم الشُّهُود ورئيسهم بدمشق، وكان مُثْريًا فاشترى لابنه جارية مغنِّية، فتعلَّم منها الغناء، ثمّ افتقر وتعثّر، فكان يغني في مجالس الخمر، ويشرب، ثمّ كبر وضعف.
قال ابن عساكر: سمع الكثير من أبي القاسم السميساطي، وأبي القاسم الحِنّائيّ، وأبي بكر الخطيب، فأتيناه فرغّبناه في التّوبة، فتاب وترك [ص:382] الغناء، وسمعنا منه كُتُبًا، تُوُفّي في صَفَر، وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة.(11/381)
47 - علي بن الحسن بن محمد بن محمد، الإمام أبو القاسم ابن الإمام أبي علي النَّيْسابوريّ الصّفّار. [المتوفى: 522 هـ]
فاضل، علّامة، متفّنن، روى عن أبي عثمان البَحِيريّ، وأبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وأحمد بن منصور المغربيّ، وأصحاب الخفاف، ثم عن أصحاب الحاكم، وابن يوسف، ثمّ عن أصحاب الحيري، وله النسخ والأجزاء.
وكان بإسفرايين وبها مات في رمضان.(11/382)
48 - محمد بن سعد بن الفرج أبو نصر الشيباني البغدادي الحلواني. [المتوفى: 522 هـ]
سمع أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وكان ثقة تُوُفّي في رمضان.(11/382)
49 - محمد بن أبي شجاع العبيدي الآمري، الأمير المأمون ابن نور الدّولة. [المتوفى: 522 هـ]
كان المأمون وزير الآمر بأحكام الله العُبَيْديّ المصريّ ومدبر دولته، بقي على ذلك أربع سنين، ثم قبض الآمر عليه في سنة تسع عشرة وخمسمائة، ثمّ قُتِلَ في رجب سنة اثنتين وعشرين، وصُلِب بظاهر القاهرة.(11/382)
50 - موسى بن أحمد بن محمد، أبو القاسم النشاذري، الفقيه الحنبليّ. [المتوفى: 522 هـ]
سمع الكثير، وقرأ بالروايات، وتفقه على أبي الحسن ابن الزاغوني، وناظر، وتوفي في رجب شابًا.(11/382)
51 - هاشم بن علي بن إسحاق، أبو القاسم الأبيورديُّ. [المتوفى: 522 هـ]
فقيه عالم من أصحاب أبي المعالي الجويني، ورد بغداد حاجًّا، وسمع أبا الخطَّاب ابن البطر. وسمع بنيسابور من أبي بكر بن خلف، وطاهر بن محمد الشَّحَّامي. روى عنه ابنه أبو حامد.
توفي في ربيع الآخر بأبيورد عن سبعين سنة.(11/382)
52 - هبة الله بن عليّ بن محمد، أبو القاسم المرزمي، ويعرف بقاضي مرغزن، [المتوفى: 522 هـ]
وهي قرية من قرى مَرْو.
محدث كثير المحفوظ، حريص على عقْد المجالس، له قبول عند العامَّة، إلّا أنّه غير ثقة، كان لَا يبالي ما يقول بحسب الوقت، سمع أبا إسماعيل الأنصاريّ بَهَراة، وعاش نيِّفًا وستّين سنة.(11/383)
53 - يحيى بن عبد الرحيم، أبو بكر اللبيكيُّ النَّيسابوريُّ المقرئ الصَّالح. [المتوفى: 522 هـ]
سمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصَّابوني، حضر عليه أبو سعد السَّمعاني.(11/383)
• - أبو العز القلانسيُّ المقرئ. [المتوفى: 522 هـ]
ذكر الفاروثي أنه توفي فيها، والأصح وفاته سنة إحدى عشرين.(11/383)
-سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة(11/384)
54 - أحمد بن جعفر بن إسماعيل، الإمام الخطيب أبو نصر الدَّرغميُّ السَّمرقنديُّ. [المتوفى: 523 هـ]
عاش أربعاً وتسعين سنة. سمع عبد الجبَّار الخطيب وأبا بكر النَّجار.(11/384)
55 - أحمد بن منصور بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن حِيد النَّيسابوريُّ، أبو الفضل [المتوفى: 523 هـ]
الدَّلال في النِّيل.
سمع من جده بكر عن الخفَّاف. وعنه المبارك بن كامل، وابن عساكر، وأساء ابن عساكر الثَّناء عليه.
توفي في شوَّال.(11/384)
56 - إبراهيم بن علي بن الحسين، الإمام أبو إسحاق الشيبانيُّ الطَّبريُّ الفقيه. [المتوفى: 523 هـ]
إمام في المذهب والفرائض والتَّفسير، له تصانيف مفيدة. ولي قضاء مكة، وحدَّث عن أبي علي الحدَّاد ببغداد لما قدمها. روى عنه الصائن ابن عساكر، وشيخ الشيوخ عبد الرَّحيم بن أبي البركات.
ومات في خامس رجب، وله إحدى وأربعون سنة.(11/384)
57 - جعفر بن عبد الواحد بن محمد بن محمود بن أحمد، أبو الفضل الثّقفيّ الأصبهانيّ، الرئيس، النبيل. [المتوفى: 523 هـ]
سمع ابن ريذة التاني، وعبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي المعدّل، وعبد الرّزّاق بن أحمد الخطيب، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وسعيد بن أبي سعيد العَيَّار، ومحمد بن عبد الرحمن بن زياد الأَرْزُنَانيّ.
روى عنه أحمد بن أبي منصور بن الزَّبْرَقان، والحافظ أبو موسى، وأسعد بن أبي طاهر الثَقفيّ، وعبد الواحد بن أبي المطّهر الصيدلانيّ، وعبد الجليل بن أبي نصر بن رجاء، ومحمد بن أحمد المَهَّاد، وناصر بن محمد الوِيرج الأصبهانيون. [ص:385]
وقد ذكره السمعاني في " التحبير "، فقال: كان صالحًا، سديدًا، وكان آخر من روى من الرجال، عن ابن رِيذَة، ومن مَرْوِيّاته: شروط الذّمة لأبي الشَيخ، والسُّنَّة له، والعتْق له، والضّحايا والعقيقة له، والنّوادر له، وفوائد العراقيَّين له، وأحاديث طلحة بن مصرّف له، وكتاب السَّبق والرَّمي له، وكتاب القطع والسّرقة له، وغير ذلك، روى الجميع عن ابن عبد الرحيم، عنه، وكتاب " الأدب " لابن أبي عاصم، وكتاب " معجم ابن المقرئ " و" فوائده " الّتي في خمسة عشر جزءًا، وكتاب " حرملة "، وكتاب " الأسماء والكنى " لأبي عروبة، وكتاب " الجامع " لأحمد بن الفرات، و" سنن الشافعي "، رواية ابن عبد الحكم، وكتاب " الآحاد والمثاني " لابن أبي عاصم، وكتاب " طبقات أصبهان " لأبي الشَيخ، وكتاب " الصّلاة " لأبي نُعَيْم الفضل بن دُكَيْن، وكتاب " البكاء " للفِرْيابيّ، وكتاب " شواهد الشعر " لأبي عروبة، وسمع " صحيح البخاريّ " من سعيد العيّار، وكان مولده في سنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة، توفي في تاسع جمادى الأولى، وله تسع وثمانون سنة.(11/384)
58 - الحسن بن المظفر بن الحسن بن المظفّر بن يزيد، أبو علي بن أبي سعد السِّبْط. [المتوفى: 523 هـ]
كان أبوه سِبْط أبي بكر بن لال الهَمَذَانيّ، سمع: أباه، وأبا محمد الجوهري، وأبا الحسين ابن المهتديّ بالله، روى عنه: ابنه هبة الله، ويحيى بن بوش، وأبو القاسم ابن عساكر، وآخرون.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وثّقه ابن عساكر.(11/385)
59 - حمزة بن هبة اللَّه بن محمد بن الحسين بن داود، أبو الغنائم بن أبي البركات العَلَوي الحَسَنيّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 523 هـ]
كان جده محدث نيسابوري، وكان هو حسن السيرة، حدث بالكثير، وتفرّد في وقته، وسمع: أباه، وأبا نصر محمد بن الفضْل النَّسَويّ، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسيّ، وأبا حفص بن مسرور، وعبد الرحمن بن محمد الأَنْماطيّ [ص:386] صاحب أبي بكر الإسماعيليّ، وعَمْرو بن أبي عَمْرو البَحِيريّ، وحجَّ فسمع ببغداد من: القاضي أبي عبد الله الدَّامَغانيّ، وأبي يوسف عبد السلام القزويني.
وقال ابن السمعاني: أجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة، وكان زيديّ المذهب، تُوُفّي في سادس المحرَّم، وله ستٌ وتسعون سنة.(11/385)
60 - طاهر بن سعد، الوزير كمال الدين أبو علي المزدقاني، [المتوفى: 523 هـ]
وزير صاحب دمشق تاج الملوك بُوري بن طُغْتِكِين.
اتهم بمذهب الباطنيَّة، فقُتِلَ في رمضان، ونُصِب رأسه على باب القلعة، ووضع الْجُنْد السَّيف في الباطنيَّة بدمشق، فقتلوا منهم ستَّة آلاف نفس، كما مر في الحوادث.(11/386)
61 - عبد الله بْن أحمد بْن عبد الله بن شاذان، أبو الفتح بن عَلُّوَيْه السَّعِيديّ السَّرْخَسِيّ، الفقيه. [المتوفى: 523 هـ]
سمع: اللَّيْث بن الحَسَن اللّيثي، وزهير بن الحَسَن، والحافظ محمد بن محمد بن زيد العلوي.
ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
أجاز لابن السّمعانيّ، وقال: مات يوم التَّرْوِية بسَرْخَس.(11/386)
62 - عبد الله بن أبي المعمر شيبان بْن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن محمد، الحافظ أبو محمد البُرْجيّ، الأصبهانيّ، المحتسب. [المتوفى: 523 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وأربعين، وسمع: إبراهيم سبط بحرويه، وجماعة، وكان عارفًا برجال الصّحيحين، وكان صحّافًا، روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ.(11/386)
63 - عُبيد الله بن محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ، أبو الحسن البَيْهَقيّ الخُسْرَوْجِرْدِيّ. [المتوفى: 523 هـ]
لم يكن يعرف شيئًا من العلم، بل سمع الكتب من جدّه، وسمع من: أبي يَعْلَى إسحاق بن عبد الرحمن الصّابونيّ، وأبي سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ. [ص:387]
وقدم للحج بعد العشرين، فحدَّث ببغداد، روى عنه: ابن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفتح المَنْدَائيّ، وآخرون.
قال ابن السّمعاني: كره السّماع منه جماعةٌ لقلَّة معرفته بالحديث، وسألت عنه أبا القاسم الدّمشقيّ فقال: ما كان يعرف شيئًا، وكان يتغالى بكُتُب الإجازة ويقول: ما أجيز إلا بطَسُّوج، قال: وسمع لنفسه في جزءٍ، عن جدّه تسميعًا طَريًا، وكان سماعه فيما عداه صحيحًا.
وقال أبو محمد ابن الخشاب: سألته عن مولده فقال: سنة تسعٍ وأربعين.
وقال ابن ناصر: مات في ثالث جُمَادَى الأولى ببغداد، مرض ثلاثة عشر يومًا.(11/386)
64 - علي بن عبد المجيد بن يوسف بن شعيب، أبو الحسن الشلجي السَّمَرْقَنْديّ. [المتوفى: 523 هـ]
أحد الأئمة، تُوُفّي في شوال وله اثنتان وثمانون سنة، روى عن: أبي حمية محمد بن أحمد الحنْظَليّ، وعنه: عمر النُّسَفيّ.(11/387)
65 - علي بن عبد الواحد بن الحسن بن علي بن شواش، أبو الحسن الدّمشقيّ المعدّل. [المتوفى: 523 هـ]
سمع: أبا الحسن بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: كان أمينًا على المواريث، ووقْف الأشراف، وكان ثقة.(11/387)
66 - علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن سعيد، أبو الحسن الإبرينقيُّ الدهَّان الفقيه. [المتوفى: 523 هـ]
شيخ صالح، سمع ورحل. روى عن: محمد بن عبد الصمد التُّرابي المروزي، ومحمد بن عبد العزيز القنطري. وسمع بأصبهان، وبخارى، [ص:388] وهمذان، وأجاز للسَّمعاني، وقال: سمع منه والدي وعمّاي، مات في شوال عَنْ بضْعٍ وثمانين سنة.(11/387)
67 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن موسى، أبو الحسن بن أبي بكر الخيَّاط المقرئ. [المتوفى: 523 هـ]
من أولاد الشيوخ ببغداد، سمع أبا القاسم ابن البُسْري. روى عنه أبو المعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ، وتوفي في ذي الحجة.(11/388)
68 - عمر بن أبي عيسى أحمد بْن عُمَر بْن محمد بْن أحمد بْن أبي عيسى، الإمام أبو بكر المَدِينيّ الأصبهانيّ المقرئ. [المتوفى: 523 هـ]
وُلِد سنة أربعٍ أو خمسٍ وستين وأربعمائة بمدينة جيّ، ثمّ انتقل به أبوه إلى أصبهان وهو يرضع، روى عن: أبي عَمرو بن مَنْدَهْ، وغيره، روى عنه: ابنه الحافظ أبو موسى، وقال: كانت له يدّ قويَّة في معرفة القرّاء والقراءات وعِلم الفرائض، وتُوُفّي في خامس رجب.(11/388)
69 - عيسى بن موسى بن سعيد، أبو الأصبغ الأنصاري البلنسي، ويعرف بالمنزلي. [المتوفى: 523 هـ]
روى عن: أبيه، وأبي داود المقرئ، وأجاز له أبو الوليد الباجي، وقدم للشورى، وحذق في علم الرأي، وأشغل وأفتى ببلنسية، روى عنه: محمد بن سليمان القلعي، وتوفي في ربيع الأول.(11/388)
70 - غانم بْن أحمد بْن محمد بْن أحمد، أبو القاسم الأصبهاني الصفار الأسود [المتوفى: 523 هـ]
ختن إسماعيل السراج.
روى عن أبي العباس أحمد بن محمد بن النعمان، وعنه أبو موسى المديني، وقال: مات في ربيع الأوَّل.(11/388)
71 - محمد بْن أحمد بْن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل، أبو عامر الطُّلَيْطُليّ، [المتوفى: 523 هـ]
نزيل قُرْطُبة.
روى عَنْ: أَبِي المُطَرف عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد، وأبي المطرف عبد الرحمن [ص:389] ابن أسد، وأبي أحمد جعفر بن عبد الله، ومحمد بن خلف السقاط، ومحمد بن محمد بن جماهر، وجماعة، وأجاز له أبو الوليد الباجي، وأبو العباس العذري، وغيرهم.
قال ابن بَشْكُوال: كان مُعتنيًا بلقاء الشّيوخ، جامعًا للكُتُب والأُصُول، كانت عنده جُملة كبيرة من أصول علماء بلده وفوائدهم، وكان ذاكرًا لأخبارهم وأزمانهم، وقد سمع منه أصحابنا، وترك بعضهم التحديث عنه لأشياء اضطرب فيها شاهدتها منه مع غيري، وتوقّفنا في الرِّواية عنه، وقد كنت أخذت عنه كثيرًا ثمّ زهدت فيه لأشياء أوجبت ذلك، تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكان مولده في سنة ست وخمسين وأربعمائة.(11/388)
72 - محمد بن أبي بكر بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، الإمام أبو بكر النسفي الرفاء، [المتوفى: 523 هـ]
نزيل سمرقند.
توفي في شوال، وله ثلاث وثمانون سنة، روى عن محمد بن محمد ابن الحسيني، وعنه عمر النسفي.(11/389)
73 - محمد بن سعد بن الفَرَج بن مهمت، أبو نصر الشيباني الحلْوانيّ المؤدب. [المتوفى: 523 هـ]
شيخ بغداديّ، فاضل، ثقة، روى عن: أبي الغنائم بن المأمون، وأبي الحسين ابن المهتدي بالله، وابن النَّقُّور، وخرّج له عبد الوهاب الأنماطيّ فوائد في جزء، وروى عنه: ابن ناصر، وأبو محمد بن شدقيني، وذاكر بن كامل.(11/389)
74 - محمد بْن طاهر بْن سَعِيد بْن فضل الله بْن أبي الخير، أبو البركات الميهنيُّ الصُّوفيُّ، [المتوفى: 523 هـ]
أخو أحمد وأبي القاسم.
كان حسن الأخلاق، متواضعاً، حميد الطريقة، ولد في سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وحدَّث عن أبي المحاسن المحمي، وغيره. روى عنه ابنه سعيد، وأبو نصر بن المُكَرَّم، وتوفي يوم عاشوراء.(11/389)
75 - مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيزِ بْن عَبْد اللَّه بْن أبي سهل، أبو طاهر العِجْليُّ المروزيُّ البُنْدكانيُّ، [المتوفى: 523 هـ]
وبُنْدكان من قرى مرو.
عاش بضعاً وثمانين سنة، وكان من كبار الأئمة. حدَّث ببغداد عن عبد الرحمن بن أبي بكر القفَّال، وابن ماجه الأبهري، وأبي بكر بن خلف الشِّيرازي، وطائفة.
قال أبو سعد السَّمعاني: كان إماماً مفتياً مناظراً، بهيَّ المنظر، مليح التَّشبيه، كثير المحفوظ، خرج مع جدي وقت الفترة والتَّعصب إلى طوس سنة ثمان وستين وأربعمائة، وخرج معه إلى أصبهان سنة أربع وثمانين. ولد في حدود سنة أربعين وأربعمائة، وتوفي في خامس عشري صفر.(11/390)
76 - محمد بن عليّ بن يوسف، أبو عبد الله المدينيُّ. [المتوفى: 523 هـ]
يروي عن أبي طاهر بن محمود الثَّقفي. روى عنه أبو موسى المديني.(11/390)
77 - محمد بن محمد بن أحمد بن علي، أبو تمَّام ابن الزَّوَّال الهاشميُّ العبَّاسيُّ المأمونيُّ، [المتوفى: 523 هـ]
أخو أحمد.
سمع ابن النَّقُّور، وأبا نصر الزَّينبي. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري. وكان فقيهاً فاضلاً؛ تفقه على فرج بن عبد الله الخويي، وعلَّق الخلاف عن الشَّريف علي بن أبي يعلى الدَّبوسي.
توفي في جُمادى الآخرة، وله خمسٌ وستُّون سنة.(11/390)
78 - محمد بن محمد بن أبي بكر بن الحسن، أبو عبد الله القطَّان. [المتوفى: 523 هـ]
سمع أحمد بن محمود الثَّقفي. وعنه أبو موسى، وقال: توفي في صفر.(11/390)
79 - المحسّن بن محمد بن عمر بن واقد السُّكَّريُّ الأصبهانيُّ. [المتوفى: 523 هـ]
تُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وكان مولده فِي سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. روى عنه أبو موسى.(11/390)
80 - المقّرب بن الحسين بن الحسن، أبو منصور العقيلي العيشوني النساخ، [المتوفى: 523 هـ]
والد أحمد الكَرْخيّ.
شيخ صالح، خيّر، سمع: أبا يعلى ابن الفرّاء، وأبا جعفر ابن المسلمة، وغيرهما، روى عنه: السلفي، وابن بوش، وتوفي في ربيع الأوّل.(11/390)
81 - منصور بن هبة الله بن محمد المَوْصِليّ، أبو الفوارس الحنفيّ، [المتوفى: 523 هـ]
من كبار أئمة المذهب.
ولي القضاء بأماكن من السواد.(11/391)
82 - يحيى بن محمد بن موسى بن عابد، أبو محمد الرِّيَاحِي الأندلسيّ. [المتوفى: 523 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، عفيف، سمع الكثير ونَسَخ، وبالَغ في الطَّلب، وكان ثقة صدوقًا، جاوَرَ مدَّة، وقدِم بغداد، ومضى إلى ما وراء النَّهر، وكان موته ببُخَارَى، سمع: أبا مكتوم عيسى بن أبي ذَرّ، وعلي بن المفرّج الصَّقَلّيّ، وأبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عبد الله العُمَيْريّ، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وسمع أيضًا بسَمَرْقَنْد، ونَسف، وأكثر التّرحال، وروى لي عنه: الأمير أبو علي أحمد بن محمد بن جبريل الطرازي، وجماعة سمعوا منه مسند الشافعي.(11/391)
83 - يوسف بن عبد العزيز بن علي بن نادر، أبو الحجَّاج اللَّخميُّ الميورقيُّ الفقيه. [المتوفى: 523 هـ]
سمع "صحيح مسلم" بمكة من الحسين الطَّبري، و"صحيح البخاري" من عليّ بن سليمان البغدادي النَّقَّاش بروايته عن أبي ذر، وتفقه ببغداد على إلكيا الهرَّاسي. وسمع من أبي الحسين ابن الطُّيوري، وغيره، واستوطن الإسكندرية ودرَّس الفقه وروى "الصحيحين" وكان عارفاً بالأصول متفنناً، بارعاً، مصنِّفًا له تعليقة في الخلاف معروفة.
قال ابن الأبَّار: وهو أحيا علم الحديث بالإسكندرية؛ سمع منه جلَّة.
وقال أبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة: كان أفضل من لقيته في رحلتي علماً وعملاً، وزُهْداً وورعاً.
قلت: روى عنه السِّلفي، وأبو محمد العثماني، وأبو طالب أحمد بن المسلَّم بن رجاء التَّنوخي، وأبو عبد الله ابن الحضرمي، وعبد الله بن عطَّاف الأزدي، ومقاتل بن العريف، وأبو طالب أحمد بن عبد الله القصري، وأبو بكر [ص:392] ابن أسود القاضي، وأبو القاسم ابن عساكر، وقال: أخبرنا سنة خمس وخمسمائة قال: أخبرنا ابن الطُّيوري سنة خمسمائة، فذكر حديثاً.
قال ابن الأبَّار: توفي في آخر سنة ثلاث.
وقال السِّلفي: توفي في جمادى الأولى سنة أربع وعشرين. قال: وحدَّث "بالتِّرمذي" وخلَّط في إسناده.(11/391)
-سنة أربع وعشرين وخمسمائة(11/393)
84 - أحمد بن سهل بن محمد بن سهل، أبو الفرج البُرْجيُّ الأصبهانيُّ التَّانيُّ. [المتوفى: 524 هـ]
توفي في جمادى الآخرة، وله ثلاث وتسعون سنة. روى عن عبد الرحمن بن عبد العزيز. روى عنه أبو موسى المديني، وغيره.(11/393)
85 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الملك بن رضوان، أبو نصر البغداديّ المراتبيّ. [المتوفى: 524 هـ]
شيخ صالح من باب المراتب، سمع: أبا محمد الجوهريّ، وسماعه صحيح، روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ مع تقدّمه، وأبو القاسم ابن عساكر، ومات في جُمادَى الآخرة، وله إحدى وثمانون سنة، وقد أجاز له عبد العزيز الأزَجيّ الحافظ.
قال ابن النّجّار: روى لنا عنه أبو القاسم ابن السُّبْط، وكان شيخًا صالحًا أمينًا، كثير الصّلاة والصدقة.
سمع أيضًا أبا يعلى ابن الفرّاء.(11/393)
86 - أَحْمَد بن عبد الواحد بن الحسن بن زُرَيْق، الشَّيْبانيّ البغداديّ القزّاز، [المتوفى: 524 هـ]
عم أبي منصور عبد الرحمن بن محمد.
شيخ صالح، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن النَّقُّور.
تُوُفّي في شعبان، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو المعمر الأنصاري وأحمد بن هبة الله ابن المكشوط.(11/393)
87 - أحمد بن محمد بن أبي طاهر، أبو الفضل الخرقي الأصبهاني. [المتوفى: 524 هـ]
تُوُفّي في ذي القعدة.(11/393)
88 - أحمد بن محمد بن ملوك، أبو المواهب الوراق. [المتوفى: 524 هـ]
في تاريخ ابن النجار وفاته في هذه السنة.(11/393)
89 - إبراهيم بن عثمان بن محمد، أبو إسحاق، وقيل أبو مَدْيَن الكلْبيّ الغزّيّ، الشّاعر المشهور. [المتوفى: 524 هـ]
أحد فُضلاء الدّهر، ومَن يُضرب به المثل في صناعة الشِّعر، ذو الخاطر [ص:394] الوقّاد، والقريحة الجيّدة، تنقّل في البُلدان، ومدحَ الأعيان، وهجا جماعة، ودوَّر في الجبال، وخُراسان، وسار شِعْره، وقد سمع بدمشق من الفقيه نصر سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
قال ابن النّجّار: هو إبراهيم بن عثمان بن عيّاش بن محمد بن عمر بن عبد اللَّه الأشهبيّ الكلْبيّ، ثمّ قال: هكذا رأيت نَسَبه بخطّ محمد بن طُرْخان التّركيّ، روى ببغداد كثيرًا من شِعره، وعنه من أهلها: محمد بن جعفر بن عَقِيل البصريّ، ومحمد بن علي بن المِعْوَجّ، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأخوة، وروى السِّلَفيّ عنه، وروى أيضًا عن يوسف بن عبد العزيز المَيُورقيّ، عنه.
ومن شِعره:
أَغْيدُ للعين حين تَرْمُقُهُ ... سلامةٌ في خلالها عطَبُ
واخضرُ في وجنتيه خطمها ... بحافة الماء ينبتُ العشبُ
يدير فينا بخدّه قَدَحا ... يجتمع الماءُ فيه واللهَبُ
قلت: وقيل: هو إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد، أقام بالنّظامية ببغداد سِنين كثيرة، وله ديوان شعر مختار نحو ألْفي بيت.
وقال العماد في " الخريدة ": مدح ناصر الدّين مُكْرَم بن العلاء وزير كرمان بهذه القصيدة الّتي يقول فيها:
حملنا من الأيام ما لَا نُطِيقهُ ... كما حمل العظْمُ الكسِيرُ العصائبا
وليلٍ رَجَوْنا أن يَدبّ عِذَارُهُ ... فما اختطّ حتى صار بالصبح شائبا
قال ابن السّمعانيّ: ما اتّفق أنيّ سمعت منه شيئًا، وكان ضنينًا بشِعْره، إلا أنّه اتّفق له الخروج من مَرْو إلى بلْخ، فباع قريبًا من عشرة أرطال من مُسَوَّدات شِعره من بعض القلانِسيّين، ليفسدها في القلانِس، فاشتراها منه بعض أصدقائي، وحملها إليَّ، فرأيت شِعرًا أُدْهِشْت من حُسنه وجَوْدة صنعته، فبيّضت منه أكثر من خمسة آلاف بيت، وُلِد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
وقال ابن نُقْطة في " استدراكه " على الأمير: حدثنا أبو المعالي محمد [ص:395] ابن أبي الفرج البغدادي، قال: حدثني سعد بن الحسن التوراني الحراني الشاعر، قال: كنا نسمع على إبراهيم الغزّيّ ديوانه، فاختلف رجلان في إعراب بيت، فقال: قوموا، فَوَالله لَا أسْمَعْتُ بقيّته، ولأبيعنَّ ورقَهَ للعطّارين يصرّون فيه الحوائج.
ومن شعره:
قالوا: تركت الشَّعْر قلت: ضرورةً ... باب الدّواعي والبواعث مغلق
خلت الديار فلا كريم يرتجى ... منه النّوالُ، ولا مليحٌ يُعشَقُ
ومن العجائب أنه لَا يُشْتَرَى ... ومع الكَسَاد يُخانُ فيه ويسرق
وله:
أأضماك خدّ يوم وَجرة، أمْ جيد ... أمّ اللّحْظُ فيما غازَلَتْكَ المَها الغِيدُ
سَفَرْنَ فقال الصُّبح: لست بمسفرٍ ... ومِسنَّ، فقال البانُ: ما فيّ أملودُ
وخوطّية المهتز أمكن وصلها ... وطرفٌ رقيب الحي بالنوم مصفود
فأنشدتها من عزب شعري قصيدة ... وشبهها المعنى الذي هو مقصود
لك النّومُ تحت السَّجْف والطّيبُ والحُلَى، ... ولى عَزَماتي والعلندات والبيدُ
فقالت: أَمِطّ عنك القريضَ وذِكْرَهُ، ... فما لَكَ في نَظْم القصائدِ تجويدُ
وله:
طول حياةٍ ما لها طائل ... نغص عندي كلّما يُشْتَهى
أصبحت مثل الطَّفْل في ضعفه ... تشابه المبدأ والمُنْتَهى
فلا تَلُم سمعي وإن خانني، ... إن الثّمانين وبُلّغْتُها
وله:
بجَمْعِ جَفْنيك بين البُرْء والسَّقَم ... لا تَسْفِكي من دموعي بالفِراقِ دمي
إشارةٌ منكِ تكفيني، وأحسن ما ... رُدَّ السّلامُ غداة البَيْنِ بالعَنَمِ
تَعليقُ قلبي بذاتِ القُرْطِ يُؤلمهُ ... فليشكر القُرْطُ تعليقًا بلا ألم
وما نسيت، ولا أنسى تجشُّمَها ... ومنسم الجوّ غفلٌ، غير ذي علم
حتى إذا طاح عنها المرط من دهشٍ ... وانحل بالضم سلك العقد في الظُّلَم
تبسّمت فأضاء الجوّ، فالتقطتْ ... حبّات منتثر في ضوء منتظم [ص:396]
وله:
إذا قلّ عقلُ المرءِ قلّت هُمُومُه ... ومن لم يكنْ ذا مقلةٍ كيف يَرْمَدُ؟
وقد تصقل الضبات وهي كليلةٌ ... ويصدأ حد السِّيفِ وهو مُهَنَّد
وله:
إني لأَشْكُو خُطُوبًا لَا أعيّنها ... ليبرأ النّاسُ من لَومي ومن عذْلي
كالشّمع يبكي ولا يُدرى، أَعَبْرَتُهُ ... من صحبة النّار، أو من فرقةِ العَسَلِ
وله القصيدة السائرة:
أمط عن الدُّرر الزّهر اليَوَاقِيتا ... واجعل لحجّ تَلاقِينا مواقيتا
فثغرك اللؤلؤ المبيض لا الحجر الـ ... ـمسود طالبه يطوي السّباريتا
لنا بذِكراك أذكى الطَّيب رائحةً ... ونور وجهك رد البدر مبهوتا
منها:
وفتية من كُماه التُّرْكِ ما تركَتْ ... للرَّعْد كباتهم صوتًا ولا صيتا
قوم إذا قوبلوا كانت ملائكةً ... حُسْنًا، وإن قُوتلوا كانوا عفاريتا
مُدَّت إلى النَّهْب أيديهم وأعيُنُهم، ... وزادهم قلق الأخلاق تثبيتا
ومن شعره:
طفقت تقول أسيرة الكَلَل ... لك ناظرٌ أَهدى فؤادَكَ لي
وأراك رائد مهمَّة قذف ... ما عاقَهَا القَمَران عن زُحَلِ
من ضنها بالطَّيْف توعدنا ... جود النساء يعد في البخل
استغفر الله المركب في أسل ... القدود لهاذم المُقَل
فاسننْ عليك دلاص تسليةٍ ... فاللحظ يُبْطل حيلة البطلِ
بك من جواري السّرب نازلةٌ ... بالحُسْن بين مراكز الأَسَلِ
بدويَّة الحِلَل افتتنْتُ بها ... لما بدت حضرية الحلل
يا دميةً سفكت دمي عبثا ... وأنا ابن بجدة حومة الوهل
ما ضفت قومًا تبجحين بهم ... إلّا وكان نزالُهُمْ نزلي
ومن السّفاهةِ مَقْتُ ذي مقةٍ ... ومن العناء عتاب ذي ملل [ص:397]
وله من قصيدة:
ورب خطبٍ حللْتُ عُقْدَتَه ... بمنزلٍ لَا تُحل فيه حبا
ومالك جبت نحوه ظلمًا ... فزرته مشرق المُنى شحبا
جاد بما يملأ الحقائب لي ... وجدت بالشعر يملأ الحقبا
وكم تصيدت والصبى شركي ... سرب ظباء لحاظهن ظبا
على غدير بروضة نظمت ... نوارها حول بدره شُهُبا
يدقّ فيه الغمام أسهُمَهُ ... فيكتسي من نصالها حببا
ويعجم الطل ما يخط على ... صفحته مرّ شمال وصبا
ضروب نقشٍ كأنما خلع الز ... هر عليهن برده طربا
لو كن يبقين ظنهن صفي ... الدولة الأحرف التي كتبا
وخرج إلى المديح.
قال ابن السّمعاني: خرج الغّزي متوجّهًا من مَرْو إلى بلْخ في سنة أربعٍ وعشرين، فأدركته المَنِيَّة في الطريق، فحُمِل إلى بلْخ ودُفن بها، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.(11/393)
90 - إسماعيل بن الفضل بن أَحْمَد بن محمد بن علي بن الإخشيد، التّاجر الأصبهانيّ المعروف بالسّرّاج. [المتوفى: 524 هـ]
سمع: أبا القاسم بن أبي بكر الذَّكوانيّ، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وعليّ بن القاسم المقرئ، وأبا العباس بن النُّعْمان الصّائغ، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو طاهر السِّلَفيّ، وكنّاه أبا سعد ووثقه، وأبو موسى المديني، ويحيى الثقفي، وناصر الويرج، وخلف بن أحمد الفراء، وأسعد بن أحمد الثقفيّ، وأبو جعفر الصَّيْدلانيّ، وآخرون.
سمعه أبو موسى يقول: وُلِدت ليلة نصف شعبان سنة ستٍ وثلاثين وأربعمائة، قال: وكان أبي اسمه محمد، وكنيته أبو الفضل، فغلب عليه الفضل. [ص:398]
قلت: وكان من المكثرين في السّماع والرّواية، وقرأ القرآن على المشايخ، وكان تاجرًا أمينًا.
كناه أبو سعد السمعاني أبا الفتح وقال: كان سديد السّيرة، قرأ بروايات، ونسخ أجزاء كثيرة، وكان واسع الرواية، موثوقًا به، كتب إلي بالإجازة، فمن مسموعاته: " طبقات الصّحابة " لأبي عَروبة، في أربعةٍ وعشرين جزءًا، بروايته عن أبي طاهر بن عبد الرحيم، عن ابن المقرئ، عنه، وكتاب " الإشراف في اختلاف العلماء " لابن المنذر، بروايته عن ابن عبد الرحيم، عن ابن المقرئ، عنه، وكتاب " السنن " للحلواني، رواية المفضل الجندي، عنه.
قلت: توفي في رمضان، وقيل في شعبان، وله فوائد مروية.(11/397)
91 - ثابت بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد ابن تولة، أبو شُكْر الأصبهانيُّ الخلاَّل المؤدِّب. [المتوفى: 524 هـ]
شيخ صالح، من شيوخ أبي موسى المديني، سأله عن مولده، فقال: في سنة ثلاث وخمسين، وتوفي في جُمادى الآخرة.
سمع عبد الرحمن بن منده، وشيبان بن عبد الله المُحْتَسب، وحدَّث ببغداد، فسمع منه هزارسب، وأبو عامر العبدريُّ، وجماعة.
وتولة: لقب له.(11/398)
92 - ثعلب بن أبي محمد جعفر بن أحمد السَّرَّاج، أبو المعالي. [المتوفى: 524 هـ]
بغداديٌّ عاميٌّ، لا يدري شيئاً، إنما سمَّعه أبوه بدمشق من أبي القاسم الحسين الحنَّائيِّ، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبي بكر الخطيب. وعاد به إلى بغداد، وكان بوَّاباً لدار القاضي أبي سعد الهرويِّ مرَّة.
تُوُفّي في ربيع الأوّل. روى عَنْهُ أبو القاسم ابن عساكر، ومات في عشر الثمانين.(11/398)
93 - الحسين بن أحمد بن عبد الوارث بن مهدي، أبو القاسم البغداديُّ. [المتوفى: 524 هـ][ص:399]
عن علي ابن الأخضر الأنباري، وعبد الواحد بن فَهْد العلاَّف. وعنه المبارك بن كامل، وابن عساكر.(11/398)
94 - الحسين بن محمد بن عبد الوهَّاب بْن أحمد بْن محمد بْن الحُسين بْن عبد الله بن القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهب البكريُّ البغداديُّ الدَّباس المقرئ الأديب الملقَّب بالبارع. [المتوفى: 524 هـ]
أديب، شاعر، مفلق، من بيت وزارة، قد وزر جدهم القاسم بن عبيد الله للمعتضد.
للبارع مصنَّفات "وديوان" شعر، وله في القراءات كتاب "الشَّمْس المنيرة في القراءات التِّسعة الشَّهيرة"، وقد أخذ القراءات عن الشُّيوخ الكِبار بعد السِّتين وأربعمائة، وسمع من الحسن بن غالب المقرئ، وأبي جعفر ابن المسلمة. حدَّث وأقرأ القراءات وعلَّم اللُّغة، وأضرَّ في آخر عمره.
روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي، وأبو طاهر بن إبراهيم بن حمديَّة، وأبو بكر عبد الله بن منصور الباقلاَّني، وطائفة. وممن قرأ عليه بالرِّوايات أبو جعفر عبد الله بن أحمد بن جعفر الواسطي الضَّرير المقرئ.
وذكره العماد الكاتب، فقال: من أهل السُّؤدد، كريم المحْتِد، كان نحوي زمانه، عديم النَّظير في أوانه له مصنفات. وسُئِلَ ابن عساكر عنه، فقال: ما كان به بأس.
ولد البارع في صفر سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وتوفي في سابع عشر جمادى الآخرة.
وله:
ذكر الأحباب والوطنا ... والصِّبا والأهل السَّكَنَا
فبكا شجوًا وحقَّ له ... مدنف بالشَّوق حلف ضنا
من لمشتاق تميِّله ... ذات سجع ميَّلت فننا
لك يا ورقاء أسوة من ... لم تذيقي طرفه الوسنَا
أين قلبي ما صنعت به ... ما أرى صدري له سكنا [ص:400]
كان يوم النَّفر وهو معي ... فأبى أن يصحب البدَنا
ومن شعره:
كلُّ غصن مال جانبه ... فكأنَّ الغُصْنَ سكران
في غدير من مقبَّله ... ومن الصُّدغين بستانُ(11/399)
95 - خَلَف بن عمر بن عيسى، أبو القاسم الحضّرميّ الْقُرْطُبيّ. [المتوفى: 524 هـ]
روى عن: سراج بن عبد الملك، وتفقّه عند: هشام بن أحمد الفقيه.
قال ابن بشكوال: أخذ عن جماعة معنا، وكان من العلماء المتفننين، توفي في رجب.(11/400)
96 - سعيد بن الحسين، أبو البركات الطائي المجهز. [المتوفى: 524 هـ]
سمع ابن المسلمة، وأبا الغنائم ابن المأمون، وعنه المبارك بن خضير، وابن بوش.
مات في جمادى الأولى.(11/400)
97 - سهل بن إبراهيم بن أبي القاسم، أبو القاسم النيسابوري المسجدي السبعي، [المتوفى: 524 هـ]
خادم مسجد المطرّز.
قال السّمعانيّ، وقد أجاز له: كان شيخًا صالحًا، كثير العبادة، معمَّرًا، منفردًا بالرواية عن مثل أبي سعيد بن أبي الخير المِيهَنيّ، وأبي محمد الْجُوَيْنيّ، وأبي عبد الرحمن محمد بن أحمد بن مُحَمَّد الشاذياخي، وسمع من: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور، سمعني والدي منه أجزاء، وُلِد في حدود سنة ثلاثين، وحدَّث في آخر سنة ثلاث، ووفاته بعد ذلك.(11/400)
98 - سهل بن محمود بن محمد بن إسماعيل، أبو المعالي البخاريّ البَرّاني، [المتوفى: 524 هـ]
وبرّانية من قرى بُخارى. [ص:401]
كان إماما، ذكيًا، واعظًا، صالحًا، عابدًا، حجّ على التجريد، وبقي مع رفاقه حافيًا عُرْيَانًا، حتى توصلوا إلى مكَّة بعد الوفقة، وجاور حتى حج، ودخل اليمن، وركب في البحر إلى كَرمان، سمع: أباه، والمظفر بن إسماعيل الْجُرْجانيّ، روى عنه: ابنه حمزة.
وتُوُفّي ببخارى.(11/400)
99 - صفية بنت الحافظ إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن عمران البلخي. [المتوفى: 524 هـ]
سمعت بخراسان من الإمام أبي بكر البيهقي، روى عنها عمر النسفي، وغيره.
توفيت في حادي عشر جمادى الآخرة بما وراء النهر.(11/401)
100 - طِراد بن علي بن عبد العزيز، أبو فِراس السُّلَمي الدّمشقيّ الكاتب المعروف بالبديع. [المتوفى: 524 هـ]
مات متوليًا بمصر، وكان مولده بدمشق في سنة أربع وخمسين.
قال السَّلفيّ: علّقت عنه شِعرًا، وكان آيةً في النظم والنثر، له مقامات ورسائل.
قلت: ومن شِعره في تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان:
غزالٌ غزا قلبي بعينٍ مريضةٍ ... لها ضعف أجفانٍ تهدّ قوى صبري
له لِينُ أعطافٍ أرقُّ من الهَوَى ... وقلبٌ على العُشّاق أقسى من الصخر
وهي طويلة.
ومن شعره: [ص:402]
قيل لي: لم جلست في طرف القو ... م وأنتَ البديعُ ربُّ القوافي؟
قلت: آثرته لأنّ المناديـ ... ـل ترى طَرْزُها على الأطرافِ
وكفاني من الفخار بأني ... نازلٌ في منازل الأشراف(11/401)
101 - عبد الله بن علي بن عبد الملك أبو محمد الهلاليّ الغَرْناطيّ، يعرف بابن سَمَجُون. [المتوفى: 524 هـ]
أحد جِلَّة العُلماء والفُقَهاء، ولي قضاء غَرْناطة، وأخذ عنه: أبو جعفر بن الباذش، وعبد الحق ابن بونه، وعاش بضعًا وسبعين سنة، يروى عن: أبي علي الغسانيّ، وطبقته.(11/402)
102 - عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صَدَقة، أبو محمد المصريّ، المجاور بمكَّة، ويُعرف بابن الغَزال. [المتوفى: 524 هـ]
شيخ كبير صالح، سمع: أبا عبد الله القُضاعيّ بمصر، وأبا القاسم الحِنّائيّ، والكتّانيّ بدمشق، وكريمة المَرْوزية، وطال عُمره وكفّ بصره.
قال ابن عساكر: سمعت من لفظه حديثًا واحدًا لصممٍ شديد كان به، لقَّنَّاه الحديث، وذكر لي أن جدّه لُقِب بالغزال لسرعة عَدْوه، تُوُفّي أبو محمد في صفر.
وقال السّلفيّ: أجاز لي، وقد أخبرني عنه بأصبهان إسماعيل بن محمد الحافظ سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة، وحججت سنة سبع وتسعين ولم أعلم به، سمع: عبد العزيز ابن الضّرّاب، وأبا محمد المَحَامليّ، والمقرئ أبا الحسين الشيرازيّ، وكان مقرئًا صالحًا، وسمعت من أخيه إبراهيم بمصر.(11/402)
103 - عبد الحق بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحقّ، أبو محمد الخَزْرَجيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 524 هـ]
روى عن: الفقيه محمد بن فَرَج واختص به، وناظر عند: أبي جعفر بن رزق، وأبي الحسن بن حمدين، وأجاز له أبو العباس العذري. [ص:403]
وكان فقيهًا إمامًا شُرُوطيًّا مدرسًا، تُوُفّي في صفر، وله اثنان وسبعون عامًا.(11/402)
104 - عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل، أبو القاسم البغدادي الصابوني. [المتوفى: 524 هـ]
يروي عن أبي الحسين ابن النقور، وعنه أبو المعمر الأنصاري، وابن عساكر.(11/403)
105 - عبد العزيز بن محمد بن معاوية، أبو محمد الأنصاريّ الدَّوْرقيّ الأطْرُوش. [المتوفى: 524 هـ]
سكن قُرْطُبة، وحدث عن: أبي بكر محمد بن مفوّز، وأبي علي الصدفي، وأبي عبد الله الخَوْلانيّ، وكان حافظًا، عارفًا بالعلل والصحيح والسقيم والرجال، مقدّمًا في جميع ذلك على أهل وقته، قاله ابن بَشْكُوال، وجمع كُتُبًا مفيدة، سمعنا منه، وكان حرجًا نكد الخلق، تُوُفّي في ربيع الآخر.(11/403)
106 - عبد الملك بن عبد العزيز بن فِيرَّة بن وهْب، أبو مروان المُرْسِيّ. [المتوفى: 524 هـ]
سمع من: أبي علي الغسانيّ، وغيره، وحجّ، ودخل بغداد، ودمشق وروى هناك، ولم يذكره ابن عساكر.
وكان حافظًا للرأي، ذاكرًا للمسائل، صالحًا خيّرًا، وعاش إحدى وسبعين سنة.(11/403)
107 - عبد المنعم بن مروان بن عبد الملك بن سَمَجون، أبو محمد اللُّواتيّ الطَّنْجيّ. [المتوفى: 524 هـ]
نشأ بغَرْناطَة وتفقه بها على: أبي محمد عبد الواحد بن عيسى، وسمع من: أبي علي الغسانيّ.
وكان فقيهًا، جزْلًا، مهيبًا، ولي قضاء إشبيلية بعد عزل أبي مروان الباجيّ، ثمّ نُقِل إلى قضاء غَرْناطَة، وتُوُفّي في شعبان.(11/403)
108 - عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن شيذة، أبو المظفر الأصبهاني المقرئ. [المتوفى: 524 هـ]
تُوُفّي في رمضان.(11/404)
109 - عثمان بن منصور بن عبد الكريم، أبو عَمْرو الطّرازيّ النّظاميّ. [المتوفى: 524 هـ]
سكن بلخ، وحدَّث عن أبي الحسن محمد بن محمد الحسينيّ، روى عنه: عبد الله بن عمر الفقيه ببلْخ، ومحمد بن الفضل المارشكيّ بطُوس، وكان رجلًا جليل القدر، واعظًا، محتشمًا.(11/404)
110 - عليّ بن أحمد بن نصر بن محمد بن حمدويه الخطيب، أبو نصر السُّلميُّ الحمدوييُّ الإشتيخنيُّ. [المتوفى: 524 هـ]
توفي بإشتيخن في غُرَّة ذي القعدة عن مائة وثلاث عشرة سنة؛ كذا قال عمر النَّسفي. ثم روى عنه عن عبد الملك بن عبد الرحمن بن فضالة.(11/404)
111 - عمر بن محمد بن عَمْر بن إبراهيم بن جعفر بن عُزَيْزَة، القاضي أبو الخير المُعَدَّل، [المتوفى: 524 هـ]
إمام جامع أصبهان.
روى عن ابن مِهْرَبْزُد صاحب ابن المقرئ، وعن شجاع المصقلي. روى عَنْهُ أبو موسى الحافظ، وقال: تُوُفّي في ربيع الأول، وأبوه من شيوخ السِّلفي.(11/404)
112 - غالب بن أبي غالب الأدميُّ الفارسيُّ، أبو نصر. [المتوفى: 524 هـ]
سمع أبا جعفر ابن المسلمة، وحدَّث، مات في جُمادى الأولى.(11/404)
113 - فاطمة بنت عَبْد اللَّه بْن أحمد بن القاسم بن عقيل، أم إبراهيم، وأم الغيث، وأمّ الخير الْجُوزْدانيَّة. [المتوفى: 524 هـ]
قال أبو موسى المَدِينيّ: قدِمت علينا من جُوزدان، وكان مولدها نحو الخمس والعشرين وأربعمائة، وسمعت من: أبي بكر بن رِيذة سنة خمسٍ وثلاثين، وهي آخر أصحابه.
قلت: هي أسند أهل العصر مُطلقًا، وهي للأصبهانيّين كابن الحُصَيْن للبغداديّين، سمعَتْ من ابن رِيذَة " المعجم الكبير " و" المعجم الصغير " [ص:405] للطَّبرانيّ، وكتاب " الفِتَن " لنُعَيم بن حمّاد.
روى عنها: أبو العلاء الهَمَذانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وَمَعْمَرُ بن الفاخر، وأبو جعفر الصَّيدلانيّ، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعائشة بنت مَعْمَر، وعفيفة بنت أحمد، وأبو سعيد أحمد بن محمد الأَرَّجَانيّ الحلليّ، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأُخوَّة، وداود بن سليمان بن نظام المُلك، وشعيب بن الحسن السَّمَرْقَنْديّ، وفاطمة بنت سعد الخير، لها عنها حضور، وجماعة كثيرة.
أخبرنا أبو علي القلانسي، قال: أخبرتنا كريمة، عن أبي مسعود عبد الرحيم الحاجّيّ أنها تُوُفّيت في غُرَّة شعبان.
وقال ابن نقطة: في رابع عشر رجب.(11/404)
114 - الفضل بن الحسين بن محمد بن تركان، أبو القاسم الواسطيُّ. [المتوفى: 524 هـ]
عن الحسن بن أحمد الغَنْدجاني. وعنه هبة الله بن نصر الله بن الجَلَخْت، وعليّ بن صالح العلوي، وغيرهما.
ورَّخ وفاته أبو بكر ابن الباقلاني فيها.(11/405)
115 - فضل الله بن محمد بن وهْب الله بن محمد، أبو القاسم الأنصاريّ المقرئ. [المتوفى: 524 هـ]
أقرأ بجامع قُرطُبة مدَّة، وأخذ القراءات عن: أبي محمد بن شعيب، وأبي عبد الله بن شُرَيح، وسمع من: محمد بن فَرَج الطّلاعيّ، وأبي محمد بن خزرج.
روى عنه ابن بَشْكُوال، وقال: تُوُفّي في رمضان، وله سبعون سنة، وقرأ عليه بالروايات علي بن محمد بن خلف، شاب قرطبي.(11/405)
116 - قراتكين بن الأسعد بن مذكور، أبو الأعز التُّركيُّ ثم البغداديُّ الأزجيُّ. [المتوفى: 524 هـ]
سمع أبا محمد الجوهريَّ. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، ويحيى بن بَوْش، وجماعة من شيوخ يوسف بن خليل. [ص:406]
وسُئلَ عنه ابن عساكر، فقال: ما كان يعرف شيئاً، توفي في سادس رجب.
وقال المبارك بن كامل: حدثنا عن الجوهري وأبي عليّ ابن البنَّاء، وابن النَّقُّور.(11/405)
117 - محمد بن إبراهيم بْن محمد بْن أحمد، أبو عبد الله الجنزيُّ ثم الأصبهانيُّ التاجر. [المتوفى: 524 هـ]
روى عن عبد الرحمن بن زُفر من أصحاب ابن منده، وعنه أبو موسى المديني.(11/406)
118 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن نصر، أبو بكر السَّمرقنديُّ الهرَّاس الصَّكَّاك. [المتوفى: 524 هـ]
روى عن القاضي منصور بن أحمد بن إسماعيل الغزقي، وتوفي في جُمادى الآخرة، وقد جاوز التسعين.(11/406)
119 - محمد بن سعدون بن مُرجيّ بن سعدون، الإمام أبو عامر القُرَشيّ العَبْدَريّ المَيُورقيّ المغربيّ، [المتوفى: 524 هـ]
نزيل بغداد.
أحد الحُفاظ والعلماء المبرزين، ومن كبار الفُقهاء الظّاهرية، رحل إلى بغداد، وسمع: أبا عبد الله البانياسي، وأبا الفضل بن خيرون، وطراد بن محمد، ويحيى السيبي، والحُميديّ، وابن البَطر، وخلْقًا سواهم.
قال القاضي أبو بكر محمد بن العربي في " مُعجَمه ": أبو عامر العَبْدريّ هو أنبل من لقِيته.
وقال ابن ناصر: كان فهْمًا، عالمًا، متعففًا مع فقره، وكان يذهب إلى أنّ المناولة كالسّماع.
وذكره السَّلفيّ في " مُعْجَمه " فقال: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السّلام، متصرفٌ في فنون من العلوم أدبًا ونحْوًا، ومعرفةً بالأنساب، وكان [ص:407] داوديّ المذهب، قُرَشِيّ النَّسَب، كتب عنّي وكتبت عنه، ومولده بقُرْطُبَة من مدن الأندلس.
قال ابن نقطة: حدثنا أحمد بن أبي بكر البندنيجيّ أنّ الحافظ ابن ناصر قال:
لما دفنوا أبا عامر العَبْدريّ ... خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفِري
مات أبو عامر حافظ أحاديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ شاء فلْيَقُلْ ما شاء.
وقال ابن عساكر: كان فقيهًا على مذهب داود، وكان أحفظ شيخٍ لقيته، ذكر أنه دخل دمشق في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء، وسمعتُ أبا عامر وقد جرى ذِكر مالك، فقال: جلفٌ جاف، ضرب هشام بن عمّار بالدِّرَّة، وقرأتُ عليه " الأموال " لأبى عُبَيْد، فقال وقد مرّ قول لأبي عُبَيْد: ما كان إلا حمارًا مغفلًا لَا يعرف الفِقْه، وقيل لي عنه: إنّه قال في إبراهيم النَّخَعيّ: أعورُ سُوء، فاجتمعنا يومًا عند ابن السَّمَرْقَنْديّ في قراءة " الكامل "، فنقل فيه قولًا عن السَّعْديّ، فقال: يكذب ابن عَدِيّ، إنما هو قول إبراهيم الْجَوْزَجانيّ، فقلت له: فهو السَّعْديّ، فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب، تقول في إبراهيم النَّخَعيّ كذا، وتقول في مالك كذا، وفي أبي عُبَيْد كذا؟! فغضب وأخذته الرِّعْدَة، وقال: كان ابن الخاضبة والبَرَدانيّ وغيرهما يخافوني، فآل الأمر إلى أن تقول فيّ هذا، فقال له ابن السمرقندي: هذا بذاك، وقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمَّة، فقال: والله قد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممّن تقدَّم، وإني لأعلم من " صحيح البخاري " و" مسلم " ما لم يعلماه، فقلت مستهزئًا: فعِلْمُك إذا إلهامٌ، وهاجرته.
قال: وكان سيئ الاعتقاد، ويعتقد من أحاديث الصّفات ظاهرَهَا، بَلَغَني أنّه قال في سوق باب الأَزَج: {يَوْمَ يكشف عن ساقٍ} فضرب [ص:408] على ساقه وقال: ساقٌ كساقي هذه، وبَلَغَني أنّه قال: أهل البِدَع يحتجّون بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} أي في الإلهيَّة، فأما في الصّورة فهو مثلي ومثلك، قال الله تعالى: {يَا نِسَاءَ النبي لستن كأحدٍ من النساء} أي في الحُرْمة.
وسألته يومًا عن أحاديث الصّفات، فقال: اختلف النّاس فيها، فمنهم مَن تأوَّلها، ومنهم من أمسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها، ومذهبي آخر هذه الثلاثة مذاهب، وكان يُفْتي على مذهب داود بن علي، فبلغني أنّه سُئل عن وجوب الغُسْل على من جامَعَ ولم يُنْزِل، قال: لَا غُسْل عليه، الآن فعلت ذلك بأم أبي بكر، وكان بَشِع الصّورة، زَرِيّ اللّباس.
وقال ابن السّمعاني: حافظ مبرّز في صَنْعه الحديث، داوديّ المذهب، سمع الكثير، ونسخ بخطه وإلى آخر عُمره، وكان يسمع وينسخ.
وقال ابن ناصر: فيه تساهُل في السَّماع، يتحدَّث ولا يُصْغي ويقول: يكفيني حضور المجلس، ومذهبه في القرآن مذهب سوء، مات في ربيع الْآخر.
قلت: روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وأبو الفتح المندائيّ، وجماعة، وخمل ذِكره لبِدْعته.(11/406)
120 - محمد بن عبد الله بن تُومَرْت، أبو عبد الله الملَّقب نفسَه بالمهديّ المَصْمُودي، الهَرْغيّ، المغربيّ، [المتوفى: 524 هـ]
صاحب دعوة السّلطان عبد المؤمن ملك المغرب.
كان يدّعي أنّه حَسَنيّ عَلَويّ، وهو من جبل السَّوس في أقصي المغرب. نشأ هناك، ثمّ رحل إلى المشرق لطلب العِلْم، ولقي أبا حامد الغزّاليّ، وإلِكيا أبا الحسن الهَرّاسيّ، وأبا بكر الطُّرْطُوشيّ، وجاوَرَ بمكة، وحصّل طَرَفًا جيّدًا من العلم.
وكان متورّعًا، متنسّكًا، مَهِيبًا، متقّشفًا، مخشَوْشِنًا، أمارًا بالمعروف، كثير الإطراق، متعبدًا، يتبسم إلى من لقِيه، ولا يَصْحَبُه من الدّنيا إلا عصا وركْوَة، وكان شجاعًا، جريئًا، عاقلًا، بعيد الغَوْر، فصيحًا في العربي والمغربي، قد طُبع على النَّهْي عن المُنْكَر، متلذّذًا به، متحملًا المشقة والأذية فيه، أوذِي بمكة لذلك، فخرج إلى مصر، وبالغ في الإنكار، فزادوا في أذاه [ص:409] وطرده، وكان إذا خاف من البْطش وإيقاع الفعل به خلّط في كلامه ليظنّوه مجنونًا، فخرج إلى الإسكندرية، فأقام بها مدة، وركب البحر إلى بلاده.
وكان قد رأى في منامه وهو بالمشرق كأنه قد شرب ماء البحر جميعه كرّتين، فلمّا ركب السّفينة شرع ينكر، وألْزمهم بالصّلاة والتّلاوة، فلما انتهى إلى المَهْديَّة، وصاحبها يومئذٍ يحيى بن تميم الصَّنْهاجيّ، وذلك في سنة خمسٍ وخمسمائة، فنزل بها في مسجد معلق على الطّريق، وكان يجلس في طاقته، فلا يرى مُنْكرًا من آلة الملاهي أو أواني الخُمور إلا نزل وكسرها، فتسامَعَ به النّاس، وجاءوا إليه، وقرأوا عليه كُتُبًا في أصول الدّيانة، وبلغ خبرُه الأمير يحيى، فاستدعاه مع جماعةٍ من الفقهاء، فلّما رأى سَمْتَه وسمع كلامه أكرمه، وسأله الدّعاء، فقال له: أَصْلَحَك اللهُ لرعيّتك.
ثمّ نزح عن البلد إلى بَجَّايَة، فأقام بها يُنْكر كدأبه، فأخرج منها إلى قرية ملالة، فوجد بها عبد المؤمن بن علي القَيْسيّ، فيقال: إنّ ابن تُومَرْت كان قد وقع بكتاب فيه صفة عبد المؤمن وصفة رجلٍ يظهر بالمغرب الأقصى مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يدعو إلى الله يكون مقامه ومدفنه بموضعٍ من المغرب، يُسَمّى " ت ي ن م ل "، ويجاوز وقته المائة الخامسة، فألقي في ذهنه أنّه هو، وأخذ يتطَلب صفة عبد المؤمن فرأى في الطريق شابًا قد بلغ أشده على الصفة الّتي معه، فقال: يا شابّ ما أسمك؟ قال: عبد المؤمن، فقال: الله أكبر، أنت بُغْيَتي، فأين مقصِدُك؟ قال: المشرق لطلب العِلم، قال: قد وجدت علمًا وشرفًا اصحبني تنله، ثمّ نظر في حِلْيته فوافَقَتْ، وقال: ممّن أنت؟ قال: من كُومية، فربط الشّابّ، وألقي إليه سرّه.
وكان ابن تُومَرْت قد صحِبَه عبدُ الله الوَنْشَرِيسيّ ممّن تهذَّب وتفقّه، وكان جميلًا، فصيحًا في العربية، فتحدَّثا يومًا في كيفية الوصول إلى الأمر المطلوب، فقال لعبد الله: أرى أن تستر ما أنتَ عليه من العلم والفصاحة عن الناس، وتظهر من العيّ واللَّكَن والجهل ما تشتهر به، لتتخذ الخروج عن ذلك، وإظهار العلم دفعةً واحدة، فيكون ذلك معجزة، ففعل ذلك، ثمّ استدنى محمد أشخاصًا أجلادًا في القوى الجسْمانيَّة، أغمارًا، فاجتمع له ستَّة، فتوجهوا إلى [ص:410] مَراكُش، وملِكها علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ملكًا حليمًا، عادلًا، متواضعًا، وكان بحضرته مالك بن وُهَيْب الأندلسيّ الفقيه، فأخذ ابن تُومَرْت في الإنكار، حتى أنكر على ابنه الملك، وذلك في قصةٍ طويلة، فبلغ خبرُه الملك، وأنه يحدّث في تغيير الدّولة، فكلّم مالك بن وُهَيْب في أمره، وقال: نخاف من فَتح بابٍ يَعْسُرُ علينا سَدُّه، وكان محمد وأصحابه مقيمين في مسجدٍ خراب بظاهر البلد، فأحضروهم في محفلٍ من العلماء، فقال الملك علي: سَلُوَا هذا ما يبغي، فكلّموه، وقال: ما الّذي يُذكر عنك من القول في حقّ الملك العادل الحليم المُنْقاد إلى الحق؟ فقال: أما ما نُقِل عنّي، فقد قلتُهُ، ولي من ورائه أقوال، وأما قولك: إنّه يُؤْثِرَ طاعةَ الله على هواه، وينقاد إلى الحقّ، فقد حضر اعتبار صحة هذا القول عليه، ليعلم بتعرّيه عن هذه الصِّفة إنّه مغرورٌ بما تقولون له وتُطرونه به، مع عِلمكم أنّ الحُجَّة عليه متوجّهة، فهل بلغك يا قاضي أنّ الخمر تُباع جَهَارًا، وتمشي الخنازير بين المسلمين، وتؤخذ أموال اليتامى؟ وعدّد من ذلك أشياء، حتّى ذَرَفَتْ عينا الملك، وأطرق حياءً، ففهم الدُّهاة من كلامه طَمَعَه في المُلْك، ولّما رأوا سكوت الملك وانخداعه له لم يتكلّموا، فقال مالك بن وُهَيْب: إنّ عندي نصيحة، إنْ قبِلَها الملكُ حَمَدَ عاقبتها، وإنْ تَرَكَها لم آمَنْ عليه، قال: وما هي؟ قال: إنّي خائف عليك من هذا الرجل، وأرى أن تسجنه وأصحابه، وتنفق عليهم كلّ يومٍ دينارًا، وإلّا أنفقْتَ عليه خزائنك، فوافقه الملك، فقال الوزير: أيُّها الملك، يقبح أن تبكي من موعظة هذا، ثمّ تُسيء إليه في مجلسٍ واحد، وأن يظهر منك الخوف مع عِظَم ملْكك، وهو رجل فقير لَا يملك سدّ جوعه، فأخَذتَ المَلِكَ العِزَّةُ، واسْتَهْوَن أمره وصَرَفه، وسأله الدّعاء.
وقيل: إنّه لما خرج من عنده لم يزل وجهه تلقاء وجهه، إلى أن فارقه، فقيل له: نراك تأدّبت مع الملك، فقال: أردت أن لَا يفارق وجهي الباطل حتى أغيّره ما استطعت.
ولما خرج قال لأصحابه: لَا مُقام لنا بمراكُش مع وجود مالك بن وُهَيْب، فإنّا نخاف مَكْره، وإنّ لنا بأغمات أخًا في الله فنقصده، فلن نُعدم منه رأيًا ودُعاء، وهو الفقيه عبد الحق بن إبراهيم المصمودي، فسافروا أليه فأنزلهم، وبثوا إليه سرّهم، وما جرى لهم، فقال: هذا الموضع لَا يحميكم، وإنّ أحصن [ص:411] الأماكن المجاورة لهذا البلد تين مل، وهي مسيرة يوم في هذا الجبل، فانقطعوا فيه بُرْهةً ريثما ينسى ذكركم، فلّما سمع ابن تُومَرْت بهذا الاسم تجدَّد له ذِكْر اسم الموضع الّذي رآه في الكتاب، فقصده مع أصحابه، فلما أتَوْه رآهم أهل ذلك المكان على تلك الصورة، فعلموا أنهم طلاب علم، فتَلَقَّوْهُم وأكرموهم وأنزلوهم، وبلغ الملكَ سفرُهُم، فَسُرَّ بذلك.
وتسامع أهل الجبل بوصول ابن تومرت، فجاؤوه من النّواحي يتبرَّكون به، وكان كلّ من أتاه استدناه، وعرض عليه ما في نفسه من الخروج، فإنْ أجابه أضافه إلى خواصّه، وإنْ خالَفَه أعرض عنه.
وكان يستميل الشّباب الأغمار، وكان ذَوُو الحِلْم والعقل من أهاليهم يَنْهَوْنَهُم ويحذّرونهم من أتِّباعه خوفًا عليهم من المَلِك، فكان لَا يتمّ له مع ذلك حال، وطالت المدَّة، وكثُرَت أتباعُه من أهل جبال دَرَنْ، وهو جبل لَا يفارقه الثَّلْج، وطريقه ضيق وعر.
قال الْيَسَع بن حزْم: لَا أعلم مدينة أحصن من تينملل، لأنها بين جبلين، ولا يسع الطّريق إليها إلّا الفارس، وقد ينزل عن فرسه في أماكن صَعْبة، وفيها مواضع لَا يُعْبَر فيها إلّا علي خشب، فإذا أُزيلت خشبة لم يمرّ أحد، وهذه الطّريق مسافة يوم، فأخذ أتباعه يغيرون على النّواحي سبْيًا وقتْلًا، وتَقَوَّوْا وكثروا، ثم إنه غدر بأهل تينملل الذين آووه ونصروه، وأمر أصحابه، فقتلوا فيهم مقتلةً عظيمة، قاتله الله، فقال له الفقيه الإفريقي، وهو أحد العشرة، عندما فعل بأهل تينملل: قوم أكرمونا وأنزلونا دُورهم قَتَلْتَهُم؟ فقال لأصحابه: هذا شك في عصمتي، خذوه، فقتلوه وعلقوه على جذع.
قال: وكل ما أذكره من حال المَصَامِدة فمنه ما شاهدته، ومنه ما أخذته بنقل التّواتر.
وَكَانَ فِي وصيته إلى قومه إِذَا ظَفِرُوا بمرابطٍ أَوْ أحدٍ مِنْ تِلِمْسَانَ أَنْ يُحَرِّقُوهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي عَامِ تِسْعَةَ عَشَرَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ يَوْمًا، فَقَالَ: تَعْلَمُونَ أَنَّ الْبَشِيرَ الَّذِي هُوَ الْوَنْشَرِيسِيُّ، إِنَّهُ أُمِّيٌّ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ، وَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى [ص:412] دَابَّةٍ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ مُبَشِّرًا لَكُمْ مُطَّلِعًا عَلَى أَسْرَارِكُمْ، وَهُوَ آيَةٌ لَكُمْ، فَإِنَّهُ حَفِظَ الْقُرْآنَ، وَتَعَلَّمَ الرُّكُوبَ، ثُمَّ اسْتَعْرَضَهُ الْقُرْآنُ، فَقَرَأَهُ لَهُمْ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَرَكِبَ حِصَانًا وَسَاقَهُ، فَتَعَجَّبُوا وَعَدُّوا ذَلِكَ آيَةً، وَصَحَّ لابْنِ تُومَرْتَ بذلك ما أطراه عَلَى نفوسٍ سَلِيمَةٍ لَا يَعْرِفُونَ بَوَاطِنَ الْأُمُورِ، فَتَحَقَّقَ تَصْدِيقُهُمْ إِيَّاهُ، فَقَامَ خَطِيبًا، وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، وقال: {منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}، وَهَذَا الْبَشِيرُ مُطَّلِعٌ عَلَى الأَنْفُسِ، مُحَدَّثٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ فِي أُمَّتِي مُحَدَّثِينَ، وَإِنَّ عُمَرَ مِنْهُمْ ".
وَقَدْ صَحِبَنَا أقوامٌ أطلعه الله على سرهم ونفاقهم، ولابد مِنَ النَّظَرِ فِيهِمْ، وَيُتَمِّمُّ الْعَدْلَ فِيهِمْ، ثُمَّ نُودِيَ فِي جِبَالِ المصامدة: من كان مطيعًا للإمام فليقبل، فكانوا يأتون قبائل قبائل، فيُعرضون عليه، فيخرجون قومًا على يمينه، ويعدّهم من أهل الجنَّة، وقومًا على يساره، ويقول: هؤلاء شاكّون في الأمر، حتّى كان يؤتى بالرجل فيقول: رُدّوا هذا على اليمين، فإنّه تائب، وقد كان قبل كافرًا، ثمّ أحدَث البارحة توبة، فيَعترف بما أخبر به، واتّفقت له فيهم عجائب، وكان يطلق أهل اليَسَار وهم يعلمون أنّ مآلهم إلى القتْل، فلا يفرّ منهم أحد، وكان إذا اجتمع منهم كثير قتلهم قراباتُهُم، يقتل الأب ابنه، والأخُ أخاه، وابن العمّ ابن العَمّ، فالّذي صحّ عندي إنّه قُتِلَ منهم سبعون ألفًا على هذه الصّفة، ويسمُّونها التّمييز.
ولما كمل التّمييز وجّه جُمُوعه مع البشير نحو أَغْمات، فالتقوا المرابطين فهزموهم، وَقُتِلَ خلقٌ من المَصَامِدة لكونهم ثبتوا، وَجُرِحَ عمر الهنتاتي جراحات، فحملوه على أعناقهم، وهو كالميت، لَا يَنْبض له عِرْق، فقال لهم البشير: إنّه لَا يموت حتّى يفتح البلاد، ويغزو في الأندلس، وبعد مدَّة من استماتته فتح عينيه، فزادهم ذلك إيمانًا بأمرهم، ولّما أَتَوْا عزّاهم ابن تُومَرْت وقال: يومٌ بيوم، وكذلك حرْبُ الرسل.
نقل عبد الواحد بن علي التّميميّ المَرّاكُشيّ في كتاب " المعجب " الذي [ص:413] اختصرته، أن ابن تُومَرْت رحل إلى بغداد، فأخذ الأصول عن أبي بكر الأصوليّ الشّاشيّ، وسمع من المبارك بن عبد الجّبار ابن الطُّيُوريّ، وقال: إنّ أمير الإسكندرية نفاه منها، فبَلَغَني أنّه استمر يُنكر في المركب إلى أنّ أَلْقوْه في البحر، فأقام نصفَ يومٍ يجري في ماء السّفينة ولم يغرق، فأنزلوا إليه من أطلعه وعظَّموه، إلى أن نزل بَجَّايَة، ووعظ بها، ودرَّس، وحصل له القبول، فأمره صاحبها بالخروج منها خوفًا منه، فخرج، ووقع بعبد المؤمن، وكان بارعًا في خطّ الرمْل، ووقع بجفرٍ فيما قيل، وصحِبَهما من ملالة عبدُ الواحد الشّرقيّ، فتوجّه الثّلاثة إلى أقصى المغرب.
وقيل: إنه لقي عبد المؤمن ببلاد متيجة، فرآه يعلم الصبيان، فأسر إليه، وعرفه بالعلامات، وكان عبد المؤمن قد رأى رؤيا، وهي أنّه يأكل مع أمير المسلمين علي بن يوسف في صحفةٍ، قال: ثمّ زاد أكلي على أكله، ثمّ اختطفت الصَّحْفَة منه، فقصها على عابرٍ فقال: هذه لَا ينبغي أن تكون لك، إنما هي لرجلٍ ثائر يثور على أمير المسلمين، إلى أن يغلب على بلاده، وسار ابن تُومَرْت إلى أن نزل في مسجد بظاهر تِلِمْسان، وكان قد وضع له هيبةً في النُّفُوس، وكان طويل الصَّمت، كثير الانقباض، إذا انفصل عن مجلس العلم لَا يكاد يتكلم، أخبرني شيخٌ عن رجلٍ من الصالحين كان معتكفًا في ذاك المسجد أنّ ابن تُومَرْت خرج ليلةً فقال: أين فُلان؟ قالوا: مسجون، فمضى من وقته ومعه رجلٌ، حتى أتى باب المدينة، فدقّ على البوّاب دقًا عنيفًا، ففتح له بسرعة، فدخل حتّى أتى الحْبس، فابتدر إليه السّجّانون يتمسّحون به، ونادى: يا فُلان، فأجابه، فقال: أخرج، فخرج والسّجّانون باهتون لا يمنعونه، وخرج به حتّى أتى المسجد، وكانت هذه عادته في كلّ ما يريد، لَا يتعذّر عليه، قد سُخِّرت له الرّجال.
وعظُم شانه بتِلَمْسان إلى أن انفصل عنها، وقد استحْوَذَ على قلوب كُبَرائها، فأتى فاسَ، وأظهر الأمر بالمعروف، وكان جلّ ما يدعو إليه عِلم الاعتقاد على طريقة الأشعرية، وكان أهل المغرب ينافرون هذه العلوم، ويعادون من ظهرت عليه، فجمع والي فاس الفُقَهاء له، فناظرهم، فظهر عليهم لأنه وجد جوّا خاليًا وناسًا لَا عِلْمَ لهم بالكلام، فأشاروا على المتوليّ بإخراجه، فسار إلى مَراكُش، وكتبوا بخبره إلى ابن تاشفين، فجمع له الفُقهاء، [ص:414] فلم يكن فيهم من يعرف المناظرة إلّا مالك بن وُهَيْب، وكان متفنّنًا قد نظر في الفلسفة، فلّما سمع كلامه استشعر حِدَّته وذكاءه، فأشار على أمير المسلمين ابن تاشفين بقتله، وقال: هذا لا تؤمن غائلته، وإنْ وقع في بلاد المصامدة قَوِيُّ شرُّه، فتوقّف عن قتْله دِينًا، فأشار عليه بحبْسه، فقال: عَلَامَ أسجن مسلمًا لم يتعيَّن لنا عليه حقّ، ولكنْ يخرج عنّا، فذهب هو وأصحابه إلى السوس، ونزل تينملل، ومن هذا الموضع قام أمرُه، وبه قبره، فلّما نزله اجتمع إليه وجوه المَصَامِدة، فشرع في بثّ العلم والدّعاء إلى الخير، وكتم أمره، وصنَّف لهم عقيدةً بلسانهم، وعظُم في أعيُنهم، وأحبته قلوبُهُم، فلما استوثق منهم دعا إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنْكَر، ونهاهم عن سفْك الدّماء، فأقاموا على ذلك مدَّة، وأمر رجالًا منهم ممّن استصلح عقولهم بنصب الدعوة، واستمالة رؤساء القبائل.
وأخذ يذكّر المَهْديّ ويشوّق إليه، وجمع الأحاديث الّتي جاءت في فضله، فلّما قرّر عندهم عَظَمة المهديّ ونَسَبه ونعته، ادّعى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عبد الله، وسرد له نَسَبًا إلى علي عليه السلام، وصرَّح بدعوى العِصْمة لنفسه، وأنّه المهديّ المعصوم، وبسط يده للمبايعة فبايعوه، فقال: أبايعكم على ما بايع عليه أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم صنف لهم تصانيف في العِلم، منها كتاب سماه: " أعزّ ما يطلب "، وعقائد على مذهب الأشعريّ في أكثر المسائل، إلّا في إثبات الصّفات، فإنّه وافق المعتزلةِ في نفْيها، وفي مسائل قليلة غيرها.
وكان يُبْطن شيئًا من التَّشَيُّع، ورتَّب أصحابه طبقات، فجعل منهم العشّرة، وهم الأوّلُون السّابقون إلى إجابته، وهم الملقَّبون بالجماعة، وجعل منهم الخمسين، وهم الطّبقة الثّانية، وهذه الطّبقات لَا تجمعها قبيلة، بل هم من قبائل متفرقة، وكان يسمّيهم المؤمنين، ويقول لهم: ما على وجه الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة المَعْنيُّون بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تزال طائفة بالغرب ظاهرين على الحقّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلهم حَتَّى يأتيَ أَمْرُ الله "، وأنتم الّذين يفتح الله بكم الرّوم، ويقتل بكم الدّجّال، ومنكم الأمير الذي يصلي بعيسى ابن مريم، هذا مع جزيئات كان يخبرهم بها وقع [ص:415] أكثرها، وكان يقول: لو شئتُ أن أَعُدَّ خلفاءكم خليفةً خليفةً لعددت، فعظمت فتنة القوم به، وبالغوا في طاعته، إلى أن بلغوا حدًّا لو أمر أحدهم بقتْل أبيه أو أخيه أو أبنه لقتله، وسهّل ذلك عليهم ما في طباعهم من القسْوة المعهودة في أهل الجبال، لا سيما المغاربة البربر، فإنّهم جُبلوا على الإقدام على الدّماء، واقتضاه إقليمهم، حتّى قيل: إنّ الإسكندر أُهديت له فرسٌ لَا تُسبق، لكنها لَا تصهل، فلّما حلّ بجبال دَرَنْ، وهي بلاد المَصَامدة هذه، وشربت تلك الفرس من مياهها صهلت، فكتب الإسكندر إلى الحكيم يخبره، فكتب إليه: هذه بلاد شر وقسوة، فعجل الخروج منها، وأنا فقد شاهدت من إقدامهم على القتْل لمّا كنت بالسُّوس ما قضيت منه العجب.
قال: وقوي أمر ابن تُومَرْت في سنة خمس عشرة وخمسمائة، فلما كان في سنة سبْع عشرة جهّز جيشًا من المصامدة، جلهم من أهل تينملل والسُّوس، وقال لهم: اقصدوا هؤلاء المارقين المبدّلين الّذين تسمَّوا بالمرابطين، فادْعُوهم إلى إماتة المُنْكَر، وإزالة البِدَع، والإقرار بالإمام المهديّ المعصوم، فإنْ أجابوكم فهُمْ إخوانكم، وإلّا فقاتِلُوهم، وقد أباحت لكم السُّنَّةُ قتالَهم، وقدم عليهم عبد المؤمن، فسار بهم قاصدًا مَرّاكُش، فخرج لقتالهم الزُّبَير ابن أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، فلّما تراءى الْجَمْعان كلموا المرابطين بما أمرهم به ابن تُومَرْت، فردَوا عليهم أسوأ ردّ، ووقع القتال، فانهزم المَصَامِدة، وَقُتِلَ منهم مقتلة كبيرة، ونجا عبد المؤمن، فلمّا بلغ الخبرُ ابن تُومَرْت قال: أَلَيْس قد نجا عبد المؤمن؟ قيل: نعم، قال: لم يُفْقَد أحد، ثمّ أخذ يهوّن عليهم، ويقرر عندهم أنّ قتلاهم شُهداء، فزادهم حِرْصًا على الحرب.
وقال الأمير عزيز في كتاب " الجمع والبيان في أخبار القيروان ": إن ابن تومرت أقام بتينملل، وسمّى أصحابه وأتباعه بالموحدين، والمخالفين أمره: مجسّمين، وأقام على ذلك نحو العام، فاشتهر أمره سنة خمس عشرة، وبايعته هَرْغَة على أنّه المهديّ، فجهّز له علي بن يوسف جيشًا من الملثمين، فقال ابن تومرت لأصحابه الّذين بايعوه: إنّ هؤلاء قد جاءوا في طلبي، وأخاف عليكم [ص:416] منهم، والرأي أن أخرج عنكم بنفسي إلى غير هذه البلاد لِتَسْلموا أنتم، فقام بين يديه ابن توفيان، من مشايخ هَرْغَة، وقال له: تخاف شيئًا من السماء؟ قال: لا، بل من السماء تنصرون، فقال ابن توفيان: فدع كل من في الأرض يأتينا، ووافقه جميع قبيلته على ذَلِكَ القول، فقال: إنما أردت أن أختبر صبرَكم وثَبَاتَكم، وأمّا الآن فأبشروا بالنَّصْر، وأنكم تغلبون هؤلاء الشِّرْذمة، وبعد قليل تستأصِلون دولتهم، وترثون أرضهم، فالتقوا جيش الملثمين فهزموهم، وأخذوا الغنيمة، ووثقت نفوسُهم بالمهديّ، وأقبلت إليه أفواج القبائل من النواحي ووحدت قبيلة هنتاتة، وهي من أقوى القبائل، إلى أن قال: ثمّ نَهَجَ لهم طريقَ التَّودُّد والآداب، فلا يخاطبون الواحد منهم إلّا بضمير الجْمع في وقارٍ وبشاشة، ولا يلبسون إلّا الثّياب القصيرة الرخيصة، ولا يخلون يومًا من طراد ومثاقفة ونضال، وكان في كل قبيلةٍ قومٌ أشرارٌ مفسدون، فنظر ابن تُومَرْت في ذلك، فطلب مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لَا يصحّ دِينكم إلّا بالنَّهي عن المُنْكَر، فابحثوا عن كلّ مفسد وانهوه، فإنْ لم ينْتَه فاكتبوا أسماءهم، وارفعوها إليَّ، ففعلوا ذلك ثمّ أمرهم بذلك ثانيًا وثالثًا.
ثمّ جمع الأوراق، فأخذ ما تكرّر من الأسماء، فأفردها عنده، ثمّ جمع القبائل كلّها وحضّهم على أن لَا يغيب منهم أحد، ودفع الأسماء الّتي أفردها إلى عبد الله الوَنْشَرِيسيّ، الملقَّب بالبشير، ثمّ جعل يعرضهم رجلًا رجلًا، فمن وجد اسمه أفرده في جهة الشّمال، ومن لم يجده جعله في جهة اليمين، إلى أن عرض القبائل جميعها، ثمّ أمر بتكتيف جهة الشّمال، وقال لقبائلهم: هؤلاء أشقياء من أهل النار قد وَجَب قتلُهم، ثمّ أمر كلّ قبيلة أنّ تقتل أشقياءها، فقُتِلوا كلّهم، وكانت واقعة عجيبة، وقال: بهذا الفِعل يصحّ لكم دِينكم ويقوى أمركم، وعلى ذلك استمرّت الحالة في جميع بلادهم، ويسمّونه: التّمييز.
وكان له أصحاب عشرة يُسمَّون أهل عشرة، وأصحاب من رؤوس القبائل سمّاهم أهل خمسين، كانوا ملازمين مجلسَه.
فأما العشرة: فعبد المؤمن، والشَيخ أبو إبراهيم الهَزْرَجيّ، والشَيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاتي المعروف بعمرآينتي، والشَيخ أبو محمد عبد الله [ص:417] البشير، والشَيخ أبو محمد عبد الواحد الزّواويّ، وكان يُعرف بطير الجنَّة، والشَيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، والشَيخ أبو حفص عمر بن أَرْناق، والشَيخ أبو محمد واسنار الأَغْماتيّ، والشَيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع، وآخر، فهؤلاء الّذين سبقوا وتعرَّفوا به لأخذ العلم عنه، وكان اجتماعهم به أفذاذا في حال تَطْوافه في البلاد، فآثرهم واختصّهم.
وفي أوّل سنة أربعٍ وعشرين جهّز جيشًا زُهاء عشرين ألف مقاتل، قدم عليهم البشير، ثمّ دونه عبد المؤمن، بعد أمورٍ وحروب، فساروا إلى مَرّاكُش، وحاصروها عشرين يومًا، فأرسل عليّ بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلْماسَة، فجمع جيشًا وجاء من جهة، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة، ووقع الحرب، واستَحَرَّ يومئذٍ القتل بجيش المَصَامِدة، فقتل أمريهم عبد الله البشير، فالتفُّوا على عبد المؤمن، ودام القتال إلى اللّيل، وصلّى بهم عبد المؤمن يومئذٍ صلاة الخوف والحرب قائمة، وتكاثر الملثّمون، وتحيّز المصامدة إلى بستانٍ هناك مُلْتَفٍّ الشجر يُعرف بالبحيرة، فلذا قيل وقعة البحيرة، وبلغت قتلاهُم ثلاثة عشر ألفًا، وأُنهي الخبر إلى المهديّ فقال: عبد المؤمن سالم؟ قيل: نعم، قال: ما مات أحد، الأمر قائم، وكان مريضًا، فأوصى بأتّباع عبد المؤمن، وعقد له من بعده، وسمّاه أمير المؤمنين، وقال لهم: هذا الّذي يفتح الله البلاد على يديه، فلا تشُكّوا فيه، وأعْضدوه بأموالكم وأنفسكم، ثمّ مات في آخر سنة أربعٍ وعشرين.
