96 - الحسين بن محمد بن الحسن بن مَتُّوَيْه، أبو عليّ الرّسانيّ الأصبهاني. [المتوفى: 423 هـ]
قال يحيى بن مَنْده: عارف بالحديث والأسانيد. روى عن أبي الشّيخ، وعبد الله بن محمد الصّائغ، وعنه أحمد بن محمد بن مردويه، وأبو الفتح الحداد، مات في رجب.(9/388)
97 - الحسين بن محمد بن علي بن جعفر، أبو عبد الله ابن البزري الصيرفي. [المتوفى: 423 هـ]
بغدادي كذاب. روى عن أبي الفرج صاحب " الأغانيّ "، وأحمد بن نصر الذّارع.
قال الصوري: قدم ابن البزري مصر وادعى أشياء وبان كذبه، واشتهر بالفسق.(9/388)
98 - روح بن محمد ابن الحافظ أبي بكر أحمد بن محمد ابن السني الدينوري، أبو زرعة. [المتوفى: 423 هـ][ص:389]
سمع إسحاق بن سعد النسوي، وجعفر بن فناكي. روى عنه الخطيب، ووثقه.(9/388)
99 - طاهر بن أحمد بن الحسن، أبو منصور الإمام الهمذاني، [المتوفى: 423 هـ]
حفيد عبد الرحمن الإمام.
روى عن أبيه، وأبي بكر بن لال، وصالح بن أحمد، وأبي بكر بن المقرئ، والدّارَقُطْنيّ، وخلْق، ورحل وطوّف. روى عنه محمد بن الحسين الخطيب، ويوسف، وعليّ الحسني الهمذانيون.
وكان ثقة غازيا مجاهدا، رحمه الله، تُوُفّي فِي ربيع الآخر.(9/389)
100 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بن مَعْمر، أبو الوليد الأندلسيّ، اللُّغويّ، [المتوفى: 423 هـ]
مؤلّف " التاريخ في الدولة العامرية ".
كان واسع الأدب والمعرفة. قاله ابن حيّان.(9/389)
101 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْنِ محمد، أبو القاسم البغداديّ الحَربيّ الحُرْفيّ. [المتوفى: 423 هـ]
سمع أبا بكر النّجّاد، وحمزة بن محمد الدهقان، وعلي بن محمد بن الزبير الكوفيّ، وأبا بكر الشّافعيّ، وأبا بكر النّقّاش، وجماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا، غير أنّ سماعه في بعض ما رواه عن النّجّاد كان مضطّربًا، ووُلِد سنة ستٍّ وثلاثين وثلاثمائة، ومات في شوّال.
قلتُ: روى عنه أيضًا أبو بكر البيهقي، وأبو عبد الله الثقفي، ومحمد بن عبد السّلام الأنصاريّ، والحسين بن محمد ابن السّرّاج، وأبو طاهر محمد بن [ص:390] أحمد بن قنْداس، وثابت بن بُنْدار البقّال.(9/389)
102 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَسَن بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن حفص الذَّكْوانيّ الأصبهاني المعدّل. [المتوفى: 423 هـ]
روى عن الطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ. وعنه عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، وأحمد بن الفضل العنْبريّ.
من رؤساء البلد، تُوُفّي في شعبان.(9/390)
103 - عبد السّلام بن الفَرَج، أبو القاسم المَزْرَفيّ الفقيه، [المتوفى: 423 هـ]
صاحب ابن حامد الحنبليّ.
له حلْقة أشغال بجامع المدينة من بغداد، ومصنّفات.(9/390)
104 - عبد الواسع بن محمد بن حسن، أبو الحسن الْجُرجانيّ. [المتوفى: 423 هـ]
حدّث عن جده لأمّه أبي بكر الإسماعيليّ، وعبد الله بن عَدِيّ الحافظ.
وتُوُفْي في ذي القعدة.(9/390)
105 - عثمان بن أحمد بن شَذْرة، الخطيب أبو عمرو المَدِينيّ. [المتوفى: 423 هـ]
مات في شعبان.(9/390)
106 - علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نُعيم، أبو الحسن البصْريّ الحافظ المعروف بالنُّعَيميّ، [المتوفى: 423 هـ]
نزيل بغداد.
حدَّث عن أحمد بن محمد بن العبّاس الأسْفاطيّ، وأحمد بن عُبَيْد الله النّهْردَيْرِيّ، ومحمد بن عَدِيّ بن زُحْر، وعليّ بن عمر الحربيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان حافظًا، عارفا، متكلّما، شاعرا. وقد حدثنا عنه أبو بكر البرقاني بحديث، وسمعت الأزهري يقول: وضع النُّعَيْميّ على ابن المظفّر حديثًا، ثمّ تنبّه أصحاب الحديث له، فخرج عن بغداد لهذا السّبب، فغاب حتّى مات ابن المظفّر، ومات مَن عرف قصته في الحديث [ص:391] ووَضْعه، ثمّ عاد إلى بغداد. سمعت أبا عبد الله الصُّوريّ يقول: لم أَرَ ببغداد أكمل من النُّعيميّ، كان قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب.
قال: وَكَانَ البرقاني يَقُولُ: هُوَ كاملٌ فِي كُلَّ شَيْءٍ لَوْلَا بأو فيه.
قلت: ومن شعره السّائر:
إذا أظمأتك أكفُّ اللّئامَ ... كَفَتْك القناعةُ شِبْعًا وَرِيّا
فكنْ رجُلًا رِجْلُهُ في الثّرى ... وهامةُ همَته في الثُّريّا
أبيَّا لِنائلِ ذي ثروةٍ ... تراه بما في يديه أبيَّا
فإنّ إراقةَ ماءَ الحيا ... ة دونَ إراقةِ ماءِ المُحيّا
مات النُّعيميّ في عَشْر الثمانين، وكان يحدِّث من حفظه، وتلك الهفوة منه كانت في شبيبته، وتاب.(9/390)
107 - عليّ بن محمد بن عليّ بن الحسين، أبو الحسن الباشانيّ الهَرَويّ المزكّيّ. [المتوفى: 423 هـ]
روى عن أبي عَمْرو بن حمدان النَّيْسابوريّ، وأقرانه، وانتقى عليه أبو الفضل الجاروديّ. روى عنه أبو العباس الصَّيْدلانيّ، ومحمد بن عليّ العميري.(9/391)
108 - محمد بن أحمد بن محمد بن مَزْدين، أبو منصور القومساني الهمذاني. [المتوفى: 423 هـ]
روى عن أبيه، وعبد الرحمن الجلّاب، وعبد الرحمن بن عُبَيْد، وعَمْرو بن الحسين الصّرّام، وأَوْس بن أحمد، وحامد بن محمد الرّفّاء، وأبي جعفر بن بَرْزَة الرُّوذْرَاوَرِيّ، والفضل الكِنديّ، وجماعة.
روى عنه حميد ابن المأمون، وابن أخيه أبو الفضل محمد بن عثمان، وحفيده أبو عليّ أحمد بن طاهر بن محمد القُومَسَانيّان، وأبو طاهر أحمد بن عبد الرحمن الرُّوذْبَاريّ، وآخرون كثيرون.
قال شيروَيْه: هو صدوق ثقة.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، وصلّى عليه ابنه طاهر.(9/391)
109 - محمد بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمدان، أبو عبد الله الأصبهاني الخانيّ، [المتوفى: 423 هـ]
من قرية خان لَنْجَان.
سمع الطّبرانيّ، وأبا الشّيخ، وجماعة، ويعرف بالعجل، ورّخه يحيى بن منده.
وورّخ فيها أيضا:(9/392)
110 - عثمان بن محمد بن إبراهيم بن فهد الخانيّ الأصبهاني. [المتوفى: 423 هـ]
حدث عن أبي حفص بن شاهين، وغيره، وعنه أبو الخير بن رَرَا، وعبد الرحمن بن مَنْدَهْ.(9/392)
111 - محمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد الله، أبو بكر الأصبهاني المقرئ الضّرير، ويعرف بالبقار، بباء لا بِنُون. [المتوفى: 423 هـ]
ذكره يحيى بن مَنْدَهْ، وإنّه مات في المحرّم، وقال: هو أحد الأئمة في القراءات. حدّث عن أبي بكر القَطِيعي، وأبي بكر القباب الأصبهاني، وعدّة. سمع منه أبو علي اللباد.
قلت: لم يذكر على من قرأ.(9/392)
112 - محمد بن سليمان بن محمود، أبو سالم الحرّانيّ الظّاهريّ. [المتوفى: 423 هـ]
دخل الأندلس للتّجارة، وكان ذكيا عالمًا شاعرًا متفنّنًا. قرأ القراءات على أبي أحمد السّامريّ، وكان معتقدًا مذهب داود بن عليّ، مناظرا له. أجاز لأبي الحسن بن عَبَادِل في شعبان سنة ثلاثٍ وعشرين.(9/392)
113 - محمد بن الطّيب بن سعد، أبو بكر الصّباغ. [المتوفى: 423 هـ]
سمع أبا بكر النّجّاد، وأبا بكر الشّافعيّ، وغيرهما. وهو بغداديّ عاش خمسا وسبعين سنة، وتزوج زيادة على تسعمائة امرأة؛ رواه أبو بكر الخطيب عن رئيس الرّؤساء أبي القاسم عليّ بن الحسن.
وتُوُفّي في ربيع الْأوّل.(9/392)
114 - مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن شَهْرَيار، أبو الفَرَج الأصبهاني. [المتوفى: 423 هـ]
تُوُفّي في ذي القعدة. روى عن أبي القاسم الطَّبرانيّ، وطبقته. روى عنه الخطيب، وأبو العبّاس أحمد بن محمد بن بِشْرُوَيْه.(9/393)
115 - محمد بن عبد الرحمن بن مَعْمَر، أبو الوليد اللُّغويّ القُرْطُبيّ، [المتوفى: 423 هـ]
صاحب " التّاريخ ".
كان بهاء للدّولة العامريّة، سكن النّاحية الشّرقيّة في كَنَف الأمير مجاهد العامريّ، وولي القضاء هناك، وتُوُفّي في شوّال سنة ثلاث، ورخه الأبّار.(9/393)
116 - محمد بن عبد العزيز بن جعفر، أبو الحسن البغدادي المعروف بمكي البرذعي. [المتوفى: 423 هـ]
سمع أبا بكر الأبهري، وغيره.
قال الخطيب: فيه نظر.(9/393)
117 - مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بْن محمد بن أحمد بن يزيد، أبو بكر الأصبهاني الطِّيرائيّ، [المتوفى: 423 هـ]
من قرية طيرا.
روى عن عليّ بن أحمد الباقطائيّ، ومحمد بن عليّ بن عمر.
ورّخه يحيى بن منده وقال: ثقة، حسن التّصنيف، صاحب سنّة، مُكْثر.(9/393)
118 - محمد بن عليّ بن محمد بن دلير الهمذاني العدل، أبو بكر [المتوفى: 423 هـ]
والد مكّيّ.
روى عن علي بن محمد بن إبراهيم بن علويه الهمذاني، وعبيد الله بن حُبابة البغداديّ، روى عنه ابنه أبو القاسم مكّيّ، وأحمد بن عبد الرحمن الصّائغ.
صدَّقه شِيرُوَيه.(9/393)
119 - محمد بن محمد بن سهل أبو الفَرَج الشِّلْحيّ العُكْبَريّ الكاتب. [المتوفى: 423 هـ][ص:394]
أحد الفضلاء الكبار، له كتاب " الخراج "، وكتاب " النساء الشواعر "، وكتاب " المجالسات "، و" أخبار ابن قُرَيْعة القاضي "، في جزء، وكتاب " الرّياضة "، وغير ذلك. روى عنه أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العُكْبَريّ.
وعُمّر تسعين سنة. تُوُفيّ في سلْخ ربيع الأوّل.
والشلح: قرية من قُرى عُكْبَرا.(9/393)
120 - محمد بن يحيى بن الحسن، أبو بكر الأصبهاني الصّفّار الأديب. [المتوفى: 423 هـ]
تُوُفّي في رمضان.(9/394)
121 - مسعود بن محمد بن موسى، الإمام أبو القاسم الخوارزميّ الحنفيّ. [المتوفى: 423 هـ]
كان أبوه أبو بكر شيخ الحنفيّة بالعراق في زمانه، ومسعود روى عن أبي الحسين بن المظفّر بالإجازة.
وتُوُفّي في شعبان.(9/394)
122 - منذر بن منذر بن علي بن يوسف، أبو الحكم الكِنَانيّ الأندلسيّ، [المتوفى: 423 هـ]
من أهل مدينة الفَرَج.
روى ببلده عن عليّ بن معاوية بن مُصْلح، وأحمد بن موسى، وأحمد بن خلف المديونيّ، وعبد الله بن القاسم بن مسعدة. وحج فأخذ عن جماعة كأبي بكر المهندس، وأبي محمد بن أبي زيد.
وكان رجلًا صالحا محدّثا ثقة، ولد سنة أربعين وثلاثمائة.(9/394)
123 - منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مَتّ، أبو الفضل السَّمَرقَنْدِيّ الكاغَدِيّ، [المتوفى: 423 هـ]
وإليه يُنسَبُ الورق المنصوريّ.
روى عن الهيثم بن كُلَيب الشّاشيّ، وأبي جعفر محمد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حمزة البغداديّ نزيل مَا وراء النَّهر، وتفرّد بالرّواية في عصره عنهما. روى عنه أبو الحسن بن خِذام، وأبو إسحاق الأصبهاني، وأبو بكر الحسن بن الحسين البخاري، وأبو بكر الشاشيّ الفقيه، وآخرون. [ص:395]
تُوُفّي بسَمَرْقند في ذي القعدة، وقد قارب المائة.(9/394)
124 - هشام بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه، أبو الوليد ابن الصّابونيّ، القرطبيّ. [المتوفى: 423 هـ]
حجّ وأخذ عن أبي الحسن القابسي، وأحمد بن نصر الداوديّ، وجماعة. وكان خيّرا صالحا دؤوبا على النّسْخ، له كتاب في " تفسير البخاري " على حروف المُعْجَم، كثير الفائدة.
تُوُفّي في ذي القعدة بعد مرض طويل.(9/395)
125 - يوسف بن يعقوب بن إسماعيل خُرَّزَاذ، أبو يعقوب النَّجِيرميّ البصْريّ اللُّغويّ، [المتوفى: 423 هـ]
نزيل مصر.
من بيت العلم والأدب، وُلِدَ سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، وله خطّ في غاية الإتقان، يرغب فيه الفضلاء حتى بيع " ديوان جرير " بخطّه عشرة دنانير، وليس هو خطا منسوبا، وقد روى كثيرا من اللُّغة بمصر.
رآه محمد بن بركات السَّعِيديّ فيما قيل، وأخذ العربية عن أصحابه.
ذكر الحبَّال وفاته في المحرَّم في رابعه سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.(9/395)
-سنة أربع وعشرين وأربعمائة(9/396)
126 - أحمد بن إبراهيم، الفقيه أبو طاهر القطّان الحنبليّ، [المتوفى: 424 هـ]
صاحب التّعليقة.
كان من كبار أصحاب ابن حامد.(9/396)
127 - أحمد بن الحسين بن أحمد البغدادي الواعظ، أبو الحسين ابن السّمّاك. [المتوفى: 424 هـ]
حدّثَ عن جعفر الخُلْديّ، والحسن بن رشيق المصْريّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه. وكان ضعيفًا متّهمًا، عاش نيِّفًا وتسعين سنة.
وقال أبو محمد رزق الله التّميميّ: كان أبو الحسين ابن السّمّاك يتكلّم على النّاس بجامع المنصور، وكان لا يُحسن من العلوم شيئًا إلّا ما شاء الله. وكان مطبوعًا يتكلّم على مذهب الصُّوفيّة، فكُتِبَت إليه رُقْعة: ما تقول في رجل مات؟ فلمّا رآها في الفرائض رماها وقال: أنا أتكلّم على مذهب قوم إذا ماتوا لم يخلّفوا شيئًا، فأعجب الحاضرين.(9/396)
128 - أحمد بن علي بن أحمد بن سعدُوَيْه الحاكم، أبو عبد الله النَّسويّ. [المتوفى: 424 هـ]
حدَّث في رجب من السنة عن ابن نجيد، وأبي القاسم إبراهيم النصرآباذي، وأبي محمد السمذي، وأبي أحمد الجلودي، وأبي عبد الله بن أبي ذهل وخلق. روى عنه مسعود بن ناصر.
ووثقه عبد الغافر.(9/396)
129 - جمهور بن حيدر بن محمد بن فتحويه، أبو الفضل القرشي الكريزي النيسابوري الأديب. [المتوفى: 424 هـ]
روى عن أبي سهل محمد بن سليمان الصُعْلُوكيّ، وأبي عَمْرو بن حمدان، وطبقتهما.
تُوُفّي في جمادى الآخرة.(9/397)
130 - الحسين بن إبراهيم بن عبد الله، أبو عبد الله الأبياري المقرئ. [المتوفى: 424 هـ](9/397)
131 - الحسين بن الخَضِر بن محمد، أبو عليّ البخاريّ الفَشيدَيْزَجِيُّ، الفقيه الحنفيّ، [المتوفى: 424 هـ]
قاضي بُخَارى.
إمام عصره بلا مدافعة؛ قدِم بغداد وتفقّه بها، وناظَرَ وبرع، وسمع بها من أبي الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ، وببُخَارى محمد بن محمد بن صابر، وحدّث، وظهر له أصحاب وتلامذة. وآخر من حدّث عنه ابن بنته عليّ بن محمد البخاري.
توفي في شعبان رحمه الله.
وقد ناظر مرةً الشريف المرتضى شيخ الرافضة، وقطعه في حديث: " ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "، وَقَالَ لِلْمُرْتَضَى: إِذَا جَعَلْتَ " مَا " نَافِيَةً، خَلَا الْحَدِيثُ مِنْ فَائِدَةٍ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَرِثُهُ أَقْرِبَاؤُهُ، وَلَا تَكُونُ تَرِكَتُهُ صَدَقَةً، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ، بيَّن ذَلِكَ، فَقَالَ: " مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ ".
وقد سمع أبو علي هذا من ابن شَبُّوَيْه المَرْوَزيّ بمَرْو، ومن جعفر بن فنّاكيّ بالرّيّ، وتخرّج به الأصحاب.(9/397)
132 - حمزة بن محمد بن طاهر، الحافظ أبو طاهر البغداديّ الدّقّاق، [المتوفى: 424 هـ]
مولى المِهْديّ. [ص:398]
سمع أبا الحسين بن المظفّر، وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، فمن بعدهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، فهْمًا، عارفًا، وُلِد سنة ست وستين وثلاثمائة.
وقال البَرْقانيّ: ما اجتمعتُ قطّ مع أبي طاهر حمزه ففارقتُهُ إلّا بفائدة علمٍ.
وقد نقل الخطيب عن محمد بن يحيى الكرْمانيّ، وابن جدّا العُكْبَريّ أنّهما رأياه في النَّوم، فأخبرهما أنّ الله رضي عنه.(9/397)
133 - سُفْيان بن محمد بن حَسَنْكُوَيْه، أبو عبد الله الأصبهاني. [المتوفى: 424 هـ]
يقال: تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. روى عن أبي الشّيخ، وروى عنه أبو عليّ الحدّاد، قال: أخبرنا سنة خمسٍ. وروى عنه الرّئيس الثّقَفيّ في " الأربعين "، له.(9/398)
134 - عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن بن شُجاع، أبو بكر المَرْوَزيّ الفقيه الحنبليّ. [المتوفى: 424 هـ]
كان فقيهًا متفنِّنًا واسع الرّواية، نَحْويًّا، له مصنَّف في النَّحْو على مذهب الكوفيّين، وله كتاب " المغني " في مذهب أبي حنيفة في سبعة أجزاء.
وُلِد في سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة، ودخل الأندلس فَحَمَل عنه أهلها، وأجاز لهم في هذا العام.(9/398)
135 - عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد بن دنين بن عاصم، أبو محمد الصَّدَفيّ الطُّلَيْطُليّ. [المتوفى: 424 هـ]
روى عن أبيه، وعن عَبْدُوس بن محمد، وأبي عبد الله بن عَيْشُون، وتمّام بن عبد الله، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي عبد الله بن مفرِّج، وخلْق كثير. وحجَّ فأخذ بمصر عن أحمد بن محمد المهندس، وعبد المنعم بن غَلْبُون، ومحمد بن أحمد بن عُبَيْد الوشّاء، وبمكّة عن عُبَيْد الله السَّقَطيّ. [ص:399]
ولقيَ بالقيروان أبا محمد بن أبي زيد، فأكثر عنه، ورجع إلى طُلَيْطُلَة، فأكثر عنه أهلها، ورحل النّاس إليه من البلدان.
وكان زاهدًا عابدًا متبتِّلًا، عالمًا عاملًا سُنِّيا، يُقال: إنّه كان مُجاب الدَّعوة. وكان الأغلب عليه الرّواية والأثر، والعمل بالحديث. وكان ثقةً متحرّيا، قد التزم الأمرَ بالمعروف والنَّهيّ عن المنكر بنفسه، لا تأخذه في الله لومةُ لائم، صنّف في ذلك كتابًا. وكان مَهِيبًا مُطاعًا محبوبًا، لا يختلف اثنان في فضله، وكان يتولّى عملَ عِنَبِ كَرْمِه بنفسه، ولم يُرَ بطُلَيْطُلَة أكثرَ جَمْعًا من جنازته.(9/398)
136 - عبد الرّحيم ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده، أبو الحسين. [المتوفى: 424 هـ]
تُوُفّي بطريق إِيذَج بين العِيدَين، أظنّه كان يتعانى التّجارة، وسمع من أبيه.(9/399)
137 - عُبَيْد الله بن هارون بن محمد، أبو القاسم القطّان الواسطيّ، ويعرف بكاتب ابن قنطر. [المتوفى: 424 هـ]
سمع من عبد الغفّار الحُضَيْنيّ، وأبا بكر المفيد، وجماعة. روى عنه محمد بن عليّ بن أبي الصَّقْر الواسطيّ.
قال خميس الحَوْزِيّ: مات سنة أربع وعشرين.(9/399)
138 - عُصْم بن محمد بن عُصْم بن العبّاس أبو منصور العُصْميّ، [المتوفى: 424 هـ]
رئيس هَرَاة.
روى عن أبي عَمْرو الجوهريّ، وغيره. روى عنه محمد بن عليّ العُمَيْريّ.(9/399)
139 - عليّ بن طَلْحة، العلّامة أبو القاسم بن كُرْدان الواسطيّ النَّحْويّ. [المتوفى: 424 هـ]
صاحب أبي عليّ الفارسيّ، وعليّ بن عيسى الرُّمانيّ. قرأ عليهما " كتاب " سيبَويه.
وأهل واسط يتغالَون في ابن كُرْدان ويفضّلونه على ابن جِنِّيّ، صنف كتابا [ص:400] نحو خمسة عشر مجلدا في إعراب القرآن، ثمّ بدا له فغَسَلَه قبل موته. وكان دينا نزها متصوّنا. أخذ عنه أبو الفتح بن مختار، ومحمد بن عبد السّلام، ومات في هذا العام؛ قاله كلَّه خميس الحَوْزِيّ.(9/399)
140 - عُمَيْر بن محمد بن أحمد بن محمد بن عُمَيْر، أبو القاسم الْجُهَنيّ. [المتوفى: 424 هـ]
روى عن جدّه، وعن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان. وروى عنه عليّ الحِنَّائيّ، وأبو سعد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وهو قليل السّماع.(9/400)
141 - الفضل بن محمد بن محمد بن جِهان دار، أبو العبّاس الهَرَويّ، [المتوفى: 424 هـ]
والد محمد الحافظ.(9/400)
142 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن، أَبُو رشيد الحيري الأدمي المقرئ المعدل. [المتوفى: 424 هـ]
حدث عن الأستاذ أبي سهل الصُّعْلُوكيّ، وأبي عَمْرو بن حمدان، وجماعة. روى عنه أبو عليّ الحسن بن محمد بن محمد الصَّفّار.(9/400)
143 - محمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو بكر الأرْدَستانيّ، الرجل الصّالح. [المتوفى: 424 هـ]
حدَّث " بصحيح البخاريّ " عن إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ، وحدَّث عن القاسم بن علْقَمَة الأبْهَريّ، وأبي الفتح يوسف القوّاس، وأبي حفص بن شاهين، وأبي الشّيخ بن حيان، وأبي بكر ابن المقرئ، وعبد الوهاب الكلابي، وجماعة كبيرة.
قال شيرويه: حدثنا عنه محمد بن عثمان، وابن ممّان، وظَفْرُ بن هبة الله، وكان ثقة يُحسن هذا الشّأن، سمعتُ عدّة من المشايخ يقولون: ما من رجلٍ له حاجة من أمر الدّنيا والآخرة فيزور قبره ويدعو الله عز وجل إلا استجاب الله له وجرَّبت أنا ذلك، فكان كذلك. [ص:401]
قلت: وروى عنه البَيْهَقيّ في تصانيفه، ووصفه بالحفظ.
وروى عنه في سنة ثلاثٍ وتسعين " صحيح البخاري " عبد الغفار بن طاهر الهمذاني. وروى عنه أبو نصر الشّيرازيّ المقرئ.
وهو أحد من لم يذكره ابن عساكر في " تاريخه "، وقد سمع بدمشق من الكلابي، وبعكا من أبي زُرْعة المقرئ.
وكان مع بصره بالحديث قيّمًا بكتاب الله، كبير القدْر، سامي الذِّكْر، واسع الرِّحلة. لقي بالبصرة أحمد بن محمد بن العباس الأسفاطي، وأحمد بن عبيد الله النَّهْردَيْريّ، وكنّاه بعضهم: أبا جعفر، وهو بأبي بكر أشهر.
وقد ذكرناه في سنة خمس عشرة على ما ورّخه بعضهم، وهو في هذا العام أرجح.
و(9/400)
• - محمد بن إبراهيم، أبو بكر الفارسيّ. [المتوفى: 424 هـ]
قد مرَّ في حدود سنة عشرين وأربعمائة.(9/401)
144 - محمد بن إبراهيم بن عليّ بن غالب، القاضي أبو الحسين المصريّ التّمّار. [المتوفى: 424 هـ]
هو آخر من حدَّث عن أحمد بن إبراهيم بن جامع العطّار، وابن إسحاق، وغيرهما، تُوُفّي في جُمَادى الأولى؛ قاله الحبّال.(9/401)
145 - محمد بن جُمَاهِر بن محمد، أبو عبد الله الحَجْرِيّ الطُّلَيْطُليّ. [المتوفى: 424 هـ]
روى عن محمد بن إبراهيم الخشني، وعبدوس بن محمد، وأبي محمد الأصيليّ.
وكان فقيهًا مشاورا، نبيلا.(9/401)
146 - محمد بن عبد الله بن أحمد البَيْضَاويّ البغداديّ، الفقيه المفتي أبو عبد الله. [المتوفى: 424 هـ]
ولي قضاء رُبْع الكَرْخ، وحدَّث عن أبي بكر القَطِيعيّ.
رَوَى عَنْهُ: [ص:402] الخطيب، ووثقه.
وقال أبو إسحاق الشيرازي: تفقه على الداركي، وحضرت مجلسه وعلقت عنه. وكان حافظًا للمذهب والخلاف، موفقًا في الفتاوى.(9/401)
147 - محمد بن عبد العزيز بن شنبويه، أبو نصر الإصبهاني. [المتوفى: 424 هـ]
روى عن أبي بكر عبد الله بن محمد القبّاب.(9/402)
148 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن حسن، أبو القاسم اليناقي الإشبيلي، المعمَّر. [المتوفى: 424 هـ]
أخذ عن وهْب بن مَسَرّة، وأبي بكر بن الأحمر القُرشيّ، وجماعة، وكان ذكيا، رئيسا، ضابطا. وقد أخذ أيضا عن أبي عليّ القاليّ.
وكان مولده في سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتوفي فِي جُمَادَى الآخره.
روى عَنْهُ أَبُو عبد الله الخولاني، وهو آخر من حدَّث عن وهْب.(9/402)
149 - محمد بن عليّ بن هشام بن عبد الرؤوف، أبو عبد الله الأنصاريّ القُرْطُبيّ، [المتوفى: 424 هـ]
صاحب المظالم.
كان واسع العلوم، حاذقا بالفتوى، عارفا بمذهب مالك، بصيرا بالأحكام نزه النفس.
توفي في رمضان.(9/402)
150 - مكي بن نظيف، أبو القاسم الزجاج. [المتوفى: 424 هـ]
توفي بمصر في رجب.(9/402)
151 - يحيى بن عبد الملك بن مهنا، أبو زكريا القرطبي، [المتوفى: 424 هـ]
صاحب الصّلاة بقُرْطُبة.
روى عن أبي الحسن الأنماطي رواية نافع، وكان حاذقًا بها مجوِّدًا لها، وعاش ثمانين سنة. روى عنه محمد بن عتاب الفقيه، وغيره.(9/402)
-سنة خمس وعشرين وأربعمائة(9/403)
152 - أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب، أبو بكر الخَوَارِزْميّ البَرْقَانيّ الحافظ الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 425 هـ]
سمع بخورازم من أبي العبّاس محمد بن أحمد بن حمدان الحِيريّ نزيل خَوَارِزم، ومن محمد بن علي الحسّانيّ، وأحمد بن إبراهيم بن جَنَاب الخَوَارِزْمِيّين، وبهَرَاة: محمد بن عبد الله بن خميرويه، وببغداد أبا علي ابن الصّوّاف، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأحمد بن جعفر الخُتّليّ، وأبا بحر البَرْبَهاريّ، والقَطِيعيّ، وبجُرجَان أبا بكر الإسماعيلي، وبنَيْسابور أبا عَمْرو بن حمدان. وبدمشق أبا بكر بن أبي الحديد، وبمصر عبد الغنيّ الحافظ. وخلْقًا سواهم، حتّى إنّه روى عن أبي بكر الخطيب تلميذه.
روى عنه الصُّوريّ، والخطيب، وأبو بكر البَيْهَقيّ، وأبو إسحاق الشّيرازيّ الفقيه، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وسليمان بن إبراهيم الأصبهاني، وأبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكرخي الباقلاني، والمفتي أبو يعلى أحمد بن محمد العبْدِيّ المالكيّ شيخ البصرة، وأبو يحيى بْن بُنْدَار، ومحمد بْن عَبْد السّلام الأنصاريّ، وآخرون.
واستوطن بغداد؛ قال الخطيب: كان ثقة، ورِعًا ثَبْتًا. لم نرَ في شيوخنا أثبت منه، عارفًا بالفقه، له حظٌ من عِلم العربيّة، كثير الحديث. صنّف مُسندًا ضمَّنه ما اشتمل عليه " صحيح البخاري " و" مسلم "، وجمع حديث الثَّوريّ، وشُعْبَة، وعُبَيْد الله بن عمر، وعبد الملك بن عُمَيْر، وبيان بن بِشْر، ومَطَر الورّاق، وغيرهم، ولم يقطع التّصنيف حتّى مات. وكان حريصًا على العِلم، مُنْصَرف الهمَّه إليه. سمعته يقول لرجلٍ من الفُقَهاء الصُّلحاء: أدعُ اللهَ أن ينزع شهْوة الحديث من قلبي، فإنّ حُبَّه قد غلب عليَّ، فليس لي اهتمام في اللّيل والنّهار إلّا به، أو نحو هذا وكنتُ كثيرًا أُذاكره الأحاديث، فيكتبها عنّي، ويُضَمِّنُهَا جُمُوعَه، وسمعتُ الأزهريّ يقول: البَرْقانيّ إمامٌ إذا مات ذهبَ هذا [ص:404] الشّأن. وسمعتُ محمد بن يحيى الكرْماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادةً من البَرْقانيّ، وسألت الأزهريّ: هل رأيت شيخًا أتقن من البَرْقانيّ؟ قال: لا، وسمعتُ أبا محمد الخلّال ذكر البَرْقانيّ فقال: كان نسيجَ وحده.
وقال الخطيب: وأنا ما رأيت شيخًا أثبت منه.
وقال أبو الوليد الباجيّ، أبو بكر البَرْقانيّ ثقة حافظ.
قلت: وذكره أبو إسحاق في طبقات الفقهاء الشافعية فقال: ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وسكن بغداد ومات بها في أوّل يومٍ من رجب. تفقّه في حداثته، وصنَّف في الفِقْه، ثمّ اشتغل بعلم الحديث فصار فيه إمامًا.
وقال الخطيب: حدَّثني أحمد بن غانم الحمّاميّ، وكان صالحًا، أنّه نقل البَرْقانيّ من بيته، فكان معه ثلاثةٌ وستُّون سفْطًا وصندوقًا، كلُّ ذلك مملوء كُتُبًا.
وقال البَرْقانيّ: دخلت إسْفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم، فضاعت الدّنانير وبقي الدِّرْهم، فدفعته إلى خبّازٍ، وكنت آخذ منه في كلّ يومٍ رغيفين، وآخُذُ من بِشْر بن أحمد جُزْءًا فأكتبه وأفرغ منه بالعَشِيَّ، فكتبتُ ثلاثين جزءًا، ثمّ نفذ ما كان عند الخبَّاز، فسافرتُ.
قلتُ: كتاب " المصافحة " له من عالي ما يُسمع اليوم. تفرّد بها بَيْبَرس العَدِيميّ بحلب، وعند أبي بكر بن عبد الدّائم قطعةٌ من الكتاب يرويها عن الناصح، عن شهدة.
وقال الخطيب في ترجمة البَرْقانيّ: حدَّثني عيسى بن أحمد الهمذاني، قال: أخبرنا البَرْقانيّ سنة عشرين، قال: حدَّثني أحمد بن علي بن ثابت [ص:405] الخطيب، قال: حدثنا محمد بن موسى الصيرفي، قال: حدثنا الأصم، قال: حدثنا الصغاني، قال: حدثنا أبو زيد الهروي، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي النوار قال: سمعتُ رجلًا من بني سُلَيْم يقال له خفّاف قال: سألت ابن عمر عن صوم ثلاثةٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رَجَعْتُمْ. قال: إذا رجعتَ إلى أهلك. تفرّد به أبو زيد.(9/403)
153 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد البَغْداديُّ، أَبُو عبد اللَّه الكاتب. [المتوفى: 425 هـ]
سمع أبا علي ابن الصّوّاف، وعمر بن سَلْم، ومَخْلَد بن جعفر البَاقَرْحيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صحيحَ السّماع، كثيره، مات في المحرّم، وله تسعٌ وثمانون سنة.(9/405)
154 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن سعيد، أبو العبّاس الأبِيوَرْديّ القاضيّ الشّافعيّ [المتوفى: 425 هـ]
صاحب الشّيخ أبي حامد.
سكن بغداد، وبَرَعَ في الفقه، وولي القضاء ببغداد على الجانب الشَّرقيّ ومدينة المنصور أيّام ابن الأكْفَانيّ، ثمّ عُزِل، وَرُدَّ ابن الأكْفانيّ إلى عمله.
وكان له حلقة للتّدريس والفتوى بجامع المنصور، وكان عنده شيء عن عليّ بن القاسم بن شاذان القاضي، وغيره. كتب بالري وهمذان، وكان حَسَنَ الاعتقاد، جميلَ الطَّريقة، فصيحًا، له شعرٌ.
وقيل: إنّه كان يصوم الدَّهر، وكان فقيرا يتجمل، ومكث شتوة لا يملك جبة يلبسها، فكان يقول لأصحابه: بي علّة تمنعني من لبْس المحشُوّ.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، وله ثمان وستُّون سنة.(9/405)
155 - أحمد بن محمد بن عليّ بن الجهْم، أبو العبّاس الأصبهاني، [المتوفى: 425 هـ]
مستملي ابن منده.
سمع أبا الشيخ، وعنه الوخشي، وأبو الفتح الحدّاد. [ص:406]
تُوُفّي في ذي القعدة.(9/405)
156 - أحمد بن محمد بن الفضل، القاضي أبو بكر الصّدَفيّ الفقيه. [المتوفى: 425 هـ]
بمَرْو.(9/406)
157 - أحمد بن أبي سعْد البغداديّ الأصبهاني الواعظ. [المتوفى: 425 هـ]
تُوُفّي في ربيع الأوّل.(9/406)
158 - إبراهيم بن الخِضر بن زكرّيا، أبو محمد الدّمشقيّ الصّائغ. [المتوفى: 425 هـ]
روى عَنْ أَبِي عليّ الحسن بْن عبد الله الكِنْديّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وجماعة. روى عنه عليّ بن محمد بن شجاع، وأبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ.
تُوُفيّ يوم عاشوراء.
قال الكتّانيّ: كان فيه تساهل في الحديث.(9/406)
159 - إبراهيم بن عليّ بن محمد بن عثمان بن المورّق، أبو إسحاق العَبْديّ الأصبهاني الخيّاط، المعلّم. [المتوفى: 425 هـ]
سمع الطَّبْرانيّ. كتب عنه جماعة، مات في ربيع الأول.(9/406)
160 - جعفر بن أحمد بن لقمان البزّاز. [المتوفى: 425 هـ]
مصريٌّ، ذكر الحبال موته في المحرم.(9/406)
161 - الحسن بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن بْن محمد بن شاذان، أبو عليّ بن أبي بكر البغداديّ البزّاز. [المتوفى: 425 هـ]
وُلِد في ربيع الأوّل سنة تسعٍ وثلاثين، وسمّعه أبوه من أبي عمرو ابن السّمّاك، وأحمد بن سليمان العَبَّادانيّ، وميمون بن إسحاق، وأبي سهل بن زياد، وأحمد بن سلمان النّجاد، وحمزة الدّهْقان، وجعفر بن محمد الخُلْديّ، وعبد الصّمد الطَّسْتيّ، ومُكَرَّم بن أحمد، وأبي عمر غلام ثعلب، وعبد الله بن جعفر بن درستُوَيْه، وعليّ بن عبد الرحمن بن ماتي، وعليّ بن محمد بن الزُّبَيْر [ص:407] القُرشيّ، وأحمد بن عثمان الأدَميّ، وعبد الله بْنُ إسحاق الخُراسانيّ، ومحمد بن جعفر القارئ، وجماعة.
روى عنه أبَوَا بكر: الخطيب، والبَيْهَقيّ، والإمام أبو إسحاق الشّيرازيّ، وعليّ بن أبي الغنائم ابن المأمون الهاشميّ، وأبو الفضل بن خَيْرون، والحسن بن أحمد بن سلمان الدّقّاق، وأبو ياسر محمد بن عبد العزيز الخيّاط، والحسين بن الحُسين الفانيذيّ، وثابت بن بُنْدار البقّال، وجعفر بن أحمد السّرّاج، والمبارك بن عبد الجبّار ابن الطُّيُوريّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ السِّمَنَانيّ، وأبو غالب محمد بن الحسن الباقِلّانيّ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأسَديّّ، وأبو سعد محمد بن عبد الملك بن خُشَيْش، وأبو القاسم عليّ بْن أحمد بن محمد بْن بَيَان، وأبو عليّ بن نبْهان الكاتب، وغيرهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، صحيح السّماع، يفهم الكلام على مذهب أبي الحسن الأشعريّ، وكان يشرب النّبيذ على مذهب الكوفيّين، ثمّ تركه بأخرة، وكتب عنه جماعةٌ من شيوخنا كالبَرْقانيّ، وأبي محمد الخلّال، وسمعتُ أبا الحسن بن رزقُويه يقول: أبو عليّ بن شاذان ثقة، وسمعتُ أبا القاسم الأزهريّ يقول: أبو عليّ أوثق من بَرَأَ الله في الحديث. وحدَّثني محمد بن يحيى الكرْمانيّ قال: كنتُ يومًا بحضرة أبي عليّ بن شاذان، فدخل شابٌ فسلّم ثمّ قال: أيُّكم أبو عليّ بن شاذان؟ فأشرنا إليه، فقال له: أيُّها الشّيخ، رَأَيْتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقال لي: سَلْ عن أبي عليّ بن شاذان فإذا لقِيتَهُ فأقْره منّي السّلام. قال: ثمّ انصرف الشّابُّ، فبكى أبو عليّ وقال: ما أعرف لي عملًا أستحقُ به هذا، الّلهُمَّ إلّا أن يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلّما جاء ذكرُهُ. قال الكرْمانيّ: ولم يلبث أبو عليّ بعد ذلك إلّا شهرين أو ثلاثة حتى مات.
تُوُفّي أبو عليّ آخر يومٍ من سنة خمسٍ، ودُفن في أوّل يومٍ من سنة ست وعشرين.(9/406)
162 - الحسن بن عُبَيْد الله، الفقيه أبو عليّ البَنْدنيجيّ الشّافعيّ، [المتوفى: 425 هـ]
صاحب الشّيخ أبي حامد.
له عنه " تعليقة " مشهورة، وله مصنَّفات كثيرة. درس الفقه ببغداد مدَّة وأفتى، وكان ديِّنًا صالحًا ورِعًا، ثمّ رجع إلى البنْدنيجين، رحمه الله.(9/408)
163 - الحسن بن أيّوب بن محمد بن أيّوب، أبو عليّ الأنصاريّ القُرْطُبيّ الحدّاد. [المتوفى: 425 هـ]
روى عن أبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي علي القالي، وأحمد بن ثابت التغلبي، وتفقه على القاضي أبي بكر بن زرب. روى عنه جماعة من العلماء منهم: أبو عمر بن مهدي وقال: كان مقدما في الشورى لسنه، رواية للحديث واللُّغة، ذا دِين وفضل.
تُوُفّي في رمضان، وله سبعٌ وثمانون سنة.(9/408)
164 - الحُسين بن جعفر بن القاسم، أبو عبد الله الكِلَليّ المصريّ. [المتوفى: 425 هـ]
سمع الحسن بن رشيق، وأبا جعفر أحمد بن محمد بن هارون الأسْوَانيّ، وإبراهيم بن محمد النَّسائيّ العدْل، وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة، وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السَّجْزيّ. روى عنه أبو الحسن الخِلَعيّ، وجماعة من المصريّين.
وهو ابن بنت أبي بكر الأُدْفويّ.
تُوُفّي بالرِّيف في المحرّم.(9/408)
165 - الحَسَن بْن محمد بْن الحُسَيْن بْن دَاوُد بن علي بن عيسى، أبو محمد العلويّ، السّيّد أبو محمد النقيب ابن السّيّد أبي الحسن. [المتوفى: 425 هـ]
شيخ العِتْرة بنَيْسابور. روى عن أبي عَمْرو بن حمدان، وغيره.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة عن نيِّفٍ وسبعين سنة.(9/408)
166 - سعيد بن أحمد بن يحيى، أبو عثمان المُراديّ الإشبيليّ الشّقاق. [المتوفى: 425 هـ]
كان من أهل الذّكاء والطَّلَب، ومعرفة التَّواريخ والأخبار. سمع من أبي [ص:409] محمد الباجي، وابن الخراز، والرباحي، وابن السّليم القاضي، ومَسْلمة بن القاسم، وغيرهم.(9/408)
167 - سُفْيان بن محمد بن الحسن بن حَسَنْكُوَيْه، أبو عبد الله الأصبهاني. [المتوفى: 425 هـ]
تُوُفّي في هذه السنة على الصحيح في أحد الجماديين. روى عنه أبو عبد الله الثّقَفيّ، وأبو علي الحداد، وجماعة. يروي عن أبي الشّيخ، وابن المظفّر الحافظ، ومنصور بن جعفر البغدادي.(9/409)
168 - ضُمام بن محمد، أبو يَعْلَى الشَّعْرَانيّ الهَرَويّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 425 هـ]
روى عن بِشْر بن محمد المُزَنيّ المغفلي، وأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري اللغوي. روى عنه محمد بن عليّ العُمَيريّ الزّاهد، وغيره.(9/409)
169 - طاهر بن عبد العزيز بن سيّار البغداديّ الحُصَريّ الدّعّاء. [المتوفى: 425 هـ]
سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وإسحاق بن سعْد النَّسَويّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان عبدا صالحا.(9/409)
170 - ظفْرُ بنُ إبراهيم النَّيْسابوريّ الأبْريسَمِيّ، أبو سعيد. [المتوفى: 425 هـ]
قال الخطيب: حدثنا عن محمد بن أحمد بن عَبْدُوس، عن مكّيّ بن عَبْدَان، وكان صدوقًا. قدِم علينا ليحج.(9/409)
171 - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانيّ الأصبهاني. [المتوفى: 425 هـ]
تُوُفّي في جُمَادى الأولى، والد محمد وأحمد. روى عن أبي الشّيخ، وابن المقرئ، وكان يحفظ.(9/409)
172 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بُندار بن شُبَانَة، أبو سعيد الهَمَذانيّ. [المتوفى: 425 هـ]
روى عن أبي القاسم بن عُبَيْد، والفضل بن الفضل الكِنْديّ، ومحمد بن [ص:410] عبد الله بن برزة، ومحمد بن علي بن محمويه النسوي، وأبي بكر بن مالك القطيعي، وجماعة.
قال شيرويه: حدثنا عنه عبد الملك بن عبد الغفّار، ومحمد بن الحسين، ومحمد بن طاهر العابد، وأحمد بن عبد الرحمن الروذباري، وسعد بن الحسن القصري، وأحمد بن طاهر القومساني، وأبو غالب أحمد بن محمد ابن القارئ العدل.
قال شيرويه: وكان صدوقا من أهل الشهادات، ومن تناء البلد.
قلت: وقع لنا الجزء الثاني من حديثه.(9/409)
173 - عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر، أبو الحسن التميمي الجوبري الغوطي. [المتوفى: 425 هـ]
حدث عن أبي القاسم عليّ بن أبي العَقِب، وأبي عبد الله بن مرْوان، ويحيى بن عبد الله الزّجّاج، وإبراهيم بن محمد بن سِنَان. روى عنه حَيْدَرة المالكيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وسعْد بن عليّ الزَّنجانيّ، وأبو العبّاس بن قُبَيْس المالكيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصّيصيّ، وجماعة.
ووثّقه محمد بن عليّ الحدّاد، ولم يكن يُحْسِن الخطَّ.
قال الحافظ عبد العزيز الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا في صفر، وكان أبوه قد سمّعه وضبط له، وكان يحفظ متون الحديث، ولمّا مضيت لأسمعَ منه قال: قد سمّعني والدي الكثير، وكان محدثا، ولكن ما أحدثك حتى أدري إيش مذهبك في معاوية. قلت: صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمة الله عليه. فأخرج إليَّ كُتُبَ أبيه جميعها، وكان لا يقرأ ولا يكتب.(9/410)
174 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَحْمَد بْن يعقوب، أبو مسلم الأصبهاني المؤدِّب. [المتوفى: 425 هـ]
سمع الطَّبْرانيّ، وعنه أبو عليّ الوخشيّ، وبشير بن محمد الحنفيّ.
مات في جُمَادى الأولى.(9/410)
175 - عبد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحَسْنَاباذيّ الرُّسْتَميّ الأصبهاني، أَبُو القاسم الزَّاهد. [المتوفى: 425 هـ]
تُوُفِّي في جُمادى الآخرة. وكان واعظًا مذكّرًا؛ روى عن أحمد بن بُندار، والطَّبْرانيّ.(9/411)
176 - عبد الوهّاب بن عبد الله بن عمر بن أيّوب، أبو نصر المُّرِّيّ الدِّمشقيّ الشُّرُوطيّ، الحافظ المعروف بابن الْجَبَّان وبابن الأذْرَعيّ. [المتوفى: 425 هـ]
روى عن خلْقٍ كثير، منهم: الحسين بن أبي الرَّمْرام، وأبو عمر بن فَضَالَة، والمظفَّر بن حاجب الفَرْغَانيّ، وجُمَح بن القاسم، والفضل بن جعفر، وطبقتهم، ولم يرحل. روى عنه أبو علي الأهوازي، وعبد العزيز الكتّانيّ، والسّمّان، وأبو القاسم المِصِّيصيّ، وأبو العبّاس بن قُبَيْس، وآخرون.
قال الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا وأستاذنا أبو نصْر بن الْجَبَّان في شوَّال.
صنَّف كُتبًا كثيرة، وكان يحفظ شيئًا من علم الحديث رحمه الله.
ووثّقه محمد بن عليّ الحدّاد.(9/411)
177 - عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارث، أبو الفَرَج التّميميّ، [المتوفى: 425 هـ]
أخو أبي الفضل عبد الواحد.
كان له حلقة بجامع المنصور للوعظ والفَتْوَى على مذهب أحمد. حدَّث عن أبيه، وأبي الحسين العتكيّ، وناجية بن النديم. روى عنه أبو بكر الخطيب، وابنه رزق الله التّميميّ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.(9/411)
178 - عبد الوهّاب بن محمد بن علي بن مهرة الأصبهاني. [المتوفى: 425 هـ]
حدث عن الطَّبْرانيّ، وغيره. روى عنه أبو عليّ الحدّاد.
مات في ذي الحجّة.
ورّخه ابن نُقْطَة وكنّاه أبا عَمْرو.(9/411)
179 - عليّ بن أحمد الزّاهد، أبو الحسن الخَرَقانيّ، [المتوفى: 425 هـ]
وخَرَقَان: قرية بجبال بِسْطام.
ذكره أبو سعد ابن السَّمَعانيّ فقال: شيخ العصر، له الكرامات والأحوال. أجْهد نفسه ورَاضَهَا، وكان أوّل أمره خَرْبَندَج يكري الحمار، ثمّ فُتِح عليه، وقد قصده السّلطان محمود بن سُبُكْتِكين وزاره، فوعظه ولم يقبل منه شيئا. توفي يوم عاشوراء، وله ثلاثٌ وسبعون سنة، رحمه الله تعالى.(9/412)
180 - عليّ بن الحسن، أبو الفَرَج النَّهْروانيّ، [المتوفى: 425 هـ]
خطيب النَّهْروان.
روى عن أبي إسحاق المزكّيّ، وأحمد بن نصر الذّارع.
روى عنه الخطيب، وقال: لا بأس به، وورّخه.(9/412)
181 - عليّ بن سليمان بن الرّبيع، القاضي أبو الحسن البِسْطاميّ. [المتوفى: 425 هـ]
سمع بنَيْسابور من أبي عَمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وجماعة، وتوفي ببسطام عن ثنتين وسبعين سنة.(9/412)
182 - عمر بن أبي سعْد إبراهيم بن إسماعيل، الفقيه أبو الفضل الزّاهد الهَرَويّ، [المتوفى: 425 هـ]
خال أبي عثمان الصَّابونيّ.
سمع أبا بكر الإسماعيليّ، وأبا عَمْرو بن حمدان، وبِشْر بن أحمد الإسفراييني، وعبد الله بن عمر بن علك الجوهري، والحسين بن محمد بن عُبيد العسكريّ، والبكّائيّ الكوفيّ، وطبقتهم.
، وكان إمامًا، قُدْوة في الزُّهد، والورع، والعبادة، والعلم؛ روى عنه شيخ الإسلام أبو عثمان الصَّابونيّ، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبو عطاء عبد الأعلى المَلِيحيّ، وغيرهم.
تُوُفّي في آخر سنة خمس وعشرين. [ص:413]
وكان أبوه حافظًا صالحًا خيِّرًا، مات سنة تسعين وثلاثمائة.(9/412)
183 - محمد بن إبراهيم بن عليّ، أبو هريرة أخو أبي ذَرّ الصّالْحانيُّ الأصبهانيُّ النَّجَّار. [المتوفى: 425 هـ]
تُوُفّي في ذي القعدة. روى عن أبي بكر عبد الله بن محمد القبّاب.(9/413)
184 - محمد بن الحسن بن عليّ بن ثابت، أبو بكر النعماني البغدادي. [المتوفى: 425 هـ]
قال الخطيب: حدثنا عن عبد الخالق بن الحسن المعدّل، وكان صحيح السّماع، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.(9/413)
185 - مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بْن عُبَيْد، أبو الفتح ابن الإخوة البغدادي الصَّيْرفيّ. [المتوفى: 425 هـ]
سمع عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ الكوفيّ بها، وأبا بكر بن شاذان، وأبا الحسين ابن البّواب، وجماعة.
قال الخطيب: كان صدوقًا من أهل القرآن والسُّنَّة، كتبتُ عنه، ومات في ذي الحجّة وله سبعون سنة.(9/413)
186 - محمد بن عليّ بن إبراهيم بن محمد بن مُصْعَب بن عُبَيْد الله بن مُصْعَب بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التيمي الطَّلْحيّ، أبو بكر الأصبهاني التّاجر. [المتوفى: 425 هـ]
سمع عبد الله بن جعفر بن فارس، وغيره. روى عنه أبو العبّاس أحمد بن محمد بن بشرُوَيْه، وأحمد بن محمد بن شَهْرَيار، وأبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد، وأبو علي الحسن بن أحمد الحداد، وآخرون، وقد سمع أيضًا من محمد بن أحمد بن الحسن الكِسائيّ، وأحمد بن جعفر بن مَعْبَد السِّمْسار، وشاكر بن عمر المعدّل، وسليمان بن أحمد الطبراني، وغيرهم.
وتوفي في ربيع الأوّل، وكان من وجوه أهل بلده. [ص:414]
له أوقاف كثيرة، وهو عم والدة الحافظ إسماعيل.(9/413)
187 - محمد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن إبراهيم بن مهْران، أبو عبد الله الثَّقفيّ الكِسائيّ النَّيْسابوريّ السّرّاج الفقيه. [المتوفى: 425 هـ]
روى عن أبيه، وأبي عَمْرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وأبي أحمد حسينك التميمي، وأبي الحسين الحجاجي.
وثقه أبو الحسن عبد الغافر الفارسي، وقال: أخبرنا عنه أبو صالح بن أبي سعد المقرئ، وعُبَيْد الله بن أبي محمد الكُرَيْزيّ.(9/414)
188 - محمد بن مغيرة بن عبد الملك بن مغيرة، أبو بكر القُرَشيّ. [المتوفى: 425 هـ]
من أهل قُرْطُبة، سكن إشبيلية، روى عن أبي بكر ابن القُوطِيّة، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، وابن عَوْن الله، وحج فأخذ عن أبي الحسن القابسيّ، وابن فِراس العَبْقَسيّ، وجماعة.
وكان من أهل العلم بالحديث، والفقه، ثقة.
ذكره ابن خزرج. روى عنه هو، وأبو عبد الله الخولاني. وتوفي في رجب.(9/414)
189 - وشاح مولى أبي تمام الزينبي. [المتوفى: 425 هـ]
بغدادي، صدوق، مسن.
قال الخطيب: قيل عنه شيء من الاعتزال، وهو كثير التلاوة، صدوق.
حدثنا عن عثمان بن محمد بن سَنَقَة، عن إسماعيل القاضي.(9/414)
-سنة ست وعشرين وأربعمائة(9/415)
190 - أحمد بن محمد بْنُ المقرّب، أبو بكر الكرابيسيّ. [المتوفى: 426 هـ]
خُرَاسانيّ. مات في رجب.(9/415)
191 - أحمد بن أبي مروان عبد الملك بن مروان ابن ذي الوزارتين الأعلى أحمد بن عبد الملك بن عمر بن شُهَيْد الأشجعيّ، أبو عامر الأندلسيّ القُرْطُبيّ، الشّاعر الأديب. [المتوفى: 426 هـ]
قال الحُمَيديّ: كان من العلماء بالأدب ومعاني الشّعر وأقسام البلاغة. وله حظٌ من ذلك بَسَق فيه، ولم يَرَ لنفسِهِ في البلاغة أحدًا يُجاريه، وله كتاب " حانوت عطّار "، وسائر رسائله وكُتُبه نافعة الجد، كثيرة الهزل.
وقال ابن حزم: ولنا من البُلَغاء أحمد بن عبد الملك بن شهيد، وله من التصرف في وجوه البلاغة وشِعابِها مقدارٌ ينطق فيه بلسان مركب من عَمْرو وسهل - يعني عَمْرو بنَ بحر الجاحِظ، وسَهْلَ بنَ هارون - وكتب إليّ في علّته بهذه الأبيات:
ولمّا رأيتُ العَيْشَ لَوَّى برأسِهِ ... وأيقنتُ أنَّ الموتَ لا شكَّ لاحِقي
تمنَّيتُ أنّي ساكنٌ في عَبَاءةٍ ... بأعلى مَهَبّ الرِّيحِ في رأس شاهقِ
كأنّي وقد حانَ ارتحاليَ لم أفُزْ ... قديمًا من الدّنْيا بِلَمْحَةِ بارقِ
فمن مُبلغٌ عنّي ابنَ حزمٍ وكان لي ... يدًا في مُلِمَّاتي وعندَ مضايقي
عليك سلامُ الله إنّي مُفَارقٌ ... وحَسْبُكَ زادًا من حبيبٍ مفارقِ
في أبيات.
وقال ابن بسّام في كتاب " الذخيرة " من شعر أبي عامر:
فكأن النُّجُومَ في اللّيل جَيْشٌ ... دخلوا لِلْكُمُون في جوف غاب
وكأن الصباح قَانِصُ طيرٍ ... قَبَضَتْ كَفُّهُ بِرجلِ غُرابِ
وله يصف ثعلبًا: أدهَى من عَمْرو، وأفْتَكَ من قاتل حُذَيفَة بن بدر، كثير [ص:416] الوقائع في المسلمين، مُغرى بإراقة دماء المؤذنين، إذا رأى الفرصة انتهزها، وإذا طَلَبَتْه الكُماةُ أعْجَزَهَا، وهو مع ذلك بقْراط في أدَامِه، وجالينوس في اعتدال طعامه، غداؤه حمامٌ أو دجاجْ، وعشاه تدْرج أو درّاجْ.
قال ابن حزْم: تُوُفّي في جُمَادى الأولى، وصلّى عليه أبو الحزْم جَهْور بن محمد، وكان حين وفاته حامل لواء الشِّعر والبلاغة، لم يخلّفْ له نظيرًا في هذين العِلْمَين، ووُلِد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وانقرض عقِبُ الوزير والدِه بموته، وكان سمْحًا جوادا، وكانت علته ضيق النفس والنفخ.
قال ابن ماكولا: يقال إنّه جاحظ الأندلس.(9/415)
192 - إبراهيم بن جعفر بن أبي الكرّام، أبو إسحاق المصريّ، [المتوفى: 426 هـ]
أخو محسن.
سمع من الرّازيّ فَمَنْ دونه - الرّازيّ هو أحمد بن إسحاق بن عُتْبَة - وسمع منه: خَلَف الحَوْفيّ والخِلَعيّ.(9/416)
193 - أصبغ بن محمد بن أصبغ بن السِّمْح، أبو القاسم المَهْريّ القُرْطُبيّ، [المتوفى: 426 هـ]
صاحب الهندسة.
كان من أهل البراعة في الهندسة والعدد والنِّجامة والطّبّ، وهذه الأشياء. أخذ عن مَسْلَمة بن أحمد المرخيطي، وسكن غرناطة، وتقدم عند صاحبها وتموّل، وله تصانيف.
تُوُفّي في رجب كَهْلًا.
أخذ عنه سليمان بن محمد بن الناشئ المهندس، وغيره. وله مصنفات.(9/416)
194 - ثابت بن محمد بن وهب بن عيّاش، أبو القاسم الأُمويّ الإشبيليّ. [المتوفى: 426 هـ]
روى عن أبي عيسى اللَّيُثيّ، والقاضي بن السُّلَيم، وابن القُوطِيَّة، ومحمد بن حارث، وجماعة، وكان من أهل الطَّهارة والعفاف والجهاد. [ص:417]
ولد سنة ثمان وثلاثين، يعني وثلاثمائة.(9/416)
195 - الحسن بن عثمان بن سَوْرة البغداديّ، أبو عمر الواعظ. عرف بابن الفلو. [المتوفى: 426 هـ]
سمع أباه، والقطيعي.
قال الخطيب: كتبت عنه، ولا بأس به، له لسان وعارضة.
ومن شعره:
دخلتُ على السُّلطان في دارِ عزِّهِ ... بفقْري ولم أُجْلَبْ بخيلي ولا رجلِ
وقلت: انْظُرُوا ما بين فَقْري وملككم ... بمقدار ما بين الولاية والعزلِ(9/417)
196 - الحسن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، القاضي أبو القاسم الأنباريّ، [المتوفى: 426 هـ]
نزيل مصر.
مسند جليل، سمع أبا العبّاس بن عُتْبَة الرّازيّ، ومحمد بن أحمد بن المسوّر، والحسن بن رشيق، وعنه أبو نصر السِّجْزيّ، وأبو الوليد الدَّرْبَنْديّ، والحبَّال، وغيرهم.
مات في ربيع الأوّل.(9/417)
197 - الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا، أبو القاسم البغداديّ البزّاز. [المتوفى: 426 هـ]
حدَّث عن عليّ الشُّونِيزيّ، وأحمد بن جعفر الخُتّليّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة، وسمعته يقول: كتبتُ بخطيّ إملاءً عن أبي بكر الشّافعيّ، وأبي عليّ ابن الصَّوّاف.(9/417)
198 - الحسين بن عمر بن محمد، أبو عبد الله البغداديّ العلّاف. [المتوفى: 426 هـ]
سمع أبا بكر الشافعي، وإسحاق النعالي.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة. [ص:418]
قلت: وروى عنه جعفر السراج.(9/417)
199 - رضوان بن محمد بن حسن، أبو القاسم الدّينَوَري. [المتوفى: 426 هـ]
حدَّث عن محمد بن عِجْل الدّينَوَريّ صاحب الفِرْيابيّ، وأبي حفص الكتّانيّ، روى عنه أبو بكر الخطيب.(9/418)
200 - سعيد بن يحيى بن محمد بن سَلَمة، أبو عثمان التنوخي، [المتوفى: 426 هـ]
إمام جامع إشبيلية.
روى عن ابن أبي زَمنين، وغيره، وله تصانيف في القراءات وغيرها، وكان من مجوّدي القرّاء، روى عنه ابن خزرج.(9/418)
201 - عبد الله بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن شاذان، أبو محمد الصَّيرفيّ، [المتوفى: 426 هـ]
أخو أبي عليّ.
تُوُفّي بعد أخيه بسبعة أشهر. سمع من أبي بكر القَطِيعيّ، ومَن بعده. روى عنه أبو بكر الخطيب، وقال: كان صدوقًا.(9/418)
202 - عبد الله بن سعيد بن عبد الله، أبو محمد ابن الشّقّاق القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ، [المتوفى: 426 هـ]
كبير المُفْتِين بقُرْطُبة.
رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم القَلَعِيّ، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك بن المُكْوِيّ، وأبي محمد الأصيليّ.
قال أبو عُمَر بن مَهْديّ: كان فقيهًا جليلًا، أحفظ أهل عصره للمسائل وأعرفهم بعقْد الوثائق، وحاز الرياسة بقُرْطُبة في الشُّورى والفُتْيَا، وولي قضاء الرّدِّ والوزارة، وكان يقرئ الناس بالقراءات، ويضْبطها ضبطًا عجيبًا. أخبرني أنّه قرأ بها على أبي عبد الله محمد بن الحسين بن النُّعْمَان المقرئ، وبدأ بالإقراء ابن ثمان عشرة سنة، وكان بصيرًا بالحساب والنَّحْو وغير ذلك.
وُلِد سنة ست وأربعين وثلاثمائة، وتُوُفّي في ثامن عشر رمضان.(9/418)
203 - عبد الرحمن بن محمد بن رزْق، أبو مُعَاذ السِّجِسْتانيّ المزكّيّ. [المتوفى: 426 هـ]
حدَّث ببغداد عن أبي حاتم محمد بن حِبَّان البُسْتيّ، وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرّازيّ، وجماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وما علمت من حاله إلّا خيرًا.(9/419)
204 - عبد الواحد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن المَرْزُبان، أبو طاهر الأصبهاني، [المتوفى: 426 هـ]
سبط فاذويه.
تُوُفّي في ربيع الآخر.(9/419)
205 - عليّ بن الحُسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير، أبو طاهر البغداديّ. [المتوفى: 426 هـ]
سمع القَطِيعي، وجماعة، وعنه الخطيب، وقال: كان صدوقا.(9/419)
206 - محمد ابن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مَرْدُويَه، الأصبهاني، أبو الحسين. [المتوفى: 426 هـ]
تُوُفّي في جُمادى الأولى.(9/419)
207 - محمد بن أحمد بن محمد بن عمّار، أبو الفضل الهَرَويّ. [المتوفى: 426 هـ](9/419)
208 - محمد بن رِزق الله بن عُبَيْد الله بن أبي عَمْرو المَنينيّ الأسود، [المتوفى: 426 هـ]
خطيب مَنين.
سمع بدمشق من أبي القاسم علي بن يعقوب بن أبي العَقِب، ومحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان، وأبي عليّ بن آدم، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وجماعة. روى عنه أبو الوليد الحسن الدَّرْبَنْديّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو القاسم المِصِّيصيّ، وغيرهم.
قال الدَّرْبَنْديّ: ولم يكن في جميع الشّام مَن يكتني بأبي بكر غيره، وكان من الثّقات.
وقال الكتّانيّ: تُوُفّي في جُمَادى الأولى، وكان يحفظ القرآن بأحرف [ص:420] حفظا حسنا. ويذكر أنّ مولده سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. سمعه أبوه.(9/419)
209 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين، أبو عَمْرو الرَّزْجاهيّ البَسْطاميّ الفقيه الشّافعيّ الأديب المحدَّث. [المتوفى: 426 هـ]
تفقه على الأستاذ أبي سهل الصُّعْلُوكيّ مدّة، وكتب الكثير عن عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي عليّ بن المغيرة، وأبي أحمد الغِطْريفيّ، وطبقتهم، وولد سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وكان يجلس لإسماع الحديث والأدب، وله حلقة بنَيْسابور.
روى عنه البَيْهَقيّ، وأبو عبد الله الّثَقَفيّ، وأبو سعد بن أبي صادق، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن أحمد الفُقَاعيّ، وآخرون. وانتقل في آخر عمره إلى بِسْطام ومات بها في هذه السّنة في ربيع الأول رحمه الله.
ورَزْجَاه: بفتح الرّاء، وقيل: بضمها، وهي من قرى بِسْطام.
وبِسطام: بلدة بقُومِس.(9/420)
210 - محمد بن أبي تمام عليّ بن الحسن، نقيب النُّقباء، نور الهدى العبّاسيّ الزَّيْنبيّ، [المتوفى: 426 هـ]
نقيب العبّاسيّين، والد طرّاد الزّيْنبيّ وإخوته.(9/420)
211 - محمد بن عمر بن القاسم بن بِشْر، أبو بكر النَّرْسيّ، ويُعرف بابن عديسة. [المتوفى: 426 هـ]
قال الخطيب: حدثنا عن أبي بكر الشّافعيّ، وكان صدوقًا من أهل السنة، ولد سنة أربعين وثلاثمائة.(9/420)
212 - محمد بن الفضل بن عمّار، أبو الفضل الهَرَويّ الفقيه المزكّيّ. [المتوفى: 426 هـ]
روى الكثير عن أبي الفضل بن خميرويه، وطبقته.(9/420)
213 - محمد بن موسى، أبو عبد الله ابن الفحّام الدّمشقيّ. [المتوفى: 426 هـ]
روى عن أبي عليّ الحسين بن إبراهيم بن أبي الرَّمْرام، سمع منه في سنة [ص:421] ثلاثٍ وستِّين، وحدَّث عنه في سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة. روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وولده.(9/420)
214 - محمد بن ياسين بن محمد، أبو طاهر البغداديّ البزّاز المقرئ، المعروف بالحلبيّ. [المتوفى: 426 هـ]
من أعيان المقرئين؛ قرأ على أبي حفص الكتاني، وأبي الفرج الشنبوذي، وعلي بن محمد العلّاف، وصنّف في القراءات. أخذ عنه عبد السّيّد بن عتّاب، وعليّ بن الحسين الطُّرَيْثيثيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وبقي يومين لا يُعلم به، رحمه الله.(9/421)
215 - أبو الحسن ابن الحدّاد المصريّ، القاضي الشّافعيّ المصاحفيّ. [المتوفى: 426 هـ]
تُوُفّي في ربيع الأوّل؛ قاله أبو إسحاق الحبّال.(9/421)
216 - أبو الخيار الأندلسيّ الظَّاهريّ، واسمه مسعود بن سليمان بن مفلت الشَّنْتَرينيّ القُرْطُبيّ الأديب. [المتوفى: 426 هـ]
زاهد، خيّر، متواضع، كبير القدْر. كان لا يرى التقليد.
وقد ذكره ابن حزْم، وأثنى عليه فقال في كتاب " إرشاد المسترشد ": لقد كان لأهل العلم وابتغاء الخير في الشيخ أبي الخيار معتمد قوي ومقصد كاف، نفعه الله بفضله وبعلمه وصَدْعه بالحقّ، ورفع بذلك درجته.(9/421)
-سنة سبع وعشرين وأربعمائة(9/422)
217 - أحمد بن الحسن بن عليّ بن محمد، أبو الأشعث الشّاشيّ، رحمه الله. [المتوفى: 427 هـ](9/422)
218 - أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق النَّيْسابوري الثَّعْلبيّ، [المتوفى: 427 هـ]
صاحب " التّفسير ".
كان أوحد زمانه في علم القرآن، وله كتاب " العرائس في قصص الأنبياء ".
قال السَّمَعانيّ: يقال له الثَّعْلبيّ والثَّعالبيّ، وهو لقبٌ لا نَسَب.
روى عن أبي طاهر محمد بن الفضل بن خزيمة، وأبي محمد المخلدي، وأبي بكر بن هانئ، وأبي محمد ابن الرومي، والخفاف، وأبي بكر بن مهران المقرئ، وجماعة، وكان واعظا حافظا عالما، بارعا في العربية، موثقا، أخذ عنه أبو الحسن الواحدي.
وقد جاء عن أبي القاسم القُشَيْريّ قال: رأيت ربّ العزَّة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرّبُّ جلَّ اسمه: أقبلَ الرّجل الصالح. فالتفتُّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: تُوُفّي في المحرّم، ثمّ ذكر المنام.(9/422)
219 - أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الله الْجُرْجَانيّ البيِّع، المعروف بالسني. [المتوفى: 427 هـ]
روى عن أبي بكر الإسماعيليّ. روى عنه أبو مسعود البَجَليّ.(9/422)
220 - أحمد بْن محمد بْن عَبْد الله، أبو سعْد المُحَمَّدَاباذيّ، الحافظ. [المتوفى: 427 هـ]
كهل، فاضل، معتن بالحديث، مجتهد في تكثير السماع. روى عن أبي الفضل الفامِيّ، وأبي محمد المَخْلَديّ، والجوزقي، وأبي الحسن عليّ بن عمر الحربيّ، وموسى بن عيسى السّرّاج، وابن لال، وطبقتهم. [ص:423]
تُوُفّي في سلْخ رجب.(9/422)
221 - أحمد بن عليّ، أبو جعفر الأزْديّ القَيْروانيّ، الشّافعيّ المقرئ. [المتوفى: 427 هـ]
رحل، وقرأ القراءات على أبي الطيب بن غلبون، وأقرأ الناس.(9/423)
222 - أحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مَخْلَد، أبو نصر المَخْلَديّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 427 هـ]
تُوُفّي في شعبان.
سمع ابن نُجَيْد، وأبا عَمْرو بن مطر، وأبا القاسم النَّصْراباذيّ، وأبا سهل الصُّعْلُوكيّ، وببغداد: أبا الفضل الزُّهْريّ. أخذ عنه خلْقٌ.(9/423)
223 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن موسى القَزْوينيّ، أبو القاسم. [المتوفى: 427 هـ]
روى عن محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وجدّه أبي مسلم بن أبي صالح. سمع منه في هذا العام، أبو الفتح الحدّاد، وجماعة بإصبهان.(9/423)
224 - إسماعيل بن سعيد بْن محمد بن أحمد بْن شُعيب، أبو سعيد الشّعَيْبيّ النَّيْسابوريّ، المحدَّث. [المتوفى: 427 هـ]
سمّعه أبوه الكثير، ولم يُعمَّر، وحدَّث بهَراة. وانتخب عليه أبو الفضل الجارودي، وحدَّث عن أبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وطبقتهما. روى عنه الحسن بن أبي القاسم الفقيه، وغيره.
وتوفي في أواخر رمضان، وقد كتب الكثير بخطِّه.(9/423)
225 - تُرَاب بن عُمَر بن عُبَيْد، أبو النُّعْمَان المصريّ الكاتب. [المتوفى: 427 هـ]
روى عن أبي أحمد بن النّاصح، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وغيرهما.
روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو الحسن الخِلَعيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الآخر، وله خمس وثمانون سنة.(9/423)
226 - حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بْن إبراهيم بْن محمد بْن أحمد بْن عبد الله، القُرشيّ السَّهّميّ، من ولد هشام بن العاص، أبو القاسم بن أبي يعقوب الْجُرْجَانيّ الحافظ، المحدِّث ابن المحدَّث. [المتوفى: 427 هـ]
أوّل سماعه بجرجان في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصّرّام، وأوّل رحلته سنة ثمانٍ وستين. رحل إلى أصبهان، والري، وهمذان، وبغداد، والبصرة، ومصر، والشّام، والحجاز، والكوفة، وواسط، والأهواز. روى عن عبد الله بن عَدِيّ، وأبي بكر الإسماعيليّ، وأبي محمد بن ماسي، وأبي حفص الزيات، وأبي بكر ابن المقرئ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي بكر أحمد بن عَبْدان الشِّيرازيّ، وأبي محمد بن غلام الزُّهْريّ، والوزير أبي الفضل جعفر بن حِنْزَابة، وأبي زُرْعة محمد بن يوسف الكشّيّ، وأبي بكر محمد بن إسماعيل الورّاق، وأبي زُرْعة أحمد بن الحسين الحافظ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ الدّمشقيّ، وميمون بن حمزة المصريّ، وآخرين.
روى عنه، أبو بكر البَيْهَقيّ، وأحمد بن عبد الملك المؤذّن، وأبو القاسم القُشَيْريّ، وإسماعيل بن مَسْعَدَة الإسماعيليّ، وإبراهيم بن عثمان الْجُرجَانيّ، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وعلي بن محمد الزبحي، وغيرهم.
وصنِّف التّصانيف، وتكلّم في الجرح والتّعديل، وقيل توفي سنة ثمان.(9/424)
• - الظّاهر، الخليفة صاحب مصر ابن الحاكم. فيها توفي كما يأتي، اسمه عليّ. [المتوفى: 427 هـ](9/424)
227 - عبد الرحيم بْن أحمد بْن محمد بن عبد الله، القاضي المختار أبو سعد الإسماعيليّ السّرّاج الحنفيّ. [المتوفى: 427 هـ]
ولي القضاء باختيار المشايخ له، فلَذا قيل له: المختار؛ روى عن أبي الحسن السّرّاج، وأحمد بن محمد بن شاهُوَيْه القاضي، وأبي الفتح القواس، [ص:425] والبغداديين، وعنه أبو صالح المؤذن.(9/424)
228 - عبد العزيز بن علي، أبو عبد الله الشهرزوري. [المتوفى: 427 هـ]
قدم الأندلس في آخر عمره، وكان شيخا جليلا، آخذا من كل علم بأوفر نصيب؛ وكانت علوم القرآن، وتعبير الرؤيا أغلب عليه.
روى عن أبي زيد المروزيّ، وأبي بكر الأَبْهريّ، والحسن بن رشيق، وابن الورد، وأبي بكر الأُدْفُويّ، وأبي أحمد السّامرّيّ. وركب البحر منصرفا إلى المشرق، فقتلته الروم في البحر في سنة سبع وعشرين، وقد قارب المائة سنة.
قال ابن خزرج: أجاز لي ما رواه بخطّه بدانية.(9/425)
229 - عبد العزيز بن أحمد بن السّيّد بن مُغَلِّس، أبو محمد الأندلسيّ اللُّغَويّ النَّحْويّ، [المتوفى: 427 هـ]
نزيل مصر.
قرأ العربية على صاعد بن الحسن الرَّبعِيّ، ودخل بغداد، وكان بينه وبين إسماعيل بن خَلَف مصنَّف " العُنْوان " معارضات في قصائد موجودة في ديوانيهما.
توفي في جمادى الأولى، وصلّى عليه علي بن إبراهيم الحَوْفيّ صاحب " التّفسير ".
ومن شعره:
مريضُ الجُفون بلا علَّةٍ ... ولكنّ قلبي به مُمْرضُ
أعاد السّهاد على مُقلتي ... بفيض الدُّموعِ كما تُغمَضُ
وما زار شوقا ولكن أتى ... يعرض لي أنه معرض(9/425)
230 - عبد القاهر بن طاهر، أبو منصور البغداديّ، [المتوفى: 427 هـ]
أحد الأئمة.
سكن خُرَاسان، وتفنَّن في العلوم حتّى قيل إنّه كان يعرف تسعة عشر علما. مات بإسْفرايين، ورَّخه القِفْطيّ.(9/425)
231 - عقيل بن الحسين بن محمد بن عليّ السّيّد الفَرْغانيّ، أبو العبّاس. [المتوفى: 427 هـ]
محتشم ذو مال، نَسَوي المَوْلِد، فرغانيّ المنشأ. حدَّث عن أبي المفضّل محمد بن عبد الله الشَّيبانيّ، وحجّ مراتٍ، وتُوُفّي بزَنْجان.(9/426)
232 - عليّ بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن الحافظ أبو الفضل الهمذاني المعروف بالفلكي. [المتوفى: 427 هـ]
قال شيرويه: سمع عامة مشايخ همذان، ومشايخ العراق، وخُراسان. روى عن أبي الحسن محمد بْن أحمد بْن رَزْقُوَيْه وأبي الحُسين بْن بشران، وأبي بكر أحمد بن الحسن الحيري وطبقتهم؛ حدثنا عنه الحسني والميداني، وكان حافظا متقنا يحسن هذا الشأن جيدا جيدا، جمع الكثير وصنف الكتب وصنف كتاب الطبقات الموسوم بالمنتهى في الكمال في معرفة الرجال ألف جزء، ومات بنيسابور قديما، وما متع بعلمه.
قال شيرويه: سمعتُ حمزة بن أحمد يقول: سمعت شيخ الإسلام الأنصاريّ يقول: ما رأت عيناي من البشر أحدا أحفظ من أبي الفضل ابن الفلكيّ، وكان صوفيًّا مشمّرًا.
قلت: تُوُفْي بنَيْسابور في شعبان، وقيل: تُوُفّي سنة ثمانٍ، وأمّا نسبته إلى الفَلَكيّ فكان جدُّه بارعًا في علم الحساب والفَلَك، فقيل له الفَلَكيّ، وكان هَيُوبًا محتشما، ذكرنا وفاته في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.(9/426)
233 - عليّ بن عيسى أبو الحسن الهمذاني الكاتب. [المتوفى: 427 هـ]
حدَّث بمصر بانتقاء أبي نصر السِّجَزيّ.(9/426)
234 - عليّ بن محارب بن عليّ، أبو الحسن الأنطاكيّ المقرئ المعروف بالسّاكت. [المتوفى: 427 هـ]
قرأ القرآن على: الهيثم بن أحمد الصّبّاغ، وأبي طاهر محمد بن الحسن الأنطاكيّ.
قرأ عليه: المحسّن بن طاهر المالكيّ، وغيره، وكان خيِّرًا صالحًا.(9/426)
235 - عليّ بن منصور بن نزار بن مَعَدّ بن إسماعيل بن محمد بن عُبَيْد الله العُبَيْديّ. صاحب مصر المُلقَّب بالظّاهر لإعزاز دين الله، أبو هاشم أمير المؤمنين ابن الحاكم ابن العزيز ابن المعزّ، [المتوفى: 427 هـ]
الّذين يدّعون أنهم فاطميّون ليربطوا عليهم بذلك الرّافضة.
بايعوا الظّاهر بمصر لمّا قُتِل أبوه في شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وهي والشّام وإفريقيّة في حُكْم أبيه، فلمّا قام هذا الظّاهر طمع مَن طمع في أطراف بلاده، فقصد صالح بن مرداس الكِلابيّ حلب وبها مرتضى الدّولة بن لؤلؤ الحمدانيّ نيابة عن الظّاهر المذكور، فحاصرها صالح وأخذها، وتغلّب حسّان بن مفرّج البَدَويّ صاحبُ الرَّمْلة على أكثر الشّام، وتضعضعت دولة الظّاهر.
واستوزر الوزير نجيب الدّولة عليّ بن أحمد الْجَرْجرائيّ، كما استوزره فيما بعد ابنه المستنصر إلى أن مات سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وكان من بيت حشْمة ووزارة، وكان أقْطعَ اليَدَين من المِرْفَقين، قطعهما الحاكم لكونه خان في سنة أربع وأربعمائة، وكان يكتب عنه العلّامة الْقَاضِي أبو عبد الله القُضاعيّ، وهي " الحمد لله شكرا لنعمته ".(9/427)
236 - فاطمة بنت زكريّا بن عبد الله الكاتب المعروف بالشبلاريّ [المتوفى: 427 هـ]
مولى بني أمية.
كانت كاتبة جِزْلة متخلّصة، استكملت أربعًا وتسعين سنة. نَسَخت كُتُبًا كِبارًا وماتت بِكْرًا، ودُفِنَتْ بمقبرة أمّ سلمة بقرطبة.(9/427)
237 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سخْتَوْيه بن عبد الله. المحدَّث أبو عبد الله [المتوفى: 427 هـ]
ابن المحدَّث المزكّيّ أبي إسحاق النَّيْسابوريّ. أحد الإخوة الخمسة، وأصغرهم.
حدَّث عن والده أبي إسحاق المزكّيّ، وأبي عليّ الرّفّاء، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي العبّاس محمد بن إسحاق الصِّبْغيّ، وأبي عَمْرو بن مطر، وأبي بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبي بحر البَرْبِهاريّ، وأبي بكر الطلحي [ص:428] الكوفي، وطبقتهم. خرَّج له الحافظ أحمد بن عليّ بن منجويه، وأبو حازم العبدوييّ، وكان صحيح السّماع.
قال عبد الغافر الفارسيّ: كان والدي يتأسّف على فوات السّماع منه، وقد أخبرنا عنه أخوالي أبو سعْد، وأبو سعيد، وأبو منصور، ونافع بن محمد الأبِيَوَرديّ، والشَّقَّانيّ، وأبو بكر محمد ابن أخيه يحيى، وعليّ بن عبد الرحمن العُثْمانيّ.
قلت: وأبو سعْد علي بن عبد الله بن أبي صادق، وعبد الغفّار بن محمد الشّيرُويِيّ، وآخرون.(9/427)
238 - محمد بن إبراهيم بن أحمد أبو بكر الأرْدَستانيّ الحافظ. [المتوفى: 427 هـ]
سمع أبا القاسم بن حبابة، وأصحاب البَغِويّ، وابن صاعد. روى عنه أبو بكر البَيْهَقيّ.
وقيل: إنّه تُوُفّي سنة أربعَ وعشرين كما تقدَّم.(9/428)
239 - محمد بن الحسين بن عُبَيْد الله بن حمدون، أبو يعلى ابن السّرّاج الصَّيْرَفيّ. [المتوفى: 427 هـ]
سمع أبا الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ.
وثّقه الخطيب، وقال: كان أحد القرّاء بالقراءات والنُّحاة، له مصنّف في القراءات، وُلِد سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.(9/428)
240 - محمد بن علي بن عبد الله بن سهل بن طالب، أبو عبد الله النَّصِيبيّ، ثمّ الدّمشقيّ المؤدِّب. [المتوفى: 427 هـ]
روى عن الفضل بن جعفر المؤذن، والمَيَانِجِيّ. روى عنه أبو سعد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وقال: كان ثقة، كتب الكثير ولم يكن يفهم شيئًا.(9/428)
241 - محمد بن عمر بن يونس الجصّاص. [المتوفى: 427 هـ][ص:429]
سمع أبا عليّ ابن الصّوّاف، وأبا بكر بن خلْاد النَّصِيبيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة دَيِّنًا. تُوُفّي في المحرّم ببغداد. روى عنه أبو ياسر محمد بن عبد العزيز. يُكنَّى: أبا الفَرَج.(9/428)
242 - محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الوهّاب. النّقيب، أبو الحسن بن أبي تمّام الهاشميّ العبّاسيّ الزَّيْنبيّ، [المتوفى: 427 هـ]
والد أبي تمّام محمد، وأبي منصور محمد، وأبي نصر محمد، وأبي الفوارس طراد، ونور الهدى الحسين.
ولد سنة أربع وستين وثلاثمائة، وسمع من أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، وغيره، وولي نقابة السّادة الهاشميّين بالعراق فِي سنة أربعٍ وثمانين في ذي الحجّة، وله عشرون سنة بعد وفاة والده.
روى عنه أبو الفضل محمد بن عبد العزيز ابن المهديّ في " مشيخته "، وقال: سمعته يقول: لم يكن لأبي ولدٌ غيري.(9/429)
243 - محمد بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ زكريا، أبو نصر ابن الْجَوْزقيّ. [المتوفى: 427 هـ]
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
سمع أبَوي عَمْرو: ابن مطر، وابن نُجَيْد. روى عنه أبو سعيد ابن القُشَيريّ، وأبو صالح المؤذّن.(9/429)
244 - محمد بن يحيى بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن عاصم، أبو عَمْرو الجوريّ المحتسِب. [المتوفى: 427 هـ]
تُوُفّي في رمضان بخُراسان.(9/429)
245 - منصور بن رامش بن عبد الله بن زيد، أبو عبد الله النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 427 هـ]
حدَّث بخُراسان، وبغداد، ودمشق عن عُبَيْد الله بن محمد الفاميّ، وأبي محمد المَخْلَديّ، وأبي الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي الطّيّب محمد بن الحسين التَّيملِيّ الكوفيّ، وطبقتهم. [ص:430]
روى عنه أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، ومحمد بن عليّ المطرّز، وأبو الفضل بن الفُرات، وجماعة.
وكان صدرًا نبيلًا محدَّثا ثقة.
قال أحمد بن عليّ الأصبهاني: وجّه الرّئيس منصور بن رامش وقَرأ من مسموعاته بالعراق انفرد برواية أكثرها.
وقال عبد الغافر الفارسيّ: منصور بن رامش، أبو نصر السّلار الرّئيس الغازي، رجلٌ من الرّجال، وداهٍ من الدُّهاة، ولي رياسة نَيْسابور في أيّام محمود، وتزَيَّنَتْ نَيْسابور بعدله وإنصافه، ثمّ خرج حاجًّا وجاورَ بمكّة سنتين. ثم عاد فولي أيضا الرياسة، فلم يتمكن من العدل، فاستعفى ولزِم العبادة.
وكان ثقة. توفي في رجب.(9/429)
246 - هشام بن محمد بن عبد الملك ابن الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد المعتدّ بالله، أبو بكر الأُمويّ المَرْوانيّ الأندلسيّ. [المتوفى: 427 هـ]
لمّا قُطِعت دعوة يحيى بن عليّ بن حَمُّود الإدريسيّ ثاني مرّة من قُرْطُبة أجمعوا على ردّ الأمر إلى بني أُمَيّة لأنهم ملوك الأندلس من أوّل ما فُتحت الأندلس، وكان عميد قُرْطُبة هو الوزير جَهْوَر بن محمد بن جَهْوَر، فاتّفق مع الأعيان على مبايعة هشام، وكان مقيمًا بالبُونت عند المتغلِّب بها محمد بن عبد الله بن قاسم، فبايعوه في ربيع الأوّل سنة ثمان عشرة، ولُقِّب بالمعتدّ بالله.
وكان كَهْلًا، وُلِد سنة أربع وستين وثلاثمائة، فبقي متردّدًا في الثُّغُور سنتين وعشرة أشهر، وثارت هناك فتنٌ كثيرة واضطرابٌ شديد، فاتّفق رأي الرّؤساء على تسييره إلى قَصَبة المُلْك قُرْطُبة، فدخلها في ليلة عَرَفَة، ولم يقم إلّا يسيرًا حتّى قامت عليه طائفة من الْجُنْد، فخُلع، وجرت أمورٌ طويلة، وأُخرج من القصر هو وحاشيته وحريمه، والنِّساء حاسرات عن وجوههن، حافية أقدامهن، إلى أن أدخلوا الجامع، فبقوا هنالك أيّامًا، ثمّ أُخرجوا عن قُرْطُبة، ولحِق المعتدّ بالله بابن هود المتغلب على سرقسطة، ولاردة، [ص:431] وطرطوشة، فأقام في كنفه إلى أن مات سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة، وهو آخر ملوك بني أمية في الأندلس.(9/430)
247 - الهيثم بن محمد بن عبد الله، أبو أحمد الأصبهاني الخراط. [المتوفى: 427 هـ]
سبط المذكر.
روى عن أبي القاسم الطَّبْرانيّ، روى عنه ابن بِشْرُوَيْه، وجماعة.(9/431)
248 - يحيى بن عليّ بن حمود العلوي الحسني الإدريسيّ الأمير، الملقَّب بالمعتلي. [المتوفى: 427 هـ]
توثّب على عمّه القاسم بن حَمُّود، وزحف بالْجُنود من مالقة وملك قُرْطُبة. ثمّ اجتمع للقاسم أمره وحشد واستمال البربر، وزحف بهم، ودخل قُرْطُبة سنة ثلاث عشرة، فهرب المعتلي إلى مالَقَه، ثمّ اضطربَ أمرُ القاسم بعد قليل، وتغلّب المعتلي على الجزيرة الخضراء.
وأُمّه علويّةٌ أيضًا، وتَسَمّى بالخلافة وقوي أمره، وملك قُرْطُبة مرّةً ثانيةً، وتسلم الحصون والقلاع قبل سنة عشرين وأربعمائة. ثمّ إنّه سار إلى إشبيلية فنازلها وحاصرها، ومدبِّرْ أمرها حينئذٍ القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عَبّاد اللَّخْميّ، فخرج عدّة فرسان من إشبيلية للقتال، فساق لقتالهم المعتلي بنفسه وهو مخمور فقتلوه، وذلك في المحرّم، وقام بعدهُ ابنه إدريس.(9/431)
-سنة ثمان وعشرين وأربعمائة(9/432)
249 - أحمد بن حريز بن أحمد بن خميس القاضي، أبو بكر السَّلَمَاسِيّ. [المتوفى: 428 هـ]
قدِم دمشق للحجّ، وحدَّث عن أبي بكر بن شاذان، وأبي حفص بن شاهين، وكوهيّ بن الحسن، والحسن بن أحمد اللِّحْيَانيّ. روى عنه أبو الحسن بن أبي الحديد، وابنه الحسن، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وسمعوا منه في هذه السّنة.(9/432)
250 - أحمد بن أبي عليّ الحسن بن أحمد، أبو الحسين الأصبهاني الأهوازيّ الجصّاص. [المتوفى: 428 هـ]
نزيل بغداد.
روى " تاريخ البُخَاريّ " عن أحمد بن عَبْدان الحافظ، وسماعه له صحيح فقط، وما عداه ففيه شيء.
والصّحيح أنّ اسمه محمد كما سيأتي.(9/432)
251 - أحمد بن سعيد بن عبد الله بن خليل، أبو القاسم الأُمويّ الإشبيليّ المُكْتِب. [المتوفى: 428 هـ]
سمع من أبي محمد الباجيّ، وصحِب المقرئ أبا الحسن الأنطاكيّ. واعتنى بالعلم، وكان رجلًا صالحًا يعقد الوثائق.
تُوُفّي في رجب.(9/432)
252 - أحمد بن سعيد بن عليّ، أبو عَمْرو الأنصاريّ القناطِريّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 428 هـ]
رحل وأخذَ عن أبي محمد بن أبي زيد، وأبي جعفر الداودي، وكان منقبضاَ متصونًا، حدَّث عنه ابن خزرج، وتوفي بأشبيليه.(9/432)
253 - أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم بن منجويه، الحافظ أبو بكر الإصبهاني اليزدي، [المتوفى: 428 هـ]
نزيل نيسابور. [ص:433]
إمام كبير، وحافظ مشهور، وثقة صدوق. صنف كتبًا كثيرة، وروى عن أبي بكر الإسماعيليّ، وإبراهيم بن عبد الله النيسابوري، وابن نجيد، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن محمد بن شَهْدَل، وأبي عبد الله بن مَنْدَهْ، وخلْق كثير، ورحل إلى بُخَارى، وسَمَرْقَنْد، وهَرَاة، وجُرْجَان، وإلى بلده أصبهان، وإلى الرِّيّ.
روى عنه أبو إسماعيل الأنصاري بير هَرَاة، وأبو القاسم عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، والحسن بن تَغْلِب الشّيرازيّ، وسعيد البقّال، وعليّ بن أحمد الأَخْرم المؤذّن، وخلْق مِنَ النَّيْسابوريّين كالبَيْهَقيّ، والمؤذّن، والحافظ أبو بكر الخطيب.
قال أبو إسماعيل الأنصاري: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني أحفظ مَن رأيت مِن البشر.
وقال: رأيت في حَضَري وسَفَري حافِظًا ونصف حافظ، أمّا الحافظ فأحمد بن عليّ، وأمّا نصف الحافظ فالجاروديّ.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كتب عنده عمُّنا عبد الرحمن بن مَنْدَهْ الإمام كتاب " السُّنَّة " له، على كتاب أبي داود السِّجِسْتاني، وغيره، وكان يُثني عليه ثناءً كثيرًا، وقال: سمعت منه المُسْنَدات الثّلاثة للحَسَن بن سُفْيَان.
قلت: تُوُفّي يوم الخميس خامس المحرّم بنَيْسابور، وله إحدى وثمانون سنة. صنّف على البخاريّ، ومسلم، والتِّرْمِذيّ، وأبي داود.(9/432)
254 - أحمد بن محمد بن الصقر، أبو بكر ابن النمط البغدادي المقرئ. [المتوفى: 428 هـ]
سمع أبا بكر الشافعي، ورحل إلى البصرة فسمع فاروقا الخطابي وأبا يعقوب النجيرمي، قال الخطيب: كان ثقة ويذكرون أنه كان مجاب الدعوة.
قلت قارب تسعين سنة.(9/433)
255 - أحمد بن محمد بن عيسى بن إسماعيل، أبو بكر البَلَويّ القُرْطُبيّ، ويُعرف بابن المِيراثيّ. [المتوفى: 428 هـ]
محدَّث حافظ. روى عن سعيد بن نصر، وأحمد بن قاسم البزّاز، وحج فسمع من أبي يعقوب يوسف بن الدخيل، وأبي القاسم عبيد الله السقطي، وبمصر من أبي مسلم الكاتب، وأبي الفتح بن سيبخت.
ولما رأى عبد الغني بن سعيد الحافظ حذقه واجتهاده لقبه غندرا، وانصرف إلى الأندلس، وروى بها. حدَّث عنه أبو عبد الله الخولاني، وأبو العباس العذري، وأبو العباس المهدوي، وأبو محمد بن خزرج، وقال: توفي في حدود سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وكان مولده في سنة خمسٍ وستّين.(9/434)
256 - أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان، الإمام أبو الحسين الحنفيّ، الفقيه البغداديّ المشهور بالقدرويّ. [المتوفى: 428 هـ]
قال الخطيب: لم يحدَّث إلّا بشيءٍ يسير. كتب عنه، وكان صدوقًا، وانتهت إليه بالعراق رياسة أصحاب أبي حنيفة رحمه الله، وعظُمَ قدره، وارتفع جاهه، وكان حَسَن العبارة في النَّظَر، جريء اللّسان، مُدِيمًا للتّلاوة.
قلت: روى عن عُبَيْد الله بن محمد الحَوْشبيّ صاحب ابن المجدّر، ومحمد بن عليّ بن سُوَيْد المؤدِّب. روى عنه الخطيب، وقاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن عليّ الدامغاني، وصنف " المختصر " المشهور في مذهبه، وكان يناظر الشيخ أبا حامد الإسفراييني.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وتوفي في خامس رجب ببغداد، ودفن في داره، ولا أدري سبب نسبته إلى القدور.(9/434)
257 - إبراهيم بن محمد بن الحسن، أبو إسحاق الأرموي. [المتوفى: 428 هـ]
محدَّث كبير. خرج على " الصحيح "، وسمع من أبي أحمد الغطريفي، وعبد الله بن أحمد الفقيه صاحب الحسن بن سُفْيَان، وأبي طاهر بن خُزَيْمَة، والجوزقيّ. [ص:435]
وكان أُصُوليًّا متفنِّنًا، طاف وجدّ، وجمع كثيرًا من الأصول والمسانيد والتّواريخ، ولم يروِ إلّا القليل.
تُوُفّي بنَيْسابور في شوّال كَهْلًا، روى عنه أبو القاسم القُشَيريّ، وابنه عبد الله.(9/434)
258 - إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد بن جعفر الباقَرْحيّ، أبو الفضل. [المتوفى: 428 هـ]
سمع إسحاق بن سعْد النَّسَويّ، والقاضي الأبْهَريّ، وعنه أبو بكر الخطيب، وقال: صدوق.(9/435)
259 - إسماعيل ابن الشّيخ أبي القاسم إبراهيم بن محمد بن محمويه، أبو إبراهيم النصراباذي النيسابوري الصوفي الواعظ. [المتوفى: 428 هـ]
خلف أباه، وسمع أباه، وأبا عَمْرو بن نُجَيْد، وأبا بكر الإسماعيليّ، وعبد الله بن عمر بن عَلّك الجوهريّ، وأبا بكر القَطِيعيّ، وأبا محمد بن السقاء الواسطيّ، وخلْقًا، وأملى مدّةً بنَيّسابور، وانتشر حديثه؛ روى عنه عبد الله، وعبد الواحد ابنا القُشَيريّ، وجماعة، وتُوُفّي في المحرّم.(9/435)
260 - إسماعيل بن رجاء بن سعيد، أبو محمد العَسْقَلانيّ المقرئ. [المتوفى: 428 هـ]
قرأ القرآن على: أبي الحسين محمد بن أحمد المَلَطيّ، وأبي عليّ الأصبهاني، وفارس بن أحمد، وسمع من جماعة منهم: محمد بن أحمد الحُنْدُريّ؛ روى عنه الخِلَعيّ كثيرا.(9/435)
261 - جعفر بن محمد بن الحسين، أبو محمد الأَبْهَريّ ثمّ الهَمَذانيّ الزّاهد. [المتوفى: 428 هـ]
قال شِيرُوَيْه: وحيد عصره في عِلم المعرفة والطّريقة، والزّهد في الدّنيا. حَسَن الكلام في المعرفة، بعيد الإشارة، مراعيا لشرائط المذهب، دقيق النَّظر [ص:436] في علوم الحقائق. روى عن صالح بن أحمد، وجبريل، وابن بشّار، وعليّ بن الحسن بن الرّبيع؛ الهمذانيين، وعلي بن أحمد بن صالح القزويني، ومحمد بن إسحاق بن كيسان القزويني، ومحمد بن أحمد المفيد الجرجرائي، ومحمد بن المظفر الحافظ. ورحل وطوف؛ حدثنا عنه محمد بن عثمان، وأحمد بن طاهر القومساني، وأحمد بن عمر، وعبدوس، وبنجير بن منصور خادمه، وعامة مشايخي بهمذان، وكان ثقة، صدوقا، عارفا، له شأن وخطر، وآيات وكرامات ظاهرة، صنف أبو سعد بن زيرك كتابا في كراماته ما رأى منه وما سمع منه.
سمعتُ أبا طالب عليّ الحَسَنيّ يقول: سمعت حسّان بن محمد بن زيد بقَرمِيسين يقول: سمعتُ نصر بن عبد الله، قال: اجتمعت أنا وجعفر الأبهري ورجل بزاز عند الشيخ بدران بن جشمين، فسألناه أن يُرِينَا أَنْفُسَنَا. فأَصْعَدَنا إلى غرفة وشرط علينا أن لا يخدم بعضنا بعضا، وكان يناول كلَّ واحدٍ منّا كُوزًا، فبقينا سبعةَ عشر يوما، فشكا البزاز الجوعَ، فقال له: انزِل، فقد رأيت نفسك. فلمّا كان اثنين وعشرين يومًا سقطتُ أنا ولم أدر، فقال: هذا صفراء، مُرْ اشتغل فقد رأيت نفسك، وبقي جعفر أربعين يومًا، فجمع له الشّيخ بدران النَّاسَ لإفطاره، فلمّا وَضَعَ المائدة قام جعفر وقال: اعْفِني من الطَّعام فما بي جوع، وصَعِد إلى الغُرفة أيضًا عشرة أيّامٍ، ثمّ شكا الجوع فجمع النّاس لإفطاره، ثمّ قال: من أين علمت أنّك لم تكن جائعًا في الأول؟ قال: لأني رأيت الخُبز الحواريّ والخُشْكار على الخِوان فكنت أفرّق بينهما، فلو كان بِيَ جُوعٌ لَمَا ميّزتُ بين الطّعامين. قال أبو طالب: فذكرت هذه الحكاية لجعفر، فكان يُلبّس عليَّ أمرَها ويضرب الحديث بعضه ببعضٍ إلى أن تحقّقت صدَق الحكاية في تضاعيف كلامه.
قال شِيرُوَيْه: وسمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت جعفرا يَقُولُ: رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام تسع عشرة مرّة في مسجدي هذا، فكان يوصيني كلَّ [ص:437] مرةٍ بوصيّة، فقال لي في الكرَّة الأولى: يا جعفر، لا تكن رأسا، أي لا تمش قُدّام النّاس.
سمعتُ أبا يعقوب الوراق قال: سمعتُ عبد الغفّار بن عُبَيْد الله الإمام يقول: قال جعفر الأَبْهَريّ: كان شيخ لنا بأَبْهَر يقرأ شيئًا على كلّ مريض فيبرأ، فإذا سأله النّاس عنه لم يخبرهم. فرأيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النَّوم فقال: إنّ الّذي يقرأ شيخك على النّاس: " {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} "، إلى آخر الآية. قال: فأخبرتُ شيخي بذلك فقال: مُرْ، فإنّك أهلٌ لذلك. تُوُفّي في شوّال عن ثمانٍ وسبعين سنة، وقبره يزار ويبجل غاية التبجيل.(9/435)
262 - الحسن بن شهاب بن الحسن بن عليّ، أبو عليّ العُكْبَريّ الحنبليّ. [المتوفى: 428 هـ]
شيخٌ معمَّر جليل القدر، ولد سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وطلب الحديث وهو كبير. فسمع من أبي عليّ ابن الصّوّاف، وأبي بكر بن خلّاد، وأحمد بن جعفر القَطِيعيّ، وحبيب القزّاز، فمن بعدهم، وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل، وكان عارفًا بالمذهب وبالعربية والشِّعر. وثّقه أبو بكر البَرْقانيّ، وقد نسخ الخطَّ المليح الكثير، وكان بارعَ الكتابة بمرَّة.
روى عنه الخطيب، وغيره، ثمّ قال الخطيب: حدثنا عيسى بن أحمد الهمذاني قال: قال لي أبو عليّ ابن شهاب يومًا: أرِني خطَّك، فقد ذُكر لي أنّك سريع الكتابة. فنظر فيه فلم يرضه ثم قال لي: كسبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضيَّة، وكنتُ أشتري كاغَدًا بخمسة دراهم، فأكتب فيه " ديوان المتنبيّ " في ثلاث ليالٍ، وأبيعه بمائتي درهم، وأقلّه بمائة وخمسين درهمًا، وكذلك كُتُب الأدب المطلوبة.
تُوُفّي ابن شهاب في رجب.
وقال الأزهريُّ: أوصى بثُلث ماله لفُقهاء الحنابلة، فلم يُعْطَوا شيئًا أخذ السّلطان من ترِكَتِه ألف دينار سوى العقار.(9/437)
263 - الحسين بن الحسن بن سِبَاع، أبو عبد الله الرّمليّ المؤدِّب الشّاهد، [المتوفى: 428 هـ]
إمام جامع دمشق وخطيبها.
سمع بالرَّملة من سَلْم بن الفضل البغداديّ أبي قُتَيبة، وحدَّث عنه بأربعة أحاديث كان يحفظها. روى عنه أبو سعْد إسماعيل السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة.
قال الكتّانيّ: أمَّ بالجامع عشرين سنة أو نحوها لا تؤخذ عليه غلطة في التّلاوة ولا سهْو.
ووثّقه الحدّاد محمد بن عليّ.
وهو آخر من حدَّث بدمشق عن أبي قُتَيْبَة.(9/438)
264 - الحُسَيْن بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا. الرّئيس أبو عليّ، [المتوفى: 428 هـ]
صاحب الفلسفة والتّصانيف.
حكى عن نفسه، قال: كان أبي رجلًا من أهل بَلْخ، فسكن بُخَارى في دولة نوح بن منصور، وتوّلى العمل والتَّصرُّف بقرية كبيرة، وتزوَّج بأمي فأولدها أنا وأخي، ثمّ انتقلنا إلى بُخَارى، وأُحْضِرتُ معلِّم القرآن ومعلِّم الأدب، وأكملت عشْرًا من العُمر، وقد أتيتُ على القرآن وعلى كثير من الأدب، حتّى كان يُقضى منّي العجب.
وكان أبي ممن أجاب داعي المصريّين، ويُعدُّ من الإسماعيليّة، وقد سمع منهم ذِكْرَ النّفس والعقل، وكذلك أخي. فربّما تذاكروا وأنا أسمعهم وأدرك ما يقولونه ولا تقبله نفسي، وأخذوا يدعونني إليه ويُجرون على ألسنتهم ذِكْر الفلسفة والهندسة والحساب، وأَخَذ يوجّهني إلى مَن يُعلّمني الحساب.
ثمّ قدِم بُخَارى أبو عبد الله النّاتِلّيّ الفيلسوف، فأنزله أبي دارَنا، وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه والتردد فيه إلى الشّيخ إسماعيل الزّاهد، وكنتُ من أجود السّالكين، وقد ألِفْتُ المناظرةَ والبحثَ، ثمّ ابتدأت على النّاتِلّيّ، بكتاب " إيساغوجي "، ولمّا ذكرَ لي أنّ حد الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالنّوع، وأخذته في تحقيق هذا الحد بما لم يسمع بمثله، وتعجب مني كل [ص:439] التَّعجُّب، وحذَّر والدي من شغْلي بغير العلم.
وكان أيّ مسألة قالها لي أتصورها خيرًا منه، حتّى قرأت ظواهر المنطق عليه، وأمّا دقائقه فلم يكن عنده منها خبر.
ثمّ أخذتُ أقرأ الكُتُب على نفسي، وأطالع الشُّروح حتى أحكمت علم المنطق، وكذلك " كتاب إقليدس "، فقرأتُ من أوّله إلى خمسة أشكال أو ستة عليه، ثمّ تولّيت بنفسي حلَّ باقيه وانتقلت إلى " المجَسْطيّ "، ولمّا فَرَغْتُ من مقدِّماته وانتهيت إلى الأشكال الهندسيّة قال لي الناتلي: حلها وحدك، ثم اعرضها علي لأبيَّن لك. فكم من شكلٍ ما عَرَفَه الرّجلُ إلّا وقتَ عَرَضْتُهُ عليه وفهّمته إيّاه. ثمّ سافر، وأخذت في الطّبيعي والإلهيّ، فصارت الأبواب تنفتح عليّ، ورغبتُ في الطّبّ وبرَّزْتُ فيه في مُدَيْدَة حتّى بدأ الأطبّاء يقرأون عليّ، وتعهَّدت المَرْضَى، فانفتح عليَّ من أبواب المعالجات النّفسيّة من التّجربة ما لا يوصف، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه وأُناظر فيه، وعمري ستّ عشرة سنة. ثمّ أَعَدْتُ قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة، ولازَمْتُ العلم سنةً ونصفًا، وفي هذه المدّة ما نمتُ ليلةً واحدةً بطولها، ولا اشتغلت في النّهار بغيره، وجمعتُ بين يديّ ظُهُورًا، فكلّ حُجَّة أنظر فيها أُثْبتُ مقدّمات قياسيّة، ورتبتُها في تلك الظُّهُور، ثمّ نظرتُ فيما عساها تُنْتج، وراعيت شروط مقدّماته، حتّى تحقّق لي حقيقة الحقّ في تلك المسألة.
وكلّما كنت أتحيَّر في مسألة، أو لم أظفَرْ بالحدّ الأوْسَط في قياسٍ، تردَّدت إلى الجامع، وصلَّيتُ وابتهلت إلى مبدِع الكلِّ، حتّى فتح لي المُنْغَلِق منه، وتيسَّر المتعسِّر، وكنتُ أرجع باللّيل إلى دارِي وأشتغل بالكتابة والقراءة، فمهما غلبني النّوم أو شعرت بضعف عدلْت إلى شرْب قَدَحٍ من الشراب ريثما تعود إليّ قُوَّتي، ثمّ أرجع إلى القراءة، ومهما غلبني أدنى نومٌ أحلُمُ بتلك المسائل بأعيانها. حتّى إنّ كثيرًا من المسائل اتّضح لي وجوهُها في المنام، وكذلك حتّى استحكم معي جميع العلوم، ووقفت عليها بحسب الإمكان الإنسانيّ، وكلّما علِمْتُه في ذلك الوقت فهو كما علمته ولم أزْدَد فيه إلى اليوم. حتّى أحْكمتُ علم المنطق والطّبيعيّ والرّياضيّ.
ثمّ عدلت إلى الإلهيّ، وقرأت كتاب " ما بعد الطّبيعة " فما كنتُ أفهم ما [ص:440] فيه، والتبس عليَّ غرضُ واضعه، حتّى أعدت قراءته أربعين مرّة، وصار لي محفوظًا، وأنا مع ذلك لا أفهم ولا المقصود به، وأيست من نفسي وقلت: هذا كتاب لا سبيل إلى فَهْمه، وإذا أنا في يوم من الأيّام حضرتُ وقت العصر في الورّاقين وبيد دلّالٍ مجلَّد ينادي عليه، فَعَرَضه عليَّ فردَدْتُه ردَّ مُتَبرِّمٍ فقال: إنّه رخيص، بثلاثة دراهم. فاشتريته فإذا هو كتابٌ لأبي نصر الفارابيّ في أغراض كتاب ما بعد الحكمة الطّبيعيّة، ورجعتُ إلى بيتي وأسرعتُ قراءته، فانفتح عليَّ في الوقت أغراض ذلك الكتاب، ففرحتُ وتصدَّقتُ بشيءٍ كثير شكرًا لله تَعَالَى.
واتْفق لسّلطان بُخَارى نوح بن منصور مرضٌ صعبٌ، فأجرى الأطبّاء ذِكْري بين يديه، فأُحْضِرتُ وشاركتهم في مدواته، فسألته الإذْنَ في دخول خزانة كُتُبهم ومطالعتها وقراءة ما فيها من كتب الكتب، فأذن لي فدخلتُ، فإذا كُتُبٌ لا تُحصى في كلّ فنٍّ، ورأيتُ كُتُبًا لم تقع أسماؤُها إلى كثير من النّاس، فقرأت تلك الكُتُب وظفرت بفوائدها، وعرفتُ مرتبة كلّ رجلٍ في علمه.
فلمّا بلغتُ ثمانيةَ عشرَ عامًا من العُمر فرغت من هذه العلوم كلّها، وكنتُ إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنّه معي اليوم أنضج، وإلّا فالعلم واحد لم يتجدّد لي بعدَه شيء.
وسألني جارنا أبو الحسين العروضي أنّ أصنف له كتابا جامعا في هذا العلم، فصنّفتُ له " المجموع " وسمّيتُه به، وأتيتُ فيه على سائر العلوم سوى الرّياضيّ، ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة.
وسألني جارنا الفقيه أبو بكر البَرَقيّ الخوارزميّ، وكان مائلًا إلى الفقه والتّفسير والزّهد، فسألني شرح الكُتُب له، فصنّفت له كتاب " الحاصل والمحصول " في عشرين مجلّدة أو نحوها، وصنّفت له كتاب " البِرّ والإثّم "، وهذان الكتابان لا يوجدان إلّا عنده، ولم يُعِرْهُما أحدًا.
ثمّ مات والدي، وتصرفت في الأحوال، وتقلَّدْت شيئًا من أعمال السّلطان، ودعتني الضّرورة إلى الإحلال ببُخَارى والانتقال إلى كُرْكانْج، وكان أبو الحسن السَّهْليّ المحبّ لهذه العلوم بها وزيرًا، وقدِمت إلى الأمير بها عليّ بن المأمون، وكنتُ على زِيّ الفُقهاء إذ ذاك بطَيْلَسان تحت الحَنَك، وأثبتوا [ص:441] لي مشاهَرةً دارّة تكفيني، ثمّ انتقلت إلى نَسَا، ومنها إلى باوَرْد، وإلى طُوس، ثمّ إلى جاجرم رأس حد خراسان، ومنها إلى جُرْجَان، وكان قصدي الأمير قابوس. فاتّفق في أثناء هذا أخد قابوس وحبسه، فمضيت إلى دهستان، ومرضت بها ورجعت إلى جُرْجَان، فاتّصل بي أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ.
ثمّ قال أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ: فهذا ما حكاه لي الشّيخ من لفظه.
وصنّف ابن سِيَنا بأرض الجبل كُتُبًا كثيرة، وهذا فهرس كُتُبه:
كتاب " المجموع " مجلّد، " الحاصل والمحصول " عشرون مجلّدة، " الإنصاف " عشرون مجلدة، " البِرّ والإثم " مجلّدان، " الشّفاء " ثمانية عشر مجلّدًا، " القانون " أربعة عشر مجلّدًا، " الأرصاد الكليّة " مجلّد، كتاب " النَّجَاة " ثلاث مجلّدات، " الهداية " مجلّد، " الإشارات " مجلّد، " المختَصَر " مجلّد، " العلائيّ " مجلّد، " القُولَنْج " مجلّد، " لسان العرب " عشر مجلّدات، " الأدوية القلبية " مجلّد، " الموجَز " مجلد، " بعض الحكمة المشرقية " مجلّد، " بيان ذوات الجهة " مجلّد، كتاب " المَعَاد " مجلّد، كتاب " المبتدأ والمَعَاد " مجلّد.
ومن رسائله: " القضاء والقدر "، " الآلة الرصدية "، " غرض قاطيغورياس "، " المنطق بالشِّعر "، " قصيدة في العِظة والحكمة "، " تعقُّب المواضع الجدلية "، " مختصر أوقليدس "، " مختصر في النّبض " بالعجمية، " الحدود للأجرام السماوية "، " الإشارة إلى علم المنطق "، " أقسام الحكمة "، " في النّهاية وأنْ لا نهاية "، " عهدٌ " كتبه لنفسه، " حيّ بن يَقْظان "، " في أنّ أبعاد الجسم غير ذاتيّة له"، "خطب الكلام في الهِنْدباء"، "في أنّ الشيء الواحد لا يكون جوهريًّا عَرَضيًّا "، في " أنّ عِلم زيد غير علم عَمْرو "، " رسائل " له إخوانيّة وسلطانيّة، " مسائل " جرت بينه وبين بعض الفُضلاء.
ثمّ انتقل إلى الرِّيّ، وخدم السّيّدة وابنها مجد الدّولة، وداواه من السَّوداء، وأقام إلى أن قصد شمس الدّولة بعد قتل هلال بن بدر وهزيمة جيش بغداد. ثمّ خرج إلى قَزْوين، وإلى هَمَذان. ثمّ عالج شمس الدّولة من القُولَنْج، وصار من نُدَمائه، وخرج في خدمته. ثم رد إلى همذان.
ثم سألوه تقلد الوزارة فتقلَّدها، ثمّ اتّفق تشويش العسكر عليه واتّفاقهم عليه خوفًا منه، فكبسوا داره ونهبوها، وسألوا الأمير قتلْه، فامتنع وأرضاهم [ص:442] بنفْيه، فتوارى في دار الشّيخ أبي سعد أربعين يومًا، فعاود شمس الدّولة القُولَنْج، فطلب الشّيخ فحضر، فاعتذر إليه الأمير بكلّ وجهٍ، فعالجه، وأعاد إليه الوزارة ثانيا.
قال أبو عبيد الجوزجاني: ثم سألته شرح كتاب أرسطوطاليس فقال: لا فراغ لي، ولكنْ إنْ رضِيت مني بتصنيف كتاب أورد فيه ما صحّ عندي من هذه العلوم بلا مناظرة ولا ردًّ فعلت، فرضيت منه، فبدأ بالطّبيعيّات من كتاب " الشّفاء "، وكان يجتمع كلّ ليلةٍ في داره طَلَبَةُ العِلمِ، وكنتُ أقرأ من "الشّفاء" نَوْبَةً، وكان يقرأ غيري من " القانون " نوبة، فإذا فرغنا حضر المغنون، وهيئ مجلس الشّراب بآلاته، فكنّا نشتغل به، فقضينا على ذلك زمنًا، وكان يشتغل بالنّهار في خدمة الأمير.
ثمّ مات الأمير، وبايعوا ولده، وطلبوا الشّيخ لوزارته فأبى، وكَاتَبَ علاءَ الدّولة سرًّا يطلب المصير إليه، واختفى في دار أبي غالب العطّار فكان يكتب كلّ يومٍ خمسين ورقة تصنيفا في كتاب " الشّفاء " حتّى أتى منه على جميع الطبيعي والإلهي، ما خلا كتابي " الحيوان " و" النبات ".
ثمّ اتّهمه تاج المُلْك بمكاتبة علاء الدّولة، فأنكر عليه ذلك، وحث على طلبه، فظفروا به وسجنوه بقلعة فَرْدَجَان، وفي ذلك يقول قصيدة منها:
دخولي باليقين كما تراه ... وكلُّ الشّكّ في أمر الخروج
فبقي فيها أربعةَ أشْهُرٍ، ثمّ قصد علاء الدّولة هَمَذان فأخذها، وهرب تاج المُلْك وأتى تلك القلعة، ثمّ رجع تاج المُلْك وابن شمس الدّولة إلى هَمَذان لمّا انصرف عنها علاء الدّولة، وحملوا معهما الشّيخ إلى هَمَذان، ونزل في دار العلويّ، وأخذ يصنّف المنطق من كتاب " الشّفاء "، وكان قد صنّف بالقلعة رسالة " حيّ بن يَقْظان "، وكتاب " الهدايات "، وكتاب " القُولَنْج ".
ثمّ إنّه حرج نحو أصبهان متنكرًا، وأنا وأخوه وغلامان له في زِيّ الصُّوفيّة، إلى أن وصلنا طَبَرَان، وهي على باب أصبهان، وقاسينا شدائد، فاسْتَقْبَلنَا أصدقاءُ الشّيخ ونُدَماءُ الأمير علاء الدّولة وخَوَاصّه، وحملوا إليه الثّياب والمراكب، وأُنْزِل في محلة كون كبيد، وبالغ علاء الدّولة في إكرامه وصار من خاصّته، وقد خدمتُ الشّيخ وصَحِبْتُه خمسًا وعشرين سنة. [ص:443]
وجرت مناظرة فقال له بعضُ اللُّغَويّين: إنَّكَ لا تعرف اللّغة، فأنِف الشّيخ وتوفرَّ على درس اللُّغة ثلاث سِنين، فبلغ طبقة عظيمة من اللغة، وصنف بعد ذاك كتاب " لسان العرب " ولم يُبيّضْه.
قال: وكان الشّيخ قويُّ القُوَى كلّها، وكان قوّة المجامَعَة من قواه الشّّهْوانيّة أقوى وأغلب، وكان كثيرًا ما يشتغل به، فأثَّر في مزاجه، وكان يعتمد على قوّة مزاجه حتّى صار أمره إلى أن أخذه القُولَنْج، وحرص على بُرئِه؛ حقن نفسه في يومٍ ثمان مرّات، فتقرَّح بعض أمعائه وظهر به سَحْج، وسار مع علاء الدولة، فأسرعوا نحو إيذج، فظهر به هناك الصَّرَع الّذي قد يتبع علّة القُولَنْج، ومع ذلك كان يدبِّر نفسه ويحقن نفسه لأجل السَّحْج. فأمر يومًا باتّخاذ دانِقَيْن مِن بِزْرِ الكَرَفْس في جُملة ما يحتقن به طلبًا لكسر الرّياح، فقصد بعض الأطبّاء الّذي كان هو يتقدّم إليه بمعالجته فطرح من بِزر الكَرَفْس خمسةَ دراهم، لستُ أدري عَمْدًا فعله أم خطأً، لأنّني لم أكن معه، فازداد السَّحْج به من حدَّة البزر، وكان يتناول المثروذيطوس لأجل الصَّرَع، فقام بعض غلمانه وطرح شيئًا كثيرًا من الأفيون فيه وناوله، فأكله، وكان سبب ذلك خيانتهم في مال كثير من خزانته، فتمنَّوا هلاكه ليأمنوا، فنُقِل الشّيخ إلى أصبهان وبقي يدبّر نفسه، واشتدّ ضَعْفُه، ثمّ عالج نفسه حتّى قدر على المشْي، لكنّه مع ذلك يُكثر المجامعة، فكان ينتكس.
ثمّ قصد علاء الدّولة هَمَذان، فسار الشّيخ معه فعاودته تلك العلّة في الطّريق إلى أن وصل إلى همذان، وعلم أن قوته قد سقطت، وأنها لا تفي بدفع المرض، فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: المدبّر الّذي كان يدبّر بدني قد عجز عن التّدبير، والآن فلا تنفع المعالجة، وبقي على هذا أيّامًا، ومات عن ثلاثٍ وخمسين سنة.
انتهى قول أبي عُبَيْد.
وقبره تحت سُور هَمَذان، وقيل: إنّه نُقِل إلى إصبهان بعد ذلك.
قال ابن خِلِّكان في ترجمة ابن سِينَا: ثمّ اغتسل وتاب وتصدّق بما معه [ص:444] على الفقراء، وردّ المظالم على مَن عَرَفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كلّ ثلاثة أيّام ختمة، ثمّ مات بهَمَذان يوم الجمعة في رمضان، ووُلِد في صَفَر سنة سبعين وثلاثمائة.
قال: وكان الشّيخ كمال الدّين بن يونس يقول: إنّ مخدومه سخط عليه ومات في سجنه، وكان ينشد:
رأيتُ ابن سِينَا يعادي الرّجالَ ... وفي السّجنِ مات أخسَّ المماتِ
فلم يَشْفِ ما نابَهُ بالشّفا ... ولم يَنْجُ من موته بالنجاة
وصيَّه ابن سينا.
لأبي سعيد بن أبي الخير الصُّوفيّ الميهَنيّ.
قال: لِيكنِ اللهِ تعالى أوّل فَكْرٍ له وآخِرَه، وباطِن كلِّ اعتبار وظاهره، ولتكن عين نفسه مكْحولةً بالنَّظَر إليه، وقَدَمُها موقوفةً على المُثُول بين يديه، مسافِرًا بعقله في المَلَكُوت الأعلى وما فيه من آيات ربّه الكُبْرى، وإذا انْحَطّ إلى قراره، فلْيُنَزِّهِ الله في آثاره، فإنّه باطِنٌ ظاهِرٌ، تجلّى لكلّ شيءٍ بكلّ شيءٍ، ففي كلّ شيءٍ له آيةٌ تَدُلُّ على أنّه واحد.
فإذا صارت هذه الحال له مَلَكة انْطَبَعَ فيها نقْشُ المَلَكُوت، وتجلّى له قُدْسُ اللّاهُوت، فأَلِف الأُنْسَ الأعلى، وذاق اللذة القصوى، وأخذ عن نفسه مَن هو بها أوْلَى، وفاضت عليه السكينة، وحقت له الطُّمَأْنِينة، وتطلّع على العالَم الأدنى اطّلاع راحمٍ لأهله، مستوهن لحبله، مستخف لثقله، مستخشن به لعُلْقه، مُستضل لطرقه، وتذكَّر نفسه وهي بها لهجة، وببهجتها بهجة، فيعجب منها ومنهم تعجُّبَهُم منه، وقد وَدَعها، وكان معها كأنْ ليس معها، ولْيَعْلم أنّ أفضلّ الحركاتِ الصّلاةُ، وأمثَلَ السّكَنَاتِ الصِّيامِ، وأنْفَعَ البِرّ الصَّدَقَة، وأزْكى السّرّ الاحتمالُ، وأبْطَلَ السَّعْي المراءاة، وأن تخلُص النَّفْسُ عن الدرن، ما التفتت إلى قيل وقال، ومناقشة وجدالٍ، وانفعلت بحالٍ من الأحوال، وخيرُ العمل ما صَدَر عن خالص نيّة، وخيرُ النّيّة ما ينفرج عن جَنَابِ [ص:445] علْم، والحكمة أمُّ الفضائل، ومعرفة الله أوّل الأوائل " {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يرفعه} ".
إلى أن قال: وأمّا المشروب فيُهْجَرُ شربُه تلهيا بل تَشَفِّيا وتَدَاويا، ويعاشر كل فِرْقَةٍ بعادته ورسمه، ويسمح بالمقدور والتّقدير من المال، ويركب لمساعدة النّاس كثيرًا ممّا هو خلاف طبْعه. ثمّ لا يقصّر في الأوضاع الشّرعيّة، ويعظِّم السُّنَنَ الإلهيّة، والمُواظَبَة على التَّعَبُّدات البدنيّة.
إلى أن قال: عاهد الله أنه يسير بهذه السِّيرة ويدِين بهذه الدِّيانة، والله ولي الّذين آمنوا.
وله شِعْرٌ يَرُوق، فمنه قصيدته في النّفْس:
هبَطَتْ إليكَ من المحلّ الأرْفِعِ ... وَرْقاءُ ذات تَعَزُّزٍ وتمنعِ
محجوبةٌ عن كلّ مُقْلَة عارِفٍ ... وهي التي سفرت ولم تتبرقعِ
وصلَتْ على كُرهٍ إليكَ وربّما ... كرهتْ فراقَك وهي ذات تفجعِ
أنِفَتْ وما أنِسْتُ فلمّا واصلتْ ... ألِفْتُ مجاورةَ الخراب البَلْقَعِ
وأَظُنُّها نسيِتْ عُهُودًا بالحِمَى ... ومنازلًا بِفراقها لم تقنعِ
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها ... في ميم مَركزِها بذات الأجْرعِ
عَلِقَتْ بها ثاء الثقيل فأصبحت ... بين المعالم والطلول الخُضَّع
تبكي إذا ذَكَرتْ ديارًا بالحِمَى ... بمدامع تَهْمى ولمّا تُقطعِ
وتظلُّ ساجعةً على الدِّمَنِ التي ... درست بتكرار الرياح الأربع
إذا عاقَها الشَّرَكُ الكثيف وصدَّها ... قَفَصٌ عن الأوْجِ الفسيح الأرتع
حتّى إذا قُربَ المسيرُ من الحِمَى ... ودنا الرّحِيلُ إلى الفضاء الأوسعِ
هجَعت وقد كشِفَ الغطاء فأبصرت ... ما ليس يُدرك بالعيون الهُجَّع
وغدت مفارقة لكل مخلف ... عنها حليف التّرْب غير مشّيعِ [ص:446]
وبدت تُغرِّدْ فوقَ ذِرْوَةِ شاهقٍ ... والعِلْمُ يرفع كلَّ من لم يُرْفَعِ
فلأيِّ شيءٍ أهبطتُ من شاهق ... سام إلى قعر الحضيض الأوْضَعِ
إنْ كان أرسلها الإلهُ لِحِكْمَةٍ ... طُوِيَتْ عن الفطِنِ اللّبيبِ الأروَعِ
فهُبُوُطها إنْ كان، ضَرْبَةُ لازِبٍ ... لتكون سامعةً بما لم تسْمَعِ
وتعودَ عالمةً بكلّ خَفِيّةٍ ... في العالمين فَخَرْقُها لم يُرْقَعِ
وهي الّتي قطع الزّمان طريقَها ... حتّى لقد غَرُبَتْ بغير المَطْلَعِ
فكأنها برق تألق للحمى ... ثمّ انْطَوى فكأنّه لم يَلْمَعِ
وهي عشرون بيتًا.
وله:
قُمْ فاسْقِنيهَا قَهْوَةً كَدَمِ الطُّلا ... يا صاحِ بالقدحِ الملا بين الملا
خَمْرًا تَظَلّ لها النَّصَارى سُجَّدًا ... ولها بنو عِمران أخلصتِ الولا
لَو أنَّها يومًا وقد لَعِبَتْ بهم ... قالت: ألَسْتُ بربِّكُم؟ قالوا: بلا
وله وهو يجود بنفسه، فيما أنشدني المُسْنِد بهاء الدين القاسم بن محمود الطبيب:
أقام رجالا في معارجه ملكى ... وأقعد قوما في غوايتهم هلكى
نعوذُ بك اللّهُمَ من شرِّ فتْنَةٍ ... تطوّقُ من حلّت به عيشة ضَنْكًا
رجعنا إليك الآن فاقْبَلْ رُجُوعَنا ... وقلِّبْ قُلُوبًا طال إعراضها عنكا
فإن أنت لم تبري سِقَام نفوسِنا ... وتشْفي عَمَاياها، إذا، فلمن يُشْكا
فقد آثَرَتْ نفسي لِقَاكَ وقَطَعَتْ ... عليك جُفُوني من مدامعها سِلْكا
وقد طالت هذه التّرجمة، وقد كان ابن سينا آيةً في الذّكاء وهو رأس الفلاسفة الإسلاميّين الّذين مَشَوا خلْف العُقُول، وخالفوا الرّسولْ.(9/438)
265 - الحسين بن عليّ بن بطْحا، القاضي أبو عبد الله. [المتوفى: 428 هـ]
تُوُفّي في جُمَادى الأولى ببغداد. سمع أبا سليمان الحَرَّانيّ، وأبا بكر الشّافعيّ، وعنه شيوخ شُهْدَة، والسِّلَفيّ.(9/446)
266 - الحسين بن محمد بن الحسين بن عامر، أبو طاهر الأنصاري الجزري المقرئ المعروف بابن خُرَاشة، [المتوفى: 428 هـ]
إمام جامع دمشق.
قرأ على: أبي الفتح بن برهان الأصبهاني، وحدَّث عن الحسين بن أبي الرَّمْرام الفرائضيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، وجماعة. روى عنه أبو سعد السّمّان، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وابن أبي الصَّقْر الأنباريّ، والكتّانيّ، وقال: كان ثقة، نبيلًا، يذهب مذهب الأشعريّ.
تُوُفّي في ربيع الآخر.(9/447)
267 - حمزة بْنُ الْحُسَيْن بْنُ أَحْمَد بْنُ القاسم، أبو طالب ابن الكوفيّ الدّلّال. [المتوفى: 428 هـ]
شيخ بغداديّ، ضعيف، سماعهُ صحيح من أبي بكر بن خلّاد فلمّا كان بأخرة حدَّث عن أبي عمرو ابن السّمّاك، وأحمد بن كامل، وجماعة.
وقال الخطيب: ذكر لي أبو عبد الله الصُّوريّ أنّه كتب عنه جزءًا لطيفًا عن أبي عَمْرو ابن السّمّاك، رأى سماعه فيه صحيحًا. تُوُفّي في ربيع الآخر، وولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.
وحكى الخطيب عن محمد بن محمد الحَدِيثيّ أنّه، أعني حمزة، أخرج له جزءًا قد كشط فيه وألحق وغير.(9/447)
268 - ذو القرنين، أبو المطاع وجيه الدولة ابن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التَّغْلبيّ، [المتوفى: 428 هـ]
الشَّاعِر الأمير.
ولي إمرة دمشق بعد لؤلؤ البشراوي سنة إحدى وأربعمائة، وجاءته الخلعة من الحاكم، ثمّ عزله الحاكم بعد أشهر بمحمد بن بزّال، ثمّ ولي أبو المُطاع دمشقَ في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة للظّاهر صاحب مصر، ثمّ عزله بعد أربعة أشهر بسختكين، ثمّ وَلِيَها مرَّةً ثالثةً سنة خمس عشرة، فبقى إلى سنة تسع عشرة، فعزل بالدزبري. [ص:448]
وله شعر فائق فمنه:
أفدي الّذي زُرْتُهُ بالسّيف مُشْتَمِلًا
ولَحْظُ عيْنيه أمضى من مضاربه ... فما خلعتُ نِجَادي للعِناق له
حتّى لبِسْتُ نجادًا من ذَوائبه ... فبات أسْعَدُنا في نَيْلِ بُغْيَتِهِ
مَن كان في الحُبِّ أشقانا بصاحبه
وقد روى عنه أبو محمد الجوهريّ مقطَّعات رائقة، وكان ابنه أميرًا.
وله:
لو كنتُ أمْلِكُ صبرًا أنت تملكُه ... عنّي لجَازَيْتُ منك التِّيهَ بالصِّلَفِ
أَوْ بِتَّ تضمر وجدا إبت أُضْمِرُه ... جَزَيتني كلفًا عن شدّة الكلفِ
تعمّد الرّفْق بي يا حِبُّ محتسِبًا ... فليس يَبْعُد ما تَهْواه من تَلَفِي
وله:
لو كنتَ ساعةَ بَيْننا ما بَيْنَنَا ... وشَهِدْتَ حين نكررّ التَّوْديعا
أيقنتَ أنّ من الدّموعِ محدَّثا ... وعلمتَ أنّ من الحديث دُمُوعًا
وله:
ومفارقٍ ودَّعتُ عند فراقِهِ ... ودَّعتُ صبري عنه في توديعه
ورأيت منهُ مثلَ لُؤْلؤ عقْدهِ ... من ثغرِه وحدِيثه ودُموعِهِ
تُوُفّي ذو القَرْنَين في صَفَر، وقيل: إنّه وصل إلى مصر، وولي الإسكندريّة للظاهر سنة، ثم رجع إلى دمشق.(9/447)
269 - سعيد بن أحمد بن يحيى أبو الطّيّب الحديديّ التُّجَيْبيّ، الطُّلَيْطُلِيّ، [المتوفى: 428 هـ]
أحد الأئمة الأعلام.
روى عن أبيه، ومحمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وعبد الرحمن بن أحمد بن حوبيل، وناظر على محمد ابن الفخار، وجمع كتبا لا تُحصَى، وكان مُعظَّمًا في النُّفوس.
حجَّ سنة خمسٍ وتسعين، ولقي جماعة، وسمع بمكة من أبي القاسم سليمان بن عليّ المالكيّ، وأحمد بن عبّاس بن أصْبَغ، ولقي بمصر الحافظ عبد الغنيّ، وأخذ بالقيروان عن أبي الحسن القابِسيّ. [ص:449]
وكان أهل المشرق يقولون: ما مرَّ علينا قطٌّ مثله؛ حدَّث عنه حاتم بن محمد، وغيره.
وتوفي في ربيع الأول.(9/448)
270 - صالح بن أحمد بن القاسم بن يوسف بن فارس الميانجي، أبو مسعود، [المتوفى: 428 هـ]
ابن أخي القاضي أبي بكر يوسف.
سكن صيدا، وحدَّث عن أبيه، وعمّه، ومحمد بن سليمان بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وموسى بن عبد الرحمن البَيْروتيّ، والفضل بن جعفر التميمي، وجماعة. روى عنه عبد الله بن عليّ بن أبي عَقيل القاضي، وولده محمد بن عبد الله، وأحمد بن محمد بن مَتَّوَيْه شيخ لوجيه الشَّحّاميّ، وعليّ بن بكّار الصُّوريّ، وأبو نصر بن طلّاب، وإبراهيم بن شكر الخامي، وآخرون.
تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ وعشرين.(9/449)
271 - عبد الرحمن بن الحسن بن عليك. أبو سعد النَّيْسابوريّ، [المتوفى: 428 هـ]
والد عليّ.
يقال: مات هذه السّنة، وهو مذكورٌ في سنة إحدى وثلاثين.(9/449)
272 - عبد الرحمن بن محمد بن حُسَين، أبو عَمْرو الفارسيّ ثمّ الْجُرْجَانيّ، [المتوفى: 428 هـ]
سِبْط الإمام أبي بكر الإسماعيليّ.
فقيه ثقة. سمع من جدّه. روى عنه عليّ بن محمد الزّبحيّ الْجُرْجَانيّ في تاريخه، وقال: ثقة. تُوُفّي في صَفَر.(9/449)
273 - عبد الغفّار بن محمد بن جعفر، أبو طاهر المؤدِّب. [المتوفى: 428 هـ]
بغداديّ.
ضعّفه أبو عبد الله الصُّوريّ لشيءٍ ما. روى عن أبي عليّ الصّوّاف، وأبي بكر الشّافعيّ، ومحمد بن محرّم، وأبي الفتح الأزْديّ. روى عنه الخطيب، وعليّ بن الحسين بن أيوب البزاز، وأبو منصور محمد بن أحمد الخياط سمع [ص:450] منه " مُسْنَد الحُمَيْديّ ".
تُوُفّي في ربيع الأوّل، ووُلِد سنة خمسٍ وأربعين.(9/449)
274 - عثمان بن محمد بن يوسف بن دُوسْت، أبو عَمْرو البغداديّ العلّاف، [المتوفى: 428 هـ]
أخو أحمد.
سمع أبا بكر النّجّاد، وعبد الله بن إسحاق الخُرَاسانيّ، وعمر بن سلم، وأبا بكر الشّافعيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا، مات في صفر.
قلت: وروى عنه أحمد بن عبد القادر بن يوسف " مُوَطّأ القَعْنَبيّ ".(9/450)
275 - عليّ بن محمد بن إبراهيم بن الحسين، المحدَّث، الحافظ أبو الحسن الحِنّائيّ الدّمشقيّ، الزّاهد المقرئ. [المتوفى: 428 هـ]
سمع الكثير، وخرّج لنفسه " المعجم " في مجلد، وروى عن عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبي بكر بن أبي الحديد، وابن جُمَيْع، وأحمد بن إبراهيم بن فِراس المكّيّ، واحمد بن عبد العزيز بن ثَرثال، وعبد الرحمن بن عمر النّحّاس. روى عنه أبو سعد السّمّان، وسعْد بن عليّ الزّنْجانيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وسعد الله بن صاعد الرحبي، وجماعة.
قال عبد العزيز الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا وأستاذنا أبو الحسن الحِنائيّ، الشّيخ الصّالح، في ربيع الأوّل، كتب الكثير، وكان من العباد، وكان له جنازة عظيمة ما رأيت مثلها، وَلَمْ يزل يحمل من بَعْدَ صَلَاةٍ الجمعة إلى قريب العصر، وانحلّ كفنه، وذُكِر أنّ مولده في سنة سبعين وثلاثمائة رحمه الله.
قال الأهْوَازيّ: دُفِنَ بباب كَيْسان.(9/450)
276 - محمد بن أحمد بن أبي موسى، الشّريف أبو عليّ الهاشميّ البغداديّ، [المتوفى: 428 هـ]
شيخ الحنابلة وعالمهم، وصاحب التصانيف المذكورة.
سمع محمد بن المظفّر، وأبا الحسين بن سمعون، وغيرهما، وهو كبيرٌ، [ص:451] فإن مولده في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، وكان يمكنه السماع بعد الخمسين وثلاثمائة. روى عنه أبو بكر الخطيب، والقاضي أبو يعلى ابن الفراء وتفقه به، وأبو الحسين ابن الطُّيُوريّ، وآخرون، وكان سامي الذّكْر، عديم النّظير. له وجاهة عند الخليفتين القادر والقائم. صنّف كتاب " الإرشاد "، وكانت له حلقة بجامع المنصور، وقد صَحِبَ أبا الحسن التَّميميّ، وغيره من الكبار.
قال رزق الله التّميميّ: زرتُ قبرَ الإمام أحمد بن حنبل مع الشّريف أبي عليّ بن أبي موسى، فرأيته قَبَّلَ رِجْلَ القبْرِ. فقلتُ له: في هذا أثرٌ؟ فقال لي: أحمد في نفسي عظيم، وما أظنُّ الله يؤاخذني بهذا الفِعْل، أو كما قال.
وَقَالَ الخطيب: تُوُفّي في ربيع الآخر، وكان ثقة، له التّصانيف على مذهب أحمد.(9/450)
277 - محمد بن أحمد بن مأمون، أبو عبد الله المصريّ المحدَّث. [المتوفى: 428 هـ]
قال الحبّال: يتكلم في حديثه وفي مذهبه، عنده عن بُكَيْر الرّازيّ، عن بكّار بن قُتَيْبَة، وغيره، توفي في ربيع الأول.
قلت: ذكره في " تاريخه " الحافظ قطب الدين، وقال: محمد بن أحمد بن الحسين مأمون بن محمد بن داود بن سليمان بن حيّان، أبو عبد الله القيسيّ المصريّ. روى عن أبي بكر بن أحمد بن خروف، وبكير الرازي، وأبي الطاهر الذهلي. روى عنه أبو العباس أحمد بن إبراهيم الرّازيّ، وعبد الله بن الحسن بن عمر بن رداد، وأبو معشر الطّبريّ، وسعد بن عليّ الزّنْجانيّ، وآخرون.
قال الحبّال أيضًا: هو محدَّث ابن محدَّث.
قلتُ: يقع حديثه في " جزء سعْد الزَّنْجانيّ "، ومن " فوائد العثمانيّ " بنزول.(9/451)
278 - محمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد، القاضي أبو بكر الفارسيّ ثمّ النَّيْسابوريّ المشّاط. [المتوفى: 428 هـ]
سمع أبا عَمْرو بن مطر، ومحمد بن الحسن السّرّاج، وإبراهيم بن عبد الله، وجماعة. روى عنه أبو بكر البيهقي، وعلي بن أحمد المؤذن، وعلي [ص:452] ابن عبد الله بن أبي صادق، وأبو صالح المؤذّن، واسْتُشْهِد بإسْفَرايين على أيدي التُّركُمان، قتلوه ظلما سنة ثمان وعشرين.(9/451)
279 - محمد بن إبراهيم بن عبدان، أبو عبد الله الكرماني السيرجاني، الحافظ الرحال. [المتوفى: 428 هـ]
طوف، وسمع أبا عبد الله بن مَنْدَهْ، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا عبد الله الحسين بن الحسن الحليميّ، وأبا الحسن محمد بن عليّ الهَمَذانيّ، وأبا نصر أحمد بن محمد الكَلَاباذيّ.
روى عنه جعفر بن محمد المستغفريّ وهو من أقرانه، وآخر من حدَّث عنه عبد الغفّار الشِّيرُوِييّ. تُوُفّي بسَمَرْقِنْد.(9/452)
280 - محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن موسى، أبو الحسين الأهْوَازيّ، المعروف بابن أبي عليّ الأصبهاني. [المتوفى: 428 هـ]
سكن بغداد، وحدَّث عن جماعة من شيوخ الأهواز، وكان مولده في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. حدَّث عن أحمد بن عبدان الشَّيرازيّ الحافظ " بتاريخ البخاريّ ".
قال الخطيب: سمعنا منه وفيه شيء، وحدَّثني أبو الوليد الدَّرْبَنْديّ قال: سمعت أحمد بن عليّ الجصّاص بالأهواز، قال: كنّا نسمّي ابن أبي عليّ الأصبهاني " جراب الكذِب ". تُوُفّي بالأهواز.(9/452)
281 - محمد بن الحسن بن أحمد بن اللَّيث، أبو بكر الشّيرازيّ الصّفّار. [المتوفى: 428 هـ]
روى عن أبي الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، والعباس بن الفضل النضرويي، وأبي بكر ابن المقرئ، وأبي محمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخسيّ.
وقع لنا مجلسان من حديثه؛ روى عنه القاضي أبو طاهر محمد بن عبد الله بن أبي بردة الفَزَاريّ، وعبد الرحيم بن محمد الشيرازي شيخ أبي سعد الصّائغ، وجماعة، وكان خطيب شيراز. رحل به أبوه الحافظ الكبير أبو عليّ، وكان مولده في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.(9/452)
282 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عُبَيْد الله بن باكُوَيْه، أبو عبد الله الشّيرازيّ، [المتوفى: 428 هـ]
أحد مشايخ الصُّوفيّة الكبار.
سمع محمد بن خفيف الزّاهد، ومحمد بن القاسم بن ناصح الكَرْجيّ بشيراز، وأبا بكر القَطِيعيّ ببغداد، وأبا أحمد بن عديّ بجُرْجَان، وأبا يعقوب النُّجَّيرميّ بالبصرة، وأبا الفضل بن خميرُوَيْه بهَرَاة، وعلي بن عبد الرحمن البكّائيّ بالكوفة، ومغيرة بن عمرو بمكّة، وإسماعيل بن محمد الفرّاء ببَلْخ، وأبا بكر ابن المقرئ بأصبهان، وأبا بكر محمد بن القاسم الفارسيّ ببُخَاري، وأبا بكر المَيَانِجِيّ بدمشق.
وعنه أبو القاسم القُشَيريّ، وعبد الواحد بن أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبو بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وعبد الوهّاب بن أحمد الثَّقَفيّ، والشيرويي، وعليّ بْن عبد الله بْن أَبِي صادق، وآخرون، وقع لنا جزء من حديثه.
وقال إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ: سمعت أبا صالح أحمد بن عبد الملك المؤذّن يقول: نظرتُ في أجزاء أبي عبد الله بن باكُوَيْه، فلم أجد عليها آثار السِّماع، وأحسن ما سمعت عليه الحكايات.
ورَّخه الحسين بن محمد الكُتُبيّ الهَرَويّ.(9/453)
283 - محمد بن عبد العزيز بن احمد بن عبد السّلام، أبو جعفر الأبهري، المالكي الفقيه. [المتوفى: 428 هـ]
سمع ببغداد أبا بكر القَطِيعيّ، والقاضي أبا بكر الأبهري، وجماعة، وله جزء جزء معروف، سمعه منه حفيده عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد شيخ السِلَفيّ. كتبه السلفي سنة خمسمائة بأبْهَر عن حفيده.(9/453)
284 - مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن جعفر، أبو عبد الله البغدادي البزاز [المتوفى: 428 هـ]
ابن زوج الحرّة.
مُكثر، سمع أبا عليّ الفارسيّ النَّحْويّ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا حفص الزّيّات. روى عنه الخطيب، ووثّقه.(9/453)
285 - مِهْيار بن مَرْزُوَيْه الدَّيْلَميّ، أبو الحسن الكاتب [المتوفى: 428 هـ]
الشّاعر المشهور. [ص:454]
كان مجوسيًّا فأسلم على يد الشّريف الرّضيّ أبي الحسن الموسَويّ، وهو أستاذه في الأدب والنظم، وبه تخرج، وكان رافضيا. حدَّث بدوان شِعْره، وقد تعرَّض للصّحابة في شعره، وديوانه في نَحْو أربع مجلّدات، وكان مقدَّمًا على شعراء عصره.
ومن سائر قوله:
بكّر العارضُ تحدوه النُّعَامَى ... فسقاك الرّيّ يا دارَ أُماما
وبجرعاء الحمى قلبي فعج ... بالحمى وأقرأ على قلبي السّلاما
قل لجيران الغضا: آهٌ على ... طِيب عَيْشٍ بالغضا لو كان داما
حَمَّلُوا ريحَ الصَّبَا نَشْركُمُ ... قبل أنْ تحمل شيحا وثماما
وابعثوا أشباحكم لي في الكرَى ... إنّ أذِنْتُم لجُفُوني أن تناما
وله:
ظن غداة البين أنّ قد سلما ... لما رأى سهما ولم تجرِ دمًا
وعاد يسْتَقْري حشاهُ فإذا ... فؤاده من بينها قد عُدِما
لم يدْرِ من أين أُصِيب قلْبُهُ ... وإنّما الرّامي دَرَى كيف رما
يا قاتَلَ الله العيونَ خُلِقَتْ ... جَوَارِحًا، فكيف عادت أسهما؟
توفي في جُمَادى الآخرة.(9/453)
286 - ميمون بن سهل، أبو نجيب الواسطي، ثم الهروي الفقيه. [المتوفى: 428 هـ]
مات في رمضان، وروى عن أبي بكر محمد بن حمد المفيد، وأبي القاسم بكر بن أحمد، وجماعة. روى عنه ابنه نجيب، وأبو عليّ جُهَانْدار.(9/454)
287 - يوسف بن حمويه بن خَلَف، أبو الحجّاج الصَّدفيّ السِّبْتيّ الفقيه المالكيّ، [المتوفى: 428 هـ]
قاضي سبْته نَيِّفًا وعشرين سنة.
سمع بالأندلس من أبي بكر الزُّبَيْديّ، وأبي محمد الأصيليّ، وخَطَّاب بن مَسْلَمة، وعبد الله بن محمد الباجيّ، وكان صالحًا متواضعًا، أديبًا شاعرًا.(9/454)
-سنة تسع وعشرين وأربعمائة(9/455)
288 - أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل، أبو عبد الله المَحَامليّ. [المتوفى: 429 هـ]
سمع أبا بكر النّجّاد، وأبا سهل بن زياد، ودَعْلَج بن أحمد، والشّافعيّ.
ووُلِد في سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خَيْرُون. وأبو غالب الباقِلّانيّ، وجماعة من مشيخة السِّلَفيّ الّذين ببغداد.
وقال الخطيب: كان سماعه صحيحًا، وحدَّث له صممٌ في أوّل سنة ثمان وعشرين، وتوفي سنة تسع في ربيع الآخر. قال: عاش ستًّا وثمانين سنة.(9/455)
289 - أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن خُشْنَام، أبو مسعود الخُشْنَاميّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 429 هـ]
تُوُفّي يوم النَّحر.(9/455)
290 - أحمد بن عليّ بن منصور بن شعيب، القاضي أبو نصر البُخَاريّ. [المتوفى: 429 هـ]
سمع أبا عِمْرو بن صابر البخاريّ، وغيره.(9/455)
291 - أحمد بن عمر بن عليّ، [المتوفى: 429 هـ]
قاضي درزيجان.
سمع ابن المظفّر، وأبا حفص الزّيّات، وعدّة. سكن درزيجان. روى عنه الخطيب.(9/455)
292 - أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن ميمون، أبو نصر ابن الوتار. [المتوفى: 429 هـ]
شيعي بغداد، سمع منه الخطيب. يروى عن ابن المظفّر، وأبي بكر بن شاذان.
ضعيف.(9/455)
293 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لُبّ بن يحيى، أبو عمر المعافري الأندلسي الطلمنكي المقرئ، [المتوفى: 429 هـ]
نزيل قُرْطُبة، وأصله من طَلَمَنْكَة.
أوّل سماعه سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، روى عَنْ أَبِي عيسى يحيى بْن عَبْد اللَّه الَّلْيثيّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، وأحمد بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي محمد الباجيّ، وخَلَف بن محمد الخَوْلانيّ، وأبي الحسن الأنطاكيّ المقرئ. وحجّ فلقي بمكّة أبا الطّاهر محمد بن محمد العُجَيْفيّ، وعمر بن عِرَاك المصريّ، وبالمدينة يحيى بن الحسين المُطَّلبيّ، وبمصر أبا بكر محمد بن عليّ الأذفوي، وأبا الطّيّب بن غَلْبُون، وأبا بكر المهندس، وأبا القاسم الْجَوْهَريّ، وأبا العلاء بن ماهان، وبدِمْيَاط محمد بن يحيى بن عمّار، وبإفريقيّة أبا محمد بن أبي زيد، وأبا جعفر أحمد بن رحمون، ورجع بعِلمٍ كثير.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو محمد بن حَزْم، وعبد الله بن سهل الأندلسي.
وكان حبرا في علم القرآن، قراءاته، وإعرابه، وناسخه ومنسوخه، وأحكامه، ومعانيه. صنّف كُتُبًا حِسَانًا نافعةً على مذاهب السُّنَّة، ظهر فيها علمه، واستبان فيها فهمه. وكان ذا عناية تامّة بالأثر ومعرفة الرّجال، حافظًا للسُّنَن، إمامًا عارفًا بأصول الدّيانات. قديم الطّلب، عالي الإسناد، ذا هَدْيٍ وسُنَّةٍ واستقامة.
قال أبو عَمْرو الدّانيّ: أخذ القراءة عَرْضًا عَنْ أبي الحسن الأنطاكيّ، وابن غَلْبُون، ومحمد بن الحسين بن النُّعْمَان، وسمع من محمد بن عليّ الأُدْفُويّ، ولم يقرأ عليه، وكان فاضلا ضابطا، شديدا في السنة.
قال ابن بَشْكُوَال: كان سيفًا مجرّدًا على أهل الأهواء والبِدَع، قامِعًا لهم؛ غَيُورًا على الشّريعة، شديدًا في ذات الله، أقرأ النّاس محتسِبًا، وأسمع الحديث، والتزم الإمامة بمسجد مُنْعَة. ثمّ خرج إلى الثَّغْر، فتجوّل فيه، وانتفع النّاس بعلمه، وقصد بلده في آخر عمره فتوفي بها. [ص:457]
أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن عيسى بن محمد بن بَقِيّ الحَجّاريّ، عن أبيه قال: خرج علينا أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ يومًا ونحن نقرأ عليه فقال: اقرأوا وأَكْثِرُوا، فإنّي لا أتجاوز هذا العام. فقلنا له: ولِمَ يرحمك الله؟ فقال: رأيتُ البارحة في منامي مَن يُنشدني:
اغْتَنِمُوا البر بشيخ توى ... تَرْحَمُه السَّوقَةُ والصِّيدُ
قد خَتَمَ العُمْرَ بعيدٍ مضى ... ليس له من بعده عِيدُ
فتُوُفّي في ذلك العام.
ولد سنة أربعين وثلاثمائة، وتُوُفّي في ذي الحجّة.
روى عنه جماعة كثيرة، وقد امتحن لفرط إنكاره، وقام عليه طائفة من المخالفين، وشهدوا عليه بأنّه حَرُورِيّ يرى وضع السَّيف في صالحي المسلمين. وكانوا خمس عشر شاهدا من الفقهاء والنبهاء، فنصره قاضي سَرَقُسْطَة في سنة خمسٍ وعشرين، وأشهد على نفسه بإسقاط الشُّهود، وهو القاضي محمد بن عبد الله بن فرقون.(9/456)
294 - أحمد بن محمد بن إسماعيل، أبو بكر القَيْسيّ المعروف بابن السَّبْتيّ. [المتوفى: 429 هـ]
حجّ بعد السبعين وثلاثمائة، وسمع من أبي محمد بن أبي زيد، والداودي، وعطيّة بن سعيد. وسمع بقُرْطُبة من ابن مفرج القاضي.
وكان زاهدا عالما فاضلا، توفي بسبتة وقد شاخ.(9/457)
295 - أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو بكر اليَزْديّ الحافظ. [المتوفى: 429 هـ]
حافظ رحّال، مصنِّف كبير، وهو خال أبي بكر أحمد بن مَنْجُوَيْه الحافظ. روى عن أبي الشّيخ، وغيره. سمع منه أبو عليّ الحدّاد في هذه السنة.(9/457)
296 - أحمد بن محمد بن عُبَيْد الله بن محمد، أبو بكر البُسْتيّ الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 429 هـ]
كان من كبار الأئمة بنيسابور، ومن أولي الرياسة والحشمة. سمع الكثير، وأملى مدّة عن الدَّارَقُطْنيّ، وطبقته. روى عنه مسعود السِّجَزيّ.
وتُوُفّي في ثالث عشر رجب.(9/458)
297 - إسحاق بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، الحافظ أبو يعقوب السَّرْخَسيّ، ثمّ الهَرَويّ القرّاب، [المتوفى: 429 هـ]
الإمام الجليل، محدَّث هَرَاة.
له مصنّفات كثيرة، وُلِد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وطلب الحديث فأكثر. قال أبو النَّضْر الفَامِيّ: حتى أنّ عدد شيوخه زاد على ألف ومائتي نفس، وله " تاريخ السِّنين " الّذي صنّفّه في وفاة أهل العلم، من زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى سنة وفاته سنة تسع وعشرين، ومنها: كتاب " نسيم المُهَج "، وكتاب " الأُنْس والسَّلْوَة "، وكتاب " شمائل العُبّاد ". قال: وكان زاهدًا مُقِلًّا من الدّنيا.
قلت: سمع العباس بن الفضل النضرويي، وجدّه محمد بن عمر بن حَفْصُوَيْه، وأبا الفضل محمد بن عبد الله السّيّاريّ، وعبد الله بن أحمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخَسِيّ، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن عبد الله النُّعَيْميّ، والخليل بن أحمد القاضي، وأبا الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن حمزة، والحسين بن أحمد الشّمَّاخِيّ الصّفّار، وأبا منصور محمد بن عبد الله البزاز، وهذه الطبقة فمن بعدهم، حتّى كتب عمّن هو أصغر منه، وحدَّث عن الحافظ أبي عليّ الحسن بن عليّ الوخْشيّ وهو من أصحابه.
روى عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، وأبو الفضل أحمد بن أبي عاصم الصَّيْدلانيّ، والحسين بن محمد بن مَتّ، والهَرَويّون. وقد احتجّ به شيخ الإسلام في الجرْح والتَّعديل.(9/458)
298 - إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد، أبو محمد المصريّ المقرئ الحداد. [المتوفى: 429 هـ][ص:459]
رجلٌ صالح جليل القدر، روى عن الحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سلمة الخيّاش، والعباس بن أحمد الهاشمي. روى عنه القاضي أبو الحسن الخلعي، والمصريون، وسعد الزنجاني.
توفي في صفر.
وقد قرأ بالرّوايات وأقراها؛ وأخذ عن أبي محمد غزوان بن القاسم المازنيّ، وأبي عدي عبد العزيز بن علي الإمام، ويحيى بن مُطَيّر، وحمدان بن عَوْن الخَوْلانيّ، وغيرهم. قرأ عليه أبو القاسم الهُذَليّ، وجماعة.
عُمِّر دهرًا.(9/458)
299 - إسماعيل بن محمد بن مؤمن، أبو القاسم الحَضْرميّ الإشبيليّ. [المتوفى: 429 هـ]
حجّ وقرأ بمصر على طاهر بن غَلْبُون، وسمع من أبي الحسن القابِسيّ، وكان مُتفنّنًا في العلوم جامعًا لها.
تُوُفّي في صَفَر، وقد نَيّف على السّبعين.(9/459)
300 - حجاج بن محمد بن عبد الملك، أبو الوليد اللخمي الإشبيلي. [المتوفى: 429 هـ]
رحل وسمع من أبي الحسن القابسي، والداودي، وكان معتنيا بالعلم.
ذكره أبو محمد بن خَزْرَج.(9/459)
301 - حجّاج بن يوسف، أبو محمد اللّخْميّ الإشبيليّ، ويُعرف بابن الزّاهد. [المتوفى: 429 هـ]
سمع من أبي محمد الباجِيّ، وأبي بكر بن السّليم القاضي، وابن القُوطِيّة، وجماعة قدماء، وكان مقدَّمًا في الفهم والشِّعْر.
تُوُفّي عن نحو ثمانين سنة.(9/459)
302 - الحَسَن بن أحمد بن عبد الله بن حمدية، أبو عليّ البغداديّ، [المتوفى: 429 هـ]
أخو عبد الله.
حدَّث بمجلسٍ واحدٍ عن أبي بكر الشّافعيّ. [ص:460]
قال الخطيب: لم أسمع منه، وكان صدوقًا. مات في رمضان.(9/459)
303 - الحسن بن عليّ بن الصَّقْر، أبو محمد البغداديّ، المقرئ، الكاتب. [المتوفى: 429 هـ]
كان كثير التّلاوة، عالي الإسناد؛ قرأ لأبي عَمْرو على زيد بن أبي بلال الكوفيّ، وهو آخر من قرأ عليه. تلا عليه القرآن عبد السيد، وأبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل، وثابت بن بُنْدَار، وأبو الخطّاب عليّ بن عبد الرحمن بن الجرّاح، وأبو الفضل بن خَيْرُون، وغيرهم.
وكان رئيسًا جليلًا مُعمَّرًا، وُلِد سنة خمسٍ وثلاثين وثلاثمائة، وكان يمكنه السّماع من إسماعيل الصّفّار، وطبقته. توفي في ثالث عشر جمادى الأولى.(9/460)
304 - الحسين بن أحمد بن سَلَمَة، القاضي أبو عبد الله الرَّبَعيّ الدّمشقيّ، الفقيه المالكيّ. [المتوفى: 429 هـ]
قاضي ديار بكر.
سمع من يوسف المَيَانَجِيّ، وأبي حفص ابن الزّيّات، والقاضي أبي بكر الأبْهَريّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة. روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ، وعمر بن أحمد الآمِديّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وآخرون.
حدَّث في هذا العام بصور.(9/460)
305 - الحسين بْن أحمد بْن عبد الله الإمام أبو عبد الله ابن الحربيّ المقرئ. [المتوفى: 429 هـ]
قرأ على عمر بن محمد بن عبد الصّمد، والحسن بن عثمان البُرْزَاطيّ، وأبي العبّاس عبد الله بن محمد أصحاب ابن مجاهد. تلا عليه عبد السّيّد بن عتّاب، وقد حدَّث عن النّجّاد. روى عنه أبو الفضل بن خَيْرُون، ومحمد بن محمد ابن المسلمة، وكان ظاهر الصلاح.
قال ابن البناء: كان من أولياء الله، يُقرئ النّاس ويُلقي عليهم ما [ص:461] ينفعهم من الفقه والأحاديث، وله كرامات كثيرة.
مات في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين.(9/460)
306 - الحسين بن ميسون بن حَسْنُون، أبو عليّ المصريّ. [المتوفى: 429 هـ]
رجل صالح؛ ورَّخه الحبّال.(9/461)
307 - خَلَف، مولى جعفر الفتى. المقرئ أبو سعيد [المتوفى: 429 هـ]
مولى بني أُمية الأندلسيّ.
حجّ وسمع من أبي بكر الأدفُويّ، وأبي القاسم الْجَوْهَريّ، وأبي محمد بن أبي زيد، وأبي القاسم عُبَيْد الله السَّقَطيّ.
قال الخَوْلانيّ: كان نبيلًا من أهل القرآن والعلم، مائلًا إلى الزّهد والانقباض. روى عنه أبو عبد الله بن عتّاب وأثنى عليه.
قال أبو عَمْرو الدَّانيّ: تُوُفّي في ربيع الآخر، وقرأ القرآن على أبي أحمد السامري، والأدفوي. حدَّث بقرطبة، وغيرها.(9/461)
308 - سعيد بن إدريس أبو عثمان السُّلَميّ الإشبيليّ، المقرئ. [المتوفى: 429 هـ]
رحل وحجّ، ولقي بمصر أبا الطّيّب بن غلبون، وكانت عنده حُظْوَة ومنزلة، وسمع تصانيفه، ولقي أبا بكر الأُدْفُويّ، وأخذ عنه، وسمع من عبد العزيز بن عبد الله الشُّعَيْريّ كتاب " الوقف والابتداء " بسماعه من ابن الأنباريّ، ورجع إلى الأندلس، وقد برع في علم القراءات.
وكان حَسَنَ الحِفْظ، مجوِّدًا، فصيحًا، طيّب الصّوت، معدوم المِثْل، وكان إمامًا للمؤيّد بالله هشام بن الحَكَم بقُرْطُبة، فلمّا وقعت الفتنة خرج إلى إشبيليّة فسكنها، وبها تُوُفّي وله سبعٌ وثمانون سنة.
ورَّخه أبو عَمْرو الدَّانيّ، وترجمه الخَوْلانيّ.
وقال أبو محمد بن خَزْرج: تُوُفّي في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وعشرين، وقد كمّل الثمانين.(9/461)
309 - سعيد بن عبد الله بن دُحَيْم، أبو عثمان الأزدي الفِرِّيْشيُّ النَّحْويُّ [المتوفى: 429 هـ]
نزيل إشبيليّة.
كان إمامًا في معرفة " كتاب " سِيبوَيْه، بارعًا في اللُّغة والشِّعْر، إخباريًّا. أخذ عن أبي نصر هارون بن موسى، ومحمد بن عاصم، ومحمد بن خطّاب. ذكره ابن خَزْرَج.(9/462)
310 - سفيان بن الحسين، أبو العز الغَيْسَقانيُّ الهروي. [المتوفى: 429 هـ]
روى عن بِشْر بن محمد المُزَنيّ. روى عنه الحسين بن محمد الكتبي.(9/462)
311 - سهل بن محمد بن الحسن بن إسحاق، أبو عثمان الخلنجي المعدل. [المتوفى: 429 هـ]
روى عن الطبراني، وجده الحسن، وأبي بكر القبّاب، سمع منه عليّ بن أحمد بن مهران، وابن فاذويه. من بيت العدالة والصلاح بأصبهان.(9/462)
312 - صلة بن المؤمّل بن خَلَف، أَبُو القاسم البَغْداديُّ، [المتوفى: 429 هـ]
نزيل مصر.
رَوَى عَنْ القَطِيعيّ، وأبي محمد بن ماسي، ونحوهما، وحدَّث بالكثير. روى عنه ابن أبي الصقر الأنباري.(9/462)
313 - ظَفْرُ بن مُظَفَّر بن عبد الله بن كتنة، الفقيه أبو الحسين الحلبي الناصري الشافعيّ. [المتوفى: 429 هـ]
سمع عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبيد الله الورّاق. روى عنه السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ.
مات في الكهولة.(9/462)
314 - عبد الله بن رضا بن خالد بن عبد الله بن رِضا، أبو محمد اليابُرِيّ المغربيّ، [المتوفى: 429 هـ]
من رهْط الأخطل الشّاعر.
كان بارعًا في الأدب والبلاغة والنَّظْم والإنشاء، له ذِكْر، أخذ عن أبي [ص:463] بكر الزبيدي، وابن القوطية، وابن أبي الحباب، وتُوُفّي بإشبيليّة في ذي الحجّة عن بضعٍ وسبعين سنة.(9/462)
315 - عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران البغدادي الشاهد، أبو محمد [المتوفى: 429 هـ]
ابن الشّيخ أبي الحسين.
سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وجماعة.
قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا، وتُوُفّي في شوّال.(9/463)
316 - عبد الرحمن بن أحمد بن أشج، أبو زيد القرطبي. [المتوفى: 429 هـ]
روى عن أحمد بن عبد الله بن العَنان، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وابن مُفَرِّج القاضي.
قال ابن حيّان: كان من أهل العدالة والمروءة، وكان قليل العلم. تُوُفّي في رجب هو والقاضي يونس في يوم.(9/463)
317 - عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن عبد الرحمن بن سعيد بن خالد بن حُمَيْد بن أبي العجائز الأزْديّ الدّمشقيّ، المعدّل. [المتوفى: 429 هـ]
سمع من أبيه، وأبي بكر المَيَانِجِيّ، والرَّبَعيّ. روى عنه ابنه عبد الله، وأبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وقال: مات في محرَّم.(9/463)
318 - عبد القاهر بن طاهر، الأستاذ أبو منصور البغداديّ. [المتوفى: 429 هـ]
مات بإسْفَرايين، وكان أحد الفُقهاء. سمع أبا عَمْرو بن نُجَيْد، وأبا عَمْرو محمد بن جعفر بن مطر. روى عنه أبو بكر البَيْهَقيّ، وعبد الغفّار بن محمد بن شِيرُوَيْه، وأبو القاسم عبد الكريم القُشَيريّ.
وكان أبو منصور تلميذ الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وكان يدرّس في سبعة عشر فنًّا، وكان محتشمًا متموِّلًا. صنّف كتاب " التَّكملة " في الحساب.
وقال أبو عثمان شيخ الإسلام الصّابونيّ: كان الأستاذ أبو منصور من أئمّة الأصول، وصدور الإسلام، بإجماع أهل الفضل والتّحصيل. بديع التّرتيب [ص:464] غريب التّأليف والتّهذيب، تراهُ الْجِلَّةُ صدْرًا مقدَّمًا، ويدعوه الأئمة إماما مفخما، ومن خراب نَيْسابور أنِ اضطُّرَّ مثلُه إلى مفارقتها.
وقيل: إنّه لمّا حصَل بإسْفَرايين ابتهجوا بمَقْدِمِهِ إلى الغاية، ودُفِنَ إلى جانب الأستاذ أبي إسحاق.
وقد أفردتُ له ترجمةً، ووقع لي من عواليه.(9/463)
• - عبد الملك بن محمد أبو منصور الثّعالبيّ. [المتوفى: 429 هـ]
الأصحّ موته في سنة ثلاثين.(9/464)
319 - عبد الملك بن سليمان بن عمر بن عبد العزيز، أبو الوليد الإشبيليّ ابن القُوطِيّة. [المتوفى: 429 هـ]
كان متصرِّفًا في الفقه والحساب والآداب، بارعًا في عقْد الوثائق، راويةً للأخبار. روى عن أبي بكر بن السّليم القاضي، وأبان بن السّرّاج، وجماعة، وأوّل ما سمع سنة ست وخمسين وثلاثمائة.(9/464)
320 - عليّ بن الحسن الأديب، أبو طاهر ابن الحَمَاميّ الشّاعر. [المتوفى: 429 هـ]
خَدَم بني بُوَيْه، وترسّل إلى الأطراف. روى عنه القاضي أبو تمام الواسطيّ، والحسين ابن الصابئ.(9/464)
321 - محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق، أبو الفضل الدَّنْدَانْقانيّ الفقيه المعروف بالزّاهريّ، [المتوفى: 429 هـ]
وهي نسبة إلى زاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، لكونه رحلَ إليه، وتفقَّه عليه.
روى عنه وعن أحمد بن سعيد المعداني، وأبي القاسم بن حبيب [ص:465] المفسِّر، وغيرهم. روى عنه ابنه إسماعيل، وأبو حامد أحمد بن محمد الشُّجَاعيّ، ومحمد بن أحمد الطَّبَسيّ.
وتُوُفّي بقريته عن نَيِّفٍ وتسعين سنة.(9/464)
322 - محمد بن سعيد بن محمد بن نَبَات، أبو عبد الله الأُمويّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 429 هـ]
روى عن أبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي الحسن الأنطاكي المقرئ.
وكان ثقة صالحا، معتنيا بالعلم، جيد المشاركة، من أهل السنة.
توفي في المحرم عن ثلاثٍ وتسعين سنة.(9/465)
323 - محمد بن سعيد الخطّابيّ الهَرَويّ. [أبو عبد الله] [المتوفى: 429 هـ]
عاش نَيِّفًا وتسعين سنة.
كنيته أبو عبد الله.
رَوَى عَنْ: حامد الرّفّاء.
رَوَى عَنْهُ: أبو عبد الله العُمَيْريّ، وأهل هَرَاة.(9/465)
324 - محمد بن علي بن محمد، أبو بكر السَّقَطيّ. [المتوفى: 429 هـ]
سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وغيره. روى عنه الخطيب، وصدَّقه.
تُوُفّي فِي ذي الحجّة.(9/465)
325 - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن محمد القاضي، أبو بكر ابن الأخضر الدّاوديّ الفقيه. [المتوفى: 429 هـ]
بغداديّ ثقة، إمام. سمع أبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا الحسين بن المظفَّر، وجماعة، وثّقه الخطيب وروى عنه. عاش ستًّا وسبعين سنة.(9/465)
326 - محمد بن محمد بن محمد، أبو الموفَّق النَّيْسَابوري. [المتوفى: 429 هـ]
محدَّث رحّال. سمع ببغداد أبا الحسن ابن الجنديّ، وبدمشق عبد الوهّاب الكِلابيّ، وبمصر الحافظ عبد الغني. [ص:466]
روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ، وأبو القاسم بن الفرات، وأبو بكر الخطيب.(9/465)
327 - محمد بن يوسف بن محمد، أبو عبد الله الأُمويّ القُرْطُبيّ النّجّاد. [المتوفى: 429 هـ]
خال الحافظ أبي عمرو الداني.
أخذ القراءة عرضا عن أبي أحمد الساري بمصر، وأبي الحسن الأنطاكيّ بقُرْطُبة.
وكان صدوقًا، متقنًا، عارفًا بالقراءات والعربيّة والحساب، أقرأ النّاسَ بقُرْطُبة، ثمّ استوطن الثَّغْر، وأقرأ الناسَ به دهرًا، وتُوُفّي في ذي القعدة وقد قارب الثمانين.(9/466)
328 - نصر بن شعيب، أبو الفتح الدِّمياطيّ. [المتوفى: 429 هـ]
قدِم الأندلس تاجرًا، وكانت له رواية واسعة عن جماعة. روى عن أبي بكر الأُدْفُويّ كثيرًا.
وكان مجوّدًا للقرآن، عارفًا للعربية. قدم الأندلس في هذا العام.(9/466)
329 - يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن محمد بن عبد الله، قاضي القضاة بقرطبة، أبو الوليد ابن الصفار، [المتوفى: 429 هـ]
شيخ الأندلس في عصره ومسندها وعالمها.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وحدَّث عن أبي بكر محمد بن معاوية القرشي صاحب النَّسَائيّ، وأبي عيسى اللّيْثيّ، وإسماعيل بن بدر، وأحمد بن ثابت التَّغْلبيّ، وتميم بن محمد القروي، والقاضي محمد بن إسحاق بن السليم، وتفقه مع القاضي أبي بكر بن زرب، وجمع مسائله، وروى أيضا عن أبي بكر ابن القُوطِيّة، واحمد بن خالد التّاجر، ويحيي بن مجاهد، وأبي جعفر بن عون الله، وابن مفرج، والباجي، وأبي زكريا بن عائذ، والزبيدي، وأبي الحسن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي، وأبي محمد بن عبد المؤمن، وأبي عبد الله بن أبي دليم، وسمع منهم وأكثر عنهم، وقد أجاز له من المشرق الحسن بن رشيق، وأبو الحسن الدارقطني. [ص:467]
وولي أولا قضاء بطليوس، ثم صرف، وولي خطابة مدينة الزهراء. ثم ولي القضاء والخطبة بقرطبة مع الوزارة. ثم صرف عن جميع ذلك ولزِم بيته. ثمّ ولي قضاء الجماعة والخطبة سنة تسع عشرة وأربعمائة، فبقي قاضيا إلى أن مات.
قال صاحبه أبو عمر بن مهديّ: كان من أهل العلم بالحديث والفقه، كثير الرّواية، وافر الحظّ من العربيّة واللّغة، قائلًا للشِّعر النَّفيس، بليغًا في خُطَبه، كثير الخشوع فيها، لا يتمالك من سمعه عن البكاء، مع الزُّهد والفضل والقنوع باليسير. ما لقيت في شيوخنا مَن يُضاهيه في جميع أحواله. كنتُ إذا ذاكَرْتُهُ شيئًا من أمر الآخرة يصفرُّ وجهه ويدافع البكاء، وربّما غلبه، وكان الدَّمْع قد أثّر في عينيه وغيّرها لكثرة بكائه، وكان النّور بادياُ على وجهه. وصَحِب الصّالحين، وما رأيتُ أحفظ منه لأخبارهم وحكاياتهم.
صنّف كتاب " المنقطعين إلى الله "، وكتاب " التّسليّ عن الدّنيا "، وكتاب " فضل المتهجّدين "، وكتاب " التّسبّب والتّيسير "، وكتاب " محبة الله والابتهاج بها "، وكتاب " المستصرخين بالله عند نزول البلاء ".
روى عنه مكّيّ بن أبي طالب القَيْسيّ، وأبو عبد الله بن عائذ، وأبو عَمْرو الدّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ، ومحمد بن عتّاب، وأبو عمر ابن الحذّاء، وأبو محمد بن حزْم، وأبو الوليد سليمان بن خَلَف الباجيّ، وأبو عبد الله الخَوْلانيّ، وحاتم بن محمد، ومحمد بن فرج مولى ابن الطّلّاع، وخلْق سواهم، ودُفِنَ يوم الجمعة العصر لليلتين بقيتا من رجب، وشيّعه خلق عظيم، وكان وقت دفنه غيث وابل، رحمه الله.
ومن شِعره:
فررتُ إليكَ من ظُلمي لنفسي ... وأوحَشَني العبادُ فأنتَ أُنْسي
رضاكَ هو المُنى، وبكَ افتخارِي ... وذِكْرُكَ في الدُّجى قَمَري وشمسي
قصدت إليك منقطعا غريب ... لتُؤنسَ وحْدَتي في قَعْر رمْسي
وللعُظْمى من الحاجاتِ عندي ... قصدتَ وأنتَ تعالمُ سرَّ نفسي(9/466)
-سنة ثلاثين وأربعمائة(9/468)
330 - أحمد بن الحسن بن فُورك بن محمد بن فُورك بن شَهْريار. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن الطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ. روى عنه سعيد بن محمد البقّال.
حدَّث في هذه السَّنة في آخرها.(9/468)
331 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران، الحافظ أبو نُعَيْم الأصبهاني الصُّوفيّ الأحْوَل، [المتوفى: 430 هـ]
سِبْط الزّاهد محمد بن يوسف البناء.
كان أحد الأعلام ومَن جمع الله له بين العُلُوّ في الرّواية والمعرفة التّامة والدّراية، رحلَ الحفّاظ إليه من الأقطار، وأَلحقَ الصِّغار بالكبار.
ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة بأصبهان، واستجاز له أبوه طائفةً من شيوخ العصر تفرّد في الدّنيا عنهم. أجاز له خَيْثَمة بن سُليمان وجماعة من الشّام، وجعفر الخُلْديّ وجماعة من بغداد، وعبد الله بن عمر بن شَوْذَب من واسط، والأصَمّ من نَيْسابور، وأحمد بن عبد الرّحيم القَيْسرانيّ.
وسمع سنة أربع وأربعين وثلاثمائة من عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، والقاضي أبي أحمد محمد بن أحمد العسّال، وأحمد بن مَعْبَد السِّمسار، وأحمد بن محمد القصّار، وأحمد بن بُنْدَار الشّعّار، وعبد الله بن الحسن بن بُنْدَار، والطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ، والجِعَابيّ.
