قال: ومن هذا عظيم الشأن؟ قال: غلام ليس بدني ولا مدنّ، يخرج من بيت ذي يزن.
قال: فهل يدوم سلطانه أو ينقطع؟ قال: بل ينقطع برسول مرسل، يأتي بالحق والعدل من أهل الدين والفضل، يكون الملك من قومه إلى يوم الفصل.
قال: وما يوم الفصل؟ قال: يوم تجزى فيه الولاة، ويدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء والأموات، وبجمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات. قال: أحق ما تقول؟ قال: إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض، إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض. فلما فرغ من مسألتهما وقع في نفسه أن الذي قالا له كائن من أمر الحبشة فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم، وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ، فأسكنهم الحيرة. فمن بقية ربيعة كان النعمان ملك الحيرة. زاد غيره: وهو النعمان ابن المنذر بن النعمان ابن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر، ذلك الملك في نسب أهل اليمن وعلمهم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، وأبو الفرج غيث بن علي الخطيب، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس قالوا: أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد ابن محمد بن أحمد بن عثمان أنا جدي أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل الخرائطي. نا علي بن حرب، نا أبو أيوب يعلى بن عمران من آل جرير بن عبد الله البجلي، حدثني مخزوم بن هانىء المخزومي عن أبيه وأتت له خمسون ومئة سنة قال «1» :
لما كان ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة «2» ، ورأى الموبذان «3» إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.
فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، فصبر عليه تشجعا، ثم رأى أن- وقال الفقيه: أنه- لا يدخر ذلك عن مرازبته، فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره. ثم بعث إليهم فلما(72/219)
اجتمعوا عنده قال: تدرون فيما بعثت إليكم؟ قالوا: لا، إلا أن يخبرنا الملك. فبينا هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران، فازداد غمّا إلى غمه، ثم أخبرهم ما رأى وما هاله. فقال الموبذان: وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة رؤيا. ثم قصّ عليه رؤياه في الإبل.
فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ قال: حدث يكون في ناحية العرب- وكان أعلمهم في أنفسهم- فكتب عند ذلك:
من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر. أما بعد، فوجه إليّ برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه.
فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني، فلما ورد عليه قال له:
ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: ليخبرني الملك أو ليسألني عما أحب. فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلمه. فأخبره بالذي وجه إليه فيه. قال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح. قال: فأته. اسأله عما سألتك عنه. ثم أنبئني بتفسيره. فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح، وقد أشفى على الضريح، فسلم عليه ثم كلمه، فلم يرد عليه جوابا. فأنشأ يقول:
أصم أم يسمع غطريف اليمن أم فاز فاز لم به شأو العنن؟
يا فاضل الخطة أعيت من ومن أتاك شيخ الحي من آل سنن
وأمه من آل ذئب بن حجن أزرق بهم الناب صرار الأذن
أبيض فضفاض الرداء والبدن رسول قيل العجم يسري للوسن
لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن تجوب به الأرض علنداة شجن «1»
ترفع بي وجنا وتهوي بي وجن «2» حتى أتى عاري الجآجي والقطن «3»
تلفه في الرمح بوغاء الدمن «4» كأنما حثحث من جفني ثكن «5»
قال: فلما سمع سطيح شعره، رفع رأسه، يقول: عبد المسيح على جمل مسيح. إلى(72/220)
سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان، وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلا صعابا وتقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها. يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة. وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
ثم قضى سطيح مكانه، ونهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول:
شهر فإنك ماض الهم شمير لا يفزعنك تفريق وتغيير
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذا الدهر أطوار دهارير
فربما ربما أضحوا بمنزلة يهاب صوتهم «1» الأسد المهاصير
منهم أخو الصرح بهرام وأخوته والهرمزان وسابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور
وهم بنو الأم. إما أن رأوا نشبا فذاك، بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مقرونان في قرن والخير متبع والشر محذور
فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بما قال له سطيح. فقال كسرى: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا كانت أمور وأمور. فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان.
تابعه عبد الرحمن بن عبد الله بن يزيد عن علي بن حرب، وهو غريب لا نعرفه إلا من حديث مخزوم بن هانىء عن أبيه تفرد به أبو أيوب البجلي.
وقوله: ارتجى: تزلزل. والموبذان: عالم المجوس. والمرازبة: جمع مرزبان، وهم الرؤساء المقدمون. ومشارف الشام: القرى التي بين بلاد الشام وجزيرة العرب سميت بذلك لإشرافها على السواد.... «2» أشرف. والضريح: القبر. والغطريف: السيد. وفاز فازلم:
مات.... «3» وشأو: سبق. والعنن: الموت الذي يعنن، أي يعترض. وقوله: أزرق أراه أورق. ويهم الناب: أي حديد الناب، ويقال: يهو بالواو، وهو في معناه، يقال: سيف فهو أي(72/221)
حديد. والفضفاض: الواسع. وبدن فضفاض أي كثير اللحم، ويكنى بالزاد عن لابسه، والمراد يدهو. والقيل: الملك بلغة حمير، والوسن: النوم، أي لأجل المنام. وتجوب: تقطع.
والعلندات: البعير القوي، والشجن: ويقال: الشزن: العي. والوجن والوجن: الأرض الغليظة الصلبة. والجآجىء جمع جوجوء وهو عظام الصدر والعطن مثله. ويروى: القطن بالقاف وهو اللحمة التي بين الوركين وهو المنزل. وحثحث هيأ البعير للسير. واستحث. وحضنا ثكن:
جنباه، وهو جبل معروف. والمسيح: المسرع المجد. والهراوة. وغاض الماء أي ذهب.
والشمير: المشمر في الأمور. وأفرطهم: جاوزهم وفاتهم. والأطوار: الحالات المتغايرة، والدهارير: جمع الدهر، يعني أنه يتقلب بين حالين نعيمي وبؤسي.
والمهاصير جمع مهصار وهو الأسد المفترس. وأولاد العلات الذين يكونون من أب واحد وأمهات شتى. والشب «1» : المال.
بلغني أن سطيحا ولد في أيام سيل العرم، وتوفي في العام الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه عاش خمسمئة سنة، وقيل: ثلاثمائة سنة.
[9844] الربيع بن زياد بن سابور ويقال: ابن سليم بن سابور الحرشي، مولاهم، الكاتب
كان حاجبا لهشام بن عبد الملك، وكان على خاتمه وحرسه.
وحكى عن هشام.
حكى عنه: علي بن محمد المدائني. وأظنه لم يلقه.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق أنا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا. نا خليفة بن خياط «2» قال في تسمية عمال هشام: الخاتم: الربيع «3» بن زياد بن سابور، مولى بني الحريش، الحرس: نصير مولاه، ثم عزله وولى الربيع بن زياد مع الخاتم «4» وذكر أبو الحسين الرازي: أن الربيع بن زياد كان كاتبا لهشام بن عبد الملك على الرسائل والخاتم.(72/222)
[المستدرك من حرف السين]
ذكر من اسمه: سليمان
[9845] سليمان «1» بن يسار أبو عبد الرحمن ويقال: أبو عبد الله ويقال أبو أيوب أخ عطاء وعبد الله مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
من أهل المدينة.
روى عن زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وميمونة، وعبيد الله [وعبد الله والفضل] «2» بني العباس، وأبي هريرة، والمقداد بن الأسود، وحسان بن ثابت، وأبي سعيد الخدري، وأبي واقد الليثي، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، ومالك بن [أبي] «3» عامر.
روى عنه الزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن أبي حبيب، وأسامة بن زيد الليثي، وبكير بن عبد الله بن الأشج، ونافع مولى ابن عمر، وأبو النّضر «4» سالم موسى عمر بن عبيد الله التيمي، ويعقوب بن عتبة، وخالد بن أبي
__________
[9845] ترجمته في تهذيب الكمال 8/119 وتهذيب التهذيب 3/427 وطبقات ابن سعد 5/174 والتاريخ الكبير 4/41 والجرح والتعديل 2/1/149 وحلية الأولياء 2/190 ووفيات الأعيان 2/399 وتذكرة الحفاظ 1/85 وسير أعلام النبلاء 4/444 والوافي بالوفيات 15/443 والعبر 1/131 والبداية والنهاية 9/244. وبالأصل:
ابن عبد الله، خطأ، والصواب عن تهذيب الكمال وسير الأعلام.(72/223)
عمران، وعبد الله بن سعد الأنصاري، وأخوه عطاء بن يسار، وميمون بن مهران.
وقدم دمشق وافدا على الوليد بن عبد الملك، وروى خطبة عمر «1» بالجابية، ولم يشهدها.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر، أنبأ أبو عثمان البحيري، أنبأ زاهر بن أحمد، أنا إبراهيم بن عبد الصّمد، نا أبو مصعب، نا مالك، عن نافع، عن سليمان بنيسار، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها»
[14171] قلت: ترك الصلاة قبل ذلك من الشهر فإذا خلعت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر «2» بثوب، ثم لتصلّي
[14172] .
أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البنّا، قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أحمد ابن عبيد بن الفضل- إجازة- ح، قالا: وأنا أبو تمام علي بن محمد- إجازة- أنبأ أحمد بن عبيد قراءة، أنبأ محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد، نا أبو بكر بن [أبي] «3» خيثمة، نا يحيى ابن معين، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن سليمان بن يسار قال: ركبت أنا وعمر بن عبد العزيز ومعنا عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز نريد «4» دير مرّان «5» وبها الوليد بن عبد الملك، وقال عبد الملك بن عمر: أرأيت المرأة تطلق ثم تحيض الثالثة قلت: قد حلت، فقال عبد الملك: فأين ما تذكر عن ابن عباس، فقال: ذرنا منك نحدّث عن زيد بن ثابت، ومعاوية بن [أبي] «6» سفيان، ثم تأتينا بابن عباس.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاري، أنا أبو محمد التميمي [أنا أبو محمد بن أبي نصر] «7» أنا أبو الميمون البجلي، نا أبو زرعة «8» ثنا.(72/224)
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب، حدّثني عبد الرحمن بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم، عن أبي جابر قال: قدم علينا سليمان بن يسار فدعاه أبي إلى الحمام وصنع له طعاما. أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا ابن أبي إسحاق، وأبو بكر بن أحمد ابن الحسين القاضي، قالوا: حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة، عن عبد الله بن أبي لبيد، عن ابن «1» سليمان بن يسار، عن أبيه أن عمر بن الخطاب قام بالجابية للناس خطيبا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا كقيامي فيكم، فقال: «أكرموا أصحابه ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب، حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا فمن سرّه بحبحة الجنة فليكرم الجماعة، ومن سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن»
[14173] . هذا مرسل.
أخبرنا عاليا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النقور، وأبو القاسم بن البسري «2» ، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو القاسم البغوي، نا لوين، نا ابن عيينة، عن ابن أبي لبيد، عن ابن سليمان بن يسار، عن أبيه قال:
قام عمر بالجابية فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم كقيامي فيكم، فقال: «أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، فمن سره بحبحة الجنة فليكرم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ «3» وهو من الاثنين أبعد، ألا لا يخلونّ رجل بامرأة فإنّ الشيطان ثالثهما، من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن»
[14174] .
قال: ونا لوين قال: سمعت ابن عيينة مرة أخرى يحدّث بهذا الحديث عن ابن أبي لبيد، عن سليمان بن يسار ولم يذكر ابنه، اسم ابن [سليمان بن] «4» يسار عبد الله.
أخبرنا أبو سعد محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي.... «5» الأبيوردي أنا أحمد بن(72/225)
علي بن عبد الله بن خلف أنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأ أبو علي المذكر محمد بن علي بن عمر، نا عتيق بن محمد، نا سفيان، عن عبد الله بن أبي لبيد، عن عبد الله بن سليمان بن يسار، عن أبيه أن عمر بن الخطاب خطب الناس بالجابية، فقال في خطبته: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كقيامي فيكم، فقال: «أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى يشهد الرجل وما استشهد، ويحلف وما استحلف، ألا لا يخلونّ رجل بامرأة فإنّ ثالثهم الشيطان، ألا من سرّه بحبحة الجنّة فليكرم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذّ، فهو مع الاثنين أبعد، ومن سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن»
[14175] .
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا، قالا: أنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مجالد الواسطي- إجازة- أنا أبو الحسن علي بن محمد بن خزفة «1» ، أنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، أنا مصعب بن عبد الله قال:
سليمان بن يسار كان مقدما في الفقه والعلم، وكان نظير سعيد بن المسيّب، وكان مكاتبا لميمونة ابنة الحارث ابن حزن زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدى وعتق، وهبت «2» ميمونة، ولاءه لعبد الله بن عباس وهي خالة عبد الله بن عباس.
أخبرنا أبو محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن منده، أنا الحسن بن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد بن عبيد «3» ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمد بن سعد «4» قال في الطبقة الثانية من أهل المدينة: سليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث الهلالية. قال الهيثم بن عدي: يكنى أبا عبد الله توفي سنة مائة. قال الواقدي: لم أر بينهم اختلافا أنه توفي سنة سبع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، ويكنى أبا أيوب، وكان ينزل في بني حديلة.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «5» قال في الطبقة الأولى من أهل المدينة: سليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم. يقال إن سليمان نفسه كان مكاتبا لها.(72/226)
أخبرنا عبد الله بن إدريس، ووكيع بن الجراح، عن مالك بن أنس، عن الزهري أن أبا عبد الرحمن سأل زيد بن ثابت، قال «1» : وهو سليمان بن يسار، وقال محمد بن عمر:
لم أر بين أصحابنا اختلافا أن سليمان كان يكنى أبا أيوب «2» ، وكان ينزل في بني حديلة، وقد ولي سوق المدينة لعمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ والي المدينة للوليد بن عبد الملك، وقد روى سليمان عن زيد بن ثابت، وأبي واقد الليثي، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله، وعبيد الله ابني العباس، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة، وعروة بن الزبير، وكان ثقة، عاليا، رفيعا، فقيها «3» ، كثير الحديث، ومات سليمان بن يسار سنة سبع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة. وقال غير «4» محمد بن عمر توفي سليمان سنة ثلاث ومائة في خلافة يزيد بن عبد الملك.
أنبأنا أبو الغنائم «5» محمد بن علي، ثم حدثنا أبو الفضل الحافظ، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي- واللفظ له- قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد بن الحسن، قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل «6» ، أنا محمد بن إسماعيل قال «7» :
سليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث بن حزن، وهو أخو عطاء بن يسار، سمع ابن عباس، وأبا هريرة، وأم سلمة، روى عنه الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري. قال علي: كنيته أبو أيوب، وقال عبد الله عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد قال: سليمان بن يسار أفهم «8» عندنا من سعيد بن المسيب، ولم يقل أعلم، ولا أفقه.
قال: ونا الوليد «9» ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قدم علينا سليمان بن يسار، فدعاه أبي إلى منزله، فصنعنا له طعاما وحماما ودخله واطّلى.(72/227)
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أنا محمد بن الحسن بن محمد، نا أحمد ابن الحسين، نا عبد الله بن محمد، نا محمد بن إسماعيل قال: وسليمان مولى ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، قال علي: كنيته أبو تراب «1» ، وهم أخوة: سليمان، وعطاء، وعبد الملك بنو «2» يسار.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل محمد بن طاهر، أنا مسعود بن ناصر، أنا عبد الملك بن الحسن، أنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: سليمان بن يسار أبو أيوب، فقال الهيثم بن عدي: أبو عبد الله أخو عطاء، وعبد الله، وعبد الملك، موالي ميمونة بنت الحارث بن حزن، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، الهلالي، المديني، سمع ابن عباس، وأبا هريرة، وعائشة، وعراك بن مالك، في رواية الزهري، وعبد الله بن دينار، وبكير بن الأشج، وعمرو بن ميمون بن مهران في الوضوء والحج والزكاة، وغير موضع، مات سنة أربع وتسعين، وقال عمرو بن علي: مات سنة سبع ومائة، وقال أبو عيسى مثل عمرو، فقال ابن سعد قال الهيثم: وفي سنة مائة، وقال ابن تميم: مات سنة سبع ومائة.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «3» في باب يسار: أوله يا معجمة باثنتين «4» من تحتها وسين مهملة: سليمان بن يسار أبو أيوب أخو عطاء أحد فقهاء أهل المدينة، وكان يقال: هو أفهم من سعيد بن المسيب، سمع أبا هريرة، وابن عباس، وأم سلمة، روى عنه عبد الله بن دينار، ونافع «5» مولى ابن عمر، وابن شهاب، ويحيى بن سعيد.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب، حدثني محمد بن عبد الرحيم قال: قال علي:
كنية سليمان ابن يسار أبو أيوب.(72/228)
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أبو الفضل بن البقّال، أنا أبو الحسن بن الحمامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول:
سمعت علي بن المديني يقول: سليمان بن يسار يكنى أبا أيوب.
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس، أنا أحمد بن منصور بن خلف، أنا أبو سعيد [بن] «1» حمدون، أنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو أيوب سليمان بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، سمع ابن عباس، وأبا هريرة، روى عنه الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر، أنا الخصيب، أخبرني عبد الكريم، أخبرني أبي قال: أبو أيوب سليمان بن يسار أحد الأئمة.
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه الله، قال «2» : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأ أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر «3» ، أنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر، نا أبو بكر أحمد بن محمد أبو بشر الدولابي قال «4» : أبو أيوب سليمان بن يسار مولى ميمونة.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي في كتابه، أنبأ أبو بكر الصفار، أنا أحمد بن علي ابن منجويه، أنا أبو أحمد الحاكم قال «5» : أبو عبد الله ويقال أبو أيوب، ويقال أبو عبد الرحمن سليمان بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة بنت الحارث بن حزن «6» الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أخو عطاء، وعبد الملك، وعبد الله، سمع ابن عباس، وأبا هريرة، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابن شهاب «7» ، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري.(72/229)
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأ أحمد بن عبد الملك، أنبأ أبو الحسن بن السقا، وأبو محمد بن بالويه، قالا: نا محمد بن يعقوب، نا عباس بن محمد قال: سألتيحيى عن حديث سفيان بن عيينة، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن أبي عبد الرحمن، عن زيد بن ثابت قال: لا يحل له إلا من الباب الذي خرجت منه؛ من أبو عبد الرحمن هذا؟
قال: يقولون هو سليمان بن يسار، قلت: ما تقول؟ قال: يقولون هو سليمان بن يسار.
وقال في موضع آخر، قد روى الزهري عن سليمان أبي «1» عبد الرحمن، يحسبونه سليمان بن يسار.
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد، ثنا نصر بن إبراهيم، أنا سليم بن أيوب، نا طاهر ابن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم بن أحمد، نا يزيد بن محمد «2» بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: سليمان بن يسار مولى ميمونة، يكنى أبا عبد الرحمن، وأخوه عطاء بن يسار.
كتب إلي أبو بكر عبد الغفّار بن محمد، وأخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب عنه.
ح وأخبرتنا فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلويه «3» قالت: أنا أبو بكر الخطيب، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري «4» ، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة.
ح وأخبرنا أبو سعد عبد الله بن سعد بن أحمد بن محمد بن حيان، أنا محمد بن عبيد ابن محمد، أنا أبو عمر محمد بن الحسين، أنا أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود، أنبأ علي ابن حرب، نا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار قال: أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم نوفف «5» المولى.(72/230)
أخبرنا أبو القاسم الشحامي، نا أبو بكر البيهقي، أنا أبو علي الروذباري.
ح وأخبرنا محمد بن عبد الجبار بن محمد، أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسين.
ح وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد، وأبو «1» بكر محمد بن شجاع، قالا: أنا [أبو] «2» محمد التميمي، قالا: أنا أبو الحسين بن بشران، ثنا سعدان بن نصر، نا أبو معاوية، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن سليمان بن يسار، عن عائشة قال: استأذنت عليها «3» فقالت: من هذا؟ فقلت: سليمان، قالت كم «4» بقي عليك من مكاتبتك؟ قلت: عشرة أواق، قالت: ادخل فإنك عبد ما بقي عليك درهم.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن. ح وأخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد، أنا أبو الحسن الّلنباني «5» ، قالا: أنا أبو بكر بن أبي الدنيا.
قالا: نا محمد بن سعد «6» ، أنبأ محمد بن عمر، حدثني هشام بن سعد، حدثني الزهري قال: وسمعت سليمان بن يسار يقول: كنا نجالس زيد بن ثابت أنا وسعيد بن المسيب وقبيصة بن ذؤيب، ونجالس ابن عباس فأما أبو هريرة فكان سعيد أعلمنا «7» بمسنداته لصهره منه.
أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس الأصم، ثنا يحيى بن يونس الفارسي، نا إسماعيل بن أبي أويس، وعيسى بن مينا.
ح وأخبرنا أبو المعالي أيضا، أنا أبو بكر.(72/231)
[ح] «1» وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، وأبو سعد محمد ابن علي الرستمي، قالوا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «2» ، حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد المصري، قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد قال:
قال أبو الزناد: أدركت من فقهاء المدينة وعلمائهم ممن يرضى «3» وينتهى «4» إلى قولهم- وفي رواية ابن أبي أويس وصاحبه: أن أباه قال: كان ممن أدرك من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم، وقالوا: - سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار في مشيخة- رآه البيهقي: أجلّة «5» وقالوا- سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل.
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك، وأبو الحسن مكي بن أبي طالب، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف، أنبأ أبو عبد الله الحافظ، أنا أحمد بن علي المقرىء، أنا العوّام محمد بن عبد الله بن عبد الجبّار المرادي- بمصر- نا خالد بن نزار الأيلي، حدّثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال:
أدركت من فقهائنا الذي «6» ينتهى إلى قولهم: سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله، وسليمان بن يسار، وهم أهل فقه وصلاح وفضل. أخبرنا أبو محمد هبة الله «7» بن محمد الأنصاري، نا عبد العزيز بن أحمد التميمي، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنا أبو «8» ميمون، نا أبو زرعة «9» حدثني أحمد بن شبّويه «10» ، نا(72/232)
إسماعيل بن أبي أويس، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه أنه أدرك من فقهاء [أهل] «1» المدينة وأهل العلم بالسنن ومن ينتهى إليه ويرضى به ولا يدفع قوله، ولا يجد «2» عنه مذهبا منهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله، وسليمان بن يسار.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي، وأبو يعلى حمزة بن علي البزار، قالا:
أنبأ سهل بن بشر، أنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد، أنا الحسن بن رشيق، أنا أبو عبد الرحمن النسائي، قال في تسمية فقهاء أهل الحديث من التابعين: سعيد بن المسيب، وعروة ابن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار، وذكر غيرهم.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم.
ح وأخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا عبد الوهاب بن محمد، أنا أبو محمد الحسن ابن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد بن عمر، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا.
قالا: ثنا محمد بن سعد «3» ، أنبأ محمد بن عمر، نا هشام بن سعد، عن الزهري قال لزمت سعيدا- يعني ابن المسيب- وكان هو الغالب على علم المدينة، والمستفتى «4» هو وسليمان بن يسار وكان من العلماء.
قرأت على أبي الفضل ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الحصيب ابن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أنا قتيبة بن سعيد، نا سفيان، عن عمرو، عن الحسن بن محمد قال: سليمان بن يسار أفهم عندنا من سعيد بن المسيب «5» .
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن(72/233)
الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «1» ، نا أبو بكر الحميدي «2» ، ثنا سفيان، نا عمرو بن دينار، أخبرني الحسن بن محمد قال: سليمان بن يسار أفهم عندنا من سعيد بن المسيّب، ولم يقل أفقه.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر «3» بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحسين بن الفهم.
ح وأخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن منده، أنا الحسن بن محمد، أنا أحمد ابن محمد، ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا.
قالا: ثنا محمد بن سعد «4» ، أنا محمد بن عمر، حدّثني- وقال ابن أبي الدنيا «5» :
سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: سمعت الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب يقول: سليمان بن يسار أفهم عندنا من سعيد «6» بن المسيّب. أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا محمد بن هبة الله، أنا محمد بن.... «7» ، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «8» ، نا محمد بن أبي زكير «9» ، أنا ابن وهب، حدثني مالك قال: كان سليمان بن يسار من علماء الناس بعد سعيد بن المسيّب، وكان كثيرا ما يوافق سعيدا، قال: وكان «10» سعيد لا يجترأ عليه.
أخبرنا أبو البركات الحاسب، أنا الحسن بن علي، أنا محمد بن العباس، أنا أبو الحسن الخشّاب «11» ، أنبأ الحسين بن الفهم.(72/234)
ح وأخبرنا أبو بكر الأصبهاني، أنا أبو عمرو بن محمد، أنبأ أبو محمد الحسن بن محمد، أنا أبو الحسن اللنباني «1» ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا.
قالا: نا محمد بن سعد «2» ، أنا محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن يزيد الهذلي قال:
سمعت سليمان بن يسار يقول: سعيد بن المسيب. بقية الناس، وسمعت السائل يأتي سعيد بن المسيب فيقول: اذهب إلى سليمان بن يسار فإنه أعلم من بقي اليوم.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر، أنا أبو بكر بن أبي القاسم، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا أبو محمد بن درستويه، نا يعقوب «3» ، نا ابن بكير، حدثني الليث عن «4» يزيد بن أبي حبيب أن رجلا سأل سعيد بن المسيب عن شيء، فقال: سألت أحدا غيري؟ فقال:
نعم، قال: من هو؟ قال: عطاء بن يسار، قال: فما قال لك؟ قال: كذا وكذا، قال: فاذهب إلى سليمان بن يسار فاسأله ثم أخبرني ما قال [لك] «5» قال: فسأله قال: الأمر فيه كذا وكذا، فأخبرت ابن المسيّب، فقال ابن المسيّب: عطاء قاضي «6» ، وسليمان مفتي «7» .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي «8» ، أنا أبو عمر محمد بن العباس، أنا أبو الحسن أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم.
ح وأخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن مندة، نا الحسن بن محمد، نا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا.
قالا: نا محمد بن سعد «9» ، أنا محمد بن عمر، نا سعيد بن بشير، وخليد بن دعلج، عن قتادة قال: قدمت المدينة فسألت من أعلم أهلها بالطلاق؟ فقالوا: - وفي حديث ابن أبي الدنيا: فقيل، - سليمان بن يسار.(72/235)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين القطان، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «1» ، نا يونس بن «2» عبد الأعلى، أخبرني أشهب صاحب مالك قال: قال مالك: كان سعيد بن المسيب عالما بالبيوع فقيل له: سليمان «3» بن يسار قال: لم أسمع عن سليمان فيها بعلم «4» ، وقد كان علم وسمع.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن الكتاني، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة «5» ، أخبرني «6» الحارث بن مسكين، عن ابن وهب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر [ابن الطبري] «7» ، أنا أبو الحسين، أنا عبد الله، نا يعقوب «8» ، نا محمد بن أبي زكير «9» ، أنا ابن وهب. نا مالك قال: كان سليمان بن يسار من «10» أعلم أهل هذه البلدة بالسنن، وكان من علماء الناس، فكان- زاد يعقوب يكون «11» يقول- في مجلسه فإذا كثر فيه الكلام وسمع اللغط أخذ نعليه ثم قام عنهم، قلت لمالك: وهو في «12» مجلسه؟ قال: نعم، وكان ابن المسيّب رجلا شديدا يحصب الناس بالحصباء «13» .
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، وأبو عبد الله الحسين بن محمد، قالا:
أنا أبو الحسين بن الطيوري، وثابت بن بندار بن إبراهيم، قالا: أنا الحسين بن جعفر- زاد(72/236)
ابن الطيوري: وابن عمه محمد بن الحسن بن محمد، قالا: أنا الوليد بن [بكر] «1» أنا علي بن أحمد بن زكريا، أنا صالح بن أحمد بن صالح، حدثني أبي قال «2» : سليمان بن يسار مديني، تابعي، ثقة، وكان فقيها، كان الحسن بن محمد بن الحنفية يقول: سليمان بن يسار أفهم «3» عندنا من سعيد بن المسيب.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أحمد بن عبد الملك، أنا علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد، ثنا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى ابن معين يقول: سليمان بن يسار ثقة «4» .
أخبرنا أبو غالب «5» أحمد، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن ابن البنا، قالا: أنا أبو الحسن محمد بن محمد الواسطي إجازة، أنا علي بن محمد بن خزفة «6» ، أنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني «7» ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سليمان ثقة، وبشير بن يسار ثقة، وليس هو أخو سليمان بن يسار.
في نسخة ما شافهني بها أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة.
ح قال: وأنا أبو طاهر الهمداني، أنا أبو الحسن.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «8» : سئل أبو زرعة، عن سليمان بن يسار فقال:
مدني، ثقة، مأمون، فاضل [عابد] «9» .
أنبأنا أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف، أنا المبارك بن عبد الجبار، أنبأ محمد بن علي بن الفتح، أنا محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي، أنا الحسين بن(72/237)
صفوان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: قال محمد بن الحسين، نا أبو مروان الضرير، نا ابن أبي الزناد، عن أبيه قال «1» : كان سليمان بن يسار يصوم الدهر، وكان عطاء بن يسار يصوم يوما ويفطر يوما.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري، أنا أبو بكر الشافعي، نا جعفر بن محمد بن الأزهر، نا العلاء.
ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو العلاء الواسطي، أنا أبو بكر البابسيري «2» ، أنا الأحوص بن المفضّل، أنا مصعب بن عبد الله، حدثني مصعب ابن عثمان «3» قال: كان سليمان بن يسار من أحسن الناس وجها فدخلت عليه امرأة فسامته نفسه فامتنع عليها فقالت: إذن أفضحك فخرج إلى خارج وتركها إلى منزله وهرب منها، قال سليمان فرأيت بعد يوسف عليه السلام فيما يرى النائم، فكأنّي أقول له: أنت يوسف [قال:
نعم، أنا يوسف] «4» الذي هممت؟ فقال: وأنت سليمان الذي لم تهمّ.
ح قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمد، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل، نا محمد بن الحسين بن محمد، نا ابن أبي خيثمة، نا مصعب بن عبد الله، نا مصعب بن عثمان قال: كان سليمان بن يسار من أحسن الناس وجها، فخدلت عليه امرأة مستفتية فسامته نفسه فامتنع عليها وذكّرها فقالت له لئن لم تفعل لأشهّر بك أو لأفضحنّك. فخرج وتركها في البيت، قال: فرأى في منامه يوسف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فقلت له:
أنت يوسف؟ قال: أنا يوسف الذي هممت، وأنت سليمان الذي لم تهم.
أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا ابنا، قالا: أنا أبو الحسن بن محمد بن مخلد، أنا علي بن محمد بن خزفة، أنا أبو عبد الله الزعفراني، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة، فذكره إلا أنه قال: لأشهرنك و ... «5» بك، وقال: فقال له: أنت يوسف.(72/238)
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنا أبو نعيم الحافظ «1» ، أخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه وحدثني عنه محمد بن إبراهيم، نا أبو العباس بن مسروق، نا محمد بن الحسين، نا محمد بن بشر الكندي، نا عبد الرحمن بن جرير بن عبيد بن حبيب بن يسار الكلابي حدثني «2» عن أبي حازم قال: خرج سليمان بن يسار حاجّا من المدينة ومعه رفيق له حتى نزلوا بالأبواء «3» فقال رفيقه وأخذ السفرة وانطلق إلى السوق يبتاع لهم، وقعد سليمان في الخيمة، وكان من أجمل الناس وجها، وأورع الناس، فبصرت به أعرابية من قلّة الجبل «4» وهي في خيمتها، فلما رأت حسنه وجماله انحدرت عليه وعليها البرقع والقفازان، فجاءت فوقفت «5» بين يديه فأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر. فقالت: أهيئني «6» فظن أنها تريد طعاما، فقام إلى فضل السفرة ليعطيها، فقالت: لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله، فقال: جهزك إلي إبليس، ثم وضع رأسه بين كميّه وأخذ في النحيب، فلم يزل يبكي، فلما رأيت ذلك سدلت البرقع على وجهها ورفعت رجليها [بأكواب] «7» حتى رجعت إلى خيمتها، فجاء رفيقه وقد ابتاع لهم ما يرفقهم، فلما رآه قد انتفخت عيناه من البكاء وانقطع حلقه، قال: ما يبكيك؟ قال: خير ذكرت صبيتي قال: لا، ألاإن لك قصة، إنما عهدك [بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها، فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بشأن الأعرابية، فوضع السفرة وجعل] «8» يبكي بكاء شديدا، فقال له سليمان: أنت ما يبكيك؟ قال أنا أحق بالبكاء منك، قال: ولم؟ قال: لأني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرت عنها، قال: فما زالا يبكيان، قال: فلما انتهى سليمان إلى مكة فطاف وسعى، أتى الحجر واحتبى بثوبه فنعس، فإذا رجل وسيم جميل طوال شرجب له شارة حسنة، ورائحة طيبة، فقال له سليمان: من أنت رحمك(72/239)
الله؟ قال: أنا يوسف بن يعقوب قال: يوسف الصديق؟ قال: نعم، قال: إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لشأنا عجيبا، فقال له يوسف: شأنك وشأن صاحبة الأبواء أعجب.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، وعلي بن المسلّم الفقيهان، قالا: أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد «1» ، أنبأ جدي أبو بكر، أنا أبو بكر الخرائطي، نا أحمد بن جعفر، نا يحيى بن أيوب، نا يحيى بن بكير قال: كان سليمان بن يسار [يقول] «2» تودّد الناس واستعطافهم نصف الحلم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب، أنبأ محمد بن الحسن بن محمد، أنا أحمد ابن الحسين بن زنبيل، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الخليل، نا محمد بن إسماعيل، حدثني الأويسي يعني عبد العزيز بن عبد الله قال: وحدّثني جرير بن أبي حازم، عن ابن أبي حرملة قال: كان الناس يصمتون إلا كربا «3» حتى استعمل سليمان بن يسار على السوق.... «4» ذلك.
قال محمد بن إسماعيل وقد سمع أسامة بن زيد «5» من سليمان مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: لم يصح.
قال: ونا محمد بن إسماعيل «6» ، حدثني هارون بن محمد قال: سمعت بعض أصحابنا «7» قال: مات سليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وأبو بكر ابن عبد الرحمن، يقال: سنة «8» الفقهاء، سنة أربع وتسعين، ومات عروة بن الزبير سنة تسع أو سنة إحدى ومائة.
ح قرأت على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن أبي الحسن بن مجالد، أنا أبو(72/240)
الحسن علي بن محمد بن خزفة «1» ، أنا محمد بن الحسين الزعفراني، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سليمان بن يسار مات سنة سبع ومائة، ويقال:
سنة أربع وتسعين.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي «2» ، نا أبو الحسين «3» بن المهتدي.
ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفراء، أنا أبي أبو يعلى، قالا: أنا أبو القاسم الصيدلاني، أنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري حدّثكم الهيثم بن عدي.
ح وأخبرنا «4» أبو سعد «5» المطرز وأبو علي الحداد، وأبو القاسم غانم بن محمد البرجي.
ح وأخبرنا أبو المعالي.... «6» أنا أبو علي الحداد قالوا: أنا أبو نعيم.
ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، قالا: أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا.... «7» محمد، نا الهيثم بن عدي قال: سليمان بن يسار مولى ميمونة، سنة مائة «8» - يعني مات-.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي محمد التميمي، أنا مكي بن محمد، أنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الهيثم: وفي سنة مائة مات سليمان بن يسار وأبو عثمان النهدي، وشهر بن حوشب، وذكر ... «9» أخبره عن أحمد بن عبيد، عن الهيثم بذلك.(72/241)
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خيّاط قال: وفي سنة أربع ومئة مات سليمان بن يسار مولى ميمونة «1» .
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العز ثابت بن منصور، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون، قالا: أنا محمد بن الحسن بن أحمد، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق، أنا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خيّاط قال «2» : سليمان وعطاء وعبد الملك وعبد الله بنو يسار موالي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي ميمونة بنت الحارث الهلالية، هي أخت أم الفضل، سليمان يكنى أبا أيوب، توفي سنة أربع ومائة. ح قرأت على أبي غالب وأبي عبد الله ابني البنا، عن أبي الحسن بن مخلد، أنا أبو الحسن بن خزفة «3» ، أنا أبو عبد الله الزعفراني، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، أخبرني مصعب بن عبد الله قال «4» : ومات سليمان بن يسار سنة سبع ومائة وهو ابن ثلاث «5» وسبعين سنة.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسن بن لؤلؤ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار، نا أبو حفص الفلّاس، قال: ومات سليمان ابن يسار مولى ميمونة، ويكنى أبا.... «6» ، سنة «7» سبع ومائة، وكان من الفقهاء.
قال الحسن بن محمد بن علي: سليمان بن يسار عندنا أفهم من سعيد بن المسيّب «8» ، ومات سليمان بن يسار عن ثلاث وسبعين سنة. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا محمد بن عبد الله بن الحسن، أنبأ أبو الحسين(72/242)
علي بن محمد بن عبد الله، أنا عثمان بن أحمد بن السماك، أنا محمد بن أحمد بن البراء، قال: قال علي بن المديني: مات سليمان بن يسار سنة سبع ومائة، ويكنى أبا أيوب.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا علي بن أحمد بن محمد بن المغيرة، حدثني أبي، أنا أبو طاهر المخلص إجازة، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمد بن المغيرة، أخبرني أبي، حدثني أبو عبيد القاسم بن سلّام قال: سنة سبع ومائة توفي فيها سليمان بن يسار أبو عبد الله، ويقال أبو أيوب.
ح أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا محمد بن عبيد الله، أنا أبو «1» عبد الله بن مروان، أنا.... «2» أبو عبد الملك، نا سليمان بن عبد الرحمن، نا علي ابن عبد الله التميمي قال: سليمان بن يسار يكنى أبا أيوب، مات سنة سبع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة «3» .
أخبرنا أبو الحسن الخطيب، أنا أبو منصور النهاوندي، نا أبو العباس النهاوندي، أنا أبو القاسم الأشقر، نا أبو عبد الله البخاري، قال: مات يعني سليمان بن يسار سنة سبع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة «4» .
كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا عمي أبو القاسم، عن أبيه أن عبد الله قال: قال أنا أبو سعيد بن يونس: سليمان بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يكنى أبا أيوب، مديني، دخل مصر لغزو أفريقية مع معاوية بن خديج سنة خمسين، توفي بالمدينة سنة سبع ومائة.
ح قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا مكي بن محمد، أنا أبو سليمان الربعي قال: وفيها يعني سنة سبع ومائة مات سليمان بن يسار، يكنى أبا أيوب، وهو مولى ميمونة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
وقال ابن بكير: مات سليمان بن يسار سنة سبع «5» ومائة.(72/243)
[9846] سليمان أبو الربيع
حدث عن القاسم بن عبد الرّحمن.
روى عنه معاوية بن صالح.
وهو سليمان بن عبد الرّحمن تقدم ذكره.
[9847] سليمان الطيّار مولى ثقيف، من أهل العراق، وفد على الوليد بن عبد الملك بخبر وفاة الحجاج بن يوسف له ذكر.
[9848] سليمان أبو أيوب الخوّاص
أحد الزهاد المعروفين، والعباد الموصوفين، سكن الشام، وكان أكبر مقامه ببيت المقدس، ودخل بيروت.
حكى عنه سعيد بن عبد العزيز، ومحمد بن يوسف الفريابي، وحذيفة المرعشي «1» ، ويوسف بن أسباط «2» .
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن الكتاني «3» ، أنا تمام بن محمد، أنا جعفر بن محمد، نا أبو «4» زرعة قال في تسمية نفر أهل زهد وفضل: سليمان الخواص.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله «5» ، ثنا محمد بن أحمد ابن عمر، نا أبي، نا أبو بكر بن سفيان، نا محمد بن هارون، حدثنا يعقوب بن كعب، حدثني إسحاق رجل من أهل الشام، قال:
كان سليمان الخوّاص ببيروت، فدخل عليه سعيد بن عبد العزيز فقال: ما لي أراك في الظلمة؟ قال: ظلمة القبر أشد، قال: فما لي أراك وحدك ليس لك رفيق؟ قال: أكره أن يكون
__________
[9848] ترجمته في حلية الأولياء 8/276 وسير أعلام النبلاء 8/178.(72/244)
لي رفيق لا أقدر أن أقوم بحقه «1» ، فقال له سعيد: خذ هذه الدراهم فأنا «2» لك بها يوم القيامة قال: يا سعيد إن نفسي لم تجبني إلى هذا الذي أجابتني إليه إلا بعد كد «3» ، فأنا أكره أن أعوّدها مثل دراهمك هذه «4» فمن لي بمثلها إذا أنا احتجت إليها؛ لا حاجة لي فيها، يذكر سعيد ذلك للأوزاعي، فقال: دع سليمان، فإنه لو كان من السلف لكان علّامة «5» .
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا أبو بكر الخطيب «6» ، أنا أحمد بن محمد العتيقي، وعلي بن المحسن «7» التنوخي، قالا: نا عمر بن محمد بن علي، نا أحمد بنالحسين بن إسحاق الصوفي قال: سمعت سري بن المغلّس السّقطي «8» يقول: أربعة كانوا في الدنيا أعملوا أنفسهم في طلب الحلال، فلم يدخلوا أجوافهم إلا الحلال، فقيل: من هم يا أبا الحسن؟ قال: وهيب بن الورد، وشعيب بن حرب، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخوّاص.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني جعفر بن محمد، حدثني الجنيد بن محمد قال «9» : سمعت السّري بن المغلّس يقول: كان أهل الورع في وقت من الأوقات أربعة: حذيفة المرعشي، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخوّاص فنظروا إلى الورع، فلما ضاقت عليهم الأمور فزعوا إلى التقلّل- أو قال: التذلّل-.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا رشأ ابن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا يحيى بن المختار، نا محمد بن حميد الخوّاص قال: قال لي بشر بن(72/245)
الحارث يوما:.... «1» أربعة: سفيان الثوري، ويوسف بن أسباط «2» ، وسليمان الخوّاص، وإبراهيم بن أدهم.
أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين، وأبو الحسين محمد بن محمد الفرّاء، قالا: أنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد الخياط، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد بن السماك، نا الحسن بن عمرو قال: سمعت بشرا يقول: العلم علم سفيان، والخبر خبر هؤلاء الخمسة: وهيب العابد «3» ، وسليمان الخوّاص، وحذيفة، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط.
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد بن «4» العباس، نا علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن القزويني الزاهد «5» إملاء قال: قرأت على يوسف بن عمر قلت:
حدثكم أبو عيسى السمسار وهو حمزة بن الحسين قراءة من لفظه، نا أحمد بن عبد الله الحداد، نا أبو بكر بن عفان قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: كان عشرة ينظرون في الحلال النظر الشديد لا يدخل بطونهم إلا الحلال، ولو استفّوا التراب: سفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط، وعلي بن فضيل «6» ، وأبو معاوية الأسود «7» ، ووهيب بن الورد، وسليمان الخوّاص، وحذيفة، ورجلين ذهبا عليّ. أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر أحمد بن علي، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله بن نوح النخعي بالكوفة، نا أبو القاسم علي بن محمد بن عبيد بن كثير العامري، أنا أبو أحمد محمد بن عمران بن موسى الصيرفي ببغداد، نا أحمد بن محمد أبو بكر المروزي، حدّثني عبد الصّمد بن محمد بن مقاتل العبّاداني عن بشر بن الحارث قال:
سمعت المعافى بن عمران يقول: كان عشرة فيمن مضى من أهل العلم ينظرون في الحلال(72/246)
النظر الشديد لا يدخلون بطونهم إلّا ما يعرفون من الحلال وإلّا استفّوا التراب، ثم عدّ بشر:
إبراهيم ابن أدهم، وسليمان الخوّاص، وعلي بن فضيل بن عياض، وأبا معاوية الأسود، ويوسف بن أسباط، ووهيب بن الورد، وحذيفة شيخ من أهل حران، وداود الطائي، فعد بشر عشرة، كانوا لا يدخلون بطونهم إلّا ما يعرفون من الحلال وإلّا استفّوا التراب.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ «1» ، ثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، نا جعفر بن محمد بن فضيل «2» ، نا الفريابي قال: كنت في مجلس فيه الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وسليمان الخوّاص، فذكر الأوزاعي الزّهّاد فقال الأوزاعي:
ما نريد أن نرى في دهرنا مثل هؤلاء، فقال سعيد بن عبد العزيز: سليمان الخوّاص ما رأيت أزهد منه، وكان سليمان في المجلس ولا يعلم سعيد، فرفع سليمان رأسه وقام، فأقبل الأوزاعي على سعيد، فقال: ويحك لا تعقل «3» ما يخرج من رأسك، تؤذي جليسنا؟ تزكيه في وجهه؟
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أنا أبو عثمان البحيري، أنا أبو علي زاهر بن أحمد، أنا أبو عبد الله محمد بن المسيّب الأرغياني «4» ، أنا عبد الله بن خبيق «5» الأنطاكي، أنا أبو سهل الدمشقي، عن سعيد بن عبد العزيز قال:
دخلت على سليمان الخوّاص فرأيته جالسا في الظلمة وحده، فقلت له: ما لي أراك جالسا في الظلمة وحدك؟ قال: ظلمة القبر أشدّ يا سعيد، فقلت: ألا تطلب لك رفيقا؟ فقال: أكره أن أطلب رفيقا فلا أقوم بحقّه الذي يجب له عليّ، قلت له: هذا مال صحيح قد أصبته وأنا لك به يوم القيامة، خذه تنفق منه على نفسك وتستر به عورتك، فقال: يا سعيد إنّ نفسي لم تجبني إلى ما رأيت حتى خشيت أن لا تفعل، فإن أخذت مالك هذا ثم نفد فمن لي بمثله صحيح، فتركته، ثم عدت إليه من الغد، فقلت له: رحمك الله إنه بلغني في الحديث أن(72/247)
الرجل لا تستجاب دعوته في العامة حتى يكون نقيّ المطعم، نقيّ الملبس، فادع لهذه الأمة دعوة، فابتدر الباب مغضبا ثم قال: يا سعيد أنت بالأمس فتنتني «1» وأنت اليوم تشهرني قال: فأتيت الأوزاعي فأخبرته بما قلت له، وما قال لي فقال لي الأوزاعي: يا سعيد دع سليمان الخوّاص، ودع إبراهيم بن أدهم، فإنهما لو أدركا محمدا صلى الله عليه وسلم لكانا من خيار أصحاب محمد.
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن أحمد الجوهري، أنا أبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق «2» الحبري، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي، نا محمد بن علي بن سعيد الأرموي، نا محمّد بن سهل الكرماني، نا يوسف بن موسى المروزي، نا محمد بن سلام قال: سمعت ابن يزيد «3» الشامي يقول: دخل سعيد بن عبد العزيز على سليمان الخوّاص فقال له:
أراك في ظلمة- يعني- فقال: ظلمة القبر أشدّ من هذا، قال: أراك وحدك، قال: إن للصاحب على الصاحب حقا، فخفت أن لا أقوم بحقّ صاحبي، قال: فأخرج سعيد صرّة فيها شيء، فقال له: تنفق هذا وأنا أحلف لك بين يدي الله إنها صرّة حلال، قال: لا حاجة لي فيها، فقال له: رحمك الله، ما ترى ما الناس فيه دعوة قال: فصرخ سليمان صرخة وقال: ما لك يا سعيد، أفتنتني بالدنيا وتفتنّي بالدين؟ ما لي والدعاء من أنا؟ قال: فخرج سعيد وأخبر ما كان من سليمان إلى الأوزاعي، فقال الأوزاعي: دعوا سليمان لو كان سليمان من الصحابة كان مثلا.
[قال ابن عساكر:] «4» كذا قال وأظنه سعيد بن بريد «5» أبا عبد الله «6» النّباجي.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا عبد العزيز بن أحمد لفظا.(72/248)
ح أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، وابن «1» السمرقندي، قالا: نا أبو الحسن بن أبي الحديد، قالا: أنا محمد بن نصر، أنا الحسن بن حبيب، نا أبو يعقوب المروزي، نا عبد الله ابن خبيق، نا إسحاق بن إسماعيل الحلبي قال: قال لي الفريابي جئت سليمان الخوّاص وهو بقيسارية، وهو مغطى الوجه بكساء فجرى الحديث إلى أن قلت: قدم علينا رجل فاشترى زيتا فربح فيه كذا وكذا دينارا فكشف سليمان الكساء عن وجهه فقال: ما أكثر فضولك يا محمد أيش.... «2» لهذا الكلام، وما مائة ألف دينار؟ رجل عاش ألف سنة إلا أنه يموت. أنبأنا أبو القاسم الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا الحسين بن صفوان حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: قال محمد بن الحسين.
ح وأخبرنا أبو محمد بن طاووس، أنا عاصم بن الحسن، أنا محمود بن عمر بن جعفر، أنا علي بن الفرج بن علي بن أبي روح، نا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: قال لي محمد ابن الحسين: حدّثني أحمد بن سهل الأردني حدّثني أبو قدامة الرملي قال: قرأ رجل هذه الآية: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً
[سورة الفرقان، الآية: 58] فأقبل علي سليمان الخوّاص فقال: يا أبا قدامة ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره- زاد ابن صفوان: ثم قال انظر كيف قال تعالى:
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ
فأعلمك أنه لا يموت، وأن جميع خلقه يموتون ثم أمرك بعبادته، فقال: وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ
ثم أخبرك أنه خبير بصير، ثم اتفقا-، ثم قال: والله يا أبا قدامة لو عامل عبد الله «3» بحسن التوكل وصدق النية له بطاعته لاحتاجت إليه الأمراء فمن دونهم، فكيف يكون هذا محتاجا؟
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، قالا: نا أبو بكر أحمد بن علي.
ح وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو بكر البيهقي، قالا: أنا أبو الحسين بن بشران، أنا علي بن صفوان، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا، ثنا علي بن أبي مريم، عن موسى بن عيسى قال:(72/249)
اجتمع «1» حذيفة المرعشي وسليمان الخوّاص ويوسف بن أسباط فتذاكروا الفقر والغنى، وسليمان ساكت، فقال بعضهم: الغني من كان له بيت يسكنه، وثوب يستره، وسداد من عيش يكفّه عن فضول الدنيا، وقال بعضهم: الغني من لم يحتج إلى الناس. فقيل لسليمان: ما تقول أنت يا أبا أيوب؟ فبكى ثم قال: رأيت جوامع الغنى في التوكل، ورأيت جوامع الشرّ في القنوط، والغنى حقّ، الغنيّ من أسكن الله في قلبه من غناه يقينا، ومن معرفته توكّلا، ومن عطاياه وقسمه رضى فذلك الغني حقّ الغني وإن أمسى طاويا، وأصبح معوزا، فبكى القوم جميعا من كلامه. أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم وغيرهما، عن رشأ بن نظيف المقرىء [أنا] «2» أبو الحسين الكلبي، أنا أبو الحسن بن جوصا، نا عبد الله بن خبيق، حدّثني أبو يعقوب.... «3» قال: قلت ليوسف بن أسباط: من أفضل سليمان الخوّاص أو إبراهيم بن أدهم؟ قال: سليمان الديباج الخضر و ... «4» يا أبا محمد فإبراهيم قال: كانت الدنيا أهون على إبراهيم بن أدهم من المزبلة.
قال: ونا ابن خبيق قال: قال يوسف: ذهب إبراهيم بن أدهم بالذكر، وذهب سليمان الخوّاص بالعمل.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، ثنا أبو القاسم التنوخي، نا عمرو بن أحمد الآجري، أنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن العلاء، نا زياد بن أيوب، نا أحمد بن أبي الحواري، حدثني مضاء بن عيسى الدمشقي قال: مرّ سليمان الخواص بإبراهيم بن أدهم وهو عند قوم قد أضافوه فقال: يا أبا إسحاق نعم الشيء هذا إن لم يكن تكرمة على دين «5» . أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو «6» الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر(72/250)
المخلص، نا عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد السكري، نا أحمد بن يوسف بن مخلد، نا أحمد بن أبي الحواري، نا أحمد بن وديع قال: قال سليمان الخوّاص من وعظ أخاه المؤمن فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظ على رؤوس الناس فإنما يبكته «1» .
أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب، أنا أبو صاعد يعلى بن هبة الله العقيلي.
ح وأخبرنا أبو محمد الحسن بن أبي بكر بن أبي الرضا، أنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى، قالا: أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد، أنا أبو عبد الله محمد بن عقيل ابن الأزهر بن عقيل الفقيه البلخي، نا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، نا أبو صالح الفراء محبوب بن موسى «2» قال: سمعت أبا إسحاق الفزاري «3» يقول: قال لي سليمان الخوّاص لو دخلت على بعض هؤلاء الولاة لقلت له: اثن بساطك لا أطأ عليه فإنّي كنت أخاف أن يكون وطىء بساطه مرزية، فيلين له قلبي.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم «4» ، نا محمد بن أحمد بن عمر، نا أبي، نا أبو بكر بن سفيان وهو ابن أبي الدنيا، نا محمد بن هارون، نا يعقوب بن كعب، حدثني أبي عن سليمان الخوّاص قال: قيل له: إن الناس قد شكوك «5» أنك «6» تمر ولا تسلّم، فقال: والله ما ذاك لفضل أراه عندي ولكنه شبيه الحسن إن ثورته «7» ثار، وإن قعدت مع الناس جاء مني «8» ما أريد وما لا أريد.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمد الصريفيني «9» ، أنا أبو القاسم بن حبابة، نا أبو القاسم البغوي، نا أحمد بن زهير، نا مؤمل بن إهاب، نا أبو بشر الفقيمي قال:(72/251)
رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وكأن مناديا «1» ينادي لنعم السابقون الأولون، فقام سفيان الثوري، ثم قال: ليقم السابقون الأولون. فقام سليمان الخوّاص، ثم قال: ليقم السابقون الأولون، فقام إبراهيم بن أدهم.
رواه غيره عن ابن أبي خيثمة، فقال: أبو بشر القعنبي. أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد وابن عمه أبو المحاسن عبد الرزّاق بن عبد الله، أنبأ أبو القاسم القشيري، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي علي الحسن بن علي الدقاق قالت: أنا الحاكم أبو عبد الله، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد.... «2» بن عبد الله بن السماك ببغداد، نا أبو علي الحسن بن عمرو السبيعي قال: سمعت بشر بن الحارث يقول:
رئي في المنام مناد ينادي: أين السابقون؟ ليقم سفيان يعني الثوري، ثم نادى ليقم إبراهيم بن أدهم، ثم نادى أين السابقون؟ ليقم سليمان الخوّاص.
أنبأنا أبو عبد الله الفراوي «3» وغيره عن أبي بكر البيهقي، أنا محمد بن عبد الله الحافظ، سمعت أبا أحمد بن أبي بكر المروزي يقول: سمعت محمد بن أيوب يقول:
سمعت القعنبي يقول: سمعت أخي يقول: رأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت، فنادى مناد «4» : أين سفيان الثوري أين سيّد القرّاء، ثم نادى: أين مالك بن أنس؟ أين سيّد العلماء.
ثم نادى مناد «5» : أين سليمان الخوّاص قال: فجاءوا وكان الثوري من أشدهم بشرا.(72/252)
ذكر من اسمه: سليم
[9849] سليم بن أسود بن حنظلة أبو الشعثاء المحاربي الكوفي
حدّث عن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عمر، وحذيفة، وأبي أيوب الأنصاري، وابن عباس، وطارق بن عبد الله المحاربي، ومسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد.
روى عنه ابنه أشعث بن أبي الشعثاء، وأبو مالك الأشجعي سعد بن طارق، والحكم بن عتيبة «1» ، وأبو يحيى حبيب بن أبي ثابت، وإبراهيم بن يزيد النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو العنبس «2» الحارث.
وقدم دمشق، وبها لقي أبا هريرة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمد الصريفيني «3» ، أنا أبو القاسم بن حبابة، نا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا شريك، عن أشعث، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رجلا خرج من المسجد والمؤذن يؤذن أو يقيم، فقال: قد عصى هذا أبا
__________
[9849] ترجمته في تهذيب الكمال 7/474 وتهذيب التهذيب 3/386 والوافي بالوفيات 15/334 والطبقات الكبرى لابن سعد 6/195 والتاريخ الكبير 4/120 والجرح والتعديل 2/1/211 وطبقات خليفة بن خياط رقم 1099 وشذرات الذهب 1/91 وسير الأعلام 4/179.(72/253)
القاسم صلى الله عليه وسلم، إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرجن أحد حتى يصلي.
ح قرأت بخط أبي الحسين الرازي، أخبرني محمد بن جعفر، نا جدي أحمد بن محمد ابن يحيى بن حمزة، نا أبي، عن أبيه يحيى، نا سفيان الثوري، عن عمرو بن قيس، عن أبي مرداس المحاربي، عن أبي الشعثاء المحاربي قال: أوصى طارق بن عبد الله المحاربي بنيه أن ينتقلوا من الكوفة وينزلوا دمشق، ونهاهم أن ينزلوا الفراديس، قال أبو الشعثاء: فخرجت لوصية طارق حتى أقدم دمشق، فلقيت بها أبا هريرة، فأخبرته الخبر، ومعه زياد النميري، فقال: ليس منزل اليوم أحب إلي من برذوني، فإذا قلّت الصفراء والبيضاء وانقطعت لقحة المسلمين فخير الحلل دمشق.
أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرّج «1» ، أنا سهل بن بشر «2» الإسفرايني، نا أحمد بن محمد بن سعيد الطوسي، قالا: أنا محمد بن أحمد بن عيسى، أنا منير بن أحمد ابن الحسن، أنا جعفر بن أحمد بن إبراهيم، أنا أحمد بن الهيثم قال: قال أبو نعيم: أبو الشعثاء المحاربي، اسمه سليم بن الأسود.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، أنا يوسف بن ياج «3» بن.... «4» ، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا محمد بن أحمد بن حماد، نا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو الشعثاء سليم بن الأسود كوفي، ثقة، وهو المحاربي، وهو أبو الأشعث بن أبي الشعثاء، وقد روى عنه إبراهيم النخعي.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، نا أبو الفضل بن خيرون.
ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، قالا: أنا أبو القاسم الأزهري، أنا أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن يعقوب، أنا العباس بن العباس بن محمد الجوهري، أنا صالح بن أحمد بن حنبل، قال: قال أبي: أبو الشعثاء سليم بن أسود، وهو أبو أشعث.(72/254)
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الحسن بن علي، أنا علي بن محمد بن أحمد بن نصير، أنا محمد بن الحسين بن شهريار، ثنا أبو حفص الفلّاس قال:
أبو الشعثاء المحاربي هو سليم بن أسود، سمعت وكيعا يقول: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن سليمان بن أسود أبي الشعثاء.
[قال ابن عساكر:] «1» صوابه: سليم. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسن الحمامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول:
اسم أبي الشعثاء سليم بن أسود، هو أبو أشعث بن أبي الشعثاء.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين [بن] «2» الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «3» ، حدثني محمد بن عبد الله بن نمير قال: أبو الشعثاء سليم ابن أسود المحاربي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد، أنا أبو علي بن الصواف، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبي وعمي، قالا:
أبو الشعثاء المحاربي سليم بن أسود.
أخبرنا أبو البركات محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا، أنا محمد بن سعد «4» قال في الطبقة الأولى من أهل الكوفة: أبو الشعثاء المحاربي واسمه سليم بن أسود، روى عن عبد الله، توفي زمن الحجّاج.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي في كتابه ح، وحدّثنا أبو الفضل الحافظ، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «5» :(72/255)
سليم بن أسود أبو الشعثاء المحاربي، قال: كنت في جيش فيه سلمان، قال: ونا قتيبة، نا جرير، عن الأعمش، عن العلاء بن بدر، عن أبي نهيك، وعبد الله بن حنظلة، كنا مع سلمان في جيش فقرأ رجل سورة مريم فسبها رجل وابنها، فقال سلمان: لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ
سورة الأنعام، الآية: 108] هو الكوفي، وسمع حذيفة، وأبا أيوب، ومسروقا «1» .
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، أنا محمد بن الحسن بن محمد، نا أحمد بن الحسين، نا عبد الله بن محمد، نا محمد بن إسماعيل قال: اسم أبي الشعثاء المحاربي الكوفي سليم بن أسود، روى عنه ابنه أشعث، قال يعلى عن أبي سنان، عن العلاء بن بدر، عن أبي الشعثاء المحاربي: كنت في جيش فيه سلمان، وقال حرمي: عن الأعمش، عن العلاء بن بدر، عن عبد الله بن حنظلة: كنا مع سلمان في جيش. وقد سمع أبو الشعثاء من ابن مسعود، وابن عمر.
وكان يحيى بن سعيد ينكر أن يكون أبو الشعثاء سمع من سلمان «2» .
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس، أنا أبو بكر أحمد بن منصور، أنا أبو سعيد بن حمدون، أنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو الشعثاء سليم بنأسود المحاربي، سمع ابن مسعود، روى عنه ابنه أشعث، وأبو إسحاق.
وفي نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا حمد «3» إجازة.
ح قال: وأنا الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمد، قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم «4» قال:
سليم بن أسود أبو الشعثاء المحاربي، والد أشعث بن أبي الشعثاء، روى عن ابن(72/256)
مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، روى عنه عمارة بن عمير، وابنه أشعث، وإبراهيم بن مهاجر، وأبو مالك الأشجعي، سمعت أبي يقول ذلك.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا عبد الله بن سعيد بن حاتم، أنا الخصيب «1» بن عبد الله بن محمد، أخبرني «2» عبد الكريم بن [أبي] «3» عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو الشعثاء سليم بن الأسود كوفي.
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الشافعي، أنا نصر بن إبراهيم قراءة عليه، بصور، أنا سليم بن أيوب الرازي، أنا طاهر بن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم بن أحمد، نا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: أبو الشعثاء المحاربي أبو الأشعث بن أبي الشعثاء سليمان بن أسود.
ح قرأت: على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: أبو الشعثاء سليمان بن أسود المحاربي، هو والد أشعث بن أبي الشعثاء، روى عن ابن عمر، وأبي هريرة «4» .
[قال أبو الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل: ثقة.
وقال غيره عن أحمد بن حنبل وأبي حاتم: لا يسأل عن مثله.
وكذلك قال أحمد بن عبد الله العجلي وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش.
وذكره الهيثم بن عدي عن مجالد بن سعيد في المحدثين من أصحاب عبد الله بن مسعود.
قال الواقدي: شهد مع علي كل شيء، هلك في ولاية عبد الملك أو الوليد.
وقال الهيثم بن عدي وخليفة بن خياط: مات بعد الجماجم. زاد خليفة سنة اثنتين وثمانين] «5» .(72/257)
[وقيل: إن أبا الشعثاء المحاربي قتل يوم الزاوية مع ابن الأشعث سنة اثنتين وثمانين] «1» .
[9850] [سليم بن أيوب بن سليم أبو الفتح الرازي الفقيه الشافعي الأديب
سكن الشام مرابطا محتسبا لنشر العلم والسنة. [حدث عن محمد بن عبد الملك الجعفي، ومحمد بن جعفر التميمي، والحافظ أحمد ابن محمد بن البصير الرازي، وحمد بن عبد الله، وأحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي الحسين أحمد بن فارس، وأبي أحمد الفرضي، وأبي حامد الإسفراييني وتفقه به، وطائفة سواهم.
حدث عنه أبو بكر الخطيب، وأبو محمد الكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو نصر الطريثيثي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو القاسم النسيب، وآخرون] «2» .
حدث عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي بأيلة بسنده عن جرير بن عبد الله قال:
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثنا على الصدقة، فأمسك الناس حتى رأيت في وجهه الغضب، ثم إن رجلا من الأنصار جاء بصرة فأعطاه إياها ثم تتابع الناس حتى رئي في وجهه السرور، فقال رسول الله: من سنّ سنة حسنة كان له أجرها، ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء.
حدث أبو الفتح سليم.
أنه كان في صغره في الري، وله نحو من عشر سنين، قد حضر بعض الشيوخ، وهو
__________
[9850] ترجمته في سير الأعلام 17/645 وإنباه الرواة 2/69 وفيات الأعيان 2/397 العبر 3/213 الوافي بالوفيات 15/334 الطبقات الكبرى للسبكي 4/388 شذرات الذهب 3/275. والقسم الأول من ترجمة سليم بن أيوب سقطت من الأصل، نسخة أحمد الثالث «د» نستدرك هذا القسم عن مختصر ابن منظور.(72/258)
يقرىء القرآن، فلما قرىء عليه قال لي: تقدم فاقرأ، فجهد أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني، فقال: يا بني، ألك والدة؟ قلت: نعم، قال: قل لها تدعو لك يرزقك الله قراءة القرآن ومعرفة العلم. قلت: نعم، ثم رجعت إلى والدتي، فسألتها الدعاء، ففعلت، ثم إني كبرت واشتهيت العربية، فدخلت بغداد، وقرأت بها العربية، وتفقهت. ثم عدت إلى الري، فبينا أنا يوما في الجامع وقد كتبت مختصر المزني، وأنا أقابل عليه صديقا لي، وإذا الشيخ قد حضر، وسلم علينا وهو لا يعرفني وسمع مقابلتنا، وهو لا يعلم ما نقول، ثم قال: متى نتعلم مثل هذا؟ فأردت أن أقول له: إن كان لك والدة قل لا تدعو لك، فاستحييت «1» منه، أو كما قال.
كان سليم ببغداد في حال طلبه العلم ترد عليه كتب من الري، فلا يقرأ شيئا منها، ولا ينظر فيها، ويجمعها عنده، إلى أن فرغ من تحصيل ما أراد، ثم فتحها فوجد في بعضها:
ماتت أمك، وفي بعضها ما يضيق له صدره. فقال: لو كنت قرأتها قطعتني عن تحصيل ما أردت، وتفقه بعد أن] جاز الأربعين «2» .
ناولني أبو محمد طاهر بن سهل بخط أبيه سهل بن بشر، توفي الشيخ الفقيه أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي غريقا غرق على ساحل جار «3» وهو راجع من مكة في صفر سنة ست وأربين وأربعمائة، رحمه الله، حدثني ولده، ح، قال:
أنا أبو محمد بن الأكفاني ورد الخبر بوفاة الفقيه أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي في طريق الحج في صفر سنة سبع وأربعين وأربعمائة، رحمه الله، وكان قد قدم دمشق، وحدّث بها عن جماعة، وكذا ذكر ابنه أبو سعد إبراهيم بن سليم.
ح قرأت: بخط أبي الفرج غيث بن علي: غرق أبو الفتح سليم بن أيوب بن سليم الفقيه الرازي في بحر القلزم عند ساحل جدّة، بعد عوده من الحج في صفر سنة سبع وأربعين، وكان قد نيّف على الثمانين، حدّثني بذلك ابنه إبراهيم، وكان فقيها جيدا مشارا إليه(72/259)
في علمه، صنّف الكثير في الفقه وغيره ودرّس «1» وحدّث عن أبي حامد الإسفرايني وغيره، حدّثنا عنه جماعة، وهو أول من نشر هذا العلم بصور، وانتفع به جماعة، وكان أحد من تفقه عليه بها الفقيه نصر، وحدّثت «2» عنه أنه كان يحاسب نفسه على الأنفاس، لا يدع وقتا يمضي عليه بغير فائدة، إما بنسخ «3» أو بدرس، أو يقرأ، ونسخ شيئا كثيرا «4» .
ولقد حدثني عنه شيخنا أبو الفرج «5» الإسفرايني أنه نزل يوما إلى داره ورجع فقال قد قرأت جزءا في طريقي.
وحدّثني المؤمّل بن الحسن: أنه رأى سليما وقد جفا عليه القلم «6» ، فإلى أن قطه جعل يحرك شفتيه، فعلم أنه يقرأ أثناء «7» إصلاحه القلم لئلا يمضي عليه زمان وهو فارغ، أو كما قال.
قال غيث: وقيل: إن غرق سليم كان سلخ صفر من السنة، ودفن في جزيرة بقرب الجار، عند المخاضة.
[9851] سليم بن خلدة أبو عمرو الأنصاري الزرقي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخرج إلى الشام غازيا.
ذكر أبو عبد الله الواقدي في كتاب الصوائف الذي ذكره عنه أبو محمد عبد الله بن سعد القطربلي أن أبا عمرو سليم الأنصاري أحد بني زريق كان يحمل لواء شرحبيل بن حسنة أحد الأمراء الذين وجههم أبو بكر الصديق لافتتاح الشام.
__________
[9851] ترجمته في الإصابة 3/74. وفيه: أبو عمر بدل: أبو عمرو. وكلمة: خلدة أعجمت عن الإصابة.(72/260)
[9852] سليم بن عامر أبو يحيى الخبائري الكلاعي
من أهل حمص.
سمع المقداد بن الأسود، وعوف بن مالك وأبا هريرة، وعبد الله بن الزبير، وأبا الدرداء، وتميم الداري، وعبد الله، وعطية بن بشر، وأبا أمامة الباهلي، وروى عن معدي كرب بن عبد كلال، وعمرو بن عبسة، وجبير بن نفير، وعبد الله بن قرط الأزدي الثمالي وشرحبيل بن السمط.
روى عنه صفوان بن عمرو، ومعاوية بن صالح، ويزيد «1» بن خمير، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعفير بن معدان، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ويزيد بن سنان الرهاوي، وجابر ابن غانم، وحريز «2» بن عثمان، وأبو الفيض الشامي «3» .
وشهد فتح القادسية «4» ، واستسقاء معاوية بدمشق.
ح أنبأ أبو علي الحسن بن أحمد ح، وأخبرني أبو مسعود المعدل عنه، أنبأ أبو نعيم الحافظ، أنا سليمان بن أحمد «5» ، نا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، نا أبو المغيرة، ح قال: ونا سليمان، نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، نا أبو اليمان، قالا: ثنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، عن تميم الداري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل، ولا يترك الله عز وجل بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله عز وجل هذا الدين، بعزّ عزيز يعز به الإسلام، وذلّ ذليل يذلّ به الكفر»
[14176] .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل، وأبو الحسن عبد الله بن محمد بن أحمد
__________
[9852] ترجمته في تهذيب الكمال 7/476 وتهذيب التهذيب 3/387 وطبقات ابن سعد 7/464 والتاريخ الكبير 4/125 والجرح والتعديل 2/1/211 واللباب 1/418 وسير الأعلام 5/185 وشذرات الذهب 1/140 والوافي بالوفيات 15/335.(72/261)
البيهقي، قالا: أنا أبو بكر «1» أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، أنا أبو الموجه، أنا عبدان، أنا عبد الله يعني ابن المبارك، أخبرنا صفوان بن عمرو، حدثني سليم بن عامر، قال:
خرجنا في جنازة على باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي، فلمّا صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة: يا أيها الناس، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون «2» أن تظعنوا منه إلى المنزل الآخر، وهو هذا- يشير إلى القبر- بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما «3» وسّع الله، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله، فتبيضّ وجوه وتسوّد وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، فيعطى المؤمن نورا، ويترك الكافر والمنافق ولا يعطيان شيئا، وهو المثل الذي ضرب الله عز وجل في كتابه أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ
[سورة النور، الآية: 40] ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير، يقول المنافق للذين آمنوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ، قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً
[سورة الحديد، الآية: 13] وهي خدعة التي خدع بها المنافق، قال الله عز وجل:
يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ [سورة النساء، الآية: 142] ويرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئا، فينصرفون إليه وقد ضرب بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ، باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، يُنادُونَهُمْ: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ
[سورة الحديد، الآية: 13] نصلي بصلاتهم ونغزو مغازيكم؟ قالُوا: بَلى، وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ، وَارْتَبْتُمْ، وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ
تلا إلى قوله وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
[سورة الحديد، الآيتان: 14 و 15] .(72/262)
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، أنا أبو محمد الكتاني «1» ، أنا أبو محمد بن [أبي] «2» نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة «3» ، نا علي بن عياش، نا حريز «4» بن عثمان، عن سليم ابن عامر قال: خرجت أريد بيت المقدس فمررت بأم الدرداء، فسقتني طلأ «5» ، وأمرت لي بدينار، رواه أبو اليمان، عن حريز «6» فقال: مررت بأم الدرداء بدمشق.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا محمد بن هبة الله، أنا محمد بن الحسين، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «7» قال: وسليم بن عامر يكنى أبا.... «8» حدّثنا «9» أبو الوليد وأبو عمر، قالا: نا شعبة، عن أبي الفيض قال: سمعت سليم بن عامر رجلا من حمير.
قال يعقوب: وسليم بن عامر ثقة، مشهور، كلاعي، خبائري.
أخبرنا أبو المحاسن مسعود بن محمد بن غانم الغانمي، وأبو الفضل «10» محمد بن إسماعيل الفضيلي، قالا: أنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي، ببلخ، أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الخزاعي، نا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، وثابت بن بندار، قالا: نا محمد بن عبيد الله بن المنادي، نا روح، نا شعبة، أخبرني يزيد بن خمير «11» قال: سمعت سليم بن عامر رجل من أهل حمص، وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.(72/263)
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا يوسف بن روح بن علي، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا محمد بن أحمد بن حماد، نا معاوية بن صالح قال: سليم بن عامر كلاعي، وهو يقول: استقبلت الإسلام من أوله، وزعم أنه قرىء عليه كتاب عمر «1» .
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الفضل بن خيرون.
ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، قالا: أنا عبيد الله بن أحمد بن عثمان، أنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب، أنا العباس بن العباس، أنا صالح بن أحمد، حدثني أبي قال: سليم بن عامر كنيته أبو يحيى.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال.
ح، وأخبرني أبو المظفر بن القاسم، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: سليم بن عامر كنيته أبو يحيى.
أخبرنا أبو القاسم الفضل بن أحمد، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: اسم أبي يحيى الكلاعي الذي روى عنه أبو فروة الحريري ومعاوية بن صالح، سليم بن عامر.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن الكتاني «2» ، أنا تمام بن محمد، أنا جعفر بن محمد بن جعفر، نا أبو زرعة قال: أبو يحيى الخبائري هو سليم بن عامر. أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم بن عتّاب، أنا أبو الحسن- إجازة-.
ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أبو الحسن بن جوصا قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: سليم بن عامر أبو يحيى الكلاعي، حمصي.(72/264)
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي- واللفظ له- قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد ابن الحسن قالا: أنا أبو بكر الشيرازي، أنا أبو الحسن المقرىء، نا أبو عبد [الله] «1» البخاري «2» قال: سليم بن عامر أبو يحيى الخبائري، ويقال الكلاعي الشامي، سمع أبا أمامة، سمع منه معاوية بن صالح، ويزيد بن خمير «3» .
وفي نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال أنبأ أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم «4» قال:
سليم بن عامر أبو يحيى الخبائري الحمصي الكلاعي، روى عن أبي الدرداء، وأبي أمامة، وروى عن عوف بن مالك مرسل، لم يلقه، روى عنه صفوان بن عمرو، وحريز «5» بن عثمان، ومعاوية بن صالح، ويزيد بن خمير «6» ، وعبد الرّحمن بن يزيد بن «7» جابر، والزبيدي، وعفير «8» بن معدان، ويزيد بن سنان الرهاوي، سمعت أبي يقول بعض ذلك، وبعضه من قبلي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس، أنا أحمد بن منصور بن خلف، أنا أبو سعيد بن حمدون، أنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو يحيى سليم بن عامر الخبائري سمع أبا أمامة، روى عنه معاوية بن صالح، ويزيد بن خمير.
ح قرأت: على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا(72/265)
الخصيب «1» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن أخبرني أبي قال أبو يحيى سليم بن عامر شامي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا محمد بن أحمد بن حماد قال: أبو يحيى سليم بن عامر الخبائري، يروي عنه معاوية بن صالح. أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد، أنا نصر بن إبراهيم، أنا سليم بن أيوب، أنا طاهر ابن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم بن أحمد، نا يزيد بن محمد بن إياس قال:
سمعت محمد بن أحمد المقدمي قال: سليم بن عامر الخبائري يكنى أبا عامر، كان بالشام.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنبأ أبو بكر الصفّار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو يحيى سليم بن عامر الخبائري ويقال: الكلاعي الشامي، سمع أبا أمامة الباهلي، والمقدام بن معدي كرب الكندي، روى عنه أبو عمرو يزيد بن خمير «2» الرحبي، ومعاوية بن صالح الحضرمي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو عبد الله البلخي، قالا: أنا أبو الحسين بن الطيوري وثابت بن بندار قالا: أنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، وأبو نصر محمد بن الحسن، قالا: أنا الوليد بن بكر، أنبأ علي بن أحمد بن زكريا، أنا صالح بن أحمد بن صالح، حدثني أبي أحمد قال «3» : سليم بن عامر الخبائري، شامي، تابعي، ثقة، يكنى أبا يحيى.
ذكر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكتاني الأصبهاني، قال: قلت لأبي حاتم: ما تقول في سليم بن عامر الخبائري صاحب أبي أمامة؟ فقال: لا بأس به «4» .
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر بن الخطبراني، نا أبو طالب محمد بن علي ابن الفتح العشاري «5» نا محمد بن أحمد بن إسماعيل، نا محمد بن الفتح القلانسي، ثنا(72/266)
عباس.... «1» نا سعيد بن عثمان الحمصي، نا حريز «2» بن عثمان، عن سليم بن عامر قال:
رأيت غلاما يمشي إلى وراء قال: قلت: لم تفعل هذا يا غلام؟ قال: لانقلاب الزمان.
أخبرنا أبو طالب الحسين بن محمد في كتابه وأخبرنا عمي رحمه الله «3» ، أنا الزينبي قراءة، أنا أبو القاسم علي بن المحسّن، أنا محمد بن المظفر، نا بكر بن أحمد بن حفص، نا أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي، بحمص، قال: أبو يحيى الخبائري، عاش بعد قتل الجرّاح، وكانت وقعة الجرّاح في سنة اثنتي عشرة ومائة «4» .
فرق أحمد بن محمد البغدادي، بينه وبين سليم أبو عامر الأنصاري سباه «5» خالد بن الوليد من حاضر حلب، لقي أبا بكر وعمر، وهذا الصواب. أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العز ثابت بن منصور، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون قالا: أنا محمد بن الحسن، أنا محمد بن أحمد بن إسحاق، أنا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خيّاط قال «6» : في الطبقة الثالثة من أهل الشامات. سليم بن عامر، مات سنة ثلاثين ومائة. أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، أنا محمد بن سعد قال «7» :
في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام.
ح وقرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن فهم، نا محمد بن سعد قال «8» في الطبقة الرابعة من أهل الشام.(72/267)
سليم بن عامر مات سنة ثلاثين ومائة، انتهت رواية ابن أبي الدنيا، وقال ابن الفهم:
قالوا: توفي سليم في خلافة مروان بن محمد «1» ، وكان ثقة، وكان قديما معروفا، وذكر له مروره بأم الدرداء بدمشق.
[9853] سليم بن عبدة التغلبي
شاعر.
أخبرنا أبو الفتوح أسامة بن محمد بن زيد العلوي، أنا أبو جعفر بن المسلمة إجازة، قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني قال «2» : سليم بن عبدة التغلبي من بني عبد بن جشم بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب أحد بني قعين، إسلامي، يقول على لسان كعب بن جعيل التغلبي يهجو الضحاك بن قيس الفهري:
تبكي على دير ابن عفان بعد ما يضحك ضحّاك بنا ويلعبا
قصير القميص فاحش عند بيته وشرّ قريش في قريش مركبا
ينالك قيس في قرى عربية من اللوم بيتنا ثابت الأصل ترتبا
وهذا الشعر قاله بالجزيرة إذ كان الضحاك واليا لها من قبل معاوية، ولا أظنه قدم الشام، والله أعلم.
[9854] سليم بن عتر بن سلمة بن مالك بن عتر ابن وهب بن عوف بن معاوية بن الحارث ابن أيدعان بن سعد بن تجيب أبو سلمة التّجيبي المصري
قاضي مصر.
__________
[9854] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) . ولاة مصر للكندي (الفهارس) سير أعلام النبلاء 4/131 الجرح والتعديل 2/1/211 العبر 1/86 الوافي بالوفيات 15/335 النجوم الزاهرة 1/194 وشذرات الذهب 1/83. وبالأصل: عثر، بالثاء المعجمة وفي شذرات الذهب: عنزة والمثبت عن سير الأعلام. وزيد بعد تجيب في مختصر ابن منظور: ابن الأشرس بن شبيب بن السكون بن الأشرس بن كنده.(72/268)
كان يسمى الناسك لشدة عبادته، شهد خطبة عمر بالجابية. وروى عن عمر، وعلي بن أبي طالب، وأبي الدرداء، وحفصة أم المؤمنين، وأم الدرداء.
روى عنه عليّ بن رباح، وأبو قبيل «1» ومشرح بن هاعان المعافري، وعقبة بن مسلم، والحسن بن ثوبان «2» ، وابن عمه الهيثم بن خالد، وأبو صالح سعيد بن عبد الرحمن المعافري.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن سليم في كتابه، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني «3» ، أنا أبو عبد الله بن مندة. ح، وحدثني أبو بكر أيضا قال: أنبأني أبو عمرو بن منده عن أبيه أبي عبد الله قال: أنا أبو سعيد ابن يونس، نا علي بن الحسن بن قديد، نا أحمد بن عمرو بن السرح، نا ابن وهب، عن ابن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع «4» ، عن سليم بن عتر قال: سجد لنا عمر بن الخطاب في سورة الحج سجدتين ثم قال: إن هذه السورة فضّلت «5» بأن فيها سجدتين «6» .
قال: قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا محمد ابن أحمد بن هارون، وعبد الرحمن بن الحسين بن علي قالا: أنا أبو القاسم بن أبي العقب [نا] «7» أبو عبد الملك بن عائذ قال: قال الوليد: نا عبد الله بن لهيعة، عن ابن سوادة، عن عبد الرحمن بن رافع، قاضي أفريقية، عن سليم بن عتر قال: خطبنا عمر بالجابية، وهو على المنبر، فقرأ آية سجدة فنزل فسجد فيها.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو بكر الباطرقاني «8» قال: أنا أبو عبد الله بن مندة.(72/269)
ح قال: وأنبأني أبو عمرو بن مندة، عن أبيه أبي عبد الله قال: أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد الله بن مندة قال: أنا أبو سعيد بن يونس، أنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي، نا إبراهيم بن يعقوب، نا ابن أبي مريم، أنا نافع بن يزيد، حدثني عبد الرحمن بن شريح أن عبد الكريم بن الحارث حدثه أنه سمع مشرح «1» بن هاعان يقول: سمعت سليم بن عتر يقول: صدرنا من الحج مع حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وعثمان محصور، فكانت تسأل عنه ما فعل، حتى رأت راكبين، فأرسلت تسألهما فقالا: قتل، فقالت: فالّذي نفسي بيده إنها القرية التي قال الله وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ
[سورة النحل، الآية: 112] .
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، حدثنا أبو الفضل الحافظ، أنا أبو الفضل الباقلاني، وأبو الحسين الصيرفي، وأبو الغنائم- واللفظ له- قال أنا عبد الوهاب بن محمد زاد الباقلاني ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «2» : سليم بن عتر المصري، سمع أبا الدرداء، روى عنه عبيد الله بن زحر، وسمع منه مشرح.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح وقال: وأنا أبو طاهر الهمداني، أنا أبو الحسن الفأفاء.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «3» : سليم بن عتر المصري، روى عن أبي الدرداء، روى عنه عبيد الله بن زحر، سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي القاسم خلف بن أحمد بن الفضل الحوفي، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزار «4» المعروف بابن(72/270)
النحاس قراءة، نا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي قال: أبو سلمة سليم بن عتر ابن سلمة بن مالك بن عتر بن وهب بن عون بن معاوية بن الحارث بن أيدعان بن سعد بن تجيب بن الأشرس بن شبيب بن السكون بن الأشرس بن كندة.
ح قرأت على أبي غالب «1» بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: سليم بن عتر من أهل مصر، روى عن عمر، وعلي، وأبي الدرداء، وعمرو ابن العاص، وحفصة، كان قاصا يقصّ وهو قائم، وكان رجلا صالحا، وروي أنه كان يختم في كل ليلة ثلاث ختمات «2» ، ويأتي امرأته ويغتسل ثلاث مرات، وأن امرأته قالت بعد موته:
رحمك الله، لقد كنت ترضي ربك، وترضي أهلك «3» ، روى عنه أبو صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفاري وغيره. قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «4» : وأما عتر بكسر العين المهملة وسكون التاء المعجمة باثنتين «5» من فوقها: سليم بن عتر بن سلمة بن مالك بن عتر ابن وهب بن عوف بن معاوية بن الحارث بن أيدعان بن سعد بن تجيب أبو سلمة من أهل مصر، [روى عن عمر، وعلي، وأبي الدرداء، وحفصة رضي الله عنهم وغيرهم، كان قاصا] «6» روى عنه أبو صالح سعيد بن عبد الرّحمن الغفاري، وأبو قبيل «7» ، وعليّ بن رباح، وغيرهم، وكان رجلا صالحا.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أحمد بن الفضل، أنا محمد بن إسحاق.
ح قال: وأنبأني أبو عمرو عن أبيه محمد بن إسحاق قال: أنا أبو سعيد بن يوسن، نا(72/271)
أحمد بن محمد بن عبد العزيز المؤدب، نا يحيى بن بكير، نا الليث، عن موسى بن عليّ، عن أبيه قال:
خرجنا حجاجا من مصر، فأوصاني سليم بن عتر أن أقرأ على أبي هريرة السلام، وأخبره أني قد استغفرت له بالغداة ولأمه، قال: فلقيت أبا هريرة فأخبرته؛ فقال أبو هريرة:
فأنا قد استغفرت له الغداة ولأمه «1» .
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن محمد، أنا حمد «2» بن عبد الّه- إجازة-.
ح قال: وأنا الحسين بن سلمة، وأنا علي بن محمد.
قالا: أنا [أبو] «3» محمد بن أبي حاتم «4» ، نا محمد بن عوف الحمصي قال: قال أبو صالح كاتب الليث: حدّثني حرملة بن عمران، عن كعب بن علقمة قال: كان سليم بن عتر من خير التابعين.
أنبأنا أبو محمد السلمي، عن أبي القاسم خلف بن أحمد بن الفضل، أنا محمد بن النحاس، نا محمد بن يوسف الكندي، حدثني يحيى بن أبي معاوية الكندي، حدّثني خلف يعني ابن ربيعة بن الوليد الحضرمي، عن أبيه قال: أخبرنا أشياخنا أن أول من قصّ بمصر سليم بن عتر التّجيبي سنة تسع وثلاثين، ثم لما كان عام الجماعة سنة أربعين ولّاه معاوية القضاء «5» .
قال: ونا محمد بن يوسف، نا علي بن قديد، عن عبيد الله بن سعيد بن عتير، عن أبيه قال: كان سليم بن عتر قاضي الجند زمان عمرو بن العاص، وكان ممن شهد خطبة عمر بالجابية، وحضر فتح مصر. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي في كتابه، أنا أبو الحسن عبد(72/272)
الملك بن عبد الله بن محمود بن مسكين «1» ، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، نا أبي، نا أبو علي الحسن بن سليمان العسكري، نا أحمد بن صالح، نا حجّاج بن سليمان الذي يقال له ابن القمري، نا حرملة بن عمران قال:
كان يوسف جالسا في هذا المسجد، يعني مسجد الفسطاط، ومعه الحجاج ابنه، فمر سليمان «2» بن عتر، فقام إليه يوسف «3» ، فسلّم عليه، وقال: إنّي أريد أن آتي أمير المؤمنين، فإن كانت لك حاجة فأمرني بها، قال: نعم، حاجتي أن تسأله أن يعزلني عن القضاء، فقال:
والله لوددت أن قضاة المسلمين كلهم مثلك، فكيف أسأله أن يعزلك؟ ثم انصرف، فجلس، فقال له الحجاج ابنه: يا أبت من هذا الذي قمت إليه؟ قال: يا بني، هذا سليم بن عتر قاضي أهل مصر وقاصّهم، فقال: يغفر الله لك يا أبه. أنت يوسف بن أبي عقيل تقوم إلى رجل من كندة أو تجيب؟! فقال: والله يا بني إني لأرى الناس ما يرحمون إلّا بهذا أو أشباهه، فقال:
والله ما يفسد الناس على أمير المؤمنين إلّا هذا وأشباهه، يقعدون ويقعد إليهم أقوام أحداث فيذكرون سيرة أبي بكر وعمر فيخرجون على أمير المؤمنين، والله لو صفا هذا الأمر لسألت أمير المؤمنين أن يجعل لي السبيل فأقتل هذا وأشباهه، فقال: والله يا بني إنّي لأظن الله خلقك شقيا.
أنبأنا أبو محمد بن حمزة، عن خلف بن أحمد بن الفضل، أنا أبو محمد بن النحاس، أنا أبو عمر الكندي، حدثني يحيى بن أبي معاوية، حدثني خلف بن ربيعة، عن أبيه، حدثني المفضل بن فضالة، عن إبراهيم بن نشيط، عن عبد الله بن عبد الرّحمن بن حجيرة قال «4» :
اختصم إلى سليم بن عتر في ميراث فقضى بين الورثة، ثم تناكروا فعادوا إليه، فقضى بينهم، وكتب كتابا بقضائه، وأشهد فيه شيوخ الجند، فقال: فكان أول القضاة بمصر يسجل سجلا بقضائه.
قال خلف عن أبيه عن أشياخه: فوليها سليم بن عتر من سنة أربعين إلى موت(72/273)
معاوية بن أبي سفيان سنة ستين، قال أبو عمر: فوليها سليم بن عتر إلى أن صرف عنها سنة ستين فكانت ولايته عشرين سنة. قال: ونا أبو عمر، نا محمد بن هارون بن حسان الأزدي، نا عبيد الله بن سعيد بن عفير، عن أبيه، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد قال: كان سليم بن عتر يختم القرآن كلّ ليلة ثلاث مرات «1» .
أخبرنا أبو الفضل بن سليم، وحدّثني أبو بكر محمد بن شجاع عنه، أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد الله بن مندة ح قال: وأنبأني أبو عمرو عن أبيه قال: أنا أبو سعيد بن يونس، حدثني أبي عن جدي أنه حدّثه، نا ابن وهب، حدثني ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد أن سليم بن عتر التّجيبي كان يقرأ القرآن كلّ ليلة ثلاث مرات.
قال: ونا أبو سعيد، نا الحسن بن علي بن يوسف.... «2» ، نا أحمد بن سعيد بن أبي مريم بن عفير، عن بكر بن مضر قال: كان سليم بن عتر يختم القرآن في كلّ ليلة ثلاث مرات، ويطأ أهله ويغتسل، فلما توفي قالت امرأته: رحمك الله، لقد كنت ترضي أهلك وترضي ربك.
أنبأنا أبو محمد السلمي، عن خلف بن أحمد، أنا عبد الرحمن بن عمر، نا أبو عمر محمد بن يوسف، حدثني ابن قديد، عن عبيد الله يعني ابن سعيد، عن أبيه، عن خاله القاسم بن الحسن أن سليم بن عتر كان يصلي بالليل فيختم القرآن، ثم يأتي أهله، ثم يعود فيختم القرآن ثم يأتي أهله، ثم يعود فيختم القرآن ثم يأتي أهله، فلما مات قالت امرأته:
رحمك الله، فقد كنت ترضي ربك وتسرّ أهلك.
قال: ونا أبو عمر.... «3» أبو سلمة، نا زيد بن أبي يزيد، حدثني ابن وزير وهو أحمد بن يحيى، حدثني الحجاج بن سليمان، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد قال:
قلت لحسن بن عبد الله: أخبرني عن قول الله عز وجل: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ
«4» قال: هذه والله صفة أبي عبد الرحمن الجبيلي وسليم بن عتر.(72/274)
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه، أنا أبو الحسن عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن مسكين، نا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا أبي، نا أبو علي الحسن بن سليمان، أنا ابن عفير، نا بكر بن مضر قال: لما مات سليم «1» بن عتر قالت امرأته في جنازته: يرحمك الله، لقد كنت ترضي أهلك، وترضي ربك، قيل لها: وكيف ذاك؟ قالت: كان يغتسل أربع مرات ويختم القرآن أربع مرات في ليلة. رواها أبو عمر الكندي عن محمد بن إسماعيل بن الفرج.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد الله بن مندة ح قال: وأنبأني أبو عمرو عن أبيه، أنبأ أبو سعيد بن يونس، حدثني سلامة بن عمر المرادي، نا محمد بن حميد الرعيني، نا النّضر بن عبد الجبار، أنا ضمام «2» ، عن الحسن بن ثوبان، عن سليم بن عتر قال: لما قفلت من البحر تعبدت في غار سبعة أيام بالاسكندرية، لم أصب فيها طعاما ولا شرابا «3» ولولا أنّي خشيت أن أضعف لزدت فتمّمت عشرا «4» .
أنبأنا أبو محمد بن حمزة، عن خلف بن أحمد، أنا أبو محمد بن النحاس، أنا أبو عمر الكندي، حدثني عبد الوهاب بن سعد، نا أحمد بن رشدين، حدثني مرة الكلاعي، حدثني ضمام، عن الحسن بن ثوبان قال: ركب سليم «5» بن عتر البحر، فلما قفل نزل فأقام سبعة أيام لا يدري أين هو، ثم جاءهم فقالوا له: أين كنت؟ فقال: إنيذهبت إلى هذا الغار فأقمت هذه السبعة شكرا لله عز وجل.(72/275)
قال: ونا أبو عمر، نا علي بن قديد وأبو سلمة، قالا: نا يحيى بن عثمان، عن زيد بن بشير، عن ضمام أن سليم بن عتر كان في بعث البحر قال: فلما نزلت دخلت في غار، فتعبدت فيه سبعا، ولولا أنّي خشيت «1» أن أضعف لأتممتها عشرا.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن سليم- إجازة- حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد الله بن مندة ح قال: وأنبأني أبو عمرو بن مندة، عن أبيه، أنا أبو سعيد بن «2» يونس، حدثني سلامة بن عمر بن حفص المرادي، حدثني أبي، نا ابن بكير، حدثني ابن لهيعة، حدثني موسى بن أيوب أن عامر بن يحيى المعافري أخبره أن عقبة ابن مسلم التّجيبي أخبره أن سليم بن عتر التّجيبي أمّ الناس في قيام رمضان، فسلّم في اثنين «3» وأوتر بواحدة، وكان يصلي يوم الأضحى والفطر قبل أن يخطب.
قال: ونا أبو سعيد، نا أحمد بن شعيب النسائي، أنا سويد بن نصر، أنا عبد الله وهو ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر «4» ، عن الهيثم بن خالد قال: كنت خلف عمي سليم بن عتر فمرّ عليه كريب بن أبرهة ووراءه علج يتبعه، فقال سليم: يا أبا رشدين ألا حملته؟ قال: أحمل غلاما مثل هذا ورائي، قال: أفلا قدّمته بين يديك إلى باب المسجد، قال: ولم أفعل؟ قال: أفلا نظرت غلاما صغيرا فحملته وراءك؟ قال: ما فعلت.
قال سليم: سمعت أبا الدرداء يقول: لا يزال العبد يزداد من الله بعدا «5» ما مشي خلفه.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، أنا أبو نصر محمد بن أحمد بن محمد بن عمر، أنبأ أبو سعيد الصوفي، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الصفار، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدّثني محمد يعني ابن الحسين، حدّثني أحمد بن سهل، حدثني رشدين بن سعد عن رجل، عن يزيد بن أبي حبيب أن سليم بن عتر مرّ على مقبرة وهو حاقن «6» قد غلبه البول، فقال له بعض أصحابه: لو نزلت إلى هذه المقابر فبلت في بعض حفرها، فبكى ثم قال: سبحان الله، والله إنّي لأستحي الأموات كما أستحي من الأحياء.(72/276)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النّقّور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، نا زهير بن محمد، نا أبو عبد الرّحمن المقرىء «1» ، أنا حيوة «2» ، أخبرني الحجاج بن شداد الصّنعاني أن أبا صالح سعيد بن عبد الرّحمن الغفاري أخبره أن سليم بن عتر التّجيبي كان يقص على الناس وهو قائم، فقال له صلة بن الحارث الغفاري وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما تركنا عهد نبينا ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا أحمد بن محمد بن زياد، نا أبو يحيى بن أبي مرة، نا أبو عبد الرحمن المقرىء، نا حيوة «3» ابن شريح «4» ، أخبرنا الحجاج بن شداد الصنعاني أن أبا صالح سعيد بن عبد الرّحمن الغفاري أخبره أن سليم بن عتر التّجيبي كان يقصّ على الناس وهو قائم، فقال له صلة بن الحارث الغفاري، وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما تركنا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر.... «5» علي.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري قالا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «6» ، نا ابن بكير «7» ، حدثنا عبد الله بن لهيعة، حدّثني أبو قبيل «8» قال: لما توفي معاوية واستخلف يزيد كره عبد الله بن عمرو أن يبايع ليزيد ومسلمة بن مخلد بالاسكندرية، فبعث إليه مسلمة كريب بن أبرهة وعابس بن سعيد «9» فدخلا عليه ومعهما سليم بن عتر وهو يومئذ قاصّ أهل الشام وقاضيهم «10» فوعظوا(72/277)
عبد الله بن عمرو في بيعة يزيد، فقال عبد الله: والله لأنا أعلم بأمر يزيد منكم، وإنّي لأول الناس أخبر به معاوية أنه سيستخلف، ولكني أردت أن يلي هو «1» بيعتي، فقال لكريب بن أبرهة: أتدري ما مثلك، [إنما مثلك] «2» مثل قصر عظيم في صحراء غشيه أناس قد أصابهم الحرّ، فدخلوا يستظلون فيه، فإذا هو ملآن «3» من مجالس الناس وإنّ صوتك في العرب كريب بن أبرهة وليس عندك شيء، وأما أنت يا عابس فبعت آخرتك بدنياك، وأما أنت يا سليم بن عتر كنت قاصّا وكان معك ملكان يعينانك ويذكّرانك ثم صرت قاضيا ومعك شيطانان يزيغانك [عن الحق] «4» ويفتنانك.
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، وأبو عبد الله البلخي قالا: نا أبو الحسين ابن الطيوري، وثابت بن بندار قالا: أنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، ومحمد بن الحسن قالا: أنا الوليد بن بكر «5» ، أنا علي بن أحمد «6» بن زكريا، أنا صالح بن أحمد، حدثني أبي أحمد قال «7» : سليم بن عتر، مصري، تابعي، ثقة، وكان يختم في الليلة ثلاث مرات ويجامع ثلاث مرات، فلمّا مات بكت امرأته فقالت: رحمك الله، إن كنت لترضي ربك وترضي أهلك.
أنبأنا أبو الفضل بن سليم، حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو بكر الباطرقاني «8» ، أنا أبو عبد الله بن مندة قال: وأنبأني أبو عمرو بن مندة، عن أبيه أنا أبو سعيد بن يونس قال: سليم بن عتر بن سلمة بن مالك بن عتر بن وهب بن عوف بن معاوية بن الحارث بن أيدعان ابن سعد بن تجيب قاضي مصر، هاجر في خلافة عمر بن الخطاب وحضر خطبة عمر بن الخطاب بالجابية، وشهد الفتح بمصر، وجمع له القضاء والقصص بمصر «9» ، وكان يسمى سليم الناسك لشدة عبادته، يروي عنعمر بن الخطاب، روى عنه(72/278)
عليّ بن رباح وأبو قبيل المعافري ومشرح بن عاهان المعافري، وعقبة بن مسلم، والحسن بن ثوبان وغيرهم، يقال: توفي سنة خمس وسبعين «1» بدمياط «2» في إمرة عبد العزيز بن مروان.
[9855] سليم، أبو عامر
من أهل الحاضر «3» من نواحي حلب «4» .
أدرك أبا بكر الصديق، وروى عنه، وعن عمر، وعثمان، وعمار بن ياسر.
وشهد فتح دمشق.
روى عنه ثابت بن عجلان.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن البغدادي، أنا أحمد بن أحمد بن عمر، وشجاع بن علي بن شجاع، وأخبرتنا أم البهاء محسنة بنت أبي الوفاء بن عمير بن ماجة قالت.
ح أنا شجاع بن علي.
قالا: أنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن أحمد بن إبراهيم الثقفي الخشاب «5» ، أنا أبو علي الحسن بن محمد بن دكة ثنا «6» محمد بن سليمان بن حبيب لوين المصيصي «7» ، نا سويد بن عبد العزيز، عن ثابت بن «8» عجلان عن سليم أبي عامر زادت محسنة «9» : ابن عامر(72/279)
- عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ناد في الناس: من قال لا إله إلا الله وجبت له الجنة» قال: فاستقبله عمر فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي من قال: «لا إله إلا الله وجبت له الجنة،» قال: ارجع، فرجع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ردك؟» قال: استقبلني عمر فقال: ارجع، فرجعت، فقال عمر: يا رسول الله إذا يتكلوا فدعهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق» زادت محسنة: «عمر» «1»
[14177] .
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه، حدّثنا أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد، أنا أبو نعيم الحافظ، نا سليمان بن أحمد، نا إبراهيم بن محمد بن عرق، نا عمرو بن عثمان، نا عبد الملك بن محمد، عن ثابت بن عجلان، عن سليم بن عامر وكان ممن سباه خالد بن الوليد من حاضر حلب، قال:
فلما قدمنا على أبي بكر جعلني في المكتب فكان المعلم يقول لي: اكتب الميم، فإذا لم أحسنها قال لي: دوّرها، اجعلها مثل عين البقرة. وعن سليم أبي «2» عامر قال «3» : رأيت أبا بكر وعمر، وعثمان أكلوا مما مسّت النار ثم صلّوا ولم يتوضؤوا، ورأيت عمار بن ياسر شرب من لقحة فمضمض ثم قام إلى الصلاة، وسمعت عمار بن ياسر يقول: جفّ القلم بما هو كائن.
أنبأنا أبو مسعود الأصبهاني، أنا أبو علي الحداد قال أنا أبو نعيم الأصبهاني يقول.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر ابن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله، نا يعقوب «4» ، حدثني أبو سعيد عبد الرّحمن- يعني دحيم- أنا سويد «5» ، نا ثابت بن العجلان، عن سليم أبي عامر قال: رأيت أبا بكر وصلّيت خلفه سبعة أشهر، ورأيت من عن يمينه وعن شماله وما عليهم إلّا شملة واحدة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب، أنا محمد بن الحسن بن محمد، أنا(72/280)
أحمد ابن الحسين، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، نا محمد بن إسماعيل «1» ، نا محمد بن مهران، نا مسكين الحربي وثابت بن عجلان، عن أبي عامر وهو سليم قال: كان أبو بكر أخدمه «2» عمار بن ياسر، وكان ممن أفاء الله على خالد بن الوليد في حاضر قنّسرين، وشهد فتح دمشق والقادسية في سفرته قال فصلى مع أبي بكر تسعة أشهر يعني سليما.
أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاري، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي، قالا: نا أبو بكر الخطيب، أنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو البختري الرزاز، نا سعدان بن نصر، نا مسكين «3» بن بكير، عن ثابت بن عجلان، عن سليم بن عامر قال:
كنت ممن أفاء الله على خالد بن الوليد في قنسرين وحاضر حلب، فقدمت على أبي بكر، وأنا في الخمس، فصلّيت خلفه تسعة أشهر، وإن عمار بن ياسر استخدم أبا بكر من الخمس، فأخدمه إياي، وكان أجذم «4» الأذن، فكان إذا شرب لبنا مضمض منه فقيل له: لم تمضمض منه؟ قال: إنّ له تفلا.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، ونا عبد العزيز الكتّاني «5» ، أنا [أبو] «6» القاسم تمام بن محمد، أنا أبو عبد الله جعفر بن محمد، نا أبو زرعة قال في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العليا: سليم أبو عامر من سبي قنّسرين، صحب أبا بكر. أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد الله بن عتّاب، أنا أحمد ابن عمير- إجازة-.
ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد، أنا علي بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنبأ أحمد بن عمير قراءة، قال: سمعت أبا الحسن بن سميعيقول(72/281)
في الطبقة الأولى: وسليم أبو عامر من حاضر حلب، روى عن أبي بكر.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل الحافظ، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبار، ومحمد بن علي، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد الغندجاني «1» زاد أحمد وأبو الحسين الأصبهاني قالا: أنا أبو بكر الشيرازي، أنا أبو الحسن المقرىء، أنا أبو عبد الله البخاري قال «2» : سليم أبو عامر مولى، سمع عمر، وعثمان، يعد في الشاميين.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي الأصفهاني- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنبأ أبو محمد بن أبي حاتم قال «3» :
سليم بن عامر أبو عامر، روى عن أبي بكر، وعمر وعثمان، وعمار بن ياسر، روى عنه ثابت بن العجلان، سمعت أبي يقول ذلك، قال أبو زرعة: سليم بن عامر صالح، أدرك الجاهلية غير أنه لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجر في عهد أبي بكر.
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس، أنا أحمد بن منصور، أنا أبو سعيد بن حمدون، أنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عامر سليم عن عبد الله بن الزبير، روى عنه ثابت بن عجلان.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو عامر سليم.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر فيما قرأنا عليه عن طاهر بن أبي الصقر، أنا هبة الله بن إبراهيم، نا أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا محمد بن أحمد بن حماد قال «4» : أبو عامر سليم يحدث عنه ثابت بن عجلان.(72/282)
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر أحمد بن علي، أنا أبو أحمد محمد بن محمد قال: أبو عامر سليم عن أبي بكر [و] «1» عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، روى عنه ثابت بن عجلان، حديثه في الشاميين، كناه مسلم.
[9856] سليم أبو الصلت الحضرمي الشامي الحمصي «2»
شهد صفين، وحكى عن معاوية، والأشعث بن قيس، وأبي الأعور السلمي.
روى عنه صفوان بن عمرو الحضرمي. قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي طاهر الأنباري، أنا أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم، نا أبو بكر المهندس، نا أبو بشر الدولابي «3» ، نا عمران بن بكار، نا أبو المغيرة، نا صفوان بن عمرو، نا أبو الصلت سليم الحضرمي قال: شهدت صفين «4» فإنا على صفوفنا وقد حلنا «5» بين أهل العراق وبين الماء فأتانا فارس مقنع بالحديد، فأقبل حتى وقف ثم حسر عن رأسه، فإذا هو الأشعث بن قيس فقال: الله الله يا معاوية في أمة محمد، قال معاوية: ما الذي تريد؟ قال: نريد أن تخلو بيننا وبين الماء، فقال معاوية لأبي الأعور عمرو بن سفيان:
يا أبا عبد الله خلّ بين إخواننا وبين الماء، فقال أبو الأعور لمعاوية: كلّا والله يا أبا عبد الله لا نخلي بينهم وبين الماء، فعزم عليه معاوية حتى خلّى بينهم وبين الماء، فلم يلبثوا بعد ذلك إلا قليلا حتى كان الصلح بينهم. رواها النسائي عن عمران بن بكار.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا تمام بن محمد، نا جعفر بن محمد، نا أبو زرعة قال في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام: أبو الصلت سليم، شهد صفين.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.(72/283)
ح قال: وأنا أبو طاهر، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سليم الحضرمي الشامي أبو الصلت، قال:
شهدت صفين، روى عنه صفوان بن عمرو.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، عن أبي نصر الوائلي، أنا الخصيب بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن [أبي] «1» عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو الصلت سليم الحضرمي.
قرأنا على أبي الفضل عن أبي طاهر بن أبي الصّقر «2» ، أنا أبو القاسم الصواف، أنا أبو بكر المهندس، نا أبو بشر الدولابي قال «3» : أبو الصلت سليم الحضرمي.
[9857] سليم مولى بني عذرة
سمع كعب الأحبار.
روى عنه مولاه من فوق مدلج بن المقداد العذري.
أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسين، وحدّثنا أبو البركات الخضر بن شبل «4» الفقيه عنه، أنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرىء، نا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المرّي «5» ، أخبرنا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي، أنا أبو الحسن أحمد بن عمير ابن يوسف، نا أبو عامر موسى بن عامر، نا الوليد بن مسلم قال:
حدثني يزيد بن سعيد العنسي عن مدلج بن المقداد العذري عن سليم مولاهم أنه سمع كعب الأحبار يقول: إذا نزلت الروم عمق الأعماق بأنطاكية فمن لم ينصر المسلمين. يومئذ فليس هو على «6» شيء.(72/284)
[9858] سليم المشجعي
ذكره أبو الحسين الرازي في تسمية كتاب أمراء دمشق، وزعم أنه كان وكيلا لمعاوية بن أبي سفيان على ضياعه بفلسطين وهي الطاني «1» .
[9859] سليم مولى زياد
وفد على معاوية.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا أنا أبو السكين الطائي، وهو زياد بن يحيى، عن شيخ.... «2» عن عوانة قال: قال معاوية لسليم مولى زياد، وكان به معجبا «3» : أخبرني يا سليم عني وعن زياد، فإن لك بالرجال علماء قال: يا أمير المؤمنين لك «4» الفضل. قال:
عزمت عليك لتخبرني. قال: أما إذا عزمت علي فإني كنت عنده، يعني زياد، فرأيت موارده أموره ومصادرها قلت: هذا أحزم العرب وإذا قدمت عليك، فرأيت موارد أمورك ومصادرها قلت: هذا أحزم العرب. وأحزمكما عندي الذي أكون عنده. قال: كرهت يا سليم أن تفضل أحدنا على صاحبه وسأخبرك عني وعن زياد [وعما بيننا] «5» إني أطلب الأمر مجاملة، فإن لم أظفر به لم يعلم بما فاتني، وإن زيادا يطلبه مغالبة فيعلم خيبته وظفره.
[9860] سليم مولى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان
وجهه يزيد إلى مسلم بن زياد فقبض منه بعض مال خراسان.
له ذكر.
[9861] سليم بن صالح، أبو سفيان العنسي
سكن جبلة.
__________
[9861] ترجمته في ميزان الاعتدال 2/232 والإكمال لابن ماكولا 4/330.(72/285)
وحدث عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان نسخة.
روى عنه عثمان بن سعيد الصيداوي.
أخبرنا أبو المطهر شاكر بن نصر بن طاهر الأنصاري البيع بأصبهان، أنا أبو بكر محمد ابن أحمد بن سيد المديني وعبد الله بن محمد بن يحيى بن منده، أنا علي بن أحمد بن إسحاق البنداري، نا الحسن بن حزم الطيوري، نا عثمان بن سعيد الصيداوي، نا سليم «1» بن صالح عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان «2» عن الحجاج بن دينار عن محمد بن المنكدر، عن جابر ابن عبد الله قال:
بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في القصاص، وكان صاحب الحديث بمصر «3» ، فاشتريت بعيرا وشددت عليه رجلا، وسرت حتى وردت مصر، فقصدت إلى باب الرجل الذي بلغني عنه الحديث، فقرعت الباب، فخرج إليّ مملوك له، فنظر في وجهي ولم يكلمني، فدخل على سيده فقال: أعرابي بالباب، فقال سليم: من أنت؟ فقلت: جابر بن عبد الله. فخرج إليّ مولاه فاعتنق أحدنا «4» صاحبه. فقال: يا جابر، فيما جئت؟ فقلت: لحديث بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم في القصاص. ولا أظن أحدا ممن مضى وممن بقي بأحفظ له منك. قال «5» : نعم، يا جابر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل يبعثكم [يوم القيامة] «6» من قبوركم حفاة عراة غرلا بهما، ثم ينادي بصوت رفيع غير فظيع، يسمع به من بعد كمن قرب، فيقول:
أنا الديان، لا تظالم اليوم، وعزتي لا يجاورني اليوم ظلم ظالم ولو لطمة كف بكف، أو يد بيد.
أخبرنا أعلى منه أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله نا سليمان بن أحمد الطبراني نا الحسن ابن جرير، نا عثمان بن سعيد العداوي «7» نا سليم بن صالح نا ابن ثوبان عنالحجاج بن(72/286)
دينار عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: كان يبلغني حديث في القصاص، وكان صاحب الحديث بمصر، فاشتريت بعيرا فشددت عليه رجلا، فسرت حتى جئت إلى مصر، فقصدت إلى باب الرجل الذي بلغني عنه الحديث، فقرعت الباب، فخرج إلي مولى له، فنظر في وجهي ولم يكلمني، فقال: أعرابي بالباب، فقال: سله من أنت؟ فقلت: جابر ابن عبد الله، فخرج إليّ مولاه، فلما تراءينا اعتنق أحدنا صاحبه، فقال: يا جابر، ما جاء بك؟ فقلت: حديثا بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم في القصاص، ولا أظن أحدا ممن مضى أو ممن بقي أفهم له منك. قال: نعم يا جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل يبعثكم يوم القيامة من قبوركم حفاة عراة غرلا بهما، ثم ينادى بصوت رفيع غير فظيع يسمع به من بعد كمن قرب. فيقول: أنا الديان لا تظالم اليوم، وعزتي لا يجاورني اليوم ظلم ظالم ولو لطمة كف بكف، ويد على يد، ألا وطن أشد ما أتخوف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط، فلترقب أمتي العذاب إذا تكافأ النساء بالنساء والرجال بالرجال قال: والرجل الذي حدثه عبد الله بن أنيس.
أخبرنا نصر بن أحمد بن السوسي، أنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنا محمد بن عيسى بن عبد الكريم، نا أحمد بن محمد الحلي، نا عبد الله بن أحمد بن سوادة البغدادي نا علي بن محمد الأزدي، نا عثمان بن سعيد الصيداوي، نا السليم بن صالح أبو سفيان العنسي عن ابن ثوبان.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي زكريا البخاري.
ح وحدّثنا خالي أبو المعالي محمد بن عيسى القاضي، أنا نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا أبو زكريا البخاري، نا عبد العزيز بن سعيد ح.
وقرأت على أبي محمد، عن أبي نصر بن ماكولا قالا «1» : سليم بفتح السين سليم بن صالح روى عن ابن ثوبان نسخة.
بلغني عن الحسن بن جرير الصوري قال: كان عثمان بن «2» سعيد يثني على السّليم بن صالح، وزعم أنه كان من جبلة، وأثنى عليه خيرا.(72/287)
ذكر من اسمه: سماك
[9862] سماك بن الأحوص الصوفي
كان بدمشق.
حكى عنه أبو حمزة محمد بن إبراهيم الصوفي. قرأت بخط عمر بن الحسن الدّهستاني مما سمعه من أبي العيش محمد بن علي بن محمد بن العيش، أنا محمد بن النحاس، أنا أبو يعقوب الرملي الصوفي، حدثني أحمد بن محمد الدينوري، نا جعفر بن عبد الله الخياط البغدادي، نا محمد بن إبراهيم أبو حمزة الصوفي قال: وكنت مع سماك بن الأحوص الصوفي في مجلس دمشق، فنظر إلي رجل من أصحاب الحديث يعارض غلاما جميلا، فقام إليهما فقال له: يا فتى في هذا الدفتر شيء من كلام الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: قد كان يغبطني لك إن كنت تطلب أخبار النبيين، وسنن المرسلين، وفضائل الصديقين، وأعمال الزاهدين أن يرى عليك من الله بعض ما يرد عليك من أن يحكي عنه كتابك أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه، وأنت ذاهل العقل مختلس القلب، أما خفت من الله أن يسلبك بصرك ويحمل إليّ وأن يتم عليك، فبكى الرجل وقام.
[9863] سماك بن عبد الرحمن الدمشقي
حدّث عن أبي مسهر، قدم العراق، وحدث بها.
قال ابن مندة فيما حكاه أبو الفضل المقدسي عنه.(72/288)
[قال ابن عساكر:] «1» وهذا وهم من ابن منده أو من المقدسي، وإنما هو سماك بن عبد الصمد الذي يأتي أيضا.
[9864] سماك بن عبد الصمد بن سلام بن وديعة وقيل: ربيعة بن سماك بن رافع بن مالك أبو القاسم الأنصاري البغدادي
سمع بدمشق أبا مسهر، وحدث عنه، وعن أبي الأخيل خالد بن عمرو السلفي الحمصي، وأبي مسلم عبد الرحمن بن واقد.
روى عنه أبو محمد بن زبر الدمشقي، وعلي بن إسحاق المادرائي «2» ، وعبد الصمد بن علي الطستي «3» ، وأبو بكر الشافعي، والحسن بن محمد بن عفير الأنصاري، وأبو عوانة الإسفرايني، وعبد الله بن محمد بن علي بن طرخان البلخي. أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم البزار ببغداد، نا سماك بن عبد الصمد، نا [أبو] «4» مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغسّاني، نا إسماعيل بن عبد الله، حدثني الأوزاعي، حدثني سليمان بن حبيب، عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل: رجل خرج غازيا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يردّه بما نال من أجر أو غنيمة، ورجل [راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة، ورجل] «5» دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله»
[14178] .
__________
[9864] ترجمته في تاريخ بغداد 9/216.(72/289)
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد الواسطي، أنا أبو بكر «1» الخطيب، أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، نا أبو الحسن علي بن إسحاق بن محمد بن البختري المادراني، نا أبو القاسم الأنصاري سماك بن عبد الصمد بن سلام بن وديعة بن سماك بن رافع، نا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني، نا وهب بن تميم، عن الشعبي، عن جيفان بن عرابة «2» العنسي قال:
قدمت على عثمان في ثلاثمائة راكب من اليمن، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، أنا جيفان بن عرانة «3» العنسي، قدمت عليك من خبج «4» وخبيج «5» لتلحقنا بالمهاجرين وتجعل لنا سهما في المسلمين، فقال عثمان: أخبرني عما مررت به من أفاريق العرب في بلاد اليمن فقلت له: يا أمير المؤمنين أمّا هذا الحي من بني الحارث بن كعب فحسبك أمراس «6» ومسك «7» أحماس «8» ، إذا اشتد الباس، وأما هذا الحي من مذحج فأنجاد بسل، ومساعير غير عزل، وأما هذا الحي من خثعم فجعابيب «9» أصحاب أنابيب بنو أب وأولاد علة، وأما هذا الحي من الأزد فكرام في الجاهلية سادة، وحماة في الإسلام، قادة، وأما هذا الحي من حمير فبخ بخ أولئك الملوك أرباب الملوك فقال عثمان: مرحبا بأهل اليمن، أعلام في الدين قادة في المسلمين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الإيمان يمان، والحكمة يمانية، ورحا الإسلام دائرة فيما ولد قحطان، والجفوة والقسوة فيما ولد عدنان، حمير رأس العرب ونابها، ومذحج هامتها وعصامتها «10» ، والأزد كاهلها(72/290)
وجمجمتها «1» والأنصار مني وأنا منهم، اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار، اللهم أعزّ غسان أكرم العرب في الجاهلية وانصر الناس في الإسلام [تقية، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم الأنصار] «2» وازروني ونصروني وحموني، هم شيعتي وأصحابي وأول من يدخل بحبوحة الجنة من أمتي»
[14179] .
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن المبارك السلمي. وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن، أنا أحمد بن علي بن طاهر بن الفضل ابن الفرات.
قالا: أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف المقرىء، أنا عبد الوهاب بن جعفر بن عمار الميداني، أنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زبر، نا أبي، أنا سماك بن عبد الصّمد أبو القاسم الأنصاري، نا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني بمسجد دمشق في صفر سنة ست عشرة ومائتين، نا وهب بن تميم فذكر بإسناده نحوه وزاد في آخره ثم أنشأ كعب بن مالك الأنصاري يقول:
ألا أيهذا السائلي عن عترتي هلمّ إلى أهل المكارم والفخر
أنا ابن مباري الريح عمرو بن عامر نموت إلى قحطان في بناها الدهر
نصرنا رسول الله إذ حلّ وسطنا ببيض اليماني والمنفقة السّمر
وسرنا إلى بدر ونحن عصابة ثلاث مئين كالمسوّدة الزّهر
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا-[و] «3» أبو الحسن بن سعيد، ثنا- أبو بكر الخطيب قال «4» : سماك بن عبد الصّمد بن سلام بن وديعة «5» -، وقيل: ربيعة- بن سماك بن رافع أبو القاسم الأنصاري، حدث عن أبي «6» مسهر عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي، وأبي(72/291)
الأخيل الحمصي، روى عنه علي بن إسحاق المادراني، وعبد الصمد بن علي الطستي «1» ، وأبو بكر الشافعي، وما علمت من حاله إلا خيرا.
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب قال في باب سماك: وسماك قال أما الأول بكسر السين وتخفيف الميم، وآخر الحروف كاف، فهو سماك بن عبد الصمد بن سلام ابن وديعة بن سماك بن رافع أبو القاسم الأنصاري البغدادي، حدث عن أبي مسهر الدمشقي، روى عنه الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري، وعلي بن إسحاق المادراني، وأبو بكر الشافعي.
ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر علي «2» ابن هبة الله «3» قال: أما سماك بكسر السين المهملة وتخفيف الميم وآخره كاف فهو سماك بن عبد الصّمد بن سلام بن وديعة ابن سماك بن رافع أبو القاسم الأنصاري البغدادي، حدث عن أبي مسهر الدمشقي، روى عنه الحسين بن محمد بن عفير [الأنصاري] «4» وعلي بن إسحاق المادراني، وأبو بكر الشافعي. أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك وأبو الحسن علي بن الحسن قالا «5» : نا أبو بكر الخطيب «6» ، أنا محمد بن عبد الواحد، أنا محمد بن العباس قال: قرىء على ابن المنادي وأنا أسمع قال: وبلغتنا وفاة سماك بن عبد الصّمد الأنصاري بطرسوس في شهر رمضان سنة اثنتين «7» وثمانين، يعني ومائتين.
[9865] سماك بن عمرو الساعدي العاملي «8» القضاعي
شاعر. قرأت في أمالي أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، حدثني أبي، نا أحمد بن(72/292)
عبيد، نا هشام بن محمد، عن أبيه، والزيادي عن الشرّقي، وابن الأعرابي عن الفضل قالوا:
كان ملك من ملوك غسان يطلب ذحلا «1» في فخذ من عاملة يقال لهم بنو ساعدة، وبنو عاملة من قضاعة، فأخذ رجلين منهم يقال لهما سماك ومالك ابنا عمرو، فاحتبسهما زمانا ثم أخرجهما من محبسهما، فقال لهما: إني قاتل أحدكما فأيكما أقتل؟ فقال كل واحد منهما:
اقتلني أنا وكفّ عن أخي، فقتل سماكا وخلّى عن مالك فلما قدّم سماك للقتل أنشأ يقول:
إلام سحت «2» ليلة عامد كما ابد «3» ليلة واحدة
فأبلغ قضاعة أن جيتهم وحص سراة بني ساعدة
وأبلغ نزارا على بابها بأن الرماح هي العائدة
وأقسم لو قتلوا مالكا لكنت لهم حيّة راصدة
برأس سبيل علي مرقب ويوما عليّ طرق واردة
فأم سماك فلا تجزعي فللموت ما تلد الوالدة
فانصرف مالك إلى أمه ومنزله بعد قتل أخيه فمكث أياما، فبينا هو جالس مع أمه مرّ بهم ركب، فتمثّل بعضهم بهذا الشعر:
فأقسم لو قتلوا مالكا لكنت لهم حيّة راصدة
فقالت أمّه: أخزى الله الحياة بعد سماك، يا بني، أخرج فاطلب بدم أخيك، فتأهب وخرج فتلقّى ركبا فيهم قاتل أخيه فقال: من أحس لي الجمل الأحمر، فعرفوه، وعلموا بغيته، فقالوا له: خذ مائة ناقة وانصرف، فأبى وحمل على قاتل أخيه فقتله، وكان قاتل أخيه رجلا من بني قمير، وقمير من غسان وأنشأ يقول:
يا راكبا بلغا ولا تدعا بني قمير وإن هم جزعوا
فليحمدوا مثل ما وحمد ... شتا كنت مشتى وجع «4»(72/293)
لا أسمع اللهو في الحديث ولا ينفعني في الغراغر مضطجع
لا وجد ثكلا كما وجد ولا ثكل عجوز أضلها رتع
أو وجد شيخ أضل ناقته يوم توافى الحجيج فاندفعوا
ينظر في أوجه الركاب ولا يعرف شيئا بالوجه ملتمع
حللته صارم الحديدة كما لملحمة فيه شفا من «1» لمع
بين ضمير وباب خلق في أثوابه من دمائه دفع
أضر به باديا بواحدة يبدو امراه والرأس منصدع
بني قمير قتلت سيدكم فاليوم لا دنة ولا جزع
واليوم نمنا على السواء فإن نجزوا فدهري ودهركم جزعقال الزيادي في روايته: فانصرف مالك إلى أمه بالسيف، وفيه دم ثأره، فجعلت تلحس الدم حتى هذّ السيف لسانها وهي لا تشعر من شدة السرور والتشفي.