قال اليَسَع بن حزْم: سَمَّى ابن تُومَرْت أتباع المرابطين مجسّمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلّا بتنزيه الله تعالى عمّا لَا يجب له، وصفته بما يجب له، وترك الخوض فيما تقصر العقول عن فهمه، وكان علماء المغرب يعلّمون العامَّة أنّ اللّازم لهم أنَّ اللَّه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البصير، إلى أن قال: فكفّرهم ابن تُومَرْت بوجهين، بجهل العرض والجوهر، وأنّ من لَا يعرف ذلك لَا يعرف المخلوق، ولم يعرف الخالق، الوجه الثّاني: إنّ من لم يهاجر إليه ولم يقاتل المرابطين معه فهو كافر، حلال الدّم والحريم، وذكر أنّ غضبه لله، وإنّما قام حِسْبةً على قومٍ أغرموا النّاس ما لَا يجب عليهم، وهذا تناقض، لأنّه كفّرهم، وإنّ كانوا مسلمين، فأخذ المرابطين منهم النَّزْر اليسير أشبه من قتْلهم [ص:418] ونهبهم، وحصل له في نفوس أتباعه من التصديق والبركة ما لا يحوزه الوصف.
وقال القاضي شمس الدّين: طالت المدَّة على ابن تُومَرْت، فشرع في حيلة، وذلك أنّه رأى أولاد المصامدة شُقْرًا زُرْقًا، ولون الآباء سمر، فسألهم عن ذلك، فلم يجيبوه، ثم ألحّ عليهم فقالوا: نحن من رعيَّة أمير المسلمين عليّ، وله علينا خَراج، وفي كلّ سنة تصعد مماليكه إلينا، وينزلون في بيوتنا، ويخرجونا عنها، ويخلُون بنسائنا وما لنا قُدرة على دفع ذلك، فقال ابن تُومَرْت: والله، الموتُ خيرٌ من هذه الحياة، كيف رضيتم بهذا، وأنتم أضربُ خلْق الله بالسّيف وأطعنهم بالرُّمح؟ قالوا: بالرّغم منّا، قال: أرأيتم لو أنّ ناصرًا نصركم على هؤلاء، ما كنتم تصنعون؟ قالوا: كنّا نقدَّم أنفسنا بين يديه للموت، فمن هو؟ قال: ضيفكم، فقالوا: السّمع والطّاعة، فبايعهم، ثمّ قال: استعدوا لحضور هؤلاء بالسلاح، فإذا جاؤوكم فأجْرُوهم على عادتهم، ثمّ مِيلُوا عليهم بالخُمُور، فإذا سكروا فآذنوني بهم، فلمّا جاءوهم ففعلوا ذلك بهم وأعلموه، فأمر بقتلهم، فلم تمض ساعة من اللّيل حتّى أتوا على آخرهم، وأفلت منهم واحد، فلحِق بمَرّاكُش، فأخبر الملك، فندِم على فوات محمد من يده حيث لَا ينفعه النّدم، وجهّز جيشًا، وعرف ابن تومرت أنه لابد من عسكرٍ يفجؤهم، فأمر أهل الجبل بالقعود على أنقاب الوادي، فلّما وصلت إليهم الخيل نزلت عليهم الحجارة من جانَبي الوادي كالمطر، ودام القتال إلى اللّيل، فرجع العسكر، وأخبروا الملك، فعلم أنّه لا طاقة له بأهل الجبل لتحصُّنهم، فأعرض عنهم.
ثمّ قال ابن تُومَرْت لعبد الله الوَنْشَريسيّ: هذا أوان إظهار فضائلك وفصاحتك دفعةً واحدة، ثمّ اتّفقا على أن يُصلّي الصُّبح، ويقول بلسانٍ فصيح: إني رأيت في النّوم أنّه نزل بي مَلَكان من السماء، وشقّا فؤادي، وغسّلاه، وحَشَياه عِلْمًا وحكمة، فلّما أصبح فعل ذلك، فدُهشوا وعجبوا منه، وانقادوا له كل الانقياد، فقال ابن تومرت له: فعجل لنا البشرى في أنفسنا، وعرّفنا أَسُعَداءُ نحن أمْ أشقياء؟ فقال له: أمّا أنت فإنّك المهديّ القائم بأمر الله، مَن تبعك سَعد، ومَن خالفك شقي. [ص:419]
ثمّ قال: أعرضْ أصحابك حتّى أميّز أهل الجنة من أهل النار، وعمل في ذلك حيلةً، قتل فيها من خالف أمر ابن تُومَرْت، ثمّ لم يزل إلى أن جهّز بعد فصولٍ طويلة عشرة آلاف مقاتل، وأقام هو في الجبل، فنزلوا لحصار مَرّاكُش، فأقاموا عليها شهرًا، ثمّ كُسِروا كسرة شنيعة، وهرب من سَلِم من القتْل، وَقُتِلَ الوَنْشَرُيسيّ المذكور.
وقال عبد الواحد بن عليّ المَرّاكُشيّ: ثمّ جعلوا يشنون الغارات على قرى مَرّاكُش، ويقطعون عنها الْجَلَب، ويقتلون ويَسْبون الحريم، وكثر الداخلون في دعوتهم والمنحاشون إليهم، وابن تُومَرْت في ذلك كلّه يُكثِر الزُّهد والتَّقَلُّل والعبادة، أخبرني من رآه يضرب على الخمر بالأكمام والنعال وعسب النَّخْلِ كفعل الصّحابة، وأخبرني من شهده وقد أُتيَ برجلٍ سَكْران فحدّه، فقال يوسف بن سليمان، أحد الأعيان: لو شَدَدْنا عليه حتى يخبرنا من أين شرِبَها، فأعرض عنه، فأعاد قوله، فقال: أرأيت لو قال شربتها في دار يوسف بن سليمان ما كنّا نصنع؟ فاستحيى وسكت، ثمّ ظهر أنّ عبيد يوسف بن سليمان سقَوْه، فزادهم هذا ونحوه فتنةً بابن تُومَرْت.
قال اليَسَع بن حزْم: ألّف ابن تومرت كتاب " القواعد "، مما فيه: وأن التّمادي على ذرةٍ من الباطل كالتمادي على الباطل كله، وألّف لهم كتاب " الإمامة "، يقول فيه: حتّى جاء الله بالمهديّ، يعني نفسه، وطاعته صافية نقيَّة، لَا ضدّ له ولا مثل له، ولا ندّ في الورى، وإنّ به قامت السماوات والأرض.
قال اليَسَع: هذا نصّ قوله في الإمامة، وهذا نصّ تلقّيته من قراءة عبد المؤمن بن عليّ، دوّن لهم هذا بالعربيّ وبالبربري، فلما قرؤوا هذين الكتابين زادهم ذلك شدَّةً في مذهبهم من تكفير النّاس بالذّنوب، وتكفيرهم بالتّأخُّر عن طاعة المهدي الذي قامت به السماوات والأرض.
هذا نص ما قاله اليَسَع.
قال: وأمرهم بجمع العساكر، فخرجوا إلى ناحية مَرّاكُش، فوجدوا جيشًا للمرابطين، فالتقوا، فانهزم المرابطون هزيمة مات فيها أكثر من شهِدَها، وصَبَر فيها الموحِّدون، فلّما كان في سنة إحدى وعشرين تألفوا في أربعين ألف راجل [ص:420] وأربعمائة فارس، ونزلوا يريدون حصر مَرّاكُش، فحدَّثني جماعة أنّهم نزلوا على باب أَغْمات بعد أن خرج إليهم المرابطون في أكثر من مائة ألف، بين فارسٍ وراجل، فخذلوا ودخلوا المدينة على أسوأ حالة، فجاء من الأندلس ابن همشك في مائة فارس، فشجّع أمير المسلمين، وخرج فقاتل، فانتصر المرابطون، وَقُتِلَ من المصامدة نحوٌ من أربعين ألفًا، فما سلِم منهم إلّا نحو أربعمائة نفس، كذا قال اليَسَع.
وقال ابن خلِّكان: حَضَرت ابن تُومَرْت الوفاةُ، فأوصى أصحابه وشجّعهم، وقال: العاقبة لكم، ومات في سنة أربعٍ وعشرين إثر الوقعة الّتي قُتِلَ فيها الوَنْشَرِيسيّ، ودُفِن بالجبل، وقبرُه مشهورٌ معظّم، ومات كهلًا، وكان رَبْعةً، أسمر، عظيم الهامة، حديد النّظر، مَهِيبًا.
وقيل فيه:
آثاره تُغنيك عن أخباره ... حتّى كأنّك بالعَيَان تراه
قدمٌ في الثَّرَى وهامة في الثُّرَيّا، ونفس ترى إراقة ماء الحياة دون ماء المحيا، أغفل المرابطون حله وربطه حتّى دبّ دبيب الفَلَق في الغَسَق، وترك في الدّنيا دَوِيًّا، وكان قُوتُه من غزْل أخته رغيفًا في كلّ يومٍ، بقليل سمنٍ أو زيت، ولم ينتقل عن ذلك حين كثُرت عليه الدّنيا، ورأى أصحابه يومًا وقد مالت نفوسُهم إلى كثْرة ما غنموه، فأمر بإحراق جميعه، وقال: من كان يبتغي الدّنيا فما له عندي إلا ما أرى، ومن كان يبغي الآخرة فجزاؤه عند الله.
ومن شعره:
أخذت بأعضادهم إذْ نأوا ... وخَلْفك القوم إذْ ودّعوا
فكم أنت تُنْهَى ولا تنتهي ... وتُسْمع وعظًا ولا تَسْمعُ
فيا حجر الشَّحْذ حتّى متى ... تسنّ الحديد ولا تقطعُ؟
وكان يتمثّل كثيرًا:
تجرّد من الدّنيا فإنك إنما ... خرجت إلى الدُّنيا وأنت مجرَّدُ
ولم يتملك شيئًا من البلاد، وإنما قرّر القواعد ومهّدها، وبَغَتَه الموت، وكانت الفتوحات على يد عبد المؤمن. [ص:421]
وقد كان الملك أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في أيامه، قد زار قبر ابن تُومَرْت بمحضرٍ من الموحّدين، فقام شاعر وانشد هذه القصيدة، وفيها جُمل مما كان يعتقده ابن تومرت ويخبر به:
سلامٌ على قبر الإمام الممجَّدِ ... سلالةِ خير العالمين محمد
ومشبهه في خلْقه ثمّ في اسْمِه ... وفي اسم أبيه والقَضاء المسدّد
أتتنا به البُشْرى بأنْ يملا الدنيا ... بقسطٍ وعدلٍ في الأنام مخلّد
ويفتتح الأمصار شرقًا ومغربًا ... ويملك عربًا من مغير ومنجد
فمن وصفه أقنى وأجلى وأنه ... علاماته خمس تبين لمهتدي
زمان واسم والمكان ونسبة ... وفعل له في عصمة وتأيد
ويلبث سبْعًا أو فتِسْعًا يعيشها ... كذا جاء في نصٍ من النَّقْلِ مُسْندِ
فقد عاش تسعًا مثل قَوْل نبيّنا ... فذلكُمُ المهديُّ باللهِ يهتدي
وخرج إلى مدْح عبد المؤمن وبنيه، ولابن تُومَرْت أخبار طويلة عجيبة.(11/408)
121 - محمد بن علي بن أبي الغنائم عبد الصمد بن علي ابن المأمون، أبو غانم الهاشميّ. [المتوفى: 524 هـ]
يروى عن: جدّه، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو طاهر السِّلَفيّ.(11/421)
122 - محمد بن عليّ بن محمود، المعمّر أبو منصور الزُّولَهيّ التاجر، المعروف بالكُرَاعيّ، ويقال: إنّ اسمه أحمد، [المتوفى: 524 هـ]
وكتب له محمد وأحمد من قرية زولاه، إحدى قرى مرْو.
شيخ صالح صائن، رحلَ إليه النّاس، وصارت زولاه مقصد الطّلبة والفُقهاء بسببه، وكان آخر من روى عن جده لأمّه أبي غانم الكُرَاعيّ، وكان قدّر مسموعاته قريبًا من عشرين جزءًا، سمعت منه، قاله أبو سعد السّمعانيّ.
وقال: سمعت منه بقراءة السّنجيّ اثني عشر جزءًا، ثمّ أحضره شيخنا الخطيب أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن المَرْوَزِيّ في الخانقاه، وقرأ عليه الأجزاء المسموعة له، فسمعتها منه، وُلِد في العشرين من شوّال سنة اثنتين [ص:422] وثلاثين وأربعمائة، ومات في أواخر سنة أربعٍ وعشرين أو في أوائل سنة خمسٍ بقريته.
قلت: هو في زمانه لأهل خراسان كفاطمة الجوزدانية لأهل أصبهان، وكابن الحُصَيْن لأهل بغداد، وكالرّازيّ لأهل مصر، وقد حدَّث عنه بالشّام مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن أبو عبد الرحمن المروزي، وبقي إلى سنة ثمانين وخمسمائة.(11/421)
123 - محمد بن أبي منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العُكْبريُّ، أبو نصر ابن البقَّال. [المتوفى: 524 هـ]
سمَّعه أبوه من أبي الطيب الطَّبري، وأبي محمد الجوهري، وغيرهما. روى عنه جماعة، وأضر في آخر عُمُره، وكان صحيح السمَّاع.
قال ابن السَّمعاني: سألت عنه أبا المُعَمَّر الأنصاري، فقال: كان يميل إلى التَّشيع، وكانوا يقولون: إنه ليس بثقة، وأنكر أبو حفص عمر بن المبارك هذا القول، فوصفه بالصِّدق والصَّلاح، وقال: توفي في ربيع الآخر.
قلت: وقد روى عنه المبارك بن كامل، والسِّلفي، ولم يلقه ابن عساكر.(11/422)
124 - المبارك بن أحمد بن علي، أبو القاسم البغداديُّ القصَّار، [المتوفى: 524 هـ]
من وكلاء القضاة.
سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وعنه: أبو المعمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ.(11/422)
125 - منصور، أبو عليّ، الآمر بأحكام الله ابن المستعلي بالله أبي القاسم أحمد ابن المستنصر بالله أبي تميم معد ابن الظاهر بالله علي ابن الحاكم ابن العزيز ابن المُعِزّ العُبَيْديّ المصريّ، [المتوفى: 524 هـ]
صاحب مصر.
كان رافضيًا كآبائه، فاسقًا، ظالمًا، جائرًا، مستهزئًا لعّابًا، متظاهرًا بالمنكر واللهو، ذا كبرٍ وجَبَرُوت، وكان مدبّر سلطانه الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش.
ولي الأمر وهو صبيّ، فلمّا كبر قتل الأفضل وأقام في الوزارة المأمون أبا عبد الله محمد بن مختار بن فاتك البطائحيّ، فظلم وأساء السّيرة إلى أن قبض [ص:423] عليه الآمر سنة تسع عشرة وخمسمائة، وصادره ثمّ قتله في سنة اثنتين وعشرين وصَلَبه، وقتل معه خمسةً من إخوته.
وفى أيّام الآمر أخذت الفرنج عكّا سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة، وأخذوا طرابلس الشام في سنة اثنتين وخمسمائة فقتلوا وسبوا، وجاءتها نجدة المصريّين بعد فوات المصلحة، وأخذوا عرقة، وبانياس، وجبيل، وتسلموا سنة إحدى عشرة وخمسمائة قلعة تبنين، وتسلّموا صور سنة ثمان عشرة، وأخذوا بيروت بالسيف في سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وأخذوا صيدا سنة أربع.
ثمّ قصد الملك بردويل الإفرنجي مصر ليأخذها ودخل الفرما، وأحرق جامعها ومساجدها، وسار فأهلكه الله قبل أن يصل إلى العريش، فشقّ أصحابه بطنه وصبَّروه، ورموا حشوته هناك، فهي تُرجم إلى اليوم بالسَّبْخة، ودفنوه بقُمَامَة، وكان هو الّذي أخذ بيت المقدس، وعكّا، وعدَّة حصونٍ من السّواحل، وذلك كلّه بتخلُّف هذا المشؤوم الطَّلْعة.
وفي أيّامه ظهر ابن تُومَرْت، وفي أيّام أبيه أخذت الفرنج أنطاكّية، والمَعَرَّة، والقدس، وجرى على الشّام أمرٌ مَهُول من ظهور الرَّفْض والسّبّ، ومن استيلاء الفرنج وَالسَّبْيِ والأسْر، نسأل الله العفو والأمن.
ووُلِد الآمر في أول سنة تسعين وأربعمائة، واستخلف وله خمسُ سِنين، وبقي في المُلْك تسعًا وعشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن خرج من القاهرة يومًا في ذي القعدة، وعدَى على الجسر إلى الجيزة، فكمن له قومٌ بالسّلاح، فلمّا عبر نزلوا عليه بأسيافهم، وكان في طائفةٍ يسيرة، فردّوه إلى القصر مُثْخَنًا بالجراح، فهلك من غير عقب، وهو العاشر من أولاد المهديّ عُبَيْد الله الخارج بسجلْمَاسَة، وبايعوا بالأمر ابن عمّه الحافظ أبا الميمون عبد المجيد بن محمد ابن المستنصر بالله، فعاش إلى سنة أربعٍ وأربعين.
وكان الآمر رَبْعةً، شديد الأُدْمَةِ، جاحظَ العينين، حَسَن الخطّ، جيّد العقل والمعرفة، وقد ابتهج الناس بقتله لعسفه وسفكه الدماء، وكثرة [ص:424] مصاردته، واستحسانه الفواحش، وعاش خمسًا وثلاثين سنة، وبنى وزيره المأمون بالقاهرة الجامع الأقمر.(11/422)
126 - هبة الله بْن أحمد بْن محمد بْن هبة الله بن علي بن فارس، ابن الأكفانيِّ، الأمين أبو محمد بن أبي الحسين الأنصاريُّ الدمشقيُّ المُعَدَّل. [المتوفى: 524 هـ]
مُحَدِّث دمشق، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وأول سماعه في سنة ثلاث وخمسين؛ سمع أباه وهو من أصحاب عبد الرحمن بن الطُّبَيْز، وأبا القاسم الحِنّائي، وأبا الحسين محمد بن مكي، وأبا بكر الخطيب، والكتَّاني، وابن طلاَّب، وأبا الحَسَن بن أبي الحديد، وعبد الدائم بن الحسن الهلالي، وطاهر بن أحمد القايني، وعبد الجبار بن برزة الواعظ، وخلقاً سواهم.
روى عنه: غَيْث بن عليّ الأرمنازيُّ، والإمام أبو بكر بن العربي الأندلسي، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو طاهر السِّلفي، والصائن هبة الله، وعبد الرزاق النَّجَّار، وإسماعيل بن عليّ الجَنْزوري، وأبو طاهر بركات الخُشُوعي، وآخرون.
قال ابن عساكر: سمعت منه الكثير، وكان ثقة ثبتاً متيقظاً معنيًّا بالحديث وجَمْعه، غير أنَّه كان عسراً في التَّحديث. وتفقه على القاضي المروزي مدة لكنه لم يحكم الفقه. وكان ينظر في الوقوف ويُزَكِّي الشهود.
وقال السِّلفي: حافظ مكثر، ثقة، كان تاريخ الشام، كتب ما لم يكتبه أحد من أبناء جنسه بالشام.
وقال ابن عساكر: توفي في سادس المحرم.(11/424)
127 - هبة الله بن القاسم بن عطاء بن محمد، أبو سعد المِهْرانيّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 524 هـ]
قدِم بغداد، وسمع أبا محمد الصَّرِيفِينيّ، وكان قد سمع من عبد الغافر الفارسيّ " صحيح مسلم "، وسمع من: أبي عثمان الصّابونيّ، وأبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وأبي نعيم بشرويه بن محمد، وولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
قال أبو سعد السّمعانيّ: كان شيخًا أصيلًا نبيلًا، نظيفًا، من بيت [ص:425] العِلم والزُّهد والورع، حافظًا للقرآن، قانعًا بالكفاف، انزوى في آخر عمره، وترك النّاس، وأقبل على العبادة، أجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة، منهم: سعيد بن محمد الطُّيُوريّ، وأبو منصور علي بن محمد المفيد الطُّرَيْثيثي، وتُوُفّي في العشرين من جُمَادَى الأولى بنَيْسابور، وعمره ثلاث وتسعون سنة.
قلت: وروى عنه أبو بكر محمد بن عليّ بن ياسر الجياني.(11/424)
128 - وَهْبُ الله ابن الحافظ الكبير أَبِي القاسم عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان بن حسين بن عبد الله بن الحَكَم بن الوليد بن عُقْبة بن عامر بن عبد المجيد ابن الأَمِيْرِ عَبْد اللَّه بْن عَامِرِ بْن كُرَيْز بن ربيعة بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف، العبْشَميّ، الكُرَيْزيّ، النَّيْسابوريّ، ابن الحذّاء. [المتوفى: 524 هـ]
سمع: أباه، وأحمد بن محمد بن مكرم الصيدلاني، وأبا يعلى ابن الصابوني، مات في سابع شوال عن أربعٍ وسبعين سنة، كنيته أبو الفضل.(11/425)
129 - يحيى بن الحسن، أبو البركات المدائنيُّ، [المتوفى: 524 هـ]
سبط أبي القاسم ابن البُسْريِّ.
سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم ابن عساكر.(11/425)
• - يوسف بن عبد العزيز الميورقيُّ الفقيه. [المتوفى: 524 هـ]
قد ذُكِرَ في سنة ثلاث.(11/425)
130 - يوسف بن محمد بن يوسف، أبو القاسم الأردُبيليُّ ثم المِصْريُّ. [المتوفى: 524 هـ]
سمع أبا إسحاق الحبَّال. وعنه السِّلفي، وقال: هو محدِّث ابن محدِّث.(11/425)
-سنة خمس وعشرين وخمسمائة(11/426)
131 - أحمد بن حامد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بن محمود بن هبة الله بن آله، وآله هو العقاب بالعجميّ، عزيز الدّين أبو نصر الأصبهانيّ المستوفيّ، [المتوفى: 525 هـ]
عمّ العماد الكاتب.
كان رئيسًا نبيلًا، وكاتبًا بليغًا، كثير البر والصلات، روى الحديث عن: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المَدِينيّ، روى عنه: سعد الله ابن الدّجاجيّ، وغيره.
وقد ولي مناصب في الدّولة السلجوقية، ومدحه الشعراء، وفيه يقول الحسن بن أحمد بن جكينا:
فميلوا بنا نحو العراق رِكابَكُمْ ... لِنَكْتَال من مالِ العزيز بصاعِهِ
وكان في الآخر متولّي خزانة السّلطان محمود بن محمد السَّلْجُوقيّ، فتزوّج محمود ببنت عمّه سَنْجَر، فماتت عنده، فطالبه عمّه بما كان خرج معها، فجحده محمود، وخاف من العزيز أن يشهد عليه بما وصل صُحبتها لأنّه كان مطّلعًا على ذلك، فقبض عليه، وسَيَّره إلى قلعةِ تِكْريت، وكانت له، فحبسه بها، ثمّ قتله على يد متولّيها في أوائل سنة خمسٍ وعشرين، وله ثلاثٌ وخمسون سنة.(11/426)
132 - أحمد بن عليّ بن محمد، أبو السعود ابن المُجَلّيّ البغداديّ البزّاز. [المتوفى: 525 هـ]
شيخ، صالح، صَبور على القراءة، ولم يكن يعرف شيئًا من الحديث، وكان يعظ ويذكر بجامع المنصور، سمعه أخوه هبة الله من القاضي أبي يعلى ابن الفراء، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المهتدي بالله، وأبي بكر الخطيب، وجماعة، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابن الْجَوزيّ، وأبو الفتوح بن غَيْث، والحسن بن عبد الرحمن الفارسيّ، وأبو الفتح المندائي، وجماعة. [ص:427]
ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في ثامن ربيع الأوّل رحمه الله.(11/426)
133 - أحمد بن عليّ الباحَمْشِيُّ. [المتوفى: 525 هـ]
قال المبارك بن كامل: حدثنا عن الصَّريفيني، وابن النَّقُّور.
قلت: وروى عنه يحيى بن بَوْش، مات في آخر العام.(11/427)
134 - أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُمَر، أبو الرجاء الأصبهانيُّ الكِسَائيُّ البزَّاز المُزَكِّي. [المتوفى: 525 هـ]
روى عن علي بن عبد الرحمن بن عليَّك، وعنه أبو موسى المديني.
قال ابنُ النَّجار: سمع أبا القاسم بن منده، وعَبْد الجبّار بْن عَبْد اللَّه بْن بُرزة. روى عنه أبو طالب بن خُضَيْر، وأبو منصور محمد بن أحمد الدَّقَّاق، وذاكر بن كامل الخفَّاف، والسِّلفي، وقال: كان من أعيان أصحاب الحديث، ومن شهود البلد.
قلت: توفي في أول جمادى الآخرة.(11/427)
135 - أحمد بن محمد بن عبد القاهر، أبو نصر الطوسيُّ ثم الموصليُّ الفقيه. [المتوفى: 525 هـ]
سكن المَوْصل بأولاده، وصاروا خطباء البلد، وسمع من أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وأبي الغنائم ابن المأمون، وأبي بكر الخطيب، وابن النَّقُّور. وتفقه على الشيخ أبي إسحاق وكان ينحدر إلى بغداد ويرجع.
روى عنه ابنه أبو الفضل عبد الله، وأبو الفرج ابن الجَوْزي، وتوفي في ربيع الأول بالموصل.
وقال ابن الجَوْزي: كان لطيفاً عليه نور أنشدني:
على كل حال فاجعل الحَزْم عدَّة ... تقدِّمه بين النَّوائب والدَّهر
فإن نلت خيرا نلته بعزيمة ... وإن قصَّرت عنك الخطوب فعن عُذْر(11/427)
136 - أحمد بْن محمد بْن عَبْد المُلْك، أبو المَوَاهب ابن مُلوك الورَّاق. [المتوفى: 525 هـ]
شيخ صالح بغدادي، صحيح السَّماع، سَمِعَ أبا الطَّيِّب الطَّبري، وأبا محمد الجوهريّ، وولد سنة أربعين وأربعمائة.
روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، وأبو حفص بن طبرزد، وآخرون.
وتوفي في ذي الحجة.
يروي "جزء الغطريف".(11/428)
137 - جعفر بن الحسن بن العباس بن الحسن بن العباس، وليُّ الدولة، أبو القاسم الحسينيُّ الدِّمشقيُّ. [المتوفى: 525 هـ]
شيخ معمَّر انتفع بصحبة الشريف النَّسيب.
قال ابنُ عساكر: حدثنا عن سهل بن بشر الإسفراييني، وتوفي في ربيع الأول، وله نيِّف وتسعون.(11/428)
138 - الحسن بن إبراهيم بن محمد بن مفرِّج بن الغيث بن تقي، أبو علي الجُذاميُّ المالقيُّ الحافظ. [المتوفى: 525 هـ]
روى عن علي بن المُشَرِّف الأنماطي.
قال ابن السَّمعاني: كانت له معرفة تامة بالحديث، وسمعت أنه كان يحفظ الصَّحيحين. دخل بغداد وأصبهان ونيسابور، ولقي أصحاب ابن ريذة وابن غيلان.
روى عنه أبو موسى المديني، وقال: قل مَنْ رأيت في العلم مثله، سمعته يقول: ولدت سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، جاءنا نعيه إلى بغداد في سنة خمس وعشرين، توفي بنيسابور، وكان من أئمة العربية واللغة على قانون السَّلف.(11/428)
139 - الحسن ابن العلامة سَلْمان بن عبد الله بن الفتى، أبو علي النَّهروانيُّ الأصبهانيُّ الفقيه، [المتوفى: 525 هـ]
نزيل بغداد.
ولي تدريس النِّظامية إلى أن مات، وكان غزير الفضل، وافر العقل، [ص:429] مليح الإيراد، حسن الوعظ؛ سمع القاسم بن الفضل الثَّقفي. روى عَنْهُ أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره.
وتُوُفّي في خامس شوال، ودفن بجنب الشيخ أبي إسحاق، رحمه الله.
وقال أبو الفرج: وعظ بجامع القصر، وكان يقول: أنا في الوَعْظ مبتدأ، غير أنه أنشأ خُطباً كان يذكرها في مجالس وعظه، وينظم فيها مذهب الأشعري، فنفقت على البغداديين، ومال على أصحاب الحديث والحنابلة، فاستُلِبَ عاجلاً.
قال ابن عساكر، وقد روى عنه: أظهر أهل بغداد عليه من الجَزَع ما لم يُعْهَد مثله.
قال أبو المُعَمَّر الأنصاري: لم تر عيناي مثله.
وقال ابن عساكر: كان ممن يملأ العين جمالاً، والأدب بياناً، ويربي على أقرانه في النَّظر، لأنه كان أفصحهم لساناً. وقيل: إنه سُئل: ما علامة قبول صوم رمضان؟ قال: أن تموت في شوال قبل التَّلبُّس برديء الأعمال. قال: فمات في سادس شوال بعد صومه لرمضان، ودفن بجنب الشيخ أبي إسحاق.(11/428)
140 - حماد بن مسلم بن ددوه، أبو عبد الله الدباس الرّحْبيّ، رحبة مالك بن طَوْق، الزّاهد العارف. [المتوفى: 525 هـ]
وُلِد بالرحْبَة، ونشأ ببغداد، وكان له كاركة للدبْس، يجلس في غرفتها، وكان من الأولياء أولي الكرامات، صحِبَه خلْق، فأرشدهم إلى الله تعالى، وظهرت بركته عليهم، وكان يتكلم على الأحوال، وقد كتبوا من كلامه نحوًا من مائة جزء، وكان أميًّا لا يكتب.
قال عبد الرحمن بن محمد بن حمزة الشّاهد: رأيت في المنام كأنّ قائلًا يقول لي: حمّاد شيخ العارفين والأبدال.
وعن حمّاد قال: مات أبوايَ في يومٍ واحد، ولي نحو ثلاث سنين، وكانا من أهل الرحْبَة. [ص:430]
وقال أحمد بن صالح الجيليّ: سمع من أبي الفضل بن خَيْرُون، وكان يتكلَّم على آفات الأعمال في المعاملات، والرياضات، والورع، والإخلاص.
وقد جاهد نفسه بأنواع المجاهدات، وزاول أكثر المِهَن والصّنائع في طلب الحلال، وكان كأنه مسلوب الاختيار، مكاشفًا بأكثر الأحوال.
ومن كلام الشَيخ حمّاد: إذا أحبّ الله عبدًا أكثر همّه فيما فَرَّط، وإذا أبغض عبدًا أكثر همّه فيما قَسَمه له، ووعده به، العلم محجةٌ، فإذا طلبته لغير الله صار حُجَّة.
وقال أبو سعد السّمعانيّ: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن عبد الملك يقول: كان الشَيخ حمّاد يأكل من النَّذْر، ثمّ تركه لما بلغه قوله عليه السلام: " إنه يستخرج به من البخيل "، فكره أكْلَ مال البخيل، وصار يأكل بالمنام، كان الإنسان يرى في النّوم أنّ قائلًا يقول له: أعط حمّادًا كذا فيصبح ويحمل ذلك إلى الشَيخ.
وقال الشَيخ أبو النّجيب عبد القاهر: مرض الشَيخ حمّاد، فاحتاج إلى التَّنَشُّق بماء ورد، فحمل له أبو المظفر محمد بن عليّ الشّهْرُزُورِيّ الفَرَضيّ منه شيئًا، فلما وضع بين يديه قال: رُدّوه فإنه نجِس، فردّوه إلى أبي المُظَفَّر فقال: صدق الشيخ، كان وقع في طرفه نجاسة وتركته وحده لأريقه، فنسيت.
وقال المبارك بن كامل: مات الشَيخ العارف الورع الناطق بالحكمة حمّاد الدّبّاس في سنة خمس، ولم أرَ في زماني مثله صحِبْتُه سنين وسمعت كلامه.
وكان مكاشَفًا يتكلَّم على الخواطر، مسلوب الاختيار، زِيّه زي الأغنياء، وتارة زَيّه زِيّ الفقراء متلوّن، كيف أُدير دار، وكان شيخ وقته، يشبه كلامه كلام الحصريّ، كانت المشايخ إذا جاءت إليه كالميت بين يدي الغاسل، لَا يتجاسر الشّخص أن يختلج.
وقال ابن الجوزي قابله الله: كان حمّاد الدّبَاس على طريقة التّصوّف، يدّعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن، وكان عاريًا عن علم الشَّرْع فلم ينفق إلّا على الْجُهّال، وكان ابن عَقِيل ينفّر النّاس عنه، حتى بلغه عنه أنه يعطي [ص:431] كلّ من يشكو الْحُمَّى لوزةً وزبيبة ليأكلها ويبرأ، فبعث إليه ابن عَقِيل: إنْ عُدْت إلى مثل هذا ضربتُ عُنقَك، فكان يقول: ابن عَقِيل عدوّي، وصار النّاس يَنْذُرُون له النُّذُور، ثمّ تركه، وصار يأخذ بالمنامات، ويُنْفق على أصحابه ما يُفْتَح له، ومات في رمضان.
قلت: وقد نقم ابن الأثير وأبو المظفَّر بن قزغليّ في تاريخيهما على ابن الجوزيّ، حيث حطّ على الشَيخ حمّاد، فقال أبو المظفَّر: ولو لم يكن لحمّاد من الفضائل الّتي اتّصف بها في زهادته وطريقته، إلّا أن الشيخ عبد القادر أحد تلامذته.(11/429)
141 - خَلَف بن مُفَرِّج بن سعيد، أبو القاسم ابن الجنان الشّاطبيّ الكِنانيّ. [المتوفى: 525 هـ]
عاش تسعين سنة إلّا أشْهُرًا، وروى عن: أبي الوليد الباجيّ، وأبي عبد الله بن سعدون، وطاهر بن مُفَوَّز، وكان فقهًا، مشاوَرًا، مدرّسًا، روى عنه: أبو عبد الله بن مغاور، وعبد الغنيّ بن مكّيّ، وأبو عبد الله المكناسي.(11/431)
142 - رجاء بن محمد بن أحمد بن جعفر بن روح، أبو الفرج الأصبهاني القاضي. [المتوفى: 525 هـ]
ولد في شعبان سنة أربعين وأربعمائة، روى عَنْهُ أبو موسى الحافظ، وقال: تُوُفّي في ذي القعدة.(11/431)
143 - زُهر بن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان بْن زهر، أبو العلاء الإياديّ الإشبيليّ الطبيب. [المتوفى: 525 هـ]
رحل إلى قرطبة، فأخذ عن: أبي عليّ الغسّانيّ، وعبد الله بن أيّوب، وأبي بكر بن مفوّز، وأخذ الطَّبّ عن والده فمهَر فيه، وصنَّف فيه، حتّى إن الأندلسيين ليفتخرون به، وحلَّ من السّلطان محلًا عظيمًا، وكانت إليه رياسة إشبيلية.
وكان بارعًا في الأدب، شاعرًا، محسنًا، روى عنه: ابنه أبو مروان، وأبو [ص:432] بكر بن أبي مروان، وأبو عامر بن ينق، وغيرهم، وكان محتشمًا جوادًا، لكنه فيه بذاءة لسان، وله كتاب " الخواصّ "، وكتاب " الأدوية المُفْرَدَة "، وكتاب " الإيضاح في الطب "، وكتاب " حل شكوك الرازي على كتب جالنيوس "، وكتاب " النكت الطبية "، وغير ذلك.
وكان أبوه أبو مروان من رؤوس الأطبّاء، وكان جدّه محدَثًا، فقيهًا، مشهورًا، وتُوُفّي بقُرْطُبة منكوبًا.
ومن شِعره:
يا راشقي بسهامٍ ما لها غَرَضُ ... إلّا الفؤاد وما منها لنا عوضُ
ومُمْرِضي بجفونٍ كلّها غنجٌ ... صحَّتْ وفي طبعها التمريض والمرض
جد لي ولو بخيالٍ منك يطرقني ... فقد يسد مسد الجوهر العرض(11/431)
144 - عبد الله بن أحمد بن بركة، أبو غالب العُكْبَريُّ السِّمسار. [المتوفى: 525 هـ]
روى عن عبد الصمد ابن المأمون. وعنه أبو القاسم ابن عساكر وأبو المُعَمَّر.
توفي فِي ربيع الأوّل.(11/432)
145 - عَبْدِ اللَّه بْن مُحَمَّد بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحسن، أبو المعالي عَيْن القضاة الميانجيُّ، [المتوفى: 525 هـ]
من أهل همذان.
فقيه، علاَّمة، شاعر مفلق، كان يُضرب به المثل في الذَّكاء والفضل، وكان يتكلَّم بإشارات الصُّوفية، وله تصانيف، وكان الناس بهمذان يتبرَّكون به، وظهر له القَبُول حتى أصابته عين الكمال. وكان العزيز المستوفي يبالغ في تعظيمه إلى الغاية، وكان بينه وبين أبي القاسم الوزير إحن، فلما نُكِبَ العزيز قصده الوزير، وعمل عليه محضراً، والتقط من تصانيفه ألفاظاً شنيعة، تنبو عن الأسماع، فكتب جماعة بحل دمه، فحمله أبو القاسم إلى بغداد مقيَّداً، ثم رُدَّ وصُلِبَ بهمذان. وكان قد صَحِبَ الشيخ محمد بن حمُّويه الجويني، صُلِبَ في سابع جُمادى الآخرة.
من "الذيل" لابن السَّمعاني. [ص:433]
وقد رأيت شيئاً من كلام هذا، فإذا هو كلام خبيث على طريق الفلاسفة والباطنية.(11/432)
146 - عبد الله بن محمد بن نجا بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن شاتيل، أبو محمد المراتبيّ الدّباس. [المتوفى: 525 هـ]
شيخ صحيح السّماع، أضرّ في آخر عمره، وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا محمد الصَّرِيفِينيّ، وعنه: أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم الحافظ.
وكان لَا يعرف شيئًا، وهو والد أبي الفتح عُبَيْد الله، تُوُفّي في نصف المحرَّم.(11/433)
147 - عبد الباقيّ بن الحسين بن إبراهيم، أبو الحسين النجاد، كُتيلَة. [المتوفى: 525 هـ]
بغداديّ، لهُ دكّان بسوق الثُّلاثاء، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، والصريفيني، وقرأ بقراءات على: أبي علي ابن البناء.
قال ابن السّمعانيّ: حدَّثني عنه جماعة، وسمعت أنّه ما كانت له سيرة حسنة، تُوُفّي في نصف المحرَّم أيضًا.(11/433)
148 - عبد الباقيّ بن عامر بن زيد، أبو المجد الأنصاريّ الهَرَويّ، [المتوفى: 525 هـ]
سِبْط أبي إسماعيل، شيخ الإسلام.
واعظ حَسَن الإيراد، بارز العدالة، نبيل، عالم، سمع: جدّه، ومحمد بن عبد العزيز الفارسيّ، وأبا عطاء الجوهري، وأملى مجلسًا بجامع المنصور، وتُوُفّي في رجب.(11/433)
149 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن موسى، أبو القاسم البيَّاسيُّ الجُهَنيُّ القُرْطبيُّ. [المتوفى: 525 هـ]
روى عَنْ حاتم بْن محمد، وأبي جعفر بن رزق، وأبي عليّ الغسَّاني، وأجاز لَهُ أبو عُمَر ابن الحذَّاء، وولي خطة الأحكام بقرطبة، وكان محموداً فيها مأموناً ذا دين ومروءة، وفضل ورياسة. [ص:434]
توفي في رمضان وله ثلاث وسبعون سنة.(11/433)
150 - عبد الغني بن طاهر بن إسماعيل، أبو القاسم ابن الزَّعْفَرانيِّ المِصْريُّ المُعَدَّل. [المتوفى: 525 هـ]
ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وسمع أبا العباس أحمد بن نفيس، وأبا عبد الله القُضَاعي، وكان فقيهاً شافعيًّا من بيت حديث. توفي في رجب؛ قاله السِّلفي، وحدَّث عنه.(11/434)
151 - عبد الكريم بن الحسن بن المُحَسِّن بن سَوَّار، أبو علي المِصْريُّ التَّكَكيُّ المقرئ النَّحويُّ. [المتوفى: 525 هـ]
عارف بالقراءات والتَّفسير والإعراب، قرأ القراءات على أبي الحسن عليّ بن محمد بن حُميد الواعظ، وسمع أبا إسحاق الحبَّال، والخِلعي.
سمع منه السِّلفي "معاني القرآن" للنَّحاس عن الخلعي عن الحوفي عن الأُدفوي عنه، وكانت له حلقة إقراء بمصر، وتوفي في ربيع الآخر وله ثمان وستون سنة.(11/434)
152 - عُبيد الله بْن أحمد بْن محمد بْن عليّ، ابن البُخاري البَغْداديُّ. [المتوفى: 525 هـ]
من بيت حديث. روى عن الصَّريفيني. وعنه يحيى بن بَوْش، وتُوفي في شعبان. لم يكن مرضي السِّيرة.(11/434)
153 - عليّ بن أبي طاهر البَغْداديُّ المَغَازليُّ. [المتوفى: 525 هـ]
قال المبارك بن كامل: هو عمُّ والدتي، عاش مائة وعشرين سنة، ورأى أبا الحسن القزويني، وسمع قليلاً.(11/434)
154 - عليّ بن المبارك بن الحسين، أبو الحسن البَغْداديُّ الخيَّاط المقرئ. [المتوفى: 525 هـ]
صالح مستور، منقطع في مسجدٍ، متعبِّد. سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة. [ص:435]
قال ابن السَّمعاني: حدَّثنا عنه جماعة، وتوفي في عاشر جُمادى الأولى، وكان صِهْر أبي بكر ابن الخاضبة.(11/434)
155 - عُمَر بْن أحْمَد بْن عُمَر، أَبُو حفص الهمذانيُّ. [المتوفى: 525 هـ]
روى عن أبي طالب ابن الصَّبَّاح، وأبي سعد محمد بن الحسين الصَّفَّار، وأبي الفرج الفُقَّاعي، وأبي مسلم بن غَزْو، وأبي منصور بكر بن حيد، ومسعود بن ناصر السِّجزي، وكان فقيهاً شُرُوطيًّا، يجلس في الجامع.
توفي في المحرم.(11/435)
156 - عيسى بن حزْم بن عبد الله بن اليَسَع، أبو الأصبَغ الغافقيُّ، [المتوفى: 525 هـ]
نزيل المَرِيَّة.
أخذ القراءات عن أبيه، وروى عن أبي داود، وابن الدُّوش، وجماعة. وتصدَّر للإقراء، وكان محمودًا، محقِّقًا، صالحًا، ولي خطَّة الشُّورى، والخَطابة بالمَرِيَّة، وحدَّث عن ابن الطَّلاَّع، وأبي عليّ الغسَّاني. أخذ عنه أبو القاسم بن حُبَيْش، وأبو العبَّاس البَرَاذِعيّ، وأبو عبد الله بن عبادة الجياني.
ولا أعلم وفاته، لكنَّه حدَّث في هذا العام، وأكثر عنه ولدُهُ أبو يحيى اليَسَع صاحب "المُغرِب".(11/435)
157 - غانم بن حسين المُوْشِيليُّ، أبو الغَنَائم الأُرمَويُّ الأَذْربيجانيُّ الفقيه. [المتوفى: 525 هـ]
برع في المذهب على أبي إسحاق الشِّيرازي، وأعاد له، ورحل إلى نيسابور فجلس إلى إمام الحرمين.
قال ابنُ السَّمعاني: قال: وقلت له؛ يعني لإمام الحرمين: أريد أن أقرأ عليك من الكلام شيئاً، فنهاني عن ذلك، وقال: لَوِ استقبلتُ مِنْ أَمْرِي مَا استدبرتُ مَا قرأته. سمع أبا محمد الصَّريفيني، وغيره. روى لنا عنه أبو بكر الغضائري، والفرج بن أبي بكر الأُرْمَوي، وسمعت الفرج يقول: إنه تُوفي بأُرمية في حدود سنة خمس وعشرين، قال: وكان قد بلغ التِّسعين.(11/435)
158 - مالك بن يحيى بن أحمد بن عامر، أبو عبد الله الإشبيليّ. [المتوفى: 525 هـ]
أحد رجال الكمال والارتسام بمعرفة العلوم على تفاريقها، سمع من: أحمد بن محمد الخَوْلانيّ، وغيره.
مات بمَرّاكُش عن اثنتين وسبعين سنة.
ورّخه ابن بَشْكُوال.(11/436)
159 - محمد بْن أحمد بْن إبراهيم بْن أحمد، أبو عبد الله الرّازيّ، ثمّ المصريّ، المعدل الشاهد، ويعرف بابن الحطاب، [المتوفى: 525 هـ]
مُسْنِد الدّيار المصرية وشيخ الإسكندريَّة.
وُلِد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وعُني به أبوه وأسمعه الكثير في سنة أربعين، سمع: أباه، وأبا الحسن بن حِمّصة الحَرّانيّ، وعلي بن ربيعة، ومحمد بن الحسين الطّفّال، وعلي بن محمد الفارسيّ، وأحمد بن محمد بن الفتح الحكيميّ، وأبا الفضل أحمد بن محمد السَّعْديّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هاشم تاج الْأئمة، وأبا الفتح أحمد بن بابشاذ والد طاهر، وعبد الملك بن مسكين، ومحمد بن الحسين بن سعدون المَوْصِليّ، ومحمد بن الحسين بن التَّرْجُمان، وتتمة سبعة وأربعين شيخًا، مخرج عنهم في مشيخته، وتفرّد بالرّواية عن كثيرٍ منهم، فانقطع إسنادٌ عالٍ بموته.
روى عنه: أبو طاهر السَّلَفيّ، ويحيى بن سعدون القُرْطُبيّ، وأبو محمد العثمانيّ، وعبد الواحد بن عسكر المخزوميّ، وأبو القاسم عليّ بن مهدي الفقيه ابن قلنبا، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وبدر الخداداذي، وأبو طالب أحمد بن المسلم التنوخي، والفقيه أبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وإسماعيل بن صالح بن ياسين، وخلْق آخرهم موتًا أبو القاسم عبد الرحمن بن موقا.
وتُوُفّي في سادس جُمَادى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة، ولو عاش أصحابه بعده كما عاش هو بعد شيوخه لتأخروا إلى سنة عشرٍ وستمائة، والسماع قسمية.(11/436)
160 - محمد بن أحمد بن أبي الفضل الإمام، أبو الفضل الماهياني المروزي [المتوفى: 525 هـ]
أحد الفقهاء.
تفقه بمرو على أبي الفضل التميمي، وبنيسابور على أبي المعالي الجويني، وببغداد على أبي سعد المتولي، وبرع في مذهب الشافعي، ودرس وناظر وكان ورعا خيرا كثير المحفوظ، سمع من أبي الحسن الواحدي، وأبي صالح المؤذن، وأبي بكر بن خلف، وببغداد من أبي نصر الزينبي.
توفي في رجب بقرية ماهيان من مرو.(11/437)
161 - محمد بن الحَسَن بن عليّ بن الحسن، الشيخ أبو غالب الماوردي الصادق. [المتوفى: 525 هـ]
ولد بالبصرة سنة خمسين وأربعمائة، وسمع: أبا عليّ التُّسْتَرِيّ، وعبد الملك بن شغبة، وجماعة بالبصرة، وأبا الحسين ابن النقور، عبد العزيز الأنْماطيّ، وعبد الله بن الحسن الخلّال ببغداد، وأبا عمرو بن منده، ومحمود بن جعفر الكوسج، والبزاني بأصبهان، ومحمد بن أحمد بن علّان أبا الفرج، وأبا الحَسَن محمد بْن الحَسَن بْن المنثور الْجُهَنيّ بالكوفة.
روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو أحمد ابن سُكَيْنَة، وابن بُوش، وجماعة.
قال ابن الجوزيّ: كتب بخطّه الكثير، وكان يورّق للنّاس، وكان شيخا صالحًا، تُوُفّي في رمضان ببغداد، قال: ورُؤُيَ في المنام فقال: غفر الله لي ببركات الحديث، وأعطاني جميع ما أَمَّلْتُه.(11/437)
162 - محمد بن أبي طالب الحسين بن محمد بن علي، أبو تمام الهاشمي الزينبي البغدادي [المتوفى: 525 هـ]
ابن أخي طراد.
سمع أبا يعلى ابن الفراء، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وتوفي في ذي القعدة، وله ثمانون سنة.(11/437)
163 - محمد بن داود بن عطيَّة، أبو عبد الله العكّيّ القلْعيّ القيروانيّ الأصل. [المتوفى: 525 هـ][ص:438]
روى بالأندلس عن: عبد الجليل الرَّبَعيّ، وأكثر عن أبي علي الغساني، واستقضي بتِلِمْسَان وبعدها بإشبيلية، ثمّ بفاس، وكان من جِلَّة العلماء، وقد حدَّث.
تُوُفّي في عاشر ذي القعدة في عَشْر الثّمانين.(11/437)
164 - محمد بن سليمان بن أحمد، أبو عبد الله النَّفزيُّ المالقيُّ. [المتوفى: 525 هـ]
روى عن خاله غانم بن وليد الأديب، وأبي المُطَرَّف الشَّعبي، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وأبي العباس العُذْري.
قال ابن بَشْكوال: قَدِمَ قرطبة، وأخذنا عنه، وكانت عنده كتب كثيرة، وآداب جمَّة، وكان ذاكراً لها، مشهوراً بحفظها، وعاش ثمانياً وثمانين سنة، وكان ضعيف الخط.
وقال اليسع بن حَزْم: رحل شيخُنا أبو عبد الله ابن أخت غانم إلى المُعتصم بن صُمَادح. وكان بحر أدب لا يُعلم قعره، وجبل علم لا يُرْتقى وعره، آية في اللغة والغريب، حدثني بداره بمالقة، وهو ابن المائة سنة. وله كتاب "الشرح الكبير" في ثلاثين مجلدة شرح به كتاب "النبات" لأبي حنيفة الدينوري، وله كتاب "تعليل القراءات العشر" وغير ذلك.(11/438)
165 - محمد بن عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن طاهر، أبو عبد الله بن أبي سعد الرَّازيُّ الوزَّان الفقيه. [المتوفى: 525 هـ]
كان إماماً فصيحاً، مناظراً، تفقه على والده، ثم على أبي بكر الجُخَنْدي بأصبهان، وجالس أبا إسحاق الشيرازي، وأخذ عنه.
قال أبو سعد السَّمعاني: قَدِمَ علينا مرو، وناظر الحنفية، فظهر كلامه، وكان محققاً مدققًا، قادراً على التقرير. سمع ببغداد أبا الحسين ابن النَّقُّور، وبأصبهان المُطَهَّر بن عبد الواحد البُزَاني، وحدث، وتوفي بالري في حدود السنة.(11/438)
166 - محمد بن عبد الوهَّاب بن الحسين، أبو منصور الهجيريُّ الخطَّابي الهرويُّ. [المتوفى: 525 هـ][ص:439]
من محدثي هراة، عني بهذا الشأن، وبالغ، سمع أباه أبا الفضل، وعبد الرحمن كلار، ومُحَلّم بن إسماعيل، وشيخ الإسلام.
مات في ثالث ذي الحجَّة.(11/438)
167 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحمد، أبو عبد الله ابن الشَّرابي الدِّمشقيُّ الشَّاهد. [المتوفى: 525 هـ]
سمع أبا بكر الخطيب، وأبا الحسن بن أبي الحديد. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: تُوُفِّي في ذي القعدة.(11/439)
168 - محمد بن عليّ بن محمد، أبو سعيد العربيُّ السِّمْنانيُّ الزَّاهد. [المتوفى: 525 هـ]
سمع أبا القاسم القُشيري، ومحمد بن القاسم الصَّفار، وحدَّث.
قال ابن السَّمعاني: حدثونا عنه، وتوفي في حدود السنة.(11/439)
169 - محمد بن عمر بن عبد العزيز، أبو بكر البخاريّ الحنفيّ المقرئ المعروف بكاك، [المتوفى: 525 هـ]
إمام أصحاب أبي حنيفة بمكَّة.
كان فقيهًا، صالحًا، محدثًا.
سمع: عبد الباقيّ بن يوسف المراغيّ، وأبا بكر أحمد بن سهل السّرّاج، وجماعة، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، ومحمود بن محمد ابن ماشاذة، وغيرهما، وعاش أربعًا وسبعين سنة.(11/439)
170 - محمد بْن هبة اللَّه بْن محمد بْن الطَّيِّب، أبو الغنائم ابن الصَّبَّاغ البغداديُّ الضرير. [المتوفى: 525 هـ]
من بيت العدالة والرِّواية. سمع علي بن محمد بن علي بن عطية المكي، وابن هزارمرد الصَّريفيني. وعنه المبارك بن كامل، وأبو القاسم ابن عساكر.
توفي في المحرم.(11/439)
171 - محمد بن يوسف بن فيرُّه، أبو عبد الله الجُذاميُّ الأوريوليُّ. [المتوفى: 525 هـ]
حدث "بالتَّيسير" عن عليّ بن عقال، ومحمد بن نوفل في هذا العام، ولا [ص:440] أعلم وفاته، ولا عرفت شيخيه بعد التفتيش.(11/439)
172 - محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب رسلان، السُّلطان مغيث الدين السُّلجوقيُّ. [المتوفى: 525 هـ]
تسلطن بعد أبيه، وخُطِب له على منابر بغداد وغيرها وهو أمرد في أول سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وكان ذكيًّا عارفاً بالنحو، وله ميل إلى العلم، وعنده معرفة بالشِّعر والتاريخ.
مدحَهُ الحَيْص بَيْص بقصيدة دالية، فأجازه جائزة سنية، وتزوج ببنت عمِّه السلطان سَنْجر، وضَعُفت السلطنة في أيامه، وكان عمُّه سَنْجر أعظم رتبة منه في زمانه، وأرفع سلطاناً، وهو مقهور مع عمّه. دخل بغداد في آخر عمُره، فتوفي في شوال وهو شاب بهمذان في الطريق، وكنيته أبو القاسم.
وكانت الأموال قد قلَّت جدًّا بخزائنه. وتسلطن بعده أخوه طغريل، فبقي سنتين، ومات في سنة سبع وعشرين، فولي بعده أخوه مسعود وكان قد تسلطن ابنه بعده فلم يتم له.(11/440)
173 - معالي بن هبة الله، أبو المجد الدِّمشقيُّ، ابن الشَّعَّار البزَّاز المقرئ. [المتوفى: 525 هـ]
كان يُلَقِّن بالجامع حسبة، وسمع من نصر المقدسي. روى عنه أبو القاسم الحافظ.(11/440)
174 - معالي، ويقال: أبو المعالي بن علي البغداديُّ الهرَّاس. [المتوفى: 525 هـ]
روى عن أبي محمد الصَّريفيني. وعنه أبو القاسم الحافظ، وتوفي في صَفَر.(11/440)
175 - هبة الله بْنِ مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ بْن أَحْمَد بْن العبّاس بن الحُصَيْن، أبو القاسم الشَّيْبانيّ الهَمَذَانيّ، ثمّ البغداديّ، الكاتب، [المتوفى: 525 هـ]
مسنِد العراق.
وُلِد في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة في رابع ربيع الأوّل، وسمع: أبا [ص:441] طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد ابن المقتدر، وأبا القاسم التَّنُوخيّ، والقاضيّ أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ ثقة، ديّن، صحيح السّماع، واسع الرواية، عُمّر حتّى صار اسْنَد أهل عصره، ورحلَ إليه الطّلبة، وازدحموا عنده، حدث " بمُسْنَد أحمد " وأحاديث أبي بكر الشّافعيّ، واليَشْكُريّات، وهو آخر من حدَّث بهذه الكُتُب، وحدَّثني عنه: أبو بكر بن أبي القاسم الصّفّار، وأبو عبد الله حامد المَدِينيّ الحافظ، وأبو أحمد مُعَمَّر بن الفاخر، وأبو الخير عبد الرحيم الأصبهانيّ، والحافظ أبو القاسم الشّافعيّ، وجماعة كثيرة، وكانوا يصِفُونه بالسَّداد والأمانة والخيريَّة.
وقال ابن الجوزيّ: بكّر به أبوه وبأخيه عبد الواحد فأسمعهما، وعُمّر حتّى صار اسْنَد أهل عصره، وكان ثقة صحيح السَّماع، سمعت منه " المسند " جميعه، و" الغيلانيات " جميعها، وغير ذلك، وأملى عدَّة مجالس باستملاء شيخنا ابن ناصر، قلت: هي أربعون مجلسًا.
قال: وتُوُفّي في رابع عشر شوّال، وصلّى عليه ابن ناصر بوصيةٍ منه، تُوُفّي بعد الظُّهر يوم الأربعاء، وتُرِك إلى يوم الجمعة، يعني حتّى دُفِن.
قال الحسين بن خسْرُو: دُفِن يوم الجمعة بباب حرْب في اليوم الثالث من وفاته.
قلت: حدَّث عنه: الحافظ أبو العلاء الهَمَذَانيّ، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ، والإمام أبو الفتح بن الْمُنَى، وقاضي القُضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدّامغَانيّ، وقاضي الشّام أبو سعد بن أبي عصْرون، وأبو منصور عبد الله بن محمد بن حمدِيّه، وأخوه أبو طاهر إبراهيم، وأبو محمد بن شَدقيني، وعبد الرحمن بن سعود القصْريّ، والعلّامة مجير الدّين أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطيّ، ويحيى بن ياقوت النّجّار، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، والقاضي عُبَيْد الله بن محمد السّاويّ، وعلي بن المبارك بن جابر [ص:442] العدل، وعبد الرحمن بن أبي الكرم بن ملّاح الشّط، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطَّويلة، وعلي بن عمر الحربيّ الواعظ، وعبد الله بن أبي المجد الحربيّ، وهبة الله بن الحَسَن السِّبْط، وعليّ بن محمد بن عليّ الأنباريّ، وعبد الله بن نصر بن مزروع الثلاجي، وعبد الرحمن بن أحمد العُمريّ، والحسن بن إبراهيم بن أُشْنَانَة، وعبد الله بن محمد بن عُليان الحربيّ، ولاحق بن قَنْدَرَة، روى " المُسْند " سنة ستّمائة، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبو القاسم بن شدّقينيّ، وعمر بن جُرَيرة القطان، والمبارك بن إبراهيم بن مختار ابن السيبي، وبقي بعد السّتّمائة من أصحابه: عبد الله بن عبد الرحمن بن أيّوب البَقَليّ: تُوُفّي سنة إحدى، وحنبل المكبّر: تُوُفّي في أوّل سنة أربع، وأبو الفتح محمد بن أحمد المنْدائيّ، وهو آخر من حدَّث بالمُسْنَد كاملًا: تُوُفّي في شعبان سنة خمسٍ، ودُفِن بداره بواسط، والحسين بن أبي نصر بن القارص الحريميّ، وتُوُفّي في شعبان أيضًا، وعبد الوهّاب بن سُكَيْنة، وتُوُفّي سنة سبعٍ في ربيع الآخر، وعمر بن طَبَرْزَد، وفيها تُوُفّي في رجب، وهو آخر أصحابه، وتُوُفّي أبوه محمد بن عبد الواحد الكاتب سنة سبع وستين.(11/440)
176 - يحيى بن المشرف بن علي بن الخضر، أبو جعفر المصري التمار. [المتوفى: 525 هـ]
من أولاد المحدثين، سمع أبا العباس بن نفيس، وأبا محمد عبد الله المحاملي، وأبا إسحاق الحبال، وعبد العزيز ابن الدقاق.
روى عنه السلفي، وقال: كان من الصالحين، وروى عنه أبو القاسم البوصيري، وجماعة.
توفي في رمضان.(11/442)
-سنة ست وعشرين وخمسمائة(11/443)
177 - أحمد ابن الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ، الأرمنيّ، ثمّ المصريّ، صاحب مصر وسلطانها، الملك الأكمل أبو عليّ، [المتوفى: 526 هـ]
ابن صاحبها ووزيرها.
ولمّا قُتِلَ أبوه في سنة خمس عشرة وخمسمائة، وأخذ الآمر بأحكام الله جميع أمواله سجَن هذا مدَّة، فلمّا مات الآمر أشغلوا الوقت بعده بابن عمه الحافظ عبد المجيد إلى أن يولد حَمل للآمر، فجاء بنتًا، وأخرجوا من السجن أبا علي هذا عند موت الآمر، وجعلوا الأمور إليه.
وكان شَهْمًا شجاعًا مَهِيبًا، عالي الهِمَّة كأبيه وجدّه، فاستولى على الديار المصرية، وحجر على الحافظ، ومنعه من الظهور، وأودعه في خزانة، فلا يدخل إليه أحد إلّا بأمر الأكمل، وعمد إلى القصر فأخذ جميع ما فيه إلى داره كما فعل الآمر بأبيه جزاءً وِفاقًا، وأهمل الخلفاء العُبَيْديين والدعاء لهم، لأنّه كان فيه تسنُّن كأبيه، وأظهر التّمسُّك بالإمام المنتظر، فجعل الدعاء في الخطبة له، وأبطَلَ من الأذان حيِّ على خير العمل وغيرَّ قواعد الباطنيَّة، فأبغضه الأمراء والدُّعاة، وأمر الخُطباء بأن يخطبوا له بهذه الألقاب الّتي نصَّ لهم عليها، وهي: السيّد الأفضل الأجل، سيد ممالك أرباب الدُّول، المحامي عن حَوْزة الدّين، ناشر جَناح العدْل على المسلمين، ناصر إمام الحقّ في غيبته وحضوره والقائم بنُصْرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القُضاة إلى اتباع شرع الحقّ واعتماده، ومرشد دُعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولى النِّعَم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي أحمد ابن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش، فكرهوه وصمموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم للعب بالكرة فكمن له جماعة، وحمل عليه مملوك إفرنجي للحافظ، فطعنه قتله، وقطعوا رأسه، وأخرجوا الحافظ وبايعوه، ونهبت دار أبي علي، وركب الحافظ إلى الدار فاستولى على خزائنه، واستوزر مملوكه أبا الفتح يانس الحافظي، ولقبه أمير الجيوش، فظهر شيطانا ماكرا بعيد الغور، حتى خاف منه الحافظ، فتحيل عليه بكل ممكن، وعجز حتى واطأ فراشه بأن جعل له في الطّهارة ماءً [ص:444] مسمومًا، فاستنجى به، فعمل عليه سِفْله ودوَّد، فكان يعالج بأن يلصق عليه اللّحمَ الطَّرِيّ، فيتعلق به الدّود، فترجّح للعافية، وأتاه الحافظ عائدًا، فقام له، وجلس الحافظ عنده لحظةً وانصرف، فمات يانس من ليلته في السّادس والعشرين من ذي الحجة من السنة، وكانت وزارته أحد عشر شهرًا، واستوزر الحافظ ولده ولي عهده الحَسَن الّذي قُتِلَ سنة تسعٍ وعشرين.(11/443)
178 - أحمد بن الحسين، أبو الحسن الواسطي ثم الحربي. [المتوفى: 526 هـ]
سمع عاصم بن الحسن، وعنه عمر بن طبرزد.
توفي في ثالث رجب سنة ست.(11/444)
179 - أحمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن أحمد، أبو العزّ بن كادش، السُّلَمي البغداديّ العُكْبَرِيّ. [المتوفى: 526 هـ]
سمع: أقضى القُضاة أبا الحسن الماوَرْديّ، وهو آخر من حدَّث عنه، وأبا الطَّيَّب الطَّبَريّ، وابن الفتح العُشَاريّ، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا عليّ الجازريّ، روى الكثير، وأثنى عليه جماعة.
قال ابن الجوزيّ: كان مُكْثِرًا ويفهم الحديث.
وقال ابن السّمعانيّ: شيخ مُسْنِد سمع بنفسه، وكان يفهم، وأجاز لي، وحدثنا عنه جماعة، وحدثنا ابن ناصر أنّه سمع إبراهيم بن سليمان يقول: سمعتُ أبا العزّ بن كادش يقول: أنا وضعت حديثًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان ابن ناصر سيئ الرأي فيه، وقال لي عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان مخلطًا.
وأما أبو القاسم ابن عساكر وأبو محمد ابن الخشاب فأثنيا عليه.
روى عنه: ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وهبة الله بن الحسن السِّبط، وأبو موسى المَدِينيّ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أيّوب الحربيّ، وإبراهيم بن بركة البيَّع، وآخرون.
وتُوُفّي في جمادى الأولى، وله تسعون سنة أو جازها.
قال ابن النّجّار: كان مخلّطًا كذّابًا لَا يُحْتَجّ به، قرأت بخطّ عمر بن علي [ص:445] القُرَشيّ القاضي: سمعت أبا القاسم عليّ بن الحسن الحافظ يقول: قال لي أبو العزّ بن كادش: وضع فلان حديثًا في حقّ علي، ووضعت أنا حديثًا في حقّ أبي بكر، بالله أليس فعلت جيّدًا؟
قال ابن النّجّار: رأيت لأبي العز كتابًا سماه " الانتصار لرتم القِحاب " على نظم جماعةٍ من الشُّعراء يقول فيه: أنشدَتْني فُلانة المغنّية، وأنشدتني ستّوت المغنية بأُوَانا، وخطُّه رديء إلى الغاية في التّعقُّد والتسلسل، قيل: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.(11/444)
180 - أحمد بن عمر بن خَلَف، أبو جعفر بن قِبْلَيْل الهَمْدانيّ، الغَرْناطيّ، الفقيه. [المتوفى: 526 هـ]
روى عن: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عبد الله الطلاعي، وأصبغ بن محمد، حدَّث عَنْهُ: أبو عبد الله بْن عبد الرحيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو جعفر بن الباذش، وأبو القاسم ابن بَشْكُوال.
قال ابن الأبّار: دارت عليه الْفُتْيَا ببلده، وكان من جِلَّة الفقهاء المشاوَرين، تُوُفّي في ذي القعدة.(11/445)
181 - بُوري بن طُغتكين، تاج الملوك أبو سعيد. [المتوفى: 526 هـ]
تملَّك بدمشق بعد أبيه في صفر سنة اثنتين وعشرين، وكانت سيرته قريبة الحال، وفيه حلم وسماحة. وقَتلَ أبا علي المزدقاني فوثبت العامة على مَنْ كان بدمشق من الإسماعيلية فقتلوهم عند قتل الوزير المزدقاني، لأنه كان يشتدُّ بهم ويُقوِّيهم ويُقرِّبهم.
وكان مولد بوري في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وفي جمادى الآخرة وثب عليه أعجميَّان من الباطنية فأثخناه جراحاً، [ص:446] وقُتلا. وبقي مجروحاً إلى أن مات بعد سنة وشهر.
ولأبي عبد الله ابن الخيَّاط فيه قصائد. وقد وزر له أبو الذَّوَّاد مُفَرِّج ابن الصُّوفي، ثم كريم الملك أحمد بن عبد الرزاق المَزْدقاني ابن عمِّ وزيره ووزير أبيه طاهر بن سعد. ولما عَلِمَ أهل الألموت ما جرى على دعاتهم قلقوا لذلك، وندبوا لتاج الملوك مَنْ يقتله، فاختاروا منهم خراسانيين تقدما في زيِّ الأتراك بالقباء والشربوش، واجتمعا بأصحاب لهما من الأجناد، وتحيَّلا بكل ممكن إلى أن صارا في جملة الخُراسانية المرتَّبين لركوب الملك بوري، فَضُمِنَا، وتمكنا إلى أن قتلاه. ذكر هذا حمزة ابن القلانسي، وقال: فوثبا عليه لخمس خلون من جُمادى الآخرة سنة خمس وعشرين، ضربه الواحد بالسَّيف طالباً لرأسه، فلم يصنع شيئاً، وجرحه في رقبته، وضربه الآخر بسكِّين عند خاصرته، فمرَّت بين الجلد واللَّحم.
قال ابن الأثير: وصَّى بالمُلك لولده إسماعيل، ووصَّى ببعلبك لولده شمس الدولة محمد. قال: وكان بوري كثير الجهاد شجاعاً سدَّ مسدَّ أبيه، وفاق عليه، وكان ممدَّحًا؛ أكثر الشعراء مدائحه؛ لا سيما ابن الخياط.(11/445)
182 - جهور بن إبراهيم بن محمد بن خَلَف، أبو الحزْم التُّجَيْبيّ الأندلسيّ. [المتوفى: 526 هـ]
حجّ وسمع " صحيح مسلم " من أبي عبد الله الطَّبَريّ.
قال ابن بَشْكُوال: بإشبيلية لقيته وأجاز لي، وكان رجلًا فاضلًا، منقبضًا، مُقبلًا على ما يعنيه تولى الصلاة بموضعه، يعني بقرية مورور.(11/446)
183 - الحسين بن إبراهيم الدينوري، أبو عبد الله. [المتوفى: 526 هـ]
بغدادي صحيح السماع، روى عن طراد، ورزق الله، وتوفي في رمضان.(11/446)
184 - الحسين بن محمد بن خسْرُو، أبو عبد الله البلْخيّ، ثمّ البغداديّ، السَّمسار، [المتوفى: 526 هـ]
مفيد أهل بغداد ومحدث وقته.
سمع من: أبي الحسن الأنباريّ، والبانياسيّ، وعبد الواحد بن فهد [ص:447] العّلاف، وأبي عبد الله الحُمَيْديّ، وطبقتهم، وخلقٍ بعدهم، وسمع بإفادته جماعة كثيرة، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وجماعة.
قال ابن السمعاني: سألت أبا القاسم الحافظ عنه فقال: ما كان يعرف شيئًا، وسألت ابن ناصر عنه فقال: كان يذهب إلى الاعتزال، وكان حاطبَ ليلٍ، يسمع من كل أحد.
مات ابن خسْرُو في شوّال، رحمه الله.(11/446)
185 - خديجة بنت أبي العباس أحمد بن إبراهيم الرَّازيِّ، أخت أبي عبد الله المُعَدَّل، وتُدْعَى مليحة. [المتوفى: 526 هـ]
قال السِّلفي: أخبرتنا بالإسكندرية، قالت: أخبرنا محمد بن محمود بن دُليل الصَّواف بمصر. توفيت وهي بكر لم تتزوج في ربيع الآخر.(11/447)
186 - سليمان بن عبد الله بن سليمان، أبو ياسر الفَرْغانيُّ ثم البَغْداديُّ المؤدِّب. [المتوفى: 526 هـ]
شيخ صالح، روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وأبي الحسين ابن النَّقُّور. وعنه أبو القاسم الحافظ، ويحيى بن بَوْش.
توفي في ذي الحجَّة.(11/447)
187 - طاهر بن محمد بن طاهر بن سعيد، أبو المظفر البُرُوجِرْديُّ. [المتوفى: 526 هـ]
شيخ مسن، جاور بمكة، وحدَّث عن أبي القاسم ابن البُسْري. وعنه أبو موسى المديني.
توفي ظنًّا في سنة ست وعشرين.(11/447)
188 - عبد الله ابن الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة الدَّقاق، أبو الفضائل. [المتوفى: 526 هـ]
بغدادي له فهم ومعرفة بالحديث واللُّغة، مليح الخطِّ، قرأ الكثير بنفسه. وكان متودداً مطبوعاً، وفي سيرته مقال، عفا الله عنا وعنه. سَمِعَ من أصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان. روى عنه علي بن أحمد اليَزْدي. وكان مولده في سنة أربع [ص:448] وثمانين وأربعمائة، وتوفي في سلخ رمضان.
قلت: لم يسمِّ ابن السَّمعاني أحداً من شيوخه، وكأنَّه سمع من طراد وبابته.(11/447)
189 - عبد الله بن أبي جعفر محمد بن عبد الله بن أحمد، العلّامة أبو محمد الخُشْنِيّ المُرْسِيّ، الفقيه. [المتوفى: 526 هـ]
أخذ بقُرْطُبة عن: أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه، وتخرَّج به، وسمع من حاتم بن محمد كتاب " الملخّص " بسماعه من القابسيّ، وحجّ فسمع " صحيح مسلم " من الحسين بن عليّ الطَّبَريّ.
وقال القاضي عياض: سمع من: أبي عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري، وابن مسرور، والطليطلي.
وقال ابن بشكوال: روى عن: أبو الوليد الباجيّ، ومحمد بن سعدون القرويّ، وكان حافظا للفقه على مذهب مالك، مقدما فيه على جميع أهل وقته، بصيرا بالفتوى، مقدما في الشورى، عارفا بالتفسير، ذاكرا له، يؤخذ عنه الحديث، ويتكلم على بعض معانيه، انتفع به الطلبة، وكان رفيعا في أهل بلده، معظمًا فيهم، كثير الصدقة والذكر لله، كتب إلينا بإجازة مروياته.
قال محمد بن حمادة الفقيه: كان الغالب عليه الفقه، دخلتُ عليه بمُرْسِيَة سنة إحدى وعشرين وهو ينام، والقارئ يقرأ عليه، ولُعابه يمسح عن فمه، فسألني عن سبتة وأهلها، ثمّ وقعت مسالةً فيمن خرج باغيًا أو عاديًا، فاضطرّ إلى الميتة، فقلت: مشهور المذهب أنّه لَا يباح له أكْلُها، وقال عبد الملك بن حبيب: له ذلك، فقال: ليس هو ابن حبيب، إنما هو ابن الماجِشُون، ثمّ قال لصبيّ: قُم إلى الخزانة، وأخْرِج السِّفْر الفُلانيّ، ثمّ اقلب منه كذا وكذا ورقة، قال: فإذا بالمسألة كما ذكر، فتعجّبت من حِفْظه وهو على تلك الحال، وأجاز لي كتاب " الموطّأ ".
وحجّ فسمع منه بسبْتَه قاضينا أبو عبد الله بن عيسى التّميميّ، وجماعة، وطال عُمره، ورحل النّاس إليه من الأقطار، وقد سمع " صحيح مسلم " أيضا [ص:449] من أبيه أبي بكر، ومات أبوه في سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة، بسماعه من أبي حفص عمر الهوزني المذبوح في سنة ستين وأربعمائة، بسماعه من عبد الله بن سعيد الشنتجالي، عن أبي سعيد عمر بن محمد السنجزي، عن الْجُلُوديّ نازلًا.
قال ابن بَشْكُوال: وُلد بمرسية سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في ثالث رمضان، يُعرف بابن أبي جعفر.(11/448)
190 - عبد الله بن موسى بن عبد الله، أبو محمد القُرْطُبيّ. [المتوفى: 526 هـ]
روى عن حازم بن محمد، ومحمد بن فَرَج، وأبي عليّ الغساني، وأبي الحسن العبسي المقرئ، وحدَّث.
قال ابن بَشْكُوال: عُنِي بالحديث عناية كاملة، وكان متفننًا في عدَّة علوم مع الحفظ والإتقان، وتوفي في صفر.(11/449)
191 - عبد الجليل بن عبد العزيز بن محمد، أبو الحسن الأمويُّ القرطبيُّ المقرئ. [المتوفى: 526 هـ]
روى عن أبي الحَسَنَ عليّ بن خلف العبسي المقرئ، وخازم بن محمد، وأبي الحسن سراج، ومحمد بن فرج، ورحل إلى أبي داود المقرئ، ويحيى بن البيَّاز، وأخذ عن جماعة سواهم.
قال ابن بشكوال: عارف بالقراءات وطُرقها، مجوِّد لها، ضابط لحروفها، وله مشاركة في الحديث، وعناية بسماعه، ومعرفة رجاله، مع حظٍّ وافر من اللُّغة والأدب. ولم يزل طالباً للعلم ومفيداً له إلى أن مات. سمعنا منه وسمع معنا من جماعة وكان يقرئ بجامع قرطبة. توفي في ثامن المُحَرَّم، وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.(11/449)
192 - عبد الحق بن أحمد بن الحسن، أبو المعالي البانياسيُّ الكاتب. [المتوفى: 526 هـ]
سمع أبا الحَسَن الخِلَعي. روى عَنْهُ السِّلفي وقال: كان متميزًّا مائلاً [ص:450] إلى الخَيْر، غرق في بحر عيذاب بعد الحج، رحمه الله.(11/449)
193 - عبد الرحمن ابن الفقيه محمد ابن الفقيه عبد الرحمن ابن الفقيه عبد الرحيم ابن الفقيه أحمد بن العجوز، الفقيه أبو القاسم الكُتَاميّ السّبتيّ، [المتوفى: 526 هـ]
قاضي الجزيرة الخضراء، ثمّ قاضي سلا.
كان أحد الأعلام، قال القاضي عِياض: حضرت مجلسه في تدريس " المدوَّنة "، فما رأيت أحدًا أحسن منه احتجاجًا، ولا أَبْيَن منه تعليلًا، وكان له سمتُ وهيئة، توفي بفاس، حدثنا عن أبيه، عن جده.(11/450)
194 - عبد الصَّمد بن أحمد بن محمد ابن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مَرْدُويه الأصبهانيُّ. [المتوفى: 526 هـ]
روى عن أبي طاهر أحمد بن محمود، تُوُفّي في جُمادى الآخرة.(11/450)
195 - عبد العزيز بن الحسن، أبو الأصْبَغ الحضرميُّ المَيُورقيُّ. [المتوفى: 526 هـ]
سمع من أبي العباس العُذْري "صحيح مسلم"، وسمع من أبي عبد الله بن سعدون، وأبي بكر المُرَادي.
قال ابن بَشْكُوال: وقد أخذنا عنه، وتوفي سنة ست.(11/450)
196 - عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس، أبو محمد السلمي الدمشقي الحداد، [المتوفى: 526 هـ]
وكيل المقرئين.
سمع: أبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب، ومحمد بن مكي الأزدي المصري، وعبد الدائم بن الحسن، وعبد العزيز الكتاني، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعُبَيْد الله بن عبد الله الدّارانيّ، وجماعة، وأجاز له: أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو الحسن بن مَخْلَد الواسطيّ.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وقال: كان ثقة مستورًا سهلًا، قرأتُ عليه الكثير، وتُوُفّي في ذي القعدة، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، وبركات الخشوعي، وأبو القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وآخرون، وكان من أسند شيوخ الشّام في عصره.(11/450)
197 - عثمان بن عليّ بن شرَّاف، الإمام أبو سعد المروزيُّ البَنْجَديهيُّ العَجَليُّ - بالفتح - الفقيه الشَّافعيُّ، [المتوفى: 526 هـ]
أحد الأئمة.
تفقه على القاضي حسين، وسمع من جماعة.
تُوفي بِبَنْج ديه، وكان حسن الفتوى، ولعل بعض أجداده كان يعمل العَجَلة التي تجرها البقر.
وصفه أبو سعد السَّمْعاني بالورع والزُّهد والإمامة، وأنَّه سمع من أستاذه القاضي حسين، وأبي مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي الحافظ، وأبي عثمان العيَّار، وجماعة. وأنَّ مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، ومات في شعبان ببَنْج ديه، وأنَّه أجاز له، وأنَّه كان لا يُمَكِّن أحداً من أن يغتاب أحداً في مجلسه.(11/451)
198 - عليّ بن الحسين بن محمد بن مهديّ، الأستاذ أبو الحسن البصْريّ، الصُّوفيّ، العارف. [المتوفى: 526 هـ]
دار في الشام، ومصر، والجزيرة، وأذَرْبَيْجان، ولقي العُبّاد، وكانت له مقامات، وأحوال، وكرامات، وسكن بغداد في الآخر، سمع: أبا الحسن الخلعي، والمُثَنَّى بن إسحاق القُرَشيّ الأَذَرْبَيْجانيّ، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر.
ويُروى أنّه حضرت عنده امرأة فقالت: يا سيّدي، ضاع كتابي الّذي شهدت فيه، وأريد أن تشهد، فقال: ما أشهد إلّا بشيء حلْو، قال: فتعجّب الحاضرون منه، فمضت وعادت ومعها كاغَد حَلْواء، فضحك وقال: والك ما قلت لك إلا مزاحًا، اذهبي أطعميه أولادك، ولمح الكاغد الذي فيه الحلواء، فقال: أرينيه، فأرته، فإذا هو كتابُها، وفيها شهادته، فقال: ما ضاعت الحلْواء، هذا كتابك.
تُوُفّي أبو الحسن البصْريّ في جُمَادَى الأولى.(11/451)
199 - عمر بن يوسف، القُدوة، الزّاهد، أبو حفص ابن الحذّاء القَيْسيّ الصَّقَليّ، [المتوفى: 526 هـ]
نزيل الثَّغْر. [ص:452]
سمع منه: السِّلَفيّ، عن أبي بكر عتيق بن علي السمنطاري بصقلية: قال: حدثنا أحمد بن إسحاق المهراني، قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: حدثنا تمتام، قال: حدثنا القَعْنَبيّ بحديث الّذي تفوته العصر.
قال السِّلَفيّ: كان من مشاهير الزُّهاد وأعيان العُباد، له مجدٌ كبير عند أهل صَقَلّية، وكان من أهل العلم، تمنع علي مِن الرّواية كثيرًا تورُّعًا، وجرى بيني وبينه خطبٌ طويل، وقفت على سماعه من السّمنْطاريّ بموطّأ القَعْنَبيّ، بهذا الإسناد، وُلِد بصَقَلّية سنة ثلاثين وأربعمائة، وحجّ سنة إحدى وخمسين، وقرأ على جماعة القرآن، توفي في المحرم، رحمه الله.(11/451)
200 - فاطمة بنت أبي الحسن عليّ بن الحسين بن جدًّا العُكْبريِّ، البَغْداديَّة، أمُّ أبيها. [المتوفى: 526 هـ]
سمعت أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الغنائم ابن الدَّجاجي، وابن النَّقُّور. وقدمت دمشق في طلب ولدها، خدم ركبدارًا وذلك في سنة ست وعشرين. روى عنها أبو القاسم ابن عساكر، والقاضي عليّ بن محمد الزَّكوي.(11/452)
201 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه الدِّمَشْقيُّ القصَّاع، عُرِفَ بابن اللَّبَّاد. [المتوفى: 526 هـ]
سمع من جده الحسن بن عليّ اللَّبَّاد، وأبا العباس بن قُبَيْس. روى عنه أبو القاسم الحافظ.(11/452)
202 - محمد بن حامد بن فارس، [المتوفى: 526 هـ]
ابن أخي شجاع الذُّهلي.
سمَّعه عمُّه من أبي الحسين ابن الطُّيوري، وغيره.(11/452)
203 - محمد بن الفرج بن عُمر، أبو بكر الأصبهانيُّ البقَّال. [المتوفى: 526 هـ]
يروي عن عبد الرحمن بن مَنْده.
وعنه الحافظ أبو موسى، وقال: توفي في أوَّل صفر.(11/452)
204 - محمد ابن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف، الفقيه القاضي أبو الحسين البَغْداديُّ الحنبليُّ، ابن الفرَّاء. [المتوفى: 526 هـ]
ولد في شعبان سنة إحدى وخمسين، وسمع أباه، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وأبا بكر الخطيب، ومحمد بن علي ابن المُهْتَدي بالله، وأبا جعفر ابن المُسْلِمَة، وهنَّاد بن إبراهيم النَّسفي، وأبا الحسين ابن النَّقُّور، وآخرين، وأجاز له أبو محمد الجوهري. وتفقه بعد موت والده، وبرع في المذهب، ودرَّس، وناظر، وصنَّف، وكان متشدِّدًا في السُّنة يرجع إلى فضل وتمييز، جمع كتاباً كبيراً في "طبقات أصحاب أحمد".
روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وتمَّام بن عمر بن الشَّنَّاء، وذاكر الله بن إبراهيم الحربي، ومظفر بن إبراهيم البرني، وعليّ بن عمر الواعظ، وعبد الله بن محمد، بن عُليَّان، ومحمد بن غنيمة بن القاق، وآخرون.