ورحلَ سنة ست وخمسين وثلاثمائة، فسمع ببغداد أبا عليّ ابن الصّوّاف، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبا بحر البَرْبَهَاريّ، وعيسى بن محمد الطُّوماريّ، وعبد الرحمن والد المخلّص، وابن خلّاد النَّصِيبيّ، وحبيبًا القزّاز، وطائفة كبيرة، وسمع بمكة أبا بكر الآجُرِّيّ، وأحمد بن إبراهيم الكِنْديّ، وبالبصرة فاروق بن عبد الكبير الخطّابيّ، ومحمد بن عليّ بن مسلم العامري، وأحمد بن جعف السَّقَطيّ، وأحمد بن الحسن اللّكّيّ، وعبد الله بن جعفر الجابريّ، وشَيْبان بن محمد الضُّبَعيّ، وجماعة، وبالكوفة إبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم، وأبا بكر عبد الله بن يحيى الطَّلْحيّ، وجماعة، وبنَيْسابور أبا أحمد الحاكم، وحُسَيْنك التّميميّ، وأصحاب السّرّاج، فَمَن بعدهم. [ص:469]
وصنّف مُعْجمًا لشيوخه، وصنَّف كتاب " حِلْية الأولياء "، وكتاب " معرفة الصّحابة "، وكتاب " دلائل النُّبُوَّة "، وكتاب " المستخرج على البخاري "، و " المستخرج على مسلم "، وكتاب تاريخ بلده، وكتاب " صفة الجنَّة "، وكتاب " فضائل الصحابة "، وصنّف شيئًا كثيرًا من المصنَّفات الصِّغار، وحدَّث بجميع ذلك.
روى عنه كوشيار بن لياليزور الجيلي، وتوفي قبله ببضع وثلاثين سنة، وأبو سعْد المالِينيّ وتُوُفّي قبله بثماني عشرة سنة، وأبو بكر بن أبي عليّ الذَّكْوَانيّ، وتُوُفّي قبله بإحدى عشرة سنة، والحافظ أبو بكر الخطيب، والحافظ أبو صالح المؤذّن، والقاضي أبو عليّ الوَخْشيّ، ومستمليه أبو بكر محمد بن إبراهيم العطّار، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وهبة الله بن محمد الشّيرازيّ، ويوسف بن الحَسَن التَّفَكُّريّ، وعبد السّلام بن أحمد القاضي، ومحمد بن عبد الجبّار بن ييّا، وأبو الفضل حمد، وأبو عليّ الحسن ابنا أحمد الحدّاد، وأبو سعد محمد بن محمد المطرز، وأبو منصور محمد عبد الله الشُّرُوطيّ، وغانم البُرْجيّ، وخلْق كثير، آخرهم وفاة أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدستج الذهبي.
قال أبو محمد ابن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحدا أطلق عليه أسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم الأصفهاني، وأبو حازم العبدويي.
وقال ابن المفضل الحافظ: قد جمع شيخنا السلفي أخبار أبي نعيم وذكر من حدَّثه عنه وهُم نحو ثمانين رجلًا، وقال: لم يُصنَّف مثل كتابه " حِلْية الأولياء ". سمعناه على أبي المظفر القاساني عنه سوى فوتٍ يسير.
وقال أحمد بن محمد بن مَرْدَوَيْه: كان أبو نُعَيْم في وقته مَرْحولًا إليه، ولم يكن في أُفُقٍ من الآفاق أسْنَدُ ولا أحْفَظُ منه. كان حُفَّاظ الدّنيا قد اجتمعوا [ص:470] عنده، فكان كلِّ يومٍ نَوْبة واحدٍ منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظُّهْر، فإذا قام إلى داره ربّما كان يُقرأ عَلَيْهِ في الطريق جزء، وكان لا يضْجَر لم يكن له غذاء سوى التّصنيف أو التّسميع.
وقال حمزة بن العبّاس العلويّ: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نُعَيْم أربعَ عشرةَ سنةٍ بلا نظير، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى إسنادًا منه ولا أحفظ منه، وكانوا يقولون: لمّا صنَّف كتاب " الحِلْية " حُمِل إلى نَيْسابور حال حياته، فاشتروه بأربعمائة دينار.
وقد روى أبو عبد الرّحمن السُّلَميّ مع تقدمه عن رجلٍ عن أبي نُعَيْم، فقال في كتاب " طبقات الصوفية ": حدثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي، قال: حدَّثنا أبو نُعَيْم أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا محمد بن عليّ بن حُبَيْش المقرئ ببغداد، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سهل الأَدَميّ، فذكر حديثا.
وقال السلفي: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفرساني يقول: حضرت مجلس أبي بكر بن أبي عليّ المعدَّل في صِغَري مع أبي، فلمّا فرغ من إملائه قال إنسان: مَن أراد أن يحضر مجلس أبي نُعَيْم فلْيَقُمْ - وكان أبو نُعَيْم في ذلك الوقت مهجورًا بسبب المذهب، وكان بين الحنابلة والأشْعَريّة تعصُّبٌ زائدٌ يؤديّ إلى فتنةٍ وقال وقيل، وصراعٍ طويل، فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقرم، وكاد يُقْتَل.
وقال أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أنّ السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا استولى على إصبهان أمرَّ عليها واليا من قِبَله ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه. فردّ السّلطان محمود إليها، وأمّنهم حتّى اطمأنوا. ثمّ قصدهم يوم جمعة وهو في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة، وكانوا قبل ذلك قد منعوا أبا نُعَيْم الْحَافِظُ من الجلوس في الجامع، فَسَلِم ممّا جرى عليهم، وكان ذلك من كرامته.
وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسيّ: سمعت عبد الوهّاب الأنماطي [ص:471] يقول: رأيت بخطّ أبي بكر الخطيب: سألت محمد بن إبراهيم العطّار مستملي أبي نُعَيْم، عن " جزء محمد بن عاصم " كيف قرأتَه على أبي نُعَيْم؟ وكيف رأيت سماعَه؟ فقال: أخرج إلي كتابا، وقال: هو سَمَاعيّ. فقرأتُ عليه. قال الخطيب: وقد رأيت لأبي نُعَيْم أشياء يتساهل فيها، منها أنّه يقول في الإجازة: " أخبرنا " من غير أن يبين.
قال الحافظ أبو عبد الله ابن النّجّار: " جزء محمد بن عاصم " قد رواه الأثبات عن أبي نُعَيْم، والحافظ الصّادق إذا قال: هذا الكتاب سماعي أخْذُهُ عنه بإجماعهم.
قلتُ: وقول الخطيب كان يتساهل في الإجازة إلى آخره، فهذا يفعله نادرًا، فإنه كثيرًا ما يقول: كتب إليَّ جعفر الخُلْديّ، كتب إليّ أبو العبّاس الأصمّ، أخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه، ولكن رأيته يقول: أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قُرئ عليه، والظّاهر أنّ هذا إجازة، وقد حدَّثني الحافظ أبو الحجّاج القُضَاعيّ قال: رأيت بخطّ ضياء الدّين المقدسيّ الحافظ أنّه وجد بخطّ أبي الحجّاج يوسف بن خليل أنّه قال: رأيت أصل سماع الحافظ أبي نُعَيْم لجزء محمد بن عاصم فبطَل ما تخيّله الخطيب.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ الحافظ: سمعت أبا الحسين القاضي يقول: سمعتُ عبد العزيز النَّخْشَبيّ يقول: لم يسمع أبو نُعَيْم " مُسْنَد الحارث بن أبي أُسَامة " بتمامه من أبي بكر بن خلّاد، فحدَّث به كله.
قال الحافظ ابن النّجّار: وَهِم في هذا، فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة، وعليها خطّ أبي نُعَيْم يقول: سمع منّي فلان إلى آخر سماعي من هذا المُسْنَد من ابن خلّاد، فلعلّه روى الباقي بالإجازة، والله أعلم.
لو رجمَ النَّجمَ جميعُ الوَرَى ... لم يصِل الرَّجمُ إلى النَّجمِ
تُوُفّي أبو نُعَيْم، رحمه الله، في العشرين من المحرَّم سنة ثلاثين، وله أربعٌ وتسعون سنة.(9/468)
332 - أحمد بن قاسم بن أصْبَغ البَيّانيّ، أبو عَمْرو القُرْطُبيّ. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن أبيه قاسم بن محمد، عن جدّه قاسم بن أصْبَغ جميع ما رواه. [ص:472]
حدَّث عنه أبو محمد بن حزْم، والطّبْنيّ.
وكان عفيفًا طاهرًا، شديد الانقباض. أصابه فالجٌ قبل موته.(9/471)
333 - أحمد بن الغمْر بن محمد، أبو الفضل الأبِيوَرْديّ. [المتوفى: 430 هـ]
سمع من أبي أحمد بن ماسيّ، وغيره، ومن مَخْلَد بن جعفر الباقرجيّ.
روى عنه شيخ الإسلام الأنصاري.(9/472)
334 - أحمد بن محمد بن هشام بن جَهْوَر بن إدريس، أبو عَمْرو المَرْشَانيّ. [المتوفى: 430 هـ]
من أهل مَرْشَانة. سكن قُرْطُبة.
روى عن أبيه، وعمّه، وأبي محمد الباجيّ، وحجّ سنة خمسٍ وتسعين، وجاور، وسمع من أبي القاسم عُبَيْد الله السَّقَطيّ، وابن جَهْضَم، وأجاز له أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّي من مكّة قديمًا في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. حدَّث عنه القاضي يونس بن عبد الله بن مغيث، وأبو مروان الطُّبْنيّ، وأبو عبد الله الخَوْلانيّ، وأبو عمر بن عبد البَرّ.
وكان رجلًا صالحًا على سُنَّةٍ واستقامة، ومعرفة بالشّروط وعِلَلها.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة وله خمسٌ وسبعون سنة.(9/472)
335 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بْنُ الحارث، أبو بكر التّميميّ الأصبهاني الزّاهد، المقرئ، النَّحْويّ، المحدَّث، [المتوفى: 430 هـ]
نزيل نَيْسابور.
روى عن أبي الشّيخ بن حيان، وأبي الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وعبد الله بن محمد القباب، وجماع. روى عنه أبو بكر البَيْهَقيّ، وعبد الغفّار بن محمد الشّيرُوِييّ، ومنصور بن بكر بن حَيْد، ومحمد بن يحيى المُزَكّيّ، وغيرهم.
وكان إمامًا في العربيّة. تخرَّج به أهل نَيْسابور، وتُوُفّي في ربيع الأوّل وله إحدى وثمانون سنة.(9/472)
336 - أحمد بن محمد بن يوسف، أبو نصر الدُّوغيّ الْجُرْجَانيّ. [المتوفى: 430 هـ]
سمع عبد الله بن عَدِيّ. تُوُفّي قريبًا من سنة ثلاثين.(9/472)
337 - أحمد بن محمد بن إسحاق، أبو منصور المقرئ البغدادي، عُرِف بالحَبَّال. [المتوفى: 430 هـ]
قرأ على أبي حفص الكتّانيّ.
قال الخطيب: ثقة، كتبتُ عنه، وكنتُ أتلقنُ عليه. مات في ذي الحجّة.(9/473)
338 - إسماعيل بن أحمد بن عبد الله أبو عبد الرحمن الحِيريّ، النَّيْسابوريّ الضّرير، المفسِّر. [المتوفى: 430 هـ]
حدَّث عن أبي الفضل محمد بن الفضل بن خُزَيْمَة، وأبي محمد الحسن بن أحمد المَخْلَديّ، وزاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، وأبي الحسين الخَفّاف، ومحمد بن مكي الكشمهني.
قال الخطيب: قدِم علينا حاجًا سنة ثلاثٍ وعشرين، ونِعْم الشّيخ عِلْمًا وأمانة وصدقًا وخُلُقًا، ولد سنة إحدى وستين وثلاثمائة، ولما حج كان معه حمل كتب ليجاور، فرجع النّاس لفساد الطّريق، فعاد إلى نَيْسابور، وكان في جملة كُتُبه " البُخَاري "، قد سمعه من الكشميهني. فقرأت عليه جميعه في ثلاثة مجالس، اثنان منها في ليلتين، كنتُ أبتدئ بالقراءة وقت المغرب، وأقطعها عند صلاة الفجر، وقبل أنْ أقرأ الثّالث عبر الشّيخ إلى الجانب الشّرقيّ مع القافلة، فمضيت إليه مع طائفة كانوا حضروا اللّيلتين الماضيتين، فقرأتُ عليه من ضَحْوَة نهارٍ إلى المغرب، ثمّ من المغرب إلى طُلُوع الفجر، ففرغ الكتاب، ورحل الشيخ صبيحتئذ.
قال عبد الغافر، أبو عبد الرحمن الحِيريّ المفسّر المقرئ الزّاهد. أحد أئمة المسلمين؛ كان من العلماء العاملين. له التصانيف المشهورة في القرآن، والقراءات، والحديث، والوعظ رحل في طلب الحديث كثيرًا، وكان نفّاعًا للخلق، مفيدًا مباركًا في علمه وسماعه؛ أخبرنا عنه مسعود بن ناصر. [ص:474]
قلت: ذكر ابن خَيْرُون وفاتَه في سنة ثلاثين، وله " تفسير " مشهور. رحمه الله.(9/473)
339 - إسماعيل بن عبد الله بن الحارث بن عمر، أبو عليّ المصريّ الأديب البزّاز. [المتوفى: 430 هـ]
دخل الأندلس تاجرًا في هذه السّنة، وقد سافر إلى العراق، وخُراسان، واليمن، ولقي أبا بكر الأبْهَريّ، وغيره، واستكثر من الرّواية، وبرع في اللُّغة والعربيّة، وكان من أهل الدّين والفضل، وُلِد بعد سنة خمسين وثلاثمائة.(9/474)
340 - الحسن بن أحمد بن محمد، الخطيب أبو عليّ البَلْخيّ. [المتوفى: 430 هـ]
قدِم بغداد حاجًّا، فحدَّث عن محمد بن أحمد بن شاذان البلْخيّ، وغيره.
قال الخطيب أبو بكر: كان ثقة. عاش ستًّا وتسعين سنة.(9/474)
341 - الحسن بن أحمد بن محمد بن عمر، الشيخ أبو محمد ابن المسلِمة المعدّل. [المتوفى: 430 هـ]
حدَّث عن محمد بن المظفّر.
قال الخطيب: صدوق. مات في صفر.(9/474)
342 - الحسين بن شُعَيْب، أبو عليّ المَرْوَزيّ السِّنْجِيّ، الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 430 هـ]
عالم أهل مَرْو في وقته.
تفقّه بأبي بكر القفّال المَرْوَزيّ، وصَحِبه حتّى برع، ورحل وسمع من السّيّد أبي الحسن العلويّ، وأصحاب المَحَامليّ.
وهو أوّل من جمع في المذهب بين طريقتي الخُراسانيّين والعراقيّين، وله وجه في المذهب، وتفقّه ببغداد على الشّيخ أبي حامد.(9/474)
343 - الحسين بْن محمد بْن الْحَسَن، أبو عبد الله البغداديّ الخلّال المؤدِّب. [المتوفى: 430 هـ][ص:475]
سمع أبا حفص ابن الزّيّات، وجماعة، ودخل إلى ما وراء النّهر، وسمع في طريقه بجُرجَان وهَمَذَان، وسمع " صحيح البخاري " بكشميهن من إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ، ورواه ببغداد.
قال الخطيب: كتبنا عنه ولا بأس به، وهو أخو الحافظ أبي محمد الخلّال.
روى عنه أبو الفضل بن خَيْرُون.(9/474)
344 - الحسين بْن محمد بْن عَلِيّ، أبو عبد الله الباساني. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن أبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد الغطريفي، وحدَّث بصحيح الإسماعيليّ.
روى عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، وأبو عبد الله محمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبو العلاء صاعد بن سَيَّار، وإسماعيل بن حمزة بن فضالة، الهرويون.
توفي في جمادى الآخرة.(9/475)
345 - زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد بن أحمد بن زياد، أبو عبد الله. [المتوفى: 430 هـ]
قرطبي. روى عن أبيه، وأبي محمد الباجيّ وأجاز له. روى عنه أبو إسحاق بن شنْظِير مع تقدُّمه، وأبو عبد الله بن عَتّاب، وعاش خمسًا وثمانين سنة، ولم يكن له كبير عِلْم.(9/475)
• - أبو زيد الدَّبُّوسيّ، هو عبد الله، [المتوفى: 430 هـ]
يأتي.(9/475)
346 - زياد بن عبد العزيز بن أحمد بن زياد الْجِذاميّ، أبو مروان الشّاعر. [المتوفى: 430 هـ]
كان بارعا في الأدب، بليغًا إخباريا. له تصانيف في فُنُون. عاش اثنتين وثمانين سنة وأشْهُرًا، وهو من أدباء الأندلس.(9/475)
347 - السري بن إسماعيل ابن الإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيليّ أبو العلاء الجرجاني. [المتوفى: 430 هـ]
عال عصره في الفقه والأدب، كان متواضعًا، محبًّا للعلماء والفقراء. رحل، وسمع بالرِّيّ، وهَمَذَان، والكوفة، وبغداد، وروى عن جدّه أبي بكر، وأبي أحمد الغِطْريفيّ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي حفص بن شاهين.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
وكان مفتي جُرْجَان بعد والده العلّامة أبي سعْد، وتفقه به جماعة، وتفرّد عن جدّه ببعض الكُتُب، واستكمل سبعين سنة.(9/476)
348 - طاهر بن محمد بن دُوست بن حسن القُهُسْتاني. [المتوفى: 430 هـ]
توفي بنيسابور.(9/476)
349 - عبد الله بن ربيعة بن عمر، أبو سهل الكِنْديّ البُسْتيّ. [المتوفى: 430 هـ]
قدِم دمشق، وحدَّث بها عن أبي سليمان الخطّابيّ، وغيره. روى عنه نجا بن أحمد، وعبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد بن عليّ الفرّاء، وأبو القاسم بن أبي العلاء. سمعوا منه في هذه السّنة.(9/476)
350 - عبد الله بن عمر بن عيسى، القاضي أبو زيد الدَّبُّوسيّ الفقيه الحنفيّ، [المتوفى: 430 هـ]
ودبُّوسيّة بلدة صغيرة بين بُخَارَى وسَمَرْقَنْد.
كان ممّن يُضْرَب به المَثَل في النَّظر واستخراج الحُجَج، وهو أوّل من وضع علم الخلاف وأبرَزَه إلى الوجود. صنَّف كتاب " الأسرار "، وكتاب " تقويم الأدِلّة "، وكتاب " الأمد الأقصى "، وغير ذلك، وكان شيخ تلك الديار.
توفي ببخارى رحمه الله تعالى.(9/476)
351 - عبد الملك بن محمد بن عَبْد اللَّه بْن بِشْران بْن محمد بْن بِشْرَان بن مِهْرَان، مولى بني أُميّة، أبو القاسم البغداديّ الواعظ. [المتوفى: 430 هـ]
مُسْنِد العراق في زمانه. [ص:477]
سمع أبا سهل بن زياد القطّان، وأبا بكر النّجّاد، وحمزة الدِّهْقان، وأحمد بن خُزَيْمَة، ودَعْلَج بن أحمد، وأبا بكر الشّافعيّ، وعبد الخالق بن أبي رُوبا، وأبا بكر الآجُرِّي، وعبد الله الفاكِهيّ، وعمر بن محمد الْجُمَحيّ المكيين.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة ثَبْتًا صالحًا، وُلِد في شوّال سنة تسعٍ وثلاثين.
قلت: روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو الفضل بن خيرون، ومحمد بن سليمان بن لُوبا، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الفقيرة، وأبو غالب محمد بن عبد العزيز إمام جامع الرَّصافة، ومحمد بن المنذر بن طيْبان، وأبو نصْر أحمد بن الحسن المُزَرِّر، وأبو الحسن عليّ بن أحمد بن الخَل، وأبو محمد بن أحمد الخيّاط المقرئ، وأبو الخطّاب عليّ بن الجرّاح، وأبو سعْد الأسَديّ، وأبو غالب الباقِلاني، وعليّ بن أحمد بن فَتْحان الشَّهْرُزُورِيّ، وعدّة.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
قال الخطيب: وأوصى أن يُدْفَن بجنب أبي طالب المكّي، وكان الْجَمْع في جنازته يتجاوز الحَدّ ويفوت الإحصاء.(9/476)
352 - عبد الملك بن محمد بن إسماعيل، أبو منصور الثَّعَالبيّ النَّيْسابوريّ، الأديب الشَّاعر. [المتوفى: 430 هـ]
صاحب التَّصانيف الأدبية، منها: كتاب " المُبْهِج "، وكتاب " يتيمة الدّهر "، وكتاب " فقه اللُّغة "، وكتاب " ثمار القلوب "، وكتاب " التّمثيل والمحاضرة "، وكتاب " غُرَر المَضَاحك "، وكتاب " الفرائد والقلائد "، وكُتُبه كثيرة جدًا، وكان يُلقَّب بجاحظ أوانه، وفيه يقول يعقوب الشّاعر:
سحرتَ النّاسَ في تأليف سحركْ ... فجاء قِلادةً في جَيد دهركْ
وكم لك من مقالٍ في مَعَانٍ ... شواهد عندنا بعُلوّ قدركْ
وُقِيتَ نَوائبَ الدُّنيا جميعًا ... فأنت اليوم جاحظ أهل عصركْ
وقد سارت مصنَّفاته سَيْر المثلْ، وضُرِبت إليه آباط الإبل. [ص:478]
ومن شِعْره في الأمير أبي الفضل الميكاليّ:
لك في المفاخر معجزاتٌ جمّةٌ ... أبدا لغَيرك في الورى لم تُجْمَع
بحران: بحرٌ في البلاغة شأنهُ ... شِعر الوليد وحُسْنُ لَفْظ الأصمعيّ
كالنُّور أو كالسِّحْرِ أو كالبدر أو ... كالوشي في برد عليه مُوَسَّعِ
شُكْرًا فكم من فقرةٍ لكم كالغني ... وافى الكريمَ بعيدَ فقرِ مدقعِ
وإذا تفتّق نورُ شِعرك ناظرًا ... فالحُسْنُ بين مرصَّع ومصرعِ
ولد سنة خمسين وثلاثمائة، وتوفي على الصحيح سنة ثلاثين، وقيل: سنة تسعٍ وعشرين.(9/477)
353 - عُبَيْد الله بن منصور، أبو القاسم البغداديّ المقرئ الغزّال. [المتوفى: 430 هـ]
سمع أبا بكر القَطِيعيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صالحًا ثقة خاشعًا. أُقْعَد في آخر عمره، وتُوُفّي في صفر.(9/478)
354 - عدنان بن محمد بن الحسين، أبو أحمد الهَرَويّ. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن أبي الحسن الخيّاط، وغيره. روى عنه أبو عبد الله العُمَيْريّ، والمليحيّ عبد الأعلى.(9/478)
355 - عليّ بن إبراهيم بن سعيد، أبو الحسن الحوفي ثم المصريّ النَّحْويّ الأوحد. [المتوفى: 430 هـ]
له " تفسيرٌ " جيّد، وكتاب " إعراب القرآن " في عشر مجلّدات، وكُتُب أُخَر، واشتغل عليه خلق من المصريين.
أخذ عن محمد بن عليّ الأُدْفُويّ.(9/478)
356 - علي بن أيوب بن الحسين القمي، أبو الحسن ابن الساربان الكاتب. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن المتنبيّ " ديوانه " بقوله، وعن أبي سعيد السِّيرافيّ، وجماعة.
قال الخطيب: قرأت عليه شِعْر المتنبيّ، وكان رافضيًّا. مات ببغداد، [ص:479] وذكر أن مولده سنة سبع وأربعين وثلاثمائة.(9/478)
357 - القاسم بن محمد بن القاسم بن القاسم بن حمّاد، أبو يَعْلَى القُرَشيّ الخطيب الهَرَويّ. [المتوفى: 430 هـ]
من علماء هَرَاة وأعيانها.(9/479)
358 - القاسم بن محمد بن إسماعيل، أبو محمد القُرَشيّ المرواني القرطبي. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن أبي بكر ابن القُوطِيّة، وكان فصيحًا مفوَّهًا، أديبًا نبيلا. عاش ستا وثمانين سنة.(9/479)
359 - محمد بْن الحُسَيْن بن محمد بْن خلف، أبو خازم ابن الفراء، البغدادي. [المتوفى: 430 هـ]
سمع أبا الحسن الدّراقطني، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا حفص بن شاهين، وأبا الحسن الحربي، وحدث بمصر، والشام. روى عنه الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن المشرف التمار، وأبو الحسن علي بن الحسين الخلعي.
قال الخطيب: لا بأس به. ثمّ بَلَغَنَا أنّه خلّط بمصر، واشترى صُحُفًا فحدَّث منها، وكان يذهب إلى الاعتزال.
وقال الحبّال: مات في المحرَّم.(9/479)
360 - محمد بن سليمان، أبو عبد الله ابن الحنّاط الرُّعَينيّ، الأديب، [المتوفى: 430 هـ]
شاعر أهل الأندلس.
كان يناوئ أبا عامر أحمد بن شُهَيد ويعارضه، وله في ابن شُهَيْد قصيدة، وهي:
أمّا الفِراق فلي من يومِه فرقٌ ... وقد أرِقتُ له لو ينفعِ الأَرقُ
أظْعانهم سابَقت عيني الّتي انْهَمَلَتْ ... أُمُّ الدّموعِ مع الأَضعان تَسْتبِقُ
عاق العقيقُ عن السُّلْوان واتّضَحَتْ ... في تُوْضح لي من نَهْج الهوى طرقُ
لولا النّسيم الّذي تأتي الرّياحُ به ... إذا تضوّع مِن عرْف الحمى الأفق [ص:480]
لم أدْرِ أي بيوتِ الحيّ نازلةٌ ... نَجْدا ولا اعْتادَني نحو الحِمَى القلقُ
ما في الهوادجِ إلّا الشمس طالعةً ... وما بقلبي إلّا الشَّوْق والحُرقُ(9/479)
361 - محمد بن العبّاس بن حسين، أبو بكر البغداديّ القاصّ. [المتوفى: 430 هـ]
فقيرٌ يقصُّ في الطُّرُقات. روى عن أبي بكر القَطِيعيّ، ومحمد بن أحمد المفيد. روى عنه الخطيب.(9/480)
362 - محمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، أبو الفتح الأصبهاني. [المتوفى: 430 هـ]
سمع من جده. روى عنه أبو علي الحداد، وغانم البرجي، وجماعة.(9/480)
363 - مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أحمد، أبو الوليد ابن المعلم الخشني القرطبي. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن أبي بكر بن الأحمر، وأبي محمد الباجيّ، وكان إمامًا في فنون الأدب، وفكّ المُعَمَّى، ونظْم الشِّعْر، ثاقب الذّهن، فحْل النَّظْم، لَهُ تصانيف فِي الأدب. روى عنه ابن خزرج، وقال: عاش تسعًا وسبعين سنة.(9/480)
364 - محمد بن عليّ. أبو بكر الدَّيْنَوَرِيّ الزّاهد. [المتوفى: 430 هـ]
نزيل بغداد.
كان عابدًا قانتًا، خشن العيش، منقبضًا عن النّاس.
قال ابن النّجّار: كان أبو الحسن القَزْوينيّ الزّاهد يقول: عبرَ الدَّيْنَوَرِيّ قنطرةً خَلَّف مَن بعدَه وراءه. روى شيخ الإسلام أبو الحسن الهكاريّ، عن أبي الدَّيْنَوَرِيّ أربعين حديثًا لسَلْمان الفارسيّ.
قلت: موضوعةٌ هي.
توفي لتسع بقين من شهر شَعبان، واجتمع الناس في جنازته من سائر أقطار بغداد، وكان كثير الدخول - فيما بَلغنا - على القادر بالله.(9/480)
365 - محمد بن عمر بن جعفر، أبو بكر الخرقي. [المتوفى: 430 هـ]
بغدادي معروف بابن درهم. سمع أبا بكر بن خلاد النصيبي، والقطيعي، [ص:481] وابن سلم الختلي. روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقًا، عاش سبعًا وثمانين سنة.(9/480)
366 - محمد بن عيسى، أبو عبد الله الرُّعَيْنيّ، ابن صاحب الأحباس. [المتوفى: 430 هـ]
روى بقُرْطُبة عن أبي عيسى اللّيْثيّ، وأبي محمد الباجيّ، وهارون بن موسى النَّحْويّ، وكان نحويا لغويا. حدَّث عنه ابنه الحافظ أبو بكر عيسى.(9/481)
367 - محمد بن عيسى، أبو منصور الهمذاني. [المتوفى: 430 هـ]
من كبار المشايخ، يقال: قتل في هذه السنة في شعبان، رواه الخطيب عن عيسى بن أحمد الهَمَذَانيّ، وسيأتي سنة إحدى وثلاثين.(9/481)
368 - محمد بن محمد بن أحمد بن علي، أبو بكر المُولْقَابَاذِيّ السُّورِينيّ النَّيْسابوريّ، [المتوفى: 430 هـ]
وسُورِين: قرية على نصف فَرْسَخ من نَيْسابور.
وهو ابن عمّ أبي حسّان المزكّيّ. سمع أبوي عمرو: ابن مطر وابن نجيد، وتُوُفّي في رجب.(9/481)
369 - محمد بن المغلّس بن جعفر بن المغلّس، الفقيه أبو الحسن المصريّ الدّاوديّ [المتوفى: 430 هـ]
صاحب كتاب " الموضع ".
سمع الحسن بن رشيق، وغيره.(9/481)
370 - المحسن بن أحمد، القاضي أبو نصر. [المتوفى: 430 هـ]
مات بمَرْو في رمضان.(9/481)
371 - موسى بن عيسى بن أبي حاجّ واسمه يَحُجّ، الإمام أبو عمران الفاسيّ الدّار الغُفْجُوميّ النَّسب - وغُفْجُوم قبيلة من زَنَاتَة - البربريّ الفقيه المالكيّ، [المتوفى: 430 هـ]
نزيل القيروان، وإليه انتهت بها رياسة العلم. [ص:482]
تفقّه على أبي الحسن القابسيّ، وهو أجلُّ أصحابه، ودخل إلى الأندلس، فتفقّه على أبي محمد الأَصِيليّ، وسمع من عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وأحمد بن قاسم التّاهَرْتيّ.
قال ابن عبد البَرّ: كان صاحبي عندهم، وأنا دلَلْتُه عليهم.
قلت: وحجَّ حججًا، وأخذ القراءة عَرْضًا ببغداد عن أبي الحسن الحمّاميّ وغيره، وسمع من أبي الفتح بن أبي الفوارس، ودرس علم الأصول على القاضي أبي بكر ابن الباقِلّانيّ، وكان ذَهابه إلى بغداد في سنة تسعِ وتسعين وثلاثمائة.
قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران الفاسيّ من أعلم النّاس وأحفظهم. جمع حفظ الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه، وكان يقرأ القراءات ويجوّدها مع معرفته بالرّجال، والجرح والتّعديل. أخذ عنه النّاسُ من أقطار المغرب، ولم ألقَ أحدًا أوسع منه علمًا ولا أكثر رواية.
وقال ابن بَشْكُوال: أقرأ النّاسَ مدّة بالقَيْروان. ثمّ ترك الإقراء ودرّس الفقه وروى الحديث.
وقال ابن عبد البَرّ: وُلدت مع أبي عمران في عام واحد سنة ثمانٍ وستين وثلاثمائة.
وقال أبو عمْرو الدَّانيّ: تُوُفّي في ثالث عشر رمضان سنة ثلاثين.
قلت: تخرَّج به خلْق من المغاربة في الفقه.
وذكر القاضي عيّاض أنّه حدَّث في القيروان مسألة " الكُفّار هل يعرفون الله تعالى أم لا "؟ فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في أَلْسِنة العامّة، وكثر المراء، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسيّ فقال: إنْ أنْصَتُّم علّمتكم؟ قالوا: نعم. قال: لا يكلّمني إلّا رجلٌ ويسمع الباقون. فنصبوا واحدًا منهم، فقال له: أرأيتَ لو لقيتَ رجلًا فقلت له: أتعرف أبا عِمران الفاسيّ؟ فقال: نعم. فَقُلْتُ: صفه لِي. فقال: هو بقّال بسوق كذا، ويسكن سَبْتَه. أكان يعرفني؟ قال: لا. فقال: لو لقيتَ آخر فسألته كما سألت الأوّل فقال: أعرفه يدرّس العلم ويُفْتي، ويسكن بغرب الشّماط. أكان يعرفني؟ قال: [ص:483] نعم. قال: كذلك الكافر، قال: لربِّه صاحبةٌ وولد، وأنّه جسمٌ لم يعرف الله، ولا وصفه بصفته، بخلاف المؤمن. فقالوا: شَفَيْتَنَا، ودعوا له، ولم يخوضوا في المسألة بعدها.(9/481)
372 - نصر بن محمد، أبو منصور العُبَيْديّ الهَرَويّ. [المتوفى: 430 هـ]
روى عن المفتي أبي حامد أحمد بن محمد الشّارِكيّ. روى عنه الحسين بن محمد الكتبي.(9/483)
-وممن كَانَ فِي هذا الوقت(9/484)
373 - أحْمَد بْن الحسين بن عليّ التّرّاسيّ، أبو الحسن. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
حدَّث بالمراغة عن أحمد بن الحسن بن ماجه القَزْوينيّ، وأحمد بن طاهر بن النَّجْم المَيَانِجِيّ، وغيرهما. روى عنه أبو علّان سعْد بن حُمَيْد، وعليّ بن هبة الله التّرّاسيّ شيخا السِّلَفيّ.(9/484)
374 - أحمد بن الحسين بن محمد، المحدِّث الأمام أبو حاتم بن خاموش الرّازي البزّاز. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
من علماء السُّنَّة.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي عبد الله الحسين بْن عليّ القطّان، وأحمد بن محمد بن إبراهيم المَرْوَزِيّ الفقيه، والحسين بن محمد المهلبي، والحافظ ابن مَنْدَهْ، وخلْق. روى عنه أبو منصور حجر بن المظفّر، وأبو بكر عبد الله بن الحسين التُّوَبيّ. بقي إلى حدود سنة ثلاثين، بل أربعين.
وحكاية شيخ الإسلام الأنصاريّ معه مشهورة، وقوله: مَن لم يكن حنبليًّا فليس بمسلم. يريد في النِّحْلة، وذلك في ترجمة الأنصاري.
يقع لنا حديثه في " أربعي" الطّائيّ.(9/484)
375 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو الحسن الأصبهاني الشّافعيّ النّجّار. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
شيخ نبيل، ثقة، عالي الإسناد. عنده عن الطَّبْرانيّ. سكن نَيْسابور، وسمع من بِشر بن أحمد أيضًا. روى عنه مسعود بن ناصر، وأحمد بن عبد الملك الإسكاف.(9/484)
376 - أحمد بن عليّ، الحافظ أبو بكر الرازي، ثم الإسفراييني الزّاهد. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
ثقة، حافظ، مفيد، كثير الحديث. أملى بجامع إسْفرايين، وحدَّث عن زاهر السَّرْخَسِيّ، وشافع بن محمد بن أبي عَوَانَة، وأبي محمد المخلدي، وأبي [ص:485] الفضل محمد بن أحمد الخطيب المَرْوَزِيّ، وأبي بكر محمد بن أحمد بن الغِطْرِيف، وطائفة.
وكان يخرّج للشّيوخ، ومات كَهْلًا. روى عنه أبو صالح المؤذن، وأبو بكر.
مر سميه سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.(9/484)
377 - أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزداد، أبو منصور الصَّيْرِفيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
عن أبي الشّيخ، وعنه أبو عليّ الحدّاد، والوخْشيّ.(9/485)
378 - إسماعيل بن أبي أحمد الحسين بن عليّ بن محمد، أبو المظفر ابن حُسَيْنَك التّميميّ النَّيْسابوريّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
وُلِد سنة سبْعٍ وخمسين وثلاثمائة، وسمع من أبيه، وبِشْر بن أحمد، وأبي الحسن محمد بن إسماعيل السّرّاج، وأبي عَمْرو بن نجيد. روى عنه أولاد القشيري.(9/485)
379 - ثابت بن يوسف بن إبراهيم، أبو الفضل القُرَشيّ السَّهْميّ. أخو الحافظ حمزة، الْجُرْجَانيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
شيخٌ نبيل. حدَّث بنَيْسابور في سنة إحدى وعشرين، وردّ إلى جُرجان. روى عن أبي بكر الإسماعيليّ، وأبي الحسن عليّ بن عبد الرحمن البكّائي، وأبي العبّاس الهاشمي، وحدّث بالكثير.(9/485)
380 - خَلَف بن أبي القاسم، العلّامة أبو سعيد الأزدي القيرواني المغربي، المالكي، المشهور بالبَرَاذِعيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
قال القاضي عيّاض: كان من كبار أصحاب ابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسيّ. ألّف كتاب " التّهذيب في اختصار المدوَّنة "، فظهرت بَرَكة هذا الكتاب على الفُقهاء، وعليه المعوَّل في المغرب، وله تصانيف جمّة. سكن صِقِلّية وتقدَّم عند صاحبها، واشتهرت كُتُبه بِصِقِلّية، وكان يَصْحَبُ السّلاطين. [ص:486]
ويقال: لحِقه دُعاء شيخه أبي محمد بن أبي زيد لأنّه كان ينتقصه، ويطلب مَثَالبَه، فدعا عليه، فلفظته القيروان.
وله كتاب اختصار " الواضحة " لابن حبيب.(9/485)
381 - خَلَف بن أحمد بن خَلَف، أبو بكر الأنصاري الرَّحَويُّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
من أهل طُلَيْطُلة. رحل إلى المشرق، وأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد، وكان إماما ورعا، دعي إلى قضاء طليطلة فامتنع، وهرب، وله حظ وافر من الصلاة والصيام.
حدَّث عنه حاتم بن محمد الطرابلسي، وأبو الوليد الباجي، وجماعة.(9/486)
382 - رافع بن محمد بن رافع بن القاسم بن إبراهيم، أبو العلاء، [الوفاة: 421 - 430 هـ]
قاضي همذان.
روى عن إبراهيم بن محمد بن يعقوب، ومحمد بن أحمد بن جعفر الفامي، وابن برزة، وإسحاق بن سعد النسوي، وجماعة.
قال شيرويه: حدثنا عنه عَبْدُوس، ومحمد بن الحسين الصُّوفيّ، وأحمد بن عمر البزّاز، ومهديّ بن نصر، وهو صدوق، من أصحاب الرّأي.(9/486)
383 - الرّشيقيّ، هو عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن يوسف أبو أحمد الشّيرازيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
محدِّث فاضل. رحل إلى خُراسان، وبُخَارى، وسمع الكثير؛ سمع بفارس من القاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الرَّامَهُرْمُزِيّ، وببُخَارى من إسماعيل بن حاجب الكشانيّ. روى عنه الحافظ عبد العزيز النَّخْشَبيّ، ومحمد بن إبراهيم بن فارس.
تُوُفّي بعد العشرين.(9/486)
384 - شريك بن عبد الملك بن حسن، أبو سعد المهرجاني الإسفراييني. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
روى عن بشر بن أحمد الإسفراييني، وغيره.
روى عنه أبو بكر البَيْهَقيّ.(9/486)
385 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بن فَضَالَة، أبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
نزيل الرّيّ ومحدثها. [ص:487]
كتب الكثير، وطوّف وجمع، وحدَّث عن أبي أحمد الغطريفي، وأبي بكر ابن المقرئ، وطبقتهما. روى عنه أبو مسعود البَجَليّ، وأبو بكر الخطيب، وغيرهما.
ذكره أبو الحسن الزبحي في " تاريخه " فقال: رحل إلى العراق، وخُرَاسان، وما وراء النّهر، وإصبهان. إلّا أنّه كان يُخالط المعتزلة ويغلو في التَّشيُّع.(9/486)
386 - عليّ بن إبراهيم بن أحمد بن حَمُّوَيْه، أبو الحسن الأزْديّ الشّيرازيّ، ثمّ المصريّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
سمع الحسن بن رشيق، وأبا الطّاهر الذُّهْليّ، وأبا يعقوب النَّجِيرميّ، وأبا القاسم الْجَوْهَريّ، وأبا أحمد السّامرّيّ، وأبا بكر أحمد بن نَصْر الشَّذَائيّ، وأبا بكر محمد بن علي الأُدْفُويّ، وأجاز له الفقيه أبو إسحاق بن شَعبان وهو ابن خمسة أعوام، وحجّ مع والده، ودخل إلى بغداد سنة سبع وستين فلقي علماءها، ودخل إلى البصرة.
ترجمَه ابن خزرج وقال: كان من أهل الثّقة والفضْل والسُّنَّة، وُلِد بمصر سنة سبْعٍ وأربعين.
وقال غيره: وُلِد سنة خمسين وثلاثمائة. روى عنه أبو عَمْرو المَرْشَانيّ، وأبو عمر بن عبد البَرّ، وتُوُفّي بإشبيليّة بعد سنة ستٍّ وعشرين.(9/487)
387 - عليّ بن القاسم بن محمد، الإمام أبو الحسن البصْريّ الطّابِثيّ المالكيّ، [الوفاة: 421 - 430 هـ]
وطابِث من قرى البصرة.
أخذ عن ابن الجلّاب، وعبد الله الضّرير. نزل مصر، وحمل عنه الفقهاء.(9/487)
388 - علي بن إبراهيم بن حامد، أبو القاسم الهمذاني البزاز، يعرف بابن جولاه. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
بزاز روى عن أبي القاسم بن عُبَيْد، والزُّبَيْر بن عبد الواحد، وابن أبي زكريّا، وغيرهم.
قال شيرويه: توفي سنة نيف وعشرين، وحدثنا عنه محمد بن الحسين، وأحمد بن طاهر القومساني، وسعد القصري، وروى عنه ابن غزو بنهاوند، [ص:488] وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وكان صدوقا.(9/487)
389 - الفضل بن سهل أبو العبّاس المَرْوَزِيّ الصّفّار. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
حدَّث بدمشق عن لاحق بن الحسين، ومنصور بن محمد الحاكم، وجماعة، وعنه الكتّانيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الحسن بن أبي الحديد، وابنه الحسن بن أبي الحديد.(9/488)
390 - محمد بْن أحْمَد بْن محمد بْن محمد بن عليّ بن الحسن، أبو الحسين الأصبهاني الكِسائيّ المقرئ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
سمع أبا الشّيخ، وغيره، وعنه أبو سعْد محمد بن محمد المطّرز.(9/488)
391 - محمد بن أحمد بن عمر، أبو عمر الأصبهاني الخِرَقيّ المقرئ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
شيخ معمّر، قرأ بالرّوايات على محمد بن أحمد بن عبد الوهّاب السُّلَميّ، وهو آخر أصحابه موتًا. قرأ عليه، وقرأ على خاله محمد بن جعفر الأشْنانيّ. قرأ عليه: محمد بن عبد الله بن المَرْزُبان، ومحمد بن محمد بن عبد الوهّاب، وأبو الفتح الحدّاد الأصبهانيون.(9/488)
392 - محمد بن الحسن بن يوسف، أبو عبد الله الصَّنَعانيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
روى بمكّة عن أبي عبد الله النَّقَويّ صاحب إسحاق الدَّبَريّ. روى عنه عيسى بن أبي ذَرّ، وسماعه منه بعد العشرين وأربعمائة.(9/488)
393 - محمد بن الحسن بن الهيثم، أبو عليّ الفيلسوف. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
صاحبُ المصنَّفات الكثيرة في علوم الأوائل لا رحمهم الله.
أصله بصْريّ، سكن الدّيار المصريّة إلى أن مات في حدود الثّلاثين وأربعمائة. كان من أذكياء بني آدم، عديم النَّظير في عصره في العلم الرّياضيّ، وكان متزهِّدًا زُهْدَ الفلاسفة. لخّص كثيرًا من كُتُب جالينوس، وكثيرا من كتب أرسطوطاليس، وكان رأسًا في أُصول الطِّبّ وكُلِّيّاته.
وكان قد وَزَرَ في أوّل أمره، ثمّ تزهّد وأظهر الجنون، وانْمَلَس إلى ديار مصر، وكان مليح الخط فينسخ في بعض السّنة ما يكفيه لعامه من إقليدس [ص:489] والمَجِسّطيّ، وكان مقيمًا بالجامع الأزهر، وكان على اعتقاد الأوائل، صرّح بذلك نسأل الله العافية.
وقد سَرَدَ ابنُ أبي أُصَيْبَعَة مصنّفات هذا في نحو من كرّاس، وأكثرها في الرّياضيّ والهندسة، وباقيها في الإلهي، وعامّتها مقالاتٌ صِغَار.(9/488)
394 - محمد بن عبد الملك بن مسعود بن أحمد، الإمام أبو عبد الله المسْعوديّ المَرْوَزِيّ الشّافعيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
صاحب أبي بكر القفّال المَرْوَزِيّ.
إمام مبرّز، وزاهد ورع. صنَّف " شرح مختصر المُزَنيّ "، فأحسن فيه. له ذكر في " الوسيط "، وفي " الرّوضة النّواوِيّة ".
تُوُفّي سنة نَيِّفٍ وعشرين.(9/489)
395 - محمد بن أبي عَمْرو محمد بن يحيى، المحدِّث أبو عبد الله النَّيْسابوريّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
حدَّث ببغداد عن أبي محمد المَخْلَديّ، وأبي بكر الْجَوزقيّ. روى عنه الخطيب.(9/489)
396 - أبو الرّيْحان محمد بن أحمد البيرُونيّ، [الوفاة: 421 - 430 هـ]
وبيرُون من بلاد السِّنْد.
من أعيان الفلاسفة، كان معاصرا للرئيس ابن سينا، فاضلًا في الهيئة والنّجوم، خبيرًا بالطّبّ. صنّف كتاب " الجماهر في الجواهر "، وكتاب " الصَّيْدلة " في الطّبّ وكتاب " مقاليد الهيئة "، وكتاب " تسطيح الهيئة "، مقالة في استعمال الأصْطِرْلاب الكُرِيّ، وكتاب " الزيج المسعودي "، صنفه للملك مسعود ابن السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين، وتصانيف أُخَر ذكرها ابن أبي أُصَيْبَعَة في تاريخه، وينقل من كلامه صاحب حماة الملك المؤيد.(9/489)
397 - نعيْم بن حمّاد بن محمد بن عيسى بن الحسن بن نُعَيْم بن حمّاد بن معاوية بن الحارث. أبو عبد الله الخُزَاعِيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
قال الخطيب: قدم علينا من الدينور، وحدثنا عن أصحاب ابن أبي حاتم.(9/490)
398 - يحيى بن عليّ بن محمد بن الطّيّب. أبو طالب الدَّسْكَريّ الصُّوفيّ، [الوفاة: 421 - 430 هـ]
نزيل حُلْوان.
سمع بجُرْجَان من أبي أحمد الغِطْريفيّ، وعليّ بن الحسن بن بندار الأسْتِراباذيّ، وأبا نصر بن الإسماعيليّ، وغيرهم. روى عنه أبو مسعود البَجَليّ، وعبد الكريم بن محمد الشّيرازيّ.(9/490)
399 - يوسف بن حَمُّود بن خَلَف، أبو الحَجّاج الصَّدَفيّ القاضي المالكيّ. [الوفاة: 421 - 430 هـ]
من أعيان مالكيّة المغرب. كان خيِّرًا، صالحًا، زاهدًا، فقيهًا، أديبًا، شاعرًا، ولي قضاء سَبْتَة بعد قتْل القاضي ابن زوبع، ولاّه المستعين، وله أخبار في أحكامه وصرامته. أخذ عن أبي محمد الأصِيليّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ. روى عنه ابنه حَمُّود، وابن أخيه إبراهيم بن الفضل، وقاسم بن عليّ، وأبو محمد المَسيليّ، وغيرهم.
قال القاضي عياض: تُوُفّي في حدود الثلاثين وأربعمائة.(9/490)
-الطبقة الرابعة والأربعون 431 - 440 هـ(9/491)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(9/493)
-سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة
فيها شغب الأتراك، وخرجوا بالخيم، وشكوا من تأخُّر النَّفَقات ووقوع الاستيلاء على إقطاعهم. فعرفَ السُّلطان، فكاتبَ دُبيس بن عليّ بن مَزْيَد، وأبا الفتح بن ورّام، وأبا الفوارس بن سعْدى في الاستظهار بهم، وكتبَ إلى الأتراك رقعة يلومهم، وحاصل الأمر أن النّاس ماجوا وانزعجوا، ووقع النهب وغلت الأسعار وزاد الخوفُ، حتى أنّ الخطيبَ يوم الجمعة صلّى صلاة الجمعة بجامع براثا وليس وراءه إلا ثلاثة أنفس بدرهم خفارة!
وخرج الملك جلال الدّولة لزيارة المشهدين بالحيْر والكوفة، ومعه أولاده والوزير كمال المُلْك، وجماعة من الأتراك فبدأ بالحير، ومشي حافيا من العلميّ. ثمّ زار مشهد الكوفة فمشي حافيا مَن الخندق، وقدْر ذلك فرسخ.(9/493)
-سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة
فيها نزلت الغُزُّ الرّيّ، وانصرف مسعود إلى غَزْنَة، وعاد طغرلبك إلى نَيْسابور، واستولتِ الغُزُّ والسّلجوقيّة على جميع خُراسان، وظهر من خَرْقهم الهيبة واطراحهم الحشمة وقتلهم للنّاس ما جاوز الحدّ، وقصدوا خلْقًا كثيرًا من الكتاب فقتلوا منهم وصادروا وبدعوا.
وتجدّدت الفِتَنُ، ووقع القتال بين أهل الكَرْخ والسُّنّة، واستمرّ ذلك، وقُتِل جماعة، وسببُ ذلك انخراق الهيبة وقلة الأعوان.(9/493)
-سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة
فيها دخل الملك أبو كاليجار ودفَعَ الغُزَّ عن همذان.
وفيها شغب الأتراك وتبسّطوا في أخذ ثياب النّاس، وخطف عمائمهم، وأفسدوا إلى أن وُعِدوا بإطلاق أرزاقهم.
وقدِم رجلٌ من البَلْغَر مِن أعيان قومه، ومعه خمسون نفسًا قاصدًا للحجّ، فأُهْدِي له شيءٌ من دار الخلافة، وكان معه رجل يقال له القاضي عليّ بن إسحاق الخوارزميّ، فَسُئل عن البَلْغَر من أيّ الأمم هم؟ قال: قوم تولّدوا بين الأتراك والصَّقَالبة، وبلادهم من أقصى بلاد التُّرْك، وكانوا كُفَّارًا، ثمّ ظهر فيهم الإسلام، وهم على مذهب أبي حنيفة، ولهم عُيُونٌ وأنهارٌ، ويزرعون على المطر، وحكى أنّ اللّيل يَقْصُر عندهم حتّى يكون ستّ ساعات، وكذلك النهار.
وفيها مات علاء الدّولة أبو جعفر بن كاكويه متولي أصبهان، وولي بعده ابنه أبو منصور، فأقام الدّعوة والسّكّة للملك أَبِي كاليجار في جميع بلاد ابن كاكويه.
وفيها ولي نيابة دمشق للمستنصر الأمير ناصر الدّولة الحسن بن الحسين بن عبد الله بن حمدان، فحكم بها سبع سنين.
وفيها قُرئ الاعتقاد القادريّ بالدّيوان. أخرجه القائم بأمر الله، فقُرئ وحضَره العلماء والزُّهّاد، وحضر أبو الحسن عليّ بن عمر القزوينيّ الزّاهد، وكتب بخطّه قبْل الفُقهاء: هذا اعتقادُ المسلمين، ومَن خالفه فقد خالف وفَسَقَ وكَفَرَ، وهو " يجب على الإنسان أن يعلم أنّ الله وحده لا شريك له " وفيه: " كان ربُّنا ولا شيء معه ولا مكان يَحْويه، فَخَلَقَ كلَّ شيءٍ بقدْرته، وخلق العرش لا لحاجةٍ إليه، واستوى عليه كيف شاء وأراد، لا استواءَ راحةٍ كما يستريح الخلْق، ولا مدبّر غيره، والخلْق كلهم عاجزون، الملائكة والنّبيّون، وهو القادر بقُدْرةٍ، العالم بعلْمٍ، وهو السّميع البصير، متكلم بكلام لا بآلةٍ كآلة المخلوقين. لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه أو وصف به نبيُّه، وكلّ صفةٍ [ص:495] وصفَ بها نفسَه أو وصفه بها نبيّه فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز، ويعلم أن كلام الله غير مخلوق، تكلم به تكليمًا، وأنزله على رسوله على لسان جبريل، فتلاه على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتلاه محمد على أصحابه، ولم يَصِرْ بتلاوة المخلوقين له مخلوقا، لأنه ذلك الكلام بعينه الّذي تكلَّم الله به، فهو غير مخلوق بكلّ حال، متلواَ ومحفوظًا ومكتوبًا ومسموعًا، ومَن قال إنّه مخلوق على حال من الأحوال فهو كافر حلال الدّم بعد الاستتابة منه، ويعلم أنّ الإيمان قول وعمل ونيّة، يزيد وينقص، ويجب أن نحبّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنّ خيرهم وأفضلهم بعد رسول الله أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عليّ، ومن سبّ عائشة فلا حظّ له في الإسلام، ولا نقول في معاوية إلّا خيرًا، ولا ندخل في شيءٍ شَجَرَ بينهم. إلى أن قال: " ولا نكفّر بترك شيءٍ من الفرائض غير الصّلاة. فإنّ مَن تركها من غير عُذْرٍ وهو صحيح فارغ حتّى يخرج وقت الأخرى فهو كافر وإن لم يَجْحَدَها، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ " ولا يزال كافرًا حتّى يندم ويُعيدها، وإن مات قبل أن يندم ويعيد أو يُضْمِر أن يعيد، لم يُصَلَّ عليه، وحُشِرَ مع فِرْعون وهامان وقارون وأُبَيّ بن خَلَف، وسائر الأعمال لا تُكَفّر بتركها وإنْ كان يفسق حتّى يجحدها ": ثمّ قال: " هذا قول أهل السُّنّة والجماعة الّذي مَن تمسَّك به كان على الحقِّ المبين، وعلى منهاج الدّين ". في كلامٍ سوى هذا، وفي ذلك كما ترى بعض ما يُنْكَر، وليس من السُّنّة، والله الموفق.(9/494)
-سنة أربع وثلاثين وأربعمائة
في المحرَّم انفتحت الجوالي بأمر الخليفة، فأنفذ الملك جلال الدّولة مَن منع أصحاب الخليفة وأخذ ما استُخرج منها، وأقام من يتولّى جِبايتها. فشقّ ذلك على الخليفة، وتردّدت منه مراسلات، فلم تنفع. فأظهر العزم على مفارقة البلد، وأمر بإصلاح الطّيّار والزَّبازب، وروسل وجوهُ الأطراف والقضاة والأعيان بالتّأهُّب للخروج في الصُّحْبة، وتكلَّم بأنّه عاملٌ على غلْق الجوامع، ومنع من الجمعة في سابع المحرّم، وكاتب جلال الدّولة، فجاء كتابه: إنّه يرى الطّاعة، وإنّه نائبٌ عن الخدمة نيابةً لا تنتظم إلّا بإطلاق العساكر، وقد التجأ [ص:496] جماعة من خدمتنا إلى الحريم، ونحن معذورون للحاجة.
وجاء كتاب أبي جعفر العلويّ النّقيب بالموصل، فيه: وردت الأخبار الصّحيحة بوقوع زلزلةٍ عظيمة بتِبْرِيز هدمت قلعتَها وسورَها ودُورَها وحمّامَاتِها وأكثر دار الإمارة، وسَلِم الأمير لكَوْنِه في بستانه، وسَلِم جُنْدُهُ لأنّه كان أنفذهم إلى أخيه، وأنّه أحْصى مَن هلك تحت الهدْم، فكانوا نحوًا من خمسين ألفًا، ولبس الأمير السّواد وجلس على المُسُوح لعِظَم هذا المُصاب، وإنّه على الصُّعود إلى بعض حصونه خوفًا مِن توجّه الغزّ إليه، والغز هم الترك.
وفيها نفّذ المصريون مَن حارَب ثمال بن مرداس صاحب حلب.(9/495)
-سنة خمس وثلاثين وأربعمائة
فيها رُدّت الجوالي إلى وُكلاء الخدمة.
وسار طغرلبك إلى الجبل، ووَرَدَ كتابُهُ إلى جلال الدّولة من الرّيّ، وكان أصحابه قد أخربوها، ولم يبق منها غير ثلاثة آلاف نفْس، وسُدّت أبواب مساجدها، وخاطب طغرلبك جلال الدّولة في المكاتبة بالملك الجليل، وخاطب عميد الدّولة بالشّيخ الرّئيس أبي طالب محمد بن أيّوب من طغرلبك محمد بن ميكائيل مولى أمير المؤمنين. فخرج التّوقيع إلى أقضى القُضاة الماورديّ، ورُوسل به طغرلبك برسالة تتضمّن تقبيح ما صنع في البلاد، وأمرَه بالإحسان إلى الرّعيّة. فمضى المارودي، وخرج طغرلبك يتلقّاه على أربع فراسخ إجلالًا له ولرسالة الخلافة.
وأُرْجِف بموت جلال الدّولة لِوَرَمٍ لحِقَهُ في كبِده، وانزعج النّاسُ، ونقلوا أموالهم إلى دار الخلافة. ثمّ خرجَ فرآه النّاسُ فسكنوا، ثمّ تُوُفّي وغُلّقت الأبواب، ونظر أولاده من الرَّوشن إلى الإصفهسِلّاريّة والأتراك، وقالوا: أنتم أصحابنا ومشايخ دولتنا وفي مقام والدنا، فارعَوا حقوقَنا، وصونوا حريمنا. فبكوا وقبَّلوا الآرض، وكان ابنه الملك العزيز بواسط، فكتبوا إليه بالتعزية.
وفيها دخلت الغُزّ الموصل، فأخذوا حُرَم قرواش بن المقلّد، ودُبَيْس بن عليّ عَلَى الإيقاع بالغز، فقتلت منهم مقتلة عظيمة.
وفيها خُطب ببغداد للملك أبي كاليجار بعد موت جلال الدولة. [ص:497]
وكان مولد جلال الدّولة في سنة ثلاثٍ وثمانين وثلاثمائة، وكان يزور الصّالحين، ويقصد القزوينيّ، والدّينَوَريّ. مات من وَرَمٍ في كبِده في خامس شَعبان، وغسّله أبو القاسم بن شاهين الواعظ، وعبد القادر ابن السّمّاك ودُفِنَ بدار المملكة، ووُلي بغداد سبْع عشر سنة إلّا شهرًا، وخلّف ستّة بنين وخمس عشرة أنثى، وعاش اثنتين وخمسين سنة، وكانت دولته في غاية الوهن.(9/496)
-سنة ستّ وثلاثين وأربعمائة
فيها نُقِل تابوت جلال الدّولة إلى تُرْبتهم بمقابر قريش.
ودخل الملك أبو كاليجار بغداد، وصرف أبا المعالي بن عبد الرّحيم عن الوزارة موقَّرًا، ووُلِّي أبو الفرج محمد بن جعفر بن العباس.
وتُوُفّي المُرْتَضَى، وقُلِّد مكانه ابن أخيه أبو أحمد عدنان ابن الشريف الرضي.
وتُوُفّي بمصر الوزير الْجَرْجَرائيّ، فَوَزَرَ أبو نصر أحمد بن يوسف الذي أسلم.
وضَرَب أبو كاليجار الطَّبْل في أوقات الصَّلوات الخَمْس، ولم تكن المُلُوك يُضْرب لها الطَّبْل ببغداد إلى أيّام عضُد الدّولة فأُكرِم بأن ضرب له ثلاث مرّات. فأحدَث أبو كاليجار ضرب الطبل في أوقات الصلوات الخمس.
وفيها ولي رئيس الرّؤساء أبو القاسم عليّ ابن المسلمة كتابة القائم بأمر الله، وكان ذا منزلة عالية منه.
وفيها ولد نزار ابن المستنصر العُبيديّ المصريّ الّذي قتله الأفضل ابن أمير الجيوش، والله أعلم.(9/497)
-سنة سبع وثلاثين وأربعمائة
فيها حَدَثت فتنةٌ بين أهل الكرخ وباب البصرة، وأخذ منها جماعة من الفريقين، ونفر العامة على اليهود وأحرقوا كنيسة العقيقة، ونهبوا اليهود. [ص:498]
ووقع الوباء بالخيل، فهلك من معسكر أبي كاليجار اثنا عشر ألف فَرَس، وامتلأت حافّات دجلة من جيف الخيل.
ومات العلاء بن أبي الحسين النَّصْرانيّ بواسط، فجلس أقاربه في مسجدٍ عند بيته للعزاء به، وأُخْرج تابُوتُه نهارًا، ومعه جماعة من الأتراك، فثار العوامّ وسلبوا الميّت من أكفانه وأحرقوه، ومضوا إلى الدّير فنهبوه، وعجز الأتراك عنهم وذلوا، أذّلهم الله.(9/497)
-سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة
فيها كلّم ذو السّعادات أبو الفَرَج لرئيس الرؤساء أبي القاسم في أبي محمد ابن النَّسَويّ صاحب الشُّرطة، وكان معزولًا، فقال: هذا رجلٌ قد ركب العظائم، ولا سبيل إلى الإبقاء عليه، فتقدَّم الخليفة بحبْسه، ورُفع عليه بأنّه كان يتتبَّع الغُرباء من التُّجّار ويقبض عليهم ليلًا، ويأخذ أموالهم ويقتلهم، ويُلْقِيهم في حفائر، فَحُفِرت فوُجِد فيها رِمَم الموتى، فثار العَوَامّ ونشروا المَصَاحف، وآل الأمر إلى أن حمل خمسة آلاف وخمسمائة دينار عن دِيات ثلاثة قتلهم، فقَبَض ذلك صيرفي السلطان، وصرفه في أقساط الجند.
وفيها حاصر طغرلبك إصبهان، وضيّق على أميرها فرامرز ابن علاء الدّولة، ثمّ هادنه على مالٍ يُحمل إليه، وأن يخطب له بأصبهان.
وفيها خرج من بلاد التُّبَّت، وهي من إقليم الصّين، خلائق عظيمة، وراسلوا أرسلان خان ملك بلاساغون يُثْنُون على سيرته، فراسلهم يدعوهم إلى الإسلام، فلم يُجِيبوا ولم ينفروا منه.(9/498)
-سنة تسع وثلاثين وأربعمائة
فيها غدر الأكراد بسُرْخَاب بن محمد بن عنّاز وحملوه إلى إبراهيم ينال، فقلعَ عينيه. [ص:499]
وفيها ظفروا بأصفر التّغلبيّ الّذي خرج برأس عَيْن وتَبِعَه خلْق، وكان قد أوغل في بلاد الرّوم، فسُلِّم إلى ابن مروان فَسَدَّ عليه برجا من أبراج آمد، وكان القحط بالموصل حتّى أكلوا الميتة، وصُلِّيَ يوم الجمعة بها على أربعمائة جنازة، وعُدَّ مَن هلكَ يومئذٍ من أهل الذمة، فكانوا مائة وعشرين نفسا.
وفيها قبض عَلَى الوزير ذي السعادات أبي الفرج محمد بن جعفر.
وكثُر الوباءُ ببغداد أيضًا، والقحْط.(9/498)
-سنة أربعين وأربعمائة
فيها هاج القتال بين أهل الكرخ وباب البصرة.
ومرض الملك أبو كاليجار، وفُصِد في يومٍ ثلاث مرّات، ثمّ مات. وانتهب الغلمان الخزائنَ والسلاح، وأحرق الجواري الخيم، وناح الحريم وولي مكانه ابنه أبو نصر ولقّبوه الملِك الرّحيم. ثمّ قصد حضرة الخليفة فقبَّل الأرض وجلس على كُرْسيّ. ثمّ أُلْبِسَ سبْع خِلَع وعمامة سوداء والطّوْق والسِّوارَين، ووُضِع على رأسه التّاج المرصّع، وبرز له لواءان معقودان، وأوصاه الخليفة بالتَّقْوى والعدل، وقُرِئ صدْر تقليده، وكان يوما مشهودا.
وكانت مدّة سلطنة أبي كاليجار ببغداد أربع سنين، وهو ابن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضُد الدّولة، وُلِد بالبصرة سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة، واسمه المرزبان، وكان كثير الأموال.
وفيها دار السُّورُ على شِيراز، ودوره اثنا عشر ألف ذراع، وطول حائطه ثمانية أذرُعٍ، وعرضه ستة أذرع، وفيه أحد عشر بابا.
وفيها نازلت عساكرُ مصر قلعة حلب، وبها مُعِزُّ الدّولة ثمال بن صالح الكِلابيّ، فجمعَ جمْعًا وبرز لحربهم، فعمل معهم مصافَّيْن على الولاء، وهابه المصريون، فرحلوا عنه خائبين.
وفيها خطب المعز ابن باديس بالقيروان للقائم بأمر الله، وقطع خطبة المستنصر فبعث إليه المستنصر يهدّده، فلم يلتفت إليه، فبعث لحربه عسكرًا من العرب فحاربوه، وذلك أوّل دخول عرب بني زغبة وبني رياح إلى إفريقيّة. فجَرَت لهم أمورٌ طويلة. [ص:500]
وفيها قدِم كثيرٌ من الغُزِّ من وراء النّهر إلى إبراهيم ينال فقال لهم: يَضيق عن مقامكم عندنا، والوجه أن نمضي إلى غزو الرّوم ونجاهد. فساروا وسار بعدهم حتّى بقي بينهم وبين القسطنطينيّة خمسة عشر يومًا، فسبى وغنِم، وحصل له من السبي فوق المائة ألف رأس، وأخذ منهم أربعة آلاف درع، وغير ذلك، وجُرَّ ما حصل منهم على عشرة آلاف عجلة.
وحارب الرّوم، ونُصر عليهم مرّات، وغلبوه أيضًا، وكانت العاقبة للمسلمين، وكان فتحًا عظيمًا ونصرًا مبينا.
وفيها عزل ناصر الدّولة وسيفها ابن حمدان عن دمشق بطارق الصَّقْلَبيّ وقُبِضَ على ناصر الدّولة. ثمّ عُزِل بهاء الدّولة طارق بعد أشهر.(9/499)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(9/501)
-المتوفون سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة(9/501)
1 - أحمد بن الغَمْر بن محمد بن أحمد بن عَبّاد، أبو الفضل الأبِيوَرديّ القاضي. [المتوفى: 431 هـ]
رحل، وسمع ببغداد من ابن ماسي، ومَخْلَد بن جعفر الباقَرْحيّ، وطبقتهما، وبالكوفة من البكّائيّ. وتفقّه ببغداد، ولكنه دخل في أعمال السلطنة، وغيّر الزِّيّ، واشتغل بالشّرْب؛ قاله عبد الغافر. روى عنه مسعود بن ناصر، وأبو صالح المؤذن، والحسكانيّ.
توفي في رمضان.(9/501)
2 - بُشْرَى بن مَسِيس أبو الحسن الرُّوميّ الفاتنيّ، [المتوفى: 431 هـ]
مولى الأمير فاتن مولى المطيع لله.
أُسِرَ من بلد الرّوم، وهو كبير أمْرَد، قال: فأهداني بعضُ بني حمدان لفاتن فأدَّبني وأسمعني، ووَرَدَ أبي بغداد سِرًّا ليتلطّف في أخذي، فلمّا رآني على تلك الصِّفة من الإسلام والاشتغال بالعِلم يئس منّي ورجع.
روى عن محمد بن بدر الحَمَاميّ، وأبي بكر بن الهيثم الأنباريّ، وعمر بن محمد بن حاتم التِّرْمِذيّ، وابن سَلْم الخُتُّليّ، وأبي يعقوب النّجِيرَميّ، وأبي بكر القطيعي، والحافظ أبي محمد ابن السّقّاء، وجماعة.
ترجمه الخطيب، وقال: كتبنا عنه، وكان صدوقًا صالحًا. تُوُفّي يوم الفِطْر.
قلت: وروى عنه خالد بن عبد الواحد الأصبهاني التّاجر، وهبة الله بن [ص:502] أحمد المَوْصِليّ، وعليّ بن أحمد بن بيان الرّزّاز، وآخرون، وهو أقدم شيخ لابن ماكولا.(9/501)
3 - ثابت بن محمد، أبو الفتوح العَدَويّ الْجُرْجَانيّ، الأديب النَّحْويّ. [المتوفى: 431 هـ]
قال الحُمَيْديّ: قدِم الأندلس بعد الأربعمائة، فجال في أقطارها، ولقي ملوكها، وكان إمامًا في العربيّة متمكّنًا من عِلم الأدب، متقدّمًا في علم المنطق. دخل بغداد، وأملى بالأندلس شرحًا " للجُمَل ".
وروى عن أبي الفتح بن جنّيّ، وعليّ بن الحارث، وعبد السّلام البصْريّ، وعلي بن عيسى الربعي.
وتوفي لليلتين بقيتا من المحرم. قتله باديس بن حبوس أمير صنهاجة اتهمه بالقيام عليه مع ابن عمه يدر بن حباسة.
قال ابن خزرج: بلغني مولده في سنة خمسين وثلاثمائة.(9/502)
4 - الحسن بن الحسين بن العباس بن دوما أبو علي النعالي. [المتوفى: 431 هـ]
بغدادي ضعيف. روى عن أبي بكر الشّافعيّ، وأبي سعيد بن رُمَيْح النَّسَويّ، وابن خلاد النصيبي، وأحمد بن جعفر الختلي، وخلق كثير.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان قد ألحق لنفسه السماع في أشياء، وتوفي في ذي الحجة، وكان مولده في سنة ست وأربعين وثلاثمائة.(9/502)
5 - أبو الحسن بن أبي شريح المصري. [المتوفى: 431 هـ]
قال أبو إسحاق الحبال: توفي في جمادى الآخرة عنده القاضي، يعني: أبا الطاهر الذهلي. حدَّث، وما سمعت منه.(9/502)
6 - سَيَّار بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن إدريس أبو عَمْرو الكِنَاني الحنفيّ القاضي الهَرَويّ، [المتوفى: 431 هـ]
والد صاعد.
سمع الحاكم أبا عاصم محبوب بن عبد الرحمن المحبوبيّ، وأبا جعفر [ص:503] محمد بن أحمد بن محمد المقرئ بسَمَرْقَنْد، وإبراهيم بن محمد بن يزداد الرّازيّ ببُخَاريّ، وعبد الرحمن بن محمد الإدريسيّ، وأبا محمد إسماعيل بن الحسن البخاري الزاهد، وسماعاته قبيل الأربعمائة.
روى عنه ابناه القاضي أبو العلاء صاعد، والقاضي أبو الفتح نصر، وغيرهما، ولمّا تُوُفّي والده قاضي هَرَاة أبو نصر سنة ستّ عشرة خَلَفه هو في القضاء والتّدريس والفتوى، وزعامة أصحاب الرأي.
وتُوُفّي في ذي الحجّة سنة إحدى وثلاثين، فَخَلَفه ابنه أبو الفتح إلى أن خَلَفه لمّا قُتِل مظلومًا سنة ستٍّ وأربعين أخوه أبو العلاء، فطالت أيّامه.(9/502)
7 - صاعد بن محمد بن أحمد بن عبد الله القاضي أبو العلاء الأُسْتَوائيّ النَّيسابوريّ، الفقيه الحنفيّ. [المتوفى: 431 هـ]
رئيس الحنفيّة وعالِمهم بنَيْسابور.
تُوُفّي بها في ذي الحجّة أيضًا، وكان على قضاء نَيْسابور مدّة، سمع إسماعيل بن نُجَيْد، وبِشْر بن أحمد الإسفراييني، وسمع بالكوفة لمّا حجّ من عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ. روى عنه أبو بكر الخطيب، والقاضي أبو العلاء صاعد بن سيّار الهَرَويّ، وجماعة.
وقد تفرَّد شيخنا أبو نصر ابن الشّيرازيّ بجزءٍ من حديثه، روى فيه أيضًا عن الحافظ ابن المظفّر، وأبي عَمْرو بن حمدان، وشافع الإسفراييني.
وقد ورّخه الخطيب سنة اثنتين وثلاثين، والأوّل أصحّ، ووُلِد بناحية أُسْتَوا في سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة.(9/503)
8 - عبد الله بن بكر بن قاسم، أبو محمد القُضَاعيّ الطُّلَيْطُليّ. [المتوفى: 431 هـ]
روى عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد، وصاحبه أبي جعفر، وعبد الرحمن بن دُنَين، وحجّ فأخذ عن أبي الحسن بن جَهْضَم؛ وبمصر عن أبي محمد ابن النّحّاس.
وكان من الثّقات الأخيار، الزُّهّاد.(9/503)
9 - عبد الله بن يحيى، أبو محمد القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ. يقال له ابن دحّون. [المتوفى: 431 هـ]
أخذ عن أبي بكر بن زرب، وأبي عمر ابن المُكْوِيّ، وكان من جلّة الفُقهاء المذكورين، عارفًا بالفتوى، حافظًا للمذهب. عمَّر وأَسَنّ، وانتفع به النّاسُ.
تُوُفّي في سادس المحرَّم.(9/504)
10 - عَبْدان، أبو محمد الْجَواليقيّ الشّرابيّ، [المتوفى: 431 هـ]
نزيل مصر.
سمع بالعراق، وإصبهان، وروى عن أبي بكر القبّاب، وانتقى عليه خَلَف الحافظ.
وسيأتي باسمه محمد بن أحمد.
تُوُفّي في ذي الحجّة عن سبْع وثمانين سنة.(9/504)
11 - عبد الرحمن بن الحسن بن عَلِيَّك بن الحسن، الحافظ أبو سعْد النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 431 هـ]
ثقة، حافظ مشهور، نبيل. مصنِّف بصير بالفنّ، حَسَن المذاكرة. حدَّث عن أبي أحمد الحاكم، وأبي سعيد الرّازيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبي بكر بن شاذان، وطبقتهم. روى عنه أبو صالح المؤذّن، وأبو المعالي الجويني إمام الحرمين، وأبو سعد ابن القُشَيريّ، وجماعة.(9/504)
12 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ، أبو القاسم الحلبيّ السّرّاج المعروف بابن الطُّبَيْز الرَّام. [المتوفى: 431 هـ]
سكن دمشق، وحدَّث عن محمد بن عيسى البغداديّ العلّاف نزيل حلب، وأبي بكر محمد بن الحسين السّبيعيّ، ومحمد بن جعفر ابن السّقّاء، ومحمد بن عمر الْجِعابيّ، وجماعة تفرّد في الدُّنيا عنهم.
وطال عمره. روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ، وعليّ بن محمد الرَّبَعيّ، وأبو [ص:505] عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبوه، وابن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وأبو القاسم المصِّيصيّ، وعبد الرّزّاق بن عبد الله الكَلاعيّ، والفقيه نصر المقدسيّ، وجماعة.
قال أبو الوليد الباجيّ: هو شيخ لا بأس به.
وقال عبد العزيز الكتّاني: تُوُفّي شيخنا ابن الطُّبَيْز في جُمَادى الأولى، وكان يذكر أنّ مولده سنة ثلاثين وثلاثمائة، ثمّ سمَّى شيوخه. قال: وكانت له أصُول حسنة، وكان يذهب إلى التَّشيُّع.
قال ابن الطبيز: أخبرنا محمد بن عيسى البغدادي، قال: أخبرنا أحمد بن عُبَيْد الله النَّرْسيّ، فذكر حديثًا.
وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكَ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِرِ بْنِ طَاوُسٍ سَنَةَ سَبْعَ عشرة، قال: أخبرنا حمزة بن كروس السلمي، قال: أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، قال: أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السراج بدمشق، قال: أخبرنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ هِشَامٍ الحلبيّ، قال: حدثنا سليمان بن المعافى بحلب، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. كتبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.(9/504)
13 - عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد بن مَتّ البُخَاريّ الإسكاف. [المتوفى: 431 هـ]
سمع محمد بن محمد بن صابر البُخَاريّ صاحب صالح جَزَرَة.(9/505)
14 - عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن محمد بْن عزيز بن محمد بن يزيد الحاكم أبو سعْد بن دُوَسْت، [المتوفى: 431 هـ]
ودُوَسْت لَقَب جدّه محمد.
أحد أعيان الأئمة بخُراسان في العربيّة.
سَمِعَ الدّواوين وحصّلها، وصنّفَ التّصانيف المفيدة، وأقرأ النّاسَ الأدب والنَّحْو، وله " ديوان " شِعْر، وكان أصمَّ لا يسمع شيئًا.
أخذ اللُّغة والعربيّة عن الْجَوْهَريّ، وله ردٌّ على الزَّجّاجيّ فيما استدركه على ابن السِّكِّيت في " إصلاح المنطق ".
وكان زاهدًا ورِعًا فاضلًا، وعنه أخذ اللُّغة أبو الحسن الواحدي المفسر. سمع الكثير من أبي عَمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وبشر بن أحمد الإسفراييني، وجماعة.
وولد في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة. روى عنه جماعة، وتُوُفّي في ذي القعدة.
ومن شِعره:
ألا يا ريمُ أخبرني ... عن التفاحِ من عَضَّهْ
وحدَث بأبي عن حس ... نك البِكر من اقتضَّهْ
وختْم الله بالورد ... على خدّك مَن فَضَّهْ
لقد أثَّرت العضّ ... ـةُ في وجْنتك الغَضَّهْ
كما يُكتب بالعنب ... ـرِ في جامٍ من الفِضَّهْ
ومن شِعره:
وشادنٍ نادمتُ في مجلسٍ ... قد مُطِرَت راحًا أباريقُه
طلبتُ وَرْدًا فأبى خدُّه ... ورُمتُ راحًا، فأبى ريقُه(9/506)
15 - عثمان بن أحمد بن محمد بن يوسف، أبو عمرو المعافري القرطبي القيشطالي، [المتوفى: 431 هـ]
نزيل إشبيلية. [ص:507]
كان أبوه من جلة المحدثين، فسمع مع أبيه " الموطأ " من أبي عيسى الليثي، و " تفسير ابن نافع "، وسمع من أبي بكر بن السليم القاضي، وأبي بكر ابن القُوطيّة، والزُّبَيْديّ، وجماعة، وكان حضيرًا لأمير الأندلس المؤيّد بالله.
قال ابن خزرج: كان من أهل الطهارة والعفاف والثقة، وروايته كثيرة. تُوُفّي في صفر، وله ثمانون سنة.
وحدَّث عنه أيضًا أبو عبد الله الخَوْلانيّ، وولده أحمد، ومحمد بن شُرَيْح، وجماعة، وكان من الشّيوخ المُسْنِدين بقُرْطُبة.(9/506)
16 - عليّ بن عبد الغالب المحدّث الجوّال، أبو الحسن البغداديّ الضّرّاب. عُرِف بابن القنيّ. [المتوفى: 431 هـ]
سمع أبا الحسن المجبر، وأبا أحمد الفرضي، وأبا بكر الحيري، وأبا محمد بن أبي نصر، وأبا محمد ابن النّحّاس. انتقى عليه رفيقه أبو نصر السِّجَزيّ، وهو كان رفيق الخطيب إلى نَيْسابور.
روى عنه أبو الوليد الباجيّ، وقال: ثقة، له بعض الميز؛ وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر، وعبد الله بن عمر التِّنِّيسيّ.
عاش ثمانيا وأربعين سنة. أرّخ موته ابن خيرون.(9/507)
17 - عمر بن عبد الله بن جعفر، أبو الفَرَج الرَّقّيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 431 هـ]
حدَّث عن أبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي الفتح القوّاس. روى عنه الكتّانيّ، وعبد الرّزّاق بن عبد الله، وأبو بكر محمد بن علي الحداد، وعدّة.
تُوُفّي في هذه السّنة، أو بعدها.(9/507)
18 - القاسم بن حَمُّود الحَسَنيّ الإدريسيّ المغربيّ. [المتوفى: 431 هـ]
ولي إمرة قُرْطُبة بعد قتْل أخيه عليّ سنة ثمان وأربعمائة، وكان ساكنًا وادعًا أمِنَ النّاس معه، وفيه تشيُّعٌ يسير لم يظهر فخرج عليه ابن أخيه يحيى بن عليّ سنة اثنتي عشرة. فهرب القاسم من غير قتال إلى إشبيليّة، فاستمال [ص:508] البربر، وحشد وزحف إلى قُرْطُبة، فدخلها وهرب يحيى. ثمّ اضطّرب أمر القاسم بعد أشهُر، وانهزم عنه البربر في سنة أربع عشرة، وقويت كلُّ فِرقةٍ على بلدٍ غَلَبت عليه، وجرت له خُطُوبٌ وأمور، ولحِق بشَرِيش، والتفت البربر على يحيى بن عليّ وحصروا القاسم، فأسره ابن أخيه يحيى، وبقي في سجنه دهرًا إلى أن مات إدريس بن عليّ، فخنقوا القاسم في هذا العام.
وعاش ثمانين سنة، وحُمل فَدُفن بالجزيرة الخضراء، وبها ابنه محمد يومئذ.(9/507)
19 - محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو الحسن الْجَواليقيّ التّميميّ، مولاهم الكوفيّ، الملقّب بعَبْدان. [المتوفى: 431 هـ]
قد ذُكر.
ذكره أيضًا الخطيب في تاريخه، وقال: سمع إبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم، وجعفر بن محمد الأحْمُسيّ، ومحمد بن العبّاس العُصْميّ، ومحمد بن أحمد العَنْبريّ سنة بضعٍ وخمسين، وأبا بكر عبد الله القبّاب وخلْقًا.
قال الخطيب: وحدَّث ببغداد في حدود العشر وأربعمائة، وأجاز لي، وكان ثقة، وبَلَغَنَا أنّه تُوُفّي بمصر في حدود سنة إحدى وثلاثين.
وقال الحبّال: تُوُفّي في نصف ذي الحجّة، ووُلِد سنة خمسٍ وأربعين.
قلت: ضيّع نفسه لسُكناه ببلد الرّافضة، فلم ينتشر حديثه.(9/508)
20 - محمد بن جعفر بن أبي الذّكر، أبو عبد الله المصريّ. [المتوفى: 431 هـ]
روى عن أبي الطّاهر الذُّهْليّ، والحسن بن رشيق، وابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسابوريّ.
قال الحبّال: يُرمى بالغُلُوّ في التَّشيُّع، وتُوُفّي في ربيع الآخر.(9/508)
21 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المَرْزُبان، أبو بكر الأصبهاني المقرئ، المعروف بأبي شيخ. [المتوفى: 431 هـ]
نزيل بغداد.
كان شيخًا صالحًا عالي السَّند في القراءات. قرأ على أبي بكر بن فُورَك القبَّاب، وعبد الرحمن بن محمد الحَسْنَابَاذي، وأبي بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم بن شاذة، ومحمد بن أحمد بن عمر الخِرَقيّ، وأحمد بن محمد بن صافي. روى عنه عبد العزيز بن الحُسين، وعبد السّيّد بن عَتّاب الضّرير، وكانت قراءة ابن عَتّاب عليه في سنة ثلاثٍ وعشرين.
وأرّخ موته أبو الفضل بن خيرون في عام إحدى وثلاثين.(9/509)
22 - محمد بن عبد الله بن شاذان، أبو بكر الأعرج الأصبهاني اللُّغويّ. [المتوفى: 431 هـ]
سمع أبا بكر عبد الله بن محمد القبّاب فأكثر، واحمد بن يوسف بن إبراهيم الخشّاب. روى عنه محمود بن إسماعيل الصَّيْرفيّ.
وتُوُفّي فِي جُمَادى الآخرة وله سبعٌ وثمانون سنة.(9/509)
23 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صالح، أبو بكر العطّار الصُّوفيّ الأصبهاني. [المتوفى: 431 هـ]
روى عن الطّبرانيّ جُزْءًا، وقع لنا من طريق السِّلَفيّ.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
وروى أيضًا عن أبي الشّيخ. روى عنه الحدّاد بالإجازة، وأبو سعد المطرز، ومحمد بن عبد العزيز العسال بالسماع.(9/509)
24 - محمد بن عَبْد الملك بْن أحمد بْن نعَيْم بْن عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني، أبو الحسن النعيمي الإسترباذي الفقيه. [المتوفى: 431 هـ]
روى عن أبي بكر الإسماعيلي والغطريفي وجماعة.
توفي في صفر، وقيل: في ذي الحجة، وله رحلة لقي فيها ابن المظفر.(9/509)
25 - محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب، أبو العلاء الواسطي المقرئ. [المتوفى: 431 هـ]
أصله من فم الصلح. نشأ بواسط، وقرأ بالروايات على شيوخها، وكتب الحديث بها، وببغداد، وبالكوفة، والدينور، واستوطن بغداد.
قرأ على الحسين بن محمد بن حبش المقرئ بالدينور، وعلى أبي الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وعلى أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الرازي صاحب حَسْنُون بن الهيثم، وعلى أبي بكر أحمد بن محمد ابن الشّارب المَرْوَرُّوذِيّ، وجعفر بن عليّ الضّرير، وأبي القاسم عبد الله بن اليَسَع الأنطاكيّ، والمُعَافى بن زكريّا الْجَريريّ، وأبي عَوْن محمد بن أحمد بن قَحْطَبة الرّام، وأبي الحسين عُبَيْد الله بن أحمد ابن البوّاب، وأبي القاسم يوسف بن محمد بن أحمد الواسطيّ الضّرير. قرأ على يوسف في سنة خمس وستين وثلاثمائة عن قراءته على يوسف بن يعقوب إمام واسط.
واعتنى بالقراءات وبرع فيها، وتصدّر للإقراء، وولي قضاء الحريم الطّاهريّ، وصنَّف وجمع. قرأ عليه أبو علي غلام الهراس، وأبو القاسم الهُذَليّ، وعبد السّيّد بن عَتّاب، وأبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون.
وروى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن بيان، وجماعة. سمع من أبي محمد ابن السّقّاء، وأبي بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وعليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ.
قال الخطيب: رأيتُ له أُصُولًا عُتُقًا، سماعه فيها صحيح، وأُصُولًا مضطّربة، ورأيتُ له أشياءً سَمَاعُه فيها مفسود، إمّا مكشوط، أو مصلحٌ بالقلم. روى حديثًا مسلسلًا بأخذ اليد، رُوَاتُه أئمّة، واتُّهِم بوضْعه. قال الخطيب: فأنكرت عليه، وسئل بعد إنكاري أن يُحدِّث به فامتنع، وذكر الخطيب أشياء تُوجِبُ ضَعْفَه، ثمّ قال: وُلِد سنة تسعٍ وأربعين وثلاثمائة، ومات في جُمَادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين.(9/510)
26 - محمد بن عوْف بن أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أبو الحسن المُزَنيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 431 هـ]
كان يُكَنَّى قديمًا بأبي بكر، فلمّا مَنَعت الدّولةُ من التّكنّيّ بأبي بكر تَكَنَّى بأبي الحسن.
حدَّث عن أبي عليّ الحَسَن بن منير، وأبي عليّ بن أبي الرَّمرام، ومحمد بن معيوف، والفضل بن جعفر، يوسف الميَانِجِيّ، وأبي سليمان بن زَبْر، وجماعة كثيرة. روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر، والفقيه نصر المقدسيّ، وعليّ بن بكّار الصُّوريّ، وآخرون.
قال الكتّانيّ: كان ثقة نبيلًا مأمونًا. تُوُفّي في ربيع الآخر.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيِّ، أَخْبَرَكَ أَبُو محمد الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بن محمد الأسدي سنة عشرين وستمائة، قال: أخبرنا جدي الحسين، قال: أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ سَنَةَ ثمانين وأربعمائة، قال: أخبرنا محمد بن عوف، قال: أخبرنا الفضل بن جعفر التميمي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم ابن الرواس، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسماعيل بن يحيى قال: حدَّثني الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حدَّثني أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مَرْتَفِعَةٌ حيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي، فَيَأْتِيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةُ. الْعَوَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ.(9/511)
27 - محمد بن عيسى بن عبد العزيز بن الصّبّاح، أبو منصور الهمذاني الصُّوفيّ، [المتوفى: 431 هـ]
أحد مشايخ وقته.
روى عن صالح بن أحمد الحافظ، وجبريل العدْل، وخلْق من الهَمَذانيّين، ورحل، وروى عن محمد بن المظفّر، ومحمد بن إسحاق القَطِيعيّ، وسَهْل بن أحمد الديباجي، وعليّ بن عمر السكري، وأبي بكر ابن [ص:512] المقرئ الأصبهاني، ويوسف بن الدَّخِيل المكّيّ.
قال شيرويه: حدثنا عنه أبو طالب العلويّ، وأبو الفضل القُومِسانيّ، ومحمد بن الحسين، ومحمد بن طاهر، ويحيى وثابت ابنا الحسين بن شُرَاعة، ونصر بن محمد المؤذّن، وعَبْدُوس بن عبد الله، وكان صدوقًا ثقة، وكان متواضعًا رحيمًا، يصلّي آناء اللّيل والنّهار. حجَّ نَيِّفًا وعشرين حَجّة، ووقف الضّياع والحوانيت على الفقراء، وأنفق أموالًا لا تُحْصَى على وجوه البِرّ، وتُوُفّي في رمضان، وفيها أغار الترك على همذان فصودر حتّى سلَّم إليهم جميع ما يملك، وبقي فقيرًا محتاجًا مريضًا ذليلًا في الخانْقاه، ثمّ مات، وكان مولده في سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة.
قلتُ: وروى عنه أبو بكر الخطيب، وغيره.(9/511)
28 - محمد بن الفضل بن نظيف، أبو عبد الله المصريّ الفرّاء، [المتوفى: 431 هـ]
مُسْنِد ديار مصر في زمانه.
سمع أبا الفوارس أحمد بن محمد بن السَّنْديّ، والعبّاس بن محمد بن نصر الرّافقيّ، وأحمد بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن عُتْبة الرّازي، وأحمد بن محمد بن أبي الموت المكّيّ، وأبا بكر أحمد بن إبراهيم بن عطية ابن الحدّاد، وأحمد بن محمود الشَّمْعيّ، وعبد الله بن جعفر بن الورد البغداديّ، ومحمد بن عمر بن مسرور الحطاب، وجماعة، وتفرد في الدنيا بالرواية عن أكثر هؤلاء.
روى عنه أبو جعفر أحمد بن محمد بن متويه كاكو شيخ وجيه الشَّحّاميّ، وأبو الحسن الخِلَعيّ، وأبو عبد الله الثَّقَفيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو القاسم سعْد بن عليّ الزَّنْجانيّ، وأبو بكر البَيْهَقيّ محتجًّا به، وطائفة.
قال الحبّال: تُوُفّي في ربيع الآخر، ووُلِد في صفر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.
وقد وقع لي جزءان من حديثه، وحديثه في " الثّقَفيّات ".
قال محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: كان أبو عبد الله [ص:513] ابن نظيف يُصلّي بالنّاس في مسجد عبد الله سبعين سنة، وكان شافعيًّا يَقْنُتُ، فتقدَّم بعده رجلٌ مالكيٌّ، وجاء النّاسُ على عادتهم لصلاة الصُّبْح، فلم يَقْنُتُ، فتركوه وانصرفوا، وقالوا: لا يُحسن يُصلّي.(9/512)
29 - محمد بن مسعود بن يحيى، أبو عبد الله الأُمويّ. [المتوفى: 431 هـ]
حدَّث بإشبيليّة عن: أبي بكر الزُّبَيْديّ، وعبّاس بن أصْبَغ، وأبي عبد الله بن مُفَرِّج، وكان بارعًا في العربيّة، له شعر حسن.
توفي ذي القعدة، وهو في عشر الثّمانين.(9/513)
30 - المسدَّد بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، أبو المعمّر الأُمْلُوكيّ الحمصيّ، [المتوفى: 431 هـ]
خطيب حمص.
سمع: أبا بكر محمد بن عبد الرحمن الرَّحْبيّ بحمص، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأبا عبد الله بن خالُوَيْه، وأحمد بن عبد الكريم الحلبيّ، وإسماعيل بن القاسم الحلبيّ، وجماعة. روى عنه: أبو نصر بن طلّاب، والكتّانيّ، وأبو عليّ الأهْوَازيّ، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك النَّيْسابوريّ، وأبو الحسن بن أبي الحديد، وابنه أبو عبد الله بن أبي الحسن، وسعد الله بن صاعد، وعبد الله بن عبد الرّزّاق الكَلاعيّ.
وكان في الآخر إمام مسجد سوق الأحد. تُوُفّي في ذي الحجّة.
قال الكتّانيّ: كان فيه تساهل.
أخبرنا إسماعيل ابن الفراء، قال: أخبرنا أبو القاسم بن صصرى، قال: أخبرنا عليّ بن عساكر الخشاب، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد السلمي سنة ثمانين وأربع مائة، قال: أخبرنا الْمُسدَّدُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِدِمَشْقَ، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَاسِمِ بِحِمْصَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَاثِ مائة، قال: حدثنا عليّ بن عبد الحميد الغضائري، قال: حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَزُولُ قَدَمُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ [ص:514] أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ".
رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيِّ بْنِ عَسَاكِرَ الْخَشَّابِ، عَنْهُ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.(9/513)
31 - المفضل بن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن إسماعيل، الإمام أبو مَعْمَر الإسماعيليّ الْجُرْجَانيّ، [المتوفى: 431 هـ]
مفتي جُرْجَان ورئيسها وفاضلها ومُسْنِدُها وعالمها وابن عالمها.
رَوَى الكثير عَنْ جدّه، ورحل به والده فأكثر عَنْ: الدَّارَقُطْنيّ، وأبي حفص بن شاهين ببغداد، وَعَنْ: يوسف بن الدَّخِيل، وأبي زُرْعة محمد بن يوسف بمكّة، وكان أحد أذكياء زمانه، فإنّه حفظ القرآن وقطعةً من الفقه وهو ابن سبْع سِنين في حياة جدّه.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
وقد حدَّث بالكثير وأملى من بعد موت عمّه أبي نصر، وبقي أخوه مَسْعَدة إلى سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة.(9/514)
32 - الهيثم بن عتبَة بن خَيْثَمَة، القاضي أبو سعيد التّميميّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ. [المتوفى: 431 هـ]
ثقة، من بيت القضاء والإمامة. روى عن: أبيه القاضي أبي الهيثم، وبشر بن أحمد الإسفراييني، وأبي عَمْرو بن حمدان، وطبقتهم. روى عنه أبو صالح المؤذّن.
وتُوُفّي في رابع عشر جمادى الأولى.(9/514)
33 - يوسف بن أصْبغ بن خَضِر، أبو عمر الأنصاريّ الطُّلَيْطُليّ الفقيه. [المتوفى: 431 هـ]
روى عن: محمد بن إبراهيم الخشنيّ، وفتح بن إبراهيم، وأبي المطرّف بن دنين، واعتنى بالعلم وتحصيل الكُتُب، وتُوُفّي في صفر.(9/514)
-سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة(9/515)
34 - أحمد بن أيّوب بن أبي الرّبيع أبو العبّاس الألْبِيريّ الواعظ، [المتوفى: 432 هـ]
نزيل قُرْطُبة.
روى عن: أبي عبد الله بن أبي زمنين، وسليمان بن بطال، وسلمة بن سعيد، وحج، وأخذ عن أبي الحسن القابسيّ، وغيره.
وكان فاضلًا ورِعًا واعظًا، سُنّيًّا، أديبًا، شاعرًا، ومجلسه بجامع قُرْطُبة للوعظ في غاية الحفل، كانوا يزدحمون عليه، ونفع الله به المسلمين.
توفي فجاءة في جُمَادى الآخرة، وكان الْجَمْع في جنازته لم يُعْهَد مثلُه، عاش نيِّفًا وسبعين سنة.(9/515)
35 - أحمد بن الحسين بن نصر العطّار، أبو بكر البغداديّ. [المتوفى: 432 هـ]
سمع: عليّ بن عمر الحربيّ، والدارقطني. وعنه الخطيب، وقال: صدوق، تُوُفّي في ذي الحجّة.(9/515)
36 - أحمد بن عبد الرحمن، أبو بكر الخَوْلانيّ القَيْروانيّ، [المتوفى: 432 هـ]
شيخ المالكيّة بالقيروان مع صاحبه أبي عِمران الفاسيّ المذكور.
كان صالحًا عابدًا فقيهًا حافظًا للمذهب، أديبا نَحْويًّا، تفقّه بأبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسيّ. تخرَّج به خلْق كثير كأبي القاسم بن مُحْرِز، وأبي إسحاق التُّونسيّ، وأبي القاسم الستوري، وأبي محمد عبد الحق، وأبي حفص العطار، وطائفة سواهم.(9/515)
37 - أحمد بن محمد بن جعفر بن يونس، أبو الفضل الأصبهاني الأعرج، المعروف بالجوّاز. [المتوفى: 432 هـ]
رحل، وسمع من: ابن المقرئ، وابن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ، وعليّ بن عمر الحربيّ، وطبقتهم، وعنه: محمد بن أبي بكر بن مَرْدُوَيْه، وسعيد بن محمد البقّال الأصبهانيان. [ص:516]
مات فِي ربيع الآخر.(9/515)
38 - أَحْمَد بْن محمد بن خالد بن مَهْديّ، أبو عمر القُرْطُبيّ المقرئ. [المتوفى: 432 هـ]
روى عن: أبي المطرِّف القنازعي، ويونس بن عبد الله القاضي، وأبي محمد ابن بنوش، وأكثر عن مَكيُّ بْنُ أَبِي طَالِب، واعتنى بالرواية والضَّبط، وكان بارعًا في معرفة القراءات، صنّف فيها تصانيف.
تُوُفّي في ذي القعدة شابًا.(9/516)
39 - أحمد بن محمد بن يوسف بن مَرْدة، أبو العبّاس الأصبهاني المقرئ. [المتوفى: 432 هـ]
تُوُفّي في شَعبان.(9/516)
40 - إبراهيم بن ثابت بن أخْطل، أبو إسحاق الأُقْلِيشيّ. [المتوفى: 432 هـ]
سكن مصر، وأخذ القراءة عَرْضًا عن طاهر بن غَلْبُون، وعن عبد الجبّار بن أحمد، وسمع من: عبد الرحمن بن عمر النحاس، وأبي مسلم الكاتب.
وأقرأ النّاس بمصر في مجلس عبد الجبّار بعد موته، قاله أبو عَمْرو الدَّانيّ.(9/516)
41 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم الأصبهاني الجلّاب، [المتوفى: 432 هـ]
سِبْط أبي مسلم.
سمع: محمد بن عبد الله بن سين، وابن المقرئ، وجماعة. روى عنه: غانم البُرْجيّ، وأبو عليّ الحدّاد.
وقع لنا جزءٌ من حديثه.(9/516)
42 - جعفر بن محمد بن المعتزّ بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس، الحافظ أبو العبّاس المستغفريّ النَّسَفيّ. [المتوفى: 432 هـ]
مؤلّف " تاريخ نَسَف " و " كش "، وكتاب " معرفة الصحابة "، وكتاب " الدعوات "، وكتاب " المنامات "، وكتابُ " خُطَب النّبيّ صلى الله عليه وسلم " وكتاب " دلائل [ص:517] النُّبُوّة "، وكتاب " فضائل القرآن "، وكتاب " الشّمائل "، وغير ذلك من الكُتُب.
وحدَّث عن: زاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، وإبراهيم بن لُقْمان، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرّازيّ، وعليّ بن محمد بن سعيد السَّرْخسيّ، وجعفر بن محمد البُخاريّ، وجماعة كثيرة. روى عنه: الحسن بن عبد الملك النَّسَفيّ، وأبو نصْر أحمد بن جعفر الكاسَنيّ، والحسن بن أحمد السَمَرْقَنْديّ الحافظ، وإسماعيل بن محمد النُّوحِيّ الخطيب، وآخرون.
وكان محدِّث ما وراء النّهر في عصره، وُلِد بعد الخمسين بيسير، وتُوُفّي بنَسَف سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.
وهو صدوق، يروي الموضوعات.(9/516)
43 - الحسن بن عُبَيْد الله البغداديّ، أبو عليّ الصّفّار المقرئ. [المتوفى: 432 هـ]
سمع أبا بكر القَطِيعيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة.(9/517)
44 - الحسن بن محمد بن شُعَيْب، أبو عليّ السَّنْجيّ، الإمام الفقيه. [المتوفى: 432 هـ]
تُوُفّي بمَرْو في ربيع الأوّل، كذا سمّاه وورّخه أَبُو عليّ محمد بن الفضل ابن جُهَانْدار، وسمّاه ابن خَلَّكان: الحسين بن شُعيب بن محمد، وقال: أخذ الفقه بخُراسان عن أبي بكر القفّال المَرْوَزِيّ، هو والقاضي حسين، والإمام أبو محمد الْجُوَينيّ.
وصنَّف " شرح الفُروع " لأبي بكر ابن الحدّاد المصريّ فجاء نهايةً في الحُسْن، وصنَّف كتاب " المجموع "، وهو أول من جمع بين طريقتي خُرَاسان والعراق.(9/517)
45 - حمّاد بن عمّار بن هاشم، أبو محمد القُرْطُبيّ الزّاهد. [المتوفى: 432 هـ]
روى عن أبي عيسى اللّيْثيّ، ورحل فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد بالقيروان، وعن أبي القاسم الجوهريّ بمصر.
وكان رجلًا صالحًا زاهدًا ورِعًا، شُهِر بإجابة الدّعوة، كان الخلْق [ص:518] يقصدونه ويتبرّكون به ويسألونه الدّعاء، دعاه الأمير عليّ بن حَمُّود إلى قضاء قُرْطُبة، فصرف الرسول وانتهره، وخرج إلى طليلطة فاستوطنها.
وعُمّر ونيّف على مائة عام، حدَّث عنه حاتم بن محمد، وجماعة من علماء الأندلس.
قال ابن حيّان: تُوُفّي في ربيع الأوّل.(9/517)
46 - عبد الله بن سعيد بن أبي عَوْن الرّباحيّ الأندلسيّ، [المتوفى: 432 هـ]
نزيل طُلَيْطُلَة.
سمع من أبي عبد الله بن أبي زمْنِين، وحجّ، فسمع من أبي محمد بن أبي زيد.
وكان صالحًا، ديِّنًا، ورِعًا، أوّل من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه، وكان بكّاءً عند قراءة الحديث، ويُرابط في شهر رمضان بحصن وَلْمُش.(9/518)
47 - عبد الله بن عُبَيْد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله، أبو عبد الرحمن الأُمويّ المُعَيطيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 432 هـ]
روى عن أبي محمد الباجيّ، وغيره.
وكان من أهلِ السُّؤدُد والشّرف، بويع بالخلافة بشرق الأندلس وخُطِب له، ثمّ خُلِع فصار إلى كُتَامَة، وكان مجاهد صاحب دانية قد قدّم هذا المُعِيطيّ أن يكون أمير المؤمنين بعمله، فبقي مدّة يسيرة، ثمّ خلعه مجاهد ونفاه، فالتجأ إلى أرض كُتَامَة، وبقي لا يرفع للدُّنيا رأسًا.(9/518)
48 - عبد الله بْن عليّ بْن سعيد، أبو محمد النَّجِيرميّ. [المتوفى: 432 هـ]
رجلٌ صالح، قال الحبّال: تُوُفّي في رجب.(9/518)
49 - عبد الباقي بن محمد بن أحمد بن زكريا، أبو قاسم الطّحّان. [المتوفى: 432 هـ]
بغداديّ ثقة، سمع: أبا بكر الشّافعيّ، وأبا علي ابن الصَّوّاف. روى عنه: أبو [ص:519] بكر الخطيب، وأبو ياسر طاهر بن أسد الطباخ، وجماعة.
وتوفي في جُمَادى الأولى عن ثمانِ وثمانين سنة.(9/518)
50 - عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الله، القاضي أبو عليّ النَّسَفيّ، الفقيه. [المتوفى: 432 هـ]
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.(9/519)
51 - عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم، أبو سهل التّميميّ الكوفيّ، ثمّ الأصبهاني الواعظ. [المتوفى: 432 هـ]
عن أبي الشّيخ، وعنه سعيد البقّال.
تُوُفّي في ربيع الآخر.(9/519)
52 - عليّ بن أحمد بن محمد بن حسين، الإمام أبو الحسن الإسْتِراباذيّ الحاكم. [المتوفى: 432 هـ]
كان من كبار أئمّة الحديث بسَمَرْقَنْد، وكان مجتهدًا في الخير، كان ينسخ عامة النهار وهو يقرأ القرآن، لا يمنعه ذا عن ذا، وكان قد حجّ وسأل الله كمال القوّة على التّلاوة وعلى الجماع، فاستجيب له ذلك.
حدَّث هذه السّنة ولا أعلم وفاته، ولا رواته.(9/519)
53 - محمد بن أحمد بن جعفر، أبو حسّان المزكّي المُولْقَابَاذيّ الفقيه، [المتوفى: 432 هـ]
الشّيخ الثّقة.
كان مشهورًا بالفضل والصّلاح والعِلْم، وكان إليه التَّزْكية بنَيْسابور، والحشْمة الوافرة، حدَّث عن: والده أبي الحسن، والشّيخ أبي العبّاس محمد بن إسحاق الصِّبْغيّ، ومحمد بن الحسن السّرّاج، وإسماعيل بن نُجَيْد، وجعفر المراغيّ، وأبي عَمْرو بن مطر، وأبي الفضل عُبَيْد الله بن عبد الرحمن الزُّهْريّ، وطبقتهم، وخرجت له الفوائد، وحدث عنه مدة أعوام. روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ، وعبد الغفار الشيرويي، وجماعة، وإسماعيل بن عمرو البحيري.(9/519)
54 - محمد بن أحمد بن علي بن عبدش، أبو نصر النيسابوري العدل. [المتوفى: 432 هـ]
قال عبد الغافر في كتاب " السياق ": هو شيخ ثقة مشهور، حدث عن: أبي عمرو بن نجيد، وأبي عمرو بن مطر، وأبي الفضل الزهري البغدادي، وعبد الرحمن بن محمد بن محبور، وطبقتهم، حدثنا عنه خالي أبو سعْد القُشَيريّ.(9/520)
55 - محمد بن الحسن بن الفضل، أبو يَعْلَى البصْريّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 432 هـ]
سمع أبا الحسين بن جميع بصيدا.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وله:
لي عجوز كأنّها الـ ... ـبدر في ليلة المطر
ناطق عن جميع أعـ ... ـضائها شاهدُ الكبر
غير أضراسها ففيـ ... ـها لِذي اللُّبِّ مُعْتبر
أعْظُمٌ غير أنّها ... أعظُمٌ تَطحنُ الحَجَر
وكان ظريفًا كثير الأسفار، حدَّث فِي هذا العام، وانقطع خبره.(9/520)
56 - مُحَمَّد بن الحسن بن محمد، أبو المظفّر المَرْوَزِيّ. [المتوفى: 432 هـ]
صدوق، نزل بغداد، وحدَّث عن: زاهر بن أحمد، وأبي طاهر المخلّص. روى عنه الخطيب.(9/520)
57 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد، أبو الحَسَن الهَرَويّ الدّبّاس العدْل. [المتوفى: 432 هـ]
سمع حامد بن محمد الرّفّاء. روى عنه شيخ الإسلام، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأهل هَرَاة.(9/520)
58 - محمد بن عمر بن بُكَيْر بن وُدّ، أبو بكر النّجّار، [المتوفى: 432 هـ]
جار أبي القاسم بن بِشْران. [ص:521]
سمع: أبا بكر بن خلّاد النَّصِيبيّ، وأبا بحر البَرْبَهَاريّ، وأبا إسحاق المزكّيّ، وابن سَلْم الخُتّليّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة من أهل القرآن. قرأ على إبراهيم بن أحمد البُزُوريّ، وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وكان مولده في سنة ست وأربعين وثلاثمائة ببغداد.
قلت: وروى عنه أحمد بن بُنْدَار البقّال، وجماعة، وقرأ عليه: عبد السّيّد بن عَتّاب، وأبو الخطّاب بن الجرّاح، ومحمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل، وثابت بن بندار، وغيرهم عن قراءته على البزوري صاحب أحمد بن فَرَح.(9/520)
59 - محمد بن مروان بن عيسى، أبو بكر الأموي ابن الشقاق الأندلسي القرطبي. [المتوفى: 432 هـ]
روى عن: عبّاس بن أصْبغ، وأبي محمد الأصِيليّ، وجماعة، وكان قديم الطَّلب، نافذًا في عدّة علوم، محكمًا للنَّحْو والحساب.(9/521)
60 - محمد بن يحيى بن حسن أبو عَمْرو النَّيْسابوري. [المتوفى: 432 هـ]
حجّ وحدَّث ببغداد، عن: أبي عَمْرو بن حمْدان، وعلي بن عبد الرحمن البكّائيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن محبور الدّهّان. روى عنه: البَرْقانيّ مع تقدُّمه، وأبو صالح المؤذّن، وجماعة.
صدوق مات بعد الثّلاثين، قاله المؤذّن.(9/521)
61 - محمد بن يحيى بن محمد بن الرُّوزبَهَان، أبو بكر البغداديّ. [المتوفى: 432 هـ]
قال الخطيب: كتبتُ عنه، ولا بأس به. سمع: ابن مالك القَطِيعيّ، وابن ماسيّ. مات في صفر.(9/521)
62 - محمد بن أبي نصر، أبو عُبَيْد النَّيْسابوري. [المتوفى: 432 هـ]
محدِّث جليل، وثّقه الخطيب، واسم أبيه: محمد بن عليّ بن محمد، [ص:522] قدِم بغداد حاجًّا، فروى عن: أبي عَمْرو بن حمدان، وحُسَيْنَك التّميميّ، وعدة. كتب عنه الخطيب، وأصله فارسي.
مات بعد الثلاثين وأربعمائة.(9/521)
63 - مكّيّ بن بُنان، أبو القاسم المصريّ الصّوّاف. [المتوفى: 432 هـ]
قال الحبال: توفي في جمادى الآخرة.(9/522)
64 - هاشم بن عطاء بن أبي يزيد الأطْرَابُلُسيّ، أبو يزيد. [المتوفى: 432 هـ]
دخل الأندلس تاجرًا في هذه السّنة، وقد سكن في شبيبته بغداد، وأخذ عن القاضي أبي بكر الأبْهريّ، وأخذ بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد.
وكان مالكيّ المذهب، جاوز ثمانين سنة.(9/522)
65 - هشام بن محمد، أبو محمد التيمليّ الكوفيّ الحافظ. [المتوفى: 432 هـ]
عن: أبي حفص الكتانيّ، وأبي القاسم بن حبابة، وأبي نصر ابن الجندي الدمشقي، وطبقتهم، وعنه: الخطيب، والكتاني، قال الخطيب: لم يكن ثقة، وقد اتَهمه الصوريّ.(9/522)
-سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة(9/523)
66 - أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان الدّمشقي الغساني ابن الطيان، أبو بكر. [المتوفى: 433 هـ]
حدَّث في هذه السنة عن: الحسن بن رشيق العسكريّ، ومحمد بن عليّ النّقّاش التِّنِّيسيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأحمد بن عطاء الرُّوذَبَاريّ، ومحمد بن أحمد الحندريّ. روى عنه: أبو عبد الله القُضاعيّ، ونجا بن أحمد العطّار، وبالإجازة نصر المقدسيّ، وأبو طاهر الحِنَّائيّ.(9/523)
67 - أحمد بن الحسين بن أحمد بن إسحاق بن حمك، أبو حامد النَّيْسابوريّ، الفقيه الشّافعيّ الواعظ. [المتوفى: 433 هـ]
ثقة، إمام. حدَّث عن أبي عَمْرو بن حمدان، وطبقته. وعنه أحمد بن عبد الملك المقرئ.
تُوُفّي في صفر.(9/523)
68 - أحمد بن الحُسين بن محمد بن عبد الله بن بَوّان القاضي، أبو نصر الدِّينَوَريّ المعروف بالكسّار. [المتوفى: 433 هـ]
سمع " سُنَن النسائيّ " سنة ثلاث وستين وثلاثمائة في جمادى الأولى من أبي بكر ابن السُّنّيّ، وحدَّث به في شوّال من هذا العام.
روى عنه: أبو نجم بدر بن خَلَف الفَرْكيّ، وعَبْدُوس بن عبد الله، وعبد الرحمن بن حمْد الدّونيّ، وأبو صالح أحمد بْن عبد الملك المؤذّن، وآخرون.
وكان صدوقًا، صحيح السّماع، من أهل العِلم والجلالة.(9/523)
69 - أحمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن فاذشاه، أبو الحسين الأصبهاني، التّانيّ الرّئيس. [المتوفى: 433 هـ][ص:524]
سمعَ الكثير من أبي القاسم الطَّبَرانيّ.
قال أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ: كان صاحب ضياع كثيرة، صحيح السّماع رديء المذهب، جميع مسموعاته مع جدّه الحسين في سنة أربعٍ وخمسين، وحكَّ أشياء ممّا رواه مسروق، عن ابن مسعود، في الصّفات في حال القيامة، وكان ينتحل الاعتزال والتَّشيّع.
قلتُ: روى عن الطَّبَرانيّ " معجمه الكبير ".
روى عنه: مَعْمر بن أحمد اللنبانيّ، ومحمود بن إسماعيل الصَّيْرفيّ، وأبو عليّ الحدّاد، والمُحَسَّدُ بن محمد الإسكاف، وعبد الأحد بن أحمد العَنْبَريّ، وأهل أصبهان.
تُوُفّي في صَفَر، سامحه الله تعالى، وله شِعْر.
قال المطهّر بن أحمد السُّكَّريّ: أنشدنا أبو الحسين بن فاذشاه لنفسه:
أتطمع أن تدوم لك الحياةُ ... وتجمع ما تفوز به العُداةُ
فلا تخشَى الفناءَ وأنت شيخٌ ... وهل تبقى إذا ابيّضّ النباتُ
وأنشدنا أيضًا:
سِهام الشيبِ نافذةٌ مصِيبه ... وسائقة المُلِمّة والمصيبهْ
ومَن نَزَلَ المشيبُ بعارِضَيهِ ... قدِ اسْتَوفَى من الدُّنيا نصيبهْ(9/523)
70 - أحمد بن محمد بن عليّ بن كُرْديّ أبو عبد الله البغداديّ الأنْماطيّ البزّاز. [المتوفى: 433 هـ]
روى عن أبي بكر الشّافعيّ، وتُوُفّي في صفر.
قال الخطيب: كتبت عنه، ولا بأس به.
قلت: روى عنه: الفضل بن عبد العزيز القطّان، وعبد الله بن محمد الحارثيّ.(9/524)
71 - أحمد بن محمد الخولاني، أبو جعفر ابن الأَبّار الإشبيليّ الشَّاعِر. [المتوفى: 433 هـ][ص:525]
من شُعراء المعتضِد عبّاد بن محمد اللَّخْميّ المحسنين، وله، وهو في ديوان شِعره:
لَمْ تَدْرِ ما خلَّدت عيناكَ في خِلْدِي ... منَ الغرامِ وَلَا مَا كابدتْ كَبِدي
أَفديه من زائر رامَ الدُّنو فلم ... يسْطَعْه من غرق في الدّمْع متقدِ
خافَ العيونَ فوافاني على عَجَل ... معطلًا جِيده إلّا من الجيدِ
عاطيتهُ الكأسَ فاستحيتْ مدامَتُها ... من ذلك الشَّنب المعسُول والبردِ
حتّى إذا غازلت أجفانهُ سنةٌ ... وصيَّرتهُ يدُ الصَّهباء طوعَ يدي
أردتُ توسيدَه خدّي وقلَّ له ... فقال: كفّك عندي أفضل الوَسَدِ
فبات في حرم لا غدرَ يُذعرُهُ ... وبتُّ ظمآنَ لم أصدِر ولم أردِ
بدرٌ أَلمّ وبدرُ التّمّ ممحقٌ ... والأُفق محلولكُ الأرجاء من حَسَدِ
تحيَّر اللَّيل منه أين مطلعُه ... أما درى اللَّيلُ أن البدرَ في عضُدي؟(9/524)
72 - إبراهيم بن أبي العَيْش بن يربوع، أبو إسحاق القَيْسيّ السّبْتيّ. [المتوفى: 433 هـ]
دخل الأندلس، وسمع من أبي محمد الباجيّ، وغيره، ورّخه حفيده إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم.(9/525)
73 - أنوشتكين، أبو منصور التركيّ الختنيّ الأمير. [المتوفى: 433 هـ]
ولي دمشق للظاهر العبيدي صاحب مصر سنة تسع عشرة وأربعمائة فلم يزل عليها إلى أن وقع بينه وبين كبار الجيش، فهرب منها سنة ثلاث وثلاثين، وذهب إلى حلب فبقي بها ثلاثة أشهر ومات، وكان عادلا صارما يلقب بالمظفر أمير الجيوش، وسيأتي في النون.(9/525)
74 - الحسن بن صالح بن عليّ بن صالح، أبو محمد المصريّ، يُعرف بالعميد. [المتوفى: 433 هـ]
ورّخه الحبّال، وقال: سمع كثيرًا وحدَّث قليلًا.(9/525)
75 - الحسن بن محمد بن بِشْر المُزَنيّ الهَرَويّ، أبو محمد. [المتوفى: 433 هـ]
تُوُفّي في صفر.(9/526)
76 - الحسين بن بكر بن عُبَيْد الله، أبو القاسم البغداديّ. [المتوفى: 433 هـ]
روى عن أبي بكر القَطِيعيّ، وغيره.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة، ناب في القضاء بالكَرْخ.(9/526)
77 - الحسين بن عليّ بن أحمد بن جمعة الحريري. [المتوفى: 433 هـ]
بغداديّ، روى عَنْ: أَبِي بَكْر القَطِيَعيّ، وأبي محمد بْن ماسيّ، وسهل بن أحمد الدّيباجيّ، ومحمد بن المظفر، وطبقتهم.
قال الخطيب: كان له حفظ، وسمعت عُبَيْد الله الأزهريّ يقول: إنّه كان يستعير منه أُصُولًا لا سَمَاع له فيها فينقل منها، ولد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.(9/526)
78 - الحسين بن محمد بن إبراهيم بن زَنْجُوَيْه، أبو عبد الله الأصبهاني. [المتوفى: 433 هـ]
عن أبي بكر القبّاب. كتب عنه اللّبّاد.
مات في رجب.(9/526)
79 - سالم بن عبد الله، أبو مِعْمر الهَرَويّ، المعروف بغُولجة. [المتوفى: 433 هـ]
إمامٌ متفنِّن، قال فيه بعض العلماء: ما عبرَ جسرَ بغداد مثلُه. روى عنه الكتبيّ، وله تصانيف في الأُصُول والفروع على مذهب الشّافعيّ.(9/526)
80 - سعيد بْن العباس بْن محمد بْن علي بْن سعيد أبو عثمان القُرَشيّ الهَرَويّ المزكّيّ. [المتوفى: 433 هـ]
سمع: أبا عليّ الرَّفّاء، وأبا حامد بن حسنُوَيْه، وأبا الفضل بن خميرويه، ومنصور بن العباس البوشنجيّ، وجماعة تفرَّد بالرّواية عنهم.
وطال عمره، وانتخب عليه إسحاق القرّاب أجزاء كثيرة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وجماعة. [ص:527]
تُوُفّي في المحرَّم، وله أربعٌ وثمانون سنة، وكان شريفا سريّا، سمع ببغداد ونيسابور.(9/526)
81 - طاهر بن العبّاس، أبو بِشْر العَبّاديّ الهَرَويّ. [المتوفى: 433 هـ]
روى عن: الخليل بن أحمد القاضي، وعبد الرحمن بن أبي شريح.(9/527)
82 - عبد الله بن عَبْدَان بن محمد بن عَبْدَان أبو الفضل، [المتوفى: 433 هـ]
شيخ هَمَذَان، وعالمها ومُفتيها.
قال شِيرُوَيْه: روى عن: صالح بن أحمد، وجِبريل، وعليّ بن الحسن بن الربيع، وجماعة، وسمع ببغداد من: أبي الحسين ابن أخي ميمي، وابن حُبَابَة، وعثمان بن المُنْتَاب، وأبي حفص الكتّانيّ، والمخلص. حدثنا عنه: محمد بن عثمان، وأحمد بن عمر، والحسين بن عَبْدُوس، وأبوه، وعليّ الحَسَنيّ. وكان ثقة فقيهًا ورِعا جليل القدْر ممّن يُشار إليه.
سمعت ابن ممان يقول: لمّا أغار التُّرك على هَمَذَان أسروا ابن عَبْدَان، ثمّ إنّهم عرفوه فقال بعضهم: لا تعذّبوه، ولكنْ حلِّفوه بالله ليخبرنا بماله، فإنّه لا يكذب، فاستحلفوه فاخبرهم بمتاعه حتّى قال لهم: خرقة فيها خمسة وعشرون دينارًا رَميْناها في هذه البئر، فما قدروا على إخراجها، قال: فما سَلِمَ له غيرها.
قال شِيرُوَيْه: رأيت بخطّ ابن عَبْدَان: رأيت ربَّ العزّة في المنام، فقلت له: أنت خلقتَ الأرض وخلقت الخلْق ثمّ أهلكتهم، ثمّ خلقت خلْقًا بعدهم، وكأنّي أرى أنّه يرتضي كلامي ومدْحيّ له، فقال لي كلامًا يدلّ على أنّه يخاف عليَّ الافتخار بما أوْلانِيهِ، فقلت له: أنا في نفسي أخسّ، ووقع في ضميري: أخسّ من الرَّوْث، ثمّ قال لي: أفضل ما يُدعى به: " {أَلا لَهُ الخلقُ والأمرُ} ".
توفي في صفر سنة ثلاثٍ وثلاثين، وقبره يُزار ويُتبرَّك به.(9/527)
83 - عبد الرحمن بن حمْدان بن محمد بن حمدان، أبو سعد النصرويي النَّيْسابوريّ، [المتوفى: 433 هـ]
منسوبٌ إلى جدّه نَصْرُوَيْه، بصادِ مُهْمَلَة. [ص:528]
رحل وكتب الكثير، وروى عن: أبي محمد بن ماسيّ، وعُبَيْد الله بن العبّاس الشَّطَويّ، ومحمد بن أحمد المفيد، وابن نُجَيْد، وأبي الحسن السّرّاج، وأبي بكر القَطِيعيّ، وأبي عبد الله العصميّ، وعبد الله بن محمد بن زياد الدورقيّ السّمذيّ المعدّل، يروي عنه " مُسْنَد " إسحاق الحنْظليّ. روى عنه: أبو عليّ الحَسَن بن محمد بن محمد بن حَمُّوَيْه، وأبو بكر البَيْهَقيّ، وأبو بكر الخطيب، وعبد الغفار بن محمد الشيروييّ، وآخرون.
تُوُفّي في صفر، وكان محدِّث عصره.(9/527)
84 - عبد السلام بن الحسن أبو القاسم المايُوسيّ الصّفّار. [المتوفى: 433 هـ]
شيخ بغداديّ ثقة، سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن المظفّر. روى عنه الخطيب، وأثنى عليه.(9/528)
85 - عبد الملك بْنُ الْحُسَيْن بْنُ عبدويه، أَبُو أَحْمَد الأصبهاني العطار المقرئ. [المتوفى: 433 هـ]
رَوَى عن عَلِيَّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ السكري. رَوَى عَنْهُ أَبُو عَلِيَّ الحداد.(9/528)
86 - عبد الغفّار بن عبد الواحد بن محمد، أبو النَّجيب الأُرْمُويّ الحافظ. [المتوفى: 433 هـ]
رحل وطوَّف، وسمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وأبا القاسم بْن بِشْران، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بن المَحَامِليّ، ومحمد بن الفضل بن نظيف. روى عنه: أبو بكر الخطيب، ونجا بن أحمد، وعبد العزيز الكتّانيّ، وغيرهم، وجاور بمكّة، فأكثر عن أبي ذَرّ، ورجع إلى الشّام قاصدًا بغداد فأدركه أَجَلُه بين دمشق والرَّحْبة في شوّال شابًا.(9/528)
87 - عبد الوهاب بن الحسن الحربي المؤدب، ويعرف بابن الخزري. [المتوفى: 433 هـ]
سمع: أبا بكر القطيعي، وأبا عبد الله الحسين الشماخي.
وثقه الخطيب، وحدَّث عنه.(9/528)
88 - عُبَيْد الله بن إبراهيم الأنصاريّ الخطيب الخيّاط الشّيعيّ. [المتوفى: 433 هـ]
حدَّث عن أبي بكر القَطِيعيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان من شيوخ الشيعة.(9/529)
89 - علاء الدولة، أبو جعفر شهريار بن كاكويه، [المتوفى: 433 هـ]
صاحب إصبهان.
أحد الشّجعان، حارب السَّلْجُوقيّة، وتمكّن مدّة، ومات سنة ثلاثٍ، فقام بعده ابنه ظهير الدّين أبو منصور قرامرز، فسار أخوه كرشاسف فاستولى على هَمَذَان.(9/529)
90 - عليّ بن بُشْرَى، أبو الحسن اللَّيّثيّ، مولى بني اللَّيث، السِّجَزيّ الصوفيّ. [المتوفى: 433 هـ]
يروى عن: ابن حمدون، ومحمد بن الحسن الآبُرِيّ. روى عنه: عيسى بن شعيب السجزي، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل، وجماعة. وكان مكثرا عن الحافظ ابن مَنْدَهْ.(9/529)
91 - علي بن محمد بن علي، أبو القاسم العلويّ الحسينيّ الزيدي الحرّانيّ المقرئ الحنبليّ السُّنّيّ. [المتوفى: 433 هـ]
تُوُفْي في العشرين من شوّال من سنة ثلاثٍ عن سنّ عالية. قرأ القراءات على أبي بكر محمد بن الحَسَن النَّقّاش، وسمع منه " تفسيره "، وهو آخر مَن روى في الدُّنيا عنه، قرأ عليه: أبو مَعْشَر عبد الكريم الطَّبَريّ، وأبو القاسم يوسف بن جُبَارة الهُذَليّ، وأبو العبّاس أحمد بن الفتح بن عبد الجبّار المَوْصِليّ نزيل نهر الملك، وشيخ المحوّلي.
وكان إمامًا صالحًا كبير القدْر، لكنّ هبة الله ابن الأكفانيّ قال: سمعت عبد العزيز الكتّانيّ الحافظ، وقد أرَيْتُهُ جزءًا من كُتُب إبراهيم بن شُكْر من مصنَّفات الآجُرِّيّ، والسّماع عليه مزورٌ بَيِّنَ التَّزوير، فقال: ما يكفي عليّ بن محمد الزَّيْديّ الحرّانيّ أن يكذب حتّى يُكذَبَ عليه؟
وأمّا أبو عَمْرو الدَّانيّ، فقال: هو آخر من قرأ على النّقّاش، وكان ضابطًا ثقة مشهورًا، أقرأ بحرّان دهرًا طويلًا.(9/529)
92 - عليّ بن موسى بن الحسين، أبو الحسن ابن السّمْسار الدّمشقيّ. [المتوفى: 433 هـ]
حدَّث عن: أبيه، وأخيه أبي العبّاس محمد، وأخيه الآخر أحمد، وأبي القاسم عليّ بن يعقوب بن أبي العَقِب، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان، وأحمد بن أبي دُجَانَة، وأبي عليّ بن آدم، وأبي عمر بن فَضَالة، وأبي زيد المَرْوَزِيّ، والدَّارَقُطْنيّ، والمظفّر بن حاجب الفَرَغانيّ، وخلْق كثير.
وكان مُسْنِد الشّام في وقته، روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وأبو نصر بن طلّاب، وأبو القاسم بن أبي العلاء، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، والفقيه نصر المقدسيّ، وأحمد بن عبد المنعم الكُرَيْديّ، وآخرون.
قال أبو الوليد الباجيّ: فيه تَشَيُّع يُفْضي به إلى الرَّفض، وكان قليل المعرفة، في أُصُوله سُقْم.
وقال الكتّانيّ: كان فيه تساهل، ويذهب إلى التَّشَيُّع، وتُوُفّي في صفر، وقد كمّل التّسعين.(9/530)
93 - عمر بن إبراهيم بن أحمد، أبو حفص الأصبهاني السِّمّسار. [المتوفى: 433 هـ]
عن أبي الشّيخ، وعنه: سعيد بن محمد البقّال، وواصل بن حمزة، وإسحاق بن عبد الوهّاب بن منده.
مات في جُمادى الأولى.(9/530)
94 - محمد بن أحمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن شَريعة اللَّخْميّ الباجيّ، أبو عبد الله الإشبيليّ. [المتوفى: 433 هـ]
سمع من جدّه الإمام أبي محمد، ورحل مع أبيه إلى المشرق، وشاركه في السّماع من الكبار كأبي بكر بن إسماعيل المهندس، والحسن بن إسماعيل الضّرّاب.
حدَّث عنه الخَوْلانيّ، وقال: كان من أهل العلم بالحديث والرَّأي والفقه، عارفًا بمذهب مالك، تُوُفّي لعشر بقين من المحرَّم.
وقال ابن خَزْرَج: مولده في صفر سنة ستٍّ وخمسين وثلاث مائة، وكان [ص:531] أجلّ الفُقهاء عندنا دِرايةً وروايةً، بصيرًا بالعقُود وعِلَلها، صنّف فيها كتابًا حسنًا، وكتابًا مستوعبًا في سِجلّات القُضاة إلى ما جمع من أقوال الشّيوخ المتأخّرين، مع ما كان عليه من الطريقة المثلى من الوقار والتصاون والنّزاهة.(9/530)
95 - محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قُرَيْش، القاضي أبو القاسم اللَّخْميّ الإشبيليّ. [المتوفى: 433 هـ]
مَن ذُرّيّة النُّعمان بن المنذر ملك الحيرة، وأصله من بلد العَرِيش، البلد الّتي كانت أوّل رمل مصر، فدخل أبو الوليد إسماعيل بن عبّاد الأندلس، ونشأ له أبو القاسم، فاعتنى بالعِلم وبرع في الفِقْه، وتنقّلت به الأحوال إلى أن ولي قضاء إشبيليّة في أيّام بني حَمُّود الإدريسيّ، فأحسن السّياسة مع الرّعيّة والملاطفة لهم، فرمقته النفوس.
وكان المعتلي يحيى بن عليّ الإدريسيّ صاحب قُرْطُبة مذموم السّيرة فسار إلى إشبيليّة وحاصرها، فلمّا نازلها اجتمع الأعيان إلى القاضي أبي القاسم هذا، وقالوا له: ترى ما نزل بنا، فقُمْ بنا واخرج إلى هذا الظّالم ونُمَلِّكُك، فأجابهم وتهيّأ للقتال، وخرجوا إلى قتال يحيى، فركب إليهم وهو سكران، فقُتِل يحيى، وعظُم أبو القاسم في النُّفُوس وبايعوه، واستعان بالوزير أبي بكر محمد بن الحسن الزُّبَيْديّ، وعيسى بن حَجّاج الحضْرميّ، وعبد الله بن عليّ الهوزني، فدبر أمر إشبيلية أحسن تدبير ولقبوه بالظافر المؤيَّد بالله، ثمّ إنَّهُ ملك قُرْطُبة وغيرها، واتّسع سلطانه.
وقضيّته مشهورة مع الشّخص الّذي زعم أنّه هشام المؤيّد بالله بن الحَكَم الأُمويّ، الّذي كان المنصور محمد بن أبي عامر حاجبه.
انقطع خبر المؤيّد بالله هذا أكثر من عشرين سنة، وجَرَت أحوال وفِتَنٌ في هذه السَّنوات، فلمّا تملّك القاضي أبو القاسم بن عبّاد قيل له: إنّ هشام بن الحَكَم أمير المؤمنين بقلعة رباح في مسجد، فأحضره ابن عَبّاد وبايعه بالخلافة، وفوّض إليه، وجعل ابن عَبّاد نفسه كالوزير بين يديه.
قال الأمير عزيز: استولى القاضي محمد بن إسماعيل على الأمر سنة [ص:532] أربعٍ وعشرين، وحسَدَه أمثالُه وكثُر الكلام فيه، وقالوا: قتل يحيى بن عليّ الحَسَنيّ الإدريسيّ من أهل البيت، وقتل يحيى بن ذي النُّون ظُلْمًا، واتّسع القول فيه، وهو في خلال ذلك مفكّرٌ فيما يفعله إذ جاءه رجلٌ من قُرْطُبة، فقال: رأيتُ هشامًا المؤيّد بالله في قلعة رباح، وكان ذلك الرجل يعرفه من مدّة، فقال: انظر ما تقول! قال: أي واللهِ رأيته، وهو هشام بلا شكّ، وكان عند القاضي عبدٌ اسمه تُومَرت، كان يقوم على رأس هشام، فقال له: إذا رأيتَ مولاك تعرفه؟ قال: نعم، ولا أُنكره ولي فيه علامات، فأرسل رجلًا مع الرّجل، فوجداه في قلعة رباح في مسجد، فأعلماه أنهما رسولا القاضي ابن عباد، فسار معهما إلى إشبيليّة، فلمّا رآه مولاه تُومرت قام وقبَّل رِجْليه، وقال: مولاي والله، فقام إليه القاضي، وقبّل يديه هو وأولاده وسلّموا عليه بالخلافة، وأخرجه يوم الجمعة بإشبيليّة، ومَشَوا بين يديه إلى الجامع، فخطب هشام للنّاس وصلّى بهم، وبايعوه، القاضي، وبنوه، والنّاس، وتولى القاضي الخدمة بين يديه، وبقي أمير المؤمنين، والقاضي يقول: أمر أمير المؤمنين، وجرى على طريقة الحاجب ابن أبي عامر غير أنّه لم يخرج إلى الجمع طول مدّته، والقاضي ابن عَبّاد في رُتْبَة وزير له.
واستقام لابن عبّاد أكثر مدن الأندلس.
قال عزيز: خرج هشام هاربًا بنفسه من قُرْطُبة عام أربع مائة مستخفيا حتّى قدِم مكّة، ومعه كيس فيه جواهر، فشعر به حراميّة مكّة، فأخذوه منه، فبقي يومين لم يُطْعَم، فأتاه رجلٌ عند المَرْوَة، فقال: تحسِن عملَ الطِّين؟ قال: نعم، فمضى وأعطاه ترابًا ليجبُلَه، فلم يدرِ كيف يصنع، وشارَطَه على دِرْهم وقُرْص، فقال له: عجِّل القُرص، فأتاه به فأكله، ثمّ عَمَدَ إلى التّراب فجَبَلَه.
ثمّ خرج مع قافلة إلى الشّام على أسوأ حال، فقدِم بيت المقدس فرأى رجلًا حُصْريًّا فوقف ينظر، فقال له الرّجل: أَتُحْسِنُ هذه الصّناعة؟ قال: لا، قال: فتكون عندي تناولني القَشّ؟ فأقام عنده مدّة، وتعلّم صنعة الحُصْر، وبقي يتقوّت منها وأقام ببيت المقدس أعوامًا، ثمّ رجع إلى الأندلس سنة أربعٍ وعشرين وأربع مائة.
قال عزيز: هذا نصُّ ما رواه مشايخ من أهل الأندلس، ثمّ ذكر ما قاله أبو [ص:533] محمد بن حزْم في كتاب " نقط العَرُوس "، قال: فضيحة لم يقع في الدهر على مثلها، أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيّام تَسَمّى كلُّ واحدٍ منهم أمير المؤمنين، وخُطِب لهم بها في زمن واحد، أحدُهم: خَلَف الحُصْريّ بإشبيليّة على أنّه هشام المؤيّد، والثّاني: محمد بن القاسم بن حَمُّود بالجزيرة الخضراء، والثّالث: محمد بن إدريس بن عليّ بن حَمْود بمالقة، والرّابع: إدريس بن يحيى بن عليّ بشَنْتَرِين، ثمّ قال أبو محمد بن حزْم: أُخْلُوقة لم يُسمع بمثلها، ظهر رجلٌ يقال له خَلَف الحُصْريّ، بعد نيِّف وعشرين سنة من موت هشام المؤيد بالله، فادّعى أنّه هشام، فبُويع وخُطِب له على منابر الأندلس في أوقاتٍ شتّى، وسُفِكت الدّماء، وتصادمت الجيوش في أمره، وأقام هذا الّذي أدّعى أنّه هشام في الأمر نيِّفًا وعشرين سنة، والقاضي محمد كالوزير بين يديه.
قلت: استبدَّ القاضي بالأمر، ولم يزل ملكًا مستقلًّا إلى أن تُوُفّي في آخر جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وثلاثين، ودُفِن بقصر إشبيليّة، وقام بالأمر بعده ولده المعتضد بالله أبو عَمْرو عبّاد.
وقيل: إنّما كان إقامة الّذي زُعِم أنّه هشام في أيّام المعتضد، وبقي المعتضد إلى سنة أربعٍ وستّين.(9/531)
96 - محمد بن جعفر أبو الحسن الْجَهْرَميّ الشّاعِر. [المتوفى: 433 هـ]
كان من فحُول الشُّعراء بالعراق، وجَهْرَم قرية. مولده في سنة ثمانٍ وخمسين وثلاث مائة.(9/533)
97 - محمد بن حمزة أبو عليّ البغداديّ الدّهّان. [المتوفى: 433 هـ]
قال الخطيب: صدوق كتبنا عنه، سمع أبا بكر عبد الله بن يحيى الطَّلْحيّ، وعليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ بالكوفة، وأبا بكر القَطِيعيّ، وُلِد سنة خمسٍ وأربعين وثلاث مائة، وسمع سنة تسعٍ وخمسين، مات في ربيع الآخر سنة ثلاث.(9/533)
98 - محمد بن عبد الله بن بُندار، أبو عبد الله المَرَنْديّ. [المتوفى: 433 هـ]
حجّ في هذا العام، وحدَّث بدمشق عن: الدَّارَقُطْنيّ، وأبي حفص بن [ص:534] شاهين، وجماعة. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وهبة الله بن الصَّقْر المَرَنْدِيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء الفقيه.(9/533)
99 - محمد بن عليّ بن أحمد، أبو بكر البغداديّ المطرِّز، يلقّب حريقا. [المتوفى: 433 هـ]
سمع: أبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا الحسين بن سمعون.
قَالَ الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا.(9/534)
100 - محمد بن مساور بن أحمد بن طُفَيْل، أبو بكر الطليطلي. [المتوفى: 433 هـ]
روى عن: هاشم بن يحيى، وعبد الوارث بن سُفْيان، وكان خيِّرًا متواضعًا فصيحًا، ذا وقار، وحدَّث في هذه السنة، وانقطع خبره.(9/534)
101 - مسعود ابن السُّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين. [المتوفى: 433 هـ]
حارب أخاه محمدًا وقلعه من السَّلْطَنة، وكحّلَه وسجنه، وحكم على خُراسان والهند، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وجرت له حروب وخُطُوب مع السّلْجُوقيّة أوّل ما ظهروا إلى أن قُتِل في سنة ثلاث، وأطاع الجيش أخاه محمدًا المسمول، وقتل أخاه مسعودًا وعاد إلى السَّلْطَنة.(9/534)
102 - مسلم بن أحمد بن أفلح أبو بكر القُرْطُبيّ الأديب. [المتوفى: 433 هـ]
روى عن: أبي محمد بن أسد، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أبي يزيد المصريّ.
وكان إمامًا في علم العربيّة، له تلامذه، وحلقة كبيرة، وكان متنسِّكًا صالحًا من أهل السُّنّة والجماعة، رحمه الله.(9/534)
103 - أمير الجيوش الدزبري، نُوشْتِكِين بن عبد الله، الأمير المظفّر سيف الخلافة عضُد الدّولة أبو منصور التُّرْكيّ، [المتوفى: 433 هـ]
أحد الشُّجعان المذكورين.
مولده ببلاد التُّرْك، وحُمل إلى بغداد، ثمّ إلى دمشق في سنة أربع مائة، فاشتراه القائد تَزْبَر الدَّيْلَميّ، فرأى منه شهامة مفرِطة وصرامة، وشاع ذكره [ص:535] فأهداه للحاكم المصريّ، وقيل: بل جاء الأمر بطلبه منه في سنة ثلاثٍ وأربع مائة، فجُعِل في الحُجَرَة، فقَهر مَن بها من المماليك، وطال عليهم بالذكاء والنهضة، فضربه متولّيهم، ثم لزِم الخدمة وجعل يتودَّد إلى القوَّاد، فارتضاه الحاكم وأُعْجِب به، وأمّره وبعثه إلى دمشق في سنة ستٍّ وأربع مائة فتلقّاه مولاه دِزْبَر، فتأدَّب مع مولاه وترجَّل له، ثمّ أُعيد إلى مصر وجُرِّد إلى الرّيف، ثمّ عاد وولي بَعْلَبَك، وحَسُنَت سِيَرُتُه، وانتشر ذِكْرُه، ثمّ طُلِب، فلمّا بلغ العَرِيش رُدّ إلى ولاية قيْسارية، واتّفق قتْلُ فاتِك متولّي حلب سنة اثنتي عشرة، قتله مملوك له هنديّ، وولي أمير الجيوش فلسطين في أول سنة أربع عشرة، فبلغ حسّان بن مُفَرّج ملك العرب خبره، فقلِق وخاف.
ولم يزل أمر أمير الجيوش فِي ارتفاع واشتهار، وتمّت له وقائع مع العرب فدوّخهم وأثخن فيهم، فعمل عليه حسّان، وكاتب فيه وزير مصر حسن بن صالح، فقبض عليه بعسقلان بحيلة دُبّرت له في سنة سبع عشرة، وسألَ فيه سعيد السُّعَداء، فأجيب سؤاله إكرامًا له وأُطْلِق ثمّ حَسُنَت حاله، وارتفع شأنه، وكثُرت غلمانه وخَيْله وإقطاعاته.
وبَعد غيبته عن الشّام أفسدت العرب فيها، ثمّ صُرِف الوزير ووزر نجيب الدّولة عليّ بن أحمد الْجَرْجَرائيّ، فاقتضى رأيُه تجريدَ عساكر مصر إلى الشّام، فقدم نوشتكين عليهم، ولقبه بالأمير المظفر منتجب الدّولة، وجهّز معه سبعة آلاف فارس وراجل، فسار وقصد صالح بن مرداس وحسّان بن مفرج، فكان الملتقى في القحوانة فانهزمت العرب، وقتل صالح، فبعث برأسه إلى الحضرة، فنُفِذت الخِلَع إلى نوشتكين، وزادوا في ألقابه، ثمّ توجّه إلى حلب ونازلها، ثمّ عاد إلى دمشق، ونزل في القصر وأقام مدّة، ثمّ سار إلى حلب، ففتحت له، فأحسن إلى أهلها وردّ المظالم وعدل.
ثمّ تغيّر وشربَ الخمر، فجاء فيه سِجِلٌّ مصريّ، فيه: أما بعد، فقد عرف الحاضر والبادي حال نوشتكين الدِّزْبَريّ الخائن، ولمّا تغيّرت نيّته سَلَبَه اللهُ نعمتَه، " {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم} "، فضاق صدره وقلِق، ثمّ جاءه كتابٌ فيه توبيخ وتهديد، فعظُم عليه، ورأى من الصّواب إعادة [ص:536] الجواب بالتَّنصُّل والتَّلطُّف، فكتب: " من عبد الدّولة العلوية والإمامة الفاطمية، متبرّئًا من ذنوبه المُوبِقة، وإساءاته المرهِقة، لائذًا بعفو أمير المؤمنين، عائذًا بالكرم، صابرًا للحكم، وهو تحت خوفٍ ورجاء، وتضرّعٍ ودُعاء، وقد ذلت نفسه بعد عزها، وخافت بعد أمنها ". إلى أن قال: " وليس مسير العبد إلى حلب يُنْجِيه من سطوات مواليه ".
ونفّذ هذا الجواب وطلع إلى قلعة حلب، فحُمَّ وطلب طبيبًا، فوَصَف له مُسْهلًا، فلم يفعل يشربه، ولحِقَه فالج في يده ورِجْله، ومات بعد أيّامٍ من جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وثلاثين بحلب، وخلف من الذهب العين ست مائة ألف دينار ونيفا.(9/534)
104 - يحيى بن سعيد بن يحيى بن بكر، أبو بكر ابن الطّوّاق القُرْطُبيّ. [المتوفى: 433 هـ]
روى عن أبي عبد الله بن مفرّج، وسمع بمصر من أبي بكر المهندس، حدَّث عنه أبو عبد الله الخَوْلانيّ، وقال: كان من أهل القرآن، طالبًا للعلم مع الفَهْم والضَّبْط، وكان من أهل السُّنّة، مُجانبًا لأهل البِدَع، تُوُفّي في جُمَادى الآخرة عن سن عالية.(9/536)
105 - أبو الحسن الرحبيّ الفقيه الداودي، [المتوفى: 433 هـ]
نزيل مصر.
رحل إلى بغداد، ولقي القاضي أبا بكر الأبْهريّ المالكيّ، وأبا بكر الرّازيّ الحنفيّ، وابن المَرْزُبان الشّافعيّ، وله مصنَّفات كثيرة على مذهب أهل الظّاهر.(9/536)
-سنة أربع وثلاثين وأربع مائة(9/537)
106 - أحمد بن عليّ بن أحمد، أبو الحسين الحجواني الكوفيّ. [المتوفى: 434 هـ]
سكن بغداد، وحدَّث عن: أبي بكر الطّلْحيّ، وجعفر الأَحْمَسِيّ.
قال الخطيب: وهو آخر من حدَّث عنهما، كتبتُ عنه، وكان ثقة حافظًا للقرآن، تُوُفّي في شوّال، ومولده في سنة خمسين وثلاث مائة.(9/537)
107 - أحمد بن عليّ بن الحسن، أبو نَصْر المايْمِرْغيّ الضّرير المقرئ. [المتوفى: 434 هـ]
من أهل ما وراء النّهر، ثقة. سمع الكثير من: أبي عَمْرو محمد بن محمد بن صابر، وأبي أحمد الحاكم، والبخاريّين، وعاش تسعين سنة.(9/537)
108 - أحمد بن محمد بن أحمد بن دَلُّوَيْه، أبو حامد الأسْتَوائيّ. [المتوفى: 434 هـ]
سمع بنَيْسابور: أبا أحمد الحاكم، وأبا سعيد بن عبد الوهاب الرازي، وكان أحمد الفُقهاء الشّافعيّة، ولي قضاء عُكُبَرَا، وكان صدوقًا.
سمع منه: الدَّارَقُطْنيّ مع تقدُّمه، وأبو بكر الخطيب، وكان في الأُصُول على مذهب الأشعريّ، وفي الفقه شافعيًّا.(9/537)
109 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده الأصبهاني الفرضي المقرئ، يعرف بالفيج. [المتوفى: 434 هـ]
روى عن: أحمد بن عبدان الحافظ، والمخلّص، وعنه الخطيب، وغيره.(9/537)
110 - إسماعيل بن عليّ، أبو إبراهيم الحُسَينيّ المصريّ. [المتوفى: 434 هـ]
انتقى عليه أبو نصر السجستاني، وحدَّث.
توفي في شعبان.(9/537)
111 - الحسن بن عليّ بن سهلان، أبو سعد الأصبهاني القُرْقُوبيّ. [المتوفى: 434 هـ]
روى عن أبي الشّيخ، وعنه أحمد بن الحسين بن أبي ذر الصالحاني.(9/538)
112 - الحسين بن أحمد بن جعفر بن أحمد، أبو عبد الله الهمذاني الفقيه. [المتوفى: 434 هـ]
محدَّث مكثر، سمع ببغداد: ابن المظفّر، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وابن شاهين، وبنَيْسابور أبا الحسن الخفّاف، وبهمذان جبريل بن محمد العدل.
وحدَّث سِنين، روى عنه.(9/538)
113 - الحسين بن عمر بن محمد البغداديّ، أبو عبد الله [المتوفى: 434 هـ]
كاتب ابن الآبنوسيّ.
سمع: القَطِيعيّ، وابن ماسيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة صالحًا، تُوُفّي في ذي الحجّة.(9/538)
114 - حمزة بن الحسن بن العباس بن الحسن بن أبي الْجِنّ، القاضي فخر الدّولة أبو يَعْلَى العَلَويّ الحسينيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 434 هـ]
ولي قضاء دمشق مَن قِبَل الظّاهر العُبَيْديّ، وولي نقابة الأشراف بمصر، وجدّد بدمشق منابر وقنيّا، وأجرى الفوّارة، وذُكر أنّه وُجد في تذكرته صَدَقَة كلّ سنة سبعة آلاف دينار.
وكان مولده في سنة سبْعٍ وستّين وثلاث مائة، حكى عنه الشّريف أبو الغنائم عبد الله بن الحسن النسابة.(9/538)
115 - سعيد بن أحمد بن محمد، أبو عثمان ابن الربيبة الهذلي الإشبيلي. [المتوفى: 434 هـ][ص:539]
كان من أهل النّفاذ في الحديث والفِقْه، قوي الفهم، محسنا للشّروط وعِلَلها. روى عن: أبي محمد الباجيّ، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي الحسن الأنطاكيّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، وجماعة.
ذكره ابن خَزْرَج، وعاش اثنتين وثمانين سنة.(9/538)
116 - سعيد بْن محمد بن أحْمَد بْن سَعِيد، أَبُو القاسم الأصبهاني البقّال. [المتوفى: 434 هـ]
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
محدَّث حافظ، معجمه ألف شيخ، رحل إلى خُراسان، والعراق، والحجاز، وهَمَذَان، وكتب الكثير، ونسخ بالأُجَرة. كتب عنه أبو يعقوب القراب، وأبو بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني الحافظ، قال يحيى بن منده ذلك.(9/539)
117 - شَذْرَة بن محمد بن أحمد بن شَذْرَة، أبو العلاء المَدِينيّ. [المتوفى: 434 هـ]
تُوُفّي في رجب، يروي عن ابن المقرئ. سمع منه محمد بن عبد الواحد الكِسائيّ، وغيره.(9/539)
118 - شُعَيب بن عبد الله بن المِنْهال، أبو عبد الله المصريّ. [المتوفى: 434 هـ]
روى عَنْ أحْمَد بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن عُتبة الرازي، وغيره. روى عنه: أحمد بن إبراهيم الرّازيّ، وعليّ بن الحسن الخِلَعيّ، وجماعة.
وكان أسْنَد مَن بقي بديار مصر، تُوُفّي في شَعبان.
قال أبو إسحاق الحبّال: يُتكلّم في مذهبه.
قلت: كأنه يريد الرفض، لأنه ملا مصر.(9/539)
119 - عبد الله بن غالب بن تمّام بن محمد، أبو محمد الهمداني المالكيّ الفقيه، [المتوفى: 434 هـ]
عالم أهل سبْتة وصالحهم وشيخهم.
أخذ عن شيوخ سبْتة، ورحل إلى الأندلس فسمع من أبي محمد [ص:540] الأصيليّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، ورحل إلى القيروان، فسمع من أبي محمد بن أبي زيد، وإلى مصر، فسمع من أبي بكر بن المهندس، والوشاء.
وكان إماما متفننا عارفًا بالمذهب، أديبًا بليغًا شاعرًا، حافظًا، نظَّارًا، مدارُ الفتوى عليه ببلده في عصره، أخذ عنه ابنه أبو عبد الله محمد، وإسماعيل بن حمزة، وأبو محمد المَسِيليّ، والقاضي بن جماح.
وتُوُفِّي فِي صفر.(9/539)
120 - عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفضل عمر بن أبي سعْد الزّاهد الهَرَويّ، أبو نصر الواعظ. [المتوفى: 434 هـ]
تُوُفّي بنَيْسابور قاصدًا للحجّ. عقد مجلسًا في قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} فمرض عقيب المجلس، ومات في ربيع الآخر.(9/540)
121 - عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه، أبو سهل الكوفيّ ثمّ الأصبهاني الواعظ. [المتوفى: 434 هـ]
عن أبي الشّيخ، وعنه البقال وجماعة.(9/540)
122 - عبد الودود بن عبد المتكبّر، أبو الحسن الهاشميّ البغداديّ. [المتوفى: 434 هـ]
تُوُفّي في رجب عن أربعٍ وتسعين سنة.
روى عَنْ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عبد الله الشّافعيّ؛ سمع مجلسًا واحدًا. روى عنه الخطيب.(9/540)
123 - عُبَيْد الله بن هشام بن سَوّار الدّارانيّ، أبو الحسين. [المتوفى: 434 هـ](9/540)
124 - عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غُفَير، أبو ذَرّ الأنصاري الهَرَويّ المالكيّ الحافظ، ويعرف ببلده بابن السّمّاك. [المتوفى: 434 هـ]
سمع بهَرَاة أبا الفضل بن خميرُوَيْه، وبِشْر بن محمد المُزَنيّ، وجماعة.
ورحل فسمع أبا محمد بن حَمُّوَيْه، وزاهر بن أحمد بسَرْخَس، وأبا إسحاق بن إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ، وأبا الهيثم محمد بن مكّيّ بكُشْمِيهَن، وأبا بكر هلال بن محمد، وشيبان بن محمد الضَّبُعيّ بالبصرة، والدَّارَقُطْنيّ، وأبا [ص:541] الفضل الزُّهْريّ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وطائفة ببغداد، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وجماعة بدمشق، وطائفة بمصر وبمكّة، وجمع مُعْجَمًا لشيوخه، وجاور بمكّة دهرًا.
روى عنه: ابنه عيسى، وعليّ بن محمد بن أبي الهول، وموسى بن علي الصِّقِلّيّ، وعبد الله بن الحسن التِّنِّيسيّ، وعليّ بن بكّار الصُّوريّ، وأحمد بن محمد القَزْوِينيّ، وعليّ بن عَبْد الغالب البغداديّ، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل، وأبو عمران الفاسيّ الفقيه موسى بن عيسى، وأبو الطَّاهر إسماعيل بن سعيد النَّحْويّ، وأبو الوليد سليمان بن خَلَف الباجيّ، وعبد الله بن سعيد الشَّنْتَجَاليّ، وعبد الحقّ بن هارون السَّهْميّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ الطُّرَيْثِيثيّ، وأبو شاكر أحمد بن عليّ العثمانيّ، وأبو الحسين محمد بن المهتدي بالله، وخلْق سواهم، وروى عنه بالإجازة أبو بكر الخطيب، وأبو عَمْرو الدّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو عبد الله أحمد بن محمد الخَوْلانيّ الإشبيليّ.
مولده في حدود سنة خمسٍ وخمسين وثلاثمائة.
وقال الخطيب: قدم أبو ذر بغداد وأنا غائبٌ، فحدَّث بها وحجّ وجاور، ثم تزوج في العرب وسكن السروات، وكان يحج كل عام فيحدَّث ويرجع، وكان ثقة ضابطا دينا، مات بمكة في ذي القعدة.
وقال أبو علي بن سكرة: توفي في عقب شوال.
وقال أبو الوليد الباجي في كتاب " اختصار فرق الفقهاء " من تأليفه عند ذكر أبي بكر الباقلاني: لقد أخبرني أبو ذَرّ، وكان يميل إلى مذهبه، فسألته: من أين لك هذا؟ فقال: كنتُ ماشيا ببغداد مع الدَّارَقُطْنيّ فلقينا القاضي أبا بكر، فالتزمه الشّيخ أبو الحسن الدارقطني، وقبل وجهه وعينيه، فلمّا فارقناه قلت: من هذا؟ فقال: هذا إمام المسلمين والذّاب عن الدّين القاضي أبو بكر محمد بن الطّيّب. قال أبو ذَرّ: فمن ذلك الوقت تكرّرت عليه.
وقال أبو عليّ البَطَلْيُوسيّ: سمعت أبا عليّ الحسن بن بَقِي الْجُذَاميّ المالِقيّ: حدَّثني بعض الشّيوخ قال: قيل لأبي ذَرّ: انت من هَرَاة، فمن أين [ص:542] تَمَذْهَبْتَ لمالك وللأشعريّ؟ قال: قدِمتُ بغداد فلزِمت الدَّارَقُطْنيّ، فاجتاز به القاضي ابن الطّيّب فأظهر الدَّارَقُطْنيّ ما تعجّبت منه مِن إكرامه، فلمّا ولّى سألته فقال: هذا سيف السُّنَّة أبو بكر الأشعريّ، فلزِمْتُه مُنْذُ ذَلِكَ، واقتديت به في مذهبيه جميعًا، أو كما قال.
وقال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد: عبد بن أحمد بن محمد السّمّاك الحافظ، صدوق، تكلّموا في رأيه، سمعت منه حديثًا واحدًا عن شيبان بن محمد، عن أبي خليفة، عن ابن المَدِينيّ، حديث جابر بطوله في الحجّ، قال لي: اقرأه عليّ حتّى تعتاد قراءة الحديث، وهو أوّل حديث قرأته على الشّيخ، وناولته الجزءَ فقال: لستُ على وضوء فَضَعْه.
قلت: أخبرني بهذا عليّ بن أحمد بالثغر، قال: أخبرنا عليّ بن روزبة، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو إسماعيل، فذكره.
وقال عبد الغافر في " السّياق ": كان أبو ذَرّ زاهدًا ورِعًا عالمًا سخيًّا بما يجد، لا يدَّخِر شيئًا لغد، صار من كبار مشايخ الحَرَم، مشارًا إليه في التَّصَوّف، خرّج على الصّحيحين تخريجًا حسنًا، وكان حافظًا كثير الشّيوخ.
قلت: وله " مستخرَج " استدركه على صحيح البخاريّ ومسلم في مجلّدٍ وسط، يدلّ على حفظه ومعرفته.
وقال عياض القاضي: لأبي ذَرّ كتاب كبير مخرَّج على الصَّحيحين، وكتاب في " السُّنَّة والصِّفات "، وكتاب " الجامع "، وكتاب " الدّعاء "، وكتاب " فضائل القرآن " وكتاب " دلائل النُّبُوّة "، وكتاب " شهادة الزور "، وكتاب " فضائل مالك "، و " فضائل العيدين "، وغير ذلك، وأرّخ وفاته في سنة خمس وثلاثين، والصحيح سنة أربع.(9/540)
125 - عليْ بن جعفر المنذريّ، القُهُنْدُزِيّ الهَرَويّ. [المتوفى: 434 هـ]
سمع العباس بن الفضل النضرويي. روى عنه العُمَيْريّ، وجماعة.(9/542)
126 - عليّ بن طلحة بن محمد بن عمر، أبو الحسن البصْريّ المقرئ. [المتوفى: 434 هـ]
سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وعبد العزيز، وإبراهيم الخِرَقيّين.
قال الخطيب: كتبنا عنه، ولم يكن به بأس، ومات في ربيع الآخر.
قلت: قرأ علي صاحب ابن مجاهد أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن البَيِّع. قرأ عليه أبو طاهر بن سَوّار، وعبد السّيّد بن عَتّاب، وأبو البركات الوكيل، وغيرهم، ومن شيوخه في القراءات أيضا: أبو نصر عبد العزيز بن عصام، ممّن قرأ على ابن مجاهد، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمين المؤدّب البصْريّ، قرأ على محمد بن عبد العزيز بن الصباح صاحب قنبل.(9/543)
127 - عليّ بن محمد بن عبد الرّحيم، أبو الحسين الأزْديّ. [المتوفى: 434 هـ]
سمع: أباه، والقَطِيعيّ، وابن لؤلؤ الورّاق، وهو بغداديّ.
كتب عنه الخطيب وصدّقه، وتُوُفّي في المحرّم.(9/543)
128 - عمر بن إبراهيم بن سعيد، أبو طالب الزُّهْريّ البغداديّ الفقيه الشّافعيّ، المعروف بابن حَمَامة. [المتوفى: 434 هـ]
سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسي، وعيسى بن محمد الرُّخَّجِيّ، وجماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة، وُلِد سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وكان من كبار أئمّة المذهب ببغداد، ومن ذرية سعد بن أبي وقاص.(9/543)
129 - محمد بن أحمد أبو الفرج العَيْن زَرْبيّ القاثوري. [المتوفى: 434 هـ]
حدَّث عن: أبي عليّ بن أبي الرَّمْرام، ويوسف المَيَانِجِيّ، وعنه: الكتّانيّ، وأبو نصر بن طلّاب، وجماعة.(9/543)
130 - محمد بن الحسين بن محمد بن جعفر، أبو الفتح الشَّيْبانيّ العطّار، قُطَيط. [المتوفى: 434 هـ][ص:544]
بغداديّ تغرّب إلى مصر وإلى الشّام، والجزيرة، وفارس، والحجاز، وحدَّث عن: أبي الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة.
قال الخطيب: سمعتُ منه، وكان ظريفا متصوِّفًا، تُوُفّي بالأهواز.(9/543)
131 - محمد بن عبد الله بن زين القُرْطُبيّ. [المتوفى: 434 هـ]
روى عن: ابن عَوْن الله، ومحمد بن أحمد بن مفرِّج، وعبّاس بن أصْبَغ، وجماعة.
وكان مجوّدًا للقرآن، عارفًا بالحساب والشُّروط. تُوُفّي بإشبيليّة وله أربعٌ وثمانون سنة.(9/544)
132 - محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بن عَوْف، أبو عبد الله القُرْطُبيّ. [المتوفى: 434 هـ]
أخذ عن أبي عبد الله بن أبي زمنين، وكان إمامًا في الفقه، من بيت حشمة وجلالة.(9/544)
133 - محمد بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الله بن محمد بن مصعب الزبيري، أبو البركات المكي. [المتوفى: 434 هـ]
دخل العراق والشام ومصر والأندلس، وحدَّث عن جماعة. روى عن: أبي زيد المَرْوَزِيّ، وأبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافيّ، ومحمد بن محمد بن جبريل العجيفي، والقاضي أبي الحسن علي بن محمد الجراحي، والقاضي أبي بكر الأبهري، والدارقطني، وأبي بكر المهندس، وأبي الفرج الشنبوذيّ، وأبي أحمد السامري، وأبي الطيب بن غلبون.
ترجمه الخولاني، وحدَّث عنه: أبو محمد بن حزم، والدلائي، وأبو محمد بن خزرج، وقال: كان ثقة متحريا فيما ينقله. لقِيته بإشبيليّة في سنة أربعٍ وثلاثين وأخبرني أنّ مولده في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وكان مُمتّعًا، يعني بحواسه.(9/544)
134 - محمد بن عليّ بن عبد العزيز بن إبراهيم، أبو الفضل الكاتب البغداديّ، المعروف بابن حاجب النُّعمان. [المتوفى: 434 هـ]
كان أبوه وزيرًا للقادر بالله، فلمّا مات أبوه وَزَرَ هو للقادر في سنة إحدى وعشرين، ثمّ عُزل بعد ستة أشهر، فلمّا استخلف القائم استوزره.
وكان أديبًا شاعرًا كاتبًا، تُوُفّي في ثامن ذي القعدة وله سبعون سنة، وقد فُلج قبل موته مدّة أعوام.
وله في الشّمعة:
وطفلةٍ كالرّمح لاحظْتُها ... سنانها من ذَهَبٍ قد طُبِعْ
دموعها تَنْهَلُّ في نحْرها ... ورأسها يحيى إذا ما قطعْ(9/545)
135 - محمد بن المؤمّل بن الصَّقْر، أبو بكر البغداديّ الورّاق، [المتوفى: 434 هـ]
غلام الأبْهريّ.
سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسي، وأبا بكر الأبْهريّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان سماعه صحيحًا، وكان لا يحسن يكتب، توفي في ذي الحجّة، وله إحدى وتسعون سنة.(9/545)
136 - هارون بن محمد بن أحمد بن هارون، أبو الفضل الأصبهاني الكاتب. [المتوفى: 434 هـ]
روى عن سليمان الطبرانيّ. روى عنه: محسن بن عليّ الفَرْقَدِيّ، وعبد الأحد بن أحمد العنْبريّ، والحسن بن أحمد الحدّاد، وغيرهم.
توفي في رمضان.(9/545)
137 - إلْيَسَعُ بن عبد الرحمن بن محمد اللَّخْميّ، أبو محمد الإشبيليّ. [المتوفى: 434 هـ]
روى عن: أبي عبد الله بن مفرِّج، وأحمد بن خالد التّاجر. روى عنه الخولاني، وأثنى عليه.
وقال ابن خزرج: ولد سنة ستّين وثلاثمائة.(9/545)
-سنة خمس وثلاثين وأربعمائة(9/546)
138 - أحمد بن الحسن، أبو بكر ابن الجندي. [المتوفى: 435 هـ]
سمع: علي بن محمد بن كيسان، وإسحاق بن سعد.
قال الخطيب: صدوق.(9/546)
139 - أحمد بن سعيد بن دينال، أبو القاسم الأموي القرطبي. [المتوفى: 435 هـ]
روى عن: أبي عيسى اللَّيْثيّ، وابن عَوْن الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي محمد القلعي، وأبي عبد الله بن الخزاز، وحج وأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد، وكان صالحا، ثقة حليما، عني بالعلم والرواية.
توفي سنة خمس في جُمَادَى الأولى.(9/546)
140 - أحمد بْن محمد بْن ملاّس، أبو القاسم الفزاريّ الإشبيليّ. [المتوفى: 435 هـ]
حجّ وأخذ عن: أبي الحسن بن جَهْضَم، وأبي جعفر الدّاوديّ، وسمع بقُرْطُبة من أبي محمد الأصيليّ، وأبي عمر ابن المكْوِيّ.
وكان متفنّنًا في العِلم، بصيرًا بالوثائق، مولده سنة سبعين وثلاثمائة.(9/546)
141 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن، أبو منصور ابن الذّهبيّ البغداديّ المالكيّ. [المتوفى: 435 هـ]
سمع: أبا بكر الأبْهريّ، وأبا الحسين بن المظفّر.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. تُوُفّي في شَعبان.(9/546)
142 - إسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النُّون الهَوّاريّ. [المتوفى: 435 هـ]
غلب على طُلَيْطُلَة عند اضطّراب الدّول بالأندلس، وأطاعته الرّعيّة، فضبط مملكة طُلَيْطُلَة، ومات في هذه السَّنة، فولي بعده ولده المأمون يحيى بن [ص:547] إسماعيل.(9/546)
143 - أسماء بنت أحمد بن محمد بن شاذَة، أمّ سَلَمَة الأصبهانية. [المتوفى: 435 هـ]
عن أبي الشّيخ، وعنها: أبو بكر الخطيب، وأبو عليّ الحدّاد، وآخرون.(9/547)
144 - جهور بن محمد بن جهور بن عبيد الله، أبو الحزّم، [المتوفى: 435 هـ]
رئيس قُرْطُبة وأميرها وصاحبها.
جعل نفسَه ممسِكًا للأمر إلى أن يتهيَّأْ مَن يصْلُح للخلافة. روى عن: عبّاس بن أَصْبَغ، والقاضي أبي عبد الله بن مفرِّج، وخَلَف بن القاسم، وجماعة، وآل الأمر إلى أن صار مدبّر أمر قرطبة، وانفرد برياسة المصر إلى أن تُوُفّي في المحرّم، ودُفِن بداره، وصلّى عليه ابنه أَبُو الوليد محمد بن جَهْور القائم بالأمر بعده. عاش إحدى وسبعين سنة. روى عنه أبو عبد الله محمد بن عَتَّاب، وغيره.
وكان أبو الحزْم من وزراء الدّولة العامريّة، ومِن دُهاة العالم وعُقلائهم ورؤسائهم، لم يزل متصوِّنًا حتّى خلا له الجو، فانتهز الفرصة ووثب على قُرْطُبة، ولم ينتقل إلى رُتْبَة الإمارة ظاهرًا بل حفظ لغيره الاسم واستقلّ بالأمر، ولم يتحوّل من داره، وجعل ارتفاع الأموال بأيدي رجالٍ وديعة، وصيَّر أهلَ الأسواق جُنْدًا، ورزقهم من أموالٍ تكون بأيديهم مضاربةً، وفرّق عليهم السّلاح، وكان يعود المرضى ويشهد الجنائز، وهو بزي الصالحين.(9/547)
145 - الحسن بن بكر بن غريب القَيْسيّ القُرْطُبيّ، أبو بكر السّماد. [المتوفى: 435 هـ]
أخذ عن: أبي محمد الأصِيليّ، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك ابن المكْوِيّ، وكان ورّاقًا، نسخ الكثير، وتوسع في طلب الحديث.
وتوفي في صفر عن ثمانين سنة.(9/547)
146 - الحسن بن عليّ بن موسى ابن السِّمسار، أبو عليّ الدّمشقيّ الأديب. [المتوفى: 435 هـ]
روى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وعبد الله بن ذَكوان البَعْلَبَكيّ. روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ.(9/547)
147 - الحسين بن عثمان، أبو سعد العِجْليّ الفارسيّ الشّيرازيّ، [المتوفى: 435 هـ]
المجاور بمكّة.
روى عن: زاهر السَّرْخَسِيّ، ومحمد بن مكّيّ الكشميهنيّ. روى عنه البغداديون.
مات في شوال.(9/548)
148 - سلار بن أحمد، أبو الحسن الدَّيْلَميّ. [المتوفى: 435 هـ]
تُوُفّي فِي رجب.(9/548)
149 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد، أبو محمد الأنصاريّ القُرْطُبيّ، [المتوفى: 435 هـ]
والد الخطيب زياد.
كان صالحًا، متصوِّنًا، كاتبًا مترسِّلا بليغًا. رفض الدُّنيا وتزَّهد.
تُوُفي في رمضان.(9/548)
150 - عبد الله بن يوسف بن نامي بن أبيض، أبو محمد الرهونيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 435 هـ]
روى عن: أبي الحسن الأنطاكيّ، وعبّاس بن أَصْبَغ، ومحمد بن خليفة، وخَلَف بن القاسم.
قال ابن مهديّ: كان صالحًا خيِّرًا، مجوّدًا للقرآن، خاشعًا، ورِعًا، بكّاءً. مولده سنة ثمانٍ وأربعين وثلاث مائة، واختلط في آخر عمره، فتركوا الأخذ عنه.
قلت: روى عنه أبو محمد بن حزْم في تصانيفه.(9/548)
151 - عُبَيْد الله بن أحمد بن عثمان، أبو القاسم الأزهريّ الصَّيرفيّ البغداديّ، المعروف أيضًا بابن السَّوَاديّ. [المتوفى: 435 هـ]
كنية أبيه أبو الفتح، وله أخٌ اسمه محمد تأخَّر بعده.
وُلِد أبو القاسم سنة خمسٍ وخمسين وثلاث مائة، وحدَّث عن أبي بكر القَطِيعيّ، وابن ماسي، وأبي سعيد الحُرْفيّ، والعسكريّ، وعليّ بن عبد الرحمن [ص:549] البكّائيّ، وابن المظفر، وخلق كثير.
قال الخطيب: وكان أحد المعنيين بالحديث والجامعين له مع صدق واستقامة ودوام درس للقرآن. سمعنا منه المصنفات الكبار، وتوفي في صفر، وقد كمل ثمانين سنة، بل جاوزها بعشرة أيام.(9/548)
152 - علي بن أحمد بن محمد، أبو الحسن ابن الآبنوسي الصيرفي، [المتوفى: 435 هـ]
أخو محمد.
سمع: أبا عبد الله العسكري، وعلي بن لؤلؤ، وأبا حفص الزيات.
قال الخطيب: لا أحسب سمع منه غيري، كان يتمنّع.(9/549)
153 - عمر ابن القاضي أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أحمد بْن يحيى بن مفرِّج القُرْطُبيّ، أبو حفص. [المتوفى: 435 هـ]
سمع من أبيه الكثير، ومن أبي جعفر بن عَوْن الله، وغيرهما.
وكان ثقة، روى عنه أبو مروان الطّبْنيّ، وقال: تُوُفّي في رجب.(9/549)
154 - عيسى بن خشرم أبو عليّ البّنّاء المصريّ. [المتوفى: 435 هـ]
توفي في صفر.(9/549)
155 - فيروزجرد، الملك جلال الدّولة، أبو طاهر ابن الملك بهاء الدولة أبي نصر ابن الملك عضد الدولة أبي شجاع ابن الملك ركن الدّولة ابن بُوَيْه الدَّيْلَميّ. [المتوفى: 435 هـ]
صاحب بغداد، ملكها سبْع عشرة سنة، وقام بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور، وخُطِب له. ثمّ ضعُف عن الأمر، وكاتب ابن عمّه أبا كاليجار مرزبان ابن سلطان الدّولة ابن بهاء الدّولة وهو بالعراق الأعلى بأنّه ملتجئ إليه ومعتمد عليه، وأنّه ممتثل أمره، فشكره أبو كاليجار، ووعده بكل جميل، وخطب لأبي كاليجار بعده أو قبله.
وقد ذكرنا من أخبار جلال الدّولة في حوادث السّنين ما يدلُّ على ضعف [ص:550] دولته ووهن سلطنته، وكان شيعيًّا جبانًا، عاش نيِّفًا وخمسين سنة، وكان عسكره قليلًا، وحدّه كليلا، وأيّامه نكدة.(9/549)
156 - محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق العبدانيّ النَّيْسابوريّ، عُرِف بأميرك. [المتوفى: 435 هـ]
سمع: أبا أحمد الحاكم، وأبا بكر بن مِهْران المقرئ.(9/550)
157 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن هَرْثَمَة بن ذَكْوان، أبو بكر القُرْطُبيّ. [المتوفى: 435 هـ]
سمع من: أبي المطرف القنازعي، ويونس بن عبد الله، وقلّده الوزير أبو الحزْم جَهْور القضاء بإجماع من أهل قُرْطُبة، فأظهر الحقَّ، وردّ المظالم وشُكِرَت أفعاله، ثمّ عُزِل.
وكان من أهل العلم والذّكاء، وممّن عُني بجمع العِلْم والحديث واقتناء الكُتُب.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وله أربعُ وأربعون سنة، ورثاه النَّاسُ.(9/550)
158 - محمد بن جعفر بن عليّ، أبو بكر المِيماسيّ. [المتوفى: 435 هـ]
راوي " الموطّأ " عن محمد بن العبّاس بن وصيف الغزيّ. رواه عنه نصر المقدسيّ الفقيه، وغيره.
تُوُفّي في شوّال.(9/550)
159 - محمد بن عبد الواحد بن عليّ بن إبراهيم بن رزمة، أبو الحُسَين البغداديّ البزّاز. [المتوفى: 435 هـ]
حدَّث عن أبي بكر بن خلّاد النَّصيبيّ، وأبي بكر بن سلم الختُّليّ، وأبي سعيد السِّيرافي.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا كثير السّماع، مات في جُمَادى الأولى، ومولده سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة. [ص:551]
قلت: وروى عنه: خالد بن عبد الواحد التّاجر، وأبو طاهر بن سَوَّار، وطائفة من البغداديّين.(9/550)
160 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة البغداديّ البزّاز. [المتوفى: 435 هـ]
حدَّث عن: أبيه، وأبي محمد بن ماسي، وهو ضعيف، كذَّبه أبو القاسم بن برهان.(9/551)
161 - مختار بن عبد الرحمن الرُّعينيّ القُرْطُبيّ المالكيّ. [المتوفى: 435 هـ]
كان جامعًا لفنون العلم، أخذ عن يونس بن عبد الله، وولي قضاء المَرِيّة فأحسن السِّيرة، يقال: إنّه شرب البلاذُر، فأفسد مزاجه.
تُوُفّي كَهْلًا في نصف جُمَادى الأولى، رحمه الله.(9/551)
162 - المهلب بن أحمد بن أبي صُفْرة أَسِيد، أبو القاسم الأسَديّ، [المتوفى: 435 هـ]
من أهل المَرِيّة.
سمع من أبي محمد الأصِيليّ، ورحل فأخذ عن أبي الحسن القابسيّ، وأبي الحسن عليّ بن محمد بندار القزوينيّ، وأبي ذر الهروي.
حدَّث عنه أبو عمر ابن الحذاء، وقال: كان أذْهَن من لقِيتُه وأفصحهم وأفهمهم، وحدَّث عنه أيضًا أبو عَبْد اللَّه بْن عابد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وغيرهما.
وكان من أهل العلم والمعرفة والذّكاء، والعناية التّامّة بالعلوم، صنَّف كتابًا في " شرح صحيح البخاريّ "، أخذه النّاس عنه، وولي قضاء المَرِيّة، وتُوُفّي في ثالث عشر شوّال.
واسم جده أبي صفرة أسيد.
وقد شرح " البخاريّ " أيضًا ابن بطّال، وسيأتي عام تسعة وأربعين.(9/551)
-سنة ست وثلاثين وأربع مائة(9/552)
163 - أحمد بن محمد بن أَحيد بن ماما، الحافظ أبو حامد الأصبهاني المامائي، [المتوفى: 436 هـ]
صاحب التَّصانيف.
سكن بُخَارى، وذيَّل على " تاريخ غُنْجار "، وحدَّث عن: عبد الرحمن بن أبي شريح، وأبي عليّ إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ، وأبي نصر محمد بن أحمد المَلَاحميّ، وأبي عبد الله الحَلِيميّ، وجماعة كثيرة.
توفي في شعبان.(9/552)
164 - تمّام بن غالب بن عمر، أبو غالب ابن التَّيّانيّ القُرْطُبيّ اللُّغويّ، [المتوفى: 436 هـ]
نزيل مُرْسِيَة.
روى عن أبيه، وعن: أبي بكر الزُّبَيْديّ، وعبد الوارث بن سفيان، وغيرهم.