وقال أحمد بن عبيد: قمير منزل على ليلة من دمشق، وهو لغسان واشتقاق الطرائق والآثار.
[9866] سماك بن مخرمة بن حمين بن ثلث ابن الهالك بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر الأسدي الهالكي الكوفي
يقال: إن له صحبة.
وفد على عمر بن الخطاب، ودعا له، وكان من وجوه أهل العراق، وقدم على معاوية بعد ذلك وإليهم تنسب السيوف الهالكية «2» .
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو الحسين ابن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا أحمد بن عبد الله بن سعيد [نا] «3» السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم نا
__________
[9866] ترجمته في أسد الغابة 2/300 وفيه: بلث بدل: ثلث والوافي بالوفيات 15/448 والجرح والتعديل 2/1/279 والاستيعاب 2/84 (هامش الإصابة) ، والإصابة 2/77.(72/294)
سيف بن عمر عن محمد وطلحة والمهلب وعمرو وسعيد قالوا «1» : قدم سماك بن مخرمة وسماك بن عبيد، وسماك بن خرشة في وفود من وفود أهل الكوفة بالأخماس- يعني من همذان «2» - على عمر، فنسبهم فانتسب له سماك وسماك وسماك، فقال: بارك الله فيكم، اللهم اسمك بهم الإسلام وأيّدهم بالإسلام:
فقال سماك بن مخرمة بعد تلك الأيام «3» :
برزت لأهل القادسية معلما وما كان من يلقى الكريهة يعلم
وقومي بنو عمرو ونصير كأنهم أسود بمرج حين بشوا وأسلموا
ويوم بأكناف النّخيلة «4» قبلنا عجيب فلم أبرح أدمّى وأظلم «5»
وأقعص «6» منهم فارسا بعد فارس وما كل من يغشى الكريهة يسلم «7»
فنجّاني الله الأجلّ وجرأتي وسيف لأطراف المرازب مخذم
وخولي بتؤدة أن لا يبرحونني إذا أسرجت صاحوا بها ثم صمّموا
وأيقنت يوم الدّيلميّين أنه متى ينصرف قومي عن الناس يهزموا «8»
محافظة إنّي امرؤ ذو حفيظة إذا لم أجد مستأخرا أتقدم
وسماك بن مخرمة هو صاحب مسجد سماك «9» .
أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن كرتيلا، أنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد الخياط، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسجركبن، أنا أبو جعفر أحمد بن(72/295)
أبي طالب علي بن محمد الكاتب، حدثني أبي، حدثني أبو عمرو محمد بن مروان بن عمر القرشي السعيدي، أخبرني أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو القرشي، حدثني أبي قال «1» :
قال، يعني معاوية، لآذنه: ائذن لسماك بن مخرمة، فدخل، وقضى سلامه، فقال: إيها يا سميك بني مخرمة، قال: مهلا يا أمير المؤمنين بل سماك بن مخرمة، والله يا أمير المؤمنين ما أحببناك منذ أبغضناك، ولا أبغضنا عليا منذ أحببناه، وإنّ السيوف التي ضربناك بها لعلى عواتقنا، وإن القلوب التي قابلناك بها لبين جوانحنا، ولئن قدمت إلينا شبرا من غدر لنقدمن إليك باعا من ختر «2» ، قال: اخرج «3» عنا «4» .
وذكرنا في الحكاية وستأتي في ترجمة جويرية بنت أبي سفيان «5» على الكمال، وهذا إنما كان بدمشق، لأن جويرية كانت شاهدة ذلك. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله، أنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنا عثمان بن أحمد بن السماك، أنبأ أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء قال: قال علي بن المديني: مسجد سماك سماك بن مخرمة خال سماك بن حرب، وبه تسمّى.
وفي نسخة ما أجازني أبو عبد الله الخلال أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي الأصبهاني- إجازة.
ح قال «6» وأخبرنا أبو طاهر بن «7» سلمة، أنا أبو الحسن الفأفاء.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم «8» قال:(72/296)
سماك بن مخرمة الذي ينسب إليه مسجد بالكوفة، يقال: مسجد سماك، وهو خال سماك بن حرب، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي قراءة على أبي الحسن الدارقطني.
ح وقرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني.
قال: أما ثلث فمن ولده سماك بن مخرمة بن حمين «1» بن ثلث بن الهالك الأسدي، خرج هاربا من علي بن أبي طالب، وقصد الجزيرة «2» ، وهو الذي ينسب إليه مسجد سماك بالكوفة، قال ذلك ابن الكلبي، زاد ابن المحاملي فيما قرأته بخط أبي رؤبة عن ابن حبيب عنه: هو مخضرم.
ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «3» : وأما بلث أوله باء معجمة بواحدة وبعدها ياء ساكنة وآخره ثاء معجمة بثلاث، وحمين «4» بحاء مهملة مضمومة وميم مفتوحة وبعدها ياء ساكنة معجمة باثنتين «5» من تحتها: فهو سماك بن مخرمة بن حمين بن بلث بن الهالك الأسدي خرج هاربا من علي وقصد الجزيرة قاله ابن الكلبي، هو الذي ينسب إليه مسجد سماك بالكوفة.
وقال ابن ماكولا في موضع آخر «6» : سماك بن خرشة أنصاري وليس بأبي دجانة، وسماك بن عبيد العبسي «7» ، وسماك بن مخرمة الأسدي، ذكرهم سيف، وقال: قدموا على عمر وهم أول من قاتل الدّيلم.
قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد، عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبّار، أنبأ أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي.(72/297)
ح وأنبأنا أبو سعد بن الطيوري، عن عبد العزيز الأزجي، قالا: أنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة «1» الخلال، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدثني جدي قال: سماك بن مخرمة الأسدي يقال: إن سماكا هذا مات بالرقة «2» ، والله أعلم.
[9867] سمرة بن سهم الأسدي- ويقال: القرشي
من أهل الكوفة.
قدم دمشق، وسمع بها معاوية وخاله أبا هاشم بن عتبة بن ربيعة، وسمع ابن مسعود بالكوفة.
روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة [الأسدي] .
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أبو بكر القطيعي، حدّثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي «3» ، نا معاوية بن عمرو أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنا أبو محمد بن يوسف، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، نا عبد الرحمن بن طلق، نا عمرو بن مرزوق.
ح وأخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أحمد بن الحسين، أنا أبو طاهر الفقيه.
ح أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد البراء، نا أبو علي أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن خلف قال: أنا الأستاذ الإمام أبو طاهر محمد بن محمد الزيادي، أنبأ أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري، ثنا محمد بن عبد الوهاب، أنا معاوية بن عمرو.
قالا: نا زائدة، عن منصور، عن سفيان، نا سمرة بن سهم.
قالا: نزلت على أبي هاشم بن عتبة وهو طعين فدخل عليه معاوية يعوده، فبكى، فقال
__________
[9867] ترجمته في تهذيب التهذيب 3/433 وتهذيب الكمال 8/139 وميزان الاعتدال 2/234 والتاريخ الكبير 2/2/179 والجرح والتعديل 2/1/156.(72/298)
له معاوية: ما يبكيك؟ أوجع يشترك «1» أم الدنيا؟ فقد ذهب صفوها؟ وفي رواية الفقيه: أم حرص على الدنيا؟ قال: على كلّ، لا- وفي رواية أحمد فقال: لا «2» - ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا فوددت أن أتبعه- وقال البزار: أنّي تبعته- إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعلك أن تدرك أموالا تقسم بين أقوام، وإنّما يكفيك من جمع المال خادم ومركب في سبيل الله»
[14180] فوجدت فجمعت. رواه الأعمش، كذا رواه أبو بكر بن عيّاش، عن عاصم، عن أبي وائل لم يذكروا سمرة.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، ثم حدثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أحمد بن الحسن والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد ابن الحسن، قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «3» : سمرة بن شهر «4» سمع أبا هاشم بن عتبة، روى عنه شقيق بن سلمة، وقال إسرائيل: رجل من قريش وهم «5» .
كذا في الأصل: ابن شهر، وصوابه ابن سهم، وقوله: من قريش تصحيف، وإنّما هو رجل من قومي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «6» : سمرة بن سهم روى عن أبي هاشم، روى عنه شقيق بن سلمة، سمعت أبي يقول ذلك.(72/299)
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد، أنا محمد بن أحمد بن الصواف، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال في أسماء أصحاب عبد الله: سمرة بن سهم الأسدي، حدث عنه أبو وائل.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو عمرو بن السماك، أنا محمد بن أحمد بن البراء قال: سئل علي بن المديني عن سمرة بن سهم فروى عنه أبو وائل، روى عن أبي هاشم بن عتبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
«لعلك أن تدرك أموالا» ؟ فقال: سمرة بن سهم مجهول، لا نعلم «1» أحدا روى عنه غير أبي وائل «2» ، والله أعلم.(72/300)
ذكر من اسمه سمط
[9868] السّمط بن الأسود بن جبلة، والد شرحبيل
شهد اليرموك وأمّر على بعض الكراديس وكانت هجرته إلى المدينة في خلافة عمر بن الخطاب.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أحمد بن محمد بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو بكر بن سيف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر قال: وكان السّمط بن الأسود على كراديس، يعني، اليرموك «1» . أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، ثم حدثنا أبو الفضل السلامي، أنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسن الصيرفي، وأبو الغنائم، واللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمد زاد ابن خيرون وأبو محمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا أبو الحسن المقري، أنا أبو عبد الله البخاري «2» ، نا ابن يوسف، نا يحيى بن حمزة، حدثني أبو حمزة العبسي «3» ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وراشد بن سعد، وشبيب الكلاعي، عن جبير بن نفير، عن عمرو بن عبسة «4» : عرضت الخيل على النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث السّمط إلى عمرو: سمعت
__________
[9868] بالأصل: حيلة. تصحيف، والصواب ما أثبت عن جمهرة ابن حزم ص 426.(72/301)
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «حضرموت خير من بني الحارث؟ ..» قال: نعم، قال السمط: آمنت بالله ورسوله.
[9869] السمط بن ثابت بن يزيد بن شرحبيل بن السّمط ابن ثابت بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث ابن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة الكندي
حمصي، من أشراف حمص، قدم دمشق في عسكر من أهل حمص للطلب يوم الوليد ابن يزيد، فهزم الجيش بقرب عذراء ودخل السمط دمشق فبايع يزيد بن الوليد الناقص. له ذكر، وقيل إن أهل حمص قاموا عليهم لما خلعوا مروان بن محمد، وقيل ولوا غيره «1» .
حكى عنه رجاء بن حيوة.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا علي بن الحسن بن علي الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، نا أبو الحسن بن جوصا، نا يحيى ابن أبي طالب، ومالك بن يحيى، قالا: نا عبد الوهاب بن عطاء، أنا ابن عون، عن رجاء بن حيوة، عن السّمط بن ثابت، أو ثابت بن السّمط قال:
كنا في مسير في خوف، فصلّوا ركبانا، قال: فالتفتّ فإذا بالأشتر قد نزل يصلّي، فقال: ما له خالف خولف به، قالها ثلاث مرات.
وقد رويت هذه القصة عن شرحبيل بن السّمط، وهي عنه أصح. قرأت على أبي محمد السلمي، عن عبد الرحمن بن أحمد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أبو الحسن بن جوصا، نا عمران بن بكار بن راشد، نا يحيى بن صالح الوحاظي، نا ابن عياش، عن مالك بن عبد الوحاظي، عن زياد بن عبيد أبي المغيرة أن أبا عون الأنصاري حدثه أن أبا إدريس الخولاني حدثه أنه كان مع شرحبيل بن السّمط في سريّة وأنهم صبّحوا عند صلاة الفجر قرية في مغارهم ينظرون إلى أهلها حتى انتشروا لهم، فصلّوا مفترقين على خيولهم مستقبلي جوف الشام، فصلّى من كان مع شرحبيل تلك الصلاة، ونزل مالك الأشتر عن فرسه، فاستقبل القبلة يصلّي، فاستحوذ شرحبيل وأصحابه على القرية
__________
[9869] ترجمته في جمهرة ابن حزم ص 426 وتاريخ الطبري (الفهارس) والوافي بالوفيات 15/451.(72/302)
ومن فيها، فذكر لابن السمط ما فعل مالك الأشتر فقال شرحبيل: خالف مخالف خالف الله به، فقتله الله مخالفا، فسئل أبو إدريس عن تلك الصلاة: أراغبين صليتموها أم راهبين؟ قال:
بل راغبين.
وهذا رواه الوليد بن مسلم، عن إسماعيل بن عيّاش وعبد الله بن لهيعة، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، وقال: شرحبيل بن السّمط.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال: شرحبيل بن السمط بن الأسود بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين، جاهلي، إسلامي، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم «1» ، وأسلم، من ولده: السّمط بن ثابت بن يزيد بن شرحبيل، كان خرج على مروان بن محمد فظفر به مروان فصلبه «2» ، وابنه عبد الله بن السّمط كان من أشراف أهل الشام، فقتله عبد الله بن سعيد الجرشي أيام ولي حمص لمحمد بن هارون أمير المؤمنين، وقتل معه ابنين له: أحمد، وأبا الأسود.
[9870] السمط والد يزيد بن السمط
قرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني وذكر أنه وجده بخط بعض أصحاب الحديث في تسمية رجال من أهل العلم، السمط أبو يزيد بن السّمط، دمشقي.
[9871] سمعان بن هبيرة بن مساحق بن بجير بن حمير ابن أسامة بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان ابن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر أبو سمّال الأسدي الكوفي
فصيح، وفد على معاوية.
__________
[9871] ترجمته في جمهرة ابن حزم ص 195 والوافي بالوفيات 15/452، وتاريخ الطبري (الفهارس) والإصابة 2/115 والمؤتلف والمختلف للآمدي ص 137. وسمعان ضبطت بكسر السين فيجمهرة ابن حزم ص 195 ضبط قلم، وحمير كذا رسمها بالأصل، وفي مختصر ابن منظور: عمير، ودودان غير مقروءة بالأصل، والمثبت عن جمهرة ابن حزم، وأبو سمّال ضبطت بفتح السين وتشديد الميم وآخره لام، عن الوافي بالوفيات والإصابة.(72/303)
وقال أبو عبيد الله المرزباني «1» : هو سمعان بن هبيرة بن فروة «2» بن عمرو بن عبيد بن أسعد «3» بن جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين.
قرأت في كتاب أبي محمد بن زبر فيما رواه ابنه محمد بن عبد الله بن أحمد عنه، ثنا الحارث بن أبي أسامة، نا ابن سعد، أنا الواقدي قال: وجدت هذا الكتاب عند عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر فقرأته عليه، وسألته ممن صار إليك هذا؟ فإذا هو يورطه إلى ناحية الكوفة، قال:
لما أراد معاوية أن يبايع أهل الأمصار ليزيد كتب إلى زياد أن يوفد عليه وجوه أهل الكوفة، فذكره وفيه: فلمّا اجتمع أهل البصرة والكوفة، يعني عند معاوية، قام أبو سمّال الأسدي، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أمير المؤمنين لا ينفع الحذر القدر، ولا يغلب الجهل القضاء، ولا يملك الناس تغيير «4» النعماء، وليس أمير المؤمنين بالذي يعطينا ولا يمنعنا، ولا بالذي يضعنا ولا يرفعنا، ولكن الله هو الرافع الخافض، المعطي المانع، والأمور بيده وهو يديرها في خلقه كما يشاء، نحن يا أمير المؤمنين رعية أنت مسؤول عنها، ومجازى بما عملت فيها، ولا تعذر بفسادها، فقال له معاوية وهو يستنطقه: ولست راع يا أبا سمّال، قال: والله ما رعيت الشاء ولا لبست العباء. قال معاوية: لكن أهل بيتك أنت راع عليهم ومسؤول عنهم، قال أبو سمّال: والله إنّي لأضرب جاهلهم وأعطي سائلهم وأقوّم جائرهم، وإنّي لتدركني «5» لهم رأفة الوالد ولده، والبعل زوجته، فقال معاوية له:
حاجتك يا أبا سمّال؟ فما «6» عرّضت بذكر الولد والزوجة إلا لذلك. قال «7» : مسألتي إياك يسيرة، وعطيتك إياي جليلة، فأخّر معاوية عطية أبي سمّال حتى كان اليوم الذي أذن للوفود فيه برجوعهم إلى أمصارهم، فبعث إليه بخمسة آلاف درهم، وثلاثة «8» مطارف «9» ،(72/304)
وعشرة «1» برود، وعشر رواحل، ونعلين، وبرذون، وفرس، وغلام سائس، ووصيف خباز، وجارية بربرية.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح ابن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: وأما سمّال فمنهم أبو سمّال الأسدي، كان مع طليحة على الردة، فلما دهمهم خالد قال له: بما أمرت؟ قال: أمرت أن أصنع رحاكم جاهم «2» أو تفركي لا تراهم قال ذاك سيف بن عمر.
ومما أخبرنا أبو جعفر المؤذن عن السّري، عن شعيب، عن سيف، وحدثنا مسلم بن عبيد الله الحسني، نا الخضر بن داود، نا الزبير قال: وقال أبو سمّال الأسدي، واسمه سمعان بن هبيرة بن مساحق بن بجير بن عمير بن أسامة بن نصر بن قعين شعرا، ذكره الزبير عنه «3» .
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «4» : وأما سمّال أوله سين مفتوحة بعدها ميم مشدّدة وآخره لام أبو سمّال الأسدي، كان مع طليحة في الردة، وهو شاعر، واسمه سمعان بن هبيرة بن مساحق بن بجير بن عمير بن أسامة بن نصر بن قعين، نسبه الزبير بن بكار.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون، أنا محمد بن علي بن الحسن بن الحسين «5» ، أنا علي بن محمد بن بيان قراءة، أنا الحسن بن محمد الرفا- إجازة- نا محمد بن زيد الرطاب، نا إبراهيم بن محمد الثقفي، حدثني محرز بن هشام المرادي، نا جرير الرازي، عن مغيرة الضبّي قال «6» : كان أبو السّمّال الأسدي لا يغلق على داره بابا كان مناديه ينادي بالكناسة لتنزل الأعراب من منازل أبي السّمّال ألا وكلب خاصة، فقيل له: لم خصصت كلبا، قال: لأنهم ليس لهم بالكوفة كبير أهل.(72/305)
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو منصور محمد بن بكر.... «1» ، نا أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني إملاء، قال: سمعت مشايخنا قالوا: وعاش سمعان بن هبيرة وهو أبو السّمّال الأسدي سبعا وستين ومائة سنة «2» وهو الذي يقول:
وهاربة من شيبتي وتجنني وطول قعودي بالوصيد «3» أفكر
تقول فنا سمعان بعد اعتداله وبعد سواد الرأس والرأس أزعر
فقلت لها: لا تهربي إن قصّرت المنايا وريب الدهر بالمرء يعذر
فكم من صحيح عاش دهرا بنعمة فحلّ به يوم أغرّ مشهرفصار لقاء في البيت لا يبرح الفنا رديّا عليه كآبة وتوقّر
وقد كان مدلاجا «4» إلى المسجد متعبا إليه المطايا عمره ليس يقتر
فلما ترمته المنايا وريبها تقوّس منه الظهر فالخطو مقصر
وعاد كفرخ النسر أعمى عن التي يريد طوال الدهر يهذي ويهدر
فإن أك شيخا فانيا فلربما أصبت الذي أهوى وما كنت أحذر
وإن جموع جمّة قد لقيتها وشرّ كثير عن شواني يحذر
وخير دعتني للنزال أجبتها وفي الكفّ مني مشرفي مذكر
وتحتي طمرّ مستطار فؤاده سليم الشّظى تهذ كميت مضمرما زلت إذ نادوا فزال ونلت ما ينال الكريم الأحوزي المشمر
فذلك دهر قد مضى حلو عيشه وغادرني شلو إلى الذئب يكسر
وقد كنت إما على القرن من حما أجود وأحمي المستغاث وأجتر
وللموت خير لامرىء من حياته بدارة ذلّ عليلا لا يوقر
يريد على البلايا، قال أبو حاتم: وآخر حرف في كتاب سيبويه علماء بنو فلان، يريد على الماء.(72/306)
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار «1» ، حدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، عن صالح القعنبي «2» وأبي فقعس الفقعسي الذي كان مع عبد الله ابن صالح قال: وكانا من علماء العرب، قال: قال: ولد أسد بن خزيمة: عمرا، فولد عمرو: جذاما «3» ولخما وعاملة «4» ، قالا: وقال في ذلك أبو السّمّال الأسدي واسمه سمعان بن هبيرة ابن مساحق بن بجير بن عمير بن أسامة بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة:
أبلغ جذاما ولخما إن لقيتهم والقوم ينفعهم علم إذا علموا
والقوم عاملة إلّا ترين، قل لهم قولا ستبلغه الوشاحة الرّسم
لأنتم في صميم الحقّ إخوتنا إذ يخلق الماء في الأرحام والنّسم
يعرف منا ومنكم وجه والدنا والعزّ من مجده القدموس والشّيم
شق اسمكم من أبيكم فاسمكم تبر كما يقد ليسير الخارز الأدم
لم أر مثل الذي تأتون جا به قوم تذر على بحتونهم «5» حمم
لم ينقموا غير أن لم يأت سهمهم يوم النشاة حتى فاته الزّلم «6»
كنتم إذا شئتم زارت نساؤكم حوض الحجيج ولم ينكب لها قدم
إن شئتم بدماء البدن عند منى يوما حلفنا إذا ما يبتلى القسم
إنا نذكركم بالله أن تدعوا أباكم حين حمد الأمر واعتزموا
لن «7» ندّعي معشرا ليسوا بإخوتنا حتى الممات وإن عزوا وإن كرموا(72/307)
إذ
نحن حيّ جميع الأمر حلتنا غورا تهامة فالأسياف فالحرم «1»
ثم استمرت بكم دارا «2» مفرقة بين الجميع ودهر ريبه «3» أضم
قال: وأنشدني «4» :
أبلغ جذاما على نابهم ونابهم من ملم الخطوب «5»
وقولا لعاملة الأقربين فإن أولئك أدنى نسيب «6»
ولخما فأبلغ خصوصية على اليعملات آلات الحبيبقبائل مني نأت دارهم وهم في القرابة أدنى قريب
هلم إلينا تحلوا إلى «7» أخي معتف ومحل رحيب
[9872] سمعون التغلبي
شاعر، وفد على عبد الملك بن مروان.
أخبرنا أبو الفتوح أسامة بن محمد بن زيد العلوي، أنا أبو جعفر بن المسلمة- إجازة- قال: أجاز لنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني قال «8» : سمعون التغلبي كلّم عبد الملك بن مروان بشيء أغضبه، فرماه بخرز كان في يده، فضحك به قوم من بني تميم فقال:
أمن حذفة بالخرز عرضا تباشرت عداتي فلا عار عليّ ولا نكر
فإنّ أمير المؤمنين وفعله لكالدهر لا عار على ما فعل الدهر(72/308)
[9873] سمهري بن صبيح الكلبي كان بالرصافة مع هشام بن عبد الملك، حكى عنه سميع هو ذو الكلاع.
[9874] سميّ بن عبد الله، ويقال: شمر الخثعمي
من بني قحافة، من أصحاب معاوية، وهو الذي شفع في كريم بن عفيف الخثعمي الذي قدم به مع حجر بن عدي فعفا عنه، له ذكر. يأتي ذكره في ترجمة عاصم بن عمرو البجلي.(72/309)
ذكر من اسمه سنان
[9875] سنان بن جابر الجهني
شاعر من شعراء عرب دمشق، قديم، كان في زمن عبد الملك بن مروان.
قال يمدح حميد بن حريث بن بحدل لما أوقع، يعني ببني «1» سليم، الذين كانوا مع عمير بن الحباب «2» السّلمي:
لقد طار في الآفاق أن ابن بحدل حميدا.... «3» كلبا فقرّت عيونها
وعرف قيسا بالهوان ولم يكن ليفزع إلّا عند أمر يهينها
فقلت له قيس بن عيلان إنها سريع إذا ما عضّت الحرب لينها
سما بالعتاق الجود من مرج راهط وتدمر ينوي بذلها لا يصونها
فكان لها عرض السماوة ليلة سواء عليها سهلها وحزونها
فمن يحتمل في شأن كلب ضغينة علينا إذا ما حان في الحرب حينها
فإنّا وكلبا كاليدين متى تضع شمالك في شيء تعنها يمينها
لقد تركت قتلى حميد بن بحدل.... «4» ضوى فيها قليلا دفينها
وقيسية قد طلقتها رماحنا تلفت كالصيد أوذي جنينها(72/310)
[9876] سنان بن أبي منصور، ويقال: ابن أبي منظور أبو الفضل مولى وائلة بن الأسقع
حدّث عن واثلة.
روى عنه أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، ويقال: أبو الفضل يروي عنه.
أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا: أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد، أنا سليمان بن أحمد «1» ، أنا عبيد العجل «2» ، نا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، نا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، حدّثني أبو الفضل، عن «3» سنان «4» مولى واثلة قال:
توفي ولد للرّيّان «5» وشهده واثلة، فلما انصرفوا من المقبرة قعد واثلة عند باب دمشق، فمر به الرّيّان فقال له واثلة: يا أبا سعيد، جبر الله مصيبتك، وغفر لمتوفاك، إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من دفن ثلاثة من الولد احتسبهم «6» ، حرّم الله عليه النار»
[14181] . أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل الباقلاني، وأبو الحسين الصيرفي، وأبو الغنائم، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أبو الفضل وأبو الحسين الأصبهاني قالا: أنا أبو بكر الشيرازي، أنا أبو الحسن المقرىء، نا محمد ابن إسماعيل البخاري قال «7» : سنان بن أبي منصور مولى واثلة بن الأسقع الليثي عن واثلة، روى عنه أبو الفضل، يعدّ في الشاميين.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا حمد «8» بن عبد الله- إجازة-.
__________
[9876] ترجمته في الجرح والتعديل 2/1/252 والتاريخ الكبير 2/2/164 وميزان الاعتدال 2/235 ولسان الميزان 3/115 والمعجم الكبير للطبراني 22/96.(72/311)
ح قال: وأنا أبو طاهر الهمداني، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «1» : سنان بن أبي منصور، ويقال ابن أبي منظور، شامي، مولى واثلة بن الأسقع، روى عن واثلة، روى عنه أبو الفضل، سمعت أبي يقول ذلك «2» ، وسمعت أبي يقول: هما مجهولان.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا عبد الله بن سعيد، أنا الخصيب بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أخبرني محمد بن وهب، نا محمد بن سلمة، حدثني أبو عبد الرحيم، حدثني أبو الفضل سنان بن أبي منصور مولى واثلة بن الأسقع، قال أبو عبد الرحيم الشامي أبو الفضل سنان بن أبي منصور. قرأت على أبي الفضل أيضا، عن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصّقر، أنا أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم بن عمر، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج، نا أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد «3» قال: أبو الفضل سنان بن أبي منصور مولى واثلة بن الأسقع، وكذا قال.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي في كتابه، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو الفضل عن سنان بن أبي منصور مولى واثلة بن الأسقع، روى عنه أبو عبد الرحيم خالد بن [أبي] «4» يزيد القرشي.... «5» .
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: سنان بن أبي منصور مولى واثلة بن الأسقع الليثي، عن واثلة، روى عنه أبو الفضل، يعدّ في الشاميين، قال ذلك البخاري فيما أخبرنا علي عن ابن فارس عنه.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر «6» ابن ماكولا، قال «7» : وأما سنان(72/312)
بنونين «1» فهو سنان بن أبي منصور مولى واثلة بن الأسقع، روى عن «2» واثلة بن الأسقع، روى عنه أبو الفضل، قاله البخاري.
[9877] سنان بن يحيى
حكى عنه ابن ابنته أبو هشام عبد الرحمن بن عبد الصّمد بن عبد الملك بن البوروز.
[9878] سندي بن شاهك أبو نصر مولى المنصور
أمير دمشق من قبل موسى بن عيسى بن علي في خلافة الرشيد.
حكى عن المنصور.
حكى عنه ابن أخيه إبراهيم بن عبد السلام، وجعفر [بن] محمد بن حكيم الكوفي.
قرأت على أبي «3» الوفاء حفاظ بن حسن بن الحسين، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني، أنا أبو سليمان بن زبر، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر، أنا محمد بن جرير «4» قال: ذكر إبراهيم بن عبد السلام ابن أخي السندي بن شاهك عن السندي قال:
ظفر المنصور برجل من كبراء بني أمية، فقال: إني أسألك عن أشياء فاصدقني ولك الأمان، قال: نعم، فقال له المنصور: من أين أتي بنو أمية حتى انتشر أمرهم؟ قال: من تضييع الأخبار. قال: فأي الأموال وجدوها أنفع؟ قال: الجوهر، قال: فعند من وجدوا الوفاء؟ قال: عند مواليهم، قال: فأراه المنصور أن يستعين في الأخبار بأهل بيته، ثم قال: أضع من أقدارهم، فاستعان بمواليه.
قرأت خط أبي الحسين «5» الرازي، حدثني أبو الحسن أحمد بن حميد بن أبي البجلي
__________
[9878] ترجمته في الوافي بالوفيات 15/487 وكناه أبا منصور، وأمراء دمشق ص 39 رقم 129 والوزراء والكتاب ص 236 وتحفة ذوي الألباب 1/235.(72/313)
الدمشقي، عن عمه، عن أبيه وغيره عن شيوخ دمشق قالوا: خرج أبو الهيذام «1» في سنة ست وسبعين ومائة، وفي هذه السنة هدم سور مدينة دمشق، هدمه السندي بن شاهك، رجل من أهل السند، وكان ذميم الخلق، وكان أمير الشام كلها موسى بن عيسى «2» ، وكان السندي بن شاهك من قبله على دمشق في أيام هارون الرشيد.
قال: وأخبرني أحمد بن حمدون بن عيسى بن مساور بن أحمد قال: قال إسحاق بن سليمان: ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائة وعلى كور دمشق السندي بن شاهك مولى أمير المؤمنين، وفيها هاجت العصبية «3» ، وكان رأس القيسية أبو الهيذام المري «4» فقتل فيما بينهم بشر كثير.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «5» قال: أما شاهك بالكاف فهو السندي بن شاهك صاحب الحرس.
أنبأنا أبو الحسن سعد الخير بن محمد، أنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار الصيرفي، نا أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن هشام، أنبأ أبي أبو الحسن علي بن عبد الله، نا أبو بكر يموت بن المزرع بن يموت النصري، حدثني عمرو بن بحر الجاحظ «6» قال: قال السندي بن شاهك لا يستحلف المكاري «7» ، [ولا الفلاح] «8» ولا الملاح ولا الحائك، كان يجعل القول قول المدّعي.
وكان يقول كثيرا: اللهم إنّي أستخيرك في الجمّال، ومعلم الكتاب.(72/314)
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، نا عبد العزيز بن أحمد لفظا «1» ، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم- إجازة- أنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخوّاص، نا أحمد بن محمد بن مسروق، نا حميد بن الصّبّاح، حدّثني محمد بن مهدي قال «2» : ضرب السندي رجلا، وكان طويل اللحية فجعل يقول: العفو يابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا به، قال: ويلك، أنا هاشمي؟ قال: يا سيدي، تريد لحية وعقلا «3» ؟.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى التستري، نا خليفة العصفري قال «4» : وفيها يعني سنة أربع ومائتين مات السندي ببغداد، وذكر ذلك أبو حسان الزيادي، وزاد: أنه مات لست خلون من رجب.
[9879] سند «5» بن بخناسة السعد «6»
أحد قواد المتوكل، قدم معه دمشق سنة ثلاث وأربعين ومائتين، فيما قرأته بخط أبي محمد عبد الله بن محمد الخطابي، وكان مقدما أيضا في زمن المنتصر، له ذكر.
[9880] سند بن يحيى بن سند أبو صالح المعرّي
سمع العباس بن الوليد بن مزيد «7» ببيروت، ويوسف بن بحر بن عبد الرحمن قاضي جبلة.
روى عنه أبو أحمد بن عدي.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف،
__________
[9880] ترجمته في لسان الميزان 3/117 وفيه المغربي بدلا من المعري.(72/315)
أنا أبو أحمد بن عدي «1» ، حدثنا سند بن يحيى بن سند المعري، نا العباس بن الوليد بن مزيد، نا محمد بن شعيب، نا عبد العزيز بن الحصين، عن عمرو بن دينار المكي أنه أخبره عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ الله تجوّز «2» لكم عن صدقة الخيل والرقيق» «3»
[14182] .
[9881] سواد بن قارب الأزدي، ويقال: السّدوسي
له صحبة ووفادة على النبي صلى الله عليه وسلم، من أهل الشراة، من جبال البلقاء.
روى حديث إسلامه عنه سعيد بن جبير، وأرسله أبو جعفر محمد بن علي عنه.
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد، أنبأ عبد الرحمن بن الحسن، أنا جعفر ابن عبد الله بن يعقوب بن قتادة، نا محمد بن هارون، نا عبد الله بن محمد، نا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثني سعيد بن عبيد الله بن الوليد الوصّافي «4» ، عن أبيه، عن أبي جعفر «5» قال «6» : دخل سواد بن قارب السدوسي على عمر بن الخطاب، فقال: نشدتك الله يا سواد بن قارب، هل تحسن اليوم من كهانتك شيئا، قال: سبحان الله يا أمير المؤمنين، والله ما استقبلت أحدا من جلسائك مثل الذي استقبلتني به، فقال عمر: سبحان الله يا سواد، ما كنا عليه من شركنا أعظم مما كنت عليه من كهانتك، والله يا سواد لقد بلغني عنك حديث، إنه
__________
[9881] ترجمته في الإصابة 2/96 والاستيعاب 2/123 (هامش الإصابة) وأسد الغابة 2/332 وانظر دلائل النبوة للبيهقي 2/248 وما بعدها والتاريخ الكبير 2/2/202.(72/316)
لعجب من العجب، قال: أي والله يا أمير المؤمنين إنه لعجب من العجب، قال: فحدّثنيه، قال: كنت كاهنا في الجاهلية، فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني نجييّ «1» فضربني برجله ثم قال:
يا سواد ... اسمع «2» ما أقول «3» لك. قال: قلت: هات، قال:
عجبت للجن وأنجاسها «4» وشدّها «5» العيس بأحلاسها «6»
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها مثل «7» أرجاسها «8»
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك «9» إلى راسها «10»
قال: فنمت ولم أحفل بقوله شيئا، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال:
يا سواد، اسمع أقل لك قال: قلت: هات، قال:
عجبت للجن وتطلابها ورحلها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذابها
زاد ابن أبي شيبة:
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس المقاديم كأذنابها
قال: فحرك «11» قوله مني شيئا، قال: ونمت، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال: يا سواد بن قارب، وقال عبد الله بن محمد: ثم قال: يا سواد، وزاد: أتعقل أم لا تعقل؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: ظهر بمكة نبيّ يدعو إلى عبادة ربه بالحق، اسمع، أقل لك، قال: قلت: هات، قال:(72/317)
عجبت للجن وأخبارها ورحلها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها «1» مثل كفّارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها
قال: فعلمت أن الله قد أراد لي خيرا، فقمت إلى بردة ففتقتها، زاد ابن أبي شيبة:
فلبستها- ووضعت رجلي في غرز، زاد ابن أبي شيبة: رحل، وقالا: - الناقة، ثم أقبلت حتى، وقالا: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته فقال: «إذا اجتمع المسلمون، وفي حديث عبد الله بن محمد: الناس- فأخبرهم» ، فلما اجتمع المسلمون- وقال عبد الله: الناس- قمت، فقلت «2» :
أتاني نجييّ بعد هدء ورقدة «3» ولم يك فيما قد بلوت «4» بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول «5» من لؤي بن غالب
فشمّرت عن ذيل الإزار ووسّطت بي الذّعلب الوجناء غبر السّباسب «6»
وقال عبد الله بن.... «7» .
وأعلم «8» أن الله لا ربّ غيره وأنك مأمون على كلّ غائب
وأنّك أدنى المرسلين وسيلة «9» إلى الله يابن الأكرمين الأطايب
وقال عبد الله: وأنك أوفى.(72/318)
فمرنا بما قد شئت «1» يا خير مرسل «2» وإن كان فيما جاك شيب الذوائب
وقال ابن أبي شيبة: فمرنا بما يأتيك.
قال: فسرّ المسلمون، زاد عبد الله: بذلك، قال عمر: - وقال ابن أبي شيبة: قال:
فقال عمر، زاد عبد الله: ابن الخطاب: - هل تحس منها اليوم شيئا؟ قال: أما منذ علّمني الله القرآن فلا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، وأبو الفرج غيث بن علي التنوخي، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد، قالوا: أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، نا أبو بكر الخرائطي، نا أبو موسى عمران بن موسى المؤدب، نا محمد بن عمران، نا سعيد بن عبيد الله الوصّافي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: دخل سواد بن قارب السّدوسي على عمر بن الخطاب فقال: نشدتك بالله يا سواد هل تحسن اليوم من كهانتك شيئا؟ قال: سبحان الله يا أمير المؤمنين، ما استقبلت أحدا من جلسائك بمثل ما استقبلتني به، قال: سبحان الله يا سواد ما كنا عليه من شركنا أعظم مما كنت عليه من كهانتك، والله يا سواد لقد بلغني عنك حديث إنه لعجب من العجب، قال: أي والله يا أمير المؤمنين إنه لعجب من العجب قال: فحدثنيه قال: كنت كاهنا في الجاهلية، فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني نجييّ فضربني برجله ثم قال: يا سواد، اسمع، أقل لك، قلت: هات، قال:
عجبت للجنّ وأنجاسها ورحلها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها «3» مثل أرجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى راسها
قال: فنمت ولم أحفل بقوله شيئا، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله ثم قال:
يا سواد، اسمع، أقل لك، قلت: هات، قال:(72/319)
عجبت للجن وتطلابها ورحلها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادقو الجنّ ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس المقاديم كأذنابها
قال: فحرك قوله مني شيئا ونمت، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله ثم قال: يا سواد أتعقل أم لا تعقل، قلت: وما ذاك؟ قال: قد ظهر بمكة نبيّ يدعو إلى عبادة ربه، فالحق به، اسمع، أقل لك، قلت: هات، قال:
عجبت للجن وأخبارها ورحلها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها «1» مثل كفارهافارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحبارها
قال: فعلمت أن الله عز وجل قد أراد بي خيرا، فقمت إلى بردة لي، ففتقتها ولبستها، ووضعت رجلي في غرز ركاب الناقة، وأقبلت حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعرض عليّ الإسلام فأسلمت وأخبرته الخبر، فقال: «إذا اجتمع المسلمون فأخبرهم»
[14183] فلما اجتمع الناس قمت فقلت:
أتاني نجييّ بعد هدء ورقدة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كلّ ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمّرت عن ذيلي الإزار ووسّطت بي الذّعلب الوجناء غير السباسب
وأعلم أن الله لا ربّ غيره وأنك مأمون على كلّ غائب
وأنّك أدنى المؤمنين وسيلة إلى الله يابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
قال: فسرّ المسلمون بذلك، فقال عمر: هل تحسن اليوم منها شيئا؟ قال: أما مذ علّمني الله القرآن فلا «2» .
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ جدي أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن موسى بن عبدان الغسّاني، إمام جامع دمشق وقاضيها،(72/320)
أنا أبو عمر محمد «1» بن موسى بن فضالة القرشي [أنا] «2» أبو قصيّ إسماعيل بن محمد العذري، نا سليمان بن عبد الرحمن، نا الحكم بن يعلى بن «3» عطاء المحاربي «4» ، نا عباد بن عبد الصّمد قال: سمعت سعيد بن جبير قال: أخبرني سواد بن قارب الأزدي قال:
كنت نائما على جبل من جبال الشراة «5» قال: فأتاني آت فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب أتاك رسول من لؤي بن غالب، قال: فاستويت قاعدا فأدبر وهو يقول:
عجبت للجن وأرجاسها ورحلها العيس بأحلاسها
قال: ثم عدت فنمت، فأتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب أتاك رسول من لؤي بن غالب، قال: فاستويت قاعدا فأدبر وهو يقول «6» :
عجبت للجن وتطلابها ورحلها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادقوها مثل كذّابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى راسها «7»
قال: فأصبحت فاقتعدت بعيرا لي، فأتيت مكة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظهر، فأخبرته الخبر وتابعته «8» . أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأ أبو الفضل أحمد بن الحسن، أنبأ أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ، أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف، نا(72/321)
أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن عبد الجبار الهمداني، مولى عمرو بن حريث، نا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي، عن أبي معمر عباد بن عبد الصّمد أن سعيد بن جبير أخبره قال:
سمعت سواد بن قارب قال: بينا أنا نائم على جبل من جبال الشراة إذ أتاني «1» آت فضربني برجله، فذكر الحديث، والأول أتم.
كذا نقلته من خط أبي الحسن محمد بن العباس بن «2» ... الشراة بالشين المعجمة، وكان صحيح الخط محكم الضبط.
وقد أخرجت هذا الحديث من طريق من حديث سليمان بن عبد الرحمن بهذا الإسناد في ترجمة الحكم بن يعلى.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أنا أبو بكر البيهقي «3» ، أنا أبو القاسم الحسن بن محمد ابن حبيب المفسر، من أصل سماعه، أنبأ أبو عبد الله الصفار الأصبهاني، قراءة عليه، نا أبو جعفر أحمد بن موسى الحمّار الكوفي، بالكوفة، نا زياد بن يزيد بن بادويه «4» أبو بكر القصري «5» ، نا محمد بن التراس الكوفي، نا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن البراء قال:
بينما عمر بن الخطاب يخطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: أيها الناس أفيكم سواد بن قارب؟ قال: فلم يجبه أحد تلك السنة، فلما كانت السنة المقبلة قال: أيها الناس، أفيكم سواد بن قارب؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين وما سواد بن قارب؟ قال: فقال: إن سواد بن قارب كان بدو إسلامه شيئا عجيبا، قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب قال: فقال له عمر: يا سواد. حدثنا ببدء إسلامك كيف كان؟ قال سواد: فإنّي كنت نازلا بالهند، وكان لي رئي من الجن قال: فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ جاءني في منامي ذلك قال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب، ثم أنشأ يقول:(72/322)
عجبت للجن وأنجاسها وشدّها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنوها «1» مثل أرجاسها
فانهض إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى راسها
ثم أنبهني فأفزعني وقال: يا سواد بن قارب إن الله عز وجل بعث نبيا، فانهض إليه تهتد وترشد، فلما كان في الليلة الثانية أتاني فأنبهني ثم أنشأ يقول ذلك:
عجبت للجن وتطلابها وشدّها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس قداماها كأذنابها
فانهض إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى نابها
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني ثم قال كذلك:
عجبت للجن وتخبارها وشدّها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس ذوو الشرّ كأخيارها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ما مؤمنو الجن ككفّارها
قال: فلما سمعته يكرر ليلة بعد ليلة، وقع في قلبي حب الإسلام من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، قال: فانطلقت إلى رحلي، فشددته على راحلتي، فما حللت تسعة ولا عقدت أخرى حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو بالمدينة والناس على أحرف الفرش «2» ، فلما رآني النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مرحبا بك يا سواد بن قارب، قد علمنا ما جاء بك»
[14184] قال: قلت: يا رسول الله قد قلت شعرا فاسمعه مني، قال سواد: فقلت:
أتاني رئيّ بعد ليل وهجعة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كلّ ليلة أتاك نبيّ من لؤي بن غالب
فشمّرت عن ساق الإزار ووسّطت بي الذّعلب الوجناء غير السباسب
فأشهد أن الله لا شيء غيره وأنّك مأمون على كل غائب
وأنّك أدنى المرسلين شفاعة إلى الله يابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى وإن كان فيما جاء شيب الذوائب(72/323)
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب
قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، وقال لي: «أفلحت يا سواد» ، فقال له عمر: هل يأتيك رئيّك «1» الآن؟ فقال: منذ قرأت القرآن لم يأتني، ونعم العوض كتاب الله من الجن
[14185] . أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، قراءة، أنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي، أنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي «2» ، أنا أبو يعلى الموصلي «3» ، قراءة عليه، نا يحيى بن حجر بن النعمان الشامي، نا علي بن منصور الأبناوي «4» ، عن محمد بن عبد الرحمن الوقّاصي، عن محمد بن كعب القرظي قال:
بينما عمر بن الخطاب ذات يوم جالس «5» إذ مرّ به رجل، فقيل: يا أمير المؤمنين أتعرف هذا المار؟ قال: ومن هذا؟ قال: هذا سواد بن قارب الذي أتاه رئيّه «6» بظهور النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فأرسل إليه [عمر] «7» فقال له: أنت سواد بن قارب؟ قال: نعم، قال: أنت الذي أتاك رئيّك «8» بظهور النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فأنت على ما كنت عليه من كهانتك؟
قال: فغضب وقال: ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت يا أمير المؤمنين، فقال عمر: يا سبحان الله، ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، فأخبرني بما يأتيك رئيّك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم يا أمير المؤمنين، بينا «9» أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئيّي «10» فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب واسمع مقالتي، واسمع مقالتي «11» ، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:(72/324)
عجبت للجن وتطلابها وشدّها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذّابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قداماها كأذنابها
قال: قلت: دعني أنام فإني لست ناعسا، قال: فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتخيارها وشدّها العيس بأكوارهاتهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنو الجن ككفّارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها
قال: قلت: دعني أياما فإنّي أمسيت ناعسا، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتحساسها وشدّها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خيّر الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى راسها
فقمت، فقلت: قد امتحن الله قلبي، فرحّلت ناقتي ثم أتيت المدينة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله فدنوت فقلت: اسمع مقالتي يا رسول الله، قال: «هات» فأنشأت أقول:
أتاني نجيي بين هدء ورقدة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كلّ ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمّرت من ذيلي الإزار ووسطت بي الذّعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره وأنّك مأمون على كلّ غائب
وأنّك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب(72/325)
قال: ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمقالته «1» فرحا شديدا، حتى رئي الفرح في وجوههم، قال: فوثب إليه عمر بن الخطاب فالتزمه وقال: كنت أشتهي أن أسمع «2» هذا الحديث منك، فهل يأتيك رئيّك اليوم؟ قال: أما منذ قرأت القرآن فلا، ونعم العوض كتاب الله عز وجل من الجن، ثم أنشأ عمر يقول: كنا يوما في حيّ من قريش يقال لهم آل ذريح، وقد ذبحوا عجلا لهم والجزّار يعالجه إذ سمعنا صوتا من جوف العجل، ولا نرى شيئا: يا آل ذريح أمر نجيح، صائح يصيح، بلسان فصيح، يشهد أن لا إله إلا الله.
بلغه عبدان الجواليقي عن يحيى بن حجر، ورواه غيرهما عن يحيى، فقال عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي: بدل محمّد، وهو الصواب. أنبأنا أبو الغنائم الحافظ، حدّثنا أبو الفضل الحافظ، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك ابن عبد الجبار، وأبو الغنائم، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «3» : سواد بن قارب الأزدي له صحبة.
وفي نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب، أنا عبد الرحمن بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر، أنا أبو الحسن.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «4» : سواد بن قارب الأزدي له صحبة، روى عنه أبو جعفر محمد بن علي، وسعيد بن جبير، سمعت أبي «5» يقول ذلك.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أحمد بن محمد بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد قال: سواد بن قارب الأزدي كان يسكن البادية.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن علي بن عبيد الله بن سوار، والمبارك بن عبد الجبّار قالا: أنا الحسين بن علي بن عبيد الله، نا محمد بن إبراهيم بن السري، نا عبد(72/326)
الملك ابن بدر بن الهيثم، نا أحمد بن روح قال في الطبقة الأولى من الأسماء المنفردة، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: سواد، وهو ابن قارب بالبصرة.
[قال ابن عساكر] «1» : هذا وهم، فإنه سمي بهذا الاسم غيره.
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنا، عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن المحاملي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ قال: أما سواد فكثيرون، منهم من له صحبة، سواد بن غزيّة «2» ، وسواد بن عمرو «3» ، ومنهم أيضا سواد بن قارب وغيرهم.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنبأ شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن منده قال: سواد بن قارب الأزدي كان كاهنا في الجاهلية، روى عنه سعيد بن جبير، وأبو جعفر محمد بن علي.
ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي زكريا البخاري.
ح وحدثنا خالي أبو المعالي القاضي، نا نصر بن إبراهيم، أنا أبو زكريا. ثنا عبد الغني بن سعيد قال: سواد بالتخفيف: هو سواد بن قارب.
[9882] سويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة ابن السّبّاق بن عبد الدار بن قصي بن كلاب أبو حرملة القرشي العبدري
له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تحفظ له رواية، وهو ممن هاجر الهجرتين كلاهما «4» ، وشهد بدرا «5» مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج مع أبي بكر الصديق في تجارة إلى
__________
[9882] ترجمته في أسد الغابة 2/335 والإصابة 2/97 والاستيعاب 2/125 (هامش الإصابة) وطبقات ابن سعد الكبرى 3/122.(72/327)
بصرى قبل فتح الشام، وهو صاحب القصة المشهورة مع نعيمان «1» وأكثر ما ينسب إلى جده، فيقال: سويبط بن حرملة.
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم المزني، أنا أبو الفضل الرازي، أنا جعفر بن عبد الله، نا محمد بن هارون، نا محمد بن المثنى، نا أبو داود «2» ، نا زمعة، أخبرني الزهري، عن عبد الله بن وهب بن زمعة، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرج أبو بكر تاجرا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه السّويبط والنعيمان، فقال يا سويبط إنّي جائع فأطعمني، قال: كما أنت حتى ينزل أبو بكر، فأبى أن يطعمه، فلما نزلوا انطلق النعيمان إلى ناس من الأعراب، فقال: أبيعكم عبدا لي، فإن أخبركم بأنه حرّ فلا تصدّقوه، فانطلق، فباعه بقلائص «3» ، وجاء القوم السويبط وقالوا: قد ابتعناك، فقال: إنّي حرّ، فلم يلتفتوا إلى قوله، فانطلقوا به، فأعطوا النعيمان «4» القلائص «5» ، وجاء أبو بكر فقال: يا نعيمان أين السويبط؟
قال: والله قد بعته، قال: وحقّ ما تقول؟ قال: نعم، وهذا ثمنه قال: هذه القلائص، قال:
انطلق معي إليهم، قال: فانطلق مع أبي بكر إليهم، فلم يزل أبو بكر بهم حتى استنقذه ورد القلائص، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره أبو بكر الأمر، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها حولا.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن منده، أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم مولى بني هاشم، نا أبو بقية، نا روح، أنا زمعة قال: سمعت ابن شهاب يحدّث عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أم سلمة أن أبا بكر خرج تاجرا إلى بصرى، ومعه نعيمان وسويبط ابنا «6» حرملة، وكلاهما بدري، وكان سويبط على الزاد، فجاء نعيمان فقال: أطعمني، فقال: لا حتى يجيء أبو بكر، ثم ذكر الحديث، لم يزد عليه.
وهكذا رواه محمد بن عبد الله بن المنادي عن روح بن عبادة وقد وهم فيه إذ قال ابنا(72/328)
حرملة، فإنّهما ليسا بأخوين، سويبط بن حرملة قرشي مكي، ونعيمان هو ابن عمرو أنصاري مدني، والله أعلم.
أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد، وأبو الفضل محمد بن ناصر قالا: أنا المبارك بن عبد الجبار، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي، أنا محمد بن عبد الله بن خلف قال:
أنا عمر بن محمد، نا أحمد بن محمد بن هانىء، نا أبو عبد الله بحديث نعيمان وسويبط من حديث وكيع، ومن حديث روح. فقال وكيع عن زمعة عن الزهري عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أم سلمة قال: وحدّثناه وكيع مرة أخرى قال: نا زمعة عن ابن شهاب، عن وهب بن عبد الله، عن أم سلمة قال: وأما روح فقال عن ربيعة، عن الزهري، عن عبد الله بن وهب ابن زمعة كقول وكيع الأول، وهذا أشبه، وهب بن عبد الله يعني قول وكيع الثاني، قال:
لأن عبد الله ابن زمعة هو المعروف، وقد قلت لأبي عبد الله: أبو عبيدة بن عبد الله أبو زمعة أخو وهب؟ فقال: نعم، قال أبو عبد الله: وخالف وكيع روحا، قال: وكان نعيمان على الزاد في حديث روح كان سويبط على الزاد.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب القومسي قال: سويبط الذي ذكرته أم سلمة في حديث الزهري سويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السّباق بن عبد الدار بن قصي. حدّثنا أبو الحسن علي بن مسلم الفقيه لفظا، وأبو القاسم الخضر بن الحسين، قراءة، قالا: أنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، أنا عبد الرحيم بن عثمان، أنا علي بن يعقوب بن إبراهيم، أنبأ أحمد بن إبراهيم، نا محمد بن عائذ قال: فأخبرني الوليد بن مسلم عن عبد الله ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة في تسمية من شهد بدرا من بني عبد الدار بن قصي: سويبط ابن زائدة «1» بن حرملة بن عميلة بن السّبّاق بن عبد الدار.
أخبرنا أبو محمد السلمي، نا أبو بكر أحمد بن علي.
وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو بكر بن اللالكائي «2» ، أنا أبو الحسين(72/329)
محمد بن الحسين، أنا أبو محمد عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «1» ، نا عمرو بن خالد وحسّان يعني ابن عبد الله، وعثمان يعني ابن صالح، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: شهد بدرا من بني عبد الدار بن قصي: سويبط بن سعد بن حرملة بن عميلة بن السّباق بن عبد الدار.
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا أبو بكر الحافظ، أنا محمد بن الحسين بن الفضل، أنا محمد بن عبد الله بن عتاب، أنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة، نا إسماعيل بن أبيأويس، نا إسماعيل بن إبراهيم، عن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، قال في تسمية من شهد بدرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الدار بن قصي: سويبط بن سعد.
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر ابن المقرىء، نا محمد بن جعفر، نا عبيد الله بن سعد الزهري، نا عمي، عن أبيه، عن ابن إسحاق «2» .
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلّص، نا رضوان بن أحمد الصيدلاني.
ح وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أخبرنا شجاع «3» بن علي، أنا أبو عبد الله ابن مندة، أنا محمد بن يعقوب قالا: نا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس، عن ابن إسحاق في تسمية من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الدار بن قصي سويبط بن سعد بن حرملة، وفي رواية رضوان: بن حريملة «4» ، زاد الزهري: بن مالك بن عميلة بن السّبّاق بن عبد الدار ابن قصي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين، أنا أبو طاهر، أنا رضوان- إجازة- نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس، عن ابن «5» إسحاق «6» في تسمية من هاجر إلى أرض(72/330)
الحبشة من بني عبد الدار: سويبط بن خزيمة «1» ، أمه حرملة بنت الأسود بن خزيمة بن أقيش ابن عامر بن بياضة بن سبع «2» بن جعثمة «3» من خزاعة.
أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار قال في تسمية بني عبد الدار بن قصي: وسويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السّبّاق «4» ، هاجر إلى أرض الحبشة، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا، وأمه هنيدة من خزاعة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة «5» ، أنا محمد بن شجاع، نا محمد بن عمر قال «6» : في تسمية من شهد بدرا من بني عبد الدار بن قصي: سويبط بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السّباق. أخبرنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى بن علي القرشي، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الفقيه، أنا أبو محمد عبد الرحمن المالكي، نا أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد «7» بن هارون بن وردان السمرقندي، نا [أبو] «8» عبد المؤمن أحمد بن شيبان «9» الرملي، نا سفيان بن عيينة «10» ، عن عمرو بن دينار، عن حسن «11» بن محمد، أخبرني عبيد الله بن أبي رافع وهو كاتب علي قال: سمعت عليا يقول:
بعثني النبي صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد قال: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ «12» فإن بها(72/331)
ظعينة «1» معها كتاب، فخذوه منها» ، فانطلقنا تعادي «2» بنا خلينا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة قلنا: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، قلنا: لتخرجي الكتاب أو لتقلعن الثياب، فأخرجته من عقاصها «3» ، فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حاطب ما هذا؟» قال: يا رسول الله لا تعجل، إنّي كنت امرءا ملصقا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة، ولم يكن لي فيهم قرابة، وأحببت أن أتخذ فيهم يدا إذ فاتني ذلك، يحمون بها قرابتي، وما فعلته كفرا ولا ارتدادا ولا رضى «4» بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه قد صدقكم» قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: «إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم»
[14186] . أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر، أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا يحيى بن سليمان بن أيوب أبو عمر الصريفيني أخو شعيب بن أيوب، أكبر منه، نا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال عمر بن الخطاب لأسماء: سبقناكم بالهجرة، فقالت: أجل والله لقد سبقتمونا بالهجرة وكنا عند العراة الحفاة- يعني الحبشة- وكنتم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّم جاهلكم ويفقّه عالمكم، ويأمركم بمعالي الأخلاق، وقالت: لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأخبرنّه، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:
«للناس هجرة ولكم «5» هجرتان»
[14187] .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الفقيه، نا محمد بن سعد قال «6» في الطبقة الأولى ممن شهد بدرا: سويبط بن سعد بن حرملة بن مالك، وكان مالك(72/332)
شاعرا، ابن عميلة بن السّباق بن عبد الدار بن قصي، وأمه هنيدة بنت خبّاب «1» أبي سرحان بن منده «2» ابن سبيع بن خثعم «3» بن سعد بن مليح من خزاعة، وكان سويبط من مهاجرة الحبشة.
[قال:] أخبرنا محمد بن عمر، ثنا حكيم بن محمد، عن أبيه قال: لما هاجر سويبط بن سعد من مكة إلى المدينة نزل على عبد الله بن سلمة العجلاني، فقال ابن «4» سعدقالوا: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سويبط بن سعد وعائذ بن ماعص الزرقي، وشهد سويبط بدرا وأحدا.(72/333)
ذكر من اسمه سويد
[9883] سويد بن بكر الدمشقي
حدّث عن الدّجين بن ثابت أبي الغصن اليربوعي البصري «1» الملقب بجحى «2» ، ذكره أبو الفضل علي بن الحسين الفلكي «3» الهمذاني «4» الحافظ في كتاب الألقاب «5» .
[9884] سويد بن سعيد المكي
قدم دمشق.
وحكى عن الشعبي.
حكى عنه: أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن.
قرأت على أبي محمد عبد الله بن أسد بن عمران بن الخضر، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمد، أنا أحمد بن سليمان بن أيوب بن خذلم، أنا يزيد بن محمد بن عبد الصّمد، نا سليمان بن عبد الرحمن، نا سويد بن سعيد المكي، ولقيته بدمشق عند داود ابن أبي هند، قال: رأيت الشعبي يترجح.(72/334)
[9885] سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار أبو محمد المعروف بالحدثاني
أصله من هراة، وسكن حديثة النورة التي تحت عانة، وفوق الأنبار.
وسمع بدمشق ومصر وغيرها: الوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز، وخالد بن يزيد ابن أبي مالك، والوليد بن محمد الموقّري، وعيسى بن يونس، ومروان بن معاوية الفزاري، وحفص بن ميسرة، وفرج بن فضالة، ورشدين «1» بن سعد، وضمام بن إسماعيل، وشهاب ابن خراش الحوشبي، ومالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد، وابن عيينة، ويحيى بن سليم، ومسلم بن خالد الزنجي، وفضيل بن عياض، وشريك بن عبد الله، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وسوار بن مصعب الهمداني، وعلي بن مسهر، وعثمان بن مطر، وأبا معاوية الضرير، ومعتمر بن سليمان، وزياد بن الربيع اليحمدي، ويزيد ابن زريع. روى عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه، وأبو عبد الله بن ماجه في سننه، ويعقوب بن شيبة، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وأحمد بن الأزهر، وإبراهيم بن هانىء النيسابوريان، والحسن بن علي بن شبيب المعمري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعبيد العجلي «2» ، وأحمد ابن محمد بن الجعد الوشّاء، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصوفي، وعبد الله بن محمد ابن ناجية، وأحمد بن محمد الباغندي، وعبد الله بن محمد البغوي، وإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وعمران بن موسى السجستاني «3» ، ومحمد بن عبدة بن حرب، وجعفر بن محمد الفريابي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وقاسم المطرز، وغيرهم.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد، أنا أبو طالب محمد بن إبراهيم، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، نا عبد الله بن أبي الدنيا، نا سويد بن سعيد، نا سويد بن عبد
__________
[9885] ترجمته في تهذيب الكمال 8/205 وتهذيب التهذيب 2/455 وسير الأعلام 11/410 وميزان الاعتدال 2/248 والجرح والتعديل 2/1/240 وتاريخ بغداد 9/228 وتذكرة الحفاظ 2/454 والكامل لابن عدي 3/428.(72/335)
العزيز، نا نوح بن ذكوان عن أخيه أيوب، عن الحسن عن «1» أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تبارك وتعالى: إني لأستحي من عبدي وأمتي يشيبان في الإسلام أعذّبهما بعد ذلك»
[14188] .
وبإسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل لأنا أعظم عفوا من أن أستر على عبدي ثم أفضحه، ولا أزال أغفر لعبدي ما استغفرني»
[14189] .
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «2» قال: سويد بن سعيد ويكنى أبا محمد الأنباري، وكان ينزل الحديثة، حديثة النّورة على فراسخ من الأنبار.
في نسخة الكتاب الذي شافهني به أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الأصبهاني في كتابه.
ح قال: وأنا ابن مندة، أنا أبو طلحة الحسين بن سلمة الهمداني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الفأفاء. قالا: أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال «3» : سويد بن سعيد الأنباري الحديثي، روى عن ضمام بن إسماعيل وحفص بن ميسرة، وشريك، روى عنه أبي، وأبو زرعة، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: كان صدوقا، وكان يدلس ويكثر ذلك، يعني التدليس. لم يذكره البخاري في تاريخه «4» ولا مسلم بن الحجاج في كتاب الكنى.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أحمد بن علي بن منجويه، أنا [أبو] «5» أحمد الحاكم قال: أبو محمد سويد بن سعيد بن شهريار الهروي الحدثاني، سكن الحديثة، سمع أبا عمر حفص بن ميسرة الصنعاني، وأبا الحسن علي بن(72/336)
مسهر القرشي، عمي في آخر عمره، وربّما لقّن ما لبس من حديثه ممن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه أحسن، روى عنه أبو «1» الأزهر أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي، ومسلم بن الحجاج كناه. وأبو «2» القاسم البغوي.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، وأبو الحسن بن سعيد قالا: قال لنا «3» أبو بكر الخطيب «4» : سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار أبو محمد الهروي، سكن حديثة النّورة على فراسخ من الأنبار، وقدم بغداد وحدّث بها، وكان قد كفّ بصره في آخر عمره، وربما لقن ما ليس عنده، ومن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه حسن، وقال أبو حاتم الرازي: كان كثير التدليس، فهو صدوق.
أخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم، أنا أبو بكر البرقاني، أنا الإسماعيلي «5» قال: قال المنيعي «6» : كان أحمد ينتقي «7» لصالح وعبد الله على سويد بن سعيد فيسمعان منه. قال الإسماعيلي: وعرضت على إسحاق بن إبراهيم الحربي كتاب عبد الله بن أحمد عن أبيه من غير قراءة فقال: هو سماعي منه.
قال عبد الله: عرضت على أبي أحاديث لسويد بن سعيد عن ضمام فقال: إني أكتبها كلها أو قال: تتبّعها فإنه صالح أو قال: ثقة «8» .
أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك، أنا- وأبو الحسن علي «9» بن الحسن، ثنا- أبو بكر الخطيب «10» ، أنبأ البرقاني قال: [قال:] «11» لنا «12» أبو بكر بن الإسماعيلي يوما: في(72/337)
القلب من سويد شيء- يعني من سويد بن سعيد- من جهة التدليس، وما ذكر عنه في حديث عيسى بن يونس الذي كان يقال تفرد به نعيم بن حمّاد، وقال عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي: كان سويد من الحفاظ، وكان أبو عبد الله أحمد بن حنبل ينتقي لو لديه صالح وعبد الله، يختلفان إليه فيسمعان منه، هذا معنى ما قاله حكاية عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ورأيت في تاريخ أبي طالب أنه سأله عن غير شيء من حديث سويد عن سويد بن عبد العزيز، وحفص بن ميسرة، فضعّف حديث سويد بن عبد العزيز من أجله، لا من أجل سويد الأنباري.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي قال «1» : سمعت إسحاق بن إبراهيم بن يونس يقول: بلغني عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال [لي] «2» أبي أكتب عن سويد أحاديث ضمام.
قرأت في سماع أبي طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصّقر الأنباري، وأنبأنيه أبو القاسم ابن السمرقندي عنه، أنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر الصواف، أنا أبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرىء، أنا أبو أحمد جعفر بن سليمان الميموني قال «3» : وسأل رجل أبا عبد الله عن سويد الحدثي فقال: ما علمت إلّا خيرا، فقال له: إنسان جاءه بكتاب فضائل فجعل عليا أول «4» ، وأخّر أبا بكر وعمر، فعجب أبو عبد الله من هذا ثم قال: لعله أتي من غيره، قالوا له: وثم تلك الأشياء. قال له: فلم تسمعوهما أنتم لا تسمعوها ولم أره يقول فيه إلا خيرا.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا-[و] «5» أبو الحسن بن سعيد، ثنا- أبو بكر الخطيب «6» ، أنا أحمد بن محمد العتيقي «7» ، وعلي بن أبي علي البصري، وعبيد الله بن عبد(72/338)
العزيز بن جعفر البرذعي- قال البرذعي: أخبرنا. وقالا- حدثنا.
ح أخبرنا عاليا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا أبو محمد الجوهري، أنبأ محمد بن عبيد الله بن الشّخير، نا أبو عيسى إسحاق بن موسى بن سعيد [الرملي- إملاء- حدثنا محمد بن يحيى الخزاز السوسي قال: سألت يحيى بن معين عن سويد بن سعيد] «1» فقال:
ما حدثك فاكتب عنه، وما حدث «2» به تلقينا فلا. أخبرنا أبو منصور، أنا [و] «3» أبو الحسن قال: نا- أبو بكر الخطيب «4» أخبرني الأزهري، أنا عبد الرحمن بن عمر الخلال، نا محمد بن أحمد بن يعقوب، نا جدي قال:
سويد بن سعيد صدوق، ومضطرب الحفظ، ولا سيما بعد ما عمي.
قال «5» : وأخبرني محمد بن علي المقرىء، أنا أبو مسلم عبد الرحمن بن مهران، نا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سمعت أبا علي صالح بن محمد يقول: سويد بن سعيد صدوق، إلا أنه كان أعمى، وكان يلقن أخاه أحاديث «6» ليست من حديثه.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي قال «7» : سمعت جعفر الفريابي يقول: أفادني أبو بكرالأعين في قطيعة الربيع سنة إحدى «8» وثلاثين بحضرة أبي زرعة وجمع كبير «9» من رؤساء أصحاب الحديث حين أردت أن أخرج إلى سويد وقال: وقّفه وثبّت منه هذا الحديث هل سمع من عيسى بن يونس؟ فقال: فقدمت على سويد فسألته. فقال: حدثنا عيسى بن يونس، عن حريز «10» بن(72/339)
عثمان، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفير «1» ، عن أبيه، عن عوف بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تفترق هذه الأمة بضعة وسبعين فرقة شرّها فرقة قوم «2» يقيسون الرأي، يستحلون به الحرام ويحرّمون به الحلال» .
قال الفريابي: ووقفت سويد عليه بعد أن حدثني وصار بيني وبينه كلام كثير.
قال ابن عدي: وهذا إنما يعرف بنعيم بن حمّاد، رواه عن عيسى بن يونس فتكلم الناس فيه مجراه، ثم رواه رجل من أهل خراسان يقال له الحكم بن المبارك، يكنى أبا صالح الخواشتي «3» ، ويقال: إنه لا بأس به، ثم إنه سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث، منهم: عبد الوهاب بن الضحاك، والنضر بن طاهر، وثالثهم سويد الأنباري، ولسويد أحاديث كثيرة عن شيوخه، روى عن مالك الموطّأ، ويقال: إنه سمعه خلف حائط فضعف في مالك أيضا، وهو إلى الضعف أقرب.
أخبرنا بحديث عبد الوهاب أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي «4» ، نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن الحربي، نا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، نا عبد الوهاب بن الضحاك، نا عيسى بن يونس، عن حريز «5» ابن عثمان، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تفترق أمتي على نيّف وسبعين فرقة أضلّها على أمتي قوم يفشون الأمور برأيهم فيحلّون الحرام ويحرّمون الحلال»
[14190] .
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا أبو بكر الخطيب «6» ، أنا محمد بن أحمد بن رزق، نا إسماعيل بن علي الخطبي، نا أبو علي حسين بن فهم قال: سمعت يحيى بن معين وذكر عنده سويد بن سعيد الحدثاني، فقال: لا صلى الله عليه، قال: ولم يكن عنده بشيء.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا(72/340)
الخصيب «1» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال:
أخبرني سليمان بن الأشعث قال: سمعت يحيى يقول: سويد بن سعيد حلال الدم، قال النسائي: أبو محمد سويد بن سعيد ليس بثقة ومأمون «2» .
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا- وأبو الحسن علي بن الحسن، نا- أبو بكر الخطيب «3» ، أنا أحمد بن أبي «4» جعفر، أنا أحمد «5» بن علي البصري في كتابه، نا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سألت أبا داود عن سويد فقال: سمعت يحيى بن معين يقول:
سويد مات منذ حين، وسمعت يحيى قال: هو حلال الدم، وسمعت أحمد ذكره فقال: أرجو أن يكون صدوقا، أو قال: لا بأس به.
قال «6» : وقرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي قال: سمعت محمد بن موسى بن حماد يذكر عن يحيى بن معين قال: لو كان لي خيل ورجال لخرجت إلى سويد بن سعيد حتى أحاربه.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا- وأبو الحسن بن سعيد، ثنا- أبو بكر الخطيب «7» ، أخبرني الأزهري، أنا عبد الله بن عثمان الصفار، نا محمد بن عمران الصيرفي، نا عبد الله بن علي بن المديني قال: سئل أبي عن سويد الأنباري فحرك رأسه وقال: ليس بشيء «8» ، وقال الضرير «9» : إذا كانت عنده كتب فهو عيب «10» شديد، وقال هذا أحد رجلين:
إما رجل يحدث من كتابه أو من حفظه، ثم قال: هو عندي ولا شيء، قيل له: فأين حفظه «11» ثلاثة آلاف؟ قال: فهذا أشد، يكرر عليه «12» .(72/341)
كتب إلي أبو نصر القشيري، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني عبد الله بن محمد قال: سمعت أبا العباس، يعني السّراج يقول: سمعت أبا بكر الأعين «1» وسئل عن سويد بن سعيد فقال: سداد من عيش وضعّفه «2» .
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو [بكر] «3» الصفار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا محمد بن محمد بن إسحاق أنا أبو العباس الثقفي قال: سمعت أحمد بن عبد الله بن زياد، أنا جعفر الديباجي قال: سمعت أبا بكر الأعين يقول وسألته عن سويد بن سعيد فقال: هو سداد من عيش هو شيخ. أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا- وأبو الحسن بن سعيد، ثنا- أبو بكر الخطيب «4» ، أنا البرقاني، نا يعقوب بن موسى الأردبيلي، نا أحمد بن طاهر الميانجي، نا سعيد بن عمرو ابن عمار البرذعي قال: رأيت أبا زرعة يسيء القول في سويد بن سعيد؛ وقال: رأيت منه شيئا لم يعجبني، قلت: ما هو؟ قال: لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده، فقلت: إن عندي أحاديث لابن وهب عن ضمام وليست عندك، فقال: ذاكرني بها، فأخرجت الكتب، وأقبلت أذاكره، فكنت كلما أذاكره كان يقول: حدثنا به ضمام، وكان يدلس حديث حريز «5» ابن عثمان وحديث نيار «6» بن مكرم، وحديث عبد الله بن عمرو «زر غبا» فقلت أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة «7» أحاديث من هؤلاء؟ فغضب، قال سعيد فقلت لأبي زرعة: فأيش حاله؟ قال: أما كتبه فصحاح، وكنت أتتبع أصوله فأكتب منها، فأما إذا وجدت من حفظه فلا.
قال «8» : وسمعت أبا زرعة يقول: قلنا ليحيى بن معين: إنّ سويد بن سعيد حدّث عن ابن أبي الرجال عن ابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليهوسلم قال: «من قال في(72/342)
ديننا برأيه فاقتلوه» ، فقال يحيى: سويد ينبغي أن يبدأ به فيقتل، قلت لأبي زرعة: سويد يحدّث بهذا عن إسحاق بن نجيح، قال: هذا حديث إسحاق بن نجيح إلا أن سويدا أتى به عن ابن أبي الرجال، قلت: فقد رواه لغيرك عن إسحاق، فقال عسى قيل له فرجع «1» .
أخبرنا أبو القاسم «2» بن السمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا أبو القاسم السهمي قال «3» : سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد، فقال: تكلم فيه يحيى بن معين، وقال حدّث عن أبي معاوية عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد أن «4» النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة»
[14191] ، قال يحيى بن معين: وهذا باطل عن أبي معاوية، لم يروه غير «5» سويد، وجرّح «6» سويد لروايته لهذا الحديث.
قال الشيخ أبو الحسن «7» فلم «8» يزل يظنّ أن هذا كما قال يحيى، وأن سويد أتى أمرا عظيما في روايته هذا الحديث حتى دخلت مصر في سنة سبع وخمسين فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي المعروف بالمنجنيقي، وكان ثقة، روى عن أبي كريب، عن أبي معاوية كما قال سويد سواء، وتخلّص سويد وصحّ الحديث عن أبي معاوية، وقد حدّث أبو عبد الرّحمن النسائي عن إسحاق بن إبراهيم هذا، ومات أبو عبد الرحمن قبله.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، وأبو يعلى حمزة بن علي قالا: أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنا علي بن منير، أنا الحسن بن رشيق، نا أبو عبد الرحمن النسائي قال: سويد بن سعيد الحدثاني ليس بثقة.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون، أنا- وأبو «9» الحسن بن سعيد، ثنا- أبو بكر(72/343)
الخطيب «1» ، أنا البرقاني، أنا أحمد بن سعيد بن سعد، حدثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي، نا أبي قال: سويد بن سعيد الحدثاني ليس بثقة. أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن الآبنوسي، نا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع قال: هذا ما سأل ابن بكير أبا الحسن الدارقطني عن أقوام أخرجهما البخاري ومسلم في كتابيهما وأخرجهم أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب الضعفاء منهم: سويد بن سعيد ليس بثقة، سأل أبا الحسن الدارقطني عنه فحمل أمره على الإصابة.
أخبرنا أبو منصور، أنا- وأبو الحسن، ثنا- أبو بكر أحمد بن علي «2» ، أنا ابن الفضل، أنا جعفر الخلدي، نا محمد بن عبد الله بن الحضرمي قال: ومات سويد بن سعيد سنة أربع وأربعين «3» ومائتين.... «4» الخطيب كذا قال، وأخبرنا أحمد بن أبي جعفر، نا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات سويد بن سعيد بالحديثة «5» سنة ست وأربعين «6» ، وكان قد بلغ مائة سنة، وكتبت عنه بالحديثة.
أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنا أبو أحمد بن عدي «7» ، نا الجنيدي، نا البخاري قال: توفي سويد بن سعيد بالحديثة أول شوال سنة أربعين ومائتين، فيه نظر، كان قد عمي، فتلقن ما ليس من حديثه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا علي بن المسلمة، وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد، قالا: أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا الحسن بن محمد السّكوني، نا محمد ابن عبد الله الحضرمي قال: وفيها، يعني سنة أربعين ومائتين، مات قتيبة بن سعيد وسويد بن سعيد.(72/344)
[9886] سويد بن عبد العزيز بن نمير أبو محمد السلمي القاضي
أصله من الكوفة، وسكن دمشق، وكان شريك يحيى بن حمزة في القضاء، وكان يتقاضى إليه أهل الذمة، وولي القضاء ببعلبك أيضا.
وقرأ القرآن على يحيى بن الحارث، وقرأ يحيى على عبد الله بن عامر المقرىء، وقرأ «1» سويد أيضا على الحسن بن عمران، وقرأ الحسن على عطية بن قيس، وقرأ عطية على أم الدرداء، وقرأت أم الدرداء على أبي الدرداء، وقرأ عن سويد ابن «2» مسهر، وهشام بن عمار والربيع بن ثعلب. وروى سويد عن عمرو بن مهاجر، وثابت بن عجلان الحمصي، وحصين بن عبد الرحمن، ودادو بن عيسى النخعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن أبي نجيح، ومغيرة بن مقسم، وسفيان بن حسين، وأبو الزبير، والأوزاعي، ويحيى بن الحارث، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن الحجاج بن أبي قتيلة الخولاني «3» ، وحميد الطويل، وشعبة، وهشام بن زيد، وأيوب بن مسكين، والوضين بن عطاء، وشداد بن عبيد الله القارىء، وقرّة ابن عبد الرحمن، وموسى بن أبي كثير، ويزيد «4» بن أبي «5» مريم، ونوح بن ذكوان، وعبد الرحمن بن أبي الحارث، والحجاج بن أرطأة، وخصيف «6» ، وأيوب السختياني، وعاصم الأحول، ومالك بن أنس.
روى عنه محمد بن شعيب بن شابور، ومحمد بن عائذ، وهشام بن عمار، ودحيم، وصفوان بن صالح، ومحمد بن مهران الجمال، ومحمد بن هاشم البعلبكي، وأبو سليم عبد
__________
[9886] ترجمته في تهذيب الكمال 8/210 وتهذيب التهذيب 2/458 والوافي بالوفيات 16/52 والتاريخ الكبير 4/148 والجرح والتعديل 4/238 والمغني في الضعفاء 1/291 وغاية النهاية 1/321 وسير أعلام النبلاء 9/18 وطبقات ابن سعد 7/470 وميزان الاعتدال 2/249 والعبر 1/314 وشذرات الذهب 1/340.(72/345)
الرحمن بن الضحاك البعلبكي، ومحمد بن يحيى بن حمزة، ومحمد بن الخليل الخشني «1» البلاطي، وإبراهيم بن هشام الغساني، ومحمد بن مصفّى، وكثير بن عبيد، وأبو مسعود هاشم ابن خالد بن أبي جميل الدمشقي، وأبو التّقي هشام بن عبد الملك، والسّلم بن يحيى الحجراوي، وعبد الرحمن بن بشير بن ذكوان، وسليمان بن عبد الرحمن، وأبو أيوب سليمان ابن سلمة الخبائري، وعمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي، وعبد الحميد بن حمّاد، ومحمد ابن السّري العسقلاني، وعبد الرحمن بن عبد الصّمد بن شعيب بن إسحاق، ومحمد بن عمرو الغزّي، وداود بن رشيد، وأبو نعيم الحلبي، وأبو سليم إسماعيل بن حصن الجبيلي «2» ، وأبو إسحاق إبراهيم [بن] «3» النضر «4» البعلبكي، وعبد السلام بن إسماعيل الحداد، وسويد بن سعيد الحدثاني، وإبراهيم بن أيوب الحوراني الزاهد.
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، أنا القاضي أبو الطّيب طاهر بن عبد الله الطبري، أنا علي بن عمر بن محمد الحربي، نا محمد بن محمد الباغندي، نا أبو نعيم الحلبي، نا سويد بن عبد العزيز، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنبل حتى ييبس
[14192] .
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين السلمي، أنا أبو القاسم علي بن الفضل ابن الفرات، أنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي، نا أبو الحسن بن جوصا، نا محمد بن هاشم، نا سعيد، نا سويد بن عبد العزيز، نا الأوزاعي، حدثني الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من نبيّ ولا وال إلّا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، ومن وقي شرّها فقد وقي، وهو من التي تغلب عليه منهما» .
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر ابن المقرىء، نا محمد بن الحسن بن قتيبة، نا أبو أيوب الخبائري الحمصي «5» قال:(72/346)
رأيت سويد بن عبد العزيز بزق في ثوبه وقال: رأيت حميد الطويل بزق في ثوبه، وقال:
رأيت أنس ابن مالك بزق في ثوبه وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بزق في ثوبه. قرأت على أبي محمد السلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا مكي بن محمد، أنا أبو سليمان الربعي قال: وفيها يعني سنة أربع ومائة ولد سويد بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، حدثنا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمد الشاهد، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة «1» ، حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم قال: سمعت سويد بن عبد العزيز يقول: ولدت سنة ثمان ومائة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب قال: سمعت عبد الرحمن بن إبراهيم يقول: ولد سويد بن عبد العزيز سنة ثمان ومائة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العز الكيلي «2» ، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون قالا: أنا أبو الحسين محمد بن الحسن، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن إسحاق، نا عمر بن أحمد، نا خليفة بن خيّاط قال «3» : سويد بن عبد العزيز مولى بني سليم، يكنى أبا محمد، دمشقي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمد بن سعد «4» قال في الطبقة الخامسة من أهل الشام: سويد بن عبد العزيز، ويكنى أبا محمد، مولى لبني سليم.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي في كتابه، حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد وأبو الحسين الأصبهاني قالا: أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو الحسن المقرىء، نا أبو عبد الله البخاري قال «5» : سويد بن عبد العزيز [الدمشقي، سمع ثابت بن عجلان(72/347)
وحصين بن عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، هو السلمي] «1» قاضي دمشق، أبو محمد عنده مناكير، أنكرها أحمد، كناه الهيثم بن خارجة.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي «2» بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم «3» قال: سويد بن عبد العزيز الدمشقي، السّلمي، قاضي بعلبك، روى عن عمرو بن مهاجر، وثابت بن عجلان، وحصين بن عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري [ويحيى بن الحارث] «4» وسيّار أبي «5» الحكم، وعبد الله بن أبي نجيح، ومغيرة، وسفيان بن «6» حسين، روى عنه صفوان بن صالح، ودحيم، وهشام بن عمار، ومحمد بن مهران الجمال «7» وابن أبي شريح «8» ، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا تمام بن محمد، أنا أبو عبد الله الكندي، نا أبو زرعة قال في ذكر أصحاب الأوزاعي: سويد بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو «9» غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد الله بن عتاب، أنا أبو الحسن جوصا- إجازة-.
ح وأخبرنا «10» أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد، أنا علي بن الحسن،(72/348)
أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أبو الحسن قال: سمعت محمد بن إبراهيم بن سميع يقول في الطبقة السادسة: سويد بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو محمد الأكفاني شفاها، ثنا عبد العزيز بن أحمد لفظا، أنا تمام بن محمد، نا محمد بن سليمان بن زبر «1» ، نا محمد بن الفيض قال: سويد بن عبد العزيز أصله كوفي، دمشقي.
ح قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب «2» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم [بن] «3» أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال:
أبو محمد سويد بن عبد العزيز ليس بثقة.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو أحمد قال: أبو «4» محمد سويد بن عبد العزيز بن نمير السّلمي الواسطي، قاضي دمشق، عن أبي سعيد يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري «5» ، وأبي «6» الهذيل «7» حصين بن عبد «8» الرحمن السلمي، حديثه ليس بالقوي، يروي عنه «9» هشام بن عمار، وأبو العباس الوليد ابن عتبة الدمشقي، سمعت أبا بكر القاسم بن عيسى العصار بدمشق، وكان فهما يقول: سويد ابن عبد العزيز بن نمير، واسطي، سكن الشام.
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه الله قال «10» : قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر أحمد بن الحسين، أنبأ أبو عبد الله الحافظ قال:(72/349)
سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم يقول: سمعت محمد بن نعيم يقول: سمعت علي بن حجر يقول «1» : سألت هشيم بن بشير قلت: شيخ من أهل واسط بالشام يقال له: سويد بن عبد العزيز قال: فأثنى عليه خيرا، وبلغني عن عبيد البزار قال: نا نعيم بن حماد قال: كان هشيم يحسّن أمر سويد يعني ابن عبد العزيز «2» .
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا محمد بن هبة الله، أنا محمد بن الحسين، أنبأ عبد الله بن جعفر، ثنا يعقوب «3» ، ثنا أبو تقي هشام بن عبد الملك، نا سويد بن عبد العزيز، وسأله بعض أصحابه فقال: لم لم تحمل عن أبي الزبير، قال: خدعني شعبة فقال لي: لا تحمل عنه، فإني «4» رأيته يسيء صلاته، ليتني لم أكن رأيت شعبة.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري. وحدثنا عمي لفظا، أنا أبو طالب بن يوسف.
أنبأ أبو عمر محمد بن العباس، أنا أحمد بن معروف، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد ابن سعد «5» ، أنا أبو عبد الله الشامي قال: ولي سويد بن عبد العزيز قضاء بعلبك، وكان محتاجا، فلقيه داود بن أبي شيبان الدمشقي فقال: يا أبا محمد وليت القضاء بعد العلم والحديث؟ قال: نعم، نشدتك الله أتحت جبّتك شعار؟ فقال داود: نعم، فرفع «6» سويد جبّته وقال لكن جبّتي ليس تحتها شعار، ثم قال: أنشدك الله هذا الطيلسان لك؟ قال داود: نعم، قال سويد: فو الله ما هذا الطيلسان الذي ترى عليّ لي وإنه لعارية، أفلا ألي القضاء بعد هذا؟
فو الله لو ولّوني بيت المال فإنه شرّ من القضاء لوليته.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السقاء، ثنا محمد بن يعقوب، نا عبّاس «7» بن محمد قال: سمعت يحيى يقول: سويد بن عبد العزيز الواسطي انتقل إلى دمشق.(72/350)
وقال في موضع آخر: سويد بن عبد العزيز الذي كان بالشام واسطي، قال: وسمعت يحيى يسأل عن سويد الدمشقي؟ فقال: ليس حديثه بشيء «1» ، قال: وسمعت يحيى يقول:
سويد بن عبد العزيز ليس بشيء، وكان قاضي «2» بدمشق بين النصاري، قلت: والمسلمون من يقضي لهم؟ قال: يقضي لهم قاض آخر «3» .
ح قرأت على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمد بن الحسن، عن أبي «4» عمر بن حيوية، أنا أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر الكوكبي، أنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سويد بن عبد العزيز حديثه ليس بشيء، قال: وسويد بن عبد العزيز من أهل دمشق، حدثنا بذاك محمد بن بكير الحضرمي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا يوسف بن رباح بن علي، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا محمد بن أحمد بن حمّاد، نا معاوية بن صالح قال: سويد بن عبد العزيز ضعيف.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم الجرجاني، أنا أبو القاسم بن يوسف، أنا عبد الله بن عدي «5» ، نا ابن حمّاد، نا معاوية، عن يحيى قال: سويد بن عبد العزيز ضعيف.
قال «6» : ونا أحمد بن علي بن بحر، نا عبد الله الدورقي قال يحيى بن معين: سويد بن عبد العزيز واسطي، تحول إلى دمشق، وليس بشيء.
قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه، عن أبي الحسين بن الطيوري، أنا أبو محمد بن الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر، نا إبراهيم بن الجنيد قال: سأل رجل يحيى بن معين وأنا أسمع عن سويد بن عبد العزيز الدمشقي فقال: ليس بثقة.(72/351)
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عديّ «1» ، نا ابن عوف، يعني محمد ابن عوف بن سفيان الطائي «2» قال: قال يحيى بن معين: سويد بن عبد العزيز لا يجوز في الصحابة «3» .
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو القاسم الجرجاني، أنا أبو القاسم السهمي، أنا عبد الله بن عدي «4» قال: سمعت عبدان يقول: سمعت بعض أصحابنا يقول:
سمعت هشام بن عمار يقول: نظر يحيى بن معين في كتبي كلها إلا حديث سويد بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك، أنا أبو بكر محمد بن المظفر، أنا أبو الحسن العتيقي، أنا يوسف بن أحمد بن يوسف، أنا محمد بن عمرو بن موسى العقيلي «5» ، أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن سويد بن عبد العزيز فقال: متروك الحديث.
ذكر «6» أبو بكر أحمد بن محمد بن هانىء الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، يعني أحمد، وعنده الهيثم بن خارجة فذكر سويد بن عبد العزيز فقال أبو عبد الله للهيثم «7» : كم كانت روايته عن حصين؟ فقال: أربع مائة أو ستمائة. قال أبو عبد الله: فيها أرى تخليط، فقال: لا، كلها صحاح، فقال أبو عبد الله: أليس فيها سترة الإمام سترة لمن خلفه عن الشعبي عن مسروق؟ وتبسّم كأنه ينكره.
أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنا أبو القاسم، أنا أبو أحمد «8» ، نا محمد بن(72/352)
أحمد الأنصاري، حدّثني عبد الله بن أحمد، عن أبيه قال: سويد بن عبد العزيز متروك الحديث. أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك، أنا- وأبو الحسن بن سعيد، ثنا- أبو بكر الخطيب «1» ، أنا البرقاني قال: قال لنا أبو بكر الإسماعيلي: رأيت في تاريخ أبي طالب أنه سأله، يعني أحمد بن حنبل، عن شيء من حديث سويد «2» ، عن سويد بن عبد العزيز، وحفص بن ميسرة، فضعّف حديث سويد بن عبد العزيز من أجله، لا من أجل سويد الأنباري.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «3» : سمعت أبي يقول: سمعت دحيما وقيل له:
سويد بن عبد العزيز ممن إذا دفع إليه من غير حديثه قرأه على ما في الكتاب، فقال: نعم.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني شفاها، نا عبد العزيز بن أحمد، نا أبو نصر بن الجبّان- إجازة- أنا أحمد بن القاسم الميانجي «4» - إجازة- حدثني أحمد بن طاهر بن النجم، أنا سعيد ابن عمرو البرذعي قال: وذكرنا عند أبي زرعة الرازي سويد بن عبد العزيز فقال: قال إبراهيم ابن موسى: كان سويد بن عبد العزيز يحدث عن مغيرة، عن إبراهيم: إذا أفاق المجنون توضأ واغتسل، فقيل له: أين سمعت هذا من مغيرة؟ قال: مع هشيم، وذكر ذلك لهشيم فقال: لم أسمعه من مغيرة.
قال أبو عثمان «5» : وقال لي أبو حاتم وكان حاضرا، قلت لدحيم: كان سويد عندك ممن يقرأ إذا دفع إليه ما ليس من حديثه؟ قال: نعم.(72/353)
أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنا أبو بكر الخطيب.
وحدثني أبو عبد الله البلخي، أنا [أبو] «1» منصور محمد بن الحسين، قالا: أنا أحمد ابن محمد بن غالب، أنا أبو يعلى حمزة بن محمد بن علي بن هاشم، نا محمد بن إبراهيم الغازي، نا محمد بن إسماعيل قال: سويد بن عبد العزيز الدمشقي، سمع ثابت بن عجلان وحصين بن عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، في حديثه نظر لا يحتمل «2» . أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، نا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد الجرجاني قال «3» : سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: سويد بن عبد العزيز سمع ثابت العجلاني «4» ، وحصين بن عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وهو سلمي، قاضي دمشق، في بعض حديثه نظر.
قال: ونا أبو أحمد «5» ، نا الجنيدي، نا البخاري قال: أنكر أحمد أحاديث سويد بن عبد العزيز السلمي قاضي دمشق، روى عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة: «سارق أحيائنا كسارق أمواتنا» ، وإنما يروى هذا عن يحيى بن سعيد، عن رجل، عن عمر بن عبد العزيز قوله.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب قال «6» : سويد بن عبد العزيز كان قاضيا «7» على دمشق، ضعيف الحديث.
وقال في موضع آخر «8» : سويد بن عبد العزيز مستور، وفي حديثه لين، حدثنا عنه سليمان «9» بن عبد الرحمن الدمشقي، وسليمان ثقة.(72/354)
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، وأبو يعلى حمزة بن علي البزار، قالا: أنبأ سهل بن بشر، أنا علي بن منير بن أحمد، أنا الحسن بن رشيق، نا أبو عبد الرحمن النسائي قال: سويد بن عبد العزيز الدمشقي ضعيف.
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد لفظا، أنا أبو نصر الجبّان «1» - إجازة- أنا أحمد بن القاسم- إجازة- حدثني أحمد بن طاهر بن النجم، أنا سعيد بن عمرو البرذعي، عن أبي زرعة قال في أسامي الضعفاء ومن تكلّم فيهم من المحدثين: سويد بن عبد العزيز الدمشقي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا بو علي- إجازة- ح قال: وأنا الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو «2» محمد بن أبي حاتم قال «3» : سمعت أبي يقول: سويد بن عبد العزيز هو السلمي، قاضي دمشق، في حديثه نظر، هو ليّن الحديث.
ذكر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الأصبهاني أنه سأل أبا حاتم الرازي عن سويد بن عبد العزيز، قال: ليس بالقوي.
أخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا محمد بن الحسين بن هريسة، أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: سويد بن عبد العزيز الواسطي، سكن الشام، يعتبر به.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف، نا حسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال «4» : في الطبقة السادسة:
سويد ابن عبد العزيز مولى بني سليم، ويكنى أبا محمد، وكان يروي أحاديث منكرة، ولد سن تسعين في آخر خلافة الوليد بن عبد الملك، وتوفي سنة سبع وستين، يعني ومائة، في خلافة المهدي.(72/355)
[قال ابن عساكر:] «1» وهذا وهم في مولده ووفاته جميعا «2» .
ح أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد المزكي، نا عبد العزيز التميمي، أنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن أبي عمرو، أنا أبو عبد الله بن مروان القرشي، أنا أبو عبد الملك البسري «3» ، قال: قال هشام بن عمار: مات سويد بن عبد العزيز سنة ثلاث وتسعين، أو أربع وتسعين، وصلى عليه منصور ابن المهدي. قرأت على أبي منصور محمد بن عبد الملك، عن أبي محمد الجوهري، عن أبي الحسن الدارقطني، نا الحسين بن أحمد بن علي المادراني، نا عمر بن محمد بن أحمد العطار، أنا أحمد بن إبراهيم بن محمد القرشي قال: قال هشام بن عمار: مات سويد بن عبد العزيز سنة ثلاث وتسعين، أو أربع وتسعين ومائة، وصلّى عليه منصور ابن المهدي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب قال: سمعت هشام بن عمار وعبد الرحمن بن إبراهيم يقولان: مات سويد سنة أربع وتسعين ومائة.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو عمرو بن السماك، نا حنبل بن إسحاق، نا عبد الرحمن بن دحيم قال: مات سويد بن عبد العزيز سنة أربع وتسعين، ومولده سنة ثمان ومائة «4» .
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار المقرىء، أنا أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي.
ثم قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفضل عبيد الله بن أحمد، أنبأ أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي، نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، نا ابن مصفّى «5» قال:(72/356)
وسويد بن عبد العزيز توفي سنة أربع وتسعين ومائة «1» ، وهو ابن أربع وثمانين سنة.
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، أنا عبد العزيز الكتاني، أنا تمام بن محمد، نا محمد بن سليمان، نا محمد بن الفيض، حدثني خالي محمد بن عبد الله بن مسعود بن يوسف الكندي قال: شهدت جنازة سويد بن عبد العزيز، أبي محمد السّلمي، سنة أربع وتسعين ومائة بدمشق، وصلى عليه منصور ابن المهدي، قال محمد بن الفيض: وكان سويد قاضي العجم.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن عبد العزيز بن أحمد [أنا] «2» تمام بن محمد، أخبرني أبي، نا أبو العباس محمد بن جعفر بن ملاس، نا الحسن بن محمد بن بكار بن بلال قال: وتوفي أبو محمد سويد بن عبد العزيز السّلمي في سنة أربع وتسعين ومائة. أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة قال «3» : ومات سويد بن عبد العزيز سنة أربع وتسعين ومائة وصلّى عليه منصور ابن المهدي «4» .
وهكذا قال عمرو بن عبد السلام.
[9887] سويد بن عمرو الأنصاري
شهد غزوة مؤتة من نواحي البلقاء من أعمال دمشق، واستشهد بها. أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا أحمد بن محمد بن زياد، نا محمد بن عبد الملك، نا يزيد بن هارون، أنا مجمع بن يحيى، نا سويد بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلوا أرحامكم ولو بسلام» «5» . قال ابن مندة: رواه وكيع وغيره عن مجمع. قال ابن مندة: سويد بن عامر بن
__________
[9887] ترجمته في أسد الغابة 2/340 والإصابة 2/94 والاستيعاب 2/114 (هامش الإصابة) .(72/357)
زيد بن جارية «1» الأنصاري، روى عنه مجمع بن يحيى لا تعرف له صحبة. [قال ابن عساكر:] «2» كذا قال في الترجمة ابن عامر، وقال في الحديث ابن عمرو، وهو الصواب، وسويد هذا إن كان الذي استشهد بمؤتة فالحديث مرسل «3» .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن، نا محمد بن سعد قال: قالوا:
أخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين وهب بن سعد، وسويد بن عمرو وقتلا جميعا يوم مؤتة شهيدين.
[9888] سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع ابن معاوية بن الحارث بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف ابن حريم بن جعفى بن سعد العشيرة بن مذحج- وهو مالك- بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب ابن زيد بن كهلان بن سبأ أبو أمية الجعفي
أدرك الجاهلية والإسلام، وقيل إنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم «4» ، وشهد فتح اليرموك، وخطبة عمر بالجابية، وسكن الكوفة.
وروى عن عمر، وعلي، وبلال، وأبي الدرداء، وأبي ذر.
روى عنه الشعبي، وأبو ليلى «5» سلمة بن معاوية، ويقال: معاوية بن سلمة الكندي،
__________
[9888] ترجمته في أسد الغابة 2/340 والإصابة 2/100 والاستيعاب 2/116 (هامش الإصابة) ، وتهذيب الكمال 8/215 وتهذيب التهذيب 2/459 وطبقات ابن سعد 6/68 وسير الأعلام 4/69 والتاريخ الكبير 4/142 والجرح والتعديل 4/234 وحلية الأولياء 4/174 والعبر 1/93 وتذكرة الحفاظ 1/50 والبداية والنهاية 6/154 والنجوم الزاهرة 1/203 وشذرات الذهب 1/90 وتاريخ الإسلام (81- 100) ص 75 وانظر بهامشه ثبتا بأسماء مصادر أخرى ترجمت له. وغفلة تحرفت بالأصل إلى: عفلة، والصواب عن مصادر ترجمته، وغفلة بفتح المعجمة والفاء، كما في تقريب التهذيب. وفي مختصر ابن منظور: خزيم بدل: حريم.(72/358)
وعمران بن مسلم، ونفّاعة بن مسلم، وعبد العزيز بن رفيع، وعبدة بن أبي لبابة، وخيثمة بن عبد الرّحمن، وطلحة بن مصرّف، وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان، وأسامة بن أبي عطاء، وعمران «1» بن مسلم الجعفي.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أحمد بن محمد بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، نا علي بن الجعد قال: أنا يحيى بن عبد الحميد، يعني الحمّاني، قالا: ثنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي «2» ليلى الكندي، عن سويد بن غفلة قال: قدم عليه مصدّق «3» النبي صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده، فقرأت كتابه، فإذا فيه: «لا يجمع بين متفرّق، ولا يفرّق بين مجتمع خشية الصدقة» ، قال: فأتيته بناقة عظيمة ململمة فقال: أي سماء تظلّني، وأيّ أرض تقلني إذا أخذت خيار مال امرىء مسلم؟ فأتيته بناقة من الإبل خيار فقبلها «4» .
تابعهما محمد بن عيسى بن الطباع، عن شريك. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمد الصريفيني، أنا أبو القاسم بن حبابة، نا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي ليلى الكندي، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدّق النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذت بيده، وقرأت عهده: «أن لا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع، خشية الصدقة» ، فأتاه رجل بناقة عظيمة ململمة فأبى أن يأخذها، ثم أتاه بأخرى دونها، فأخذها، ثم قال: أيّ أرض تقلّني أو أي سماء تظلّني إذا أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذت خيار إبل امرىء مسلم.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد [بن] «5» الحصين، أنا أبو علي الحسن بن علي، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد الله بن أحمد «6» ، حدثني أبي، نا هشيم، أنا هلال بن خباب، نا(72/359)
ميسرة أبو صالح، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدّق النبي صلى الله عليه وسلم قال: فجلست إليه، فسمعته يقول: إنّ في عهدي: «أن لا آخذ من راضع لبن، ولا يجمع بين متفرّق، ولا يفرّق بين مجمتع» «، وأتاه رجل يناقة كوماء «1» ، فقال: خذها، فأبى أن يأخذها.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين «2» بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، نا عمرو بن محمد الناقد، نا هشيم، عن هلال بن خبّاب، عن ميسرة أبي صالح، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدّق النبي صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده، وقرأت عهده: «لا يفرّق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرّق» ، وأتاهرجل بناقة كوماء وقال: خذها فأبى.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا عمر بن عبيد الله بن عمر، وأبو محمد، وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان.
ح وأخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاوس، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان.
قالوا: أنا عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البيع «3» والحسين بن إسماعيل المحاملي، أنا أبو حميد الجلاب، نا هشيم، نا هلال بن خبّاب، عن أبي صالح ميسرة، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدّق النبي صلى الله عليه وسلم فقعدت إليه، فقلت: أيش في كتابك؟ فقال: «أن لا أفرّق بين مجتمع، ولا أجمع بين متفرّق» ، فأتاه رجل بناقة كوماء، فأبى أن يقبلها.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل، أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: قال لنا «4» أبو سليمان الخطابي: الململمة هي المستديرة سمنا «5» ، أخذت من اللمّ وهو الجمع، قال الله تعالى: وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا
[سورة الفجر، الآية: 19] أي أكلا كثيرا مجتمعا «6» ، وإنّما ردّها لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المصدّق عن أخذ خيار المال، ونهى صاحب(72/360)
المال أن يعطي من رذالته، ولكن وسطا بينهما لا يضرّ بأهل الصّدقة، ولا يجحف بأرباب المال.
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم.... «1» ، أنا إبراهيم بن منصور السلمي، أنا محمد بن إبراهيم بن علي، أنا أبو يعلى الموصلي، نا دحيم، نا معاذ، يعني ابن هشام، حدثني أبي عن قتادة، حدثني عامر الشعبي، عن سويد بن غفلة أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلّا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع.
أخرجه مسلم «2» عن زهير
[14193] .
أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن، أنا أبي أبو القاسم القشيري.
وأخبرنا أبو نصر سعيد بن أبي بكر «3» بن أبي نصر الشعري «4» قال: أخبرتنا فاطمة بنت الحسن بن علي الدقاق.
قالا: أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن، أنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق، نا يزيد بن سنان وعبد الرحمن بن محمد بن منصور. ح وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أنا أبو بكر المقرىء، أنا محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، وعبد الله بن عبد الرحمن بن حماد- ببغداد- قالا: نا عبد الرحمن بن محمد بن منصور.
قالا: نا معاذ بن هشام، نا أبي عن قتادة، حدثني عامر بن شراحيل الشعبي، عن سويد ابن غفلة أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، وفي حديث الجوزقي، قال: خطب عمر بالجابية فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلّا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع
[14194] .
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أنا أبو بكر، أنا محمد بن عبد الله، أنا محمد بن(72/361)
يعقوب ابن يوسف بن معقل «1» ، نا يحيى بن أبي طالب، أنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن سويد بن غفلة، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
ورواه عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي، ووقع إلي عاليا.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو جعفر محمد بن علي بن محمد السمناني، أنا أبو محمد الصريفيني، أنا أبو القاسم بن حبابة، نا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا شعبة، أنا عبد الله بن أبي السفر قال: سمعت الشعبي يحدّث عن سويد بن غفلة قال:
كنا في غزاة بالشام، فقضينا غزاتنا، فقدمنا على عمر وهو بظهر المدينة يستقبلنا أو يتلقانا، فلما رآنا وعلينا الديباج والحرير جعل يرمينا، فرجعنا فخلعناها ولبسنا برودا يمانية ثم أتيناه، فلما رآنا قال: مرحبا بالمهاجرين، إن الله عز وجل لم يرض الحرير والديباج لمن كان قبلكم فيرضاه لكم؟ ثم قال: إن الحرير لا يصلح منه إلا هكذا، وأشار بإصبعه السبابة والوسطى، ثم زاد إصبعا إصبعا إلى أربع قال: فحدثت به الحكم فقال: أخبرني خيثمة عن سويد بن غفلة عن عمر قال: لا يصلح منه إلّا هكذا وهكذا، مثل حديث الشعبي.
ورواه حصين بن عبد الرحمن عن الشعبي أتمّ من هذا. أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها، وابنه أبو الحسن علي، قالا: أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفرات، أنا [أبو] «2» محمد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، نا محمد بن عائذ، نا سويد بن عبد العزيز، عن حصين، عن عامر الشعبي، عن سويد بن غفلة قال:
لما هزمنا العدو يوم اليرموك أصبنا يلامق «3» ديباج وحرير فلبسناها، وقدمنا على عمر، ونحن نرى أنه يعجبه ذلك، فاستقبلنا وسلمنا عليه، قال: فشتمنا ورجمنا بالحجارة حتى سبقناه نعدو، قال: فقال بعض القوم لقد بلغه عنكم شرّ، وقال بعضهم: فلعله في زيّكم هذا الذي عليكم فضعوه، فإن هو فعل بكم هذا فقد بلغهعنكم شرّ، قال: فوضعنا ثيابنا تلك(72/362)
وأتيناه، فسلّمنا عليه، فرحّب وساءلنا ثم قلنا له: أتيناك فسلّمنا عليك فشتمتنا ورجمتنا، وأتيناك الآن فسلّمنا فردّيت ورحّبت بنا. قال: فقال: إنّكم جئتموني في زيّ أهل الكفر، وإنكم الآن في زيّ أهل الإيمان، وإنّه لا يصلح من الديباج إلّا هكذا، وأشار بأصبعيه، وهكذا وأشار بثلاث أصابعه، وهكذا وأشار بأربع أصابعه.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا يوسف بن رباح بن علي، أنا أبو بكر المهندس، نا أبو بشر الدولابي، نا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في أهل الكوفة: سويد بن غفلة الجعفي، روى عن أبي بكر، وعمر، وأدرك إمارة الحجّاج، ودخل عليه حتى أذّن بالهاجرة.
ح قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن أبي الحسين بن الآبنوسي، أنا أحمد ابن عبيد.
ح وقرأنا على أبي عبد الله، عن أبي «1» نعيم محمد بن عبد الواحد، وأبي المعالي محمد بن عبد السلام.
ح وقرأنا على أبي الفضل بن ناصر، عن أبي المعالي محمد بن عبد السلام، قالا: أنا علي بن محمد خزفة «2» قالا: نا محمد بن الحسين، نا ابن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: سويد بن غفلة أبو أمية.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح «3» بن حبيب يقول: وسويد بن غفلة يكنى أبا أمية.
أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبو نصر محمد بن الحسن بن البنا، قالا: قرىء على أبي محمد الجوهري، ونحن نسمع، عن أبي عمر بن حيوية، أخبرنا أحمد ابن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «4» قال: في الطبقة الأولى من(72/363)
تابعي أهل الكوفة: سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع بن معاوية بن الحارث بن مالك بن عوف ابن سعد [بن عوف بن حريم بن جعفي بن سعد] «1» العشيرة من «2» مذحج، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ووفد عليه فوجده وقد قبض، فصحب أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليا، وشهد مع علي صفين، وسمع من عبد الله بن مسعود، ولم يسمع من عثمان شيئا، يكنى أبا أمية. أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، أنا أبو العلاء الواسطي، أنا أبو بكر البابسيري، أنا الأحوص بن المفضّل قال: قال أبي: وسويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد قبض.
أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، حدّثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك ابن عبد الجبّار، ومحمد بن علي- واللفظ له- قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «3» : سويد ابن غفلة أبو أمية الجعفي الكوفي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد «4» - إجازة-.
ح قال: وأنا الحسين، أنا علي.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «5» :
سويد بن غفلة أبو أمية الجعفي، أدرك الجاهلية، روى عنه أبو ليلى الكندي، وعمران ابن مسلم، ونفّاعة بن مسلم، سمعت أبي يقول ذلك، ذكره أبي «6» عن «7» إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: سويد بن غفلة ثقة.(72/364)
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس، أنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف، أنا أبو سعيد ابن حمدون، أنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو أمية سويد بن غفلة الجعفي، سمع عمر، وعليا.
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك، وأبو الحسن مكي بن أبي طالب، قالا: أنا أحمد بن علي بن خلف، أنا أبو عبد الله الحافظ قال: قرأت بخط مسلم بن الحجاج: ذكر من أدرك الجاهلية ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه صحب الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، منهم سويد بن غفلة الكندي، يكنى أبا أمية.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر «1» الوائلي، أنا الخصيب «2» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن [أبي] «3» عبد الرحمن، أخبرني أبي قال:
أبو أمية سويد بن غفلة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي بن الصّوّاف، نا محمد بن عثمان قال: أبو أمية سويد بن غفلة. أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو طاهر الأنباري، أنا هبة الله بن إبراهيم، أنا أحمد بن محمد الآبنوسي قال: سويد بن غفلة أبو أمية.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد قال: سويد بن غفلة بن عوسجة أبو أمية أدرك الجاهلية، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، سكن الكوفة. أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي «4» علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو أحمد الحاكم قال «5» : أبو أمية سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع بن معاوية بن الحارث بن مالك بن أدد الجعفي الكوفي، أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ومالك بن أدد بن(72/365)
جعفر بن صعب بن سعد العشيرة، وسمع عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، روى عنه الشعبي، وأبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري.
حدثنا الثقفي، نا يعقوب بن إبراهيم، نا ابن مهدي، عن سفيان، عن إبراهيم هو ابن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة قال: قال: لي عمر: يا أبا أمية.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة قال: سويد بن غفلة أبو أمية الجعفي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجر إليه، وأدرك دفن النبي صلى الله عليه وسلم حين نفضوا أيديهم عنه، كناه عمر بن الخطاب أبا أمية، وكان أسنّ منه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكبر منه بسنتين، ذكر أنه ولد عام الفيل.
أخبرنا جعفر بن أحمد الخصاف، نا أحمد بن الهيثم، نا أبو نعيم قال: سمعت عبد السلام يذكره عن الشعبي.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنا أبو الفضل محمد بن طاهر، أنا مسعود بن ناصر، نا عبد الملك بن الحسن، أنا أحمد بن محمد الكلاباذي «1» قال: سويد بن غفلة أبو أمية الجعفي الكوفي أدرك الجاهلية، وأسلم ولم يهاجر، سمع علي بن أبي طالب، وأبيّ بن كعب، روى عنه خيثمة بن عبد الرحمن، وسلمة بن كهيل، في اللقطة، وفضائل القرآن، وصفة النبي صلى الله عليه وسلم، روى الشعبي عنه أنه قال: أنا أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين «2» . قال البخاري:
قال أبو نعيم: مات سنة ثمانين «3» ، وقال الذهلي: وفيما كتب إليّ أبو نعيم نحوه، وقال ابن نمير: مات سويد بن غفلة سنة إحدى وثمانين وله عشرون ومائة سنة، حدّثني بذلك أبو نعيم، وقال غيره: وهو ابن إحدى وثلاثين سنة، ويقال ابن ثمان وعشرين ومائة سنة، وقال عمرو بن علي: مات سنة اثنين وثمانين وهو ابن عشرين ومائة سنة. وقال ابن سعد «4» : قال الواقدي: توفي سنة إحدى أو اثنين وثمانين، وقال ابن أبي شيبة: حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا حنش بن الحارث قال: رأيت سويد بن غفلة يمرّ إلى(72/366)
امرأة من بني أسد وهو ابن سبع وعشرين ومائة «1» ، وقد قيل: إنّ لسويد صحبة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة.
ح وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم، أنبأ أبو القاسم عبد الرحمن بن [أبي] «2» عبد الله ابن مندة «3» ، أنا أبي، أنا سهل بن السّري، نا سفيان بن وكيع «4» ، عن يونس بن بكير «5» ، عن عمرو وهو ابن شمر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أهدب الشعر، مقرون الحاجبين، واضح الثنايا، أحسن شعر وضعه الله على رأس إنسان، الحديث.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد، أنا أبو محمد التميمي، أنا عبد الرحمن بن عثمان، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة «6» ، ثنا محمد بن أبي أسامة، نا مبشّر بن إسماعيل «7» ، ثنا عبد الله «8» بن الزبرقان، حدثني أسامة بن أبي عطاء أنه كان عند النعمان بن بشير، إذ أقبل سويد بن غفلة أبو «9» أمية، فأرسل إليه، فدعاه والنعمان يومئذ أمير، فقال: ألم يبلغني أنك صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ومرة «10» ؟ قال: لا بل مرارا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع النداء كأنه لا يعرف أحدا من الناس.
كذا قال، والصواب: سليم «11» بن عبد الله بن الزبرقان، وهو أنطاكي.(72/367)
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني «1» ، أنبأ تمام بن محمد، وعبد الرحمن بن غنم بن القاسم، وعقيل بن عبيد الله بن عبدان. أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، قالا: أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر، قالوا: أنا أبو بكر أحمد بن القاسم، أنا أبو زرعة، نا محمد بن أبي أسامة، نا مبشّر بن إسماعيل، عن سليمان بن عبد الله بن الزبرقان، عن أسامة ابن أبي عطاء، قال: كنت عند النعمان بن بشير، فدخل عليه سويد بن غفلة فقال له النعمان: ألم يبلغني أنك صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: مرّة، لا بل مرارا، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نودي بالأذان كأنه لا يعرف أحدا «2» .
[قال ابن عساكر] «3» وهذا هو الصواب، فقد رواه موسى بن أيوب، عن مبشّر، فقال:
عن سليمان بن الزبرقان، وروي أنه قدم المدينة بعد دفن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو سعد المطرز «4» ، وأبو علي الحداد، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ «5» ، نا أبو حامد بن جبلة، نا أبو العباس السراج، نا خالد بن الليث، أنا الحسن بن علي، نا أبو جعفر النفيلي، نا الحارث بن مسلم بن الرّحيل الجعفي قال: قدم الرّحيل «6» وسويد حين فرغوا من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: حين نفضوا أيديهم من التراب. أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، عن أبي الحسن الدارقطني.
ح وقرأت على أبي غالب بن البنا، عن عبد الكريم بن محمد المحاملي، قالا: أنا أبو الحسن الدارقطني، نا محمد بن مخلد، نا أبو بكر بن عبد الله «7» بن المستورد يعرف بأبي(72/368)
سيار، نا عبد الرحمن بن عمرو البجلي، نا زهير بن معاوية، حدثني أسعر «1» بن الرّحيل: أن أباه وسويد بن غفلة انتهيا حين رفعت الأيدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل سويد على عمر، ونزل الرّحيل على بلال.
قال: ونا ابن مخلد، نا أبو الأحوص القاضي «2» محمد بن الهيثم، نا عبد الرحمن بن عمرو أبو عثمان، نا زهير، عن ابنه فيما يظن عن أسعر بن الرّحيل، أو سمعه زهير من أسعر، الشك من أبي عثمان، قال: قدم الرّحيل وسويد بن غفلة حين نفضت الأيدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل سويد على عمر، ونزل الرّحيل على بلال.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم الحداد، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبي أبو عبد الله، أنا أحمد بن سليمان بن حذلم، نا موسى بن محمد، نا النّفيلي، نا زهير، عن الحارث ابن مسلم ابن عمّ زهير قال: قدم الرّحيل وسويد بن غفلة على النبي صلى الله عليه وسلم حين سوّي عليه التراب.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، وأبو سعد محمد بن علي بن محمد بن جعفر الرستمي قالوا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، نا يعقوب بن سفيان «3» ، نا يحيى بن بكير بن عبد الله، نا نعيم بن ميسرة، عن بعضهم، عن سويد بن غفلة قال: أنا [لدة] «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدت عام الفيل.
ح، ورواه يعقوب في موضع آخر «5» عن أحمد بن الخليل، عن يحيى بن بكير «6» ، وهو فيما أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين، أنا عبد الله، نا يعقوب، نا أحمد بن الخليل، عن يحيى بن بكير يذكره.(72/369)
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي بن الصّوّاف، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، نا الفضل بن دكين، عن عبد السلام بن الحارث قال: قال الشعبي: قال سويد بن غفلة كان النبي صلى الله عليه وسلم أكبر مني بسنتين.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي في كتابه، ثم حدثني أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد ابن الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد ابن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «1» : وقال لي أحمد بن أبي الطيب، عن عبد السلام، عن زياد بن خيثمة، عن الشعبي، عن سويد قال: أنا أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، قال: هشيم: بلغ سويد ثمان وعشرين ومائة سنة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الطيب، أنا أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد، أنا أبو العباس أحمد بن الحسين، أنا عبد الله بن محمد بن الخليل، نا محمد بن إسماعيل، نا أحمد بن أبي الطيب، نا عبد السلام بن حرب، عن زياد بن خيثمة، عن عامر قال: قال سويد ابن غفلة: أنا أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد قال: نا عبد العزيز بن أحمد، نا عبد الرحمن بن عثمان، أنا أبو الميمون، أنا أبو زرعة «2» ، حدثني أحمد بن عبد الله بن يونس، نا أبو بكر بن عيّاش، عن أبي «3» حصين، عن سويد بن غفلة قال: صليت مع أبي بكر، وعمر، وعثمان.
ح أنبأنا أبو طالب بن يوسف، وأبو نصر بن البنا، قالا: قرىء على أبي محمد الجوهري، عن أبي عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «4» ، أنا الفضل بن دكين، نا حنش بن الحارث، عن [علي] «5» ابن مدرك أن(72/370)
سويد بن غفلة كان يؤذن بالهاجرة، فسمعه الحجّاج وهو بالدير فقال: ائتوني بهذا المؤذن، فأتي بسويد ابن غفلة فقال: ما حملك على الصلاة بالهاجرة؟ فقلال: صلّيتها مع أبي بكر، وعمر، فقال: لا تؤذن لقومك ولا تؤمّهم. وكان أبو بكر بن عيّاش يروي هذا الحديث أيضا عن [أبي] «1» حصين، عن سويد، ويزيد فيه: وعثمان. قال: فقال الحجاج: اطرحوه عن الأذان وعن الأمّ.
ح قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي جعفر بن المسلمة، أنا أبو الحسن محمد بن عمر بن بهتة البزار، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، نا جدي يعقوب، نا هاشم «2» بن القاسم، نا محمد بن طلحة «3» ، عن عمران بن مسلم قال:
مر رجل من صحابة الحجّاج على مؤذن جعفي «4» ، والحجاج في قصره، وهو يؤذن، فأتى الحجاج فقال: ألا تعجب من أنّي سمعت مؤذن جعفي «5» يؤذن بالهجير؟ قال: فأرسل فجاء به فقال: ما هذا الأذان؟ فقال: ليس لي أمر إنما سويد الذي يأمر بهذا، فأرسل إلى سويد فجيء به، فقال له الحجاج: ما هذه الصلاة؟ قال: صلّيتها مع أبي بكر، وعمر، ومع عثمان، فلما ذكر عثمان جلس وكان مضطجعا فقال: أصلّيتها مع عثمان؟ قال: نعم، قال: لا تؤمنّ قومك، وإذا رجعت إليهم فسبّ عليا «6» ، قال: نعم، سمعا وطاعة، فلما أدبر قال الحجاج لقد عهد للشيخ الناس وهم يصلّون الصلاة هكذا. أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو القاسم الواعظ، أنا أبو علي ابن الصواف، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، نا حسين بن علي، عن الوليد بن علي، عن أبيه قال: كان سويد بن غفلة يؤمهم وهو ابن عشرين ومائة سنة.(72/371)
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ «1» ، نا أحمد بن محمد بن الفضل، نا أبو العباس السراج، نا أبو كريب وهنّاد «2» ، قالا: نا الحسين بن علي الجعفي «3» ، عن الوليد بن علي، عن أبيه قال: كان سويد بن غفلة يؤمنا في شهر رمضان في القيام وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتّاني «4» ، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة قال «5» : قال محمد بن أبي عمر إن سفيان حدّثهم عن عاصم بن كليب قال: كان سويد بن غفلة يمر بنا ماشيا إلى الجمعة، وهو ابن عشرين ومائة سنة، وتزوج جارية بكرا، وهو ابن ست عشرة «6» سنة ومائة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «7» ، نا أبو بكر الحميدي، نا سفيان، نا عاصم بن كليب الجرمي «8» قال: رأيت سويد بن غفلة يمر بنا ماشيا إلى الجمعة، وهو ابن ست «9» عشرة ومائة، وتزوج بكرا وهو ابن ست عشرة ومائة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم الحداد، أنا أبو القاسم بن مندة.
ح وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أخبرنا شجاع بن علي، قالا: أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا الهيثم بن كليب- إجازة- نا ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين قال ابن أبي خيثمة: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: قيل لهشيم: فسويد كم أتى عليه؟ قال: ثمان وعشرون ومائة، قيل: من ذكره؟ قال: ابن أبي خالد.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسن بن(72/372)
لؤلؤ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار، نا أبو حفص الفلّاس قال: سمعت عبد الله ابن داود يقول «1» : سمعت علي بن صالح يقول: بلغ سويد بن غفلة عشرين ومائة سنة لم ير محتبيا قط ولا متساندا قط، وأصاب بكرا، قال ابن داود: يعني في العام الذي توفي فيه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل البقال، أنا أبو الحسين بن بشران «2» ، أنا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق، نا الحميدي، نا سفيان، عن عاصم بن كليب قال: تزوج سويد بن غفلة بكرا وهو ابن ست عشرة ومئة سنة «3» .
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أبو بكر ابن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، نا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «4» ، نا أبو نعيم، نا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي، وهو كوفي ثقة، قال رأيت سويد بن غفلة يمر إلى امرأة له من بني أسد وهو ابن عشرين «5» ومئة سنة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أنا أبو منصور النهاوندي، أنا أبو العباس النهاوندي، أنا أبو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الخليل، نا محمد بن إسماعيل، نا أبو «6» نعيم، نا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي قال: رأيت سويد بن غفلة يمر إلى امرأة من بني أسد. وهو ابن سبع وعشرين ومائة سنة، وكنيته أبو أمية الجعفي، قال: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم الحداد، أنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق.
ح وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي قالا: أنا محمد بن إسحاق، أنا عبد الله بن إسحاق، نا ابن عبد العزيز، نا أبو نعيم، نا حنش بن الحارث قال:(72/373)
رأيت سويد ابن غفلة يمر إلى امرأة في بني أسد، وهو ابن سبع وعشرين ومئة سنة، وربما وصل وربما لم يصل «1» .
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم وابنه أبو علي وأبو الحسين بن الوهاب بن جعفر الميداني وأبو نصر بن الجبّان «2» قالوا: أنا أبو سليمان بن زبر «3» . ح وأخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد، أنبأ جدي أبو عبد الله، أنا أبو الحسن علي بن الحسن الربعي، أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حيان قالا: أنا محمد بن أحمد بن عمارة، نا الحسين بن علي بن الأسود، نا الحسين بن علي الجعفي، أخبرني شيخ أن سويد بن غفلة ابتكر جارية وهو ابن سبع وعشرين ومئة.
قرأنا على أبي الفضل محمد بن ناصر عن أبي المعالي محمد بن عبد السلام وقرأت على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن أبي نعيم محمد بن عبد الواحد بن حصية قالا: أنا علي بن محمد بن خزفة «4» ، أنا محمد بن الحسين الزعفراني، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا عبد الرحمن بن صالح، حدثني عبد الرحمن بن حماد الجهني، عن محمد بن أبان عن عمران ابن مسلم قال: كان سويد بن غفلة إذا قيل له: ولي فلان، قال: حسبي كسرتي وملحي.