أُنبئتُ عن حمَّاد أنَّه سمع السِّلفي يقول: كان أبو الحسين متعصِّبًا في مذهبه، وكان كثيراً ما يتكلَّم في الأشاعرة ويقول فيهم ويسمعهم، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، وله تصانيف في مذهبه، سمعنا منه، وكان ديِّنًا ثقة ثَبْتًا.
وقال ابن النَّجَّار: تميَّز وصنَّف في الأصولين والخلاف والمذهب، وكان متديِّنًا، جميل الطَّريقة، محمود السِّيرة، ثقة، صدوقاً.
وقال أبو نصر اليونارتيُّ: سمعت أبا الحسين ابن الفرَّاء يقول: أوَّل ما حدَّثت كان لي عشرون سنة، قرأ عليَّ أبو الحسن القرشي الهكَّاري الصُّوفي شيئاً من تصنيف أبي.
وقال ابن الجوزي: كان له بيت في داره بباب المراتب، يبيت وحده، فعلم به بعض مَنْ كان يخدمه ويتردد إليه بأنَّ له مالاً، فدخلوا عليه ليلاً فذبحوه، وأخذوا المال ليلة عاشوراء، ثم وقعوا وقُتِلُوا.(11/453)
205 - المُفَضَّل بن سيَّار بن محمد الدَّهَّان، أبو القاسم الهَرَويُّ التَّاجر، [المتوفى: 526 هـ]
والد محمد الأمين.
شيخ صالح، صيِّن، ورد بغداد، فحجَّ، وسمع من مالك البانياسي، وعبد الواحد بن عليّ العلاَّف. وحدَّث بمرو؛ روى عنه محمد بن أبي بكر السِّنجيُّ. توفي بهرَاة في ذي الحجة.(11/454)
206 - منصور بن الخير بن يملى، أبو عليّ المغراويّ، المالقيّ، المقرئ الأحدب. [المتوفى: 526 هـ]
حجّ، وأدرك أبا مَعْشَر الطَّبَريّ، وأخذ عنه، ولقي أبا عبد الله محمد بن شريح وأخذ عنه، وجالس أبا الوليد الباجيّ، وعُنِي بالقراءات، وصنّف فيها كُتُبًا أخذها عنه الناس، قال ابن بَشْكُوال ذلك، قال: وسمعت بعض شيوخنا يضعّفه، تُوُفّي بمالقة في شوال.
قلت: قرأ عليه: محمد بن أبي العيش الطُّرْطُوشيّ، ومحمد بن عُبَيْد الله بن العويص، وقيل: إنّه مُتَّهم في لُقِيّ أبي مَعْشَر، مع أنّه رأس في القراءات، قيّم بتجويدها وعللها.
قال اليَسَع بن حزْم: رحلت إليه، فوجدته بحرًا في علوم القراءات، بعيد الغَوْر والغايات، فجلست واستعذت وبسملت، فقال: ما حجَّة من جَهَر وحجَّة من أخفى؟ فقلت: حجة الجهر " فإذا قرأت القرآن فاستعذ "، وأخفوا لئلّا يتوهّم أنهّا آية من القرآن، وذكر باقي الكلام.
قال أحمد بن ثعبان: انصرفت من مكَّة، فلقِيَني منصور بن الخيّر، فقال: ما فعل أبو مَعْشَر؟ قلت: تُوُفّي، فلما حج رجع إلى الأندلس، وقال: قرأت على أبي معشر.(11/454)
207 - هبة الله بن محمد بن علي بن الحَسَن بن عمر، أبو الفرج بن أبي نصر، ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المُسْلِمَة، البَغْداديُّ. [المتوفى: 526 هـ]
روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وكان ظالماً. [ص:455]
قال أبو المُعَمَّر الأنصاري: قرأنا عليه "صفة المنافق" ثم رأينا أخاه الحسين، فقال: من أين؟ قلنا: كنا عند أخيك أبي الفرج. فقال: ما قرأتم عليه؟ قلنا: "صفة المنافق" للفريابي. فقال: قرأتم عليه صفته!. توفي في سلخ شوَّال.(11/454)
208 - هبة الله بن موهوب، أبو البركات المِصْريُّ القارئ [المتوفى: 526 هـ]
المشهور بحُسْن التلاوة.
روى عن الفقيه نصر المقدسي. وعنه أبو طاهر السِّلفي.(11/455)
209 - يحيى بن محمد بن أبي المُطَرِّف القُرْطبيُّ. [المتوفى: 526 هـ]
روى عن محمد بن هشام، وحازم بن محمد، والغسَّاني، ومحمد بن فرج، ولم يكن عنده إتقان.
توفي في المحرم.(11/455)
-سنة سبع وعشرين وخمسمائة(11/456)
210 - أحمد ابن الشَيخ الإمام أبي عليّ الحسن بن أحمد بن عبد الله، أبو غالب ابن البناء البغداديّ الحنبليّ. [المتوفى: 527 هـ]
شيخ صالح، كثير الرّواية، عالى السند، سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا الحسين بن حسنون النرسي، وأبا يعلى ابن الفراء، وأبا الغنائم بن المأمون ووالده، وابن المهتدي، بالله وطائفة، وله مشيخة.
وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وأجاز له: أبو الطَّيب الطَّبريّ، وأبو إسحاق البَرْمكيّ، وأبو بكر بن بِشْران، والعُشَاريّ.
وثّقه ابن الْجَوْزيّ، وروى عنه هو وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وهبة الله بن مسعود الباذبيني، ومحمد بن هبة الله أبو الفَرَج الوكيل، وعبد الوهاب ابن الشَيخ عبد القادر، وإسماعيل بن عليّ القطّان، وعمر بن طَبَرْزد، وخلْق سواهم.
وتُوُفّي في صفر، وقيل: في ربيع الأوّل، وتفرد بالأجزاء القطيعيات الّتي لم يبق ببغداد شيء أعلى منها في وقته.(11/456)
211 - أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن مَخْلَد، العلامة أبو العباس ابن الرُّطبيِّ، الكرخيُّ، [المتوفى: 527 هـ]
تلميذ أبي إسحاق الشيرازي.
كان أحد الأئمة، ومَنْ يُضْرَب به المثل في الخلاف والنَّظر. وتفقه أيضاً علي أبي نصر ابن الصَّبَّاغ. ثم خرج إلى أصبهان، فأخذ عن محمد بن ثابت الخُجَنْدي، وبرع في الفقه، وصار مشاراً إليه في علم النَّظر والتَّدقيق، وولي القضاء بالحريم الطَّاهري والحسبة. وكان له انقطاع إلى أمير المؤمنين. وكان يؤدب أولاده، وكانو حسن السَّمت، ذا رأي وعقل وتدبير.
سمع أبا القاسم ابن البُسْرَى، وأبا نصر الزَّينبي، وابن ماجه الأبهري. روى عنه علي بن أحمد اليزدي، ويحيى بن ثابت البقَّال، ويحيى بن بَوْش، وأدَّب الراشد بالله. [ص:457]
وتوفي في رجب، رحمه الله.(11/456)
212 - أحمد بن عمّار بن أحمد بن عمّار بن المسلم، أبو عبد الله الحسينيّ الكوفيّ، مجد الشّرف، الشّاعر المشهور. [المتوفى: 527 هـ]
مدح المسترشد، والوزير أبا علي بن صدقة، فمن شعره:
وباكية أبكت فأبدت محاسنًا ... أراقت فراقت أنفس الركْب عن عمدِ
حبابًا على خمرٍ وليلا على ضحىً ... وغصنًا على دعصٍ ودرا على ورد
وله:
يا من يسيء برأيه ويري ... صَرْفَ الحوادث غير متَّهمِ
لك في الّذي تُبْديه معذرةً ... من نام لم ينفك من حُلمِ
عاش اثنتين وخمسين سنة.(11/457)
213 - أسعد بن صاعد بن منصور بن إسماعيل، أبو المعالي النيسابوري الحنفي، [المتوفى: 527 هـ]
خطيب نيسابور.
سمع: جده، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وموسى بن عمران الصوفي، وأبا بكر الشيرويي، وكان إليه الخطابة والوعظ والتّدريس ببلده، وكان مقبولًا عند السلطان.
توفي في ذي القعدة، وقد قدم بغداد رسولًا من السّلطان سَنْجَر، فسمع منه ابن عساكر، وغيره.(11/457)
214 - أسعد بن أبي نصر بن الفضل، أبو الفتح وأبو سعيد العُمريُّ المِيهنيُّ، مجد الدين. [المتوفى: 527 هـ]
كان إماماً مبرِّزًا في الفقه والخلاف، وله "تعليقة" مشهورة قليلة المِثْل. تفقه بمرو، ورحل إلى غَزْنة، واشتُهِرَ بتلك البلاد، وشاع فضله، وتخرَّج به جماعة. ومدحه أبو إسحاق الغزِّي الشاعر. ثم إنه قدم بغداد، ودرَّس فيها بالنظامية مرّتين، الأولى في سنة سبع وخمسمائة، ثم عزل في سنة ثلاث عشرة. ثم وليها سنة سبع عشرة واشتغل عليه الفقهاء، وانتفعوا به وبطريقته. [ص:458]
وقد تفقه بمرو على أبي المظفر السَّمعاني، وعلى الموفق الهروي وبرع وفاق بالذكاء وحدَّة الخاطر. وسمع شيئاً من إسماعيل بن الحسن الفرائضي، ولم يُحَدِّث.
ذكره ابن عساكر في "طبقات الأشعرية"، فقال: تفقه على أبي المظفر السَّمعاني، وقرأ الأصول على شيخنا أبي عبد الله الفُرَاوي.
قال أبو سعد السَّمعاني: سمعت أبا بكر محمد بن عليّ الخطيب يقول: سمعت فقيهاً من أهل قزوين، قال: كنا بهمذان في البيت عند الإمام أبي الفتح الميهني، فقال لنا: اخرجوا، فخرجنا، فوقفت على الباب، فسمعته يلطم وجهه ويقول: {يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله}، وجعل يبكي ويردد هذه الكلمة إلى أن مات رحمه الله في سنة سبع وعشرين بهمذان. وكان قد توجه رسولاً من قبل السُّلطان إلى مرو، ثم توجه رسولاً من بغداد إلى همذان، فتوفي بها. ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة بميهنة بقرب طوس. وكان ذا أموال وعبيد وحِشْمَة وافرة.(11/457)
215 - إسماعيل بن محمد بن إبراهيم، أبو إبراهيم الخانيُّ المروروذيُّ. [المتوفى: 527 هـ]
كان يتهم بكتب الأوائل. سمع "الموطأ" من أبي الحسن محمد بن محمد الشَّيرزي سوى فَوْت.
مات في شعبان، وله نيف وتسعون سنة.(11/458)
216 - بشارة بنت محمد بن عبد الوهَّاب ابن الدَّبّاس. [المتوفى: 527 هـ]
امرأة صالحة معمَّرة، روت عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة. روى عنها ابن عساكر، وأبو المُعَمَّر، وغيرهما.(11/458)
217 - الحسن بن أحمد بن الحسن بن فنجلة، الإمام المقرئ أبو علي البَغْداديُّ النَّسَّاج. [المتوفى: 527 هـ]
قرأ بالقراءات على أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن علي الخيَّاط، وسمع منه ومن [ص:459] الصَّريفيني، وجماعة. ورى عنه المبارك بن كامل، وأبو القاسم ابن عساكر. مات في المحرم.(11/458)
218 - الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عليّ، الحافظ أبو نصر اليونارتيُّ، [المتوفى: 527 هـ]
ويونارت: قرية على باب أصبهان.
كان أحد من عُنِي بهذا الشأن، ورحل فيه، وكان سريع النَّقْل، حسن القراءة، جيّد التَّخريج. سمع أبا بكر بن ماجه، وأبا منصور بن شكرويه، وجماعة. ورحل فأدرك أبا بكر بن خلف الشيرازي، وهو آخر مَنْ رحل إليه. وسمع بهراة أبا عامر محمود بن القاسم، وببلخ أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وببغداد أحمد بْن عبد القادر بْن يوسف. روى عنه جماعة.
قال أبو سعد السَّمعاني: قال لي أبو القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ: ما كان له كبير معرفة غير أنه كان نظيف الأجزاء.
ولد اليونارتي في سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في شوال، وروت عنه فاطمة بنت سعد الخير جزءاً معروفاً.
قال أبو زكريا بن منده: كان حافظاً لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأطراف من الأدب والنحو، حسن الخُلُق، شجاعاً، طرقًا في الحديث، سمعنا منه "طبقات السمرقنديين" للإدريسي.(11/459)
219 - صافي بن إبراهيم، أبو البركات الطَّرسوسيُّ الضَّرير [المتوفى: 527 هـ]
المُعَبِّر للأحلام بدمشق.
روى عن سهل بن بشر الإسفراييني. روى عنه ابن عساكر، وغيره.(11/459)
220 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن جحشوَيه، المحدِّث المفيد أبو محمد البغدادي، [المتوفى: 527 هـ]
سِبْط ابن قريش.
طلب بنفسه وكتب الكثير، وسمع من النعالي، وطراد الزينبي، وابن البَطِر، وطبقتهم، وحدَّث بأكثر مسموعاته، روى عنه: عبد الله بن أبي المجد الحربيّ، وغيره. [ص:460]
قال ابن النّجّار: مات في شوال سنة سبعٍ وعشرين.(11/459)
221 - عبد الباقي بن عبد الله أبو المعالي اللخمي الدمشقي العطار. [المتوفى: 527 هـ]
سمع أبا عبد الله بن أبي الحديد.
قال ابن عساكر: رأيته وسمع منه أصحابنا.(11/460)
222 - عبد الجبّار بن أبي بكر بن محمد، أبو محمد الأزْديّ، الصَّقَلّيّ، الشّاعر. [المتوفى: 527 هـ]
له ديوان مشهور، دخل الأندلس ومدح المعتمد بن عَبّاد، وتوفي في هذه السّنة في رمضان بجزيرة مَيُورقَة.
وجزيرة صَقَلّية يحيط بها البحر، وهي بحذاء إفريقية، أخذتْها النصارى في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة.(11/460)
223 - عبد الكريم بن إسحاق، أبو زُرْعة البزّاز الرّازيّ. [المتوفى: 527 هـ]
قدِم سنة إحدى وثمانين ببغداد، وسمع عاصم بن الحَسَن، وجماعة.
وسمع بالرّي من: عبد الكريم الوزّان، وبأصبهان من أبي عبد الله الثقفي.
قال أبو سعد السّمعانيّ: كان صدوقًا، ثقة، حدّثنا عنه جماعة، وعاش سبعًا وثمانين سنة.(11/460)
224 - عبد المجيد بن عبد الله بن عيذون، أبو محمد الفهري الأندلسي اليابري النحوي. [المتوفى: 527 هـ]
أخذ عن أبي الحجاج الأعلم، وعاصم بن أيوب، وأبي مروان بن سراج، وله مصنف في الانتصار لأبي عبيد علي ابن قتيبة، وكان مقدما في الأدب، شاعرا مفلقا أخباريا، لغويا أخذ الناس عنه.
توفي بيابرة.(11/460)
225 - عبد الملك بن عبد الله بن داود، أبو القاسم الحمزيّ، [المتوفى: 527 هـ]
من حمزيّ مدينة بالمغرب.
قدِم بغداد وسكنها، قدِم على أبي عليّ التُّسْتَري، فسمع منه " سُنَنَ أبي [ص:461] داود "، وسمع ببغداد من: أبي نصر الزينبي، سمع منه: أبو القاسم ابن عساكر السُنَن، وحدَّث عنه هو، وأبو المعمّر.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.(11/460)
226 - عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بن شاشر، أبو القاسم المُخَرِّميُّ الحنبليُّ. [المتوفى: 527 هـ]
شيخ صالح يؤم بمسجد. روى عن أبي القاسم ابن البسري ومالك البانياسي. روى عنه يحيى بن بَوْشن وتوفي في رجب.(11/461)
227 - عبيد الله بن محمد، أبو القاسم الحصيريُّ البلخيُّ. [المتوفى: 527 هـ]
روى عنه السَّمعاني إجازة، وقال: مات في ذي الحجة، وله تسعون سنة. حدث "بالبخاري" عن منصور بن إسحاق السِّرخسي، عن أبي علي الكُشَاني.(11/461)
228 - عثمان بن أحمد بن عبيد الله بن دُحروج، أبو عمرو القزَّاز البَغْداديُّ النَّصْريُّ، [المتوفى: 527 هـ]
أخو محمد وعمر.
صالح مستور، سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأبا محمد بن هزارمرد. وعنه أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم ابن عساكر، وقال: ما كان يفهم شيئاً.(11/461)
229 - عليّ بن عُبَيْد الله بن نصر بن عُبَيْد الله بن سهل، الإمام أبو الحسن ابن الزاغوني، [المتوفى: 527 هـ]
شيخ الحنابلة ببغداد.
سمع الكثير بنفسه، ونسخ بخطه، وولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، حدَّث عن: أبي جعفر ابن المسلمة، وابن هزارمرد، وعبد الصمد ابن المأمون، وعلي ابن البسري، وأبي الحسين ابن النَّقُور، وجماعة، وقرأ بالرّوايات، وتفقَّه على يعقوب البَرْزَبِينيّ.
وكان إمامًا فقيهًا، متبحّرًا في الأصول والفروع، متفننًا، واعظًا، مناظرًا، ثقة، مشهورا بالصّلاح، والدّيانة، والورع، والصّيانة، كثير التّصانيف. [ص:462]
قال ابن الجوزيّ: صحِبته زمانًا، وسمعت منه، وعلَّقت عنه الفِقْه والوعظ، وتُوُفّي في سابع عشر المحرَّم، وكان الْجَمع يفوت الإحصاء.
وقال أبو سعد السّمعانيّ: روى لنا عنه: عليّ بن أبي تُراب، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم الحافظ، وسمعت حامد بن أبي الفتح المديني يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عُبَيْد الله ابن الزّاغُونيّ يقول: حكى بعض النّاس ممّن يوثق بهم أنّه رأى في المنام ثلاثة يقول واحد منهم: اخْسِفْ، وواحد يقول: أَغْرِق، وواحد يقول: أَطْبِق، يعني البلد، فأجاب أحدهم: لَا، لأنّ بالقرب منّا ثلاثة أحدهم أبو الحسن ابن الزاغُونيّ، والثاني أحمد بن الطّلّاية، والثالث محمد بن فلان من الحربيَّة.
قلت: وروى عنه: بركات بن أبي غالب السقلاطوني، ومسعود بن غَيْث الدّقّاق، وأبو القاسم بن معالي بن شدقيني، وأبو الحسن علي ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو حفص بن طَبَرْزَد، وطائفة سواهم، وهو من متكلّمي الحنابلة ومصنّفيهم، أملى عليّ القاضي عبد الرحيم بن عبد الله، أنه قرأ بخط أبي الحسن الزاغُونيّ: قرأ أبو محمد عبد الله بن أبي سعد الضّرير عليَّ القرآن من أوّله إلى آخره، بقراءة أبي عَمْرو، رواية اليَزِيديّ، طريقة ابن مجاهد، وكنت رأيت فِي المنام رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره بهذه القراءة المذكورة، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع، وإني لما بلغت في سورة الحجّ إلى قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات " الْآيَةَ، أشار بيده أي اسمع، ثمّ قال: " هذه الآية من قرأها غُفِر له. ثمّ أشار أن اقرأ، فلما بلغت أول يس، قال لي: " هذه السّورة من قرأها أَمن من الفَقْر "، فلمّا بلغت إلى سورة القدر قال لي: " هذه السّورة من قرأها، فكأنّما قرأ ربع القرآن "، فلمّا بلغت إلى سورة الإخلاص قال لي: " هذه السّورة من قرأها، فكأنّما قرأ ثلث القرآن "، فلمّا كملت الخْتمة قال لي: " ما أَعطى الله أحدًا ما أُعطي أهل القرآن "، وإنّي قلت له كما قال لي.
وكتب علي بن عبيد الله ابن الزاغُونيّ قال: وقرأ عليَّ هذا الكتاب، يعني مختصر الخِرَقيّ، من أوّله إلى آخره أبو محمد الضرير من حفظه، ورويته له [ص:463] عن أبي القاسم علي بن أحمد ابن البسري البندار، عن أبي عبد الله ابن بطة العكبري، عن أبي القاسم الخِرَقيّ رحمه الله، وكتب ابن الزاغوني سنة تسعٍ وخمسمائة.(11/461)
230 - عليّ بن يَعْلَى بن عَوَض، أبو القاسم الهاشميّ العلويّ العُمريّ، [المتوفى: 527 هـ]
من ولد عمر بن عليّ بن أبي طالب.
شيخ جليل واعظ مشهور، صاحب قَبُولٍ، من أهل هَرَاة، سمع من أبي عامر الأزْديّ، ونجيب بن ميمون، ومحمد بن عليّ العُميريّ الزّاهد، وورد بغداد فوعظ بها، وسمع من: أبي القاسم ابن الحُصَيْن، وكان يورد في مجلس وعْظه الأحاديث بأسانيدها، ويُظهر السُّنَّة.
قال ابن الجوزيّ: حصل له ببغداد مالٌ وكُتُب وَقَبُولٌ كثير، وحُمِلت إليه وأنا صغير، وحفّظني مجلسًا من الوعظ، فتكلّمت بين يديه يوم ودّع النّاس وسافر إلى مَرْو.
وقال ابن السّمعانيّ: سمعتُ منه حديثًا واحدًا.(11/463)
231 - عمر بن محمد بن محمد بن موسى، أبو حفص الشاشي، [المتوفى: 527 هـ]
نزيل فاشان، إحدى قرى مَرْو.
تفقّه على الإمام أبي الفضل التميمي، وسمع منه، ومن: أبي عبد الله محمد بن الحسن المهربندقشاني، وإسماعيل بن عبد القاهر الْجُرْجانيّ، وقَدِم بغداد قبل الثمانين وأربعمائة حاجًا، وسمع أبا سعد عبد الرحمن بن مأمون المتولي، وحدث.
توفي سنة سبعٍ وعشرين.(11/463)
232 - عيسى بن إبراهيم بن عبد ربه بن جَهْور، أبو القاسم القيسيُّ الأندلسيُّ الطَّلبيريُّ، [المتوفى: 527 هـ]
نزيل شريش.
روى عَنْ أَبِي عليّ الغسَّاني، وخازم بْن محمد، ومحمد بن فرج الفقيه، [ص:464] ورحل إلى بغداد، وأخذ عن ابن بدران الحُلْواني، والقاسم بن علي الحريري.
قال ابن بشكوال: كان من أهل النُّبل والذَّكاء والفَهْم والمَعْرفة باللُّغة، والشِّعر، والأدب وهو كان غالباً عليه. وله مشاركة في الفقه والحديث وأصول الدِّيانة وكان فاضلاً طاهراً ثقة، قدم علينا قرطبة فأخذنا عنه، وتوفي بإشبيلية.(11/463)
233 - غريب بن يوسف، أبو الوفاء الأزجيُّ الخيَّاط. [المتوفى: 527 هـ]
روى عن أبي القاسم ابن البُسْري. وعنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفي في ربيع الأول.(11/464)
234 - كريم المُلْك، أبو الحسن، واسمه: أحمد بن عبد الرزاق، [المتوفى: 527 هـ]
وزير شمس الملوك صاحب دمشق.
مات في ذي الحجة، فتأسف النّاس عليه لحسن طريقته، وحميد خلاله، وكثْرة تلاوته.(11/464)
235 - كريمة بنت الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة. [المتوفى: 527 هـ]
رَوَت عن أبي الحسين ابن النقور، وعنها: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو المعمّر الأنصاريّ، وغيرهما، وتُوُفّيت في رجب.
قال ابن السّمعانيّ: رأيت نسخةً " بتاريخ بغداد " كاملةً بخطها.(11/464)
236 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن دحروج، أبو بكر البغدادي. [المتوفى: 527 هـ]
سمع الصريفيني وابن النقور روى عنه جماعة منهم عمر بن طبرزد وتوفي في رجب.(11/464)
237 - محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد بن أحمد بن صاعد، أبو سعيد النَّيسابوريُّ الصَّاعديُّ. [المتوفى: 527 هـ]
ولد سنة أربع وأربعين. وروى عن أبي الحسين عبد الغافر، وأبي حفص بن مسرور ولعل ذلك حضور، وعن أبي القاسم القُشَيْري. وقَدِمَ بغداد سنة ثلاث وخمسمائة. وحدَّث فسمع منه ابن ناصر وطائفة وكان رئيس نيسابور وقاضيها وعالمها.
قال ابن السَّمعاني: انتهت إليه الرِّياسة والتَّقدُّم والقضاء بنيسابور، [ص:465] وأجاز لي. توفي في ثاني عشر ذي الحجَّة، رحمه الله تعالى.(11/464)
238 - محمد بن أحمد بن يحيى، أبو عبد الله الأُمويُّ العُثْمانيُّ الدِّيباجيُّ المقدسيُّ الشَّافعيُّ، [المتوفى: 527 هـ]
نزيل بغداد.
شيخ من أهل نابلس من ولد الدِّيباج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عفَّان. حدَّث عن الفقيه نصر بن إبراهيم وتفقه وحصَّل.
قال ابن الجوزي: كان غالياً في مذهب الأشعري، ورأيته يعظ بجامع القصر.
وقال المبارك بن كامل وقد روى عنه: لم أر في زماني مثله، جمع الورع والزُّهْد والعلم والعمل والمروءة وحسن الخلق، وكان يوم جنازته يوماً مشهوداً.
وقال ابن عساكر: كان يعظ ويفتي على مذهب الشَّافعي، وله حُرْمة عند النَّاس، وحجَّ مرات، أخبرنا عن الحسين بن علي الطَّبري، وتوفي في صفر وعاش خمساً وستين سنة.
قلت: ويروي عن مكي الرُّميلي، وقد جاور، وولي عمارة الحرَم، وكان مولده ببيروت.(11/465)
239 - محمد بن إدريس، أبو عبد الله الجذاميّ الغَرْناطيّ. [المتوفى: 527 هـ]
حدَّث " بصحيح البخاريّ "، عن بكّار، عن أبي ذَرّ الهَرَويّ، وكان فقيهًا، مُفْتيًا، روى عنه: أبو خالد بن رفاعة.(11/465)
240 - محمد بْن الحسين بْن عليّ، أبو بَكْر البغداديّ المِزْرَفيّ، ومِزْرَفَة بين عُكْبرا وبغداد، الفَرَضيّ الحاجيّ. [المتوفى: 527 هـ]
وُلِد سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة ببغداد، وسكن به أبوه مُدَّةً في أيّام الفتنة بالمِزْرفة، وقرأ بالروايات وجوّد، وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتديّ بالله، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبا علي ابن البناء، والصَّرِيفينيّ، وخلْقًا سواهم، وتلا على أصحاب الحمّاميّ. [ص:466]
روى عنه: ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفتح المنْدائيّ، وطائفة، وأقرأ القراءات.
ويقول الحافظ ابن عساكر وغيره: إنّه مات ساجدًا، مات في أوّل السّنة.
وقال ابن الجوزيّ: كان ثقة، عالمًا، حسن العقيدة رحمه الله.(11/465)
241 - محمد بن سعد بن خلف، أبو شاكر التكريتيُّ، [المتوفى: 527 هـ]
الفقير الصَّالح.
صحب شيخ الإسلام الهكَّاري، وسمع منه ومن ابن النَّقُّور، وتفقه على أبي إسحاق الشِّيرازي، وبنى رباطاً للصُّوفية ببلده. روى عنه أحمد بن دِرْع، وعبد الله بن سويدة.
توفي في صفر عن خمس وتسعين سنة.(11/466)
242 - محمد ابن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفرَّاء الفقيه، أبو خازم الحنبليُّ. [المتوفى: 527 هـ]
ولد سنة سبع وخمسين ولم يدرك السَّماع من والده، وسمع من ابن المُسْلِمَة، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وجابر بن ياسين. وكان فقيهاً، إماماً، زاهداً، عابداً. وتوفي في صفر ودفن بداره.
قال ابن النَّجَّار: هو أخو أبي الحسين محمد وكان الأصغر، تفقه على القاضي أبي علي يعقوب بن إبراهيم البرزباني تلميذ أبيه حتى برع في المذهب والأصول والخلاف، وصنَّف "التَّبصرة في الخلاف" و"رؤوس المسائل"، وشرح كتاب "الخِرَقي". روى عنه أولاده أبو يعلى محمد، وأبو الفرج علي، وأبو محمد عبد الرَّحيم، وابن ناصر، وشيخنا ابن بَوْش.(11/466)
243 - منصور بن محمد بن محمد بن الطَّيِّب، أبو القاسم العَلَويّ العُمَريّ الهَرَويّ، المعروف بالفاطميّ. [المتوفى: 527 هـ]
كان فقيهًا، مناظرًا، وواعظًا، رئيسًا، كان رفيع المنزلة عند الخاصّ والعامّ، ذا ثروةٍ وأموال، يقال: كان له ثلاثمائة وستون طاحونة. [ص:467]
سمع بهَرَاة من جدّه لأمه أبي العلاء صاعد بن منصور الأزْديّ، ومحلّم بن إسماعيل، ومحمد بن أبي عاصم العُمَريّ، وبنَيْسابور من: أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي شجاع الميكاليّ، وقَدِم بغداد مرَّتين، وروى عنه: ابن ناصر، والسِّلَفيّ، ويحيى بن بوش.
قال ابن السّمعانيّ: كان شيخنا أبو الحسن الأزدي سيئ الرأي فيه، قال: لَا أروي عنه حرفًا، تُوُفّي أبو القاسم الفاطميّ بَهَراة في رمضان.
وقال السّمعانيّ في " التّحبير ": أجاز لنا، وكان فقيهًا مبّرزًا مدقّقًا، مولده سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.(11/466)
-سنة ثمان وعشرين وخمسمائة(11/468)
244 - أحمد بن الحسن بن علي بن زرعة، أبو الفرج الصوري الكاتب. [المتوفى: 528 هـ]
روى عن القاضي علي بن محمد الهاشمي، والفقيه نصر، وأبي محمد جعفر السراج.
روى عنه ابن عساكر، وقال: ولي الاستيفاء بدمشق، وولد بصور سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الأول بدمشق.
قلت: وروى عنه عبد الخالق بن أسد.(11/468)
245 - أحمد بن عليّ بن إبراهيم، الشَيخ أبو الوفاء الشيرازي، القدوة، الزاهد، الفيروزآبادي، [المتوفى: 528 هـ]
شيخ الرِّباط الّذي حِذَاء جامع المنصور ببغداد.
قَدِم بغداد وسمع من: أبي طاهر الباقِلّانيّ، وأبي الحسن الهكّاريّ، شيخ الإسلام، وخدم المشايخ، وسكن بالرّباط المذكور، ويُعرف برباط الزَّوْزَنيّ.
قال ابن السّمعانيّ: اتّفقَت الأَلْسُن على مدحه، صحب المشايخ بفارس، وكان يحفظ من كلام القوم وسِيَرَهم وأحوالهم، ومن الأشعار المناسبة لذلك شيئًا كثيرًا، واتَّفق أنّ أبا عليّ المغربيّ أحضر رجلًا يقال له محمد المغربيّ إلى الشَيخ أبي الوفاء وأثنى عليه، وقال: إنّه يصلح لخدمتك، فاستخدمه الشَيخ وقرّبه، وكان يسعى في مَهَمّاته، فضاق منه أبو عليّ المغربيّ، فقال لأبي الوفاء: أريد أن تُخْرجه من الرباط ولا يخدمك، فقال: ما يحسُن هذا، تُثنى على رجلٍ فنقربه، ثم تضيق منه فنخرجه، هذا لَا يليق، فعمل أبو عليّ:
إن خلي أبا الوفا ... في صفائي أبى الوفا
باع ودي بود من ... لُطْفه غاية الجفا
وقال أبو الفَرَج ابن الجوزيّ: كان أبو الوفاء على طريقة مشايخه في سماع الغناء والرَّقْص، وكان يقول لشيخنا عبد الوهاب: إني لأدعو في وقت السَّماع، وكان شيخنا يتعجَّب ويقول: أَلَيْس يعتقد أنّ ذلك وقت إجابة. [ص:469]
وهذا غاية القبيح.
وحكى أبو الوفاء أنّ فقيرًا كان يموت وعياله يبكون، ففتح عينيه، وقال: لم تبكون لموتي؟ قالوا: لَا، الموت لَا بدّ منه، ولكن نبكي على فضيحتنا، لأنّه ليس لك كَفَن، فقال: إنّما نفتضح لو كان لي كفن.
قال ابن الجوزيّ: تُوُفّي أبو الوفاء في حادي عشر صفر، وصلّى عليه خلْق، منهم أرباب الدّولة، وقاضي القُضاة، ودُفن على باب الرّباط، وعمل له الخادم نَظَر بعد يومين دعوة عظيمة، أنفق فيها مالًا على عادة الصُّوفيَّة، واجتمع فيها خلْق.
وكان أبو الوفاء ينشد أشعارًا رقيقة، أنشد مرة، وهو لأبي منصور الثعالبي:
وخط نمَّ في حافّات وجهٍ ... له في كلّ يومٍ ألفُ عاشقٍ
كأنّ الرّيحَ قد مرّت بمسكٍ ... وذرت ما حوته على الشّقائقِ(11/468)
246 - أحمد بن عليّ بن الحسن بن سَلْمُوَيْه، أبو عبد الله النَّيسابوريّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 528 هـ]
شيخ ظريفٌ معمَّر، وُلِد قبل الأربعين، وحدَّث عن: عبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وعمر بن مسرور، وأبي سعد الكَنْجرُوذيّ، ورحل مع والده، وسمع من: أبي محمد الصَّرِيفِينيّ، وغيره، وخدم أبا القاسم القُشَيْريّ، وكان يقرأ بين يديه الأبيات بصوت رخيم ليّن.
روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة أو قبلها.(11/469)
247 - أحمد بن عليّ بن محمد بن السَّكَن، أبو محمد بن المِعْوَجّ. [المتوفى: 528 هـ]
سمع: عليّ بن البُسْريّ، وجماعة، وعنه: مُعَمَّر بن الفاخر، ومحمود الخيام، وغيرهما.(11/469)
248 - أَحْمَد بن عليّ بن عبد اللَّه، أبو العباس الأصبهانيُّ الطامذيُّ الضَّرير مقرئ أصبهان. [المتوفى: 528 هـ]
روى عن القاضي أبي جعفر محمد بن أحمد بن حامد البخاري، قَدِمَ عليهم. روى عنه الحافظ أبو موسى، وقال: كان أوحد عصره في حفظ القراءات. ومات في رابع عشر ذي الحجَّة.(11/470)
249 - أحمد بن الفضل بن أبي الطيب عبد الرَّزاق، أبو عبد الله الأصبهانيُّ الصَّيرفيُّ الدَّلال. [المتوفى: 528 هـ]
شيخ نبيل، روى عن سعيد العيَّار. وعنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في الليلة الثَّانية من رمضان بعدما أفطر من صومه.(11/470)
250 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن محمد، أبو منصور ابن السَّلاَّل الورَّاق النَّاسخ، [المتوفى: 528 هـ]
أخو أبي عبد الله.
سمع محمد بن وشاح الزَّينبي وغيره. روى عنه أبو المُعَمَّر المفيد، وأبو القاسم الحافظ، وقال: كان بئس الشَّيخ قليل الصَّلاة، تُوُفِّي فِي شوَّال.(11/470)
251 - أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن القاسم، ِأبو العبَّاس الأخسيكثيُّ النَّحويُّ. [المتوفى: 528 هـ]
ذو الفضائل، والتَّصانيف الأدبية.
توفي في جمادى الأولى. تخرَّج به فضلاء مَرْو. روى عن أبي المُظَفَّر السَّمْعاني، وكان يلقَّب بذي الفضائل، رحمه الله.(11/470)
252 - أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت، أبو الصَّلْت الأندلسيّ الدّانيّ، [المتوفى: 528 هـ]
مصنّف كتاب " الحديقة ".
كان عالمًا بالفلسفة، ماهرًا في الطّبّ، إمامًا فيه وفي علوم الأوائل، سكن الإسكندرية مدَّةً، وكان مولده بدانية في سنة ستين وأربعمائة، أخذ عن: أبي الوليد الوقْشيّ قاضي دانية، وغيره.
وقَدِم الإسكندرية سنة تسعٍ وثمانين، ونفاه الأفضل شاهنشاه من مصر في سنة خمسٍ وخمسمائة، ثمّ دخل إلى المَهْديَّة، وحلّ من صاحبها عليّ بن يحيى بن باديس بالمحلّ الجليل. [ص:471]
وكان بارعًا في معرفة النّجوم والوقت، بارعًا في الموسيقى وفي الشَّعر، حاذقًا بلعب الشّطرنج، وله رسالة مشهورة في الأسطُرلاب، وله كتاب " الوجيز " في علم الهيئة، وكتاب " الأدوية المفردة "، وكتاب في المنطق، وكتاب " الانتصار " في أصول الطّب، صنَّف بعضها في سجن الأفضل.
وقيل: إنّ أمير الإسكندرية حبسه مُدَّةً لأنّه قدِم إلى الإسكندرية مركبٌ موقرٌ نحاسًا، فغرق وعجزوا عن استخراجه، فقال أبو الصَّلْت: عندي فيه حيلة، فطاوعه الأمير، وبذل له أموالًا لعمل الآلات، وأخذ مركبًا كبيرًا فارغًا، وعمل على جنبيه دواليب بحبالٍ حرير، ونزل الغطّاسون، فأوثقوا المركب الغارق بالحبال، ثمّ أُديرت الدّواليب، فارتفع المركب الغارق بما فيه إلى أن لاطخ المركب الّذي فيه الدواليب وتم ما رامه، لكن تقطعت الحبال وهبط، فغضب الأمير للغرامة وسجنه.
ومن شِعره:
إذا كان أصلي من تُراب فكلُّها ... بلادي، وكُلُّ العالمين أقاربي
ولا بُدّ لي أن أسأل العِيسَ حاجَةً ... تشُقَّ على شُمّ الذرى والغوارب
ومن شعره:
وقائلةٍ: ما بالُ مثلِكَ خاملٌ؟ ... أأنت ضعيفُ الرّأي، أم أنتَ عاجزُ؟
فقلت لها: ذنبي إلى القوم أنني ... لما لم يحوزوه من المجد حائز
وما فاتني شيء سوى الحظ وحده ... وأما المعالي فهي عندي غرائز
وله:
ومهفهفٌ تركتْ محاسنُ وجهِهِ ... ما مَجَّهُ في الكأسِ من إبريقِهِ
فَفِعالُها من مُقْلَتْيه، ولَوْنها ... من وجْنَتَيه، وطَعْمُها من ريقِهِ
وله:
عجِبْتُ من طَرْفِكَ في ضَعْفهِ ... كيف يَصيدُ البَطَلَ الأصْيَدا
يفعَلُ فينا وهو في غِمْدِهِ ... ما يفعل السيف إذا جُرِّدا
ومن شِعره، وأوصى أن يُكتب على قبره، وهو يدلّ على أنّه مسلم الاعتقاد: [ص:472]
سكنتُك يا دارَ الفَناء مصدِّقًا ... بأنّي إلى دار البقاء أصيرُ
وأعظم ما في الأمر أنّي صائرٌ ... إلى عادلٍ في الحُكْم ليسَ يجورُ
فيا لَيتَ شِعْري كيف ألقاه عندها ... وزادي قليل والذّنوبُ كثيرُ
فإنْ أك مُجَزِيًا بذنْبي فإنّني ... بشرٌ عقابِ المذنبين جديرُ
وأنْ يكُ عفوٌ منه عنّي ورحمةٌ ... فثمّ نعيمٌ دائمٌ وسرور
توفي بمرض الاستسقاء بالمهديَّة في منسلخ العام، وقيل: في مستهل سنة تسعٍ.(11/470)
253 - ثابت بن منصور الكيليّ، أبو العزّ [المتوفى: 528 هـ]
مِن كيل العراق.
سمع الكثير ونسخ، وعُنِي بالحديث، سمع: رزق الله التّميميّ، وعاصم بن الحسن، ومحمد بن إسحاق الباقَرْحيّ.
قال ابن ناصر: هو صحيح السّماع ما يعرف شيئًا، تُوُفّي في ذي الحجَّة.
وقال غيره: كان يحفظ ويدريّ.
وقال ابن النّجّار: خرَّج في فنون، وكان صدوقًا، روى لنا عنه: مظفّر بن عليّ الخيّاط، وستّ الكَتَبة بنت يحيى الهَمَذانيّ، وروى عنه: السِّلَفيّ وقال: كان فقيهًا على مذهب أحمد، كتب كثيرًا معنا وقبلنا، وكان ثقة زعر الأخلاق.(11/472)
254 - الحسن بن أحمد بن محمد بن جكينا، أبو محمد الحريميّ الشّاعر المشهور. [المتوفى: 528 هـ]
صاحب الرَّشاقة، والحلاوة، والظّرافة في شِعْره، وكان هجّاءً، غوّاصًا على المعاني، ويلقّب بالبرغوث، وهو القائل:
ولائمٌ لام في التحالي ... يوم استباحوا دم الحسين
فقلت: دعني أحقّ عضو ... ألبسه بالسواد عيني
مات في ربيع الأوّل، ترجمه ابن النجار.(11/472)
255 - الحسن بن إبراهيم بن برهون، أبو علي الفارقيُّ الفقيه الشَّافعيُّ العلاَّمة. [المتوفى: 528 هـ]
ولد بميَّافارقين سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وتفقه بها على أبي عَبْد الله محمد بْن بيان الكازْرُونيّ تلميذ المحاملي الفقيه، ثم رحل إلى الشَّيخ أبي إسحاق فأخذ عنه حتى برع في الفقه وحفظ "المُهَذَّب" وتفقه أيضاً على ابن الصَّباغ وحفظ عليه كتاب "الشَّامل".
قال ابن السَّمعاني: كان إماماً زاهداً ورعاً قائماًَ بالحق، سمعت عمر بن الحسن الهمذاني الزَّاهد يقول: كان أبو علي الفارقي يقول لنا إذا حضرنا الدَّرْس: كررت البارحة الرُّبع الفلاني من "المُهَذَّب" كرَّرْتُ البارحة الرُّبع الفلاني من "الشَّامل". وقد سمع الحديث من أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الغنائم ابن المأمون، وأبي إسحاق الشِّيرازي، وولي قضاء واسط، وسكنها إلى حين وفاته، ومتَّعه الله بحواسه وقد ورد أنه قال: نزلت ببغداد في خان حذاء مسجد أبي إسحاق بباب المراتب، وكان يسكنه أصحاب الشَّيخ ومَنْ يتفقه عليه فإذا كثرنا كنا حوالي العشرين وكان الشَّيخ أبو إسحاق يذكر "التَّعليقة" في أربع سنين فيصير الفقيه في هذه الأربع سنين فقيهاً مستغنياً عن الجلوس بين يدي أحد وكان يذكر دُرُوساً بالغداة ودروساً بالعشي، وقصدته في سنة ستٍّ وخمسين. فلمَّا كان سنة ستين عزمت وعبرت إلى الجانب الغربي إلى الشَّيخ أبي نصر ابن الصَّباغ فقرأت عليه "الشَّامل" قال: ثم عُدْت إلى أبي إسحاق فلازمته إلى حين وفاته.
روى عنه الصَّائن ابن عساكر، وأبو سعد بن أبي عصرون وعليه تفقه. توفي في المحرم بواسط وله خمس وتسعون سنة. استوفاه ابن النَّجار، وقال: ولي قضاء واسط سنة خمس وثمانين، وعُزِلَ سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، ولازم الإفادة بواسط، وكان ورعاً، مهيباً، لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم روى عنه من أهل واسط طائفة وكان معدوداً في الأذكياء.(11/473)
256 - الحسن بن مسعود ابن الفرَّاء، أبو عليّ البغويُّ، [المتوفى: 528 هـ]
أخو محيي السُّنة أبي محمد.
إمام فاضل نظيف.
تفقه على أخيه، وسمع من أبي بكر أحمد بن خلف الشِّيرازي، ومُظَفَّر بن منصور الرَّازي.
ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر صفر بمرو الرُّوذ.(11/474)
257 - الحسين بن أبي الذّكْر محمد بن عبد الله بن حسين، القُدوة، أبو عبد الله المصريّ، الجوهريّ، الزّاهد، [المتوفى: 528 هـ]
النّاطق بالحكمة.
قال السِّلَفيّ: قرأنا عليه، عن أبي إسحاق الحبّال، وغيره، وكان حلو الوعظ، وتوفي في جمادى الأولى.(11/474)
258 - الخَفِرةُ بنت مبشّر بن فاتك، الدّمشقيَّة الجديدية. [المتوفى: 528 هـ]
روت عن: محمد بن الحسين الطّفّال، وأبي طاهر محمد بن سعدون المَوْصِليّ، وغيرهما، روى عنها: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّيت في جُمَادى الأولى أيضًا.
قلت: هي آخر من حدّث عن الطّفّال، وكان أبوها محمود الدّولة من أمراء المصريّين، صنَّف في الطّبّ، والمنطق، وغير ذلك.(11/474)
259 - سليمان بن محمد بن عبد الله، أبو الحسين السَّبئيُّ المالقيُّ النَّحويُّ، المعروف بابن الطراوة. [المتوفى: 528 هـ]
أخذ عن أبي الحجَّاج الأعلم، والأديب أبي بكر المرشاني، وأبي مروان بن سراج، حمل عنهم "كتاب سيبويه"، وسماعه له من أبي الحجَّاج بقراءة أبيه في سنة خمس وستين. ولازم أبا الحجاج مدّةً وتجوَّل في بلاد الأندلس يُعَلِّم العربية. وكان عالم الأندلس في زمانه بالنَّحو، وله كتاب "المقدمات على كتاب سيبويه"، وله شعر جيِّد، وعنه أخذ أئمة العربية بالأندلس. [ص:475]
ذكره ابن الأبَّار، وقال: توفي في رمضان.(11/474)
260 - سهل بن جامع، أبو منصور النَّيسابوريُّ الصُّوفي الخازن، [المتوفى: 528 هـ]
سمع أبا سعد الكنجروذي، وأبا القاسم القُشيري،
وتوفي بنيسابور في شوَّال.(11/475)
261 - عبد الله ابن العلامة أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشَّاشيُّ، أبو محمد. [المتوفى: 528 هـ]
ولد ببغداد سنة إحدى وثمانين. وسمع ابن طلحة النِّعالي وغيره، وتفقه على أبيه، وناظر وأفتى، ووعظ وكان فصيحاً، مفوَّهًا، مُنْشِئًا، توفي في المحرم.
ومن وعظه: أين القدود العالية والخُدود الوردية امتلأت بها العالية والوردية.(11/475)
262 - عبد الله بن المبارك بن الحسن، أبو محمد البغدادي المقرئ، ويعرف بابن نبال. [المتوفى: 528 هـ]
سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصمًا، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وتفقه على: أبي الوفاء بن عَقِيل، وأبي سعد البَرَدانيّ، وباع ملكًا له واشترى كتاب " الفنون " وكتاب " الفصول " لابن عقيل، ووقفهما، وتوفي في جمادى الأولى.(11/475)
263 - عبد الباقي بن محمد بن علي، أبو منصور الأزجي الطبال. [المتوفى: 528 هـ]
صالح مقرئ، قرأ القراءات على عبد القاهر بن عبد السلام العباسي، ويحيى بن أحمد السيبي، وحدث عن جماعة، وتوفي في سلخ السنة.(11/475)
264 - عبد الخلّاق بن عبد الواسع بن عبد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن عليّ، الأنصاريّ الهَرَويّ، أبو الفتوح ابن أبي رفاعة بن أبي عروبة. [المتوفى: 528 هـ][ص:476]
كان حَسَن الأَخلاق، حُلْو الشّمائل، سمع محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، وحدَّث ببغداد، روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم ابن عساكر، وتوفي في شعبان.(11/475)
265 - عبد الرحمن بن محمد ابن العلامة أبي حاتم محمود بن الحسن الأنصاريُّ، أبو حامد القزوينيُّ. [المتوفى: 528 هـ]
كان إماماً مفتياً مناظراً، ورد خراسان ودخل إلى ما وراء النَّهر، وتفقه بتلك الدِّيار، وسمع أباه أبا الفرج صاحب المجلس المشهور الذي استملاه منه السِّلفي، وأبا القاسم بن الفضل بن أحمد البصري، وأبا شاكر أحمد بن محمد العثماني المكي، وتوفي بآمل في ذي القعدة كهلاً.(11/476)
266 - عبد الصمد بن حمُّويه بن محمد بن حمُّويه، أبو سعد الجُوينيُّ، [المتوفى: 528 هـ]
أخو محمد.
إمام زاهد عابد قانت، كان وقته مستغرقاً بالعبادة والذِّكر، وكان أخوه مع جلالته يُقَدِّمه على نفسه، وعلى الحقيقة كان هو وأخوه من مفاخر خراسان، قاله ابن السَّمعاني.
سمع بنيسابور موسى بن عمران، وورد بغداد حاجًّا مع أخيه وحدَّث بها، حدَّثني عنه جماعة، وتوفي في ربيع الآخر.
قلت: روى عنه أبو أحمد بن سُكينة.(11/476)
267 - عبد الماجد بن عبد الواحد ابن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القُشيريُّ، أبو المحاسن النَّيسابوريُّ، [المتوفى: 528 هـ]
خطيب نيسابور.
حدَّث عن جده، وأحمد بن الحسن الأزهري. روى عنه عبد الوهَّاب الأنماطي، وغيره.
قال ابنه عبد الواحد: توفي أبي في الحادي والعشرين من رمضان.(11/476)
268 - عبد الملك بن أحمد بن محمد بن المُعَافى، أبو القاسم القزوينيُّ الفقيه. [المتوفى: 528 هـ][ص:477]
سافر وتفرَّج، وسمع رزق الله التَّميمي، والفقيه نصراً المقدسي، وسُمِعَ أنَّه ادَّعى السَّماع من كريمة المروزية، وبقي إلى سنة ثمان وعشرين.(11/476)
269 - عبد الواحد بن شنيف، أبو الفَرَج البغداديّ. [المتوفى: 528 هـ]
تفقه على أبي علي البرداني، وكان مفتيا، مناظرًا، مجودًا، له مال ورياسة.
تُوُفّي فِي شعبان.(11/477)
270 - عَلِيّ بْن أحْمَد بْن خلف، أبو الحسن ابن الباذش، الأنصاريُّ الغرناطيُّ النَّحويُّ. [المتوفى: 528 هـ]
روى عن أبي علي الغسَّاني فأكثر، وعن محمد بن هشام المُصْحَفِي، وأبي جعفر بن رزق، وأبي داود المقرئ، ومحمد بن سابق الصِّقلِّي، وجماعة.
وكان مقرئاً حاذقاً مجوِّدًا عارفاً باللغة محدِّثاً، له معرفة بالأسماء، وفيه دين وخير، كتب عنه الناس كثيراً. وتوفي في المحرم وله أربع وثمانون سنة.
ترجمه ابن بشكوال، وقال: أخذ - يعني القراءات - عن أبي داود، وأبي الأصبغ بن سهل، ومحمد بن سابق، وأبي بكر المرادي، وكان من أهل المعرفة بالآداب واللُّغات والتَّقدُّم في علم القراءات، وله مشاركة في الحديث ومعرفة رجاله مع الدِّين والفضل والإتقان. سمع الناس منه كثيراً وأجاز لنا، ومولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة.
قلت: هو الإمام أبو الحسن ابن الباذش والد أبي جعفر ابن الباذش.(11/477)
271 - عليّ بن أحمد بن عليّ، العلّامة أبو الحسن السّجْزِيّ، ثمّ البلخيّ، الفقيه المعروف بالإسلاميّ، [المتوفى: 528 هـ]
مقدّم أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، ببلْخ.
عُمّر دهرًا، وروى الكثير، وكان زاهدًا، حَسَن السّيرة.
روى عنه بالإجازة: السمعانيّ، وقال: سمع: منصور بن إسحاق [ص:478] الحافظ، والوخْشيّ، والعَيَّار، فمن ذلك " صحيح البخاريّ "، سمعه من منصور بن إسحاق، عن إسماعيل الكُشَانيّ، ويرويه أيضًا عن أبي عثمان العَيَّار، وسمع " سُنَن أبي داود " من الوخْشيّ، مات في سلْخ ربيع الآخر، وقيل: ليلة نصف ذي الحجَّة.(11/477)
272 - عليّ بن عطيَّة الله بن مُطَرِّق، أبو الحسن اللّخْميّ، البَلَنْسِيّ، الشّاعر المشهور بابن الزَّقّاق. [المتوفى: 528 هـ]
أخذ عن أبي محمد البَطَلْيُوسيّ، وبرع في الآداب، وتقدَّم في صناعة الشِّعر، وامتدح الكِبار، واشتهر اسمه، ودُوِّن شِعْره، ولم يبلغ الأربعين.
سمع منه: الحافظ أبو بكر بن رزق الله.(11/478)
273 - محمد بن أحمد بن علي، أبو بكر القطّان البغداديّ، ويُعرف بابن الحلّاج. [المتوفى: 528 هـ]
حدَّث عن: أبي الغنائم بن أبي عثمان.
قال ابن الجوزي: كان خيرًا، زاهدًا، كثير العبادة، دائم التّلاوة، حَسَن الأخلاق، كان النّاس يتبرّكون به، وكنت أزوره.
وقال غيره: سمع من: مالك البانياسيّ، وقرأ على أبي طاهر بن سوار.
روى عنه: الحافظان ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ.(11/478)
274 - محمد بن إسماعيل بن الحسين بن حمزة العلويُّ الهرويُّ، أبو عبد الله. [المتوفى: 528 هـ]
شيخ جليل معمَّر، سمع منه أهل هراة كتاب "التَّوحيد" لابن خزيمة في هذا العام.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، قال: أخبرنا عبد المُعز بن محمد كتابة، قال: أخبرنا شمس الدين محمد بن إسماعيل العلوي في شعبان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن الواعظ كتابة، قال: أخبرنا محمد بن الفضل ابن إمام الأئمّة أَبِي بَكْر محمد بْن إِسْحَاق بن خزيمة، قال: [ص:479] أخبرنا جدي، قال: حدثنا الحسن بن قزعة بن عبيد الهاشمي، قال: حدثنا عاصم بن هلال البارقي، قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ألا إنَّ الله ليس بأعور وإن مسيح الدَّجَّال أعور عيْن اليُمْنى كأنها عنبة طافية".(11/478)
275 - محمد بن حبيب بن عبد الله بن مسعود، أبو عامر الأُمَويّ الشّاطبيّ. [المتوفى: 528 هـ]
روى عن: طاهر بن مفوّز، وأبي داود المقرئ، ويوسف بن عديس.
قال ابن بَشْكُوال: أجاز لنا، وسمع منه أصحابنا ووصفوه بالجلالة والفضل والدّيانة، تُوُفّي بشاطبة.(11/479)
276 - محمد بن سعيد بن مسعود، الإمام أبو الفضل المَرْوَزِيّ، الزّاهد، المسعوديّ، الواعظ. [المتوفى: 528 هـ]
قال السّمعاني: كان حَسَن الموعظة والنُّصْح، سريع الدَّمْعة، كان السّلطان سَنْجَر يزوره، سمع من جماعة، وحدَّث، مولده في سنة إحدى وخمسين، ومات فِي جُمَادى الْأولى.(11/479)
277 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد، الإمام أبو نصر الأرغياني الفقيه الشافعي. [المتوفى: 528 هـ]
ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وسمع من أبي سهل الحفصي، وأبي الحسن الواحدي، وأبي بكر بن خلف، وأبي المعالي إمام الحرمين، وعليه تفقه.
وبرع في المذهب وصنف ودرس وأفتى، وكان إماما ورعا مشهورا بالعبادة والنسك، وتوفي بنيسابور في ذي القعدة، ذكره ابن خلكان وغيره. [ص:480]
وروى عنه وفاء ابن البهي التركي.(11/479)
278 - محمد بن عبد العزيز بن احمد بن زغيبة، أبو عبد الله الكلابي الأندلسي المريي. [المتوفى: 528 هـ]
ولد سنة خمسين وأربعمائة، وروى عن: أبي العبّاس العُذريّ، والقاضي أبي عبد الله ابن المرابط، وعبد الجبار بن أبي قحافة، وأبي عليّ الغساني، وجماعة.
وكان ذاكرًا للمسائل، عارفًا بالنوازل، حاذقًا بالفتوى، قاله ابن بَشْكُوال، وقال: أجاز لنا، وتوفي في ذي الحجة.
أخبرنا محمد بن جابر، قال: أخبرنا أحمد بن الغماز، قال: أخبرنا أبو الربيع بن سالم، قال: أخبرنا أبو محمد بن عبيد الله، قال: أخبرنا ابن زغيبة قِرَاءَةً، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْعُذْرِيِّ، عَنْ أحمد بن الحسن الرازي، قال: أخبرنا ابن عمرويه، قال: أخبرنا ابن سفيان، قال: حدثنا مسلم، قال: قال ابن قعنب: قال: حدثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي لحرمه حين أحرم ولحله حِينَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.(11/480)
279 - محمد بن عليّ بن عبد الواحد، أبو رشيد الآمُليّ. [المتوفى: 528 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وثلاثين، وحجّ، وجاور، وكان زاهدًا متبتّلًا، مشتغلًا بنفسه، قيل: إنّه فارق أصحابه من المركب، وأقام في جزيرة يتعبَّد، ثمّ رجع إلى آمُل، وتُوُفّي في جمادى الأولى.(11/480)
280 - محمد بن الفضل بن محمد، أبو الفضل ابن أخي عبيد، القشيري النيسابوري. [المتوفى: 528 هـ]
شيخ صالح من بيت عدالة، سمع أباه، وأبا القاسم القشيري، وأبا صالح المؤذن، روى عنه جماعة، وتوفّي في ذي الحجّة.(11/480)
281 - معالي بن هبة الله بن الحسن ابن الحُبُوبيّ، أبو المجد الدّمشقيّ، البزّاز. [المتوفى: 528 هـ]
سمع: أبا القاسم المصيصي، ونصرا المقدسيّ، وسهل بن بِشْر، روى عنه: ابن عساكر ووثّقه، ومحمد بن حمزة بن أبي الصَّقْر.
تُوُفّي في سلْخ رمضان، ويروى عنه ابن الحرستاني.(11/481)
282 - هبة اللَّه بْن عبد الله بْن أحمد بن عبد الله، أبو القاسم الواسطيُّ ثم البغداديُّ الشُّروطيُّ. [المتوفى: 528 هـ]
ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وسمع أبا بكر الخطيب، وابن المسلمة، وعبد الصَّمد ابن المأمون، وابن المُهْتَدِي بالله، ونحوهم.
قال ابن السَّمعاني: شيخ، ثقة، صالح، مكثر من الحديث، سمع ونسخ وحصَّل الأصول، وحدَّثنا عنه جماعة وسمعتهم يثنون عليه ويصفونه بالفضل والعلم والإكبار والاشتغال بما يعنيه.
قلت: روى عنه ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو حفص بن طبرزد، وآخرون. توفي في ثالث عشر ذي الحجَّة.(11/481)
283 - يحيى بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن القاسم بْن إسماعيل، أبو طاهر الضَّبِّيُّ المحامليُّ البغداديُّ الشافعيُّ. [المتوفى: 528 هـ]
كان بارعاً في المذهب، وله مصنَّف في الفقه، جاور بمكة، وكان يوافي بغداد ويرجع، وكان سديد الأمر كثير العبادة. سمع أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن النَّقُّور. روى عنه جماعة منهم أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الدمشقي. توفي بمكة في جُمادى الآخرة.(11/481)
-سنة تسع وعشرين وخمسمائة(11/482)
284 - أحمد بْن عَبْد العزيز بْن محمد بْن حبيب، الفقيه أبو الطّيّب المقدسيّ، الواعظ، [المتوفى: 529 هـ]
إمام جامع الرّافقة.
سمع من: نصر المقدسيّ، والحسين بن عليّ الطَّبَريّ، وله ديوان شِعر.
وكان مستورًا، فقيرًا، معيلًا، سمع منه: أبو القاسم ابن عساكر في هذا العام بالرّافقة، وهي الرَّقَّةُ الجديدة.
وله:
يا واقفًا بين الفُرات ودِجْلة ... عَطْشان يطلبُ شَرْبَةً من ماءِ
إنَّ البلادَ كثيرةٌ أنهارُها ... وسَحَابُها فكثيرة الأنواءِ
أرضٌ بأرضٍ والّذي خَلَق الوَرَى ... قد قسّم الأرزاق في الأحياءِ
وله:
يا ناظري ناظري وقف على السهر ... ويا فؤادي فؤادي منك في ضَرَرِ
ويا حياتي حياتي غير طيبةٍ ... وهل تطيب بفقْد السَّمع والبَصَرِ
ويا سُروري سروري قد ذهبْتَ بِهِ ... وإنْ تَبَقّى قليلٌ فهو في الأثَرِ
والعينُ بعدَكِ يا عيني مَدَامِعُها ... تَسْقي مَغَانيكَ ما يغني عن الْمَطَرِ
وله:
مَن لصبٍ نازح الدّارِ ... نَهْبَ أشواقٍ وأفكارِ
مُسْتَهام القلبِ محترقٍ ... بهوَى أذكى من النار
فنيت بالبعد أدمعه ... فهو يبكي بالدّمِ الجاري
فإلى من أشتكي زَمَنًا ... عالّني في حكمه الجاري
صرتُ أرضى بعد رؤيتكم ... بخيالٍ أو بأخبار(11/482)
285 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن، أبو المظفر ابن العلامة أبي بكر الشاشي. [المتوفى: 529 هـ]
تفقه على والده، وتوفي شابا ببغداد، روى عن النعالي، وعنه ابن عساكر.(11/482)
286 - إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحسين، الشريف، أبو إسحاق الحسيني، الكلثمي، [المتوفى: 529 هـ]
النّقيب بالدّيار المصرّية.
روى لنا عن: عبد العزيز ابن الضّرّاب، وأبي إسحاق الحبّال، وعُبَيْد الله بن أبي مطر الإسكندراني، قاله السلفي، وقال: تُوُفّي في جُمادى الآخرة وله خمسٌ وتسعون سنة.(11/483)
287 - إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن صدقة، ابن الغزالي، أبو إسحاق المصريُّ. [المتوفى: 529 هـ]
ورَّخه ابن المُفَضَّل.(11/483)
288 - إسماعيل بن بوري بن طغتكين، السُّلطان شمس الملوك أبو الفتح ابن تاج الملوك. [المتوفى: 529 هـ]
ولي دمشق بعد أبيه في رجب سنة ست وعشرين، وكان شهماً مهيباً مقداماً، استردَّ بانياس من أيدي الفرنج في يومين وكان قد سلَّمها إليهم الإسماعيلية، وأسْعَرَ بلاد الكفَّار بالغارات، وركب في سنة ست وعشرين فافتتح حصن اللَّبوة وحصن الرأس، وكانا لأبيه فتغلَّب عليهما أخوه صاحب بعلبك، فلم يسكت له وأخذهما ونازل بعلبك فحاصرها وزحف عليها مرَّات، فملك البلد بعد مشقة، وصفح عن أخيه وأبقى عليه بعلبك.
ثم إنَّه سار إلى حماة، وهي للأتابك زنكي، فأخذها لمَّا سمع أنَّ المسترشد بالله يحاصر زنكي بالموصل ثم سار إلى شقيف بيروت فملكه، وألهب كبُود الفرنج وفعل بهم الأفاعيل. لكنه مدَّ يده إلى أخذ الأموال ومصادرة الدَّواوين. ثم إنه كتب إلى قسيم الدَّولة زنكي أبي نور الدِّين يستدعيه ليسلِّم إليه دمشق فخافته الأمراء وأمُّه زمرُّد، فرتَّبت له مَنْ قتله في قلعة دمشق، وذلك في ربيع الآخر، وقيل: في ربيع الأول، لأنَّه تهدَّدها بالقتل لمَّا نصحته، وكان قد تسودن وأسرف في أذية المسلمين. [ص:484]
ولما تخيَّل من سائر دولته شرع ينقل حواصله إلى قلعة صرخد، وكاتب الأتابك زنكي ليسلِّم إليه دمشق، ففتكوا به في دهليز قلعة دمشق.
قال أبو يعلى حمزة في "تاريخه": بالغ شمس الملوك في الظُّلم والمصادرة، واستخدم على ذلك بدران الكُردي الملقَّب بالكافر، فعاقب النَّاس بفنون قبيحة اخترعها، ثم كاتب شمس الملوك الأتابك زنكي حين عرف اعتزامه على قصد دمشق لينازلها ويحاصرها، فبعث يحثه على السُّرعة ليسلِّمْهَا إليه ويمكِّنه من الانتقام من مقدَّمها لأمر تصوَّره وهذيان تخيَّله، وتابع الكتب إليه يحثُه على المجيء بحيث يقول: إن أهملت هذا أُحوج إلى استدعاء الفرنج وتسليم دمشق إليهم، وكان إثم دم أهلها في عنقك. وكتب ذلك بيده، وشرع في نقل خزائنه إلى قلعة صرخد، فظهر أمره للنَّاس فأشفقوا من الهلاك خاصَّتهم وعامَّتهم، وأنهوا الأمر إلى زُمُرُّد الملقَّبة صفوة المُلْك، فحملها دينها وعقلها على النَّظر بما يحسم الدَّاء فلم تجد بدًّا من هلاكه، وأُشير عليها بذلك لمَّا آيسوا من خيره، فسُرَّ الأمراء والخاصة بمصرعه، وكثر الدُّعاء لها.
وكان مولده في جمادى الآخرة سنة ست وخمسمائة، وقبل مقتله بيوم كان بدران الكافر قد أرسل الله عليه آفةً أخذت بلسانه فربا لسانه حتى ملأ فمه وهلك واختنق، فكان آية سماوية.
قلت: وعظُم شأن صفوة المُلْك زمرُّد خاتون، وخضعت لها النُّفوس، ثم رتَّبت أخاه محمود بن بوري في السَّلطنة، وكانت تُدبِّر مُلْكه إلى أن تزوَّج بها قسيم الدولة المذكور وأخذها إلى حلب، وقام بتدبير ابنها محمود الأمير معين الدِّين أُنر الطُّغتكيني إلى أن قتله جماعة من مماليكه في سنة ثلاث وثلاثين، وقام بالأمر بعده أخوه محمد بن بوري صاحب بعلبك.(11/483)
289 - إسماعيل بن عبد الملك بن عليّ، أبو القاسم الطُّوسيُّ الحاكميُّ الفقيه، [المتوفى: 529 هـ]
تلميذ إمام الحرمين.
كان ورعاً خيِّرًا خبيرًا بالمذهبن سافر إلى العراق والشَّام مع الغزَّالي، [ص:485] وكان أسنَّ من الغزَّالي، وسمع أبا صالح المؤذِّن، وأحمد بن الحسن الأزهري وغيرهما، وحدَّث.
وهو مدفون إلى جانب الغزَّالي، وكان كبير الشأن.(11/484)
290 - أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت. [المتوفى: 529 هـ]
قال السِّلَفيّ: تُوُفّي في أول سنة تسعٍ وعشرين، وقد تقدم في سنة ثمانٍ.(11/485)
291 - بشير بن عبد الله، أبو يحيى الهنديُّ، عتيق المُظفَّر [المتوفى: 529 هـ]
ابن رئيس الرؤساء.
حدًّث عن رزق الله التَّميمي. وعنه أبو القاسم الحافظ.(11/485)
292 - بشير بن مُبَشِّر بن فاتك، أبو الرَّجاء المصريُّ، [المتوفى: 529 هـ]
أخو الخفرة.
قال السِّلفي: قرأنا عليه عن أبي طاهر بن سعدون الموصلي، ووُجِدَ سماعه من ابن الطَّفَّال، وكان من سروات الرِّجال. توفي في شوَّال؛ ذكره في أثناء حرف العين من "مُعْجَم السَّفر" بلا رواية.(11/485)
293 - ثابت بن منصور، أبو العز الكيليُّ. [المتوفى: 529 هـ]
كتب الكثير، وحدَّث عن عاصم بن الحسن ورزق الله، ووقف كُتُبه.
قيل: توفي في هذه السَّنَة.(11/485)
294 - الحسن ابن الحافظ لدين اللَّه عبد المجيد بْن محمد ابن المستنصر العُبَيْديّ، المصريّ. [المتوفى: 529 هـ]
استوزره أبوه وجعله وليّ عهده في سنة ستٍ وعشرين، فظلم وعَسَف وسفك الدّماء، وقتل أعوان أبي عليّ الوزير الّذي قبله، حتّى قيل: إنّه قتل في ليلةٍ أربعين أميرًا، فخافه أبوه، وجهّز لحربه جماعةً، فحاربهم، واختبطت [ص:486] الأمور، ثمّ دسَّ أبوه من سقاه السُّمّ، فهلك في هذه السّنة، ولكنّه كان يميل إلى أهل السنة.(11/485)
295 - الحسن بن مسعود، المفتي الإمام أبو عليّ البغويُّ ابن الفرَّاء، [المتوفى: 529 هـ]
أخو محيي السُّنة، من أهل مرو الرُّوذ.
تفقه بأخيه، وحفظ المذهب. سَمِعَ أبا بَكْر بْن خَلَف، وأبا القاسم عبد الرحمن الواحدي وخلقًا.
ولد سنة ثمان وخمسين، وتوفي في شهر صفر، أرَّخه السَّمعاني.(11/486)
296 - الحسين بن المبارك بن أحمد الأنْماطيّ، [المتوفى: 529 هـ]
أخو الحافظ عبد الوهّاب.
حدَّث عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ، توفي في جمادى الأولى.(11/486)
297 - خُداداذ بن سلامة، أبو محمد الحدَّاد، [المتوفى: 529 هـ]
نقَّاش المبارد.
روى عن أبي نصر الزَّينبي، وغيره. توفي في نصف رمضان ببغداد.(11/486)
298 - دُبَيْس بن صَدَقة بْن منصور بْن دُبَيْس بْن عليّ بن مَزْيَد، الأمير نور الدَّولة أبو الأغرِّ، ملك العرب ابن الأمير سيف الدَّولة أبي الحسن، صاحب الحلَّة الأسديُّ النَّاشريُّ. [المتوفى: 529 هـ]
كان فاضلاً أديباً جواداً ممدَّحاً نبيلاً، قلَّ مَنْ أنجب مثله من أمراء العرب، وقد ترامت به الأسفار إلى أكناف الأمصار، ودخل خراسان، وجال في أطرافها في ظل السُّلطان سَنْجَر، واستولى على كثير من بلاد العراق، وعظُم شأنه، وجرت بينه وبين المسترشد بالله أمور أفضت إلى الحروب، وقُتِلَ بينهما جماعة كبيرة ثم هرب من الحلَّة واتَّصل بصاحب ماردين نجم الدِّين بن أرتق، وصاهره، وصار إلى الشام، والشام إذ ذاك مستضعفة مع الفرنج، فجاء إلى حلب ثم ردَّ إلى العراق، وجرت له هناة فانهزم إلى خراسان فأكرمه سنجر وعظَّمه، ثم كتب المسترشد بالله إلى سنجر فاعتقله بمرو الرُّوذ، ثم أطلقه فلحق بالسُّلطان مسعود بن محمد، فقتله غدراً وهو في خدمته بمراغة في ذي الحجَّة، [ص:487] فأراح البلاد والعباد منه، فلقد بيَّت الناس بليال صعبة ونهب المسلمين، وفعل العظائم، كما تراه في الحوادث.
وقد كتب الأمير بدران بن صدقة إلى إخوته:
ألا قُل لمنصور وقل لمسيب ... وقل لدُبَيْس إنني لغريب
هنيئاً لكم ماء الفرات وطيبه ... إذا لم يكن لي في الفرات نصيب
فأجابه دُبَيْس:
ألا قل لبدران الذي حنَّ نازعاً ... إلى أرضه والحرُّ ليس يخيبُ
تمتَّع بأيام السُّرور فإنَّما ... عذار الأماني بالهموم يشيب
ولله في تلك الحوادث حكمة ... وللأرض من كأس الكرام نصيب
وقد انهزم من العراق إلى الشَّام وكاد أن يهلك في خواص من غلمانه، وكان قصده مُري بن ربيعة أمير عرب الشَّام، فهلك في البرِّيَّة خلق من أتباعه بالعطش، وحصل في حلَّة مكتوم بن حسَّان فبادر إلى تاج الملوك فأخبره، فبعث خيلاً نحوه، فأحضروه إلى قلعة دمشق في شعبان سنة خمس وعشرين فاعتقله على غاية من الإكرام، وكاتب المسترشد بذلك فجاء الجواب بأن يحتفظ به حتى يجيء من عندنا مَنْ يستلَّمَهُ.
وعرَف الأتابك زنكي صاحب الموصل وحلب بذلك، فبعث بطلبه ليطلق سونج ولد تاج الملوك من أَسْره ومَنْ معه من الأمراء، فتقرر الشَّرْط، وبعث أولئك وتسلَّم أصحابه دُبَيْسًا بناحية قارا في ذي القعدة، وقد مرَّ بعض ذلك في الحوادث. وكان دُبَيْس شيعيًّا كجدِّه دُبَيْس بن علي، ولجدِّه وقد أحسن، وإن كان شيعيًّا:
حبُّ عليِّ بن أبي طالب ... للنَّاس مقياس ومعيار
يُخرج ما في أصلهم مثل ما ... تخرِجُ غِشَّ الذَّهب النار
ومات جدُّهم دُبَيْس أبو الأغرِّ في شوَّال سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وله ثمانون سنة. [ص:488]
وقال ابن خلِّكان: كان دُبَيْس في خدمة السُّلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه وهم بظاهر مراغة، ومعهم المسترشد بالله، فيُقال: إنَّ السُّلطان دسَّ عليه جماعة من الباطنية فهجموا عليه وقتلوه في ثامن وعشرين ذي القعدة، يعني المسترشد، ثم خاف مسعود، فأراد أن ينسب قتله إلى دُبَيْس، فتركه حتى جاء إلى الخدمة، فجهَّز له مَنْ ضربه بالسَّيف من ورائه طيَّر رأسه، وأظهر أنه إنما فعل ذلك أخذاً بثأر الخليفة منه، وذلك في آخر السنة، وكان دُبَيْس ينهَبُ القُرَى ويُغير على المسلمين فانتقم الله منه.(11/486)
299 - طُغْرل بن محمد بن ملكشاه السَّلْجُوقيّ، [المتوفى: 529 هـ]
أحد الملوك السّلْجوقيَّة.
تُوُفّي بهَمَذَان في أول السّنة، وهو أخو السلطان محمود والسلطان مسعود.(11/488)
300 - ظافر بن القاسم بن منصور بن خلف، أبو منصور الجُذاميُّ الإسكندريُّ الحدَّادُ الشَّاعر، [المتوفى: 529 هـ]
صاحب "الدِّيوان" المشهور.
كان من فحول الشُّعراء بالدِّيار المصريَّة،
أخذ عنه السِّلفي. وغيره،
توفي بمصر في المحرَّم،
وله:
لو كان بالصَّبْر الجميل ملاذُه ... ما سحَّ وابل دمعه ورذاذُه
ما زال جيش الحبِّ يغزو قلبه ... حتى وهى وتقطعَّت أفلاذُهُ
مَنْ كان يرغب في السَّلامة فليكن ... أبداً من الحدق المراض عياذُهُ
لا تخدعنَّك بالفتور فإنه ... نظر يضر بقلبك استلذاذه
يا أيها الرَّشأ الذي من طرفه ... سهم إلى حبِّ القلوب نفاذه
رفقاً بجسمك لا يذوب فإنني ... أخشى بأن يجفو عليه لاذُهُ
تالله ما علقت محاسنُك امرأً ... إلاَّ وعزَّ على الورى استنقاذُهُ
وله، وأجاد:
يذمُّ المُحِبُّون الرَّقيب وليت لي ... من الوصل ما يُخْشَى عليه رقيب [ص:489]
وقال أبو عبد الله محمد بن الحسين الآمدي نائب الحُكْم بالإسكندرية: دخلتُ على الأمير ابن ظَفَر أيام ولايته الثَّغر فوجدت خنصره وارماً من خاتم، فقلت: المصلحة قطع الخاتم، فقال: مَنْ يصلح لذلك؟ فطلبت له ظافراً الحدَّاد، فقطع الحلقة وقال:
قصَّر عن أوصافك العالمُ ... وكَثُرَ النَّاثر والنَّاظم
من يكن البحرُ له راحةً ... يضيق عن خِنْصره الخاتم
فأعجب الأمير ووهبَه الحلقة، وكانت من ذهبٍ، وكان بين يديه غزال قد ربض إليه، فقال بديهاً:
عجبت لجرأة هذا الغزال ... وأمرٍِ تخطَّى له واعتمد
وأعجب به إذ بدا جاثما ... وكيف اطمأنَّ وأنت الأسد(11/488)
301 - عبدُ الغافر بْن إسماعيل بْن أَبِي الحسين عَبْد الغافر بْن محمد بْن عَبْد الغافر، الحافظ أبو الحسن الفارسيُّ ثم النَّيسابوريُّ. [المتوفى: 529 هـ]
مصنِّف "السِّياق لتاريخ نيسابور"، ومصنِّف كتاب "مجمع الغرائب" في غريب الحديث، ومصنِّف كتاب "المفهم لشرح مسلم".
كان إماماً حافظاً محدِّثاً، لغويًّا، أديباً كاملاً، فصيحاً مفوًّها، ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وسمع من جدِّه لأمِّه أبي القاسم القُشَيْري، وأحمد بن منصور المغربي، وأحمد بن عبد الرحيم بن أحمد الإسماعيلي، وأحمد بن الحسن الأزهري، وأبي القاسم الفضل بن المُحِبِّ، وأبي نَصْر عبد الرحمن بْن عليّ التَّاجر، وأبي الفضل محمد بن عُبَيْد الله الصَّرَّام، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأبي بكر بن خلف، وجدَّته فاطمة بنت الدَّقاق. وخلق كثير، وأجاز له المقرئ أبو بكر محمد بن الحَسَن بن عليّ الطَّبري النَّيسابوري، وَأَبُو سَعد مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحمن الكَنْجَروذي، وأبو محمد الجَوهري مسند بغداد، وآخرون. وتفقه بإمام الحرمين، ولزمه مدَّة أربع سنين؟ ورحل إلى خُوارزم، وإلى غزنة، والهند، ولقي العلماء، ثم رجع إلى نيسابور، وولي خطابتها، وعاش ثمانياً وسبعين سنة. [ص:490]
روى عنه بالإجازة أبو القاسم ابن عساكر، وبالسماع جماعة، منهم أبو سعد عبد الله بن عُمر الصَّفَّار.(11/489)
302 - عُبَيْد الله بن مسعود بن عبد العزيز، أبو البقاء الرَّازيُّ ثم البغداديُّ. [المتوفى: 529 هـ]
سمع أبا الحسين بن المُهْتَدي بالله، وابن هزارمرد الصَّريفيني.
قال ابن السَّمعاني: حدَّثنا عنه جماعة، ولي عنه إجازة، وكان حيًّا في سنة تسع وعشرين.(11/490)
303 - عليّ بن إبراهيم بن الحُسين بن حاتم بن صَوْلة، أبو الحَسَن البَغْدَاديُّ ثم المِصْريُّ النَّحَّاس. [المتوفى: 529 هـ]
من أولاد المحدِّثين، روى عن أبيه، وأبي الفضل الجوهري، وأبي إسحاق الحبَّال، وأجاز له الحافظ أبو بكر الخطيب. روى عنه أبو طاهر السِّلفي، وقال: أبوه بغدادي. توفي في ذي القعدة، وولد في سنة خمسين.(11/490)
304 - عليّ بن سعادة، أبو الحسن الجُهَنيُّ الموصليُّ السَّرَّاج. [المتوفى: 529 هـ]
أحد علماء الموصل، ذكره ابن السَّمعاني، فقال: إمام ورع، عامل بعلمه، تفقه على أبي حفص الباغوساني إمام الجزيرة، وارتحل إلى بغداد، وسمع من أبي نصر الزَّينبي، وعلَّق "التعليقة" عن أبي حامد الغزَّالي. حدَّثنا عنه عبد الكريم بن أحمد، ومافنَّة بن فناخسرو الأصبهاني، وتوفي بالموصل ودُفن بجنب المُعافى بن عمران.(11/490)
305 - علي بن محمد بن سلامة، أبو الحسن الرَّوحائيُّ المقرئ، [المتوفى: 529 هـ]
ورَوْحا: قرية من قُرى رحبة مالك بن طَوْق.
سمع رزق الله التَّميمي، وأبا الحسن الخلعي، وجال في طلب الحديث والقراءات ثم سكن مصر.
قال السِّلفي: كان موصوفاً بحسن القراءة، وجوْدة المعرفة بوجوه [ص:491] القراءات، وسمع بقراءتي على أبي صادق مرشد، وانتقيتُ من أجزائه، وتوفي في شوَّال.(11/490)
306 - عُمر بْن محمد بْن عليّ، الإمام أبو حفص الشِّيرزيُّ السَّرْخسيُّ، [المتوفى: 529 هـ]
وشِيْرَز: قرية كبيرة من أعمال سرخس.
ذكره ابن السَّمعاني في "الأنساب"، وقال: هو أستاذنا وشيخنا، كان على سيرة السَّلف من التوَّاضع وتَرْك التَّكلُّف. وكان إماماً محققاً، كثير التَّصانيف في الخلاف والنَّظر، كثير التِّلاوة. تفقَّه على جدِّي أبي المُظفَّر، وكان من أعيان أصحابه، وعلى أبي حامد الشُّجاعي. وسمع أبا عليّ الوخشي، وأبا الحسن محمد بْن محمد بْن زيد العَلَويّ، ومحمد بن عبد الملك المُظَفَّري، ومحمد بن أحمد بن ماجه الأبهري. سمعت منه "سنن أبي داود"، وعلَّقتُ عنه من الفقه، وتوفي رحمه الله في أول رمضان.(11/491)
307 - الفضل أمير المؤمنين المُسْتَرْشد بالله، أبو منصور ابن المُسْتَظْهِر بالله أحمد ابن المُقْتَدي بالله عبد الله بن محمد الهاشميُّ العباسيُّ. [المتوفى: 529 هـ]
استُخْلِف في العشرين من ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة، وعمره سبع وعشرون سنة، لأنه وُلِدَ في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربعمائة.
وكان ذا همَّة عالية وشهامة زائدة وإقدام، ورأي، وهيبة شديدة، ضبط أمور الخلافة ورتَّبها أحسن ترتيب، وأحيا رميم الخلافة ونشر عظامها، وشيَّد أركان الشَّريعة وطرَّز أكمامها، وباشر الحرُوب بنفسه، وخرج عدَّة نُوَب إلى الحِلَّة والموصل وطريق خراسان، إلى أن خرج النَّوبة الأخيرة وكُسِرَ جيشُه بقرب همذان، وأُخذ أسيراً إلى أذربيجان.
وقد سمع من أبي القاسم بن بيان، وعبد الوهَّاب بن هبة الله السِّيبي. وقرأ عليه محمد بن عمر بن مكِّي الأهوازي أحاديث في موكبه، وهو يسير من المدائن إلى الحلَّة، والأهوازي يقرأ ماشياً، وسمعها جماعة؛ قال ابن السمعاني ذلك، وقال: روى لنا عنه وزيره عليّ بن طراد، وإسماعيل بن طاهر الموصلي. [ص:492]
وكانت خلافته سبع عشرة سنة وثمانية أشهر وأياماً، وكان مدَّة عمُره خمساً وأربعين سنة وأشهراً، وفتك به جماعة من الباطنية جهَّزهم السُّلطان مسعود، وهجموا عليه مخيمه بظاهر مراغة في سابع عشر ذي القعدة، وجاء الخبر إلى بغداد ليلة السادس والعشرين من الشهر رحمه الله تعالى. وكان مصرعه في سابع عشر الشهر.