قال الحُمَيْديّ: كان إمامًا في اللُّغة، وثقةً في إيرادها، مذكورًا بالدِّيانة والورع، له كتابٌ في اللغة لم يؤلف مثله اختصارا وإكثارا، وقد حدَّثنا ابن حزم قال: حدَّثني أبو عبد اللَّه محمد بْن عَبْد اللَّه ابن الفَرَضيّ أنّ الأمير مجاهد بن عبد الله العامريّ وجَه إلى أبي غالب أيّام غَلَبَتِه على مُرْسِيَة ألفَ دينارٍ أندلُسيّة، على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب ممّا ألَّفه تمّام بن غالب لأبي الجيش مجاهد، فردَّ الدَّنانير وأَبَى من ذلك، ولم يفتح في هذا بابًا البتّة، وقال: والله لو بُذلت لي الدُّنيا على ذلك ما فعلت ولا استجزت الكذِب، فإنّي لم أجمَعْه له خاصّة، تُوُفّي بالمَرِيّة، وكان مقدَّمًا في علم اللِّسان أجمعه، مسلَّمةً له اللُّغة، ومات في أحد الجماديين.(9/552)
165 - الحسين بن عليّ بن محمد بن جعفر، أبو عبد الله الصَّيْمَرِيّ. [المتوفى: 436 هـ]
سكن بغداد في صِبَاه، وتفقّه لأبي حنيفة، وبرع في المذهب، وسمع من [ص:553] المفيد، وأبي الفضل الزُّهْريّ، وأبي بكر بن شاذان، وأبي حفص بن شاهين، وجماعة.
روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقًا وافر العقل، قال لي: سمعتُ من الدَّارَقُطْنيّ أجزاء من سننه، فقرئ عليه حديث غورك السَّعْدِيّ، عن جعفر بن محمد في زكاة الخيل، فقال: غورك ومن دونه ضُعفاء، فقيل له: الّذي رواه عن غورك هو أبو يوسف القاضي، فقال: أَعْوَر بين عُمْيَان!
وكان الشّيخ أبو حامد الفقيه حاضرًا، فقال: ألْحِقوا هذا الكلام في الكتاب، فكان ذلك سبب انقطاعي عن مجلس الدَّارَقُطْنيّ، فلَيْتَني لم أفعل أيْشٍ ضرَّ أبا الحسن انصرافي؟
قلتُ: وحدَّث عن الصَّيْمَرِيّ جماعةٌ ممّن أدركهم السِّلَفيّ، ومات في شوّال وله خمسٌ وثمانون، وقد ولي قضاء المدائن ثمّ قضاء رَبْع الكَرْخ.(9/552)
166 - الحسين بن محمد بن أحمد الأنصاريّ الحلبيّ الشّاهد، عُرِف بابن المُنَيْقير. [المتوفى: 436 هـ]
سكن دمشق، وحدَّث عن أحمد بن عطاء الرُّوذَبَاريّ. روى عنه: أبو القاسم ابن أبي العلاء المصِّيصيّ، ونصر المقدسيّ، وأبو صالح أحمد بْن عبد الملك المؤذّن، ونجا بن أحمد.
وثقه محمد بن عليّ الحدّاد.(9/553)
167 - الخضر بن عبدان بن أحمد بن عبدان، أبو القاسم الأزْديّ الدّمشقيّ الصّفّار المعدّل. [المتوفى: 436 هـ]
حدَّث عن القاضي المَيَانِجِيّ. روى عنه نجا بن أحمد، وقال: تُوُفّي في جُمَادى الأولى، روى مجلسا واحدا.(9/553)
168 - طاهرة بنت أحمد بن يوسف بن يَعْقُوبَ بن البَهْلُول. [المتوفى: 436 هـ]
روت عن: أبيها، وأبي محمد بن ماسيّ، ومخلد الباقَرْحيّ. [ص:554]
روى عنها أبو بكر الخطيب.(9/553)
169 - عبد الله بن سعيد بن لُبَّاج، أبو محمد الشَّنْتَجاليّ الأُمويّ، مولاهم. [المتوفى: 436 هـ]
جاور بمكّة دهرًا، وسمع بقُرْطُبة من أبي محمد بن تيريّ، وحجّ سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، فسمع من أحمد بن فِراس، وعُبَيْد الله بن محمد السَّقَطيّ، وصحِب أبا ذَرّ الهَرَويّ، واختصَّ به، ولقِي أبا سعيد السِّجْزيّ عمر بن محمد، فأخذ عنه " صحيح مسلم "، وسمع بمصر وبالحجاز من جماعة.
وكان صالحًا خيّرًا، زاهدًا، عاقلًا، متبتّلًا، وكان يسرد الصَّوم، وإذا أراد الحاجة خرج من الحرم، لم يكن للدّنيا عنده قيمة، وكان كثيرًا ما يكتحل بالإثْمد، وحجّ خمسًا وثلاثين حَجَّةً، وزارَ مع كلّ حَجة زَوْرَتَين.
ورجع إلى الأندلس في سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، وحدَّث " بصحيح مسلم " في نحو جمعة بقُرْطُبة، وتُوُفّي في رجب سنة ستٍّ وثلاثين رحمه الله عليه، روى عنه أبو جعفر الهَوْزَنيّ.(9/554)
170 - عَبْد الله بْن محمد بْن أحمد، أبو القاسم العطّار المقرئ. [المتوفى: 436 هـ]
سمع أبا محمد بن حيّان، أبو الشّيخ، وغيره. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيَّ الحداد، وَأَبُو الْقَاسِمِ الهذلي، وقد قرأ على أبي بكر عبد الله بن محمد القبّاب، وغيره.
ذكره ابن نُقْطَة، فَقَالَ: ذكره يَحْيَى بْنُ منده، فقال: أبو القاسم عبد الله بْن محمد بْن أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن موسى بن شيذة، بمعجمتين، ثمّ قال: كان إمامًا في القراءات، عالمًا بالرّوايات، ثقة أمينًا صدوقًا ورِعًا، صاحب سُنَّة، حدَّث عن: أبي الشيخ، والقباب، وأبي سعيد الزعفراني، ومحمد بن عبد الله المعلم، مات في جمادى الآخرة، حدَّث عنه عمّي عبد الرحمن في آخرين.(9/554)
171 - عبد الرحمن بن أحمد بن عمر، أبو سعْد الأصبهاني الصّفّار، [المتوفى: 436 هـ]
أخو الفقيه أبي سهل. [ص:555]
سمع: أبا القاسم الطَّبَرانيّ، وعنه: الحدّاد، ومحمد بن الحسن العَلَويّ الرّسّيّ شيخ لأبي موسى المديني، وروى أيضًا عن أحمد بن بُنْدَار الشّعّار، وجماعة.
توفي ليلة عَرَفَة.(9/554)
172 - عبد العزيز بن عبد الرّزّاق، أبو الحسين، [المتوفى: 436 هـ]
صاحب التَّبْرِيزيّ.
حدَّث عن القَطِيعيّ، وطيّب المُعْتَضِديّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، ولا بأس به.(9/555)
173 - عبد الغفار بن عبيد الله بن محمد بن زيرك، أبو سعد التميمي الهمذاني الشافعي، [المتوفى: 436 هـ]
شيخ همذان.
قال شيرويه: روى عن: أبيه أبي سهل، وابن لال، وجماعة، ورحل فأخذ عن أبي أحمد الفَرَضيّ، والحفّار، وأبي عمر بن مهديّ، وخلق. حدثنا عنه: ابن أخته محمد بن عثمان، والحسين بن عبد الوهّاب الصُّوفيّ، وأحمد بن عمر المؤذّن، وأحمد بن إبراهيم بن معروف، وكان فقيهًا إمامًا، ثقة نَحْوِيًّا، يَعِظُ النّاسَ ويتكلَّم عليهم في علوم القوم، وله مصنَّفات في أنواع من العلم، ذكر أَنَّهُ رَأَى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام، فألبسه قميصًا، فقال له المعبّر: إنّ الله يرزقك عِلمًا واسعًا.(9/555)
174 - عبد الملك بن أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الملك بْن الأصْبَغ، أبو مروان القُرَشيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 436 هـ]
روى عنه الخَوْلانيّ، وقال: كَانَ من أهل العلم مقدَّمًا في الفَهْم، قديم الخير والفضل، له تصنيف حسن في الفِقْه والسُّنَن.
وقال غيره: له كتاب في أصول العِلم في تسعة أجزاء، وكتاب في مناسك الحجّ، روى عن: القاضي ابن زَرْب، وأبي عبد الله بن مفرِّج، وخَلَف بن القاسم، وُلِد سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، ومات بإشبيليّة.(9/555)
175 - عبد الوهاب بن منصور، أبو الحسن ابن المشتري، [المتوفى: 436 هـ]
قاضي الأهواز، ورئيس تلك النّاحية. [ص:556]
روى عن أحمد بن عَبْدان الحافظ، وعنه الخطيب.(9/555)
176 - عُبَيْد الله بن أحمد بن عليّ بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال، أبو الفضل الخُرَاسانيّ. [المتوفى: 436 هـ]
من بيت حشْمة وإمرة، تُوُفّي يوم النَّحْر.(9/556)
177 - عليّ بن أحمد بن مهران، أبو القاسم الأصبهاني الصّحّاف. [المتوفى: 436 هـ]
روى عن: أبي بكر عبد الله بن محمد القبّاب، وأبي الشّيخ، وطائفة كبيرة، ورحل، وصنَّف الشّيوخ، وطال عمره، وروى الكثير.
وُلِد سنة تسعٍ وأربعين وثلاث مائة. روى عنه أبو عليّ الحدّاد، وتُوُفّي في جُمَادى الأولى.(9/556)
178 - عليّ بن أحمد، وزير الدّيار المصريّة والدّولة المستنصريّة، أبو القاسم الْجَرْجرائيّ. [المتوفى: 436 هـ]
بقي في الوزارة بضع عشرة سنة، ومات في رمضان سنة ستٍّ وثلاثين بالاستسقاء، صلّى عليه المستنصر، وولي الأمر بعده الوزير أبو نصر صَدَقَة بن يوسف الفلاحي، فقبض على أبي عليّ ابن الأنباريّ صديق الْجَرْجرائيّ، وعمل على قتله، فقيل: إنه قتله بخزانة البُنُود، فلم تَطُلْ أيّام الفَلاحيّ هذا، وحُمِل إلى خزانة البُنُود أيضًا، فقُتِل بها في أوّل سنة أربعين، واستوزر أبو البركات ابن أخي الوزير الجرجرائي، وفترت الأمور إلى أن استوزر المستنصر قاضي القضاة أبا محمد اليازوريّ في سنة ثلاثٍ وأربعين.(9/556)
179 - عليّ بن الحسن بن عليّ بن ميمون، أبو الحسن الرَّبَعيّ الدّمشقيّ، المقرئ الحافظ، ويُعرف بابن أبي زَرْوان. [المتوفى: 436 هـ]
سمع: أحمد بن عُتْبَة بن مكين، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، والحسن بن عبد الله بن سعيد الحمصيّ، والعبّاس بن محمد بن حِبّان، ومحمد بن عليّ بن أبي فَرْوَة، وجماعة، وقرأ على عليّ بن داود الدَّارانيّ الخطيب، وعليّ بن زُهير البغداديّ. روى عنه: أبو سعْد السّمّان، ونجا بن أحمد، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو عبد الله الحسن بن أبي الحديد. [ص:557]
توفي في صفر، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.
وقال الكتّانيّ: كان يحفظ ألف حديث بأسانيدها من حديث ابن جَوْصا، ويحفظ كتاب " غريب الحديث " لأبي عبيد، وانتهت إليه الرياسة في قراءة الشّاميّين، وكان ثقة مأمونًا.(9/556)
180 - عليّ بن الحسين بن إبراهيم، أبو الحسن العَنْسيّ، الصُّوفيّ الوكيل، [المتوفى: 436 هـ]
نزيل مصر.
روى عن: محمد بن عبد الكريم الجوهريّ قاضي الرَّمْلة، وأحمد بن عطاء الرُّوذباريّ، وعنه: القُضَاعيّ، وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، والمشرف التّمّار، ورَّخه الحبّال.(9/557)
181 - عليّ بن الحسين بن موسى، الشّريف أبو طالب العلويّ المُوسَوِيّ نقيب الطّالبيّين ببغداد، المعروف بالشّريف المرتضى ذو المجدين. [المتوفى: 436 هـ]
كان شاعرًا ماهرًا، متكلِّمًا ذكيًّا، له مصنَّفات جمّة على مذهب الشِّيعة، حدَّث عن: سهل بن أحمد الدّيباجيّ، وأبي عُبَيْد الله المرزُبانيّ، وغيرهما.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان مولده في سنة خمسٍ وخمسين وثلاث مائة.
وهو أخو الشّريف الرّضيّ.
قلتُ: كلٌّ منهما رافضيٌ، وكان المرتضى رأسًا في الاعتزال، كثير الاطّلاع والجِدال.
قال ابن حزْم في " المِلَلِ والنِّحَل ": ومن قول الإماميّة كلها قديمًا وحديثًا أنّ القرآن مبدلٌ، زيدَ فيه ونقصَ منه، حاشى عليّ بن الحسين بن موسى، وكان إماميًّا فيه تظاهرٌ بالإعتزال، ومع ذلك فإنّه يُنْكر هذا القول [ص:558] ويكفر من قاله، وكذلك صاحباه أبو يَعْلَى الطُّوسيّ، وأبو القاسم الرّازيّ.
قلتُ: وقد اختلف في كتاب " نهج البلاغة " المكذوب على عليّ عليه السّلام، هل هو وَضْعه، أو وضع أخيه الرَّضِيّ.
وقد حكى عنه ابن بَرْهان النَّحويّ أنّه سمعَه وَوجْهُهُ إلى الحائط يعاتبُ نفسه ويقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا، واسترحما فرحما، أفأنا أقول ارتدّا؟
قلتُ: وفي تصانيفه سبّ الصّحابة وتكفيرهم.(9/557)
182 - مجاهد بن عبد الله، السّلطان أبو الجيش الأندلسيّ العامريّ الملقَّب بالموفّق، [المتوفى: 436 هـ]
مولى النَّاصر عبد الرحمن ابن المنصور أبي عامر وزير الأندلس.
ذكره الحُمَيْديّ، فقال: كان من أهل الأدب والشّجاعة والمحبَّة للعلوم. نشأ بقُرْطُبة وكانت له همّة وجلادة وجُرأة، فلمّا جاءت أيّام الفتنة وتغلّبت العساكر على النّواحي بذهاب دولة مولاه، توثّب هو على شرق الأندلس، وغلب على تلك الجزائر وحماها، ثمّ قصد منها في المراكب والعساكر إلى سَرْدانية، جزيرةٍ كبيرة للرّوم، سنة سبْعٍ وأربع مائة، فافتتح معاقلها وغلب على أكثرها، ثمّ اختلفت عليه أهواء جُنْده، وجاءت نجدة الرّوم وقد عزم على الخروج من سردانية طمعًا في أن يفرّق مَن يَشغب عليه، فدهمته الملاعين في جحفلهم، وغلبوا على أكثر مراكبه، فحدَّثنا ابن حزْم قال: حدَّثني ثابت بن محمد الْجُرْجَانيّ قال: كنتُ مع أبي الجيش أيّام غزو سردانية، فدخل بالمراكب في مَرْسى نهاه عنه أبو خَرُّوب رئيس البحريّين، فلم يقبل منه، فلمّا حصل في ذلك المرسي هبّت ريحٌ جعلت تقذِف مراكبَ المسلمين مركبًا مركبًا إلى الرّيف، والرّومُ لا شُغْل لهم إلّا الأسر والقتْل، فكلّما ملكوا مركبًا بكى مجاهد بأعلى صوته ولا يقدر على شيء لارتجاج البحر، وأبو خَرُّوب ينشد:
بكى دَوْبَلٌ لا أرقأَ اللهُ دمعَه ... ألا إنّما يبكي من الذّلّ دوبلُ
ويقول: قد كنت حذرته من الدخول هنا فأبى.
ثمّ تخلّصنا في يسير من المراكب. [ص:559]
قال الحُمَيْديّ: ثمّ عاد مجاهد إلى الأندلس، واختلفت به الأحوال حتّى تملّك دانية وما يليها واستقرَّ بها، وكان من الأجواد العلماء، باذلًا للمال في استمالة الأُدباء، فبذل لأبي غالب تمّام بن غالب اللّغَويّ ألف دينار على أن يزيد في ترجمة الكتاب الّذي ألّفه في اللّغة ما ألّفه لأبي الجيش مجاهد، فامتنع أبو غالب وقال: ما ألّفته له.
وفيه يقول صاعد بن الحسن اللُّغَويّ، وقد استماله على البُعْد بمالٍ، قصيدته:
أتتني الخريطةُ والمركبُ ... كما اقترنَ السَّعدُ والكوكبُ
وحُطَ بمينائه قِلعُهُ ... كما وضَعت حملها المُقربُ
على ساعةٍ قام فيها الثّناءُ ... على هامة المشتري يخطبُ
مجاهدُ رُضْتَ إِباءَ الشَّمُو ... س فاصْحَبْ ما لم يكُن يصحبُ
فقلْ واحتكمْ فسميعُ الزّما ... نِ مصيخٌ إليك بما ترغبُ
وقد ألّف مجاهد كتابًا في العَرُوض يدلّ على فضائله.
وقد وزر له أبو العباس أحمد بن رشيق. تُوُفّي بدانية سنة ستٍّ وثلاثين.(9/558)
183 - محمد بن أحمد بن بكير التنوخيّ الخياط، [المتوفى: 436 هـ]
إمام مسجد أبي صالح الّذي بظاهر باب شرقيّ.
حدَّث عن: عبد الوهاب الكِلابيّ، وعبد الله بن محمد الحِنّائيّ. روى عنه: الكتّانيّ، ونجا العطّار.(9/559)
184 - محمد بن أحمد بن أبي شُعيب، الفقيه أبو منصور الرُّويانيّ، [المتوفى: 436 هـ]
نزيل بغداد.
سمع: ابن كَيْسان النَّحْويّ، وسهل بن أحمد الدِّيباجيّ، وعنه الخطيب.(9/559)
185 - محمد بن الحسن بن محمود، أبو منصور الأصبهاني المعلم الصّوّاف. [المتوفى: 436 هـ](9/559)
186 - محمد بن الحسين بن أحمد بن بُكَيْر، أبو طالب التّاجر. [المتوفى: 436 هـ]
بغداديّ، كان أبوه حافظًا فسمَّعه من أبي محمد بن ماسيّ، وأبي الفتح محمد بن الحسين الأزْديّ، وجماعة. روى عنه: الخطيب، وأحمد بن محمد بن قيداس المقرئ.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(9/560)
187 - محمد بْن عَبْد الله بن حسين بن هارون، أبو بكر الوضّاحيّ الحمصيّ الزّاهد المقرئ، [المتوفى: 436 هـ]
ويلقّب أبوه بحرميّ.
سكن دمشق، وروى عن: أبي عليّ بن أبي الرَّمْرَام، وأبي سليمان بن زَبْر، وأحمد بن عُتْبَة، ويوسف المَيَانِجِيّ، والفضل بن جعفر التّميميّ. روى عنه: عبد العزيز بن أحمد الكتّانيّ، وقال: كان يذهب مذهب أبي الحسن الأشْعريّ، وتُوُفّي في صفر.
وروى عنه أيضًا: أبو القاسم المصِّيصيّ، وأحمد بن عبد المنعم الكُرَيْديّ، ونجا العطّار، وعبد الله بن عبد الرّزّاق، ومحمد بن عليّ الفرّاء، وآخرون.
قَالَ ابن عساكر: سمعتُ أبا الْحَسَن بْن المسلم السلمي، عن بعض شيوخه، أن أبا بكر بن الحرمي صادف في بعض الأيّام أحمال خمرٍ لأمير دمشق جيش بن الصِّمْصامة، فأراقها أبو بكر كلَّها عند بيت لهْيا، فبلغ جيشًا الخبر، فأحضره فسأله عَنْ أشياء من القرآن والحديث والفِقْه، فوجده عالمًا، ثمّ نظر إلى شاربه وإلى أظافيره، فإذا هي مقصوصة، فأمر أن يُنظر إلى عانته فإذا هي محلوقةً، فَقَالَ: اذهب فقد نجوت منّي، لم أجد ما أحتجُّ به عليك.(9/560)
188 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد، أبو الوليد المُرْسيّ، يُعَرف بابن مِيقُل. [المتوفى: 436 هـ]
حدَّث عن: سهل بن إبراهيم، وهاشم بن يحيى، وأبي محمد الأصِيليّ، وسكن قُرْطُبة، وتفقه بها مدّة. [ص:561]
قال أبو عمر ابن الحذّاء: ما لقيت أتمّ ورعًا ولا أحسن خلقًا ولا أكمل علمًا منه، كان يختم القرآن على قدميه في كل يوم وليلة، ولم يأكل اللّحم من أوّل الفتنة إلّا من طيرٍ أو حوت أو صيد، وكان من كرام النّاس على توسُّط ماله، وكان أحفظ النّاس لمذهب مالك وأصحابه وأقواهم احتجاجًا له، مع عِلمه بالحديث الصّحيح والسقيم، والرّجال، والعلم باللُّغة والنَّحْو والقراءات والشِّعْر، وكان محمودًا في بلده، مطلوبًا لعِلمه وفضله، تُوُفّي لليلتين بقيتا من شوّال بمُرْسِيَة، ودُفن في قِبْلة جامعها، ووُلِد سنة اثنتين وستّين وثلاث مائة.(9/560)
189 - مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيزِ بْن عَبْد اللَّه بْن محمد، أبو عبد الرحمن النِّيليّ الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 436 هـ]
من كبار أئمّة خُراسان، كان إمامًا فقيهًا زاهدًا، صالحًا، كبير القدْر، له شِعر جيّد، عُمّر ثمانين سنة، وحدَّث عن: أبي عَمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وغيرهما، وأملى مدّة، وكان له ديوان شِعْر.
روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وأحمد بن عبد الملك المؤذّن.(9/561)
190 - محمد بن عليّ بن الطّيّب، أبو الحسين البصري المعتزلي، [المتوفى: 436 هـ]
صاحب المصنفات الكلامية.
كان من فحول المعتزلة، كان فصيحًا متفنِّنًا، حُلْو العبارة، بليغًا. صنَّف " المعتمد في أصول الفقه "، وهو كبير، وكتاب " صلح الأدِلّة " في مجلَّدَتَين، وكتاب " غُرَر الأدِلَّة "، في مجلَّد، وكتاب " شرح الأُصُول الخمسة "، وكتاب " الإمامة "، وكتابًا في أصول الدِّين على قواعد المعتزلة، وتنبَّه الفُضلاء بكُتُبه واعترفوا بحِذْقة وذكائه.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: كَانَ يَرْوِي حَدِيثًا وَاحِدًا حَدَّثَنِيهِ مِنْ حِفْظِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ محمد، قال: أخبرنا الغلابيّ، وأبو مسلم الكجي، ومحمد [ص:562] ابن أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الزُّرَيْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ المازني، وأبو خليفة قالوا: حدثنا القعنبي حديث: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت "، توفي ببغداد، رحم الله المسلمين. في شهر ربيع الآخر.(9/561)
191 - محمد بن محمد بن علي بن الحَسَن بن عليّ بن إبراهيم بن عليّ بن عُبَيْد الله بن الحسين ابن زين العابدين، الشّريف أبو الحسن بن أبي جعفر العلوي الحسيني العبيدلي النَّسَّابَة، [المتوفى: 436 هـ]
أحد شيوخ الشِّيعة.
كان علّامة في الأنساب، صنف فيها كتابًا سمّاه كتاب " الأعقاب ".
روى عن أبيه، عن ابن عُقْدة، وعن محمد بن عمران المرزبانيّ، وأبي عمر ابن حَيَّوَيْهِ، وغيرهم، ولو سمع على قدْر عمره لسمع من أبي عمرو ابن السماك وطبقته، فإنّه ولد في ذي العقدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وعُمِّر دهرًا، وتلمذ في الرَّفْض للشيخ المفيد المعروف بابن النُّعْمان. روى عنه: أبو حرب محمد بن المُحسِّن العَلَويّ النَّسَّابَة، وأحمد بن محمد بن الوتّار، وأبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العُكَبْرِيّ، وآخرون.
وقد روى عن أبي الفَرَج الأصبهاني كتاب " الدّيارات "، وروى أيضًا عن أبي بكر أحمد بن الفضل الرَّبَعيّ سندانة، عن أبي عُبَادة البُحْتُرِيّ عدّة قصائد من شِعْره، وهو آخر من حدَّث عن هذين.
وذكره ابن عساكر في " تاريخه "، وقال: ذكره أبو الغنائم النَّسَّابة وأنّه اجتمع به بدمشق ومصر، وسمع منه علما كثيرا، وذكر أنّ له كُتبا كثيرة وشِعْرًا، وكان يُعرف بشيخ الشَّرَف.
وقال هلال بن المحسِّن: تُوُفّي في سابع رمضان ببغداد، ثمّ ذكر مولده كما تقدَّم.
وضعّفه ابن خَيْرُون، وقال: حدَّث عن أبي الفَرَج الأصبهاني " بمقاتل الطّالبيّين " من غير أصل، ولا وُجِد سماعُه في شيءٍ قطّ.(9/562)
192 - المحسّن بن محمد بن العباس بن الحسن بن أبي الْجِنّ، الشّريف أبو تُراب الحُسيني. [المتوفى: 436 هـ]
نقيب العلويّين، وقاضي دمشق بعد أخيه لأمّه فخر الدولة أي يَعْلَى حمزة بن الحَسَن نيابةً عن أبي محمد القاسم بن النُّعْمان. روى عن يوسف المَيَانِجِيّ. روى عنه: عليّ بن أحمد بن زهير، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وعبد العزيز الكتانيّ.(9/563)
193 - هبة الله بن إبراهيم بن عمر المصريّ الصّوّاف. [المتوفى: 436 هـ]
روى عن عليّ بن الحسين الأنطاكيّ، وغيره. روى عنه: أبو إسحاق الحبّال، وأبو العباس الرازيّ.(9/563)
194 - يحيى بن عبد الملك بن كَيْس، أبو بكر القُرْطُبيّ المتكلِّم. [المتوفى: 436 هـ]
كان حاذقًا بالْجَدَل والمناظرة متبحّرًا في ذلك، لم يكن بالأندلس في وقته أبصر منه بالكلام والبحث، عاش سبْعًا وأربعين سنة.(9/563)
-سنة سبع وثلاثين وأربعمائة(9/564)
195 - أحمد بن ثابت بن أبي الْجَهْم، أبو عمر الواسطيّ الأندلسيّ، [المتوفى: 437 هـ]
من قرية واسط إحدى قرى قَبْرة.
روى عن: أبي محمد الأصِيليّ، وكان يتولّى القراءة عليه، وكان خيِّرًا صالحًا، أمّ بمسجد بنفسج ستّين سنة، وكُفَّ بَصَرُه.(9/564)
196 - أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده، أبو عبد الله المِلْنجيّ الأصبهاني، الخيّاط المقرئ. [المتوفى: 437 هـ]
سمع: أبا الشّيخ، وأبا بكر القبّاب، وغيرهما. روى عنه: أبو علي الحداد، وقرأ عليه أبو الفتح الحدّاد، وغيره.(9/564)
197 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد، أبو الفضل الهاشميّ العبّاسيّ الرّشيديّ المَرْوَرُّوذِيّ، [المتوفى: 437 هـ]
قاضي سِجِسْتان.
سمع من: محمد بن منصور المَرْوَزِيّ، وأبي أحمد الغِطْريفيّ. روى عنه: مسعود بن ناصر السِّجْزيّ، والخطيب.
وله شِعر رائق. عاش إلى هذا العام.(9/564)
198 - أحمد بن يوسف أبو نصر المَنَازِيّ الكاتب الشّاعر الوزير. [المتوفى: 437 هـ]
وَزَرَ لأبي نصر أحمد بن مروان بن دُوستك، صاحب مَيَّافارِقين وديار بكر، وترسَّل إلى القسطنطينيّة مِرارًا، وجمع كُتُبًا كثيرة، ثمّ وقفها على جَامِعَيْ آمِد ومَيَّافارِقين، واجتمع بأبي العلاء المَعَرّيّ فشكا إليه أبو العلاء أنّه منقطع عن النّاس وهم يُؤْذُونه، فقال: ما لهم ولك، وقد تركت لهم الدُّنيا والآخرة؟ فتألَّم أبو العلاء وأطرق مُغْضِبًا.
وهو من مَنَازْجِرْد من نواحي خَرْت بَرْت ليس من مَنَازْجِرْد الّتي من عمل خلاط. [ص:565]
وللمَنَازيّ ديوان شِعر قليل الوقوع، وهو منسوب إلى منازكرد، وفيه يقول القائل:
وأقفر من شِعْر المَنَازِيّ المنازِلُ
ومن شعره:
وافَى إليَّ كتابه فتضوَّعتْ ... كفّاي ساعةَ نشرهِ من نشرهِ
وفضضته مستبشرا بوروُدهُ ... فعرفت فَحْوَى صدره من صدرِه
سَرَّى همومي ما حَواه وسرَّني ... أنْ مرَّ ذِكْري خاطِرًا في سرِّه(9/564)
199 - الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جُمَيْع، أبو محمد الغسّانيّ الصَّيْدَاويّ، المُلقَّب بالسَّكَن. [المتوفى: 437 هـ]
روى عن: أبيه أبي الحسين، وجدَّيه أحمد بن محمد، ومحمد بن سليمان بن أحمد بن ذَكْوان، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأحمد بن عطاء الرُّوذَبَاريّ، وطائفة، وعنه: محمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وحمْد بن عليّ الرّهاويّ، وعليّ بن بكّار الصُّوريّ، وجماعة، وبالإجازة نصر المقدسي، وأبو الحسن ابن الموازينيّ.
قال المنجى بن سُلَيْم الكاتب: قال لي أبو محمد بن جُمَيْع: مكثت ستّة أشهُر ما شربت الماء، قال لي أبو السَّرِيّ الطّبيب: إنّ مَعِدتَك تشبه الآبار، باردة في الصَّيف حارّة في الشّتاء، إنّي أنصحك فاشرب الماء، وإلّا خِفْتُ على كَبِدك، فأَلْزَمْتُ نفسي شُرْبَ الماء حتى تعودت. [ص:566]
وقال: سمعتُ " الموطّأ " من جدّي سنة سبْعٍ وأربعين وثلاثمائة - كذا في النُّسْخة، ولعله سنة سبْعٍ وخمسين - قال: ولي سبعٌ وثمانون سنةً، وقد سردتُ الصَّوم ولي ثمان وعشرون سنة، وسردَ أبي الصَّوم وله ثمانية عشر عامًا وإلى أن مات، وصام جدي وله اثنتا عشرة سنة.
توفي السكن، يوم عيد الفِطْر.(9/565)
200 - الحسين بن محمد بن بيان المؤذّن، أبو عبد الله البغداديّ، عُرِف بابن مجوجا. [المتوفى: 437 هـ]
قال الخطيب: كتبتُ عنه عن عبد الله بن موسى الهاشميّ، وكان صدوقًا، ذكر لي أنّه سمع من حبيب القزّاز، والقَطِيعيّ، وأنّ كُتُبَه ضاعت، وأنّه وُلِد سنة سبع وأربعين وثلاثمائة.(9/566)
201 - عبد الرحمن بن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بَقِيّ بن مَخْلَد، أبو الحسن القُرْطُبي. [المتوفى: 437 هـ]
سمع من أبيه، وأجاز له جدّه، وأخذ عن أبي بكر بن زَرْب كتاب " الخِصال " من تأليفه، وولي قضاء طُلَيْطُلَة مرَّتين.
وكان مليح الخطّ، دَرِبًا بالقضاء، ثمّ ولي أحكام الشُّرطة والسّوق بقُرْطُبة إلى أن توفي في النصف من ربيع الآخر فجاءة، وولد سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.(9/566)
202 - عبد الصّمد بن محمد، أبو الفضل البغداديّ ابن الفُقَاعيّ. [المتوفى: 437 هـ]
سمع مجلسًا من أبي بكر القَطِيعيّ، وكان خطيب قرية الرُّخَّجِيّة على فَرْسَخ من بغداد.(9/566)
203 - عليّ بن أحمد بن الحسن بن عبد السلام البغدادي، أبو الحسين ابن الشيرجي المقرئ. [المتوفى: 437 هـ][ص:567]
سمع من القَطِيعيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا. مات في جُمَادى الآخرة.(9/566)
204 - عليّ بن عبد الصّمد بن عُبَيْد الله، أبو الحسن الهاشميّ، [المتوفى: 437 هـ]
خطيب الجانب الغربي.
سمع: أبا محمد ابن السقاء الوَاسِطيُّ، ومحمد بن أحمد المفيد، والأبْهَريّ.(9/567)
205 - عليّ بن محمد بن الحسن، أبو الحسن البغداديّ الحربيّ السِّمسار، المعروف بابن قُشَيْش. [المتوفى: 437 هـ]
سمع: أبا بكر القطيعي، وإبراهيم بن أحمد بن الخرقيّ، وابن لؤلؤ الورّاق، وأبا سعيد الحُرْفيّ، ومحمد بن المظفر.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا يتفقّه بمذهب مالك، تُوُفّي في شَعبان، ووُلِد فِي سنة ستٍّ وخمسين وثلاث مائة.(9/567)
206 - مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بن موسى، أبو بكر الأصبهاني الصّفّار. [المتوفى: 437 هـ]
سمع أبا الشّيخ، وعنه: أبو عليّ الوَخْشيّ، ومسعود بن ناصر السِّجْزيّ، وأبو عليّ الحدّاد، وآخرون.
بقي إلى سنة سبْعٍ هذه.(9/567)
207 - محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن عَمْرو البلجي، ابن القمّاح. [المتوفى: 437 هـ]
روى عن يوسف المَيَانِجِيّ. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، ونجا بن أحمد، وجماعة.(9/567)
208 - محمد بن الحسين بن عمر بن برهان، أبو الحسن ابن الغزال، [المتوفى: 437 هـ]
أخو عبد الوهّاب.
حدَّث في هذه السّنة عن إسحاق بن سعْد النَّسَويّ.(9/568)
209 - محمد بن سليمان، أبو عبد الله الرُّعَينيّ القُرْطُبيّ الضّرير المعروف بابن الحنّاط، الأديب. [المتوفى: 437 هـ]
قال الأبّار: كان عالمًا بالآداب، قائمًا على اللُّغة والعربيّة، شاعرًا مُفْلَقًا، شارك في الطّبّ وغيره، وله رسائل بديعة وشِعر مدوَّن، تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، ذكره الحُمَيْديّ، وابن حَيَّان.(9/568)
210 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد، أبو بكر الأصبهاني المؤذّن التّبّان، [المتوفى: 437 هـ]
إمام مسجد المثنّى.
سمع من أبي الشّيخ، وعنه: قُتَيْبَة بن سعيد، وسعيد بن محمد البقّال، واللّبّاد، وأبو عليّ الحدّاد.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: مات في جُمَادى الآخرة.(9/568)
211 - محمد بن عبد الله بن يزيد بن محمد بن جُنَيْد، أبو عبد الله اللّخْميّ الإشبيليّ، المعروف بابن الأحدب. [المتوفى: 437 هـ]
كان رجلًا صالحًا مقبلًا على ما يعنيه، قديم الطَّلَب، جامعًا للكُتُب. سمع: أبا محمد الباجيّ، وأبا عبد الله بن مفرِّج، وعباس بن أصْبَغ، وجماعة.
تُوُفّي في شوّال في ثمانين سنة.(9/568)
212 - محمد بن عبد الوهّاب بن أبي العلاء، أبو عبد الله الدّلّال. [المتوفى: 437 هـ]
بغداديّ، سمع " مُسْنَد أبي هريرة "، من أبي بكر القَطِيعيّ، وحدَّث.(9/568)
213 - محمد بن عليّ بن نصر، أبو الحسن الكاتب البغداديّ. [المتوفى: 437 هـ]
صاحب ديوان الرّسائل في دولة جلال الدولة أبي طاهر ابن بهاء الدولة ابن عضُد الدّولة، وترسّل عنه إلى الملوك، ولقي جماعة من كبار الأُدباء، وأخذ عن أبي الفَرَج البّبغاء، وأبي نصر بن نُبَاتَة.
وكان أديبًا بليغًا فصيحًا إخباريًّا، سمع من أبي القاسم عيسى ابن الوزير. روى عنه أبو منصور محمد بن محمد العُكْبَرِيّ.
وله كتاب " المفاوضة ". صنَّفه للملك العزيز ابن جلال الدّولة.
تُوُفّي بواسط في ربيع الآخر، وله خمسٌ وستّون سنة، وهو أخو القاضي عبد الوهّاب بن عليّ المالكيّ شيخ المالكيّة.(9/569)
214 - محمد بن محمد بن أحمد، أبو طاهر بن سميكة. [المتوفى: 437 هـ]
روى عن محمد بن المظفّر. روى عنه الخطيب، وقال: صدوق. مات في شوّال.(9/569)
215 - محمد بن محمد بن علي بن الحَسَن بن علي بن إبراهيم، العلويّ الحُسَينيّ البغداديّ. [المتوفى: 437 هـ]
قدِم دمشق، وذكر أبو الغنائم النّسّابَة أنّه اجتمع به وسمع منه بدمشق ومصر عِلمًا كثيرًا من تصانيفه وشِعْره، وكان يُلقَّب بشيخ الشّرف.
عُمِّر تسْعًا وتسعين سنة.(9/569)
216 - مكّيّ بن أبي طالب حَمُّوش بن محمد بن مختار، الإمام أبو محمد القَيْسيّ القيروانيّ، ثمّ القُرْطُبيّ المقرئ، [المتوفى: 437 هـ]
شيخ الأندلس.
حجّ، وسمع بمكّة من: أحمد بن فِراس، ومحمد بن محمد بن جبريل العُجَيْفِيّ، وأبي القاسم عُبَيْد الله السَّقَطيّ، وأبي بكر أحمد بن إبراهيم المَرْوَزِيّ، وقرأ القرآن على أبي الطّيّب بن غَلْبُون، وعلى ابنه طاهر، وسمع بالقيروان من أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القَابسيّ، وغيرهم.
قال صاحبه أبو عمر أحمد بن مَهْديّ المقرئ: كان رحِمه الله من أهل التَّبَحُّر في علوم القرآن والعربيّة، حَسَن الفَهْم والخُلُق، جيّد الدِّين والعقل، [ص:570] كثير التّأليف في علوم القرآن، محسنًا لذلك، مجوِّدًا للقراءات السَّبْع، عالمًا بمعانيها، وُلِد سنة خمسٍ وخمسين وثلاث مائة بالقيروان، فأخبرني أنّه سافر إلى مصر وهو ابن ثلاث عشرة سنة، واختلف إلى المؤدِّبين بالحساب، وأكمل القرآن بعد ذلك، ورجع إلى القيروان، ثمّ رجع فأكمل القراءات على أبي الطّيّب سنة ستٍّ وسبعين وثلاث مائة، وقرأ القراءات بالقيروان سنة سبْعٍ وسبعين، ثمّ نهض إلى مصر وحجّ وابتدأ بالقراءات بمصر، ثم رجع وعاد إلى مصر سنة اثنتين وثمانين، وعاد إلى بلاده سنة ثلاثٍ، فأقرأ القراءات، ثمّ خرج سنة سبْعٍ وثمانين فحجّ وجاورَ بمكّة، فحجَّ أربع حججٍ متوالية، ودخل إلى الأندلس في سنة ثلاثٍ وتسعين، وجلس للإقراء بجامع قُرْطُبة وعظُم اسمه وجلَّ قدْرُه.
قال ابن بشْكُوال: ثمّ قلّده أبو الحزْم جَهْوَر خَطَابة قُرْطُبة بعد وفاة يونس بن عبد الله القاضي، وكان قبل ذلك ينوب عن يونس في الخطبة، وكان ضعيفًا عليها على أدبه وفهْمه، وله ثمانون تأليفًا، وكان خيِّرًا، فاضلًا، متديِّنًا، متواضعًا، مشهورًا بالصّلاح وإجابة الدّعوة. حكى أبو عبد الله الطّرفيّ قال: كان عندنا رجلٌ فيه حِدَّة، وكان له على الشّيخ أبي محمد مكّيّ تسلُّط، كان يدنو منه إذا خطب فيغمزه ويُحْصِي عليه سَقَطاته، وكان الشّيخ كثيرا ما يتعلثم ويتوقَّف، فجاء ذلك الرّجل في بعض الْجُمَع وجعل يحدّ النَّظر إلى الشّيخ ويغمزه، فلمّا خرج ونزل معنا في موضعه، قال: أمِّنوا على دعائي، ثمّ رفع يديه وقال: اللهمَّ اكْفِنِيه، اللهمَّ اكْفِنِيه، اللَّهُمَّ اكفنيه، فأمَّنّا. قال: فأُقْعِد ذلك الرّجل وما دخل الجامع بعد ذلك اليوم.
وقال ابن حَيّان: تُوُفّي ثاني المحرَّم، وصلّى عليه ابنه أبو طالب محمد.
قلت:(9/569)
217 - يحيى بن هشام بن أحمد، أبو بكر ابن الأصْبَغ القُرَشيّ الأندلسيّ. [المتوفى: 437 هـ]
كان بارعًا في الآداب، عالمًا بالعربيّة واللُّغَة، مقدَّمًا في معاني الأشْعَار الجاهليّة، مشاركًا في العلوم.
توفّي ببَطِلْيُوس رسولًا، وله سبْعٌ وأربعون سنة.(9/571)
-سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة(9/572)
218 - أحمد بن الحسن بن عيسى بن شرارة، أبو الحسن النّاقِد، [المتوفى: 438 هـ]
أخو أبي طاهر البغداديّ.
سمع أبا محمد بن ماسيّ.(9/572)
219 - أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر، أبو يعلى [المتوفى: 438 هـ]
ابن زوج الحُرّة.
كان أصْغر إخْوته.
روى عن: الدارقطني، وأبي الحسن الحربي.
روى عنه الخطيب، وصدَّقه.(9/572)
220 - أحمد بن محمد بن العبّاس بن بكران الهاشميّ العبّاسيّ، أبو العبّاس. [المتوفى: 438 هـ]
عن عليّ بن محمد بن كيسان، وعنه الخطيب، وقال: صدوق، تُوُفّي عن بضعٍ وسبعين سنة.(9/572)
221 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد، أبو الفضل الهاشميّ العبّاسيّ الهارونيّ الرَّشِيديّ، [المتوفى: 438 هـ]
نزيل سَجسْتان.
قدِم نَيْسابور، وحدَّث. روى عن: أبي بكر المفيد، والغِطْرِيفيّ، والخليل السِّجْزيّ.
روى عنه: مسعود بن ناصر الحافظ، وأبو القاسم الحسكانيّ.(9/572)
222 - أحمد بن محمد، أبو الحسن القنطري المقرئ. [المتوفى: 438 هـ]
أخذ القراءة عن الشَّنْبُوذيّ، وعلي بن يوسف العلّاف، وعمر بن إبراهيم الكتّانيّ، وأقرأ النّاس دهرًا بمكّة.
قال أبو عَمْرو الدَّانيّ: لم يكن بالضَّابِط ولا بالحافظ، تُوُفّي بمكّة سنة ثمان وثلاثين.(9/572)
223 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن مَنْدُوَيْه، أبو بكر الشُّرُوطيّ الأصبهاني، ويُعرف بابن الأسود. [المتوفى: 438 هـ]
سمع: عبد الله الصَّائِغ، وأبا الشّيخ. روى عنه أبو عليّ الحدّاد.
تُوُفّي في ذي الحجّة.(9/573)
224 - إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمر ابن النّحّاس المصريّ. [المتوفى: 438 هـ]
وُلِد سنة أربعٍ وخمسين وثلاث مائة، وسمع من أصحاب النسائي، وحدث.
توفي في رجب.(9/573)
225 - بِشْر بن محمد، أبو نصر الأصبهاني الْجُوزدَانيّ. [المتوفى: 438 هـ]
روى عن عُبَيْد الله بن يعقوب الأصبهاني، وعنه أبو عليّ الحداد.(9/573)
226 - جعفر بن أحمد بن عبد الملك بن مروان الأُمويّ اللُّغَويّ، أبو مروان ابن الغاسلة، [المتوفى: 438 هـ]
من أهل إشبيليّة.
روى عن: القاضي أبي بكر بن زَرْب، وأبي جعفر بن عَوْن الله، والزُّبَيْديّ، وابن مفرِّج، وجماعة.
وكان بارعًا في الأدب واللُّغة ومعاني الشِّعْر، ذا حظٍّ في علم السُّنَّة، عاش أربعًا وثمانين سنة.(9/573)
227 - الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَلِيّ البغداديّ الفقيه المالكيّ المقرئ، [المتوفى: 438 هـ]
مصنِّف كتاب " الرَّوْضة في القراءات ".
روى هذا الكتاب عنه: أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن غالب الخيّاط، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن حُمَيْد الواعظ، وقرأ عليه: أبو القاسم الهُذليّ، وإبراهيم الخيّاط المذكور المالكيّ شيخ ابن الفحّام الصِّقِلّيّ.
وتُوُفّي في رمضان، وأسانيده في هذا الكتاب. قرأ على ابن أبي مسلم الفَرَضيّ، والسُّوسَنْجِرْديّ، وعبد الملك النَّهْرَوانيّ، والحمّاميّ، وطبقتهم.(9/573)
228 - الحَسَن بْن محمد بْن عمر بن عُدَيْسَة، أبو عليّ النَّرْسيّ البزّاز. [المتوفى: 438 هـ]
سمع: أبا حفص بن شاهين، وأبا القاسم ابن الصَّيدلانيّ.
قال الخطيب: كان صدوقًا من أهل المعرفة بالقراءات، مات في رجب، مولده سنة ثمانين وثلاث مائة.(9/574)
229 - الحسين بن يحيى بن أبي عرابة، أبو البركات. [المتوفى: 438 هـ]
ورَّخه الحبّال.(9/574)
230 - طلحة بن عبد الملك بن عليّ، أبو سعْد الطّلْحيّ الأصبهاني التّاجر. [المتوفى: 438 هـ]
سمع أبا بكر ابن المقرئ. روى عنه أبو عليّ الحداد.(9/574)
231 - عبد الله بْن أحمد بْن عبد الله بن إبراهيم، أبو محمد الهاشميّ العبّاسيّ المعتصميّ. [المتوفى: 438 هـ]
سمع أبا بكر القطيعي، وابن ماسي.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا.(9/574)
232 - عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حَيَّوَيْهِ، الشّيخ أبو محمد الْجُوَيْنيّ. [المتوفى: 438 هـ]
تُوُفّي بنَيْسابور في ذي القعدة.
وكان إمامًا فقيهًا، بارعًا في مذهب الشّافعيّ، مفسِّرًا نَحْوِيًّا أديبًا، تفقّه بنَيْسابور على أبي الطّيّب الصُّعْلُوكيّ، ثمّ خرج إلى مَرْو، وتفقّه على أبي بكر القفّال وتخرَّج به فِقْهًا وخلافًا، وعادَ إلى نَيْسابور سنة سبْعٍ وأربع مائة، وقعد للتّدريس والفَتْوَى.
وكان مجتهدًا في العبادة، مَهِيبًا بين التّلامذة، صاحب جدّ ووَقار، صنف " التبصرة " في الفقه، وصنف " التذكرة "، و " التفسير الكبير "، و " التعليق "، وسمع من القفال، وعدنان بن محمد الضبي، وأبي نعيم عبد الملك بن [ص:575] الحسن، وابن محمش، وببغداد من أبي الحسين بن بشران، وجماعة.
روى عنه: ابنه إمام الحرمين أبو المعالي، وسهل بن إبراهيم المسجدي، وعلي بن أحمد المديني.
قال أبو عثمان الصابوني: لو كان الشّيخ أبو محمد في بني إسرائيل لنقل إلينا شمائلُه وافتخروا به.
وقال عليّ بن أحمد المَدِينيّ: سمعته يقول: إنّه من سِنْبِس، قبيلة من العرب.
وقال الحافظ أبو صالح المؤذّن: غسّلته، فلمّا لَفَفْتَهُ في الأكفان رأيت يده اليُمْنَى إلى الإبط منيرة كلون القمر، فتحيرت، وقلت: هذه بركات فتاويه.(9/574)
233 - عبد الباقي بن هبة الله بن محمد بن جعفر، أبو القاسم البغداديّ الحفّار. [المتوفى: 438 هـ](9/575)
234 - عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد ابن الشَرَفيّ القُرْطُبيّ، [المتوفى: 438 هـ]
والد الحاكم أبي إسحاق.
ولي القضاء بعدّة كُوَر، مَيُورقَة، وغيرها، وعاش نيِّفًا وسبعين سنة.(9/575)
235 - عبد الرحمن بن محمد بن عبّاس بن جَوْشَن، أبو محمد الأنصاريّ، عُرِف بابن الحصّار الطُّلَيْطُلَيّ، [المتوفى: 438 هـ]
خطيب طُلَيْطُلَة.
روى عن: أبي الفَرَج عَبْدُوس بن محمد، ومحمد بن عَمْرو بن عَيْشُون، وتمّام بن عبد الله، وطائفة من شيوخ طُلَيْطُلَة، وروى عن: أبي جعفر بن عَوْن الله، وأحمد بن خالد التّاجر، وابن مفرِّج، ومحمد بن خليفة، وحجّ، وسمع يسيرًا، وعُنِي بالرّواية والْجَمْع حتّى كان أوحد عصره، وكانت الرّحلة إليه.
وكان ثقة صدوقا صبورا على النسخ، ذكر أنّه نسخ " مختصر ابن عُبَيْد " وعَارَضَه في يومٍ واحد.
وكان مولده في سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، حدَّث عنه حاتم بن [ص:576] محمد، وأبو الوليد الوقشي، وجُمَاهر بن عبد الرحمن، وأبو عمر بن سميق، وأبو الحسن ابن الألْبيريّ، ووصَفه بالدِّين والفضل والوقار، وضَعُفَ في آخر عُمره عن الإمامة، فلزِم داره.(9/575)
236 - عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد أبو طاهر الحَسْنَابَاذِيّ، يُعرف بمكشوف الرّأس. [المتوفى: 438 هـ]
كان من أعيان صوفيّة إصبهان وفُقهائها، سمع من أبي الشّيخ، ورحل فسمع بمصر وبغداد. روى عنه الحداد، وتوفي في ربيع الآخر.(9/576)
237 - عليّ بن عمر بن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن شَوْذَب، أبو الحسين الواسطيّ. [المتوفى: 438 هـ]
حدَّث في هذه السنة بواسط عَنْ أَبِي بكر القطيعي.(9/576)
238 - الفضل بن محمد بن سعيد، أبو نصر القاشانيّ الأصبهاني. [المتوفى: 438 هـ]
سمع أبا الشّيخ، وعنه: أبو علي الحداد، وغانم البرجي، وجماعة.(9/576)
239 - محمد بن إبراهيم بن محمد، أبو الحسين البغداديّ المطرّز. [المتوفى: 438 هـ]
كان وكيلًا على أبواب القُضاة، سمع عليّ بن محمد بن كيسان، وابن بخيت.
تُوُفّي في شوّال.(9/576)
240 - محمد بن الحسن بن عيسى، أبو طاهر بن شرارة البغداديّ النّاقد. [المتوفى: 438 هـ]
سمع: القطيعي، وابن ماسي.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا، تُوُفّي في ذي القعدة.(9/576)
241 - محمد بن الحسين ابن الشّيخ أبي سليمان محمد بن الحسين الحرّانيّ ثمّ البغداديّ، أبو الحسين الشّاهد. [المتوفى: 438 هـ][ص:577]
سمع ابن مالك القَطِيعيّ، وعليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، وابن ماسيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقاَ. مات في صفر.(9/576)
242 - محمد بن أبي السري، واسمه عمر بن محمد بن إبراهيم بن غياث، أبو بِشْر البغداديّ الوكيل. [المتوفى: 438 هـ]
سمعَ عليّ بن لؤلؤ، وابن المظفّر، وأبا حفص بن شاهين.
قال الخطيب: كتبت عنه، وذُكر لنا عنه الاعتزال.(9/577)
243 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد، أبو بكر الأصبهاني التّبّان المؤذّن. [المتوفى: 438 هـ]
سمع من أبي الشّيخ. روى عنه الحدّاد، وأبو الفتح محمد بن عبد الله الصّحّاف، وآخرون.(9/577)
244 - محمد بن عليّ بن محمد بن سَيُّوَيْه، أبو محمد الأصبهاني المؤدّب، [المتوفى: 438 هـ]
المكفوف والده.
سمع أبا الشّيخ بن حَيّان. روى عنه عبد العزيز النَّخْشَبيّ، وقال: هو شيخ صالح عامّيّ، وأبو عليّ الحدّاد، وحمزة بن العبّاس، وغيرهم.
توفي في شوال، وروى عنه أبو سعد المطرز. فقال: ابن سيويه المعروف بالرِّبَاطيّ، وأمّا أبو زكريّا بن مَنْدَهْ ففرّق بين هذا وبين المكفوف.(9/577)
245 - محمد بن عمر بن زاذان القَزْوينيّ، أبو الحسن. [المتوفى: 438 هـ]
رحل وسمع من هلال بن محمد بالبصرة. روى عنه إسماعيل بن عبد الجبار المالكيّ.(9/577)
246 - محمد بن محمد بن عيسى بن إسحاق بن جابر، أبو الحسن الخَيْشيّ البصّريّ النَّحْويّ. [المتوفى: 438 هـ]
قرأ العربيّة بالبصرة على أبي عبد الله الحسين بن عليّ النمري صاحب أبي [ص:578] رياش، وسمع من محمد بن مُعَلَّى الأزْديّ، وأخذ أيضًا عن أبي عليّ الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار الفارسيّ.
وبرع في النَّحْو، ونزل واسطًا مدّة، وروى بها كثيرًا، وببغداد، وتخرج به جماعة. روى عنه أبو الجوائز الحسن بن عليّ الكاتب، ومحمد بن عليّ بن أبي الصَّقْر الواسطيّان، وأبو الحسن عليّ بن الحسين بن أيّوب البزّاز، وأخوه أحمد ومحمد بن عبد الملك النَّحْويّ.
قال ابن النّجّار: كان من أئمة النُّحَاة المشهورين بالفضل والنُّبْل.
ومن شعره:
رأيت الصدّ مذموما وعندي ... صدود إن ظفرتُ به حميدُ
لأنّ الصّدَّ عن وصْلٍ ومن لي ... بوصل منك يقطعه الصُّدود
قال أبو نصر بن ماكولا الحافظ: وأبو الحسن محمد بن محمد بن عيسى الخَيْشيّ شيخنا وأستاذنا سمعته يقول: اجتاز بنا المتنبّيّ وكنّا نتعصَّب للسّرِيّ الرّفّاء، فلم نسمع منه.
قال ابن ماكولا: وكان إمامًا في حلّ التّراجِم، ولم أر أحدًا من أهل الأدب يجري مجْرَاه.
وقال محمد بن هلال ابن الصَّابئ: هو من أهل البَطِيحة، لقي أبا عليّ الفارسيّ، وأخذ عن ابن جِنّيّ وأضرابه، ولمّا حصل ببغداد أخذ عنه أبو سعد بن الموصلايا المنشئ، وكان ملازما له لا يفارقه حتّى مات ببغداد عن إحدى وتسعين سنة.
وقال ابن خَيْرُون: مات في سادس عشر ذي الحجّة.(9/577)
247 - مسعود بن عليّ بن مُعَاذ بن محمد بن مُعَاذ، أبو سعيد السِّجْزيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الوكيل الحافظ. [المتوفى: 438 هـ]
من أعيان تلامذة أبي عبد الله الحاكم، وله عنه " سؤالات " وقد أكثر عنه. سمع أبا محمد ابن الرومي، وأبا عليّ الخالدي، وعبد الرحمن ابن المزكّيّ، وجماعة، وروى شيئًا يسيرًا عن الحاكم لأنّه تُوُفّي كَهْلًا. روى عنه مسعود بن ناصر الركاب، وغيره. [ص:579]
تُوُفّي سنة ثمانٍ وثلاثين أو سنة تسعٍ وثلاثين، على قولين ذكرهما عبد الغافر.(9/578)
248 - هشام بن غالب بن هشام، أبو الوليد الغافِقيّ القُرْطُبيّ الوثائقيّ. [المتوفى: 438 هـ]
روى عن القاضي أبي بكر بن زَرْب، وابن المكْوِيّ، وأبي محمد الأصِيليّ، وكان أقعد النّاس به، وأكثرهم لُزُومًا له.
وكان حبرا إمامًا، من أهل العلم الواسع، والفَهْم الثّاقب، متفننا؛ قد أخذ من كلّ عِلمٍ بحظٍّ وافر، وكان يميل إلى مذهب داود بن عليّ الظّاهريّ في باطن أمره. خرج من قُرْطُبة في الفتنة وسكن غُرْنَاطة، ثمّ استقرّ بإشبيليّة.
وتُوُفّي في ربيع الآخر، وقد جاوز الثمانين بأشهُر، رحمه الله.(9/579)
249 - يحيى بن محمد بن أحمد بن عبد الملك الأُمويّ العُثمانيّ، أبو بكر القُرْطُبيّ. [المتوفى: 438 هـ]
رَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وابن مفرِّج، وعبّاس بن أَصْبَغ، وإسماعيل بن إسحاق، وهاشم بن يحيى. حدَّث عنه الخَوْلانيّ وقال: كان من أهل العلم والتَّقدُّم في الفَهْم للحديث والسُّنَن والرّأي والأدب.
وأثنى عليه ابن خَزْرَج ووصَفَه بالفصاحة والتَّفنُّن في العلوم، وقال: تُوُفّي في صفر ابن ثمانٍ وسبعين سنة.(9/579)
-سَنَة تِسْعٍ وَثلَاثيْن وأربعمائة(9/580)
250 - أحمد بن أحمد بْن محمد بْن عَلِيّ، أبو عبد الله القَصْريّ السّيْبِيّ الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 439 هـ]
حدَّث عن أبي محمد بن ماسيّ، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبيّ، وعلي بن أبي السري البكائي.
قال الخطيب: كان فاضلا من أهل العلم والقرآن، كثير التلاوة. قيل: كان يقرأ في كل يوم ختمة. سمعته يقول: قدِمْتُ أنا وأخي من القصر، والقَطِيعيّ حيّ، ومقصودنا الفقه والفرائض. فأردنا السّماع منه، فلم نذهب إليه، لكنّا سمعنا من ابن ماسي نسخة الأنصاريّ، وكان ابن اللّبّان الفَرَضيّ قال لنا: لا تذهبوا إلى القَطِيعيّ، فإنّه قد ضَعُفَ واختلّ، وقد منعت ابني من السّماع منه. تُوُفّي ابن السيبيّ في رجب عن ثلاثٍ وتسعين سنة.(9/580)
251 - أحمد بْن عبد الله بْن محمد، أبو الحسن ابن اللّاعب البغداديّ الأنماطيّ. [المتوفى: 439 هـ]
سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وغيره، وتُوُفّي في ذي القعدة.(9/580)
252 - أحمد بن عليّ بن عمر، أبو الحسن البصْريّ المالكيّ، الفقيه. [المتوفى: 439 هـ]
تُوُفّي في رمضان.(9/580)
253 - أحمد بن محمد بن الحسين، أبو نصر البخاريّ، [المتوفى: 439 هـ]
حَمْوُ القاضي الصيمريّ.
تفقه على أبي حامد الإسفراييني، وسمع من نصر بن أحمد المرجيّ، وعنه الخطيب، ووثقه.
نزل الكوفة وبها مات في ذي الحجة.(9/580)
254 - الحسن بن داود بن بابْشَاذ، أبو سعْد المصري. [المتوفى: 439 هـ][ص:581]
تُوُفّي ببغداد في ذي القعدة شابًّا. سمع أبا محمد ابن النّحّاس، وغيره.
وكان له ذكاء باهر. قرأ القراءات والأدب والحساب والفقه، وغير ذلك، وتقدَّم في مذهب أبي حنيفة.(9/580)
255 - الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن شوّاش، أبو علي الكناني الدّمشقيّ، المقرئ، [المتوفى: 439 هـ]
مشرف الجامع.
حدَّث عن الفضل بن جعفر المؤذّن، ويوسف المَيَانِجيّ، وأبي سليمان بن زَبْر. روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، ومحمد بن الحسين الحِنّائيّ، وغيرهم.
تُوُفّي في ذي القعدة.(9/581)
256 - الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عليّ، الحافظ أبو محمد بن أبي طالب البغداديّ الخلّال. [المتوفى: 439 هـ]
سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وأبا بكر الورّاق، وأبا سعيد الحرفيّ، وابن المظفر، وأبا عبد الله ابن العسكريّ، وأبا بكر بن شاذان، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وخلْقًا سواهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة له معرفة، وتنبه، وخرَّج " المُسْنَد " على " الصَّحيحين "، وجمع أبوابًا وتراجم كثيرة، وقال لي: وُلِدتُ سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، ومات في جُمَادى الأولى.
قلتُ: روى عنه أبو الحسين المبارك، وأبو سعد أحمد ابنا عبد الجبّار الصَّيْرفيّ، وجعفر بن أحمد السّرّاج، والمعمّر بن عليّ بن أبي عمامة الواعظ، وجعفر بن المحسّن السّلَمَاسيّ، وآخرون.(9/581)
257 - الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشناس، أبو عليّ ابن الحمّاميّ البغداديّ، المتوكّليّ. [المتوفى: 439 هـ]
كان جدّهم مولى للمتوكّل. سمع أبا عبد الله ابن العسكري، وعمر بن سنبك، وعليّ بن لؤلؤ، وطائفة كبيرة. [ص:582]
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان رافضيًّا خبيث المذهب، يقرأ على الشّيعة مَثَالب الصّحابة. عاش ثمانين سنة.(9/581)
258 - الحسين بن الحسن بن عليّ بن بُنْدَار، أبو عبد الله الأنماطيّ. [المتوفى: 439 هـ]
بغداديّ، يُعرف بابن أحما الصَّمْصاميّ. روى عن ابن ماسي.
قال الخطيب: كان يدعو إلى الاعتزال والتَّشَيُّع ويناظر عليه بحمق وجَهْل. مات في شعبان.(9/582)
259 - الحسين بن عليّ بن عُبَيْد الله، أبو الفَرَج الطَّناجيريّ. [المتوفى: 439 هـ]
بغداديّ مشهور، سمع عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، ومحمد بن زيد بن مروان، ومحمد بن المظفّر، وأبا بكر بن شاذان، وخلْقًا سواهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة ديِّنًا. سمعته يقول: كتبتُ عن القَطِيعيّ أمالي وضاعت. تُوُفّي في سَلْخ ذي القعدة، وولد في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.(9/582)
260 - عبد الله بن عمر بن عبد الله بن رُسْتَه، البغداديّ ثمّ الأصبهاني. [المتوفى: 439 هـ]
روى عن عبد الرحمن بن شنبة العطّار عن أبي خليفة الْجُمَحيّ، وعنه أبو عليّ الحدّاد.(9/582)
261 - عبد الله بن ميمون ابن الأدرع، أبو محمد الحَسَنيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 439 هـ]
محدِّث مكثر، مصري. رحل إلى الحافظ أبي عبد الله الحاكم، قاله الحبال.(9/582)
262 - عبد الرحمن بن سعيد بن خزرج، أبو المطرف الإلبيريّ. [المتوفى: 439 هـ]
سمع أبا عبد الله بن أبي زمنين، وحج فأخذ عن أبي الحسن القابسيّ، وأحمد بن نصر الداوديّ، وسكن قرطبة. [ص:583]
قال أبو عمر بن مهديّ: كان من أهل الخير والفضل، حافظًا للمسائل، له حظٌّ من عِلْم النَّحْو، كثير الصّلاة والذِّكر.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.(9/582)
263 - عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد، أبو القاسم النَّصِيبيّ. [المتوفى: 439 هـ](9/583)
264 - عبد الواحد بن محمد بن يحيى، أبو القاسم البغداديّ المطرِّز الشّاعر المشهور. [المتوفى: 439 هـ]
كان سائر القول في المديح والغَزَل والهجاء، له " دِيوان ".(9/583)
265 - عبد الوهّاب بن عليّ بن داوريد، أبو حنيفة الفارسي الملحمي، الفقيه الفرضي. [المتوفى: 439 هـ]
قال الخطيب: حدثنا عن المُعَافيّ الجريريّ، وكان عارفًا بالقراءات والفرائض، حافظًا لظاهر فِقه الشّافعيّ. مات في ذي الحجّة.(9/583)
266 - عليّ بن بُنْدَار، قاضي القُضاة أبو القاسم. [المتوفى: 439 هـ]
حدَّث بأصبهان عن أبي الشّيخ، وعن أبي القاسم بن حَبَابَة. روى عنه أبو عليّ الحدّاد، وأبو سعد المطرز، وتوفي في شوال.(9/583)
267 - علي بن عبيد الله بن علي، أبو طاهر البغدادي البزوري. [المتوفى: 439 هـ]
سمع القطيعي، والوراق، وعنه الخطيب، واثنى عليه.(9/583)
268 - علي بن منير بن أحمد، أبو الحسن المصري الخلال الشاهد. [المتوفى: 439 هـ]
روى عن أبي الطّاهر الذُّهليّ، وأبي أحمد بن النّاصح، وجماعة. روى عنه أبو الحسن الخِلَعيّ، وسهل بن بِشْر، وسعْد بن عليّ الزنجاني، وجماعة سواهم.
تُوُفّي في ذي القعدة.(9/583)
269 - عمر بن محمد بن العبّاس بن عيسى، أبو القاسم الهاشميّ البغداديّ. عُرِف بابن بكران. [المتوفى: 439 هـ]
سمع ابن كَيْسان.
قال الخطيب: كان صدوقًا، كتبنا عنه. تُوُفِّي فِي ذي القعدة.(9/584)
270 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بن موسى، أبو عبد الله الشّيرازيّ الواعظ المعروف بالنَّذير. [المتوفى: 439 هـ]
سمع من إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ، وعليّ بن عمر الرّازيّ القصّار، وأبي نصر ابن الْجُنْديّ، وقدِم بغداد فتكلَّم بها ونَفَق سوقُه على العامّة، وشغفوا به، وازدحموا عليه، وافتتنوا به، وصحِبَه جماعة، وهو يُظْهِر الزُّهد، ثمّ إنّه قبل العطاء، وأقبلت عليه الدُّنيا، وكثُر عليه المال، ولبس الثّياب الفاخرة، وكثُر مريدُوه. ثمّ حظّ على الغَزْو والجهاد، فحشد النّاس إليه من كلّ وجهٍ، وصار معه جيش، فنزل بهم بظاهر بغداد، وضُرِب له بالطَّبْل في أوقات الصَّلوات. ثمّ سار إلى المَوْصِل واستفحل أمرُه، فصار إلى أَذْرَبَيْجَان، وضاهى أميرَ تلك النّاحية، فتراجع جماعاتٌ من أصحابه.
ومات سنة تسع.(9/584)
271 - محمد بن حسين بن عليّ بن عبد الرّحيم، الوزير عميد الدّولة أبو سعْد البغداديّ. [المتوفى: 439 هـ]
صدرٌ كبير، رأس في حساب الدّيوان، وشارك في الفضائل، وقال الشِّعْر، وسمع أبا الحسين بن بشران.
وزر لأبي طاهر بن بُوَيْه مدّة، وتُوُفّي في ذي القعدة سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة.(9/584)
272 - محمد بن عبد الله بن سعيد بن عابد، أبو عَبْد الله المَعَافِريّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 439 هـ]
روى عَنْ أبي عبد الله بن مفرِّج، وعبّاس بن أصبغ، والأصيلي، وزكريا [ص:585] ابن الأشجّ، وخَلَف بن القاسم، وهاشم بن يحيى، ورحل سنة إحدى وثمانين، فسمع من ابن أبي زيد رسالته، وسمع بمصر من أبي بكر بن إسماعيل المهندس، وجماعة.
وكان معتنيا بالآثار، ثقة، خيِّرًا، فاضلًا، متواضعًا، دُعِي إلى الشُّورَى فأبى. حدَّث عنه خلْق منهم أبو مروان الطَّبْنيّ، وأبو عبد الرحمن العقيليّ، وأبو عبد الله بن عَتَّاب، وابنه أبو محمد، وأبو عبد الله محمد بن فَرَج.
قلت: رواية أبي محمد بن عتّاب، عنه بالإجازة، وكان بقيَّة المحدِّثين بقُرْطُبة. مات في آخر جُمَادى الأولى عن نَيِّفٍ وثمانين سنة، وهو آخر من كان يروي عن الأصِيليّ، وغيره.(9/584)
273 - محمد بن عبد الله بن الحسين بن مهران، أبو بكر الأصبهاني البقّال. [المتوفى: 439 هـ]
سمع أبا الشّيخ، وعنه أبو عليّ الحدّاد.(9/585)
274 - محمد بن عليّ بن محمد، أبو الخطّاب البغداديّ الشّاعر المعروف بالْجَبُّليّ. [المتوفى: 439 هـ]
سمع من عبد الوهّاب الكِلابيّ بدمشق. روى عنه الخطيب، وأثنى عليه بمعرفة العربيّة والشِّعْر.
وقد مدَحه أبو العلاء بن سليمان بقصيدة مكافأةً لمديحه إيّاه، مطلعها:
أشفقتُ من عِبء البقاء وعابهِ ... ومللتُ من أريِ الزّمان وصابهِ
وأرى أبا الخطّاب نالَ من الحجى ... حظاَ زواه الدَّهْرُ عن خُطّابه
رَدّت لَطَافتُه وحدَّةُ ذِهْنهِ ... وحْشَ اللغاتِ أو أُنْسًا بخطابهِ
وكان أبو الخطّاب مُفْرِط القِصَر، وهو رَافضيّ جلد.(9/585)
275 - محمد بن عمر بن عبد العزيز، أبو عليّ البغداديّ المؤدّب. [المتوفى: 439 هـ]
سمع أبا عمر بن حيويه، وأبا الحسن الدارقطنيّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا.(9/586)
276 - محمد بن الفضيل ابن الشّهيد، أبي الفضل محمد بن أبي الحسين الفُضَيْليّ الهَرَويّ المزكّيّ. [المتوفى: 439 هـ]
سمع أبا الفضل محمد بن عبد الله بن خَمِيرُوَيْه، وأبا أحمد الحاكم. روى عنه حفيده إسماعيل بن الفُضَيْل، والهرويون.(9/586)
277 - أبو كاليجار الملك، والد الملك أبي نصر، المُلقَّب بالملك الرّحيم. [المتوفى: 439 هـ]
قرأتُ بخطّ ابن نظيف في تاريخه: أنّه تُوُفّي سنة تسعٍ هذه، وهو ابن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضُد الدّولة بن بُوَيْه. مات بطريق كرْمان، وكان معه سبعمائة من التُّرْك وثلاثة آلاف من الدَّيْلَم، فَنَهَبت الأتراك حواصله وطلبوا شيراز.(9/586)
-سنة أربعين وأربعمائة(9/587)
278 - أحمد ابن الحافظ، أبي محمد الحسن بن محمد البغداديّ الخلّال، أبو يَعْلَى. [المتوفى: 440 هـ]
روى عن أبي حفص الكتّانيّ، وعنه الخطيب أبو بكر حديثًا واحدًا.(9/587)
279 - أبو حاتم أحمد بن الحسن بن محمد، المحدِّث الواعظ، خاموش الرّازيّ. [المتوفى: 440 هـ]
قد كان ذكرته في آخر تيك الطّبقة، وظفرتُ بأنّه بقي إلى سنة أربعين، فإنّه حدَّث في آخر سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
سمع أبا محمد المَخْلَديّ، وابن مَنْدَهْ، وأبا أحمد الفَرَضيّ، وعليّ بن محمد بن يعقوب الرّازيّ، وإسماعيل بن الحسن الصَّرْصَريّ، وعدّة. روى عنه أبو منصور حُجْر بن مظفَّر، وأبو بكر عبد الله بن الحسين التُّوَيّيّ الهَمَذَانيّ، ويحيى بن الحسين الشّريف، وطائفة.
وحكاية شيخ الإسلام معه مشهورة.(9/587)
280 - أحمد بن عبد الله بن سهل، أبو طالب ابن البقّال، الفقيه الحنبليّ. [المتوفى: 440 هـ]
كانت له حلقة للفتوى ببغداد، وروى عن أبي بكر بن شاذان، وعيسى بن الجرّاح.
خلّط في بعض روايته. قاله الخطيب.(9/587)
281 - أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن عليّ، أبو منصور الصَّيْرفيّ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع ابن حيويه، والدارقطني، والمعافى، وعنه الخطيب، وقال: كان رافضيًّا، وسماعه صحيح.(9/587)
282 - أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن نصر بن الفتح، أبو الحسن الحكيميّ المصريّ الورّاق. [المتوفى: 440 هـ]
ولد في المحرم سنة ستين وثلاثمائة، وسمع من القاضي أبي الطّاهر الذُّهْليّ، وأبي بكر المهندس. روى عنه أبو عبد الله الرّازيّ في " مشيخته "، وهو راوي الجزء التّاسع من " الفوائد الْجُدُد ".
تُوُفّي يوم النَّحْر.(9/588)
283 - أَمَةُ الرّحمن بنت أحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاهر العَبْسيّ. الزَّاهدة الأندلسيّة. [المتوفى: 440 هـ]
كانت صوَّامة قوَّامة، تُوُفّيت بِكْرًا عن نيِّفٍ وثمانين سنة.
قال أبو محمد بن خَزْرَج: سمعت عليها عن والدها.(9/588)
284 - بِسْطَام بن سَامَة بن لُؤَيّ، أبو أسامة القُرَشيّ السّاميّ الهَرَويّ، [المتوفى: 440 هـ]
إمام الجامع.
روى عن أبي منصور الأزهريّ اللُّغويّ، وعليّ بن محمد بن رزين الباشاني.
توفي في ذي الحجة.(9/588)
285 - الحسن بن أحمد بن الحسن خداداذ، أبو عليّ الكرْجيّ، ثمّ البغداديّ الباقلّانيّ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع من ابن المتيم، وابن الصَّلْت الأهوازيّ. كتب عنه الخطيب، وقال: كان صدوقا دينا خيرا. مولده سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.(9/588)
286 - الحسن بن الحسين بن عبد الله بن حمدان، الأمير ناصر الدّولة وسَيْفُها أبو محمد التَّغْلَبيّ. [المتوفى: 440 هـ]
ولي إمرَة دمشق بعد أمير الجيوش سنة ثلاث وثلاثين إلى أن قُبِضَ عليه سنة أربعين، وسُيِّرَ إلى مصر، وولي بعده طارق الصقلبي. [ص:589]
وهذا هو والد الأمير ناصر الدّولة الحسين بن الحسن الحمْدانيّ الّذي أذلّ المستنصر العُبَيْديّ وحكم عليه كما سيأتي سنة نيِّف وستّين.(9/588)
287 - الحسن بن زكريا، أبو علي الأيوبي الأصبهاني. [المتوفى: 440 هـ]
سمع أحمد بن عبد الرحمن الأسدي. روى عنه أبو علي الحداد.(9/589)
288 - الحسن بن عيسى ابن الخليفة المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد، أبو محمد العبّاسيّ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع من مؤدّبه أحمد بن منصور اليَشْكُريّ، وأبي الأزهر عبد الوهّاب الكاتب.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ديِّنًا حافظًا لأخبار الخلفاء، عارفًا بأيّام النّاس، فاضلًا. تُوُفّي في شَعبان وله سبْعٌ وتسعون سنة.
قلت: وروى عنه جماعة آخرهم أبو القاسم بن الحُصَيْن. قال: وُلِدتُ في أوّل سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة، وغسله أبو الحسين ابن المهتدي بالله.(9/589)
289 - الحسين بن محمد بن هارون، أبو أحمد النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ الورّاق. [المتوفى: 440 هـ]
ثقة، سمع أبا الفضل الفاميّ، وأبا محمد المَخْلَديّ، والجوزقيّ، وجماعة. ذكره عبد الغافر.(9/589)
290 - الحسين بن عبد العزيز، أبو يَعْلَى، المعروف بالشالوسيّ. [المتوفى: 440 هـ]
من شعراء بغداد، حدَّث عن ابن حبابة.(9/589)
291 - داجن بن أحمد بن داجن، أبو طالب السَّدُوسيّ المصريّ. [المتوفى: 440 هـ]
حدَّث عن الحسن بن رشيق، وعنه أبو صادق مرشد المديني.
لا أعلم متى تُوُفّي، لكنّه كان في هذا الوقت.(9/589)
292 - سَيّد بن أبان بن سيّد، أبو القاسم الخَوْلانيّ الإشبيليّ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع من أبي محمد الباجيّ، وابن الخرّاز، ورحل فسمع من أبي محمد بن أبي زيد. [ص:590]
وكان فاضلًا متقدِّمًا في الفَهْم والحِفظ، وعاش سبعا وثمانين سنة.(9/589)
293 - عبد الصمد بن محمد بن محمد بن مُكْرم، أبو الخطّاب البغداديّ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع أبا بكر الأَبْهَريّ، وأبا حفص الزّيّات.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا.(9/590)
294 - عبيد الله ابن الحافظ، أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين البغداديّ الواعظ، أبو القاسم. [المتوفى: 440 هـ]
سمع أباه، وأبا بحر محمد بن الحسن البَرْبَهاريّ، وأبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وحُسَيْنَك النَّيْسابوريّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. مات في ربيع الأوّل.
قلت: وروى عنه جعفر السّرّاج، وأبو عليّ محمد بن محمد ابن المهديّ. أظنّه آخر أصحاب أبي بحر.(9/590)
295 - عليّ بن إسماعيل بن عبد الله بن الأزرق، أبو الحسين المصريّ. [المتوفى: 440 هـ]
قال الحبّال: حدَّث ولزِم بيته، وتُوُفّي في ربيع الآخر.(9/590)
296 - عليّ بن الحسن بن أبي عثمان الدّقّاق، أبو القاسم البغداديّ. [المتوفى: 440 هـ]
روى عن القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وعاش خمسًا وثمانين سنة.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان شيخا صالحا وصدوقا ديِّنًا حسن المذهب، تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وقال ابن عساكر في " طبقات الأشْعريّة ": ومنهم أبو القاسم بن أبي عثمان الهمداني، فذكر ترجمته.(9/590)
297 - علي بن ربيعة بن عليّ، أبو الحسن التميمي المصري البزاز. [المتوفى: 440 هـ]
أحد المكثرين عن الحَسَن بن رشيق. روى عنه: أبو مَعْشَر الطّبريّ، وأبو عبد الله الرّازيّ صاحب " السُّدَاسيّات ".
تُوُفّي في صَفَر.(9/591)
298 - علي بن عُبَيْد الله ابن القصّاب الواسطيّ. [المتوفى: 440 هـ]
روى عن الحافظ أبي محمد ابن السّقّاء.(9/591)
299 - عيسى بن محمد بن عيسى الرُّعَينيّ، ابن صاحب الأحباس، الأندلسيّ. [المتوفى: 440 هـ]
ولي قضاء المَرُيّة، وكان من جِلَّة العلماء وكبار الأئمّة الأذكياء. روى عن أبي عِمْران الفاسيّ، وجماعة من المتأخرين، ومات كهلا.(9/591)
300 - فخر الملك وزير صاحب الدّيار المصريّة المستنصر بالله العُبَيْديّ، واسمه صَدَقَة بن يوسف الإسرائيليّ المسلمانيّ. [المتوفى: 440 هـ]
أسلم بالشّام، وخدم بعض الدّولة، ودخل مصر، وخدم الوزير الْجَرْجَرَائيّ. فلمّا مات الْجَرْجَرَائيّ استوزره المستنصر مدّةً، ثمّ قتله في هذا العام واستوزر بعده القاضي أبا محمد الحسن بن عبد الرحمن.(9/591)
301 - الفضل بن أبي الخير محمد بن أحمد، أبو سعيد المِيهَنيّ العارف، [المتوفى: 440 هـ]
صاحب الأحوال والمناقب.
تُوُفّي بقريته مِيهنة من خُراسان، ومنهم من يسمّيه: فضل الله. مات في رمضان وله تسع وسبعون سنة، وحدَّث عن زاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، ولكن في اعتقاده شيء تكلم فيه ابن حزْم، روى عنه: الحسن بن أبي طاهر الختليّ، وعبد الغفار الشيرويي.(9/591)
302 - محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن جعْفَر، أبو عبد الرحمن الشّاذياخيّ، الحاكم المزكّيّ الفاميّ. [المتوفى: 440 هـ][ص:592]
أملى مدّة عن زاهر السَّرْخَسِيّ، وأبي الحسن الصِّبْغيّ، ومحمد بن الفضل بن محمد بن خُزَيّمَة، وغيرهم.(9/591)
303 - محمد بن أحمد، أبو الفتح المصريّ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع أبا الحسن الحلبيّ، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ، وعنه أبو بكر الخطيب، وقال: تكلَّموا فيه.(9/592)
304 - محمد بن إبراهيم بن عليّ، أبو ذَرّ الصّالحانيّ الأصبهاني الواعظ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع أبا الشّيخ، وغيره. روى عنه: الحدّاد، وأحمد بن بِشْرُوَيْه.
مات في ربيع الأوّل.(9/592)
305 - محمد بن جعفر بن محمد بن فُسانْجس، الوزير الكبير، أبو الفَرَج ذو السَّعادات. [المتوفى: 440 هـ]
وَزَر لأبي كاليجار، وعُزِل سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة، وحكم على العراق، وكان ذا أدب غزير ومعرفة باللُّغة، وكان مُحبَّبًا إلى الْجُنْد، عاش ستّين سنة.
مات في رمضان.(9/592)
306 - محمد بن الحسين بن محمد بن آذربهرام، أبو عبد الله الكارَزِينيّ الفارسيّ المقرئ. [المتوفى: 440 هـ]
نزيل مكّة.
كان أعلى أهل عصره إسنادًا في القراءات. قرأ على: الحسن بن سعيد المطَّوِّعيّ بفارس، وبالبصرة على الشّذَائيّ أبي بكر أحمد بن منصور، وببغداد على أبي القاسم عبد الله بن الحسن النخاس.
قرأ عليه بالعَشْرة الشّريف عبد القاهر بن عبد السّلام العبّاسيّ النّقيب، وأبو القاسم يوسف بن عليّ الهّذَليّ، وأبو مَعْشَر الطّبريّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن [ص:593] إسماعيل بن غالب المصريّ المالكيّ، وأبو القاسم بن عبد الوهاب، وأبو بكر بن المفرج، وأبو علي الحسن بن القاسم غلام الهراس، وآخرون.
ولا أعلم متى مات، إلّا أنّ الشّريف عبد القاهر قرأ عليه في هذه السنة، وكان هذا الوقت في عَشْر المائة.(9/592)
307 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد، أبو بكر الأصبهاني التاني التاجر، المعروف بابن ريذة. [المتوفى: 440 هـ]
روى عن الطبراني " معجمه الكبير " و" معجمه الصغير "، و" الفتن " لنعيم بن حماد، وطال عمره وسار ذكره، وتفرد في وقته.
ذكره أبو زكريا بن منده فنسبه كما نسبناه، وقال: الثّقة الأمين. كان أحد وجوه النّاس، وافر العقل، كامل الفضل، مكرّمًا لأهل العِلْم، عارفًا بمقادير النّاس، حَسَن الخطّ، يعرف طرفًا من النَّحْو واللُّغَة. تُوُفّي في رمضان، وقيل: إنّ مولده سنة ست وأربعين وثلاثمائة. قُرئ عليه الحديث مرّات لا أحصيها في البلد والرّساتيق.
قلتُ: روى عنه محمد بن إبراهيم بن شَذْرَة، وإبراهيم ويحيى ابنا عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وعبد الأحد بن أحمد العَنْبَريّ، ومَعْمَر بن أحمد اللُّنْبَانيّ، وهادي بن الحسن العَلَويّ، وأبو عليّ الحدّاد، ومحمد بن إبراهيم أبو عدنان العَبْديّ، ومحمد بن الفضل القصار الزاهد، وأبو الرجاء أحمد بن عبد الله بن ماجه، ونوشروان بن شيرزاد الدَّيْلِميّ، ونصر بن أبي القاسم الصّبّاغ، وإبراهيم بن محمد الخبّاز سِبْط الصّالحانيّ، وطلْحة بن الحسين بن أبي ذَرّ، وأبو عدنان محمد بن أحمد بن أبي نِزَار، وحَمْد بن عليّ المعلّم، والهَيْثَم بن محمد المَعْدانيّ، وخلْق آخرهم موتًا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانيّة، تُوُفّيت سنة أربعٍ وعشرين وخمسمائة.(9/593)
308 - محمد بن عبد الله بن الحسين بن مِهران بن شاذان، أبو بكر الصّالْحانيّ البقّال الفامي. [المتوفى: 440 هـ][ص:594]
سمع أبا الشّيخ، وغيره، وعنه أبو عليّ الحدّاد، ورَّخه ابن السَّمَعانيّ.(9/593)
309 - محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل، أبو الحسن التّكَكيّ الكاتب البغداديّ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع أبَوَيْ بكر القَطِيعيّ، والورّاق، وثّقه الخطيب وروى عنه.(9/594)
310 - محمد بن عمر بن إبراهيم، أبو الحسين الأصبهاني المقرئ. [المتوفى: 440 هـ]
سمع محمد بن أحمد بن جِشْنِس. روى عنه الحدّاد.(9/594)
311 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن غَيْلان بن عبد الله بن غَيْلان بن حكيم، أبو طالب الهمداني البغدادي البزاز. [المتوفى: 440 هـ]
أخو غَيْلان الّذي تقدَّم.
سمع من أبي بكر الشّافعيّ أحد عشر جزءًا معروفة " بالغَيْلانيّات "، وتفرّد في الدُّنيا عنه، وسمع من أبي إسحاق المزكّيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا ديِّنًا صالحًا. سمعته يقول: وُلِدتُ في أوّل سنة ثمانٍ وأربعين. ثمّ سمعته يقول: كنتُ أغلط في مولدي، حتّى رأيت بخطّ جدّي أنّي وُلِدت في المحرَّم سنة سبْعٍ وأربعين. قال: ومات في سادس شوّال، ودُفِن بداره، وصلى عليه أبو الحسين ابن المهتدي بالله.
وقال أبو سعْد السَّمْعانيّ: قرأتُ بخطّ أبي قال: سمعتُ محمد بن محمود الرّشِيديّ يقول: لمّا أردتُ الحجّ أوصاني أبو عثمان الصابوني وغيره بسماع " مسند أحمد " و" فوائد أبي بكر الشّافعيّ "، فدخلتُ بغداد، واجتمعت بابن المُذْهِب، فرَاودْتُهُ على سَمَاع " المُسْنَد " فقال: أريد مائَتْي دينار. فقلت: كلّ نَفَقَتي سبعون دينارًا، فإنْ كان ولا بُدَّ فأجِزْ لي. قال: أريد عشرين دينارا على الإجازة. فتركته فقلت لأبي منصور بن حيد: أُريدُ السَّماع من ابن غَيّلان. [ص:595]
قال: إنّه مبطون، وهو ابن مائة. قلتُ: فأعْجلُ فأسمع منه؟ قال: لا، حتّى تَحُجّ. فقلت: كيف يسمح قلبي بذلك وهو ابن مائة سنة ومبطون؟ قال: إنّ له ألف دينار يُجَاءُ بها كلّ يومٍ، فتُصَبُّ في حجره، فيقبلها ويتقوى بذلك! فاستخرت الله وحججت، فلما رجعتُ استقبلني شيخ فقلت: ابن غَيْلان حيّ؟ قال: نعم. ففرحت وقرأ لي عليه أبو بكر الخطيب.
قلت: وروى عنه أبو عليّ أحمد بن محمد البَرَدَانيّ، وأبو طاهر بن سَوّار المقرئ، وأحمد بن الحسين بن قريش البنّاء، وأبو البركات أحمد بن عبد الله بن طاوس، وجعفر السّرّاج، وجعفر بن المحسّن السَّلَمَاسيّ، وخالد بن عبد الواحد الأصبهاني، وعُبَيْد الله بن عمر ابن البقّال، والمعمّر بن عليّ بن أبي عمامة، وأبو منصور عليّ بن محمد ابن الأنباريّ، وأبو منصور محمد بن عليّ الفرّاء، وأبو المعالي أحمد بن محمد البخاريّ التّاجر، وأبو عليّ محمد بن محمد ابن المهْديّ، وأبو سعْد أحمد بن عبد الجبّار الصَّيْرفيّ، وخلْق آخرهم موتّا أبو القاسم هبة الله بن الحُصَين المُتَوَفّي سنة خمسٍ وعشرين وخمسمائة.(9/594)
312 - محمد بن محمد بن عثمان، أبو منصور، ابن السّوّاق البغداديّ البُنْدَار. [المتوفى: 440 هـ]
سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، ومَخْلَد بن جعفر، وابن لؤلؤ الورّاق.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة، ولد سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وتُوُفّي في آخر يومٍ من ذي الحجّة.
قلت: وروى عنه: ثابت بن بُنْدَار، وأخوه أبو ياسر، وجماعة.(9/595)
313 - محمود بن الحسن بن محمد بن يوسف، أبو حاتم القَزْوينيّ الفقيه المناظر، [المتوفى: 440 هـ]
من ساكني آمل طبرستان.
قدم جرجان، وسمع من أبي نصر ابن الإسماعيليّ، وتفقّه ببغداد عند الشّيخ أبي حامد، وسمع بالرّيّ من حمْد بن عبد الله، وأحمد بن محمد البصير، وسمع ببغداد، وذهب إلى وطنه، وصار شيخ آمُل في العلم والفقه، وبها تُوُفّي سنة أربعين. [ص:596]
وهو والد شيخ السَّلَفيّ.(9/595)
314 - مفرِّج بن محمد، أبو القاسم الصَّدَفيّ السَّرَقُسْطيّ. [المتوفى: 440 هـ]
رحل وسمع بمصر من أبي القاسم الْجَوْهَريّ " مُسْنَد الموطّأ "، ومن أبي الحسن عليّ بن محمد الحلبيّ.
وكان شيخا صالحا.(9/596)
315 - منصور ابن القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ الهَرَويّ، قاضي هَرَاة، أبو أحمد الفقيه الشّاعر. [المتوفى: 440 هـ]
قدم بغداد وتفقه على أبي حامد الإسفراييني، ومدح أمير المؤمنين القادر بالله، وكان عجبًا في الشعر، وسمع العباس بن الفضل النضرويي، وأبا الفضل بن خميرويه.
وناهز الثمانين سنة، وكان يختم القرآن في كلّ يومٍ وليلة حتى مات رحمه الله.(9/596)
316 - هبة الله بن أبي عمر محمد بن الحسين، الشّيخ أبو محمد الْجُرْجَانيّ، المُلقَّب بالموفق. [المتوفى: 440 هـ]
سمعَ جدّه لأمّه أبا الطّيّب سهل بن محمد الصُّعْلُوكيّ، ووالدَه أبا عمر محمد بن الحسين البِسْطَاميّ، وأبا الحسين أحمد بن محمد الخفّاف، وكان فقيها مناظرا مفتيا رئيس الشافعية بنيسابور.(9/596)
317 - يوسف بن رباح بن عليّ بن موسى بن رباح، أبو محمد البصْريّ المعدّل. [المتوفى: 440 هـ]
رحل مع والده، وسمع أبا بكر المهندس، وعليّ بن الحسين الأَذَنيّ بمصر، وابن حبابة، وأبا طاهر المخلّص، وابن أخي ميمي ببغداد، وعبد الوهّاب الكِلابيّ بدمشق. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر الباقِلّانيّ. [ص:597]
قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا، ولي قضاء الأهواز فمات بالأهواز. قال: وقيل كان معتزليًّا.(9/596)
318 - أبو القاسم بن محمد الحضرميّ، الفقيه المالكيّ المعروف باللَّبِيديّ، [المتوفى: 440 هـ]
ولَبِيدَة قرية من قرى ساحل المغرب.
كان من مشاهير علماء إفريقية ومصنفيها وعبادها. صحب الزاهد أبا إسحاق الجبنياني، وانتفع به، وصنَّف أخباره، وصنَّف كتابًا كبيرًا بليغًا في مذهب مالك أَزْيَد من مائتي جزء، وكتابًا آخر في " مسائل المدوّنة " وبسطها، وكتاب " التفريع على المدونة "، و" زيادات الأمهات "، و" نوادر الرّوايات ".
وكان أيضًا شاعرًا محسنًا مليح القَول. روى عنه ابن سعدون، وغيره.(9/597)
319 - أبو كاليجار، السلطان البويهي صاحب بغداد، واسمه مرزبان ابن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة. [المتوفى: 440 هـ]
تملك بعد ابن عمّه جلال الدّولة فدامت أيّامه خمسة أعوام، ومات، وقد مرّ ذكره في الحوادث غير مرّةٍ، وعاش إحدى وأربعين سنة، وتسلطن بعده ابنه الملك الرّحيم أبو نصر.(9/597)
-وممّن كان في هذا القرب من هذه الطبقة(9/598)
320 - أحمد بن سليمان بن أحمد، أبو جعفر الكناني الطّنْجيّ الأندلسيّ، ويُعرف بابن أبي الربيع. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
رحل إلى المشرق، وأخذ القراءة عن أبي أحمد السامري، وأبي بكر الأُدْفُويّ، وأبي الطّيّب بن غَلْبُون، وأقرأ النّاسَ ببَجّانَة والمَرِية، وعُمّر حتّى قارب التسعين.
وقيل: توفي قبل الأربعين وأربعمائة. قاله ابن بشكُوال.(9/598)
321 - أحمد بن عمّار، أبو العبّاس المَهْدَويّ المقرئ المجوّد. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
من أهل المهديّة، مدينة من مدن القيروان بناها المهديّ والد خلفاء مصر. قدم المهدوي بلاد الأندلس، وروى عن أبي الحسن القَابسيّ، وقرأ القراءات على أبي عبد الله محمد بن سُفْيَان، وعلى أبي بكر أحمد بن محمد الميراثي، وكان مقدمًا في فن القراءات والعربية، وصنف كتبًا مفيدة. أخذ عنه، أبو محمد غانم بن وليد المالقي، وأبو عبد الله الطرفي المقرئ، وغيرهما؛ في حدود الثلاثين أخذوا عنه.(9/598)
322 - أحمد بن محمد بن عبد الواحد، أبو بكر المنكدري الشريف. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
رحل وسمع، وقرأ الحديث على: أحمد بن محمد المُجْبِر، وأبي عمر الهاشميّ، ومحمد بن محمد ابن أخي أبي رَوْق الهِزَّانيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي أحمد الفَرَضيّ.
وله جزءان انتقاهما له الصُّوريّ، وسمعهما منه ابن بيان الرّزّاز في سنة سبْعٍ وثلاثين.(9/598)
323 - إبراهيم بن طلحة بن غسّان، أبو إسحاق البصْريّ المطَّوِّعيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
سمع يوسف بن يعقوب النَّجِيرَميّ، وعبد الرحمن بن محمد بن شيبة المقرئ، وأحمد بن محمد بن العبّاس الأسْفَاطيّ، وجماعة، وأملى بالبصرة [ص:599] مجالس؛ روى عنه محمد بن إدريس القَرَتّائيّ، وأبو أحمد إبراهيم بن عليّ النَّجِيرَميّ، وغيرهما من شيوخ السِّلَفيّ.(9/598)
324 - إسماعيل بن عليّ بن المُثَنَّى، أبو سعْد الأسْتِرَابَاذيّ الواعظ الصُّوفيّ العَنْبَريّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
قدِم نَيْسابور قديمًا، وبني بها مدرسةً لأصحاب الشّافعيّ تُنْسَبُ إليه، وكان له سوق ونَفَاق عند العامّة، وكان صاحب غرائب وعجائب.
روى عَنْ أبيه، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن حَيَّوَيْهِ. روى عنه: محمد بن أحمد بن أبي جعفر القاضي، وأبو بكر الخطيب البغداديّ، وأحمد المُوسياباذيّ.(9/599)
325 - أَصْبَغُ بن راشد بن أصبغ، أبو القاسم الإشبيليّ اللُّخْميّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
رحل وسمع من أبي محمد بن أبي زيد وتفقّه عليه، وسمع من أبي الحسن القابسيّ.
قال أبو عبد الله الحُمَيْديّ: كنتُ أُحْمَلُ للسّماع على الكَتِف سنة خمسٍ وعشرين وأربعمائة، وأوّل ما سمعتُ من الفقيه أَصْبَغ بن راشد، وكنتُ أفهم ما يُقرأ عليه، وكان قد لقي ابن أبي زيد وتفقَّه، وروى عنه " رسالته "، فسمعتُ " الرّسالةَ " منه، وسمعته يقول: سمعت على أبي محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن فقيه القيروان " الرّسالة " و" المختصر " بالقيروان قبل الأربعمائة.
وقال ابن بشكوال: توفي أصبغ قبل الأربعين وأربعمائة.(9/599)
326 - الحسن بن محمد بن مفرِّج، أبو بكر المَعَافِريّ القُرْطُبيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
رَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي عبد الله بن أبي زمْنِين، وعبّاس بن أَصْبَغ، وعبد الرحمن بن فُطَيْس، وعُني بالرّواية والتّقييد والسّماع والتّاريخ، وجمع كتابًا سمّاه " كتاب الاحتفال في تاريخ أعلام الرّجال " في أخبار الخلفاء والقضاة والفقهاء.
وكان مولده في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وتوفي بعد الثلاثين وأربعمائة.(9/599)
327 - الحسين بن حاتم، أبو عبد الله الأذَريّ الأُصُوليّ المتكلِّم الأشعريّ الواعظ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
صاحب ابن الباقِلّانيّ.
سمع بدمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر، وغيره، وعقد مجالس الوعظ، وكان كثير الصِّيام والعبادة إلّا أنّه كان ينالُ من أهل الأثر.
قال ابن عساكر: سمعتُ أبا الحسن عليّ بن المسلم الفقيه عن بعض شيوخه: إنّ أبا الحسن عليّ بن داود إمام جامع دمشق ومُقْرئها تكلّم فيه بعض الحشوية إذ كان يَؤُم، فكتب إلى القاضي أبي بكر ابن الباقِلّانيّ إلى بغداد يسأله أن يرسلَ إلى دمشق من أصحابه مَن يوضّح لهم الحقّ بالحُجَّة، فبعث تلميذه الحسين بن حاتم الأذَرِيّ، فعقد مجلسَ التّذكير في الجامع في حلقة ابن داود، وذكر التّوحيد، ونزَّه المعبود، ونفى عنه التّشبيه والتّحديد، فقاموا من مجلسه وهم يقولون: أحدٌ أحد! وأقام بدمشق مدّة، ثمّ توجه إلى المغرب.
ونشر العلم بالقيروان.(9/600)
328 - الرِّضَى بن إسحاق بن عبد الله بن إسحاق، أبو الفضل النَّصريّ الْجُرْجَانيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
كان والده كبير الحنفيّة بجُرْجَان، وكان زاهدًا. سمع أباه، وأبا أحمد الغطريفي، وببغداد أصحاب البغوي، وتوفي قبل الأربعين.(9/600)
329 - عبد الله بن جعفر، أبو محمد الخبازيّ، الحافظ الجوّال. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
من أهل طَبَرِسْتان.
روى عن المُعَافى الجريريّ، ونصْر بن أحمد المُرَجَّى، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. روى عنه أبو المحاسن الرُّويانيّ، وبُنْدَار بن عمر الرُّويانيّ، وأهل تلك الدّيار.(9/600)
330 - عثمان بن عيسى، أبو بكر التُّجَيْبيّ الطُّلَيْطُليّ المالكيّ، المعروف بابن ارفع رأسه. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
روى عن محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وغيره، وكان من أهل العلم البارع والذّهن الثّاقب، حافظًا لرأي مالك، رأسا فيه، ثقة، ولي قضاء طَلْبِيرة.(9/600)
331 - عليّ بن الحسن بن محمد بن فِهْر، الإمام أبو الحسن الفِهْريّ المصريّ المالكيّ، [الوفاة: 431 - 440 هـ]
من كبار الفُقهاء.
صنَّف " فضائل مالك " في مجلَّد، وسمع بالمشرق من جماعة. سمع منه أبو العبّاس بن دِلْهَاث، والمُهَلَّب بن أبي صُفْرة وقال: لقيته بمصر ومكة، ولم ألق مثله.(9/601)
332 - عليّ بن شُعيب بْن عَلِيّ بْن شُعيب بْن عَبْد الوهّاب، أبو الحَسَن الهَمَذَانيّ الدّهّان. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
محدِّث رحّال، زاهد كبير القدْر. روى عن: أبي أحمد الغِطْريفيّ، وأَوْس الخطيب، ومحمد بن جعفر النهاوندي، وإسحاق بن سعد النسوي، وابن المقرئ، وخلق، وعنه: علي بن الحسين، وعبد الملك، وابن ممان، وأحمد بن عمر، وناصر بن المشطب الهمذانيون.
وكان ثقة خيرا قانعا باليسير.
وآخر من روى عنه ناصر، بقي ناصر إلى حدود عشر وخمسمائة.(9/601)
333 - محمد بن أحمد بن القاسم، أبو منصور الأصبهاني المقرئ [الوفاة: 431 - 440 هـ]
نزيل آمد.
حدَّث بدمشق وبآمد عن محمد بن عَدِيّ المِنْقَريّ، وجماعة من البصريّين. روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وشيخ الإسلام أبو الحسن الهِكّاريّ، والفقيه نصر المقدسيّ، وغيرهم.(9/601)
334 - محمد بن أحمد بن العلاء بن شاه، أبو العلاء الصُّغْديّ الأصبهاني الخطيب. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
سمع أبا محمد بن حَيَّان، وغيره، وعنه أبو عليّ الحدّاد.(9/601)
335 - محمد بن أبان بن عثمان بن سعيد بن فَيْض، أبو عبد الله ابن السّرّاج الشَّذُونيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
روى بقُرْطُبة عن عبّاس بن أَصْبَغ، وإسماعيل بن إسحاق الطّحّان، وكان متفننا فاضلا، له بصر بالمعتقدات والجدل والكلام. روى عنه ابن خزرج، وقال: تُوُفّي في حدود سنة أربعين وأربعمائة وقد نيّف على السّبعين.(9/601)
336 - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الهَرَويّ المقرئ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
قرأ بتلقين أبيه حديثًا على القاضي أبي منصور الأزْديّ، وله من العُمر ثلاث سِنين، وهذا من أغرب ما بَلَغَنَا، وتُوُفّي شابًّا.(9/602)
337 - محمد بن الحسن بن عمر، أبو عبد الله المصريّ البزّاز، ويُعرف بابن عين الغزال. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
روى عن ابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسابوريّ، وعنه أبو طاهر بن أبي الصَّقْر.
قال ابن ماكولا: تُوُفّي سنة نيِّفٍ وثلاثين.(9/602)
338 - محمد بن عبد الرّحيم بن حسن، أبو الحارث الخَبُوشانيّ، وخَبُوشان بُلَيْدَة من أعمال نَيْسابور، الأثريّ الحافظ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
رحل، وكتب الكثير، ونسخ الكتب المُطَوَّلة. سمع من زاهر بن أحمد، ومحمد بن مكّيّ الكُشْمِيهنيّ، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن. روى عنه إسماعيل بن عبد القاهر الْجُرجَانيّ، وظَفَر بن إبراهيم الخلّال.
تُوُفّي سنة نَيِّفٍ وثلاثين.(9/602)
339 - محمد بْن عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن الحُسين بن مهْرِهُرْمز، أبو بكر الأصبهاني الحللي. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
سمع أبا الشّيخ، وعنه أبو عليّ الحدّاد.(9/602)
340 - محمد بن يعقوب بن إسحاق بن موسى بن سلام، أبو نصر السلامي النَّسَفيّ المحدِّث [الوفاة: 431 - 440 هـ]
الثّقة.
وبُرْجُ السَّلَاميّ في رَبَض نَسَف منسوبٌ إليه، وهو بناه. سمِع أباه، وبكر بن محمد النَّسَفيّ، وأبا سعيد بن عبد الوهّاب الرّازيّ، وزاهر السَّرْخَسِيّ، وطبقتهم، وعنه: جعفر المُسْتَغْفِريْ، وهو من أقرانه، وأبو بكر محمد بن أحمد البَلَديّ، وحدَّث " بصحيح البُجَيْريّ "، عن أبي نصر بن حَسْنُوَيْه، عن المؤلِّف.(9/602)
341 - مروان بن عليّ الأسَديّ القُرْطُبيّ، أبو عبد الملك، المعروف بالبُونيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
روى عن أبي محمد الأصِيليّ، وأبي المطرِّف عبد الرحمن بن فُطَيْس. [ص:603]
ورحل فأخذ عن أبي الحسن القابسيّ، وأحمد بن نصر الداودي، وصحبه خمسة أعوام وأكثر عنه.
وله " مختصر في تفسير الموطأ ".
روى عنه حاتم بن محمد وقال: كان حافظًا نافذًا في الفِقْه والحديث، وروى عنه أبو عمر ابن الحذّاء، وقال: كان صالحًا عفيفًا عاقلًا، حَسَن اللّسان والبيان.
وقال الحُمَيْديّ: كان فقيهًا محدِّثًا. مات قبل الأربعين وأربعمائة ببونة.(9/602)
342 - مصعب ابن الحافظ المؤرخ أبي الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف ابن الفَرَضيّ، أبو بَكْر الأَزّديّ القُرْطُبيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
روى عَنْ: أبيه، وأبي محمد بن أسد، وأحمد بن هشام، واستجازَ له أبوه جماعةً سمّى بعضهم في " تاريخ الأندلس " له.
وذكره الحُمَيْديّ فقال: أديب، محدث، إخباريّ، شاعر، ولي الحكم بالجزيرة، ثم روى عنه الحميدي، وقال: كان حيا قبل الأربعين وأربعمائة.(9/603)
343 - مُعْتَمد بْن محمد بْن محمد بْن مكحول، أبو المعالي النَّسَفيّ المَكْحُوليّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
يروي عن جدّه أبي المعين محمد بن مكحول، وأبي سهل هارون بن أحمد الأسْتِراباذيّ الرّاوي عن أبي خليفة.
وتُوُفّي سنة نَيِّفٍ وثلاثين.(9/603)
344 - مفضَّل بن محمد بن مسعر بن محمد، القاضي أبو المحاسن التُّنُوخيّ المَعَرِّيّ الحنفيّ المعتزليّ الشِّيعيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
رحل إلى بغداد وسمع من أبي عمر بن مَهْدِيّ، وغيره، وتفقّه على القُدُوريّ، وأخذ الرفض والكلام عن غير واحد، وسمع بدمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر. [ص:604]
قال ابن عساكر: كان ينوب في القضاء بدمشق لابن أبي الْجِنّ، وولي قضاء بَعْلَبَك، وصنَّف " تاريخ النَّحْويّين "، وكأنّه كان معتزليًّا شيعيًّا. أخبرنا النسيب، قال: أخبرنا المفضل سنة ثمانٍ وثلاثين، فذكر حديثًا.
وقال غَيْث الأرمنازيّ: ذُكِر عنه أنّه كان يضع من الشّافعيّ، وصنَّف كتابًا ذكر فيه الرّدّ على الشّافعيّ خالفَ فيه الكتاب والسُّنَّة، وحدَّثني النّسيب أنّه بلغ أباه أنّه ارتشى فعزله عن بعلبك.(9/603)
345 - هشام بن سعيد الخير بن فَتْحون، أبو الوليد القَيْسيّ الوَشْقيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
سمع من القاضي خَلَف بن عيسى، وهو في هذه الطّبقة. ثمّ إنّ هشامًا حجّ وأخذ عن أبي العبّاس عليّ بن منير، وأبي عمران الفاسيّ، والحسن بن أحمد بن فِراس.
حدَّث عنه الحُمَيْديّ، وقال: محدِّث جليل، جميل الطّريقة، تُوُفّي بعد الثلاثين وأربعمائة.
وحدّثَ عنه أيضًا: أبو عمر بن عبد البر، والقاضي أبو زيد الحشاء.(9/604)
346 - يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أبو بكر القُرَشيّ الْجُمَحيّ الوَهْرانيّ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
حدَّث عن أبي محمد الأصيلي، وعباس بن أصبغ، وجماعة. كان متصرفا في العلوم، قوي الحفظ، غلب عليه علم الحديث.
توفي في حدود سنة إحدى وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة.(9/604)
347 - أبو حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي الواعظ. [الوفاة: 431 - 440 هـ]
سمع السلفي من أصحابه، واجتمع به شيخ الإسلام الهروي، ويروي عنه الخطيب بالإجازة.(9/604)
-الطبقة الخامسة والأربعون 441 - 450 هـ(9/605)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(9/607)
-سنة إحدى وأربعين وأربعمائة
تُقُدم إلى أهل الكرخ أن لّا يعملوا مأتمًا يوم عاشوراء، فأخلفوا وجرى بين أهل السُنة والشيعة ما زاد على الحد من القتل والجراحات.
وفيها ذهب الملك الرحيم إلى الْأهواز وفارس، فلقيه عسكر فارس واقتتلوا، فانهزم هو وجيشه إلى أن قدم واسط، وسار عسكر فارس إلى الأهواز فملكوها وخيموا بظاهرها.
وفيها قدم عسكر من مصر فقصدوا حلب، فانهزم منها صاحبها ثمال، فملكها المصريون.
وفيها ولي دمشق أمير الْأمراء عدّة الدولة رفق المستنصري، ثم عزل بعد أيام بطارق المستنصري، وولي إمرة حلب، وولي وزارة دمشق معه سديد الدولة ذو الكفايتين أبو محمد الحسين الماسكي.
وفيها اهتم أهل الكرخ وعملوا عليهم سورًا، وكذا فعل أهل نهر القلائين، وأنفق على ذلك العوام أموالًا عظيمة، وبقي مع كل فرقة طائفة من الْأتراك تشد منهم. ثم في يوم عيد الفطر ثارت الحرب بينهم، وجرت أمور مزعجة يطول تفصيلها، وأذنوا في منابر الكرخ بـ " حي على خير العمل ".
وفي ذي الحجة عصفت ريح غبراء ترابية أظلمت منها الدنيا حتى لم ير أحدٌ أحدًا، وكان الناس في أسواقهم فحاروا ودُهشوا، ودامت ساعة، فقلعت رواشن دار الخليفة ودار المملكة، ووقع شيء كثير من النَّخْل.(9/607)
-سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة
ندب أبو محمد ابن النّسويّ لضبط بغداد، واجتمع العامة من الشيعة والسُنة على كلمةٍ واحدة، على أنه متى ولي ابن النسويّ أحرقوا أسواقهم ونزحوا عن البلد، ووقع الصلح بين السُّنة والشيعة، وصار أهل الكرخ إلى نهر القلائين فصلّوا فيه، وخرجوا كلهم إلى الزيارة بالمشاهد، وصار أهل الكرخ يترحّمون على الصحابة في الكرخ، وهذا أمر لم يتفق مثله.
وفي ليلة الجمعة ثاني رمضان وقعت صاعقة بالحِلّة على خيمةٍ لبعض العرب كان فيها رجلان، فأُحرِقت نصف الخيمة ورأس أحد الرّجُلين، وقدّت نصف بدنه، وبقي نصفه الْآخر، وسقط الْآخر مغشيًّا عليه ما أفاق إِلَّا بعد يومين.
ورخص السعر ببغداد حتّى أبيع كُرّ الحنطة بسبعة دنانير.
وفيها سار الملك ألْبُ رسلان السلجوقي من مرو وقصد فارس في المفازة، فلم يعلم أحد ولا عمّه طغرلبك، فوصل إلى فسا واستولى عليها، وقتل من جندها الديلم نحو الْألف وطائفة من العامّة، ونهب وأسر وفتك، وعاد إلى مرو مسرعا.
واستهل ذو الحجة فتهيّأ أهل بغداد السُّنة والشّيعة لزيارة مشهد الحسين وأظهروا الزينة والفرح، وخرجوا بالبوقات ومعهم الأتراك.
وفيها نازل طغرلبك أصبهان، وحاصر ابن علاء الدولة نحو السّنة، وقاسى العامة شدائد، ثم أخذها صُلحًا وأحسن إلى أميرها، وأقطعه يزد وأبرقوه، وأقطع أجنادها في بلاد الجبل، وسكن أصبهان.(9/608)
-سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة
في صفر تجدّدت الفتنة بين الشّيعة والسُّنة، وزال الاتّفاق الذي كان عام أول، وشرع أهل الكرخ في بناء باب السّمّاكين، وأهل القلائين في عمل ما بقي من بابهم، وفرغ أهل الكرخ من بنيانهم وعملوا أبراجًا وكتبوا بالذهب: " محمّدٌ وعليٌّ خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر "، وثارت الفتنة [ص:609] وآلت إلى أخذ ثياب الناس في الطرق، وغلقت الْأسواق، ووقفت المعايش، وبعد أيام اجتمع للسُّنة عددٌ يفوق الْإِحصاء، وعبروا إلى دار الخلافة وملَأوا الشّوارع، واخترقوا الدهاليز، وزاد اللغط، فقيل لهم: سنبحث عن هذا. فهاج أهل الكرخ ووقع القتال، وقُتل جماعة منهم واحدٌ هاشمي، ونُهب مشهد باب التِّبن ونبشت عدّة قبور وأحرقوا، مثل: العوني، والناشئ، والْجُذوعي، وطرحوا النار في المقابر والتُّرب، وجرى على أهل الكرخ خزيٌّ عظيم، وقُتل منهم جماعة، فصاروا إلى خان الفقهاء الحنفيين، فأخذوا ما وجدوا، وأحرقوا الخان، وقتلوا مُدرِّس الحنفيّة أبا سعد السرخسيّ، وكبسوا دور الفقهاء، فاستدعي أبو محمد ابن النسويّ وأُمر بالعبور فقال: قد جرى ما لم يجرِ مثله، فإن عبر معي الوزيرُ عبرت. فقويت يده، وأظهر أهل الكرخ الحزن، وقعدوا في الْأسواق للعزاء على المقتولين. فقال الوزير: إن واخذنا الكل خرب البلد، والَأولى التغاضي. فلما كان في ربيع الْآخر خُطب بجامع براثا مأوى الشّيعة، وأُسقط من الْأذان " حي على خير العمل "، ودقّ الخطيب المنبر بالسيف، وذكر في خطبته العبّاس.
وفي ذي الحجة كبس العيّارون دار أبي محمد ابن النسوي وجرحوه جراحات عدة.
وفيها أخذ السلطان طغرلبك أصبهان في المحرّم، فجعلها دار ملكه، ونقل خزائنه من الري إليها، وكان قد عمّر الريّ عمارة جيدة.
وفيها كبس منصور بن الحسين بالغز الْأهواز، وقتل بها خلقًا من الديلم والَأتراك والعامّة، وأحرقت ونهبت.
وفيها كانت وقعة هائلة بين المغاربة والمصريين بإفريقيّة، وقُتل فيها من المغاربة ثلاثون ألفًا.(9/608)
-سنة أربع وأربعين وأربعمائة
في ذي القعدة عادت الفتن ببغداد، وأحرقت جماعة دكاكين، وكتبوا، أعني أهل الكرخ، على مساجدهم: " محمد وعلي خير البشر "، وأذّنوا بحيّ على خير العمل، فتجمع أهل القلائين وحملوا حملةً على أهل الكرخ، فهرب [ص:610] النظّارة، وازدحموا في مسلك ضيّق، فهلك من النساء نيف وثلاثون امرأة وستة رجال وصبيان، وطُرحت النار في الكرخ، وعادوا في بناء الْأبواب والقتال. فلمّا كان في سادس ذي الحجة جرى بينهم قتال، فجمع الطقطقي قومًا من الْأعوان، وكبس نهر طابق من الكرخ، وقتل رجلين، ونصب الرأسين على حائط مسجد القلائين.
وفيها جرت حروب كثيرة بين عسكر خراسان وعسكر غزنة، وكلّهم مسلمون، وتم ما لَا يليق من القتال على الملك، نسأل الله العافية.
وفيها سيّر الملك الرّحيم جيشًا مع وزيره والبساسيري إلى البصرة، وعليها أخوه أبو علي بن أبي كاليجار، فحاصروها، واقتتلوا أيّامًا في السُفُّن. ثم افتتحوا البصرة، وهرب أبو عليّ فتحصّن بشط عثمان وحفر الخندق، فمضى إليه الملك الرحيم وحاربه، فتقهقر إلى عبّادان وركب البحر، ثم طلع منه وسار إلى أرجان، وقدم على السلطان طغرلبك بأصبهان، فأكرمه وصاهره، وسلم الملك الرحيم البصرة إلى البساسيري، ومضى إلى الأهواز.
وفيها قدم طائفة من جيش طغرلبك إلى أطراف العراق، فنهبوا واستباحوا الحريم وفتكوا، ورجف أهل بغداد.
وفيها عُمل محضر كبير ببغداد في القدح في نسب صاحب مصر، وأن أصله من اليهود.(9/609)
-سنة خمس وأربعين وأربعمائة
فيها أحضر ابن النسويّ فقُوّيت يده، فضرب وقتل وخرّب ما كتبوا من " محمد وعلي خير البشر "، وطرحت النار في الكرخ ليلًا ونهارا.
ثم وردت الأخبار بأن الغُّز قد وصلوا إلى حلوان، وأنهم على قصد العراق، ففزع الناس.
وفيها أعلن بنيسابور بلعن أبي الحسن الْأشعري، فضج من ذلك الشيخ أبو القاسم القشيري، وصنّف رسالة " شكاية السنة لما نالهم من المحنة ". وكان قد رُفع إلى السلطان طغرلبك شيء من مقالات الْأشعري فقال أصحاب الْأشعري: هذا محال وليس هذا مذهبه. فقال السلطان: إنّما نأمر بلعن [ص:611] الْأشعري الذي قال هذه المقالة، فإن لم تدينوا بها ولم يقل الْأشعري شيئًا منها فلا عليكم مما نقول. قال القشيري: فأخذنا في الاستعطاف، فلم تُسمع لنا حُجّة، ولم تُقض لنا حاجة، فأغضينا على قذى الاحتمال، وأُحلنا على بعض العلماء، فحضرنا وظننا أنه يصلح الحال، فقال: الْأشعري عندي مبتدع يزيد على المعتزلة. يقول القشيري: يا معشر المسلمين، الغياث الغياث.
وفيها استولى الملك الرحيم على أرجان ونواحيها، وأطاعه من بها من العسكر ومقدمهم فولاذ الديلمي.(9/610)
-سنة ست وأربعين وأربعمائة
فيها تفاوض الْأتراك في الشكوى من وزير السلطان، وعزموا على الشغب، فبرَّزوا الخيم وركبوا بالسلاح، وكثرت الْأراجيف، وغُّلقت الدروب ببغداد، ولم يُصلِّ أحدٌ جُمُعة إِلَّا القليل في جامع القصر، ونقل الناس أموالهم، فنودي في البلد: متى وُجد الوزير عند أحدٍ حَلّ ماله ودمُه، وركبت الْأتراك فنهبوا دورًا للنصارى، وأخذوا أموالًا من البيعة وأحرقوها، ودافع العوام عن نفوسهم، فراسل الخليفة الأتراك وأرضاهم. ثم إن الوزير ظهر فطُولب، فجرح نفسه بسكين، فتسلمه البساسيري، وتقلد الوزارة أبو الحسين بن عبد الرحيم.
وقصد قريش بن بدران الأنبار فأخذها، وردّ أبو الحارث البساسيري إلى بغداد من الوقعة مع بني خفاجة، فسار إلى داره بالجانب الغربي ولم يلم بدار الخلافة على رسْمه، وتأخر عن الخدمة، وبانت فيه آثار النّفرة. فراسله الخليفة بما طيّب قلبه فقال: ما أشكو إِلَّا من النائب في الديوان. ثم توجه إلى الْأنبار فوصلها، وفتح وقطع أيدي طائفة فيها، وكان معه دُبيس بن علي.
وفي سنة ست ملكت العرب الذين بعثهم المستنصر لحرب المُعز بن باديس، وهم بنو زغبة، مدينة طرابلس المغرب. فتتابعت العرب إلى إفريقية، وعاثوا وأفسدوا، وأمّروا عليهم مؤنس بن يحيى المرداسي، وحاصروا المُدن وخرّبوا القرى، وحل بالمسلمين منهم بلاء شديد لم يعهد مثله قط. فاحتفل ابن باديس وجمع عساكره، فكانوا ثلاثين ألف فارس، وكانت العرب ثلاثة [ص:612] آلاف فارس، فأرادت العرب الفرار، فقال لهم مؤنس: ما هذا يوم فرار. قالوا: فأين نطعن هؤلاء وقد لبسوا الكزاغندات والمغافر؟ قال: في أعينهم. فسُمّي: " أبا العينين ". فالتحم الحرب، فانكسر جيش المُعز، واستحر القتل بجنده، ورُدّ إلى القيروان مهزومًا، وأخذت العرب الخيل والخيام بما حوت، وفي ذلك يقول بعضهم:
وإن ابن باديسٍ لَأفضل مالكٍ ... ولكن لعمري ما لديه رجالُ
ثلاثون ألفًا منهم غلبتهم ... ثلاثة آلاف إن ذا لمحال
ثم جمع المُعز سبعة وعشرين ألف فارس، وسار يوم عيد النحر، وهجم على العرب بغتةً، فانكسر أيضًا، وقُتل من جنده عالم عظيم، وكانت العرب يومئذٍ سبعة آلاف، وثبت المعز ثباتا لم يسمع بمثله. ثم ساق على حميّة، وحاصرت العربُ القيروان، وانجفل الناس في المهديّة لعجزهم، وشرعت العرب في هدم الحصون والقصور، وقطع الْأشجار، وإفساد المياه، وعمّ البلاء، وانتقل المعز إلى المهدية، فتلقاه ابنه تميم واليها.
وفي سنة تسع وأربعين نهبت العرب القيروان.
وفي سنة خمسين خرج بُلُكِّين ومعه العرب لحرب زناتة، فقاتلهم، فانهزمت زناتة وقُتل منهم خلق.
وفي سنة ثلاث وخمسين قتل أهل نقيوس من العرب مائتين وخمسين رجلًا، وسبب ذلك أن العرب دخلت المدينة تتسوّق فقتل رجل من العرب رجلًا محتشمًا مقدّمًا لكونه سمعه يُثني على ابن باديس، فغضب له أهل البلد، وقتلوا في العرب وهم على غفلة.
وقال المختار بن بطلان: نقص النيل في هذه السنة وتزايد الغلاء، وتبعه وباء شديد، وعظم الوباء في سنة سبع وأربعين. ثم ذكر أن السلطان كفّن من ماله ثمانين ألف نفس، وأنه هلك ثمانمائة قائد، وحصل للسلطان من المواريث مال جليل.
وفيها عاثت الْأعراب وأخربوا أكثر سواد العراق، ونهبوا، وذلك لاضطراب الأمور وانحلال الدولة. [ص:613]
وفيها استولى طغرلبك على أذربيجان بالصُلح، وسار بجيوشه فسبى من الروم وغنم وغزا.(9/611)
-سنة سبع وأربعين وأربعمائة
فيها استولى أعوان الملك الرحيم على شيراز بعد حصار طويل وبلاء شديد من القحط والوباء، حتّى قيل: لم يبق بها إِلَّا نحو ألف إنسان، فما أمهله اللَّه في الملك بعدها.
وفيها كان ابتداء الدولة السلجوقية بالعراق، وكان من قصة ذلك أن أبا المظفّر أبا الحارث أرسلان التركي المعروف بالبساسيري كان قد عظم شأنه بالعراق، واستفحل أمره، وبعُد صيته، وعظُمت هيْبته في النفوس، وخُطب له على المنابر، وصار هو الكُل، ولم يبق للملك الرحيم ابن بُويهْ معه إِلَّا مجرّد الاسم. ثم إنهُ بلغ أمير المؤمنين القائم أنّ البساسيريّ قد عزم على نهب دار الخلافة والقبض على الخليفة، فكاتب الخليفةُ القائمُ السلطان طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق يستنجد به، ويعده بالسلطنة، ويحضّه على القدوم، وكان طغرلبك بالريّ، وكان قد استولى على الممالك الخراسانية وغيرها، وكان البساسيري يومئذٍ بواسط ومعه أصحابه، ففارقه طائفه منهم ورجعوا إلى بغداد، فوثبوا على دار البساسيري فنهبوها وأحرقوها، وذلك برأي رئيس الرؤساء وسعيه. ثم أبخسه عند القائم بأنه يكاتب المصريين، وكاتب الملك الرحيم يأمره بإبعاد البساسيري فأبعده، وكانت هذه الحركة من أعظم الأسباب في استيلاء طغرلبك على العراق. فقدم السلطان طغرلبك في شهر رمضان بجيوشه، فذهب البساسيري من العراق وقصد الشام، ووصل إلى الرحبة، وكاتب المستنصر باللَّه العُبيْديّ الشيعي صاحب مصر، واستولى على الرحبة وخطب للمستنصر بها فأمدّه المستنصر بالَأموال.
وأمّا بغداد فخُطِب بها للسلطان طغرلبك بعد القائم، ثم ذُكر بعده الملك الرحيم وذلك بشفاعة القائم فيه إلى السلطان. ثُمّ إنّ السلطان قبض على الملك الرحيم بعد أيّام، وقُطعت خطبته في سلخ رمضان، وانقرضت دولة بني بويه، وكانت مدّتها مائة وسبعًا وعشرين سنة، وقامت دولة بني سلجوق. فسبحان [ص:614] مُبدئ الْأمم ومُبيدها، ومردي المُلوك ومُعيدها، ودخل طغرلبك بغداد في تجمُّلٍ عظيم، وكان يومًا مشهودًا دخل معه ثمانية عشر فيلا، ونزل بدار المملكة، وكان قدومه على صورة غريبة، وذلك أنّه أتى من غزو الرّوم إلى همذان، فأظهر أنّه يريد الحج، وإصلاح طريق مكّة، والمُضيّ إلى الشام من الحج ليأخذها ويأخذ مصر، ويُزيل دولة الشّيعة عنها، فراج هذا على عموم الناس، وكان رئيس الرؤساء يُؤْثِر تملّكه وزوال دولة بني بُوَيْه، فقدِم الملك الرحيم من واسط، وراسلوا طغرلبك بالطاعة.
وفيها تُوُفيّ ذخيرة الدّين وليّ العهد أبو العباس محمد ابن أمير المؤمنين القائم، فعظُمت على القائم الرزيّة بوفاته، فإنه كان عضُده، وخلّف ولدًا وهو الذي ولي الخلافة بعد القائم، ولُقّب بالمُقتدي بالله.
وفيها عاثت جيوش طغرلبك بالسواد ونهبت وفتكت، حتّى أبيع الثَّور بعشرة دراهم، والحمار بدرهمين.
وجرت ببغداد فتنة عظيمة قُتِل فيها خلْق، وبسببها قُبض على الملك الرّحيم وسُجنَ في قلعة.
وفيها ثارت الحنابلة ببغداد ومقدمهم أبو يعلى، وابن التميمي، وأنكروا الجهر بالبسملة ومنعوا من الْجَهْر والترجيع في الْأذان والقُنُوت، ونهوا إمام مسجد باب الشعير عن الجهر بالبسملة، فأخرج مُصحفًا وقال: أزيلوها من المُصْحَف حتّى لَا أتلوها.
وبقي الملك الرحيم محبوسًا إلى أن مات سنة خمسين وأربعمائة بقلعة الريّ، سامحه اللَّه.(9/613)
-سنة ثمان وأربعين وأربعمائة
فيها تزوّج الخليفة القائم بأمر اللَّه بخديجة أخت السلطان طغرلبك، وقيل: خديجة بنت داود أخي طغرلبك، وكان الصّداق مائة ألف دينار.
وفيها سار السلطان بالجيش وآلات الحصار والمجانيق قاصدا الموصل، فنازل تكريت وحاصرها. [ص:615]
وفيها وقعت فِتَنٌ كِبار بالعراق، وذلك بتأليب البساسيري ومكاتباته، وحاصل الْأمر أن الكوفة وواسط وغيرهما خُطِب بها لصاحب مصر المستنصر باللَّه العبيدي، وسرت الرافضة بذلك سرورا زائدا.
وفيها كان القحط شديدًا بديار مصر، وشأنه يتجاوز الحد والوصف، وأمْر الوباء عظيم بحيث أنّه ورد كتاب، فيما قيل، من مصر بأن ثلاثة من اللصوص نقبوا دارًا ودخلوا، فوجدوا عند الصباح موتى، أحدهم على باب النقب، والَآخر على رأس الدرجة، والثالث في الدار.
وفيها كان القحط العظيم بالَأندلس والوباء، ومات الخلق بإشبيلية، بحيث أن المساجد بقيت مُغلقة ما لها من يصلي فيها، ويسمى عام الجوع الكبير.
وفيها خطب قريش بن بدران بالموصل للمُستنصِر، وقويت شوكة البساسيري، وجاءت الخِلَع والتقاليد من مصر لنور الدولة دُبيس بن مزيد الْأسدي، وهو أمير عرب الفرات، ولقريش، وغيرهما.
وعّم الخلْقَ الضَّرر بالعراق بعسكر طغرلبك، وفعلوا كل قبيح. فسار بهم نحو الموصل وديار بكر، فأطاعوه بها.(9/614)
-سنة تسع وأربعين وأربعمائة
فيها خلع القائم بأمر اللَّه على السلطان طغرلبك السلجوقي سبع خِلَع وسوّره وطوّقه وتوّجه، وكتب له عهدًا مُطلقًا بما وراء بابه، واستوسق مُلكه، ولم يبق له منازع بالعراق ولا بخراسان.
وفيها سلّم طغرلبك الموصل إلى أخيه إبراهيم ينال، وعاد إلى بغداد فلم يمكّن جنده من النزول في دور الناس، ولمّا شافهه الخليفة بالسلطنة خاطبه بملك المشرق والمغرب، ومن جملة تقدمته للخليفة خمسون ألف دينار وخمسون مملوكًا من التُّرك الخاص بخيلهم وسلاحهم وعدّتهم، إلى غير ذلك من النفائس.
وفيها سلم الأمير معز الدولة ثمال بن صالح بن مرداس حبب إلى نواب المُستنصِر صاحب مصر، وذلك لعجزه عن حفظها، وذلك في ذي القعدة. [ص:616]
وفيها كان الْجَهدْ والجوع ببغداد حتّى أكلوا الكلاب والجيَف، وعظُم الوباء، فكانوا يحفرون الحفائر ويلقون فيها الموتى ويطمونهم، وأمّا بُخارى وسَمَرْقنْد وتلك الديار، فكان الوباء بها لَا يُحدُّ ولا يُوصف، بل يُستحى من ذِكره حتّى قيل: إنه مات ببُخارى وأعمالها في الوباء ألف ألف وستّمائة ألف نسمة.(9/615)
-سنة خمسين وأربعمائة
فيها خُطب للمستنصر باللَّه العُبيْديّ على منابر العراق، وخُلِع القائم بأمر اللَّه.
وكان من قصة ذلك أنّ السّلطان طغرلبك اشتغل بحصار تلك النواحي ونازل الموصل. ثم توجه إلى نصيبين لفتح الجزيرة وتمهيدها، وراسل البساسيريُّ إبراهيم ينال أخا السُّلطان يعِدهُ ويُمنّيه ويُطمعه في المُلك. فأصغى إليه وخالف أخاه، وساق في طائفةٍ من العسكر إلى الرّيّ. فانزعج السُّلطان وسار وراءه، وترك بعض العسكر بديار بكر مع زوجته ووزيره عميد المُلْك الكُنْدُريّ وربيبه أنوشروان. فتفرّقت العساكر وعادت زوجته الخاتون بالعسكر إلى بغداد.
وأمّا السلطان فالتقى هو وأخوه فظهر عليه أخوه، فدخل السلطان همذان، فنازله أخوه وحاصره. فعزمت الخاتون على إنجاد زوجها، واختبطت بغداد، واستفحل البلاء، وقامت الفتنة على ساق، وتمّ للبساسيريّ ما دبّر من المكر، وأرجف الناس بمجيء البساسيري إلى بغداد، ونفر الوزير الكُندري وأنوشروان إلى الجانب الغربيّ وقطعا الجسر، ونهبت الغّزّ دار الخاتون، وأكل القوي الضعيف، وجرت أمور هائلة.
ثم دخل البساسيريّ بغداد في ثامن ذي القعدة بالرايات المستنصريّة عليها ألقاب المستنصر، فمال إليه أهلُ باب الكرْخ وفرحوا به، وتشفّوا بأهل السُّنة، وشمخت أنوف المُنافقين، وأعلنوا بالَأذان بحيّ على خير العمل.
واجتمع خلْقُ من أهل السُّنة إلى القائم بأمر اللَّه، وقاتلوا معه، ونشبت الحرب بين الفريقين في السُّفن أربعة أيّام، وخُطِب يوم الجمعة ثالث عشر ذي [ص:617] القعدة ببغداد للمُستنصر العُبيْديّ بجامع المنصور، وأذّنوا بحيّ على خير العمل، وعُقد الْجِسر، وعبرت عساكر البساسيري إلى الجانب الشرقي، فخندق القائم على نفسه حول داره وحوّل نهر المُعَلّى، وأحرقت الغَوغاء نهر المُعَلّى ونُهِب ما فيه، وقوي البساسيريّ، وتقلّل عن القائم أكثر الناس، فاستجار بقُريش بن بدران أمير العرب، وكان مع البساسيريّ، فأجاره ومن معه، وأخرجه إلى مخيمه.
وقبض البساسيري على وزير القائم رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة، وقيّده وشهَّره على جملٍ عليه طرطور وعباءة، وجعل في رقبته قلائد كالمسخرة، وطيف به في الشوارع وخلفه من يصفعه. ثُمَّ سلخ له ثور وألبس جلده وخيط عليه، وجعلت قرون الثور بجلدها في رأسه. ثُمَّ عُلّق على خشبة وعُمِل في فكيه كلوبين، فلم يزل يضطرب حتى مات رحمه الله.
ونُصِب للقائم خيمةُ صغيرة بالجانب الشرقيّ في المُعسكر، ونهبت العامّة دار الخلافة، وأخذوا منها ما لا يحصى ولا يوصف. فلمّا كان يوم الجمعة رابع ذي الحجّة لم تُصلَّ الجمعة بجامع الخليفة، وخُطَب بسائر الجوامع للمستنصر، وقطعت الخطبة العباسية بالعراق. ثُمّ حُمَلَ القائم بأمر اللَّه إلى حديثة عانة، فاعتُقَل بها وسُلّم إلى صاحبها مُهارش، وذلك لَأن البساسيريّ وقُريش بن بدران اختلفا في أمره، ثم وقع اتفاقهما على أن يكون عند مهارش إلى أن يتّفِقا على ما يفعلان به. ثم جمع البساسيريّ القُضاة والَأشراف، وأخذ عليهم البيعة للمستنصر صاحب مصر، فبايعوا قهرًا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال عزّ الدين ابن الْأثير في " تاريخه ": إنّ إبراهيم ينال كان أخوه السلطان طغرلبك قد ولّاه الموصَل عام أول، وأنّه في سنة خمسين فارق الموصِل ورحل نحو بلاد الجبل، فنسب السُلطان رحيله إلى العصيان، فبعث وراءه رسولًا معه الفرجيّة الّتي خلعها عليه الخليفة. فلما فارق الموصِل قصدها البساسيريّ وقريش بن بدران وحاصراها؛ فأخذا البلد ليومه، وبقيت القلعة [ص:618] فحاصراها أربعة أشهُر حتّى أكل أهلها دوابّهم ثُمّ سلّموها بالَأمان، فهدمها البساسيريّ وعفى أثرها، وسار طغرلبك جريدةً في ألفين إلى الموصل، فوجد البساسيري وقريشًا قد فارقاها، فساق وراءهم، ففارقه أخوه وطلب همذان، فوصلها في رمضان.
قال: وقد قيل إن المصريين كاتبوه، وأنّ البساسيري استماله وأطمعه في السَّلْطَنة، فسار طغرلبك في أثره.
قال: وأما البساسيري فوصل إلى بغداد في ثامن ذي القعدة ومعه أربعمائة فارس على غاية الضر والفَقْر، فنزل بمُشرعة الرّوايا، ونزل قريش في مائتي فارس عند مُشْرعة باب البصرة، ومالت العامة إلى البساسيري، أمّا الشّيعة فللمذهب، وأمّا السُّنة فلِما فعل بهم الْأتراك.
وكان رئيس الرؤساء لقلّة معرفته بالحرب، ولِما عنده من البساسيريّ يرى المبادرة إلى الحرب. فاتّفقّ أنّ في بعض الأيّام التي تحاربوا فيها حضر القاضي الهمذانيّ عند رئيس الرؤساء، ثم استأذن في الحرب وضمن له قتل البساسيريّ من غير أن يعلم عميد العراق، وكان رأي عميد العراق المطاولة رجاء أن ينجدهم طغرلبك. فخرج الهمذاني بالهاشميين والخَدَم والعوامّ إلى الحلبة وأبعدوا، والبساسيريّ يستجرّهم، فلما أبعدوا حمل عليهم، فانهزموا وقُتل جماعة وهلك آخرون في الزحمة، ووقع النهب بباب الْأزْج.
وكان رئيس الرؤساء واقفًا، فدخل داره وهرب كل من في الحريم، ولطم العميد على وجهه كيف استبد رئيس الرؤساء بالَأمر ولا معرفة له بالحرب. فاستدعى الخليفة عميد العراق وأمره بالقتال على سور الحريم، فلم يرُعْهُمْ إِلَّا والزَّعْقَات، وقد نُهِب الحريم، ودخلوا من باب النُّوبي، فركب الخليفة لابسًا السواد، وعلى كتفه البردة، وعلى رأسه اللواء، وبيده سيف، وحوله زمرة من العبّاسيين والخدم بالسيوف المسلولة فرأى النهب إلى باب الفردوس من داره. فرجع إلى ورائه نحو عميد العراق، فوجده قد استأمن إلى قريش، فعاد وصعد إلى المَنْظَرة، وصاح رئيس الرؤساء: يا علم الدين يعني قريشًا، أمير المؤمنين يستدنيك، فدنا منه، فقال: قد أنالك اللَّه منزِلةً لم يُنَلها أمثالك، أمير المؤمنين يستذمُّ منك على نفسه وأصحابه بذِمام اللَّه وذِمام رسوله وذِمام [ص:619] العربيّة. قال: نعم، وخلع قَلَنْسُوَتَهُ فأعطاها للخليفة وأعطى رئيس الرؤساء محضرة ذِمامًا، فنزل إليه الخليفة ورئيس الرؤساء وسارا معه. فأرسل إليه البساسيريّ: أتُخالِفُ ما استقرّ بيننا؟ فقال قريش: لَا.
ثُمَّ اتفقا على أن يُسلَّم إليه رئيس الرؤساء ويترك الخليفة عنده، فسلّمه إليه، فلما مثل بين يديه قال: مرحبا بمهلك الدول ومُخرّب البلاد. فقال: العفو عند المقدرة.
قال: قد قدرت أنت فما عَفَوْت، وأنت صاحب طيلسان، وركبت الْأفعال الشنيعة مع حُرَمي وأطفالي، فيكف أعفو أنا، وأنا صاحب سيف.
وأمّا الخليفة فحمله قريش إلى مخيّمه، وعليه البُرْدة وبيده السيف، وعلى رأسه اللِّواء، وأنزله في خيمه، وسلّم زوجته بنت أخي السلطان طغرلبك إلى أبي عبد اللَّه بن جردة ليقوم بخدمتها، ونهبت دار الخلافة وما والاها أيّامًا، وسلّم قريش الخليفة إلى ابن عمّه مهارش بن مجلّي، وهو دينٌ ذو مروءة، فحمله في هودج وسار به إلى حديثة عانة، فنزل بها، وسار حاشية الخليفة على حامية إلى السلطان طغرلبك مستنفرين له، ولمّا وصل الخليفة إلى الأنبار شكى البرد، فبعث يطلب من متولّيها ما يلبس، فأرسل إليه جبّةً ولحافًا.
وركب البساسيري يوم الْأضحى، وعلى رأسه الْألوية المصريّة، وعبر إلى المصلّى بالجانب الشرقي، وأحسن إلى النّاس، وأجرى الجرايات على الفقهاء، ولم يتعصّب لمذهب، وأفرد لوالدة الخليفة دارا وراتبا، وكانت قد قاربت التسعين.
وفي آخر ذي الحجة أخرى رئيس الرؤساء مقيّدًا وعليه طرطور، وفي رقبته مخنقة جلود وهو يقرأ: {قل اللهم مالك الملك}. . الْآية، فبصق أهل الكرخ في وجهه لَأنه كان يتعصّب للسُّنة، ثُمَّ صُلِبَ كما تقدّم.
وأمّا عميد العراق فقتله البساسيريّ أيضًا، وكان شُجاعًا شَهْمًا فيه فُتُوّة وهو الذي بنى رباط شيخ الشيوخ.
ثُمّ بعث البساسيريّ بالبشارة إلى مصر، وكان وزيرها أبا الفرج ابن أخي أبي القاسم المغربي، وهو ممن هرب من البساسيري، فذمّ فِعْله، وخوّف من سوء عاقبته. فتُرِكت أجوبته مُدّة، ثمّ عادت بغير الذي أمّله. [ص:620]
وسار البساسيري إلى وسط والبصرة فملكها وخطب بها للمصريين.
وأمّا طغرلبك فإنه انتصر على أخيه وقتله، وكرّ راجعًا إلى العراق ليس له همّ إلا إعادة الخليفة إلى رتبته وعزه.
وحكى الحسن بن محمد القيلويي في " تاريخه ": أن الذي وصل إلى البساسيريّ من جهة المصريين من المال خمسمائة ألف دينار، ومن الثياب ما قيمته مثل ذلك، وخمسمائة فَرَس وعشرة آلاف قوس، ومن السيوف ألوف، ومن الرِّماح والنِّشاب شيء كثير، وصل كل ذلك إليه إلى الرحبة.
وفيها قدم على إمرة دمشق الْأمير ناصر الدولة وسيفها أبو محمد الحسن بن حمدان دفعة ثانية في رجب، واللَّه أعلم.(9/616)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(9/621)
-الموتى في عام أحد وأربعين وأربعمائة(9/621)
1 - أَحْمَد بن حمزة بن محمد بن حمزة، أبو إسماعيل الهرويّ الحدّاد، الصوفيّ، المُلقّب بعُّمَويّه. [المتوفى: 441 هـ]
كان كبير الصُّوفيّة بهَرَاة، سافر الكثير ولقي المشايخ، وسمع بدمشق من عبد الوهاب الكلابيّ، وببعلبك الحسن بن عبد اللَّه بن سعيد الكِنْديّ، وبهرَاةَ أبا معاذ الهَرَويّ وجماعة. روى عنه خَلَف بن أبي بِشْر القُهُنْدزيّ، ومسعود بن ناصر السِّجْزيّ، وجماعة.
توفيّ في رجب، وقد جاوز التّسعين.(9/621)
2 - أَحْمَد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي، أبو عليّ الدّمشقيّ المُعدّل، [المتوفى: 441 هـ]
ولد الشّيخ العفيف.
حدّث عن: يوسف المَيَانجيّ، وأبي سليمان محمد بن عبد اللَّه بن زَبْر، وعبد المحسن الصفّار، وغيرهم. روى عنه: الكتّّاني، وأبو الوليد الدّربَنْديّ، ونجا العطّار، وسهل بن بِشْر الإسفراييني، ومحمد بن الحسين الحنّائيّ، والحسن بن سعيد العطّار.
قال الكتّاني: توفّي شيخنا أبو عليّ في شعبان، وكان ثقة مأمونّا صاحب أصول لم أر أحسن منها، وكان سماعه وسماع أخيه محمد بخطّ والدهما، وكانت له جنازة عظيمة حضرها أمير البلد.(9/621)
3 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خُرجة، القاضي العلّامة أبو عبد اللَّه النهاونديّ. [المتوفى: 441 هـ]
سمع من عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، وغيره. روى عنه العفيف محمد بن المظفّر، وأبو القاسم عُبَيْد اللَّه بن محمد بن خُرْجة، وأخوه الخطيب أبو محمد الحسن، ومحمد بن غزو النهاونديون. سمعوا منه في هذا العام، ولا أدري متى مات.(9/622)
4 - أحمد بن عمر بن أحمد البرمكي، البغداديّ، [المتوفى: 441 هـ]
أخو أبي إسحاق.
سمع أبا حفص بن شاهين.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. مات في جُمَادَى الْآخرة.(9/622)
5 - أَحْمَد بن محمد بن أحمد بن محمد بن منصور، أبو الحسن العَتيَقِيّ المجهِز. [المتوفى: 441 هـ]
بغداديّ مشهور، سمع علي بن محمد بن سعيد الرّزّاز، وأبا الحسن بن لؤلؤ، وإسحاق بن سعد، وأبا بكر الأبهري، وأبا الفضل الزُّهْريّ، والحسين بن أَحْمَد بن فهد الموصِليّ، ومحمد بن سُفيان، وتمّام بن محمد الرّازيّ الدمشقيّ، وأبا الحسين بن المُظفّر، وطائفة كبيرة.
روى عنه ابنه أبو غالب محمد، وأبو عبد اللَّه بن أبي الحديد، وعبد المحسن بن محمد الشّيحيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وخلقٌ كثير آخرهم أبو علي محمد بن محمد ابن المهديّ.
وقال الخطيب: كان صدوقًا، وُلِد في أول سنة سبع وستين وثلاثمائة، وذكر لي أن بعض أجداده كان يُسمّى عتيقًا، وإليه يُنسب.
وقال ابن ماكولا: قال لي شيخنا العتيقيّ: إنّه رُوَيّاني الأصل. خرّج على الصحيحين، وكان ثقة متقنًا يفهم ما عنده، وكان الخطيب ربما دلسه يقول: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي. [ص:623]
قال الخطيب: توفي في صفر.(9/622)
6 - أَحْمَد بن المظفّر بن أَحْمَد بن يزداد، أبو الحسن الواسطيّ العطار. [المتوفى: 441 هـ]
روى عن أبي محمد ابن السقّاء " مُسْنَد مُسدَّد "؛ رواه عنه أبو نُعيْم محمد بن إبراهيم الْجُمّاري.
تُوُفّي فِي شعبان.(9/623)
7 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن زكريّا بن زكريّا بن مفرّج بن يحيى بن زياد بن عبد اللَّه بن خالد بن سعد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَبُو الْقَاسِمِ الزُّهْريّ الْإِفليليّ ثُمّ القُرْطُبيّ، [المتوفى: 441 هـ]
وإفليل التي والده منها قرية من قرى الشّام.
روى عن أبيه، وأبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي محمد الفاسي، وأبي زكريا بن عائذ، وأبي بكر الزُّبيديّ، وأحمد بن أبّان بن سيد، وجماعة.
وولي الوزارة للمستكفي بالله، وكان إماما حافظا للغة والأشعار، قائما عليها، لا سيما شِعر أبي تمّام، وأبي الطيّب المُتَنبيّ، وكان ذكرا للَأخبار وأيّام النّاس، بارعًا في اللُّغة، صادق اللَّهجة.
وُلِد في شوّال سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.
روى عنه: أبو مروان الطبني، وأبو سراج، وآخرون، وأقرأ الْأدب مُدّة، وله مصنف في " شرح معاني شعر المُتنبّي "، وغير ذلك.
وتوُفّي في ذي القعدة بقرطبة.(9/623)
8 - بِشْروَيْه بن محمد بن إبراهيم، الرئيس أبو نُعَيْم الْجُرْجانيّ الزاهد. [المتوفى: 441 هـ]
سمع من بِشْر بن أحمد الإسفراييني، وأجاز له إسماعيل بن نُجيد.
وتُوُفّي في ربيع الأول بنيسابور.(9/623)
9 - الحسين بن الحسن بن يعقوب، أبو عبد الله ابن الدبّاس الواسطيّ، المُلقّب بجدَيرة، بالجيم. [المتوفى: 441 هـ]
سمع أبا حفص الكتّانيّ، والمخلّص، وأحمد بن عُبَيْد بن بيْريّ، وابن جَهْضم، وجماعة. سمع منه عليّ بن محمد الجلّابيّ، وورَّخه.(9/624)
10 - الحسين بن عُقْبَةَ، أبو عبد اللَّه البصْريّ الضّرير، [المتوفى: 441 هـ]
من أعيان الشّيعة.
قرأ على الشريف المُرتضى كتاب " الذّخيرة " وحفظه، وله سبع عشرة سنة، وكان من أذكياء بني آدم، وَرَدَ أنّه قال: أقدر أحكي مجالس الشريف وما جرى فيها من أول يوم حضرتُها. ثم أخذ يسردها مجلسًا مجلسًا، والنّاس يتعجّبون.(9/624)
11 - الملك العزيز، أبو منصور خسرفيروز ابن الملك جلال الدولة أبي طاهر فيروز ابن الملك بهاء الدولة خرة فيروز ابن الملك عضد الدولة فناخسرو ابن ركن الدين الحسن بن بويه الديلمي. [المتوفى: 441 هـ]
ولد بالبصرة سنة سبع وأربعمائة، وولي إمرة واسط لَأبيه وبرع في الأدب والَأخبار والعربية، وأكبَّ على اللَّهو والخلاعة.
وله شعر رائق، فمن ذلك وأجاد:
وراقص يستحثُّ الكفَّ بالقدم ... مُسْتَمْلِح الشَّكْل والأعطاف والّشَيمِ
يُرى لهُ نَبَرَاتٌ من أنامله ... كأنّها نبضات البرْق في الظُّلَمِ
يُراجِعُ الحثّ في الْإِيقاع من طربٍ ... تَرَاجُعَ الرَّجُلِ الفأْفاءِ في الكلِمِ
وله:
من ملّني فلْينأَ عنّي راشدًا ... فمتى عرضتُ لهُ فلستُ براشِدِ
ما ضاقت الدُّنيا عليَّ بأسرِها ... حتّى تراني راغبًا في زاهدِ
ولما مات أبوه سنة خمس وثلاثين وأربعمائة فارق العزيز واسطًا وأقام عند أمير العرب دُبَيْس بن مَزْيَد، ثمّ توجّه إلى ديار بكر منتجعًا للملوك، فمات في ربيع الأوّل بميافارقين.(9/624)
12 - رفق المستنصريّ، أمير دمشق، عُدّة الدّولة. [المتوفى: 441 هـ]
ولي إمرة دمشق سنة إحدى وأربعين بعد طارق المستنصريّ، وعزل بعد أيام، وولي إمرة حلب.(9/625)
13 - العبّاس بن الفضل بن جعفر بن الفضل بن موسى بن الحسين بن الفُرات، أبو أحمد ابن الوزير. [المتوفى: 441 هـ]
من بيت حشمة ورياسة بمصر. روى عن أبي بكر بن إسماعيل المهندس، وغيره. روى عنه الرّازيّ في " مشيخته ".(9/625)
14 - عبد اللَّه بن إسماعيل بن عبد الرحمن، أبو نصر ابن الصّابونيّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 441 هـ]
سافر للحج فدخل بلاد الروم، وعقد مجلسًا في قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ من بيته مهاجرا إلى الله}. . الآية. فمرض رحمه الله ومات، وحُمِل تابوته إلى نيسابور.(9/625)
15 - عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن عوْن اللَّه بن حدير القُرطُبيّ. [المتوفى: 441 هـ]
رجل كبير القدْر، طويل العُمر.
رحل سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، فقرأ بمصر على أبي الطيّب بن غلْبُون، ولقي بمكّة الدّينوريّ، وبالقيروان أبا محمد بن أبي زيد، ورجع.
وكان فاضلًا ناسكًا، زاهدًا، ورِعًا، صدوقًا من بيت علمٍ وشرف، وقد جُرّبت له دعوات مُستجابات، وكان إمام مسجد عبد اللَّه البلنسي.
توفي في جمادى الأولى عن أربع وثمانين سنة.(9/625)
16 - عَبْد الصّمد بْن أَبِي نصر العاصميّ الْبُخَارِيّ. [المتوفى: 441 هـ]
حدّث عن أبي عمْرو محمد بن محمد بن صابر، وغيره. روى عنه القاضي أبو المحاسن الرُّويانيّ.(9/625)
17 - علي بن أَحْمَد الحاكم، أبو أَحْمَد الْإِستِرَابَاذيّ. [المتوفى: 441 هـ]
توفي بسمرقند.(9/626)
18 - علي بن إبراهيم بن نَصرُوَيْه بن سَخْتَام بن هرثمة، الفقيه أبو الحسن العربي السَّمَرْقَنْديّ، الحنفيّ المفتي. [المتوفى: 441 هـ]
رحل ليحج، فحدّث في الطريق ببغداد، وبدمشق عن أبيه وأخيه إسحاق، ومحمد بن أَحْمَد بن مَتّ الْأشتيخنيّ، وإبراهيم بن عبد اللَّه الرازي نزيل بُخارى، وأبي سعد عبد الرحمن بن محمد الْإِدريسي، ومنصور بن نصر الكاغديّ، ومحمد بن يحيى الغيّاثي، وغيرهم.
روى عنه أبو عليّ الْأهوازيّ، وهو أكبر منه، وأبو بكر الخطيب، ومنصور بن عبد الجبّار السمعاني، والفقيه نصر المقدسيّ، وفَيد بن عبد الرحمن الهمذانيّ، وآخر من روى عنه أبو طاهر محمد بن الحسين الحِنائيّ.
قال الخطيب: كان من أهل العلم والتّقدُّم في مذهب أبي حنيفة. قال لي: ولدتُ في شعبان سنة خمسٍ وستين وثلاثمائة، وكان أبي يذكر أنّه من العرب وأدركه أجَلُهُ في الطريق.
قلت: قد حدّث بدمشق بثلاثة أجزاء مشهورة، وذلك في سنة إحدى وأربعين.(9/626)
19 - علي بن عبد اللَّه بن حسين بن الشبيه، أبو القاسم العلويّ البغداديّ الناسخ. [المتوفى: 441 هـ]
سمع محمد بن المظفّر. روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقًا ديّنًا يورِّق بالَأجرة.(9/626)
20 - عليّ بن عمر بن محمد، أبو الحسن الحرّاني، ثُمّ المصريّ الصُوّاف، المعروف بابن حمِّصَة. [المتوفى: 441 هـ][ص:627]
لم يرو شيئًا سوى " مجلس البطاقة "، لكنّه تفرّد به مدّة سنين، وكان آخر من حدَّث عن حمزة الحافظ، سمعه وهو مُراهق، فإن شيخنا الدمياطي أخبرنا أنه سمع ابن رواج قال: أخبرنا السِّلَفيّ قال: قال أبو عبد اللَّه الرّازيّ: سمعنا ابن حِمِّصة يقول: وُلِدت سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة.
وبالسند إلى السفلي قال: أخبرنا أبو صادق، والرّازي؛ قالا: قال لنا أبو الحسن: لمّا أملى علينا حمزة " حديث البطاقة " صاح غريبٌ من الحلقة صَيْحةً فاظت نفسه معها، وأنا ممّن حضر جنازته وصلّى عليه.
روى عنه هبة اللَّه بن محمد الشيرازيّ، وأبو النّجيب عبد الغفّار الْأرمويّ، وأبو العبّاس أَحْمَد بن إبراهيم الرّازيّ، وولده أبو عبد اللَّه محمد الرّازيّ، وهو آخر أصحابه، وأحمد بن عبد القادر اليوسُفيّ، وأبو صادق مُرشد بن يحيى، وآخرون. وكان سماعه من حمزة الكناني في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، وتوفي في ثالث رجب من العام الذي فيه، وصلّى عليه الفقيه أبو محمد عبد اللَّه بن الوليد المالكي.(9/626)
21 - فارس بن نصر، أبو القاسم البغدادي الخبّاز. [المتوفى: 441 هـ]
سمع أبا الحسين بن سمعون. روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقًا. ثمّ ذكر وفاته.(9/627)
22 - الفضل بن أَحْمَد بن أَحْمَد بن محمود، أبو القاسم الثقفيّ الْأصبهانيّ، [المتوفى: 441 هـ]
والد الرئيس.
أملى عن الحسن بن داود الْأصبهاني، وغيره.
وسمِع بعد السبعين وثلاثمائة. روى عنه أبو علي الحداد.(9/627)
23 - قِرْواش بن مُقَلِّد بْن المُسَيِّب بْن رافع العُقَيلي، الَأمير أَبُو المنيع معتمد الدّولة [المتوفى: 441 هـ]
ابن الْأمير حسام الدّولة أبي حسّان صاحب الموصل.
ذكرنا والده في سنة إحدى وتسعين وأنّ قرواشًا وليَ الموصِل بعده، فطالت أيامه واتسعت مملكته، فكان بيده الموصل والمدائن والكوفة وسقي الفرات، وقد خطب في بلاده للحاكم صاحب مصر، ثم رجع عن ذلك وخطب [ص:628] لخليفة الْإِسلام القادر باللَّه. فجهّز صاحب مصر جيشًا لحربه، ووصلت الغُزّ إلى الموصل ونهبوا دار قِرْواش، وأخذوا له من الذهب مائتي ألف دينار، فاستنجد عليهم بدُبَيْس بن صدقة الْأَسَديّ، واجتمعا على حرب الغُزّ فنُصِرا عليهم وقتلا منهم خلقًا.
وكان قِرواش ظريفًا أديبًا شاعرًا نهّابًا وهّابًا جوّادًا.
ومِن شِعرهِ:
من كان يحمَدُ أو يذمّ مُوَرِّثًّا ... للمال من آبائه وجدوده
فأنا امرؤٌ لله أشكر وحده ... شكرًا كثيرًا جالبًا لمزيده
لي أشقرٌ ملء العِنانِ مُغَاوِرٌ ... يُعطيك ما يُرْضيك من محموده
ومهند عضبٌ إذا جرّدْتُهُ ... خلت البروقَ تموج في تجريده
وبذا حويتُ المال، إِلَّا أنني ... سلطتُ فيه يدي على تبديده
وكان على سنن العرب، فورد أنّه جمع بين أختين فلاموه، فقال: خبِّروني ما الذي نستعمل من الشَّرع حتّى تتكلموا في هذا الأمر.
وقال مرّةً: ما في رقبتي غير دمٍ خمسةٍ أو ستةٍ من العرب قتلْتُهم، فأمّا الحاضرة فما يعبأ اللَّه بهم.
ثم إنه وقع بينه وبين بركة ابن أخيه، فقبض عليه بركة وحبسه وتلقَّب: زعيم الدّولة، وذلك في سنة إحدى وأربعين هذه، فلم تطُل دولته ومات في آخر سنة ثلاثٍ وأربعين، فقام بعده أبو المعالي قُريش بن بدران بن مقلّد ابن أخيه فأوّل ما ملك عمد إلى عمّه قِرواش أخرجه من السجن فذبحه صبرًا بين يديه، وذلك في رجب سنة أربعٍ وأربعين.
وقيل: بل مات في سجنه، وقوي أمر قريش وعظم شأنه.(9/627)
24 - محمد بن أَحْمَد بن عليّ بن حمدان، الحافظ أبو طاهر. [المتوفى: 441 هـ]
محدِّث مكثر، رحّال، تخرّج بالحاكم، وسمع من زاهر بن أَحْمَد بِسَرْخَس، ومن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان الطرّازيّ، ومحمد بن عبد اللَّه الجوزقي الحافظ، وطبقتهما بنيسابور ومن جعفر بن فناكي بالري، ومن أحمد بن علي بن عمر السليماني ببيكند، ومن محمد بن أَحْمَد غُنْجَار البخاري [ص:629] ببُخارى، ومن أبي سعد الْإِدريسيّ بسَمَرْقَند، ومن عليّ بن محمد بن عمر الفقيه بالرِّيّ، ومن ابن الصَّلْت الْأهوازيّ ببغداد، ومن عليّ بن أَحْمَد الخُزاعيّ، ببُخارى، ومن أبي الفضل محمد بن الحسين الحدّاديّ بَمْرو. عرفتُ سماعه منهم من جَمْعِهِ طُرُق " حديث الطير " ومن جَمْعِهِ " مُسند بُهْز بن حكيم "، كتبه عَنْه أبو سعيد محمد بن أَحْمَد بن حسين النَّيْسابوريِّ في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.(9/628)
25 - محمد بن أَحْمَد بن عيسى بن عبد الله، القاضي، أبو الفضل السَّعْديّ البغداديّ، الفقيه الشافعيّ [المتوفى: 441 هـ]
راوي " معجم الصّحابة " للبَغَويّ، عن ابن بطَّة العُكْبَريّ.
سمع موسى بن محمد بن جعفر السِّمسار، وأبا الفضل عُبْيد اللَّه الزُّهريّ، وأبا بكر بن شاذان، وأبا طاهر المخلّص، وابن بطَّة، ومحمد بن عمر بن زنبور، وأبا الحسن ابن الجنديّ ببغداد، وأبا عبد اللَّه الْجُعْفيّ بالكوفة، وابن جميع بصيدا، وحامد بن إدريس بالموصِل، وأبا مسلم الكاتب بمصر، وسكن مصر وأملى وأفاد، وكان من تلامذة أبي حامد الإسفراييني.
روى عنه سهل بن بشر الإسفراييني، وعليّ بن مكّيّ الْأزديّ، وأبو نصر الطُّريْثيثيّ، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وآخرون، وقد كتب عنه شيخه الحافظ عبد الغني، ومات قبله بنيّفٍ وثلاثين سنة.
تُوُفِّي أبو الفضل السعديّ في شعبان، وقيل: في شوّال، فيُحَرّر.(9/629)
26 - محمد بن إسحاق بن محمد، القاضي أبو الحسن القُهُستانيّ. [المتوفى: 441 هـ]
الذي روى " مُسند عليّ " لمُطيّن في اثني عشر جزءًا بمصر، عن علي بن حسان الدممي، فحدّث به في هذا العام في ذي الحجّة، وسمعه منه أبو عبد اللَّه محمد بن أَحْمَد الرازيّ، فهذا الرجل ليس في مشيخة الرّازيّ، وسمعه منه أبو صادق مرشد المدينيّ، فسمعه السِّلفيّ، من مرشد، وقد حدَّث يحيى بن محمد بن أَحْمَد الرّازيّ " بالمُسْنَد " عن والده، عن القهستاني.(9/629)
27 - محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن رُحيْم، أبو عبد اللَّه الصوريّ الحافظ، [المتوفى: 441 هـ]
أحد أعلام الحديث. [ص:630]
سمع الحديث على كِبَر، وعُنِيَ به أتمّ عناية إلى أن صار فيه رأسًا. سمع أبا الحسين بن جُمَيْع، وأبا عبد اللَّه بن أبي كامل الْأطرابُلُسيّ، ومحمد بن عبد الصّمد الزّرافيّ، ومحمد بن جعفر الكلاعيّ، والحافظ عبد الغنيّ بن سعيد المصريّ، وأبا محمد بن النحّاس، وعبد اللَّه بن محمد بن بُنْدار، وطائفة كبيرة بمصر، وتخرَّج بعبد الغنيّ، ثم رحل إلى بغداد فأدرك بها صاحب الصفّار أبا الحسن بن مَخْلد، وطبقته.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وقاضي العراق أبو عبد اللَّه الدامغاني، وجعفر السراج، والمبارك ابن الطيوريّ، وسعد اللَّه بن صاعد الرّحبي، وآخرون.
قال: وُلِدت في سنة سِتٍّ أو سبعٍ وسبعين وثلاثمائة.
قال الخطيب: كان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كُتُبًا له، وأحسنهم معرِفةً به. لم يَقدِم علينا أفهم منه لعلم الحديث، وكان دقيق الخطّ، صحيح النقل، حدّثني أنّه كان يكتب في الوجهة من ثُمْن الكاغد الخُراسانيّ ثمانين سطْرًا، وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب فيما يسمعه. ربّما كرّر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرَّات، وكان - رحمه اللَّه - يسرد الصَّوم لَا يُفطِر إِلَّا في الْأعياد، وذكر لي أن عبد الغنيّ كتب عنه أشياء في تصانيفه، وصرّح باسمه في بعضها، وقال في بعضها: حدَّثني الورد بن عليّ.
قال الخطيب: وكان صدوقًا، كتب عنّي وكتبت عنه، ولم يزل ببغداد حتى توفي بها في جمادى الْآخرة، وقد نيّف على السِّتين.
وذكره أبو الوليد الباجيّ فقال: الصوريُّ أحفظ من رأيناه.
وقال غيث بن عليّ الْأرمنازيّ: رأيت جماعة من أهل العلم يقولون: ما رأينا أحفظ من الصوري.
وقال عبد المحسن البغدادي الشيحي: ما رأينا مثله، كان كأنّه شُعْلة نارٍ، بلسانٍ كالحسام القاطع. [ص:631]
وقال السِّلفيّ: كتب الصُّوريّ " صحيح البُخاريّ " في سبعة أطباقٍ من الورق البغدادي، ولم يكن له سوى عينٍ واحدة.
قال: وذكر أبو الوليد الباجيّ في كتاب " فِرق الفُقهاء " قال: حدَّثني أبو عبد اللَّه محمد بن عليّ الورّاق، وكان ثِقةً متقنًا، أنّه شاهد أبا عبد اللَّه الصُّوريّ، وكان فيِهِ حُسْنُ خُلقٍ ومِزاحٍ وضحِك، لم يكن وراءه إِلَّا الدّين والخير، ولكنه كان شيئًا جُبِل عليه، ولم يكُن في ذلك بالخارق للعادة، ولا الخارج عن السَّمت. فقرأ يومًا جزءًا على أبي العبّاس الرّازيّ وعنَّ لهُ أمرٌ أضحكهُ، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلدنا فأنكروا عليه ضِحكَهُ وقالوا: هذا لَا يصلُح ولا يليق بعلمِك وتقدُّمِك أن تقرأ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت تضحك، وأكثروا عليه وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون هذا. فقال: ما في بلدكم شيخٌ إِلَّا يجب أن يقعد بين يديّ ويقتدي بي، ودليل ذلك أنّي قد صرتُ معكُم على غير موعد، فانظروا إلى أي حديثٍ شئتم مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اقرأوا إسناده لأقرأ متنه، أو اقرأوا متنه حتى أخبركم بإسناده.
قال الباجيّ: لزمتُ الصوريُّ ثلاثة أعوام، فما رأيته تعرض لفتوى.
وقال أبو الحسين ابن الطُّيوريّ: كتبتُ عن خلْقٍ فما رأيت فيهم أحفظ من الصُّوريّ كان يكتب بفرد عين، وكان متفنّنًا، يعرف من كل علم، وقوله حجّة. قال: وعنه أخذ الخطيب علم الحديث.
قلت: وشعره ممّا رواه عنه الخطيب:
فيَّ جد وفي هزل إذا شئـ ... ـت وجِدّي أضعاف أضعاف هزلي
عاب قومٌ عليَّ هذا ولجّوا ... في عِتابي وأكثروا فيه عذْلي
قلتُ: مهلًا، لَا تُفرِطوا في ملامي ... واحكموا لي فيكم بغالب فِعْلي
أنا راضٍ بِحُكمُكم إن عدَلتم ... رُبَّ حُكمٍ يمضي على غير عدل
وللصوري:
قُل لمن عاند الحديث وأضَحى ... عائِبًا أهله ومن يدعيه
أبعلم تقول هذا؟ أبن لي ... أم بجهلٍ فالجهلُ خُلُقُ السفيه [ص:632]
أيعاب الذين هم حفظوا الد ... ين من التُّرِّهاتِ والتمويه
وإلى قولهم وما قد رَوَوْهُ ... راجِعٌ كلُّ عالمٍ وفقيه(9/629)
28 - مزيد بن محمد السُّلمّي الطُّوسيّ الفقيه. [المتوفى: 441 هـ]
روى عن زاهر بن أَحْمَد الفقيه. روى عنه أبو الحسن عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ.(9/632)
29 - مودود بن مسعود بن محمود بن سبكتكين، الأمير أبو الفتح. [المتوفى: 441 هـ]
تُوُفّي بغَزْنَة في رجب عن تسع وعشرين سنة. تملك عزنة عشر سنين.
قال ابن الْأثير: كان قد كاتب أصحاب الْأطراف ودعاهم إلى نُصْرته، وبذل لهم الأموال والْإِمرة على بلاد خُراسان. فأجابوه منهم أبو كاليجار صاحب أصبهان، فإنه سار بجيوشه في المفازة فهلك كثير من عسكره، ومرض هو ورجع، ومنهم خاقان التُّرْك فإنّهُ أتى ترمذ فنهب وخرّبَ وصادر، وسار مودود من غَزَنة فاعتراه قُولنج، فرجع وبعث وزيره لَأَخْذ سِجِستان من الغُزّ، فمات مودود، وملّكوا بعده ابنه وخلعوه بعد خمسة أيّام، وملّكوا عم مودود، وهو عبد الرشيد ابن السّلطان محمود ولُقِّب شمس دين اللَّه.(9/632)
30 - الملك العزيز أبو منصور ابن جلال الدّولة أبي طاهر بن بويه. [المتوفى: 441 هـ]
تُوُفّي بظاهر ميّافارِقين، وله شِعرٌ رائق.
ورخّه ابن نظيف، وكان قد قرأ العربيّة مُدّة بواسط على أبي الحسن الحسيني النّحْويّ المُتوفّى سنة ثمانٍ وثلاثين، وكانت مُدّة مملكته سبع سنين، وهو أوَّل من لقب بألقاب ملوك زماننا، وكانت دولته ضعيفة.(9/632)
-سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة(9/633)
31 - أَحْمَد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن مهران، أبو بكر الفقيه الْأصبهانيّ الحافظ. [المتوفى: 442 هـ]
تُوُفّي في شوَّال.
يروي عن أبي مسلم بن شهدل، وطبقته، وعنه الحدّاد.(9/633)
32 - أَحْمَد بن عليّ بن الحسين، أبو الحسين التُّوزِيّ المُحتسِب البغداديّ. [المتوفى: 442 هـ]
سمع عليّ بن لؤلؤ الورّاق، ومحمد بن المظفّر الحافظ، ويوسف القوّاس.
قال الخطيب: كان صدوقا مديما للسماع معنا، كتبتُ عنه.
ومات في ربيع الْأوّل ولهُ سبعٌ وسبعون سنة.
قلت: روى عنه جعفر السّّراج.(9/633)
33 - أَحْمَد بن مسرور بن عبد الوهّاب بن مسرور بن أَحْمَد الْأسدّي البلديّ ثم البغدادي، أبو نصر الخباز المقرئ، [المتوفى: 442 هـ]
مقرئ العراق.
قرأ على منصور بن محمد القزاز صاحب ابن مجاهد برواية الدُّوريّ، وعلى عمر بن إبراهيم الكتّاني صاحب ابن مجاهد برواية عاصم، وعلى المُعافَى بن زكريّا الجريريّ، برواية قُنْبُل، وقرأ المُعَافى على ابن شَنَبُوذ، وغيره، وقد قرأ أبو نصر أيضًا على إبراهيم بن أَحْمَد الطَّبريّ، وعلى عليّ بن محمد العلّاف، وعلى الحمامي، وأبي الحسن علي بن إسماعيل بن الحسن القطّان المعروف بالخاشع، وغيرهم.
قرأ عليه الزّاهد أبو منصور محمد بن أَحْمَد الخيّاط، وأبو طاهر بن سَوّار، وأبو البركات عبد الملك بن أَحْمَد، وقد سمعتُ من طريقه جزءًا في ترتيب التنزيل.
ومِمّن قرأ عليه أبو نصر الحسن بن أَحْمَد الشَّهْرُزُوريّ والد أبي الكرم، [ص:634] وعبد السّيّد بن عَتَاب، وعلي بن الفَرَج الدِّينوريّ ابن الحارس، وأحمد بن الحسين القطّان، وغيرهم.
وكان قد سمع ببلد من المطهّر بن إسماعيل القاضي صاحب أبي يعلى الموصلي، وببغداد من ابن سمعون، وعيسى بن الوزير، وطائفة، وصنّف كتاب " المفيد في القراءات السَّبْع ".
روى عنه أبو منصور الخيّاط، وعبد الملك بن أَحْمَد الشَّهْرزُوريّ، وعلي بن أحمد بن فنجان الشَّهْرُزُوريّ.
قال ابن خَيْرُون: مات سنة اثنتين وأربعين، وخلّط في بعض سماعه، ومولده سنة إحدى وستين وثلاثمائة.
مات فِي جُمادى الْأولى رحمه اللَّه.(9/633)
34 - أحْمَد بْن محمد بْن عبد الواحد ابن الحافظ أبي بكر أحمد بن محمد بن عمر المنكدري التيمي، الإمام أبو بكر المروروذي الفقيه الشافعيّ. [المتوفى: 442 هـ]
قدِم بغداد، وتفقّه على أبي حامد الإسفراييني.
وسمع من أبي أَحْمَد الفرضيّ، وابن مهديّ، وبنيسابور من الحاكم، وطائفة، وله شعر وفضائل.
كتب عنه أبو بكر الخطيب، ومات بمرو الروذ، وقد قارب السبعين.(9/634)
35 - الحسن بن الحسين بن يحيى بن زكريّا بن أَحْمَد البلخيّ. ثم الدّمشقيّ، أبو محمد. [المتوفى: 442 هـ]
روى عن جده يحيى عن ابن أبي ثابت. روى عنه عبد العزيز الكتّاني.(9/634)
36 - الحسن بن خلَف بن يعقوب، أبو القاسم البغداديّ المقرئ، المُلقّب بالحكيم. [المتوفى: 442 هـ]
سكن مصر، وأدَّبَ صاحب مصر، وروى عن ابن ماسي، وعليّ بن [ص:635] محمد بن كيسان، وابن لؤلؤ. روى عنه مشرف بن علي، والحبال، وسهل بن بشر الإسفراييني، وجماعة.
قال الحبال: كان ثقة، لكنه ابتلي.(9/634)
37 - الحسن بن عبد الواحد النجيرمي ثم المصري. [المتوفى: 442 هـ]
روى عن المهندس، وغيره.(9/635)
38 - الحسن ابن الشريف المُرْتَضي عليّ الموسويّ الرّافضيّ، كان يُلقّب بالَأظهر. [المتوفى: 442 هـ]
شيعيّ جلْد، معتزليٌّ لهُ تواليف، مات كهْلا.(9/635)
39 - الحسن بن محمد بن ناقة، أبو يَعْلى البغدادي الرّزّاز. [المتوفى: 442 هـ]
سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وأبا محمد بن ماسي، وأبا الحسن الجراحيّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان يتشيّع. مولده سنة ست وخمسين وثلاثمائة، سماعه صحيح. تُوُفّيّ في ربيع الْآخر.(9/635)
40 - حمد بن علي بن محمد، أبو القاسم اللاسكي الرّوُيانيّ العدْل. [المتوفى: 442 هـ]
من التّجّار المعروفين، سكن الرّيّ، وسمع من حَمْد بن عبد اللَّه، ومن عليّ بن محمد القصّار، ورحل فسمع " السُّنن " بالبصرة من الهاشميّ، وسمع من أصحاب الْأصمّ بنَيسابور، وأنفق على أهل الحديث أموالًا كثيرة. ثمّ رحل إلى ما وراء النّهر فسمع من منصور الكاغَديّ، وكان البلد محصورًا. قال: فأخذت الجواز لجماعة معي حتى دخلوا البلد وسمعوا من الكاغدي، يعني بلد سَمرَقْند، فلمّا فتح على تكين سمرقند قصدته وأخذت منه خطًا بأن لَا يؤذي ذلك الشيخ ومن في سكّته، وبذلت على ذلك مالًا.
تُوُفّي حمد بالريّ، وذكر ترجمته عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ.(9/635)
41 - الخليل بن هبة اللَّه، أبو بكر التّميميّ البزّاز، الدّمشقي. [المتوفى: 442 هـ]
سمع عبد الوهّاب الكِلابيّ، والحسن بن درسْتُوَيْه. روى عنه نجا بن أَحْمَد، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو طاهر الحنّائيّ. [ص:636]
قال الكتاني: كان ثقة.(9/635)
42 - داود بن محمد بن الحسين بن داود، أبو علي الحسني العلوي. [المتوفى: 442 هـ](9/636)
43 - سعيد بن وهْب، أبو القاسم الكوفيّ، الدِّهْقان. [المتوفى: 442 هـ]
ثقة، روى عن عليّ بن عبد الرحمن البكائي، وأبي الطيب ابن النخاس، وثقه أبي.(9/636)
44 - سَلَمة بن أُميّة بن وديع، أبو القاسم التُّجَيْبيّ، الْإِمام الأندلُسيّ، [المتوفى: 442 هـ]
نزيل إشبيلية.
رحل وأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الطيب بن غلبون وابنه طاهر بن غلبون، وابي أحمد السامري، وغيرهم، وأسرته الروم حال رجوعه، ثم أنقذه الله بعد سنين.
وكان مولده سنة خمس وستين وثلاثمائة، وتوفي في صفر بإشبيلية.
قال ابن خزرج: كان ثقة فاضلا.(9/636)
45 - عبد الله بن محمد بن حسين الإصبهاني، أبو محمد الكتاني. [المتوفى: 442 هـ]
حدث عن ابن المقرئ.
مات في ذي الحِجّة.(9/636)
46 - عبد العزيز بن أَحْمَد بن محمد بن فادويْه، أبو القاسم الْأصبهاني التاجر. [المتوفى: 442 هـ]
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وكان مُتَشَدِّدّا على المبتدعة.