هذا وهم، والصواب عبد الله بن جياد.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ «5» أنا محمد بن أحمد في كتابه، نا موسى ابن إسحاق، نا عبد الرحمن بن صالح، نا عبد الله بن جياد «6» الجهني عن محمد بن أبان الجعفي عن عمران بن مسلم قال: كان سويد بن غفلة إذا قيل له: أعطي فلان، وولي فلان قال: حسبي كسرتي وملحي.(72/374)
قال: وأنا سليمان بن أحمد، أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أحمد بن محمد ابن بلال قال: سمعت علي ابن المديني يقول «1» : دخلت منزل أحمد بن حنبل فما شبهت بيته إلا بما وصف من بيت سويد بن غفلة من زهده وتواضعه.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو عبد الله البلخي، قالا: أنا أبو الحسين ابن الطيوري وثابت بن بندار بن إبراهيم، قالا: أنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، زاد ابن الطيوري وابن عمه أبو نصر محمد بن الحسن قالا: أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد بن زكريا، أنا صالح بن أحمد بن صالح، حدثني أبي أحمد قال «2» : سويد بن غفلة الجعفي، كوفي، تابعي، ثقة. وكان جاهليا، يكنى أبا أمية.
أنبأنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر ابن البنا قالا: قرىء على أبي محمد الجوهري ونحن نسمع عن أبي عمر «3» بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «4» ، أنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث، عن خيثمة قال: أوصى سويد بن غفلة قال: إذا متّ فلا تؤذنوا بي أحدا ولا تقربوا قبري جصّا ولا آجرا ولا عودا، ولا تصحبني امرأة، ولا تكفنوني إلا في ثوبي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا عبد الملك بن محمد، أنا أبو علي بن الصواف، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا هاشم بن محمد، نا الهيثم بن عدي، قال: سويد بن غفلة الجعفي مات في ولاية الحجاج قبل الجماجم.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا أبو محمد، نا أبو الميمون، نا أبو زرعة الدمشقي «5» ، أخبرني أحمد بن عبد الله بن يونس، نا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين أن سويد بن غفلة بقي إلى أيام الحجاج.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، أنا محمد بن الحسن بن محمد، أنا أحمد بن(72/375)
الحسين بن زنبيل، نا عبد الله بن محمد، نا عبد الرحمن بن الخليل، نا محمد بن إسماعيل، قال: قال أبو نعيم: مات سويد بن غفلة سنة ست.
[قال ابن عساكر:] «1» هذا وهم. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، أنا أحمد بن إبراهيم، نا أبو نعيم قال: سويد بن غفلة بن عوسجة أبو أمية مات سنة ثمانين.
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك وأبو الحسن مكي بن أبي طالب قالا: أنا أبو أحمد بن علي بن خلف، أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الصفار، أنا أبو إسماعيل السلمي.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأ أبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر، أنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق، نا أبو نعيم.
ح وأخبرنا أبو الحسن الفرضي، نا عبد العزيز الصوفي، أنا أبو خازم «2» بن الفراء، أنا يوسف بن عمر، نا محمد بن مخلد، نا عباس بن محمد، نا أبو نعيم.
ح وأخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج، أنا سهل بن بشر بن أحمد، وأحمد ابن محمد بن سعيد قالا: أنا محمد بن أحمد بن عيسى، أنا أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن، أنا جعفر بن أحمد بن إبراهيم، نا أحمد بن الهيثم، قال: قال أبو نعيم.
ح وأخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج، أنا سهل بن بشر بن أحمد، وأحمد بن محمد بن سعيد قالا: أنا محمد بن أحمد بن عيسى، أنا أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن، أنا جعفر بن أحمد بن إبراهيم نا أحمد بن الهيثم، قال: قال أبو نعيم.
ح وأنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي الحافظ ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد ابن الحسن والمبارك بن عبد الجبار، ومحمد بن علي واللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن أحمد، زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أبو بكر الشيرازي. أنا أبو الحسن المقرىء، أنا(72/376)
أبو عبد الله البخاري قال «1» : قال أبو نعيم: ومات سويد بن غفلة سنة ثمانين.
قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي أنا مكي بن محمد بن الغمر، أنا أبو سليمان بن زبر قال: قال أبو نعيم وفيها يعني سنة ثمانين مات سويد بن غفلة. قال المدائني: وفيها مات سويد بن غفلة، وقال ابن نمير: مات سويد سنة إحدى، وله عشرون ومئة. وقال عمرو: ومات سويد بن غفلة يكنى أبا أمية سنة اثنتين وثمانين، وهو ابن عشرين ومئة سنة.
وذكر ابن زبر أن الهروي أخبره عن إسحاق بن سنان عن أبي نعيم، وأن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد بن ناصح عن المدائني، وأن الهروي أخبره عن محمد بن عبد الله بن سليمان عن ابن نمير، وأن مصعب بن إسماعيل أخبره عن محمد بن أحمد بن هامان بذلك.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم بن البسري، أنا أبو طاهر المخلص إجازة قال محمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن عيسى بن خلف السكري أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة، أخبرني أبي حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة إحدى وثمانين فيها: مات سويد بن غفلة الجعفي بالكوفة يقال إنه كان ابن سبع وعشرين ومئة. ويقال: إن سويد بن غفلة مات فيها يعني سنة اثنتين وثمانين. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي. أنبأ نصر بن أحمد بن نصر، أنبأ محمد بن أحمد الجواليقي.
ح وأخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنا أبو الحسين بن الطيوري وأبو طاهر أحمد بن علي بن سوار، قالا: أنا الحسين الطناجيري قالا: أنا محمد بن زيد بن علي، أنا محمد بن محمد بن عقبة، نا هارون بن حاتم، نا الفضل بن عمرو قال: مات سويد بن غفلة سنة إحدى وثمانين وله عشرون سنة ومئة سنة.
قرأنا على أبي الفضل محمد بن ناصر، عن أبي المعالي عبد السلام.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي نعيم الواسطي قالا: أنا أبو الحسن بن خزفة.(72/377)
ح وقرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي نعيم أيضا عن أبي الحسين ابن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن بيري قراءة قالا: أنا محمد «1» بن الحسين الزعفراني، نا ابن أبي خيثمة قال: قال المدائني وتوفي سويد بن غفلة سنة إحدى وثمانين ويقال: سنة اثنتين وثمانين، دعا الله يعني سويد بن غفلة أن يميته، فمات.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن منده، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد بن عمر، أنا أبو بكر ابن أبي الدنيا، نا ابن سعد قال:
في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة سويد بن غفلة الجعفي، قال الواقدي: توفي سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ويكنى أبا أمية، وقد روى عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وعبد الله.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو علي محمد بن محمد بن المسلمة وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد قالا: أنا أبو الحسن الحمامي، أنا الحسن بن محمد بن السكون، أنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، أنا ابن نمير، قال: مات سويد بن غفلة سنة إحدى وثمانين وله عشرون ومئة [سنة] قال ابن نمير: حدثني بذلك أبو نعيم عن حنش.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنبأ علي بن محمد بن أحمد بن نصير، أنا محمد بن الحسين بن شهريار، نا أبو حفص عمرو بن علي قال: مات سويد بن غفلة سنة اثنين وثمانين وهو ابن عشرين ومئة سنة ويكنى أبا أمية. أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، وأبو العز ثابت بن منصور، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، قالا: أنا أبو الحسين محمد بن الحسن، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق، نا عمر بن أحمد، نا خليفة بن خياط قال «2» : ومن سعد العشيرة وهو مالك ابن أدد من بني جعفي بن صعب «3» بن سعد العشيرة: سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر بن وداع بن معاوية بن الحارث بن مالك، يكنى أبا أمية، عمّر، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين.(72/378)
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا محمد بن علي بن أحمد، أنا أحمد بن إسحاق أنا عمران نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط «1» قال: وفي سنة اثنين وثمانين مات سويد بن غفلة.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أحمد بن محمود بن أحمد، أنا أبو بكر ابن المقرىء، نا عبد الرحمن بن الحسن الضراب، نا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، نا المحاربي، قال: زعم أشعث بن سوار أن سويد بن غفلة مات وهو ابن ماية وعشرين سنة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين ابن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، أنا أبو الأحوص القاضي، نا عمرو بن خالد قال: سمعت زهيرا يقول:
كان سويد بن غفلة أكبر من عمر بن الخطاب ومات سويد وهو ابن عشرين ومئة سنة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن منده.
ح وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم، أنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق، نا أبي قال: وقال عمرو بن خالد عن زهير بن معاوية: كان سويد أكبر من عمر، مات وهو ابن عشرين ومئة سنة.
أخبرنا عبد الله بن جعفر البغدادي نا محمد بن عمرو بن خالد عن أبيه بهذا، وقال يحيى بن معين: مات سويد، هو ابن ماية وخمس «2» عشرة سنة في ولاية الحجاج. أخبرنا الهيثم بن كليب إجازة، نا ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين. قال ابن أبي خيثمة: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: قيل لهشيم فسويد كم أتى عليه؟ قال: ثمان وعشرون. قيل: من ذكره؟
قال: ابن أبي خلدة. وقال المدائني: مات سنة إحدى وثمانين أو اثنين وثمانين.
أخبرنا الهيثم إجازة عن ابن أبي خيثمة عنه. وقال ابن عيينة عن عاصم بن كليب: كان سويد بن غفلة أتت عليه ثلاثون ومئة سنة، وكان يأتي الخيف ماشيا ويتزوج.(72/379)
قال: وأنبأ عبد الله بن إبراهيم المقرىء، نا صالح بن أحمد، نا أحمد بن حنبل قال: قيل لهشيم: فسويد بن غفلة كم أتى عليه؟ قال: ثمان وعشرون ومئة، قيل: من ذكره؟ قال:
ابن خلدة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا علي بن محمد بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق، حدثني أبو عبد الله أحمد. قال: قيل لهشيم: فسويد بن غفلة؟ قال: ثمان وعشرين ومئة. قيل له: من ذكره؟ قال: إسماعيل بن أبي خلدة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المشكاني، أنا محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن الحسن، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، نا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثني أحمد بن أبي الطيب، قال: سمعت هشيما يقول: زر بن حبيش بلغ سنّه مئة واثنين وعشرين، وسويد بن غفلة سنه ثمان وعشرون ومئة. قيل: من ذكر هذا؟ قال:
إسماعيل بن أبي خلدة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا أبو العباس أحمد بن عمر بن أحمد البرمكي، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن سمعون، نا محمد بن محمد بن أبي حذيفة، نا أبو أمية، نا الخضر بن محمد بن شجاع الحراني، نا هشيم. أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد قال: توفي زر بن حبيش وهو ابن اثنتين وعشرين ومئة سنة وتوفي سويد بن غفلة وهو ابن سبع وعشرين ومئة سنة، وتوفي أبو عثمان النهدي وهو ابن أربعين ومئة سنة.
أنبأنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البنا قالا: قرىء على أبي محمد الجوهري، ونحن نسمع، عن أبي عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال «1» : أنا الفضل بن دكين قال: مات سويد بن غفلة وهو ابن ماية وثمان وعشرين سنة.(72/380)
[9889] سويد بن كلثوم بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب ابن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان المحاربي بن فهر الفهري
قالوا: محمد بن سويد استعمله «1» على دمشق. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو علي بن المسلمة، أنا أبو الحسن الحمامي، أنا أبو علي بن الصواف، نا أبو محمد الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى العطار، نا أبو حذيفة إسحاق بن بشر البخاري قال: قالوا: فخرج خالد يعني ابن الوليد في ألف رجل حتى انتهى إلى دمشق، وبها سويد بن كلثوم بن قيس الفهري من بني محارب بن فهر، وكان أبو عبيدة استخلفه بدمشق في خمسمئة رجل. قالوا: فقدمها خالد، فعسكر خارجا منها وأمر سويد بن كلثوم أن يقيم في جوفها «2» . وذكر حكاية «3» في فتح حمص. «4»
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا، قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص ثنا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزبير بن بكار قال في تسمية بني فهر: وسويد بن كلثوم بن قيس، ولي دمشق.
والزبير هو الذي نسبه.
[9890] سويد بن منجوف بن ثور بن عفير بن زهير ابن كعب بن عمرو بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة أبو علي- ويقال: أبو المنهال- ابن النصري
رأى علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان. ووفد عليه.
وسمع أبا هريرة.
روى عنه المسيب بن رافع.
__________
[9889] ترجمته في الإصابة 2/100.
[9890] ترجمته في التاريخ الكبير 4/143 وجمهرة أنساب العرب ص 318 والوافي بالوفيات 15/46 والجرح والتعديل 4/234 وتاريخ خليفة بن خياط (الفهارس) .(72/381)
ح قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي تمام علي بن محمد بن أبي عمر بن حيويه أنبأ أبو الطيب محمد بن القاسم الكوكبي، نا ابن أبي خيثمة.... «1» نا الأسود بن سنان، نا خالد بن سمير قال: اختلفت أنا وسويد بن منجوف إلى أنس بن مالك.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد، أنا أبو منصور بن شكرويه، أنا أبو بكر بن مردويه، أنا أبو بكر الشافعي، نا معاذ بن المثنى، نا مسدد بن مسرهد، نا معتمر قال:
سمعت أبي يقول: حدثنا السميط أن سويد بن منجوف حمل على فرس ... «2» ثم أراد أن يشتريه فقال له رجل: إن أبا هريرة نهاني أن أشتري صدقتي. ح قرأنا على أبي عبد الله بن البنا، عن أبي تمام الواسطي عن أبي عمر بن حيويه أنا محمد بن القاسم، نا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: وسويد بن منجوف يكنى أبا المنهال، حدثنا بذاك محمد بن سلام عن رجل من ولد أبي بكرة. قال: قال عبيد الله بن أبي بكرة لسويد بن منجوف يا أبا المنهال، وهذا أبو علي بن سويد بن منجوف. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسن بن الحمامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: سويد بن منجوف السدوسي سمع من أبي هريرة.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأ أبو الفضل أحمد ابن الحسن وأبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ومحمد بن علي واللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمد زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل أنا محمد بن إسماعيل «3» قال: سويد بن منجوف هو والد علي بن سويد البصري، رأى عليا رضي الله عنه، يروي عنه مسيب بن رافع. قال أحمد بن علي: هو جدي سويد [أبو المنهال السدوسي وهو سدوس بن شيبان بن ذهل بن ربيعة] «4» .
ح قرأت في كتاب أبي محمد عبد الله بن أحمد بن ربيعة العبدي فيما رواه عنه أبو سليمان ثنا الحارث بن أبي أسامة، نا أبي أبو أسامة، نا ابن سعد أنا محمد بن عمر يعني(72/382)
الواقدي قال: وجدت هذا الكتاب عند عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر.
فقرأته عليه وسألته ممن هذا، وإليك هذا. فإذا هو بوطه «1» إلى ناحية الكوفة، قال: لما أراد معاوية أن يبايع أهل الأمصار ليزيد بالخلافة كتب إلى زياد أن يوفد عليه وجوه أهل الكوفة والبصرة، وخرج أهل البصرة يريدون الشام حتى إذا قدموا الكوفة خرج معهم أهل الكوفة.
فاصطحبوا جميعا الأحنف بن قيس التميمي والمنذر [بن] الجارود العبدي وكان سيدا مطاعا، وعبد الله بن حازم السلمي وكان أجل أهل زمانه، وسويد بن منجوف السدوسي وكان ذا أدب ... «2» ومالك بن مسمع وكان شجاعا، والمغيرة بن عبد الله التميمي، وكان فيهم من أهل الكوفة أبو بردة بن أبي موسى ومحمد بن الأشعث بن قيس وأبو سماك الأسدي وعامر بن عبد الأسود العجلي، وذكر الخبر بتمامه. أنبأنا أبو علي محمد بن محمد بن عبد العزيز بن المهدي، وحدثنا أبو الحجاج يوسف بن مكي الحارثي عنه، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي سنة سبع وثلاثين وأربعمئة، أنبأ أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان، نا أبو بكر محمد بن يزيد بن محمود بن منصور بن راشد الخزاعي المعروف بابن أبي الأزهر، نا عمر بن شبة، نا محمد بن سلام، أخبرني عمر بن عبيد الله بن أبي بكر قال: نحل عبيد الله بن أبي بكرة ابنه سويد أن.... «3» معقل، فأخرج وجوها من وجوه الناس يشهدهم عليها وفيهم سويد بن منجوف، فقال سويد للمنحول يا بني علي بتقوى الله وحفظ المال، فإن أباك قد نحلك مالا عظيم الخطر، فقال عبيد الله: وكذاك نراها يا أبا علي. قال: نعم. قال: فاشهدوا أنها له، وإني قد عوضت ابني كذا وكذا.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسين السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى التستري نا خليفة العصفري «4» قال: وفي سنة ثنتين وسبعين مات سويد بن منجوف السدوسي.(72/383)
الجزء الثالث والسبعون
[مستدرك تاريخ مدينة دمشق]
تتمة المستدرك من حرف الجيم
ذكر من اسمه: سهل
[9891] سهل بن إسماعيل بن سهل أبو صالح الطرسوسي الجوهري القاضي المعروف بسهلان
سمع بدمشق وغيرها: عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج بن الرواس «1» ، وأبا «2» عمران موسى بن هشام الوراق، وأبا عبيدة أحمد بن عبد الله بن ذكوان، وعليبن إسحاق بن إبراهيم بن ردا القاضي الطبراني، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، وأبا «3» العباس اللخمي، وأحمد بن داود بن أبي صالح «4» الحراني، وعلي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة العسكري الوراق، وأبا عقيل أنس بن السلم بن الحسن الخولاني، بطرسوس، وأحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه، وعبد الله بن وهيب الغزي، وأحمد بن عبد الله بن زكريا الحبلى «5» الإيادي، وأبا العباس بن شريح، ومحمد بن نصير الأصبهاني، وأبا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الواسطي، وأبا جعفر محمد بن صالح أبو توبه [....] «6» وأبا خليفة الفضل بن الحباب، وعمر بن محمد بن رزق التلعكبري، وغيرهم.
روى عنه أبو أحمد التنوخي، وعبد الله بن يحيى بن عبد الجبار، ومحمد بن طلحة(73/3)
النعالي، وأبو القاسم بن بشران، وأبو سهل محمود بن عمر بن جعفر العكبري، وأبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السامري، وأبو طالب بن محمد بن عبد الرحمن بن الحجاج النكدي الموصلي.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن عبد الله بن منصور الزجاحي، أنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن علي بن مهران، حدثني سهل بن إسماعيل بن سهل الطرسوسي أبو صالح إملاء، من حفظه سنة أربعين وثلاثمائة، نا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم، نا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني، أنا عيسى بن يونس، نا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله»
[14195] . أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قراءة عليه. أنا أبو المحاسن المفضل بن محمد بن سعد بن محمد التنوخي قراءة عليه في صفر سنة ثمان وثلاثين وأربعمئة نا أبو محمد الحسن ابن محمد بن يحيى اللحام قراءة عليه على شاطىء دجلة بسرّ من رأى في صفر سنة عشر وأربعمئة، نا القاضي أبو صالح سهل بن إسماعيل الطرسوسي، نا أبو إبراهيم يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن عباس الواسطي، بها، نا يحيى بن عبد الحميد الحماني، نا عبد الرحمن ابن يزيد بن أسلم عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن»
[14196] .
قال القاضي: وهذا حديث الحماني ما شاركني فيه أحد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، قالا: أنا أبو نصر بن طلاب، أنا أبو الحسين بن جميع، نا سهل بن إسماعيل أبو صالح القاضي، نا محمد بن نصير الكاتب، بأصبهان، نا إسماعيل بن عمر، نا سفيان الثوري، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«تقتل عمارا الفئة الباغية»
[14197] .
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد الله قال أنا- وأبو الحسن بن سعيد، نا- أبو بكر(73/4)
الخطيب قال «1» : سهل بن إسماعيل بن سهل أبو صالح الجوهري الطرسوسي نزل بغداد وحدث بها، عن أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وعلي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة الوراق العسكري، وأحمد بن عبد الله بن زكريا الإيادي، وأبي العباس بن شريح «2» الفقيه، ومحمد بن نصير «3» الأصبهاني. حدثنا عنه عبد الله بن يحيى السكري، ومحمد بن طلحة النعالي، وعبد الملك بن محمد بن بشران، وكان ثقة.
[9892] سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد أبو الفرج الإسفراييني الصوفي سمع ببغداد أبا محمد الجوهري، وأبا الحارث محمد بن عبد الرحيم بجرجان، وبدمشق رشأ بن نظيف، وأبا علي، وأبا الحسين ابني أبي نصر، وأبا بكر خليل بن هبة الله بن محمد التميمي، وأبا علي الحسن بن علي بن الحسن بن شواش، وأبا عبد الله محمد بن علي بن يحيى المازني، وطرفة بن أحمد بن الكميت، وأبا عبد الله بن سلوان «4» ، وبمصر محمد بن الحسين الطفال، وعلي بن عمر بن محمد الحرّاني، وعبد الملك بن عبد الله بن محمود بن مسكين، وعلي بن منير، وعلي بن ربيعة البزار، وأبا علي الحسن بن خلف بن يعقوب الواسطي، وعبد الرحمن بن المظفر الكحال، وأبا القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي، وأحمد بن محمد بن نصر الدقاق، وأبا الحسن علي بن عبيد الله الكسائي، وأبا الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن جابر بتنيس، وأبا حفص عمر بن أحمد بن محمد الواسطي ببيت المقدس، وسليم بن أيوب بصور، وأبا الحسن بن الترجمان بالرملة.
روى عنه عمر بن عبد الكريم الدهستاني «5» ، وسمع منه بمصر، وحدثنا عنه الفقيه أبو
__________
[9892] ترجمته في الكامل لابن الأثير 10/280 وسير الأعلام 19/162 والعبر 3/331 وشذرات الذهب 3/396.(73/5)
الحسن علي بن المسلم، وابنه طاهر بن سهل بن بشر، وخالي أبو المعالي القاضي، وأبو محمد بن طاووس، وأبو القاسم بن السوسي، وأبو يعلى بن الحبوبي، وأبوعبد الله النّشائي، وأبو الحسين أحمد بن سلامة، وعبد الرحمن الداراني، وعلي بن أسد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي، أنا أبو الفرج سهل بن بشر وأبو نصر أحمد بن محمد بن سعيد الطّريثيثي «1» قالا: أنا أبو علي الحسن «2» بن خلف بن يعقوب بن أحمد المقرىء الواسطي، نا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي- إملاء- نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري الكجي، نا أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري، نا سليمان التيمي، نا أنس بن مالك قال:
عطس عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلان فسمت- أو فشمت- أحدهما ولم يشمت الآخر، أو فشمته ولم يشمت الآخر، «إن هذا حمد الله عز وجل فشمته، وهذا لم يحمد الله فلم أشمته» .
المشهور عن الكجي حديثه عن محمد بن عبد الله الأنصاري، وقد جمع بعض أصحاب ابن ماسي بين الحديثين، وقد وقع لنا حديث محمد الأنصاري بعلوّ والحمد لله.
قرأت بخط أبي محمد بن صابر: وسألته يعني أبا الفرج الإسفرايني عن مولده فقال:
ولدت في المحرم سنة تسع وأربع مائة. قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي: سألت الشيخ أبا بكر الحافظ، عن أبي الفرج سهل بن بشر الإسفرايني؟ فقال: كيس، صدوق «3» .
ذكر أبو محمد بن الأكفاني: أن أبا الفرج سهل بن بشر بن أحمد الإسفرايني توفي في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وأربعمائة بدمشق «4» .
[9893] سهل بن الحسن بن محمد بن أحمد أبو العلاء البسطامي الصوفي المعروف بالكافي
سكن دمشق مدة في دويرة السّميساطي، ثم انتقل إلى قبة الملك خارج البلد، فسكنها ومات بها.
__________
[9893] مشيخة ابن عساكر 76/ب.، وأبو تحرفت بالأصل إلى ابن.(73/6)
وحدّث عن أبيه. كتبت عنه حديثين. أخبرنا أبو العلاء سهل بن الحسن القاضي، أنبأ والدي الشيخ أبو العباس الحسن بن محمد بن أحمد الكافي في شهر رمضان سنة اثنين وتسعين وأربعمائة بهراة، أنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، نا أبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي، أنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، ثنا قتيبة بن سعيد، نا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم خيبر: «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» وبات الناس ليلتهم أيّهم يعطاه، وغدوا كلّهم يرجوه، قال: «أين علي؟» قيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه، ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، وأعطاه، فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال: «ائتد «1» على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، وادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النّعم»
[14198] .
أخبرنا عاليا أبو القاسم زاهر بن طاهر وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن علي البيهقي، قالا: أنبأ أحمد بن منصور. ح وأخبرنا أبو عبد الله الخلال، أنبأ سعيد بن أحمد بن محمد، قالا: أنا أبو الفضل الفامي، فذكره بإسناده ومعناه أتم منه.
توفي أبو العلاء يوم الجمعة خامس عشر من صفر سنة ست وثلاثين وخمسمائة، ودفن ضحوة يوم السبت في مقبرة باب الفراديس.
[9894] سهل بن الحسين بن محمد ويقال: سهل بن محمد بن شجاع بن عثمان النيسابوري
حدث بدمشق وصور: عن أبي حبيب المفسّر، وأبي الحسن الحسين بن محمد الفقيه النيسابوري.
[9895] سهل بن الحنظلية
هو سهل بن عمرو، يأتي بعد.(73/7)
[9896] سهل بن داود بن ديزويه أبو سعيد الشيباني النيسابوري ثم الرّازي
سكن أردبيل «1» . وسمع بدمشق: هشام بن عمار، وببغداد أبا نصر التمار، وهدبة بن خالد، وعلي بن الجعد، وقتيبة بن سعيد، وعبيد الله بن معاذ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وعبد الله بن عمر الفرّاء.
روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الميمذي «2» . أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني قال: قرأت على أبي القاسم هبة الله بن سليمان بن داود الجزري، نا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري القاضي بالجزيرة، نا سهل بن داود بن ديزويه الرّازي وأحمد بن محمد بن عاصم الرّازي، وعبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي، والوليد بن حمّاد أبو العباس الرملي، ويحيى بن طالب الطّرسوسي بدمشق، قالوا: أنا هشام بن عمار الدمشقي، نا حمّاد ابن عبد الرحمن، نا خالد بن الزبرقان القرشي، عنسليمان بن حبيب المحاربي، عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أربعة لعنهم الله من فوق عرشه وأمنت عليهم الملائكة: مضلّ المساكين»
[14199] .
قال خالد: الذي يهوي بيده إلى المسكين «3» فيقول: هلمّ أعطيك، فإذا جاءه قال: ليس معي شيء، والذي يقول للمكفوف اتّق [البئر] «4» اتق الدابة، وليس بين يديه شيء، والرجل يسأل عن دار القوم فيدلّونه على غيرها، والرجل يضرب الوالدين حتى يستغيثا
[14200] .
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه، نا نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا هبة الله بن سليمان الجزري، نا أبو إسحاق إبراهيم «5» بن أحمد القاضي، قاضي جزيرة ابن
__________
[9896] ترجمته في الجرح والتعديل 2/1/197. و «أبو» تحرفت بالأصل إلى ابن و «سعيد» بالأصل سعد والمثبت عن الجرح والتعديل.(73/8)
عمر «1» ، نا أبو عبد الله محمد بن عمرو بن عون بن داود السيرافي، وأبو سعيد سهل بن داود بن ديزويه الرّازي بأردبيل، وأبو جعفر محمد بن علي بن زياد الرّازي، قالوا: حدثنا عقبة بن خالد، والصواب هدبة بن خالد، نا سهيل بن أبي حزم، نا ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له، ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار»
[14201] .
أخبرنا عاليا على الصواب أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو البركات سعيد بن الحسين ابن الحسن بن حسان المجهز ببغداد، قالا: أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم بن حبابة، أنا أبو القاسم البغوي، نا هدبة، نا سهيل بن أبي حزم، نا ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من وعده الله عز وجل على عمل ثوابا فهو منجزه له، ومن أوعده الله عز وجل على عمل عقابا فهو فيه بالخيار»
[14202] .
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن منده «2» ، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «3» : سهل بن ديزويه أبو سعيد الرّازي، نزيل أردبيل، روى عنه قتيبة، وعبيد الله بن معاذ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وعبيد الله بن عمر «4» القواريري، سمعت منه بالري بمحضر أبي، وهو ثقة صدوق.
[9897] سهل بن أبي زينب
حكى عن عمر بن عبد العزيز، وأبي قلابة «5» .(73/9)
روى عنه مروان بن جناح.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو بكر محمد بن عبيد الله بن عمرو، أنبأ أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة، نا إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم، أنا أبي، نا الوليد بن مسلم، نا مروان بن جناح، نا سهل بن أبي زينب قال:
كنت عند عمر بن عبد العزيز إذ قال: يا أبا قلابة حدّثنا، فقال أبو قلابة: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّي رأيت أنّي أؤمكم إذ لحقني ظلال، وتقدمت ثم لحقني ظلال، فتقدمت لحقتني «1» من أمتي يكونون من بعدي يلحق بهم قلوبهم وأعمالهم» قال: فقال عمر: إي والله يا أبا قلابة ما كنت تسرنا بهذا الحديث قبل اليوم؟
[14203] .
ح قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمد، عن أبي عمر بن حيّوية، أنا محمد بن القاسم بن جعفر، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا أبي، نا الوليد بن مسلم، حدّثني مروان بن جناح أن سهل بن أبي زينب حدّثهم قال: حضرنا عمر بن عبد العزيز حين التفت إلى أبي قلابة الجرمي فقال: حدّثنا يا أبا قلابة، فقال أبو قلابة: نعم، فقال عمر: لله أنت يا أبا قلابة.
[9898] سهل بن شعيب بن ربيعة النّخعي الكوفي
وفد على عمر بن عبد العزيز، وروى عنه قوله، وعن الشعبي، وعبيد الله بن عبد الله الكندي، وعبد الأعلى، وقنان «2» ... بن عبد الله النهمي.
روى عنه أبو غسان مالك بن إسماعيل، وأبو داود الطيالسي، ورزيق «3» بن مرزوق البجلي المقرىء الكوفي.
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي المؤذن بمرو، أنبأ أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله المديني المؤذن الزاهد بنيسابور، نا أبو زكريا
__________
[9898] ترجمته في الجرح والتعديل 2/1/199. وفيه: النهمي، ولفظ النخعي بالأصل ومختصر ابن منظور.(73/10)
يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزني- إملاء- نا محمد بن أحمد بن حمدون المذكر، نا مسدّد بن قطن، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثني مالك بن إسماعيل النهدي، حدثني سهل بن شعيب بن ربيعة الشّعوذي، حدّثهم أو قال: أخبرهم قال:
ركبت البريد إلى عمر بن عبد العزيز فانقطع بي في بعض أرض الشام، فركبت السخرة [حتى أتيته، وهو بخناصرة، قال: فسايرني، فقال: ما فعل جناح المسلمين؟ قلت: وما جناح المسلمين يا أمير المؤمنين؟ قال: البريد. قلت: انقطع في أرض كذا وكذا. قال: فعلى أي شيء أتيتنا؟ قلت: على السخرة] «1» قال: السخرة «2» النبط في سلطاني؟ فأمر بي فضربت أربعين سوطا.
كذا قال، ورواه محمد بن سعد، عن مالك بن إسماعيل، عن سهل بن شعيب أن ربيعة الشعوذي حدثهم وهو أشبه بالصواب، وقد تقدم «3» ، وسهل بن شعيب نخعي كوفي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد «4» .
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «5» : سهل بن شعيب النخعي كوفي، روى عن الشعبي، وعبيد الله بن عبد الله الكندي، روى عنه أبو غسان مالك بن إسماعيل [وأبو داود الطيالسي] «6» سمعت أبي يقول ذلك.
[9899] سهل بن صدقة الأموي
مولى عمر بن عبد العزيز. حكى عن بعض خاصة عمر بن عبد العزيز.
__________
[9899] ترجمته في الجرح والتعديل 2/1/199 والتاريخ الكبير 2/2/101.(73/11)
روى عنه: أبو الصباح سعدان بن سالم الأيلي. أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، نا يحيى بن محمد بن صاعد، نا الحسين بن الحسن، أنا عبد الله بن المبارك «1» ، أنا أبو الصّبّاح، نا سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز بن مروان، حدّثني بعض خاصة عمر بن عبد العزيز بن مروان أنه حين أفضت إليه الخلافة سمعوا في منزله بكاء عاليا، فسئل عن البكاء، فقيل: إن عمر بن عبد العزيز قد خيّر جواريه «2» ، فقال: قد نزل بي أمر قد شغلني عنكن، فمن أحبّت أن أعتقها عتقتها، ومن أرادت أن أمسكها «3» [أمسكتها] «4» لم يكن مني إليها شيء، فبكين إياسا منه.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي واللفظ له قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «5» : سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز القرشي، مرسل، قاله ابن المبارك، عن أبي الصّبّاح، حدّثني سهل.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا حمد «6» - إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر، أنا علي.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم «7» قال:
سهل بن صدقة مولى عمر بن عبد العزيز، روى ابن المبارك عن أبي الصباح الأيلي عنه سمعت أبي يقول ذلك.(73/12)
[9900] سهل بن عباد بن يعلى أبو معاوية الكلابي بصري
حدث بدمشق وغيرها عن أبيه، وأبي سلمة حمّاد بن سلمة بن دينار.
روى عنه محمد بن عائذ، وأبو الحكم الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران «1» الدمشقيان.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو معاوية سهل بن عباد بن يعلى، ويقال ابن العلاء الكلابي البصري، سمع أبا سلمة حمّاد بن سلمة بن دينار التميمي، روى عنه أبو الحكم الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران العنسي «2» ، كناه ونسبه وسماه لنا «3» أبو عبد الله محمد بن المسيّب بن إسحاق الأرغياني، نا الهيثم بن مروان.
[9901] سهل بن عبد الله بن الفرّخان أبو طاهر الأصبهاني العابد سمع بدمشق: صفوان بن صالح المؤذن، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن مصفى، وحرملة بن يحيى «4» ، ويزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب، والمسيّب بن واضح.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، وأبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف، ومحمد بن أحمد بن أبي يحيى، وأبو محمد القاسم بن محمد الديمرني «5» ، وأبو علي محمد بن الضحاك بن عمرو، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن يزيد الزهري، وأبو علي أحمد بن محمد بن إبراهيم الوراق.
__________
[9901] ترجمته في حلية الأولياء 10/212 وذكر أخبار أصبهان 1/339 وسير أعلام النبلاء 13/333 وغاية النهاية 1/319 والوافي بالوفيات 16/5.(73/13)
أنبأنا أبو علي الحداد، حدثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد عنه، أنا أبو نعيم الحافظ «1» ، أنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف، نا سهل بن عبد الله، نا أبو أيوب سليمان ابن عبد الرّحمن، نا الوليد بن مسلم، نا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن حلق القفا بالموسى، إلّا عند الحجامة
[14204] .
أخبرنا أبو النّضر «2» عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان المعدل بهراة، أنا أبو سهل نجيب «3» بن ميمون بن سهل بن علي الواسطي، أنا أبو علي منصور بن عبد الله بن خالد الذهلي، نا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار- إملاء- نا أبو طاهر سهل «4» بن عبد الله بن الفرّخان الأصبهاني الزاهد، نا حرملة بن يحيى التّجيبي بحديث ذكره.
أخبرنا أبو الفتوح عبد الله بن أبي الحسن علي بن سهل بن العباس النيسابوري، أنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد السري التفليسي، أنا أبو يعلى حمزة بن عبد الغفار المهلبي، أنا أبو عبد الله الصفار الأصبهاني، نا أبو الطاهر سهل بن عبد الله بن الفرّخان الأصبهاني الزاهد ثقة.
أنبأنا أبو علي الحداد، وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه قال: قال أنا أبو نعيم الحافظ «5» : سهل بن عبد الله بن الفرّخان أبو طاهر الأسيهفرديسي «6» قرية بسواد المدينة، يعني مدينة جيّ «7» ، أحد العباد، وكان مجاب الدعوة، ورحل إلى مصر والشام، وكتب نسخة.
وحدث بها، توفي سنة ست وتسعين «8» ومائتين.(73/14)
أنبأنا أبو علي، قال: قال أبو نعيم «1» : ومنهم الطاهر المطهّر أبو طاهر سهل بن عبد الله بن الفرّخان الأسفهرديسي «2» قرية من ربض المدينة، مدينة أصبهان، كان مجاب الدعوة، لقي أحمد بن عاصم الأنطاكي، وأحمد ابن أبي الحواري، وأبا يوسف الغسولي، وعبد الله بن خبيق، ونظراءهم بالشام، أقام بالثغر مدة، وكتب بمصر، والشام الحديث الكثير، كان أهل بلدنا مفزعهم إلى دعائه عند النوائب والمحن، كان سبب طهارته إذا دخل الحمام ليتنظف ويرى بعض الناس عراة سأل ربه أن يكفيه أمر التنظف ودخول الحمام، فسقطت شعرته فلم تنبت بعد ذلك، وكانت له شجرة جوز تحمل كل سنة كثيرا، فسقط منها رجل فاستعظم ذلك، وقال: اللهم أيبسها، فيبست فلم تحمل بعد ذلك، له آثار كثيرة في إجابة دعوته «3» مشهورة اختصرنا منها ما ذكرنا.
وأما رفيع حاله، من إدمان الذكر، والمشاهدة، والحضور، والمسامرة، والتعري من حظوظ النفس، والمواقعة «4» ، والتبري من رؤية الناس والمخالطة، فشائع ذائع ذكر ذلك عنه مشايخنا من إخوانه، وزواره «5» ، ولقي من الجهال فيما نقل من مذهب الشافعي، فإنه أول من حمل علم الشافعي رحمه الله، مختصر حرملة بن يحيى، عن الشافعي، فاستعظم ذلك الجهال الذين كانوا على مذهب أهل العراق، فصبر على أذيتهم «6» ، ولم يعارضهم بشيء محتسبا في ذلك، إلى أن قضى حميدا رشيدا رحمه الله توفي «7» سنة نيّف وسبعين ومائتين، تقدم موته على موت أبي محمد سهل بن عبد الله التستري.
أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبد الله، أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد، وقال أنا أبو علي الحداد قالوا: أنا أبو نعيم قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان يقول: سمعت أحمد بن(73/15)
محمود بن صبيح يقول: وفيها- يعني سنة ست وسبعين ومائتين- مات سهل بن عبد الله الزاهد أبو طاهر الأصبهاني.
[9902] سهل بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ابن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي
أخو عمر بن عبد العزيز، وأمه أم عبد الله بنت عبد الله بن عمرو بن العاص.
روى عنه معاوية بن الرّيّان.
وتوفي عند أخيه عمر بن عبد العزيز، روى عنه أبوا الحسن «1» . أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السلمي الفقيه، وعلي بن زيد المؤدب، قالا: أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي- زاد الفقيه: وأبو محمد عبد الله بن عبد الله بن عبد الرزاق بن المفضل، قالا: - أنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد المزني، أنبأ أبو علي الحسن بن منير بن محمد، نا محمد بن خريم، نا هشام بن عمار، نا عثمان بن علاق، عن عمرو بن مهاجر «2» أنه حدثه قال «3» : هلك سهل بن عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز، فأمرني عمر أن أحفر له، وقال: إذا حفرت له فليكن قدر قامة «4» أو إلى المنكب، فإن أعلى الأرض أطهر من أسفلها، ففعلت.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو محمد بن عمر بن علي بن خلف، ثنا ابن أبي داود، نا عمرو بن عثمان، نا الوليد، أخبرني الوليد بن سليمان أنه سمععمرو بن مهاجر يقول: بعثني عمر بن عبد العزيز لحفر قبر أخيه سهل بن عبد العزيز فقال: احفروا حتى إذا بلغتم الشفير فأمسكوا، فإن أعلى الأرض أطيب من أسفلها.
أخبرنا أبو بكر المزرفي «5» ، نا أبو الحسين بن المهتدي، نا علي بن عمر الحربي، نا
__________
[9902] ترجمته في نسب قريش للمصعب ص 168 وجمهرة ابن حزم ص 105 والوافي بالوفيات 16/6. وأنساب الأشراف 8/126.(73/16)
أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار، نا الهيثم بن خارجة، نا عثمان هو ابن حصن قال: سمعت عمرو بن مهاجر يقول: مات سهل بن عبد العزيز فأمرني عمر بن عبد العزيز أن أحفر له، وقال لي: احفر له على قدر طولك أو إلى المنكب، ولا تبعد له في الأرض، فإن أعلى الأرض أطهر من أسفلها.
أخبرنا أبو الحسين بن الفرا، [و] «1» أبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار قال في تسمية ولد عبد العزيز بن مروان قال «2» : فولد سهلا، وسهيلا، وأم الحكم تزوجها الوليد بن عبد الملك «3» ، ثم خلف عليها هشام بن عبد الملك فأمّهم أم عبد الله بنت عبد الله بن عمرو ابن العاص السهمي.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية- إجازة- أنا سليمان بن أيوب الجلّاب، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمد بن سعد قال «4» :
فولد عبد العزيز بن مروان: سهلا، وسهيلا، وأم الحكم، وأمهم أم عبد الله بنت عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي.
وبلغني أنه لما مات كتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز إليه يعزيه عنه وأطال وصفه وفضله؛ فكتب إليه عمر: قد كان كما ذكرت يرحمه الله، وأيم الله لقد كنت في حال السلامة موطّنا نفسي على فراقه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «5» ، حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرني ابن وهب- وفي نسخة أشهب- عن مالك قال: قام عمر بن عبد العزيز [من مجلسه] «6» إلى(73/17)
مصلاه، فذكر سهل بن عبد العزيز، وعبد الملك، ومزاحما فقال: اللهم إنّك قد علمت ما كان من عونهم أو معونتهم إياي فأخذتهم «1» ، فلم يزدني ذلك إلا حبا ولا إلى ما عندك إلا شوقا، ثم رجع إلى مجلسه.
أخبرنا أبو عبد الله الخلال، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر بن المقرىء، أنا أبو العباس بن قتيبة، نا حرملة، نا ابن وهب، أنا حيوة أن «2» حسان، أبا أمية حدّثه أن سهل بن عبد العزيز توفي وهو عند عمر بن عبد العزيز بالشام ومعه امرأته، فأمر عمر بن عبد العزيز بامرأة سهل بن عبد العزيز أن ترحل إلى مصر قبل أن يحل أجلها لتعتدّ في ذاك بمصر.
حسان أبو أمية هو مولى محمد بن سهل بن عبد العزيز بن مروان.
كتب إلي أبو «3» الفضل أحمد بن محمد بن سليم، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد الله بن مندة، نا أبو سعيد بن يونس قال: سهل بن عبد العزيز ابن مروان روى عنه معاوية بن الرّيّان، توفي بالشام في ذي الحجة سنة تسع وتسعين.
[9903] سهل بن عجلان، ويقال: سهيل، والصحيح العجلان بن سهيل
يأتي ذكره في حرف العين.
[9904] سهل بن الحنظلية
وهو سهل بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيت بن مالك بن أوس الأنصاري الأوسي، والحنظلية أمّه «4» .
__________
[9904] ترجمته في الوافي بالوفيات 16/7 وتهذيب الكمال 8/167 وتهذيب التهذيب 2/442 والتاريخ الكبير 4/98 وتاريخ أبي زرعة الدمشقي (الفهارس) والجرح والتعديل 4/195 وأسد الغابة 2/317 والإصابة 2/86 والاستيعاب 2/95 (هامش الإصابة) والمعرفة والتاريخ 1/338 والمعجم الكبير للطبراني 6/113.(73/18)
صحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبايعه تحت الشجرة وسكن دمشق، وكان داره بدمشق في حجر الذهب مما يلي سور المدينة.
روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أحاديث.
روى عنه القاسم أبو عبد الرحمن، وبشر بن قيس التغلبي، وأبو كبشة السلولي. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد، أنبأ أبو القاسم تمام بن محمد، وأبو محمد بن أبي نصر، وأبو «1» بكر القطان، وأبو نصر بنالجندي، وأبو القاسم بن أبي العقب. ح وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس الفقيه، أنبأ أبي أبو العباس المالكي، أنا أبو محمد بن أبي نصر، قالا: أنبأ أبو القاسم علي بن يعقوب، نا أبو زرعة، نا أبو نعيم، نا هشام بن سعد، عن قيس بن بشر التغلبي «2» قال: كان أبي جليسا لأبي الدرداء، فأخبرني قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقال له ابن الحنظلية وكان رجلا متوحدا ما يجالس الناس إنما هو في صلاة، فإذا انصرف فإنّما هو في تسبيح وتكبير وتهليل حتى يأتي أهله، فمرّ بنا يوما ونحن عند أبي الدرداء، فسلّم فقال- زاد عبد العزيز: له، وقال- أبو الدرداء كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية فقدمت فأتى رجل منهم فجلس في المجلس الذي فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حيث لقينا العدو فطعن فلان فلانا فقال خذها وأنا الغلام الغفاري، كيف ترى؟ قال: ما أراه إلا قد أبطل أجره، فقال الآخر: ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا في ذلك حتى سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «سبحان الله، لا بأس أن يحمد ويؤجر»
[14205] قال: فسرّ بذلك أبو الدرداء، فجعل يقول: أنت سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ - وقال ابن قبيس: أنت سمعت ذلك- فجعل يقول: نعم.
قال: فمرّ بنا يوما آخر فسلّم فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نعم الرجل خريم «3» الأسدي لولا طول جمّته، وإسبال إزاره» فبلغ ذلك(73/19)
خريما فأخذ شفرة فقطع جمّته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى نصف «1» ساقيه، ثم مرّ بنا يوما آخر فسلّم، فقال أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنكم قادمون [غدا] «2» على إخوانكم فأصلحوا حالكم «3» ، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كالشامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش»
[14206] . أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنا أبو علي الروذباري، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، أنا أحمد بن منصور، نا أبو صالح «4» ، حدثني الليث، حدثني هشام بن سعد عن رجل صدق من أهل قنّسرين يقال له قيس بن بشر «5» قال:
كان أبي من جلساء أبي الدرداء فحدثني أنه كان هنالك رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متعبد معتزل، لا يكاد يفرغ من العبادة يقال له ابن الحنظلية، الحديث.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، وأبو المظفر بن القشيري، قالا: أنا محمد بن علي بن محمد، أنا محمد بن عبد الله بن محمد، أنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد قال: نا علي بن الحسن الهلالي، نا الفضل بن دكين، نا هشام يعني ابن سعد، حدثني قيس بن بشر قال: كان أبي جليسا لأبي الدرداء، فأخبرني أنه كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم يقال له ابن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا، قلّ ما يجالس الناس إنما كان صلاة، فإذا انصرف فإنّما هو تسبيح وتكبير وتهليل، حتى يأتي أهله.
أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البنا، قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري- إجازة- أنا محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد الزعفراني، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، أخبرني أبو محمد التميمي قال: قال أبو مسهر: سهل ابن الحنظلية الأنصاري من الأوس من بني حارثة بن الحارث.
قال سعيد بن عبد العزيز كان لا يولد لابن الحنظلية، فكان يقول: لأن يكون لي(73/20)
سقط «1» في الإسلام أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس «2» . قال أبو مسهر: ولا أعلم أحدا ينسب إلى صحبة سهل ابن الحنظلية ولا إلى الرواية عنه.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العزّ الكيلي، قالا: أنا أبو طاهر الباقلاني زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون قالا: أنا أبو الحسين محمد بن الحسن، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق، نا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خياط قال «3» : سهل ابن عمير «4» من بني عدي بن زيد «5» بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج أمه الحنظلية. أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد بن يوسف، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرني عمي رحمه الله، أنا أبو طالب بن يوسف- قراءة في الطبقة الثالثة- سهل ابن الحنظلية وهي أم جدّه، وأبو عتب «6» من بني حارثة بن الحارث بن الأوس.
أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد [و] «7» أبو نصر محمد بن الحسن قالا: قرىء على أبي محمد الجوهري، ونحن نسمع عن أبي عمر «8» بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال «9» في الطبقة الثانية قال: سهل بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة، وأمه من بني تميم [ثم] من بني حنظلة «10» ، وهو ابن الحنظلية «11» ، وهي أم أبيه عمرو بن عدي بن زيد بن جشم، واسمها أم أياس بنت أبان بن دارم من بني تميم من بني الحنظلية، فمن كان من ولد عمرو بن عدي قيل له ابن الحنظلية،(73/21)
شهد أحدا والخندق، والمشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم تحوّل إلى الشام ونزلها حتى مات بها.
ح قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر «1» بن حيوية- قراءة- أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال: ثمتحوّل يعني سهل ابن الحنظلية إلى الشام فنزل دمشق حتى مات بها.
ح أنبأ أبو الغنائم محمد بن علي الكوفي، حدثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أبو الفضل ابن خيرون، وأبو الحسين الصيرفي، وأبو الغنائم واللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمد زاد ابن خيرون ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد ابن إسماعيل قال «2» : سهل ابن الحنظلية الأنصاري له صحبة، وكان عقيما لا يولد له، بايع النبي صلّى الله عليه وسلّم تحت الشجرة، نزل الشام، قال لنا «3» أبو نعيم، فذكر شيئا من الحديث الأول ثم قال: وروى مسلم عن أبان، عن قتادة، عن أبي العالية حديث سهل ابن الحنظلية العبشمي هذا يقال غير الأول، ويقال [سهل] «4» ابن حنظلية تميمي.
في نسخة ما شافهني أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا بو علي- إجازة-. ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «5» : سهل ابن الحنظلية له صحبة، روى عنه أبو كبشة السلولي «6» ، والقاسم أبو عبد الرحمن، وبشر التغلبي، وسمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو محمد بن الآبنوسي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر عنه، نا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسين بن المظفر، نا أحمد بن علي بن الحسن، أنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال: وسهل ابن الحنظلية، وهو سهل بن أبي عبيد من بني عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث، وأمه امرأة من بني حنظلة، فنسب إليها، له حديث.(73/22)
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو القاسم البجلي، نا أبو عبد الله الكندي، نا أبو زرعة قال: سهل ابن الحنظلية الأنصاري منزله دمشق، وبها توفي، حدثني أبو سعيد دحيم أنه توفي في صدر خلافة معاوية «1» .
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد الله بن عتاب، أنا أحمد بن عمير- إجازة-. ح أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد، أنبأ أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أحمد بن عمير- قراءة.
قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: وسهل ابن الحنظلية الأنصاري، قال أبو سعيد: توفي بدمشق، ولا عقب له. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد قال: وسهل ابن الحنظلية الأنصاري كان يسكن المدينة، ثم قدم دمشق، فأقام بها، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أحاديث.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم، أنا عبد الرحمن بن مندة، أنا أبي أبو عبد الله قال: سهل ابن الحنظلية الأنصاري له صحبة، وكان ممن بايع تحت الشجرة «2» ، قال ابن مندة: قال ابن أبي خيثمة: الحنظلية أمه، وقال أبو مسهر: هو من الأوس من بني حارثة بن الحارث.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب «3» . ح وأخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي، أنبأ نصر الله بن أحمد ابن عثمان الخشنامي قالا: أنا أبو بكر الحيري «4» ، نا أبو العباس الأصم، نا بحر بن نصر، نا ابن وهب «5» ، أخبرني معاوية بن صالح، حدثني أبو الربيع، عن القاسم مولى معاوية قال: هجرت الرواح يوم الجمعة في مسجد دمشق، ومعاوية يومئذ على الشام في خلافته، فرأيت رجلا بين الناس(73/23)
يحدّثهم، فاطّلعت، فإذا شيخ مصفر اللحية فقلت: من هذا فقال: سهل ابن الحنظلية صاحب النبي صلّى الله عليه وسلّم.
أخبرنا أبو الحسن [علي] «1» بن المسلّم الفرضي، نا عبد العزيز الصوفي، أنا [أبو] «2» محمد الشاهد، نا أبو الميمون، نا أبو زرعة «3» ، نا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن سليمان أبي الربيع، عن القاسم أبي عبد الرحمن قال: رأيت الناس مجتمعين على رجل وهو يحدثهم فدنوت منه فإذا هو مصفر لحيته، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا سهل ابن الحنظلية صاحب النبي صلّى الله عليه وسلّم.
أخبرنا أبو الحسن [علي] «4» بن المسلم الفرضي، نا عبد العزيز الصوفي، أنا أبو محمد الشاهد، نا أبو الميمون، نا أبو زرعة، نا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح عن سليمان أبي الربيع، عن القاسم أبي عبد الرحمن [قال: رأيت الناس مجتمعين على رجل، وهو يحدثهم، فدنوت منه، فإذا هو مصفر لحيته، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا سهل ابن الحنظلية «5» . قال أبو زرعة: فحدثني.... «6» نا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن سليمان أبي الربيع عن القاسم أبي عبد الرحمن] «7» عن سهل ابن الحنظلية فذكر مثله، وقال:
فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من أكل لحما فليتوضأ»
[14207] .
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا أبو محمد، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة «8» ، حدثني هشام هو ابن عمّار «9» ، نا صدقة وهو ابن خالد، عن يزيد بن أبي مريم الأنصاري أن سهل ابن الحنظلية ممن بايع تحت الشجرة.(73/24)
أخبرنا أبو عبد الله الخلال، وأبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد، قالا: أنا أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن موسى، أنا أبو بكر بن المقرىء، نا علي بن أحمد علّان، نا محمد بن رمح، أنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة»
[14208] .
أخبرنا أبو غالب بن البنا، وأبو الفضل محمد بن أحمد بن علي بن عبد الواحد بن الأشقر، قالا: أنا أبو الغنائم بن المأمون، أنا أبو القاسم بن حبابة، نا أبو القاسمالبغوي، نا محمد بن حميد، نا علي بن مجاهد، نا أبو مسلم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سعد مولى حاطب قال: قلت: يا رسول الله، حاطب من أهل النار، قال: «لن يلج النار أحد شهد بدرا وبيعة الرضوان»
[14209] .
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الصوفي، أنا عبد الرحمن بن عثمان، أنا أبو الميمون، نا أبو زرعة، حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم: أن سهل ابن الحنظلية توفي في صدر خلافة معاوية بن أبي سفيان «1» .
[9905] سهل بن محمد بن الحسن أبو الحسن القايني الصوفي المعروف بالخشاب
سكن دمشق، وحدث بها، وبالعراق وبصور: عن أبي نصر محمد بن الحسين الصوفي، والقاضي أبي «2» الحسين بن علي «3» .... وأبي عبد الله بن محمد بن أحمد بن باينك، وأبي جعفر محمد بن عبد الله بن محمود القايني الحافظ، والقاضي أبي «4» القاسم الحسين بن علي.
روى عنه أبو محمد الكفافي وأبو عبد الله محمد بن علي بن المبارك، والفقيه أبو الفتح الزاهد، وأبو القاسم عبد الرحمن بن القاسم، وأبو منصور أحمد بن أبي الفتح
__________
[9905] ترجمته في الوافي بالوفيات 16/20. وفيه: القايني بالقاف وبعد الألف ياء آخر الحروف ونون، وفي مختصر ابن المنظور: الحساب بدل الخشاب.(73/25)
الشهرزوري، وأبو القاسم هبة الله بن علي بن محمد بن الوزان الصوري، ونجا بن أحمد العطار.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو الحسين سهل بن محمد ابن الحسن الخشاب القايني.... «1» ، نا أبو نصر محمد بن الحسين الصوفي، نا أبو النّضر «2» شافع بن محمد بن يعقوب، نا أبو بكر أحمد بن عبد الوارث بن جرير «3» ، نا أبو عبد الله بن إبراهيم بن المهاجر، نا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»
[14210] .
[قال ابن عساكر:] «4» أبو عبد الله هذا، هو محمد بن رمح بن المهاجر بن محرز بن سالم المصري «5» ، وليس في نسبه إبراهيم وقد وقع إليّ الحديث عاليا من حديثه. أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن «6» عبد الملك، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر المقرىء، نا أبو العباس بن قتيبة، ومحمد بن زبّان «7» بن حبيب المصري، قالا: أنا ابن رمح، أنا الليث، عن الزهري، عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»
[14211] .
أنشدنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن علي بن المبارك البزار قال: أنشدنا أبو الحسن سهل بن محمد القايني لنفسه:
شفيعي في القيامة عند ربي محمّد النبيّ الهاشمي
وقد ولي الذي اختاره لي محمد الإمام الشافعي
قال: وأنشدنا أبو الحسن لنفسه:
كفاني لذنبي عند الإله محمد المصطفى شافعي
وقولي بمذهب أهل الحجاز ورأي ابن إدريس الشافعي(73/26)
قال: وأنشدنا أبو الحسن سهل بن محمد بن الحسن الكاتب من لفظه:
إذا كنت في دار يهينك أهلها ولم تك محبوسا بها فتحوّل
وأيقن بأن الرزق يأتيك أينما تكون ولو في قعر بيت مقفل
ولا تك في شكّ من الرزق أن من تكفل بالأرزاق فهو بها ملي
ولسهل القايني أيضا:
تمناه طرفي في الكرا فتجنبا وقبلت يوما ظله فتغضبا
وخبرت أنّي قد عبرت ببابه لأخلس منه نظرة فتحجبا
ولو هبت الريح الصبا نحو أذنه بذكرى لسب الريح أو لتعتبا
وما زاده عندي قبيح فعاله ولا الصّدّ والهجران إلا تحببا
ذكر أبو نصر الطرسوسي أنه سمعه يقول قبل موته بأيام: لي سبع وسبعون سنة.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الصوفي قال: بلغنا وفاة أبي الحسن سهل ابن محمد القايني الصوفي المعروف بالخشاب بمصر سنة سبع وأربعين وأربعمائة، حدّث بكتاب المدخل إلى الإكليل من تصنيف الحاكم أبي عبد الله «1» بن البيّع، كان يذهب إلى التشيع.
وذكر أبو محمد بن الأكفاني في موضع آخر: ولم أسمعه منه أنه توفي يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من صفر. وذكر أبو «2» محمد بن صابر عن أحمد بن محمد بن شعبة الطوسي أنه مات يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من صفر سنة سبع وصلّى عليه أبو الحسين محمد بن الحسين الترجمان.
[9906] سهل بن محمد بن شجاع، ويقال ابن الحسين ابن محمد أبو عثمان النيسابوري الواعظ
قدم دمشق، وسمع من رشأ بن نظيف، سنة ثمان وثلاثين، وحدث بها عن الحاكم أبي(73/27)
عبد الله، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي «1» القاسم بن حبيب المفسّر،.... «2» وأبي الحسن محمد بن الحسين.
روى عنه عبد العزيز بن أحمد، وعلي الحنائي «3» ، ونجا بن أحمد، ونصر بن إبراهيم المقدسي، وسهل بن بشر، وسهل بن الحسين بن محمد.
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا عبد العزيز، أنا أبو عثمان سهل بن محمد النيسابوري الواعظ قدم علينا، نا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيّع- إملاء- نا أبو عبد الله محمد بن الخليل الأصبهاني، نا موسى بن إسحاق القاضي، نا محمد بن معاوية النيسابوري، نا سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل
[14212] .
أخبرنا عاليا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرىء، أنا أبو يعلى، نا زهير، نا أبو عامر العقدي، عن سليمان بن بلال، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبس الرجل.
رواه أبو داود عن زهير «4» .
[9907] سهل بن هاشم بن بلال أبو إبراهيم- ويقال: أبو زكريا الحبشي الواسطي ثم البيروتي
سكن دمشق، وحدث عن الأوزاعي، والثوري، وإبراهيم بن يزيد، وإبراهيم بن
__________
[9907] ترجمته في الجرح والتعديل 2/1/205 والكنى والأسماء للدولابي 1/95 وتهذيب التهذيب 2/447 وتهذيب الكمال 8/183 والأسامي والكنى للحاكم 1/255. وبالأصل: «الحسني» وفي مختصر ابن منظور:
«الخشني» وقد صححت في كل مواضع الترجمة «الحبشي» عن تهذيب الكمال، وهو من ولد أبي سلام الحبشي.(73/28)
أدهم، وشعبة، وعبد العزيز بن أبي روّاد، وبسطام بن مسلم «1» .
حدث عنه مروان الطاطري، وأبو مسهر، ودحيم، وهشام بن عمار، وعمرو بن حفص بن شليلة «2» ، والوليد بن يزيد، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن المبارك الصوري، وهشام بن «3» إسماعيل العطار، وإسحاق بن سعيد بن الأركون.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود.
ح وأخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، أنبأ منصور بن الحسين، وأحمد ابن محمود، قالا: أنا أبو بكر بن المقرىء، نا سعيد بن هاشم بن مرثد الطبراني بالطبرية، نا دحيم «4» عبد الرحمن بن إبراهيم- زاد أبو عبد الله: قاضي الأردن وفلسطين، وقالا: - قال:
نا سهل بن هاشم- زاد أبو الفرج: الواسطي- عن- وقال الخلال: نا- سفيان الثوري، عن ثور ابن يزيد، عن خالد بن معدان، عن ثوبان أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا راعه أمر- وقال الصيرفي: بأمر- قال: «الله، الله ربي لا أشرك به شيئا» - وقال الصيرفي: «لا شريك له»
[14213] .
أخبرنا أبو بكر وجيه «5» بن طاهر، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، أنا أبو الحسن السقا، ثنا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان سهل بن هاشم بن بلال الحبشي واسطيا، وكان ينزل الشام، وقد سمع هشيم من أبيه وسمع شعبة أيضا من هاشم بن بلال، وكان يكنى أبا عقيل «6» .
أنبأنا أبو محمد بن صابر، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء- قراءة عليه- أنا أبو الحسن علي بن الحسن الربعي- قراءة عليه- ثنا أبو العباس أحمد بن عتبة بن مكين، نا أبو العباس محمد بن جعفر بن ملّاس، نا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، نا أبو مسهر: أن(73/29)
سهل بن هاشم بن بلال حدّثه- دمشقي معروف- قال: حدثني إبراهيم بن أدهم «1» . ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنبأ أبو بكر البرقاني، أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه «2» ، نا الحسين بن إدريس، أنا محمد بن عبد الله بن عمار، نا هشام العطار، نا سهل بن هاشم وكان إذا ذكر سهل مدحه «3» ، قال ابن عمار: وكان من أهل واسط انقطع إلى بيروت حتى مات بها «4» . ح قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب «5» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو إبراهيم سهل بن هاشم ليس به بأس. في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-. ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد، قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «6» :
سهل بن هاشم الواسطي البيروتي، سكن دمشق، روى عن الأوزاعي، وسفيان الثوري، وعبد رب «7» اليشكري «8» البصري، وإبراهيم بن أدهم [وابن أبي رواد] «9» روى عنه دحيم، وهشام بن عمار، سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال: لا بأس به، قال أبو محمد: وروى عنه عمرو بن حفص بن شليلة الدمشقي البزار «10» ، ومروان بن محمد، وأبو المسهر عبد الأعلى بن مسهر.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد الله بن عتاب، أنا أبو الحسن- إجازة-. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد،(73/30)
أنبأ أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أبو الحسن- قراءة- قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة السادسة: أبو إبراهيم سهل «1» بن هاشم بن بلال.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد، أنا «2» هبة الله بن إبراهيم بن عمر، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، أنا أبو بشر الدولابي «3» قال: أبو إبراهيم سهل بن هاشم.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر الحافظ، أنا أبو أحمد الحاكم قال «4» : أبو إبراهيم سهل بن هاشم البيروتي الشامي عن سفيان الثوري، روى عنه سليمان بن عبد الرحمن، ودحيم.
وجدت بخط أبي محمد الأكفاني فيما وجده بخط أصحاب الحديث قال: سهل بن هاشم أبو إبراهيم بيروتي.
[9908] سهل مولى عمر بن عبد العزيز
سمع عمر بن عبد العزيز، وكان يؤدب ولده.
[أخبرنا] أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن موسى، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي بن صفوان، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني الحسين بن عبد الرحمن، حدثني عبد الله بن عبد الوهاب، أخبرني أبو حفص الأموي عمر ابن عبيد الله قال «5» : كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: من عبد الله عمر، أمير المؤمنين إلى سهل مولاه، أما بعد، فإنّي اخترتك على علم مني بك لتأديب ولدي، وصرفتهم إليك عن غيرك من موالي وذوي الخاصة بي، فخذهم «6»(73/31)
بالجفاء فهو أمغر «1» لأقدامهم، وترك الصبحة «2» فإن عادتها تكسب الغفلة، وقلة الضحك، فإن كثرته تميت القلب، وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني من الثقات من حملة «3» القرآن أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ينبت النفاق في القلب، كما ينبت العشب على الماء، ولعمري لتوقّي ذلك بترك حضور تلك المواطن، أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه، وهو حين يفارقها لا يعتقد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع «4» به، وليفتح كلّ غلام منهم بجزء من القرآن يتثبت في قراءته، فإذا فرغ منه، تناول قوسه [ونبله] «5» وخرج إلى الغرض حافيا، فرمى سبعة أرشاق ثم انصرف إلى القائلة؛ فإن ابن مسعود كان يقول: يا بني! قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل، والسلام على من اتبع الهدى.
[قال ابن عساكر:] «6» لا أحسب سهلا هو إلا سهل بن صدقة، والله أعلم.
[9909] سهل الكندي
شيخ من شيوخ الصوفية.
حكى عنه أبو الحسن الشيباني.
أنا أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن صابر، أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنا الأستاذ أبو سعد إسماعيل بن المثنى العبقري، أنا أبو الحسن الشيباني، عن سهل الكندي الفقير قال: رأيت في طرق دمشق صومعة على جبل فصعدت إليه، فإذا شاب عريان قد شدّ صخرة على رأس فؤاده، نحيل الجسم، مختلّ الحال، وهو يبكي ويشهق، فإذا أفاق من غشيته قال:
وإنّي لأخلو منذ فقدتك دائبا وأنقش تمثالا لوجهك في الترب(73/32)
وأسقيه من دمعي وأشكو تضرّعا إليه كما يشكو العبيد إلى الرب
ثم أفاق وقال: صريع الحب لا يخفا ونار الحب لا تطفا
وأبياتا.
مات «1» سهل الكندي، وكان من الفقراء وأنا أنظر إليه، وخرجت نفسه، فنزلت وحفرت له حفيرة ودفنته فيها.(73/33)
ذكر من اسمه سهم
[9910] سهم بن أوس الطائي
أخو أبي «1» تمام الطائي الشاعر.
قرأت على أبي الفتوح أسامة بن محمد بن زيد العلوي، عن أبي جعفر بن المسلمة، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني، قال: سهم بن أوس الطائي أخو أبي تمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر، له شعر ضعيف من قوله:
ونازعته شيئا إليه مبغضا فلما رأى وجدي به صار يعشقه
فدعه ولا تحزن على عائذ به فإن جديدات الليالي ستخلقه
ولأبي عامر وبعض إخوانه بيت له أن يمنح أخاه:
سهم بن أوس في ضمانك عالما إن لست بالناسي ولا بالساهي
أنا أبو في الغنى عرسي وعرسك العلا إني أردت وأنت....
[9911] سهم بن خنبش أبو خنبش- ويقال: أبو خنيس الأزدي
وفد على عمر بن عبد العزيز، وحدث بقصة الدار، وقتل عثمان، وكان قد شهده.
حدّث عنه محمد بن يزيد الرحبي.(73/34)
أخبرنا أبوا «1» الحسن: علي بن أحمد بن منصور، وعلي بن المسلّم الفقيهان، قالا: أنا أبو العباس أحمد بن منصور المالكي، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر، أنا خيثمة، نا العباس ابن الوليد، أخبرني أبي، حدثني عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، حدثني محمد بن يزيد الرحبي، حدثني رجل من أزد يكنى أبا حبيش لقيته بدير سمعان في ضيافة عمر بن عبد العزيز، كان أرسل إليه يسأله، ولم يكن بقي ممن شهد قتل عثمان يومئذ غيره، فأخبرني أنه كان مع عثمان يوم حصر الدار، فزعم أن ركب الأشقياء من أهل مصر أتوه قبل ذلك فأجازهم وأرضاهم فانصرفوا، حتى إذا كانوا في بعض الطريق انصرفوا، فخرج عثمان يصلّي إما صلاة الغداة وإما صلاة الظهر، فحصبه أهل المسجد، وقذفوه بالحصا، والنعال، والخفاف، فانصرف إلى الدار ومعه أبو هريرة، والزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الله بن الزبير، ومروان بن الحكم، والمغيرة بن الأخنس في أناس لم أحفظ إسماءهم إلا هؤلاء النفر، فكانوا يطوفون على البيوت فإذا هم بركب الأشقياء قد دخلوا المدينة، وأقبل ناس حتى قعدوا على باب الدار معهم وعليهم السلاح، فقال عثمان لغلام له يقال له وثّاب: خذ مكتلا من تمر- قال: والمكتل «2» : قفّة- فانطلق به إلى هؤلاء القوم، فإن أكلوا من طعامنا فلا بأس بهم، وإن أشفقت منهم، فارجع، فانطلق بالمكتل فلمّا رأوه رشقوه بالنبل، فانصرف الغلام وفي صلبه «3» سهم، فخرج عثمان ومن معه إليهم، فأدبروا وأدركوا رجلا يمشي القهقرى، قال: فقلت: وما القهقرى قال: كان ينفض على عقبيه كراهية [أن] «4» يولي ظهره «5» ، فأخذناه فأتينا به عثمان فقال: يا أمير المؤمنين والله ما نريد قتالك، ولكنا نريد معاتبتك، فأعتب قومك وأرضهم، فأقبل على أبي هريرة فقال: يا أبا هريرة فلعلهم ذلك يريدون، فخلّوا سبيله، قال:
فخلّينا سبيله، وخرجت أم المؤمنين عائشة فقالت: الله الله يا عثمان في دماء المؤمنين، فانصرف إلى الدار.(73/35)
فلما أصبحنا صلّى بنا صلاة الغداة، فقال: أشيروا، فلم يتكلم من القوم أحد غير عبد الله بن الزبير، فقال: أشير عليك بثلاث خصال، فاركب أيتهن شئت: إمّا أن تهلّ «1» فتحرم عليهم دماؤنا وإلى ذلك ما قد أتانا مددنا من الشام، قال: وقد كان عثمان كتب إلى أهل الشام عامّة، وإلى أهل دمشق خاصة، إنّي في قوم قد طال فيهم عمري واستعجلوا القدر، وقد خيّروني بين أن يحملوني على شارف إلى جبل الدخان، وبين أن أنزع لهم رداء الله الذي كساني، وبين أن أفيدهم «2» ، ومن كان على السلطان يخطىء ويصيب، وإن باعونا «3» ولا أمير عليكم دوني.
وإمّا أن نهرب على نجائب سراع لا يدركنا أحد حتى نلحق بمأمننا «4» من الشام.
وإما [أن] «5» نخرج بأسيافنا ومن شايعنا فنقاتل، فنحن على الحق وهم على الباطل.
فقال عثمان: أما قولك أن نهلّ بعمرة تحرم عليهم دماؤنا فو الله لو لم يكونوا يرونها اليوم حراما لا يحرمونها إن نحن أهللنا، وأما قولك أن نهرب إلى الشام فو الله إنّي لأستحي أن آتي أهل الشام هاربا من قومي وأهل بلدي، وأما قولك نحن نخرج بأسيافنا ومن شايعنا فنقاتل فنحن على الحق وهم على الباطل فو الله إنّي لأرجوأن ألقى الله عز وجل ولم أهريق محجما من دماء المؤمنين.
قال: فمكثنا أياما ثم إنّا صلينا معه أيضا صلاة الصبح فلمّا فرغ أقبل علينا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن أبا بكر وعمر أتياني الليلة فقالا لي: صم يا عثمان، فإنّك مفطر عندنا، وأنا أشهدكم أني قد أصبحت صائما أعزم على من كان يؤمن بالله واليوم الآخر إلا خرج من الدار سالما مسلوم منه، فقلنا: يا أمير المؤمنين إن خرجنا لم نأمنهم على أنفسنا، فائذن لنا فلنكن في بيت من الدار يكون لنا فيه جماعة ومنعة، فأذن لهم فدخلوا البيت وأمر بباب الدار ففتح، فدعا بالمصحف وأكبّ عليه وعنده امرأتاه بنت الفرافصة الكلبية وابنة شيبة،(73/36)
فكان أول من دخل عليه محمد بن أبي بكر فمشى إليه حتى أخذ بلحيته فقال: دعها يابن أخي، فو الله إن كان أبوك ليلهف لها بأدنى من هذا، فاستحيا فخرج، فقال: قد أشعرته لكم، وأخذ عثمان ما امتعط من لحيته، فأعطاه إحدى امرأتيه، ثم دخل رومان بن سودان رجل أزرق قصير مخدد «1» عداده من مراد، ومعه جرز «2» من حديد، فاستقبله فقال: على أيّ ملة أنت يا نعثل؟ فقال: لست نعثل «3» ولكني عثمان بن عفان وأنا على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما وما كنت من المشركين، فقال: كذبت، وضربه بالجرز على صدغه الأيسر فقتلّه فخّر، وأدخلته بنت الفرافصة بينها وبين ثيابها، وكانت امرأة جسيمة ضليعة، وألقت بنت شيبة نفسها على ما بقي من جسده، فدخل رجل من أهل مصر بالسّيف مصلتا، فقال: والله لأقطعنّ أنفه، فعالج المرأة عنه فغلبته، فكشف عنها درعها من خلفه حتى نظرت إلى متنها، فلما لم يصل إليه أدخل السيف بين قرطها ومنكبها فقبضت على السيف، فقطع أناملها، فقالت: يا رباح وهو غلام لعثمان أسود، أعن عني هذا، فمشى إليه الغلام، فضربه ضربة بالسيف فقتله، ثم إن الناس دخلوا الدار، فلمّا رأوا الرجل قد قتل، وأن المرأتين لا يتركانه، ندم ناس من قريش، واستحيوا، فأخرجوا الناس، وثار أهل بيت لهم، فاقتتلوا على باب الدار، فضرب مروان بن الحكم بالسيف على العاتق، فخرّ، وضرب رجل من أهل مصر المغيرة بن [فصرع، فقال رجل من أهل المدينة، تعس المغيرة بن الأخنس] «4» فقال الذي قتله: بل تعس قاتل المغيرة، فألقى سلاحه، ثم أدبر هاربا يلتمس التوبة، وأمسينا فقلنا: إن تركتم صاحبكم حتى يصبح مثّلوا به، فانطلقنا إلى بقيع الغرقد فأتينا «5» له من جوف الليل ثم حملناه فغشينا سواد من خلفنا هبناهم حتى كدنا بأن نفترق عنه، فنادى مناديهم «6» : لا روع عليكم، اثبتوا فإنما جئنا لنشهده معكم، وكان أبو حنيش يقول: هم ملائكة الله، فدفناه، ثم هربنا من ليلتنا إلى الشام، فلقينا أهل الشام بوادي القرى عليهم حبيب بن مسلمة.(73/37)
رواه ابن عائذ عن إسماعيل «1» بن عياش، عن محمد بن يزيد الرحبي، أنه حدّثه قال: حدّثني رجل من الأزد يقال له سهم أبو حنيش، كان عمر بن عبد العزيز أرسل إليه، فذكر معناه.
أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد، وعبد الله بن أحمد بن عمر، وأبو تراب حيدرة بن أحمد الأنصاري، قالوا: حدثنا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنبأ أبو بكر أحمد بن عبيد بن فطيس، وأبو الميمون قالا: أنا أبو عبد الملك، نا محمد بن عائذ قال: ذكر ابن عياش فذكر معناه، وقال: حبيش بالحاء المهملة.
أنبأنا أبو «2» سعد المطرز، وأبو علي الحداد قالا: أنا أبو نعيم نا أبو بكر عبد الله ابن محمد، نا ابن أبي عاصم، نا عبد الوهاب بن الضحاك، نا إسماعيل بن عياش، نا محمد ابن زيد الرحبي، نا سهم بن حنبش كان ممّن شهد قتل عثمان، فذكر بعض الحديث.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، نا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم بن عتاب، أنا أحمد بن عمير- إجازة-.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهاب الكلابي، أنا أبو الحسن- قراءة- قال: سمعت محمود بن إبراهيم بن سميع يقول في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام ممن روى عن عثمان: وسهم أبو حبيش بن حبيش.
[قال ابن عساكر:] «3» كذا قالوا والصواب ما تقدم.
[9912] سهم بن المسافر بن هرمة- ويقال: ابن حزم-
من وجوه أهل اليمن الذين أدركوا النبي صلّى الله عليه وسلّم وشهدوا فتح دمشق «4» .
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنبأ أبو طاهر المخلص،(73/38)
نا أبو بكر بن سيف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر، عن أبي عثمان، عن خالد وعبادة قالا «1» : وبقي بدمشق مع يزيد بن أبي سفيان من قواد أهل اليمن عدد منهم: سهم بن المسافر بن هزمة.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: وأما هرمة، فقال سيف: فيمن بقي مع يزيد بن أبي سفيان بعد اليرموك من قواد أهل اليمن: سهم بن المسافر بن هرمة. ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «2» قال: وأمّا هزمة بالزاي، فقال سيف: بقي مع يزيد بن أبي سفيان بعد اليرموك من قواد أهل اليمن سهم بن المسافر [بن هزمة] «3» .(73/39)
ذكر من اسمه سهيل
[9913] سهيل بن عبد العزيز بن مروان ابن الحكم بن أبي العاص الأموي
أخو عمر بن عبد العزيز، أمّه وأم أخيه سهل أم عبد الله بنت عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي، وهو والد عمر وسهيل الذي ولي البصرة في أيام يزيد بن الوليد وقتله مروان ابن محمد.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، وأبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا: أنا أبو جعفر ابن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان الطوسي، نا الزبير بن بكار قال»
: وولد عبد العزيز بن مروان: عمر، وسهلا، وسهيلا، وأم الحكم، تزوجها الوليد بن عبد الملك، ثم خلف عليها سليمان بن عبد الملك ثم خلف عليها هشام بن عبد الملك، وأمّهم «2» أم عبد الله بنت عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، عن أبي عمر بن حيوية، أنا سليمان بن إسحاق، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمد بن سعد قال «3» : فولد عبد العزيز بن مروان: سهلا وسهيلا، وأم الحكم، وأمّهم أم عبد الله بنت عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي.
__________
[9913] ترجمته في نسب قريش للمصعب ص 168 وجمهرة ابن حزم ص 105 وأنساب الأشراف 8/126.(73/40)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا جعفر بن محمد الصايغ، نا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق قال: مات سهيل بن عبد العزيز بن مروان فكتب إلى عمر بن عبد العزيز بعض عماله يعزّيه، فكتب إليه عمر:
حسبي بقاء الله من كل ميت وحسبي بقاء الله من كل هالك
إذا ما لقيت الله عني راضيا فإنّ سناء النفس فيما هنالك
وذكره في موضع آخر من المجالسة فقال سهيل بن عمرو، وهو وهم، وإنّما هو سهيل ابن عبد العزيز.
كتب إلي أبو محمد حمزة بن العباس بن علي وأبو الفضل بن أحمد بن محمد بن الحسن، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا: أنا أحمد بن الفضل، أنا أبو عبد الله بن مندة قال: قال لنا «1» أبو سعيد بن يونس: سهيل «2» بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم توفي سنة مائة، ذكر وفاته الحسن بن علي بن العداس.
[9914] سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود ابن شمس بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ابن غالب أبو يزيد العامري القرشي الأعلم
أحد خطباء قريش، له صحبة، أسلم يوم فتح مكة، وخرج إلى الشام مجاهدا في جماعة أهل بيته، وهلك بالشام، وقيل: إنه قتل باليرموك، وكان أميرا على كردوس «3» يومئذ.
__________
[9914] ترجمته في تهذيب التهذيب 2/451 ونسب قريش للمصعب ص 417 والتاريخ الكبير 4/103 وطبقات خليفة 26 و 300 وتاريخ خليفة (الفهارس) والجرح والتعديل 4/245 وأسد الغابة 2/328 والإصابة 2/93 والاستيعاب 2/108 (هامش الإصابة) وسير الأعلام 1/194 والوافي بالوفيات 16/27 والطبقات الكبرى لابن سعد 5/335 و 7/404. وبالأصل: عمر بدل عمرو.(73/41)
روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر. روى عنه أبو سعد «1» بن أبي فضالة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر «2» بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «3» ، أنا محمد بن عمر، حدثني عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا، عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري، وكانت له صحبة، قال:
اصطحبت أنا وسهيل بن عمرو إلى الشام ليالي أغزانا أبو بكر الصديق، فسمعت سهيلا يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «مقام أحدكم في سبيل الله ساعة خير من عمله عمره في أهله»
[14214] قال سهيل: وأنا رابط حتى أموت ولا أرجع إلى مكة أبدا، فلم يزل بالشام حتى مات بها في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.
[قال ابن عساكر:] «4» قال أبو عبد الله الصوري: الصواب: أبو سعد «5» .
أخبرنا أبو بكر أيضا، أنا أبو محمد، أنا أبو عمر، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة «6» ، أنبأ محمد بن شجاع، نا محمد بن «7» عمر [قال: فحدثني عبد الله بن موسى بن أمية بن عبد الله بن أبي أمية، عن مصعب بن عبد الله، عن] «8» مولى لسهيل قال: سمعت سهيل بن عمرو يقول: لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض، معلمين، يقتلون ويأسرون. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين «9» بن النقور، أنا أبو طاهر(73/42)
المخلص، نا أبو بكر بن سيف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، حدّثنا سيف بن عمر قال: وكان سهيل بن عمرو على كردوس يعني باليرموك «1» . أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا، قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار قال «2» : فولد عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك: عمرا «3» ، ووقدان، وقيسا، وكنود، كانت عند «4» مالك بن الظّرب، وأمّهم أم أوس تماضر بنت الحارث بن حبيب بن جذيمة «5» بن مالك بن حسل [فولد عمرو بن عبد شمس: سهيلا، وأمه ريطة بنت زهير بن عبد سعد بن نصر بن مالك بن حسل] «6» ، وسهيلا الأعلم الخطيب، وكان من أشراف قريش أسره يوم بدر مالك بن الدّخشم فقال في ذلك مالك بن الدّخشم «7» :
أسرت سهيلا فلن أبتغي أسيرا به من جميع الأمم
وخندف تعلم أن الفتى [سهيلا] «8» فتاها إذا تصطلم
ضربت بذي الشفر «9» حتى انثنى وأكرهت سيفي على ذي العلم
فقدم مكرز بن حفص بن الأخيف العامري، ثم المعيصي فقاطعهم على فدائه وقال لهم: اجعلوا رجلي في القيد مكان رجليه حتى يبعث إليكم بالفداء، ففعلوا ذلك به، وفي ذلك يقول مكرز بن حفص بن الأخيف «10» :
فديت بأذواد كرام سبا فتى ينال الصميم غرمها لا المواليا
وقلت: سهيل خيرنا فاذهبوا به لأبنائنا حتى يديروا الأمانيا(73/43)
فلما استنفر أبو سفيان بن حرب قريشا لعيرها قام سهيل بن عمرو فقال: يا آل غالب أتاركون أنتم محمدا والصّباة من أهل يثرب يأخذون عيرانكم وأموالكم؟ من أراد مالا فهذا مال، ومن أراد قوة فهذه قوة، فقال في ذلك أمية بن أبي الصلت:
أأبا «1» يزيد رأيت سيبك واسعا وسجال كفك تستهلّ وتمطر
بسطت يداك بفضل عرفك والذي يعطي يسارع في العلاء فيظفر
فوصلت قومك واتخذت صنيعة فيهم تعدّ وذو الصنيعة يشكر
ونمى ببيتك في المكارم والعلى يا بن الكرام فروع مجد تزخر
وجحاجح بيض الوجوه أعزّة غرّ كأنهم نجوم تزهر
إن التكرم والندى من عامر أخواك ما سلكت لحجّ عزور
عزور: رمل بالجحفة «2» .
وفي سهيل يقول حسان بن ثابت «3» :
ألا ليت شعري هل تصيبن نصرتي سهيل بن عمرو بدؤها وعقابها
وإياه عنى ابن قيس الرقيات حين فخر بأشراف قريش، فذكره، فقال «4» :
منهم ذو الندى سهيل بن عمرو عصمة الجار حين جبّ الوفاء
حاط أخواله خزاعة لما كثرتهم بمكة الأحياءوأم سهيل حبّى «5» بنت قيس «6» بن ثعلبة بن حيّان بن غنم بن مليح بن عمرو من خزاعة، وكان عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسهيل أسير: دعني أنزع ثنيّته حتى يدلع «7» لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، وكان سهيل أعلم مشقوق الشفة، فقال(73/44)
رسول الله صلى الله عليه وسلم «لعله يقوم مقاما يحمد» »
فأسلم سهيل في الفتح، وقام بعد ذلك بمكة خطيبا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاج أهل مكة، وكادوا يرتدّون، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبي بكر الصديق بالمدينة كأنه كان يسمعها، فسكن الناس، وقبلوا منه وأمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد.
وسهيل بن عمرو الذي جاء في الصلح يوم الحديبية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه:
«قد سهل أمركم» وكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب القضية هو، وكان سهيل بن عمرو بعد أن أسلم كثير الصّلاة والصوم والصدقة، وخرج سهيل بجماعة أهله إلا ابنته هند إلى الشام مجاهدا «2» حتى ماتوا كلهم هنالك؛ فلم يبق من ولده أحد إلا ابنته هند وإلا فاختة بنت عتبة بن سهيل، فقدم بها على عمر بن الخطاب فزوّجها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، وقال: زوّجوا الشريد الشريدة، عسى الله أن ينشر منهما، كان أبوه الحارث بن هشام خرج هو وسهيل، فلم يرجع ممن خرج منهما إلّا عبد الرحمن وفاختة، فنشر الله منهما، [رجالا ونساء] «3» فلهما اليوم عدد كثير.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي «4» ، نا أبو الحسين بن المهتدي، أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، أنبأ أبي أبو يعلى قالا: أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني، أنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري حدّثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: سهيل بن عمرو يكنى أبا يزيد.
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أنا أبو الفضل بن خيرون. ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار. قالا: أنا أبو القاسم الأزهري، أنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب، أنا العباس بن العباس ابن محمد الجوهري، أنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول:
سهيل بن عمرو أبو يزيد.(73/45)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسن الحمامي، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن جبير يقول:
سهيل بن عمرو يكنى أبا يزيد.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا عبد الله بن محمد، أنا أبو علي بن الصواف، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سهيل بن عمرو أبو يزيد.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنبأ أبو عمرو بن مندة، أنبأ الحسن بن محمد، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، ثنا محمد بن سعد قال «1» في الطبقة الخامسة: سهيل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، يكنى أبا يزيد، مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال «2» : في الطبقة الرابعة:
سهيل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، ويكنى أبا يزيد، وأمه حبّي بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة بن حيان بن غنم بن مليح بن عمرو بن خزاعة.
قال محمد بن عمر: كان سهيل بن عمرو من أشراف قريش ورؤسائهم، والمنظور إليه منهم، وشهد مع المشركين بدرا فأسر وكان سهيل أعلم من شفته السفلى، وكان يقال له: ذو الأنياب.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمد بن علي واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد ابن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «3» :
سهيل بن عمرو القرشي والد أبي جندل المكي، ثم صار إلى المدينة.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا(73/46)
الخصيب «1» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو يزيد سهيل بن عمرو.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم بن عتاب، أنا أبو الحسن بن جوصا- إجازة-. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا أبو الحسين الكلابي، أنا أبو الحسن- قراءة- قال: سمعت أبا الحسن بن «2» سميع يقول في الطبقة الأولى ممن نزل الشام سهيل بن عمرو.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد قال: سهيل بن عمرو القرشي أبو أبي جندل، كان يسكن مكة، ثم انتقل إلى الشام.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن [أبي] «3» علي، أنا أبو بكر الصفار، أنبأ أحمد بن علي بن منجويه، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو يزيد: ويقال أبو [أبي] «4» جندل سهيل بن عمرو ابن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عاقلا شريفا، خرج إلى حنين وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم على شركة حتى أسلم بالجعرّانة «5» ، مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة الأصبهاني قال: سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي يكنى أبا يزيد، والد أبي جندل بن سهيل توفي سنة ثمان عشرة من هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم، روى عنه أبو سعد بن أبي فضالة، ويزيد بن عميرة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ أبو بكر بن(73/47)
أبي الحديد، أنا محمد بن يوسف بن بشر الهروي، أنا محمد بن حمّاد، أنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة في قوله تبارك وتعالى: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ
[سورة التوبة، الآية: 12] قال «1» : أبو سفيان بن حرب، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله، وهمّوا بإخراجالرسول، وليس والله كما يتأوّل أهل البدع والشبهات والفري على الله وعلى كتابه.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد ابن جعفر، نا عبد الله بن أحمد «2» ، حدثني أبي، نا أبو النّضر، نا أبو عقيل- قال أبي: وهو عبد الله بن عقيل صالح الحديث ثقة- نا عمر بن حمزة، عن سالم، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اللهم العن فلان، اللهم العن فلان «3» ، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية» فنزلت هذه الآية لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ
[سورة آل عمران، الآية: 128] قال:
فتيب عليهم كلهم
[14215] .
أخبرنا أبو بكر محمد «4» بن عبد الباقي، أنا أبو محمد الحسن بن علي، أنا أبو عمر محمد بن العباس، أنا أبو القاسم عبد الوهاب بن أبي حيّة، نا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر «5» ، حدثني أبو بكر بن إسماعيل يعني ابن محمد بن سعد، عن أبيه، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: رميت يوم بدر سهيل بن عمرو فقطعت [نساه] «6» فاتبعت أثر الدم حتى وجدته قد أخذه مالك بن الدّخشم وهو آخد بناصيته، فقلت: أسيري، رميته، فقال مالك: أسيري أخذته، فأتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذه منهما جميعا، فأفلت سهيل بالرّوحاء من مالك بن الدّخشم، فصاح في الناس فخرج في طلبه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من وجده فليقتله» فوجده النبي صلّى الله عليه وسلّم نفسه «7» فلم يقتله.(73/48)
قال محمد بن عمر «1» : ولما أسر سهيل بن عمرو قال عمر: يا رسول الله أنزع ثنيته «2» يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا أمثّل [به] «3» فيمثّل الله بي، وإن كنت نبيا ولعله يقوم مقاما لا تكرهه» فقام سهيل بن عمرو حين جاءه وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم بخطبة أبي بكر بمكة «4» كأنه كان يسمعها. فقال عمر حين بلغه كلام سهيل: أشد إنك رسول الله صلى الله عليك وسلم حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لعله يقوم مقاما لا تكرهه» . وكان «5» سهيل بن عمرو لما كان بشنوكة «6» كان مع مالك بن الدّخشم فقال: خلّ «7» سبيلي للغائط، فقام به، فقال سهيل: إنّي احتشم، فاستأخر عني، فاستأخر عنه، ومضى سهيل على وجهه، لينزع يده من القران «8» ويمضي. فلما أبطأ سهيل على مالك أقبل فصاح في الناس، فخرجوا في طلبه وخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم في طلبه، فقال: «من وجده فليقتله» فوجده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [قد دفن] «9» نفسه بين سمرات، فأمر به، فربطت يداه إلى عنقه، ثم قرنه إلى راحلته، فلم يركب خطوة حتى قدم المدينة فلقي أسامة بن زيد.
فحدّثني إسحاق بن حازم، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله قال: لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسامة بن زيد، [و] «10» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على راحلته القصواء «11» ، فأجلسه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين يديه، وسهيل مجنوب «12» ، يداه إلى عنقه، فلما نظر أسامة إلى سهيل قال: يا رسول الله أبو يزيد؟ قال: «نعم، هذا الذي كان يطعم بمكة الخبز» .
شنوكة: ماء بين السقيا وملل.(73/49)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن عمرو بن عطاء «1» قال:
لما أسر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سهيل بن عمرو يوم بدر وكان رجلا أعلم الشفة السفلى فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، أنزع ثنيته السفلى فيدلع لسانه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا أمثّل فيمثّل بي وإن كنت نبيا» ولهذا شاهد من وجه مسند: أخبرنا أبو محمد محمود بن محمد بن مالك بن محمد المزاحمي بالرحبة، أنا أبو يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني المفسر قراءة عليه وأن أسمع ببغداد. ح وأخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاوس، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قالا: أنبأ أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، أنا أبو عبد الله الحسين ابن إسماعيل المحاملي إملاء، نا عبد الله بن شبيب، حدثني يحيى بن إبراهيم، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سعيد بن هند، عن أبيه عن عمرة عن عائشة»
قالت: أخذ «3» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانفلت ثم إنه أخذ بعد فقيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنه رجل مفوّه، فانزع ثنيته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا أمثّل به، فيمثّل الله بي يوم القيامة»
[14216] .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا محمد بن العباس، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر قال «4» في تسمية من أسر من المشركين ببدر من بني مالك بن حسل: سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر ابن مالك، قدم في فدائه مكرز بن حفص بن الأخيف وكان الذي أسره مالك بن الدّخشم، فقال مالك:
أسرت سهيلا فلم أبتغ «5» به غيره من جميع الأمم
وخندف تعلم أن الفتى سهيلا فتاها إذا تظلّم(73/50)
ضربت بسيفي حتى انحنى وأذهب «1» نفسي على ذي العلم
فلما قدم مكرز انتهى إلى رضاهم في سهيل ودفع «2» الفداء أربعة آلاف. قالوا: هات مالنا، قال: نعم احتبسوا «3» رجلا مكان رجل، وخلوا سبيله، فخلّوا سبيل سهيل، وحبسوا مكرز بن حفص، وبعث سهيل بالمال مكانه من مكة.
رواه محمد بن سعد، عن الواقدي فقال: بذي الشّفر يعني لقب سيفه، وقال: قال:
وكان سهيل أعلم الشفة.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنا الحسن بن علي، أنا محمد بن العباس، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن فهم، نا محمد بن سعد، أنا محمد بن عمر، حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن يحيى بن عبد الرحمن بن سعيد بن زرارة قال: قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة وقدم الأسرى وسودة بنت زمعة عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ، وذلك قبل أن يضرب بالحجاب، قالت سودة: فأتينا، فقيل لنا: هؤلاء الأسرى قد أتي بهم، فخرجت إلى بيتي ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه، وإذا أبو يزيد مجموعة يداه إلى عنقه في ناحية البيت، فو الله ما ملكت حين رأيته مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت: أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم ألا متّم كراما، فو الله ما راعني إلا قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من البيت: «أيا سودة أعلى الله وعلى رسوله؟» قلت: يا نبي الله، والذي بعثك بالحق إن ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال: قدم بالأسارى حين قدم بهم المدينة، وسودة بنت زمعة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم عند آل عفراء في مناحهم على عوف ومعوذ ابني عفراء وذلك قبل أن يضرب عليهم الحجاب. قالت سودة:(73/51)
فو الله إنّي لعندهم إذ أتينا فقيل: هؤلاء الأسارى قد أتي بهم فرجعت إلى بيتي ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه، وإذا أبو يزيد سهيل «1» بن عمرو في ناحية الحجرة، يداه مجموعتان إلى عنقه بحبل، فو الله ما ملكت حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم ألا متّم كراما؟
فو الله فما انتبهت إلا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت: «يا سودة أعلى الله وعلى رسوله» فقلت:
يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه بالحبال أن قلت ما قلت
[14217] .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل، أنا أبو بكر البيهقي «2» ، أنا محمد بن عبد الله، ثنا علي بن عيسى، نا إبراهيم بن أبي طالب، عن ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن عمرو «3» ، عن الحسن بن محمد: قال عمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله دعني أنزع ثنية سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيبا في قومه أبدا، فقال: «دعها فلعلها أن تسرّك يوما» قال سفيان: فلما مات النبي صلّى الله عليه وسلّم نفر منه أهل مكة، فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة وقال: من كان محمد إلهه فإن محمدا «4» قد مات، والله حيّ لا يموت
[14218] .
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال «5» :
فلما قاولهم مكرز بن حفص وانتهى إلى رضاهم، قالوا له: هات الذي لنا، فقال: اجعلوا رجلي مكان رجله، وخلّوا سبيله حتى نبعث إليكم بفدائه، فخلّوا سبيل سهيل، وحبسوا مكرز مكانه، فقال مكرز في ذلك:
فديت بأذواد ثمان «6» سبا فتى ينال الصميم غرمها لا المواليا
رهنت يدي والمال أيسير من يدي عليّ ولكني خشيت المخازيا
وقلت: سهيل خيرنا فاذهبوا به لأبنائنا حتى ندير الأمانيا(73/52)
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، نا نصر بن إبراهيم لفظا، وعلي بن محمد الشافعي قراءة قالا: أنبأ أبو الحسن بن عوف «1» ، نا محمد بن موسى بن السمسار، أنا أبو بكر ابن خريم، نا حميد بن زنجويه، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن ابن أبي حسين قال «2» : لما فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة دخل البيت فصلّى بين السارتين ثم وضع يديه على عضادتي الباب فقال: «لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون وماذا تظنون» فقال سهيل بن عمرو: نقول خيرا، ونظن خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم، وقد قدرت، قال: «فإنّي أقول كما قال أخي يوسف لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
«3» ألا إنّ كل دم ومال ومأثرة «4» كانت في الجاهلية تحت قدميّ إلا سدانة «5» البيت وسقاية الحاج»
[14219] .
أخبرنا أبو بكر الحاسب، أنا أبو محمد الشاهد، أنا أبو عمر «6» بن حيوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حية، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر الواقدي «7» ، حدثنيموسى بن محمد، عن أبيه قال: قال سهيل بن عمرو: لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة وظهر، انقحمت «8» بيتي وأغلقت عليّ بابي، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل أن اطلب لي جوارا من محمد، فإنّي لا آمن أن أقتل، قال: وجعلت أتذكر أثري عند محمد وأصحابه، فليس أحد «9» أسوأ أثرا مني، وإنّي لقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبية بما لم يلقه أحد، وكنت الذي كاتبه مع حضوري بدرا وأحدا، وكلما «10» تحركت قريش كنت فيها، فذهب عبد الله بن سهيل(73/53)
إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أبي تؤمنه؟ فقال: «نعم، هو آمن بأمان الله فليظهر» ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمن حوله: «من لقي سهيل بن عمرو فلا يشدّ النظر إليه، فليخرج، فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع» فخرج عبد الله إلى أبيه فخبّره بمقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال سهيل: كان والله برّا صغيرا وكبيرا، فكان سهيل يقبل ويدبر، وخرج إلى حنين مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو على شركه حتى أسلم بالجعرّانة. رواه محمد بن سعد عن الواقدي. أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا أبو محمد، أنا أبو عمر، أنا أبو الحسن، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «1» ، أنا محمد بن عمر، حدثني أبي قمادين «2» يعني سعيد بن مسلم قال: لم يكن أحد من كبراء قريش الذين تأخر إسلامهم فأسلموا يوم فتح مكة أكثر صلاة ولا صوما ولا صدقة، ولا أقبل على ما يعينه من أمر الآخرة من سهيل بن عمرو، حتى إن كان لقد شحب وتغيّر لونه، وكان كثير البكاء، رقيقا عند قراءة القرآن، لقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل يقرئه القرآن وهو يبكي حتى خرج معاذ من مكة، وحتى قال له ضرار بن الخطاب: يا أبا يزيد تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئك القرآن؟ ألا يكون اختلافك إلى رجل من قومك من قريش؟ فقال: يا ضرار هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كلّ السبق، اختلف إليه فقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله أقواما بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا، وإني لأذكر ما قسم الله لي في تقدّم إسلامي أهل بيتي الرجال والنساء، ومولاي عمير بن عوف فأسرّ به وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله ينفعني بدعائهم إلا أن أكون مت «3» على ما مات عليه نظرائي وقتلوا، قد شهدت مواطن كلها أنا فيها معاند للحق، يوم بدر، ويوم أحد، والخندق، وأنا ولّيت أمر الكتاب يوم الحديبية، يا ضرار إنّي لأذكر مراجعتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ، وما كنت ألظّ «4» به من الباطل، فأستحي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا بمكة، وهو بالمدينة، ولكن ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك، ولقد رأيتني يوم بدر، وأنا في حيز المشركين، وأنظر إلى ابني عبد الله ومولاي عمير(73/54)
ابن عوف قرابتي في حيز محمد وما عمي عليّ يومئذ من الحق لما أنا فيه من الجهالة، وما أرادهما الله به من الخير، ثم قتل ابني عبد الله بن سهيل يوم اليمامة شهيدا، عزّاني به أبو بكر وقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته»
[14220] فأنا «1» أرجو أن يكون أول من يشفع له. قال «2» : وأنا أبو عمر، ثنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، نا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر قال «3» : وكان أبو بكر الصديق يقول ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية، ولكن الناس يومئذ قصر رأيهم عما كان بين محمد وربّه، والعباد يعجلون، والله لا يعجل كعجلة العباد، وحتى تبلغ الأمور ما أراد. لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجة الوداع «4» قائما عند المنحر يقرّب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدنه، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينحرها بيده، ودعا الحلّاق فحلق رأسه، وأنظر إلى سهيل يلقط من شعره، وأراه يضعه على عينيه، وأذكر إباءه أن يقرّ يوم الحديبية، بأن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، ويأبى أن يكتب [أن] «5» محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فحمدت الله الذي هداه للإسلام، وصلوات الله وبركاته على نبيّ الرحمة الذي هدانا به، وأنقذنا به من الهلكة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن»
إسحاق «7» ، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيره قالوا: كان من إعطاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أصحاب المئين من المؤلفة قلوبهم من قريش من بني عامر بن لؤي: سهيل بن عمرو مائة من الإبل.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنا الحسن بن علي، أنبأ أبو عمر، ثنا عبد الوهاب بن أبي حية، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر قال «8» : وأعطى يعني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غنائم(73/55)
حنين في بني عامر بن لؤي: أعطى سهيل بن عمرو مائة من الإبل.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرىء، أنا المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي، نا ابن أبي عمر، نا ابن عيينة، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي حسين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث إلى سهيل بن عمرو يستهديه من ماء زمزم، فبعث إليه براويتين وجعل عليهما كرّا «1» غوطيا. قال: وأنا أبو حمة، نا أبو قرة قال: ذكر ابن جريح حدثني ابن أبي حسين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كتب إلى سهيل بن عمرو: «إن جاءك كتابي ليلا فلا تصبحن، أو نهارا فلا تمسين حتى تبعث إلي بماء زمزم» فاستغاثت امرأة سهيل أثيلة الخزاعية جدّة أيوب بن عبد الله فأدلجناهما وخادماهما فلم يصبحا حتى قربا براويتين وفرغتا منهما، فجعلهما سهيل في كرّين، وملأهما من ماء زمزم، وبعث بهما على بعير. أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنبأ أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد، أنا محمد بن عمر، حدّثني فروة ابن زبيد بن.... «2» حدثني سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء الخزاعي قال:
نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى مكة، وقد تقلّد السيف ثم قام خطيبا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة، كأنه كان يسمعها فقال: أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، وقد نعى الله نبيكم إليكم، وهو بين أظهركم، ونعاكم إلى أنفسكم فهو الموت حتى لا يبقى أحد، ألم تعلموا أن الله قال: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ
[سورة آل عمران، الآية: 144] وقال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ*
[سورة آل عمران، الآية: 185] ثم تلا: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
[سورة القصص، الآية: 88] فاتقوا الله، واعتصموا بذمتكم «3» ، وتوكلوا على ربكم، فإن دين الله قائم، وكلمة الله تامة، وإنّ(73/56)
الله ناصر من نصره، ومعزّ دينه، وقد جمعكم الله على خيركم. فلمّا بلغ عمر كلام سهيل بمكة قال: أشهد أن محمدا رسول الله، وأن ما جاء به حق، هذا هو المقام الذي عنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين قال لي: «لعله يقوم مقاما لا تكرهه»
[14221] .
أخبرنا أبو منصور عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن زريق «1» ، أنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق، أنا إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقي، أنا أحمد بن الحسن بن شقير النحوي، أنا أحمد بن عبيد بن ناصح، نا محمد بن عمر الواقدي قال: بحديث ذلك- يعني خطبة أبي بكر الصديق حين توفي رسول الله- فروة بن زبيد «2» بن.... «3» فقال: حدثني سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء الخزاعي قال: نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقلد السيف ثم خطبنا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة كأنه كان يسمعها.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو بكر بن سيف، ثنا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر، عن سعيد ابن عبد الله الجمحي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه قال «4» :
مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى مكة وعملها عتّاب بن أسيد، فلمّا بلغهم موت النبي صلّى الله عليه وسلّم ضجّ أهل المسجد، فبلغ عتابا، فخرج حتى يدخل شعبا من شعاب مكة، وسمع أهل مكة الضجيج، فتوافى رجالهم «5» إلى المسجد فقال سهيل: أين عتاب «6» ؟ وجعل يستدل عليه حتى أتى عليه في الشّعب، فقال: ما لك؟ قال: مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: قم في الناس فتكلّم، قال: لا أطيق مع موت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكلام، قال: فاخرج معي، فأنا أكفيكه،(73/57)
فخرجا حتى أتيا المسجد الحرام، فقام سهيل خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وخطب بمثل خطبة أبي بكر، لم يخرج «1» عنها شيئا، وقد كان قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعمر بن الخطاب- وسهيل بن عمرو في الأسرى يوم بدر [وقد قال له: يا رسول الله أنزع ثنيته فلا يقوم عليك خطيبا أبدا-] «2» «ما يدعوك «3» إلى أن تنزع ثناياه؟ دعه فعسى الله أن يقيمه مقاما يسرك» فكان ذلك المقام الذي قال صلّى الله عليه وسلّم، وضبط عتّاب عمله وما حوله.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، وأبو غالب وأبو عبد الله قالوا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدثني محمد بن الحسن، عن نوفل بن عمارة قال: سئل سعيد بن المسيّب عن خطباء قريش في الجاهلية، فقال: الأسود بن المطلب بن أسد «4» ، وسهيل بن عمرو، وسئل عن خطبائهم في الإسلام، فقال: معاوية وابنه، وسعيد وابنه، وعبد الله بن الزبير. أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مروان، أنا أبو محمد بن أبي حاتم، أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده يعني عن الشافعي قال: سهيل بن عمرو صاحب عقد قريش يوم الحديبية، والقائم بمكة خطيبا يوم مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومات بالشام في الطاعون، وكان محمود الإسلام من حين دخل فيه عام الفتح.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، ثنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم الحربي، نا أحمد بن يونس، عن سفيان الثوري قال:
حضر باب عمر بن الخطاب جماعة من مشيخة الفتح وغيرهم، فيهم سهيل بن عمرو، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، فخرج الإذن أين صهيب؟ أين عمار؟ أين «5» سلمان؟
ليدخلوا فتمعرت «6» وجوه القوم، فقال سهيل: ما معّر وجوهكم؟ دعوا ودعينا، فأسرعوا(73/58)
وأبطأنا، ولئن حسدتموهم على باب عمر، فما أعد الله لهم في الجنة أكبر «1» من هذا.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم بن أحمد، أنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق، أنا أبي أبو عبد الله، أنا محمد بن سعد.... «2» ، نا محمد بن يحيى الرازي، نا موسى بن إسماعيل، نا حمّاد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن قال: كان المهاجرون والأنصار بباب عمر، فجعل يأذن على قدر منازلهم، وثمّ سهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، ووجوه قريش من الطّلقاء، فجعل ينظر بعضهم إلى بعض، فقال سهيل بن عمرو: على أنفسكم فاغضبوا دعي القوم ودعيتم، فأسرع القوم وأبطأتم، فكيف بكم إذا دعيتم إلى أبواب الجنة، والله لا أدع موقفا وقفته مع المشركين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا وقفت على المشركين مثله، ولا أنفقت نفقة مع المشركين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا أنفقت على المسلمين «3» مثله.
رواه البخاري في التاريخ «4» عن موسى بن إسماعيل.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا إبراهيم بن محمد بن الفتح، أنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار، نا أبو عثمان سعيد بن رحمة بن نعيم الأصبحي قال: سمعت ابن المبارك «5» عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول:
حضر الناس باب عمر وفيهم سهيل بن عمرو وأبو سفيان بن حرب وتلك «6» الشيوخ من قريش، فخرج آذنه فجعل يأذن لأهل بدر لصهيب وبلال، وأهل بدر، وكان والله بدريا، وكان يحبهم، وكان قد أوصى بهم فقال أبو سفيان: ما رأينا كاليوم قط إنه يؤذن لهذه العبيد ونحن جلوس لا يلتفت إلينا؟ فقال سهيل بن عمرو- ويا له من رجل ما كان أعقله أيها القوم- إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم فإن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم. دعي القوم(73/59)
ودعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، أما «1» والله لما سبقوكم به من الفضل فيما لا ترون أشد عليكم فوتا «2» من بابكم هذا الذي تنافسونهم «3» عليه، ثم قال: أيها القوم إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون «4» فلا سبيل لكم، والله إلى ما سبقوكم إليه فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى الله أن يرزقكم الشهادة. ثم نفض ثوبه فلحق بالشام.
قال الحسن: صدق والله، لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه.
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله السلمي، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، نا محمد بن القاسم الأنباري، حدثنا أبي، نا أبو عكرمة.... «5» ، وأحمد بن عبيد، عن ابن الأعرابي قال: استشهد باليرموك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام، وجماعة من بني المغيرة، فأتوا بماء، وهم صرعى، فتدافعوه حتى ماتوا ولم يذوقوه.
قال: نا محمد بن القاسم، حدثني أبي، نا أحمد بن عبيد، أنبأ الواقدي وابن الأعرابي قالا: أتي عكرمة بن أبي جهل بالماء، فنظر إلى سهيل بن عمرو ينظر إليه فقال: ابدأوا بهذا فنظر سهيل إلى الحارث بن هشام ينظر إليه فقال: ابدؤوا بهذا، فماتوا كلهم قبل أن يشربوا، فمرّ بهم خالد بن الوليد فقال: بنفسي أنتم.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، أنا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو القاسم البجلي، أنا أبو عبد الله الكندي قال: نا أبو زرعة قال: وقال محمد بن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن الحسن بن محمد أن الحارث بن هشام وحويطب بن عبد العزى، وسهيل بن عمرو خرجوا إلى الشام للجهاد، فماتوا بها.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو علي بن أبي ... «6» ، أنا أبو الحسن بن الحمّامي، أنا أبو علي بن الصواف، نا الحسن بن علي القطان، نا إسماعيل بن عيسى(73/60)
العطار «1» ، نا حذيفة قال: وتوفي سهيل بن عمرو في طاعون عمواس من أرض فلسطين، وقالت أم حبيب: أتيت أبي العاص بن أمية فبكى سهيل بن عمرو، وكانت عند ابن عمه عمرو ابن عبدة «2» :
فيا لك ليلة إحدى الليالي أكابدها ونوم العين ... »
وعزّ عليّ شخص لا أراه ثوى بين الأماعز والتلال
تقول الناعيات: أبو يزيد أصيب ولم يبارز للقتال
فقلت لصاحبي أسفا عليه هلمّ كذا نديت إلى السؤال
فألفيت النوائح عاكفات ونسوته عواجز بالجبال
ينحن صدورهن مسلمات ينحن بكل مرزئة عضال
فيا لهفي عليه ولهف نفسي على الوضّاح ذي الأنف الطوال
وقد عزّت مصيبته علينا فدّى لمقامه عمّي وخالي
غريب الأرض حيرانا تراه كريم الجيم محمود الفعال
وقالت أم عمرو بنت وقدان بن عبد شمس ابنة عم سهيل تبكيه ومن أصيب معه:
يا حسرتاه على نجائب عطلت أكوارها وحبسن كلّ محبس
وغودر فتيان الصياح فأصبحت قبورهم نوشا لكل مرمس
فيا عين فابكي ما سهيل ورهطه أجيبيهم ملكي إليّ وأنفسثم اختموا الأنف العزيز إذا انتحى عليّ وأشفى شاته المتلمس
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأ أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، حدثني أحمد بن زهير، نا المدائني.
ح وأخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط قال «4» : قال أبو الحسن يعني(73/61)
المدائني: قال: قتل- وفي حديث الماوردي: واستشهد- سهيل «1» بن عمرو باليرموك.
قال المدائني: ويقال: إن سهيل بن عمرو والحارث بن هشام ماتا في الطاعون.
أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا أبي علي، قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري- إجازة- أنا محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني، نا أبو بكر بن أبي خيثمة، أنا المدائني قال: يقال: إن سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام ماتا في الطاعون «2» ، ويقال: قتل سهيل بن عمرو باليرموك.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العز الكيلي، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن زاد الأنماطي وأبو الفضل بن خيرون، قالا: أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنبأ محمد بن أحمد ابن إسحاق، نا عمر بن أحمد، نا خليفة بن خياط «3» ، وسهيل «4» عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي استشهد يوم مرج الصّفّر، ويقال: يوم اليرموك، يكنى أبا يزيد.
أنبأنا أبو سعد «5» محمد بن محمد، وأبو علي الحسن بن أحمد، قالا: أنا أبو نعيم، نا سليمان بن أحمد «6» ، نا أبو الزنباع، ثنا يحيى بن بكير قال: توفي سهيل بن عمرو بالشام سنة ثمان عشرة.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، ثنا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأ أبو بكر بن الطبري، قالا: أنا أبو الحسين ابن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «7» قال: وفيها يعني سنة ثمان عشرة مات سهيل ابن عمرو.(73/62)
قال: ونا يعقوب قال: توفي سنة ثمان عشرة «1» سهيل بن عمرو أظنه حكاه عن عمار بن الحسن، عن سلمة، عن ابن إسحاق. ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي محمد الكتّاني «2» ، أنبأ أبو الحسن المؤدب، أنا أبو سليمان بن أبي محمد قال: وفي هذه السنة يعني سنة ثمان عشرة سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي أبو يزيد بالشام مات.
[9915] سهيل بن ميسرة أبو سفيان الفلسطيني الرملي
قدم دمشق، وحدث عن عطاء الخراساني.
روى عنه بقية، وسليمان بن عبد الرحمن، وهشام بن عمّار، والهيثم بن خارجة المرّوذي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، ثنا أبو الحسين بن المهتدي، نا علي بن عمر بن محمد الحربي، نا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، نا الهيثم بن خارجة، نا سهيل بن ميسرة الفلسطيني قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: إذا صلى الرجل وصاحبه تقدمه بمنكبه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، نا عبد العزيز بن أحمد لفظا، أنا أبو الحسن محمد ابن عوف بن أحمد المزني، نا أبو العباس محمد بن موسى بن الحسين بن السمسار الحافظ، أنا أبو بكر محمد بن خريم «3» ، نا هشام بن عمار، نا سهيل بن ميسرة قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: ما أحدث رجل وضوءا إلا أحدث الله عز وجل له مغفرة.
قال: ونا سهيل قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: إذا أمّ الرجل صاحبه فليتقدمه بمنكبه، وليكن الإمام منهما عن يسار صاحبه.
__________
[9915] ترجمته في الجرح والتعديل 2/1/249.(73/63)
ح قرأنا على أبي الفضل محمد بن ناصر، عن محمد بن أحمد بن محمد، أنا أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم بن عمر، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج، نا محمد بن أحمد بن حماد «1» ، نا يزيد بن عبد الصّمد [قال: حدثنا] «2» أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن، نا سهيل بن ميسرة أبو سفيان الرملي، لقيته بدمشق، قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: أهدي إلى أهل بيت رأس شاة، فقالوا: إن جيراننا هؤلاء أحوج إليه منا، فبعثوا به إليهم، فلم يزالوا يتهادونه حتى رجع إلى الأول.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة أنا أبو علي إجازة.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد «3» . قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «4» : سهيل بن ميسرة أبو سفيان الرملي «5» الفلسطيني [روى عن....] «6» روى عنه بقية، وسليمان بن شرحبيل، سألت أبي عنهفقال:
ما به بأس.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أحمد بن محمد بن الآبنوسي، أنا عبد الله بن عتاب، أنا أحمد بن عمير- إجازة-.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن علي بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أبو الحسن قراءة قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة السادسة: سهل بن ميسرة.
[قال ابن عساكر:] «7» كذا قال، وإنما هو سهيل بزيادة ياء.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا(73/64)
الخصيب «1» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو سفيان سهيل بن ميسرة الرملي «2» عن عطاء الخراساني، روى عنه أبو أيوب الدمشقي.
[9916] سهيل الأعشى
من أهل المدينة.
حكى عن سالم بن عبد الله.
روى عنه أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة.
وغزا الروم في خلافة عمر بن عبد العزيز.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف- إجازة- نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «3» ، أنا محمد بن عمر، نا ابن أبي سبرة، عن سهيل الأعشى قال: قرىء علينا كتاب عمر بن عبد العزيز بأرض الروم يأمر والينا بنصب المنجنيق على الحصن، وسالم بن عبد الله إلى جنبي يسمع الكتاب فلم ينكره.(73/65)
ذكر من اسمه سلامة
[9917] سلامة بن بحر أبو الفرج القاضي
كان ببيروت، ذكره أبو منصور النيسابوري الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر «1» ، فقال: أبو الفرج سلامة بن بحر أحد قضاة سيف الدولة، يقول شعرا يكاد يمتزج بأجزاء الهواء رقة وخفة، ويجري مع الماء لطافة وسلاسة كقوله:
من سرّه العيد فما سرّني بل زاد في همّي وأشجاني
لأنّه ذكّرني ما مضى من عهد أحبابي وإخواني
قال أبو منصور «2» : وأنشدني أبو علي محمد بن عمر الزاهي «3» ، أنشدني القاضي أبو الفرج لنفسه ببيروت:
مولاي ما لي منك بخت قد ذبت من كمد ومتّ
تصفو بك الدنيا ولا يصفو لعبدك منك وقت
مولاي ما ذنبي إليك ولو عرفت الذنب تبت
لا إنني أنسيتكم أو أنني للعهد خنت
إن كان ذاك فلا بقيت وإن بقيت فلا سلمت(73/66)
قال أبو منصور «1» : ولأبي الفرج ويروى للقاضي ابن النعمان المقرىء:
نوح حمام بيثرب غرّد هيّج شوقي وزاد في كمدي
واكبدي من عذابكم! وكذا من ذاق ما ذقت صاح واكبدي
فارقت إلفي فصار في بلد بالرغم مني، وصرت في بلد
[9918] سلامة بن بشر بن بديل أبو كلثم العذري الدمشقي
روى عن صدقة بن عبد الله السمين، ويزيد بن السّمط، والحسن بن يحيى الخشني.
روى عنه ابن ابنه محمد بن أحمد بن [أبي] «2» كلثم، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وأحمد بن أبي الحواري، وعباس «3» بن الوليد الخلال، وأبو هبيرة محمد بنالوليد الهاشمي، ومحمد بن يعقوب الدمشقي، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، ومحمد بن روح الهاشمي.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمد، أنا أبو علي أحمد بن محمد بن فضالة، وأحمد بن سليمان بن حذلم، وجعفر بن محمد بن جعفر بن هشام الكندي قالوا: حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصّمد، نا أبو كلثم سلامة بن بشر بن بديل، نا يزيد بن السّمط، عن الأوزاعي، أخبرني مالك عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان»
[14222] .
كذا رواه النسائي عن يزيد بن محمد.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، وأبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنا أبو عثمان البحيري، أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن رزيق ببغداد، نا بكر بن أحمد بن حفص، نا يزيد بن عبد الصّمد، نا سلامة بن بشر، نا صدقة هو ابن عبد الله، عن الوضين بن عطاء،
__________
[9918] ترجمته في تهذيب الكمال 8/235 وتهذيب التهذيب 2/466 والجرح والتعديل 2/1/302. وسلامة بتخفيف اللام وزيادة هاء، كما في تقريب التهذيب. والعذري بضم المهملة وسكون المعجمة، كما في تقريب التهذيب.(73/67)
عن عطاء الخراساني، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو أن للإنسان واديين من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ نفس الإنسان إلا التراب، ويتوب الله على من تاب»
[14223] .
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-. ح قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة، أنبأ أبو الحسن الفأفاء.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «1» : سلامة بن بشر بن بديل العذري أبو كلثم، روى عن صدقة بن عبد الله السمين، والحسن بن يحيى الخشني، روى عنه أحمد بن أبي الحواري، وعباس «2» الخلال، سمعت أبي يقول ذلك، روى عنه أبي، سئل أبي عنه فقال:
صدوق. قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا عبيد الله بن سعيد بن حاتم، أنا الخصيب «3» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو كلثم سلامة بن بشر.
[9919] سلامة، ويقال: سلمة بن جواس
تقدم في باب من اسمه سلمة.
[9920] سلامة بن الربيع بن سليمان أبو الخير المقرىء المطرز
الرجل الصالح، قرأ القرآن على حرف ابن عامر على أبي الحسن محمد بن النّضر بن الحرّ بن الأخرم «4» ، وأبي الحسين علي بن محمد «5» بن أحمد بن محمد المري وأبي «6»(73/68)
القاسم المظفر بن عبد الله المقرىء المعروف بزعزاع.
قرأ عليه أبو الحسن علي بن الحسن الربعي فيما وجدت بخطه وقال: قرأت على أستاذنا أبي الخير.
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة فيها توفي أبو الخير سلامة بن الربيع بن «1» سليمان المقرىء المطرز الرجل الصالح، وكان قرأ على أبي الحسن محمد بن النضر بن مرّ بن الحرّ الربعي ابن الأخرم، وأبو الحسين «2» علي بن محمد المري «3» صاحبي أبي عبد الله هارون بن موسى الأخفش المقرىء.
[9921] سلامة بن عبد الله بن نعيم
سمع عمر بن عبد العزيز. روى عنه أبو عدي العسقلاني.
كتب إليّ أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان، أنبأ أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن شاذان، أنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه، نا يعقوب بن سفيان «4» ، نا أبو عدي العسقلاني، نا سلامة بن عبد الله بن نعيم قال: رأيت عمر بن عبد العزيز خرج علينا يوم جمعة فخطب على المنبر وإنما عليه [ثوب] «5» رطب كأنما غسل تلك الساعة، قال:
فظننا ما له ثوب غيره.
[9922] سلامة بن علي الفارقي
سمع بدمشق عبد الله بن الحسن. روى عنه عبد العزيز الكتاني «6» .
أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد، وعبد الله بن أحمد، قالا: ثنا عبد العزيز بن أحمد الصوفي «7» ، حدثني أبو الحسن علي بن حسن الربعي، وسلامة بن علي الفارقي، وعلي بن محمد قالوا: ثنا عبد الوهاب بن الحسن.(73/69)
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد وعبد الكريم بن حمزة قالا: أنا أبو القاسم الحسين ابن محمد الحنائي «1» ، نا عبد الوهاب بن الحسن، نا سعيد بن عبد العزيز، نا ابن أبي سكينة قال الحنائي: نا محمد بن إبراهيم عن، وفي حديث الحنائي: الدراوردي عن زيد بن أسلم عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وفي حديث الحنائي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة»
[14224] .
[9923] سلامة بن محمد بن ناهض- ويقال: سلام- أبو بكر البرقاني المقدسي
سمع بدمشق وغيرها: هشام بن عمار، وصفوان بن صالح، ومحمد بن عبد الرحمن ابن الحسن الجعفي، والوليد بن عتبة الدمشقي، وعبد الله بن هانىء بن عبد الرحمن بن عبلة، وموسى بن محمد المقدسي البلقاوي، والوليد بن حجر الرملي، وإبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، ويحيى بن عثمان بن صالح، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي.
روى عنه سليمان بن أحمد، وأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، وأبو طالب أحمد ابن نصر بن طالب الحافظ، وجعفر بن محمد بن الحسن الفريابي.