وكانت الباطنية الذين هجموا عليه سبعة عشر نفساً، فقبض عليهم وقتلهم السُّلطان مسعود، وأظهر القلق والجزع وجلس للعزاء ووقع النِّياح والبكاء، وغُسِّل وكُفِّن ونُقِل إلى بغداد، وكان فيها من النِّياحة والبُكاء والضَّجيج ما يتجاوز الوصف، وله شعر، فمنه:
أنا الأشقرُ المدعوّ بي في الملاحم ... ومن يملكُ الدُّنيا بغير مزاحم
ستبلغ أقصى الرُّوم خيلي وتنتَضي ... بأقصى بلاد الصِّين بيض صوارمي
وكان سبب قتل مسعود له أنَّ السلطان سنجر بعث إليه يوبِّخه ويلومه على انتهاك حُرمة الخليفة ويأمره أن يرده إلى مقرِّ عزِّه وأن يحمل الغاشية بين يديه وأن يتذلَّل له بكل ممكن، ففعل ذلك وعمل في الباطن عليه فيما قيل. وقيل: بل الذي بعث الباطنية لقتله أيضاًَ سنجر، فالله أعلم.
وذكره ابنُ الصَّلاح في "طبقات الشّافعّية"، فقال: هو الذي صنَّف أبو بكر الشَّاشي كتاب "العمدة" في الفقه له، وبلقبه اشتُهِرَ الكتاب، فإنه حينئذ يُلَقَّب عمدة الدُّنيا والدِّين. قال: ورُوي أنه رأى في النَّوم في أسبوع موته كأن على يده حمامة فأتاه آتٍ، فقال له: خلاصك في هذا، فلمَّا أصبح قصَّ على ابن سُكَيْنَة الإمام رؤياه، فقال: يكون خيراً، فما أوَّلته يا أمير المؤمنين؟ قال: ببيت أبي تمَّام:
هُنَّ الحمام فإن كسرتَ عيافةً ... حاء الحَمام فإنَّهنَّ حِمام
وخلاصي في حمامي، وليت من يأتي يُخلِّصني من ما أنا فيه من الذُلِّ والحَبْسِن فقُتِلَ بعد أيامٍ رحمه الله.(11/491)
308 - محمد بن أحمد بْن خلَف بْن إِبْرَاهِيم بْن لُبّ، أبو عبد الله ابن الحاج التُّجيبيُّ القُرطبيُّ، [المتوفى: 529 هـ]
قاضي الجماعة بقرطبة.
تفقه على أبي جعفر أحمد بن رزق الله، وأخذ الآداب عن أبي مروان عبد الملك بن سِرَاج وأكثر الرواية عن أبي عليّ الغسَّاني، وسمع أيضاً من محمد بن فرج، وخلف بن مُدير، وخازم بن محمد، وأبي الحسن العبسي وأبي الحسن ابن الخشَّاب البغدادي.
قال ابن بشكوال: كان من جلَّة العلماء وكبارهم، معدوداً في المحدِّثين والأدباء، بصيراً بالفتوى، رأساً في الشُّورى، كانت الفتوى في وقته تدور عليه لمعرفته وثقته ودينه، وكان معتنياً بالحديث والآثار جامعاً لها مقيِّداًَ لما أُشْكِلَ من معانيها، ضابطاً لأسماء رجالها ورواتها، ذاكراً للغريب والأنساب واللُّغة والإعراب عالماً بمعاني الشِّعر والأخبار. قيَّد العلم عمره كله وما أعلم أحداً في وقته عُنِيَ بالعلم كعنايته. قرأت عليه وسمعت منه، وكان له مجلس بجامع قرطبة يُسْمِع النَّاس فيه. وتقلَّد القضاء مرَّتين. وكان في ذاته، ليِّنًا، صابراً، طاهراً، حليماً، متواضعاً، لم يحفظ له جور في قضية ولا ميل بهوادة، ولا إصغاء إلى عناية. وكان كثير الخُشُوع والذِّكر لله، ولم يزل يتولى القضاء إلى أن قُتِل ظُلْمًا بجامع قرطبة يوم الجمعة وهو ساجد في الرَّكعة الأولى لأربع بقين من صفر، وصلَّى عليه ابنه أبو القاسم، ودُفِنَ بمقبرة أم سلمة، ووُلِدَ في صفر سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.
قلت: روى عَنْهُ خلق كثير منهم أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن عميرة، وأحمد بن يوسف بن رُشد الورَّاق، وابنه أبو القاسم محمد ابن الحاج، وعبد الله بن مغيث بن يونس بن محمد القُّرطبي قاضي الجماعة، وعبد الله بن خلف الفهري الإشبيلي، وأبو بكر عبد الله بن طَلْحة المحاربي، وأبو الحسن عليّ بن عبد الله ابن النِّعمة البلنسي.(11/493)
309 - مُحَمَّد بْن أحمد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد البغداديُّ الدَّلاَّل، أبو الفضل، المعروف بابن الأشقر. [المتوفى: 529 هـ]
روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وعبد الصَّمَّد ابن المأمون، وأبي [ص:494] الحسين ابن المُهْتَدي بالله. وتوفي في رجب، ومولده في سنة خمسين وأربعمائة. روى عنه يوسف بن أبي الغنائم الدَّبَّاس، وعزيزة بنت عليّ ابن الطَّرَّاح، وغيرهما.(11/493)
310 - محمد بن إسماعيل بن عبد الملك، الفقيه أبو القاسم الصَّدَفيّ الإشبيليّ. [المتوفى: 529 هـ]
روى عن: أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغسّانيّ، وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، مُفْتيًا معظمًا ببلده، توفي في أول سنة تسع وعشرين.(11/494)
311 - محمد بن أبي الخِيار، العلّامة أبو عبد الله العَبْدَريّ، القُرطُبيّ، [المتوفى: 529 هـ]
صاحب التّصانيف.
روى عن: أَصْبَغ بن محمد، وأبي عبد الله بن حمدين، وتفقه بهما، وبالشّهيد أبي عبد الله ابن الحاج.
ذكره ابن الأبار، فقال: كان من أهل الحِفْظ والاستبحار في عِلم الرأي، درس ونوظر عليه، وله تنابيه على " المدوّنة "، وردّ على أبي عبد الله ابن الفخار، وصنف كتاب " الشجاج "، وكتاب " أدب النّكاح "، ورأسَ قبل موته في النَّظر، فترك التّقليد، وأخذ بالحديث، وبه تفقّه: أبو الوليد بن خيرة، وأبو خالد بن رفاعة، قال أبو القاسم ابن الشّهيد بن الحاجّ: قرأت عليه " المدوَّنة " تفقُّهًا وَعَرْضًا، تُوُفّي إلى رحمة الله في عاشر ربيع الأول.(11/494)
312 - محمد بن العباس بن أحمد بن محمد، أبو بكر الشقاني. [المتوفى: 529 هـ]
شيخ صالح، سمع من أبي القاسم القشيري، وأحمد بن منصور المغربي، روى عنه أبو سعد السمعاني، وغيره.(11/494)
313 - محمد بن عليّ بن محمد العربيّ، أبو سعيد السِّمَنَانيّ. [المتوفى: 529 هـ]
سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وكان من مُرِيديه، حدَّث وأملى، وروى عنه جماعة.
ذكره ابن السّمعانيّ، فقال: أحد المشهورين بالفضل والعلم والزهد، [ص:495] وكان مُتَحَلِّيًا بالأخلاق الزّكيَّة، رأيت النّاس مُجْمعين على الثّناء عليه، وتُوُفّي قبل دخولي سِمَنَان قبل سنة ثلاثين بسنة أو سنتين، رحمه الله.(11/494)
314 - محمد بن محمد بن يوسف أبو نصر الفاشانيُّ المروزيُّ الفقيه. [المتوفى: 529 هـ]
تفقه على الإمام أبي الفضل محمد بن عبد الرزاق الماخواني.
ذكره ابنُ السَّمعاني، فقال: إمام مفتٍ، أديب محدِّث، غزير الفضل، حسن السِّيرة، عفيف، ورع، حسن الأخلاق، كانت له يد باسطة في اللُّغة والأخبار. سمع جدي أبا المُظَفَّر السَّمعاني، وأبا الفضل الماخواني. وسمعت منه الكثير، وتوفي في سابع عشر المُحَرَّم، وله خمس وسبعون سنة، وروى أيضاً عن مصعب بن عبد الرزاق، ومحمد بن الحسن المِهْرَبَنْدَقْشاني.
وفاشان: بالفاء قرية من قرى مرو، ويقال: باشان، وأما باشان هراة فخرج منها علماء. ومِهْرَبَنْدَقْشَان، فقرية على بريد من مرو.(11/495)
315 - المفضّل بن عبد الله بن أبي الرجاء مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر، أبو المعالي، التميمي، المعدل. [المتوفى: 529 هـ]
أصبهاني جليل،
روى عن: أبي مسلم بن مَهربزد صاحب ابن المقرئ، روى عنه: أبو موسى الحافظ، وقال: سألته عن مولده، فقال: سنة أربعٍ وخمسين، وتُوُفّي في رجب.(11/495)
316 - منصور بن محمد بن عليّ، أبو المظفَّر الطّالقانيّ، [المتوفى: 529 هـ]
نزيل مَرْو.
قدِمَها وتفقّه على الإمام أبي المظفّر السّمعانيّ.
قال أبو سعد السّمعانيّ: كان منبسطًا في شبيبته، دخّالًا في الأمور، ثمّ حسُنت طريقته، وترك ما لَا يعنيه، واشتغل بالعبادة، وأقبل على المطالعة، وحج وحدث ببغداد، وكان لسنًا فصيحًا، سمع: جدّي، والفضل بن أحمد بن مَتُوَيْه الصُّوفيّ، وإسماعيل بن الحسين العلويّ، وكتبتُ عنه، وسمع منه: أبو القاسم ابن عساكر ببغداد، توفي في رمضان بنواحي أبيورد.(11/495)
317 - هبة الله بْن محمد بْن عليّ، أبو دُلَف المُقرئ الحَنْبليُّ. [المتوفى: 529 هـ]
سمع أبا نصر الزَّينبي، وأكثر عن الحُمَْيدي، وكتب الكثير. روى عنه ابن الخشَّاب، ومحمد بن عليّ الكاتب، مات في شوال.(11/496)
318 - يحيى بن عبد الرحمن بن حُبَيْش بن عبد العزيز، أبو البركات الفارقيُّ. [المتوفى: 529 هـ]
أحد المُعدَّلين ببغداد، ثقة، صالح، مكثر.
سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة. وولد سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. روى عنه ابن عساكر، وأحمد بن يوسف بن خُشَيْش، وفاطمة بنت سعد الخير، وآخرون، وتُوفي في سلخ رجب.(11/496)
-سنة ثلاثين وخمسمائة(11/497)
319 - أحمد بن الحسن بن هبة الله، أبو الفضل ابن العالمة، عُرف بالإسكاف. [المتوفى: 530 هـ]
شيخ، صالح، مقرئ، إمام، مجود، فقير، قَنوع، خيّر، حَسَن التّلاوة، محدِّث، سمع الكثير من: أبي الحسين ابن النَّقُّور، وأبي محمد الصَّرِيفينيّ، وحدَّث، وتُوُفّي في شوّال.
وقد قرأ بالروايات على: أبي الوفاء ابن القوّاس، وتلقَّن على الزّاهد أبي منصور الخيّاط، روى عنه: ابن الجوزيّ، وغيره.
وكان مولده في رمضان سنة تسعٍ وخمسين، ومن شيوخه في القراءات، عبد السيد بن عتاب، أقرأ بالروايات مدَّة.(11/497)
320 - أحمد بن عليّ بن محمد بن موسى المقرئ، أبو بكر الأصبهانيّ، الأديب، المؤدب. [المتوفى: 530 هـ]
روى عن: أبي الطّيّب بن شمة، روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: كان والدي وأخي في مكتبه، وتُوُفّي في سادس شوّال.
وقال السّمعانيّ في مُعْجَمه الملقّب " بالتّحبير ": يعرف بالزين المعلم، ومن مسموعاته: " فضل رمضان " لسَلَمَة بن شبيب، سمعه من أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، عن محمد بن أحمد بن الحسين، عن الفضل بن الخصيب، عنه، وكتاب " الحجَّة في القراءات الثمان " تأليف أبي الفضل الخزاعي، رواه عن الباطِرْقانيّ عنه.(11/497)
321 - أحمد بن أبي الفضل محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد، أبو الرجاء الكسائي الأصبهاني المعدل القارئ. [المتوفى: 530 هـ]
قدم بغداد حاجا سنة إحدى عشرة، وحدث بها عن أبي القاسم النيسابوري.
أحسبه ابن عليك، توفي في ذي القعدة، روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، [ص:498] وقال: لم أرَ مثله في طريقته من الطراز الأول، روى عن: أبي الحسين ابن المهتديّ بالله.(11/497)
322 - إبراهيم بن الفضل، أبو نصر الأصبهاني البأار المفيد. [المتوفى: 530 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: رحل، وسمع، ونَسَخ، وجمع، وما أظنّ أنّ أحدًا بعد محمد بن طاهر المقدسي رحل وطوف مثله، أو جمع كجمْعه، إلّا أنّ الإدبار لحِقَه في آخر الأمر، وكان يقف في أسواق أصبهان، ويروي من حفظه بالسَّنَد، وسمعت أنّه يضع في الحال، سمع: أبا الحسين ابن النَّقُّور، وعبد الرحمن بن مَنْدَهْ، وأخاه أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، والفضل بن عبد الله بن المحبّ، وأبا عَمْرو المَحْمِيّ، وأبا إسماعيل الأنصاريّ شيخ الإسلام، وخلْقًا من معاصريهم، قال لي إسماعيل بن الفضل الحافظ: أشكر الله كيف ما لحقت إبراهيم البأار، وأساء الثناء عليه، توفي البأار سنة ثلاثين.
وروى عنه جزءًا من حديثه: يحيى الثّقفيّ، وداود بن سليمان بن أحمد ابن نظام المُلْك، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: كان يسمّي بدَعْلَج، له معرفة، وسمعنا بقراءته كثيرًا، وغيره أرضى منه.
وقال مَعْمَرُ بن الفاخر: رأيت إبراهيم البأار واقفًا في السّوق، وقد روى أحاديث مُنْكَرَة بأسانيد صحاح، فكنت أتأملُه تأمُّلًا مُفْرِطًا، ظنًّا منّي أنّه الشّيطان على صورته، قال: وتُوُفّي في شوال.
قلت: كان أبوه يحفر الآبار.
قال ابن طاهر المقدسيّ: حدَّثته عن مشايخ مكّيُين ومصريّين، فبعد أيامٍ بلغني أنّه حدَّث عنهم، فبلغت القصة إلى شيخ البلد، أبي إسماعيل الأنصاريّ، فسأله عن لُقِيّ هؤلاء بحضرتي، فقال: سمعت مع هذا، فقلت: ما رأيته قَطّ إلّا هنا، قال الشَيخ: حججت؟ قال: نعم، قال: فما علامات عَرَفات؟ قال: دخلناها باللّيل، قال: يجوز، فما علامة مِنى؟ قال: كنّا بها باللّيل، قال: ثلاثة أيّام وثلاث ليالٍ لم يُصبح لكم الصُّبح؟ لَا بارك الله فيك، وأمر بإخراجه من [ص:499] البلد، وقال: هذا دجّال، ثمّ انكشف أمره بعد ذلك حتى صار آيةً في الكذب.(11/498)
323 - بدران بن صَدَقة بْن منصور بْن دُبَيْس بْن عليّ بن مَزْيَد الأسديُّ ابن سيف الدولة صاحب الحلَّة، نزيلُ مصر وأخو الأمير دُبَيْس، كان يُلقَّب تاج الملوك سيف الدولة. [المتوفى: 530 هـ]
له شعر رائق، وفصاحة وأدب، كان خروجه إلى الشَّام ثم إلى مصر بعد قتل أبيه، نُفي إلى حلب وأقطع خبزة سياسيك الكُرْدي، فقال عاصم بن أبي النَّجم الكردي الجاواني وأجاد:
خليليَّ قد عُلِّقت نسَّابة العرب ... تناظرني في النَّحو والشِّعر والخُطَبْ
تقول ورحلي مُسْبَطِرٌ ورجلُها ... على كتفي هذا هو العجبُ العجبْ
لم ارتفعت رجلاي والفعل واقع ... عليها وهذا فاعل فلم انتصب؟
فقلت لها كُفّي جُعِلْت لك الفِدَا ... ألم تَعْلَمِي أنَّ الزَّمان قد انقلب
قُرَى النِّيل قد أضحى سياسيك آمرًا ... بها ونفوا بدران منها إلى حلب
قال العماد الكاتب في الخريدة: شمس الدولة أبو النَّجم بدران شمس العُلى وبَدْر النِّدى والنَّدى، فبدران لحسن منظره وطيب مخبره بدران، ولعلمه وجوده بحران، تغرَّب بعد أن نُكِبَ والده، وتفرقَّت في البلاد مقاصده، فكان بُرهةً بالشَّام يشيم بارقة السَّعادة من الأيام. ثم ورد مصر فكان بها أولاده إلى هذا العصر، وعادوا بأجمعهم إلى مدينة السَّلام، فظهر عليهم أثر الإعدام، وله شعر ما له من جودته سعر، يتيمة ما لها قيمة. وله في والده:
ولما التقى الجمعان والنَّقع ثائر ... حسبت الدُّجى غطاهم بجناحه
فكشَّف عنهم سُدفة النَّقع في الوغى ... أبو حسن بسُمْرِه وصفاحه
فلم يستضيئوا إلا ببرق سيوفه ... ولم يهتدوا إلا بشُهِب رماحه
وله:
لا والذي حجَّ الحجيج له ... يوماً وما تقطَّعن من جلد
ما كنت بالرَّاضي بمنقصةٍ ... يوماً وإلا لست من أسد
إمّا يقال سعى فأحرزها ... أو أن يقال مضى فلم يعُد
قومي بنو أسد وحسبهم ... فخراً بأني من بني أسد
لأقلقنَّ العيس دامية ... الاتساع من بلد إلى بلد [ص:500]
وله:
يا راكبان من الشَّام ... إلى العراق تحسَّسَا لي
إن جئتما خِلَل الكرام ... ومركز الأسل الطِّوال
قولا لهم بعد السَّلام ... وقبل تصفيف الرِّحال
ما لي أرى السَّعْدي عن ... جيش الفتى المُضري خال
والقُبّة البيضاء في ... نقص وكانت في كمال
يا صدق لو صدقوا رجالك ... مثل صدقك في القتال
لو يحملون على اليمين ... كما حملت على الشِّمال
دامت لهم بك دولة ... تسعى لها همم الرِّجال
لكنهم لما رأوا يوم ... الوغى وقع العوالي
فرّوا وما كرُّوا ... فتبًّا للعبيد وللموالي
وله:
وقائلة لي والرِّكاب مناخة ... وقد قدَّمت للسَّير سيفي ومحزمي
تُرى ضاقت الأرزاق حتى طلبتها ... بمصر وأبدت عبرة لم تُكْتَم
فقلت ذريني عنك يا أمَّ ثابتٍ ... فمن يأت مصراً لا محالة يغْنَم
فلمّا بدا فسطاط مصر لناظري ... ندمت ومَنْ لم يعرف الحَزْم يندم
وله:
لقد زارني طيف الخيال وبيننا ... مهامة موماه تشقُّ على الرَّكْبِ
فواعجباً كيف اهتدى الطَّيف في الكرى ... إلى مضجع لم يبق فيه سوى الجنب
وله:
وعزيزة قالت ونحن على منى ... واللَّيل أنجمه الشوابك ميل
زعم العواذل أن مللت وصالنا ... والصَّبر منك على الجفاء دليل
فأجبتُها ومدامعي منهلَّة ... والقلب في أسر الهوى مكبول
كذب الوُشاة عليَّ فيما بلغوا ... غيري يميلُ وغيرك المملوك
وله: [ص:501]
وصغيرة علَّقتها كانت ... من الفتن الكبار
كالبدر إلا إنها ... تبقى على ضوء النَّهار
وقد جمع ابن الزُّبير المِصْري شعر بدران وسماه كتاب "جنا الجنان ورياض الأذهان" فمما فيه تلك الأبيات اللامية التي أولها "وعزيزة".
توفي بمصر سنة ثلاثين، وقد روى عنه الدِّيباجي في "فوائده"، وعُمر العُلَيْمي شعراً.(11/499)
324 - بدران بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران بن مُقَلَّد بن المُسَيَّب العُقَيْليُّ، [المتوفى: 530 هـ]
صاحب قلعة جَعْبَر.
تملَّكها وقت وفاة أبيه في ربيع الأول سنة تسع وعشرين وقُتِلَ بعد أشهر في أول سنة ثلاثين؛ قتله غلمانه وكان عاقلاً حازماً شجاعاً جريئاً بدويًّا. وكانت أمُّه أمَةَ إفرنجية. يقال: إنها تدلَّت من القَلْعة بعد مَوْت زوجها مالك، وهربت إلى سروج وبها الفرنج حينئذ فتزوجت إفرنجيًّا إسكافاً، لعنها الله.(11/501)
325 - برَكَة بن منصور بن مُلاعِب، أبو الخَيْر. [المتوفى: 530 هـ]
سمع عاصم بن الحسن، وابن خيرون. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر.
مات في ذي الحجَّة وكان فلاَّح الخليفة.(11/501)
326 - تُرْكناز بنت القاضي أبي جعفر الدَّامغانيِّ. [المتوفى: 530 هـ]
تروي عن أبي طلحة النِّعالي، وكانت تسكن بباب المراتب، توفيت في حدود الثلاثين.(11/501)
327 - جوْهرة بنت عبد [الله] بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القُشيري. [المتوفى: 530 هـ]
روت عن جدها بنيسابور.(11/501)
328 - حامد بن أبي سَعْد أحمد بْن عَبْد العزيز بْن محمد بْن عبد الرحمن بن ماشاذة، أبو نصر الثَّقفيُّ الأصبهانيُّ الصُّوفيُّ. [المتوفى: 530 هـ]
من شيوخ أبي موسى المَدِينيّ. تُوُفّي في ذي القعدة بأصبهان.(11/501)
329 - الحسين بن ظَفَر بن الحسين بن يزداد، أبو عبد الله الكَرْخيُّ النَّاطفيُّ. [المتوفى: 530 هـ]
قال ابن السَّمعاني: أفْنَى عُمُره في طلب الحديث، وكان كثير الغلط.
سمع أبا الحسين ابن النَّقُّور، وأبا منصور محمد بن محمد العُكْبري. أجاز لي، وحدثني عنه جماعة، وتوفي في شوَّال، وله ثلاث وسبعون سنة.
قلت: في نسخة؛ المناطقي، فيُحررَّ.(11/502)
330 - الحسين بن عبد الرَّزاق، أبو عليّ الأبهريُّ الفقيه، المعروف بالقاضي الوجيه، [المتوفى: 530 هـ]
قاضي هَمَذَان.
كان صدوقًا، محمودًا في عمله، داهيةً، بعيد النَّظر والغَوْر. سمع عليّ بن محمد بن محمد الخطيب الأنباريّ، وجماعة ببغداد.
وكان مولده في سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة، توفي في هذه السّنة، أو في الّتي بعدها.(11/502)
331 - الحسين بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو عبد الله النهرباني المقرئ الفقيه. [المتوفى: 530 هـ]
سمع: ابن طلْحة النّعَاليّ، ويحيى بن أحمد السيبي.
قال ابن عساكر: ذكر لي أنّه سمع من: أبي الحسين ابن النَّقُّور، وسكن دمشق بالمدرسة الأمينية، كتبت عنه، وكان خيرًا، ثقة، يؤم بالناس في مسجد سوق الغزل المعلَّق، ويُقرئ القرآن، وتوفي بقرية الحُدَيْثة عند أخيه أحمد الفلّاح بالغُوطة.(11/502)
332 - دُردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسي، أمة الغافر النيسابورية، [المتوفى: 530 هـ]
والدة أبي حفص عمر بن أحمد الصّفّار.
سمعت من: جدّها أبي القاسم القُشَيْريّ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفي، وأبي حامد الأزهريّ، وعنها: الحافظ ابن عساكر، والسّمعانيّ. [ص:503]
ماتت في صفَر عن أربعٍ وثمانين سنة.(11/502)
333 - رضوان بن أَحْمَد بن عبد الباقي بن الحَسَن بن منازل، أبو محمد الشَّيْبَانيُّ، [المتوفى: 530 هـ]
ولد شيخ ابن السَّمعاني أبي المكارم.
حدَّث عن ثابت بن بُنْدار، ومات قبل والده.(11/503)
334 - زيد بن عليّ بن منصور بن عليّ، أبو العلاء الرَّاونديُ الرَّازيُّ. [المتوفى: 530 هـ]
من عُدُول الرَّي، سمع إسماعيل بن حمدون المُزَكِّي الرَّازي، وأحمد بن محمد بن صاعد القاضي، وعبد الواحد بن الحسن الصَّفَّار، سمَّعه أبوه الكثير.
قال السَّمعاني: أجاز لي، ومولده سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ومات قريباً من سنة ثلاثين.(11/503)
335 - سعد بن عبد الله الحبشيُّ، أبو عثمان [المتوفى: 530 هـ]
مولى موسى بن جعفر اليمنى.
روى عن نصر بن البطر، وجماعة. روى عنه ابن عساكر. توفي في عامنا أو بُعَيْده.(11/503)
336 - سلطان بن يحيى بن عليّ بن عبد العزيز بْن عَلِيّ بْن الْحَسَين بْن مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشيُّ الدِّمشقيُّ، زين القضاة أبو المكارم. [المتوفى: 530 هـ]
سَمِعَ أبا القاسم بْن أَبِي العلاء ونصر بن إبراهيم بدمشق، وببغداد ابن بيان الرَّزَّاز، وبأصبهان أبا عليّ الحدَّاد، وقرأ بروايات.
وكان واعظاً، طيِّب الصوت، وهو خال الحافظ أبي القاسم ابن عساكر.
قال ابن عساكر: لمَّا وصل أبو بكر محمد بن القاسم الشَّهْرَزوري رسولاً إلى دمشق قال: قد اشتقت إلى سماع وَعْظ القاضي أبي المكارم، لأني كنت قد سمعته بالعراق، وسأل أباه حتى أجاب؛ لأنَّه كان قد ترك الوعظ، فجلس في السُّبع الكبير، وكان مجلساً موصوفاً حضرته يومئذ. وبلغني أنه [ص:504] صلَّى التَّراويح بالنِّظامية، ووعظ بها، وخلع عليه الخليفة. وقد ناب في الحكم بدمشق عن والده.
وتوفي في آخر يوم من سنة ثلاثين، ودُفن بتربةٍ لهم عند مسجد القدم. روى عنه أبو القاسم ابن أُخته.(11/503)
337 - شُعَيْب بن عيسى بن جابر، أبو محمد الأشجعيُّ اليابريُّ الأندلسيُّ، [المتوفى: 530 هـ]
نزيل إشبيلية.
أخذ القراءات عن خاله أبي القاسم خلف بن شُعَيْب صاحب مكِّي، وعن أبي بكر بن مُفَرِّج، وأبي بكر عيَّاش بن محراش، وعبد الله بن طلحة، وأجاز له القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره.
وكان مقدَّمًا في الإقراء مجوِّداً عارفًا بالعلل، وله تصانيف في القراءات، ومشاركة في اللُّغة والعربية، وتصدَّر للإفادة، وأخذ عنه أبو بكر بن خَيْر، وهشام بن أبان، وأبو الحسن نجبة بن يحيى.
وكان حيًّا في هذه السنة.(11/504)
338 - شهفيروز بن سعد بن عبد السّيد، أبو الهيجاء، البغداديّ، الشّاعر. [المتوفى: 530 هـ]
رقيق النَّظْم، لطيف الطَّبْع، أنشأ مقامات، وقد سمع من: أبي جعفر ابن المسلمة.
وعنه: ابن ناصر، ويحيى بن بوش، وجماعة.
وكتب عنه: أبو عليّ البَرَدَانيّ، وسمّاه أحمد.
مات في ربيع الأوّل عن سنٍ عالية.(11/504)
339 - عبد الله بن عيسى، أبو محمد الشَّيبانيُّ السَّرقسطيُّ الحافظ. [المتوفى: 530 هـ]
كان يحفظ "صحيح البخاري"، و"سنن أبي داود" عن ظهر قلب فيما بلغني؛ قاله ابن بشكوال، قال: وله اتساع في حفظ علم اللِّسان واللُّغة، وقد أخذ نفسه باستظهار "صحيح مسلم"، وله عليه تأليف حسن لم يكمله.(11/504)
340 - عبد الله بن محمد بن أيوب، أبو محمد الفهريُّ الشَّاطبيُّ. [المتوفى: 530 هـ][ص:505]
سمع من أبي الحسن طاهر بن مفوِّز، وأبي الحسن ابن الدُّوش. روى عنه ابن بشكوال، وقال: توفي بشاطبة في شعبان.(11/504)
341 - عبد الجبار بن يحيى بن سعيد الأزجاهيُّ الحربيُّ، [المتوفى: 530 هـ]
منسوب إلى أحمد بن حرب الزَّاهد النَّيسابوريِّ.
قرأ "جامع التِّرمذي" على القاضي أبي سعيد محمد بن عليّ البغوي، وتوفي في حدود هذه السنة؛ قاله ابن السَّمعاني.(11/505)
342 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الصَّمد بن أحمد التُّرابيُّ المروزيُّ. [المتوفى: 530 هـ]
شيخ صالح، سمع أبا الخير محمد بن موسى الصَّفَّار.
قال ابن السَّمعاني: قرأت عليه جزءاً، وتوفي في حدود سنة ثلاثين.(11/505)
343 - عبد الواحد بن الفضل بن محمد بن علي، أبو بكر ابن القدوة أبي علي الفارمذي الطابراني. [المتوفى: 530 هـ]
كان جليل القدر، حَسَن الأخلاق، مُكرِمًا للغرباء، سافر وصحِب المشايخ، وكان بقيَّة أولاد الشَيخ، سمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وكان قد سمع بمرْو من: أبي الخير محمد بن أبي عمران، وبنَيْسابور من: أبي بكر بن خَلَف الشّيرازيّ.
قال ابن السمعاني: كتبت عنه بطوس، وتوفي في صَفَر.(11/505)
344 - عبد الواحد بن محمد بن نصر بن غانم، أبو القاسم القرميسينيُّ، [المتوفى: 530 هـ]
وقرميسين: بُلَيْدَة بين حُلوان وهمَذان.
كان إماماً فقيهاً بارعاً، تفقَّه بمَرْو عَلَى الإمام أَبِي المُظَفَّر السَّمْعاني فيما قيل، وسمع ببغداد من مالك البانياسي، وعليّ بن محمد بن محمد الأنباري. وسمع منه جماعة.
وتوفي بكرمانشاه في هذه السنة.(11/505)
345 - عثمان بن محمد بن الحُسين، أبو عمرو السَّقْلاطونيُّ المَدَنيُّ ثم البَغْداديُّ. [المتوفى: 530 هـ]
سَمِعَ أبا نصر الزَّينبي، ورزْق اللَّه التَّميمي. روى عَنْهُ أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وعُمر بْن طَبَرْزَد.
وكان صالحاً، ديِّناً، توفي في المحرم.(11/506)
346 - عليّ بن أحمد بن الحسن، الموحّد أبو الحسن ابن البقشلام الوكيل. [المتوفى: 530 هـ]
مِن أعيان البغداديّين ومتميّزيهم، وله معروف كثير، ولد سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع: أبا يعلى ابن الفرّاء، وهناد بن إبراهيم النَّسَفيّ، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتديّ بالله، وابن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وأبا عليّ محمد بن وشاح، وخلْقًا كثيرًا.
روى عنه: أبو المُعَمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وعبد الله بن صافي الخازنيّ.
وسئل ابن عساكر عن عليّ الموحّد فأثنى عليه ووثّقه.
وقال أبو بكر بن كامل: إنما قيل البقشلام، لأنّ جدّه أو أباه مضى إلى قرية شلام، وكانت كثيرة البَقّ، فكان يقول طول اللّيل: بق شلام، فلزِمه ذلك لَقَبًا.
وقال ابن ناصر: كان أبو الحسن في خدمة الدّولة، وكان يظلم جماعة من أهل السّواد، وكان في أيّام الفتن من أهل البدع ولم يكن من أهل السُّنَّة، ولا العارفين بالحديث، فلا يُحْتَجّ بروايته، وتُوُفّي في رمضان.(11/506)
347 - عليّ بن أحمد بن محمد، القاضي أبو الحسن السَّرْخَسِيُّ، ويُعرف بالحجَّاج. [المتوفى: 530 هـ]
سمع منه أبو عليّ بن الوزير، وأبو بكر السَّمعاني، وأجاز لابنه أبي سعد. ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وعُمِّر دَهْرًا.
سمع مجلسين في سنة ثمان وأربعين من اللَّيث بن حسن اللَّيثي، [ص:507] وعبد الرحمن بن محمد الوهَّابي، وعاش إلى هذا العام، رحمه الله.(11/506)
348 - عليّ بن أحمد بن منصور بن محمد بن قُبَيْس، أبو الحسن الغسَّانيُّ الدِّمشقيُّ المالكيُّ النَّحويُّ الزَّاهد. [المتوفى: 530 هـ]
سمع أباه أبا العباس، وأبا القاسم السُّمَيْساطي، وأبا بكر الخطيب، وأبا نصر بن طلاَّب، وعبد العزيز الكتَّاني، وغنائم الخيَّاط، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وجماعة.
روى عنه أبو القاسم الحافظ، وقال: كان ثقة، متحرِّزًا، متيقِّظًا، مُنْقَطِعًا في بيته بدرب النَّقَّاشة، أو ببيته في المنارة الشَّرقية بالجامع. وكان مفتياً فقيهاً، يقرئ النَّحو والفرائض. وكان متغالياً في السُّنة، مُحبًّا لأصحاب الحديث، قال لي غير مرة: إني لأرجو أن يحيي الله بك هذا الشأن في هذا البلد، وكان لا يحدِّث إلا من أصل، ولد سنة اثنتين وأربعين في شوَّال، وسمعت منه الكثير، وتوفي يوم عرَفة.
قلت: وروى عنه السِّلفي وإسماعيل الجَنْزُوري، وأبو القاسم ابن الحرستاني، وآخرون.
وقال السِّلفي: كان يسكن المنارة، وكان زاهداً عابداً ثقة، لم يكن في وقته مثله بدمشق، رحمه الله.
وقال أيضاً: هو مُقَدَّم في علوم شتَّى، محدِّث ابن مُحدِّث.(11/507)
349 - عليّ بن الخَضِر، أبو محمد البغداديّ الفَرَضيّ. [المتوفى: 530 هـ]
قرأ الفرائض على أبي حكيم الخَبْريّ، وأبي الفضل الهمذاني، وسمع: أبا الحسين ابن النَّقُّور، وابن البُسْريّ، وكان قيِّمًا بعلم الفرائض.
تُوُفّي في ثالث ربيع الأوّل.(11/507)
350 - عليّ بن عبد القاهر بن خضر، أبو محمد بن آسة الفرضي، [المتوفى: 530 هـ]
تلميذ الخبري. [ص:508]
سمع: عبد الصمد ابن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وعنه: هبة الله بن الحَسَن السَّبْط.
وكان شيخًا صالحًا، عاش خمسا وثمانين سنة، مات في ربيع الأول سنة ثلاثين وخمسمائة.(11/507)
351 - عمر بن عبد الرحيم، أبو بكر الشّاشيّ، المَرْوَزِيّ الصُّوفيّ، [المتوفى: 530 هـ]
نزيل رباط الشَيخ يعقوب.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ مُسِنّ، حَسَن السّيرة، كثير الصلاة والعبادة، صحب المشايخ، رأيته، وسمع من: جدّي أبي المظفَّر، وأبي القاسم إسماعيل الزاهري، وهبة الله الشّيرازيّ الحافظ، كتبتُ عنه، وتُوُفّي بمرْو في سنة ثلاثين.(11/508)
352 - عيسى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عيسى بْن مؤمْل الزُّهْريّ، الشّنْتَرينيّ. [المتوفى: 530 هـ]
سمع من: أبي الوليد الباجيّ، والدّلائيّ، وأبي شاكر وابن الفلّاس، وأبي الحَجَاج الأعلم.
ذكره ابن بَشْكُوال، فقال: رحل إلى المشرق وأخذ عن: كريمة المَرْوَزِيَّة، وأبي مَعْشَر الطَّبَريّ، وأبي إسحاق الحبّال وذكر عنه أنّه كان إذا قرئ عليه حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبكي بكاء كثيرًا، يعني الحبّال، ولقي جماعة غير هؤلاء، أخذ النّاس عنه، وسكن العُدْوة، وتُوُفّي نحو الثّلاثين وخمسمائة، كتبه لي القاضي عِياض بخطّه، وذكر أنّه أخذه عنه.(11/508)
353 - الفضل بن أبي الحَسَن بن أبي القاسم بن أبي علي بن أبي زيد، المأموني الآمليّ، أبو زيد، التّاجر. [المتوفى: 530 هـ]
كان محسنًا لأهل العلم، حريصًا على الطَّلَب، حصّل الأصول، وأنفق المال في جَمْعها، وحجّ تسعًا وعشرين حَجَّة، وورد بغداد غير مرَّة، ومات بطريق الحجّ بجلولاء. [ص:509]
سمع: أبا المحاسن الرّويانيّ بآمل، وأبا منصور الكراعي بمرو، وأبا علي الحداد بأصبهان، وأبا سعد الطُّيُوريّ ببغداد، وحدَّث.
قال ابن السّمعانيّ: أجاز لي، وحدّثني عنه: عليّ بن محمد بن جعفر الفاروزي، وقال: تُوُفّي في شوّال.(11/508)
354 - محمد بْن أحْمَد بْن محمد بن سهل، أبو عبد الله الأموي الطليطلي، ويعرف بابن النقاش [المتوفى: 530 هـ]
نزيل مصر.
سمع في رحلته من مهدي بن يوسف، ومحمد بن بركات السعيدي، أخذ عنه أبو زكريا بن سيدبونه، وأبو عبد الله بن سعيد الداني وجماعة.
وحدث في ذي القعدة من السنة، وانقطع خبره.(11/509)
355 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن سَعْدُويْه، أبو سهل الأصبهانيّ المزكّي. [المتوفى: 530 هـ]
حدَّث ببغداد، وأصبهان " بمُسْنَد الرُّويانيّ " عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرّازيّ، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، والمبارك بن عليّ الطّبّاخ، والمؤيد ابن الإخوة، ويحيى بن بوش، وعبد الخالق ابن الصّابونيّ، وإبراهيم وعبد الله ابنا محمد بن أحمد بن حمديّه، ومن شيوخه: إبراهيم بن منصور سِبْط بحرُوَيْه، والحافظ محمد بن الفضل الحلاوي، وآخرون.
ولد سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة.(11/509)
356 - محمد بن الحسن بن المَرْزبان بن خُوزرنداد، أبو غالب الأصبهانيُّ. [المتوفى: 530 هـ]
روى عن أبي الطيِّب بن شمَّة. وعنه أبو موسى المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر.(11/509)
357 - محمد بن حمُّويه بن محمد بن حمُّويه، أبو عبد الله الجُوَيْنيُّ الصُّوفيُّ. [المتوفى: 530 هـ]
شيخ ناحيته، لقد قدم راسخ في طريق القوم، وكان زاهداً عابداً عارفاً كبير [ص:510] القدر، قَدِمَ بغداد مرَّتين للحجِّ، وحدَّث بها عن السَّيد أَبِي الحسن محمد بْن محمد بْن زيد، وعائشة بنت أبي عمر البسطامي، وموسى بن عمران الصُّوفي.
سمع منه الحافظ ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاري. وحدَّث عنه أبو محمد ابن الخشَّاب وأبو القاسم ابن عساكر، وعبد الوهَّاب بن سُكَيْنَة، وآخرون. وهو جد الشيوخ بني حمُّويه الذين بالشَّام.
ذكره السَّمعاني في "التَّحبير"، فقال: أحد المشهورين بالزُّهد والصَّلاح والعِلْم وتربية المريدين، صاحب كرامات وآياتٍ، وله إجازة من الأستاذ أبي القاسم القُشَيْري. إلى أن قال: عاش اثنتين وثمانين سنة وتوفي إلى رحمة الله في مُسْتَهَلِّ ربيع الأول، ودُفِنَ بقرية بحيراباذ، من قرى جُوَيْن، وقبره مشهور يُزَار ويُقْصَدُ.
وقد صنَّف في التَّصوف كتاباً.(11/509)
358 - محمد بن خلف بن يوسف الهرويُّ الصُّوفيُّ الأديب. [المتوفى: 530 هـ]
كان يسكن بقرية مرغاب، سمع من عبد الواحد المليحي. أخذ عنه ابن الوزير الدِّمشقي في أوَّل السَّنة.(11/510)
359 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب، أبو بكر العامريّ الصُّوفيّ الواعظ، ويُعرف بابن الخبازة. [المتوفى: 530 هـ]
ولد سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، أظنّ ببغداد، وسمع: رزق الله التّميميّ، وطرادًا الزَّيْنَبيّ، وابن البَطِر، وابن طلحة النّعاليّ، ورحل وسمع من: عبد الغفّار بن شيرُوَيْه، وعليّ بن أبي صادق، وبنَيْسابور، وبلْخ، وهَراة، روى عنه أبو الفرج ابن الجوزي، وغيره.
قال ابن الجوزي: شرح كتاب " الشّهاب " وكانت له معرفة بالحديث والفقه، وكان يعظ ويتكلّم على طريقة التّصوّف والمعرفة من غير تكلّف الوعّاظ، وكم من يومٍ يصعد المِنْبر وفي يده مِرْوَحة، وليس عنده من يقرأ، كما يفعل الوعّاظ. [ص:511]
قرأت عليه كثيرًا من الحديث والتّفسير، وكان نعْم المؤدِّب يأمُر بالإخلاص وحُسْن القصْد، وبنى رباطًا بقراح ظفر واجتمع فيها جماعة من المتزهّدين فلمّا احتضر قال له أصحابه: أوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا، وقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدّنيا، ثمّ قال لبعض أصحابه: أنظر هل ترى جبيني يعرق؟ فقال: نعم، قال: الحمد لله هذه، علامة المؤمن، ثمّ بسط يده وقال:
ها قد بسطت يدي إليك فَرُدَّها ... بالفضل لَا بشماتة الأعداء
تُوُفّي في نصف رمضان، ودفن برباطه، والبيت من شِعْر أبي نصر القُشَيْريّ.(11/510)
360 - محمد بن عبد الله بن أبي الحسن، قاضي مرو أبو جعفر الصَّائغيُّ المروزيُّ. [المتوفى: 530 هـ]
إمام وَرِعٌ، كبير القدّر، سديد الأحكام. كان خطيب مَرْو. تفقّه على القاضي أبي بكر محمد بن الحسين الأرسابَنْديّ، وحدَّث عنه. عاش سبعين سنة.(11/511)
361 - محمد بن علي بن عبد الله، أبو الفتح المُضَريُّ الهرويُّ. [المتوفى: 530 هـ]
سمع أبا عبد الله الفارسيّ، ويَعْلَى بن هبه الله الفُضَيْلي، وأبا عاصم الفَضْل، وبيبي الهرثَّميَّة، وببلخ أبا حامد أحمد بن محمد، وبنَيْسابور فاطمة بنت الدَّقَّاق، وجماعة.
قَدِمَ بغداد، وحدَّث "بجامع التِّرْمِذيّ". وكان صدوقًا مكثِرًا، روى عنه هبة الله بن المُكْرَم الصُّوفي، وعليّ بن أبي سعد الخبَّاز، ويحيى بن بَوْش، وجماعة. تُوُفّي في ذي القعدة بخُراسان.(11/511)
362 - محمد بن عليّ بن أبي ذَرّ محمد بن إبراهيم، أبو بكر الصّالحانيّ الأصبهانيّ، [المتوفى: 530 هـ]
والصّالحان محلَّة.
سمع: أبا طاهر بن عبد الرحيم، وهو آخر من حدَّث عنه، ومولده في سنة ثمانٍ وثلاثين وأربعمائة.
روى عنه خلْق كثير منهم: أبو موسى المَدِينيّ، وتميم بن أبي الفُتُوح المقرئ، وخَلَف بن أحمد بن حميد، وسعيد بن رَوْح الصّالحانيّ، وعُبَيْد الله بن أبي نصر اللُّفْتُوانيّ، ومحمد بن أبي عاصم بن زينة، ومحمد بن أبي نصر الحدّاد الضّرير، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو مسلم ابن الأخوة، وإدريس بن محمد العّطار، ومحمود بن أحمد المضري، والمخلّص محمد بن مَعمَر بن الفاخر، وعين الشمس بنت أحمد الثقفية.
ووصفه أبو موسى المَدِينيّ بالصّلاح، وقال: تُوُفّي في ثاني جمادى الآخرة، وهو آخر من روى حديث أبي الشَيخ بعُلُوّ.
قلت: وآخر أصحابه عين الشّمس، وسماعها منه حضور.(11/512)
363 - محمد بن الفضل بن أَحْمَد بن محمد بن أبي العباس، أبو عبد الله الصَّاعديُّ الفُرَاويُّ النَّيسابوريُّ الفقيه. [المتوفى: 530 هـ]
أبوه من ثَغْر فُرَاوة، سكن نيسابور، فولد محمد بها في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة تقديراً، لأنَّ شيخ الإسلام أبا عثمان الصَّابوني أجاز له في هذه السَّنة. وسمع "صحيح مسلم" من عبد الغافر الفارسي، وسمع "جزء ابن نُجَيْد" من عُمر بن مسرور، وسمع من أبي عثمان الصَّابوني المذكور، وأبي سعد الكَنْجَرُوذي، وأبي بكر البيهقي، وسعيد العيَّار، وأبي القاسم القشيري، وأبي سهل الحفصي، ومحمد بن عليّ الخبَّازي، وأبي عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبي يعلى إسحاق أخي الصَّابوني، والأستاذ أبي إسحاق الشِّيرازي لمَّا قدم رسولاً إلى نيسابور، وإمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وغيرهم. وببغداد من أَبِي نصر الزَّينبي، وعاصم بْن الحَسَن. وسمع "صحيح البخاري" من العيَّار والحَفْصي، وتفرَّد "بمسلم"، وتفرَّد "بدلائل النبوة" و"بالأسماء [ص:513] والصَّفات"، و "الدَّعوات الكبير"، و "البعث" للبيهقي؛ قاله السَّمعاني، وقال: هو إمام مفتٍ، مناظر، واعظ، حسن الأخلاق والمعاشرة، كثير التَّبسُّم، جواد مُكْرِم للغرباء، ما رأيت في شيوخي مثله.
قلت: روى عَنْهُ أبو سعد السَّمعاني، وأبو العلاء الهمذاني، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الحسن المُرادي، ومحمد بن عليّ بن ياسر الجيَّاني، ومحمد بن عليّ بن صدقة الحرَّاني، وأحمد بن إسماعيل القزويني، وأبو سعد عبد الله بن عمر الصَّفَّار، وعبد السَّلام بن عبد الرحمن الأكَّافي، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشَّعري، ومنصور بن عبد المنعم الفراوي، وأبو الفتوح محمد بن المطَهَّر بن يعلى الفاطمي الهروي، وأبو المفاخر سعيد ابن المأموني، وآخر مَنْ حدَّث عنه المؤيد الطُّوسي.
وذكره عبد الغافر في " سياق تاريخ نيسابور "، فقال فيه: فقيه الحرم البارع في الفقه والأصول الحافظ للقواعد، نشأ بين الصُّوفية، ووصل إليه بركات أنفاسهم، درس على زَيْن الإسلام القشيري الأصول والتَّفسير، ثم اختلف إلى مجلس إمام الحرمين، ولازم درسه ما عاش، وتفقه عليه، وعلَّق عنه الأصول، وصار من جملة المذكورين من أصحابه، وحجَّ وعقد المجلس ببغداد، وسائر البلاد، وأظهر العلم بالحرمين، وكان منه بهما أثر وذِكْر ونشر للعلم، وعاد إلى نيسابور. وما تعدَّى قطُّ حدَّ العلماء ولا سيرة الصَّالحين من التَّواضع والتَّبذًُّل في الملابس والمعايش، وتستَّر بكتابة الشُّروط لاتصاله بالزُّمرة الشَّحَّامية مصاهرة، ودرَّس بالمدرسة النَّاصحية، وأمَّ بمسجد المُطرِّز، وعقد مجالس الإملاء يوم الأحد، وله مجالس الوعظ المشحونة بالفوائد والمبالغة في النُّصح، وحدَّث " بالصحيحين "، و " غريب الخطَّابي "، وغير ذلك، والله يزيد في مُدَّته ويفسح في مهلته إمتاعاً للمسلمين بفائدته.
وقال أبو سعد السَّمْعاني: سمعت عبد الرشيد بن عليّ الطَّبري بمرو يقول: الفُراوي ألف راوي.
قال أبو سعد: وسمعت أبا عبد الله الفُراوي يقول: كُنَّا نسمع " مسند أبي عوانة " على أبي القاسم القشيري، وكان يحضر رجل من المُحْتَشِمين يجلس بجنب الشَّيخ وكان القارئ أبي، فاتفق أنه بعد قراءة جملة من الكتاب انقطع [ص:514] ذلك المحتشم يوماً، وخرج الشَّيخ على العادة، وكان في أكثر الأوقات يخرج ويقعد وعليه قميص أسود خشن وعمامة صغيرة، وكنت أظنُّ أنَّ والدي يقرأ الكتاب على ذلك الرَّئيس، فشرع أبي في القراءة، فقلت: يا سيدي على مَنْ تقرأ والشيخ ما حضر؟ فقال: وكأنك تظنُّ أنَّ شيخك ذلك الشخص؟ قلت: نعم، فضاق صدره واسترجع، وقال: يا بني شيخك هذا القاعد، وعلَّم ذلك المكان، ثم أعاد لي من أول الكتاب إليه.
سمعت: عبد الرزاق بن أبي نصر الطَّبسي يقول: قرأت " صحيح مسلم " على الفُرَاوي سبع عشرة نوبة، ففي آخر الأيام قال لي: إذا أنا متُّ أوصيك أن تحضر غَسْلي، وأن تُصَلِّي أنت عليَّ بمن في الدَّار، وأن تُدْخِل لسانك في فيَّ، فإنك قرأت به كثيراً حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو سعد: وصُلِّي عليه بكرة، وما وُصِلَ به إلى المقبرة إلى بعد الظُّهر من الزِّحام، وأذكر أنَّا كُنَّا في رمضان سنة ثلاثين، وحملنا محفَّته على رقابنا إلى قبر مسلم لإتمام " الصحيح "، فلما فرغ القارئ من الكتاب بكى الشَّيْخ ودعا وأبكى الحاضرين، وقال: لعلَّ هذا الكتاب لا يُقرأ عليَّ بعد هذا. فتُوفي رحمه الله في الحادي والعشرين من شوَّال، ودُفِنَ عند قبر إمام الأئمة ابن خُزَيمة، وقد أملى أكثر من ألف مجلس.(11/512)
364 - محمد بن القاسم بن محمد، أبو العز البغداديّ، المقرئ، المعروف بابن الزُّبَيْديَّة. [المتوفى: 530 هـ]
قرأ القراءات وجوَّدَها، وقال الشَّعر الرّائق، وتفقّه، وسمع الكثير، ومدح المسترشد بالله، ومات شابا.(11/514)
365 - محمد بن موهوب، أبو نصر البغدادي الفرضي الضرير. [المتوفى: 530 هـ]
له مصنفات في الفرائض، مؤرخ في " المنتظم ".(11/514)
366 - محمد بن هبة الله بن إبراهيم، أبو الحسن بن القطان البغدادي الوكيل على باب القاضي، المخرمي. [المتوفى: 530 هـ][ص:515]
روى عن أبي نصر الزينبي، وعنه المبارك بن خضير، وأبو القاسم ابن عساكر، توفي في جمادى الآخرة عن ستين سنة.(11/514)
367 - محمد بن هشام بن أحمد بن وليد بن أبي جمرة، أبو القاسم الأموي المرسي. [المتوفى: 530 هـ]
أخذ عن: أبي عليّ بن سُكَّرة، وصحِبَ أبا محمد عبد الله بن أبي جعفر، وتفقه عنده، وناظر عند الفقيه هشام بن أحمد، وغيره.
وكان من أهل الحفظ، والفهم، والذكاء، استقضي بغَرْنَاطَة فنفع الله به أهلها لصرامته، ونفوذ أحكامه، وقويم طريقته.
تُوُفّي بمُرْسِية في صدر رمضان.(11/515)
368 - مظفَّر بن الحسين بن عليّ بن أبي نزار، أبو الفتح المردوستيّ. [المتوفى: 530 هـ]
أحد الحُجاب، ثمّ ترك الحجابة وتصوّف وتزهّد، سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا منصور العكبري، روى عنه: أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم الحافظ، ووُلِد في سنة ستٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي سنة ثلاثين، أو قبيلها بأشهر.(11/515)
369 - مفرِّج بن الحَسَن، أبو الذّوّاد الكِلابيّ، رئيس دمشق، وابن رئيسها، ويُعْرف بابن الصُّوفيّ محيي الدّين. [المتوفى: 530 هـ]
روى عن: الفقيه نصر المقدسيّ، وأبي الفضل بن الفرات، قرأ عليه أبو البركات بن عبد " صحيح البخاريّ ".
وكان ذا بِرّ ومعروف وحشمة، ولي الوزارة، بعد قتل أبي علي المزدقاني، لتاج الملوك بوري، ثم صادره وآذاه، ثم أعاده إلى المنصب، إلى أن مات بوريّ، فوَزَرَ بعده لابنه شمس الملوك إسماعيل، ثمّ قُتِلَ ظُلْمًا في رمضان، أغلظ للأمراء فقتلوه، رحمه الله.(11/515)
370 - مكي بن محمد بن أحمد، أبو الحسن البُروجرديُّ، المعروف بابن قلاية، [المتوفى: 530 هـ]
نزيل همذان وإمام جامعها.
سَمِعَ بنَيْسابور أبا المظفَّر موسى بْن عِمران، وأبا بَكْر بْن خَلَف، ومحمد بْن إسماعيل التَّفْلِيسيّ، وجماعة. وحدَّث ببغداد؛ فروى عنه جماعة منهم: يحيى بن بَوْش.
وله في سنة خمس وخمسين، وتوفي في ذي القعدة.(11/516)
371 - مِهْناز بنت يانس الروميِّ، أم بشارة البغدادية. [المتوفى: 530 هـ]
سمعت من أبي جعفر بن المسلمة " صفة المنافق ". روى عنها أبو المُعَمَّر الأنصاري، وابن عساكر. ونيَّفت على التسعين.(11/516)
372 - مَيمون بن ياسين، أبو عمر الصِّنهاجيُّ اللمتونيُّ، [المتوفى: 530 هـ]
أحد أمراء المرابطين.
عُنِي بالعلم والرواية، وحجَّ وسمع بمكة سنة سبع وتسعين " صحيح البخاريّ " من عيسى بن أبي ذَرّ الهَرَويّ، واشترى منه أصل أبيه بجملة كبيرة.
وسمع " صحيح مسلم " من الحسين بن علي الطَّبري، ورجع إلى المغرب وحدَّث بإشبيلية. روى عنه أبو إسحاق بن حبيش، وأبو القاسم ابن بشكوال، وأبو بكر بن خير، ومفرج بن سعادة، وآخرون.
وكان رجلاًَ صالحاً، ذا عناية بالآثار، صحب مالك بن وهيب بالمغرب، وكانت وفاته في ذي القعدة بإشبيلية.(11/516)
373 - هشام بن أحمد بن هشام، أبو الوليد الهلالي، الغرناطي، نزيل المرية، ويعرف بابن بقوى. [المتوفى: 530 هـ]
سمع عامَّة شيوخ المَرِيَّة: طاهر بن هشام، وحجاج بن قاسم، وخلف بن أحمد الجراوي، ومن الطّارئين عليها: القاضي أبي الوليد الباجيّ، ومن أبي العّباس أحمد بن عمر العُذْريّ، ثم خرج سنة ثمانين وأربعمائة إلى غَرْنَاطة بلده، وولي الأحكام بها مُدَّة وبغيرها. [ص:517]
قال ابن بَشْكُوال: كان من حُفاظ الحديث المعتنين بالتنقير عن معانيه، واستخراج الفقه منه، مع التَّقدُّم في حفْظ الفقه، والبَصَر بعقْد الوثائق، والتّقدُّم في معرفة أصول الدّين، روى عنه جماعة من أصحابنا، ووُلِد في صَفَر سنة أربعٍ وأربعين، وتُوُفّي بغَرْناطة في ربيع الأول.(11/516)
374 - يعيش بن مفرج اللخمي اليابري، أبو البقاء، [المتوفى: 530 هـ]
نزيل إشبيلية.
سمع سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة " جامع الترمذي " بيابرة من أبي القاسم الهَوْزَنيّ، وحجّ، فسمع من: أبي عبد الله الرّازيّ، وأبي طاهر السِّلَفيّ.
روى عنه: أبو بكر بن خير، وسمع منه في هذه السنة أبو القاسم بن بَشْكُوال كتاب " المحدِّث الفاصل "، بسماعه من السِّلَفيّ، فابن بَشْكُوال في هذا الكتاب في طبقة شيخنا أبي الفتح القرشي.(11/517)
-المتوفون ما بين العشرين إلى الثلاثين وخمسمائة(11/518)
375 - أحمد بن إسماعيل بن عيسى، أبو بكر الغَزْنَويّ، الجوهريّ، المفسّر، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
أحد أئمة غَزْنَة وفُضَلائهم.
سافر إلى خُراسان، والحجاز، والعراق، ولقي أبا القاسم القشيري، وسمع منه، ومن: الحاكم أحمد بن عبد الرّحيم السّراج، وجماعة، وخرّج لنفسه أربعين حديثًا، وعاش إلى بعد العشرين، وله شُهرة بغَزْنَة.(11/518)
376 - أحمد بْن عليّ بْن أحمد، أبو بَكْر الحربيُّ الحكيم. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
روى عن أحمد بن عبد القادر اليوسفي، وعنه عبد المغيث بن زهير، وعبد الله بن أبي المجد الحربي.(11/518)
377 - أحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بن محمد بن سلمويه النَّيسابوريُّ التاجر الصُّوفيُّ المقرئ بالألحان. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع من أبي الحسين عبد الغافر، وعمر بن مسرور، والكنجروذي، وجماعة. وطال عمره، وأصابته رعشة، وبقي إلى بعد سنة عشرين وخمسمائة.(11/518)
378 - أحمد بن علي بن حسين، أبو غالب الجكيُّ الخيَّاط. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع أبا جعفر ابن المُسْلِمَة. وعنه يحيى بن بَوْش، وغيره.(11/518)
379 - أحمد بن الفضل بن محمود، الصاحب أبو نصر، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سيّد الوزراء، مختصّ الملوك والسّلاطين، أحد الأعيان المشهورين.
ذكره عبد الغافر فقال: أحد أكابر العراق، وخُراسان، المُجْمِع على عُلُوّ قدْره كل لسان، ارتضع ثدي الدولة في النوبة الملكشاهية، ولقي أكابر المتصرفين، وتَلْمَذ للأستاذِين، ومارس الأمور العظام، وصحب الملوك، ومَهَر في أنواع التّصرّف ورسوم الدّولة، وزاد على ما عهد من سنيّ المراتب، وعَليّ المناصب، حتّى اشتهر أنّه بذل بعد الإعراض عن ملابسة الأشغال ومُداخلة الأعمال في إرضاء الخصوم، وتدارك ما سلف له من المظالم، بتوفير حق المظلوم آلافًا مؤلفة، وصارت أوقاته عن أوضار الأوزار منظفة، وبقي مدة عن طلب الولاية خاليًا، وبرتبة القناعة حاليًا، إلى أن ضرب الدهر ضربانه، ودار تبدُّل الأمور والأحوال دَوَرانه، واستوفى أكثر الكفاة في الدولة مدد أعمارهم، [ص:519] وانقرض من الصُّدور بقايا آثارهم، واحتاجت المملكة إلى من يلمّ شَعْثَها، وينفي خَبَثَها، ويحلّ صدْر الوزارة مستحقّها، ويرجحن بالظّلم جانب النّصْفة وشقها، فاقتضى الرأي المصيب الاستضاءة في المُلْك بنور رأيه، فصار الأمر عليه فَرْض عَيْن، ووقع الاختيار عليه من البَيْن، والتزم قصر اليد عن الرشا والتُّحَف، وإحياء رسوم العدْل والإنصاف، وهو الآن على السيرة التي التزمها يستفرغ في منافثة أهل العلم أكثر أوقاته، صَرَف الله عنه بوائق الدهر وآفاته، وذكر أكثر من هذا.(11/518)
380 - أحمد بن محمد بن أبي سعيد الطَّحَّان المنقِّي. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وعنه عبد الخالق ابن الصَّابوني، وغيره.
توفي في حدود الثلاثين.(11/519)
381 - حُجَّة الدِّين مروان بن علي بن سلامة، أبو عبد الله الطَّنْزيُّ الشافعيُّ، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
وطنزة: مدينة بديار بكر.
قَدِمَ بغداد، وسمع من مالك البانياسي، وعاصم بن الحسن. وتفقه على الغزَّالي، والشَّاشي، واتصل بقسيم الدَّولة زنكي بن آقسنقر صاحب المَوْصل، وَزَرَ له. روى عَنْهُ سعْد الله بْن محمد الدَّقَّاق، وابن عساكر. وله شعر وفضائل.(11/519)
382 - رجاء بن محمد بن أحمد بن جعفر بن روح، أبو الفرج القاضي، المعروف بالعفيف، الأصبهانيُّ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع ببغداد من أبي القاسم ابن البسري، وعبد العزيز بن علي الأنماطي، روى عنه أبو الرِّضا العلوي، وأبو موسى المديني.(11/519)
383 - طاهر بن محمد بن طاهر بن سعيد البُرُوجرديُّ، أبو المظَفَّر. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
تفقه ببغداد على أبي إسحاق الشِّيرازي، وسمع من ابن هزارمرد [ص:520] الصَّريفيني، وابن النَّقُّور، ثم جاور، وولي قضاء مكة. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر.
مات سنة نيّف وعشرين.(11/519)
384 - عبَّاد بن حمد بن طاهر، أبو النَّجْم الحسناباذيُّ الأصبهانيُّ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
حج بعد سنة عشرين، وحدَّث عن الحسن بن عمر بن يونس الحافظ. روى عنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم الدِّمشقيُّ، وتوفي سنة نيِّف وعشرين.(11/520)
385 - عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بن أبي الغبار البغداديُّ الأديب، أبو الفوارس. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
قرأ القرآن بواسط على أبي عليّ غلام الهرَّاس، وسمع من أبي علي محمد بن وشاح، وأبي الحسين ابن النَّقُّور. روى عنه أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم ابن عساكر.(11/520)
386 - عبد الباقي بن محمد بن علي، أبو منصور الطَّبَّال الأزجيُّ المقرئ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
قال ابن السَّمعاني: كان رجلاً صالحاً قرأ بروايات على الشّريف عبد القاهر بْن عبد السَّلام المكّيّ، ويحيى بن أحمد السِّيبي. وسمع من أبي القاسم بن فهد وغيره. حدثني عنه جماعة. توفي في آخر جماعة سنة ثمان وعشرين.(11/520)
387 - عبد الملك بن شعبة بن محمد بن محمد، أبو الفتح البسطاميُّ السُّهرجيُّ، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
وسُهْرج: قرية من قرى بسطام.
شيخ فاضل، له فهم: كتب الكثير وبالغ، وحصَّل ورحل، ورجع إلى بسطام. كتب بنيسابور عن أصحاب الحاكم، وابن محمش، وحدث، وتوفي سنة نيِّف وعشرين وخمسمائة.(11/520)
388 - عبد الملك بن يوسف بن عبد ربِّه الكاتب، أبو مروان القرطبيُّ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
أجاز له أبو العباس بن دلهاث، وسمع من أبي الليث نصر السمرقندي. وعنه أبو عبد الله المكناسي.
قال الأبار: مات قبل الثلاثين.(11/520)
389 - عبد الملك الطَّبَريّ، الزّاهد، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
شيخ الحَرَم في زمانه.
ذكره ابن السّمعانيّ في " ذيله " فقال: كان أحد المشهورين بالزُّهْد والورع: أقام بمكَّة قريبًا من أربعين سنة على الجد والاجتهاد في العبادة، والرّياضة، وقهْر النَّفْس، وكان ابتداء أمره أنه كان يتفقه في المدرسة، فلاح له شيءٌ فخرج على التّجريد إلى مكَّة، وأقام بها، وكان يلبس الخشن، ويأكل الجشب، ويُزْجي وقتَه على ذلك صابرًا، سمعتُ أبا الأسعد هبة الرحمن القُشَيْريّ يقول: لمّا كنت بمكَّة أردتُ زيارته فأتيته فوجدته محمومًا مُنْطَرِحًا، فتكلَّف وجلس، وقال: أنا إذا حُمِمت أفرح بذلك، لأنّ النّفْس تشتغل بالحُمَّى، فلا تشغلني عمّا أنا فيه، وأخلُو بقلبي كما أريد.
وقال الحسين الزغنداني: رأيت حوضًا يقال له عنبر، والماء في أسفله، بحيث لَا تصل إليه اليد، فرأيت غير مرةٍ أنّ الشَيخ عبد الملك توضّأ منه، وارتفع الماء إلى أن وصل إليه، ثمّ غارَ الماء، ونزل بعد فراغه، وكنت معه ليلةً في الحَرَم، وكانت ليلةً باردة، وكان ظهْرُه قد تشقّق من البَرد، وكان عريانًا، فنام على باب المسجد، وضع يده اليمنى تحت خدّه اليمنى، واليد اليُسْرَى على رأسه، وكان يذكر الله، فقلت له: لو نمت في زاوية من زوايا المسجد كان يكُنُّك من البرد، فقال: نمت في بعض اللّيالي، فرأيت شخصين دخلا المسجد، وتقدَّما إليَّ، وقالا لي: لَا تَنَمْ في المسجد، فقلت لهما: من أنتما؟ فقالا: نحن مَلَكان، فانتبهت، وما نمت بعد ذلك في المسجد، وقلت له: إني أراك صَبُورًا على الجوع، قال: آكل قليلًا من ورق الغضا فأشبع.(11/521)
390 - عبد الرحمن بن أحمد بن فهر، أبو القاسم السلمي الأندلسي. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
روى عن أبي الوليد الباجي، وابن دلهاث، وعنه أبو بكر بن رزق، وأبو محمد بن عُبَيْد الله الحَجَريّ وجماعة.(11/521)
391 - عليّ بن الحسين بن محمد بن مهديّ، أبو الحَسَن المصريّ الصُّوفيّ، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
من مشايخ الصُّوفيَّة الكبار.
تغرّب إلى الشّام، ومصر، والجزيرة، واستقر ببغداد، وكان ذا عبادة، [ص:522] وطريقة جميلة، حدَّث عن: أبي الحسن الخِلَعيّ، وعنه: جماعة.
تُوُفّي بعد سنة خمسٍ وعشرين.(11/521)
392 - عليّ بن عبد القاهر بن الخَضِر بن عليّ، أبو محمد المراتبيّ الفَرَضيّ، المعروف بابن آسة، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
لأنّ جدّه وُلِد تحت آسةٍ، فسُميّ بها.
إمامٌ في الفرائض، صالح، خيّر، منقبض عن الناس، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون وجماعة.
سمع منه: أبو القاسم ابن عساكر، وأجاز لابن السمعاني، وتوفي بعد سنة ثلاثٍ وعشرين.(11/522)
393 - عليّ بن عليّ بن جعفر بن شيران، أبو القاسم الضّرير، الواسطيّ، المقرئ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
قرأ بالروايات على: أبي عليّ غلام الهرّاس، وحدَّث عن: الحسن بن أحمد الغَنْدَجَانيّ، وتصدر للإقراء مدة مع أبي العز القلانِسيّ.
قرأ عليه: أبو بكر عبد الله بن منصور الباقِلانيّ، وأبو الفتح نصر الله بن الكيّال، وجماعة، وكان قدِم بغداد في سنة ثلاث وخمسمائة، وحدَّث بها، روى عنه: عليّ بن أحمد اليزدي، وقيل عنه: إنّه كان يميل إلى الاعتزال.
تُوُفّي في سنة نيفٍ وعشرين بواسط.(11/522)
394 - عليّ ابن القدوة الكبير أبي عليّ الفضل بن محمد، أبو الحسن الفارمذيُّ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
بقية مشايخ الصوفية بالطَّابران. سمع " متفق " الجوزقي من أحمد بن منصور بن خلف. وسمع من أبي القاسم القُشَيْري، ومن شيخ وقته أبي القاسم الكُركاني، وحدَّث.
ذكره عبد الغافر، فقال: لزم طريقة المشايخ، بارك الله في أنفاسه العزيزة، وأبقاه ركناً في الطَّريقة. [ص:523]
قلت: كان حيًّا بعد العشرين.(11/522)
395 - عليّ بن محمد بن الحسين بن حسُّون، أبو الحسن البَّزَّاز، المعروف بابن الماشطة. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وابن النَّقُّور. وعنه ابن عساكر.(11/523)
396 - عليّ بن محمد بن علي ابن المحلبان، أبو الحسن البغداديُّ الكاتب. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع أبا يعلى ابن الفرَّاء. وعنه أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر.(11/523)
397 - غالب بْن أَحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم، أبو نصر البغداديّ الأَدَميّ، القارئ بالألحان، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
المغنّي بالقضيب.
سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة،
رَوَى عَنْهُ: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم ابن عساكر، وامتنع بعضهم من السّماع منه للغناءِ.(11/523)
398 - فيروز، أبو الحسن الكُرْجيُّ الدَّلاَّل في الكُتُب، عتيق بن عيشون. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
روى عن أبي جعفر ابن المُسْلِمَة، وعنه أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم ابن عساكر.(11/523)
399 - لطيفة بنت أحمد بن أبي سعيد محمد المحموديِّ العطَّار. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
شيخة صالحة، من أهل نيسابور، أجازت في سنة سبع وعشرين لأبي سعد السَّمعاني. سمعت أبا يعلى الصَّابوني، وأبا سعد الكنجروذي. وعاشت نحواً من ثمانين سنة.(11/523)
400 - المبارك بن أحمد بن علي، أبو نصر البيِّع البغداديُّ الفاميُّ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع القاضي أبي يعلى، وأبا الحسين ابن النَّقُّور، وجماعة. وعنه أبو القاسم، وأبو المُعَمَّر.(11/523)
401 - محمد بن أحمد بن الحسين بن عليّ بن قُرَيْش، أبو غالب البغداديّ، النَّصْريّ، الحنفيّ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
سمع: عبد الصمد ابن المأمون، وأبا يعلى ابن الفرّاء، وجماعة، روى عنه: مسعود بن غَيْث الدّقّاق، وعمر بن طَبَرْزَد. [ص:524]
وبقي إلى سنة سبع وعشرين.(11/523)
402 - محمد بن ناصر بن محمد بن أحمد بن هارون، أبو منصور اليزديُّ الصائغ الصَيرفيُّ. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
شاب فاضل، ومحدث نبيل. كان جيِّد التَّحْصيل، سريع الكتابة. رأيت جماعة أجزاء بخطه. رحل إلى بغداد قبل الخمسمائة، وقرأ القرآن على الزَّاهد أبي منصور محمد بن أحمد الخيَّاط. وسمع من أبي الحسن ابن العلاّف، وابن بيان وخَلْق. وتفقه بالنِّظامية على أبي سعد المُتَولِّي روى عنه المبارك بن كامل وآحاد الطلبة.
قبض عليه علاء الدَّولة كرشاسب ثم قتَله بعد العشرين وخمسمائة بناحية طَبَس.
قال الحافظ ابن ناصر: كان فيه تساهل في الحديث، وكان يُصَحِّف.(11/524)
403 - مَلِكْداذ بن علي بن إلياس، أبو بكر العمركيُّ القزوينيُّ، [الوفاة: 521 - 530 هـ]
مفتي أهل قزوين، وعالمهم وصالحهم.
سمع ابن خلف الشِّيرازي بنيسابور، ومالكاً البانياسي ببغداد، وأبا عطاء المليحي بهراة. تفقه ببغداد ونيسابور، وكان ورعاً ديناً إماماً.(11/524)
404 - يوسف بن أحمد بن حسدائيّ بن يوسف، الإسرائيليّ المسلم الأندلسيّ، أبو جعفر، الطبيب. [الوفاة: 521 - 530 هـ]
من أعيان الفُضَلاء في الطب، وله مصنَّفات، قدِم ديار مصر، واتصل بالدولة، وكان خصّيصًا بالمأمون وزير الآمر بأحكام الله، وشرح له بعض كُتُب أبقراط، وله كتاب " الإجمال " في المنطق، وهو من بيت طبّ وفلسفة، وأجداده من فضلاء اليهود وأحبارهم، لعنهم الله.
آخر الطبقة والحمد لله.(11/524)
-الطبقة الرابعة والخمسون 531 - 540 هـ(11/525)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(11/527)
-سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
ورد أبو البركات بن سلمة وزير السّلطان مسعود، فقبض على أبي الفتوح بن طلحة، وقرَّر عليه بحمل مائة ألف دينار من ماله ومن دار الخلافة، فبعث إليه المقتفي يقول: ما رأينا أعجب من أمرك، أنت تعلم أنّ المسترشد سار إليك بأمواله، فجرى ما جرى، وأن الراشد ولي ففعل ما فعل، ورحل وأخذ ما تبقى، ولم يبق إلّا الأثاث، فأخذته كلّه وتصرّفت في دار الضَّرب، وأخذت التَّرِكات والجوالي، فمن أيّ وجهٍ نقيم لك هذا المال؟ وما بقي إلا أن نخرج من الدّار ونسلّمها، فإني عاهدت أنّ لَا آخذ من المسلمين حبَّةً ظُلْمًا، قال: فأسقط ستّين ألفًا، وقام أبو الفتوح صاحب المخزن من ماله بعشرة آلاف دينار، وأمر السّلطان بجباية الأملاك، فلقي النّاس من ذلك شدَّة، فخرج رجل صالح يُقال له ابن الكوّاز إلى السّلطان إلى الميدان، وقال: أنت المطالَب بما يجري على النّاس، فما يكون جوابك؟ فانظر بين يديك، ولا تكن ممّن " وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بالإِثم " فأسقط ذلك المال.
وجاءت الأخبار بأنّ الوباء شديد بهَمَذَان وأصبهان.
ثمّ عادت الجباية من الأملاك، وصودر التُّجار، ولم يترك للخليفة إلا العقار الخاص.
وجاءت مكاتبة سَنْجَر إلى ابن أخيه مسعود يأمره أنّ يدخل إلى المقتفي ويبايع عنه، ثمّ أخُذت البيعة من زنكيّ صاحب الموصل، ودفع الرّاشد عن زنكيّ، فتوجّه نحو أَذَرْبَيْجان.
وتزوج المقتفي بفاطمة أخت السلطان مسعود. [ص:528]
وتوجه مسعود إلى بلاد الجبل، واستناب على بغداد ألْبقش السّلاحيّ، فورد سلجوق شاه، أخو مسعود، إلى واسط، فطرده البقش، وكان مستضعفًا.
واجتمع الملك داود وعساكر أَذَرْبَيْجان، فواقعوا السّلطان مسعودًا، وجَرَت وقعة هائلة، ثمّ قصد مسعود أَذَرْبَيْجان، وقصد داود هَمَذَان، ووصلها الرّاشد المخلوع يوم الوقعة، وتقرّرت القواعد أنّ الخليفة المقتفي يكتب لزنكيّ عشرة بلاد، ولا يُعين الرّاشد، ونفذت إليه المحاضر الّتي أوجبت خلْع الرّاشد، وأُثبتت على قاضي الموصل، فخطب للمقتفي ومسعود، فلمّا سمع الراشد نفّذ يقول لزنكي: غدرت؟! قال: ما لي طاقة بمسعود، فمضي الرّاشد إلى داود في نفرٍ قليل، وتخلّف عنه وزيره ابن صَدَقَة، ولم يبق معه صاحب عمامة سوى أبي الفتوح الواعظ، ونفّذ مسعود ألْفي فارس لتأخذه، ففاتهم ومضي إلى مَرَاغة، فدخل إلى قبر أبيه، وبكى وحثى التّراب على رأسه، فوافقه أهل مُراغة، وحملوا إليه الأموال، وكان يومًا مشهودًا.
وقويَ داود، وضرب المُصَافّ مع مسعود، فَقُتِلَ من أصحاب مسعود خلْق.
وعادت الجباية والظُّلْم ببغداد.
وفيها هرب الّذي ولي الوزارة بالدّيار المصرّية بعد الحسن ابن الحافظ العُبَيْديّ، وهو تاج الدّولة بهرام الأرمنيّ النَّصْرانيّ، وكان قد تمكّن من البلاد، واستعمل الأرمن، وأساء السّيرة في الرّعيَّة، فأنِف من ذلك رضوان بن الولخشي، فجمع جيشًا وقصَد القاهرة، فهرب منه بهرام لعنه الله إلى الصّعيد، ومعه خلْق من الأرمن، فمنعه متولّي أسوان من دخولها، فقاتله، فقتل السّودان طائفة من الأرمن، فأرسل يطلب الأمان من الحافظ فأمنه، فعاد إلى القاهرة، فسُجن مدَّة، ثمّ ترهَّب وأُخرج من الحبْس.
وأما رضوان فَوَزَرَ للحافظ، ولُقِب بالملك الأفضل، وهو أوّل وزير بمصر لقّبوه بالملك، ثمّ فسَد ما بينه وبين الحافظ، فهرب في شوّال سنة ثلاثٍ وثلاثين، ونُهِبت أمواله وحواصله، فأتي الشّام، فنزل على أمين الدّولة كُمُشْتِكِين صاحب صرْخَد، فأكرمه وعظّمه، وجَرَت له أمور ذكرنا بعضها سنة ثلاثٍ وأربعين. [ص:529]
قال ابن الجوزيّ: ونوديَ في الأسواق لابن الخُجَنديّ الواعظ بالجلوس في جامع الخليفة، فجلس يوم الجمعة بعد الصّلاة، ومنع من كان يجلس، ونوديَ له بالجلوس في النّظاميَّة، فاجتمع خلائق، وحضر الوزير والشَّحْنة والمستوفي، ونَظَر، وسديد الدّولة، وجماعة من القُضاة، وحضرتُ يومئذٍ، وكان لَا يُحسن يعِظ ولا ينْدار في ذلك.
وفى جُمَادَى الأولى أُعيدت بلاد الخليفة، ومعاملاته والتَّرِكات إليه، واستقرّ عن ذلك عشرة آلاف دينار، وعادت ببغداد الجبايات مرَّة خامسة بعنف وعسف، وقبض الشِّحنة على أبي الكرم الوالي وقال: لِم تتصرَّف بلا أمري؟ فذهب أبو الكرم إلى رباط أبي النَّجيب، فتاب وحلق رأسه، ثمّ خُلِع عليه، وأُعيد إلى الولاية، وكان كافيًا فيها.
وفيها سار عسكر دمشق وعليهم الأمير بُزْواش، فحاربوا عسكر طرابُلُس فنُصِروا، وَقُتِلَ خلْق من الفرنج، ورجع المسلمون بالغنائم والسّبْي الكثير.
وفيها وقعة بَعْرين بقُرب حماة، التقى الأتابك زنكيّ والفرنج، فنُصِر عليهم أيضًا، وأخذ قلعة بَعْرِين، وكان ذلك أول وهنٍ أدخله الله على الفرنج.
وسار زنكيّ إلى بَعْلَبَكّ، فسلمها إليه كُمُشْتِكِين الخادم.
وفي ليلة الثّلاثين من رمضان رُقِب الهلال، فلم ير، فأصبح أهل بغداد صائمين لتمام العِدَّة، فلمّا أمسوا رقبوا الهلال، فما رأوه أيضًا، وكانت السّماء جليَّةً صاحية، ومثل هذا لم يُسمع بمثله في التّواريخ، وهو عجيب.(11/527)
-سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
فيها ظفروا بأحد عشر عيّارًا، فصُلِبوا في الأسواق ببغداد، وصُلِب صوفيّ من رباط البسْطَاميّ لكم صبيًا فمات، وفيها أخذ الروم بزاعة فاستباحوها، وجاء الناس يستنفرون.
وفيها قُبِض على ألْبقش نائب بغداد، وولي مكانه بهروز الخادم. [ص:530]
وتزوج السلطان مسعود بسفرى بنت دُبَيْس الأسَديّ، وسببه أنّ أولاد دُبَيْس أُقطِعت أماكنهم واحتاجوا، فجاءت بنت دُبَيْس وأمها بنت عميد الدولة بن جَهِير، وكانت بديعة الحُسن، فدخلت على خاتون زوجة المستظهر لتشفع لها إلى السّلطان، ليُعيد عليها بعض ما أُخِذ منها، فوُصِفت له، فتزوجها، وأُغلقت بغداد سبعة أيام للفرح، وضُرِبت الطبول وشربت الخمور ظاهرًا وكثر الفساد.
وفي جمادى الآخرة قتل شحنة ببعض البلدان صبيًّا مستورًا من المختارة، فأمر السّلطان بصلب الشحنة فصلب، وحطه العوام فقطعوه.
ولما أخذ زنكي قلعة بَعْرين ثارت الرّوم، وقدِمُوا في البحر من القُسطنطينية، وسبق الفُرسان إلى أنطاكّية، ثمّ وصلت مراكبهم، فنازلوا أَذَنَة والمصّيصة، وهما لابن لاون الأرمنيّ، فأخذها منه الرّوم، ثمّ أخذوا عين زَربة عَنْوَةً، وتلّ حمدون، ثمّ حاصروا أنطاكّية في آخر سنة إحدى وثلاثين، وضيّقوا على أهلها وبها بَيْمُنْد الفرنجي، ثمّ تصالح الأرمن والروم، ثمّ نازلوا حلب.
وفيها، وفي الّتي بعدها كان بين الموحّدين والملثمين حروب عدة، ومنازلة طويلة ومصابرة، كان عبد المؤمن بالموحّدين في الجبل والشّعراء، وابن تاشفين قبالته في الوطاء، ثمّ جاءت أمطار عظيمة تلف فيها أصحاب ابن تاشفين، وهلكت خيلهم، وجاعوا.
وفي رمضان وصف للسلطان مسعود امرأةٌ بالحُسْن، فخطبها وتزوجها، وأغلق البلد ثلاثة أيام.
وكان أمر الرّاشد بالله قد استفحل، واجتمعت عليه عساكر كثيرة، فدخل عليه الباطنيَّة - لعنهم الله - فقتلوه.
وفيها أمر السّلطان بقتل ألْبقش الّذي كان نائب بغداد، فَقُتِلَ، وقيل: غرّق نفسه، فأخرجوه من الماء وقطعوا رأسه.
وفيها نازل ملك الروم - لعنهم الله - مدينة بزاعة، فسلموها بالأمان في رجب، وكان عدَّة من خرج منها خمسة آلاف وثمانمائة نفس، وتنصر قاضيها وجماعة من أعيانها نحو أربعمائة نفس، ثمّ نازل حلب، فخرج إليه خلقٌ من أهلها، فقاتلوه، فَقُتِلَ خلْق من الروم، وَقُتِلَ بطريقٌ كبير، ثم ملكوا قلعة [ص:531] الأثارب، ثمّ نازلوا شيْزَر وبها سلطان بن عليّ الكِنانيّ، فنصبوا عليها ثمانية عشر مَنْجَنِيقًا، وعاثوا في الشّام، وقتلوا ونهبوا، فضايقهم عماد الدين زنكيّ، ولم يقحم عليهم، ونفذ في الرُّسْليَّة كمال الدّين الشّهْرُزُوريّ القاضي إلى السّلطان مسعود يستنجد به، فما نفع، ولطف الله، ورحلت الملاعين الروم عن الشام بتخذيلٍ من زنكيّ بين الرّوم والأرمن.(11/529)
-سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
قال أبو الفرج ابن الجوزيّ: كانت فيها زلزلة عظيمة بجنْزَة، أتت على مائتي ألف وثلاثين ألفًا، فأهلكتهم، وكانت الزّلزلة عشرة فراسخ في مثلها، فسمعت شيخنا ابن ناصر يقول: جاء الخبر أنّه خُسِف بجنْزَة، وصار مكان البلد ماء أسود، وقدِم التّجّار من أهلها، فلزِموا المقابر يبكون على أهاليهم، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
قلت: وفي " مرآة الزّمان " مائتي ألف وثلاثين ألفًا، أعني الّذين هلكوا في جَنْزَة بالزّلزلة، وكذا قال ابن الأثير في " كاملة " ولكن ذكر ذلك سنة أربعٍ وثلاثين.