روى عن أبي الشيخ، وجماعة، وعنه أَحْمَد بن الحسين بن أبي ذرٍّ الصّالْحانيّ، وغيره.(9/636)
47 - عليّ بن الحسين بن عليّ بن شعبان، أبو الحسن بن أبي عبد اللَّه الخَوْلانيّ المصريّ. [المتوفى: 442 هـ]
سمع محمد بن الحسين الدّقّاق عن محمد بن الربيع الجيزيّ. روى عنه محمد بن أَحْمَد الرّازي في مشيخته. [ص:637]
وتُوُفّي في شوّال.(9/636)
48 - عليّ بن عمر بن محمد، أبو الحسن ابن القزويني الحربي الزاهد. [المتوفى: 442 هـ]
سمع أبا حفص ابن الزيّات، والقاضي أبا الحسن الجراحيّ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا بكر بن شاذان، وطبقتهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان أحد الزُّهاد المذكورين، ومن عباد اللَّه الصالحين، يُقرئ القُرآن، ويروي الحديث، ولا يخرج من بيته إِلَّا للصلاة رحمة الله عليه. قال لي: ولدت سنة ستين وثلاثمائة، وتُوُفّي في شعبان، وغُلّقت جميع بغداد يوم دفْنهِ، ولم أرَ جمْعًا على جنازة أعظم منه.
قلت: وله " مجالس " مشهورة يرويها النجيبُ الحرّانيُّ.
روى عنه أبو عليّ أَحْمَد بن محمّد البَرَدانيّ، وأبو سعد أَحْمَد بن محمد بن شاكر الطَّرَسُوسيّ شيخ ذاكر بن كامل، وجعفر بن أَحْمَد السرّاج، والحسن بن محمد بن إسحاق الباقَرْحِيّ، وأبو العز محمد بن المختار، وهبة اللَّه بن أَحْمَد الرَّحْبيّ، وأبو منصور أَحْمَد بن محمد الصَّيَرَفيّ، وعليّ بن عبد الواحد الدينوري، وآخرون.
قال أبو نصر هبة اللَّه بن عليّ بن المُجلّى: حدّثني أبو بكر محمد بن أَحْمَد بن طلحة بن المنقّي الحربيّ قال: حضَرَت والدي الوفاةُ، فأوصى إلي بما أفعله، وقال: تمضي إلى القزوينيّ وتقول لهُ: رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ لي: اقرأ على القزوينيّ مني السلام، وقُل لهُ: العلامة أنّك كنت بالموقف في هذه السنة. فلمّا مات أبي جئت إلى القزويني، فقال لي ابتداءً: مات أبوك؟ قلت: نعم. فقال: رحمه اللَّه وصدق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، وصدق أبوك، وأقسم عليّ أن لَا أحدّث به في حياته، ففعلت.
أخبرنا ابن الخلال، قال: أخبرنا جعفر، قال: أخبرنا السلفي قال: سألته، يعني شجاعًا الذُّهْليّ، عن أبي الحسن القزويني فقال: كان علَم الزُّهاد والصالحين وإمام الأتقياء الورعين، له كرامات ظاهرة معروفة يتداولها الناس [ص:638] عنه، لم يزل يُقرئ ويُحدّث إلى أن مات.
وقال أبو صالح المؤذّن في " مُعْجَمِهِ "، أبو الحسن ابن القزويني الشافعيّ المُشار إليه في زمانه ببغداد في الزُّهد والورع وكثرة القراءة، ومعرفة الفقه والحديث، قرأ القرآن على أبي حفص الكتّانيّ، وقرأ القراءات، ولم يكن يعطي من يقرأ عليه إسنادا بها.
وقال هبة الله ابن المُجلْي في كتاب " مناقب ابن القزوينيّ " ما معناه: إن ابن القزوينيّ كان كلمة إجماعٍ في الخير، وكان ممّن جُمِعت له القلوب فحدّثني أَحْمَد بن محمد الأمين قال: كتبت عنه مجالس أملاها في مسجده، كان أي جزءٍ وقع بيده خرّج به وأملى منه عن شيخٍ واحد جميع المجلس، ويقول: حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُنتقى. قال: وكان أكثر أُصوله بخطّه. قال: وسمعت عبد اللَّه بن سبعون القيرواني يقول: أبو الحسن القزوينيّ ثقة ثَبْت، وما رأيت أعقل منه.
وحدّث أبو الحسن البيضاويّ، عن أبيه أبي عبد اللَّه قال: كان أبو الحسن يتفقّه معنا على الدّارِكيّ وهو شابّ، وكان مُلازمًا للصمت قلّ أن يتكلّم.
وقال: قال لنا أبو محمد المالكيّ: خرج في كتب القزوينيّ تعليق بخطّه على أبي القاسم الدّاركيّ، وتعليق في النحو عن ابن جِنّيِّ، سمعت أبا العبّاس المؤدِّب وغيره يقولان: أن أبا الحسن سمع الشاة تذكر اللَّه تعالى.
حدّثني هبة اللَّه بن أَحْمَد الكاتب أنّه زار قبر ابن القزوينيّ، ففتح ختمةً هناك وتفاءل للشيخ، فطلع أول ذلك: {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ومن المقربين}.
وعن أبي الحسن الماوردي القاضي قال: صلَّيتُ خَلْفَ أبي الحسن القزوينيّ، فرأيت عليه قميصًا نقيا مطرّزًا، فقلت في نفسي: أين الطُّرز من الزُّهد؟ فلمّا سلّم قال: سبحان اللَّه الطرز لا ينقض أحكام الزهد.
حدثني محمد بن الحسين القزّاز قال: كان ببغداد زاهدٌ خشِن العيْش، وكان يبلغه أنّ ابن القزوينيّ يأكل الطيّب، ويلبس الرّقيق، فقال: سبحان اللَّه رجلٌ مُجمَعٌ على زهده وهذا حاله، أشتهي أن أراه. فجاء إلى الحربية، قال: [ص:639] فرآه، فقال الشيخ: سبحان الله، رجل يومئ إليه بالزُّهد يعارض اللَّه في أفعاله، وما هُنا مُحرّمٌ ولا مُنكَر؟! فطفق ذلك الرّجل يشهق ويبكي، وذكر الحكاية.
سمعت أبا نَصْر عبد السيّد بن الصبّاغ يقول: حضرتُ عند القزويني فدخل عليه أبو بكر ابن الرّحْبيّ فقال: أيُّها الشّيخ، أيُّ شيءٍ أمرتني نفسي أخالفها؟ فقال: إن كنت مريدا، فنعم، وإن كنت عارفًا، فلا. فانصرفت وأنا مُفكّر وكأنني لم أُصوّبُه. فرأيتُ في النوم ليلتي شيئًا أزعجني، وكأنّ من يقول لي: هذا بسبب ابن القزوينيّ، يعني لمّا أخذت عليه.
وحدّثني أبو القاسم عبد السّميع الهاشميّ عن الزاهد عبد العزيز الصّحراويّ قال: كنت أقرأ على القزوينيّ، فجاء رجلٌ مُغطّى الوجه، فوثب الشيخ إليه وصافحه وجلس معه بين يديه ساعة، ثمّ قام وشيّعه. فاشتدّ عجبي وسألت صاحبي: من هذا؟ فقال: أوَمَا تعرِفه؟ هذا أمير المؤمنين القادر باللَّه.
وحدّثنا أَحْمَد بن محمد الْأمين، قال: رأيت الملك أبا كالَيْجَار قائمًا يشير إليه أبو الحسن بالجلوس فلا يفعل.
وحدّثني عليّ بن محمد الطرّاح الوكيل قال: رأيت الملك أبا طاهر بن بُوَيْه قائمًا بين يديّ أبي الحسن يومئ إليه ليجلس فيأبَى.
ثم حكى ابن المُجْلي لهُ عدّة كرامات منها شهود عرَفَة وهو ببغداد، ومنها ذهب إلى مكة فطاف ورجع من ليلته.
وقد أخبرنا ابن الخلال، قال: أخبرنا جعفر، قال: أخبرنا السلفي قال: سمعت جعفر بن أحمد السرّاج يقول: رأيت علي أبي الحسن القزوينيّ الزاهد ثوبًا رفيعًا ليّنًا، فخطر ببالي كيف مثله في زُهده يلبس مثل هذا؟ فقال لي في الحال بعد أن نظر إليَّ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لعباده والطيبات من الرزق}، وحضرنا عنده يوما للسماع إلى أن وصلت الشمس إلينا وتأذّينا بحرِّها، فقلتُ في نفسي: لو تحوّل الشّيخ إلى الظّلّ. فقال لي في الحال: {قُلْ نَارُ جهنم أشد حرا}.(9/637)
49 - علي بن محمد بن علي، أبو الحسن المقرئ الرّازيّ الحافظ الصّالح. [المتوفى: 442 هـ][ص:640]
حدّث بدمشق عن أبي عليّ حمْد بن عبد اللَّه الْأصبهاني الرّازّي، وأبي سعد المالينيّ. روى عنه عبد العزيز الكتّاني.(9/639)
50 - عمر بن ثابت، أبو القاسم الثمانينيّ الموْصِليّ النحويّ الضرير. [المتوفى: 442 هـ]
من كبار أئِمّة العربيّة. أخذ عن أبي الفتح بن جنّيّ، وغيره، وعنه أخذ أبو المعمر بن طباطبا العلويّ.
وكان هو وأبو القاسم بن برهَان يقرئان العربيّة بالعراق، فكان الرؤساء يقرأون على ابن بُرْهان، وكان العوام يقرأون على الثمانيني، وثمانين: بليدة كقرية من أرض جزيرة ابن عمر، يُقال: أنّها أول قريةٍ بُنيت بعد الطوفان، ونزلها الثمانون أهل السّفينة، فسُميت بهم، وله من التصانيف كتاب " شرح اللُّمَع "، وكتاب " المُفيد " في النَّحو، وكتاب " شرح التصريف الملوكي ".
توفي في هذه السنة في ذي القعدة.(9/640)
51 - القاسم بن أَحْمَد بن القاسم بن أبان. [المتوفى: 442 هـ]
حدَّث بأصبهان عن عليّ بن محمد بن عمر الفقيه الرّازيّ، روى عنه أبو علي الحداد.(9/640)
52 - محمد بن أحمد بن الحسين، أبو الحسن ابن المَحَاملّي. [المتوفى: 442 هـ]
تُوُفّي في ربيع الْآخر.(9/640)
53 - محمد بن إسماعيل، أبو بكر الجوهري. [المتوفى: 442 هـ]
حدّث بمصر عن ابن محمِش الزّياديّ، وأبي عمر بن مَهديّ. روى عنه الرّازي في " مشيخته "، وسهل بن بشر الإسفراييني.(9/640)
54 - محمد بن طلحة بن علي بن الصّقر الكتّانّي، البغداديّ، [المتوفى: 442 هـ]
من أولاد الشيوخ. [ص:641]
روى عن أبيه، وأبي عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبي القاسم بن حبابة، والمخلص.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا ديّنًا.(9/640)
55 - محمد بن عبد اللَّه بن فَضلَويَهْ. أبو منصور الْأصبهانيّ الوكيل. [المتوفى: 442 هـ]
روى عن عبد الرحمن بن طلحة الطّلْحيّ، شيخ، روى عن الفضل بن الخطيب، وابن الجارود. روى عنه أبو عليّ الحدّاد.(9/641)
56 - محمد بن عبد المؤمن، أبو إسحاق الْإِسكافيّ. [المتوفى: 442 هـ]
ولد سنة ستين وثلاثمائة ببغداد، وسمع أبا عبد اللَّه بن عُبيْد العسكري، ومحمد بن المُظفّر، والَأْبهريّ، وكان فقيهًا مالكيا ثقةً.
وثّقه الخطيب، وروى عنه.(9/641)
57 - محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحُرّة محمد البغداديّ. الَأوسط من الْإِخوة، وهو أبو الحسن [المتوفى: 442 هـ]
أخو أبي عبد اللَّه وأبي يَعْلَى.
سمع من أصحاب البَغَوِيّ، وسمع من أبي عليّ الفارسيّ النحويّ، وعليّ بن لؤلؤ الورّاق، وابن المظفّر، وهؤلاء.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، وُلِد سنة إحدى وسبعين، ومات في جُمادى الْآخرة.(9/641)
58 - محمد بن علي بن محمد بن يوسف. أبو طاهر ابن العلّاف البغداديّ الواعظ. [المتوفى: 442 هـ]
سمع أَحْمَد بن جعفر القطيعيّ، وأحمد بن جعفر الخُتُّليّ ومخلد بن جعفر الباقرحي، وغيرهم.
قال الخطيب: كتب عنه، وكان صدوقًا ظاهر الوقار، له حلقة في جامع المنصور ومجلس وعظ. مات في ربيع الآخر. [ص:642]
قلت: روى عنه أيضًا الحسن بن محمد الباقرحي، وأبو الحسين المبارك ابن الطُّيُوريّ، وجماعة.(9/641)
59 - محمد بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسين بن بهرام. أبو بكر الجوزداني ثم الأصبهاني. [المتوفى: 442 هـ]
وجوزدان مدينة ممّا يلي بلْخ، غير جوزدان التّي منها أبو بكر، والّتي هذا منها قرية على باب أصبهان.
كان مقرئًا مجوّدًا، طيّب الصَّوت، مُحّدثًا صاحب أصول. قرأ القرآن على الشّيخ محمد بن أَحْمَد بن عبد الْأعلى الأندلسيّ، وسمع من أبي بكر بن المقرئ، ورحل إلى بغداد فسمع من أبي حفص بن شاهين، والمخلّص. روى عنه يحيى بن منده الحافظ، وإلكيا يحيى بن حسين الرّازيّ الحافظ، وغيرهما.
وتوفّي في ذي القعدة، وكان إمام الجامع العتيق بأصبهان.(9/642)
60 - محمد بن محمد بن إسماعيل، أبو بكر البغداديّ الطاهريّ. [المتوفى: 442 هـ]
كان من أهل القرآن والعبادة والصّلاح والحجّ.
قال الخطيب: بلغني أنّه حجّ على قدميه أربعين حَجّة، وكان يصحب الفقراء. حدثنا عن أبي حفص بن شاهين، وأبي الحسين بن سمعون، وكان ثقة. تُوُفّي في شعبان.(9/642)
61 - محمد بن محمد بن أبي عبد الرحمن محمد بن يوسف. أبو بكر بن أبي نصر الشّحّام النيسابوري المقرئ الشروطي الزاهد، الصالح، [المتوفى: 442 هـ]
والد طاهر، وجدّ زاهر.
روى عن الحافظ أَحْمَد بن محمد الحيري، و.(9/642)
62 - محمد بن مَهْرَان بن أَحْمَد بن محمد بن مهران، أبو عبد الله الخويي. يعرف بشيخ الإسلام. [المتوفى: 442 هـ]
حدث بدمشق، وحدّث بأصبهان في هذه السنة، وانقطع خبره. [ص:643]
روى عن المخلّص، ومحمد بن عمر بن زنبور، وأبي الحسن بن الْجُنْديّ. روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصِّي، وعبد الرزّاق بن عبد اللَّه المَعَرّيّ، ومشرِّف بن المرجى، وأبو علي الحسن بن أحمد الحداد، وآخرون.(9/642)
63 - منصور بن محمد بن عبد اللَّه، أبو الفتح الْأصبهانيّ، ويُعرف بابن المُقدّر. [المتوفى: 442 هـ]
سكن بغداد، وحدّث بها عن أبي بكر عبد اللَّه بن محمد القبّاب.
قال الخطيب: كان داعيةً إلى الاعتزال يستهزئ بالآثار، حدثنا من لفظه، فذكر حديثًا.(9/643)
64 - ماجة بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسن بن ماجه القَزْوينيّ. [المتوفى: 442 هـ]
سمع علي بن أحمد بن صالح، وأبا الحسن الدارقطني، وابن شاهين.(9/643)
65 - مهديّ بن أَحْمَد بن محمد بن شبيب. الفقيه أبو الوفاء القايني، [المتوفى: 442 هـ]
نزيل أصبهان.
سمع بنيسابور عبد اللَّه بن يوسف، وأبا عبد الرحمن السُّلَميّ، وببغداد هبة اللَّه بن سلامة. روى عنه أبو الفتح الحدّاد، وأبو عليّ الحدّاد، وأبو طاهر عبد الواحد الدشتج الذّهبي.
وكان أشعريًّا واعظًا، صنّف تفسيرًا، وتُوُفّي في ذي الحجة بأصبهان.(9/643)
66 - يونس بن أَحْمَد بن يونس بن عَيْشُون، أبو سهل الجذامي ابن الحراني القرطبي اللغوي. [المتوفى: 442 هـ]
أخذ عن أبي عمر بن أبي الحُباب، وابن سيّد، وكان بصيرًا باللسان، حافظًا للُّغة والعَرُوض، قيّمًا بالَأشعار، مليح الخطّ متقنًا. أقرأ النَّاس مُدّةً، وكان عظيم اللّحية جدًّا. روى عنه أبو مروان بن سرّاج، وأبو مروان الطبني.
توفي في ذي الحجة عن تسعٍ وسبعين سنة.(9/643)
-سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة(9/644)
67 - أَحْمَد بن عثمان أبو نصْر الجلّاب. [المتوفى: 443 هـ]
سمع محمد بن إسماعيل الورّاق، وابن أخي ميميّ، وعنه الخطيب، وقال: ثقة صالح، مات في المحرّم، وقد نيَّف على الثمانين.(9/644)
68 - أَحْمَد بن عليّ بن أحمد، أبو الحسين البغدادي المؤدب. [المتوفى: 443 هـ]
أخو أبي طاهر ابن الأنباري الفارض.
سمع أبا بكر الورّاق.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا.(9/644)
69 - أحمد بن عليّ بن محمّد بن سَلَمَة. أبو العبّاس الفهميّ الأنماطيّ. [المتوفى: 443 هـ]
تُوُفّي بمصر في شعبان.
سمع قطعةً من " الموطأ " على عتيق بن موسى، عن أبي الرَّقْراق، عن يحيى بن بُكَيْر. روى عنه الرّازي في " مشيخته "، وسمع منه جماعة أجزاء.(9/644)
70 - أَحْمَد بن قاسم بن محمد، أبو جعفر التُجَيْبيّ الطُّلَيْطليّ، ويُعرف بابن ارفع رأسه. [المتوفى: 443 هـ]
روى عن محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وعبد اللَّه بن دنين.
وكان من كبار الفقهاء، شاعرا شروطيا، وكان بصيرا بالحديث وعلله، له حلقة إشغال.
تُوُفّي يوم عاشوراء.
قال ابن مظاهر: سمعتُ النّاس يقولون يوم وفاته: اليوم مات العِلمْ.(9/644)
71 - إسماعيل بن صاعد. أبو الحسن القاضي. [المتوفى: 443 هـ]
تُوُفّي بنيسابور في شهر رجب. [ص:645]
ذكره الفارسيّ، فقال: إسماعيل بن صاعد بن محمد بن أحمد قاضي القضاة أبو الحسن ابن عماد الْإِسلام أبي العلاء أكبر أولاد أبيه سنا وأبسطهم حشمةً وجاهًا، ولي قضاء الرّيّ، ثم قضاء نَيْسابور ونواحيها، وكان من الرجال الدُّهاة، ولم يشتهر بشيءٍ من العلوم، إِلَّا أنّه كان دقيق النّظر كيّس الطّبْع، عارفًا برسوم القضاء وتربية الحشمة، وكان قصير اليد عن الأموال، نقيّ الجانب، وُلِد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وسمّعه أبوه في سنة ثلاثٍ وثمانين، وبعدها، وحدَّث عن أبي الحسين الخفّاف، والمخلَّديّ، وظفر بن محمد السيد، وحج سنة اثنتين وأربعمائة، فسمع من أبي أَحْمَد الفَرَضيّ وغيره، وعقد للإملاء بعد الثلاثين وأربعمائة، وبُعِث رسولًا في أيّام طُغْرُلْبَك إلى فارس. فتوفي بإيذج، ونقل تابوته إلى نيسابور. أخبرنا عنه الوالد، ومسعود بن ناصر، وجماعة.(9/644)
72 - بركة بن مقلّد، زعيم الدّولة أبو كامل العُقَيْليّ. [المتوفى: 443 هـ]
كان قد غلب على مملكة الموصل، وغيرها، وقهر أخاه قِرْواشًا، وعاث وأفسد وعسَفَ، وانحدر في هذا العام إلى تكريت ليستولي على العراق أو ينهب البلاد، فانتقض عليه جُرْحُهُ الّذي أصابه من الغُزّ فمات، فاجتمع جيشه العربُ على تأمير علَم الدّين قريش بن بدران بن مقلّد، فعاد إلى الموصل، وبعث إلى عمّه قِرْواش وهو محبوس يُعرّفه بوفاة بركة. ثمّ تقرّر الأمر لقُريش، ودانت له تلك النّاحية، وردّ عمه إلى الحبْس لكونه نازعا.(9/645)
73 - الحسن بن عليّ بن محمد أبو عليّ الشاموخيّ المقرئ بالبصرة. [المتوفى: 443 هـ]
له جُزء معروف. روى عن أَحْمَد بن محمد بن العبّاس صاحب أبي خليفة، ونحوه. روى عنه محمد بن الحسن بن باكير الفارسيّ.(9/645)
74 - الحسين بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن بيان، أبو عبد اللَّه الواسطيّ، الدّباس المعروف بجديرة. [المتوفى: 443 هـ]
توفي في صفر.(9/645)
75 - خلف، أبو القاسم البَلَنْسيّ، [المتوفى: 443 هـ]
مولى يوسف بن بُهْلُول.
كان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك. له مُختصر في " المُدوَّنة " جمع فيه أقوال أصحاب مالك، وهو كثير الفائدة. روى عن أبي عمر بن المكويّ، وابن العطّار، وأخذ عن أبي محمد الأصيليّ.
وكان مُقدَّمًا في علم الوثائق، وكان يعرف بالبريلي، وكان أبو الوليد هشام بن أحمد الفقيه يقول: من أراد أن يكون فقيهًا من ليلته فعليه بكتاب البريلي.
تُوُفِّي فِي ربيع الآخر.(9/646)
76 - عَبْد اللَّه بْن الحسين بن عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن عبْدان. الَأزديّ الدِّمشقيّ الصفّار، المقرئ. [المتوفى: 443 هـ]
سمع عبد الوهّاب الكلابيّ، وغيره. روى عنه ابن بنته أبو طاهر محمد بن الحسين الحنَّائيّ، وجماعة.(9/646)
77 - عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن حسن، أبو القاسم الدّمشقيّ المقرئ الشّافعيّ. [المتوفى: 443 هـ]
حدّث بمصر عن عبد الوهّاب الكلّابي. روى عنه عبد المحسن البغدادي.
أثنى عليه أبو إسحاق الحبّال.(9/646)
78 - عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن أبي عليّ أَحْمَد بن عبد الرحمن، أبو القاسم الهمداني الذّكوانيّ الْأصبهانيّ المعدّل. [المتوفى: 443 هـ]
من بيت حشمة ورواية، وعلم. روى عن أبي الشّيخ بن حيّان، وأبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وجماعة، وروى بالإجازة عن أبي القاسم الطَّبرانيّ، وهو آخر من روى فِي الدُّنيا عَنْ الطَّبَرانيّ، وقد أملى عدّة مجالس، وحدَّث في هذا العام، ولا أعلم متى توفي.
روى عنه هادي بن الحسن العَلَويّ، وجعفر بن عبد الواحد بن محمد الثّقفيّ، وإسماعيل بن الفضل السّرّاج، وبُنْدار بن محمد الخلقانيّ، وأبو سعْد [ص:647] المطرّز، وأبو عليّ الحدّاد، وآخرون، وتوفّي في عشر التسعين سنة ثلاث.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: تكلّموا فيه، ألحق في سماعه، وسماعه كثير بخطّ أبيه.
وقال يحيى أيضًا: مات في ربيع الآخر.(9/646)
79 - عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن عبد الأعلى، أبو القاسم الرَّقّيّ المعروف بابن الحرَّانيّ. [المتوفى: 443 هـ]
حدّث عن نصر بن أَحْمَد المُرَجَّى، وأبي نصر الملاحميّ. روى عنه أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني.
ووثقه الخطيب، وقال: مات بالرحبة، وكان قد سكنها، وقد تفقه على أبي حامد الإسفراييني.(9/647)
80 - عبد الرزاق ابن القاضي أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر، أبو منصور اليزدي، ثم الأصبهاني الخطيب. [المتوفى: 443 هـ]
روى عن أبي الشيخ، وجماعة، وعنه أبو سعد المطرز.
قال أبو موسى المديني: توفي سنة ثلاث وأربعين.(9/647)
81 - عبيد الله بن محمد بن قرعة النجار، أبو القاسم ابن الدلو. [المتوفى: 443 هـ]
سمع أبا عبد الله بن عبيد الدقاق العسكري، وحدث.
توفي في رمضان.
قال الخطيب: صدوق.(9/647)
82 - عُبيد الله بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ، أبو القاسم [المتوفى: 443 هـ]
أمين القضاة.
ولد سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وروى عن القطيعي، وأبي محمد بن ماسي.(9/647)
83 - عليّ بن شجاع، أبو الحسن المصقلي الْأصبهاني، الصوفي. [المتوفى: 443 هـ][ص:648]
رحل إلى العراق، وإلى فارس وخُراسان، وسمع، ثم سمع ولديه من الحافظ ابن مَنْدَهْ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وكان من أفاضل أهل أصبهان، حدَّث عن الدَّارقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبي بكر بن جشنس.
وهو شيبانيّ صريح النّسَب. سمع أبو طاهر السِّلفيّ من جماعةٍ من أصحابه.(9/647)
84 - علي بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم الْأصبهانيّ القطّان الدّلّال. [المتوفى: 443 هـ]
سمع عبد الرحمن بن طلحة الطلحيّ بعد الثمانين وثلاثمائة. روى عنه أبو علي الحدّاد.(9/648)
85 - عليّ بن محمد بن زيدان، أبو القاسم البجلي الكوفي. [المتوفى: 443 هـ]
كان رجلا صالحًا ورعًا. روى عن قاضي الكوفة أبي القاسم بن أبي عابد. روى عنه أُبيّ النَّرْسِيّ.(9/648)
86 - علي بن محمد بن علي بن أَحْمَد بن عيسى، أبو القاسم الفارسيّ، ثمّ المصري. [المتوفى: 443 هـ]
مُسنَد وقته بمصر. سمع الكثير من أبي أَحْمَد بن النّاصح، والقاضي الذُّهليّ، وابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسَابوريّ، والحسن بن رشيق، وعليّ بن عبد اللَّه بن العبّاس البغداديّ، وغيرهم. روى عنه سهل بن بشر الإسفراييني، وأبو صادق مرشد بن يحيى المديني، وأبو عبد اللَّه الرّازيّ، وقال: سمعتُ عليه ستّين جزءا أو أزيد.
توفي في شوال.(9/648)
87 - محمد بن إسماعيل بن الحسن بن جعفر، القاضي أبو جعفر العَلَويّ الحُسينيّ النّقيب بواسط. [المتوفى: 443 هـ]
تُوُفّي في شوَّال. حدث عن الحافظ أبي محمد ابن السقاء.(9/648)
88 - محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عُبَيْد بن سعدان، أبو عبد اللَّه الْجُذَاميّ الزِّنْبَاعيّ، مولاهم الدّمشقيّ. [المتوفى: 443 هـ]
كان أسنَد من بقي بدمشق. سمع جمح بن القاسم، والحسن بن منير، وأبا عمر بن فَضَالة، ومحمد بن سليمان الرَّبَعيّ، ومحمد بن عبد اللَّه بن زَبْر، ويوسف بن القاسم المَيَانِجِيّ، وغيرهم.
روى عنه الكتّانيّ، وأبو القاسم المصِّيصيّ، والفقيه نصر المقدسي، وسهل الإسفراييني، ونجا العطّار، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحنائي، وعلي ابن الموازينيّ وهو آخر من حدّث عنه.
قال الكتاني: توفي يوم عرفة، وعنده ستّة أجزاء أو نحوها.
قلت: وأخطأ من قال: إن عبد الكريم بن حمزة سمع منه.(9/649)
89 - محمد بن عليّ بن عَمْرَوُيَهْ، أبو سعد الوكيل النَّيْسَابُوريّ. [المتوفى: 443 هـ]
سمع أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وغيرهما. وحدث.(9/649)
90 - محمد بن علي بن محمد بن صخر، أبو الحسن القاضي الأزدي البصري الضرير. [المتوفى: 443 هـ]
كان كبير القدر، عالي الْإِسناد. حدّث بمصر والحجاز، وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السِّجْزي، وأملى عدّة مجالس وقع لنا منها خمسة.
روى عن أبي بكر أَحْمَد بن جعفر السَّقْطي، وفهد بن إبراهيم بن فهد السَّاجيّ، ويوسف بن يعقوب النَّجِيرميّ، وأبي العبّاس أَحْمَد بن عبد الرحمن الخاركيّ، وأبي محمد الْحَسَن بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن عمرو الحافظ ابن غلام الزُّهريّ، وأبي أَحْمَد محمد بن محمد بن مكِّي الْجُرْجانيّ، وعمر بن محمد بن سيف، وأحمد بن محمد بن أبي غسَّان الدَّقيقيّ، وطائفة سواهم.
روى عنه جعفر بن يحيى الحكاك، وأبو القاسم عبد العزيز بن عبد الوهّاب القَرَويّ، وأبو خَلَف عبد الرّحيم بن مُحمّد الآمُليّ الصُّوفيُّ، والمُطهّر بن علي المَيْبُذيّ، والقاضي أبو زيد عبد الرحمن بن عيسى القرطبي جد الطرطوشي [ص:650] لأمه، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأبو الوليد سليمان بن خلَفَ الباجيّ، وغيرهم.
قال أبو إسحاق الحبّال: تُوُفّي بزَبِيد في جُمادى الآخرة رحمه اللَّه.
قلتُ: وقد روى البيهقيّ في " الطّلاق " عن الحسن بن أَحْمَد السَّمَرْقَنْديّ قال: كتب إلينا ابن صخر من مكّة. فذكر حديثًا.(9/649)
91 - محمد بن محمد بن خَلَف، أبو الحسن البَصْرَويّ الشّاعر. [المتوفى: 443 هـ]
مدَحَ الأكابر، وبُصرى الّذي هو منها قرية دون عُكْبرا.(9/650)
92 - مُسافر بن الطَّيِّب بن عبَّاد، الزاهد المقرئ أبو القاسم، [المتوفى: 443 هـ]
صاحب قراءة يعقوب.
شيخٌ مُعَمِّر، عارف بقراءة يعقوب الحَضْرميّ. قرأ بها على الْإِمام أبي الحسن عليَّ بن محمد بن إبراهيم بن خُشنام المالكيّ بالبصرة، وسمع الحديث من أبي إسحاق الهُجَيْميّ، لكنْ ضاع سماعه.
قال الخطيب: كان شيخًا صالحًا. تُوُفّي في شوَّال، وقال لي أَحْمَد بن خيرون: سمعته يقول: ولدت سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.
قلت: قرأ عليه أبو الفضل أَحْمَد بن خيْرون، وعَبْدُ السّيّد بن عتّاب، وعليّ بن الجرّاح، وثابت بن بندار، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف.(9/650)
93 - مَسْعَدَة بن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْإِسماعيليّ، أبو الفضل الْجُرْجَانيّ. [المتوفى: 443 هـ]
سمع أباه، وعمّه أبا نصر، وأحمد بن موسى الباغشيّ، ويوسف بن إبراهيم السَّهْميّ، وأبا بكر الآبندوني، وأملى الكثير.
توفي في شهر شوّال، وهو والد الشيخ أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة.(9/650)
94 - هبة اللَّه بن الحسين بن عليّ، كمال الملك أبو المعالي، [المتوفى: 443 هـ]
أخو الوزير عميد المُلْك محمد.
وَزَر لجلال الدّولة أبي طاهر بن أبي نصر بن بُوَيْه مرَّتين الأخيرة سبع سنين، ووزر لَأبي كالَيْجار ولولده، وفتح له ممالك وظلم وسفك وعسف وصَادَرَ. هلك في المصاف بين أبي نصر، وأخيه أبي منصور بالأهواز، وقد مدحه الشَّريف المُرتضى، فسُرَّ بذلك.
هلك في ربيع الآخر كهلًا.(9/651)
-سنة أربع وأربعين وأربعمائة(9/652)
95 - أَحْمَد بن عليّ بن الحسين، أبو غانم المَرْوَزِيّ الكُرَاعيّ، [المتوفى: 444 هـ]
نسبة إلى بيع الأكارع.
كان مُسْنِد مَرْو في زمانه. روى عن أبي العبّاس عبد اللَّه بن الحسين النَضْريّ صاحب الحارث بن أبي أُسامة، وأبي الفضل محمد بن الحسين الحدّادي، وغيرهما. روى عنه أبو الفضل محمد بن أَحْمَد الطَّبَسيّ، وأبو المُظَفَّر منصور بن السَّمْعانيّ، وطائفة آخرهم حفيده أبو منصور محمد بن عليّ الكُراعيّ، وروى عنه أيضًا أبو المحاسن الرُّويَانيّ، وحديثه في بلد الرّيّ من " أربعي البلدان ".(9/652)
96 - أَحْمَد بن محمد بن حُمَيْد بن الأشعث، أبو نصر الكُشّانيّ السَّمَرْقَنْديّ القاضي. [المتوفى: 444 هـ]
تُوُفّي في هذه السّنة، أو بعدها بقليل، وكان مُعمّرًا طاعنًا في السِّن، عاش مائة وعشرين سنة فيما بَلَغَنا. روى عن أَحْمَد بن محمد بن إسماعيل البخاريّ.(9/652)
97 - الحسن بْن عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن أَحْمَد بن وهب التميميّ الواعظ أبو علي [المتوفى: 444 هـ]
ابن المُذْهِب البغداديّ.
راوي " المُسْنَد ".
سمع أبا بكر القطيعي، وأبا محمد بن ماسيّ، وأبا سعيد الحُرْفيّ، وأبا الحسن بن لُؤلُؤ، وأبا بكر الورّاق، وأبا بكر بن شاذان، وجماعة كثيرة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان يروي عن القطيعيّ " مُسْنَد أَحْمَد " بأسره، وكان سماعه صحيحًا إِلَّا في أجزاءٍ منه فإنه أُلحِق اسمَه فيها، وكان يروي كتاب " الزَّهْد " لَأحمد ولم يكن له به أصل، إنما كانت النُّسخة بخطِّه، وليس بمحلٍّ للحجّة. حدَّث عن أبي سعيد الحُرْفيّ، وابن مالك، عن أبي شعيب، قال: حدثنا البابلتي، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا هارون بن [ص:653] رئاب قال: " من تبرّأ من نسبٍ لدقِّتِهِ أو ادّعاه فهو كُفر ".
قال الخطيب: وجميع ما كان عنده عن ابن مالك جزء وليس هذا فيه، وكان كثيرًا يعرض عليّ أحاديث في أسانيدها أسماء قوم غير منسوبين ويسألني عنهم فأنسبهم له. فيلحق ذلك في تلك الأحاديث موصولة بالَأسماء، فأنهاه فلا ينتهي، وسألته عن مولده فقال: سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
قلت: روى عنه أبو الحسين المبارك ابن الطُّيوري، وأبو طالب عبد القادر بن محمد اليوسفيّ، وابن عمه أبو طاهر عبد الرحمن بن أَحْمَد اليوسفيّ، وأبو غالب عُبَيْد اللَّه بن عبد الملك الشَّهْرُزُوريّ، وأبو المعالي أَحْمَد بن محمد بن علي ابن البُخاريّ الذي كان يُبَخِّر في الْجُمَع، وأبو القاسم هبة اللَّه بن الحُصَيْن وهو آخر من روى فِي الدُّنيا عَنْ ابن المُّذهِب.
وقال أبو بكر بن نقطة قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا إِلَّا في أجزاء، ولم يُنبّه الخطيب في أيّ مُسْندٍ هي، ولو فعل لَأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أنّ مُسْنَدَيْ فَضَالة بن عبيد وعوف بن مالك لم يكونا في كتاب ابن المُذَهِب، وكذلك أحاديث من مُسْنَد جابر لم توجد في نسخته، رواها الحرَّانيّ عن القطيعيَّ، ولو كان يُلْحِق اسمه كما زعم لألحق ما ذكرناه أيضا، والعجب من الخطيب يُردّ قوله بِفِعْلِهِ، وهو أنّه قال: روي " الزُّهْد " من غير أصل، وليس بمحل للحجة، ثم روى عنه من " الزهد " في مصنفاته.
أخبرنا أبو علي ابن الخلال، قال: أخبرنا جعفر، قال: أخبرنا السِّلَفيّ، قال: سألتُ شجاعًا الذُّهَليّ، عن ابن المُّذْهِب فقال: كان شيخًا عسرًا في الرّواية، وسمع حديثًا كثيرًا، ولم يكُن ممّن يُعتمد عليه في الرواية، كأنه خلط في شيء من سماعه. قال لنا السِّلَفيّ: كان مع عُسْره متكلِّمًا فيه، لَأنَّهُ حدَّث بكتاب " الزُّهْدَ " لأحمد بعدما عدم أصله، من غير أصله، فتُكُلِّم فيه لذلك.
وقال الحافظ أبو الفضل بن خيرون: تُوُفّي ابن المُذَهِب ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة تاسع عشري شهر ربيع الآخر. حدَّث عن ابن مالك " بمسند أحمد "، وعن ابن ماسي، وعن جماعة، وحدث أيضًا " بزُهْد أَحْمَد " سمعت منه [ص:654] الجميع، وسمع ابن أخي منه " زُهْد أَحْمَد ".(9/652)
98 - الحسن بن عليِّ بن زيد بن الهَيْثَم، أبو عليِّ الدِّهقان الصوفيّ. [المتوفى: 444 هـ]
تُوُفّي بالكوفة. روى عن أبي الطيب ابن النخاس.
روى عنه أبو الغنائم النَّرسيّ.(9/654)
99 - الحسن بن علي بن عمرو، أبو محمد ابن المصحِّحِّ التّميميّ الدِّمشقيّ النُّحْويّ. [المتوفى: 444 هـ]
سمع عبد اللَّه بن محمد الحِنّائي، وابن أبي الحديد. روى عنه أبو القاسم النّسيب ووثَّقه، وأبو سعد السمان.(9/654)
100 - الحسين بن علي ابن الدبَّاغ، أبو عبد اللَّه الطائيِّ الكوفيّ الخزّاز. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن أبي هشام التيملي، وعنه النَّرسيّ.(9/654)
101 - حمزة بن عليّ الزُّبَيْرِيّ المصريّ. [المتوفى: 444 هـ]
تُوُفّي في رمضان. قاله الحبال.(9/654)
102 - رشأ بن نظيف بن ما شاء اللَّه، أبو الحسن الدِّمشقيِّ المقرئ. [المتوفى: 444 هـ]
قرأ بحرف ابن عامر على أبي الحسن بن داود الدَّارانيّ، وقرأ بمصر والعراق بالرِّوايات. قرأ عليه جماعة آخرهم موتا أبو الوحش سبيع بن قيراط، وسمع الحديث من عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأحمد بن محمد بن سرام، وأبي مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وأبي الفتح بن سيبخت، والحسن بن إسماعيل الضّرّاب، وطلحة بن أُسد، وأبي عمر بن مهديّ، وجماعة كثيرة.
روى عنه رفيقه أبو عليّ الأهوازيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وعليّ بن الحسين بن صصرى، وسهل بن بِشر، وأحمد بن عبد الملك المؤذِّن، وأبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب، وأبو الوحش سبيع.
ووُلِد في حدود سنة سبعين وثلاثمائة، وله دار موقوفة على القراء بباب الناطفيين. [ص:655]
قال الكتّانيّ: تُوُفّي في المحرّم، وكان ثقةً مأمونا، انتهت إليه الرياسة في قراءة ابن عامر.(9/654)
103 - زيد بن أَحْمَد بن الصَّيْقَل النَّسّاج. [المتوفى: 444 هـ]
سمع أبا خازم الوشاء، وأبا طالب ابن الصباغ، وعنه أبي النرسي.(9/655)
104 - سعيد بن محمد بن البغونش الطليطلي الطبيب. [المتوفى: 444 هـ]
أخذ الطب عن سليمان بن جُلْجُل، ومحمد بن عَبْدُون، وأخذ الهندسة والعدد عن مسلمه بن أَحْمَد بقُرْطُبَة، واتّصل بأمير طُلَيِطُلَة الظافر إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن ذي النَّون وحظي عنده، ثم لزِم بيته وأقبل على تلاوة القرآن، وله تصانيف.
تُوُفّي في رجب، وله خمسٌ وسبعون سنة.(9/655)
105 - سوار بن محمد بن عبد اللَّه بن مطرِّف بن سوار بن دحون، أبو القاسم القُرْطُبيّ. [المتوفى: 444 هـ]
كان من أهل العِلم والذَّكاء، حافظًا للمسائل، عارفًا بعقد الشّروط، حافظًا لَأخبار قُرْطُبَة وسِيَر مُلُوكها.
وكان حليمًا وقورًا فصيحًا بليغًا متودّدًا. عاش خمسًا وسبعين سنة، وتوفّي في جُمَادى الآخرة.(9/655)
106 - سيف بن محمد العلويّ، أبو القاسم. [المتوفى: 444 هـ]
قال أبو الغنائم النرسي: حدثنا عن عليِّ بن عبد اللَّه العُطّارَديّ النجَّار، وكان صحيح السماع.(9/655)
107 - عبد اللَّه بن محمد بن مكِّيّ، أبو محمد بن ماردة المقرئ السوّاق. [المتوفى: 444 هـ][ص:656]
قرأ برواية أبي عمرو على أبي الفرج الشّنُبوذي، وسمع من ابن عُبَيْد العسكريّ، وعليّ بن كَيْسان.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، ديِّنًا. مات في ذي القعدة.
قلت: روى عنه أبو منصور محمد بن أحمد ابن النقور.(9/655)
108 - عبد اللَّه بن محمد الْجَدَليّ، أبو محمد ابن الزَّفت الأندلسيِّ، [المتوفى: 444 هـ]
خطيب المَرِيّة.
رحل وسمع من أبي الحسن القابِسي، وأحمد بن فراس المكِّيّ.
توفي في جمادى الأولى.(9/656)
109 - عبد الرشيد ابن الملك محمود بن سُبُكْتِكِين، [المتوفى: 444 هـ]
صاحب غَزْنة.
تملّك بعد موت ابن أخيه نحو ثلاثة أعوام، وكان مقدم جيشه طُغْرُل أحد الأبطال فجهَّزه، فافتتح فتوحًا، وحدَّث نفسه بالمُلك، وأطاعه الجيش وجاء بهم، فأحسَّ عبد الرشيد بالغدر، فالتجأ إلى القلعة وتحصَّن، فعمل عليه نُوّاب القلعة، وأسلموه إلى طُغْرُل، فقتله وتملَّك في هذا العام. ثم قتله بعض الأمراء ولم يُمْهِله اللَّه.(9/656)
110 - عبد العزيز بن عليِّ بن أَحْمَد بن الفضل بن شَكَر، أبو القاسم البغداديِّ الأزجيّ الخيَّاط المفيد. [المتوفى: 444 هـ]
سمع الكثير من ابن كَيْسان، وأبي عبد اللَّه العسكريّ، وأبي سعيد الحُرْفيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، وابن لؤلؤ الورّاق، ومحمد بن أَحْمَد المفيد، فمن بعدهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا كثير الكتاب، ولد سنة ست [ص:657] وخمسين وثلاثمائة، وتُوُفّي في شعبان.
قلت: وله مصنَّف في الصفات. روى عنه القاضي أبو يعلي الحنبليّ، وعبد اللَّه بن سبعون القيروانيّ، والحسين بن علي الألمعيِّ الكاشْغَريّ، وحمد بن إسماعيل الهمذاني.(9/656)
111 - عبد الكّريم بن إبراهيم، أبو منصور الْأصبهانيّ، ابن المطرِّز. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن أبي الحسن بن كَيْسان، وعنه الخطيب، وقال: كان صدوقًا.(9/657)
112 - عبْد الوَهّاب بن أَحْمَد بن إبراهيم، المقرئ البغداديّ أبو محمد، المعروف بابن بُكَيْر العطَّار. [المتوفى: 444 هـ]
سمع السَّوسنِجْرديّ، وابن الصلت المجبر. روى عنه أبو طاهر بن سوار شيئًا من القراءات.
وورَّخه ابن خَيْرون.(9/657)
113 - عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن مَعْمَر، أبو بكر التميميّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن أبي محمد الأصيليّ، وأبي عُمَر بن المكْويّ، وعبّاس بن أصْبَغ، وكان عالمًا بمذهب مالك، قائمًا بحُجَجِه حسن الاستنباط، بارعا في الأدب.
توفي في المحرّم، وقد ناهز الثمانين.(9/657)
114 - عُبَيْد اللَّه بن سعيد بن حاتم بن أحمد بن محمد بن عَلَّوَيْه. الحافظ أبو نصْر الوائليّ البكريّ السِّجْزيّ. [المتوفى: 444 هـ]
نزيل مصر، ومُصنِّف كتاب " الْإِبانة الكبرى عن مذهب السَّلف في القرآن "، وهو كتاب طويل جليل في معناه يدلُّ على إمامة المُصنِّف رحمه اللَّه، وهو راوي الحديث المسلسل بالَأوَّليَّة.
روى عن أَحْمَد بن إبراهيم بن فِراس العَبْقَسِيّ، وأبي عَبْدِ اللَّه بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ [ص:658] عبد اللَّه الحاكم، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ، وحمزة المهلّبيّ، وأحمد بن محمد بن موسى المُجْبِر، ومحمد بن محمد بن محمد بن بكر الهِزَّاني البصري، والقاضي أبي محمد عبد اللَّه بن محمد الأسدي ابن الاكفانيِّ، وابن مهديِّ، وأبي العلاء عليِّ بن عبد الرحيم السوسي، وأبي محمد ابن البيِّع سمعوا من المحامليِّ أربعتهم، وأبي عبد الرحمن السُّلميِّ، وأبي محمد عبد الرّحمن بن عمر ابن النَّحّاس، وعبد الرحمن بن إبراهيم القصَّار، وعبد الصَّمد بن زُهير بن أبي جرادة الحلبيِّ وسمعوا ثلاثتهم من أبي سعيد ابن الأعرابي، ورحل في الحديث بعد سنة اثنتين وأربعمائة، فسمع بنَيْسابور، وببغداد وبالبصرة، وواسط، ومكّة، وحلب، ومصر، وقد سمع قبل أن يرحل بسِجِسْتان من الوزير محمد بن يعقوب بن حمُّويْه، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الغوث ببست قال: حدثنا الهيثم بن سهل التستري، قال: حدثنا حمَّاد بن زيد، فذكر حديثًا.
روى عنه أبو إسحاق الحبَّال، وجعفر بن أَحْمَد السّرّاج، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو مَعْشَر الطَّبَريّ، وإسماعيل بن الحسن العَلَويّ، وعبد الباقي بمكة، وجعفر بن يحيى الحكاك، وآخرون كثيرون.
قال ابن طاهر في " المنثور ": سألت الحافظ أبا إسحاق الحبّال، عن أبي نصر السِّجزيّ، وأبي عبد الله الصوري أيهما أحفظ؟ فقال: كان أبو نصر أحفظ من خمسين ومن ستين مثل الصوري، وسمعت الحبال قال: كنت يومًا عند أبي نصر فدقّ الباب، فقمتُ ففتحت، فرأيت امرأةً، فدَخَلَت وأخَرَجَت كيسًا فيه ألف دينار، فوضعتها بين يدي الشّيخ وقالت: أنفِقْهَا كما ترى. قال: ما المقصود؟ قالت: تتزوجني ولا لي حاجة في الزَّوج، ولكنْ لَأخدمك. فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف. فلما انصرفت قال: خرجتُ من سِجِسْتان بنّية طلب العلم، ومتى تزوّجت سقط عنِّي هذا الاسم، وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئا.
توفي بمكّة في المحرَّم.(9/657)
115 - عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر، الْإِمام أبو عَمْرو الأُمَويّ، مولاهم القُرْطُبيّ المُقرئ الحافظ، المعروف في وقته بابن الصيرفي، وفي وقتنا بأبي عمرو الدّانيّ، [المتوفى: 444 هـ]
صاحب التّصانيف.
قال: أخبرني أبي أنني ولدت سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، فابتدأت بطلب العلم في أوَّل سنة ستٍّ وثمانين، ورحلتُ إلى المشرق سنة سبعٍ وتسعين، ومكثت بالقيروان أربعة أشهر أكتب، ثم توجّهت إلى مصر، فدخلتها في شوَّال من السَّنة، ومكثت بها سنةً، وحَجَجت.
قال: ودخلت إلى الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وخرجت إلى الثغر سنة ثلاث وأربعمائة، فسكنت سَرَقُسْطة سبعة أعوام، ثم رجعت إلى قُرْطُبَة، وقدِمْتُ دانيةً سنة سبع عشرة.
قلت: واستوطنها حتّى تُوُفّي بها، ونُسِبَ إليها لطول سكناه بها.
وسمع الحديث من طائفة، وقرأ على طائفة، فقرأ بالروايات على: عبد العزيز بن جعفر بن خواستي الفارسيّ ثم البغداديّ نزيل الأندلس، وعلى جماعة بالَأندلس، وقرأ بمصر بالروايات على: أبي الحسن طاهر بن أبي الطيب ابن غَلْبُون، وعلى أبي الفتح فارس بن أَحْمَد الضّرير، وقرأ لورْش على أبي القاسم خَلَف بن إبراهيم بن خاقان المصريّ، وسمع كتاب " السَّبعة " لابن مجاهد، على أبي مسلم محمد بن أَحْمَد بن عليّ الكاتب، وسمع منه الحديث، ومن أَحْمَد بن فِراس العَبْقَسيّ، وعبد الرَّحمن بن عثمان القُشَيِريّ الزَّاهِد، وحاتم بن عبد اللَّه البزَّاز، وأحمد بن فتح بن الرَّسَّان، ومحمد بن خليفة بن عبد الجبَّار، وأحمد بن عمر بن محفوظ الجيزيّ القاضي، وسَلَمَة بن سعيد الْإِمام، وسَلَمُون بن داود القروي صاحب أبي علي ابن الصّوّاف، وعبد الرَّحمن بن عمر بن محمد ابن النحاس المعدّل، وعليّ بن محمد بن بشير الرَّبَعيّ، وعبد الوهَّاب بن أَحْمَد بن منير المصريّ، ومحمد بن عبد اللَّه بن عيسى المُرّيّ الأندلُسيّ، وأبي عبد اللَّه بن أبي زَمَنِين، والفقيه أبي الحسن عليّ بن محمد القابسيّ، وغيرهم.
قرأ عليه القراءات، أبو بكر ابن الفصيح، وأبو الذواد مفرج فتى إقبال الدّولة، وأبو الحسين يحيى بن أبي زيد، وأبو داود سليمان بن أبي القاسم [ص:660] نجاح، وأبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن بن الدوش، وأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن المفرج البطليوسي، وخلق كثير من أهل الأندلس، لا سيما أهل دانية.
ومن " فهرس " الإمام أبي محمد بن عبيد الله الحجري، قال: والحافظ أبو عمرو الداني، قال بعض الشّيوخ: لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد يُضاهيه في حِفظِه وتحقيقه، وكان يقول: ما رأيت شيئًا قطّ إِلَّا كتبته، ولا كتبته إِلَّا حفَظْتُه ولا حفِظُتْه فنسيته، وكان يُسأل عن المسألة مِمّا يتعلّق بالَآثار وكلام السَّلف فيوردها بجميع ما فيها مُسندةً من شيوخه إلى قائلها.
قال ابن بَشْكُوال: كان أحد الأئِمة في علم القرآن، رواياته وتفسيره، ومعانيه وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك كلّه تواليف حِسانًا مفيدة يطول تعدادها، وله معرفة بالحديث وطرقه وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخطّ، جيِّد الضّبط، من أهل الحِفظ والذّكاء والتفنُّن في العلم، وكان ديّنًا فاضلًا، ورِعًا، سُنّيًّا.
وقال المُغاميّ: كان أبو عمرو مُجاب الدّعوة، مالكيِّ المذهب.
وذكره الحُمَيْدِي فقال: محدّثٌ مُكثِر ومُقرئ مُتَقدِّم. سمع بالَأندلس والمشرق، وطلب علم القراءات، وألّف فيها تواليف معروفة، ونظمها في أرجوزة مشهورة.
قلت: وما زال القُرَّاء مُعترفين ببراعة أبي عمرو الدَّانيّ وتحقيقه وإتقانه، وعليه عمدتهم فيما ينقله من الرَّسم والتَّجويد والوجوه. لهُ كتاب " جامع البيان في القراءات السّبع وطُرُقها المشهورة والغريبة "، في ثلاثة أسفار، وكتاب " إيجاز البيان في أصول قراءة ورْش "، في مُجلَّد كبير، وكتاب " التلخيص في قراءة ورش "، في مجلد متوسط، وكتاب " التيسير "، وكتاب " المقنع " وكتاب " المحتوى في القراءات الشواذ " مُجلَّد كبير، وكتاب " الأرجوزة في أصول [ص:661] السُّنّة "، نحو ثلاثة آلاف بيت، وكتاب " معرفة القُرَّاء " في ثلاثة أسفار، وكتاب " الوقف والابتداء "، وبلغني أنَّ مصنّفاته مائةٌ وعشرون تصنيفًا.
ومن نظمه في " عُقُود السُّنّة ":
كلَّم موسى عبدَه تكليما ... ولم يَزَل مُدبّرًا حكيما
كلامُهُ وقولُهُ قديمٌ
وهُوَ فَوْقَ عرشِهِ العظيمُ
والقولُ في كتابه المُفَصَّل ... بأنَّهُ كلامُهُ المُنُزَّل
على رسوله النّبيّ الصادق ... ليس بمخلوقٍ ولا بخالق
من قال فيه أنّه مخلوقُ ... أو مُحْدَثٌ فقولُهُ مروق
والوقف فيه بدعة مضله ... ومثل ذلك اللَّفظ عند الجلَّة
كلا الفَريقيّْن مِن الجهميَّة ... الواقفون فيه واللَّفْظيهْ
أَهْوِنْ بقَوْل جَهْمٍ الخَسيسِ ... وواصِلٍ وبِشْرِ المريسي
ثم ساق سائرها.
وقد روى عنه أيضًا: الأستاذ أبو القاسم بن العربيّ، وأبو عليّ الحسين بن محمد بن مبشّر المقرئ، وأبو القاسم خَلَف بن إبراهيم الطُّلَيْطُليّ، وأبو عبد اللَّه محمد بن فرج المَغَامِيّ، وأبو عبد اللَّه محمد بن مُزَاحم، وأبو بكر محمد ابن المُفَرّج البَطَلْيُوسيّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن عليّ نزيل الْإِسكندرية، وخلقٌ سواهم. حملوا عنه تلاوةً وسماعًا، وروى عنه بالْإِجازة: أَحْمَد بن محمد بن عبد اللَّه الخَوْلانيّ، وآخر من روى عنه بالْإِجازة أبو العبّاس أَحْمَد بن عبد الملك ابن أبي جمرة المُرْسيّ والد القاضي أبي بكر محمد.
وتُوُفّي أبو عَمْرو بدانية يوم الْإِثنين نصف شوّال، ودُفِن يومئِذٍ بعد العصر، ومشى السُّلطان أمامَ نَعْشِه، وكان الجمع في جنازته عظيمًا، وتُوُفّي أبو العباس بن أبي جمرة في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.(9/659)
116 - عليّ بن محمد بن صافي بن شُجاع، أبو الحسن الدّمشقيّ. عّرِف بابن أبي الهَوْل الرَّبَعيّ. [المتوفى: 444 هـ]
حدَّث عن عبد الوهّاب الكِلابيّ، وعبد اللَّه بن بكر الطَّبرانيّ، وأبي بكر بن أبي الحديد، وتمام وأبي الحسن بن جهضم، وطائفة كبيرة.
رَوَى عَنْهُ: [ص:662] الكتّانيّ، ونجا بن أَحْمَد، وسهل بن بِشرْ، وعليّ بن أَحْمَد بن زُهير، ومحمد بن الحسين الحنائي.
قيل: إنه اتهم في سماعه كتاب " هواتف الجنان ".
تُوُفّي في ذي القعدة.(9/661)
117 - علي بن محمد بن أَحْمَد بن جعفر البغداديّ، ابن الجبّان. [المتوفى: 444 هـ]
سمع أبا الحسين محمد بن المُظفّر، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وجماعة.
تُوُفّي في المحرّم.(9/662)
118 - الفضل بن إسحاق بن إبراهيم، أبو زيد الأزدي الهروي، [المتوفى: 444 هـ]
الخطيب المفتي ناظر أوقاف هراة، وابن عم قاضيها محمد بن محمد الأزديّ.
روى عن عبد اللَّه بن أَحْمَد بن حمويه السرخسي، وعبد الرحمن بن أبي شُرَيْح.(9/662)
119 - الفضل بن محمد بن عليّ، أبو القاسم القصبانيّ البصْريّ النّحويّ. [المتوفى: 444 هـ]
أحد أئِمة العربيّة، وعنه أَخَذَ أبو زكريّا يحيى بن عليّ التبريزيّ، وأبو محمد القاسم بن عليّ الحريري، وله كتاب " الصَّفوة في مُخَتار أشعار العرب "، وهو كبير، وكتاب " الأمالي "، و " مقدمة في النحو ".
ومن شعره:
في الناسِ منْ لَا يُرَتجَى نفعُه ... إِلَّا إذا مُسَّ بإضْرَارِ
كالعُود لَا مَطْمَع في ريِحِهِ
إِلَّا إذا أحرق بالنار(9/662)
• - قِرْواش. صاحب الموصِل. [المتوفى: 444 هـ]
ذُبِح في هذه السّنة، وقد مر عام أحد.(9/662)
120 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد، أبو جعفر السّمنانيّ [المتوفى: 444 هـ]
قاضي الموصِل وشيخ الحنفيّة.
سكن بغداد، وحدّث عن نصر بن أَحْمَد المَرْجيّ، والدَّارقُطْنيّ، وعليّ بن عمر الحربيّ، وجماعة غيرهم.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقًا فاضلًا حنفيا يعتقد مذهب الأشعريّ، ولهُ تصانيف.
قلت: توفّي بالموصِل وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
وقد ذكره ابن حزم فقال، أبو جعفر السِّمْناني المكفوف قاضي الموصِل هو أكبر أصحاب الباقِلانيّ ومقدِّم الأشعرية في وقتنا، قال: من سمَّى اللَّه جسمًا من أجل أنّه حامل لصفاته في ذاته فقد أصاب المعنى وأخطأ في النِّسبة فقط. ثُمّ أخذ ابن حزم يُشنِّع على السِّمْنَانيّ ويسبّهُ لهذه المقالة المبتدعة ولنحوها. فنعوذ باللَّه من البِدَع، فليت ابن حزم سكت رأسًا برأسٍ، فله أوابد في الأصول والفُروع.(9/663)
121 - محمد بن إبراهيم بن عبد اللَّه، أبو عبد اللَّه بن أبي حَبّة الأُمَويّ، مولاهم القُرُطبِيّ. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن أبي عبد الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وابن أبي الحُبَاب، وأبي محمد الأصيليّ، وكان متفننا في العلوم ثاقب الذهن حافظا للَأخبار.
تُوُفّي في آخر السَّنة، وقد نيف على الثمانين.(9/663)
122 - محمد بن إسماعيل بن عمر بن محمد بن سبنك، أبو الحسن البَجَليّ البغداديّ المعدّل. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن جدِّه عمر، وأبي عبد اللَّه العسكريّ، وأبي سعيد الحُرْفيّ، والدّارَقطنيّ، وتُوُفّي في رمضان.(9/663)
123 - محمد بن عبد العزيز بن العباس ابن المهديّ الهاشميّ العبّاسيّ. أبو الفضل، [المتوفى: 444 هـ]
خطيب الحربيّة. [ص:664]
سمع أبا الحسين بن سمعون، والحسن بن محمد المخزومي، وأبا بكر ابن أبي موسى الهاشميّ، وجماعة.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا خيّرًا فاضلًا معدّلًا. تُوُفّي في المحرَّم، وكان مولده في سنة ثمانين وثلاثمائة.
قلت: روى عنه ولده أبو عليّ محمد بن محمد.(9/663)
124 - محمد بن أبي عَدِيّ بن الفضل، أبو صالح السَّمَرْقَنْديّ، ثُمّ المصري. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن القاضي أبي الحسَن الحلبيّ، وأحمد بن محمد بن الأزهر السّمناويّ. روى عنه الرّازيّ في " مشيخته ".(9/664)
125 - محمد بن علي بن أَحْمَد بن محمد بن داود. أبو نصر البغداديّ ابن الرّزّاز. [المتوفى: 444 هـ]
سمع ابن حُبابَة، وأبا طاهر المخلّص.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا.(9/664)
126 - محمد بن محمد ابن أخي سعاد الأسديّ الكوفيّ. [المتوفى: 444 هـ]
قال أبي النَّرْسيّ: حدثنا عن أبي الطيب ابن النَّحّاس، وسماعه صحيح.(9/664)
127 - محمد بن محمد بن مغيث بن أَحْمَد بن مغيث، أبو بكر الصدفيّ الطُّلَيْطُليّ. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن محمد بن إبراهيم الخشني، وعبدوس بن محمد، وأبي عبد الله ابن أبي زَمَنين، وكان من جِلّة الفقهاء وكبار العُلماء. مُقدَّمًا في الشُّورَى.
قال ابن مظاهر: أخبرني من سمع محمد بن عمر ابن الفخَّار مرَّات يقول: ليس بالَأندلُس أبصَر من محمد بن محمد بن مغيث بالَأحكام.
تُوُفّي في جمادى الآخرة.(9/664)
128 - المطهِّر بن محمد النَّهشِليّ. [المتوفى: 444 هـ]
كوفيّ وثَّقه أُبيّ النرسي، وقال: حدثنا عن أبي الطيب ابن النّحّاس.(9/665)
129 - مكِّي بن عمر، أبو عبد اللَّه المُحتَسِب الهمذانيّ، العبد الصّالح. [المتوفى: 444 هـ]
روى عن أَحْمَد بن جانجان، وأبي طاهر بن سَلَمَة، وأبي مسعود البَجَليّ.
قال شِيرَوَيْه: لم أدركه، وحدثنا عنه الميدانيّ، وكان صدوقًا مُكثِرًا زاهدًا. كان يقرأ على المشايخ رحمه الله تعالى.(9/665)
130 - ناصر بن الحسين بن محمد بن عليّ القُرشيّ العُمَريّ. أبو الفتح المَرْوَزيّ الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 444 هـ]
سمع أبا العبّاس السَّرْخَسيّ بمرو، وأبا محمد المخلديّ، وأبا سعيد بن عبد الوهاب الرّازيّ بنْيَسابُور، وأبا محمد عبد الرّحمن بن أبي شُريْح الأنصاريّ بهراة، وتفقه بمرْو على: القفَّال، وبنيسابور على: أبي طاهر بن مَحْمِش، وأبي الطيِّب الصُّعلُوكيّ، ودرس في حياتهما، وتفقّه به خلقٌ مثل: أبي بكر البَيْهقيّ، وأبي إسحاق الجيليّ.
وتُوُفّي بنيسابور في ذي القعدة.
وكان عليه مدار الفتوى والمناظرة، وكان فقيرًا قانعًا باليسير، متواضعًا خيِّرًا، وقد تفقّه بمرو على القفَّال وغيره، وكان من أفراد الأئِمة، وقد أملى مُدّة سنين، وروى عنه مسعود بن ناصر السّجْزيّ، وأبو صالح المؤذِّن، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ، وطائفة.(9/665)
-سنة خمس وأربعين وأربعمائة(9/666)
131 - أَحْمَد بن عليّ بن هاشم، أبو العبّاس المصريّ المقرئ المجوّد، المُلقّب بتاج الأئمة. [المتوفى: 445 هـ]
قرأ على أبي حفص عمر بن عِرَاك وأبي عدي عبد العزيز بن عليّ بن محمد بن إسحاق، وأبي الطيّب عبد المنعم بن غَلْبُون، وعليّ بن سليمان الأنطاكيّ، وأبي الحسن عليّ بن محمد بن إسحاق الحلبيّ. ثمّ رحل إلى العراق فقرأ بالروايات على أبي الحسن الحماميّ.
وتصدّر للإقراء بمصر؛ قرأ عَلَيْهِ أبو القاسم الهذلي، وغيره. ودخل الأندلس في سنة عشرين وأربعمائة مجاهدا فأتى سرقسطة وأقام بها شهورا، وكان رجُلًا ساكنًا عفيفًا، فيه بعض الغَفْلَة.
وذكره أبو عمر ابن الحذّاء وقال: كان أحفظ من لقيتُ لاختلاف القُرّاء وأخبارهم، وانصرف إلى مصر واتّصل بنا موتُه.
قلت: وقال ابن بشكوال: سمع منه أبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر ابن الحذاء، وغيرهما.
قلت: وقد سمع من أبي الحسن الحلبيّ، والميمون بن حمزة الحُسَيْنيّ، وأحمد بن عبد الله بن رزيق المخزوميّ، وأبي محمد الضرّاب. روى عنه الرّازي.
وقال الحبّال: تُوُفّي في شوّال.(9/666)
132 - أَحْمَد بن عمر بن رَوْح، أبو الحسين النّهْروانيّ. [المتوفى: 445 هـ]
سمع أبا حفص ابن الزيات، وابن عُبَيْد العسكريّ، والحسن بن جعفر الخِرَقيّ، والدَّارقُطَنيّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا أديبًا حسن المذاكرة معتزليا، توفي في ربيع الآخر. [ص:667]
قلت: روى عنه أبو منصور ابن النَّقُّور، وجماعة.(9/666)
133 - أَحْمَد بن محمد بن إبراهيم ابن رأس البغل، أبو عبد اللَّه العبّاسيّ، مولاهم. [المتوفى: 445 هـ]
قال أبي النَّرسِيّ: كان صالحًا صحيح السَّماع. سمعته يقول: وُلِدت في ذي الحِجّة سنة اثنتين وستِّين وثلاثمائة.
مات في ربيع الأوَّل.(9/667)
134 - إبراهيم بن عمر بن أَحْمَد بن إبراهيم، أبو إسحاق البرمكيّ البغداديّ، الفقيه الحنبليّ. [المتوفى: 445 هـ]
كان أسلافه يسكنون محلَّةً تُعرَف بالبرامكة، وقيل: بل كانوا يسكنون قريةً تُسمّى البرمكيّة، وإلّا فليس هو من ذريّة البرامكة.
سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وأبا محمد بن ماسي، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وأبا الفتح محمد بن الحسين الأزْديّ، وابن بخيت الدّقاق، وإسحاق بن سعْد النسويّ، وطائفة سواهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا ديّنًا فقيهًا على مذهب أَحْمَد بن حنبل، وله حلقة للفتوى، وُلِد سنة إحدى وستّين وثلاثمائة، وتُوُفّي يوم التَّروِية.
قلت: وكان إمامًا في الفرائض، صالحًا زاهدًا. أجاز له أبو بكر عبد العزيز غلام الخلّال، وتفقّه على أبي عبد الله ابن بُطَّة، وعلى: ابن حامد. روى عنه أبو غالب محمد بن عبد الواحد الشيبانيّ، وأبو منصور محمد بن عليّ القزوينيّ الفرّاء، وعبد القادر بن محمد بن يوسف، وهبة اللَّه بن أَحْمَد بن الطَّبر الحريري، وجماعة، وآخر من حدَّث عنه القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري.(9/667)
135 - إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز، أبو إسحاق الدّمشقيّ المقرئ القصّار. [المتوفى: 445 هـ]
كهل سمع عبد الرحمن بن أبي نصْر، وغيره. روى عنه عبد المنعم بن علي الكلابي. [ص:668]
وكان ثقة.(9/667)
136 - إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن زنجويه، أبو سعد ابن السّمّان الرّازيّ الحافظ. [المتوفى: 445 هـ]
سمع عبد الرّحمن بن محمد بن فضالة بالرّي، ومحمد بن عبد الرّحمن المخلّص ببغداد، وبمكّة أَحْمَد بن إبراهيم بن فِراس، وبمصر عبد الرحمن بن عمر النّحّاس، وبدمشق عبد الرّحمن بن أبي نصر، وخَلقًا كثيرّا.
روى عنه الخطيب، والكتّانيّ، وابن أخته طاهر بن الحسين الرّازيّ، وأبو عليّ الحدّاد، وغيرهم.
قال المرتضى أبو الحسن المطهِّر بن عليّ العلويّ الرّازيّ: سمعت أبا سعد السّمّان إمام المعتزلة يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الْإِسلام.
وقال عمر العُلَيْميّ: وجدت على ظهر جُزء: مات الزَّاهد أبو سعد إسماعيل بن عليّ السمّان في شعبان سنة خمسٍ وأربعين شيخ العدليّة وعالمهم وفقيههم ومُحدّثهم، وكان إمامًا بلا مُدافعة في القراءات، والحديث، والرجال، والفرائض، والشّروط، عالِمًا بفقه أبي حنيفة، وبالخلاف بين أبي حنيفة والشّافعيّ، وفقه الزَّيْديّة، وكان يذهب مذهب الشّيخ أبي هاشم، ودخل الشّام، والحجاز، والمغرب، وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ، وقصد أصبهان في آخر عمره لطلب الحديث، وكان يُقال في مدحه إنّه ما شهد مثل نفسه، كان تاريخ الزّمان وشيخ الإسلام، ثم ذكر فصلا في مدحه.
وقال الحافظ ابن عساكر: سألتُ أبا منصور عبد الرّحيم بن المُظفّر بالرّيّ عن وفاة أبي سعد السّمّان، فقال: سنة ثلاثٍ وأربعين. قال: وكان عدليّ المذهب، يعنيّ معتزليا، وكان له ثلاثة آلاف وستمائة شيخ، وصنّف كتبًا كثيرة ولم يتأهل قطّ. [ص:669]
وقال الكتّانيّ: كان من الحُفّاظ الكِبار، زاهدًا عابدًا يذهب إلى الاعتزال.
قلت: وقع لنا من تأليفه " المسلسلات "، و " الموافقة بين أهل البيت، والصّحابة "، ومع براعته في الحديث ما نفعه الله به، فالأمر لله.(9/668)
137 - طَرَفَة بن أَحْمَد بن الكُمَيْت، الحَرَسْتَانيّ الدّمشقيّ، أبو صالح الماسح. [المتوفى: 445 هـ]
روى عن عبد الوهاب الكلابي، وغيره. روى عنه ابنه صالح، ونجا بن أَحْمَد، وسهْل بن بشر، والشّريف النَّسيب.
وكان ثقة. توفي في شعبان وسماعه قليل.(9/669)
138 - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أبو القاسم الْأصبهاني الرّفاعيّ. [المتوفى: 445 هـ]
حافظ. قال الخطيب: حدثنا عن أَحْمَد بن موسى بن مردَوْيه، ومات ببغداد في رمضان، وكنت إذ ذاك في برّيّة السَّماوة قاصدًا دمشق، ويروي عن أبي عمر الهاشميّ.(9/669)
139 - عبد الوهّاب بن محمد بن محمد، أبو القاسم الخطّابيّ الهرويّ. [المتوفى: 445 هـ]
سمع أبا الفضل بن خَميروَيْه، وأبا سليمان الخطابي. روى عنه الحسين بن محمد الكتبي.(9/669)
140 - عتبة بن عبد الملك بن عاصم، أبو الوليد العثماني لأندلسي المقرئ. [المتوفى: 445 هـ]
رحل في صباه، وقرأ بالروايات على أبي أحمد السامري، وأبي حفص بن عراك، وابن غلبون أبي الطيب، وأبي بكر محمد بن علي الأدفوي.
قال ابن النجار: سمع من والده عبد الملك بن عاصم بن الوليد الأموي بالَأندلس سنة خمسٍ وسبعين، وأبوه فيروي عن أبي العبّاس أَحْمَد بن يحيى [ص:670] المليانيّ، لقِيَه بِتِنَّيْس يروي عن يحيى بن بُكَيْر، وذكر أنّهُ قرأ على أبي حفص سنة ثمانين وثلاثمائة. قرأ عليه أبو طاهر بن سوّار، وأبو بكر أَحْمَد بن الحسين القطّان، وروى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأحمد بن علي الطريثيثي، والمبارك ابن الطُّيُوريّ، وغيرهم.
وقال أبو الفضل بن خَيْرون: كان رجلًا صالحًا، قد كتبتُ عنه، ومات في رجب ببغداد.(9/669)
141 - عطية بن الحسين بن محمد بن زهير، الخطيب أبو محمَّد الصَّوريّ. [المتوفى: 445 هـ]
سمع أبا الحسين بن جُميْع، وحمدان بن عليّ المْوصِليّ. روى عنه ابنه حسن، وأبو نصر الطُّرَيْثِيثيّ، وسهل بن بشرْ.
وكان ينوب في القضاء ببلده، وكان أحد الخُطباء البُلَغاء، ذا عناية بالعلوم والَآداب.(9/670)
142 - عليّ بْن سَعِيد بْن عليّ، أَبُو نصر، الفقيه المعدل. [المتوفى: 445 هـ]
سَمِعَ أَبَا مُحَمَّد عبد اللَّه ابن السقاء، وتُوُفِّي بواسط في شعبان.(9/670)
143 - عليّ بن عُبَيْد اللَّه بن محمد أبو الحسن الهمذانيّ الكسائيّ الصُّوفيّ، [المتوفى: 445 هـ]
المُحدِّث بمصر.
سمع أَحْمَد بن عبدان الشّيرازيّ الحافظ بالَأهواز، ونَصْر بن أَحْمَد بالموصل، وعبد الوهّاب الكِلابيّ بدمشق، وأبا الفتح محمد بن أَحْمَد النّحوي بالرَّمْلَة، ومنير بن عطيّة بقِيّْساريّة، وإسماعيل بن الحسن الضّرّاب بمصر.
روى عنه عبد المحسن بن محمد الشيحيّ، وسهل بن بشر الإسفراييني، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وقد كتب عنه عبد العزيز النخشبي، وأبو نصر السَّجْزِيّ، وتُوُفّي في جُمَادى الأولى.(9/670)
144 - عمر بن أَحْمَد بن محمد، أبو حفص البُوصِيريّ المصريّ الفقيه المالكيّ. [المتوفى: 445 هـ][ص:671]
حدّث عن قاضي أَذَنَة عليّ بن الحسين.(9/670)
145 - عمر ابن الواعظ أبي طالب محمد بن عليّ بن عطيّة المكيّ، أبو حفص. [المتوفى: 445 هـ]
روى عن والده كتاب " القوت " ببغداد، وروى عن أبي حفص بن شاهين.(9/671)
146 - محمد بن أَحْمَد بن عثمان، أبو طالب ابن السوادي، [المتوفى: 445 هـ]
أخو أبي القاسم الأزهري.
سمع الحسين بن محمد بن عبيد العسكري، وابن لؤلؤ الوراق، ومحمد ابن المظفر.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا. توفي بواسط في ذي الحجة.
وقال السلفي: سألت خميسا الحوزي عن أبي طالب ابن الصيرفيّ أخي الأزهريّ فقال: سمع بإفادة أخيه، وكان يُتّهم بالرفض. نزل واسط مُدّة.(9/671)
147 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرّحيم، أبو طاهر الْأصبهانيّ الكاتب. [المتوفى: 445 هـ]
حدَّث عن أبي الشيخ، وأبي بكر القباب، وأبي بكر ابن المقرئ، والدّارَقُطْنيّ حدَّث عنه " بسُنَنِه "، وأبي الفضل الزُّهريّ، وابن شاهين، وغيرهم.
وولِدَ في أوّل سنة ثلاث وستين.
قال عبد العزيز النّخشبيّ: سمعته يقول: أوّل ما سمعت الحديث من أبي محمد بن حيَّان في صَفر سنة ثمانٍ وستين. مات يوم الجمعة الحادي عشر من ربيع الآخر.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: ولم يحدّث في وقته أوثق مِنْهُ وأكثر حديثًا. صاحب الكُتُب والَأُصول الصِحاح، وهو آخر من حدَّث عَن أبي الشّيخ والقَبَّاب. [ص:672]
قلت: روى عنه أبو نصر الشيرازيّ، وعبد الغفّار بن محمد بن نَصْرَويْه الصوفيّ، وعبد الغفّار بن محمد بن شيرويه النَّيَسابُوريّ، وهبة اللَّه بن حسن الأَبَرْقُوهيّ، وأبو زكريّا يحيى بْن عَبْد الوهاب بْن مَنْدَهْ، وإسماعيل بن الفضل السّرّاج، وأبو الرّجاء محمد بن أبي زيد أحمد بن محمد الجركاني، وأبو منصور أَحْمَد بن محمد بن إدريس الكرمانيّ، وأبو الطِّيب حبيب بن أبي مُسلِم الطُّهرانيّ، وأبو الفتح رجاء بن إبراهيم الخبَّاز، وأبو الفتح سعيد بن إبراهيم الصفَّار، وآخر من حدَّث عنه أبو بكر محمد بن عليّ بن أبي ذرّ الصّالحانيّ، عاش بعده خمسًا وثمانين سنة.(9/671)
148 - محمد بن إدريس بن يحيى الحسني الإدريسي الأندلُسيّ. [المتوفى: 445 هـ]
صاحب مالقة.
تُوُفّي في هذه السّنة، وولي مالقة بعده إدريس بن يحيى بن عليّ المُلقّب بالعالي.(9/672)
149 - محمد بن إسحاق بن فدويه أبو الحسن الكوفي المعدل. [المتوفى: 445 هـ]
ثقة، جليل، فيها مات. قاله أبي، ولد سنة ستين وثلاثمائة.
روى عن علي بن عبد الرحمن البكائي، وسمع ابن النحاس. روى عنه أُبَيُّ النّرسيّ، وجماعة.
قال الخطيب: كان ثقة ذا وقار. قال لي الصّوريُّ: ليت كُلّ مَن كتبت عنه بالكوفة مثله.(9/672)
150 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد الرّحمن العلويّ الكوفيّ. أبو عبد اللَّه، [المتوفى: 445 هـ]
مُسْنَد الكوفة في وقته.
انتَقَى عليه الحافظ الصُّوريُّ، وحدّث عن عليّ بن عبد الرّحمن البكّائيّ، وأبي الفضل محمد بن الحسن بن حُطَيْط الأَسَديّ، ومحمد بن زيد بن مروان، وأبي الطّيِّب محمد بن الحُسَين التَّيمُّلّيّ ومحمد بن عبد الله بن المطلب بن [ص:673] الشيبانيّ، ومحمد بن عليّ بن أبي الجرَّاح، وأبي طاهر المُخلِّص، وأبي حفص الكتّانيّ، وغيرهم.
وهو من كبار شيوخ أُبَيِّ النَّرسيّ. تُوُفّي بالكُوفَة في ربيع الأوَّل. أرَّخه أَبِي ووثَّقه، وقال: مولده في رجب سنة سَبْعٍ وستّين وثلاثمائة. ما رأيت من كان يفهم فقه الحديث مثله، وكان حافظًا خرَّج عليه الصُّوريّ وأفاد عنه، وكان يفتخر به.
قلت: وروى عنه من شيوخ السِّلفيّ، أبو منصور أَحْمَد بن عبد اللَّه العلويّ الكوفيّ، ومحمد بن عبد الوهّاب الشُّعيريّ، وأبو الحارث عليّ بن محمد الجابري، وعلي بن قطر الهمداني، وعلي بن علي ابن الرطاب، وعبد المنعم بن يحيى ابن الهِقل الكوفيّون.(9/672)
151 - محمد بن علي بن محمد بن عبد اللَّه بن بشْرَان، أبو نصر [المتوفى: 445 هـ]
ابن العدل المُسْنِد أبي الحسين.
تُوُفّي في شعبان، وقد روى الحديث.(9/673)
152 - محمد بن عيسى بن محمد، أبو عبد اللَّه الأموي القُرْطُبيّ، المؤدّب المعمّر. [المتوفى: 445 هـ]
رَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأبي عبد اللَّه بن مفرِّج القاضي، وأبي بكر الزُّبَيْدِيّ، وقرأ القرآن على أبي الحسن الأنطاكيّ.
وكان شيخًا صالحًا. حدَّث عنه الخولانيّ وقال: سألته عن مولده، فذكر أنّه في النصف من جُمَادى الآخرة سنة تسعٍ وأربعين وثلاثمائة.
وقال ابن خَزْرَج: كان شيخًا فاضلًا ورِعًا من أهل القرآن. ذا حظٍّ صالح من علم الحديث، قديم العناية بطلبه. ثقة ثبتا تُوُفّي في ربيع الأوّل.
قلتُ: هذا آخر من قرأ على الأنطاكيّ، وأحسبه آخر من سمع من المذكورين.(9/673)
153 - محمد بن محمد بن عليّ بن الحَسَن. النّقيب الأفضل أبو تمَّام الهاشميّ الزّينبيّ، [المتوفى: 445 هـ]
أخو طراد، وأبي نصر وأبي منصور، والحسين. [ص:674]
ولي نقابة الهاشميين بعد أبيه، وروى عن المخلّص، وعيسى بن الوزير، وغيرهما، ولم يسمع منه إلا بعض الناس.
توفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة خمس.(9/673)
154 - محمد بن الفضل بن محمد بن سعيد، أبو الفرج القاسانيّ الْأصبهانيّ. [المتوفى: 445 هـ]
سمع إبراهيم بن خُرشيد قُوَله. روى عنه أبو عليّ الحدّاد في " مُعْجَمِهِ "، وتُوُفّي في المحرم.(9/674)
155 - المهلَّب بن أبي صُفْرَة. [المتوفى: 445 هـ]
مرَّ سنة خمسٍ وثلاثين، وقال أبو الوليد ابن الدباغ: سنة خمس وأربعين.(9/674)
156 - هبة اللَّه بن محمد، أبو رجاء الشيرازيّ المحدث. [المتوفى: 445 هـ]
تُوُفيّ بمصر في سلْخ صَفَر، وقد سمع بخراسان أصحاب الأصَمّ، وببغداد أصحاب ابن البُخْتُريّ.
قال الخطيب: علَّقت عنه، وكان ثقةً يفهم.(9/674)
-سنة ست وأربعين وأربعمائة(9/675)
157 - أَحْمَد بن أبي الربيع الأندلُسيّ البجانيّ، أبو عمر المقرئ. [المتوفى: 446 هـ]
قال ابن مدير: كان من أهل القراءات والَآثار. قرأ على أبي أَحْمَد السّامريّ وجماعة سواه، وتصدَّر للإقراء، وتوفّي بالمريّة سنة ستٍّ وأربعين.(9/675)
158 - أَحْمَد بن رشيق، أبو عُمر الثَّعْلَبيّ، مولاهم البَجَّانيّ. [المتوفى: 446 هـ]
قرأ القرآن على أحمد بن أبي الحصن الجدلي، وسمع من المُهلّب بن أبي صُفْرة.
وجلس إلى أبي الوليد بن مِيقُل وشُووِرَ بالمريَّة، ونظر عليه في الفقه، وكان له حافظًا. سمع منه أبو إسحاق بن ورْدون.
ومن طبقته: أَحْمَد بن رشيق. الكاتب الأندلسيّ سيأتي تقريبًا.(9/675)
159 - أَحْمَد بن عليّ بن أحمد، أبو الحسين النيسابوري. [المتوفى: 446 هـ]
توفي في رجب. حدَّث عن أبي عَمْرو بن حمدان وطبقته، سمع منه أبو المظفر السمعاني وغيره.(9/675)
160 - أَحْمَد بن علي بن محمد بن عبد اللَّه بن حَمَش، القاضي أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ، [المتوفى: 446 هـ]
حفيد قاضي الحَرَمَيْن.
من بيت الحشمة والسّيادة والثروة، ولي قضاء نيسابور أياما في أيام اختلاف العساكر التُّرْكُمانيّة، ولم يزل مُحتَرمًا مُكرَّمًا. حدَّث عن أبي عمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي، والمعافى بن زكريا والبغاددة. [ص:676]
وخرج له الحسكاني " الفوائد "، وأملى سنين في داره. وعاش اثنتين وثمانين سنة.(9/675)
161 - أَحْمَد بن محمد، أبو العبَّاس الجرجاني الحنيفي الناطفي. [المتوفى: 446 هـ]
وتوفي بالرّيّ. حدَّث عن أبي حفص بن شاهين، وأبي حفص الكتاني.(9/676)
162 - أحمد بن محمد ابن الأستاذ أبي عَمْرو أَحْمَد بن أُبيّ بن أَحْمَد الرّئيس أبو الفضل الفُراتيّ الخُراسانيّ. [المتوفى: 446 هـ]
رئيس محتشم وصدر مبجل، اتصل بالتركمانية وولي رياسة نيسابور مُدَّة وبعد ذلك حجَّ ودخل الشّام ومصر، وطوَّف. ورُدّ إلى بغداد فأُكرِم في دار الخلافة إكرامًا لم تجرِ العادة بمثله، ولُقِّب برئيس الرّؤساء، وعقد الْإِملاء، وكان حسن العِشرة، محبًّا للصوفيّة، وله مصاهرة مع شيخ الْإِسلام أبي عثمان الصّابونيّ. ثم صاهر بيت الصّاعديّة، وجرى بسبب تعصُّب المذهب معه وَحْشَة، وأخذ بسببه غيره من الأئمة، وقصد الرّئيس بما لم يقصد به أحد قبله مثله، وصار حديثًا وسمرًا، وكلّ ذلك من تعنتٍ واستهزاءٍ وقِلّة مُبالاة كانت غالبةً عليه، واستبدادٍ برأيٍ غير مُصيب.
حدَّث عن جدِّه، وأبي يعلى حمزة المُهلّبيّ، وعبد اللَّه بن يوسف الْأصبهانيّ، وطبقتهم، وابن مَحْمِش، والسُّلميّ. روى عنه أبو القاسم عليّ بن محمد المصِّيصيّ، وأبو الفتح نصر المقدسيّ، وعليّ بن محمد بن شُجاع، وأبو طاهر الحنائي، وأبو الحسن ابن المَوَازينيّ، وعبد اللَّه بن الحسن بن هلال الدمشقيون، وأبو سعد عبد الله ابن القُشيْريّ، وإسماعيل بن عبد الغافر.
وتُوُفّي في شَعْبَان قبل وصوله إلى بيته، وهو من أهل أُسْتُوا.(9/676)
163 - إبراهيم بن الحسن بن إسحاق الصّوّاف المصريّ، أبو إسحاق. [المتوفى: 446 هـ]
تُوُفّي في المحرَّم.(9/676)
164 - إبراهيم بن محمد بن عمر، أبو طاهر العلوي. [المتوفى: 446 هـ][ص:677]
سمع محمد بن عبد اللَّه الشّيبَانيّ. روى عنه الخطيب البغداديّ، وعاش سبعًا وسبعين سنة.(9/676)
165 - الحسن بن علي بن إبرهيم بن يَزْداد بن هُرْمز، الَأستاذ أبو عليّ الأهوازيّ المُقرئ، [المتوفى: 446 هـ]
نزيل دمشق.
قدِمها في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وسكنها، وكان مولده في أوّل سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. عني بالقراءات، ورحل فيها، ولقي الكبار، فقرأ للدُّوريّ على أبي الحسن عليّ بن حسين بن عثمان الغَضَائريّ، عن القاسم بن زكريّا، عنه. وقرأ لحفص، على الغضائري، عن ابن سهل الأُشْنَانيّ، عن عُبَيدٍ، عنه. وقرأ للّيث صاحب الكسائيّ، على أبي الفرج الشَّنْبُوذيّ، وقرأ لَأبي بكر على أبي حفص الكتّانيّ، عن ابن مجاهد، وقرأ للبزي بالَأهواز على أبي عُبَيْد اللَّه محمد بن محمد بن فيروز صاحب الحسن ابن الحباب، وقرأ لقالون في سنة ثمان وسبعين بالأهواز على أحمد بن محمد بن عبيد الله التستري، وقرأ لِوِرْش على أبي بكر محمد بن عُبَيْد اللَّه بن القاسم الخِرقيّ، وقرأ على جماعة كثيرة يطول ذكرهم بالشّام، والعراق، والَأهواز.
وصنّف " الموجز " " والوجيز " و " الْإِيجاز "، وغير ذَلِكَ في القراءات، ورحل إليه القُّراء لِعُلُوِّ سنده وإتقانه. قرأ عليه أبو عليّ غلام الهرّاس، وأبو القاسم الهُذَليّ، وأبو بكر أَحْمَد بن عمر بن أبي الأشعث السَّمَرْقَنْديّ، وأبو نَصْر أَحْمَد بن عليّ بن محمد الزّينبيّ البغداديّ، وأبو الحسن علي بن أحمد الأبهري المصيني الضّرير، وأبو الوحش سُبيْع بن المُسلِم، وأبو بكر محمد بن المُفرِّج البَطَلْيُوسيّ، وأبو بكر عَتِيق بن محمد الرّدائيّ، ومؤلّف " المفتاح " أبو القاسم عبد الوهّاب بن محمد القُرْطُبيّ.
وقد روى الحديث عن نصر بن أَحْمَد بن الخليل المرجي، وعبد الجبار بن محمد الطّلْحيّ، وأبي حفص الكتّانيّ، وهبة اللَّه بن موسى الموصِليّ، والمعافى بن زكريّا النهروانيّ، وعبد الوهّاب بن الحسن الكِلابيّ، وتمَّام بن محمد الرّازيّ، وأبي مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وخلْقٌ يطول ذكرهم. [ص:678]
وله تواليف في الحديث.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو سعد السّمّان، وعبد الرّحيم البخاري، وعبد العزيز الكتاني، والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ، وأبو القاسم النّسيب، ووثقه النسيب.
وكان من غُلاة السُّنّة. صنَّف كتابًا في الصفات، وروى فيه الموضوعات ولم يضعِّفْها، فما كأنّهُ عرف بوضعها، فتكلّم فيه الأشاعرة لذلك، ولَأنه كان ينال من أبي الحسن الأشعريّ.
قال أبو القاسم ابن عساكر: كان مذهبه مذهب السّالمية، يقول بالظّاهر ويتمسّك بالَأحاديث الضّعيفة التي تُقوّي له رأيه.
سألتُ شيخنا ابن تيميّة عن مذهب السّالمية فقال: هم قوم من أهل السنة في الجملة من أصحاب أبي الحسن بن سالم، أحد مشايخ البصرة وعُبَّادها، وهو أبو الحسن أَحْمَد بن محمد بن سالم من أصحاب سهل بن عبد اللَّه التَّسَتُّريّ، خالفوا في مسائلٍ فبدعوا.
ثم قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن أَحْمَد بن منصور، يعني ابن قُبَيْس، يحكي عن أبيه قال: لمّا ظهر من أبي عليّ الأهوازيّ الْإِكثار من الروايات في القراءات اتُّهِم في ذلك، فسار رشأ بن نظيف، وأبو القاسم بن الفُرات، ووصلوا إلى بغداد، وقرأوا على الشّيوخ الّذين روى عنهم الأهوازي، وجاؤوا بالْإِجازات، فمضى الأهوازيّ إليهم وسألهم أن يروه تلك الخطوط، فأخذها وغيّر أسماء مَن سمّى ليستُر دعواه، فعادت عليه بَرَكَة القرآن فلم يفتضح. فحدّثني والدي أبو العبّاس قال: عُوتِبَ، أو قال عاتبتُ أبا طاهر الواسطيّ في القراءة على الأهوازيّ، فقال: أقرأ عليه للعِلم ولا أُصدّقه في حرفٍ واحد.
وقال ابن عساكر في " تبيين كذِب المفتري ": لَا يستبعدنّ جاهل كذب [ص:679] الأهوازيّ فيما أورده من تلك الحكايات، فقد كان من أكذب النّاس فيما يدّعي من الرّوايات في القراءات.
وقال أبو طاهر محمد بن الحسن المِلَحيّ: كنت عند رشأ بن نظيف في داره عَلَى باب الجامع وله طاقة إلى الطريق، فاطّلَع منها وقال: قد عَبَرَ رجل كذَّاب. فاطَّلعت فوجدته الأهوازيّ.
وقال الحافظ عبد الله بن أحمد ابن السَّمَرْقَنْديّ: قال لنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أبو عليّ الأهوازيّ كذّاب في الحديث والقراءات جميعًا.
وقال الكتّانيّ: اجتمعت بالحافظ هبة اللَّه بن الحسن الطبري ببغداد، فسألني عمن بدمشق من أهل العلم، فذكرت له جماعة منهم أبو عليّ الأهوازيّ فقال: لو سَلِمَ من الراويات في القراءات.
قلت: أمّا القراءات فتلقّوا ما رواه من القراءة وصدّقوه في اللّقاء، وكان مقرئ أهل الشّام بلا مدافعة؛ معرفةً وضبطًا وعلو إسناد.
قال أبو عمرو الدّانيّ: أخذ أبو عليِّ القراءة عَرْضًا وسماعًا عن جماعة من أصحاب ابن مجاهد وابن شَنَبوذ، وكان واسع الرِّواية كثير الطُّرق حافظًا ضابطًا. أقرأ النّاس بدمشق دهْرًا.
قلت: وقد زعم أنّ شيخه الغَضَائريّ قرأ القرآن على أبي محمد عبد اللَّه بن هاشم الزَّعْفَرَانيّ، عن قراءته على خَلَف بن هشام البزَّار، ودَحَيْم الدِّمشقيّ، وأن شيخه العِجْليّ قرأ على الخَضر بن الهيثم الطوسي سنة عشر وثلاثمائة، عن عمر بن شبَّة، وفي النَّفس شيء من قرب هذه الأسانيد، ويكفي من ضعفها أن رواتها مجاهيل.
وذكر أن الغَضَائريّ قرأ على المطِّرز، عن قراءته على أبي حمدون الطِّيّب بن إسماعيل، وهذا قول مُنكَر.
قال ابن عساكر في حديث هو موضوع رواه الخطيب، عن أبي علي الأهوازي: وهو مُتَّهَم.
قلتُ: رَوَاهُ الأَهْوَازِيُّ فِي الصِّفَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ الأَطْرَابُلُسِيِّ، عَنِ الْقَاضِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ، عَنْ هُدْبَةَ بْنِ [ص:680] خَالِدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ وَكِيعِ بن عدس، عن أبي رزين لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَأَيْتُ رَبِّي بِمِنًى عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ ". هَذَا كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدِ اتَّهَمَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَبَا عَلِيٍّ الأَهْوَازِيَّ كَمَا تَرَى، وَهُوَ عِنْدِي آثِمٌ ظَالِمٌ لِرِوَايَتِهِ مِثْلُ هَذَا الْبَاطِلِ، وَلِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي زرعة أحمد بن محمد: حدثنا جدي لأمي الحسن بن سعيد، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، قال: حدثنا حماد بن دليل، عن الثوري، عن قيس بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ: إِذَا كَانَ عِشِيَّةَ عَرَفَةَ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَيَكُونُ إِمَامَهُمْ إِلَى الْمَزْدَلِفَةِ، وَلا يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَإِذَا أَسْفَرَ غَفَرَ لَهُمْ حَتَّى الْمَظَالِمِ. ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ.
وَأَطِمَ مَا للأَهْوَازِيِّ فِي كِتَابِ " الصِّفَاتِ " لَهُ حَدِيثٌ: " إِنَّ اللَّه لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ نَفْسَهُ خَلَقَ الْخَيْلَ فَأَجْرَاهَا حَتَّى عَرِقَتْ، ثُمَّ خَلَقَ نَفْسَهُ مِنْ ذلك العرق ".
وهذا خبر مقطوع بوضعه، لعن الله واضعه ومعتقده مع أنه شيء مستحيل في العقول بالبديهة.
قال ابن عساكر: قرأت بخطِّ الأهوازيّ قال: رأيت رب العزة في النوم وأنا بالَأهواز، وكأنّه يوم القيامة فقال لي: بقي علينا شيء اذهب. فمضيت في ضوء أشدّ بياضًا من الشّمس وأَنْوَر من القمر، حتى انتهيت إلى طاقة أمام باب، فلم أزل أمشي عليه ثم انتبهت.
قال ابن عساكر: أنبأنا أبو الفضائل الحَسَن بن الحَسَن الكِلابيّ قال: حدَّثني أخي عليِّ بن الخِضر العثمانيّ قال: أبو عليِّ الأهوازيِّ تكلّموا فيه، وظهر له تصانيف زعموا أنّهُ كذب فيها.
وَأَنْبَأَنَا أَبُو طاهر الحنائي، قال: أخبرنا الأهوازي، قال: حدثنا أبو حفص بن سلمون، قال: حدثنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، قال: حدثنا شعيب بن بيان الصفار، قال: حدثنا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الأذان والإقامة عليه رداء مكتوب عليه {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا} [ص:681] يقف فِي قِبْلَةِ كُلِّ مُؤْمِنٍ مُقبِلا عَلَيْهِ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ صَعَدَ إِلَى السَّمَاءِ.
وَبِهِ إِلَى عمر بْنِ سَلَمُونٍ بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ، عَنْ أَسْمَاءَ، مَرْفُوعًا: " رَأَيْتُ رَبِّي بِعَرَفَاتٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ عَلَيْهِ إِزَارٌ ".
وَهَذَانِ وَاللَّهِ مَوْضُوعَانِ، وَحَدُّ السُّوفِسْطَائِيِّ أَنْ يُشَكَّ فِي وَضْعِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ.
قال الكتّانيّ: وكان الأهوازيّ مُكثرًا من الحديث، وصنَّف الكثير في القراءات، وكان حسن التّصنيف، وفي أسانيد القراءات لهُ غرائب يُذكَر أنّهُ أخذها روايةً وتلاوةً، وتُوُفِّي في ذي الحجّة.
وزاد غيره: في رابع ذي الحجّة.
وقد وهّاه ابن خيرون، ورماه ابن عساكر بالكذِب غير مرَّة في كتابه " تبيين كذِب المُفتري "، وقال: رماه اللَّه بالدَّاء الأكبر.(9/677)
166 - الحسين بن جعفر، أبو عبد اللَّه السَّلمَاسيّ، ثُمّ البغداديّ. [المتوفى: 446 هـ]
سمع علي بن محمد بن أَحْمَد بن كَيْسان، وأبا سعيد الحُرفيّ، وعليّ بن لؤلؤ، وجماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثِقةً أمينًا كثير البرّ والخير.
قلت: أخذ السِّلَفيّ عن أصحابه.(9/681)
167 - الخليل بن عبد اللَّه بن أَحْمَد، أبو يَعْلَى الخليليّ القزوينيّ الحافظ، [المتوفى: 446 هـ]
مُصنِّف " الْإِرشاد في معرفة المحدثين ".
كان ثقةً حافظًا عارفًا بالعِلل والرِّجال، عالي الْإِسناد. سمع من عليّ بن أَحْمَد بن صالح القزوينيّ المقرئ، ومحمد بن إسحاق الكَيْسَاني، ومحمد بن سليمان بن يزيد الفاميّ، والقاسم بن علْقَمة، وجدُّه محمد بن عليِّ بن عمر، وعليّ بن عمر القصّار، وأبي حفص عمر بن إبراهيم الكتّانيّ، ومحمّد بن الحسن بن الفتح الصفّار، ومحمد بن أَحْمَد بن ميمون الكاتب، وأبي الحسين أَحْمَد بن محمد النّيسابُوريّ الخفّاف، وأبي بكر محمد بن أَحْمَد بن عبدوس المزكّي، وأبي عبد اللَّه الحاكم، وسأل الحاكم عن أشياء من العلل، وروى [ص:682] بالإجازة عن أبي بكر ابن المقرئ الْأصبهانيّ، وعن أبي حفص بن شاهين.
روى عنه أبو بكر بن لال مع تقدمه وهو من شيوخه، وولده أبو زيد واقد بن الخليل، وإسماعيل بن عبد الجبّار بن ماكي.
مات في آخر العام.(9/681)
168 - عبد اللَّه بن الحسين بن عثمان الهَمدانيّ الخبّاز. [المتوفى: 446 هـ]
روى عن الدَّارقُطْنيّ. روى عنه أبو الغنائم النّرْسِيّ.(9/682)
169 - عَبْدِ اللَّه بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَد بن عبد اللَّه بن محمد بن النعمان بن عبد السلام الأصبهاني. أبو محمد ابن اللبان. [المتوفى: 446 هـ]
قال الخطيب: كان أحد أوعية العلم. سمع أبا بكر ابن المقرئ، وإبراهيم بن خرشيذ قوله، وأبا طاهر المخلّص، وأحمد بن فِراس العبْقسيّ، وكان ثِقةً، صحِب القاضي أبا بكْر ابن الباقِلّانيّ ودرس عليه الأُصُول، ودرس الفقه على أبي حامد الإسفراييني، وقرأ بالروايات، وولي قضاء إيْذَج، ولهُ مُصنّفات كثيرة، وكان من أحسن النّاس تلاوةً. كتبنا عنه، وكان وجيز العبارة في المُناظرة مع تديُّن وعِبَادةُ وورع بيّن وحُسن خُلُقٍ وتقشُّفٍ ظاهر. أدرك رمضان سنة سبع وعشرين وأربعمائة ببغداد، فصلَّى بالنّاس التّراويح في جميع الشّهر، فكان إذا فرغها منها لا يزال يُصلّي في المسجد إلى الفجر، فإذا صلَّى درَّس أصحابه، وسمعته يقول: لم أضع جنبي للنّوم في هذا الشّهر ليلًا ولا نهارًا، وكان ورده لنفسه سبعًا مُرَتّلًا.
قال ابن عساكر: سمعتُ ببغداد من يحكي أن أبا يعلى ابن الفرّاء، وأبا محمد التميميّ شيخَيِ الحنابلة كانا يقرءان على أبي محمد ابن اللّبّان في الأصول سِرًّا، فاجتمعا يومًا في دِهليزه فقال أحدهما لصاحبه: ما جاء بك؟ قال: الذي جاء بك. فقال: أكتُم عليّ، وأكتُم عليك. ثُمّ اتفقا على أن لَا يعودا إليه خوفًا أن يطّلع عوامّهم عليهما.
وقال الخطيب: سمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس سِنين، [ص:683] وأحضرت مجلس أبي بكر ابن المقرئ ولي أربع سِنين، فتحدّثوا في سماعي، فقال ابن المقرئ: اقرأ " والمُرْسَلات ". فقرأتها ولم أغلط فيها. فقال: سمِّعوا لهُ والعهدة عليَّ.
قال الخطيب: ولم أرَ أجود ولا أحسن قِراءةً منه.
قلت: روى عنه أبو عليّ الحدّاد، وقرأ عليه بالرّوايات غَيْرُ واحد، ومات بأصبهان في جُمادى الآخرة.(9/682)
170 - عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد، أبو القاسم الخَزْرَجيّ القُرطُبيّ. [المتوفى: 446 هـ]
رحل إلى المشرِق في جُمادى الأولى سنة ثمانين وثلاثمائة، فحجّ أربع حجج.
قال أبو عليّ الغسّانيّ: سمعته غير مرّة يقول: من شيوخي في القرآن، أبو أَحْمَد السَّامريّ، وأبو الطِّيّب بن غَلْبُون، وأبو بكر محمد بن عليّ الأُدْفُويّ، ومن شيوخه في الحديث أبو بكر المهندس، والحسن بن إسماعيل الضّرّاب، وأبو مسلم الكاتب. قال: لقيتُ كُلَّ هؤلاء بمصر، ولقيَ بالقيروان: أبا محمد بن أبي زيد، وقرأ بالَأندلُس على: أبي الحسن الأنطاكيّ.
وأقرأ النّاس في مسجِدِهِ بَقُرْطُبَةِ زمانًا. ثُمّ نقله يونس بن عبد اللَّه القاضي إلى الجامع، فواظب على الْإِقراء، وأمَّ في الفريضة إلى أن تُوُفّي لست بقين في المحرم فجاءة.
وقال أبو عمر بن مهديّ: كان من أهل العلم بالقراءات، حافظًا للخُلْف بين القرّاء، مجودا للقرآن، بصيرا بالنحو، مع الحجّ والخير والأحوال المُستحسَنَة. أُجلِس للإقراء بجامع قُرْطُبة.(9/683)
171 - عبد الّرحمن بن عبد الوهاب بن محمد بن صميد الدّمشقيّ. [المتوفى: 446 هـ]
حدّث عن عبد الوهّاب الكِلابيّ، وتمّام. روى عنه نجا بن أَحْمَد.(9/683)
172 - عبد الرحمن بن مَسْلَمة بن عبد الملك بن الوليد، أبو المطرّف القُرَشيّ المالِقيّ، [المتوفى: 446 هـ]
سكن إشبيليّة.
كان مُقَدَّمًا في الفهم، بصيرًا بالعلوم الكبيرة؛ قرآن وأصول وحديث وفقه وعربية. قد أخذ من كلِّ عِلمٍ بحظٍّ وافِر. أخذ عن أبي محمد الأصيلي، وعباس بن أصبغ، وخَلَف بن قاسم وجماعة.
تُوُفّي في شوَّال، وكان مولده سنة تسعٍ وستّين.(9/684)
173 - عبد السّلام بن الحسين بن بكّار، أبو القاسم البغداديّ. [المتوفى: 446 هـ]
حدَّث عن عيسى بن الوزير، وعنه أبو عليّ البَرَدَانيّ.(9/684)
174 - عليّ بن الفضل بن أَحْمَد بن محمد بن الفُرات، أبو القاسم الدّمشقيّ المقرئ. [المتوفى: 446 هـ]
إمام جامع دِمشق.
سمع عبد الوهّاب الكلابي، والحسن بن عبد الله بن سعيد البَعَلْبَكيّ، ورحل إلى بغداد فقرأ بها القراءات، وسمع من أبي عمر بن مهديّ، وبالكوفة من القاضي محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ، وبمصر من عبد الجبّار بن أَحْمَد الطَّرَسُوسيّ.
روى عنه ابنه أبو الفضل، وأبو بكر الخطيب، وعبد المنعم بن الغمر، ومحمد ابن الموازينيّ، وأبو القاسم النّسيب، وأبو طاهر الحِنّائيّ، وأبو الحسن ابن المَوَازِينيّ.
ووثّقه النسيب.
تُوُفّي في رجب، ويُقال في شعبان.(9/684)
175 - عليّ بن ميمون بن حمْدان الأسدي المؤذن. [المتوفى: 446 هـ]
كوفي. روى عن ابن عزال. روى عنه أُبيُّ النُّرسيّ.(9/684)
176 - عمر بن محمد بن أَحْمَد بن جعفر، أبو عبد الرحمن البَحيريّ النّيسابوريّ المُزكّيّ. [المتوفى: 446 هـ]
شيخ من كبار العُدُول، ومن بيت الحديث والرّواية. سمع من جدّه، وأبيه، وأبي الحسين الحجّاجيّ، وأبي عمرو بن حمدان، وزاهر السَّرْخَسيّ، [ص:685] وأبي طاهر بن خزيمة، وجماعة، وحدَّث سنين، وأملى مُدّةً في الجامع.
قال أبو صالح المُؤذِن: خلط في سماعه في آخر عمره، وتُوُفّي في ربيع الأوّل.(9/684)
177 - عُمَر بن محمد بن قرعة المؤدب. [المتوفى: 446 هـ]
بغدادي، يعرف بابن الدِّلْو. روى عن أبي عمر بن حَيَّوَيْهِ. روى عنه أبو بكر ابن الخاضبة، وغيره.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا.(9/685)
178 - القاسم بن إبراهيم بن قاسم بن يزيد الأنصاري. من ولد الأمير عبد الله بن رواحة صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أبو محمد القُرْطُبيّ المعروف بابن الصّابونيّ، [المتوفى: 446 هـ]
نزيل إشبيليّة.
روى عن أَحْمَد بن فتح الرّسّان، وسعيد بن سَلَمَة، ومخلد بن عبد الرّحمن، وابن الجسور، ويونس بن عبد اللَّه.
وقال ابن خَزْرَج: كان من أهل العِلم بالقراءات والحديث. ذا حظٍّ وافر من الفقه والَأدب، صدوقًا. تُوُفّي بمدينة لَبْلَة، وكان خطيبها وقاضيها في شعبان، وولد سنة ثلاث وثمانين.(9/685)
179 - محمد بن الحسن بن زيد بن حمزة، أبو الحسن اليَشْكُريّ الكُوفيّ. [المتوفى: 446 هـ]
حدَّث عن عليّ البكّائيّ، وأبي زُرعة أَحْمَد بن الحُسين الرّازيّ.
قال أُبَيّ النَّرْسيُّ: سماعه صحيح. سمعته يقول: ولدت سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.(9/685)
180 - محمد بن عبد الرحمن أبو الفضل النَّيْسَابُوريّ الحُرَيْضِيّ، تصغير الحُرْضيّ، يعني الأُشْنَانيّ. [المتوفى: 446 هـ]
حدَّث ببغداد عن أبي الحسين الخفّاف، والعَلَويّ، وابن فُوَرك. [ص:686]
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا صالحا. تُوُفّي بهَمَذَان.(9/685)
181 - محمد بن عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم، أبو الحسين بْن أبي محمد بن أبي نصر التميمي الدمشقي المعدل. [المتوفى: 446 هـ]
سمع أباه، وأبا بكر المَيَانِجِيّ، وأبا سليمان بن زبر، وهو آخر من حدَّث عنهما، وروى عنه سهل بن بِشْر، وموسى الصِّقليّ، وأبو القاسم النّسيب، وأبو الحسن ابن المَوَازينيّ، وأبو طاهر الحِنَّائيّ.
وكانت له جنازة عظيمة، غُلِق له البلد، وحضره النّائب. تُوُفّي في رجب.(9/686)
182 - محمد بْن عليّ بن إبراهيم، أبو طالب البيضاويّ. [المتوفى: 446 هـ]
تُوُفّي في رمضان، وكان مكثرا. سمع أبا الحسين ابن المظفّر، وابن حَيَّوَيْهِ. روى عنه الخطيب، وأثنى عليه، وعبد العزيز الكتّانيّ.
وكان صدوقًا.(9/686)
183 - محمد بن الفضل بن محمد، أبو بكر النَّيْسابوريّ اللّبّاد. [المتوفى: 446 هـ]
روى الكثير عن أبي أَحْمَد الحاكم، وأبي الحسين محمد ابن المظفر، وطبقتهما.(9/686)
184 - محمد بن محمد بن عيسى بن خازم، أبو الحسين البكريّ الكوفيّ المعروف بابن نَفِّطْ. [المتوفى: 446 هـ]
سمع بإفادة أبيه من عليّ بن عبد الرّحمن البكّائيّ، وكان أُميًّا لَا يكتُب.
روى عنه أُبيّ النَّرسيّ.(9/686)
185 - محبوب بن محبوب بن محمد، أبو القاسم الخشنيّ الطُلَيْطُليّ. [المتوفى: 446 هـ][ص:687]
روى عن محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وأبي إسحاق بن شَنْظِير، وأبي جعفر بن ميمون، وكان من أعلم أهل زمانه باللغة والعربيّة، بصيرا بالحديث وعلله، فهِمًا فطِنًا صالحًا. تُوُفّي في المحرم؛ ترجمه ابن مظاهر.(9/686)
186 - نصر بن سيّار بن يحيى، أبو الفتح الهَرَويّ القاضي، [المتوفى: 446 هـ]
رئيس بلده.
روى عن جدّه، وعن خاله أبي القاسم الداودي، وخرَّج له شيخ الْإِسلام أمالي.
وَقُتِلَ مظلومًا.(9/687)
187 - بنت فائز القرطبي، امرأة أبي عبد اللَّه بن عتّاب. [المتوفى: 446 هـ]
عالمة فاضلة مُتَفنِّنَة في العلوم، أخذت عِلم الآداب عن أبيها، والفِقه عن زوجها، وقدِمت على أبي عمرو الداني لتقرأ عليه، فوجدتهُ مريضًا فمات، فذهبت إلى بَلَنْسِية وقرأت بالرِّوايات السبع على أبي داود صاحب الدّانيّ. ثم حجّت سنة خمسٍ، وتُوُفّيت راجعةً بمصر سنة ست.(9/687)
-سنة سبع وأربعين وأربعمائة(9/688)
188 - أَحْمَد بن بابشاذ بن داود بن سليمان، أبو الفتح المصريّ الجوهريّ الواعظ. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن أبي مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وأبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غَلْبُون.
قال أبو طاهر السَّلفيّ: وفيه على ما قيل ليْنٌ.
قلت: وروى عنه ابنه طاهر صاحب العربيّة، وأبو الحسين يحيى بن علي الخشاب المقرئ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وغيرهم.
وتوفي في رمضان.(9/688)
189 - أحمد بن سلامة، أبو زيد الأصبهاني. [المتوفى: 447 هـ]
عن أبي بكر ابن المقرئ، وعنه يحيى بن منده.
مات في جمادى الأولى.(9/688)
190 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن ثابت، الإمام أبو نصر الثابتي البخاري، الفقيه الشافعي. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن أبي القاسم بن حبابة، وأبي طاهر المخلّص، وتفقّه على أبي حامد الإسفراييني، ودرس وأفتى.
قال الخطيب: كتب عنه، وكان ليّنًا في الرّواية.
قال الذُّهَليّ: كان يُدرّس ويُفتي، وله حلقة في جامع المدينة.
وقال: النرسي: حدثنا عن زاهر السرخسي وغيره، تُوُفّي في رجَب.(9/688)
191 - أَحْمَد بْن عليّ بْن عبد اللَّه، أبو بكر البغداديّ الزَّجّاجيّ المؤدِّب. [المتوفى: 447 هـ]
سمع أبا القاسم بن حُبابة، وأبا حفْص الكتّانيّ.
قال الخطيب: كان ديّنًا فقيهًا شافعيا. كتبت عنه، وذكر لي أنّه سمع من زاهر بن أَحْمَد السَّرْخَسيّ، إِلَّا أن كتابه ببلده بطبرستان. [ص:689]
وأرَّخ ابن خَيْروُن وفاته في ذي الحجّة، وأنّهُ كان صالحًا.(9/688)
192 - أَحْمَد بن محمد بن أَحْمَد بن عبدوس، أبو الحسن البغداديّ الزَّعفرانيّ المؤدِّب. [المتوفى: 447 هـ]
سمع أبا بكر القَطيعيّ، وابن ماسيّ، وابن شاهين.
قال الخطيب: كتبت عنه من سماعه الصحيح، ومات في صفر، وقد ولد في سنة ثمان وخمسين.
وقال ابن خيرون في " الوفيَّات ". كان في كلامه وسماعه تخليط.(9/689)
193 - التّقي بن نجم بن عُبَيْد اللَّه، أبو الصّلاح الحَلَبيّ، [المتوفى: 447 هـ]
شيخ الشّيعة وعالِم الرّافضة بالشّام.
قال يحيى بن أبي طيئ في " تاريخه ": هو عين علماء الشّام والمُشار إليه بالعلم والبيان، والجمع بين علوم الأديان، وعلوم الأبدان، وُلِدَ في سنة أربعٍ وسبعين بِحَلَبْ، ورحل إلى العراق ثلاث مرّات، وقرأ على الشّريف المُرتضى.
وقال ابن أبي رَوْح: تُوُفّي بعد عوده من الحجّ بالرّملة في المُحرَّم، وكان أبو الصّلاح علّامةً في فقه أهل البيت.
وقال غيره: لهُ مُصنّفات في الأصول والفروع، منها كتاب " الكافي "، وكتاب " التقريب "، وكتاب " المُرشِد إلى طريق التّعبُّد "، وكتاب " العُمْدة في الفقه "، وكتاب " تدبير الصّحة " صنّفه لصاحب حلب نصر بن صالح، وكتاب " شُبَه الملاحدة "، وكتبه مشكورة بين أئمّة القوم.
وذُكِر عنهُ صلاح وزُهْد وتقشُّف زائد وقناعة مع الحُرمة العظيمة، والجلالة، وأنّه كان يُرغِّب في حضور الجماعة، وكان لا يُصلّي في المسجد غير الفريضة، ويتنفّل في بيته، ولا يقبل ممّن يقرأ عليه هديّة، وكان من أذكياء النّاس وأَفْقههم وأكثرهم تفننا.
وطول ابن أبي طيئ ترجمته.(9/689)
194 - تمّام بن محمد بن هارون، الخطيب أبو بكر الهاشميّ البغداديّ. [المتوفى: 447 هـ][ص:690]
سمع علي بن حسان الجدلي صاحب مطيّن، وكان صدوقًا مُعظّمًا. كتب عنه أبو بكر الخطيب، والكبار.(9/689)
195 - جعفر بن محمد بن عفّان الفقيه أبو الخير المِرْوَزيّ الشافعيّ. [المتوفى: 447 هـ]
قدِمَ معرّة النّعْمَان، وأقرأ بها الفقه، وصنّف في المُذهَّب كتاب " الذّخيرة " وكان قدومه المعرة في سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ودرس بها، وأخذ عنه أهلها.(9/690)
196 - الحسن بن رجاء البغدادي، ابن الدَّهان النَّحْويّ. [المتوفى: 447 هـ]
أقرأ العربية مُدّة.(9/690)
197 - الحسن بن عليّ بن عبد اللَّه، أبو عليّ العطَّار المقرئ البغدادي، المؤدب، ويعرف بالأقرع، [المتوفى: 447 هـ]
والد فاطمة صاحبة الخطّ المنسوب.
سمع من عيسى ابن الوزير، وأبي حفص الكتاني، والمخلص، وقرأ بالرويات على: أبي الفَرَج عبد الملك بن بكران النَّهْرَوانيّ، وأبي إسحاق إبراهيم بن أَحْمَد الطَّبَرِيّ، وأبي الحسن الحمَّاميّ، وجماعة. قرأ عليه أبو طاهر بن سوار، وأبو غالب القزَّاز، وروى عنه أبو بكر الخطيب وقال: لم يكن به بأس.(9/690)
198 - الحسين بن أَحْمَد بْن محمد بْن حبيب، أبو عبد اللَّه القادسيّ البزَّاز. [المتوفى: 447 هـ]
كان يُملي في جامع المنصور مُدّة عن أبي بكر القَطيعيّ، والورَّاق، وأبي بكر ابن شاذان.
قال الخطيب: حضرته يوما وطالبته بأصوله، فدفع إلي عن ابن شاذان وغيره أصولا صحيحة. فقلت: أرني أصلك عن القطيعيّ. فقال: أنا لَا يُشكُّ في سَمَاعي منه. سمَّعني خالي هبة اللَّه المُفسِّر منه " المُسند " كُلُّه. فقلت: لَا تروينَّ ههنا شيئًا إِلَّا بعد أن تُحضِر أصولك وتُوقِف عليها أصحاب الحديث. [ص:691]
فانقطع ومضى إلى مسجد براثًا فأملى فيه، وكانت الرَّافضة تجتمع هناك، فقال لهم: منَعَتني النَّواصِب أن أروي في جامع المنصور فضائل أهل البيت. ثم جلس في مسجد الشَّرقيّة، واجتمعت إليه الرَّافضة، ولهم إذ ذاك قوَّة وكلمتهم ظاهرة، فأملى عليهم العجائب من الموضوعات في الطَّعن على السَّلَف.
وقال لي يحيى بن حسين العلويّ: أخرج إليّ ابن القادسيّ أجزاء كثيرة عن القَطِيعيّ، فلم أرَ في شيءٍ منها له سماعًا صحيحًا إِلَّا في جزءٍ واحد، وكانت أجزاءً عُتقًا قد غيَّر أوائلها وكتَبَهُ بخطِّه، وأثبت فيها سماعه.
وقال أبي النرسي: كان ابن القادسي يسمع لنفسه، وكان له سماع صحيح، منه حديث الكُديْميّ، وجزء من حديث القَعْنَبِيّ، وأجزاء من " مُسنَد أَحْمَد ". سمعنا منه.
قلتُ: حديث الكُدَيْميّ وقع لنا، كان قد تفرَّد به ابن المَوَازينيّ، عن البهاء.
ومات ابن القادسيّ في ذي القعدة.(9/690)
199 - الحسين بن عليِّ بن جعفر بن علّكان ابن الأمير أبي دُلَف العِجْليّ الفقيه. قاضي القُضاة أبو عبد اللَّه الجرباذقانيّ، المعروف بابن ماكولا. [المتوفى: 447 هـ]
ولي قضاء القضاة ببغداد سنة عشرين وأربعمائة.
قال الخطيب، ولم نرَ قاضيا أعظم نزاهةً منه.
سمعته يقول: سمعت من أبي عبد اللَّه بن منده بأصبهان.
تُوُفِّي في شوَّال وهو حينئِذٍ قاضي القُضاة، وكان عارفًا بمذهب الشافعي، وقيل: إنه ولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
وهو عمّ الحافظ أبي نصر الأمير.(9/691)
200 - الحُسَيْن بن عليّ بن محمد بن أبي المضاء، أبو عليِّ البعلبكيِّ، القاضي. [المتوفى: 447 هـ]
حدَّث عن الحسن بن عبد اللَّه بن سعيد الكِنْديّ الحِمصي، والحسين بن أَحْمَد البَعَلْبَكيّ. روى عنه أبو المضاء محمد بن عليّ المعروف بالشّيخ الدَّيِّن، [ص:692] وسماعه منه بِبَعَلْبَك في سنة ستٍّ وأربعين، وتُوُفّي بعدها بسنة.(9/691)
201 - حَكَمُ بن محمد بن حَكَم، أبو العاص الْجُذّاميِّ القُرْطُبيّ، ويُعرف بابن إفْرانْك. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن عبَّاس بن أَصبَغ، وخلف بن القاسم، وعبد اللَّه بن إسماعيل بن حرب، وهاشم بن يحيى، وجماعة كبيرة، ولقي بطُلَيطُلَة: عبدوس بن محمد، وغيره، ورحل سنة إحدى وثمانين وحج، فأخذ عَن أبي يعقوب بن الدّخيل، وأبي بكر أحمد بن محمد المهندس، وإبراهيم بن علي التمار، وأبي محمد بن أبي زيد الفقيه، وقرأ القرآن على أبي الطيب بن غلبون.
وكان مسند أهل الأندلس في عصره؛ روى عنه الكبار، أبو مروان الطبني، وأبو علي الغساني وقال: كان رجلًا صالحًا ثقةً، مُسنِدًا. عَلَت روايته لِتأخُّر وفاته، وكان صليبًا في السُّنّة، مُشَدِّدًا على أهل البدع، عفيفا ورعا، صبورا على القل، متين الدّيانة، رافضًا للدُّنيا، مُهينًا لَأهلِها، مُنقبضًا عن السُّلطان، يتمعَّش من بُضَيْعَةِ حِلٍّ ببلده، يُضارب لهُ بِها بعضُ إخوانه المُسافرين. تُوُفّي في صدْر ربيع الآخر عن سنٍّ عالية؛ بِضعٍ وتسعين سنة.
وقال عبد الرَّحمن بن خَلَف: أنَّهُ رأى على نَعْش حَكَم هذا يوم دفنه طيورًا لم تُعهَد بعد كانت تُرفرِف فوقه، وتتبع جنازته إلى أن دُفِنَ كالَّذي رُئيَ على نَعْش أبي عبد اللَّه ابن الفخار.(9/692)
202 - حمزة بن محمد بن عبد اللَّه بن محمد الحسين، أبو طالب الهاشميِّ الجعفريِّ الطوسيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 447 هـ]
كان كثير الأسفار. سمع بدمشق عبد الوهاب الكِلابيّ، وطلحة بن أسد، وسمع بأصبهان الحافظ ابن مردَويْه، وبأماكن.
روى عنه شيخ الْإِسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، وأحمد بن سهل السرَّاج، وأبو المحاسن الرُّويَّانيّ، وغيرهم، وسكن نُوقان، وسمع منه بها خلق، وبها توفي في شعبان.(9/692)
203 - حمزة بن القاسم بن عفيف، أبو القاسم المصري الوراق. [المتوفى: 447 هـ]
توفي أيضا في شعبان.(9/693)
204 - ذو النُّون بن أَحْمَد بن محمد، أبو الفَيْض المصريّ العصَّار. [المتوفى: 447 هـ]
سمع القاضي أبا الحسن الحلبيّ، وغيره. روى عنه أبو عبد اللَّه الرازي.(9/693)
205 - رافع بْن نصر، أبو الحسن البغداديّ الشّافعيّ، الزَّاهد الفقيه المُفتي. المعروف بالحمَّال. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن أبي عمر بن مهديِّ الفارسيّ، وحكى عن أبي بكر ابن الباقلاني، وعن أبي حامد الإسفراييني، وكان يعرف الأُصُول. أخذ عنه عبد العزيز الكتَّانيّ، ولهُ شِعرٌ حَسَن، وتُوُفّي بِمَكَّة.
وقال محمد بن طاهر: سمعتُ هيَّاج بن عُبَيْد يقول: كان لرافع الحمال في الزهد قدم، وإنَّما تَفقَّه أبو إسحاق الشِّيرازيّ والقاضي أبو يعلى الفرَّاء بمعاونة رافع لهما. كان يحمل وينفق عليهما!
ومن شعر رافع الحمال:
كُد كَدّ العّبْدِ إن أحْـ ... ـببت أن تحسب حرا
واقطع الآمال عن فضـ ... ـل بني آدم طُرّا
أنتَ ما استغنيت عن مثـ ... ـلك أعلى النّاس قدرا
وكان عارفًا بمذهب الشَّافعيّ، وكان يُفتي بِمكَّة.
قال ابن النَّجّار: قرأ شيئًا من الأصول على ابن الباقلاني، وتفقه على أبي حامد الإسفراييني. حدث عنه سهل بن بشر الإسفراييني، وجعفر السرّاج.
وكان موصوفًا بالزُّهْد والعبادة والمعرفة.(9/693)
206 - سُتَيْتَة بنت عبد الواحد بن محمد بن سَبَنَك البجليّ. [المتوفى: 447 هـ]
امرأة صادقة فاضلة بغداديّة. سمعت من عمر بن سَبنك، وحدَّثت؛ روى عنها الخطيب.(9/693)
207 - سُلَيْم بن أيوب بن سُلَيْم أبو الفتح الرّازيّ الفقيه الشّافعيّ. المُفسَّر الأديب. [المتوفى: 447 هـ]
سكن الشَّام مُرابِطًا مُحتَسِبًا لِنَشْرِ العِلْمِ والسُّنّة والتصانيف. حدَّث عن محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ، ومحمد بن جعفر التميميّ الكُوفيّيّْن، وأحمد بن محمد البصير، وحمْد بن عبد اللَّه الرّازيّيْن، وأبي حامد الإسفراييني، وأحمد بن محمد المُجْبَر، وأحمد بن فارس اللُّغَويّ، وجماعة.
روى عنه الكتّانيّ، وأبو بكر الخطيب، والفقيه نصر المقدِسيّ، وأبو نَصْر الطُّرَيثِيثيّ، وعليّ بن طاهر الأديب، وعبد الرَّحمن بن علي الكاملي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو القاسم عليّ بن إبراهيم النّسيب وقال: هو ثقة، فقيه، مقرئ، مُحدِّث.
وقال سهل الإسفراييني: حدَّثني سُلَيْم أنَّهُ كان في صِغَره بالرّي، ولهُ نحو عشر سِنين، فحضر بعض الشّيوخ وهو يلقن فقال لي: تقدم فاقرأ. فجهدت أن أقرأ الفاتحة فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني. فقال: لك والدة؟ قلت: نعم. قال: قل لها تدعو لكَ أن يرزقك اللَّه قراءة القُران والعِلم. قلت: نعم. فرجعت فسألتها الدُّعاء، فَدَعَت لي. ثُمَّ إني كبرت ودخلت بغداد وقرأت بها العربية والفِقْه، ثُمَّ عُدت إلى الرّيّ، فبينا أنا في الجامع أقابل " مُختَصَر المُزنيّ " وإذا الشّيخ قد حضر وسلَّم علينا وهو لَا يعرفني. فسمع مُقابلتنا وهو لَا يعلم ما نقول، ثُمَّ قال: متى يُتَعلَّم مثل هذا؟ فأردت أن أقول له: إن كانت لك والدة قل لها تدعو لك، فاستحييت منه، أو كما قال.
وقال أبو نصر الطُّرَيثِيثيِّ: سمعتُ سُلَيْمًا يقول: علَّقتُ عن شيخنا أبي حامد جميع " التّعليق "، وسمعته يقول: وَضَعَتْ منِّي صُور، ورفعت بغداد من أبي الحسن ابن المَحَامليّ.
قال ابن عساكر: بلغني أنّ سُليمًا تفقَّه بعد أن جاز الأربعين، وقرأت بخطّ غيث الأرمنازيِّ: غرق سُلَيمُ الفقيه في بحر القُلْزُم عند ساحل جُدّة بعد الحجّ في صَفَر سنة سبعٍ وأربعين، وقد نيَّف على الثمانين، وكان فقيهًا مُشارًا إِلَيْهِ. صنَّف الكثير في الفقه وغيره، ودرَّس، وهو أوَّل من نشر هذا العلم [ص:695] بصُور، وانتفع به جماعة، منهم الفقيه نصر، وحُدِّثت عنهُ أنّهُ كان يُحاسب نفسهُ على الأنفاس، لَا يدع وقتًا يمضي بغير فائدة، إمَّا ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ، وحُدِّثت عَنْه أنَّهُ كان يُحرِّك شفتيه إلى أن يقط القلم رضي الله عنه.(9/694)
208 - سهل بن طَلْحة. [المتوفى: 447 هـ]
قال الحبَّال: ذكر أنَّهُ سمع من ابن المقرئ بأصبهان.(9/695)
209 - سهل بن محمد بن الحسن، أبو الحسن القاينيّ الصُّوفيُّ، عُرِفَ بالخشَّاب. [المتوفى: 447 هـ]
سكن دمشق، وحدَّث عن أبي جعفر محمد بن عبد اللَّه القاينيّ الحافظ، والقاضي أبي القاسم حسين بن عليّ. روى عنه أَحْمَد بن أبي الفتح الشَهْرَزُوريِّ، ونصر بن إبراهيم المقدسيّ، وجماعة.
توفّي بمصر في صفر، وله شعر منه:
تَمَنَّاهُ طَرْفي في الكَرى فتَجَنَّبا ... وقبَّلتُ يومًا ظله فتغضبا
وخبر أني قد عبرت بابه ... لأخلس منه نظرة فتحجبا
ولو هَبَّت الرِّيحُ الصَّبا نَحْوَ أُذْنِهِ ... بِذِكْرى لسَبَّ الرِّيحَ أو لَتَعَتَّبا
وما زادَهُ عندي قَبِيحُ فِعَالِهِ ... ولا الصَّدُ والهِجْرانُ إِلَّا تَحَبُّبَا(9/695)
210 - طلحة بن عبد الرزاق بن عبد اللَّه بن أَحْمَد الْأصبهانيّ. [المتوفى: 447 هـ]
رحل وسمع من أبي طاهر المخلّص. روى عنه أبو عليّ الحدَّاد، وتُوفّي في جُمَادى الآخرة، وأبوه هو أخو أبي نعيم الحافظ، وله سماع من ابن المقرئ.(9/695)
211 - عبد اللَّه بن الحسين، قاضي القُضاة أبو محمد الناصحي، الفقيه الحنفي. [المتوفى: 447 هـ]
ولي القضاء للسُلطان الكبير محمود بن سُبُكْتِكِين، وروى عن بشر بن أحمد الإسفراييني، وطال عمره وعظم قَدْره.(9/695)
212 - عبد اللَّه بن علي بن محمد بن حَمُّوَيْه الْأصبهانيّ الجمَّال. [المتوفى: 447 هـ][ص:696]
روى عن ابن المقرئ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.(9/695)
213 - عبد الرَّحيم بن الحسين، الوزير الأوحد أبو عبد اللَّه الكاتب، ويُلقَّب بالعادل. [المتوفى: 447 هـ]
وَزَرَ للملك الرَّحيم أبي نصر بن أبي كالَيْجَار، وخلع عليه الخليفة، وكان سمحا جوادا، ظالمًا سفّاكًا للدِّماء. غضب عليه أبو نصر وطلبه، وقد غطُّوا على حُفيْرة في دار المَلِك بحصيرة، فلما مرَّ نزل فيها وطُمَّ عليه في الحال، وذلك في شهر رمضان سنة سبعٍ.(9/696)
214 - عبد الغفّار بن محمد الأمديّ، أبو طاهر. [المتوفى: 447 هـ]
سمع إسحاق بن سَعْد النَّسويّ، وغيره.
قال أُبَيّ النَّرسيّ: كان ثقة، حدَّثنا ببغداد.(9/696)
215 - عبد الملك بن عبد اللَّه بن محمود بن صُهَيْب بن مِسْكين، أبو الحسن المصريّ الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن أبيض بن محمد الفِهْريّ صاحب النِّسائي، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي غالب البزاز، وأبي بكر بن المُهندِس، وأبي بكر محمد بن القاسم بن أبي هُريرة، وعليّ بن الحسين الأنطاكيّ قاضي أَذَنَة، وغيرهم، ويعرف أيضًا بالزجاج. روى عنه الرّازيّ في " مشيخته ".(9/696)
216 - عبد الملك بن محمد بن محمد بن سلمان، أبو محمد البغداديّ. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن القاضي أبي بكر الأبهريّ، وعليّ بن لؤلؤ، وغيرهما. تُوُفّي في شعبان.(9/696)
217 - عبد الوهّاب بن الحسين بن عمر بن بُرهان، أبو الفَرَج البغداديّ، المحدّث الغزَّال، [المتوفى: 447 هـ]
أخو محمد.
سمع أبا عبد اللَّه العسكريّ، وإسحاق بن سعد النّسويّ، وعليّ بن لؤلؤ، ومحمد بن عبد اللَّه بن بَخِيت، وابن الزّيَّات، وأبا بكر الأبهريّ، وابن المُظفّر. [ص:697]
وسكن صور وحدَّث بها. روى عنه أبو بكر الخطيب ووثّقه، والفقيه نصر المقدسيّ، وآخرون.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وتوفّي بِصُور في شوَّال.(9/696)
218 - عبد الوهّاب بن محمد بن موسى، أبو أَحْمَد الغَنْدَجانيّ. [المتوفى: 447 هـ]
قال الخطيب: سمع من أَحْمَد بن عبدان الحافظ، ومن أبي طاهر المخلص، وحدث " بتاريخ البخاري " عن ابن عبدان بعضه بقوله، وأرجو أن يكون صدوقًا. مات في جُمَادى الأُولى.
قلت: روى عنه أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين ابن الطيوري، وأبو الغنائم النّرسي.(9/697)
219 - عُبَيْد اللَّه بن عليّ بن أبي قربة، أبو القاسم العَجْليّ الحذاء الكوفي. [المتوفى: 447 هـ]
قال أبو الغنائم النرسي: حدثنا عن علي البكائي، وغيره، وهو ثقة.(9/697)
220 - عُبَيْد اللَّه بن محمد بن زفنانة، أبو القاسم الشيباني سبط ابن النخاس، الكوفي. [المتوفى: 447 هـ]
قال أبي أبو الغنائم: حدثنا عن جده والكهيلي.(9/697)
221 - عُبَيْد اللَّه بن المعتز بن منصور بن عبد اللَّه بن حمزة، أبو الحسن النَّيْسَابوريّ. [المتوفى: 447 هـ]
من بيت الحشمة والثروة بنيسابور. سمع من أبي الفضل بن خُزَيْمة، وأبي بكر الْجَوْزَقيّ، وأبي الفضل الفاميّ، وأبي محمد المخلّديّ، وحدَّث بأصبهان والرّيّ.
روى عنه أبو عليّ الحدَّاد، وغيره، وتُوُفّي في أواخر السَّنة. وروى عنه أيضا أبو بكر محمد بن يحيى المزكّيّ، ومحمد بن عبد الله خوروست، وإسحاق بن أحمد الراشتيناني.
ولهذا أخ اسمه:(9/697)
222 - منصور بن المُعْتَزّ. [المتوفى: 447 هـ]
يروي عن أبي الحسن العلويّ، وعنه إسماعيل ابن المؤذِّن.(9/698)
223 - عليّ بْن أحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن جبريل القلاسي. الرَّئيس النَّسَفيّ. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن أبي بكر الْإِسماعيليّ. - كذا قال صاحب " القنْد " -، وعن جدِّه أبي بكر محمد بن إبراهيم، والحسن بن صدِّيق النَّسَفيّ، وفائق الخاصَّة، وجماعة.
كنيته أبو الحسن.
توفِّي في رجب وقد قارب التِّسعين.(9/698)
224 - عليّ بن المحسن بن علي، أبو القاسم بن أبي عليِّ التّنُوخيّ، القاضي، [المتوفى: 447 هـ]
صاحب " الطِّوالات ".
سمع ابن سعيد الرّزّاز، وعليّ بن محمد بن كيسان، وأبا سعيد الحُرَفيّ، وأبا عبد اللَّه الحسين بن محمد العَسْكريّ، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وإبراهيم بن أَحْمَد الخِرقيّ، وعَبْد العزيز بْن جعفر الخرقي، وخلقا كثيرا.
قال الخطيب: سمعته يقول: وُلِدْتُ بالبصرة في النصف من شعبان سنة خمس وستين، وأول سماعي في شعبان سنة سبعين. قال: وكان مُتحفّظًا في الشّهادة عند الحُكَّام، صدوقًا في الحديث. تقلَّد قضاء المدائن، وقِرْمَيسْين، والبَرَدان، وغيرها من النواحي، ومات في ثاني المُحرّم سنة سبع.
وكذا ورخه ابن خيرون وقال: قيل كان رأيه الرّفض والاعتزال.
قلت: وقد انتَخَبَ عليه الخطيب، وغيره، وحدَّث عنه خلق، منهم: أبي النرسي، والحسن بْن محمد الباقَرْحيّ، ونور الهُدَى أبو طالب الحسين بن محمد الزّيْنَبِيّ، وأبو عليّ محمد بن محمد ابن المهديّ، وأبو شُجَاع بهرام بن بهرام، وأبو منصور محمد بن أَحْمَد بن النَّقُّور، وأبو القاسم هبة اللَّه بن الحُصَيْن، وخلق سواهم. [ص:699]
قال شجاع الذُّهليّ: كان يتشيع ويذهب إلى الاعتزال.(9/698)
225 - الفضل بن صالح بن عليّ، أبو عليّ الروذباري، ثم المصري. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن علي ابن الحافظ أبي سعيد بن يونس. روى عنه الرازي في " مشيخته ".(9/699)
226 - القاسم بن سعيد بن العبَّاس. أبو أَحْمَد ابن المحدِّث أبي عثمان القُرَشيّ الهَرَويّ. [المتوفى: 447 هـ]
سمع أباه، وعبد اللَّه بن حَمُّوَيْه السَّرْخَسيّ، وعبد الرحمن بن أبي شريح، وحدث.(9/699)
227 - محمد بن أَحْمَد بن بدر، أبو عبد اللَّه الطُّلَيطُليّ. [المتوفى: 447 هـ]
روى عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن حُسين، وعبد اللَّه بن دُنِّين، والمنذر بن المنذر، وأبي جعفر بن ميمون.
وكان فقيهًا مفتيا جامعًا للعلم، كثير العناية به، عاقلًا وقورًا خيِّرًا. كان يُتَخيَّر للقراءة على الشيوخ لفصاحته ونهضته. قرأ " الموطَّأ " في يومٍ على المنذر بن المنذر، وتُوُفّي رحمه اللَّه في رجب.(9/699)
228 - محمد بن إسحاق بن أبي حُصَيْن، القاضي أبو الحسن. [المتوفى: 447 هـ]
تُوُفّي بمصر.
قال الحبَّال: عنده إسناد العراق.(9/699)
229 - محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث، أبو بكر الكَشّيّ، ثُمَّ الشيرازيّ، [المتوفى: 447 هـ]
ابن الْإِمام أبي علي.
سمع ابن المقرئ، وابن منَدَه بأصبهان؛ ومات في السّنة. ذكره يحيى بن مَنْدَهْ.
والكَشيّ: بالمُعجَّمة.
ومات أبوه سنة خمس وأربعمائة.(9/699)
230 - محمد ذخيرة الدِّين ولي عهد أمير المؤمنين، أبو العبَّاس ابن أمير المؤمنين القائم بأمر الله عبد الله ابن القادر باللَّه أَحْمَد. [المتوفى: 447 هـ]
قال ابن خَيْرُون: ولِدَ سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وخُطِب له بولاية العهد سنة أربعين، ولُقِّب ذخيرة الدّين، فأدركه أجله في ثامن عشر ذي القعدة، وكان قد ختم القُرآن وحفظ الفقه والعربية والفرائض.
وقال ابن النّجار: خلّفَ جارية حاملا، فولدت ابنا فهو أمير المؤمنين أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد المقتدي بأمر اللَّه.(9/700)
231 - محمد بن عليّ بن يحيى بن سِلْوان المازنيّ، أبو عبد الله ابن القمَّاح الدّمشقيّ. [المتوفى: 447 هـ]
سمع " نسخة " أبي مُسْهِر وما معها من الفضل بن جعفر، وليس عنده سواهما. روى عنه الكتّانيّ، والخطيب، والفقيه نصر، وسهل بن بِشْر، ونجا بن أَحْمَد، وأبو طاهر الحِنَّائيّ، والنَّسيب وقال: هو ثقة، وأبو الحسن عليّ، وأبو الفضل محمد ابنا الموازينيّ، والحسن بن أَحْمَد بن أبي الحديد، وعبد المنعم بن الغمر الكِلابيّ.
وتُوُفِّي في ذي الحجة، وولد في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة.(9/700)
232 - محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل بن هشام، أبو عبد اللَّه الأموي المروانيّ. [المتوفى: 447 هـ]
من أولاد أمراء الأندلُس.
روى عن أبيه، وكان صاحب ديوان الْإِنشاء بطُلَيِطُلَة، لهُ يدٌ طولى في الرّسائل والَآداب، وشُهرة تامّة؛ روى عنه أبو بكر المصحفي، وغيره.(9/700)
233 - محمد بن القاسم بن ميمون بن حمزة بن الحُسين بن محمد. أبو الحسن العلويّ الحُسيْنيّ المصريّ. [المتوفى: 447 هـ]
أخو أبي إبراهيم أَحْمَد.
من كبراء المصريين، وجدّهما ميمون يروي عن أَحْمَد بن عبد الوارث العسَّال. [ص:701]
تُوُفّي محمد في ذي القعدة.(9/700)
234 - محمد بن محمد بن عيسى بن خازم، أبو طاهر البكريّ الكوفيّ. عُرِفَ بابن نفِّط. [المتوفى: 447 هـ]
قال أُبيُّ النَّرْسيّ: روى لنا كأخيه عن البكَّائيّ.(9/701)
235 - محمد بن محمد أبو الفضل الإسفراييني الرّافعيّ القاضي. [المتوفى: 447 هـ]
سمع أبا الحسن بن جهضم بمكّة، ومحمد بن عبد الصّمد الزّرافيّ صاحب خيثمة بأطْرابُلُس، وتمّام بن محمد بدمشق، وولي قضاء إسفرايين، وبها مات. روى عنه أبو الحسن عليّ بن محمد الْجُرْجانيّ.(9/701)
236 - محمد بن يحيى الكَرْمانيّ، أبو عبد اللَّه، [المتوفى: 447 هـ]
نزيل بغداد.
روى عنه الخطيب، وتُوُفّي في ربيع الأول.
سمع من أبي الحسن أَحْمَد بن محمد بن الصَّلت القُرَشيّ، وابن رَزْقُوَيْه، وابن بِشران، وخلق، وقرأ الكثير، وروى عنه أيضا: ظاهر بن محمد النيسابوريّ.(9/701)
237 - منصور بن عمر بن عليّ، الْإِمام أبو القاسم البغداديّ الكَرْخيّ الفقيه الشافعي. [المتوفى: 447 هـ]
ذكره أبو إسحاق الشيرازي في " الطَّبقات "، فقال: ومنهم شيخنا أبو القاسم منصور الكرخي. تفقه على أبي حامد الإسفراييني، وله عنه تعليقه، وصنَّف في المذهب كتاب " الغُنيّة "، ودرس ببغداد.
قُلْتُ: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وسمع أبا طاهر المُخلّص، وأبا القاسم الصيدلانيّ، وحدَّث. روى عنه الخطيب، وقال: هو من أهل كرخ جدان.(9/701)
238 - هاشم بن عُبَيْد الجابريّ ثمّ المصريّ. [المتوفى: 447 هـ]
سمع كثيرا، وحدث. قاله الحبال.(9/702)
239 - أبو بكر بن أَحْمَد، عُرِف بابن الخيَّاط المنجم. [المتوفى: 447 هـ]
من تلامذة مسلمة المرخيطي. برع في أحكام النُّجوم، وهو عِلمُ باطل، وخدم الأمير المأمون يحيى بن ذي النّون، وكان عارفًا أيضًا بالطّب.
عاش ثمانين سنة، وتوفي بطليطلة.(9/702)
-سنة ثمان وأربعين وأربعمائة
من أعوام الوباء بمصر(9/703)
240 - أَحْمَد بن الحسن بن عليّ، أبو سعد الْأصبهانيّ الشَطَرَنْجيّ، الواعظ المعروف بابن البغداديّ، [المتوفى: 448 هـ]
أخو الحسن وعليّ.
روى عن أبيه الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان التَّاجر عن جدِّه عليِّ بن أَحْمَد صاحب أبي حاتم الرَّازيّ، وعن أبيه، عن الفضل بن الخصيب، وابن أخي أبي زرعة، وجماعة، وعن عبيد الله بن يعقوب راوي " مسند أحمد بن منيع ".
روى عنه إسماعيل بن الفضل الإخشيذ، وغيره، وقع لنا من مجالسه.
توفي في جمادى الأولى.(9/703)
241 - أحمد بن الحسين ابن الشيخ أبي بكر محمد بن عبد الله بن بخيت، أبو الحسن المصري البغدادي. [المتوفى: 448 هـ]
سمع جده.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وسمّع لنفسِه في بعض الأجزاء. مات في المُحرَّم وهو في عَشْر التِّسعين.
وحدَّث عنه شُجاع الذَهليّ.(9/703)
242 - أَحْمَد بن الحسين، أبو الحسين الفَناكيّ الرّازيّ، الفقيه الشافعي. [المتوفى: 448 هـ]
تفقه على أبي حامد الإسفراييني، ورحل إلى الْإِمام أبي عبد اللَّه الحليميّ إلى بُخارى فدرس عليه، وتصدَّر ببروجِرْد يفيد ويُعلّم، وعُمّر دهرًا.(9/703)
243 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب بْن قَفَرْجل. أبو الحسين البغداديّ الوزَّان. [المتوفى: 448 هـ]
سمع جدّه لَأُمِه أبا بكر بن قَفَرْجَل، وعليّ بن لؤلؤ، وعمر بن شاهين. [ص:704]
قال الخطيب: كان صدوقًا. مات في ربيع الآخر.(9/703)
244 - أَحْمَد بن أبي عليّ محمد بن الحسين بن داود بن علي، السيد أبو الفضل العلويّ الزَّاهِد المقرئ الحنفيّ الفقيه. [المتوفى: 448 هـ]
كان عديم النظير في العلويّة، وأفضل أهل بيته. روى عن عمه أبي الحسن العلوي، والخفاف، وأبي ذكريا الحربيّ، والطَّبقة. روى عنه جماعة.
وتُوُفّي في ذي الحجَّة.(9/704)
245 - أَحْمَد بن محمد بن عليّ بن نُمَيْر، أبو سعيد الخوارزميّ الضرير الفقيه العلامة الشافعيّ، [المتوفى: 448 هـ]
تلميذ الشّيخ أبي حامد.
قال الخطيب: درس وأفتى، ولم يكُن بعد أبي الطّيّب الطّبريّ أحدُ أفقه منه، كتبت عنه، عن عبد الله بن أحمد ابن الصيدلاني، وتوفي في صَفَر، وكان يُقدَّم على أبي القاسم الكَرْخيّ، وعلى أبي نصر الثابتيّ.(9/704)
246 - أَحْمَد بن محمد بن عبد الوهّاب بن طَاوان، أبو بكر الواسطيّ. يُعرف بشرارة. [المتوفى: 448 هـ](9/704)
247 - أَحْمَد بن محمد بن الواحد بن بابشاذ، أبو الخطَّاب المقرئ البغداديّ البزَّاز. [المتوفى: 448 هـ]
قرأ القُرآن على الحماميّ، وسمع منه ومن عبد القاهر بن عترة. روى عنه أبو طاهر بن سوَّار، والمُبارك بن عبد الجبّار الصَّيْرفيّ.
وثَّقه أبو الفضل بن خَيْرون، وقال: مات في ربيع الأوّل.(9/704)
248 - إبراهيم بن محمد، أبو إسحاق الفهمي الطليطلي. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن أبي محمد ابن القشّاريّ، ويوسف بن أصْبَغ، وكان مُتَفَنِنًا في العلوم لغة وعربية وفرائض وحساب، وشوور في الأحكام، وتُوُفّي في شعبان.(9/704)
249 - إبراهيم بن سليمان بن إبراهيم بن جمرة، أبو إسحاق البَلَويّ المالقيّ، [المتوفى: 448 هـ]
صهر أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، فأكثر عن أبي عمر.
وكان مُقدَّمًا في التّعبير.(9/705)
250 - إسماعيل بْن الحَسَن بْن محمد بْن الحُسين بن داود بن عليّ النقيب، أبو المعالي العلوي النيسابوري. [المتوفى: 448 هـ]
سمع جده، وأبا الحسين الخفاف، وجماعة، وأملى، وله حشمة وجلالة.
توفي في ربيع الأول عن تِسْعٍ وخمسين سنة.(9/705)
251 - إسماعيل بن عليّ بن الحسن بن بُنْدار بن المُثنَّى، أبو سعد الإستراباذي الواعظ. [المتوفى: 448 هـ]
حدث عن الحاكم، وشافع بن محمد بن أبي عوانة، وجماعة. روى عنه أبو بكر الخطيب، ومكّيّ الرميلي، وشيخ الإسلام الهكاري، وآخرون.
قال الخطيب: ليس بثقة.
وقال ابن طاهر: بان كذبه ومزقوا حديثه. مات بالقدس.(9/705)
252 - جعفر بن محمد بن الظفّر، أبو إبراهيم النيسابوري. [المتوفى: 448 هـ]
حدث ببغداد عن أبي الحسين الخفَّاف، والحاكم أبي عبد اللَّه.
قال الخطيب حدثنا وكان إماميا.(9/705)
253 - الحسن بن محمد بن علي بن رجاء، العلّامة أبو محمد الدّهان، اللّغَويُّ النُّحَويّ. [المتوفى: 448 هـ]
أحد الأعلام ببغداد.
قرأ بالرّوايات الكثيرة، ودرس فقه أبي حنيفة، وقرأ النحو على الرُّمّانيّ، وغيره، وروى عن أبي الحسين بن بشْران، وكان مُعتزليا. [ص:706]
روى عنه عزيزيّ الجيليّ، وأبو زكريا يحيى التبريزي، وعثمان بن علي الأديب. مات في جمادى الأولى.(9/705)
254 - الحسن بن الحسين، أبو علي الخلعي الفقيه الشافعي. [المتوفى: 448 هـ]
توفي بمصر في شوال، وبإفادته سمع ابنُه القاضي أبو الحسن.(9/706)
255 - الحسن بن عبد الواحد بن سهل بن خَلَف، أبو محمد البغداديّ. [المتوفى: 448 هـ]
تُوُفّي في ربيع الآخر.
سمع الحربي، والدارقطني، وعيسى ابن الوزير.
روى عنه الخطيب، وغيره.(9/706)
256 - الحسن بن محمد بن الحسن، أبو محمد الصفَّار. [المتوفى: 448 هـ]
تُوُفّي بخراسان في سَلْخ شَوّال.
روى عن أبي طاهر بن خُزَيْمَة، وأبي محمد المخلديّ، والجوزقيّ، وأبيه أبي عبد الله الصفار التاجر.(9/706)
257 - الحَسَن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن حمشاذ، أبو علي النيسابوري. [المتوفى: 448 هـ]
شيخ، ثقة. سمع أبا طاهر بن خُزيْمَة، وأبا الحسن الماسرجسي، وأبا بكر الجوزقي، وأبا محمد المخلدي.
تُوُفِّي فِي ربيع الآخر.(9/706)
258 - الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بن أَحْمَد، الَأنصاريّ البغداديّ أبو عبد اللَّه. [المتوفى: 448 هـ](9/706)
259 - الحسين بن عثمان، أبو عبد اللَّه البرداني الفقيه الحنبليّ، [المتوفى: 448 هـ]
نزيل مَيَّافارِقين. [ص:707]
كان إمامًا مُفتيا عالِمًا.(9/706)
260 - الحسين بن عليّ بن عَمْرُويه الرمجاريّ الحنفيّ، أبو القاسم الحاكم. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن أبي محمد المخلديّ، وأبي زكريا الحربيّ.
مات في شعبان.(9/707)
261 - الحسين بن عليّ بن محمد بن الفرخان، أبو طالب. [المتوفى: 448 هـ]
تُوُفّي في ذي الحجّة.(9/707)
262 - حمزة بن محمد، أبو طالب الجعفريّ الطُّوسيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن عبد الوهّاب الكِلابيّ، وطُلْحة بن أسد، وأبي بكر بن مَرْدَوَيْه، وجماعته، وعنه شيخ الْإِسلام الأنصاريّ، وغيره.
ورخّه ابن عساكر في هذه السّنة، وقد مرّ.(9/707)
263 - حُمَيْد بن المأمون بن حُمَيْد بن رافع، أبو غانم القَيْسيّ الهمذانيّ الأديب. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن أبي بكر بن لال، وأحمد بن تركان، وأبي بكر الشّيرازيّ، روى عنه " الألقاب " له، وعلي بن أحمد البيع، وأبي الحسن بن جهضم، وعلي بن أحمد بن عبدان الأهوازي، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وأبي الحسن بن رزقويه، وأحمد بن محمد البصير الرازيّ، وجماعة.
قال شيرويه: ما أدركته، وحدثنا عنه أبو الفضل القومِسّانيّ، وابن مَمَّان، والبزَّاز، وأحمد بن عمر البيِّع، وعامة مشايخي، وسمع منه كهولنا، وهو صدوق. تُوُفّي في ذي القعدة.(9/707)
264 - داود بن الحسين بن غانم، أبو الحسن البغداديّ. [المتوفى: 448 هـ]
أصله من حلب، وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة.(9/707)
265 - داود بن سليمان، أبو عمر الوكيل. [المتوفى: 448 هـ][ص:708]
توفّي في جمادى الأولى.(9/707)
266 - سعيد بن محمد بن جعفر، أبو عثمان الأمويّ، الطُّليطليّ الزَّاهد. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن محمد بن عيسى بن أبي عثمان، وإبراهيم بن محمد بن شَنْظير، وكان ديِّنا ثِقةً، فاضلًا مُنقبِضًا، كثير الصّلاة والصِّيام، قد نبذ الدُّنيا وأقبل على العبادة.(9/708)
267 - عبد اللَّه بن أَحْمَد بن عبد الملك بن هاشم، أبو محمد بن أبي عمر الْإِشبيليّ المكويّ. [المتوفى: 448 هـ]
سمع من أبي محمد بن أسد " صحيح البُخاريّ " واستقضاه الأمير أبو الحزْم جهور بقُرْطُبَة بعد أبي بكر بن ذَكْوان، ولم يكُن من القضاء في وردٍ ولا صَدَر لقلة علمه. ثُمَّ عزله أبو الوليد محمد بن أبي الحزم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وبقي خاملًا إلى أن تُوُفّي في جُمَادَى الأُولى، وقد قارب السّبعين.(9/708)
268 - عبد اللَّه بن أبي الحسن محمد بن أحمد بن رَزْقُوَيْه، البغداديّ أبو بكر. [المتوفى: 448 هـ]
سمّعه أبوه من ابن عُبَيْد العسكريّ، وابن المُظفر، وعليّ بن لؤلؤ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا. سكن بقرية بحذاء النُّعمانية.(9/708)
269 - عبد اللَّه بن الوليد بن سعيد بن بكر، أبو محمد الأندلسّي الأنصاريّ؛ [المتوفى: 448 هـ]
نزيل مصر، وأحد الفُقَهَاء المالكيّة.
سمع بقُرْطُبَة قديمًا من إسماعيل بن إسحاق القطّان، ورحل سنة أربعٍ وثمانين، فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد كتاب " السّيرة " بروايته عن ابن الورد البغداديّ، وكتاب " الرسالة "، وغير ذلك، وأخذ عن أبي الحسن القابسيّ، وأبي جعفر أَحْمَد بن دَحْمُون، وحجّ، فأخذ عن أبي العبَّاس أَحْمَد بن بُنْدار [ص:709] الرّازيّ، وأبي ذرّ، وولد سنة ستّين وثلاثمائة، وكان من سادات الأندلُسيين وفُضلائهم.
روى عنه أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن خَلَف الأنصاريّ، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وآخرون.
قال أبو مروان الطَّبْنيّ الأندلُسيّ: روى عنهُ جماعة من أهل الأندلُس، وطال عمره، وخرج من مصر إلى الشّام في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وأربعين فتُوفّي بالشّام في شهر رمضان سنة ثمانٍ.(9/708)
270 - عبد الرزّاق بن أَحْمَد بن محمد بن عبد اللَّه، أبو الفضل الْأصبهانيّ البقّال. [المتوفى: 448 هـ]
سمع أبا بكر ابن المقرئ، وغيره. روى عنه أبو عليّ الحدّاد، وإسماعيل الإخشيذ.(9/709)
271 - عبد العزيز بن بُنْدار بن عليّ بن الحسن، أبو القاسم الشِيرازيّ، [المتوفى: 448 هـ]
نزيل حَرَم اللَّه.
كان شيخًا صالحًا جليلًا صدوقًا مُكثِرًا، جاوَرَ مُدَّةً طويلة وحدَّث عن عبد الكريم بن أبي جدار المصريّ، وأبي بكر بن لال الهَمَذَانيّ، وأحمد بن فِراس العَبْقَسيّ.
روى عنه عبد العزيز النَّخشبيّ وقال: ثقة صاحب حديث؛ ثُمّ ورّخه. وروى عنه أيضًا أبو شاكر أَحْمَد بن محمد العثمانيّ.(9/709)
272 - عبد العزيز بن أحمد الحلوانيّ، شمس الأئِمّة الحنفيّ. [المتوفى: 448 هـ]
قيل: مات سنة ثمانٍ أو تِسعٍ وأربعين، وسيأتي سنة ستٍ وخمسين.(9/709)
273 - عَبْد الغافر بْن محمد بْن عَبْد الغافر بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد، أَبُو الحسين الفارسيّ، ثُمَّ النَّيسابوريّ. [المتوفى: 448 هـ]
قال في ترجمته حفيده الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل: الشّيخ الجد الثِقة الأمين الصَّالح الصًّيِّن الدَّيِّن المحظوظ من الدُّنيا والدِّين، الملحوظ من [ص:710] الحق تعالى بكل نُعْمَى. كان يُذكَر أيام أبي سهل الصُّعلوكي، ويذكره وما سمع منه شيئاَ، وكذلك لم يسمع من أبي عَمْرو بن مطر، وابن نُجَيْد مع إمكان السَّماع منهم، وسمع " صحيح مُسلِم " من ابن عَمْرُويْه؛ وسمع " غريب الحديث " للخطَّابي بسبب نزول الخطَّابي عندهم حين حضر إلى نيْسابور، ولم تكن مسموعاته إِلَّا ملء كمَّين من الصّحيح والغرائب، وأعدادٍ قليلة من المُتفرِّقات من الأجزاء، ولكن كان محظوظًا مجدودًا في الرّواية. روى قريبًا من خمسين سنة منفردًا عن أقرانه، مذكورًا مشهورًا في الدّنيا، مقصودا من الآفاق. سمع منه الأئمّة والصُّدور، وقد قرأ عليه الحسن السَّمرقنديّ الحافظ " صحيح مسلم " نيّفًا وثلاثين مرّة، وقرأه عليه الشّيخ أبو سعْد البحيريّ نيَّفا وعشرين مرّة. هذا سوى ما قرأه عليه المشاهير من الأئِمّة. استكمل رحمه اللَّه خمسًا وتسعين سنة، وطعن في السّادسة والتّسعين، وألحق الأحفاد بالَأجداد، وعاش في النّعمة عزيزًا مكرَّما في مروءةٍ وحشمة إلى أن تُوُفّي.
قلتُ: تُوُفّي في خامس شوَّال، وحدَّث عن ابن عَمْرُوَيْه الْجُلُوديّ، وإسماعيل بن عبد الله بن ميكال، وبشر بن أحمد الإسفراييني، وأبي سليمان حمد بن محمد الخطَّابيّ. روى عنه نصر بن الحسن التُّنكتي، والحُسين بن عليّ الطَّبَريّ المُجَاور، وعبيد اللَّه بن أبي القاسم القُشَيْريّ، وعبد الرّحمن بن أبي عثمان الصّابونيّ، وإسماعيل بن أبي بكر القارئ، ومحمد بن الفضل الفراويّ، وفاطمة بنت زَعْبَل العالمة، وآخرون، وسماعه للصحيح من الجلودي في سنة خمس وستّين وثلاثمائة.(9/709)
274 - عبد الكريم بن محمد بن أَحْمَد بن القاسم بن إسماعيل المحامليّ، أبو الفتح [المتوفى: 448 هـ]
أخو الفقيه أبي الحسن.
سمع أبا بكر بن شاذان، والدَّارقطنيّ، وابن شاهين، وعليّ بن عمر السُّكَّريّ.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان ثقة. مات في المحرَّم.(9/710)
275 - عبد الملك بن محمد بن محمد بن سلمان البغداديّ. [المتوفى: 448 هـ]
سمع عليّ بن لؤلؤ، وابن المظفّر، والقاضي أبا بكر الأبهريّ. [ص:711]
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا. مات في ذي الحجّة.
قلت: روى عنه وعن الّذي قبله: أبي النَّرسيّ، وابن الطَّيوري، وعدّة.(9/710)
276 - عبد الملك بن عمر بن خَلَف، أبو الفتح الرَّزَّاز. [المتوفى: 448 هـ]
حدَّث عن إسحاق بن سعد النَّسويّ، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صالحا، لكن رأيت له أصولا محككة وسماعاته ملحقة، وحدَّثني أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن خَيْرُون قَالَ: كان عندي كتاب " المدبَّج " للدّارَقُطْنيّ، وفي بعضه سماع أبي الفتح الرّزاز، فاستعار الكتاب مِنِي ثُمّ ردّه عليَّ وقد سمَّع لنفسِه في ما ليس هو سماعه. تُوُفّي في صَفَر.(9/711)
277 - عليّ بن أَحْمَد بن عليّ بن سلِّك الفاليّ، أبو الحسن المؤدِّب، [المتوفى: 448 هـ]
وفال: بليدة قريبة من إيذَج.
أقام بالبصرة، وسمع القاضي أبا عمر الهاشميّ، وأحمد بن خربان النهاونديّ، وشيوخ ذلك الوقت. ثم استوطن بغداد.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة. مات في ذي القعدة.
قلت: روى عن ابن خربان كتاب " المحدّث الفاصل " للرّامهرمزيّ. رواه عنه المبارك بن عبد الجبّار الصّيرفيّ.
ومن شعره:
تصدَّرَ للتدريس كلُّ مُهوَّسِ ... بَليد تَسَمّى بالفَقيهِ المدرَّسِ
فَحَقٌّ لَأهلِ العِلْم أن يتمثَّلوا ... ببيتٍ قديمٍ شاعَ في كلِّ مجلسِ
لقد هَزَلَتْ حتّى بدا من هزَالها ... كُلاها، وحتّى سامها كلُّ مُفْلسِ(9/711)
278 - عليّ بن إبراهيم بن عيسى، أبو الحسن البغداديّ، المقرئ الباقلّانيّ. [المتوفى: 448 هـ]
سمع أبا بكر القطيعيّ، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وحُسَيْنَك بن عليّ التميميّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان لَا بأس به.
قلتُ: وروى عنه أُبيُّ النَّرسيّ، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وهو آخر من حدَّث عنهُ.
وهو راوي " أمالي القطيعيّ ".(9/712)
279 - عليّ بن عبد الواحد بن عيسى، أبو القاسم النَّجيرميّ الكاتب. [المتوفى: 448 هـ]
مصريّ، روى عن أبي بكر بن إسماعيل المهندس. روى عنه الرّازيّ في " المشيخة "، وتُوُفّي في ذي الحجّة، وكان من بيت حشمة. يروي أيضًا عن أبي الحسن الحَلَبيّ.(9/712)
280 - عليّ بن القاسم بن إبراهيم، أبو الحسن الْأصبهانيّ المقرئ الخيّاط. [المتوفى: 448 هـ]
سمع عُبَيْد اللَّه بن إسحاق بن جميل، وابن المقرئ، وأبا عبد اللَّه بن منده، وأبا الحسين بن فارس اللُّغويّ. روى عنه سعيد بن أبي الرجاء الصَّيرفيّ، وعبد اللَّه بن محمد النِّيليّ، والحافظ أبو مسعود سُليمان بن إبراهيم، وهادي بن إسماعيل العلويّ، وغيرهم.
توفّي في جمادى الأولى.(9/712)
281 - عمر بن أحمد بن عمر بن محمد بن مسرور، أبو حفص النَّيسابوريّ الزَّاهِد. [المتوفى: 448 هـ]
سمع إسماعيل بن نُجيْد، وبِشْر بن أحمد الإسفراييني، وأبا سهل محمد بن سليمان الصُّعلوكيّ، والحسين بن عليّ التّميميّ حُسَيْنَك، ومحمد بن أَحْمَد بن حمدان، وأبا أَحْمَد محمد بن محمد الحاكم، وأحمد بن محمد بن أحمد البالوييّ، وأبا سعيد محمد بن الحسين السَّمسار، ومحمد بن أَحْمَد المحموديّ، وأبا نصر بن أبي مروان الضَّبيّ، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بن إبراهيم بن [ص:713] بالوَيْه، وأبا بكر أَحْمَد بن الحسين بن مِهران المقرئ، وأحمد بن محمد البحيريّ، وأحمد بن إبراهيم العبدوييّ، ومحمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة، وأبا سعيد عبد الرحمن بن أَحْمَد بن حمدُوَيْه، وأبا منصور محمد بن محمد بن سمعان، وجماعة سواهم.
روى عنه عبيد اللَّه بن أبي القاسم القُشَيْريّ، وأحمد بن عليّ بن سلمُوَيْه الصُّوفّي، وسهل بن إبراهيم المسجديّ، ومحمد بن الفضل الفراويّ وإسماعيل بن أبي بكر القارئ، وتميم بن أبي سعد الْجُرجَانيّ، وهبة اللَّه بن سَهْل السّيّديّ، وآخرون، وتوفّي في ذي القعدة.
وكان أسند من بقي بنيسابور مع زهد وخير وتصوُّف.
ذكره عبد الغافر فقال، أبو حفص الفاميّ الماوَرديّ الشّيخ الزَّاهِد الفقيه، كان كثير العبادة والمجاهدة، وكان المشايخ يتبرَّكون بدعائه، وعاش تسعين سنة.(9/712)
282 - فرج بن أبي الحَكَم، أبو الحسن اليَحصُبيّ الطُّليطليّ. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن عبد اللَّه بن دنِّين، وعبد اللَّه بن يعيش، ومحمد بن عمر ابن الفخّار، وكان قد فاق أهل زمانه في العلم والعقل والفضل وكان يحفظ " المستخرجة " الكبيرة حفظًا جيّدًا ونُوظِر عليه، وكان حفيل المجلس.
توفّي في ذي الحجّة.(9/713)
283 - قاسم بن محمد بن هشام الرُّعينيّ، أبو محمد، المعروف بابن المأمونيّ الأندلُسيّ. [المتوفى: 448 هـ]
من أهل المَرِيّة.
رحل وسمع من أبي محمد بن أبي زيد، وعبد الغنيّ بن سعيد المصريّ، وعبد الوهّاب بن أَحْمَد بن مُنير. روى عنه ابنه حجّاج، وأبو مروان الطّبْنيّ، وأبو المطرّف الشَّعبيّ، وغيرهم. أصله من سبْتَة.
وزاد القاضي عيّاض أنّه أخذ عن عبد الرّحيم الكتاميّ ابن العجوز، وأبي عبد الله ابن الشيخ، ورحل فسمع من أبي محمد الباجيّ بالأندلس، وجلس [ص:714] بالمَرِيّة للإقراء والتّفقُّه. روى عنه الشّعبيّ فقيه مالقة، وأبو بكر ابن صاحب الأحباس قاضي المريّة، وأبو محمد غانم المالقيّ الأديب.
قلت: وكان من كبار المالكيّة.(9/713)
284 - محمد بن أيّوب بن سليمان. الوزير، عميد الرؤساء أبو طالب الكاتب البغداديّ. [المتوفى: 448 هـ]
أديب بليغ مُترسِّل، متفنِّن. صنِّف كتاب " الخراج "، وزر للقائم قبل الخلافة، وعاش ثمانيا وسبعين سنة.(9/714)
285 - محمد بْن الحُسَيْن بن محمد بْن الحُسين بن أحمد بن السَّريّ، أبو الحسن النَّيسابوريّ، ثُمَّ المصريّ. المقرئ البزَّاز، التاجر المعروف بابن الطّفّال. [المتوفى: 448 هـ]
وُلِدَ سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
قال السَّلفيّ: كان بمصر من مشاهير الرُّواة ومن الثقات الأثبات.
روى عَنْ محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حيُّويه النَّيسابوريّ، وأبي الطاهر محمد بن أَحْمَد الذُّهليّ، والحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سَلَمَة الخيَّاش، وعبد الواحد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن قُتَيِبَة، وأحمد بن محمد بن هارون الأُسْوانيّ، وأبي الطِّيب العبَّاس بن أَحْمَد الهاشميّ الشّافعيّ، وغيرهم. روى عنه سهل بن بشر الإسفراييني، وأبو صادق مرشد بن يحيى المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وآخرون، وآخر من حدَّث عنه الخَفِرة بنت مبشّر بن فاتك، وتوفِّيت سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
تُوُفّي في صَفَرْ.(9/714)
286 - محمد بن الحسين بن عليّ بن التَّرجمان، أبو الحسين الغَزّيّ الصُّوفيّ، [المتوفى: 448 هـ]
شيخ الصُّوفيّة بديار مصر في وقته.
روى عن أبي بكر محمد بن أحمد الحُنْدُرِيّ المقرئ، وبكير بن محمد الطَّرسوسيّ المنذريّ، وعبد الوهّاب بن الحسن الكِلابيّ، والحسن بن إسماعيل الضَّرّاب، وأبي سعْد المالينيّ، وعليّ بن أَحْمَد بن يوسف الحندريّ، وجماعة. [ص:715]
روى عنه أبو عبد اللَّه القُضاعيّ، ومحمد بن عمر بن عقيل، وأحمد بن أسد الكَرَجيّان، وعبد الباقي بن جامع الدّمشقيّ، وسهل بن بشر الإسفراييني، وبالإجازة أبو الحسن ابن الموازينيّ، وغيره، وآخر من حدَّث عنه بالسماع أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي.
مات في جمادى الأولى بمصر، ودفن عند ذي النّون المصريّ بالقرافة، وقد حدَّث بمصر والشَّام، وعاش خمسّا وتسعين سنة.(9/714)
287 - محمد بن الحسين بن سَعْدون، أبو طاهر الموصليّ التاجر السّفّار. [المتوفى: 448 هـ]
نشأ ببغداد وسمع بها أبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا عبد اللَّه بن بطَّة، والدَّارَقَطْنيّ وأبا الفضل الزهريّ، وأبا بكر بن شاذان وجماعة.
قال الخطيب كتبتُ عنهُ وكان صدوقًا وتُوُفّي بمصر في ربيع الأوّل.
قلت: وروى عنه الرازي في " مشيخته " والخفرة بنت مبشر وغيرهما.(9/715)
288 - محمد بن الحسين بن بقاء، أبو الحسن المصريّ، [المتوفى: 448 هـ]
سِبْط الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد.
روى عن جدّه وعن. . . .
توفّي في المحرَّم.(9/715)
289 - محمد بن الحسين بن عُبَيْد اللَّه، أبو الفضل البرجيّ الْأصبهانيّ. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن أبي بكر ابن المقرئ، روى عنه أبو عليّ الحدّاد.(9/715)
290 - محمد بن عبد الله، أبو عبد الله ابن الصَّنَّاع القرطبيّ المقرئ. [المتوفى: 448 هـ]
قرأ القرآن وجوده على أبي الحسن الأنطاكيّ، وأقرأ النّاس عليه، وروى عنه كتاب " قراءة ورش ". [ص:716]
قال ابن بشكوال: أخبرنا بهذا الكتاب أبو محمد بن عتاب عنه، ووصفه لي بالفضل والصَّلاح وكثرة التّلاوة، توفّي في المحرَّم، وأجمعوا على أنَّهُ آخر من قرأ بقُرْطُبة على الأنطاكيّ، وعمِّر إحدى وتسعين سنة.(9/715)
291 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عثمان بن سعيد بْن غلبُون، أبو عَبْد اللَّه الخَوْلانيّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 448 هـ]
روى عن أبيه، وعمّه أبي بكر محمد، وأبي عمر أحمد بن هشام بن بُكيْر، وأبي عمر بن الجسور، وأحمد بن قاسم التّاهَرْتيّ، وأبي محمد بن أسد، وأبي عمر أَحْمَد بن عبد اللَّه النّاجي، وأبي الوليد ابن الفَرَضيّ، وأبي عبد اللَّه بن أبي زَمَنين، وأبي المطرَف بن فُطَيْس، وأبي المطرِّف القَنَازِعيّ، وخلْق كثير.
وكان معنيًّا بالحديث وجمعه، وتقييده. ثقةً ثبتا ديّنا مُتصاوِنًا. تُوُفّي بإشبيليَّة في ذي الحجّة، وهو ابن ستِّ وسبعين سنة.
روى عنه ولده أحمد بن محمد الخولانيّ.(9/716)
292 - محمد بن عبد الله بن مرشد، أبو القاسم، [المتوفى: 448 هـ]
مولى الوزير ابن كلَّس.
خبير بالحساب والهندسة والتنجيم والَأخبار. عمِّر دهرًا. مات وقد نيَّف على التِّسعين بقُرْطُبة.(9/716)
293 - محمد بن عبد الباقي بن الحسين بن فهم، أبو بكر الأنصاريّ البغداديّ. [المتوفى: 448 هـ]
قال الخطيب: كان صدوقًا، حدثنا عن أبي الحسن ابن الْجُنْديّ.(9/716)
294 - محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد اللَّه بن بشْران، أبو بكر الأُمويّ البغداديّ. [المتوفى: 448 هـ]
سمع أبا الفضل الزُّهريّ، وأبا عمر بن حيُّويه، وأبا الحسن بن المُظفّر، وأبا بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وطائفة كبيرة.
وكان أحد الثقات، كأبيه. روى عنه أبو بكر الخطيب، وأُبيّ النَرسيّ، وأبو [ص:717] طالب عبد القادر بن يوسف، وآخرون، وروى عنه " سنن الدارقطني " أبو طاهر عبد الرَّحْمَن بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف.
قال السِّلفيّ: سألتُ عنهُ شُجاعًا الذُّهليّ فقال: كان شيخًا جيِّد السَّماع، حسن الأُصول، صدوقًا فيما يروي من الحديث. قد سمعتُ منه.
قال الخطيب: وُلِدَ في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وتوفّي في جمادى الأولى سنة ثمانٍ وأربعين.(9/716)
295 - محمد بن عبد الملك، أبو الحسين الفارسيّ، ثُمَّ النَّيسابوريّ التّاجر. [المتوفى: 448 هـ]
أكثر عن أبي أَحْمَد الحاكم.(9/717)
296 - محمد بن عبد الواحد بن محمد، أبو طاهر البيّع البغداديّ، المعروف بابن الصبّاغ. الفقيه الشافعي. [المتوفى: 448 هـ]
سمع ابن شاهين، وعليّ بن عبد العزيز بن مردك، وأبا القاسم بن حبابة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة. درس الفقه على أبي حامد الإسفراييني، وكانت له حلقة للفتوى، ومات في ذي القعدة ببغداد.
وقال أبيّ النَّرسيّ: حدثنا عن ابن طرارا، وهو والد أبي نصر صاحب " الشّامل ".(9/717)
297 - مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عمر بن ميمون، أبو الفَرَج الدّارِميّ. البغداديّ، الفقيه الشّافعيّ، [المتوفى: 448 هـ]
نزيل دمشق.
سمع أبا عمر بن حيُّويه، وأبا الحسين بن المُظفّر، وأبا بكر بن شاذان، والدّارَقُطْنيّ، وجماعة قد حدَّث عنهم، وسمع من أبي محمد بن ماسيّ، ولم نظفر بسماعه منه.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وقال: هو أحد الفقهاء، موصوف بالذَّكاء وحُسن الفِقْه، والحساب والكلام في دقائق المسائل، ولهٍ شِعرٌ حسن. كتبتُ [ص:718] عنه بدمشق، وقال لي: كتبتُ عن ابن ماسيّ، وأبي بكر الورَّاق، وجماعة، وَوُلِدْتُ في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. سكن الرَّحبة مُدَّة ثُمّ دمشق.