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، حدثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد عنه، أنا أبو نعيم الحافظ، أنا سليمان بن أحمد «2» ، حدثني سلامة بن ناهض المقدسي، نا هشام بن عمار قال: ونا محمد بن يعقوب بن سودة البغدادي، نا الهيثم بن خارجة قال: نا محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني «3» قال:
دخل عوف بن مالك المسجد متوكئا «4» على ذي الكلاع، وكعب يقص على الناس،
__________
[9923] في مختصر ابن منظور: «الترياقي» وفي المعجم الصغير للطبراني 1/174 ورد «الترياقي» أيضا.(73/70)
فقال عوف لذي الكلاع: ألا تنه ابن أخيك هذا عما يفعل؟ فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا يقصّ على الناس إلا أمير أو مأمور أو مختال» «1»
[14225] فقال له ذو الكلاع ما قال عوف، فسأل كعب عوفا فقال: أنت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول؟ قال: نعم، فقال كعب:
ما أنا بأمير ولا مأمور ولا مختال «2» .
أنبأنا أبو علي أيضا، أنبأ أبو «3» بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة «4» ، أنبأ سليمان بن أحمد، نا سلامة بن ناهض الدمشقي، وورد ابن أحمد بن لبيد البيروتي قالا: نا صفوان بن صالح بحديث ذكره.
[قال ابن عساكر:] «5» أظنه نسبه إلى دمشق لرحلته إليها، وهو مقدسي لا شك فيه.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «6» : أما سلام بتخفيف اللام فهو: سلام بن محمد بن ناهض المقدسي روى عن محمد بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي، وإبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، حدّث عنه أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ، والطبراني [وابنه محمد بن سلام] «7» وسماه «8» الطبراني: سلامة.
[9924] سلامة بن كرم المؤدب
شاعر مدح القاضي أبا «9» الحسين محمد بن يحيى بقصيدة أولها:
ما على العاشق المعنّى ملام فليكف العذال واللّوّام
خشية ما به من الوجد وا لصد ويكفيه لوعة وغرام
إنّما الحبّ آفة وبلاوة وعناء وشقوة وسقام(73/71)
يا خليليّ ساعداني على وجد ي فإنّي متيّم مستهام
برّح الحبّ وأعوزني الصبر كما قد جفا جفوني المنام
أنا صبّ صار إلى ذكر حر ومن كريم قد أنجبته الكرام
فأرى الناس والكرام قليلا وكثير رعاعهم واللئام
وكان الكرام كلهم أجمع هذا القاضي الفقيه الإمام
فهو فخر القضاة في سائر الدنيا به قد عمل الحكام
وهي ستة وثلاثون بيتا.
[9925] سلامة بن محمد أبو الخير البغدادي
قدم دمشق، وحدث عن أبوي حفص: عمرو بن علي بن الزيات «1» ، وعمر بن أحمد ابن عثمان بن شاهين «2» البغداديين، وأبي الطيب عبد المنعم بن عبد الله بن غلبون المقرىء.
روى عنه أبو الحسن سعد بن سلامة بن حابس الداراني.
أخبرنا أبو محمد بن أحمد المزكي، ثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أنبأ.
ح وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد القضاعي، أنا جدي لأمي الحسن بن علي ابن عبد الصّمد اللباد، نا أبو الحسن سعد بن سلامة بن حابس- قال الكتّاني «3» : المؤدب قراءة عليه- وقال اللباد: الإمام إملاء، وقالا: - بداريا «4» أبو الخير سلامة بن محمد البغدادي، زاد اللباد، قدم علينا بداريا «5» ، نا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان، ثنا موسى بن عبيد الله الخاقاني «6» - وقال الكتاني «7» : الخارقي، وهو وهم، نا ابن(73/72)
أبي سعد، نا محمد بن حاتم المؤدب، نا أحمد بن غسان، نا حامد بن يونس، نا عبد الله بن سعيد قال: عرضت أحرف المعجم على الرحمن سبحانه تبارك وتعالى، وهي تسعة وعشرون حرفا، فتواضع الألف من بين الحروف فشكر الله تعالى له تواضعه، فجعله قائما، وجعله مفتاح كلّ اسم من أسمائه.
وفي حديث عبد العزيز: ابن عمر بن عثمان نسبه إلى جده.
[9926] سلامة بن محمد بن سلامة أبو الخير القطان المقدسي
قدم دمشق طالب علم، فسمع بها أبا القاسم بن أبي العلاء وغيره.
وكتب عنه عتبة بن علي بصور سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وكتب عنه أبو محمد الأكفاني بدمشق قول مكي بن الرميلي في وفاة الخطيب أبي بكر.
لم يسمع الأكفاني ذلك من مكي.
[9927] سلامة بن محمود بن محمد أبو الفرج الموصلي
حدّث عن عبد الله بن ثابت المحاربي الكوفي، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي.
روى عنه تمام بن محمد. قرأت بخط أبي القاسم تمام بن محمد، وأنبأنيه «1» أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل المصري المعروف بابن العسال بمكة شفاها، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى بدمشق، أنا تمام بن محمد، نا أبو الحسين أحمد بن محمد بن يعقوب بن لؤلؤ البغدادي، وأبو الفرج سلامة بن محمود بن محمد الموصلي، قالا: ثنا عبد الله بن ثابت المحاربي بالكوفة، نا عباس بن محمد الدوري، نا محمد بن يوسف أبو بكر الخراساني، نا عاصم بن مضرس، عن عبد السلام بن حرب، عن بهز بن حكيم، عن(73/73)
أبيه، عن جده أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلا يغتسل في صحن الدار فقال: «إن الله حييّ، حليم ستير، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ولو بجذم «1» حائط»
[14226] .
[9928] سلامة بن اليعبوب المشجعي المعروف بالأفلج
شاعر كان بدمشق حين أنكر عمرو بن مرة الجهني ونائل بن قيس الجذامي على قضاعة أسماءهم في معدّ، وأمره عمرو أن يرجز في ذلك فقال:
إن ذكر الناس العديد الأكثرا كان أبي أحقهم أن يذكرا
قضاع من مالك بن حميرا
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله، أنبأ أبو بكر الخطيب قال: وأما الثاني بالجيم فهو الأفلج الشاعر واسمه سلامة بن اليعبوب كتب إلي أبو «2» غالب محمد بن أحمد بن سهل الواسطي «3» ، وحدثني محمد بن فتوح «4» عنه، أنا علي بن محمد بن دينار الكاتب، أنا أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي «5» قال:
وأما الأفلج فهو سلامة بن اليعبوب أخو بني حجير بن حيي بن وائل بن ربيعة بن امرىء «6» مناة بن مشجعة بن التيم بن النمر بن وبرة أخي كلب بن وبرة، شاعر، وهو القائل:
وأشعث ملثاث عوى فعوت له قطارية بالليل زرق عيونها(73/74)
مغان من الأضياف لبوة منسر أنا ليثها الغادي وبيتي «1» عرينها
إذا أوقدت ساق الهشيمة أرزمت كما ترزم البلهاء سلّ «2» جنينها
قال: قطارية منسوبة إلى قطار الأرض جمع قطر، ويروى: قطاربة جمع قطرب «3» . والقطارية: في لغة أهل البحرين ومن جاورهم: الكلاب الخليجية، وهو أولى بالصواب.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «4» : وأما أفلج بفاء وجيم، ويعبوب «5» بعد العين باء معجمة موحدة وآخره كذلك، فهو: الأفلج الشاعر، واسمه سلامة ابن اليعبوب أخو بني حجير بن حيي بن وائل بن ربيعة بن أمر «6» مناة بن مشجعة بن التيم بن وبرة أخي كلب بن وبرة، ذكره كذلك الآمدي، وذكره الزبير بن بكار، والمرزباني بالقاف والحاء المهملة.
[9929] سلامة أبو الخير المعرّي الناسخ
سكن دمشق مدة، ورأيته غير مرة ولم أسمع منه شيئا من شعره، وكانت له دكان في رواق دار الحجارة ينسخ فيها، ويبيت فيها، وكان فقيرا قذرا.
قرأت بخطه لنفسه أبياتا كتبها إلى خالي أبي المعالي القاضي رحمه الله:
لقد أزرى الزمان بسوء حالي وساعده القضاء فما احتيالي
وأبلاني بأمراض صعاب فجسمي قد تضاعف في الهزالي
بغير مؤانسة وبلا معين وغير مساعد وعدم مال
لقد جارت عليّ صروف دهري وقد ... «7» بنعي وكشفن حالي
سأستعدي وأبلو ما ألاقي إلى القاضي الأجلّ أبي المعالي(73/75)
إلى مولى له علم وحلم تقصر عنه أفهام الرجال
إلى مولى تفرّد بالمعالي وقوبل بالمهابة والجلال
أيا فخر القضاة دعاء عبد رجاك لدفع أحداث الليالي
أمجد الدين فك في وثاق أسري من الفقر المضر بسوء حالي
فلو أعدى عدو لي رآني وعاين ما أكابده بكى لي
فمثلك من تكسب أجر مثلي ببرّ من زكاة أو نوالي
حكمت فلم تدع حقّا مضاعا وحكم الحق يذهب بالمحال
إذا عدّ الكرام حللت منهم بمنزلة اليمين من الشمال
فلا حلّت بساحتك الرزايا ولا أضحى محلك منك خالي
ولا زالت سعودك في ازدياد على زعم العدو بلا زوال
وعشت مسلّما من كل ريب حميد الفعل مقبول المقال
إذا ما كنت لي سندا وعونا على صرف الزمان فما أبالي(73/76)
ذكر من اسمه سلام
[9930] سلّام بن سلمة، ويقال: ابن سليم
كان يقرىء أولاد هشام بن عبد الملك.
حدّث عن عكرمة مولى ابن عباس.
روى عنه: سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك الأموي. قرأت بخط عبد العزيز بن أحمد، ثم قرأت على أبي محمد عبد الله بن أسد بن عمار عنه، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر بن علي، نا أحمد بن علي بن عبد الله بن سعيد بن أحمد الحافظ، قدم علينا قال: قرىء على محمود بن محمد بن الفضل الرافعي المعروف بالأديب أبي «1» العباس، نا أحمد بن بزيع، نا سعيد بن مسلمة، حدثني سلّام بن سليم، وكان يقرىء عمومتي في زمن هشام بن عبد الملك عن عكرمة عن ابن عباس قال «2» :
قحط الناس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخرج من المدينة إلى بقيع الغرقد «3» معتمّا بعمامة سوداء، قد أرخى طرفها بين يديه والآخر بين منكبيه، متنكبا قوسا عربية، فاستقبل القبلة، فكبّر، وصلى بأصحابه ركعتين، جهر بالقراءة فيهما، قرأ في الأولى:
__________
[9930] سلام بتشديد اللام، كما في التقريب.(73/77)
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
[سورة التكوير، الآية: 1] والثانية: وَالضُّحى
[سورة الضحى، الآية: 1] ثم قلب رداءه انتقلت «1» السنة ثم حمد الله عز وجل وأثنى عليه ثم رفع يديه فقال: اللهم ضاحت «2» بلادنا واغبرّت أرضنا، وهاجت «3» دوابّنا اللهم منزل البركات من أماكنها، وناشر الرحمة من معادنها بالغيث المغيث، أنت المستغفر للأنام، فنستغفرك للجمّات من ذنوبنا، ونتوب إليك من عظيم خطايانا، اللهم أرسل السماء علينا مدرارا، واكفا مغزوزرا من تحت عرشك [من حيث] «4» ينفعنا غيثا مغيثا، دارعا رائعا ممرعا «5» طبقا غدقا خصبا، تسرع لنا به النبات، وتكثر لنا به البركات، وتقبل به الخيرات، اللهم، إنك قلت في كتابك [وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ
[سورة الأنبياء، الآية: 30] اللهم فلا حياة لشيء خلق من الماء إلا الماء، اللهم] «6» وقد قنط الناس أو من قنط منهم وساء ظنهم، وهامت بهائمهم، وعجت عجيج الثكلى على أولادها، إذ حبست عنها قطر السماء، فدقّ لذلك عظمها، وذهب لحمها، وذاب شحمها، اللهم، ارحم أنين الآنّة، وحنين الحانّة، ومن لا يحمل رزقه غيرك، اللهم، ارحم البهائم الجاثمة «7» ، والأنعام السائمة، والأطفال الصائمة، اللهم، ارحم المشايخ الركّع، والأطفال الرضّع، والبهائم الرتّع، اللهم، زدنا قوة إلى قوتنا، ولا تردّنا محرومين، إنك سميع الدعاء، برحمتك يا أرحم الراحمين.
فما فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى جاءت السماء حتى أهمّ كل رجل منهم كيف ينصرف إلى منزله، فعاشت البهائم وأخصبت الأرض، وعاش الناس، كلّ ذلك ببركة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل، أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد، أنا أحمد ابن محمد الخطابي قال في حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: إن الناس قحطوا على عهده فخرج إلى بقيع(73/78)
الغرقد، فصلّى بأصحابه ركعتين جهر بالقراءة فيهما، ثم قلب رداءه، ثم رفع يديه فقال: اللهم ضاحت بلادنا، واغبرّت أرضنا، وهامت دوابنا، اللهم، ارحم بهائمنا الحائمة، والأنعام السائمة، والأطفال المحثلة، في كلام غير هذا، حدثنيه محمد بن الحسين بن عاصم، نا محمود بن محمد الرافعي، حدثنا أحمد بن بزيع الخفاف، نا سعيد بن مسلمة، حدثني سلام ابن سلمة وكان يقرىء عمومتي في زمان هشام بن عبد الملك، قال الخطابي قوله: ضاحت بلادنا: إنما هو فاعلة من ضحا المكان إذا نزل للشمس، وضحا الرجل يضحو إذا أصابه حرّ الشمس، قال الله عز وجل: وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى
[سورة طه، الآية: 119] والضحيان البارز للشمس، يريد أن السنة قد أحرقت النبات والشجر وبرزت الأرض للشمس، وقوله هامت دوابنا: أي عطشت، والهيمان العطشان، والحائمة «1» : هي التي تنتاب أماكن الماء فتحوم عليه أي تطوف ولا ترد، يريد أنها لا تجد ماء «2» ترده قال الشاعر:
وإذ ينالوا فعلمين لعله إليك ما بالحائمات عليل
والأطفال المحثلة «3» هم الذين انقطع رضاعهم، والحثل: سوء الرضاع، قال ذو الرمة «4» :
بها الذئب محزونا كأن عواءه عواء فصيل آخر الليل محثل
والحثل أيضا: سوء الحال، ومنه قيل لرذالة الناس الحثالة.
[9931] سلّام بن سليمان بن سوّار أبو العباس الأعمى
ابن أخي شبابة بن سوّار «5» ، من أهل المدائن، سكن دمشق.
__________
[9931] ترجمته في تهذيب الكمال 8/226 وتهذيب التهذيب 2/463 وتاريخ بغداد 9/197 والجرح والتعديل 2/1/259 والكامل لابن عدي 3/309.(73/79)
وحدث بها عن الفضيل بن مرزوق، ونهشل بن سعيد، ومغيرة بن مسلم السرّاج، وقيس بن الربيع، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي، وأبي عمرو بن العلاء، ومسلمة بن الصلت، وعيسى بن طهمان، وأبي داود سليمان بن عبد العزيز، وكثير بن سليم، وورقاء بن عمر، ومحمد بن طلحة بن مصرّف، وشعبة، وحمزة الزيات، وابن أبي ذئب، ومحمد بن الفضل بن عطية. روى عنه يزيد بن محمد بن عبد الصمد، وهارون بن موسى الأخفش المقرىء، وأحمد بن أبي الحواري، وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأشعث، والضحاك بن حجوة، وأبو حاتم الرازي، وسليمان بن عبد الرحمن، وهشام بن عمار، وسليمان بن توبة، ومحمد بن عيسى بن حيّان «1» ، وعبد الله ابن روح المدائنيان «2» وأيوب بن محمد الوزان.
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم «3» بن حمزة، أنا عبد العزيز بن أحمد.
ح وأخبرنا أبو محمد أيضا، أنا أبو القاسم الحنّائي قالا: أنبأ تمام بن محمد، أنا أبو الميمون عبد الرحمن «4» بن عبد الله بن عمر بن راشد قراءة عليه، نا يزيد بن محمد بن عبد الصّمد، نا أبو العباس سلام بن سليمان، نا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به»
[14227] . أخبرنا أبو محمد أيضا، ثنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب- إملاء- أنا أبو الحسن علي بن الحسن الطرازي بنيسابور، نا أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن بن حسويه المزي، نا أبو الأزهر أحمد بن أزهر، نا أبو العباس الأعمى الدمشقي، نا مسلم بن الصلت- كذا قال الطرازي: وإنما هو سلمة بن الصلت- البصري، عن الزهري، عن سعيد بن(73/80)
المسيّب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أول شهر رمضان رحمة، ووسطه مغفرة، وآخره عتق من النار»
[14228] .
قال الخطيب: أبو العباس الأعمى هو سلام بن سليمان ابن أخي شبابة بن سوّار الفزاري، نسبه أبو الأزهر إلى دمشق لسكناه بها.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنبأ الخصيب «1» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي، أنا العباس ابن الوليد، حدثنا سلام بن سليمان ثقة، مدائني، مات بدمشق، أبو العباس.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-. قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم «2» قال «3» : سلام بن سليمان بن سوار المدائني ابن أخي «4» شبابة بن سوّار، أبو العباس الدمشقي الضرير، روى عن أبي عمرو بن العلاء، ومغيرة ابن مسلم السّرّاج، وقيس بن الربيع، ومسلمة بن الصلت، روى عنه هشام بن عمار، وسمع منه أبي بدمشق، في الرحلة الأولى، سئل أبي عنه فقال: ليس بقوي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة «5» ، أنا أبو القاسم السهمي، أنبأ أبو أحمد بن عدي قال «6» : سلام بن سليمان بن سوّار الثقة المدائني الدمشق، ويقال له الدمشقي، يكنى أبا المنذر «7» ، وإنّما قيل [له] «8» الدمشقي لمقامه بدمشق، حدّث عنه أهل دمشق، وهو عندي «9» منكر الحديث.(73/81)
[قال ابن عساكر] «1» كذا كناه ابن عدي ووهم في ذلك، فإن أبا المنذر سلام بن سليمان «2» القارىء شيخ غير هذا الضرير، قد «3» ... يروي عن عاصم بن بهدلة، وثابت البناني وغيرهم، ويروي عنه عفان، وأبو سلمة التبوذكي، وجماعة. أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ قال: سلام بن سليمان المدائني ابن «4» سليمان التميمي، روى عن أبي عمرو بن العلاء، وعن حميد الطويل بأحاديث منكرة، روى عنه شبابة، وهارون الأخفش.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، وأبو منصور بن خيرون، قالا: قال لنا «5» أبو بكر الخطيب «6» : سلام بن سليمان بن سوّار الثقفي «7» المدائني أبو العباس- وقيل: أبو المنذر- الضرير، المدائني، وهو ابن أخي شبابة بن سوّار، سكن دمشق بأخرة، وحدث عن مغيرة بن مسلم السراج، ومسلمة بن الصلت، وعبد الرحمن المسعودي، وشعبة بن الحجاج، وأبي عمرو بن العلاء، وورقاء بن عمر «8» ، وبكر بن خنيس، روى عنه سليمان بن توبة النهرواني، ومحمد بن عيسى بن حيّان، وعبد الله بن روح المدائنيان وهارون بن موسى الأخفش، ويزيد ابن محمد بن عبد الصمد الدمشقيان، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمع منه أبي بدمشق وسئل عنه فقال: ليس بالقوي.
[9932] سلّام بن أبي سلّام ممطور الحبشي والد معاوية وزيد ابني سلّام
حكي عن زيد بن سلّام، عن أبيه أو عن جده.
__________
[9932] ترجمته في تهذيب الكمال 8/229 وتهذيب التهذيب 2/464.(73/82)
أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد، وأبو نصر الحسين بن الحسن، قالا: أنبأ أبو محمد الجوهري قراءة، عن أبي «1» عمر «2» بن حيوية، أنا أحمد بن معروف بن بشر، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد، أنا مسلم بن إبراهيم، نا سويد اليمامي، نا يحيى بن كثير، عن زيد بن سلّام، عن أبيه أو عن جده أن حذيفة بن اليمان لما أن احتضر أتاه أناس من الأنصار فقالوا له: يا حذيفة لا نراك إلا مقبوضا، فقال لهم: غب «3» مسرور، وحبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم إنّي لم أشارك غادرا في غدرته، فأعوذ بك اليوم من صاحب السوء- وفي نسخ: من صباح السوء- وكان الناس يسألون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الخير، وكنت أسأله عن الشرّ، فقلت له: يا رسول الله إنّا كنا في شرّ فجاءنا الله بالخير، فهل بعد ذلك الخير شرّ؟ فقال: «نعم» قال: قلت: هل وراء ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم» قلت: كيف نكون؟ قال: «سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي، ولا يستنّون بسنّتي، وسيقوم رجال قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنسان» قال: قلت: كيف أصنع إن أدركني ذلك؟ قال:
«اسمع للأمير الأعظم وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك» .
كذا جاء في هذه الرواية، وقد رواه معاوية بن سلّام عن أخيه زيد، عن جده أبي سلّام من غير شك.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك بن عبد الجبار، ومحمد بن علي واللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بنمحمد، زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «4» : سلّام بن أبي سلّام الحبشي شامي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-. ح قال: وأنا الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «5» : سلّام بن أبي سلّام الحبشي والد معاوية بن(73/83)
سلّام لا أعلم أحدا روى عنه إنّما الناس يروون عن معاوية بن سلّام، عن جده، ومعاوية بن سلّام، عن أخيه، فأما معاوية بن سلّام عن أبيه فلا [أعرفه] «1» سمعت أبي يقول ذلك.
قد تقدمت رواية زيد بن سلّام عن أبيه أو عن جده، فالشك يحتمل أن يكون سلّام قد روى شيئا، والله أعلم.
[9933] سيابة بن عاصم بن شيبان بن خزاعي ابن محارب بن مرّة بن هلال السلمي
له وفادة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، نسبه كما ذكرناه أبو عبد الله بن مندة، فذكر هذا النسب.
روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حديثا واحدا.
روى عنه «2» عمرو بن سعيد بن العاص، وقيل يحيى بن سعيد بن عمرو السعيدي.
وكان يسكن الشام، وأرسله عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد، أنا أبو بكر الخطيب، أنا محمد بن أبي القاسم الأزرق، والحسن بن أبي بكر، قالا: أنا دعلج بن أحمد، أنا محمد بن علي بن زيد الصايغ، أنا سعيد بن منصور «3» ، حدثهم، نا هشيم، عن يحيى بن سعيد بن عمرو القرشي، نا سيابة بن عاصم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم حنين: «أنا ابن العواتك» «4»
[14229] .
تابعة إسحاق ابن إدريس عن هشيم.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة.
ح وأخبرنا أبو بكر صديق ابن عثمان بن إبراهيم الديباجي بتبريز، أنبأ نصر بن أحمد
__________
[9933] ترجمته في الإصابة 2/102 والاستيعاب 2/128 (هامش الإصابة) وأسد الغابة 2/342 والتاريخ الكبير 2/2/209 والجرح والتعديل 2/1/320 وتبصير المنتبه 2/767. وسيابة ضبطت عن الإصابة بكسر أوله والتخفيف وبعد الألف موحدة.(73/84)
ابن البطر «1» ، أنا أبو الحسن بن رزقويه «2» ، قالا: أنا إسماعيل بن محمد، نا محمد بن سنان، حدثنا إسحاق بن إدريس، نا هشيم، عن يحيى بن سعيد بن العاص، أخبرني سيابة بن عاصم السلمي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم حنين: «أنا ابن العواتك»
[14230] . واللفظ لابن مندة، قال ابن مندة: ولم يذكر في الإسناد عمرو بن سعيد.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا أبو عمرو بن حكيم، نا أبو حاتم، نا محمد الصباح، نا هشيم، نا يحيى بن سعيد، عن عمرو بن سعيد بن العاص، أنا سيابة بن عاصم السلمي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم حنين:
«أنا ابن العواتك»
[14231] .
أخبرنا عاليا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو القاسم [ابن] «3» البسري «4» قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبد الله بن محمد. ح وأخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن عبد الله بن داود المفري «5» ، وأبو طالب محمد ابن علي بن حريب الدّلّال المعروف بابن الكوفية «6» ، وأبو منصور إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن سالم الهيثمي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد السلام بن.... «7» ، قالوا: أنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، أنا أبو بكر محمد بن عمرو ابن خلف بن زنبور، نا يحيى بن محمد بن صاعد قالا: نا محمد بن سليمان لوين «8» . ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا عبد الله بن محمد، قالا: نا أبو عمرو [نا] «9» هشيم، عن شيخ من قريش يقال له يحيى بن سعيد بن عمرو بن(73/85)
العاص، عن سيابة السلمي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم حنين: «أنا ابن العواتك» من سليم.
قال البغوي: قال لوين «1» : ولا أدري لعل أدخل بينهما رجلا حتى أنظر فيه زاد عيسى قال البغوي: ولا أعلم لسيابة غير هذا، وسيابة السلمي سكن الشام.
رواه أبو الحسن الدارقطني عن يحيى بن صاعد، عن لوين، عن هشيم، عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، عن رجل، عن سيابة.
[قال ابن عساكر:] «2» والصحيح ما قدمناه. أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله، أنا محمد ابن الحسين، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «3» ، نا عبد الله بن يوسف، نا عيسىبن يونس، عن عبّاد بن موسى، عن الشعبي.
أنه أتي به الحجاج موثقا، فلما انتهي به إلى باب القصر لقيني يزيد بن أبي مسلم فقال:
إنا لله يا شعبي لما بين دفتيك من العلم، وليس بيوم شفاعة بؤ للأمير «4» بالشرك وبالنفاق على نفسك، فبالحري أن تنجو، ثم لقيني محمد بن الحجاج فقال لي مثل مقالة يزيد، فلما دخلت على الحجاج قال: وأنت يا شعبي ممن خرج علينا وكثر!؟ فقلت: أصلح الله الأمير أحزن بنا المنزل، وأجدب الجناب، وضاق المسلك، واكتحلنا السهر، واستحلسنا الخوف، ووقعنا في خزية «5» ، لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء، قال: صدق والله ما برّوا بخروجهم علينا، ولا قوو «6» علينا حيث [فجروا، أطلقا] «7» عنه، ثم احتاج إليّ [في] «8» فريضة، فأتيته، فقال: ما تقول في أخت وأمّ وجدّ؟ قلت: قد اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عبد الله بن عباس، وزيد، وعثمان، وعلي، وعبد الله بن مسعود فقال:(73/86)
ما قال فيها ابن عباس إن كان لمفتيا؟ قلت: جعل الجد أبا ولم يعط الأخت شيئا، وأعطى الأم الثلث، قال: فما قال فيها زيد؟ قلت: جعلها من تسعة أعطى الأم ثلاثة، وأعطى الجد أربعة، وأعطى الأخت سهمين، قال: فما قال فيها أمير المؤمنين يعني عثمان؟ قلت: جعلها أثلاثا، قال: فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت: جعلها من ستة، أعطى الأخت ثلاثة، والجد سهمين، والأم سهما، قال: فما قال فيها أبو تراب «1» ؟ قلت: جعلها من ستة، أعطى الأخت ثلاثة، وأعطى الأم سهمين، وأعطى الجد سهما «2» ، إذ جاء الحاجب وقال: إن بالباب رسلا قال: ائذن لهم، قال: فدخلوا عمائمهم على أوساطهم وسيوفهم على عواتقهم، وكتبهم بأيمانهم، ودخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم فقال: من أين؟ قال: من الشام، قال كيف أمير المؤمنين؟ كيف جسمه «3» ؟ فأخبره، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصابني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت لي كيف كان وقع القطر؟ وكيف كان أثره وتباشيره؟ قال: أصابتني سحابة بحوران فوقع قطر صغار وقطر كبار، فكان الكبار لحمة للصغار، ووقع بسيط «4» متدارك وهو السح الذي سمعت به، فواد سائل، وواد بارح «5» ، وأرض مقبلة وأرض مدبرة، وأصابتني سحابة بسوى «6» أو القريتين «7» ما أدري أي المنزلين «8» شك عيسى، فلبدت «9» الدماث «10» وأسالت الغزار، وأدحضت التلاع، وصدعت عن الكماة أماكنها، وأصابتني سحابة بسوى أو القريتين، شك عيسى، ففاءت «11»(73/87)
الأرض بعد الري وامتلأ الإخاذ وأفعمت الأودية، وجئتك في مثل وجار- أو مجرّا- الضبع.
ثم قال: ائذن، فدخل رجل من بني أسد فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: لا، كثر الإعصار واغبرّ البلاد وأكل ما أشرف من الجنبة «1» ، فاستقيا أنه عام سنة، قال: بئس المخبر أنت قال: أخبرتك بالذي كان «2» .
قال: ائذن، فدخل رجل من أهل اليمامة، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، سمعت الرواد تدعو إلى ريادتها وسمعت قائلا يقول: هلمّ أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران، وتشتكي فيها النساء وتتنافس فيها المعزى.
قال الشعبي: فلم يدر الحجاج ما قال، قال: ويحك «3» إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم. قال: أصلح الله الأمير أخصب الناس فكان الثمر والسمن والزبد واللبن فلا توقد نار يختبز بها، وأما تشتكي النساء فإن المرأة «4» تظل تريق بهمها وتمخض لبنها فتبيت ولها أنين من عضديها فإنهما ليسا منها، وأما تنافس المعزى فإنها ترى من أنواع الشجر وألوان الثمر ونور النبات ما يشبع بطونها ولا تشبع عيونها، فتبيت وقد امتلأت أكراشها لها الكظّة جرة «5» فتبقى الجرّة حتى تستنزل لها الدرة.
قال: ائذن، فدخل رجل من الموالي، كان من أشد الناس في ذلك الزمان، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، ولكن لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء، قال: قل كما تحسن، قال: أصابتني سحابة بحلوان «6» ، فلم أزل أطأ في أثرها حتى دخلت على الأمير، قال: لئن كنت أقصرهم في المطر خطبة، إنك لأطولهم بالسيف خطوة. أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله، أنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن محمد بن علي، أنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنا الحسين بن صفوان، نا عبد الله ابن محمد بن عبيد، نا سليمان بن عمر بن خالد الرقي، نا عيسى بن يونس، نا عبّاد بن موسى، عن الشعبي قال:(73/88)
أتي بي الحجاج موثقا، فإني لعنده إذ جاء الحاجب فقال: إن بالباب رسلا فقال:
ائذن، فدخلوا عمائمهم على أوساطهم وسيوفهم على عواتقهم وكتبهم بأيمانهم، فدخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم، فقال: من أين؟ قال: من الشام، قال: كيف تركت أمير المؤمنين؟ كيف جسمه فأخبره قال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصابني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت كيف كان وقع المطر، وكيف كان أثره وتباشيره؟ قال: أصابتني سحابة بحوران فوقع قطر صغار وقطر كبار، فكان الصغار لحمة للكبار، ووقع بسيط متدارك وهو السّحّ الذي سمعت به فوادي سائل ووادي «1» نازح وأرض مقبلة وأرض مدبرة، وأصابتني سحابة بسوى فأروت الدماث وأسالت العزاز «2» ، وأدحضت التلاع وصدعت عن الكماة أماكنها، وأصابتني سحابة بالقرنين «3» ففاءت الأرض بعد الري وامتلأ الإخاذ وأفعمت الأودية، وجئتك في مثل وجار الضبع، أو قال مجرّ.
قال: ائذن، فدخل رجل من بني أسد، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: لا كثر الإعصار واغبرّ البلاد، وأكل ما أشرف من الجنبة يعني النبت، واستقينا أنه عامسنة، قال:
بئس المخبر أنت، قال: أخبرتك بالذي كان.
قال: ائذن، فدخل رجل من أهل اليمامة فقال: هل وراءك من غيث؟ قال: نعم، سمعت الرعاء تدعو إلى ريادتها وسمعت قائلا يقول: هلمّ أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران وتشكي فيها النساء، وتنافس فيها المعزى، قال: فلم يفهم الحجاج ما قال، فقال: ويحك إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم «4» ، قال: نعم، أصلح الله الأمير، أخصب الناس فكان التمر والسمن والزبد واللبن، ولا يوقد نار يختبز بها، وأما تشكّي النساء فإن المرأة تظل تربق «5» بهمها، وتمخض لبنها فتبيت ولها أنين من عضديها كأنهما ليسا منها، وأما تنافس المعزى، فإنها ترى من أنواع الشجر وألوان الثمر ما تشبع بطونها ولا تشبع عيونها، فتبيت وقد امتلأ أكراشها، لها «6» من «7» الكظة جرّة حتى تستنزل الدرة. قال: ائذن، فدخل رجل من الموالي،(73/89)
كان من أشد الناس في ذلك الزمان فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، ولكن لا أحسن ما أقول كما يقول هؤلاء، قال: فما تحسن؟ قال: أصابتني سحابة بحلوان، فلم أزل أطأ في أثرها حتى دخلت على الأمير، قال: لئن كنت أقصرهم في المنطق خطبة، إنك لأطولهم بالسيف خطوة.
[قال ابن عساكر:] «1» كذا قال، وعياد بن موسى يروي هذه الحكاية عن أبي بكر الهذلي عن الشعبي.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة، وقرأ علي إسناده أنبأ أبو علي محمد ابن الحسين، أنا المعافى بن زكريا «2» ، أنا أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي، أخبرني أبي عبد الله بن نصر بن بجير، حدّثني أبو جعفر محمد بن عباد بن موسى، نا عباد بن موسى «3» ، أخبرني أبو بكر الهذلي «4» قال: قال لي الشعبي.
دخل الحاجب- يعني على الحجاج بن يوسف- فقال: إن بالباب رسلا، قال:
أدخلهم، فدخلوا وسيوفهم على عواتقهم، وعمائمهم في أوساطهم وكتبهم بأيمانهم، قال: ائذن، فدخل رجل من بني سليم يقال له سيابة بن عاصم قال: من أين؟ قال: من الشام، قال: كيف أمير المؤمنين؟ كيف هو في بدنه؟ كيف هو في حاشيته؟ كيف، كيف؟ قال: خير، قال: كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصابتني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت لي كيف كان وقع المطر، وكيف كان أثره وتباشيره؟ قال: أصابتني سحابة بحوران، فوقع قطر صغار، وقطر كبار، فكان الصغار لحمة الكبار، ومتداركا «5» وهو السح الذي سمعت به فواد سائل، وواد نازح، وأرض مقبلة وأرض مدبرة، وأصابتني سحابة بسوى «6» فأندت الدماث وأسالت العزاز «7» وأدحضت التلاع، وصدعت عن الكماة أماكنها،(73/90)
وأصابتني سحابة بالقرنين «1» فأفاءت الأرض بعد الري، وامتلأ الإخاذ، وأفعمت الأودية، وجئتك في مثل مجرّ «2» الضّبع، وذكر الحكاية.
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه الله «3» قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، أنبأ أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، أنا أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي قال في حديث الحجاج أنه دخل عليه سيابة بن عاصم السلمي فقال: من أي البلدان أنت؟ قال: من حوران، قال: هل كان وراءك من غيث؟
قال: نعم، أصلح الله الأمير، قال: نعم، قال: انعت لنا كيف كان المطر وتبشيره؟ قال:
أصابتني سحابة بحوران، فوقع قطر كبار وقطر صغار، فكان الصغار لحمة للكبار، ووقع بسيطا متداركا وهو السّحّ الذي سمعت به فواد سائل، وواد نازح، وأرض مقبلة وأرض مدبرة، وأصابتني سحابة بالقريتين فأندت الدماث، وأسالت العزاز، وصدعت الكماة أماكنها، وجئتك في مثل وجار الضبع، ثم دخل عليه رجل من بني أسد فقال له: هل كان وراءك من غيث؟ قال: اغبرّ البلاد، وأكل ما أشرف من الجنبة، فاستقينا إنه عام سنة، قال: بئس المخبر أنت.
حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن مالك، نا محمد بن أيوب، نا عبيد بن يعيش، نا يحيى بن يعلى المحاربي، عن عبد الكريم بن الجراح، عن يونس بن أبي إسحاق، نا عبّاد بن موسى، عن الشعبي. وأخبرنا ابن الأعرابي، نا الترقفي، نا سليمان بن أحمد الواسطي، نا أبو مسهر، نا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، نا عبّاد بن موسى، عن الشعبي، هكذا الترقفي عيسى، عن عبّاد، وقال ابن ضريس: يونس بن عبّاد، وزاد ابن الأعرابي في حديثه فقال: لبدت الدماث ودحضت التلاع، وملأت الحفر، وجئتك في ما يجر الضبع، ويستخرجها من وجارها، ففاءت الأرض بعد الري، وامتلأت الإخاذ وأفعمت الأودية، قال: ثم دخل عليه رجل من أهل اليمامة فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، كانت سماء ولم أرها وسمعت الرّوّاد(73/91)
تدعو إلى ريادتها فسعمت قائلا يقول: أظعنكم إلى محلة تطفى فيها النيران وتشكّي فيها النساء، وتنافس فيها المعزى، قال: فلم يفهم الحجاج ما قال، فاعتلّ عليه بأهل الشام، فقال له: ويحك إنّما تحدث أهل الشام، فأفهمهم، فقال: أما طفي النيران فإنه أخصب الناس،.... «1» الشمس فكثر السمن والزبد واللبن فلم يحتج إلى نار يختبز بها، وأما تشكّي النساء فإنّ المرأة تربق بهمها وتمخض لبنها فتبيت ولها أنين، وأما تنافس المعزى فإنّها ترى من ورق الشجر وزهر النبات ما يشبع بطونها، ولا تشبع عيونها فتبيت ولها كظة من الشبع وتشترّ «2» فتستنزل الدرة، ثم دخل رجل من الموالي من أشد الناس في ذلك الزمان، فقال له: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير، غير أنّي لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء، إلّا أنه أصابني سحابة، فلم أزل في ماء وطين حتى دخلت على الأمير، قال: فضحك الحجاج ثم قال: والله لئن كنت من أقصرهم خطبة في المطر لمن أطولهم خطبة بالسيف.
قوله: كيف كان المطر وتبشيره؟ يريد أول أمره وبدو وقوعه، وأحد التباشير وهي أولئك الأمور وما يتقدمها من أمارتها، ومنه تباشير الصبح وقال ما يفرد منه اسم إنّما يتكلم به في الغالب، على لفظ الجمع، والسّحّ: شدة انصباب المطر، يقال سحّ المطر يسحّ سحّا.
والنادح من النّدح وهو السعة، ومنه قولهم: إنه لفي مندوحة من الأمر أي في سعة منه «3» ، والدماث السهول من الأرض، يقال: مكان دمث أي سهل لين، يريد أن المطر قد لبد ما ... «4» والعزاز: ما صلب من الأرض واشتدّ منها، وقوله دحضت التلاع؛ فإذا التلاع ها هنا ما غلظ وارتفع من الأرض، واحدها تلعة؛ والدّحض الزلق، يريد أنها صارت زلقا لا تستمسك عليها إلا زحل، يقال: دحضت رجلي زلقت، وحضت حجة فلان إذا بطلت، وقد أدحضتها «5» . ويقال ما يجري الضبع على وجارها: فإن وجار الضبع جحرها الذي تأوي إليه، وفيه لغتان: وجار ووجار «6» . قال الكسائي والفراء: يقال غيث جورّ مكسورة الجيم مفتوحة(73/92)
الواو مشدّدة الراء «1» يذهبون به إلى تأويل قولهم غيث جأر الضبع، أي يدخل على الضبع في وجارها حتى يذلقها منه. قال أبو سليمان: فأما قوله في رواية ابن مالك: وجئتك في مثل وجار الضبع فإنه غلط وإنما هو في مثل جار الضبع، ومعناه ما ذكرته لك عن الكسائي والفراء؛ وكان الأصمعي يقول: إنّما هو غيث جؤر بالتخفيف والهمز مثل.... «2» له صوت من قولهم جأر الرجل بالدعاء إذا رفع صوته وأنشده:
لا تسقه صوت رعاف جؤر «3»
والإخاذ مصانع الماء. واحدها إخذ، ويقال أخذ. قال الشاعر يصف غيثها:
وغادر الأخذ والإخاذ مترعة تطفو واسجل أنهارا وغدرانا
وواحد الأوخاذ وخذ وهو مستنقع الماء، قال ابن مالك: قال رجل لأعرابي:.... «4»
لم يكن ما هنا وخذ. قال: بلى، أوخاذ يريد عهدت أو خاذا نصبه على إضمار فعل وقوله: أفعمت ملئت، وأنا مفعم إذا لم يكن فيه متسع، والجنبة من الشجر ما تتروح في الصيف وتيبس في الشتاء، قال أبو مالك: الجنبة نبات يغلظ على البقل ويرق عن الشجر، والرّوّاد جمع رائد، وهو الذي يتقدم القوم فيرتاد لهم الكلأ والمنزل، وفي بعض الأمثال: الرائد لا يكذب أهله يقال رأد يرود رودا وريادة قال الشاعر:
فقلت لها أهلا وسهلا ومرحبا بموقد نار محمد من يرودها
وقوله تربق بهما: أي تشدّ الأرباق في أعناق البهم، وهي صغار أولاد الغنم، يقال للواحد بهما، بهمة الذكر والأنثى فيه سواء.
وأخبرني أبو عمر، أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي أنه «5» قال: العرب تقول:
رمدت الضأن فربّق [ربّق] «6»(73/93)
رمدت المعزى فرنق رنّق
قال: وهو أن الضأن إذا تغيرت ضروعها ولدت سريعا تقول فهو الأرباق لأولادها، والمعزى تبطىء، ومعنى: رنّق احتبس وانتظر، ومنه ترنيق الطائر وهو أن يرفرف قبل وقوعه إلى الأرض «1» ، وقوله يشتر إنما هو يجتر بالجيم من الجرّة، والشين قريبة المخرج منها، والعرب تقول: لا أفعل ذلك ما اختلفت الجرّة والدّرّة «2» ، واختلافهما «3» أن الجرّة تصعد والدّرّة تسفل، وقوله: إنك لمن أطولهم خطوة بالسيف أي أشدّهم تقدّما في القتال، ومن هذا قول الشاعر:
إذا قصّرت أسيافنا كان وصلها خطانا إلى أعدائنا فتطول
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، وأبو العز ثابت بن منصور، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون، قالا: أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنبأ أبو الحسين محمد بن أحمد، أنا أبو حفص عمر، نا خليفة بن خياط قال «4» : ومن بني «5» منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان [ثم] «6» من بني سليم بن منصور: سيابة «7» بن عاصم بن سباع من خزاعي بن محارب بن مرّة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن أبي «8» ثعلبة بن بهثة بن سليم، روى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنا ابن العواتك»
[14232] . أنبأنا أبو الغنائم الكوفي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، والمبارك ابن عبد الجبار، ومحمد بن علي واللفظ له قالوا: أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال»
: سيابة(73/94)
[السلمي] «1» أراه ابن عمرو، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قاله هشيم عن عمرو بن سعيد مرسل، وقال بعضهم: عن هشيم، عن يحيى بن عمرو «2» .
كذا فيه، وقوله: أراه ابن عمرو من قبيل الظن، وهو ابن عاصم، وصوابه: وقال بعضهم عن هشيم عن يحيى عن عمر يعني يحيى بن سعيد.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة. ح قال: وأنا أبو طاهر، نا أبو الحسن.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم «3» قال: سيابة بن عاصم السلمي روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال يوم حنين: «أنا ابن العواتك» ، روى عنه عمرو بن سعيد بن العاص، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن علي بن عبيد الله بن سوار، والمبارك بن عبد الجبّار، قالا «4» : أنا الحسين «5» بن علي الطناجيري، أنا محمد بن إبراهيم الدارمي، نا أبو عبد الله عبد الملك بن بدر بن الهيثم، نا أحمد بن هارون الحافظ قال في الطبقة الأولى من الأسماء المنفردة: سيابة، روى عنه عمرو بن سعيد بالمدينة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا محمد بن أحمد بن جعفر الفقيه، أنا محمد بن أحمد بن.... «6» ، نا أبو أحمد العسكري قال: سيابة بن عاصم السلمي السين غير معجمة، بعدها تحتها نقطتان، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني(73/95)
قال: وأما سيابة فهو سيابة بن عاصم السّلمي، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم ذكر له حديث العواتك.
ح قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي زكريا البخاري.
ح وحدثنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا أبو زكريا عبد الغني بن سعيد قال: سيابة بالسّين غير معجمة، وياء وباء منهم:
سيابة السّلمي له صحبة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة قال: سيابة روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، روى عنه عمرو بن سعيد بن العاص، وله وفادة أقبل هو وابن أخيه الجحّاف بن حكيم من الكوفة وكانا يمانيين وله بناحية رها «1» وسروج «2» عقب كثير «3» .
أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ قال: سيابة بن عاصم السّلمي، وهو سيابة بن عاصم بن شيبان بن خزاعي بن محارب بن مرة بن هلال وفد هو وابن أخيه الجحّاف بن حكيم من الكوفة، وكانا يمانيين، وله بناحية الرها وسروج عقب كثير. قرأت على أبي محمد السّلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «4» قال: وأما سيابة بسين مهملة بعدها ياء مفتوحة معجمة باثنين من تحتها وبعد الألف ياء معجمة بواحدة فهو سيابة بن عاصم السلمي، سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «أنا ابن العواتك من سليم» . رواه يحيى بن سعيد، عن محمد ابن إبراهيم عنه.(73/96)
ذكر من اسمه سيار
[9934] سيار مولى معاوية، ويقال: مولى خالد بن يزيد بن معاوية
دمشقي، سكن البصرة.
وحدث عن أبي الدرداء، وأبي أمامة، وابن عباس، وأبي «1» إدريس الخولاني.
روى عنه سليمان بن طرخان، وعبد الله بن بجير التيميان البصريان، وقرّة بن خالد.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، أنا أبو علي الحسن بن علي، أنا أحمد بن جعفر نا عبد الله بن أحمد «2» ، حدثني أبي، نا محمد بن أبي عدي، عن سليمان.
وأخبرنا أبو منصور بن زريق، ثنا أبو الحسين بن المهتدي، نا أبو بكر محمد بن يوسف ابن محمد العلاف إملاء، نا عبد الملك بن أحمد بن نصر، نا محمد بن عمرو الباهلي، نا ابن أبي «3» عدي، نا سليمان يعني التيمي.
عن سيّار «4» ، عن أبي أمامة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «فضلني الله «5» على، وفي حديث
__________
[9934] ترجمته في تهذيب التهذيب 2/469 وتهذيب الكمال 8/245 وفيه: سيار القرشي الأموي الشامي. والتاريخ الكبير 2/2/160 والجرح والتعديل 2/1/254.(73/97)
أحمد: فضلني على الأنبياء أو قال: أمتي، وفي حديث أحمد: أو قال على الأمم بأربع زاد الباهلي: أرسلني، وفي حديث أحمد قال: قال أرسلني «1» إلى الناس كافة وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجدا وطهورا، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره، ونصرت بالرعب زاد الباهلي: يسير بين يدي، وقالا: مسيرة شهر يقدمه «2» ، وفي حديث الباهلي: يقذف في قلوب أعدائي، وأحلّ لنا الغنائم»
[14233] .
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد الله بن أحمد «3» ، حدثنا يحيى بن معين، ثنا معتمر، عن أبيه، عن سيّار مولى لآلمعاوية بحديث آخر، وقال: هو سيّار الشامي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا عبيد الله بن أحمد ابن علي، نا محمد بن عبيد الله بن العلاء الكاتب، نا علي بن حرب، نا أسباط بن محمد، نا سليمان التيمي، عن سيّار مولى معاوية، عن أبي أمامة قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله عز وجل فضّلني على الأنبياء، وفضّل أمتي على الأمم، بعثني إلى الناس كافة، ونصرني بالرعب يسير بين يدي مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي، وجعل الأرض كلها لي ولأمتي طهورا ومسجدا، فأيما عبد من أمتي أدركته الصلاة فعنده طهوره ومسجده، وأحلّت لي الغنائم»
[14234] .
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني، وأبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، قالا: أنا أبو بكر الخطيب لفظا، أنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري بنيسابور، نا أبو محمد حاجب بن أحمد بن برجم بن سفيان الطوسي، نا محمد بن حمّاد هو الأبيوردي، نا يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن سيّار، عن عائذ الله قال:
الذي يتبع الأحاديث ليحدّث بها لا يجد ريح الجنة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا محمد بن مسلم، أنا إبراهيم البقال، أنا محمد بن علي بن يعقوب، أنا أحمد بن محمد، أنا أبو بكر، أنا الأحوص بن المفضّل، نا أبي قال:(73/98)
قال يحيى بن معين: سيّار، يقال: مولى لآل معاوية من أهل دمشق، روى عنه التيمي وحده.
أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو الحسن بن لؤلؤ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار، أنا أبو حفص الفلّاس قال في تسمية من روى عن ابن عباس: سيّار مولى خالد بن يزيد بن معاوية، نزل البصرة، وأصله شامي، الذي روى عنه التيمي، وروى عنه قرّة بن خالد، روى عنه عبد الله بن بجير.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمد، عن أبي «1» عمر ابن حيوية، أنا أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر، نا أبو بكر بن أبي خيثمة قال:
سمعت يحيى بن معين يقول: سيّار الذي روى عنه سليمان التيمي مولى لآل معاوية. أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الغنائم، واللفظ له، وأبو الحسين الصيرفي، قالوا: أبو أحمد الغندجاني «2» زاد [ابن] «3» خيرون وأبو الحسين الأصبهاني، قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل البخاري «4» قال: سيار مولى بني أمية، الشامي، عن أبي أمامة، روى عنه سلميان التيمي، وعبد الله بن بجير، وهو مولى خالد بن يزيد بن معاوية القرشي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-. ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «5» : سيار مولى بني أمية، شامي، روى عن أبي الدرداء، وأبي أمامة، وابن عباس، روى عنه سليمان التيمي، وعبد الله بن بجير، سمعت أبي يقول ذلك «6» .
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني(73/99)
قال: سيّار مولى بني أمية، ويقال: مولى معاوية، روى عن أبي أمامة الباهلي، روى عنه سليمان التيمي، وعبد الله بن بجير، قال البخاري: هو مولى خالد بن يزيد بن معاوية.
قرأت على أبي محمد عن أبي نصر بن ماكولا قال «1» : أما سيّار أوله سين مهملة، ثم ياء معجمة باثنين من تحتها، وآخره راء جماعة منهم: سيّار مولى بني أمية «2» ، ويقال مولى معاوية، روى عن أبي أمامة، روى عنه سليمان التيمي، وعبد الله بن بجير البصري.
[9935] سيّار خادم عمر بن عبد العزيز
حكى عنه إبراهيم بن بكر البصري.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ «3» ، أنا أبو حامد بن جبلة، نا محمد بن إسحاق «4» ، نا يحيى بن أبي طالب، نا إبراهيم بن بكر البصري، نا سيار «5» خادم عمر قال:
دخلت على عمر فقال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره ورأيت عثمان وهو يقول: خصمت عليا ورب الكعبة، وعلي يقول: غفر لي ورب الكعبة.
كذا في الأصل، سيّار فإن كان الذي تقدم ذكره مولى آل معاوية خدم عمر بن عبد العزيز فهو هو، وإن كان غيره فسيار «6» بأسماء الموالي أشبه، والله أعلم.
[9936] سيّار بن نصر بن سيّار، أبو الحكم حدث عن هشام بن عمار، وقتيبة بن سعيد، وأبي داود سليمان بن سيف الحرّاني «7» ، وحرملة بن يحيى التّجيبي، وأحمد بن معاوية البصري.(73/100)
روى عنه أبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي، وأبو محمد بن زبر القاضي، وأبو عبد الله عبيد الله بن عبد الصّمد المهتدي بالله.
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، عن أبي عبد الله الحسن بن أبي الحديد، أنا أبو عبد المنعم المسدّد بن علي بن عبد الله بن أبي السّجيس قراءة عليه، أنا أبو بكر أحمد بن يعقوب الحلبي، أنبأ أبو الحسن محمد بن أحمد بن موسى الرافعي»
، حدثني سيّار بن نصر، نا هشام بن عمار، نا سويد بن عبد العزيز، وأيوب بن تميم القارىء، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن عبد الله بن عامر اليحصبي أنه قرأ بعذاب بئيس مهموزة مكسورة الباء.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «2» قال: أما سيار أوله سين مهملة، ثم ياء معجمة باثنين من تحتها، وآخره راء، سيار بن نصر بن سيار أبو الحكم، روى عن حرملة بن يحيى المصري، وأحمد بن معاوية البصري، روى عنه عبد الله بن أحمد بن زبر، وعبيد الله بن عبد الصمد [بن] «3» المهتدي.
[ذكر من اسمه سيف]
[9937] سيف بن أبي سيف
حكى عن سعيد بن عبد العزيز.
روى عنه مروان بن محمد الطاطري.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم، أنبأ أبو القاسم نصر بن أحمد الهمداني، أنبأ أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل، أنا أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه «4» ، نا أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو الدحداح، نا إبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني، حدثني هشام بن إسماعيل العطار، نا مروان، عن سيف بن أبي سيف، عن سعيد، عن ابن لعبد الله بن حازم السلمي، نا كعب: أن العبد لا يبكي حتى يبعث الله إليه ملكا فيمسح كبده بجناحه، فإذا مسح كبده بجناحه بكى.(73/101)
[9938] سيف بن عامر الكوفي
أحد صحابة علي ممن شهد حكومة أبي موسى وعمرو بن العاص بين علي ومعاوية.
تقدم ذكره في ترجمة الحارث بن مالك «1» .
[9939] سيماه- ويقال: سيمويه- البلقاوي
كان نصرانيا فأسلم، ولقي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وروى عنه حديثا، رواه عنه منصور بن صبيح «2» البصري. أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد، أنا أبو بكر الخطيب، أنا علي بن أحمد بن عمرو المقرىء، أنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع القاضي، نا أحمد بن النصر بن بحر، نا محمد بن مصفّى، نا صالح بن قطن، نا محمد بن مسكين، نا منصور بن صبيح أخو الربيع بن صبيح «3» قال: حدثني سيماه قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وسمعت من فيه إلى أذني.
رواه غيره عن ابن مصفّى أتم من هذا، وقال محمد بن مسكين.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله، أنا أبو بكر الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا إسماعيل بن علي الخطبي، نا أحمد بن النصر بن بحر العسكري، نا محمد بن مصفّى، حدثني صالح بن قطن [نا] «4» محمد بن مسكين الأزدي، نا منصور بن صبيح أخو الربيع بن صبيح، حدّثني سيماه قال «5» :
رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وسمعت من فيه إلى أذني، حملنا القمح من البلقاء إلى المدينة، وأردنا
__________
[9938] ترجمته في سير الأعلام 15/268.
[9939] ترجمته في أسد الغابة 2/346 والإصابة 2/104 والاستيعاب 2/133 (هامش الإصابة) . وفي الإصابة:
«سمويه» وفي الاستيعاب: سيمونة.(73/102)
أن نشتري تمرا فمنعونا، فأتينا النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبرناه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم للذين منعونا: «أما يكفيكم رخص هذا الطعام عليكم بغلاء هذا التمر الذي يحملونه، ذروهم يحملونه»
[14235] .
وكان سيماه من البلقاء نصرانيا شمّاسا فأسلم وحسن إسلامه، وعاش عشرين ومائة سنة، كذا قال: محمد بن سكين والصواب محمد بن مسكين، كما قال ابن قانع، كذلك رواه غير ابن مصفّى عن صالح بن قطن؛ غير أن الخطيب رحمه الله صوّب علي ابن مسكين، فإنه يرى أن الصواب: ابن سكين، وأظنه ظنّه محمد بن سكين الشقري، مؤذن مسجد بني شقرة، وليس به، هذا أزدي، وذاك تميمي سعدي، وقد وقع لي هذا الحديث.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أخبرني أبي، حدثني أبي، نا صالح بن قطن البخاري بالبصرة، نا محمد بنمسكين الأزدي، قال منصور بن صبيح- أخو الربيع- حدّثني سيمويه قال:
رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وسمعت من فيه إلى أذني، وحملنا القمح من البلقاء إلى المدينة فبعنا، وأردنا أن نشتري تمرا من تمر المدينة، فمعنونا، فأتينا النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبرناه فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم للذين منعونا: «أما يكفيكم رخص هذا الطعام فيكم بغلاء هذا التمر الذي يحملونه ذروهم يحملونه»
[14236] .
وكان سيمويه من أهل البلقاء نصرانيا شمّاسا، أسلم فحسن إسلامه، وعاش مائة وعشرين سنة. رواه أبو الشيخ عن محمد بن يحيى بن مندة، عن صالح بن قطن، وقال محمد بن سكين.
ذكر أبو بكر الخطيب رحمه الله صالح بن قطن هذا، ولم يقل البخاري، ثم ذكر بعده صالح بن قطن البخاري، وقال: أراه غير شيخ ابن مصفّى، والله أعلم. وساق له حديثا من حديث الطبراني «1» عن محمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني، نا صالح بن قطن البخاري، عن محمد بن عمار بن محمد بن عمار بن ياسر، وليس هذا كما أدبه «2» الخطيب فإنه هو، لأنا قد سقنا رواية ابن مندة عن أبيه عن جده محمد بن يحيى عن صالح بن قطن الحديث الأول الذي رواه ابن مصفى ونسبه فيه إلى بخارا.(73/103)
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر علي بن هبة الله قال «1» : وأما سيمويه بالميم فهو سيمويه الشماس، كان نصرانيا من أهل البلقاء، أسلم وعاش مائة وعشرين سنة، وسمع من النبي صلّى الله عليه وسلّم، روى عنه منصور بن صبيح أخو الربيع بن صبيح، حديثه عند مشايخ بخارى، والله أعلم.(73/104)
[المستدرك من حرف الشين]
[9940] شافع بن محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو النّضر النيسابوري الإسفرايني سمع بدمشق أبا الحسن بن جوصا، وعبد الله بن عتّاب بن الزفتي «1» ، والحسن بن حبيب، ومكحولا البيروتي، ومحمد بن يوسف الهروي، وأبا جعفر الطحاوي، ومحمد بن عبد الله بن فرق الفرغاني، وأبا علي بن محمد بن خالد بن يحيى البيلهي «2» ، وأحمد بن عبد الوارث العسال، وجده أبا عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ الإسفرايني، وأبا عبد الله المحاملي، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وأبا عيسى محمد بن أحمد بن إبراهيم الدّيبلي، وعمر بن الحسن الواسطي الصيرفي، وعلي بن أحمد بن نفيس بسامرا.
روى عنه أبو عبد الله الحافظ، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو سعد الجنزروذي «3» ، وأبو مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله بن شاذان البجلي، وأبو نعيم الأصبهاني الحافظ، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو الطيب يحيى بن علي الدسكري، وأبو الحسين ... «4»
بن الحسين بن محمد ابن الكباش، وأبو سعد الحسين بن عثمان بن أحمد، وأحمد بن سهل العجلي الشيرازي، والقاضي أبو العلاء صاعد بن محمد النيسابوري.
__________
[9940] ترجمته في سير الأعلام 16/388 وتاريخ جرجان ص 189 وتذكرة الحفاظ 3/1020.(73/105)
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل، وأبو القاسم زاهر بن طاهر قالا: أنا أبو سعد «1» محمد بن عبد الرحمن أنبأ أبو النّضر «2» شافع بن محمد بن يعقوب الإسفرايني، نا محمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي، نا أبو بكر محمد بن يزيد، نا يحيى بن حسان، عن سليمان ابن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«من بات كالّا من طلب الحلال بات مغفورا له»
[14237] .
قال: وأنبأ شافع، نا أبو عبد الله محمد بن يوسف الهروي، حدثني محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو حسين النيسابوري، نا الربيع بن ثعلب، نا يحيى بن عقبة، عن محمد بن جحادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الرجل يموت والداه أو أحدهما وإنه لعاقّ لهما، ولا يزال يدعو لهما حتى يكتبه الله برا»
[14238] . قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي بكر أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد الله الحافظ قال: شافع بن محمد بن يعقوب بن إسحاق الإسفرايني أبو النّضر «3» وجده يعقوب هو أبو عوانة الإسفرايني المحدّث المعروف الحافظ، سمع جده أبا عوّانة، وأقرانه من الخراسانيين وسمع بالعراق: المحاملي، وبالجزيرة.... «4» أبي عروبة وأقرانه بالشام أبا الحسن «5» بن جوصا، وأقرانه، وبواسط علي بن عبد الله بن مبشّر، وأقرانه، ورأيت سماعاته التي نظرت فيها صحيحة، وقد خرّجت عنه في الصحيح.
ح أخبرنا أبو القاسم السمرقندي، أنا [أبو] «6» القاسم إسماعيل بن مسعدة، أنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان «7» : شافع بن محمد بن أبي عوانة أبو النّضر روى بجرجان سنة سبع وسبعين وثلاثمائة «8» .(73/106)
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «1» : وأما نضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة: أبو النّضر شافع بن محمد بن أبي عوانة الإسفرايني، روى بجرجان في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، عن أحمد بن عمير بن جوصا، سمع منه حمزة السهمي.
[9941] شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان ابن أحمد بن سليمان بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة ابن الحارث بن ربيعة بن أنور بن أرقم بن أسحم بن النعمان
وهو الساطع- وسمي بذلك لجماله- ابن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة «2» بن تيم الله، وهو مجتمع تنوخ بن أسد بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف «3» بن قضاعة بن مالك بن حمير، أبو اليسر التنوخي المعرّي «4» .
كاتب الإنشاء للمولى الملك العادل أبو القاسم محمود بن زنكي رحمه الله، فاضل من أهل بيت فضل.
ذكر لي أن مولده بشيراز «5» في يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ست وتسعين وأربعمائة، ونقله والده أبو محمد عبد الله إلى عند جده القاضي أبي «6» المجد محمد ابن عبد الله إلى حماة، وربّي في حجر جده وأبيه.
وقرأ على جده القاضي أبي «7» المجد الأدب وغيره من العلوم، وسمع الحديث من جده، ومن أبي عبد الله الحسين ... «8» ابن العجمي بحلب.
وقدم دمشق غير مرة وسكنها.(73/107)
سمعت منه نسخة محمد بن سليم عن أبي هدبة.
أخبرنا القاضي أبو اليسر شاكر بن عبد الله قراءة عليه بداره بدمشق، نا جدي القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن محمد، نا أبو صالح محمد بن المهذب، حدثني جدي أبو الحسين علي بن المهذب، نا جدي أبو حامد بن همام، نا محمد بن سليم القرشي، نا إبراهيم ابن هدبة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنه لينادي المنادي يوم القيامة: أين فقراء أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم؟ قوموا وتصفحوا صفوف القيامة، ألا من أطعمكم فيّ أكلة، أو سقاكم فيّ شربة، أو كساكم فيّ خلقا أو جديدا خذوا بيده فأدخلوه الجنة، فلا يزال صاحب قد تعلق بصاحبه وهو يقول: يا رب العالمين هذا أشبعني، ويقول الآخر: يا رب العالمين هذا أرواني، فلا يبقى من فقراء أمة محمد صغير ممن فعل ذلك ولا كبير إلا أدخلهم الله جميعا الجنة»
[14239] .
أنشدني القاضي أبو القاسم لنفسه وكتبه لي بخطه وصية لأولاده: لله محبوب ظفرت بنظرة منه ففاز من الفؤاد بشطره
وأقام في سودايه مستوطنا لما رثوت إليه ساعة نفره
ظفرت يداي بدرّة منفوسة من ودّه والودّ أنفس دره
مرضنا لحواظه فاعدي سقمها حبل الوفاء لنا فجد بعذره
وسرت عقارب صدغة في ليله حتى إذا انكشفت بواضح فجره
[ذكر من اسمه شبل]
[9942] [شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد] » أبو طاهر الحارثي
سمع سهل بن بشر، وأبا الحسن علي بن طاهر النحوي.
سمع منه ابنه الفقيه أبو البركات المعروف بأبي عبد الله، وأبو محمد بن صابر، وجماعة. رأيته مرات ولم أسمع منه شيئا.
حدثنا أبو البركات الخضر بن شبل الفقيه، أنبأ أبي أبو طاهر، أنا سهل بن بشر، أنا أبو(73/108)
الحسن علي بن عبيد الله الكسائي الهمذاني «1» بمصر، حدثنا القاضي أبو الحسن علي بن عمر ابن موسى الرازي قاضي إيذج «2» ، نا سليمان بن أحمد النعيمي بأصبهان، نا محمد بن موسى الأيلي، نا عمر بن يحيى الأيلي، نا الحارث بن غسان، عن أبي «3» عمران الجوني عن أنس ابن مالك، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا كان يوم القيامة يجاء بالأعمال في صحف محكمة، فيقول الله عز وجل: اقبلوا هذا وردّوا هذا، فتقول الملائكة: وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل، فيقول: صدقتم، إن عمله كان لغير وجهي، وإنّي لا أقبل اليوم إلّا ما كان لوجهي»
[14240] .
ذكر الفقيه أبو البركات: أن مولد أبيه في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة أو قبلها بيسير، وسألته عن وفاته فقال: في شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وذكر أنه لم تفته صلاة في مرضه وكان يقول حين يصلّي بالليل: كل من ذكرني بسوء في حلّ إلّا من رماني بالرفض، فإنه يخرجني عن الإسلام، وحين حضر وقال قد جاء ابني محمد وزينت لي الدار.
كما قال.
[9943] شبل بن حنثر الكلبي
قرأت على أبي الفتوح أسامة بن محمد بن زيد، عن أبي جعفر محمد بن أحمد، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني قال «4» : شبل بن حنثر الكلبيكما قال عدي بن الرقاع في نفسه يشبهها بالجنة:
سنا مستسرا بين هضب هشيمة وبين خبار عدمل قد تهدّما
إذا اكتحلت عين البصير مرامه بداه بذغر فيلسان يتيمما «5»
الهضب العقبة الحمراء، والهشيمة: الشجرة اليابسة «6» ، والخبار: ما لان من الأرض «7» .(73/109)
قال شبل يرد عليه:
لك الويل هلا كنت شبل بن حنثر تشبّهت أو أينا عبار «1» ضيغما
تشبهت ما لا يرقع الدهر بطنه عن الأرض إلا ما حبا وتقحّما
فقال ابن الرقاع يرد عليه:
وفي الناس أشباه كثير ولم أكن لأشبه شرّا من شبيل وألأما
تشبهت ما لو عض شبل بن حنثر لظل شبيل يسلح الماء والدما «2»
[9944] شبل بن الحمار الكلبي
فارس شاعر.
قرأت في بعض الكتب شعرا له قاله في هزيمة حميد بن بحدل.... «3» عمير بن الحباب في بعض ما كان بينهما من الحرب «4» «5» :
نجّى الحساميّة الكبداء «6» مبترك «7» من حربها «8» وحثيث الشّرّ «9» مذعور
من بعد ما التثق السربال طعنته «10» كأنّه بنجيع الورس ممطور «11»
ولّى حميدا ولم ينظر فوارسه قبل النقيرة «12» والمغرور مغرور
فقد جزعت غداة الروع قد لقحت «13» أبطال قيس عليها البيض مسجور
__________
[9944] ورد في الأغاني 24/26 و 27 شبل بن الخيتار.(73/110)
يهدي أوائلها سمح خلائقه ماضي السنان «1» على الأعداء منصور
يخرجن من برد «2» الإكليل طالعة كأنهن جراد الحرّة الزّور
[9945] شبل بن طرخان أبو غالب الأزدي الصوفي
حدث عن أبي بكر ال «3» ... بكتاب اعتلال القلوب، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن عمارة العطار.
حدّث عنه عبد الوهاب الميداني.
[9946] شبل بن علي بن شبل بن عبد الباقي أبو القاسم الصوفي الغاقوني «4»
سمع بدمشق أبا الحسن محمد بن عوف، وأبا عبد الله محمد بن عبد السلام بن سعدان.
روى عنه أبو الفتيان الدهستاني «5» . أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن الحسن الفرغولي «6» ، أنا أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الحافظ، أنا أبو القاسم شبل بن علي بن شبل بن عبد الباقي الصوفي «7» القاقوني «8» ببيت المقدس، أنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي عوف المزني بدمشق، نا أبو الحسن عثمان بن الحسن بن عبد الله بن أحمد الحرفي إملاء، نا جعفر بن محمد بن الفاريابي، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، نا أنس بن عياض، نا(73/111)
الحارث بن عبد الرّحمن، عن عبد الرحمن بن مهران، عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» .
[9947] شبلي بن عبد الملك بن أحمد أبو الحسن البلخي الصوفي
قدم دمشق، وسمع بها، تمام بن محمد، وروى عنه وعن أبي عبد الرحمن السّلمي النيسابوري.
روى عنه علي بن محمد الحنّائي «1» ، وعبد العزيز الكتّاني «2» .
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا شبلي بن عبد الملك البلخي الفقير، قدم علينا، نا أبو القاسم عبد الله بن محمد الرازي قال ابن «3» الأكفاني: وهو أبو تمام بن محمد، نا محمد بن حميد بن سليمان الكلابي، نا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، نا يحيى بن أبي قتيلة المدني أبو إبراهيم، نا مالك بن أنس، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيّب وأبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة»
[14241] .
أخبرنا عاليا أبو الحسن بن قبيس، أنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد بن أبي الرضا، أنا تمام بن محمد، فذكر بإسناده مثله.
[ذكر من اسمه شبة]
[9948] شبّة بن عقال بن شبة بن عقال ابن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان ابن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مرّ بن طابخة التميمي الدارمي المجاشعي
قدم دمشق في صحبة المنصور، وسيأتي ذكر ذلك في ترجمة يزيد بن حاتم.
حدث عن الزهري، وجرير بن الخطفي.(73/112)
حكى عنه الربيع بن يونس، حاجب المنصور، وإسماعيل بن أبان الكوفي، والأصمعي.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «1» قال: أما شبة، فهو شبّة بن عقال بن شبّة روى عن الزهري وغيره.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة، وقرأ عليّ إسناده، أنا أبو علي محمد ابن الحسين، أنا المعافي بن زكريا «2» ، نا محمد بن مزيد «3» الخزاعي، نا الزبير بن بكار، حدثني إسحاق بن إبراهيم التميمي قال: سمعت الفضل بن الربيع يحدّث عن أبيه قال: كنا وقوفا على رأس المنصور وقد طرحت للمهدي وسادة إذ أقبل صالح ابنه فوقف بين السماطين والناس على مقادير أسنانهم ومواضعهم، وقد كان يرشّحه لبعض أموره فتكلم فأجاد، ومد المنصور يده إليه ثم قال: يا بني إليّ واعتنقه، ونظر في وجوه أصحابه: هل يذكر أحد فضله، ويصف مقامه؟ فكلّهم كره ذلك، وقام شبه بن عقال بن معية بن ناجية التميمي فقال «4» : لله در خطيب قام عندك يا أمير المؤمنين! ما أفصح لسانه، وأحسن بيانه، وأمضى جنانه، وأبلّ ريقه، وكيف لا يكون ذلك وأمير المؤمنين أبوه، والمهدي أخوه، هـ وهو كما قال زهير بن أبي سلمى «5» : «6»
يطلب شأو امرأين قدّما حسنا «7» نالا الملوك وبذّا هذه السّوقا «8» هو الجواد فإن يلحق بشأوهما على تكاليفه فمثله لحقا «9»(73/113)
أو يسبقاه على ما كان من مهل فمثل ما قدّما من صالح سبقا
قال الربيع: فأقبل عليّ أبو «1» عبيد الله فقال: والله ما رأيت مثل هذا تخلصا، أرضى أمير المؤمنين، ومدح الغلام، وسلم من المهدي، قال: والتفتّ إلى المنصور فقال: يا ربيع! لا ينصرفنّ التميمي إلا بثلاثين ألف درهم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا محمد بن يونس، نا الأصمعي قال: قال شبة بن عقال «2» :
كنت ردف أبي فلقيه جرير على بغل فحيّاه أبي وسلّم عليه، وسأله عن حاله وألطفه فلما مضى قلت له: يا أبة تفعل به مثل هذا وقد هجاك؟! فقال لي: يا بني فأوسع جرحي.
أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو «3» أحمد بن عدي «4» ، نا علي بن الحسن بن سليمان، نا علي بن حرب، نا إسماعيل بن أبان قال: رأيت أبا بكر بن عيّاش وشبّة بن عقال على حمار ينظران إلى الشعانين «5» يوم عيدهم.
[9949] شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية بن عقال ابن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ ابن طابخة التميمي الدارمي البصري
ولجده صعصعة صحبة. حدث عن أبيه عن جده. روى عنه ابنه عقال.
وكان من أشراف بني تميم ووجوههم.
__________
[9949] ترجمته في الجرح والتعديل 2/1/385.(73/114)
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا علي بن محمد بن نصر النيسابوري، نا هشام بن علي السيرافي، نا عبد الله بن حرب، نا إبراهيم بن محمد المدني، حدثني عقال بن سلمة «1» بن صعصعة بن ناجية المجاشعي، حدثني أبي عن جدي قال: دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله ربّما فضلت الفضلة حتى.... «2» الناس وابن السبيل. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أختك، وأخاك، وأدناك أدناك»
[14242] قال ابن مندة هكذا حدث به ابن هشام عن عبد الله بن حرب، وخالفه غيره.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنبأ أبو بكر بن المقرىء، أنا أبو يعلى الموصلي، نا محمد بن مرزوق البصري، نا عبد الله بن حرب الهلالي، حدثني إبراهيم بن إسحاق «3» ابن داحة «4» المزني، حدثني عقال بن شبّة بن عقال بن صعصعة المجاشعي، حدثني أبي عن جدي، عن أبيه صعصعة قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله ربما فضلت الفضلة خبأتها للنائبة، وابن السبيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمك «5» ، أباك، أختك، أخاك، أدناك» «6»
[14243] .
قال: ونا محمد بن مرزوق، نا عبد الله بن حرب، نا إبراهيم بن إسحاق، نا عقال بن شبة، حدثني أبي عن جدي، عن أبيه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: «احفظ ما بين لحييك، وما بين رجليك»
[14244] قال: فولّيت وأنا أقول؛ حسبي.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن بن أبي عقيل، نا أبو الحسن علي بن الحسن الفقيه، أنا أبو محمد بن النحاس، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، نا محمد بن صالح كيلجة «7» ،(73/115)
نا محمد بن عبد الله بن حرب، نا إبراهيم بن إسحاق المدني «1» ، حدثني عقال بن شبّة بن عقال ابن صعصعة بن ناجية، عن أبيه، عن جده صعصعة بن ناجية قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال: «أملك ما بين لحييك ورجليك»
[14245] .
أخبرنا أبو طاهر يحيى بن محمد بن أحمد بن المحاملي، أنا جابر بن ياسين بن الحسن ابن محمد. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، قالا:
أنبأ أبو طاهر المخلص عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد السكري، نا محمد بن صالح الأنماطي فذكره. أخبرنا أبو طالب بن أبي عقيل، نا أبو الحسن الخلعي، أنا أبو محمد، نا أبو سعيد، نا محمد، نا عبد الله بن حرب، نا إبراهيم بن إسحاق، حدثني عقال بن شبّة بن عقال بن صعصعة بن ناجية، عن أبيه، عن جده عن صعصعة بن ناجية قال: قلت: يا رسول الله ربما أفضلت الفضلة أرفعها للضيف والنائبة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمك، أباك، أختك، أخاك، أدناك أدناك»
[14246] .
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا أحمد بن محمد بن زياد [نا] «2» أبو رفاعة ال.... «3» ، نا عبد الله بن حرب. ح قال: وأنا عبد الرحمن بن حمدان «4» الجلّاب «5» ، نا هلال بن العلاء، نا عقبة بن مكرم، نا عبد الله بن حرب الليثي، نا إبراهيم بن إسحاق المدني، حدّثني عقال بن شبة بن «6» ....، حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه صعصعة بن ناجية قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أمك، أباك، وأختك، أدناك أدناك»
[14247] .
وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «احفظ ما بين لحييك وما بين رجليك»
[14248] قال: فولّيت وأنا أقول حسبي.(73/116)
[قال ابن عساكر:] «1» كذا قال، والصواب شبة وهو ابن عقال بن صعصعة بن ناجية كما تقدم، وقد وقع لي من حديث عقبة بن مكرم عاليا على الصواب
[14249] .
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد الآبنوسي، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر بن ... «2» ، نا أبو عثمان سعيد بن محمد أخو زبير الحافظ، نا عقبة بن مكرم، نا عبد الله بن حرب الليثي، نا إبراهيم بن إسحاق المدني، أخبرني عقال بن شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية المجاشعي، حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه صعصعة بن ناجية قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله ربما فضلت الفضلة خبأتها للنائبة وابن السبيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمك، أباك، أختك، أخاك، أدناك أدناك»
[14250] .
وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «احفظ ما بين لحييك وما بين رجليك» فولّيت وأنا أقول حسبي. قال ابن أبي.... «3» تفرد به عقال بن شبة عن أبيه عن جده. في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، نا علي بن محمد.
قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «4» : شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية المجاشعي، روى عن أبيه عن جده، روى عنه إبراهيم بن إسحاق المدني، سمعت أبي يقول ذلك.
[قال ابن عساكر:] «5» كذا قال، وإبراهيم لم يرو عنه، وإنّما يروي حديثه عن ابن عقال عنه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن علي، أنا(73/117)
عبد الله بن محمد قال: رأيت في كتاب محمد بن سعد: صعصعة بن ناجية بن عقال بن سفيان بن مجاشع بن دارم، من ولده الفرزدق الشاعر. أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، أنا أحمد بن محمد ابن زنجويه، أنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: وأما شبّة بالشين المنقوطة وتحت الباء نقطة فمنهم: شبّة بن عقال التميمي، وكان شبّة هذا يلقّب ظلّ النعامة، وفيه يقول جرير «1» :
فضح المنابر حين ألفي «2» قائما ظل «3» النعامة شبّة بن عقال
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا أبو الحسن العتيقي.
وأخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنا الحسين بن جعفر قالا: أنا الوليد ابن بكر، أنا علي بن أحمد بن زكريا، أنا صالح بن أحمد، حدثني أبي عن جدي قال:
شبّة بن عقال وكان من بني تميم، وكان من أخطب الناس وأبلغهم، ما تمنيت أن يكون لي.... «4» من كلام غيري بكثير من كلامي إلا يوما واحدا، فإنا خرجنا لصاحب لنا نريد أن نزوّجه فبصر بنا أعرابي فظن بنا الذي أردنا فتبعنا، فلما أتينا القوم تكلم الخطيب وذكر السموات والأرض والبحار وطوّل، فلما فرغ قلنا: من يجيبه؟ قال الأعرابي: أنا. قال: قلنا:
أجب، فقال: إنّي والله ما أدري ما نحطاطك هذا اليوم وما ... «5» فإن الحمد لله وصلى الله على رسول الله، أما بعد، فقد توسلت بقرابة وذكرت حقا وعظمت مرجوا، وأنت له كفو كريم، وقد زوّجناه ... «6» هاتوا خبيصكم «7» .
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو القاسم بن البسري، نا أبو طاهر المخلص قال: سمعت أحمد بن نصر بن بجير يقول: سمعت أبا(73/118)
محمد علي بن عثمان بن نفيل يقول: سمعت من يقول أن شبّة بن عقال التميمي اشتكت عينيه فذرها، فأنشأ يقول:
هذا دروران شفاني الدرّ له مضيض داخل وحرّ
والشرّ لا يطفيه إلّا الشرّ(73/119)
ذكر من اسمه شبيب
[9950] شبيب بن حميد بن قحطبة الطائي
قدم دمشق، مع جعفر بن يحيى البرمكي حين قدمها واليا على الشام من قبل الرشيد للإصلاح بين نزار واليمن، له ذكر.
[9951] شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم ابن سميّ بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس ابن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم أبو معمر التميمي المنقري الأهتمي البصري الخطيب
حدث عن الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ومعاوية بن قرّة، وعلي بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وهشام بن عروة، وعمر «1» بن عبد الله بن أبي حسين، ومحمد بن المنكدر، وخالد بن صفوان بن الأهتم.
سمع منه وكيع، والأصمعي وعيسى بن يونس، وهاشم بن القاسم أبو النّضر «2» ، وهشام «3» بن عبيد الله الرازي، وموسى بن إسماعيل التبوذكي، ومسلم بن إبراهيم، وأبو
__________
[9951] ترجمته في جمهرة أنساب العرب ص 217 وتاريخ بغداد 9/274 وتهذيب الكمال 8/272 وتهذيب التهذيب 2/479 وميزان الاعتدال 2/262 والجرح والتعديل 2/1/358 والتاريخ الكبير 2/2/232 الكامل لابن عدي 4/31، ووفيات الأعيان 2/458. وبالأصل: شمر، والمثبت عن تهذيب الكمال.(73/120)
بدر شجاع بن الوليد، ومنصور بن سلمة الخزاعي، وجبارة بن المغلّس، ومعلى «1» بن منصور، وعبد الله بن صالح العجلي.
وقدم دمشق مع المنصور، وسيأتي ذكر قدومه في ترجمة يزيد بن حاتم المهلبي، وكان من فصحاء أهل البصرة، وخطبائهم، وولّاه المهدي الري.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو سعد الجنزروذي «2» ، أنا أبو أحمد الحسين ابن علي بن محمد بن يحيى التميمي إملاء، أنبأ أبو الليث نصر بن القاسم الفرائضي، نا سريج «3» بن يونس، نا أبو معاوية محمد بن حازم، نا شبيب بن شيبة.
ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي «4» .
ح وأخبرنا أم المجتبا فاطمة بنت ناصر قالت: أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرىء، أنا أبو يعلى الموصلي، نا سريج «5» ، نا أبو معاوية، عن شبيب بن شيبة، عن الحسن، عن عمران بن حصين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأبيه حصين: «كم تعبد اليوم إلها؟» قال: سبعة، ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: «أيهم تعدّ لرغبتك ورهبتك» قال: الذي في السماء، قال: «يا حصين، إن أسلمت علّمتك كلمتين» فأسلم حصين، فجاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي حديث الفرائضي: فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: علّمني الكلمتين، قال: «قل اللهم ألهمني رشدي وأعذني من، وفي حديثأبي يعلى: وقني شر نفسي» .
رواه الروياني، عن الصنعاني، عن خلف بن الوليد، عن أبي معاوية.
ومما وقع لي عاليا من حديثه ما.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل، أنبأ أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد.
وأخبرنا أبو القاسم الشّحامي، أنا أبو سعد الجنزروذي، قالا: أنا أبو عمرو بن(73/121)
حمدان، أنا الحسن بن سفيان بن عامر النّسوي «1» ، نا جبارة بن المغلّس، نا شبيب بن شيبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وآيتين فهي خداج» «2»
[14251] .
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي «3» ، نا يسر بن أنس أبو الخير، نا عباس بن محمد، نا منصور بن سلمة، أنا شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب البصري.
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي، حدثنا أبو الفضل الحافظ، أنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين الصيرفي، وأبو الغنائم واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد زاد أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين الأصفهاني قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمد بن سهل، أنا محمد بن إسماعيل قال «4» : شبيب بن شيبة «5» سمع عطاء، عن أبي سعيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما أنزل الله عز وجل داء إلا أنزل معه دواء إلا السام يعني الموت» وسمع أيضا معاوية بن قرّة، روى عنه موسى بن إسماعيل، وقال لنا «6» مسلم هو السعدي وقال أبو بدر ذكره شبيب بن شيبة أبو معمر يقال: الأهتمي، أهتم، ومنقر هو السعدي من تميم كان مع أبي «7» جعفر الهاشمي.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي- إجازة-. ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «8» : شبيب بن شيبة بن الأهتم التميمي أبو معمر الخطيب، ولي الري، روى عن عطاء، والحسن، ومعاوية بن قرّة، وابن أبي حسين، وعلي ابن زيد، وهشام بن عروة، روى(73/122)
عنه عيسى بن يونس، وأبو معاوية الضرير، ومسلم بن إبراهيم، وأبو النّضر «1» هاشم بن القاسم، وموسى بن إسماعيل، وهشام الرازي، سمعت أبي يقول: ليس بقوي.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب «2» بن عبد الله، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن، أخبرني أبي قال: أبو معمر شبيب بن شيبة.
أخبرنا أبو الفضل أيضا، ربما قرأنا عليه عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن محمد، أنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر، نا أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا محمد بن أحمد بن حمّاد قال «3» : أبو معمر شبيب بن شيبة.
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد، أنا نصر بن إبراهيم المقدسي، أنا سليم بن أيوب الفقيه، أنا طاهر بن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم، نا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: شبيب بن شيبة المنقري الخطيب روى عن الحسن، وابن سيرين، كنيته أبو معمر.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه، أنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو معمر شبيب بن شيبة المنقري التميمي ويقال:
الأهتمي السعدي، والأهتم ومنقر وسعد من تميم، وهو سعد بن زيد مناة بن تميم يعدّ في البصريين، وكان مع أبي جعفر الهاشمي سمع الحسن بن أبي الحسن، وعطاء بن أبي رباح، وأبا إياس «4» معاوية بن قرّة المروزي. عنه أبو عمرو مسلم «5» بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل المنقري، وأبو بدر شجاع بن الوليد.
أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد الله، وأبو الحسن علي بن الحسن، قالا: أنا أبو بكر الخطيب «6» : شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب المنقري البصري، وهو شبيب بن شيبة بن(73/123)
عبد الله بن عمرو بن الأهتم «1» بن سمي بن سنان «2» بن خالد «3» بن عبيد بن مقاعس «4» بن عمرو ابن كعب بن سعد بن زيد، حدث عن الحسن، ومعاوية بن قرة، وعطاء بن أبي رباح، وهشام ابن عروة، روى عنه عيسى بن يونس، وأبو بدر شجاع بن الوليد، ومسلم بن إبراهيم، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل، ومعلى بن منصور، وأبو سعيد الأصمعي، وأبو بلال الأشعري، وعبد الله بن صالح العجلي، وكان له كيس «5» وفصاحة، وقدم بغداد في أيام المنصور، واتصل به وبالمهدي من بعده، وكان كريما عليهما، أثيرا عندهما، وقال أبو بلال الأشعري: حدثنا شبيب بن شيبة ببغداد.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف ح. وأخبرنا أبو النجم الشّيحي، أنا- وأبو الحسن بن سعيد، نا- أبو بكر الخطيب قال «6» :
أنبأ أبو سعد الماليني، قالا: نا عبد الله بن عدي «7» ، أنبأ المرزباني- يعني: محمد بن خلف- نا عبد الله بن محمد الكوفي، نا عبد الله بن نصر الكوفي قال: قيل لعبد الله بن المبارك:
تأخذ عن شبيب بن شيبة وهو يدخل على الأمراء؟ فقال: خذوا عنه، فإنه أشرف من أن يكذّب.
أخبرنا أبو النجم، أنبأ- وأبو الحسن، ثنا- أبو بكر الخطيب قال «8» : قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفرات بخطه، ثنا محمد بن العباس الضبي الهروي، نا يعقوب بن إسحاق بن محمود «9» قال: قال أبو علي صالح بن محمد: وشبيب بن شيبة صالح الحديث.
قال «10» : وأخبرني البرقاني، أخبرني محمد بن أحمد بن محمد الأدمي، نا محمد بن(73/124)
علي الأيادي، نا زكريا بن يحيى الساجي قال: شبيب بن شيبة حدّث عن الحسن، عن «1» عمرو بن ثعلب، صدوق، يهم.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، نا أبو صالح أحمد بن عبد الملك، نا أبو الحسن بن السقا قال: نا أبو العباس الأصم، نا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول:
شبيب بن شيبة ليس بثقة.
أخبرنا أبو النجم التاجر، أنبأ- وأبو الحسن العطار، ثنا- أبو بكر الخطيب «2» ، أنا الجوهري، أنا محمد بن العباس، نا محمد بن القاسم الكوكبي، نا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سئل يحيى بن معين وأنا أسمع عن شبيب بن شيبة بصري، فقال: لم يكن بثقة.
قال «3» : وأنا أحمد بن أبي جعفر، أنا محمد بن عدي البصري في كتابه، نا أبو عبيد محمد ابن علي الآجري قال: سألت أبا داود، عن شبيب بن شيبة فقال: ليس بشيء.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، وأبو يعلى حمزة بن علي، قالا: أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنبأ علي بن منير، أنا الحسن بن رشيق، نا أبو عبد الرحمن النسائي قال:
شبيب بن شيبة ضعيف «4» . أخبرنا أبو النجم، أنا- وأبو الحسن، نا- أبو بكر الخطيب «5» ، أنا البرقاني، أنا أحمد ابن سعيد بن سعد، نا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي، نا أبي قال: شبيب بن شيبة ضعيف. ح قال «6» : وأنا البرقاني، نا يعقوب بن موسى الأردبيلي، نا أحمد بن طاهر بن النجم نا سعيد بن عمرو البرذعي قال: قلت لأبي زرعة: شبيب بن شيبة؟ [قال:] «7» ليس بالقوي.
أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشري، أنا محمد بن علي بن علي الدجاجي،(73/125)
وعلي بن محمد بن الحسن الواسطي في كتابيهما عن أبي الحسن الدارقطني.
ح وأخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنبأ أبو ياسر محمد بن عبد العزيز بن عبد الله، أنبأ أبو بكر البرقاني- إجازة- قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني من المتروكين:
شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب بصري، عن البصريين، وهشام بن عروة زاد ابن بطريق:
ضعيف.
أخبرنا أبو النجم الشيحي قال: وأنا- أبو الحسن بن سعيد، نا- أبو بكر الخطيب «1» ، أنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، نا عمر بن أحمد الواعظ، نا أبو داود.
ح قال: ونا عبيد الله بن عمر، حدثني أبي، نا عبد الله بن سليمان، نا علي بن خشرم، أنا عيسى بن يونس، عن شبيب بن شيبة قال: كنت أسير في موكب أبي جعفر أمير المؤمنين، فقلت: يا أمير المؤمنين رويدا، فإني أمير عليك، فقال: ويلك أمير علي؟ قلت:
نعم، حدثني معاوية بن قرّة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أقطف «2» القوم دابة أميرهم»
[14252] فقال أبو جعفر: أعطوه دابة، فهو أهون علينا من أن يتأمر علينا.
قال «3» : وأنا عبيد الله بن عمر الواعظ، [حدثني أبي] «4» نا عبد الله بن محمد، حدثني هارون بن سفيان المستملي، حدثني عبد الله بن صالح بن مسلم، حدثني شبيب بن شيبة قال: قال لي أبو جعفر- وكنت في سمّاره- عظني وأوجز، فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله لم يرض من نفسه أن جعل فوقك أحدا من خلقه، فلا ترض «5» له من نفسك بأن يكون عبد هو أشكر منك، قال: والله لقد أوجزت، وقصّرت، قال: قلت: والله لأن كنت قصّرت فما بلغت كنه النعمة.
[قال ابن عساكر] «6» قيل: وقد روي أنه قال هذا القول للمهدي لا للمنصور.(73/126)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأ أبو الحسن المقرىء، أنا أبو محمد المصري، أنا أحمد بن مروان، نا أحمد بن داود، نا محمد بن سلّام الجمحي قال: قال شبيببن شيبة للمهدي: إن الله تبارك وتعالى لم يرض أن يجعلك دون خلقه، فلا ترض «1» أن يكون أحد أشكر لله منك.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبيد الله بن عبد الرحمن، نا زكريا بن يحيى، ثنا الأصمعي، نا عبد الصمد بن شبيب قال: دخل يوما على المهدي فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، إن الله لما قسم الأقسام لم يرض لك من الدنيا إلا أسناها وأعلاها، فلا ترض لنفسك من الآخرة إلا مثل ما رضي الله لك به من الدنيا، وعليك يا أمير المؤمنين بتقوى الله، فإنها عليكم نزلت ومنكم قبلت، وإليكم تردّ.
أنبأنا أبو علي بن نبهان، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن، وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وأبو علي بن نبهان. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، قالوا: أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرىء قال: حدثنا أبو العباس- يعني ثعلبا- نا عمر بن شبّة، أخبرني معافى بن نعيم، حدثني عبد الله بن رؤبة بن العجاج، عن شبيب بن شيبة قال:
كان لي مجلس من المهدي في كل خميس خامس خمسة، فذكر يوما عيسى بن زيد حين توارى فقال: غمض عليّ أمره فما ينجم لي منه شيء، ولقد خفته على المسلمين أن يفتنهم، فلما سكت قلت: وما يعنيك من أمره؟ فو الله لا يجتمع عليه اثنان، وما هو لذلك بأهل، قال: فرأيته يكره ما أقول، فقطعت كلامي فلما سكت قال: والله ما هو كما قلت، هو والله المحقوق أن يتبع وأن يشق العصا، فلما فرغ قمت وخرجت، فقال للفضل بن الربيع «2» أحجبه عن المجلس، فحجبني أشهرا، ثم حضرت فقال الفضل بن الربيع: يا أمير المؤمنين، هذا شبيب بالباب، فقال: ائذن له، فلما دخلت قال: مرحبا بأبي المعتمر، وكذا كان يكنيني-(73/127)
وكان يكنى أبا معمر- أبقاك الله طويلا، فإن في بقاء مثلك صلاحا للعامة والخاصة، فلما سكت فقلت: يا أمير المؤمنين إني وإياك كما قال رؤبة لبلال بن أبي بردة:
إنّي وقد تعني أمور تعتني على طريق العذر إن عذرتني
فلا ورب الآمنات القطّن ما آيب سرّك إلّا سرّنيشكرا وإن عزّك أمر عزّني ما الحفظ أما النصح إلّا أنني
أخوك والراعي لما استرعيتني إنّي وإن لم ترني كأنني
أراك بالغيب وإن لم ترني من غشّ أو ونى فإني لا أني
عن رفدكم خيرا لكل موطن
قال: صدقت يا فضل، رده إلى مجلسه، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا أبو النجم التاجر، أنبأ- وأبو الحسن بن سعيد، نا- أبو بكر الحافظ «1» ، أخبرني الأزهري، نا عبيد الله بن محمد البزار «2» ، نا محمد بن يحيى الصولي، نا أبو ذكوان، نا محمد بن سلّام [قال:] خرج شبيب بن شيبة من دار المهدي، فقيل له: كيف تركت الناس؟
قال: تركت الداخل راجيا، والخارج راضيا.
قال «3» : أنا الجوهري، أنا محمد بن عمران بن موسى، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، نا محمد بن القاسم بن خلّاد، عن موسى بن إبراهيم صاحب حمّاد بن سلمة قال:
كان شبيب بن شيبة يصلي بنا في المسجد الشارع في مربعة أبي عبيد الله فصلّى بنا يوما الصبح، فقرأ بالسجدة، وهَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ
فلما قضينا الصلاة قام رجل فقال: لا جزاك الله عني خيرا، فإنّي كنت غدوت لحاجة فلما أقيمت الصلاة دخلت أصلي، فأطلت حتى فاتتني حاجتي، قال: وما حاجتك؟ قال: قدمت من الثغر في شيء من مصلحته، وكنت وعدته للبكور إلى دار «4» الخليفة لأتنجز ذلك، قال: فأنا أركب معك فركب معه ودخل على المهدي، فأخبره الخبر، وقصّ عليه القصة، قال: فتريد ماذا؟ قال: قضاء حاجته، فقضى(73/128)
حاجته وأمر له بثلاثين ألف درهم، فدفعها إلى الرجل ودفع إليه «1» شبيب من ماله أربعة آلاف درهم، وقال له: لم تضرّك السورتان.
أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالا: أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدثني العتبي، عن رجل قد أسماه فأنسيت اسمه، قال: كنت أسمع عبد الله بن مصعب يتكلم، فيعجبني كلامه، وأسمع شبيب ابن شيبة التميمي يتكلم فيعجبني كلامه، فكنت أحب أن أسمع كلامهما مجتمعين لأعرف أبلغهما. فاجتمعا يوما على باب أمير المؤمنين فسمعت كلاهما قال: فقلت له: أي الرجل سمعت أبلغ؟ قال: المتكلم حتى يسكت غير أني رأيت لعبد الله بن مصعب إشارة تقع مع كلامه أعجبتني. أخبرنا أبو القاسم العلوي، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا محمد بن شاذان الجوهري، نا معلى بن منصور قال: عزى شبيب بن شيبة المهدي في ابنته، فقال: يا أمير المؤمنين ما عند الله خير لها مما عندك، وثواب الله خير لك منها. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، نا زكريا بن يحيى المنقري، نا الأصمعي، والعلاء بن الفضل، عن أبيه قال: عزى شبيب بن شيبة المهدي عن ابنته البانوقة «2» فقال: جعل الله ثواب ما رزئت به لك أجرا، وأعتقك عليه صبرا، وختم لنا بعاقبة تامة، ونعم عامة، ولا أجهد الله بلاءك بنقمة، ولا غيّر ما بك من نعمة، ثواب الله خير لك منها، وما عند الله خير لها منك، وأحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل.
قال: ونا الأصمعي قال: أخبرني من رأى شبيب بن شيبة المنقري وقد اشتدّ حجاب المهدي عليه، وهو يطلب الوصول فلا يصل، فقال: يا أبا معمر جاهك وقدرك وشرفك تذلّ نفسك هذا الذل؟! قال: اسكت، يذل لها لنعزّ عند غيرهم، فإن من رفعوه ارتفع، ومن وضعوه اتضع.(73/129)
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا- وأبو النجم، أنا- أبو بكر أحمد بن علي «1» ، أنا الجوهري، نا محمد بن عمران المرزباني، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، نا محمد بن القاسم بن خلاد قال: أتى شبيب بن شيبة سليمان بن علي في حاجة، فقال له سليمان: قد حلفت أن لا أقضي هذه الحاجة لأحد، فقال: أيها الأمير إن كنت لم تحلف بيمين قط فحنثت فيها فما أحب أن أكون أول من أحنثك، وإن كنت ترى غيرها خيرا منها فتكفّر؟ قال: أستخير الله عز وجل. أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أحمد بن محمد بن النقور، وعبد الباقي بن محمد بن غالب، قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا عبيد الله بن عبد الرحمن «2» ، نا زكريا بن يحيى المنقري، نا الأصمعي قال: كان شبيب بن شيبة رجلا شريفا يفزع إليه «3» أهل البصرة في حوائجهم، فكان يغدو [في] «4» كل يوم ويركب، فإذا أراد أن يغدو أكل من الطعام شيئا قد عرفه، فنال منه، ثم ركب، فقيل له: إنك تباكر الغداء. فقال: أجل أطفىء به فورة جوفي «5» ، وأقطع به خلوف فمي، وأبلغ به في قضاء حوائجي، فإني وجدت خلأ الجوف وشهوة الطعام يقطعان- وقال ابن النقور: يقطع- الحكيم عن بلوغه في حاجته، ويحمله ذلك على التقصير فيما به إليه الحاجة، فإنّي رأيت النّهم لا مروءة له، ورأيت الجوع داء من الدواء فخذ من الطعام ما يذهب به عنك «6» النهم، وتداو «7» به من داء الجوع. ح أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان، حدثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مجالد، ومحمد بن سعيد.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد.
قالوا: أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرىء قال:(73/130)
قال أبو العباس يعني ثعلبا: قال شبيب بن شيبة لرجل لم يعجبه أدبه: إنّ الأدب الصالح خير من النسب المضاعف.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر الذهبي، نا عبيد الله بن عبد الرحمن، نا زكريا المنقري قال: قال شبيب بن شيبة لرجل من قريش كلّمه فلم يحمد أدبه، فقال: يابن أخي، الأدب الصالح خير من النسب المتضاعف «1» وعزّ الشريف أدبه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن، نا- وأبو النجم بدر بن عبد الله، أنا- أبو بكر الخطيب «2» ، أنا محمد بن أحمد بن رزق، نا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري إملاء، حدثني عبد الرحمن بن حاتم المرادي، نا سعيد بن عفير قال: كان شبيب بن شيبة يقول: اطلبوا العلم بالأدب، فإنه دليل على المروءة وزيادة في العقل، وصاحب في الغربة. أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو الحسين بن النقور، نا عيسى بن علي إملاء، نا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد «3» إملاء سنة أربع عشرة وثلاثمائة، أنا أبو حاتم، عن الأصمعي قال: قال شبيب بن شيبة إخوان خير خير من مكاسب الدنيا هم زينة في الرجاء، وعدة في البلاء، ومعونة على حسن المعاش والمعاد.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر المخلص عبيد الله بن عبد الرحمن، نا زكريا بن يحيى، نا الأصمعي قال: قال شبيب بن شيبة إخوان الصدق خير مكاسب الدنيا، هم زينة الرخاء، وعدّة في البلاء، ومعونة على حسن المعاش والمعاد.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، أنا أبو الحسن علي بن الحسن، أنا أبو محمد ابن النحاس، نا أبو سعيد بن الأعرابي، نا مشرف بن سعيد بن مشرف أبو زيد الواسطي، نا بشر بن قطن قال: سمعت شبيب بن شيبة السعدي يقول: إنّ من إخواني من لا يأتيني في السنة إلا يوم؛ هم الذين أعدّهم للمحيا والممات، ومنهم من يأتيني في كل يوم فيقبّلني وأقبّله، لو قدرت أن أجعل مكان قبلتي إياه عضة عضضته.(73/131)
أخبرنا أبو النجم الشيحي «1» ، وأبو الحسن بن سعيد قالا «2» : حدثنا أبو بكر الخطيب «3» ، أنا التنوخي، نا محمد بن العباس الخزّاز «4» ، نا أبي «5» العباس بن محمد قال:
سمعت أبا العباس المبرّد يقول: قال شبيب بن شيبة: من سمع كلمة يكرهها فسكت، انقطع عنه ما يكره، وإن أجاب سمع أكثر مما يكره.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، قال:
سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد الطلحي يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت سلمة يقول: قال شبيب بن شيبة: من سمع كلمة فسكت عنها سقط عنه ما بعدها، ومن أجاب عنها سمع ما هو أغلظ منها، وأنشأ يقول:
وتنفر نفس المرء من وقع شتمة ويشتم ألفا بعدها ثم يسكت
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأ جدي، أنا محمد بن زيد، نا محمد بن يونس، نا الأصمعي، نا شبيب بن شيبة قال:
خطبت إلى بعض أحياء بني تميم بالبادية فوافق «6» ذلك مني «7» نشاطا فقلت: وأطنبت حتى أني ظننت «8» أني قد أبلغت، فردّ عليّ أعرابي ملتحف بعباءة له، فأخرج يده منها فقال:
توسلت بحرمة، واستقريت برحم ماسة «9» ، وأدللت بحق واجب، وحضضت على خير «10»(73/132)
ودعوة إلى سنة، وأنت كفوء كريم، فمرحبا بك وأهلا، فرضك مقبول، والذي سألت مبذول، وبالله التوفيق، قال شبيب: فلو كان قدم في صدر كلامه حمد الله والصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لكان قد فضحني.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين المقرىء، نا أبو جعفر بن المسلمة وابنه أبو.... «1» قالا: أنا أبو الفرج أحمد «2» بن محمد بن عمر بن الحسن بن المسلمة [أنا] «3» أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، نا أبو مزاحم الخاقاني، نا ابن أبي سعد، نا أبو عثمان المازني، حدثني عمرو بن ترمذة رجل «4» من بني ذهل بن ثعلبة- قال:
شهدت شبيب بن شيبة وهو يخطب إلى رجل من الأعراب بعض حرمته، فطوّل وكانت للأعرابي حاجة.... «5» يخاف فوتها، فاعترض الأعرابي على شبيب وقال له: يا هذا إن الكلام ليس للمكثر المطنب ولكنه للمقل المطيّب، وأنا أقول الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، أما بعد فقد أدليت بقرابة، وذكرت حقا وعظمت مرغبا، فقولك مسموع وخيلك موصول، وبذلك مقبول، وقد زوّجنا صاحبك على اسم الله.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار.
ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو القاسم بن السمرقندي، وعبيد الله بن أحمد ابن محمد بن أبي شيبة، أنا العباس بن محمد مولى بني هاشم، نا أبو سلمة، أخبرنا منصور بن سلمة الخزاعي، أنا شبيب بن شيبة قال: سمعت ابن سيرين يقول: الكلام أوسع من أن يكذب ظريف. أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أحمد بن محمد بن النقور، وأبو منصور بن العطار، قالا: أنا أبو طاهر الذهبي، نا عبيد الله السكري، نا زكريا المنقري، نا(73/133)
الأصمعي، نا شبيب بن شيبة المنقري قال: سمعت «1» يقول: المكثار حاطب ليل «2» يلسع ولا يدري.
قال: ونا الأصمعي قال: قال عبد الصمد بن شبيب بن شيبة، عن أبيه قال: الأديب العاقل هو الفطن المتغافل.
أخبرنا أبو النجم الشّيحي، أنا-[و] «3» أبو الحسن بن سعيد، ثنا- أبو بكر الخطيب «4» ، أنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، نا الحسين «5» بن صفوان، نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، حدثني أبو الحسن الخزاعي، حدثني رجل من ولد شبيب ابن شيبة قال: غاب شبيب بن شيبة عن البصرة عشرين سنة ثم قدمها فأتى مجلسه فلم ير أحدا من جلسائه فقال:
يا مجلس القوم الذين بهم تفرّقت المنازل
أصبحت بعد عمارة قفرا تخرّقك الشّمائل
فلئن رأيتك موحشا لبما أراك وأنت آهل
أخبرنا أبو الحسين بن محمد بن كامل المقدسي قال: أنا محمد بن أحمد بن عمر المعدل في كتابه، أنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى- إجازة- قال: وقال شبيب بن شيبة في أصحابه يذكر مجلسهم:
يا منزل الحي الذين بهم تفرّقت المنازل
أصبحت بعد عمارة قفرا تخرّقك الشمائل
فلئن رأيتك موحشا فبما أراك وأنت آهل(73/134)
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، أنبأ أحمد ابن محمد بن زنجويه، أنبأ أبو أحمد العسكري، أخبرني أبي رحمه الله، أنبأ عسل بن ذكوان، عن الرياشي قال: توفي ابن لبعض المهالبة فأتاه شبيب بن شيبة المنقري يعزّيه وعنده بكر بن حبيب السهمي فقال شبيب: بلغنا أن الطفل لا يزال محبنظيا «1» على باب الجنة يشفع لأبويه، فقال بكر بن حبيب: إنّما هو محبنطيا «2» بالطاء، فقال شبيب: أتقول لي هذا وما بين لابتيها أفصح مني، فقال بكر: وهذا خطأ ثان ما للبصرة واللوب!؟ لعلك غرّك قولهم: ما بين لابتي المدينة يريدون الحرّة، وقال [أبو] «3» أحمد: الحرّة أرض تركبها حجارة سود وهي اللّابة، وجمعها لابات «4» ، فإذا كثرت فهي اللوب «5» ، وللمدينة لابتان من جانبيها وليس للبصرة لابة ولا حرّة، وأما قوله: محبنطىء، فقال أبو عبيد: المحبنطي، بغير همز، هو المتغضب «6»
المستبطىء للشيء، والمحبنطىء، بالهمز، العظيم البطن المنبطح «7» «8» .
أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد، أنا محمد بن عبد الواحد بن جعفر، أنا الدارقطني. ح وقرأت على أبي القاسم بن السمرقندي، عن أبي تمام علي بن محمد، وأبي الغنائم محمد بن علي، عن أبي الحسن الدارقطني. نا محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس الصولي نا أبو بكر محمد بن القاسم بن خلّاد أبو العيناء، نا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي قال «9» : دخل أبي إلى عيسى بن جعفر بن المنصور، وهو أمير البصرة، فعزّاه على طفل مات له، ودخل بعده شبيب بن شيبة المنقري فقال: أبشر أيها الأمير، فإن الطفل لا يزال محبنظيا على باب الجنة يقول: لا أدخل حتى(73/135)
يدخل والديّ، فقال له أبي: يا أبا معمر دع الظاء والزم الطاء، فقال له شبيب: أتقول لي هذا وما بين لابتيها أفصح مني، فقال له أبي: وهذا خطأ ثان من أين للبصرة لابة؟ واللّابة:
الحجارة السود، والبصرة الحجارة البيض، فكان كلما انتعش «1» انتكس.
قال أبو بكر الصولي: حفظته من لفظ أبي العيناء و.... «2» فيه محمد بن خلف وكيع، فسألت أبا ذكوان القاسم بن إسماعيل عن المحبنطى؟ فقال: هو الممتنع:
إنّي إذا استنشدت لا أحبنطي ولا أحبّ كثرة التّمطّي «3»
أي لا أمتنع، وقيل: هو الممتلىء غضبا، وأنشد:
يا أيها الكاسر نحوي عينا كأنه يطلب عندي دينا
ما لك تهدي بنيتها إلينا محبنطيا من غضب علينا
أي ممتلئا، وقيل: هو المنبطح على بطنه، وأنشد:
محبنطيا للبطن بعد الظهر
ح قال: وقال يونس بن حبيب هو الساكت حياء وأنشد:
محبنطي عند الشهود مطرق بيدي حياء وهو مغض محنق
أخبرنا أبو النجم الشّيحي «4» ، أنا- وأبو الحسن العطار قال: ثنا- أبو بكر الخطيب «5» .
ح وأخبرنا إبراهيم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا: أنبأ أبو الحسين بن الفضل القطان، نا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان قال «6» : قال سليمان بن حرب: نا حماد بن زيد قال: جلس عمرو بن عبيد وشبيب بن شيبة ليلة يتخاصمون إلى طلوع الفجر، قال: فما صلوا ليلتئذ «7» ركعتين قال: وجعل عمرو يقول:
هيه أبا معمر، هيه أبا معمر.(73/136)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب، أنا رشأ بن نظيف، أنا الحسن بن إسماعيل، أنا أحمد بن مروان، نا إبراهيم بن علي الأشناني «1» قال: سمعت المازني «2» يقول: لمّا مات شبيب بن شيبة أتاهم صالح المري «3» فقال: رحمة الله على أديب الملوك وجليس الفقراء، وحياة المساكين.
قال المازني: وكان شبيب بن شيبة أبصر الناس بمعاني الكلام مع بلاغة، حتى صار في كلّ موقف يبلغ بقليل الكلام ما لا يبلغه الخطباء بكثيره. ح قال: ونا أحمد بن علي المقرىء، نا الأصمعي قال: ذكر خالد بن صفوان شبيب بن شيبة فقال: ذاك رجل ليس له صديق في السرّ، ولا عدوّ في العلانية.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي قال «4» : أرجو أن شبيب هذا لا يتعمّد الكذب، بل لعله يهم في بعض أحاديثه، وشبيب بن شيبة إنّما قيل له الخطيب لفصاحته، وكان ينادم خلفاء بني أمية، وله أحاديث.
[9952] شبيب بن شيبة بن شبيب بن يزيد بن معروف ابن الهذيل أبو الليث الغسّاني الجدلي
من جديلة غسان «5» ، من أهل بصرى.
قدم دمشق وحدّث بها عن أبيه شيبة بن شبيب.
روى عنه أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي.
[9953] شبيب بن أبي مالك الغسّاني
دمشقي له ذكر فيمن سعى في خلع الوليد بن يزيد.(73/137)
[9954] شبيب بن يزيد بن معروف ابن الهذيل الغسّاني الجدلي
حدّث عن أبيه يزيد بن معروف. روى عنه ابنه شيبة بن شبيب.
[9955] شبيل بن عبد الرّحمن المازني
من جند أهل خراسان، وفد على هشام بن عبد الملك له ذكر «1» .
يأتي ذكر وفوده في ترجمة مغراء بن أحمر «2» .(73/138)
ذكر من اسمه شجاع
[9956] شجاع بن بكر بن محمد أبو محمد التميمي الرومي
حدث عن أبي محمد هشام بن محمد الكوفي.
روى عنه عبد العزيز الكتّاني «1» .
أخبرنا أبو محمد الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد [نا] «2» أبو محمد شجاع بن بكر بن محمد التميمي الرومي «3» - قراءة عليه- نا أبو محمد عبد الله بن محمد الكوفي، نا أحمد بن علي، نا عبد الله بن زيدان، نا سفيان بن وكيع، نا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود كما بدأ» قالوا: يا رسول الله وما الغرباء؟ قال: «الفرّارون بدينهم، يبعثهم الله عز وجل يوم القيامة مع عيسى بن مريم»
[14253] .
[قال ابن عساكر:] «4» عبد الله هذا هو هشام بن محمد، وإنما سماه عبد العزيز:
عبد الله.... «5» متروك الحديث.
__________
[9956] رسمها بالأصل، الرومي، بالراء، وفي المختصر: الدّومي، بالدال المهملة.(73/139)
[9957] شجاع بن علي بن أحمد بن علي أبو الفتح الإمام
حدث عن أبي جعفر الدّيبلي «1» .
روى عنه عبد الوهاب الميداني.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، أنبأ جدي أبو محمد، أنا أبو الحسن علي ابن محمد بن شجاع الربعي- إجازة- أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي، نا أبو الفتح شجاع بن علي بن أحمد بن علي الإمام، نا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الدّيبلي نا أحمد بن الحسن، نا عمر بن إسماعيل، نا محمد بن فضيل، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لما دخلت «2» الجنة رأيت في «3» العرش- أو تحت العرش- إفرندة خضراء مكتوب فيها بقلم من نور أبيض: محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق»
[14254] .
[9958] شجاع بن وهب، ويقال: ابن أبي وهب ابن ربيعة ويقال: زمعة بن أسد بن صهيب بن مالك ابن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة أبو وهب، ويقال: أبو عقبة الأسدي
صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ورسوله إلى الحارث بن أبي شمر إلى غوطة دمشق، ويقال:
إلى جبلة بن الأيهم الغسّاني، ويقال: إلى هرقل مع دحية بن خليفة الكلبي إلى ناحية بصرى، وهو من مهاجرة الحبشة، وشهد بدرا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «4» .
__________
[9958] ترجمته في الإصابة 2/138 والوافي بالوفيات 16/116 وتاريخ خليفة (الفهارس) والجرح والتعديل 2/1/378 وأسد الغابة 2/353 والاستيعاب 2/160 (هامش الإصابة) والعقد الثمين 5/5 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص 352 و 476 و 508 و 622 والطبقات الكبرى لابن سعد 3/94. وكذا بالأصل ومختصر ابن منظور: أبو عقبة وفي مصادر ترجمته أبو وهب، وهو أخو عقبة بن وهب الصحابي المشهور.(73/140)
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنبأ سهل بن السري، نا عبيد الله بن عبد الرحمن، نا يعقوب بن إبراهيم، نا الهيثم بن عدي قال: أنبأنا أبو بكر الهذلي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال:
بعث النبي صلى الله عليه وسلّم شجاع بن أبي وهب الأسدي إلى جبلة بن الأيهم.
قال ابن مندة: ورواه ابن إسحاق عن الزهري، عن المسور بن مخرمة قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي إلى المنذر بن الحارث الغسّاني، وخالفه ابن وهب عن يونس بن يزيد، فقال عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن شجاع بن وهب أن النبي صلى الله عليه وسلّم بعثه إلى جبلة.
كتب إليّ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الحطّاب «1» ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، أنا سهل بن بشر، قالا: أنا محمد بن الحسين بن الطفال، أنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي، أنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، نا هشام بن عبد الملك أبو تقي، نا الوليد بن مسلم، نا إسماعيل بن عيّاش، عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه بعث بكتابه مع دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر، وبعث شجاع بن وهب إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغسّاني «2» .
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمد حدّثني أبو زرعة وأبو بكر محمد وأحمد ابنا عبد الله بن أبي دجانة، قالا: أنا عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري، نا هشام بن عبد الملك اليزني «3» ، نا الوليد بن مسلم، أنا إسماعيل بن عياش، نا محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة قال عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وخبره عن بعث عيسى بن مريم الحواريين واختلافهم عليه، وشكيته ذلك إلى ربّه، وصياح «4» كل امرىء منهم يتكلّم بلسان(73/141)
الأمة التي بعث إليها، وقيام المهاجرين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقولهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرنا وابعثنا، نحوا من هذا الحديث، وقال عيسى بن مريم للحواريين: هذا أمر قد عزم الله لكم عليه فامضوا تفعلوا، فقال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نحن نؤدي عنك، فابعثنا حيث شئت، فقال الحكم بن المطلب: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اذهب أنت يا شجاع بن وهب أخا بني غنم بن دودان إلى هرقل، وليذهب معك دحية بن خليفة الكلبي، فإنه من تخوم الشام، فلا بأس عليه» ، فأما الزهري في حديثه عن عروة، عن المسور بن مخرمة فإنه ذكر أنه بعث بكتابه مع دحية بن خليفة إلى قيصر وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغسّاني «1» .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنبأ أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمد بن سعد «2» ، أنا محمد بن عمر الأسلمي، حدثني معمر بن راشد، ومحمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: وثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن المسور بن رفاعة قال: ونا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، قال: ونا عمر بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن جدته الشّفاء قال: ونا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي قال: ونا معاذ بن محمد الأنصاري، عن جعفر بن عمرو بن جعفر بن عمرو بن أمية الضّمري «3» ، عن أبيه «4» ، عن عمرو بن أمية الضمري دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا:
وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شجاع بن وهب الأسدي، وهو أحد الستة، إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني يدعوه إلى الإسلام، وكتب معه كتابا. قال شجاع: فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق، وهو مشغول بتهيئة الإنزال والألطاف لقيصر، وهو جاء «5» من حمص إلى إيليا فأقمت(73/142)
على بابه يومين أو ثلاثة، فقلت لحاجبه: إنّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليه، فقال: لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا، وجعل حاجبه، وكان روميا اسمه مرى، يسألني عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكنت أحدثه عن صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما يدعو إليه، فيرق حتى يغلبه البكاء، ويقول: إنّي قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي بعينه، وأنا أؤمن به وأصدقه، وأخاف من الحارث أن يقتلني، وكان يكرمني ويحسن ضيافتي، وخرج الحارث يوما فجلس ووضع التاج على رأسه، فأذن لي عليه، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأه ثم رمى به، وقال: من ينتزع مني ملكي؟ أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته، عليّ بالناس، فلم يزل يفرض حتى قام، وأمر بالخيول تنعل «1» ، ثم قال: أخبر صاحبك ما ترى، وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عزم عليه، فكتب إليه قيصر: ألّا تسير إليه واله منه، ووافني «2» بإيلياء. فما جاءه جواب كتابه دعاني فقال: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ فقلت: غدا، فأمر لي بمائة مثقال ذهب، ووصلني [مرى، وأمر لي] «3» بنفقة «4» وكسوة وقال: اقرأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مني السلام، فقدمت على النبي صلّى الله عليه وسلّم [فأخبرته، فقال: «باد ملكه» واقرأته من مرى السلام] «5» وأخبرته بما قال، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «صدق» ومات الحارث بن أبي شمر عام الفتح.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنبأ أبو الحسن السيرافي، أنا أبو عبد الله النهاوندي، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط قال «6» : سنة خمس فيها بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شجاع بن أبي وهب إلى الحارث بن أبي شمر.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد «7» ، أنا محمد بن عمر، حدثني عمر بن عثمان الجحشي قال: كان شجاع بن وهب يكنى أبا وهب، وكان رجلا نحيفا طويلا(73/143)
أجنأ «1» ، وكان من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية، وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينه وبين أوس بن خوليّ. أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا محمد بن يعقوب، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال «2» : قدم المهاجرون المدينة، وكانت بنو غنم بن دودان أهل إسلام، قد أوعبوا إلى المدينة «3» مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هجرة: رجالهم ونساءهم «4»
منهم شجاع بن وهب.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي لفظا، وأبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان قراءة، قالا: أنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء، أنا أبو محمد بن أبي نصر، أنا علي بن يعقوب بن إبراهيم، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، نا محمد بن عائذ القرشي قال: وأخبرني الوليد بن المسلم، عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة في تسمية من شهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس: شجاع بن وهب، وأخوه عقبة بن وهب ابن زمعة بن أسد بن صهيب «5» مالك بن كثير بن غنم بن يزيد بن عيسى بن رباب بن معمر بن صبحة «6» .
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، نا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أنا أبو الحسين ابن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب، نا عمرو بن خالد، وحسان بن عبد الله، وعبد الله بن صالح، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: وشهد بدرا من بني أسد: شجاع بن وهب.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أيضا، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا عيسى بن(73/144)
علي، أنا عبد الله بن محمد، حدثني هارون الفروي، نا أبو فليح، عن موسى بن عقبة، عن الزهري.
ح قال: وحدثني ابن الأموي، حدثني أبي، نا محمد بن إسحاق قال «1» : فيمن شهد بدرا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: شجاع بن وهب بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير «2» بن غنم بن دودان بن أسد.
أخبرنا أبو القاسم، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، أنا رضوان بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الجبّار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال في تسمية من شهد بدرا: شجاع بن وهب بن سعد.
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر ابن المقرىء، نا محمد بن جعفر الزّرّاد «3» ، نا عبيد الله بن سعد، نا عمي، عن أبيه، عن ابن إسحاق قال في تسمية من شهد بدرا من حلفاء بني أمية، من بني أسد بن خزيمة:
شجاع بن وهب وأخوه عقبة بن وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير «4» بن غنم بن دودان ابن أسد بن خزيمة. أخبرنا أبو محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، أنا محمد بن شجاع، أنا محمد بن عمر الواقدي قال «5» : في تسمية من شهد بدرا: شجاع بن وهب وعقبة «6» بن وهب.
قال: وأنا [أبو] «7» عمر، نا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد قال «8» : في الطبقة الأولى ممن شهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس: شجاع بن(73/145)
وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير «1» بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. قال محمد بن عمر: وشهد شجاع بن وهب بدرا وأحدا والخندق والمشاهد [كلها] «2» مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقتل يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة، وهو ابن بضع وأربعين سنة.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا حمد «3» بن عبد الله- إجازة-. ح قال: وأنا أبو طاهر، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «4» : شجاع بن وهب أخو «5» عقبة من المهاجرين الأولين، وهو من بني أسد بن خزيمة، ويقال: إنه من مهاجرة الحبشة الذين قدموا المدينة حين سمعوا بإسلام أهل مكة، سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي، أنا أبو بكر الصفار، أنبأ أبو بكر الحافظ، أنا محمد بن محمد الحاكم قال: أبو وهب شجاع بن وهب الأسدي أحد بني غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، له صحبة من النبي صلّى الله عليه وسلّم، قتل باليمامة سنة ثنتي عشرة، وهو ابن بضع وأربعين سنة، كناه الواقدي.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أخبرنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة قال: شجاع بن أبي وهب الأسدي ممن هاجر من مكة إلى المدينة، شهد بدرا، وهو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى جبلة بن الأيهم ملك غسان. أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، وأبو القاسم غانم بن خالد قالا: أنا أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن موسى، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي، نا علي بن أحمد الصيقل، نا محمد بن رمح، أنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر: أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يشكو «6» حاطبا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كذبت، لا يدخلها، فإنه قد شهد بدرا والحديبية»
[14255] .(73/146)
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا أبو محمد الجوهري، أنبأ أبو عمر بن حيوية، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة، أنا محمد بن عمر «1» ، حدثني ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن عمر بن الحكم قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلا إلى جمع من هوازن ناحية ركبة «2» ، وأمره أن يغير «3» عليهم [فخرج فكان يسير الليل ويكمن النهار حتى] «4» صبّحهم وهو غارون، فأصابوا نعما وشاء كثيرا.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب قال: ذكر حسان بن عبد الله، نا ابن لهيعة، عنأبي الأسود، عن عروة قال في تسمية من قتل من المسلمين يوم اليمامة: شجاع بن وهب بن ربيعة.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، ثنا حنبل بن إسحاق، حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي «5» ، نا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: واستشهد من المسلمين يوم اليمامة: شجاع بن وهب.