وفيها وصل رسول ابن قاروت صاحب كرْمان إلى السّلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر بالله، ومعه التّقادُم والتُّحَف، فجاء وزير مسعود إلى الدّار يستأذنها، ونثرت الدّنانير وقت العقْد، وبعثت إليه، فكانت وفاتها هناك.
وفي ربيع الأول أزيلت المواصير والمكوس من بغداد، ونقشت الألواح بذلك، كان السلطان قد استوزر محمد بن الحسين كمال الدّين الرازيّ الخازن، فأظهر العدل ورفع المكوس والضرائب، ثم دخل إليه ابن عمارة، وابن أبي قيراط، فدفعا في المُكُوس مائة ألف دينار، فرفع أمرهما إلى السّلطان، فشُهِّرا في البلد مسوَّدَيْن الوجوه، وحُبسا، فلم يتمكن مع الوزير أعداؤه ممّا يريدون، [ص:532] فأوحشوا بينه وبين قُراسُنْقُر صاحب أَذَرْبَيْجان، فأقبل قُراسُنْقُر في العساكر الكثيرة، وقال: إمّا يحمل رأسه إلي أو الحرب، فخوفوا السّلطان مسعود من حادثة لَا تتلافى، ففسح لهم في قتله على كرهٍ شديد، فقتله تتر الحاجب، وحمل رأسه إلى قُراسُنْقُر، واستولت الأمراء على مُغَلّات البلاد، وعجز مسعود، ولم يبق له إلا مجرد الاسم.
وفيها خرج خوارزم شاه عن طاعة السّلطان سَنْجَر، فسار سَنْجَر لحربه فقاتله وهزم جيوشه، وقتل في الوقعة ولدٌ لخوارزم شاه، ودخل سنجر خوارزم، فأقطعها ابن أخيه سليمان بن محمد، ورتَّب له وزيرًا وأتابكًا، ورد إلى مرو، فجاء خوارزم شاه، وهرب منه سليمان، فاستولى على البلاد.
وفيها قُتِلَ شهاب الدّين محمود، وأحضروا أخاه محمدًا من بَعْلَبَكّ، فتملّك دمشق، فجاء زنكيّ الأتابك، فأخذ بَعْلَبَكّ بعد أنّ نصب عليها أربعة عشر منجنيقًا ترمي ليلا ونهارا، فأشرف أهلها على الهلاك، وسلّموا البلد، وعصى بالقلعة جماعة من الأتراك، ونزلوا بالأمان، فغدر بهم وصلبهم، فمقته النّاس وأبغضوه، ونفر منه أهل دمشق وقالوا: لو ملك دمشق لفعل بنا مثل ما فعل بهؤلاء.
وفي صفر كانت زلازل هائلة بالشّام والجزيرة، وخرب كثير من البلاد لَا سيّما حلب، فلمّا كُثرت عليهم خرج اهلها إلى الصحراء، قال ابن الأثير: عدّوا ليلة واحدة أنها جاءتهم ثمانين مرة، ولم تزل تتعاهدهم بالشّام من رابع صفر إلى تاسع عشرة، وكان معها صوت وهدَّة شديدة.(11/531)
-سنة أربع وثلاثين وخمسمائة
في رجب عقد السّلطان مسعود على بنت المقتفي لأمر الله.
وتمكّن الوزير أبو القاسم بن طِراد من الدّولتين تمكُّنًا زائدًا، ثمّ وقعت وحشة بينه وبين الخليفة.
وتُوُفّي رجلٌ مبارَك من أهل باب الأزَج نودي عليه، واجتمع النّاس في مدرسة الشَيخ عبد القادر للصّلاة عليه، فلمّا أريد غسْله عطس وعاش. [ص:533]
وفيها تكاثرت كبسات العيّارين ببغداد، وصاروا يأخذون جهارًا، وعمَّ الخطب.
وفيها حاصر زنكي دمشق، فذكر ابن الأثير أنّ زنكيّ ملك بَعْلَبَكّ، وسار فنزل داريّا، وراسل جمال الدّين محمد بن بوريّ يطلب منه دمشق، ويعوضه عنها أيَّ بلدٍ اختار، فلم يجبه، فالتقي العسكران، فانهزم الدمشقيون، وقتل كثيرٌ منهم، ثم تقدم زنكي إلى المصلى، فالتقاه جمعٌ كبير من جُنْد دمشق وأحداثها ورجال الغُوطة، وقاتلوه، فانهزموا، وأخذهم السّيف، فقتل فيهم وأكثر وأسر، ومن سلم عاد جريحًا، وأشرف البلد على أنّ يؤخذ، لكن عاد زنكيّ فأمسك عدَّة أيامٍ عن القتال، وتابع الرّسُل إلى صاحب دمشق وبذل له بَعْلَبَكّ وحمص، فلم يجيبوه، فعاود القتال والزحف فمرض صاحب دمشق محمد، ومات في شعبان، فطمع زنكي في البلد وزحف عليه زحفا متتابعًا، فلم يقدر على البلد.
وولي بعد موت محمد ابنه مُجير الدّين أبق، ودبّر دولته أنر، فلما ألح عليهم زنكي بالقتال راسل أنر الفرنج يستنجد بهم، وخوّفهم من زنكيّ إنْ تملّك دمشق، فتجمعت الفرنج، وعلم زنكيّ، فسار إلى حَوْران لمُلْتقاهم فهابوه ولم يجيئوا، فعاد إلى حصار دمشق، ونزل بعَذرا، وأحرق قرى المرج وترحل، فجاءت الفرنج واجتمعوا بأنر، فسار في عسكر دمشق إلى بانياس، وهي لزنكيّ، فأخذها وسلّمها إلى الفرنج، فغضب زنكيّ، وعاد إلى دمشق، فعاث بحَوْران وأفسد، وجاء إلى دمشق فخرجوا واقتتلوا، وقتل جماعة، ثمّ رحل عنها ومع أصحابه شيء كثير من النَّهْب، وسار إلى الموصل، فملك شهرزور وأعمالها.
وفيها جهّز عبد المؤمن جيشًا من الموحّدين إلى تِلِمْسان فخرج صاحبها محمد بن يحيى بن فانوا اللمتوني، فالتقاهم، فقتل وانهزم جيشهم، وانتهبهم الموحدون.
وفيها استولى عبد المؤمن على جبال غمارة، ووحّدوا وأطاعوا، وما برح [ص:534] عبد المؤمن يسير في الجبال، وتاشفين بن علي يحاذيه في الوطاء مدَّة طويلة، نحو سنتين، حتّى قتل تاشفين.
وفيها وقع الخُلْف بين جيش مصر، وَقُتِلَ خلقٌ من الجند.(11/532)
-سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
فيها استوزر أبو نصر المظفر بن محمد بن جهير، نقل من الأستاذدارية إلى الوزارة، وعزل ابن طراد.
وفيها ظهر ببغداد رجل قدِم إليها وأظهر الزُّهد والنُّسُك، وقصده النّاس من كلّ جانب، فمات ولدٌ لإنسان، فدفنه قريبًا من قبر السيبي، فذهب ذلك المتزهّد فنبشه، ودفنه في موضع، ثمّ قال للنّاس: اعلموا أنني رأيت عمر بن الخطاب في المنام، ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فسلّما عليَّ، وقالا: في هذا الموضع صبيّ من أولاد عليّ بن أبي طالب، ودّلهم على المكان، فحفروه، فإذا صبي أمرد، فمن الّذي وصل إلى قطعة من أكفانه، وانقلبت بغداد، وخرج أرباب الدولة، وأخذ التراب للبركة، وازدحم الخلق، وبقوا يقبّلون يد المتزهّد وهو يبكي ويتخشّع، وبقي النّاس على هذا أيامًا، والميت مكشوف يراه النّاس، ويتمسحون به، ثمّ أَنْتَن، وجاء الأذكياء وتفقدوا الكَفَن، فإذا هو جديد، فقالوا: كيف يمكن أن يكون هذا هكذا من أربعمائة سنة؟! ونقبوا عن ذلك حتّى جاء أبوه فعرفه وقال: هو والله ولدي، دفْنتُه عند السيبي، فمضوا معه، فرأوا القبر قد نُبِش، فكشفوا فإذا ليس فيه ميت، وسمع المتزهد فهرب، ثمّ وقعوا به وقرّروه، فأقرّ، فأركب حمارًا، وصفع، في ربيع الأول.
وفي سنة خمسٍ وثلاثين ملكت الإسماعيلية حصن مصياب، كان واليه مملوكًا لصاحب شَيْزَر، فاحتالوا عليه ومكروا به، حتّى صعدوا إليه وقتلوه، وملكوا الحصن، وبقي بأيديهم إلى دولة الملك الظّاهر.
وفيها تُوُفّي الوزير سديد الدّولة ابن الأنباريّ وزير الخليفة وبعده وزر ابن جهير الذي كان أستاذ الدار. [ص:535]
وفيها تضعضع أمر السلطان سنجر، وكان قد قتل ابنًا لخوارزم شاه أتْسِز بن محمد في الوقعة المذكورة، فحنق خوارزم شاه، وبعث إلى الخطا فطمعهم في خراسان، وتزوَّج إليهم، وحثَّهم على قصد مملكة سَنْجَر، فساروا في ثلاثمائة ألف فارس، فسار إليهم سَنْجَر، فالتقوا بما وراء النّهر، فانهزم سَنْجَر بعد أنّ قُتِلَ من جيشه أحد عشر ألفًا، وأُسِرت زوجة السّلطان سَنْجَر، وانهزم هو إلى بلْخ، فأسرع خُوارَزْمشاه إلى مَرْو، فدخلها وقتل جماعة، وقبض على أعيانها، ولم يزل السّلطان سَنْجَر سعيدًا إلى هذا الوقت، فطلب ابن أخيه السّلطان مسعودا، وأمره أن يقرب منه وينزل الري.
قال ابن الأثير: وقيل إنّ بلاد تُرْكُسْتان، وهي كاشغر، وبلاشاغون، وختن، وطراز، كانت بيد التُّرك الخانيَّة، وهم مسلمون من نسل افراسياب، وسبب إسلام جدّهم الأول أنه رأى في منامه كأن رجلًا نزل من السماء، فقال له بالتُّركية: أسلِمْ تسلم في الدنيا والآخرة، فأسلم في منامه، وأصبح فأظهر إسلامه، ولمّا مات قام بعده ولدُه موسى بن سنق، ولم يزل المُلْك بتُركستان في أولاده إلى أرسلان خان محمد بن سليمان بن داود بغراجان بن إبراهيم طمغاج بن أيلك أرسلان بن عليّ بن موسى بن سنق، فخرج عليه قدر خان فانتزع المُلْك منه، فظفر السّلطان سَنْجَر بقدر خان، وقتله في سنة أربعٍ وتسعين من إحدى وأربعين سنة، وأعاد المُلْك إلى أرسلان خان، وكان من جُنْده نوع من التُرك يقال لهم القارُغليَّة، ونوع يقال لهم الغُزّ الّذين نهبوا خراسان سنة ثمانٍ وأربعين كما يأتي.
وفيها أخذ المغربيّ الواعظ ببغداد مكشوف الرأس إلى باب النّوبى، وجدوا في داره خابيةَ نبيذ وعُودًا وآلات اللّهو، فكان ينكر ويقول امرأته مغنية والعود لها.
وفيها وصل رسول السّلطان سَنْجَر ومعه البُرْدة والقضيب، فسلّمه إلى المقتفي لأمر الله، وكانا مع الراشد لما قتل بظاهر أصبهان. [ص:536]
وفيها أغارت الفرنج على عمل عسقلان، فخرج جُنْدُها وقتلوا جماعة، وهزموا الفرنج.(11/534)
-سنة ست وثلاثيين وخمسمائة
فيها مات رئيس الباطنيَّة إبراهيم البهلويّ، فاحرقه شِحنة الري في تابوته.
وفيها دخل ملك خُوارَزْم أتْسِز بن محمد مدينة مرو، وفتك فيها مُراغَمَةً للسّلطان سَنْجَر حين تمّت عليه الهزيمة، وقبض على رئيس الحنفيَّة أبي الفضل الكرمانيّ، وعلى جماعة من الفقهاء.
وفيها تم عمل بثق النَهروان، وخلع المقدّم بهروز على الصُّنّاع جميعهم جِباب ديباج روميّ، وعمائم مذهّبه، وبنى لنفسه هناك تربة، وقدم السّلطان مسعود عَقِيب فراغه، وعند جَرَيان الماء في النَّهر، فقعد بهروز والسلطان في سفينة، وسار في النّهر المحفور، وفرح السّلطان به، وقيل: إنّه عاتبه في تضييع المال، فقال: أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التَّبْن في سنة واحدة، ثمّ إنّه عزله عن شِحْنكية بغداد، وولّي قزل.
وظهر من العيّارين ما حيّر النّاس، وذاك أنّ كلّ قومٍ منهم اجتمعوا بأمير واحتموا به، وأخذوا الأموال، وظهروا مكشوفين، وكانوا يكبسون الدُّور بالشّموع، ويدخلون الحمّامات، ويأخذون الثّياب، فلبس النّاس السّلاح لمّا زاد النَّهب، وأعانهم وزير السّلطان، والنَّهْب يعمل، والكبسات متوالية، ثمّ أطلق السّلطان النّاس في العيارين فتتبعوهم.
وفيها عفى الخليفة عن الوزير عليّ بن طِراد بعد شفاعة السّلطان مسعود فيه غير مرة إلى الخليفة وتمكن الخليفة المقتفي، وزادت حرمته، وعلت كلمته.
وفيها كانت وقعة هائلة بين السّلطان سَنْجَر وبين كافر تُرك بما وراء النّهر، فانكسر سَنْجَر، وبلغت الهزيمة إلى تِرْمِذ، وأفلت سَنْجَر، في نفر يسير، فوصل بلْخ في ستَّة أنْفُس، وأُخذت زوجته وبنته زوجة محمود، وَقُتِلَ من جيشه مائة ألف أو أكثر، وقيل: إنهم أحصوا من القتلى أحد عشر ألفًا، كلهم [ص:537] صاحب عمامة، وأربعة آلاف امرأة، وكان سَنْجَر قد قتل أخا صاحب خُوارَزْم، فاستنجد عليهم بكافر تُرْك، وكان مهادِنًا له وقد صاهره، فسار الملعون في ثلاثمائة ألف فارس، فأحاطوا بسَنْجَر، ولم تُرَ وقعةٌ أعظم منها، وكانت في المحرَّم، وقيل: في صفر.(11/536)
-سنة سبع وثلاثين وخمسمائة
أرسل السلطان سَنْجَر إلى السّلطان مسعود أنّ يجمع الجيش وينزل الرَّيّ، بحيث إن احتاجه طَلَبه لأجل النّكبة الماضية من التُرْك، ووصل إلى مسعود عبّاس شِحْنة الرَّيّ بعسكرٍ كثير، وخدمه، ووصل إليه جماعة من الأمراء.
وفيها أخذ زنكي الحديثة واعتقل من فيها من آل مهارش.
وفيها مات محمد بن الدانشمد صاحب مَلَطْيَة، فاستولى على بلاده الملك مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونية، وفيها كان بمصر وباء عظيم، وهلك النّاس.
وفيها جاء طاغية الرّوم في جُمُوعه يعبر إلى الشام، وخاف النّاس، وتلقاه صاحب أنطاكية، ثمّ أهلك الله طاغية الروم في هذه السنة.
وفيها مات قاضي دمشق المنتجب أبو المعالي محمد بن يحيى، وولي قضاء دمشق بعده ابنه أبو الحسن عليّ، بعث إليه بمنشور القضاء قاضي قُضاة بغداد.(11/537)
-سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة
جمع السّلطان مسعود العساكر لقصد الموصل والشّام، وتردّدت رُسُل زنكيّ، ثمّ تمّ الصُّلْح على ثلاثمائة ألف دينار في نُوَب، فعجَّل ثلاثين ألفًا، ثمّ تقلَّبت الأحوال واحتاج إلى مُداراة زنكيّ، وسقط المال، وقبض البعض.
وفيها سار السّلطان سَنْجَر وحاصر خُوارَزْم، وكاد أنّ يفتحها عَنْوةً، فأخرج خُوارَزْمشاه أَتْسِز الرُّسل ببذل الطّاعة والمال، ويعود إلى الانقياد، ويعتذر عما تقدم، فصالحه سنجر، وانعقد الصلح.
وافتتح زنكيّ في هذا العصر فتوحاتٍ عظيمة، وهابته الملوك، واتسعت ممالكه. [ص:538]
وكان البلاء شديدًا ببغداد من الحراميَّة وأذِيّتهم، ثمّ صُلِب جماعة منهم، فسكن النّاس قليلًا.
وقدم السلطان بغداد، وقدم معه الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ الحنفيّ أحد الكِبار والمناظرين، قال ابن الجوزيّ: جالسْتُه مدَّةً، وسمعت مجالسه كثيرًا، وجلس بجامع القصر، وكان يلعن الأشعريّ جَهرًا على المنبر ويقول: كُنْ شافعيًا ولا تكن أشعريًّا، وكُنْ حنفيًّا ولا تكن معتزِليًّا، وكن حنبليًّا ولا تكن مُشَبِّهًا، وما رأيت أعجب من الشّافعيَّة، يتركون الأصل ويتعلّقون بالفرع، وكان يمدح الأئمة الأعلام، وزاد في الشطرنج بغلا، وقد جلس في رجب في دار السّلطنة، وحضر السّلطان مجلس وعْظه، وكان قد كُتِب على باب النّظاميَّة اسم الأشعريّ، فتقدَّم السّلطان بمحوه وكتب مكانه اسم الشّافعيّ.
وكان أبو الفتوح الإسفراييني يجلس ويعظ في رِباطه، ويتكلم على محاسن مذهب الأشعريّ، فتقع الخصومات، فذهب أبو الحسن الغَزْنَويّ إلى السّلطان وأخبره بالفِتَن وقال: إنّ أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رُجم ببغداد مِرارًا، والصّواب إخراجه، فأخرج من بغداد، وعاد الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ إلى وطنه.
ويعرف الإسفراييني المذكور بابن المعتمد، واسمه محمد بن الفضل بن محمد، ولد سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة بإسفرايين، ودخل بغداد فاستوطنها.
وكان يبالغ في التّعصب لمذهب الأشعري، وكانت الفتن قائمة في أيامه واللعنات في الأسواق، وكان بينه وبين الواعظ أبي الحسن الغَزْنَويّ حسدٌ وشَنَآن، وكان كلّ واحدٍ منهما ينال من الآخر على المِنْبر، فلمّا بويع الرّاشد بالله، وخرج عن بغداد، خرج معه أبو الفتوح إلى الموصل، فلمّا قُتِلَ الرّاشد سُئل المقتفيّ فيه، فإذن له في العَود إلى بغداد، فجاء وتكلم، واتفق مجيء الحسن بن أبي بكر النَيْسابوريّ فوعظ، ووجد الغَزْنَويّ فرصة، فكلَّم السّلطان في أبي الفتوح، فأصغي إليه.
وقال ابن الجوزيّ: بَلَغَني أنّ السّلطان قال للحسن النَيْسابوريّ: تقلَّد [ص:539] دم أبي الفتوح حتى أقتله، فقال: لَا أتقلّد، فوكّل بأبي الفتوح حتّى أُخرج من بغداد، ووقف عند السّور خمسة عشر تركيًا، فشيعه خلْق كثير، فلمّا وصلوا إلى السّور ضربتهم الأتراك، فرجعوا، وأرسل إلى هَمَذَان، ثمّ سُلِّم إلى عباس، فبعثه إلى إسفرايين، واشترط عليه أنه متى خرج من بلده أهلك، وجاء حموه أبو القاسم شيخ الرباط، وأبو منصور ابن الرزاز، ويوسف الدمشقي، وأبو النجيب السهروردي إلى السّلطان يسألون فيه، فلم يلتفت إليهم، ونودي في بغداد أنّ لَا يذكر أحد مذهبًا، ولا يثير فتنة، فلمّا وصل أبو الفتوح إلى بسْطام تُوُفّي بها في ذي الحجَّة ودُفِن هناك.
قلت: ولمّا بَلَغَت ابن عساكر الحافظ وفاتُه أملى مجلسًا سمعناه بالاتّصال، وعُمِل له العزاء في رباطه ببغداد، فحضره الغَزْنَويّ، فلامه بعض النّاس وقال: ما لك أظهرت الحزْن عليه وبكيت؟ قال: أنا بكيت على نفسي، كان يقال فلان وفلان، فعُدِم النظير، ودنا الرحيل.
وفيها نازل عبد المؤمن تِلِمْسان، وحاصرها مدَّةً طويلة، فكشف عنها تاشفين بن عليّ.(11/537)
-سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة
فيها نهض عسكر بَعْلَبَكّ، فأغاروا على الفرنج، فقتلوا وسبوا، ثمّ التقوا الفرنج، فنصرهم الله، ورجعوا إلى بَعْلَبَكّ، وكذا فعل عسكر حلب، وأخذوا قَفْلًا كبيرًا للفرنج، وجاءوا بالغنيمة، فلله الحمد.
وفيها نزل زنكي على الرُّها، وهي للفرنج، فنصب عليها المجانيق، ونقب سورها، وطرح فيه الحطب والنّار، فانهدم، ودخلها، فحاربهم ونُصِر المسلمون، وغنموا وسبوا، وخلص منها خمسمائة أسير، فلمّا قُتِلَ زنكيّ استردتها الفرنج، وقتلوا من بها من المسلمين، فلله الأمر.
وفيها حجّ بالنّاس من العراق نَظَر الخادم، فنهب أصحاب هاشم بن فليتة بن القاسم العَلَويّ الحُسَينيّ صاحب مكَّة النّاس في وسط الحَرَم، ولم يرقبوا منهم إلًّا ولا ذمَّة.
وفيها تولّى تدبير مملكة غَرْناطة أبو الحسن علي بن عمر الهمداني قاضي [ص:540] المَرِيَّة، وذلك عند انقضاء دولة الملثَّمين، فلم تطُلْ أيّامه، وتُوُفّي في عَشْر السّبعين، وكان من كبار الفقهاء، ومن فصحاء الشعراء.
وفيها وجّه عبد المؤمن جيشًا مع أبي حفص الهنتاتي إلى وهران، فهجمها وأخذها بَغْتَة، فأسرع إليه تاشفين، ففر منها أبو حفص ونزل بجبل بها، ثمّ هلك تاشفين كما ذكرنا في ترجمته.(11/539)
-سنة أربعين وخمسمائة
في رجب قدم السلطان مسعود بغداد وكان قد توجه لحربه سليمان شاه، ومحمد شاه، وعباس شحنة الري، ثم تفرقوا وسار علي بن دبيس، فجمع بني أسد وسار إلى الحلة، وبها أخوه محمد بن دبيس فتحاربا، فانهزم محمد وتملك علي الحلة واستفحل أمره، فقصده مهلهل، وأمير الحاج نظر في عسكر بغداد فهزمهم أقبح هزيمة، وكان مع هذا صبيا أمرد، ثم إن السلطان أمره على الحلة.
وفيها افتتح عبد المؤمن بن علي مدينة تلمسان، ثم مدينة فاس بعد حصار طويل وبلاء شديد، وقتل وأسر وعمل ما لا يخيل.(11/540)
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر
- (الوفيات)(11/541)
-سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
وتسمية من توفي فيها(11/541)
1 - أحمد بن بركة بن يحيى البقّال. [المتوفى: 531 هـ]
صحيح السماع، بغدادي، يروي عن: أبي القاسم ابن البسري، وعاصم العاصميّ، تُوُفّي في شعبان.(11/541)
2 - أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار، أبو العباس الجذامي، الإشبيلي، المقرئ، ابن النخاس، ويكنى أبا جعفر أيضا. [المتوفى: 531 هـ]
أخذ القراءات عن: أبي عبد الله محمد بن شُرَيْح، وأبي الحسن العبْسيّ، وأبي عبد الله السَّرَقُسْطيّ، ومحمد بن يحيى العَبْدَريّ، وأجاز له أبو عليّ الغسّانيّ، وجماعة.
وتصدّر للإقراء في أيّام أبي داود، وابن الدّوش، أخذ عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو بكر بن خَيْر، ونجبه بن يحيى، وكان يلقّب بالمجوّد لحسن قراءته، وله مصنَّف في النّاسخ والمنْسوخ.
تُوُفّي في رجب، وكان مولده سنة أربع خمسين وأربعمائة، تلا عليه بالسبع أبو حميد عبد العزيز السماتي.(11/541)
3 - أحمد بن أبي العلاء عبد الكريم بن أحمد الصدر، النبيل، أبو رشيد القاساني، الأصبهاني. [المتوفى: 531 هـ]
سمع: البزاني، وأبا منصور بن شكرويه. [ص:542]
قال السّمعانيّ: كتبت عنه في هذه السّنة.(11/541)
4 - أحمد بن عقيل بن محمد بن عليّ، أبو الفتح بن أبي الحوافر البَعْلَبَكّيّ. [المتوفى: 531 هـ]
حدَّث عن: أبيه، روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد الحنفيّ وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل، وأبوه فارسيّ الأصل، فقيه روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر.(11/542)
5 - أحمد بن علي، أبو البركات ابن الأبراديّ، الفقيه الحنبليّ، الرجل الصّالح. [المتوفى: 531 هـ]
تفقه على أبي الوفاء بن عقيل، وسمع من: أبي الحسن الأنباريّ، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وغيرهما، ووقف داره مدرسةً على الحنابلة، وهي بالبَدْريَّة، روى عنه: أبو المعمَّر الأنصاريّ، وأشرف بن أبي هاشم.
تُوُفّي في رمضان.(11/542)
6 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد، أبو العبّاس النَّعاليّ، الأَسَدَابَاذيّ. [المتوفى: 531 هـ]
محدِّث، رحال، سمع الكثير، وتعِب وجَمَع، ولم يكن له كبيرُ فَهْم، سمع ببلده: أبا الحسن المحكميّ، وببغداد: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وأخاه طِرادًا، وجماعة.
قال ابن السمعاني: حدثنا عنه جماعة من أصحابنا، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة.(11/542)
7 - أحْمَد بْن مُحَمَّد بن ثابت بن حسن بن علي، أبو سعد، ولد الإمام أبي بكر الخُجَنديّ، الأصبهانيّ. [المتوفى: 531 هـ]
تفقه على والده، وشاخ، ووُلّي تدريس النّظاميَّة غير مرة.
قال ابن السّمعانيّ: رأيته بأصبهان لازمًا بيته، سمع: علي بن عبد الرحمن [ص:543] ابن عَلِيَّك النَيْسابوريّ، والحسن بن عمر بن يونس الحافظ، وقرأت عليه جزءًا، وتُوُفّي في شعبان، وله ثمانٍ وثمانون سنة.(11/542)
8 - أحمد بن أحمد بن محمد، أبو الحسن ابن القصير، الغرناطي. [المتوفى: 531 هـ]
روى عن: القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل، ومحمد بن سابق، وأبي علي الغساني، وأبي عبد الله الطلاعي.
وكان فقيهًا، حافظًا، مُشَاوَرًا ببلده، واستقضى بغير موضع، وتُوُفّي في ذي الحجَّة.(11/543)
9 - أَحْمَد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان، أبو عبد الله بن أبي تمّام الدقاق، الهمداني، الشروطي. [المتوفى: 531 هـ]
بغدادي أصيل، سمع: أباه، وعمه أبا الغنائم، وعبد الصمد ابن المأمون، وهناد بن إبراهيم النَّسفيّ، وجماعة.
قال ابن النجار: حدثنا عنه أحمد بن صالح المضري، تُوُفّي في ذي الحجَّة وله ثمانٍ وسبعون سنة.(11/543)
10 - أحمد بن محمد بن أبي القاسم ابن تليزة، أبو نصر الأصبهانيّ، الكاتب، الخُوزِيّ، [المتوفى: 531 هـ]
كان يسكن سكَّة الخوزيّين.
سمع: أبا عمرو بن مَنْدَهْ، وجماعة، تُوُفّي في شوّال في عَشْر السّبعين، أخذ عنه أبو سعد السّمعانيّ.(11/543)
11 - إبراهيم بن محمد بن عبد الواحد بن عبْدُوَية، أبو إسحاق الأصبهانيّ، الحلليّ. [المتوفى: 531 هـ][ص:544]
روى عن: أبي القاسم عبد الواحد بن أحمد، وعنه: أبو موسى المَدِينيّ، تُوُفّي في ربيع الأول.(11/543)
12 - إسماعيل بن حسن بن محمد العلوي الحسيني الطبيب. [المتوفى: 531 هـ]
هو جرجاني سكن خوارزم دهرا، ثم تحول إلى مرو، كان أوحد عصره في الطب، وله فيه التصانيف السائرة بالعربية والعجمية. ذكر أنه سمع " أربعي " أبي القاسم القشيري منه، وحدث بها بمرو. وكان رخوا في دينه، ذكره السمعاني.(11/544)
13 - إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح، أبو محمد النَيْسابوريّ، القارئ. [المتوفى: 531 هـ]
قال ابن نُقْطة: سمع " صحيح مسلم " من عبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وأحاديث يحيى بن يحيى، وسمع من: أبي حفص بن مسرور جماعة أجزاء، روى عنه الحفاظ: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو العلاء الهَمَذانيّ، وأبو سعد السّمعانيّ، والحسن بن محمد القُشَيْريّ، وزينب الشّعْريَّة، وآخرون.
وقال أبو سعد: شيخ، صالح، عفيف، صوفيّ، نظيف، مواظِب على الجماعات، خدم الأستاذ أبا القاسم القُشَيْريّ، ووُلِد في رجب سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة. وتُوُفّي يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة إحدى وثلاثين.
وقال ابن نُقْطة: روى عنه " صحيح مسلم " أبو سعد الحسن بن محمد بن المحسن القشيري، ثم قال: أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن قالت: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم القارئ، قراءةً عليه وأنا أسمع، في سنة أربعٍ وعشرين وخمسمائة، قال: أخبرنا عمر بن مسرور، قال: أخبرنا ابن نُجَيد، فذكر حديثًا.
قلت: سمعتُ جزء ابن نُجَيد على غير واحدٍ بإجازة زينب المذكورة، بهذا الإسناد، وقد أجاز لأبي القاسم ابن الحرستاني، وحدث عنه بأجزاء ابن مسرور.(11/544)
14 - بركات بن عبد العزيز بن الحسين، أبو الحسن الدّمشقيّ، الأنْماطيّ. [المتوفى: 531 هـ]
سمع: أبا بكر الخطيب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد.
وكان حافظًا للقرآن، مستورًا، قاله ابن عساكر، وقال: كان شيخًا مغفَّلًا، حدَّثني أبو الحسين القَيسيّ أنّه قال: إنّهم يقولون إنّ صلاتي كافرة، فقال: إنْما يقولون بِدْعة، فقال: هو هذا. وكان يُديم الخروج إلى مغارة الدّم، ويصلّي بالنّاس النوافل، ويعمّم الصّبيان يوم العيد. وتُوُفّي في رمضان.
قلت: روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد.(11/545)
15 - تميم بن أبي سعيد بن أبي العبّاس، أبو القاسم الْجُرْجانيّ، المؤدِّب. [المتوفى: 531 هـ]
سمع " مُسْنَد أبي يَعْلَى "، من أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وسمع من: أبي حفص عمر بن مسرور، وأبي عامر الحسن بن محمد بن عليّ النَّسَويّ القُومسيّ، وأبي بكر أحمد بن منصور المغربيّ، وعليّ بن محمد بن عليّ بن عُبَيْد الله البحَّاثيّ راوي " التّقاسيم والأنواع "، ومحمد بن محمد بن حمدون السُّلَميّ.
وكان مُسْنِد هَرَاة في زمانه، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وجماعة، وآخر من روى عَنْهُ أبو رَوْح عبد المعزّ الهَرَويّ.
قال ابن نقطة: ذكر لي يحيى بن عليّ المالقيّ ببغداد أنّه لمّا قدِم أبو جعفر بن خَولة الغَرْناطيّ من الهند إلى هَرَاة، أخرج إليهم بقيَّة الأصل بمُسْنَد أبي يَعْلَى، وفيه سماع أبي رَوْح، من تميم، قال يحيى: فكمل له جميع المسند سماعًا منه بتلك المجلدة.
قلت: لَا أعلم متى تُوُفّي تميم، لكنه كان باقيًا في حدود هذه السّنة بهَرَاة، وسماعاته فبنيسابور، وكان يؤدّب، وسماع أبي رَوْح منه في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّمِيمِيُّ، عَنْ أبي روح: قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد، قال: أخبرنا أَبُو سَعْدٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ سَنَةَ ثمانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ [ص:546] قراءة عليه: قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فِي رهطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ: أَنَّ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مشركٌ، وَلا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عن الزهراني، فوافقناه.
وأخبرنا ابن الخلال: قال: أخبرنا عتيق السلماني، وغيره قالا: أخبرنا أبو القاسم ابن عساكر، قال: أخبرنا تميم الْجُرْجانيّ بهَرَاة في شعبان سنة ثلاثين، فذكر حديث بهْز بن حكيم في البرّ، من جزء ابن نُجَيْد.
وقد قال ابن السّمعانيّ إنّه لمّا دخل هَرَاة كان تميم قد تُوُفّي، وإنّه أجاز له في سنة ثمانٍ وعشرين، وقد سمع منه أبو رَوْح في هذه السّنة أيضًا.
وقال ابن السّمعانيّ في " التّحبير ": تميم بن أبي سعيد المؤدب، المعلّم القصّاريّ، أكثر بإفادة خاله القاضي أبي محمد عبد الله بن يوسف الْجُرْجانيّ، ثمّ سكن هَرَاة، وكان مسْنِدًا، ثقة، صالحًا، يعلم الصِّبْيان، سمع: ابن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا عثمان البحيري، وأبا عثمان الصّابونيّ، والبَيْهقيّ، ومحمد بن عبد الله العُمَريّ الهَرَويّ، وأبا بكر محمد بن الحَسَن بن عليّ الطَّبَريّ، وروى لي عنه جماعة، فمن جملة ما سمعه: " مُعْجَم الحاكم "، قال: أخبرنا البيهقي عنه، و " مسند أبي يَعْلى " القدر الّذي كان عند أبي سعد، في خمسةٍ وثلاثين جزءًا، وكتاب " المتّفق " للجَوْزقيّ، بروايته عن أبي بكر المغربيّ، للقدر الّذي عنده منه، وكتاب " التّرغيب " لحُمَيْد بن زنجويه. قال: أخبرنا أبو بكر العمري، قال: أخبرنا ابن أبي شريح، قال: أخبرنا الرذاني عنه، سوى الجزء الخامس من تجزئة عشرة، و " صحيح ابن حبان "، بروايته عن البحاثي، عن محمد بن أحمد الزوزني، عنه. و " فوائد [ص:547] المغربي "، انتقاء خاله عليه، و " معرفة علوم الحديث "، للحاكم، عن الكنجروذي، عنه.(11/545)
16 - الحسين بن أحمد بن عبد الصّمد بن محمد بن تميم، أبو القاسم التّميميّ، الدّمشقيّ، الشّاهد. [المتوفى: 531 هـ]
سمع من: أبي القاسم بن أبي العلاء، ونصر المقدسيّ، وسهل بن بِشْر، وأبي عبد الله بن أبي الحديد، وكتب بخطّه الكثير، روى عنه: عبد الخالق بن أسد.
وقال ابن عساكر: سمع منه أصحابنا، وأجاز لي. وتوفي في صفر، ودُفِن بداره بباب البريد، ثمّ نُقِل بعد خمسٍ وعشرين سنة إلى جبل قاسيون، وكان مولده في سنة ستٍ وستين وأربعمائة.(11/547)
17 - الحَسَن بن منصور بن محمد بن عبد الجبّار، الشَيخ أبو محمد التّميميّ، السّمعانيّ، المَرْوَزِيّ، [المتوفى: 531 هـ]
عم الحافظ أبي سعد.
قال: سمع الكثير ونسخه، وجمع جموعًا في الحديث، وقرأت عليه الكثير. وكان إمامًا، زاهدا، ورعا، وقورا، تاركا لمخالطة الناس. سمع: نظام الملك، ووالده، وعلي بن أحمد المديني، وخلقا. ولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، دخل السراق في الليل، فخنقوه لأجل مالٍ أودع عندهم، والله يرحمه، في غرة جمادي الأولى.(11/547)
18 - الحسن بن هادي بن الحسن، أبو العز العلوي، الأصبهاني. [المتوفى: 531 هـ]
سمع: أبا مسلم بن مهربزد، وعائشة الوَرْكَانيَّة، قرأ عليه ابن السّمعانيّ ورقة.
وجئناه مرَّةً، فصاح فينا، فقُلْنا: جئناك لنقرأ حديث جدّك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فتكلَّم بكلمة يكفر الإنسان بدونها، وضربتُ على سماعي منه، عاش نَيّفًا وثمانين سنة.(11/547)
19 - الحسن بن محمد بن مرداس، أبو محمد البَيْهَقيّ، الخُسْرَوْجِرْديّ، [المتوفى: 531 هـ]
وخُسْرَوْجِرْد: إحدى قرى بَيْهق.
سمع بقريته من: عُبَيْد الله بن المعتزّ البَيْهقيّ.
أخذ عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره، وقال: مات بعد صفر سنة إحدى وثلاثين.(11/548)
20 - الحسين بن محمد بن الحسين بن عليّ بن الفرخان، أبو عبد الله السِّمَنَانيّ. [المتوفى: 531 هـ]
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ صالح، صحِب المشايخ وخَدَمَهم، ورحل إلى نَيْسابور، وسمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا الحسن الواحديّ المفسّر، وأبا بكر أحمد بن خَلَف، وروى ببغداد " الوسيط " للواحديّ، وقد رحل إلى بوشنج، وسمع بها من جمال الإسلام أبي الحسن الداودي، وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وغيره.
قال أبو سعد السّمعانيّ: دخلتُ سِمَنَان في أواخر صفر لأسمع منه، فذكر لي جماعة أنه مات من شهر.(11/548)
21 - حمزة بن شجاع بن أبي بكر محمد بن إبراهيم اللَّفْتوانيّ، أبو الوفاء. [المتوفى: 531 هـ]
أسمعه أخوه الحافظ محمد بن أبي بكر من أبي عبد الله الثّقفيّ، وجماعة. مات كهْلًا في رجب. أخذ عنه السمعاني.(11/548)
22 - سعيد بن طلحة بن حسين بن أبي ذَرّ محمد بن إبراهيم، الصّالْحانيّ، الأصبهانيّ، أبو الخير، الأديب. [المتوفى: 531 هـ]
شاعر مُفْلِق، أجاز له أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وسمع من: عائشة الوَرْكانية. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وغيرهما. [ص:549]
وتوفي في رمضان.(11/548)
23 - سهْلُ بن عليّ بن عثمان، أبو نصر النَيْسابوريّ، التّاجر، السَّفار، الشّافعيّ. [المتوفى: 531 هـ]
حضر درس أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، وسمع: أبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وأبا الفتح نصر بن الحسن التُّنْكُتيّ، ودخل الأندلس، وحدَّث بالإسكندريَّة، قال القاضي عِياض: حدَّثني بحكايات، وروى عنه: أبو محمد العثماني، وتوفي غريقًا مُنْصَرَفَه من المَرِيَّة في سنة إحدى هذه.(11/549)
24 - شبيب بن عبد الله بن محمد بن خورة، الأصبهاني، أبو المظفر. [المتوفى: 531 هـ]
سمع: أحمد الباطِرْقانيّ، مات في رمضان عن ثمانين سنة.(11/549)
25 - طاهر بن سهل بن بِشْر بن أحمد بن سعيد، أبو محمد الإسفراييني، الصّائغ. [المتوفى: 531 هـ]
دمشقيّ من أولاد الشّيوخ، وُلِد سنة خمسين وأربعمائة. وسمع: أباه المحدّث أبا الفَرَج، وأبا القاسم الحنائي، وعبد الدائم بن الحسن الهلاليّ، وأبا الحسين محمد بن مكّيّ الأزديّ، وأبا بكر الخطيب، والكتّانيّ، وابن أبي الحديد، وغيرهم.
روى عنه: الحافظ أبو القاسم، وقال: كان شيخًا عسِرًا، مع جَهْله بالحديث، وعدم ثقته، حك اسم أخيه من كتاب " الشّهاب " للقُضاعيّ، وأثبت بدله اسمه، وتوفي في ذي الحجة.
قلت: وروى عنه: عبد الرحمن بن عليّ الخِرقيّ، وأبو القاسم عبد الصمد بن محمد ابن الحرستاني، وجماعة.(11/549)
26 - عبد الله بن محمد بن أحمد بن مملة، أبو منصور الأصبهانيّ، الشُّرُوطيّ، المعروف بالكِسائيّ. [المتوفى: 531 هـ]
سمع: عبد الرحمن بن منده، والمطهر البزاني، وأبا عيسى بن زياد، وأبا [ص:550] بكر بن ماجة، روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو المجد زاهر الثّقفيّ، وآخرون.
تُوُفّي في أوّل سنة إحدى وثلاثين.(11/549)
27 - عبد الجبّار بن عبد الوهّاب بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن بن أبي الحسن ابن الأستاذ أبي القاسم الدّهّان، النَيْسابوريّ، البَيِّع. [المتوفى: 531 هـ]
لم أظفر له بوفاة، لكّني أعلم أنّه كان في هذه الحدود.
ذكره عبد الغافر فقال: شابٌ عهِدْناه في أيّام الصِّبا، سديد الطّريقة، من بيت الثّروة والمروءة. سمع من الأئمة مثل: البَيْهَقيّ، وسعيد العَيار، والطّبقة، إلى أنّ توفي جده، سمع الأصحاب منه، وقُرئ عليه الكثير.
قلت: روى عنه: " السنن الكبير " عبد الرحيم بن عبد الرحمن الشّعْريّ.
وذكره أبو سعد السّمعانيّ، وأنّه أجاز له في سنة سبعٍ وعشرين؛ وقال: شيخ ثقة، من أهل الخير والأمانة، كان عنده تصانيف أبي بكر البَيْهَقيّ، وحدَّث بالكثير.
وسمع: أبا طاهر محمد بن علي الرزاز الحافظ، والبَيْهَقيّ، وأبا يَعْلى الصّابونيّ.(11/550)
28 - عبد الرحمن بن الحسين بن محمد، الإمام أبو محمد ابن العلّامة أبي عبد الله الطَّبريّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 531 هـ]
وُلِد ببغداد، وبها نشأ، ووالده مِن أعيان أصحاب الشَيخ أبي إسحاق.
أنفق أبو محمد هذا الأموال والذخائر حتّى وُلِي تدريس النّظاميَّة ببغداد.
قال ابن السّمعانيّ: خرج عنه في الرّشوة إلى الأكابر لتحصيل المدرسة ما لو أراد لبنى به مدرسة كاملة، وورد علينا مَرْو، وكان شيخًا بهيّ المنظر، حسن الكلام في المسائل.
حدثنا عن أبي عليّ الحدّاد وقال: سمعت من الشَيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ، وتفقّهت عليه، وأصولي ببغداد، وذكر أن مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة. [ص:551]
توفي بخوارزم في سنة إحدى وثلاثين أو في سنة ثلاثين.(11/550)
29 - عبد الرّزّاق بن عبد الله ابن الأستاذ أبي القاسم القُشَيْريّ، أبو المكارم. [المتوفى: 531 هـ]
صالح، خيِّر، سمع: جدّته فاطمة بنت الدّقّاق، والفضل بن المحب.
مات في صفر، أو ربيع الأوّل، أخذ عنه: السّمعانيّ، وغيره.(11/551)
30 - عبد العزيز بن عليّ بن عيسى، أبو الأصْبَغ الغافِقيّ، المعروف بالشّقُّوريّ، [المتوفى: 531 هـ]
نزيل قُرْطُبَة،
روى عن: أبي عليّ بن سُكَّرَة، وجماعة.
وكان من كبار الفُقَهاء، كتب للقُضاة بقُرْطُبَة.
تُوُفّي يوم عيد الفطر.(11/551)
31 - عبد الغنيّ بن محمد بن عبد الغنيّ بن محمد بن حنيفة، أبو القاسم الباجسرائي، [المتوفى: 531 هـ]
من تناء بعقوبا.
وكان صالحًا، فاضلًا، متميِّزًا، وله شعرٌ حَسَن، سمع: أبا القاسم ابن البُسْريّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، روى عنه: أبو الفضل بن ناصر، وأبو المعمر الأنصاريّ، وابنه أبو المعالي أحمد. وتوفي في شعبان ببَعْقُوبا.(11/551)
32 - عبد الكريم بن شُرَيْح، الفقيه أبو معمر الروياني، [المتوفى: 531 هـ]
قاضي آمل طبرستان.
إمام مناظر، سمع ببسطام، وآمل، وبساوة من: محمد بن أحمد الكامخيّ؛ وبأصبهان من: محمود الكَوْسَج؛ وبنَيْسابور من: محمد بن إسماعيل التفليسي.
أخذ عنه السمعاني، ومات في رمضان.(11/551)
33 - عبد الملك بن عليّ بن عبد الملك بن محمد بن يوسف، أبو الفضل بن أبي الحسن اليُوسُفيّ، البغداديّ. [المتوفى: 531 هـ]
طلب الحديث بنفسه، وأكثر، وحصّل الأصول، وهو من بيت علم [ص:552] ورواية، سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بْن الحَسَن، وعليّ بْن محمد بْن محمد الأنباريّ، وحدَّث، وسمع منه جماعة.
وتُوُفّي في رابع ذي الحجَّة.
وكان أبوه يروى عن أبي عليّ ابن المُذْهِب.
روى عنه: عبد الرحمن بن محمد القصْريّ، وصالح بن محمد الأزَجيّ.(11/551)
34 - عُبَيْد اللَّه بن الحسين بن عُبَيْد اللَّه بن شباب، أبو المعالي البَرُوجِرْديّ، [المتوفى: 531 هـ]
أخو القاضي شبيب.
شيخ مُعَمَّر، ممتَّع بحواسه، سمع من: أبي محمد الصريفيني، وحدث ببروجرد بالجعديات غير مرة، وتوفي في شهر ربيع الأوّل، عن تسعين سنة.(11/552)
35 - عُبَيْد الله بن مسعود بن عبد العزيز، أبو البقاء الرّازيّ، ثمّ البغداديّ، القاضي، [المتوفى: 531 هـ]
أخو عبد الله.
سمع: أبا الحسين بن المهتديّ بالله، والصَّرِيفينيّ، روى عنه: أبو المُعَمر الأنصاريّ، ويحيى بن بوش.
وتُوُفّي في جُمَادى الأولى.(11/552)
36 - عليّ بن أحمد بن عبد الله، أبو الحَسَن الرَّبَعيّ، المَقْدِسيّ، التّاجر، الشّافعيّ. [المتوفى: 531 هـ]
قال ابن بَشْكُوال: له سَماع من أبي بكر الخطيب، ومن نصر المقدسيّ، ودرس على أبي إسحاق الشيرازي، وسكن المرية، أخبرنا عنه القاضي عياض وقال: أخبرنا أبو الحَسَن هذا، عن أبي بكر الخطيب، عن أبي حازم العبدويي، فذكر حديثًا، قال: وتُوُفّي سنة إحدى وثلاثين.(11/552)
37 - علي بن محمد بن علي، أبو الحسن الهروي، الأديب، [المتوفى: 531 هـ]
مؤدب أولاد الوزير نوشروان بن خالد.
حدَّث عن: البانياسيّ، ورزق الله التميمي.(11/552)
38 - علي بن المبارك بن علي، أبو الحسن الدردائي، [المتوفى: 531 هـ]
ودردا: من قرى بغداد.
رئيس متمول، حدث عن: أبي القاسم ابن البسري، روى عنه جماعة.(11/553)
39 - فارس بن بنجير بن فارس بن يوسف، الأديب، أبو الهيجاء القِرْمِيسِينيّ. [المتوفى: 531 هـ]
شيخ صالح يؤدب الصِّبْيان، سمع: أباه، ومكي بن بنجير الهَمَذانيّ بهمذان، وأبا معشر الطبري بمكة، وحدَّث، وأجاز لابن السمعاني.(11/553)
40 - محمد بن أحمد بن علي، أبو الحَسَن ابن الأبراديّ، الزّاهد. [المتوفى: 531 هـ]
تفقّه وتعبَّد، وصحِبَ أبا الحسين بن الفاعوس، ووقف دارًا له بالبدْريَّة، مدرسة للحنابلة.
وتُوُفّي في ثاني رمضان ببغداد.(11/553)
41 - محمد بن أحمد بن الحَسَن، أبو بكر البَرُوجِرْديّ، الجوهريّ، [المتوفى: 531 هـ]
رئيس بَرُوجِرد، بلدة عند هَمَذَان.
كان محتشمًا متموِّلًا، رحل وعُني بالحديث، وخرّج مُعْجَمًا لنفسه، سمع ببلده من جماعة، وبالكرج من مكي السلار، وبهمذان من: الساوي الكامخيّ، وحمد بن منصور، وأحمد بن عمر البَيِّع، وبأصبهان من: أبي العلاء محمد الفُرْسانيّ، وأبي مطيع، وببسطام، وساوة، ودامَغَان.
وسمع بنَيْسابور من: عليّ بن أحمد بن الأخرم، ونصر الله بن أحمد الخُشْناميّ، وبمَرْو: أحمد بن عبد الوهاب المروزي، وبهراة: صاعد بن سيار القاضي، وأبا عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المَلِيحيّ، وببلْخ من: أحمد بن محمد الخليليّ، وببغداد من: عليّ بن محمد العلّاف، وابن بيان، وخلْق.
روى عنه: المبارك بن كامل، ويحيى بن بوش.
قال ابن ناصر: كان تاجرًا، وما كان يعرف شيئًا من الحديث.
وقال السّمعانيّ: وُلِد سنة ستّين، وتُوُفّي في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين. [ص:554]
قلت: كان يتّجر ويسمع بهذه النّواحي.(11/553)
42 - محمد بن أبي عليّ الحَسَن بن محمد بن عبد الله، أبو جعفر الهَمَذانيّ، الحافظ. [المتوفى: 531 هـ]
شيخ، صالح، ثقة مأمون، مُعَمَّر، رحل إلى العراق في سنة ستين وأربعمائة فسمع بها، ولكن لم يكن مُعْتنيًا حينئذٍ بالسّماع، ثمّ سمع بعد ذلك من: أبي الحسين ابن النقور، وأبي القاسم ابن البُسْرِيّ، وهذه الطّبقة ببغداد، ورحل إلى نَيْسابور: فسمع: الفضل بن المحب، وأبا صالح المؤذن، وأصحاب العلوي وأبي نعيم الإسفراييني، وحجّ فسمع: أبا عليّ الشّافعيّ، وسعد بن عليّ الزَّنْجانيّ شيخ الحَرَم، وسمع بهَرَاة شيخ الإسلام أبا إسماعيل الأنصاري، وأبا غانم محمود بن القاسم الأزدي، وبجرجان إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وسمع " صحيح البخاريّ " من أبي الخير محمد بن موسى الصّفّار.
وحدَّث " بجامع " أبي عيسى عن: أبي عامر الأزْديّ، ومحمد بن محمد بن العلاء، وأبي حامد ثابت بن أبي العبّاس بن سَهْلَك القاضي، بسماعهم من الجراحيّ، وسمع جماعة بهَمَذَان، وكان من أئمة السُّنَّة، ومن مشايخ الصُّوفيَّة.
قال ابن السّمعانيّ: سافر الكثير إلى البلدان الشّاسعة، وسمع، ونسخ بخطه، وما أعرف أنّ في عصره أحدًا سمع أكثر منه.
قال: وحُكيَ عنه أنّه قال: دخلت بغداد سنة ستين، فكنت أحضر عند الشّيوخ، وأسمع، ولا أدعهم يكتبون اسمي، لأنّي كنت لا أعرف العربية، حتى دخلت البادية فلم أزل أدور مع الظّاعنين من العرب حتّى رجعت إلى بغداد، فقال لي الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: رجعت إلينا عربيًا، وكان يسمّيني الخثْعميّ، لإقامتي في بني خَثْعَم في البادية.
قال ابن السّمعانيّ: وكان خطّه رديئًا، وما كان له كبير معرفة بالحديث على ما سمعت، وسمعت محمد بن أبي طاهر الصُّوفيّ بأصبهان يقول: سمعتُ أبا جعفر بن أبي عليّ يقول: تعسَّر عليَّ بعض شيوخي بجُرْجان، فحلفت أنّ لا أخرج منها حتى أكتب كلّ ما عنده، فأقمت مدَّة، وكان يُخرج إليَّ الأجزاء والرقاع، حتّى كتبت جميع ما عنده.
روى عنه: أبو العلاء الهَمَذانيّ، ومن القدماء: محمد بن طاهر المقدسيّ. [ص:555]
وآخر من روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الوهّاب بن المُعَزّم الهَمَذانيّ.
تُوُفّي في منتصف ذي القعدة، وهو الذي أورد على إمام الحرمين في إثبات العُلُوّ لله، وقال: حيَّرني الهَمَذانيّ.
وقد روى عنه ابن عساكر.(11/554)
43 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد، الهلاليّ، الخَلُوقيّ، المَرْوَزِيّ. [المتوفى: 531 هـ]
إمامٌ مفتٍ، عارف بالمذهب، سمع: أبا الخير الصّفّار، ومحمد بن الحَسَن المهربندقشاني، وجماعة.
مات في ربيع الأوّل، عن ثمانٍ وسبعين سنة.(11/555)
44 - محمد بن عليّ الخفّاف؛ بغداديّ، يعرف بابن الكُوفيَّة. [المتوفى: 531 هـ]
روى عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ. وتُوُفّي في رجب.(11/555)
45 - محمد بن الفضل بن عبد الواحد، القاضي أبو الوفاء النَّايَنْجيّ الأصبهاني، ويعرف بابن جلة. [المتوفى: 531 هـ]
كان يتولّى القضاء بنايين، وهي ناحية من نواحي أصبهان.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ كَيّس، سمع الكثير، وحصّل الأصول، سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن أحمد بْن ماجة، وإبراهيم بن محمد القفّال، وطائفة، ورحل إلى بغداد فسمع من: طِراد، وابن البَطِر، وخرّج له أبو نصر اليُونَارْتيّ، وتُوُفّي بأصبهان.(11/555)
46 - محمد بن الفضل بن محمد، أبو بكر الأصبهاني الخانيّ، المقرئ، [المتوفى: 531 هـ]
من مُسْنِدي أصبهان.
روى عن: أبي مسلم بن مهربزد، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وبكر بن حَيْد، وعليّ بن محمد الحَسْنَابَاذِيّ، وجماعة، وعنه: السّمعانيّ، وغيره.
لم أظفر له بوفاة.(11/555)
47 - محمد بْن محمد بْن أحمد بْن محمد، أبو نصر الخموشيّ السَّرْخَسِيّ. [المتوفى: 531 هـ]
صدوق، مكثر، رئيس، ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وسمع: زُهير بن الحَسَن الْجُذاميّ، وعبد الله بن عَباس العَبْدُوسيّ، وغيرهما، روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وأبوه.
مات في ربيع الآخر.(11/556)
48 - محمد بن محمد بن الحسين بن القاسم بن خميس، أبو البركات المَوْصِليّ. [المتوفى: 531 هـ]
من بيت العلم والفضيلة بالمَوْصِل، روى عن: أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن طَوْق، وعنه: الصائن هبة الله ابن عساكر، والكمال محمد بن عبد الله بن الشّهْرُزُوريّ القاضي.
وسماع الكمال منه ببغداد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.
قال ابنه سليمان: تُوُفّي أبي في شوال سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وكان مولده في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.(11/556)
49 - المبارك بن عليّ بن أبي الجود، أبو القاسم البغداديّ العَتّابيّ، [المتوفى: 531 هـ]
من شارع العتّابّيين.
كان أمين القاضي، سمع: أبا الحسين ابن النَّقُّور، روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم ابن عساكر.
وتوفي في شعبان.(11/556)
50 - مُرْشِد بْن عليّ بْن مُقَلَّد بْن نصر بن مُنْقذ، أبو سلامة الشيزري الكناني. [المتوفى: 531 هـ]
من بيت الإمرة والفُرُوسيَّة والحشْمة، كان سمْحًا، جوادًا، شجاعًا، شاعرًا، مليح الكتابة، كتب مُصْحَفًا بالذَّهب، فجاء غايةً في الحُسْن.
وُلِد سنة ستين وأربعمائة بحلب، وسافر إلى أصبهان، وبغداد. [ص:557]
قال ابن عساكر: كان بارعًا في العربية، وحسن الخطّ والشِّعْر، حَسَن التّلاوة، كثير الصّيام، بطلًا شجاعًا، نسخ بخطّه سبعين ختْمة، حدَّثني ابنه الأمير محمد، قال: لمّا مات عمّي صاحب شَيْزَر أبو المُرْهَف نصر بن عليّ أوصي بشَيْزَر لأبي، فقال: واللهِ، لَا وُلِّيتُها، ولأخْرُجَنَّ من الدّنيا كما دخلت إليها، فولّاها أخاه أبا العشائر سلطان بن عليّ.
ومن شِعْر مرشد:
لنا منك يا سلْمى عذابٌ وتعذيبُ ... وجفنٌ قريحٌ دمعه فيكِ مسكوبُ
ووعدٌ كوعد الدهر للبحر بالغِنَى ... ولكنّه بالمَيْن والمَطْلِ مقطوبُ
وهي قصيدة طويلة.
قال أبو المغيث بن مرشد: كنت عند أبي وهو ينْسَخ مُصْحَفًا، ونحن نتذاكر خروج الفرنج الروم، فرفع المُصْحَف، وقال: اللّهم بحق من أنزلته عليه، إنْ قضيت بخروج الروم فخُذ رُوحي ولا أراهم. فمات في رمضان سنة إحدى وثلاثين بشَيْزَر، ونازَلَتْها الرّومُ في شعبان سنة اثنتين وثلاثين، ونصبوا عليها ثمانية عشر مَنْجَنِيقًا، ثمّ رحلوا عنها بعد حصار أربعةٍ وعشرين يومًا.(11/556)
51 - مكّيّ بن الحَسَن بن المُعَافَى، أبو الحَرَم السُّلَميّ الْجُبَيْليّ. [المتوفى: 531 هـ]
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ومقاتل بن مطكود، وقال: إنه سمع بطرابلس كتاب " الشهاب " من مصنِّفه، ووُلِد بجُبَيْل سنة أربعين، أو قبلها، روى عنه: الحافظان السِّلَفيّ، وابن عساكر.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى وكان كثير التّلاوة في المصحف، متين الديانة، صالحًا.(11/557)
52 - نصر بن الحسين بن الحَسَن، أبو القاسم ابن الخبّازة، البغداديّ، الحنبليّ، المقرئ. [المتوفى: 531 هـ]
قرأ بالروايات على عبد القاهر العبّاسيّ صاحب الكارَزِينيّ، وعليّ يحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمّاميّ، وسمع من: طِراد الزَّيْنبيّ، وجماعة. [ص:558]
وحدث وأقرأ، روى عنه: معمر ابن الفاخر، وأبو الفرج ابن الجوزي، وغيرهما.(11/557)
53 - هبة الله بن أحمد بن عمر، أبو القاسم البغدادي، الحريري، المقرئ، المعروف بابن الطبر، [المتوفى: 531 هـ]
خال الحافظ عبد الوهّاب الأنْماطيّ.
شيخ مشهور، معمَّر، مقرئ، ثقة، صدوق، عارف بالقراءات، وُلِد يوم عاشوراء سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وقرأ القرآن على أَبِي بَكْر محمد بْن عليّ بْن موسى الخيّاط في سنة إحدى وستّين، عن قراءته على أبي أحمد الفَرَضيّ، والسَّوْسَنْجِرديّ، وجماعة، قرأ عليه: التّاج الكِنْديّ، وهو أقدم شيخ له، وسمع الحديث من: أبي الحَسَن محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحُرَّة، وأبي إسحاق البرمكيّ، وأبي طالب العشاريّ، وغيرهم.
روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، ويحيى بن ياقوت النّجّار، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، والحسن بن عبد الرحمن الفارسيّ الصُّوفيّ، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطَّويلة، وعليّ بن محمد بن عليّ الأنباريّ، وعبد الرحمن بن أحمد العُمريّ، وفاطمة بنت سعد الخير، وبقاء بن حنذ، وأبو الفتح محمد بن أحمد المنْدائيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وآخرون.
وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ: كان صحيح السّماع، قويّ التّديُّن، ثَبْتًا، كثير الذِكْر، دائم التّلاوة، وهو آخر من حدَّث عن ابن زوج الحُّرَّة، سمعت عليه الكثير، وقرأت عليه، وكانت قوّته حَسَنة، كنت أجيء إليه في الحر فيقول: نصعد سطح المسجد، فيسبقني في الدَّرَج، ومُتِّع بسمْعه وبَصَره وجوارحه إلى أنّ تُوُفّي في ثاني جُمَادَى الأولى عن ستٍ وتسعين سنة وأشهُر، ودُفِن بالشُّونِيزيَّة.
قلت: إنّما تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة يوم الأربعاء، قاله أبو موسى المَدِينيّ.
وقال المبارك بن كامل: تُوُفّي في غُرَّة جمادى الآخرة. [ص:559]
وقال ابن السّمعانيّ: سمعت حامد بن أبي الفتح المَدِينيّ يقول: مات يوم الأربعاء ثاني جمادى الآخرة ودُفِن يوم الخميس.
وقال أبو موسى المَدِينيّ: كان قد ذهب بصره ثم عاد بصيرًا.(11/558)
54 - هبة الله بن محمد بن الحَسَن، الكاتب الأَزَجيّ. [المتوفى: 531 هـ]
سمع من: طِراد الزَّيْنبيّ، وأبي الحَسَن بن أيّوب، روى عنه: أبو القاسم الحافظ، وتوفي في رمضان.(11/559)
55 - يحيى بن الحَسَن بن أحمد بن عبد الله ابن البناء، أبو عبد الله بن أبي عليّ البغداديّ. [المتوفى: 531 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، من أهل الجانب الشّرقيّ، حسن السّيرة، مُكْثِر، واسع الرّواية، متع بما سمع، وعُمِّر حتى حدَّث بالكثير، وكان حسن الأخلاق، متودّدًا، متواضعًا، بَرًّا بالطَّلَبة، مُشْفِقًا عليهم، سمعه أبوه من جماعة: أبي الحسين ابن المهتدي بالله، وأبي الحسين ابن الآبنوسي، وعبد الصمد ابن المأمون، وأبي الحسين ابن النقور أجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة، وسمعتُ الحافظ عبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الأندلُسيّ يذكر هذا ويُثني عليه، ويمدحه ويُطْريه، ويصِفُه بالعِلم، والتّمييز، والفضل، وحُسْن الأخلاق، وترك الفُضُول، وعمارة المسجد، وملازمته له، وقال: ما رأيت في الحنابلة ببغداد مثله، وكان شيخنا عمر بن عبد الله البِسْطاميّ كثير الثّناء عليه، يصفه بالخير، والصّلاح، والعِلم، وكذلك كلّ من رأيته ممّن سمع منه كان يُثْني عليه ويمدحه.
قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى، وابن الجوزيّ، وابن طَبَرْزَد، ويحيى بن ياقوت، وفاطمة بنت سعد الخير، وآخرون.
وُلِد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في ثامن ربيع الأوّل، رحمه الله.(11/559)
-سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة(11/560)
56 - أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن محمد بن أبي ذَرّ، أبو الوفاء الصّالْحانيّ، الأصبهانيّ. [المتوفى: 532 هـ]
من شيوخ أبي موسى المَدِينيّ، قال: سمعته يقول: ولدت في نصف رجب سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في شوّال، وكان صالحًا عابدًا، يحجّ كلّ سنةٍ عن النّاس، فيقال: إنّه حجّ نيِّفًا وأربعين حجَّة، وحدَّث عن: عائشة الوَرْكانيَّة، وأبي سهل حمد بن ولكيز، وجماعة.
وروى عنه: ابن عساكر، وسعد الله ابن الواديّ.(11/560)
57 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أيوب، أبو القاسم النيسابوري، الفزي، [المتوفى: 532 هـ]
وفز: محلَّة.
إمامٌ فاضل خيّر، سكن أستوا، سمع: محمد بن إسماعيل التِّفْليسيّ، وفاطمة بنت الدّقّاق.
مات فيها ظنا، ذكره ابن السّمعانيّ في شيوخه.(11/560)
58 - أحمد بن سهل بن محمد الميهني، [المتوفى: 532 هـ]
قاضي قرية خين وخطيبها، من أعمال طوس.
سمع من: جدّه أبي الفضل العارف، وعاش اثنتين وسبعين سنة، مات في غرَّة صفر، ذكره السّمعانيّ.(11/560)
59 - أحمد بن طاهر بن عليّ بن عيسى، أبو العباس الأنصاري، الخزرجي، العبادي، من ولد سعد بن عُبَادة رضي الله عنه، الأندلَسيّ الدّانيّ، الفقيه. [المتوفى: 532 هـ]
سمع الكثير من: أبي داود المقرئ، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن بن شفيع، وجماعة، ورحل إلى العَدْوَة، وصنَّف، وأفتى نيِّفًا وعشرين سنة.
قال ابن الأَبّار: كان ورِعًا، فاضلًا، نبيلًا، له مجموع في رجال مسلم، روى عنه: ابنه محمد، وأبو العبّاس الإقليشيّ، وأبو عبد الله المِكْناسيّ، وكان يميل إلى القَول بالظّاهر، تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.(11/560)
60 - أحمد بن ظفر بن أحمد، البغدادي المغازلي، [المتوفى: 532 هـ]
أخو المحدّث عمر بن ظَفَر.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، مشتغل بكسْبه، سمع: أبا الغنائم ابن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في سادس رمضان، وسمعتُ منه جزءًا.
وقال ابن الجوزيّ: سمعت منه، وكان ثقة.(11/561)
61 - أحمد بن عبد الباقي بن الحسين بن منازل، الشّيْباني، السّقْلاطونيّ، الحريميّ، أبو المكارم. [المتوفى: 532 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، فقيرًا، مُعِيلًا، مكتسبًا، وكتب الكثير، وسمع: أبا الحسين ابن النقور، وأبا نصر الزينبي، وغيرهما، وكان مولده في صفر سنة ستين، وتوفي في أوائل صفر، كتبتُ عنه يسيرًا.
أحمد بن علي بن غزلون.
مر في سنة عشرين.(11/561)
62 - أحمد بْن عُمَر بْن محمد بْن عبد الله بن محمد، الحافظ، أبو نصر الغازي. [المتوفى: 532 هـ]
من كبار محدّثي أصبهان، وُلِد في حدود سنة ثمان وأربعين وأربعمائة.
قال ابن السّمعانيّ: ثقة، ديَّن، حافظ، واسع الرواية، كتب الكثير، وحصّل الكُتُب، وما رأيت أكثر رحلة في شيوخي منه، سمع: أبا القاسم عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله بن مَنْدَهْ، وابن شكرُوَيْه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة كثيرة بأصبهان، وأبا الحسين ابن النَّقُّور، وعبد الباقي بن محمد العطّار، وأبا القاسم ابن البُسْريّ، وجماعة ببغداد، والفضل بن المُحِبّ، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وطائفة بنَيْسابور، وشيخ الإسلام أبا إسماعيل، وأبا عامر محمود بن القاسم، وجماعة بهَرَاة، ومحمد بن عبد الملك المظفّريّ بسَرْخَس، وأبا عليّ التُّسْتَريّ بالبصرة. [ص:562]
روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ، والسِّلفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، والمؤيَّد ابن الأخوة، ومحمود بن أحمد المضري، وآخرون.
قال السِّلفيّ: كان من أهل المعرفة والحِفْظ، سمعنا بقراءته كثيرًا، وأملى عليَّ شيئًا.
وقال ابن السّمعانيّ: سمعت عليه الكثير، ونقلت من تخاريجه، وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على إسماعيل بن محمد بن الفضل التَّيْميّ الطّلْحيّ في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحدّ، لكنه كان أعلى سَنَدًا من إسماعيل، وما كان يفرّق بين السماع والإجازة.
قلت: يريد أن السماع والإجازة عنده في الاحتجاج أو في الاتصال سواء، لا أنّه لَا يعرف السّماع من الإجازة، فإنّ من له أدنى معرفة يدري أنّ السّماع شيءٌ والإجازة شيء.
قال ابن السمعاني: توفي في ثالث رمضان ودفن من الغد، وحضرت دفنه، زاد غيره: وصلى عليه إسماعيل الحافظ.(11/561)
63 - أحمد بن الفضل بن أحمد بن سمكويه، أبو العباس الأصبهاني، السمكويي، المهّاد، الخيّاط. [المتوفى: 532 هـ]
شيخ مُعَمَّر عامّيّ، روى الكثير عن جدّه لأمّه أبي بكر محمد بن إبراهيم الحافظ، العطار، وعبد الرزاق بن شمة الباطِرْقانيّ.
أخذ عنه: السّمعانيّ، وابن عساكر.
مات بأصبهان.(11/562)
64 - أحمد بن الفضل بن أحمد بن عبد الله، أبو العبّاس القصْريّ، الأصبهانيّ، المميّز، [المتوفى: 532 هـ]
أحد الطلبة.
سمع الكثير وعُني به، وبالَغ، وقرأ على الشّيوخ، وعُمّر دهرًا، سمع: عائشة الوَرْكانيَّة، وعبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وعنه: السّمعانيّ، وقال: بقي إلى هذه السَّنة، وقد جاوز الثّمانين.(11/562)
65 - أحمد بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مَخْلَد بْن عَبْد الرحمن بن أحمد ابن الحافظ الكبير بَقِيّ بن مَخْلَد بن يزيد، أبو القاسم الأندلسيّ، القُرْطُبيّ. [المتوفى: 532 هـ][ص:563]
سمع من: أبيه بعض ما عنده، ومن محمد بن أحمد بن منظور الأشبيليّ، وصحب أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه، وانتفع بصُحْبته، وأجاز له أبو العبّاس العُذْريّ، وبرع في الفقه وأفتى، وشُووِر في الأحكام.
وهو من بيت عِلم وصيانة، وكان بصيرًا بالأحكام، دَرِبًا بالفتوى، رأسًا في معرفة الشّروط وعِلَلها، أخذ النّاس عنه، روى عنه: أبو القاسم بن بَشْكُوال وأبو بكر بن خير، وأبو القاسم ابن الشراط، وآخرون.
وقال ابن بشكوال: سألته عن مولده، فقال: في شعبان سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، قال: وتُوُفّي في يوم الخميس سلْخ ذي الحجَّة، وصلى عليه ابنه أبو الحَسَن.(11/562)
66 - أحمد بن محمد بن أحمد، أبو بكر بن أبي الفتح الدِّينَوَرِيّ، ثمّ البغداديّ، الفقيه الحنبليّ. [المتوفى: 532 هـ]
سمع من: رزق الله التميمي، وجماعة، وتفقه على: أبي الخطاب، وبرع في المناظرة.
وكان الإمام أسعد المِيهنيّ يقول: ما اعترض أبو بكر الدِّينَوَرِيّ على دليل أحد إلّا ثَلَمَه.
قال ابن الجوزيّ: قال لي شيخنا أبو بكر الدِّينَوَرِيّ: كنت أتفقّه على الإمام أبي الخطّاب، وكنت في بدايتي أجلس في آخر الحلقة والنّاس فيها على مَرَاتبهم، فجرى بيني وبين رجلٍ كان يجلس قريبًا من الشَيخ كلام، فلمّا كان في اليوم الآتي جلست على عادتي، فجاء ذلك الرجل، فجلس إلى جانبي، فقال له الشَيخ: لم تركت مكانك؟ فقال: أترك مثل هذا فاجلس معه، يزري عليّ، فَوَالله ما مضي إلّا قليلٌ حتّى تقدَّمت في الفِقْه، فصرت أجلس إلى جانب الشَيخ، وبيني وبين ذلك الرجل رجال.
تُوُفّي أبو بكر، رحمه الله، في جُمَادَى الأولى، وكان من أئمة المذهب، لكنه كان لَحّانًا لَا يعرف النَّحْو، روى عنه: أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن حَمديَّة العكبري، وغيره.(11/563)
67 - أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الملك بْن عبد القاهر، أبو نصر الأسديّ، البغداديّ. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: أبا الفَرَج المَخْبَزيّ، وأبا بكر الخطيب، وحدَّث، تُوُفّي في ربيع الآخر، ويُعرف بابن المطَّوِّعة.
روى عنه: ذاكر بن كامل، وعبيد الله بن محمد الساوي القاضي.(11/564)
68 - أحمد بن محمد، أبو العباس الْجُذَاميُّ، المُرْسِيّ، الزَّنَقيُّ، [المتوفى: 532 هـ]
وزَنَقات: بزاي، ونون، وقاف، قرية من عمل مَرْسِيَّة.
أخذ عن: أبي عليّ بن سُكَّرَة، وأخذ عِلم الأُصول والكلام عن أبي بكر بن سابق الصقلي، وبرع في ذلك وصنف، وبَعُدَ صِيته، روى عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم.
مات بعد الثّلاثين تقريبًا.(11/564)
69 - إبراهيم بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن حَمْدان، أبو تمام الصَّيْمَريّ، [المتوفى: 532 هـ]
رئيس بَرُوجِرْد.
وُلِد سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع بها، وحجّ، وسمع بمكَّة من أبي مَعْشَر الطّبَريّ، وببغداد من: أبي إسحاق الشّيرازيّ، تُوُفّي ببَرُوجِرْد، وقد كان سمع بها من الحافظ يوسف بن محمد.
روى عنه: أبو سعد ابن السمعاني.(11/564)
70 - إسماعيل ابن الحافظ أبي صالح المؤذن أحمد بن عبد الملك بن عليّ، النَيْسابوريّ، أبو سعد الفقيه، [المتوفى: 532 هـ]
أحد الأئمة.
قال ابن السّمعانيّ: كان ذا رأي، وعقل، وعِلْم، برع في الفقه، وكان له عزّ ووجاهة عند الملوك، تفقه على: أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، وأبي المظفَّر السّمعانيّ، وسمّعه أبوه أبو صالح المؤذن من طائفة كبيرة، وكان مولده في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أو سنة اثنتين. [ص:565]
سمع أبو سعد: أباه، وأبا حامد أحمد بن الحَسَن الأزهريّ، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربيّ، والحاكم أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيليّ، وبكر بن محمد بن حَيْد التّاجر، وشجاع بن طاهر المؤدب، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأبا العلاء صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ الهَرَويّ، وأبا القاسم عبد الكريم القشيري، وعمر بن سعيد بن محمد البَحيريّ، والفقيه أبا الحَسَن عليّ بن يوسف الْجُوَينيّ، وأبا سهل محمد بن أحمد الحفصي، وأبا بكر محمد بن الحسن الخبازيّ المقرئ، والمُسَيِّب بن محمد الأرْغِيانيّ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ، وغيرهم، وأجاز له أبو سعد الكَنْجَرُوذيّ.
روى عنه: الحافظ محمد بن طاهر مع تقدمه في " معجم البلدان "، فأنبأنا أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل، أن محمد بن طاهر أجاز لهم، قال: سمعت أبا سعد إسماعيل بن أحمد النَّيْسابوريّ ببردشير دار مملكة كرْمان يقول: سمعتُ يعقوب بن أحمد الصيرفي يقول: سمعت أبا عمرو البحيري الحافظ، يقول: سمعت محمد بن موسى الفقيه، يقول: سمعت إبراهيم بن محمد المروزي، يقول: سمعت محمد بن سعيد الرباطي، يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: طلبنا هذا العلم بالذل، فلا نعطي إلا بالذل.
وروى عنه: أبو القاسم ابن عساكر وأبو موسى المديني، وأبو الفرج ابن الجوزيّ، والقاضي أبو سعد عبد الله بن أبي عَصْرون، وعبد الخالق بن عبد الوهّاب الصّابوني الخفّاف، وأبو القاسم هبة الله بن الحَسَن السِّبْط، وأبو طاهر عليّ بن فاذشاه، وعبد الواحد بن أبي المُطَهَّر القاسم بن الفضل الصيدلاني.
وقال أبو موسى المديني: أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد النَيْسابوريّ الواعظ، الكِرْمانيّ المنزِل، قدِم علينا مِرارًا رسولًا إلى السّلطان من كِرْمان، وتُوُفّي في أواخر شوّال.
وقال ابن الْجَوْزيّ: تُوُفّي ليلة الفِطْر.
زاد غيره: بكِرْمان.
وقال أبو سعد السّمعانيّ: كان ذا رأيٍ، وعقل، وتدبير، وفضل وافر، [ص:566] وعِلْم غزير، ظهر له العِزّ، والجاه، والثروة، وبقي مكرما بكِرْمان.
وقال ابن عساكر في " تبيين كذِب المفتري ": كان إمامًا في الأصول والفقه، حسن النظر، مقدمًا في التذكير، وكان وجيهًا عند سلطان كرمان، مُعَظَّمًا في أهلها، محترمًا بين العلماء في سائر البلاد، قرأ " الإرشاد " على الإمام أبي المعالي.(11/564)
71 - بختيار بن محمد بن الحسين بن محمد الأصبهانيّ الخلّال، [المتوفى: 532 هـ]
ابن عمّ الحسين بن عبد الملك الخلّال.
أجاز له عبد الرّزّاق بن شمة، سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ سنة إحدى وثلاثين، ومات بعد ذلك، وكان مُعَمَّرًا.(11/566)
72 - بدر بن ثابت بن رَوْح، أبو الرجاء الأصبهانيّ، الرّارانيّ، الصُّوفيّ، الرجل الصّالح، [المتوفى: 532 هـ]
والد المُعَمَّر أبي سعيد خليل الرّارانيّ.
سمع: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطّيّان، وأبا الخير بن ررا، وجماعة، سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر.
مات في رمضان عن نحو سبعين سنة.(11/566)
73 - بدر بن عبد الله، أبو النَّجْم الشّيحيّ، الأرمنيّ، [المتوفى: 532 هـ]
مولى المحدّث عبد المحسن الشيحي.
سمع الكثير مع مولاه، وطال عُمره، وحدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وجماعة.
وما كان يعرف شيئًا، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وجماعة.
قال أبو سعد: سمعتُ بعض الطَّلَبَة يقول، والعهدة عليه: طلبت من بدر الشيحي إجازة لبعض النّاس، فقال: كم تستجيزون؟ ما بقي عندي إجازة أجيزها لكم. [ص:567]
وروى عنه: أبو الفرج ابن الجوزي وقال: كان سماعه صحيحًا، وتُوُفّي في رابع وعشرين رمضان عن ثمانين سنة، ودُفِن عند مولاه.
قلت: آخر من حدَّث عنه أبو الفَرَج محمد بن هبة الله الوكيل.(11/566)
74 - بُزْوَاش، مقدَّم عساكر دمشق. [المتوفى: 532 هـ]
سار بالجيش فحارب الفرنج ونُصِر عليهم، وجاء الْجُنْد بالسَّبيّ، وكان شجاعًا، فاتكًا، مفسدًا، فيه شرّ وجهل، استوحش من صاحب دمشق شهاب الدّين محمود بن بُوريّ، فأقام بظاهر البلد، ثمّ راسله وخدعه، فدخل إليه فتركه أيامًا، وقتله على يد الشّمسيَّة، وأُخرِج ملفوفًا في كِساء، ودُفن بقبّته الّتي بالعُقَيْبَة، تُعرف بقُبَّة بزواش، وولي أتابكية العسكر بعده معين الدين أنر.(11/567)
75 - ألبقش السّلاحيّ، [المتوفى: 532 هـ]
من كبار أمراء الدّولة.
قال ابن الجوزيّ: قبض عليه السّلطان، وحُبِس بتِكْريت، ثمّ أمر بقتْله بعد قليل، فغرّق نفسه، فأُخرج من الماء وقُطِع رأسه وَحُمِلَ إلى السّلطان.(11/567)
76 - الحَسَن بن أحمد بن محمد، الواعظ أبو علي الأنصاري، الصوفي، الملقب بالبز. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: رزق الله التّميميّ، والنّعاليّ، وعنه: السّمعانيّ، وابن سُكَيْنَة، وجماعة.
مات في شوّال.(11/567)
77 - الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن عُبَيْد الله، أبو محمد العلوي، الحُسينيّ، البلْخيّ، الرئيس. [المتوفى: 532 هـ]
أحد الكبار المذكورين بالسّخاء والْجُود، ومحبَّة العلماء، كانت داره مجمع الفُضَلاء، سمع: أبا علي الوخشي، وغيره، وحدَّث " بُسنَن أبي داود "، روى عنه: محمد بن علي بن ياسر الجياني.(11/567)
78 - الحسين بن بكمش بن يزدمر، أبو الفوارس التُّرْكيّ، ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: مالكًا البانْياسيّ، ورِزق الله التّميميّ، وتصوّف، وصحب أبا بكر [ص:568] الطُّرَيْثيثيّ، وكان حسن السّيرة، له شِعْر وكلام في المعرفة.
تُوُفّي في شعبان.(11/567)
79 - الحسين بن حمزة، أبو المعالي الدمشقي، ويعرف بابن الشعيري. [المتوفى: 532 هـ]
سمع أبا بكر الخطيب، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعبد الواحد بن علي البري، ونجيب بن عمار، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، وقال: ولد في آخر سنة خمسين وأربعمائة، وتوفي في شعبان.(11/568)
80 - الحسين بن طلْحة بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني، أبو عبد الله. [المتوفى: 532 هـ]
أصبهاني، جليل، مُسِنْد، كان يؤدب، حدَّث عن: أبي القاسم إبراهيم سبط بحرويه.
روى عنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون.
وتوفي في شوال، أو في ذي القعدة، كذا قال أبو موسى.
وقال عبد الرحيم الحاجّيّ: تُوُفّي في أواخر رجب، وكنّاه: أبا منصور.
وقال ابن السمعاني: مولده في سنة تسع وأربعين وأربعمائة.(11/568)
81 - الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد بن عليّ، الشَيخ أبو عبد الله الأصبهانيّ، الخلّال، الأديب، النَّحويّ، البارع، المحدّث، الأثريّ. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: أبا الفضل عبد الرحمن بن الحسن الرازيّ، وأحمد بن محمود الثقفيّ، وأبا طاهر عمر الخرقي، وإبراهيم بن منصور السُّلَميّ السِّبْط، وعبد الرّزّاق بن شمة، وأبا الفضل أحمد الباطِرْقانيّ، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد الوهّاب أولاد ابن مَنْدَهْ، وطائفة.
وقدِم بغداد وسمع بها من: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وحدَّث بها بالبخاريّ، عن العيّار، وكان أحد من عُني بهذا الشّأن، وُلِد في صفر سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. [ص:569]
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم الدّمشقيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو المجد زاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو نَجِيح فضل الله بن عثمان، والمؤيَّد ابن الأخْوة، ومحمود بن أحمد المُضَريّ، وتقيَّة بنت أَمُوسان، ومحمد بن أبي نَجُيح النُّعْمانيّ، ومحمد بن مَعْمَر بن الفاخر، وخلق سواهم.
قال ابن السمعاني: رأيته بعد أنّ أضرّ وكبر، وكان حسن المعاشرة والمحاورة، بسّامًا، كثير المحفوظ، قرأ عليه ابن ناصر " صحيح البخاريّ ".