قال الخطيب: حدَّثني أبو الفرج الدّارميّ قال: سمعت أبا عمر بن حيُّويه يقول: سمعت أبا العبَّاس بن سُريْج وقد سُئِل عن القرد فقال: هو طاهر، هو طاهر.
قلت: وروى عنه أيضًا، أبو عليّ الأهوازيّ وهو من أقرانه، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ.
وقال أبو إسحاق في " الطَّبقات ": كان فقيهًا، حاسبًا، شاعرًا، متصرّفًا، ما رأيت أفصح منه لهجة. قال لي: مرضت فعادني الشّيخ أبو حامد الإسفراييني، فقلت:
مرضتُ فارتحتُ إلى عائد ... فعادني العالم في واحدِ
ذاك الإمامُ ابن أبي طاهرٍ ... أَحْمَد ذو الفضلِ أبو حامدِ
وروى عنه من شعره، أبو عليّ ابن البناء، وأبو الحسين ابن النَّقُّور، وأبو عبد اللَّه الحسن بن أَحْمَد بن أبي الحديد.
تُوُفّي ليلة الْجُمعة مُستَهَلّ ذي القعدة أيضًا، وشهده خلقٌ عظيم، ودُفِن بمقبرة باب الفراديس.
وتفقَّه أيضًا على أبي الحُسين الأردَبِيليّ.
وله كتاب " الاستذكار " في المذهب كبيرٌ.(9/717)
298 - محمد بن عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد، أبو طالب البغداديّ الرّزّاز. [المتوفى: 448 هـ]
سمع عليَّ بن عمر الحربيّ، وابن فهد المَوْصليّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا.
قلت: روى عنه جماعة.(9/718)
299 - محمد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن إسماعيل، أبو طاهر ابن الأنباريّ الواعظ. [المتوفى: 448 هـ]
حدَّث عن محمد بن عبد اللَّه بن حمَّاد الموصليّ، والحسن بن العبَّاس الشّيرازي، وولد سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.(9/719)
300 - محمد بن عليّ بن يعقوب، أبو الحسين الْإِياديّ البغداديّ، [المتوفى: 448 هـ]
من أولاد الشّيوخ.
سمع أبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وابن حبّابة، والسُّكَّريّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. مات في ذي القعدة.(9/719)
301 - محمد بن محمد بن المظفّر، أبو الحسين البغداديّ الدقاق، ابن السّرّاج. [المتوفى: 448 هـ]
سمع موسى بن جعفر السِّمسار، وأبا الفضل الزُّهريّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. مات في ربيع الأوَّل.(9/719)
302 - محمد بن محمد بن عَمْرو الحاكم، أبو بكر الزَّواهيّ الفقيه. [المتوفى: 448 هـ]
حدَّث بنيسابور غير مرَّة عن ابن فراس العَبْقَسيّ، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ البغداديّ، وغيرهما.(9/719)
303 - المسلم بن عليّ بن طَبَاطَبَا، أبو جعفر العلويّ الحسنيّ المصريّ. [المتوفى: 448 هـ](9/719)
304 - هلال بن المحسِّن، أبو الحسين ابن الصّابئ، البغداديّ الكاتب. [المتوفى: 448 هـ]
أخذ عن أبي عليّ الفارسيّ، وعليّ بن عيسى الرُّمانّي، وغيرهما.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا. أسلم بآخره، وسمع من العلماء في حال كُفْره لَأنه كان يطلب الأدب. قال لي: وُلِدْتُ سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وجدُّه هو أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصّابئ صاحب [ص:720] " الرّسائل "، ومات هو وابنه المحسّن على الكفر. توفّي هلال في رمضان، وهو والد غرس النعمة محمد.(9/719)
305 - يوسف بن سليمان بن مروان، أبو عمر الأنصاري الأندلسي المعروف بالرَّباحيّ. [المتوفى: 448 هـ]
أصله من قلعة رباح.
كان فقيها، إماما، ورِعا، زاهدا، متقلِّلا، جماعة للعلم، طويل اللسان. فقيه البدن، نحويا عروضيا، شاعرا، نسابة، يسرد الصيام، ويديم القيام، وينعزل عن النّاس، ويأنسّ باللَّه. له مصنَّف في الرَّد على القبْريّ.
حدَّث عنه أبو المطرّف بن البيْروله، وأبو محمد بن خَزْرَج وقال: كان مُجاب الدّعوة، بصيرًا بالحجاج والاستنباط. سكن إشبيلية، وله ردٌ على أبي محمد الأصيليّ، وكان صاحبّا لَأبي عمر بن عبد البَرّ، وتُوُفّي بمرسية في آخر سنة ثمان وأربعين، وولد في سنة سبع وستين وثلاثمائة.(9/720)
-سنة تسع وأربعين وأربعمائة(9/721)
306 - أَحْمَد بن الحسن بن عنان، أبو العبّاس الكنكشيّ الزَّاهِد. [المتوفى: 449 هـ]
كان من كبار مشايخ الطّريق بالدِّينور. له معارف وتصانيف، وعاش تسعين سنة، ولقى الكبار وحكى عنهم.
روى عنه ابنه سعيد، أحد شيوخ السِّلفيّ، جزءًا فيه حكايات، وقد صَحِبَ أبا العبّاس أَحْمَد الأسود مُريد الشّيخ عيسى القصَّار، وعيسى من كبار تلامذة ممشاذ الدِّينوريّ، وذكر أن شيخه أبا العبّاس الأسود عاش مائة سنة.
قال السِّلفيّ: صنَّف أبو العبَّاس الكنكشيّ سِتّين مصنَّفا، وقد رأيت بعضها فوجدت كلامه في غاية الحُسن، وكان غزير الفضل، متفننا، عارفًا، عابدًا، سُفْيَانيّ المذهب. لم يكن لهُ نظير بتلك النّاحية، ولهُ أصحابٌ ومُريدون، وبحكمه رُبُطٌ كثيرة.
ومن كلامه: حقيقة الأُنس باللَّه الوحشة مما سواه.
وقال: عمل السّر سَرْمَدٌ، وعمل الجوارح منقطع.
وقال: من عرف قدر ما يبذله لم يستحِق اسم السّخاء.
قال: وسمعت أَحْمَد الأسود يقول: السُّكون إلى الكرامات مكرٌ وخدعة.(9/721)
307 - أَحْمَد بن عبد اللَّه بن سُليمان بن محمد بن سُليمان بن أَحْمَد بن سليمان بن داود بن المطهّر بن زياد بن ربيعة، أبو العلاء التَّنوخيّ المعري اللُّغويّ، [المتوفى: 449 هـ]
الشاعر المشهور، صاحب التّصانيف المشهورة والزَّندقة المأثورة.
له " رسالة الغفران " في مجلَّد قد احتوت على مَزْدَكة واستخفاف، وفيها أدبُ كثير، وله " رسالة الملائكة " و" رسالة الطَّير " على ذلك الأُنْمُوذَج، ولهُ كتاب " سقط الزَّند " في شِعره، وهو مشهور؛ وله من النَّظم " لزوم ما لَا يلزم " في مجلَّد أبدع فيه.
وكان عجبا في الذَّكاء المُفرط والْإِطلاع الباهر على اللُّغة وشواهدها.
ولد سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة، وجدِّر في السَّنة الثالثة من عمره فعمي منه، فكان يقول: لَا أعرف من الألوان إِلَّا الأحمر، فإنِّي أُلبِستُ في [ص:722] الْجُدريّ ثوبًا مصبوغًا بالعُصْفُر، لَا أعقِل غير ذلك.
أخذ العربيّة عن أهل بلده كبني كوثر وأصحاب ابن خالويه، ثمّ رحل أطرابُلُس، وكانت بها خزائنُ كُتُبٍ مَوْقُوفَة فاجتاز باللّاذقيّة ونزل ديرًا كان به راهبٌ له علم بأقاويل الفلاسفة، فسمع أبو العلاء كلامه، فحصل له به شكوك، ولم يكن عنده ما يدفع به ذلك، فحصل له بعض انْحلال، وأودع من ذلك بعض شعره، ومنهم من يقول ارعوى وتاب واستغفر.
ومِمّن قرأ عليه أبو العلاء اللغة جماعة فقرأ بالمعرَّة على والده وبحلب على محمد بن عبد اللَّه بن سعد النَّحوي وغيره، وكان قانِعًا باليسير، لهُ وقفٌ يحصل له منه في العام نحو ثلاثين دينارًا، قرَّر منها لمن يخدمه النّصف، وكان أكْلُه العدس، وحلاوته التّين، ولباسه القُطْن، وفراشه لبّاد، وحصيرة بَرْدِيّة، وكانت له نفسٌ قويَّة لَا تحمِل منَّة أحد، وإلّا لو تكسَّب بالشِّعر والمديح لكان ينال بذلك دنيا ورياسة، واتَّفق أنّهُ عُورِض في الوقف المذكور من جهة أمير بحلب، فسافر إلى بغداد مُتظلمًا منه في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، فسمعوا منه ببغداد " سقط الزِّند "، وعاد إلى المعرّة سنة أربعمائة، وقد قصده الطَّلبة من النّواحي.
ويُقال عنه إنّه كان يحفظ ما يمر بسمعه، وقد سمع الحديث بالمعرَّة عاليا من يحيى بن مسعر التَّنوخيّ، عن أبي عروبة الحرّانيّ، ولزم منزله، وسمّى نفسه " رهن المحبسين " للزوم منزله، وذهاب بصره، وأخذ في التّصنيف، فكان يُملي تصانيفه على الطَّلبة، ومكثَ بضعًا وأربعين سنة لَا يأكل اللَّحم، ولا يرى إيلام الحيوان مُطلَقًا على شريعة الفلاسفة، وقال الشِّعر وهو ابن إحدى عشرة سنة.
قال أبو الحسين عليّ بن يوسف القفطيّ: قرأت على ظهر كتاب عتيق أن صالح بن مرْداس صاحب حلب خرج إلى المعرَّة وقد عصى عليه أهلُها، فنازلها وشرع في حصارها ورماها بالمجانيق. فلمّا أحس أهلها بالغَلَب سعوا إلى أبي العلاء بن سليمان وسألوه أن يخرج ويشفع فيهم. فخرج ومعه قائدٌ يقوده، فأكرمه صالح واحترمه، ثمّ قال: ألك حاجة؟ قال: الأمير أطال اللَّه [ص:723] بقاءه كالسّيف القاطع، لانَ مسَّهُ، وخشُنَ حدُّه وكالنّهار الماتع، قاظ وسطه، وطاب إبراده. {خد العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}. فقال له صالح: قد وهبتها لك. ثُمَّ قال لهُ: أنشِدْنا شيئًا من شعرك لنرويه. فأنشده بديها أبياتًا فيه، فترحَّل صالح.
وذُكِر أن أبا العلاء كان له مغارة ينزل إليها ويأكُل فيها، ويقول: الأعمى عورة والواجب استتاره في كلِّ أحواله. فنزل مرّةً وأكل دُبْسًا، فنقّط على صدره منه ولم يشعر، فلمَّا جلس للإقراء قال له بعض الطَّلبة: يا سيِّدي أكلت دُبْسًا؟ فأسرع بيده إلى صدره يمسحه، وقال: نعم، لعن اللَّه النَّهم. فاستحسنوا سرعة فهمه، وكان يعتذر إلى من يرحل إليه من الطَّلَبة، فإنّهُ كان ليس له سِعة، وأهل اليسار بالمعرَّة يُعرَفون بالبُخْل، وكان يتأوَّه من ذلك.
وذكر الباخرزيُّ أبا العلاء فقال: ضريرٌ ما له في الأدب ضريب ومكفوف في قميص الفضل ملفوف، ومحجوب خصمه الألدّ محجوج. قد طال في ظِل الْإِسلام إناؤه ولكن إنّما رشح بالإلحاد إناؤه، وعندنا بإساءته لكتابه الّذي زعموا أنّه عارض به القرآن وعنونه " بالفصول والغايات في مُحاذاة السُّور والَآيات ".
قال القِفْطيّ: وذكرت ما ساقه غرّس النِّعمة محمد بن هلال بن المحسّن فيه فقال: كان لهُ شعرٌ كثير وفيه أدبٌ غزير، ويرمى بالإلحاد، وأشعاره دالة على ما يزنُّ به، ولم يكُن يأكل لحمًا ولا بيضا ولا لبنًا، بل يقتصر على النبات، ويحرّم إيلام الحيوان، ويُظهِر الصَّوم دائمًا. قال: ونحنُ نذكر طرفًا ممّا بلغنا من شعره ليعلم صحّة ما يُحكى عنه من إلحاده، فمنه:
صرفُ الزّمانِ مُفَرِّقُ الإلْفَيْنِ ... فاحكُمْ إلهي بين ذاك وبيني
أَنَهَيْتَ عن قتْل النُّفُوس تعمُّدا ... وبَعَثْتَ أنتَ لقَبْضها مَلَكَيْنِ
وَزَعْمتَ أنّ لها مَعَادا ثانيا ... ما كان أغناها عن الحالَيْنِ
ومنه: [ص:724]
قرانُ المُشْتَري زُحَلا يُرَجَّى ... لإيقاظِ النّواظِر مِن كَرَاهَا
تقضّى النّاسُ جيلًا بعدِ جيلٍ ... وخُلَّفتِ النّجومُ كما تراها
تقدَّم صاحبُ التُوراة موسى ... وأوقعَ بالخَسَار مَن اقْتراها
فقال رِجالُه وَحْيٌ أتاهُ ... وقال الآخرون: بلِ افتراها
وما حَجّي إلى أحجارِ بيت ... كؤوسُ الخمرِ تُشْربُ في ذُراها
إذا رَجَعَ الحكيم إلى حجاه ... تهاون بالمذاهب وازْدراها
ومنه:
عقول تستخف بها سطور ... ولا يدري الفتى لمن الثبور
كتاب محمد وكتاب موسى ... وإنجيل ابن مريم والزبور
ومنه فيما أنشدنا أبو عليّ ابن الخلاّل قال: أخبرنا جعفر، قال: أخبرنا السِّلفّي، قال: أنشدنا أبو زكريّا التِّبريزيّ، وعبد الوارث بن محمد الأسديّ لقِيُتُه بأَبْهَر قالا: أنشدنا أبو العلاء بالمعرَّة لنفسه قال:
ضحِكْنا وكان الضّحكُ مِنّا سَفَاهةً ... وحُقّ لسُكّان البسِيطةِ أن يبكوا
تُحَطِّمُنا الأيّامُ حتّى كأَنّنا ... زُجاجٌ، ولكن لَا يُعاد له السبْكُ
ومنه:
هَفَتِ الحنيفةُ والنصارى ما اهتدتْ ... ويهودُ حارتْ والمجوسُ مُضَلَّلَةْ
اثنانِ أهلُ الأرضِ: ذو عقلٍ بلا ... دينٍ، وآخرُ دَيِّنٌ لَا عقلَ لَهْ
ومنه:
قلتم لنا خالقٌ قديمٌ ... صدقتُمُ، هكذا نقول
زعمتموهُ بلا زمانٍ ... ولا مكانٍ، ألا فقولوا
هذا كلامٌ له خَبِيء ... مَعناهُ ليستْ لكُم عُقُولُ
ومنه: [ص:725]
دِينُ وكُفْرٌ وأنباءٌ تقالُ وفُر ... قانٌ يُنَصُّ وتوراةٌ وإنجيلُ
في كل جيلٍ أباطيلٌ يُدانُ بها ... فهل تفرَّد يوما بالهدى جيلُ
فأجبته:
نعمْ أبو القاسم الهاديّ وأمته ... فزادك اللهُ ذُلا يا دجَيْجِيلُ
ومنه:
فَلا تحسْب مَقَال الرُّسلِ حقًّا ... ولكنْ قولُ زُور سَطَرُوهُ
وكان النّاس في عَيْش رَغِيدٍ ... فجاؤوا بالمُحالِ فكدّرُوهُ
ومنه:
وإنما حمّل التّوارة قارِئها ... كسْب الفوائد لا حُبّ التّلاواتِ
وهل أبيحت نساء الرّوم عن غرّض ... للعُرب إِلَّا بأحكام النُّبوّات
أنبأتنا أمُّ العرب فاطمة بنت أبي القاسم قالت: أخبرنا فرقد الكنانيّ سنة ثمان وستّمائة قال: أخبرنا السِّلفيّ، قال: سمعت أبا زكريا التّبْريزيّ قال: لمّا قرأت على أبي العلاء بالمعرَّة قوله:
تَنَاقُضٌ ما لنا إِلَّا السُّكُوتُ لهُ ... وأن نَعُوذَ بمولانا من النّار
يدٌ بخُمْس مِيء من عَسْجَد ودِيَتْ ... ما بالُها قُطِعَتْ في رُبع دينار؟
سألته عن معناه فقال: هذا مثل قول الفقهاء عبادةً لا يعقل معناها.
قلت: لو أراد ذلك لقال: تَعَبُّدٌ ما لنا إِلَّا السُّكوت له، ولما اعترض على اللَّه بالبيت الثاني. [ص:726]
قال السِّلفّي: إن قال هذا الشِّعر معتقدًا معناه، فالنار مأواه، وليس له في الْإِسلام نصيب. هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب " الفُصول والغايات " وكأنَّهُ معارضةً منه للسُّور والَآيات، فقيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تصقله المحاريب أربعمائة سنة. إلى أن قال السِّلفيّ: أخبرنا الخليل بن عبد الجبّار بقزوين، وكان ثقة قال: حدثنا أبو العلاء التّنوخيّ بالمعرّة، قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين، قال: حدثنا خيثمة فذكر حديثًا.
وقال غرس النّعمة: وحدَّثني الوزير أبو نصر بن جهير قال: حدثنا أبو نصر المنَازِيّ الشاعر قال: اجتمعت بأبي العلاء فقلت له: ما هذا الّذي يُروى عنك ويُحكى؟ قال: حَسَدوني وكذبوا عليَّ. فقلت: على ماذا حسدوك، وقد تركت لهم الدُّنيا والآخرة؟ فقال: والَآخرة؟ قلت: إي واللَّه.
قال غرس النّعمة: وأذكر عند ورود الخبر بموته، وقد تذاكرنا إلحاده، ومعنا غلام يعرف بأبي غالب بن نبهان من أهل الخير والفقه. فلمَّا كان من الغد حكى لنا قال: رأيتُ في منامي البارحة شيخا ضريرا، وعلى عاتقه أفعيان متدلّيان إلى فَخِذَيْهِ وكلُّ منهما يرفع فمه إلى وجهه، فيقطع منه لحمًا يزدرده وهو يستغيث. فقلتُ وقد هالني: من هذا؟ فقيل لي: هذا المَعَرِّيّ المُلحد.
ولَأبي العلاء:
أتى عيسى فبطَّلَ شرْعَ موسى ... وجاء محمدٌ بصلاةِ خَمْس
وقالوا: لَا نبيٌّ بعدَ هذا ... فَضَلَّ القومُ بين غدٍ وأمسِ
ومهما عشْتَ في دُنياك هذي ... فما تُخْليكَ مِنْ قَمَرٍ وشمسِ
إذا قُلتُ المُحالَ رفعتُ صَوْتي ... وإنْ قلتُ الصّحيحَ أطلَّتُ هَمْسي
وله:
إذا مات ابنُها صرخَتْ بجهلِ ... وماذا تستفيد من الصُّراخِ؟
ستتبعه كفاء العطف ليست ... بمَهْلٍ أو كَثُمَّ على التراخي
وله: [ص:727]
لَا تَجْلِسْنَ حُرّةُ موفْقَةٌ ... مع ابن زوجٍ لها ولا خَتَن
فذاك خيرُ لها وأسلم لل ... إنسانِ إنْ الفَتَى من الفِتَنِ
وله:
منكَ الُّصدُودُ ومنّي بالصُّدودِ رِضا ... مَن ذا عليَّ بهذا في هواك قضى
بي منك ما لو غدا بالشّمسِ ما طَلَعَتْ ... من الكآبة أو بالبَرْقِ ما وَمَضَا
جرَّبتُ دَهْري وأهليه فما تَرَكَتْ ... لِيَ التّجاربُ في وُدّ امرئٍ غَرضا
إذا الفتى ذَمّ عَيْشا في شَبِيَبِتِه ... فما يقولُ إذا عَصْرُ الشَّباب مَضى
وقد تعوّضتُ عن كلٍّ بمُشْبهِه ... فما وجدتُ لأيّامِ الصِّبا عِوَضا
وله:
وصفراءّ لون التَّبْر مثلي جليده ... على نُوب الأيامُ والعِيشة الضَّنكِ
تُريك ابتسامًا دائمًا وتجلُّدًا ... وصبرًا على ما نابها وهي في الهلكِ
ولو نَطَقَتْ يومًا لقالت أظُنّكم ... تَخَالون أنيّ من حذار الرَّدى أبكي
فلا تحسبوا وجدي لوجد وجدته ... فقد تدمع العَيْنان من كثرة الضَّحكِ
أنشدنا أبو الحسين ببعلبكّ قال: أخبرنا جعفر قال: أخبرنا السِّلفيّ، قال: أنشدنا أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأسدي رئيس أبهر قال: أنشدنا أبو العلاء بن سليمان لنفسه قطعة ليس لأحد مثلها:
رغبتُ إلى الدّنيا زمانا فلم تجد ... بغير عناء والحياةُ بلاغُ
وألفى ابنه اليأس الكريمُ وبنتهُ ... لديَّ فعندي راحة، وفراغُ
وزَادَ فساد النّاس في كلّ بلدة ... أحاديثُ مين تُفْتَرى وتصاغُ
ومن شرِّ ما أسْرَجْتَ في الصُّبح والُّدجى ... كُمَيْت لها بالشارِبينَ مَرَاغُ
ولمَّا مات أوصى أن يُكتب على قبره:
هذا جناهُ أبيْ عليَّ ... وما جنيتُ على أحدْ
الفلاسفة يقولون: إيجاد الولد وإخراجه إلى هذا العالم جناية عليه، لَأنَّهُ يعرَّض إلى الحوادث والَآفات، والّذي يظهر أنَّ الرّجل مات مُتحيِّرًا، لم يجزم [ص:728] بدينٍ من الأديان، نسألُ اللَّه تعالى أن يحفظ علينا إيماننا بكرمه.
أنبأتنا فاطمة بنت علي، قالت: أخبرنا فرقد بن ظافر، قال: أخبرنا أبو طاهر بن سِلَفَة، قال: من عجيب رأي أبي العلاء تركه تناول كل مأكولٍ لا تنبته الأرض شفقةً بزعمه على الحيوانات، حتى نُسِبَ إلى التَّبرهم، وأنّهُ يرى رأي البراهمة في إثبات الصّانع، وإنكار الرُّسل، وتحريم الحيوانات وإيذائها، حتّى الحيات والعقارب، وفي شِعره ما يدُل على غير هذا المذهب، وإن كان لَا يستقر به قرار ولا يبقى على قانونٍ واحد، بل يجري مع القافية إذا حصلت كما تجيء، لَا كما يجب. فأنشدني أبو المكارم الأَسَديّ رئيس أَبْهَر قال: أنشدنا أبو العلاء لنفسه:
أقرُّوا بالْإِله وأثبَتُوهُ ... وقالوا: لا نبيَّ ولا كتابُ
ووطءُ بناتِنا حلٌّ مُباحٌ ... رويدكمُ فقد بطُلَ العتابُ
تَمَادَوْا في الضّلال فلم يتوبوا ... ولو سمعوا صليلَ السّيفِ تابوا
وبه قال: وأنشدني أبو تمّام غالبُ بن عيسى الأنصاريّ بمكّة قال: أنشدنا أبو العلاء المَعَرّيّ لنفسه:
أتتني من الأيام ستُّون حجَّةً ... وما أمسكت كفّيَ بِثْنَى عنانِ
ولا كان لي دارٌ ولا ربعُ مَنْزِلٍ ... وما مسّني من ذاك روعُ جنانِ
تذكَّرتُ أنّي هالكٌ وابنُ هالِكٍ ... فهانَتْ عليَّ الأرضُ والثقلانِ
إلى أن قال السِّلفيّ: ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بُختيار النُّميريّ بالسِّمسمانيّة - مدينة بالخابور - قال: سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن أحمد السَّروجيّ يقول: سمعت أخي القاضي أبا الفتح يقول: دخلت على أبي العلاء التَّنوخيّ بالمعرَّة ذات يومٍ في وقت خلْوَةٍ بغير عِلْمٍ منه، وكنت أتردَّدُ إِلَيْهِ وأقرأ عليه، فسمعته وهو ينشد من قيلهِ:
كم غُودِرَت غادةٌ كَعَابٌ ... وعُمّرتْ أُمها العجوزُ
أحرَزَها الوالدان خوفًا ... والقبرُ حِرزٌ لها حريزُ
يجوزُ أن تُبْطئُ المنايا ... والخُلْدُ في الدَّهرِ لَا يجوزُ [ص:729] ثم تأوه مرات وتلا قوله تعالى: " {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأَجَلٍ مَعْدُودٍ} {يوم يأت لا تكلم نفس إلى بإذنه فمنهم شقي وسعيد} ".
ثم صاح وبكى. بكاءً شديدًا، وطرح وجهه على الأرض زمانًا، ثم رفع رأسه، ومسح وجهه وقال: سبحان من تكلّم بهذا في القِدَم، سبحان من هذا كلامه. فصبرتُ سَاعةً، ثم سلّمت عليه، فردّ وقال: متى أتيتَ؟
فقلت: الساعة. ثم قلت: أرى يا سيدنا في وجهك أثَرَ غَيْظ. فقال: لَا يا أبا الفتح، بل أنشدت شيئًا من كلام المخلوق، وتلوت شيئًا من كلام الخالق، فلحِقَني ما ترى. فتحقَّقتُ صحة دينه، وقوّة يقينه.
وبالْإِسناد إلى السِّلفيّ: سمعتُ أَبَا بكر التِّبْرِيزيِّ اللُّغَويّ يقول: أفضل من رأيته ممّن قرأت عَلَيْهِ أبو العلاء، وسمعتُ أبا المكارم بأبهر، وكان من أفراد الزّمان، ثِقَةً مالِكيّ المَذْهب، قال: لمَّا تُوُفّي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعرًا، وخُتِم في أسبوع واحد عند القبر مائتا ختمة.
وبه قال السِّلفيّ: هذا القدر الّذي يمكن إيراده هنا على وجه الاختصار، مدحًا وقدحًا، وتقريظًا، وذمًّا، وفي الجملة فكان من أهل الفضل الوافر، والَأدب الباهر، والمعرفة بالنَّسَبْ، وأيّام العرب. قرأ القرآن بروايات، وسمع الحديث بالشّام على ثِقات، ولهُ في التَّوحيد وإثبات النُّبُوَّة وما يحضّ على الزَّهْد، وإحياء طرق الفُتُوّة والمُرُوَءة شِعْرٌ كثير، والمُشكِل منه فله على زعمه تفسير.
قال القِفْطيّ: ذِكر أسماء الكُتُب الّتي صنّفها. قال أبو العلاء: لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة واجتهدتُ أن أتوفّر على تسبيح اللَّه وتحميده، إِلَّا أن أُضطرّ إلى غير ذلك، فأمليت أشياءٌ تولّى نسخها الشّيخُ أبو الحسن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن أبي هاشم، أحسن اللَّه توفيقه، ألزمني بذلك حقوقًا جمّة، لَأنّهُ أفنى زمنه ولم يأخذ عما صنع ثمنه، وهي على ضروبٍ مختلفة، فمنها ما هو في الزُّهد والعِظات والتّمجيد. فمن ذلك: كتاب " الفصول والغايات " وهو موضوع على حروف المعجم، ومقداره مائة كراسة، ومنها كتاب أنشئ في ذكر غريب [ص:730] هذا الكتاب، لقبه " الشادن ". نحو عشرين كراسة وكتاب " إقليد الغايات " في اللُّغة، عشر كراريس، وكتاب " الأَيْكُ والغُصُون " وهو ألف ومائتا كرّاسة، وكتاب " مختلف الفصول " نحو أربعمائة كرّاسة، وكتاب " تاج الحرة " في عظات النساء، نحو أربعمائة كراسة، وكتاب " الخُطب " نحو أربعين كرّاسة، وكتاب " تسمية خُطَب الخَيْل " عشر كراريس. كتاب " خطبة الفصيح ". نحو خمس عشرة كرّاسة، وكتاب يُعرَف " برَسِيلِ الرّامُوز " نحو ثلاثين كرّاسة. كتاب " لُزُوم ما لَا يلزم " نحو مائة وعشرين كرّاسة. كتاب " زَجْر النابح " أربعون كرّاسة. كتاب " نجر الزَّجْر " مقداره كذا. كتاب " راحة اللُّزوم في شرح كتاب لُزُوم ما لَا يلزم " نحو مائة كرّاسة. كتاب " مُلْقَى السبيل " مقداره أربع كراريس.
قلت: إنّما مقداره ثمان وَرَقات، فكأنَّهُ يعني بالكراسة زوجين من الورق.
قال: وكتاب " خماسة الراح " في ذم الخمر، نحو عشرة كراريس. " مواعظ "، خمس عشرة كراسة. كتاب " وقفة الواعظ ". كتاب " الجلي والجلى " عشرون كرّاسة. كتاب " سجع الحمائم " ثلاثون كرّاسة. كتاب " جامع الأوزان والقوافي " نحو ستّين كرّاسة. كتاب " غريب " ما في هذا الكتاب نحو عشرين كرّاسة كتاب " سَقْط الزِّند "، فيه أكثر من ثلاثة آلاف بيت نُظِم في أوّل العُمْر. كتاب " رسالة الصَّاهِل والشّاحِجْ " يتكلّم فيه على لسان فَرَسٍ وبَغْل أربعون كرّاسة. كتاب " القائف " على معنى " كليلة ودمنة " نحو ستّين كرّاسة. كتاب " منار القائف " في تفسير ما فيه من اللُّغة والغريب، نحو عشر كراريس. كتاب " السَّجع السُّلطانيّ " في مُخاطبات الملوك والوزراء، نحو ثمانين كرّاسة. كتاب " سجع الفقيه " ثلاثون كرّاسة. كتاب " سجع المُضْطَّرين "، [ص:731] " رسالة المعونة ". كتاب " ذكرى حبيب " كتاب " تفسير شِعر أبي تمَّام "، نحو ستّين كرّاسة. كتاب يتصل بشعر البُحتُرِيّ. كتاب " الريّاش " أربعون كرّاسة. كتاب " تعليق الخُلَس " كتاب " إسعاف الصدّيق ". كتاب " قاضي الحق ". كتاب " الحقير النّافع " في النّحو، نحو خمس كراريس. كتاب " المختصر الفتحيّ ". كتاب " اللامع العزيزيّ " في شرح شِعر المتنبي، نحو مائة وعشرين كرّاسة. كتاب في الزُّهد يُعرف بكتاب " استَغْفِرْ واستغفِري " منظومٌ فيه نحو عشرة آلاف بيت. كتاب " ديوان الرَّسائل "، مقداره ثمان مائة كرّاسة. كتاب " خادم الرّسائل ". كتاب " مناقب علي رضي الله عنه ". رسالة " العصفورين ". كتاب " السجعات العشر ". كتاب " عون الْجُمَل ". كتاب " شرف السَّيف ". نحو عشرين كرّاسة. كتاب " شرح بعض سيَبَوَيْه " نحو خمسين كرّاسة. كتاب " الأمالي "، نحو مائة كرّاسة.
قال: فذلك خَمْسَةٌ وخمسون مُصنّفًا في نحو أربعة آلاف ومائة وعشرين كرَّاسة.
ثم قال القِفْطيّ: وأكثر كتب أبي العلاء عدمت، وإنما وُجِدَ منها ما خرج عن المعرَّة قبل هجم الكُفّار عليها، وقَتْل أهلها، وقد أتيت قبره سنة خمسٍ وستّمائة، فإذا هو في ساحةٍ بين دُور أهله، وعليه باب. فدخلتُ فإذا القبر لَا احتفال به، ورأيت على القبر خُبّازَى يابسة، والموضع على غاية ما يكون من الشَّعث والْإِهمال.
قلت: وقد رأيت قبره أنا بعد مائة سنة من رؤية القِفْطيّ فرأيتُ نحوًا ممّا حكى، وقد ذكر بعض الفُضلاء أنَّهُ وقف على المُجلَّد الأوّل بعد المائة من كتاب " الأَيْك والغُصُون "، قال: ولا أعلم ما يعوزه بعد ذلك.
وقد روى عنه، أبو القاسم التَّنُوخيّ، وهو من أقرانه، والخطيب أبو زكريّا التِّبْريزيّ أحد الأعلام، والْإِمام أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأَبْهَريّ، والفقيه أبو تمّام غالب بن عيسى الأنصاريّ، والخليل بن عبد الجبَّار القزوينيّ، [ص:732] وأبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصَّقر الأنباريّ وغير واحد.
ومرض ثلاثة أيّام، ومات في الرابع ليلة جمعة، من أوائل ربيع الأوّل من السّنة، وقد رثاه تلميذه أبو الحسن عليّ بن همّام بقوله:
إن كُنْتَ لم تُرِق الدّماءَ زَهَادةً ... فَلَقَدْ أَرَقْتُ اليَوْمَ من جَفْني دَمَا
سَيَّرتَ ذِكْرَكَ في البلاد كأنَّهُ ... مِسكٌ فسامِعُهُ يضمِّخ أو فما
وأرى الحَجِيجَ إذا أرادوا ليلةً ... ذِكْرَاكَ أخرَجَ فِديةً مَنْ أَحْرَمَا.(9/721)
308 - أَحْمَد بن عليّ. أبو الفتح الْإِياديّ، [المتوفى: 449 هـ]
أخو محمد المذكور في العام الماضي.
سَمِعَ أبا حفص الكتّانيّ، والمخلّص، ومات في ذي القعدة.
قال الخطيب: صدوق.(9/732)
309 - أحمد بن علي بن محمد بن عثمان، أبو طاهر ابن السَّواق الأنصاريّ البغداديّ المقرئ. [المتوفى: 449 هـ]
أخو حمزة.
قرأ القراءات على الحماميّ، وسمع من عبيد اللَّه بن أَحْمَد الصَّيْدلانيّ، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ، وطائفة، وعنه أبو غالب عبد اللَّه بن منصور المقرئ، وعليّ بن المبارك بن سيف الدَّواليبيّ، وجعفر السَّراج وآخرون.
وكان ثِقةً، صالحًا نبيلًا، فقيها مقرئا.(9/732)
310 - أحمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العزيز بن شاذان، أبو مسعود البَجَليّ الرّازيّ الحافِظ ابن المحدِّث الصالح. [المتوفى: 449 هـ]
وُلِدَ بنَيْسابور سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. قال: وأُمّي من طَبَرِسْتان، وأكثر مُقامي بجُرْجَان.
قلت: رحل وطوَّف وصنَّف الأبواب والشِّيوخ، وسمع من الكبار أبي عمرو بن حمدان، وأبي أَحْمَد حسين بن عليّ التميميّ، وأبي سعيد بن عبد الوهّاب الرّازيّ، وأحمد بن أبي عمران الهرويّ المجاور، وزاهر بن أَحْمَد، وأبي النّضر محمد بن أَحْمَد بن سليمان الشَّرْمَغُوليّ، ومحمد بن الفضل بن [ص:733] محمد بن خُزَيْمَة، وأبي بكر محمد بن محمد الطّرّازيّ، وأبي الحسين الخفَّاف، وأبي محمد المخلدي، وشافع الإسفراييني، وأبي بكر بن لال الهَمَذَانيّ، وأبي الحسن بن فراس العَبْقَسيّ، وأبي الحسين بن فارس اللُّغوي، وابن جهضم، وخلق كثير.
وكان جوَّالًا في الآفاق، وبقي في الآخر يسافر للتّجارة.
روى عنه يحيى بن الحسين بن شراعة، وعبد الواحد بن أَحْمَد الخطيب الهمذانيان، وأبو الحسن عليّ بن محمد الْجُرْجَاني، وظريف النَّيْسابوريّ، وإسماعيل بن عبد الغافر، وخلق آخرهم عبد الرحمن بن محمد التاجر.
وثقه جماعة.
توفي في المحرم بِبُخَارَى.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: كان ثِقةً جوّالًا، تاجرًا كثير الكُتُب عارفًا بالحديث، حَسَن الفَهْم.(9/732)
311 - أَحْمَد بن محمد بن أَحْمَد بن محمد بن النُّعمان بن المُنذِر، أبو العباس الأصبهاني الصائغ الفضاض الذهبي. [المتوفى: 449 هـ]
حدث عن أبي بكر ابن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بن يعقوب بن جميل، وأبي بكر محمد بن أَحْمَد بن جِشْنِسْ، وأبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبي بكر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الفضل بْن شَهْرَيار، وجماعة. روى عنه أبو عليّ الحدّاد، وسعيد بن أبي الرجاء، وغيرهما.
وكان ثقة نبيلا جميل الطّريقة.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: هو ثقة مأمون، صالح، قليل الكلام. عاش ثمانين سنة.
وقال غيره: هو أبو بكر الفضَّاض، توفي ليلة عيد الفطر. روى عن ابن المقرئ " مُسنَد العَدَنيّ ".(9/733)
312 - أَحْمَد بن محمد بن أبي عُبَيْد أَحْمَد بن عُرْوَة، أبو نصر الكَرْمِينيّ. [المتوفى: 449 هـ]
حدّث في رمضان من السّنة ببلد كَرْمِينِيّة من ما وراء النّهر عن محمد بن [ص:734] أَحْمَد بن محفوظ الوَرْقُودِيّ، وسماعه منه في سنة بضع وسبعين وثلاثمائة عن الفِرْبَرِيّ.(9/733)
313 - أَحْمَد بن مهلّب بن سعيد، أبو عمر البهرانيّ الْإِشبيليّ. [المتوفى: 449 هـ]
روى عن أبي محمد الباجي، وأبي الحسن الأنطاكي المقرئ، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي بكر الزبيدي، وغيرهم.
ذكره ابن خزرج وقال: كان من أهل الذّكاء، قديم العناية بطلب العلم، توفِّي في صفر وقد استكمل ستًّا وتسعين سنة.
قلت: هذا كان من كبار المُسْنِدِين بالَأندلُس.(9/734)
314 - إبراهيم بن محمد بن علي، أبو نصر الكسائي الأصبهاني. [المتوفى: 449 هـ]
سمع أبا بكر ابن المقرئ. روى عنه الحدَّاد، وسعيد بن أبي الرّجاء، وغيرهما، وكان ورَّاقًا، فسمع الكثير.
مات في ذي القعدة.(9/734)
315 - إسماعيل بن عبد الرّحمن بن أَحْمَد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عابد بن عامر، أبو عثمان الصَّابونيّ النيسابوريّ الواعظ المُفسِّر، شيخ الْإِسلام. [المتوفى: 449 هـ]
حدَّث عن زاهر بن أَحْمَد السَّرْخَسيّ، وأبي سعيد عبد اللَّه بن محمد الرّازيّ، والحسن بن أَحْمَد المَخْلَديّ، وأبي بكر بن مهران المقرئ، وأبي طاهر بن خُزَيْمَة، وأبي الحسين الخفّاف، وعبد الرّحمن بن أبي شُريْح، وطبقتهم.
روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ، وعليّ بن الحسين بن صَصْرَى، ونجا بن أَحْمَد، وأبو القاسم المصّيصيّ، ونصر اللَّه الخُشْناميّ، وأبو بكر البَيْهَقِيّ، وخلقٌ كثير آخرهم أبو عبد الله الفراوي.
قال البيهقي: أخبرنا إمام المسلمين حقًا، وشيخ الْإِسلام صِدْقًا أبو عثمان الصّابونيّ، ثم ذكر حكاية.
وقال أبو عبد اللَّه المالكيّ، أبو عثمان الصابونيّ ممن شهدت له أعيان [ص:735] الرجال بالكمال في الحفظ، والتفسير، وغيرهما.
وقال عبد الغافر في " سياق تاريخ نَيْسابور ": إسماعيل الصّابونيّ الأستاذ، شيخ الْإِسلام، أبو عثمان الخطيب المُفسّر الواعِظ، المُحدِّث، أوحد وقته في طريقه، وَعَظَ المسلمين سبعين سنة، وخطب وصلّى في الجامع نحوًا من عشرين سنة، وكان حافِظًا كثير السَّماع والتّصنيف، حريصّا على العِلْم. سَمِعَ بنيسابور، وهراة، وسرخس، والشّام، والحجاز، والجبال، وحدَّث بخُراسان، والهند، وجُرْجان، والشّام، والثُّغور، والقُدس، والحِجاز، ورُزِق العِزّ والجاه في الدّين والدُّنيا، وكان جمالًا للبلد، مقبولًا عند الموافق والمخالف، مُجْمَع على أنه عديم النظير، وسيف السنة، ودامغ أهل البدعة، وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنَيْسابور، فَفُتِكَ به لَأجل المذهب، وقُتِلَ وهذا الْإِمام صبي ابن تسع سنين، فأقعد بمجلس الوعظ مقام أبيه، وحضر أئِمّةُ الوقت مجالسَه، وأخذ الإمام أبو الطيب الصعلوكي في ترتيبه وتهيئة شأنه، وكان يحضر مجالسه، هو والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والَأستاذ أبو بكر بن فُورَك، ويتعجّبون من كمال ذكائه وحُسن إيراده، حتّى صار إلى ما صار إليه، وكان مُشتغِلًا بكثرة العبادات والطّاعات، حتَّى كان يُضرَب بِه المَثَل.
وقال الحسين بن محمد الكتبيّ في " تاريخه ": توفّيّ أبو عثمان في المُحرَّم، وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وأول مجلسٍ عقده للوعظ بعد قتل والده في سنة اثنتين وثمانين.
وفي " معجم السَّفر " للسِّلفيّ: سمعتُ الحسن بن أبي الحُر بن سعادة بثغر سلماس يقول: قدم أبو عثمان الصّابونيّ بعد حجّه، ومعه أخوه أبو يَعْلَى في أتباعٍ ودواب، فنزل على جدّي أَحْمَد بن يوسف بن عمر الهلاليّ، فقام بجميع مُؤَنِهِ، وكان يعقد المجلس كل يوم، وافتتن النّاس به، وكان أخوه فيه دعابة، وسمعتُ أبا عثمان وقت أن ودَّع النّاس يقول: يا أهل سلماس، لي عندكم أشهر أعِظُ وأنا في تفسير آيةٍ وما يتعلّق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة، لما تَعَرضْتُ لغيرها والحمد لله. [ص:736]
قلت: هكذا كان واللَّه شيخنا ابن تَيْمية، بقي أزيد من سنة يفسر في سورة نوح، وكان بحرًا لَا تُكَدِّرهُ الدِّلاء رحمه اللَّه.
وقال عبد الغافر: حكى الثقات أن أبا عثمان كان يعِظ، فدُفِع إليه كتابُ ورد من بُخَارَى مشتمل على ذكر وباء عظيم وقع بها ليدعى على رؤوس الملَأ في كشف ذلك البلاء عنهم، ووصف في الكتاب أنّ رجلًا أعطي دراهم لخبّاز يشتري خُبْزًا، فكان يزِنُها والصَّانع يخبز، والمشتري واقف، فمات الثّلاثة في ساعة. فلمّا قرأ الكتاب هاله ذلك، فاستقرأ من القارئ قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بهم الأرض} الآيات ونظائرها، وبالغ في التّخويف والتّحذير، وأثَّر ذلك فيه وتغيَّر في الحال، وغلبه وجع البطن من ساعته، وأُنزِل من المنبر، فكان يصيح من الوجع، وحُمِل إلى الحمّام، فبقي إلى قريب المغرب، فكان يتقَّلّب ظهرًا لبَطْنٍ، وبقي سبعة أيَّام لم ينفعه علاج، فأوصى وودع أولاده وتوفي، وصلي عليه عصر يوم الْجُمعة رابع المُحرّم، وصلّى عليه ابنه أبو بكر، ثم أخوه أبو يَعْلى إسحاق.
وقد طوَّل عبد الغافر ترجمة شيخ الْإِسلام وأطنب في وصفه، وقال: قال فيه البارع الزّوْزَنيّ:
ماذا اختلاف النّاس في مُتفنِّنٍ ... لم يبصروا للقدح فيه سبيلا
واللَّه ما رقي المنابر خاطبٌ ... أو واعظٌ كالحبر إسماعيلا
وقال: قرأت في كتاب كتبه الْإِمام زين الْإِسلام من طُوس في تعزية شيخ الْإِسلام يقول فيه: أليس لم يجسُر مُفْتَرٍ أن يَكْذِبُ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم في وقته؟ أليست السُّنّة كانت بمكانةٍ منصورة، والبدعة لفَرْط حِشْمته مقهورة؟ أليس كان داعيا إلى اللَّه هاديا عباد اللَّه، شابًّا لَا صبوة له، ثُمّ كهلًا لَا كبوة له، ثم شيخًا لَا هفوة له؟ يا أصحاب المحابر، حطُّوا رحالكم، فقد استتر بجلال التّراب من كان عليه إلمامكم، ويا أرباب المنابر، أَعْظَم اللَّه أُجُورَكُم، فقد مضى سيّدكم وإمامكم. [ص:737]
وقال الكتّانيّ: ما رأيت شيخًا في معنى أبي عثمان الصّابونيّ زُهْدًا وعِلْمًا. كان يحفظ من كل فنٍّ لَا يقعد به شيء، وكان يحفظ التّفسير من كُتُب كثيرة، وكان من حُفّاظ الحديث.
قلت: ولَأبي عثمان مُصنَّف في السُّنة واعتقاد السَّلف، أفصح فيه بالحقّ، فرحمه الله ورضي عنه.
وقال الحافظ ابن عساكر: سمعت معمر بن الفاخر يقول: سمعت عبد الرَّشيد بن ناصر الواعظ بمكة يقول: سمعتُ إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الغافر الفارسي يَقُولُ: سمعت الإمام أبا المعالي الْجُوينيّ قال: كنت بمكَّة أتردّد في المذاهب، فرأيت النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: عليك باعتقاد ابن الصابونيّ.
وقال عبد الغافر بْن إسماعيل بْن عبد الغافر: حكى المقرئ الصّالح محمد بن عبد الحميد الأَبِيَوَرْدِيّ عن الْإِمام أبي المعالي الجوينيّ أنّه رأى في المنام كأنَّهُ قيل له: عُد عقائد أهل الحق. قال: فكنت أذكرها إذ سمعت نداء كان مفهومي منه أنِّي أسمعه من الحق تبارك وتعالى يقول: ألم نقل: أن ابن الصّابونيّ رجل مسلم؟
قال عبد الغافر: ومن أحسن ما قيل فيه أبيات للإمام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي:
أودى الْإِمام الحَبْرُ إسماعيلُ ... لَهْفي عليهِ ليس منه بديل
بكتِ السما والَأرض يوم وفاتِهِ ... وبكى عليه الوحْيُ والتَّنْزِيلُ
والشّمس والقمر المُنِيُر تَنَاوَحَا ... حُزْنًا عَلَيِهِ وللنُجومِ عَوِيلُ
والَأرضُ خاشِعةٌ تبكِّي شجوَها ... ويلي تُوَلوِلُ: أَيْنَ إسماعيلُ؟
أين الْإِمامُ الفَرْدُ في آدابه ... ما إنْ له في العالمَينَ عَدِيلُ
لَا تَخْدَعَنْك مُنَى الحياةِ فإنَّها ... تُلْهي وتُنْسي والمُنَى تَضْلِيلُ
وتأهَّبَنْ للمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ ... فالمَوْتُ حَتْمٌ والبقاء قليل(9/734)
316 - الحسن بن محمد بن عليّ، أبو عامر النسوي النحوي الزاهد الشاعر، [المتوفى: 449 هـ]
مصنف " الدّيوان " المعروف.
كان كثير التّطواف، جمّ الفوائد، دائم العبادة والصّوم والتّهجُّد، يقال: أنّه من الأبدال.
ترجمه عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ وقال: سمع بالعراق، وأصبهان، وذهب أكثر سماعه إِلَّا من جزء من " مَسْنَد أبي يَعْلى الموصليّ "، سمعه من أبي بكر بن المقرئ، وأجزاءٌ أُخَر عن شيوخ، وُلِدَ سَنَة سِتِّين وثلاثمائة، وتُوُفّي في رَمَضَان بِنَسَا.
وقال ابن السَّمعانيّ: هو ثِقة، عالم باللغة فقير. سمع بِنَسا أبا القاسم عبد اللَّه بن محمد صاحب الحسن بن سُفْيَان. روى عنه عبد المنعم ابن القشيري.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، قال: أخبرنا أبو روح في كتابه، قال: أخبرنا زاهر، قال: أخبرنا أبو عامر الحسن بن محمد إجازة، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، قال: أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم، قال: حدثنا عُبَيْدَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " نضر الله امرأ سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا فَإِنَّهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ".(9/738)
317 - الحسين بن محمد بن عثمان، ابن النصيبي البغدادي. [المتوفى: 449 هـ]
سمع الدارقطني، وأبا الحسن الحربي. [ص:739]
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان يذهب إلى الاعتزال.(9/738)
318 - الحسين بن محمد بن القاسم، أبو عبد اللَّه بن طَبَاطَبَا العلويّ النَّسَّابة. [المتوفى: 449 هـ]
قال الخطيب: كان متميّزًا بعلم النَّسب ومعرفة أيّام الناس وله حظٌّ من الأدب والشِّعْر، وكان كثير الحضور معنا في مجالس الحديث. ذكر لي سماعه من ابن الْجُنْديّ، وأبي عبد اللَّه الضّبيّ. علَّقت عنه أشياءً، ومات في صفر.(9/739)
319 - شيبان بن محمد بن جعفر الجرقوهيّ الْأصبهانيّ. [المتوفى: 449 هـ]
روى عن أبي بكر ابن المقرئ، وعبد الرّحمن بن الخصيب، وعنه أبو عليّ الحداد، وغيره.
مات فِي جُمادى الآخرة.(9/739)
320 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بن زكريّا أبو محمد الطُّلَيطُليّ، يُعْرَف بابن راها. [المتوفى: 449 هـ]
كان نبيلًا فصيحًا إخباريًّا. سمع من عَبْدُوس بن محمد، ومحمد بن إبراهيم الخُشَنيّ.(9/739)
321 - عبد الواحد بن الحسين بن قُرْقُر، أبو طاهر البغداديّ الحذّاء. [المتوفى: 449 هـ]
سمع أبا الحسن الدَّارَقطُنيّ، وأبا حفص بن شاهين، وجماعة.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحًا، وله حانوت في الحذّائين.(9/739)
322 - عبد الغفّار بن محمد بن عمر بن العُزيْز، أبو سعد الهَمَذَانيّ التِّككيّ. [المتوفى: 449 هـ][ص:740]
روى عن أبي بكر بن لال، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ. روى عنه العلويّ، ومحمد بن عثمان.
تُوُفّي في ذي القعدة.(9/739)
323 - عبد الوهّاب بن أحمد بن هارون، أبو الحسين ابن الجنْديّ الشَّاهد. [المتوفى: 449 هـ]
أخو القاضي أبي نصر بن هارون.
من كبار شهود دمشق. روى عن أبي بكر بن أبي الحديد.
روى عنه أبو طاهر الحناني، وأبو القاسم النّسيب.
توفّي في جمادى الأولى من السنة.(9/740)
324 - عبيد الله بن الحسين بن نصر العطّار. [المتوفى: 449 هـ]
روى ببغداد عن محمد بن المُظفّر الحافظ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، والدَّارقُطْنيّ، وغيرهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه وكان صدوقًا، وتُوُفّي في صَفَر.
قال النَّرْسيّ: سمعنا منه.(9/740)
325 - عليّ بن أحمد بن إبراهيم بن غريب البزاز. [المتوفى: 449 هـ]
بغداديّ، سمع عليّ بن حسَّان الدِمميّ، وعليّ بن عمر الحربيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صحيح السَّماع، وغريب هو خال الخليفة المقتدر.
قلت: حدَّث بدمشق فروى عنه محمد بن عليّ الحدّاد.(9/740)
326 - عليّ بن الحسن السّقلاطونيّ. [المتوفى: 449 هـ]
بغداديّ صدوق. سمع ابن شاهين؛ أرَّخه الخطيب وحدث عنه.(9/740)
327 - علي بن الحسين بن محمد البصري، أبو القاسم التاجر. [المتوفى: 449 هـ]
ثقة، روى عن أبي القاسم بن حبابة وأبي الحسن بن فراس العبقسي، [ص:741] وطائفة، وكان سفارا في البز، كتب عنه الخطيب، وقال: مات في المحرم.(9/740)
328 - عليّ بن خَلَف بن عبد الملك بن بطَّال، أبو الحسن القُرْطُبيّ، ويُعْرَف أيضًا بابن اللّجّام. [المتوفى: 449 هـ]
روى عن أبي المطرّف القنازعيّ، ويونس بن عبد الله القاضي، وأبي محمد بن بنوش، وأبي عمر بن عفيف، وغيرهم.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل العلم والمعرفة والفهم، مليح الخط، حسن الضبط، عني بالحديث العناية التامة وأتقن ما قيد منه، وشرح " صحيح أبي عبد الله البخاري " في عدة مجلدات، رواه النّاسُ عنه، وولي قضاء لورقة، وحدث عنهُ جماعة من العلماء. تُوُفّي في سَلْخ صفر.
قلت: وكان ينتحل الكلام على طريقة الأشعري وقد أبان عن جهل حين شرح كتاب " الرد على الجهمية في الصحيح " والجهمية أشهر من أن ينبه على بدعتهم وعلتهم، ومقصود البخاري بتلك الأبواب من أوضح الأشياء فإنهم قائلون خلافها، فظن ابن بطال أن الجهمية هم المجسمة وأن مقصود البخاري الرد على المجسمة فقال: تضمنت ترجمة هذا الباب أن الله واحد وأنه ليس بجسم فانظر إلى سوالفهم، وما علمنا أحدا من الجهمية قال بأن الله جسم بل هم يكفرون من جسم، وبالجملة فلا خير في الطائفتين.(9/741)
329 - محمد بن عليّ بْن محمد بْن الْحَسَن، أبو عبد اللَّه الخبّازيّ المقرئ. [المتوفى: 449 هـ]
وُلِدَ بنَيْسَابور سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وقرأ القرآن عَلَى أَبِيهِ وعلى أبي بكر محمد بن محمد الطّرازيّ، وسمع من أبي أَحْمَد الحاكم، وأبي محمد الحسن المَخْلَديّ، وأبي الحسن الماسرجسيّ، وتصدَّر للإقراء، وصنّف في القراءات.
ذكره علي بن محمد الزبحي في " تاريخ جُرْجَان " فقال: تخرَّج على [ص:742] يده ألوف بنيسابور، وغزنة، ودخل غزنة أيَّام السُّلطان محمود، وكان يُكرِمه غاية الْإِكرام. سمعته يقول: أوَّل ما وردت على السُّلطان سألني عن آيةٍ أوَّلُها غين. فقلت: ثلاثة مواضع: " {غافر الذنب}، واثنان مُخْتَلَفٌ فيهما، الكوفيّ يعدُّهما، والبَصْريّ لَا يعدهما: " {غلبت الروم} {و} غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِم ولا الضَّالّينَ.
قلت: قرأ عليه جماعة منهم أبو القاسم الهذليّ، وتوفّي بنَيْسابور في رمضان.
وقال عبد الغافر الفارسيّ: هو شيخ نبيل مشهور بين أكابر المتقدِّمين بنَيْسابور، المنظور إليه، المشاور في الأمور، المُبجّل في المحافل والمشاهد، قعد سنين في مسجده المشهور به لقراءة القرآن في سكة معاذ، وحضر في مجلسه الأكابر وأولاد الأئِمة وقرأوا عليه، وتبرَّكوا بالقعود بين يديه، وكان عارفًا بالقراءات ووجوهها. قرأ على أبيه الأستاذ أبي الحسين وغيره، وصنَّف كتاب " الأبصار " محتويا على أصول الرّوايات وغرائبها، وكان لهُ صيتٌ لتقدُّمه في علم القراءات، وله جاهٌ وقدر عند السّلاطين؛ استحضره يمين الدولة أبو القاسم محمود ابن ناصر الدِّين إلى غَزَنَة، وسمع قراءته، وأكرم مورده وردّه إلى نيسابور، وقد رحل إلى الكُشْمَيْهَنيّ لسماع " صحيح البخاري " فسمعه منه وحدَّث به وكان يُحيي الليل بالقراءة والدُّعاء والبُكاء، حتى قيل إنه كان مستجاب الدعوة، لم ير بعده مثله. حدثنا عنه أبو بكر محمد بن يحيى المزكي، ووالدي، ومسعود بن ناصر الرَّكاب، وطاهر الشّحّاميّ.
قلت: وآخر من روى عنه الفراوي.
فأما أبو بكر محمد بن الحسن بن عليّ الخبّازيّ المقرئ الطّبريّ. فآخر تأخر عن هذا، ولقيه أبو الأسعد القُشَيْرِيّ.(9/741)
330 - محمد بن عليّ بن إبراهيم، أبو بكر الدَّينوريّ القارئ، [المتوفى: 449 هـ]
نزيل بغداد. [ص:743]
حدَّث عن أبي بكر بن لال الهَمَذَانيّ، وأبي عمر بن مَهْديّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صالحا ورِعًا، تُوُفّي في شوَّال.(9/742)
331 - محمد بن عليّ، أبو الفتح الكراجكي شيخ الشيعة، [المتوفى: 449 هـ]
والكراجكي: هو الخَيْميّ.
مات بصُور في رابع ربيع الآخر، وله عدَّة مُصنَّفات، وكان من فُحُول الرّافضة، بارِع في فقههم وأُصُولهم، نحويّ، لُغَويٌّ، مُنَجِم، طبيب، رحل إلى العراق ولقي الكبار كالمرتَضَى.
وله كتاب " تلقين أولاد المؤمنين "، وكتاب " الأغلاط مِمَّا يرويه الْجُمْهُور "، وكتاب " موعظة العقل للنفس "، وله كتاب " المنازل " قد سيّره إلى أن بلغ إلى سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وكتاب " ما جاء على عدد الاثني عشر "، وكتاب " المؤمن " إلى غير ذلك من هذيانات الْإِماميّة.(9/743)
332 - محمد بن ميمون بن محمد النِّرسِيّ الكوفيّ، [المتوفى: 449 هـ]
عم الحافِظ أُبيّ.
سمع من الشّريف أبي عبد الله الكوفي.(9/743)
333 - وليد بن عبد اللَّه بن عبّاس، أبو القاسم الأصْبَحيّ القُرْطُبيّ، ويُعرَف بابن العربيّ. [المتوفى: 449 هـ]
روى عن سليمان بن الغمّاز المقرئ، وولي خطابة قُرْطُبة بعد مكيّ، وكان حسن الخطابة، بليغ الموعظة، طيِّب الصَّوت، عذب اللَّفظ. قرأ عليه أبو محمد بن عَتّاب، وتُوُفّي في رمضان، وهو في عشر التسعين.(9/743)
-سنة خمسين وأربعمائة(9/744)
334 - أَحْمَد بن الحسين بن عليّ بن عمر الحربيّ، أبو منصور. [المتوفى: 450 هـ]
روى عن جدّه عليّ السّكري.(9/744)
335 - أَحْمَد بن سليمان، أبو صالح النّيْسَابوريّ الصوفيّ الزّاهِد. [المتوفى: 450 هـ]
حجّ نيِفًا وثَلاثِينَ مرَّة، وكان سُنيًّا مُنِكرًا على المتكلّمين. لقي بمكة شيخ الحرم السَّيْرَوَانيّ. روى عنه إسماعيل الفارسيّ، وغيره، وتُوُفّي في جُمَادى الأولى.(9/744)
336 - أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد بن عيسى بن هامُوشة، أبو جعفر الأبريسمي التاجر. [المتوفى: 450 هـ]
من شيوخ إصبهان. روى عَنْ أَبِي بَكْر ابن المقري، وعنه سعيد بن أبي الرّجاء.(9/744)
337 - أَحْمَد بن محمد بن حسين، أبو طاهر ابن الخفاف. [المتوفى: 450 هـ]
عن أبي القاسم ابن الصيدلاني، وجماعة، وعنه الخطيب، وقال: مات في آخر السنة.(9/744)
338 - الحسين بن محمد بن عبد الواحد، أبو عبد اللَّه البغداديّ، الفقيه الفَرَضيّ المعروف بالوَنيّ. [المتوفى: 450 هـ]
انتهت إليه معرفة الفرائض. قُتِلَ ببغداد شهيدًا في فتنة البساسيريّ ووثوبه على بغداد، ضُرِب بدبوس فمات، وكان أحد الأذكياء المذكورين، وله يد في علوم متعدّدة.
قال ابن ماكولا: سمعت الخطيب يقول: حضرنا مجلس شَّيْخ ومعنا أبو عبد اللَّه الونيّ فأملى الشّيخ: فلمّا قُمنا إذا الونيّ قد حفظ من الْإِملاء بضعة [ص:745] عشر حديثًا.
وقد سمع عَن أصحاب الصّفار، وابن البَخْتَريّ. سمع منه أبو حكيم الخَبْريّ.(9/744)
339 - الحسين بن محمد بن طاهر بن مهديّ البغداديّ، [المتوفى: 450 هـ]
أخو حمزة.
حدَّث عن الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة.(9/745)
340 - حمزة بن أَحْمَد بن حمزة، أبو يعلى القلانسيّ الدّمشقيّ السبعيّ الرَّجُل الصالِح. [المتوفى: 450 هـ]
حدَّث عن أبي محمد بن أبي نصر، وعبد الواحد بن مشماش، ومنصور بن رامش. روى عنه عبد اللَّه بن الحسن البَعَلْبَكيّ.
قال الكتّانيّ: كان يحفظ " معاني القرآن " للنّحاس، وكان عبدًا صالحًا أقام بالجامع أربعين سنةً بلا غطاء ولا وطاء، رحمه الله.(9/745)
341 - طاهر بن عبد اللَّه بن طاهر بن عمر، القاضي أبو الطيِّب الطَّبري، الفقيه الشّافعيّ [المتوفى: 450 هـ]
أحد الأعلام.
سمع بجُرْجَان من أبي أَحْمَد الغِطْريفيّ، وبِنَيسابور من الفقيه أبي الحسن الماسَرْجَسيّ، وبه تفقَّه، وسمع ببغداد من أبي الحسن الدّارَقُطْنيّ، وموسى بن عرفة، والمُعافى بن زكريا، وعليّ بن عمر الحربيّ.
واستوطن بغداد، ودرس وأفتى، وولي قضاء ربع الكرخ بعد موت القاضي الصَّيمريّ، وكان مولده بآمُل طَبْرِستان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
قال: وخرجت إلى جُرْجَان للقاء أبي بكر الْإِسماعيليّ فقدِمتُها يوم الخميس، فدخلت الحمَّام، فلمَّا كان من الغد لقيت أبا سعد ابن الشّيخ أبي بكر، فأخبرني أنّ والده قد شرب دواءً لمرضٍ كان به، وقال لي: تجيء في صبيحة غدٍ لتسمع منه. فلمَّا كان في بكرة السّبت غدوتُ للموعد فإذا النّاسُ يقولون: مات أبو بكر الْإِسماعيليّ.
قال الخطيب: وكان أبو الطّيِّب ورِعًا عارِفًا بالَأصول والفروع، [ص:746] محققًا، حسن الخُلُق، صحيح المَذْهَب، اختلفت إِلَيْهِ وعلّقت عنه الفقه سنين.
من " المرآة ": قيل إنّ أبا الطّيّب دفع خفَّه إلى من يُصْلحه، فكان يأتي يتقاضاه، فإذا رآه غَمَسَ الخُفَّ في الماء وقال: السَّاعة أصلحه فلمّا طال على أبي الطّيّب ذَلِكَ قال: إنّما دفعته إليك لِتُصْلِحُهُ، لم أدفعه لتعلِّمه السِّباحة.
قال الخطيب: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد المؤدِّب يقول: سمعت أبا محمد البافي يقول، أبو الطّيّب الطَّبريّ أفقه من أبي حامد الإسفراييني، وسمعت أبا حامد يقول، أبو الطِّيب أفقه من أبي محمد البافيّ.
وقال القاضي أبو بكر بن بكران الشّاميّ: قلت للقاضي أبي الطّيِّب شيّخنا، وقد عمِّر: لقد مُتِّعت بجوارحك أيُّها الشّيخ. فقال: ولِم لَا، وما عصيت اللَّه بواحدة منها قط؟ أو كما قال.
وقال غير واحد: سمعنا أبا الطّيِّب الطَّبريّ يَقُولُ: رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النّوم فقلت: يا رسول اللَّه أرأيت من روى عنك أنّك قلت: " نضّر اللَّه امرءا سمع مقالتي فوعاها. . . " الحديث. أحقٌّ هو؟ قال: نعم.
وقال أبو إسحاق في " الطّبقات ": ومنهم شيخنا وأستاذنا أبو الطِّيّب، تُوُفّي عن مائةٍ وسنتين، لم يختلّ عقله، ولا تغيَّر فهمه، يفتي مع الفقهاء، ويستدرك عليهم الخطأ، ويقضي ويشهد، ويحضر المواكب إلى أن مات. تفقَّه بآمُل على أبي عليّ الزَّجّاجيّ صاحب ابن القاصّ، وقرأ عَلَى أبي سعد الإسماعيليّ، وعلى القاضي أبي القاسم بن كجّ بجُرْجَان. ثم ارتحل إلى نَيْسَابُوُر وأدرك أبا الحسن الماسَرْجَسيّ، وصحبه أربع سنين، ثم ارتحل إلى بغداد، وعلَّق عن أبي محمد البافي الخوارزميّ صاحب الدّاركيّ، وحضر مجلس الشّيخ أبي حامد، ولم أرَ فيمن رأيت أكمل اجتهادًا، وأشدّ تحقيقًا، وأجود نظرًا منه. شرح " المزنيّ "، وصنَّف في الخلاف والمذهب والَأصول والجدل كُتُبًا كثيرة، ليس لَأحدٍ مثلها، ولازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرَّست أصحابه في مسجده سنين بإذنه، ورتَّبني في حلقته، وسألني أن أجلس [ص:747] في مسجَدٍ للتّدريس، ففعلت في سنة ثلاثين. أحسن اللَّه تعالى عنِّي جزاءه ورضي عنه.
قلت: وأبو الطَّيّب صاحب وجهٍ فِي المذهب، فمن غرائبه أنَّ خروج المنيِّ ينقض الوضوء، ومنها أنّه قال: الكافر إذا صلّى في دار الحرب كانت صلاته إسلامًا.
وقد روى عنه الخطيب، وأبو إسحاق الشّيرازيّ، وأبو محمد ابن الأَبَنُوسيّ، وأبو نصر أَحْمَد بن الحسن الشّيرازيّ، وأبو سعّد أحمد بن عبد الجبّار ابن الطُّيوريّ، وأبو عليّ محمد بن محمد ابن المهديّ، وأبو المواهب أَحْمَد بن محمد بن مُلُوك، وأبو نصر محمد بْن محمد بْن محمد بْن أحمد العُكَبَريّ، وأبو العِز أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّه بن كادش، وأبو القاسم بن الحُصَيْن، وخلقٌ آخرهم موتًا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ.
قال الخطيب: مات أبو الطَّيّب في ربيع الأوّل، صحيح العقل، ثابت الفهم، وله مائة وسنتان.(9/745)
342 - ظَفْر بن الفرج بن عبد اللَّه بن محمد، أبو سعد البغداديّ الخفّاف. [المتوفى: 450 هـ]
روى عن ابن الصَّلت الأهوازيّ.
توفّي في رمضان.(9/747)
343 - عَبْد الله بْن أحمد بْن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان، الحاكم أبو محمد القُرَشيّ النَّيسابوريّ الواعظ، المعروف بالحذّاء. [المتوفى: 450 هـ]
ولد سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة، وحجَّ مع أبيه سنة ثلاثٍ وثمانين، فسمع من مشايخ الرَّيّ وبغداد. فسمع بالرَّي من عليّ بن محمد بن عمر الفقيه. روى عنه ابنه القاضي أبو القاسم عبيد اللَّه الحسكانيّ.
تُوُفّي في شوَّال.(9/747)
344 - عبد اللَّه بن عليّ بن عَيّاض بن أبي عَقِيل، أبو محمد الصُّوريّ، القاضي عين الدّولة. [المتوفى: 450 هـ]
سمع أبا الحسين بن جُمَيْع، وغيره. روى عنه، أبو بكر الخطيب، وسهل بن بشر الإسفراييني، وغيث الأرمنازيّ.
توفي فجاءة بين عكّا وصُور.(9/748)
345 - عبد العزيز بن أبي الحسين علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشران البغداديّ، أبو الطّيِّب. [المتوفى: 450 هـ]
سمع أبا الحسين بن المظفّر، وأبا عمر بن حيُّويه، وأبا بكر بن شاذان وأبا الفضل الزُّهري.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان سماعه صحيحًا. تُوُفّي في صَفَر، وكان مولده سنة ثمانٍ وسِتين.(9/748)
346 - عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن المُظفّر، أبو بكر الدّمشقيّ الورّاق، الحنبليّ المعروف بابن حزوَّر. [المتوفى: 450 هـ]
حدَّث عن تمّام الرّازيّ، روى عنه ابنه عبد الواحد، ونجا بن أَحْمَد، وأبو طاهر محمد بن الحسين الرّازيّ.(9/748)
347 - عبد الوهاب بن عثمان، أبو الفتح ابن المخبزيّ. [المتوفى: 450 هـ]
بغداديّ صدوق. روى عن ابن حُبَابَة، وعيسى بن الوزير، وعنه أبو بكر الخطيب، وهو أخو أبي الفرج.(9/748)
348 - عبد الواحد بن الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا، أبو الفتح. [المتوفى: 450 هـ]
مقرئ العراق، ومصنَّف كتاب " التّذكار في القراءات ". سَمِعَ محمد بن إسماعيل الورَّاق، وابن معروف القاضي، وعيسى بن الجرَّاح، وابن سُوَيْد المؤدَّب. [ص:749]
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً عالمًا بوجوه القراءات، بصيرًا بالعربيّة.
تُوُفّي في صَفَرْ، ومولده في سنة سبعين وثلاثمائة.
قلت: قرأ عَلَى أَحْمَد بن عبد اللَّه بن الخَضِر السَّوسنجرديّ، وعبد السّلام بن الحسين، وأبي الحسن ابن العلاف، والحماميّ، وطبقتهم. قرأ عليه بالرّوايات جماعة منهم، أبو الفضل محمد بن محمد ابن الصّبَّاغ، وأبو غالب محمد بن عبد الواحد القزَّاز، وروى عنه كتاب " التّذكار " الحسن بن محمد الباقَرْحيّ.(9/748)
349 - عُبَيْد اللَّه بن عليّ، الْإِمام أبو القاسم الرَّقّيّ. [المتوفى: 450 هـ]
روى عن أبي أَحْمَد الفرضيّ.
قال الخطيب: كان أحد العلماء بالنَّحو واللغة والفرائض، كتبت عنه.(9/749)
350 - علي بن بقاء بن محمد، أبو الحسن المصري الوراق الناسخ. [المتوفى: 450 هـ]
روى عن القاضي أبي الحسن عليّ بن محمد الحلبيّ، وأبي عبد اللَّه التَّنُوخيّ اليمنيّ، وأبي مسلم الكاتب، والحافظ عبد الغنيّ بن سعيد، ولم يزل يكتب لنفسِهِ ويورِّق لغيره إلى حين موته، وكان مفيد مصر في وقته، ثقةً مُرضيًّا.
قال أبو عبد الله الرازي في " مشيخته " أخبرنا علي بن بقاء، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن عمر التّنوخيّ اليمنيّ إملاءً بانتقاء خلف الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن رشدين، قال: حدثنا أبو الطّاهر بن السَّرح، قال: حدثنا رشدين بن سعد، فذكر حديثًا.
تُوُفّي في ذي الحجّة.(9/749)
351 - عليّ بْن الحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمر بن الرفيل، المعروف بابن المُسلمة. الوزير رئيس الرّؤساء أبو القاسم البغداديّ. [المتوفى: 450 هـ]
استكتبه الخليفة القائم بأمر اللَّه، ثم استوزره، وكان عزيزًا عليه إلى [ص:750] الغاية، وهو لقّبه رئيس الرّؤساء ورفع من قدره، وكان من خيار الوزراء.
ولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، وسمع من جدِّه أبي الفرج المعدّل، ومن أبي أَحْمَد بن أبي مسلم الفَرَضيّ، وإسماعيل الصَّرصريّ، وحدَّث. روى عَنْه أبو بكر الخطيب، وكان خصِّيصا به. قال: كتبت عنه، وكان ثقة. قد اجتمع فيه من الآلات ما لم يجتمع في أحدٍ قبله، مع سداد مذهب، ووفور عقل، وأصالة رأي.
وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ: وفي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة في ربيع الآخر رُسِمَ لَأبي القاسم عليّ ابن المُسْلمة النَّظر في أمور الخليفة، وتقدَّم إلى الحواشي بِتَوْفِيَة حقوقه فيما جُعِلَ إليه، فجلس لذلك على دِهْلِيز الفِرْدَوْس، وعليه الطَّيلسان، وبين يديه الدَّواة، وهنَّاه الأعيان واستُدعي إلى حضرة أمير المؤمنين، ثم خرج فجلس في الدّيوان في مجلس عميد الرّؤساء ودَسْتِه، وحُمِلَ على بَغْلِه بمركب، ومضى إلى داره ومعه القضاة والَأشراف والحُجَّاب.
وقال في سنة ثلاثٍ وأربعين: وفي عيد الأضحى حضر النّاس في بيت النّوبة، واسْتُدعي رئيس الرّؤساء، فخلع عليه، ولُقِّب جمال الورى شرف الوزراء.
قلت: ولم يبقَ له ضِدٌ إِلَّا البساسيريّ، وهو الأمير المظفَّر أبو الحارث أرسلان التُّركي، فإنَّهُ عظم قَدْرُهُ ببغداد، وبَعُدَ صِيُتُه، ولم يبق للملك الرَّحيم ابن بُويهْ معه إِلَّا مجرَّد الاسم. ثم إن المذكور خلع الخليفة، وتملَّك بغداد، وخطب بها للمستنصر العُبَيْديّ، وقتل رئيس الرّؤساء كما ذكرناه في ترجمة القائم وغير موضِع.
وقال أبو الفضل محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ في " تاريخه ": إنَّ البَسَاسِيريّ حبس رئيس الرُّؤساء ثم أخرجه وعليه جبَّة صُوف وطرطور أحمر، وفي رقبته مخنقة جلود، وهو يقرأ: " {قل اللهم مالك الملك} " الآية، وهو يردَّدها، وطِيفَ بِهِ على جَمَلٍ، ثمّ نصبت له خشبة بباب خُراسان [ص:751] وخِيطَ عليه جلد ثَوْر سُلِخَ في الحال، وعلِّق في فكَّيه كلّابان من حديد، وعلِّق على الخشبة حيًّا، ولبث إلى آخر النّهار يضطّرب، ثم مات رحمه اللَّه.
قلت: ما أتت على البَسَاسِيريّ سنة حتّى قُتِلَ وطِيفَ برأسِهِ، وكان صَلْبه في ذي الحجّة ببغداد.(9/749)
352 - عليّ بن الحسين بن صَدَقَة، أبو الحسن ابن الشَّرابيِّ، الدِّمشقيّ المعدّل. [المتوفى: 450 هـ]
روى عن أبي بكر بن أبي الحديد، وعبد اللَّه بن محمد الحنائي.
روى عنه علي بن طاهر النحوي، وأبو القاسم النسيب، وأبو طاهر الحنائي.
قال الكتاني. مضى على سدادٍ، وأمرٍ جميل. تُوُفّي في جُمَادَى الأُولى.(9/751)
353 - عليّ بن عمر بن أَحْمَد بن إبراهيم، أبو الحسن البرمكيّ، [المتوفى: 450 هـ]
أخو إبْرَاهِيم وأحمد، وكان عليّ أصغرهم.
سمع أبا الفتح القوّاس، وأبا الحسين بن سمعون، وابن حُبَابَة.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقةً. درس على أبي حامد الإسفراييني مذهب الشَّافعيّ، وتُوُفِّي في ذي الحجّة.(9/751)
354 - عليّ بن محمد بن حبيب، القاضي أبو الحسن البصْريّ الماوَرْديّ الفقيه الشّافعيّ [المتوفى: 450 هـ]
صاحب التّصانيف.
روى عن الحسن بن علي الجبليّ صاحب أبي خليفة الجُمحيّ، وعن محمد بن عَدِيّ المِنْقَريّ، ومحمد بن المعلَّى، وجعفر بن محمد بن الفضل. روى عنه أبو بكر الخطيب ووثَّقه، وقال: مات في ربيع الأوّل وقد بلغ سِتًّا وثمانين سنة، وولي القضاء ببلدان كثيرة. ثمّ سكن بغداد.
وقال أبو إسحاق في " الطَّبقات ": ومنهم أقضى القُضاة أبو الحسن [ص:752] الماوَرْديّ البصْريّ. تفقَّه على أبي القاسم الصَّيمريّ بالبصرة، وارتحل إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني، ودرس بالبصرة وبغداد سنين كثيرة، وله مصنَّفات كثيرة في الفِقْه والتّفسير، وأصول الفِقْه، والَأدب، وكان حافظًا للمذهب. قال: وتُوُفّي ببغداد.
وقال القاضي شمس الدين في " وفيَات الأعيان ": من طالع كتاب " الحاوي " له شهد له بالتبحُّر ومعرفة المذهب، ولي قضاء بلاد كثيرة، وله تفسير القرآن سمّاه " النُّكت "، وله " أدب الدّنيا والدّين "، و" الأحكام السُّلطانية "، و" قانون الوزارة وسياسة الملك "، و" الإقناع في المذهب " وهو مختصر، وقيل أنّه لم يُظْهِر شيئًا من تصانيفه في حياته، وجمعها في موضع، فلمَّا دَنَت وفاتُهُ قال لمن يثق به: الكُتُب الّتي في المكان الفُلانيّ كلها تَصْنِيفي، وإنَّما لم أُظْهِرها لَأنّي لَمْ أَجِدْ نِيَّةً خالِصَة، فإذا عايَنْتُ الموت ووقعْتُ في النَّزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضتُ عليها وعصرتُها، فاعلم أنَّهُ لم يُقْبَل منِّي شيءٌ منها، فاعمد إلى الكُتُب والْقها في دِجْلَة، وإن بسطت يدي ولم أقبضْ على يدك، فاعلم أنها قد قُبِلت، وأنِّي قد ظفرْتُ بما كنتُ أرجوه من النية. قال ذلك الشّخص: فلمَّا قارب الموت، وضعت يدي في يده، فبسطها ولم يقبض على يدي، فعلمتُ أنّها علامة القبول، فأظهرتُ كُتُبُه بعدَه.
قلت: آخِر من روى عَنْه أبو العز بن كادش.
وقال ابن خَيْرُون: كان رجُلًا عظيم القدر، متقدِّما عند السُّلطان، أحد الأئمَّة. لهُ التَّصانيف الحسان في كل فنٍّ من العلم. بينه وبين القاضي أبي الطَّيّب في الوفاة أحد عشر يوما.
قال أبو عمرو بن الصّلاح: هو متَّهم بالْإِعتزال، وكنتُ أتأوَّل له وأعتذِر عنه، حتّى وجدته يختار في بعض الأوقات أقوالهم؛ قال في تفسيره في الأعراف: لَا يشاء عبادة الأوثان، وقال في قوله: " {جَعَلْنَا لِكُلِّ نبيِّ عدوّا} على وجهين، معناه: حكمنا بأنهم أعداء، والثّاني: تركناهم على العداوة، فلم نمنعهم منها.
قال ابن الصّلاح: فتفسيره عظيم الضَّرر، لكونه مشحونًا بتأويلات أهل [ص:753] الباطل، تدسيسًا وتلبيسًا، وكان لَا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة حتى يُحْذَر، بل يجتهد في كِتْمان موافقته لهم، ولكن لَا يوافقهم في خلق القرآن ويوافقهم في القَدَر. قال في قوله: " {إنا كلَّ شيء خلقناه بقدر} يعني بِحُكْمٍ سابق، وكان لَا يرى صحَّة الرّواية بالإجازة، وذكر أنه مذهب الشَّافعيّ، وكذا قال في المكاتبة أنَّها لا تصحّ. ثمّ قال ابن الصّلاح: أخبرنا عزّ الدّين علي بن الأثير، قال: أخبرنا خطيب الموصل، قال: أخبرنا ابن بدران الحلواني، قال: أخبرنا الماوَرْديّ، فذكر حديث: " هل أنت إِلَّا إصْبَع دميت "؟
قلت: وبكلِّ حالٍ هو مع بدعةٍ فيه من كبار العلماء. فلو أنَّنا أهدرنا كلَّ عالمٍ زَلَّ لما سلِم معنا إِلَّا القليل، فلا تحطّ يا أخي على العلماء مطلقًا، ولا تبالغ في تقريظهم مطلقًا وأسأل اللَّه أن يتوفاك على التّوحيد.(9/751)
355 - عمر بن الحسين بن إبراهيم، أبو القاسم الخفَّاف، [المتوفى: 450 هـ]
أخو محمد.
بغداديّ صدوق. سمع أبا الحسين بن المظفّر، وأبا حفص الزَّيّات، وأبا الفضل الزُّهريّ، وطبقتهم. روى عنه الخطيب، وجماعة.
وآخر من روى عنه قاضي المَرِسْتان.(9/753)
356 - عمر بن محمد بن عليّ بن مَعْدان، أبو طاهر الْأصبهانيّ الأديب الورَّاق. [المتوفى: 450 هـ]
قال ابن السَّمعاني: تُوُفّيّ في حدود سنة خمسين.
روى عن أبي عمر بن عبد الوهَّاب السُّلمي، وأبي عبد اللَّه بن منده.(9/753)
357 - محمد بن أحمد بن محمد بن ملهب بن جعفر، أبو بكر القُرْطُبيّ الأديب. [المتوفى: 450 هـ]
قال أبو عبد اللَّه الأَبَّار: سمع الكثير من أبي الوليد ابن الفَرَضيّ، وأبي عبد اللَّه بن الحذّاء، وجماعة، وكان من أهل الكتابة والبلاغة. له تعليق على [ص:754] " تاريخ ابن الفَرَضيّ "، وكان ذا حظوةٍ عند الملوك، وهو من بيت وزارة. تُوُفّي في حدود الخمسين.(9/753)
358 - محمد بن أَحْمَد بن الحسين ابن المُسْنِد المشهور عليّ بن عمر الحربيّ. السكَّري البغداديّ أبو الحسن، الشّاعر المعروف بالخازن. [المتوفى: 450 هـ]
من أعيان الشُّعراء. روى عنه أبو الفضل بن خيرون، وشجاع الذهلي، وغيرهما.
توفي في رابع شوّال.
وله:
وقالوا: غداة البَيْنِ دَمْعُكَ لم يفِضْ ... وقد شطّ بالَأحباب عنك مزارُ
فقلت: حَذَار البَيْن أفنيت أَدْمُعي ... وفي القلب من ذِكْرِ التَّفَرُّقِ نارُ(9/754)
359 - محمد بن الحسن بن المؤمّل النَّيسابوري، ويُعْرَف بشاة الموصليّ. [المتوفى: 450 هـ]
من بيت الرّواية والصّلاح. روى عن أبي أَحْمَد الحاكم، وأبي سعيد بن عبد الوهَّاب الرّازيّ، وسكن بَيْهَق.(9/754)
360 - محمد بن عبد الجبّار بن أَحْمَد، القاضي أبو منصور السّمعانيّ المَرْوَزِيّ الفقيه الحنفيّ، [المتوفى: 450 هـ]
وسَمْعان بطن من تميم.
كان أبو منصور إمامًا ورِعًا نَحْوِيًّا لُغَوِيًّا، لهُ مصنَّفات، وهو والد العلّامة أبي المُظفّر منصور بن محمد السَّمعانيّ مُصنف " الاصْطِلام " ومصنّف " الخلاف " الّذي انتقل من مذهب الوالد إلى مذهب الشّافعيّ.
تُوُفّي أبو منصور بمرو في شوَّال.(9/754)
361 - محمد بن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن إبراهيم، أبو الوفاء بن أبي مَعْشَر الهَمَذَانيّ الواعِظ. [المتوفى: 450 هـ]
روى عن القاضي أبي عمر الهاشميّ، ويحيى بن عمَّار السَّجستاني، والمظفّر بن أَحْمَد.
قال شِيرُوَيْه: كان متعصِّبا للسُّنّة وأهلها. حدثنا عنه أبو الوفاء محمد بن [ص:755] جابار، وكان كثير البكاء في وعظه. تُوُفّي في شَوّال.(9/754)
362 - محمد بن الفضل بن محمد بن محمد، الحافظ أبو عليّ الهرويّ جهاندار. [المتوفى: 450 هـ]
له " وفيات " على السنين من سنة أربعمائة إلى قريب وفاته.
تُوُفّي في المُحَرَّم.
وقد حدَّث " بجامع التِّرمذي " بنَيْسَابُور.
سمع أبا عليّ منصور بن عبد اللَّه الخالديّ، وطبقته.(9/755)
363 - محمد بْن محمد بْن أحمد بْن إبراهيم، أبو عبد الله الهاشمي البغدادي. [المتوفى: 450 هـ]
قال الخطيب: حدثنا عن أبي القاسم بن حَبَابَة، وكان صدوقًا.(9/755)
364 - محمد بن همّام بن الصَّقر، أبو طاهر الموصليّ البّزّاز. [المتوفى: 450 هـ]
سمع أَبَوَيِ الحَسَن: الدَّارقطني والسُّكري.
قال الخطيب: صدوق.(9/755)
365 - مقلد بن نصر بن منقذ، الَأمير مخلِّص الدّولة أبو المتوَّج الكِنَانيّ، [المتوفى: 450 هـ]
صاحب شَيْزَر.
كان رئيسًا سعيدًا، نبيل القدْر، مدحهُ الشُّعراء، وخرج من ذرِّيته أُمراء وفُضلاء.(9/755)
366 - منصور بن الحسين، أبو الفوارس الأَسَديّ، صاحب جزيرة ابن عُمَر، ولَقَبُه شهاب الدَّولة. [المتوفى: 450 هـ]
مات بناحية خُوزستان؛ واجتمعت عشيرته بعده على ولده صَدَقَة.(9/755)
367 - منصور بن الحسين بن عليّ بن القاسم بن محمد بن روَّاد، أبو الفتح التّانيّ الْأصبهانيّ. [المتوفى: 450 هـ]
ذكره يحيى بن مَنْدَهْ في " تاريخه "، وقال: صاحب أُصول كُتُب الحديث، [ص:756] وكان من أروى النّاس عن ابن المقرئ، ومات في ذي الحجّة.
قال ابن نُقْطة: روى " معجم ابن المقرئ " و" مسند أبي حنيفة " جمع ابن المقرئ. روى عنه سعيد بن أبي الرّجاء هذين الكتابين.
قلت: روى عنه " تهذيب الآثار " للطّحاوي إسماعيل السّرّاج، سماعه من ابن المقرئ.(9/755)
368 - نَصْر بن علي بن محمد بن عبد العزيز، أبو القاسم الهَمَذَانيّ الفقيه. [المتوفى: 450 هـ]
روى عن أبي بكر بن لال، وأبي الحسن بن جَهْضَم، وأبي الحسن بن فراس العَبْقَسيّ، ومحمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ الكوفيّ، وأبي عليّ حَمْد بن عبد اللَّه الْأصبهانيّ، وخلق سواهم.
قال شِيُروَيْه: كان صدوقًا فقيهًا وَاعِظًا، قانِعًا باليسير، مقبولًا عند النّاس. تُوُفّي في شعبان.(9/756)
369 - هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبد اللَّه بْن أَحْمَد المأمونيّ، أبو الفضل البغداديّ. [المتوفى: 450 هـ]
تُوُفّي في ربيع الآخر.(9/756)
370 - الملك الرّحيم أبو نصر، ابن الملك أبي كاليجار ابن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة ابن ركن الدولة ابن بُوَيْه [المتوفى: 450 هـ]
آخر ملوك بني بُوَيْه.
مات في الحبس بقلعة الرّيّ، وانتزع المُلك منه السُّلطانُ طُغْرُلْبك سنة سبعٍ وأربعين كما هو في الحوادث مذكور.(9/756)
-المتوفّون تقريبا(9/757)
371 - أَحْمَد بن رشيق، أبو العبّاس الأندلُسيّ الكاتب، [الوفاة: 441 - 450 هـ]
مولى ابن شهيد.
نشأ بمرسية وتحوَّل إلى قُرْطُبَة وطلب الآداب فبرع وبسق في التَّرسُّل وحسن الخط، وتقدَّم فيهما إلى الغاية وشارك في العلوم، وأكثر من الفقه والحديث وبلغ من الرياسة ما لا مزيد عليه، فقدَّمه الأمير مجاهد العامري على كُلِّ من في دولته، وكان من رجال الدَّهر رأيا وحزْمًا وسُؤْددًا وهيبةً ووقارًا. بالغ في إطرائه الحميدي وقال: مات بعيد الأربعين وأربعمائة عن سنٍّ عالية، وله رسائل متداولة، وله مؤلَّف على تراجم " صحيح البُخاريّ " وبيان مُشكِله، وقد سمعت منه شِعرًا.(9/757)
372 - أَحْمَد بن محمد بن حُمَيْد بن الأشعث، القاضي أبو نصر الكُشّانّي، [الوفاة: 441 - 450 هـ]
وكُشّانية على اثني عَشَر فرسخًا من سَمَرْقَند.
روى عن أَحْمَد بن محمد بن إسماعيل البخاريّ، روى عنه إسحاق بن عمر الخطيب.
قال ابن السَّمعانيّ: عاش مائة وعشرين سنة مُمَتّعًا بحدّة بصره. مات بعد سنة ثلاثٍ وأربعين.(9/757)
373 - أَحْمَد بن زكريّا، أبو نصر الضَّبيّ النَّيسابوري الزَّاهِد. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
ذكره عبد الغافر فقال: رجل معروف من أصحاب أبي عبد اللَّه. صحِب الأستاذ أبا جعفر محمد بن أَحْمَد بن جعفر، من قدمائهم وزُهّادِهم، ثم صحب الْإِمام محمد بن الهَيْصَم، وأخذ العِلم عنه، وتخرَّج به، وكان ينوب عنه في بعض المدارس، وقد بلغ من الزُّهد والقنَاعة ومُصابرة الفقر الدّرجة القُصوى، وظهرت عليه كرامات، وحكى أصحابه عنه حكايات في المجاهدات.(9/757)
374 - إدريس بن اليمان بن سام، أبو عليّ العبدريّ، المعروف بالشّينيّ الأندلُسيّ الشاعر. [الوفاة: 441 - 450 هـ][ص:758]
قال ابن الأبّار: روى عن أبي العلاء صاعِد بن الحسن اللُّغَويّ، وعنه خَلَف بن هارون، وكان أديبًا شاعرًا محسنًا، لم يكُن بعد أبي عمرو بن درَّاج من يجري عندهم مجراه، وتوفي في نحو الخمسين وأربعمائة.(9/757)
375 - إسماعيل بن المؤمّل بن حسين، أبو غالب الإسكافي النَّحوي الضّرير. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
أحد الشُّعراء الكبار والنُّحاة المُحقّقين ببغداد. روى عن مِهْيار الدَّيلمي " ديوانه ". روى عنه عزيزيّ بن عبد الملك الجيليّ، وأبو القاسم عبد الله بن ناقيا الشّاعر، والمبارك بن فاخر النَّحوي.
ذكر محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ أنّ الوزير أبا القاسم ابن المسلمة ذكر إسماعيل الضرير فقال: ما أرى مفتوح العين في النَّحو إِلَّا هذا المُغمِض العين، وقد مات في صَفَر سنة ثمانٍ وأربعين.
ومن شِعره:
سَرَت ومطايا بَيْنِها لم ترحلِ ... وزارت وحادي رَكْبِها لم يَحْمِلِ
مُنَعّمةً تفترُّ إمّا تبسمت ... عن الدُّرّ أو نُورِ الأَقَاحِ المُظلَّل
نعَمِنْا بها دَهْرًا، فَمِنْ لَثْمِ أَحْمَرٍ ... ومِنْ رَشْفِ مِسْكِيٍّ وتَقْبيِلِ أَكْحُلِ
كأنّ العبيرَ الغضَّ علَّ سحيقُهُ ... بمشمولةٍ من خَمْرِ بابِلَ سَلْسَلِ
تعلّ به وَهْنًا مجاجة رِيقِها ... وقد لحِقَت أُخْرى النُّجوم بأوَّلِ(9/758)
376 - إشراق السَّوداء العَرُوضيّة، مولاة أبي المطرِّف عبد الرّحمن بن غَلْبُون القُرْطُبيّ الكاتب، [الوفاة: 441 - 450 هـ]
سكنت بلنسية، وكانت قد أخذت عن مولاها النَّحو واللغة لكنها فاقته في ذلك وبرعت في العَرُوض، وكانت تحفظ " الكامل " للمبرّد و" النّوادر " للقالي، وتشرحهما.
قال أبو داود سليمان بن نجاح: قرأت عليها الكتابين، وأخذت عنها علم العَرُوض. تُوُفّيت بدانية بعد سيّدها، وموته في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. [ص:759]
ذكرها ابن الأبار.(9/758)
377 - الحسين بن أَحْمَد بن بكّار بن فارس، أبو عبد اللَّه الكِنديّ المقرئ. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
روى جزءًا عن عبد الوهّاب الكِلابي بمصر. سمعه منه القاضي أبو الفضل السَّعدي، وعليّ بن بقاء الورّاق، وحدَّث عنه محمد بن أَحْمَد الرّازيّ في " مشيخته ".
حدَّث سنة أربعين.(9/759)
378 - الحُسَين بْن عبد الله بن محمد بن المرزبان بن منجويه، أبو عليّ الْأصبهانيّ. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
عن أبي بكر ابن المقرئ، وابن منده. روى عنه سعيد بن أبي الرجاء، وحسين بن محمد الطّهراني.(9/759)
379 - عليّ بن الحسين بن عليّ بن شعبان، أبو الحسن الخولانيّ المصريّ. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
سمع القاضي أبا عبد الله بن محمد بن الحسن بن علي ابن الدَّقّاق، وأحمد بن عبد اللَّه بن رُزَيْق المخزوميّ، وغيرهما. روى عنه أبو عبد اللَّه الرّازيّ في " مشيخته ".(9/759)
380 - عليّ بن طاهر، أبو الحسن القُرَشِي المَقْدسيّ الصُّوفيّ الحاجّ. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
حجّ قريبًا من أربعين مرّة، وروى عن عبد الوهّاب الكلابي، وأحمد بن فراس العَبْقَسيّ. روى عنه نصر المقدسيّ، وإبراهيم بن يونس، وعلي بن محمد بن شجاع، وغيرهم.(9/759)
381 - عليّ بن عبد الغالب بن جعفر، أبو الحسن البغداديّ الضرّاب، الحافظ المعروف بابن الفتيّ، وبابن أبي معاذ. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
سمع أبا أَحْمَد الفَرَضيّ، وابن الصَّلت المجبَّر، وأبا عمر بن مهديّ، [ص:760] ورحل إلى خُراسان مع الخطيب، وسمع من أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيرفي، وسمع بمصر من أبي محمد ابن النَّحّاس، وبدمشق من عبد الرحمن بْن أَبِي نَصْر.
روى عَنْهُ أبو بكر الخطيب، وعمر بن أَحْمَد الآمدي، وعليّ بن أَحْمَد بن ثابت العثمانيّ، وأبو عبد اللَّه القُضاعي، وعليّ بن محمد بن شُجاع، وأبو الوليد سليمان بن خلف البَاجيّ.
وقال الباجيّ: شيخٌ ثِقة، له بعض المِيز.(9/759)
382 - محمد بن عليّ بن حسّول، أبو العلاء الكاتب الهَمَذَانيّ. [الوفاة: 441 - 450 هـ]
صدر نبيلٌ عالم، له النَّظم والنَّثر. سمع من الصّاحب إسماعيل بن عبّاد، وسمع من أبي الحسين أَحْمَد بن فارس " مجمله في اللغة ". روى عنه شجاع الذُّهليّ، وأبو عليّ الحدّاد، وروى شيئًا من كتب الأدب ببغداد وأصبهان، وروى أيضا بهمذان عن أحمد بن محمد بن سليم المقرئ.
قال الذُّهلي: قدِم علينا سنة سبع وأربعين وأربعمائة.(9/760)
تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام
لمؤرخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
المتوفى 748 هـ - 1374 م
المجلد العاشر
451 - 500 هـ
حَقّقه، وَضَبَطَ نَصَّه، وَعلَّق عَلَيْه
الدكتور بشار عوّاد معروف
دار الغرب الإسلامي(10/1)
-الطبقة السادسة والأربعون 451 - 460 هـ(10/5)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(10/7)
-حوادث سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
على سبيل الاختصار
فيها عَوْد الخليفة القائم بأمر اللَّه إلى دار الخلافة، وقتله البساسيريّ، وذلك أنّ السُّلطان طُغْرلْبَك رجع إلى العراق، فهرب آَلُ البساسيريّ وحَشَمُهُ، وانْهَزَمَ أَهْلُ الكَرْخ بأهاليهم على الصَّعب والذَّلول. ونَهَبَتْ بَنو شَيْبان النّاس وقُتِل طائفة. وكانت مدّة أيّام البساسيريّ سنةً كاملة. فثار أهل باب البصرة فنهبوا الكَرخ، وأحرقوا درب الزَّعفرانيّ، وكان من أحسن الدُّروب.
وبعث طُغْرلبك الْإِمام أبا بكر أَحْمَد بن محمد بن أيّوب بن فُورك إلى قريش ليبعث معه أمير المؤمنين، ويشكره على ما فعل. وكان رأيه أن يأخذ الخليفة ويدخل به البرّيّة، فلم يوافقه مهارش، بل سار بالخليفة. فلمّا سمع طُغُرلْبَك بوصول الخليفة إلى بلاد بدر بن مهلهل أرسل وزيره عميد المُلْك الكُنْدَرِيّ والَأمراء والحجَّاب بالسُّرادقات العظيمة والَأُهْبَة التّامة، فوصلوا وخدموا الخليفة، فوصل النَّهروان في الرّابع والعشرين من ذي القعدة.
وبرز السُّلطان إلى خدمته، وقبَّل الأرض، وهنَّأه بالسّلامة، واعتذر من تأخره بعصيان أخيه إبراهيم يَنَال، وأنَّهُ قتلهُ عقوبةً لِمَا جرى منه من الوَهَنْ على الدَّوْلَة العبّاسيّة وقال: أنا أمضي خلف هذا الكلب، يعني البساسيريّ، إلى الشَّام. وأفعل في حق صاحب مصر ما أُجَازَى بِهِ. فقلّدهُ الخليفة بيده سيفًا وقال: لم يبق مع أمير المؤمنين من داره سواه، وقد تبرَّك به أمير المؤمنين، وكشف غشاء الخركاه حتّى رآه الأمراء فخدموه. ودخل بغداد، وكان يومًا مشهوداً. ولكن كان النّاس مشغولين بالغلاء والقحط المفرط. [ص:8]
ثمّ جَهّز السُّلطان ألفي فارس عليهم خُمَارتِكِين، وانضاف معهم سرايا ابن منيع الخفاجيّ، فلم يشعُر البساسيريّ ودُبَيْس بن مزيد إِلَّا والعسكر قد وصل إليهم في ثامن ذي الحجّة. فثبت البساسيريّ والتقاهم بجماعته اليسيرة، فأُسِر من أصحابه أبو الفتح بن ورّام، ومنصور، وبدران، وحمّاد، بنو دُبَيْس، وضُرِب قُريش البساسيريّ بنشَّابة، وأراد هو قطع تجفافه ليخف الهزيمة فلم ينقطع، وسقط عن فرسه، فقتله دوادار عميد المُلْك، وحمل رأسه على رُمْحٍ، وطِيفَ بِهِ ببغداد، وعُلِّق قبالة باب النُّوبيّ فلله الحمد.
وفيها أقرّ السّلطان طغرلبك مملاّن بن وهسودان على ولاية أبيه بأذربيجان.
وفيها كان عقد الصُّلح بين السُّلطان إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين صاحب غَزْنَة، وبين السُّلطان جغربيك أخو طغرلبك، وكتبت النُّسخ بذلك بعد حروب كثيرة، حتى كل كل واحد من الفريقين. فوقع الاتفاق والإيمان، وفرح الناس.
ثم لم يَنْشَب جغربيك صاحب خراسان أن تُوُفّي في رجب من السّنة وقيل: تُوُفّي في صفر سنة اثنتين.
وفي سنة إحدى عزل أبو الحسين ابن المهتدي باللَّه عن خطابة جامع المنصور لكونه خطب للمُستنصِر العُبيْديّ بإلزام البساسيريّ، وولي مكانه الحسن بن عبد الودود ابن المهتدي بالله.
وفي هذا الوقت كان مُسْنِد العراق: الجوهريّ.
ومُسْنِد خراسان: أبو سعْد الكَنْجَرُوذيّ.
ومُسْنِده الحَرَم: كريمة المروزية.
والرفض غالٍ في الشّام ومصر، وبعض المغرب. فللّه الأمر.(10/7)
-سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.
حاصر محمود ابن شبل الدَّولة الكِلابيّ حلب، ثم رحل عنها. ثم حاصرها، فافتتح البلد عَنْوَةً، وامتنعت القلعة. وأُرسِل من بها إلى المُستَنْصِر باللَّه، فندب للكشف عنها ناصر الدّولة أبا عليّ الحُسين بن حمدان. فسار بعسكر من دمشق، فنزح عن حلب محمود، ودخلها ابن حمدان بعسكره فنهبوها. ثم التقى الفريقان بظاهر حلب، فانهزم ابن حمدان، وتملَّك محمود حلب ثانيا، واستقام أمره، وقَتَلَ عمَّه معزَّ الدَّوْلَة، وتُعرَف بوقعة الفنيدق. [ص:9]
وفيها مات أبو محمد ابن النَّسويّ صاحب شرطة بغداد عن نيِّفٍ وثمانين سنة.
وفيها حاصر عطيَّة بن صالح بن مِرداس الكلابيّ الرَّحبة، وضيَّق عليهم فتملّكها.
وفيها توفِّيت قطر النَّدى أمُّ القائِم بأمر اللَّه، وقيل: اسمها بدر الدُّجى، وقيل: عَلَم؛ وهي أرمنية الْجِنس، ماتت في عَشْر التّسعين.
وفيها ولي دمشق تمام الدّولة سُبُكْتِكِين التُّركيّ للمُسْتَنِصر، فمات بها بعد ثلاثة أشهر ونِصف بدمشق.(10/8)
-سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.
فيها ولي الوزارة للقائم بأمر اللَّه أبو الفتح منصور بن أحمد بن دارست.
وفيها قلد طراد الزينبي نقابة النقباء ولقب: الكامل ذا الشرفين.
وفيها ولي شمس الدِّين أُسامة نقابة العلويين ببغداد، ولقِّب: المرتضى.
وفيها توفّي شكر الحسينيّ أمير مكّة.
وولي على دمشق الأمير حُسامُ الدّولة، ثم عُزِل بعد أشهر بولد ناصر الدّولة ابن حمدان.(10/9)
-سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
فيها زوَّج الخليفةُ بِنْتَه بطُغْرُلْبَك بعد أن دفع بكلّ ممكن وانزعج واستعفى، ثم لان لذلك برغمٍ منه، وهذا أمرٌ لم ينله أحد من ملوك بني بُوَيْه مع قهرهم للخلفاء وتحكّمهم فيهم.
وفيها عُزِل ابن دارست من وزارة الخليفة لعجزه وضعفه، وعاد إلى الأهواز؛ وبها تُوُفّي سنة سبع وستّين. وولي الوزارة فخر الّدّولة أبو نصر بن جهير وزير نصر الدّولة ابن مروان صاحب ديار بكر.
ورخصت الأسعار بالعراق، ولطف الله.
وفي ربيع الأوّل غرقت بغداد، ودخل الماء في الدُّروب، ووقعت الحيطان، ووقع بردٌ كِبار، الواحدة نحو الرَّطل، فأهلك الثِّمار والغِلال، وبلغت دِجلة إحدى وعشرين ذراعًا، وضايق الماء الوحوش وحصرهم، فلم [ص:10] يكن بهم مسلك، فكان أهل السّواد يسبحون ويأخذونهم بلا كلفة.
وفيها كانت وقعة كبيرة بين معزّ الدولة ثمال بن صالح الكِلابيّ صاحب حلب، وبين ملك الرُّوم، لعنهم اللَّه. وكان المصاف على أرتاح بقرب حلب، فنُصِر المسلمون وقتلوا وأسروا وغنموا، حتّى إنّ الجارية المليحة أُبيعت بمائة درهم.
وبعدها بيسير تُوُفّي ثمال أمير حلب، وولي بعده أخوه عطيّة.(10/9)
-سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
فيها قدِم السُّلطان بغداد ومعه من الأمراء أبو عليّ بن الملِك أبي كالَيْجَار البويهيّ وسرخاب بن بدر، فنزل جيشه بالجانب الغربيّ وأخرجوا النّاس من الدُّور وفَسَقوا، ودخل جماعة منهم حمَّامًا للنساء فأخذوا ما استحسنوا من النساء؛ وخرج من بقي إلى الطّريق عُراةً، فخلّصهنَّ النّاسُ من أيديهم. فعلوا هذا بحمّامين.
وأعاد السّلطان ما كان أطلقه رئيس العراقيين من المواريث والمكوس.
وعقد ضمان بغداد على أبي سعد القايني بمائة وخمسين ألف دينار.
ثُمّ سار من بغداد، بعد أن دخل بابنةِ الخليفة، فوصل إلى الرَّيّ وفي صحبته زوجة الخليفة ابنة أخيه لَأنّها شكت اطراح الخليفة لها، فمرض ومات في ثامن رمضان عن سبعين سنة. وكان عقيمًا ما بشِّر بولد فعمد عميد الملك الوزير الكُنْدُريّ فنصب في السَّلطنة سليمان بن جُغْربيك، وكان عمُّه طُغُرُلْبَك قد عهد إليه بالسَّلطنة لكونه ابن زوجته، فاختلفت عليه الأمراء، ومال كثيرٌ منهم إلى أخيه عضُد الدّولة ألب أرسلان صاحب خراسان.
فلمَّا رأى الكُنْدُريّ انعكاس الحال خطب بالرَّيّ لعضُد الدَّولة وبعده لَأخيه سليمان. وجمع عضُد الدّولة جيوشه وسار نحو الرّيّ، فخرج لمُلْتقاه الكُندريُّ والَأمراء، وفرحوا بقدومه، واستولى على مملكة عمّه مع ما في يده.
وفيها خرج حمّو بن مليك صاحب سفاقس عن طاعة تميم بن باديس ملك إفريقيّة، وحشُد وجَمَع، وكان بينهما وقعة هائلة انتصر فيها تميم وتشتَّت جمع حمّو.
وفيها كانت بالشّام زلزلة عظيمة تهدَّم منها سور طرابلس.
وفيها ولي نيابة دمشق أمير الجيوش بدر للمُستَنصِر العُبيْديّ فبقي عليها سنة وثلاثة أشهُر. [ص:11]
وفيها نزل محمود ابن شبل الدّولة الكِلابيّ على حلب، وحاصر عمَّه عطيّة، ثم لم يظفر بها وترحَّل.(10/10)
-سنة ست وخمسين وأربعمائة.
فيها قبض السُّلطان ألْبُ أرسلان على الوزير عميد الملك، ثم قتله بعد قليل. وتفرَّد بوزارته نظام المُلْك، فأبطل ما كان عمله عميد المُلْك من سبِّ الأشعريّة وانتصر للشّافعيّة. وأكرم إمام الحَرَمَيْن، وأبا القاسم القُشيْريّ.
وفيها تملَّك السُّلطان ألْبُ أرسلان هَرَاة وصَغَانْيان وختّلان. فأمّا هَرَاة فكان بها عمّه بيغو بن ميكائيل، فأخذها منه بعد حصارٍ شديد، وأحسن إليه واحترمه ولم يؤذِه. وأمّا ختّلان فإنّ ملكها قُتِلَ بسهمٍ في الحصار. وأمّا صَغَانيان فافتتحها عنوةً وقتل صاحبها.
وفيها أمر السُّلطان ألْبُ أرسلان ابنة الخليفة بالعَوْد من الرَّيّ إلى بغداد، وأعلمها أنّهُ لم يقبض على عميد المُلْك إِلَّا لِمَا اعتمده من نقلِها إلى الرَّيّ بغير رضى الخليفة، وبعث في خدمتها أميراً ورئيساً.
وفيها قلّده القائم بأمر الله السَّلطنة، وبعث إليه بالخلع.
وفيها كانت وقعة بقُرب الريّ بين السُّلطان وبين قريبه قُتلمِش، وانكشفت المعركة عن قُتلمِش ميِّتًا مُلقى على الأرض، فحزن عليه السُّلطان وندم، وجلس للعزاء، ثم تسلَّم الرَّيّ.
وسار إلى أَذَرْبَيْجَان، فوصل إلى مَرَنْد عازِمًا على جهاد الرُّوم، لعنهم اللَّه، واجتمع له هناك من الملوك وعساكرها ما لَا يُحْصى، ودخلوا في طاعته وخضعوا له. وافتتح في هذه الغزوة عدّة حصون وهابته المُلُوك وبَعُدَ صِيتُهُ وكَثُرَ الدُّعاء له لكثرة ما افتتح من بلاد النّصارى. وهادنه ملك الكَرْج والتزم بأداء الْجِزية. وقُرئ كتاب الفتح المبارك ببغداد. وغنم جيشه في هذه النَّوبة ما لَا يُحدُّ ولا يوصَف كَثْرَةً. ثم عاد فسار إلى أصبهان ومنها إلى كرمان، فتلقّاه أخوه قاروت بك.
ثم سار إلى مَرْو، فزوَّج ولده مُلْكشاه ببنت خاقان صاحب ما وراء النّهر، ودخل بها. وزوَّج ولده رسلان شاه ببنت سلطان غزنة، واتّفقت الكلمة بينهما، ووقع الصُّلح، ولله الحمد.
وفيها اشتهر ببغداد وغيرها أنّ جَمَاعة أكراد خرجوا يتصيّدون، فرأوا في [ص:12] البريّة خيامًا سُودًا، وسمعوا منها لطمًا وعويلًا، وقائِلٌ يقول: مات سيّدوك ملك الجنّ، وأي بلدٍ لم يلطُم أهله ويعملون المآتم أُهلِكَ أَهْلُهُ. فخرج كثير من النّساء إلى المقابر يلطمن وينحن على سيدوك، وفعل ذلك كثير من جهلة الرّجال، فكان ذلك ضجة عظيمة.
وفيها ولي ببغداد نقابة العلويين أبو الغنائم المعمَّر بن محمد بن عُبَيْد اللَّه وإمارة الموسم، ولقِّب بالطّاهر ذي المناقب.
وكان النقيب أبو الفتح أسامة العلويّ قد بطل النّقابة، وصاهر بني خفاجة، وانتقل معهم إلى البريّة، وبقي إلى سنة ثنتين وسبعين، فتُوُفّي بمشهد عليّ رضي اللَّه عنه.
وفيها هرب أمير الجيوش بدر متولِّي دمشق منها، فوليها أبو المُعَلّى حيدرة الكتّاميّ، فحكم بها شهرين.
وعُزِل بدريّ المُستَنصِريّ المُلقَّب شهاب الدّولة. فوليها أيّامًا في أواخر السّنة، ثُمّ عُزِلَ وولي إمرة الرَّملة فبقي عليها إلى أن قُتِلَ سنة ستّين وأربعمائة.
وخلت دمشق من نائب إلى أن أُعيد عليها بدر أمير الجيوش سنة ثمانٍ وخمسين.(10/11)
-سنة سبع وخمسين وأربعمائة.
فيها كان بإفريقية هَيْجٌ عظيم وحروب، فكانت وقعة مهولة بين تميم بن المُعِز، وبين قرابته النّاصر بن علناس بن حمّاد ملك قلعة حمّاد، انتصر فيها تميم؛ وقُتِل من زَنَاتَة وصِنهاجة أربعة وعشرون ألفاً، ونجا النّاصر في نفرٍ يسير.
وكان مع تميم خلق من العرب، فغنِموا شيئًا كثيرًا واستغنوا، وكثُرَت أسلحتهم ودوابُّهم.
وفيها شرع النّاصر بن علناس في بناء مدينة بِجَاية النّاصِريّة، وكان مكانها مرعى للدواب والمواشي.
وفيها عبر السُّلطان ألْبُ أرسلان نهر جَيْحُون، ونازل جُنْد وصَيْران وهما عند بُخَارَى. وجدُّه سلجوق مدفون بِجَنْد، فنزل صاحبها إلى خدمته، فلم يُغيّر عليه شيئًا، وعطف إلى خوارزم، ومنها إلى مرو.
وفيها شرعوا في بناء النّظاميّة ببغداد.(10/12)
-سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.
فيها سَلْطَن ألْبُ أرسلان ولده مَلِكَشْاه، وجعله وليَّ عهده، وحمل بين يديه الغاشية، وخُطِب له معه في سائر البلاد. [ص:13]
وفي يوم عاشوراء أغلق أهل الكَرْخ الدكاكين، وعلّقوا المسوح، وأقاموا المآتم على الحسين، وجدَّدوا ما بطل من مُدّة. فقامت عليهم السُّنَّة، وخرج مرسوم الخليفة بإبطال ذلك، وحبس منهم جماعة مدّة أيّام.
وفيها وصل سيف الْإِسلام أمير الجيوش بدر إلى دمشق واليا عليها ثانيةً، وعلى الشَّام بأسره، في شعبان. فأقام إلى أن تحرَّكت الفتنة بينه وبين عسكريّة دمشق، فخرج من القصر ونشبت الحرب بينهم في جمادى الأولى سنة ستّين.
وفيها سار شرف الدّولة مسلم بن قريش بن بدران صاحب الموصِل إلى ألْبِ أرسلان فأقطعه الأنبار، وهيت، وحربى.
وفيها استولى تميم ابن المعزّ على مدينة تونس، وصالحه صاحبها.
وفيها كانت زلزلة عظيمة بخُراسان تردَّدت أيّامًا، وتصدَّعت منها الجبال، وأهلكت خلقًا كثيرًا، وانخسف منها عدّة قرى. قاله ابن الأثير.
قال: وفيها وُلِدت بباب الأزج صغيرة لها رأسان ووجهان ورقبتان على بدن واحد.
وفيها قال ابن نظيف: ظهر في السّماء كوكب كأنّه دارة القمر ليلة تمّه بشعاعٍ عظيم، وهال النّاس ذلك، وأقام كذلك مُدَّة عشرة ليالٍ، ثُمَّ تناقص ضوءهُ وغاب.
وقال سبط ابن الجوزيّ: في نيسان ظهر كوكبٌ كبير له ذؤابة عرضها نحو ثلاثة أَذْرُع وطولها أَذْرُعٌ كثيرة، ولبث بضع عشرة ليلة، ثمّ ظهر كوكب قد استدار نوره عليه كالقمر، فارتاع النّاس وانزعجوا؛ وبقي أيّاماً.(10/12)
-سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
في ذي القعدة فرغت المدرسة النّظامية ببغداد، وقُرّر لتدريسها الشّيخ أبو إسحاق، فاجتمع النّاس فلم يحضر وسببه أنّه لقيه صبيٌّ، فقال: كيف تدرِّس في مكان مغصوب؟ فتشكَّك واختفى، فلما أيِسُوا من حضوره درَّس ابن الصبَّاغ مصنَّف " الشَّامل ". فلما بلغ نظامَ المُلْك الخبر أقام القيامة على العميد أبي سعْد. فلم يزل أبو سعد يرفق بالشّيخ أبي إسحاق حتَّى درَّس، فكانت مدّة تدريسه، أي ابن الصّباغ، عشرين يوماً. [ص:14]
وفيها قُتِلَ الصُّليحيّ صاحب اليمن بالمَهْجَم في ذي القعدة؛ كذا ورَّخه ابن الأثير وورَّخه غيره سنة ثلاثٍ وسبعين.
قال ابن الأثير: أمِنَ الحاجّ في زمانه وأثنوا عليه، وكسا الكَعْبَة الحَريرَ الأبيض الصّينيّ.
قلت: ترجمته في سنة ثلاثٍ وسبعين.
وفيها بنى عميد بغداد على قبر أبي حنيفة قبّة عظيمة عالية وأنفق عليها الأموال.(10/13)
-سنة ستين وأربعمائة.
فيها كانت بالرّملة الزلزلة الهائلة التي خربتها حتى طلع الماء من رؤوس الآبار، وهلك من أهلها كما نقل ابن الأثير خمسة وعشرون ألفاً.
وقال أبو يعلى ابن القلانسيّ: كان في مكتب الرَّملة نحوٌ من مائتيّ صبيّ، فسقط عليهم، فما سأل أحدٌ عنهم لموت أهليهم.
وخربت بانياس.
وقال ابن الصّابئ: حدَّثني علويٌّ كان في الحِجاز أنّ الزّلزلة كانت عندهم في الوقت المذكور، وهو يوم الثُلاثَاء حادي عشر جُمَادَى الأولى، فرمت شرَّافتين مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وانشقّت الأرض بتيماء عن كنوز ذهب وفضّة وانفجرت بها عين ماء، وأهلكت أَيْلَةَ ومن فيها. وظهرت بتبوك ثلاثة عيون، وهذا كلُّه في ساعةٍ واحدة.
وأمّا ابن الأثير فَقَالَ: وانشقَّت صخرة بيت المقدِس وعادت بإذن اللَّه، وأبعد البحر عن ساحله مسيرة يوم، فنزل النّاس إلى أرضه يلتقطون، فرجع الماء عليهم فأهلكهم.
وفيها كان بمصر القحط المتواتر من سنوات، وانقضى في سنة إحدى وستّين.
وفيها حاصر النّاصر بن علناس مدينة الأُرْبُس بإفريقيّة، فافتتحها بالأمان.
وفيها ولي إمرة دمشق قطب الدّولة بارزطغان للمصريين بعد هروب أمير الجيوش منها. فوليها ثمانية أشهر.(10/14)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(10/15)
-المتوفون في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة(10/15)
1 - أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّه بن إسحاق أبو بكر القاضي البغدادي المعدّل، [المتوفى: 451 هـ]
نزيل مصر.
روى عن: عليّ بن محمد الحلبيّ، وعبد الكّريم بن أبي جدار، وأبي مسلم الكاتب.
وعنه سهل بن بشر الإسفرايينيّ، والحُمَيْديّ.
تُوُفّي بمصر في رمضان.(10/15)
2 - أَحْمَد بن عليّ بن الحسن بن أبي الفضْل أبو نصر الكَفْرطابيّ، ثمّ الدّمشقيّ المقرئ. [المتوفى: 451 هـ]
روى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وعبد اللَّه الحِنّائيّ.
روى عنه: نجا بن أَحْمَد، ومحمد بن الحسين الحِنّائيّ، وأبو القاسم النَّسيب.
وَرّخَهُ الكتّانيّ.
وقال غيره: تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين.(10/15)
3 - أَحْمَد بن عمر بن الخل أبو عمر الأَبْزَاريّ. [المتوفى: 451 هـ]
عَن عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد الصَّيدلانيّ، وأبي عمر بن مَهْدِيّ.
وعنه: ابن أبي الصَّقر الأنباريّ، وأبيّ النَّرسي.(10/15)
4 - أَحْمَد بن محمد بن الحسين الْأصبهانيّ الْإِسكاف. [المتوفى: 451 هـ]
سمع أبا عبد الله بن منده.
وعنه: سعيد بن أبي الرّجاء.(10/15)
5 - أَحْمَد بن مرحب بن أَحْمَد. أبو الفَرَج الفارسيّ الصَّيرفي. [المتوفى: 451 هـ][ص:16]
تُوُفّي بِبَغداد.
حدَّث عن: عيسى بن الوزير.(10/15)
6 - أَحْمَد بن يحيى بن أَحْمَد بن سُمَيْق بن محمد بن عمر بن واصل. أبو عمر القُرْطُبيّ. [المتوفى: 451 هـ]
نزيل طُلَيْطُلَة.
روى عن: أبي المطرِّف بن فُطَيْس، وابن أبي زمنين، ويونس بن عبد الله، وأبي محمد بن بنُّوش، وابن الرسان، وأبي القاسم الوهراني، وطائفة سواهم.
روى عنه: جماهر بن عبد الرحمن، وأبو جعفر بن مظاهر، وأبو الحسن الإلبيري.
وولي قضاء بلد طلبيرة فحمدت سيرته.
وقد عني بالحديث وكتبه وسماعه وجمعه.
وكان ذا مشاركة في عدة علوم حتى في الطب، مع العبادة الوافرة. وكان كثيراً ما يتمثَّل:
لله أيام الشباب وعصرهُ ... لو يُستعارُ جديدهُ فيُعارُ
ما كان أقصرَ ليلهِ ونهارهِ ... وكذاك أيّام السُّرورِ قِصارُ
تُوُفّي في ذي القعدة، وله ثمانون سنة.(10/16)
7 - إبراهيم ينال [المتوفى: 451 هـ]
أخو السُّلطان طُغْرُلْبَك.
له ذِكْرٌ في غير ما موضعٍ من الحوادث. وفي آخر الأمر حارب أخاه وانتصر عَلَيْهِ وضايقه. وجرت له فصول. ثم التقاه بنواحي الرَّيّ، فانْهَزَمَ جمع إبراهيم، وأُخِذ أسيرا هُوَ ومُحَمَّد وأحمد ولديّ أخيه، فأمر به طُغْرُلْبَك فَخُنِقَ بوترٍ في جُمَادَى الآخرة سنة إحدى، وقتل الأخوين معه.(10/16)
8 - إبراهيم بن العبّاس الجيْليّ الفقيه. [المتوفى: 451 هـ]
أحد علماء جُرْجان.
كان لا نظير له في المناظرة.
سمع: أبا طاهر بن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلمي، وجماعة.
ذكره عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ في " تاريخه "، وقال: لم يبق بنيسابور من يقاربه ولا من يقارنه.
صار إليه التّدريس والفتوى.
وتوفي في رجب.(10/16)
9 - البساسيريّ الأمير فيها قُتِل واسمه أرسلان التُّركي. [المتوفى: 451 هـ]
وأخباره مذكورة في سنة سبعٍ وستّين [ص:17] في ترجمة القائم بأمر اللَّه. وكان مملوك رجل يقال لَهُ البساسيريّ، وهي نسبةً، فيما نقل ابن خلَّكان، إلى مدينة فَسَا، ويُقال بَسَا، وأهل فارس ينسبون إليها هكذا. وهي نسبة شاذّة على خلاف الأصل.
وأمّا من قال: " فسويّ " فعلى الأصل.(10/16)
10 - تمَّام بن عفيف بن تمَّام أبو محمد الطُّليطليّ الزَّاهد الواعظ. [المتوفى: 451 هـ]
أخذ عن: عبدوس بن محمد، وأبي إسحاق بن شَنْظِير، وأبي جعفر بن ميمون.
وشهر بالزُّهد والورع والصَّلاح؛ وكان يعظ ويأمر بالمعروف ويقنع بالقُوت، ويلبس الصُّوف، ويجتهد في أفعال البِر كلَّها، ويجتهد في نصح المسلمين.
توفي في ذي القعدة.(10/17)
11 - جُغْربيك الأمير داود بن ميكائيل بن سلجوق [المتوفى: 451 هـ]
أخو السُّلطان طُغْرُلْبَك، ووالد السُّلطان ألْبِ أرسلان.
تُوُفّي بسَرْخَس في رجب، ونُقِلَ إلى مَرْو. وعاش سبعين سنة.
وكان صاحب خُرَاسان، وهو في مقابلة آل سُبُكْتِكِين وكان فيه عدل وخير ودين. وكان ينكر على أخيه ظلمه.(10/17)
12 - الحسن بن عليّ بن محمد بن خَلَف أبو سعيد الكتبيّ. [المتوفى: 451 هـ]
بغداديّ، قال أبو بكر الخطيب: كتبتُ عنهُ، وكان صدوقًا سمع أبا حفص بن شاهين، وعيسى بن الوزير.(10/17)
13 - الحسن بن غالب المباركيّ المقرئ. [المتوفى: 451 هـ]
قيل: تُوُفّي فيها. وسيأتي.(10/17)
14 - الحسن بن أبي الفضل أبو عليّ الشَّرمقاني المؤدّب المقرئ. [المتوفى: 451 هـ]
نزيل بغداد.
قال الخطيب: كان من العالمين بالقراءات ووجوهها.
حَدَّثَ عَنْ: [ص:18] إبراهيم بن أَحْمَد الطّبريّ، وأبي القاسم عبيد الله ابن الصَّيدلانيّ.
وقال لي: سمعت من زاهر بن أَحْمَد السَّرخسي، وشرمقان من قُرَى نَسَا. تُوُفّي في صفر.
قلت: قرأ عليه: أبو الطاهر بن سوار، وأبو غالب ابن القزاز، وغيرهما، وكان زاهدًا ورِعًا قانِعًا باليسير. كان يخرج إلى دِجْلة، فيأخذ ورق الخسَّ المَرْميّ فيأكله، وكان ذلك أيام القَحْط. وكان يأوي إلى مسجد بدرب الزَّعفران، فرآه ابن العلاف يأكل الورق، فأخبر الوزير رئيس الرّؤساء ابن المسلمة بذلك فقال: نبعث إليه شيئاً؟
فقال: لَا يقبله. فقال: نتحيّل فيه. وأمر غُلامًا أن يعمل لذلك المسجد مفتاحًا. وقال: احمل إليه كل يوم رغيفين ودجاجة مُطَجَّنة وقطعة حلاوة. فكان إذا جاء وفتح رأى ذلك في المحراب، فيتعجَّب ويقول: المفتاح معي وما هذا إِلَّا من الجنَّة. وكتم أمره فأخصب جسمه وسمن، فقال له ابن العلاف: ما لك قد سمنْت وأضاءت حالتك؟ فتمثَّل:
مَن أَطْلَعُوه على سرٍّ فَبَاحَ بِهِ ... لم يَأْمَنُوهُ على الأَسْرَارِ ما عاشا
ثم أخذ يُوَرّي ولا يُصرّح، فما زال به حتَّى أخبره بالكرامة، فقال: ينبغي أن تدعو للوزير. ففهم القضيَّة، وانكسر قلبُه، ولم تَطُل مُدَّتُهُ بعد ذلك.(10/17)
15 - الحسن بن محمد بن ذكوان. أبو عليّ القُرْطُبيّ. [المتوفى: 451 هـ]
ولي قضاء قُرْطُبة لَأبي الوليد محمد بن جَهور. ولم يكن عنده كثير عِلم، ثم عُزل لَأشياء ظهرت منه.
تُوُفّي في ذي القعدة، وله بِضْعٌ وثمانون سنة.(10/18)
16 - الحسين بن أبي عامر البغداديّ. الغَزّال أبو يَعلى. [المتوفى: 451 هـ]
قال الخطيب: حدثنا عن أبي حفص بن شاهين. وسماعه صحيح.(10/18)
17 - سعيد بن محمد بن أَحْمَد بْن محمد بْن جعفر بْن محمد بْن بَحير. أبو عثمان البَحيري النَّيْسَابُوريّ. [المتوفى: 451 هـ]
سمع من: جدّه أبي الحسين أَحْمَد بن محمد، وزاهر بن أَحْمَد الفقيه، وأبي أحمد الحاكم، وأبي عمرو بن حمدان، وأبي عليّ الحسن بن أَحْمَد بن [ص:19] محمد الحِيري والد القاضي أبي بكر، وأبي الهيثم محمد بن مكّيّ الكُشْمِيهَنيّ لقيه بمَرْو.
ودخل بغداد فسمع من: أبي حفص الكتّانيّ، وأبي الحسين ابن أخي ميمي، ومحمد بن عمر بن بَهْتَة.
وسمع من الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب بإسفَرايين، وجماعة.
قال عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ: ورد جُرجان مع أبيه، فسمع من أبي سعْد بن الْإِسماعيليّ، وحدَّث زمانًا على السَّداد، وخرَّج لهُ الفوائد. وحجّ ثلاث مرّات. وسمع بمكَّة من أَحْمَد بن عبد اللَّه بن رُزيق البغداديّ.
وغزا الرُّوم والهند مع السُّلطان محمود وعقد الْإِملاء بعد موت أخيه أبي عبد الرَّحمن.
وذكره عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل فقال: شيخٌ كبير، ثقة في الحديث، سمع الكثير بخُراسان والعِرَاق. وخرَّج له الفوائد عن والده وجدّه، وأبي عَمْرو بن حمدان. ثم سمى جماعة.
قال: وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين.
قلت: وروى عن زاهر السَّرخسيّ " المُوَطّأ ".
روى عنه: أبو عبد اللَّه محمد بن الفضل الفرّاويّ، وهبة اللَّه بن سهل السيدي، وزاهر بن طاهر وغيرهم.
وقع لنا من عواليه بالإجازة.(10/18)
18 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن حسكان. أبو محمد النَّيسابوريّ الحاكم. [المتوفى: 451 هـ]
حدَّث بأسْتِراباذ وجُرجان عَن أبي حفص بن شاهين، وأقرانه.(10/19)
19 - عبد اللَّه بن الحسن بن عليّ، أبو القاسم الهمذانيّ الصَّيْقَل، [المتوفى: 451 هـ]
إمام جامع هَمَذَان.
روى عن أبي الحُسَيْن بن سمعون الواعظ، وأبي عبد اللَّه بن شاذي الأستِراباذيّ، وجعفر الأَبْهريّ.
قال شيرويَهْ: شيخ صالح مُتَديِّن صدوق، عاش سبعًا وتسعين سنة.(10/19)
20 - عبد اللَّه بن شبيب بن عبد اللَّه. أبو المظفّر الْأصبهانيّ الضّبيّ المقرئ. [المتوفى: 451 هـ][ص:20]
روى عن جدّه أبي بكر محمد بن يحيى، وأبي عبد اللَّه بن مَنْده، وجماعة. وكان إمام أصبهان وخطيبها وواعظها ومُقرِئها. وقد قرأ بالرّوايات على غير واحِدٍ، منهم محمد بن جعفر الخُزاعي.
قرأ عَلَيْهِ أبو القاسم الهُذليّ، وغيره.
وحدَّث عنه: أبو القاسم إسماعيل الْإِخشيد، وأبو عبد اللَّه الخلال، وأبو عبد اللَّه الدَّقّاق.
وسُئِل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ، فقال: إمام زاهد عابد، عالِم بالقراءات. سمع الكثير، وصلَّى بالنَّاس بالجامع سِنين.
قلت: وتوفي في صَفَر.(10/19)
21 - عبد العزيز بن عبد الرَّحمن بن أَحْمَد القَزْوِينيّ. أبو الحسن الشَّافعيّ. [المتوفى: 451 هـ]
سمع أَحْمَد بن محمد البصير الرّازيّ، وأبا عمر بن مهديّ.
روى عنه: أبو القاسم النّسيب، وغيره.
وتُوُفّي بِصُور في جُمَادَى الأولى.(10/20)
22 - عَقِيل بن العبّاس بن الحَسَن بن العباس بن الحسن بن أبي الجن حُسين بْن عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن إسماعيل بن جعفر الصّادق، عماد الدّولة أبو البركات الحُسيْنيّ النقيب الدمشقي. [المتوفى: 451 هـ]
روى عن الحسين بن أبي كامل الأطرابُلُسيّ.
حدَّث عنه: ابن أخيه أبو القاسم عليّ بن إبراهيم النّسيب.
تُوُفّي في رجب.(10/20)
23 - عليّ بن الحسين بن هنديّ، القاضي أبو الحسن الحمصيّ. [المتوفى: 451 هـ]
أديبٌ له شِعْر، سمع بدمشق من أَحْمَد بن حريز السَّلَمَاسيّ.
حكى عنه أبو الفضل بن الفُرات.
وعاش إحدى وخمسين سنة.
وتُوُفّي بدمشق.
حكى ابن الأكفانيّ أنّهُ خلَّف عشرة آلاف دينار.
وذكر لهُ ابن عساكر في " تاريخه " ثلاث قصائد.
وهو جدّ بني هنديّ رؤساء حمص.(10/20)
24 - عليّ بن محمود بن ماخُرّة، أبو الحسن الزُّوزَنيّ الصُّوفيّ، [المتوفى: 451 هـ]
من كبار المشايخ.
رحل إلى النّواحي، وسمع بدمشق من عبد الوهَّاب الكِلابي؛ وبغيرها من عليّ بن المُثَنَّى الأسْتِرَاباذيّ، ومحمد بن محمد بن ثَوابة، وأبي عبد الرّحمن السُّلمي.
روى عنه الخطيب، وقال: لَا بأس به. قال لنا: إنّ ماخُرّة كان مَجُوسيًّا. وسألته عن مولده، فقال: سنة ستٍّ وستّين وثلاثمائة.
ومات في رمضان.
قلت: وروى عنه: عبد المحسن الشيحي، وجعفر السَّرّاج، وأُبيّ النّرْسي، وأبو العِز بن كادش، وغيرهم.(10/21)
25 - فَرُّخ زاد ابن السلطان مسعود ابن السُّلطان محمود بن سبكتِكين، [المتوفى: 451 هـ]
صاحب غَزْنة.
كان ملكاً شجاعاً مَهيباً، واسع البلاد. هجم عليه مماليكه بالسّيوف وهو في الحمَّام، فاتَّفَق أنَّهُ كان عنده سيفه، فقاتلهم، وتَلَاحَق الحَرَس فَسَلِمَ وقتلوا أولئك. وصار بعد ذلك يُكْثِر ذِكر الموت ويزهد في الدُّنيا.
وفي هذا العام أصابه قولْنج، فمات.
وتملَّك بعده أخوه إبراهيم، فعدل وأقام الجهاد، وفتح عدة حصون من بلاد الهند امتنعت على أَبِيهِ وجدّه.
وكان مع عدله يصوم الأَشْهُر الثَّلاثَة.(10/21)
26 - الفضل بن جعفر بن أبي الكرام. أبو محمد المِصْري. [المتوفى: 451 هـ]
تُوُفّي في ربيع الآخر.(10/21)
27 - القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف. أبو محمد ابن الرّيُوليّ، الأندلُسيّ، [المتوفى: 451 هـ]
من أهل مدينة الفَرَج.
روى عن أبيه، وأبي عمر الطلمنكي، وأبي محمد الشنتجالي. وحج، وأخذ عن أبي عمران الفاسيّ.
وكان عالمًا بالحديث، عارفًا باختلاف الأئِمّة، عالمًا بالتفسير [ص:22] والقراءات. لم يكن يرى التَّقليد، وله تصانيف كثيرة. ولهُ شِعْرٌ رائق، مع صدْق ودينٌ وورع وتقلُّل وقُنوع.
قال القاضي أبو محمد بن صاعد: كان القاسم بن الفتح واحد النّاس في وقته في العِلم والعمل، سالِكًا سبيل السّلف في الورع والصِّدق، متقدِّمًا في علم اللِّسان والقُرآن وأصول الفقه وفروعه، ذا حظٍّ جليل من البلاغة، ونصيبٍ من قرض الشعر.
توفي على ذلك، جميل المذهب، سديد الطَّريقة، عديم النّظير.
وقال الحُميدي: هو فقيه مشهور، عالِمٌ زاهِد، يتفقّه بالحديث، ويتكلَّم على معانيه، وله أشعار كثيرة في الزُّهْد.
ولهُ:
أيامُ عُمْرك تَذْهَبُ ... وجميعُ سَعْيِك يُكتب
ثُمّ الشّهيدُ عَلَيْكَ منـ ... ـك فأين أين المهربُ
توفي في صفر. ومولده سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، وقد أثنى عليه جماعة.(10/21)
28 - محمد بن أحمد ابن الكوفيّ. أبو الحسين. [المتوفى: 451 هـ]
بغداديّ، روى عن عمر بن إبراهيم الكتّانيّ.
وتُوُفّي في صَفَر، ولهُ اثنتان وثمانون سنة.(10/22)
29 - محمد بْن الحسن بْن محمد بْن الحسن بْن عليّ البقَّال. أبو طاهر. [المتوفى: 451 هـ]
روى عن ابن الصّلْت.(10/22)
30 - محمد بن عبد العزيز بن أَحْمَد بن محمد بن شاذان، أبو بكر الحِيَريّ النَّيْسَابوريّ، الحافظ الفقيه السُّفْيانيّ. [المتوفى: 451 هـ]
كان من أصحاب أبي عبد اللَّه الحاكم. جمع وصَنَّف، وكان زاهدًا صالحًا. [ص:23]
تُوُفّي في رجب.
روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ وغيره.(10/22)
31 - محمد بن أبي القاسم عبد الواحد الراراني الْأصبهانيّ. [المتوفى: 451 هـ]
روى عن عبد اللَّه بن أَحْمَد. وعنه الْإِخشيد، وغيره.(10/23)
32 - محمد بن عليّ بن الفتح، أبو طالب الحربيّ العُشاري. [المتوفى: 451 هـ]
سمع الدارَقُطني، وابن شاهين، وأبا الفتح القوّاس، وطبقتهم.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثِقةً صالِحًا. وُلد في المحرّم سنة ست وستين وثلاثمائة.
قال لي: كان جدّي طويلًا، فقيل لي العُشاريّ.
قلت: وكان أبو طالب خيِّرًا زاهِدًا، عالماً فقيهاً، واسع الرواية صحب أبا عبد اللَّه بن بطَّة، وأبا عبد اللَّه بن حامد.
وتفقه لأحمد.
قال أبو الحسين ابن الطُّيوريّ: قال لي بعض أهل البادية: نحنُ إذا قُحطنا استسقينا بابن العُشاري، فنُسقى.
وقال أبو الحسين ابن الفرّاء في ترجمته في طبقات أصحاب أَحْمَد: حكى لي بعض أصحاب الحديث، قال: قُرئ كتاب "الرؤيا" للدارَقُطني على العُشاري في حلقته بجامع المنصور، فلمَّا بلغ القارئ إلى حديث أمُّ الطُّفَيْل، وحديث ابن عبَّاس، قال القارئ: وذكر الحديث، فقال للقارئ: اقرأ الحديث على وجهه، فهذان الحديثان مثل السواري.
وقال أبو الحسين: قال لي ابن الطُّيُوريّ: لمَّا قَدِم عسكر طُغْرلْبَك لقي بعضهم لابن العُشاريّ فقال: يا شيخ إيش معك؟ قال: ما معي شيء.
ثُمَّ ذكر أنّ في جَيْبِهِ نفقة، فناداه: تعال، وأخرج ما معه. وقال: هذا معي. فهابه الرَّجُل وعظَّمهُ ولم يأخُذ النَّفَقَة.
قلت: روى عنه ابن الطُّيُوريّ، وأبو العِز بن كادِش، وأبو بَكْر قاضي المارِستان، وأحمد بن قريش. [ص:24]
وقد أُدخل في سماعه أشياء باطلة، ولم يعلم.(10/23)
33 - محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه بن المؤمّل، أبو طاهر الأنباريّ البزَّاز. [المتوفى: 451 هـ]
سكن بغداد، وحدَّث عن: أبي بكر الورَّاق، وغيره.
قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا صالحًا.
وقال السِّلفي فيما أخبرنا ابن الخَلال، عن الهمداني، عنه: سألت شجاعا الذهلي، عن ابن المؤمّل الأنباريّ، فقال: هو محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه بن المؤمّل البزّاز أبو طاهر. حدَّث عن إسماعيل الورَّاق، وأحمد بن محمد الدِّوسيّ الأنباريّ. وكان صالِحًا دَيِّنًا صدوقًا، مات سنة إحدى وخمسين.
قال السِّلفي: أخبرنا عنه أبو البركات ابن الوكيل، عن ابن ماسي.(10/24)
34 - محمد بن محمد بن علي بن أبي تمّام. أبو منصور الهاشميّ الزَّينبيّ، [المتوفى: 451 هـ]
أخو أبي نصر محمد، وطرّاد.
سمع عيسى بن الجرَّاح.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا.
مات بواسط في آخر السَّنة.
وقال أبو علي بن سكرة: لَقَبُهُ كمال الدِّين.
قلت: روى عنه أهل واسط.(10/24)
35 - منصور بن النُّعْمان. أبو القاسم الصيمَري، ثُمّ المصريّ. [المتوفى: 451 هـ]
سَمِعَ القاضي أبا الحسن الحلبيّ، وغيره.
روى عنه أبو عبد اللَّه الحُميدي.
توفي في ذي القعدة.(10/24)
36 - نَصْر بن أبي نصر. أبو منصور الطوسيّ المقرئ. [المتوفى: 451 هـ][ص:25]
حدَّث بِصُور وسكنها.
عن عبد الرَّحمن بن أبي نصْر، وغيره.
روى عنه ابنه إسماعيل بن نصر.(10/24)
37 - يوسف بن هلال. أبو منصور البغداديّ، الصَّيْرَفيّ. [المتوفى: 451 هـ]
صاحب التَّميميّ.
روى عن عيسى بن الوزير.(10/25)
-سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.(10/26)
38 - أَحْمَد بن الحسين، أبو الحسين التَّميميّ السَّلمَاسيّ. [المتوفى: 452 هـ]
توفي بآمد.
قال أبي النرْسي: حدثنا ببغداد عن أبي طاهر المُخلّص.(10/26)
39 - أَحْمَد بن عُبيد اللَّه بن فَضَال، أبو الفتح الحلبيّ الموازينيّ، الشّاعر المعروف بالماهر. [المتوفى: 452 هـ]
روى عنه من شعره أبو عبد الله الصُّوريّ، وأبو القاسم النَّسيب. فمن شعره:
يا من له سيف لحظٍ ... تدبّ فيه المَنون
ومَن لجسمي وقلبي ... منه ضنًى وشُجون
ما فكرتي في فؤادٍ ... سَبَته منك الْجُفون
وإنّما فكرتي في ... هواك أين يكون؟
وله بيت مفرد:
إذا امتطى قلمٌ يومًا أنامِلَهُ ... سدَّ المفاقرَ واستولى على الفِقَر
ويندُر هكذا للماهر أبيات فائقة. وكان موازينيًّا بحلب، ثُمَّ ترك الصَّنعة وأقبل على الشِّعر، ومدح الملوك والَأُمراء.
ولهُ وقد أجاد:
برغمي أن أُعنَّفَ فيك دهرًا ... قليلًا همُّهُ بِمُعنّفيهِ
وأن أرعى النُّجومَ ولَسْتَ فيها ... وأن أطأ التراب وأنتَ فيه(10/26)
40 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن موسى، أبو الفرج الملحميّ الْأصبهانيّ. [المتوفى: 452 هـ]
سمع: عُبَيْد اللَّه بن يعقوب بن جميل.
روى عنه: سعيد الصَّيْرَفيّ، وغيره.(10/26)
41 - أَحْمَد بن نجا، أبو طاهر البغداديّ البزَّاز المقرئ. [المتوفى: 452 هـ]
سمع: أبا أَحْمَد الفَرَضي، وابن رزقوَيْه، وجماعة.
وعنه: أبو بكر الخطيب في تاريخه، ومسعود بن ناصر السجْزي، وأُبي النَّرسي، وغيرهم.(10/26)
42 - إبراهيم بن محمد بن زيد، أبو أَحْمَد الأموي الكوفي. [المتوفى: 452 هـ]
قال أُبي النرسي: ثقة، حدثنا عن ابن غزال، وابن حُطيط.(10/27)
43 - بايّ بن أبي مسلم بن بايّ. أو باتي بمُثَنّاه؛ كذا وجدته بمُثنّاه وليس بشيء، وصوابه بايّ بلا همز وبالتّثقيل، أبو منصور الجيليّ الفقيه. [المتوفى: 452 هـ]
قال أُبي: كان من أصحاب الشّيخ أبي حامد، سمعنا منه ببغداد.
وقال غيره: ولي قضاء ربع الكرْخ، وكان من أئمّة الشّافعيّة. روى الحديث عن ابن الجُندي.(10/27)
44 - جعفر بن الحسين بن يحيى، أبو الفضل الدقّاق. [المتوفى: 452 هـ]
توفي بمصر في ربيع الآخر.(10/27)
45 - الحسن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن، أبو منصور الشّيبانيّ. [المتوفى: 452 هـ]
تُوُفّي في رمضان عن بضعٍ وثمانين سنة.
رُمي بالكذب.(10/27)
46 - الحَسَن بْن عليّ بْن أبي طَالِب، أبو منصور الهَرَوي الكرابيسيّ الأديب. [المتوفى: 452 هـ]
تُوُفّي في رمضان.
روى عن زاهر بن أَحْمَد الفقيه، وأبي حامد النُّعيمي.(10/27)
47 - الحسن بن محمد. أبو علي الجازريّ. [المتوفى: 452 هـ]
راوي كتاب " الجليس والَأنيس " عن مُصنِّفه المعافى بن زكريا الجريريّ.
روى عنه الكتاب: أبو العزّ بن كادِش.
مات في ربيع الأوّل.(10/27)
48 - الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَلِيّ اللّبّاد. [المتوفى: 452 هـ]
توفّي بأصبهان، وهو من شيوخ سعيد بن أبي الرجاء.(10/27)
49 - الحسين بن محمد، أبو يَعلى الخبّاز المقرئ. [المتوفى: 452 هـ]
سمع: أبا طاهر المخلّص.
وعنه: أبو عليّ ابن البنّاء.(10/27)
50 - الحسين بْن الحَسَن بْن الحسين بن أبي محمد الحسن بن عبد اللَّه بن حمدان. ناصر الدّولة أبو عليّ التَّغْلِبيّ الأمير. [المتوفى: 452 هـ]
أمير دمشق، وابن أميرها للمصْريين.
ولي دمشق سنة خمسين وأربعمائة، وسار سنة اثنتين وخمسين إلى حلب، فجرت بينه وبين بني كِلاب وقعة الفُنيدق بظاهر حلب، فكُسر ابن حمدان، وأفلت مُنْهَزِمًا جريحًا، وأُسر سائر عسكره وراح إلى مصر، فجرت له خُطوب وحُروب ذُكرت في الحوادث.
وولي بعده دمشق:(10/28)
51 - سُبُكتكين، أبو منصور التُّركيّ. [المتوفى: 452 هـ]
ولي دِمشق من قِبَل صاحب مصر في سنة اثنتين وخمسين، فبقي بها ثلاثة أشهر ونِصف ومات، وكان قبل الولاية مُقيمًا بدمشق.
روى عن: السَّكَن بن جُميع.
وعنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وغيره.(10/28)
52 - ضياء بن أَحْمَد بن محمد بن يعقوب، أبو عبد اللَّه الهرويّ الخيَّاط. [المتوفى: 452 هـ]
سكن بغداد. وحدَّث عن عمر بن شاذران القَرميسيني، وعيسى الديَنَوري، وعلي بن أحمد بن غسان البصري.
قال الخطيب: كتبت عنه، وسماعه صحيح.(10/28)
53 - طاهر بن عليّ بن محمد بن ممُّويه، أبو الفتح الْأصبهانيّ. [المتوفى: 452 هـ]
سمع أبا عبد اللَّه بن مَنده، وإبراهيم بن خُرشيد قُولَه.
وعنه سعيد بن أبي رجاء، وغيره.(10/28)
54 - عالي بن عثمان بن جِني، أبو سعد بن أبي الفتح النحوي ابن النَّحويّ. [المتوفى: 452 هـ]
عاش إلى هذا العام، وانقطع خبره. [ص:29]
ذكره ابن ماكولا، فقال: كان قد سمع من المرجّى " مسند أبي يَعلى ".
وقال ابن عساكر: وحدث بصور عَن المرجى، وعيسى بن الوزير، وتمَّام الرَّازيّ.
روى عنه أَبُو نصر عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن ماكولا، ومكّي الرُّميلي، وأحمد الرُّويدشتي.(10/28)
55 - عَبْدِ اللَّه بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بُندار، أبو محمد البغداديّ المقرئ الحذَاء، المعروف بابن الخفَّاف. [المتوفى: 452 هـ]
سمع: أبا الحسين بن المظفر، وأبا حفص ابن الزّيّات، وأبا بكر الورَّاق، وأبا حفص بن شاهين.
قال الخطيب: كتبتُ عنه وكان سماعه صحيحًا، توفّي في المُحرَّم وله خمسٌ وثمانون سنة.
وقال ابن خَيرون: كان يكذب في القراءات.(10/29)
56 - عبد الباقي بن أبي غانم الشّيرازيّ. [المتوفى: 452 هـ]
ذكرهُ أُبي النَّرْسيّ فقال: ورد الخبر بوفاته، وكان يتفرد برواية كتاب يعقوب بن شيبة الحافظ بكماله.(10/29)
57 - عبد الجبَّار بن عليّ بن محمد بن حسكان، الأستاذ أبو القاسم الإسفراييني، المُتَكلّم الأصم المعروف بالْإِسكاف. [المتوفى: 452 هـ]
فقيه إمام أشعريّ، من تلامذة أبي إسحاق الإسفَراييني، ومن المُبرّزين في الفتوى. زاهد عابد قانت، كبير الشّأن، عديم النَّظير. قرأ عليه إمام الحرمين أبو المعالي الأصول.
وقد سمع من عبد اللَّه بن يوسف الْأصبهانيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ثامن وعشرين صفر. [ص:30]
روى عنه أبو سعيد بن أبي ناصر، وغيره.
ويُعرف بأبي القاسم الْإِسكاف.(10/29)
58 - عبد الرّزاق بن محمد بن يزداد الأصبهاني. [المتوفى: 452 هـ]
قال: حدثنا يونس بن أَحْمَد بن خَيْر سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
روى عنه أبو عليّ الحدّاد.
مات في ذي القعدة.(10/30)
59 - عبد الواحد بن محمد بن عثمان، أبو الحسين المجاشعيّ. [المتوفى: 452 هـ]
عن إسماعيل بن الحسن الصّرْصريّ.
وعنه أبو عليّ البَرَدانيّ، وأُبي النَّرْسيّ.(10/30)
60 - عُبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو الفضل الصَّيرفيّ البغداديّ. [المتوفى: 452 هـ]
قرأ القرآن على أبي حفْص الكتَّانيّ، وسمع منه. ولعلَّهُ آخِر من قرأ عليه.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
وقد روى الحديث عن المُخلص، وابن أخي ميمي.
وكان بارعا في معرفة القراءات.(10/30)
61 - عدنان بْن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن محمد بن شيبان، أبو الحسن البرجي. [المتوفى: 452 هـ]
من طلبة الحديث بأصبهان.
سمع أبا عبد الله بن منده، وغيره.
روى عنه سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وقال: كان من عباد اللَّه الصّالحين، مؤذِّن الجامع.(10/30)
62 - عليّ بن أَحْمَد بن الرّبيع، الْإِمام أبو الحسن السنكباثي. [المتوفى: 452 هـ]
من أهل ما وراء النَّهر، تُوُفّي في يوم عرفة. [ص:31]
روى عن أبي سَعْد الْإِدريسيّ. روى عنه عُبيد اللَّه بن عُمَر الكشّانيّ، وعلي بن عثمان الخراط، وعلي بن عالم الفاغي الصكاك، توفي الصكاك سنة إحدى عشرة.(10/30)
63 - علي بن أحمد بن محمد بن حامد البزاز. [المتوفى: 452 هـ]
سمع أبا حفص بن شاهين.
وعنه جعفر السراج، وغيره.
توفي في ربيع الآخر.(10/31)
64 - علي بن حُميد بن علي بن محمد بن حُميد بن خالد، أبو الحسن الذُّهلي، [المتوفى: 452 هـ]
إمام جامع همذان ورُكن السنة بها، والمشار إليه في الورع والديانة.
روى عن أبي بكر بن لال، وابن تركان، وعبد الرَّحمن بن أبي اللَّيْث، وابن جانجان، وأبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفَراييني الحافظ، ويوسف بن أحمد بن كج، وأبي عمر بن مهدي، وأبي العباس أحمد بن محمد البصير، وحَمْد بن عبد الله الأصبهاني، وخلق كثير.
قال شيرويه: ما أدركته. وحدَّثني عَنْه يوسف الخطيب وعامّة كهولنا. وكان صدوقًا ثِقةً، أمينًا ورِعًا، جليل القدْر، محتشِمًا، عني بهذا الشّأن، رأيت أختي بعد موتها فقلت لها: ما فعل أبو الحسن بن حُميد؟ قالت: طار مع الحواريّيّن في الهواء.
وُلِدَ سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وتُوُفّي في ثاني عشر جُمَادَى الأولى، وقبره يزار ويُتبرك به. وقد رثاه بعضهم.(10/31)
65 - محمد بن أَحْمَد بن عليّ، أبو عبد اللَّه بن أبي سَعْد القزوينيّ المقرئ. [المتوفى: 452 هـ]
نزيل مصر مِنْ صِباه.
قرأ بدمشق عَلَى أبي الحسن بن داود الداراني لابن عامر، وعلى الحسن بن سليمان الأنطاكيّ النّافعيّ للسُّوسّي، وعلى أبي الفَرَج محمد بن أَحْمَد بن أبي الجود للدُّوريّ، وعلى طاهر بن غَلبون " بالتّذكرة ". روى بمصر كتاب " التّذكرة " عن مُصنِّفها أبي الحسن طاهر بن أبي الطَّيِّب عبد المنعم بن غلبون.
وحدَّث عن عبد الوهّاب الكِلابي، وأبي الحسن عليّ بن محمد الحلبي، [ص:32] وميمون بن حمزة الحُسينيّ، ومحمد بن أَحْمَد بن جابر التّنيسيّ، وغيرهم.
وكان من المذكورين بالقراءات. روى عنه عبد العزيز الكتاني، وأبو الحسين يحيى بن عليّ الخشَّاب، وقرأ عليه القرآن هو، وأبو عليّ الحسن بن خَلَف بن بَلِّيمة، ومحمد بن أحمد بن حمشويه القَلْعيّ، وأبو عبد اللَّه الرّازيّ في مشيخته.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.(10/31)
66 - محمد بن أَحْمَد بن عبد اللَّه، أبو الحسين البَصْريّ الزّاهد المعروف بالزُّوَيْج. [المتوفى: 452 هـ]
سمع أبا عمر الهاشميّ، وعليّ بن القاسم الشَّاهِد، وأبا عمر بن مهديّ، وابن المُتيّم، وابن الصّلْت الأهوازيّ.
وخرَّج لهُ أبو بكر الخطيب جزءًا سمعه أبو الفضل بن خَيْرون، وجعفر السَّرّاج، وابن الطُّيوريّ.
وقد روى عنه أبو بكر الخطيب في مُصنَّفاته.
وتُوُفِّي بآمد في ثاني رجب.(10/32)
67 - محمد بن عبد اللَّه بن عُبَيْد اللَّه، أبو الحسين البغداديّ المؤدّب. [المتوفى: 452 هـ]
كان مقرئًا ثقة، ضريرًا.
مات في المحرَّم عن تسعين سنة.
سمع الدارَقُطني، وعمر بن شاهين، والمخلّص.
كتبت عنه، قاله الخطيب.
وقد قرأ على أبي حفص الكتَّانيّ.(10/32)
68 - محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بن الحسن، أبو بكر الكرابيسيّ السِّمْسار الزَّاهد. ويُعْرف بالحافظ السّيوفيّ. [المتوفى: 452 هـ]
تُوُفّي بِنَيْسَابوُر في ربيع الآخر.
سمع محمد بن الفضل بن محمد بن خُزيمة.
روى عنه زاهر بن طاهر الشَّحّاميّ.(10/32)
69 - محمد بن عبد الوهاب بن محمد، أبو طاهر ابن الشاطر العلوي الكاتب، [المتوفى: 452 هـ]
نقيب الطالبيين ببغداد.
سمع أبا حفص بن شاهين، وأبا الحسن الحربيّ، وابن المنتاب. [ص:33]
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا، توفي في ربيع الأوّل.(10/32)
70 - محمد بن عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن مَحمد بن عُمْرُوس، أبو الفضل البغداديّ الفقيه المالكيّ. [المتوفى: 452 هـ]
قال الخطيب: انتهت إليه الفتوى ببغداد، وسمع أبا حفص بن شاهين، وأبا القاسم بن حَبابة، والمخلّص، وغيرهم.
روى عنه الخطيب، وغيره، وكان من القُرَّاء المجودين.
ذكره ابن عساكر في الأشاعرة.
تُوُفِّي في أول العام وله ثمانون سنة.
قال أبو إسحاق الشّيرازيّ: كان فقيهًا أُصوليّا صالِحًا.
وقال النَّرْسيّ: كان صالِحًا، ممن انتهى إليه مذهب مالِك ببغداد.(10/33)
71 - محمد بن محمد بن عليّ، القاضي أبو سعد الحنفي الفقيه. [المتوفى: 452 هـ]
أحد علماء نَيْسابور، تُوُفّي في هذا العام تقريبًا.
روى عن أبي الحسن العَلَويّ، روى عنه زاهر الشَّحّاميّ.(10/33)
72 - محمود بن عبد اللَّه بن علي بن محمد بن ماشاذة، أبو منصور الْأصبهانيّ الأديب. [المتوفى: 452 هـ]
سمع ببغداد أبا القاسم بن حبابة.
روى عنه سعيد بن أبي الرجاء، وغيره.(10/33)
73 - أبو محمد ابن النَّسَويّ، صاحب الشّرطة ببغداد، اسمه الحسن بن أبي الفضل. [المتوفى: 452 هـ]
كان صارمًا فاتِكًا مَهيباً ظلومًا، قيلَ: إنَّهُ كان يقتل النّاس ويأخذ أموالهم [ص:34] أيّام هَيْج الشُّطّار ببغداد، وشُهد عليه بذلك عند القاضي أبي الطَّيّب، فحكم بقتله، فَصَانَعَ بمبلغ، فَسَلِمَ.
وكان من دُهاة زمانه. وقد اتَّفق مرَّةً السُّنّة والرَّافضة ببغداد على قتله، واصطلحوا على ذلك. وسلِم وطال عُمْره.(10/33)
-سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.(10/35)
74 - أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس، أبو العبَّاس المصريّ المقرئ. [المتوفى: 453 هـ]
أصْلُهُ مِنْ طرابُلُسَ الغرب. انتقلت إليه رئاسة الْإِقراء بديار مصر. وكان عالي الْإِسناد، وقد قرأ على أبي أَحْمَد السَّامِّريّ، وأبي الطّيِّب بن غَلْبون، وأبي عدي عبد العزيز بن علي الإمام، وجماعة، وفاق قُرَّاء الأمصار بعلُو الْإِسناد.
وقد سمع من علي بن الحسين الأنطاكيّ، وأبي القاسم الجوهري مُصَنِّف " مُسْنَد المُوَطأ " وغيرهما.
قرأ عليه أبو القاسم الهُذلي، وأبو القاسم عبد الرحمن ابن الفحّام، وأبو علي الحسن بن بَلِّيَمة، وأبو الحسين الخشَّاب، وآخرون كثيرون من المشارقة والمغاربة.
وحدَّث عنه جعفر بن إسماعيل بن خَلَف الصِّقلّيّ، وعبد الغنيّ بن طاهر الزعفراني، ومحمد بن أحمد الرازي، وآخرون.
توفي في رجب وقد جاوز التسعين. وذكر ابن الزبير أن أبا عَمْرو الدّانيّ قرأ عليه.(10/35)
75 - أَحْمَد بن مروان بن دُوستك، الَأمير نصر الدَّولة الكُرْديّ، [المتوفى: 453 هـ]
صاحب ميّافارقين وديار بكر.
ملك البلاد بعد أن قتل أخاه أبا سعيد منصورًا في قلعة الهَتَّاخ. وكان عالي الهِّمّة، كثير الحزم، مُقبِلًا على اللذّات، عادِلًا في رعيّتِه.
وقيل: لم تَفُتْه صلاة الصُّبح مع انهماكه على اللهو. وكان له ثلاثمائة وستون جارية يخلو كلّ ليلة بواحدة، وخلَّف عِدّة أولاد.
وقد قصده الشعراء ومدحوه.
وقد وَزَرَ له أبو القاسم الحسين بن عليّ ابن المغربي صاحب الرسائل، والديوان، والتصانيف، وكان وزير خليفة مصر، فانفصل عنه، وقدم على نصر الدولة، فوزر له مرتين. ووزر له فخر الدولة أبو نصر بن جَهير، ثم انتقل بعده إلى وزارة بغداد. [ص:36]
ولم يزل على سعادته ووفور حشمته. ولقد أرسل إلى السلطان طُغرلبك تحفا عظيمة، من جملتها الجبل الياقوت الذي كان لبني بُوَيه، وكان اشتراه من الملك أبي منصور ابن جلال الدولة، وأرسل معه مائة ألف دينار سوى ذلك. وكانت رعيته معه في بُلهنية من العيش، حتى أن الطّيور كانت تخرج من القرى فتُصاد، فأمر أن يطرح لها القمح من الأهراء، فكانت في ضيافته طول عمره، إلى أن تُوُفّي في شوَّال، ودُفن بظاهر ميّافارِقين، وعاش سبعًا وسبعين سنة، وكانت سلطنته إحدى وخمسين سنة. وملك بعده ولده نظام الدَّولة أبو القاسم نصر بن أَحْمَد.(10/35)
76 - إبراهيم بن عليّ بن تميم، أبو إسحاق القيروانيّ، الشاعر المعروف بالحُصري. [المتوفى: 453 هـ]
كان شباب القيروان يجتمعون عنده، وسار شِعره وله " ديوان " مشهور، وله كتاب " زهر الآداب "، وله كتاب " المصون في سرّ الهوى المكنون ".
ومن شعره:
أورد قلبي الرَّدا ... لامُ عِذَارٍ بدا
أسودٌ كالكُفْرِ في ... أبيضَ مثل الهُدا
وقال ابن بسام في " الذخيرة ": بلغني إنّه تُوُفّي سنة ثلاثٍ وخمسين. وقال غيره: تُوُفّي سنة خمسين. وهو ابن خالة أبي الحسن علي الحصري الشاعر.(10/36)
77 - الحسين بن عيسى، أبو عليّ الكلْبيّ، [المتوفى: 453 هـ]
قاضي مالقة.
حج وسمع من أَبِي ذَرّ الهَرَوي، وأبي الحسن علي بن إبراهيم الحوفيّ النَّحْويّ.
وكان عالِم مالقة المُشار إليه، ورئيسها. روى عنه أبو المطرِّف الشِّعْبيّ، وأبو عبد اللَّه بن خليفة.(10/36)
78 - الحسين بن مُبَشِّر، أبو عليّ المُزكّيّ الكتّانيّ الدّمشقيّ، المقرئ. [المتوفى: 453 هـ]
حدّثَ عن أستاذه في القراءات محمد بن يونس الْإِسكاف، وعبد الرَّحمن بن أبي نصر، وعليّ بن بُشْرَى العطَّار. روى عنه نجا بن أَحْمَد، وعليّ بن طاهر النَّحْويّ.
قال الكتَّانيّ: تُوُفّي في ذي القعدة، وأقام خمسين سنة يقرئ في الجامع. وكان ديّناً، ثقة على مذهب أحمد.(10/37)
79 - حمْد بْن محمد بْن أَبِي عبد اللَّه، الفقيه أبو الفَرَج. [المتوفى: 453 هـ]
عن أبي جعفر الأَبْهَريّ، وابن مَنْدَهْ. مات في شعبان، وكان متكلماً.(10/37)
80 - صالح بن الحسين، أبو منصور البروجِردي، يُعْرَف بابن دودين الفقيه. [المتوفى: 453 هـ]
قدم في هذه السنة همذان، وحدث عَن شعيب بن عليّ، وأبي القاسم الصَّرْصَريّ، وأبي محمد بن زكريّا البيِّع، وابن رزقوَيْه.
وكان ثقةً زاهدًا، روى عنه عبدوس الهَمَذَانيّ، وغيره.(10/37)
81 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بن حَسْكويه، أبو بكر النَّيْسَابُوريّ. [المتوفى: 453 هـ]
سمع أَحْمَد بن محمد الخفّاف القَنْطريّ، ومحمد بن أَحْمَد بن عبدوس. كتب عنه الخطيب، وغيره.(10/37)
82 - عبد الواحد بن أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن يحيى بن مَنده، أبو أَحْمَد الْأصبهانيّ المُعَلِّم. [المتوفى: 453 هـ]
حدَّث عن عُبَيْد اللَّه بن جميل " بِمُسْنَد أَحْمَد بن منيع ". حدّث به عنه سعيد بن أبي الرّجاء في سنة خمسين؛ سمعه منه. وقد حدَّث عن أبي بكر محمد بن أَحْمَد بن جِشنِس، وأبي عبد اللَّه بن مَنده، وأبي بكر محمد بن أحمد [ص:38] ابن الفضل بن شَهْريار، وعبد اللَّه بن عمر بن الهيثم، وغيرهم. وعنه أبو عَليّ الحدّاد، وسعيد بن أبي الرّجاء.
قال أبو القاسم بن مَنده: تُوُفّي عبد الواحد بن أَحْمَد البقّال المعروف بكُله في صفر.(10/37)
83 - عثمان بن محمد بن أَحْمَد بن سعيد بن صالِح، أبو عمرو الْأصبهانيّ الخلال. [المتوفى: 453 هـ]
حدَّث " بمُسْنَد أَحْمَد بن مَنِيع "، عن عُبَيْد اللَّه بن جميل، عن جده، عنه.
وروى عن أبي عبد الله بن أبي نُوَاس، وعبد اللَّه بن عمر المذكِّر. روى عنه يحيى بن مَنده، وسعيد بن أبي الرجاء، وغيرهما.(10/38)
84 - علي بن إسحاق، [المتوفى: 453 هـ]
والد الوزير نظام الملك.
مات ببلْخ في رجب من السنة.(10/38)
85 - علي بن الحسين بن جابر، أبو الحسن التنيسي الفقيه. [المتوفى: 453 هـ]
توفي في شوال.
وهو راوي " نسخة فُلَيح " عن محمد بن عليّ النّقّاش.(10/38)
86 - عليّ بن رضوان بن عليّ بن جعفر، أبو الحسن المصْريّ، [المتوفى: 453 هـ]
صاحب المصنّفات.
من كبار الفلاسفة الْإِسلاميين. وله دار بمدينة مصر في قصر الشَّمع تُعرف بدار ابن رضوان. وقد تهدَّمَت.
قال عن نفسه: كانت دلالة النُّجُوم في مَوْلِدي تدُلُ على أن صنعتي الطّبّ. فلمَّا بلغت عشر سنين سكنتُ القاهرة، وأجهدتُ نفسي في التَّعليم، فلمَّا بلغت أخذت في الطِّبّ والفلسفة. وكنتُ فقيرًا، فكنتُ أتكسَّبُ بالتَّنْجيم، ومرّة بالطِّبّ، ومرّة بالتعليم. ولم أزل في غاية الاجتهاد في التّعليم إلى السنة الثانية والثلاثين فاشتهرت بالطِّبّ، وحصلت منه إلى أن كسبت منه أملاكًا وأنا في السِّتّين.
وكان أبوه خبَّازًا. ولم يزل يشتغل إلى أن تميّز، وصارت له السُّمعة العظيمة، وخدم الحاكم صاحب مصر، فجعله رئيس الأطباء، وطال عمره [ص:39] وأدرك الغلاء الكائن قبل الخمسين وأربعمائة، فكان عنده تربية، فقيل: إنّها أخذت له نفائس وذهبًا كثيرًا، وهُرّبت، فتغيَّر حاله واضطّرب.
وكان كثير الرَّد على أرباب فنِّه، وعنده سفهٌ في بحثه وتشنيع.
ولم يكن له شيخ، بل أخذ من الكُتُب، وألَّف كتابًا أنَّ تحصيل الصِّناعة من الكُتُب أوفق من المعلّمين، وغلط في ذلك.
وكانت وفاة عليّ بن رضوان في هذه السَّنة، سنة ثلاثٍ وخمسين.
وكان يرجع إلى دينٍ وتوحيد، فإنَّهُ قال: أفضل الطاعات النظر في الملكوت، وتمجيد المالك لها، ومن رُزق ذَلِكَ فقد رُزق خير الدُّنيا والَآخرة، وطُوبَى لَهُ وحُسن مآب.
وقد شرح عدة كتب لجالينوس، وله مقالة في دفع المضار بمصر عن الأبدان، كتاب في أن حال عبد اللَّه بن الطَّيّب حال السوفسطائية، كتاب " الانتصار لأرسطوطاليس "، " تفسير ناموس الطب " لأبقراط، كتاب " المعاجين والأشربة "، " مقالة في إحصاء عدد الحُميات "، " رسالة في الأورام "، " رسالة في علاج داء الفيل "، و" رسالة في الفالج "، " كتاب مسائل جرت بينه وبن ابن الهيثم " المذكور في حدود الثلاثين في المجرّة والمكان، كتاب في " الأدوية المفردة "، " رسالة في بقاء النفس بعد الموت "، " مقالة في فضل الفلسفة "، " مقالة في نُبوة محمد رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ التوراة والفلسفة "، " مقالة في حدث العالم "، " مقالة في توحيد الفلاسفة "، كتاب في " الرَّد على ابن زكريَّا الرّازيّ في العلم الإلهي وإثبات الرسل "، " مقالة في التّنبيه على حِيل المُنَجّمين " ويصف شرفها، " مقالة في كل السياسة ".
وقد تركت أكثر ممّا ذكرت من تصانيفه التي ساقها ابن أبي أُصيبعة.(10/38)
87 - عليّ بن محمد بن يحيى بن محمد، أبو القاسم السُّلَميّ الحُبَيْشيّ، المعروف بالسُّمْيَساطيّ، [المتوفى: 453 هـ]
واقف الخانقاه، وقبره بها. [ص:40]
روى عن أبيه، وعبد الوهَّاب الكِلابيّ. ولجده سماع من عثمان بن محمد الذهبي.
وكان أبو القاسم متقدما في علم الهندسة، وعلم الهيئة. روى عنه أبو بكر الخطيب، وإبراهيم بن يونس المقدسي، وأبو القاسم النسيب، وأحمد بن المسلم الهاشمي، وأبو الحسن بن سعيد، وأبو الحسن بن قبيس المالكي، وجماعة.
وولد بعد السبعين وثلاثمائة.
قال الكتاني: توفي في ربيع الآخر. ودُفن بداره ووقفها على الصوفية، ووقف علوها على الجامع، ووقف أكثر نعمته.
وحدث عن عبد الوهاب " بجزء ابن خُريم " و" بالموطأ "، وعن والده " بجزء ابن زبّان ". وكان يذكر أنَّهُ وُلِد في رمضان سنة أربعٍ وسبعين.(10/39)
88 - عمر بن أَحْمَد بن الواثق، أبو محمد الهاشميّ. [المتوفى: 453 هـ]
سمع محمد بن يوسف بن دوست العلاف، وأبا طاهر المخلّص.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا.
وقال غيره: يُعرف بابن الغريق.
تُوُفّي في شوَّال.(10/40)
89 - عمر بن محمد بن علي، أبو طاهر بن زادة الأصبهاني الخرقي الدلال. [المتوفى: 453 هـ]
سمع أبا بكر ابن المقرئ، وأبا عبد اللَّه بن مَنده، وأبا عَمْر السُّلميّ. وعنه سعيد بن أبي الرَّجاء، والحسين بن عبد الملِك الخلّال.
وكان أُميّا لا يكتب.(10/40)
90 - قريش بن بدران بن مقلّد بن المسيّب العُقَيْليّ، الَأمير أبو المعالي [المتوفى: 453 هـ]
صاحب الموصِل. [ص:41]
ولِيها عشر سنين. وقد ذكرنا أنّهُ ذبح عمَّهُ قرواشًا في مجلسه. ثُمّ إن قريشًا قام مع البساسيريّ سنة خمسين، ونهب دار الخلافة. وكان موته بالطّاعون وله إحدى وخمسون سنة. وقام بعده ولده شرف الدَّولة أبو المكارم مسلم بن قُرَيْش، فاستولى على ديار ربيعة ومُضَر، وملك حلب، وأخذ الحمل من بلاد الرّوم.
وكان حاصر دمشق وكاد أن يأخذها.(10/40)
91 - محمد بن إبراهيم بن وهب القيسيّ الطُلَيطُليّ. [المتوفى: 453 هـ]
حجّ، ولقي أبا الحسن بن جَهْضَم، وأبا ذر الهرويّ فأخذ عنهما، وأقبل على التِّجارة وعمارة ماله.(10/41)
92 - محمد بن إسماعيل بن فورتش، أبو عبد اللَّه [المتوفى: 453 هـ]
قاضي سرقُسطة.
حجّ، وكتب عن عتيق بن إبراهيم القَرَوِيّ، وأبي عمران الفاسيّ، وجماعة. روى عنه ابنه أبو محمد، وأبو الوليد الباجيّ.
وكان ثقةً ضابطًا، راويةً للعِلم. وممّن روى عنه أبو محمد بن حَزْم.(10/41)
93 - محمد بن الحسن بن عليّ، الَأستاذ أبو بكر الطّبريّ المقرئ. [المتوفى: 453 هـ]
من كبار القُرّاء بخُراسان. سمع الكثير، وحدَّث عن أبي طاهر بن خُزَيْمَة، وأبي محمد المخلديّ، والجوزقيّ، وجماعة. روى عنه زاهر الشّحّاميّ، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ.
وكان من كبار أصحاب أبي الحسين الخبَّازيّ، وكان يُصلِّي في مساجد ثلاثة كل يومٍ في مسجد، والنَّاس ينتقلون معه من مسجد إلى مسجد ليسمعوا تلاوته لِطِيب نغمته وحُسْن قراءته. وقد أملى مُدَّة.(10/41)
94 - محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر، أبو سَعْد بن أبي بكر النَّيْسَابُوريّ الكَنْجَرُوذيّ الفقيه الأديب النَّحويّ الطبيب الفارس. [المتوفى: 453 هـ][ص:42]
شيخ مشهور؛ قال عبد الغافر: له قَدَم في الطب والفروسية وأدب السلاح. وكان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم، أدرك الأسانيد العالية في الحديث والَأدب، وأدرك ببغداد أئِمّة النّحو. وحدَّث عن أبي عَمْرو بن حَمْدان، وأبي الحسين أَحْمَد بن محمد البَحْيريّ، وأبي سعيد بن محمد بن بِشر البَصْريّ، وشافع بن محمد الإسفراييني، وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي، وأبي بَكْر أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مِهْران، وأحمد بن محمد البالويّ، وأحمد بن الحسين المروانيّ، وأبي أَحْمَد الحاكم، والحسين بن عليّ التميمي حسينك، وأبي الحسين بن دهثم الطّرَسُوسيّ، وأبي سعيد عبد اللَّه بن محمد الرّازيّ، وطبقتهم. وسمع منه الخلق سنين، وختم بموته أكثر هذه الرّوايات، وله شِعرٌ حَسَن.
قلت: روى عنه إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ، وأبو عبد اللَّه الفرّاويّ، وهبة اللَّه السّيِّديّ، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني، وزاهر بن طاهر، وعبد المنعم ابن القشيري.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: وقد أجاز لي جميع مسموعاته وخطَّهُ عندي، وهو مما أعتدُ به وأُعِدُّهُ من الاتفاقات الحسنة.
قلت: تُوُفّي بِنَيْسَابُور في صفر، وقد سمعت جملةً من عواليه بالْإِجازة.(10/41)
95 - محمد بْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى بْن الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بْن عاصم. الَأستاذ أبو عبد اللَّه الجوريّ. [المتوفى: 453 هـ]
قال عبد الغافر: شيخ مستور ثقة، عالم من أولاد العلماء، بيتهم بيت العلم والصّلاح. سمَّعه أبوه الأستاذ أبو عَمْرو من يحيى بن إسماعيل الحربي، وتوفي فجاءة في سابع عشر ذي القعدة.
وقال عليّ بن محمد في " تاريخ جُرجان ": سمع الحسن بن أَحْمَد المَخْلَديّ، وأبا الحسين أَحْمَد بن محمد الخفّاف، وأبا بكر الجوزقيّ؛ وذكر جماعة.
قال: وخرَّج لنفسه الفوائد.(10/42)
96 - المعزّ بن باديس. [المتوفى: 453 هـ]
قيل: تُوُفّي في هذا العام، وقيل: تُوُفّي سنة أربعٍ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.(10/43)
-سنة أربع وخمسين وأربعمائة(10/44)
97 - أَحْمَد بن إبراهيم بن موسى بن أَحْمَد بن منصور، أبو سعد المقرئ النَّيْسَابُوريّ الشّاماتيّ، عُرِفَ بابن أبي شمس. [المتوفى: 454 هـ]
له " أربعون حديثًا "، سمعناها.
روى عن أبي بكر الجوزقيّ، وعن أبي محمد المخلديّ، وأبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزيمة، وأبي نُعَيْم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني، وأبي القاسم بن حبيب المُفسِّر. ورحل من نَيْسَابُور، فسمع بهراة من القاضي أبي منصور الأزديّ.
روى عنه أبو المظفّر عبد المنعم ابن القُشَيْريّ، وزاهر بن طاهر الشَّحّاميّ، وغير واحد، وأحمد بن محمد بن صاعد القاضي.