أخبرنا أبو القاسم أيضا، أنا أحمد بن محمد بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو بكر بن سيف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر قال في تسمية من أدركنا تسميته ممن قتل يوم اليمامة من حلفاء قريش: شجاع بن وهب الأسدي.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمد، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمد بن سعد قال «6» في الطبقة الأولى: شجاع(73/147)
ابن وهب أحد بني غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، ويكني أبا وهب، قتل يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة، وهو ابن بضع وأربعين سنة.
قرأت على أبي محمد السلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، أنا مكي بن محمد بن الغمر «1» ، أنا أبو سليمان بن زبر «2» ، أنبأ أبي أبو محمد، عن أبيه، ثنا محمد بن المثنى قال:
واستشهد زيد بن الخطاب وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وسالم مولى أبي حذيفة وثابت بن قيس، وشجاع بن وهب أبو وهب من أهل بدر وهو ابن أربعين سنة باليمامة سنة اثنتي عشرة.
[9959] شجرة بن مسلم
حكى عن يونس بن ميسرة بن حلبس، وعروة بن رجاء، وربيعة بن يزيد.
حكى عنه مروان بن محمد الطاطري، وأبو مسهر الغسّاني.
قرأت على أبي محمد السّلمي، عن عبد العزيز الصوفي، أنبأ تمام بن محمد، أنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي، نا محمد بن أحمد، نا محمد بن هارون يعني ابن محمد بن بكار بن بلال، حدثني أبي، حدثني مروان بن محمد، نا شجرة بن مسلم قال: سمعت ابن حلبس وعروة بن رجاء وربيعة بن يزيد يقولون: إذا تمت زينة دمشق فمن كان خارجا منها سلم، ومن كان داخلها هلك، ثم لا يصيبها عذاب بعد ذلك، فقالوا: زينتها بناء المسجد. أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد المزكي، أنبأ عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي، أنا أبو القاسم تمام بن محمد، أنا جعفر بن محمد بن جعفر، نا أبو زرعة قال في تسمية نفر ثقات: شجرة بن مسلم.(73/148)
ذكر من اسمه شدّاد
[9960] شدّاد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن النجار واسمه تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج أبو يعلى، ويقال: أبو عبد الرحمن ابن أخي حسان بن ثابت الأنصاري
من بني مغالة، وهم بنو عمرو بن مالك، له صحبة.
روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعن كعب الأحبار.
روى عنه ابنه يعلى بن شداد، وأبو إدريس الخولاني، وأبو الأشعث الصنعاني «1» ، وأبو أسماء الرحبي، وضمرة بن حبيب، وجبير بن نفير، وشدّاد أبو عمّار، وبشير بن كعب، وكثير ابن مرة، ومحمود بن لبيد، وعبد الرّحمن بن غنم.
وسكن بيت المقدس، وقدم دمشق والجابية، وكان قد شهد اليرموك.
أخبرنا أبو القاسم السعدي، وأبو الحس علي بن هبة الله بن عبد السلام، قالا: أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إسحاق.
__________
[9960] قسم من ترجمة شداد موجود في القسم من تاريخ مدينة دمشق راجع الجزء 22/403 رقم 2708 وسنثبت هنا القسم الأول من ترجمته عن نسخة أحد الثالث المرموز لها بحرف «د» . وبالأصل: أبي عبد الرحمن بدل أبو عبد الرحمن.(73/149)
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمد، أنبأ عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن يحيى، قالا: نا عبد الله بن محمد الدينوري «1» نا علي بن الجعد، أنا سعيد، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني «2» ، عن شداد بن أوس، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته»
[14256] . ح أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، وأبو طاهر محمد بن الحسين، قالا: أنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن سعدان، أنا أبو بكر محمدبن سليمان بن يوسف الربعي، نا أحمد بن عامر بن المعمر، نا هشام بن عمار، ثنا سويد بن عبد العزيز، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي عبيد الله «3» مسلم بن مشكم قال «4» :
خرجنا مع شدّاد بن أوس فنزلنا مرج الصّفّر، فقال: ائتونا بالسفرة نعبث بها، فكان القوم يحفظوها منه فقال: يا بني أخي، لا تحفظوها علي، ولكن احفظوا مني ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، سمعته يقول: «إذا كنز الناس الدنانير والدارهم فأكثروا هؤلاء الكلمات:
اللهم إنّي أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شرّ ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنّك أنت علام الغيوب»
[14257] .
وقد وقع لي هذا الحديث عاليا من حديث الأوزاعي، إلا أنه لم يذكر فيه أبا عبيد الله ولم يسم المنزل.
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنا أبو محمد الجوهري، أنا أبو سعيد الحسن بن جعفر بن عمر بن الوضاح السمسار، نا أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد الحراني، نا(73/150)
يحيى بن عبد الله، حدثنا الأوزاعي «1» حدثني حسان بن عطية قال: نزل شدّاد بن أوس منزلا فقال: ائتوني بسفرة نعبث بها قيل: يا أبا يعلى ما هذه؟ فأنكرت عليه، فقال: ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أحطمها وأرميها غير هذه فلا تحفظوها علي واحفظوا علي ما أقول لكم، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا كنز الناس الذهب والفضة، فأكثروا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة في الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلبا سالما، وأسألك لسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم»
[14258] . أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحديد، أنا جدي أبو عبد الله الحسن بن أحمد، أنا أبو الحسن السمسار، أنا أبو عبد الله بن مروان، أنا أحمد بن المعلى «2» ، نا هشام بن عمار، وعبد الله بن عبد الجبّار الخبائري، قالا: ثنا ابن عيّاش «3» حدثني راشد بن داود الصنعاني، عن أبي الأشعث الصنعاني أنه راح إلى مسجد دمشق وهجّر في الرواح، فلقي شداد بن أوس والصنابحي «4» ، قال: قلت: أين تريدان يرحمكما الله؟
قالا: نريدها هنا إلى أخ لنا «5» نعوده، فانطلقت معهما حتى دخلنا على ذلك الرجل، فقالا له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بنعمة من الله وفضل، فقال له شدّاد: أبشر بكفّارات السيئات وحطّ الخطايا، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول- «يعني قال الله تعالى: إنّي إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا، فحمدني وصبر على ما ابتليته به، فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا، قال: ويقول الرب للحفظة: إنّي أنا قيّدت عبدي وابتليته فأجروا «6» له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر وهو صحيح»
[14259] .
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء، وأبو غالب بن البنا، قالا: أنا محمد بن الحسين بن الفراء، أنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الكاتب، أنا عبد الله بن محمد بن عبد(73/151)
العزيز، نا منصور بن أبي مزاحم، نا عبد الحميد بن بهرام «1» ، عن شهر بن حوشب قال:
سمعت عبد الرحمن بن غنم يقول: لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبا الدرداء ألفينا عبادة بن الصامت، فأخذ يميني بشماله، وشمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي معنا، فقال عبادة: إن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما فيوشك «2» أن تريا الرجل من بين المسلمين قد قرأ القرآن على لسان محمد صلّى الله عليه وسلّم أعاده وأبداه وأحل حلاله، وحرّم حرامه، ونزل عند منازله أو قرأ به على لسان أحد لا يحور «3» فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت فبينما نحن كذلك، إذ طلع علينا شدّاد بن أوس، وعوف بن مالك، فجلسا إلينا، فقال شدّاد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول من الشهوة الخفية والشرك فقال عبادة وأبو الدرداء: اللهم غفرا أو «4» لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب، فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها فهي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد، قال شداد: أرأيتكم لو رأيتم أحدا يصلّي لرجل أو يصوم له أو يتصدق له أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نعم، قال شداد: فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدّق يرائي فقد أشرك» .
فقال عوف: ولا يعبد الله إلا ما ابتغى به وجهه من ذلك العمل كله، فيتقبل منه ما خلص له، ويدع ما أشرك به فيه؟ فقال شداد: فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «أنا خير قسيم، فمن أشرك بي شيئا فإن جدّه وعمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به، أنا عنه غني» «5»
[14260] .(73/152)
[9961] شريح بن هانىء بن يزيد بن نهيك ويقال ابن هانىء بن يزيد بن الحارث بن كعب ويقال غير ذلك أبو المقدام الحارثي الكوفي
أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يره.
سمع علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وأبا هريرة، وأباه هانىء بن يزيد، وعائشة أم المؤمنين.
روى عنه: ابناه محمد والمقدام ابنا شريح، والقاسم بن مخيمرة، والشعبي، ومقاتل ابن بشير، ويونس بن أبي إسحاق. وكان من كبار أصحاب علي، وشهد تحكيم الحكمين بدومة الجندل في صحابة علي، وقدم على معاوية فشفع في كثير بن شهاب الحارثي حين حبسه، فأطلقه له «1» .
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه، نا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر ابن المقرىء، أنا أبو يعلى، نا زهير، نا أبو معاوية، نا الأعمش عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانىء قال: سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت:
أئت عليا فإنه أعلم بذلك، فأتيت عليا فسألته عن المسح على الخفين فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثا
[14261] .
رواه مسلم «2» عن زهير بن حرب.
أنبأنا أبو الغنائم، أنا أبو الفضل، أنا أبو الفضل وأبو الحسين وأبو الغنائم واللفظ له قالوا: أنا أبو أحمد، أنا أبو الفضل وأبو الحسين قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن
__________
[9961] ترجمته في الإصابة 2/166 وتهذيب الكمال 8/328 وتهذيب التهذيب 2/493 والطبقات الكبرى لابن سعد 6/128 والتاريخ الكبير 2/2/228 والجرح والتعديل 2/1/333 والاستيعاب ترجمة 1175 وطبقات خليفة ترجمة 1065 وتذكرة الحفاظ 1/56 وسير الأعلام 4/107 وشذرات الذهب 1/86. وقسم من ترجمة شريح بن هانىء بن يزيد بياض بالأصل، وامتد هذا البياض على مساحة عدة تراجم نستدركها هنا جميعا عن النسخة المخطوطة المصورة «أحمد الثالث» المرموز لها بحرف «د» وسنشير إلى نهاية هذا الأخذ في موضعه.(73/153)
سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال «1» «2» : وقال أحمد عن غندر كان شعبة يرى بأنه مرفوع ويهابه، يعني حدثنا الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن علي في المسح. أخبرنا أبو غالب بن البنا، نا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو الحسن الدارقطني، نا محمّد بن عبد الله بن الحسين العلاف، نا عمير بن الربيع، نا محمد.... «3» نا عبد الملك ابن أبي سليمان، حدّثني محمّد بن شريح، عن شريح، عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمسح على الخفين إذا كان مسافرا لثلاثة أيام ولياليهن وإذا كان مقيما يوما وليلة
[14262] . قال أبو الحسن الدارقطني: تفرد به عبد الملك بن أبي سليمان عن محمد بن شريح بن هانىء وهو أخو المقدام بن شريح وتفرد به محمد بن بشير العبدي عنه.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو طالب بن.... «4» ، أنا أبو بكر الشافعي، نا محمّد بن غالب بن حرب، حدّثني عبد الصمد بن النعمان، نا إسرائيل عن المقدام بن شريح عن أبيه قال قلت لعائشة: ما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصنع؟ قالت: كان يصلي ركعتين قبل الفجر، ثم يخرج فيصلي، فإذا دخل تسوّك
[14263] .
أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن محمد بن إسماعيل المخلدي، أنا أبو العباس السراج نا قتيبة ابن سعد، نا يزيد بن المقدام، عن أبيه المقدام عن أبيه «5» شريح أنه سأل عائشة: أخبريني بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا رجع إليك من المسجد؟ قالت: كان يبدأ بالسواك.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن منده، أنا أحمد بن محمد.... «6» نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير عن قيس بن الربيع «7» عن المقدام بن شريح بن هانىء بن يزيد عن أبيه عن جده هانىء أنه وفد إلى(73/154)
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أناس من قومه فسمعه يكنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكنى أبا الحكم، فقال: لم يكنيك هؤلاء أبا الحكم؟» قال: يا رسول الله. إني أحكم بين قومي في الشيء، يكون بينهم، فيسمع هؤلاء وهؤلاء، فكنوني أبا الحكم. وليس لي ولد، فأنا أبو الحكم. فقال: «هل لك ولد؟» قال: نعم. قال: «ما اسم أكبرهم؟» قال: شريح، قال: «فأنت أبو شريح»
[14264] . قال: وأنا ابن منده، أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم السعدي، نا عبد الله بن أحمد ابن حنبل عن بشار بن موسى الخفاف نا يزيد بن المقدام بن شريح بن هانىء عن أبيه عن جده، في أنه وفد على النبي صلّى الله عليه وسلّم فذكر الحديث.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، نا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيويه، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد، أنا محمد بن عمر عن مجالد عن الشعبي عن زياد بن النضر أن عليا بعث أبا موسى الأشعري ومعه أربع مئة رجل عليهم شريح ابن هانىء ومعهم عبد الله بن عباس يصلي بهم ويلي أمرهم، وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمئة من أهل الشام حتى توافوا بدومة الجندل «1» .
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن «2» نا محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، نا أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى التستري، نا خليفة العصفري قال «3» : وفيها يعني سنة سبع وثلاثين اجتمع الحكمان أبو موسى الأشعري من قبل علي، وعمرو بن العاص من قبل معاوية بدومة الجندل في شهر رمضان بأذرح وهي من دومة الجندل قريبا وبعث علي ابن عباس ولم يحضر، وحضر معاوية فلم يتفق الحكمان على شيء، وافترق الناس، وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين.
أخبرنا أبو سعد الكرماني، وأبو الحسن الهمذاني «4» ، قالا: أنا أبو بكر الشيرازي، أنا أبو عبد الله الحافظ قال قرأت بخط مسلم بن الحجاج: ذكر من أدرك الجاهلية ولم يلق النبي صلّى الله عليه وسلّم ولكنه صحب الصحابة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم منهم شريح بن هانىء الخولاني.(73/155)
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا الهيثم بن كليب إجازة، نا ابن أبي خيثمة، عن سليمان بن أبي شيخ قال: كان شريح بن هانىء جاهليا إسلاميا «1» .
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا موسى بن رباح بن علي، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا محمّد بن أحمد بن حماد، نا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية أهل الكوفة: شريح بن هانىء أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم ووفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم باسمه.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنا أحمد بن عبد الملك، أنا أبو الحسن بن السقا «2» وأبو محمّد بن بالوية قالا: أنا محمّد بن يعقوب، نا عباس بن محمّد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: شريح بن هانىء هو كوفي، قلت ليحيى: شريح بن هانىء من روى عنه؟ قال:
الشعبي.
أخبرنا أبو البركات الحافظ، أنا أبو الفضل الشاهد، أنا أبو العلاء المقرىء، أنا أبو بكر البابسيري، نا أبو أمية ... «3» نا أبي أبو عبد الرحمن قال: قال يحيى بن معين: شريح بن هانىء حارثي.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو الفضل بن البقال، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا عثمان بن أحمد، نا حنبل بن إسحاق قال: قال يحيى بن معين: شريح بن هانىء كوفي.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل بن خيرون. ح وأخبرنا أبو العز ثابت بن منصور، أنا أبو طاهر أحمد قالا: أنا أبو «4» الحسن الأصبهاني، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق، أنا أبو حفص الأهوازي، نا خليفة بن خياط(73/156)
قال «1» : ومن الحارث بن كعب «2» بن علة بن جلد بن مالك بن أدد: [شريح] «3» بن هانىء بن يزيد بن نهيك بن دريد «4» بن سفيان بن الضباب، وهو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث ابن كعب «5» ، في الحاشية، الصواب: دريد «6» . قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا أحمد بن معروف بن بشر قال: نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد قال «7» : ومن بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان: هانىء بن يزيد بن نهيك بن دريد بن سفيان بن الضباب وهو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث بن كعب وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وأسلم.
قال هشام بن محمّد بن السائب الضبي: وهو أبو شريح بن هانىء، ويكنى شريح أبا المقدام، شهد المشاهد كلها وطال عمره وقتل شريح بسجستان زمن الحجاج، وهو الذي يرتجز ويقول:
أصبحت ذا بثّ أقاسي الكبرا قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمت أدركت النبيّ المنذرا وبعده صدّيقه وعمرا
ويوم مهران «8» ويوم تسترا وبا جميراوات «9» والمشقّرا «10»
هيهات ما أطول هذا عمرا(73/157)
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن، عن محمّد بن محمّد بن مخلد، نا علي بن محمّد بن خزفة. ح وعن أبي الحسن بن الآبنوسي، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل قراءة، قالا: أنا محمّد ابن الحسين، نا ابن أبي خيثمة، أنا سليمان بن أبي شيخ قال:
شريح بن هانىء الحارثي «1» كان جاهليا إسلاميا قال في إمرة الحجاج «2» :
أصبحت بثّ أقاسي الكبرا قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمّت أدركت النبيّ المنذرا وبعده صدّيقه وعمرا
والجمع في صفّينهم والنّهرا ويوم مهران ويوم تسترا
وباجميراوات والمشقّرا هيهات ما أطول هذا عمرا
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمّد بن يوسف، أنا أحمد بن محمّد بن عمر «3» ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد «4» قال في الطبقة الأولى من أهل الكوفة: شريح بن هانىء الحارثي قتل بسجستان مع عبيد الله بن أبي بكرة. روى عن علي وعائشة. أنبأنا أبو طالب بن يوسف، وأبو نصر بن البنا، قالا: قرىء على أبي محمّد الجوهري، عن أبي عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد قال «5» : في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة: شريح بن هانىء بن يزيد ابن نهيك بن دريد بن سفيان بن الضباب من بني الحارث بن كعب، روى عن عمر، وعن سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وكان شريح من أصحاب علي بن أبي طالب، وشهد معه المشاهد، قال: وكان ثقة، له أحاديث، وكان كبيرا، وقتل بسجستان مع عبيد الله بن أبي بكرة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا ثابت بن بندار، أنا محمّد بن علي بن يعقوب، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد، أنا الأحوص بن المفضّل قال: قال أبي: شريح بن هانىء بن(73/158)
يزيد بن نهيك الحارثي وقتل بسجستان وكان من المعمرين، وهو الذي.... «1» صالح بن أبي بكرة.... «2» ودعا.... «3» إلى الجهاد، فأجابوه، فقاتلوا حتى قتلوا وجعل يرتجز ذلك اليوم:
أصبحت ذا بثّ أقاسي الكبرا قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمّت أدركت النبيّ المنذرا
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن والمبارك بن عبد الجبار، ومحمّد بن علي، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد الغندجاني، زاد أبو أحمد، وأبو الحسين الأصبهاني قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد ابن إسماعيل، قال «4» : شريح بن هانىء بن يزيد بن كعب الحارثي من اليمن الكوفي، سمع عليا، وأباه، وعائشة، سمع منه ابنه المقدام، نا أحمد بن يونس، نا زهير، نا الحسن، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة «5» قال: ما رأيت حارثيا أفضل من شريح وأثنى عليه خيرا.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة. ح قال وأنا أبو طاهر الحسين بن سلمة، أنا علي بن محمد. قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال «6» :
شريح بن هانىء بن «7» الحارث بن كعب الحارثي من أهل اليمن، كوفي، روى عن علي بن أبي طالب، وسعد «8» ، وأبيه، وعائشة، روى عنه القاسم بن مخيمرة، وابنه المقدام ابن شريح سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد، أنا نصر بن إبراهيم، أنا سليم بن أيوب، أنا أبو نصر، نا بحر بن محمد بن سليمان، نا علي بن إبراهيم، نا يزيد بن محمّد بن إياس قال:(73/159)
سمعت محمّد بن أحمد المقدمي يقول: شريح بن هانىء هو ابن هانىء بن يزيد.... «1» . أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو صادق الأصبهاني، أنا أحمد بن محمّد بن زنجويه، أنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: وأما شريح الشين معجمة والحاء غير معجمة منهم:
شريح بن هانىء بن يزيد بن نهيك وهو من اليمن، روى عن علي، وسعد، روى عنه القاسم ابن مخيمرة، وابنه المقدام بن شريح بن هانىء؛ وهو الذي سأل عائشة: «عن المسح على الخفين» فقالت: سل عليا، ويقال: إن شريح بن هانىء طال عمره وقتل بسجستان في زمن الحجاج قتله الترك ويروى له:
أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا قد عشت بين المشركين أعمرا «2»
ثمّت أدركت النبيّ المنذرا وبعده صدّيقه وعمرا
هيهات ما أطول هذا عمرا
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: شريح بن هانىء بن يزيد بن كعب الحارثي الكوفي من اليمن، سمع عليا، وأباه، وعائشة، سمع منه ابنه المقدام، والقاسم بن مخيمرة، والعباس بن ذريح «3» وغيره.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي زكريا البخاري. ح حدّثنا خالي أبو المعالي القاضي، أنا أبو الفتح الزاهد، أنا أبو زكريا، نا عبد الغني بن سعيد قال في باب شريح «4» بالشين المعجمة: شريح بن هانىء والد المقدام.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة قال: شريح بن هانىء بن يزيد الحارثي أبو المقدام، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم.... «5» شريح روى عنه ابنه المقدام.
أنبأنا أبو سعد محمّد بن محمّد بن محمّد، وأبو علي الحسن بن أحمد قالا: أنا أبو(73/160)
نعيم الحافظ قال: شريح بن هانىء بن يزيد الحارثي أبو المقدام، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم ودعا له، وبه كنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أباه هانئا أبا شريح.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «1» : وأما شريح بشين معجمة، وحاء مهملة فهو: شريح بن هانىء بن يزيد بن كعب «2» الحارثي الكوفي، من اليمن، سمع عليا، وعائشة، وأباه، سمع منه ابنه المقدام، والقاسم بن مخيمرة، والعباس بن ذريح، وغيرهم.
قرأت على أبي عبد الله بن يحيى بن الحسن، عن أبي تمام علي بن محمّد الواسطي، وعن أبي الحسين بن الآبنوسي قالا: أنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل. ح وقرأنا على أبي عبد الله، عن أبي الحسن «3» بن مخلد، أنا أبو الحسن بن خزفة قالا: أنا أبو «4» عبد الله الزعفراني، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا أحمد بن يونس، نا زهير بن معاوية، نا الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانىء، وما رأيت حارثيا أفضل منه «5» ، أو قال أثنى عليه خيرا «6» .
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، نا أبو الميمون، نا أبو زرعة «7» ، نا أحمد بن عبد الله بن يونس، نا زهير، نا الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة قال: ما رأيت حارثيا أفضل منه، يعني من شريح بن هانىء، وأثنى عليه خيرا.
قال أبو زرعة: وشريح القاضي: شريح بن الحارث، يكنى أبا أمية، وشريح أبو المقدام ابن «8» شريح، هو: شريح بن هانىء.(73/161)
أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد، وأبو الفضل محمّد بن ناصر، قالا: أنا المبارك ابن عبد الجبار، أنا إبراهيم بن عمر الفقيه، نا محمد بن عبد الله بن خلف، أنا عمر بن محمّد الجوهري، نا أحمد بن محمّد بن هانىء قال: قيل لأبي عبد الله: شريح بن هانىء صحيح الحديث؟ فقال: نعم، هذا متقدم جدا، روى الناس عنه «1» .
قيل لأبي عبد الله: المقدام بن شريح هو ابنه «2» ؟ فقال: نعم، قلت: روى عنه أيضا عمارة؟ فقال: نعم.
ذكر أحمد بن محمّد بن الحجاج المرّوذي «3» قال «4» : سألت أحمد بن حنبل عن شريح بن هانىء؟ فقال: ثقة.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله، أنا أبو القاسم، أنا أبو علي إجازة.
ح قال وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد. قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم «5» ، أنا علي بن أبي طاهر فيما كتب إلي، نا الأثرم قال: قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: شريح بن هانىء صحيح الحديث؟ قال: نعم، هذا متقدم جدا، روى الناس عنه، قال: وذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: شريح بن هانىء، [ثقة] «6» .
أنبأنا أبو محمّد الأكفاني، نا أبو محمّد الكتاني، أنا رشأ بن نظيف، وعلي بن الحسن بن علي ابن أبي زروان.......... «7» بن محمّد، أنا محمّد بن محمّد بن داود، نا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش قال..... «8» .(73/162)
أخبرنا] «1» أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري..... «2» قال في تسمية أمراء يوم الجمل من أصحاب علي وجعل..... «3» بن هانىء الحارثي.
أخبرنا أبو الفرج بن علي في كتابه، نا أبو بكر أحمد بن علي، أنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق.... «4» ، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرقي، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني، نا أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السجستاني قال «5» : قالوا: وعاش شريح بن هانىء بن نهيك بن دريد بن سفيان بن سلمة وهو الضباب بن الحارث بن كعب من مذحج عشرين ومائة سنة، فيما ذكر ابن الكلبي عن أبي مخنف، [قال:] «6» أنا أشياخنا «7» من بني الحارث قالوا: ثم قتل في ولاية الحجّاج بن يوسف مع ابن أبي بكرة، فقال وهو يرتجز قبل أن يقتل:
قد عشت بين المشركين أعصرا ثمّت أدركت النبيّ المنذرا
وبعده صدّيقه وعمرا ويوم مهران ويوم تسترا
والجمع في صفّينهم والنّهرا هيهات ما أطول هذا عمرا
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا نصر بن أحمد بن نصر، أنا محمّد بن أحمد، وأحمد بن علي بن سوار قالا: أنا أبو الفرج الطناجيري قالا: أنا محمّد بن زيد الأنصاري، أنا أبو جعفر الشيباني، نا هارون بن حاتم نا أصحابنا منهم أبو نعيم قال: مات شريح بن هانىء وله مائة وعشرين سنة.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا محمّد بن علي السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، أنا أحمد بن عمران، نا موسى التستري «8» ، نا خليفة قال «9» : وفيها يعني سنة ثمان وسبعين ولّى(73/163)
الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان، فوجه عبيد الله بن أبي بكرة أبا بردعة، فأخذ عليه المضيق وقتل شريح بن هانىء الخولاني «1» وأصاب المسلمين ضيق وجوع شديد، فهلك عامة ذلك الجيش.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العز الكيلي، قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون قالا: أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد، نا عمر بن أحمد بن إسحاق، نا خليفة بن خياط قال «2» :
شريح بن هانىء ابن يزيد بن نهيك بن دريد «3» بن سفيان بن الضباب وهو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث بن كعب قتل مع أبي بكرة بسجستان سنة ثمان وسبعين.(73/164)
[ذكر من اسمه] «1» شريف
[9962] شريف بن أبي حكيم بن محمّد أبو القاسم ... «2» السجستاني
قدم دمشق وحدث بها عن أبي مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان الأصبهاني «3» الحافظ.
سمع منه وكتب عنه أبو القاسم بن صابر السلمي.(73/165)
ذكر من اسمه شريك
[9963] شريك بن الأعور واسم الأعور الحارث الحارثي
شاعر من أهل البصرة.
وفد على عمر بن الخطاب وكان من أصحاب علي، شهد معه الجمل وصفّين.
وفد على معاوية بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخياط، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجرودي، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب، حدثني أبي أبو طالب علي بن محمّد، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر السعيدي، حدّثني جعفر بن أحمد بن سعدان، نا الحسن بن جهور قال: قال ابن الكلبي «1» : زعموا «2» أن معاوية جلس ذات يوم بين يديه السماطان، فدخل الناس وأشراف العرب، ودخل فيمن دخل شريك بن الأعور الحارثي وافدا، فلما أن اطمأن به مجلسه نظر إليه معاوية، فقال: ما اسمك؟ قال: شريك. فقال معاوية: ما لله من شريك «3» ، وإنك لأعور، والصحيح خير من الأعور، وإنك لدميم «4» والجميل خير من الدميم، فبم سدت قومك؟ فقال له شريك: والله(73/166)
لقد أحميت أنفي ولا بد من إجابتك، فو الله إنك لمعاوية، وما معاوية إلّا كلبة عوت فاستعوت، وإنك لابن صخر، والسهل خير من الصخر، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب، وإنك لابن أمية، وما أمية إلا أمة صغرت فاستصغرت، فبم سدت قومك «1» ؟ فقال:
يا غلام، أقمه، فقام شريك، وأنشأ يقول «2» :
أيشتمني معاوية بن صخر «3» وسيفي صارم ومعي لساني؟
وحولي من ذوي يمن «4» ليوث ضراغمة تهشّ إلى الطعان
يعيرني الدمامة من سفاه وربات الحجال من الغواني «5»
ذوات الدلّ في خيرات عصب يحيون الهجان مع الحسان «6»
فلا تبسط لسانك يابن حرب علينا إذ بلغت مدى الأماني
فإن تك للشقاء لنا أميرا فإنا لا نقر «7» على الهوان
وإن تك من أمية في ذراها فإني من بني عبد المدانقرأت «8» بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عنه، أنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي. أنا أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم. نا أحمد بن سعيد القرشي. حدثني الزبير بن بكار، حدثني علي بن صالح عن عامر «9» بن صالح قال:(73/167)
دخل شريك بن الأعور الحارثي على معاوية، وكان دميما قصيرا. فقال له معاوية:
إنك لدميم والجميل خير من الدميم، وإنك لشريك، وما لله من شريك. وإنك لابن الأعور والبصير خير من الأعور، فكيف سدت قومك؟
فقال له شريك: يا معاوية، إنك معاوية، وما معاوية إلا كلبة عوت، فاستعوت، وإنك لابن حرب، والسلم خير من الحرب، وإنك لابن صخر، والسهل خير من الصخر، وإنك لابن أمية، وما أمية إلا أمة صغرت. فكيف صرت أمير المؤمنين؟
ثم خرج من عنده وهو يقول:
أيشتمني معاوية بن صخر وسيفي صارم ومعي لساني
وحولي من ذوي يمن ليوث ضراغمة تهش إلى الطعان
يعيرني الدمامة من سفاه وربات الخدور هي الغواني
ذوات الحسن والرئبال شثن شتيم وجهه ماضي الجنان
فلا تبسط لسانك يا بن حرب علينا إذ بلغت مدى الأمانيفإن تك للشقاء لنا أميرا فإنا لا نقر على الهوان
وإن تك من أمية في ذراها فإني في ذرى عبد المدان
زاد غيره بعد «الأماني» .
متى ما تدع قومك أدع قومي وتختلف الأسنة بالطعان
يجبني كل غطريف شجاع كريم قد توشح باليماني
وبعده: فإن تك للشقاء.... البيتان.
بلغني أن شريك بن الحارث الحارثي المعروف بابن الأعور توفي بالكوفة قبل مقتل الحسين بن علي عليه السلام بيسير. وكان ابن زياد قد استصحبه من البصرة إلى الكوفة.
وكانت وفاته بعد خروج مسلم بن عقيل بثلاثة أيام.
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، أنا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط قال «1» :(73/168)
وفي سنة ستين بعث الحسين بن علي بن أبي طالب مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى أهل الكوفة ليبايعوه، فبايعه ناس كثير. فجمع يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد العراق، فخرج إلى الكوفة فقتل مسلم بن عقيل وهانىء بن عروة المرادي.
وبلغني أن خروج مسلم كان يوم الثلاثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجة سنة ستين، ويقال: يوم الأربعاء لسبع مضين من ذي الحجة يوم عرفة.
[9964] شريك بن سلمة المرادي
شهد صفين مع معاوية، وقيل: إنه أحد قتلة عمار بن ياسر، له ذكر.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد «1» ، أنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون «2» ، قال: قتل عمار بن ياسر، وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان أقدم في الميلاد من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان أقبل إليه ثلاثة «3» نفر عقبة بن عامر الجهني، وعمر بن حارث الخولاني، وشريك بن سلمة المرادي، فانتهوا إليه جميعا وهو يقول: والله لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر علمت أنّا على حقّ، وأنتم على باطل، فحملوا عليه جميعا فقتلوه. وزعم بعض الناس أن عقبة بن عامر هو الذي قتل عمّارا، وهو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفان، ويقال: بل الذي قتله عمر بن الحارث الخولاني. قال: وفي غير هذه الرواية: أن قاتل عمارا أبو الغادية يسار بن سبع الجهني، ويقال: المزني، وهو أشهر من هذه.
[9965] شريك بن شدّاد الحضرمي الشيعي
كوفي من التابعين أحد الاثني عشر الذين قدم بهم من الكوفة مع حجر بن عدي إلى عذراء وقتل بها.
تقدم ذكر قدومه في ترجمة أرقم بن عبد الله.(73/169)
قرأت بخط أبي الحسين أحمد بن محمّد بن يعقوب البغدادي، أخبرني أبو بكر محمّد بن أحمد بن هارون العسكري البزاز، أخبرني إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي، حدّثني محمّد بن حميد، نا جرير بن عبد الحميد عن عنبسة بن سعيد، عن المغيرة بن النعمان، عن رجل من أهل البصرة قال:
خرجت أريد بيت المقدس فأواني المطر إلى صومعة راهب، فأشرف علي، فقال: أين تريد؟ قلت: بيت المقدس، قال: ثم أين؟ قلت: المدينة، قال: هل أنت مبلغ كعب الأحبار عني رسالة؟ قال: فقلت: نعم، إلا أن أنسى أو أموت، قال: قل له إذا لقيته: إن راهب بني فلان يقول لك: ما بال مسجد القطموس «1» ؟ فقدمت بيت المقدس فقضيت حاجتي ثم أتيت المدينة فلقيت كعبا فبلّغته رسالة الراهب، فقال: إذا قضيت حاجتك وأردت الرجعة فائتني، فأتيته حين قضيت حاجتي فقال: إذا أتيته فقل له: إن كعبا يقول لك: ما حال قتلى عذراء؟
فلمّا أن لقيته قلت: إن كعبا يقول كذا وكذا، فقال: قاتل الله كعبا، ما بقي أحد أعلم منه، ثم انقمع في صومعته، فقلت: إنّي قد بلّغتك عن كعب، وأبلغت كعبا عنك، ثم أخرج من بينكما صفرا؟ والله لا أبرح حتى تخبرني أو تأكلني السباع، فتحمل دمي، قال: فجعل يلاحظني النظر، فلما رآني لا أبرح أشرف علي فقال: إنّا نجد في كتابنا: أن قوما من أهل دينكم يقتلون بعذراء لا حساب عليهم، ولا عذاب، فما مكثت إلّا يسيرا حتى جيء بحجر بن عدي وأصحابه، فقتلوا بعذراء.
[9966] شريك بن عبد الله الكناني الفلسطيني شهد مع معاوية صفين، وكان أميرا على كنانة فلسطين يومئذ، وكان من العشرة الذين وجههم يزيد إلى ابن الزبير يدعوه إلى الطاعة، له ذكر في حديث من رواية الهيثم بن عدي.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى التستري، نا خليفة بن خياط العصفري، قال «2» : وقال أبوعبيدة:
وكان على كنانة فلسطين- يعني يوم صفين- شريك الكناني.
__________
[9966] الكناني تحرفت بالأصل إلى: الكتاني.(73/170)
[9967] شريك بن عبد ربه النميري
أوفده يوسف بن عمر الثقفي على هشام بن عبد الملك وأثنى عليه لتوليه خراسان، فأبى هشام ذلك، تقدم ذكر وفادته في ترجمة سلم «1» بن قتيبة «2» .
[9968] شريك بن عبدة العجلاني
أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم وبعثه أبو بكر رسولا إلى خالد بن الوليد حين ... «3» ... دومة الجندل إلى دمشق، وبعثه عمر بن الخطاب رسولا إلى عمرو بن العاص على الشام حين أمره بالتوجه إلى فتح مصر.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد، نا محمّد بن عمر، نا شيبان بن عبد الرّحمن، عن جابر، عن عامر، عن البراء بن عازب قال: وحدّثني طلحة بن محمّد بن سعيد، عن أبيه، عن سعيد بن المسيّب، قالا:
كتب أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد حين فرغ من أهل اليمامة أن يسير إلى العراق، فخرج خالد من اليمامة فسار حتى أتى الحيرة، فنزل بحرّان والمرزبان بالحيرة ملك، كان لكسرى ملكه حين مات النعمان بن المنذر فتلقاه بنو قبيصة وبنو بقيلة وعبد المسيح بن حيان بن بقيلة، فصالحوه على الحيرة، وأعطوه الجزية مائة ألف درهم على أن يتنحىّ إلى السواد، ففعل، وصالحوه وكتب لهم كتابا. وكانت أول جزية في الإسلام «4» ، ثم سار خالد إلى عين التمر فدعاهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلهم قتالا شديدا فظفره الله بهم، فقتل وسبى «5» ، وبعث بالسبي إلى أبي بكر الصدّيق ثم نزل بأهل ألّيس «6» وهي قرية أسفل الفرات،
__________
[9968] ترجمته في الاستيعاب 2/150 (هامش الإصابة) ، والإصابة 2/151 وفيها 2/150 باسم شريك ابن سحماء، وهي أمه. وأسد الغابة 2/370 والوافي بالوفيات 16/150 وجمهرة أنساب العرب ص 443.(73/171)
فصالحهم، وكان الذي ولي صلحه هانىء بن جابر على ثمانين ألف درهم، ثم سار فنزل ببانقيا «1» على شاطىء الفرات فقاتلوه ليلة حتى الصباح ثم طلبوا الصلح، فصالحهم، وكتب لهم كتابا «2» ، وصالح صلوبا بن بصبهرى «3» ومنزله بشاطىء الفرات على جزية ألف درهم.
ثم كتب إليه أبو بكر يأمره بالمسير إلى الشام، وكتب إليه: إنّي قد استعملتك على جنود، وعهدت إليك عهدا تقرؤه وتعمل بما فيه، فسر إلى الشام حتى يوافيك كتابي، فقال خالد: هذا عمل عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يديّ، فاستخلف المثنى ابن حارثة الشيباني مكانه، وسار حتى نزل دومة الجندل، وأوفاه كتاب أبي بكر وعهده مع شريك بن عبدة العجلاني، فكان أحد الأمراء بالشام خلافة أبي بكر وفتح بها فتوحا كثيرة، وهو الذي ولي صلح أهل دمشق، وكتب لهم كتابا فأنفذوا ذلك له، فلما توفي أبو بكر وولي عمر بن الخطاب عزل خالدا عما كان عليه وولّى أبا عبيدة بن الجرّاح، فلم يزل خالد مع أبي عبيدة في جنده يغزو وكان له بلاء وغناء وإقدام في سبيل الله حتى توفي، رحمه الله، بحمص سنة إحدى وعشرين، وأوصى إلى عمر بن الخطاب، ودفن في قرية على ميل من حمص.
قال محمّد بن عمر: سألت عن تلك القرية فقيل قد دثرت.(73/172)
[ذكر من اسمه] «1» شعبة
[9969] شعبة بن عثمان بن خريم التميمي
شهد حصار دمشق مع عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: شعبة بن عثمان بن خريم»
بن عمرو من بني مالك بن عمرو بن تميم، هو الذي وجهه عبد الله بن علي الهاشمي في طلب مروان بن محمّد، وكان من فرسان خراسان.
[9970] شعبة بن القلعم المازني من بني مازن بن عامر بن تميم
من أهل البصرة.
وفد على معاوية وكان ممن شهد ابن زياد بن أبي سفيان، تقدم ذكر وفوده في ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي «3» .
__________
[9970] في الإصابة 1/580 العلقم بدل القلعم.(73/173)
[ذكر من اسمه] «1» شعلة
[9971] شعلة بن بدر أبو العباس الإخشيدي
ولي إمرة دمشق سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، من قبل أبي القاسم أنوجور «2» وأبي الحسن علي ابني «3» الإخشيد أبي بكر محمّد بن طغج الفرغاني في خلافة المطيع لله وكان بطلا شجاعا محتكرا غلت في ولايته الأسعار، وامتدت ولايته إلى أن قتل في عمل طبرية في حرب بينه وبين واليها ملهم العقيلي في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وكانت ولايته إياها بعد أبي المظفر الحسن بن طغج «4» الثانية.
__________
[9971] ترجمته في أمراء دمشق في الإسلام ص 61 وتحفة ذوي الألباب 1/357 والوافي بالوفيات 16/159 والنجوم الزاهرة 3/313 وتاريخ الإسلام (وفيات سنة 341- 350) ص 328.(73/174)
[المستدرك من حرف العين]
[ذكر من اسمه عبد الله]
[9972] عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف ابن عم رسول الله (ص) أبو العباس الهاشمي
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا ابن عشر سنين مختون «1» .
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصّل «2» .
وفي رواية: توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين «3» .
__________
[9972] مرّ قسم من ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر-، ووقع سقط كبير بالأصل المعتمد (نسخة السليمانية- الظاهرية) والنسخة المغربية المرموز لها بحرف «م» ، والنسخة الأزهرية المرموز لها بحرف «ز» استمر هذا السقط إلى ترجمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، حيث تداخلت ترجمته بالأصل و «م» بأخبار عبد الله بن عباس بن عبد المطلب.
نستدرك من هنا ترجمة ابن عباس وبقية التراجم الساقطة عن مختصر ابن منظور، وباقي مصادر تراجمهم، ونحاول أن نبقي على منهج المصنف ابن عساكر في تناوله أخبارهم.(73/175)
وعن ابن عباس قال «1» : أقبلت راكبا على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك عليّ.
قال محمد بن عمر «2» :
لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد «3» : سمعت ابن عباس يقول:
أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان ودعا سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن العباس وقال: «اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل» «4» .
وكان بحرا لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام «5» .
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عسى ألا يموت حتى يؤتى علما ويذهب بصره» «6» .
وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غوّاص، وكان إذا رآه مقبلا(73/176)
قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول «1» .
وقيل في كنية عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنفية «2» .
وغزا عبد الله بن عباس إفريقية مع عبد الله بن سعد «3» سنة سبع وعشرين. وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير ابن الهزم «4» بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان «5» .
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة «6» : الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمّام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله ويقول:
تمّوا بتمّام فصاروا عشره يا ربّ فاجعلهم كراما برره
واجعلهم ذكرا وأنم الثمره
مات كثيّر وقثم بينبع أخذته الذّبحة «7» ، واستشهد الفضل بأجنادين «8» ، وعبد الرحمن(73/177)
ومعبد بإفريقية «1» ، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن «2» . ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أمّ واحدة إشراقة، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبورا من بني أم الفضل.
وكان عبد الله طويلا مشربا صفرة، جسيما، وسيما، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء «3» ، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدّة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنّك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقّهه في الدين وعلّمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشّعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة «4» ، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه «5» ، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً
[سورة الفجر، الآيتان: 28- 27] . وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره «6» ، ويدخله مع مشيخة أهل بدر وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة.(73/178)
وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج بالنّهروان «1» ، وورد في صحبته المدائن «2» ، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين «3» ، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج: كنا جلوسا مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي ابن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعا من جبل أبي قبيس إلّا ذكرت وجه عبد الله بن عباس «4» ، ولقد رأيتنا جلوسا معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم «5» بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجها، ما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان النديّ من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال عبد المطلب- وذلك بعدما كفّ بصره-: ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحسّ من نفسه بشرف، وأرجو أن يبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صلّى الله عليه وسلّم ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.(73/179)
قال عكرمة «1» : كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن «2» النساء على الحيطان: أمرّ المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة «3» .
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرّني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على صلاته خنست «4» ، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على صلاته خنست، فصلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فلما انصرف قال لي: «ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟» فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علما وفهما «5» . قال: ثم رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءا
[14265] .
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يؤتيني الحكمة «6» والتأويل، قال:
والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخير كثير. وقال: «نعم ترجمان القرآن أنت»
[14266] .
وعن ابن عباس «7» : أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وضع يده على رأس عبد الله فقال: «اللهم، أعطه الحكمة، وعلّمه التأويل»
[14267] .(73/180)
ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: «اللهم أحش جوفه حكما وعلما» ، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل «1» .
[14268]
وعن عمر قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان، وإن أقرأها لأبيّ، وإنّ أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس»
[14269] .
وعن ابن عباس قال «2» : انتهيت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر هذه الأمة فاستوص به خيرا.
وعن ابن عمر قال «3» : دعا النبي صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن العباس فقال: «اللهم، بارك فيه وانشر منه»
[14270] .
وعن ابن عباس قال «4» : مررت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعليه ثياب بياض «5» نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلّم. قال: فقال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: «هذا ابن عمي، هذا ابن عباس» قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما منعك أن تسلّم؟» «6»
[14271] قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن(73/181)
تقطعا مناجاتكما. قال: «وقد رأيته؟» قال: قلت: نعم، قال: «أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك» . قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صلّى الله عليه وسلّم. قال:
فلما وضع في لحده تلقّي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
[سورة الفجر، الآيات: 27- 30] .
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال «1» : مرّ العباس وابنه على النبي صلّى الله عليه وسلّم وعنده جبريل، فسلّم العباس يعني: على النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم يرد عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: فشقّ عليه.
قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صلّى الله عليه وسلّم أحدا، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلّمت فلم تردّ علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «فلقد رآه؟ ذاك جبريل»
[14272] قال: فمسح النبي صلّى الله عليه وسلّم رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عليه السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت: يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيرا» ، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب
[14273] .
وعن ابن عباس قال «2» : كنت ردف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لي: «يا غلام، ألا أعلمك(73/182)
شيئا ينفعك الله به؟» قلت: بلى يا رسول الله، قال: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله «1» ، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك «2» بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك» «3»
[14274] .
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إني سألت الله عز وجل لكم يا بني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبّت قائلكم، وكلمة سقطتعن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجبا نجدا جودا، ولو أن أحدا صفن «4» صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار»
[14275] .
وعن ابن عباس: شرب النبي صلّى الله عليه وسلّم وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الشّربة لك، فإن شئت آثرت بها خالدا» ، قال: ما أوثر على سؤر «5» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحدا.
وعن ابن عباس قال «6» : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: هلمّ فلنسأل أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم نتعلم منهم فإنهم [اليوم] «7» كثير، فقال: العجب والله لك يابن عباس!(73/183)
أترى الناس يحتاجون «1» إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم «2» فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبّع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فآتيه فأجده قائلا، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فأحببت أن أسمعه منك فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال «3» : كنت أكرم «4» الأكابر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحدا منهم إلا سرّ بإتياني لقربي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجعلت أسأل أبيّ بن كعب يوما- وكان من الراسخين في العلم- عما نزل من القرآن بالمدينة؟ فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيقول: ما صنع النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول «5» . قال معمر «6» : عامّة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إليّ الظهر فيقول: متى كنت ها(73/184)
هنا يابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول:
أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك «1» .
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقيل لابن عباس: كيف أصبت هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول «2» .
وعن ابن عباس قال: ذللت طالبا لطلب العلم، فعززت مطلوبا.
وعن ابن عباس قال «3» : كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا «الرقيم» ، و «غسلين» ، و «حنانا» «4» .
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا
«5» أو عسيّا «6» .
قال ابن عباس «7» : دخلت على عمر بن الخطاب يوما فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوّة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس «8» : لقد علّمت علما ما علّمناه.(73/185)
وعن سعيد بن جبير قال «1» : كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم- قال: وكان يسأله- فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه السورة: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً
[سورة النصر، الآيتان: 1 و 2] قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يابن عباس، ألا تكلّم قال:
فقال: أعلمه متى يموت «2» . قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
- وفي رواية: والفتح: فتح مكة- وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاًفهي آيتك من الموت فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً
[سورة النصر، الآية: 3] قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلّم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعا، وخلق عدة الأيام سبعا، وجعل طوافا بالبيت سبعا، ورمي الجمار سبعا، وبين الصفا والمروة سبعا، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا أمرا ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ
حتى بلغ إلى قوله:
فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ
[سورة المؤمنون، الآيات: 12- 14] قال: ثم قرأ: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا
[سورة عبس، الآيات: 25- 31] وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأبّ فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع(73/186)
بقين [فقال عمر: كيف تلومونني على ابن عباس؟] «1» .
وعن ابن عباس قال «2» : كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي:
لا تكلّم حتى يتكلموا، ثم يسألني، ثم يقبل عليهم، فيقول: ما يمنعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! «3» .
وفي حديث آخر عن ابن عباس قال «4» : كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. قال: فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال «5» : قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟
قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لسانا سؤولا وقلبا عقولا. وعن ابن عباس قال «6» : قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير(73/187)
المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريبا ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقّوا «1» ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا «2» ، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد «3» : أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحمّ، فقال له عمر: أخلّ بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال «4» : قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك «5» فاحفظ عني ثلاثا: لا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يجرّبن عليك كذبا.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضا عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثا ... الحديث.
وعن عطاء بن يسار «6» : أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسيّر مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.(73/188)
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور. وعن عكرمة «1» : أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرّقهم بالنار، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تعذّبوا بعذاب الله، وكنت قاتلهم لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من بدل دينه فاقتلوه» ، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغوّاص على الهنات «2»
[14276] .
وعن سعد بن أبي وقاص قال «3» : ما رأيت أحدا أحضر فهما، ولا ألبّ لبّا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإنّ حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال «4» : قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره «5» منا أحد «6» .
وفي رواية عنه «7» قال: لو أن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلّقنا منه بشيء. سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صلّى الله عليه وسلّم.(73/189)
وعن ابن عمر «1» : أن رجلا أتاه يسأله عن السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما
[سورة الأنبياء، الآية: 30] ، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله «2» ثم تعالى فأخبرني ما قال.
فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات «رتقا» لا تمطر، وكانت الأرض «رتقا» لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علما. صدق، هكذا كانت «3» ، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علما.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق «4» .
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم «5» .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج «6» .
قال الشعبي «7» : ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبيّنا.
وعن ابن عباس قال: نحن- أهل البيت- شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.(73/190)
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأحبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «1» : ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنّة ولا أجلد رأيا، ولا أثقب نظرا حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب ليقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منّا لها «2» ، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جدّه في ذات الله وحسن نظره للمسلمين. وعنه قال «3» : كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم ونسب «4» ونائل. وما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه «5» من حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم «6» القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب «7» رأيا فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوما ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازي، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب. وما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما.
وقال عطاء «8» : ما رأيت مجلسا قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علما وأعظم(73/191)
جفنة [منه] «1» وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه «2» ، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء «3» : كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال «4» : كان ابن عباس قد بسق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السّحوق على الوديّ «5» الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحدا خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرّره.
وعن ليث بن أبي سليم قال «6» : قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم! قال: إني رأيت سبعين من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا تدارؤوا في أمر «7» صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال «8» : أدركت خمسين أو سبعين «9» من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة.
قال «10» : وما رأيت رجلا أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلا أورع من ابن عمر. قال:
وكان طاوس يعدّ الحديث حرفا حرفا.(73/192)
وعن مجاهد قال «1» : ما رئي مجلس مثل مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة. وفي رواية «2» : وما رأيت مثله قط- أو قال: ما سمعت- إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علما. ولو أشاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال «3» : وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير «4» ، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب «5» ، وأما مؤذننا فأبو محذورة «6» .
قال مجاهد «7» : كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نورا.
وقال: ما رأيت أحدا أعرب لسانا من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلسا قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين «8» : ما رأيت بيتا كان أكثر طعاما ولا شرابا ولا فاكهة ولا علما من بيت عبد الله بن عباس.(73/193)
وقال الضحاك «1» : ما رأيت بيتا أكثر خبزا ولحما وعلما من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح «2» : لقد رأيت في ابن عباس مجلسا لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخرا. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءا قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل. قال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه «3» وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله «4» فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الحلال والحرام والفقه فليدخل، فخرجت فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال:
فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال:
فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم [به] «5» ، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشا كلها فخرت بذلك لكان فخرا. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد «6» : سألت البحر- وكان يسمى ابن عباس البحر- عن لحوم الحمر،(73/194)
فقرأ هذه الآية: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ
[سورة الأنعام، الآية:
145] إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرّا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن «1» : أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل «2» ، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجّه غربا غربا، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول «3» ، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: «حم» و «طسم» . قال: فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجا هو من العجّ والثجّ: السّيلان. يريد أنه يصب الكلام صبا «4» .
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثا لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل «5» : أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.(73/195)
وعن مسروق أنه قال «1» : كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق «2» قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي مليكة: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات «3» ، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لما سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير.
وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم دعا له فقال: «اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل» ، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق «4» : خطب «5» ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسّر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعته فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور «6» .
وعن ابن عباس قال: لقد علّمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه، أو لم يعلموها فيسألوا عنها.(73/196)
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما «فاطر» «1» حتى سمعت أعرابيا يخاصم رجلا في بئر وأحدهما يقول: أنا فطرتها «2» ، حتى حفرتها، وكنت لا أدري ما «البعل» حتى سمعت أعرابيا ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربّها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: «غسلين» و «حنانا» ، و «الأوّاه» ، و «الرقيم» «3» . وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال «4» : كان ابن عباس إذا سئل عن شيء «5» ، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه شيء قال به، فإن لم يكن من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال «6» : ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلا قط.
وعن سفيان بن عيينة قال «7» : علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدّث، ويحسن الاستماع إذا حدّث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.(73/197)
وعن عبد الله بن بريدة قال «1» : شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفيّ ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا «2» منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم «3» من حكام المسلمين يقضي بالعدل «4» فأفرح به، ولعلي لا أقاضى إليه أبدا، وإني لأسمع بالغيث يصيب «5» الأرض من أرض المسلمين فأفرح به ومالي سائمة أبدا.
وعن ابن أبي مليكة قال «6» : صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، فإذا نزل قام ينتظر «7» الليل، فيرتل القرآن حرفا حرفا، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ
[سورة ق، الآية: 19] .
قال شعيب بن درهم «8» : كان هذا الموضع- وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه- من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء «9» رجل إلى ابن عباس فقال: يابن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم.(73/198)
قال معاوية يوما لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرفت تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل:
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
[سورة الأنبياء، الآية: 87] فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا
[سورة يوسف، الآية: 110] فقلت:
سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو يظنوا أنه كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلا ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عليه السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدّر الله عليه تلك البلية، ولم يشكّ أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية:
فرّجت عني فرّج الله عنك. قال ابن عباس: فإن رجلا قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ
[سورة البقرة، الآية: 222] إلى آخر الآية. يعني بالماء فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
يقول:
طاهرات غير حيّض، فقال معاوية: إن قريشا لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم:
ما كان يعلم هذا العلم من أحد بعد النبي سوى الحبر ابن عبّاس
مستنبط العلم غضّا من معادنه هذا اليقين وما بالحقّ من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته إن المنافي «1» فيكم عالم الناس
كالقطب قطب «2» الرحا في كلّ حادثة أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرّج عنكم كلّ معضلة إن صار رهنا مقيما بين أرماس؟
قال ابن أبي مليكة: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: ما مكان إذا(73/199)
كنت عليه لم تدر أين قبلتك، وما مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو «1» الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت فيه الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى «2» . وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ
[سورة الإسراء، الآية: 12] فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة. وعن ابن عباس قال «3» : كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة «4» التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو «5» ؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله «6» : ما أدري ما هذا، ما له إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة:
الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة «7» التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت. والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه(73/200)
موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق- وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح- والمجرة فهي باب السماء «1» .
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية «2» سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون. فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله: أخلص عبدي، فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله قال: شكرني عبدي، وإذا قال: الله أكبر قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام.. الحديث. وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمّن لا قبلة له، وعمّن لا أب له، وعمّن لا عشيرة له، وعمّن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إن الحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة.... «3» أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالما. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمدا أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله حلال(73/201)
وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، وأخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عن اثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراما وإن تركته كان حراما، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلّمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيّه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرّسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل نبينا صلّى الله عليه وسلّم، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرّسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوما واحدا، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير. قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجبا شديدا، ثم كتب إليه:
أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمد أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صلى الله على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ
«1» . وأما الشيء الذي تكلّم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
«2» .
وأما الرسول الذي بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه «3» .(73/202)
وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم «1» الذي فدى به إسحاق «2» . وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ
[سورة التكوير، الآية: 18] وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى
[سورة البقرة، الآية: 73] الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيرا بإذن الله.
وأما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت «3» الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ
[سورة السجدة، الآية: 11] ، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم ولا دم فهو عصا موسى التي تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ*
[سورة الأعراف، الآية:
117، وسورة الشعراء، الآية: 45] ، وأما الرجل الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها «4» فهو أرميا «5» .
وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراما فهي الصلاة: إن صلّيت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتها لا يحل لك.(73/203)
وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه.
وسألت عن موسى يوم كلّمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلّم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، وأمر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوما فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ
[سورة النمل، الآية: 18] ، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذراعا، وكان نبيا وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاما «1» . وكان وصيّه شيث. وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعده إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعده نبيّنا نبيّ الرحمة صلّى الله عليه وسلّم «2» .
وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبيا. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولا «3» ، وسائرهم أنبياءصالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبيا يقول الله عز وجل: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً
[سورة النساء، الآية: 164] .
وكان ابن عباس أمير البصرة، وكان يغشى «4» الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي(73/204)
الشهر حتى يفقههم «1» ، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن الله كلفكم الوسع، اتّقوا الله ما استطعتم «2» . قال: فقام أعرابي فقال:
من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس الذي يقول:
فإنّك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع «3»
قال: هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى أحدثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فيما قلت، فإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن كنت صادقا مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال أبو محمد بن قتيبة في حديث علي:
إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ «4» : إني أشركتك في أمانتي «5» [وجعلتك شعاري وبطانتي] «6» ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي «7» . فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب «8» ، والعدوّ قد حرب [وأمانة الناس قد خزيت وهذه الأمة قد فنكت وشغرت] «9» قلبت لابن عمك ظهر المجنّ بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع(73/205)
الخاذلين «1» ، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف الذئب الأزل «2» دامية المعزى.
وفي الكتاب: ضحّ «3» رويدا، فكأن قد بلغت المدى «4» [ودفنت تحت الثرى] «5» وعرضت عليك أعمالك بالمحلّ الذي به ينادي المغترّ «6» بالحسرة، ويتمنى المضيّع التوبة والظالم الرجعة. قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله: قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجنّ: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خصّ الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثب عليه ليأكله.
نظر «7» الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع «8» بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنّة وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة تهدى له ووجدت العيّ كالصّمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره وقد يلام الفتى يوما ولم يلم
[قال القاضي: قوله:] «9»(73/206)
الكلم هاهنا جمع كلمة، وأصل الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفا لإقامة الوزن كما قالوا في ملك ملك، [وفخذ وكبد في فخذ وكبد. قال الله تعالى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ*
وقد روي عن تميم بن حذلم أنه قرأ تحرفون الكلام وقد قرأ علماء الأمصار يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ
وكَلَّمَ اللَّهُ*.
ومما قيل في هذا وهو مما يستحسن لبعض المحدثين:
قالت: عييت عن الشكوى فقلت لها: جهد الشكاية أن أعيا عن الكلم] «1»
فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلما بمعنى جرحه [يجرحه جرحا، كما قال الشاعر:
لعمرك إن الدار غفر لذي الهوى كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم
وبجمع الكلم كلاما مثل جرح وجراح، وجمع فعل على فعال كثير جدا في القلة مثل كلب وكلاب وسهم وسهام] «2» .
وقوله: سائره، يعني أنه يبقى سائر الكلام، يريد الحكم السائرة من الكلم، [يقال: قول سائر ومثل سائر. وقوله: سائره، بدل من الكلم تابع له في إعرابه كقولك: يعجبني القول بليغه] «3» .
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهما، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول «4» :
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه رأيت له في كلّ منزلة «5» فضلا(73/207)
قضى «1» وشفى ما في النفوس فلم يدع لذي إربة «2» في القول جدا ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى «3» .
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السّقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكرا لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عيّ الشريف يشين منصبه وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما «4» جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشدّ عليه من أن أشمت به.
فلما دخل قال: يا أبا العباس. هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسدّ حفرتك «5» ، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده «6» ، ثم قام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحدا قط أعدّ جوابا ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال «7» : استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلّقت «8» عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه(73/208)
معاوية مقبلا «1» قال لسعيد: والله لألقينّ على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها، فقال سعيد:
ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق؟ قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تاليا، وللشر قاليا، وعن المثل «2» نائيا، وعن الفحشاء ساهيا، وعن المنكر ناهيا، وبدينه عارفا، ومن الله خائفا، ومن المهلكات جانفا، يخاف فلتة الدهر، وإحياء «3» بالليل قائما، وبالنهار صائما، ومن دنياه سالما، وعلى عدل البرية عازما، وبالمعروف آمرا، وإليه صائرا «4» ، وفي الأحوال شاكرا، ولله بالغدو والآصال «5» ذاكرا، ولنفسه في المصالح قاهرا، فاق أصحابه ورعا وكفافا، وزهدا وعفافا، وسرّا «6» وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال: رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق حصنا، وللناس «7» عونا، قام بحق الله صابرا محتسبا، حتى أظهر الدين «8» ، وفتح الديار، وذكر الله في الإفطار «9» والمنار «10» ، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبّار في الرخاء والشدة شكورا «11» له، وفي كل وقت وآن ذكورا، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة،(73/209)
وأفضل البررة، وأصبر القراء «1» ، هجّادا «2» بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار «3» ، دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضا إلى كل مكرمة، سعّاء إلى كل منقبة، فرّارا من كل موبقة، صاحب جيش العسرة «4» ، وصاحب البئر «5» ، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامة إلى يوم القيامة. قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحلّ الحجا، وطود النّدى «6» ، ونور السفر «7» في ظلم الدجى، وداعيا إلى المحجّة العظمى، وعالما بما في الصحف الأولى، وقائما بالتأويل والذكرى متعلقا بأسباب الهدى، وتاركا للجور والأذى، وحائدا عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيّد من تقمّص وارتدى، وأفضل من حجّ وسعى، وأسمح من عدل وسوّى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين، وزوج خير النساء، وأبو السّبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبدا حتى القيامة واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى اليوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برّين، طاهرين، مطهّرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة- وفي حديث آخر: زلّا زلّة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقرّة عين صفي الله، لهميم «8» الأقوام، وسيّد الأعمام، قد علا بصرا بالأمور، ونظرا في العواقب «9» . علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت الأنساب(73/210)
عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه أكرم من ذهب «1» وهب: عبد المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلم سمّيت قريش «2» قريشا؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطرا، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلّا أكلته، فسميت قريشا لأنها أعظم العرب فعالا. فقال: هل تروي في ذلك شعرا؟ فأنشده قول الجمحي «3» :
وقريش هي التي تسكن البحر به اسمّيت قريش قريشا
تأكل الغثّ والسمين ولا تترك لذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد «4» حيّ قريش يأكلون البلاد أكلا كشيشا «5»
ولهم آخر الزمان نبيّ يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ «6» الأرض خيله ورجال يحشرون المطيّ حشرا كميشا «7»
فقال معاوية: صدقت يابن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلّمته قط إلا وجدته مستعدا.
وفي حديث آخر قال: فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة، وإنّما هي هدية لم يبق منها(73/211)
شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول «1» :
بخيل يرى بالجود عارا وإنما على المرء عار أن يضنّ ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه صديق فلاقته المنيّة أوّلا
أنشد المبرد لعبد الله بن عباس، كتب به إلى معاوية بن أبي سفيان:
إني «2» وإن أغضيت عن غير بغضة لراع لأسباب المودّة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصّرم ما أرى فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى وألبس طورا مرّه وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالودّ منكم وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجرّبت ما يسلي المحبّ عن الهوى وأقصرت والتجريب للمرء واعظ
لما «3» خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابن عباس وعبد الله بن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثّل «4» :
يا لك من قبّرة «5» بمعمر خلا لك الجوّ «6» فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقّريخلا لك والله يابن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحقّ بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شكّ، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك: لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب؟ قال ابن الزبير: [لشرفي] «7» عليهم قديما لا تنكرونه قال:(73/212)
فأيّما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفا. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يابن عباس، دعنا من قولك، فو الله لا تحبونا يا بني هاشم أبدا. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وقال: أتتكلم وأنا حاضر؟! فقال له ابن عباس: لم ضربت الغلام وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق «1» . قال: يابن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هرّ فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا- أهل البيت- لا نضعه في غير موضعه فنذمّ، ولا نزويه عن أهله فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحد، ولزمت الجدد «2» . قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس «3» : أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، والعمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لمن تزداد «4» من يومك إلا قربا، فصلّ صلاة مودّع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلّفت، ولن ينفعك إلا عملك. قال ابن بريدة «5» : رأيت ابن عباس آخذا بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيرا تغنم، أو اسكت «6» عن شرّ تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يابن عباس، لم تقول هذا؟!(73/213)
قال: إنه بلغني أن الإنسان «1» - أراه قال-: ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا يوم القيامة- لعله قال: منه- على لسانه إلا قال به خيرا أو أملى به خيرا.
قال وبرة المسلي «2» «3» : أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدّهم «4» الموقوفة فقال لي: لا تكلّمن فيما لا يعنيك، فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلّمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعا، فربّ متكلم بالحق قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارينّ سفيها ولا حليما، فإن الحليم يقليك «5» ، والسفيه يرديك «6» ، ولا تذكرنّ أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزيّ بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس «7» : لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجّله هيّأه «8» ، وإذا صغّره عظّمه، وإذا ستره فخّمه «9» «10» .
قال ابن عباس «11» : أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني «12» .
قيل لأن عباس «13» : من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى(73/214)
يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول «1» : ثلاثة لا أكافئهم «2» : رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرّت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع «3» لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حزبه أمر فبات ليلته ساهرا. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمدا غيري.
قال «4» : وكان يقول: إني لأستحيي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري. قال ابن عباس «5» : ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضّلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولى شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي «6» .
قال عكرمة «7» : لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة أيام، فقال: لا إنه من ترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله وهو عليه غضبان «8» .(73/215)
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصرة: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
[سورة الحج، الآية: 27] .
وعن عكرمة قال «1» : كان ابن عباس في العلم بحرا ينشقّ له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل»
[14277] . فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه- أو كتب من كتبه- فجعلوا يستقرئونه، وجعل يقدّم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه «2» . ولما «3» وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفيّة بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك «4» ، فأبى، وألحّ عليهما إلحاحا شديدا. وقال فيما يقول: والله لتبايعنّ أو لأحرقنّكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة، ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله.
قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفيّة وأصحابهما، وهم في دور قريب من المسجد(73/216)
قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخّرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرّمه الله، ما أحلّه لأحد إلا للنبي صلّى الله عليه وسلّم ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن مناديا ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيّها ما غنمت هذه السرية، إنّ السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينما نحن عنده إذ قال في مرضه: إنّي أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبّهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن متّ فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنفية، وولينا حمله ودفنه.
قال منذر الثوري «1» : سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس:
اليوم مات ربّاني هذه الأمة.
وفي رواية عن كلثوم «2» : اليوم مات ربّاني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال «3» : مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وجّ «4» - زاد في رواية: يقال له الغرنوق «5» - حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه «6» .
قال ميمون بن مهران «7» : شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع(73/217)
ليصلّى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوّي عليه سمعنا صوتا، نسمع صوته ولا نرى شخصه يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
[سورة الفجر، الآية: 27- 30] .
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبّر عليه أربعا، وضرب على قبره فسطاطا «1» .
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين.
وصلى عليه محمد ابن الحنفيّة «2» ، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين.
وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفّر لحيته «3» ، وتوفي وسنّه ثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر هذه الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقّص عبد الله بن عباس: ثلكت نفسي وثكلت بكري إن لم يسد فهرا وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
[9973] عبد الله بن العباس بن الوليد ابن مزيد العذري البيروتي
[روى عن أبيه.
روى عنه سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني] «4» .(73/218)
حدث عن أبيه بسنده إلى حميد بن عبد الرحمن قال:
استوى معاوية على المنبر فقال: يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله علينا صيامه، وأنا صائمه، فمن شاء صامه، ومن شاء أفطره» «1»
[14278] .
[9974] عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو يحيى الهاشمي النوفلي
[روى عن أبيه عبد الله بن الحارث بن نوفل، وعبد الله بن خباب بن الأرت، وعبد الله ابن شداد بن الهاد، وعبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأم هانىء بنت أبي طالب، روى عنه:
عاصم بن عبيد الله، وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وأخوه عون بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري] «2» .
حدث عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب «3» .
أنه اجتمع ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب فقالا: والله، لو بعثنا هذين
__________
[9974] ترجمته في تهذيب الكمال 10/261 وتهذيب التهذيب 3/185 ونسب قريش ص 86 وطبقات ابن سعد 5/233 والتاريخ الكبير 5/126 والجرح والتعديل 2/2/91. وقال أبو حاتم: ويقال: عبيد الله، وعبد الله أصح.(73/219)
الغلامين- قال: لي وللفضل بن عباس- إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمرهما على هذه الصدقات فأدّيا ما يؤدّي الناس، وأصابا ما يصيب الناس من المنفعة. قال: فبينا هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب، فقال: ماذا تريدان؟ فأخبراه بالذي أرادا «1» فقال: لا تفعلا، فو الله ما هو بفاعل، فقالا: لم تصنع هذا؟ فما هذا منك إلا نفاسة علينا «2» ، فو الله لقد صحبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونلت صهره فما نفسنا ذلك عليك، فقال: أنا أبو حسن، أرسلوهما، ثم اضطجع. فلما صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الظهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها حتى مرّ بنا، فأخذ بآذاننا، ثم قال:
«أخرجا ما تصرّران» «3» ، ودخل، فدخلنا معه، وهو حينئذ في بيت زينب بنت جحش. قال:
فكلمناه، فقلت: يا رسول الله، جئناك لتؤمّرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة، ونؤدّي إليك ما يؤدّي الناس. قال: فسكت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورفع رأسه إلى سقف البيت حتى أردنا أن نكلمه. قال: فأشارت إلينا زينب من وراء حجابها كأنها تنهانا عن كلامه، فأقبل فقال: «ألا إنّ الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس «4» ، ادع لي محمية «5» بن الجزء- وكان على العشور- وأبا سفيان بن الحارث. قال: فأتياه، فقال لمحمية بن جزء: «أنكح هذا الغلام ابنتك» - للفضل- فأنكحه، وقال لأبي سفيان: «أنكح هذا الغلام ابنتك» فأنكحني، ثم قال لمحمية: «أصدق «6» عنهما من الخمس»
[14279] .
وحدث عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: سألت لأجد أحدا يخبرني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبح في سفر. فلم أجد أحدا يخبرني بذلك، حتى أخبرتني أم هانىء بنت أبي طالب أنه قدم عام الفتح فأمر بستر فستر عليه، فاغتسل ثم سبّح ثمان ركعات.
وحدث عبد الله بن عبد الله: أن أباه عبد الله بن الحارث بن نوفل كان يسبّح سبحة(73/220)
الضحى. قال: فسألت وحرصت أن أجد أحدا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم يحدثني: هل سبّح النبي صلّى الله عليه وسلّم تسبيحة الضحى، فلم أجد أحدا من الناس يخبرني أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سبحها غير أم هانىء بنت أبي طالب، أخبرتني أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جاء يوم الفتح، مكة، بعدما ارتفعت الشمس فأمر بثوب فستر عليه، ثم اغتسل، ثم قام يصلي، فركع ثمان ركعات. قال: فلا أدري: أقيامه فيهن أطول أم ركوعه، ولا أدري: أركوعه فيهن أطول أم سجوده. وكان ذلك فيهن متقاربا.
قال: فلم أر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبح سبحة الضحى قبل ولا بعد غير تلك المرة «1» .
وأم عبد الله بن عبد الله: خالدة بنت معتّب بن أبي لهب بن عبد المطلب «2» .
وحدث عبد الله بن عبد الله عن أبيه: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول.
توفي عبد الله بن الحارث سنة تسع وتسعين. قتلته السّموم «3» ، ودفن بالأبواء «4» وهو مع سليمان بن عبد الملك، وصلى عليه «5» ، وكان قد حجّ معه، فمات بالأبواء.
[قال البخاري] «6» : [عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أخو إسحاق، سمع أباه سمع منه الزهري، وقال عمرو بن عباس عن ابن مهدي عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله بن الحارث ابن نوفل عن أبيه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول. قال محمد بن يوسف نحوه. قال وكيع: عبد الله بن «7» عبد الله بن الحارث،(73/221)
والأول أصح، هو أخو إسحاق] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» : [عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أخو إسحاق ويقال: عبيد الله بن عبد الله، وعبد الله أصح، روى عن أبيه، روى عنه الزهري. سمعت أبي يقول ذلك] «3» .
[قال النسائي: ثقة] «4» .
[قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث.
وقال العجلي: مدني تابعي، ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات] «5» .
[9975] عبد الله بن عبد الله أبي دجانة ابن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري حدث عن عمه أبي زرعة بسنده إلى فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الأرض أرض الله، والعباد عباد الله، فمن اجتنى أرضا مواتا «6» فهي له»
[14280] .
[9976] عبد الله بن أبي عبد الله أبو عون الأنصاري الأعور
حدث عن أبي إدريس الخولاني قال:
سمعت معاوية وهو يخطب الناس- قال: وكان قليل الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- قال: فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت كافرا، والرجل يقتل المؤمن متعمدا»
[14281] .(73/222)
[9977] عبد الله بن عبيد الله بن عاصم ابن عمر بن الخطاب بن نفيل ابن عبد العزّى العدوي المديني
قدم على عمر بن عبد العزيز للخؤولة، لأن أم عمر أم عاصم بنت عاصم بن عمر «1» .
روى عن عمر بن عبد العزيز خطبة له قال:
قدمنا على عمر بن عبد العزيز حين استخلف. قال: وجاءه الناس من كل مكان. قال «2» :
فجلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد. أيها الناس، فالحقوا ببلادكم، فإنّي أنساكم هاهنا «3» ، وأذكركم في بلادكم، فإنّي قد استعملت عليكم عمالا «4» ، [لا] «5» أقول هم خياركم [ولكنهم خير ممن هو شرّ منهم] «6» فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له علي ألا ولا أرينّه. وأيم الله، إنّي كنت منعت نفسي وأهل بيتي هذا المال، ثم ضننت به عليكم، إني إذا لضنين، والله لولا أن أنعش سنّة، وأسير «7» بحق، ما أحببت أن أعيش فواقا «8» .
قال عبيد الله: فلم يخطب بعدها.
__________
[9977] ذكره ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص 155. وجاء فيها أن أبيه عبيد الله قتل يوم الحرة، وكان أبوه عاصما لا يزال حيا، فتصدق بماله كله، وهو مقدار ما كان يقع لأبيه عبيد الله من ميراثه لو مات بعده.(73/223)
[9978] عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة أبو عبد الملك الشيباني مولاهم أخو عبد الصمد بن عبد الأعلى
قال أبو هفان:
كان عبد الله شاعرا، وكان أبوه عبد الأعلى شاعرا، وكان عبد الله متهما في دينه، ويقال: إن سليمان بن عبد الملك ضمه إلى ابنه أيوب «1» فزندقه، فدسّ له سليمان سما، فقتله وعبد الله كثير الأمثال في شعره، أنفذ أكثر قوله في الزهد والمواعظ، وهو القائل «2» :
صبا ما صبا حتى «3» علا الشيب رأسه فلمّا علاه «4» قال للباطل ابعد
ولما مات هشام بن عبد الملك اجتمع وجوه الناس وأشرافهم، وفيهم ابن عبد الأعلى الشاعر. فلما علا على مغتسله رمى ابن عبد الأعلى بطرفه نحو الباب الذي يغتسل فيه، ثم أنشأ يقول «5» :
وما سالم عما قليل بسالم ولو «6» كثرت أحراسه وكتائبهومن يك ذا باب شديد وحاجب «7» فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه
ويصبح بعد العزّ يفضيه أهله «8» رهينة لحد «9» لم تسوّ «10» جوانبه
__________
[9978] انظر أخباره في أنساب الأشراف 8/100 وعيون الأخبار 1/228 وتاريخ الطبري 2/324 و 4/222 والبداية والنهاية 9/230.(73/224)
فما كان إلا الدفن حتى تفرّقت إلى غيره أجناده «1» ومواكبه
وأصبح مسرورا به كلّ كاشح «2» وأسلمه أحبابه وأقاربه
فنفسك فاكسبها السعادة والتّقى «3» فكلّ امرىء رهن بما هو كاسبه
قال عبد الملك بن مروان لبنيه في مرض موته: كونوا كما قال عبد الله بن عبد الأعلى «4» :
ألقوا الضغائن والتخاذل بينكم عند المغيب وفي الحضور الشهّد «5»
بصلاح ذات البين طول بقائكم إن مدّ في عمري وإن لم يمدد
فلمثل ريب الدهر ألف بينكم بتواصل وترحّم وتودّد
وألقوا الضغائن والتخاذل عنكم بتكرّم وتوسّع وتعهّد
حتى تلين قلوبكم وجلودكم «6» لمسوّد «7» منكم وغير مسوّد
وتكون أيديكم معا في أمركم لسي اليدان لذي التعاون كاليد
إن القداح إذا اجتمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش أيّد «8»
عزّت فلم تكسر، وإن هي بدّدت فالكسر «9» والتوهين للمتبدّدثم طفىء من ساعته.
[قال عبد الملك بن مروان لعبد الله بن عبد الأعلى الشيباني: من أكرم العرب أو من خير الناس؟ قال: من يحب الناس أن يكونوا منه، ولا يحب أن يكون من أحد، يعني بني هاشم.(73/225)
قال: من ألأم الناس؟ قال: من يحب أن يكون من غيره، ولا يحب غيره أن يكونوا منه] «1» .
[لما مات أيوب بن سليمان بن عبد الملك] «2» [رثاه عبد الله بن عبد الأعلى بقصيدة يقول فيها:
ولقد عجبت لذي الشماتة إن أري جزعي ومن يذق الفجيعة يجزع
فاشمت فقد قرع الحوادث مروتي وأجذل بمروتك التي لم تقرع
إن تبق تفجع بالأحبة كلهم أو تردك الأحداث إن لم تفجع
من لا تخرمه المنية لا يرى منها على خوف لها وتوقع
قد بان أيوب الذي لفراقه سر العدو غضاضتي وتخشّعي
أيوب كنت تجود عند سؤالهم وتظلّ منخدعا وإن لم تخدع] «3»
[ورثى عبد الله بن عبد الأعلى مسلمة (بن عبد الملك) فقال:
أبا سعيد أراك الله عافية فبها لروحك عند العسر تيسير
فقد أقمت قناة الحق فاعتدلت إذ أنت للدين مما نابه سور] «4»
[9979] عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة أبو عبد الرحمن الخولاني
قاضي مصر وابن قاضيها «5» .
[روى عن أبيه.
روى عنه إبراهيم بن نشيط الوعلاني، وخالد بن يزيد المصري، وعبد الله بن الوليد التجيبي.(73/226)
قال النسائي: ليس به بأس.
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات] «1» .
[قال العجلي: ابن حجيرة، مصري ثقة.
قال ابن عساكر: لا أدري أراد عبد الله أو عبد الرحمن أباه] «2» .
[وذكر أبو عمر الكندي في قضاة مصر: أن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ولي القضاء بمصر مرتين، المرة الأولى: من قبل الأمير قرة بن شريك في ربيع الآخر سنة تسعين إلى أن صرف عنها في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين، ثم ولي القضاء بها من قبل الأمير عبد الملك بن رفاعة. وهي ولايته الثانية في رجب سنة سبع وتسعين، وجمع له القضاء وبيت المال فوليها إلى سلخ، سنة ثمان وتسعين، وصرف عن القضاء] «3» .
[قال البخاري] «4» : [عبد الله «5» بن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوصى سلمان الفارسي الخير فقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يريد أن يمنحك كلمات. فذكره «6» ، قاله عبد الله بن يزيد قال ح سعيد بن أبي أيوب حدثني عبد الله بن الوليد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة] .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «7» :
[عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة أبو عبد الرحمن روى عنه أبيه عن أبي هريرة.(73/227)
روى سعيد بن أبي أيوب عن عبد الله بن الوليد. سمعت أبي يقول ذلك] «1» .
وفد على عمر بن عبد العزيز في قضاء مصر من قبل قرّة بن شريك «2» أمير مصر من قبل الوليد بن عبد الملك في سنة تسعين.
حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوصى سلمان الخير فقال له:
«يا سلمان، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن وترغب إليه فيهن، وتدعو بهن في الليل والنهار. قل: اللهم إنّي أسألك صحة في إيمان، وإيمانا في حسن خلق، ونجاحا يتبعه فلاح، ورحمة منك وعافية، ومغفرة منك ورضوانا» «3»
[14282] . قال إبراهيم بن نشيط «4» «5» :
رأيت عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة، وكانت تحته امرأة من وعلان هي مولاة ابن نشيط، وقد تغدى فقال: أتتغدى؟ قال: [قلت] نعم، قال: أعيدي عليه الغداء يا جارية، فأتت بعدس بارد على طبق خوص وكعك وماء، فقال: ابلل وكل. فلم تتركنا الحقوق نشبع من الخبز.
قال ابن نشيط: وأتاه رجل يذكر له حاجة، فقال: تعود، فسأل «6» عنه، فإذا هو صادق، فأعطاه ثمانية عشر دينارا، فأتاه في مجلس القضاء يثني عليه، فقال: أخروه عني.
[9980] عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن سليمان بن خيثمة بن سليمان بن حيدرة أبو بكر القرشي الأطرابلسي
حدث عن أبي بكر محمد بن العباس بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:(73/228)
«من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك العصر» «1»
[14283] .
وروي هذا الحديث بزيادة: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح»
[14284] .
وحدث أبو بكر أيضا عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمد البرمكي بسنده عن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«من كذب علي- حسبته قال: معتمدا- فليتبوّأ بيته من النار»
[14285] .
[9981] عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علي ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي العجائز سعيد بن خالد ابن حميد بن صهيب بن كليب بن البخيت بن علقمة ابن الصبر الأزدي، أزد شنوءة أبو محمد القاضي
ولي القضاء بدمشق نيابة.
حدث عن أبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر بسنده إلى أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا تتقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين، إلا رجلا كان يصوم صياما فليصمه»
[14286] .
ولد القاضي أبو محمد بن أبي العجائز في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
[قال ابن ماكولا] «2» :
وبخيت: أوله باء مضمومة، وبعدها خاء معجمة مفتوحة، وآخره تاء معجمة باثنتين من فوقها [فهو: القاضي أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علي بن عبد الرحمن ابن أبي العجائز سعيد بن خالد بن حميد بن صهيب بن طليب بن بخيت بن
__________
[9981] ترجمته في الإكمال لابن ماكولا 1/210- 211 وسماه عبيد الله. وفيه: طليب بدل كليب.(73/229)
علقمة بن الصبر الأزدي- أزد شنوءة- دمشقي رأيته بمصر، وأخبرني أنه سمع ابن أبي نصر وغيره، ودخلت دمشق ولم أسمع منه بها شيئا، وحدث عن ابن أبي نصر وغيره، وحدث ابنه أبو الحسين محمد عن ابن أبي نصر، سمع منه أصحابنا] «1» .
وتوفي القاضي أبو محمد بن أبي العجائز في رجب سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
[9982] عبد الله بن عبد الرحمن بن عتبة ابن إياس- ويقال ابن أبي إياس- بن الحارث ابن عبد أسد بن جحدم بن عمرو بن عائش ابن ظرب بن الحارث بن فهر، القرشي الفهري
ولي إمرة دمشق من قبل يزيد بن عبد الملك، وولي لعمر بن عبد العزيز صدقات بني تغلب.
حدث ابن جحدم «2» أن عمر بن عبد العزيز بعثه على صدقات بني تغلب، فكان عهده إليه أن يقبضها ثم يردّها في فقرائهم. قال: فكنت آتي الحيّ فأدعوهم بأموالهم، فأقبض ما كان فيها، ثم أدعو فقراءهم فأقسمها عليهم، حتى إنه ليصيب المسكين «3» الفريضتين والثلاث، فما أفارق الحي وفيه «4» فقير. ثم آتي الحي الآخر، فأصنع به كذلك، فلم أنصرف إليه بدرهم.
قال عبد الله بن أبي عبد الله «5» :
__________
[9982] ترجمته في أمراء دمشق ص 70 وتحفة ذوي الألباب 1/156 وانظر أخبار أبيه في نسب قريش ص 445 وجمهرة ابن حزم ص 177 وولاة مصر للكندي ص 64. وتحرفت اسم عبد الرحمن في جمهرة ابن حزم إلى «عبد الله وفي نسب قريش: عبد الله» أيضا. وفي جمهرة ابن حزم ص 177 ابن أبي أناس. وفي مختصر ابن منظور وجمهرة ابن حزم، وفي نسب قريش ص 445: عبد أنس بدل عبد أسد. وفي جمهرة ابن حزم: «حجر» وفي حسن المحاضرة: قحزم بدل جحدم. وفي مختصر ابن منظور: «عابس» والمثبت «عائش» عن نسب قريش وجمهرة ابن حزم.(73/230)
قطحت السماء في زمان يزيد بن عبد الملك، وعلى دمشق عبد الله بن عبد الرحمن الفهري، فخرج بنا إلى مضمار دمشق يستسقي، فجلس على درجة دون المجلس من المنبر، فدعا الله، وعظّمه، ومجّده طويلا، ثم قال: اللهم أي رب، إنا لم نكن لنجيء بأجمعنا إلى أحد دونك- وكل شيء هو دونك- في أمر لا ينقصه شيئا، وهو بنا رافق إلا أعطاناه، اللهم، ولك المثل الأعلى، جئناك الغداة نطلب في أمر لا ينقصك شيئا وهو بنا رافق، فأعطنا برحمتك، يا أرحم الراحمين. فلم نبرح حتى مطرنا.
[9983] عبد الله بن عبد الرحمن ابن عضاه بن الكركير الأشعري
شهد صفين مع معاوية، وبعثه يزيد بن معاوية إلى ابن الزبير يدعوه لبيعته «1» ، ومعه جامعة من فضة «2» ، وبرنس خزّ، فقدم «3» على ابن الزبير وهو جالس بالأبطح «4» ، ومعه أيوب ابن عبد الله بن زهير بن أبي أمية المخزومي، وعلى مكة يومئذ الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة، فكلمه ابن عضاه وابن الزبير ينكت في الأرض «5» ، فقال له أيوب: يا أبا بكر، لا أراك غرضا للقوم «6» ، فرفع ابن الزبير رأسه فقال: أقلت: حلف ألا
__________
[9983] انظر أخباره في ترجمته عبد الله بن الزبير المتقدمة في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ط. دار الفكر- بتحقيقي 28/210 وتاريخ الطبري 3/347 وأنساب الأشراف 5/323 وما بعدها. والفتوح لابن الأعثم 5/151 والأخبار الطوال ص 263.(73/231)
يقبل بيعتي حتى يؤتى بي في جامعة؟ لا أبرّ الله قسمه، وتمثل ابن الزبير «1» :
ولا ألين لغير الحقّ أسأله حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
ثم قال: والله، لا أبايع يزيد، ولا أدخل له في طاعة «2» .
قال خالد سبلان «3» : كنت فيما شهد صفين: فبينا نحن هنالك إذ جاء الخبر إلى معاوية أنه قد بايع رجلا من همدان اثنا عشر ألفا من همدان بيعة الموت ليغتدن شاهرين سيوفهم فلا ينثنون دون أن يقتلوا معاوية، أو ينهزم الناس، أو يموتوا من آخرهم، فأعظم ذلك معاوية، وأقبل على عمرو بن العاص فقال: اثنا عشر ألفا كلهم قد بايع بيعة الموت، من يطيق هؤلاء؟ فقال له عمرو:
اضربهم بمثلهم من قومهم، فأرسل إلى عضاه- أو قال: ابن عضاه- فأخبره عن الهمداني وأصحابه وقال: ما عندك؟ قال: ألقاهم بمثل عدتهم من همدان. قال: فخرج إليه قبائل همدان، فخطبهم متوكئا على قوسه، فذكر عثمان، وما انتهك من حرمته، وركب به- يعني:
قتلوا حتى نسخوا- ثم ذكر الذين قتلوه، وأنه لحقّ على كلّ مسلم أن يطلب دم عثمان، والقود من قتلته، ونحوا من هذا الكلام، وإن الهمداني قد بايعه منكم، فأخبرهم بما صنعوا، فما(73/232)
عندكم؟ قالوا: عندنا أن نلقاهم بيعة الموت. قال: بيعة الموت؟ قالوا: بيعة الموت.
فأعادها، ثم استدار على قوسه، ووثبوا وثبة رجل فاستداروا مرات، واعتنق بعضهم بعضا، وبكى بعضهم إلى بعض، فغدا الهمداني في أصحابه فاقتتلوا فيما بين أول النهار إلى صلاة العصر، ما ينهزم هؤلاء ولا هؤلاء، فأرسل علي إلى معاوية يناشده الله في البقية إلى كفّ أصحابه، ويكفّ أصحابه. فلم يزل معاوية يكف أصحابه ويزعهم، وعلي مثل ذلك حتى حجزوا بينهم.(73/233)
[المستدرك من] حرف الميم
[ذكر من اسمه محمد]
[9984] محمد المعتصم بن هارون الرشيد ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور أبو إسحاق الهاشمي
[روى عن أبيه، وأخيه المأمون يسيرا.
روى عنه إسحاق الموصلي، وحمدون بن إسماعيل، وآخرون] «1» .
بويع له بالخلافة بعد أخيه المأمون بعهد منه «2» ، قدم دمشق عدة دفعات مع أخيه المأمون، ووحده قبل الخلافة، ثم قدمها في خلافته.
حدّث هشام بن محمد الكلبي «3» : أنه كان عند المعتصم في أوّل أيام المأمون- حين قدم المأمون بغداد- فذكر قوما بسوء السّير، فقلت له: أيّها الأمير إن الله تعالى أمهلهم فطغوا
__________
[9984] ترجمته في كتب التواريخ العامة: تاريخ خليفة، وتاريخ اليعقوبي، وتاريخ الطبري، والكامل لابن الأثير، والبداية والنهاية، وتاريخ الخلفاء، ومروج الذهب، وتاريخ بغداد 3/342 والوافي بالوفيات 5/139 وسير أعلام النبلاء 10/290 وفوات الوفيات 4/48 والعبر 1/400 والأخبار الطوال ص 401 والمعارف ص 392 وتاريخ الإسلام حوادث سنة 221- 230 ص 390 وانظر بهامشه ثبتا بأسماء مصادر أخرى كثيرة.(73/234)
وحلم عنهم فبغوا؛ فقال: حدّثني أبي الرشيد، عن جدّي المهدي، عن أبيه المنصور، عن أبيه محمد بن علي، عن علي ابن عبد الله بن عباس، عن أبيه؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نظر إلى قوم من بني فلان يتبخترون في مشيهم، فعرف الغضب في وجهه، ثم قرأ: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ
[سورة الإسراء، الآية: 60] فقيل له: أي الشّجر هي يا رسول الله حتى نجتنبها؟
فقال: «ليست بشجرة نبات، إنّما هم بنو فلان «1» ، إذا ملكوا جاروا وإذا ائتمنوا خانوا» ثم ضرب بيده على ظهر العبّاس، قال: «فيخرج الله من ظهرك يا عم رجلا يكون هلاكهم على يديه»
[14287] . قال: هذا حديث منكر.
وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ليكوننّ من ولده- يعني العبّاس بن عبد المطلب- ملوك يلون أمر أمّتي يعزّ الله بهم الدين»
[14288] .
حدث المعتصم، عن المأمون، عن آبائه إلى ابن عباس، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«لا تحتجموا يوم الخميس فإنه من يحتجم فيه فيناله مكروه فلا يلوم إلا نفسه»
[14289] .
[وقال ابن عساكر: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن أحمد، حدثني علي بن الحسين الحافظ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن طالب البغدادي، حدثنا ابن خلاد، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر الضبيعي حدثنا إسحاق بن يحيى بن معاذ قال: كنت عند المعتصم أعوده، فقلت: أنت في عافية، فقال: كيف وقد سمعت الرشيد يحدث عن أبيه المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا: «2» «من احتجم في يوم الخميس فمرض فيه، مات فيه»
[14290] .
قال ابن عساكر: سقط منه رجلان بين ابن الضبيعي وإسحاق. ثم أخرجه من طريق أخرى عن الضبيعي عن أحمد بن محمد بن الليث عن منصور بن النضر، عن إسحاق] «3» .(73/235)
[قال أبو بكر الخطيب] «1» : [محمد أمير المؤمنين المعتصم بالله ابن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكنى، أبا إسحاق] «2» .
وأمّ المعتصم أمّ ولد اسمها ماردة، لم تدرك خلافته، والمعتصم يقال له: الثمانيّ «3» ، لأنه ولد [بالخلد في] «4» سنة ثمانين ومئة، في الشهر الثامن، وهو ثامن الخلفاء، والثامن من ولد العباس، وفتح ثمانية فتوحات، وولد له ثمان بنين، وثمان بنات، ومات وعمره ثمان وأربعون سنة، وخلافته ثمان سنين وثمانية أشهر ويومان، وقتل ثمانية أعداء: بابك، ومازيار، وياطس «5» ورئيس الزّنادقة، والأفشين، وعجيفا، وقارن، وقائد الرّافضة «6» .
وكان المعتصم أبيض، أصهب اللحية طويلها، مربوعا، مشرب اللّون «7» .
وبويع للمعتصم يوم مات المأمون سنة ثمان عشرة ومئتين، ودخل بغداد «8» على بغل كميت بسرج مكشوف وعليه قلنسوة لاطئة وسيف بمعاليق، فأخذ على باب الشّام حتى عبر الجسر، ثم دخل من باب الرّصافة فأخذ يمنة حتى دخل الدّار التي كان ينزلها المأمون من باب العامّة.
كان «9» مع المعتصم غلام يتعلّم معه في الكتّاب، فمات الغلام، فقال له الرّشيد: مات(73/236)
غلامك؟ قال: نعم، واستراح من الكتّاب! قال الرشيد: وإن الكتّاب ليبلغ منك هذا المبلغ؟
دعوه إلى حيث انتهى، ولا تعلّموه شيئا؛ فكان يكتب كتابا ضعيفا، ويقرأ قراءة ضعيفة.
قال الزّبير بن بكار:
لمّا قدمت إلى الرّشيد لأحدّث أولاده بالأخبار التي صنّفتها، أعجل المعتصم في القصر فعثر، فكادت إبهامه تنقطع، فقام وهو يقول «1» :
يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرّجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه وعثرته بالرّجل تبرا على مهل
كذا، وقد وهم، فإن الزّبير لم يكن في زمن الرّشيد يقرأ عليه، فإنه كان ميتا إذ ذاك، وإنما قرىء عليه في أيام المتوكّل والّذي عثر المعتزّ بن المتوكّل.
[قال أبو بكر الخطيب] «2» : [حدثني أبو القاسم الأزهري وعبيد الله بن علي بن عبيد الله الرقي، قالا: حدثنا عبيد الله بن محمد المقرىء، حدثنا محمد بن يحيى النديم حدثنا عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد قال: سمعت العباس بن الفرج يقول:] «3» . كتب ملك الرّوم كتابا إلى المعتصم يتهدّده فيه، فأمر بجوابه، فلمّا قرىء عليه الجواب لم يرضه، وقال للكاتب: اكتب؛ بسم الله الرحمن الرحيم؛ أما بعد؛ فقد قرأت كتابك، وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ
[سورة الرعد، الآية: 42] «4» .
قال الخطيب «5» : غزا المعتصم بلاد الرّوم في سنة ثلاث وعشرين ومئتين، فأنكى في العدوّ نكاية عظيمة، ونصب على عمّورية «6» المجانيق، وأقام عليها حتى فتحها، ودخلها(73/237)
عنوة «1» ، فقتل فيها ثلاثين ألفا وسبى مثلهم، وكان في سبيه ستّون بطريقا، وطرح النّار في عمّورية من سائر نواحيها فأحرقها، وجاء ببابها إلى العراق، وهو باق إلى الآن، منصوب على أبواب دار الخلافة، وهو الباب الملاصق مسجد الجامع في القصر.
وكان المعتصم قبل وصوله عمّورية خرّب ما مرّ به من قراهم، وهربت الرّوم في كلّ وجه؛ وقيل: وخرّب أنقرة «2» ، وتوجه قافلا، فضرب رقاب أربعة آلاف ونيّف من الأسارى، ولم يزل يقتل الأسارى في مسيره ويحرق ويخرّب حتى ورد بلاد الإسلام؛ وأتي فيها ببابك «3» أسيرا، فأمر بقطع يديه ورجليه، وضرب عنقه، وصلبه في سنة ثلاث وعشرين ومئتين؛ وكانت الرّوم أغارت على زبطرة «4» في سنة اثنتين وعشرين ومئتين، فقتلوا وأسروا من وجدوا بها، وخرّبوها «5» ، فدخل قائد له في جماعة في درب الحديد، ودخل المعتصم من درب الصّفصاف في جماعة لم تدخل أرض الرّوم قبلهم، ولقي أفشين الطّاغية، فظفّره الله به، وولّى الطّاغية منهزما مفلولا، وسار المعتصم إلى عمّورية، ووافاه أفشين عليها، فأسر وغنم، وحاصرها ونصب عليها المجانيق، فهتك سورها وفتحها عنوة «6» ، فقتل وسبى ما لا يحصى عدده، وشعّث حائطها، وحرّق وخرّب داخلها، وخرج سالما هو وجيوشه، وخرج معه بياطس «7» بطريقها وأسرى كثر، وأقام فيها بعد فتحه ثلاثة أيام، ورحل في الرّابع، وقد ظفر قبل ذلك ببابك الخرّمي «8» وأصحابه، فقدّم أسيرا فأمر بقتله.
ولمّا «9» تجهّز المعتصم لغزو عمّورية حكم المنجّمون على ذلك الوقت أنه لا يرجع من(73/238)
غزوه، فإن رجع كان مفلولا خائبا، لأنه خرج في وقت نحس، فكان من فتحه العظيم ما لم يخف، حتى وصف ذلك أبو تمام الطّائي في قوله «1» :
أين الرّواية أم «2» أين النّجوم وما صاغوه من زخرف فيها ومن كذب
تخرّصا «3» وأحاديثا ملفّقة ليست بنبع إذا عدّت ولا غرب
عجائبا زعموا الأيّام مجفلة عنهنّ في صفر الأصفار أو رجب
وخوّفوا النّاس من دهياء مظلمة إذا بدا الكوكب الغربيّ ذو الذّنب
وصيّروا الأبرج العليا مرتّبة ما كان منقلبا أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة ما دار في فلك منها وفي قطب
لو بيّنت قطّ أمرا قبل موقعة ما حلّ «4» ما حلّ بالأوثان والصّلب
قال يحيى بن معاذ «5» :
كنت أنا ويحيى بن أكثم نسير مع المعتصم، وهو يريد بلاد الرّوم؛ قال: فمررنا براهب في صومعته فوقفنا عليه فقلنا: أيّها الرّاهب، أترى هذا الملك يدخل عمّورية؟ فقال:
لا، إنما يدخلها ملك أكثر أصحابه أولاد زنى؛ قال: فأتينا المعتصم فأخبرناه، فقال: أنا والله صاحبها، أكثر جندي أولاد زنى، إنما هم أتراك وأعاجم.
وكان المعتصم يقول:
إذا لم يعدّ الوالي للأمور أقرانها قبل نزولها أطبقت عليه ظلم الجهالة عند حلولها.
قال ابن أبي داود «6» «7» :(73/239)
كان المعتصم يخرج ساعده إليّ فيقول: يا أبا عبد الله عضّ ساعدي بأكثر من قوّتك؛ فأقول: والله يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك؛ فيقول: إنه لا يضرّني؛ فأروم «1» ذلك فإذا هو لا تعمل فيه الأسنّة فضلا عن الأسنان.
وانصرف يوما من دار المأمون إلى داره، وكان شارع الميدان منتظما بالخيم، فيها الجند، فمرّ المعتصم بامرأة تبكي، وتقول: ابني ابني؛ وإذا بعض الجند قد أخذ ابنها؛ فدعاه المعتصم وأمره أن يردّ ابنها عليها؛ فأبى، فاستدناه فدنا منه فقبض عليه بيده، فسمع صوت عظامه، ثم أطلقه من يده، فسقط، وأمر بإخراج الصّبيّ إلى أمّه.
قال عمرو بن محمد الرّومي:
كان على بيت مال المعتصم رجل من أهل خراسان يكنى أبا حاتم؛ فخرجت لي جائزة فمطلني بها، وكان ابنه قد اشترى جارية مغنّية اسمها قاسم، بستّين ألف درهم، قال: فعملت فيها شعرا، وجلست ألاعب المعتصم بالشّطرنج في يوم الجمار، وكان يشرب يوما ويستريح يوما ليلعب فيه، ونلعب بين يديه، فجعلت أنشده:
لتنصفنّي يا أبا حاتم أو لنصيرنّ إلى حاكم
فتعطي الحقّ على ذلّة بالرّغم من أنفك ذا الرّاغم
يا سارقا مال إمام الهدى سيظهر الظّلم على الظّالم
ستّون ألفا في شرا قاسم من مال هذا الملك النّائم!
فقال لي: ما هذا الشّعر؟ فتفازعت كأني أنشدته ساهيا، وتلجلجت؛ فقال: أعده؛ فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني؛ وإنّما أريد أن يحرص على أن يسمعه؛ فقال: أعده ويلك؛ فأعدته؛ فقال: ما هذا؟ فقلت: أظنّ صاحب بيت المال مطل بعض هؤلاء الشّعراء بشيء له، فعمل فيه هذا الشّعر؛ قال: فما معنى قاسم؟ قلت: جارية اشتراها بستّين ألف درهم؛ قال: وأراني أنا الملك النائم؟ صدق والله قائل هذا الشّعر، والله لو عرفته لوصلته(73/240)
لصدقه؛ رجل مملق ولّيته بيت المال لتعسّر رزقه منذ سنين، من أين لابنه هذا المال؟ ثم قال لإيتاخ: قيّد صاحب بيت المال وابنه حتى نأخذ منهما مئتي ألف درهم وولّ بيت المال غيره.
قال محمد بن عمرو الدّومي «1» :
لله درّ المعتصم ما كان أعقله! كان له غلام يقال له عجيب لم ير النّاس مثله [قط] «2» وكان مشغوفا به، فحارب بين يديه يوما فحسن بلاؤه، فقال لي المعتصم: يا محمد «3» جليس الرّجل صديقه وذو نصحه، ولي عليك حقّ الرئاسة والإحسان، فاصدقني عمّا أسألك عنه؛ فقلت: لعن الله من يقم نفسه إلا مقام العبد النّاصح الذي يرى فرضا عليه أن يضيف كلّ حسن إليك، وينفي كلّ عيب عنك؛ قال: قد علمت أني دون إخوتي في الأدب «4» ، لحبّ أمير المؤمنين الرّشيد [لي] «5» وميلي إلى اللّعب وأنا حدث، فما أبالي ما قالوا «6» ، وقد قاتل عجيب بين يديّ، وأنت تعلم وجدي به وقد جاش طبعي بشيء قلته فإن كان مثله يجوز فاصدقني حتى أذيعه، وإلّا طويته «7» . فقلت: والله لأخبرت ما أمرت؛ فأنشدني «8» :
لقد رأيت عجيبا يحكي الغزال الرّبيبا
الوجه منه كبدر والقدّ يحكي القضيبا
وإن تناول سيفا رأيت ليثا حريبا
وإن رمى بسهام كان المجدّ «9» المصيبا
طبيب مابي من الحب ب لا عدمت الطّبيبا(73/241)
إني هويت عجيبا هوى أراه عجيبا
فحلفت له أنه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء، وطابت نفسه؛ فقلت له: تحتاج إلى لحن فيه؛ فقال: ما أحب ذلك لئلّا يمرّ ذكر عجيب؛ قلت: فلا تذكر البيتين اللّذين فيهما ذكر عجيب؛ قال: أمّا ذا فنعم، فغنّى به مخارق ووصلني بخمسين ألفا.
وممّا أنشد للمعتصم بالله:
أيا منشىء الموتى أعذني من التي بها نهلت نفسي سقاما وعلّت
لقد بخلت حتى لو أنّي سألتها قذى العين من سافي التّراب لضنّت
فإن بخلت فالبخل منها سجيّة وإن بذلت أعطت قليلا وضنّت
قال علي بن يحيى المنجّم «1» :
لمّا أن استتمّ المعتصم عدّة غلمانه الأتراك بضعة عشر ألفا، وعلّق له خمسون ألف مخلاة على فرس وبرذون وبغل، وذلّل العدوّ بكلّ النّواحي، أتته المنيّة على غفلة؛ فقيل «2» :
إنه قال في حمّاة التي مات فيها: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ
[سورة الأنعام، الآية: 44] .
قال الخطيب «3» : ولكثرة عسكر المعتصم وضيق بغداد عنه، وتأذّي النّاس به بنى المعتصم سرّ من رأى «4» ، وانتقل إليها، فسكنها بعسكره فسمّيت العسكر «5» ، في سنة إحدى وعشرين ومئتين.(73/242)
قال حمدون بن إسماعيل: دخلت على المعتصم في يوم خميس، وهو يحتجم، فلمّا رأيته وقفت واجما وتبيّن له ذلك فيّ؛ فقال: يا حمدون لعلّك ذكرت الحديث الذيحدّثتك به في حجامة الخميس وكراهتها، والله ما ذكرت ذلك حتى شرط الحجّام، قال: فحمّ من عشيّته، وكانت المرضة التي مات فيها.
ولمّا احتضر المعتصم جعل يقول «1» : ذهبت الحلية ليست حيلة؛ حتى أصمت «2» .
وسمع يقول «3» : اللهم إنك تعلم أني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك، وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلي.
وجعل يقول «4» : أوخذ [وحدي] «5» من بين هذا الخلق؟
وقال «6» : لو علمت أن عمري هكذا قصير ما فعلت ما فعلت.
وتوفي سنة ثمان وعشرين ومئتين؛ وقيل سنة سبع وعشرين؛ ودفن بسرّ من رأى، وهو ابن ستّ وأربعين سنة، أو سبع وأربعين سنة، أو تسع وأربعين سنة «7» .
[وقال الصولي: سمعت المغيرة بن محمد يقول: يقال: إنه لم يجتمع الملوك بباب أحد قط اجتماعها بباب المعتصم، ولا ظفر ملك قط كظفره أسر ملك أذربيجان، وملك(73/243)
طبرستان، وملك أستيسان، وملك الشياصح، وملك فرغانة، وملك طخارستان، وملك كابل.
وقال الصولي: وكان نقش خاتمه: الحمد لله الذي ليس كمثله شيء.
وأخرج الصولي عن أحمد اليزيدي قال: لما فرغ المعتصم من بناء قصره بالميدان وجلس فيه دخل عليه الناس، فعمل إسحاق الموصلي قصيدة فيه ما سمع أحد بمثلها في حسنها إلا أنه افتتحها بقوله:
يا دار غيرك البلى ومحاك يا ليت شعري ما الذي أبلاك؟
فتطير المعتصم، وتطيّر الناس وتغامزوا، وتعجبوا كيف ذهب هذا على إسحاق مع فهمه وعلمه وطول خدمته للملوك، وخرب المعتصم القصر بعد ذلك.
وأخرج عن إبراهيم بن العباس قال: كان المعتصم إذا تكلم بلغ ما أراد وزاد عليه.
وكان أول من ثرد الطعام وكثّره حتى بلغ ألف دينار في اليوم وأخرج عن أبي العيناء قال: سمعت المعتصم يقول: إذا نصر الهوى بطل الرأي.
وأخرج عن إسحاق قال: كان المعتصم يقول: من طلب الحق بما له وعليه أدر له.
وأخرج الصولي عن الفضل اليزيدي قال: وجه المعتصم إلى الشعراء ببابه من منكم يحسن أن يقول فينا كما قال منصور النمري في الرشيد؟
إن المكارم والمعروف أودية أحلك الله منها حيث تجتمع
من لم يكن بأمين الله معتصما فليس بالصلوات الخمس ينتفع
إن أخلف القطر لم تخلف فواضله أو ضاق أمر ذكرناه فيتسعفقال أبو وهيب: فينا من يقول خيرا منه فيك، وقال:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
تحكي أفاعيله في كل نائبة اليث والغث والصمامة الذكر] «1»
[وأولاده: هارون الواثق، وجعفر المتوكل، وأحمد المستعين، قيل: هو ابن ابنه، وقضاته: أحمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن سماعة، ووزراؤه، الفضل بن مروان، ثم(73/244)
محمد بن عبد الملك الزيات، وحاجبه: وصيف مولاه. وهو أول من تسمى بخليفة الله.
وهو أول من تزيا بزي الأتراك ولبس التاج ورفض زي العرب وترك سكنى بغداد] «1» .
[كان ذا قوة وبطش وشجاعة وهيبة، لكنه نزر العلم.
قال خليفة: حج بالناس ستة مئتين «2» .
امتحن الناس بخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الأمصار، وأخذ بذلك المؤذنين وفقهاء المكاتب، ودام ذلك حتى أزاله المتوكل بعد أربعة عشر عاما.
أمر المعتصم بهدّ طوانة التي بذّر المأمون في بنائها من عامين بيوت الأموال «3» .
في رمضان سنة عشرين كانت محنة الإمام أحمد في القرآن، وضرب بالسياط حتى زال عقله، ولم يجب، فأطلقوه.
وغضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان، وأخذ منه نحوا من عشرة آلاف ألف دينار ونفاه واستوزر محمد بن الزيات. واعتنى باقتناء المماليك الترك، وبعث إلى النواحي في شرائهم، وألبسهم الحرير والذهب. كان المعتصم ذا سطوة إذا غضب لا يبالي من قتل] «4» .
[كان المعتصم يحب العمارة، ويقول: إن فيها أمورا محمودة، فأولها عمران الأرض التي يحيا بها العالم. وعليها يزكو الخراج، وتكثر الأموال وتعيش البهائم، وترخص الأسعار، ويكثر الكسب، ويتسع المعاش. كان يقول لوزيره محمد بن عبد الملك: إذا وجدت موضعا متى أنفقت فيه عشرة دراهم جاءني بعد سنة أحد عشر درهما فلا تؤامرني فيه. وكان المعتصم يحب جمع الأتراك وشراءهم من أيدي مواليهم، فاجتمع له منهم أربعة آلاف، فألبسهم أنواع الديباج والمناطق المذهبة والحلية المذهبة، وأبانهم بالزي عن سائر جنوده.
زوّج المعتصم الحسن ابن الأفشين بأترجة بنت أشناس، وقال أبياتا يصف حسنهما وجمالهما واجتماعهما، وهي:(73/245)
زفت عروس إلى عروس بنت رئيس إلى رئيس
أيهما كان ليت شعري أجل في الصدر والنفوس
أصاحب المرهف المحلى أم ذو الوشاحين، والشموس] «1»
[كان من أهيب الخلفاء وأعظمهم لولا ما شان سؤدده بامتحان العلماء بخلق القرآن.
قال نفطويه: وحدّثت أنه كان من أشد الناس بطشا، وأنه جعل زند رجل بين أصابعه، فكسره.
وقال: فمما يروى من كلامه: إذا شغلت الألباب بالآداب، والعقول بالتعليم، تنبهت النفوس على محمود أمرها، وأبرز التحريك حقائقها] «2» .
[9985] محمد بن هارون بن شعيب بن عبد الله بن عبد الواحد ويقال: محمد بن هارون بن شعيب بن علقمة بن سعد بن مالك ويقال: محمد بن هارون بن شعيب بن حيّان بن حكيم بن علقمة ابن سعد بن معاذ؛ صاحب سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
[سمع بالشام، ومصر، والعراق، وأصبهان، وصنف وجمع وليس بالمتقن.
سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم المرادي، وأبا علاثة محمد بن عمرو، وبكر بن سهل الدمياطي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، ومطينا، وأبا خليفة.
وعنه: ابن المقرىء، وابن منده، وتمام، والعفيف بن أبي نصر، وعبد الوهاب الميداني] «3» .
حدث أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري، بسنده إلى علي بن أبي طالب، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
__________
[9985] ترجمته في سير أعلام النبلاء 15/528 ولسان الميزان 5/411 وميزان الاعتدال 4/57 والوافي بالوفيات 5/147 والعبر 2/298 والمغني في الضعفاء 2/640 والإكمال 1/572 وشذرات الذهب 3/13 ومعجم البلدان 4/425 والأنساب 1/513. ابن معاذ، ويقال: ابن ثمامة من ولد أنس بن مالك الأنصاري، كما في سير أعلام النبلاء.(73/246)
«مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس»
[14291] .
وحدث عن أبي نصر منصور بن إبراهيم بن عبد الله بن مالك القزويني، عن أبي سليمان داود بن سليمان، عن الوليد بن مسلم الدّمشقي، بسنده إلى أبي الدرداء، قال:
سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن القرآن؛ فقال: «هو كلام الله غير مخلوق»
[14292] .
قال أبو نصر: كان أحمد بن حنبل يقول لأصحاب الحديث: اذهبوا إلى أبي سليمان فاسمعوا منه حديث الوليد بن مسلم، فإنه لم يروه غيره؛ وأبو سليمان عندنا ثقة مأمون.
وحدث محمد بن هارون، قال: أنشدني محمد بن عبد الله العقيلي:
إنّي جعلتك ناظرا في حاجتي وجعلت ودّك لي إليك شفيعا
فاطلب إليك فدتك نفسي حاجتي تجد النّجاح إليّ منك سريعا
ولد محمد بن هارون بدمشق، سنة ست وستين ومئتين «1» ؛ وتوفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة «2» .
قال «3» : وهو الثّماميّ بثاء مضمومة معجمة بثلاث: من ولد ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك [سكن دمشق. وحدث عن الحسن بن علوية القطان. وأبي خليفة، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي، وزكريا بن يحيى السجزي. حدث عنه تمام بن محمد الرازي، وأبو محمد بن أبي نصر وغيرهما] «4» .
[9986] محمد بن هارون بن محمد بن بكّار بن بلال أبو بكر؛ ويقال: أبو عمرو العاملي
حدث عن سليمان بن عبد الرحمن، بسنده إلى أبي أمامة، قال:
مرّ رجل برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ماله؟» قالوا: كان مريضا؛ قال: «أفلا قلت: ليهنك الطّهور»
[14293] .(73/247)
وحدث عن العباس بن الوليد الخلال، بسنده إلى أبي أمامة «1» ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا يحلّ بيع المغنّيات، ولا شراؤهنّ، ولا تجارة فيهنّ، وثمنهنّ حرام» وقال: «إنما نزلت هذه الآية في ذلك وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ
[سورة لقمان، الآية: 6] » حتى فرغ من الآية، ثم أتبعها: «والذي بعثني بالحق ما رفع رجل عقيرته بالغناء إلا بعث الله عند ذلك شيطانين يرتدفان على عاتقيه، ثم لا يزالان يضربان بأرجلهما على صدره- وأشار إلى صدر نفسه- حتى يكون هو الذي يسكت»
[14294] . توفي سنة تسع ومئتين «2» .
[9987] محمد بن هارون بن مجمع أبو الحسن المصّيصيّ
حدث عن الربيع بن سليمان. بسنده إلى أبي هريرة.
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توضّأ غرفة غرفة؛ وقال: «لا يقبل الله صلاة إلّا به»
[14295] .
وعن محمد بن هارون أنه سمع هشام بن عمار، يقول أيام المتوكّل، وهو بدمشق، وقد سأله أبو هاشم عن القرآن فقال: سألني ابن أبي دواد عن القرآن فقلت «3» : القرآن كلام الله غير مخلوق، وقراءة العباد للقرآن قرآن، وتلاوتهم للقرآن قرآن؛ فاحمرّت عينه؛ وقال: ويلك من أنت؟ «4» فقلت:
القرآن لا ينطق إلّا ما نطق به، ولا يتكلّم إلّا ما تكلّم به، وهو غير موجود إلّا في قراءة القارئين، وتلاوة التّالين، وألفاظ اللّافظين، ونطق النّاطقين.
__________
[9987] المصيصي نسبة إلى المصيصة، الأكثر على أنها بكسر الميم وتشديد الصاد المهملة، بلدة كبيرة على ساحل بحر الشام. انظر معجم البلدان- والأنساب 5/315.(73/248)
[9988] محمد بن هارون بن نصر بن السّنديّ بن إبراهيم أبو الفتح، ابن أخت طيب الورّاق، يعرف: بشيخ الجنّ
حدّث عن حاجب بن مالك بن أركين «1» ، بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «النّدم توبة» «2»
[14296] .
[9989] محمد بن هارون المقرىء
حدّث عن سليمان ابن بنت شرحبيل «3» ، بسنده إلى ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرأ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ
«4» .
[9990] محمد بن هارون الدّمشقيّ
قال الحسين بن أبي طالب المصّيصي:
سمعت محمد بن هارون الدّمشقي ينشد «5» :
لمحبرة تجالسني نهاري أحبّ إليّ من أنس الصّديق
ورزمة كاغد في البيت عندي أحبّ إليّ من عدل الدّقيق
ولطمة عالم في الخدّ منّي ألذّ لديّ «6» من شرب الرّحيق(73/249)
[9991] محمد بن هاشم بن سعيد أبو عبد الله القرشي البعلبكّي
حدّث بدمشق سنة ستّ وأربعين ومئتين.
[روى عن بقية بن الوليد، وسويد بن عبد العزيز، وشعيب بن إسحاق الدمشقي، وعمرو بن الحارث الحمصي، ومحمد بن شعيب بن شابور، وأبيه هاشم بن سعيد القرشي، والوليد بن مسلم. روى عنه النسائي، وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا الدمشقي، وأبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي، وأبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة البغدادي، وابنه أحمد بن محمد بن هاشم البعلبكي، وأبو جعفر أحمد بن هارون بن حنش بن النضر البخاري الغزال، وابن بنته أبو جعفر أحمد بن هاشم بن عمرو بن إسماعيل الحميري البعلبكي، وأحمد بن هشام بن عبد الله بن كثير المقرىء، وإسحاق بن أبي عمران، وإسماعيل بن حاتم بن أبي حاتم البيروتي، والحسن بن علي بن شبيب المعمري، وأبو سليمان داود بن الوسيم البوشنجي، وسعيد بن هاشم بن مرثد، وأبو طالب عبد الله بن أحمد بن سوادة، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وعمر بن أحمد بن بشر بن السري ابن السني، وعمر بن محمد بن بجير، والقاسم بن عيسى العصار، ومحمد بن الحسن بن ذكوان البعلبكي، ومحمد بن الحسن بن يونس القاضي، ومكحول البيروتي، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، ومحمد بن المسيب الأرغياني، ويوسف بن موسى المروذي، وأبو حاتم الرازي.
قال النسائي: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال: يغرب] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
__________
[9991] ترجمته في تهذيب الكمال 17/293 وتهذيب التهذيب 5/316 والجرح والتعديل 4/1/116 والوافي بالوفيات 5/148.(73/250)
[محمد بن هاشم القرشي البعلبكي الشامي وهو ابن هاشم بن سعيد، أبو عبد الله. روى عن محمد بن شعيب بن شابور، وشعيب بن إسحاق، والوليد بن مسلم. سمع منه أبي ببعلبك، وروى عنه.... «1» ] «2» .
حدّث عن الوليد بن مسلم بسنده إلى عائشة قالت:
لمّا دخلت ابنة الجون «3» على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدنا منها قالت: أعوذ بالله منك؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عذت بعظيم، الحقي بأهلك»
[14297] .
وحدث عن بقية بن الوليد، بسنده إلى أبي ذر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إن الله يحبّ الرّجل له الجار السّوء يؤذيه فيصبر على أذاه، ويحتسبه حتى يكفيه الله بحياة أو بموت»
[14298] .
توفي محمد بن هاشم ببعلبك سنة أربع وخمسين ومئتين، وولد سنة سبع وستين ومئة «4» .
[9992] محمد بن هاشم أبو عبد الله المعروف بالأذفر
حدث عن سعيد بن عبد العزيز، بسنده إلى نعيم بن همّار الغطفاني «5» ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «6» :
«إن الله عز وجل يقول: ابن آدم لا تعجزنّي من أربع ركعات أوّل النّهار أكفيك آخره»
[14299] .
__________
[9992] لعله محمد بن هاشم المذكور في ميزان الاعتدال 4/58 عن سعيد بن عبد العزيز، قال الذهبي: مجهول.(73/251)
[9993] محمد بن هاشم أبو بكر الموصلي الشاعر المعروف بالخالدي ّ
من أهل قرية بالموصل تسمى الخالدية «1» ، وهو أخو أبي عثمان سعيد بن هاشم الشاعر «2» ؛ ومحمد الأكبر منهما، وهما شاعران محسنان متوافقان في الصّحبة، متشاركان في النّظم، وكانا من خواصّ شعراء سيف الدولة بن حمدان.
فمن شعر محمد في دير مرّان «3» ، وزعم السّريّ بن أحمد الرّفّاء الموصلي أن الشّعر لكشاجم، وأن الخالديّ سرقه منه «4» :
محاسن الدّير تسبيحي ومسباحي وخمره في الدّجى صبحي ومصباحي
أقمت فيه إلى أن صار هيكله بيتي ومفتاحه للحسن مفتاحي
منادما في قلاليه «5» رهابنه راحت خلائقهم أصفى من الرّاح «6»
قد عدّلوا ثقل أديان ومعرفة فيهم بخفّة أبدان وأرواح
ووشّحوا غرر الآداب فلسفة وحكمة بعلوم ذات إيضاح
في طبّ بقراط لحن الموصليّ وفي نحو المبرّد أشعار الطّرمّاح
ومنشد حين يبديه المزاح لنا ألمع برق ترى «7» أم ضوء مصباحوكم حثثت «8» إلى حاناته وغدا شوقي يكاثر أصواتا بأقداح
حتى تخمّر خمّاري بمعرفتي وصيّرت «9» ملحي في السّكر ملّاحي
__________
[9993] ترجمته في الوافي بالوفيات 5/149 وفوات الوفيات 4/52 ويتيمة الدهر 2/214 ومعجم الأدباء 11/208 ومعجم البلدان 2/338 وسير أعلام النبلاء 16/386 وسماه: محمد بن هاشم بن وعكة بن عرام بن عثمان بن بلال (في مصادر أخرى: وعلة) .(73/252)
يا دير مرّان لا تعدم ضحى ودجى سجال غيث ملثّ الودق «1» سحّاح «2»
إن تفن كأسك أكياسي فإنّ بها يفلّ جيش همومي جيش أفراحي
وإن أقم سوق إطرابي فلا عجب هذا بذاك إذا ما قام نوّاحي
وكان السّريّ «3» يتعصّب على الخالديّين، ويهجوهما وينسب إليهما سرقات شعره وشعر غيره.
[9994] محمد بن هاشم- ويقال: ابن هشام- بن شهاب أبو صالح العذري الجسريني
من قرية جسرين «4» بالغوطة.
[سمع زهير بن عبادان، وابن السري، والمسيب بن واضح، ومحمد بن أحمد بن مالك المكتب، روى عنه أحمد بن سليمان بن حذلم، وأبو علي بن شعيب، وأبو الطيب أحمد بن عبد الله بن يحيى الدارمي] «5» .
حدث عن المسيب بن واضح، بسنده إلى مسروق قال: سألت ابن مسعود عن هذه الآية وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
[سورة آل عمران، الآية: 169] قال: إنا قد سألنا ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم، قال:
«أرواح الشّهداء كطائر خضر تسرح في الجنّة حيث تشاء، ولها قناديل معلّقة بالعرش تأوي إليها»
[14300] .