وكان عزيز النَّفْس، قانعًا، لَا يقبل من أحدٍ شيئًا، مع احتياجه، خرّج له محمد بن أبي نصر اللَّفْتُوانيّ مُعْجَمًا في أكثر من عشرة أجزاء.
قلت: سمع منه " البخاريّ ": عبد الرحمن بن جامع، وعبد الخالق بن عبد الوهّاب الصّابونيّ، وسمع منه " مُسْنَد أبي يَعْلَى " بروايته عن سِبْط بحرُوَيْه: أبو القاسم ابن عساكر، والمؤيَّد هشام ابن الأخوة، وزاهر الثقفيّ، وحدَّث بمُسْنَد الرُّويَانيّ، عن أبي الفضل الرّازيّ.
وكان ثقة صدوقًا، إمامًا في العربية، كثير المحاسن، توفي في حادي عشر جُمَادَى الأولى، وكان يلقَّب بالأَثَريّ.(11/568)
82 - الحسين بن عليّ بن الحسين بن أحمد بن أشليها، أبو عليّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ونصرا المقدسيّ، وغيرهما، روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد، وغيرهما، وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله اثنتان وثمانون سنة.(11/569)
83 - حَيْدَرَةُ بن بدر، أبو يَعْلَى العبّاسيّ، الهاشميّ، ثمّ الرشيدي، الواسطي، المعدل. [المتوفى: 532 هـ]
سمع " شهابا القضاعي " من الحُمَيْديّ، رواه عنه أبو الفتح المنْدائيّ.
مات في جمادى الأولى، قاله الدبيثي.(11/569)
84 - خالد بْن عُمَر بْن محمد بْن عبد اللَّه، أبو الفتح الأصبهانيّ، [المتوفى: 532 هـ]
أخو الحافظ أبي نصر الغازي. [ص:570]
روى عن: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ، وعنه: أبو موسى المَدِينيّ، وغير واحد.
تُوُفّي في صفر.(11/569)
85 - خَلَف بن يوسف بن فرتون، أبو القاسم ابن الأبرش، الأندلسي، الشنتريني، النحوي. [المتوفى: 532 هـ]
روى عن: عاصم بن أيّوب، وأبي الحسين بن سراج، وأبي علي الغساني، وكان رأسًا في العربية واللُّغات، مع الفضْل، والدّين، والخير، والانقباض، وكان كثير التَّجَوّل في الأندلس، ومن محفوظاته كتاب " سيبويه ".
وهو القائل:
لو لم يكن لي آباء أَسُودُ بهم ... ولم يُثبت رجالُ العُرْب لي شَرَفا
ولم أنَلْ عند ملكِ العصرِ منزلةٍ ... لكان في سِيبوَيْه الْفَخْرُ لي وكفا
تُوُفّي بقُرْطُبة في ذي القعدة، ولم يقرأ عليه كبير أحدٍ لأخلاقه.(11/570)
86 - زبيدة بنتُ السّلطان بَرْكيَارُوق، [المتوفى: 532 هـ]
زوجة السّلطان مسعود.
تُوُفّيت بهَمَذَان.(11/570)
87 - سعيد بن أبي الرجاء محمد بن أبي منصور بكر بن أبي الفتح بن بكر بن الحجاج، أبو الفرج الأصبهاني، الصَّيْرفيّ، الخلّال، السِّمْسار في الدُّور. [المتوفى: 532 هـ]
وُلِد سنة أربعين تقريبًا، وسمع سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة من أحمد بن محمد بن النعمان الفضاض " مُسْنَد العَدَنيّ "، بروايته عن ابن المقرئ، وسمع " مُسْنَد أحمد بن مَنِيع "، من الشَيخ عبد الواحد بن أحمد المعلّم، وحدَّث بالكتابين، وبمُسْنَد أبي يَعْلَى، رواه مُلَفَّقًا عن إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، عن ابن النُّعْمان، وحدَّث أيضًا عن: أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، ومنصور بن الحسين، وعبد الله بن شبيب، وأبي نصر إبراهيم بن محمد الكِسائيّ، وأبي جعفر أحمد بن محمد بن هاموشة، وأبي مسلم محمد بن عليّ بن مِهْرَبُزْد، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وخلق.
روى عنه الحفاظ: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وأبو [ص:571] الخير عبد الرحيم بن موسى، وعبد الواحد بن محمد التّاجر، ومحمد بن أبي القاسم بن الفضل، ومحمود بن أحمد الثّقفيّ الخطيب، ومحفوظ بن أحمد الثّقفيّ، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو مسلم ابن الأخوة، وعائشة بنت معمر، وعين الشمس بنت أبي سعيد بن سُلَيم، وزليخا بنت أبي حفص الغَضَائريّ، وآخرون.
وكان عبد الرحيم ابن الإخوة يقول: حدثنا سعيد بن أبي الرجاء الدُّوريّ، لأنّه كان يبيع الدُّور.
وقد سئل أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل عنه فقال: كثير السّماع، لَا بأس به، وقال أبو سعد السّمعانيّ: شيخ، صالح، مُكثِر، صحيح السّماع، سمّعه خاله الكثير، وعمر، وكان حريصًا على الرواية، سمعت منه الكثير، ولازَمْتهُ، قال لي: رويت ببغداد جزءًا واحدًا، تُوُفّي في تاسع عشر صفر، وخاله هو محمد بن أحمد الخلال.(11/570)
88 - طلحة بن أبي غالب بن عبد السّلام، أبو محمد البغدادي، الرماني الفواكهيّ، [المتوفى: 532 هـ]
سِبْط يوسف المِهْروانيّ.
قال ابن السّمعانيّ: كان فقيرًا، مستورًا، صحيح السّماع، مشتغلًا بالكسب يخرز النّعال واللّوالك، سمع من: القاضي أبي يَعْلَى ابن الفرّاء مجلسين وجزءًا، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وآخرون.
قال ابن السّمعانيّ: لم يتّفق لي السماع منه، تُوُفّي في ربيع الآخر أو بعده.
قلت: قل ما سمع هذا الشيخ.(11/571)
89 - عبد الرحمن بن الحسين بن نصر بن عُبَيْد الله بن المُرْهَف، أبو القاسم النّهاونْديّ، الفقيه. [المتوفى: 532 هـ]
ولي القضاء مدَّة ببلده، وكان أبوه قد سكن بغداد، ووُلِد بها أبو القاسم، وسمع من شيوخها ابن هزارمرد الصريفيني، وأبي الحسين ابن النَّقُّور، وطائفة، وحدَّث ببلده. [ص:572]
قال أبو سعد السّمعانيّ: خرجت من بروجرد إلى نهاونْد قاصدًا لأكتب عن أبي القاسم، فلمّا وصلت إليها لقيت جنازةً وجماعةً تشيّعها، فسألت: جنازة من هي؟ فقيل لي: جنازة القاضي أبي القاسم بن المُرْهَف، فنزل بي من الحُزْن والتّحسُّر ما الله به عليم، وكان قد تُوُفّي بهَمَذَان، وحملوه إلى بلده نهاوند، ودُفِن بها في المحرَّم.(11/571)
90 - عبد الملك بْن عبد العزيز بْن عَبْد الملْك بْن أحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن شريعة، أبو مروان اللَّخْمي، الباجيّ، [المتوفى: 532 هـ]
من عُلماء إشبيلية.
روى عن: أبيه، وعميه أبي عبد الله محمد، وأبي عمر أحمد، وابن عمّه عبد الله بن عليّ.
قال ابن بَشْكُوال: كان من أهل الحِفظ للمسائل، متقدمًا في معرفتها، استُقْضِي بإشبيلية مرَّتين، وكان من أهل الصّرامة والنُّفوذ في أحكامه، وقد ناظَرَ النّاس، وتفقّهوا عليه، وحدَّث، وكُفّ بصَرَه، وتُوُفّي في رجب، وله خمسٌ وثمانون سنة.(11/572)
91 - عبد الملك بن عبد الواحد بن الحسن، أبو الفضل بن زُرَيْق الشّيْبانيّ، البغداديّ القزّاز، [المتوفى: 532 هـ]
عم الشَيخ أبي منصور عبد الرحمن.
شيخ صالح، سمع: أبا الحسين ابن النَّقُّور.
قال ابن السّمعانيّ: حدَّثني عنه جماعة من أصحابنا.(11/572)
92 - عبد المنعم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن، أبو المظفر ابن القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 532 هـ]
آخر من بقي من أولاد الشيخ، ولد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع " مُسْنَد أبي يَعْلَى " من أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وسمع " مُسْنَد أبي عَوَانَة " من أبيه، وسمع من: أبي عثمان سعيد بن محمد البَحِيريّ، وأبي بكر البَيْهقيّ، وأبي الوليد الدّربَنْديّ، وأبي بكر بن خَلَف المغربيّ، وجماعة بنَيْسابور، وأبا الحسين ابن النقور، وأبا القاسم يوسف المهرواني، وعبد العزيز بن عليّ الأنماطيّ، وعبد الباقي ابن غالب العطّار ببغداد، وأبا عليّ الشّافعيّ، وأبا القاسم الزنجاني بمكة. [ص:573]
وحدث بنيسابور، وببغداد، روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو الفتح محمد بن عليّ بن عبد السّلام، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وعبد الرّحيم بن الشعري، وأخته أمّ المؤيَّد زينب، وجماعة.
وقد ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ، ظريف، مستور الحال، سليم الجانب، غير مداخل للأمور، نشأ في حجْر أخيه أبي نصر، وحجّ معه، ثمّ خرج ثانيًا إلى بغداد، وأقام بها مدَّة، وخرج إلى كِرْمان في أيّام الصّاحب مُكْرَم بن العلاء، فأنعم عليه، سمعت منه " مُسْنَد أبي عَوَانَة " وأحاديث السّرّاج في اثني عشر جزءًا، والرسالة لوالده، وكان حَسَن الإصغاء إلى ما يُقرأ عليه، كان ابن عساكر يفضّله في ذلك على الفراوي، وورد بغداد ثالثًا، وحدَّث بها، تُوُفّي بين العيدين.
وقد ذكره ابن أخته عبد الغافر في " تاريخه "، وقال في ترجمته: وقد خرج له أخوه أبو نصر أجزاء الفوائد، فسمعت منه.
وقال ابن النّجّار: قال السّمعانيّ: لزِم البيت، واشتغل بالعبادة وكتابة المصاحف.(11/572)
93 - عبد الواحد بن حَمْد بن عبد الواحد، أبو الوفاء الأصبهانيّ، الشّرابيّ، الصّبّاغ، [المتوفى: 532 هـ]
من شيوخ أبي موسى المَدِينيّ.
تُوُفّي في ثامن جُمَادَى الأولى، سمع: أبا طاهر بن محمود الثقفيّ، وأبا القاسم إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، وأبا عثمان العَيّار.
وكان محتاجًا، مُقِلًّا، يطلب على الرّواية، وكان ديِّنًا محلُّه الصِّدْق، وُلِد سنة ستٍ وأربعين، روى عنه أيضًا ابن السمعاني.(11/573)
94 - علي بن أحمد بن عبيد الله بن بكّار، أبو الحسين البغداديّ، المقرئ، الوِقاياتيّ. [المتوفى: 532 هـ]
حدَّث عن: مالك البانْياسيّ، وليس بثقة، كان يُلْحِق اسْمَه في الطِّباق.(11/573)
95 - عليّ بن الخَضِر السُّلَميّ، الدّمشقيّ، المعدَّل، [المتوفى: 532 هـ]
زوج بنت القاضي، الزكي، أبي المفضل.
صحب الفقيه نصرا المقدسيّ، وحدَّث عنه باليسير.(11/574)
96 - علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن مَوْهب، أبو الحَسَن الْجُذَاميّ، الأندلسيّ، المُرِيّيّ. [المتوفى: 532 هـ]
مُكثر عن: أبي العباس العذري، وروى أيضًا عن: أبي إسحاق بن وَرْدُون القاضي، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس القاضي، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو الوليد الباجي.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل المعرفة، والعلم، والذّكاء، والفَهْم، صنَّف في التّفسير كتابًا مفيدًا، وله معرفة في أصول الدّين وحجّ، وأخذ النّاس عنه، وكتب إلينا بالإجازة، وُلد في عاشر رمضان سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في السّادس عشر من جُمَادَى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة.
كَتَبَ إِلَيَّ سَعْدُ الخير وغيره أن أبا القاسم بن صصرى أخبرهم: قال: أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَشِيرِيُّ بِحَلَبَ سَنَةَ تسعٍ وخمسين وخمسمائة، قال: أخبرنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْجُذَامِيُّ، قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر الحافظ قال: أخبرنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْمُؤْمِنِ، قال: حدثنا محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن علي بن حرب قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ سَمِعَ ذَرًّا يَقُولُ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قُلْتُ: ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ، قَالَ: إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضَى بِمَا يَطْلُبُ، كَذَا رواه علي بن حرب موقوفًا.(11/574)
97 - عليّ بن عليّ بن عُبَيْد الله، أبو منصور البغداديّ، الأمين. [المتوفى: 532 هـ][ص:575]
سمع " الْجَعُدِيّات " من الصَّرِيفينيّ، وسمع من: جعفر السّرّاج، وأبي الحَسَن العلّاف، وأبي عبد الله النّعالي.
روى عنه: ابنه عبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وأبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون، كان يسكن دار الخلافة، ثمّ انتقل إلى رباط صهره شيخ الشّيوخ.
قال ابن السّمعانيّ في " الذّيل ": شيخ كبير، متديِّن، ثقة خير، كثير الصلاة، والصدقة، والخيرات، مبادر إلى الطّاعات، صام صوم داود خمسين سنة، وكان مع هذه العبادة حسن المعاشرة، دمث الأخلاق، صحب الكبار، وتخلق بأخلاقهم، ما رأيت في البغداديين مثله، وُلِد في المحرم سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في خامس ذي القعدة، وجاءنا نعيه ونحن بالحلة متوجهين إلى الحج.
وروى عنه ابن الْجَوزيّ وقال: كان تحت يده أموال للأيتام.(11/574)
98 - عليّ بن القاسم بن مُظَفَّر بن عليّ، أبو الحسن ابن الشهرزوي، المَوْصليّ الشافعيّ القاضي. [المتوفى: 532 هـ]
قال ابن عساكر: ولي قضاء واسط، ثمّ قضاء الرحبة، ثمّ قضاء الموصل، وقد قدم مع قسيم الدّولة زنكي حين حاصر دمشق، وكان حسن الاعتقاد، شهما، رجلًا من الرجال، تُوُفّي بحلب في رمضان، وحُمِل تابوته إلى الرَّقَّة، وهو أحد الإخوة.(11/575)
99 - عليّ بن هبة الله، البصْريّ، البزّاز، المغفّل. [المتوفى: 532 هـ]
سمع الكثير من: أبي علي ابن المهتدي، وطبقته، وكتب بخطّه، وله حكايات في التّغفّل، قيل رآه بعضهم ويداه مفتوحتان، كأنه يعانق شيئًا، فقلت: ما بك؟ قال: طلبت أمّي أُجّانَة في هذا القدْر، وقال آخر: لقِيتُه ومعه كُوز زيت يَرْشَح، فأعلمته، فقلبه ليرى الخُرْم، فساح الزّيت على ثيابه، وكان رجلًا خيِّرًا.(11/575)
100 - عمر بن محمد بن عَمُّوَيْه بن سعد بن الحَسَن بن القاسم بن عَلْقَمَة بن النَّضْر بن مُعَاذ بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بكر الصِّدّيق، التَّيْميّ، البكْريّ، أبو حفص السَّهْرُوَرْدِيّ، الصُّوفيّ، [المتوفى: 532 هـ]
نزيل بغداد.
تفقَّه على أبي القاسم الدّبُّوسيّ، وخَدَم الصوفية في رباط الشط بالجانب الشّرقيّ، وسمع: عاصم بن الحَسَن، ورزق الله التميمي، وغيرهما، سمع منه: أبو شجاع عمر البِسْطاميّ، وابن أخيه أبو النّجيب عبد القاهر السَّهْرُوَرْدِيّ.
وكان جميل الأمر، مَرْضِيّ الطّريقة، لبس منه الخِرْقَة أبو النّجيب.
وكان مولده سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وتوفي ثامن ربيع الأول، وهو إذ ذاك شيخ الرباط المذكور.(11/576)
101 - فاطمة بنت علي بن المظفر بن الحسن بن زعبل، البغدادي أبوها، النيسابورية، أمّ الخير. [المتوفى: 532 هـ]
قال أبو سعد السّمعانيّ: هي امرأة صالحة عالمة، من أهل القرآن، تعلِّم الجواري القرآن، سمِعَتْ من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي جميع " صحيح مسلم "، و " غريب " الخطّابيّ أيضًا، وغير ذلك، مولدها في سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وتُوُفّيت في أوائل المحرَّم سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثلاثٍ وَثَلاثِينَ.
قلت: روى عنها ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، والمؤيَّد، وزينب الشَّعْريَّة.(11/576)
102 - محمد بن إبراهيم بن غالب، أبو بكر العامريّ، الأندلسيّ، الشّلْبيّ، [المتوفى: 532 هـ]
خطيب شلْب.
أخذ العربيَّة عن أبي الحَجّاج الأعلم، وبرع في الآداب، وأشتهر بها، وطال عُمره، وسمع " صحيح البخاريّ " من أبي عبد الله بن منْظُور، وتُوُفّي في جُمادى الأولى، وله ستٌ وثمانون سنة، قاله ابن بشكوال، وتوفي ابن منظور سنة تسعٍ وستين.(11/576)
103 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بن أحمد، أبو بكر المروروذي، ثمّ البلْخيّ. [المتوفى: 532 هـ]
من مسموعاته: " جامع التِّرْمِذيّ "، عن أبي عبد الله محمد بن محمد المحمَّديّ، عن أبي القاسم الخزاعي، عن الهيثم بن كُلَيْب، عنه.
حدَّث في هذا العام، قاله السّمعانيّ.(11/577)
104 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو غالب الصَّيْقَليّ، الدّامَغَانيّ، ثمّ الْجُرْجانيّ، [المتوفى: 532 هـ]
نزيل كرْمان.
وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، ورحل في طلب الحديث، وسمع الكثير، وكان صالحًا ثبتًا، من أهل السُّنَّة.
روى عن: الفضل بن عبد الله ابن المحب، وأبي عمرو بن مندة، وإسماعيل بن مَسْعَدَة، وغيرهم، روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ.
وتوفي في هذه السّنة بكِرْمان، وكان كبير الصُّوفيَّة هناك، وروى عنه: عبد الخالق ابن الصّابونيّ، وأبو سعد السّمعانيّ.(11/577)
105 - محمد بن حسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه الأنصاريّ، الأندلُسيّ، المَرِيّيّ. [المتوفى: 532 هـ]
روى عن: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي محمد بن أبي قُحَافة، ويزيد مولى المعتصم، وعبد الباقي بن محمد، وصحِب الشَيخ أبا عمر بن اليمنالش الزّاهد.
وكان متحقّقًا بالحديث ونقله، منسوبًا إلى معرفة الرجال، له كتابٌ مليحٌ في الجمع بين " الصَّحيحين "، أخذه النّاسُ عنه.
قال ابن بَشْكُوال: كان ديِّنًا، فاضلًا، متواضعًا، مُتَّبعًا للآثار والسُّنَن، ظاهريّ المذهب، كتب إلينا بالإجازة، وتُوُفّي في المحرَّم، وله ستٌ وسبعون سنة. [ص:578]
وقال غيره: كان يُعرف بابن أبي أحد عشر.(11/577)
106 - محمد بن حمْد بن عبد الله، أبو نصر الأصبهانيّ، الكبريتيّ، الفواكهيّ، القبّانيّ، الوزّان. [المتوفى: 532 هـ]
شيخ صالح، سمع: أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وأبا مسلم بن مَهْرَبْزُد.
روى عنه: أبو سعد ابن السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن عساكر، وجماعة.
تُوُفّي في الخامس والعشرين من جُمَادَى الآخرة، وآخر أصحابه محمود بن أحمد الثّقفيّ.(11/578)
107 - محمد بن حمْد بن منصور العطّار، أبو نصر الأصبهانيّ. [المتوفى: 532 هـ]
يروى عن: سعيد العَيّار، وغيره، وعنه: أبو موسى، تُوُفّي في نصف ربيع الأوّل.(11/578)
108 - محمد بن حمزة بن إسماعيل، أبو المناقب العلوي، الحسني، الهَمَذانيّ. [المتوفى: 532 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: فاضل، شاعر، كتب الكثير بخطّه، وطلب، وطاف على الشيوخ، وصنّف، وجمع، ورحل إلى بغداد، وأصبهان، وحدَّث.
وقال ابن ناصر: فيه تساهل في الأخْذ والسَّماع، وهو ضعيف عند أهل بلده، سمع من: الشَيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ لمّا ورد هَمَذَان، ومولده في سنة ست وستين وأربعمائة، وتُوُفّي في شوال، وقيل: تُوُفّي سنة ثلاثٍ.
روى عنه: ابن عساكر، وأبو محمد ابن الخشّاب.(11/578)
109 - محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر، الإمام، أبو الحَسَن الكَرَجيّ، الفقيه، الشافعي. [المتوفى: 532 هـ]
ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وسمع: مكّي بن منصور السّلار، وجدّه أبا منصور الكَرَجيّ، وسمع بهَمَذَان: أبا بكر بن فَنْجُوَيْه الدِّينَوَرِيّ، وغيره، وبأصبهان: أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وببغداد أبا الحسن ابن العلاف، وابن بيان.
وحدَّث، روى عنه: ابن السّمعانيّ، وأبو موسى المديني، وجماعة. [ص:579]
قال ابن السّمعانيّ: رأيته بالكَرَج، إمام، ورِع، فقيه، مفتٍ، محدِّث خيّر، أديب، شاعر، أفنى عُمره في جمْع العِلْم ونشْره، وكان لَا يقنت في الفجْر ويقول: قال الشّافعيّ: إذا صح الحديث فاتركوا قولي وخذوا بالحديث، وقد صح عندي أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك القُنُوت في صلاة الصبح، وله القصيدة المشهورة في السنة، في نحو مائتي بيت، شرح فيها عقيدة السَّلف، وله تصانيف في المذهب والتفسير، كتبت عنه الكثير، وتوفي في شعبان.
قلت: أولها:
محاسن جسمي بدلت بالمعايب ... وشيب فودي شوب وصل الحبائب
منها:
عقائدهم أنّ الإله بذاته ... على عَرْشه مع علمه بالغوائب
منها:
ففي كَرَج، والله، من خوف أهلِها ... يذوبُ بها البِدْعيُّ بأَشَرّ ذائبِ
يموت ولا يَقْوَى لإظهار بدعةٍ ... مخافةَ حزِّ الرأسِ من كلّ جانبِ
ومن شعره:
العِلمُ ما كان فيه قال حدثنا ... وما سواه أغاليط وأظلام
دعائمُ الدّين آياتٌ مبينةٌ ... وبيناتٌ من الأخبار أعلام(11/578)
110 - محمد بْن عليّ بْن أحمد، أبو عبد الله التُّجَيْبيّ، الغَرْناطيّ، النّوالشيّ المقرئ الأستاذ. [المتوفى: 532 هـ]
أخذ القراءات عِلْمًا وإتقانًا عن: أبي داود بن نجاح، وابن البيّاز، وابن الدّوش، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد القُرْطُبيّ.
قال ابن الأَبّار: تصدّر للإقراء وبَعُد صِيتُه لإتقانه وصَلاحه، وأخذ الناس عنه، وقد وجدت سماع عبد المنعم بن الخلوف الغَرْناطيّ المقرئ منه على " الرعاية " لمكّي في سنة اثنتين وثلاثين، ومن تلامذته: ابن عَروس، وعبد الوهّاب بن غِياث وغيرهما.(11/579)
111 - محمد بن عمر بن أميرجة، أبو المكارم الأشْهَبيّ، المحدَّث، الحافظ، [المتوفى: 532 هـ]
نزيل بلْخ.
قال أبو سعد السّمعانيّ: الأشْهَبيّ لقبٌ له، وهو حافظ، سافر إلى الهند، وجال في خُرَاسان، وكتب الكثير، وسمع بهَرَاة: الزّاهد محمد بن عليّ العميري، وأبا عطاء عبد الأعلى ابن المَلِيحيّ، وببلْخ: أحمد بن محمد الخليليّ، وتُوُفّي في شوال، روى اليسير، ولقي بخُراسان نصر الله الخُشْناميّ، مولده سنة ستٍ وستين وأربعمائة.(11/580)
112 - محمد بن الفضل بن محمد بن عليّ، أبو بكر الخالنجاني. [المتوفى: 532 هـ]
شيخ صالح، مقرئ، مُعَمَّر، سمع: أبا مسلم بن مهربزد، وأحمد الباطِرْقانيّ، وأبا منصور بكر بن حَيْد، كتب عنه: السّمعانيّ، وغيره.
مات في رمضان.(11/580)
113 - محمد بن محمد بن طاهر بن النُّعمان، أبو بكر الأصبهانيّ، الدّلال. [المتوفى: 532 هـ]
من أصحاب عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، روى عنه، وعن أخيه أبي عَمْرو، سمع منه: السّمعانيّ وقال: كبير مَسِنّ، ثمّ ورَّخه.(11/580)
114 - محمد ابن الشّريف أبي الفضل محمد بن عبد السّلام بن أحمد، الأنصاريّ، البغداديّ، أبو الحَسَن. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، روى عنه: ابن عساكر، والسِّلَفيّ، وجماعة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.(11/580)
115 - محمد بن نجاح، أبو عبد الله الأَمويّ، القُرْطبيّ، الفقيه المالكيّ. [المتوفى: 532 هـ]
تفقه على أبي جعفر بن رزق، وروى عن: أبي الحسن بن حَمْدين، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وذكر لي أنّه سمع عليّ أبي القاسم [ص:581] حاتم بن محمد كتاب " الملخّص " للقابسيّ، قاله ابن بَشْكُوال، قال: وذكر أنّ أبا العباس العُذْريّ أجاز له، ورأيت له تخليطًا كثيرًا ارتبتُ منه، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.(11/580)
116 - محمد بن ناصر بن أحمد بن أبي عِياض، أبو نصر السَّرْخَسِيّ، العِياضيّ، الواعظ الشّهير. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: السيد أبا الحسن محمد بن محمد، وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزنبري المعمر، وجماعة.
مات في ذي الحجَّة، قاله السّمعانيّ.(11/581)
117 - محمد بن أبي النَّجْم بن محمد، أبو طاهر المَرْوَزِيّ، الشَّوَّاليّ، الخطيب. [المتوفى: 532 هـ]
رجل خيَّر، ذكره ابن السّمعانيّ فقال: سمع محمد بن أبي عمران الصَّفّار، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله الدندانقاني، وغيرهما، وسألناه فرحل من قرية شَوَّال إلى مَرْو، وحدَّث " بصحيح البخاري "، وانتخبت له جزءا.(11/581)
118 - محمد بن أبي نصر محمود بن أحمد بن أبي نصر، الواعظ، أبو بكر الأصبهانيّ، المعروف بقل هو الله خوان. [المتوفى: 532 هـ]
روى عن: أبي مطيع، وعنه: أبو موسى المَدِينيّ، ومات كهْلًا بواسط غريبًا، رحمه الله.(11/581)
119 - مظفر بن الحسين بن أبي نِزَار، البغداديّ الحاجب. [المتوفى: 532 هـ]
سمع: أبا القاسم ابن البسري، وأبا منصور العكبري، روى عنه أبو القاسم ابن عساكر، ويوسف بن مقلَّد، وتُوُفّي في المحرَّم.
وكان من كبار الحجاب، ثم زهد، وتصوف.(11/581)
120 - منصور الرّاشد بالله، أمير المؤمنين أبو جعفر ابن المسترشد بالله الفضل ابن المستظهر بالله أحمد ابن المقتدي بالله عبد الله، الهاشمي، العباسي. [المتوفى: 532 هـ][ص:582]
ولد سنة اثنتين وخمسمائة، ويقال: إنه ولد مسدودًا، فأحضروا الأطباء، فأشاروا بأن يُفتح له مخرجٌ بآلةٍ من ذَهَب، ففُعل ذلك به فنفع، وأُمُّه أمّ ولد، خطب له أبوه بولاية العهد في سنة ثلاث عشرة.
قال ابن واصل القاضي: حُكي عمّن كان يدخل إلى دار الخلافة ويطّلع على أسرارهم، أنّ الخليفة المسترشد أعطى ولده الرّاشد، وعُمره أقل من تسع سِنين، عدَّة جواري، وأمرهن أنّ يلاعبْنَه، وكانت فيهنّ جارية حَبَشيَّة، فحملت من الرّاشد، فلمّا ظهر الحَمْل وبلغ ذلك المسترشد أنكره، فسألها، فقالت: والله ما تقدَّم إليَّ سواه، وإنّه احتلم، فسأل باقي الجواري فقلن كذلك، فأمر أن تحمل الجارية قطنًا، ثم وطئها الرّاشد، ثمّ أخرجت القطْن وعليه المَنِيّ، ففرح المسترشد، وهذا من أعجب الأشياء، ثمّ وضعت الجارية ولدًا سمّاه أمير الجيش، وقد قيل: إنّ صبيان تِهامة يحتلمون لتسعٍ، وكذلك نساؤهم، وكان للراشد نيّف وعشرون ولدًا.
بويع بالخلافة في ذي القعدة سنة تسعٍ وعشرين، وكان أبيض، مليحًا، تامّ الخَلْق، شديد الأَيْد، شجاعًا، قيل: إنّه كان في بستان دار الخلافة أيّل عظيم الشّكْل، اعترض في البستان، وأحجم الخَدَمُ عنه، فهجم هو عليه، وأمسك بقَرْنَيْه ورماه إلى الأرض وطلب مِنشارًا، وقطع قَرْنَيْه.
وكان حَسَن السّيرة، جيّد الطَّوِيَّة، يُؤْثر العدْل، ويكره الشر، وكان فصيحًا، أديبًا، شاعرًا، سَمْحًا، جوادًا، لم تطُل أيّامه حتّى خرج من بغداد إلى الموصل، ودخل ديار بكر، ومضى إلى أَذَرْبَيْجان، ومازَنْدَران، ثمّ عاد إلى أصبهان، وأقام على باب أصبهان ومعه السلطان داود بن محمود بن محمد بن ملكشاه محاصرا لأصبهان إلى أنّ قتلته الملاحدة هناك.
وكان بعد خروجه من بغداد وصول السّلطان مسعود بن محمد إليها، فاجتمع بالكبار، وخلع الرّاشد بالله، وبايع عمّه الإمام المقتفيّ، ودام الأمر سنةً للراشد قبل ذلك.
قال ابن ناصر الحافظ: دخل السلطان مسعود إلى بغداد وفي صُحبته أصحاب المسترشد بالله الوزير عليّ بن طِراد، وصاحب المخزن ابن طلحة، وكاتب الإنشاء، فخرج الرّاشد بالله طالبًا إلى الموصل في صُحبة أميرها زنكيّ. [ص:583]
وفي اليوم الثالث أحضروا ببغداد القُضاة والعلماء عند الوزير عليّ بن طِراد، وكتبوا محضرًا فيه شهادة طائفةٍ بما جرى من الرّاشد بالله من الظُّلم، وأخْذ الأموال، وسفْك الدّماء، وشرب الخمر، واستفتوا الفقهاء في من فعل ذلك، هل تصحُّ إمامته؟ وهل إذا ثَبَتَ فِسْقُه يجوز لسلطان الوقت أنّ يخلعه، ويستبدل به خيرًا منه؟ فأفتوا بجواز خلْعه، وفسْخ عقْده، ووقع الاختيار على تولية الأمير أبي عبد الله محمد ابن المستظهر بالله، فحضر السّلطان مسعود والأمراء إلى دار الخلافة، وأحضر الأمير أبو عبد الله، وحضر الوزير، وأبو الفتوح بن طلْحة، وابن الأنباريّ الكاتب، وبايعوه، ولُقّب بالمقتفيّ لأمر الله، وبايع الخلْق وعُمره أربعون سنة، وقد وَخَطَه الشَّيْب.
وخرج الرّاشد بالله من الموصل إلى بلاد أَذَرْبَيْجان، وكان معه جماعة، فقسّطوا على مَرَاغَة مالًا، وعاثوا هناك، ومضوا إلى هَمَذَان فدخلوها، وقتلوا جماعة، وصلبوا آخرين، وحلقوا لِحَى جماعة من العلماء وأفسدوا، ثمّ مضوا إلى نواحي أصبهان فحاصروا البلد ونهبوا القرى، ونزل الرّاشد بظاهر أصبهان، ومرض مرضًا شديدًا، فَبَلَغَنَا أنّ جماعةً من العجم كانوا فرّاشين معه دخلوا عليه خركاهه في سابع وعشرين رمضان، فقتلوه بالسّكاكين، ثمّ قُتِلوا كلّهم، وبَلَغَنَا أنّهم كانوا سَقَوْهُ سُمًّا، ولو تركوه لَمَا عاش، وبنى له هناك تربةً، سامحه الله.
قال ابن السّمعانيّ: قُتل فتْكًا في سادس وعشرين رمضان صائمًا، ودُفِن في جامع مدينة جيّ، وعُقِد له العزاء ببغداد وأنا بها، عاش ثلاثين سنة.
وقال العماد الكاتب: كان له الحُسْن اليُوسُفيّ، والكرم الحاتميّ، بل الهاشميّ استدعى والدي صفيّ الدّين ليولّيه الوزارة، فتعلّل عليه، خلّف ببغداد نيفًا وعشرين ولدًا ذَكَرًا.
وقال ابن الجوزيّ: في سبب موته ثلاثة أقوال: أحدها: أنّه سُقي السُّم ثلاث مرات، والثّاني: أنّه قتله الفرّاشون، والثالث: أنّه قتلته الباطنيَّة، وجاء الخبر، فقعدوا له للعزاء يومًا واحدًا. [ص:584]
قال: وقد ذكر الصُّوليّ أنّ النّاس يقولون: أنّ كلّ سادسٍ يقوم للنّاس يُخْلَع، فتأملت هذا، فرأيته عَجَبًا، اعتُقِد الأمر لنبيّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمّ قام بعده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، والحسن فخُلع، ثمّ معاوية، ويزيد، ومعاوية بن يزيد، ومروان، وعبد الملك، وابن الزبير، فخلع وقتل، ثم الوليد، وسليمان، وعمر، ويزيد، وهشام، والوليد، فخُلع وَقُتِلَ، ثمّ لم ينتظم لبني أُميَّة أمر، فوُلّي السّفّاح، والمنصور، والمَهْديّ، والهادي، والرشيد، والأمين، فخُلِع وَقُتِلَ، ثمّ المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، فخُلِع وَقُتِلَ، ثمّ المُعتز، والمهتدي، والمعتمد، والمعتضد، والمكتفي، والمقتدر، فخُلِع، ثمّ رد ثم قتل، ثم القاهر، والراضي، والمتقي، والمستكفي، والمطيع، والطائع فخُلِع، ثمّ القادر، والقائم، والمقتدي، والمستظهر، والمسترشد، والراشد، فخُلِع.
قلت: وهذا الفصل منخرمٌ بأشياء، أحدها قولُه: وعبد الملك وابن الزُبَير، وليس الأمر كذلك بل ابن الزُّبير خامس، وبعده عبد الملك، أو كلاهما خامس، أو أحدهما خليفة والآخر خارج على نزاعٍ بين العلماء في أيّهما خارج على الآخر، والثّاني تركه لعدد يزيد النّاقص وأخيه إبراهيم الذي خلع، ومروان، فيكون الأمين باعتبار عددهم تاسعًا، فلا يستقيم ما ادعاه، والمستعين خلعوه أيضًا كما قال، وخلعوا الّذي بعده، وهو المُعْتَزّ بالله، وقتلوا المهتدي بالله، رضي الله عنه، وخلعوا القاهر وسَمَلوه، فليس الخلْع مقتصرًا على كلّ سادسٍ لو صحّ العدد.(11/581)
121 - يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مُغيث، أبو الحسن القُرْطُبيّ، [المتوفى: 532 هـ]
أحد الأئمة.
روى عن: جدّه مُغِيث، وعن: القاضي أبي عمر ابن الحذاء، وحاتم بن محمد، ومحمد بن محمد بن بشير، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي عبد الله بن منظور، ومحمد بن سعدون القَرَويّ، وأبي جعفر بن رزق، ومحمد بن فَرَج، والغسّانيّ، وغيرهم.
قال ابن بَشْكُوال: كان عارفًا باللّغة والإعراب، ذاكرًا للغريب [ص:585] والأنساب، وافر الأدب، قديم الطّلب، نبيه البيت والحَسَب، جامعًا للكُتُب، راوية للأخبار، عالمًا بمعاني الأشعار، أنيس المجالسة، فصيحًا، حسن البيان، مشاورًا في الأحكام، بصيرًا بالرجال وأزمانهم وثقاتهم، عارفًا بعلماء الأندلس وملوكها، أخذ النّاس عنه كثيرًا، وقرأتُ عليه، وأجاز لي، ومولده في رجب سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في ثامن جُمَادَى الآخرة، وصلّى عليه ابنه أبو الوليد.
قلت: كان يونس مِن أسند مَن بقي بالأندلس وأجلّهم، روى عَنْهُ: محمد بن عَبْد اللَّه بْن مفرّج القَنطريّ الحافظ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عُبَادة الْجَيّانيّ المقرئ، ومحمد بن عبد الرحيم بن الفَرَس الغَرْناطيّ، ومحمد بن عبد الله بن ميمون العَبْدريّ الشّاعر، وأبو محمد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الحَجْريّ، وعبد الله بن طلحة المحاربيّ الغَرْناطيّ، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حُبَيْش، وعبد الرحمن بن محمد الشّرّاط، وآخرون، وأول سماعه بعد الستين وأربعمائة.(11/584)
-سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة(11/586)
122 - أحمد بْن الحسين بْن أحمد، أبو العباس البغداديّ، المقرئ، العسّال. [المتوفى: 533 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: شيخ، صالح، مستور، قرأت عليه يسيرًا، عن أبي عبد الله ابن البُسْريّ، وتُوُفّي في شعبان.(11/586)
123 - أَحْمَد بن عبد الباقي بن الحَسَن بن منازل، أبو المكارم الشّيْبانيّ، السّقْلاطُونيّ، الحريميّ، [المتوفى: 533 هـ]
ابن عمّ ابن زُرَيق القزاز.
سمع الكثير من: أبي الحسين ابن النَّقُّور، وأبي نصر الزَّيْنبيّ، وطائفة، ونسخ بخطّه، روى عنه: أبو حامد عبد الله بن ثابت ابن النّحّاس، مات في عاشر صَفَر، أثنى عليه عمر بن أحمد بن سهلان وسمع منه.(11/586)
124 - أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عَقِيل، أبو المكارم. [المتوفى: 533 هـ]
ذكره الحافظ ابن المفضّل في " الوفيات " هكذا لا أعرفه.(11/586)
125 - أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جَمْرَة، الأمويّ، مولاهم المُرْسيّ، أبو العباس. [المتوفى: 533 هـ]
سمع: أباه، وأبا بكر بن أبي جعفر، وهشام بن أحمد، وغيرهم، وأجاز له أبو عمر بن عبد البَرّ، وأبو عَمْرو المقرئ، قاله ابن الأَبّار، وقال: حدَّث عنه ابنه القاضي أبو بكر محمد شيخنا، وتوفي في رمضان.
قلت: أبو عَمْرو هو عثمان بن سعيد الدّانيّ، وهو آخر من حدَّث عنه في الدّنيا بالإجازة، والقاضي أبو بكر محمد هو آخر من روى عن أبيه، وبقي إلى سنة تسعٍ وتسعين، وهو أكبر شيخ لأبي عبد الله الأَبار المؤرخ، سمع " التّيسير " من أبيه، عن المصنّف إجازة.(11/586)
126 - أحمد بن عليّ، أبو البقاء الظَّفريّ، البيطار. [المتوفى: 533 هـ]
حدَّث عن: أحمد بن عثمان بن نفيس، وتُوُفّي بالشُّونِيزيَّة.(11/587)
127 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن محمد، أبو الفضل الطُّوسيّ، الشُّلانْجِرْديّ، [المتوفى: 533 هـ]
وشُلانْجِرْد: قرية من قرى طُوس.
كان رجلًا صالحًا، خيّرًا، استوطن به أبوه الإسكندرية، وأَمّ بمسجد المواريث.
قال السلفي: أخبرنا عن أبي الليث نصر بن الحسن التُنْكُتيّ، وهبة الله بن عبد الوارث الشّيرازيّ، وكان مولده في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وشيّعه خلائق.(11/587)
128 - أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد العزيز، أَبُو جعفر اللَّخْميّ، الإشبيليّ، [المتوفى: 533 هـ]
تلميذ أبي عليّ الغسّانيّ.
قال ابن بَشْكُوال: أخذ عنه مُعْظَم ما عنده، وكان أبو عليّ يصفه بالمعرفة والذكاء، ويرفع بذِكْره، وأخذ أيضًا عن: أبي الحَجّاج الأعلم، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي بكر المُصْحفيّ، وكان من أهل المعرفة بالحديث والرجال، مقدَّمًا في الإتقان، مع التَّقدُّم في اللغة والأدب والأخبار، ومعرفة أيّام النّاس، أخذت عنه وجالسته، وتوفي في ربيع الأول بقرطبة.
قال ابن نقطة وغيره: يعرف بابن المرخي مستفاد مع المرجي، بالجيم.
قلت: روى عنه محمد بن عبد الله الشَّلبيّ، وعليّ بن عتيق بن مؤمن.(11/587)
129 - أحمد بن محمد بن الحسين بن نَصْرُوَيْه، الفراش، أبو العباس، [المتوفى: 533 هـ]
من أهل باب المراتب.
سمع: أبا عبد الله الحُمَيْديّ، وابن طلحة النّعاليّ.
قال ابن السمعاني: شيخ صالح، فقير، قانع، كان يسمع معنا، وتوفي في إحدى الجماديين.(11/587)
130 - أحمد بْن منصور بْن محمد بْن القاسم بن حبيب، أبو نصر النَّيْسابوريّ، الصّفّار، [المتوفى: 533 هـ]
والد عمر، وجدّ أبي سعد.
سمع: أبا سهل الحفْصيّ، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وأبا القاسم القُشَيريّ، سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ وقال: كان شيخًا، متميزًا، عالمًا، سديد السّيرة، صالحًا، وُلِد سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة في شعبان، تُوُفّي في أوّل رمضان سنة ثلاثٍ، سمعت منه، ومن زوجته دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر، ومن ولديهما عمر، وعائشة.(11/588)
131 - أحمد بن هبة الله بن محمد ابن الزَّيْنبيّ، أبو العباس. [المتوفى: 533 هـ]
تُوُفّي بالبصرة في شُغل للخليفة، روى عن: عمه أبي نصر الزينبي، وعنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر.(11/588)
132 - إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خَفَاجَة، أبو إسحاق الأندلسيّ، الشاعر المشهور. [المتوفى: 533 هـ]
وديوانه موجود بأيدي النّاس عاش ثلاثًا وثمانين سنة، وكان رئيسًا مُفَخَّمًا، له النظم النثر، وله تأليفٌ في غريب اللّغة، وهو القائل:
وعَشِيَّ أنسٍ أَضْجَعَتْني نشوةٌ ... فيه تُمَهِّد مضجعي وتدمث
خلعت علي به الأراكةُ ظِلَّها ... والغُصْنُ يُصْغِي والحَمَام يُحَدِّثُ
والشّمسْ تجنح للغروب مريضة ... والرعد يرقي والغمامة تنفث(11/588)
133 - إسماعيل بن محمد بن أحمد، أبو طاهر الأصبهانيّ، الوثّابيّ، الشاعر. [المتوفى: 533 هـ]
أَضرّ في آخر عمره وافتقر، وقيل كان: يخلّ بالصّلوات، روى عن: أبي عمرو بن مندة.(11/588)
134 - أنوشروان بن خالد بن محمد، الوزير، أبو نصر القاساني، الفيني، [المتوفى: 533 هـ]
وفين: من قرى قاسان.
وزير الدّولتين جميعًا للخليفة المسترشد، وللسّلطان محمود بن محمد.
قال ابن السّمعانيّ: كان قد جمع الله فيه الفضل الوافر، والعقل الكامل، والتواضع، والخيرية، ورعاية الحقوق، أدركته ببغداد وقد كبر وأسن وتضعضع، وأقعده العجز في داره بالحريم الطاهري، عاقني المرض عن الحضور عنده، وقد حدَّث عن: عبد الله بن الحسن الكامخي الساوي، وسمع منه جماعة من أصحابنا، وكان هو السبب في إنشاء " مقامات الحريريّ "، وكان يميل إلى التَّشيُّع.
قال ابن الجوزيّ: كان عاقلًا مَهِيبًا، عظيم الخلْقة، دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني، وكان كريمًا، سأله رجلٌ خيمةً، فلم تكن عنده، فأرسل إليه مائة دينار، وقال: اشترِ بها خيمة، فكتب إليه الرجل، وهو أبو بكر الأَرَّجانيّ الشّاعر:
للهِ دَرّ ابن خالد رجلًا ... أحيا لنا الجودَ بعدما ذهبا
سألته خيمةً ألوذ بها ... فجاد لي مِلْء خيمةٍ ذهبا
وكتب إليه الحريريّ صاحب " المقامات ":
ألا ليت شِعْري والتّمنّي تعلةٌ ... وإن كان فيه راحة لأخي الكرب
أتدرون أني مذ تناءت دياركم ... وشطّ اقترابي من جنابكم الرحبِ
أكابد شوقًا ما يزال أواره ... يقلبني بالليل جنْبًا على جنبِ
وأذكر أيام التّلاقي فأنثني ... لتذكارها بادي الأسى طائر اللب
ولي حنة في كل وقتٍ إليكم ... ولا حنة الصادئ إلى الباردِ العذبِ
وممّا شجا قلبي المُعَنَّى وشفه ... رِضاكم بإهمال الإجابة عن كُتُبي
وقد كنت لَا أخشى مع الذَّنْب جفوةً ... فقد صرت أخشاها وما لي من ذَنْبِ [ص:590]
ولما سَرَى الوفد العراقيّ نحوكم ... وأَعْوَزني المَسْرَى إليكم مع الرَّكْبِ
جعلت كتابي نائبي عن ضرورةٍ ... ومن لم يجد ماءً تيمَّم بالتُّرْبِ
قال ابن النّجّار: أنوشروان الوزير، وُلِد بالرَّيّ في رجب سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة، ووَزَرَ ثمّ عُزِل، ثمّ أُعيد، وكان موصوفًا بالجود والإفضال، محبًا للعلماء، أحضر ابن الحُصَيْن إلى داره يُسمع أولاده " مُسْنَد أحمد " بقراءة ابن الخشّاب، وأذِن للنّاس في الدخول، فعامَّة من سمعه ففي داره.
روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر في " مُعْجَمه "، وسماعه من السّاويّ في سنة ثمانٍ وسبعين.
تُوُفّي في رمضان، ودُفِن بداره، ثمّ نُقِل بعد ذلك إلى الكوفة، فدُفِن بمشهد عليّ عليه السّلام.
وفي " تاريخ ابن النّجّار " نقل من خطّ قاضي المَرِسْتان: تُوُفّي أنوشروان في ثاني عشر صَفَر سنة ثلاثٍ وثلاثين.(11/589)
135 - تمّام بن عبد الله الظَّنّيّ الدّمشقيّ السّرّاج. [المتوفى: 533 هـ]
شيخ حافظ للقرآن، سمع: عليّ بن الحَسَن بن طاوس، وسهل بن بشر الإسفراييني، روى عنه: الحافظ ابن عساكر.(11/590)
136 - الحسن بن سلامة بن ساعد المنبجي، الفقيه، قاضي نهر عيسى، أبو علي. [المتوفى: 533 هـ]
ورد بغداد، وتفقه بها على: القاضي أبي عبد الله الدامغاني، قيل: كان معتزليا، ولم يظهر عنه.
حدَّث عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ، وعنه: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، ومحمود بن الحَسَن المؤدب.(11/590)
137 - الحَسَن بن الفضل، أبو عليّ الأصبهانيّ، الأَدميّ، الفقيه، الأديب. [المتوفى: 533 هـ]
أحد طَلَبَة الحديث، سمع: أبا منصور بن شكْرُوَيْه، وسليمان بن إبراهيم [ص:591] الحافظ، وطائفة، روى عنه: رجب بن مذكور، وغيره.
أرخه ابن النّجّار في ربيع الأوّل من السّنة.(11/590)
138 - الحسين بن الخليل بن أحمد بن محمد، الإمام أبو عليّ النَّسفيّ، الفقيه، [المتوفى: 533 هـ]
نزيل سَمَرْقَنْد.
سمع " صحيح البخاريّ " من الحَسَن بن عليّ الحمادي، صاحب أبي علي الكشاني، وحدَّث به، وتفقه ببُخارى على: أبي الخطّاب الكَعْبيّ، وببلْخ على: الإمام أبي حامد الشُّجَاعيّ.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: إمام، فاضل، ورِع، له يدٌ باسطة في النَّظَر، وورد بغداد حاجًا في سنة ست عشرة، وحدَّث بها، ولي منه إجازة، تُوُفّي أبو عليّ هذا في الحادي والعشرين من رمضان.
وأبو الخطاب هو: محمد بن إبراهيم القاضي.(11/591)
139 - حمد بن منصور، أبو نصر الدوغي، الهَمَذانيّ، الصُّوفيّ، المعروف بالشَيخ الزّاهد، [المتوفى: 533 هـ]
نزيل بغداد، وخادم رباط بهروز.
قال ابن السّمعانيّ: كان صالحًا، كثير التَّهَجُّد، دائم التّلاوة، خدم الفقراء، وناطح التسعين، وسمع بهمذان: بنجير بن منصور، ومحمد بن الحسين بن فَنْجُوَيْه، وسمعت منه، وقال: لي ثلاث وتسعون سنة، قال ذلك في وسط سنة اثنتين، وتُوُفّي في ثامن عشر رمضان سنة ثلاثٍ وثلاثين، وصلّى عليه أبو محمد سِبْط الخيّاط بوصيةٍ منه.
وتُوُفّي شيخه بنجير سنة تسعين وأربعمائة.(11/591)
140 - زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن المرزبان، أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن النَّيْسابوريّ، الشّحّاميّ، الشُّرُوطيّ، المحدّث المستملي. [المتوفى: 533 هـ]
وُلِد في ذي القعدة سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة بنيسابور، واعتنى به أبوه فسمعه الكثير، وبكر به، واستجاز له الكبار، وسمع أكثر " مُسْنَد أبي يَعْلَى " من أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ و" السنن الكبير " للبَيْهَقيّ، منه، وسمع " الأنواع والتقاسيم " من عليّ بن محمد البَحَّاثيّ، عن محمد بن أحمد الزَّوْزَنيّ، عن أبي حاتم البُسْتيّ، وسمع كتاب " شعب الإيمان " و" الزهد الكبير " و" المدخل إلى [ص:592] السُّنَن " وبعض " تاريخ الحاكم " أو أكثره، من أبي بكر البَيْهَقيّ، وسمع: أباه، وأبا يَعْلَى إسحاق بن عبد الرحمن الصّابونيّ، وأبا سعد الكَنْجَرُوذيّ المذكور، وأبا عثمان سعيد بن أبي عَمْرو البَحيريّ، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، ومحمد بن محمد بن حمدون السُّلَميّ، وأبا القاسم عبد الكريم القُشَيْريّ، وسعيد بن منصور القُشَيريّ، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس، وأحمد بن منصور المغربيّ، وأبا بكر محمد بن الحَسَن المقرئ، ومحمد بن عليّ الخشّاب، وأبا الوليد الحَسَن بن محمد البلْخيّ، وخلْقًا سواهم في مشيخته الّتي وقعت لنا بالإجازة العالية، وأجاز له: أبو حفص بن مسرور الزّاهد، وأبو محمد الجوهريّ، وأبو الحسين عبد الغافر الفارسيّ.
وحدَّث بنَيْسابور، وبغداد، وهَرَاة، وهَمَذَان، وأصبهان، والرَّيّ، والحجاز، واستملى بعد أبيه على شيوخ نَيْسابور كأبي بكر بن خَلَف الشّيرازيّ فمَن بَعْده.
وكان شيخًا متيقظًا، له فهمٌ ومعرفة، فإنه خرّج لنفسه " عوالي مالك " و" عوالي سُفْيان بن عُيَيْنَة "، والألف حديث " السُّباعيّات "، وجمع عوالي ما وقع له من حديث ابن خُزَيمة في نيفٍ وثلاثين جزءًا، وعوالي ما وقع له من حديث السّرّاج، نحوًا من ذلك، وعوالي عبد الله بن هاشم، وعوالي عبد الرحمن بن بشر، و" تحفة العيدين "، ومشيخته، وأملى بنَيْسابور قريبًا من ألف مجلس، وصار له أنس بالحديث، وكان ذا نهمة في تسميع حديثه، رحل في بذْله كما يرحل غيره في طلب الحديث، وكان لَا يضجر من القراءة.
قال ابن السّمعانيّ: كان مكثِرًا متيقظًا، وَرَدَ علينا مَرْو قَصدًا للرواية بها، وخرج معي إلى أصبهان، لَا له شغل إلّا الرواية بها، وازدحم عليه الخلق، وكان يعرف الأجزاء، وجمع، ونسخ، وعمر، قرأت عليه " تاريخ نَيْسابور " في أيامٍ قلائل، فكنت أقرأ من قبل طلوع الشمس إلى الظهر، ثمّ أصلّي وأقرأ إلى العصر، ثمّ إلى المغرب، وربما ما كان يقوم من موضعه، وكان يُكرم الغرباء ويعيرهم الأجزاء، ولكنه كان يخل بالصلوات إخلالًا ظاهرًا وقت خروجه معي إلى أصبهان، فقال لي أخوه وجيه: يا فلان، اجتهد حتّى تُقعد هذا الشَيخ ولا يسافر ويفتضح بترك الصلاة، وظهر الأمر كما قال أخوه، وعرف أهل أصبهان ذلك وشنعوا عليه، حتّى ترك أبو العلاء أحمد بن محمد الحافظ الرواية عنه، [ص:593] وضرب على سماعاته منه، وأنا فوقت قراءتي عليه التّاريخ، ما كنت أراه يصلّي، وأوّل من عَرَّفَنَا ذلك رفيقُنا أبو القاسم الدّمشقيّ، قال: أتيته قبل طلوع الشّمس، فنبّهوه فنزل ليقرأ عليه وما صلّى، وقيل له في ذلك، فقال: لي عُذْر وأنا أجمع بين الصّلوات كلّها، ولعلّه تاب في آخر عمره، والله يغفر له، وكان خبيرًا بمعرفة الشُّرُوط، وعليه العُمْدة في مجلس القضاء.
قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو بكر محمد بن منصور السّمعانيّ والد أبي سعد، ومنصور بن أبي الحَسَن الطَّبريّ، وصاعد بن رجاء المعداني، وعليّ بن القاسم الثَّقفيّ، وعليّ بن الحسين بن زيد الثَّقفيّ، وأسعد بن سعيد، ومحمود بن أحمد المضري، وعبد الغنيّ ابن الحافظ أبي العلاء العطّار، وأبو أحمد عبد الوهّاب ابن سُكينة، وزاهر بن أحمد الثَّقفيّ، وعبد اللّطيف بن محمد الخُوارَزْميّ، ومحمد بن محمد بن محمد بن الْجُنَيْد، وعبد الباقي بن عثمان الهَمَذانيّ، وإبراهيم بن بركة البيِّع المقرئ، وعبد الله بن المبارك بن روما الأزجي، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القَزْوينيّ، وإبراهيم بن محمد بن حمدية، وعبد الخالق بن عبد الوهّاب الصّابونيّ، وثابت بن محمد المَدِينيّ الحافظ، وعليّ بن محمد بن يَعِيش الأنباريّ، ومحمد بن أبي المكارم أسعد القاضي، ومودود بن محمد الهَرَويّ ثمّ الأصبهانيّ، والمؤيد بن محمد الطُّوسيّ، وأبو رَوْح عبد المُعِزّ الهَرَويّ، وزينب الشّعريَّة.
وتُوُفّي في رابع عشر ربيع الآخر بنَيْسابور، ولا ينبغي أنّ يُروى عن تارك الصّلاة شيء البتَّة.(11/591)
141 - زُهير بن عليّ بن زهير، أبو نصر الخذامي، بخاء مكسورة، السَّرْخَسيّ، ثمّ المِيهنيّ. [المتوفى: 533 هـ]
سمع: عبد الرحمن بن محمد البوشنجي كلار، والحافظ محمد بن محمد بن زيد الحُسَينيّ.
ولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، روى عنه: أبو سعد السمعاني، [ص:594] وقال: مات في رمضان.(11/593)
142 - سلامة بن غَيّاض، أبو الخير الكَفَرْطَابيّ. [المتوفى: 533 هـ]
من أئمة النَّحْو، أخذ بمصر عن ابن القطّاع، وصنَّف كتابًا عشر مجلَّدات في الأدب.
أخذ عنه ابن الخشّاب.
كان حيًّا في هذا العام.(11/594)
143 - شُعْبة بن عبد الله بن عمر، أبو الخيْر الأصبهانيُّ الصَّبَّاغ التّاجر. [المتوفى: 533 هـ]
سمع الكثير ورحل. وسمع رزق الله التَّميمي بأصبهان، ونصر بن البَطِر والنِّعالي ببغداد، وأبا نصر محمد بن عليّ بن ودعان الموصلي، وخلقاً.
قال ابن السَّمعاني: سمعتُ منه، وكان صدوقًا، صحيح السَّماع. وُلِدَ سنة ثمان وستين وأربعمائة.
قلت: وروى عنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في صفر سنة ثلاث وثلاثين بكرمان.(11/594)
144 - صالح بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن المُعَزَّم، أبو زيد الهَمَذانيّ، [المتوفى: 533 هـ]
إمام الجامع بهَمَذَان.
شيخ فاضل، حَسَن الطّريقة، سمع بهَمَذَان: أبا إسحاق الشيرازي، وسفيان بن فنجويه، وأحمد بن عمر الصندوقي، روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ.
وُلِد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي بهمذان في أواخر شعبان.(11/594)
145 - الطَّيِّب بن محمد بن أحمد، أبو بكر الأَبِيوَرْديّ، الغَضَائريّ. [المتوفى: 533 هـ]
ذكره السّمعانيّ في " الذَّيْلِ "، فقال: شيخ صالح، ديِّن، خيِّر، مِن أهل القرآن، حَسَن الأخلاق، صحِب المشايخ، وجال في الآفاق، وصحب [ص:595] السِّلَفيّ، وسمع بقراءته من: محمد بن حامد المَرْوَزِيّ، ومحمود بن أبي مَخْلَد الطَّبريّ، وجماعة.
قال: قدم علينا مرو، وانتخبت له جزءا، وما رأيت في الصُّوفيَّة أجمعَ للأخلاق الحَسَنة، مع التّواضع التّامّ والخدمة، على كِبَر السِّنّ مِثلَه، وسمع بسلماس من محمود بن سعادة، وأبا الحَسَن بن نعمة الله، مات بأَبِيوَرْد في أحد الربيعين.(11/594)
146 - طالب بن زيد بن عليّ بن شَهْريار، أبو النَّجم الأصبهانيّ، البيِّع. [المتوفى: 533 هـ]
سمع: شجاع بن عليّ المصقلي، وعَبْد الجبّار بْن عَبْد اللَّه بْن بُرزة الواعظ، وجماعة، أخذ عنه السّمعانيّ، وقال: مات في رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة.(11/595)
147 - عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، أبو القاسم البغداديّ، الحربيّ، النّجّار، [المتوفى: 533 هـ]
أخو الحافظ عبد الخالق، وعبد الواحد.
ولد في مستهل عام اثنين وخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد ابن المأمون، ومحمد بن عليّ بن الغريق، والصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور.
روى عنه: السِّلَفيّ، وابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وعبد المجيب بن زهير، وعبد الله بن طُلَيْب، ومحاسن بن أبي بكر، وثامر بن جامع القطّان، وحسين بن عثمان الكوفيّ القطّان، وضياء بن جَنْدَل، وعمر بن عبد الكريم الحمّاميّ، ونفيس بن عبد الجبّار، وأبو اليُمْن زيد بن الحَسَن الكِنْديّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حدَّث عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ السّمعانيّ: ديِّن خيِّر، من بيت الحديث، صالح، جاور بمكَّة سِنين، وسمع منه والدي بمكَّة مجلسًا أملاه ابن هَزَارمرد الصَّرِيفينيّ، وجرت [ص:596] أموره على سدادٍ واستقامة إلى آخر عمره، وتُوُفّي في العشرين من رجب بالحربيَّة وله اثنتان وثمانون سنة.(11/595)
148 - عَبْد اللَّه بْن عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عليّ، أبو محمد اللَّخْمي، الشّاطبيّ. [المتوفى: 533 هـ]
سمع من جدّه لأُمّه الحافظ أبي عمر بن عبد البَرّ، وأجاز له تواليفه في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين، وسمع " الصحيحين " من أبي العباس العذري، و" صحيح البخاريّ " من القاضي أبي الوليد الباجيّ، وولي قضاء مدينة أَغْمات.
وأخذ عنه جماعة.
وأجاز لأبي القاسم بن بَشْكُوال، وأغفله ولم يذكره في " الصّلة "، تُوُفّي في صفر وله تسعون سنة، وقيل: تُوُفّي سنة اثنتين، ذكره أبو عبد الله الأبار.
روى عنه: حفيده لبنته عمر بن عبد الله الأغماتيّ، وعيسى بن الملجوم.(11/596)
149 - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن خَلَف، أبو محمد بن أبي تليد الخَوْلانيّ، الشّاطبيّ، المعروف بالحمصيّ. [المتوفى: 533 هـ]
أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن الدّوش، وسمع من: طاهر بن مُفَوَّز، وأبي عِمران بن أبي تليد، وتصدَّر للإقراء بشاطبة، وحدَّث، وكان فاضلًا، صالحًا، مُجَاب الدّعوة، روى عنه: أبو عمر بن عبّاد.(11/596)
150 - عَبْد الله بْن محمد بْن محمد بْن سعيد، أبو جعفر البصْريّ، البَرْذَعيّ الشّاهد. [المتوفى: 533 هـ]
شيخ متميّز، ذو هيئة، سمع: أبا عليّ التُّسْترِيّ، وعنه: أبو سعد السمعاني، مات في شوال، سمع " سنن أبي داود ".(11/596)
151 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بن عليّ بن جعفر بن زُرَيق، أبو القاسم الأَسديّ، المُضَريّ، النَّسَفيّ، ثمّ الأصبهانيّ، الخطيبيّ، الحنفيّ، [المتوفى: 533 هـ]
خطيب الجامع الكبير بأصبهان. [ص:597]
وُلِد في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع: أبا الطيب عبد الرّزّاق بن شمة، وأبا بكر أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، والشّريف أحمد بن حاتم البكْريّ.
وحدَّث بأصبهان، وبغداد، روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفَرَج ابن الجوزي، ومحمود بن أحمد المضري، وجماعة، وهو ابن عمّ قاضي أصبهان عُبَيْد الله الخطيبيّ.(11/596)
152 - عبد الرحمن بن كُلَيب، أبو محمد الْحَمَويّ، المقرئ، الفَرَضيّ. [المتوفى: 533 هـ]
قال ابن عساكر: كان علّامة في الفرائض، والحساب، وكان يعلّم الصِّبيان في مكتبه، ولا يأخذ منهم شيئًا، ولما تُوُفّي لم يبق أحدٌ بحماه إلّا شهد جنازته.(11/597)
153 - عبد العزيز بن عثمان بن إبراهيم، أبو محمد الأَسَديّ، الفقيه، البخاريّ، [المتوفى: 533 هـ]
قاضي بُخارَى.
قدِم بغداد، وسمع: أبا طالب بن يوسف، وجماعة، وأملى ببُخارَى، وبها تُوُفّي، وكان رئيسًا، كبير الشّأن، عالمًا، روى عنه: محمد بن عمر القلانسي.(11/597)
154 - عبد العزيز بن ناصر ابن المحاملي، أبو القاسم. [المتوفى: 533 هـ]
حدث عن: أبي الحَسَن الأنباريّ، وحمْد الأصبهانيّ الحدّاد، سمع منه: أبو بكر المفيد، وغيره.(11/597)
155 - عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بَشْكُوال بن يوسف، الأنصاريّ، القُرْطُبيّ، والد الحافظ خَلَف، يُكنّى: أبا مروان. [المتوفى: 533 هـ]
أخذ القراءات عن: يحيى بن حبيب، وغيره، ولازم أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه زمانًا، وكان عارفًا بمذهب مالك، رأسًا في معرفة الشُّروط، كثير التّلاوة، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله نحوٌ من ثمانين سنة.
ذكره ابنه في " الصّلة ". [ص:598]
وقرأ شيخه ابن حبيب على محمد بن أحمد الفرّاء تلميذ مكّيّ.(11/597)
156 - عبد الواحد بن حمْد. [المتوفى: 533 هـ]
ورخه بعضهم سنة ثلاثٍ، والصواب سنة اثنتين.(11/598)
157 - عطية بن علي بن عطية بن علي بن الحسن، أبو الفضل القَيْرَوانيّ، القُرَشيّ، الطبني، يعرف بابن لاذخان. [المتوفى: 533 هـ]
جاور بمكة مع أبيه مدة، أو ولد بها، وقدِما بغداد فسكنها عطيَّة إلى أنّ تُوُفّي بها، وكان ظريفًا، كيِّسًا، مطبوعًا، حَسَن الِّشعْر، حدَّث عن: أبي مَعْشَر الطَّبريّ، وغيره، روى عنه: السِّلَفيّ في " مشيخته "، وتُوُفّي في صفر سنة ثلاث.(11/598)
158 - عليّ بن أفلح، أبو القاسم البغداديّ، الكاتب، الشّاعر. [المتوفى: 533 هـ]
له النَّظم والنَّثر، والهجو الكثير السائر.
ذكره أبو الفرج ابن الجوزي فقال: كان المسترشد بالله قد خلع عليه ولقبّه جمال المُلْك، وأعطاه أربعة آدُرّ في درب الشاكرية، فهدمها وأنشأها دارًا عاليةً مليحة، وأعطاه الخليفة خمسمائة دينار، وأطلق له مائة جذْع، ومائتي ألف آجرة، وأجرى عليه معلومًا، فظهر أنّه يُكاتب دُبَيْسًا، فنمَّ عليه بوّابه لكونه طرده، فهرب ابن أفلح، وأمر المسترشد بنقْض الدّار، وكان قد غرّم عليها عشرين ألف دينار، وكان فيها حمّام، ولمُسْتَرَاحها أنبوبٌ، إنْ فُرِك يمينًا جرى ماءٌ ساخن، وإنْ فُرِك شمالًا جرى ماءٌ بارد.
ثم ظهر بتكريت، واستجار ببهروز الخادم، ثم آل الأمر إلى أن عفي عنه.
ومن شِعْره:
دع الهوى لأناسٍ يعرفون به ... قد مارسوا الحبَّ حتّى لان أَصْعَبُه
بَلَوْتَ نفسَكَ فيمًا لست تخبرهُ ... والشّيءُ صعبٌ على من لا يجربه
افن اصطبارًا وإن لم تستطع جَلَدًا ... فرُبّ مدرِك أمرٍ عز مطلبه [ص:599]
أحنو الضُّلُوع على قلبٍ يحيّرني ... في كلّ يومٍ ويعنيني تقلبه
تناوح الرّيح من نجدٍ يهيّجهُ ... ولامِعُ البرْقِ من نعمان يُطربُه(11/598)
159 - عليّ بن المسلّم بن محمد بن عليّ بن الفتح، أبو الحَسَن السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، الفَرَضيّ، جمال الإسلام. [المتوفى: 533 هـ]
سمع: أبا نصر بن طَلّاب، وأبا الحَسَن بن أبي الحديد، وعبد العزيز الكتّانيّ، ونجا العطّار، وغنائم بن أحمد، وعلي بن محمد المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجماعة، وتفقّه على: القاضي أبي المظفَّر المَرْوَزِيّ، وأعاد الدّرس للفقيه نصر، وبرع في الفقه.
قال الحافظ ابن عساكر: وبَلَغَني أنّ أبا حامد الغزّالي قال: خلّفت بالشّام شابًّا إنْ عاش كان له شأن، فكان كما تفرّس فيه، ودرسّ في حلقة الغزّالي بالجامع مدَّة، ثمّ وُلّي تدريس الأمينية سنة أربع عشرة وخمسمائة، سمعنا منه الكثير، وكان ثقة، ثَبْتًا، عالمًا بالمذهب والفرائض، وكان يحفظ كتاب " تجريد التّجريد " لأبي حاتم القزويني، وكان حسن الخط موفقًا في الفتاوى، كان على فتاويه عمدة أهل الشّام، وكان كثير عيادة المَرْضَى وشُهُود الجنائز، ملازمًا للتّدريس والإفادة، حسن الأخلاق، له مصنّفات في الفِقْه والتّفسير، وكان يعقد مجلس التّذكير، ويُظهِر السُّنَّة، ويردّ على المخالفين، ولم يخلّف بعده مثله.
قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابنه القاسم، والسِّلَفيّ، وخطيب دُومَة عبد الله بن حمزة الكرماني، وعبد الوهاب بن علي الزبيري العدل، وأبو الحزْم مكّيّ بن عليّ، ويحيى بن الخضر الأُرْمَويّ، وإسماعيل الْجَنْزَوِيّ، وبركات الخُشُوعيّ، ومحمد بن الخصيب، وطائفة آخرهم وفاة القاضي أبو القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وقد أملى عدَّة مجالس، وقع لنا من طريقه بعُلُوّ " مُعْجَم " ابن جُمَيْع.
ذكره ابن عساكر أيضًا في طبقات الأشاعرة من كتاب " تبيين كذِب المفتري "، فقال: تفقّه أوّلًا على القاضي أبي المظفّر عبد الجليل بن [ص:600] عبد الجبّار المَرْوَزِيّ، وغيره، وعُنِي بكثرة المطالعة والتكرار، فلمّا قدِم الفقيه نصر المقدسيّ دمشق لازَمَه، ولزم الغزّاليّ مدَّة مُقامه بدمشق، وهو الّذي أمره بالتّصدُّر بعد موت الفقيه نصر، وكان يُثْني على عِلْمه وفَهْمه، وكان عالمًا بالتفسير، والأصول، والفقه، والتَّذْكير، والفرائض، والحساب، وتعبير المنامات، توفي في ذي القعدة ساجدًا في صلاة الفجر.(11/599)
160 - عليّ بن المُطَهَّر بن مكّيّ بن مِقْلاص، أبو الحَسَن الدِّينَوَرِيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 533 هـ]
تفقه على: أبي حامد الغَزّاليّ، وسمع من: نصر بن البَطِر، ونحوه، وكان فقيهًا صالحًا.
تُوُفّي ليلة السّابع والعشرين من رمضان ببغداد.(11/600)
161 - فاطمة بنت السيد ناصر بن الحسن، أم المجتبى، العلوية الأصبهانية. [المتوفى: 533 هـ]
شريفة مُعَمَّرة، سمعت الكثير من: عبد الرَزَاق بن شمة، وإبراهيم سِبْط بحرُوَية، وسعيد بن أبي سعيد العّيار، وعنها: ابن عساكر، والسّمعانيّ وقال: ماتت سنة ثلاث.(11/600)
162 - كمال بنت محمد بن محمد بن فرحيَّة المقرئ، الدينوري. [المتوفى: 533 هـ]
بغدادية، روت عن أبي القاسم علي بن الحسين الرَّبَعيّ أحاديث يسيرة، وتُوُفّيت في حدود السنة ببغداد.(11/600)
163 - محمد بن أحمد بن الحسين بن أبي بِشْر، الإمام أبو بكر المَرْوَزِيّ، الخَرَقيّ، المتكلّم. [المتوفى: 533 هـ]
رحل إلى نَيْسابور فتفقه وأحكم الكلام، وسمع من: أبي بكر بن خَلَف، وجماعة، وسكن قريته يُفتي ويَعِظ، وهي خَرَق، على ثلاثة فراسخ من مَرْو، بها سوق وجامع.
مات في شوّال في عَشْر الثّمانين، روى عنه: ابن السمعاني.(11/600)
164 - محمد بن أحمد بن عثمان، أبو عامر البلنسي، البرياني، الأديب. [المتوفى: 533 هـ]
كان من جِلَّة الشُّعراء، عاش ستًّا وثمانين سنة، أخذ عنه: أبو عبد الله بن نابُل، وكان من طبقة أبي إسحاق الخفاجي في الشعر، فماتا في هذا العام.(11/601)
165 - محمد بن يحيى بن بَاجَة، أبو بكر الأندلسيّ، السَّرَقُسْطيّ، الشّاعر، الفيلسوف، المعروف بابن الصّائغ. [المتوفى: 533 هـ]
منسوب إلى انحلال العقيدة وسوء المذْهب، وكان يعتقد أنّ الكواكب تدبّر العالم، وقد استولى الفرنج على سَرَقُسْطَة في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
وباجَة: هي الفضَّة في لسان فرنج المغرب.
وكان آية في آراء الأوائل والفلاسفة، وهَمّ به المسلمون غير مرَّة، وَسَعَوْا في قتله.
وكان عارفًا بالعربية، والطّبّ، وعلم الموسيقى.
قال أبو الحَسَن عليّ بن عبد العزيز ابن الإمام: هذا مجموع من أقوال أبي بكر ابن الصّائغ في العلوم الفلسفيَّة.
قال: وكان في ثقابة الذُّهن، ولُطْف الغَوْص على المعاني الدّقيقة أعجوبة دهره، فإنّ هذه الكُتُب الفلسفية كانت متداولة بالأندلس من زمان الحَكَم جالبها، فما انتهج فيها الناظر قبله بسبيل كما تبدّد عن ابن حزْم، وكان من أجل نظّار زمانه، وكان أبو بكر أثقب منه نظرًا.
قال: ويشبه أنّ هذا لم يكن بعد أبي نصر الفارابيّ مثله في الفنون الّتي تكلم عليها، فإنه إذا قرنت أقاويله بأقاويل ابن سينا، والغزّاليّ، وهما اللّذان فُتح عليهما بعد الفارابيّ بالمشرق في فَهْم تلك العلوم، ودوَّنا فيها، بان لك الرَّجَحَان في أقاويله، وحُسْن فَهْمه، لأقاويل أَرِسطو. [ص:602]
قلت: وكان ابن الإمام من تلامذة ابن باجَة، كان كاتبًا، أديبًا، وهو غَرْناطيٌّ أدركه الموت بقوص، ومن تلامذة ابن باجَة أبو الوليد بن رُشْد الحفيد.
تُوُفّي ابن باجَة بفاس، وقبره بقرب قبر القاضي أبي بكر بن العربيّ المَعَافِريّ، ومات قبل الكهولة؛ وله مصنّفات كثيرة.
ومن شِعره:
ضربوا القِبابَ على أقاحة روضةٍ ... خَطَر النَّسيمُ بها ففاح عبيرا
وتركتُ قلبي سار بين حمولهم ... دامي الكلوم يسوق تلك العيرا
لا والّذي جعل الغصون مَعَاطِفًا ... لهمُ وصَاغ الأقْحُوَانَ ثغورا
ما مرّ بي رِيحُ الصّبا من بعدهم ... إلّا شهقت له، فعاد سعيرا
وقد ذكر أبا بكر بن باجَة أيضًا الْيَسع بن حزْم في تأليفه فقال فيه: هو الوزير، الفاضل، الأديب، العالِم بالفنون، المعظَّم في القلوب والعيون، أبو بكر بن باجة، أرسَلَ قلمه في ميادين الخطابة فسبق، وحرَّك بعاصف ذهنه من العلوم ما لا يكاد يتحرّك.
إلى أنّ قال: ومن مِثل أبي بكر؟ جادَ به الزّمان على الخواطر والأذهان، كلامه في الهيئة والموسيقى كلام فاضل، تعقَب كلام الأوائل، وحلَّ عُقَد المسائل، وإني لأتحقّق من عقْله ما يشهد له بالتّقييد للشّريعة، ولا شكّ إنّه في صباه عَشِق، وصبا، وسبح في أنهار المجانة وحبا، وشعر ولحن، وامتحن نفسه في الغناء فمُحِن، فأنطق جماد الأوتار.(11/601)
166 - محمد بن خلف بن إبراهيم بن خلف، أبو بكر ابن المقرئ أبي القاسم ابن النخاس القُرْطبيّ. [المتوفى: 533 هـ]
أخذ القراءات عن أبيه، وسمع من: ابن الطّلّاع، وأبي عليّ الغسّانيّ، وتفقه وبرع في العلم، توفي في ربيع الآخر.(11/602)
167 - محمد بن أبي نصر شجاع بن أحمد بن عليّ الأصبهانيّ، أبو بكر اللَّفْتُوانيّ، الحافظ، المفيد. [المتوفى: 533 هـ][ص:603]
سمع: أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وسهل بن عبد الله الغازيّ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، ورحل إلى بغداد بعد العشرين، وحدَّث بها، وقد سمع من: رزق الله التّميميّ، وطِراد النّقيب، لكن بأصبهان، ولم يزل يسمع ويقرأ إلى حين وفاته.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وابن السّمعانيّ، وجماعة، وأبوه من شيوخ السِّلَفيّ، وابنه عُبَيْد الله ممّن أجاز للفخر ابن البخاريّ.
وكان شيخًا صالحًا، فقيرًا، ثقة، متعبدًا.
ولد سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، وتُوُفّي في حادي وعشرين جُمَادَى الأولى.
وأثنى عليه أبو موسى المَدِينيّ، وقال: لم أرَ في شيوخي أكثر كُتُبًا وتصنيفًا منه. استغرق عمره في طلب الحديث وكتبته وتصنيفه ونشْره.
وقال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، كثير الصّلاة، حَسَن الطّريقة، خَشِنها، لقِيتُه بأصبهان، وسمعت منه الكثير، وما دخلت عليه إلا وهو مشتغل بخير، إمّا أنْ يصلّي، أو ينسخ، أو يتلو، وكان يقرأ قراءةً غير مفهومة، وهو عارف بالحديث وطُرُقه، كتب عن من أقبل وأدبر، وخطّه لَا يمكن قراءته لكل أحد، وكان يقول: يكفي من السّماع شَمُّه.(11/602)
168 - محمد بْن الحسين بْن الحسن بْن الحسين بن زينة، الشَيخ أبو غانم بن أبي ثابت الأصبهانيّ، الواعظ، المفسّر، المحدّث. [المتوفى: 533 هـ]
سمع الحديث الكثير، وقرأ وأفاد، وحصل الأصول. سمع: جدّه لأمّه محمد بن الحَسَن بن سليم، وأخاه عمر بن الحَسَن، ومحمد بن محمد بن عبد الوهّاب المَدِينيّ، وعمر بن أحمد بن عمر السِّمسار، وخلائق، وسمع ببغداد سنة أربع عشرة من الموجودين.
سمع منه ابن الجوزيّ، بقراءة ابن ناصر، وُلِد في أوّل سنة إحدى وثمانين، ومات في سلْخ المحرم.(11/603)
169 - محمد بن حمْد، أبو منصور الأصبهانيّ، العطّار، الطيبي. [المتوفى: 533 هـ]
شيخ متعبد متيقظ، خيّر، سمع: إبراهيم بن منصور سِبْط بحرُوَيْه، وسعيدًا العَيّار، وجماعة، وعنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ، حدَّث بأجزاء من " مُسْنَد أبي يَعْلَى "، وعاش بِضْعًا وثمانين سنة.(11/604)
170 - محمد بن ظَفَر بن عبد الواحد بن أحمد، الأصبهانيّ، أبو بكر المعدّل. [المتوفى: 533 هـ]
من شيوخ أبي موسى، تُوُفّي في صفر، يروى عن: حمْد بن عبد العزيز الغزّال، عن الْجُرْجانيّ.(11/604)
171 - محمد بن عبد الغنيّ بن عمر بن عبد الله بن فَنْدَلَة، أبو بكر الإشْبيلي، الأديب، اللُّغَويّ. [المتوفى: 533 هـ]
تلميذ أبي الحَجّاج الأعْلِم، وأخذ أيضًا عن: أبي محمد بن خزرج، وأبي مروان بن سِرَاج، وذكر أنّه سمع بقرطبة من محمد بن عتاب الفقيه كُتُبًا ذكرها.
قال ابن بَشْكُوال: ويَبْعُدُ ما ذكره، والله أعلم، وقد أخذَ عنه، وتُوُفّي في عقب شوّال وله تسعون سنة إلّا أشْهُرًا.(11/604)
172 - محمد بن عبد المتكبر بن الحَسَن بن عبد الودود، أبو جعفر ابن المهتديّ بالله الهاشميّ، العباسيّ، الخطيب، [المتوفى: 533 هـ]
قاضي باب البصرة ببغداد.
روى عن: أبي القاسم ابن البسري، وغيره، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وقال: كان خطيب جامع المنصور، وحُمِدت سيرته في القضاء.
قال ابن عساكر: تُوُفّي سنة ثلاث.
وقال ابن السّمعانيّ: تُوُفّي سنة أربعٍ وثلاثين.(11/604)
173 - محمد بن غانم بن أبي الفتح أحمد بن محمد بن سعيد، الحدّاد، الأصبهانيّ، أبو عبد الله البيع. [المتوفى: 533 هـ][ص:605]
شيخ كبير، ثقة، كثير السماع، سمع من جدّه، وطائفة، وقدِم بغداد مع جدّه للحجّ، وسمع من: مالك البانياسيّ، وابن البَطِر.
قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه أربعة أجزاء، خرّجها له يحيى بن مَنْدَهْ.(11/604)
174 - المبارك بن عثمان بن حسين، أبو منصور ابن الشواء، الدّقّاق، الأزَجيّ. [المتوفى: 533 هـ]
روى عن: مالك البانياسيّ، حدَّث عنه: أبو المُعَمَّر، وابن عساكر.(11/605)
175 - مجاهد بن أحمد بن محمد، أبو بكر المجاهديّ، البُوشَنْجيّ، الطبيب. [المتوفى: 533 هـ]
شيخ صالح، سمع: جمال الإسلام الداودي، أخذ عنه: السّمعانيّ بالإجازة، مات في ذي الحجَّة.(11/605)
176 - محمود بن بوري بن طُغْتِكِين، الملك شهاب الدّين أبو القاسم. [المتوفى: 533 هـ]
وُلّي دمشق بعد قتْل أخيه شمس الملوك، وكانت أمّه زُمُرُد هي الغالبة عليه والمدبرة له، إلى أنّ تزوّجها زنكيّ والد الملك نور الدين، وخرجت إليه إلى حلب، فقام بتدبير الأمور معين الدين أنر مملوك جده.
قال ابن عساكر: وكانت الأمور تجري في أيامه على استقامة إلى أنّ وثب عليه جماعةٌ من خدمه، فقتلوه في شوّال، وقدِم أخوه محمد من بَعْلَبَكّ، فتسلم القلعة والبلد من غير منازعة.
وقال أبو يَعْلَى حمزة: قُتِلَ ليلة جمعةٍ بيد غلمانه الملاعين ألْبقش الأرمنيّ الّذي اصطنعه وقربه، ويوسف الخادم الذي وثق به في نومه، والفرّاش الرّاقد حوله، فكانوا ثلاثتهم يبيتون حول فراشه، فقتلوه في جوف اللّيل وهو نائم، وأخفوا سِرَّهم، بحيث خرجوا من القلعة، فظهر الأمر، وطلب ألبقش فهرب، ومسك الآخران، فصلبا على باب الجابية.(11/605)
177 - المنور بن أسعد بن سعيد بن أبي الخير فضل الله بن أحمد المِيهَنيّ، أبو الثّناء الصُّوفيّ. [المتوفى: 533 هـ][ص:606]
شيخ صالح، عفيف، لازمٌ لتُرْبه جدّه، ناهضٌ بحقوق الواردين، ولد في حدود الستين وأربعمائة، وحدث، روى عنه ابن السمعاني.(11/605)
178 - ناصر بن سهل، أبو سعد النّوقانيّ. [المتوفى: 533 هـ]
عالم، فقيه، ثقة، سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذيّ، وأبا عاصم عبد الرحمن الجوهريّ.