قال عبد الغافر: شيخ فاضل مشهور، ثقة، عالم بالقراءات، مُتصرّف في الأمور. اختاره المشايخ لنيابة الرياسة بنيسابور مدة لحسن كفاءته، وفضله بالتّوسط بين الخصوم. عقد مجلس الْإِملاء، وأملى سنين، ومات في شعبان، وله نحوٌ من ثمانين سنة.
وقد سمع كتاب " الغاية " من أبي بكر بن مهران.(10/44)
98 - إبراهيم بن العبّاس بن الحَسَن بن العباس بن الحسن بن أبي الجنّ الحُسَيْنيّ، أبو الحسين. [المتوفى: 454 هـ]
قاضي دمشق وخطيبها نيابةً عن قاضي القضاة بمصر أبي محمد القاسم بن النُّعمان قاضي المُستنصِر العُبَيْدي.
روى بالْإِجازة عن أبي عبد اللَّه بن أبي كامل الأطرابُلُسيّ. روى عنه ابنه أبو القاسم النّسيب.
توفِّي في شعبان عن ستين سنة.(10/44)
99 - بكر بن عيسى بن سعيد، أبو جعفر الكِنْديّ القُرْطُبيّ الزّاهِد. [المتوفى: 454 هـ]
روى عن مكّيّ بن أبي طالب، ومحمد بن عتاب.
قال أبو عليّ الغسَّانيّ: هو شيخي ومُعلِّمي، وأحد من أنعم اللَّه عليّ بصُحْبته. اختلفت إليه نحو خمسة أعوام في تعلُّم الفقه والَأدب، لم تر عيني قط [ص:45] مثله نُسكاً وزهدًا وصيانة، وانقباضًا عن جميع أهل الدنيا.
توفي في رجب.(10/44)
100 - ثَمال بن صالح بن الزَّوْقَلِيّة، الَأمير مُعِزّ الدّولة أبو علوان الكِلابيّ [المتوفى: 454 هـ]
رئيس بني كِلاب.
تملَّك حلب وغيرها. وكان بطلًا شجاعًا حليمًا كريمًا، أغنى أهل حلب بماله وعَمَّهُم بأفضاله، وأحسن إلى العرب. عزله صاحب مصر المُسْتَنْصِر ثمّ ردّه. وكان الفُضلاء يقصدونه ويأخذون جوائِزَهُ.
تُوُفّي في ذي القعدة، وقبل ذلك بيسير كانت الوقعة المذكورة بينه وبين النصارى الروم، ونُصر عليهم، وقتل منهم خلقاً.(10/45)
101 - الحَسَن بن عليّ بن محمد بن الحَسَن، أبو محمد الجوهريّ الشّيرازيّ، ثم البغداديّ المُقنَّعيّ، [المتوفى: 454 هـ]
مسند العراق، بل مُسنِد الدُّنيا في عصره.
سمع أبا بكر القَطيعي، وأبا عبد اللَّه العسكريّ، وعليّ بن لؤلؤ، ومحمد بن أَحْمَد بن كَيْسان، وأبي الحسين محمد بن المُظَفَّر، وعبد العزيز بن جعفر الخِرقيّ، وأبي عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبي بكر بن شاذان، والدارقُطني، وخلقًا سواهم. وأملى مجالس كثيرة، وحدَّث عن القَطيعيّ بمُسْنَد العَشَرة، وبِمُسْنَد أهل البيت من " مسند الإمام أَحْمَد ".
قال الخطيب: سمعته يقول: ولدتُ في شعبان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. وكان ثقةً أمينًا، كتبنا عنه.
قلت: وروى عنه أبو نصر بن ماكولا الحافظ، وأبو الغنائم محمد بن عليّ النَّرْسيّ، ومحمد بن عليّ بن عيَّاش الدَّبّاس، وأبو عليّ البردانيّ، وقراتكين بن الأسعد، وأبو المواهب أَحْمَد بن محمد بن مُلوك، وشجاع الذُّهلي، وهبة اللَّه بن الحُصين، وأبو غالب أحمد ابن البناء، وأبو بكر قاضي المارستان، وهو آخر من سَمِعَ منه.
وأخر من رَوَى عنه بالْإِجازة أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون.
تُوُفّي في سابع ذي القعدة. [ص:46]
وقيل لَهُ المقنعيّ لَأنَّه كان يَتَطَيْلَس ويلتف بها من تحت حنكه.(10/45)
102 - الحسن بن إبراهيم بن الفُرَات، أبو البركات. [المتوفى: 454 هـ]
توفي في صفر بمصر.(10/46)
103 - خَلَف بن أَحْمَد بن بطَّال، أبو القاسم البكريّ البَلَنْسيّ. [المتوفى: 454 هـ]
روى عن أبي عبد اللَّه ابن الفخّار، وأبي عبد الرحمن بن الجحّاف القاضي، ومحمد بن يحيى الزَّاهد، وغيرهم. حدَّث عنه أبو داود سليمان بن نجاح المقرئ، وأبو بحر سُفْيان بن العاص.
قال ابن خَزْرَج: لقيته بإشبيليّة سنة أربعٍ وخمسين، وكان فقيهًا أصوليًّا من أهل النَّظر والاحتجاج بمذهب مالك.
قلت: توفي كهلاً بعد هذا.(10/46)
104 - زُهير بن الحَسَن بن عليّ، أبو نصر السّرخسيِّ الفقيه. [المتوفى: 454 هـ]
قرأ الفقه ببغداد على أبي حامد الإسفراييني، وبرع في الفقه، وكان إليه المرجوع في المذهب. وقد روى الكثير؛ سمع من زاهر بن أَحْمَد السَّرخسيّ، وأبي طاهر المخلِّص، وغيرهما.
وسمع " سنن أبي داود " من أبي عمر الهاشميّ. وطال عمره، وصار مُقَدّم أصحاب الحديث بسرخس.
قال أبو سعد ابن السَّمعانيّ: لقيتُ من أصحابه أبا نصر محمد بن أبي عبد اللَّه بِسَرخس.
وقد قال بعض الفقهاء: ما رأينا أحسن من " تعليقة " أبي نصر عن أبي حامد، لازمه ستّ سنين.
وقيل: إنَّهُ تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين في شوَّال. وسَنَةُ أَرْبَعٍ أَشْهَرُ.
عاش بضعًا وثمانين سنة.(10/46)
105 - سَعْد بن أبي سَعْد محمد بن منصور، أبو المحاسن الْجُولَكيّ. [المتوفى: 454 هـ][ص:47]
توفّي في رجب بإستِراباذ. وهو ابن بنت الْإِمام أبي سعد الْإِسماعيليّ.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. وتفقه، ورأس في أيام والده بعد الأربعمائة. وهو أمرد، ودرس الفقه.
وكان رئيساً محتشماً عالماً محققاً، تخرّج به جماعة. وقد روى عن جده أبي سعد، وأخي جده أبي نصر، ووالده، وأبي بكر العدسيّ، وأبي محمد الكارزيّ.
قُتل مظلومًا شهيداً بإستراباذ.(10/46)
106 - سِيْد بن أَحْمَد بن محمد، أبو سعيد الغافقيّ، [المتوفى: 454 هـ]
نزيل شاطبة.
شيخ مسند، سمع من أبي محمد الأصيلي، وأبي عمر ابن المُكوي. وكان من أهل الضَّبط والَأدب.
أخذ عنه أبو القاسم بن مُدير كتاب البخاري.(10/47)
107 - طاهر بن أحمد بن بابشاذ، أبو الحسن الجوهري المصري النحوي، [المتوفى: 454 هـ]
مصنّف " المقدمة " و" شرح الْجُمَل ".
كان صاحب ديوان الْإِنشاء بمصر، وله حلقة إشغال بجامع مصر. ثُمَّ تزَّهد وانقطع؛ ورَّخه القفْطيّ.
وقال غيره: تُوُفّي سنة تسعٍ وستِّين، وأراه أشبه فسأُكَرّره.(10/47)
108 - طُغْرُلْبَك السُّلطان. [المتوفى: 454 هـ]
مات بالرّيّ، وعُمل عزاؤه في دار الخلافة ببغداد في رمضان.
وهذا غَلَطٌ، إنَّما تُوُفّي سنة خمس كما سيأتي.(10/47)
109 - عبد الله بن محمد بن أحمد بن حَسكويه، أبو بكر النَّيْسَابُوري. [المتوفى: 454 هـ]
سمع أبا الحسين الخَفَّاف.(10/47)
110 - عبد اللَّه بن المُظفّر بن محمد بن ماجه، أبو الفتح الْأصبهانيّ النّاقد. [المتوفى: 454 هـ]
عن ابن مَنده، مات في المُحرَّم.(10/48)
111 - عبد الرحمن بن أَحْمَد بن الحسن بن بُندار، أبو الفضل العِجلي الرّازيّ المقرئ، الزَّاهِد الْإِمام. [المتوفى: 454 هـ]
أصله من الرّيّ، وَوُلِدَ بمكّة. وكان يتنقَّل من بلدٍ إلى بلد. كان مُقرِئًا جليل القدْر.
قال أبو سَعْد في " الذَّيْل ": كان مُقرِئًا فاضلًا، كثير التصانيف، حسن السيرة زاهداً متعبِّدًا، خَشِنَ العيْش، منفردًا عن النَّاس، قانعًا أكثر أوقاته يُقرئ ويُسمع، وكان يسافر وحده ويدخل البراري.
سمع بمكَّة أَحْمَد بن فِراس، وعليِّ بن جعفر السَّيْرَوانيّ شيخ الحرم، وأبا العبّاس الرَّازيّ، وبالرّيّ: أبا القاسم جعفر بن فَنّاكي، وبنَيْسابور أبا عبد الرّحمن السُّلمي، وبطوس أَحْمَد بن محمد العمّاريّ، وبنَسا محمد بن زهير بن أخطل النَّسويّ، وبجُرجان أبا نصر محمد بن الْإِسماعيليّ، وبأصبهان أبا عبد اللَّه بن مَنده، وبأَبْرَقُوه الحسين بن أَحْمَد القاضي، وببغداد أبا الحسن الحمّاميّ، وبِسارية، وتُستَر، والبصرة، والكوفة، وحرَّان، والرُّها، وأَرَّجَان، وكازَرُون، وفَسا، وحمص، ودمشق، والرّملة، ومصر، والْإِسكندريّة.
وكان من أفراد الدَّهر عِلمًا وورعًا؛ سمع منه جماعة من الأئِمّة كأبي العبّاس المستغفريّ، وأبي بكر الخطيب، وأبي صالح المؤذّن.
وحدثنا عنه محمد بن عبد الواحد الدّقّاق، والحسين بن عبد الملك الخلّال، وفاطمة بنت محمد البغداديّ.
قلت: وروى عنه أيضًا أبو عليّ الحدّاد، وأبو سهل بن سَعْدَوَيْه.
وقرأ عليه بالرّوايات الحدَّاد، وقرأ عليه لنافع نصر بن محمد الشّيرازيّ شيّخٌ تلا عليه السِّلَفيّ.
قال ابن عساكر: قرأ عَلَى أبي الحسن عليّ بن داود الدَّارانيّ بحرف ابن [ص:49] عامر، وعلى أبي عبد اللَّه المجاهديّ. وسمع بمصر من أبي مسلم الكاتب.
وقال عبد الغافر الفارسي: كان ثِقةً جوَّالًا إمامًا في القراءات، أوحد في طريقته. وكان الشّيوخ يُعظِّمونه، وكان لَا يسكن الخوانق، بل يأوي إلى مسجدٍ خَراب، فإذا عُرف مكانه تركه. وكان لا يأخذ من أحد شيئاً، فإذا فتح عليه بشيء آثر به غيره.
وقال يحيى بن مَنده: قرأ عليه القُرآن جماعة، وخرج من عندنا إلى كرْمان فحدث بها، ومات بها في بلد أوشير في جُمَادَى الأُولى سنة أربعٍ وخمسين. قال: وبلغني أنَّهُ وُلِدَ سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. ثِقَةٌ، ورِعٌ، مُتَدَيِّن، عارف بالقراءات والرّوايات، عالم بالَأدب والنّحو. وهو أكبر من أن يدُل عليه مِثلي، وهو أشهر من الشَّمس، وأضوأ من القمر، ذو فنونٍ من العلم. وكان مهيبًا، منظورًا، فصيحًا، حسن الطَّريقة، كبير الوَزْن.
قلت: وسمع بدمشق من عبد الوهَّاب الكِلابيّ؛ وبسامرّاء من ابن يوسف الرفاء راوي " الموطَّأ "، عن الهاشميّ، عن أبي مُصْعَب.
قال السِّلفيّ: سمعت أبا البركات عبد السَّلام بن عبد الخالق بن سَلَمَة الشِّيرازيّ بمَرَند يقول: اقتدى أبو الفضل الرّازيّ في الطّريقة بالسيرواني شيخ الحرم، وحدث عنه وصاحبه، وصحب السيرواني أبا محمد المرتعِش، وصحب المُرْتَعِشُ الجُنيد، وهو صحب السري السَّقطيّ، وهو معروفًا، وهو داود الطائيّ، وهو حبيبًا العجميّ.
وقال ابن عساكر: أنبأنا أبو نصر عبد الحكيم بن المظفّر من الكرخ، قال: أنشدني الْإِمام أبو الفضل الرَّازيّ لنفسه:
أخي إنّ صِرف الحادثات عجيبُ ... ومن أيقظته الواعظاتُ لَبِيبُ
وإنَّ اللّيالي مفنِياتٌ نفوسَنا ... وكُلٌّ عليهِ للفَنَاءِ رقيبُ
أيا نَفْسُ صَبْرًا فاصطِبَارُكِ راحةٌ ... لكل امرئ منها أخي نصيب
وضمنه: [ص:50]
إذا ما مضى القرْن الّذي أنت فِيهُمُ ... وخُلِّفت في قرنٍ فأنتَ غريبُ
وإنّ امرءًا قد سار سبعين حَجّةً ... إلى منهلٍ من وِرْده لقريب
وقال أبو عبد الله الخلال: أنشدنا أبو الفضل لنفسِه:
يا موتُ ما أجفاكَ من زائِرٍ ... تنزل بالمرء على رغمِهِ
وتأخذ العذراء من خِدرها ... وتأخذ الواحد من أُمِّهِ
قال الخلّال: خرج الْإِمام أبو الفضل من أصبهان متوجّهًا إلى كرْمان، فخرج النَّاس يُشيِّعونه، فصرفهم وقصد الطريق وحده، وقال:
إذا نحنُ أدلجنا وأنت إمامنا ... كفى لمطايانا بذكراك حاديا
قرأت على أبي الفضل الأسديّ: أخبرك ابن خليل، قال: أخبرنا الخليل الراراني، قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الواحد الدّقّاق قال: وَرَدَ علينا الشّيخ الْإِمام الأوحد أبو الفضل عبد الرَّحمن بن أَحْمَد الرّازيّ، لقاه اللَّه رضوانه، وأسكنه جِنانه. وكان إمامًا من الأئِمّة الثِّقات في الحديث والرّوايات والسُّنَّة والآيات، وذِكره يمْلأ الفم، ويُذرف العَيْن. قدم أصبهان مِرارًا، الأولى في أيّام ابن مَنده، وسمع منه. سمعت منه قطعة صالحة. وكان رجلًا مَهيباً، مَديد القامة، وليًّا من أولياء اللَّه، صاحب كرامات، طوَّف الدُّنيا مُفيدًا ومُستفيدًا. ثُمَّ ذكر الدَّقَاق شيوخه وباقي ترجمته.
وقال الخلّال: كان أبو الفضل الرّازيّ في طريق، وكان معه قليل من الخبز، وشيء يسير من الفانيد، فقصده جماعة من قطاع الطريق، وأرادوا أن يأخذوا منه، فَدَفَعَهُم بعصاه فقيل لهُ في ذلك، فقال: إنما منعتهم لأن الذي كانوا يأخذون مِنّي كان حلالًا، ورُبّما كنت لا أجد مثله حلالًا. ودخل كرْمان في هيئةٍ رثّة، وعليه أخلاقٌ وأسمال، فحُمل إلى الملك وقالوا: هو جاسوس. فقال الملك: ما الخبر؟ قال: تسألني عن خبر الأرض أو خبر السّماء؟ فإن كنت تسألني عن خبر السّماء، فـ {كل يومٍ هو في شأنٍ}، وإن كنت تسألني عن خبر الأرض، فـ {كل مَنْ عليها فانٍ} فتعجَّب الملك من كلامه وأكرمه، وعرض عليه مالًا، فلم يقبله.(10/48)
112 - عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مالك، أبو القاسم الغسَّانيّ الأندلُسيّ البجاني اللغوي. [المتوفى: 454 هـ][ص:51]
روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ خَالِدِ، وغيره؛ أرّخه ابن بَشكُوال.(10/50)
113 - عبد الرّحمن بن غزْو بن محمد بن يحيى، أبو مسلم النّهاونديّ العطّار. [المتوفى: 454 هـ]
قَدِمَ هَمَذان في هذا العام، فحدَّث بها عن ابن زنبيل النَّهَاوِنْديّ، وعبد الرَّحمن الْإِمام، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ، وأبي الحسن الرَّفّاء، ومحمد بن بكران الرّازيّ، وأبي الحسن بن فراس العَبْقَسِيّ، وحمزة بن العبَّاس الطَّبَرِيّ، وخلقٌ سواهم.
وقع لنا جزء من حديثه، من رواية جعفر الهمداني.
قال شيروَيْه: كان صدوقًا ثِقة؛ سمع منه الكبار، وحدَّثني عنه أبو بكر الْإِخباريّ.
قلت: روى عنه ولده أبو طاهر المُطهّر، وأبو الفتح المُظفّر بن شجاع الهَمَذَانيّ.
قال السِّلفيّ: سمعت ولده المطهر يقول: توفي سنة أربع وخمسين وأربعمائة.(10/51)
114 - عبد الرّحمن بن المُظفّر بن عبد الرحمن بن محمد، أبو القاسم السُّلَميّ المصريّ الكحَّال النَّحْويّ. [المتوفى: 454 هـ]
قال السِّلَفيّ: كان ليِّنًا في الحديث على ما ذكروا، واللَّه يعفو عنه.
قلت: روى عَنْ أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن محمد المُهندِس، وغيره. روى عنه أبو زكريّا البخاريّ، والرّازيّ في مشيخته، وغير واحد.
تُوُفّي بمصر في ربيع الأول.(10/51)
115 - عمر بن أَحْمَد بن محمد بن حسن بن شاهين، أبو حفص الشّاهينيّ الفارسي السمرقندي. [المتوفى: 454 هـ]
مسنِد تلك الديار.
عاش نيّفاً وتسعين سنة. وعنده حديث قُتيبة بعُلُوّ سمعه في سنة اثنتين [ص:52] وسبعين وثلاثمائة من ابن جابر بسماعه من محمد بن الفضل البَلْخيّ. سمع بسَمَرْقَنْد أبا بكر محمد بن جعفر بن جابر، وأبا عليّ إسماعيل بن حاجب الكُشّانيّ، وأبا سعد الْإِدريسيّ الحافظ.
قال الحافظ أبو سَعْد: روى عنه أهل سمرقند، وله أوقاف كثيرة ومعروف، ومات في ذي القعدة.
قلت: روى عنه علي بن أحمد الصيرفي، وغيره.(10/51)
116 - عمر بن عُبَيْد اللَّه بن يوسف بن حامد، أبو حفص الذُّهلي الزَّهْرَاويّ القُرْطُبيّ الحافظ. [المتوفى: 454 هـ]
روى عَن القاضي أبي المُطَّرِّف بن فُطيس، وعبد الوارث بن سُفْيان، وأبي محمد بن أسد، وأبي الوليد ابن الفَرَضيّ، وأبي عبد اللَّه بن أبي زَمَنين، وسَلَمة بن سعيد، وأبي المطرّف القنازعيّ، وعبد السّلام بن السّمح الزَّهْرَاويّ، وأبي القاسم بن عُصفور، وخلقٌ كثير بقُرْطُبة، وإشبيليّة، والزَّهْراء. وكتب إليه بالْإِجازة الفقيه أبو الحسن القابِسيّ. وكان معتنيا بنقل الحديث وسماعه وجَمْعِهِ.
روى عنه محمد بن عتّاب، وابناه أبو محمد وأبو القاسم، وأبو مروان الطُّبْنيّ، وأبو عمر بن مهديّ المقرئ، قال: وكان خيِّرًا مُتصاوِنًا، ثقة، قديم الطَّلب. وحدَّث عنه أيضّا أبو عليّ الغسّانيّ، وذُكر أنّه اختلط في آخر عمره.
قال ابن بَشكوال: أخبرنا عنه أبو مُحَمَّد شيخنا، وقال لي: إنّ أبا حفص لحقته في آخر عمره خَصاصة، فكان يتكفّفّ النّاس. وقرأت بخط أبي مروان الطُّبني: أخبرني أبو حفص، قال: شددتُ في البيت ثمانية أحمال كُتُب لَأخرِجها إلى مكان، فلم يتم لي العزم، حتى انتهبها البربر.
توفّي في نِصف صَفَر. وكان مولده في صفر أيضاً سنة إحدى وستين وثلاثمائة. وكان مُسنِد أهل الأنْدَلُس في زمانه مع ابن عبد البر.(10/52)
117 - محمد بن أَحْمَد بن مطرِّف، أبو عبد الله الكنّاني القُرْطُبيّ المقرئ الطُّرفي. [المتوفى: 454 هـ][ص:53]
روى عن القاضي يونس بن عبد اللَّه، وأبي محمد ابن الشَّقّاق. وقرأ بالرّوايات على مكّي، واختصَّ به. وبرع في القراءات. وكان صاحب ليلٍ وعبادة.
قال ابن بشكوال: أخبرنا عنه أبو القاسم بن صواب بجميع ما رواه، وغيره من شيوخنا، ووصفوه بالمعرفة والجلالة وكثرة الدُّعابة والمُزاح وحسن الباطن. توفي في صفر عن ستٍّ وستّين سنة.(10/52)
118 - محمد بن سلامة بن جعفر بن عليّ، القاضي أبو عبد اللَّه القُضاعي الفقيه الشّافعيّ، [المتوفى: 454 هـ]
قاضي مصر ومُصنِّف كتاب " الشِّهاب ".
سمع أبا مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وأحمد بن ثَرْثال، وأبا الحسن بن جهضم، وأبا محمد ابن النّحاس، وخلقًا بعدهم. روى عنه الحُميدي، وأبو سعد عبد الجليل السّاويّ، ومحمد بن بركات السَّعِيديّ، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو عبد الله الرّازيّ في مشيخته، وأبو القاسم النسيب، وجماعة كثيرة من المغاربة.
قال الأمير ابن ماكولا: كان مُتَفَنِّنًا في عِدّة علوم، ولم أر بمصر من يجري مجراه.
وقال غيث الأَرْمَنَازيّ: كان ينوب في الحُكم بمصر، وله تصانيف، منها " تاريخ مختصر " في خمس كراريس، من مبتدأ الخلق إلى زمانه. وله كتاب " أخبار الشّافعيّ ".
وقال غيره: له " معجم شيوخه "، وكتاب " دستور الحُكْم ".
كتب عنه الحُفّاظ كأبي بكر الخطيب، وأبي نصر بن ماكولا.
وقال الفقيه نصر المقدسيّ: قدم علينا أبو عبد الله القضاعي صور رسولاً من المصريين إلى بلد الرّوم، فذهب ولم أسمع منه. ثم إنّي رويتُ عنه بالْإِجازة.
وقال الحبَّال: تُوُفِّي في ذي الحجّة بمصر. [ص:54]
وقال السِّلفي: كان من الثقات الأثبات، شافعيّ المذهب والاعتقاد، مرضي الجملة.
قلت: وقد روى عن شيخٍ لقيه بالقُسْطَنْطِينيّة لمّا ذَهَبَ إليها رسولًا.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ، عَنْ هبة الله بن علي، قال: أخبرنا محمد بن بركات السعيدي، قال: أخبرنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سلامة القُضَاعي، قال: أخبرنا أبو مسلم الكاتب، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا شيبان، قال: حدثنا إسحاق أبو حمزة العطار، قال: حدثنا الْحَسَنُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصين، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَطْل الْغَنِيِّ ظُلم، وَمَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ شينٌ فِي وَجْهِهِ، ومسألة الغني نار ".(10/53)
119 - محمد بن عَبْدَة بن مَلّة الهَرَويّ البزّاز. [المتوفى: 454 هـ]
شيخٌ مُسِنّ، سَمِعَ أبا محمد بن حَموَيْه السرخسي، وأبا حامد النعيمي. كتب عنه أهل بلده.(10/54)
120 - محمد بن محمد بن عليّ، أبو الحسين البغداديّ الشُّرُوطيّ. [المتوفى: 454 هـ]
حدَّث عن المُعَافَى الجريريّ، وأبي القاسم بن حبابة.
قال الخطيب: لم يكُن ديّنًا، كان يترفَّض.(10/54)
121 - محمد بن محسّن بن قريش، أبو البركات البغداديّ الزّيّات. [المتوفى: 454 هـ]
سمع المخلّص.(10/54)
122 - المُعِزّ بن باديس بن منصور بن بُلُكِّين بن زِيريّ الحِميري الصِّنْهاجي، [المتوفى: 454 هـ]
سلطان إفريقية وما والاها من المغرب.
كان الحاكم صاحب مصر قد لقَّبَهُ " شرف الدّولة "، وأرسل إليه خلْعة وسِجلاًّ في سنة سبعٍ وأربعمائة. وعاش إلى هذا الوقت، واشتهر اسمه. وكان رئيسًا جليلًا، عالي الهِّمّة، مُحِبًّا للعلماء، من بيت إمرةٍ وحشمة. انتجعه الأدباء ومدحوه، وكان سخياً جواداً. [ص:55]
وكان مذهب أبي حنيفة ظاهرًا بإفريقيّة، فحمل المعِز أهل مملكته على مذهب مالك والاشتغال به، وحسم مادة الخِلاف في المذاهب، وخلع طاعة المصريين، وخطب للإمام القائم بأمر اللَّه أمير المؤمنين، فكتب إليه المُستَنْصِر العُبيدي يتهدّده، فما فكّر فيه. فجَهَّز لحربه جيشًا من العُرْبان، فأخربوا حصون بَرْقَة وإفريقيّة، وافتتحوا قطعةً من بلاده، وتعب بهم، واستوطنوا برقة إلى الآن. ولم يُخطب لبني عُبيد بعد ذلك بإفريقيّة.
وكان مولده في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وتُوُفّي في شَعْبان من بَرَصٍ أصابه، ورثاه شاعره الحسن بن رشيق القيروانيّ، ومات بالمهديَّة عند ولده تميم. وكان قد نَزَحَ من القيروان إلى المهدية من العَرَب.(10/54)
123 - منيع بن وثَّاب، الَأمير أبو الزَّمَّام النُّميري، [المتوفى: 454 هـ]
مُتَوَلِّي حرَّان والرِّقّة.
فارس شجاع جوّاد، توفّي في جُمَادَى الآخرة بعلة الصرع.(10/55)
-سنة خمس وخمسين وأربعمائة(10/56)
124 - أَحْمَد بن محمود بن أَحْمَد بن محمود، أبو طاهر الثقفيّ الْأصبهانيّ المؤدِّب، [المتوفى: 455 هـ]
وهو الجدّ الأعلى ليحيى الثّقفيّ.
قال الحافظ أبو زكريا بن مَنْدَهْ: سمع كتاب " العَظَمَة " من أبي الشّيخ بن حيَّان، وكان يقول: سمعتُ من أبي الشّيخ، فلم يظهر سماعه إِلَّا بعد موته. وقال: وُلد في سنة ستين وثلاثمائة. قال: وهو شيخٌ صالح ثقة، واسع الرّواية، صاحب أصول، حسن الخط، مقبول، متعصّب لَأهل السُّنَّة. حدَّث عن أبي بكر ابن المقرئ، وأبي أحمد بن جميل، وأبي مسلم عبد الرحمن بن شَهدل، وأبي علي الخلقاني، وأبي عبد الله بْن مَنْدَه، وعبد اللَّه بْن أبي القاسم، وغيرهم. إلا أني كرهت ذكرهم لكثرتهم. وسافر إلى الري، وسمع " مُسْنَد الرَّويانيّ ". ولكن ظهر سماعه له بعد موته، وكذا ظهر سماعه في كتاب " العظَمة " بعد موته بقليل.
قلت: سماعه " لمسند الرُّويَّانيّ " من جعفر بن فنّاكيّ.
روى عنه يحيى بن مَنده، وسعيد بن أبي الرجاء، وأبو عبد الله الخلال، ومحمد بن محمد القطَّان، وسهل بن ناصر الكاتب، وخلْق.
تُوُفّي في ربيع الأول.(10/56)
125 - أحمد بن محمد بن تهيون، أبو بكر الفارسيّ الصوفيّ الحافِظ، يُقال له بلبل. [المتوفى: 455 هـ]
سمع أبا الحسن بن فراس بمكّة، وأبا عبد اللَّه الجُرجاني بأصبهان. مات بشيراز في سنة خمسٍ وخمسين.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: سمعت أبا القاسم بن علي يقول: سمعت أبا بكر، وأثنى عليه، يقول: كتبتُ عن ألف شيخ، وخرَّجتُ عن كُلِّ شيخٍ حديثًا.(10/56)
126 - إبراهيم بن منصور بن إبراهيم بن محمد، أبو القاسم السُّلمي الكَرّانيّ الْأصبهانيّ المعروف بسبْط بحْرُوَيه، [المتوفى: 455 هـ]
وكرَّان محلَّة بأصبهان.
روى " مُسْنَد أبي يعلى " عن أبي بكر ابن المقرئ. روى عنه الحسين بن عبد الملك الخلّال، وسعيد بن أبي الرّجاء، وجماعة. [ص:57]
قال يحيى بن مَنْدَهْ في " تاريخه ": كان رحمه اللَّه صالحًا عفيفًا، ثقيل السَّمع، مات في ربيع الأوّل. سمع من أبي بكر " مسنَد أبي يَعلى "، وكتاب " التّفسير " لعبد الرّزّاق، مولده سنة اثنتين وستِّين.(10/56)
127 - إسحاق بن عبد الرّحمن بن أَحْمَد بن إسماعيل، أبو يَعلى النَّيْسَابُورِيّ الواعظ المعروف بالصّابونيّ، [المتوفى: 455 هـ]
صاحب الأجزاء " الفوائد " العشرة الّتي سمعناها. وهو أخو الأستاذ أبي عثمان.
سمع أبا سعيد عبد اللَّه بن محمد بن عبد الوهَّاب الرّازيّ، وأبا طاهر بن خُزيمة، وأبا محمد المَخْلَديّ، والخفّاف، وأبا مُعاذ الشّاه، وأبا طاهر المخلّص، وأبا محمد عبد الرَّحمن بن أبي شُريح، وطائفة سواهم. روى عنه عبد العزيز الكتّانيّ لمّا قدِم دمشق مع أخيه، وكان ينوب عن أخيه في الوعظ.
قال ابن عساكر: حدثنا عنه زاهِر، والفرّاويّ، وهبة اللَّه السّيديّ، وعُبيد اللَّه بن محمد البَيْهَقِيّ.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: هو شيخٌ ظريفٌ، ثِقة، على طريقة الصّوفيّة. سمع بِنَيْسَابُور، وهَراة، وبغداد. وتُوُفّي في رَبيع الآخر.
وقال غيره: تُوُفّي في تاسع ربيع الأول، وكان مولده في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.(10/57)
128 - إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران، أبو الطاهر الأنصاريّ الأندلّسيّ المقرئ، [المتوفى: 455 هـ]
مُصَنِّف " العنوان " في القراءات.
قرأ على عبد الجبَّار بن أَحْمَد الطَّرَسُوسيّ بمصر، وسكنها وتصَّدر للإقراء؛ أخذ عنه جُماهر بن عبد الرّحمن الفقيه، وأبو الحسين الخشَّاب، وابنه جعفر بن إسماعيل بن خَلَف.
وكان مع براعته في القراءات إمامًا في النَّحْو؛ اختصر كتاب " الحجّة " لَأبي عليّ الفارسي.
توفي في مستهل المحرم.(10/57)
129 - خَلَف بن أَحْمَد بن الفضل، أبو القاسم الحَوْفيّ المصريّ الحَنَفيّ. [المتوفى: 455 هـ]
سمع عليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وأحمد بن ثرثال، والحافظ عبد الغنيّ، وأبا محمد النّحّاس. وانتقى عليه أبو نصر الشّيرازيّ.
روى عنه الحُمَيْديّ، وأبو نصر بن ماكولا، وعليّ بن الحسين الفرَّاء، وغيرهم.
وليس هو بالحوفيّ صاحب " الْإِعراب ". ذاك تقدَّم ذِكره، وهذا تُوُفّي في هذه السَّنة أو بعدها بقليل.(10/58)
130 - صالح بن محمد بن أَحْمَد بن أبي الفيَّاض العِجلي الدِّينَوَريّ، أبو الفتح. [المتوفى: 455 هـ]
حدَّث في هذه السنة بهمذان عن جده أبي أحمد الحسن بن إبراهيم بن أبي عمران، ومحمد بن أَحْمَد بن موسى الرّازيّ، وحمْد بن عبد اللَّه الْأصبهانيّ، وأبي العبَّاس البصير، وأبي بكر بن لال، وجماعة كثيرة.
قال شيروَيْه: لم يُقضَ لي السماع منه، وحدثنا عنه الخطيب، وابن البصريّ، وأبو العلاء الحافظ.(10/58)
131 - طُغرلبك بن ميكائيل بن سُلْجُوق بن دَقَّاقّ، السُّلطان الكبير رُكن الدّين أبو طالب، [المتوفى: 455 هـ]
أول ملوك السَّلجُوقيّة.
وأصلهم من برّ بُخَارَى، وهم من قومٍ لهم عدد وقوَّة وشوكة، كانوا لا يدخلون تحت طاعة سُلطان، وإذا قصدهم من لَا طاقة لهم به دخلوا المفاوز والبراري، وتحصّنوا بالرّمال. فلمَّا عبر السُّلطان محمود إلى ما وراء النّهر وجدَ زعيم السَّلْجُوقيّة قويّ الشّوكة، فاستماله وتألَّفهُ، وخدعهُ حتّى أقدمه عليه، ثُمَّ قبض عليه، واستشار الأعيان في كبار أولئك، فأشار بعضهم بتغريقهم، وأشار آخرون بقطع إبهاماتهم ليبطُل رَمْيُهُم. ثُمَّ اتّفق الرّأي على تفريقهم في النَّواحي، ووضع الخراج عليهم. فدخلوا في الطَّاعة، وتهذَّبوا، وطمع فيهم النّاس. وظلموهم فانفصل منهم ألفا بيتٍ، ومضوا إلى كَرْمَان، وملكها يومئذٍ بهاء الدّولة ابن عَضُد الدّولة بن بُوَيْه، فأكرمهم وتُوُفّي عن قريب. وهذا بعد الأربعمائة. فخافوا من الدَّيْلَم فقصدوا أصبهان ونزلوا بظاهرها، وصاحبها علاء الدولة [ص:59] ابن كاكَوَيْه، فرغب في استخدامهم، فكتب إليه السُّلطان محمود بن سُبُكتِكين يأمره بحربهم. فاقتتل الفريقان، وقُتل بينهما عدد، فقصد الباقون أَذْرَبَيْجَان. وانحاز الذين بخراسان إلى جبل خوارزم، فجرّد السُّلطان جيشًا، فتبعوهم في تلك المفاوز، وضايقوهم مُدَّة سنتين، ثُمّ قصدهم السُّلطان محمود بنفسه، ولم يزل حتَّى شتتهم. ثُمّ تُوُفّي، فقام بعده ابنه مسعود، فاحتاج إلى تكثير الجند، فكتب إلى الطائفة التي بأَذْرَبَيْجَان ليتوجّهوا إليه، فقدِم عليه ألف فارس، فاستخدمهم ومضى بهم إلى خُراسان، فسألوه في أمر الباقين الّذين شتّتهم أبوه، فراسلهم وشرط عليهم الطَّاعة، فأجابوه إلى الطَّاعة، ورتَّبهُم كما رتبهم والده أوَّلًا.
ثم دخل مسعود بن محمود بلاد الهند لاضطراب أحوالها عليه، فخلَت للسَّلْجُوقيّة البلاد فعاثوا، وجرى هذا كلُّه وطُغْرُلْبَك وأخوه داود ليسا معهم، بل في أرضهم بنواحي بُخَارَى. وجرت بين صاحب بُخارى وبينهم وقعة عظيمة، قُتل فيها خَلْقٌ كَثِيرٌ من الفريقين. ثُمّ كاتبوا مسعودًا وسألوه الأمان والاستخدام، فحبس رسلهم وجرّد جيشه لمواقعة من بخراسان منهم، فالتقوا وقُتِل منهم مقتلة كبيرة. ثُمّ إنّهم اعتذروا إلى مسعود، وبذلوا الطَّاعة لَهُ، وضمنوا له أخذ خوارزم من صاحبها، فطيَّب قلوبهم، وأطلق الرُّسُل، وأرسل إليهم زعيمهم الّذي اعتقله أبوه أوّلًا. فوصل طُغَرْلُبَك وداود إلى خُراسان في جيشٍ كبير، واجتمع الجميع.
وجرت لهم أمور طويلة إلى أن استظهروا وملكوا الرّيّ في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، ثُمّ ملكوا نَيْسَابُور في سنة ثلاثين. وأخذ داود مدينة بلْخ وغيرها. واقتسموا البلاد، وضعُف عنهم السّلطان مسعود، فتَحَيَّز إلى غَزْنة.
وكانوا في أوائل الأمر يخطبون له ويُدارونه حتَّى تمكَّنوا، ثُمّ راسلهم الخليفة فكان رسوله إليهم قاضي القُضاة أبو الحسن الماوَرْدي.
ثُمَّ إنّ طُغرلبك طوى الممالك وملك العراق في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وعَدَلَ في النَّاس. وكان حليمًا كريمًا مُحافِظًا على الصَّلوات في جماعة، يصوم الخميس والاثنين ويَعمر المساجد ويُكثر الصَّدَقات. وقد سيَّر الشَّريف ناصر بن إسماعيل رسولًا إلى مَلِكة الرّوم، فاستأذنها الشَّريفُ في الصَّلاة بجامع [ص:60] القسطنطينية جماعة يوم الجمعة، فأذَنت له. فصلَّى وخطب للَأمام القائم. وكان رسول المُستنصِر خليفة مصر حاضرًا، فأنكر ذلك. وكان ذلك من أعظم الأسباب في فساد الحال بين المصريين والرُّوم.
ولمَّا تمهّدت البلاد لطُغْرُلْبَك سيَّر إلى الخليفة القائم يخطب ابنته فشقَّ ذلك على الخليفة واستعفى، ثُمَّ لم يجد بُدا، فزوَّجه بها. ثُمّ قدِم بغداد في سنة خمسٍ وخمسين، وأرسل يطلبها، وحمل مائة ألف دينار برسم نقْل جهازها، فعُمل العُرس في صَفَر بدار المملكة وأُجلست على سرير مُلبَّس بالذَّهب، ودخل السُّلطان إليها فقبَّل الأرض بين يديها، ولم يكشف البرقُع عن وجهها إذ ذاك، وقدَّم لها تُحَفًا، وخَدَم وانصرف فرحاً مسروراً. وبعث إليها عُقدين فاخرين، وخُسرواني ذهب، وقطعة ياقوت كبيرة. ثمّ دخل من الغد، فقبّل الأرض، وجلس مقابلها على سريرٍ ساعة، وخرج وبعث لها جواهر وفُرجيّة نسيج مُكلَّلَة باللُّؤْلؤ ومخنقة منسوجة باللُّؤْلؤ. وفعل ذلك مرَّةً أخرى أو أكثر، والخليفة صابرٌ متألِّم، ولكنَّهُ لم يُمتَّع بعد ذلك، فإنَّهُ تُوُفّي بعد ذلك بأشهر في رمضان بالرّيّ. وعاش سبعين سنة. وحُمل تابوته فدُفن بمرو عند قبر أخيه داود، وقيل: بل دُفن بالرّيّ. وانتقل مُلْكُهُ إلى ابن أخيه ألْبِ أرسلان. وأمَّا زوجته هذه فعاشت إلى سنة ست وتسعين وأربعمائة. هذا من تاريخ القاضي شمس الدين ابن خلِّكان.
قلت: وأخوه داود هو جَغربيك.
وقد ذكر ابن السَّمعانيّ أنّ السُّلطان مسعود بن محمود بن سُبُكتكين قصد بجيوشه طُغْرُلْبَك وجَغْربيك، فواقعهم في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، فانكسر بنواحي دندانقان، وتحيَّز إلى غَزْنة مُنْكَسِرًا، وتملَّك أل سَلْجوق البلاد وقسّموها، فصارت مَرْو وسرْخَس وبلْخ إلى باب غَزْنة لجغربيك، وصارت نَيْسابور وخوارزم لطُغرلبك. ثمّ سار طُغرلبك إلى العراق وملك الرّيّ وأصبهان وغير ذلك.
وكان موصوفًا بالحلم والدّيانة، ولم يولد لهُ ولد.
ومن كرمه أن أخاه إبراهيم يَنَال أسر بعض ملوك الرُّوم لمّا حاربهم، فبذل [ص:61] في نفسه أموالاً، فامتنع وبعث به إلى طُغرلبك، فبعث نصر الدّولة صاحب ديار بكر يشفع في فكاكه، فبعثه إلى نصر الدّولة بغير فداء، فأرسل ملك الرّوم إلى طُغرلبك ما لم يُحمل مثله في الزَّمن القديم، وذلك ألف وخمسمائة ثوب من الثياب المفتخرة، وخمسمائة رأس ومائتيّ ألف دينار، ومائة لَبِنَة فضّة، وثلاثمائة شَهْريّ، وألف عَنْزٍ بيض الشُّعُور سُود القرون. وبعث إلى نصر الدّولة عشرة أُمَنَاء مِسك.
وقد مرَّ في الحوادث من أخبار طُغرلبك أيضًا.(10/58)
132 - عبد اللَّه بن يحيى بن المدبّر، أبو الفضل الوزير. [المتوفى: 455 هـ]
تُوُفّي بمصر، سمع أبا محمد ابن النّحّاس.(10/61)
133 - عبد الرّزاق بن أَحْمَد بن محمد بن يعقوب، أبو طاهر الشّاهد الْأصبهانيّ. [المتوفى: 455 هـ]
سمع أبا إسحاق بن خُرشيد قُولَه. روى عنه أبو عليّ الحدّاد، وغيره. مات في المُحرَّم.(10/61)
134 - عبد الوهّاب بن محمد بن أَحْمَد، أبو القاسم بن أبي عبد اللَّه البقَّال الْأصبهانيّ. [المتوفى: 455 هـ]
روى عن أبي عبد الله بن منده. وعنه أبو عليّ الحدّاد أيضّا.(10/61)
135 - عطاء بن أَحْمَد بن جعفر، أبو الحسن الهرويّ الكِسائي. [المتوفى: 455 هـ]
حدَّث في هذه السَّنة بِبُخَارى؛ روى عن عبد الرَّحمن بن أبي شُريح، وأبي عمر بن مهديّ الفارِسِيّ.(10/61)
136 - عليّ بن الخَضِر بن سليمان بن سعيد السُّلَمِيّ، أبو الحسن الصُّوفيّ الورّاق الدّمشقيّ المحدِّث. [المتوفى: 455 هـ]
روى عن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وتمَّام الرّازيّ، والحسين بن أبي كامل الأطرابلسي، وصَدَقة بن الدلم، وأبي الحسن بن جهضم، وخلق كثير. روى عنه علي بن أحمد بن زهير، والمشرف بن مُرَجى، وعلي بن محمد بن شجاع، وسهل بن بشر، وعبد المنعم بن الغَمْر الكلابي، وجماعة. وسمع منه أبو الحسن بن قُبيس الغساني، ولم يظهر سماعه منه إلا بعد موته. [ص:62]
قال ابن عساكر: قال الكتّانيّ: صنَّفَ كُتُبًا كثيرة، وخلَّطَ تخليطًا عظيمًا. ولم يكن هذا الشَّأن من صنعته، مات في جُمَادَى الآخرة، وروى أشياءً ليست له بسماعٍ ولا إجازة.(10/61)
137 - علي بن عبد اللَّه بن علي بن محمد بن يوسف، أبو الحسن الأزْديّ المُهَلَّبِيّ القُرْطُبِيّ، ويُعرف بابن الأستِجيّ. [المتوفى: 455 هـ]
شيخٌ مُسنِد، روى عن أبي محمد بن أسد، وأبي عمر بن الجَسور، وأبي الوليد ابن الفَرَضي.
قال ابن خَزْرَج: كان نافِذًا في العلوم، قديم العناية بطلب العِلْم، شاعرًا مطبوعًا، بليغ اللسان، حَسَن الخطّ. صنَّفَ كُتُبًا كثيرة في غير فنّ. وُلد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وتُوُفّي في ذي القعدة. وكان قد خرَّف قبل موته بيسير.(10/62)
138 - العلاء بن عبد الوهّاب بن أَحْمَد بن عبد الرّحمن بن سعيد بن حزم بن غالب الأمويّ، مولاهم، الفارسيّ الأصل الأندلسي، أبو الخطّاب بن أبي المغيرة، [المتوفى: 455 هـ]
وأحمد جده هو ابن عمّ الْإِمام أبي محمد بن حَزْم الظّاهريّ.
قال الحُمَيْديّ: كان من أهل العِلم والذّكاء والهِمَّة العالية في طلب العِلم، كتب بالَأندلُس فأكثر، ورحل إلى المشرق فاحتفل في الجمع والرّواية، ودخل بغداد، وحدَّث عَن أبي القاسم إبراهيم بن محمد الإفليلي، وعن محمد بن الحسين الطَّفّال، وأبي العلاء بن سليمان المَعَرّيّ. أخذ عنه أبو بكر الخطيب وهو من شيوخه، وجعفر السّرّاج، ومات عند وصوله إلى وطنه.
قال ابن الأكفانيّ: تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين.
وذكر ابن حَيَّان أنَّ أبا الخطَّاب هذا امتُحِن في رحلته بضروبٍ من المِحَن لم تُسمع لَأحدٍ قبله، وجمع من الكُتُب ما لم يجمعه أحد. قال: وتُوُفّي بالمريَّة [ص:63] في شوَّال سنة أَرْبَعٍ وخمسين، ومولده سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، ومات شاباً.(10/62)
139 - فارس بن الحسن بن منصور، أبو الهيجاء البَلْخيّ ثُمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 455 هـ]
صنَّف كتابًا في سيرة أمير الجيوش أنوشْتَكِين. سمع منه عبد العزيز الكتاني شيئاً.(10/63)
140 - محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السلام، أبو عبد الله ابن شُقَّ الليل الأنصاريّ الطُّلَيِطُليّ. [المتوفى: 455 هـ]
سمع أبا إسحاق بن شَنْظير، وصاحبه أبا جعفر بن ميمون وأكثر عنهما. وروى عن أبي الحسن بن مصلح، والمنذر بن المنذر، وجماعة كثيرة. وحجَّ فأدرك بمكَّة أبا الحسن بن فِراس العَبْقَسيّ، وعُبَيْد اللَّه السَّقطيّ، وابن جَهْضَم، وكتب عنهم، وبمصر عن أبي محمد ابن النَّحّاس، وعبد الغنيّ الحافظ، وابن ثرثال، وابن منير، وجماعة.
وكان فقيهًا، إمامًا، متكلِّمًا، عارفًا بمذهب مالك، حافظًا للحديث، متقنًا، بصيرًا بالرّجال والعِلَل، مليح الخط، جيّد المشاركة في الفنون؛ وكان نَحْويًّا، شاعرًا مُجِيدًا، لُغَوِيًّا، ديّنًا، فاضلًا، كثير التَّصانيف، حُلْو العبارة.
توفّي بطَلَبِيرة في منتصف شعبان، وولد في حدود الثمانين وثلاثمائة.(10/63)
141 - محمد بن بيان بن محمد الفقيه الكازَرُونيّ الشّافعيّ. [المتوفى: 455 هـ]
سكن آمد، وتفقّه به جماعة، ورحل إليه الفقيه نصر المقدسيّ وتَفَقَّه عليه. ثم قدِمَ دمشق حاجًّا، فحدَّث بها، وحدَّث عن أَحْمَد بن الحسين بن سهل بن خليفة البلديّ، والقاضي أبي عمر الهاشميّ، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه، وغيرهم. روى عنه الفقيه نصر، وإبراهيم بن فارس الأزديّ، وأبو غانم عبد الرزَّاق المعرّيّ، وعبد الله بن الحسن ابن النحاس. [ص:64]
قال ابن عساكر: حدَّثني ضبَّة بن أَحْمَد أنَّهُ لقيه وسمع منه.
قلت: وذكر ابن النّجار أنّ أبا عليّ الفارِقيّ قرأ عليه القرآن، وأنه توفي سنة خمس وخمسين وأربعمائة.(10/63)
142 - محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد، أبو الفضل التميميّ البَغْداديّ، [المتوفى: 455 هـ]
ابن عم رزق اللَّه.
سمع من أبي طاهر المخلّص، وابن الصّلت، وجماعة، قال الحميدي: كذلك حدثني رِزْق اللَّه بن عَبْد الوهاب ابن عمّه. خرج إلى القيروان في أيَّام المُعزّ بن باديس، فدعاه إلى دولة بني العبَّاس، فاستجاب له. ودخل الأندلس فحظي عند ملوكها بأدبه وعلمه.
وتوفّي بطُليْطلة في شوَّال، وقيل: كان يكذب. ولهُ شِعرٌ رائقٌ، فمنه:
أَيَنْفَعُ قَوْلِي أَنّني لَا أُحِبُّهُ ... ودَمْعِي بِمَا يُمْلِيهِ وجْدي يكتبُ
إذا قُلْتُ للواشين لَسْتُ بعاشقٍ ... يَقُولُ لَهُمْ فَيْضُ المَدَامِعِ يكذبُ
وله:
يا ذا الّذي خطَّ الْجَمَال بوجْهِهِ ... سَطْرَيْنِ هَاجَا لوْعة وَبَلابِلا
ما صَح عندي أنّ لحظَكَ صارمٌ ... حتّى لبستَ بعارِضَيْك حَمَائِلا(10/64)
143 - محمد بن محمد بن جعفر، العلامة أبو سعيد النَّاصحيّ النَّيسَابُوريّ. [المتوفى: 455 هـ]
أحد الأئِمّة الأعلام، ومن كِبار الشّافعيّة، تفقَّه على أبي محمد الْجُوَيْنيّ، وسمع من ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه، ومات كهلًا، وكان عديم النَّظير علمًا وصلاحًا وورعًا.(10/64)
144 - محمد بن محمد بن حمدون، أبو بكر السُّلميّ النَّيْسَابوريّ. [المتوفى: 455 هـ]
سمع من أبي عمرو بن حمدان، وهو آخر من حدَّث عنه، وعن أبي [ص:65] القاسم بِشر بن ياسين. وسمع أيضًا من أبي عَمْرو الفُراتيّ. سمع منه الأكابر والَأصاغر.
قال عبد الغافر: كانوا يخرجون إلى قريته، فيجمعون بين الفرجة والسماع منه. أخبرنا عنه والديّ، وزاهر بن طاهر.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ تَمِيمٌ الجُرجاني، وَغَيْرُهُمْ، وَوَثَّقَهُ عَبْدُ الْغَافِرِ، وقال: توفي في ثاني عشر المحرم.
أخبرنا أحمد بن هبة الله قال: أخبرنا عبد المعز بن محمد في كتابه قال: أخبرنا زاهر، قال: أخبرنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدُونَ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا أبو يَعلى، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، قال: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: " قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبْتُهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا لَهُ عَشْرَ حَسَنَات إِلَى سَبْعِمَائَةِ ضِعفٍ، وَإِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ".(10/64)
145 - محمد بن المظفَّر بن عبد اللَّه بن المظفَّر بن نحرير، أبو الحسين البغداديّ الخِرقي الشّاعر المشهور، النديم. [المتوفى: 455 هـ]
له النظم والنثر والمعاني البديعة والغزل العذْب والمدح والهجو، ولا يكاد يوجد ديوانه.
روى عنه من شعره أبو منصور محمد بن محمد بن أَحْمَد العُكبَري، وأبو زكريَّا التِّبْرِيزِيّ، وأبو الحسين المبارك ابن الطُّيُوريّ، وشُجاع الذُّهلي، وأبو المعالي عثمان بن أبي عمامة، وغيرهم.
قال التِّبْرِيزيّ: أنشدنا ابن نحرير، وكان قد أنشد جلال الدولة ابن بُوَيْه ثلاثة شُعَراء أحدهم أعمى وابن نحرير أعور، فأعطى الأعمى صلةً، ولم يُعطِهِما شيئًا، فقال ابن نحرير: [ص:66]
خدمت جلال الدّولة بن بهاء ... وعلّقتُ أمالي به ورجائي
وكُنّا ثلاثًا من ثلاث قبائل ... من العُورِ والعميانِ والبُصَرَاءِ
فلم يحظَ منّا كُلُّنا غيرُ واحدٍ ... كأنّ لَهُ فَضْلًا على الشُّعَرَاءِ
فقالوا ضريرٌ وهو موضع رحمةٍ ... وثَمّ له قومٌ من الشُّفَعَاءِ
فقلت على التَّقْدير: لي نصف ما به ... وإن أنصَفوا كُنَّا من النُّظَرَاءِ
فإن يُعط للعُميان فالدّاء شاملٌ ... وإن يعط للَأشعارِ أين عطائي؟
وقال أبو منصور محمد بن أحمد ابن النَّقّور: أنشدني ابن نحرير لنفسه:
تولًّع بالعشق حتَّى عشق ... فلمَّا استقلَّ به لم يُطقْ
فحين رأى أَدْمُعًا تُسْتَهَلُّ ... وأبصر أحشاءه تحترقْ
تَمَنَّى الْإِفَاقَةَ مِنْ سُكْرِهِ ... فلم يستطعها ولمّا يفقْ
رأى لجّة ظنّها موْجةً ... فلما توسَّط فيها غرقْ
وقال أبو نصر عبد اللَّه بن عبد العزيز: أنشدنا ابن نحرير لنفسه:
ولْما انْتَبَه الوَصْلُ ... ونامت أعيُن الهَجْرِ
ووافت ضَرة البَدْرِ ... وقد لَينها ضُرِّي
شَرِبْنَا الخَمْرَ مِنْ طَرفٍ ... ومن خدٍّ ومِنْ ثَغْرِ
وقُلْنَا قد صفا الدَّهْرُ ... وغابت أنجُمُ الغَدْرِ
دَهَتْنَا صَيْحَةُ الدِّيكِ ... ووافت غُرة الفجرِ
فقامت وهي لَا تدري ... إلى أين ولا أدري
فيا ليت الدُّجَى طال ... وكان الطُّولُ من عُمريّ
ومن شعره:
لساني كتومٌ لَأسراركم ... ولكنّ دمعي لسريّ مُذيع
فلولا دموعي كَتَمْتُ الهوى ... ولولا الهوى لم تكُن لي دموع
كتمتُ جوى حبُّكم في الحَشَى ... ولم تدْر بالسِّرِ مِنِّي الضلوع
وقال ابن خيرون: توفي ابن نحرير الشاعر في عاشر رمضان، وكان رافضيا، عاش ثمانيا وسبعين سنة.(10/65)
146 - المُظفَّر بْن محمد بْن علي بْن إسماعيل بْن عبد الله بن ميكال، الَأمير أبو شجاع ابن الأمير أبي صالح، النيسابوري. [المتوفى: 455 هـ]
من بيت الإمرة والحشمة، ترك الرياسة ولبس المُرقَّعة وتصوَّف، ونظر في العِلم، وسمع من أبي الحسين الخفّاف، ويحيى بن إسماعيل الحربيّ، وأبي بكر بن عَبْدُوس، وحدَّث.
تُوُفّي نصف رجب.(10/67)
147 - منصور بن إسماعيل بن أَحْمَد بن أبي قُرة، القاضي أبو المظفَّر الهَرَويّ الفقيه الحنفيّ، [المتوفى: 455 هـ]
قاضي هَرَاة وخطيبها ومُسْنِدها.
روى عن أبي الفضل بن خميروَيْه، وأبي الحسن أَحْمَد بن عيسى الغَيزاني، وزاهر بن أَحْمَد السرخسي.
توفي في ذي القعدة عن قريب تسعين سنة، وهو آخر من روى عن ابن خَميرُوَيْه.
وهذا الغَيزاني روى عن أبي سعد يحيى بن منصور الهَرَوِيّ، وتُوُفّي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.(10/67)
148 - هارون بن طاهر بن عبد اللَّه بن عمر بن ماهلة، أبو محمد الهمذاني الأمين. [المتوفى: 455 هـ]
روى عن أبيه، وأبي بكر بن لال، وابن بشار، وابن تركان، وعن صالح بن أحمد الحافظ بالإجازة.
قال شيروَيْه: صدوق، ثقة، تُوُفّي في ذي الحجة.
قلت: هو آخر من روى عن صالح.(10/67)
149 - يحيى بن زيد بن يحيى بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى ابن الشهيد زيد بن علي ابن الشّهيد الحسين سِبط رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أبو الحُسَيْن الحُسَيْنيّ الزَّيدي، [المتوفى: 455 هـ]
قاضي دمشق. [ص:68]
روى عن أبي عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرّحمن بن أبي نصر. روى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر الحِنّائيّ، وأبو الحسن ابن الموازينيّ.
قال الكتّانيّ: تُوُفِّي الشريف معتمد الدَّولة ذو الجلالتين في ذي الحجّة، وهو يومئِذٍ ناظر أموال العساكر بدمشق.(10/67)
-سنة ست وخمسين وأربعمائة(10/69)
150 - أَحْمَد بن عبد الواحد بن الحسن بن عيسى، أبو نعيم السُّكّريّ. [المتوفى: 456 هـ]
في جُمَادَى الأُولى.(10/69)
151 - أَحْمَد بْن محمد بْن عمر بن ديزكة، أبو الطَّيّب الْأصبهانيّ التَّاجر، الرجل الصالح. [المتوفى: 456 هـ]
سمع أبا بكر ابن المقرئ. روى عنه الحداد، وغيره.
أرّخه ابن منده.(10/69)
152 - الحسن بن عبد الرَّحمن بن الخصيب، أبو عليّ الكرَّانيّ الْأصبهانيّ. [المتوفى: 456 هـ](10/69)
153 - الحسن بْن محمد بْن علي بْن محمد، الحافظ أبو الوليد البَلْخيّ الدَرْبَنْدِيّ. [المتوفى: 456 هـ]
روى عن أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد غنجار، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد الرّحمن بن أبي نصر التّميميّ الدّمشقيّ، وأبي القاسم بن ياسر الجَوبري، وأبي علي بن شاذان، وأبي القاسم الخُرقي، وخلقٌ كثير.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ وهما أقدم طلبًا منه، وأبو علي الحدّاد، وزاهر الشحامي، والفرّاوي، وعبد المنعم ابن القُشَيْريّ، وآخرون.
وتُوُفّي بسَمَرْقنَدْ في رمضان.
أخبرنا أَحْمَد بن هبة اللَّه، عن أبي رَوْح، قال: أخبرنا زاهر، قال: أخبرنا أبو الوليد الحسن بن محمد بن عليّ، قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد الأنباري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن المسور، قال: حدثنا المقدام بن داود بن عيسى، فذكر حديثًا. [ص:70]
قال ابن النَّجّار: كان رديء الخط، ولم يكن لهُ كبير معرفة، غير أنّهُ مُكثِر، واسع الرِّحلة، صدوق. سمع ببَلْخ عليِّ بن أحمد الخُزاعي، وبنيسابور يحيى ابن المُزكِّيّ، والحِيري، وبهراة أبا منصور الأَزْدِيّ، وبأصبهان، وهمذان، والَأهواز.(10/69)
154 - الحسين بن أَحْمَد بن عليّ، أبو عبد اللَّه الأَبْهريّ الشّافعيّ. [المتوفى: 456 هـ]
حدَّث في هذا العام بهَمَذَان عن حمْد بن عبد اللَّه، وأحمد بن محمد البصير، والحسين بن الحسن النعماني، وأبي الحسن السامري، وأبي أحمد الفَرَضي، وأبي بكر بن لال، وجماعة.
قال شيرويه: كان فقيها فاضلا صدوقا، روى عنه أحمد بن عمر البيع، وكهولنا.(10/70)
155 - الحسين بن أحمد بن الحسين بن حي التُّجَيْبي القرطبي. [المتوفى: 456 هـ]
أخذ علم العدد والهندسة عن محمد بن عمر بن برغوث، وصنَّف زيجًا مُختَصرًا، ولحق باليمن، وتقدَّم عند أميرها، ونفذه رسولًا إلى العراق.(10/70)
156 - حيدرة بن منزو بن النعمان، الأمير أبو المعلى الكُتامي المغربيّ. [المتوفى: 456 هـ]
ولي إمرة دمشق بعد هروب أمير الجيوش عنها فوصلها في سنة ستٍّ وخمسين، ثُمّ عُزل بعد شهرين بالَأمير دُرّي المستنصري.(10/70)
157 - سِراج بن عبد اللَّه بن محمد بن سراج، أبو القاسم الأمويّ، مولاهم، الأندلُسِيّ، [المتوفى: 456 هـ]
قاضي الجماعة بقُرْطُبَة.
سمع من أبي محمد الأصيليّ " صحيح البخاريّ " بفَوْتٍ يسير إجازة له. وسمع من أبي عبد اللَّه محمد بن زكريّا بن برطال، وأبي محمد بن مسلمة، وأبي المطرّف عبد الرّحمن بن فُطيس، وغيرهم. وولي القضاء في سنة ثمان وأربعين، وإلى أن تُوُفّي، فلم تُنع عليه سقطة، ولا حُفظت له زلَّة.
وكان فقيهًا صالحًا حليمًا على منهاج السَّلَف، تُوُفّي في شوَّال عن ست [ص:71] وثمانين سنة، حمل عنه جماعة من العلماء.(10/70)
158 - عبد الله بن محمد ابن الذَّهبيّ، الَأَزْديّ الأندلُسيّ، الطّبيب الفيلسوف. [المتوفى: 456 هـ]
كان كلِفا بالكيمياء، مجتهدًا في طلبها، وصنَّفَ مقالةً في أن الماء لا يغذو.
تُوُفّي ببلْنِسية في جُمَادى الآخرة.(10/71)
159 - عبد اللَّه بن موسى بن سعيد الأنصاريّ، أبو محمد الطُّلَيْطُليّ، ويُعرف بالشّارِقيّ. [المتوفى: 456 هـ]
سمع بقرطبة من يونس بن عبد اللَّه، وأبي محمد بن دحّون، وأبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وجماعة كثيرة، وحجَّ وسَمِعَ ورجع إلى وطنه.
وكان زاهدًا عابدًا رافضًا للدُّنيا يجلس للناس ويُذكِّرهم ويأمُرهم بالمعروف، ويُعلّمهم، ويتواضع لهم ويصبر على أخلاقهم، ويقنع باليسير من السّترة والقوت.
تُوُفّي في شوَّال.(10/71)
160 - عبد الجبَّار بن فاخر بن مُعَاذ، أبو المعالي السِّجْزي. [المتوفى: 456 هـ]
تُوُفّي في شعبان.(10/71)
161 - عبد العزيز بن أحمد، شمس الأئمة أبو أحمد الحلْوائي، [المتوفى: 456 هـ]
مفتي بُخَارى وعالمها.
تفقَّه على القاضي أبي عليّ الحسين بن الخضر النَّسَفيّ، وحدَّث عن عبد الرَّحمن بن الحُسين الكاتب، وأبي سهل أَحْمَد بن محمد بن مكِّي الأَنْماطيّ، وطائفة من شيوخ بُخَارى.
تفقّه عليه، وسمع منه أئِمّة منهم: شمس الأئِمّة أبو بكر محمد بن أبي سهل السَّرْخَسيّ، وفخر الْإِسلام عليّ، وصدر الْإِسلام أبو اليُسر محمد ابنا محمد بن الحُسَيْن البزْدَوي، والقاضي جمال الدّين أبو نصر أَحْمَد بن عبد الرّحمن، وشمس الأئِمّة أبو بكر محمد بن عليّ الزَّرَنْجَرِيّ، وآخرون [ص:72] سمَّاهم أبو العلاء الفَرَضي، ثم قال: مات بِبُخارى، في شعبان سنة ستٍّ، ودُفن بمقبرة الصُّدور.
وقد ذكره السّمعانيّ في كتاب " الأنساب "، فقال: عبد العزيز بن أَحْمَد بن نصر بن صالح، شمس الأئمّة البخاريّ الحَلْوائيّ، بفتح الحاء، إمام أهل الرأي ببخارى في وقته. حدَّث عن غُنجار، وصالح بن محمد، وأبي سهل أحمد بن محمد الأنماطي. توفي بكسّ. وحُمل إلى بخارى سنة ثمانٍ أو تسعٍ وأربعين. وذكره النخشبي في " معجمه "، فقال: شيخ عالم بأنواع العلوم، معظم للحديث، غير أنّهُ يتساهل في الرواية. مات في شعبان سنة اثنتين وخمسين.
قلت: سنة ستٍّ أصحّ، فإنّه بخط شيخنا الفَرَضي.(10/71)
162 - عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم الحافظ. النخْشبي، [المتوفى: 456 هـ]
ونخْشب هي نَسَف.
سمع جعفر بن محمد المستغفريّ، وأبا طالب بن غَيْلان، وأبا طاهر بن عبد الرَّحيم، وجماعة كثيرة بأصبهان، ودمشق، وبغداد، وخُراسان. روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء، وسهل بن بِشر الدّمشقيّان، وجماعة.
وكان من كبار الحُفّاظ، خرج لجماعة وتُوُفّي كهلًا. ولم يَرْوِ إِلَّا اليسير. ودخل أصبهان سنة ثلاثٍ وثلاثين فسمع من أصحاب الطَّبراني. وسمع من أبي الفرج الطَّناجِيريّ، ومحمد بن الحسين الحرّانيّ، وأبي منصور السَّوّاق، والصُّوريّ. وانتقى على القاضي أبي يَعلى خمسة أجزاء.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كان واحد زمانه في الحفظ والْإِتقان لم نر مثله في الحفْظ في عصرنا، دقيق الخط، سريع الكتابة والقراءة، حسن الأخلاق، تُوُفِّي بنَخْشَب سنة سبعٍ وخمسين.
وقال ابن عساكر: تُوُفِّي سَنَة سِتٍّ وخَمْسين بِنَخْشَب. وقيل: بِسَمَرْقَند. [ص:73]
وقال ابن السَّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ، عن عبد العزيز النَّخْشَبيّ، فجعل يُعظِّمهُ ويُعظِّم أمره جدًّا، ويقول: ذاك النَّخْشَبيّ، ذاك النَّخْشَبيّ، وكان كبيرًا حافظًا، رحل الكثير.(10/72)
163 - عبد الكريم بن محمد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن سَبَنك، أبو الفضل البَجَليّ. [المتوفى: 456 هـ]
سمع جدَّهُ وابن الصَّلْت. وعنه ابن بدران الحلْواني، وابن كادش.
وكان من علماء الشَّافعيَّة، تُوُفِّي في ربيع الأوّل.(10/73)
164 - عبد الواحد بن عليّ بن بَرْهان العُكْبري النُّحْويّ، أبو القاسم. [المتوفى: 456 هـ]
بقية الشّيوخ العالِمين بالعربية والكلام والَأنساب، سمع أبا عبد اللَّه بن بطَّة، إِلَّا أنَّهُ لم يروِ شيئًا عنه، قاله الخطيب. وقال: كان مُضْطلِعًا بعلوم كثيرة، منها النَّحو، واللغة، والنَّسب، وأيَّام العرب والمتقدمين. وله أنسٌ شديد بعلْم الحديث.
وقال ابن ماكولا: ابن برهان من أصحاب ابن بطَّة، سمع منه حديثًا كثيرًا. وأخبرني أبو محمد ابن التَّميميّ أنّ أصل ابن بطَّة " بمعجم البَغَويّ " وقع عنده وفيه سماع ابن بَرْهان، وأنَّهُ قرأهُ عليه لولديه.
قال ابن ماكولا: ذهب بموته علم العربية من بغداد، وكان أحد من يعرف الأنساب، ولم أرَ مثله. وكان فقيهًا حنفيًّا، قرأ الفِقه، وأخذ الكلام عن أبي الحسين البَصْريّ، وتقدَّم فيه، وصار صاحب اختيار في عِلم الكلام.
وقال ابن الأثير: له اختيار في الفقه، وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس، ولم يقبل من أحدٍ شيئًا، مات في جُمَادَى الآخرة، وقد جاوز الثَّمانين وكان يميل إلى مذهب مرجئة المُعتَزَلة، ويعتقِد أنّ الكُفّار لَا يخلَّدون في النّار.
قال ياقوت الحمويّ في " تاريخ الأُدَباء ": نقلت من خط عبد الرّحيم [ص:74] ابن النّفيس بن وهْبان قال: نقلت من خط أبي بكر محمد بن منصور السَّمعانيّ: سمعت المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت أبا القاسم بن بَرهان يقول: دخلتُ على الشَّريف المرَتَضَى في مرضِهِ، فإذا قد حُوَّل إلى الحائط، فسمعته يقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا، واستُرحما فرحما، أفأنا أقول ارتدّا بعد أن أسلما؟ قال: فقمت وخرجت، فما بلغت عَتَبة الباب حتَّى سمعت الزَّعقة عليه.(10/73)
165 - عبد الواحد بن محمد بن مَوْهَب، أبو شاكر التجَيْبي القَبْري، ثُمّ القُرْطُبيّ، [المتوفى: 456 هـ]
نزيل بَلَنسية.
سمع من أبي محمد الأصيليّ، وأبي حفصٍ بن نابل، وأبي عمر بن أبي الحُباب، وغيرهم. وكتب إليه أبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن القابسيّ بالْإِجازة. ولي القضاء والخطبة ببلَنْسية.
قال فيه الحُميدي: فقيه، مُحَدِّث، أديب، خطيب، شاعر. ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وتُوُفِّي في ربيع الآخر.
قلت: وأظُنُّه آخر من حدَّث عن ابن أبي زيْد.
كتب عنه أبو عليّ الغسَّانيّ، وغيره. وهو خال أبي الوليد الباجيّ، وقد سكن أيضًا شاطبة مُدَّة.
ولهُ شِعرٌ رائق، فمنه:
يا رَوْضَتي ورِيَاضُ النَّاس مجدِبة ... وكوكبي وظلامُ اللّْيِلِ قد ركدا
إن كان صرْف اللَّيالي عنكِ أبعدني ... فإن شَوْقي وحُزني عنكِ ما بُعدا
وكان أبوه قد ارتحل وتفقَّه على ابن أبي زيد، والقابسيّ. وهو الّذي أخذ الْإِجازة منهما لولده أبي شاكر هذا.(10/74)
166 - عليّ بن أَحْمَد بن سعيد بن حَزْم بن غالب بن صالح بن خَلَف بن مَعْدَان بن سُفْيان بن يزيد، مولى يزيد بْن أَبِي سُفْيَان بْن حرب بْن أُميّة الأمويّ، الفارسيّ الأصل، ثمّ الأندلسيّ القُرْطُبيّ، الْإِمام أبو محمد. [المتوفى: 456 هـ]
وجدُّه خَلَف أوَّل من دخل الأندلس. [ص:75]
وُلد أبو محمد بقرطبة سنة أربعٍ وثمانين وثلاثمائة، وسمع من أبي عمر أَحْمَد بن الجَسور، ويحيى بن مسعود، ويونس بن عبد الله القاضي، وحمام بن أَحْمَد القاضي، ومحمد بن سعيد بن نبات، وعبد اللَّه بن ربيع التَّميميّ، وعبد اللَّه بن محمد بن عثمان، وأبي عمر أَحْمَد بن محمد الطلمَنْكي، وعبد الرّحمن بن عبد اللَّه بن خالد، وعبد اللَّه بن يوسف بن ناميّ، وجماعة.
روى عنه أبو عبد اللَّه الحُميدي، وابنه أبو رافع الفضل، وجماعة. وروى عنه بالْإِجازة أبو الحسن شُريح بن محمد، وغيره.
وأول سماعه من ابن الجَسور في حدود سنة أربعمائة.
وكان إليه المنتهى في الذَّكاء والحِفظ وكثرة العِلم. كان شافعيِّ المذهب، ثم انتقل إلى نفي القياس والقول بالظَّاهِر. وكان مُتَفَنِّنًا في علوم جمة، عاملا بعلمه، زاهدا بعد الرياسة الّتي كانت لَأبيه، وله من الوزارة وتدبير المُلك.
جمع من الكتب شيئا كثيرا، ولا سيِّما كُتُب الحديث. وصنّف في فقه الحديث كتابا سمّاه كتاب " الإيصال إلى فهْم كتاب الخصال الجامعة لجمل شرائع الْإِسلام في الواجب والحلال والحرام والسُّنَّة والْإِجماع "، أورد فيه قول الصَّحابة فَمَن بعدهم في الفِقْه، والحُجَّة لكل قول. وهو كتاب كبير. وله كتاب " الْإِحكام لَأصول الأحكام " في غاية التَّقَصّي، وكتاب " الفِصَل في المِلل والنِّحَل "، وكتاب " إظهار تبديل اليهود والنَّصارى للتوراة والْإِنجيل وبيان تناقض ما بأيديهم مما لا يحتمل التّأويل "، وهو كتاب لم يُسبق إليه في الحُسن. وكتاب " المُجلّى في الفِقْه " مُجَلَّد، وكتاب " المحلى في شرح المجلَّى " ثمانية أسفار في غاية التَّقصّي. وله كتاب " التّقريب لحدِّ المنطق والمدخل إليه " بالَألفاظ العامّية والَأمثلة الفقهيّة.
وكان شيخه في المنطق محمد بن الحسن المَذحِجي القُرْطُبيّ المعروف بابن الكتَّانيّ، وكان شاعِرًا طبيبا مات بعد الأربعمائة.
قال الغزالي: وقد وجدت في أسماء الله تعالى كتابًا ألَّفه أبو محمد بن حزم الأندلُسيّ يدل على عِظم حِفظه وسَيَلان ذِهْنِه. [ص:76]
وقال أبو القاسم صاعد بن أَحْمَد: كان ابن حزمٍ أجمع أهل الأندلُس قاطِبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة مع توسّعه في علم اللِّسان، ووفور حظّه من البلاغة والشِّعر، والمعرفة بالسّير والَأخبار. أخبرني ابنه الفضل أنَّهُ اجتمع عنده بخطّ أبيه أبي محمد من تأليفه نحو أربعمائة مُجَلَّد، تشتمل على قريبٍ من ثمانين ألف ورقة.
وقال الحُمَيْدِيّ: كان ابن حَزْم حافِظًا للحديث وفِقْهِهِ، مُسْتَنْبِطًا للَأحكام من الكِتاب والسُّنَّة، مُتَفَنِّنًا في علوم جمَّة، عاملًا بعلمه. وما رأينا مثله فيما اجتمع له مع الذّكاء، وسُرْعة الحِفْظ، وكَرَم النَّفس والتَّديُّن. وكان لهُ في الآداب والشِّعر نَفَس واسِع، وباعٌ طويل. وما رأيت من يقول الشِّعر على البديه أسرع منه. وشِعره كثير جمعته على حروف المُعْجَم.
وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر، مدبِّر دولة المؤيّد باللَّه ابن المُستنصِر، ثم وزر للمُظفّر بن المنصور. ووزر أبو محمد للمستظهر باللَّه عبد الرّحمن بن هشام، ثمّ نبذ هذه الطّريقة، وأقبل على العلوم الشَّرعيّة، وعُني بعلم المنطق، وبرع فيه، ثمّ أعرض عنه وأقبل على علوم الْإِسلام حتّى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالَأندلس قبله.
وقد حطّ أبو بكر ابن العربيّ في كتاب " القواصم والعواصم " على الظّاهريّة، فقال: هي أُمَّة سخيفة، تسوَّرَت على مرتبةٍ ليست لها، وتكلَّمَت بكلامٍ لم تفهمه تلقَّفوه من أخوانهم الخوارج حين حكّم عليٌّ يوم صفّين فقالت: لا حكم إلا لله. وكان أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلمّا عُدت وَجَدتُ القَوُل بالظاهر قد ملَأ به المغرب سخيفٌ كان من بادية أشبيليّة يُعرف بابن حزم، نشأ وتعلَّق بمذهب الشّافعيّ، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكُل، واستقل بنفسه وزعم أنه إمام الأمة، يضع ويرفع، ويحكُم ويُشرّع، ينسب إلى دين اللَّه ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرًا للقلوب عنهم، وخرج عن طريق المشبَّهة في ذات اللَّه وصفاته، فجاء فيه بطَوامٍّ، واتَّفق كونه بين قومٍ لَا بصر لهم إِلَّا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدّليل كاعوا، فتضاحك مع أصحابه منهم، وعضَّدتهُ الرياسة بما كان عنده من أدب، وبشُبَهٍ كان يوردها [ص:77] على الملوك، فكانوا يحملونه ويَحْمُونَهُ بما كان يلقي إليهم من شُبه البدع والشرك. وفي حين عودي من الرِّحلة ألفيتُ حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة، فقاسيتهم مع غير أقران، وفي عدم أنصار إلى حسادٍ يطؤون عقبي، تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى ينكشر لهم ضرسي وأنا ما بين إعراضٍ عنهم، أو تشغيبٍ بهم، وقد جاءني رجلٌ بجزءٍ لابن حزم سمَّاه " نُكَت الْإِسلام "، فيه دواهي، فجرَّدتُ عليه نواهي، وجاءني آخر برسالة في الاعتقاد، فنقضتها برسالة " الغُرّة ". والَأمر أفحش من أن يُنقض، يقولون: لَا قول إِلَّا ما قال الله ولا نتبع إلا رسول اللَّه. فإنَّ اللَّه لم يأمُر بالاقتداءِ بأحدٍ، ولا بالاهتداء بهدْي بشر فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم دليل، وإنما هي سخافَةُ في تهويل، فأوصيكم بوصيّتين: أنْ لَا تستدِلّوا عليهم، وأن تطالبوهم بالدّليل؛ فإنّ المُبتَدِع إذا استدللت عليه شَغّب عليك، وإذا طالبته بالدَّليل لم يجد إليهِ سبيلا. فأمَّا قولهم: لَا قول إِلَّا ما قال اللَّه؛ فحق، ولكن أرِني ما قال اللَّه. وأمَّا قولهم: لَا حُكم إِلَّا للَّه فغير مُسَلَّمٍ على الْإِطلاق، بل من حُكْم اللَّه أن يجعل الحُكْمَ لغيره فيما قاله وأخبر به، صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَإِذَا حاصرْت أَهْلَ حصنٍ فَلَا تُنزلهم عَلَى حُكْمِ اللَّه، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا حُكْمُ اللَّه، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حْكُمِكَ "، وَصَحَّ أَنَّهُ قَالَ: " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ ". الحديث.
وقال اليسع بن حزم الغافقي، وذكر أبا محمد بن حزم فقال: أمَّا محفوظه فبحرٌ عُجاج، وماءٌ ثجاج، يخرج من بحره مَرْجان الحِكَم، وينبت بثَجّاجه أَلْفَافُ النِّعم في رياض الهِمم. لقد حفظ علوم المسلمين، وأربى على كل أهل دين، وألَّف " المِلل والنِّحل ". وكان في صباه يَلْبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إِلَّا بالسرير. أنشد المعتمد، فأجاد، وقصد بَلَنسية، وبها [ص:78] المظفّر أحد الأطواد. حدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي بِبَلَنْسِيَة، وهو يُدرِّس المذهب، إذا بأبي محمد بن حَزْم يَسْمَعُنا ويتعجَّب، ثُمّ سأل الحاضرين عن سؤال من الفقه جُووِب عليه، فاعترض فيه، فقال لهُ بعض الحُضّار: هذا العلم ليس من مُنْتَحَلاتِك. فقام وقعد، ودخل منزله فعكف، ووكف منه وابلٌ فما كَفَّ. وما كان بعد أشْهُرٍ قريبة حتَّى قصدنا إلى ذلك الموضِع، فناظر أحسن مُناظرةً قال فيها: أنا أتبع الحقّ، وأجتهِد، ولا أتقيَّد بمذهبٍ.
وقال الشّيخ عزّ الدين ابن عبد السَّلام: ما رأيتُ في كُتُب الْإِسلام في العلم مثل " المحلّى " لابن حَزم، و" المغني " للشّيخ الموفَّق.
قلت: وقد امتُحن ابن حزم وشرّد عن وطنه، وجرت له أمور، وتعصَّب عليه المالكيَّة لطول لسانه ووقوعه في الفقهاء الكبار، وجرى بينه وبين أبي الوليد الباجيّ مُنَاظرات يطول شَرْحها. ونفرت عنهُ قلوب كثير من النَّاس لحطِّه على أئِمَّتِهم وتخطئته لهم بأفجّ عبارة، وأفظ محاورة، وعملوا عليه عند ملوك الأندلُس وحذروهم منه ومن غائلته، فأقْصته الدّولة وشرّدتهُ عن بلاده، حتى انتهى إلى بادية لَبلة، فتُوُفّي بها في شعبان ليومين بقيا منه.
وقيل: تُوُفّي في قَرْيةٍ له.
قال أبو العباس ابن العَرِيف: كان يُقال: لِسَان ابن حَزْم وسَيْفُ الحَجَّاج شقيقان.
وقال أبو الخطَّاب بن دِحْيَة: كان ابن حَزْم قد بَرَص من أكل اللبان، وأصابته زمانة، وعاش اثنتين وسبعين سنة إِلَّا شهرًا.
قال أبو بكر محمد بن طرخان بن بُلْتِكين: قال لي الْإِمام أبو محمد عبد اللَّه بن محمد ابن العربيّ: تُوُفّي أبو محمد بن حَزْم بقريته، وهي على خليج البحر الأعظم، في جُمَادَى الأولى سنة سبع وخمسين. وقال لي أبو محمد ابن العربيّ: أخبرني أبو محمد بن حزم أنَّ سبب تعلُّمُه الفِقه، أنَّهُ شهِد جنازة، فدخل المسجد فجلس ولم يركع، فقال لهُ رجُل: قم صلِّ تحيَّة المسجد. وكان قد بلغ سِتًّا وعشرين سنة. قال: فقمت وركعت. فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة دخلت المسجد بادرت بالركوع، فقيل لي: اجلس اجلس، ليس ذا [ص:79] وقت صلاة؛ يعني بعد العصر، فانصرفت وقد خُزيت، وقلت للَأُستاذ الّذي ربَّاني: دلّني على دار الفقيه أبي عبد اللَّه بن دحّون. فقصدته وأعلمته بما جرى عَلَيّ فدلّني على " موطأ " مالك. فبدأتُ به عليه قراءة من ثاني يوم، ثُمّ تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام، وبدأتُ بالمناظرة.
ثم قال ابن العربيّ: صحِبْتُ ابن حَزْم سبعَةَ أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مُصَنَّفاته، سوى المُجلَّد الأخير من كتاب " الفِصَل "، وهو سِتّ مُجلَّدات، وقرأنا عليه من كتاب " الْإِيصال " أربع مُجلَّدات في سنة ستٍّ وخمسين، وهو أربعة وعشرون مُجلَّدًا، ولي منه إجازة غير مرَّة.
وقال أبو مروان بن حيَّان: توفِّي سنة ست وخمسين وأربعمائة. ثم قال: كان رحمه اللَّه حامل فنون من حديثٍ وفِقْهٍ وجَدَلٍ ونَسَبٍ، وما يتعلَّق بأذيال الأدب، مع المُشاركة في أنواع التّعليم القديمة من المنطِق والفلسفة. ولهُ كُتُب كثيرة لم يخل فيها من غَلطٍ لجُراءته في التسوّر على الفنون، لا سيما المنطِق، فإنّهم زعموا أنَّهُ زلَّ هُناك، وضلَّ في سلوك المسائل، وخالف أرسُطْوطاليس واضعَه مخالفة مَنْ لم يَفْهَم غَرَضَه، ولا أرتاض. ومال أوّلًا إلى النظر على رأي الشّافعيّ، وناضل عن مذهبه حتى وُسم به، فاستُهدف بذلك لكثير من الفُقَهاء، وعِيب بالشُّذُوذ، ثم عدَل إلى قول أصحاب الظّاهر، فنقَّحه، وجادل عنه، وثَبُتَ عليه إلى أن مات. وكان يحمل علمه هذا، ويُجادل عنه من خالفه على استرسال في طباعه، ومذْل بأسراره، واستنادٍ إلى العهد الّذي أخذه اللَّه تعالى على العلماء {لتبيِّنَّنه للناس ولا تكتمونه}. فلم يكُ يلطف صَدْعَه بما عنده بتعريض ولا بتدريج، بل يصكّ به من عارضه صكَّ الجَندل، ويُنْشِقهُ إنشاق الخردل، فتنفر عنه القلوب، وتوقع به النّدوب، حتى استُهدِف إلى فقهاء وقته، فتمالؤوا عليه، وأجمعوا على تضليله، وشنَّعوا عليه، وحذَّروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامَّهم عن الدُّنُو منه، فطَفِقَ المُلوك يُقصونه عن قُرْبِهم، ويسيِّرونه عن بلادهم، إلى أن انتهوا به منقطع أثره بلده من بادية لَبلة، وهو في ذلك غير مرتدعٍ ولا راجع، يبثُّ علمه فيمن ينتابه من بادية بلده، من عامَّة المُقتبسين، منهم من أصاغر الطَّلبة الّذين لا يخشون فيه الملامة، يُحدّثهم، ويُفقّههم، ويُدارسهم. كمل من مُصَنَّفاته وِقر بَعِير، لم يَعْدُ أكثَرُها عَتَبَة باديته لزهد الفقهاء فيها، حتى أنه أحرق بعضها بإشبيليّة ومُزِّقت [ص:80] علانية. وأكثر معايبه - زعموا عند المنصِف له - جهله بسياسة العلم التي هي أعوص إيعابه، وتخلُّفه عن ذلك على قوّة سَبْحِهِ في غماره، وعلى ذلك فلم يكن بالسَّليم من اضطراب رأيه، ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه، إلى أن يُحرّك بالسؤال، فيتفجر منه بحر علمٍ لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلاء، وكان مما يزيد في شنآنه تشيُّعهُ لَأمراء بني أُميَّة ماضيهم وباقيهم، واعتقاده لصحة إمامتهم، حتى نسِبَ إلى النَّصْب لغيرهم.
ألى أن قال: ومن تواليفه كتاب " الصّادع في الرّد على من قال بالتَّقليد "، وكتاب " شرح أحاديث المُوطَّأ "، وكتاب " الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد "، وكتاب " التلخيص والتخليص في المسائل النّظريّة "، وكتاب " مُنْتَقَى الْإِجماع "، وكتاب " كشف الالتباس لما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس ".
قلت: ذكر في الفرائض من " المُحَلَّى " أنَّهُ صَنَّف كتابًا في أجزاءٍ ضخمة في ما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ جمهور العلماء، وما انفرد به كل واحدٍ منهم، ولم يُسبق إلى ما قاله.
ومن أشعاره:
هل الدَّهر إِلَّا ما عرفْنَا وأدركْنا ... فجائِعُهُ تَبْقَى ولذّاته تَفْنَى
إذا أَمْكَنَتْ فيه مَسَرَّةُ ساعةٍ ... تَوَلَّت كَمَرِّ الطَّرْفِ واستَخْلَفَتْ حُزنا
إلى تبِعاتٍ في المَعاد وموقفٍ ... نودُّ لَدَيْهِ أنَّنَا لم نَكُنْ كُنَّا
حصلنا على هم وإثم وحسرة ... وفات الّذي كُنّا نَلَذُّ بِهِ عَنا
حنَيِنٌ لما ولّى وشُغلٌ بما أتى ... وهمٌّ لِما نَخْشَى فعيشك لا يَهْنَا
كأنَّ الَّذي كنّا نسُرّ بِكَوْنِهِ ... إذا حقَّقَتْهُ النَّفْسُ لفظٌ بلا معنى
وله يفتخر:
أنا الشُّمْس في جوّ العلوم منيرةٌ ... ولكنّ عَيْبي أنْ مَطْلَعِيَ الغرْبُ [ص:81]
ولو أنّني من جانب الشَّرقِ طالِعٌ ... لجَدَّ عليَّ مَا ضَاعَ مِنْ ذِكْرى النَّهْبُ
ولي نَحْوَ أكنافِ العراقِ صَبابةٌ ... ولا غَرو أن يستوحِشَ الكِلَف الصّبُّ
فإنْ يُنزل الرّحْمَنُ رحْلي بَيْنهمْ ... فحينئذٍ يبدو التأسُّف والكَرْبُ
هنالك يُدرى أنَّ للبُعْدِ قِصَّةٌ ... وأنَّ كَسَادَ العِلمِ آفَتُهُ القُرْبُ
فواعَجَبًا مَنْ غابَ عنهم تشوّقوا ... له، ودُنُوّ المَرِء من دارهم ذَنْبُ
وله:
مُنَايَ مِنَ الدُّنيا عُلُومٌ أبُثُّهَا ... وأنْشُرُها في كُلِّ بَادٍ وحَاضِرِ
دعاءٌ إلى القُرْآنِ والسُّنن الّتي ... تَنَاسَى رجالٌ ذِكْرَها في المحاضرِ
وله وهو يماشي ابن عبد البرّ، وقد أقبل شابٌّ مليح، فأعجب ابن حزم، فقال أبو عمر: لعلّ ما تحت الثّياب ليس هناك! فقال:
وذي عَذَلٍ فيمن سباني حسنه ... يُطيل ملامي في الهوى ويقول
أمن حُسْنِ وَجْهٍ لَاحَ لَمْ تَرَ غَيْرَهُ ... ولَمْ تدر كيف الْجِسْمُ أَنْتَ قَتِيلُ
فقلتُ لَهُ: أسرفْت في الّلَوْمِ فَاتَّئِدْ ... فعندي ردٌّ لو أشاءُ طَوِيُلْ
أَلَمْ تَرَ أَنّي ظَاهِرِيٌ وأنَّني ... على ما بدا حتى يقوم دليل
ومن شعره:
لا تشمتن حاسِدي إن نكبةٌ عَرَضَت ... فالدّهرُ ليس على حالٍ بمُترَّكِ
ذو الفضل كالتبر طورًا تحت ميفعةٍ ... وتارةً في ذُرى تاجٍ على ملك
ومن شعره يصف ما أحرق المُعتضد بن عبَّاد له من الكُتُب:
فإن تحرِقوا القِرْطَاس لَا تُحرِقوا الّذي ... تضمّنه القِرْطَاس بل هو في صدري
يَسيرُ معي حيث استقلَّتْ رَكَائِبي ... وينزلُ إنْ أَنْزَل ويُدفن في قبري
دَعُونِي مِن إحرَاقِ رقٍّ وكاغّدٍ ... وقولوا بعلمٍ كَيْ يَرَى النَّاسُ مَنْ يَدْرِي
وإلا فَعُودُوا في المَكَاتِبِ بدْأةً ... فَكَم دُونَ ما تبغونَ لِلَّهِ مِن سِتْرِ
كذاك النَّصَارى يحرقون إذا عَلَت ... أَكُفُّهُمُ القُرْآن في مُدُنِ الثَّغْرِ
وقد ذُكر لابن حزم قول من قال: أجلّ المُصنَّفات " المُوَطَّأ ". فأُنكِر ذلك، وقال: أَوْلَى الكُتُب بالتّعْظيم " الصّحيحان "، وكتاب سعيد بن السكن، و" المنتقى " لابن الجارود، و" المنتقى " لقاسم بن أَصْبَغ، ثم بعد هذه الكُتُب " كتاب أبي داود "، و" كتاب النَّسائي "، و" مصنّف قاسم بن أصبغ "، و" مصنّف [ص:82] الطحَاوي "، و" مسند البزّار "، و" مسند ابن أبي شيبة "، و" مسند أحمد "، " ومسند ابن راهويه "، و" مسند الطيالسي "، و" مسند أبي العباس النسوي "، و" مسند ابن سنْجر "، و" مسند عبد الله بن محمد المسندي "، و" مسند يعقوب بن شيبة "، و" مسند ابن المديني "، و" مسند ابن أبي غرزة "، وما جرى مجرى هذه الكُتُب التي أُفرِدت لكلام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم صِرفا، وللفظه نصًّا. ثم بعد ذلك الكُتُب الّتي فيها كلامه عليه السّلام، وكلام غيره، مثل " مُصّنَّف عبد الرزّاق " و" مصنف ابن أبي شيبة "، و" مصنف بقيّ بن مَخْلد "، وكتاب محمد بن نصر المَرْوَزيّ، وكتابيّ ابن المُنْذِر الأكبر والَأصغر. ثمّ " مصنف حمّاد بن سلمة "، و" مصنّف سعيد بن منصور "، و" مصنّف وكيع "، و" مصنّف الفِريابي "، و" موطأ مالك "، و" موطأ ابن أبي ذئب "، و" موطأ ابن وهْب "، و" مسائل أَحْمَد بن حنبل "، وفقه أبي عُبَيْد، وفقه أبي ثور.
ولَأبي بكر أَحْمَد بن سليمان المروانيّ يمدح ابن حزم رحمه اللَّه:
لمَّا تحلَّى بخُلْقٍ ... كالمِسْكِ أو نشر عودِ
نجلُ الكرام ابن حَزْمٍ ... وَفَاقَ في العِلْمِ عُودِي
فتواه جدَّد ديني ... جَدْوَاهُ أَوْرَقَ عُودي
أَقُولُ إذ غبت عنه ... يا ساعة السعد عودي(10/74)
167 - علي بن الحسن بن علي بن أبي الفضل الكَفْرطَابيّ ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 456 هـ]
حدَّث عن عبد اللَّه بن محمد الحنَّائيّ. روى عنه أبو الفضائل الحسن بن الحسن.(10/82)
168 - عليّ بن محمد بن عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن عَبادل، أبو الحسن الأنصاريّ الْإِشبيليّ. [المتوفى: 456 هـ]
قرأ القرآن بقُرْطُبَة على أبي المطرِّف القنازِعي، وحجّ، وسمع بمصر من [ص:83] أبي محمد ابن النَّحّاس، وغيره. وكانت له معرفة بالحديث ورجاله. وولد سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.(10/82)
169 - عمر بن أَحْمَد بن سبسوَيْه التّاجر، أبو الفتح الْأصبهانيّ. [المتوفى: 456 هـ]
مات في رمضان.(10/83)
• - عميد المُلك، أبو نصر الكُنْدريّ الوزير، اسمه محمد بن منصور. [المتوفى: 456 هـ]
سيأتي.(10/83)
170 - قُتُلمش بن إسرائيل بن سَلْجُوق، شهاب الدّولة [المتوفى: 456 هـ]
والد سليمان، جد ملوك الروم إلى دولة الملك الظَّاهر.
كانت له قلاع وحصون بعراق العجم، وعصى على ابن ابن عمّه الملك ألْبَ أرسلان، فتواقعا بنواحي الرّي في هذا العام، وانجلت المعركة، فوُجد قُتُلمش ميِّتًا قيل: إنَّهُ مات خوفًا وهلعًا، فاللَّه أعلم، فبكى السُّلطان عليه وتألَّم له، وجلس للعزاء، فسلاّه وزيره نظام المُلك. وكان قُتُلمش يتعانى النُّجوم وأحكامها.(10/83)
171 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حَسْنُون، أبو الحسين بن النَّرْسيّ البغداديّ. [المتوفى: 456 هـ]
سمع أبا بكر محمد بن إسماعيل الورَّاق، وأبا الحسن الحربيّ، وابن أخي ميميّ، وطبقتهم ببغداد، وعبد الوهَّاب بن الحسن الكِلابيّ، وغيره بدمشق.
روى عنه الخطيب، وقال: كان ثقة من أهل القرآن، وُلِدَ سَنَة سبعٍ وستِّين وثلاثمائة، وتوفي في صفر.
وقال ابن عساكر: حدثنا عنه أبو بكر قاضي المارِستان، وأبو غالب بن البنّاء، وأبو العز بن كادش.
قلت: سمعنا " مشيخته " بإجازة الكِندي، بسماعه من القاضي، عنه.(10/83)
172 - محمد بن عليّ بن عبد الملك بن شبابة، أبو بكر الدينوري ثم البغداديّ القارئ. [المتوفى: 456 هـ]
سمع أبا القاسم إسماعيل بن الحسن الصَّرصَريّ، وجماعة. وعنه أبو العزّ بن كادش، وجماعة.(10/84)
173 - محمد بن عليّ بن محمد بن صالح، أبو عبد اللَّه السّلميّ الدّمشقيّ المطرّز النَّحْويّ، [المتوفى: 456 هـ]
مصَنِّف " المُقدِّمة " المشهورة.
سمع من تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وجماعة. روى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم النَّسيّب.
قال الكتَّانيّ: تُوُفّي في ربيع الأوَّل، وكان أشعريّ المذهب مُقرِئًا نحويًّا.(10/84)
174 - محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب، أبو سعيد الخشَّاب النَّيْسَابِوُرِيّ الصفَّار. [المتوفى: 456 هـ]
تُوُفّي في ذي القعدة.
قال عبد الغافر الفارسيّ: وكان محدثا مفيدا، من خواص خدّام أبي عبد الرّحمن السُّلميّ، وكان صاحب كُتُب، صار بُندار كُتُب الحديث بنَيْسابور، وأكثر أقرانه سماعًا وأصولًا؛ قد رزقه اللَّه الْإِسناد العالي، وجمع الأبواب، وأسمع الصّبيان. وهو من بيت حديث وصلاح. ولد سنة إحدى وثمانين. وثلاثمائة، وسمع من أبي محمد المَخْلدي، وأبي الحسين الخفَّاف، والسُّلَميّ. وحدَّثني من أثِق به أنَّ أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خُزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصَّابونيّ. فتكلَّم أصحاب الحديث فيه، وما رضوا ذلك منه، واللَّه أعلم بحاله. وأمَّا سماعه من غيره فصحيح. وقد أجاز لي مَرويّاته، وأخبرنا عنه جماعةٌ منهم: الوالد، وأبو صالح المُؤذِّن، وأبو سعد بن رامش، وغيرهم.
قلت: وآخر من روى عنه زاهر الشَّحّاميّ. تُوُفِّي في ذي القعدة.(10/84)
175 - محمد بْن علي بْن يوسف بن جميل، أبو عبد اللَّه الطرسوسي المعروف بابن السُّناط، [المتوفى: 456 هـ]
إمام جامع دمشق.
روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر يسيرًا.(10/85)
176 - محمد بن منصور بن محمد، الوزير عميد المُلك، أبو نصر الكُنْدري، [المتوفى: 456 هـ]
وزير السُّلطان طُغرلْبك.
كان أحد رجال الدَّهر شهامةً وكتابةً وكرما، قُتل بمَروالروذ في ذي الحجة. وكان قد قطع مذاكيره ودَفَنَها بخُوارزم لأمرٍ وقع له، فلمَّا قتلوه حملوا رأسه إلى نَيْسَابُور، نَسْأَلُ اللَّه العافية.
وقد سماه أبو الحسن محمد ابن الصابئ في " تاريخه "، وعليّ بن الحسن الباخَرْزي في " دمْية القصر ": منصور بن محمد.
وقال أبو الحسن الهمذاني في كتاب " الوزراء ": أبو نصر محمد بن محمد بن منصور.
وكُندُر قَرْيَة مِن نَوَاحي نيسابور بها وُلد سنة خمس عشرة، وتفقَّه لَأبي حنيفة، وتأدَّب، ثم صحب رئيسًا بنَيْسابور، فاستخدمه في ضياعه، ثم استنابه عنه في خدمة السلطان طُغرلْبك، فطلبه منه، فدخل في خدمته، وصار صاحب خبرة، ثُمّ ولاه خُوارَزم، وعظُم جاهه، وعصى بخُوارَزم، ثم ظفر به السُّلطان، ونقم عليه أنَّهُ تزوَّج امرأة ملك خُوارَزم فخصاه. ثمّ رقّ له فداواه وعوفي، واستوزره وله إحدى وثلاثون سنة. وقدِم بغداد، وأقام بها مُدَّة، ولقَّبهُ الخليفة " سيِّد الوزراء ". ونال من الجاه والحُرمة ما لم ينلْه أحد.
وكان كريمًا جوَّادًا، متعصِّبًا لمذهبه، مُعتزليًّا، مُتكلِّمًا له النظْم والنَّثر. فلمّا مات طُغرلبك وتسلطن ابن أخيه ألْبُ أرسلان أقرَّه على وزارته قليلًا، ثُمّ عزله، واستوزر نظام المُلك.
ومن شِعره في غلامٍ له:
أنا في غَمْرة حُبِّهِ ... وهو مشغولٌ بلعبهْ
صانه اللَّه فما أكثر ... إعجابي بعجبهْ [ص:86]
لو أراد الله نفعا ... وصلاحا لمحبهْ
نقلت رقّة خدّيه ... إلى قسوة قلبهْ
وقال أبو الحسن الهَمَذَانيّ في " تاريخه " إنَّ ابنة الْإِعرابيّ المُغنْية المشهورة وجوْقتها غنَّت عميد المُلك، فأطربته، فأمر لها بألف دينار، وأمر لَأولئك بألف دينار، وفرَّق في تلك الليلة أشياء، فلمَّا أصبح قال: كفَّارة ما جرى أن أتقرَّب بمثل ذَلِكَ، فتصدَّق بألفيّ دينار.
وقال أبو رجاء: أنشد عميد المُلك عند قتله:
إن كان بالنَّاس ضيقٌ عن مُنافستي ... فالموتُ قد وسَّع الدُّنيا على النَّاسِ
مَضَيْتُ والشَّامِتُ المَغْبُونُ يَتْبَعُني ... كُلٌّ بكأس المنايا شاربٌ حاسي
وقيل: إنَّهُ قال للتُّركيّ الّذي جاء لكي يقتله: قُل للسُّلطان ألْبِ أرسلان: ما أسعدني بدولة آل سَلجوق، أعطاني طُغرلبك الدُّنيا، وأعطاني ألْبُ أرسلان الآخرة.
وكانت وزارته ثمان سنين وثمانية أشهر؛ وزر لألب أرسلان شهرين وعزله. فتوجّه إلى مروالروذ في صَفَر سنة سبعٍ وخمسين، ومعه زوجته وبنته، أَوْلَدها قبل أن يُخصى. وأخذ ألْبُ أرسلان ضياعه جميعها وآلاته وغلمانه، وكانوا ثلاثمائة مملوك. ثمّ كتب له بمائتيّ دينار في الشَّهر، وتركه قليلًا، ثم أرسل إليه من قتله صَبْرًا، وحَمَل إليهِ رأسه، وله نيّفٌ وأربعون سنة.
قلت: ويُقال إنَّ غُلامين دخلا عليه ليقتلاه، فأذنا له، فودَّع أهله، وصلَّى ركعتين، فأرادا خنقه فقال: لستُ بلصٍّ. وشرط خرقةً من كُمِّهِ وعصب عينيه فضربوا عنقه.
وكان مُتعصِّبًا يقع في الشّافعيّ.(10/85)
177 - محمد بْن هبة اللَّه بْن محمد بْن الحسين، الْإِمام أبو سهل ابن جمال الْإِسلام أبي محمد الموفّق ابن القاضي العلّامة أبي عمر البَسْطاميّ ثمّ النَّيْسَابُوريّ. [المتوفى: 456 هـ]
ذكره عبد الغافر فقال: سلالة الْإِمامة، وقُرَّة عين أصحاب الحديث، انتهت إليه زعامةُ الشّافعيّة بعد أبيه، فأجراها أحسن مَجْرى. ووقعت في أيّامه [ص:87] وقائع ومحَن للَأصحاب. وكان يقيم رسْم التَّدريس، لكنَّهُ كان رئيسًا، ديّنًا، ذكيّا صيِّنًا، قليل الكلام. ولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. وسمع من مشايخ وقته بخُراسان، والعراق، مثل النصْرويي، وأبي حسان المزكي، وأبي حفص بن مسرور. وكان بيتهم مجمع العلماء ومُلتقى الأئِمّة، فَتُوُفّي أبوه سنة أربعين، فاحتفَّ به الأصحاب، وراعوا فيه حقَّ والده، وقدّموه للرياسة. وقام أبو القاسم القُشيْريّ في تهيئة أسبابه، واستدعى الكُلّ إلى متابعته، وطلب من السُّلطان ذلك فأُجيب، وأرسل إليه الخِلع ولقّب بأبيه جمال الْإِسلام، وصار ذا رأيٍ وشجاعة ودهاء، وظهر له القَبول عند الخاصّ والعامّ، حتّى حسده الأكابر وخاصموه، فكان يخصمهم ويتسلَّط عليهم، فبدا له خُصُوم، واستظهروا بالسُّلطان عليه وعلى أصحابه، وصارت الأشعريَّة مقصودين بالْإِهانة والطَّرْد والنَّفْيّ، والمنع عن الوعظ والتَّدريس، وعُزلوا عن خطابة الجامع. ونبغ من الحنفية طائفة أشربوا في قلوبهم الاعتزال والتَّشَيُّع، فخيَّلوا إلى وليّ الأمر الْإِزراء بمذهب الشَّافعيّ عمومًا، وتخصيص الأشعريَّة، حتّى أدَّى الأمر إلى توظيف اللعنة عليهم في الجُمع، وامتد الأمر إلى تعميم الطَّوائِف باللعن في الخُطَب.
واستعلى أولئك في المجامع، فقام أبو سهل أبلغ قيامٍ، وتردّدَ إلى العسكر في دفع ذلك، إلى أن ورد الأمر بالقبض على الرّئيس الفُرَاتيّ، والقُشَيْرِيّ، وأبي المعالي ابن الْجُوَيْنيّ، وأبي سهل بن الموفّق، ونَفْيهم ومنْعهم عن المحافل. وكان أبو سهل غائبًا إلى بعض النَّواحي، ولمَّا قُرئ الكِتاب بنفْيهم أُغري بهم الغوغاء والَأوباش، فأخذوا بأبي القاسم القُشيري والفُراتي يجُرونهُما ويستخفّون بهما، وحُبسا بالقُهُندز. وكان ابن الْجُوَيْنيّ أحسّ بالَأمر، فاختفى وخرج على طريق كرْمان إلى الحجاز، وبقيا في السّجن مُفتَرِقين أكثر من شهر، فتهيَّأ أبو سهل من ناحية باخَرْز، وجمع من شاكريّته وأعوانه رجالا عارفين بالحرب، وأتى باب البلد، وطلب تسريح الفُرَاتيّ والقُشيري، فما أُجيب، بل هُدِّد بالقبض عليه، فما التفت، وعزم على دخول البلد ليلًا، والاشتغال بإخراجهما مُجاهرة ومُحاربة، وكان مُتولّي البلد قد تهيَّأ للحرب، فزحف أبو سهل ليلًا إلى قرية له على باب البلد، وهيَّأ الأبطال، ودخل البلد مُغافصَةً إلى داره، وصاح من معه بالنّعرات العالية، ورفعوا عقائرهم، فلمّا أصبحوا تردّدت الرُّسُل والنُّصحاء في الصُّلح، وأشاروا على الأمير بإطلاق [ص:88] الرئيس والقُشيري، فأبى، وبرز برجاله، وقصد محلّة أبي سهل، فقام واحد من أعوان أبي سهل واستدعى منه كفاية تلك النّائرة إيّاه وأصحابه، فأذِن لهم، فالتقوا في السُّوق، وثبُت هؤلاء حتى فرغ نشاب أولئك، ثم حمل هؤلاء عليهم فهزموهم إلى رأس المربَّعة، وهمُّوا بأسر الأمير، وسبّوه وردّوه مجروحًا أكثر رجاله، مقتولًا منهم طائفة، مسلوبًا سلاح أكثرهم. ثمّ توسَّط السَّادة العلويّة، ودخلوا على أبي سهل في تسكين الفتنة، وأخرجوا الْإِثنين من الحبس إلى داره، وباتوا على ظَفَر، وأحبَّ الشّافعيَّة أبا سهل.
ثمَّ تشاور الأصحاب بينهم، وعلموا أن مخالفة السُّلطان قد يكون لها تَبِعَة، وأنّ الخصوم لَا ينامون، فاتّفقوا على مهاجرة البلد إلى ناحية أَسْتُوا، ثُمَّ يذهبون إلى الملك. وبقي بعض الأصحاب بالنواحي متفرقين وذهب أبو سهل إلى العسكر بالري، وخرج خصمه من الجانب الآخر، وتوافيا بالري وأنهي إلى السلطان ما جرى، وسعي بأصحاب الشافعي والإمام أبي سهل وجرت مناظرات، وحُبِس أبو سهل في قلعة طورك أشْهُرًا، ثمّ صودِرً وأُبِيعتْ ضِيَاعُهُ، ثم عُفي عنه، وأُحيل ببعض ما أُخذ منه، ووُجّه إليها، فخرج إلى فارس، وحصَّل شيئًا من ذلك، وقصد بيت اللَّه فحجَّ ورجع، وحسُن حاله عند السُّلطان، وأذِن له في الرُّجوع إلى خُراسان، وأتى على ذلك سُنون إلى أن تبدَّل الأمر، ومات السُّلطان طُغرلبك، وتسلطن أبو شجاع ألْبُ أرسلان، فحظي عنده. ووقع منه موقعًا أرفع مِمَّا وقع أبوه من طُغرلبك، ولاح عليه أنَّهُ يستوزِره، فقُصد سرًا، واحتيل في إهلاكه، ومضى إلى رحمة اللَّه في هذا العام، وحُمل تابوته إلى نَيْسَابور، وأظهر أهلها عليه من الجَزَع ما لم يُعهَد مثله، وبقيت النّوائح عليه مُدَّة بعده. وكانت مراثيه تُنْشَد في الأسواق والَأزِقّة، وبقيت مُصيبته جرْحا لَا يندمِل، وأفضت نوبة القبول بين العوام إلى نجله ولم يبق سواه أحد من نسله. وكان إذا حضر السلطان البلد يقدِّم له أبو سهل وللَأمراء من الحلواء والَأطعمة المُفتخرة أشياء كثيرة بحيث يتعجَّب السُّلطان والَأعوان. ولقد دخل إليه يوم تلك الفِتنة زوج أخته الشَّريف أبو محمد الحسن بن زيد شفيعًا في تسكين النَّائِرة، فنثر على أقدامه ألف دينار، واعتذر بأنّه فاجأه بالدخول. [ص:89]
اختصرتُ هذا من " السّياق " لعبد الغافر.
وذكر غيره أنَّ ألْبَ أرسلان بعثه رسولًا إلى بغداد، فمات في الطَّريق.(10/86)
178 - المحسّن بن عيسى بن شهفيروز، أبو طالب البغداديّ الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 456 هـ]
تُوُفّي ببغداد في رمضان. وقد حدَّث عَن المُعافى بن زكريّا الجريريّ، وأبي طاهر المخلّص.(10/89)
-سنة سبع وخمسين وأربعمائة(10/90)
179 - أَحْمَد بن عبد الرَّحمن بن الحسن، أبو الحسين الطَّرائفيّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 457 هـ]
سمع تمَّام بن محمد الرّازيّ، وعبد الرَّحمن بن أبي نصر. روى عنه أبو بكر الخطيب، وهبة الله ابن الأكفانيّ.(10/90)
180 - أَحْمَد بْن عبد العزيز بْن أَحْمَد، أبو بَكْر بن الأطروش القُدُوريّ، البغداديّ المقرئ. [المتوفى: 457 هـ]
قرأ القراءات على أبي الفَرَج النَّهْرَوانيّ، وأبي الحسن الحماميّ. وسمع من أبي الحسن بن الصلت، والسوسَنجِردي، وطائفة.
قرأ عليه هبة اللَّه بن الطّبر، وحدث عنه رفيقه أبو علي ابن البنّاء، والمختار بن سعيد، وأبو محمد عبد اللَّه ابن الأبنُوسيّ.
قال أَحْمَد بن خَيْرون: وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وتُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة.(10/90)
181 - أَحْمَد بن القاسم بن ميمون بن حمزة، الشَّريف أبو إبراهيم الحُسيْنيّ المِصريّ. [المتوفى: 457 هـ]
تُوُفّي في هذه السَّنة أو بعدها. وكان يجتهِد بمصر في نشر السُّنّة. روى عن جدّه، وعن أبي الحسن الحَلَبِيّ، وجماعة. روى عنه أبو عبد الله الحُميدي، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وعليّ بن المؤمَّل بن غسَّان الكاتب، وعليّ بن الحُسَين الفرّاء، وأبو الحسن بن المُشَرِّف الأنماطيّ.(10/90)
182 - إسماعيل بن عليّ بن محمد بن الحسين بن قيلة، أبو القاسم المَدِينيّ. [المتوفى: 457 هـ]
مات في ربيع الآخر بأصبهان.(10/90)
183 - سعيد بن أبي سعيد أَحْمَد بن محمد بن نُعيم بن أَشْكاب، الشّيخ أبو عثمان النيسابوري الصوفي، المعروف بالعيّار. [المتوفى: 457 هـ][ص:91]
حدث عن أبي الفضل عُبيد اللَّه بن محمد الفاميّ، والحسن بن أَحْمَد المَخْلدي، وأبي طاهر بن خُزَيْمة، والخفَّاف. وحدَّث " بصحيح البُخاريّ " عن محمد بن عمر بن شبُّوَيْه. وقد سمعه في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. وقد انتقى له البَيْهَقيّ، وخرَّج لهُ موافقات.
روى عنه أبو عبد الله الفُراويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ، وحدَّث بأصبهان فروى عنه غانم بن أَحْمَد الجُلودي، وفاطمة بنت محمد البغداديّ، والحسين بن طلحة الصَّالحانيّ، وعتيق بن حُسيْن الرويْدشتي، وغيرهم.
قال عبد الغافر: سمع بمرْو " صحيح البُخاريّ " من أبي عليّ الشَّبَويي.
قلت: وسمع بَهَراة من عبد الرّحمن بن أبي شُريح، وتُوُفِّي بغَزنة في ربيع الأوَّل.
وقال السِّلفيّ: سمعت أبا بكر محمد بن منصور السِّمعانيّ يقول: سمعت صالح بن أبي صالح المؤذّن يقول: كان أبي سيئ الرّأي في سعيد العيَّار ويتكلَّم فيه، ويطعن فيما روى عن بِشر الإسفراييني خاصّةً.
قلت: ولهذا لم يُخرّج له البَيْهَقِيّ عن بِشر شيئًا، وسماعه منه ممكن، فقد ذكر الحافظ ابن نُقطة أن مولده في سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة. وعلى هذا يكون قد عُمّر مائة وثلاث عشرة سنة. وفي الْجُملة فهو مِمَّن عُمّر، فإنَّهُ رحل بنفسه إلى مَرْو سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة كما ذكرنا، واللَّه أعلم.
قال فضل اللَّه بن محمد الطُّبْسِيّ: كان الشَّيخ سعيد العيَّار شيخا بهيًّا ظريفا، من أبناء مائة واثنتي عشرة سنة، وذُكِرَ أنَّهُ كان لا يروي شيئًا، فرأى بدمشق رؤيا حملته على رواية مسموعاته، وهي أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فأردتُ أن أسلِّم، فتلقَّاني أبو بكر برسالة رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ لا تروي أخباري وتنشرها؟ قال: فأنا منذ ذلك أطوف في البلدان وأروي مسموعاتي.
قال غيث الأَرْمَنَازيّ: سألتُ جماعة لِمَ سُمِّي العيَّار؟ قالوا: لَأنَّهُ كان في ابتدائه يسلك مسالك العيَّارين. [ص:92]
وقال ابن طاهر في " الضُّعفاء " له: يتكلَّمون فيه لروايته كتاب "اللُّمع" عن أبي نصر السَّرّاج، وكان يزعم أنَّهُ سمع "الأربعين" لابن أسلم، من زاهر السَّرْخَسِيّ.
وقال محمد بن عبد الواحد الدَّقاق: روى العيَّار، عن بِشر بن أَحْمَد، وبِئس ما فعل؛ أفسد سماعاته الصحيحة بروايته عنه.(10/90)
184 - عبد الصمد بن أبي عبد اللَّه الحسين بن إبراهيم الْأصبهانيّ الجمَّال، أبو نصر. [المتوفى: 457 هـ]
تُوُفّي في ربيع الأوَّل.
روى عن أبي مسلم بن أبي جعفر بن المَرْزُبَان الأَبْهَريّ، عن أبيه عن الحَزُورُّيّ. روى عنه أبو عليّ الحدَّاد، وغيره. وسماعه نازل بمرَّة، وما أدري كيف لم يسمع عاليا.(10/92)
185 - عبد العزيز بن محمد، أبو عاصم النَّخْشَبِيّ الحافِظ. [المتوفى: 457 هـ]
تُوُفّي في هذا العام في قول يحيى بن مَنْدَهْ، وفي سنة ستٍّ في قول غيره؛ وقد تقدَّم.(10/92)
186 - عبد الملِك بن زيادة اللَّه بن عليّ بن حسين التَّمِيميّ ثمّ الحمّانيّ، أبو مروان الطُّبْنيّ. [المتوفى: 457 هـ]
من بيت علمٍ ودين، أصلهم من طُبْنَة من عمل إفريقيّة. سمع بقرطبة من محمد بن سعيد بن نبات، ويونس بن عبد اللَّه بن مُغيث، وأبي المطرِّف القَنَازِعيّ، ومكّيّ بن أبي طالب، وطائفة. وله رحلتان إلى المشرق؛ سمع من أبي الحسن بن صَخْر، وطبقته.
وكان ذا عناية تامَّة بالحديث. وكان أديبًا، لُغويًّا، شاعِرًا، عاش سِتِّين سنة، وقُتل في داره في ربيع الآخر.(10/92)
187 - عبد الواحد بن محمد، أبو القاسم النصريّ الأصبهاني البقال. [المتوفى: 457 هـ][ص:93]
روى عن محمد بن أَحْمَد بن جَشْنِس، تُوُفّي في رجب؛ قاله أبو القاسم بن مَنْدَهْ.(10/92)
188 - عُبَيْد اللَّه بْن علي بْن عُبَيْد اللَّه، الشّيخ أبو المعالي الجيرُفْتِيّ المعروف بالعالِم. [المتوفى: 457 هـ](10/93)
189 - عليّ بن إبراهيم بن جعفر بن الصَّباح، أبو طالب الأسدي الهمذاني المزكّيّ. [المتوفى: 457 هـ]
روى عن أبيه، وأبي بكر بن لال، وابن خَيْرَان، وشُعَيْب بن عليّ، وأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وجماعة.
قال شيرويه: كان ثقة، صدوقا، وحدَّثني عنه أبو الفضل القُومسانيّ. تُوُفّي في سادس المحرم، وولد في سنة إحدى وستين وثلاثمائة.(10/93)
190 - الفضل بن محمد بن إبراهيم، أبو نصر الصيرفي الأصبهاني. [المتوفى: 457 هـ]
روى عن أبي العبَّاس الأَسَديّ، مات في ربيع الأوّل؛ قاله عبد الرَّحمن بن مَنْدَهْ.(10/93)
191 - محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن عَلِيّ، أبو الحسين ابن الأبنوسيّ، البَغْداديّ. [المتوفى: 457 هـ]
سمع أبا القاسم بن حَبَابَة، وأبا حفص عمر بن إبراهيم الكتاني.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا.(10/93)
192 - محمد بن علي، أبو بكر الحدَّاد. [المتوفى: 457 هـ]
بغدادي زاهد صالح، كبير القدر، فقيه، حفظ "مختصر الخرقي". وكان قوالا بالحق، نهاء عن المُنكر.
تُوُفّي في شوَّال من السَّنة، وشيَّعه خلائق، حكى عنه الخطيب في ترجمة دَعْلَج.(10/93)
193 - موحِّد بن عليّ بن عبد الواحد بن الموحِّد، أبو الفرج ابن البري الدمشقي. [المتوفى: 457 هـ][ص:94]
سمع عبد الرحمن بْن أَبِي نَصْر. روى عَنْهُ أبو بكر الخطيب.
وله إخوة ذكرهم الأمير ابن ماكولا بالفتح.
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: كذا ذكرهم الأمير في باب "بَرّي" بفتح الباء: يعني: أنّه بالضّم.(10/93)
-سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.(10/95)
194 - أَحْمَد بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن موسى. الْإِمام أبو بكر البَيْهَقِيّ الخِسْروجِرْدِيّ. [المتوفى: 458 هـ]
مُصَنِّف " السُّنن الكبير "، و" السنن الصغير "، و" السنن والآثار "، و" دلائل النبوة " و" شعب الإيمان "، و" الأسماء والصِّفات "، وغير ذلك.
كان واحد زمانه، وفرد أقرانه، وحافظ أوانه، ومن كبار أصحاب أبي عبد اللَّه الحاكم. أخذ مذهب الشَّافعيّ عَن أبي الفتح ناصر بن محمد العُمَرِيّ المَرْوَزِيّ، وغيره، وبرع في المذهب.
وكان مولده في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
وسمع الكثير من أبي الحسن محمد بن الحسين العلويّ، وهو أكبر شيخ له، ومن أبي طاهر محمد بن محمد بن مَحْمِش الزِّياديّ، وأبي عبد اللَّه الحافظ الحاكم، وأبي عبد الرَّحمن السُّلَميّ، وأبي بكر بن فُورَك، وأبي عليّ الروذباري، وأبي بكر الحِيَرِيّ، وإسحاق بن محمد بن يوسف السّوسيّ، وعليّ بن محمد بن عليّ السَّقّاء، وأبي زكريّا المزكّيّ، وخلقٌ من أصحاب الأصم. وحجّ فسمع ببغداد من هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد الله بن يحيى السُّكَريّ، وأبي الحسين القطَّان، وجماعة. وبمكّة من أبي عبد اللَّه بن نظيف، والحسن بن أَحْمَد بن فِراس، وبالكوفة من جَنَاح بن نذير المحاربيّ، وغيره. وشيوخه أكثر من مائة شيخ.
لم يقع له " جامع التِّرْمِذِيّ " ولا " سُنَن النَّسائيّ "، ولا " سُنَن ابن ماجه ". ودائرته في الحديث ليست كبيرة، بل بورِك له في مرويّاته وحسن تصرُّفه فيها، لحذقه وخبرته بالَأبواب والرِّجال.
روى عنه جماعة كثيرة منهم: حفيده أبو الحسن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن أبي بكر، وابنه إسماعيل بن أبي بكر وأبو عبد اللَّه الفرّاويّ، وزاهر بن طاهر الشّحّاميّ، وعبد الجبَّار بن محمد الخواري، وأخوه عبد الحميد بن محمد، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ، وعبد الجبَّار بن عبد الوهاب الدهان، وآخرون. وبعد صِيتُهُ، وقيل: إنّ تصانيفه ألف جزء، سمعها الحافظان ابن عساكر، وابن السَّمعانيّ من أصحابه. [ص:96]
وأقام مُدَّة بِبَيْهَق يُصَنَّف كُتُبَه، ثم إنّه طُلِبَ إلى نَيْسَابور لِنَشْر العلم بها فأجاب، وذلك في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة فاجتمع الأئِمَّة وحضروا مجلسه لقراءة تصانيفه. وهو أوّل من جمع نصوص الشّافعيّ، واحتجَّ لها بالكتاب والسُّنّة.
وقد صنَّف " مناقب الشَّافعيّ " في مجلد، و" مناقب أَحْمَد " في مُجلَّد، وكتاب " المدخل إلى السُّنن الكبير "، وكتاب " البعث والنُّشور " في مُجلَّد، وكتاب " الزُّهد الكبير " في مُجَلّد وسط، وكتاب " الاعتقاد " في مُجلَّد، وكتاب " الدَّعوات الكبير "، وكتاب " الدّعوات الصغير "، وكتاب " التّرغيب والتّرهيب "، وكتاب " الآداب "، وكتاب " الْإِسراء "، وله " خلافيّات " لم يُصَنَّف مثلها، وهي مُجلَّدان، وكتاب " الأربعين " سمعته بِعُلُوٍّ.
قال عبد الغافر: كان على سيرة العُلماء، قانِعًا من الدُّنيا باليسير، مُتَجَمِّلًا في زُهْدِهِ وورعه. عاد إلى النّاحية في آخر عُمْرِه، وكانت وفاته بها. وقد فاتني السَّماع منه لغيبة الوالد، ولانتقال الشّيخ آخر عمره إلى النّاحية. وقد أجاز لي.
وقال غير عبد الغافر: قال إمام الحَرَمَيْن: ما من شافعيٍّ إِلَّا وللشافعيّ عليه مِنَّةٌ إلا البيهقي، فإن له على الشّافعيّ مِنّة لتصانيفه في نْصُرة مذهبه.
قلت: كانت وفاته في عاشر جُمَادَى الأُولَى بنَيْسَابُور، ونُقِل تابوته فَدُفِنَ بِبَيْهَق، وهي ناحية كَحْوران، على يومين من نَيْسَابور وخسروجِرْد أُمّ تلك النّاحية.(10/95)
195 - أَحْمَد بن محمد أبو العباس الشقاني الحسنويي الصُّوفيّ المُتكلِّم. [المتوفى: 458 هـ]
ذكره عبد الغافر فقال: واحد عصره في جلالته وورعه وزهده، وتبحُّره في علم الأصول. تخرَّج به جماعة. وكان قانِعًا باليسير.(10/96)
196 - إبراهيم بن محمد بن موسى. الْإِمام أبو إسحاق السَّرَوِيّ، الفقيه الشَّافعيّ [المتوفى: 458 هـ]
من أهل سارية. [ص:97]
قَدِمَ بغداد في صباه، وسمع بها من أبي حفص الكتَّانيّ، وأبي طاهر المخلّص. وتفقّه على الشّيخ أبي حامد، وأخذ الفرائض عن ابن اللّبّان، وصنَّف في المذهب وأُصُوله. وصار شيخ تِلك النَّاحية. وولي قضاء سارية مُدّة، ويُقال له: المُطَهَّريّ نسبةً إلى قرية مُطَهَّر، بفتح الهاء، وطاء مُهْمَلة.
روى عنه مالك بن سنَّان، وغيره. تُوُفّي في صَفَر عن مائة سنة. من " الأنساب " للسَّمعانيّ ومن " الذَيْل " له.(10/96)
197 - الحسن بن غالب بن المبارك المقرئ، أبو عليّ البغداديّ. [المتوفى: 458 هـ]
شيَخ مُسِن، تُوُفّي في رمضان. وقد روى عن علي بن عمر، وجماعة.
قال أبو الفضل بن خَيْرُون: حدَّث عن جماعة لم يوجد له عنهم ما يُعوَّل عليه، كأبي الفضل الزُّهريّ، ومحمد بن أَحْمَد المُفيد. وحدَّث " بمُختصر الخِرقيّ " في الفقه، عن ابن سمعون ولم يكن سماعه. وواقَفْتُهُ، وجَرَتْ لي معه نُوَبٌ. وأقرأ بقراءات عن إدريس بن عليّ، ووقِّف عليها وتاب منها، وكُتِبَ عليه محضر.
وقال الخطيب: كتبنا عنه، وكان له سمْت وظاهر صَلاح، وأقرأ بما خَرَقَ به الْإِجماع فاستُتِيب.
قلتُ: روى عنه أبو غالب ابن البناء، وأبو بكر محمد بن عبد الباقيّ، وغيرهما. وقرأ عليه بالرّوايات أَحْمَد بن بدران الحَلْوَانيّ.(10/97)
198 - حمزة بن فَضَالة، أبو أَحْمَد الهَرَويّ. [المتوفى: 458 هـ]
سمع عبد الرَّحمن بن أبي شُريْح، وأبا مُعاذ شاه بن عبد الرحمن.(10/97)
199 - الخضر بن الفتح أبو القاسم الدّمشقيّ الصُّوفيّ. [المتوفى: 458 هـ]
سمع من تمام الرازي، وأبي نصر ابن الجبّان. روى عنه أبو بكر الخطيب، ونجا بن أحمد.(10/97)
200 - عبد اللَّه بن موسى، أبو محمد الأنصاريّ الطُليطُليِّ الزَّاهِد، المعروف بالشَّارقيّ. [المتوفى: 458 هـ][ص:98]
روى عن يونس بن عبد اللَّه، وأبي عمر الطَّلَمَنْكِيّ، وطبقتهما، وحجّ، وكان من العلماء العاملين، ذا ورعٍ وتَعَبُّد وتألُّه وتواضُع ونَفْع للخلق.(10/97)
201 - عبد الله ابن الْإِمام أبي عمر يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد البَرّ، أبو محمد النِّمريّ الأندلُسيّ. [المتوفى: 458 هـ]
روى عن أبيه، وأبي العباس المهدوي، وكان من أهل الأدب البارع والبلاغة الرَّائعة، ولهُ شِعرٌ حَسَن.(10/98)
202 - عبد الرَّزّاق بن عمر بن موسى بن شَمَة، أبو الطَّيّب الْأصبهانيّ التّاجر. [المتوفى: 458 هـ]
حدَّث عن أبي بكر ابن المقرئ بكتاب "السُّنَن" لَأبي قرَّة الزَّبِيديّ. روى عنه غانم بن خالد، وفاطمة بنت ناصر، وأحمد بن الفضل سمويه، وسعيد بن أبي الرّجاء، والحسين بن عبد الملك، وغيرهم.
ومات في جُمَادَى الآخرة.
وشَمَة: بالفتح والتخفيف، قيده الحسين الخلال، وابن عساكر. وقيل: شِمَة بكسر أوّله؛ كذا بخط أبي العلاء العطّار.(10/98)
203 - عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل، أبو القاسم القطان. [المتوفى: 458 هـ]
سمع أبا طاهر المخلّص، وعُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد الصّيدلانيّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا، تُوُفّي في ربيع الأوَّل.(10/98)
204 - عُبَيْد اللَّه بن عبد اللَّه بن هشام، أبو القاسم العَنْسيّ الدَّارانيّ. [المتوفى: 458 هـ]
سمع عبد الرّحمن بن أبي نصر، والحسين بن أبي كامل الأطرابُلُسيّ. روى عنه أبو بكر الخطيب، وعبد الكّريم بن حمزة.
تُوُفّي في ربيع الأوَّل.(10/98)
205 - عليّ بن إسماعيل، أبو الحسن المُرسيّ اللُّغَويّ، المعروف بابن سِيدَه. [المتوفى: 458 هـ]
مُصنِّف "المُحْكَم" في اللُّغة. ولهُ كتاب "المُخَصّص"، وكتاب "الأنيق في شرح الحماسة" عشرة أسفار. وكذا "المحكم" في مقداره. وله كتاب "العالِم في اللُّغة على الأجناس" يكون نحو مائة مُجلَّد، بدأ بالفَلَك، وختم بالذَّرَّة. وله كتاب "شاذّ اللُّغة" في خمس مجلدات.
أخذ عن أبيه، وعن صاعد بن الحسن البغداديّ.
قال أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ: دخلت مُرْسِية، فتشبَّث بي أهلها ليسمعوا عليَّ "غريب المُصنَّف"، فقلت: انظروا لي من يقرأ لكم. وأمسك أنا كتابي. فأتوني برجلٍ أعمى يُعرف بابن سِيدَه، فقرأه عليَّ كله، فعجبت من حفظه. وكان أعمى ابن أعمى.
وقال الحُمَيْديّ: إمام في اللغة والعربية، حافظ لهما، على أنَّهُ كان ضريرًا. قد جمع في ذلك جموعًا، وله مع ذلك في الشَّعر حظٌّ وتصرُّف. مات بعد خروجي من الأندلُس.
وورّخه القاضي صاعد بن أَحْمَد، وقال: بلغ ستِّين سنة أو نحوها.
وذكره الْيَسَع بن حَزْم، فذكر أنَّهُ كان يُفضِّل العجم على العرب، هو رأي الشُّعوبيَّة.
وحطَّ عليه السُّهَيْليّ في "الرَّوْض الأُنُف"، فَقَالَ: إنَّهُ يعثر في "المُحْكَم" وغيره عَثَرَاتٍ يَدْمَى منها الأَظَلُّ ويدحض دحضات تخرجه إلى سبيل من ضَلَّ، بحيث أنَّهُ قال في الْجِمار: هي الّتي تُرمى بعَرَفة، وكذا يهمُّ إذا تكلَّمَ في النَّسَب.
وقال أبو عمرو ابن الصَّلاح الشافعيّ: أضرّت به ضرارته.
قلت: ولكنَّهُ حجّةٌ في اللُّغة، موثّقٌ في نقلها. لم يكن في عصره أحد يدانيه فيها. ولهُ شِعرٌ رائق. وكان مُنْقَطِعًا إلى الأمير أبي الجيش مجاهد [ص:100] العامريّ، فلمَّا تُوُفّي حَدَثت لَأبي الحَسَن نَبْوَة في أيَّام إقبال الدّولة، فهرب منه، ثمّ عمل فيه أبياتا يستعطفه يقول فيها:
ألا هل إلى تقبيل راحتك اليُمْنَى ... سبيلٌ فإنَّ الأمن في ذاك واليُمْنَا
وإن تتأكَّد في دَمي لك نِيَّةٌ ... تصدَّق فإني لَا أحبّ له حَقْنا
فيا مَلِكِ الأملاك إنّي مُحّومٌ ... على الوِرْدِ لَا عَنْهُ أُذَادُ ولا أُدْنَى
ونِضْوِ هموم طلحته طياته ... فلا غاربا أبقين منه ولا متنا
إذا ميتة أرضتك منها فَهَاتِها ... حَبْيِبٌ إلينا ما رضيت به عنّا
وهي طويلة ووقع بها الرِّضى عنه.(10/99)
206 - عليّ بْن أَبِي طَالِب محمد بْن عليّ بن عطية المكي، أبو الحسن. [المتوفى: 458 هـ]
ولد مُصَنَّف "قوت القلوب".
سمع أباه، وأبا طاهر المُخلّص.(10/100)
207 - عمرو بن عبد الرّحمن بن أَحْمَد، أبو الحكم الكَرْمَانيّ الأندلسيّ القُرْطُبِيّ، [المتوفى: 458 هـ]
صاحِب الهندسة.
كان إمامًا لَا يُشقُّ غباره في عِلم أوقليدس ودقائقة. رحل إلى المشرق، وأخذ بحرَّان عن فُضلائِها. ثم رجع وسكن مدينة سَرَقُسْطَة، وجلب معه "رسائل إخوان الصفا". ولهُ يدٌ طولى في الطِّبّ، والجرْح، والبط.
وعمر، عاش تسعين سنة. ومات سنة ثمانٍ هذه. وهو من تلامذة مسلمة بن أحمد المرجيطي.(10/100)
208 - غانم بن أبي سهل عمرو بن أَحْمَد بن عمر الأصبهاني، الصّفار الفقيه. [المتوفى: 458 هـ](10/100)
209 - فَرَج الزَّنْجانيّ، الزَّاهد المعروف بفَرَج أخي. [المتوفى: 458 هـ]
من كبار الصالحين بتلك الدِّيار. وهو الّذي لبسنا خرقة السَّهرَوَرديّ من طريقه.
قال السِّلفيّ: سمعتُ أبا حفص عمر بن محمد بن عمّوَيْه السَّهْرورديّ ببغداد يقول: قُدِّمْتُ إليه وأنا ابن أربع سِنين. قال: ومات سنة ثمان وخمسين.(10/100)
210 - قاسم بن محمد بن سليمان بن هلال، أبو محمد القيسي الطليطلي. [المتوفى: 458 هـ]
روى عن عبدوس بن محمد، وأبي إسحاق بن شنظير، وأبي جعفر بن ميمون، وسعيد بن نصر، وابن الفَرَضيّ، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وجماعة. وحج فأخذ عن أبي الحسن بن جَهْضَم وهو في عَشْر التّسعين، وأبي ذَرّ، وغيرهما، وعُني بالعلم مع زهدٍ وصلاة وخَشْية.
كتب بخطِّه الكثير. وكان ثِقَةً إمامًا في السُّنَّة، سيفًا على أهل الأهواء، صليبًا في الحقّ. تُوُفّي في رجب.(10/101)
211 - محمد بن أحْمَد بن محمد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عبّاد. القاضي أبو عاصم العَبَّاديّ الهَرَوِيّ. الفقيه الشّافعيّ. [المتوفى: 458 هـ]
تفقّه على القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ بهَرَاة، وعلى القاضي أبي عمر البِسْطَاميّ بنَيْسَابُور.
وكان إمامًا دقيق النَّظر تنقَّل في النَّواحي، وصنف كتاب "المبسوط"، وكتاب "الهادي"، وكتاب "أدب القاضي". وله مُصَنَّف في "طبقات الفقهاء".
أخذ عنه أبو سعد الهَرَويّ وغيره. ومات في شوَّال عن ثلاثٍ وثمانين سنة.
وكان من أعيان الشافعية. روى الحديث عن أحمد بن محمد بن سهل القراب، وغيره. رَوى عَنْه إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذّن.(10/101)
212 - مُحَمَّد بْن الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن خلف بْن أَحْمَد. القاضي أَبُو يعلى ابن الفراء البغدادي الحنبلي، [المتوفى: 458 هـ]
كبير الحنابلة.
ولد في أول سنة ثمانين وثلاثمائة. وسمع أبا الحسن الحربيّ، وإسماعيل بن سُوَيْد، وأبا القاسم بن حبابة، وعيسى بن الوزير، وابن أخي ميميّ، وأبا طاهر المخلّص، وأم الفتح بنت أَحْمَد بن كامل، وأبا الطَّيّب بن منْتاب، وابن معروف، وجماعة.
وأملى مجالس. روى عنه أبو بكر الخطيب، وابنه القاضي أبو الحسين محمد، وأبو الخطَّاب الكلوذانيّ، وأبو الوفاء بن عقيل، وأبو غالب ابن البناء، [ص:102] وأخوه يحيى ابن البنَّاء وأبو العز بن كادش، وأبو بكر قاضي المارستان. وآخر من روى عنه أبو سَعْد أَحْمَد بن محمد بن عليّ الزَّوْزَنيّ الصّوفيّ فيما علِمت. وروى عنه من القدماء أبو عليّ الأهوازي، وبين وفاته ووفاة هذا تسعون سنة.
قال الخطيب: ولَأبي يَعْلى تصانيف على مذهب أَحْمَد. ودرَّسَ وأفتى سنين كثيرة. وولي القضاء بحريم دار الخلافة. وكان ثِقة. وتُوُفّي في شهر رمضان في تاسع عشره.
وذكره ابنه أبو الحسين في كتاب "الطَّبقات" له فقال: كان عالم زمانه، وفريد عصره، ونسيج وحده، وقريع دهره. وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدِّين والدُّنيا المحلّ السَّاميّ، والحظّ الرفيع عند الْإِمامين القادر، والقائم، وأصحاب الْإِمام أَحْمَد له يتبعون، ولتصانيفه يدرسون، وبقوله يُفتون، وعليه يُعوِّلون. والفُقَهاء على اختلاف مذاهبهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقاله يسمعون، وبه ينتفعون.
وقد شُوُهِدَ له من الحال ما يغني عن المقال، لا سيما مذهب الْإِمام أَحْمَد، واختلافات الرّوايات عنه، وما صُحَّ لديه منه، مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والْجَدَل، وغير ذلك من العلوم، مع الزُّهد، والورع، والعِفّة والقناعة، والانقطاع عن الدُنيا وأهلها، واشتغاله بالعِلْم ونشره. وكان أبوه أحد شهود الحضرة، قد درس على الفقيه أبي بكر الرّازيّ مذهب أبي حنيفة، وتُوُفّي سنة تسعين، وكان سِنّ الوالد إذ ذاك عشر سنين إِلَّا أيَّامًا، وكان وصيَّه رَجُلٌ يعرف بالحربي يسكن بدار القَزّ، فنقله من باب الطَّاق إلى شارع دار القَزّ وفيه مسجد يُصلِّي فيه شيخ يُعرف بابن مفرحة المقرئ يُقرئ القُرآن، ويُلَقِّن العبادات من "مُختصر الخِرَقِيّ" فلقَّن الوالد ما جرت عادته، فاستزاده، فقال: إنْ أردت الزِّيادة فعليك بالشّيخ أبي عبد اللَّه بن حامد، فإنَّهُ شيخ الطَّائِفة، ومسجده بباب الشَّعير. فمضى الوالِد إليه، وصحبه إلى أن تُوُفّي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة، وتفقَّه عليه.
ولمَّا خَرَج ابن حامد إلى الحج سنة اثنتين وأربعمائة سأله محمد بن عليّ: على من ندرس؟ وإلى من نجلس؟ فقال: إلى هذا الفتى. وأشار إلى [ص:103] الوالد. وقد كان لابن حامد أصحابٌ كُثُر، فتفرَّس في الوالد ما أظهره اللَّه عليه.
وأول سماعه للحديث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة من السُّكّريّ، ومن موسى بن عيسى السَّرّاج، وأبي الحسن عليّ بن معروف. وسمَّى جماعة، ثم قال: ومن أبيه، ومن القاضي أبي محمد ابن الأكفانيّ، ومن أبي نصر بن الشّاه. وسمع بمكَّة، ودمشق، وحلب.
قلت: سمع بدمشق من عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي نَصْر التَّميميّ.
قال: وابتدأ بالتدريس والتصنيف بعد وفاة ابن حامد وحج سنة أربع عشرة وأربعمائة.
قال: ولو بالَغْنَا في وَصْفِهِ لكُنَّا إلى التّقصير فيما نذكُرُه أقرب. إذ انتشر على لسان الخطير والحقير ذِكْرِ فضله. قصده الشّريف أبو عليّ بن أبي موسى دفعات ليشهد عند قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا، ويكون ولد القاضي أبي عليّ أبو القاسم تابعًا له، فأبى عليه، فمضى الشَّريف إلى أبي القاسم بن بِشْران، وسأله أن يشهد مع ولده، وقد كان ابن بِشْران قد ترك الشّهادة، فأجابه. وتُوُفّي الشّريف أبو عليّ سنة ثمانٍ وعشرين، ثم تكرَّرت سؤالات ابن ماكولا إلى الوالد أن يشهد عنده، فأجاب وشهد كارِهًا لذلك.
وحضر الوالد دار الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة مع الزَّاهِد أبي الحسن القزوينيّ لفسادِ قولٍ جرى من المخالفين لما شاع قراءة كتاب "إبطال التأويل"، فخرج إلى الولد "الاعتقاد القادري" في ذلك بما يعتقده الوالد. وكان قبل ذلك قد التمس منه حمّل كتاب "إبطال التأويل" ليُتَأمَّل، فأُعيد إلى الوالد وشُكِر لهُ تصنيفه. وذكر بعض أصحاب الوالد أنَّهُ كان حاضرًا في ذلك اليوم فقال: رأيتُ قارئ التَّوقيع الخارج من القائم بأمر اللَّه قائمًا على قدميه، والمُوافق والمُخالِف بين يديه، ثم أُخِذت في تلك الصَّحيفة خطوط الحاضرين من العلماء على اختلاف مذاهبهم، وجُعِلت كالشَّرط المشروط. فكتب أوَّلًا القزوينيّ: هذا قول أهل السُّنَّة، وهو اعتقاديّ. وكتب الوالد بعده، والقاضي [ص:104] أبو الطَّيّب الطَّبَريّ، وأعيان الفقهاء بين موافقٍ ومخالف.
قال: ثمّ تُوُفّي ابن القزوينيّ سنة اثنتين وأربعين، وخصومنا عالم كثير، فجرت أمور فحضر الوالد سنة خمسٍ وأربعين دار الخلافة، فجلس أبو القاسم علي رئيس الرُّؤساء، ومعه خلق من كبار الفقهاء والرؤساء، فقال أبو القاسم على رؤوس الأشهاد: القرآن كلام اللَّه، وأخبار الصَّفات تمر كما جاءت. وأصلح بين الفريقين.
فلمَّا تُوُفّي قاضي القُضاة ابن ماكولا راسل رئيس الرُّؤساء الوالد لِيَلِيَ القضاء بدار الخلافة والحريم، فأبى فكرر عليه السؤال، فاشترط عليهم أن لا يحضر أيام المواكب، ولا يقصد دار السُّلطان، ويستخلف على الحريم فأجيب. وكان قد ترشح لقضاء الحريم القاضي أبو الطَّيّب. ثم أُضِيف إلى الوالد قضاء حرَّان وحُلْوان، فاستناب فيهما.
وقال تلميذه عليّ بن نصر العُكْبَريّ:
رفع اللَّه رايةَ الْإِسلام ... حين رُدَّت إلى الأجلّ الْإِمام
التقيّ النّقيّ ذي المنطق الصا ... ئب في كلّ حجّةٍ وكلام
خائفُ مُشفقٌ إذا حضر الخصما ... ن يخشى من هَوْل يوم الخصام
في أبيات.
ولم يزل جاريا على سديد القضاء وإنفاذ الأحكام حتَّى تُوُفّى.
ولو شرحنا قضاياه السَّديدة لكانت كتابًا قائِمًا بنفسه.
وقد قرأ القُرآن بالقراءات العشر، ولقد حضر النَّاس مجلسه وهو يُملي الحديث على كُرسيِّ عبد اللَّه ابن إمامنا أَحْمَد. فكان المُبلِّغون عنه والمستملون ثلاثة: خالي أبو محمد، وأبو منصور الأنباريّ، وأبو عليّ البرداني. وأخبرني جماعة من الفقهاء ممن حضر الْإِملاء أنَّهُم سجدوا على ظهور الناس، لكثرة الزحام في صلاة الجمعة. وحُزر العدد بالَألوف. وكان يومًا مشهودا. وحضرتُ أنا أكثر أماليه.
وكان يُقسّم ليله أقسامًا: قسم للمنام، وقسم للقيام، وقسم لتصنيف [ص:105] الحلال والحرام.
ومن شاهد ما كان عليه من السَّكينة والوقار، وما كسا اللَّه وَجْهَهُ من الأنوار، شهد له بالدّين والفضل ضرورة.
وتفقَّه عليه: أبو الحسن البغداديّ، والشَّريف أبو جعفر الهاشمي، وأبو الغنائم ابن الغباري، وأبو علي ابن البناء، وأبو الوفاء ابن القوَّاس، وأبو الحسن النّهريّ، وأبو الوفاء بن عَقِيل، وأبو الحسن بن جدَّا العُكْبَرِيّ، وأبو الخطَّاب الكلوذانيّ، وأبو يَعْلى الكَيَّال، وأبو الفرج المقدسيّ. ثم سمَّى جماعة.
قال: ومصنَّفاته كثيرة، فمنها: "أحكام القرآن"، و"مسائل الإيمان" و"المعتمد" ومختصره و"المقتبس" و" عيون المسائل "، و" الرد على الأشعرية "، و"الرد على الكرامية"، و"الرد على المجسمة"، و"الرد على السالمية"، و"إبطال التأويلات لأخبار الصفات"، ومختصره و"الانتصار لشيخنا أبي بكر"، و"الكلام في الاستواء" و"الكلام في حروف المعجم"، و"أربع مقدمات في أصول الديانات"، و"العدة" في أصول الفقه، ومختصرها، و"الكفاية" في أصول الفقه، ومختصرها، و"فضائل أَحْمَد"، وكتاب "الطِّبّ"، وكتاب "اللبّاس"، وكتاب "الأمر بالمعروف"، و"شروط أهل الذمة"، و"التوكل"، و"ذم الغناء"، و"الاختلاف في الذبيح"، و"تفضيل الفقر على الغنى"، و"فضل ليلة الجمعة على ليلة القدر"، و"إبطال الحيل"، و"المجرد في المذهب"، و"شرح الخرقي"، و"كتاب الراويتين"، وقطعة من "الجامع الكبير". و"الجامع الكبير"، و"شرح المذهب"، و"الخصال"، و"الأقسام"، وكتاب "الخلاف الكبير".
وقد حمل النَّاس عنه علمًا كثيرًا، وهو مُسْتَغنٍ باشتهار فضله عن الْإِطناب في وصفه.
تُوُفّي فصلَّى عليه أخي أبو القاسم، فقيل إنَّهُ لم يُرَ في جنازة بعد جنازة أبي الحسن القَزْوِينيّ الْجَمْعُ الّذي حضر جنازته.
وسمعت أبا الحسن النَّهريّ يقول: لمَّا قدِم الوزير ابن دارست عبرتُ أبصرته، ففاتني الدّرسُ، فلمَّا جِئتُ قلتُ للقاضي: يا سيّدي تتفضَّل وتُعيد لي [ص:106] الدَّرس. فقال: أين كنت؟ قال: مضيت أبصرت ابن دارست. فقال: ويحك، تمضي وتنظر إلى الظلمة؟ وعنَّفني.
قال: وكان ينهانا دائمًا عن مُخالطة أبناء الدُّنيا، وعن النَّظر إليهم والاجتماع بهم، ويأمُر بالاشتغال بالعِلم ومجالسة الصّالحين.
سمعتُ خالي عبد اللَّه يقول: حضرت مع والدك في دار رئيس الرُّؤساء بعد مجيء طُغْرُلْبَك، وقد أنفذ إليه غير مرَّة ليحضِر، فلمَّا حضر زاد في إكرامه، وأجلسه إلى جانبه، وقال له: لم يزل بيت المُسلِمة وبيت الفرَّاء مُمتَزِجين، فما هذا الانقطاع؟ فقال له القاضي: رُوِيَ عن إبراهيم الحربيّ أنَّه استزاره المُعتّضِد، وقربه وأجازه، فرد جائزته، فقال له: أكتم مجلسنا، ولا تُخبِر بما فعلنا بك ولا بماذا قابلتنا.
فقال: لي إخوان لو علموا باجتماعي بك هجروني. قال: فقال له رئيس الرُّؤساء كلاما أسره إليه، ومد كمه إليه، فتأخَّر القاضي عنه، وسمعته يقول: أنا في كفايةٍ ودِعة. فقلت له: يا سيِّدنا ما قال لك؟ قال: قال لي: معي شُويّ من بقيّة ذلك الْإِرث المُستطاب، وأُحِبُ أن تأخُذه. فقلت: أنا في كفاية.
سمعتُ بعض أصحابنا يحكي، قال: لما حَصُبَ القائم وعُوفِيَ، حضر الشّيخ أبو منصور بن يوسف عند الوالد، وقال له: لو سهل عليك أن تمضي إلى باب الغربة، لتهنئ الخليفة بالعافية. فمضى إلى هنالك، فخرج إليه الحاجب، ومعه جائزة سنِّيّة، وعرَّفه شُكْرَ الْإِمام لسَعْيِه، وتبرُّكه بدعائه، وسأله قبول ذلك. قال: فَوَاللَّه ما مسَّها، ولا قبِلها.
سمعتُ جماعة من أهلي أنَّ في سنة إحدى وخمسين وقع النَّهب بالجانب الغربيّ، انتقل الوالد، وكان في بيته خُبْزٌ يابس، فنقله معه، وترك نقل رَحْله، لتعذُّر من يحمله، فكان يقتات منه، وقال: هذه الأطعمة اليوم نهوب [ص:107] وغُصُوب، ولا آكُل من ذلك شيئًا. فبقي ما شاء اللَّه يتقوَّت من ذلك الخُبز اليابس، ولحقه منه مرض.
وكان الوالد يختم في المسجد في كلِّ ليلة جمعة ويدعو، ما أخل بهذا سنين عديدة إِلَّا لعُذر.
ولعلَّ يقول ناظِرٌ في هذا: كيف استجاز مدح والده؟ فإنَّما حَمَلَنا على ذلك كثرة قول المُخالفين، وما يُلْقون إلى تابعيهم من الزُّور والبُهْتان، ويتخرَّصون على هذا الْإِمام من التّحريف والعدوان.
أنشدني بعض أصحابه، فقال:
من اقتنى وسيلةً وذُخْرا ... يرجو بها مَثُوبةً وأَجْرا
فحجَّتي يوم أُوَافي الحشرا ... معتقدي عقيدة ابن الفرّا
قال أبو الحسين: اعلم، زادنا اللَّه وإيّاك عِلمًا ينفعنا به، وجعلنا مِمَّن آثر الآيات الصّريحة، والَأحاديث الصحيحة، على آراء المُتَكلِّمين، وأهواء المتكلفين، أن الذي درج عليه صالحو السَّلَف التَّمسُّك بكتاب اللَّه، واتِّباع سُنَّة محمد صلّى اللَّه عليه وسلم، ثم ما روي عن الصَّحابة، ثم عن التّابعين والخالفين لهم من علماء المُسلمين: الْإِيمان والتَّصديق بكل ما وصف اللَّه به نَفْسَهُ، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتَّنْقير، والتّسليم لذلك، من غير تعطيلٍ، ولا تشبيهٍ، ولا تفسيرٍ، ولا تأويل، وهي الطَّائفة المنصورة، والفرقة النَّاجية، فهُم أصحاب الحديث والَأثر، والوالدُ تابِعُهم. هم خلفاء الرّسول، وورثة حكمته، بهم يلحق التَّالي، وإليهم يرجع الغالي. وهم الذين نبزهم أهل البدع والضلال أنهم مشبهة جهال؛ فاعتقاد الوالد وسَلَفهُ أن إثبات الصِّفات إنَّما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد وكيفيَّة، وأنّها صفات لا تُشبه صفات البرّيّة، ولا يُدْرَك حقيقةُ عِلمها بالفِكر والرَّويّة. فالحنبليّة لَا يقولون في الصِّفات بتعطيل المُعطِّلة، ولا بتشبيه المُشبِّهين، ولا بتأويل المُتأوّلين. بل مذهبهم حقٌّ بين باطِلَيْن، وهدًى بين ضلالتين. إثبات الأسماء والصِّفات، مع نفي التّشبيه والَأدوات، على أنَّ اللَّه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البصير}.
وقد قال الوالد في أخبار الصفات: المذهب في ذَلِكَ قبول هذه الأحاديث على ما جاءت به، [ص:108] من غير عدول عنه إلى تأويلٍ يُخالِف ظاهرها، مع الاعتقاد بأن اللَّه سبحانه بخلاف كُلِّ شيءٍ سواه. وكل ما يقع في الخواطر من تشبيه أو تكييف، فاللَّه يتعالى عن ذلك. واللَّه ليس كمثله شيء، لَا يوصف بصفات المخلوقين الدَّالة على حَدَثَهم، ولا يجوز عليه ما يجوز عليهم من التَّغيير، ليس بجسمٍ، ولا جوهر، ولا عَرَض، وإنَّهُ لم يزل ولا يزال، وصفاته لا تُشْبِه صفات المخلوقين.
قلت: لم يكُن للقاضي أبي يَعْلَى خِبرَةٌ بعلل الحديث ولا برجاله، فاحتجّ بأحاديث كثيرة واهية في الأصول والفُروع لعدم بصره بالَأسانيد والرِّجال.
وقد حطَّ عليه صاحب "الكامل" فقال: هو مُصَنِّف كتاب "الصِّفات" أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض، تعالى اللَّه عَن ذَلِكَ.
وأمَّا في الفقه ومعرِفة مذاهب النَّاس، ومعرفة نصوص أَحْمَد، رحمه اللَّه، واختلافها، فإمام لَا يُدرَك قراره، رحمه اللَّه تعالى.(10/101)
213 - محمد بن عبد الرّحمن بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن، أَبُو بَكْر بن أبي الحسن الْأصبهانيّ الكرّانيّ المعدّل. [المتوفى: 458 هـ]
مات في شوّال.(10/108)
214 - محمد بن عبد الملك بن محمد الأصبهاني البزار - براء. [المتوفى: 458 هـ]
سمع ابن منده. وعنه الحسين بن عبد الملك الخلال.
مات في شوال.(10/108)
215 - محمد بن الفضل بن جعفر، أبو سعد التميمي الهمذاني المعروف بابن أبي اللَّيْث. [المتوفى: 458 هـ]
روى عن أبي بكر بن لال، وأبي بكر الشّيرازيّ، وابن تُرْكان، وطاهر بن ماهلة، وجماعة.
قال شيروَيْه: كان صدوقًا. ومات في ذي الحجّة.(10/108)
216 - محمد بن وهب بن محمد الأندلُسيّ. الفقيه المعروف بنوح الغافقي. [المتوفى: 458 هـ]
له ذرية علماء وقراء. توفي في رمضان.(10/108)
-سنة تسع وخمسين وأربعمائة.(10/109)
217 - أَحْمَد بن سعيد بن محمد بن أبي الفيَّاض، أبو بكر الأندلُسيّ الأستجيّ. [المتوفى: 459 هـ]
سمع ببلده من يوسف بن عَمْرو. وبالمَرِيّة من أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، والمُهلَّب بن أبي صُفْرَة.
وله تاريخ على الأخبار. وعاش قريبًا من ثمانين سنة.(10/109)
218 - أَحْمَد بن عبد اللَّه بن أَحْمَد بن مَهْران، أبو العبَّاس الْأصبهانيّ. [المتوفى: 459 هـ]
سمع "جُزء لُوَيْن" من ابن المَرْزُبان الأَبْهَرِيّ. وعنه أبو عليّ الحدّاد.(10/109)
219 - أَحْمَد بن عبد الباقي بن الحَسَن بن محمد بن عُبَيْد اللَّه بن طَوْق. أبو نصر المَوْصِلِيّ. [المتوفى: 459 هـ]
حدَّث بالموصِل، وبغداد عن نصر المُرَجَّى، وعبد اللَّه بن القاسم الصَّوّاف.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثِقة. قال لي: ولدت سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. وتوفي بالموصل في رمضان.
قلت: روى عنه ابن خميس.(10/109)
220 - أَحْمَد بن مُغِيث بن أَحْمَد بن مُغيث، أبو جعفر الصَّدَفيّ الطُّلَيْطُليّ. [المتوفى: 459 هـ]
كان من أهل البراعة والفهم والرياسة في العِلم، مُتَفَنِّنًا عالِمًا بالحديث وعِلَلَه، وبالفرائِض، والحِساب، واللُّغة، والنَّحو. ولهُ يدٌ طولى في التَّفسير، ولهُ كتاب "المُقْنِع" في عقد الشّروط.
روى عن أبي بكر خَلَف بن أَحْمَد، وأبي محمد بن عبَّاس. وكان كلِفًا بجمع المال.
تُوُفّي في صَفَر عن ثلاثٍ وخمسين سنة.(10/109)
221 - أحمد بن منصور بن خلف بن حمّود أبو بكر المغربيّ، ثمّ النّيسابوريّ، [المتوفى: 459 هـ]
وبها ولد.
سمع من أبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزَيْمة، وأبي محمد عبد اللَّه بن أَحْمَد بن محمد الصيرفي، وأبي بكر الجوزقي. وحدث عن الْجَوْزَقِيّ بكتاب "المُتَّفَق" بفوتٍ لهُ فيه.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أمَّا شيخنا أبو بكر المغربي البزاز أخو خَلَف فشيخٌ نظيف، طاف به وبأخيه أبوهما الشّيخ منصور على مشايخ عصره، فسمع الكثير، وجمع لهُ الفوائد. سمع منهُ الأئِمَّة الكبار، ورزق الرواية سنين. وعاش عيشا نقيا.
توفي سنة اثنتين وستين وأربعمائة.
كذا قال، وقال غيره: تُوُفِّي سنة ستيّن.
وقال أَبُو القاسم بْن مَنْدَه: تُوُفّي فِي رمضان سنة تسعٍ وخمسين.
قلت: روى عنه أبو عبد الله الفرواي، وزاهر الشَّحّاميّ، وعبد الرَّحمن بن عبد اللَّه البحيري، وعبد الغافر الفارسي، وآخرون.(10/110)
222 - الحسين بن محمد بن إبراهيم بن الحسين، أبو القاسم الحنّائيِّ الدِّمَشقيّ المعدّل، [المتوفى: 459 هـ]
صاحب الأجزاء "الحنّائيّات" العشرة التي خرَّجها لهُ النَّخشُبيّ.
قال النّسيب: سألتُ الشّيخ الثِّقة الدّين الفاضل أبا القاسم الحنَّائيّ المُحدِّث عن مولده، فقال: في شوال سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
وقال ابن ماكولا: كتبت عنه، وكان ثقةً. وهو منسوب إلى بيع الحِنَّاء.
وقال الكتَّانيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وهو آخر من حدَّث عَنِ الْحَسَن بْن محمد بن درسْتُوَيه. ودُفِن على أخيه عليّ بمقابر باب كَيْسان. وكانت له جنازة عظيمة ما رأينا مثلها من مُدَّة.
قلت: روى عن عبد الوهَّاب الكِلابيّ، وابن درستُوَيْه، وعبد اللَّه بن محمد، [ص:111] الحِنّائيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن عثمان بْن أَبِي الحديد، وتمَّام الرّازيّ، ومحمد بن عبد الرَّحمن القطَّان، وأبي الحسن بن جَهْضَم، وجماعة.
روى عَنْه أبو سعد السَّمّان، ومات قبله، وأبو بكر الخطيب، ومكّيّ الرُّمَيْليّ، وسهل بن بِشر، وعبد المنعم بن عليّ الكِلابيّ، وأبو القاسم النسيب، وهبة الله ابن الأكْفَانيّ، وأبو طاهر محمد، وأبو الحسين عبد الرحمن ابناه، وأبو الحسن ابن المَوَازِينِيّ، وطاهر بن سهل بن بِشْر، وعبد الكريم بن حمزة، وأبو الحسن بن سعيد الدِّمشقيِّون، وثعلب بن جعفر السّرّاج، وآخرون.(10/110)
223 - الحسن بن عليّ بن وَهْب، أبو عليّ الدّمشقيّ الصُّوفيّ المقرئ، العبد الصَّالح. [المتوفى: 459 هـ]
روى عن محمد بن عبد الرّحمن القطّان. وعنه أبو نصر بن ماكولا، وهبة الله ابن الأكفاني.
توفي في جمادى الأولى.(10/111)
224 - الخِضر بن منصور الدّمشقيّ. الضّرير ويُعرف بابن الحبَّال. [المتوفى: 459 هـ]
سمع عبد الرَّحمن بن أبي نَصْر، وعقيل بن عبْدان، روى عنه أبو بكر الخطيب، وهبة الله ابن الأكفاني.(10/111)
225 - سعيد بن عُبَيْدة بن طَلْحة. أبو عثمان العَبْسيّ، [المتوفى: 459 هـ]
خطيب إشبيليّة.
وُلِدَ سنة خمسٍ وستّين وثلاثمائة، وصحب أبا بكر الزُّبيْديّ وأكثر عنه وعن غيره. وحج، ورحل سنة ثمان عشرة وأربعمائة.
وكان من أهل الذَكاء والثِّقة.
تُوُفّي في شعبان.(10/111)
226 - سعيد بن محمد بن الحسن المَرْوَزِيّ الْإِدريسي. [المتوفى: 459 هـ]
إمام جامع صُور وخطيبها. [ص:112]
تُوُفّي أيضًا في شعبان.
حدَّث عن أَحْمَد بن فِراس العَبْقَسِيّ وأبي الحسين بن بِشْران المُعدّل، وجماعة.
روى عنه مكّيّ الرُّمَيْليّ، وأجاز لهبة الله ابن الأكفاني.(10/111)
227 - صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الهَرَوِيّ الأَزْديّ. [المتوفى: 459 هـ]
قاضي هَرَاة وابن قُضاتها.
صار زعيم أصحاب الحديث بهَرَاة. وهو ابن عمّ راوي التِّرْمِذيّ أبي عامر محمود بن القاسم.(10/112)
228 - عالي بن أبي الفتح عثمان بن جِنِّي، أبو سعد الموصليّ. [المتوفى: 459 هـ]
سمع من نصر المُرَجِّي بالموصِل، وعيسى بن الوزير ببغداد. وسكن صُور. روى عنه ابن ماكولا، ومكّي الرُّميليّ، وأبو زكريّا التِّبْرِيزِيّ.
وكان أديبًا فاضلًا. أخذ عن أبيه، وهو صحيح السماع.
مات بصيدا سنة ثمانٍ أو تسعٍ وخمسين، ولهُ ثمانون سنة.(10/112)
229 - عبد الجّليل بن مخلوف. الْإِمام أبو محمد المالكيّ. [المتوفى: 459 هـ]
أفتى بمصر، ودرَّس أربعين سنة.
روى السِّلفيّ وفاته في هذه السَّنة، عن شخص فاضل رآه. قال: وصلّى عليه رفيقه الفقيه عبد الحقّ بن محمد بن هارون السّبْتِيّ. قال: وفيها مات عبد الحق هذا ببيت المقْدِس.
قال: وفيها مات الفقيه أبو إسحاق الأشيري.(10/112)
230 - عبد الصَّمد بن محمد بن تميم بن غانم التّميميّ، أبو الفتح الدّمشقيّ [المتوفى: 459 هـ]
إمام جامع دمشق.
سمع عبد اللَّه بن محمد الحِنَّائيّ، وعبد الرحمن بن أبي نصر.
روى عنه ابن بنته هبة الله ابن الأكفانيّ. وتُوُفّي في المُحرَّم.(10/112)
231 - عبد الكريم بن عليّ، أبو عبد اللَّه التّميميّ، المعروف بابن السني. [المتوفى: 459 هـ][ص:113]
بغداديّ.
روى عن ابن زَنْبور الورَّاق، والقاضي أبي محمد ابن الأكفانيّ.
قال الخطيب: صدوق، كثير التِّلاوة.(10/112)
232 - عُبَيْد اللَّه بن محمد بن ميمون، أبو طاهر الأسديّ، [المتوفى: 459 هـ]
قاضي الكوفة.
ثقة، انتخب عليه أبو الغنائم محمد بن عليّ النَّرْسيّ. سمع من محمد بن عبد اللَّه الْجُعَفيّ، وطبقته.(10/113)
233 - عليّ بن بكَّار، أبو الحسن الصُّوريّ الشّاهد. [المتوفى: 459 هـ]
رحل وسمع من أبي الحسن ابن السِّمْسَار، وابن الطُّبَّيْز، وصالح بن أَحْمَد المَيَانِجِيّ، وأبي ذر الهروي.
روى عنه مكّيّ الرُّميليّ، وسهل بن بِشر، وغيرهما.(10/113)
234 - عليّ بن الحسن بن عمر الزُّهْريّ الثَّمَانِينيّ. الرّجل الصالح. [المتوفى: 459 هـ]
روى عن أبي خازم ابن الفرَّاء، وأبي القاسم الحِنّائيّ.
روى عنه أبو بكر الخطيب، ونَصْر المقدسيّ مع جلالتهما.(10/113)
235 - عليّ بن الخِضر العثمانيّ الدّمشقيّ. الحاسب أبو الحسن. [المتوفى: 459 هـ]
صاحب التّصانيف في الحساب.
روى عن رشأ بن نظيف، ومحمد بن عبد الرَّحمن بن أبي نصر.
وجمع وفيات مشايخ.
روى عنه أخوه لأمه الحسن بن الحسن الكلابي الماسح، وأبو بكر الخطيب، وهو أحد شيوخه.
تُوُفّي في شوّال.(10/113)
236 - عليّ بْن محمد بْن الحسن بن يزداد. القاضي أبو تمام الواسطي [المتوفى: 459 هـ]
مسند أهل واسط.
حدث عن أبي الحسين محمد بن المُظفّر، وأبي الفضل الزُّهْريّ، [ص:114] وغيرهما. وتُوُفّي في شوّال. ولعلَّهُ عاش تسعين سنة أو نحوها.
قال الخطيب: تقلَّد قضاء واسط مُدَّة، وكان مُعتزليا.
روى عنه أبو القاسم ابن السمرقندي بالإجازة.(10/113)
237 - الفُضَيْل بن محمد بن الفُضَيْل، أبو عاصم الفُضَيْليّ الهَرَوِيّ. [المتوفى: 459 هـ]
سمع أبا منصور محمد بن محمد الأَزْديّ، وأبا طاهر محمد بن محمد بن محمش. روى عنه ابنه إسماعيل.(10/114)
238 - محمد بن أَحْمَد بن عَدْل، أبو عبد اللَّه الأمويّ الأندلُسيّ الطُّلَيْطُلِيّ. [المتوفى: 459 هـ]
سمع من عبد اللَّه بن ذَنّين، وعبد الرَّحمن بن عبَّاس. وكان ثقةً عابدًا خاشعًا خائفًا. وكان يعظ النّاس.(10/114)
239 - محمد بن إسماعيل بن أَحْمَد بن عمرو. القاضي أبو عليّ الطُّوسيّ، المعروف بالعراقيّ [المتوفى: 459 هـ]
لطول إقامته بالعراق، ولظُرفه.
ولي قضاء طوس مُدَّة. وكان من كبار الشّافعيّة وأئِمّتهم. لهُ شُهرة بخُراسان. سمع من أبي طاهر المخلّص، وتفقه على: أبي حامد الإسفراييني، وأبي محمد البافيّ. وناظر بجرجان في مجلس أبي سَعْد الْإِسماعيليّ. أخذ عنه جماعة.(10/114)
240 - محمد بن الحبيب بن طاهر بن عليّ بن شمَّاخ، أبو عليّ الغافقيّ. [المتوفى: 459 هـ]
من أهل غافق.
سمع بقرطبة من يونس بن عبد الله، ومكي، وأبي محمد ابن الشّقّاق، وجماعة. وحجّ سنة إحدى وعشرين، فأخذ بمصر عن القاضي عبد الوهَّاب المالكيّ، وسمع منه كتاب "التَّلقين" لهُ. ولقي بمكَّة أبا ذَرّ.
وكان من أهل الدّين والتواضع والطّهارة والأحوال الصالحة.
قال ابن بشكوال: أخبرنا عنه أبو محمد بن عتّاب بجميع ما رواه عن [ص:115] عبد الوهاب. توفي فجاءة بغافق فِي رمضان.(10/114)
241 - مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن عمر، أبو بكر العدويّ العُمَريّ الهرويّ الفقيه التّاجر. [المتوفى: 459 هـ]
سمع أبا محمد بن أبي شُرَيْح. روى عنه زاهر الشّحّاميّ.(10/115)
242 - محمد بن عليّ بن محمد بن الحسين بن مِهْرَبْزُد. أبو مسلم الْأصبهانيّ، الأديب المُفسِّر النّحوي المُعتزليّ. [المتوفى: 459 هـ]
قال يحيى بن مَنْدَهْ في "تاريخه" أنَّهُ صنف "التفسير"، وحدث عن أبي بكر ابن المقرئ. وكان عارفا بالنحو، غاليا في مذهب الاعتزال. وهو آخر من حدَّث بأصبهان عن ابن المقرئ. مات في سنة تسعٍ وخمسين.
زاد غيره: في جُمَادى الآخِرة.
وقال محمد بن عبد الواحِد الدَّقّاق: سألته عن مولده فقال: في سنة ست وستين وثلاثمائة.
قلت: وتفسيره في عشرين مُجَلَّدًا وكان به بمصر نُسخة للشَّرَف المُرْسيّ. وآخر من حدَّث عنه إسماعيل بن عليّ الحمّاميّ الْأصبهانيّ؛ روى عنه "جزء مأمون"، وغيره.(10/115)
243 - نجيب بن عمَّار، أبو السَّرايا بن أبي فراس الغَنَوِيّ. [المتوفى: 459 هـ]
شاعر رئيس، كان أبوه مُتَولِّي الرقة. سمع أبا محمد بن أبي نَصْر، وغيره. وعنه ابن الأكفانيّ.(10/115)
-سنة ستين وأربعمائة.(10/116)
244 - أَحْمَد بن سعيد، أبو جعفر اللَّوْزَنكيّ، الفقيه المالكّيّ، [المتوفى: 460 هـ]
مُفتي طُلَيْطُلَة.
امتحنه المأمون رئيس طُلَيْطُلة هو وولد ابن مُغِيث، وولد ابن أسد، وثلاثة آخرين، وُشِي بهم عنده بالتُّهمة على سُلْطانه، فاستدعاهم مع قاضيهم أبي زيد القُرْطُبيّ، وقيَّدهم. فهمَّت العامَّة بالنُّفور إلى السِّلاح، فبذل السّيف فيمن أعلن سِلاحًا، فسكنوا. واستُبيحت دُور المذكورين المُمْتحَنِين ونُهِبَت، وذلك في هذا العام، وسُجِنوا. وسُجِن الوزير ابن غصْن الأديب مُصَنِّف كتاب "المُمْتَحِنين" من عهد آدم إلى زمانه من الأنبياء والصِّدّيقين والعلماء.
واتُّهِم بالسَّعي بالمذكورين ابن الحديدي، وحاز رياسة البلد وحده. فمات المأمون، وولي بعده حفيده القادر، والَأمر في البلد لابن الحديديّ، فقيل للقادر في شأنه، فأخرج أضداده، فقتلوا ابن الحديديّ، وطافوا برأسه، ومعهم ابن اللَّوْزَنْكِيّ وقد أَضَرَّ. ولعلَّهُ بقي إلى بعد السَّبعين، فاللَّه أعلم.(10/116)
245 - أَحْمَد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر، أبو بكر الباطِرقانيّ المقرئ الْأصبهانيّ الأُستاذ. [المتوفى: 460 هـ]
قال يحيى بن مَنْدَهْ: كتب الكثير عن أبي عبد الله بن منده، وإبراهيم بن خرشيد قوله، وعبد اللَّه بن جعفر، وأبي مسلم بن شهدل، وأحمد بن يوسف الثَّقفيّ، والحسن بن محمد بن يَوَه. وهو كثير السَّماع، واسع الرِّواية، دقيق الخطّ؛ قرأ القُرآن على جماعة من الأئِمَّة القُدَماء، وصنَّف كتاب "الشَّواذ"، وكتاب "طبقات القُرَّاء". وقال لي: وُلِدْتُ سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
وتُوُفّي في ثاني وعشرين صَفَر.
ذكره عمِّي يوما، والحافظ عبد العزيز النخشبي وجماعة حاضرون، فقال عبد العزيز: صنَّف "مُسْنَدًا" ضمَّنَهُ ما اشتمل على "صحيح البُخاريّ" إِلَّا أنَّهُ كتب أكثره من الأصل ثم ألحقه الإسناد. وهذا ليس من شرط أصحاب الحديث وأهله. [ص:117]
ثم قال يحيى: تكَّلم في مسائل لا يسع الموضوع ذكرها، لو اقتصر على التَّحديث والْإِقراء كان خيرًا له.
وهذا يدُل على أنَّه ثقةُ فيما روى، وإنَّما نُقِم عليه الكلام.
روى عنه أبو عليّ الحدَّاد، وقرأ عليه بالرّوايات، وسعيد بن أبي الرجاء، والحسين بن عبد الملك الخلال، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وأحمد بن الفضل المهاد وشبيب بن محمد بن جورة، وأبو الخير عبد السَّلام بن محمد الحسناباذيّ، وجماعة سواهم.
وحدَّث عنه من القُدَماء: الحافظ عبد العزيز النَّخْشَبيّ، والقاضي أبو عليّ الوَخْشيّ. وقد أمَّ بجامع أصبهان الكبير بعد أبي المظفّر بن شبيب.
قال أبو عبد اللَّه الدَّقّاق في رسالته: ولم أرَ شيخًا بأصبهان جمع بين علم القُرآن، والقراءات، والحديث، والرّوايات، وكثرة كتابته وسماعه أفضل من أبي بكر الباطِرْقانيّ. وكان إمام الجامع الكبير، حَسَن الخُلُق والهيئة والمنظر والقراءة والدِّراية. ثقة في الحديث.(10/116)
246 - أَحْمَد بن محمد بن عيسى بن هلال، أبو عمر ابن القطَّان القُرْطُبِيّ المالكيّ، [المتوفى: 460 هـ]
رئيس المُفْتين بقُرْطُبة.
وُلِدَ سنة تسعين وثلاثمائة. وروى عن أبي بكر التُّجَيْبيّ، ويونس بن عبد الله القاضي، وأبي محمد ابن الشَّقّاق، وأبي محمد بن دحّون، وناظر عندهما.
وكان فريد عصره بالَأندلُس حفظًا، وعِلمًا، واستِنْباطًا، ومعرِفَةً بأقوال العُلماء.
صدمتهُ ريحٌ فخرج من قُرْطُبَة يُريد حمَّة المريّة، فتُوُفّي بكورة باغة لسبعٍ بقين من ذي القعدة. وقد قدمه المستظهر للشورى سنة أربع عشرة وأربعمائة علي يد قاضيها عبد الرّحمن بن بِشْر.(10/117)
247 - ثابت بن محمد بن أَحْمَد بن محمد بن حبيش، أبو روح السَّعْدِيّ الهرويّ الأزديّ. [المتوفى: 460 هـ]
محدِّث هَرَاة ونسابتها.
سمع عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح، وأباه، وأبا سعد الزاهد.
رَوَى عَنْهُ: [ص:118] الخطيب محمد بن عبد اللَّه الهَرَوِيّ الواعظ، وغيره.
توفي في ربيع الآخر.(10/117)
248 - الحسن بن أبي طاهر بن الحسن. الْإِمام أبو عليّ الخُتَليّ، الفقيه الشَّافعيّ القاضيّ. [المتوفى: 460 هـ]
روى عن العارف أبي سعيد فضل اللَّه المَيْهَنيّ شيئًا يسيرًا. روى عنه عبد العزيز الكتَّانيّ، وقال: تُوُفِّي أبو علي الخُتّليّ إمام جامع دمشق في شعبان سنة ستين وأربعمائة.(10/118)
249 - الحسن بن عليّ بن مكّيّ بن إسرافيل بن حمَّاد. الْإِمام أبو عليّ الحمّاديّ النّسفيّ الفقيه الحنفي، [المتوفى: 460 هـ]
أحد الأعلام.