حدث أبو صالح محمد بن هاشم الدّمشقي، عن محمد بن أحمد بن مالك المكتب، بسنده إلى عبد الله بن عباس، قال «6» :
__________
[9994] ترجمته في معجم البلدان (جسرين) 2/140.(73/253)
قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أيّكم يعرف قسّ بن ساعدة الإيادي؟» قالوا: كلّنا يعرفه يا رسول الله؛ قال: «لست أنساه بعكاظ «1» على جمل له أحمر «2» ، يخطب الناس، ويقول: ألا أيها الناس، اجتمعوا، فإذا اجتمعتم فاسمعوا، فإذا سمعتم فعوا، فإذا وعيتم فقولوا «3» ، فإذا قلتم فاصدقوا؛ من عاش مات، ومن مات فات، وكلّ ما هو آت آت «4» ، إن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لا تغور، أقسم قسّ قسما بالله لا كاذبا «5» فيه، ولا آثما، لئن كان هذا الأمر رضى ليكوننّ سخطا، إن لله دينا هو أحبّ إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه» ثم قال: «أيّكم ينشد شعره» فأنشدوه «6» :
في الذّاهبين الأوّلي ن من القرون لنا بصائر
لمّا رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها تمضي «7» الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي ولا يب قى من «8» الباقين غابر
أيقنت أني لا محا لة حيث صار القوم صائر
فقام إليه رجل «9» طويل القامة، عظيم الهامة جهوريّ الصّوت، كأني أنظر إلى حاجبيه وقد سقطا على عينيه فقال: وأنا قد رأيت منه عجبا؛ قال: «وما الذي رأيت» قال: خرجت(73/254)
في جاهليّتي أبغي بعيرا شرد منّي، أقفو أثره في تنائف «1» حقاف «2» ، ذات ضغابيس «3» ، وعرصات جثجاث «4» بين صدور جرعان وغمير حوذان «5» ، ومهمه ظلمان «6» ، ورضيع أيهقان «7» ، وبينا أنا في غوائل الفلوات أجول سبسبها وأرمق فدفدها «8» ، إذ جنّني اللّيل فلجأت إلى هضبة في ستارتها أراك كباث «9» مخضوضلة «10» بأغصانها، كأن بريرها «11» حبّ فلفل في بواسق أقحوان، وقد مضى من الليل ثلثه الأوّل، فغلبتني عيني، فرقدت، فإذا أنا بهاتف يقول:
وسنان أم تسمع ما أنبيكا فارحل هديت وابتغي دميكا «12»
يفري قيام الآل والدلوكا «13» حتى تحلّ منهلا مسلوكا
بيثرب يحظى به سنوكا ائت رسولا عبد المليكا
يدني إليه الحرّ والمملوكا ويقبل السّوقة والملوكا
رسول صدق يفرج الشّكوكا
فاستيقظت لذلك، وأنشأت أقول «14» :(73/255)
يا أيّها الطائف واللّيل سحم ماذا الذي تدعو إليه وتلم «1»
بيّن لنا عن صدق ما أنت زعم هل بعث الله رسولا معتلم «2»
يجلو عمى الضّلال عنّا والتّهم «3» من بعد عيسى في محنّات الظّلم
ينجي من الزّيغ ويهدي من رغم
فقال: ألا إنه قد بطل زور وبعث نبيّ بالسّرور؛ ثم انقطع عنّي الصّوت، فلا حسّ ولا خبر؛ فبينا أنا أفكر في أمري، وما الذي سمعت من قول الهاتف إذا طلع عمود الصّبح فأرغت «4» بعيري، فإذا هو في شجرة يميس ورقها ويهشم من أغصانها، فوثبت إليها فرمتها، ثم استويت على كورها، ثم أقبلت حتى اقتحمت واديا، فإذا أنا بشجرة عاديّة «5» ، وعين خرّارة، وروضة مدهامّة «6» ، وإذا بقسّ بن ساعدة جالس في أصل شجرة، وقد ورد على الحوض سباع كثير، فكلّما ورد سبع قبل صاحبه ضربه قسّ بن ساعدة بالقضيب، ثم قال: تنحّ «7» ، حتى يشرب الذي ورد قبلك؛ فلمّا رأيت ذلك ذعرت ذعرا شديدا؛ فقال لي: لا تخف؛ فإذا بقبرين وبينهما مسجد؛ فقلت: ما هذان القبران؟ فقال: هذان قبرا أخوين كانا يعبدان الله في هذا المكان، فأنا مقيم بينهما أعبد الله حتى ألحق بهما؛ فقلت: ألا تلحق بقومك، فتكون معهم على خيرهم وتبكّتهم»
على شرّهم؟ فقال: ثلتك أمّك، أما علمت أن ولد إسماعيل تركت دين أبيها، واتّبعت الأنداد وعظّمت السدان «9» ، ثم تركني وأقبل على القبرين يبكي، ويقول «10» :(73/256)
خليليّ هبّا طال ما قد رقدتما أجدّكما ما تقضيان كراكما
ألم تعلما أني بسمعان «1» مفردا «2» ومالي أنيس «3» من حبيب سواكما
مقيم على قبريكما لست بارحا أؤوب «4» اللّيالي أو يجيب صداكما
فلو جعلت نفس لنفس فداؤها «5» لجدت بنفسي أن يكون فداكما
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رحم الله قسّا، رحم الله قسّا، أما إنه سيبعث أمّة وحده»
[14301] .
[9995] محمد بن هبة الله بن عبد السميع بن علي ابن عبد الصمد بن علي بن العبّاس بن علي بن أحمد أبو تمام الهاشمي العبّاسي البغدادي النّسّابة الخطيب النقيب
[كتب عنه أبو محمد ابن الخشاب النحوي، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي شيئا من الأسانيد.
وروى عنه أبو الحسين أحمد بن حمزة الموازيني الدمشقي إنشادا في مشيخته] «6» .
قدم دمشق سنة سبع وأربعين وخمس مئة، وخطب بها جمعة واحدة، وأقام بها مديدة ورجع إلى بغداد، ثم قدم قدمة ثانية ولم يطل لبثه؛ وممّا أنشده، قال: أنشدنا أبو منصور الحسن بن سلامة البغدادي المعروف بابن المخلّطي لنفسه:
أطع الغرام ولو دعاك إلى الرّدى واعص الملام ولو هداك إلى الهدى
غشّ الحبيب ولا نصيحة عاذل فالماء مهما كان فيه مسقى للصّدى
أحلى الهوى ما لم تنل فيه المنى والحبّ أعدل ما يكون إذا اعتدى
__________
[9995] ترجمته في الوافي بالوفيات 5/152 وزيد فيه: المعروف بابن كلبون.(73/257)
وإذا نظرت وجدت أصدق عاشق من لا يمدّ إلى مواصله يدا
تجد الوصال إلى الملال ذريعة فيعاف أن يرد التّسلّي موردا
[9996] محمد بن هبة الله بن علي أبو رضوان البغدادي الموصلي
[سمع ببغداد أقضى القضاة أبا الحسن علي بن حبيب الماوردي. وقدم دمشق وسمع أبا بكر الخطيب، وأبا الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، والقاضي أبا الحسين يحيى ابن زيد الزيدي.
وحدث هناك، روى عنه الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبو الفرج الاسفرايني] «1» .
قال أبو رضوان:
أنشدني قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي «2» لعلي بن عبد العزيز الجرجاني «3» قاضي قضاة الري «4» :
وما زلت منحازا بعرضي جانبا عن الذّلّ «5» أعتدّ الصّيانة مغنما
يقولون هذا منهل «6» قلت: قد أرى ولكنّ نفس الحرّ تحتمل الظّما
أنهنهها عن بعض ما لا يشينها مخافة أقوال العدى فيم أو لما
وأقسم ما غراء من حسنت له مسافرة الأطماع إن بات معدما
يقولون: فيك انقباض وإنّما رأوا رجلا عن موقف الذّلّ أحجما
أرى النّاس من داناهم هان عندهم ومن أكرمته عزّة النّفس أكرما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلّة إذا فاتباع الجهل قد كان أسلما «7»
__________
[9996] ترجمته في الوافي بالوفيات 5/153.(73/258)
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظّموه في النّفوس لعظّما «1»
ولكن أذلّوه فهان «2» ودنّسوا محيّاه بالأطماع حتى تجهّما
ولم أقض حقّ العلم إن كان كلّما بدا طمع صيّرته لي سلّما
وأقبض خطوي عن فصول كثيرة إذا لم أنلها وافر العرض مكرما
وما كلّ برق لاح لي يستفزّني وما كلّ من في النّاس أرضاه منعما «3»
ولكن إذا ما اضطرّني الأمر لم أزل أقلّب فكري منجدا ثم ستهما
إلى أن أرى من لا أغصّ بذكره إذا قلت: قد أسدى إليّ وأنعما
وكم طالب ديني بنعماه لم يصل إليه ولو كان الرّئيس المعظمّا
وأكرم نفسي أن أضاحك عابسا وأن أتلقّى بالمديح مذمّما
ولكن إذا ما فاتني الأمر لم أبت أقلّب كفّي إثره متندّما
ولكنّه إن جاء عفوا قبلته وإن مال لم أتبعه هلّا وليتما
فكم نعمة كانت على الحرّ نقمة وكم مغنم يعتدّه الحرّ مغرما
وماذا عسى الدّنيا وإن جلّ خطبها ينال بها من صيّر الصّبر مطعما
[9997] محمد بن هشام بن إسماعيل ابن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ
ولّاه ابن أخته «4» هشام بن عبد الملك مكّة والمدينة، وأقدمه الوليد بن يزيد الشّام معزولا «5» .
__________
[9997] ترجمته في تهذيب التهذيب 5/316 وجمهرة ابن حزم ص 148 وتاريخ الطبري (الفهارس) ، وتاريخ خليفة بن خياط (الفهارس) ، ونسب قريش للمصعب ص 118 و 329 وأنساب الأشراف 10/207.(73/259)
أتي محمد بن هشام بامرأة حملت من الزّنى، وقد كانت تحت عبد، فأرسل محمد إلى مكحول الدّمشقيّ وعطاء بن أبي رباح، فسألهما عن ذلك فقال مكحول: قد سمعت أنه يحصنها «1» ولست آمرك فيها بشيء: وقال عطاء: لا يحصنها. لمّا كان محمد بن هشام بن إسماعيل على مكّة، جلس في الحجر فاختصم إليه عيسى ابن عبيد الله وعثمان بن أبي بكر بن عبيد الله الحميديّان، فتوجّه القضاء على أحدهما، فقال محمد بن هشام: أيا ابن الوحيد، والله لأقضين بينكما بقضاء يتحدّث به أهل القريتين «2» ، لأقضين بينكما قضاء مغيريّا؛ فقال عثمان: صه ادن حبوا، أتدري من الرّجل معك؟ أزهر أزهر، المتسربل المجد، معه إزاره ورداؤه؛ وقال عيسى بن عبيد الله: نوّهت بماجد لماجد، بكر بكر، والله ما أنا بنافخ كير، ولا ضارب زير، ولو بقيت قدماي لانتثرت منها بطحاء مكة، أنا ابن زهير دفين الحجر؛ فقال محمد بن هشام: قوموا فإنكم كنتم وحشا في الجاهلية وما استأنستم في الإسلام؛ فقال أحد الرّجلين: حقّي لصاحبي، لا أريد الخصومة.
يعني: زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ، قبره بالحجر.
كان الوليد بن يزيد مضطغنا على محمد بن هشام أشياء كانت تبلغه عنه في حياة هشام، فلمّا ولي الخلافة قبض عليه وعلى أخيه إبراهيم بن هشام، وأشخصا إليه إلى الشّام، ثم دعا لهما بالسّياط؛ فقال له: أسألك بالقرابة؛ قال: وأيّ قرابة بيني وبينك؟ وهل أنت إلّا من أشجع؟ قال: فأسألك بصهر عبد الملك؛ قال: لم تحفظه؛ فقال: يا أمير المؤمنين قد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يضرب قرشيّ بالسّياط إلّا في حدّ؛ قال: ففي حدّ أضربك وقود، أنت أوّل من سنّ ذلك على العرجي «3» ، وهو ابن عمّي، وابن أمير المؤمنين عثمان، فما رعيت حقّ جدّه، ولا نسبه بهشام، ولا ذكرت حينئذ هذا الخبر، وأنا وليّ ثأره؛ اضرب يا غلام؛ فضربهما وأوثقهما بالحديد ووجّه بهما إلى يوسف بن عمر بالكوفة، وأمره باستصفائهما وتعذيبهما إلى أن يتلفا؛ وكتب إليه: احبسهما مع ابن النصرانيّة يعني خالدا القسريّ، ونفسك(73/260)
نفسك إن عاش أحد منهم؛ فعذّبهم عذابا شديدا وأخذ منهم مالا عظيما حتى لم يبق منهم موضع للضّرب؛ فكان محمد بن هشام مطروحا، فإذا أرادوا أن يقيموه أخذوا بلحيته فجذبوه منها؛ ولمّا اشتدّت عليهما الحال تحامل إبراهيم لينظر في وجه محمد فوقع عليه فماتا جميعا، ومات خالد القسريّ معهما في يوم واحد «1» .
قال يعقوب «2» : ودفع الوليد إبراهيم ومحمدا ابني هشام إلى خاله يوسف «3» بن محمد بن يوسف الثّقفيّ، موثّقين [في عباءتين] «4» فدخل بهما المدينة يوم السّبت لاثنتي عشرة بقيت من شعبان سنة خمس وعشرين ومئة، فأقامهما بالمدينة، ثم كتب الوليد بن يزيد إلى يوسف بن محمد، أن يبعث بهما إلى يوسف بن عمر الثّقفيّ وهو عاملهيومئذ على العراق، فلمّا قدم بهما عذّبهما حتى قتلهما، وقد كان رفع عليهما عند الوليد أنهما أخذا مالا [كثيرا] «5» .
[9998] محمد بن هشام بن ملّاس أبو جعفر النّميري الدّمشقيّ
[حدث عن مروان بن معاوية الفزاري، وحرملة بن عبد العزيز، وإسماعيل بن عبد الله السكري، قاضي دمشق، ومتوكل بن موسى.
حدث عنه حفيده محمد بن جعفر، ويحيى بن صاعد، وأبو عوانة الإسفراييني، وإبراهيم بن أبي الدرداء، وأبو علي الحصائري، وأبو العباس الأصم، وأبو حامد بن حسنوية، وعدة] «6» .
__________
[9998] ترجمته في الوافي بالوفيات 5/166 والعبر 2/47 والجرح والتعديل 4/1/116 وسير أعلام النبلاء 12/353 وشذرات الذهب 2/160.(73/261)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[محمد بن هشام بن ملاس الدمشقي، أبو جعفر، روى عن مروان الفزاري، وحرملة ابن عبد العزيز، سمعت منه بدمشق، وهو صدوق] «2» .
[قال الأصم: سألته عن سنه، فقال: أنا في أربع وتسعين، ولقيت ابن عيينة سنة اثنتين وتسعين ومئة لما حججت، وكثر الناس عليه، فلم أكتب عنه.
حدث أبو العباس الأصم قال: حدثنا محمد بن هشام، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا حميد عن أنس، قال: أصيب حارثة يوم بدر، فقالت أمه: يا رسول الله، قد علمت منزل حارثة مني، فإن يكن في الجنة صبرت، وإن يكن غير ذلك ترى ما أصنع، فقال: «جنة واحدة؟! إنها جنات كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلى» «3» ] «4» .
حدّث عن مروان بن معاوية الفزاري، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال:
أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا مع غلمان، فسلّم علينا، وأخذ بيدي فأرسلني برسالة، فقالت لي أمي: لا تخبر بسرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحدا
[14302] .
وبه، قال:
أهلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «لبّيك بعمرة وحجّ» .
توفي محمد بن هشام سنة سبعين ومئتين «5» .
[9999] محمد بن هميان بن محمد بن عبد الحميد بن زيد أبو الحسين القيسي البغدادي الوكيل، المعروف بزنبيلويه
قدم دمشق سنة أربعين وثلاث مئة.
__________
[9999] ترجمته في تاريخ بغداد 3/371 والوافي بالوفيات 5/169 وميزان الاعتدال 4/58 ولسان الميزان 5/52.(73/262)
[سكن دمشق وحدث بها عن علي بن المسلم الطوسي، والحسن بن عرفة العبدي.
روى عنه تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، وعبد الله بن الحسن المعروف بابن المطبوع البغدادي] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[حدثنا أحمد بن محمد العتيقي، حدثنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي الحافظ بدمشق، حدثنا أبو الحسين محمد بن هميان بن محمد البغدادي المعروف بزنبيلويه- قراءة عليه بدمشق سنة أربعين وثلاثمائة، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن علية عن سعيد الجريري عن أبي نضرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها.
قال لي عبد العزيز الكتاني: محمد بن هميان البغدادي تكلموا فيه] «3» .
حدث عن الحسن بن عرفة، بسنده إلى أبي موسى، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله تبارك وتعالى، إنه يشرك به، ويجعل له ولد، ثم هو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم»
[14303] .
توفي محمد بن هميان سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة «4» .
[10000] محمد بن الهيثم بن حماد بن واقد أبو عبد الله الثّقفي، مولاهم، يعرف بأبي الأحوص
قاضي عكبراء «5» . سمع بدمشق وغيرها.
[روى عن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، وإبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني،(73/263)
وأحمد بن أبي شعيب الحراني، وأحمد بن صالح المصري، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وإسحاق بن إبراهيم الحنيني، وإسحاق بن سعيد بن الأركون، وإسماعيل بن أبي إدريس، وأسيد بن زيد الجمال، وأصبغ بن الفرج، وحامد بن يحيى البلخي، وحجاج بن إبراهيم الأزرق، وحرمي بن حفص، والحسن بن الربيع البوراني، وحكيم بن سيف، وخالد بن خداش، وأبي توبة الربيع بن نافع الحلبي، وزكريا بن نافع الأرسوفي، وسعيد بن حفص النفيلي، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن كثير بن عفير، وسعيد بن منصور، وسليمان بن حرب، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وعبد الله بن صالح المصري، وعبد الله بن عمرو المقعد، وعبد الله بن محمد بن أبي الأسود، وعبد الله بن محمد النفيلي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الرحمن بن المبارك، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، وعبد الغفار بن داود الحراني، وعبيد الله بن محمد العيشي، وعلي ابن المديني، وعمرو بن خالد الحراني، وعمرو بن عون الواسطي، وعمرو بن مرزوق، وعياش بن الوليد الرقام، وعيسى بن محمد بن النحاس الرملي، والفضل بن دكين، وقرة بن حبيب، ومالك بن إسماعيل النهدي، ومحمد بن إسماعيل بن عياش، ومحمد بن السري العسقلاني، ومحمد بن سعيد ابن الأصبهاني، ومحمد بن سنان العوقي، ومحمد بن الصلت، ومحمد بن عائذ الدمشقي، ومحمد بن الفضل عارم، ومحمد بن كثير المصيصي، ومحمد بن محبب الدلال، ومحمد بن مصفى الحمصي، ومسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، وموسى بن أيوب النصيبي، وموسى بن داود الضبي، وموسى بن محمد الأنصاري، وموسى بن مروان الرقي، وموسى بن مسعود النهدي، ونعيم بن حماد، وهشام بن بهرام، وهشام بن عبد الملك الطيالسي، ووضاح بن يحيى النهشلي، ويحيى بن سليمان الجعفي، ويزيد بن خالد بن موهب، ويعقوب بن كعب الحلبي، ويوسف بن عدي، ويوسف بن يعقوب الصفار.
روى عنه ابن ماجة، وأحمد بن الخليل البرجلاني، وأحمد بن سلمان النجاد، وأحمد ابن علي بن العلاء، وأحمد بن عيسى الخواص، وأحمد بن محمد بن عمر بن أبان، وإسماعيل بن محمد الصفار، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وزكريا بن أحمد البلخي، وعبد الله بن أحمد بن زبر، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وعثمان بن أحمد بن السماك، وعثمان بن محمد بن العباس بن جبريل الوراق، ومحمد بن أحمد بن عمرو بن عبد(73/264)
الخالق، ومحمد بن إسحاق الثقفي، ومحمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن الحسن بن الحسين بن الفرات، ومحمد بن حمدون بن خالد، ومحمد بن خلف وكيع، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، ومحمد بن عمرو بن البختري، ومحمد ابن محمد بن أحمد بن مالك، ومحمد بن مخلد الدوري، وموسى بن هارون، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو عوانة الإسفراييني] «1» .
حدث عن ابن أبي السّري [بسنده] إلى يوسف بن عبد الله بن سلام، قال:
خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المربد «2» ، فإذا عثمان بن عفّان يقود ناقة تحمل دقيقا وسمنا وعسلا؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنخ» فأناخ، ثم دعا ببرمة «3» فجعل فيها من السّمن والعسل والدّقيق، ثم أمر فوقد تحتها حتى أدرك، أو قال: نضج، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلوا» وأكل منه، ثم قال: «هذا شيء ندعوه فارس الخبيص»
[14304] .
[قال أبو العباس بن عقدة عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: محمد بن الهيثم من الأثبات المتقنين.
قال الدارقطني، كان من الثقات الحفاظ.
وفي موضع آخر قال: ثقة، مأمون، حافظ.
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال: مستقيم الحديث] «4» .
[له رحلة واسعة ومعرفة تامة.
روى عنه ابن ماجة «5» حديثا واحدا في الاستسقاء] «6» .
[قال أبو بكر الخطيب] «7» :(73/265)
[محمد بن الهيثم بن حماد بن واقد. أبو عبد الله مولى ثقيف، ويعرف بأبي الأحوص. كان من أهل الفضل، ورحل في الحديث إلى الكوفة. والبصرة والشام، ومصر.
قال أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق مات أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي بعكبرا في آخر جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومئتين وقال محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد بن العباس قال: قرىء على ابن المنادي وأنا أسمع قال: وجاءنا الخبر بموت أبي الأحوص القاضي وكنيته أبو عبد الله محمد بن الهيئم، وكان قاضي عكبرا فمات بها لخمس بقين من جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومئتين] «1» .
[10001] محمد بن ياسر بن عبد الله بن عبد الخالق أبو بكر الحدّاد
[من أهل بغداد. سكن جبيل، وكان إمام جامعها، ونسب إلى دمشق. سمع بدمشق هشام بن عمار، وعمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيما.
وروى عنه أبو نصر قيس بن بشر السندي الجبيلي، وأبو الحسن أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب الدمشقي، وسليمان الطبراني، وأبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر ابن بنت عدبّس الكندي] «2» .
حدّث بمدينة جبيل عن هشام بن عمّار، بنسده إلى علي، قال:
لولا أن تنظروا لحدّثتكم بموعود الله على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم لمن قتل هؤلاء، يعني الخوارج. وحدث عنه أيضا، بسنده إلى أبي هارون العبدي، قال:
كنّا نأتي أبا سعيد الخدريّ، فيقول: مرحبا بوصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنه سيأتيكم ناس من إخوانكم يتفقّهون ويتعلّمون، فعلّموهم ثم قولوا:
مرحبا مرحبا، ادنوا»
[14305] .
__________
[10001] ترجمته في الوافي بالوفيات 5/181.(73/266)
[10002] محمد بن يحيى بن الحسين بن علي ابن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب أبو الغنائم الحسيني الزّيدي الكوفي
حدث بدمشق سنة سبع وعشرين وأربع مئة، عن أبي الطيب محمد بن يحيى بن علي ابن الحسين، بسنده إلى أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لو أن الله أذن للسموات والأرض أن تتكلّما لبشّرتا من صام رمضان بالجنّة»
[14306] .
[10003] محمد بن يحيى بن حمزة بن واقد «1»
قاضي دمشق، وليها في خلافة المأمون وبعض خلافة المعتصم.
حدث عن سويد بن عبد العزيز، بسنده إلى عبد الله بن مسعود، قال «2» :
حدّثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يأتيه ملك بأربع كلمات، فيكتب أجله ورزقه وعمله «3» وشقيّ أو سعيد، فإن الرّجل ليعمل بعمل أهل الجنّة حتى ما يكون بينه وبينها إلّا ذراع يصير إلى كتابه فيختم له بعمل أهل النّار، وإن الرّجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يصير إلى كتابه فيختم له بعمل أهل الجنّة»
[14307] .
وحدث عن أبيه، بسنده إلى نعيم بن همار الغطفاني، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «4» :
«إن الله يقول: ابن آدم لا تعجزنّي من أربع ركعات من أوّل النهار أكفك آخره»
[14308] .
كان لمحمد بن بيهس ابنة، خطبها أكفاؤها فامتنع من تزويجها، فشكت ذلك إلى محمد ابن يحيى بن حمزة وهو القاضي يومئذ بدمشق، فراسله فامتنع من تزويجها، فأثبتت
__________
[10003] ترجمته في الوافي بالوفيات 5/183 وقضاة دمشق ص 18.(73/267)
البيّنة أنه كفؤ لها فزوّجها على كره من أبيها؛ فكان ذلك سبب الحرب بين اليمانيّة والقيسيّة بدمشق، جمع ابن بيهس القيسيّة لهدم بيت لهيا، لأن محمد بن يحيى يمانيّ، وكان يسكن في بيت لهيا، وجمع محمد بن يحيى اليمانيّة فامتنع بهم، فبقي الحرب بينهم خمسة عشر سنة إلى قدوم عبد الله بن طاهر دمشق، وحمله ابن بيهس إلى بغداد.
توفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
[10004] محمد بن يحيى بن داود بن يحيى أبو بكر الهاشمي مولاهم، المعروف بالسّمّاقيّ
حدث عن أبي عبد الله محمد بن الوزير الدمشقي، بسنده إلى يعلى بن عقبة قال:
أصابتني جنابة بالمدينة في شهر رمضان، فأصبحت فلم أغتسل، فلقيت أبا هريرة، فذكرت ذلك له، فقال: أفطر أفطر؛ فقلت له: إنه شهر رمضان قال: أفطر أفطر؛ فأتى مروان بن الحكم، فأرسل أبا «1» بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى عائشة، فسألها عن ذلك، فقالت: قد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصبح في شهر رمضان جنبا من غير احتلام فيمضي على صيامه؛ قال: فجاء أبو بكر إلى مروان فأخبره بقول عائشة، فقال له: عزمت عليك إلّا لقيت أبا هريرة فتخبره بقول عائشة؛ فقال: جاري جاري؛ فقال: عزمت عليك لتلقينّه «2» ، فلقيته فأخبرته بقول عائشة؛ فقال: أمّا إنّي لم أسمعه من النبي صلّى الله عليه وسلّم ولكن خبّرني به الفضل بن عبّاس [عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم] «3» .
[10005] محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس ابن ذؤيب أبو عبد الله الذّهليّ، مولاهم
شيخ نيسابور.
[روى عن: إبراهيم بن الحكم بن أبان، وإبراهيم بن حمزة الزّبيريّ، وإبراهيم ابن
__________
[10005] ترجمته في تهذيب الكمال 17/322 وتهذيب التهذيب 5/327 والجرح والتعديل 4/1/125 وتاريخ بغداد 3/415 وتذكرة الحفاظ 2/530 وسير أعلام النبلاء 12/273 والعبر 2/17 الوافيبالوفيات 5/186 النجوم الزاهرة 3/29 البداية والنهاية 11/31 وشذرات الذهب 2/138.(73/268)
عبد الله بن العلاء بن زبر، وإبراهيم بن موسى الرّازيّ، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن خالد الوهبيّ، وأحمد بن شبيب بن سعيد الحبطيّ، وأحمد بن صالح المصريّ، وأزهر بن سعد السّمّان، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن محمد الفرويّ، وإسماعيل بن أبي أويس، وإسماعيل بن الخليل، وإسماعيل بن عبد الكريم الصّنعانيّ، والأسود بن عامر شاذان، وأشهل ابن حاتم، وأصبغ بن الفرج، وبشر بن آدم الضّرير، وبشر بن شعيب بن أبي حمزة، وبشر بن عمر الزّهرانيّ، وجعفر بن عون، وحبّان بن هلال، وحجّاج بن محمد الأعور، وحجّاج بن منهال، والحسين بن حفص الأصبهانيّ، والحسين بن محمد المرّوذيّ، والحسن بن الوليد النّيسابوريّ، وأبي اليمان الحكم بن نافع، وسعيد بن سليمان الواسطيّ، وسعيد بن عامر الضّبعيّ، وسعيد بن كثير بن عفير، وسعيد بن محمد الجرميّ، وسعيد بن منصور، وسعيد بن واصل، وسلم بن إبراهيم الورّاق، وأبي قتيبة سلم بن قتيبة، وسليمان بن حرب، وسليمان بن داود الهاشميّ، وسليمان بن عبد الرحمن الدّمشقيّ، وأبي بدر شجاع بن الوليد، وصفوان بن عيسى، وأبي عاصم الضّحاك بن مخلد، وعاصم بن علي بن عاصم الواسطيّ، وعبد الله بن جعفر الرّقّيّ، وعبد الله بن رجاء الغدانيّ، وعبد الله بن الزّبير الحميديّ، وأبي صالح عبد الله ابن صالح المصريّ، وعبد الله بن محمد بن أسماء، وعبد الله بن محمد النّفيليّ، وعبد الله ابن نافع الصّائغ، وعبد الله بن الوليد العدنيّ، وعبد الله بن يزيد المقرىء، وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، وعبد الرّحمن بن مهدي، وعبد الرزاق بن همّام، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسيّ، وعبد العزيز بن يحيى الحرّانيّ، وأبي صالح عبد الغفار بن داود الحرّانيّ، وأبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولانيّ، وعبد الملك بن الصباح، وعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون، وعبيد الله بن موسى، وعثمان بن عمر ابن فارس، وعفّان بن مسلم، وعليّ بن إبراهيم البنانيّ، وعليّ بن بحر بن برّي، وعليّ بن الحسن بن شقيق، وعليّ بن عاصم الواسطيّ، وعليّ بن عياش الحمصيّ، وعلي بن المديني، وعمر بن حفص بن غياث، وعمرو بن الحصين، وعمرو بن حمّاد بن طلحة القنّاد، وعمرو ابنخالد الحرّانيّ، وعمرو بن أبي سلمة التّنّيسيّ، وعمرو بن عثمان الكلابيّ، وعمرو بن محمد العنقزيّ، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وقبيصة بن عقبة، وقتيبة بن سعيد، وكثير بن هشام، وأبي غسان مالك بن إسماعيل، ومحاضر بن المورّع، ومحمد بن بكّار بن بلال، ومحمد بن بكر البرسانيّ، ومحمد بن سنان العوقيّ، ومحمد بن الصّبّاح الدّولابيّ،(73/269)
[ومحمد بن الصّلت الأسديّ] ، ومحمد بن الصّلت التّوّزيّ، ومحمد بن عاصم المعافريّ المصريّ، ومحمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعيّ، ومحمد بن عبد الله الأنصاريّ، ومحمد ابن عبد الله الرّقاشيّ، ومحمد بن عبد العزيز الرّملي، وأبي ثابت محمد بن عبيد الله المديني، ومحمد بن عبيد الطّنافسيّ، وأبي الجماهر محمد بن عثمان التّنوخيّ، ومحمد بن عمر الواقديّ، ومحمد بن عيسى بن الطّبّاع، ومحمد بن الفضل عارم، ومحمد بن كثير العبديّ، ومحمد بن كثير المصّيصيّ، ومحمد بن المبارك الصّوريّ، ومحمد بن موسى بن أعين الحرّانيّ، ومحمد بن وهب بن عطيّة الدّمشقيّ، وأبي غسّان محمد بن يحيى الكنانيّ، ومحمد بن يوسف الفريابيّ، ومسلم بن إبراهيم، ومطرّف بن عبد الله المدنيّ، والمعافى بن سليمان الرّسعنيّ، ومعاوية بن عمرو الأزديّ، ومعلّى بن أسد العمّيّ، ومعلّى بن منصور الرّازي، ومعمّر بن يعمر اللّيثيّ، ومكي بن إبراهيم البلخيّ، وأبي سلمة موسى بن إسماعيل، وموسى بن داود الضّبّيّ، وأبي حذيفة موسى بن مسعود النّهديّ، وموسى بن هارون البرديّ، ونعيم بن حمّاد الخزاعيّ، ونوح بن يزيد المؤدّب، وأبي النّضر هاشم بن القاسم، وهشام بن عمّار الدّمشقي، والهيثم بن جميل الأنطاكيّ، والهيثم بن خارجة، والوليد بن الوليد القلانسيّ، ووهب بن جرير بن حازم، ويحيى بن حسّان التّنّيسيّ، وييحى بن حمّاد الشّيبانيّ، ويحيى بن صالح الوحاظيّ، ويحيى بن الضّريس الرّازي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى بن يحيى النّيسابوريّ، ويحيى بن يوسف الزّمّيّ، ويزيد بن أبي حكيم العدنيّ، ويزيد بن عبد ربه الجرجسي، ويزيد بن هارون، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، ويعلى بن عبيد الطّنافسيّ، ويونس بن محمد المؤدّب، وأبي أحمد الزّبيري، وأبي داود الطّيالسيّ، وأبي سفيان الحميريّ، وأبي عامر العقديّ، وأبي عليّ الحنفيّ، وأبي معمر المقعد، وأبي همّام الدّلّال، وأبي الوليد الطّيالسيّ. روى عنه: الجماعة سوى مسلم، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه راوي «صحيح مسلم» ، وأحمد بن سلمة النّيسابوريّ، وأبو عمرو أحمد بن المبارك المستمليّ، وأحمد بن محمود بن مقاتل الهرويّ، وجعفر بن محمد بن موسى النّيسابوريّ الحافظ المعروف بالمفيد، وحاجب بن أحمد الطّوسيّ، والحسن بن إسحاق السّكسكيّ النّيسابوريّ، والحسين بن الحسن بن سفيان النّسائيّ، والحسين بن محمد بن زياد القبّانيّ، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن منصور وهما من شيوخه، وشعيب بن إبراهيم(73/270)
العجليّ البيهقيّ، وصالح بن محمد الأسديّ الحافظ، وعبّاس بن محمد الدّوريّ، وعبد الله بن أبي داود، وأبو صالح عبد الله بن صالح المصريّ وهو من شيوخه، وعبد الله بن محمد بن زياد النّيسابوريّ، وعبد الله بن محمد النّفيليّ وهو من شيوخه، وأبو علي محمد بن أحمد بن زيد النّيسابوريّ، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن إسحاق الثّقفيّ، ومحمد بن إسحاق الصّاغانيّ، ومحمد بن سهل بن عسكر التّميميّ وهما من أقرانه، ومحمد بن عبد الرحمن الدّغوليّ، ومحمد بن عوف الحمصيّ وهو من أقرانه، وأبو موسى محمد بن المثنى وهو أكبر منه، ومحمد بن المسيّب الأرغيانيّ، ومحمود بن غيلان المروزيّ وهو من أقرانه، ونصر بن أحمد بن نصر الكنديّ الحافظ، ونصر بن عمّار بن يحيى الأنصاريّ، وابنه يحيى بن محمد بن يحيى ولقبه حيكان، ويعقوب بن شيبة السّدوسيّ وهو من أقرانه، وأبوحاتم، وأبو زرعة الرّازيان، وأبو عوانة الإسفرايينيّ] «1» .
حدّث عن سلم «2» بن قتيبة، بسنده إلى أنس بن مالك، قال «3» :
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه
[14309] .
وحدّث عن الوليد بن الوليد العبسي، عن الأوزاعي، قال:
سئل الزّهري عن رجل اشترى قمحا، أله أن يبيعه قبل أن يحوزه؟ قال: حدثني سالم، عن عبد الله بن عمر، قال: رأيت أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم يضربون في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين يبيعونه قبل أن يحوزوه إلى رحالهم.
وحدث عن علي بن عبد الله، بسنده إلى أبي هريرة، قال «4» :(73/271)
سجدنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
[سورة الانشقاق، الآية: 1] .
قال محمد بن يحيى الذّهلي:
ارتحلت ثلاث رحلات، وأنفقت على العلم مئة وخمسين ألفا.
قال يحيى بن محمد بن يحيى «1» :
دخلت على أبي في الصّيف الصّائف وقت القائلة، وهو في بيت كتبه وبين يديه السّراج وهو يصنّف، فقلت: يا أبه، هذا وقت الصّلاة، ودخان هذا السّراج بالنّهار، فلو نفّست عن نفسك؟ فقال لي: يا بني، تقول لي هذا، وأنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه والتّابعين؟! حدث خادم محمد بن يحيى، ومحمد بن يحيى يغسّل على السّرير، قال «2» : خدمت أبا عبد الله ثلاثين سنة وكنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قطّ، وأنا ملك له.
توفي محمد بن يحيى سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وقيل: سنة ستّ وخمسين، وقيل:
سنة سبع وخمسين؛ والصحيح أنه توفي سنة ثمان وخمسين ومئتين «3» : وقد بلغ ستّا وثمانين سنة.
قال أبو عمرو الخفّاف «4» : رأيت محمد بن يحيى الذّهلي في النّوم، فقلت: يا أبا عبد الله، ما فعل بك ربّك؟ قال: غفر لي؛ قلت: فما فعل علمك؟ قال: كتب بماء الذّهب ورفع في علّيين.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «5» :
[محمد بن يحيى النيسابوري، أبو عبد الله، روى عن عبد الصمد بن عبد الوارث ووهب بن جرير وحماد بن مسعدة وسعيد بن عامر وعثمان بن عمر، ويعقوب بن(73/272)
إبراهيم بن سعد، كتب أبي عنه بالري، وهو ثقة، صدوق إمام من أئمة المسلمين. سئل أبي عن محمد بن يحيى النيسابوري فقال: ثقة. وقال أبو زرعة: هو إمام من أئمة المسلمين] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب، أبو عبد الله النيسابوري، الذهلي مولاهم.
وكان أحد الأئمة العراقيين، والحفاظ المتقنين، والثقات المأمونين صنف حديث الزهري وحده، وقدم بغداد، وجالس شيوخها وحدث بها، وكان أحمد بن حنبل يثني عليه، وينشر فضله، وقد حدث عنه جماعة من الكبراء.
قال محمد بن سهل بن عسكر، كنا عند أحمد بن حنبل، فدخل محمد بن يحيى- يعني الذهلي- فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد الله واكتبوا عنه.
قال محمد بن داود المصيصي: كنا عند أحمد بن حنبل، وهم يذكرون الحديث.
فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا الحديث، فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالا لك يا أبا عبد الله.
قال محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني: دخلت على أحمد بن حنبل، فقال لي:
تريد البصرة؟ قلت: نعم، قال: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى فليكن سماعك منه، فإني ما رأيت خراسانيا، أو قال: ما رأيت أحدا- أعلم بحديث الزهري منه، ولا أصح كتابا منه.
قال إبراهيم بن هانىء سمعت أحمد بن حنبل يقول- وذكر حديثا الزهري- فقال: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى، زاد أحمد: قال: قال لنا علي بن عمر، قال لنا أبو بكر النيسابوري: وهو عندي إمام في الحديث.(73/273)
قال محمد بن يحيى: قال لي علي ابن المديني: أنت وارث الزهري.
قال أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي: سمعت رجلا قال لمحمد بن يحيى: جوّدت في الزهري. فقال: وأي شيء لم أجود؟
قال أبو العباس الدغولي: سمعت صالحا جزرة يقول: لما خرجت من الري قلت لفضلك عمن أكتب بنيسابور؟ قال: إذا قدمت نيسابور فانظر إلى شيخ بهي حسن الوجه، حسن الثياب، راكبا حمارا، وهو محمد بن يحيى فاكتب عنه، فإنه من قرنه إلى قدمه فائدة.
فلما قدمت نيسابور استقبلني محمد بن يحيى فعرفته بهذه الصفة.
قال عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي: سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن يحيى ومحمد بن رافع، فقال: محمد بن يحيى أحفظ، ومحمد بن رافع أورع.
قال النسائي: محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري ثقة مأمون.
قال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كان محمد بن يحيى من أئمة العلم] «1» .
[قال أبو العباس الأزهري: سمعت محمد بن سعيد بن منصور يقول: سمعت أبي يقول: قلت ليحيى بن معين: لم لا تجمع حديث الزهري؟ فقال: كفانا محمد بن يحيى جمع حديث الزهري.
وقال أبو سعيد المؤذن، سمعت زنجويه بن محمد يقول: كنت أسمع مشايخنا يقولون: الحديث الذي لا يعرفه محمد بن يحيى لا يعبأ به.
قال أبو زكريا يحيى بن محمد بن يحيى: سمعت أبي يقول: إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة.
قال دعلج بن أحمد: سمعت أحمد بن محمد بن الأزهر يقول: لمحمد بن يحيى ثمان عشرة رحلة إلى البصرة ورحلتان إلى اليمن] «2» .
[قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: رأيت جنازة محمد بن يحيى، والناس يعدون بين يديها وخلفها، ولي ثمان سنين.(73/274)
قال ابن أبي داود: حدثنا محمد بن يحيى، وكان أمير المؤمنين في الحديث.
قال الحسين بن محمد الفقيه: سمعت محمد بن يحيى يقول: تقدم رجل إلى عالم، فقال: علمني وأوجز، قال: لأوجزن لك، أما لآخرتك، فإن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه:
قال لقومك: لو كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لأوصلت إليه الخراب، وأما لدنياك، فإن الشاعر يقول:
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها وكيف ما انقلبت يوما به انقلبوايعظمون أخا الدنيا فإن وثبت يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا
أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن يحيى يقول: قد جعلت أحمد بن حنبل إماما فيما بيني وبين ربي عز وجل.
قال الحاكم: سمعت محمد بن أحمد بن زيد- وهو عدل رضى- يقول: سمعت محمد ابن يحيى الذهلي وكنت واقفا على رأسه بعد الفراغ من المجلس، وبيدي قلم، فنقط نقطة على ثوبه، فرفع إلى رأسه، فقال: تراني أحبك بعد هذا؟! قال ابن سافري: قلت ليحيى بن معين: نكتب عن محمد بن يحيى؟ قال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة، ماله يريد أن يحدث.
قال الإمام ابن خزيمة: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، إمام عصره، أسكنه الله جنته مع محبيه] «1» .
[10006] محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي ابن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم ابن الوليد أبو المعالي بن أبي المفضّل بن أبي الحسن ابن أبي محمد القرشي المعروف بابن الصّائغ
قاضي دمشق.
[سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، والحسن بن أبي الحديد، والفقيه نصرا المقدسي،
__________
[10006] ترجمته في طبقات الإسنوي 2/142 وسير أعلام النبلاء 20/137 والعبر 4/103 والنجوم الزاهرة 5/272 وشذرات الذهب 4/116 وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ص 432.(73/275)
وأبا محمد ابن البري وعدة. والقاضي الخلعي «1» بمصر، وغيره، وعلي بن عبد الملك الدبيقي بعكا. حضر درس الفقيه نصر، وتفقه به.
روى عنه ابن أخته الحافظ أبو القاسم، والسمعاني، وطرخان الشاغوري، وأبو المحاسن بن أبي لقمة] «2» .
حدث عن أبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين الفقيه، بسنده إلى أنس بن مالك، قال:
قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة وأنا ابن عشر سنين، ومات وأنا ابن عشرين سنة، وكان أمهاتي يحثثنني على خدمته، فدخل علينا النبي صلّى الله عليه وسلّم فحلبنا له من شاة لنا داجن فشيب له من ماء بئر في الدّار، وأبو بكر عن شماله وأعرابيّ عن يمينه، فشرب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعمر ناحية، فقال عمر: أعط أبا بكر، فناوله الأعرابيّ، وقال: «الأيمن فالأيمن»
[14310] .
ولد أبو المعالي سنة سبع وستين وأربع مئة، وتوفي سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
[ناب عن أبيه في القضاء سنة عشر لما حج أبوه، ثم استقل بالقضاء.
قال السمعاني: كان محمودا، حسن السيرة، شفوقا وقورا، حسن المنظر، متوددا] «3» .
[10007] محمد بن يحيى بن علي بن مسلم بن موسى ابن عمران القرشيّ اليمني الزّبيديّ الواعظ
قدم دمشق سنة ستّ وخمس مئة، وعقد مجلس التّذكير، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فلم يحتمل طغتكين أتابك ذلك له، وأخرجه عن البلد، فمضى إلى العراق، وأقام بها مدة، ورجع إلى دمشق رسولا من الخليفة المسترشد في أمر الباطنيّة، وعاد إلى بغداد، ومات بها، وكان حنيفيّ الفروع، حنبليّ الأصول.
__________
[10007] ترجمته في معجم الأدباء 19/106 الوافي بالوفيات 5/198 والكامل في التاريخ (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) تبصير المنتبه 2/654 بغية الوعاة 1/263 الأنساب (الزبيدي) المنتظم 10/197 سير أعلام النبلاء 20/316. في أصل مختصر ابن منظور: «التميمي» بدل اليمني والمثبت عن الوافي بالوفيات. الزبيدي بفتح الزاي، نسبة إلى زبيد، مدينة باليمن، انظر معجم البلدان.(73/276)
وتوفي سنة خمس وخمسين وخمس مئة، وكان من آخر كلامه أن قال له ولده إسماعيل: هذا وقت لقائك لله، فبماذا توصينا؟ فقال: اغسلوا كلّما وقع إليكم من كلامي في الأصول، ولا تعهدوا إلا على كتاب الله وما صحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم تولّينّ قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ
[سورة الفاتحة، الآية: 4] مشاهدة، ثم ما زال يكرّر قوله: الله، الله، حتى لم نبق نسمع منه ثم طفىء.
قال ولده إسماعيل «1» :
كان [أبي] «2» في كل يوم وليلة من مرضه يقول: الله الله قريبا من خمسة عشر ألف مرّة؛ وفي يوم وفاته أدنى السّبحة وهو يقول: الله الله قريبا من خمس مئة مرّة، رحمه الله. [قال ابن شافع: كان له في علم العربية والأصول حظ وافر، وصنف في فنون العلم نحوا من مئة مصنف، ولم بضيع شيئا من عمره، وكان يخضب بالحناء، ويعتم ملتحيا دائما، حكيت لي عنه جهات صحيحة غير كرامة منها رؤيته للخضر.
قال علي بن عبد الملك: زاد الزبيدي في أسماء الله أسامي: الزارع، والمتمم، والمبهم، والمظهر] «3» .
[كانت له معرفة بالنحو واللغة والأدب، صحب الوزير ابن هبيرة مدة وقرأ عليه، وكان صبورا على الفقر لا يشكو حاله] «4» .
[قال ابن الجوزي: «5» حدثني الوزير ابن هبيرة قال: جلست مع الزبيدي من بكرة إلى قريب الظهر، وهو يلوك شيئا في فمه، فسألته فقال: لم يكن عندي شيء فأخذت نواة وجعلتها في فمي أتعلل بها.
وكان يقول: قل الحق وإن كان مرّا. لا تأخذه في الله لومة لائم. ودخل على الوزير الزينبي وعليه خلعة الوزارة والناس يهنونه فقال: هذا يوم عزاء لا هناء، فقيل: لم؟ فقال:
أيهنّأ على لبس الحرير؟](73/277)
[قال السمعاني:
كان يعرف النحو، ويعظ، ويسمع معنا من غير قصد من القاضي أي بكر وغيره، وكان فنّا عجبا] «1» .
[قيل: كان يميل إلى مذهب السالمية، ويقول: إن الأموات يأكلون ويشربون وينكحون في قبورهم، والشارب والزاني والسارق لا يلام على فعله لأن ذلك بقضاء الله وقدره.
توفي سنة خمس وخمسين وخمسمئة] «2» .
[10008] محمد بن يحيى بن الفيّاض أبو الفضل الزّمّاني البصري [روى عن بشر بن المفضل، والحارث بن أبي الزبير المدني، وخالد بن الحارث الهجيمي، وسعيد بن عمرو بن الزبير، وسلم بن قتيبة، وصغدي بن سنان، والضحاك بن مخلد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، وعبد الوهاب الثقفي، وعمرو بن يونس اليمامي، وعمرو بن صالح الزهري، ومحمد بن الحارث الحارثي، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، ومكي بن إبراهيم البلخي، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، وأبيه يحيى بن الفياض، ويوسف بن عطية الصفار، وأبي بحر البكراوي، وأبي بكر الحنفي، وأبي عامر العقدي. روى عنه أبو داود، وإبراهيم بن دحيم الدمشقي، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، وأحمد بن علي بن المثنى، وأحمد بن علي الأبار، وأحمد بن عمير بن جوصا، وأحمد بن يحيى بن إبراهيم، والحسين بن عبد الله بن يزيد القطان، وروح بن عبد المجيب، وزكريا بن يحيىالسجزي، وزيد بن عبد العزيز الموصلي، وسليمان بن داود القزاز، وسليمان بن محمد بن سليمان الخزاعي، وعبد الله بن الحسن بن أيوب، وعبد الله بن أبي داود، وعبد الله بن محمد بن سلم، وعبد الله بن محمد بن النعمان بن عبد السلام، وعبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد العزيز، وعبد الصمد بن عبد الله بن أبي
__________
[10008] ترجمته في الأنساب (الزماني) وتهذيب الكمال 17/337 وتهذيب التهذيب 5/332. الزماني: بكسر الزاي وتشديد الميم، هذه النسبة إلى زمان، وهو ابن مالك بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن ربيعة (الأنساب 3/163) .(73/278)
يزيد، وعلي بن سعيد بن بشير، وعمرو بن دحيم، والفتح بن إدريس، ومحمد بن أحمد بن داود البغدادي، ومحمد بن أحمد بن عبيد بن فياض، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، ومحمد بن خريم بن مروان، ومحمد بن صالح بن عبد الرحمن، ومحمد بن يونس الكديمي، ومحمود بن الفرج ومعاذ بن العباس بن طالب، وموسى بن فضالة بن إبراهيم، ويحيى بن محمد بن صالح] «1» .
قدم دمشق حاجا سنة ستّ وأربعين ومئتين.
حدث عن عبد الأعلى- يعني ابن عبد الأعلى «2» السامي «3» عن حميد، عن قتادة، عن أنس، قال:
سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو في مسير له رجلا يقول: الله أكبر، الله أكبر؛ فقال نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم:
«على الفطرة» قال: أشهد أن لا إله إلا الله؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خرج من النّار» فاستبق القوم إلى الرّجل فإذا راعي غنم، حضرت الصّلاة فقام يؤذّن
[14311] .
وحدث عن صغدي بن سنان، بسنده إلى عمران بن حصين، قال:
جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين الحجّ والعمرة، ولم ينزل بعد كتاب ينسخه
[14312] .
هو منسب إلى زمّان بن مالك بن صعب بن بكر بن وائل.
[قال الدارقطني: بصري ثقة.
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وقال الحافظ أبو نعيم: قدم أصبهان وحدث بكتاب الأزارقة.
قال يحيى بن محمد بن صاعد: حدثنا محمد بن يحيى بن فياض بمكة سنة خمس وأربعين ومئتين] «4» .(73/279)
[10009] محمد بن يحيى بن محمد أبو سعيد البغدادي، المعروف بحامل كفنه
[قال أبو بكر الخطيب] «1» :
[محمد بن يحيى، أبو سعيد، يعرف بحامل كفنه.
سكن دمشق، وحدث بها عن أبي بكر، وعثمان ابني أبي شيبة، وعقبة بن مكرم العمي، وإبراهيم بن سعد الجوهري، وسلمة بن شبيب، وأحمد بن منيع، ومحمد بن عمرو ابن أبي مذعور، وعبيد بن محمد الوراق، ومحمد بن عبد الملك زنجويه.
روى عنه: أبو بكر النقاش المقرىء، وأبو عمر محمد بن موسى بن فضالة الدمشقي، وغيرهما] «2» .
حدث عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، بسنده إلى علي، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«لا طاعة لبشر في معصية الله عزّ وجلّ»
[14313] .
وحدث حامل كفنه بدمشق عن عبيد بن محمد الورّاق، قال «3» :
كان بالرّمليّة رجل يقال له عمّار، وكانوا يقولون إنه من الأبدال، فاشتكى البطن، فذهبت أعوده، وقد بلغني عنه رؤيا رآها؛ فقلت له: رؤيا حكوها عنك؟ فقال لي نعم، رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم في النّوم، فقلت: يا رسول الله ادع الله لي بالمغفرة؛ فدعا لي، ثم رأيت الخضر بعد ذلك فقلت: ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله وليس بمخلوق فقلت: فما تقول في النّبيذ؟ قال: انه «4» عنه الناس؛ قال: فقلت: هو ذا أنهاهم وليس ينتهون؛ فقال: من قبل منك يقبل ومن لم يقبل فدعه؛ فقلت: ما تقول في بشر بن الحارث؟ قال: مات بشر بن الحارث يوم مات وما على ظهر الأرض أحد أتقى الله منه؛ قلت: فأحمد بن حنبل؟ فقال لي:
__________
[10009] ترجمته في تاريخ بغداد 3/423 والوافي بالوفيات 5/186 والمنتظم 13/130 وشذرات الذهب 2/232.(73/280)
صدّيق؛ قلت له: فحسين الكرابيسيّ؟ «1» فغلّظ في أمره؛ فقلت: فما تقول في خالتي؟ فقال لي: تمرض وتعيش سبعة أيّام ثم تموت؛ فلما أن ماتت قلت: حقّت الرّؤيا؛ فلمّاكان بعد رأيته فقلت له: كيف صار مثلك يجيء إلى مثلي؟ فقال لي: ببرّك والديك وإقالتك العثرات.
كان «2» هذا المعروف بحامل كفنه توفي، وغسّل، وكفّن، وصلّي عليه، ودفن؛ فلمّا كان في اللّيل جاءه نبّاش فنبش عنه، فلمّا حلّ أكفانه ليأخذها استوى قاعدا، فخرج النبّاش هاربا منه، فقام وحمل أكفانه وخرج من القبر، وجاء إلى منزله؛ وأهله يبكون، فدقّ الباب عليهم، فقالوا: من أنت؟ فقال: أنا فلان! فقالوا له: يا هذا لا يحلّ لك أن تزيدنا على ما بنا؛ فقال: يا قوم افتحوا فأنا والله فلان؛ فعرفوا صوته، ففتحوا له الباب، وعاد حزنهم فرحا، وسمّي من يومئذ حامل كفنه.
ومثل هذا:
سعير بن الخمس «3» الكوفي «4» فإنه لمّا دلّي في حفرته اضطرب فحلّت أكفانه، فقام ورجع إلى منزله، وولد له بعد ذلك ابنه مالك بن سعير «5» .
توفي محمد بن يحيى حامل كفنه في سنة تسع وتسعين ومئتين.
[10010] محمد بن يحيى بن محمد ابن إبراهيم أبو بكر المكّيّ
حدث عن أبي الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا، بسنده إلى رافع بن خديج، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
«أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر»
[14314] .
[10011] محمد بن يحيى بن محمد أبو بكر المصري
رفيق أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة.(73/281)
حدث بسنده إلى أبي هريرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«من نظر إلى عورة أخيه متعمّدا لم يقبل الله له صلاة أربعين ليلة»
[14315] .
[10012] محمد بن يحيى أبي محمد بن المبارك بن المغيرة أبو عبد الله العدويّ، المعروف أبوه باليزيدي
أصله بصريّ، وقدم دمشق صحبة المعتصم حين توجّه إلى مصر فأدركه أجله بمصر.
[قال أبو بكر الخطيب] «1» :
[محمد بن أبي محمد اليزيدي، واسم أبي محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي، وكنية محمد أبو عبد الله، وهو من أهل البصرة، سكن بغداد، وكان من أهل الأدب والعلم بالقرآن واللغة، شاعرا مجيدا، مدح الرشيد والمأمون، والفضل بن سهل وغيرهم. ولم يزل فيما مضى له ببغداد عقب، منهم عبيد الله بن محمد راوي قراءة أبي عمرو بن العلاء عن عمه إبراهيم بن يحيى اليزيدي، وعن أخيه أبي جعفر أحمد بن محمد، كليهما عن أبي محمد يحيى بن المبارك، وآخر من روى العلم من اليزيديين ببغداد محمد بن العباس] «2» .
[ومحمد بن يحيى بن المبارك العدوي أبو عبد الله العدوي كان لاصقا بالمأمون من أهل أنسه بالحضرة وخراسان] «3» .
[قال أبو عبيد الله المرزباني] «4» :
[محمد بن أبي محمد اليزيدي، واسمه يحيى بن المبارك العدوي، ومحمد يكنى أبا عبد الله..... وكانت مرتبته أن يدخل إلى المأمون مع الفجر ويصلي معه ويدرس عليه
__________
[10012] ترجمته في تاريخ بغداد 3/412 والوافي بالوفيات 5/183 وإنباه الرواة 3/236 وبغية الوعاة 1/265 والأغاني 20/240 ومعجم الشعراء ص 419.(73/282)
المأمون ثلاثين آية، وكان لا يزال يعادله في أسفاره ويفضي إليه بأسراره، وهو كثير الشعر مفنن الآداب من أهل بيت علم وأدب، وسنه وسن الرشيد واحدة، وقد مدح الرشيد كثيرا وهو القائل:
أتظعن والذي تهوى مقيم لعمرك أن ذا خطر عظيم
إذا ما كنت للحدثان عونا عليك وللفراق فمن تلوم
وله:
تقاضاك دهرك ما أسلفا وكدر عيشك بعد الصفا
يجور على المرء في حكمه ولكنه ربما أنصفا
وله:
يا بعيدا مزاره حل بين الجوانح
نازح الدار ذكره ليس عني بنازح] «1» [قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أخبرني علي بن أيوب القمي، حدثنا محمد بن عمران بن موسى قال:] «3» .
وجدت بخط أبي عبد الله اليزيدي، عن عمه أبي جعفر أحمد بن محمد لأبيه محمد بن أبي محمد «4» :
الهوى أمر عجيب شأنه تارة يأس وأحيانا رجا
ليس فيمن مات منه عجب إنّما يعجب ممّن قد نجا
قال: وله أيضا «5»
كيف يطيق النّاس وصف الهوى وهو جليل ما له قدر؟
بل كيف يصفو لحليف الهوى عيش وفيه البين والهجر؟(73/283)
قال محمد بن يزداذ «1» :
كنت بباب المأمون فجاء محمد بن أبي محمد اليزيدي، فاستأذن، فقال له الحاجب:
إن أمير المؤمنين قد أخذ دواء وأمرني أن أحجب النّاس عنه، قال: فأمرك أن لا تدخل إليه رقعة؟ قال: لا؛ قال: فكتب إليه «2» :
هديّتي التحيّة للإمام إمام العدل والملك الهمام
لأني لو بذلت له حياتي وما أحوى «3» لقلّا للإمام
أراك من الدّواء الله نفعا وعافية تكون إلى تمام
وأعقبك السّلامة منه ربّ يريك سلامة في كلّ عام
أتأذن في الدّخول «4» بلا كلام سوى تقبيل كفّك والسّلام
فأدخل الرّقعة وخرج مسرعا، وأذن لي، فدخلت مسرعا، فسلّمت وخرجت، وأتبعني بألفي «5» دينار.(73/284)
[بسم «1» الله الرحمن الرحيم
المستدرك من حرف الهاء
ذكر من اسمه هارون
[10013] هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أبو جعفر- ويقال: أبو محمد- أمير المؤمنين
بويع بالخلافة بعد موت أخيه موسى الهادي بعهد من أبيه المهدي «2» . قدم الشام غير مرة للغزو.
[روى عن أبيه، وجده، ومبارك بن فضالة.
روى عنه: ابنه المأمون وغيره] «3» .
حدث هارون الرشيد عن جده المنصور، عن أبيه محمد بن علي، عن أبي هاشم
__________
[10013] ترجمته في تاريخ خليفة (الفهارس) الأخبار الطوال (الفهارس) وتاريخ بغداد 14/5 وتاريخ الطبري (الفهاري) ومروج الذهب (الفهارس) الكامل لابن الأثير (الفهارس) البداية والنهاية (الفهارس) ، تاريخ الخلفاء ص 340 سير الأعلام 9/286. تاريخ اليعقوبي (الفهارس) شذرات الذهب 1/334.(73/285)
عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا نكاح إلا بولي، وما كان بغير ولي فهو مردود»
[14316] .
قال هارون على المنبر: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«اتقوا النار ولو بشق تمرة»
[14317] .
مر الرشيد بدير مران «1» ، فاستحسنه. وهو على تل تحته رياض زعفران وبساتين، فنزله، وأمر أن يؤتى بطعام خفيف، فأتي به، فأكل، وأتي بالشراب. ودعا بالندماء والمغنين، فخرج إليه صاحب الدير، وهو شيخ كبير هرم، فسأله واستأذنه في أن يأتيه بشيء من طعام الديارات، فأذن له، فإذا أطعمه نظاف، وإدام في نهاية الحسن، فأكل منها أكثر أكله. وأمره بالجلوس فجلس يحدثه، وهو يشرب إلى أن جرى ذكر بني أمية، فقال له الرشيد: هل نزل منهم أحد؟ قال: نعم، نزل بي الوليد بن يزيد وأخوه الغمر، فجلسا في هذا الموضع. فأكلا وشربا وغنيا. فلما دبّ فيهما السكر وثب الوليد إلى ذلك الجرن فملأه وشرب به، وملأه، وسقى به أخاهالغمر، فما زالا يتعاطيانه حتى سكرا، وملأه لي دراهم، فنظر إليه الرشيد، فإذا هو عظيم لا يقدر على أن يشرب ملأه، فقال: أبي بنو أمية إلا أن يسبقونا إلى اللذات سبقا لا يجاريهم أحد فيه، ثم أمر برفع النبيذ من بين يديه، وركب من وقته.
كان الرشيد يقول: الدنيا أربعة منازل قد نزلت منها ثلاثة: أحدها الرقة، والآخر دمشق، والآخر الري في وسطه نهر، وعن جنبيه أشجار ملتفة متصلة، وفيما بينهما سوق.
والمنزل الرابع سمرقند، وهو الذي بقي عليّ أنزله، وأرجو ألا يحول الحول في هذا الوقت حتى أحل به. فما كان بين هذا وبين أن توفي إلّا أربعة أشهر فقط.
كان أبو جعفر الرشيد ولد بالري سنة ست وأربعين ومئة، وقيل: سنة سبع وأربعين، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وأربعين، وقيل: سنة خمسين ومئة «2» . وكان سنة يحج وسنة يغزو «3» .(73/286)
قال أبو السعلي «1» «2» :
فمن يطلب لقاءك أو يرده فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمر «3» وفي أرض البنيّة «4» فوق كور
وما جاز الثغور سواك خلق من المستخلفين «5» على الأمور
وأم الرشيد والهادي واحدة هي الخيزران وفيها يقول الشاعر «6» :
يا خيزران هناك ثم هناك أمسى العباد يسوسهم ابناك «7»
واستخلف هارون يوم مات أخوه موسى، وكان هارون أبيض، طويلا، مسمنا، جميلا، قد وخطه «8» الشيب «9» .
ولما «10» بويع الرشيد في سنة سبعين ومئة في اليوم الذي توفي فيه الهادي ولد المأمون في تلك الليلة، فاجتمعت له بشارة الخلافة، وبشارة الولد، وكان يقال: ولد في هذه الليلة خليفة، وولي خليفة، ومات خليفة. وكان ينزل الخلد «11» . وحكى بعض أصحابه أنه كان(73/287)
يصلي في كل يوم مئة ركعة إلى أن فارق الدنيا إلا أن تعرض له علة. وكان يتصدق في كل يوم من صلب ماله بألف درهم، وكان إذا حج حج معه مئة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج في كل سنة ثلاث مئة رجل بالنفقة السابغة [والكسوة الظاهرة] «1» وكان يقتفي أخلاق المنصور، ويعمل بها إلا في العطايا والجوائز. فإنه كان أسنى الناس عطية ابتداء وسؤالا، وكان لا يضيع عنده يد ولا عارفة. وكان لا يؤخر عطاءه، ولا يمنعه عطاء اليوم من عطاء غد. وكان يحب الفقه والفقهاء، ويميل إلى العلماء. ويحب الشعر والشعراء، ويعظم [في صدره] «2» الأدب والأدباء، ويكره المراء في الدين والجدال، ويقول: إنه لخليق ألا ينتج خيرا، ويصغي إلى المديح ويحبه، ويجزل عليه العطاء لا سيما إذا كان من شاعر فصيح مجيد.
وكان نقش خاتم هارون بالحميرية، وخاتم الخاصة: لا إله إلا الله.
قال أبو معاوية الضرير «3» :
حدثت الرشيد هارون بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل» . فبكى هارون حتى انتحب وقال له: يا أبا معاوية، ترى لي أن أغزو؟ قلت: يا أمير المؤمنين، مكانك في الإسلام أكبر، ومقامك أعظم، ولكن ترسل الجيوش
[14318] .
قال أبو معاوية:
ما ذكرت النبي صلّى الله عليه وسلّم بين يديه إلا قال: صلى الله على وسيدي ومولاي «4» .
وفي «5» سنة ست وثمانين ومئة أقام الحج الرشيد هارون، وجدد البيعة لابنيه «6» محمد المخلوع، وعبد الله المأمون، وكتب بينهما شروطا، وعلق الكتاب بالكعبة.(73/288)
وفي «1» سنة تسعين غزا الرشيد الروم، وفرق القواد في بلادهم «2» ، وأقام هو بطوانة «3» ، وسأله الطاغية أن ينصرف عنه، ويعطيه مالا، فأبى، أو يعطيه فدية وخراجا، ويبعث إليه بجزية عن رأسه ورأس ابنه، فبعث إليه ثلاثين ألف دينار جزية «4» ، وأربعة دنانير جزية عن رأسه ودينارين عن رأس ابنه.
وفي سنة ثلاث وسبعين ومئة حج بالناس هارون «5» ، وهي السنة التي قسم فيها للناس صغيرهم وكبيرهم درهما درهما.
وفي سنة ثلاث وسبعين فتحت سمالوا «6» .
وفي سنة تسعين فتح هرقلة «7» ، وقال أبو العتاهية فيها «8» :
الحمد لله اللطيف بخلقه إنا لنجزع والإمام صبور
فتحت هرقلة بعد طول تمنّع إنّي بكلّ مسرّة مسروروإمامنا فيها أغرّ محجّل وحجوله يوم القيامة نور
إن حطّ رحل الحج أعمل سرجه للغزو ينجد مرة ويغور
همم لهارون الإمام بعيدة أبدا لهن مواسم وثغور
هارون شيّد كل عز كان أس سه له المهديّ والمنصور
هارون هارون المدافع ربّه عنه هو المحفوظ والمستور
قفل الإمام وقد تكامل فيئه وأقام جزيته له النقفور «9»
روى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(73/289)
«يكون من ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي يعز الله بهم الدين»
[14319] .
ومن «1» بارع شعر أبي الشيص قوله يمدح الرشيد عند هزيمة نقفور، وفتح بلاد الروم من قصيد:
شددت أمير المؤمنين قوى الملك صدعت بفتح الروم أفئدة الترك
قريت سيوف الله هام عدوّه وطأطأت بالإسلام ناصية الشرك
فأصبحت مسرورا ولا يعني «2» ضاحكا وأصبح نقفور على ملكه يبكي
كان أبو معاوية الضرير عند الرشيد، فجرى الحديث إلى حديث أبي هريرة أن موسى لقي آدم «3» ، فقال: أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة؟ ... الحديث، فقال رجل قرشي كان عنده من وجوه قريش: أين لقي آدم موسى؟ فغضب الرشيد وقال: النطع والسيف، زنديق والله يطعن في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول: كانت منه باردة ولم يفهم يا أمير المؤمنين حتى أسكنه «4» .
وفي رواية «5» :
فغضب الرشيد وقال: من طرح إليك هذا؟ وأمر به، فحبس، فقال: والله ما هو إلا شيء خطر ببالي، وحلف بالعتق وصدقة المال ومغلّظات الأيمان ما سمعت من أحد، ولا جرى بيني وبين أحد في هذا كلام. قال: فلما عرف الرشيد ذلك قال: فأمر به فأطلق، وقال:
إنما توهمت أنه طرح إليه بعض الملحدين هذا الكلام الذي خرج منه، فيدلني عليهم فأستبيحهم، وإلا فأنا على يقين أن القرشي لا يتزندق.
قال رجل من قواد هارون «6» : دخلت على هارون وبين يديه رجل مضروب العنق،(73/290)
ورجل معه سيف ملطخ بالدم يمسحه على قفاه، ففزعت لما رأيته فقال: قتلت هذا الرجل [لأنه] «1» كان يقول: القرآن مخلوق، تقرّبت إلى الله بدمه.
قال أبو بكر بن عياش «2» : قلت لهارون: يا أمير المؤمنين، انظر هذه العصابة الذين يحبون أبا بكر وعمر، ويفضلونهم «3» فأكرمهم يعزّ سلطانك، ويقوى، فقال: أو لست كذلك؟ أنا والله كذلك، أنا والله كذلك، أنا والله أحبهم، وأحب من يحبهم، وأعاقب من يبغضهم.
جاء جنديان يسألان عن منزل أبي بكر بن عياش، قال: فقلت: ما تريدان منه؟ فقالا:
أنت هو؟ قلت: نعم، فقالا: أجب الخليفة، قلت: أدخل ألبس ثوبي، قالا: ليس إلى ذلك سبيل، فأرسلت من جاءني بثيابي، ومضيت معهم إلى الرشيد بالحيرة، فدخلت عليه، فقال:
لا أرانا إلا قد رعناك. إن أبا معاوية الضرير حدثني بحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يكون قوم بعدي ينبزون «4» بالرافضة فاقتلوهم، فإنهم مشركون» فو الله لئن كان حقا لأقتلنّهم. فلما رأيت ذلك خفت منه، فقلت: يا أمير المؤمنين، لئن كان ذلك فإنهم ليحبونكم أشد من نبي الله، وهم إليك أميل، فسرّي عنه، ثم أمر لي بأربع بدر «5» ، فأخذتها. ولقيني رجل منهم فقال: يا أبا بكر، أخذت الدراهم، ما عذرك عند الله؟ فقلت: عذري عند الله أني خلصت من القتل.
دخل ابن السماك على هارون فقال: يا أمير المؤمنين، تواضعك في شرفك أشرف من شرفك «6» .
وقال له مرة «7» : يا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل لم يجعل أحدا فوقك، فلا ينبغي «8» أن يكون أحد أطوع لله عز وجل منك.
قال ابن السماك:(73/291)
بعث إلي هارون فأتيته، فأخذني خصيان حتى انتهيا «1» بي إليه في بهو، فقال لهما هارون: أرفقا بالشيخ، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما مرّ بي يوم منذ ولدتني أمي أنا أنصب فيه من يومي هذا، فاتق الله يا أمير المؤمنين، واعلم أن لك مقاما بين يدي الله أنت فيه أذل من مقامي هذا بين يديك، فاتق الله في خلقه، واحفظ محمدا في أمته، وانصح نفسك في رعيتك، واعلم أن الله أخذ سطواته وانتقامه من أهل معاصيه بكم، فاضطرب على فراشه حتى وقع على مصلى بين يدي فراشه، فقلت: يا أميرالمؤمنين، هذا ذل الصفة، فكيف لو رأيت ذل المعاينة، فكادت نفسه تخرج، وكان يحيى بن خالد إلى جنبه، فقال للخصيّين: أخرجاه، فقد أبكى أمير المؤمنين.
بعث «2» هارون إلى محمد بن السماك، فقال له يحيى بن خالد: أتدري لم بعث إليك أمير المؤمنين؟ قال: لا أدري، قال له يحيى: بعث لما بلغه عنك من حسن دعائك للخاصة والعامة «3» ، فقال له ابن السماك: أما ما بلغ أمير المؤمنين عني ذلك فبستر الله الذي ستره علي، ولولا ستره لم يبق لنا ثناء، ولا التقاء على مودة، فالستر هو الذي أجلسني بين يديك يا أمير المؤمنين. إني والله ما رأيت وجها أحسن من وجهك، فلا تحرق وجهك بالنار، فبكى هارون بكاء شديدا، ثم دعا بماء فاستسقى «4» ، فأتي بقدح فيه ماء، فقال: يا أمير المؤمنين، أكلمك بكلمة قبل أن تشرب هذا الماء؟ قال: قل ما أحببت، قال: يا أمير المؤمنين، لو منعت هذه الشربة إلا بالدنيا وما فيها، أكنت تفتديها بالدنيا وما فيها حتى تصل إليك؟ قال: نعم، قال: فاشرب، بارك الله فيك. فلما فرغ من شربه قال له: يا أمير المؤمنين، أرأيت لو منعت إخراج هذه الشربة منك إلا بالدنيا وما فيها، أكنت تفتدي ذلك بالدنيا وما فيها؟ قال: نعم، قال: يا أمير المؤمنين، فما تصنع بشيء شربة ماء خير منه «5» ؟ فبكى هارون واشتد «6» بكاؤه،(73/292)
فقال يحيى بن خالد: يابن السماك، قد أذيت أمير المؤمنين، فقال له: وأنت يا يحيى فلا تغرنك رفاهية العيش ولينه.
قال «1» يحيى بن خالد لابن السماك: إذا دخلت على هارون أمير المؤمنين فأوجز، ولا تكثر عليه، فدخل عليه، وقام بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لك بين يدي الله مقاما، وإن لك من مقامك منصرفا، فانظر إلى أين منصرفك: إلى الجنة أم إلى النار، فبكى هارون حتى كاد أن يموت.
قال الفضيل بن عياض «2» :
لما قدم الرشيد بعث إلي، فذكر الحديث بطوله وقال: عظنا بشيء من علم، فقلت له:
يا حسن الوجه، حساب هذا الخلق كلهم عليك، فجعل يبكي، ويشهق، قال: فرددتها عليه:
يا حسن الوجه، حساب هذا الخلق كلهم عليك، فأخذني الخدم، فأخرجوني، وقالوا: اذهب بسلام.
قال الأصمعي «3» : كنت عند الرشيد يوما، فرفع إليه في قاض كان استقضاه يقال له: عافية، فكبر «4» عليه، فأحضره، وفي المجلس جمع «5» ، فجعل يخاطبه، ويوقفه على ما رفع إليه، وطال المجلس، ثم إن أمير المؤمنين عطس فشمّته من كان بالحضرة ممن قرب منه سواه، فإنه لم يشمّته، فقال له الرشيد: ما بالك لم تشمّتني كما فعل القوم؟! فقال له عافية: لأنك يا أمير المؤمنين لم تحمد الله، ولذلك لم أشمتك، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم عطس عنده رجلان، فشمت أحدهما، ولم يشمت الآخر، فقال: يا رسول الله، ما بالك شمّت ذاك، ولم تشمتني؟ قال: «لأن هذا حمد الله، فشمتناه، وأنت فلم تحمد الله فلم نشمتك» ، فقال له الرشيد: ارجع إلى عملك، أنت لم(73/293)
تسامح في عطسة تسامح في غيرها؟ وصرفه منصرفا جميلا، وزبر القوم الذين رفعوا عليه
[14320] .
قال عبد الله بن عبد العزيز العمري: «1» قال لي موسى بن عيسى: ينتهي «2» إلى أمير المؤمنين الرشيد أنك تشتمه، وتدعو عليه، فبأي شيء استجزت ذلك منه يا عمري؟ قال: قلت: أما في شتمه، فهو والله أكرم علي من نفسي «3» ، وأما في الدعاء عليه، فو الله ما قلت: اللهم إنه قد أصبح عبئا ثقيلا على أكتافنا، لا تطيقه أبداننا، وقذى في عيوننا «4» ، لا تطرف عليه جفوننا، وشجى في أفواهنا، لا تسيغه حلوقنا، فاكفنا مؤنته، وفرّق بيننا وبينه، ولكني قلت: اللهم، إن كان قد تسمى بالرشيد ليرشد، فأرشده أو لغير ذلك فراجع به، اللهم، إن له في الإسلام بالعباس «5» على كل مسلم حقا «6» ، وله بنبيّك قرابة ورحما، فقربه من كل خير، وبعّده من كل شر «7» ، وأسعدنا به، وأصلحه لنفسه ولنا، فقال موسى: يرحمك الله يا أبا عبد الرحمن، كذلك لعمري كان ما فعلت «8» .
قال أبو معاوية «9» :
أكلت مع الرشيد هارون طعاما يوما، فصبّ على يدي رجل لا أعرفه، فقال الرشيد: يا أبا معاوية، هل تدري من يصبّ على يديك؟ قلت: لا، قال: أنا، قلت: أنت يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، إجلالا للعلم.
قال يحيى بن أكثم:
قال لي الرشيد: ما أنبل المراتب؟ قلت: ما أنت فيه يا أمير المؤمنين، قال: فتعرف(73/294)
أجلّ مني؟ قلت: لا، قال: لكني أعرفه، رجل في حلقة يقول: حدثنا فلان عن فلان قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.... قلت: يا أمير المؤمنين، هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وولي عهد المسلمين؟ قال: نعم، ويلك، هذا خير مني لأن اسمه مقترن باسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يموت أبدا، نحن نموت ونفنى، والعلماء باقون ما بقي الدهر.
حدث أبو زرعة عن أبيه قال:
كنا بالرقة وبيوتات الأموال تنقل إلى هارون الرشيد، فقدرناها أربعة آلاف وست مئة جمل، ألف وست مئة منها ذهب، وثلاثة آلاف ورق. قال الأصمعي «1» :
دخلت على هارون الرشيد يوم الجمعة، وهو يقلّم أظفاره، فقلت له في ذلك: فقال:
أخذ الأظفار يوم الخميس من السنة. وبلغني أن [أخذها] «2» يوم الجمعة ينفي الفقر. فقلت:
يا أمير المؤمنين، وتخشى أنت أيضا الفقر؟ فقال: يا أصمعي، وهل أحد أخشى للفقر مني؟
حدث إبراهيم بن المهدي قال «3» :
كنت أتغدى مع الرشيد في يوم شات، فسأل صاحب المطبخ: هل عنده برمة من لحم الجزور، فأعلمه أن عنده ألونا منه، فأمر بإحضاره، فقدمت إليه صحفة، فأدخل لقمة منها في فيه، وحرك لحيته عليها مرتين، فضحك جعفر بن يحيى، فسأله الرشيد عن ضحكه، وأمسك عن المضغ، فقال: ذكرت كلاما دار بيني وبين جاريتي البارحة، فضحكت، فقال الرشيد:
هذا محال، فأخبرني بحقي عليك، قال: إذا ابتلعت لقمتك حدثتك، فألقى لقمته من فيه تحت المائدة، فقال له جعفر: بكم يتوهم أمير المؤمنين أن هذا اللون يقوم عليه؟ فقال له الرشيد: أتوهمه يقوم بأربعة دراهم، فقال جعفر: إنه يقوم عليك بأربع مئة ألف درهم، قال:
كيف؟ ويحك! فقال جعفر: سأل أمير المؤمنين صاحب المطبخ من أكثر من أربع سنين «4» عن برمة من لحم جزور، فلم يجدها، فأنكر أمير المؤمنين ذلك علي وقال: لا يفت مطبخي لون(73/295)
ي تخذ من لحم جزور في كل يوم، فأنا منذ ذلك اليوم أنحر جزورا في كل يوم، فإن الخلفاء لانتباع لهم لحم الجزور من السوق «1» ، ولم يدع أمير المؤمنين بشيء من لحمها إلا يومه هذا. وكان الرشيد في أول طعامه، وكان أشد خلق الله تقززا، فضرب الرشيد بيده اليمنى وجهه وفيها الغمر «2» ، ومدّ بها لحيته، ثم قال: هلكت ويلك يا هارون، واندفع يبكي، ورفعت المائدة «3» ، وطفق يبكي حتى آذنه المؤذنون بصلاة الظهر، فتهيأ للصلاة «4» ثم أمر أن يحمل للحرمين ألفي ألف درهم يفرق في كل حرم ألف ألف، وأن يفرق في كل جانب من جانبي بغداد خمس «5» مئة ألف درهم، وأن يفرق في كل مدينة من الكوفة والبصرة خمس مئة ألف درهم «6» ، وقال: لعل الله أن يغفر لي هذا الذنب، وصلى الظهر وعاد إلى مكانه يبكي إلى العصر، وقام فصلى، وعاد إلى مكانه إلى أن قرب ما بين العصر والمغرب، فأخبره القاسم بن الربيع أن أبا يوسف القاضي بالباب، فأذن له، فدخل، وسلم، فلم يردّ عليه، وأقبل يقول: يا يعقوب، هلك هارون، فسأله عن القصة، فقال: يخبرك جعفر، وعاد لبكائه، فحدثه جعفر عن الجزور التي تنحر كل يوم، ومبلغ ما أنفق من الأموال، فقال له أبو يوسف:
هذه الإبل التي كانت تبتاع كانت تترك إذا نحرت حتى تفسد وتنتن، ولا تؤكل لحومها، فيرمى بها؟ قال جعفر: اللهم، لا، قال أبو يوسف: فما كان يصنع بها؟ قال: يأكلها الحشم والموالي وعيال أمير المؤمنين، فقال أبو يوسف: الله أكبر، أبشر يا أمير المؤمنين بثواب الله على نفقتك، وعلى ما فتح لك من الصدقة في يومك هذا، ومن البكاء للتقية من ربك، فإنّي لأرجو ألا يرضى الله من ثوابه على ما داخلك من الخوف من سخطه عليك إلا بالجنة، فإنه عز وجل يقول: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ
[سورة الرحمن، الآية: 46] وأنا أشهد أنك خفت مقام ربك، فسرّي عن الرشيد وطابت نفسه، ووصل أبا يوسف بأربع مئة ألف درهم، وصلى المغرب ودعا بطعامه وأكل، فكان غداؤه في اليوم عشاءه.(73/296)
قال عمرو بن بحر «1» : اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لأحد من جدّ ولا هزل: وزراؤه البرامكة، لم ير مثلهم سخاء وسروا، وقاضيه أبو يوسف «2» ، وشاعره مروان بن أبي حفصة «3» ، كان في عصره كجرير في عصره، ونديمه عم أبيه العباس «4» بن محمد صاحب العباسية «5» ، وحاجبه الفضل بن الربيع «6» أتيه الناس وأشده تعاظما، ومغنيه إبراهيم الموصلي واحد عصره في صناعته، وضاربه زلزل «7» ، وزامره برصوما، وزوجته أم جعفر أرغب الناس في خير، وأسرعهم إلى كل برّ، أدخلت الماء الحرم بعد امتناعه، إلى أشياء من المعروف.
كان «8» عبيد الله «9» بن ظبيان قاضي الرقة، وكان الرشيد إذ ذاك بها، فجاء رجل فاستعذر عليه من عيسى بن جعفر «10» ، فكتب إليه ابن ظبيان: أما بعد. أبقى الله الأمير وحفظه، أتاني رجل ذكر أنه فلان بن فلان، وأن له على الأمير- أبقاه الله- خمس مئة ألف درهم، فإن رأى الأمير- حفظه الله- أن يحضر معه بمجلس الحكم أو يوكل وكيلا يناظر خصمه فعل، ودفع بالكتاب إلى الرجل، فأتى به باب عيسى بن جعفر، ودفع الكتاب إلى حاجبه، فأوصله إليه، فقال: كل هذا الكتاب، فرجع إلى القاضي فأخبره، فكتب إليه: أبقاك الله وحفظك وأمتع بك، حضر رجل يقال له فلان بن فلان، فذكر أن له عليك حقا فصر به(73/297)
معه إلى مجلس الحكم أو وكيلك، إن شاء الله، ووجّه بالكتاب مع عونين «1» من أعوانه، فحضرا باب عيسى، ودفعا الكتاب إليه، فغضب، ورمى به، فانطلقا فأخبراه، فكتب إليه: حفظك الله، وأبقاك، وأمتع بك، لا بد من أن تصير أنت وخصمك إلى مجلس الحكم، فإن أبيت أنهيت أمرك إلى أمير المؤمنين، ووجه بالكتاب مع عدلين «2» ، فقعدا على باب عيسى حتى خرج، فقاما إليه، ودفعا إليه كتاب القاضي، فلم يقرأه، ورمى به، فأبلغاه ذلك، فختم قمطره «3» وانصرف، وقعد في بيته، فبلغ الخبر الرشيد، فدعاه، وسأله عن أمره، فأخبره بالقصة عن آخرها، حرفا حرفا، فقال لإبراهيم بن عثمان: صر إلى باب عيسى بن جعفر، واختم عليه أبوابه كلها، ولا يخرجن أحد، ولا يدخلن أحد عليه حتى يخرج إلى الرجل من حقه أو يصير معه إلى الحاكم، فأحاط إبراهيم بداره، ووكل بها خمسين فارسا، وغلقت أبوابه، فظن عيسى أنه قد حدث للرشيد رأي في قتله، ولم يدر ما سبب ذلك، وجعل يكلم الأعوان من خلف الباب، وارتفع الصياح من داره، وصرخ النساء، فأمرهن أن يسكتن، وقال لبعض غلمان إبراهيم: ادع لي أبا إسحاق لأكلمه، فأعلموه ما قال، فجاء حتى صار إلى الباب، فقال له عيسى: ويلك! ما حالنا؟ فأخبره خبر ابن ظبيان، فأمر أن يحضر خمس مئة ألف درهم من ساعته، وتدفع إلى الرجل، فجاء إبراهيم إلى الرشيد، فأخبره، فقال: إذا قبض الرجل ماله فافتح أبوابه.
قال بشر بن الوليد «4» :
كنت عند أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، فحدثنا بحديث طريف قال:
بينا أنا البارحة أويت إلى فراشي فإذا داق يدق الباب، فخرجت فإذا هرثمة بن أعين قال: أجب أمير المؤمنين، فقلت: يا أبا حاتم، لي بك حرمة، وهذا وقت كما ترى، ولست(73/298)
آمن أن يكون أمير المؤمنين دعاني لأمر من الأمور، فإن أمكنك أن تدفع بذلك إلى غد؟ فلعله أن يحدث له رأي، فقال: ما لي إلى ذلك سبيل، قلت: كيف كان السبب؟ قال: خرج إلي مسرور الخادم فأمرني أن آتي بك، فقلت: تأذن لي أن أصب علي ماء وأتحنّط «1» ؟ فإن كان أمر من الأمور كنت قد أحكمت شأني، وإن رزق الله العافية فلن يضر، فدخلت وفعلت ما أردت «2» ، ومضينا، فإذا مسرور واقف، فقال له هرثمة: قد جئت به. قال: فقلت لمسرور:
يا أبا هاشم، هذا وقت ضيق، فتدري لم طلبني أمير المؤمنين؟ قال: لا، قلت: فمن عنده؟ قال: عيسى بن جعفر، قلت: ومن؟ قال: ما عنده ثالث، قال: مرّ، فإذا صرت إلى الصحن فإنه في الرواق، وهو ذلك جالس، فحرّك رجلك بالأرض، فإنه سيسألك، فقل: أنا.
ففعلت، فقال: من؟ قلت: يعقوب، قال: ادخل، فدخلت، فإذا هو جالس وعنده عيسى بن جعفر، فسلّمت، فرد وقال: أظننا روعناك، قلت: إي والله، وكذلك من خلفي. قال:
اجلس، ثم التفت إلي فقال: يا يعقوب، تدري لم دعوتك؟ قلت: لا، قال: دعوتك لأشهدك على هذا، إن عنده جارية سألته أن يهبها لي فامتنع، وسألته أن يبيعها فأبى، والله لئن لم يفعل لأقتلنه، قال: فالتفتّ إلى عيسى، وقلت: وما بلغ الله بجارية تمنعها أمير المؤمنين، وتنزل نفسك هذه المنزلة؟! فقال لي: عجلت علي في القول قبل أن تعرف ما عندي: إن علي يمينا بالطلاق والعتاق وصدقة ما أملك ألّا أبيع هذه الجارية، ولا أهبها، فالتفت إلي الرشيد فقال:
هل له في ذلك من مخرج؟ قلت: نعم، يهب لك نصفها، ويبيعك نصفها، فيكون لم يبع ولم يهب. قال عيسى: ويجوز ذلك؟ قلت: نعم. قال: فأشهدك أني قد وهبت له نصفها، وبعته النصف الباقي بمئة ألف دينار، فقال: الجارية، فأتي بالجارية وبالمال، فقال: خذها يا أمير المؤمنين، بارك الله لك فيها.
قال: يا يعقوب، بقيت واحدة، قلت: ما هي؟ قال: هي مملوكة، ولا بد أن تستبرأ، ووالله إن لم أبت معها ليلتي أظن نفسي ستخرج، قلت: يا أمير المؤمنين، تعتقها، وتتزوجها، فإن الحرة لا تستبرأ، قال: فإنّي قد أعتقتها، فمن يزوجنيها؟ قلت: أنا، فدعا بمسرور وحسين، فخطبت وحمدت الله، ثم زوّجته على عشرين ألف دينار، ودعا بالمال فدفعه إليها(73/299)
ثم قال: يا يعقوب، انصرف، وقال: يا مسرور، أحمل إلى يعقوب مئتي ألف درهم، وعشرين تختا ثيابا، فحمل ذلك معي. قال بشر بن الوليد: فالتفت إلي يعقوب فقال: هل رأيت بأسا فيما فعلت؟ قلت: لا، قال: فخذ منها حقك، قلت: وما حقي؟ قال: العشر، قال: فشكرته، وذهبت لأقوم، فإذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أبا يوسف، بنتك تقرئك السلام، وتقول لك: ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الذي عرفته، وقد حملت إليك النصف منه، وخلّفت الباقي لما أحتاج إليه، فقال: ردّيه، فو الله لا قبلتها، أخرجتها من الرق، وزوّجتها أمير المؤمنين وترضى لي بهذا، فلم نزل نطلب إليه أنا وعمومتي حتى قبلها، وأمرلي منها بألف دينار.
كان «1» حماد بن موسى صاحب أمر محمد بن سليمان «2» والغالب عليه، فحبس سوار «3» القاضي رجلا في بعض ما يحبس فيه القضاة، فبعث حماد فأخرج الرجل من الحبس، فخاصمه إلى سوار فأخبره أن حمادا أخرج الرجل من الحبس، فركب سوّار حتى دخل على محمد بن سليمان، وهو قاعد للناس، والناس على مراتبهم، فجلس حيث يراه محمد، ثم دعا قائدا من قواده، قفال: أسامع أنت أو مطيع؟ قال: نعم، قال: اجلس هاهنا، فأقعده عن يمينه، ودعا آخر من نظرائه ففعل به كما فعل بالأول، فعل ذلك بجماعة من قواد سليمان «4» ثم قال لهم: انطلقوا إلى حماد بن موسى فضعوه في الحبس «5» ، فنظروا إلى محمد ابن سليمان فأعلموه ما أمرهم، فأشار إليهم أن افعلوا ما يأمركم، فانطلقوا إلى حماد فوضعوه في الحبس، وانصرف سوار إلى منزله. فلما كان بالعشي أراد محمد بن سليمان الركوب إلى سوار، فجاءته الرسل، فقالوا: إن الأمير على الركوب إليك، فقال: لا، نحن أولى بالركوب إليه، فركب إليه، فقال: كنت على المجيء إليك يا أبا عبد الله، فقال: ما كنت لأجشّم الأمير ذلك، قال: بلغني ما صنع هذا الجاهل حماد، قال: هو ما بلغ الأمير،(73/300)
قال: فأحب أن تهب لي ذنبه، قال: أفعل أيها الأمير، اردد الرجل إلى الحبس، قال: نعم، بالصغر له والقماء «1» ، فوجّه إلى الرجل فحبسه، وأطلق حمادا، وكتب بذلك صاحب الخبر إلى الرشيد «2» ، فكتب إلى سوار يحمده على ما صنع، وكتب إلى محمد بن سليمان كتابا غليظا يذكر فيه حمادا ويقول: الرافضي ابن الرافضي، والله لولا أن الوعيد أمام العقوبة ما أدبته إلا بالسيف ليكون عظة لغيره، ونكالا، يفتات «3» على قاضي المسلمين في رأيه، ويركب هواه لموضعه منك، ويتعرض «4» في الأحكام استهانة بأمر الله وإقداما على أمير المؤمنين؟! وما ذلك إلا بك، وبما أرخيت من رسنه. تالله لئن عاد إلى مثلها ليجدني أغضب لدين الله، وأنتقم من أعدائه لأوليائه.
كان الرشيد «5» يقول: أنا من أهل بيت عظمت رزيتهم، وحسنت بقيتهم، رزئنا «6» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبقيت فينا خلافة الله عز وجل.
بينما «7» الرشيد هارون يطوف بالبيت إذ عرض له رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أكلمك بكلام فيه غلظة فاحتمله لي، فقال: لا، ولا نعمة عين ولا كرامة، قد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شرّ مني فأمر أن يقول له قولا لينا.
قال منصور بن عمار «8» :
ما رأيت أغزر دمعا عند الذكر من ثلاثة: فضيل بن عياض، وأبو عبد الرحمن الزاهد «9» ، وهارون الرشيد.(73/301)
قال شعيب بن حرب «1» :
بينا أنا في طريق مكة إذ رأيت هارون الرشيد، فقلت لنفسي: قد وجب عليك الأمر والنهي، فقالت لي: لا تفعل، فإن هذا رجل جبار، ومتى أمرته ضرب عنقك، فقلت لنفسي:
لا بد من ذلك. فلما دنا مني صحت: يا هارون، قد أتعبت الأمة، وأتعبت البهائم، فقال:
خذوه، فأدخلت عليه، وهو على كرسي وبيده عمود «2» يلعب به، فقال: ممن الرجل؟ قلت: من أفناء الناس، قال: ممن ثكلتك أمك؟ قلت: من الأبناء «3» ، قال: ما حملك على أن تدعوني باسمي؟! قال شعيب: فورد على قلبي كلمة ما خطرت لي قط على بال، قلت: أنا أدعو الله باسمه، فأقول: يا الله، يا رحمن، لا أدعوك باسمك؟ وما تنكر من دعائي باسمك؟
وقد رأيت الله سمى في كتابه أحب الخلق إليه «4» محمدا، وكنى أبغض الخلق إليه: أبا لهب فقال: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ
[سورة المسد، الآية: 1] فقال: أخرجوه، فأخرجوني.
قال ابن السماك «5» :
قلت للرشيد هارون: يا أمير المؤمنين، إنك تموت وحدك، وتقبر وحدك «6» ، فاحذر المقام بين يدي الجبار، والوقوف بين الجنة والنار، فإنك لا تقدم إلا على قادم مشغول، ولا يخلف إلا جاهل مغرور، يا أمير المؤمنين، إنما هو دبيب من سقم حتى يؤخذ بالكظم «7» ، وتزل القدم، ويقع الندم، فلا توبة تنال «8» ، ولا عثرة تقال، ولا يقبل فداء بمال، فجعل أمير المؤمنين يبكي حتى علا صوته، فالتفت إلي يحيى بن خالد فقال: قم، فقد شققت على أمير المؤمنين منذ الليلة، فقمت وأنا أسمع بكاءه.(73/302)
لما «1» لقي الرشيد هارون الفضيل بن عياض، قال له الفضيل: يا حسن الوجه، أنت المسؤول عن هذه الأمة، قال مجاهد: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ
[سورة البقرة، الآية: 166] قال: الوصل التي كانت بينهم في الدنيا، فجعل هارون يبكي.
حج «2» هارون وكان يأنس بسفيان بن عيينة، فقال لسفيان: أشتهي أن أرى الفضيل بن عياض، وأسمع كلامه، فقال له سفيان: إن علم أنك أمير المؤمنين لم ينبسط، قال: فكيف الوجه فيه؟ قال: نذهب إليه جميعا وأنت متنكر، فمضيا، فقام سفيان على الباب، فقال:
السلام عليك يا أبا علي، فقال الفضيل: من أنت؟ قال: سفيان، قال: ادخل يا أبا محمد، قال سفيان: ومن معي؟ قال: ومن معك، فدخلا، فأقبل الفضيل على سفيان فتحدثا ساعة، فقال له سفيان: يا أبا علي، هذا الفتى تعرفه؟ فنظر إليه فقال سفيان: هذا هارون أمير المؤمنين، فنظر إليه الفضيل فقال: يا حسن الوجه، قد قلّدت أمرا عظيما، فاتّق الله في نفسك. وكان هارون من أحسن الناس وجها.
قال الأصمعي «3» : بعث إلي الرشيد، وقد زخرف مجالسه وبالغ فيها وفي بنائها، وصنع فيها طعاما كثيرا، ثم وجه إلى أبي العتاهية فأتاه فقال: صف لنا ما نحن فيه من نعيم الدنيا. فأنشأ يقول «4» :
عش ما بدا لك سالما في ظلّ شاهقة القصورفقال: أحسنت، ثم ماذا؟ فقال:
يسعى عليك بما اشتهيت لدى الرواح وفي البكور
فقال: ثم ماذا؟ فقال:
فإذا النفوس تقعقعت في «5» ضيق حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا ما كنت إلا في غرور(73/303)
فبكى هارون، فقال الفضل بن يحيى: بعث إليك أمير المؤمنين لتسرّه، فأحزنته، فقال هارون: دعه، فإنه رآنا في عمى فكرة أن يزيدنا عمى.
قال أبو العتاهية «1» :
دخلت على هارون الرشيد، فقال لي: أبو العتاهية؟ قلت: أبو العتاهية، قال: الذي يقول الشعر؟ قلت: الذي يقول الشعر، قال: عظني وأوجز، فقال «2» :
لا تأمن الموت في طرف ولا نفس وإن تمنّعت بالحجاب والحرس
واعلم بأن سهام الموت قاصدة «3» لكل مدّرع منا ومتّرس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
قال: فخرّ مغشيا عليه.
جاء هارون الرشيد إلى باب عبد الله بن المبارك فاستأذن، فلم يأذن له، فكتب هارون في رقعة:
هل لذي حاجة إليك سبيل لا طويل قعوده بل قليل
فكتب ابن المبارك على ظهر رقعته:
أنت يا صاحب الكتاب ثقيل وقليل من الثقيل طويل
لما «4» حبس الرشيد أبا العتاهية جعل عليه عينا يأتيه بما يقول، فوجده يوما قد كتب على الحائط «5» :
أما والله إن الظلم لؤم «6» وما «7» زال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم(73/304)
فأخبر بذلك الرشيد، فبكى، ودعا به، فاستحله، ووهب له ألف دينار.
خرج الرشيد في بعض متنزهاته، فانفرد من الناس على نحو ميل، فرفع له خباء مضروب، فأمّه، فإذا فيه أعرابي، فسلم عليه الرشيد، فقال له: من أنت؟ فقال: أنا من أبغض الناس إلى الناس، فقال الأعرابي: أنت إذا من معدّ، فمن أي معد؟ قال: من أبغض معد إلى معد، قال: أنت إذا من مضر، فمن أي مضر أنت؟ قال: من أبغض مضر إلى مضر، قال: أنت إذا من كنانة، فمن أي كنانة؟ قال: من أبغض كنانة إلى كنانة، قال: أنت إذا من قريش، فمن أي قريش أنت؟ قال: من أبغض قريش إلى قريش، قال: أنت إذا من بني هاشم، فمن أي بني هاشم؟ قال: من أبغض بني هاشم إلى بني هاشم، قال: أنت إذا من ولد العباس، فمن أي ولد العباس أنت؟ قال: من أبغض بني العباس إلى بني العباس، فوثب الأعرابي قائما وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، وتوافت الجيوش، فقال الرشيد:
احملوه قاتله الله ما أذهنه.
قال سفيان بن عيينة «1» :
دخلت على هارون أمير المؤمنين فقال: أي شيء خبرك يا سفيان؟ فقلت:
بعين الله ما تخفي البيوت فقد طال التحمّل والسكوت
فقال: يا فلان، مئة ألف لابن عيينة، تغنيه، وتغني عقبه، ولا ينقص بيت مال المسلمين من ذلك «2» .
قال شبيب:
كنا في طريق مكة، فجاء أعرابي في يوم صائف شديد الحر، ومعه جارية له سوداء، وصحيفة، فقال: أفيكم كاتب؟ قلنا: نعم، وحضر غداؤنا، فقلنا له: لو أصبت من طعامنا، فقال: إني صائم، فقلنا له: أفي هذا الحر الشديد، وجفاء البادية تصوم؟! فقال: إن الدنيا كانت ولم أكن فيها، وتكون ولا أكون فيها، وإنما لي منها أيام قلائل، وما أحب أن أغيّر أيامي، ثم نبذ إلينا الصحيفة، فقال: اكتب، ولا تزيدن على ما أقول حرفا:(73/305)
هذا ما أعتق عبد الله بن عقيل الكلابي جارية له سوداء يقال لها: لؤلؤة ابتغاء وجه الله، وجواز العقبة العظمى، وإنه لا سبيل لي عليها إلا سبيل الولاء والمنة لله الواحدالقهار.
قال الأصمعي: فحدثت بهذا الحديث الرشيد، فأمر أن يشترى له ألف نسمة ويعتقون، ويكتب لهم هذا الكتاب.
قال الأصمعي «1» :
قدم الرشيد هارون البصرة يريد الخروج إلى مكة، فخرجت معه. فلما صرنا بضريّة «2» فإذا أنا على شفير الوادي بصبية قدامها قصعة لها، وإذا هي تقول:
طحطحتنا صحاطح الأعوام ورمتنا حوادث الأيام
فأتيناكم نمدّ أكفا لفضالات «3» زادكم والطعام
فاطلبوا الأجر والمثوبة فينا أيها الزائرون بيت الحرام
من رآني فقد رآني ورحلي فارحموا غربتي وذلّ مقامي
فأخبرت أمير المؤمنين، وأنشدته ما قالت، فعجب، فقلت: آتيك بها؟ قال: بل نذهب إليها، فوقف عليها، فقلت لها: أنشديه ما كنت تقولينه، فأنشدته ولم تهبه، فقال: يا مسرور، املأ قصعتها دنانير «4» ، فملأها حتى فاضت.
قال أبو عبيدة «5» :
حج الرشيد على طريق البصرة، فمرّ منفردا ومعه الفضل بن الربيع فإذا بأعرابيين على قعودين لهما، فقال أحدهما:
يا أيها المجمع هما لا تهم إنك إن تقض إلى الحمى تحم «6»(73/306)
كيف توقّيك «1» وقد جف القلم وحطت الصحة منك والسقم
فقال الرشيد للفضل: يا عباسي، قل للمنشد يعيد، فقال الفضل: يا صاحب الشعر، أعد، فقال: لو قال لي هذا لفعلت- يعني الرشيد- قال الفضل: فهممت بالإقبال عليه، فغمزني الرشيد بالصبر، فقلت له: ولم لا تجيبني؟ فقال لي:
إذا ما رأى الناس الجواد ومقرفا «2» إذا حربا «3» قالوا: جواد ومقرف
فقال الرشيد: يا عباسي، ادع لي أقرب الخدم منك، فدعوت خادما، فقال له الرشيد:
ما معك؟ قال: أربع مئة درهم «4» ، قال: ادفعها إلى المنشد، فأخذها، فضرب الآخر بيده على كتف صاحبه ثم قال «5» :
وكنت جليس قعقاع بن عمرو «6» ولا يشقى بقعقاع جليس
فقال الرشيد: يا عباسي، ادع لي أقرب الخدم منك، فدعوت خادما، قال الرشيد: ما معك؟ قال: مئتا دينار، قال: ادفعها إلى المتمثل، فدفعها إليه. قال أبو عبيدة «7» : فسألني الفضل: ما قصة القعقاع؟ فقلت: أهدي إلى معاوية هدايا يوم المهرجان، فيها جامات ذهب وفضة، فدفع معاوية الجامات إلى جلسائه، ودفع إلى القعقاع جام ذهب، وفي القوم أعرابي لم يعط شيئا، وهو إلى جنب القعقاع، فدفع القعقاع إليه الجام، فأخذه الأعرابي ونهض، وهو يقول:
وكنت جليس قعقاع بن عمرو ولا يشقى بقعقاع جليس
قال أبو محمد الزيدي:
دخلت على الرشيد، فوجدته مكبا ينظر في ورقة فيها مكتوب بالذهب، فتبسم فقلت:(73/307)
فائدة، أصلحك الله، قال: نعم، وجدت هذين البيتين في بعض خزائن بني أمية فاستحسنتهما، وقد أضفت إليهما ثالثا، وأنشدني:
إذا سدّ باب عنك من دون حاجة فدعه لأخرى ينفتح لك بابها
فإن قراب «1» البطن يكفيك ملؤه ويكفيك سوآت الأمور اجتنابها
فلا تك مبذالا لعرضك واجتنب ركوب المعاصي يجتنبك عقابها
قال الفضل بن الربيع «2» :
خرج الرشيد من عند زبيدة- وقد تغدى عندها ونام- وهو يضحك، فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين، فقال: ما أضحك إلا تعجبا: أكلت عند هذه المرأة، ونمت «3» ، وسمعت رنة فقلت: ما هذا؟ قالوا: ثلاث مئة ألف دينار، وردت من مصر، فقالت: هبها لي يابن عم، فدفعتها إليها، فما برحت حتى عربدت وقالت: أي خير رأيت منك!.
قال الأصمعي «4» :
سمعت بيتين لم أحفل بهما، قلت: هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب، فإني عند الرشيد يوما وعنده عيسى بن جعفر، فأقبل على مسرور الكبير «5» ، فقال: يا مسرور، كم في بيت مال السرور؟ قال: ليس فيه شيء، فقال عيسى: هذا بيت الحزن، قال: فاغتم الرشيد، وأقبل على عيسى فقال: والله لتعطين الأصمعي سلفا على بيت مال السرور ألف دينار، فاغتم عيسى وانكسر، فقلت في نفسي: جاء موضع البيتين فأنشدت الرشيد:
إذا شئت أن تلقى أخاك معبّسا وجداه في الماضين كعب وحاتم
فكشّفه عما في يديه فإنما تكشّف أخبار الرجال الدارهم
قال: فتجلى عن الرشيد وقال: يا مسرور، أعطه سلفا على بيت مال السرور ألف دينار، قال: فأخذت بالبيتين ألفي دينار، وما كان البيتان يسوّيان عندي درهمين.(73/308)
قال الأصمعي «1» :
دخلت على هارون- ومجلسه حافل- فقال: يا أصمعي، ما أغفلك عنا، وأجفاك لحضرتنا! قلت: يا أمير المؤمنين، ما ألاقتني بلاد بعدك حتى أتيتك، فأمرني بالجلوس، فجلست، وسكت. فلما تفرق الناس إلا أقلهم نهضت، فأقعدني «2» حتى خلا، قال: يا أبا سعيد، ما ألاقتني؟ قلت: أمسكتني يا أمير المؤمين [وأنشدت] «3» :
كفاك كفّ ما تليق درهما جودا وأخرى تعطي بالسيف الدما
فقال: أحسنت، وهكذا فكن، و [قر] «4» نا في الملأ، وعلمنا في الخلاء، وأمر لي بخمسة آلاف دينار.
وقيل: إنه قال له: مالاقتني بعدك أرض. فلما خرج الناس قال له: ما معنى: ما لاقتني أرض؟ قال: ما استقرت بي أرض، كما يقال: فلان لا يليق شيئا أي: لا يستقر معه شيء، وقال له: هذا حسن، ولكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خلوت فعلّمني، فإنه إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم، وإما أن أجيب بغير صواب، فيعلم الناس أني لم أفهم. قال الأصمعي: فعلّمني أكثر مما علمته.
مازح الرشيد أم جعفر فقال لها: كيف أصبحت يا أم نهر، فاغتمت لذلك، ولم تدر ما معناه، فوجهت إلى الأصمعي فسألته عن ذلك، فقال لها: الجعفر: النهر الصغير «5» ، وإنما ذهب إلى هذا، فسكنت نفسها.
قال الأصمعي:
دخلت على هارون الرشيد، فقال لي: يا أصمعي، إني أرقت ليلتي هذه، فقلت: لم،(73/309)
أنام الله عين أمير المؤمنين؟ قال: فكرت بالعشق ممّ هو؟ فلم أقف عليه، فصفه لي حتى أخاله جسما. قال الأصمعي: لا والله ما كان عندي قبل ذلك منه شيء، فأطرقت مليا ثم قلت: نعم يا سيدي، إذا توافقت الأخلاق المشاكلة، وتمازجت الأرواح المتشابهة ألفيت لمح نور ساطع يستضيء به العقل، وتنير لإشراقه طباع الجناة، ويتصور من ذلك النور خلق في «1» النفس منصبا نحو [جواهرها] «2» يسمى العشق. فقال: أحسنت والله، يا غلام، أعطه، وأعطه، وأعطه، فأعطيت ثلاثين ألف درهم.
قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي «3» :
دخلت على أمير المؤمنين الرشيد يوما، فقال: أنشدني من شعرك، فأنشدته:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصري فذلك شيء ما إليه سبيل
أرس الناس خلّان الجواد «4» ولا أرى بخيلا له في العالمين «5» خليل
ومن خير حالات الفتى لو علمته إذا نال خيرا أن يكون ينيل
عطائي عطاء المكثرين تكرّما «6» ومالي كما قد تعلمين قليل
وإني رأيت البخل يزري بأهله ويحقر يوما أن يقال بخيل «7»
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ورأي أمير المؤمنين جميل؟
فقال: لا كيف، إن شاء الله، يا فضل، أعطه مئة ألف درهم، لله در أبيات تأتينا بها، ما أحسن فصولها، وأثبت أصولها «8» ، فقلت: يا أمير المؤمنين، كلامك أجود من شعري، قال:(73/310)
أحسنت، يا فضل، أعطه مئة ألف أخرى «1» .
قال «2» الرشيد للمفضّل الضّبّي: ما أحسن ما قيل في الذئب، ولك هذا الخاتم الذي في يدي، وشراؤه ألف وست مئة دينار؟ فقال: قول الشاعر:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع «3»
قال: ما ألقي هذا على لسانك إلا لذهاب الخاتم، وحلق به إليه، فاشترته أم جعفر بألف وست مئة دينار، وبعثت به إليه وقالت: قد كنت أراك تعجب به، فألقاه إلى الضبي وقال: خذه وخذ الدنانير، فما كنا نهب شيئا ونرجع فيه.
صنع «4» الرشيد ذات ليلة بيتا، واضطرب عليه الثاني، فقال: علي بالعباس بن الأحنف، فأتي به في جوف الليل على حال من الذعر عظيمة، فقال له الرشيد: لا ترع، قال:
وكيف لا يكون ذلك وقد طرقت في منزلي في مثل هذا الوقت؟ فلم أخرج إلا والواعية «5» فيه وأهلي لا يشكّون في قتلي، فقال: أحضرتك لبيت قلته صعب عليّ أن أشفعه بمثله، قال: ما هو؟ قال:
جنان «6» قد رأيناها فلم نر مثلها بشرا
قال العباس:
يزيدك وجهها حسنا إذا ما زدته نظرا
إذا ما الليل مالعلي ك بالظلماء «7» واعتكرا
ودجّ فلم تر قمرا «8» فأبرزها تر قمرا(73/311)
فقال الرشيد: أول ما يجب أن ندفع إليك ديتك، إذ نزل بك هذا الروع وبعيالك منا، فأمر له بعشرة آلاف درهم، وصرفه.
دخل «1» العباس بن الأحنف على هارون الرشيد فقال له هارون: أنشدني أرق بيت قالته العرب، فقال: قد أكثر الناس في بيت جميل حيث يقول «2» :
ألا ليتني أعمى أصم تقودني بثينة لا يخفى علي كلامها
فقال له هارون: أنت أرق منه حيث تقول «3» :
طاف الهوى في عباد الله كلهم حتى إذا مر بي من بينهم وقفا
قال العباس: أنت يا أمير المؤمنين أرق قولا مني ومنه حيث تقول «4» :
أما يكفيك أنك تملكيني وأن الناس كلّهم عبيدي
وأنك لو قطعت يدي ورجلي لقلت من الهوى أحسنت زيدي
فأعجب بقوله وضحك.
قال ابن المبارك:
عشق هارون جارية، فأرادها، فذكرت أن أباه كان مسها، فشغف بها هارون حتى قال:
أرى ماء وبي عطش شديد ولكن لا سبيل إلى الورود
أما يكفيك أنك تملكيني وأن الناس كلّهم عبيدي
وأنك لو قطعت يدي ورجلي لقلت من الرضى أحسنت زيدي
قال: فسأل أبا يوسف عنها، فقال: أو كلما قالت جارية تصدّق؟ قال ابن المبارك: فلا أدري ممن أعجب! من أمير المؤمنين حين رغب عنها، أو منها حين رغبت عن أمير المؤمنين، أو من أبي يوسف حين أمره بالهجم «5» عليها.(73/312)
قال إبراهيم الموصلي «1» : قال لي غلامي: بالباب رجل حائك يستأذن، فقلت: ما لي ولحائك؟ قال: لا أدري غير أنه حلف بالطلاق لا ينصرف حتى يكلمك بحاجته، قال: فأذنت له، فدخل، فقلت: ما حاجتك؟ قال: أنا رجل حائك، وكان عندي بالأمس جماعة فتذاكرنا الغناء والمتقدمين فيه، فأجمع من حضر أنك رأس القوم وبندارهم «2» وسيدهم في هذه الصناعة، فحلفت بطلاق ابنة عمي وأعز الخلق علي- ثقة مني بكرمك- على أن تشرب عندي غدا، وتغنيني، فإن رأيت- جعلني الله فداك- أن تمنّ على عبدك بذلك فعلت، فقلت له: أين منزلك؟ قال: في دور الصحابة، قلت: فصف للغلام موضعه وانصرف، فإن رائح إليك، فوصف للغلام. فلما صليت الظهر ركبت، وأمرت الغلام أن يحمل معه قنينة وقدحا ومصلى وخريطة العود، وصرت إلى منزله، ودخلت فقام إلي الحاكة فقبّلوا أطرافي، وعرضوا علي الطعام، فقلت:
قد تقدمت في الأكل، فشربت من نبيذي، وتناولت العود، فقلت: اقترح علي، فقال: غنّني بحياتي:
يقولون لي لو كان بالرمل لم يمت نسيبه والطرّاق يكذب قيلها
فغنيت، فقال: أحسنت جعلني الله فداك، ثم قلت: اقترح، فقال: غنني بحياتي:
وخطّا بأطراف الأسنة مضجعي وردّا على عينيّ فضل ردائيا
فغنيت، فقال: أحسنت جعلني الله فداك، ثم شربت وقلت: اقترح، فقال: غنني بحياتي:
أحقا عباد الله أن لست واردا ولا صادرا إلا علي رقيب؟
فقلت: يابن اللخناء، أنت بابن سريج «3» أشبه منك بالحاكة، فغنيته، ثم قلت: والله إن عدت ثانية حلت امرأتك لغلامي قبل أن تحل لك، ثم انصرفت، وجاء رسولأمير المؤمنين الشريد [يطلبني] «4» فمضيت إليه من فوري، فقال: أين كنت؟ قلت: ولي الأمان؟ قال: ولك(73/313)
الأمان، فحدثته، فضحك وقال: هذا أنبل حائك على ظهر الأرض، ووالله لقد كرمت في أمره، وأحسنت إجابته، وبعث إلى الحائك، فاستنطقه، وساءله فاستطابه، واستظرفه، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
كتب هارون الرشيد إلى جارية له كان يحبها وكانت تبغضه:
إن التي عذبت نفسي بما قدرت كل العذاب فما أبقت ولا تركت
مازحتها فبكت واستعبرت جزعا عني فلما رأتني باكيا ضحكت
فعدت أضحك مسرورا بضحكتها حتى إذا ما رأتني ضاحكا فبكت
تبغي خلافي كما خبّت «1» براكبها يوما قلوص «2» فلما حثها بركت
كأنها درة قد كنت أذخرها ليوم عسر فلما رمتها هلكت
وأنشدوا هذه الأبيات لذؤيب.
قال الأصمعي «3» :
ما رأيت أثر النبيذ في وجه الرشيد قط إلا مرة واحدة: فإني دخلت عليه أنا وأبو حفص «4» الشطرنجي، فرأيته خاثرا «5» ، فقال لنا: استبقا إلى بيت، بل إلى أبيات، فمن أصاب ما في نفسي فله عشرة آلاف درهم.
وفي رواية قال: كان الرشيد يهوى عنان جارية الناطفي «6» ، وكانت صيانته لنفسه تمنعه(73/314)
منها. قال الأصمعي: فما رأيته قط مبتذلا إلا مرة، فإني دخلت إليه، وفي وجهه تخثّر، وعنده أبو حفص «1» الشطرنجي، فقال لنا: استبقوا، فمن أصاب ما في نفسي فله عشرة آلاف درهم، فوقع في نفسي أنه يريد عنان- فقال أبو حفص «2» الشطرنجي بجرأة العميان:
مجلس ينسب «3» السرور إليه لمحب ريحانه ذكراك
فقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم، ثم قال: قد حضرني بيت ثان، قال: هات، فأنشد:
كلما دارت الزجاجة زادت هـ حنينا «4» ولوعة فبكاك
قال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم. قال الأصمعي: فنزل بي ما لم ينزل بي قط مثله، إن ابن أبي حفص يرجع بعشرين ألف درهم وبفخر ذلك المجلس، وأرجع صفرا منهما جميعا، ثم حضرني بيت، فقلت: يا أمير المؤمنين، قد حضرني ثالث، قال:
هاته، فأنشأت أقول:
لم ينلك المنى بأن تحضريني «5» وتجافت أمنيّتي عن سواكفقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرين ألف درهم، ثم قال هارون: قد حضرني رابع، فقلنا: إن رأى أمير المؤمنين أن ينشده فعل، فأنشأ يقول:
فتمنيت أن يغشيني الل هـ نعاسا لعل عيني تراك
فقلنا: يا أمير المؤمنين، أنت أشعر منا، فجوائزنا لأمير المؤمنين، فقال: جوائزكما لكما، وانصرفا.
قال أبو هفّان «6» :(73/315)
أهديت إلى الرشيد جارية في غاية الجمال والكمال، فخلا بها أياما «1» ، وأخرج كل قينة من داره، واصطبح يوما، فكان من حضر من جواريه للغناء والخدمة في الشراب وغيره زهاء ألفي جارية في أحسن زي، من كل نوع من أنواع الثياب والجوهر، واتصل الخبر بأم جعفر «2» فغلظ عليها ذلك، فأرسلت إلى عليّة «3» تشكو إليها، فأرسلت إليها عليّة: لا يهولنك هذا، فو الله لأردنه [إليك] «4» ، وأنا أعمل شعرا، وأصوغ فيه لحنا، وأطرحه على جواريّ، فلا تدعي عندك جارية إلا بعثت بها إلي، وألبسيهن فاخر الثياب والحلي ليأخذن الصوت مع جواري، ففعلت أم جعفر ما أمرتها. فلما جاء وقت العصر لم يشعر الرشيد إلا وعليّة قد خرجت عليه من حجرتها، وأم جعفر قد خرجت من حجرتها معهما «5» زهاء ألفي جارية من جواريهما «6» وسائر جواري القصر، وكلهن في لحن واحد هزج صنعته عليّة:
منفصل عني وما قلبي عنه منفصل
يا قاطعي اليوم لمن نويت بعدي أن تصل
فطرب الرشيد، وقام على رجليه حتى استقبل أم جعفر وعلية، وهو على غاية السرور، وقال: لم أر كاليوم قط، ثم قال: يا مسرور، لا يبقينّ في بيت المال درهم «7» إلا نثرته، فكان مبلغ ما نثر يومئذ ست آلاف ألف درهم، وما سمع بمثل ذلك اليوم قط. دخلت أعرابية على هارون الرشيد، فأخرج إليها ماردة «8» وكانت ذات جمال وشكل، وكان الرشيد يحبها فأنشدته الأعرابية أشعارا تمدحه ببعضها، وأنشدها الرشيد لنفسه في ماردة:
وتنال منك بحدّ مقلتها ما لا ينال بحده النصل(73/316)
شغلتك وهي ككل منتصر لاقى محاسن وجهها شغل
فلوجهها من وجهها قمر ولعينها من عينها كحل
وإذا نظرت إلى محاسنها فلكلّ موضع نظرة قتل
فقالت الأعرابية: يا أمير المؤمنين، ما أدري أيهم أحسن: الشعر، أو من قاله، أو من قيل فيه، فأمر لها بجائزة.
كان «1» الرشيد شديد الحب لهيلانة، وكانت قبله ليحيى بن خالد، فدخل يوما إلى يحيى قبل الخلافة، فلقيته في ممر «2» ، فأخذت بكمه فقالت: أمالنا «3» منك يوم مرة؟ فقال لها: بلى، فكيف السبيل إلى ذلك؟ فقالت: تأخذني «4» من هذا الشيخ، فقال ليحيى: أحب أن تهب لي فلانة، فوهبها له، وغلبت عليه «5» ، وكانت تكثر أن تقول: هي لانة، فسماها هيلانة، فأقامت عنده ثلاث سنين، وماتت، فوجد عليها وجدا شديدا، وأنشد:
أقول لما ضمّنوك الثرى «6» وجالت الحسرة في صدري
اذهب فلا والله ما سرّني بعدك شيء آخر الدهر
كتب هارون الرشيد «7» إلى جاريته الخيزرانة وهي بمكة:
نحن في أفضل «8» السرور ولكن ليس إلا بكم يتم السرور
عيب ما نحن فيه يا أهل ودّي أنكم غبتم «9» ونحن حضور(73/317)
فأجدوا في السير بل إن قدرتم أن تطيروا مع الرياح فطيروا
فأجابته الخيزرانة «1» :
قد أتانا الذي وصفت من الشو ق فكدنا وما فعلنا «2» نطير
ليت أن الرياح كن يؤدين إليك الذي يجنّ الضمير
لم أزل صبّة فإن كنت بعدي في سرور فدام ذاك السرور
أنشد «3» عمران بن موسى المؤدب لهارون الرشيد في ثلاث حظيّات كن عنده وهن قصف «4» ، وضياء، وخنث:
ملك الثلاث الآنساب «5» عناني وحللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلّها وأطيعهن وهن في عصياني؟
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى وبه ملكن «6» أعز من سلطانياشتريت «7» للرشيد هارون جارية مدينية، فأعجب بها، وأمر الربيع أن يبعث في حمل أهلها ومواليها لينصرفوا بجوائزها، وأراد بذلك تسريتها، فوفد إلى مدينة السلام ثمانون رجلا، ووفد معهم رجل من أهل العراق استوطن المدينة كان يهوى الجارية. فلما بلغ الرشيد خبرهم أمر الفضل أن يخرج إليهم ليكتب اسم كل رجل منهم وحاجته ففعل حتى بلغ إلى العراقي فقال له: حاجتك؟ قال: إن كتبتها وضمنت لي عرضها مع ما يعرض أنبأتك بها، فقال: أفعل ذلك، قال: حاجتي أن أجلس مع فلانة حتى تغنيني ثلاثة أصوات، وأشرب ثلاثة أرطال «8» ؛ وأخبرها بما تجن ضلوعي من حبها، فقال الفضل: إنه موسوس، قال: يا هذا، قد أمرت أن تكتب ما يقول كل واحد، فاكتب ما أقول، واعرضه، فإن أجبت إليه، وإلا فأنت في أوسع العذر. فدخل الفضل مغضبا، فقرأ على الرشيد ما كتب، وقال: يا أمير المؤمنين،(73/318)
فيهم واحد مجنون سأل ما أجل مجلس أمير المؤمنين عن التفوه به فيه، فقال: قل ولا تجزع، فقال: قال: كذا وكذا، قال: قل له: بعد ثلاث أحضر لينجز لك ما سألت، وأنت تتولى الاستئذان له، ودعا بخادم، وقال: امض إلى فلانة، وقل لها: حضر رجل، وذكر كذا وكذا، وأجبناه إلى ما سأل، فكوني على أهبة، ثم أدى الفضل الرسالة إليه، فانصرف وحضر في اليوم الثالث، وعرف الرشيد خبره، فقال: يلقى له بحيث أرى كرسي فضة، وللجارية كرسي ذهب، وتخرج إليه، ويحضر ثلاثة أرطال، فجلس الفتى والجارية بإزائه، فحدثها، والرشيد يراهما، فقال للخادم: لم تدخل لتشتو وتصيف، فأخذ رطلا، وخرّ ساجدا وقال: إذا شئت أن تغني فغني «1» :
خليلي عوجا بارك الله فيكما «2» وإن لم تكن هند بأرضكما قصدا
وقولا لها ليس الضلال أجازنا ولكننا جزنا لنلقاكم عمدا
غدا يكثر الباكون منا ومنكم وتزداد داري من دياركم بعدافغنته، وشرب الرطل، وحادثها ساعة، فاستحثه الخادم، فأخذ الرطل بيده، وقال:
غني جعلت فداك:
تكلّم منا في الوجوه عيوننا فنحن سكوت والهوى يتكلم
ونغضب أحيانا ونرضى بطرفنا وذلك فيما بيننا ليس يعلم
فغنته، وشرب الرطل الثاني، وحادثته ساعة، فاستعجله الخادم، فخرّ ساجدا يبكي، وأخذ الرطل بيده، واستودعها الله، وقام على رجليه، ودموعه تستبق استباق المطر، وقال:
إذا شئت غني:
أحسن ما كنا تفرقنا وخاننا الدهر وما خنّا
فليت ذا الدهر لنا مرة عاد لنا يوما كما كنّا
فغنته الصوت، فقلب الفتى طرفه، فبصر بدرجة في الصحن، فأمها، وتبعه الخدم، ليهدوه الطريق، ففاتهم، وصعد الدرجة وألقى نفسه إلى الأرض على رأسه، فخرّ ميتا، فقال الرشيد: عجّل الفتى، ولو لم يعجل لوهبتها له.(73/319)
قال عمار بن كثير الواسطي «1» :
سمعت الفضيل بن عياض يقول: ما من نفس أشد علي موتا من هارون أمير المؤمنين، فلوددت أن الله زاد من عمري في عمره، فكبر ذلك علينا. فلما مات هارون، وظهرت تلك الفتن، وكان من المأمون ما حمل الناس على [أن] «2» القرآن مخلوق، قلنا: الشيخ كان أعلم بما تكلم به.