مات في شوال عن تسعين سنة.(11/606)
179 - هبة الله بن سهل بن عمر بن أبي عمر محمد بن الحسين بن محمد بن أبي الهيثم، أبو محمد البِسطاميّ، النَيْسابوريّ، المعروف بالسّيّديّ. [المتوفى: 533 هـ]
وُلِد في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.
ذكره ابن السمعاني في " مشيخته "، فقال: عالِم، خيّر، كثير العبادة والتّهجُّد، ولكنّه كان عسِر الخُلُق، بسِر الوجه، لَا يشتهيّ الرّواية، ولا يحبّ أصحاب الحديث، كنّا نقرأ عليه بجهدٍ جهيد وبالشّفاعات، سمع: أبا حفص عمر بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا عثمان البحيري، وأبا سعد الكَنْجَرُوذيّ، وأبا يَعْلَى إسحاق الصّابونيّ، وأبا بكر البَيْهقيّ، وجماعة، وسمعت منه " الموطّأ " إلّا كتاب المساقاة والقِراض، وتُوُفّي في الخامس والعشرين من صَفَر.
قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، والمؤيد الطوسي، وأجاز لأبي القاسم ابن الحَرْستانيّ، وغيره، وكان زوج بنت إمام الحرمين أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، وكان من الفقهاء بنَيْسابور وقد روى أجزاء كثيرة تفرّد بها، منها جزء ابن نُجَيْد.
وبعض الحُفّاظ استثنى من " الموطّأ " كتاب الفرائض، وهذا الفَوْت كلّه قديم، فات زاهر بن أحمد.(11/606)
-سنة أربع وثلاثين وخمسمائة(11/607)
180 - أحمد بن جعفر بن أحمد بن مهدوَيْه الأنباريّ. [المتوفى: 534 هـ]
سمع: أبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر، وغيره، وعنه: ابن السّمعانيّ.(11/607)
181 - أحمد بن جعفر بن الفَرَج، أبو العبّاس الحربيّ. [المتوفى: 534 هـ]
شيخ صالح، عابد، له سَمْت وهَيْبة وسكون.
يروى عن أبي طلحة النّعاليّ.
قال ابن الجوزيّ: كان يُقال: إنّه رُئي بعَرَفَات في سنةٍ ما حجّ فيها، وتُوُفّي في رمضان.
وقال ابن النّجّار: أحمد بن جعفر الأكار الزّاهد، كان ورِعًا، زاهدًا، دائم الفكرة، سريع الدَّمْعة، مُخْفِيًا لأحواله، مُجاب الدّعوة، ظاهر الكرامات، يُعدّ في درجة الشَيخ أبي الحَسَن القَزْوينيّ، روى لنا عنه أبو عليّ عبد الله بن طُلَيْب.
قال كرم بن أحمد: كان أحمد بن جعفر يعمل معنا سِنين في السّقلاطون، فما رأيته يحدّث بما لَا يعنيه، وكان يقول: أقصِروا عمّا ليس فيه فائدة، فإنّه يُكتب عليكم، وكان إذا جاءه من يقبّل يده يكره ذلك ويقول: مَن أنا حتى تقبل يدي؟(11/607)
182 - أحمد بن محمد بن الحسين البابائي، الواسطي. [المتوفى: 534 هـ]
مقرئ صالح، سكن بغداد، وحدث عن: أبي القاسم بن فهْد، وابن البَطِر، وتُوُفّي في شعبان، روى عنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ.(11/607)
183 - أحمد بن محمد بن الحسين بن سرطان الأنباري. [المتوفى: 534 هـ]
سمع من: الخطيب ابن الأخضر، وعنه: ابن السّمعانيّ. [ص:608]
عاش بِضعًا وسبعين سنة.(11/607)
184 - أحمد بن محمد بن المسَلَّم، أبو القاسم الهاشميّ، الدّمشقيّ. [المتوفى: 534 هـ]
سمع: أبا القاسم السميساطي، وكان عنده عنه جزءٌ واحدٌ من موطّأ ابن وهْب، سمعه منه في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
وكان لَا بأس به، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وتُوُفّي في ثامن المحرَّم، ودُفِن بمقابر الكهف، وهو آخر من حدَّث عن السُّمَيْساطيّ.(11/608)
185 - أحمد بن منصور بن المؤمَّل، أبو المعالي الغزال. [المتوفى: 534 هـ]
بغدادي، سمع: أبا الحسين ابن النقور، وأبا بكر بن حمدوه، وأبا نصر الزينبي، روى عَنْهُ: أبو سعد السَّمعانيّ، وعمر بْن طَبَرزد، وحنبل المكبّر، وآخرون.
قال ابن الجوزيّ: كان خيَّرًا، ويسقي الأدوية بالمارستان العَضُدِيّ، ويعبّر الرُّؤْيَا، أتاه رجل يوم الجمعة الثّامن والعشرين من ربيع الآخر، فقال: رأيتك كأنك قدمت في هذا الموضع، وأشار إلى خربةٍ مقترنةٍ بالمارستان، ففكّر ساعةً ثمّ قال: ترحّموا عليَّ، ومضى فصلّى الجمعة ورجع، فوصل قريبًا من ذلك الموضع، وسقط ميّتًا، رحمه الله.(11/608)
186 - أحمد بن عمر بن أحمد الفنجكردي الطُّوسيّ، الضّرير، الواعظ. [المتوفى: 534 هـ]
سَمِعَ: أبا بَكْر بْن خَلَف، وموسى بْن عِمران الصُّوفيّ.
قال السّمعانيّ: سمعت منه " الأربعين " للحاكم، مات في المحرّم.(11/608)
187 - إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن شيث، الإمام أبو إسحاق الأنصاري البخاري الزّاهد، المعروف بالصّفّار. [المتوفى: 534 هـ]
زاهد، عابد، كبير القدر، قوّال بالحقّ، شهير، أراد بعض الملوك قتْله لذلك، سمع: أباه أبا أحمد الشهيد، ويوسف بن منصور السّيّاريّ الحافظ، مات في ربيع الأوّل، أجاز للسّمعانيّ.(11/608)
188 - إبراهيم بن سليمان بن رزق الله، أبو الفَرَج الوَرْديسيّ، الضّرير، [المتوفى: 534 هـ]
ووَرْديس: قرية عند إسكاف من النَهْروان، وبها وُلِد، وكان يسكن بباب الأَزَج.
قال ابن الجوزيّ: كان فَهِمًا للحديث، حافظًا لأسماء الرجال، ثقة، سمع الكثير، وحدَّث باليسير، سمع: رزق الله التّميميّ، وابن البَطِر، وتوفي في سابع ربيع الأول.
قلت: سمع جماعة كثيرة، روى عنه: يحيى بن بوش.(11/609)
189 - إبراهيم بن طاهر بن بركات بن إبراهيم بن عليّ، أبو إسحاق القُرشيّ الخُشُوعيّ، الدمشقيّ، الرّفّاء، الصّوّاف. [المتوفى: 534 هـ]
سمع: أبا القاسم عليّ بن محمد المصَّيصيّ، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجعفر بن أحمد السّرّاج، وسمع ولده أبا طاهر كثيرًا.
روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابنه أبو طاهر بركات، وعبد الخالق بن أسد، وقال ابن عساكر: كان ثقة خيّرًا، تُوُفّي في شعبان.(11/609)
190 - أسد بن عليّ بن عبد الله بن أبي الحَسَن ابن القائد محمد بن الحَسَن الغسّانيّ الحلبيّ، ويُكْنَى أبا الفضل. [المتوفى: 534 هـ]
ذكره يحيى بن أبي طيئ في تاريخه، فقال: هو عمّ والدي، وكان فقيهًا، قارئًا نَحْويًا، وُلِد سنة خمسٍ وثمانين، وتُوُفّي ببلاد قُمّ، ولم يعقب، وكان قد قرأ القراءات قبل أنّ يبلغ، ثمّ قرأ الأصول على مذهب الإمامية، وصنَّف كتابًا في مناقب أهل البيت، وشرح ديوان أبي تمّام.(11/609)
191 - ثابت بن حبيب المستوفي، [المتوفى: 534 هـ]
مِن أعيان بغداد.
قال ابن الجوزيّ: قبض عليه الوزير البروجرديّ، وحبسه في سرداب بهَمَذَان في الشّتاء بطاق قميص، فمات من البرد، وأخذ من ماله ثلاثمائة ألف دينار.(11/609)
192 - جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن شَرَف، أبو الفضل الْجُذاميّ، القيروانيّ، [المتوفى: 534 هـ]
نزيل الأندلس، شاعر عصره.
قال ابن بَشْكُوال: وُلِد سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة، ودخل الأندلس في سنة سبعٍ وأربعين، يعني مع والده، قال: واستوطن بَرْجَة من ناحية المرية، روى عَنْ: أبيه، وعن: أبي عبد الله بن المرابط، وأبي الوليد الوَقْشيّ، وأبي سعيد الورّاق، وغيرهم، وكان من جِلَّة الأدباء وكبار الشّعراء، وكان شاعر وقْته غير مُدَافَع، وطال عمره، فأخذ النّاس عنه، وله تصانيف حِسَان في الأمثال، والأخبار، والآداب، والأشعار، وكتب إلينا بإجازة ما رواه وصنّفه، وتُوُفّي في منتصف ذي القعدة، وكان من جلساء صاحب المَرِيَّة ابن صُمَادح.
قال الْيَسَعُ بن حزْم: ومنهم شيخنا الحكيم الوزير جعفر بن شَرَف، له حِفْظ كالسَّيْل، وجَرْي إلى المعالى كالخيل، ما عسى أنّ أصف به من بَرَع في كلّ فنّ، وأصبح على أترابه له الفضل والمَنّ، مع تواضُع نَفْس، قال لي: أنشدت المعتصم بن صُمَادِح في روضةٍ حَلَلْنا بها بعد تعب:
رياضٌ تعشّقها سندسٌ ... تَوَشَّتْ معاطِفُها بالزَّهَرْ
مَدَامِعُها فوقَ خَدَّيْ رَيًّا ... لها نظرةٌ فتنت من نظر
فكل مكانٍ بها جنةٌ ... وكلُّ طريقٍ إليها سَقَرْ
وله من الكتب كتاب " الجش والتجهيش " في الإلهيات والطبيعيات، وكتاب " عَقِيل وعَلِيم " حاكى به كليلة ودِمْنة، وله شعرٌ كثير، وأخذ يبالغ ابن حزم في إطرائه.(11/610)
193 - جوهر الحبشي الخادم، [المتوفى: 534 هـ]
خادم السّلطان سَنْجَر.
كان مستوليًا على مملكته محكّمًا فيه، جاءه الباطنيَّة في زِيّ النّساء واستغاثوا ثم قتلوه، وذلك بالري.(11/610)
194 - الحَسَن بن عمر، أبو عليّ الطُّوسيّ، البيّع، [المتوفى: 534 هـ]
من أهل نيسابور، ومتميزيها. [ص:611]
سمع: أبا صالح المؤذن، وأبا إسحاق الشّيرازيّ الفقيه، وجماعة.
ولد على رأس الستين وأربعمائة، روى عنه: أبو سعد، وقال: مات في غُرَّة جُمَادَى الآخرة.(11/610)
195 - الحَسَن بن نصر بن الحسن، ويعرف بابن المعبي، أبو محمد الدِّينَوَرِيّ، البزّاز. [المتوفى: 534 هـ]
وُلِد بالرّيّ، وسكن بغداد، وكان يتجر في البز في خان الخليفة، سمع: أبا القاسم ابن البُسْريّ، وبصور من الفقيه نصر المقدسيّ، روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ،، وعاش ثمانين سنة، وتُوُفّي في حدود هذه السنَّة، لأنّه كان باقيًا فيها.(11/611)
196 - حمزة بن الحَسَن بن مفرّج، أبو يَعْلَى الأزْديّ، الدّمشقيّ، المقرئ، [المتوفى: 534 هـ]
الدّلّال في الكتب.
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وسهل بن بِشْر.
روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد.
تُوُفّي في صَفَر، وكان مستورًا.(11/611)
197 - رابعة بنت معمّر بن أحمد بن محمد اللُّنْبانيّ، أمّ الفُتُوح الأصبهانيَّة، [المتوفى: 534 هـ]
زوجة الحافظ أبي سعد البغداديّ.
سمعت المطهَّر البُزَانيّ، وابن ماجة الأَبْهَريّ.
قال السّمعانيّ: سمعت منها " جزء لُوَيْن "، ماتت رابع المحرم.(11/611)
198 - زُفْرَةُ الأصبهانيّ المفيد. قال السّمعانيّ: هو أَبُو بكر محمد بن أحمد بن علي، [المتوفى: 534 هـ]
حرص وما فاته [ص:612]
شيخ بأصبهان، ولم يكن يعرف شيئًا أصلًا، وصار يعرف أسماء الكُتُب والأجزاء، حتّى أنّ صاحبنا الشهاب محمد بن أبي الوفاء قرأ يومًا فقال: حمزة بن محمد الكتّانيّ، فصاح به زفرة، وقال: الكناني: فتعجبوا من صوابه ومن خطأ الشّهاب، سمع: أبا الفتح الحدّاد، وهبة الله بن عليّ الشّيرازيّ، وقرأتُ عليه الأوّل من حديث أبي بكر الشّافعيّ، عن الشّيرازيّ، عن ابن غَيْلان، عنه، مات في جُمَادَى الأولى، رحمه الله.(11/611)
199 - شبيب بْن الحسين بْن عُبَيْد الله بْن الحسين بن شباب، القاضي، أبو المظفر البَرُوجِرْدِيّ، الفقيه، الشّافعيّ. [المتوفى: 534 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: قدِم بغداد بعد السبعين وأربعمائة وتفقّه على أبي إسحاق، وبرع في العلم، وهو إمامٌ مفتٍ، مناظر، أديب، شاعر، مليح المعاشرة، حلو المنْطق، متواضع، سمع: الفقيه أبا إسحاق، وإسماعيل بن مَسْعَدة الإسماعيليّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وبأصبهان: أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجة، وببَرُوجِرْد: يوسف بن محمد بن يوسف الهَمَذانيّ الخطيب، صاحب ابن لال، وسألته عن مولده فقال: في رجب سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وقرأت عليه أجزاء ببَرُوجِرْد، وكان قاضيها، وكان من مَفَاخر العراق، وتُوُفّي بعد رجوعه من حجته الثالثة لأربعٍ خَلَوْن من ربيع الأوّل ببغداد، ودُفِن عند أستاذه الشيخ أبي إسحاق رحمه الله، وقد كتب عنه السلفي.(11/612)
200 - عبّاد بن محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء، أبو نهشل التّميميّ، الأصبهانيّ، المعدّل. [المتوفى: 534 هـ]
من شيوخ أبي موسى المَدِينيّ، تُوُفّي في ثامن ذي القعدة.(11/612)
201 - عبد الله بن أسعد بن أحْمَد بن محمد بن محمد بن حيّان، أبو سعد النَّسَويّ، النَيْسابوريّ. [المتوفى: 534 هـ]
ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ صالح، مرضي، من أولاد المشايخ، خدم الكبار وصحبهم، وشذا طَرَفًا من العِلْم، وسمعه أبوه من: أبي بكر بن خَلَف، وأبي المظفر موسى بن عمران، كتبتُ عنه، وكان ثقةً، متيقّظًا. [ص:613]
ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة بنَيْسابور.(11/612)
202 - عبد الرّزّاق بن محمد بن سهل، أبو الفتح الأصبهانيّ، الشّرابيّ. [المتوفى: 534 هـ]
قال السمعاني: مقرئ، فاضل، حسن السيرة، حَسَن الإقراء، ختم جماعة بأصبهان، ورحل في الحديث إلى خراسان، وكرمان، والبصرة، سمع: رزق الله التميمي، وأبا المظفر السّمعانيّ جدّي، وأبا عبد الله النعاليّ، وابن البطر، وجعفر بن محمد العَبّادانيّ البصْريّ، وسمع بكْرمان: أبا محمد بن محمد بن عبد الرزاق الكْرمانيّ، سمعتُ منه جزءًا خرّجه لنفسه، ولد ظنا في السبعين وأربعمائة، وتُوُفّي في صَفَر.
قلت: سمعنا من طريقة " الرد على الجهمية " لعثمان الدارمي، على زينب ببعلبك، بإجازتها من عبد العظيم بن عبد اللّطيف الأصبهانيّ الشّرابيّ، قال: أخبرتنا ضَوْء النّساء بنت عبد الرزاق الشرابي، قالت: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا الخطيب محمد بن عبد الله الهروي، قال: أخبرنا ثابت بن محمد بن أحمد السعدي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القُرشيّ، عن المؤلف.
وثابت تقدم في سنة ستين وأربعمائة، وهذا الكتاب بنزول درجتين، لكنه كتابٌ نفيس.(11/613)
203 - عبد السلام بن الفضل، أبو القاسم الجيلي، الشافعي. [المتوفى: 534 هـ]
أقام ببغداد مدة، وتفقه في النظامية على الكيا أبي الحسن الهراسي.
وولي قضاء البصرة، وسمع بمكَّة " صحيح مسلم " من الحسين بن عليّ الطَّبريّ، وتُوُفّي في خامس جُمَادَى الآخرة.
قال ابن الجوزيّ: برع في الفقه والأصول، وكان وقورًا، له هيئة، جرت أحكامه على السَّداد، وكان أبو العبّاس البَصْريّ الواعظ يقول: ما بالبصرة شيء يُستحسن غير القاضي عبد السّلام والجامع.(11/613)
204 - عبد السلام بن محمود، أبو الخير الحَسْنَابَاذِيّ، الأصبهانيّ. [المتوفى: 534 هـ][ص:614]
ثقة، عالم، فاضل، وُلِد في رمضان سنة تسع وأربعين وأربعمائة، سمع: أحمد الباطِرْقانيّ، وشجاع بن عليّ، وعنه: السّمعانيّ، وقال: مات في صَفَر.(11/613)
205 - عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن، أبو القاسم المَدِينيّ، دولجة. [المتوفى: 534 هـ]
رحل إلى خُراسان، والعراق، وغير موضع.
قال ابن السّمعانيّ: ما كان يفهم شيئًا، ويقرأ قراءةً مُدْغَمَة غير مفهومة.
وكان خطه كقراءته، أظنّ أنّه كان شيخًا صالحًا، خيرًا، فقيرًا، سمع ببغداد: ابن البطر، وجماعة، وبأصبهان: أبا مطيع، وخلْقًا كبيرًا.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ وقال: توفى في ذي القعدة، وهو ابن عمَّة والدي.(11/614)
206 - عليّ بن عبد الرحمن بن محمد، أبو الحَسَن النَيْسابوريّ، الشروطي، [المتوفى: 534 هـ]
الحافظ لسلة الحاكم.
سمع: أبا بكر محمد بن القاسم الصّفّار، وعبد الرحمن بن رامش، وعنه: السّمعانيّ وقال: ولد سنة خمسين وأربعمائة، ومات في ربيع الآخر.(11/614)
207 - عمر بْن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن محمد، أبو العباس الأَرْغِيانيّ، الأحدب، [المتوفى: 534 هـ]
أخو أبي نصر الفقيه.
شيخ، صالح، فقيه، سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا حامد الأزهري، وجماعة، وتفقه على ابن الجويني، سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ، مات في رمضان عن نحو تسعين سنة.(11/614)
208 - عمر بن عليّ بن أحمد، أبو حفص الفاضليّ، النّوقانيّ، البختري. [المتوفى: 534 هـ]
قال السّمعانيّ: إمام، فاضل، مُناظر، متواضع،
سَمِعَ: الفضل بن [ص:615] محمد الزّجاجيّ، وأبا بكر بن خَلَف، وجماعة، كتبت عنه بنوقان طوس، وتوفي في غُرَّة صَفَر.(11/614)
209 - عنبر بن عبد الله الحبشي النجمي، أبو المِسْك، المعروف بعنبر السِّتريّ، [المتوفى: 534 هـ]
لأنّه كان يحمل أستار الكعبة من بغداد.
وقد جاور سِنين، وكان صالحًا كثير المعروف.
قال ابن السّمعانيّ: سمعت منه بمكَّة في الحَجّتين، روى عن: أبي عبد الله النعالي، وابن البطر، وخرج له ابن ناصر جزأين، وتوفي في ذي الحجة.(11/615)
210 - فاطمة بنت الفقيه أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبريّ الفرضيّ الشّافعيّ، [المتوفى: 534 هـ]
خاله ابن ناصر الحافظ.
قال السّمعانيّ: امرأة خيِّرة، ديِّنة، سِتِّيرة، سمعت: ابن المسلمة، وأبا منصور عليّ بن الحَسَن الكاتب، ويوسف المهْروانيّ، وأبا منصور العُكْبَريّ.
وحدَّثت بالكثير، وتفرّدت في عصرها برواية " المُوَفَّقِيّات " للزُّبَير بن بكّار، عن أبي منصور الكاتب بفَوْت، وكان مولدها في جُمَادَى الأولى.
روى عنها: ابن ناصر، وابن السّمعانيّ، وأبو الفرج ابن الجوزيّ، وابن سُكَيْنَة، وعبد الله بن مسلم ابن النخاس، وطائفة.
وتوفيت في خامس رجب.(11/615)
211 - محمد بن إسماعيل بن الفُضَيْل بن محمد بن الفضيل، أبو الفضل الفُضَيْلي، الأنصاريّ، الهَرَويّ، المزكّيّ. [المتوفى: 534 هـ]
سمع: محلّم بن إسماعيل الضّبّيّ، وأبا عمر المَلِيحيّ، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، روى عنه: الهَرَوِيُّون، وعنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو رَوْح، وغيرهم، وتُوُفّي بمَرْو غريبًا في صَفَر، وحُمِل إلى هَرَاة.
وقد ذكره ابن السّمعانيّ في " مُعْجَمه " فقال: أملى مدَّة بجامع هَراة، [ص:616] وورد مَرْو وأنا بالعراق، وأجاز لي، يروي " صحيح البخاري " عن أبي عمر المليحي، عن النعيمي، وكتاب " العلل ومعرفة الرجال " رواية عباس الدوري، عن ابن معين، يرويه عن: حكيم الإسفراييني.
قلت: ما أظنّ ابن السّمعانيّ سمع منه.(11/615)
212 - محمد ابن تاج الملوك بوريّ بن طُغْتِكِين، الملك جمال الدّين أبو المظفَّر، [المتوفى: 534 هـ]
صاحب دمشق.
ولّاه أبوه بَعْلَبَكّ، فأقام بها مدَّة إلى أنّ دبّر على أخيه الملك شهاب الدّين محمود بن بوريّ من قتله، ثمّ قدِم من بَعْلَبَكّ، وتسلم دمشق في شوّال من السنة الماضية.
وكان سيئ السيرة، ولم تطُلْ مدَّته ولا متّعه الله، فمات في شعبان من هذه السّنة وأُجلِس في الملك ابنه أبق، وهو مراهق، وزاد تعجُّب النّاس من قِصَر مدَّة جمال الدّين، ودُفِن بتُربة جدّه طُغْتِكِين بظاهر دمشق.(11/616)
213 - محمد بن الحَسَن بن منصور، أبو الفتوح الأصبهانيّ، المعلّم، المؤذّن. [المتوفى: 534 هـ]
سمع: عبد الرحمن، وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله والمطهر البزاني، وعنه: السّمعانيّ، وقال: مات في ذي القعدة عن بضعٍ وثمانين سنة.(11/616)
214 - محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود ابن المهتدي بالله، أبو جعفر الهاشميّ، [المتوفى: 534 هـ]
خطيب جامع المنصور.
كان حَسَن السّيرة بهيّ المنظر، سمع: أبا القاسم ابن البسري، وطرادا الزينبي، وعاصمًا، وعنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، ويوسف بن المبارك الخفّاف.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله تسع وستون سنة.(11/616)
215 - محمد بن علي بن محمد بن أحمد، أبو جعفر بن أبي القاسم ابن الشَيخ أبي جعفر السِّمَنَانيّ ابن الرحْبيّ، الورّاق، [المتوفى: 534 هـ]
الوكيل بباب القُضاة.
كان من مناحيس الوكلاء، ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وحدث عن: عبد الصمد ابن المأمون، وأبي بكر الخطيب، والصَّرِيفينيّ، وجماعة.
وحدَّث " بسُنَن أبي داود " عن الخطيب، روى عنه: ابن السمعاني، وعلي بن يحيى ابن الطّرَّاح، وأبو الفتح المنْدائيّ، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ كبير، كان الزّمان قد قعد به، واختلت أحواله، وكان صحيح السماع، ذكره ابن ناصر فأساء الثناء عليه، وقال: كان يكذب على باب القاضي ويدفع الحقّ عن أربابه.
قلت: هذا شأن كل الوكلاء حتى قد دب هذا المرض إلى وكلاء بيت مال المسلمين.
توفي في المحرم.(11/617)
215 - مكرر - محمد بن محمد بن إبراهيم، قاضي بخارى وخطيبها، الإمام أبو بكر الفضلي البخاري. [المتوفى: 534 هـ]
سمع من جده لأمه أبي الفتح ميمون بن طاهر، وعاصم بن حسن الحاكم، وأبي نصر أحمد بن عبد الرحمن، وجماعة، ولي قضاء بخارى مدة، أجاز للسمعاني، ومات في صفر.(11/617)
216 - محمد بن محمد بن محمد بن عطّاف، أبو الفضل الهمداني، الْجَزَريّ. [المتوفى: 534 هـ]
وُلِد بجزيرة ابن عمر، وسكن بغداد، وسمع الأكابر، وصحِب الأئمة، وكان يرجع إلى فضلٍ وتمييز وديانة، سمع: رزق الله، وابن البطِر، وجماعة.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ وقال: سألته عن مولده فقال: سنة أربعٍ وستين وأربعمائة، توفي في تاسع عشر شوّال. [ص:618]
قلت: عمل لنفسه مُعجمًا، وصنّف " الطّبّ النّبويّ "، روى عنه: ولده سعيد.(11/617)
217 - محمد بن محمود بن محمد بن عليّ بن شجاع، أبو نصر الشُّجَاعيّ، السَّرْخَسيّ، الفقيه، المعروف بالسَّرَهْ مَرْد. [المتوفى: 534 هـ]
قال السّمعانيّ: قدِم من خُراسان، وتفقه ببغداد على السيد علي بن أبي يعلى الدبوسي، ثم رجع إلى بلاده، وهو شيخ مسن، كبير القَدْر، فاضل، ورع، كثير التّهجُّد، والصّيام، والذكر.
كان يفتي ويناظر، ويذب عن مذهب الشافعي، سمع: أبا نصر محمد بن عبد الرحمن القُرَشيّ آخر أصحاب زاهر بن أحمد، وأبا القاسم العَبْدُوسيّ، وعمّه أبا حامد أحمد بن محمد الشُّجَاعيّ الفقيه، وأبا القاسم عبد الرحمن الفورانيّ الفقيه، وأبا عليّ نظام المُلْك، والسّيّد أبا المعالي محمد بْن محمد بْن زيد، وغيرهم.
روى عنه: ابن السّمعانيّ المذكور، وابن عساكر، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: سمعت منه بمرو أجزاء، ثمّ ارتحلت إليه إلى سَرْخَس، ومولده سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في تاسع عشر ذي الحجَّة، ودُفِن بمدرسته بسَرخس، وقد سمعته يقول: دخلت جامع طُوس، فلقيت جماعةً يسمعون جزءًا على شيخ يرويه عنّي، فلما رأَوْني عرفوني وفرحوا، وقاموا وقرؤوا الجزء عليَّ، أخبرنا محمد بن محمود بمَرْو، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن العبّاس العَبْدُوسيّ، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، فذكر حديثًا.(11/618)
218 - محمد بن ناصر بن منصور بن أحمد بن علجة، أبو الفضائل الأصبهانيّ، [المتوفى: 534 هـ]
عميد بغداد.
وقد ولي الوزارة للخاتون زوجة أمير المؤمنين المقتفيّ، وحُمِدت ولايته. [ص:619]
قال ابن السّمعانيّ: دخلت عليه ببغداد، وهو مريض، فتكلّف وقعد بجهدٍ وتأدّب، سمع: أبا مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، والرئيس الثّقفيّ، وجماعة، وُلِد بأصبهان في سنة سبعٍ وستّين، وتوفي في أول رمضان.(11/618)
219 - محمد بن نصر، أبو الفتح الصُّوفيّ، المعروف بالمقرئ الهَمَذانيّ. [المتوفى: 534 هـ]
شيخ مُعَمَّر، خادم للصُّوفيَّة، ذو همَّة وسعيٍ، وإطعام ومروءة، وكان يصله أهل همذان بأموالٍ عظيمة.
قال السّمعانيّ: سمعته يقول، وقد جاوز الثّمانين: كان لي بهَمَذَان خمسة آلاف نفس، يُعْطيني ألفٌ منهم خمسة آلاف دينار، وألفٌ منهم أربعة آلاف، وألفٌ ثلاثةً، وألفٌ دينارين دينارين وألفٌ دينارًا دينارًا، فاليوم لم يبق منهم أحد.
سمع: عَبْدُوس بن عبد الله، ومحمد بن جابار، كتبت عنه جزءًا، وُلِد تقديرًا سنة خمسين وأربعمائة، ومات في المحرَّم.(11/619)
220 - المختار بن محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد ابن المؤيد بالله، الهاشمي، أبو الفضل بن أبي العِزّ، أخو أبي تمّام أحمد، من أهل الحريم الطاهري، ويعرف بابن الخص. [المتوفى: 534 هـ]
سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وغيره.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، ويوسف بن كامل.(11/619)
221 - المهديّ بن محمد بن إسماعيل بن مهديّ بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن موسى بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق، أبو البركات بن أبي جعفر العَلَويّ، الموسَوِيّ، الواعظ. [المتوفى: 534 هـ]
وُلِد بأصبهان في سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة، ونشأ ببغداد.
قال ابن السّمعانيّ: هكذا أملى علي نسبه، فقال السيد النسابة أحمد بن علي ابن السّقّاء: هذا نسبٌ مختلِط، وكان مليح الوعظ، متودِّدًا، ظريفًا، كثير التّرداد إلى أصبهان، ثمّ صاهر شيخنا إسماعيل بن أبي سعد، وسمع: ابن البَطِر، وأبا عبد الله النّعاليّ، وثابت بن بُندار، كتبتُ عنه بمَرْو، خَسِفَ بِجَنْزة [ص:620] سنة أربعٍ وثلاثين، وهلك فيها عالمٌ لَا يُحْصَوْن من المسلمين، منهم المهديّ بن محمد العَلَويّ.(11/619)
222 - موسى بن سيّد، أبو بكر الأَمويّ، [المتوفى: 534 هـ]
خطيب الجزيرة الخضراء.
حجّ، وجاور وسمع " صحيح مسلم " من الحسين الطَّبريّ، سمع منه: أبو بكر بن خير في هذه السنة.(11/620)
223 - هبة الله بن الحسين بن يوسف، أبو القاسم البغداديّ، المعروف بالبديع الأصْطُرلابيّ، الشّاعر المشهور. [المتوفى: 534 هـ]
ذكره القاضي شمس الدين ابن خَلِّكان فقال: كان وحيد دهره في عمل الآلات الفَلَكية، وحصل له من جهتها مالٌ طائل في خلافة المسترشد، وممّا أورد له العماد في " الخريدة "، والحَظِيريّ في " زينة الدّهر "، ويقال إنهما لغيره:
أُهدي لمجلسه الكريم وإنما ... أهدي له ما حزت من نعمائه
كالبحر يُمْطِرُهُ السَّحابُ وما لهُ ... فضلٌ عليه لأنّه من مائه
وكان كثير الخلاعة والمُجُون، اختار ديوان ابن حجاج، ورتبه على مائة وأحد وأربعين بابًا، وسماه " درة التاج من شِعر ابن حَجّاج "، تُوُفّي بعِلَّة الفالج ببغداد في هذا العام.
وقال ابن أبي أُصَيْبَعَة: هو طبيب، عالم، وفيلسوف متكلّم، غلبت عليه الحكمة وعلم الكلام، والرّياضيّ، وكان صديقًا لأمين الدولة ابن التلميذ.
وقال ابن النجار: بديع الزمان، كان وحيدَ دَهره، وفريدَ عصره، في علم الهيئة، والهندسة، والرَّصْد، وصنعة الآلات، وله شِعْر مليح.(11/620)
224 - يحيى بن بطْريق، أبو القاسم الطَّرَسُوسيّ، ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 534 هـ]
قال ابن عساكر: كان حافظًا للقرآن، مستورًا، تُوُفّي في رمضان،
سَمِعَ: [ص:621] أبا الحسين محمد بن مكّيّ، وأبا بكر الخطيب.
روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم وهو أكبر شيخ للقاسم، وعبد الخالق بن أسد.(11/620)
225 - يحيى بن عليّ بن عبد العزيز بن عليّ بن الحسين، القاضي أبو المفضل القُرشيّ الدّمشقيّ، قاضي دمشق، ويُعرف بابن الصّائغ. [المتوفى: 534 هـ]
قال ابن ابنته الحافظ ابن عساكر: سمع: عبد العزيز الكَتانيّ، والحسن بن علي ابن البّريّ، وحَيْدرة بن عليّ، وعبد الرّزّاق بن الفضيل، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وغيرهم، ورحل إلى بغداد فسمع بها من: عبد الله بن طاهر التّميميّ الفقيه، وغيره، وتفقه على أبي بكر الشّاشيّ، وتفقه بدمشق على القاضي المروزي، وصحب الفقيه نصرا المقدسيّ مدَّةً، وكان عالمًا بالعربية، قرأ على أبي القاسم الفارسي، وقال لي: ولدت سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة، وقد وُلّي القضاء نيابة عَنْ القاضي أَبِي عَبْد الله محمد بْن موسى البلاشاغوني، ثمّ ناب عن أبي سعد محمد بن نصر الهَرَويّ، وقتل أبو سعد وجدّي على القضاء، وخرج إلى الحجّ على طريق بغداد سنة عشر، فكان ولده القاضي أبو المعالي هو الحاكم، وكان ثقةً، حلو المحاضرة، فصيح اللسان، أخبرنا جدي، قال: أخبرنا عبد الرزاق سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة بقراءة أبي الفَرَج الحنبليّ، فذكر حديثًا.
وقال ابن السّمعانيّ: كان جميل الأمر، مَرْضِيّ السّيرة، كان النّاس يحمدونه في قضاياه وأحكامه، وهو أبو شيخنا محمد بن يحيى قاضي دمشق، وجد رفيقنا أبي القاسم، وكان مُقِلًا من الحديث، أجاز لي.
قلت: وروى عنه: القاسم ابن الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة، وتُوُفّي في الخامس والعشرين من ربيع الأوّل، ودُفِن عند مسجد القدم بتربة.(11/621)
-سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.(11/622)
226 - أحمد بن جعفر بن أحمد بن خصيب، أبو العباس القيسي، القرطبي، المقرئ، المعروف بالقيشطالي، وقد تُبدَّل الشّين جيمًا. [المتوفى: 535 هـ]
أخذ القراءات عن أبي القاسم ابن النخاس، وحدَّث عن أبي محمد بن عَتّاب، وأقرأ القرآن والعربيَّة.
روى عنه: أبو الحَسَن بن ربيع، وأبو عبد الله بن العويص، وأبو العبّاس بن مَضَاء، وغيرهم.(11/622)
227 - أحمد بن سعد بن عليّ بْن الْحَسَن بْن القاسم بْن عنان، أبو عليّ العِجْليّ، الهَمَذانيّ، المعروف بالبديع. [المتوفى: 535 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين، وسمَّعه أبوه، ثمّ رحل هو بنفسه إلى أصبهان، وبغداد، والكوفة، والرَّيّ، سمع: بكر بن حَيد صاحب أبي الحسين القنْطريّ، وأبا إسحاق الشّيرازيّ، ويوسف بن محمد الهَمَذانيّ الخطيب، وأبا الفَرَج بن عبد الحميد، وأبا طاهر ابن الزاهد، وعامة الهمذانيين، وسليمان بْن إبراهيم الحافظ، والقاسم بْن الفضل الرئيس بأصبهان، وأبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، وابن البَطِر، وجماعة ببغداد، ومكّيّ بن علّان بالكرج.
روى كتاب " المُتَحابّين " لابن لال، سماعًا عن أبي الفَرَج عليّ بن محمد بن عبد الحميد عنه، روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ، وابن الْجَوْزيّ، وطائفة.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ، إمام، فاضل، ثقة، كبير، جليل القدْر، واسع الرّواية، حسن المعاشرة، وله نظم جيد.
وقد ذكره شيرويه في " الطبقات "، فقال: صَدوق، فاضل، يرجع إلى نصيب من كل العلوم أدبًا، وفقهًا، وحديثًا، وتذكيرًا، وكان يراعي النّاس ويُداريهم، ويقوم بحقوقهم، مقبولًا بين الخاصّ والعامّ.
وقال غيره: توفي سنة خمسٍ وثلاثين في رجب، وقبره يزار.(11/622)
228 - أحمد بن محمد بن أحمد بن هَالة، أبو العباس الرُّنانيّ، [المتوفى: 535 هـ]
ورنّان، من قرى أصبهان.
كان من أعيان القرّاء، قرأ على: أبي علي الحدّاد، وبواسط على أبي العِزّ القَلانسيّ، وسمع من غانم البرجيّ فمَنْ بعده، وببغداد من طائفة بعد العشرين وخمسمائة، ونسخ الكثير، وخرَّج للشّيوخ، وختم خلْقًا، وتُوُفّي بالحلة السيفية، مرجعه من الحج، فجاءةً في صفر.
وقد خرج للحافظ إسماعيل بن محمد التيمي عشرة أجزاء.(11/623)
229 - إسماعيل بن أبي القاسم بن عبد الواحد، الإمام، أبو سعيد الخَرْجِرْدِيّ، [المتوفى: 535 هـ]
وهى بُلَيْدة من أعمال بوشنج.
فاضل عالم عابد، نزل هَرَاة، وحدَّث عن: أبي صالح المؤذّن، وأبي عَمْرو المَحْمِيّ، وابن خَلَف الشّيرازيّ.
روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
قلت: هو الآتي في سنة ستّ.(11/623)
230 - إسماعيل بْن محمد بْن الفضل بْن عليّ بْن أحمد بن طاهر، الحافظ الكبير، أبو القاسم التَّيْميّ، الطَّلْحيّ، الأصبهاني، المعروف بالجوزي، الملقب بقوام السُّنة. [المتوفى: 535 هـ]
وُلِد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة في تاسع شوّال، وسمع من: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ، وعائشة بنت الحَسَن الوَرْكانيَّة، وإبراهيم بن محمد الطَيّان، وأبي الخير بن رَرَا، وأبي منصور بن شكرُوَية، وابن ماجة الأَبْهَريّ، وأبي عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن زياد، وطائفة من أصحاب ابن خُرَّشِيذ قُولَه، ورحل إلى بغداد، فأدرك أبا نصر الزَّيْنبيّ، وهو أكبر شيخٍ له، فسمع منه، ومن: عاصم الأديب، ومالك البانياسيّ، والموجودين، ورحل إلى نَيْسابور فسمع: أبا نصر [ص:624] محمد بن سهل السّرّاج، وعثمان بن محمد المَحْمِيّ، وأبا بكر بن خَلَف، وجماعة من أصحاب ابن مَحْمِش، وسمع بعدَّة بلاد، وجاور بمكَّة سنة، وصنَّف التّصانيف، وأملى، وتكلّم في الجرْح والتّعديل.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو القاسم ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، ويحيى بن محمود الثّقفيّ، وعبد الله بن محمد بن حمْد الخبّاز، والقاضي أبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكويي، وأبو نَجِيح فضل الله بن عثمان، وأبو المجد زاهر بن أحمد، والمؤيَّد ابن الأخوة، وآخرون.
قال أبو موسى في " مُعْجمه ": أبو القاسم إسماعيل ابن الشَيخ، الصّالح حقيقة أبي جعفر محمد بن الفضل الحافظ، إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقدوة أهل السنة في زمانه، قد حدَّثنا عنه غيرُ واحدٍ من مشايخنا في حال حياته بمكة، وبغداد، وأصبهان، وأصمت في صفر سنة أربعٍ وثلاثين، ثمّ فُلِج بعد مدة، وتوفي بكْرَة يوم الأضحى، وصلى عليه أخوه أبو المرجى، واجتمع في جنازته جمعٌ لم أر مثلهم كثرةً، رحمه الله.
قلت: وقد أفرد أبو موسى له ترجمةً في جزءٍ كبير مبوَّب، فافتتحه بتعظيم والده أبي جعفر محمد بن الفضل، ووصفه بالصّلاح، والزُّهد، والأمانة، والورع، ثمّ روى عن أبي زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ أنّه قال: أبو جعفر عفيف، ديّن، لم نَرَ مثله في الدّيانة والأمانة في وقتنا، قرأ القرآن على أبي المظفَّر بن شبيب، وسمع من سعيد العيّار، ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، قال أبو موسى: ووالدته من أولاد طلحة رضي الله عنه، وهي بنت محمد بن مُصْعَب. فقال أبو القاسم في بعض أماليه عقيب حديثٍ رواه عن شيخٍ له، عن أبي بكر محمد بن عليّ بن إبراهيم بن مصعب: كان أبو بكر عم والدتي، وهو من أماثل أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة في البلد.
قال أبو موسى: قال أبو القاسم إسماعيل: سمعت من عائشة الوَرْكانيَّة وأنا ابن أربع سِنين.
وقد سمع إسماعيل أيضًا من أبي القاسم علي بْن عبد الرحمن بْن عُلَيَّك القادم أصبهان في سنة إحدى وستّين، ولا أعلم أحدًا عابَ عليه قولًا ولا فعلًا، [ص:625] ولا عانده أحدٌ في شيءٍ إلّا وقد نصره الله، وكان نزه النَّفس عن المطامع، لَا يدخل على السّلاطين، ولا على المتّصلين بهم، قد خلّى دارًا من ملْكه لأهل العلم، مع خفة ذات يده، ولو أعطاه الرجل الدّنيا بأسرها لم يرتفع عنده بذلك، ويكون هو وغيره ممّن لم يُعطه شيئًا سواء، يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون، بلغ عدد أماليه نحوا من ثلاثة آلاف وخمسمائة مجلس، وقلما نعلم أحدا بأصبهان بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المسندون، والأئمة، والحفاظ، وما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المُمْلُون، بل كان يأخذ معه أجزاء، فَيُملي مِنها على البديهة، أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ الحافظ إذْنًا في كتاب " الطبقات " قال: إسماعيل بن محمد الحافظ أبو القاسم، حَسَن الاعتقاد، جميل الطّريقة، مقبول القول، قليل الكلام، ليس في وقته مثله.
وقال أبو مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد أحمد بن حنبل رجل أفضل وأحفظ من الشَيخ الإمام إسماعيل.
قال أبو موسى: باب الدّليل على أنّه إمام المائة الخامسة الّذي أحيا الله به الدّين، قال: لَا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل هذا الحديث إلا هذا الإمام، أبو القاسم إسماعيل رحمة الله عليه.
قلت: تكلف أبو موسى في هذا الباب تكلفًا زائدًا، إذ جعل أبا القاسم على رأس الخمسمائة، وإنما كان اشتهاره من العشرين وخمسمائة ونحوها، وإلي أنّ مات، هذا إذا سُلِّم له أنّه أجلّ أهل زمانه في العلم.
وقال أيضًا: فإن اعترض معترضٌ بقول أحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث " برجلٍ من أهل بيتي "، قيل لَهُ: لم يُرَد أنّ يكون من بني هاشم أو بني المطَّلِب.
قلت: لم يقُلْ أحمد هذا أصلًا، ولا قاله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالاعتراض باطل، ثمّ إنّه أخذ يتكلف عن هذا، وقال: فثبت أنّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد من قريش، وهذا الإمام الّذي تأولته على الحديث من قريش من أولاد طلحة بن عُبَيْد الله من جهة [ص:626] الأمّ، ثمّ شرع ينتصر بأنّ ابن أخت القوم منهم، وهذا يدلّ على أنّ إمامنا قُرَشيّ.
وعن أبي القاسم إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدًا يحفظ حِفْظي.
قال أبو موسى: وكان رحمه الله يحفظ مع المسانيد الآثار والحكايات، سمعته يقول يومًا: ليس في " الشّهاب " للقُضاعيّ من الأحاديث إلّا قدْر خمسين حديثًا، أو نحو ذلك.
قال أبو موسى: وقد قرأ عدَّة ختمات بقراءات على جماعة، وأمّا علم التّفسير، والمعنى، والإعراب، فقد صنف فيه كتبًا بالعربية وبالفارسية، وأمّا علم الفقه فقد شهر فتاويه في البلد والرّساتيق، بحيث لم ينكر أحدٌ شيئًا من فتاويه في المذهب، وأصول الدِّين، والسُّنَّة.
وكان يُجِيد النَّحْو، وله في النَّحْو يد بيضاء، صنف كتاب " إعراب القرآن "، ثم قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا أبو المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العلوي بهمذان، قال: حدثنا الإمام الكبير، بديع وقته، وقريع دهره، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، فذكر حديثًا.
سألتُ أبا القاسم إسماعيل بن محمد يومًا، وقلت له: أليس قد رُوي عن ابن عباس في قوله تعالى: " استوى " قعد؟ قال: نعم، قلت له: يقول إسحاق بن راهويه: إنما يوصف بالقعود من يمل القيام، فقال: لَا أدري إيش يقول إسحاق، وسمعته يقول: أخطأ ابن خُزَيْمة في حديث الصّورة، ولا يُطعن عليه بذلك، بل لَا يؤخذ عنه هذا فحسب.
قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنّه قلّ من إمام إلّا وله زلَّة، فإذا تُرِك ذلك الإمام لأجل زلّته تُرِكَ كثير من الأئمَّة، وهذا لَا ينبغي أنّ يُفْعل.
وكان من شدة تمسُّكه بالسُّنة، وتعظيمه للحديث، وتحرُّزه من العدول عنه، ما تكلَّم فيه من حديث نُعَيم بن حماد الذي رواه بإسناده في النّزول بالذّات، وكان من اعتقاد الإمام إسماعيل أن نزول الله بالذّات، وهو مشهور من [ص:627] مذهبه، قد كتبه في فتاوى عدَّة، وأملى فيه أمالي، إلا أنه كان يقول: إسناده مدخول وعلى بعض رُواته مطعن.
سمعت محمد بن مبشر يقول: سمعت الإمام أبا مسعود يقول: ربّما كنا نمضي مع الإمام أبي القاسم إلى بعض المشاهد المعروفة، فكلما استيقظنا في اللّيل رأيناه قائمًا يصلّي، وسمعت من يحكي عنه في اليوم الّذي قدِم بولده ميّتًا، وجلس للتّعزية، جدَّد الوضوء في ذلك اليوم مرات قريبًا من ثلاثين مرَّة، كلّ ذلك يصلّي ركعتين.
وسمعت غير واحدٍ من أصحابه أنّه كان يُمْلي " شرح مسلم " عند قبر ولده أبي عبد الله، فلما كان يوم ختم الكتاب عمل مأدُبةً وحلاوة كثيرة، وحُمِلت إلى المقبرة، وكان أبو عبد الله محمد قد ولد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلّها، حتّى ما كان يتقدمه كبيرُ أحدٍ في وقته في الفصاحة، والبيان، والذّكاء، والفهم، وكان أبوه يفضله على نفسه في اللُّغة، وجَريان اللّسان، وقد شرح في " الصّحيحين " فأملى في شرح كلّ واحدٍ منهما صدرًا صالحًا، وله تصانيف كثيرة مع صِغَر سِنّه، ثمّ اخترمَتْه المَنِيَّة بهَمَذَان في سنة ستٍ وعشرين، وكان والده يروي عنه وجادةً، وكان شديد الفقد عليه.
سمعت أبا الفتح أحمد بن الحَسَن يقول: كنّا نمشي مع أبي القاسم يومًا، فوقف والتفت إلى الشَيخ أبي مسعود الحافظ، وقال: أطال الله عُمرك، فإنّك تعيش طويلًا، ولا ترى مثلك، وهذا من كراماته.
قال أبو موسى: صنَّف أبو القاسم التّفسير في ثلاثين مجلَّدة كبارًا، وسماه " الجامع "، وله كتاب " الإيضاح في التّفسير " أربع مجلّدات، وكتاب " الموضح في التّفسير " ثلاث مجلَّدات، وكتاب " المعتمد في التّفسير " عشر مجلَّدات، وكتاب " التّفسير " بالأصبهانيّ عدَّة مجلَّدات، وكتاب " السُّنَّة " مجلَّدة، وكتاب " التّرغيب والتّرهيب "، وكتاب " سِيَر السَّلَف " مجلّدة ضخمة، و" شرح صحيح البخاري "، و" شرح صحيح مسلم "، كان قد صنفهما ابنه فأتمّهما، وكتاب " دلائل النُّبُوَّة " مجلَّدة، وكتاب " المغازي " مجلَّدة، وكتاب صغير في السُّنَّة، وكتاب " الحكايات "، مجلدة ضخمة، وكتاب " الخلفاء " في [ص:628] جزء، وتفسير كتاب " الشّهاب " باللّسان الأصبهانيّ، وكتاب " التّذكرة " نحو ثلاثين جزءًا، وقد تقدَّمت أماليه.
قال الحافظ ابن ناصر: حدَّثني أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد ابن أخي الحافظ إسماعيل، قال: حدَّثني أحمد الأسواريّ الذّي تولّى غسْل عمّي، وكان ثقة، أنه أراد أن ينحي عن سوأته الخِرْقة لأجل الغسْل، فجبذها إسماعيل من يده، وغطّى بها فَرْجه، فقال الغاسل: أحياة بعد موت؟
وقال ابن السّمعانيّ: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر، وهو إمام في التّفسير، والحديث، واللّغة، والأدب، عارف بالمُتُون والأسانيد، وكنت إذا سألته عن الغوامض والمُشْكِلات أجاب في الحال بجوابٍ شافٍ، سمع الكثير ونسخ، ووهب أكثر أصوله في آخر عمره، وأملى بجامع أصبهان قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس، وسمعته يقول: والدك ما كان يترك مجلس إملائي، وكان والدي يقول: ما رأيت بالعراق ممن يعرف الحديث ويفهمه غير اثنين: إسماعيل الجوزي بأصبهان، والمؤتمن السّاجيّ ببغداد.
قال أبو سعد: استفدت منه الكثير، وتتلمذت له، وسألته عن أحوال جماعة، وسمعتُ أبا القاسم الحافظ بدمشق يُثني عليه، وقال: رأيته وقد ضعُف وساء حِفْظُه.
وأثني عليه أبو زكريّا ابن مَنْدَهْ في " تاريخ أصبهان ".
وذكره محمد بن عبد الواحد الدقاق فقال: عديم النظير، لا مثل له في وقته، كان والده ممّن يُضرب به المثل في الصلاح والرشاد.
وقال السِّلَفيّ: كان فاضلًا في العربيَّة ومعرفة الرّجال، سمعت أبا عامر العَبْدَريّ يقول: ما رأيت شابًا ولا شيخًا قطّ مثل إسماعيل، ذاكَرْتُه فرأيته حافظًا للحديث، عارفًا بكل علم، متفننًا، استعجل علينا بالخروج، وسمعت أبا الحسين ابن الطُّيُوريّ يقول غير مرَّة: ما قدِم علينا من خُراسان مثل إسماعيل بن محمد، رحمه الله.(11/623)
231 - جعفر بن محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد بن مختار، أبو عبد الله القيسي، اللغوي، القُرطُبيّ. [المتوفى: 535 هـ]
له اليد الباسطة في علم اللّسان، روى عن: أبيه، ولزِم عبد الملك بن سِراج، واختص به، قال ابن بَشْكُوال: قال لي صحِبتُ أبا مروان خمسة عشر عامًا أو نَحْوها، وأجاز لي أبو عليّ الغسّانيّ، وأخذ عن خلف بن رزق الإمام.
قال: وكان عالمًا بالآداب واللغات، متقنًا لها، ضابطًا لجميعها، صنَّف فيها، اختلفتُ إليه وسمعت منه، وقال لي: ولدت بعد الخمسين وأربعمائة بيسير.
ثمّ قال ابن بَشْكُوال: تُوُفّي الوزير أبو عبد الله بن مكّيّ لتسعٍ بَقِين من المحرَّم سنة خمس.
قلت: آخر أصحابه موتًا أبو جعفر بن يحيى، عاش إلى سنة عشر وستمائة.(11/629)
232 - الحَسَن بن عليّ، الكاتب أبو عليّ الدَّواميّ. [المتوفى: 535 هـ]
سمع: ابن البَطِر، وعنه: عُبَيْد الله، سمع منه في هذه السنة.
وكان يخدم حظية القائم الدّواميَّة.(11/629)
233 - الحسين بن مفرّج بن حاتم، الواعظ، أبو عليّ المقدسيّ. [المتوفى: 535 هـ]
أحد فُقهاء الشّافعيَّة بالثغر المحروس، وهو عم والد الحافظ ابن المفضل، ذكره في " الوَفَيَات "، وقال: تُوُفّي في نصف شعبان، روى عن: القاضي الرشيد المقدسيّ، روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبي، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو محمد العثمانيّ.(11/629)
234 - حمزة بن الحسين، ويقال له: حمزة بن سعادة، أبو يَعْلَى البُسْتيّ، ثمّ البغداديّ، المقرئ، الصُّوفيّ، [المتوفى: 535 هـ]
نزيل نيسابور.
سمع أبا المظفر موسى بن عِمران، وعبد الباقي بن يوسف المراغي. [ص:630]
قال ابن السمعاني: قال لي: إنه سمع بمكة من كريمة، تُوُفّي في ثالثٍ وعشرين ذي القعدة.(11/629)
235 - حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة، أبو يَعْلَى بن أبي الصَّقْر بن أبي جميل القُرشيّ، الدّمشقيّ، البزّاز. [المتوفى: 535 هـ]
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، والفقيه نصر بن إبراهيم، روى عنه: ابنه محمد، وأبو القاسم الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة.
وتُوُفّي في صَفَر، ودُفِن بمقبرة باب الصّغير.(11/630)
236 - رَزِين بن معاوية بن عمار، أبو الحَسَن العَبْدَريّ، الأندلسيّ، السَّرَقُسْطيّ، الحافظ. [المتوفى: 535 هـ]
جاوَرَ بمكَّة دهرًا، وسمع بها " البخاريّ " من: عيسى بن أبي ذَرّ الهَرَويّ، و" مسلمًا " من: الحسين الطَّبَريّ، وله مصنَّف مشهور جمع فيه الكُتُب السّتَّة.
روى عنه: قاضي الحَرَم أبو المظفر محمد بن علي بن الحسين الطَّبريّ، والشَيخ أحمد بن محمد بن قُدَامة المقدسيّ والد أبي عمر، والحافظ أبو موسى المديني، وغيرهم.
وقع لنا من حديثه، أخبرناه العماد عبد الحافظ، قال: أخبرنا الموفق رحمه الله، عن أبيه، عنه، وتُوُفّي في المحرَّم بمكَّة، وله في الكتاب زيادات واهية.(11/630)
237 - رستم بن الفَرَج، البغداديّ، التّاجر، [المتوفى: 535 هـ]
نزيل خراسان.
حدث عن: أبي الحسين ابن الطُّيُوريّ، وغيره، روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي تقريبًا.(11/630)
238 - سلطان بن إبراهيم بن مسلم، أبو الفتح المقدسي، الفقيه يعرف بابن رشأ، [المتوفى: 535 هـ]
أحد الأئمة. [ص:631]
قال: ولدت بالقدس سنة اثنتين وأربعين، وسمع بها أبا بكر الخطيب، وأبا عثمان بن ورقاء، وتفقه على الفقيه نصر بن إبراهيم حتى برع في مذهب الشافعي. ودخل الديار المصرية بعد السَّبعين وأربعمائة، فسمع الكثير بقراءته على أبي إسحاق الحبال والخِلَعي.
قال السِّلفي: كان من أفقه الفقهاء بمصر، وعليه قرأ أكثرهم.
قلت: روى عنه السِّلفي، وعبد الرحمن بن محمد بن حسين السِّبيي، ثم المصري، ومحمد بن إبراهيم الكيزاني، وأبو القاسم البوصيري، وجماعة. وحدث في هذه السنة، وتوفي فيها أو بعدها، وقد أجاز لجماعة.
قال ابن نُقْطَة في " الاستدراك ": قال السِّلَفيّ: مات في أواخر جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ وثلاثين.(11/630)
239 - عبد الله بن مروان أبو الحسن [المتوفى: 535 هـ]
قاضي بلنسية.
سَمِعَ من أَبِي عليّ بْن سُكَّرة، وكان من خيار القضاة وأقويائهم في الحق قليل المثل.(11/631)
240 - عبد الله بن يوسف بن سمجون، أبو محمد السَّرَقُسْطيّ، [المتوفى: 535 هـ]
نزيل بَلَنْسِيَة.
حجّ، فلقي بطَنْجَة المقرئ أبا الحسن الحصري الضّرير، فأخذ عنه قصيدته في قراءة نافع، وولي خَطَابة شاطبة.
وأخذ عنه: أبو الحَسَن بن هُذَيْل، وغيره.(11/631)
241 - عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن محمد بْن عبد الجبار بن توبة، أبو منصور الأَسديّ العُكْبَريّ، ثمّ البغداديّ، [المتوفى: 535 هـ]
أخو أبي الحسن محمد.
قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا صالحًا، ثقة، خيّرًا، قيمًّا بكتاب الله، صحِب الشَيخ أبا إسحاق الشّيرازيّ وخدمه، وكان حَسَن الإصغاء للسماع، كثير [ص:632] البكاء، حضر عبد الصمد ابن المأمون، وسمع: أبا محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وأبا القاسم ابن البُسْريّ.
قال ابن السّمعانيّ: وكتبت عنه الكثير، قلت: وآخر من حدَّث عنه: التّاج الكِنْديّ، وروى عنه: يوسف بن المبارك الخفّاف، وعبد العزيز بن الأخضر.
قال ابن السّمعانيّ: تُوُفّي في ثالث جُمَادَى الآخرة، وقال لي: ولدتُ في جُمَادَى الأولى سنة اثنتين وستين وأربعمائة.(11/631)
242 - عبد الحميد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، القاضي أَبُو علي الخواري، البَيْهَقيّ، [المتوفى: 535 هـ]
أخو عبد الجبّار.
سمع: البَيْهَقيّ، والقُشَيْريّ، وأبا سهل الحفصيّ، وجماعة.
قال السّمعانيّ: سمعت منه بخُسْرَوْجِرْد، ومات في نصف رجب.(11/632)
243 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن منازل، أبو منصور بن زُرَيق الشَّيْبانيّ، القزّاز، البغداديّ، الحَرِيميّ. [المتوفى: 535 هـ]
قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، متوددًا، سليم الجانب، مشتغلًا بما يعنيه، من أولاد المحدثين، سمّعه أبوه وعمّه وشجاع الذُّهليّ كثيرًا، وعُمَّر، وكان صحيح السّماع، وتفرّقت أجزاؤه نهبا وحريقا وبِيعا عند الحاجة.
سمع " التاريخ " من الخطيب سوى الجزء السادس والثّلاثين، فإنّه قال: تُوُفّيت والدتي، واشتغلت بدفنها والصّلاة عليها، ففاتني هذا الجزء، وما أُعيد لي، لأن الخطيب كان قد شرط في الابتداء أنّ لَا يُعاد فوتٌ لأحد، ثمّ حَصَلَ لي أصل شيخنا أبي منصور بالتّاريخ، بخطّ شجاع الذُّهْليّ، وعلى كل جزء منه سماع لأبي غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز، ولابنه عبد الرحمن، ولأخيه عبد المحسن، وكان على وجه السّادس والسّابع والثّلاثين إجازة لأبي غالب وأبي منصور، عن الخطيب، فكأنهما ما سمعا الجزأين من الخطيب، وما كنا [ص:633] نعرف إجازته عن الخطيب، فشهد شجاع أنّ لهما إجازته، وقرأنا عليه السّابع والثّلاثين بالسّماع، وهو إجازة، لأن شُجاعًا كان شديد البحث عن السماعات، ولو عرف ذلك لأثبته، خصوصًا إذا كان كتب النّسخة له.
قال أبو سعد: فمن قال إنّ أبا منصور سمع السّابع والثّلاثين فقد وَهِم، وسمع: أبا الحسين ابن المهتديّ بالله، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا علي بن وشاح، وأبا الغنائم ابن المأمون، وكتبتُ عنه الكثير، وكان شيخًا صَبورًا، حَسَن الأخلاق، قليل الكلام، قال: وُلِدْتُ، أظن، في سنة ثلاثٍ وخمسين، وتُوُفّي في رابع عشر شوّال، وصلّى عليه أخوه أبو الفتح.
قرأت بخطّ الحافظ ضياء الدّين المقدسيّ، قال: شاهدت مجلَّدة من " تاريخ الخطيب " بخطّ الإمام الحافظ أبي البركات الأنماطي فيها: السابع والثلاثون، وقد نقل الأنماطيّ سماع القزّاز فيه، وهي في وقْف الزَّيْديّ.
قلت: وكذلك رواه الكِنْديّ للنّاس عن القزّاز سماعًا متصلًا.
وروى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن الجوزيّ، وأحمد بن عليّ بن بذال، وأحمد بن الحَسَن العاقُوليّ، وعمر بن طَبَرزد، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وأحمد بن يحيى الدّبَيْقيّ، وخلْق سواهم، وروى عنه بالإجازة: المؤيد الطُّوسيّ، وغيره.
وممّن روى عنه ابنه أبو السّعادات القّزاز.(11/632)
244 - عبد الصمد بن أحمد بن سعيد، أبو محمد الْجَيّانيّ. [المتوفى: 535 هـ]
روى عن: أبي الأَصْبَغ بن سهل، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي محمد بن العسال الزاهد.
ذكره ابن الأبار، فقال: كان مائلًا إلى القَول بالظّاهر، ومن أهل المعرفة بالحديث، له كتاب " المستوعب " في أحاديث " الموطأ "، وقد سمعوا منه " الموطأ " في سنة خمسٍ وثلاثين.
قلت: ولم يؤرخ وفاته.(11/633)
245 - عبد المعزّ بْن عبد الواسع بْن عبد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري، الهروي، أبو المراوح بن أبي رفاعة. [المتوفى: 535 هـ]
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: إمام، جميل السّيرة، مَرضيّ الطّريقة، ذو سمتٍ، ووقار، وعفة، وحياء، حريص على سماع الحديث وطلبه، سافر وتغرب، وسمع الكثير، وحصل الأصول، وحج وجاور سنة، وسمع المسند من: ابن الحُصَيْن، ودخل أصبهان، وكان قد سمع ببلده من: نجيب بن ميمون، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبي عطاء المَلِيحيّ، كتبتُ عنه بأصبهان، وتُوُفّي بهَرَاة في ذي القعدة.(11/634)
246 - عبد المنعم بن أبي أحمد نصر بن يعقوب بن أحمد بن عليّ، الأصبهانيّ، المقرئ، أبو المطهَّر. [المتوفى: 535 هـ]
شيخ مُسِنّ، روى عن: أبي طاهر بن محمود الثَّقفيّ، وهو جدّه لأمّه، روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في رجب.
وروى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وجماعة.(11/634)
247 - عبد الوهّاب بن شاه بن أحمد بن عبد الله، أبو الفُتُوح النَيْسابوريّ، الشّاذْيَاخيّ، الخَرَزيّ. [المتوفى: 535 هـ]
كان شيخًا صالحًا يبيع الخَرَز في حانوتٍ بنيسابور، سمع " الرسالة " من القشيري، و" صحيح الْبُخَارِيّ " من أبي سهل محمد بْن أحمد الحَفْصيّ، وسمع من: أبي حامد الأزهريّ، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيريّ، وأبي صالح المؤذّن، وشبيب البَسْتيغيّ، وحسّان المَنِيعيّ، ونصْر بن علي الطُّوسيّ الحاكميّ، وأحمد بن محمد بن مُكْرَم.
روى عنه: ابن السّمعانيّ في " معجمه "، وقال: كان من أهل الخير والصّلاح، وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين، وتُوُفّي في الحادي والعشرين من شوال، وروى عنه: ابن عساكر، وإسماعيل بن عليّ المغيثيّ، ومنصور الفراوي، والمؤيَّد الطُّوسيّ، وزينب بنت الشّعْريّ، وغيرهم، وسمع منه جميع " صحيح [ص:635] البخاريّ " منصور، والمؤيد، وزينب، والمغيثيّ المذكورون، قاله ابن نُقْطة.(11/634)
248 - عطاء بن أبي سعد بن عطاء، أبو محمد الثعلبيّ، الهَرَويّ، الصُّوفيّ، الفُقّاعيّ. [المتوفى: 535 هـ]
صاحب شيخ الإسلام أبي إسماعيل.
محدِّث، رحال، وصوفي عمال، ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمالين هَرَاة، وسمع من أبي إسماعيل، وبنَيْسابور من: فاطمة بنت الدّقّاق، وببغداد من: أبي نصر محمد بن محمد الزَّيْنبيّ، وأبي القاسم عليّ بن البُسْريّ، وأبي يوسف عبد السّلام القَزْوينيّ، وجماعة كثيرة.
روى عنه: أولاده الثّلاثة، وقد سمع أبو سعْد السّمعانيّ منهم، عن أبيهم، وممّن روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، ومحمود بن الفضل الأصبهانيّ.
قال ابن السّمعانيّ: كان ممّن يُضرب به المَثَل في إرادة شيخ الإسلام والجدّ في خدمته وله آثار، وحكايات، ومَقامات وقت خروج شيخ الإسلام إلى بلْخ في المِحْنة، وجرى بينه وبين الوزير النّظّام مقالات وسؤالات في هذه الحادثة، وكان نظام المُلْك يحتمل ذلك كلّه من عطاء، وسمعتُ أنّ عطاء قُدِّم إلى الخَشَبة ليُصلَب، فنجّاه الله تعالى لحُسْن الاعتقاد والجدّ الذي كان له فيما هو فيه، فلما أطلق عاد في الحال إلى التّظلُّم وما فَتَر، وخرج مع النّظّام إلى الرُّوم ماشيًا، وسمعت أنّه كان في المدَّة الّتي كان شيخ الإسلام غائبًا فيها عن وطنه ما ركب عطاء دابَّةً، ولا عَبَر على قنطرة، بل كان يمشي مع الخيل، ويخوض الأنهار، ويقول: شيخي في المحنة والغربة، فلا أستريح، وما استراح إلى أنّ ردّوا شيخه إلى وطنه.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَالِدِي يَقُولُ: كنت في طريق الروم أعدوا مَعَ مَوْكِبِ النَّظَّامِ، فَوَقَعَ نَعْلِي، فَمَا الْتَفَتُّ لَهَا، وَرَمَيْتُ الْأُخْرَى، وَجَعَلْتُ أَعْدُو، فَأَمْسَكَ النَّظَّامُ الدابة وقال: أين نعلاك؟ قلت: وقع أحدهما، فما وقفت عليها؛ خشيت أن تفوتني وتسبقني، فقال: هب أنه وقع أحديهما، [ص:636] فَلِمَ خَلَعْتَ الْأُخْرَى وَرَمَيْتَهَا؟ قُلْتُ: لِأَنَّ شَيْخِي عَبْدَ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الْإِنْسَانُ فِي نعلٍ وَاحِدٍ "، فَمَا أَرَدْتُ أَنْ أُخَالِفَ السُّنَّةَ، فَأَعْجَبَ النَّظَّامُ مَا فَعَلَ وَقَالَ: أَكْتُبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَتَّى يَرْجِعَ شَيْخُكَ إِلَى هَرَاةَ، وَقَالَ لِي: ارْكَبْ بَعْضَ الْجَنَائِبِ، فَأَبَيْتُ وَقُلْتُ: شَيْخِي فِي الْمِحْنَةِ وَأَنَا أَرْكَبُ الْجَنَائِبَ! وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَالًا، فَلَمْ يَقْبَلْهُ.
وَقُدِّمَ أَبِي بِأَصْبَهَانَ إِلَى الْخَشَبَةِ لِيُصْلَبَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ حَبَسُوهُ مُدَّةً، فَقَالَ لَهُ الْجَلادُ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، قال: لَيْسَ ذَا وَقْتُ صَلاةٍ، اشْتَغِلْ بِمَا أُمِرْتَ به، فَإِنِّي سَمِعْتُ شَيْخِي يَقُولُ: إِذَا عُلِّقَتِ الشَّعِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي أَسْفَلِ الْعَقَبَةِ لَا تُوَصِّلُكَ فِي الْحَالِ إِلَى أَعْلاهَا، الصّلاة نافعة في الرخاء، لا في حالة البأس، ووصل مسرعٌ من السّلطان ومعه الخاتم بتسريحه، فتُرِك، وكانت الخاتون امرأة السّلطان معينة في حقّه، قال: فكلّما أُطْلِق رجع في الحال إلى التّظلُّم والتّشنيع.
سَمِعْتُ أَبَا الْفُتُوحِ عَبْدَ الخلاق بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: أَمَرَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ أَنْ يُضْرَبَ عَطَاءٌ الْفُقَّاعِيُّ فِي مِحْنَةِ الشَّهِيدِ عَبْدِ الهادي ابن شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَائَةَ سَوْطٍ، فَبُطِحَ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُضْرَبُ إِلَى أَنْ ضَرَبُوا سِتِّينَ، فَشَكُّوا كَمْ كَانَ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ، فَقَالَ عَطَاءٌ: وَهُوَ مكبوبٌ عَلَى وَجْهِهِ: خُذُوا بِالأَقَلِّ احْتِيَاطًا، وَحُبِسَ بَعْدَ الضَّرْبِ مَعَ جماعةٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ أَتْرِسَةٌ، فَقَامَ بِجَهْدٍ مِنَ الضَّرْبِ، وَأَقَامَ الْأَتْرِسَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّسَاءِ وَقَالَ: " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخلوة مع غير المحرم ".
قال محمد بن عطاء: تُوُفّي أبي تقديرًا سنة خمسٍ وثلاثين.(11/635)
249 - عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن عبد الواحد، السُّلَميّ، الدمشقيّ، أبو الحَسَن بن البُرِّيّ. [المتوفى: 535 هـ]
سمع من عمّه عبد الواحد جزء ابن أبي ثابت، قرأه عليه ابن عساكر.(11/636)
250 - عليّ بن محمد بن إسماعيل بن عليّ، الإمام، أبو الحَسَن السَّمَرْقَنْديّ، المعروف بالأسبيجابي. [المتوفى: 535 هـ]
ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وسمع من: عليّ بن أحمد بن الرّبيع [ص:637] السنكباثي، روى عنه: عمر النَّسَفيّ، وقال: تُوُفّي في ذي القعدة.
وقد ذكره السّمعانيّ في " مُعْجَمه " فعظمه وقال: يعرف بشيخ الإسلام، لم يكن أحدٌ في زمانه بما وراء النّهر يعرف مذهبَ أبي حنيفة مثله، ظهر له الأصحاب، وطال عُمره في نشْر العِلم، كتب إلى بمرويّاته.(11/636)
251 - عليّ بن محمد بن علي بن الحَسَن بن أبي المضاء، الفقيه، أبو الحسن البعلبكي، الشافعي. [المتوفى: 535 هـ]
تلمذ لنصر المقدسيّ، وصحِبَه مدَّة، وسمع منه، ومن: أبيه محمد، والحسن بن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي الحديد، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: توفى في ربيع الأوّل ببَعْلَبَك.(11/637)
252 - عليّ بن محمد بن لبّ بن سعيد، أبو الحَسَن القَيسيّ، الدّانيّ، المقرئ. [المتوفى: 535 هـ]
روى عن: أبي عبد الله المغامي، وأبي داود، أخذ عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو بكر بن خير، وأبو الحَسَن نَجَبة، وآخرون.
استُشْهِد بعد هذا العام بيسير.(11/637)
253 - عليّ بن يوسف بن تاشفين، [المتوفى: 535 هـ]
صاحب المغرب.
قيل: تُوُفّي فيها، والأصح سنة سبعٍ كما سيأتي.(11/637)
254 - عمر بن محمد بن علي بن حَيْذر، بذال مُعْجَمَة، أبو حفص المَرْوَزِيّ، البرمويي، العارف. [المتوفى: 535 هـ]
قال السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة، ديِّن، جميل الأمر، جواد النَّفْس، أُمّيّ لَا يكتب، غير أنّ له كلامًا حَسَنًا في علم القوم إذا سُئل ما رأيت في فنه مثله، وكان مُزيّنًا بالشّريعة، واستعمال السُّنَن، والعُزلة، والانفراد، سمع بقراءة والدي، أبا عبد الله بن محمد بن الحَسَن المِهْربَنْدَقْشَائيّ، وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار، وبمكَّة أبا شاكر أحمد بن عليّ العثمانيّ، سمعت منه، [ص:638] وكنت أُكثِر من زيارته، وقرأت " صحيح البخاريّ " في رباطه، وتُوُفّي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة.(11/637)
255 - الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان، الأديب أبو نصر القَيْسيّ، الإشبيليّ [المتوفى: 535 هـ]
صاحب كتاب " قلائد العِقْيان "، جمع فيه من شعراء المغرب طائفة كبيرة، وتكلم عليهم فأجاد، وله كتاب " مُلَح أهل الأندلس "، يدلّ كلامه فيه على تبحُّره.
وكان كثير الأسفار والتَّجَوّل، خليع العِذَار، أمر السّلطان بقتله، فذُبح في سنة خمسٍ هذه، وقيل: بل في سنة تسعٍ وعشرين، فالله أعلم، ذكره ابن خلكان.(11/638)
256 - قراسنقر، الأتابك، [المتوفى: 535 هـ]
صاحب أذربيجان وأران.
من مماليك الملك طغرل ابن السّلطان محمد بن ملكشاه، وكان شجاعًا، مهيبًا، ظَلومًا، غَشُومًا، عظيم المحلّ، كان السّلطان مسعود يخافه ويُداريه، وقتل الوزير كمال الدّين الرّازيّ من أجله، وقد مات له ابنان تحت الزلزلة بجنزة، مرض بالسل، ومات بأردبيل.(11/638)
257 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبار بن توبة، أبو الحَسَن الأسديّ، العُكْبريّ، [المتوفى: 535 هـ]
أخو عبد الجبّار.
وُلِد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وقرأ القرآن بروايات، وكان حَسَن التّلاوة، قرأ على أصحاب الحمّاميّ، وقرأ شيئًا من الفقه على أبي إسحاق الشّيرازيّ، وكان له سمتٌ حسنٌ ووقار، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الغنائم ابن المأمون، وأبا محمد الصَّريفينيّ، وابن النَّقُّور.
قال ابن السّمعانيّ: صالح خيّر، قرأ بروايات، وكان حَسَن الأخذ، قرأت عليه الكثير، وكنت أقدّم السّماع عليه على غيره.
قلت: روى عنه: ابن عساكر، وأبو اليمن الكندي، وآخرون، وتوفي في [ص:639] صفر، وقد أخبرنا بكتاب " السبعة " لابن مجاهد: أبو حفص القواس، قال: أخبرنا الكندي في كتابه، قال: أخبرنا ابن تَوْبة.(11/638)
258 - محمد بْن أحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم، أبو عبد الله الخَوَارَزْميّ، القصاريّ. [المتوفى: 535 هـ]
ولد في رمضان سنة إحدى وستين وأربعمائة ببغداد، وسمع حضورًا من: أبي محمد الصَّريفينيّ، وحدَّث، وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.(11/639)
259 - محمد بْن إبراهيم بْن جعفر، أبو عَبْد الله الدّمشقيّ، الكُرْديّ، المقرئ. [المتوفى: 535 هـ]
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره، روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وكان يلقّن.(11/639)
260 - محمد بْن عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الرَّبِيع بن ثابت بْن وهْب بْن مشجعة بْن الحارث بن عبد الله ابن صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشاعره، وأحد الثّلاثة الّذين خُلِّفُوا كعب بن مالك الأنصاريّ، القاضي أبو بكر بن أبي طاهر، البغداديّ، الحنبليّ، البزّاز، ويُعرف أبوه بصهر هبة، ويعرف هو بقاضي المارستان. [المتوفى: 535 هـ]
مُسْنِد العراق، بل مُسْنِد الآفاق، وُلِد في عاشر صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ويقال له النَّصْريّ؛ لأنّه من محلَّة النّصْريَّة، ويقال له السَّلَميّ؛ لأنّ كعب بن مالك من بني سَلمَة، سمعه أبوه حضورًا في الرابعة من أبي إسحاق البرمكيّ جزء الأنصاريّ، وسمعه من عليّ بن عيسى الباقِلّانيّ " أمالي القطيعي " و" الوراق "، ثمّ سمَّعه الكثير بإفادة جاره عبد المحسن بن محمد الشّيحيّ التّاجر من: أبي محمد الجوهريّ، وأبي الطَّيب الطَّبَريّ، وعمر بن الحسين الخفّاف، وأبي طالب العُشاريّ، وأبي الحسين بن حَسْنُونَ النَّرْسيّ، وعليّ بن عمر البرمكيّ، والحسن بن علي المقرئ، وأبي الحسين ابن الأَبَنُوسيّ، وأبي الحَسَن بن أبي طالب المكّيّ، وأبي يعلى ابن الفراء، وأبي [ص:640] الغنائم ابن المأمون، وأبي الفضل هبة الله ابن المأمون، وغيرهم، وتفرد برواية عنهم، سوى أبي يَعْلَى، وأبي الغنائم.
وسمع بمصر من أبي إسحاق الحبّال، وبمكَّة من: أبي مَعْشَر الطَّبَريّ، وأبي الحسن الصَّقَلّيّ، وأجاز له أبو القاسم التّنُوخيّ، وأبو الفتح بن شِيطا المقرئ، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القُضاعيّ، وتفقه على القاضي أبي يَعْلَى ابن الفرّاء، وشهِد عند قاضي القضاة أبي الحسين ابن الدّامَغَانيّ.
روى عنه خلْق لَا يُحْصَوْن، منهم من مات في حياته، ومنهم من تأخّر، وهم: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن الجوزيّ، وعبد الله بن مسلم بن جُوالق، والمكرَّم بن هبة الله الصّوفيّ، وأبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، وأحمد بن تزمش الخيّاط، وسعيد بن عطّاف، وعليّ بن محمد بن يعيش الأنباريّ، وعبد الله بن المظفر ابن البوّاب، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، ويوسف بن المبارك بن كامل الخفّاف، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصُّوفيّ، وعمر بن طبرزد، وعبد العزيز ابن الأخضر، وزيد بن الحَسَن الكِنْديّ، وعبد العزيز بن معالي بن منينا، وأبو عليّ ضياء بن الخُرَيف، والحسين بن سعيد بن شنيف، وأحمد بن يحيى ابن الدَّبِيقيّ، وآخر من روى عنه بالإجازة المؤيَّد الطُّوسيّ.
وقد تكلم فيه ابن عساكر بكلام فجّ وحش، فقال: كان يُتّهم بمذهب الأوائل، ويُذكر عنه رقَّة دِين، قال: وكان يعرف الفقه على مذهب أحمد، والفرائض، والحساب، والهندسة، ويشهد عند القضاة، وينظر في وقوف المارستان العضدي.
وسرد أبو موسى المديني نَسَبَه كما ذكرنا، ثمّ قال: هو أملاه عليّ، وكان إمامًا في فنون العلم، قال: وكان يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبْع سنين، وما من علم إلّا وقد نظرتُ فيه، وحصّلت منه الكلّ أو البعض، إلّا هذا النَّحْو؛ فإني قليل البضاعة فيه، وما أعلم أنّي ضيّعت ساعةً من عمري في لهوٍ أو لعب. [ص:641]
وقال ابن الجوزيّ: ذكر لنا القاضي أبو بكر أنّ مَنجِّمَيْن حَضَرا حين وُلد، فاجمعا أن العمر اثنتان وخمسون سنة، قال: وها أنا قد جاوزت التّسعين!
قال ابن الجوزي: وكان حَسَن الصورة، حُلْو المنطق، مليح المعاشرة، كان يصلي في جامع المنصور، فيجيء في بعض الأيّام فيقف وراء مجلسي وأنا على منبر الوعظ، فيسلِّم عليّ، واستملى عليه شيخنا ابن ناصر بجامع القصر، وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة، فَهِمًا، ثَبْتًا، حُجَّة، متفنّنًا في علومٍ كثيرة، منفردًا في عِلم الفرائض، قال لي يومًا: صلّيت الجمعة وجلست أنظر إلى النّاس، فما رأيت أحدًا أشتهي أنّ أكون مثله، وكان قد سافر فوقع في أسر الرّوم، وبقي سنةً ونصفًا، وقيّدوه وغَلُّوه، وأرادوه أنّ ينطق بكلمة الكُفر، فلم يفعل، وتعلَّم منهم الخطّ الرّوميّ، وسمعته يقول: من خَدَم المحابر خَدَمته المنابر، وسمعته يقول: يجب على المعلّم أنّ لَا يعنف، وعلى المتعلم أنّ لَا يأنف، ورأيته بعد ثلاثٍ وتسعين سنة صحيح الحواس، لم يتغير منها شيء، ثابت العقل، يقرأ الخطّ الدّقيق من بُعْد، ودخلنا عليه قبل موته بمُديدة فقال: نزلت في أُذني مادة، فقرأ علينا من حديثه، وبقي على هذا نحوًا من شهرين، ثمّ زال ذلك، وعاد إلى الصّحَّة، ثمّ مرض فأوصي أنّ يُعَمّق قبره زيادةً على العادة، وأن يُكتب على قبره: " قُلْ هُوَ نبأٌ عظيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ "، وبقي ثلاثة أيام لا يفتر من قراءة القرآن، إلى أنْ تُوُفّي قبل الظُهر ثاني رجب.
وقال ابن السّمعانيّ: ما رأيت أجمع للفنون منه، نَظَر في كلّ علم، فبرع في الحساب والفرائض، وسمعته يقول: تبت من كلّ عِلْم تعلَّمته إلّا الحديث وعِلْمه، ورأيته وما تغير من حواسه شيء، وكان يقرأ الخط البعيد الدّقيق، وكان سريع النَّسخ، حَسَن القراءة للحديث، وكان يشتغل بمطالعة الأجزاء الّتي معي، وأنا مُكِبُّ على القراءة، فاتفق أنه وجد جزءًا من حديث أبي الفضل الخُزاعيّ، قرأته بالكوفة على الشّريف عمر بن إبراهيم الحُسينيّ، بإجازته من محمد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، وفيه حكايات مليحة فقال: اتركه [ص:642] عندي، فلمّا رجعت من الغد أخرج الجزء وقد نَسَخَه جميعه، وقال: اقرأه حتّى أسمعه، فقلت: يا سيدي، كيف يكون هذا، وأنا أفتخر بالسّماع منك؟ فقال: ذاك بحالِه، فقرأته، فقال للجماعة: اكتبوا اسمي.
قلت: رأيت الجزء بخطّه في وقف الضّيائية، وفي أوّله بخطه: حدثنا أبو سعد السّمعانيّ.