كان حنفيا فانتقل إلى مذهب الشَّافعيّ. رحل وسمع بِنَيْسَابُور أبا نُعَيْم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني، وإسماعيل بن محمد حاجب الكشَّانيّ. وعُمِّر دهرًا.
قال ابن السمعاني: حدثنا عنه الحسين بن الخليل.(10/118)
250 - حنْبَل بن أَحْمَد بن حَنْبَل، أبو عبد الرحمن الفارسيّ البيِّع. [المتوفى: 460 هـ]
نزيل غَزْنَة.
ذكره عبد الغافر فقال: شيخٌ مشهور معروف، له الثّروة الظاهرة، والنّعمة الوافرة. سمع بنَيْسَابور: الحاكم، وابن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلَمِيّ، والَأستاذ أبا سَعْد الزَّاهِد، وأبا بكر الحِيَرِيّ، وجماعة من شيوخ هَرَاة، وبُسْت. وحدث بغزنة.(10/118)
251 - خديجة بنت محمد بن عليّ الشَّاهْجَانيَّة. البغداديّة الواعظة. [المتوفى: 460 هـ]
كانت امرأة صالحة، كتبت عن ابن سمعون بعض أماليه بخطِّها. ووُلِدَت سنة ستٍّ وسبعين وثلاثمائة.
قال أبو بكر الخطيب: حدَّثتنا، وكانت صالحة صادقة. توفيت في [ص:119] المحرَّم.(10/118)
252 - دُرّي المُستنصريّ. شهاب الدّولة. [المتوفى: 460 هـ]
قدِم دمشق أميرًا عليها لصاحب مصر بعد عَزْل حَيْدَرة. ثُمّ عُزِل بعد قليل. وولي الرملة، فقُتل بها في ربيع الآخر.(10/119)
253 - عبد اللَّه بن سُلَيْمان، أبو محمد المَعَافِريّ الطُّلَيْطُلِيّ، المعروف بابن المؤذِّن. [المتوفى: 460 هـ]
روى عن أبي عمر الطلمنكي. وكان عالما دينا محدثا مقرئا. كتب الكثير، وسمع النَّاس منه.(10/119)
254 - عَبْدُ اللَّه بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه، أبو الحسين الصَّيْداويّ الوكيل. ويُعْرَف بابن المُخّ. [المتوفى: 460 هـ]
سمع من أبي الحُسَيْن بن جُمَيْع بعض "مُعْجَمه".
روى عنه أبو بكر الخطيب، وابن ماكولا، وعمر بن حسين الصُّوفيّ، وغيث الأرمنازيّ.
حدَّث في هذه السَّنة بصُور وانقطع خبره.(10/119)
255 - عبد الخالق بن عبد الوارث: أبو القاسم السُّيُوريّ، المغربيّ المالكيّ. [المتوفى: 460 هـ]
خاتمة شيوخ القيروان.
كان آيةً في معرفة المذهب، بل في معرفة مذاهب العلماء، زاهدًا صالحًا. تفقَّه عليه جماعة، وطال عمره.(10/119)
256 - عبد الدَّائم بن الحسن بن عُبَيْد اللَّه، أبو الحسن وأبو القاسم الهلاليّ الحَوْرَانيّ، ثمّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 460 هـ]
هو آخر من سمع من عبد الوهّاب الكِلابيّ. روى عنه أبو بكر الخطيب، وعمر الرواسي، وهبة الله ابن الأكفاني، وطاهر بن سهل الإسفراييني، وثعلب بن السراج، وإسماعيل ابن السَّمَرْقَنْديّ. وآخرون.
تُوُفّي في شعبان عن ثمانين سنة.(10/119)
257 - عبد الملك بن محمد بن يوسف، أبو منصور البغداديّ المُلَقَّب بالشّيخ الأجلّ. [المتوفى: 460 هـ]
سِبط أبي الحسين أَحْمَد السَّوسَنْجِرْديّ.
سمع أبا عمر بن مهديّ، وأبا محمد ابن البيّع، وابن الصُّلت الأهوازيّ.
روى عنه ابناه.
وقال الخطيب: كان أوحد وقته في فعل الخير ودوام الصَّدقة والَأفضال على العُلماء، والنَّصرة لَأهل السُّنَّة، والقمع لَأهل البِدَع. وتُوُفّي في عَشْر السَّبعين.
وقال ابن خيرون: تُوُفّي في المحرَّم، ودُفِن عند جدِّه لَأُمِّه، وحضره جميع الأعيان، وكان صالحًا عظيم الصّدقة مُتَعَصِّبًا لَأهل السنة. وقد كفى عامة العلماء والصلحاء.
قلت: كان له صورة كبيرة عند الخليفة وحُرْمة زائدة. وكان رئيس بغداد وصدرها في وقته، مع الدّين والمروءة والصَّدَقات الوافرة. وقد استوفى أبو المُظفّر في "المرآة" أخباره.
قال أُبيُّ النَّرْسيّ: رأيتُ في جنازته خلقًا لم أر مثلهم قطّ كثرةً.(10/120)
258 - عَبْد الوهَّاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب بن عبد القدوس، أبو القاسم الأنصاريّ القُرْطُبيّ المقرئ. [المتوفى: 460 هـ]
رحل، وقرأ بالرّوايات على: أبي عليّ الأهوازيّ، وأبي القاسم الزَّيْدِيّ، وابن نفيس، وسمع من أبي الحسن ابن السِّمْسار.
وكان خطيبًا بليغًا مُجوِّدًا للقراءات، بصيرًا بها، عارفا بطرقها. رحل النَّاس إليه.
مات في ذي القعدة وقد قارب الستين. وقيل سنة إحدى.(10/120)
259 - عُبَيْد اللَّه بن محمد بن مالك، أبو مروان القُرْطُبِيّ، الفقيه المالكيّ. [المتوفى: 460 هـ]
روى عن حاتم بن محمد، وأبي عمر بن خِضْر، وأبي بكر بن مغيث. [ص:121]
وكان حافِظًا للفقه والحديث والتّفسير، عالمًا بوجوه الاختلاف بين فقهاء الأمصار، متواضعًا كثير الورع، مجاهدًا مُتَبَذِّلًا في لباسه، لهُ مُغَلٌّ يسيرٌ من سُمّاق وعِنبٌ يُنتَفع به.
ومن محفوظاته: كتاب "معاني القُرآن" للنحّاس. ولهُ مُصَنَّف "مُختَصر في الفقه"، وله كتاب "ساطع البرهان" في سفر، قال: ابن بشكوال: قرأته على أبي الوليد بن طَرِيف، وقرأه على مؤلِّفه مرَّات. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى، ولهُ ستُّون سنة.(10/120)
260 - عليّ بن محمد بن جعفر الطُّرْيثِيثيّ، أبو الحسن المعروف باللحساني، ويقال: اللحاسي. [المتوفى: 460 هـ]
يروي عن أبي مُعَاذ شاه بن عبد الرّحمن الهَرَويّ، وأبي الحسين الخفّاف، ومحمد بن جعفر المالينيّ.
وعنه زاهر الشَّحّاميّ، ومنصور بن أَحْمَد الطُّرَيْثِيثيّ.
ولا أعلم متى تُوُفّي، لكن حدث في هذا العام، وقع لي حديثه بعلو.(10/121)
261 - عمر بن الحسن بن عمر بن عبد الرحمن، أبو حفص الهَوْزَنيّ الْإِشبيليّ. [المتوفى: 460 هـ]
روى عن محمد بن عبد الرحمن العوَّاد، وأبي القاسم بن عصفور، وابن الأحدب، وأبي عبد الله ابن الباجيّ، وغيرهم. وحجّ وأخذ عن أبي محمد بن الوليد المالكيّ بمصر. وكان ذكيّا ضابطًا مُتَفَنِّنًا في العلوم.
وُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وقتله المُعتَضِد باللَّه عبّاد ظُلمًا بقصر إشبيليّة في ربيع الآخر، ذبحه بيده ودُفِن بثيابه بالقصر من غير غسل ولا صلاة.(10/121)
262 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن منصور، أبو غالب ابن العتيقيّ. [المتوفى: 460 هـ]
حدَّث بدمشق عن أبيه، وأبي عمر بن مهدي. روى عنه هبة الله ابن [ص:122] الأكفانيّ، وغيره.(10/121)
263 - محمد بن أَحْمَد بن عبد اللَّه بن البَطِر. القارئ أبو الفضل الضّرير، [المتوفى: 460 هـ]
أخو أبي الخطاب نصر.
روى عن أبي عمر بن مَهْديّ، وأبي الحسن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن بِشْران. وبإفادته سمع أخوه أبو الخطَّاب. روى عنه أبو السُّعود أَحْمَد ابن المُجْلي. وكان من أعيان قُرَّاء الألحان. وكان يُصلّي بالْإِمام القائم الصّلوات.(10/122)
264 - محمد بن أَحْمَد بن أبي العلاء، أبو منصور السَّدوسيّ الصّيدلانيّ الكوفيّ. [المتوفى: 460 هـ]
قال أُبيُّ النَّرسيّ: حدَّثنا عن ابن غزال.(10/122)
265 - محمد بن الحسن بن عليّ، أبو جعفر الطُّوسِيّ، [المتوفى: 460 هـ]
شيخ الشّيعة وعالمهم.
تُوُفّي بالمشهد المبارك، مشهد أمير المؤمنين رضي اللَّه عنه، في المُحرَّم. ولَأبي جعفر الطُّوسيّ تفسير كبير عشرون مُجلَّدة، وعِدَّة تصانيف مشهورة. قدِم بغداد وتعيِّن، وتفقَّه للشّافعيّ، ولزم الشّيخ المُفيد مُدَّة، فتحوَّل رافضيَّا.
وحدَّث عن هلال الحفَّار. روى عنه ابنه أبو عليّ الحسن.
وقد أُحْرِقت كتبه غير مرة، واختفى لكونه ينقص السَّلف، وكان ينزل بالكَرْخ، ثمّ انتقل إلى مشهد الكوفة.(10/122)
266 - محمد بْن عبد اللَّه بْن مَسْلَمة، أبو بكر التُّجَيْبيّ، المُلَقَّب بالمظفّر، [المتوفى: 460 هـ]
صاحب بَطَلْيُوس.
ويُعْرَف بابن الأفطس.
كان أديبًا جمَّ المعرفة، جمَّاعةٌ للكُتُب. لم يكن في ملوك الأندلُس من يفوقه في الأدب. وله كتاب "التذكرة" في عدة فنون، يكون خمسين مُجَلَّدًا.
ورَّخهُ ابن الأبَّار.(10/122)
267 - محمد بن علي بن محمد بن موسى، أبو بكر السُّلَميّ الدّمشقيّ الحدَّاد. [المتوفى: 460 هـ][ص:123]
روى عن أبي بكر بن أبي الحديد، وعبد الرحمن بن عمر بن نَصْر، والحسين بْن أَبِي كامل الأطْرَابُلُسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي نصر، وطائفة كبيرة.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وعمر الرّواسيّ، وابن ماكولا، وهبة الله ابن الأكفاني، وآخرون.
قال الكتاني: توفي في رمضان. قال: وكان يكذب، يدعي شيوخا ما سمع منهم بجهل. حدّث عن أبي الصَّلت المُجبِر، فقيل له في ذلك، فقال: كان مسجده عندنا. وذاك لم يبرح بغداد.(10/122)
268 - محمد بن عليّ بن محمد بن عمر بن رجاء بن أبي العَيْش الَأطرابُلُسيّ الْجُمَحيّ، أبو العَيْش القاضي. [المتوفى: 460 هـ]
حدَّث عن منير بن أحمد بن الخلاّل، وأبي محمد ابن النَّحّاس، وأبي عبد اللَّه بن أبي كامل الأَطْرَابُلُسِيّ، وولي قضاء صيداء. روى عنه عمر الرُّواسيّ، ومكّي الرُّمَيْلِيّ.
تُوُفّي في شعبان.(10/123)
269 - محمد بن محمد، أبو سعيد أميرجة الهَرَوِي الواعظ. [المتوفى: 460 هـ]
حدَّث عن القاضي أبي منصور الأزديّ، ويحيى بن عمَّار. سمع منه جماعة.(10/123)
270 - محمد بن موسى بن فتح، أبو بكر الأنصاريّ البَطَلْيُوسيّ، المعروف بابن القرّاب. [المتوفى: 460 هـ]
سمع بقرطبة من عبد الوارث بن سُفْيان، وأبي محمد الأصيليّ، وخلف بن القاسم، وجماعة.
وكان عالِمًا بالَآثار والَأخبار، متفنِّنًا في العلوم، ديِّنًا مُنعزِلًا. روى عنه أبو عليّ الغسَّانيّ.
تُوُفِّي ببَطْلُيوس في جُمادى الأولى.(10/123)
271 - مُحَلَّم بن إسماعيل بن مُضَر الضَّبيّ، أبو مُضَر الهَرَويّ. [المتوفى: 460 هـ]
تُوُفّي بهراة، وكان عالي الْإِسناد، قد سمع من الخليل بن أَحْمَد السِّجْزيّ، وغيره. روى عنه محمد بن إسماعيل الفضيليّ، وطائفة.(10/124)
272 - منتجع بن أَحْمَد بن محمد بن المنتجع، أبو طاهر الكاتب. [المتوفى: 460 هـ]
تُوُفِّي بأصبهان. يروي عن أبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ. روى عنه أبو علي الحداد.(10/124)
273 - يحيى ابن الأمير إسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النُّون، أبو زكريا المأمون الهوَّاريّ الأندلُسيّ. [المتوفى: 460 هـ]
تغلَّب أبوه على طُليْطُلَة سنة بضعٍ وعشرين وأربعمائة، وذلك أنَّهُم خلعوا طاعة بني أُميَّة، فرأس عليهم إسماعيل، ثم مات سنة خمسٍ وثلاثين، فولي الأمر بعده ولده المأمون خمسًا وعشرين سنة. ثم ولي بعده يحيى القادر ولده فاشتغل بالخلاعة واللَّعِب، وهادنَ الفرنج، وصادر الرَّعيَّة واستعمل الرُّعَاع، فلم تزل الفرنج تطوي حصونه حتَّى تغلَّبت على طُلَيْطُلَة في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. تأخر هو إلى بَلَنْسِيَةَ.
ومن أخبار المأمون أنّهُ أراد أن يستعين بالفرنج على أخذ المدن والحصون، فكتب إلى ملك الفرنْج الّذي من ناحيته أنْ تعال إليَّ في مائةٍ من فرسانك والقني في مكان كذا. ثمَّ سار للقيه في مائتيّ فارس، وجاء ذلك في ستة آلاف فارس، فأمرهم أن يكمنوا وقال: إذا رأيتمونا قد اجتمعنا، فأحيطوا بنا، فلما اجتمعا أحاط بهم السِّتة آلاف، فلمَّا رآهم المأمون سُقِطَ في يده واضطرب، فقال له الفرنْجيّ: يا يحيى، وحقِّ الْإِنجيل ما كنتُ أظُنُّكَ إِلَّا عاقِلًا، أنت أحمقُ خَلْقِ اللَّه تعالى، خرجت إليّ في هذا العدد القليل، وسلَّمت إليّ مُهْجَتك بلا عهدٍ، ولا بيننا دين، فَوَحَقِّ الْإِنجيل لَا نجوت منِّي حتى تُعْطينيّ ما أشترطه.
قال المأمون: فاشترِطْ واقْتَصِد.
قال: تُعطيني الحصن الفلانيّ، والحصن الفُلانيّ، وسمَّى حصونًا وتجعل لي عليك مالًا كل عام.
ففعل المأمون ذلك وسلَّم إليه الحصون، ورجع بِشَرِّ حال، وتراكم الخذلان عليه، ولا قوّة إِلَّا باللَّه.
تُوُفّي سنة ستين.(10/124)
274 - يحيى بن محمد بن صاعد بن محمد. قاضي القضاة أبو سعد [المتوفى: 460 هـ]
ابن القاضي أبي سعيد ابن القاضي عماد الْإِسلام أبي العلاء النَّيْسابوريّ الحنفيّ.
ولد سنة إحدى وأربعمائة، وسمع من جدِّه، وولي قضاء الرِّيّ بعد نيسابور.
وقد خرج له الفوائد، وأملى سنين. وكان من وجوه القضاة والأئمة الرؤساء.
روى عنه ابن أخيه قاضي القُضاة محمد بن أَحْمَد بن صاعد. وتُوُفّي بالرّيِّ في ربيع الأول.(10/125)
-ذكر المتوفين تقريبا فِي هذا الوقت(10/126)
275 - أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن بلال المُرْسيّ النَّحويّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
صاحب "شرح غريب المصنف" لأبي عبيد، و"شرح إصلاح المنطق" لابن السُّكّيت. كان يُقرئ النَّاس العربيّة بالَأندلُس.
قال ابن الأبَّار: توفِّي قريبًا من سنة ستين وأربعمائة.(10/126)
276 - أَحْمَد بن عليّ بن هارون بن البُنّ، أبو الفضل السّامريّ الأديب. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
من رؤساء الشّيعة وفُضلائهم. سمع الحسن بن محمد بن الفحَّام، وعليّ بن أَحْمَد الرَّفّاء السّامرييّن. أخذ عنه أبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو الكرم بن فاخر ومحمد بن هلال ابن الصَّابئ.(10/126)
277 - أَحْمَد بن منصور بن أبي الفضل. الفقيه أبو الفضل الضُّبَعيّ السَّرخسيّ الهوذيّ الشَّافعيّ، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
من أقارب خارجة بن مُصْعَب الضّبعيّ، بضادٍ مُعَجَّمة.
قدِم بغداد شابًّا فتفقه على: أبي حامد الإسفراييني.
وسمع بها وبخُرَاسان من طائفة. وكان بارعًا مُناظرًا واعظًا، كبير القدر.
قال أبو الفتح العيَّاضيّ في "رسالته": وأبو الفضل الهوذيّ في الفقه ما أثبته، وفي مجلس النَّظر ما أنظره، وعلى المنبر ما أفصحه.
وقال ابن السّمعانيّ: حدَّث بِسَرْخَس "بسُنَن أبي داود"، عن القاضي أبي عمر الهاشميّ، وكانت ولادته تقريبا في سنة سبعين وثلاثمائة.
قلت: أتوهمه بقي إلى حدود الخمسين وأربعمائة.(10/126)
278 - أَحْمَد بن محمد بن الهيصم، أبو الفَرَج. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
من أماثل أولاد أبيه فضلًا وورعًا وزُهدًا ووعظًا، خرج من خُراسان إلى [ص:127] غَزْنَة، فدرّس بها مُدّة. ووعظ ثُمّ عاد إلى خُراسان وروى الحديث وخرَّج. وكان حادّ الفراسة، قويّ الفِكْر.
تُوُفّي سنة نيِّفٍ وخمسين. وكان أبوه من كبار علماء زمانه، ومن أئِمّة السُّنّة، إِلَّا أنَّهُ من الكرّاميّة، نسأل اللَّه السلامة.(10/126)
279 - أَحْمَد بن عبد الرحمن بن مَنْدُوَيْهِ، أبو عليّ الْأصبهانيّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
صاحب "الرّسائل الأربعين" في الطب، وله كتاب "الجامع المُختصر" في الطِّب، وكتاب "القانون الصّغير" المُلقَّب "بالكافي في الطِّب"، وكتاب "المُغيث" في الطِّب، وغير ذلك.(10/127)
280 - إبراهيم بن مسعود، أبو إسحاق التُّجَيْبِيّ الزَّاهِد، المعروف بالْإِلْبِيريّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
كان من أهل غُرْنَاطة. روى عن أبي عبد اللَّه بن أبي زَمنين. وكان شاعِرًا مُجَوِّدًا، لهُ في الحِكم والمواعظ. روى عنه عبد الواحد بن عيسى، وعمر بن خلف الإلبيريان.(10/127)
281 - إبراهيم بن الحسين بن حاتم بن صولة، أبو نصر البغدادي البزاز، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
نزيل مصر.
روى عن أبي أحمد بن أبي مسلم الفَرَضِيّ. روى عنه هبة اللَّه بن عبد الوارث الشِّيرازيّ، ومحمد بن أَحْمَد الرَّازيّ، وابنه علي بن إبراهيم.(10/127)
282 - ثابت بن أسلم بن عبد الوهّاب، أبو الحسن الحلبيّ، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
أحد علماء الشّيعة.
وكان من كبار النُّحاة. صنَّف كتابًا في تعليل قراءة عاصم، وأنَّها قراءة قُريش. وكان من كبار تلامذة الشيخ أبي الصّلاح. تصدَّر للإفادة بعده، وتولّى خزانة الكُتُب بحلب، فقال من بحلب من الْإِسماعيليّة: إنَّ هذا يُفسِد الدَّعوة، وكان قد صنَّف كتابًا في كشف عوارهم، وابتداء دعوتهم، وكيف بُنِيت على المخاريق، فحُمِل إلى صاحب مصر فأمر بصَلْبِه، فصُلِبَ، فرحمه اللَّه ولعنَ من [ص:128] صلبه. وأُحْرِقت خزانة الكُتُب الّتي بحلب، وكان فيها عشرة آلاف مُجلَّدة من وقف سيف الدولة ابن حمدان، وغيره.(10/127)
283 - الحسين بن أَحْمَد بن عليّ، أبو نصر النَّيْسَابُوريّ القاضي. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
سمع أبا الحسين الخفَّاف. روى عنه زاهر الشَّحّاميّ، وغيره.(10/128)
284 - حَيْدرة بن الحسين. الَأمير مُعتَز الدَّولة أبو المكرَّم، المُلّقَّب بالمؤيّد. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
ولي إمرة دمشق سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فبقي عليها إلى سنة خمسين ثم عُزِل، ثم ولي بعده أمير الجيوش بدر.
روى عن الحسين بن أبي كامل الطَّرَابُلُسيّ، وعَنْه الخطيب، والنَّسيب.(10/128)
285 - حَيْدَرَة بن مَنْزُو بن النُّعْمَان. الَأمير أبو المعلّى الكُتّاميّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
ولي إمرة دمشق بعد هرب أمير الجيوش عنها، فحكم بها شهرين في سنة ست وخمسين. وعزل بدري المستنصري.(10/128)
286 - رئيس العراقين، أبو أَحْمَد النَّهَاوِنْديّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
ورُتبته دون رُتبة الوزارة بقليل. جلس للمظالم بنفسه، وأباد المفسدين من بغداد، واطرح كل راحةٍ إِلَّا النّظر في مصالح المسلمين، حتى أمن النَّاس، وصار الرجال والنِّساء يمشون بالليل والنَّهار مطمئنِّين ببغداد. وكفَّ أذى العجم عن النَّاس، وأقام الخُفراء وضبط الأمور، وأقام العدل. ونادى بأن السُّلطان قد رد المواريث إلى ذوي الأرحام. فاتَّفق موت إنسانٍ له بنت خلَّف ثلاثة آلاف دينار، فأخبروه، فقال: رُدُّوا عليها النِّصف الآخر. وضرب للنَّاس الدراهم وأبطل قراضة الذهب، ورفع بعض المكوس، فاتصلت الألسن بالدُّعاء له.
وكانت سيرته تشبه سيرة عميد الجيوش، وعُمرت بغداد من الجانبين بهمته وقيامه، وقبض على أميرك اللص وغرقه، وأراح الناس منه. وكان يهجم دور النّاس نهارًا ويأخذ أموالهم. وكان يؤدي إلى عميد العراق كل يومٍ دينارًا، وعميد العراق هو الّذي غرَّقه البساسيريّ. فدخل أميرك على صَيْرَفيّ وأخذ [ص:129] كيسه، فاستغاث الصَّيْرَفيّ، فلم يشعُر إِلَّا بأميرك وقد قبض على يده وقال: مالك. أنا أخذته من بيتك ولكنّ فيه ذَهَب زغل ولا أفكك إلى عميد العراق. فخاف وقال: أنت في حل فدعني. وهو يقول: لا، واللَّه ما أُفارقك. فسألت النَّاسُ أميرَك، ودخلوا عليه حتى أخذ خمسة دنانير منها ومضى.(10/128)
287 - زاهر بن عطاء النَّسويّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
سمع أبا نعيم الإسفراييني. وعنه زاهر.(10/129)
288 - سعيد بن محمد بن محمد أبو عثمان النَّيسابوريّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
عن الخفّاف. وعنه زاهر.(10/129)
289 - سعيد بن منصور بن مِسْعَر بن محمد بن حمدان. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
أبو المُظَفَّر القُشَيْريّ النّيْسَابوريّ المؤدِّب، الصائغ.
ثقة، صيِّن. سمع من أبي طاهر بن خُزَيْمة، وغيره، وتُوُفّي في شعبان سنة نيفٍ وخمسين. روى عنه أبو سعد عبد الواحد ابن القشيري، وزاهر الشحامي.(10/129)
290 - صخر بْن مُحَمَّد أبو عُبَيْد الطُّوسيّ الحاكم. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
عن أبي الحسن العلوي. وعنه زاهر.(10/129)
291 - عائشة بنت القاضي أبي عمر البَسْطَاميّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
سمعت الخفَّاف، وغيره. روى عنها: زاهر في "مَشْيَخَتِه".(10/129)
292 - عبد الرّحمن بن إسحاق، أبو أَحْمَد العامريّ النَّيْسَابُوريّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
شيخُ مُسِن، سمع من أَحْمَد بن محمد الخفَّاف. روى عنه إسماعيل بن أبي صالح المؤذِّن، وغيره.(10/129)
293 - عبد الرحمن بن إسماعيل بن جَوْشن، أبو المُطرِّف الطُّليْطُليّ، الحافظ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
عن عبدوس بن محمد، وفتح بن إبراهيم، وخَلَف بن القاسم، وأبي [ص:130] المطرف القنازعي، وخلق، وعنه الطبني، والزَّهْراويّ.
وكان ثقة مكثرًا، عارفًا بالَآثار وأسماء الرّجال.(10/129)
294 - عبد الرحمن بن عليّ بن أَحْمَد بن أبي صادق، الَأستاذ أبو القاسم النَّيْسَابُوريّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
إمام عصره في الطَّبّ بخُراسان، له "شرح فصول بُقْرَاط"، قد حدَّث به في سنة ستين وأربعمائة. وكتبه في غاية الجودة. وكان شديد العناية بكتب جالينُوس. وقد اجتمع بابن سينا، وأخذ عنه. وله "شرح مسائل حنين بن إسحاق"، و"شرح منافع الأعضاء" لجالينوس، أجاد فيه ما شاء، وغير ذلك. وجمع تاريخًا.(10/130)
295 - عليّ بن الحسين، أبو نصر بن أبي سَلَمَة الصُّيْداويّ الورَّاق المُعدّل. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
روى عن أبي الحسين بن جُمَيْع. وعنه الخطيب، ومكي الرميلي، وأبو طالب عبد الرحمن بن محمد الشيرازي.(10/130)
296 - علي بن عبد الله بن أحمد، العلّامة أبو الحسن بن أبي الطيب النيسابوري. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
كان رأسا في تفسير القرآن. له "التفسير الكبير" في ثلاثين مجلدة، و "الأوسط" في إحدى عشرة مجلدة، و "الصغير" ثلاث مجلدات. وكان يملي ذلك من حفظه، ولم يخلف من الكتب سوى أربع مجلدات، إلا أنَّهُ كان من حفاظ العالم. وكان ذا ورعٍ وعبادة.
قِيلَ: إنَّهُ حُمِل إلى السُّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين، فلّما دخل جلس بغير إذن، وأخذ في رواية حديثٍ بلا أمر. فأمر السلطان غلاماً، فلكمه لكلمة أطرشته. وكان ثمَّ من عرَّف السُّلطان منزلته من الدين والعلم، فاعتذر إليه، وأمر له بمالٍ، فامتنع، فقال السُّلطان: يا هذا، إنّ للملك صَوْلَة، وهو محتاجٌ إلى السِّياسة، ورأيتك تعدَّيت الواجب، فاجعلني في حِلٍّ. قال: اللَّه بيننا [ص:131] بالمِرصاد، وإنَّما أحضرتني للوعظ وسماع أخبار الرَّسول صلّى اللَّه عليه وسلم وللخشوع، لَا لإقامة قوانين المُلْك. فخجل السُّلطان وعانقه.
ذكره ياقوت في "تاريخ الأدباء" وقال: مات في شوَّال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بسانْزُوار.(10/130)
297 - علي بن محمد بن علي، أبو الحسن الزَّوْزَنيّ البحَّاثيّ، الأديب. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
شيخ فاضل عالم. وهو والد القاضي أبي القاسم. حدَّث عن محمد بن أَحْمَد بن هارون الزَّوَزْنِيّ، عن أبي حاتم بن حبَّان. ذكره عبد الغافر مُختَصرًا.
وروى عنه هبة اللَّه بن سهل السِّيّديّ، وزاهر بن طاهر، وتميم بن أبي سعيد، وحدث في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وهو راوي كتاب الأنواع والتَّقاسيم.(10/131)
298 - عليّ بن محمد بن عليّ بن المُصَحّح، أبو الحسن البكريّ الدّمشقيّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
عن عبد الرّحمن بن أبي نصر. وعنه هبة الله ابن الأكفاني، وأبو محمد ابن السَّمرقنديّ.(10/131)
299 - علي بن محمد بن علي، أبو الحسن ابن الدُّوريّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
عن عبد الرَّحمن بْن أَبِي نَصْر. روى عَنْهُ "جزء ابن أبي ثابت". سمعه منه: عمر الرؤاسي، وأبو محمد ابن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهما.(10/131)
300 - عمر بن شاه بن محمد، أبو حفص النَّيْسابوريّ الصَّوّاف. [الوفاة: 451 - 460 هـ][ص:132]
مُقرئ مُسْنِد.
سمع من محمد بن أَحْمَد بن عبدوس المزكي. روى عنه إسماعيل ابن المؤذن.(10/131)
301 - محمد بن أَحْمَد، أبو عبد اللَّه المَرْوَزيّ الفقيه الشَّافعيّ، المعروف بالخِضَريّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
كان يُضْرب به المثل في قوَّة الحِفظ وقِلَّة النِّسيان. وكان من كبار أصحاب القَفَّال. وله في المَذهب وجوه غريبة نقلها الخُرَاسانيّون؛ وقد روى أنّ الشَّافعيّ صحح دلالة الصبيّ على القِبلة. وكان ثقة في نقله وله معرفة بالحديث.
ونسبته إلى الخضر بعض أجداده.
توفي وهو في عشر الثمانين.(10/132)
302 - محمد بن الحسن بن عبد الرّحمن بن الوارث الرّازيّ، أبو بكر. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
سمع بمصر أبا محمد عبد الرحمن ابن النَّحّاس، وبأصبهان من أبي نُعَيْم الحافظ، وبالَأندلُس من أبي عمرو الدَّانيّ.
وكان صالحًا مُتواضِعًا حليمًا، حدَّث عَنْهُ أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وَأَبُو محمد بن حَزْم، وأبو الوليد الباجي، وجماعة.
قال الحُمَيْديّ: سمعنا منه، ومات غريقًا بعد الخمسين وأربعمائة بالَأندلس.(10/132)
303 - محمد بن الحُسين بن يحيى بن سعيد بن بِشْر. الفقيه أبو سَعْد الهمذانيّ الصَّفّار، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
مفتي همذان.
روى عن أبي بكر بن لال، وابن تركان، وأبي بكر أَحْمَد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبي القاسم الصرصري، والشيخ أبي حامد الإسفراييني، وأبي أحمد الفرضي، وأبي عمر بن مهدي، وجماعة كثيرة.
قال شيرويه: أدركته ولم يقض لي السَّماع منه، وكان ثقة، ويُقال: جُنَّ [ص:133] في آخر عمره. وكان يعرف الحديث. وُلِدَ سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.
قلت: وتُوُفّي سنة إحدى وستِّين في جُمَادَى الأولى.(10/132)
304 - محمد بْن عليّ بْن محمد بْن علي بْن بويه، أبو طاهر البُخاريّ الزَّرّاد. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
سمع أبا عبد الله الحسين بن الحسن الحليميّ، وأبا نصر الكلاباذيّ، وعليّ بن أَحْمَد الخزاعي ببخارى، وسمع أبا نصر الجبان بدمشق. روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء المصّيصيّ، ومُحيي السُّنَّة الحسين بن مسعود البَغَويّ، وجماعة.(10/133)
305 - محمد بن عليّ بن الحسن بن علي، أبو بكر ابن البرّ، وهو لقب جدّ أبيه عليّ التميميّ، الصِّقليّ الدَّار القيروانيّ الأصل، اللُّغويّ، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
أحد أئِمَّة اللُسان.
روى عن أبي سعد المالينيّ، وغيره. أخذ عنه العربيّة والَأدب: عبد الرحمن بن عمر القصديري، وعبد اللَّه بن إبراهيم الصَّيْرَفيّ، وعبد المنعم بن الكماد، والعلامة علي ابن القطَّاع، وأبو العرب الشّاعر.
وكان حيًّا في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة، وكان يتعاطى المُسْكِر.(10/133)
306 - محمد بن محمد بن عليّ. الفقيه أبو سعد النَّيْسابوريّ الحنفيّ الوكيل. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
سمع من يحيى بن إسماعيل الحربيّ، وأبي الحسن العَلَويّ، وغيرهما. روى عنه زاهر الشَّحّاميّ، وإسماعيل الفارسي.(10/133)
307 - محمد بن محمد، أبو الفضل الحاتميّ الْجُوينيّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
محدِّث رحَّال. سمع أبا نعيم عبد الملك الإسفراييني، وأبا الحسن [ص:134] العلويّ، وأبا عبد اللَّه الحاكم. وحدَّث.(10/133)
308 - محمد بن الفرج بن عبد الوليّ، أبو عبد الله بن أبي الفتح الطُّلَيْطُليّ الصَّوّاف المُحدِّث. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
رحل وسمع بالقيروان ومصر من حسن بن القاسم القرشي، ومحمد بن عيسى بن مناس، وأبي محمد ابن النَّحّاس المصريّ. وبمكَّة من أَحْمَد بن الحسن الرازي. وعنه: الحُمَيْدِيّ. سمع منه "صحيح مسلم"، وقال: كان صالحاً ثقة. توفّي بمصر بعد الخمسين.(10/134)
309 - محمد بن سعيد، أبو عبد اللَّه المَيُورقيّ، الفقيه الأُصُوليّ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
ذكره الأبَّار فقال: حجَّ صُحْبَةَ عبد الحق الصِّقَلّيّ، فقدِم أبو المعالي الجوينيّ مكَّة، فلَزِماه وحملا عنه تواليفه، ثم صدرا إلى مَيُورقة وقعد أبو عبد اللَّه للإشغال. فلمَّا دخلها أبو محمد بن حزم كتب هذا إلى أبي الوليد الباجيّ، فسار إليه من بعض السَّواحل، وتظافرا معًا، وناظرا ابن حزم، فأفحماه وأخرجاه، وهذا كان مبدأ العداوة بين ابن حَزْم والباجيّ.(10/134)
310 - محمد بن العبَّاس، أبو الفوارس الصَّرْيِفِينيّ الأوَانيّ المقرئ. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
قرأ القرآن ببغداد لعاصم على أبي حفص الكتَّانيّ صاحب ابن مجاهد. قرأ عليه أبو العز القلانسيّ بأوانًا لَأبي بكر عن عاصم. ورواها أبو العلاء العطَّار، عن أبي العز في القراءات له.(10/134)
311 - محمد بن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن عُبَيْد اللَّه بن عليّ بن الحسن. شرف السّادة أبو الحسن العلويّ الحسينيّ البَلْخيّ، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
صاحب النَّظْم والنَّثْر.
قدِم رسولًا في سنة ستٍّ وخمسين من السُّلطان ألْبِ أرسلان، ومدح الْإِمام القائم. روى عنه شجاع الذُّهْليّ، وأبو سعد الزوزني من شِعْره.(10/134)
312 - محمد بن أبي سعيد بن شَرَف، أبو عبد اللَّه الجذاميّ القَيْروانيّ، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
أحد فحول شعراء المغرب.
روى عن أبي الحسن القابسيّ، وغيره. وله تصانيف أدبية. [ص:135]
قال ابن بشكوال: أخبرنا عنه ولده الأديب أبو الفضل جعفر بن مُحَمَّد بالْإِجازة.(10/134)
313 - محمود بن عبد اللَّه بن عليّ بن ماشاذة، أبو منصور الْأصبهانيّ المؤدّب. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
لهُ ذُرّيّة محدِّثون. حجّ وسَمِعَ علي بن جعفر السِّيروانيّ شيخ الحرم بمكَّة، وأبا القاسم بن حبابة ببغداد. روى عنه سعيد بن أبي الرّجاء الصَّيْرَفيّ.
ثم وجدتُ وفاة هذا، ورّخها يحيى بن مَنْدَهْ في صَفَر سنة اثنتين وخمسين.
تقدم.(10/135)
314 - هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحُسَين العلوي، أبو البركات بن أبي الحسن. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
سمع أبا عليّ الرُّوذباريّ، وغيره. روى عنه زاهر الشّحّاميّ.(10/135)
315 - يوسف بن عليّ بن جُبارة بن محمد بن عقيل بن سَوَادة، أبو القاسم الهُذَليّ المقرئ المغربي البَسْكريّ، [الوفاة: 451 - 460 هـ]
وبَسْكرة: بُليدة بالمغرب.
أحد الجوَّالين في الدُّنيا في طلب القراءات، لَا أعلم أحدًا رحل في طلب القراءات بل ولا الحديث أوسع من رحلته فإنَّهُ رحل من أقصى المغرب إلى أن انتهى إلى مدينة فَرْغَانة، وهي من بلاد التُّرك. وذكر أنَّهُ لقي في هذا الشأن ثلاثمائة وخمسة وستين شيخاً. ومن كبار شيوخه الشريف أبو القاسم عليّ بن محمد الزَّيْدِيّ، قرأ عليه بحرَّان. وقرأ بدمشق على: أبي عليّ الأهوازيّ، وبمصر عَلَى: تاج الأئِمّة.
أَحْمَد بن عليّ بن هاشم، وإسماعيل بن عمر، والحدّاد. وبحلب على: إسماعيل بن الطير، وبغيرها على: مهدي بن طرارة، والحسن بن إبراهيم المالكيّ مُصَنِّف الرّوضة، وببغداد على أبي العلاء الواسطيّ. وروى عن أبي نُعَيم الحافظ، وجماعة.
وصنَّف كتاب الكامل في القراءات المشهورة والشّواذ، وفيه خمسون رواية من أكثر من ألف طريق.
روى عنه هذا الكتاب أبو العز محمد بن [ص:136] الحسين القَلَانِسِيّ وحدَّث عنه إسماعيل بن الأخشيد السِّرّاج.
وكان في ذهني أنَّهُ تُوُفّي سنة ستِّين أو قريبًا منها.
وقد قال ابن ماكولا: كان يدرس علم النّحو ويفهم الكلام.
وقال عبد الغافر فيه: الضرير. فكأنه أضرّ في كِبَره. وقال: من وجوه القُرَّاء ورؤوس الأفاضل، عالم بالقراءات، بعثه نظام المُلْك ليقعد في المدرسة للإقراء، فقعد سِنِين وأفاد، وكان مُقدَّمًا في النَّحو والصَّرف، عارِفًا بالعلل، كان يحضر مجلس أبي القاسم القُشَيْريّ، ويقرأ عليه من الأُصُول. وكان أبو القاسم القُشَيْريّ يراجعه في مسائل النَّحْو ويستفيد منه. وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين إلى أن توفي.(10/135)
316 - أبو حاتم القزوينيّ، العلّامة محمود بن الحسن الطَّبريّ الفقيه الشّافعيّ المُتكلّم. [الوفاة: 451 - 460 هـ]
ذكره الشِّيخ أبو إسحاق، فقال: ومنهم شيخنا أبو حاتم المعروف بالقَزْوِينيّ، تفقّه بآمل على شيوخ البلد، ثم قدِم بغداد، وحضر مجلس الشّيخ أبي حامد، ودرس الفرائض على ابن اللّبّان، وأصول الفقه على القاضي أبي بكر الأشعريّ. وكان حافِظًا للمذهب والخلاف. صنَّف كُتُبًا كثيرة في الخلاف والَأصول والمذهب. ودرس ببغداد وآمُل. ولم أنتفع بأحد في الرِّحلة كما انتفعت به وبأبي الطِّيّب الطبريّ. تُوُفّي بآمُل.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ علي: قال: أخبرنا جعفر الهمداني، قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي، قال: حدثنا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ إملاء بمكة، قال: أخبرنا أبي بآمل، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد الناتلي: قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى: قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غربوا.(10/136)
-الطبقة السابعة والأربعون 461 - 470 هـ(10/137)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الحوادث)(10/139)
-سنة إحدى وستين وأربعمائة
في نصف شعبان كان حَرِيقُ جَامِعِ دِمَشْقَ، قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: كَانَ سبب احتراقه حرب وقع بَيْنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ، يَعْنِي الدَّوْلَةَ، فَضَرَبُوا دَارًا مُجَاوِرَةً لِلْجَامِعِ بِالنَّارِ فَاحَتْرَقَتْ، وَاتَّصَلَ الْحَرِيقُ إِلَى الْجَامِعِ. وَكَانَتِ الْعَامَّةُ تُعِينُ الْمَغَارِبَةَ، فَتَرَكُوا الْقِتَالَ وَاشْتَغَلُوا بِإِطْفَاءِ النَّارِ، فَعَظُمَ الأَمْرُ، وَاشْتَدَّ الْخَطْبُ، وَأَتَى الْحَرِيقُ عَلَى الْجَامِعِ، فَدُثِرَتْ مَحَاسِنُهُ، وَزَالَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الأَعْمَالِ النَّفِيسَةِ، وَتَشَوَّهَ منظره، واحترقت سقوفه المذهبة.
وَفِيهَا وَصَلَ حِصْنُ الدَّوْلَةِ مُعَلَّى بْنُ حَيْدَرَةَ الْكُتَامِيُّ إِلَى دِمَشْقَ، وَغَلَبَ عَلَيْهَا قَهْرًا مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ، بَلْ بِحِيَلٍ نَمَّقَهَا وَاخْتَلَقَهَا. وَذُكِرَ أَنَّ التَّقْلِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَافَاهُ، فَصَادَرَ أَهْلَهَا وبالغ، وعاث، وزاد في الجور إلى أن خربت أَعْمَالُ دِمَشْقَ، وَجَلا أَهْلُهَا عَنْهَا، وَتَرَكُوا أَمْلاكَهُمْ وَأَوْطَانَهُمْ، إِلَى أَنْ أَوْقَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْعَسْكَرِيَّةِ الشحناء والبغضاء، فخاف على نفسه، فهرب منهم إِلَى جِهَةِ بَانْيَاسَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، فَأَقَامَ بِهَا وَعُمَرُ الحمام وَغَيْرُهُ بِهَا. وَأَقَامَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِبْعِينَ بِهَا، فَنَزَحَ مِنْهَا إِلَى صُورَ خَوْفًا مِنْ عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ. ثُمَّ سَارَ مِنْ صُورَ إِلَى طَرَابُلْسَ، فَأَقَامَ عِنْدَ زَوْجِ أخته جلال الملك ابن عَمَّارٍ مُدَّةً. ثُمَّ أُخِذَ مِنْهَا إِلَى مِصْرَ، ثم أهلك سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
وَفِيهَا أَقْبَلَتِ الرُّومُ مِنَ الْقَسْطَنْطِينِيَّةِ وَوَصَلَتْ إِلَى الثغور.(10/139)
-سنة اثنتين وستين وأربعمائة.
فيها أقبل صاحب القسطنطينية - لعنه الله - في عسكرٍ كبير إلى أن نزل على مَنْبج، فاستباحها قْتلًا وأسْرًا، وهرب من بين يديه عسكر قِنسرين والعرب، ورجع الملعون لشدّة الغلاء على جيشه، حتى أبيع فيهم رِطل الخبز بدينار.
وفيها سار بدر أمير الجيوش فحاصر صور، وكان قد تغلَّب عليها القاضي عين الدّولة ابن أبي عَقِيل، فسار لنجدته من دمشق الأمير قرلوا في ستة آلاف، فحصر صيدا، وهي لأمير الجيوش، فترحّل بدر، فردّ العسكر النَّجدة، ثمّ عاد بدر فحاصر صور بَرًا وبحرًا سنةً، فلم يقدر عليها، فرحل عنها.
وفيها ورد رسول أمير مكة محمد بن أبي هاشم وولد أمير مكة على السلطان ألْب أرسلان بأنّه أقام الخطبة العبّاسيّة، وقطع خطبة المستنصر المصريّ، وتركّ الأذان بحيِّ على خير العمل، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخِلْعًا، وقال: إذا فعل مُهَنّا أمير المدينة كذلك أعطيناه عشرين ألف دينار.
وسببُ ذلك ذِلّة المصريين بالقحْط المُفْرِط، واشتغالهم بأنفسهم حتى أكل بعضهم بعضًا، وتشتتوا في البلاد، وكاد الخراب يستولي على سائر الإقليم، حتى أبيع الكلبُ بخمسة دنانير، والهِرّ بثلاثة دنانير. وبلغ الإِرْدبّ مائة دينار.
وورد التجارُ ومعهم ثياب صاحب مصر وآلاته نُهبت وأبيعت من الجوع. وقد كان فيها أشياء نُهبت من دار الخلافة ببغداد وقت القبض على الطائع لله ووقت فتنة البساسيري. وخرج من خزائنهم ثمانون ألف قطعة بِلَّور، وخمسة وسبعون ألف قطعة من الديباج القديم، وأحد عشر ألف كزاغند، وعشرون ألف سيف مُحلَّى، هكذا نقله ابن الأثير.
قال صاحب " مرآة الزمان " - والعُهده عليه: خَرجت امرأة من القاهرة [ص:141] وبيدها مُدّ جوهر، فقالت: مَن يأخذه بِمُدّ بُرٍّ؟ فلم يلتفت إليها أحدٌ، فألقته في الطريق، وقالت: هذا ما نفعني وقت الحاجة، ما أريده، فلم يلتفت أحدٌ إليه.
وقال ابن الفضل يهنئ القائم بأمر الله بقصيدة:
وقد علم المصريُّ أن جُنُوده ... سِنُو يوسفٍ فيها وطاعونُ عَمَوَاسِ
أقامتْ به حتى استراب بنفسه ... وأوجَس منها خيفةً أيَّ إِيجاسِ(10/140)
-سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
فيها خطب محمود ابن شبل الدولة ابن صالح الكلابي صاحب حلب بها للخليفة القائم وللسلطان ألب أرسلان عندما رأى من قوة دولتهما وإدبار دولة المستنصر، فقال للحلبيين: هذه دولة عظيمة نحن تحت الخوف منها، وهم يستحلُّون دماءكم لأجل مذهبكم، يعني التشيُّع. فأجابوا ولبس المؤذنون السواد. فأخذت العامة حصر الجامع، وقالوا: هذه حصر الإمام علي، فليأتِ أبو بكر بحصر يُصلّي عليها الناس. فبعث الخليفة القائم له الخِلَع مع طراد الزَّيْنبي نقيب النقباء.
ثم سار ألب أرسلان إلى حلب من جهة ماردين، فخرج إلى تلقِّيه من ماردين صاحِبُها نصْر بن مروان، وقدَّم له تُحَفًا. ووصلَ إلى آمِد فرآها ثغرًا منيعًا فتبرَّك به، وجعل يمر يده على السور ويمسح بها صدره. ثم حاصر الرها فلم يظفر بها، فترحل إلى حلب وبها طِرادٌ بالرسالة، فطلب منه محمود الخروج منه إلى السلطان، وأن يعفيه من الخروج إليه. فخرج وعرف السلطان بأنه قد لبس خلع القائم وخطب له. فقال: إيش تسوى خطبتهم ويؤذنون بحي على خير العمل؟ ولا بد أن يدوس بساطي.
فامتنع محمود فحاصره مدة، فخرج محمود ليلةً بأمه، فدخلت وخدمت وقالت: هذا ولدي فافعل به ما تحب. فعفا عنه وخلع عليه، وقدم هو تقادم جليلة، فترحل عنه.
وفيها الوقعة العظيمة بين الإسلام والروم؛ قال عزّ الدين في " كامله ": فيها خرج أرمانوس طاغية الروم في مائتي ألف من الفرنج والروم والبجاك والكرج، وهم في تجمل عظيم، فقصد بلاد الإسلام، ووصل إلى مَنَازْكِرْدٍ [ص:142] بُليدة من أعمال خلاط. وكان السلطان ألب أرسلان بخوي من أعمال أَذْرَبَيْجان قد عاد من حلب، فبلغه كثرة جموعهم وليس معه من عساكره إلا خمسة عشر ألف فارس، فقصدهم وقال: أنا ألتقيهم صابرًا محتسباً، فإن سلمت فبنعمة الله، وإن كانت الشهادة فابني ملكشاه ولي عهدي.
فوقعت مقدمته على مقدمة أرمانوس فانهزموا وأسر المسلمون مقدمهم، فأحضر إلى السلطان فجدع أنفه، فلما تقارب الجمعان أرسل السلطان يطلب المهادنة، فقال أرمانوس: لا هدنة إلا بالري. فانزعج السلطان فقال له إمامه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري الحنفي: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان. وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح. فالقهم يوم الجمعة في الساعة التي يكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين.
فلما كان تلك الساعة صلى بهم، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا فأمنوا، فقال لهم: من أراد الانصراف فلينصرف، فما هاهنا سلطان يأمر ولا ينهى. وألقى القوس والنشاب، وأخذ السيف، وعقد ذنب فرسه بيده، وفعل عسكره مثله، ولبس البياض وتحنط، وقال: إن قتلت فهذا كفني، وزحف إلى الروم، وزحفوا إليه، فلما قاربهم ترجل وعفر وجهه على التراب، وبكى، وأكثر الدعاء، ثم ركب وحمل الجيش معه، فحصل المسلمون في وسطهم، فقتلوا في الروم كيف شاؤوا، وأنزل الله نصره، وانهزمت الروم، وقتل منهم ما لا يحصى، حتى امتلأت الأرض بالقتلى، وأسر ملك الروم، أسره غلام لكوهرايين فأراد قتله ولم يعرفه، فقال له خدم مع الملك: لا تقتله فإنه الملك.
وكان هذا الغلام قد عرضه كوهرايين على نظام الملك، فرده استحقارًا له، فأثنى عليه أستاذه عند نظام الملك، فقال نظام الملك: عسى يأتينا بملك الروم أسيراً. فكان كذلك.
ولما أحضره إلى بين يدي السلطان ألب أرسلان ضربه ثلاث مقارع بيده وقال: ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت؟ فقال: دعني من التوبيخ وافعل ما تريد. قال: ما كان عزمك أن تفعل بي لو أسرتني؟ قال: أفعل القبيح. قال: فما تظن أنني أفعل بك؟ قال: إما أن تقتلني، وإما أن تشهرني في بلادك، والأخرى بعيدة، وهي العفو، وبذل الأموال، واصطناعي. قال له: ما عزمتُ على غير هذه. ففدى نفسه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، وأن ينفذ إليه عسكره كلما طلبه، وأن يطلق كل أسير في مملكته. وأنزله [ص:143] في خيمةٍ، وأرسل إليه عشرة آلاف دينار ليتجهز بها، وخلع عليه وأطلق له جماعة من البطارقة، فقال أرمانوس: أين جهة الخليفة؟ فأشاروا له، فكشَفَ رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة، وهادنه السلطان خمسين سنةً، وشيعه مسيرة فرسخ.
وأما الروم - لعنهم الله - فلما بلغهم أنه أسر ملكهم ملكوا عليهم ميخائيل، فلما وصل أرمانوس إلى طرف بلاده بلغه الخبر، فلبس الصوف وأظهر الزهد، وجمع ما عنده من المال، فكان مائتي ألف دينار وجوهر بتسعين ألف دينار، فبعث به، وحلف أنه لا بقي يقدر على غير ذلك.
ثم إن أرمانوس استولى على بلاد الأرمن.
وكانت هذه الملحمة من أعظم فتح في الإسلام، ولله الحمد.
قال: وفيها سار أَتْسِز بن أبق الخوارزمي من أحد أمراء ألب أرسلان في طائفةٍ من الأتراك، فدخل الشام، فافتتح الرملة، ثم حاصر بيت المقدس وبه عسكر المصريين فافتتحه، وحاصر دمشق، وتابع النهب لأعمالها حتى خربها، وثبت أهل البلد فرحل عنه.
قلت: ولكن خرب الأعمال ورعى الزرع عدة سنين حتى عدمت الأقوات بدمشق، وعظم الخطب والبلاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله.(10/141)
-سنة أربع وستين وأربعمائة
فيها سار نظام الملك الوزير إلى بلاد فارس، فافتتح حصن فضلون، وكان يضرب المثل بحصانته، وأسر فضلون صاحبه، فأطلقه السلطان.
وفيها كان الوباء في الغنم، حتى قيل: إن راعياً بطرف خراسان كان معه خمسمائة رأس ماتوا في يوم.
ومات قاضي طرابلس أبو طالب بن عمار الذي كان قد استولى عليها، توفي في رجب. وتملك بعده جلال الملك أبو الحسن بن عمار، وهو ابن أخي القاضي، فامتدت أيامه إلى بعد الخمسمائة، وأخذت منه الفرنج طرابلس، فلا قوة إلا بالله.(10/143)
-سنة خمس وستين وأربعمائة.
فيها قتل السلطان ألب أرسلان، وقام في الملك ولده ملكشاه. فسار أخو السلطان قاروت بك صاحب كرمان بجيوشه يريد الاستيلاء على السلطنه، فسبقه إلى الري السلطان ملكشاه ونظام الملك، فالتقوا بناحية همذان في رابع شعبان، فانتصر ملكشاه، وأسر عمه قاروت، فأمر بخنقه بوترٍ فخنق، وأقر مملكته على أولاده. ورد الأمور في ممالكه إلى نظام الملك، وأقطعه أقطاعًا عظيمةً، من جملتها مدينة طوس، ولقبه " الأتابك "، ومعناه الأمير الوالد. وظهرت شجاعته وكفايته، وحسن سيرته.
وفيها، وفي حدودها وقعت فتنة عظيمة بين جيش المستنصر العبيدي، فصاروا فئتين: فئة الأتراك والمغاربة، وقائد هؤلاء ناصر الدولة، أبو عبد الله الحسين بن حمدان، من أحفاد صاحب الموصل ناصر الدولة ابن حمدان، وفئة العبيد وعربان الصعيد. فالتقوا بكوم الريش، فانكسر العبيد، وقتل منهم وغرق نحو أربعين ألفًا، وكانت وقعة مشهودة.
وقويت نفوس الأتراك، وعرفوا حسن نية المستنصر لهم، وتجمعوا وكثروا، فتضاعفت عدتهم، وزادت كلف أرزاقهم، فخلت الخزائن من الأموال، واضطربت الأمور، فتجمع كثير من العسكر، وساروا إلى الصعيد، وتجمعوا مع العبيد، وجاؤوا إلى الجيزة، فالتقوا هم والأتراك عدة أيام، ثم عبر الأتراك إليهم النيل مع ناصر الدولة ابن حمدان، فهزموا العبيد.
ثم إنهم كاتبوا أم المستنصر واستمالوها، فأمرت من عندها من العبيد بالفتك بالمقدمين، ففعلوا ذلك، فهرب ناصر الدولة، والتفت عليه الأتراك، فالتقوا ودامت الحرب ثلاثة أيام بظاهر مصر، وحلف ابن حمدان لا ينزل عن فرسه ولا يذوق طعامًا حتى ينفصل الحال. فظفر بالعبيد، وأكثر القتل فيهم، وزالت دولتهم بالقاهرة، وأخذت منهم الإسكندرية، وخلت الدولة للأتراك، فطمعوا في المستنصر، وقلت هيبته عندهم، وخلت خزائنه البتة. فطلب ابن حمدان العروض، فأخرجت إليهم، وقومت بأبخس ثمن، وصرفت إلى الجند. فقيل: إن نقد الأتراك كان في الشهر أربعمائة ألف دينار. [ص:145]
وأما العبيد فغلبوا على الصعيد، وقطعوا السبل، فسار إليهم ابن حمدان، ففروا منه إلى الصعيد الأعلى، فقصدهم وحاربهم، فهزموه. وجاء الفَلُّ إلى القاهرة. ثم نُصِر عليهم وعظم شأنه، واشتدت وطأته، وصار هو الكُلّ، فحسده أمراء الترك لكثرة استيلائه على الأموال، وشكوه إلى الوزير، فقوى نفوسهم عليه وقال: إنما ارتفع بكم. فعزموا على مناجزته، فتحول إلى الجيزة، فنهبت دوره ودور أصحابه، وذل وانحل نظامه.
فدخل في الليل إلى القائد تاج الملوك شاذي واستجار به، وحالفه على قتل الأمير إِلْدِكْز، والوزير الخطير. فركب إِلْدِكْز فقتل الوزير. ونجا إلدكز، وجاء إلى المستنصر فقال: إن لم تركب وإلا هلكت أنت ونحن. فركب في السلاح، وتسارع إليه الجند والعوام، وعبى الجيش، فحملوا على ابن حمدان فانكسر واستحر القتل بأصحابه، وهرب فأتى بني سنبس، وتبعه فل أصحابه، فصاهر بني سنبس وتقوى بهم، فسار الجيش لحربه، فأراد أحد المقدمين أن يفوز بالظفر، فناجزه بعسكره، والتقوا فأسره ابن حمدان، وقتل طائفة من جُنْده. ثم عدَّى إليه فرقة ثانية لم يشعروا بما تم، فحمل عليهم، ورفع رؤوس أولئك على الرماح، فرعبوا وانهزموا، وقتلت منهم مقتلة. وساق وكبس بقية العساكر، فهزمهم، ونهب الريف، وقطع الميرة عن مصر في البر والبحر، فغلت الأسعار، وكثر الوباء إلى الغاية، ونهبت الجند دور العامة، وعظم الغلاء، واشتد البلاء.
قال ابن الأثير: حتى أن أهل البيت الواحد كانوا يموتون كلهم في ليلةٍ واحدة. واشتد الغلاء حتى حكي أن امرأة أكلت رغيفًا بألف دينار، فاستبعد ذلك، فقيل إنها باعت عروضها، وقيمته ألف دينار، بثلاثمائة دينار، واشترت بها قمحًا، وحمله الحمال على ظهره، فنهبت الحملة في الطريق، فنهبت هي مع الناس، فكان الذي حصل لها رغيفاً واحداً.
وجاء الخلق ما يشغلهم عن القتال، ومات خلق من جند المستنصر، وراسل الأتراك الذين حوله ناصر الدولة في الصلح، فاصطلحوا على أن يكون [ص:146] تاج الملك شاذي نائباً لناصر الدولة ابن حمدان بالقاهرة يحمل إليه المال. فلما تقرر شاذي استبد بالأمور، ولم يرسل إلى ابن حمدان شيئا، فسار ابن حمدان إلى أن نزل بالجيزة. وطلب الأمراء إليه فخرجوا، فقبض على أكثرهم، ونهب ظواهر القاهرة، وأحرق كثيرًا منها، فجهز إليه المستنصر عسكرًا، فبيتوه، فانهزم. ثم إنه جمع جمعًا وعاد إليهم، فعمل معهم مصافًا، فهزمهم، وقطع خطبة المستنصر بالإسكندرية ودمياط، وغلب على البلدين وعلى سائر الريف. وأرسل إلى العراق يطلب تقليدًا وخلعًا.
واضمحل أمر المستنصر وخمل ذكره. وبعث إليه ابن حمدان يطلب الأموال، فرآه الرسول جَالسًا على حصيرٍ، وليس حوله سوى ثلاثة خدم. فلما أدى الرسالة، قال: أما يكفي ناصر الدولة أن أجلس في مثل هذه الحال؟ فبكى الرسول وعاد إلى ناصر الدولة فأخبره بما قال، فرق له وأجرى له في كل يومٍ مائة دينار. وقدم القاهرة وحكم فيها، وكان يظهر التسنن ويعيب المستنصر. وكاتب عسكر المغاربة فأعانوه. ثم قبض على أم المستنصر وصادرها، فحملت خمسين ألف دينار. وكانت قد قل ما عندها إلى الغاية. وتفرق عن المستنصر أولاده وكثير من أهله من القحط، وضربوا في البلاد. ومات كثير منهم جوعًا، وجرت عليهم أمورٌ لا توصف في هذه السنوات بالديار المصرية من الفناء والغلاء والقتل. وانحط السعر في سنة خمس وستين.
قال ابن الأثير: وبالغ ناصر الدولة ابن حمدان في إهانة المستنصر، وفرق عنه عامة أصحابه، وكان يقول لأحدهم: إنني أريد أن أوليك عمل كذا. فيسير إليه، فلا يمكنه من العمل، ويمنعه من العود. وكان غرضه من ذلك ليخطب للقائم بأمر الله أمير المؤمنين، ولا يمكنه ذلك مع وجودهم، ففطن له الأمير إِلْدِكْز، وهو من أكبر أمراء وقته، وعلم أنه متى تم له ما أراد، تمكن منه ومن أصحابه. فأطلع على ذلك غيره من أمراء الترك، فاتفقوا على قتل ابن حمدان، وكان قد أمن لقوته وعدم عدوه. فتواعدوا ليلة، وجاؤوا سحرًا إلى داره، وهي المعروفة بمنازل العز بمصر، فدخلوا صحن الدار من غير استئذان، فخرج إليهم في غلالةٍ، لأنه كان آمنًا منهم، فضربوه بالسيوف، فسبهم وهرب، [ص:147] فلحقوه وقتلوه، وقتلوا أخويه فخر العرب، وتاج المعالي، وانقطع ذكر الحمدانية بمصر.
فلما كان في سنة سبعٍ وستين ولي الأمر بمصر بدر الجمالي أمير الجيوش، وقتل إِلْدِكْز، والوزير ابن كُدِينَه، وجماعةً، وتمكن من الدولة إلى أن مات. وقام بعده ابنه الأفضل.(10/144)
-سنة ست وستين وأربعمائة
فيها كان الغرق العظيم ببغداد، فغرق الجانب الشرقي، وبعض الغربي، وهلك خلق كثير تحت الهدم. وقام الخليفة يتضرع إلى اللَّه، ويصلي. واشتد الأمر وأقيمت الجمعة في الطيار على ظهر الماء مرتين، ودخل الماء في هذه النوبة من شبابيك المارستان العضدي. وارتفعت دجلة أكثر من عشرين ذراعًا، وبعض المحال غرقت بالكلية، وبقيت كأن لم تكن. وهلكت الأموال والأنفس والدواب. وكان الماء كأمثال الجبال. وغرقت الأعراب والتركمان وأهل القرى. وكان من له فرس يركبه ويسوق إلى التلال العالية. وقيل: إن الماء ارتفع ثلاثين ذراعًا. ولم يبلغ مثل هذه المرة قط، وركب الناس في السفن، وقد ذهبت أموالهم، وغرقت أقاربهم، واستولى الهلاك على أكثر الجانب الشرقي.
قال سبط ابن الجوزي: انهدمت مائة ألف دار وأكثر، وبقيت بغداد خلقة واحدة، وانهدم سورها، فكان الرجل يقف في الصحراء فيرى التاج، ونهب للناس ما لا يحصيه إلا اللَّه، وجرى على بغداد نحو ما جرى على مصر من قريب.
قال ابن الصابئ في " تاريخه ": تشققت الأرض، ونبع منها الماء الأسود، وكان ماء سخطٍ وعقوبة. ونهبت خزائن الخليفة. فلما هبط الماء أُخْرِجَ الناس من تحت الهدْم وعلا الناسَ الذُّلُّ. ثم فسد الهواء بالموتى، ووقع الوباء، وصارت بغداد عبرة ومثلاً.
وفيها كان صاحب سَمَرْقَنْد خاقان ألتكين قد أخذ ترمذ بعد قتل السلطان ألب أرسلان، فلما تمكن ابنه ملكشاه سار إلى ترمذ وحصرها، وَطمَّ خندقها، [ص:148] ورماها بالمنجنيق، فسلموها بالأمان. فأقام فيها نائبًا، وحصنها وأصلحها وسار يريد سمرقند، ففارقها ملكها وتركها، وأرسل يطلب الصُّلْح، ويضرع إلى نظام الملك ويعتذر، فصالحوه.
وسار ملكشاه بعد أن أقطع أخاه شهاب الدين تكِش بلْخ وطخارِسْتان. ثم قدم الري، فمات ولده إياس، وكان فيه شر وشهامة، بحيث إن أباه كان يخافه، فاستراح منه.
وفيها بنيت قلعة صرخد، بناها حسان بن مسمار الكلبي.(10/147)
-سنة سبع وستين وأربعمائة.
قال ابن الأثير: قد ذكرنا في سنة خمسٍ ما كان من تغلب الأتراك وبني حمدان على مصر، وعجْز صاحبها المستنصر عن منعهم، وما وصل إليه من الشدة العظيمة، والفقر المدقع، وقتل ابن حمدان.
فلما رأى المستنصر أن الأمور لا تنصلح ولا تزداد إلا فسادًا، أرسل إلى بدر الجمالي، وكان بساحل الشام، فطلبه ليوليه الأمور بحضرته، فأعاد الجواب: إن الجند قد فسدوا، ولا يمكن إصلاحهم، فإن أذنت لي أن استصحب معي جندًا حضرت وأصلحت الأمور. فإذن له أن يفعل ما أراد. فاستخدم عسكرًا يثق بهم وبنجدتهم، وسار في هذا العام من عكا في البحر زمن الشتاء، وخاطر لأنه أراد أن يهجم مصر بغتةً. وكان هذا الأمر بينه وبين المستنصر سرًّا، فركب البحر في كانون الأول، وفتح الله له بالسلامة، ودخل مصر، فولاه المستنصر جميع الأمر، ولقبه " أمير الجيوش " فلما كان الليل بعث من أصحابه عدة طوائف إلى أمراء مصر، فبعث إلى كل أمير طائفة ليقتلوه ويأتوه برأسه، ففعلوا. فلم يُصبحوا إلا وقد فرغ من أمراء مصر، ونقل جميع حواصلهم وأموالهم إلى قصر المستنصر، فعاد إليه جميع ما كان أخذ منه إلا ما تفرق في البلاد، وأعاد دولة المستنصر، وسار إلى دمياط، وكان قد تغلب عليها طائفة، فظفر بهم وقتلهم، وشيد أمرها. وسار إلى الإسكندرية فحاصرها [ص:149] ودخلها عنوة، وقتل طائفةً ممن استولى عليها. وسار إلى الصعيد فهذّبه. وقتل به في ثلاثة أيام اثني عشر ألف رجل، وأخذ عشرين ألف امرأة، وخمسة عشر ألف فرس، وبيعت المرأة بدينار، والفرس بدينارٍ ونصف. فتجمَّعوا بالصعيد لحربه، وكانوا عشرين ألف فارس، وأربعين ألف راجل، فساق إليهم فكبسهم وهم على غرةٍ في نصف الليل، فأمر النفاطين فأضرموا النيران وضربت الطبول والبوقات، فارتاعوا وقاموا لا يعقلون. وألقيت النار في وحلة هناك، وامتلأت الدنيا نارًا، وبلغت السماء فولوا منهزمين، وقتل منهم خلق وغرق خلق، وسلم البعض. وغنمت أموالهم ودوابُّهم. ثم عمل بالصعيد مصافًا آخر، ونصر عليهم. وأحسن إلى الرعية، وأقام المزارعين فزرعوا البلاد، وأطلق لهم الخراج ثلاث سنين، فعمرت البلاد به وعادت، وذلك بعد الخراب، إلى أحسن ما كانت عليه.
وفي شعبان تُوُفّي أمير المؤمنين القائم بأمر الله العباسي، واستخلف بعده حفيده عبد الله بن محمد، ولُقِّب بالمقتدي بأمر الله. وحضر قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والشيخ أبو نصر ابن الصباغ، ومؤيد الملك ولد نظام الملك، وفخر الدولة ابن جهير الوزير، ونقيب النقباء طراد العباسي، والمعمر بن محمد نقيب العلويين، وأبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي الفقيه. فكان أول من بايعه الشريف أبو جعفر، فإنه لما فرغ من غسل القائم بايعه وتمثل:
إذا سيد منا مضى قام سيد
ثم ارتج عليه، فقال المقتدي:
قؤول لما قال الكرام فعول
فلما فرغوا من بيعته صلى بهم العصر.
وكان أبوه الذخيرة أبو العباس محمد ابن القائم قد توفي أيام القائم، ولم يكن له ولد غيره، فأيقن الناس بانقراض نسل القائم، وانتقال الخلافة من البيت القادري. وكان للذخيرة جارية تسمى أرجوان، فلما مات، ورأت أباه قد جزع ذكرت له أنها حامل، فتعلقت الآمال بذلك الحمل. فولدت هذا بعد موت أبيه بستة أشهر، فاشتد سرور القائم به، وبالغ في الإشفاق عليه والمحبة له. [ص:150]
وكان ابن أربع سنين في فتنة البساسيري، فأخفاه أهله، وحمله أبو الغنائم ابن المحلبان إلى حران، ولما عاد القائم إلى بغداد أعيد المقتدي، فلما بلغ الحلم جعله ولي عهده. فلما استخلف أقر فخر الدولة ابن جهير على وزارته بوصية من جده. وسير عميد الدولة ابن فخر الدولة إلى السلطان ملكشاه لأخذ البيعة، وبعث معه تحفاً وهدايا.
وفيها بعث المستنصر بالله العبيدي إلى ابن أبي هاشم صاحب مكة هديةً جليلة، وطلب منه أن يعيد له الخطبة. فقطع خطبة المقتدي بالله، وخطب للعبيدي بعد أن خطب لبني العباس بمكة أربع سنين. ثم أعيدت خطبتهم في السنة الآتية.
وفيها اختلفت العرب بإفريقية وتحاربوا، وقويت بنو رياح على قبائل زغبة، وأخرجوهم عن البلاد.
وفيها وقع ببغداد حريق عظيم بمرة، هلك فيه ما لا يعلمه إلا الله. قال: صاحب " مرآة الزمان ": أكلت النار البلد في ساعة واحدة، فصارت بغداد تلولاً.
وفيها جمع نظام الملك المنجمين، وجعلوا النيروز أول نقطةٍ من الْحَمَلِ، وقد كان النيروز قبل ذلك عند حلول الشمس نصف الحوت. وصار ما فعله النظام مبدأ التقاويم.
وفيها عمل الرصد للسلطان ملكشاه، وأنفق عليه أموالًا عظيمة، وبقي دائرًا إلى آخر دولته.
وفيها مات صاحب حلب عز الدولة محمود بن نصر، وتملك ابنه نصر بعده.(10/148)
-سنة ثمان وستين وأربعمائة.
فيها أخذ صاحب حلب نصر بن محمود مدينة منبج من الروم.
وفيها حاصر أَتْسِز مدينة دمشق، وَأَمِيرَهَا الْمُعَلَّى بْن حَيْدَرَةَ من جهة المستنصر، فلم يقدر عليها فترحل. وفي ذي الحجة هرب المعلى بن حيدرة [ص:151] منها، وكان ظلومًا غشومًا للجند والرعية، فثاروا عليه، فهرب إلى بانياس، فأخذ إلى مصر، وحبس إلى أن مات. فلما هرب اجتمعت المصامدة، وهم أكثر جند البلد يومئذ، فولوا على البلد زين الدولة انتصار بن يحيى المصمودي. . والمصامدة قبيلة من المغاربة.
وكان أهل الشام في غلاءٍ مفرطٍ وقحط، فوقع الخلف بين المصامدة وأحداث البلد، فعرف أَتْسِز، فجاء من فلسطين ونزل على البلد فحاصره، وعدمت الأقوات، فسلموا إليه البلد. وعوض انتصارا ببانياس ويافا، ودخلها في ذي القعدة، وخطب بها لأمير المؤمنين المقتدي، وقطع خطبة المصريين، وأبطل الأذان بحي على خير العمل، وفرح به الناس، وغلب على أكثر الشام وعظُم شانه، وخافه المصريون، لكن حل بأهل الشام منه قوارع البلاء، حتى أهلك الناس وأفقرهم، وتركهم على برد الديار.(10/150)
-سنة تسع وستين وأربعمائة.
فيها سار أَتْسِز بجيوشه الشامية، وقصد مصر وحاصرها، ولم يبق إلا أن يملكها، فاجتمع أهلها عند ابن الجوهري الواعظ، ودعوا وتضرَّعوا، فترحل عنهم شبه المنهزم من غير سبب. وعصى عليه أهلُ القدس فقاتلهم، ودخل البلد عنوة، فقتل وعمل كل نحس، وقتل فيها ثلاثة آلاف نفس، وذبح القاضي والشهود صبرًا بين يديه. وقيل: إنه إنما جاء من مصر منهزمًا في أنحس حالٍ بعد مصافٍ كان بينه وبين بدر الجمالي، وهذا أشبه.
وفيها قدم بغداد أبو نصر ابن الأستاذ أبي القاسم القشيري، فوعظ بالنظامية، وبرباط شيخ الشيوخ. وجرى له فتنة كبيرة مع الحنابلة، لأنه تكلم على مذهب الأشعري، وحط عليهم. وكثر أتباعه والمتعصبون له، فهاجت أحداث السُّنّة، وقصدوا نحو النظامية، وقتلوا جماعةً نعوذ بالله من الفتن.
وفيها قال هبة الله ابن الأكفاني: كان كسرة أَتْسِز بن أوق بمصر، ثم [ص:152] رجع وجمع، وطلع إلى القدس ففتحها، وقتل بها ذلك الخلق العظيم، فمنهم حمزة بن علي العين زربي الشاعر.
وقال أبو يعلى القلانسي: سار أَتْسِز، فكسره أمير الجيوش، فأفلت في نفرٍ يسير وجاء إلى الرملة وقد قُتِل أخوه، وقُطِعِت يد أخيه الآخر. فسُرَّت نفوس الناس بمُصَابه، وتحكم السيف في أصحابه.(10/151)
-سنة سبعين وأربعمائة.
فيها اصطلح تميم بن المعز بن باديس صاحب إفريقية مع الناصر بن علناس صاحب قلعة حماد بعد حروبٍ وفصول تطول. وَزَوَّجَهُ تميم بابنته، فبعث الصَّداق ثلاثين ألف دينار، فأخذ منها تميم دينارًا واحدًا ورد الباقي، وبعث معها جهازاً عظيماً.
وفيها كانت ببغداد فتنة هائلة بسبب الاعتقاد، ونهب بعضهم بعضًا، فركب الجند وقتلوا جماعة، فسكنوا على حنق، وتشفت بهم الرافضة.
وفيها نزل المصريون مع ناصر الدولة الجيوشي على دمشق، فأقام عليها مُدَيْدة، ثم ترحل عنها.
وفيها نزل تاج الدولة تتش على حلب محاصراً لها، ثم ترحل عنها. ثم جاء جيش مصر، فنازلوا دمشق ثانيا.(10/152)
بسم الله الرحمن الرحيم
- (الوفيات)(10/153)
-المتوفون في سنة إحدى وستين وأربعمائة من المشاهير(10/153)
1 - أحمد بن الحسن بن عليّ بن الفضل، أبو الحسن البغدادي الكاتب. [المتوفى: 461 هـ]
أخو الشاعر أبي منصور عليّ صُرّدرّ.
سمع أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الحَسَن الحَمَّاميّ، وأحمد بن علي البادا. وعنه شجاع الذُّهْليّ، وأبو عليّ البرداني، وأبو الغنائم النرسي، وعلي بن أحمد الموحد.
وكان صالحاً خيراً كثير الذِّكْر، تُوُفّي في ربيع الآخر، وله خمس وثمانون سنة.(10/153)
2 - أحمد بن عبد الواحد بن محمد، أبو مَعْمَر الهَرَويّ البالكي المزكي. [المتوفى: 461 هـ]
سمع عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح، وغيره، وتُوُفي في شوال. وقد حدث " بالجعديات " كلها عن ابن أبي شُرَيْح.
روى عنه أهلُ هَرَاة، وكان من الفقهاء.(10/153)
3 - أحمد بن عليّ بن يحيى، أبو منصور الأَسَدَاباذيّ المقرئ. [المتوفى: 461 هـ]
حدَّث ببغداد عن أبي القاسم عبيد الله بن أحمد الصيدلاني.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان يذكر أنه سمع من الدارقطني، ويذكر أشياء تدل على تخليطه، وعاش خمسًا وتسعين سنة.(10/153)
4 - أحمد بن عمر بن الحسن بن يوسف، أبو القاسم الأصبهاني المؤدب. [المتوفى: 461 هـ]
في المحرم. رحل، وروى عن أبي عمر الهاشمي، وأبي عمر بن مهدي، وهلال الحفار.(10/154)
5 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن مسعود، أبو عمر الْجُذامي البِزِلْياني، [المتوفى: 461 هـ]
القاضي ببَجَانَة.
صحب أبا بكر بن زرب، وأبا عبد الله بن مفرِّج، والزبيدي، وابن أبي زمنين.
وكان من العلماء؛ حدَّث عنه ابن خزرج، وقال: ولد سنة ستين وثلاثمائة، وتوفي في جمادى الأولى.
قلت: فيكون مبلغ عمره مائة سنة وسنة.(10/154)
6 - إبراهيم بن يحيى بن محمد بن حُسَين بن أسد، أبو بكر التميمي الحماني المقرئ، القرطبي، المعروف بابن الطُبْني. [المتوفى: 461 هـ]
أخذ مع ابن عمه أبي مروان عن بعض شيوخه. وكان عالماً بالطب. من بيت حشمة. وكان صديقاً لأبي محمد بن حزم.
مولده سنة ست وتسعين وثلاثمائة.(10/154)
7 - إسماعيل بن أبي نصر الصفار. [المتوفى: 461 هـ]
كان إمامًا، قوالاً بالحق، قتله الخاقان نصر بن إبراهيم ببخاري صبرًا لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.(10/154)
8 - حيدرة بن إبراهيم بن العباس بن الحسن، النقيب أبو طاهر الحسيني، ابن أبي الجن الدمشقي. [المتوفى: 461 هـ][ص:155]
ولي نقابة العلويين.
قال ابن عساكر: بلغني أنه قتل بعكا، وسلخ في سنة إحدى.(10/154)
9 - عبد الله بن محمد بن سعيد، أبو محمد الأندلسي البشكلاري. [المتوفى: 461 هـ]
نزيل قرطبة، وبشكلار: قرية من قرى جيان.
روى عن أبي محمد الأصيلي، وأبي حفص بن نابل، وأحمد بن فتح الرسان، ومحمد بن أحمد بن حيوة، وخلف بن يحيى الطليطلي.
وكان ثقة فيما رواه ثبتا، شافعي المذهب. روى عنه أبو علي الغساني، وأبو القاسم بن صواب وأجاز له بخطه.
تُوُفي في رمضان، وولد سنة سبعٍ وسبعين وثلاثمائة.(10/155)
10 - عبد الرحمن بن محمد بن فُوران، أبو القاسم المَرْوَزِيّ الفقيه، [المتوفى: 461 هـ]
صاحب أبي بكر القفال.
له المصنفات الكثيرة في المذهب والأصول والجدل، والملل والنحل. وطبق الأرض بالتلامذة، وله وجوه جيدة في المذهب. عاش ثلاثا وسبعين سنة، وتوفي في رمضان.
وكان مقدم اصحاب الحديث الشافعية بمرو. سمع علي بن عبد الله الطيسفوني، وأبا بكر القفال. روى عنه عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري، وزاهر، وعبد الرحمن بن عمر المَرْوَزِيّ.
وصنف كتاب " الإبانة "، وغيرها. وهو شيخ أبي سعد المتولي صاحب " التتمة ". و" التتمة " هي تتمة لكتاب " الإبانة " المذكور وشرحٌ لها. وقد أثنى أبو سعد على الفُورَانيّ هذا في خطبة " التتمة ".
وقد سمع منه أيضًا: محيي السُّنَّةَ البَغَويّ.
وكان أبو المعالي إمام الحرمين يحط على الفورَانيّ، حتى قال في باب الأذان: والرجل غير موثوقٍ بنقْله. ونَقَمَ العلماء ذلك على أبي المعالي ولم [ص:156] يصوبوا كلامه فيه.(10/155)
11 - عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق بن عمرو، الحافظ أبو زكريا التميمي البخاري المحدث، [المتوفى: 461 هـ]
صاحب الرحلة الواسعة.
سمع بالشام، والعراق، ومصر، واليمن، والثغور، والحجاز، وبُخَاري، والقيروان، وحدث عن أبي نصر أحمد بن علي الكاتب، وأبي عبد الله محمد بن أحمد الغُنْجار، وأبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي الفقيه، وأبي يَعْلَى حمزة بن عبد العزيز المُهَلَّبي، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وهلال الحفار، وأبي محمد عبد الله بن عبيد الله ابن البيع، وتمام بن محمد الرازي، وعبد الغني بن سعيد الأزدي، وابن النحاس، وابن الحاج الإشبيلي، وخلق كثير.
روى عنه أبو نصر بن الجبان، وهو من شيوخه، وعلي بن محمد الحنائي، والفقيه نصر المقدسي، ومشرف بن علي التمار، وجميل بن يوسف المادرائي، وأحمد بن إبراهيم بن يونس المقدسي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وآخرون.
وكان مولده في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وأكبر شيخ له إبراهيم بن محمد بن يزداد الرازي، حدثه عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وذلك في مشيخة الرازي.
وفي الرواة عن أبي زكريا سابقٌ ولاحقٌ، بينهما في الموت مائة سنة، وهما عبد الوهاب بن الجبان، والرازي.
أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ مُحمَّدِ بْنِ عَلَّانَ كَتَابَةً، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيِّ بن الحسن: قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المسلم الفرضي، قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني، قال: أخبرنا أَبُو نَصْرِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المري، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بِنِ نَصْرٍ البخاري، قدم علينا طالب علم، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الْكَاتِبِ بِبُخَارَى، قال: حدثنا أبو نصر بن سهل، قال: حدثنا قيس بن أنيف، قال: حدثنا محمد بن صالح، قال: حدثنا محمد بن سليمان المكي، قال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: [ص:157] " اغْسِلُوا ثِيَابَكُمْ، وَخُذُوا مِنْ شُعُورِكُمْ، وَاسْتَاكُوا، وَتَزَيَّنُوا، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، فَزَنَتْ نِسَاؤُهُمْ ".
قال أَبُو عَبْد اللَّه الرازي: دخل أَبُو زكريا عَبْد الرحيم بلاد الأندلس وبلاد المغرب، وكتب بها، وكتب عمن هُوَ دونه، وَفِي شيوخه كثرة، وكان من الحفاظ الأثبات؛ قال السلفي هَذَا على لسان الرازي فِي مشيخته، وورخ وفاته ابن الأكفاني فِي سنتنا هَذِهِ.
وقال ابن طاهر المقدسي فِي كتاب " تكملة الكامل في الضعفاء " إن شيخه سعد بْن علي الزنجاني حدثه أنه لم يرو كتاب " مشتبه النسبة " عن مؤلفه عَبْد الغني إلا ابن بنته علي بْن بقاء، وأن عَبْد الرحيم حدث به. وَفِي قول الزنجاني نظر، فَإِن رشأ بْن نظيف قد روى هَذَا الكتاب، عن عَبْد الغني أيضًا. وهو وعبد الرحيم بْن أَحْمَد ثقتان. وبمثل هَذَا لا يحل تضعيف الرجل العالم.(10/156)
12 - عَبْد الواحد بن علي بْن عَبْد الواحد بْن موحد بْن البَرِّي، بالفتح، أَبُو الفضل السُّلَمي. [المتوفى: 461 هـ]
سمع أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن القطَّان، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وعمر الرواسي، وابن أَخِيهِ علي بْن الْحَسَن بن البري.
مات فِي المحرم.(10/157)
13 - عَبْد الغفّار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، أَبُو مَنْصُور الأصبهاني المعدل. [المتوفى: 461 هـ]
عن إبراهيم بن خرشيذ قوله. مات فِي ذي القعدة.(10/157)
14 - عَبْد الواحد بْن أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المرزبان، أَبُو مُسْلِم الأبهري الأصبهاني. [المتوفى: 461 هـ]
روى " جزء لُوَيْن " عن والده.
رَوَى عَنْهُ عَبْد الصمد بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم الجمال شيخ أَبِي علي الحداد.
تُوُفّي فِي رجب، وله ثلاث وتسعون سنة.
والعجب من الحداد كونه لم يسمع منه وروى عَنْ رجلٍ، عَنْهُ.(10/158)
15 - عَبْد الواحد بْن محمد بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن صالح، أَبُو الفضل المعلم. [المتوفى: 461 هـ]
سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن منده، وخلقًا.(10/158)
16 - عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب بن عَبْد القدوس، أَبُو القاسم الْأَنْصَارِيّ القرطبي. [المتوفى: 461 هـ]
حج وسمع من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن علي المطوعي بمكة. وقرأ القراءات بدمشق على أَبِي علي الأهوازي.
وسمع من أَبِي الْحَسَن السمسار، وأخذ بحران عن الشريف الزيدي. وأخذ بمصر عن أَبِي الْعَبَّاس بْن نفيس، وبمَيَّافارقين عن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفارسي.
وكان من جلة المقرئين، ومن الخطباء المجودين؛ كَانَتِ الرحلة إليه فِي القراءات.
توفي فِي ذي القعدة، ومولده سنة ثلاث وأربعمائة.
ولي خطابة قرطبة، وصنف " المفتاح " فِي القراءات.(10/158)
17 - عُمَر بْن مَنْصُور بْن أَحْمَد بْن محمد بْن مَنْصُور، الحافظ أَبُو حَفْص الْبُخَارِيّ البزاز، [المتوفى: 461 هـ]
محدِّث ما وراء النهر فِي وقته.
سمع أَبَا عليّ بْن حاجب الكشاني، وأبا نصر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الملاحمي، وأبا الفضل أَحْمَد بْن علي السليماني، وإبراهيم بْن مُحَمَّد الرازي، وطبقتهم.
روى عنه الحافظ عبد العزيز النخشبي، ومحمد بْن علي بْن سَعِيد المطهري، ومحمد بن عبد الله السرخكتي، وآخرون.
قال النخشبي: هُوَ مكثر، صحيح السماع، فيه هزل. [ص:159]
وقال أبو سعد ابن السمعاني: مات بعد الستين وأربعمائة، وهو سبط مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خنب.(10/158)
18 - مُحَمَّد بْن مكي بْن عُثْمَان، أَبُو الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ الْمَصْرِيّ. [المتوفى: 461 هـ]
سمع أَبَا الْحَسَن علي بْن مُحَمَّد الحلبي، ومحمد بْن أَحْمَد الإخميمي، والمؤمل بْن أَحْمَد، والميمون بْن حَمْزَة الحسيني، وأبا مُسْلِم الكاتب، وعبد الكريم بْن أَحْمَد بْن أبي جدار الصواف، وجده لأمه أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن رزيق البغدادي، وأبا علي أَحْمَد بْن عمر بن خرشيذ قوله، وغيرهم.
حدث بمصر، ودمشق؛ حدث عَنْهُ أبو بكر الخطيب، ونصر المقدسي، وعبد الواحد وعبد اللَّه ابنا أَحْمَد السمرقندي، وأبو القاسم النسيب، وهبة الله ابن الأكفاني، وأبو القاسم بن بطريق، وعبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل الإسفراييني، وغيرهم.
مولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
ووثقه الكتاني، وقال: توفي فِي نصف جُمَادَى الأولى بمصر.(10/159)
19 - مُحَمَّد بْن وهْب بْن بُكَيْر، أَبُو عَبْد الله الكتاني الأندلسي، [المتوفى: 461 هـ]
قاضي قلعة رَبَاح.
روى عن أَبِي محمد بن ذنين، وأبي عبد الله ابن الفخار، ومحمد بن يمن. وكان ينصر مذهب مالك مع الدين والخير.
استوطن طليطلة، وبها توفي.(10/159)
20 - المسيب بْن مُحَمَّد بن المسيب، أبو عمرو الأرغياني. [المتوفى: 461 هـ]
وأرغيان: قرية من أعمال نيسابور.
رَحَل وسمع ببغداد أَبَا عُمَر بْن مهدي، وبالبصرة أَبَا عُمَر الهاشمي. روى عنه زاهر الشحامي.
وكان صالحًا، دينًا، سكن نيسابور.(10/159)
21 - المظفر بن الحسن، أبو سعد الهمذاني [المتوفى: 461 هـ]
سبط أَبِي بَكْر بْن لال.
سكن بغداد، وحدث عن جَدّه ابن لال، وأحمد بْن فراس العبقسي، وأبي أَحْمَد مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن جامع الدهان.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة، عاش ثمانين سنة.(10/160)
22 - نصر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن نوح، أَبُو الْحسين الفارسي الشيرازي، المقرئ المجود، [المتوفى: 461 هـ]
نزيل مصر.
أقرأ بها القرآن زمانًا، وأملى مجالس. وكان قد قرأ بالروايات على أَبِي الحسن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السوسنجردي، وبكر بْن شاذان الواعظ، وأبي أَحْمَد الفرضي، وأبي الْحَسَن الحمامي، ومنصور بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور صاحب ابن مجاهد، وجماعة. قرأ عليه أَبُو الحسين الخشاب، وأبو القاسم ابن الفحام، وغيرهما. وكان ينفرد بُنكتٍ عن أَبِي حيان التوحيدي.
وروى الحديث عن أَبِي أَحْمَد الفرضي، وابن الصلت المجبر، وابن بشران المعدل. روى عنه أبو عبد الله الرازي في مشيخته، ورحل إلى مصر هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وعمر بن عبد الكريم الدهستاني في رأس سنة ستين وأربعمائة فأدركاه وسمعا منه. وروى عنه أحمد بن يحيى بن الجارود، وروزبة بن موسى الخزاعي.
وكان من كبار أئمة القراء، قرأ بما في " الروضة " على جميع شيوخ مصنفها.(10/160)
23 - يعقوب بْن مُوسَى بْن طاهر بْن أَبِي الحسام، أَبُو أيوب المُرْسِي. [المتوفى: 461 هـ]
روى عن أَبِي الْوَلِيد بْن ميْقل، وحاتم بْن مُحَمَّد، وجماعة.
قال ابن مدير: كان فقيهًا حافظًا متفننًا. توُفي فِي صَفَر.(10/160)
24 - يُونُس بْن عُمَر الأصبهاني، [المتوفى: 461 هـ]
نزيل القدس.
روى عن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي. روى عنه نصر المقدسي، وأبو الفتيان الرواسي.(10/160)
-سنة اثنتين وستين وأربعمائة.(10/161)
25 - أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو بكر ابن اللحياني، البغدادي الصفار، المقرئ. [المتوفى: 462 هـ]
أحد قراء السبعة المحققين؛ قرأ بالروايات على أَبِي الْحَسَن الحمامي، وغيره، وسمع من أبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الْحُسَيْن بْن بشران. قرأ عليه: أبو نصر هبة الله ابن المجلي. روى عنه أبو علي ابن البرداني، وهبة الله السقطي وأبو السعود أحمد بن علي ابن المجلي.
توفي فِي رجب، ورخه ابن خيرون وقال: قيل إنه نسي القرآن.
وقال أَبُو علي ابن البرداني: سَأَلْتُهُ عن مولده، فقال: فِي أول سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.(10/161)
26 - أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن سعد الطرسوسي، أَبُو الْحُسَيْن البزاز الشاهد الدَّمشقيّ، [المتوفى: 462 هـ]
من أَهْل سوق الأحد.
حدث عن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الشيرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر. روى عنه عمر الرواسي، وهبة الله ابن الأكفاني.(10/161)
27 - أحمد بن علي الأسدآباذي المقرئ. [المتوفى: 462 هـ]
حدث بدمشق عَن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد الصيدلاني، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الجعفي. وعنه عَبْد الْعَزِيز الكتاني، ونجا العطار.
قال ابن خيرون: فيها توفي، وكان كذابًا، سمع لنفسه.(10/161)
28 - أَحْمَد بْن علي بْن أَبِي قُتَيْبَة الأصبهاني. [المتوفى: 462 هـ]
سمع الحافظ ابن منده.(10/161)
29 - أحمد بْن مُحَمَّد بْن سياوش، أَبُو بَكْر الكازروني الفارسي البيع. [المتوفى: 462 هـ]
شيخ ثقة، صالح، مكثر. [ص:162]
قال أَبُو سعد: سمع أَبَا أَحْمَد الفرضي، وابن الصلت المجبر، وهلالًا الحفار، وأكثر عن هذه الطبقة. حدثنا عنه أبو بكر قاضي المارستان، وأبو عُبَد الله السلال.
توفي فِي جمادى الأولى.(10/161)
• - أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن خلف المغربي. [المتوفى: 462 هـ]
قد ذكر في سنة تسع وخمسين.(10/162)
30 - إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حاتم بن صولة، أبو نصر البغدادي البزاز، [المتوفى: 462 هـ]
نزيل مصر، ووالد أَبِي الْحَسَن علي.
سمع أَبَا أَحْمَد الفرضي. وعنه جَعْفَر السراج، وعلي بن المؤمل بن غسان الكاتب، وعلي بن الحسين الفراء، ومحمد بْن أَحمد الرازي المعدل، وغيرهم.
وكان محدثًا، ثقة، عالمًا.(10/162)
31 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد، أَبُو إِسْحَاق الْأَزْدِيّ القرطبي. [المتوفى: 462 هـ]
أَخَذَ عن مكي، وأبي العباس المهدوي، وأقرأ الناس بقرطبة.(10/162)
32 - ثابت بن محمد بن علي، أبو محمد، وأبو القاسم الطبقي الفزاري. [المتوفى: 462 هـ]
سمع أَبَا الْحَسَن بْن الصلت المجبر. وعنه أَبُو عُبَد اللَّه البارع، وعبيد اللَّه بْن نصر الزاغوني.
حدث في هذا العام، ولم أعرف وفاته.(10/162)
33 - الحسن بن عَلِيّ بْن محمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عِيسَى، أَبُو عليّ الحسناباذي المحدث. [المتوفى: 462 هـ]
روى عن أَبِي بَكْر بْن مردويه الحافظ. ورحل فسمع ببغداد من أَبِي الْحَسَن بْن رزقويه، وطبقته. وكان يفهم؛ رَوَى عَنْهُ عَبْد السلام الْحَسْنَاباذيّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد الدقاق.(10/162)
34 - الْحَسَن بْن علي بْن عَبْد الصمد بْن مَسْعُود، أَبُو مُحَمَّد الكلاعي اللباد، المقرئ الدَّمشقيّ. [المتوفى: 462 هـ]
كان آخر من قرأ على الجبني أَبِي بكر محمد بن أحمد. وسمع من تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وعبد الوهاب الميداني. رَوَى عَنْهُ أَبُو بكر الخطيب، وعمر الرواسي، وسبطه مُحَمَّد بْن أَحْمَد اللباد، وأبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب، وهبة الله ابن الأكفاني وقال: هُوَ ثقة دين. قال لي: ولدت سنة تسع وسبعين، ومات فِي صَفَر.(10/163)
35 - الْحُسَيْن بْن أَحْمَد، أَبُو علي الخوافي. [المتوفى: 462 هـ]
توفي بنيسابور فِي شهر ربيع الآخر، وله تسع وستون سنة.(10/163)
36 - حُسَيْنِ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، القاضي أَبُو عليّ المروزي، يُقَالُ له أيضًا: المروروذي، الشافعي. [المتوفى: 462 هـ]
فقيه خراسان في عصره. روى عن أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني، وغيره. وكان أحد أصحاب الوجوه، تفقه على أَبِي بكر القفال. وله: " التعليق الكبير "، و" الفتاوى ". وعليه تفقه صاحب " التتمة " وصاحب " التهذيب " محيي السنة. وكان يقال له: حبر الأمة.
ومما نقل في تعليقه أن البيهقي نقل قولًا للشافعي أن المؤذن إذا ترك الترجيع فِي الأذان لا يصح أذانه.
ورَوَى عَنْهُ عَبْد الرزاق المنيعي، ومحيي السنة البغوي فِي تصانيفه.
قلت: توفي القاضي حسين بمروالروذ فِي المحرم من السنة. ويقال: إن أَبَا المعالي تفقه عليه أيضًا.(10/163)
37 - حمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز السكري الأصبهاني العسال. [المتوفى: 462 هـ]
سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن منده؛ أرخه يحيى بن منده.(10/163)
38 - ذؤيب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، أَبُو عُمَر الْقُرَشِيّ الهروي. [المتوفى: 462 هـ]
روى عن عَبْد الرَّحْمَن بن أبي شريح.(10/163)
39 - زياد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن الحكم، أبو محمد الأصبهاني الجلاب البقال. [المتوفى: 462 هـ]
سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن منده، وجده.
شيخ صالح، مات فِي شوّال؛ قاله يحيى بن مَنْدَهْ.(10/164)
40 - سَعِيد بْن عِيسَى بْن أَحْمَد بْن لُبّ، أبو عثمان الرعيني الطليطلي، ويعرف بالقصري وبالأصفر. [المتوفى: 462 هـ]
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، ودخل قرطبة طَالِب علمٍ فِي سنة تسعٍ وتسعين، فلقي علي بْن سُلَيْمَان الزهراوي، ومحمد بْن فضل اللَّه، وَلقي بمالقة نافعًا الأديب، وسمع منهم ومن خلق.
وبرع فِي اللغة والنحو، وصنف شرحًا " للجمل "، وجلس للإفادة؛ أَخَذَ عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن أفلح، وغيره، وعاش إحدى وثمانين سنة.(10/164)
41 - عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن طَلْحَة، أَبُو محمد التنيسي ابن النخاس، ويعرف أيضًا بابن الْبَصْرِيّ. [المتوفى: 462 هـ]
قدم دمشق، ومعه ابناه مُحَمَّد وطلحة، فسمعوا الكثير من أَبِي بَكْر الخطيب، وغيره. وحدَّث عن ابن نظيف الفراء، وجماعة. رَوَى عَنْهُ نصر المقدسي، وهبة الله ابن الأكفاني، وعبد الكريم بْن حَمْزَة.
وعاش بضعًا وخمسين سنة. توفي تقريبًا.(10/164)
42 - عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي العجائز، القاضي أَبُو مُحَمَّد الأزْديّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 462 هـ]
ناب في الحكم بدمشق. سمع أَبَاهُ، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر، وأبا نصر بْن الْجُنْديّ. رَوَى عَنْهُ الضّحّاك بْن أَحْمَد الخولاني، وهبة الله ابن الأكفانيّ، وجماعة.
تُوُفّي فِي رجب فِي الثمانين.(10/164)
43 - عَبْد اللَّه بْن محمود الدَّمشقيّ البرزي. [المتوفى: 462 هـ]
سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وغيره. وعنه هبة الله ابن الأكفاني، وغيره. وكان يحفظ "مختصر المُزَنيّ"، وكنيته أبو علي.(10/165)
44 - عَبْد الباقيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الرَّبِيع بن ثابت بْن وهْب بْن مشجعة بْن الحارث بن عبد الله ابن صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كعب بْن مالك الْأَنْصَارِيّ الْبَغْدَادِيّ، أَبُو طاهر، [المتوفى: 462 هـ]
والد القاضي أَبِي بَكْر.
ساق نسبه أَبُو سعد السَّمعاني، وقال: شيخ صالح ثقة، راغب فِي الخير، مختلط بأهل العلم.
سمع أَبَا الحسن بن الصلت المجبر، وأبا نصر بن حسنون النرسي. حدثنا عَنْهُ ولده.
وذكره عَبْد الْعَزِيز النَّخْشَبيّ فِي معجمه، فقال أَبُو طاهر البزّاز: شيخ صالح ثقة، له كَرَم ونفقه على أَهْل العلم. وُلِد فِي حدود تسعين وثلاثمائة.(10/165)
45 - عُبَيْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد أَبُو مُحَمَّد النجار الدَّمشقيّ، المعروف بابن كُبَيْبَة. [المتوفى: 462 هـ]
سمع من تمّام الرّازيّ، والحسين بْن أَبِي كامل، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: [ص:166] الخطيب، وابنه صاعد بْن عَبْد اللَّه، وهبة الله ابن الأكفاني، وطاهر ابن الإسفراييني، وإسماعيل بْن أَحْمَد السمرقندي.
قال ابن ماكولا: هُوَ شيخ صالح، سمعنا منه بدمشق، وسمع منه الحُمَيْديّ.
تُوُفيّ فِي ربيع الآخر، وقد جاوز الثمانين.(10/165)
46 - علي بن أحمد بن علي ابن المَلَطيّ السراج الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 462 هـ]
سمع ابن الصلت المجبر، وابن مهدي. وعنه يحيى، وأبو غالب ابنا البناء، والمبارك ابن الطيوري.
مات فِي جمادى الأولى، وله تسع وسبعون سنة.(10/166)
47 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن شريعة اللخمي الباجي، أَبُو الْحَسَن. [المتوفى: 462 هـ]
من أَهْل إشبيلية، روى عَنْ والده، وكان نبيه البيت والحَسَب. رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحَسَن شُرَيْح بْن مُحَمَّد.
ووُلِد فِي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وتوفي فِي ربيع الآخر.(10/166)
48 - عُمَر بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الكَرَجيّ. [المتوفى: 462 هـ]
حدِّث بإصبهان عن هبة اللَّه اللالكائيّ. وعنه سَعِيد بْن أَبِي الرجاء.
تُوُفّي فِي صفر.(10/166)
49 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سهل، أَبُو غالب الواسطي، المعروف بابن بشران، وبابن الخالة، المعدل الحنفي اللُّغَوِيِّ، [المتوفى: 462 هـ]
شيخ العراق فِي اللغة.
وأما نسبته إِلَى ابن بشران فلأن جده لأمه هو ابن عم أَبِي الْحُسَيْن بْن بشران المعدل.
وُلد أَبُو غالب سنة ثمانين وثلاثمائة، وسمع أَبَا القاسم علي بْن طَلْحَة بْن كُرْدان النحوي، وأبا الفضل التميمي، وأبا الْحُسَيْن علي بْن دينار، وأبا عَبْد اللَّه العلوي، وأبا عبد الله بن مهدي، وأبا الحسن العطاردي، وأبا الحسن [ص:167] الصيدلاني، وأبا الحسين ابن السماك، وأبا بَكْر أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن بيري.
قال ابن السمعاني: كان الناس يرحلون إليه، يعني لأجل اللغة، وهو مُكْثر من كُتُب الأدب وروايتها. رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ، وهبة اللَّه بْن مُحَمَّد الشيرازي، وبالإجازة أبو القاسم ابن السمرقندي، والقاضي أبو عبد الله بن الجلابي.
قلت: وروى عَنْهُ علي بْن مُحَمَّد والد الجلابي ومن خطه نقلت من الزيادات التالية " لتاريخ واسط " أنه توفي يوم الخميس الخامس عشر من رجب من سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وذكر مولده.
وقال خميس: كان أحد الأعيان، تخصَّص بابن كُرْدان النَّحْوي وقرأ عليه " كتاب سيبويه " ولازم حلقة أَبِي إسحاق الرِّفَاعِيّ صاحب السيرافي، وكان يقول: قرأتُ عليه من أشعار العرب ألف ديوان. وكان مكثراً، حسن المحاضرة، إلا أنه لم ينتفع به أحدٌ، يعني: أنه لم يتصدَّر للإفادة. قال: وكان جيد الشعر، معتزليا.
وممن رَوَى عَنْهُ أَبُو المجد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جهور القاضي، وأبو نصر ابن ماكولا، وأهل واسط.
وسمع هُوَ من خاله أبي الفرج محمد بن عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن بشران الواسطي.(10/166)
50 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه ابن القاضي أَبِي الْحَسَن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن حذلم، أَبُو الْحَسَن الأسدي الدَّمشقيّ. [المتوفى: 462 هـ]
سمع أَبَاه، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وصدقه بْن المظفر، وجماعة. رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر الخطيب، ونجا بْن أَحْمَد، وأبو القاسم النسيب، وعبد الكريم بْن حَمْزَة.
ووثقه النسيب، وتوفي فِي ذي القعدة.(10/167)
51 - مُحَمَّد بْن أَبِي الحزم جهور بن محمد بن جهور بن عبيد الله بْن مُحَمَّد بْن الغمر، الأمير أَبُو الْوَلِيد، [المتوفى: 462 هـ]
رئيس قرطبة ومدبر أمرها كوالده. [ص:168]
قرأ القرآن على أَبِي مُحَمَّد مكّيّ، وسمع من أبي المطرف القنازعي، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وابن بُنّوش. وكان معتنيا بالرواية، وسمع الكثير.
توفي معتقلًا فِي سجن المعتمد مُحَمَّد بْن عباد فِي نصف شوال، وقد جاوز السبعين.
لم يذكر ابن بشكوال شيئًا من سيرته، وقد ولي إمرة قُرْطُبة بعد والده فِي سنة خمسٍ وثلاثين، فحكم فيها مدة ثمانية أعوام إلى أن قويت شوكة المعتمد ابن عباد واستولى على قرطبة فسجن ابن جهور فِي حصن.(10/167)
52 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي علانة، أَبُو سعد الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 462 هـ]
سمع أبا طاهر المخلص، وابن حمكان الفقيه.
قال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان سماعه صحيحًا.(10/168)
53 - مُحَمَّد بْن عتاب بْن محسن، مَوْلَى عَبْد الملك بْن أَبِي عتاب الجذامي، أَبُو عَبْد اللَّه [المتوفى: 462 هـ]
مفتي قرطبة وعالمها.
وُلِد سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وروى عن أَبِي بَكْر عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد التجيبي، وأبي القاسم خلف بن يحيى، وأبي المطرف القنازعي، وسعيد بْن سلمة، وأبي عَبْد اللَّه بْن نبات، ويونس القاضي، وعبد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بشر القاضي، وأبي بَكْر بْن واقد القاضي، وأبي مُحَمَّد بن بنوش القاضي، وأبي أيوب بن عمرون القاضي، وأبي عُثْمَان بْن رشيق، وغيرهم.
قال ابن بشكوال: وكان فقيهًا، عالمًا، عاملًا، ورعًا، عاقلًا، بصيرًا بالحديث وطُرُقه، عالمًا بالوثائق لا يُجارى فيها، كتبها عمره فلم يأخذ عليها من أحدٍ أجرًا، وكان يحكي أنه لم يكتبها حَتَّى قرأ فيها أزيد من أربعين مؤلفاً. وكان متفنناً في فنون العلم، حافظًا للأخبار والأمثال والأشعار، صليبًا فِي الحق، مريدًا له، منقبضًا عن السلطان وأسبابه، جاريا على سنن الشيوخ متواضعًا، مقتصدًا فِي ملبسه، يتولى حوائجه بنفسه. وكان شيخ أَهْل الشورى [ص:169] فِي زمانه، وعليه كان مدار الفتوى. دُعي إِلَى قضاء قُرْطُبَة مِرارًا، فأبى ذلك، وكان يهاب الفتوى ويخاف عاقبتها فِي الأخرى، ويقول: من يحسدني فيها جعله اللَّه مفتيا، وددت أني أنجو منها كفافًا. وكانت له اختيارات من أقاويل العلماء، يأخذ بها فِي خاصة نفسه.
وذكره أَبُو علي الغساني، فقال: كان من جلّة العلماء الأثبات، وممن عني بالفقه وسماع الحديث دهره، وقيده فأتقنه، وكتب بخطه علمًا كثيرًا، أخذتُ عنه. إلى أن قال: توفي لعشر بقين من صفر، ومشى فِي جنازته المعتمد على اللَّه مُحَمَّد بْن عباد.
قلت: رَوَى عَنْهُ ولده عبد الرحمن، وخلق من الأندلسيين.(10/168)
54 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن ممّوس، أَبُو سعْد الهَمَذانيّ البزّاز. [المتوفى: 462 هـ]
حدَّث عن أَبِي بَكْر بْن لال، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الليث، وأبي القاسم يوسف بن كج، والعلاء بن الحسين، وعلي بن إبراهيم بن حامد البزاز، وأبي بكر بن حمدويه الطوسي، وجماعة كبيرة.
وكان شيخا صالحا.(10/169)
55 - محمد بن علي بن حميد بن علي بن حميد، أبو نصر الهمذاني، [المتوفى: 462 هـ]
إمام الجامع.
روى عن علي بْن إِبْرَاهِيم بْن حامد، وعلي بْن شعيب، والحسن بْن أحمد بن مموس، وجماعة. وهو صدوق.(10/169)
56 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحمد بْن مَنْصُور، أَبُو الغنائم بْن الغراء الْبَصْرِيّ المقرئ. [المتوفى: 462 هـ]
رحل، وسمع أَبَا الْحَسَن بْن جهضم بمكة، وأحمد بْن الْحَسَن الرازي بمكة وحدث عَنْهُ " بصحيح مُسْلِم ". وسمع أبا محمد ابن النحاس بمصر، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن القطَّان، وابن أَبِي نصر بدمشق. رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر الخطيب، وأبو [ص:170] نصر بْن ماكولا، ومكي الرميلي، والفقيه نصر المقدسي، وغيرهم.
سكن القدس، وبه تُوُفّي فِي شعبان وله ثمانون سنة.(10/169)
57 - مُوسَى بْن هُذَيل بْن مُحَمَّد بْن تاجِيت البكْريّ، أَبُو مُحَمَّد القرطبي، ويعرف بابن أَبِي عَبْد الصمد. [المتوفى: 462 هـ]
روى عن أَبِي عَبْد اللَّه بْن عابد، والقاضي يونس بن عبد الله، وأبي محمد بن الشقاق، وأبي مُحَمَّد بْن دحون.
وكان من أَهْل المعرفة والحفظ والصلاح، وكان مشاورًا فِي الأحكام بقرطبة. عزم عليه مُحَمَّد بْن جهور أن يوليه القضاء بقرطبة فقال: أخرني ثمانية أيام حتى أستخير اللَّه. فأخره، فعمي فِي تلك الأيام، فكانوا يرون أنه دعا على نفسه.
قال أَبُو القاسم بن بشكوال: أخبرني أحمد بن عبد الرحمن الفقيه، قال: سمعت أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه يقول: قال لي أَبُو عَبْد اللَّه بْن عابد ولابن أَبِي عَبْد الصمد معًا: لو رآكما مالك رحمه اللَّه لقرَّت عينه بكما. ولد سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وتوفي في ربيع الأول.(10/170)
58 - نزار بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، أَبُو مُضَر القُرْشيّ الهَرَويّ. [المتوفى: 462 هـ]
يروي عن أَبِي مُحَمَّد بن أبي شريح الأنصاري.(10/170)
59 - أَبُو بَكْر بْن عُمَر البربري اللمتوني، [المتوفى: 462 هـ]
ملك المغرب.
وكان ظهوره قبل الخمسين وأربعمائة، أو فِي حدود الأربعين. فذكر الأمير عزيز فِي كتاب " أخبار القيروان "، وقد رَأَيْت له رواية فِي هَذَا الكتاب فِي أوله عن الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، ولا أعرف له نسبا ولا ترجمة، قال: أخبرني عَبْد المنعم بن عمر بن حسان الغساني، قال: حدثني قاضي مراكش علي بْن أَبِي فنون أن رجلًا من قبيلة جدالة من كبرائهم، يعني المرابطين، اسمه الجوهر، قدم من الصحراء إِلَى بلاد المغرب ليحج، وكان مؤثرًا للدين والصلاح، وذلك فِي عشر الخمسين وأربعمائة، فمر بالمغرب بفقيه يقرئ [ص:171] مذهب مالك، والغالب أنه عِمْرَانَ الفاسي بالقيروان.
قلت: أبو عمران مات بعد الثلاثين وأربعمائة.
قال: فآوى إليه وأصغى إِلَى العلم، ثُمَّ حج وفي قلبه من ذلك فعاد. وأتى ذلك الفقيه، وقال: يا فقيه، ما عندنا فِي الصحراء من العلم شيء إلا الشهادتين فِي العامة، والصلاة فِي بعض الخاصة. فقال الفقيه: فخُذ معك من يُعلمّهم دينهم. فقال له الجوهر: فابعث معي فقيهًا وعليَّ حِفْظُه وإكرامه. فقال لابن أَخِيهِ: يا عُمَر اذهب مع هَذَا السيد إِلَى الصحراء، فعلم القبائل دين اللَّه ولك الثواب الجزيل والشكر الجميل، فأجابه. ثُمَّ جاء من الغد، فقال: اعفني من الصحراء، فإن أهلها جاهلية، قد ألفوا ما نشأوا عليه. وكان من طلبة الفقيه رَجُلٌ اسمه عَبْد اللَّه بْن ياسين الجزولي، فقال: أيها الشَّيْخ، أرسلني معه، والله المعين.
فأرسله معه، وكان عالمًا قوي النفس، ذا رأيٍ وتدبير، فأتيا قبيلةَ لمتُونة، وهي على ربوةٍ من الأرض، فنزل الجوهر، وأخذ بزمام الجمل الَّذِي عليه عَبْد اللَّه بْن ياسين تعظيماً له، فأقبلت المشيخة يهنئون الجوهر بالسلامة وقالوا: من هَذَا؟ قال: هَذَا حامل سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. فرحبوا به وأنزلوه، ثُمَّ اجتمعوا له، وفيهم أَبُو بَكْر بْن عُمَر، فقصَّ عليهم عَبْد اللَّه عقائد الْإِسْلَام وقواعده، وأوضح لهم حَتَّى فهم ذلك أكثرهم، فقالوا: أما الصلاة والزكاة فقريب، وأما قولك من قتل يقتل، ومن سرق يقطع، ومن زنا يجلد، فلا نلتزمه، فاذهب إِلَى غيرنا.
فرحل، وأخذ بزمامه الجوهر!
وَفِي تلك الصحراء قبائل منهم وهم ينتسبون إِلَى حمير، ويذكرون أن أسلافهم خرجوا من اليمن فِي الجيش الَّذِي جهزه الصديق إِلَى الشام، ثُمَّ انتقلوا إِلَى مصر، ثُمَّ توجهوا إِلَى المغرب مع مُوسَى بْن نصير، ثُمَّ توجهوا مع طارق إِلَى طنجة، فأحبوا الانفراد فدخلوا الصحراء، وهم لمتونة، وجدالة، ولمطة، وإينيصر، وإينواري، ومسوفة، وأفخاذ عدّة، فانتهي الجوهر وعبد اللَّه إِلَى جدالة، قبيلة الجوهر، فتكلَّم عليهم عبدُ اللَّه، فمنهم من أطاع، ومنهم من عصى، فقال عَبْد اللَّه للذين أطاعوا: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الذين أنكروا دين الْإِسْلَام، وقد استعدوا لقتالكم وتحزبوا عليكم، فأقيموا لكم رايةً [ص:172] وأميرًا. فقال له الجوهر: أنت الأمير. قال: لا يمكنني هذا، أنا حامل أمانة الشرع، ولكن كن أنت الأمير. قال: لو فعلت هَذَا تسلطت قبيلتي على الناس وعاثوا، فيكون وزر ذلك عليّ. قال له: فهذا أَبُو بَكْر بْن عُمَر رأس لمتونة، وهو جليل القدر، محمود السيرة، مطاعٌ فِي قومه، فسر إليه وأعرض عليه الإمرة، والله المستعان.
فبايعوا أَبَا بَكْر، وعقدوا له رايةً، وسماه عَبْد الله أمير المسلمين. وقام حوله طائفة من جدالة وطائفة من قومه. وحضهم ابن ياسين على الجهاد وسماهم " المرابطين ". فتألبت عليهم أحزاب الصحراء من أَهْل الشر والفساد، وجيشوا لحربهم، فلم يناجزوهم القتال، بل تلطَّف عَبْد اللَّه بْن ياسين وأبو بَكْر واستمالوهم، وبقي قوم أشرار، فتحيّلوا عليهم حَتَّى جمعوا منهم ألفين تحت زرب عظيم وثيق، وتركوهم فِيهِ أيامًا بغير طعام، وحصروهم فِيهِ، ثُمَّ أخرجوهم وقد ضعُفوا من الجوع وقتلوهم. فدانت لأبي بكر بن عمر أكثر القبائل وقويت شوكته.
وكان عَبْد اللَّه يبث فيهم العلم والسنة، ويقرئهم القرآن، فنشأ حوله جماعة فقهاء وصلحاء. وكان يعظهم ويخوفهم، ويذكر سيرة الصحابة وأخلاقهم، وكثر الدين والخير فِي أَهْل الصحراء. وأما الجوهر فإنه أخلصهم عقيدة، وأكثرهم صومًا وتهجُّدًا، فَلَمَّا رَأَى أن أَبَا بَكْر استبد بالأمر، وأن عَبْد اللَّه بْن ياسين ينفّذ الأمور بالسُّنّة، بقي الجوهر لا حكم له، فداخله الهوى والحسد، وشرع سرًا فِي إفساد الأمر. فعُلم بِذَلِك منه، وعقدوا له مجلساً وثبت ما قيل عَنْه، فحكم فِيهِ بأنه يجب عليه القتل، لأنه شق العصا، فقال: وأنا أحب لقاء الله. فاغتسل وصلى ركعتين، وتقدم فضربت عنقه.
وكثرت طائفة المرابطين، وتتبعوا من خالفهم فِي القبائل قتلًا ونهبًا وسبيا إلّا مَن أسلم، وبلغت الأخبار إِلَى الفقيه بما فعل عَبْد اللَّه بْن ياسين فعظم ذلك عليه وندم، وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسَّبْي، فأجابه: أما إنكارك عليَّ ما فعلت وندامتك على إرسالي، فإنك أرسلتني إِلَى أمةٍ كانوا جاهلية يُخرِج أحدُهم ابنه وابنته لِرَعْي السوام، فتأتي البنتُ حاملًا من أخيها، فلا يُنكرون ذلك، وما دَأْبهم إلا إغارة بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضًا. ففعلتُ وفعلتُ وما تجاوزت حكم اللَّه، والسلام. [ص:173]
وفي سنة خمسين وأربعمائة قحطت بلادهم وماتت مواشيهم، فأمر عَبْد اللَّه بْن ياسين ضعفاءهم بالخروج إِلَى السُّوس، وأخذ الزكاة، فخرج منهم نحو سبعمائة رَجُل، فقدموا سِجِلْماسَة، وسألوا أهلها الزكاة، وقالوا: نَحْنُ قومٌ مرابطون خرجنا إليكم نطلب حق اللَّه من أموالكم. فجمعوا لهم مالًا ورجعوا به.
ثمّ إن الصحراء ضاقت بهم، وأرادوا إظهار كلمة الحق، وأن يسيروا إِلَى الأندلس للجهاد، فخرجوا إِلَى السوس الأقصى، فاجتمع لهم أهل السوس وقاتلوهم فهزموهم، وقُتِل عَبْد اللَّه بْن ياسين. وهرب أَبُو بَكْر بْن عُمَر إِلَى الصحراء، فجمع جيشًا وطلب بلاد السوس فِي ألفي راكب، فاجتمعت لحربه من قبائل بلاد السوس وزناتة اثنا عشر ألف فارس، فأرسل إليهم رُسُلًا، وقال: افتحوا لنا الطريق فَمَا قصدنا إلا غزو المشركين. فأبوا عليه واستعدوا للحرب، فنزل أَبُو بَكْر وصلى الظهر على درقته وقال: اللَّهُمَّ إن كُنَّا على الحق فانصرنا عليهم، وإن كُنَّا على باطلٍ فأرِحْنا بالموتِ.
ثُمَّ ركب والتقوا فهزمهم، واستباح أَبُو بَكْر أسلابهم وأموالهم وعُددهم، وقويت نفسه.
ثُمَّ تمادى إِلَى سِجِلْماسَة فنزل عليها، وطلب من أهلها الزكاة، فقالوا لهم: إنما أتيتمونا فِي عددٍ قليل فوسعكم ذلك، وضعفاؤنا كثير، وما هذه حالة من يطلب الزكاة بالسلاح والخيل، وإنما أنتم محتالون، ولو أعطيناكم أموالنا ما عمّتكم. وبرز إليهم مسعود صاحب سجلماسة بجيشه، فحاربوه، وطالت بينهم الحربُ. ثُمَّ ساروا إِلَى جبلٍ هناك، فاجتمع إليهم خلق من كرونة، فزحفوا إلى سجلماسة وحاربوا مسعود بن واروالي إِلَى أن قتل، ودخلوا سِجِلْماسَة وملكوها، فاستخلف عليها أَبُو بَكْر بْن عُمَر يوسف بْن تاشفين اللمتوني، أحد بني عمه، فأحسن السيرة فِي الرعية، ولم يأخذ منهم شيئًا سوى الزكاة. وكان فتحها فِي سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة.
ورجع أَبُو بَكْر إِلَى الصحراء فأقام بها مدة. ثُمَّ قدم سِجِلْماسةَ، فأقام بها سنة وخطب بها لنفسه، ثُمَّ استخلف عليها ابن أَخِيهِ أَبَا بَكْر بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر، وجهز جيشًا عليهم يوسف بْن تاشفين إِلَى السوس فافتتحه.
وكان يوسف دَيِّنًا حَازِمًا مُجَرِّبًا، داهية، سائساً. [ص:174]
وفي سنة اثنتين وستين توفي أَبُو بَكْر بْن عُمَر بالصحراء، وتملك بعده يوسف، ولم يختلف عليه اثنان، وامتدت أيامه، وافتتح الأندلس، وبقي إلى سنة خمسمائة.
وأول من كان فيهم الملك صنهاجة ثم كتامة ثم لمتونة، ثم مصمودة، ثم زناتة.
وذكر ابن دريد وغيره أن كتامة، ولمتونة، ومصمودة، وهوارة من حمير، وما سواهم من البربر، وبربر هو من ولد قيدار بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم عليهم السلام. ومن أمهات قبائل البربر: مليلة، وزنارة، ولواتة، وزواوة، وهوارة، وزويلة، وعفجومة، ومرطة، وغمارة.
ويقال: إن دار البربر كانت فلسطين، وملكهم جالوت، فَلَمَّا قتله دَاوُد عليه السلام جلت البربر إِلَى المغرب، وتفرقوا هناك فِي البرية والجبال، ونزلت لواتة أرض برقة، ونزلت هوارة أرض طرابلس، وانتشرت البربر إِلَى السوس الأقصى، وطول أراضيهم نحو من ألف فرسخ، والله أعلم.(10/170)
-سنة ثلاث وستين وأربعمائة(10/175)
60 - أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الأزهر النيسابوري الشروطي، أَبُو حامد الأزهري. [المتوفى: 463 هـ]
من أولاد المحدثين. سَمِعَ مِنْ أَبِي مُحَمَّد الْمَخْلَدِيّ، وأبي سَعِيد بْن حمدون، والخفّاف.
وأصوله صحيحة؛ رَوَى عَنْهُ زاهر ووجيه ابنا الشّحّامِي، وعبد الغافر بْن إِسْمَاعِيل وآخرون.
توفي فِي رجب. وولد في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وله خبرة بالشروط.(10/175)
61 - أَحْمَد بْن علي بْن ثابت بْن أَحْمَد بْن مهدي، الحافظ أَبُو بَكْر الخطيب الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 463 هـ]
أحد الحفاظ الأعلام، ومن خُتِم به إتقان هَذَا الشأن. وصاحب التصانيف المنتشرة فِي البلدان.
وُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وكان أَبُوهُ أَبُو الْحَسَن الخطيب قد قرأ على أَبِي حَفْص الكتّاني، وصار خطيب قرية درزيجان، إحدى قرى العراق، فحض ولده أَبَا بَكْر على السماع فِي صغره، فسمع وله إحدى عشرة سنة، ورحل إِلَى البصرة وهو ابن عشرين سنة، ورحل إِلَى نيسابور وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. ثُمَّ رحل إِلَى إصبهان. ثُمَّ رحل فِي الكهولة إِلَى الشام، فسمع أَبَا عُمَر بن مهدي الفارسي، وابن الصلت الأهوازي، وأبا الحسين ابن المتيم، وأبا الْحَسَن بْن رزقويه، وأبا سعد الماليني، وأبا الفتح بْن أبي الفوارس، وهلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا طالب محمد بن الحسين بن بكير، والحسين بن الحسن الجواليقي الراوي عن محمد بن مخلد العطار، وأبا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مخلد الباقرحي، وأبا الْحَسَن مُحَمَّد بْن عُمَر البلدي المعروف بابن الحِطراني، والحسين بْن مُحَمَّد العُكْبَرِيّ الصائغ، [ص:176] وأبا العلاء مُحَمَّد بْن الْحَسَن الورّاق، وأُممًا سواهم ببغداد. وأبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي راوي " السُّنَن "، وعلي بْن القاسم الشاهد، والحسن بْن علي السابوري، وجماعة بالبصرة. وأبا بكر أحمد ابن الحسن الحِيري، وأبا حازم عُمَر بْن أَحْمَد العبدويي، وأبا سَعِيد مُحَمَّد بْن مُوسَى الصِّيرَفي، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الطِّرَازي، وأبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن السّرّاج، وجماعة من أصحاب الأصَمّ فمن بعده بنيسابور. وأبا الحسن علي بْن يحيى بْن عبدكوَيْه، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شهريار، وأبا نُعَيْم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الحافظ، وأبا عَبْد اللَّه الجمال، وطائفة بإصبهان. وأبا نصر أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الكسار، وجماعة بالدينور. ومحمد بْن عِيسَى، وجماعة بهمذان. وسمع بالكوفة، والري، والحجاز، وغير ذلك.
وقدِم دمشقَ فِي سنة خمسٍ وأربعين ليحج منها، فسمع بها أَبَا الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وأبا علي الأهوازي، وخلقًا كثيرًا حَتَّى سمع بها عامة رواة عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، لأنه سكنها مدة. وتوجه إِلَى الحج من دمشق فحج، ثُمَّ قدمها سنة إحدى وخمسين فسكنها، وأخذ يُصنِّف فِي كُتُبه، وحدَّث بها بعامة تواليفه.
روى عَنْهُ من شيوخه: أَبُو بَكْر البرقاني، وأبو القاسم الأزْهري، وغيرهما. ومِن أقرانه خَلْقٌ منهم: عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد الكتاني، وأبو القاسم بْن أَبِي العلاء. وممّن روى هُوَ عَنْهُ فِي تصانيفه فرووا عَنْهُ نصْر المقدسي الفقيه، وأبو الفضل أَحْمَد بْن خَيْرون، وأبو عَبْد اللَّه الحُمَيْدي، وغيرهم.
ورَوَى عَنْهُ الأمير أَبُو نصر عليّ بْن ماكولا، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد السَّمَرْقَنْدي، وأبو الْحُسَيْن ابن الطُّيُوري، ومحمد بْن مرزوق الزَّعْفراني، وأبو بَكْر ابن الخَاضِبة، وأبو الغنائم أُبَيّ النَّرْسيّ. وَفِي أصحابه الحفّاظ كثرة، فضلًا عن الرُّواة.
قال الحافظ ابن عساكر: حدثنا عَنْهُ أَبُو القاسم النسيب، وأبو مُحَمَّد بْن الأكفاني، وأبو الْحَسَن بْن قُبَيس، ومحمد بْن عليّ بْن أَبِي العلاء، والفقيه نصْر اللَّه بْن مُحَمَّد اللّاذقي، وأبو تراب حَيْدرة، وغَيْث الأرمنازي، وأبو طاهر [ص:177] ابن الْجَرْجَرائي، وعبد الكريم بْن حَمْزَة، وطاهر بْن سهل، وبركات النجاد، وأبو الحسن بن سعيد، وأبو المعالي ابن الشُّعَيري، بدمشق. والقاضي أَبُو بَكْر الأنصاري، وأبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْدي، وأبو السعادات أَحْمَد المتوكلي، وأبو القاسم هبة اللَّه الشُّرُوطي، وأبو بَكْر المَزْرَفي، وأحمد بن عَبْد الواحد بْن زُرَيْق، وأبو السُّعود ابن المُجْلي، وأبو مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بن زُرَيق الشَّيْباني، وأبو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خَيْرون، وبدر بْن عَبْد اللَّه الشِّيحيّ ببغداد. ويوسف بْن أيوّب الهَمَذَاني، بمَرْو.
قلتُ: وكان من كبار فقهاء الشّافعيّة. تفقّه على أبي الحسن ابن المَحَامِلي، وعلى القاضي أَبِي الطَّيِّب.
وقال ابن عساكر: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: حدثنا الخطيب قال: وُلِدتُ فِي جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وأول ما سمعت فِي المحرَّم سنة ثلاثٍ وأربعمائة.
وقال: استشرتُ البَرْقانيّ فِي الرحلة إِلَى ابن النحاس بمصر، أو أخرج إِلَى نَيْسابور إِلَى أصحاب الأصم، فقال: إنك إنْ خرجت إِلَى مصر إنما تخرج إِلَى رَجُل واحد، إنْ فاتَكَ ضاعتْ رحلتك. وإنْ خرجتَ إِلَى نَيْسابور ففيها جماعة، إنْ فاتَكَ واحدٌ أدركتَ من بقي. فخرجت إِلَى نَيْسابور.
وقال الخطيب فِي تاريخه: كنت كثيراً أذاكر البرقاني بالأحاديث، فيكتبها عني ويُضَمِّنها جُمُوعَه. وحدَّث عني وأنا أسمع، وَفِي غيبتي. ولقد حدَّثني عِيسَى بْن أحمد الهمذاني، قال: أخبرنا أبو بكر الخوارزمي في سنة عشرين وأربعمائة، قال: حدثنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: حدثنا محمد بن موسى الصيرفي، قال: حدثنا الأصم، فذكر حديثًا.
وقال ابن ماكولا: كان أَبُو بَكْر آخر الأعيان مِمَّنْ شاهدناه معرفةً وحفظًا وإتقانًا وضبْطًا لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتفنُّنًا فِي عِلَلِه وأسانيده، وعلمًا بصحيحه، وغريبه، وفَرْده، ومُنْكَره، ومطروحه. قال: ولم يكن للبغداديين بعد أبي الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ مثله. وسألت أَبَا عَبْد اللَّه الصوري عن الخطيب وعن [ص:178] أَبِي نصر السجزي أيهما أحفظ؟ ففضل الخطيب تفضيلًا بينًا.
وقال المؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدَّارَقُطْنِيّ أحفظ من أَبِي بَكْر الخطيب.
وقال أَبُو علي البرداني: لعل الخطيب لم ير مثل نفسه.
روى القولين الحافظ ابن عساكر فِي ترجمته، عن أَخِيهِ أَبِي الْحُسَيْن هبة اللَّه، عن أَبِي طاهر السلفي، عَنْهُمَا.
وقال فِي ترجمته: سمعتُ محمود بْن يوسف القاضي بتفليس يقول: سمعتُ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الفيروزآباذي يقول: أَبُو بَكْر الخطيب يُشبَّه بالدارقُطْني ونُظَرائه فِي معرفة الحديث وحِفْظه.
وقال أَبُو الفتيان عُمَر الرُّؤاسي: كان الخطيب إمام هذه الصنعة، ما رَأَيْتُ مثله.
وقال أَبُو القاسم النَّسيب: سمعت الخطيب يقول: كتبَ معي أَبُو بَكْر البرقاني كتابًا إِلَى أَبِي نعيم يقول فِيهِ: وقد رحل إلى ما عندك أخونا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن علي بْن ثابت أيده اللَّه وسلمه ليقتبس من علومك، وهو بحمد اللَّه مِمَّنْ له فِي هَذَا الشأن سابقة حسنة، وقدم ثابت. وقد رحل فيه وفي طلبه، وحصل له منه ما لم يحصل لكثير من أمثاله، وسيظهر لك منه عند الاجتماع من ذلك، مع التورُّع والتحفُّظ، ما يُحسن لديك موقعُه.
وقال عَبْد الْعَزِيز الكتاني: إنه، يعني الخطيب، أسمع الحديث وهو ابن عشرين سنة. وكتب عَنْهُ شيخه أَبُو القاسم عُبَيْد الله الأزهري في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، وكتب عَنْهُ شيخه البرقاني سنة تسع عشرة، وروى عَنْهُ. وكان قد علق الفقه عن أبي الطيب الطبري، وأبي نصر ابن الصباغ. وكان يذهب إِلَى مذهب أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِيِّ رحمه اللَّه.
قلتُ: مذهب الخطيب فِي الصفات أنها تمر كما جاءت؛ صرَّح بِذَلِك في تصانيفه. [ص:179]
وقال أبو سعد ابن السمعاني فِي " الذيل " فِي ترجمته: كان مهيبًا، وَقُورًا، ثقة، متحرّيا، حُجّة، حَسَن الخط، كثير الضَّبْط، فصيحًا، خُتِم به الحُفّاظ.
وقال: رحل إِلَى الشام حاجًا، فسمع بدمشق، وصور، ومكّة، ولقي بها أَبَا عَبْد اللَّه القضاعي، وقرأ " صحيح الْبُخَارِيّ " فِي خمسة أيام على كريمة المَرْوَزِيّة، ورجع إِلَى بغداد، ثُمَّ خرج منها بعد فتنة البساسيري، لتشوش الحال، إِلَى الشام سنة إحدى وخمسين، فأقام بها إِلَى صفر سنة سبعٍ وخمسين. وخرج من دمشق إِلَى صور، فأقام بصور، وكان يزور البيت المقدس ويعود إِلَى صور، إِلَى سنة اثنتين وستين وأربعمائة، فتوجه إِلَى طرَابُلس، ثُمَّ إِلَى حلب، ثُمَّ إِلَى بغداد على الرَّحْبة، ودخل بغداد فِي ذي الحجّة. وحدَّث فِي طريقه بحلب، وغيرها.
سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو يقول: سمعتُ الفضل بْن عُمَر النَّسَويّ يقول: كنتُ بجامع صور عند أَبِي بَكْر الخطيب، فدخل عليه علويٌّ وَفِي كُمِّه دنانير فقال: هَذَا الذهب تصرفه فِي مهماتك. فقطب وجهه وقال: لا حاجة لي فِيهِ. فقال: كانك تستقله؟ ونفض كُمَّه على سجادة الخطيب، فنزلت الدنانير، فقال: هذه ثلاثمائة دينار. فقام الخطيب خجلًا مُحْمرًّا وجهُهُ وأخذ سجادته ورمى الدنانير وراح، فَمَا أنسى عِزَّ خُرُوجِه، وَذُلَّ ذلك العلوي وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير.
وقال الحافظ ابن ناصر: حَدَّثَنِي أَبُو زكريا التبريزي اللغوي قال: دخلت دمشق فكنت أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتب الأدب المسموعة له، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعِد إليَّ وقال: أحببتُ أن أزورك فِي بيتك. فتحدَّثنا ساعة، ثُمَّ أخرج ورقةً وقال: الهدية مستحبَّة، اشتر بهذا أقلامًا ونهض. قال: فإذا هِيَ خمسة دنانير مصرية. ثُمَّ صعد مرة أخرى، ووضع نحوًا من ذلك، وكان إذا قرأ الحديث فِي جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع. وكان يقرأ مُعْرَبًا صحيحًا.
وقال أَبُو سَعِد: سمعت على ستة عشر نفسًا من أصحابه سمعوا منه [ص:180] ببغداد، سوى نصر اللَّه المصيصي فإنه سمع منه بصور، وسوى يحيى بن علي الخطيب، سمع منه بالأنبار. وقرأت بخط والدي: سمعت أَبَا مُحَمَّد ابن الأبنوسي يقول: سمعت الخطيب يقول: كلما ذكرت في التاريخ في رجل اختلفت فِيهِ أقاويل الناس فِي الجرح والتعديل، فالتعويل على ما أخّرت ذِكره من ذلك، وختمت به التَّرجمة.
وقال ابن شافع فِي " تاريخه ": خرج الخطيب إِلَى الشام فِي صفر سنة إحدى وخمسين، وقصد صور، وبها عز الدولة الموصوف بالكرم، وتقرب منه، فانتفع به، وأعطاه مالًا كثيرًا. انتهى إليه الحِفْظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَحْكِي عَنْ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ خَيْرُونٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْخَطِيبَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ شَرِبَ مِنْ مَاءِ زمزم ثلاث شربات، وسأل الله تعالى ثلاث حَاجَاتٍ، أَخْذًا بِقَوْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ ". فَالْحَاجَةُ الْأُولَى أَنْ يُحَدِّثَ " بتاريخ بغداد " ببغداد، والثانية أن يُملي الحديث بجامع المنصور، والثالثة أن يُدفن عند بِشْر الحافي، فقضى اللَّه الحاجات الثلاث له.
وقال غيث الأرمنازي: حدثنا أبو الفرج الإسفراييني، قال: كان الخطيب معنا فِي الحج، فكان يختم كل يوم ختمة إِلَى قرب الغياب قراءة ترتيل. ثُمَّ يجتمع عليه الناس وهو راكب يقولون: حَدَّثَنَا. فيُحدِّثهم. أو كما قال.
وقال المؤتمن الساجي: سمعت عَبْد المحسن الشيحي يقول: كنت عديل أَبِي بَكْرٍ الخطيب من دمشق إِلَى بغداد، فكان له فِي كل يوم وليلة ختمة.
وقال الحافظ أبو سعد ابن السمعاني: وله ستة وخمسون مصنَّفًا، منها: " التاريخ لمدينة السلام " فِي مائة وستة أجزاء، " شَرَف أصحاب الحديث " [ص:181] ثلاثة أجزاء، " الجامع " خمسة عشر جزءًا، " الكفاية فِي معرفة الرواية " ثلاثة عشر جزءًا، كتاب " السابق واللاحق " عشرة أجزاء، كتاب " المتفق والمفترق " ثمانية عشر جزءًا، كتاب " تلخيص المتشابه " ستة عشر جزءًا، كتاب " تالي التلخيص " أجزاء، كتاب " الفصل للوصل والمُدْرَج فِي النَّقْل " تسعة أجزاء، كتاب " المكمل فِي المهمل " ثمانية أجزاء، كتاب " غنية المقتبس فِي تمييز الملتبس "، كتاب " من وافقت كُنْيتُه اسم أبيه " ثلاثة أجزاء، كتاب " الأسماء المبْهَمَة " مجلَّد، كتاب " الموضح " أربعة عشر جزءًا، كتاب " مَن حدَّث ونسي " جزء، كتاب " التطْفيل " ثلاثة أجزاء، كِتَابِ " القنوت " ثَلَاثَةٌ أجزاء، كِتَابِ " الرواة عن مَالِكِ " ستة أجزاء، كتاب " الفقيه والمتفقه " اثنا عشر جزءًا، كتاب " تمييز متصل الأسانيد " ثمانية أجزاء، كتاب " الحِيَل " ثلاثة أجزاء، " الأسماء المبهمة " جزء، كتاب " الآباء عن الأبناء " جزء، " الرحلة " جزء، " مسألة الاحتجاج بالشافعي " جزء، كتاب " البخلاء " أربعة أجزاء، كتاب " المُؤْتَنِفْ لتكملة المؤتلف والمختلف "، كتاب " مُبهم المراسيل " ثلاثة أجزاء، كتاب " أن البَسْمَلَة من الفاتحة "، كتاب " الجهر بالبَسْمَلة " جزءان، كتاب " مقلوب الأسماء والأنساب "، كتاب " صحة العمل باليمين مع الشاهد "، كتاب " أسماء المدلسين "، كتاب " اقتضاء العلم العمل " جزء، كتاب " تقييد العلم " ثلاثة أجزاء، كتاب " القول فِي علم النجوم " جزء، كتاب " روايات الصحابة عن التابعين " جزء، " صلاة التسبيح " جزء، " مُسْنَد نُعَيْم بْن همار " جزء، " النهي عن صوم يوم الشك " جزء، " الإجازة للمعدوم والمجهول " جزء، " روايات الستة من التابعين بعضهم عن بعض ". وذكر تصانيف أُخَر، قال: فهذا ما انتهى إِلَيْنَا من تصانيفه.
وقد قال الخطيب في تاريخه في ترجمة الحيري إسماعيل بن أحمد النيسابوري الضرير: حج وحدَّث ونِعْمَ الشَّيْخ كان. ولما حج كان معه حمْل كُتُب ليُجاور، وكان فِي جملة كُتُبه " صحيح الْبُخَارِيّ "، سمعه من الكشْمِيهني، فقرأتُ عليه جميعَه فِي ثلاثة مجالس. وقد سُقنا هَذَا فِي سنة ثلاثين فِي ترجمة [ص:182] الحِيري، وهذا شيء لا أعلم أحدًا فِي زماننا يستطيعه.
وقد قال ابن النجار فِي " تاريخه ": وجدت فهرست مصنفات الخطيب وهي نيِّفٌ وستون مصنفاً، فنقلت أسماء الكُتُب التي ظهرت منها، وأسقطتُ ما لم يوجد، فَإِن كُتُبَه احترقت بعد موته، وسلمَ أكثرها. ثمّ سرد ابن النّجّار أسماءَها، وقد ذكرنا أكثرها آنفًا، ومما لم نذكره: كتاب " معجم الرواة عن شُعْبَة " ثمانية أجزاء، كتاب " المؤتلف والمختلف " أربعة وعشرون جزءًا، " حديث مُحَمَّد بْن سوقة " أربعة أجزاء، " المسلسلات " ثلاثة أجزاء، " الرُّباعيّات " ثلاثة أجزاء، " طُرُق قبض العلم " ثلاثة أجزاء، " غُسُل الجمعة " ثلاثة أجزاء، " الإجازة للمجهول " جزء.
وفيها يقول الحافظ السِّلَفيّ:
تصانيف ابن ثابت الخطيب ... ألذ من الصبا الغض الرطيب
يراها إذْ رواها مَن حَواها ... رياضًا للفتى اليَقظِ اللّبيبِ
ويأخذ حُسْنُ ما قد صاغ منها ... بقلب الحافظ الْفَطِن الأرِيبِ
فأيّةُ راحةٍ ونعيمِ عَيْشٍ ... يوازي كتبها بل أي طيب؟
أنشدناها أبو الحسين اليُونيني، عن أَبِي الفضل الهَمَذَاني، عن السلفي. وقد رواها أبو سعد ابن السمعاني فِي " تاريخه "، عن يحيى بْن سعدون القُرْطُبّي، عن السِّلَفي، فكأني سمعتها منه.
وقال أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك الهَمَذَانيّ فِي " تاريخه ": وفيها تُوُفيّ أَبُو بَكْر أحمد بْن علي بْن ثابت المحدث. ومات هَذَا العلم بوفاته. وقد كان رئيس الرؤساء، تقدم إِلَى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثًا حَتَّى يعرضوه عليه، فَمَا صححه أوردوه، وما رده لم يذكروه. وأظهر بعض اليهود كتابًا ادّعى أنه كِتَابُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسقاط الجزية عن أَهْل خيبر، وفيه شهادة الصحابة، وذكروا أن خط علي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِيه، وحُمِل الكتاب إِلَى رئيس الرؤساء فعَرضه على الخطيب فتأمله ثُمَّ قال: هَذَا مزوَّر. قيل له: ومن أَيْنَ قلتَ ذلك؟ قال: فِيهِ شهادة مُعَاوِيَة وهو أسلم عام الفتح، وفتحت خيبر سنة سبع، وفيها شهادة سعْد بْن مُعَاذ، ومات يوم بني قُرَيْظَة قبل فتح خيبر بسنتين، فاستحسن ذلك منه، ولم يُجْرِهم على ما فِي الكتاب. [ص:183]
وقال أَبُو سعد السمعاني: سمعت يوسف بْن أيوب الهَمَذَانيّ يقول: حضر الخطيب درس شيخنا أَبِي إِسْحَاق، فروى الشَّيْخ حديثًا من رواية بحر بْن كُنيز السقاء، ثُمَّ قال: للخطيب: ما تقول فِيهِ؟ فقال الخطيب: إنْ أذِنْتَ لي ذكرت حاله. فأسند الشيخ ظهره من الحائط، وقعد كالتلميذ، وشرع الخطيب يقول: قال فِيهِ فلان كذا، وقال فِيهِ فلان كذا، وشرح أحواله شرحًا حسنًا، فاثني الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق عليه وقال: هُوَ دارقطني عصرنا.
وقال أبو علي البرداني: أخبرنا حافظ وقته أَبُو بَكْر الخطيب، وما رأيت مثله، ولا أظنه رَأَى مثل نفسه.
وقال السلفي: سَأَلت أَبَا غالب شجاعًا الذهلي، عن الخطيب فقال: إمام مصنف حافظ، لم ندرك مثله.
وقال أَبُو نصر مُحَمَّد بْن سَعِيد المؤدِّب: سمعتُ أَبِي يقول: قلت لأبي بَكْر الخطيب عند لقائي إياه: أنت الحافظ أَبُو بَكْر؟ فقال: انتهى الحفظ إِلَى الدَّارَقُطْنِي، أَنَا أَحْمَد بْن علي الخطيب.
وقال ابن الآبنوسي: كان الحافظ الخطيب يمشي وَفِي يده جزءٌ يطالعه.
وقال المؤتمن الساجي: كان الخطيب يقول: من صنف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس.
وقال ابن طاهر في " المنثور ": حدثنا مكي بْن عَبْد السلام الرميلي قال: كان سبب خروج أَبِي بَكْر الخطيب من دمشق إِلَى صور أنه كان يختلف إليه صبي مليح، سماه مكي، فتكلم الناس فِي ذلك. وكان أمير البلد رافضيا متعصبًا، فبلغته القصة، فجعل ذلك سببًا للفتك به، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل ويقتله. وكان صاحب الشرطة سنيا، فقصده تلك الليلة مع جماعة ولم يمكنه أن يخالف الأمير فأخذه، وقال: قد أمرت فيك بكذا وكذا، ولا أجد لك حيلةً إلا أني أعبر بك عند دار الشريف ابن أبي الجن العلوي، فإذا حاذيت الباب اقفز وادخل الدار، فَإِنِّي لا أطلبك، وأرجع إِلَى الأمير، فَأَخْبَرَه بالقصة. ففعل ذَلِكَ، ودخل دار الشريف، فأرسل الأمير إِلَى الشريف أن يبعث به، فقال: أيها الأمير، أنت تعرف اعتقادي فِيهِ وَفِي أمثاله، وليس فِي قتله مصلحة، هَذَا مشهور بالعراق، إن قتلته قتل به جماعة من [ص:184] الشيعة، وخربت المشاهد. قال: فَمَا ترى؟ قال: أرى أن يخرج من بلدك. فأمرَ بإخراجه، فراح إِلَى صور، وبقي بها مدّة.
قال ابنُ السمعاني: خرج من دمشق فِي صفر سنة سبعٍ وخمسين، فقصد صور، وكان يزور منها القدس ويعود، إِلَى أن سافر سنة اثنتين وستين إِلَى طرابلس، ومنها إِلَى حلب، فبقي بها أيامًا، ثُمَّ ورد بغداد فِي أعقاب السنة.
قال ابن عساكر: سعى بالخطيب حسين بن علي الدمنشي إِلَى أمير الجيوش وقال: هُوَ ناصبيّ، يروي فضائل الصحابة وفضائل الْعَبَّاس فِي الجامع.
وقال المؤتمن الساجي: تحاملت الحنابلة على الخطيب حَتَّى مال إلى ما مال إليه. فَلَمَّا عاد إلى بغداد حدث " بالتاريخ " ووقع إليه جزء فِيهِ سماع القائم بأمر اللَّه، فأخذ الجزء وحضر إِلَى دار الخلافة وطلب الإذن فِي قراءة الجزء. فقال الخليفة: هَذَا رَجُل كبير فِي الحديث، وليس له فِي السماع حاجة، ولعل له حاجة أراد أن يتوصل إليها بِذَلِك، فَسَلُوه ما حاجته؟ فَسُئل، فقال: حاجتي أن يُؤْذَن لي أن أُمْلي بجامع المنصور. فتقدم الخليفة إِلَى نقيب النقباء بالإذن له فِي ذلك، فأملي بجامع المنصور. وقد دُفن إِلَى جانب بِشْر.
وقال ابن طاهر: سألتُ أَبَا القاسم هبة اللَّه بْن عَبْد الوارث الشيرازي: هَلْ كان الخطيب كتصانيفه فِي الحفظ؟ قال: لا، كُنَّا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام. وإن ألححنا عليه غضب. وكانت له بادرة وحشة، ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه.
وقال أَبُو الْحُسَيْن ابن الُّطيُوري: أكثر كُتُب الخطيب سوى " تاريخ بغداد " مستفادة من كتب الصُّوري. كان الصُّوري ابتدأ بها، وكانت له أخت بصور خلِّف أخوها عندها اثني عشر عِدْلًا من الكُتُب، فحصَّل الخطيب من كُتُبه أشياء. وكان الصوري قد قسم أوقاته فِي نيفٍ وثلاثين شيئًا. [ص:185]
أخبرنا أبو علي ابن الخلال، قال: أخبرنا جعفر، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا محمد بن مرزوق الزعفراني، قال: حدثنا الحافظ أَبُو بَكْر الخطيب قال: أما الكلام فِي الصفات فَإِن ما رُويَ منها فِي السُّنَن الصحاح مذهبُ السَّلف إثباتُها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عَنْهَا. وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته اللَّه تعالى، وحققها قومٌ من المُثْبِتين، فخرجوا فِي ذلك إِلَى ضربٍ من التشبيه والتكييف، والقصد إنما هُوَ سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين، ودين اللَّه تعالى بين الغالي فِيهِ والمقصَّر عَنْهُ. والأصلُ فِي هَذَا أن الكلام فِي الصفات فرع الكلام فِي الذات، ويُحْتَذَى فِي ذلك حَذْوُهُ وَمِثَالُهُ. فَإِذَا كَانَ معلومٌ أن إثبات رب العالمين إنما هُوَ إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هُوَ إثبات وجود لَا إثبات تحديد وتكييف، فَإِذَا قُلْنَا: لله يد وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه، ولا نقول: أن معنى اليد القُدرة، ولا إن معنى السَّمْع والبصر العِلْم، ولا نقول إنها جوارح، ولا نشبهها بالأَيْدي والأسماع والأبصار التي هِيَ جوارح وأدوات للفِعْل، ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف وَرَدَ بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله: {ليس كمثله شيء}، و {ولم يكن له كفواً أحد}.
وقال الحافظ ابن النجار فِي ترجمة الخطيب: وُلِد بقرية من أعمال نهر المُلْك، وكان أَبُوهُ يخطب بِدْرْزِيجان، ونشأ هُوَ ببغداد، وقرأ القرآن بالروايات، وتفقَّه على الطَّبَري، وعلّق عَنْهُ شيئا من الخلاف. إِلَى أن قال: ورَوَى عَنْهُ أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خَيْرُون، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الزَّوْزَني، ومفلح بن أحمد الدومي، والقاضي مُحَمَّد بن عُمَر الأرمُويّ وهو آخر من حدَّث عَنْهُ.
قلتُ: يعني بالسماع. وآخر من حدَّث عَنْهُ بالإجازة مَسْعُود الثّقفي.
وخَط الخطيب خطٌّ مليح، كثير الشَّكل والضَّبْط، وقد قرأت بخطه: أخبرنا علي بن محمد السمسار، قال: أخبرنا محمد بن المظفر، قال: حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بن الحجاج، قال: حدثنا جعفر بن نوح، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: سمعتُ يزيد بْن هارون يقول: ما عزَّت النَّيّةُ فِي الحديث إلّا لشرفِه. [ص:186]
وقال أَبُو مَنْصُور عليّ بْن علي الأمين: لما رجع الخطيب من الشام كَانَتْ له ثروة من الثياب والذهب، وما كان له عقب، فكتب إلى القائم بأمر الله: إني إذا متُّ يكون مالي لبيت المال، فأْذَنْ لي حَتَّى أُفِّرق مالي على من شئت. فإذِن له، ففرَّقها على المحدِّثين.
وقال الحافظ ابن ناصر: أخبرتني أمي أن أَبِي حدَّثها قال: كنتُ أدخل على الخطيب وأُمرَّضه، فقلت له يومًا: يا سيّدي، إن أَبَا الفضل بْن خيرون لم يُعطني شيئًا من الذَّهب الَّذِي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث. فرفَع الخطيب رأسه من المخدَّة وقال: خُذْ هَذِهِ الخِرْقة باركَ اللَّه لك فيها. فكان فيها أربعون دينارًا. فأنفقتها مُدّةً فِي طلب العلم.
وقال مكّيّ الرُّمَيْليّ: مرض الخطيب ببغداد فِي رمضان فِي نصفه، إِلَى أن اشتد به الحال فِي غُرّة ذي الحجة، وأوصى إِلَى أَبِي الفضل بْن خَيْرُون، ووقَفَ كُتُبه على يده، وفرَّق جميعَ ماله فِي وجوه البِرّ وعلى المحدَّثين، وتُوُفّي رابع ساعة من يوم الإثنين سابع ذي الحجة، ثُمَّ أخرج بُكرة الثلاثاء وعبروا به إِلَى الجانب الغربي، وحضره القضاة والأشراف والخلق، وتقدمهم القاضي أبو الحسين ابن المهتدي بالله، فكبَّر عليه أربعًا، ودُفن بجنْب بِشْر الحافي.
وقال ابن خيرون: مات ضَحْوة الإثنين ودُفِن بباب حرب، وتصدَّق بماله وهو مائتا دينار، وأوصى بأن يُتصدَّق بجميع ثيابه، ووَقف جميع كُتُبه وأُخْرِجت جنازته من حجرةٍ تلي النظامية فِي نهر مُعَلَّى، وتبَعه الفُقهاء والخَلْق، وحُمِلت جنازته إِلَى جامع المنصور، وكان بين يدي الجنازة جماعة يُنادون: هَذَا الَّذِي كان يذبّ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا الَّذِي كان يَنْفي الكذِب عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا الَّذِي كان يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وخُتِم على قبره عدّة ختمات.
وقال الكتاني: وردَ كتابُ جماعةٍ أن الحافظ أبا بكر تُوُفّي فِي سابع ذي الحجة، وكان أحدَ من حمل جنازته الْإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشّيرازي، وكان ثقة، حافظًا، متقِنًا، مُتَحَرّيا، مصنّفًا.
وقال أَبُو البركات إِسْمَاعِيل بْن أَبِي سعْد الصُّوفيّ: كان الشَّيْخ أَبُو بَكْر بْن [ص:187] زهْراء الصُّوفي، وهو أَبُو بَكْر بْن عليّ الطُّرَيْثِيثيّ الصُّوفي، برباطنا قد أَعدَّ لنفسه قبرًا إِلَى جانب قبر بِشْر الحافي، وكان يمضي إليه فِي كل أسبوع مرّة، وينام فِيه، ويقرأ فِيهِ القرآن كلّه. فلمّا مات أَبُو بَكْر الخطيب، وكان قد أوْصى أن يُدفن إِلَى جنب قبر بِشْر الحافي، فجاء أصحاب الحديث إِلَى أَبِي بَكْر بْن زهراء وسألوه أن يدفنوا الخطيب في قبره وأن يؤثره به، فامتنع وقال: موضع قد أعددته لنفسي يؤخذ مني؟! فلما رأوا ذلك جاؤوا إلى والدي أَبِي سعْد، وذكروا له ذلك، فأحضرَ أَبَا بَكْر فقال: أَنَا لا أقول لك أعْطِهِم القبر، ولكن أقول لك لو أن بِشْرًا الحافي فِي الأحياء، وأنت إِلَى جانبه، فجاء أَبُو بَكْر الخطيب ليَقْعد دونك، أكان يَحْسُن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأُجِلسه مكاني. قال: فهكذا ينبغي أن تكون الساعة. قال: فطاب قلبه، وأذِن لهم فدفنوه فِي ذلك القبر.
وقال أَبُو الفضل بْن خَيْرُون: جاءني بعض الصالحين وأخبرني لمّا مات الخطيب أنه رآه فِي المنام، فقال له: كيف حالك؟ قال: أَنَا فِي رَوْح ورَيْحان وجنّة نعيم.
وقال أَبُو الحسن علي بن الحسين بن جدا: رَأَيْت بعد موت الخطيب كأنّ شخصًا قائمًا بحذائي، فأردتُ أن أسأله عن الخطيب، فقال لي ابتِداءً: أُنزِلَ وسطَ الجنّة حيث يتعارف الأبرار؛ رواها أَبُو عليّ البَرَدَانيّ فِي " المنامات "، له عن ابن جدا.
وقال غَيْث الأرمنازيّ: قال مكّيّ بْن عَبْد السلام: كنت نائمًا ببغداد فِي ليلة ثاني عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة، فرأيتُ عند السَّحَر كأنّا اجتمعنا عند أَبِي بَكْر الخطيب فِي منزله لقراءة " التاريخ " على العادة، فكأن الخطيب جالس والشيخ أبو الفتح نصر بْن إِبْرَاهِيم الفقيه عن يمينه، وعن يمين الفقيه نصر رجلٌ لم أعرفْه، فسألتُ عَنْه، فَقِيل: هَذَا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَ ليسمع " التاريخ "، فقلت فِي نفسي: هَذِهِ جلالة لأبي بَكْر، إذْ يَحْضُرْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجلسَه. وقلتُ: وهذا ردٌّ لقول من يعيب التاريخ، ويذكر أن فيه تحاملا على أقوام.
وقال أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن مرزوق الزَّعْفرانيّ: حَدَّثَنِي الفقيه الصالح أَبُو [ص:188] علي الْحَسَن بْن أَحْمَد الْبَصْرِيّ قال: رَأَيْت الخطيبَ فِي المنام، وعليه ثياب بيض حسان، وعمامة بيضاء، وهو فرحان يبتسم، فلا أدري قلتُ: ما فعل اللَّه بك؟ أو هُوَ بَدَأَني فقال: غفر اللَّه لي أو رحمني، وكل من يجيء - فوقع لي أنه يعني بالتوحيد - إليه يرحمه أو يغفر له، فأبشِروا، وذلك بعد وفاته بأيّام.
وقال أَبُو الخطاب بْن الجرّاح يرثيه:
فاقَ الخطيبُ الوَرَى صِدْقًا ومعرفةً ... وأعجزَ الناسَ فِي تصنيفه الكُتُبَا
حَمَى الشريعة من غاو يدنسها ... بوضعه ونَفَى التَّدليسَ والكذِبا
جَلَّا محاسنَ بغداد فأوْدَعَهَا ... تاريخه مخلصًا لله محتسبًا
وقال فِي الناس بالقِسْطاس منحرفاً ... عن الهوى وأزال الشّكَّ والرِّيَبا
سَقَى ثراكَ أَبَا بَكْرٍ على ظَمًأ ... جونٌ ركامٌ تَسُحُّ الواكفَ السَّرِبا
ونُلْتَ فوزًا ورِضوانًا ومغفرةً ... إذا تحقَّقَ وعْدُ اللَّه واقتربا
يا أحمدَ بْن علي طبت مضطجعاً ... وباء شانيك بالأوزار محتقبا
وقال أبو الحسين ابن الطُّيُوريّ: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه:
تغيَّبَ الخلق عن عيني سوى قمرٍ ... حسْبي من الخلْقِ طُرًّا ذلكَ القمرُ
محلُّه فِي فؤادي قد تملَّكَهُ ... وحاز رُوحي فَمَا لي عَنْهُ مصطبرُ
والشّمسُ أقربُ منه فِي تناولها ... وغايةُ الحظّ منه للوَرَى النّظرُ
ودِدْتُ تقبيلَه يومًا مُخَالَسَةً ... فصار من خاطري فِي خدّه أثرُ
وكم حليمٍ رآه ظنَّه مَلَكًا ... وردَّد الفِكر فِيهِ أنّه بشر
وقال غيث الأرمنازيّ: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه:
إن كنتَ تَبْغي الرَّشادَ مَحْضًا ... لأمرِ دُنياك والمَعَادِ
فخالِفِ النَّفْس فِي هواها ... إن الهوى جامعُ الفسادِ
وقال أَبُو القاسم النسيب: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه:
لا تَغْبِطَنّ أخا الدُّنيا لزُخْرُفِها ... ولا لِلَذَّةِ وَقْتٍ عُجِّلَتْ فَرَحَا
فالدَّهْرُ أسْرَعُ شيءٍ فِي تَقَلُّبه ... وفِعْلُهُ بَيِّنٌ للخَلْق قد وَضَحا
كم شاربٍ عسلًا فِيهِ مَنِيَّتُهُ ... وكم تقلَّد سيفًا من به ذُبِحا(10/175)
62 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بْنُ زيدون، أَبُو الْوَلِيد المخزومي الأندلسي القُرْطُبي، [المتوفى: 463 هـ]
الشّاعر المشهور.
قال ابن بسام: كان أَبُو الْوَلِيد غاية منثور ومنظوم، وخاتمة شعراء بني مخزوم، أحدُ من جرَّ الأيام جرًّا، وفاق الأنام طُرًّا، وصرَّف السّلطان نَفْعًا وضُرًّا، ووسَّع البيانَ نظْمًا ونثرًا، إِلَى أدبٍ ليس للبحر تدفُّقُه، ولا للبدر تألُّقُه، وشِعرٍ ليس للسِّحْر بيانُه، ولا للنّجوم اقترانُه، وحظٍّ من النَّثْر غريب المباني، شعْريّ الألفاظ والمعاني. وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقُرْطُبة. انتقل عن قُرْطُبة إلى المعتضد ابن عباد صاحب إشبيلية بعد عام أربعين وأربعمائة، فجعله من خواصه، وبقي معه فِي صورة وزير.
فمن شعره:
بَيْني وبَيْنَكَ ما لو شئتَ لم يُضِعْ ... سِرً إذا ذاعَت الأسرارُ لم يُذِعِ
يا بائعًا حَظَّهُ مِنّي ولو بُذِلَتْ ... لِيَ الحياةُ بحظي منه لم أبع
يكفيك أنك إن حمَّلت قلبي ما ... لا تستطيعُ قلوبُ الناس يَسْتَطِعَ
تِهْ أَحْتَمِل وَاسْتَطِلْ أَصْبِر، وَعِزَّ أَهُنْ ... وَوَلِّ أُقْبِل، وقُلْ أَسْمَع، ومُرْ أُطِعِ
وله:
أَيَّتُها النّفسُ إليْهِ اذْهَبي ... فَمَا لِقَلْبِي عَنْهُ مِنْ مَذْهَبِ
مُفَضَّضُ الثَّغْرِ لهُ نُقْطَةٌ ... مِن عَنْبَرٍ فِي خَدِّه المُذْهَب
أيأسني التَّوْبَةَ من حُبِّهِ ... طُلُوعُهُ شَمْسًا مِن المغربِ
وله القصيدة السائرة الباهرة:
بِنْتُمْ وَبِنَّا فَمَا ابْتَلَّتْ جَوَانِحُنَا ... شوقًا إليكُمْ ولا جفَّتْ مَآقِينا
كُنّا نرى اليأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه ... وقَدْ يَئِسْنا فَمَا لليّأْسِ يُغْرِينا
نَكَادُ حينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمَائِرُنا ... يَقْضِي علَيْنا الأَسَى لولا تأسَينا
طالت لِفَقْدكُم أيَّامُنا فَغَدَتْ ... سُودًا وكانَتْ بِكُمْ بيضًا ليالينا [ص:190]
بالأمسِ كُنَّا وما يُخشَى تَفَرُّقُنا ... واليومَ نحنُ وما يُرْجَى تَلَاقينا
إِذْ جانِبُ العَيْشِ طَلْقٌ من تَأَلُّفِنا ... ومورد اللهو صافٍ من تصافينا
كأنَّنا لَمْ نَبِت والوصْلُ ثالِثُنا ... والسَّعْدُ قَدْ غَضَّ من أجْفَانِ واشِينا
ليُسْقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السُّرُورِ فَمَا ... كُنْتُمْ لأَرواحِنا إِلّا رَياحِينا
وهي طويلة.
تُوُفّي ابن زيدون فِي رجب بإشبيلية. وولي ابنه أَبُو بَكْر وزارة المعتمد بْن عَبَّاد، وقُتِل يوم أَخَذَ يوسف بْن تاشفين قُرْطُبة من المعتمد سنة أربعٍ وثمانين.(10/189)
63 - أَحْمَد بْن علي بْن أَحْمَد بْن عُقْبة الأصبهاني. [المتوفى: 463 هـ]
يروي عن أبي عبد الله بن منده، وأبي إسحاق بن خرشيذ قُولَه.
وكان رجلًا صالحًا عفيفًا، مات فِي المحرَّم.(10/190)
64 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز العكبري، أبو طاهر. [المتوفى: 463 هـ]
توفي بعكبرا.(10/190)
65 - بدْر الفَخْريّ، أَبُو النّجْم. [المتوفى: 463 هـ]
عن عُثْمَان بْن دُوَست.
سمع منه: شجاع الذُّهْلي، وهبة اللَّه السَّقَطيّ. وتُوُفّي فِي رمضان. كان يلزم الخطيب. ذكره في تاريخه.(10/190)
66 - حسان بْن سَعِيد، أَبُو علي المَنِيعيّ المَرْوَرُّوذِيّ. [المتوفى: 463 هـ]
بَلَغَنَا أنّه من ذُرّية خَالِد بْن الْوَلِيد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. سمع من أَبِي طاهر بن مَحْمِش الزّيادي، وأبي الْقَاسِمِ بْنُ حبيب، وَأَبِي الْحَسَنُ السقاء، وجماعة. رَوَى عَنْهُ محيي السُّنَّةِ البغوي، وَأَبُو المظفّر عَبْد المنعم القُشَيْري، ووجيه الشّحّامي، وعبد الوهاب بْن شاه.
وذكره عَبْد الغافر الفارسيّ فقال: هُوَ الرئيس أَبُو عليّ الحاجي شيخ الإسلام المحمود بالخصال السَّنِيَّة. عَمَّ الآفاق بخيره وبرَّه. وكان فِي شبابه [ص:191] تاجرًا، ثُم عظُم حتّى صار من المخاطبين من مجالس السَّلاطين، لم يستغنوا عن الاعتضاد به وبرأيه، فرغب إِلَى الخيرات، وأناب إِلَى التَّقْوى والورع، وبنى المساجد والرَّباطات، وبنى جامع مدينته مروالروذ. وكان كثير البِرّ والإيثار، يكسو فِي الشتاء نحوًا من ألف نفس، وسعى فِي إبطال الأعشار عن البلد، ورفع الوظائف عن القُرى. ومن ذلك أنه استدعى صدقةً عامة على أَهْل البلد، غنيّهم وفقيرهم، فكان يطوف العاملون على الدُّور والأبواب، ويُعدّون سكانها، فيدفع إِلَى كل واحدٍ خمسة دراهم. وتمّت هَذِهِ السُّنَّة بعد موته. وكان يُحيى اللَّيالي بالصلاة، ويصوم الأيام، ويجتهد فِي العبادة اجتهادًا لا يطيقه أحد. قال: ولو تتبعنا ما ظهر من آثاره وحسناته لَعَجَزْنا.
وقال أَبُو سعْد السمعاني: حسّان بْن سَعِيد بْن حسّان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مَنِيع بْن خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن الْوَلِيد الْمَخْزُومِيُّ المنيعي، كان فِي شبابه يجمع بين الدّهْقَنة والتجارة، وسلك طريق الفتيان حَتَّى سادَ أَهْل ناحيته بالفُتُوّة والمروءة والثروة الوافرة. إلى أن قال: ولما تسلطن سلجوق ظهر أمره، وبنى الجامع بمروالروذ، ثُمَّ بنى الجامع الجديد بنَيْسابور. وبلغني أن عجوزًا جاءته وهو يبنيه، ومعها ثوبٌ يساوي نصف دينار وقالت: سمعتُ أنّك تبني الجامع، فأردت أن يكون لي فِي البقعة المباركة أثر. فَدَعا خازنه واستحضر ألف دينار، واشترى بها منها الثوب، وسلَّم المبلغَ إليها، ثمّ قبضه منها الخازن، وقال له: أنفِقْ هَذِهِ الألف منها فِي عمارة المسجد. وقال: احفظ هَذَا الثوب لكَفَنِي أَلْقى اللَّه فِيهِ. وكان لا يُبالي بأبناء الدنيا ولا يتضعضع لهم. وحُكِي أنّ السلطان اجتاز بباب مسجده، فدخل مراعاةً له، وكان يُصلّي، فَمَا قطع صلاته، ولا تكلَّف حَتَّى أتمّها. فقال السلطان: فِي دولتي مَن لا يخافني ولا يخاف إلا الله. وحيث وقع القحط في سنة إحدى وستين كان ينصب القُدُور ويطبخ، ويحضر كل يوم ألف من خبز ويطعم الفقراء. وكان فِي الخريف يتّخذ الجباب والقُمُص والسراويلات للفقراء، ويجهّز بنات الفقراء، ورفع الأعشار من أبواب نيسابور. وكان [ص:192] مجتهداً؛ يقوم اللّيل، ويصوم النهار ويلبس الخشن من الثياب. توفي يوم الجمعة السابع والعشرين من ذي القعدة، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.(10/190)
67 - الْحَسَن بْن رشيق، أَبُو عليّ الأزْدي القيروانيّ. [المتوفى: 463 هـ]
شاعر أَهْل المغرب، ومصنْف كتاب " العمدة فِي صناعة الشّعر "، وكتاب " الأنموذج "، والرسائل الفائقة، وغير ذلك.
فَمَنْ شعره:
أحبُّ أخي وإنْ أعرضتُ عنه ... وقَلَّ على مَسَامِعه كلامي
ولي فِي وجهه تقطيبُ راضٍ ... كما قطَّبْتُ فِي وجه المُدامِ
ورُبَّ تَقَطُّبٍ من غير بغض ... وبغض كامن تحت ابتسامِ
وله:
يا ربّ لا أقوى على حَمْل الأَذَى ... وبك استعنْتُ على الضّعيف المؤذي
ما لي بعثتَ إِليَّ ألفَ بَعُوضةٍ ... وبعثتَ واحدةً إِلَى نُمْرُوذِ!
وكان أَبُوه مملوكًا روّميا ولاؤه للأزْد.
وُلد أَبُو عليّ بالمهديّة سنة تسعين وثلاثمائة، ودخل بلد القيراون سنة ست وأربعمائة ومدح ملوكها، ودخل صقلّية.
وقيل: تُوُفّي سنة ست وخمسين، وسنة ثلاثٍ هَذِهِ أصحّ.(10/192)
68 - الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه، أَبُو مُحَمَّد التميمي المطاميري. ثُمَّ الْمَكِّيّ. [المتوفى: 463 هـ]
سمع أَبَا القاسم عُبَيْد اللَّه السقطي، وحدَّث. ومطامير: قرية بحُلْوان.(10/192)
69 - حمْد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن ولْكيز، أَبُو سهْل الصَّيْرفيّ. [المتوفى: 463 هـ]
سمع مسند أَبِي دَاوُد السَّجِسْتاني، أعني " السُّنَن "، من مُحَمَّد بْن الْحَسَن النِّيليّ فِي سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وأكثر عن ابن مَنْدَهْ.
مات فِي ذي الحجة سنة ثلاث، رَوَى عَنْهُ أَبُو سعْد الْبَغْدَادِيّ.
قال يحيى بْن مَنْدَهْ: يُطْعَنُ فِي اعتقاده.(10/192)
70 - سَعِيد بْن أَحْمَد أَبُو عُثْمَان الخواشتي الهروي. [المتوفى: 463 هـ]
نزيل مَرْو.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، ومولده في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.(10/193)
71 - طاهر بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن محمود، أَبُو الحُسَين القايني الفقيه الشّافعي. [المتوفى: 463 هـ]
نزيل دمشق.
حدَّث عن أَبِي الْحَسَن بْن رزقوَيْه، وأبي الحسن الحمامي المقرئ، وأبي طالب يحيى الدسكري، ومنصور بن نصر السمرقندي الكاغدي. روى عنه نصر المقدسي، وأبو طاهر الحنائي، وأبو الحسن ابن الموازيني، وهبة الله ابن الأكفاني ووثقه، وآخرون.(10/193)
72 - عبد الله بن علي بن أبي الأزهر الغافقي، أبو بكر الطليطلي. [المتوفى: 463 هـ]
حج، وسمع من أَبِي ذَرّ الهَرَوي، وأبي بَكْر المطَّوِّعي. وكان من أَهْل المعرفة والذكاء، حمل الناسُ عَنْهُ.(10/193)
73 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جُماهر الحَجْري الطليطلي. [المتوفى: 463 هـ]
روى عن أبي عبد الله ابن الفَخَّارِ، وحجّ أيضًا فأخذ عن أَبِي ذَرّ. وكان رحمه الله، مفتياً فرضياً.(10/193)
74 - عبد الله بن محمد بن عباس، أبو محمد ابن الدباغ القرطبي. [المتوفى: 463 هـ]
روى عَن مكّيّ القَيْسي، وأبي عبد الله بن عابد. وكان إمامًا دَيِّنًا، وَرِعًا، مُشَاوِرًا بقُرْطُبة. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.(10/193)
75 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهْل المالِينيّ، الفقيه أَبُو سهل المزكّي. [المتوفى: 463 هـ]
روى عن أَبِي مَنْصُور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الأزْدي، وغيره. تُوُفّي فِي صَفَر وله ثلاثٌ وسبعون سنة.(10/193)
76 - عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بن محمد بن الفُضَيْل، أَبُو القاسم الكَلاعيّ الحمصي، ثُمَّ الدَّمشقيّ. [المتوفى: 463 هـ][ص:194]
سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصْر، والمسدّد الأُمْلُوكي، وعبد الرَّحْمَن بْن الطّبيز. ورَوَى عَنْهُ عمر الدهستاني، وهبة الله ابن الأكفاني، وأبو الفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ.
تُوُفِي فِي ربيع الآخر كَهْلًا.(10/193)
77 - عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن أَبِي القاسم بْن مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن أَبِي حاتم، أَبُو عُمَر المَلِيحي الهَرَوي، [المتوفى: 463 هـ]
محدِّث هَرَاة فِي وقته ومُسْنِدُها.
سمع أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي شُرَيْح، ومحمد بْن محمد بْن سمعان، وأبا عَمْرو الفُراتي، وأبا حامد النُّعَيْمي، وغيرهم. وحدَّث بالصّحيح عن النُّعَيْمي، عن الفِرَبْريِّ. رَوَى عَنْهُ محيي السُّنَّة أَبُو مُحَمَّد البَغَوِي، وخَلَف بْن عطاء المَاوَرْدِي، وإٍسماعيل بْن مَنْصُور المقرئ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الفُضَيْلي، وغيرهم.
قال المؤتمن السّاجيّ: كان ثقة صالحًا قديم المولد. سمع " الْبُخَارِيّ " بقراءة أَبِي الفتح بْن أَبِي الفوارس.
وقال الْحُسَيْن الكُتُبيّ: تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة، وقال: مولده سنة سبْعٍ وستّين وثلاثمائة، فَعُمْرهُ ستٌ وتسعون سنة.
ومَلِيح: قرية بهَرَاة.(10/194)
78 - عليّ بْن عَبْد الوهاب بْن علي المقرئ الدَّمشقيّ. [المتوفى: 463 هـ]
حدَّث بصور عن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نَصْر. روى عَنْهُ غيث بن علي الأرمنازي، وقال: لا بأس به.(10/194)
79 - عليَّ بْن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف، أَبُو الحسين، عمّ أَبِي المعالي الْجُوَيْني، ويُعرف بشيخ الحجاز. [المتوفى: 463 هـ]
كان كثير التّرْحال. سمع أَبَا نُعَيْم عَبْد الملك بْن الْحَسَن بخُراسان، وعبد الرَّحْمَن النّحاس بمصر، وابن أَبِي نصر بدمشق، وأبا عُمَر الهاشمي بالبصرة، وعبد اللَّه بْن يوسف بن مامويه بنيسابور. وعقد مجلس الإملاء [ص:195] بخراسان. روى عَنْهُ أَبُو سعد بْن أَبِي صالح المؤذّن، وأبو عبد الله الفراوي، وعبد الجبار الخواري، وزاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ.
وتُوُفّي فِي ذي القعدة.(10/194)
80 - عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد، أَبُو طاهر الفاشاني المَرْوَزِيّ. الفقيه الشافعي. [المتوفى: 463 هـ]
رحل فِي صباه وتفقه ببغداد على الشَّيْخ أَبِي حامد، وكان من بقايا أصحابه. وسمع بالبصرة من أَبِي عُمَر الهاشمي " السُّنّن "، وبرعَ فِي علم الكلام والنظر. رَوَى عَنْهُ مُحيي السُّنّة البَغَوي، وغيره.
وقد أَخَذَ علم الكلام عن أبي جعفر السمناني صاحب ابن الباقلاني.(10/195)
81 - كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم، المَرْوَزِيّة. [المتوفى: 463 هـ]
تأتي فِي سنة خمسٍ وستين. ولكني جزمت بموتها فِي هَذِهِ السنة، لأن هبة الله ابن الأكفاني قال فِي " الوَفَيَات " فِي سنة ثلاثٍ وستين: حَدَّثَني عَبْد الْعَزِيز بْن عليّ الصُّوفي، قال: سمعتُ بمكة من يخبر بأن كريمة ابْنَة أَحْمَد المَرْوَزِيّ الهاشمي، رحمها اللَّه، تُوُفّيت فِي شهور هَذِهِ السنة.