قال إسماعيل بن فروخ:
أنشدنا أمير المؤمنين الرشيد لنفسه، وقد صعب عليه الصعود في عقبة همذان، فقال:
حتى متى أنا في حل وترحال وطول هم بإدبار وإقبال
ونازح الدار ما ينفكّ مغتربا عن الأحبة لا يدرون ما حالي
بمشرق الأرض طورا ثم مغربها لا يخطر الموت من حرصي على بالي
ولو قنعت أتاني الرزق في دعة إن القنوع الغنى لا كثرة المال
قال زكريا بن سعد الوصيف «3» :
ان الرشيد ذات يوم في مقيله إذ رأى في منامه كأن رجلا وقف على باب مجلسه، فضرب بيده إلى عود من الباب ثم أنشأ يقول:
كأني بهذا القصر قد باد أهله وأقفر «4» منه ربعه «5» ومنازله
وصار عميد «6» القصر «7» من بعد بهجة وملك إلى قبر عليه جنادله «8»(73/320)
فلم يبق إلا ذكره وحديثه تبكي «1» عليه بالعويل حلائلهثم خرج إلى طوس، فلما نزل حلوان العراق هاج به الدم، فأجمع المتطببون أن دواءه الجمار «2» ، فوجه إلى دهقان حلوان، فسأل عن النخل، فقال: ليس بهذا البلد نخلة إلا النخلتان اللتان على عقبة حلوان، فوجه إليهما من قطع إحداهما، فأكل هارون جمّارها، فسكن عنه الدم، فترحل، فمر عليهما، فرأى على القائمة منهما مكتوبا «3» :
أسعداني يا نخلتي حلوان وابكيا لي من صرف هذا الزمان «4»
أسعداني وأيقنا أن نحسا سوف يلقاكما فتفترقان
ولعمري لو ذقتما حرق «5» الفر قة أبكاكما الذي أبكاني
فقال هارون: عز والله علي أن أكون أنا نحسهما، ولو علمت بهذا الكتاب ما قطعتها ولو تلفت نفسي.
لما حضر هارون الرشيد الوفاة جاءت إحدى جواريه إليه تبكي عند رأسه، فرفع رأسه إليها، وأنشأ يقول:
باكيتي من جزع أقصري قد غلق الرهن بما فيه
لما حضرت الرشيد الوفاة كان ربما غشي عليه فيفتح عينيه، فيغشى عليه، ثم نظر إلى الربيع واقفا على رأسه فقال: يا ربيع.
أحين دنا ما كنت أرجو دنوّه رمتني عيون الناس من كلّ جانب
فأصبحت مرحوما وكنت محسّدا فصبرا على مكروه مرّ العواقب
سأبكي على الوصل الذي كان بيننا وأندب أيام السرور الذواهبوأعتقل الأيام بالصبر والعزا عليك وإن جانبت غير مجانب(73/321)
قال مسرور الخادم «1» : أمرني هارون أمير المؤمنين لما احتضر أن آتيه بأكفانه، فأتيته بها، ينتقيها على عينه، ثم أمرني، فحفرت قبره «2» ، ثم أمر فحمل إليه، فجعل يتأمله ويقول:
ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ
[سورة الحاقة، الآيتان: 28 و 29] ويبكي، ثم تمثل ببيت شعر «3» .
قال أحمد بن محمد الأزدي:
جعل هارون أمير المؤمنين يقول وهو في الموت: واسوءتاه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
استخلف الرشيد هارون سنة سبعين ومئة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومئة بطوس، ودفن بقرية يقال لها سناباذ «4» . وأتت الخلافة ابنه محمد الأمين وهو ببغداد، وتوفي الرشيد وهو ابن ست وأربعين سنة «5» .
قال بعضهم «6» :
قرأت على خيام هارون أمير المؤمين بعد منصرفهم من طوس، وقد مات هارون:
منازل العسكر معمورة والمنزل الأعظم مهجور
خليفة الله بدار البلى تسفي «7» على أجداثه المور
أقبلت العير تباهي به وانصرفت تندبه العير(73/322)
[10014] هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور أبو جعفر، وقيل أبو القاسم
أمه أم ولد اسمها قراطيس «1» . استخلف بعد أبيه المعتصم بعهد منه «2» .
قدم دمشق مع أبيه في خلافة عمه.
حدث الواثق عن أبيه عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس قال:
لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله شابا منها، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فيعود الأمر فيه كما بدأ.
قلت: يطمع في ذلك فتيانكم، ولا يطمع فيه شيوخكم، قال: يفعل الله ما يشاء، ذلك عزم.
قال رجل لابن عباس: إن ابن الزبير يزعم أن المهدي منهم، قال: لا ورب الكعبة، ولو كان زمانه لكنته، ولكنه من ولدي. ولد الواثق بطريق مكة سنة تسعين ومئة، وولي الخلافة سنة سبع وعشرين ومئتين، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين ومئتين. وقيل: ولد سنة ست وتسعين ومئة «3» . وقيل: سنة أربع وتسعين. وبويع الواثق في اليوم الذي مات فيه أبوه المعتصم بسر من رأى «4» . وورد «5» رسوله بغداد يوم الجمعة على إسحاق بن إبراهيم، فلم يظهر ذلك، ودعا للمعتصم على منبري بغداد وهو ميت. فلما كان الغد يوم السبت «6» أمر إسحاق بن إبراهيم الهاشميين والقواد والناس
__________
[10014] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية 10/326 ومروج الذهب 4/75 وتاريخ بغداد 14/15 وتاريخ اليعقوبي 3/204 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 400. وفوات الوفيات 4/228 وسير الأعلام 10/306 والأغاني 9/276.(73/323)
بحضور دار أمير المؤمنين، فحضروا، فقرأ كتابه على الناس ينعي أبيه، وأخذ البيعة، فبايع الناس.
لما «1» مات المعتصم، وولي الواثق كتب دعبل بن علي الخزاعي أبياتا، وأتى بها الحاجب، فقال: أبلغ أمير المؤمنين السلام، وقل: مديح لدعبل، فأخذ الحاجب الطومار فأدخله على الواثق ففضّه فإذا فيه»
:
الحمد لله لا صبر ولا جلد ولا رقاد «3» إذا أهل الهوى رقدوا
خليفة مات لم يحزن له أحد وآخر قام لم يفرح به أحد
فمرّ هذا ومر الشرّ «4» يتبعه وقام هذا فقام الويل والنكد
فطلب، فلم يوجد.
دخل «5» هارون بن زياد- مؤدب الواثق- على الواثق، فأكرمه، وأظهر من برّه ما شهر به، فقيل له: من هذا يا أمير المؤمنين الذي فعلت به ما فعلت؟ قال: هذا أول من فتق لساني بذكر الله عز وجل، وأدناني من رحمة الله عز وجل. قال يحيى بن أكثم «6» :
ما أحسن أحد إلى آل أبي طالب من خلفاء بني العباس ما أحسن إليهم الواثق، ما مات وفيهم فقير.
قال أبو عثمان المازني:
كتب الواثق في حملي، فحملت، وأدخلت عليه، وهو عليل، فقال: يا بكر، لك ولد؟ قلت: لا، قال: فلك امرأة؟ قلت: لا، قال: فمن خلّفت بالبصرة؟ قلت: أختي، قال:(73/324)
أكبر منك أم أصغر؟ فقلت: أصغر مني، قال: فما قالت المسكينة؟ قلت: قالت لي ما قالت ابنة الأعشى لأبيها «1» :
تقول ابنتي حين جد الرحيل أرانا سواء ومن قد يتم
فيا أبتا لا تزل عندنا فإنا بخير إذا لم ترم «2»
ترانا إذا أضمرتك البلاد نجفى وتقطع منا الرحم
قال: ما رددت عليها المسكينة؟ قال: رددت عليها ما قال جرير لابنته «3» :
ثقي بالله ليس له شريك ومن عند الخليفة بالنحاح
فضحك ثم أمر لي بخمس مئة دينار.
كتب محمد بن حماد إلى الواثق «4» :
جذبت دواعي النفس عن طلب الغنى وقلت لها كفّي «5» عن الطلب النزر
فإن أمير المؤمين بكفّه مدار رحا الأرزاق دائبة تجري
فوقّع: جذبك «6» نفسك عن امتهانها، دعا إلى صونك بسعة فضلي [عليك] «7» فخذ ما طلبت هنيئا.
قال المهتدي «8» :
كنت أمسي مع الواثق في صحن داره، فقال: اكتب.(73/325)
تنحّ عن القبيح ولا ترده ومن أوليته حسنا فزده
ستكفى من عدوّ كل كيد إذا كاد العدوّ ولم تكده
ثم قال: اكتب «1» :
هي المقادير تجري في أعنتها فاصبر «2» فليس لها صبر على حال
ومما روي من شعر الواثق:
حين استتمّ بأرداف تجاذبه واخضرّ فوق قناع الدرّ شاربه
وتم في الحسن فالتامت ملاحته ومازجت بدعا منه عجائبه
كلّمته بجفون غير ناطقة فكان من رده ما قال حاجبه
قال حمدون بن إسماعيل «3» :
كان الواثق مليح الشعر، وكان يحب خادما أهدي له من مصر، فأغضبه الواثق يوما ثم سمعه يوما يقول لبعض الخدم: هو يروم أن أكلمه، ما أفعل، فقال الواثق: وله فيه لحن:
إن «4» الذي بعذابي ظل مفتخرا ما أنت «5» إلا مليك جار إذ قدرا
لولا هواه تجارينا «6» على قدر وإن أفق منه يوما «7» ما فسوف يرى
قال أحمد بن حمدون «8» :
كان بين الواثق وبين بعض جواريه شر «9» ، فخرج كسلان، فلم أزل أنا والفتح نحتال(73/326)
لنشاطه، فرآني أضاحك الفتح بن خاقان، فقال: قاتل الله [ابن] «1» الأحنف حيث يقول:
عدل من الله أبكاني وأضحككم فالحمد لله عدل كل ما صنعا
اليوم أبكي على قلبي وأندبه قلب ألح عليه الحب فانصدعا
للحب في كل عضو لي على حدة نوع تفرّق عنه الصبر واجتمعافقال الفتح: أنت يا أمير المؤمنين في وضع التمثل موضعه أشعر منه [وأعلم] «2» وأظرف.
أمر «3» الواثق ابن أبي داود يصلي بالناس في يوم عيد، وكان عليلا. فلما انصرف قال له: يا أبا عبد الله، كيف كان عيدكم؟ قال: كنا في نهار لا شمس فيه، فضحك، وقال: يا أبا عبد الله، أنا مؤيد بك.
[قال الخطيب] «4» : وكان ابن أبي داود «5» قد استولى على الواثق وحمله على التشدد في المحنة، ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن. ويقال: إن الواثق رجع عن ذلك القول قبل موته.
قال صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور الهاشمي «6» :
حضرت المهتدي بالله أمير المؤمنين وقد جلس للنظر في أمور المتكلمين في دار العامة، فنظرت إلى قصص الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع فيها، وينشأ الكتاب عليها ويحرّر، ويختم، ويدفع إلى صاحبه بين يديه، فسرّني ذلك، واستحسنت ما رأيت منه، فجعلت أنظر إليه، ففطن، ونظر إلي، فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مرارا ثلاثا، إذا نظر غضضت، وإذا شغل نظرت، فقال: يا صالح، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، فقال: في نفسك منا شيء تريد «7» أن تقوله، قلت: نعم، حتى إذا قام قال(73/327)
للحاجب: لا يبرح صالح، وانصرف الناس، وأذن لي، وهمتني نفسي، فدخلت، وجلست، فقال: يا صالح، تقول لي ما دار في نفسك، أو أقول أنا مادار في نفسي أنه دار في نفسك؟
قلت: يا أمير المؤمنين، ما تأمر به «1» ، فقال: دار في نفسي أنك استحسنت ما رأيت منا، فقلت: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: بخلق القرآن، فورد على قلبي أمر عظيم، ثم قلت: يا نفس، هل تموتين قبل أجلك؟ وهل تموتين إلا مرة واحدة، وهل يجوز الكذب في جدّ أو هزل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما دار في نفسي إلا ما قلت، فأطرق مليا ثم قال:
ويحك! اسمع مني ما أقول، فو الله لتسمعنّ الحق، فسرّي عني، وقلت: يا سيدي، ومن أولى بقول الحق منك، وأنت خليفة رب العالمين «2» ، وابن عم سيد المرسلين؟ فقال: ما زلت أقول إن القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق حتى أقدم أحمد بن أبي داود علينا شيخا من أهل الشام، من أهل أذنة «3» مقيدا، وهو جميل الوجه تام القامة، حسن الشيبة «4» ، فرأيت الواثق قد استحيا منه، ورق له، فما زال يدنيه، ويقرّبه حتى قرب منه، فسلم الشيخ، فأحسن، ودعا، فأبلغ وأوجز، فقال له الواثق: اجلس ناظر ابن أبي داود على ما يناظرك عليه، فقال له الشيخ: يا أمير المؤمنين، ابن أبي دواد يضوى «5» ويضعف عن المناظرة، فغضب الواثق، وعاد مكان الرقّة له غضبا عليه، وقال: أبو عبد الله بن أبي دواد يضوى، ويضعف عن مناظرتك أنت؟! فقال الشيخ: هون عليك يا أمير المؤمنين، وائذن في مناظرته، فقال الواثق: ما دعوتك إلا للمناظرة، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تحفظ علي وعليه ما نقول، قال: أفعل.
فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذه، هي مقالة واجبة، داخلة في عقدة الدين، فلا يكون الدين كاملا حتى يقال فيه بما قلت؟ قال: نعم، قال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين بعثه الله إلى عباده، هل سن «6» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا مما أمره(73/328)
الله به في أمر دينهم؟ فقال: لا، قال الشيخ: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأمة إلى مقالتك هذه؟
فسكت ابن أبي دواد «1» ، فقال الشيخ: تكلم، فسكت، فقال الشيخ للواثق: يا أمير المؤمنين، واحدة، فقال الواثق: واحدة.
فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن الله عز وجل حين أنزل القرآن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً
[سورة المائدة، الآية: 3] كان الله عز وجل الصادق في إكمال دينه، أو أنه الصادق في نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك هذه؟ فسكت ابن أبي دواد، فقال الشيخ: أجب يا أحمد، فلم يجب، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، اثنتان، فقال الواثق: نعم. فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذه، علمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أم جهلها؟ قال ابن أبي دواد: علمها، قال: فدعا الناس إليها؟ فسكت، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاث، فقال الواثق: ثلاث.
قال الشيخ: يا أحمد، فاتسع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن علمها وأمسك عنها كما زعمت، ولم يطالب أمته بها؟ قال: نعم. قال الشيخ: واتسع لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي رضي الله عنهم؟ قال ابن أبي دواد: نعم، فأعرض الشيخ عنه، وأقبل على الواثق، فقال:
يا أمير المؤمنين، قد قدمت القول إن أحمد يضوى ويضعف عن المناظرة، يا أمير المؤمنين، إن لم يتسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ما زعم هذا أنه اتسع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع الله على من لم يتسع له ما اتسع لهم أو قال: فلا وسع الله عليك- فقال الواثق: نعم، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع الله علينا. اقطعوا قيد الشيخ. فلما قطع القيد ضربالشيخ بيده إلى القيد حتى يأخذه، فجاذبه «2» الحداد عليه، فقال الواثق: دع الشيخ يأخذه، فأخذه في كمه. فقال له الواثق: لم جاذبت الحداد عليه؟ قال: لأني نويت أن(73/329)
أوصي أن يجعل بيني وبين كفني «1» حتى أخاصم به هذا الظالم عند الله يوم القيامة، أقول: يا رب، سل عبدك هذا: لم قيدني «2» ، وروّع أهلي وولدي وإخواني بلا حق أوجب ذلك علي، وبكى الشيخ، وبكى الواثق، وبكينا، وسأله الواثق أن يجعله في حل، فقال: والله لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ كنت رجلا من أهله.
فقال الواثق: لي إليك حاجة، فقال: إن كانت ممكنة فعلت، قال الواثق: تقيم عندنا فننتفع بك، وينتفع بك فتياننا، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن ردّك إلى الموضع الذي أخرجني عنه هذا الظالم أنفع لك من مقامي عندك، وأصير إلى أهلي وولدي أكف دعاءهم عليك، فقد خلّفتهم على ذلك.
قال الواثق: فتقبّل منا صلة تستعين بها على دهرك، قال: يا أمير المؤمين، لا تحلّ لي، أنا عنها غني، وذو مرة، سوي، فقال: سل حاجة، قال: أو تقضيها؟ قال: نعم، قال: يخلّى لي السبيل الساعة إلى الثغر، قال: قد أذنت لك، فسلّم عليه وخرج.
قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة، وأحسب أن الواثق رجع عنها منذ ذلك الوقت.
وفي حديث آخر بمعناه:
وسقط ابن أبي دواد من عينه، ولم يمتحن بعد ذلك أحدا.
لما احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين «3» :
الموت فيه جميع الخلق مشترك لا سوقة منهم «4» يبقى ولا ملك
ما ضر أهل قليل في تفاقرهم «5» وليس يغني على الإملاك ما ملكوا
ثم أمر بالبسط، فطويت، وألصق خده بالأرض، وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه، أرحم من قد زال ملكه.(73/330)
حدث محمد أمير البصرة قال «1» : كنت أحد من مرّض الواثق، لما مات «2» ، فكنت واقفا بين يديه مع جماعة إذ لحقته غشية، فما شككنا أنه مات فقال بعضنا لبعض: تقدموا، فاعرفوا خبره، فما جسر أحد منهم يتقدم، فتقدمت أنا. فلما صرت عند رأسه، وأردت أن أضع يدي على أنفه أختبر «3» نفسه لحقته إفاقة، ففتح عينيه، فكدت أن أموت فزعا من أن يراني مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي، فرجعت إلى خلف، وتعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس، وعثرت به، فاتكأت عليه، فاندق سيفي، وكاد أن يدخل في لحمي ويجرحني، فسلمت وخرجت: فاستدعيت سيفا ومنطقة فلبستها «4» ، وجئت [حتى] «5» وقفت في مرتبتي ساعة. فتلف الواثق بلا شك، فتقدمت، فشددت لحييه، وغمّضته، وسجّيته، ووجهته إلى القبلة، وجاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزائن، لأن جميعه مثبت عليهم، وترك وحده في البيت، وقال لي ابن أبي دواد القاضي: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت، فكن أنت ذلك الرجل، وكنت من أخصهم به [في حياته] «6» لأنه أحبني حتى لقبني الواثقي، باسمه، فحزنت عليه، فرددت باب المجلس، وجلست في الصحن عند الباب أحفظه. وكان المجلس في بستان عظيم، فحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني، فدخلت أنظر ما هي؟ فإذا بجرذون «7» من دواب البستان قد جاء حتى استلّ عين الواثق فأكلها، فقلت: لا إله إلا الله، هذه العين التي فتحها من ساعة- فاندق سيفي هيبة لها- صارت طعمة لدابة ضعيفة، وجاؤوا فغسلوه، فسألني ابن أبي دواد عن عينه فأخبرته.
وكان الواثق أبيض إلى الصفرة، جسيما، حسن الوجه، جميلا، في عينه نكتة بياض «8» .(73/331)
[10015] هارون بن معاوية أبي عبيد الله الأشعري عم معاوية بن أبي صالح
[روى عن حجاج بن محمد المصيصي، وحفص بن غياث، وخالد بن عبد الله الواسطي، والعطاف بن خالد المخزومي، والفرج بن فضالة، وأبي إسماعيل المؤدب، وأبي سفيان المعري، وأبيه أبي عبيد الله الأشعري، وأبي معاوية الضرير.
روى عنه: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي، وأبو حاتم الرازي] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» : [هارون بن أبي عبيد الله الأشعري المصيصي واسم أبي عبيد الله معاوية. روى عن عطاف بن خالد وأبي إسماعيل المؤدب وخالد بن عبد الله الواسطي وحجاج بن محمد.
كتب عنه أبي بالمصيصة وروى عنه، سألت أبي عنه، فقال: صدوق] «3» .
حدث عن محمد بن أبي قيس بسنده إلى أبي ليلى الأشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«تمسكوا بطاعة أئمتكم، لا تخالفوهم، فإن طاعتهم طاعة الله، وإن معصيتهم معصية الله، فإن الله بعثني أدعو إلى سبيله بالحكمة، والموعظة الحسنة، فمن خلفني فيذلك فهو مني وأنا منه»
[14321] .
[10016] هارون بن موسى بن شريك أبو عبد الله التغلبي المقرىء المعروف بالأخفش
[قرأ على ابن ذكوان، وأخذ الحروف عن هشام بن عمار.
__________
[10015] ترجمته في تهذيب الكمال 19/202 وتهذيب التهذيب 6/11 والجرح والتعديل 9/97.
[10016] ترجمته في إنباه الرواة 3/361 غاية النهاية للجزري 2/347 وسير أعلام النبلاء 13/566 ومعجم الأدباء 19/263 النجوم الزاهرة 3/133 وشذرات الذهب 2/209 وطبقات النحويين للزبيدي ص 263 وتذكرة الحفاظ 2/659 وبغية الوعاة 2/320 ومعرفة القراء الكبار 1/247 رقم 153.(73/332)
وحدث عن أبي مسهر بشيء يسير، وعن سلام بن سليمان المدائني. قرأ عليه خلق كثير منهم: جعفر بن أبي داود، وإبراهيم بن عبد الرزاق، ومحمد بن النضر الأخرم، والحسن بن حبيب الحصائري، وأبو الحسن ابن شنبوذ، وعبد الله بن أحمد بن إبراهيم البلخي، ومحمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي.
حدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد ابن الناصح المفسر، وجماعة.
صنف كتبا في القراءات والعربية، وكان ثقة معمرا. قال أبو علي الأصبهاني: كان هارون الأخفش من أهل الفضل، صنف كتبا كثيرة في القراءات والعربية، وإليه رجعت الإمامة في قراءة ابن ذكوان] «1» .
حدث عن سلّام بن سليمان بسنده إلى ابن عمر:
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ في الروم: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً
[سورة الروم، الآية: 54] برفع الضاد من «ضعف» في هذا كله.
قال أبو عبد الله الأخفش:
دخلت مع مشايخ دمشق أعود أبا مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر الغساني، فسمعته يترنّم بهذا البيت:
يسرّ الفتى ما كان قدّم من تقى إذا نزل الداء الذي هو قاتله
ذكر الأخفش أن مولده سنة مئتين، وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومئتين «2» . وقيل: توفي سنة إحدى وتسعين ومئتين.
[10017] هارون بن أبي الهيذام واسم أبي الهيذام محمد بن هارون أبو يزيد العسقلاني مولى آل عثمان بن عفان
قيم مسجد الرملة. حدث عن الحارث بن عبد الله بسنده إلى جابر بن سمرة قال:(73/333)
رأيت أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم يتناشدون الشعر، ويضحكون، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالس معهم، يتبسم إليهم «1» .
[10018] هارون بن يزيد الشاري النيسابوري ابن أخت مخلد بن مالك
حديث عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بسنده إلى ابن عمر «2» أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو: «اللهم، عافني في قدرتك، وأدخلني في رحمتك، واقبض أجلي في طاعتك واختم لي بخير عملي، واجعل ثوابه الجنة»
[14322] .
[ذكر من اسمه هاشم]
[10019] هاشم بن بلال، ويقال: ابن سلال ويقال: سلّام بن أبي سلّام، أبو عقيل الحبشي
دمشقي.
[روى عن سابق بن ناجية.
روى عنه سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، ومسعر بن كدام، وهشيم بن بشير.
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: هاشم بن بلال يحدث عنه شعبة وهشيم وهو ثقة] «3» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «4» :
[هاشم بن بلال أبو عقيل قاضي واسط سمع سابق بن ناجية روى عنه شعبة ومسعر، ويقال: هو شامي الأصل] «5» .
__________
[10019] ترجمته في تهذيب الكمال 19/212 وتهذيب التهذيب 6/15 والتاريخ الكبير 8/234 والجرح والتعديل 9/103 والإكمال 6/229 و 233. وعقيل بفتح أوله، تقريب التهذيب، والإكمال بدلأبو عقيل.(73/334)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[هاشم بن بلال أبو عقيل قاضي واسط، شامي، روى عن أبي سلام الأسود، وسابق ابن ناجية، روى عنه مسعر، وشعبة، وهشيم، سمعت أبي يقول ذلك. نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو عقيل هاشم بن بلال، ثقة] «2» .
حدث عن سابق بن ناجية عن أبي سلام قال:
رأيت رجلا في مسجد حمص، فقيل لي: إن هذا قد خدم النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: فلقيته، فقلت: حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يتداوله بينك وبينه الرجال، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«ما من مسلم يقول إذا أصبح ثلاثا، وثلاثا إذا أمسى: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة»
[14323] .
وعقيل: بفتح العين وكسر القاف «3» . وكان هاشم ثقة.
[10020] هاشم بن خالد بن أبي جميل أبو مسعود القرشي
من دمشق.
حدث عن عمه صالح الأوقص عن أبي جمرة «4» عن ابن عباس قال:
لا تكسروا الرمانة من رأسها، فإن فيها دودة يعتري منها الجذام «5» .
قال هاشم بن خالد: سمعت أبا سليمان الداراني يقول لأحمد بن أبي الحواري: خذ ممن جرّب، ودع عنك الوصافين.
__________
[10020] ترجمته في الجرح والتعديل 9/106.(73/335)
وقال هاشم: سمعت أبا سليمان يقول: من لا يسأل الله يغضب عليه، فأنا أسأله لعيالي حتى الملح «1» .
وقال هاشم: سمعت أبا سليمان يقول: أيّما رجل أم قوما فسبّح بهم أكثر من ثلاث فقد ظلم من خلفه، وإن نقص فقد خانهم.
قال: وسمعته يقول: ما أحب أن أجعل بيني وبين القبلة مبتدعا.
قال: وسمعته يقول: لولا أن الله تبارك وتعالى أمر بالتعوذ من الشيطان الرجيم ما تعوذت منه أبدا «2» ، لأنه لا يقدر لي على ضر ولا نفع.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «3» :
[هاشم بن خالد بن أبي جميل الدمشقي، روى عن الوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز، وعبيد بن أبي السائب، وأبي سليمان الداراني، كتب إلي ببعض حديثه، محله الصدق] «4» .
[10021] هاشم بن زايد- ويقال ابن زيد- الدمشقي [روى عن نافع وغيره] «5» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «6» : [هاشم بن زيد، الدمشقي، روى عن نافع، مولى ابن عمر، روى عنه سويد بن عبد العزيز، سألت أبي عنه فقال: هو ضعيف الحديث] «7» .
حدث عن نافع عن ابن عمر:
__________
[10021] ترجمته في الجرح والتعديل 9/103 وميزان الاعتدال 4/289 ولسان الميزان 6/184.(73/336)
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع، وعن الحمر الأهلية، وعن المجثّمة «1» ، وأن توطأ الحبالى من السبي حتى يضعن
[14324] .
وبه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من مسّ ذكره فليتوضأ»
[14325] .
كان هاشم ضعيف الحديث.
[10022] هاشم بن سعيد البعلبكي والد محمد بن هاشم
حدّث عن يزيد بن زياد البصري بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعا، فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة»
[14326] .
[10023] هاشم بن عتبة بن أبي وقاص مالك بن أهيب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري المعروف بالمرقال
قيل: إن له صحبة «2» ، ولم يثبت. ولد في عهد سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وروى عنه.
وروى عنه حديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. أصيبت عينه يوم اليرموك «3» ، وكان مع علي في حروبه في الجمل وصفين. وقتل بصفين «4» .
حدث هاشم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
__________
[10023] ترجمته في أسد الغابة 4/601 والإصابة 3/593 والاستيعاب 3/616 (هامش الإصابة) ، تاريخ الصحابة ص 257 وقال ابن حبان: ومن زعم أنه هشام بن عتبة، فقد وهم. ومروج الذهب 2/387 ونسب قريش للمصعب ص 263 و 264. لقب بالمرقال لأن عليا رضي الله عنه أعطاه الراية بصفين، فكان يرقل بها، أي يسرع. (تاج العروس: رقل) . والإرقال: ضرب من العدو.(73/337)
«يظهر المسلمون على جزيرة العرب» «1»
[14327] .
وورد في موضع آخر أن هشاما «2» حدث عن أبيه قال:
أقبلت نحو النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو في جماعة فهبت أن أتقدم، فتقدمت، فسمعته يقول:
«يظهر المسلمون على فارس، وتظهر فارس على الروم، ثم يظهر المسلمون على الأعور الدجال» «3»
[14328] .
وأكثر ما روي هذا الحديث عن نافع بن عتبة أخي هاشم بن عتبة. فإنه روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال «4» :
«تقاتلون جزيرة العرب فيفتح «5» الله، ثم تقاتلون فارس فيفتح الله، ثم تقاتلون «6» الروم فيفتح الله، ثم تقاتلون الدجال فيفتحه الله»
[14329] .
وكان جابر بن سمرة راويه عن نافع يقول: لا يخرج الدجال حتى تخرج الروم «7» .
وهاشم بن عتبة هو القائل «8» :
أعور يبغي أهله محلا قد عالج الحياة حتى ملا
لا بد أن يفلّ أو يفلا(73/338)
وكان بالشام، فأمدّ به عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص في سبعة عشر رجلا من جند الشام «1» ، وفيه يقول عامر بن واثلة:
يا هاشم الخير جزيت الجنه قاتلت في الله عدو السنه «2»
أفلح بما فزت به من منّهوقطعت رجله يوم صفين قبل أن يقتل، فجعل يقاتل من دنا منه وهو بارك، ويتمثل:
الفحل يحمي شوله «3» معقولا «4» كان هاشم بن عتبة يوم صفين على أربعة آلاف قد شروا بأنفسهم الموت. وكان أعور، وكانت راياتهم سودا، وكان بإزائهم عمرو بن العاص مع معاوية، وكان هاشم يدب دبيبا، فقال عمرو: إن كان ذا دأب صاحب الرايات السود تفانت العرب اليوم «5» ، يا وردان دونك رايتي فاجعلها عند عبد الله ومحمد- ابني عمرو- فقال معاوية: أشهد لئن نقضت رايتك لينتقضن الصف «6» ، فقال «7» : يا معاوية.
الليث يحمي شبليه لا خير «8» فيه بعد ابنيه
هما ابناي، ليسا ابنيك. فلما رآه يبطىء السير أتاه عمار بن ياسر فسفع «9» رأسه بالرمح ثم قال «10» :(73/339)
أكل يوم لم ترع ولم ترع لا خير في أعور جنّاب الفزع «1»
فقال عمار: من هؤلاء بإزائنا؟ فقالوا: عبد الله ومحمد ابنا عمرو، فخرج إليه عمار، فقال: يا عبد الله بن عمرو، فخرج إليه رجل، فقال: قد أسمعته، فمن أنت؟ قال: أنا عمار بن ياسر، ويحك! ما تقول لله عز وجل حين تفضي إليه؟! وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ويح لعمار، تقتله الفئة الباغية»
[14330] فو الله لأقتلن اليوم. قال: أنشدك الله يا عمار أسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيث جاء عمرو يستعدي عليّ فقال: إن عبد الله يعصيني، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تعص عمرا»
[14331] ، فهذا أمر عمرو، وقد أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألا أعصيه، وأنا أكره الناس لهذا.
ورئي «2» عمرو «3» بن العاص وهو على منبر من عجل يجر به جرا، يشرف «4» على الناس ينظر إليهم، وهو يقول لابنه عبد الله بن عمرو: يا عبد الله، أقم الصف، قصّ الشارب، فإن هؤلاء أخطأوا خطيئة قد بلغت السماء، ثم قال: علي السلاح، فألقي «5» بين يديه مثل الحرة «6» السوداء، ثم قال: خذ يا فلان، خذ يا فلان، عليكم بالدجال هاشم بن عتبة.
قال الأحنف بن قيس: أتى إلي كاتب عمار بن ياسر يومئذ، وبيني وبينه رجل من بني السمين فتقدمنا معه، ودنونا من هاشم بن عتبة فقال له عمار: احمل فداك أبي وأمي، ونظر عمار إلى رقة في الميمنة، فقال هاشم: يا عمار، إنك رجل تأخذك خفة في الحرب، وإنما أزحف باللواء زحفا، وأرجو أن أنال بذلك حاجتي، وإني إن خففت لم آمن الهلكة. وقال معاوية لعمرو بن العاص: ويحك يا عمرو! أرى اللواء مع هاشم كأنه يرقل به إرقالا، وإنه إن زحف به زحفا إنه(73/340)
لليوم الأطم «1» بأهل الشام. فلم يزل به عمار حتى حمل، فبصر به معاوية، فوجه نحوه حماة أصحابه، ومن يزن بالبأس والشدة إلى ناحيته، وكان ذلك الجمع إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، ومعه يومئذ سيفان قد تقلد واحدا، وهو يضرب بالآخر، فأطافت به خيل علي، فقال عمرو: ابني، ابني، فقال له معاوية: اصبر، فإنه لا بأس عليه، فقال عمرو «2» : لو كان يزيد ابن معاوية لصبرت. فلم يزل حماة أهل الشام يدعون «3» عنه حتى نجا هاربا على فرسه، هو ومن معه.
وقال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص: والله إن هذه لراية قاتلتها ثلاث عركات «4» ، وما هذه بأرشدهن.
حدث أبو إسحاق:
أن عليا صلى على عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة، فجعل عمارا مما يليه، وهاشما أمام ذلك، وكبر عليهما تكبيرا واحدا خمسا أو ستا أو سبعا، والشك من أشعث بن سوار راويه عن أبي إسحاق.
وكانت صفين سنة سبع وثلاثين.
[10024] هاشم بن عمرو بن هاشم أبو عمرو البيروتي
حدث عن أبيه بسنده إلى ابن عباس قال: إن السّنة مضت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إنه أيما عبد خرج من العدو إلينا فهو حر، وإن خرج بعد الصلح فهو عبد»
[14332] .
[10025] هاشم بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن سيّار أبو العهد التميمي الشاعر، المعروف بالمتيم
من شعره.(73/341)
كنت وحدي ومن توحد ما شاء يفعل فتأهلت والفقير بلاه التأهّل
زلّة زلّها حليم وذو الجهل يجهل ربما يجهل المغفّل من حيث يعقل
ومن شعره:
بروحي وجسمي من يرائي ببغضتي ويضمر إشفاقا علي كإشفاقي
يسارقني لحظا ويطرق خيفة وأسرق منه اللحظ من تحت إطراقي
فيعرف أسراري وأعرف سرّه فحاجاتنا تقضى وسرّ الهوى باق
[10026] هاشم بن مرثد بن سليمان ابن عبد الصمد- ويقال: عبد الله- بن عبد ربه ابن أيوب بن مرهوب الطبراني الطيالسي، مولى ابن عباس [أبو سعيد الطبراني الطيالسي
سمع آدم بن أبي إياس، والمعافى الرسعني، ويحيى بن معين، وصفوان بن صالح.
وعنه ابنه سعيد، وعبد الملك بن محمد الحراني، ويحيى بن زكريا النيسابوري، وسليمان الطبراني.
قال ابن حبان: ليس بشيء.
مات في شوال سنة ثمان وسبعين ومئتين] «1» .
حدث عن صفوان بن صالح بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«تفضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحده بخمسة وعشرين جزءا»
[14333] .
[10027] هاشم المرادي
شاعر.
__________
[10026] ترجمته في سير أعلام النبلاء 13/270 وميزان الاعتدال 4/290.(73/342)
اجتمع الطّرماح الطائي وهاشم المرادي ومحمد بن عبد الله الحميري عند معاوية بن أبي سفيان فأخرج بدرة «1» ، فوضعها بين يديه ثم قال: يا معشر شعراء العرب، قولوا قولكم في علي بن أبي طالب، ولا تقولوا إلا الحق، فأنا نفيّ من صخر بن حرب إن أعطيت هذه البدرة إلا من قال الحق في علي، فقام الطرماح فوقع في علي، فقال له معاوية: اجلس، فقد علم الله نيتك، ورأى مكانك، ثم قام هاشم المرادي، فوقع فيه أيضا، فقال له معاوية: اجلس مع صاحبك، فقد عرف الله مكانكما، فقال عمرو بن العاص لمحمد بن عبد الله الحميري- وكان حاضرا-: تكلم، ولا تقولن إلا الحق، ثم قال لمعاوية: قد آليت أنك لا تعطي هذه البدرة إلا قائل الحق في علي بن أبي طالب، قال: نعم، فقام محمد بن عبد الله فتكلم ثم قال:
بحق محمد قولوا بحق فإن الإفك «2» من شيم اللئام «3»
أبعد محمد بأبي وأمي رسول الله ذي الشرف التمام
أليس علي أفضل خلق ربي وأشرف عند تحصيل الأنام
ولا ينه هي الإيمان حقا فذرني من أباطيل الكلام
وطاعة ربنا فيها وفيها شفاء للقلوب من السقام
علي إمامنا بأبي وأمي أبو الحسن المطهّر من أثام
إمام هدى حباه الله علما به عرف الحلال من الحرام
فلو أنّي قتلت النفس حبا له ما كان فيها من غرام
يحلّ النار قوم أبغضوه وإن صلوا وصاموا ألف عام
ولا والله ما تركوا صلاة بغير ولاية العدل الإمام
أمير المؤمنين بك اعتمادي وبعدك بالأئمة اعتصامي
فهذا القول لي دين وهذا إذا [أنشدت في ملإ] «4» كلامي(73/343)
فقال معاوية: أنت أصدق القوم قولا فخذ البدرة.
محمد بن السائب الكلبي وابنه هشام من رواة هذا الحديث كذابان رافضيان.
[10028] هامة بن الهيم ابن لاقيس بن إبليس
قيل: إنه من مؤمني الجن، وممن لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذكر أنه لقي نوحا، وهودا، وصالحا، ويعقوب، ويوسف، وإلياس، وموسى بن عمران، وعيسى بن مريم، وأنه شهد قتل هابيل بن آدم، وكان قتله بدمشق على ما ذكر.
حدث عمر بن الخطاب قال «1» : بينا نحن قعود مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على جبل من جبال تهامة إذ أقبل شيخ بيده عصا، فسلم على النبي صلّى الله عليه وسلّم فرد عليه السلام، وقال: «نغمة «2» الجن وغنّتهم «3» ، من أنت؟» قال: أنا هامة بن الهيم بن لاقيس ابن إبليس، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فما بينك وبين إبليس إلا أبوان؟» قال: لا، قال: «فكم أتى عليك من الدهر» «4» قال: قد أفنيت الدنيا وعمرها إلا قليلا [ليالي قتل قابيل هابيل] «5» كنت وأنا غلام ابن أعوام أفهم الكلام وآمر بالآثام «6» ، وآمر بإفساد الطعام، وقطيعة الأرحام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بئس لعمر الله عمل الشيخ المتوسم، والغلام «7» المتلوم» فقال: ذرني من التعداد، إني تائب إلى الله. فإني كنت مع نوح في مسجده
__________
[10028] ترجمته في أسد الغابة 4/603 والإصابة 3/594 ودلائل النبوة للبيهقي 1/60 و 5/418 والضعفاء للعقيلي 1/98. وفي الإصابة: «أهيم» وفي دلائل النبوة للبيهقي «هيم» .(73/344)
مع من آمن به، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم، وأبكاني، وقال: لا جرم إنّي على ذلك من النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، فقلت: يا نوح، إنّي كنت ممن شرك في دم قابيل وهابيل «1» ، فهل تجد لي من توبة [عند ربك] «2» ؟ قال: «يا هامة، نعم، مر بالخير، وافعله قبل الحسرة والندامة، إنّي قرأت فيما أنزل الله على آدم وعليّ أنه ليس من عبد تاب إلى الله بالغا ذنبه ما بلغ إلا تاب الله عليه، فقم، وتوضأ، واسجد لله سجدتين» «3» ، ففعلت من ساعتي بما أمرني به، فناداني: «ارفع رأسك، فقد نزلت توبتك من السماء» ، فخررت لله ساجدا حولا «4» .
وكنت مع هود في مسجده مع من آمن به من قومه، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم، وأبكاني، وقال: لا جرم، إني على ذلك من النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
أكون من الجاهلين. وكنت مع صالح في مسجده مع من آمن به من قومه، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم وأبكاني، وقال: لا جرم، إنّي على ذلك من النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. زاد في رواية: وكنت مع إبراهيم خليل الرحمن لما ألقي في النار، فكنت بينه وبين المنجنيق حتى أخرجه الله منه «5» .
وكنت زوّارا ليعقوب. وكنت مع «6» يوسف بالمكان الأمين، وكنت ألقى «7» إلياس في الأودية، وأنا ألقاه الآن.
وإنّي لقيت موسى بن عمران، فعلّمني من التوراة شيئا، وقال: إن لقيت عيسى بن مريم فأقرئه مني السلام. وإني لقيت عيسى فأقرأته من موسى السلام وقال لي عيسى: إن(73/345)
لقيت محمدا فأقرئه مني السلام، - زاد في رواية: قد بلغت وآمنت بك «1» .
فأرسل النبي صلّى الله عليه وسلّم عينيه بالبكاء وقال: «على عيسى السلام ما دامت الدنيا، وعليك يا هامة لأدائك الأمانة» فقال هامة: يا رسول الله، افعل بي ما فعل موسى، إنّه علمني من التوراة شيئا، فعلمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورة إِذا وَقَعَتِ
«2» ووَ الْمُرْسَلاتِ
«3» وعَمَّ يَتَساءَلُونَ
«4» وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
»
والْحَمْدُ*
«6» والمعوذتين «7» ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
«8» وقال: «ارفع إلينا حوائجك يا هامة، ولا تدع زيارتنا» .
قال عمر: فقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم ينعه إلينا، ولست أدري أحيّ هو أو ميّت.
[ذكر من اسمه هانئ]
[10029] هانىء بن عروة بن فضفاض ويقال: ابن عروة بن نمران- بن عمرو بن قعاس ابن عبد يغوث الغطيفي المرادي الكوفي
قال هانىء لابنه: هب لي من كلامك كلمتين: زعم وسوف.
جاء عمارة بن أبي معيط إلى ابن زياد فحدّث أن هانىء بن عروة جزّ رأسه.
كان الحسين عليه السلام قدّم مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة، وأمره أن ينزل على هانىء بن عروة المرادي «9» ، وينظر إلى اجتماع الناس عليه، ويكتب إليه بخبرهم، فقدم مسلم الكوفة مستخفيا، وأتته الشيعة، فأخذ بيعتهم، وكتب إلى الحسين: إني قدمت الكوفة،
__________
[10029] جمهرة ابن حزم ص 406 والمحبر ص 480 وتاريخ الطبري الجزء الثاني (الفهارس) البداية والنهاية الجزء الثامن (الفهارس) وأنساب الأشراف 2/336 وما بعدها، الفتوح لابن الأعثم 5/78 وما بعدها، التاريخ الكبير 3/2/231 والجرح والتعديل 4/2/101. ابن عروة بن نمران من رواية ابن حزم.(73/346)
فبايعني منهم- إلى أن كتبت إليك- ثمانية عشر ألفا، فعجّل القدوم، فإنه ليس دونها مانع.
فلما أتاه كتاب مسلم أغذّ السير حتى انتهى إلى زبالة «1» ، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مئة ألف، وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة في آخر خلافة معاوية فهلك، وهو عليها «2» ، فخاف يزيد ألا يقدم النعمان على الحسين، فكتب إلى عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان وهو على البصرة فضم إليه الكوفة، وكتب إليه بإقبال الحسين إليها، فإن كان لك جناحان فطر حتى تسبق إليها.
فأقبل عبيد الله بن زياد سريعا، متعمما، متنكرا حتى دخل سوق الكوفة. فلما رآره أهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه، وهم يظنون أنه حسين، وذلك أنهم كانوا يتوقعونه، فجعلوا يقولون لعبيد الله بن زياد: يابن رسول الله، الحمد لله الذي أراناك ويقبلون يده ورجله، فقال عبيد الله: لشد ما فسد هؤلاء «3» ، ثم دخل المسجد، وصلى ركعتين، وصعد المنبر وكشف وجهه. فلما رآه الناس مال بعضهم على بعض وأقشعوا «4» عنه. وبنى عبيد الله بن زياد بأهله أم نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وأتي في تلك الليلة برسول للحسين أرسله إلى مسلم ابن عقيل يقال له عبد الله بن بقطر «5» فقتله، وكان قدم مع عبيد الله من البصرة شريك بن الأعور الحارثي، وكان شيعة لعلي فنزل أيضا على هانىء بن عروة، فاشتكى شريك، فكان عبيد الله يعوده في منزل هانىء، ومسلم بن عقيل هناك لا يعلم به، فهيؤوا لعبيد الله ثلاثين رجلا يقتلونه إذا دخل عليهم، وأقبل عبيد الله، فدخل على شريك يسأل به، فجعل شريك يقول «6» :(73/347)
ما تنظرون «1» بسلمى أن تحيّوها
اسقوني فلو كانت فيها نفسي «2» . فقال عبيد الله: ما يقول؟ قالوا: يهجر «3» ، وتخشع القوم في البيت، وأنكر عبيد الله ما رأى منهم، فوثب، فخرج، ودعا مولى لهانىء بن عروة، وكان في الشرطة فسأله، فأخبره الخبر، فقال: أولى، ثم مضى حتى دخل القصر، وأرسل إلى هانىء بن عروة وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة، فقال: ما حملك على أن تخبر عدوي وتنطوي عليه؟! فقال: يا بن أخي، إنه جاء حق هو أحق من حقك، وحق أهل بيتك، فوثب عبيد الله، وفي يده عنزة «4» ، فضرب بها رأس هانىء حتى خرج الزّج، واغترز «5» في الحائط، ونثر دماغ الشيخ فقتله مكانه «6» ، وبلغ الخبر مسلم بن عقيل فخرج.
وفي حديث آخر: أن عبيد الله لما بنى بزوجته أرسل إلى هانىء فأتاه متوكئا على عصاه، فقال: أكل الأمير العرس وحده، قال: أو تركتني أنتفع بعرس وقد ضممت مسلم بن عقيل، وهو عدو أمير المؤمنين؟! قال: ما فعلت، قال: لعمري لقد فعلت، وما شكرت بلاء زياد، ولا رعيت حقّه وزاده فأغضبته، فانتزع عبيد الله العنزة من يده فشجّه بها وحبسه حتى أتى بمسلم بن عقيل، فقتلهما جميعا «7» ، وألقاهما من ظهر بيت، فقال عبد الله بن الزّبير الأسدي يرثيه «8» :(73/348)
إن كنت لا تدرين ما الموت فانظري إلى هانىء بالسوق «1» وابن عقيل
إلى بطل قد هشّم السيف رأسه «2» وآخر يهوي من طمار «3» قتيل
تري جسدا قد غيّر الموت لونه ونضح دم قد سال كلّ مسيل
أصابهما أمر الإمام فأصبحا أحاديث من يسعى «4» بكل سبيل
أيركب أسماء الهماليج «5» آمنا وقد طلبته مذحج بقتيل «6»
فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم فكونوا بغاثا «7» أرضيت بقليل
يعني: أسماء بن خارجة الفزاري، كان عبيد الله بن زياد بعثه وعمرو بن الحجاج «8» الزبيدي إلى هانىء بن عروة فأعطياه العهود والمواثيق، فأقبل معهما حتى دخل على عبيد الله ابن زياد فقتله، ويعني بقوله: وآخر يهوي من طمار قتيل: عبد الله بن بقطر «9» ، لأنه قتل وألقي من فوق القصر.
قالوا: ولما قتل عبيد الله بن زياد مسلم بن عقيل أمر بهانىء بن عروة، فأخرج فجعل ينادي: يا مذحجاه ولا مذحج لي، فانتهوا به إلى موضع في السوق تباع فيه الغنم، فقالوا: مد عنقك، فقال: ما أنا بمعينكم على نفسي بشيء، فضرب عنقه مولى لعبيد الله بن زياد يقال له سلمان «10» .(73/349)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[هانىء بن عروة، وهو ابن عروة بن قعاص المرادي، والد يحيى بن هانىء روى عن.... «2» روى عنه ابنه يحيى بن هانىء بن عروة سمعت أبي يقول ذلك] «3» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «4» :
[هانىء بن عروة المرادي والد يحيى بن هانىء يعد في الكوفيين] «5» .
[10030] هانىء بن كلثوم بن عبد الله بن شريك ابن ضمضم- ويقال له: ابن حبان الكندي ويقال: الكناني الفلسطيني [روى عن حرقوص بن سعد الجذامي، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبيه عمر بن الخطاب، وعمرو بن الوليد، ومحمود بن الربيع، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي مسلم الجليلي.
روى عنه أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، وخالد بن دهقان، وعبد الله بن عوف القارىء، ومعقل بن عبد الله الكناني، ويحيى بن أبي عمرو السيباني] «6» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «7» :
[هانىء بن كلثوم بن شريك الكناني عن عمر وعبد الله. روى عنه يحيى بن أبي عمرو السيباني، ومعقل بن عبد الله، وسمع هانىء من معاوية أيضا، يعد في الشاميين] «8» .
__________
[10030] ترجمته في تهذيب الكمال 19/221 وتهذيب التهذيب 6/18 والجرح والتعديل 9/101 والتاريخ الكبير 8/230.(73/350)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[هانىء بن كلثوم بن شريك شامي، روى عن عمر رضي الله عنه، ولا أظنه أدرك عمر، وعبد الله بن عمر، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمود بن الربيع، روى عنه خالد بن دهقان، ويحيى بن أبي عمرو السيباني، المكنى بأبي زرعة، ومعقل بن عبد الله. سمعت أبي يقول ذلك] «2» .
قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا، أو قتل مؤمنا متعمدا»
[14334] .
قال هانىء بن كلثوم: حدثني محمود بن الربيع عن عبادة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«من قتل مؤمنا ثم اغتبط «3» بقتله لم يقبل منه صرف «4» ولا عدل «5» »
[14335] .
وحدث أيضا بهذا السند عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«لا يزال المؤمن صالحا ما لم يصب دما»
[14336] .
وسئل يحيى الغساني عن اغتباطه بقتله، قال: هم الذين «6» يقتلون في الفتنة. يقتلون أحدهم، فيرى أنه على هدى. لا يستغفر الله منه أبدا. وحدث هانىء بن كلثوم عن محمود بن الربيع «7» عن عبادة بن الصامت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:(73/351)
«لا يزال المؤمن معنقا «1» صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما بلح» «2» .
قال هانىء بن كلثوم:
مثل المؤمن الفقير كمثل المريض عند الطبيب العالم بدائه، تطلع نفسه إلى أشياء يشتهيها، لو أصابها أكلها، كذلك يحمى الله المؤمن من الدنيا.
بعث «3» عمر بن عبد العزيز إلى هانىء بن كلثوم يستخلفه على فلسطين: عربها وعجمها، فأبى، ومات في ولايته. فلما بلغته وفاته قال: أحتسب عند الله صحبة هانىء الجيش.
[ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الرابعة. ذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
قال محمد بن شعيب بن شابور عن خالد بن دهقان: كنا في غزاة، فأقبل رحل من أهل فلسطين من أشرافهم وخيارهم يعرفون ذلك له يقال له: هانىء بن كلثوم، فسلّم على عبد الله ابن أبي زكريا، وكان يعرف له حقه، فذكر عنه حديثا.
قال مغيرة بن مغيرة الرملي، عن رجاء بن أبي سلمة أن عطاء الخراساني كان إذا ذكر ابن محيريز، وهانىء بن كلثوم، ورجاء بن حيوة، وابن الديلمي، وابن أبي سودة. قال: قد كان في هؤلاء من هو من أشد اجتهادا من هانىء بن كلثوم ولكنه كان يفضلهم بحسن الخلق.
قال رجاء بن أبي سلمة، عن أبيه، شهدت جنازة هانىء بن كلثوم في ولاية عمر بن عبد العزيز بالسافرية قرية إلى جانب الرملة] «4» .
[10031] هانىء أبو مالك الهمداني
[نزيل الشام] «5» .
__________
[10031] ترجمته في الإصابة 3/596 وأسد الغابة 4/605 والاستيعاب 3/599 (هامش الإصابة) والجرح والتعديل 9/100. وجاء في الإصابة: هانىء بن مالك الهمداني، أبو مالك. في أسد الغابة: الكندي.(73/352)
من أصحاب سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو جد بني أبي مالك.
قدم «1» هانىء على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من اليمن فدعاه إلى الإسلام، فأسلم، ومسح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على رأسه، ودعا له بالبركة، وأنزله على يزيد بن أبي سفيان، فأقام عنده حتى خرج في الجيش الذي بعثه أبو بكر الصديق إلى الشام، فلم يرجع. [قال أبو حاتم الرازي: هانىء الشامي، أبو مالك ... له صحبة] «2» .
[قال البخاري: في صحبته نظر.
مات بدمشق سنة ثمان وستين] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[هانىء الشامي أبو مالك. جد يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك له صحبة، روى عنه ابنه عبد الرحمن، سمعت أبي يقول ذلك.
نا أبي نا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، نا خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك عن أبيه عن جده هانىء] «5» .
[10032] هانىء أبو سعيد البربري مولى عثمان بن عفان الأموي
[روى عن جرير بن الحارث مولى عمر بن الخطاب، ومولاه عثمان بن عفان. روى عنه: سليمان بن يثربي، ويقال: عمر بن يثربي، وأبو وائل عبد الله بن بحير بن ريسان القاص.
كانت له دار عند سوق الأحد بدمشق.
__________
[10032] ترجمته في الجرح والتعديل 9/100 والتاريخ الكبير 8/229 وتهذيب التهذيب 6/19 وتهذيب الكمال 19/223.(73/353)
قال النسائي: ليس به بأس.
قال محمد بن سعد: كان ذاهب البصر، وقد انتسب ولده بعد قتل عثمان بن عفان في همدان] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[هانىء مولى عثمان بن عفان القرشي، وهو البربري، سمع عثمان، روى عنه سليمان ابن يثربي، قال لي إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف عن عبد الله بنبحير عن هانىء مولى عثمان بن عفان عن عثمان بن عفان عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه، ويقال: كنيته أبو سعيد] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[هانىء مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، أبو سعيد، روى عن..... «5» روى عنه سليم «6» بن يثربي وعبد الله بن بحير، وأبو وائل القاص سمعت أبي يقول ذلك] «7» .
حدث عن عثمان قال:
كان عثمان إذا وقف على قبر قال: أدعوا لصاحبكم بالتثبت، فإنه الآن يسأل.
وفي رواية «8» :
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا فرغ من دفن الرجل قال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبت فإنه الآن يسأل»
[14337] .(73/354)
وحدث قال «1» :
كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟! فقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه» .
قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
والله، ما رأيت منظرا قط إلا [والقبر أفظع منه] «2» .
[10033] هبّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى أبو الأسود- ويقال: أبو سعد- القرشي الأسدي
له صحبة.
حدث هبار «3» :
أنه زوج ابنة له- وكان عندهم كبر وغرابيل، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسمع الصوت، فقال: «ما هذا؟» فقيل: زوّج هبار ابنته، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أشيدوا النكاح، أشيدوا النكاح، هذا النكاح لا السفاح»
[14338] .
قيل: ما الكبر؟ قال: الكبر: الطبل، والغرابيل «4» : الصنوج.
حدث عروة أن عتبة بن أبي لهب قال «5» :
__________
[10033] ترجمته في الإصابة 3/597 والاستيعاب 3/609. (هامش الإصابة) وأسد الغابة 4/608. والمعجم الكبير للطبراني 22/200.(73/355)
اعلموا أنه كفر بالذي دَنا فَتَدَلَّى [سورة النجم، الآية: 8] وعتبة خارج إلى الشام، فبلغ قوله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «سيرسل الله إليه كلبا من كلابه» . فخرج، ونزلوا بأرض كثيرة الأبقار، ومعهم هبار بن الأسود، فعدا عليه الأسد، فأخذ برأسه فمضغه ثم لفظه فمات، فقال هبّار: والله لقد رأيت الأسد شم رؤوس النفر رجلا رجلا حتى بلغه فأخذه، وهذا كان بالشراة من أرض الشام.
كان هبار يقول: لما ظهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودعا إلى الله: كنت ممن عاداه، ونصب له وآذاه، ولا يسير قرشي مسيرا لعداوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وقتاله إلا كنت معهم، وكنت مع ذلك قد وترني محمد، قتل أخوي: زمعة وعقيلا ابني الأسود وابن أخي الحارث بن زمعة يوم بدر، فكنت أقول: لو أسلمت قريش كلها لم أسلم.
وكان «1» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث إلى زينب ابنته من يقدم بها «2» ، وعرض لها نفر من قريش فيهم هبّار ينخس بها وقرع ظهرها بالرمح «3» ، وكانت حاملا، فأسقطت، فردت إلى بيوت بني عبد مناف، فكان هبّار بن الأسود عظيم الجرم في الإسلام، فأهدر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دمه. فكان كلما بعث سرية أوصاهم بهبار، وقال: «إن ظفرتم به فاجعلوه بين حزمتين من حطب، وحرّقوه بالنار، ثم يقول بعد: إنما يعذب بالنار رب النار، إن ظفرتم به فاقطعوا يديه، ورجليه، ثم اقتلوه»
[14339] .
قالوا: ثم قدم هبّار بعد ذلك مسلما «4» مهاجرا «5» ، فاكتنفه ناس من المسلمين يسبونه، فقيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هل لك في هبار يسب، ولا يسب. وكان هبار في الجاهلية سبابا، فأتاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا هبار، سبّ من سبّك»
[14340] فأقبل عليهم هبار، فتفرقوا عنه «6» .(73/356)
قالوا «1» : فخرجت سلمى مولاة للنبي صلّى الله عليه وسلّم: فقالت: لا أنعم الله بك عينا، أنت الذي فعلت وفعلت، فقال: «إن الإسلام محى ذلك» . ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن سبّه، والتعرض له.
قال جبير بن مطعم «2» :
كنت جالسا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في أصحابه في مسجده منصرفه من الجعرانة «3» ، فطلع هبّار من باب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فلما نظر القوم إليه قالوا: يا رسول الله، هبّار بن الأسود! قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قد رأيته» ، فأراد بعض القوم القيام إليه، فأشار إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أجلس، ووقف عليه هبّار، فقال: السلام عليك يا رسول الله، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، ولقد هربت منك في البلاد، وأردت اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرت عائدتك وفضلك، وبرّك، وصفحك عمن جهل عليك، وكنا يا رسول الله أهل شرك، فهدانا الله تعالى بك، وتنقّذنا «4» بك من الهلكة، فاصفح عن جهلي، وعما كان يبلغك عني، فإنّي مقر بسوآتي، معترف بذنبي. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قد عفوت عنك، وقد أحسن الله بك حيث هداك للإسلام، والإسلام يجب ما كان قبله»
[14341] .
زاد في حديث: قال الزبير «5» : فجعلت أنظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنه ليطأطىء رأسه استحياء منه «6» مما يعتذر هبّار، وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قد عفوت عنك»
[14342] .
حدث هبار «7» :
أنه فاته الحج، فقال له عمر: طف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم احلق.(73/357)
وروى نافع «1» :
أن هبارا فاته الحج، فقدم على عمر يوم النحر بمنى، فقال له عمر: ما حبسك- أو ما شغلك-؟ قال: طلبت الهلال لغير ليلته، وأنا كما ترى، وكان ضخما، فأمر أن يطوف ويسعى ويقصر، وإن كان معه هدي أن ينحره، ثم يهل ويحج عاما قابلا ويهدي.
[ذكر من اسمه هبة الله]
[10034] هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس أبو محمد بن أبي البركات المقرىء الشافعي
إمام جامع دمشق.
[قرأ القراءات وأتقنها على والده أبي البركات. سمع الكثير من أبي القاسم بن أبي العلاء وجماعة. سمع من البانياسي وعاصم، ورزق الله (بالعراق) ، وبأصبهان من أبي منصور محمد بن شكرويه، وسليمان الحافظ، وطائفة.
أدب مدة في مسجد سوق الأحد، ثم تركه لما ولي إمامة الجامع، وتصدر للإقراء، وختم عليه خلق، وكان ثقة محققا، حسن السيرة، يفهم الحديث.
روى عنه الحافظ ابن عساكر، والسلفي، وأبو القاسم ابن الحرستاني، وأبو المحاسن ابن أبي لقمة، وآخرون] «2» .
[انتقل والده إلى دمشق فسكنها فولد هو بها في سنة اثنتين وستين وأربعمئة ونشأ، وأملى الحديث وكان ثقة صدوقا] «3» .
حدث بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان»
[14343] .
__________
[10034] ترجمته في غاية النهاية 2/349 ومعجم البلدان 2/199 (جيرون) واللباب 1/322 والأنساب (الجيروني) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/324 وسير أعلام النبلاء 20/98 والمنتظم لابن الجوزي 18/24 ومعرفة القراء الكبار 1/487 والعبر 4/101 وشذرات الذهب 4/114 والنجوم الزاهرة 5/27.(73/358)
وأنشد بسنده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم البصري المعروف بالنّعيمي لنفسه «1» :
فكن «2» رجلا رجله في الثرى وهامة همته في الثريا
أبيا لنائل ذي ثروة تراه بما في يديه أبيا
فإن إراقة «3» ماء الحياة دون إراقة ماء المحيا
توفي أبو محمد بن طاوس سنة ست وثلاثين وخمس مئة «4» .
[10035] هبة الله بن أحمد بن محمد ابن هبة الله بن علي بن فارس أبو محمد بن أبي الحسين ابن أبي الفضل الأنصاري المعروف بابن الأكفاني
[سمع وهو ابن تسع سنين، وبعد ذلك من والده، وأبي القاسم الحنائي، وأبي الحسين محمد بن مكي، وعبد الدائم بن الحسن الهلالي، وأبي بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وأبي نصر بن طلاب، وأبي الحسن بن أبي الحديد، وطاهر بن أحمد القايني، وعبد الجبار بن برزة الواعظ، وأبي القاسم بن أبي العلاء، وخلق كثير.
حدث عنه غيث الأرمنازي، وأبو بكر ابن العربي، وأبو طاهر السلفي، وابن عساكر، وأخوه الصائن، وعبد الرزاق النجار، وإسماعيل بن علي الجنزوي، وأبو طاهر الخشوعي، وآخرون.
قال ابن عساكر:
سمعت منه الكثير، وكان ثقة ثبتا متيقظا، معنيا بالحديث وجمعه، غير أنه كان عسرا في
__________
[10035] ترجمته في تذكرة الحفاظ 4/1275 العبر 4/63 وسير الأعلام 19/576 النجوم الزاهرة 5/235 وشذرات الذهب 4/73.(73/359)
التحديث، وتفقه على القاضي المروزي مدة، وكان ينظر في الوقوف، ويزكي الشهود.
قال السلفي: هو حافظ مكثر ثقة، كان تاريخ الشام، كتب الكثير] «1» .
حدث عن أبي الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الأردستاني الجوهري الواعظ بسنده إلى أوس قال:
كنا قعودا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الصفة، وهو يقص علينا ويذكرنا إذ أتاه رجل فساره، فقال: «اذهبوا، فاقتلوه» . فلما ولى الرجل دعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «هل يشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: نعم، قال: «اذهبوا، فخلوا سبيله، فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ثم تحرم علي دماؤهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»
[14344] .
وأنشد بسنده إلى أبي حكيم محمد بن إبراهيم بن السري التميمي بالكوفة:
إذا رشوة من باب دار تقحّمت على أهل بيت والأمانة فيه
سعت هربا منه وولّت كأنها حليم تولى عن جواب سفيه
ولد أبو محمد بن الأكفاني سنة أربع وأربعين وأربع مئة. وتوفي سنة أربع وعشرين وخمس مئة «2» .
[10036] هبة الله بن جعفر بن الهيثم بن القاسم أبو القاسم البغداىء المقرىء
[أحد من عني بالقراءات وتبحر فيها.
قرأ على أبيه وعلى محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وأبي ربيعة محمد بن إسحاق بن أعين، وأبي عبد الرحمن اللهبي، وأحمد بن فرح، وجماعة.
تصدر للإقراء دهرا، قرأ عليه عبد الملك بن بكران النهرواني، وعلي بن عمر الحمامي، وجماعة] «3» .
__________
[10036] ترجمته في تاريخ بغداد 14/69 وغاية النهاية 2/350 ومعرفة القراء الكبار 1/314 رقم 232.(73/360)
[قال أبو بكر الخطيب:] «1» [هبة الله بن جعفر بن الهيثم بن القاسم أبو القاسم المقرىء، حدث عن موسى بن هارون الحافظ، وأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، وأحمد بن الصلت الحماني وغيرهم. حدثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه. وكان ثقة] «2» .
حدث سنة خمسين وثلاث مئة عن موسى بن هارون بسنده إلى ابن عباس قال «3» :
كان ينبذ للنبي صلّى الله عليه وسلّم من الليل، فيشربه من الغد، ومن بعد الغد. فإذا كان المساء فإن كان في الإناء شيء أمر به فأهرق.
توفي هبة الله بن جعفر سنة خمسين وثلاث مئة [في صفر] «4» .
[10037] هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله أبو الحسين أخو المصنف الأكبر رحمهما الله تعالى
[تلا بالروايات على أبي الوحش سبيع صاحب الأهوازي. وعلى أحمد بن خلف الأندلسي.
سمع من النسيب وطبقته، ووجد له سماع من أبي الحسن بن أبي الجر وصاحب ابن السمسار.
سمع من أبي علي بن نبهان، وأبي علي ابن المهدي.
حدث عنه أخوه، وابن أخيه القاسم، وابن أخيه زين الأمناء، وأبو القاسم بن صصرى. وسيف الدولة محمد بن غسان، ومكرم بن أبي الصقر، والمفتي فخر الدين ابن عساكر وجماعة.
__________
[10037] ترجمته في وفيات الأعيان 3/311 وفوات الوفيات 4/235 والعبر 4/184 وسير الأعلام 20/495 والطبقات الكبرى للسبكي 7/324 والنجوم الزاهرة 5/380 وشذرات الذهب 4/210. في مختصر ابن منظور: ابن بدل أبو، والمثبت عن سير الأعلام.(73/361)
قرأ الأصول والنحو وتقدم وسمع الكثير ودرّس بالغزالية وحدث أيضا با «الطبقات» لابن سعد.
وعرضت عليه خطابة دمشق فامتنع، وأبى أن ينوب عن خاله القاضي أبي المعالي محمد ابن يحيى في الحكم.
كتب بخطه من العلم شيئا كثيرا] «1» .
[صار معيدا لشيخه علي بن المسلم بالمدرسة الأمينية، ثم إنه درّس بالغزالية في الجامع الأموي. وأفتى وحدث واعتنى بعلوم القرآن والنحو واللغة.
كان فاضلا كيسا، مطبوعا، عشيرا حريصا على طلب العلم، وكتبه مبذولة للطلبة والمستفيدين والغرباء] » .
حدث عن أبي طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف بسنده إلى المغيرة بن شعبة قال:
قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى تورّمت قدماه، فقيل له: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! قال: «أفلا أكون عبدا شكورا»
[14345] .
ولد هبة الله سنة ثمان وثمانين وأربع مئة. وتوفي سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
[10038] هبة الله بن عبد الله بن الحسن ابن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن الفضيل أبو الفرج الكلاعي البزار، أخو أبي القاسم
حدث عن أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال الأديب بسنده إلى أنس بن مالك قال: صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلف أبي بكر في ثوب واحد متوشحا به
[14346] .
[10039] هبة الله بن عبد الله أبو القاسم الشاوي
حدث- وقد كان ينيف على المئة- عن أبي بكر محمد بن أحمد بن سيد حمدويه «3» قال:(73/362)
أتاني قوم من العصر، فلم أضيفهم، ولم يقفوا، فسألت عنهم، فقيل لي: قد خرجوا، فندمت، وطلعت إلى البيت وأخذت ما قسم الله، وجعلته في قفة «1» ، ولحقتهم، وقد وصلوا إلى طاحونة الرياقية، فسلمت عليهم، واعتذرت إليهم، وجئت أدفع إليهم ما كان معي، فقالوا: يا أبا بكر، من يكون معه مثل هذا إيش يعمل بشيء، وأومأ بيده إلى الوادي، فنظرت، فإذا جميع ما في الوادي ذهب يتقد، فعرفت حال القوم، [وودّعتهم] «2» ، ورجعت.
[10040] هبة الله بن عبد الوارث بن علي بن أحمد ابن علي بن أحمد بن إبراهيم بن جعفر بن بوري أبو القاسم الشيرازي الحافظ [رحال، جوال، كتب بخراسان وبالحرمين، والعراق، واليمن، ومصر، والشام، والجزيرة، وفارس، والجبال.
حدث عن أبي بكر محمد بن الحسن بن الليث الشيرازي، وأحمد بن طوق الموصلي، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأقرانهم.
روى عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب، وعمر بن أحمد الصفار، وأحمد ابن ياسر المقرىء، ومحمد بن محمد القاساني، وإسماعيل بن محمد التيمي، وأبو بكر اللفتواني.
عمل تاريخا لشيراز.
قال السمعاني: كان ثقة خيرا، كثير العبادة، انتفع الطلبة بصحبته وبقراءته.
سكن في آخر أمره مرو.
قال ابن عساكر: حدث عنه الفقيه نصر المقدسي، وهبة الله بن طاووس، وأبو نصر اليونارتي.
__________
[10040] ترجمته في الكامل لابن الأثير 10/218 والعبر 3/314 وتذكرة الحفاظ 4/1215 وسير الأعلام 19/17 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 246 والبداية والنهاية 12/144 والمنتظم 16/314 وفيات سنة 485.(73/363)
قال عبد الغافر: هبة الله شيخ عفيف؛ صوفي فاضل، طاف البلاد وخطه مشهور، وكان كثير الفوائد] «1» .
حدث عن أبي زرعة أحمد بن يحيى بن جعفر الخطيب بسنده إلى أبي هريرة:
«أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يأكل الهداية، ولا يأكل الصدقة»
[14347] .
وحدث سنة أربع وثمانين وأربع مئة عن أبي بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد ابن الليث بسنده إلى أبي هريرة:
«أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الوصال «2» ، وصوم الصمت»
[14348] .
وأنشد أبو القاسم عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري لأبي الحسن علي بن عبد الغني المقرىء:
كم من أخ قد كنت أحسب شهده حتى بلوت المرّ من أخلاقه
كالملح يحسب سكّرا في لونه ويحول عند مجسّه ومذاقهورد نعي هبة الله من مرو سنة ست وثمانين وأربع مئة «3» .
[10041] هبة الله بن محمد بن بديع بن عبد الله أبو النجم الأصبهاني الوزير
حدث عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن محمد بسنده إلى معاذ بن جبل قال:
بقينا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صلاة العتمة حتى ظن الظان منا أنه قد صلى وليس بخارج، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلنا: يا رسول الله، قد ظن الظان منا أنك صلّيت، ولست بخارج، فقال: «أعتموا بهذا الصلاة، فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، ولم يصلّها أحد قبلكم»
[14349] .(73/364)
ولد سنة ست وثلاثين وأربع مئة بأصبهان، واستوزره رضوان بن تتش «1» بحلب «2» وبعده طغتكين أتابك. وقبض عليه سنة اثنتين وخمس مئة، وخنقه، واستصفى ماله.
[10042] هبة الله بن محمد بن حميد أبو عمرو الأشعري
حدث عن أبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بسنده إلى عمر.
أنه رأى رجلا محرما قد عقل راحلته، فقال: ما يحسبك؟ قال: الجمعة، قال: إن الجمعة لا تمنع من سفر، فاخرج أو اذهب.
[10043] هبة الله بن المسلم بن نصر بن أحمد أبو القاسم بن الخلال الرحبي
حدث عن أبي المرجى سعد الله بن صاعد بن المرجى- وهو خال أبيه- بسنده إلى ابن عمر أنه كان يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«أتاني جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو الإهلال»
[14350] .
وحدث عنه بسنده إلى أبي عمرو بن العلاء:
أبنيّ إن من الرجال بهيمة في صورة الرجل السميع المبصر
فطن بكل مصيبة في ماله وإذا أصيب بدينه لم يشعر
ولد سنة نيف وسبعين وأربع مئة. وتوفي سنة خمس وأربعين وخمس مئة.
[10044] هبيرة بن عبد الرحمن- يقال: ابن غنم- الشامي ويقال: هبيرة عن عبد الرحمن بن غنم وغيره
[قال أبو عبد الله البخاري] «3» :
__________
[10044] ترجمته في ميزان الاعتدال 4/293 ولسان الميزان 6/191 وفيه: تميم بدل: غنم، والتاريخ الكبير 8/240 والجرح والتعديل 9/110.(73/365)
[هبيرة بن عبد الرحمن قال: كنا إذا أكثرنا على أنس ألقى إلينا سجلا فقال: هذه أحاديث كتبتها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم عرضتها عليه. يعد في الشاميين] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[هبيرة بن عبد الرحمن الشامي،. روى عن أنس؛ وعبد الرحمن بن غنم روى عنه عتبة ابن أبي حكيم. روى أبو جعفر الرازي عن أبي عبد الله عنه. سمعت أبي يقول: أبو عبد الله هو محمد بن سعيد الأزدي] «3» .
حدث عن أبي أسماء الرحبي «4» عن ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الكذب كله إثم إلا ما نفع به مسلم، أو دفع به عن دين»
[14351] .
وحدث عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الوضوء شطر الإيمان» .
[10045] هدبة بن الخشرم بن كرز بن أبي حيّة ابن الكاهن، وهو سلمة بن الأسحم
شاعر فصيح متقدم من شعراء بادية الحجاز «5» .
هدبة: بضم الهاء وسكون الدال وفتح الباء المعجمة بواحدة «6» .
وحيّة «7» : [أوله] حاء مهملة [وبعدها] ياء مشددة معجمة باثنتين من تحتها.
__________
[10045] ترجمته في الأغاني 21/254 ومعجم الشعراء ص 483 والمؤتلف والمختلف للآمدي ص 43 و 49 والشعر والشعراء ص 434 وجمهرة أنساب العرب ص 448 والاشتقاق لابن دريد ص 547. عند ابن دريد في الاشتقاق ص 547 «ابن أبي حية الكاهن» .(73/366)
وهو الذي قتل زيادة بن زيد «1» ، وزيادة بن زيد أحد بني الحارث بن سعد إخوة عذرة. وهو القائل:
وإذا معدّ أوقدت نيرانها للمجد أغضت عامر فتقنعوا
وعامر رهط هدبة بن خشرم، وهم من بني الحارث بن سعد إخوة عذرة.
وكان «2» سعيد بن العاص كره الحكم بين هدبة وعبد الرحمن بن زيد أخي زيادة بن زيد، فحملهما إلى معاوية، فنظر في القصة، ثم ردّهما إلى سعيد بن العاص وهو والي المدينة لمعاوية. فلما صاروا بين يدي معاوية قال عبد الرحمن أخو زيادة: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي «3» ، وقتل أخي، وترويع نسوتي، فقال له معاوية: يا هدبة، قل، قال: إن هذا رجل سجّاعة «4» ، فإن شئت أن أقص عليك قصتنا كلاما أو شعرا [فعلت] قال: لا، بل شعرا، فقال هذه القصيدة ارتجالا حتى بلغ قوله:
رمينا فرامينا فصادف رمينا منايا رجال في كتاب وفي قدر
وأنت أمير المؤمنين فما لنا وراءك من معدّى «5» ولا عنك من قصر
فإن تك في أموالنا لم نضق بها ذراعا وإن صبر فنصبر للصبر
فقال له معاوية: أراك قد أقررت بقتل صاحبهم، ثم قال لعبد الرحمن: هل لزيادة ولد؟
قال: نعم، المسور، وهو غلام جفر «6» ، لم يبلغ، وأنا عمه، ووليّ دم أبيه، فقال: إنك لا تؤمن على أخذ الدية أو قتل الرجل بغير حق، والمسور أحق بدم أبيه، فردّه إلى المدينة، فحبس ثلاث سنين حتى بلغ المسور.
وفي «7» حديث: فكره معاوية قتله، وضنّ به عن القتل.(73/367)
وقيل: إن سعيدا هو الذي حكم بينهما من غير أن يحملهما إلى معاوية «1» .
وعن ابن المنكدر «2» :
أن هدبة أصاب دما فأرسل إلى أم سلمة «3» زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم أن استغفري لي، فقالت: إن قتل استغفرت له «4» .
قال ابن دريد «5» : وهو أول من أقيد بالحجاز.
ولما مضي بهدبة إلى الحرة ليقتل لقيه عبد الرحمن بن حسان، فقال: أنشدني، فقال:
أعلى هذه الحال؟ قال: نعم، فأنشده «6» :
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني ولا جازع من صرفه المتقلّب
ولا أتبغى «7» الشر والشر تاركي ولكن متى أحمل على الشرّ أركب
وحرّبني مولاي حتى غشيته «8» متى ما يحرّبك ابن عمّك تحرب
ومما وقف عليه من قسوته قوله:
ولما دخلت السجن يا أم مالك ذكرتك والأطراف في حلق سمروعند سعيد غير أن لم أبح به ذكرتك إن الأمر يعرض للأمر
فسئل عن ذلك فقال: لما رأيت ثغر سعيد، وكان سعيد حسن الثغر جدا ذكرت به ثغرها. ويقال: إنه عرض عليه»
سعيد عشر ديات فأبى «10» إلا القود، وكان ممن عرض الديات عليه الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص،(73/368)
ومروان ابن الحكم «1» ، وسائر القوم من قريش والأنصار. فلما خرج به ليقاد منه بالحرّة جعل ينشد الأشعار، فقالت له حبّى المدينة: ما رأيت أقسى قلبا منك، أتنشد الشعر وأنت يمضى بك لتقتل؟! وهذه خلفك كأنها ظبي عطشان تولول- تعني: امرأته- فوقف، ووقف الناس معه، وأقبل على حبّى فقال «2» :
فما وجدت وجدي بها أم واحد «3» ولا وجد حبّى يابن أمّ كلاب
رأته طويل الساعدين شمردلا «4» كما انتعتت من قوة وشباب «5»
فأغلقت حبّى في وجهه الباب وسبّته. ولما قدم نظر إلى امرأته فدخلته غيرة، وقد كان جدع في حربهم، فقال «6» :
فإن يك أنفي بان منه جماله فما حسبي في الصالحين بأجدعا
فلا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا أغم «7» القفا والوجه ليس بأنزعا «8»
ضروبا بلحييه «9» على عظم زوره إذا القوم همّوا بالفعال تقنّعا «10»
فسألت «11» القوم أن يمهلوه قليلا، ثم أتت جزّارا، فأخذت منه مدية، فجدعت بها أنفها ثم أتته قبل أن يقتل مجدوعة الأنف، وقالت: ما عسى أن يكون بعد هذا؟ وقيل: إنها قالت: أهذا فعل من له في الرجال حاجة؟ فقال: الآن طاب الموت، ثم أقبل على أبويه فقال «12» :(73/369)
أبلياني اليوم صبرا منكما إن حزنا منكما اليوم لشرّ «1»
ما أظن الموت إلا هيّنا «2» إن بعد الموت دار المستقرّ
اصبرا اليوم فإنّي صابر كل حي لقضاء «3» وقدر
ثم قال:
أذا العرش إني عائذ بك مؤمن مقرّ بزلاتي إليك فقير
وإني وإن قالوا أمير مسلط وحجاب أبواب لهن صرير
لأعلم أن الأمر أمرك إن تدن فربّ وإن تغفر فأنت غفور
ثم أقبل على ابن زيادة «4» فقال: أثبت قدميك وأجد الضربة، فإني أيتمتك صغيرا، وأرملت أمك شابة، وسأل فك قيوده ففكت، فذاك حيث يقول «5» :
فإن تقتلوني في الحديد فإنني قتلت أخاكم مطلقا لم يقيّد «6»
زاد في غيره:
فمدّ عنقه فضربت.
لما نزل بعبد الله بن شداد «7» الموت دعا ابنا له، يقال له محمد، فأوصاه فقال «8» : يا بني، إذا أحببت حبيبا فلا تفرط، وإذا أبغضت بغيضا فلا تشطط، فإنه كان يقال: أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما، وكن كما قال هدبة العذري «9» :(73/370)
وكن معقلا للحلم واصفح عن الخنا فإنك راء ما عملت «1» وسامع
وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت راجع
ومن شعر هدبة «2» :
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفكّ عان ويأتي أهله النائي الغريب
[10046] هذيل بن زفر بن الحارث ابن عبد عمرو الكلابي
شهد مع أبيه وقعة المرج، ونجا هاربا معه. وكان سيدا رئيسا.
قال هشام:
تبع ناس من شيعة بني أمية من باهلة وحمير زفر بن الحارث يوم مرج راهط، ومعه ابناه: الهذيل ووكيع، فقتلوا وكيعا «3» ، وعبر زفر والهذيل جسر منبج وقطعاه.
قال ربيعة بن كعب:
كنت مع عمر بن عبد العزيز وسالم بن عبد الله نسير بأرض الروم، فعارضهم الهذيل بن زفر بن الحارث، فقال عمر بن عبد العزيز لسالم بن عبد الله: هل تدري من هذا يا فلان؟ قال: لا، قال: هذا رجل طالما صبغ يده في الدماء من امرىء، فذكر صيامه وصلاته. قال سالم: إن استطاع ألا يموت فلا يمت سواء عليه صام أو لم يصم، صلى أو لم يصل.
وقال عاصم بن عبد الله بن يزيد يرثيه:
__________
[10046] جمهرة ابن حزم ص 286 وانظر ترجمة أبيه زفر في كتابنا تاريخ مدينة دمشق 19/34 رقم 2255 وكناه المصنف: أبا الهذيل وانظر بغية الطلب 8/2796 والإكمال لابن ماكولا 7/210.(73/371)
أتاني ورحلي بالرّصافة «1» موهنا وقد غار نجم والرفاق هجود
كتاب كلذع النار في متن صارم يخبّ «2» به بعد الهدوّ يزيد
فقلت له ما في كتابك فالتوى ولجلج «3» أقوالا وفيه صدود
وقلت له إني لقيت بهذه كما لقيت يوم الفصيل ثمود
فقال: احتسب صلى الإله وحزبه عليه هذيلا بان وهو حميدفقلت ولم أرجع إلى غير خالقي وعيني بمسفوح الدموع تجود
فقل للرجال الشامتين بموته فسودوا كما كان الهذيل يسود
كذبتم وبيت الله لا تعدوانه وما كان فيكم للهذيل نديد
وكيف ولم يسبق لهجر «4» ولم يقم لسورة جهل والرجال قعود
[10047] هرم بن حيان العبدي الربعي العامري ويقال: الأزدي البصري
[أحد العابدين، حدّث عن عمر.
روى عنه: الحسن البصري وغيره] «5» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «6» :
__________
[10047] ترجمته في الإصابة 3/601 و 618 والاستيعاب 3/611 (هامش الإصابة) وأسد الغابة 4/615 وتاج العروس (هرم) والتاريخ الكبير 8/243. والجرح والتعديل 9/110 وسير أعلام النبلاء 4/48 وطبقات ابن سعد 7/131 وحلية الأولياء 2/119 وطبقات خليفة ترجمة رقم 1581 والمعارف ص 435 والنجوم الزاهرة 1/132 وتاريخ خليفة (الفهارس) . كذا بالأصل هرم، وجاء في الإصابة 3/601 هرماس بن حيان العبدي وفيها 3/618 هرم بن حبان العبدي، وأشار ابن حجر إلى أنه تقدم. فيكون فيها «هرماس» تصحيف. وجاء في القاموس وتاج العروس: «حبان» بالباء الموحدة (في مادة هرم) .(73/372)
[هرم بن حيان العبدي، يعد في البصريين. روى عنه الحسن] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[هرم بن حيان الأزدي العبدي. روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، روى عنه الحسن البصري، سمعت أبي يقول ذلك] «3» .
[قال خليفة بن خياط] «4» :
[ومن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ثم من بني عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار: وهرم بن حيان، من ولد عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى ابن عبد القيس] «5» .
ولي بعض حروب العجم ببلاد فارس في خلافة عمر وعثمان. وكان أحد الزهاد الثمانية «6» ، وقدم دمشق في طلب أويس القرني. وكان هرم عاملا لعمر بن الخطاب، وكان ثقة.
وله فضل وعبادة «7» ، وكان هرم ولد أشيب منحنيا، وقد نبتت ثناياه، فلذلك سمي هرما «8» .
وعن هرم بن حيان أنه قال «9» : إياكم والعالم الفاسق، فبلغ عمر بن الخطاب، فكتب إليه، وأشفق منها: ما العالم الفاسق؟ فكتب إليه هرم: يا أمير المؤمنين، والله ما أردت به إلا الخير، يكون إمام يتكلم بالعلم، ويعمل بالفسق، ويشبّه على الناس فيضلوا.
استعمل «10» هرم بن حيان فظنّ أن قومه سيأتونه، فأمر بنار فأوقدت بينه وبين من يأتيه(73/373)
من القوم، فجاء قومه يسلمون عليه من بعيد، فقال: مرحبا بقومي، أدنوا، فقالوا: ما نستطيع أن ندنو منك، قد حالت النار بيننا وبينك، قال: فأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها، في نار جهنم، قال: فرجعوا.
وفي سنة ثمان عشرة حاصر هرم بن حيان أهل دست هر «1» ، فرأى ملكهم امرأة تأكل ولدها، فقال: الآن أصالح العرب، فصالح هرما على أن خلى لهم المدينة «2» .
وجه عثمان بن أبي العاص هرم بن حيان إلى قلعة بجرة «3» - يقال لها: قلعة الشيوخ- فافتتحها عنوة، وسبى أهلها «4» ، وصالح أهل قلعة الرهبان من كازرون سنة ست وعشرين «5» في خلافة عثمان.
وعن الحسن قال «6» : كان الرجل إذا كانت له حاجة، والإمام يخطب قام، فأمسك بأنفه، فأشار إليه الإمام أن يخرج. قال: فكان رجل قد أراد الرجوع إلى أهله فقام إلى هرم بن حيان، وهو يخطب، فأخذ بأنفه، فأشار إليه هرم أن يذهب، فخرج إلى أهله، فأقام فيهم ثم قدم، فقال له هرم: أين كنت؟ فقال: في أهلي، فقال: أبإذن ذهبت؟ قال: نعم، قمت إليك وأنت تخطب، فأخذت بأنفي، فأشرت إليّ أن أذهب، قال: فاتخذت هذا دغلا «7» - أو كلمة نحوها- قال: اللهم، أخّر رجال السوء لزمان السوء. وكان هرم يقول: اللهم، إني أعوذ بك من زمان يمرد فيه صغيرهم، ويأمل فيه كبيرهم، وتقترب فيه آجالهم.
بعث «8» عمر هرم بن حيّان على الخيل فغضب على رجل، فأمر به، فوجئت عنقه، ثم أقبل على أصحابه فقال: لا جزاكم الله خيرا، ما نصحتموني حين قلت، ولا كففتموني عن(73/374)
غضبي. والله لا ألي لكم عملا، ثم كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين، لا طاقة لي بالرعية، فابعث إلى عملك.
بات «1» هرم بن حيّان عند حممة «2» ، فبات حممة باكيا حتى أصبح، فقال له هرم: يا أخي، ما أبكاك الليلة؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تناثر الكواكب. قال: وبات حممة عند هرم ليلة فبات هرم باكيا حتى أصبح، فقال له حممة: ما أبكاك يا أخي؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور للمحشر إلى الله. وكانا إذا أصبحا غدوا، فمرا بأكوره الحدادين فنظروا إلى الحديد ينفخ عليه، فيقعان، ويبكيان، ويستجيران بالله من النار، ثم يأتيان أصحاب الرياحين، فيقفان فيسألان الله الجنة، ثم يدعوان بدعوات ثم يتفرقان.
خرج «3» هرم بن حيان وعبد الله بن عامر يريدان الحجاز، فبينما هما يسيران، ورواحلهما ترعيان [إذ عرضت لهما صليانة «4» ، فابتدر لها الناقتان، فأكلتها إحداهما] «5» .
فقال هرم لعبد الله بن عامر: أتحب أن تكون هذه الصليانة تأكلك هذه الناقة فذهبت؟ فقال ابن عامر: ما أحب ذلك، فإني لأرجو أن يدخلني الله الجنة، وإني لأرجو، وإني لأرجو، فقال هرم: والله لو علمت أني أطاع في نفسي لأحببت أن أكون هذه الصليانة فأكلتني هذه الناقة فذهبت.
قال هرم بن حيان «6» : لو قيل لي: إنك من أهل النار لم أترك العمل لئلا تلومني نفسي، تقول: ألا صنعت؟ ألا فعلت؟
كان «7» هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب أهل الإيمان إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.(73/375)
قال هرم بن حيان: ما عصى الله تعالى كريم، ولا آثر الدنيا على الآخرة حكيم.
كان «1» هرم بن حيان يخرج في شطر «2» الليل، فينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة، كيف ينام طالبها، وعجبت من النار كيف ينام هاربها أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ
[سورة الأعراف، الآية: 97] ثم يقرأ: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ [سورة التكاثر، الآية 1] وَالْعَصْرِ
[سورة العصر، الآية: 1] .
وكان يقول: لو أن مناديا ينادي من أهل السماء: أين خير أهل الأرض رجوت أن أكون أنا، ولو نادى مناد: أين شر أهل الأرض خشيت أن أكون أنا هو، ولو قيل لي: إنك من أهل الجنة ما زادني ذلك إلا اجتهادا، شكرا لربي، ولو قيل لي: إنك من أهل النار ما زادني ذلك إلا اجتهادا كيلا ألوم نفسي إن هلكت، لأني لم أهلك إلا بعد الاجتهاد.
أخذ محمود الوراق قوله: لم أر مثل الجنة نام طالبها، ولا مثل النار نام هاربها:
عجبت من هارب يخاف من النّ ار ومن نومه على هربه
والذي يطلب السبيل إلى الجنّ ة أنى ينام عن طلبه
كم من جهول قد نال بغيته ومن أديب أكدى على أدبه
ورب باك فوات حاجته وفي الفوات النجاة من عطبه
قيل «3» لهرم بن حيان: أوص، قال: أوصيكم بالآيات الأواخر من سورة النحل: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
[سورة النحل، الآية: 125] إلى قوله: وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ
[سورة النحل، الآية: 128] .
قيل «4» لهرم بن حيان لما حضره الموت: أوص قال: ما أدري ما أوصي، ولكن بيعوا درعي واقضوا عني ديني، فإن لم يف فبيعوا فرسي، فإن لم يف فبيعوا غلامي، وأوصيكم بخواتيم سورة النحل.(73/376)
قال قتادة: أوصى والله بجماع من الأمر، ومن أوصى بما أوصى فقد أبلغ.
قال الحسن «1» :
مات هرم بن حيان في يوم صائف. فلما دفن جاءت سحابة قدر قبره فرشّت، ثم انصرفت، وأنبت العشب من يومه وما جاوزت قبره شبرا.
[10048] هشام بن أحمد بن هشام بن عبد الله بن كثير أبو الوليد المقرىء، مولى بني أسد بن عبد العزى
حدث بدمشق عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن أبي سلمة بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين»
[14352] .
وحدث عن أبي جعفر محمد بن الخضر بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لو أن عبدين تحابا في الله، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب جمع بينهما يوم القيامة، يقول: هذا الذي كنت تحبه فيّ»
[14353] . توفي أبو الوليد هشام سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
[10049] هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو الوليد المخزومي
قدم دمشق، فتزوج عبد الملك بن مروان ابنته «2» ، وولاه المدينة، [وولدت لعبد الملك هشاما] «3» ، وهشام أول من أحدث دراسة القرآن في جامع دمشق في السبع «4» .
روى هشام عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:
__________
[10049] نسب قريش للمصعب ص 328 وجمهرة ابن حزم ص 148 وأنساب الأشراف 10/206 والتاريخ الكبير 8/192- 193 والجرح والتعديل 9/52.(73/377)
«لا تبادروني بالركوع»
[14354] .
وأم هشام: أمة الله بنت المطلب بن أبي البختري بن هاشم «1» بن الحارث «2» .
وكان هشام بن إسماعيل من وجوه قريش. وكان مشددا «3» في ولايته.
وكان عمر بن عبد الرحمن بن عوف لما رأى أسف عبد الملك على زينب بنت عبد الرحمن بن الحارث- وكان يريد أن يتزوجها، فتزوجها عمه يحيى بن الحكم «4» - قال له: يا أمير المؤمنين، أنا أدلك على مثلها في الجمال، وهي شريكتها في النسب، قال: من هي؟
قال: زينب «5» بنت هشام بن إسماعيل، وهو عندك حاضر، قال: فكيف لي بذلك؟ قال: أنا لك به. قال: فأنت، فذهب عمر إلى هشام بن إسماعيل، فخطب إليه ابنته على عبد الملك، فقال هشام: تريد أن آتيه أزوجه؟ ولا يكون هذا أبدا، فقال له عمر: يا هذا، إن ابن عمك صنع ما صنع بالأمس، فأنشدك بالله أن ترد فتنة بدت للشرّ بينكم وبينه، ولكن تشهد العصر معه في المقصورة، فتكون وراءه، فإذا صلى انحرف عليك فخطب، قال: نعم، فأعلم عمر عبد الملك، فراح إلى العصر في قميص معصفر «6» ، ورداء معصفر. فلما صلى العصر أقبل بوجهه على هشام بن إسماعيل، فخطب إليه ابنته، فزوجه إياها، وأصدقها أربع مئة دينار.
قوله: إن ابن عمك صنع ما صنع، يعني: المغيرة بن عبد الرحمن أخا زينب حتى تزوجها يحيى بن الحكم «7» .(73/378)
قال الأوزاعي: كان معاوية بن أبي سفيان أول من اعتذر إلى الناس في الجلوس في الخطبة الأولى في الجمعة، ولم يصنع ذلك إلا لكبر سنّه وضعفه، وكان عبد الملك بن مروان أول من رفع يديه في الجمعة، وقنت «1» فيها، وكان المصعب بن الزبير أول من أحدث التكبير الثلاث بعد المغرب والصبح، وكان هشام بن إسماعيل أول من جمع الناس في الدراسة.
قال: وقد كان عمر بن عبد العزيز يجلس في الخطبة الأولى.
لما «2» عقد عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان العهد «3» ، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان وعامله على المدينة هشام بن إسماعيل، فدعا الناس إلى البيعة لهما، فبايع الناس، وامتنع سعيد بن المسيب، وقال: حتى أنظر، فضربه هشام ستين سوطا، وطاف به في تبّان من شعر حتى بلغ به رأس الثنيّة، فلما كرّوا به قال: أين تكرون بي؟ قالوا: إلى السجن، قال: لولا أني ظننت أنه الصّلب ما لبست هذا التبّان، فردّوه إلى السجن، وحبسه، وكتب إلى عبد الملك بذلك «4» ، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به، ويقول: سعيد كان أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عند سعيد شقاق ولا خلاف.
ولما كتب عبد الملك إلى هشام بذلك قال سعيد: الله بيني وبين من ظلمني.
قال عبد الله بن يزيد الهذلي «5» :
دخلت على سعيد بن المسيب السجن، فإذا هو ذبحت له شاة، فجعل الإهاب على ظهره، ثم جعلوا له بعد ذلك قصبا «6» رطبا، وكان كلما نظر إلى عضديه قال: اللهم، انصرني من هشام.(73/379)
قال أبو الزناد: رمقت سعيد بن المسيب بعد جلد هشام بن إسماعيل إياه، فما رأيته يفوته في سجود ولا ركوع، ولا زال يصلي معه بصلاته.
وكان سعيد بن المسيب لا يقبل بوجهه على هشام بن إسماعيل إذا خطب في الجمعة، فأمر به هشام بعض أعوانه أن يعطفه عليه إذا خطب، فأهوى العون «1» يعطفه، فأبى سعيد، فأخذه حتى عطفه، فصاح سعيد: يا هشام، إنما هي أربع بعد أربع فلما انصرف هشام قال: ويحكم جنّ سعيد. فسئل سعيد: أي شيء أربع بعد أربع؟ سمعت في ذلك شيئا؟ قال: لا، قيل: فما أردت بقولك؟ قال: إن جاريتي لما أردت المسجد قالت: إني أريت كأن موسى غطّس عبد الملك في البحر ثلاث غطسات فمات في الثالثة، فأوّلت أن عبد الملك بن مروان مات، لأن موسى بعث على الجبارين بقتلهم، وعبد الملك جبار هذه الأمة. قال: فلم قلت: أربع بعد أربع؟ قال: مسافة مسير الرسول من دمشق إلىالمدينة بالخبر. فمكثوا ثمان ليال ثم جاء رسول بموت عبد الملك.
كان «2» هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن حسين وأهل بيته، يخطب بذلك على المنبر، وينال من علي. فلما ولي الوليد بن عبد الملك عزله، وأمر به أن يوقف للناس «3» ، فكان يقول: لا والله ما كان أحد من الناس أهمّ إلي من علي بن حسين، كنت أقول: رجل صالح يسمع قوله، فوقف للناس «4» ، فجمع علي بن حسين ولده وخاصته «5» ونهاهم عن التعرض له، وغدا علي بن حسين مارا لحاجة، فما عرض له، فناداه هشام بن إسماعيل اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ
«6» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «7» :(73/380)
[هشام بن إسماعيل روى عنه محمد بن إبراهيم ومحمد بن يحيى بن حبان وكان واليا بالمدينة، قال ابن عيينة عن ابن عجلان ويحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن معاوية قال النبي صلى الله عليه وسلّم: لا تبادروني بالركوع والسجود. وتابعه الحسن بن الربيع عن ابن إدريس عن ابن عجلان وقال لنا عبد الله بن صالح حدثني الليث قال: نا يحيى بن سعيد قال: سمعت هشام بن إسماعيل عن النبي صلى الله عليه وسلّم نحوه] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[هشام بن إسماعيل بن الوليد بن المغيرة المخزومي روى عن أبي الدرداء مرسلا، روى عنه محمد بن يحيى بن حبان ومحمد بن إبراهيم التيمي سمعت أبي يقول ذلك] «3» .(73/381)
الجزء الرابع والسبعون
[مستدرك تاريخ مدينة دمشق]
[تتمة المستدرك من حرف الهاء] [ذكر من اسمه هشام]
[10050] هشام بن إسماعيل بن يحيى بن سليم بن عبد الرحمن أبو عبد الملك الخزاعي العطار
[روى عن إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، وإسماعيل بن عياش، وسهل بن هاشم البيروتي، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، ومحمد بن شعيب بن شابور، ومروان بن محمد الطاطري، ومروان بن معاوية الفزاري، وهقل بن زياد، والوليد بن مزيد العذري، والوليد بن مسلم.
روى عنه: إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود، وأحمد ابن الفرات الرازي، والعباس بن الوليد بن صبح الخلال، وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وعبد السلام بن عتيق، وعلي بن عثمان النفيلي، والقاسم بن سلام، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومحمد بن خزيمة بن راشد، ومحمد بن عبد الله بن سنجر، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد القرشي] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[هشام بن إسماعيل أبو عبد الملك العطار الدمشقي] «3» .
__________
[10050] ترجمته في تهذيب الكمال 19/238 وتهذيب التهذيب 6/24 والتاريخ الكبير 8/193 والجرح والتعديل 9/52.(74/3)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[هشام بن إسماعيل العطار الدمشقي أبو عبد الملك روى عن محمد بن شعيب بن شابور، روى عنه العباس بن الوليد بن صبح الخلال الدمشقي، ومحمد بن عوف الحمصي، سمعت أبي يقول ذلك. روى عنه يزيد بن عبد الصمد الدمشقي. سألت أبي عنه، فقال:
قدمت دمشق سنة ست عشرة وهو مريض فمات من مرضه، وكان شيخا صالحا] «2» .
[قال عبد السلام بن عتيق: ما كان في بلدنا مثله كان شيخا ثقة.
قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: كان من عباد الخلق، ما رأيت بدمشق أفضل منه.
قال العجلي: شيخ كيس، ثقة، صاحب سنة، لم يكن بدمشق أفضل منه.
قال النسائي: ثقة] «3» .
حدث عن محمد بن شعيب بسنده إلى ابن عمر.
أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلى صلاة فلبّس «4» عليه. فلما انصر قال لأبيّ: «أصليت معنا؟» قال:
نعم، قال: فما منعك؟»
[14355] .
وحدث عنه بسنده إلى حكيم بن حزام قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يستقاد في المسجد، أو ينشد فيها الأشعار، أو تقام فيها الحدود.
وحدث عن سهل بن هاشم بن إبراهيم بن أدهم قال: قال عمر بن الخطاب:
لؤمّ بالرجل أن يرفع يده قبل القوم.
توفي هشام سنة سبع عشرة ومئتين «5» . وكان ثقة.(74/4)
قال ابن عمر:
ما رأيت بدمشق أفضل من هشام بن العطار.
[10051] هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر «1» ويقال: الأشعر بن لوث، أبو حزام الخزاعي القديدي
حدث هشام قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي الهيثم بن التيهان: المستشار مؤتمن.
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[هشام بن حبيش بن الأشعر حجازي سمع عمر. روى عنه ابنه حزام. وروى الماجشون عن عمير عن هشام] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر الخزاعي حجازي، والد حزام بن هشام كان ينزل قديد بأصل ثنية لفت، روى عن عمر وسراقة بن مالك، وعائشة. روى عنه ابنه حزام.
سمعت أبي يقول ذلك] «5» .
[10052] هشام بن حكيم بن حزام «6» بن أسد ابن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي
له صحبة ورواية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
__________
[10051] ترجمته في الإكمال 1/88 و 2/416 وجمهرة أنساب العرب ص 238 والجرح والتعديل 9/53 والتاريخ الكبير 8/192.
[10052] ترجمته في تهذيب الكمال 19/247 وتهذيب التهذيب 6/27 والإصابة 3/603 والاستيعاب 3/593 (هامش الإصابة) وأسد الغابة 4/622 وسير الأعلام 3/51 ونسب قريش ص 231 والتاريخ الكبير 8/191 والجرح والتعديل 9/53 وطبقات خليفة رقم 71.(74/5)
[روى عنه: جبير بن نفير، وعروة بن الزبير، وقتادة السلمي] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[هشام بن حكيم بن حزام القرشي، له صحبة، قال لنا خطاب بن عثمان حدثنا بقية عن محمد بن الوليد عن راشد بن سعد عن عبد الرحمن بن قتادة البصري عن أبيه عن هشام بن حكيم قال: قيل يا رسول الله أتبتدىء الاعمال أو قضى؟ فقال: «أخذ الله تعالى ذرية آدم من ظهره، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه، ثم قال: هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ميسرون لذلك» ] «3»
[14356] .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، القرشي، شامي، له صحبة، روى عنه عروة بن الزبير، وقتادة البصري حديث الزبيدي في القدر. سمعت أبي يقول ذلك. روى عنه جبير بن نفير] «5» .
[قال ابن البرقي: أمه بنت عامر بن ضبيعة من بني محارب بن فهر، وكان بالشام يأمر بالمعروف، ولد ثمانية: عمر، وعبد الملك، وأمة الملك، وسعيد، وخالد، والمغيرة، وفليح، وزينب، له حديثان.
ذكره محمد بن سعد في الكبير في الطبقة الرابعة فيمن أسلم يوم فتح مكة، وكان رجلا صليبا مهيبا] «6» .
رأى هشام بن حكيم ناسا من أهل الذمة قياما في الشمس، فقال: ما هؤلاء؟ فقالوا:
من أهل الجزية. فدخل على عمير بن سعد- وكان على طائفة من الشام- فقال هشام:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:(74/6)
«من عذب الناس في الدنيا عذبه الله»
[14357] . فقال عمير: خلّوا عنهم.
وفي حديث آخر: أنه مر بناس من أهل الذمة قد أقيموا في الشمس بالشام، فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: بقي عليهم شيء من الخراج، فقال: إني أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«إن الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا ... الحديث»
[14358] .
وعن عياض بن غنم- وهو الذي فتح الجزيرة. فلما فتح دارا دعا عظيمها فضربه بالسوط حتى مات، فقال له هشام بن حكيم: أما سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم [قال] :
«إن أشد الناس عذابا يوم القيامة أشد الناس عذابا للناس في الدنيا» ، وأنت تضرب هذا الرجل؟! كان هشام بن حكيم له فضل «1» ، وكان ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، [وليس لأحد عليه إمرة] «2» .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أنكر الشيء قال: لا يكون هذا عما عشت أنا وهشام بن حكيم «3» .
ومات هشام قبل أبيه «4» .
وكان «5» هشام بن حكيم كالسائح ما يتخذ أهلا ولا ولدا. ودخل هشام بن حكيم على العامل بالشام يريد الوالي أن يعمل به، فيتواجده «6» ، ويقول له: لأكتبن إلى أمير المؤمنين بهذا، فيقوم إليه العامل فيتشبث به، ويلزمه، ويترضاه «7» .
كان «8» هشام ومن معه بالشام يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وكانوا يمشون في الأرض بالإصلاح والنصيحة، يحتسبون.(74/7)
[قال أبو نعيم الحافظ: استشهد بأجنادين «1» من أرض الشام] «2» .
[قال ابن سعد: توفي في أول خلافة معاوية] «3» .
[10053] هشام بن خالد بن يزيد- ويقال: زيد- أبو مروان الأزرق السلامي
ويقال: مولى بني أمية، ودعوته في الأزد.
[روى عن أيوب بن سويد الرملي، وبقية بن الوليد، والحسن بن يحيى الخشني، وخالد بن يزيد بن أبي مالك، وزيد بن أبي الزرقاء، وزيد بن يحيى بن عبيد، وسويد بن عبد العزيز، وشعيب بن إسحاق، وضمرة بن ربيعة، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعبد الأعلى بن مسهر، وعتبة بن حماد الحكمي، وعقبة بن علقمة البيروتي، ومبشر بن إسماعيل الحلبي، ومحمد بن شعيب بن شابور، ومروان بن محمد الطاطري، ومروان بن معاوية الفزاري، والوليد بن مسلم.
روى عنه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد بن أنس بن مالك، وأحمد بن الحسين بن طلاب، وأحمد بن المعلى بن يزيد، وأحمد بن نصر بن شاكر، وإسحاق بن إبراهيم البستي، وإسحاق بن أبي عمران الأسفراييني، وبقي بن مخلد، وجعفر بن أحمد الوزان، وزكريا بن يحيى السجزي، وأبو زرعة الرازي، وعثمان بن خرزاذ، والفضل بن محمد الأنطاكي، ومحمد بن إبراهيم الطرسوسي، ومحمد بن أحمد بن فياض، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، ومحمد بن العباس بن الدرفس، ومحمد بن الفيض الغساني، ومعاوية بن صالح الأشعري، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، ويعقوب بن سفيان الفارسي] «4» .
__________
[10053] ترجمته في تهذيب الكمال 19/249 وتهذيب التهذيب 6/28. والجرح والتعديل 9/57.(74/8)
حدث عن الوليد بسنده إلى أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. قال الله عز وجل: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي
[سورة طه، الآية: 14] .
ولد هشام بن خالد سنة ثلاث وخمسين ومئة. وكان صدوقا. وكان يحرك الزبل في حمام ابن قنان بأربعة دوانيق كل يوم، ويمرّ ويشتري به ورقا، ويكتب الحديث.
وتوفي هشام سنة تسع وأربعين ومئتين «1» .
[10054] هشام بن الدرفس الغساني
قال أبو مسهر: حدثني هشام بن الدرفس قال:
كان على خاتم جدك أبي ذرامة: أبرمت، فقم، فكان إذا استثقل إنسانا ناوله الخاتم.
[10055] هشام بن سليمان الداراني
قال هشام «2» : قرىء «3» على أبي سليمان الداراني: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ
[سورة الدهر، الآية: 1] فلما بلغ عليه: وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً
[سورة الدهر، الآية: 12] قال: بما صبروا على ترك الشهوات في دار الدنيا، وأنشد الشيخ «4» :
كم قتيل لشهوة وأسير أفّ من مشته «5» خلاف الجميل
شهوات الإنسان تورثه الذّ لّ وتلقيه في البلاء الطويل(74/9)
[10056] هشام بن زياد وهو هشام ابن أبي هشام- أبو المقدام البصري أخو الوليد ابن أبي هشام، مولى لال عثمان بن عفان
[روى عن الحسن البصري، وذكوان أبي صالح السمان، وزياد أبيه، وأبي الزناد، وعمار بن سعد القرظ، وعمر بن عبد العزيز، وعمرو بن دينار، ومحمد بن كعب القرظي، وموسى بن أنس بن مالك، وهشام بن عروة.
روى عنه إبراهيم بن محمد الثقفي، وآدم بن أبي إياس، وإسماعيل بن صبيح، وبشر بن إبراهيم الأنصاري، وحاتم أبو عبيدة البصري، والحسن بن الربيع البجلي، وحوثرة بن أشرس، وداود بن إبراهيم العقيلي، وعباد بن عباد المهلبي، وداود بن المحبر، وزيد بن الحباب، وعبد الله بن المبارك، وعبد الكريم بن روح البصري. وعثمان بن الهيثم المؤذن، ومسلم بن إبراهيم، والنضر بن شميل] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[هشام بن زياد وهو هشام بن أبي هشام مولى آل عثمان بن عفان القرشي، وهو أبو المقدام، ضعيف، عن أبيه، وأمه، روى عنه إبراهيم بن محمد الثقفي، ووكيع، والوليد] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[هشام بن زياد أبو المقدام وهو هشام بن أبي هشام مولى آل عثمان بن عفان رضي الله عنه. نا العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: هشام أبوالمقدام ليس بثقة. قال أحمد بن حنبل ضعيف الحديث. سألت أبي عن أبي المقدام هشام بن زياد، فقال: ليس بالقوي، ضعيف الحديث. عنده عن الحسن أحاديث منكرة وهو منكر الحديث.
__________
[10056] ترجمته في تهذيب الكمال 19/251 وتهذيب التهذيب 6/28 والجرح والتعديل 9/58 والتاريخ الكبير 8/199.(74/10)
سئل أبو زرعة عن هشام بن زياد أبي المقدام، فقال: ضعيف الحديث] «1» .
حدث عن أبيه بسنده إلى عبد الله بن سلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«اللهم بارك لأمتي في بكورها»
[14359] .
قال محمد بن كعب القرظي «2» :
شهدت عمر بن عبد العزيز وهو علينا عامل بالمدينة، وهو غليظ ممتلىء الجسم. فلما استخلف وقاسى من الهم والعناء ما قاسى تغيرت حاله، فجعلت أنظر إليه، لا أكاد أصرف بصري عنه، فقال لي: يا بن كعب، إنك تنظر إلي نظرا ما كنت تنظر إلي قبل؟! قال: لما حال من لونك، ونفى «3» من شعرك، ونحل من جسمك، فقال: كيف لو رأيتني بعد ثالثة في قبري حين تسيل حدقتاي على وجنتي، ويسيل منخراي صديدا ودودا؟ كنت أشدّ لي نكرة، أعد علي حديثا حدثتنيه عن ابن عباس، قال: حدثني ابن عباس ورفع ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل القبلة، وإنما تجالسون بالأمانة، ولا تصلّوا خلف النائم، ولا المحدث «4» ، واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم، ولا تستروا الجدر بالثياب، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذن فكأنه ينظر في النار. ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق مما في يده. ألا أنبئكم بشراركم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده» . قال: «أفلا أنبئكم بأشرّ من هذا؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من يبغض الناس ويبغضونه، أفلا أنبئكم بأشرّ من هذا؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من لا يقيل العثرة، ولا يقبل المعذرة، ولا يغفر ذنبا. إن عيسى عليه السّلام قام في قومه فقال: يا بني إسرائيل، لا تكلّموا بالحكمة عند الجهال، فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، ولا تظلموا «5» ظالما، ولا تكافئوا ظالما بظلمه(74/11)
فيبطل فضلكم عند ربكم. يا بني إسرائيل، الامور ثلاثة: أمر بيّن رشده فاتبعوه، وأمر بيّن غيّه فاجتنبوه، وأمر اختلف فيه فكلوه «1» إلى عالمه»
[14360] .
قال هشام بن زياد:
رأيت عمر بن عبد العزيز يستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، ثم يستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم.
وحدث هشام قال «2» :
رأيت سعيد بن المسيب يصلي في نعليه.
ضعف هشاما قوم.
[10057] هشام بن العاص بن وائل بن هاشم «3» ابن سعيد «4» بن سهم بن عمرو بن هصيص أبو مطيع
كان يكنى أبا العاص فكناه النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا مطيع «5» . أخو عمرو بن العاص، وهو أصغر من عمرو. صحب سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وشهد له بالإيمان، وخرج إلى الشام مجاهدا، فقتل يوم أجنادين. وقيل: يوم اليرموك «6» . وقد كان دخل دمشق رسولا من أبي بكر الصديق إلى ملك الروم.
__________
[10057] ترجمته في الإصابة 3/604 وسير الأعلام 3/77 وأسد الغابة 4/625 والجرح والتعديل 9/63 والمحبر ص 433 وطبقات خليفة رقم 148 وطبقات ابن سعد 4/191 ونسب قريش ص 409 وجمهرة ابن حزم ص 163 والإكمال 4/304 والاستيعاب 3/593 (هامش الإصابة) .(74/12)
قال هشام بن العاص «1» : بعثت أنا ورجل من قريش «2» إلى هرقل صاحب الروم، ندعوه إلى الإسلام، فقدمنا الغوطة- يعني: دمشق- ونزلنا على جبلة بن الأيهم الغساني، فإذا هو على سرير له، فأرسل إلينا برسول نكلمه، فقلنا: لا نكلم رسولا، إنما بعثنا إلى الملك، فإن أذن لنا كلمناه، وإلا لم نكلم الرسول، فأخبره الرسول بذلك، فأذن لنا، فكلمه هشام ودعاه إلى الإسلام، وعليه ثياب سواد «3» ، فقال له هشام: وما هذه التي عليك؟ قال: لبستها، وحلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام، قلنا: ومجلسك هذا، فو الله لنأخذنه منك، ولنأخذن ملك الملك الأعظم إن شاء الله. أخبرنا بذلك نبينا صلّى الله عليه وسلّم. قال: لستم بهم، بل هم قوم يصومون بالنهار، ويفطرون بالليل، فكيف صومكم؟ فأخبرناه، فملأ وجهه سوادا، فقال: قوموا، وبعث معنا رسولا إلى الملك.
[فخرجنا] «4» . فلما كنا قريبا من المدينة قال لنا الذي معنا: إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك، فإن شئتم حملناكم على براذين «5» وبغال، قلنا: لا والله لا ندخل إلا عليها، فأرسلوا إلى الملك: إنهم يأبون «6» ، فدخلنا على رواحلنا «7» متقلدين سيوفنا حتى انتهينا إلى غرفة له، فأنخنا في أصلها، وهو ينظر إلينا، فقلنا: لا إله إلا الله والله أكبر، والله يعلم لقد تنقّضت «8» الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفّقه الرياح، وهو على فراش، وعنده بطارقته من الروم، وكل شيء في مجلسه أحمر، وما حوله حمرة، وعليه ثياب من الحمرة، فدنوا(74/13)
منه «1» ، فضحك، وقال: ما كان عليكم لو حييتموني بتحيتكم فيما بينكم، وعنده رجل فصيح بالعربية كثير الكلام، فقلنا له: إن تحيتنا فيما بيننا لا تحل لك، وتحيتك التي تحيا بها لا يحل لنا أن نحيّيك بها. قال: كيف تحيتكم فيما بينكم؟ فقلنا: السلام عليك، قال: فكيف تحيون ملككم؟ قلنا: بها، قال: وكيف يرد عليكم؟ قلنا: بها، قال: فما أعظم كلامكم؟ قلنا: لا إله إلا الله والله أكبر. فلما تكلمنا بها قال: والله يعلم لقد تنقّضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها.
قال: فهذه الكلمة التي قلتموها، حيث تنقّضت الغرفة كلما قلتموها في بيوتكم تنقض بيوتكم عليكم؟ قلنا: لا، ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك، قال: لوددت أنكم كلما قلتم ينقض كل شيء عليكم، وأني خرجت من نصف ملكي، قلنا: لم؟ قال: لأنه كان أيسر لشأنها، و [أجدر] «2» ألا يكون من أمر النبوة، وأن يكون من خبل «3» الناس. ثم سألنا عما أراد، فأخبرناه، ثم قال: كيف صلاتكم وصومكم؟ فأخبرناه، فقال: قوموا، فقمنا، فأنزلنا بمنزل حسن، ونزل كبير، فأقمنا ثلاثا. فأرسل إلينا ليلا، فدخلنا عليه، فاستعاد قولنا، فأعدناه، ثم دعا بشيء كهيئة الربعة «4» العظيمة مذهّبة، فيها بيوت صغار، عليها أبواب، ففتح بيتا وقفلا، فاستخرج حريرة «5» سوداء، فنشرها، وإذا فيها صورة حمراء «6» ، وإذا فيها رجل ضخم العينين، عظيم الأليتين، لم أر مثل طول عنقه، وليست له لحية، وله ضفيرتان أحسن ما خلق الله، قال: تعرفون هذا؟
قلنا: لا، قال: هذا آدم عليه السلام وإذا هو أكثر الناس شعرا.
ثم فتح لنا بابا آخر، فاستخرج منه حريرة حمراء «7» ، وفيها «8» صورة بيضاء، وإذا له شعر كشعر القطط، أحمر العينين، ضخم الهامة، حسن اللحية، فقال: هل تعرفون هذا؟
قلنا: لا، قال: هذا نوح.(74/14)
ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء، فيها رجل شديد البياض، حسن العينين، صلب الجبين «1» ، طويل الخد، أبيض اللحية، كأنه يبتسم، قال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا إبراهيم.
ثم فتح بابا آخر، فإذا صورة بيضاء، وإذا والله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أتعرفون هذا؟ قلنا:
نعم، هذا محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبكينا، قال- والله يعلم إنه قام قائما ثم جلس، ثم قال-:
والله إنه لهو، قلنا: نعم لهو، كما ننظر إليه، فأمسك ساعة ينظر إليها ثم قال: أما إنه آخر البيوت، ولكني عجلته لكم، لأنظر ما عندكم.
ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء، وإذا فيها صورة أدماء سحماء «2» ، وإذا رجل جعد، قطط، غائر العينين، حديد النظر، عابس، متراكب الأسنان، مقلص الشفة، كأنه غضبان، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا موسى، وإلى جنبه صورة تشبهه، إلا أنه مدهان «3» الرأس، عريض الجبين، في عينيه «4» قبل «5» ، فقال: هل تعرفون هذا، قلنا: لا، قال: هذا هارون بن عمران.
ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء «6» ، فإذا فيها صورة رجل آدم، نشيط «7» ، ربعة، كأنه غضبان، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا لوط.
ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة رجل أبيض، مشرب حمرة، أقنى «8» ، خفيف العارضين، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا إسحاق. ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء، فيها صورة تشبه إسحاق إلا أنه على شفته(74/15)
السفلى خال، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا يعقوب.
ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء، فيها صورة رجل أبيض، حسن الوجه، أقنى الأنف «1» ، حسن الهامة، يعلو وجهه نور، يعرف في وجهه الخشوع، يضرب إلى الحمرة، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: هذا إسماعيل جد نبيكم صلّى الله عليه وسلّم.
ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء، فيها صورة كأنها صورة آدم، كأن الشمس وجهه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا يوسف.
ثم فتح بابا آخر، فاستخرج حريرة بيضاء، فيها صورة رجل أحمر، أخفش «2» العينين، حمش «3» الساقين، ضخم البطن، ربعة «4» ، متلقد سيفا، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا داود. ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء، فيها صورة رجل ضخم الأليتين، طويل الرجلين، راكب فرسا، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا سليمان بن داود.
ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، فإذا رجل شاب، شديد سواد اللحية، كثير الشعر، حسن العينين، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا [عيسى] «5» ابن مريم.
قلنا: من أين لك «6» هذه الصور، لأنا نعلم أنها على ما صوّرت عليه الأنبياء، لأنا رأينا صورة نبيّنا مثله؟ فقال: إن آدم سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده، فأنزل عليه صورهم.
وكانت «7» في خزانة آدم عند مغرب الشمس، فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس،(74/16)
فدفعها إلى دانيال، ثم قال لنا: والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي، وأني «1» كنت عبدا- لا يسرّهم ملكه- حتى أموت.
ثم أجازنا، فأحسن جائزتنا، وسرّحنا، فلما أتينا أبا بكر الصديق، حدثناه بما رأينا، وما قال لنا، وما أجازنا، فبكى أبو بكر وقال: مسكين، لو أراد الله به خيرا لفعل. ثم قال: أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنهم واليهود يجدون نعت محمد صلّى الله عليه وسلّم عندهم.
وأم هشام بن العاص أم حرملة «2» بنت هشام بن المغيرة، وكان قديم الإسلام بمكة.
وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية وقدم مكة حين بلغه مهاجر النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة يريد اللحاق به، فحبسه أبوه وقومه بمكة حتى قدم بعد الخندق على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة «3» ، فشهد ما بعد ذلك من المشاهد. وقتل في اليرموك سنة خمس عشرة. وقيل: سنة ثلاث عشرة «4» .
وسعيد بضم السين، وفتح العين: سعيد بن سهم «5» ، وسهم بن عمرو بن هصيص هو جد السهميين، من ولده عمرو بن العاص، وأخوه هشام.
قال عمر بن الخطاب «6» :
لما اجتمعنا للهجرة اتعدت وأنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص، وقلنا: الميعاد بيننا التناضب «7» من أضاءة بني غفار «8» ، فمن أصبح منكم لم يأتها فقد حبس، فليمض صاحباه، فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس هشام، وفتن فافتتن. وقدمنا المدينة، فكنا نقول: ما الله بقابل من هؤلاء توبة، قوم قد عرفوا الله وآمنوا به [وصدقوا] «9»(74/17)
برسوله، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا، وكانوا يقولونه لأنفسهم، فأنزل الله عز وجل فيهم: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إلى قوله مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ
[سورة الزمر، الآية: 53 إلى 60] .
قال عمر: فكتبتها بيدي كتابا ثم بعثت بها إلى هشام. قال هشام بن العاص: فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى «1» ، فجعلت أصعد فيها وأصوب لأفهمها «2» ، فقلت:
اللهم، فهّمنيها، فعرفت أنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري، فلحقت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم [وهو بالمدينة] «3» .
وقتل هشام بأجنادين في ولاية أبي بكر رضي الله عنه.
كان العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مئة بدنة «4» ، وإن هشام بن العاص نحر حصته خمسين بدنة. وإن عمروا سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك فقال: أما أبوك- وكان أقر بالتوحيد- فقمت وتصدقت عنه. نفعه ذلك.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«ابنا العاص مؤمنان: هشام وعمرو» «5»
[14361] .
قال سعيد بن عمرو الهذلي:
قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان، فبث السرايا في كل وجه، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام، فخرج هشام بن العاص في مئتين قبل يلملم «6» .
وعن علي بن رباح قال:(74/18)
أقبلت الروم يوم دالي في جمع كبير من الروم ونصارى العرب، عليهم نياق البطريق، فقال بعض القوم لبعض: إنه قد حضركم جمع عظيم، فإن رأيتم أن تناجزوا إلى نواظر الشام، إلى بيرين «1» وقدس «2» ، وتكتبوا إلى أبي بكر فيمدكم، فقال هشام بن العاص إن كنتم تعلمون أنما النصر من عند العزيز الحكيم، فقاتلوا، وإنكنتم تنتظرون نصرا من عند أبي بكر ركبت راحلتي حتى ألحق به، فقال بعض القوم: ما ترك لكم هشام بن العاص مقالا، فقاتلوا، فقتل من المسلمين بشر كثير، وقتل هشام بن العاص، وهزم الله الروم، وقتل نياق البطريق، فمرّ رجل بهشام بن العاص وهو قتيل، فقال: رحمك الله، هذا الذي كنت تبتغي.