وقال: قال لي: أسَرَتْني الرّوم، وكان الغِل في عنقي خمسة أشهر، وكانوا يقولون لي: قل: المسيح ابن الله، حتّى نفعل ونصنع في حقك، فما قلت، وتعلمت خطهم لما حبست، وكان يعرف علم النجوم، سمعته يقول: إنّ الذُّباب إذا وقع على البياض سوّده، وعلى السّواد بيّضه، وعلى التّراب برغثه، وعلى الْجَرح يُقيّحه، وسمعت منه " الطّبقات " لابن سعد، و" المغازي " للواقدي، وأكثر من مائتي جزء، وقال لي: ولدت بالكرخ، وانتقل بنا أبي إلى النصرية ولي أربعة أشهر.
وذكر ابن السّمعانيّ أكثر ما نقلناه عن ابن الجوزيّ.
وقال ابن نُقْطَة: حدَّث القاضي أبو بكر " بصحيح البخاريّ "، عن أبي الحسين ابن المهتديّ بالله، عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، عن أحمد بن عبد الله النَّعَيْميّ.
قلت: والنَّعَيْميّ هو شيخ أبي عمر المَلِيحيّ الّذي أكثر عنه صاحب " شرح السُّنَّة ".(11/639)
261 - محمد بن عبد القادر بن الحسن بن المنصور بالله، أبو الحسن المنصوري، الهاشمي. [المتوفى: 535 هـ]
شيخ مسن، كثير الذكر، أصابه فالج، وحدث عن: أبي القاسم ابن البسري، ويوسف المهرواني، وتوفي في سادس رجب.
روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، ومحمود بن نصر ابن الشّعّار، وجماعة. وعاش ثمانين سنة.(11/642)
262 - محمد بن فَرَج بن جعفر بن أبي سَمُرَة، أبو عبد الله القيسي، [المتوفى: 535 هـ]
نزيل غرناطة. [ص:643]
أخذ القراءات عن: أحمد بن عبد الحق الخزرجي، وأبي القاسم ابن النخاس، وحدَّث عن: غالب بن عطيَّة، وغيره، وأقرأ القراءات والنحو، روى عنه: أبو الأصبغ ابن المرابط.
وتُوُفّي في حدود سنة خمسٍ.(11/642)
263 - محمد بن المنتصر بن حفْص النّوقانيّ، الفقيه، المفتيّ، الزّاهد الورع. [المتوفى: 535 هـ]
كان عارفًا بالمذهب، سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذيّ؛ وبهَرَاة: محمد بن عليّ العُمَيريّ.
قال السّمعانيّ: سمعت منه " تفسير الثَّعْلبيّ " بروايته عن الفرخزاذي، عنه مات في رجب.(11/643)
264 - محمود بن عليّ بن أبي عليّ بن يوسف، أبو القاسم الطَّرَازيّ. [المتوفى: 535 هـ]
قال السّمعانيّ: إمام، فاضل، ديِّن، ورِع، حَسَن الأخلاق، تفقّه على القاضي أبي سعد بن أبي الخطاب، وورد رسولا على المسترشد بالله من قِبَل الخاقان، وكان مولده بطراز في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وتوفي ببُخارَى في شعبان، وخلّف بها أولادًا نُجباء.(11/643)
265 - موسى بن حمّاد، أبو عِمران الصّنْهاجيّ، المالكيّ، [المتوفى: 535 هـ]
قاضي مراكش.
كان فقيهًا، إمامًا، حافظا لمذهب مالك، مقدَّمًا في معرفة الأحكام، من جلة قضاة زمانه ومن العادلين في أحكامه، وله رواية يسيرة، تُوُفّي في ذي القعدة.(11/643)
266 - يوسف بن أيّوب بن يوسف بن الحسين بن وَهْرة، أبو يعقوب الهَمَذانيّ، [المتوفى: 535 هـ]
من أهل ضياع همذان، نزل مرو، وكان من سادات الصوفية. [ص:644]
ذكره ابن السّمعانيّ، وقال: هو الإمام الورع، التّقّي، النّاسك، العامل بعلمه، والقائم بحقّه، صاحب الأحوال والمقامات الجليلة، وإليه انتهت تربية المريدين الصادقين، واجتمع في رباطة جماعة من المنقطعين إلى الله، ما لا يتصور أنّ يكون في غيره من الرُّبُط مثلهم، وكان من صِغره إلى كبره على طريقة مَرْضيَّة، وسدادٍ، واستقامة، خرج من قريته إلى بغداد، وقصد الشَيخ أبا إسحاق، وتفقه عليه، ولازمه مدَّة، حتّى برع في الفقه، وفاق أقرانه، خصوصًا في علم النَّظَر، وكان أبو إسحاق يقدّمه على جماعةٍ كثيرة من أصحابه، مع صِغَر سنّهِ، لمعرفته بزُهده، وحُسْن سيرته، واشتغاله بنفسه، ثمّ ترك كلّ ما كان فيه من المناظرة، وخلا بنفسه، واشتغل بعبادة الله، ودعوة الخلْق إليها وإرشاد الأصحاب إلى الطّريق المستقيم.
وسمع من شيخه: أبي إسحاق، وأبي الحسين ابن المهتديّ بالله، وأبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، والصريفيني، وابن النقور، وببخارى من أبي الخطّاب محمد بن إبراهيم الطَّبريّ؛ وبسمَرَقَنْد من: أبي بكر أحمد بن محمد بن الفضل الفارسيّ، وبأصبهان من: حمْد بن أحمد بن ولكيز، وغانم بن محمد بن عبد الواحد الحافظ، وآخرين.
وكتب الكثير، غير أنّ أجزاءه تفرقت بين كتبه، وما كان يتفرغ إلى إخراجها، فأخرج لنا أكثر من عشرين جزءًا، فسمعناها. وقد دخل بغداد سنة ستٍ وخمسمائة، ووعظ بها، وظهر له قبولٌ تامّ، وازدحم النّاس عليه، ثمّ رجع وسكن مَرْو، وخرج إلى هَرَاة، وأقام بها مدَّة، ثمّ طُلِب منه الرجوع إلى مَرْو، فرجع، ثمّ خرج ثانيًا إلى هَرَاة، ثمّ رجع إلى هَرَاة، ثمّ خرج من هَرَاة فأدركه الأجَل بين هَرَاة وبَغْشُور.
وكان يقول: دخلت جبل زَزْ لزيارة الشَيخ عبد الله الْجَوِّي، وكان قد أقام عنده مدَّة، ولبس من يده الخِرْقة، قال: فوجدت ذلك الجبل معمورًا بأولياء الله، كثير المياه والأشجار، وعلى رأس كلّ عينٍ رجلٌ مشتغل بنفسه، صاحب مقامٍ ومجاهدة، فكنت أدور عليهم وأزورهم، ولا أعلم في ذلك الجبل حجرًا [ص:645] لم تُصِبْه دمعتي، وهذا من بركة أحمد بن فضالة شيخ عبد الله الجويّ.
سمعت الشَيخ الصّالح صافي بن عبد الله الصُّوفيّ ببغداد يقول: حضرت مجلس شيخنا يوسف بن أيّوب في المدرسة النّظاميَّة، وكان قد اجتمع العالَم، فقام فقيه يُعرف بابن السّقاء وآذاه، وسأله عن مسألة، فقال: اجلس، فإني أجد من كلامك رائحة الكُفْر، ولعلّك تموت على غير الإسلام، قال صافي: فاتّفق بعد مدَّة قدِم رسولٌ نصرانيّ من الرّوم، فمضى إليه ابن السّقاء، وسأله أن يستصحبه، وقال له: يقع لي أنّ أدخل في دينكم فقبلَه الرسول، وخرج معه إلى القُسطنطينيَّة، والتحق بملكها وتنصَّر.
وسمعت من أثق به أنّ ابني الإمام أبي بكر الشّاشيّ قاما في مجلس وعْظه، وقالا له: إن كنتَ تنتحل معتقد الأشعري وإلا فانزل ولا تعظ هاهنا، فقال يوسف: اقعُدا، لَا أَمْتَعَكُما الله بشبابكما، فسمعت جماعة أنهما ماتا ولم يتكهّلا.
سمعت السّيد إسماعيل بن أبي القاسم بن عَوَض العَلَويّ يقول: سمعت الإمام يوسف بن أيوب يقول للفصيح الولوالجي، وكان من أصحابه قديمًا، ثم خرج عليه، ووقع فيه، ورماه بأشياء: هذا الرجل يُقتل، وسَتَرَوْن ذلك، وكان كما جرى على لسانه، قُتِلَ قريبًا من سَرْخَس بعد وفاة يوسف.
وقال أبو المظفّر السّمعانيّ: ما قدِم علينا من العراق مثل يوسف الهَمَذانيّ، وقد تكلَّم معه بمَرْو في مسألة البيع الفاسد، فجرى بينهما سبعة عشر نَوْبة، يعني بالنَّوبة المجلس في هذه المسألة.
قال أبو سعد السّمعانيّ: سمعت الإمام يوسف رحمه الله يقول: خلوت نُوَبًا عدَّة، كلّ مرَّة أكثر من خمس سِنين أو أقل، وما كان يخرج حبّ المناظرة والاشتغال بالخلاف والمذاكرة من قلبي، إلى أن وصلت إلى الشيخ الحسن السمناني فلما رأيته خرج جميع ذلك من قلبي وصرت إلى ما كنت أشتهي، فإنّ المناظرة كانت تقطع عليّ الطّريق.
سمعت أبا نصر عبد الواحد بن محمد الكرْجيّ الزّاهد يقول: سألت الشَيخ أبا الحسين المقدسيّ: هل رأيت أحدًا من أولياء الله؟ قال: رأيت في سياحتي عجميًا بمَرْو يعظ، ويدعو الخلق إلى الله، يقال له: يوسف، قال أبو [ص:646] نصر: أراد بذلك الإمام يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو الحسين المقدسيّ كبير القدْر، مشهور.
قال أبو سعد: لما عزمت على الرحلة، دخلت على يوسف رحمه الله مودِّعًا، فصوَّب عزْمي وقال: أُوصِيك، لَا تدخلْ على السّلاطين، وأَبْصِر ما تأكل لَا يكون حرامًا.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكان مولده تقديرًا سنة أربعين أو إحدى وأربعين.
قُلْتُ: وَقَدْ روى عنه: ابن عساكر، وأبو روح الْهَرَوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، فَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ ابن عساكر، قال: أخبرنا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، قال: أخبرنا يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ الزَّاهِدُ، بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ بْنِ بحسول، قال: أخبرنا أحمد بن مُحَمَّدِ بْنُ النَّقُّورِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ، قال: أخبرنا علي بن عمر الحربي، قال: حدثنا أحْمَد بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَافِحُ امْرَأَةً قط.
وأخبرنا به أحمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ صَرْمَا، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قالا: أخبرنا محمد بن عمر الفقيه، قال: أخبرنا ابْنُ النَّقُّورِ، فَذَكَرَهُ.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ " حَدِيثِ مَالِكٍ " مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ.(11/643)
-سنة ست وثلاثين وخمسمائة(11/647)
267 - أحمد بن سلامة بن يحيى الدّمشقيّ الأَبّار. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: أحمد بن عليّ بن الفُرات، وسهل بن بشر، روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وقال: تُوُفّي في شوّال.(11/647)
268 - أحمد بن عبد الله بن جابر، أبو عمر الأزْديّ، الإشبيليّ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع من: أبي عبد الله بن منظور، وعبد الله بن علي الباجي، والعاص بن خَلَف.
أَمَّ بمسجد ابن بَقِيّ، وأقرأ القرآن نحوًا من ستّين سنة، وكان مشتهرًا بالصّلاح، حدَّث عنه: ابن بَشْكُوال، وابن جهير، وجماعة، وقارب تسعين سنة.
سمع " صحيح البخاري " من ابن منظور.(11/647)
269 - أحمد بن محمد بن أحمد بن ينال، أبو منصور الصُّوفيّ الأصبهانيّ، التّرك، [المتوفى: 536 هـ]
والد أبي العباس أحمد التّرك.
سمع: عائشة الوَرْكانّية، وعبد الجبّار بن برزة الرّازيّ، وشجاعًا المَصْقَليّ، ومات في عَشْر التسعين.(11/647)
270 - أحمد بن محمد بن الحسين، أبو الفائز ابن البُزُوريّ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: محمد بن هبة الله اللالكائي في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وجدّه.
تُوُفّي في رمضان.(11/647)
271 - أحمد بن محمد بن عليّ بن محمود بن ماخرة، أبو سعد بن أبي بكر ابن الشَيخ أبي الحَسَن الزَّوْزَنيّ، ثمّ البغداديّ. [المتوفى: 536 هـ]
من قُدماء الصُّوفية برباط شيخ الشّيوخ إسماعيل، وهو مطبوع خفيف، يحفظ حكايات وأشعارًا. [ص:648]
قال السّمعانيّ: غير أنّه كان منهمكًا في الشرب، سامحه الله.
وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ: كانوا ينسبونه إلى التّسمُّح في دينه، وُلِد في ذي الحجَّة سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع القاضي: أبا يَعْلَى وهو آخر أصحابه، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتديّ بالله، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا عليّ بن وِشَاح، وأبا بكر الخطيب، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه الكثير، وحدَّثني محمد بن ناصر الحافظ، قال: كان أبو سعد متسمّحًا، فرأيته فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي، قلت: فأين أنت؟ قال: في الجنَّة، قال ابن ناصر: لو حدَّثنيه غيري ما صدّقتُه.
قال ابن الجوزيّ: مرض أبو سعد الزَّوْزَنيّ، وبقي خمسة وثلاثين يومًا بعلَّة النَّصَب لم يضطَّجِع، ومات في تاسع عشر شعبان.
قلت: روى عنه: أبو أحمد عبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وأبو حامد ابن النخاس، ويوسف بن كامل، والمحدّث عبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزد، وأبو الفرج ابن الجوزيّ.(11/647)
272 - أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الطيب، أبو الحسين ابن الصباغ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: أباه، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وإسماعيل بْن مَسْعَدَة الإسماعيليّ، روى عنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ.
وكان ظاهر الصلاح والخير، مات في آخر شوّال ظنًّا.(11/648)
273 - أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله، أبو العباس ابن العريف، الصّنْهاجيّ، الأندلسيّ، الصُّوفيّ، الزّاهد، [المتوفى: 536 هـ]
من أهل المَرِيَّة.
روى عن: يزيد مولى المعتصم، وعمر بن أحمد بن رزق، وعبد القادر بن محمد القروي، وخلف بن محمد ابن العربيّ، وجماعة.
قال ابن بَشْكُوال: كانت عنده مشاركة في أشياء من العلم، وعناية [ص:649] بالقراءات، وجمع الروايات، واهتمامٌ بطرقها وحملتها، وقد استجاز منّي تأليفي هذا، يعني " الصّلة " وكتبه عنّي، واستجزتُه أنا أيضًا، ولم أَلْقه، وكان متناهيًا في الفضْل والدّين، منقطعًا إلى الخير، وكان العبّاد وأهل الزُّهد يقصدونه ويألفونه، فيحمدون صُحْبَتَه، سُعي به إلى السّلطان، فأمر بإشخاصه إلى حضرته بمَراكش، فوصلها، وتُوُفّي بها ليلة الجمعة الثّالث والعشرين من صَفَر، واحتفل النّاس لجنازته، وندِم السّلطان على ما كان منه في جانبه، وظهرت له كرامات.
قلت: وُلِد ابن العريف في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وكان العُبّاد يأتونه ويجتمعون لسماع كلامه في العرفان، وبَعُدَ صِيتُه، فثار الحسدُ في نفوس فقهاء بلده، فرفعوا إلى السّلطان أنّه يروم الثّورة والخروج كما فعل ابن تُومَرت، فأرسل ابن تاشفين إليه وقيّده، وحُمِل إلى مَرّاكُش، فتوفي في الطريق عند مدينة سلا.
فأما شيوخه: خَلَف، وعمر، فأخذا عن أبي عَمْرو الدّانيّ، وقد لبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي بن بريال، وصحب ابن بريال أبا عمر الطَّلَمَنْكيّ، وآخر من بقي من أصحاب ابن العريف الزاهد موسى بن مسدي.(11/648)
274 - آدم بن أحمد بن أسد، أبو سعد الأسديُّ الهرويُّ النَّحويُّ، [المتوفى: 536 هـ]
نزيل بلخ.
أديب بارع لغوي كبير، أثنى عليه أبو شجاع عمر البسطامي. حجَّ سنة عشرين وخمسمائة، وجرى بينه وبين أبي منصور ابن الجواليقي منافرة؛ فقال لأبي منصور: أنت لا تحسن أن تنسب نفسك، فإنَّ الجواليقي نسبة إلى الجَمْع، وذلك لا يصح.
توفي في الخامس والعشرين من شوَّال ببلخ.(11/649)
275 - إبراهيم بن أحمد بن محمد، الإمام، العلامة، أبو إسحاق المَرْوَرَّوْذيّ، الشّافعيّ. [المتوفى: 536 هـ]
تفقه على الإمام أبي المظفَّر السّمعانيّ، وغيره، وصارت إليه الرحلة [ص:650] بمَرْو لقراءة الفِقْه عليه، تفقّه عليه أبو سعد السّمعانيّ، وغيره، قُتِلَ بمَرْو، رحمه الله، في ربيع الأول في وقعة الخوارزمشاهية، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
قال أبو سعد السمعاني: كان أبي أوصى بنا إليه، فكان يقوم بأمورنا أَتمّ قيام، وكان من العلماء العاملين، علّقت عنه كتاب الطّهارة، وسمعت منه.
سمع الكثير، وحدث بالكتب الكبار، سمع بمروالروذ من جماعة.(11/649)
276 - إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، الحافظ أبو القاسم ابن السمرقندي. [المتوفى: 536 هـ]
ولد بدمشق سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة في رمضان، وسمع بها من: أبي بكر الخطيب، وعبد الدّائم بن الحَسَن، وأبي نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبي الحَسَن بن أبي الحديد، وغيرهم، ثمّ رحل به وبأخيه عبد الله أبوهما المقرئ أبو بكر إلى بغداد في حدود سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، وسكنوها، وسمع بها من: ابن هَزَارْمَرْد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وعبد العزيز بن عليّ السُّكريّ، وعبد الباقي بن محمد العطّار، وأبي نصر الزَّيْنبيّ، وابن البُسْريّ، ورزق الله، وخلق كثير.
وعُنِي بالرواية، وقدِم دمشق زائرًا بيتَ المقدس، وسمع من مكّيّ الرُّمَيْليّ، وطال عُمره، وروى الكثير، حدَّث عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو القاسم ابن عساكر، والأعز بن علي الظهيري، وإسماعيل بن أحمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن محمد بن عطّاف، ويحيى بن ياقوت الفراش، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن الكندي، وأبو الرضا محمد بن أبي تمّام بن لزوا الهاشمي، وأبو الحسن عليّ بن أحمد بن هُبَل، وعبد العزيز بن الأخضر، وسليمان بن محمد المَوْصِليّ، وموسى بن سعيد ابن الصَّيْقَل الهاشميّ، وخلْق سواهم.
قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه الكُتُب الكبار والأجزاء، وسمعت الحافظ أبا العلاء العطّار بهَمَذَان يقول: ما أعدل بأبي القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ أحدًا من شيوخ العراق، وخُراسان.
وقال أبو شجاع عمر البِسْطاميّ: أبو القاسم إسناد خراسان، والعراق. [ص:651]
وقال أبو القاسم: ما بقي أحدٌ يروى " مُعْجَم ابن جُمَيْع " غيري ولا بدمشق، ولا عن عبد الدّائم بن الحَسَن غيري، ثمّ قال:
وأعْجبُ ما في الأمر أنْ عشْتُ بعدهُمْ ... عَلَى أنّهم ما خلَّفوا فيَّ مِن بطشِ
وقال ابن عساكر: كان ثقة، مُكْثِرًا، صاحب أصول، وكان دلّالًا في الكُتُب، وسمعته يقول: أنا أبو هريرة في ابن النَّقُّور، فإنه قل جزءٌ قرئ عليه إلا وقد سمعته مرارًا.
قال ابن عساكر: وعاش إلى أنّ خَلَت بغداد، وصار محدّثها كثرةً وإسنادًا، حتّى صار يطلب العوَض على التّسميع بعد حرْصه على التّحديث.
وقد أملى في جامع المنصور الْجُمَعَ زيادةً على ثلاثمائة مجلس، وكان له بخت في بيع الكُتُب، باع مرة " صحيحي البخاري " و" مسلم " في مجلَّدة لطيفة، بخطّ الحافظ أبي عبد الله الصُّوريّ بعشرين دينارًا، وقال لي: وقعت عليَّ هذه المجلَّدة بقيراط، لأنّي اشتريتها وكتابًا آخر معها بدينار وقيراط، فبعت ذلك الكتاب بدينار.
قال السلفي: وأبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ ثقة، له أنس بمعرفة الرجال، دون معرفة أخيه الحافظ أبي محمد.
وقال ابن ناصر: كان دلالًا، وكان سيئ المعاملة، يُخاف من لسانه، وكان ذا مخالطةٍ لأكابر البلدة وسلاطينها بسبب الكُتُب، وقد قدِم دمشق بعد الثّمانين، وسمع من الفقيه نصر، وأخذ عنه أبو محمد بن صابر، وغيره.
وقال ابن السَّمَرْقَنْديّ: ورواه عنه ابن الجوزيّ بالإجازة، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيّ صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوم، كأنه مريض وقد مدّ رجليه: فدخلت وجعلت أقبل أخمص قدميه، وأمر وجهي عليهما، فذكرته لأبي بكر ابن الخاضبة فقال: أَبْشِر يا أبا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرّواية عنك، فإنّ تقبيل رِجْلَيه اتِّباعُ أَثَره، وأمّا مرضه فوهنٌ في الإسلام، فما أتى على هذا إلّا قليل حتّى وصل الخبر أنّ الفرنج استولت على بيت المقدس. [ص:652]
تُوُفّي في السّادس والعشرين من ذي القعدة، ودُفن بباب حرب.(11/650)
277 - إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد، أبو سعيد البُوشَنْجيّ، الفقيه الشّافعيّ، [المتوفى: 536 هـ]
نزيل هَرَاة.
سمع: أبا صالح المؤذن، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وحمْد بن أحمد، وقدم بغداد بعد الخمسمائة، فسمع: أبا عليّ بن نبهان، وغيره، وتفقه وبرع في المذهب، ودرس وأفتى، وصنَّف التّصانيف.
قال ابن السّمعانيّ: كان كثير العبادة، خَشِن العَيْش، قانعًا باليسير، سمعتُ منه، وعاش خمسًا وسبعين سنة.
قال عبد الغافر في " ذيله ": شاب نشأ في عبادة الله، مَرْضيّ السِّيرة على مِنْوال أبيه، وهو فقيه، مناظر، مدرّس، زاهد.(11/652)
278 - جميل بن تمّام المقدسيّ، أبو الحَسَن الطّحّان، المقرئ. [المتوفى: 536 هـ]
حدَّث عن رجلٍ، عن عبد العزيز الكتاني، روى عنه: ابن عساكر في تاريخه.(11/652)
279 - الحَسَن بن عبد الرحيم بن أحمد، المعلّم البزّاز، المَرْوَزِيّ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: أبا الخير الصّفّار، قُتِلَ في ربيع الآخر في الوقعة الخُوَارَزمشاهيَّة بمَرْو، عن نيفٍ وسبعين سنة، سمع منه السّمعانيّ.(11/652)
280 - الحسين بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن فطيمة، أبو عبد الله ابن أبي حامد البيهقي، الخسروجردي، القاضي [المتوفى: 536 هـ]
قاضي بَيْهق، وبَيْهق: ناحية من أعمال نَيْسابور، قصبتها خسروجرد.
ولد قبل الخمسين وأربعمائة، وسمع: أبا بكر البَيْهقيّ، وأبا القاسم القُشيريّ، وأبا سعيد محمد بن عليّ الخشّاب، وأبا منصور محمد بن أحمد السُّوريّ، وأبا بكر محمد بن القاسم الصّفّار، وأبا بكر أحمد بن منصور [ص:653] المغربي، وطائفة، روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، وغير واحد.
قال ابن السّمعانيّ: هو شيخ مُسِنّ، كثير السَّماع، حَسَن السّيرة، مليح المجالسة، كيِّس، ما رأيت أخفّ روحًا منه، مع السّخاء والبَذْل، سمعت منه الكثير، وكتب إلي أجزاء بخطّه، ومن أعجب ما رأيت منه أنّه ما كان له الأصابع العشْر، فإنّها قُطِعت بكرْمان لعلةٍ لحِقَتْها، فكان يأخذ القلم بكفَّيْه، ويترك الورق تحت رِجله، ويكتب بكفَّيْه خطًا مليحًا، من أسرع ما يكون، وكان يكتب كلّ يومٍ خمس طاقات خطًا واسعًا، مقروءًا، وقد تفقه بمَرْو على جدّي الإمام أبي المظفر، وحج بعد العشرين وخمسمائة، وتُوُفّي بخسروجرد في ثالث عشر رمضان، وقد سمع من البيهقيّ كتاب " معرفة السُّنَن والآثار ".
وحكى ابن السّمعانيّ: أنّه بالَغَ في إكرامه جدًّا، فقال: خرجت إلى قصْد أصبهان، فتركت القافلة، وعرَّجت إلى خسروجرد مع رفيقٍ لي راجِلَيْن، فلمّا دخلنا دار الحسين سلّمنا على أصحابه، وما التفت إلينا أحدٌ، ثمّ خرج إلينا فاستقبلناه، فأقبل علينا وقال: لم جئتم؟ فقلنا: لنقرأ عليك جزأين من " معرفة الآثار " للبَيْهقيّ، فقال: لعلكم سمعتم الكتابَ من الشَيخ عبد الجبار، وفاتكم هذا القدر، قلنا: بلى، وكان الجزءان فَوْتًا لعبد الجبّار فقال: تكونون عندي اللّيلة، فإنّ لي مُهِمًّا، أريد أنّ أخرج إلي سَبْزَوَار فإنّ ابني كتب إليَّ: أنّ ابن أستاذي خارجٌ في هذه القافلة، فأريد أنّ أسلّم عليه، وأسأله أنّ يكون عندي أيّامًا، وسماني، فتبسمت، فقال لي: تعرفه؟ فقلت: هو بين يديك، فقام ونزل وبكى، وكان يقبّل رِجْلَيَّ، ثمّ أخرج الكُتُب والأجزاء، ووهبني بعض أُصوله، فكنت عنده ثلاثة أيام.(11/652)
281 - خاتون، [المتوفى: 536 هـ]
زوجة المستظهر بالله أمير المؤمنين، وزوجة صاحب كِرْمان.
قال ابن الجوزيّ: كانت دارها حمى، ولها الهيبة والأصحاب، ورد الخبر إلى بغداد بموتها، فعُقد لها العزاء في الديوان يومين.(11/653)
282 - سعيد بن أحمد بن سليمان، أبو الحَسَن المالكيّ، النَّهْرفَضْليّ، البصْريّ، [المتوفى: 536 هـ]
نزيل بغداد.
شيخ صالح، قرأ طرفًا من مذهب مالك، وقرأ بالرّوايات، وكان صابرًا على الفقر، سمع: أبا الفضل بن خيرون، وعبد المحسن الشيحي، وابن البَطِر، روى عنه: ابن السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي في رمضان.(11/654)
283 - سعيد بن محمد بن منصور، الفارسيّ، ثمّ الطُّوسيّ، الواعظ، أبو منصور. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبا بكر بن خلف، وجماعة، أخذ عنه: أبو سعد الحافظ، وقال: مات في ذي القعدة.(11/654)
284 - سهل بن الحَسَن بن محمد، أبو العلاء البِسْطاميّ، الصُّوفيّ، المعروف بالكافي، [المتوفى: 536 هـ]
نزيل دمشق.
أقام مدةً بالسميساطية، من بيت خَطَابة وقضاء، روى عن أبيه، عن أبي عثمان الصّابونيّ، روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ.
تُوُفّي في صَفَر بدمشق.(11/654)
285 - شريفة بنت أبي عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفُرَاويّ، النَيْسابُورية. [المتوفى: 536 هـ]
سمعت: عثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، والصّرّام، كتب عنها السّمعانيّ، وقال: ماتت في عشر السبعين.(11/654)
286 - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ المعزّم، أبو الحسين الهَمَذانيّ، الضّرير، [المتوفى: 536 هـ]
أخو أبي زيد.
صالح، سمع: أبا إسحاق الشيرازي، كتب عنه السمعاني، وغيره.
مات في شوّال.(11/654)
287 - عبد الجبّار بن محمد بن أحمد، الخُوَاريّ، البَيْهقيّ، أبو محمد، [المتوفى: 536 هـ]
وخوار: بُليْدة من أعمال الرّيّ. [ص:655]
كان إمام الجامع المَنِيعيّ بنَيْسابور، وكان مُفْتيًا، عالمًا، يعرف مذهب الشّافعيّ، وفيه تَواضُع وخير.
ولد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وتفقه عند إمام الحَرَمين أبي المعالي، وسمع: أبا بكر البيهقي، وأبا الحسن عليّ بن أحمد الواحديّ، وأخاه أبا القاسم عبد الرحمن بن أحمد، وأبا القاسم القُشيريّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القَزْوينيّ، وأبو الفضائل محمد بن فضل الله السّالاريّ، وأبو سعد عبد الله بن عمر الصّفّار، ومنصور بن عبد المنعم الفُرَاويّ، وأبو المحاسن أحمد بن محمد الشَّوكانيّ الحافظ، وأبو الحَسَن المؤيِّد الطُّوسيّ، وآخرون.
قال ابن السّمعانيّ: فمن جُملة ما سمعت منه بنَيْسابور كتاب " معرفة السُّنَن والآثار " للبَيْهقيّ في خمس مجلدات، ورأيت في جزأين منه سماعًا مُلْحقًا، وذكر أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن حبيب الحافظ أنّه طالع أصل البَيْهقيّ، فلم يجد سماع شيخنا عبد الجبار في جزأين، وذكر شيخنا عبد الجبّار أنّه وجدّ سماعه بالجزأين، وأنا قرأت الجزأين بِبَيْهق على القاضي الحسين بن أحمد بن فُطَيْمَة، وكان الكتاب كلّه سماعه.
قال ابن حبيب العامريّ المذكور: تصفّحت الكتاب ورقةً ورقة، فوجدت سماعه، إلا في جزأين، أحدهما الخامس والأربعون، وهو من أوّل كتاب النّكاح إلى آخر تَسَرّي العبد، والجزء السّادس والخمسون، أوّله ترجمة ما يحرم من الإسلام، وآخره حَدّ اللِّواط، وسماعه في سنة ثلاثٍ وخمسين، وأكثره بقراءة والده محمد.
قال السّمعانيّ: وكتب شيخنا عبد الجبّار بخطّه: قد وجدت في الأصل سماعنا في الجزء الخامس والأربعين، والجزء السّادس والخمسين من الأصل وقت قراءة الكتاب عليَّ من نسخة الأصل بنَيْسابور في شهور سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، كتبه عبد الجبّار بن محمد، بعد وقوفه على سماع جملة الكتاب على المصنّف، تُوُفّي في تاسع عشر شعبان.(11/654)
288 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو الفُتُوح السَّلْمُويّي، اللّبّاد. [المتوفى: 536 هـ]
من فقهاء نَيْسابور، تفقه على أبي نصر عبد الرحيم ابن القُشَيْريّ، وبمَرْو على أبي بكر محمد بن منصور السّمعانيّ.
وكان إمامًا، زاهدًا، قُدوة، تقّيًا، منقبضًا، قانعًا، كبير القدر، كثير الأسفار، سكن كِرْمان، وانتقل إلى أصبهان فتُوُفّي بها، حدَّث بمرو بجزء سفيان بن عيينة عن الشّيرُويّيّ.
وكان مولده في سنة سبعٍ وسبعين وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان بمدينة جَيّ.(11/656)
289 - عبد السّلام بن عبد الرحمن بْنُ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أبو الحَكَم اللَّخْميّ، الإفريقيّ، المغربيّ، ثمّ الإشبيلي، الصُّوفيّ، العارف، المعروف بابن بَرَّجان. [المتوفى: 536 هـ]
سمع " صحيح البخاريّ " من: أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أحمد بْن منظور، وحدَّث به، روى عنه: أبو القاسم القَنْطَريّ، وأبو محمد عبد الحقّ الإشبيليّ، وأبو عبد الله بن خليل القيسي، وآخرون.
ذكره أبو عبد الله الأَبّار فقال: كان من أهل المعرفة بالقراءات، والحديث، والتَّحقُّق بعِلم الكلام، والتّصوُّف، مع الزُّهْد، والاجتهاد في العبادة، وله تواليف مفيدة، منها: " تفسير القرآن " لم يكمله، وكتاب " شرح أسماء الله الحُسْنَى "، وقد رواهما عنه أبو القاسم القَنْطَريّ، تُوُفّي بمَرّاكُش مُغَرَّبًا عن وطنه في هذه السّنة، وقبره بإزاء قبر الزّاهد أبي العباس ابن العريف.(11/656)
290 - عبد الكريم بن عبد المنعم بن هبة الله، أبو طالب ابن الطَّرَسُوسيّ، الحلبيّ، الفقيه. [المتوفى: 536 هـ]
سمع أباه أبا البركات، كتب عنه: السّمعانيّ، وقال: وُلِد سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة.
قلت: مات تقريبًا في هذا العام.(11/656)
291 - عبد الوهّاب ابن الشَيخ أبي الفَرَج عبد الواحد بن محمد بن عليّ الأنصاريّ، شَرَفُ الإسلام، أبو القاسم الشّيرازيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الفقيه، الحنبليّ، الواعظ. [المتوفى: 536 هـ]
كان شيخ الحنابلة بدمشق بعد والده، وكان له القبول التام في وعظه، وبعثه السلطان بوري رسولًا إلى المسترشد بالله يستنجده على الفرنج خذلهم الله، وقد روى شيئًا من مسند أحمد بالإجازة عن أبي طالب عبد القادر بن يوسف، وتُوُفّي في صَفَر بدمشق.
ووقف المدرسة الحنبلية الّتي قُدّام الرّواحيَّة بدمشق، وكان رئيسًا محتشمًا، عالمًا.
قال حمّاد الحَرّانيّ: سمعتُ السِّلَفيّ يُثْني عليه ويقول: كان فاضلًا له لَسَن، وكان كبيرًا في أعيُن النّاس والسّلطان، وكان متقدمًا، وكان ثقة، سمع من والده، وغيره.
وقال أبو يعلى حمزة: مات بمرضٍ حادّ أضعفه، وكان على الطّريقة المَرْضِيَّة، والخِلال الرَّضِيَّة ووُفُور العِلْم، وحُسْن الوعظ، وقوَّة الدّين، وكان يوم دفْنه يومًا مشهودًا من كثرة المشيِّعين له، والباكين عليه.(11/657)
292 - عشائر بن محمد بن ميمون، أبو المعالي التّميميّ، المَعَرّيّ، [المتوفى: 536 هـ]
نزيل حمص.
صالح خيّر، وُلِد سنة خمسٍ وأربعين، وحضر جنازة أبي العلاء بالمَعَرَّة، وسمع من: أبي غانم عبد الرّزّاق التَّنُوخيّ، كتب عنه: السّمعانيّ، بقي إلى هذا الوقت بحمص.(11/657)
293 - عليّ بن محمد بن أرسلان بن محمد، أبو الحَسَن المَرْوَزِيّ، الكاتب. [المتوفى: 536 هـ]
كان صاحب بلاغة، وفصاحة، وشِعْر، وترسُّل فائق.
ذكره ابن السّمعانيّ، فقال: لعله ما رأى مثل نفسه في فنّه، وسمع من [ص:658] إسماعيل بن أحمد البَيْهقيّ، وكتب لي من شِعْره، وسمعت أنّ قصيدة أكثر من أربعين بيتًا كانت تُقرأ عليه فيحفظها في نوبةٍ واحدة.
قُتِلَ بمَرْو في الوقعة الخُوارَزْمشاهيَّة في ربيع الأوّل، وله نيفٌ وأربعون سنة.(11/657)
294 - عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مازَة، أبو حفص بن أبي المَفَاخر البخاريّ، [المتوفى: 536 هـ]
علّامة ما وراء النّهر.
تفقه على والده العلّامة أبي المَفَاخر، وبرع في مذهب أبي حنيفة، وصار شيخ العصر، وحاز قَصَب السَّبق في عِلم النَّظر، ورأى الخصوم وناظر، وظهر عليهم، وصار السّلطان يصدر عن رأيه، وعاش في حرمةٍ وافرة، وَقَبُولٍ زائد، إلى أن رزقه الله الشهادة على يد الكافر، بعد وقعة قَطَوَان وانهزام المسلمين.
قال ابن السّمعانيّ: سمعت أنّه لمّا خرج هذه النَّوْبة كان يودّع أصحابه وأولاده وداع من لَا يرجع إليهم، فرحمه الله ورضي عنه، سمع: أباه، وعليّ بن محمد بن خِدَام، وحدَّث، ولقِيتُه بمَرْو، وحضرتُ مناظرته، وقد حدَّث عن جماعةٍ من البغداديين كأبي سعد أحمد ابن الطُّيُوريّ، وأبي طالب بن يوسف، وكان يُعرف بالحسام، ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة، وسمع منه: أبو عليّ الْحَسَن بْن مَسْعُود الدَّمشقيّ ابن الوزير، وغيره، وتفقه عليه خلْق، وقتل صبرًا بسَمَرْقَنْد في صَفَر سنة ستٍ وثلاثين.
وقيل: بل قُتِلَ في الوقعة المذكورة، وكان قد تجمّع جيوشٌ لَا يُحْصَوْن من الصّين، والخِطا، والتُّرك، وعلى الكُلّ كوخان، فساروا لقصد السّلطان سَنْجَر، وسار سَنْجَر في نحو مائة ألفٍ من عسكر خُراسان، وغَزْنَة، والغور، وسجسْتان، ومازَنْدَران، وعَبَر بهم نهر جَيْحُون في آخر سنة خمسٍ وثلاثين، فالتقى الجيشان، فكانا كالبحرين العظيمين يوم خامس صَفَر، وأبلى يومئذٍ صاحب سجِسْتان بَلاءً حَسَنًا، ثمّ انهزم المسلمون، وَقُتِلَ منهم ما لَا يُحصى، وانهزم سَنْجَر، وأُسِر صاحب سجِستان، وقماج مقدَّم ميمنة المسلمين، وزوجة سَنْجَر، فأطلقهم الكفار.
قال ابن الأثير: وممّن قُتِلَ الحُسَام عُمَر بن مازَة الحنفيّ، المشهور. [ص:659]
قال: ولم يكن في الإسلام وقعةٌ أعظم من هذه، ولا أكثر ممّن قُتِلَ فيها بخُراسان، واستقرت دولة الخِطا، والتُّرك الكُفار بما وراء النَّهر، وبقي كوخان إلى رجب سنة سبعٍ وثلاثين فمات فيه.(11/658)
295 - عمر بن محمد، أبو حفْص المَرْوَزِيّ، النّاطفيّ. [المتوفى: 536 هـ]
كان يعمل النّاطف، وكان رجلًا صالحًا، نيَّف على الثمانين، وروى عن: عليّ بن موسى المُوسَوِيّ، وجماعة، وعنه: أبو سعد السمعاني.(11/659)
296 - عمرو بن محمد بن بدر، أبو الحسن الهمداني، الغَرْناطيّ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع " الموطّأ " من ابن الطّلاع، وتفقه بأبي الوليد بن رُشْد، وكان صالحًا زاهدًا، روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل، وغيره.(11/659)
297 - الفضيل بن إسماعيل بن الفُضَيل بن محمد، الفُضَيليّ، الهَرَويّ، أبو عاصم. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: أبا عطاء عبد الرحمن الجوهري، وكلار البوشنجي، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وطائفة، مات سنة نيفٍ وثلاثين كتبته تقريبًا.(11/659)
298 - محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن أسود، أبو بكر الغسّانيّ، الأندلسيّ، المَرِيّيّ. [المتوفى: 536 هـ]
روى عن: الحافظ أبي عليّ الغسّانيّ، وغيره، له رحلة سمع فيها من أبي بكر الطُّرْطُوشيّ، المالكيّ، وأبي الحسن بن مشرف، ووُلي قضاء مَرْسِيَة مدَّة طويلة، ولم تُحْمد سيرتُهُ، ثمّ صُرِف، وسكن مَراكُش، وبها تُوُفّي في رجب.(11/659)
299 - محمد بن أصْبَغ بن محمد بن محمد بن أصْبَغ، قاضي الجماعة بقُرْطُبة وخطيبها أبو عبد الله، [المتوفى: 536 هـ]
خاتمة الأعيان بقُرْطُبة.
روى عن أبيه واختصّ به، وقرأ بالرّوايات على أبي القاسم بن مدير المقرئ، وسمع من: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني، وجالس أبا علي ابن سكرة. [ص:660]
قال ابن بَشْكُوال: كان من أهل الفضل الكامل، والدين، والتصاون والعفاف، والوقار، والسَّمُت الحَسَن، والهَدْي الصّالح، وكان مجوّدًا للقرآن، عالى الهمَّة، عزيز النَّفْس، مخزون اللسان، طويل الصلاة، واسع الكف بالصدقات، كثير المعروف والخيرات، معظَّمًا عند الخاصَّة والعامَّة، وصُرِف في الآخر عن القضاء، وأقبل على التدريس وإسماع الحديث، وتُوُفّي في الثّاني والعشرين من رمضان، من أبناء السّتين.(11/659)
300 - محمد بن جعفر بن مهران، أبو بكر التّميميّ، الأصبهانيّ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، والمطهَّر البُزَانيّ، وعنه: سليمان الموصلي، لقيه زمن الحج.(11/660)
301 - محمد بن الحسن بن خلف بن يحيى، أبو بكر بن برنجال. [المتوفى: 536 هـ]
رحل بعد الخمسمائة، وسمع من: محمد بن الوليد الطُّرْطُوشيّ، ومحمد بن منصور الحضْرميّ، وكان من أهل الحفظ والدّراية.
تُوُفّي في رجب، وقد نيَّف على الخمسين.(11/660)
302 - مُحَمِّد بن الحسين بن مُحَمِّد، أبو الخير التكريتي، الملقب بالترك، [المتوفى: 536 هـ]
من أهل رباط الزوزني ببغداد.
سمع من: جعفر السّرّاج.(11/660)
303 - محمد بن سليمان بن مروان، أبو عبد الله القَيسيّ، المعروف بالبونيّ، [المتوفى: 536 هـ]
نزيل بَلَنسيَة، أحد الأئمة.
روى عَنْ: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي داود بن نجاح، وأبي الحسن بن الدوش، وابن الطلاع، وأبي علي الصدفي، وطائفة.
قال ابن بَشْكُوال: كانت له عناية كبيرة بالعِلم والرّواية وأخبار الشيوخ وأزمانهم ومبلغ أعمارهم، وجمع من ذلك كثيرا ووصفه أصحابنا بالثقة والدين، مات في صفر سنة ست بالمرية، رحمه الله.(11/660)
304 - محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز، أبو بكر القُرْطبيّ، اللّخْميّ. [المتوفى: 536 هـ]
أصله من إشبيلية، روى عن: أبي عبيد البكري، وأبي علي الغساني، وأبي الحسين بن سراج، وكان رأسا في اللغة والعربية، ومعاني الشعر، والبلاغة، كاتبا مجيدا، توفي في نصف ذي الحجَّة.(11/661)
305 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحمد، أبو طاهر الأنصاري، الدباس. [المتوفى: 536 هـ]
سمع من أبي طاهر عبد الكريم بن رزمة، عن أبي الحسين بن بشران كتاب " مداراة الناس " لابن أبي الدنيا، وكان رجلًا صالحًا، روى عنه: سعد الله بن الوادي، وأبو سعد السمعاني، وعلي بن إبراهيم الواسطي.
قال ابن النجار: توفي في ذي الحجة سنة ست وثلاثين.(11/661)
306 - محمد بن عليّ بن عمر بن محمد، أبو عبد الله التميمي، المازري، الفقيه، المالكي المحدّث، [المتوفى: 536 هـ]
أحد الأئمة الأعلام.
مصنّف شرح " صحيح مسلم "، واسمه المعلّم بفوائد كتاب مسلم، وله كتاب " إيضاح المحصول في الأُصول "، وله مصنَّفات في الأدب، وكان من أهل الحِفْظ والإتقان.
تُوُفّي في ربيع الأوّل سنة ستّ، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
ومَازَرْ بفتح الزّاي، وقد تُكْسِر، بُليدة بجزيرة صَقَلية.
روى عنه: عِياض القاضي، وأبو جعفر بن يحيى القرطبي الوزعي، مولده بالمهدية من إفريقية، وبها مات، وألّف كتابًا في شرح " التّلقين " لعبد الوهّاب، في عشر مجلَّدات، وهو من أنفس الكُتُب.
بَلَغَنا أنّ المازَرِيّ مرض في أثناء عمره فلم يجد من يعالجه إلّا يهوديّ، فلمّا عوفي على يده قال له اليهودي: لولا التزامي بحِفْظ صناعتي لأعدمتك المسلمين، فأثَّر هذا عند المازَرِيّ، وأقبل على تعلُّم الطّبّ حتّى برع فيه في زمن يسير، وصار يُفتي فيه كما يُفْتي في العِلم.(11/661)
307 - محمد بن عليّ بن محمد بن الحسين بن السكن، أبو طالب ابن المعوّج المراتبيّ. [المتوفى: 536 هـ]
من أهل البيوتات ببغداد، سمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا القاسم ابن البُسْريّ، وجماعة، سمع منه: ابن السَّمْعانيّ، وغيره.
وكان من غُلاة الشّيعة، تُوُفّي في أحد الربيعين.(11/662)
308 - محمد بن الفضل بن محمد بن أحمد، أبو سهل الأبِيوَرْدِيّ، العطار. [المتوفى: 536 هـ]
شيخ صالح، عفيف، عابد، من أهل نَيّسابور، سمع: أبا القاسم القشيري، وأبا صالح المؤذن، وأبا سهل الحفْصيّ، وتُوُفّي في رجب، روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، والرّحَّالون، وكان والده من كبار مشيخة نَيْسابور.(11/662)
309 - محمد بن كامل بن دَيْسَم بن مجاهد، أبو الحَسَن النَّضريّ، المقدسيّ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع من أبيه، ومن نصر المقدسيّ وتفقه عليه بصُور، فلم يَنْجُب، وأجاز له أبو بكر الخطيب.
وكان شاهدًا، فاتهم بشهادة الزُّور، وأسقطه خال ابن عساكر أبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق، ورُتِّبَ على ختْم دار الوكالة، فكان يرتزق من المكس.
روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم بن علي، والسمعاني، وجماعة.
توفي في ذي القعدة.
قال السَّمْعانيّ: وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو عليّ غلام الهرّاس، فأجاز له جميع القراءات.(11/662)
310 - محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن أحمد بن عمر، أبو الحسين السَّهْلَكي، [المتوفى: 536 هـ]
خطيب بِسطام، إحدى مدن قُومِس. [ص:663]
كان بارعًا في الأدب، سمع: أبا الفضل محمد بن عليّ السَّهْلكيّ، ونظام المُلْك، ورزق الله التّميميّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه ببِسطام، تُوُفّي في ربيع الأوّل ببَسطام.(11/662)
311 - محمد بن مغاور بن حَكَم بن مغاور، أبو عبد الله السلمي، الشاطبي. [المتوفى: 536 هـ]
روى عَنْ: أبيه، وأبي جعفر بن جحدر، وأبي عمران بن أبي تليد، وابن سُكَّرَة، وأبي الحَسَن بن الدّوش.
وكان بصيرًا بالمذهب، رأسًا في الفتوى، جمّ الفوائد، تُوُفّي في شوّال عَنْ ثمانٍ وخمسين سنة.(11/663)
312 - محمد بن مفرّج بن سليمان، الشيخ أبو عبد الله الصّنْهاجيّ. [المتوفى: 536 هـ]
سمع يسيرًا من: أبي الوليد الباجيّ، وأبي عبد الله بن شبرين، أخذ عنه: القاضي عِياض.(11/663)
313 - محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمود ماشاذة، أبو منصور الأصبهاني، الواعظ، الفقيه. [المتوفى: 536 هـ]
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وتفقه على: أبي بكر الخُجَنْديّ، وارتفع أمره وعرض جاهه، وصار المرجع إليه، وكان يفسر ويعظ بفصاحة، ووعظ ببغداد بعد العشْرين، وحدَّث.
روى عنه: أبو موسى المَدينيّ، وابن السَّمْعانيّ، وسِبْطه داود بن محمد بن أبي منصور، وجماعة، روى عَنْ: شجاع، وأحمد ابني المَصْقَليّ، وعائشة الوركانية، وأبي المظفر السَّمْعانيّ، وأبي بكر بن سُلَيْم، وتُوُفّي في حادى عشر ربيع الآخر بأصبهان، وعُقِد له العزاء ببغداد.
قال ابن السَّمْعانيّ: إمام، مفسر، واعظ، حُلْو الكلام، مليح الإشارة، كان له التّقدُّم والجاه العريض، والحشمة وصار أوحد وقْته، والمرجوع إليه [ص:664] في بلده، وطُعن بالسِّكّين عدَّة نُوَب، وحماه الله بفضله، ولم يؤثر ذلك فيه، وكان كثير الصّلاة والذّكْر.(11/663)
314 - المختار بن عبد الحميد بن منتصر، أبو الفتح البوشنجي، الأديب، [المتوفى: 536 هـ]
صاحب " الوفيات ".
سمع من جدّه لأمّه جمال الإسلام أبي الحسن الداودي.
تُوُفّي في رمضان، وقد قارب الثّمانين.(11/664)
315 - مُرجان الحبشيّ الخادم، أبو الحَسَن، [المتوفى: 536 هـ]
مولى المقتديّ أمير المؤمنين.
سمع من: النعالي، وابن البطر، روى عنه: يوسف بْن المبارك بن كامل.
وكان صالحًا عابدًا، جاور مدة.
توفي في شعبان.(11/664)
316 - مُظَفَّر بن القاسم بن المظفَّر بن علي، أبو منصور ابن الشهرزوري. [المتوفى: 536 هـ]
ولد بإربل سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، ونشأ بالموصل، وقدم بغداد، فتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق، وسمع منه ومن أبي نصر الزَّيْنبيّ.
ثمّ رجع إلى الموصل، وولي قضاء سَنْجَار، وسكنها وكان قد أضر، سمع منه ابن السمعاني سنة أربع وثلاثين ببغداد، وسنة خمسٍ بسَنْجَار، وقال: كان شيخًا، فاضلًا، كثير العبادة.
قلت: توفي تقريبًا في سنة ست.(11/664)
317 - نصر الله بن محمد بن محمد بن مَخْلَد بن أحمد بن خَلَف بن مَخْلَد بن امرئ القيس، أبو الكَرَم الأَزْديّ، الواسطيّ ابن الْجَلَخْت. [المتوفى: 536 هـ]
سمع: أباه، وأبا تَمَّام عليّ بن محمد العَبْديّ، القاضي، وأبا الحَسَن عليّ بن محمد الحوزيّ، وسعيد بن كثير الشّاهد، وهو آخر أصحاب أبي تمام، وُلِد سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة.
وعنه: ابن السَّمْعانيّ، وقال: انحدرت إليه إلى واسط، وهو شيخ ثقة، [ص:665] صالح، من بيت الحديث، حدَّث ببغداد سنة ستّ عشر.
وروى عنه أيضًا: أبو عليّ يحيى بن الربيع، والقاضيّ أبو الفتح المَنْدائيّ، وعلي بن عبد الله بن فضل الله نسيبه الذي توفي سنة اثنتي عشرة وستمائة، وعلي بن علي بن نغوبا، والحسين بن عبد العزيز الواسطيون.
قال فيه خميس الحوزيّ: ثقة صالح.
وقال غيره: توفي في ذي الحجة بواسط.(11/664)
318 - هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبد اللَّه بْن عليّ بن طاوس، أبو محمد البغداديّ، ثمّ الدمشقيّ، [المتوفى: 536 هـ]
إمام جامع دمشق.
كان مقرئًا مجودًا، حَسَن الأخذ، ضابطًا متصدرًا بالجامع من دهر، ختم عليه خلْق، وقد سمع الكثير بنفسه، ونسخ ورحل وأملى، وكان صدوقًا، صحيح السَّماع.
وثّقة ابن عساكر، ووصفه بكثرة السّماع، وقال: سمع أباه، وأبا العباس بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم، وخرج إلى العراق، وأصبهان في صحبة والده، والفقيه نصر الله المصِّيصيّ في رسالة السّلطان تاج الدّولة تُتُش إلى السّلطان ملكشاه، فسمع من: البانياسي، وعاصم بن الحَسَن، ورزق الله التّميميّ، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأبي الحَسَن عليّ بن محمد بن محمد الأنباريّ، وأبي منصور محمد بن عليّ بن شكروَية، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وعبد الرّزّاق الحَسناباذيّ، وأبي عبد الله الثّقفيّ، وأقرأ القرآن مدَّة، وكان قد قرأ للسّبعة على والده أبي البركات.
وكان مؤدبًا في مسجد سوق الأحد، فلما وُلي إمامة الجامع ترك المكتب، وكان صحيح الاعتقاد، حدثنا إملاءً قال: أخبرنا عاصم بقراءتي عليه، فذكر حديثًا.
وقال ابن السَّمْعانيّ: سمعت أنّه يقع في أعراض النّاس، وكان بينه وبين الحافظ أبي القاسم الدّمشقيّ شيء، ما صلّى على جنازته. [ص:666]
وقال السِّلفيّ: هو محدّث ابن محدّث، ومُقْرئ ابن مقرئ، وكان ثقة متصاونًا، من أهل العلم.
وقال محمد بن أبي الصَّقْر: وُلِد في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة.
وقال ابن السَّمْعانيّ: تُوُفّي ضَحْوة يوم الجمعة سابع عشر المحرم، وصلينا عليه بعد الصّلاة، وشيَّعْتهُ إلى أن دُفن في مقبرةٍ له بباب الفراديس، وكان الخلق كثيرًا.
قلت: وروى عنه: ابن عساكر، والسِّلفيّ، وابن السَّمْعانيّ، وابنه الخضر بن هبة الله، وأبو الفَرَج ابن اللحية الحموي، وأبو محمد القاسم ابن عساكر، والقاضي أبو القاسم ابن الحَرَسْتانيّ، وآخرون، وآخر من حدَّث عنه: أبو المحاسن ابن السّيّد الصّفّار.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمحمد بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُؤْمِنٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عبد الحميد قالوا: أخبرنا محمد بن السيد بن أبي لقمة، قال: أخبرنا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصِّيصِيُّ الْفَقِيهُ، وَهِبَةُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ الْمُقْرِئُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثلاثين وخمسمائة سماعًا منهما قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان، قال: أخبرنا خيثمة بن سليمان، قال: حدثنا الحسن بن مكرم: قال: حدثنا شاذان، قال: حدثنا الثوري، قال: حدثنا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مريم عليه السلام: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو الْقُلُوبُ، وَإِنْ كَانَتْ لِيِّنَةً، فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِي بعيدٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ. وَلا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَهَيْئَةِ الأَرْبَابِ، وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِ أَنْفُسِكُمْ كَهَيْئَةِ الْعَبِيدِ، فَإِنَّمَا النَّاسُ اثْنَانِ: مُبْتَلَى وَمُعَافَى، فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ، وَارْحَمُوا الْمُبْتَلَى.(11/665)
319 - هبة اللَّه بْن عبد الله بْن أحمد ابن المغربي. [المتوفى: 536 هـ]
شيخ صالح، بغدادي، سمع من: الحسين ابن البُسْريّ، روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وكان بوّاب باب النوبي، وعاش ستًا وستين سنة.(11/666)
320 - يحيى بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي، أبو محمد ابن الطراح، البغدادي، المدير. [المتوفى: 536 هـ][ص:667]
ولد قبل الستين وأربعمائة، وسمع: أبا الحسين ابن المهتديّ بالله، وأبا بكر الخطيب، وعبد الصّمد ابن المأمون، ومحمد بن أحمد بن المهتديّ بالله الخطيب، وابن النَّقُّور، وجماعة.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه الكثير، وكان صالحًا، ساكنًا، مشتغلًا بما يعنيه، قليل الفُضُول، كثير الرغبة في زيارة القبور والخير، وكان مدير قاضي القضاة أبي القاسم الزَّيْنبيّ، وسمعه أبوه، وحصّل له النُّسَخ، تُوُفّي في رابع عشر رمضان.
قلت: وروى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الفرج ابن الجوزيّ، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وابن الأخضر، وعبد الكريم بن المبارك البلديّ، وسليمان المَوْصِليّ، ويحيى بن ياقوت الفرّاش، وآخرون.(11/666)
-سنة سبع وثلاثين وخمسمائة(11/668)
321 - أحمد بن أبي الحسين بن أحمد، أبو الحارث الهاشميّ، البغداديّ، [المتوفى: 537 هـ]
إمام جامع المنصور.
روى عن: أبي الحسين ابن الطُّيُوريّ، وتُوُفّي في ذي الحجَّة.(11/668)
322 - أحمد بْن عليّ بْن الحسين العطار، [المتوفى: 537 هـ]
دمشقيّ،
حدَّث عَنْ: أبي البركات أحمد بن طاوس،
كتب عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ.(11/668)
323 - أَحْمَد بن عليّ بن عبد اللَّه، أبو القاسم الحَلاويّ. [المتوفى: 537 هـ]
بغداديّ، روى عَنْ: أبي نصر الزَّيْنبيّ، وعنه: يوسف بن المبارك الخفّاف، تُوُفّي في رجب.(11/668)
324 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سالم، أبو منصور الهِيتيّ. [المتوفى: 537 هـ]
وُلِد بِهِيت سنة ستّين، وسمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدّامغانيّ، وبرع في المناظرة، وتُوُفّي في شوّال.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان أنْظَرَ الحنفيَّة في زمانه، وكان ينوب عَنْ قاضي القُضاة الزَّيْنبيّ في الحكومة إلى أن شاخ، وكان دخوله إلى بغداد في سنة ثلاثٍ وسبعين وأربعمائة، وقرأتُ عليه كتاب " البعث " لابن أبي داود.
قلت: روى عنه عبد الله بن مسلم بن ثابت.(11/668)
325 - إبراهيم بن هبة الله بن علي، أبو طالب الدياربكري، الفقيه. [المتوفى: 537 هـ]
قال ابن السَّمْعانيّ: كان فقيهًا، فاضلًا، مُنَاظرًا، صالحًا، كثير الذِّكْر والتّلاوة، أقام ببغداد مدَّةً، وببلْخ مدة، وسمع من مالك البانياسيّ، وجماعة، وتُوُفّي ببلْخ في المحرَّم، وقد سمع بأصبهان من أبي منصور بن شكرُوَيْه.
قال أبو شجاع البسطاميّ: سمعت الإمام أبا طالب يقول: لما نزلت بناكر، وهي دار مملكة الملك محمد بن أبي حكيم، أكرمني كثيرًا، حتّى أنّه [ص:669] سبى أختين وهما ابنتا ملك الهند، فقال لي: قد تزوّجت واحدةً وتركت أُختها، حتّى أجد لها كُفُؤًا، وأنت الكَفُؤ، فوهبها لي، فأعتقتها، وتزوّجتُ بها، وحَسُنَ إسلامها، فلمّا قُتِلَ ابن أبي حكيم نفذ أخو هذه الجارية، وقد تملَّك بعد أبيه، فقال: تعودي إلينا، فأبت وقالت: لا أدخل بلاد الكُفْر، فبعث يقول لها: ارجعي إلينا بزوجك، ونبني لكما مسجدًا، وتكونون مكرَّمين، فأبت، فلما سافرت لحقتني حاملةً ولدها مني وعلى كتفها قربه حتّى لحِقَت بي.(11/668)
326 - الحَسَن بن محمد بن علي، أبو محمد الحسني، ذو الفقار، [المتوفى: 537 هـ]
نقيب مشهد باب التّبْن.
روى عن: أبي سعد بن خشيش، وكان أديبًا شاعرًا ببغداد.(11/669)
327 - الحَسَن بن محمد بن علي بن الحَسَن بن أبي المضاء، البَعْلَبَكّيّ، أبو محمد. [المتوفى: 537 هـ]
سمع من: الفقيه نصر المقدسيّ، وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، سمع منه بعض الطّلَبَة.(11/669)
328 - الحَسَن بن نصر، أبو محمد الدِّينَوَرِيّ البزّاز، ويُعرف بابن المعبي. [المتوفى: 537 هـ]
سمع: أبا القاسم ابن البسري، ويوسف بن الحسن التفكري، والفقيه نصر المقدسيّ بصور.
وعنه: ابن عساكر، والسَّمْعانيّ، مات في صفر في عَشْر التّسعين.(11/669)
329 - الحسين بن عليّ بن أحمد بن عبد الله، أبو عبد الله المقرئ، البغداديّ، [المتوفى: 537 هـ]
سِبْط أبي منصور الخياط.
سمع: أبا الغنائم ابن المأمون، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا منصور العُكْبَريّ، وأبا الحسين ابن النقور، وولد في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة.
قال ابن السَّمْعانيّ: صالح، حسن الإقراء، دين، يأكل من كد يده، [ص:670] سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة في مجلس عفيفٍ القائمي، وتوفي في ذي الحجة.
روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزيّ، وقال: قرأتُ عليه القرآن، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وجماعة.
وهو أخو الشَيخ أبي محمد، وأكبر منه.(11/669)
330 - سعيد بن أحمد بن عبد الواحد، أبو القاسم ابن الطُّيُوريّ الأمين. [المتوفى: 537 هـ]
شيخ أصبهان، سمع: أبا عَمْرو بن منده، مات فجاءةً في شوّال، سمع منه: أبو سعد السَّمْعانيّ، وغيره.(11/670)
331 - عَبْد الله بْن محمد بْن محمد بْن محمد بن عبد الله ابن البيضاوي، أبو الفتح. [المتوفى: 537 هـ]
كان جدهم محمد بن عبد الله من بيضاء فارس فانتقل إلى بغداد وسكنها، وكان أبو الفتح أخا قاضي القُضاة أبي القاسم الزَّيْنبيّ لأُمّه، سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد ابن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبتُ عنه الكثير، وهو شيخ صالح، متواضع، متحرٍ في قضائه الخير والإنصاف، متثبِّت، وتُوُفّي في نصف جُمَادَى الأولى.
قلت: وروى عنه: ابن الجوزيّ، والكِنْديّ، وجماعة.(11/670)
332 - عبد الرّزّاق بن محمد بن أحمد بن محمد بن عيسى، أبو المحاسن الطَّبَسِيّ، [المتوفى: 537 هـ]
نزيل نَيْسابور.
كان مُفيد الغُرباء، قرأ لهم الكثير، وكان حَسَن القراءة سريعها، قرأ " صحيح مسلم " ثماني عشرة مرَّة على الفُرَاويّ للنّاس، وكان كثير الصّلاة، نظيف الظاهر، جميل الأمر، سمع: عبد الغفار الشيرويي، وأبا عليّ الحدّاد، وغانمًا البُرْجيّ، وابن بيان الرّزّاز، وغيرهم.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل، روى عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ.(11/670)
333 - عبد المجيد بن إسماعيل، القاضي أبو سعد الهَرَويّ، [المتوفى: 537 هـ]
قاضي الرُّوم.
تفقه بما وراء النّهر على: البَزْدَوِيّ، والسّيّد الأشرف، وجماعة، وتخرج به الأصحاب، وله مصنفات في الأصول والفروع، وخُطب ورسائل ونظم ونثر، قدِم دمشقَ، ودرَّس ببغداد.
مات بقَيْساريَّة، وقد نيَّف على الثّمانين، وكان من كبار الحنفيَّة.(11/671)
334 - عبد المجيد بن القاسم بن الحَسَن بن بُنْدار، أبو عبد الرحيم الزَّيْديّ، الإستراباذي، الحاجي. [المتوفى: 537 هـ]
شيخ دين زَيْديّ المذهب، سمع: ظَفَر بن الدّاعي، وغيره، وحدَّث في هذه السّنة.(11/671)
335 - عبد الواحد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، أبو محمد اليوسُفيّ، البغداديّ، [المتوفى: 537 هـ]
أخو عبد الله، وعبد الخالق.
شيخ صالح، ديِّن، سافر الكثير، وطاف في الآفاق، وسمع من: أبي نصر الزينبي، وأخيه النقيب طراد؛ وسمع من: أبي المحاسن الرُّويَانيّ، وأبي سعد بن أبي صادق الحِيريّ، وأبي سعد المطرَّز، وأقام باليمن مدة.
وولد في سنة سبعين وأربعمائة.
وقدِم من الحجاز بغدادَ في سنة خمسٍ وثلاثين وحدَّث، ثمّ رجع وركب البحر، فغرق في حدود سنة سبعٍ.(11/671)
336 - عثمان بْن محمد بْن أَحْمَد بْن محمد، أبو عَمْرو البلْخيّ، ويُعرف بالشّريك. [المتوفى: 537 هـ]
قال السَّمْعانيّ: كان فاضلًا، حَسَن السّيرة، من أهل العلم، مكثِرًا من الحديث، معمرًا، سمع: أباه، وأبا عليّ الوَخشيّ، ومحمد بن عبد الملك الماسكانيّ، وإسماعيل بن عثمان إمام جامع بلْخ، وأبا سعيد الخليل بن أحمد السّجْزِيّ، كتب إليَّ بمَرْوياتّه، ومن مسموعاته: " شرح الآثار " للطحاوي، [ص:672] يرويه بواسطة ثلاثة، و" الموطأ " يرويه عَنْ عبد الوهّاب بن أحمد الحديثيّ، عن زاهر السرخسي، و" تفسير أبي اللَّيْث "، رواه عَن الوخْشيّ، عَنْ تميم بن زرعة عنه؛ وروى عَن الوخشيّ عدَّة تفاسير كبار، وكتاب " معاني الآثار " للطّحاويّ، يرويه عَن القاضي إبراهيم بن محمد بن سليمان الورّاق، عَن ابن المقرئ، عنه، و" سنن " أبي داود، يرويه عَن الوخْشيّ، عَنْ أبي عمر الهاشمي، وعن أبي محمد ابن النحاس المصري، وعن أبي محمد السابوري صاحب ابن داسة، تُوُفّي ببلْخ في سَلْخ جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.(11/671)
337 - عليّ بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي بن عياض ابن أبي عَقِيل، أبو طالب الصُّوريّ، ثمّ الدمشقيّ. [المتوفى: 537 هـ]
كان أبوه وأجداده من قُضاة صُور، وهو شيخ مَهِيب، ساكن، حَسَن السّيرة، يرجع إلى صيانة وديانة، سكن مصر مدَّة، وسمع بها من: أبي الحَسَن الخِلَعيّ، ومحمد بن عبد الله الفارسيّ، ودخل بغداد وسمع بها من: أبي القاسم بن بيان.
قال ابن السَّمْعانيّ: قرأت عليه " المعجم " لابن الأَعرابيّ، ومولده بعد السّتّين بصور، وكان يُلقَّب بالقاضي بهجة الملك، تُوُفّي في ربيع الأوّل.
قلت: روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، وابنه، وجماعة.
قال ابن عساكر: أصله من حَرّان، وسمع أيضًا من الفقيه نصر، وكان من أعيان مَن بدمشق، وكان ذا صلاة وصيام، وقورًا، مهيبًا، حكى لي عتيقه نُوشتِكِين أنّه سمعه في مرضه يقول: قرأت أربعة آلاف ختمة.(11/672)
338 - عليّ بن يوسف بن تاشفين، [المتوفى: 537 هـ]
أمير المسلمين، صاحب المغرب.
تُوُفّي والده في سنة خمسمائة، فقام بالمُلْك مكانه، وتلقَّب بلقب أبيه أمير المسلمين، وجرى على سننه في إيثار الجهاد، وإخافة العدوّ.
وكان حَسَن السّيرة، جيّد الطَّويَّة، عادلًا، نزِهًا، حتّى كان إلى أن يُعَدّ من الزّهّاد المتبتّلين أقرب، وأدخل من أن يُعَدّ من الملوك، واشتدّ إيثاره لأهل العِلم والدّين، وكان لَا يقطع أمرًا في جميع مملكته دون مشاورتهم، وكان إذا [ص:673] ولّى أحدًا من قُضاته، كان فيما يعهد إليه أن لَا يقطع أمرًا دون أن يكون بمحضر أربعةٍ من أعيان الفُقهاء، يشاورهم في ذلك الأمر، وإنْ صَغُرَ، فبلغ الفُقهاء في أيّامه مبلغًا عظيمًا، ونفقت في زمانه كُتُب الفقه في مذهب مالك، وعُمل بمقتضاها، ونبذ وراءه ما سواها، وكثُر ذلك حتّى نسي العلماء النَّظَر في الكتاب والسُّنَن، ودان أهل زمانه بتكفير كلّ من ظهر منه الخَوْض في شيءٍ من علوم الكلام، وقرَّر الفقهاء عنده تقبيح الكلام وكراهية الصَّدْر الأوّل له، وأنّه بِدْعة، حتّى استحكم ذلك في نفسه، فكان يكتب عنه في كل وقت إلى البلاد بالوعيد على مَن وُجِد عنده شيءٌ من كُتُب الكلام.
ولمّا دخَلَت كُتُب أبي حامد الغزّاليّ - رحمه الله - إلى المغرب، أمَرَ أمير المسلمين عليّ بن يوسف بإحراقها، وتوعَّد بالقتل من وجِد عنده شيءٌ منها، واشتد الأمر في ذلك إلى الغاية.
واعتنى باستدعاء المنشئين والكُتاب، فاجتمع له ما لم يجتمع لسلطانٍ منهم، كأبي القاسم بن الجد الأحدب، وأبي بكر محمد بن محمد بن القنطرية، وأبي عبد الله محمد بن أبي الخصال، وأخيه أبي مروان، وعبد المجيد بن عيذون.
وطالت أيامه، إلى أن التقى عسكر بَلَنْسِية مع العدوّ الملعون، فهزموا المسلمين، وقتلوا من المرابطين خلقًا كثيرًا، وذلك بعد الخمسمائة، واختلت بعدها حال عليّ بن يوسف، وظهرت في بلاده مناكِرُ كثيرة، لاستيلاء أمراء المرابطين الّذين هم جُنْده على البلاد الأندلُسيَّة، ثمّ ادعوا الاستبداد بالأمور، وانتهوا في ذلك إلى التّصريح، وصار كلّ واحدٍ منهم يجهر بأنّه خيرٌ من أمير المسلمين عليّ بن يوسف، وأنّه أَوْلَى بالأمر منه، واستولى النّساء على الأحوال، وصارت كل امرأةٍ من أكابر البرابر مشتملةً على كلّ مفسدٍ وشرّير، وقاطعِ سبيلٍ، وصاحب خمرٍ، وأميرُ المسلمين في ذلك يزيد تغافُلُه، وَيقْوَى ضعْفُه، وقنع بالاسم والخُطْبة، وعكف على العبادة، فكان يصوم النّهار، ويقوم اللّيل، واشتهر عنه ذلك، وأهمل أمر الرعيَّة غاية الإهمال، وكان يعلم من نفسه العجز، حتّى أنّه رفع مرَّة يديه وقال: اللَّهُم قيِّض لهذا الأمر من يقوى عليه ويُصْلح أمور المسلمين، حكى عنه هذا عبد الله بن خيار. [ص:674]
وقال ألْيَسع بن حزْم: وُلّي عليّ بن يوسف، فنشأت من المرابطين والفقهاء نشآت أهزلوا دينهم، وأسمنوا براذينهم، قلدهم البلاد، وأصاخ إلى رأيهم فخانوه، وأشاروا عليه بأخْذ مملكة ابن هود منه، وقرَّروا عنده أنّ أموال المستنصر صاحب مصر أيّام الغلاء حصلت كلُّها عند ابن هود، وأروه الباطل في صورة الحق.
قلت: وتوثب عليه ابن تُومَرت كما ذكرنا، وجَرَت بين الطّائفتين حروبٌ، ولم يزل أمر عبد المؤمن يقوى ويظهر، ويستولي على الممالك، وأمر عليّ بن يوسف في سفال وزوال، إلى أن تُوُفّي في هذا العام، وعُهِد إلى ابنه تاشفين، فعجز عَن الموحدين، وانزوى إلى مدينة وهران، فحاصره الموحدون بها، فلمّا اشتدّ عليه الحصار خرج راكبًا، وساق إلى البحر، فاقتحمه وغرق، فيقال إنّهم أخرجوه وصلبوه، ثمّ أحرقوه، وذلك في عام أربعين، وانقطعت الدّعوة لبني العبّاس بموت عليّ وابنه تاشفين، وكانت دولة بني تاشفين بمَرّاكُش بِضْعًا وسبعين سنة.
تُوُفّي عليّ في سابع رجب، وله إحدى وستّون سنة.(11/672)
339 - عمر بْن محمد بْن أحمد بْن إسماعيل بْن محمد بن لقمان، النَّسَفيّ، ثمّ السَّمَرْقَنْديّ. [المتوفى: 537 هـ]
قال ابن السَّمْعانيّ: كان إمامًا، فاضلًا، مبرّزًا، متفنّنًا، صنَّف في كل نَوع من العِلم، في التّفسير، والحديث، والشُّروط، ونَظَم " الجامع الصغير " لمحمد بن الحَسَن، حتّى صنَّف قريبًا من مائة مصنَّف، وورد بغداد حاجًا في سنة سبعٍ وخمسمائة، وحدث عن: إسماعيل بن محمد النّوُحيّ، وطائفة، وتُوُفّي النّوُحيّ سنة إحدى وثمانين.
قال السَّمْعانيّ: روى لنا عنه: إسماعيل بن أبي الفضل النّاصحيّ، وكتب لي بالإجازة، وقال: شيوخي خمسمائة وخمسون رجلًا.
قال ابن السَّمْعانيّ: ولمّا وافَيْت سَمَرْقَنْد، استعرْتُ عدَّة كتبٍ ممّا جمعه وصنَّفه، فرأيت فيها أوهامًا كثيرة، خارجة عَن الإحصاء، فعرفت أنّه كان ممّن أحبّ الحديث وطلبه، ولم يُرْزَق فَهمه، وكان له شِعْر حَسَن على طريقة الفُقهاء والحكماء، وتُوُفّي في ثاني عشر جُمَادَى الأولى، ومولده سنة إحدى أو اثنتين [ص:675] وستين وأربعمائة.
قلت: وروى عنه كتاب " القَنْد في ذكر علماء سَمَرْقَنْد " تأليفه أبو بكر محمد بن محمد بن عليّ السعدي البغداديّ الأديب، وأبو القاسم محمود بن عليّ النَّسَفيّ.
ومن شِعْره:
كم ساكتٍ أبلغ من ناطقٍ ... وراجلٍ أشجع من فارس
ولاحقٍ يسبق عُربًا مَضَوْا ... بفضل دينٍ، وهو من فارس(11/674)
340 - كُوخان، ملك الخِطَا والتُّرك. [المتوفى: 537 هـ]
كان مليح الشَّكل، حَسَن الصّورة، عظيم الهيبة، كامل الشّجاعة، قاد الجيوش، وسار في ثلاثمائة ألف فارس، وهزم السّلطان سَنْجَر، وتملَّك سمرقند وما وراء النّهر في العام الماضي، فما أمهله الله تعالى، وعجّل بروحه إلى النّار في رجب سنة سبْع.
وكان لَا يمكّن أميرًا من إقطاع، بل يعطيهم من خزائنه ويقول: متى أخذوا الإقطاع ظلموا الناس، وكان لا يقدّم أميرًا على أكثر من مائة فارس، حتّى لَا يقدر على العصيان، وكان يشدّد في النَّهي عَن الظُّلْم، ويُعاقب على السُّكر، ولا ينهى عَن الزّنا ولا يقبّحه، وتملّك بعده ابنةٌ له، فلم تَطُلْ مدّتُها، وتملَّك بعدها أُمّها زوجة كُوخان، وحكمت أمَّة الخِطا على ما وراء النَّهر، إلى أن أخذ البلاد منهم علاء الدّين بن محمد الخُوَارَزْميّ سنة اثنتي عشرة وستمائة.(11/675)
341 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد، أبو بكر البسْطامي، ثمّ النَّيْسابوريّ، البزّاز. [المتوفى: 537 هـ]
سمع الكثير من: الفضل بن المحبّ، فمن بعده.
قال السمعاني: كتبت عنه " مناقب البخاري " لمحمد بن أبي حاتم البخاريّ، بروايته عَنْ أبي بكر بن خَلَف، مات بسَرْخَس.(11/675)
342 - محمد بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن يحيى بْن بِشْر، أبو بكر الأنصاريّ، المَيُورقيّ، [المتوفى: 537 هـ]
نزيل غَرْناطة. [ص:676]
روى عَنْ: أبي عليّ بن سُكَّرَة، وحجّ، وسمع من: أبي عبد الله الرّازيّ، وأبي بكر الطُّرْطُوشيّ بالإسكندرية، وكان فقيهًا صالحًا، محدَّثًا، ظاهريّ المذهب، يغلب عليه الزُّهْد والصّلاح، روى عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفَرَس، وابنه عبد المنعم.
وهرب في الآخر إلى بجاية من صاحب المغرب بعد أن حَمل إليه هو وأبو العباس ابن العريف، وأبو الحكم بن بَرَّجان، وبقي إلى هذا العام.(11/675)
343 - محمد بن الحسين بن عمر، أبو بكر الأُرْمَويّ، الأَذَرْبَيْجانيّ، الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 537 هـ]
كان عارفًا بالمذهب، تفقه على الشيخ أبي إسحاق، وسمع من: أبي الحسين ابن النقور، وطبقته.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان جميل السيرة، مرضيّ الطريقة، غير أنه كان ببغداد فقيه آخر يقال له محمد بن الحسين الأرمويّ أبو بكر الفقيه، فاشتبه اسمه مع اسمه فتحرَّج عَن الرواية وامتنع، ودخلتُ عليه داره بدرب السلسلة ببغداد وسألته عَنْ مولده، فقال: دخلت بغداد في سنة خمس وستين وأربعمائة، وما تحقَّق مولده، تُوُفّي في سابع المحرَّم، وهو في عشر المائة.
علّق عنه أبو المعمّر الأنصاريّ.(11/676)
344 - محمد بن خَلَف بن موسى، أبو عبد الله الأنصاريّ، الأندلُسيّ، الألْبيريّ، المتكلّم، [المتوفى: 537 هـ]
نزيل قُرْطُبة.
روى عَنْ: أبي بكر محمد بن الحَسَن المُراديّ، ويوسف بن موسى الكلْبيّ.
ذكره الأَبّار فقال: كان حافظًا لكُتُب الأُصول والاعتقادات، واقفًا على مذهب أبي الحَسَن الأشْعريّ وأصحابه، مع المشاركة في الأدب، وله كتاب " النُّكَت والأمالي في النَّقْض على الغزاليّ "، ورسالة " الانتصار " على مذاهب أئمَّة الأخبار، وكتاب " شرح مُشْكل ما في الموطَّأ وصحيح البخاريّ ". [ص:677]
وحدَّث عنه: أبو الوليد بن خير، وأبو إسحاق بن قُرْقُول، وأبو عبد الله بن الصَّيْقَل، وأبو خالد المَرْوانيّ، وذكر ابن الصَّيْقَل أنّ له رواية عَن ابن الطّلّاع، وقال المرواني: إنه ولد في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ، رحمه اللَّه.(11/676)
345 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصمد ابن المهتديّ بالله، الخطيب، أبو الفضل الهاشميّ، العبّاسيّ، البغدادي. [المتوفى: 537 هـ]
ولد سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع: أبا الغنائم ابن المأمون، وأبا الحسين ابن المهتديّ، واحترق سماعه منهما، وحدَّث عَنْ: أبي الحسين ابن النَّقُّور، وعبد الله بن الحَسَن الخلّال، وأبي القاسم ابن البُسّريّ، وجدّه طاهر بن الحسين القوّاس، وطِراد الزينبي.
وقرأ القراءات وحدث، وكان خطيب جامع القصر.
ثقة صالح، خيّر، سرد الصَّوم نيَّفًا وخمسين سنة، قال: سمعت من: ابن المأمون، وابن المهتديّ بالله، لكن احترقت كُتُبي.
قلت: قرأ القرآن على: أبي الخطّاب أحمد بن عليّ الصُّوفيّ صاحب الحمّاميّ، وتلا عليه أبو اليُمن الكِنديّ بخمس روايات، وسمع منه هو، وابن طبرزد، وجماعة، وتوفي في ثامن عشر جُمادى الأولى.(11/677)
346 - محمد بن محمد بن المسلم بن هلال، أبو المفضل الأزْديّ، الشاهد، المعدَّل، الدّمشقيّ. [المتوفى: 537 هـ]
سمع: أبا الفتح المقدسي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وعبد الكريم الكفرطابي، ثم أكثر هو بنفسه وحصل الكُتُب النّفيسة.
وذكر أخوه عبد الواحد أنه ولد سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة.(11/677)
347 - محمد بن محمد بن عليّ بن جناح، أبو الغنائم الكوفيّ، الهَمَذَانيّ، المعدَّل. [المتوفى: 537 هـ][ص:678]
قدم من همذان، وسمع: أبا البقاء ابن الحبّال بالكوفة، وأبا الحَسَن بن العلّاف.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه يسيرًا، وكانت الألسنة متّفقة على شُكْره وتُوُفّي في أوائل شوّال.(11/677)
348 - محمد بن عبد الرحمن بن سيد بن مَعْمَر، أبو عبد الله المَذْحَجِيّ، المالقيّ. [المتوفى: 537 هـ]
روى عن: أبيه، وأبي المطرّف الشَّعْبيّ، وأبي عبد الله بن خليفة القاضي، وأبي عبد الله محمد بن فَرَج، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني.
قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم والفضل والدّين والعفاف، أخذ النّاس عنه، وأجاز لنا، وتُوُفّي في أواخر ذي الحجَّة.(11/678)
349 - محمد بن يحيى بن عليّ بن عبد العزيز بن عليّ بن حسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد، القاضي أبو المعالي ابن القاضي أبي المفضّل القرشي، الدمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، المعروف بابن الصّائغ [المتوفى: 537 هـ]
قاضي دمشق.
سمع: أبا القاسم المصيصيّ، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح المقدسيّ، وأبا محمد ابن البريّ، وعبد الله بن عبد الرّزّاق، وطائفة بدمشق، وأبا الحَسَن الخلعيّ، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسيّ بمصر، وعلي بن عبد الملك الدبيقي الفقيه بعكا.
وتفقه على أبي الفتح المقدسيّ، وناب عَنْ والده في القضاء لمّا حجّ أبوه سنة عشر، ثمّ استقلّ بالقضاء لمّا كبر أبوه، وبعد موته، وهو خال الحافظ ابن عساكر، قال فيه: كان نزِهًا، عفيفًا، صليبًا في الحكم، ولد في أوائل سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، ومات في ربيع الأوّل، ودُفِن عند أبيه بمسجد القدم.
قلت: روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو سعد السَّمْعانيّ، وطرخان بن ماضي اليمني، ثمّ الشّاغوريّ، الفقيه، وطائفة آخرهم موتًا أبو المحاسن محمد بن أبي لُقْمَة، وكان يُلقَّب بالقاضي المنتجب، وهو والد القاضي الزَّكيّ. [ص:679]
قال السَّمْعانيّ: كان محمودًا، حَسَن السّيرة، شفُوقًا على المسلمين، وَقُورًا، حَسَن المنظر، متودِّدًا، سمعت منه اثني عشر جزءًا من حديث القاضي الخِلَعيّ.(11/678)
350 - المبارك بن أحمد بن محمد بن النّاعورة، أبو المكارم الحجري، البغداديّ، المقرئ، ويُعرف بابن أبي الحجر. [المتوفى: 537 هـ]
قال ابن السمعاني: شيخ صالح، خير، حسن السيرة، وضيء الوجه، قرأ القرآن على أبي الخير المبارك العسال، وختم جماعة، وحدَّث عَنْ: رزق الله التّميميّ، وطِراد الزَّيْنبيّ، روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وغيره، تُوُفّي في ربيع الأوّل.(11/679)