وقال أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عليّ الهَمَذَانيّ: حَجَجْتُ سنة ثلاث، فنُعيَتْ إلينا كريمة فِي الطريق، ولم أُدْرِكْها.(10/195)
82 - مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن عليّ بْن دَاوُد بْن حامد، القاضي أبو جَعْفَر الزَّوزني البحاثي. [المتوفى: 463 هـ]
ذكره عَبْد الغافر فِي " سياق التاريخ "، فقال: أحد الفُضَلاء المعروفين، والشعراء المُفْلِقين، صاحب التصانيف المفيدة العجيبة جداً وهزلاً، والفائق أهل عصره ظرفاً وفضلا، المتعصب لأهل السُّنَّة، المخصوص بخدمة البيت الموفَّقيّ. ولقد رزق من الهجاء فِي النَّظْم والنَّثْر طريقة لم يُسْبَق إليها، وما ترك من الكُبَراء والفقهاء أحدًا إلّا هجاه. وكان صديق والدي، ومن البائتين عنده [ص:196] فِي الأحايين، والمقترحين عليه الأطعمة.
سمعتً أَبِي يحكي عَنْهُ أحواله وتهتُّكَه، فممّا حكاه لي عَنْهُ أنه قال: ما وقع بَصَري قط على شخص إلا تصور في قلبي هجاؤه إلا القاضي صاعد بن محمد، فإني استحييت من اللَّه لعبادته وفضله. ولقد خص طائفةً بوضع التصانيف فيهم، ورميهم بما برأهم اللَّه منه. وبالغ فِي الإفحاش، وأغرب فِي فنون الهجاء، وأتى بالعبارات الرّشيقة. وكان شِعْره فِي الطبقة العُليا فِي المديح أيضًا. وكان ينسخ كُتُب الأدب أحسَن نسْخ، ولقد نسخ نسخةً " بغريب الحديث " للخطّابي، وقرأها على جدّي. وقد ذكر الحافظ الحسكاني أنه روى له، عن خاله أَبِي الْحَسَن بْن هارون الزَّوْزَني، عن ابن حبان.
ومن شِعْره:
يرتاحُ للمجد مُهتزًّا كَمُطَّرِدٍ ... مُثَقَّفٍ من رماحِ الخَطّ عسّالِ
فمرّةً باسِمٌ عن ثغرِ بَرْقٍ حَيَاءً ... وَتَارَةً كاسرٌ عن نابِ رِئبالِ
فَمَا أُسامةُ مَطْرُورًا بَرَاثِنُهُ ... ضخْمُ الجزارةِ يحمي خِيسَ أشبالِ
يومًا بأشْجَعَ منه حَشْوَ ملْحمةٍ ... والحربُ تصدُم أبطالًا بأبطالِ
ولا خضارهُ صخاباً غواربه ... تسمو أواذِيُّهُ حالًا على حالِ
أَنْدَى وأسْمحُ منه إذ يبشره ... مبشّروهُ بزُوَّارٍ وَنُزَّالِ
وله:
وذي شَنَب لوْ أن حمرة ظلمه ... أشبهها بالجمر خفتُ به ظُلْما
قبضتُ عليه خاليا واعتنقته ... فأوْسَعَني شَتْمًا وأوسعتُهُ لَثْما
وله يصف البَرَد:
مُتَناثرٌ فوق الثَّرَى حبّاتُهُ ... كثُغُور مَعْسولِ الثّنايا أشنب
برد تحدر من ذرى صخابةٍ ... كالدُّرِّ إلّا أنه لم يُثْقَبِ
وديوان الزَّوْزَنيّ موجود، والله يسامحه، تُوُفي بغَزْنَة سنة ثلاث.
وقال غيره: سنة اثنتين، فالله أعلم.(10/195)
83 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن علي، أبو نصْر الْجُلْفَرِيّ القزّاز. [المتوفى: 463 هـ]
وجُلْفَرِ: قرية على فرسخين من مَرْو.
كان فقيهًا شهمًا، رحل إِلَى الشام، وسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نَصْر التَّميميّ، وغيره. وحدَّث فِي هَذِهِ السنة؛ روى عنه محيي السُّنَّة البَغَوي، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْعَبَّاس، وكان من الدُّهاة بمرْو.(10/197)
84 - مُحَمَّد بْن علي بْن علي بْن الْحَسَن، أبو الغنائم ابن الدجاجي الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 463 هـ]
ولي مرة حسبة بغداد، فلم يحمد وعُزْل.
قال الخطيب: حدث عن علي بْن عُمَر الحربي، وابن معروف، وابن سُوَيْد، وكان سماعه صحيحاً.
قلت: وأجاز له المُعَافى الْجَرِيريّ.
رَوَى عَنْهُ أبو عَبْد اللَّه الحُمَيْدي، وشجاع الذُهْلي، وناصر بْن عليّ الباقِلّاني، وطلحة بْن أَحْمَد العاقُولي، ومحمد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِي، وأبو مَنْصُور بْن زريق الشَّيْباني، وآخرون. ومات فِي سلْخ شعبان وله ثلاثٌ وثمانون سنة. فإنه وُلِد سنة ثمانين.
قال السمعاني: قرأت بخط هبة اللَّه بْن الْمُبَارَك السقطي: ابنُ الدَّجاجيّ كان ذا وَجَاهة وتقدُّم، وحالٍ واسعة. وعَهْدي به وقد أَخْنَى عليه الزمان بصروفِه، وقد قَصَدْتُهُ فِي جماعةٍ مُثْرين لنسمع منه وهو مريض، فَدَخلنا عليه وهو على بارِيَّة، وعليه جُبّة قد أكلتِ النار أكثرها، وليس عنده ما يُساوي درهمًا، فحمل على نفسه، حَتَّى قرأنا عليه بحسَب شَرَه أَهْل الحديث، وقمنا وهو متحمل للمشقة فِي إكرامنا، فَلَمَّا خرجنا قلت: هَلْ مع سادتنا ما نصرفه إِلَى الشَّيْخ؟ فمالوا إِلَى ذلك، فاجتمع له نحو خمسة مثاقيل، فدَعَوْت ابنته وأعطيتها، ووقفت لأرى تسليمها إليه، فَلَمَّا دخلت وأعطْته لطم حُرَّ وجهه ونادى: وافضيحتاه، آخُذُ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِوَضًا، لا والله. ونهض [ص:198] حافيا ينادي: بحُرْمة ما بيننا إلّا رجعت، فعدت إليه، فبكى، وقال: تفضحني مع أصحاب الحديث! الموت أهْوَن من ذلك. فأعدتُ الذَّهبَ إِلَى الجماعة، فلم يقبلوه، وتصدَّقوا به.(10/197)
85 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أبو عَبْد اللَّه الطالقاني الصُّوفيّ. [المتوفى: 463 هـ]
سمع أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمي، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نَصْر التَّميميّ. رَوَى عَنْهُ الخطيب، وأبو عَبْد اللَّه الحُمَيْدي، وعمر الدهستاني، وهبة الله ابن الأكفاني. وسكن صور.
تكلموا فِي سماعه من السُّلَميّ.(10/198)
86 - مُحَمَّد بْن أبي نصر، أبو بَكْر المروذي الصوفي. [المتوفى: 463 هـ]
حدث عن عَبْد الوهاب بْن عَبْد اللَّه المُرّي، وعبد الرَّحْمَن بْن الطُّبَيْز السّرّاج الدمشقيَّيْن.
تُوُفيّ فِي خامس رجب.(10/198)
87 - مُحَمَّد بْن أَبِي الهيثم عبد الصّمد، أبو بَكْر المَرْوَزِيّ التُّرابيّ. [المتوفى: 463 هـ]
روى عن أبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وعبد اللَّه بْن حَمُّوَيْه السَّرْخَسِيّ. وعُمِّر دهرًا طويلًا؛ رَوَى عَنْهُ مُحيي السُّنَّة البَغَوي، وغيره.
وقد أورده أبو سعد السمعاني فِي كتاب " الأنساب "، وأنه روى أيضًا عن الحاكم أبي الفضل مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الحَدَّادي، الراوي عن أصحاب إسحاق بن راهويه. روى عنه جدي أو المظفّر، وعليّ بْن الفضل الفَارَمْذِيّ.
وقال ابن ماكولا: وحدث أيضاً عن محمد بن أحمد الدورقي عن [ص:199] أَبِي حامد الكُشْمِيهني، عن علي بْن حجْر. ثُمّ قال: وتُوُفّي فِي رمضان عن ستٍ وتسعين سنة.(10/198)
88 - مُحَمَّد بْن وِشَاح، أبو عليّ الزَّيْنبي، [المتوفى: 463 هـ]
مَوْلَى أَبِي تمام.
بغداديّ فاضل، كان ذا رأي ودهاء.
قال ابن السمعاني: كان يقول: أَنَا معتزليّ ابن معتزليّ. قال: وسمعتُ أنه كان رافضيًّا. سمع أَبَا حَفْص بْن شاهين، وأبا القاسم الوزير، والمخلِّص. وحدَّثنا عَنْهُ أبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وأبو مَنْصُور القزّاز الشَّيْباني، وأبو عَبْد اللَّه السّلّال.
وقال الخطيب فِي "تاريخه": وكان معتزلياً، ذكر لي أنه ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
قال السمعاني: تُوُفيّ فِي رجب، وصلّى عليه أبو نصر الزَّيْنَبي.(10/199)
89 - الْمُبَارَك بْن مُحَمَّد بْن عثمان، الشيخ أبو الفضل ابن الحرمي الْبَغْدَادِيّ الصّوفيّ. [المتوفى: 463 هـ]
سمع من عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن علّوَيْه الجوهري، وأبي الحسين بن المتيم. سمع منه أبو نصر بْن ماكولا، والحُمَيْدي، وأبو بكر ابن الخاضبة، وأبو عليّ البَرَدَانيّ.
قال أبو نصْر ابن المُجْلي: تُوُفّي سنة ثلاث.
وقال غيره: سنة اثنتين وستين وأربعمائة.
وشيخه ابن علُّوَيْه يروي عن المَحَامِليّ.(10/199)
90 - المشرِّف بْن علي بْن الخَضِر، أبو الطاهر التّمّار الأنماطي. [المتوفى: 463 هـ]
مصري ثقة، محدِّث. سمع أولاده. وكانت منيّتُه بصور فِي شوال.
ذكره ابن الأكفاني، ولم يذكره ابن عساكر.(10/199)
91 - يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد البر بْن عاصم، الْإِمَام أبو عُمَر النَّمَرِيّ القُرْطُبيّ العَلَم الحافظ، [المتوفى: 463 هـ]
محدِّث قُرْطَبة.
رَوَى عن الحافظ خَلَف بْن القاسم، وعبد الوارث بْن سُفيان، وسعيد بْن [ص:200] نصر، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المؤمن، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أسد الْجُهَني، وأحمد بْن فتح الرّسّان، والحسين بْن يعقوب البَجَّاني، وأبي الْوَلِيد عَبْد اللَّه بْن محمد ابن الفَرَضي، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن ضَيْفُون، والقاسم بْن عَسَلون الفراء، ويعيش بْن مُحَمَّد الورّاق، وأبي عُمَر بْن الْجَسُور، وأبي القاسم سَلَمَة بْن سَعِيد، ويحيى بْن مَسْعُود بْن وجه الجنة، وأبي عُمَر الطَّلَمَنْكي، وأبي المُطَرِّف القَنَازِعي، ويونس بْن عَبْد اللَّه القاضي، وآخرين. وأجاز له أبو القاسم بْن عُبَيْد اللَّه السَّقَطي، وغيره من مكة، وأبو الفتح بْن سِيبُخْت، والحافظ عَبْد الغني بْن سَعِيد، وأبو محمد النحاس من مصر.
قال طاهر بن مفوّز: سمعته يقول: وُلِدتُ يوم الجمعة والإمام يخطُب لخمسٍ بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
قلت: وطلب الحديث سنة بضْعٍ وثمانين، قبل أن يولد الحافظ أبو بَكْر الخطيب بأعوام.
قال أبو الْوَلِيدِ الْباجيّ: لم يكن بالأندلس مثل أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ فِي الحديث.
وقال أبو مُحَمَّد بْن حزْم فِي رسالته في " فضائل الأندلس ": ومنها - يعني المصنفات - كتاب " التمهيد " لصاحبنا أَبِي عُمَر يوسف بْن عَبْد البر، وهو الآن بعْدُ فِي الحياة لم يبلغ سنّ الشيخوخة. قال: وهو كتابٌ لا أعلم فِي الكلام على فقه الحديث مثله أصلًا، فكيف أحسن منه؟. ومنها كتاب " الاستذكار "، وهو اختصار " التمهيد " المذكور. ولصاحبنا أَبِي عُمَر تواليف لا مثل لها فِي جميع معانيها، مِنّها كتابه المسمَّى " بالكافي فِي الفقه "، على مذهب مالك خمسة عشر كتابًا، مُغْنٍ عن المصنفات الطِّوال فِي معناه، ومنها كتابه فِي الصحابة، يعني " الاستيعاب "، ليس لأحدٍ من المتقدِّمين قبله مثله، على كثرة ما صنفوا فِي ذلك، ومنها كتاب " الاكتفاء فِي قراءة نافع وأبي عُمَرو "، ومنها كتاب " بهجة [ص:201] الْمَجَالِسْ وَأُنْسُ الْمُجَالِسِ " نوادر وأبيات، ومنها كتاب " جامعُ بيانِ العِلْم وفضْلِه ".
وقال القاضي عياض: صنف أبو عمر بن عبد البر كتاب " التمهيد لما فِي الموطأ من المعاني والأسانيد " فِي عشرين مجلَّدًا، وكتاب " الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار لما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار "، وكتاب " التقصي لحديث الموطأ "، وكتاب " الاستيعاب لأسماء الصحابة "، وكتاب " العلم "، وكتاب " الإنباه عن قبائل الرُّواة " وكتاب " الانتقاء لمذاهب الثلاثة علماء؛ مالك وأبي حنيفة والشافعي "، وكتاب " البيان فِي تلاوة القرآن "، وكتاب " الأجوبة المُوعِبَة "، وكتاب " بهجة المجالس "، وكتاب " المعروفين بالكنى "، وكتاب " الكافي فِي الفقه "، وكتاب " الدُّرَر فِي اختصار المغازي والسِّيَر "، وكتاب " القصد والأمم فِي أنساب العرب والعجم وأول من نطق بالعربية من الأمم "، وكتاب " الشواهد فِي إثبات خبر الواحد "، وكتاب " الاكتفاء في القراءات "، وكتاب " الإنصاف فيما في اسم الله من الخلاف "، وكتاب " الفرائض "، وأشياء من الكتب الصغار.
قال أبو علي بن سكرة: سمعت أَبَا الْوَلِيد الباجي، وجرى ذكر ابن عَبْد البر، فقال: هُوَ أحفظ أَهْل المغرب.
وقال الحافظ أبو عليّ الغساني: سمعت أَبَا عُمَر بْن عَبْد البر يقول: لم يكن أحدٌ ببلدنا مثل قاسم بْن مُحَمَّد، وأحمد بْن خَالِد الجباب. قال الغساني: وأنا أقول إن شاء اللَّه: إن أَبَا عُمَر لم يكن بدونهما، ولا متخلفًا عَنْهُمَا.
وكان من النمر بْن قاسط، طلب وتفقه ولزم أَبَا عُمَر أَحْمَد بْن عَبْد الملك الإشبيلي الفقيه، فكتب بين يديه، ولزم ابن الفرضي، وعنه أَخَذَ كثيرًا من علم الحديث. ودأب أبو عُمَر فِي طلب الحديث، وافتنَّ به، وبرعَ براعةً فاق بها مَن تقدَّمه من رجال الأندلس.
وكان مع تقدُّمه فِي علم الأثر، وبصره بالفقه والمعاني، له بَسْطةٌ كبيرة فِي علم النَّسب والخبر. جلا عن وطنه ومنشئِه قُرْطُبة، فكان فِي الغرب مدة، [ص:202] ثُمَّ تحول إِلَى شرق الأندلس، وسكن دانية، وبَلَنْسِية، وشاطبة وبها تُوُفّي.
وذكر غير واحد أن أَبَا عُمَر ولي القضاء بأشبولة فِي دولة المظفّر بْن الأفطس مدّة.
وقد سمع " سُنَنَ أَبِي دَاوُد " عاليا من ابن عَبْد المؤمن، بسماعه من ابن داسه. وسمع منه فوائد عن إِسْمَاعِيل الصّفّار، وغيره. وقرأ كتاب الزّعْفراني على ابن ضَيْفُون، بسماعه من ابن الأعرابي، عَنْهُ. وسمع ابن عَبْد البر من جماعة حدَّثوه، عن قاسم بْن أصْبَغ.
وكان مع إمامته وجلالته أعلى أَهْل الأندلس إسنادًا فِي وقته.
رَوَى عَنْهُ أبو العبّاس الدِّلائي، وأبو مُحَمَّد بْن أَبِي قحافة، وأبو الْحَسَن بْن مفوّز، وأبو عَبْد اللَّه الحُمَيْدي، وأبو عليّ الغسّاني، وأبو بحر سُفْيان بْن العاص، ومحمد بْن فَتُّوح الْأَنْصَارِي، وطائفة سواهم، وأبو داود سليمان بن نجاح المقرئ وقال: تُوُفّي ليلة الجمعة سلْخ ربيع الآخر، ودُفن يوم الجمعة بعد العصر.
قلت: استكمل رحمه اللَّه خمسًا وتسعين سنة وخمسة أيام.
وقال شيخنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح، ومن خطّه نقلتُ: كان أبو عُمَر بْن عَبْد البر أعلم من بالأندلس فِي السُّنّن والآثار واختلاف علماء الأمصار. وكان فِي أوّل زمانه ظاهريّ المذهب مدّةً طويلة، ثُمَّ رجع عن ذلك إِلَى القول بالقياس من غير تقليد أحد، إلا أنه كان كثيرًا ما يميل إلى مذهب الشافعي.
قلتُ: وجميع شيوخه الذين حمل عَنْهُمْ لا يبلغون سبعين نفْسًا، ولا رحلَ فِي الحديث، ومع هَذَا فَمَا هُوَ بدون الخطيب، ولا البَيْهقيّ ولا ابن حزْم فِي كثرة الإطلاع، بل قد يكون عنده ما ليس عندهم مع الصدق والديانة والتثبت وحسن الاعتقاد.
قال الحُمَيْديّ: أبو عُمَر فقيه حافظ مُكْثِر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرّجال، قديم السماع، لم يخرج من الأندلس، وكان يميل فِي الفقه إِلَى أقوال الشافعي.
قلت: وكان سَلَفيّ الاعتقاد، متين الدّيانة.(10/199)
-سنة أربع وستين وأربعمائة.(10/203)
92 - أَحْمَد بْن أسعد بْن مُحَمَّد بْن حُسَين. أبو نصر الهَرَويّ التاجر. [المتوفى: 464 هـ]
سمع أَبَاه، وعمَّه، وأبا عليّ مَنْصُور بْن عَبْد اللَّه الخالدي، وغيرهم.(10/203)
93 - أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن علي بْن مُحَمَّد، القاضي أبو سَعِيد الثّقفي الأصبهاني. [المتوفى: 464 هـ]
روى عن أبي عبد الله بن منده. وعنه جماعة.(10/203)
94 - أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن الفضل بْن جَعْفَر، أبو الفَرَج الْبَغْدَادِي، المعروف بابن المَخْبَزِيّ. [المتوفى: 464 هـ]
من بيت حشمة، ذُكِر أنّ كُتُبَه ذهبت فِي حريق الكَرْخ.
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: كَبْر وضعف، وكان مُقِلًّا من الحديث، وسماعه صحيح. قال: ورأيت بخطّ بعض المحدثين أنه كان يتشيَّع. وقال الخطيب: كتبتُ عَنْه، وكان صدوقًا، ووثّقه ابن خيرون. سمع عِيسَى بن الوزير، وعبيد الله بن حبابة. حدثنا عَنْهُ أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، ويحيى بْن الطّرّاح، ومات فِي صَفَر.(10/203)
95 - أَحْمَد بْن عليّ بْن شجاع بْن مُحَمَّد، أبو زَيْدُ المَصْقَليّ الأصبهاني [المتوفى: 464 هـ]
أخو شجَاع.
ثقة، سمع من أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْده، وغيره. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدقاق. وتُوُفي فِي شوال.
وروى أيضًا عن أَبِي جَعْفَر بْن المَرْزُبان " جزء لوين "؛ رواه عَنْهُ مُحَمَّد بْن أَبِي نصر هاجر، ومحمود بْن مُحَمَّد بْن مَاشَاذَة.(10/203)
96 - أَحْمَد بْن الفضل بْن أَحْمَد الجصّاص الأصبهاني. [المتوفى: 464 هـ]
رحّال جوّال، سمع أَبَا سَعِيد النّقّاش، وجماعة بإصبهان، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ بنيسابور، وعلي بْن أَحْمَد الرزاز ببغداد، ومنصور [ص:204] الكاغَدي بسَمَرْقَنْد، وبمرو، وبلْخ، ومواضع. وحدَّث فِي هذا العام في رمضان بكتاب فضل الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له.(10/203)
97 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُسْلِم، أبو الْعَبَّاس الأصبهاني الأعرج المؤدِّب. [المتوفى: 464 هـ]
سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْده. وعنه يحيى بْن مَنْده. مات فِي صَفَر.(10/204)
98 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد الكِنانيّ الفلسطيني. [المتوفى: 464 هـ]
توفي في المحرم؛ يروي عن عليّ بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ.(10/204)
99 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن بُنْدار، أبو عليّ الهَمَذَانيّ المعدّل، المعروف بابن الشّيخ. [المتوفى: 464 هـ]
روى عن أَبِيهِ أَبِي نصر، وابن لال، وشعيب بْن علي، وجماعة.
توفي في جمادى الآخرة بهمذان.(10/204)
100 - بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حيد، أبو منصور النيسابوري التاجر. يُلقب بالشّيخ المؤتمن. [المتوفى: 464 هـ]
حدَّث ببغداد، وهَمَذان، وتنقَّل. وحدَّث عن أَبِيه، وأبي الْحُسَيْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخفاف، ومحمد بن الحسين العلوي، وأبي بكر بن عبدوس، وعبد الله بن يوسف بن بامويه.
قال شيرويه: لم يقض لي السماع منه، وكنتُ أدور إذ ذاك وأسمع. وكان صدوقًا أميناً. حدثنا عنه الميداني.
وقال السمعاني: حدثنا عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِي، وسعيد بْن أَبِي الرجاء الصَّيرفي، وإِسْمَاعِيل بْن علي الحمامي الأصبهانيان. وسمع منه جدّي أبو المظفّر، وأبو بَكْر الخطيب وأثنى عَلَيْهِ. تُوُفّي فِي صفر.(10/204)
101 - جَابِر بْن ياسين بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محموَيْه، أبو الْحَسَن الحِنّائيّ العطار. [المتوفى: 464 هـ][ص:205]
بغداديّ؛ قال الخطيّب: كتبتُ عَنْه، وكان سماعه صحيحًا، سمع أَبَا حَفْص الكتاني، وأبا طاهر المخلص.
قلتُ: رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وأبو مَنْصُور القزّاز، ويحيى بْن عليّ الطّرّاح، وغيرهم.
توفي في شوال.(10/204)
102 - الخضر بْن عَبْد اللَّه بْن كامل، أبو القاسم المُرّيّ. [المتوفى: 464 هـ]
حدَّث بدمشق، أو بغيرها عن عقيل بْن عُبَيْد اللَّه السِّمسار، وأبي طَالِب عَبْد الوهاب بْن عَبْد الملك الفقيه الهاشمي. وعنه ابن الأكفاني، وعلي بْن طاهر النَّحْوي، وغيرهما.
قال ابن الأكفانيّ: ولم يكن يدري شيئاً.(10/205)
103 - عباد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد، المعتضد بالله أبو عَمْرو [المتوفى: 464 هـ]
أمير إشبيلية ابن قاضيها أَبِي القاسم.
قد تقدَّمَ أنَّ أَهْلَ إشبيلية ملّكوا عليهم القاضي أَبَا القاسم، وأنّه تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثلاثين، فقام بالأمر بعده المعتضد بالله. وكان شَهْمًا صارمًا، جَرَى على سَنَن والده مدّة، ثُمَّ سَمَتْ هِمَّتُهُ وَتَلَقَّبَ بالمعتضد بالله، وخُوطب بأمير المؤمنين.
وكان شجاعًا داهية. قَتَل من أعوان أَبِيهِ جماعةً صبرًا، وصادرَ بعضهم، وتمكَّن من الملك، ودانت له الملوك. وكان قد اتّخذ خُشُبًا فِي قصره، وجللها برؤوس ملوك وأعيان ومقدَّمين. وكان يُشبَّه بأبي جَعْفَر المنصور. وكان ابنه ولي العهد إِسْمَاعِيل قد همَّ بقتل أَبِيه، وأراد اغتياله، فلم يتم له الأمر، فقبض عليه المعتضد، وضرب عُنقه، وعهد إِلَى ابنه أَبِي القاسم مُحَمَّد، ولقّبه المعتمد على اللَّه.
ويقال: إنّه أَخَذَ مال أعمى، فنزح وجاورَ بمكّة يدعو عليه، فبلغ المعتضد، فندبَ رجلًا، وأعطاه حُقًّا فِيهِ جملة دنانير، وطلاها بِسُمٍّ. فَسَافَرَ إِلَى [ص:206] مَكَّة، وأعطى الأعمى الدنانير، فأنكر ذلك وقال: يظلمني بإشبيلية، ويتصدّق عليّ هُنا. ثمّ أَخَذَ دينارًا منها، فوضعه فِي فمه فمات بعد يوم. وكذلك فرّ منه رَجُل مؤذّن إِلَى طُلْيطُلَة، فأخذ يدعو عليه فِي الأسحار، فبعث إليه من جاءه برأسِهِ.
وطالت أيامه إِلَى أن تُوُفّي في رجب فقيل: إن ملك الفرنج سَمَّهُ فِي ثيابٍ بعث بها إليه. وقيل: مات حتْف أنفه، وقام بعده ابنه المعتمد.
ومما تم له في سنة سبع وأربعين أنه سكر ليلة، وخرج فِي الليل مع غلام، وسار نحو قرمونة، وهي بعض يوم من إشبيلية. وكان صاحب قرمونة إِسْحَاق بن سليمان البرزالي قد جرى له معه حروب، فلم يزل يسري حتى أتى قرمونة، وكان إِسْحَاق يشرب فِي جماعة، فأُعلِم بالمعتضد بأنه يستأذن، فزاد تعجُّبهم، وأذِن له، فسلَّم على إِسْحَاق، وشرع فِي الأكل، فزال عَنْهُ السُّكْر، وسُقِط فِي يده، لما بينه وبين بني برزال من الحرب، لكنه تجلد وأظهر السرور، وقال: أريد أن أنام. فنوّمه فِي فراش، فتناوم، وظنوا أنه قد نام، فقال بعضهم: هَذَا كبَشٌ سمين، واللهِ لو أنفقتم مُلْك الأندلس عليه ما قدرتُم، فإذا قتل لم تبق شوكة تَشُوككم. فقام منهم مُعَاذ بْن أَبِي قُرَّة، وكان رئيسًا، وقال: واللهِ لا كان، هَذَا رجلٌ قَصَدَنا ونزلَ بنا، ولو علم أنّا نؤذيه ما أتانا مُسْتَأْمنًا. كيف تتحدَّث عنا القبائل أَنَا قتلنا ضيفنا وخفرنا ذمتنا؟ ثُمَّ انتبه، فقاموا وقبلوا رأسه، وجدّدوا السلام عليه، فقال لحاجبه: أَيْنَ نَحْنُ؟ قال: بين أهلك وإخوانك. فقال: إيتُوني بدَوَاة. فأتوه بها، فكتب لكلٍ منهم بخِلْعة وذَهَب وأفراس وخدم، وأمر كل واحد أن يبعث رسوله ليقبض ذلك. ثُمَّ ركب من فوره، وقاموا في خدمته. ثم طلبهم بعد ستة أشهر لوليمة، فأتاه ستون رجلًا منهم، فأنزلهم، وأنزل مُعَاذًا عنده. ثمّ أدخلهم حمّامًا، وطيَّن بابه فماتوا كلُّهم. فعزَّ على مُعَاذ ذلك، فقال المعتضد: لا تُرَعْ فإنهم قد حَضَرَتْ آجالُهم، وقد أرادوا قتلي، ولولاك لقتلوني، فإنْ أردت أن أقاسمك جميع ما أملك فعلت. فقال: أقيم عندك، وإلّا بأيّ وجهٍ أرجع إِلَى قرمونة وقد قتلتُ سادات بني بَرْزال. فأنزله فِي قصْر وأقطعه، وكان من كبار أمرائه. ثُمَّ كان المعتمد [ص:207] يجلّه ويعظّمُه. فحدَّث بعض الإشبيليين أنه رَأَى مُعَاذًا يوم دخل يوسف بْن تاشفين، وعليه ثوب ديباج مذهب، وبين يديه نحو ثلاثين غلامًا، وأنه رآه فِي آخر النهار وهو مُكَتَّف فِي تِلّيسٍ.
ذكر هَذِهِ الحكاية بطولها عزيز في "تاريخه"، فإن صحت فهي تدل على لُؤْم المعتضد وعسْفِه وكُفْر نفسه. وقد لقّاه اللَّه فِي عاقبته.
وحكى عَبْد الواحد بْن علي فِي "تاريخه" أن المعتضد كان شَهْمًا شجاعًا داهيةً. فَقِيل: إنه ادّعى أنه وقع إليه هشام المؤيد بالله ابن المستنصر الأُموي، فخطب له مدّةً بالخلافة، وكان الحامل له على تدبير هَذِهِ الحيلة ما رآه من اضطراب أَهْل إشبيلية عليه، لأنهم أنفوا من بقائهم بلا خليفة، وبلغه أنهم يطلبون أُمَويًّا ليقيموه فِي الخلافة، فأخبرهم بأن المؤيد بالله عنده بالقصر، وشهد له جماعةٌ من حَشَمه بِذَلِك، وأنه كالحاجب له. وأمر بذِكْره على المنابر، فاستمر ذلك سنين إِلَى أن نعاه إِلَى الناس فِي سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وزعَم أنه عهد إليه بالخلافة على الأندلس.
وهذا مُحَالٌ. وهشام هلك من سنة ثلاثٍ وأربعمائة، ولو كان بقي إِلَى الساعة لكان يكون ابن مائة سنة وسنة.(10/205)
104 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر، القاضي أبو مُحَمَّد بْن أَبِي الرجاء الأصبهاني الكَوْسَج، [المتوفى: 464 هـ]
مفتي البلد.
وكان من الأشعرية الغُلاة. سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ، وعمّ أَبِيهِ الْحُسَيْن، وعدّة. مات فِي ربيع الأول؛ قاله يحيى بْن مَنْدَهْ.(10/207)
105 - عَبْد الرحمن بْنُ سوار بْنُ أَحْمَد بْنُ سوار، أَبُو المطرف القُرْطُبيّ الْفَقِيهُ، [المتوفى: 464 هـ]
قاضي الجماعة.
روى عن أَبِي القاسم بن دينال، وحاتم بْن مُحَمَّد. استقضاه المعتمد على اللَّه بقُرْطُبة بعد ابن منظور فِي جُمَادَى الآخرة من هَذِهِ السنة، وتُوُفّي بعد أشهُر فِي ذي القعدة، وله اثنان وخمسون عامًا.
وكان مِن أَهْل النباهة والذكاء. لم يأخذ على القضاء أجراً.(10/207)
106 - عبد الرحمن بْن عليّ بْن محمد بْن رجاء، أبو القاسم بْن أَبِي العَيْش الأطْرابُلُسيّ. [المتوفى: 464 هـ]
حدَّث عن أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي كامل الأطرابلسي، وأبي سعد الماليني، وخلف الواسطي الحافظ؛ ولعله آخر من حدَّث عن خلف. روى عنه عمر الرواسي، ومكّيّ الرُّمَيْلي، وهبة اللَّه الشيرازيّ؛ سمعوا منه بأطْرابُلُس.
تُوُفّي فِي جمَادَى الأولى.(10/208)
107 - عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو نصْر الهَمَذَاني، المعروف بابن شاذي، [المتوفى: 464 هـ]
شيخ الصُّوفيّة.
روى عَنْ أَبِيه، وابن لال، وشعيب بْن علي، وأبي سهل محمود بن عمر العكبري.
قال شيرويه: لم يقض لي السماع منه، وكان يسلك سبيل الملامتية، صحِب طاهرًا الجصّاص. وبلغني أنه وقَف ثمانيا وعشرين وقفة، وتُوُفّي فِي ذي الحجة.(10/208)
108 - عَبْد الْعَزِيز بْن مُوسَى، أبو عُمَر المَرْوَزِيّ القصاب المعلم. [المتوفى: 464 هـ]
قال السمعاني فيما خرج لولده عَبْد الرحيم: شيخ صالح سديد السيرة، من المعمرين. أدرك أبا الحسين عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الدّهّان المقرئ، وسمع منه " السُّنَن " لأبي مُسْلِم الكجّيّ؛ قرأ عليه جدّي هَذَا الكتاب فِي سنة أربع وستين هَذِهِ.
وروى عَنْهُ بأخرة مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد الكوّاز المُلْحَميّ.(10/208)
109 - عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، أبو الحسن ابن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه، العبْديّ الأصبهاني التاجر. [المتوفى: 464 هـ]
روى عن أَبِيهِ، وإبراهيم بْن خُرَّشِيد قُوله، وأبي جَعْفَر بْن المرزبان الأبهري، وأبي مُحَمَّد بْن يوة، وعمر بْن إِبْرَاهِيم بْن الفاخر، والحسين بْن منجويه، وجماعة.
قال شيرويه: قدم همذان، وكان صدوقًا، من بيت العلم، وحدَّث عَنْهُ أصحابنا. [ص:209]
وقال أخوه أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن: تُوُفّي أخي أَبُو الْحَسَن بجِيرَفْتْ فِي عاشر ربيع الآخر.
وأما يحيى بْن عَبْد الوهاب فورَّخه كذلك، لكن قال: فِي سنة أربعٍ وستين، وأنه وُلد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. فعلى هَذَا تكون مدَّة عمره ثمانين سنة. قال: وله أعقاب.
قلت: روى عَنْهُ هُوَ، والحسين بْن عَبْد الملك الخلّال، وعدّة. وكان يشبه أباه.(10/208)
110 - عتيق بْن عليّ بْن دَاوُد، الزّاهد أبو بَكْر الصّقلي الصُّوفيّ السَّمَنْطاريّ. [المتوفى: 464 هـ]
أكثر التطواف، وسمع من أَبِي القاسم الزَّيْديّ بَحرَّان، ومن أَبِي نُعَيم الحافظ، وبُشْرى الفاتنيّ. وصنَّف كتابًا حافلًا فِي الزُّهد فِي اثنتي عشرة مجلدة سماه " دليل القاصدين ". وله معجم فِي جُزْءَين، وشيوخه نيِّفٌ وسبعون شيخًا. وكان رجلًا زاهدًا صالحًا.(10/209)
111 - علي بْن الْحُسَيْن بْن سهل، أبو الْحَسَن المَرْوَزِيّ الدِّهْقان الفقيه. [المتوفى: 464 هـ]
تفقَّه بمرْو على: أَبِي عاصم النافلة، وأبي نصر المحسِّن بْن أَحْمَد الخالديّ، وسمع جدَّه مُحَمَّد بْن الفضل. وقدِم بغداد فسمع هبة الله بن الحسن اللالكائي. روى عنه أبو المظفر ابن القشيري.
توفي في جمادى الآخرة.(10/209)
112 - الْمُبَارَك بْن الْحُسَيْن، أبو طاهر الْأَنْصَارِيّ الْبَغْدَادِيّ الصّفّار. [المتوفى: 464 هـ]
كان صالحًا خيِّرًا من أَهْل نهر القلائين. سمع عَبْيد اللَّه بْن أَبِي مُسْلِم [ص:210] الفَرَضي، وأبا الْحُسَيْن بْن بشْران. وعنه أبو بكر الأنصاري، وأبو محمد ابن الطّرّاح، وأبو المعالي بْن البَدِن.
مات فِي شعبان.(10/209)
113 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن منظور، أبو بَكْر القَيْسيّ الإشبيليّ. [المتوفى: 464 هـ]
روى عن أَبِي القاسم بْن عُصْفُور الحضْرميّ الزّاهد، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العوّاد. وولي قضاء قُرْطُبة للمعتمد على اللَّه مُحَمَّد بْن عَبّاد، وكان عدْلًا فِي أحكامه.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة. رَوَى عَنْهُ أبو الْوَلِيد بْن طريف.(10/210)
114 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصمد ابن المهتدي بالله، أبو الْحَسَن الهاشمي العباسي، [المتوفى: 464 هـ]
خطيب جامع المنصور.
كان عَدْلًا نبيلًا، يلبس القَلانس الدّنيَّة.
روى عن أَبِي الْحَسَن بْن رزْقُوَيْه، وغيره. وعنه أبو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي، ويحيى ابن الطراح.
قال الخطيب: كان صدوقاً، كتبتُ عَنْهُ. وقرأ القرآن على أَبِي القاسم الصيدلاني.(10/210)
115 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذة بْن جَعْفَر، أبو عَبْد اللَّه الأصبهاني [المتوفى: 464 هـ]
القاضي بدُجَيْل.
تفقه على مذهب الشافعي، وسمع أَبَا سعد الماليني، وحدَّث. وكان ثقة صالحًا.
وسمع أيضًا أَبَا عُمَر بْن مَهْدِيّ. رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر الأنصاري، ومفلح الدومي، ويحيى ابن الطّرّاح.(10/210)
116 - مُحَمَّد بْن الْحَسَن، أبو عَبْد اللَّه المروزي، المقرئ. [المتوفى: 464 هـ][ص:211]
حدَّث عن، أَبِي الفتح بْن ودعان المَوْصِليّ بجزءين؛ قاله ابن الأكفاني.(10/210)
117 - مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن أَحْمَد بْن بُنْدار، أبو عَبْد اللَّه الخُراساني، ثُمَّ الدَّمشقي، المعروف بابن الكُرَيْديّ. [المتوفى: 464 هـ]
سمع محمد بْن أحمد بْن عثمان بْن أَبِي الحديد، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نصر، وتُوُفّي بصور. روى عنه هبة الله ابن الأكفاني.(10/211)
118 - محمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن زكريّا، أبو سَعِيد الطُّرَيْثيثي، المعروف بابن زهراء، [المتوفى: 464 هـ]
أخو أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن عليّ.
سمع أبا القاسم الحرفي، وأبا الْحَسَن بْن مَخْلَد البزّاز. رَوَى عَنْهُ المعمر بْن مُحَمَّد البيع. ومات فِي سلْخ رجب.(10/211)
119 - مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، أَبُو بَكْر النَّيْسابوري المعدّل. [المتوفى: 464 هـ]
كان عابدًا خائفًا ورِعًا، سمع أَبَا الْحَسَن العلوي، وأبا يَعْلَى المهلّبيّ. رَوَى عَنْهُ زاهر الشّحّامي، وغيره.(10/211)
120 - نصر بْن الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم، أبو الفتح البالسيّ الجوهريّ. [المتوفى: 464 هـ]
حدَّث بجزء عن عَبْد الواحد بن مشماس الدمشقي.(10/211)
121 - أبو طَالِب بْن عمار، [المتوفى: 464 هـ]
قاضي طرَابُلس.
كان قد استولى على طرَابُلس، واستبدَّ بالأمور إِلَى أن مات في رجب من السنة، فقام مكانه ابن أَخِيهِ جلال المُلْك أبو الْحَسَن بْن عمار، فضبطها أحسن ضبْط، وظهرت شهامته.(10/211)
-سنة خمس وستين وأربعمائة.(10/212)
122 - أَحْمَد بْن الْحسَن بْن عَبْد الودود بْن عبد المتكبّر بن محمد بن هارون ابن المهتدي بالله، الخطيب أبو يَعْلَى العباسي. [المتوفى: 465 هـ]
من سراة البغداديين، سمع جدّه عَبْد الودود، وابن الفضل القطّان. وعنه قاضي المَرِسْتان. وسمع منه أيضًا الحُمَيْدي، وغيره عن أَبِي الحسين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المتيم.
تُوُفي فِي شوّال.(10/212)
123 - أَحْمَد بْن الفضل بْن أَحْمَد، أبو الْعَبَّاس الأصبهاني الجصّاص. [المتوفى: 465 هـ]
سمع ابن رزقوَيْه البزّاز، وعلي بْن أَحْمَد الرّزّاز ببغداد، وأبا سَعِيد النّقّاش بإصبهان. وسمع بمرْو، وبلْخ، وسَمَرْقَنْد فأكثر.(10/212)
124 - ألْب أرسلان بْن جُغْري بك، واسمه دَاوُد بْن ميكائيل بْن سلجوق بْن تُقاق بْن سلجوق، السّلطان عَضُد الدولة أبو شجاع، الملقَّب بالعادل، واسمه بالعربي مُحَمَّد بْن دَاوُد. [المتوفى: 465 هـ]
أصله من قرية يقال لها النور. وتقاق: بالتركي قوس حديد، وهو أول مَن دخل فِي الْإِسْلَام. وألْب أرسلان أول مَن ذُكر بالسلطان على منابر بغداد.
قدِم حلبَ فحاصرها فِي سنة ثلاثٍ وستين، حَتَّى خرج إليه محمود بن نصر بن صالح بن مرداس صاحبها مع أمّه، فأنعم عليه بحلب، وسارَ إِلَى الملك ديوجانس، وقد خرج من القسطنطينية، فالتقاه وأسره، ثُمَّ مَنَّ عليه وأطلقه. ثُمَّ سار فغزا الخَزَر، والأبخاز. وبلغ ما لم يبلغ أحدٌ من الملوك.
وكان ملكًا عادلًا، مَهِيبًا، مطاعاً، معظماً. ولي السلطنة بعد وفاة عمه السلطان طُغْرُلْبَك بْن سلْجُوق فِي سنة سبْعٍ وخمسين. وبلغ طُغْرُلْبَك من العُمر نيِّفًا وثمانين سنة. [ص:213]
قال عَبْد الواحد بْن الحُصَيْن: سار ألْب أرسلان فِي سنة ثلاثٍ وستين إِلَى ديار بَكْر، فخرج إليه نصر بْن مروان، وخَدَمه بمائة ألف دينار. ثُمَّ سار إِلَى حلب ومنَّ على ملكها. ثُمّ غزا الروم، فصادف مقدّم جيشه عند خِلاط عشرة آلاف، فانتصَر عليهم، وأسَر مقدّمهم. والتقى ألْب أرسلان وعظيم الروم بين خِلاط ومَنَازكُرْد فِي ذي القعدة من العام، وكان في مائتي ألف، والسّلطان فِي خمسة عشر ألفًا. فأرسل إليه السلطان فِي الهدْنة. فقال الكلب: الهُدْنةُ تكون بالرّيّ. فعزم السلطان على قتاله، فلقِيَه يوم الجمعة فِي سابع ذي القعدة، فنُصِر عليه، وقَتَل فِي جيشه قتلًا ذريعًا، وأسره ثمّ ضربه ثلاث مقارع، وقطع عليه ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، وأي وقت طلبه السلطان بعساكره حضر، وأن يُسلم إليه كلّ أسير من المسلمين عنده. وأعزَّ اللَّه الْإِسْلَام وأذلَّ الشِّرْك.
وكان السلطان ألْب أرسلان فِي أواخر الأمر من أعدل الناس، وأحسنهم سيرة، وأرغبهم فِي الجهاد وَفِي نصر الدين. وقنعَ من الرّعّية بالخراج الأصليّ. وكان يتصدَّق فِي كل رمضان بأربعة آلاف دينار ببلْخ، ومرْو، وهَراة، ونَيْسابور، ويتصدق بحضرته بعشرة آلاف دينار.
ورافعَ بعضُ الكُتّاب نظامَ المُلْك بقصة، فدعا النّظَّامَ وقال له: خُذْ هَذِهِ الورقة، فإنْ صدقوا فيما كتبوه فهذِّب أحوالك، وإنْ كذبوا فاغفر لكاتبها وأَشْغِلْهُ بمهمٍ من مهمات الديوان حَتَّى يُعْرِض عن الكذب.
وغزا السلطان فِي أول سنة خمس وستين جيْحُون. فعبر جيشه فِي نيِّفٍ وعشرين يومًا من صَفَر، وكان معه زيادة على مائتي ألف فارس، وقَصَدَ شمس المُلْك تِكِين بن طغماج. وأتاه أعوانه بوالي قلعة اسمه يوسف الخُوارَزْمي، وقربوه إِلَى سريره مع غلامين، فأمر أن تُضرب له أربعة أوتاد وتُشدّ أطرافه إليها، فقال يوسف للسلطان: يا مخنث، مثلي يُقتل هَذِهِ القتلة؟ فغضب السلطان، فأخذ القوس والنشاب وقال: خلوه. ورماه فأخطأه، ولم يكن يُخْطئ له سهم، فأسرع يوسف إليه إِلَى السرير، فنهض السلطان، فنزل فعثر وخرَّ على وجهه، فوصل يوسف، فبرك عليه وضَرَبه بسِكَينٍ كَانَتْ معه فِي خاصرته، ولحِق بعض الخدم يوسف فقتله، وحُمِل السلطان وهو مُثْقَل، وقضى نَحْبَه. وجلسوا لعزائه ببغداد فِي ثامن جُمَادَى الآخرة، وعاش أربعين [ص:214] سنة وشهرين. وعهِد إِلَى ابنه ملكشاه، ودُفن بمرْو.
ونقل ابن الأثير: أنّ أَهْل سَمَرْقَنْد لما بلغهم عبور السلطان النَّهر تجمّعوا ودَعُوا الله، وختموا ختمات، وسألوا الله أن يكفيهم أمره، فاستجاب لهم.
وقيل إنه قال: لما كان أمس صعدت على تلّ، فرأيت جيوشي، فقلتُ فِي نفسي: أَنَا ملك الدنيا، ولن يقدر عليَّ. فعجَّزني اللَّه بأضعف من يكون. فأنا أستغفر الله من ذلك الخاطر.(10/212)
125 - بَكْر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سهل، أبو علي النيسابوري الصوفي المعروف بالسبعي. [المتوفى: 465 هـ]
وسئل عن ذلك، فقال: كَانَتْ لي جدة أَوْصَتْ بسُبع مالها، فاشتهر بِذَلِك.
قدِم فِي هَذَا العام بغداد، فحدث عن أبي بكر الحيري، وجماعة.(10/214)
126 - الحسن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن فهد ابن العلّاف، [المتوفى: 465 هـ]
عمّ عَبْد الواحد.
سمع منه سنة إحدى وأربعمائة جزءاً. وعاش فوق المائة. وكان صالحاً عابداً كثير التلاوة للختمة. حدث عنه أبو غالب ابن البناء.(10/214)
127 - الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن أَحْمَد، القاضي أبو نصر ابن القاضي أَبِي الْحُسَيْن قاضي الحرمين النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 465 هـ]
سمع من أَبِي مُحَمَّد المخلدي، وأبي زكريا الحربي، وطبقتهما. وتفقه على القاضي أَبِي الهيثم، وولي قضاء قاين مدة. وتُوُفّي فِي تاسع ذي القعدة، وله اثنتان وثمانون سنة وأَشْهُر.(10/214)
128 - الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن ابن الأمير صاحب الموصل ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد اللَّه بن حمدان، الأمير ناصر الدولة [المتوفى: 465 هـ]
حفيد الأمير ناصر الدولة ابن حمدان. [ص:215]
توثَّب على الدّيار المصرية، وجَرَت له أمور طويلة وحروب ذكرناها فِي الحوادث. وكان عازمًا على إقامة الدعوة العباسية بمصر، وتهيَّأت له الأسباب، وقهر المستنصر العبّيْدي، وتركه على برد الدّيار، وأخذ أمواله، كما ذكرنا. ثُمَّ وثبَ عليه إِلْدِكْز التُّركي فِي جماعة، فقتلوه فِي هَذِهِ السَّنَة.
وقد ولي إمرةّ دمشق هُوَ وأبوه ناصر الدولة وسيفها.(10/214)
129 - الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الهاشمي الْبَغْدَادِيّ، أبو مُحَمَّد الدلال. [المتوفى: 465 هـ]
ليس بثقة ولا معروف. حدث عن الدّارَقُطْنيُّ بجزء عُهْدَتُهُ عليه. مات فِي ربيع الآخر. وولد سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
قال ابن خَيْرون: فِيهِ بعض العُهْدة.(10/215)
130 - حَمْزَة بْن مُحَمَّد، الشريف أبو يَعْلَى الْجَعْفريُّ الْبَغْدَادِيُّ، [المتوفى: 465 هـ]
من أولاد جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب.
كان من كبار علماء الشيعة، لزم الشيخ المفيد، وفاق فِي علم الأصلين والفقه على طريقة الإمامية، وزوّجه المفيد بابنته، وخصَّه بكُتُبه. وأخذ أيضًا عن السّيّد المرتضى، وصنَّف كُتُبًا حسانًا. وكان من صالحي طائفته وعُبّادهم وأعيانهم، شيَّع جنازته خلق كثير، وكان من العارفين بالقراءات. وكان يحتجّ على حَدَث القرآن بدخول الناسخ والمنسوخ فيه.
ذكره ابن أبي طيئ.(10/215)
131 - طاهر بْن عَبْد اللَّه، أبو الرَّبِيع الإيْلاقيّ التُّركيّ، [المتوفى: 465 هـ]
وإيْلاق: هِيَ قصبة الشّاش.
كان من كبار الشافعية، له وجه. رحل وتفقه بمرو على أَبِي بَكْر القفال، وببُخَاري على الشَّيْخ أَبِي عَبْد اللَّه الحليمي؛ وحدَّث عَنْهُمَا وعن أَبِي نُعَيْم الأزهري.
وكان إمام بلاد التُّرْك، عاش ستاً وتسعين سنة.(10/215)
132 - عَائِشَة بِنْت أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن البِسْطامي ثُمَّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 465 هـ]
إنْ لم تكن ماتت فِي هَذِهِ السنة، وإلا ففي حدودها. سمعت أبا الحسين الخفّاف، وغيره. روى عَنْهَا: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذّن، وزاهر الشّحّامي، وأخوه وجيه، ومحمد بْن حمُّوَيْه الْجُوَيْني، وآخرون.
وكان أبوها من كبار الأئمة رحمه اللَّه، مرَّ سنة ثمانٍ وأربعمائة.(10/216)
133 - عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم، الفقيه أبو حاتم الأبْهَري المالكي. [المتوفى: 465 هـ]
روى عن أَبِيهِ أَبِي جَعْفَر، وأبي مُحَمَّد بْن أَبِي زكريا البيع، وأبي الْحُسَيْن بن بشْران، وأهل بغداد.
قال شيروَيْه: قدِم علينا فِي ذي القعدة همذان، وسمعتُ منه، وكان ثقة.(10/216)
134 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى، أبو المطرِّف الطُّلَيْطِليّ. عُرف بابن البَبْرُولة. [المتوفى: 465 هـ]
سمع مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الخُشَني، وخَلَف بْن أَحْمَد، وأبي بَكْر بْن زُهْر، وأبي عُمَر بْن سُمَيْق. وكان من أَهْل الذّكاء والفصاحة. كان يعِظ الناس.
تُوُفّي فِي ربيع الأول. وكان سليم الصَّدر، حَسَن السّيرة.(10/216)
135 - عَبْد الصّمد بْن عَلِيّ بْن محمد بْن الحسن بن الفضل بن المأمون، أبو الغنائم الهاشمي الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 465 هـ]
قال السمعاني: كان ثقة، صدوقاً نبيلًا، مَهِيبًا، كثير الصَّمْت، تعلوه سكينة ووقار. وكان رئيس بيت بني المأمون وزعيمهم. طعن فِي السِّن، ورحلَ الناسُ إليه، وانتشرت روايته فِي الآفاق. سمع الدارَقُطْني، وأبا الحسن السُّكّري، وأبا نصر المُلاحمي، وجدّه أَبَا الفضل بْن المأمون، وأبا القاسم عُبَيْد اللَّه بْن حَبَابَة. روى لنا عَنْهُ يُوسُفَ بْنُ أَيُّوبَ الهَمَذَانيّ، وَمُحَمَّد بْنُ عَبْد الباقي الفرضي، وَعَبُدَ الرحمن بْنُ مُحَمَّد القزاز، وَغَيْرِهِمْ. [ص:217]
قَالَ الخطيب: كان صدوقًا، كتبتُ عَنْهُ. سَأَلتُ أَبَا القاسم إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الحافظ، عن أَبِي الغنائم، فقال: شريف، محتشم، ثقة، كثير السّماع.
وقال عَبْد الكريم بْن المأمون: وُلِد أخي أبو الغنائم فِي سنة ستٍّ وسبعين وثلاثمائة. وقال غيره: سنة أربعٍ.
وقال شجاع الذُّهْليّ: تُوُفِّي فِي سابع عشر شوّال.
قلت: ورَوَى عَنْهُ الحُمَيْدي، وأُبَيّ النَّرْسِي، وأحمد بْن ظَفَر المغازلي، وأبو الفتح عبد الله ابن البَيْضاوي، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عُمَر الأُرْمَويّ. وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة مَسْعُود الثَّقفيّ الَّذِي أجاز لكريمة، وطعن فِي إجازته منه، فترك الرواية.(10/216)
136 - عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن، أبو عَبْد اللَّه الشّالُوسيّ الفقيه، [المتوفى: 465 هـ]
وشالوس: من نواحي طَبَرسْتان.
كان فقيه عصره بآمُل. وكان عالمًا واعظًا زاهدًا. سمع بمصر من أبي عبد الله بن نظيف.
أثنى عليه عَبْد اللَّه بْن يوسف الْجُرْجانيّ وسمع منه، وقال: مات سنة خمسٍ وستين.(10/217)
137 - عَبْد الكريم بْن هوازن بْن عَبْد المُلْك بْن طَلْحَة بْن مُحَمَّد، الْإِمَام أبو القاسم القُشَيْريّ النَّيْسابوري الزاهد الصُّوفيّ، [المتوفى: 465 هـ]
شيخ خُراسان وأستاذ الجماعة، ومقدَّم الطّائفة.
تُوُفّي أَبُوهُ وهو طفل، فوقع إِلَى أَبِي القاسم اليماني الأديب، فقرأ الأدب والعربية عليه. وكانت له ضَيْعة مُثْقَلَة الخراج بناحية أُسْتُوا، فرأوا من الرأي أن يتعلم طَرَفًا من " الاستيفاء "، ويشرع فِي بعض الأعمال بعدما أُوِنس رُشْدُه فِي العربية، لعله يصون قريته، ويدفع عَنْهَا ما يتوجه عليها من مطالبات الدولة، فدخل نيسابور من قريته على هَذِهِ العزيمة، فاتفق حضوره مجلس الأستاذ أَبِي علي الدقاق، وكان واعظ وقته، فاستحلى كلامه، فوقع في شبكة الدقاق، وفسخ ما عزم عليه؛ طلب القَبَاء، فوجد العَبَاء، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدّقّاق وأقبل عليه، وأشار عليه بتعلُّم العِلم، فمضى إِلَى درس الفقيه أَبِي بكر [ص:218] الطُّوسي، فلازمه حَتَّى فرغ من التعليق، ثُمَّ اختلف إِلَى الأستاذ أَبِي بَكْر بْن فُورَك الأُصُوليّ، فأخذ عَنْهُ الكلام والنَّظَر، حَتَّى بلغ فِيهِ الغاية. ثُمَّ اختلف إِلَى أَبِي إِسْحَاق الإسفراييني، ونظر فِي تواليف ابن الباقِلّانيّ. ثُمَّ زوجه أبو علي الدّقَاق بابنته فاطمة. فَلَمَّا تُوُفِّي أبو علي عاشر أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمّي وصحِبه.
وكتب الخط المنسوبَ الفائق، وبرع فِي عِلْم الفُروسية واستعمال السلاح، ودقق فِي ذلك وبالغ. وانتهت إليه رياسة التّصوُّف فِي زمانه لِما أتاه اللَّه من الأحوال والمجاهدات، وتربية المُريدين وتذكيرهم، وعباراتهم العذْبة. فكان عديم النظير في ذلك، طيب النَّفس، لطيف الإشارة، غوّاصًا على المعاني.
صنَّف كتاب " نحو القلوب "، وكتاب " لطائف الإشارات "، وكتاب " الجواهر "، وكتاب " أحكام السماع "، وكتاب " آداب الصُّوفيّة "، وكتاب " عيون الأجوبة فِي فنون الأَسْوِلة "، وكتاب " المناجاة "، وكتاب " المنتهى فِي نُكَت أُولي النُّهَى "، وغير ذلك.
أنشدنا أبو الحسين علي بن محمد، قال: أخبرنا جعفر بن محمد، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا القاضي حسن بْن نصر بْن مرهف بنهاوند، قال: أنشدنا أبو القاسم القُشَيْريّ لنفسه:
البدرُ من وجهكَ مخلوقُ ... والسِّحْر من طَرْفِك مسروقُ
يا سيداً تيمني حبه ... عبدك من صدك مرزوق
وسمع من أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم الإسفراييني، وأبي بَكْر بْن عَبْدُوس الحِيريّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني، وأبي نُعَيْم أَحْمَد بْن مُحَمَّد المهرجانيّ، وعلي بن أَحْمَد الأهوازي، وأبي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبي سَعِيد مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الإسماعيليّ، وابن باكوَيْه الشّيرازيّ بنَيْسابور. ومن أبي الحسين بن بشران، وغيره ببغداد.
وكان إمامًا قُدوة، مفسّرًا، محدّثًا، فقيهًا، متكلِّمًا، نَحْويًّا، كاتبًا، شاعرًا.
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: لم يَر أبو القاسم مثل نفسه فِي كماله وبراعته. جميع بين الشريعة والحقيقة. أصله من ناحية أُسْتُوا، وهو قُشَيْريّ الأب، سُلَميّ الأمّ. رَوَى عَنْهُ ابنه عَبْد المنعم، وابن ابنه أبو الأسعد هُبة الرَّحْمَن، وأبو عَبْد اللَّه [ص:219] الفُراويّ، وزاهر الشّحّاميّ، وعبد الوهاب بْن شاه الشاذياخي، ووجيه الشحامي، وعبد الجبار الخُواري، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه البَحِيريّ، وخلْق سواهم. ومن القُدَماءَ أبو بَكْر الخطيب، وغيره. وقال الخطيب: كتبنا عَنْهُ وكان ثقة. وكان يقص، وكان حَسَن الموعظة، مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الْأَشْعَرِيّ، والفُروع على مذهب الشافعي، قَالَ لي: وُلِدتُ فِي ربيع الأوّل سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةَ اللَّه، عَنْ أُمِّ الْمُؤَيَّدِ زَيْنَبَ الشِّعْرِيَّةِ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ شاه أخبرها، قال: أخبرنا أبو القاسم القشيري، قال: أخبرنا أبو بكر بن فورك، قال: أخبرنا أحمد بن محمود بن خرزاذ: قال: حدثنا الحسن بن الحارث الأهوازي، قال: حدثنا سَلَمَةَ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَدَقَة بْنُ أَبِي عمران، قال: حدثنا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَد، عَنْ زَاذَان، عَنِ الْبَرَاء، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُم، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا ".
قال القاضي شمس الدين ابن خلِّكان: صنفّ أبو القاسم القُشَيْري " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير، وصنَّف " الرسالة " فِي رجال الطريقة، وحجَّ مع البَيْهقيّ، وأبي مُحَمَّد الْجُويني، وكان له فِي الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء.
وقال فِيهِ أبو الحسن الباخَرْزي فِي " دُمْية القصر ": لو قرع الصَّخْر بسَوْط تحذيره لَذَاب، ولو رُبِط إبليس فِي مجلسه لتاب، وله: " فصل الخطاب، في فضل النطق المستطاب ". ماهر في التكلم على مذهب الأشعري، خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري، كلماته للمستفيدين فرائد وفوائد، وعَتَبات مِنْبره للعارفين وسائد. وله شعر يتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه.
قال عَبْد الغافر في " تاريخه ": ومن جملة أحواله ما خصّ به من المحنة فِي الدين، وظهور التعصُّب بين الفريقين فِي عشر سنة أربعين إِلَى خمسٍ [ص:220] وخمسين وأربعمائة، وميل بعض الوُلاة إِلَى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حَتَّى أدى ذلك إِلَى رفع المجالس، وتفرُّق شمل الأصحاب، وكان هُوَ المقصود من بينهم حَسَدًا، حَتَّى اضطر إِلَى مفارقة الوطن، وامتد فِي أثناء ذلك إِلَى بغداد، فورد على القائم بأمر اللَّه، ولقي فيها قبولًا، وعقد له المجلس فِي منازله المختصة به. وكان ذلك بمحضرٍ ومَرْأَى منه. وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه فعاد إِلَى نيسابور، وكان يختلف منها إِلَى طوس بأهله وبعض أولاده، حَتَّى طلع صُبْح النَّوبة البأرسلانية سنة خمسٍ وخمسين، فبقي عشر سِنين مرفَّهًا محترمًا مُطاعًا معظَّمًا.
ولأبي القاسم:
سقى اللهُ وقتًا كنتُ أخلو بوجهكُمْ ... وثَغْرُ الهَوى فِي رَوْضة الأُنْس ضاحِكُ
أقمنا زمانًا والعيونُ قريرةٌ ... وأصبحتُ يومًا والْجُفُون سَوَافِكُ
قال عَبْد الغافر الفارسي: تُوُفّي الأستاذ عَبْد الكريم صبيحة يوم الأحد السادس عشر من ربيع الآخر.
قلت: وله عدة أولاد أئمة: عَبْد اللَّه، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم، وغيرهم. ولمّا مرِض لم تَفُتْه ولا ركعة قائمًا حَتَّى تُوُفّي.
ورآه فِي النوم أبو تُراب المَرَاغيَ يقول: أَنَا فِي أطيب عَيْش، وأكمل راحة.(10/217)
138 - عدنان بْن مُحَمَّد، أبو المظفّر الخطيب العزيزي، الهروي، [المتوفى: 465 هـ]
خطيب بغاوزدان.
سمع من إبراهيم بن محمد بن الشاه صاحب المحبوبي.(10/220)
139 - علي بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن الفضل، أبو مَنْصُور الكاتب الشاعر المشهور بلقب بصرّدرّ. [المتوفى: 465 هـ]
صاحب الديوان الشعر. كان أحد الفُصَحاء المفوّهيّن، والشعراء المجوّدين، له معرفة كاملة باللّغة والأدب، وله فِي جارية سوداء:
عُلِّقْتُهَا سَوْدَاءَ مَصْقُولَةً ... سَوَادُ قَلْبِي صُفَّةٌ فِيهَا [ص:221]
مَا انْكَسَفَ الْبَدْرُ عَلَى تَمِّهِ ... وَنُورِهِ إِلّا لِيَحْكِيهَا
ومن شعره:
تَزَاوَرْنَ عن أَذْرِعاتٍ يمينا ... نواشز لَسْنَ يطِقنَ البُرِينا
كَلِفْنَ بنَجْدٍ، كأنّ الرِّيَاض ... أَخَذْنَ لنجدٍ عليها يمينا
ولمّا استمعْنَ زفيرَ المشوق ... ونوح الحمام تركن الحنينا
إذا جئتُما بانَةَ الوادييْن ... فأَرْخُوا النَّسُوعَ وحُلّوا الوَضِينا
وقد أنبأتْهُم مياهُ الْجُفُونِ ... أَنَّ بِقَلْبِكَ دَاءً دَفِينَا
سمع الكثير من الحديث من أبي الحسين بن بشران، وأخيه أبي القاسم بن بشران، وأبي الحسن الحمامي. روى عَنْهُ فاطمة بِنْت أَبِي حكيم الخبري، وعلي بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام، وأبو سعد الزَّوْزَنيّ، وغيرهم.
وتُوُفّي فِي صفر، رَمَاهُ فرسَه في زبية قد حُفِرت للأسد فِي قرية، فهلك هُوَ والفَرَس. وكان من أَهْل القرآن والسُّنّة. وكان أَبُوهُ يلقب بصرّ بعر لبخله، وقد يُدعى هُوَ بِذَلِك. وقيل: كان مخلطًا على نفسه.(10/220)
140 - علي بْن مُوسَى، الحافظ المفيد أبو سعد النيسابوري السُّكّريّ الفقيه. [المتوفى: 465 هـ]
سمع من جَدّه عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر السُّكّريّ، وأبي بكر الحيري، وأبي سعيد الصيرفي، وأبي حسان المزكي، ومحمد بن أبي إسحاق المزكي، وطبقتهم. وكان يفهم الصَّنْعة، وانتقى على الشيوخ. وحدَّث وتُوُفّي راجعًا من الحجّ. روى عنه إسماعيل ابن المؤذن، ويوسف بن أيوب الهمذاني.(10/221)
141 - عُمَر ابن القاضي أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، المؤيَّد أبو المعالي البِسْطاميّ، [المتوفى: 465 هـ]
سِبْط أَبِي الطَّيِّب الصُّعْلُوكيّ.
سمع أَبَا الْحُسَيْن الخفاف، وأبا الْحَسَن العلوي، وأملى مجالس. رَوَى عَنْهُ سِبْطه هبة اللَّه بْن سهل السّيّديّ، وزاهر ووجيه ابنا طاهر الشحامي، وغيرهم. [ص:222]
وهو أخو عَائِشَة.(10/221)
142 - عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن درهم، أبو القاسم البغداديّ البزّاز. [المتوفى: 465 هـ]
حدَّث عن أَبِي الْحُسين بْن بشران، وأبي الفتح بْن أَبِي الفوارس.
وكان ثقة، روى عنه أبو منصور القزاز، وغيره.(10/222)
143 - غالب بن عبد الله بن أبي اليمن، أبو تمام القيسي الميورقي النحوي، المعروف بالقطيني. [المتوفى: 465 هـ]
ولد بقطين من عمل مَيُورْقَة سنة ثلاثٍ وتسعين، وتحوَّل منها إِلَى البلد سنة سبع وأربعمائة، فسمع من حبيب بْن أَحْمَد صاحب قاسم بْن أَصْبَغ، وسمع بقُرْطُبة من صاعد اللُّغويّ. وقرأ بالروايات على أبي عمرو الداني؛ وعلَّم العربية، وحمل عَنْهُ طائفة. وقرأ على أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن قُتَيْبة الصّقِلّيّ صاحب أَبِي الطّيّب بْن غلبون، وعلى غيرهما. وأخذ عن أَبِي عمر بن عبد البر، وطائفة.
وكان قائماً على "كتاب سيبويه"، بصيراً به، رأساً في معرفته. وكان متزهداً، منقبضاً عن الناس، متعففاً، قد أراده إقبال الدولة ابن مجاهد على القضاء فامتنع.
وممن قرأ عليه عَبْد الْعَزِيز بْن شفيع، وذلك مذكورٌ فِي إجازات الشّاطبيّ.
تُوُفّي رحمه اللَّه بدانِيّة، وله شعرٌ جيّد، فمنه: [ص:223]
يا راحلًا عن سواد المُقلتَين إِلَى ... سواد قلبٍ عن الإضلاع قد رحلا
بي للفِراق جَوًى لو مرَّ أبْرَدُهُ ... بجامدِ الماء مرَّ البرق لاشتعلا(10/222)
144 - كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية، أمّ الكِرام، [المتوفى: 465 هـ]
المجاورة بمكة.
كَانَتْ كاتبة فاضلة عالمة، سمعت من محمد بن مكّي الكُشْمِيهَنيّ، وزاهر بْن أَحْمَد السَّرْخسيّ، وعبد اللَّه بْن يوسف بْن بامُوَيْه.
وكانت تضبط كتابها، وَإِذَا حدَّثَت قابَلتْ بنسختها، ولها فهم ومعرفة، حدثت " بالصحيح " مرات كثيرة، وكانت بِكْرًا لم تتزوَّج. وطال عمرها، وأقامت بمكّة دهرًا، وحمل عَنْهَا خلْقٌ من المغاربة والمجاورين، وعلا إسنادها؛ روى عَنْهَا أبو بَكْر الخطيب، وأبو الغنائم أُبَيّ النَّرْسيّ، وأبو طَالِب الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبيّ، ومحمد بْن بركات السَّعِيديّ، وعليّ بْن الحسين الفرّاء، وعبد اللَّه بن محمد بن صدقة ابن الغزّال، وأبو القاسم عليّ بْن إِبْرَاهِيم النّسيب، وأبو المظفّر السَّمعاني.
قال أُبَيّ: أَخرجَت إِلَيَّ النسخة، فقعدتُ بحذائها، وكتبتُ سبع أوراق، وكنت أريد أن أعارض وحدي، فقالت: لا، حتّى تعارضَ معي. فعارضت معها، وقرأتُ عليها من حديث زاهر.
وقال أبو بَكْر مُحَمَّد بْن مَنْصُور السّمعانيّ: سمعتُ الوالد يذكر كريمة ويقول: هَلْ رَأَى إنسانٌ مثل كريمة. قال أبو بَكْر: وسمعتُ ابْنَة أخي كريمة تقول: لم تتزوَّج كريمة قط، وكان أبوها من كُشْميَهن، وأَمّها من أولاد السَّيَّاريّ، وخرج بها أبوها إِلَى بيت المقدس، وعاد بها إِلَى مكّة، وكانت قد بلغت المائة.
قلتُ: الصّحيح وفاتها سنة ثلاثٍ كما مرّ، لكنْ قال ابن نُقْطة: نقلتُ وفاتها من خطّ ابن ناصر في سنة خمس وستين.(10/223)
145 - محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بْن الْحَسَن بْن عُبَيْد بْن عمرو بن خالد بن الرفيل، أبو جعفر ابن المُسْلِمة السُّلميّ الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 465 هـ]
أسْلَمَ الرُّفَيْل على يد عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
كان أبو جَعْفَر نبيلًا، ثقة، كثير السّماع، حسَن الطريقة، واسع العبارة والرواية، رَحْلة العصر فِي عُلُوّ الإسناد. سمع أَبَا الفضل الزُّهْريّ، وأبا مُحَمَّد بْن معروف القاضي، وإسماعيل بن سويد، وابن أخي ميمي، وعيسى بْن الوزير، وأبا طاهر المخلِّص.
رَوَى عَنْهُ الخطيب واستملى عليه، وقال: وُلِد فِي ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.
وقال أبو الفضل بْن خَيْرون: كان ثقة صالحًا.
وقال السمعاني: سمعتُ إِسْمَاعِيل بْن الفضل بأصبهان يقول: هو ثقة محتشم.
قلت: رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر الأنصاري، ومحمد بْن أَبِي نصر الحُمَيْديّ، وأُبَيّ النَّرْسِيّ، وأبو الفتح عبد الله ابن البَيْضاويّ، وأبو مَنْصُور بْن خَيْرون، وأبو مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد القزّاز، ومحمد بْن علي ابن الداية، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عُمَر الأُرمويّ، وأبو تمام أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْمُخْتَار الهاشمي، وآخرون كثيرون.
وهو آخر من روى عن الزهري وابن معروف، توفي فِي تاسع جُمَادَى الأولى.(10/224)
146 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَفَرْجَل، أبو البركات الْبَغْدَادِيّ الكاتب. [المتوفى: 465 هـ]
ثقة، واسع الرواية، سمع أَبَا أَحْمَد الفَرَضيّ، وأبا الحسين بْن بِشْران.
تصدَّق عند موته بألف دينار، وأوصَى بمثلها، وتُوُفيّ فِي جُمَادَى الآخرة وله سبعون سنة. وحدَّث بدمشق؛ رَوَى عنه طاهر الخشوعي، وهبة الله ابن [ص:225] الأكفاني.(10/224)
147 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ورقاء، أبو عُثْمَان الأصبهاني الصُّوفيّ. [المتوفى: 465 هـ]
سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ بإصبهان، وأبا عُمَر الهاشمي بالبصرة، وأبا الْحُسَيْن بْن بشْران ببغداد، وأبا سعْد المالِينيّ، وجماعة. وقدِم الشام فِي شبيبته وصار شيخ الصُّوفية ببيت المقدس، وكان مولده سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
رَوَى عَنْهُ نصْر المقدسيّ، وسلامة القطّان، ويحيى بْن تمّام الخطيب، وآخرون.(10/225)
148 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مهدي، أبو القاسم العَلَويّ الشّيعيّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 465 هـ]
سمع عَبْد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وغيرهما. رَوَى عَنْهُ زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وعبد الغافر الفارسي، وقال: كان من دعاة الشيعة، عارفا بطُرُقهم وعُلومهم، فتقدم فيهم. تُوُفّي فِي ذي القعدة.(10/225)
149 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُثْمَان، أبو بكر ابن البُنْدار الْبَغْدَادِيّ الأَدَميّ البقّال. [المتوفى: 465 هـ]
روى عن أَبِي الْحُسَيْن بْن بشْران، وأخيه عَبْد الملك، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، والحرفي. رَوَى عَنْهُ شجاع الذُّهليّ، وأبو علي أَحْمَد بْن مُحَمَّد البَرَدَانيّ. وكان شيخًا صالحًا. مات فِي ربيع الآخر. ورّخه ابن خَيْرُون.(10/225)
150 - مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن الْحَسَن، أبو المظفَّر الشُّجاعيّ النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 465 هـ]
سمع أَبَا الْحُسَيْن الخفاف، وأبا الْحَسَن العلوي، وغيرهما. رَوَى عَنْهُ وجيه بْن طاهر، وغيره. [ص:226]
وكان فاضلاً موصوفاً بكتابة الشروط، بارعاً فيها. تُوُفّي فِي ربيع الأول.(10/225)
151 - مُحَمَّد بْن أَبِي الحسين بن العباس الفضلويي الهروي. [المتوفى: 465 هـ]
حدث في هذا العام، وانقطع خبره، بكتاب الأطعمة للدّارِمي، عن أَبِي حامد البشْريّ. وعنه أبو الوقت.(10/226)
152 - مُحَمَّد بْن حَمْد بْن مُحَمَّد بْن حامد، أبو نصْر بْن شيذلة الهَمَذانيّ الفقيه. [المتوفى: 465 هـ]
روى عن ابن لال، وعبد الرَّحْمَن الْإِمَام والعلاء بن الحسين الزهيري، وأبي طلحة البوسنجي، ورحل فأخذ عن أَبِي الْحُسَيْن بْن بشران، وأبي محمد السكري، وأبي الحسن الحمامي، وجماعة.
وكان صدوقاً. ولكنه متهم بالاعتزال.
وأما أبو العلاء الهَمَذَانيّ فقال: كان مُتَعَصِّبًا للحنابلة، سيفًا على الْأَشْعَرِيِّ.
مات فِي المحرَّم.(10/226)
153 - مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عليّ، أبو الْحَسَن العلويّ الحُسينيّ، البلْخيّ، [المتوفى: 465 هـ]
شيخ العلويين ببلخ، وخراسان.
له "ديوان" شعر مشهور. وقد حدَّث عن عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد العاصمي صاحب الخطابي.
ومن نثره: معاداة الأغنياء من عادات الأغبياء. الغنيّ مُعان، ومن عادى مُعانًا عادَ مُهانًا. ليس للفُسُوق سُوق، ولا للرياء رُواء.
وعَلَّقْت من شعره.(10/226)
154 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصمد ابن المهتدي بالله أبي إسحاق محمد ابن الواثق بالله هارون ابن المعتصم ابن الرشيد. الخطيب أبو الحُسَين العباسي الهاشمي الْبَغْدَادِي، المعروف بابن الغَرِيق. [المتوفى: 465 هـ]
سيّد بني العباس فِي زمانه وشيخهم. [ص:227]
سمع الدَّارَقُطْنِيّ، وابن شاهين وهو آخر من حدَّث عنهُما، وعليّ بْن عمُر الحربي، ومحمد بْن يوسف بْن دُوَسْت، وأبا القاسم بْن حبابة، وأبا الفتح القواس، وطائقة.
وله "مشيخة" فِي جُزْءين.
قال أبو بَكْر الخطيب: وُلِد فِي ذي القعدة سنة سبعين وثلاثمائة، فِي مستهلَّه. وكان ثقة نبيلًا. ولي القضاء بمدينة المنصور، وهو ممّن شاع أمرُه بالعبادة والصّلاح، حَتَّى كان يُقَالُ له: راهب بني هاشم. كتبتُ عَنْهُ.
وقال ابن السمعاني: جازَ أبو الْحُسَين قَصَبَ السَّبْق فِي كلّ فضيلة عقلًا، وعِلمًا، ودينًا، وحزْمًا، ورأيا، وورعًا، ووقف عليه علو الإسناد. ورحل إليه الناس من البلاد. ثَقُل سمْعُه بأخرة، فكان يتولى القراءة بنفسه، مع عُلُوّ سِنّهِ، وكان ثقة حُجّة، نبيلًا مُكْثِرًا. وكان آخر من حدَّث عن الدَّارَقُطْنِيّ، وابن شاهين.
وقال أبو بكر ابن الخاضبة: رَأَيْت كأنّ القيامة قد قامت، وكأنّ قائلاً يقول: أين ابن الخاضبة؟ قفيل لي: أُدْخِل الجنَّة. فَلَمَّا دخلتُ البابَ، وصرتُ مِن داخل، استلقيتُ على قَفَاي، ووضعتُ إحدى رِجْلَيَّ على الأخرى وقلت: آه، استرحتُ واللهِ من النَسْخ. فرفعت رأسي، وَإِذَا ببغلة مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ فِي يد غلام، فقلتُ: لمن هَذِهِ؟ فقال: للشريف أبي الحسين ابن الغريق، فَلَمَّا كان صبيحة تلك الليلة نُعِيَ إلينا الشريف بأنه مات فِي تلك الليلة.
وقال أبو يعقوب يوسف الهَمَذَانيّ: كان أبو الحسين به طرَش، فكان يقرأ علينا بنفسه. وكان دائم العبادة. قرأ علينا حديث المَلَكَيْن، فبكى بُكاءً عظيمًا وأبكى الحاضرين.
وقال أُبَيُّ النَّرْسِيّ: كان ثقة يقرأ للناس، وكانت إحدى عينيه ذاهبة.
وقال أبو الفضل بْن خَيْرُون: مات فِي أول ذي الحجّة.
قال: وكان صَائِمَ الدّهر زَاهدًا، وهو آخر من حَدَّثَ عن الدارقطني، وابن دوست. ضابط متحر، أكثر سماعاته بخطّه. ما اجتمع فِي أَحدٍ ما اجتمع فِيهِ. [ص:228]
قَضى ستًا وخمسين سنة، وخطب ستًّا وسبعين سنة، لم تعرف له زَلّة، وكانت تلاوته للقرآن أحسن شيء.
قلت: رَوَى عَنْهُ يوسف الهَمَذَاني، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وخلق كثير آخرهم أبو الفضل مُحَمَّد بْن عُمَر الأُرْمَويّ، وآخر من روى عَنْهُ فِي الأرض بالإجازة مَسْعُود الثّقفيّ، ثمّ ظهر بُطلان الإجازة.(10/226)
155 - مُحَمَّد بْن علي بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عُثْمَان عمرو بْن مُحَمَّد بْن مُنتاب، أبو سعد الدّقّاق الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 465 هـ]
أكثر عن أَبِي عُمَر بْن مَهْدِيّ، وأبي بكر البرقاني، وأبي علي بن شاذان، وجماعة، وطلبَ بنفسه.
وكان مليح الخطّ؛ كتب عَنْهُ أبو بَكْر الخطيب، وأبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ، وتُوُفيّ فِي شوال.(10/228)
156 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الْعَزِيز، أبو يَعْلَى الْبَغْدَادِيّ، الصَّيْرفيّ، المعروف بابن حراز. [المتوفى: 465 هـ]
روى عن القاضي مُحَمَّد بْن عُثْمَان النَّصِيبيّ، عن أَبِي الطاهر الخاميّ. رَوَى عَنْهُ الحُمَيْديّ، وأبو السعود ابن المجلي.
ومات في جمادى الآخرة عن سبعين سنة.(10/228)
157 - مكّيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن المظفر، أبو يعلى ابن البصْريّ الهَمَذَانيّ. [المتوفى: 465 هـ]
روى عن أَحْمَد بْن تركان، ويوسف بْن كجّ، وغيرهما. روى عَنْهُ غير واحد، وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة بهمذان.(10/228)
158 - نصر بْن أَحْمَد، أبو الفضل الكرنكي الأمير. [المتوفى: 465 هـ]
تُوُفّي فِي رجب بسجِستان. وكان مولده فِي سنة ست وثمانين وثلاثمائة.(10/228)
159 - هَنَّادُ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن نصْر، أبو المظفَّر النَّسَفيّ. [المتوفى: 465 هـ]
ونَسَف ممّا وراء النّهر. [ص:229]
سكن بغداد، وولي قضاء بَعْقُوبا، وغيرها، وكان قد سمع وأكثر ورحل، وخرّج الفوائد. لكن الغالب على روايته الغرائب والمناكير.
قال السمعانيّ: حَتَّى كنتُ أقول متعجّبًا: لعلّه ما روى فِي مجموعاته حديثًا صحيحًا إلا ما شاء اللَّه. سمع أَبَا الحسين بْن بشران، وابن الفضل القطَّان ببغداد، وأبا عُمَر الهاشمي بالبصرة، والسُّلَميّ بنَيْسابور، والحافظ أَبَا عَبْد اللَّه الغُنْجار ببخارى، والمستغفري بنسف وكان تلميذه، وقيل: هُوَ الَّذِي سمّاه هَنَّادًا.
علّق عنه الخطيب وأشار إلى تضعيفه.
وقال ابن خَيْرُون: تُوُفّي يوم السبت ثاني ربيع الأول. ومولده فِي سنة أربعٍ وثمانين وثلاثمائة. فِيهِ بعضُ الشيء. سمعت منه. رَوَى عَنْهُ أبو علي البرداني، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وأبو مَنْصُور القزّاز، وأبو البدْر الكرْخيّ، وآخرون.
قرأتُ على أبي علي ابن الخلال: أخبركم جعفر، قال: أَخْبَرَنَا أبو طاهر السِّلفيّ، قال: أَخْبَرَنَا أبو علي البرداني، وأبو الحسين ابن الطيوري؛ قالا: أخبرنا هناد النسفي، قال: أخبرنا محمد بن أحمد غنجار، قال: حدثنا الحسن بن يوسف، قال: أخبرنا أحمد بن علي القحذواني، قال: حدثنا محمد بن أبي عمرو الطواويسي. قال: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ شَدَّادَ بْنَ حَكِيمٍ يَذْكُرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ أَنَّ اللَّهَ يَهْبِطُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الأَحَادِيثِ. قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: هَذِهِ الأَحَادِيثُ قَدْ رَوَتْهَا الثِّقَاتُ، فَنَحْنُ نَرْوِيهَا وَنُؤْمِنُ بِهَا ولا نفسرها.(10/228)
160 - يوسف بْن عليّ بْن جُبارة، أبو القاسم وأبو الحَجّاج الهُذليّ المغربي، المقرئ، [المتوفى: 465 هـ]
صاحب " الكامل فِي القراءات ".
قيل: إنه تُوُفّي فِي هَذِهِ السّنة، وقد مرَّ سنة ستِّين.(10/229)
-سنة ست وستين وأربعمائة.(10/230)
161 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن حَميل - بحاء مهملة مفتوحة - أبو عَبْد اللَّه العِجْليّ الكَرْخيّ الماسح. [المتوفى: 466 هـ]
روى عن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الصَّرْصَريّ، وعن علي بْن مُحَمَّد التهاميّ من شعره. وعنه الحميدي، وأبو علي ابن البَرَدانيّ.
قال ابن النّجّار: يُقَالُ: إنّه ألْحَقَ بخطّه اسمَه فِي أجزاء لم يسمعها، وكان مذموم السيّرة، يسكن بدرب القيّار. وُلِد سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، ومات فِي آخر جُمَادَى الآخرة غريقًا فِيمَنْ غرق.(10/230)
162 - أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد بْنُ أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد بْنُ أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد بْنُ محمود بْن أَعْيَن، أبو الْحُسَيْن بْن أَبِي جَعْفَر السِّمْناني. [المتوفى: 466 هـ]
وليَ أَبُوهُ قضاء حلب فِي سنة سبع وأربعمائة. وكان مع أَبِيه، فتفقّه على أَبِيهِ فِي مذهب أَبِي حنيفة. وتنقلت به الأحوال إِلَى أن تزوَّج قاضي القضاة أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن علي الدّامغانيّ بابنته، واستنابه فِي القضاء.
وكان حَسَن الخَلْق والخُلق، متواضعًا من ذوي الهيئات والأقدار. وُلد بسِمْنان فِي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
وكان ثقة صدوقًا. سمع ابن أَبِي مُسْلم الفَرَضي، وإسماعيل الصَّرْصَريّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الصلت المُجْبِر، وجماعة. رَوَى عَنْهُ أبو مَنْصُور القزاز، ويحيى ابن الطراح، وأبو البدر الكرْخيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عَنْه، وكان صدوقًا.
قلتُ: تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى ببغداد، وشيَّعه أرباب الدّولة. ودُفن فِي داره، ثُمَّ نقل منها إِلَى تربةٍ بشارع المنصور، ثُمَّ نُقِل منها إِلَى تُربة بالخَيْزُرانيّة. وكان يدري الكلام.(10/230)
163 - إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن تفاحة الأَزَجيّ. [المتوفى: 466 هـ]
سمع إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الصَّرْصَري، والحفار، وعنه عبد الله ابن السمرقندي. [ص:231]
كان عشاراً صاحب كبائر لا يحضر جمعة، مات فِي شوال. أرّخه شجاع.(10/230)
164 - إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أبو إِسْحَاق العَلويّ الكوفيّ. [المتوفى: 466 هـ]
شريف فاضل، نحْويّ عارف باللّغة. شَرَحَ " اللُّمَع " لابن جنّي، ومات وله ثلاثٌ وستّون، وقد سكن مصر مدّة، ونفق على أهلها. وله شعرٌ جَزْل، رَوَى عَنْهُ ابنه أبو البركات عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العَلويّ، وتُوُفّي في شوال، ودفن بالكوفة بمسجد السهلة.(10/231)
165 - جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جُماهر، أبو بَكْر الحجريُّ الطُّلَيْطِليّ المالكي الفقيه. [المتوفى: 466 هـ]
روى عن أبي محمد عَبْد اللَّه بْن دُنّين، وأبي مُحَمَّد بْن عباس الخطيب، ومحمد ابن الفخار، وخلف بن أحمد، والقاضي أبي عبد الله ابن الحذاء، وحج سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، فأخذ عن كريمة، وسمع من القُضاعيّ " شهابه "، ومن أَبِي زكريّا الْبُخَارِيّ، ولقي بالإسكندرية أَبَا علي حسن بْن مُعَافَى.
وكان حافظًا للفقه، ذكيًّا، سريع الجواب، متواضعًا. له مجلس للنّظَر والوعظ. وكانت العامّة تحبّه وتعظّمه. وكان سُنّيا فاضلًا، قصير القامة جدًّا. عاش ثمانين سنة. وازدحم الخلق على نعشه، ونادى منادٍ بين يديه: لا ينال الشَّفاعَة إلّا من أحبَّ السُّنَّة والجماعة.(10/231)
166 - الْحَسَن بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد العطّار، أبو عليّ الدّمشقيّ الشّاهد. [المتوفى: 466 هـ]
مقدَّم الشّهود بدمشق.
وكان مذمومًا. سمع الحسين بْن أَبِي كامل الأطْرابُلُسي، وغيره. رَوَى عَنْهُ الفقيه نصْر المقدسيّ، وابن الأكفانيّ.
ولِيّ شيئًا من الأمور فظلم وعَسَف.(10/231)
167 - الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي خلاد المقرئ، أبو الغنائم الْبَغْدَادِيّ البزّاز. [المتوفى: 466 هـ][ص:232]
قرأ القرآن على أَبِي الْحَسَن الحمامي، وروى عن أبي عليّ بْن شاذان. أرّخه ابن النّجّار فِي رَجَبها.(10/231)
168 - الْحَسَن بْن عُمَر بْن الْحسن بْن يُونُس، أبو عليّ الأصبهاني الحافظ. [المتوفى: 466 هـ]
ثقة مكثر، رحّال، سمع عُثْمَان بْن أَحْمَد البُرْجيّ، وابن مردوَيْه، وأبا عُمَر الهاشميّ، وأبا الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الصلت، وأبا عُمَر بْن مهديّ، والحفار. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدقاق، ومحمود بْن أَحْمَد بْن ماشاذة، وأبو سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ثابت الخُجَنْدِيّ.
تُوُفّي فِي ذي القعدة. وآخر مَن روى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن عليّ الحماميّ.(10/232)
169 - الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مظفّر بْن أحمد بن أبي حريصة الهمذاني الدّمشقي، الفقيه المالكيّ الشّاهد. [المتوفى: 466 هـ]
سمع أَبَا مُحَمَّد بْن أَبِي نصر، وأبا نصر عَبْد الوهّاب ابن الجبّان، وجماعة. رَوَى عَنْهُ عَبْد القادر بْن عبد الكريم، وهبة الله ابن الأكفاني وقال: كان يذهب مذهب الأشعري.(10/232)
170 - الْحُسَيْن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُمَيْر، أبو علي، [المتوفى: 466 هـ]
أخو أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد العُمَيْريّ الهَرَويّ.
سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي شُرَيْح، ورافع بْن عُصم، وأبا عليّ الخالدي، وغيرهم.(10/232)
171 - زكريا بْن غالب، أبو يحيى الفِهْريّ الأندلسي القاضي. [المتوفى: 466 هـ]
روى عن أَبِي مُحَمَّد بْن دُنّين، وخَلَف بْن عَبْد الغفور، وأبي عَبْد اللَّه ابن الفخّار، ورحل فسمع من أَبِي ذَرّ الهَرَويّ.
قال ابن بشكوال: أخبرنا عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه المعدّل، وأثنى عليه.(10/232)
172 - شجاع بْن عليّ المصقلي. [المتوفى: 466 هـ][ص:233]
مات فيها. وقيل: سنة سبع.(10/232)
173 - عَائِشَة بِنْت الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم، أمّ الفتح الوَرْكانيّة، الأصبهانية الواعظة [المتوفى: 466 هـ]
ووَرْكان محلّة بإصبهان.
سَمعتُ مُحَمَّد بْن أَحمد بْن جَشْنِس صاحب ابن صاعد، وعبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن شاه، ومحمد بْن إِسْحَاق بْنُ منده الْحَافِظُ، وجماعة. رَوَى عَنْهَا أَبُو عَبْد الله الخلال، وسعيد بْنُ أَبِي الرجاء، وإسماعيل بْنُ مُحَمَّد بْنُ الفضل الحافظ.
إن لم تكن تُوُفّيت فِي هَذِهِ السنة، وإلا توفيت بعدها بيسير.
قال أبو سَعْد السَّمعاني: سألتُ عَنْهَا إِسْمَاعِيل الحافظ فقال: امرأة صالحة عالمة تَعِظ النساء، وكتبت بخطّها أمالي ابن مَنْدَهْ عَنْهُ. وهي أول من سمعت منها الحديث. نفذني أَبِي للسّماع منها. قال: وكانت زاهدة.
قلت: آخر من روى عَنْهَا إِسْمَاعِيل الحماميّ، ومن الرُّواة عَنْهَا: مُحَمَّد بْن حمْد الكِبْريتيّ.(10/233)
174 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن سِنان، أبو مُحَمَّد الحلبيّ الخَفَاجي، [المتوفى: 466 هـ]
الشاعر المشهور، صاحب " الدّيوان ".
أَخَذَ الأدب عن أَبِي العلاء بْن سُلَيْمَان، وأبي نصر المنازي، وتُوُفّي بقلعة عَزَاز.(10/233)
175 - عَبْد اللَّه بْن محمود، أبو عليّ البَرْزيّ الفقيه الشافعي. [المتوفى: 466 هـ]
من علماء دمشق. كان يحفظ " المُزَنيّ ". سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نَصْر. رَوَى عَنْهُ ابن الأكفاني.(10/233)
176 - عبد الله بن مُفوَّز بن أحمد بْن مُفَوّز، الْإِمَام أبو مُحَمَّد المَعَافِريّ، [المتوفى: 466 هـ]
زاهد الأندلس. أخو طاهر بْن مفوّز الحافظ، وحيْدرة بْن مفوّز المعبّر. [ص:234]
كان عجْبًا فِي الزُّهد والتّقّلل والخير، مع البراعة فِي الفقه وجودة العربية.
تُوُفّي فِي شاطبة. وكانت جنازته مشهودة.
وأمّا جدُّهم: مفوّز بْن عَبْد اللَّه بْن مفوز بن عقول، فهو أبو عَبْد اللَّه الزّاهد. ويُسمى أيضًا محمدًا. سمع من وهْب بْن مَسَرّة بقُرْطُبة. وكتبَ بالقيروان عن أَبِي العبّاس بْن أَبِي العرب التميميّ.
قال طاهر بْن مُفَوَّز الْحَافِظُ: كان منقطع القرين فِي الزُّهد والعبادة، متقلّلًا من الدنيا، وعُرِف بإجابة الدعوة. سمع الناس منه كثيراً. توفي سنة عشر وأربعمائة، أو أوّل سنة إحدى عشرة، وقد قارب المائة. وكانت جنازته مشهودة.(10/233)
177 - عَبْد الحقّ بْن مُحَمَّد بْن هارون، أبو مُحَمَّد السَّهْميّ الصَّقَلّي، الفقيه المالكي. [المتوفى: 466 هـ]
أحد علماء المغرب. تفقَّه علي أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي عِمْرَانَ الفاسي، وعبد اللَّه الأَجدابيّ، وحجّ فَلَقِي الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ صَاحِبَ " التَّلْقِينِ "، وأبا ذَرّ الهَرَويّ، وجالس بمكّة بعد ذلك إمام الحرمين أَبَا المعالي، فباحثه وسأله عن أشياء ألّفها، وهي مصنَّف معروف.
وكان مليح التصنيف. له كتاب " النُّكَت والفروق لمسائل المدوَّنة "، وصنَّف أيضًا كتابًا كبيرًا سمّاه " تهذيب الطّالب "، وله استدراك على " مختصر البَرَاذِعيّ ". وصنف " عقيدةً ".
توُفّي بالإسكندرية.(10/234)
178 - عَبْد الْعَزِيز بن أحمد بن محمد بن علي بن سُلَيْمَان. المحدِّث أبو مُحَمَّد التميمي الكتاني الصُّوفيّ. [المتوفى: 466 هـ]
مفيد الدَّماشقة.
سمع الكثير، ونسخ ما لا ينحصر. وله رحلة ومعرفة جيّدة. سمع صَدَقَة بْن مُحَمَّد بْن الدَّلم، وتمام بْن مُحَمَّد الرازي، وأبا نصْر بْن هارون، وعبد الوهّاب المُرِّيّ، وابن أَبِي نصر، وخلْقًا كثيرًا بدمشق حتى سمع من [ص:235] أقرانه، ورحل فسمع ببَلَدَ من أَحْمَد بْن خليفة بْن الصّبّاح، وأخيه مُحَمَّد جزءًا من حديث عليّ بْن حرب، وسمع ببغداد من أَبِي الحسن الحمامي، وعلي بن داود الرزاز، والحرفي، ومحمد بْن الرُّوزْبَهَان، وسمع بالموصل، ونصيبين ومَنْبج، وأماكن.
رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر الخطيب، والحُمَيْديّ، وعمر الرواسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو محمد ابن الأكفاني، وعبد الكريم بْن حَمْزَة، وإسماعيل بْن أَحْمَد السَّمَرْقَنْدي، وأحمد بْن عقيل الفارسي، وأبو الفضل يحيى بْن علي القُرَشي، وطائفة سواهم.
ولد سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. وبدأ بالسماع في سنة سبع وأربعمائة.
قال ابن ماكولا: كتبَ عنّي وكتبتُ عَنْه، وهو مكثر متقن.
وقال الخطيب: هو ثقة أمين.
وقال ابن الأكفاني: هو صدوق مستقيم، سليم المذهب مداوم الدّرس للقرآن. وذكر لي أن شيخه أَبَا القاسم عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد الأزهريّ سمع منه ببغداد، وكان قد رحل إليها فِي سنة سبع عشرة وأربعمائة.
وتُوُفيّ فِي العشرين من جُمَادَى الآخرة.
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي: قال لنا أبو محمد ابن الأكفاني: دخلنا على الشَّيْخ أَبِي مُحَمَّد عَبْد الْعَزِيز الكتانيّ فِي مرض موته، فقال: أَنَا أُشْهدُكم أَني قد أجزتُ لكل مَنْ هُوَ مولودٌ الآن فِي الْإِسْلَام يشهد أنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّه. [ص:236]
قلت: روى عَنْهُ بهذه الإجازة غير واحدٍ، منهم: محفوظ بْن صَصْرى التَّغْلبيّ.(10/234)
179 - عَبْد الغافر بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن خَلَف بْن جبريل، أبو الفُتُوح الألمعي الكاشْغَرِيّ. [المتوفى: 466 هـ]
سمع أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر الخطّابي، وعمّه عُثْمَان الكاشغَري، وأبا بَكْر الطُّرَيْثيثيّ، ومحمد بْن عَبْد الملك الدندانقاني، وأبا جعفر ابن المسِلمة، وجماعة كثيرة من أمثالهم بالعراق، وخُراسان.
رَوَى عَنْهُ هبة اللَّه بْن الفَرَج الهَمَذَاني، ومحمد بْن أَبِي القاسم الغولْقاني المَرْوَزيّ.
وكان فَهْمًا ذكيًّا، عارفًا بالحديث واللغة، حافظًا. مات في أيام طلبه، وعاش أبوه بعده مُدّةٍ.(10/236)
180 - عَبْد الكريم بْن عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف، أبو محمد ابن الشَّيْخ أَبِي عَمْرو العِجْليُّ الْبَغْدَادِيّ المالكي، ويعرف أيضًا بابن الشَّوْكيّ. [المتوفى: 466 هـ]
من ساكني باب الشّام.
كان زاهدًا عابدًا منقطعًا مُعَمَّرًا. ذا سَمْت وهيبة. سمع أَبَا الْحَسَن بْن الصلت الأهوازي، وأحمد بْن عَبْد اللَّه السَّوْسَنْجِرديّ. سمع منه مكّيّ الرُّمَيْلي، وغيره.(10/236)
181 - عليّ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه، قاضي القضاة أبو الْحَسَن الحَفْصُويي المَرْوَزِيّ الفقيه. [المتوفى: 466 هـ]
تُوُفّي ببلاد الروم فِي رجب.(10/236)
182 - علي بن علي بن عمر بْن بكرون، الفقيه أبو طَالِب النَّهْرواني، [المتوفى: 466 هـ]
قاضي النَّهْروان.
حَكى عن المُعَافَى الْجَرِيري، وبقي إِلَى جُمَادَى الأولى من هَذِهِ السّنة. رَوَى عَنْهُ الحميدي، وأبو البركات ابن السَّقَطيّ.
عاش سبعا وثمانين سنة.(10/236)
183 - عليّ بْن مُوسَى بْن مُحَمَّد، أبو سعد السُّكَّريّ النَّيْسابوريّ الحافظ الفقيه. [المتوفى: 466 هـ][ص:237]
سمع كثيرًا من أصحاب الأصم، وجمع وصنف، وأدركته المَنِية كهْلًا، وقد خرَّج خمسة أجزاء للكَنْجَرُوذي سمعناها. رَوَى عَنْهُ عَبْد الغافر.(10/236)
184 - زعيم المُلْك، الوزير الكبير أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن عبد الرحيم العراقي. [المتوفى: 466 هـ]
وزر للملك أَبِي نَصْر خسرو بْن أبي كاليجار ابن سلطان الدّولة البُوَيْهيّ بعد هلاك أَخِيهِ كمال الملك هبة الله سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، ثمّ لمّا غلب البساسيريّ على بغداد دخل زعيم المُلْك على يمينه، وكان يحترمه ويخاطبه بمولانا. ثمّ إنّه فرَّ إِلَى البَطِيحة، وبقي إلى أن مات سنة ست وستين وأربعمائة، وله سبعون سنة.(10/237)
185 - عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر، أبو القاسم البَغَويّ. [المتوفى: 466 هـ]
قال شيروَيْه الهَمَذَانيّ: قدِم علينا فِي رمضان سنة ستٍّ وستين، فروى عن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز النِّيلي، وعليّ بْن مُحَمَّد الطّرّازي، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الْحَارِث الأصبهاني، وأبي حسّان مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر، وجماعة، وسمعت ثلاثة مجالس من أماليه، وحضرَ مجلسه مشايخ هَمَذان. وكان مِن عمّال الظَّلَمة.(10/237)
186 - عُمَر بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن اللّيث، أبو مُسْلِم اللَّيْثيّ البخاري الجيراخشتي، [المتوفى: 466 هـ]
وهي قرية ببُخَاري.
كان أحد الحفاظ الرحّالة. نزل إصبهان فِي الآخر. وحدَّث عن عبد الغافر الفارسي، وأبي عُثْمَان الصابوني، وجماعة. رَوَى عَنْهُ أبو عَبْد اللَّه الدّقّاق فأكثر، والحسين بْن عَبْد الملك الخلال، ومحمد بْن أَبِي الرجاء الصّائغ.
قال السِّلَفيّ: سَأَلت الحَوْزي عن أَبِي مُسْلِم اللَّيْثيّ فقال: قدِم علينا فِي سنة تسعٍ وخمسين وقال: كتبتُ وكُتب لي عشْرُ رواحل. وقد سَأَلت عَنْهُ ابن الخاضبة فأثنى عليه وقال: كان له أنسٌ بالصّحيح. وأبو طاهر بركة بْن حسّان يقول: ناظرتُ أَبَا الْحَسَن المَغازليّ فِي التفضيل بين مالك والشافعي، [ص:238] ففضّلت الشافعي، وفضَّلَ مالكًا، وكان مالكيا، وأنا شافعي فاحتكمنا إِلَى أَبِي مُسْلِم اللَّيْثي، ففضّل الشافعي، فغضب المَغَازِليّ وقال: لعلّك على مذهبه؟ فقال: نَحْنُ أصحاب الحديث، الناسُ على مذاهبنا، ولسنا على مذهب أحد. ولو كنَّا ننتسب إِلَى مذهب أحد لقيل: أنتم تضعون له الحديث.
وكان أبو مُسْلِم من بقايا الحفاظ. ذُكِر لإسماعيل بْن الفضل فقال: له معرفة بالحديث. سافَرَ الكثير وسمع، وأدرك الشيوخ.
وذكره أبو زكريا يحيى بن منده فقال: أحد من يدعي الحفظ والإتقان والمعرفة، إلا أنه كان يُدلس. وكان متعصّبًا لأهل البدع، أحول، شرها، وقاحا، كلّما هاجت ريحٌ قام معها. صنَّف " مُسْنَد الصحيحين "، وخرج إِلَى خُوزستان فمات بها.
قال السمعاني: أبو مُسْلِم خرج على عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عُبد اللَّه بْن مَنْده عم يحيى، وكان يُردّ عليه.
وقال الدّقّاق: وَرَدَ أبو مُسْلِم إصبهان، فنزل فِي جوار الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن، وتزوّج ثَم، وأحسن إليه الشَّيْخ. ثُمَّ فارقه وخرج على الشَّيْخ وأفرط، وبالغ فِي سفاهته، وطاف فِي المساجد والقُرى، وشنَّع عليه، وسمّاهُ " عدوّ الرَّحْمَن "، ليأخذ منهم الشيء الحقير التّافه، وكان ممّن يعرف علم الحديث والصحيح، وجمع بين " الصحيحين " في دفاتر كثيرة اشتريتها من تَرِكته لا من بَرَكته.
ورّخه ابن مَنْدَهْ، أعني يحيى، فِي هَذِهِ السّنة.(10/237)
187 - قاسم بْن سَعِيد، أبو الفضل الهَرَويّ القطَّان. [المتوفى: 466 هـ]
سمع أبا علي الزهري.(10/238)
188 - مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه، أَبُو سهْل الحفصيّ المَرْوَزِيّ. [المتوفى: 466 هـ]
روى " صحيح البخاريّ " عن أبي الهيثم الكشميهني، وحدث به بمرو، وبنيسابور، وكان رجلاً مباركاً من العوام. أكرمه نظام الملك ووصله، روى عنه إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن، وأبو حامد الغزالي، وهبة الرحمن [ص:239] القشيري، وعبد الوهاب بْن شاه الشاذياخي، ووجيه الشحامي، وآخرون حدثوا عنه " بالصحيح ".
توفي بمرو.
وقال أبو سعد السمعاني: لم يحدث " بالصحيح " بمرْو، وحمله النظام إِلَى نيسابور، فحدَّث " بالصحيح " فِي النّظامية. وسمع منه عالم لا يُحْصَوْن، وانصرف فِي سنة خمسٍ وستين، وفيها مات. وهو مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن سَعِيد بْن حفص.(10/238)
189 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أسد، أبو زَيْدُ الهَرَويّ الفقيه الحنفي، [المتوفى: 466 هـ]
قاضي هَرَاة وعالمها ومفتيها.
روى عن أَبِي الْحَسَن الديناري، والقاضي أَبِي مَنْصُور الأزْديّ.(10/239)
190 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عليّ، أبو بَكْر الأصبهاني العطّار الحافظ مُستملي الحافظ أَبِي نُعَيْم. [المتوفى: 466 هـ]
قال أبو سعْد السمعانيّ: هُوَ حافظ عظيم الشأن عند أَهْل بلده، أملى عدّة مجالس. سمع أَبَا بَكْر بْن مردوَيْه، وأبا سَعِيد النّقّاش، وهذه الطّبقة بإصبهان، وأبا عُمَر الهاشمي، وعليّ بْن القاسم النّجّاد، بالبصرة، والحرفي، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة ببغداد. حدَّث عَنْهُ سَعِيد بْن أَبِي الرجاء، والحسين بْن عَبْد الملك الأديب، وإسماعيل بْن عليّ الحمامي، وفاطمة بِنْت مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ.
وقال الدّقّاق: كان من الحفاظ يملي من حِفظه.
تُوُفّي فِي صَفَر.(10/239)
191 - مُحَمَّد بْن سلطان بْن مُحَمَّد بْن حيُّوس، الفقيه أبو المكارم الغَنَويّ الدّمشقيّ الفَرَضي، [المتوفى: 466 هـ]
أخو الأمير الشّاعر أَبِي الفتيان مُحَمَّد.
سمع من خاله أبي نصر ابن الْجُنْدي، وأبي مُحَمَّد بْن أَبِي نصْر التميمي. رَوَى عَنْهُ الخطيب، وأبو نصر بْن ماكولا، وأبو الفتيان الرواسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو محمد ابن الأكفاني، وقال: كان مستخلفًا مِن قبل الحكام [ص:240] على الفروض والتزويجات. قال: وكان دينًا حسن الطريقة، أوحدَ زمانه فِي الفرائض.
مات فِي سلْخ ربيع الآخر.(10/239)
192 - مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد، القاضي أبو نصْر الحنفي [المتوفى: 466 هـ]
قاضي عُكْبَرَا.
ذكره ابن السمعاني فقال: أحد أجِلَّاء الزّمان وعُظَمائهم وألِبّائهم. سمع هلال بْن عُمَر الصريفيني، وابن دُوسْت العلّاف. سمع منه جماعة من الحفاظ، وتُوُفّي بعُكْبَرا فِي ربيع الأول.
وقال غيره: تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وسمع أَبَا أَحْمَد الفَرَضيّ. رَوَى عَنْهُ ابنه أبو الْحَسَن، ومكّيّ الرُّمَيْليّ.(10/240)
193 - مُحَمَّد بْن قاسم بْن مَسْعُود الطُّلَيْطِليّ، أبو عَبْد اللَّه. [المتوفى: 466 هـ]
روى عن أبي عبد الله ابن الفخار وابن العَشَاريّ. وكان فقيهًا مشاوَرًا.
تُوُفّي فِي رمضان.(10/240)
194 - المسلّم بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن، أبو الفضل. ويقال أبو الغنائم الْأَنْصَارِيّ الكعكيّ الحلاويّ الدّمشقيّ. [المتوفى: 466 هـ]
سمع أَبَا مُحَمَّد بْن أَبِي نصر. رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر الخطيب وهو أكبر منه، وعمر الدّهستاني، وجمال الْإِسْلَام أبو الحسن السُّلَميّ.
تُوُفّي في رمضان.(10/240)
195 - نوح بن منصور الشاشي، الفقيه. [المتوفى: 466 هـ]
يروى عن أبي بكر الحيري، وغيره.(10/240)
196 - يعقوب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أبو بَكْر النيسابوري الصيرفي. [المتوفى: 466 هـ]
شيخ محتشم، ثقة، مسند، سمع أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وأبا نُعَيْم أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأزهري، وأبا عَبْد اللَّه الحاكم، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ أبو عَبْد اللَّه الفُراوي، وزاهر ووجيه ابنا الشحامي، [ص:241] وإسماعيل بْن أَبِي صالح المؤذّن، وهبة الرَّحْمَن ابن القُشَيْريّ.
ترجمه ابن نقطة، وغيره. تُوُفيّ فِي سابع ربيع الأوّل.
وثّقه ابن السمعاني، وغيره.(10/240)
-سنة سبع وستين وأربعمائة.(10/242)
197 - أَحْمَد بْن أَبِي نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، الشَّيْخ أبو بَكْر الكوفاني الهَرَوِيّ الصَّوفي، ويُعرف بكاكو. [المتوفى: 467 هـ]
رحل، وسمع بمصر من أبي محمد ابن النحاس جزءاً، رواه عَنْهُ أبو الوقت السجزيّ.
توفي فِي ربيع الأول.(10/242)
198 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْن يعقوب بْن دَاوُد، أبو عُمَر ابن الحذاء، [المتوفى: 467 هـ]
مَوْلَى بني أمية.
قرطبي، مشهور، مُكثر عن والده الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه، ندبه أبوه صغيرًا إِلَى طلب العلم والسماع. فأخذ عن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أسد، وعن سَعِيد بْن نصر، وعبد الوارث بْن سُفْيَان، وأبي القاسم عبد الرحمن الوهراني. وهؤلاء من كبار شيوخ ابن عَبْد البر. أدرك أبو عُمَر بهم درجة أَبِيهِ، وأول سماعه فِي حدود سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، ونزح عن قرطبة فِي الفتنة، فسكن سرقسطة، والمرية، وولي القضاء بطليطلة، ثُمَّ بدانية. ثُمَّ رد فِي الآخر إِلَى قرطبة، وإشبيلية. رَوَى عَنْهُ أبو عليّ الغساني، وخلق كثير.
وكان حسن الأخلاق، موطأ الأكناف، كيسًا عالمًا، سريع الكتابة.
ولد سنة ثمانين وثلاثمائة. وتوفي فِي ربيع الآخر، ومشى فِي جنازته المعتمد على اللَّه راجلًا، وكان أسند من بقي بأقطار الأندلس في زمانه.(10/242)
199 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُكْرَم، أبو حامد العطّار. [المتوفى: 467 هـ]
توفي بخراسان فِي رمضان، وله أربعٌ وثمانون سنة. سمع أَبَا الْحُسَيْن العلوي، وأبا بَكْر بْن عبدوس. وحدّث.(10/242)
200 - إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أسود، أبو إِسْحَاق الغساني الأندلسي البجاني. [المتوفى: 467 هـ]
سمع أَبَا القاسم عَبْد الرَّحْمَن الوهراني، والمهلب بْن أَبِي صُفْرة، وأبا الْوَلِيد بْن مِيقُل، وكان مشهورًا بالعلم والفهم والصلاح.
ذكره ابن مدير، حكاه ابن بشكوال عَنْهُ.(10/243)
201 - إِبْرَاهِيم بْن شكر بْن مُحَمَّد بْن عليّ، أبو إِسْحَاق العثماني الْمَصْرِيّ المالكي الواعظ، [المتوفى: 467 هـ]
نزيل دمشق.
قدمها شابًا فسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن ياسر، وعبد الرَّحْمَن بْن الطُّبَيز، ومحمد بْن عوف، وصالح بْن أَحْمَد الميانجي، وجماعة، ثُمَّ سافر إلى العراق سنة بضع وعشرين وأربعمائة فذكر أنه سمع من أَبِي القاسم بْن بشران.
وكان ضعيفًا مُتَّهمًا. قيل: إنه ادعى السماع من هبة اللَّه بْن سلامة المفسر. رَوَى عَنْهُ غيث الأرمنازي، وأبو الْحَسَن علي بْن أَحْمَد بْن قبيس، وغيرهما.
توفي بدمشق في ذي الحجة.(10/243)
202 - الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُوسَى، الشَّيْخ أبو مُحَمَّد الغَنْدَجاني، [المتوفى: 467 هـ]
شيخ واسط ومسندها فِي زمانه، وغندجان من كور الأهواز.
رحل وسمع مع ابن عمه أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهاب الغَنْدَجانيّ من أَبِي حَفْص الكتاني، والمخلص، وغيرهما، وعنه مُحَمَّد بْن عليّ الجلابي، وأهل واسط.
قال السمعاني: ولد ببغداد، وأقام بالأهواز مدة، وكان ثقة صدوقًا.
وقال خميس: هُوَ جليل، نبيل، صدوق. فارق بغداد بعد الثلاثين وأربعمائة وأقام بواسط متديراً لها.
وقال السمعاني: ولد فِي شوال سنة ثلاثٍ وثمانين، ومات بواسط سنة سبع هَذِهِ.(10/243)
203 - الْحسَن بْن عَبْد الودود بْن عبد المتكبر، أبو علي ابن المهتدي بالله، [المتوفى: 467 هـ]
خطيب جامع المنصور.
سمع أَبَا القاسم عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الصيدلاني. رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر الخطيب، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وأبو محمد ابن الطراح.
وكان نبيلًا متواضعًا، طريفًا، له أُبَّهَة.(10/244)
204 - الْحُسَيْن بْن عليّ، أبو عَبْد اللَّه السجستاني، الخازن. [المتوفى: 467 هـ]
شيخ صالح، سمع بدمشق من ابن سلوان، وأبي عليّ الأهوازي. رَوَى عَنْهُ وجيه الشحامي.
توفي بهراة.(10/244)
205 - زَيْدُ بْن عليّ، أبو القاسم الفارسي النحوي اللغوي. [المتوفى: 467 هـ]
توفي بأطرابلس الشام.(10/244)
206 - شاذي بْن عَبْد اللَّه الأرمني. [المتوفى: 467 هـ]
سمع أَبَا عبد الله الجرجاني. توفي بيزد فِي جمادى الآخرة.(10/244)
207 - شجاع بْن علي بْن شجاع، أبو مَنْصُور المصقلي الأصبهاني الصوفي. [المتوفى: 467 هـ]
طلب وسمع الكثير من أَبِي عَبْد اللَّه بْن منده، وأبي جَعْفَر الأبهري. وأحمد بْن يوسف الخشاب.
قال يحيى بْن منده: هُوَ كثير السماع، معروف بالطلب. مات فِي المحرم.
قلت: رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَبْد الملك، وأبو طاهر مُحَمَّد بْن أَبِي نصر بْن أَبِي القاسم المعروف بهاجر، ومحمود بْن محمد بن ماشاذة، وآخرون.
وأخوه:(10/244)
208 - أبو زَيْدُ أَحْمَد بْن علي. [المتوفى: 467 هـ][ص:245]
يروي عن أَبِي عُمَر السلمي، وطبقته. رَوَى عنه غانم بن خالد.(10/244)
209 - عَبْد اللَّه أمير المؤمنين القائم بأمر اللَّه، أبو جعفر ابن القادر بالله أبي العباس أحمد ابن ولي العهد إسحاق ابن المقتدر بالله أبي الفضل جعفر ابن المعتضد، الهاشمي العباسي. [المتوفى: 467 هـ]
ولد فِي نصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وبويع بالخلافة بقبة الْإِسْلَام مدينة السلام بغداد يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة. وأمه أم ولد اسمها بدر الدجي الأرمنية، وقيل: اسمها قطر الندى، كذا سماها الخطيب. أدركت خلافته، وعاشت بعدها ثلاثين سنة.
بويع عند موت والده القادر، وكان ولي عهده فِي حياته، وهو الَّذِي لقبه بالقائم بأمر اللَّه.
قال ابن الأثير: كان جميلًا، مليح الوجه، أبيض. مشرباً حمرة، حسن الجسم، ورعاً، دينا، زاهدًا، عالمًا، قوي اليقين بالله، كثير الصدقة والصبر، له عناية بالأدب، ومعرفة حسنة بالكتابة. ولم يكن يرضى أكثر ما يكتب من الديوان، وكان يصلح فِيهِ أشياء، وكان مؤثرًا للعدل والإحسان وقضاء الحوائج، وكان لا يرى المنع من شيءٍ يطلب منه.
قال: وكان سبب موته أنه أشرى فافتصد ونام، فانفجر فصاده وخرج منه دم كثير، فاستيقظ وقد ضعف وسقطت قوته، فأيقن بالموت، وطلب ولي العهد ووصاه، ثُمَّ توفي رحمه اللَّه.
وحكى الْحَسَن بْن مُحَمَّد القيلويي فِي " تاريخه " قال: ولما رجع الخليفة إِلَى داره، يعني نوبة البساسيري، لم يتجرد من ثيابه للنوم إِلَى أن مات، ولا نام على فراش غير مصلاه. وكان يصوم، فيما حكي عَنْه، أكثر [ص:246] الزمان، ويقوم الليل، وعفا عن كل من عرفه بفساد وأحسن إليه، ومنع من أذية من أذاه.
قال السلفي: حَدَّثَنِي عَبْد السلام بْن على القيسراني المعدل بمصر، قال: حَدَّثَنِي شيوخ بغداد أن القائم لم يسترد شيئًا مما نهب من قصره إلا بالثمن، ويقول: هَذِهِ أشياء احتسبناها عند اللَّه. وأنه منذ خرج من مقر عزه ما وضع رأسه على مخدة. وحين نهبوا قصره لم يجدوا فِيهِ شيئًا من آلات الملاهي.
قال الخطيب فِي "تاريخه": ولم يزل أمره مستقيمًا إِلَى أن قبض عليه فِي سنة خمسين. وكان السبب فِي ذلك أن أرسلان التركي البساسيري كان قد عظم أمره واستفحل شأنه، لعدم نُظرائه، وانتشر ذِكره، وتهيَّبته أمراء العرب والعجم، ودعي له على المنابر، وجبى الأموال، وخرب القُرى. ولم يكن القائم يقطع أمرًا دونه. ثُمَّ صحَّ عنده سوء عقيدته، وشهد عنده جماعة أن البساسيري عرَّفهم وهو بواسط عزْمه على نْهب دار الخلافة، والقبض على أمير المؤمنين، فكاتب الخليفة أَبَا طَالِب مُحَمَّد بْن ميكال سلطان الغُزّ المعروف بطُغْرُلْبَك، وهو بالرِّيّ، يستنهضه فِي القدوم. ثُمَّ أُحرقت دار البساسيري، وقدِم طُغْرُلْبَك فِي سنة سبعٍ وأربعين، فَذَهب البساسيري إِلَى الرحْبة، وتلاحق به خلْق من الأتراك، وكاتَبَ صاحب مصر، فأمدّه بالأموال، ثُمَّ خرج طُغْرُلْبَك بعد سنتين إِلَى نصيبين، ومعه أخوه ينال فِي سنة خمسين، فخالف عليه أخوه، وسار بجيش عظيم وطلب الرّي، وكان البساسيري قد كاتبه وطمعه بمنصب أَخِيهِ طُغْرُلْبَك، فسار طُغْرُلْبَك فِي أثر أَخِيه، فتفرَّقت عساكره، وتواقَع هُوَ وأخوه بهَمَذان، فظهر عليه ينال وحصَره بهمذان. فعزم الوزير الكُنْدُري والخاتون زَوْجَة طُغْرُلْبَك وابنها على نجدة طُغْرُلْبَك، فاضطرب أمر بغداد، وأرجفوا بمجيء البساسيري، فبطل عزم الوزير، فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها، ففرا إلى الجانب الغربي، وقطعا الجسر، فنهبت دُورهما، ومضَتْ هِيَ بجمهور الجيش نحو هَمَذان، وخرج ابنُها والوزير نحو الأهواز. فلما كان في ذي القعدة وصل البساسيري إِلَى الأنبار، ولم يحضر الخطيب يوم الجمعة، ونزلوا من المئذنة، فأخبروا أنهم رأوا عسكر البساسيري. وصلى [ص:247] الناسُ ظُهْرًا. ثُمَّ وَرَدَ من الغد من عسكره مائتا فارس، فَلَمَّا كان يوم الأحد دخل البساسيري بغداد ومعه الرايات المصرية، فضرب مخيمه على دجلة، وأجمع أَهْل الكرْخ والعوام من الجانب الغربي على مُضافَرة البساسيري. وكان قد جمع العيارين وأهل الرساتيق، وأطمعهم فِي نهب دار الخليفة، والناسُ إذ ذاك فِي قَحْط، وبقي القتال كل يومٍ بين الفريقين فِي السُّفن، فَلَمَّا كان يوم الجمعة المقبلة دُعي لصاحب مصر بجامع المنصور، وزِيد في الأذان "حي على خير العمل"، وأصلحوا الجسر، وعَبَرَ الجيش، فنزلوا بالزاهر، وكفوا عن المحاربة أيامًا. وخندّق الخليفة حول داره، وأصلح سُورَها. ثُمَّ حشد البساسيري أَهْل الكرْخ وغيرهم، ونهضَ بهم إِلَى حرب الخليفة، فتحاربوا يومين، وقُتل قتلى كثيرة.
وَفِي اليوم الثالث أتى البساسيري وجُموعه نحو دار الخليفة، وأحرقَ الأسواق بنهر مُعَلَّى، ووقع النَّهْب، وأحاطوا بدار الخلافة، وأُخذ منها ما لا يُحصى. ووجَّه الخليفة إِلَى قُرَيْش العُقَيْليّ البدوي، وكان قد جاء ناصرًا للبساسيري، فأذم للخليفة فِي نفسه، ولقيه فقبَّل بين يديه الأرض، وخرج الخليفة معه من الدار راكبًا وبين يديه رايةٌ سوداء، والأتراك بين يديه. ثُمَّ نزل بمخيمٍ ضُرِب له بأمر قريش. وقبض البساسيري على الوزير وعلى القاضي الدامغاني، وجماعة، وقيد الوزير والقاضي. فَلَمَّا كان يوم الجمعة من ذي الحجة، خطب لصاحب مصر فِي كل الجوامع إلا جامع الخليفة. ولما كان يوم عَرَفَة بُعِث الخليفة إِلَى عانة على الفُرات، وحُبِس هناك. وشهِّر الوزير فِي أواخر الشهر على جملٍ وطِيف به. ثُمَّ صلب حياً، وهو أبو القاسم ابن المسلمة. ثُمَّ جعلوا فِي فكَّيْه كلوبين من حديد، فمات ليومه. وأُطْلِق قاضي القضاة.
وأما طُغْرُلْبَك فظفر بأخيه وقتله. وكاتب متولي عَانَة فِي رد الخليفة إِلَى داره مُكْرَمًا. وذُكر لنا أن البساسيري عزم على ذلك لما بلغه أن طُغْرُلْبَك متوجه إِلَى العراق. وحصل الخليفة فِي مقر عزّه فِي الخامس والعشرين من ذي القعدة من سنة إحدى وخمسين. ثُمَّ جهز طُغْرُلْبَك جيشًا، فحاربوا البساسيري بِسَقي الفُرات، وظفروا به فقُتل وحمل رأسُه إِلَى بغداد.
وقال أبو الحسن عليّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السّلام الكاتب: سمعتُ الأستاذ [ص:248] أَبَا الفضل مُحَمَّد بْن علي بْن عامر قال: دخلنا فِي يومنا هَذَا إِلَى المخزن، فلم يبق أحد لقيني إلا وأعطاني قصَّة، فامتلأ كمي بالرقاع، فلما رَأَيْت كَثْرَتَها قلتُ: لو كان القائم بأمر اللَّه أخي لأَقلَّ المراعاة لي ولضجر مني. وألقيتها فِي بركة. وكان القائم ينظر وأنا لا أعلم، فَلَمَّا وقفت بين يديه أمر بأخذ الرقاع من البركة وبُسِطت فِي الشمس، ثُمَّ حُمِلت إليه، ووقَّع على الجميع. ثُمّ قال: يا عامّي، ما حملك على ما فعلت؟ وهل كان عليك دركٌ فِي إيصالها إلينا؟ فقلتُ: خفت أن تملّ. فقال: ويْحك، ما أطلقنا شيئًا من أموالنا، بل نَحْنُ خزّانهم فيها. واحذر أن تعود إِلَى ما فعلت.
قال أبو يعلى حمزة ابن القلانِسيّ فِي " تاريخه ": رُوي أن القائم لمّا اعتُقل نَوْبة البساسيري كتبَ قَصّةً ونفذها إِلَى بيت اللَّه مستعديا إِلَى اللَّه على من ظلمه، فعلقت على الكعبة، وهي:
" إِلَى اللَّه العظيم من المسكين عبده. اللَّهُمَّ إنك العالم بالسرائر، والمطلع على الضمائر، اللهُم إنّك غنيٌّ بعلمك واطلاعك على خلقك، عن إعلامي، هَذَا عبدٌ قد كفر نِعَمك ومَا شَكَرها، وألقى العواقب وما ذكرها، أطغاه حلْمُك حَتَّى تعدّى علينا بغْيا، وأساء إلينا عتواً وعدوانا. اللَّهُمّ قلَّ الناصر، واعتزَّ الظالم، وأنت المطلع العالم، المنصف الحاكم. بك نعتز عليه، وإليك نهربُ من يديه، فقد تعزز علينا بالمخلوقين، ونحن نعتز بك. وقد حاكمناه إليك، وتوكلنا فِي إنصافنا منه عليك، ورفعنا ظلامتنا هَذِهِ إِلَى حَرَمَك، ووثقنا فِي كشْفها بكرمك، فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين ".
تُوُفّي القائم بأمر اللَّه ليلة الخميس الثالث عشر من شعبان، ودُفن فِي داره بالقصر الحسني. وكانت دولته خمسًا وأربعين سنة، وغسّله الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي شيخ الحنابلة، وبُويع بعده المقتدي.(10/245)
210 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الهيصم الكرّامي، أبو بَكْر النَّيْسابوري، [المتوفى: 467 هـ]
من وجوه أصحاب أَبِي عَبْد اللَّه بْن كرام.
تُوُفّي أَبُوهُ الْإِمَام مُحَمَّد، ولهذا إحدى عشرة سنة. وكان قد قرأ عليه شيئاً يسيراً، ثم قرأ على أَخِيهِ عَبْد السلام، وحصل سرائر المذهب ودقائقه عن أَخِيهِ. [ص:249]
واختلف إِلَى الأديب أَبِي بَكْر الخطابي، وأحكم عليه الأدب، وسمع من أَبِي عَمْرو بْن يحيى، والقاضي أَبِي الهيثم، وعبد اللَّه بْن يوسف، وابن مَحْمِش، والحاكم أَبِي عَبْد اللَّه.
وتُوُفّي يوم عيد الفِطْر.
وكان أَبُوهُ رأسا فِي بدعته.(10/248)
211 - عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُعَاذ الصَّيْرَفيّ، الهَرَويّ. [المتوفى: 467 هـ]
وقد حج، وسمع أَبَا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا أسامة المقرئ بمكة.(10/249)
212 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن محمود، أبو سَعِيد الهَرَويّ المعلم. [المتوفى: 467 هـ]
سمع من الأمير خَلَف السِّجْزِي، وأبي علي مَنْصُور الخالدي. وحدَّث.(10/249)
213 - عَبْد الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّد بْن المظفر بْن مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن أَحْمَد بْن مُعَاذ بْن سهل بْن الحكم بْن شيرزاد، أبو الْحَسَن بْن أَبِي طلحة الداودي البوشنجي، شيخ خُراسان جمال الْإِسْلَام رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. [المتوفى: 467 هـ]
ذكره أبو سعد السمعاني فقال: وجه مشايخ خُراسان فضلاً عن ناحيته، والمعروف فِي أصله وفضله وسيرته وطريقته. له قَدَمٌ فِي التَّقْوى راسخْ، يستحق أن يُطْوَى للتبرُّك بلقائه فراسِخْ. وفضله فِي الفنون مشهور، وذِكْره فِي الكُتُب مسطور. وأيّامه غُرَر، وكلماته دُرَرْ، قرأ الأدب على أَبِي علي الفَنْجُكِرْدي، والفقه على أَبِي بَكْر القفال المَرْوَزِي، وأبي الطيب سهْل الصُّعْلُوكي، وأبي طاهر بْن مَحْمِش، والأستاذ أبي حامد الإسفراييني، وأبي الْحَسَن الطَّبَسي، وأبي سَعِيد يحيى بْن منصور الفقيه البوشنجي. وسمعتُ أن ما كان يأكله فِي حالة التّفقُّه والمُقام ببغداد وغيرها يحمل إليه من فوشنج احتياطاً فِي المأكول، وصحِب أَبَا عليّ الدّقّاق، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمّي بنَيْسابور، والإمام فاخر السِّجْزِيّ بِبُسْت فِي رحلته إِلَى غَزْنَة. ولقي يحيى بن عمار.
ودخل بغداد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، ورجع إلى وطنه سنة خمس [ص:250] وأربعمائة، وأخذ فِي مجلس التذكير والتدريس والفتوى والتصنيف، وكان له حظٌّ وافر من النَّظْم والنَّثْر.
سمع ببوُشَنْج: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حمُّوَيْه السَّرْخَسِي، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ.
وبهَرَاة: أَبَا مُحَمَّد بْن أَبِي شُرَيْح. وبنَيْسابور: أَبَا عَبْد اللَّه الحاكم، وأبا عَبْد اللَّه بْن باموَيْه، وابن مَحْمِش.
وببغداد: أَبَا الْحَسَن بْن الصَّلْت المُجْبِر، وأبا عُمَر بْن مَهْدِي، وعلي بْن عُمَر التّمّار. حَدَّثَنا عَنْهُ مسافر بْن مُحَمَّد، وأخوه أَحْمَد، وأبو المحاسن أسعد بْن زياد الماليني، وأبو الوقت عَبْد الأول. وعائشة بنت عبد الله البوشنجية.
قال السمعاني أبو سعْد: سمعتُ يوسف بْن محمد بن فاروا الأندلسي يقول: سمعتُ عليّ بْن سُلَيْمَان المرادي يقول: كان أبو الْحَسَن عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل يقول: سمعتُ " الصحيح " من أَبِي سهل الحفصي، وأجازه لي أبو الْحَسَن الداودي، وإجازة الداودي أحب إلي من السماع من الحفصي، وسمعت أسعد يقول: كان شيخنا الداوديّ بقي أربعين سنة لا يأكل اللحم وقت تشويش التُّرْكُمان واختلاط النَّهْب، فأضرَّ به، فكان يأكل السَّمَك ويُصطاد له من نهرٍ كبير، فحُكي له أن بعض الأمراء أكل على حافة ذلك النهر، ونُفِضت سفرتُه، وما فضل فِي النَّهْر، فَمَا أكل السَّمَك بعد ذلك.
قال أبو سعْد: وسمعتُ محمود بْن زياد الحنفي يقول: سمعتُ الْمُخْتَار بْن عَبْد الحميد البُوشَنْجيّ يقول: صلى الْإِمَام أبو الْحَسَن الداوديّ أربعين سنه، وكان يده خارجة من كُمّه استعمالًا للسُّنَّة، واحتياطًا لأحد القولين فِي وضع اليدين وهما مكشوفتان حالة السُّجود.
قال أبو القاسم عبد الله بن علي أخو نظام المُلْك: كان أبو الْحَسَن الداودي لا تسكُن شفته من ذكر اللَّه، فحُكي أن مُزَيّنًا أراد أن يقص شاربه فقال: سكِّن شفَتَك. فقال: قلْ للزمان حَتَّى يَسْكُن.
ودخل أخي النظام عليه، فقعد بين يديه، وتواضعَ له، فقال لَهُ: أيُّها الرجل، إنّك سلطان اللَّه على عباده، فانظر كيف تجيبه إذا سألك عَنْهُمْ.
ومن شعر الداوديّ: [ص:251]
ربِّ تقبَّلْ عملي ... ولا تخيِّب أملي
أَصْلِحْ أُموري كلّها ... قبل حُلُول الأَجَلِ
وله:
يا شاربَ الخمر اغتنِمْ توبةً ... قبل الْتِفاف الساقِ بالسّاق
الموتُ سلطانٌ له سطوةٌ ... يأتي على المَسقيّ والسّاقيّ
قال عَبْد الغافر الفارسي: وُلِد الداوديّ فِي ربيع الآخر سنة أربعٍ وسبعين وثلاثمائة.
وقال الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الكُتُبيّ: تُوُفّي بفوُشَنْج فِي شوال.
فُوشَنْج، ويقال بالباء، مدينة صغيرة بشين مُعْجَمَة على سبعة فراسخ من هَرَاة.(10/249)
214 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكبير الطليطلي، الطبيب ابن وافد، الوزير أبو المطرِّف اللَّخْميّ الأندلسي. [المتوفى: 467 هـ]
من كبار العالمين بالطِّب، لا سيما بالأدوية المفردة، فإنه لم يُدرِك شَأْوَه فيها أحدٌ. وألّف كتاباً حافلاً جمع فيه بين قول ديسقوريدس، وقول جالينوس. وَلَهُ يَدٌ طُولَى فِي الْمُعَالَجَة، وسكن طُلَيْطُلَة. وكان له فِي دولة ابن ذي النون ذِكرٌ. وكان حيًّا فِي سنة ستين وأربعمائة. وذكر أنه ولد سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
وهو مشهور بابن وافد - بالفاءِ - وله أيضًا كتاب " الرّشاد " فِي الطِّب، وكتاب " تدقيق النّظر فِي عِلَل حَاسَّةِ الْبَصَرْ "، وكتاب " مجرَّبات الطّبّ ".
تُوُفّي فِي رمضان سنة سبْعٍ وستّين. [ص:252]
ورّخه الأبّار وقال: له كتاب " الفلاحة ". أَخَذَ الطبّ عن خلف بْن عَبَّاس الزَّهْراويّ.(10/251)
215 - عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر، أبو الغنائم الْأَنْصَارِيّ الْبَغْدَادِيّ البابصري. [المتوفى: 467 هـ]
نقيب الأَنْصَار، من ولد زَيْدُ بْن وديعة الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
كان من أماثل الشيوخ وأعيانهم، ذا سَمْتٍ ووقار، ودِين وتواضع. وكان ثقة، صحيح السماع. سمع من هلال الحفّار، وأبي الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبي الْحُسَيْن بْن بشران، سمع منه مكّيّ الرُّمَيْلي، وأبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي بالله، وأبو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن سبْط الخيّاط، وأبو المعالي بْن البدِن.
وُلِد سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائة. وقيل: سنة ستٍّ وثمانين، وتُوُفّي فِي يوم الجمعة السابع والعشرين من رمضان، وهو والد أَبِي الفضل مُحَمَّد شيخ شهدة.(10/252)
216 - عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن سعيد البقال الأصبهاني. [المتوفى: 467 هـ]
مات فِي شعبان. شيخ مستور عفيف صالح. روى عن أَبِي عُمَر بْن عَبْد الوهاب، وأبي الْعَبَّاس المَخْلَديّ.(10/252)
217 - عليّ بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي الطيّب، الرئيس الأديب، أبو الْحَسَن الباخرزِي الشاعر، [المتوفى: 467 هـ]
مصنِّف " دُمْية القصر ".
كان واحدًا فِي فنه. تفقه فِي مذهب الشافعي، ولازم أَبَا مُحَمَّد الْجُوَيْنيّ والد إمام الحَرَمَين، ثُمَّ شرع فِي الأدب، وأقبل على الكتابة والإنشاء، واختلف إِلَى ديوان الرسائل وتنقلت به الأحوال، ورأى عجائب فِي أسفاره، وسمع الحديث، وألف كتاب " دُمية القصر "، وهو ذيل " ليتيمة الدّهر " للثّعالبي فِي الشعراء، ذكر فِيهِ خلقًا كثيرًا. وقد وضع على كتابه أبو الْحَسَن عليّ بْن زَيْدُ البَيْهَقيّ كتابًا سماه " وشاح الدُّمية "، كذا سماه أبو سعد السمعاني فِي " الذَّيْل ". وسماه العماد فِي كتاب " الخريدة " شرف الدين على بن الحسن البيهقي. [ص:253]
وللباخَرْزِيّ ديوان شِعْر كبير، منه:
يا فالقَ الصُّبْح من لألاءٍ غُرّتِهِ ... وجاعِلَ الليلِ من أصْداغه سَكَنا
بصورة الوَثَن استعبدْتني، وبها ... فَتَنْتَني، وقديما هجت لي شَجَنا
لا غَرْو أَنْ أحرقَتْ نار الهَوَى كَبِدي، ... فالنار حقُّ على من يعبُد الوَثَنا
قُتِل بباخَرز، وهي ناحية من نواحي نَيْسابور، وذهبَ دمُه هَدْرًا فِي شهر ذي القعدة.(10/252)
218 - عليّ بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن محمد بْن الحسين. أبو الحسن التغلبي ابن صَصرى. [المتوفى: 467 هـ]
أصلهم من مدينة بلدٍ، حدَّث عن تمام الرازي، وأبي عبد اللَّه بن أبي كامل، وعبد الرحمن بْن أَبِي نصر التميمي، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ أبو بكر الخطيب، وعمر الرواسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو محمد ابن الأكفاني وقال: تُوُفّي فِي الثالث والعشرين من المحرَّم بدمشق، وكان ثقة كتب له تمام الجزء الأول من فوائد الْحُسَيْن بْن يحيى الشّعراني، وكتب عليه علامة السماع له من أَبِي بَكْر بْن أَبِي الحديد، فدَفعه إليَّ وقال: لم أسمع من أَبِي بَكْر شيئًا، كتب لي تمّام هَذَا الجزء، ولم يتَّفق لي سماعه من أبي بكر.(10/253)
219 - محمد بن بديع أبو الوفاء الْأصبهانيّ. [المتوفى: 467 هـ]
سمع إبراهيم بن خُرشيد قُوَله. روى عنه الحسين الخلال وأبو سعد البغدادي.
توفي في رجب.(10/253)
220 - محمد بن الحسن الأَسَدَاباذي، أبو الفتح. [المتوفى: 467 هـ]
سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نَصْر. روى عَنْهُ الخطيب مع تقدمه، وغيث الأرمنازي. [ص:254]
مات بالرملة قاصداً القدس.(10/253)
221 - محمد ابن المحدِّث أَبِي مُحَمَّد الجوهري. أبو الحسن. [المتوفى: 467 هـ]
سمع أَبَا عليّ بْن شاذان. وعنه أبو عليّ البَرَدَاني، وشجاع الذُّهْلي، وطائفة.(10/254)
222 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ، أبو الحُسَين الأزْديّ الدِّمشقيّ المعروف بابن أَبِي العجائز، الخطيب، [المتوفى: 467 هـ]
نزيل بيروت، وبها تُوُفّي.
روى عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وأبي نصر بْن هارون. وعنه عُمَر الرواسي، وابن الأكفاني، وغيرهما.(10/254)
223 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن، أَبُو بَكْر القصّار المَدِيني، يُعرف بالغزّال. [المتوفى: 467 هـ]
مات فِي جُمَادَى.(10/254)
224 - مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن الْعَبَّاس بْن الحُصَين، أبو عَبْد اللَّه الشَّيْباني، [المتوفى: 467 هـ]
والد هبة اللَّه بْن الحُصَين.
مات فيها، ومات ابنُه عَبْد الواحد بعده بأيام.(10/254)
225 - مُحَمَّد بْن عقيل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم بْن هاشم، أبو عَبْد اللَّه القُرَشيّ الدّمشقيّ البزّاز. [المتوفى: 467 هـ]
صدوق. سمع من عبد الرحمن بْن أَبِي نَصْر. روى عَنْهُ غَيْث الأرمنازي، وابن الأكفانيّ.(10/254)
226 - مُحَمَّد بْن علي بن محمد بن موسى، أبو بكر الخيّاط المقرئ الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 467 هـ]
قرأ القراءات على: أَبِي أَحْمَد بْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضي، وأبي الْحَسَن السَّوْسَنْجِرْدي، وبكر بْن شاذان، والحماميّ، وتفرَّد بالعُلُو، فِي رواية أَبِي نشيط، عن قالون. وَفِي اختيار خَلَف، وَفِي رواية سجّادة، عن اليزيْديّ. وكان [ص:255] عالماً، ثقة، متقناً، ورعاً، زاهدا، صالحًا، خشن الطّريقة، حنبلي المذهب.
سمع الحديث من ابن الصَّلْت المُجْبِر، والفَرَضي، وأبي عُمَر بْن مَهْدي، وإسماعيل بْن الحَسَن الصَّرْصَري، وجماعة.
وتصدَّر للإقراء، وكان بقية شيوخ العراق، فقيرًا قانعًا بكّاءً عند الذَّكْر. رَوَى عَنْهُ الخطيب فِي "تاريخه"، ومكّيّ الرُّمَيْلي، وأبو مَنْصُور القزّاز، وعبد الخالق بن البدن، ويحيى ابن الطّرّاح، وأحمد بْن ظَفَر المَغَازِليّ. وقرأ عليه القرآن جماعة، منهم: أبو الحسين ابن الفراء الحنبلي، وهبة الله بن الطبر الحريري، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن المَزْرَفي، وأبو عَبْد اللَّه البارع.
وكان مولده فِي سنة ست وسبعين وثلاثمائة. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(10/254)
227 - مُحَمَّد بْن عليّ بن محمد، أبو يعلى ابن الحرْبيّ البزّاز. [المتوفى: 467 هـ]
روى عن هلال الحفّار. وعنه أبو عليّ البَرَدَانيّ، وقال: تُوُفّي فِي المحرم.(10/255)
228 - محمود بن نصر بن صالح بن مرداس الكِلابيّ، الأمير عزّ الدولة [المتوفى: 467 هـ]
صاحب حلب.
كَانَتْ مدّة مملكته حلب بعد أن تسلَّمها من عمه عطية عشر سنين. وكان شجاعًا كريمًا عادلاً، عاقلا، يُداري المصريين والعراقيين.
مَدَحه ابن حيّوس بقصائد.
تُوُفّي سنة سبْعٍ هَذِهِ. وتملَّك بعده ابنه الأمير نصْر، وأمُّه هِيَ بِنْت الملك الْعَزِيز أَبِي مَنْصُور جلال الدولة بن بُوَيْه. فبقي سنة قتله بعض الأتراك بظاهر حلب.(10/255)
229 - المسلم بْن الْحَسَن بْن هلال الأزْديّ، البزّاز المقرئ. [المتوفى: 467 هـ]
تُوُفّي بصور فِي ربيع الأول.
قرأ بعدّة روايات، وتلا على: عليّ بْن الْحَسَن بْن أَبِي زروال الرَّبَعي. وسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن الطّبَيْز، والعَقِيقيّ. [ص:256]
قال ابن الأكفاني: لم يحدِّث بشيء.(10/255)
230 - يوسف بْن أَحْمَد بْن صالح، أبو القاسم الغُوريّ. [المتوفى: 467 هـ]
لقّن خلْقًا ببغداد، وكان من أعيان أصحاب الحماميّ.
مات فِي رجب، سمع منه: مكي الرميلي، وأبو محمد ابن السَّمَرْقَنْديّ.(10/256)
231 - يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حسن بْن عُثْمَان، أبو القاسم الرازي، الخطيب. [المتوفى: 467 هـ](10/256)
-سنة ثمان وستين وأربعمائة(10/257)
232 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البَرْمَكيّ، أبو الحسين ابن الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق. [المتوفى: 468 هـ]
ديِّن خيِّر منعزل، سمع أبا الفتح بن أبي الفوارس. روى عَنْهُ قاضي المَرِستان أبو بَكْر، وأصلهم من قرية اسمها البرمكية، تُوُفّي فِي ذي القعدة.(10/257)
233 - أحمد بن الحسين بْن أَحْمَد، أبو بَكْر المقدسي القطّان المقرئ. [المتوفى: 468 هـ]
قرأ القراءات على جماعةٍ، منهم: أبو القاسم عليّ بْن مُحَمَّد الزَّيديّ بحَرّان، وأبو علي الأهوازيّ بدمشق، ومحمد بْن الْحُسَيْن الكارَزِينيّ بمكّة، وعُتْبَة بْن عَبْد الملك العثماني، وجماعة ببغداد، وسمع الكثير. رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر المَزْرَفيّ.(10/257)
234 - أحمد بن علي ابن القاضي أبي عبد الله محمد بن الحسين الحسيني، النصيبيّ ثُمَّ الدَّمشقي، جلال الدولة أبو الْحَسَن. [المتوفى: 468 هـ]
سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي كامل فيما زعم، وهو جدُّه لأُمّه، وولي قضاء دمشق فِي دولة المستنصر العُبَيْديّ، وهو آخر قضاة العبيديين بدمشق، ولي بعد الشريف أبي الفضل، وكان يُرمَى بالكذِب.
أَخَذَ عَنْهُ هبة الله ابن الأكفاني، وحكى الشريف النسيب عن أَبِي الفتيان بن حيوس أنه كان يومًا مع الشريف أَحْمَد، فقال الشريف: ودِدْت أَنّي كنتُ فِي الشجاعة مثل علي، وَفِي السّخاء مثل حاتم. فقال له ابن حيُّوس: وَفِي الصِّدْق مثل أَبِي ذَرّ؛ يُعرّض بأنّه كذّاب.
قال ابن الأكفانيّ: تُوُفّي قاضيا بدمشق وأعمالها.(10/257)
235 - أَحْمَد بْن عليّ بْن أحمد، أبو سعيد ابن الأزرق، السوسي ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ. [المتوفى: 468 هـ][ص:258]
ولد سنة تسعين وثلاثمائة، وسمع من أَبِي أَحْمَد الفَرَضي وأبي عُمَر بْن مَهْديّ، وكانت أُصوله جيّدة، سمع منه مكي الرُّمَيْليّ وغيره.
وتُوُفّي ليلة عيد الفِطْر، روى عنه إسماعيل ابن السَّمَرْقَنْديّ.(10/257)
236 - أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن مُحَمَّد الغساني الغَنْميّ، الفقيه أبو العبّاس الدّارَانيّ الدَّمشقي، الفقيه المالكي، المعروف بابنُ قُبيس. [المتوفى: 468 هـ]
سمع عَبْد الرَّحْمَن بن أبي نصر، وعبد الوهاب المَيْداني، وأبا نصر عَبْد الوهاب المُرِّي، وابن ياسر الجوبري. وأول سماعه سنة اثنتين وأربعمائة بداريا. روى عنه ابنه علي، وعمر الرواسي، وهبة الله ابن الأكفاني، وعليّ بْن المسلم. ومات فِي شعبان وقت نزول الأتراك على دمشق.
قال هبة اللَّه: كان ثقة حافظًا متحرِّزًا، مشتغلًا بالعلم.
قلت: وأخذ من الفقه عن القاضي عبد الوهاب المالكي لمّا مرَّ بدمشق.(10/258)
237 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر، أبو طاهر الأصبهاني البقال النّقّاش. [المتوفى: 468 هـ]
حدَّث في هذه السّنة عن أبي عبد الله بْن مَنْدَهْ الحافظ. رَوَى عَنْهُ أبو عَبْد اللَّه الخلال، وأبو سعْد الْبَغْدَادِيّ.(10/258)
238 - إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الطيب، القاضي أبو عليّ بْن كَمَارِيّ، الواسطي الفقيه. [المتوفى: 468 هـ]
سمع من أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن بِيري، وجماعة.
مات في جمادى الأولى عن أربع وثمانين سنة، وولي قضاء واسط مدّة. وسمع أيضًا من عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أسد، وابن خَزَفَة، وابن دينار، وأبي عَبْد اللَّه بْن مهدي.
أخذ عنه أَهْل بلده، وقد وُثّق.(10/258)
239 - انتصار بْن يحيى، زين الدولة المصموديّ المغربي. [المتوفى: 468 هـ]
غلب فِي هَذَا العام على دمشق عند هروب مُعَلَّى بْن حَيْدرة عَنْهَا، فاجتمعت المَصَامِدة إِلَى انتصار وقوَّوا نفسه، ورضي به أكثر الناس لجودة [ص:259] سيرته، فبقي متوليّها تسعة أشهُر حَتَّى قدم آتسز، فعوضه عن دمشق بانياس ويافا، فذهب إليهما.(10/258)
240 - الْحَسَن بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مجالد بْن بِشْر، أبو عليّ البَجَليّ الكوفيّ. [المتوفى: 468 هـ]
ذكره أُبي النَّرْسيّ فقال: كان أوحد عصره في علم الشروط. حدثنا عن جده، عن أَبِي العبّاس بْن عُقْدَة.
قلت: جدّه مات سنة أربعمائة.(10/259)
241 - الْحَسَن بْن القاسم بْن عليّ الواسطي المقرئ، أبو علي، إمام الحرمين، المشهور بغلام الهراس. [المتوفى: 468 هـ]
أحد من عني بالقراءات، وسافر فيها إلى النواحي. قرأ في حدود الأربعمائة على شيوخ العراق.
قال خميس الحوزي: قرأ على عَبْد اللَّه بْن أَبِي عَبْد اللَّه العَلَويّ - وهذا العَلَويّ قرأ على النّقّاش - قال: ورحل إِلَى بغداد فقرأ على عَبْد الملك بْن بَكْران النَّهْرواني، والسَّوْسَنْجِرْدي، والحماميّ. وقرأ بمكّة على الكارَزِيني، وبمصر على ابن نفيس، وبحرّان على العلوي، وبدمشق على الرَّهَاوي والأهوازي، وسمع منه مصنَّفاته وكان يُقرئ معه بجامع دمشق. ثُمَّ عاد إِلَى واسط وقد كُفّ بصرُه، وكان قديمًا أعور، ورحل الناس إليه من الآفاق وقرؤوا عليه. رَأَيْته وقبّلت يده، وجلست بين يديه كثيرًا. وتُوُفّي فِي أواخر سنة سبْعٍ وستين، وكان يلقّب إمام الحرمين.
قال: والبغداديون لهم فيه كلام، روى الحديث عن ابن خَزَفَة. وسمعت من أصحابنا مَن يقول: سمعتُ أَبَا الفضل بْن خَيْرُون وقيل له: أبو عليّ غلام الهرّاس، عن أَبِي عليّ الأهوازي؟ فقال: مُطرَّزٌ مُعْلَمٌ كذّابٌ عن كذاب. [ص:260]
قلت: قرأ عليه أبو العزّ القلانِسيّ برواياتٍ كثيرة، وجميع كتابيه " الكفاية " و" الإرشاد " مَدارُهُما على أَبِي علي، وفيهما أنّه قرأ على الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن داود ابن الفحّام، والقاضي أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عبد الكريم، وأبي أحمد عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضي، وأبي العلاء مُحَمَّد بْن عليّ بْن يعقوب الواسطي، وأبي القاسم بكر بن شاذان الواعظ، والقاضي أَبِي عبد الله محمد بْن عبد الله بن الْحُسَيْن الْجُعْفيّ الهَرَواني، وأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن هارون التميمي النَّحْوي شيخ كوفي، والحسن بن علي بن بشار السابوري البصري، وعليّ بْن مُوسَى الصابوني الْبَغْدَادِي، والحسن بْن ملاعب الحلبي، وجماعة مذكورين فِي الكتابَيْن أكبرهم أبو القاسم عُبَيْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم مقرئ أَبِي قرّة؛ قرأ عليه لأبي عَمْرو فِي سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وأخبره أنه قرأ على ابن مجاهد.
ونبّه على هَذَا الشَّيْخ أيضًا أبو سعْد السَّمعاني، ثُمَّ قال: قال هبة اللَّه بْن الْمُبَارَك السقطي: كنت أحد من رحل إِلَى أَبِي علي غلام الهرّاس، فألفيتُ شيخًا عالِمًا فهمًا، صالحًا، صدوقًا، متيقظًا، مُسْنِدًا، نبيلًا، وَقُورًا. قال: ووجدت بخطّ أَحْمَد بْن خَيْرُون الأمين: غلام الهرّاس كان مقرئًا، غير أنه خلّط فِي شيءٍ من القراءات، وادعى إسنادًا فِي شيء لا حقيقة له، وروي عجائب. ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. قال: وتُوُفّي يوم الجمعة سابع جُمَادَى الأولى سنة ثمانٍ وستين بواسط.
قلتُ: هَذَا أصح مما ورّخ خميس.
قال الحافظ ابن عساكر: روى عَنْهُ مكّيّ الرُّمَيْلي وجماعة، وأجازَ لجماعةٍ من شيوخنا.
وقال ابن السمعاني: قرأ بالأمصار، وسافر فِي طلب إسناد القراءات، وأتعب نفسَه في التجويد والتحقيق حتى سار طبقة العصر، ورحل إليه الناس من الأقطار.
قلتُ: وممن قرأ عليه عليّ بْن عليّ بْن شِيران، وأبو المجد محمد بن [ص:261] مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَهْوَر قاضي واسط، والمبارك بْن الْحُسَيْن الغسّال، وأحمد بْن عَبْد السلام بن صيوخا.(10/259)
242 - حمْد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن ولْكيز، أبو سهل الصَّيْرَفيّ الأصبهاني. [المتوفى: 468 هـ]
سمع أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. وعنه أبو عَبْد اللَّه الخلّال، وأبو سعْد الْبَغْدَادِي، وعبد المغيث بْن أَبِي عدنان.
تُوُفّي فِي ذي الحجة.(10/261)
243 - حَمْزَة بن أبي الحسن بْن أَبِي حَمْزَة الغُورَجي الهَرَويّ، أبو المظفَّر. [المتوفى: 468 هـ]
مات في رجب.(10/261)
244 - سُفيان بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن حُسَيْنِ بْن عَبْد اللَّه بْن فَنْجُوَيْه الثَّقفِيّ، الدِّينَوَرِي ثم الهمذاني، أبو القاسم. [المتوفى: 468 هـ]
روى عن أَبِيهِ أَبِي عَبْد اللَّه، وأبي عُمَر مُحَمَّد بن الحسين البسطامي، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي حازم العبدويي.
قال شيروَيْه: سَمِعْتُ منه، ثقة زاهد، كُفّ بَصَرُه فِي آخر عمره، وقال لي: وُلِدتُ سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وأخي أبو بَكْر سنة أربعٍ وتسعين.
مات بهمذان.(10/261)
245 - ظفْرُ بْنُ عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان، أبو الفتح الأصبهاني. [المتوفى: 468 هـ]
سمع إِبْرَاهِيم بْن خُرَّشِيد قُولة وغيره، تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.(10/261)
246 - عَبْد الجبار بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن بُرْزَة، أبو الفتح الرّازيّ الأرْدَسْتانيّ الجوهريّ الواعظ. [المتوفى: 468 هـ]
أحد التّجّار المعروفين، كان يسافر كثيرًا إِلَى خُراسان والعراق والشّام، ثُمَّ سكن فِي الآخر إصبهان وبها مات فِي المحرَّم، وقد سكن دمشق مدّةً. وحدَّث عن علي بْن مُحَمَّد القصّار، وأبي طاهر بْن محمش، والسلمي، [ص:262] وعبد اللَّه بْن يوسف بْن بامويّه، والحسن بْن شهاب العُكْبَرِي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ أبو بَكْر الخطيب، وسهل بْن بِشْر، وهبة اللَّه ابن الأكفاني، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِي، وجماعة آخرهم موتًا إِسْمَاعِيل بْن عليّ الحمامي. وكان سَمَاعه من القصار قديمًا فِي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وله سبْعُ سِنين، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حدَّث عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ ماكولا: كان عَبْد الجبّار يبيع الجوهر، سمعتُ منه بدمشق وبغداد.(10/261)
247 - عبد الرحمن بْنُ عَلِيَّ بْنُ مُحَمَّد بْنُ أَحْمَد بْنُ الْحُسَيْن بْنُ مُوسَى، أبو نصر النَّيْسابوريّ المزكيّ التّاجر. [المتوفى: 468 هـ]
سمع أَبَا الحسين الخفّاف، ويحيى بن إسماعيل الحربي، وأبا القاسم علي بْن أَحْمَد الخُزَاعي، وأبا أَحْمَد بْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضي، وأبا عُمَر بْن مهدي، وطائفة سواهم بنيسابور وبغداد.
قال عَبْد الغافر الفارسي: رحل إِلَى العراق فِي صباه، وسمع من أصحاب ابن صاعد والمحاملي، وحدَّث، حَتَّى حدث بالكثير.
وقال السمعاني: حدثنا عَنْهُ زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وهبة الرَّحْمَن القُشَيْري، وغيرهم. وكان ثقة صالحًا مكثِرًا.(10/262)
248 - عَبْد الْعَزِيز بْن طاهر، أبو طاهر البابصري. [المتوفى: 468 هـ]
سمع ابن رزقَوَيْه، وعنه أبو السعود بن المجليّ.
وكان مختلّ العقل؛ قاله الحُمَيْديّ. مات فِي جُمَادَى الأولى.(10/262)
249 - عَبْد الغفار بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن حبشان، أبو الفَرَج الهَمَذَانيّ البزّاز. [المتوفى: 468 هـ]
روى عن ابن عبدان الشيرازي، والقاضي أَبِي عُمَر القاسم بْن جَعْفَر الهاشمي، وأبي علي بن فضالة، وجماعة. [ص:263]
قال شيروَيْه: سمعتْ منه، وكان مائلًا إِلَى المبتدعة، توفي في رابع عشر صفر.(10/262)
250 - عبد الغني الحاجي الهوسمي، أبو مُحَمَّد النَّيْسابوري، [المتوفى: 468 هـ]
أحد الزُّهّاد المنقطعين إِلَى اللَّه تعالى.
تفقّه وسمع من أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمي وغيره، ثُمَّ ترهَّب وتوحَّد فِي جبل نيسابور نحوًا من ثلاثين سنة، ويحضر الجمعة، ثُمَّ شاخ وعجز. وكان يُزار، وعنده قمح من بذر إِبْرَاهِيم عليه السلام، فكان يزرعه ويخبز منه، ويطعم من يزوره؛ قاله أبو سعْد السَّمعاني. قال: ومات فِي رمضان سنة ثمانٍ أو تسعٍ وستين وأربعمائة، وشيّعه الخلْق. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن مَنْصُور الحرضي وغيره.(10/263)
251 - عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن طاهر، أبو سعد التيمي الطَّبري، المعروف بالوزّان. [المتوفى: 468 هـ]
روى بهَمَذَان وولي قضاءها فِي هَذِهِ السنة، ولا أعرف كم عاش بعدها. روى عن مَنْصُور السَّمَرْقَنْديّ الكاغدي، وأبي بَكْر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد القفال المَرْوَزِي، وأبي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن مُحَمَّد الطّرازيّ، وعبد الرَّحْمَن السّرّاج.
قال شيروَيْه: كان صدوقًا، سمعتُ منه، وكان واسع العلم، قد استمليت عليه.
قلت: تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ وستين. رَوَى عَنْهُ زاهر الشّحّامي، وأبو عليّ أَحْمَد بْن سعْد العِجْليّ.
وقال السمعاني: نزل الرِّي وسكنها، وكان من كبار عصره فضلًا وحشمة وجاهًا، له القَدَم الرّاسخ فِي المناظرة وإفحام الخصوم، تفقه على القفال وبرع فِي الفقه. ووُلِد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ومات سنة ثمان وستين، وقيل: سنة تسع وستين.(10/263)
252 - علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الْحَسَن الواحديّ النَّيْسابوري. [المتوفى: 468 هـ]
من أولاد التُّجّار، أصله من ساوة، وله أخٌ اسمه عَبْد الرحمن قد تفقه وحدث أيضًا.
كان الأستاذ أبو الْحَسَن واحد عصره فِي التفسير، لازم أَبَا إِسْحَاق الثعلبي المفسر وأخذ عَنْهُ، وأخذ العربية عن أَبِي الْحَسَن القهندزي الضرير، ودأب على العلوم. وسمع ابن مَحْمِش، وأبا بَكْر أَحْمَد بْن الْحَسَن الحِيري، وأبا إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن إبراهيم الواعظ، ومحمد ابن المزكي إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى، وعبد الرَّحْمَن بن حمدان النصرويي، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم النّجّار، وجماعة. رَوَى عَنْهُ أَحْمَد بْن عُمَر الأرْغِياني، وعبد الجبار بْن مُحَمَّد الخُواري، وطائفة من العلماء.
صنَّف التفاسير الثلاثة: " البسيط "، و" الوسيط "، و" الوجيز "، وبهذه الأسماء سمّي الغزالي كُتُبَه الثلاثة فِي الفقه. وصنف " أسباب النزول " في مجلد، و" التحبير في شرح أسماء الله الحسنى "، و" شرح ديوانَ المتنبي ". وكان من أئمة العربية واللغة، وله أيضًا كتاب " الدعوات "، وكتاب " المغازي "، وكتاب " الإغراب فِي الإعراب "، وكتاب " تفسير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "، وكتاب " نفي التحريف عن القرآن الشريف ".
وتصدَّر للإفادة والتدريس مدّة، وكان معظَّمًا محترمًا، لكنه كان يُزْري على العلماء فيما قيل، ويبسط لسانه فيهم بما لا يليق، وله شِعرٌ مليح.
تُوُفّي بنيسابور فِي جُمَادَى الآخرة، وعاش بعده أخوه تسع عشرة سنة.
وقد قال الواحدي فِي مقدمة " البسيط ": وأظنني لم آلُ جهْدًا فِي إحكام أُصُول هَذَا العلم على حَسب ما يليق بزماننا. إِلَى أن قال: فأما اللغة فقد درسْتُها على أَبِي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف العَرُوضي، وكان قد خنقَ التسعين فِي خدمة الأدب، وروي عن أَبِي مَنْصُور الأزهريّ كتاب " التهذيب "، وأدرك العامري وجماعة، وسمع أَبَا الْعَبَّاس الأصم، وله مصنّفات كبار، وقد لازمتُه سِنين. وأخذتُ التفسير عن الثعلبي، والنحو عن أَبِي الحسن علي بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الضرير، وكان من أبرع أَهْل زمانه فِي لطائف النحو [ص:265] وغوامضه، علّقتُ عَنْهُ قريبًا من مائة جزء فِي المسائل المُشْكِلة، وسمعت منه أكثر مصنّفاته. وقرأت القراءات على جماعة، سمّاهم وأثنى عليهم.
وقد قال الواحديُّ كلمةً تدلُّ على حُسْن نقيبته فيما نقله أبو سعْد السمعانيّ فِي كتاب " التذكرة " له فِي ذِكر الواحديّ. قال: وكان حقيقًا بكل احترام وإعظام، لكن كان فِيهِ بسْطُ اللسان فِي الأئمة المتقدمين، حَتَّى سمعت أَبَا بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بشار بنيسابور مذاكرة يقول: كان عليّ بْن أَحْمَد الواحدي يقول: صنَّف أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ كتاب " حقائق التفسير "، ولو قال إن ذاك تفسير للقرآن لَكَفَرَ بِهِ.
قلتُ: صدقَ واللهِ.(10/264)
253 - علي بن أحمد بن علي بن حني البيّع، أبو الْحَسَن. [المتوفى: 468 هـ]
بغدادي، روى عن أَبِي الْحَسَن بْن رزقويه. رَوَى عَنْهُ هبة اللَّه السقطي حديثا، وشجاع الذُّهْليّ.(10/265)
254 - علي بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جَدَّا، أبو الْحَسَن العُكْبَرِي، الفقيه الحنبلي. [المتوفى: 468 هـ]
كان شيخًا صالحًا متعبّدًا، حسَن التلاوة، فصِيحًا، لسِنًا مناظِرًا مباحِثًا، له مصنَّفٌ فِي السُّنّة، ومصنَّف فِي الْجَدَل والمناظَرَة. سمع أَبَا عليّ بْن شاذان، والبرقاني، وأَبَا علي بْن شهاب العُكُبَرِي، وأبا القاسم بْن بِشْران، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِي، وعبد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد القزّاز.
قال ابن خَيْرُون: كان مستورًا صَيِّنًا، ثِقَةً.
وقال أبو الحسين ابن الفراء: توفي فجاءة فِي الصلاة فِي شهر رمضان.(10/265)
255 - عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّك، أبو القاسم النَّيْسابوريّ. [المتوفى: 468 هـ]
فاضل عالم من أولاد المحدِّثين، تنقَّل فِي البلاد، وسكن إصبهان مدّة، وحدَّث بها وببغداد وأذَرْبَيْجان.
قال الخطيب فِي " تاريخه ": حدَّث عن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن العلوي، وأبي نعيم عبد الملك الإسفراييني، والحافظ ابن البيع، وحمزة المهلبي. وكتبت عَنْه، وكان صدوقًا.
وقال ابن نقطة: حدَّث عن أَبِي الحسين الخفّاف، وعبد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم المُزَكّيّ. سمع منه أبو نصر بْن ماكولا، والمؤتمن السّاجيّ.
قلتُ: ورَوَى عَنْهُ سَعِيد بْن أَبِي الرجاء، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي القاضي، وأبو سعد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِي، وإسماعيل بْن مُحَمَّد بْن الفضل الحافظ، وأحمد بْن عُمَر الناتاني المقرئ شيخ السِّلَفّي، وقال: قدِم علينا تِفْلِيس وتُوُفّي بها، قال: حدثنا الخفّاف.
قلت: وهو من أكبر شيوخ إِسْمَاعِيل المذكور.
قال ابن السمعاني: سَأَلت إِسْمَاعِيل عَنْه فقال: كتبت عنه وله سماع، ولأبيه حفظ، وكان سيئ الرأي فِيهِ. وسمعتُ مُحَمَّد بْن أَبِي نصْر اللَّفْتُوانيّ يقول: كان أبو القاسم بْن عَليَّك على أوقاف الجامع بإصبهان، فحُوسِب فانكسر عليه مال، وكان للوقف دكان حلواني أَخَذَ من صاحبها حلاوة كثيرة، فكان الناس يضحكون منه ويقولون: ترى الجامع أكل الحلاوة؟! سألتُ أَبَا سعد الْبَغْدَادِيّ عن ابن عَلِيَّك فقال: كان فاضلًا، ما سمعت فِيهِ إلّا خيرًا، وكان والده محدِّثًا كتبَ الكثير، وما سمعت قَدْحًا فِي سماعاته، وكتبَ عَنْهُ الْجَمُّ الغفير " مُسْنَد أَبِي عَوَانَة "، إلّا أنّه كان أشعريا. وقرأتُ بخطّ أبي علي البرداني: حدثني محمد ابن الحناطي قال: مات ابن عَلِيَّك فِي رابع رجب بِتَفْلِيس.
قلتُ: وللحافظ ابن ناصر من أَبِي القاسم بْن عَلِيَّك إجازة.(10/266)
256 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد، أبو الفَرَج البَجَليّ الْجَرِيريّ الهَمَذَاني. [المتوفى: 468 هـ]
روى عَنْ أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وابن تركان، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أَبِي اللَّيْث، وأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وعلي بن أحمد بن عبدان، وطائفة بهمذان، وأبي القاسم الحرفي، وأحمد بن علي الجعفري الكوفي، ومحمد بن الحسين بن يوسف الأصبهاني نزيل صنعاء.
قال شيرويه: سمعتُ منه عامة ما مرَّ له، وكان ثقة عدْلًا، من بيت الإمارة والعلم، من أولاد جرير بْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وكان أحدَ تناء بلدنا، وتوفي في ثامن عشري رمضان، وسمعته يقول: وُلِدتُ سنة سبعٍ وثمانين وثلاثمائة.
قال ابن نُقْطة: حدَّث عن ابن لال " بالسُّنَن " لأبي دَاوُد. حدَّث عَنْهُ هبة اللَّه ابن أخت الطّويل، وأحمد بْن سعْد العِجْليّ.(10/267)
257 - عليّ بْن مُحَمَّد بْن نصْر الدِّينَوَرِيّ، أبو الْحَسَن اللَّبّان، [المتوفى: 468 هـ]
نزيل غَزْنَة.
كان أحد الجوالين فِي الحديث، المَعْنِييّن بجَمْعه. سمع الكثير، وعمَّر حَتَّى رحل الناس إِلَى لُقِيّه، وروى الكثير بغَزْنَة. سمع أَبَا عُمَر بْن مَهْدِيّ ببغداد، وأبا عمر الهاشمي بالبصرة، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمي، وأبا بَكْر الحيري، وأبا بكر أحمد ابن منجوَيْه الحافظ بنَيْسابور، ومحمد بْن عليّ النّقّاش بإصبهان، وهذه الطّبقة. رَوَى عَنْهُ مسافر وأحمد أبنا مُحَمَّد بْن عليّ البِسْطاميّ، وأجاز لحنبل بْن عليّ.
قال أبو سعد السَّمعانيّ: سمعت الموفّق بْن عَبْد الكريم الهَرَويّ يقول: كان شيخنا أبو الحسن ابن اللّبّان الدِّينورِيّ بغَزْنَة وعنده " الحِلية " عن أَبِي نُعيْم، فأتاه صوفي ليسمع الكتاب، فقال له: إنّ هَذَا كتابٌ فِيهِ ذكر المُمْتَحَنين، فإنْ أردت أن تقرأه فوطن نفسك على المحنة. فقال الصُّوفيّ: نعم. فابتدأ فِي قراءته، فقرأ أيامًا إِلَى أن انتهى إِلَى ذِكر أَبِي حنيفة وذمه، وكان فِي المجلس حنفي، فسَعى بالشيخ إِلَى القاضي، ورُفع الأمر إِلَى السلطان، فأمرَ الشيخَ [ص:268] بلُزُوم بيته، وأغلَق مسجده ومُنِعَ من التحديث، وكان ذلك فِي آخر عمره، وضُرِب الصُّوفيّ ونُفي، وصحَّت فراسة الشَّيْخ.
تُوُفّي بعد سنة سبع وستين، أول سنة ثمانٍ.(10/267)
258 - عليّ بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن علي بْن الْحَسَن بْن زكريا، الحافظ أبو الحسن الزَّبَحيّ الْجُرْجاني، [المتوفى: 468 هـ]
مصنف " تاريخ جُرْجان "، وخال الحافظ عبد الله بن يوسف الْجُرْجانيّ.
سمع أبا بكر الحِيري، وأبا سعيد الصَّيْرفي، وحمزة بن يوسف السَّهْمي، وعبد الله بن عبد الرحمن البُنَاني الحُرُضي، وعبد الواحد بن محمد المُنيريّ الْجُرْجاني، وعليّ بن محمد الحنّاطيّ المؤدِّب.
قال السمعاني: هو منسوب إلى الزِّبَح، وظنّي أنها من قرى جُرْجان. سكن هَرَاة، وتُوُفّي بها في صفر وله ستٌّ وسبعون سنة. روى عنه إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن، وأبو العلاء صاعد بن سيار.
والزبحي: ضبطه أبو نعيم ابن الحدّاد ومحمد بن إبراهيم الْجَرْبَاذْقانيّ بالحَرَكَة، وكنتُ أحسب الزَّبْحيّ بالسُّكون، فقيّده ابن نُقْطَة بالفتح.(10/268)
259 - محمد بن أحمد بن أسِيد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن أسِيد بن عاصم الثقفي، الشَّيْخ الصالح أبو بَكْر المَدِينيّ. [المتوفى: 468 هـ]
مات فِي شعبان بإصبهان، روى عن أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. وعنه أبو نصر البار، ويحيى بن منده، والحسين بن عبد الملك.
وكان عالما، من أكابر أهل أصبهان.(10/268)
260 - محمد بن أحمد، الشيخ أبو الفضل التميمي المروزي، [المتوفى: 468 هـ]
أحد أئمة مرو ورؤسائها.
سمع الحسين بن علي المنصوري، روى عنه زاهر ووجيه ابنا الشحامي.(10/268)
261 - محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز، أبو نعيم الواسطي المعدل. [المتوفى: 468 هـ][ص:269]
سمع علي بن عبد الرحيم بن غيلان صاحب المحاملي، وتوفي في شعبان.(10/268)
262 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن أحمد بن محمد بن عيسى، أبو تمام الهاشمي العباسي، [المتوفى: 468 هـ]
من ولد مَعْبَد بْن الْعَبَّاس.
سمع أَبَاه، والحسين بْن الْحَسَن الغَضَائريّ. وعنه ابنه عَبْد الرحيم، وأبو بَكْر قاضي المَرِسْتان. وكان صالحًا رئيسًا.(10/269)
263 - مُحَمَّد بْن عَمُّوَيه، واسم عَمُّوَيْه عَبْد اللَّه بْن سعد، السُّهْرَوَرْدي، [المتوفى: 468 هـ]
جدّ الشَّيْخ أَبِي النجيب ووالد جد الشَّيْخ شهاب الدين السُّهْرَوَرْديّ.
قال السِّلَفيّ: سمعت أَبَا حَفْص عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَمُّوَيْه يقول: مات أبي سنة ثمان وستين وأربعمائة، وقد بلغ من العُمر مائةً وعشرين سنة.(10/269)
264 - مُحَمَّد بْن القاسم بْن حبيب بْن عَبْدُوس، أبو بَكْر النَّيْسابوريّ الصَّفّار، الفقيه المفتي الشافعي. [المتوفى: 468 هـ]
سمع أبا نعيم عبد الملك الإسفراييني، وأبا الحَسَن العلويّ، وأبا عبد الله الحاكم، وعبد اللَّه بْن يوسف. رَوَى عَنْهُ زاهر ووجيه الشحاميّان.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
وذكره ابن السمعاني فقال: تفقه على أَبِي مُحَمَّد الْجُوَيْنيّ وخلفَه فِي حلقته لمّا حجّ. وسمعتُ أَبَا عاصم العبّادي يقول: ما رَأَيْت أحسن فتيا منه وأصوب. قال: تُوُفّي في ربيع الآخر.(10/269)
265 - محمد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، القاضي أبو الْحَسَن البَيْضاويّ الْبَغْدَادِي الفقيه، [المتوفى: 468 هـ]
قاضي الكرْخ.
خَتَنُ القاضي أَبِي الطيب الطَّبَريّ، وعليه تفقَّه حَتَّى صار من كبار الْأَئِمَّةِ، وكان خيرًا صالحًا سليم المعتقد. سمع من أبي الحسن ابن الْجُنْدي، وإسماعيل بْن الْحَسَن الصَّرْصَريّ. رَوَى عَنْهُ أبو محمد ابن الطراح، وأبو عَبْد اللَّه السلال، وقاضي المَرِسْتان.
وقال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. [ص:270]
ولد أبو الحسن سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وتوفي فِي شعبان.(10/269)
266 - مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَخْلَد، أبو الْحَسَن الأَزْديّ الواسطي البزّاز. [المتوفى: 468 هـ]
تُوُفّي فِي رمضان.
سمع أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن بِيرِي، وأبي عَبْد اللَّه العَلَوي، وأبي عليّ بْن مُعَاذ، وابن خَزَفَة، والناس.
قال السِّلَفيّ: سَأَلت الحَوْزيّ عَنْهُ، فقال: سمع بإفادة أَبِيه، وكان جيّد الأصول، ثقة، جيّد الخَطّ. تُوُفّي سنة ثمان وستين.
قلت: وقال الحَوْزيّ: إنّ العَلَويّ المذكور - واسمه الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد - ثقة، روى عن علي بْن عَبْد اللَّه بْن مبشر " مُسْنَد أَحْمَد بْن سِنَان "، وإنّ آخر من حدَّث عَنْهُ أبو الحسن ابن مَخْلَد والد أَبِي المفضل.
وذكر الحوْزي أن العَلَويّ أيضًا آخر من حدَّث عن الخليل بْن أَبِي رافع الطّحَان صاحب تميم بْن المنتصر.(10/270)
267 - مَسْعُود بْن الْمُحْسِن بْن عَبْد الْعَزِيز، أبو جَعْفَر البياضي العباسي الشريف، [المتوفى: 468 هـ]
أحد شعراء بغداد المجوّدين.
قال أبو سعد السمعاني: ما أظن أنه سمع شيئًا من الحديث، رُوي لنا من شعره أبو القاسم ابن السمرقندي، وأبو سعد الزوزني، وغيرهما. تُوُفّي فِي ثامن عشر ذي القعدة.
وله ديوان شِعْرٍ معروف، فمنه:
يقولون لي: إنْ كان سمعْك عاشقًا ... فَمَا بال دمْعُ العين فِي الخدّ جاريا
فقلت لهم: قد لُمْتُ طَرْفي فقال لي: ... أَتَمْنَعُني من أن أساعد جاريا؟
وله:
يا مَن لَبُسْتُ بِهَجْرِهِ ثَوْبَ الضَّنَا ... حَتَّى خَفِيتُ بِهِ عَنِ الْعُوَّادِ
وَأَنِسْتُ بِالسَّهَرِ الطَّوِيلِ فأُنْسِيَتْ ... أَجْفَانُ عَيْنِي كَيْفَ كان رقادي [ص:271]
إن كان يوسف بالجمال مقطع الـ ... أيدي، فَأَنْتَ مُقَطِّعُ الْأَكْبَادِ(10/270)