قال «3» هشام بن العاص يوم أجنادين: يا معشر المسلمين، إنّ هؤلاء القلعاء «4» لا صبر لهم على السيف، فاصنعوا كما أصنع، فجعل يدخل وسطهم فيقتل النفر منهم حتى قتل. ورأى «5» من المسلمين بعض النكوص عن العدو، فألقى المغفر عن وجهه وجعل يتقدم في نحر العدو وهو يصيح: يا معشر المسلمين، إلي إلي، أنا هشام بن العاص، أمن الجنة تفرّون؟ حتى قتل.
ولما «6» انهزمت الروم يوم أجنادين انتهوا إلى موضع لا يعبره إلا إنسان إنسان، فجعلت الروم تقاتل عليه، وقد تقدموه، وعبروه، فتقدم هشام بن العاص، فقاتلهم عليه حتى قتل، ووقع على تلك الثلمة فسدّها. فلما انتهى المسلمون إليها هابوا أن يوطئوه الخيل، فقال عمرو ابن العاص: أيها الناس، إن الله قد استشهده، ورفع روحه، وإنما هو جثة، فأوطئوه الخيل، ثم أوطأه هو تبعه الناس حتى قطعوه، فلما انتهت الهزيمة، ورجع المسلمون إلى(74/19)
العسكر كر عمرو بن العاص، فجمع لحمه وأعضاءه وعظامه، وحمله في نطع «1» فواراه.
ولما بلغ عمر بن الخطاب قتله قال: رحمه الله، فنعم العون كان للإسلام.
قال أبو الجهم بن حذيفة العدوي:
انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي ومعي شنّة «2» من ماء، فقلت: إن كان به رماق «3» سقيته من الماء ومسحت به وجهه، فإذا أنا به ينشغ «4» ، فقلت: أسقيك؟ فأشار أن نعم، فإذا رجل يقول: آه، فأشار ابن عمي أن انطلق إليه، فإذا هو هشام بن العاص، فأتيته فقلت:
أسقيك؟ قال: نعم، فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلق إليه، فجئته فإذا هو قد مات، ثم رجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، ثم أتيت ابن عمي فإذا هو قد مات.
قال عمرو بن شعيب:
علق عمرو يوم اليرموك سبعين سيفا بعمود فسطاطه قتلوا من بني سهم.
دخل «5» عمرو إلى الطواف، فتكلم فيه نفر من قريش، فقال لهم: ما قلتم؟ قالوا: تكلمنا فيك وفي أخيك هشام: أيكما أفضل، فقال: أفرغ من طوافي وأخبركم. فلما انصرف من طوافه قال: أخبركم عني وعنه: بيننا خصال ثلاث: أمه بنت هشام «6» بن المغيرة، وأمي أمي «7» ، وكان أحبّ إلى أبيه مني، وفراسة الوالد في ولده فراسته، واستبقنا إلى الله فسبقني.
وفي رواية:
فبات وبت يسأل الله، وأسأله إياها، فلما أصبحنا رزقها وحرمتها، ففي ذلك يبين لكم فضله علي.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «8» :(74/20)
[هشام بن العاص أخو عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم وأمه أم حرملة بنت هشام بن المغيرة من بني مخزوم، أسلم بمكة قديما وهاجر إلى الحبشة ثم قدم مكة حين بلغه مهاجر النبي صلّى الله عليه وسلّم فحبسه أبوه وقومه بمكة حتى قدم بعد الخندق المدينة ثم خرج في تلك البعوث إلى الشام فقتل باليرموك في رجب سنة خمس عشرة وكان أصغر سنا من عمرو أخيه] «1» .
[قال ابن عيينة، قالوا لعمرو بن العاص: أنت خير أم أخوك هشام؟ قال: أخبركم عني وعنه، عرضنا أنفسنا على الله، فقبله وتركني. قال سفيان: قتل يوم اليرموك أو غيره شهيدا] «2» .
[10058] هشام بن عبد الله الكناني
روى عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عن جبريل عن ربه عز وجل قال «3» :
«من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة «4» ، ما ترددت عن شيء أنا فاعله ما ترددت في قبض نفس مؤمن يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه. ومن عبادي المؤمنين من يريد بابا من العبادة فأكفه عنها، لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك. وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتنفّل حتى أحبه، ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا، دعاني فأجبته، وسألني، فأعطيته، ونصح لي فنصحت له. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، وإن «5» بسطت يده أفسده ذلك. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا السقم، ولو أصححته لأفسده ذلك. إني أدبّر عبادي [بعلمي] «6» بقلوبهم، إنّي عليم خبير»
[14362] .(74/21)
[10059] هشام بن عبد الله بن هشام أبو الوليد الخولاني قاضي داريا حدث عن أبي علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك بسنده إلى أبي قتادة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه. ولا يتنفسن في الإناء»
[14363] .
[10060] هشام بن عبيد الله- ويقال: ابن عبد الله- ابن سلمى، أبو الوليد الكلبي- ويقال: الكلابي-[الدمشقي] «1»
حدث عن أبي خليد عتبة بن حماد بسنده إلى عائشة قالت:
لم أر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم شيئا من السنة أكثر من صيامه في شعبان. كان يصومه كله.
وحدث عنه بسنده إلى أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«إذا بال أحدكم فلا يستقبل القبلة بفرجه، ولا يستدبرها» .
قال أبو أيوب الأنصاري: فأتينا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت على القبلة، ونحن ننحرف ونستغفر الله.
[10061] هشام بن عبد الملك بن مروان ابن الحكم أبو الوليد الأموي
بويع له بالخلافة بعد أخيه يزيد بن عبد الملك بعهد منه «2» . وداره بدمشق الدار المعروفة بالقبابين «3» عند باب الخواصين التي بعضها اليوم مدرسة الملك العادل نور الدين «4» رحمه الله تعالى.
__________
[10061] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) ، والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) ومروح الذهب (الفهارس) وتاريخ خليفة بن خياط (الفهارس) ، وسير الأعلام 5/351 وفوات الوفيات 4/238 وتاريخ الخلفاء ص 296 وتاريخ الإسلام (حوادث سنة 121- 140) ص 282 وأنساب الأشراف 8/367 وما بعدها. والجزء التاسع من أوله إلى ص 143.(74/22)
قال الزهري:
قال لي هشام: أبلغك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر مناديا فينادي: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة؟ قال: قلت: نعم. وذلك قبل أن تنزل الفرائض
[14364] .
كان يزيد بن عبد الملك استخلف هشام بن عبد الملك وجعل «1» ابنه الوليد بن يزيد ولي عهده، وأخذ على هشام العهد ألّا يغيره عن ولاية عهده «2» . وعلى هشام بن عبد الملك خرج زيد بن علي بالكوفة، وهشام هو الرابع- من ولد عبد الملك بن مروان لصلبه الذين كانوا خلفاء «3» . وكان هشام يجمع المال، ويوصف بالحزم ويبخّل «4» ، وهشام الذي حفر الهني «5» وعمله، وكان قد اتخذ طرازا، له قدر، واستكثر منه حتى كان يحمل ما أثر فيه من طرازه على تسع مئة جمل، وحمله على ذلك أن عمر بن عبد العزيز لما أتي بثياب سليمان بن عبد الملك ومتاعه لم يعرض له قطع من الثياب وأثر فيه، فرأى هشام أنه إمام عدل، وأن من «6» يأتي من أهل العدل يقتدى به، فجعل يتخذ المتاع للجند، ويؤثر فيه، ويلبسه ثم يدخره لولده، وكان يستجيده ويثمن فيه.
وأم هشام بن عبد الملك فاطمة «7» بنت هشام بن إسماعيل المخزومي. واستخلف هشام سنة خمس ومئة. وأتته الخلافة وهو بالزيتونة «8» في منزله، فجاءه البريد بالعصا والخاتم، وسلّم عليه بالخلافة «9» ، فركب من الرصافة إلى دمشق وهو ابن أربع وثلاثين سنة.
ومات بالرصافة سنة خمس وعشرين ومئة، وهو ابن أربع وخمسين سنة، وكانت ولايته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وعشر ليال «10» .(74/23)
وكان هشام جميلا، أبيض، مسمنا، أحول، يخضب بالسواد «1» .
كان «2» عبد الملك رأى في منامه أنه بال في المحراب أربع مرات، فدسّ من يسأل سعيد بن المسيب عنها- وكان سعيد يعبر الرؤيا، وعظمت على عبد الملك- فقال سعيد:
يملك من ولده لصلبه أربعة، فكان هشام آخرهم. ولهشام يقول الوليد بن يزيد «3» :
هلك الأحول المشوم فقد أرسل المطر
قال محمد بن النحاس «4» :
كان لا يدخل بيت مال هشام مال حتى يشهد أربعون قسامة، لقد أخذ من حقه، ولقد أعطى كل ذي حق حقه.
شتم «5» هشام بن عبد الملك رجلا من أشراف الناس يوما وهو مغضب، فوبخه الرجل، فقال له: أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة الله «6» في الأرض؟ فاستحيا منه، فقال له: اقتصّ مني، قال: إذا أنا سفيه مثلك، قال: فخذ من ذلك عوضا من المال، قال: ما كنت لأفعل، قال: فهبها لله، قال: هي لله، ثم هي لك، قال: فنكس هشام رأسه، وقال: والله لا أعود أبدا إلى مثلها.
قال سحبل بن محمد «7» :
ما رأيت أحدا من الخلفاء أكره إليه الدماء، ولا أشد عليه من هشام بن عبد الملك. ولقد دخله من مقتل زيد بن علي ويحيى بن زيد أمر شديد، وقال: وددت أني كنت(74/24)
افتديتهما «1» . ولقد ثقل عليه خروج زيد بن علي، فما كان شيء حتى أتي برأسه، وصلب بدنه بالكوفة. وولي ذلك يوسف بن عمر في خلافة هشام.
ولما ظهر ولد العباس عمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس إلى هشام بن عبد الملك فأمر به، فأخرج من قبره، وصلبه «2» ، وقال: هذا بما فعل يزيد بن علي، [وقيل:
أحرقه] «3» .
قعد «4» هشام بن عبد الملك يوما قريبا من حائط له، فيه زيتون، ومعه عثمان بن حيان المري، وهو يكلمه، إذ سمع هشام نفض الزيتون، فقال هشام لرجل: انطلق إليهم، فقال لهم: التقطوه لقطا، ولا تنفضوه نفضا «5» ، فتفقا عيونه، وتكسر غصونه.
وكان «6» هشام بن عبد الملك يقول: ثلاث لا يضعن الشريف: تعاهد الصنيعة، وإصلاح المعيشة، وطلب الحق وإن قل.
قال خالد بن صفوان «7» :
قدمت على هشام بن عبد الملك، فوجدته في بركة ماء، وفي البركة كراسي عليها أصحابه جلوس، عليهم المناديل، فأمر بثيابي فنزعت، وأعطيت منديلا، فجلست على كرسي، فقال لي: يا خالد ربّ خالد قد جلس مجلسك هو أشهى إلي حديثا، وأحب إلي قربا منك، فعلمت أنه يريد خالدا القسري، فقلت: ما يمنعك من إعادته يا أمير المؤمنين؟ قال:
إنه أدلّ فأملّ، وأوجف فأعجف «8» ، ولم يدع لذي رجعة مرجعا، ولا إلى عودة مطمعا. ألا أخبرك عنه يا خالد؟ ما سألني حاجة قط حتى أكون أنا الذي أعرضها عليه، قال: قلت: ذاك(74/25)
أحرى أن تعيده يا أمير المؤمنين، قال: كلا «1» :
إذا انصرفت نفسي عن الشي لم تكد إليه بوجه آخر الدهر تقبل
ثم قلت: يا أمير المؤمنين، زدني في عطائي خمسة دنانير، قال: ولم يا خالد؟ أحديث عبادة؟ أم فتحت لأمير المؤمنين فتحا؟ قلت: لا، قال: إذا تكثر السؤال، ولا يستطيع ذلك بيت المال، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن ابن أبي جمعة «2» يقول:
[إذا «3» المال لم يوجب عليك عطاءه حقيقة تقوى أو خليل تخالقه] «4»
منعت وبعض المنع حزم وقوة ولم يفتلتك «5» المال إلّا حقائقه
فقال: هو ذاك. فقيل لخالد: لم زيّنت له البخل؟ قال: ليقع المنع، فتكثر اللوّام. قال هشام «6» : ما بقي علي شيء من لذات الدنيا إلا وقد نلته، وما أتمنى إلا شيئا واحدا: أخ أرفع مؤنة التحفظ فيما بيني وبينه «7» .
خرجت «8» جارية لهشام بن عبد الملك، وعليها درع من لؤلؤ، فتحرش بها الأبرش الكلبي. قال «9» : أتهبين لي هذا الدرع؟ فقالت: لأنت أطمع من أشعب «10» ، فقال هشام:
وما «11» أشعب؟ فجعلت تذكر له طرائف من طرائفه، فقال للكاتب: اكتب إلى المدينة: يرفع أشعب إلينا، فإن فيه ملهى، فكتب الكتاب، فلما قرأه هشام شقّه، فقال الأبرش: مالك يا أمير(74/26)
المؤمنين؟ قال: استحييت أن يرد كتابي على أهل المدينة- دار الهجرة والسنة وأبناء المهاجرين والأنصار- يرفع إلي من عندهم مضحك، ثم أنشأ يقول «1» :
إذا أنت طاوعت «2» الهوى قادك الهوى إلى بعض ما فيه عليك مقال
ويقال: إنه لم يقل من الشعر غير هذا البيت.
قال منذر بن أبي ثور:
أصبنا في خزائن هشام بن عبد الملك اثني عشر ألف قميص، كلها قد أثر بها.
كتب «3» هشام بن عبد الملك إلى أبيه عبد الملك: يا أمير المؤمنين، إنه قد حدثت في ابنك خصال ثلاث: يصعد المنبر فلا يستطيع الخطبة، وتوضع المائدة بين يديه فلا ينال منها إلا اليسير، وفي قصره مئة جارية لا يكاد يصل إلى كبير شيء منهن.
فكتب إليه عبد الملك: أما قولك: إنك تصعد المنبر فلا تستطيع الخطبة، فإذا صعدت فارم بطرفك إلى مواخر «4» الناس، فإنه يهون عليك من بين يديك. وأما قولك في الطعام فمر أن يستكثر من الألوان، فإنه لا يعدمك «5» من كل لون لقمة. وأما قولك في الجواري فعليك بكل بيضاء بضة «6» [ذات جمال] «7» وحسن.
قال أبو المليح:
كنا قعودا ومعنا صالح بن مسمار، فقالوا: سبق هشام، فقال: إنه والله ما سبق، ولكنه سبق، ولقد أجرى في غير ما أمر به، فقال بعضهم: والله ما نشتهي أن يروى هذاعنا، قال:
أبعدكم الله، والله لوددت أن الناس كلهم مثلي حتى نأتيه فنقول: اعدل في هذه الأمة، وإلا فاعتزل حتى يأتي من هو أولى بهذا المجلس منك.(74/27)
وكان هشام يفرح إذا سبق بالخيل فرحا شديدا.
قدم شاعر على هشام فأنشده «1» :
رجاؤك أنساني تذكّر إخوتي ومالك أنساني بحرسين «2» ماليا
فقال هشام: ذلك أحمق لك.
قال المسور بن مخرمة:
قال عمر بن الخطاب «3» لعبد الرحمن بن عوف: ألم يكن فيما تقرأ: قاتلوا في الله في آخر مرة، كما قاتلتم فيه أول مرة؟ قال: متى ذاك؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء، وبنو مخزوم الوزراء.
لما «4» بنى هشام بن عبد الملك الرّصافة قال: أحب أن أخلو يوما لا يأتيني فيه خبر غمّ، فما انتصف «5» النهار حتى أتته ريشة دم من بعض الثغور، فأوصلت إليه، فقال: ولا يوما واحدا «6» ؟! قال الهيثم:
كان هشام بن عبد الملك جبارا، فأمر أن يفرش له في قصر بين شجر وكروم، وصور من النبت، ففرش بأفخر الفرش، وأحضر ندماءه، وأمر الحجاب بحفظ الأبواب، فبينا هو جالس إذا أقبل رجل جهير الصوت، جميل، كأن الشمس تطلع من ثيابه، فشخص هاشم ينظر إليه متعجبا من هيئته، فألقى إليه صحيفته، ثم ذهب، فلم ير، فإذا فيها: بئس الزاد إلى(74/28)
المعاد، العدوان على العباد. فأحضر الحجاب فسألهم عن الرجل، فقالوا: ما رأينا أحدا، فصرف ندماءه، وقال: تكدر علينا هذا اليوم، ولم يمض عليه بعد ذلك شهر حتى مات.
قال «1» عمر «2» بن علي:
مشيت مع محمد بن علي «3» إلى داره، فقلت له: إنه قد طال ملك هشام وسلطانه، وقد قرب من العشرين، وقد زعم الناس أن سليمان سأل ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده «4» ، فزعم الناس أنها العشرون، فقال:
ما أدري ما أحاديث الناس، ولكن أبي حدثني عن أبيه عن علي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«لن يعمّر الله ملكا في أمة نبي مضى قبله ما بلغ بذلك النبي من العمر في أمته. فإن الله عمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم ثلاث عشرة بمكة وعشرا بالمدينة»
[14365] .
قال عبد الله بن الزبير: إنه سمع عليا يقول «5» :
هلاك بني أمية على رجل، الأحول منهم. قال مسلم [بن إبراهيم] «6» : يعني: هشاما. قال سالم كاتب هشام بن عبد الملك «7» :
خرج علينا هشام يوما، هادلا عنقه، مرخيا عنان دابته، مسترخية ثيابه عليه، فسار قليلا، ثم إنه انتبه، فجذب عنان برذونه، وسوّى عليه ثيابه ثم قال للربيع- وكان على حرسه-: ادع لي الأبرش بن الوليد، فأقبل عليه الأبرش، فقال: يا أمير المؤمنين، لقد رأيت(74/29)
اليوم منك شيئا «1» ، قال: وما هو؟ فأخبره بحاله التي خرج عليهم فيها، قال: ويحك يا أبرش! كيف لا أكون بذلك، وزعم أهل العلم بالنجوم أني أموت إلى ثلاثة وثلاثين يوما من يومي هذا؟ فكتبت: ذكر أمير المؤمنين أنه مسافر إلى ثلاثة وثلاثين يوما من يومي هذا وأدرجت الكتاب، وختمته. فلما كان في الليلة التي صبيحتها ثلاثة وثلاثون يوما أتاني خادم، فقال: أدرك أمير المؤمنين، وائت بالدواء معك- وكان دواء الذّبحة «2» ، يكون معه- فذهبت بالدواء إليه، فجعل يتغرغر به، وما يسكن عنه ما يجد، حتى مضى من الليل شيء، ثم قال:
انصرف، ودع الدواء عندي، فقد وجدت بعض الراحة، فانصرفت إلى منزلي، فلم أنم حتى سمعت الصراخ عليه.
قال هشام يوما، وهو يسير في موكبه: يا لك دنيا! ما أحسنك! لولا أنك ميراث لآخرك، وآخرك كأولك.
فلما «3» حضرته الوفاة نظر إلى ولده يبكون حوله، فقال: جاد لكم هشام بالدنيا، وجدتم عليه بالبكاء، وترك لكم ما جمع، وتركتم عليه ما كسب، ما أعظم «4» منقلب هشام إن لم يغفر الله له! كان نقش خاتم هشام: الحكم للحكم الحكيم «5» .
حبس «6» هشام بن عبد الملك عياض بن مسلم كاتب الوليد بن يزيد «7» ، وضربه، وألبسه المسوح. فلم يزل محبوسا حتى مات هشام. فلما ثقل هشام وصار في حدّ لا يرجى لمن كان مثله في الحياة رهقته غشية، وظنوا أنه مات، فأرسل عياض بن مسلم إلى الخزّان أن احتفظوا بما في أيديكم، ولا يصلنّ أحد إلى شيء، وأفاق هشاممن غشيته، فطلبوا من الخزان شيئا، فمنعوهم «8» ، فقال هشام: إنا «9» كنا خزانا للوليد. ومات هشام من ساعته(74/30)
فخرج عياض من الحبس، فختم الأبواب والخزائن، وأمر بهشام فأنزل عن فراشه، ومنعهم أن يكفنوه من الخزائن، فكفنه غالب مولى هشام. ولم يجدوا قمقما يسخن فيه الماء حتى استعاروه، فقال الناس: إن في هذا لعبرة لمن اعتبر.
مر أعرابي بقبر هشام، وخادم له قائم عليه يقول: يا أمير المؤمنين، فعل بنا بعدك كذا وكذا. فقال له الأعرابي: إيه، لو نشر لأخبرك أنه لقي أشدّ مما لقيتم.
كان مكحول يقول:
اللهم، لا تبقني بعد هشام.
وكان هلاك معاوية سنة ستين، وهلاك هشام سنة خمس وعشرين ومئة.
وعن عبد الرحمن «1» قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«ترفع زينة الدنيا سنة خمس وعشرين ومئة»
[14366] .
قال إسحاق بن البهلول: قلت لابن أبي فديك: ما معناه؟ قال: زينتها: نور الإسلام وبهجته.
وفي آخر بمثله:
يعني بالزينة: الرجال «2» .
مات هشام من ورم أخذه في حلقه، يقال له الحرذون، بالرّصافة «3» [رصافة هشام] «4» وعمره إحدى وستون سنة. وقيل: ثلاث وخمسون سنة. وصلى عليه الوليد بن يزيد. وقيل:
صلى عليه مسلمة بن هشام.
[ومن أخبار هشام:
أخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: أراد هشام بن عبد الملك أن يوليني خراج مصر، فأبيت، فغضب حتى اختلج وجهه، وكان في عينه الحول، فنظر إليّ نظر منكر، وقال: لتلين طائعا أو لتلين كارها، فأمسكت عن الكلام حتى سكن غضبه، فقلت: يا أمير(74/31)
المؤمنين أتكلم؟ قال: نعم، قلت: إن الله قال في كتابه العزيز إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها
فوالله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذ أبين، ولا أكرههن إذ كرهن، وما أنا بحقيق أن تغضب علي إذ أبيت، وتكرهني إذ كرهت، فضحك وأعفاني.
وأخرج عن خالد بن صفوان قال: وفدت على هشام بن عبد الملك، فقال: هات يابن صفوان، قلت: إن ملكا من الملوك خرج متنزها إلى الخورنق، وكان ذا علم مع الكثرة والغلبة، فنظر وقال لجلسائه: لمن هذا؟ قالوا: للملك، قال: فهل رأيتم أحدا أعطي مثل ما أعطيت؟ وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة. فقال: إنك قد سألت عن أمر، أفتأذن لي بالجواب؟ قال: نعم. قال: أرأيت ما أنت فيه، أشيء، لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثا وهو زائل عنك إلى غيرك كما صار إليك؟ قال: كذا هو، قال: فتعجب بشيء يسير لا تكون فيه إلا قليلا. وتنقل عنه طويلا ويكون عليه حسابا؟ قال: ويحك فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ وأخذته قشعريرة، قال: إما أن تقيم في ملكك وتضع تاجك، وتلقي عنك أطمارك، وتعبد ربك، قال: إني مفكر الليلة وأوافيك السحر، فلما كان السحر قرع عليه بابه فقال: إني اخترت هذا الجبل وفلوات الأرض، وقد لبست علي أمساحي. فإن كنت لي رفيقا لا تخالف، فلزما الجبل حتى ماتا] «1» .
[10062] هشام بن عمار بن نصير «2» بن ميسرة أبو الوليد السّلمي الظفري «3»
خطيب دمشق، ومقرىء أهلها. أحد المكثرين الثقات «4» .
__________
[10062] ترجمته في تهذيب الكمال 19/270 وتهذيب التهذيب 6/36 والتاريخ الكبير 8/199 والجرح والتعديل 9/66 وطبقات ابن سعد 7/473 وتذكرة الحفاظ 2/451 وميزان الاعتدال 4/302 وسير أعلام النبلاء 11/420 وغاية النهاية 2/354 ومعرفة القراء الكبار 1/159 رقم 91 والعبر 1/445.(74/32)
حدث [عن مالك بن أنس عن الزهري] «1» عن أنس بن مالك.
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر
[14367] .
ولد هشام بن عمار سنة ثلاث وخمسين ومئة «2» . وكان هشام يحرك الزّبل كل يوم بأربعة دوانيق، فيشتري بها ورقا، ويكتب الحديث. وقد رويت هذه الحكايةعن هشام بن خالد «3» . قال: وهي به أشبه.
قال هشام بن عمار «4» .
باع أبي عمار بيتا له بعشرين دينارا، وجهزني للحج. فلما صرت إلى المدينة أتيت مجلس مالك بن أنس، ومعي مسائل أريد أن أسأله عنها، فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك، وغلمان قيام، والناس يسألونه، وهو يجيبهم. فلما انقضى المجلس قال لي بعض أصحاب الحديث: سل عما معك، فقلت له: يا أبا عبد الله، ما تقول في كذا وكذا؟ فقال: حصلنا على الصبيان! يا غلام، احمله، فحملني كما يحمل الصبي، وأنا يومئذ غلام مدرك، فضربني بدرة مثل درة المعلمين سبع عشرة درة، فوقفت أبكي، فقال لي مالك: ما يبكيك؟ أوجعتك هذه «5» ؟ قلت: إن أبي باع منزله، ووجه بي أتشرّف بك، وبالسماع منك فضربتني؟ فقال:
اكتب، فحدثني سبعة عشر حديثا، وسألته عما كان معي من المسائل فأجابني، رحمه الله.
وفي آخر بمعناه:
قلت له: زدني من الضرب، وزد في الحديث، فضحك مالك وقال: اذهب «6» .
وفي آخر بمعناه قال:
جئت إلى منزله، فإذا هو شديد الاحتجاب، فلقيته في الطريق، فقلت: يا أبا عبد الله، أنا غلام من أصحاب الحديث، إن رأيت أن تأمر لي بشيء أكتبه عنك، فقال لي: وحديث(74/33)
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكتب على الطريق؟! وأمر بضربي. الحديث.
كان هشام بن عمار إذا مشى أطرق إلى الأرض، لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله عز وجل «1» .
وقال هشام بن عمار: الخلفاء الراشدون المهديون خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز.
قال عبدان «2» : كنا لا نصلي خلف هدبة «3» من طول صلاته، يسبح في الركوع والسجود نيفا وثلاثين تسبيحة، وكان من أشبه خلق الله بهشام بن عمار: لحيته، ووجهه، وكل شيء منه حتى صلاته «4» .
قال عبدان: كان هشام بن عمار يخطب على المنبر يوم الجمعة، فقلت له يوما: يا أبا الوليد، خطبتك هذه لا تشبه سائر خطبك في سائر الأيام، تلك كانت أبلغ. قال: اسكت يا صبي، ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة «5» .
قال هشام يوما في خطبته «6» : قولوا الحق ينزلكم الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق.
كان هشام بن عمار ثقة، صدوقا، كبير المحل، وكان يأخذ على الحديث، ولا يحدّث ما لم يأخذ «7» . قال هشام بن عمار «8» :(74/34)
سألت الله سبع حوائج، فقضى لي منها ستا، والواحدة ما أدري ما صنع فيها:
سألته أن يغفر لي ولوالدي، وهي التي لا أدري ما صنع فيها. وسألته أن يرزقني الحج ففعل. وسألته أن يعمّرني مئة سنة ففعل «1» ، وسألته أن يجعلني مصدّقا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «2» ففعل، وسألته أن يجعل الناس يغدون إلي في طلب العلم ففعل، وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل، وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالا ففعل. فقيل له: كل شيء قد عرفناه فألف دينار حلال، من أين لك؟ قال: وجه المتوكل ببعض ولده ليكتب عني لما خرج إلينا «3» ، ونحن نلبس الأزر، ولا نلبس السراويلات، فجلست، فانكشف ذكري، فآره الغلام، قال:
استتر يا عم، قلت: رأيته؟ قال: نعم، فقلت له: أما إنه لا ترمد عينك أبدا إن شاء الله. فلما دخل على المتوكل ضحك، فسأله، فأخبره بما قلت، فقال: فأل حسن تفاءل لك به رجل من أهل العلم. احملوا إليه ألف دينار، فحملت إلي، فأتتني من غير مسألة، ولا استشراف نفس.
قال أبو علي صالح بن محمد الحافظ:
كنت عند هشام بن عمار بدمشق إذ جاءه رجل، فقال: ممن أنت؟ قال: من بني مجداف، قال: ثم من بني من؟ قال: ثم من بني سكان، قال: ثم من بني من؟ قال: من بني دقل «4» ، فقال هشام: لا أعرف هذا النسب في العرب، فضحك. فقال هشام: مم تضحك؟
فقال: إنما هذا رجل جاء يطنز «5» بك، فقال هشام: ما أشركم يا أهل العراق.
قال أبو علي:
وجاءه رجل، فقال هشام: ممن أنت؟ قال: من بني لازب، فقال هشام: لا أعرف بني لازب في العرب، ثم قال لي: تعرف بني لازب؟ قلت: إنما يسند إلى قول الله عز وجل مِنْ طِينٍ لازِبٍ
[سورة الصافات، الآية: 11] . فضحك هشام.
قال أبو بكر أحمد بن المعلّى «6» :(74/35)
رأيت هشام بن عمار في النوم، والمشايخ متوافرون، سليمان بن عبد الرحمن وغيره، وهو يكنس المسجد، فماتوا، وبقي هو آخرهم.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[هشام بن عمار السلمي الدمشقي روى عن مالك بن أنس، وصدقة بن خالد، والهيثم بن حميد، ويحيى بن حمزة والوليد بن مسلم، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام.
سمعت أبي يقول ذلك روى عنه أبي وأبو زرعة.
سمعت أبي يقول: سمعت يحيى بن معين: هشام بن عمار كيس كيس.
سمعت أبي يقول: هشام بن عمار لما كبر تغير، وكلما دفع إليه قرأه وكلما لقن تلقن، وكان قديما أصح، كان يقرأ من كتابه. سئل أبي عنه، فقال: صدوق] «2» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «3» :
[هشام بن عمار السلمي، الدمشقي، سمع يحيى بن حمزة، والوليد بن مسلم] «4» .
توفي هشام سنة خمس وأربعين ومئتين، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة.
[10063] هشام بن الغاز بن ربيعة أبو العباس- ويقال: أبو عبد الله «5» الجرشي «6»
دمشقي.
[روى عن أبان بن أبي عياش، وحفص بن غيلان، وحيان أبي النضر، وربيعة بن الغاز، وسليمان بن داود الخولاني، وسليمان بن موسى، وعبادة بن نسي، وعثمان بن داود
__________
[10063] ترجمته في سير الأعلام 7/60 وتهذيب الكمال 19/279 وتهذيب التهذيب 6/38 وطبقات ابن سعد 7/468 وتاريخ بغداد 14/42 وميزان الاعتدال 4/304 وغاية النهاية 2/356 العبر 1/221 وشذرات الذهب 1/236.(74/36)
الخولاني، وعدي بن أرطاة وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن شعيب، والزهري، ومكحول الشامي، ونافع، ويحيى بن الحارث الذماري، ويزيد بن يزيد بن جابر. روى عنه إسحاق بن سليمان الرازي، وإسماعيل بن عياش، وأيوب بن حسان الجرشي، وبكر بن خنيس، وحصين بن جعفر، وخالد بن يزيد المري، وخلاد بن يزيد الباهلي، وسعيد بن عمارة الكلاعي، وسعيد بن يحيى اللخمي، والسفر بن يونس الحمصي، وسليمان بن حيان، وشبابة بن سوار، وصدقة بن خالد، وصدقة بن عبد الله السمين، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي، وعبد الخالق بن زيد بن واقد، وابنه عبد الوهاب، ووكيع بن الجراح، والوليد بن مسلم، ويحيى بن يمان] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» : [هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي، سمع مكحولا، ونافعا، روى عنه الوليد بن مسلم وابن المبارك ووكيع] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» : [هشام بن الغاز الجرشي وهو ابن الغاز بن ربيعة أبو العباس روى عن عطاء. ومكحول، ونافع، وحيان أبي النضر، روى عنه ابن المبارك، ووكيع، والوليد بن مسلم، وشبابة، وعبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي، أبو بكر، سمعت أبي يقول ذلك.
نا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال: سألت أبي عن هشام بن الغاز فقال: صالح الحديث.
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: هشام بن الغاز ثقة] «5» .
حدث عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها، فقال للناس: أي يوم هذا؟ قالوا: هذا يوم النحر، قال: فأي بلد هذا؟(74/37)
قالوا: هذا البلد بلد حرام، قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام، قال: هذا يوم الحج الأكبر، دماؤكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا اليوم، ثم قال: هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: فطفق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اللهم، اشهد،»
[14368] ثم ودع الناس، فقالوا: هذه حجة الوداع. وحدث هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر: أن أقرع لابنة أبي عبيد وهي امرأته، فسار مسيرة ليلتين في ليلة. فلما غربت الشمس قلنا: الصلاة، أصلحك الله، فسكت، فتركناه، وقلنا: هو أعلم. فلما اشتبكت «1» النجوم نزل فصلى المغرب، ثم توضأ فصلى العشاء الآخرة، ثم ركب، فقال: دعوتموني إلى صلاة المغرب، وإني سرت كما سار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وصليت كما صلى.
قال هشام بن الغاز: كنت جالسا مع مكحول في مسجد دمشق، وسليمان بن موسى في ناس ناحية، فسئل سليمان: أتقتل النصرانية المسلمة؟ فقال: لا، فقال بعض جلسائه: بلى، فالتفت إلى مكحول فقال: ألا تسمع ما يقول هؤلاء؟ يقولون: إن النصرانية تقتل المسلمة، فما تقول؟ فالتفت إلي مكحول وقال: إنه لأحمق، يسألني: تقتل النصرانية المسلمة؟ وأم القسري «2» نصرانية، وأم نمير نصرانية! والغاز: بالزاي «3» . والجرشي: بضم الجيم، وفتح الراء، وكسر الشين المعجمة «4» .
وكان هشام ثقة، صالح الحديث «5» ، من خيار الناس «6» .
توفي سنة ثلاث وخمسين ومئة. وقيل: سنة تسع وخمسين. وقيل: سنة ست وخمسين. وكان على بيت مال أبي جعفر «7» .(74/38)
[10064] هشام بن محمد بن أحمد بن علي بن هشام أبو محمد التيملي «1» الكوفي الحافظ
حدث عن أبي الطيب محمد بن الحسين التيملي «2» البزاز بسنده إلى علي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«اغتنموا دعاء ضعفاء أمتي، فإنه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم»
[14369] .
وحدث «3» عن أحمد بن محمد بن حماد الواعظ بسنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إن من الشعر حكما، وأصدق بيت تكلمت به العرب:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل» «4»
[14370] توفي هشام بن محمد سنة ثنتين وأربع مئة. وجرّحه قوم.
[قال أبو بكر الخطيب] «5» :
[قدم بغداد عدة دفعات فسمع بها من أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص، ومن بعدهما.
وآخر ما دخلها قبيل سنة عشر وأربعمئة، وكان سمع معنا في ذلك الوقت من أبي الحسن بن الصلت، وأبي الحسن بن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران.
__________
[10064] ترجمته في ميزان الاعتدال 4/305 ولسان الميزان 6/197 وتاريخ بغداد 14/48 والأنساب (التيملي 1/497) .(74/39)
ثم خرج إلى الكوفة وأقام بها دهرا طويلا إلى أن علت سنه وحدث، وكان قد سمع الكثير وكتب، وله أدنى فهم وتصور. وكنت قد سمعت منه ببغداد حديثا واحدا] «1» .
[10065] هشام بن محمد بن جعفر ابن هشام بن عبد ربه بن زيد بن خالد بن قيس أبو عبد الملك الكندي، [وقيل: أبو الوليد] «2»
أخو جعفر «3» المعروف بابن بنت عدبّس الدمشقي. حدث عن أبي عمرو عثمان بن خرزاذ بسنده إلى أبي جحيفة قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب وهو يقول:
«لا يزال أمر أمتي صالحا [حتى] يمضي اثنا عشر خليفة. كلهم من قريش» .
وعدبس، بفتح العين والدال وتشديد الباء المعجمة بواحدة «4» هو جعفر بن محمد «5» يعرف بابن بنت عدبس، وأخوه هشام بن محمد بن جعفر بن هشام [يكنى أبا الوليد وأبا عبد الملك، روى عن عثمان بن خرزاذ، والحسين بن السميدع الإنطاكيين، روى عنه تمام وابن أبي نصر] «6» .
[10066] هشام بن مصاد بن زياد أبو زياد الكلبي ثم العليمي
أخو معاوية وعبد الرحمن ويزيد بني مصاد. من فرسان كلب.
قال هشام بن مصاد: كنت جالسا مع عمر بن عبد العزيز نتحدث إذ بكى عمر، فقلت:
__________
(
[10065] ) انظر ترجمته في سير الأعلام 15/570.
[10066] ) العليمي بضم العين المهملة وفتح اللام وبعدها الياء ساكنة، نسبة إلى عليم وعليم بطن من كلب، انظر اللباب.(74/40)
يا أمير المؤمنين، ما يبكيك؟ قال: هشام، إن في الجسد مضغة إليها يأوي خيره وشره، فأصلحوا قلوبكم تصلحوا، فإنه لا عمل لمن لا نية له، ولا آخر لمن لا خشية له، وإن أيمن أحدكم وأشأمه لسانه، فمن حفظ لسانه أراح نفسه، وسلم المسلمون منه. وإن أقواما صحبوا سلطانهم بغير ما حق عليهم فعاشوا بخلاقهم، وأكلوا بألسنتهم، وخلفوا الأمة بالمكر والخيانة والخديعة. ألا وكل ذلك في النار. ألا فلا يقربنا من أولئك أحد ولا سيما خالد بن عبد الله، وعبد الله بن الأهتم، فإنهما رجلان بيّنان وبعض البيان يشبه السحر. ألا وإنّ كل راع مسؤول عن رعيته، وكل وزير مأخوذ بجنايته، ومعروض عليه قوله، لا إقالة له فيه، فمن صحبنا بخمس: فأبلغنا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ودلّنا على ما لا نهتدي له من العدل، وأعاننا على الخير، وترك ما لا يعنيه، وأدى الأمانة التي حملها منا ومن جماعة المسلمين فحيهلا به، ومن كان على غير ذلك ففي غير حل من صحبتنا، والدخول علينا.
ثم جاء مزاحم فقال «1» : يا أمير المؤمنين، هذا محمد بن كعب بالباب، قال: أدخله. فلما دخل- وعمر يمسح «2» عينيه من الدموع- قال: ما الذي أبكاك يا أميرالمؤمنين؟ قال هشام: فأخبرته الحديث «3» ، فقال محمد: يا أمير المؤمنين، إنما الدنيا سوق من الأسواق، فمنها خرج الناس بما ضرهم، ومنها خرجوا بما نفعهم، وكم من قوم قد غرهم مثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت، فاستوعبهم، فخرجوا منها ملومين، لم يأخذوا منها لما أحبوا من الآخرة عدة، ولا لما كرهوا جنة، واقتسم ما جمعوا من لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن محقوقون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نغبطهم بها أن نخلفهم فيها، وأن ننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها أن نكفّ عنها، فاتق الله يا أمير المؤمنين، واجعل عقلك «4» في شيئين: انظر الذي يجب أن يكون معك إذا قدمت على ربك [فقدمه بين يديك، وانظر الأمر الذي تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك] «5» فابتغ به البدل حيث يوجد البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت على من كان قبلك ترجو أن تجوز عنك، فاتق الله(74/41)
يا أمير المؤمنين، وافتح الأبواب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم، وردّ المظالم. ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان بالله عز وجل: من إذا رضي لم يدخل رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له.
[10067] هشام بن مطيع الدمشقي
أحد شيوخ الصوفية. كان أحسن خلق الله كلاما. نظر يوما إلى رجل، يساوم بغلام جميل ليشتريه، فقام ينظر حتى قطع أمره مع صاحبه، وهمّ أن يزن له، فجلس إلى جانبه، فقال: يا أخي، إنّي ما عرفتك، ولا عرفتني، ولا كلّمتك، ولا كلّمتني، وقد رأيتك على أمر لم يسعني فيك إلا تسديدك، وبذل النصيحة لك، فإنه أول ما يجب للمسلم على أخيه النصيحة إذا رآه على حالة لا يرضاها، وقد رأيتك تنظر إلى هذا الغلام نظرا، لا ينظر مؤمن إلى مثله إلا من غفلة اشتغل بها عن طاعة ربه، ثم رأيتك وأنت تريد أن تزن فيه مالا لا أدري ما أقول فيه: أحلال «1» هوأم حرام؟ فلئن كان حراما فحقيق على مثلك ألّا يجمع على نفسه أمرين، وإن كان حلالا فينبغي أن تضعه في موضع يشبه الحلال. واعلم أنه لم يصب المؤمن بمصيبة، ولا بلي ببليّة أعظم عليه من نكتة «2» تسكن في قلبه، فينقطع بها عن طاعة ربه عز وجل.
[10068] هشام بن يحيى بن قيس أبو الوليد- ويقال: أبو عثمان- الغساني
حدث عن أبيه عن عمرة «3» عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«القطع من ربع دينار فصاعدا»
[14371] .
وحدث عن عروة بن رويم بسنده إلى عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ برّ أو تيسير عسرة أعانه الله عز وجل على إجازة الصراط يوم القيامة عند دحض «4» الأقدام»
[14372] .(74/42)
وفي رواية:
«ثبّت الله قدمه يوم القيامة عند دحض الأقدام»
[14373] .
وحدث عن أبيه قال: سمعته يقول:
لا تحزنوا ابني، فقد بلغني أن الفرحة «1» تشبّ الصبيّ.
قال إبراهيم بن هشام:
أقبل رجل إلى أبي هشام بن يحيى فقال: اكتب إلى مالك بن دلهم «2» إلى مصر يستعملني، فكتب له الكتاب. فلما عنونه كتب: من هشام بن يحيى إلى مالك بن دلهم، فقال له الرجل: ما أخذ الكتاب حتى تبدأ بمالك في العنوان، فقال: ويحك! هذا سبيلي وسبيل من أكتب إليه، فكتب له الذي أراد. فلما ورد على مالك إلى مصر قال: ما هذا كتابه، إنه عوّدني أنه يبدأ بنفسه في كتابه، قال له الرجل: قد أراد أن يفعل ذلك، وأنا سألته هذا، قال: لست أقبله حتى ترجع إليه، فيكتب بخطه، فرجع إلى أبي من مصر، فكتب له وبدأ بنفسه. فلما ورد الكتاب على مالك قال: الآن صحّ كتابه، فولاه ما أراد.
كان «3» هشام بن يحيى جليسا لسعيد بن عبد العزيز، فقال له يوما: كان عندنا صاحب شرطة يقال له عبيدة «4» بن رياح «5» ، وكان غشوما ظلوما، فأتته امرأة، فقالت: إن ابني يعقّني، ويظلمني، فأرسل معها الشرط، فلما صاروا بها في الطريق قالوا لها: إن أخذ ابنك ضربه [أو] «6» قتله، قالت: كذا؟ قالوا: نعم، فمرت بكنيسة على بابها شمّاس، فقالت: خذوا هذا، هذا ابني، فقالوا له: أجب عبيدة بن رياح «7» . فلما مثل بين يديه قال له: تضرب أمك،(74/43)
وتعقها؟ قال: ما هي أمي، قال: وتجحدها أيضا؟ خذوه، فضربه ضربا وجيعا، وأرسله، فقالت: إن أرسلته معي ضربني، فقال: هاتوه، فأركبها على عنقه وقال: كرّوا عليه النداء، وقولوا: هذا جزاء من يضرب أمه، ويعقها، فمر به رجل ممن يعرفه، فقال له: ما هذا؟ فقال: من لم يكن له أم فليمض إلى عبيدة بن رياح حتى يجعل له أما.
[10069] هضاب بن طوق اللخمي الكاتب
ولي هضاب خراج دمشق، ومساحتها في ولاية المنصور. كان المنصور بعث المعدلين- يعني: المساح- إلى أجناد الشام سنة أربعين وإحدى وأربعين ومئة، فعدلوا الأراضي ما في أيدي المسلمين والأنباط على تعديل مسمى، ولم يعدل الغوطة في تلك السنة حتى بعث المنصور هضاب بن طوق ومحرز بن زريق، فعدلوا الأشربةبالغوطة، وأمرهم ألا يضعوا أيديهم على شيء من القطائع «1» القديمة ولا الأشربة خراجا، وأن يمضوها لأهلها عشرا، ووضعوا الخراج على ما بقي منها بأيدي الأنباط، وعلى الأشربة المحدثة بعد سنة مئة، إلى السنة التي عدل فيها.
[10070] هقل واسمه محمد- ويقال: عبد الله- ولقبه: هقل- بن زياد بن عبيد الله، ويقال: ابن عبيد أبو عبد الله السكسكي
من دمشق.
[روى عن بكر بن خنيس، وحريز بن عثمان، وخالد بن دريك، وطلحة بن عمرو المكي، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبيد بن زياد الأوزاعي، وعمر بن قيس المكي، والمثنى بن الصباح، ومعاوية بن يحيى الصدفي، وهشام بن حسان.
روى عنه بقية بن الوليد، والحكم بن موسى، وخالد بن نجيح، والربيع بن روح،
__________
[10070] ترجمته في تهذيب الكمال 19/296 وتهذيب التهذيب 6/44 والجرح والتعديل 9/122 وسير الأعلام 8/370 وتذكرة الحفاظ 1/262 والعبر 1/227 والتاريخ الكبير 8/248. وهقل: بكسر أوله وسكون القاف/ تقريب.(74/44)
وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسليمان بن عبد الرحمن، وسوار بن عمارة، وعبد الله بن صالح المصري، وأبو مسهر، وعبد الحميد بن بكار البيروتي، وعلي بن حجر المروزي، وعمر بن عبد الواحد، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي، وعمرو بن هاشم البيروتي، وعمران بن يزيد بن أبي جميل، والليث بن سعد، وابنه محمد، ومروان بن محمد الطاطري، ومسرة بن معبد، ومنصور بن عمار، وموسى بن خالد، وهشام بن إسماعيل العطار، وهشام بن عمار] «1» .
[قال البخاري] «2» :
[هقل بن زياد الشامي السكسكي الدمشقي البيروتي، أبو عبد الله نسبه علي بن حجر] » .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[هقل بن زياد السكسكي الدمشقي، أبو عبد الله.
كان أعلم الناس بالأوزاعي وبمجلسه وحديثه وفتياه عشرة أنفس أولهم هقل بن زياد.
قال أحمد بن حنبل: كان أبو مسهر يرضى هقل بن زياد.
قال يحيى بن معين: سمعت أبا مسهر يقول: ما كان ها هنا أحد أثبت في الأوزاعي من هقل.
سئل أبو زرعة عن هقل بن زياد فقال: دمشقي كاتب الأوزاعي ثقة، سئل أبي عن هقل بن زياد. فقال: صالح الحديث] «5» . [قال الفسوي: هو أعلى أصحاب الأوزاعي.
قال أبو سعيد بن يونس: قدم الهقل مصر، وكتب عنه أهلها] «6» .(74/45)
[ذكره أحمد بن هارون بن روح البرديجي في الطبقة الرابعة من الأسماء المنفردة.
ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة السادسة من الشاميين.
قال أبو زرعة الرازي والعجلي والنسائي: ثقة.
قال العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي: كان اسم الهقل بن زياد محمدا، فغلب عليه الهقل، فهو لقب.
حدث عن الأوزاعي قال: قال عطاء عن ابن عباس.
أن رجلا أصابته جراحة على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأصابته جنابة، فاستفتى، فأفتي بالغسل، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «قتلوه، قتلهم الله. ألم يكن شفاء العيّ «1» السؤال؟» قال عطاء: فبلغنا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن ذلك فقال: «لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح أجزأه»
[14374] .
وحدث عن هشام بن حسان القردوسي «2» بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وليشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه، وليعط بيمينه، وإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويعطي بشماله، ويأخذ بشماله»
[14375] .
وحدث عن الأوزاعي بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال:
نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن اختناث «3» الأسقية «4» .
قال: وهو الشرب من أفواهها. كان هقل ثقة، حافظا متقنا، توفي سنة تسع وسبعين ومئة «5» .(74/46)
[10071] همام بن أحمد- ويقال: ابن محمد- بن عبد الباقي أبو مروان القرشي، قال: ويظن أنه همام بن أبي شيبان
حدث عن أبيه عن مروان بن عبد الملك بن عبد الله بن عبد الملك قال «1» :
لما أراد الوليد بن عبد الملك بناء مسجد دمشق احتاج إلى صناع «2» كثير، فكتب إلى الطاغية بأن وجّه إليه «3» بأربع مئة صانع من صنّاع الروم، فإنّي أريد أن أبني مسجدا لم يبن من مضى قبلي، ولا من يكون بعدي مثله، فإن أنت لم تفعل غزوتك بالجيوش، وأخربت الكنائس في بلدي، وكنيسة بيت المقدس، وكنيسة الرها، وسائر آثار الروم في بلدي، فأراد الطاغية أن يفضه عن بنائه، ويضعف عزمه، فكتب إليه: لئن كان أبوك فهمها، وغفل منها إنها لوصمة عليك، وإن كنت فهمتها وغيبت عن أبيك إنها لوصمة عليه، وأنا موجه إليك ما سألت، فأراد أن يعمل له جوابا، فحشر له عقلاء من الرجال في خطة المسجد، يتفكرون في ذلك، فدخل الفرزدق، فقال: ما بال الناس مجتمعين؟ فقيل له: السبب كيت وكيت، فقال:
أنا أجيبه من كتاب الله. قال الله تبارك الله من قائل: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً
«4» فسرّي عنه.
[10072] همام بن إسماعيل، أظنه ابن عبيد الله بن أبي المهاجر
حدث عن زمعة بن يزيد عن جبير عن أبي الدرداء- قال: لا أعلمه إلا رفعه- قال:
«من قال في أمر مسلم ما ليس فيه ليؤذيه، حبسه الله في ردغة «5» الخبال يوم القيامة حتى يقضي بين الناس»
[14376] .(74/47)
[10073] همّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية ابن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم أبو فراس «1» بن أبي خطل «2» التميمي البصري الشاعر، المعروف بالفرزدق
وفد على معاوية يطلب ميراث عمه الحتات «3» ، ووفد على الوليد بن عبد الملك، وعلى هشام بن عبد الملك «4» ، وقيل إنه لم يفد إلا على هشام.
[أرسل عن علي، ويروي عن أبي هريرة، والحسين، وابن عمر، وأبي سعيد، وطائفة.
وعنه الكميت، ومروان الأصفر، وخالد الحذاء، وأشعث الحمراني، والصعق بن ثابت، وابنه لبطة، وحفيده أعين بن لبطة] «5» . قال همام: حدثني الطرماح بن عدي الشاعر قال «6» :
لقيت نابغة بني جعدة الشاعر، فقلت له: لقيت النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: نعم، وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا «7» وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
قال: فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد بدا الغضب في وجهه، فقال: «إلى أين يا أبا ليلى؟»
__________
[10073] ترجمته في وفيات الأعيان 6/86 والأغاني 21/276 والشعر والشعراء ص 381 والخزانة 1/105 وآمالي المرتضى 1/43 ومعجم الأدباء 19/297 وسير الأعلام 4/590 والعبر للذهبي 1/236 وشذرات الذهب 1/141 معجم الشعراء 465 والبداية والنهاية 6/409 ديوانه ط. بيروت. وأنساب الأشراف 12/65.(74/48)
فقلت: إلى الجنة يا رسول الله، قال: «أجل إن شاء الله» . فلما رأيته سرّي عنه قلت «1» .
ولا خير في حلم إذا لم يكن له بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال لي النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يفضض الله فاك» مرتين «2»
[14377] .
قال الفرزدق:
رآني أبو هريرة فقال لي: يا فرزدق، إني أراك صغير القدمين، وأنا سمعته صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«إن لي حوضا كما بين أيلة وعمان فإن استطعت أن يكون لقدميك عليه موضع فافعل»
[14378] .
وفي آخر بمعناه «3» :
فاطلب لهما موضعا في الجنة، فقلت: إن لي ذنوبا كثيرة، فقال: لا تأيس «4» ، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن بالمغرب بابا مفتوحا «5» لا يغلق-[زاد في رواية:] «6» حتى تطلع الشمس من مغربها»
[14379] .
وفي آخر فقال: إن التوبة لا تزال تقبل ما لم تطلع الشمس من مغربها. عمل عبد عمل من شيء.
وفي حديث آخر فقال:
إن قدميك صغيرتان، وكم من محصنة قد قذفتها، وإن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حوضا ما بين أيلة إلى كذا وكذا، وهو قائم بذناباه يقول: «إليّ إليّ» ، فإن استطعت فلا تحرمه. قال: فلما قدمت قال: ما صنعت من شيء فلا تعظمه.(74/49)
وللفرزدق رحلة مع أبيه، وهو صغير إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «1» . قال الفرزدق: دخلت مع أبي على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وبين يديه سيوف يذوقها «2» ، فقال لأبي: من أنت؟ قال: غالب بن صعصعة، قال: ذو الإبل الكثيرة؟ قال:
نعم. قال: فما فعلت؟ قال: ذعذعتها «3» النوائب والحقوق، فقال: ذلك خير سبيلها، من هذا معك؟ فقال: هذا ابني همام، وهو يقول الشعر «4» ، فقال: علمه القرآن، فهو خير له «5» .
سمي الفرزدق لشبه وجهه بالخبزة، وهي فرزدقة. اسمه همّام. والفرزدق: الرغيف الضخم الذي تتخذ منه النساء الفتوت، ويقال للقطعة من العجين التي تبسط فيخبز منها، شبّه وجهه بذلك لأنه كان غليظا جهما «6» .
قال الجارود:
كان رجل من بني رياح له: ابن وثيل «7» - وكان شاعرا- أتى الفرزدق بماء بظهر الكوفة على أن يعقر هذا مئة من الإبل، وهذا مئة من الإبل إذا وردت الماء. فلما وردت الإبل قاما إليها بالسيوف يكسعان «8» عراقيبها، فخرج الناس على الحمران والبغال يريدون اللحم، وعلي ابن أبي طالب عليه السلام بالكوفة، فخرج على بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البيضاء، وهو ينادي: يا أيها الناس، لا تأكلوا من لحومها، فإنه أهلّ «9» لغير الله.
كان بسر بن سعيد «10» من العباد المنقطعين وأهل الزهد في الدنيا، وكان ثقة، كثير(74/50)
الحديث، ورعا، وكان قد أتى البصرة في حاجة له، ثم أراد الرجوع إلى المدينة، فرافقه الفرزدق الشاعر. فلم يشعر أهل المدينة إلا وقد طلعا عليهم في محمل، فعجب أهل المدينة لذلك. وكان الفرزدق يقول: ما رأيت رفيقا خيرا من بسر بن سعيد. وكان بسر يقول: ما رأيت رفيقا خيرا من الفرزدق «1» .
قال الفرزدق: لقيت أبا هريرة بالشام، فقال لي: أنت الفرزدق؟ قلت: نعم، قال: أنت الذي يقول الشعر؟ قلت: [نعم] «2» ، قال: اتق وانظر، فلعلك إن بقيت تلقى قوما يخبرونك أن الله لن يغفر لك، فلا تقنطنّ من رحمة الله «3» .
قال الفرزدق:
رأيت أنف عرفجة «4» من ذهب، وكان أصيب أنفه يوم الكلاب «5» ، فاتخذ أنفا من فضة «6» ، فأنتن عليه، فرأيته بعد ذلك صنعه من ذهب. وزعم منصور بن سعيد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمره بذلك «7» .
قال الفرزدق «8» :
خرجت من البصرة أريد العمرة، فرأيت عسكرا في البرية «9» ، فقلت: عسكر من هذا؟(74/51)
قالوا: عسكر الحسين بن علي عليه السّلام، فقلت: لأقضينّ بحق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه، فأتيته، فسلّمت، فقال: من الرجل؟ فقلت: الفرزدق بن غالب، قال: هذا نسب قصير، فقلت: أنت أقصر مني نسبا، أنت ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال لي: أبو من؟ قلت: أبو فراس، فقال لي: يا أبا فراس، كيف خلّفت الناس؟ ومن أين؟ وإلى أين؟ قلت: من البصرة، أريد العمرة، وما سألت عنه من أمر الناس فقلوبهم معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء، فاغرورقت عيناه، وقال: هكذا الناس في كل زمان أتباع لذي الدينار والدرهم، والدين لغوّ على ألسنتهم، فإذا فحصوا بالابتلاء قل الديانون.
قال الفرزدق «1» :
لقيت حسينا، فقلت: بأبي أنت لو أقمت حتى يصدر الناس لرجوت أن ينقصف أهل الموسم معك، فقال: لم آمنهم يا أبا فراس «2» ، قال: فدخلت مكة، فإذا فسطاط وهيئة «3» ، فقلت: لمن هذا؟ قالوا: لعبد الله بن عمرو بن العاص، فأتيته، فإذا شيخ أحمر، فسلمت:
فقال: من؟ قلت: الفرزدق، أترى أن أنصر حسينا، قال: إذا تصيب أجرا وذخرا، قلت: بلا دنيا، فأطرق ثم قال: يابن غالب، لتتمن خلافة يزيد، فانظرن، فكرهت ما قال: فسببت يزيد ومعاوية، قال: مه، قبحك الله، فغضبت فشتمته وقمت. فلو حضره حشمه لأوجعوني. فلما قضيت الحج رجعت، فإذا عير، فصرخت، ألا بايعا «4» الحسين، فردوا على الأفناء.
قال إسماعيل بن يسار: لقي الفرزدق حسينا، فسلّم عليه، فوصله بأربع مئة دينار، فقالوا: يا أبا عبد الله، تعطي شاعرا متهترا؟! فقال: إنّ خير ما أمضيت من مالك ما وقيت به عرضك، والفرزدق شاعر لا يؤمن، فقال قوم لإسماعيل: وما عسى أن يقول في الحسين، ومكانه مكانه، وأبوه وأمه من قد علمت؟ قال: اسكتوا، فإن الشاعر ملعون، إن لم يقل في أبيه وأمه قال في نفسه.
قال الفرزدق «5» :(74/52)
لما خرج الحسين لقيت عبد الله بن عمرو فقلت له: إن هذا الرجل قد خرج فما ترى؟
قال: أرى أن تخرج معه «1» ، فإنك إن أردت دنيا أصبتها، وإن أردت آخرة أصبتها، فرحلت نحوه. فلما كنت ببعض الطريق بلغني قتله، فرجعت إلى عبد الله فقلت: أين ما قلت لي؟
قال: كان رأيا رأيته «2» .
قال مغيرة «3» :
لم يكن أحد من أشراف العرب بالبادية كان أحسن دينا من صعصعة «4» جد الفرزدق، ولم يهاجر، وهو الذي أحيا ألف «5» موءودة، وحمل على ألف فرس، وهو الذي افتخر به الفرزدق، فقال «6» :
ومنا الذي منع الوائدات فأحيا الوئيد فلم يوأد
قال صعصعة بن ناجية «7» :
أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فأسلمت، وعلمني آيا من القرآن، فقلت: يا رسول الله، إنّي عملت في الجاهلية أعمالا، فهل في ذلك من أجر، قال: «وما هي؟» قال: أضللت «8» ناقتين لي عشراوين، فخرجت أبغيهما على جمل لي، فبينا أنا أسير إذ رفع لي بيتان في فضاء من الأرض، فقصدت نحوهما، فإذا في أحدهما شيخ، فقلت: هل أحسست من ناقتين عشر اوين، قال: وما نارهما «9» ؟ قلت: ميسم «10» بني دارم، قال: قد وجدتهما، وقد(74/53)
ولدتهما، وظأرتا «1» على أولادهما، وقد أحيا الله بهما أهل بيت من قومك من مضر، فبينا هو يخاطبني إذ قالت امرأة من البيت الآخر: قد ولدت، قد ولدت، قال: وما ولدت؟ إن كان غلاما فقد شاركنا في قومنا «2» ، وإن كان جارية فادفناها «3» ، قلت: وما هذه المولودة؟ قال:
ابنة لي، قلت: هل لك أن تبيعنيها؟ قال: تقول لي هذا وقد أخبرتك أني من العرب من مضر؟ قلت: إنّي لا أشتري منك رقبتها، إنما أشتري منك روحها؟ قال: بكم؟ قلت: بناقتيّ «4» ، قال: على أن تزيدني بعيرك هذا، قلت: نعم، على أن ترسل معي رسولا، فإذا بلغت أهلي دفعته إليه، ففعل. فلما بلغت أهلي دفعت الجمل للرسول، ثم فكرت ثم قلت:
والله إن هذه لمكرمة ما سبقني إليها أحد من العرب، كنت لا أسمع بموءودة إلا اشتريتها بناقتين عشراوين وجمل، فجاء الإسلام وقد استحييت «5» ثلاث مئة وستين، من الموءودة «6» ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هذا باب من الخير، «7» ولك أجره إذ منّ الله عليك بالإسلام» . قال:
وذلك مصداق قول الفرزدق:
وجدي الذي منع الوائدات وأحيا الوئيد فلم يوأد «8»
مات غالب بن صعصعة أبو الفرزدق بسيف كاظمة «9» ، فدفن على رابية «10» ، فآلى الفرزدق على نفسه أن يكون قبر أبيه مأهولا معمورا لا يستجير به أحد إلا أجاره، ولا يلوذ به عان إلّا فكّه، ولا يأتيه غارم إلا أدى عنه. فلما شرعت العداوة بين الفرزدق وبين بني جعفر بن كلاب، وعزم أن يهجوهم خرجت امرأة من رؤسائهم- قيل: إنها أم ذي الأهدام نفيع- ومضت إلى سيف كاظمة، وضربت على قبر أبي الفرزدق فسطاطا، وأقامت به أياما.(74/54)
فلما رحلت عنه حملت حصيات من قبره، فأتت بها الفرزدق، فألقتها بين يديه، وقالت له:
سألتك بصاحب هذه التربة إلا أعفيتني من ذكرك في هجائك في شعر، قال: وربّ الكعبة اليمانية لاذكرتك بسوء أبدا، فهاجى بني جعفر بن كلاب. فلما صار إليها قال «1» :
عجوز تصلي الخمس عانت بغالب فلا والذي عاذت به لا أضيرها «2»
لئن نافع لم يرع أرحام أمّه وكانت كدلو لا يزال يعيرها «3»
لبئس دم المولود مسّ ثيابها عشية نادى بالغلام بشيرها
وإنيّ على إشفاقها من مخافتي وإن عقّها بي نافع «4» لمجيرها
وكان رجل من بني منقر «5» كاتب غلاما له كان منشؤه البادية على ألف درهم على أن يؤديها إليه بعد حول، فسعى فيها، ومضى الحول، ولم يصل إليها، فخرج منالبصرة متنكرا حتى أتى سيف كاظمة «6» ، فحمل من قبر [غالب أبي] «7» الفرزدق حصيات وأتى بهن الفرزدق، وهو واقف بالمربد «8» ، يبيع إبلا له، فألقاهن في حجره، وقال: إنّي مستجير غارم، قال: وما بك، لا أبا لك؟ فأنشده:
بقبر ابن ليلى غالب عذت بعد ما خشيت الردى أو أن أردّ على قسر
بقبر امرىء تقري المئين عظامه ولم يك إلا غالبا ميت يقري
فقال لي استقدم أمامك إنما «9» فكاكك «10» أن تلقى الفرزدق في المصر(74/55)
فقال له الفرزدق: مالك؟ قال: إني مكاتب، وقد عجزت، قال: وكم كتابك؟ قال:
ألف درهم، قال: لك ألف لكتابك، وألف معونة لك، ولك ناقة سوداء، ولك كسوة سابغة، قال: فأعطني، قال: والله لا تريم من مكانك حتى أفي لك بما قلت، فعجل ذلك ليله.
ولما «1» وجه الحجاج بتميم بن زيد «2» إلى السند «3» قدم البصرة فحمل من أهلها قوما كثيرا، وحمل معه رجلا قصابا، يقال له خنيس «4» . فلما نظرت أمه إلى ذلك ركبت بعيرا لها، ولحقت بقبر غالب، فحملت منه حصيات، ثم أتت بهن الفرزدق، فألقتهن على بابه، فخرج مذعورا، فقال: ما بك؟ قالت: ابني وواحدي، قال: وأين هو؟ قالت: مع تميم ابن زيد «5» بالسند، فدعا برجل، فقالل: اكتب ما أمليه عليك، فكتب «6» :
تميم بن زيد لا تكوننّ حاجتي بظهر فلا يعيا «7» على جوابها
وهب لي خنيسا «8» واحتسب «9» فيه منّة لعبرة «10» أم ما يسوغ شرابها
أتتني فعاذت يا تميم بغالب وبالحفرة السافي عليها ترابها
وقد علم الأقوام أنك ماجد وليث إذا ما الحرب شبّ شبابها «11»
فلما قرأ تميم الكتاب لم يدر حبيش «12» ، أم خنيس «13» ، فقال: انظروا من كان في هذا العسكر له هذا الاسم، فرجعوا به إلى الفرزدق، فأصابوا ستة «14» نفر من خنيس وحبيش فوجّه(74/56)
بهم إليه، وقيل إنه لما حضر إليه الستة نفر: سأل عن ابن العجوز البصرية فقال أحدهم: أنا هو، فكتب له منشور ونقل عطاؤه إلى البصرة، وكتب منشورا: لا يزعجه أحد حتى يقول هو: قد فرغت من حاجة تميم بن زيد، وأعطاه ألف درهم، وحمله على البريد إلى البصرة، وأجاب الفرزدق عن كتابه، ووجه مع الجواب عشرة آلاف درهم ثم تأمل الخمسة الباقين، فقال: قد أتي بكم وكل واحد منكم يرجو، والرجاء ذمام، والله لا خيّبت آمالكم، فكتب لكلّ واحد منهم منشورا، وأمر لهم بنفقاتهم إلى مواطنهم.
قال عبد الكريم:
دخلت على الفرزدق، فتحرك، فإذا في رجليه قيد، فقلت: ما هذا يا أبا فراس؟! قال:
حلفت ألّا أخرجه من رجلي حتى أحفظ القرآن «1» .
قال جرير:
نبعة الشعر الفرزدق «2» .
قال ابن شبرمة:
كان الفرزدق أشعر الناس.
قال أبو عمرو بن العلاء:
لم أر بدويا أقام بالحضر إلّا فسد لسانه غير رؤبة بن العجاج والفرزدق، كأنهما زادا على طول الإقامة جدة وحدة.
قال المبرد: قال لي الفتح بن خاقان:
أيهما تقدّم، الفرزدق أم جريرا؟ فقلت: كلاهما عندي غاية، وفي الذروة، وإنما أقول على قدر الخاطر: إذا أحببت المسامحة والسهولة، وقلة التكلف ملت إلى جرير، وإذا أحببت الركانة والرزانة ملت إلى الفرزدق.
قال أبو يحيى الضبي «3» :(74/57)
لما هرب الفرزدق من زياد حين استعدى «1» عليه بنو نهشل في هجائه أباهم «2» أتى سعيدا «3» ، وهو على المدينة أيام معاوية، فاستجاره فأجاره، والحطيئة وكعب بن جعيل حاضراه فأنشده الفرزدق «4» : ترى النفر «5» الجحاجح من قريش إذا ما الأمر «6» في الحدثان آلى
بني عم النبي ورهط عمرو وعثمان الألى غلبوا فعالا
قياما ينظرون إلى سعيد كأنهم يرون به هلالا
فقال الحطيئة: هذا والله الشعر، لا ما تعلّل به منذ اليوم أيها الأمير، فقال كعب بن جعيل: فضّله على نفسك، ولا تفضّله على غيرك، فقال: بلى والله أفضله على نفسي وعلى غيري. أدركت من قبلك وسبقت من بعدك [ثم قال له الحطيئة يا غلام] «7» لئن بقيت لتبرزنّ علينا. ثم قال له الحطيئة: يا غلام، أنجدت «8» أمّك؟ قال: لا بل أبي. يريد الحطيئة: إن كانت أمّك أنجدت، فإني أصبتها، فأشبهتني «9» ، فألفاه لقن الجواب فنعاه عليه الطرماح حين هجاه فقال «10» :
فاسأل قفيرة «11» بالمرّوت «12» هل شهدت سوط «13» الحطيئة بين السّجف «14» والنّضد(74/58)
أم كان في غالب شعر فيشبهه شعر ابنه «1» فينال الشعر من صدد؟
جاءت به نظفة من شرّ ما اتسقت منه «2» إلى شر واد شقّ في بلد «3»
كان «4» الفرزدق جالسا في حلقة الحسن، فقال رجل: يا أبا سعيد، ما تقول في رجل قال فلان: طلقت امرأتي، وعتقت مملوكي، وفعلت وفعلت، فقال الفرزدق: يا أبا سعيد، أجيبه؟ قال: نعم، قال الفرزدق: أو ليس قد قلت في ذلك شعرا؟ فقال: وما قلت؟ وليس كل ما قلت يؤخذ «5» به، فقال الفرزدق «6» :
فلست بمأخوذ بشيء «7» تقوله إذا لم تعمّد عاقدات العزائم
فقال الحسن: أصاب أبو فراس، والقول ما قال أبو فراس.
سأل رجل الحسن- والفرزدق عنده- عن قول الله عز وجل وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ
[سورة النساء، الآية: 24] ، فقال الفرزدق: تسأل أبا سعيد، وقد قلت بذلك شعرا؟ فقال له الحسن: ما هو؟ قال «8» :
وذات حليل أنكحتها «9» رماحنا حلالا ومن يبن «10» بها لم تطلّق
فتبسم الحسن ولم يردّ عليه ما قال، قال: تحل لكم السبايا أن تطؤوهن بملك اليمين من غير أن يطلقهن أزواجهن.
أتى «11» الفرزدق الحسن فقال: إني قد هجوت إبليس، فاسمع، قال: لا حاجة لنا(74/59)
بالقول، قال: لتسمعنّ أو لأخرجنّ، فأقول للناس: إن الحسن ينهى عن هجاء إبليس، فقال الحسن: اسكت، فإنك عن لسانه تنطق. قال سلام بن مسكين:
كنت في حبس بلال «1» والفرزدق معي في السجن، فقلت: يا أبا فراس، تمزّق أعراض الناس، وتتناولهم بلسانك! فقال لي: اسمع ما أقول: والله إنه تبارك وتعالى أحبّ إلي من نفسي التي بين جنبيّ، ومن عيني هاتين، ومن عشيرتي، أفترى الله يعذبني بعد هذا، إنه لأكرم من ذلك «2» .
قيل لابن هبيرة «3» : من سيد أهل العراق؟ قال: الفرزدق، هجاني ملكا ومدحني سوقة. وقال لخالد حين قدم العراق:
ألا قطع الرحمن ظهر مطية أتتنا تخطى «4» عن دمشق بخالد
وكيف يؤم الناس من كانت امّه «5» تدين بأن الله ليس بواحد «6»
وقال «7» :
نزلت بجيلة «8» واسطا فتمكنت ونفت فزارة عن قرار المنزل
وقال «9» :
لعمري لئن كانت بجيلة زانها جرير لقد أخزى بجيلة خالد(74/60)
لقي «1» الفرزدق شابّ «2» من أهل البصرة، يا أبا فراس، أسألك عن مسألة، قال: سل، قال: أيهما أحبّ إليك: تسبق الخير أو يسبقك؟ قال: يابن أخي؟ لم تأل «3» أن شدّدت وأحببت ألا تجعل لي مخرجا، أفتجيبني أنت إن أجبتك؟ قال: نعم، قال: فاحلف، فغلّظ عليه، ثم قال: نكون معا، لا يسبقني ولا أسبقه. أسألك الآن؟ قال: نعم، قال: أيما أحب إليك: أن ترجع الآن على منزلك، فتجد امرأتك قابضة بكذا وكذا من رجل أو تجد رجلا قابضا على كذا وكذا منها؟
مر الفرزدق «4» بمجلس لبني حرام ومعه عنبسة الفيل مولى عثمان بن عفان- وهو جدّ عبد الكريم بن روح- فقال: يا أبا فراس، متى تذهب إلى الآخرة؟ قال: وما حاجتك إلى ذلك؟ قال: أكتب معك إلى أبي، قال: أنا لا أذهب حيث أبوك، أبوك في النار. ولكن اكتب إليه مع ريالوه واسطفانوس.
كان أسد «5» بن عبد الله القسري «6» شديد التعصب، فاجتمع عنده ذات يوم جماعة من الشعراء، فيهم الفرزدق، فقال له: أنشدنا، قال الفرزدق: فعلمت أنه يكرهشعري، فقلت: أيها الأمير، لو أمرت غيري لأنشدك، فقال: أنشدني، ودعني من غيرك، فأنشدته قصيدة أقول فيها «7» :
فإن الناس لولا نحن كانوا كما خرز تساقط من نظام «8»
قال فبم؟ واضطرب، ثم أقبل علي كالمهدد، فقال: أنشدنا، ودعنا من فخرك، فأنشدته «9» :(74/61)
يختلف الناس ما لم نجتمع لهم فلا خلاف إذا ما استجمعت «1» مضر
منا الكواهل والأعناق تقدمها والرأس منا وفيه السمع والبصر «2»
ولا نلين لمن يبغي تهضّمنا «3» حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
فاربدّ وجهه، واضطرب، وقال: أي رأس منكم فيه السمع والبصر؟ قال الفرزدق:
فبركت بين يديه، وقلت: على الخبير سقطت: قريش وكنانة، فلم يجد لي جوابا حين ذكرت قريشا، ثم فكر فقال: كذبت، قريش سبط من الأسباط، وهي حيث جعلها الله أمة وسطا «4» ، فقلت: إن كانت قريش سبطا، ولم تكن من مضر فهي إذا من بني إسرائيل، فضحك الناس، وأمر بنا فأخرجنا.
ولما خاصمت الفرزدق زوجته نوار «5» إلى عبد الله بن الزبير، وطلب فسخ نكاحها قال «6» :
لعمري لقد أردى نوارا وساقها إلى الغور أحلام قليل عقولها «7»
أطاعت بني أمّ النسير فأصبحت على قتب يعلو الفلاة دليلها «8»
منها:
وإن الذي يسعى ليفسد «9» زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستبيلها(74/62)
وفيهن عن أبوالهنّ بسالة وبسطة أيد «1» يمنع الضيم طولها
فدونكها «2» يا بن الزبير فإنها مولّهة يوهي الحجارة قيلها
ولما طلق «3» الفرزدق امرأته النوار ثلاثا قال لأبي شفقل «4» : امض بنا إلى الحسن «5» نشهده على طلاق النوار، قال: فقلت له: أخشى أن يبدو لك فيها، فتشهد عليك الحسن، فتجلد، ويفرّق بينكما، فقال: لا بد منه، فمضيا إلى الحسن، فأخبره، فقال له الحسن: قد شهدنا عليك، ثم بدا له بعد فادعاها، فشهد عليه الحسن، ففرّق بينهما، فأنشأ يقول «6» :
ندمت ندامة الكسعيّ «7» لما مضت «8» مني مطلّقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضّرار «9»
فلو أني ملكت يدي وقلبي لكان علي للقدر اختيار «10» ولما «11» ماتت النوار امرأة الفرزدق أوصت أن يصلي عليها الحسن بن أبي الحسن البصري، فحضر جنازتها أجلاء أهل البصرة، والحسن على بغلته، والفرزدق على بعيره، فقال له الحسن: يا أبا فراس، ما يقول الناس؟ قال: يقول الناس: حضر الجنازة خير الناس وشر الناس، قال: ما أنا بخيرهم، ولا أنت بشرّهم. يا أبا فراس، ما أعددت لهذا اليوم؟(74/63)
قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة. [فقال الحسن بيده: نعم والله العدة] «1» . فلما صلى عليها الحسن، مالوا إلى قبرها لدفنها، فأنشأ الفرزدق يقول «2» :
أخاف وراء القبر إن لم يعافني أشدّ من القبر التهابا وأضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائد عنيف وسوّاق يسوق «3» الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم «4» من مشى إلى النار مغلول القلادة أزرقا «5»
يساق إلى ذلّ «6» الجحيم مسربلا سرابيل قطران لباسا محرّقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم يذوبون من حرّ الصديد تمزّقا
فبكى الحسن «7» ثم التزم الفرزدق، وقال: لقد كنت من أبغض الناس إلي، وإنك اليوم من أحب الناس إلي.
شهد «8» الحسن جنازة أبي رجاء العطاردي «9» [على بغلة] «10» ، والفرزدق معه على بعيره، فقال له الفرزدق: يا أبا سعيد، يستشرفنا الناس، فيقولون: خير الناس، وشر الناس، فقال الحسن: يا أبا فراس، كم أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، ذاك خير من الحسن، وكم من شيخ مشرك أنت خير منه يا أبا فراس، قال: الموت يا أبا سعيد، قال له الحسن: وما أعددت له يا أبا فراس؟ قال: شهادة أن للا إله إلا الله منذ سبعين «11» سنة، قال:(74/64)
إن للا إله إلا الله شروطا، فإياك وقذف المحصنة، يا أبا فراس كم من محصنة قد قذفتها، فاستغفر الله، قال: فهل من توبة أبا سعيد؟ قال: نعم.
زاد في آخر بمعناه:
ثم وقف الحسن مليا ثم قال: أما أنت يا أبا رجاء فقد استرحت من غموم الدنيا ومكابدتها، فجعل الله لك في الموت راحة طويلة، ثم أقبل على الفرزدق فقال: يا أبا فراس، كن من مثل هذا على حذر، فإنما نحن وأنت بالأثر، قال: فبكى الفرزدق ثم أنشأ يقول «1» :
فلسنا بأنجى منهم غير أننا بقينا قليلا بعدهم وترحلوا
حدث محمد بن زياد «2» - وكان في ديماس «3» الحجاج زمانا حتى أطلقه سليمان حين قام- قال:
انتهيت إلى الفرزدق، وهو ينشد بمكة، بالرّدم «4» مديح سليمان «5» :
وكم أطلقت كفاك من قيد «6» بائس ومن عقدة ما كان يرجى انحلالها
كثيرا من الأسرى التي قد تكنّعت «7» فككت وأعناقا عليها غلالها
فقلت: أنا أحدهم، فأخذ بيدي وقال: أيها الناس، سلوه فو الله ما كذبت.
قال الفرزدق يذكر ولادة برّة بنت مرّ قريشا- يعني: أم النضر بن كنانة «8»
:
هم أبناء برّة بنت مرّ فأكرم بالخؤولة والعموم
فما فحل بأنجب من قريش وما خال بأكرم من تميم
ومن شعر الفرزدق «9»
:(74/65)
إن المهالبة الذين «1» تحملوا دفع المكاره عن ذوي المكروه
زانوا قديمهم بحسن حديثهم «2»
وكريم أخلاق وحسن وجوه
قدم جرير على عمر بن عبد العزيز، وهو يتولى المدينة، فأنزله في دار، وبعث إليه بجارية تخدمه، فقالت له: إني أراك شعثا، فهل لك في الغسل؟ فجاءته بغسل وماء، فقال لها: تنحي عني، ثم اغتسل. ثم قدم الفرزدق فأنزله دارا وبعث إليه بجارية، فعرضت عليه مثل ذلك، فوثب عليها، فخرجت إلى عمر، فنفاه من المدينة، وأجله ثلاثا، ففي ذلك يقول «3»
:
توعّدني وأجّلني ثلاثا كما لبثت «4» لمهلكها ثمود
فبلغ ذلك جرير فقال «5»
:
نفاك الأغرّ ابن عبد العزيز بحقك «6» تنفى عن المسجد
وشبّهت نفسك أشقى ثمود فقالوا: ضللت ولم تهتد
وقد أخروا «7»
حين حلّ العذاب ثلاث ليال إلى الموعد
قدم «8»
الفرزدق المدينة في سنة جدبة، فمشى أهل المدينة إلى عمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ أميرها فقالوا: إن الفرزدق قدم في هذه السنة الجدبة التي قد حلقت «9» أموالها، وليس عند أحد ما يعطيه، فلو أن الأمير بعث إليه وأرضاه، وتقدم إليه ألا يعرض لأحد بمدح ولا هجاء. [فبعث إليه عمر: إنك يا فرزدق قدمت مدينتنا هذه في هذه السنة الجدبة، وليس(74/66)
عند أحد ما يعطيه شاعرا، وقد أمرت لك بأربعة آلاف درهم، فخذها، ولا تعرض لأحد بمدح ولا هجاء] «1»
. قال: فأخذها الفرزدق، ومرّ بعبد الله بن عمرو بن عثمان، وهو جالس في سقيفة داره، وعليه مطرف «2»
خزّ وجبة حمراء فقال «3»
:
أعبد الله أنت أحقّ ماش وساع بالجماهير الكبار
فللفاروق أمّك «4» وابن أروى «5»
أبوك فأنت منصدع النهار
هما قمرا السماء وأنت نجم به في الليل يدلج كلّ سار
فخلع عليه جبته والمطرف والعمامة، ودعا له بعشرة آلاف درهم، فسمع ذلك عمر بن عبد العزيز، فبعث إليه عمر ألم أتقدم إليك يا فرزدق ألا تعرض لأحد بمدح ولا هجاء؟
اخرج، فقد أجلتك ثلاثا، فإن وجدتك بعد ثلاث نكّلت بك، فخرج الفرزدق وهو يقول:
توعدني وأجلني ثلاثا كما وعدت لمهلكها ثمود
كان الحجاج يتمثل بهذا البيت من شعر الفرزدق لما مات ابنه «6»
: فما ابنك إلا من بني الناس فاصبري «7» فلن يرجع الموتى حنين الماتم
كان «8»
شاعر من بني حرام بن سماك قد هجا الفرزدق، فأخذوه، فأتوا به الفرزدق، وقالوا له: هذا بين يديك، فإن شئت فاضرب، وإن شئت فاحلق، لا عدوى عليك، ولا قصاص، فخلى عنه وقال «9»
:
فمن يك خائفا لأذاة شعري فقد أمن الهجاء بنو حرام
هم قادوا سفيههم وخافوا قلائد مثل أطواق الحمام
كتب الفرزدق إلى جرير كتابا يدعوه إلى الصلح، ويقول: ذهبت أيامنا بالباطل وكرّت(74/67)
أيامنا، وقطعنا الدهر بشتم العشيرة، فهلم إلى الصلح، فجعل جرير يقرىء كتابه الناس، ويقول: دعاني إلى الصلح، فإذا في آخر كتابه «1»
:
شهدت طهيّة والبراجم كلّها أن الفرزدق نال أمّ جرير
وقال بعض الخلفاء «2»
لجرير والفرزدق: حتى متى لا تنزعان «3»
، فقال جرير: يا أمير المؤمنين، إنه يظلمني، قال: صدق، إني أظلمه، ووجدت أبي يظلم أباه.
خرج «4»
الفرزدق حاجا فمرّ بالمدينة، فدخل على سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب مسلما عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا، قالت: ليس كما قلت «5»
، أشعر منك الذي يقول «6»
:
بنفسي من تجنّبه عزيز علي ومن زيارته لمام
ومن أمسي وأصبح لا أراه ويطرقني إذا هجع النيام
فقال: لئن أذنت لي لأسمعنك من شعري أحسن من هذا، فقالت: أقيموه، فخرج.
فلما كان الغد عاد إليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا، قالت: ليس كما قلت «7»
، أشعر منك الذي يقول «8»
:
لولا الحياء لهاجني «9» استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
كانت إذا هجر «10»
الضجيع فراشها خزن «11»
الحديث وعفّت الأسرار(74/68)
لا يلبث «1» القرناء أن يتفرقوا ليل يكرّ عليهم ونهار
قال: لئن أذنت لي لأسمعنّك من شعري ما هو أحسن من هذا، فأمرت به، فأخرج، فعاد إليها من الغد، وحولها جوار مولّدات، كأنهن «2» التماثيل عن يمينها وعن شمالها، فأبصر الفرزدق واحدة منهن، كأنها ظبية، أدماء، فمات عشقا لها، وجنونا بها، وقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا، قالت: ليس كذلك، أشعر منك الذي يقول «3» :
إن العيون التي في طرفها مرض «4» قتلننا ثم لم يحيين قتلانايصرعن ذا اللبّ حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا
فقال: يا بنة «5» رسول الله، إنّ لي عليك حقا عظيما لموالاتي لك ولآبائك، وإني صرت «6» إليك من مكة قاصدا لك إرادة التسليم عليك، فلقيت في مدخلي إليك من التكذيب لي، وتعنيفي ومنعك إياي أن أسمعك شعري ما قطع ظهري، وعيل صبري، والمنايا تغدو وتروح، ولا أدري لعلي لا أفارق المدينة حتى أموت، فإن أنا مت فمري من يدفني في درع «7» هذه الجارية، وأومأ إلى الجارية التي كلف بها، فضحكت سكينة حتى كادت تخرج من بردها «8» ، وأمرت له بألف درهم وكسى وطيب، وأمرت له بالجارية يجتمع إليها وقالت: يا أبا فراس، إنما أنت واحد منا أهل البيت- لا يسؤك ما جرى، خذ ما أمرنا لك به، وأحسن إلى الجارية، وأكرم صحبتها «9» . قال الفرزدق: فلم أزل أرى البركة بدعائها في نفسي ومالي.
قال أبو عبيدة:
أول حمام بني بالبصرة حمام منجاب السعدي «10» ، وإن الفرزدق «11» كان ذات يوم على(74/69)
باب دربه في أطمار خزّ إذ مرّت به امرأة نبيلة برزة، فقالت له: كيف الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: ها هنا، وأومأ إلى دربه. فلما ولجت المرأة الدرب كامشها»
فاحتملها، وقد علم الله ما كان بعد ذلك.
وحدث بعض أهله قال: كنت عند رأس الفرزدق ألقّنه الشهادة، فكنت أقول: يا أبا فراس، قل لا إله إلا الله، فيقول «2» :
يا رب قائلة يوما وقد لعبت «3» : كيف الطريق إلى حمام منجاب
ثم يقول: نعم، لا إله إلا الله، إلى أن مات.
ولما احتضر الفرزدق قال «4» : أروني من يقوم لكم مقامي إذا ما الأمر جلّ عن العتاب «5»
إلى من تفزعون إذا حثوتم بأيديكم عليّ من التراب
قال أبو عمرو بن العلاء:
حضرت الفرزدق، وهو يجود بنفسه، فما رأيت أحسن ثقة بالله منه. وذلك في أول سنة عشر ومئة. فلم أنشب أن قدم جرير من اليمامة، فاجتمع إليه الناس، فما وجدوه كما عهدوه، فقلت له في ذلك، فقال: أطفأ الفرزدق جمرتي، وأسال عبرتي، وقرّب منيتي، ثم شخص إلى اليمامة، فنعي لنا في رمضان من تلك السنة.
وقيل: إن الفرزدق عاش حتى قارب المئة «6» ، ومات سنة أربع عشرة ومئة «7» .
وكان له من الولد «8» : لبطة وسبطة وخبطة «9» وركضة، فانقرض عقبه.(74/70)
وقيل: إن جريرا مات بعده بأربعين يوما «1» .
قال لبطة بن الفرزدق:
رأيت أبي في النوم، فقال لي: يا بني، نفعتني الكلمة التي خاطبت بها الحسن. يعني: لما قال له: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة.
لما نعي الفرزدق إلى جرير، وهو بالبادية «2» اعترض الطريق، فإذا أعرابي على قعود له، فقال له جرير: من أين؟ قال: من البصرة، قال: هل من حاسة خبر؟ قال: نعم، بينا أنا بالمربد فإذا جنازة عظيمة قد حفل لها الناس، فيها الحسن البصري، فقلت: من؟ قالوا:
الفرزدق، فبكى جرير بكاء شديدا، فقال له قومه: أتبكي على رجل يهجوك وتهجوه مذ أربعون «3» سنة؟! قال: إليكم عني، فما تسابّ رجلان، ولا تناطح كيّسان فمات أحدهما إلا تبعه الآخر عن قريب «4» :
لعمري لئن كان المخبّر صادقا لقد عظمت بلوى تميم وجلّت «5»
فلا حملت «6» بعد الفرزدق حرة ولا ذات حمل «7» من نفاس تعلّت «8»
هو الوافد المحبوّ والرافع الثّأي «9» إذا النعل يوما بالعشيرة زلّت
[10074] همام بن قبيصة بن مسعود بن عمير ابن عامر بن عبد الله بن الحارث النّميري
من أصحاب معاوية. شاعر فارس. شهد صفين مع معاوية، وكان مع الضحاك بن
__________
(
[10074] ) جمهرة ابن حزم ص 279 ووقعة صفين ص 207 و 397 وتاريخ خليفة ص 252 والأخبار الموفقيات ص 412 وتاريخ الطبري 5/306 وأنساب الأشراف 5/70. والنميري ضبطت عن جمهرة ابن حزم ص 279 وهو من ولد نمير بن عامر بن صعصعة.(74/71)
قيس يوم مرجع راهط، وقتل يومئذ، وكان همام سيد قومه «1» .
قال «2» عمرو بن العاص لعبد الرحمن بن خالد: اقحم يا بن سيف الله، فتقدم بلوائه، وقدم أصحابه، فأقبل علي على الأشتر، فقال له: لقد بلغ لواء معاوية حيث ترى، فدونك القوم، فأخذ الأشتر لواء علي وهو يقول:
إني أنا الأشتر معروف الشّتر «3» إني أنا الأفعى العراقي الذكر
لست من الحي ربيع «4» ومضر لكنني من مذحج الغرّ «5» الغرر
فضارب القوم حتى ردهم، فانتدب لهم همام بن قبيصة، وكان مع معاوية، فشد نحو مذحج وهو يقول «6» :
قد علمت حوراء «7» كالتمثال أنّي إذا ما دعيت نزال
أقدم إقدام الهزبر الخال «8» أهل العراق إنكم من بالي
حتى أنال فيكم المعالي أو أطعم الموت وتلكم حالي
في نصر عثمان ولا أبالي
فحمل عليه عدي بن حاتم الطائي وهو يقول «9» :
يا صاحب الصوت الرفيع العالي إن كنت تبغي في الوغى نزال
فأقدم «10» فإني كاشف عن حالي «11»(74/72)
فالتقيا، فضربه عدي، وأخذ لواءه، واقتتل الناس قتالا شديدا، فدعا «1» علي ببغلة «2» سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فركبها، وتعصّب بعمامة رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم السوداء ثم نادى: أيها الناس، من يشري نفسه لله؟ من يبيع الله نفسه؟ هذا يوم له ما بعده، فانتدب معه ما بين عشرة آلاف إلى اثني عشر ألفا، فتقدمهم علي وهو يقول «3» :
دبّوا دبيب النمل لا تقوتوا وأصلحوا أمركم «4» وبيتوا
حتى تنالوا الثأر أو تموتوا
فتبعه عدي بن حاتم وهو يقول «5» :
أبعد عمار وبعد هاشم وابن بديل فارس الملاحم
نرجو البقاء ضلّ حكم الحاكم «6» وقد عضضنا أمس بالأباهم
فاليوم لا تقرع سنّ نادم ليس امرؤ من يومه بسالم
وتبعه الأشتر في مذحج وهو يقول «7» :
حرب بأسباب الردى تأجّج يهلك فيها البطل المدجّج
يكفيكها همدانها ومذحج
وحمل «8» الناس حملة واحدة، فلم يبق لأهل الشام صفّ إلا أزالوه حتى أفضوا إلى معاوية، فدعا بفرسه لينجو عليه. قال معاوية: فلما وضعت رجلي في الركاب تمثلت بأبيات عمرو بن الإطنابة:
أبت لي عفتي وأبى بلائي وأخذي الحمد بالثمن الربيح(74/73)
وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي
فأقام، فنظر معاوية إلى عمرو فقال: اليوم صبر، وغدا فخر، فقال عمرو: صدقت «1» . قدم أعرابي من بني هلال دمشق في خلافة معاوية، فأتى همام بن قبيصة النّميري، فقال له رجل من بني هلال: أصابتني السنة «2» ، فأذهبت مالي، فجئت أطلب الفريضة، فكلم لي معاوية، فقال له: إن معاوية علي غضبان، ولست أدخل عليه، ولكني أكلّم لك آذنه يدخلك عليه، فإذا وضع الطعام فكل، ثم علّمه كلاما يكلمه به إن لم يفرض له، فكلم له الآذن، فأدخله. فلما وضع الطعام أكل الأعرابي ثم قام فقال: يا أمير المؤمنين، إنني من بني هلال أصابتني السنة، فأذهبت مالي، فجئت أطلب الفريضة، فقال: وكلما أصابت السّنة أعرابيا أردنا أن نفرض له؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن جلّ من معك أهل اليمن، وقد كان فيهم ملك، فهم، لكنه صوّر، وقد حدثوا بأنه سيرجع إليهم، فإن رأيت أن تفرض لهذا الحي من مضر فتستظهر بهم، فافعل، فقال له معاوية: هذا كلام همام- فعرفه- أبالدوائر تخوّفاني؟! عليك وعلى همام لعنة الله ودائرة السوء، ثم أمر ففرض له. وبلغ هماما الخبر، فقال: إن كنا لنعدّ عقل معاوية يفضل ألف رجل، فما زال به النساء والبنون والشفاعات حتى صار عقله إلى عقل مئة رجل.
لما «3» بلغ يزيد بن معاوية أن أهل مكة أرادوا ابن الزبير على البيعة، فأبى، فأرسل النعمان بن بشير الأنصاري وهمام بن قبيصة النميري إلى ابن الزبير بن عوام إلى البيعة ليزيد على أن يجعل له ولاية للحجاز، أو ما شاء، وما أحب لأهل بيته من الولاية، فقدما على ابن الزبير، فعرضا عليه ما أمرهما يزيد، فقال ابن الزبير: أتأمروني ببيعة رجل يشرب الخمر، ويدع الصلاة، ويتبع الصيد؟ فقال همام: أنت أولى بذلك منه، فلطمه رجل من قريش، فرجعا إلى يزيد، فغضب، وحلف لا يقبل بيعته إلا وفي يده جامعة.
قال الحجاج لوازع بن ذؤالة الكلبي «4» : كيف قتلت همّام بن قبيصة؟ قال: مر بي(74/74)
والناس منهزمون، فلو شاء أن يذهب لذهب، فلما رآني قصدني، فضربته، وضربني، وسقط «1» ، فحاول القيام، فلم يقدر، فقال وهو في الموت «2» :
تعست ابن ذات النّوف أجهز على فتى «3» يرى الموت خيرا من فرار وأكرما
ولا تتركنّي بالحشاشة «4» إنني صبور إذا ما النّكس مثلك أحجمافدنوت منه فقال: أجهز علي، قبحك الله، فقد كنت أحب أن يلي هذا مني من هو أربط جأشا منك، فاحتززت رأسه، وأتيت به مروان «5» .
وكان مروان يقاتل الضحاك بن قيس بمرج راهط، فجاء روح بن زنباع الجذامي فبشره بقتل الضحاك بن قيس، وقتل همام بن قبيصة، وقتل ابن معن «6» السلمي، وقال ابن مقبل «7» :
يا جدع آنف قيس بعد همام بعد المذبّب عن أحسابها الحامي
يعني همام بن قبيصة.
[10075] همام بن محمد بن سعيد أراه ابن عبد الملك بن مروان الأموي حدث عن ميمون بن مهران قال «8» :(74/75)
قال لي عمر بن عبد العزيز: يا ميمون، احفظ عني أربعا: لا تصحبنّ «1» سلطانا، وإن أمرته بمعروف، ونهيته عن منكر، ولا تخلون بامرأة، وإن أقرأتها «2» القرآن، ولا تصل من قطع رحمه، فإنه لك أقطع، ولا تكلمنّ بكلام اليوم تعتذر منه غدا.
[10076] همام بن محمد بن أبي شيبان العبسي
حدث عن الوليد بن مسلم بسنده إلى أبي الدرداء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
في قول الله عز وجل: وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما
[سورة الكهف، الآية: 83] . قال: «ذهب وفضة» «3»
[14380] .
[10077] همام بن الوليد الدمشقي
حدث عن صدقة بن عمر الغساني بسنده إلى الحسن قال:
كان اسم كبش إبراهيم عليه السلام حرير، واسم هدهد سليمان عبقر، واسم كلب أصحاب الكهف قطمير، واسم عجل بني إسرائيل الذي عبدته بهموت. وهبط آدم بالهند.
وهبطت حواء بجدة، وهبط إبليس بدست ميسان «4» . وهبطت الحيّة بأصبهان.
[10078] هميم بن همام بن يوسف أبو العباس الطبري
حدث عن هشام بن خالد الأزرق بسنده عن أنس:
إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن العجين وقع فيه قطرات من دم، فنهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أكله
[14381] .
قال الوليد: لأن النار لا تنشف الدم.
وحدث عن هشام بن عمار بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«أما الوقوف عشية عرفة فإن الله يهبط إلى السماء الدنيا، فيباهي بكم الملائكة، فيقول:(74/76)
هؤلاء عبادي، جاؤوني شعثا [غبرا] «1» يرجون رحمتي. فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل، وكعدد القطر.... «2» أو الشجر لغفرتها لكم. أفيضوا عبادي، مغفورا لكم، ولمن شفعتم له»
[14382] .
توفي هميم بن همام سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
[10079] هنبل بن محمد بن يحيى بن هنبل أبو يحيى السليحي الحمصي
حدث عن هشام بن عمار بسنده إلى أبي عنبة «3» الخولاني قال:
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا مشى أقلع
[14383] .
وحدث عن محمد بن إسماعيل بن عياش بسنده إلى جابر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إن إبليس قد أيس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش «4» بينهم»
[14384] .
[10080] هنيدة: من أصحاب الوليد بن عبد الملك
قال الزهري «5» : دخلت على عروة بن الزبير، وهو يكتب إلى هنيدة «6» صاحب الوليد بن عبد الملك، وكان كتب يسأله عن قول الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَ
[سورة الممتحنة، الآية: 10] ، فكتب إليه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صالح قريشا يوم الحديبية على أن يريد عليهم من جاء بغير إذن ولي، فكان يرد الرجال، فلما هاجر النساء أبى الله ذلك- أن يردّهنّ إذا امتحنّ بمحنة الإسلام، فزعمت
__________
(
[10079] ) السليحي، بضم السين وفتح اللام، وبفتح السين وكسر اللام نسبة إلى سليح، وسليح كلاهما بطن من قضاعة. انظر الأنساب (السليحي 3/283- 284) .(74/77)
أنها جاءت راغبة فيه- وأمره أن يرد صدقاتهن «1» إليهم إذا حبسوا «2» عنهم، وأن يردوا عليهم مثل الذي يردّ عليهم إن فعلوا، فقال: وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ
[سورة الممتحنة، الآية:
10] .
[10081] هني مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان عامل عمر على الحمى «3» الذي حماه للمسلمين، وكان مع معاوية بصفين.
[روى عن مولاه عمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي بكر الصديق. روى عنه: ابنه عمير بن هني، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين- الباقر] «4» .
حدث هني:
أن أبا بكر الصديق لم يحم شيئا من الأرض إلا للنفع «5» ، وقال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حماه، فكان يحميه للخيل التي يغزا عليها. وكانت إبل الصدقة إذا أخذت عجافا أرسل بها إلى الرّبذة «6» ، وما والاها ترعى هناك، ولا يحمي لها شيئا، ويأمر أهل المياه لا يمنعون من ورد عليهم أن يشرب معهم، ويرعى عليهم.
فلما كان عمر بن الخطاب، وكثر الناس، وبعث البعوث إلى الشام، وإلى مصر، وإلى العراق حمى الربذة، واستعملني على حمى الربذة «7» .
كان «8» عمر بن الخطاب استعمل مولى له يدعى هنيا على الحمى «9» ، فقال: يا هني
__________
[10081] ترجمته في تهذيب الكمال 19/310 وتهذيب التهذيب 6/49 والإصابة 3/620 والإكمال 7/319. وهني بالتصغير كما في الإصابة.(74/78)
اضمم جناحك عن الناس «1» ، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدخل رب الصّريمة «2» والغنيمة، وإياي ونعم ابن عفان وابن عوف، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى نخل وزرع، وإن رب الصّريمة والغنيمة إن تهلك ماشيته يأتيني «3» بالبينة فيقول: يا أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا لا أبالك؟ فالملأ والكلأ أيسر علي من الورق «4» ، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم ومياههم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا.
قال هني مولى عمر بن الخطاب «5» : كنت أول شيء مع معاوية على علي، فكان أصحاب معاوية يقولون: والله لا نقتل عمارا أبدا، إن قتلناه فنحن كما يقولون، فلما كان يوم صفين ذهبت أنظر في القتلى فإذا عمار ابن ياسر مقتول. قال هني: فجئت إلى عمرو بن العاص، وهو على سريره، فقلت: أبا عبد الله، قال: ما تشاء؟ قلت: انظر أكلّمك، فقام إلي، فقلت: عمار بن ياسر، ما سمعت فيه؟ فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تقتله الفئة الباغية» ، فقلت: هوذا والله مقتول، فقال: هذا باطل، فقلت: بصر عيني مقتول، قال: فانطلق فأرينيه «6» ، فذهبت. فأوقعته عليه، فساعة رآه امتقع «7» ، ثم أعرض في شق، وقال: إنما قتله الذي خرج به
[14385] .
وفي رواية: إنما قتله أصحابه.
[قال ابن ماكولا] «8» : [وأما هني بضم الهاء وفتح النون فهو هني مولى عمر بن(74/79)
الخطاب، سمع عمر رضي الله عنه، ذكره البخاري، روى حديثه زيد بن أسلم عن أبيه] «1» .
[10082] هود بن عبد الله بن رباح بن خالد ابن الخلود بن عاد بن عوض بن إرم بن سام ابن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو- إدريس- بن يارد بن مهلائيل بن قتبان ابن أنوش بن شيث بن آدم نبي الله صلّى الله عليه وسلّم
وقال بعض النسابين إن هودا هو عابر بن شالخ بن أرفخشذ «2» بن سام بن نوح «3» .
قيل: إن هودا بنى الحائط القبلي من جامع دمشق. وقيل: إن قبره به «4» . وقيل: قبره بمكة. وقيل: قبره باليمن.
وكان عاد ابن عوض بن إرم بن سام بن نوح. وكان الضحاك بن أهنوت من ولد قحطان، وهو أهنوت بن ملل بن لاوذ بن الغوث بن الفزر بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب ابن قحطان بن أنمر بن الهميسع بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارح، وهو آزر بن ناخور ابن ارغوا بن أسروغ بن فالغ بن يقطن، وهو قحطان بن عابر، وهو هود النبي- صلى الله على نبينا وعليه وسلم- ابن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح.
وأول «5» نبي بعثه الله إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسماعيل وإسحاق [ابنا إبراهيم] «6» ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوض «7» بن
__________
[10082] انظر أخباره في تاريخ الطبري 1/133 وما بعدها (ط. بيروت) البداية والنهاية 1/137 وما بعدها وأنساب الأشراف 1/8 والكامل لابن الأثير 1/79 ومروج الذهب (الفهارس) في الجزء الأول والثاني. وثمة خلاف كبير في عامود نسبه بين مختلف المصادر التي ترجمته. ذكر هود في القرآن الكريم سبع مرات، فذكر في سورة الأعراف 65 وفي سورة هود: 50- 53- 58- 60- 89 وفي سورة الشعراء 124.(74/80)
إرم بن سام بن نوح، [وعاد وغبيل ابنا عوض بن إرم] «1» .
وعن ابن عباس قال:
كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة «2» : نوح، وهود، ولوط، وصالح، وشعيب، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وعيسى، ومحمد صلّى الله عليه «3» وعليهم وسلّم. وليس من نبي له اسمان غير عيسى المسيح، ويعقوب إسرائيل. وكان أبو هود أول من تكلم بالعربية «4» ، وولد لهود أربعة، فهم العرب: قحطان، ومقحط، وقاحط، وقالع أبو مضر. وقحطان أبو اليمن، والباقون ليس لهم نسل.
وكان من قصة هود، كيف بعثه الله من بعد نوح أن عادا كانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله، وذلك إنما عبدت الأصنام العرب أصنام قوم نوح بعد نوح، فتفرقوا في عباداتهم للأوثان، وفرقوا أصنام قوم نوح بينهم، فكانت هذيل بن مدركة بن خندف اتخذوا سواعا «5» إلها يعبدونه وكانت لهم برهاط «6» من أرض الحجاز، وكانت كلب بن وبرة من قضاعة اتخذوا ودا [إلها] «7» يعبدونه بدومة الجندل «8» ، وكانت أنعم من طيىء، وأهل جرش «9» من مذحج من تلك القبائل من أهل اليمن اتخذوا يعوق «10» إلها يعبدونه بجرش، وكانت خيوان «11» - بطن من همدان-[اتخذوا يعقوق] «12» بأرض همدان من اليمن، وكانت ذو(74/81)
الكلاع اتخذوا بأرض حمير نسرا «1» إلها يعبدونه من دون الله.
وكانت قوم هود وهم عاد أصحاب أوثان، يعبدونها من دون الله اتخذوا أصناما على مثال ود وسواع ويغوث ونسر، فاتخذوا صنما، يقال له: صمود «2» ، وصنما يقال له:
الهبار «3» ، فبعث الله إليهم هودا. فكان هود من قبيلة يقال لها: الخلود، وكان من أوسطهم نسبا، وأفضلهم موضعا، وأشرفهم نفسا، وأصبحهم وجها، وكان في مثل أجسامهم، أبيض جعدا، بادي العنفقة «4» ، طويل اللحية، فدعاهم إلى الله، وأمرهم أن يوحدوا الله، ولا يجعلوا مع الله إلها غيره، وأن يكفوا عن ظلم الناس، لم يذكر أنه أمرهم بغير ذلك، ولم يدعهم إلى شريعة، ولا إلى صلاة، فأبوا ذلك وكذبوه وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً
فنزل الله وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ
[سورة فصلت، الآية: 15] [قال الله عز وجل: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً [سورة الأعراف، الآية: 65] الآية] «5» . وكان هود من قومهم، ولم يكن أخاهم في الدين، قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ
، يعني: وحدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، ما لَكُمْ
يقول: ليس لكم مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ
يعني: فكيف لا تتقون؟ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ
[سورة الأعراف، الآية: 69] يعني: سكانا في الأرض: مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ
، فكيف لا تعتبرون فتؤمنوا، وقد علمتم ما أنزل بقوم نوح من النقمة حين عصوه، واذكروا ما أتي إليكم وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ
، يعني: هذه النعم لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
وكانت منازلهم وجماعتهم حيث بعث الله هودا فيهم بالأحقاف. والأحقاف: الرمل، ما بين عمان إلى حضر موت باليمن كله «6» ، وكانوا مع ذلك قد أفسدوا في الأرض كلها، وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي أتاهم الله، يقول الله عز وجل: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ
[سورة الأحقاف، الآية: 21] ، يعني: دكادك الرمل حيث منازلهم.(74/82)
روى الزهري:
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سأل ربه أن يريه رجلا من قوم عاد، فأراه رجلا رجلاه في المدينة ورأسه بذي الحليفة «1» .
وعن يحيى بن يعلى قال:
قال هود لقومه حين أظهروا عبادة الأوثان: يا قوم، إني بعثة الله إليكم، وزعيمه فيكم، فاتقوه بطاعته، وأطيعوه بتقواه، فإن المطيع لله يأخذ لنفسه من نفسه بطاعة الله للرضا، وإن العاصي لله يأخذ لنفسه من نفسه بمعصية الله للسخط، وإنكم من أهل الأرض، والأرض تحتاج إلى السماء، والسماء تستغني بما فيها، فأطيعوه تستطيبوا حياتكم، وتأمنوا ما بعدها، وإن الأرض العريضة تضيق عن التعرض لسخط الله.
وعن الضحاك قال:
أمسك الله عنهم القطر ثلاث سنين «2» ، وكانت الرياح عليهم من غير مطر ولا سحاب.
وعن جابر بن عبد الله قال:
إذا أراد الله بقوم سوءا حبس عنهم المطر، وحبس عنهم كثرة الرياح. قال: فلبثوا بذلك ثلاث سنين لا يستغفرون الله، فقال لهم هود: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً [سورة هود، الآية: 52] ، يعني: برزق متتابع «3» وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ
يعني: في الغنى والعدد «4» وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ
، فأبوا إلّا تماديا. فلما أصابهم الجهد أنفوا أن يطلبوا إلى هود أن يستسقي لهم، ونزل بهم البلاء، وجهدوا، فطلبوا إلى الله الفرج، وكان طلبتهم عند البيت الحرام، مسلمهم، ومشركهم، فتجمع بها ناس كثير مختلفة أديانها، وكلهم معظّم لمكة، يعرف حرمتها ومكانتها من الله عز وجل.
وعن ابن عباس قال:
كانوا إذا أتوا مكة- عظمها الله تعالى- ليسألوا الله عز وجل صعدوا الصفا ثم دعوا(74/83)
بحوائجهم، وسألوا الله تعالى، فيأتيهم بما سألوا. فانطلق وفد عاد فصعدوا الصفا، يقدمهم قيل بن عتر «1» . فلما استووا على الصفا يريدون أن يسألوا، فقال قيل عاد حين دعا بإله هود:
إن كان هود صادقا فاسقنا، فإنا قد هلكنا، فإنا لم نأتك لمريض تشفيه، ولا لأسير فتفاديه، فأنشأ الله ثلاث سحابات بيضاء، وحمراء، وسوداء، وناداه مناد من السماء: ياقيل، اختر لنفسك وقومك من هذه السحابات، قال قيل: أما البيضاء فجفاء لا ماء فيها، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهي مطلخمّة «2» ، وهي أكثر ماء، فقد اخترت السوداء. فناداه مناد قفال: اخترت رمادا رمددا «3» ، لا تبقي من آل عاد أحدا، لا والدا، تترك ولا ولدا، إلا جعلته همدا «4» ، إلا بنو اللوذيّة الغمدا «5» ، وإنما يعني الفهدا: السام «6» ، وبنو اللوذيّة: بنو لقيم بن هزّال بن هويلة «7» بنت بكر، وكانوا سكانا بمكة مع إخوانهم، لم يكونوا مع عاد بأرضهم، فهم عاد الآخرة، ومن كان من نسلهم الذين بقوا من عاد.
وساق الله السحابة التي اختار قيل بن عتر بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد لهم يقال له: المغيث، وقيل: إن الوالدي يقال له: الريان. كانوا إذا قحطوا فجاءتهم الريح من تلك الناحية مطروا. فلما رأوها جثلة «8» من ناحية الريان، أو المغيث استبشروا بها، فقالوا: قد جاءنا وفدنا بالمطر قالوا لهود: أني ما كنت توعّدنا؟ ما قولك إلا غرور هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
[سورة الأحقاف، الآية: 24] . يقول الله عز وجل لهود: قل لهم بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها
[سورة الأحقاف، الآيتان: 24 و 25] أي: كل شيء أمرت «9» به. فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح(74/84)
امرأة يقال لها: مهد «1» . فلما تبيّنت ما فيها صاحت، وصعقت، فلما أفاقت قيل: ماذا رأيت يا مهد «2» ؟ قالت: رأيت ريحا، فيها كشهب النّار، أمامها رجال يقودونها.
وروى العلماء: أن الريح التي سخرها الله على عاد الجنوب العقيم، وأنه إنما أرسل عليهم منها مثل حلقة الخاتم، ولو أرسل عليهم مثل منخر الثور ما تركت على ظهر الأرض شيئا إلا أهلكته.
وعن الحارث بن حسان قال «3» :
مررت بعجوز بالرّبذة، منقطع بها من بني تميم، فقالت: أين تريدون، فقلنا: نريد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالت: فاحملوني معكم، فإن لي إليه حاجة. قال: فدخلت المسجد، فإذا هو غاص بالناس، وإذا راية سوداء «4» تخفق، فقلت: ما شأن الناس اليوم؟ فقالوا: هذا رسول الله يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازا «5» بيننا وبين تميم فافعل، فإنها كانت لنا خاصة، قال: فاستوفزت العجوز، وأخذتها الحمية، فقالت: يا رسول الله، أين يضطر مضطرك «6» ؟ قلت: يا رسول الله، حملت هذه، ولا أشعر أنها كائنة لي خصما، قال: قلت: أعوذ بالله أن أكون كما قال الأول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وماذا قال الأول؟» قال: على الخبير سقطت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هيه، يستطعمه الحديث، قال: إن عادا أرسلوا وافدهم قيلا، فنزل على معاوية بن بكر شهرا، يسقيه الخمر، وتغنيه الجرادتان «7» ، فانطلق حتى أتى جبال مهرة «8» ، فقال: اللهم، إنّي لم آت لأسير فأفاديه، ولا لمريض فأداويه، فاسق عبدك ما كنت ساقيه، واسق معاوية بن بكر شهرا، يشكر له الخمر التي شربها عنده. قال: فمرت سحابات سود،(74/85)
فنودي أن خذها رمادا رمددا، لا تذر «1» من عاد أحدا.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «2» :
«نصرت بالصّبا، وأهلك عاد بالدّبور، وما أرسلت عليهم إلّا مثل الخاتم- وفي رواية:
مثل فص «3» الخاتم-، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم، فجعلتهم بين السماء والأرض. فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
[سورة الأحقاف، الآية: 24] فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة»
[14386] .
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أرسل الله سفيا من الريح إلا بمكيال، ولا قطرة ماء إلا بميزان، إلا يوم نوح وعاد، فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان، فلم يكن لهم عليه سلطان، ثم قرأ: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ
[سورة الحاقة، الآية: 11] . وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان «4» ، ثم قرأ: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ
[سورة الحاقة، الآية: 6] «5» .
وقيل: إن الريح العقيم في الأرض السابعة.
وقال عطاء بن يسار:
قلت لكعب: من ساكن الأرض الثانية؟ قال: الريح العقيم. لما أراد الله أن يهلك قوم عاد أوحى إلى خزنتها أن افتحوا منها بابا، قالوا: يا ربنا، مثل منخر الثور؟ قال: إذا [تكفأ] «6» الأرض بمن عليها. قال: ففتحوا منها مثل حلقة الخاتم. وقيل: لما أوحى الله إلى العقيم أن تخرج على قوم عاد، فينتقم له منهم، فخرجت بغير كيل على قدر منخر ثور حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب، فقال الخزان: يا رب، لن نطيقها، ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها، فأوحى(74/86)
الله إليها أن ارجعي، فرجعت، فخرجت على قدر خرق الخاتم، وهي الحلقة، فأوحى الله تعالى إلى هود أن يعتزل بمن معه من المؤمنين في حظيرة، فاعتزلوا، وخط عليهم خطا، وأقبلت الريح، فكانت لا تدخل حظيرة هود، ولا تجاوز الخط، وإنما يدخل عليهم منها بقدر ما تلذّ به أنفسهم، وتلين على الجلود، وإنها لتمر من عاد بالظعن [فتحتمله] «1» بين السماء والأرض، فتدمغهم بالحجارة. وأوحى الله إلى الحيات والعقارب أن يأخذوا عليهم الطرق، فلم تدع غاديا «2» يجاوزهم.
وعن مالك بن أنس قال:
سئلت امرأة من بقية قوم عاد: أي عذاب الله رأيت أشد؟ قالت: كل عذاب شديد، وسلام الله ورحمته ليلة الريح فيها، قالت: ولقد رأيت العير تحملها الريح بين السماء والأرض «3» .
قال الضحاك بن مزاحم:
لما أهلك الله عادا، ولم يبق منهم إلّا هود والمؤمنون فتنجست الأرض من أجسادهم أرسل الله عليها دكادك «4» الرمل، فرمستهم «5» ، فكان يسمع أنين الرجل من تحت الرمل من مسيرة يوم، فقال الله عز وجل لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ
[سورة الحاقة، الآيات: 4- 6] يعني بالصرصر:
الباردة، كانت تقع على الجلد فتحرقه بردا حتى ينكشط عن اللحم، ثم تصيّر اللحم كقطع النار عاتِيَةٍ
يعني: عتت على الخزان، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ
[سورة الحاقة، الآية: 7] يعني أنه سلطها عليهم سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
هبت عليهم يوم الأربعاء «6» غدوة،(74/87)
وسكنت يوم الأربعاء عشية حُسُوماً
: متصلات، مستقبلات، مشؤومات فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى [سورة الحاقة، الآية: 7] وذلك أنهم صفوا صفوفا، وحفروا تحت أرجلهم إلى الركب، ورمسوها بالثرى كي لا تزيلهم الريح، فقالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً
[سورة فصلت، الآية: 15] فأمهلهم الله ثمانية أيام ليعتبر عباده، فكانت الريح تعصفهم، وتضرب بعضهم بعضا، ولا تلقيهم، فلما كان يوم الثامن دخلت من تحت أرجلهم، فاحتملتهم، فضربت بهم الأرض، فذلك قوله: تَنْزِعُ النَّاسَ
[سورة القمر، الآية: 20] كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ
[سورة الحاقة، الآيتان: 7- 8] .
قال وهب بن منبه:
هلكت عاد، فلم يبق على الأرض منهم أحد، وما أتت الريح على شيء من النبات والشجر إلا جعلته كالرميم. فكان الرجل منهم ستين ذراعا، وكانت «1» هامة الرجل مثل القبة العظيمة، وكانت «2» عين الرجل ليفرخ فيها «3» السباع، وكذلك مناخرهم. وكان أول من عذب الله من الأمم قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، فكانوا «4» هؤلاء أول من كذب المرسلين. يقول الله عز وجل: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ
[سورة الشعراء، الآيتان: 105- 106] قال: ومن بعد قوم نوح كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ
[سورة الشعراء، الآيتان: 123- 124] قال: ومن بعد عاد كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ
[سورة الشعراء، الآية: 141] وقال عزّ وجلّ: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ
[سورة الحج، الآية: 42] .
حدث عبد الله قال:
ذكر الأنبياء عند النبي صلّى الله عليه وسلّم. فلما ذكر هود قال: ذاك خليل الله.
قال الخضر بن محمد بن شجاع الحراني:
أتينا عبد الله بن المبارك بالكوفة، فأتاه رجل فقال: أرأيت الرجل يدعو، يبدأ بنفسه؟
فقال: روينا إلى ابن عباس أنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«يرحمنا الله وأخا عاد»
[14387] .(74/88)
وروى أبي بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«رحمة الله علينا، وعلى أخي موسى» في قصة الخضر
[14388] . وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا ذكر الأنبياء بدأ بنفسه، فقال: «رحمة الله علينا وعلى هود وصالح»
[14389] .
وعن أبي العالية «1» : في قوله عز وجل: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ
[سورة الأحقاف، الآية: 35] نوح وهود وإبراهيم، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يصبر كما صبر هؤلاء. وكانوا ثلاثة، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم رابعهم عليه السلام ورحمة الله: قال نوح: يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ
[سورة يونس، الآية: 71] إلى آخرها، فأظهر لهم المفارقة. وقال هود حين قالوا: إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ
[سورة هود، الآية: 54] فأظهر لهم المفارقة. وقال لإبراهيم: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ
[سورة الممتحنة، الآية: 4] إلى آخر الآية، فأظهر لهم المفارقة. وقال «2» محمد صلّى الله عليه وسلّم: إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
[سورة الأنعام، الآية: 56] فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند الكعبة، فقرأها على المشركين، فأظهر لهم المفارقة.
وعن ابن عباس قال:
حج النبي صلّى الله عليه وسلّم. فلما أتى وادي عسفان «3» قال: «يا أبا بكر، أي واد هذا؟» قال: هذا عسفان، قال: «لقد مر بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم صلوات الله عليهم، على بكرات «4» لهم، حمر، خطمهنّ الليف، أزرهم العباء، وأرديتهم النّمار «5» ، يحجون البيت العتيق» «6» .(74/89)
وعن عروة بن الزبير أنه قال:
ما من نبي إلا وقد حج البيت إلا ما كان من هود وصالح. ولقد حجه نوح. فلما كان في الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض، وكان البيت ربوة حمراء، فبعث الله هودا، فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجّه حتى مات. ثم بعث الله صالحا، فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجه حتى مات. فلما بوّأه الله لإبراهيم حجه. ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه.
وعن عثمان بن أبي العاتكة قال:
قبلة مسجد دمشق قبر هود النبي صلّى الله عليه وسلّم «1» .
وعن ابن سابط قال: بين المقام والركن وزمزم قبر تسعة وسبعين نبيا، وإن قبر هود، وشعيب، وصالح، وإسماعيل في تلك البقعة.
وعنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «2» :
«مكة لا يسكنها سافك دم، ولا تاجر بربا، ولا مشاء بنميمة» . قال: «ودحيت الأرض من مكة، وكانت الملائكة تطوف بالبيت، وهي أول من طاف به. وهي الأرض التي قال الله:
إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
[سورة البقرة، الآية: 30] . وكان النبي من الأنبياء إذا هلك قومه، فنجا «3» هو والصالحون معه أتاها بمن معه، فيعبدون الله حتى يموتوا فيها. وإن قبر نوح، وهود، وشعيب، وصالح بين زمزم وبين الركن والمقام»
[14390] .
قال عثمان ومقاتل:
في المسجد الحرام بين زمزم والركن قبر تسعين نبيا منهم هود، [وصالح] «4» ،
__________
- صالح الجندي عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس. وأعاده ابن كثير في 1/158 من طريق الإمام في مسنده 1/232 وفيه: هود وصالح.(74/90)
وإسماعيل. وقبر آدم، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف في بيت المقدس.
وعن علي أنه قال لرجل من حضرموت:
أرأيت كثيبا أحمر تخالطه المدرة الحمراء بذي أراك «1» وسدر «2» ، كثير ماء، حبّه كذا وكذا بين أرض حضرموت، هل رأيته؟ قال: نعم والله إنك لنعتّ نعت رجل رأه، قال: لا، ولكني حدّثت عنه، وفيه قبر هود صلوات الله عليه وسلم «3» ، عند رأسه شجرة، إما سلم، وإما سدرة.
قال إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة:
ما يعلم قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة: قبر إسماعيل، فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت، وقبر هود، فإنه في حقف «4» تحت جبل من جبال اليمن، عليه شجرة تندى «5» وموضعه أشد الأرض خيرا، وقبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فإن هذه قبورهم بحق.
وقيل: إن هودا عمر مئة وخمسين سنة.
[10083] هود بن عطاء
يمامي، وقع إلى الشام. حدث عن أنس بن مالك عن أبي بكر قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ضرب المصلين
[14391] .
[قال أبو عبد الله البخاري] «6» : [هود بن عطاء عن أنس، وعطاء بن أبي رباح. روى عنه الأوزاعي، وموسى بن سعد] «7» .
__________
[10083] ترجمته في ميزان الأعتدال 4/310 ولسان الميزان 6/201 والتاريخ الكبير 8/241 والجرح والتعديل 9/111.(74/91)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[هود بن عطاء روى عن أنس، وعطاء [بن أبي رباح] وسالم بن عبد الله، وشداد بن عبد الله. روى عنه الأوزاعي، ومعاوية بن سلام، وموسى بن عبيدة. وعبد الله بن محمد الصنعاني أبو الزرقاء، سمعت أبي يقول ذلك] «2» .
وحدث عن أنس قال «3» :
كان في عهد رسول صلّى الله عليه وسلّم رجل يعجبنا تعبّده واجتهاده، فذكرناه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم باسمه، فلم يعرفه، ووصفناه بصفته، فلم يعرفه، فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل، قلنا: هوذا «4» ، قال: «إنكم لتخبرون «5» عن رجل، إنّ على وجهه سفعة «6» من الشيطان» ، فأقبل حتى وقف عليهم، ولم يسلم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنشدك بالله، هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل- أو خير- مني؟» قال: اللهم، نعم، ثم دخل يصلي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من يقتل الرجل؟» فقال أبو بكر: أنا، فدخل عليه، فوجده يصلي «7» ، فقال: سبحان الله، أقتل رجلا يصلي، وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ضرب «8» المصلين؟
فخرج، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما فعلت؟» قال: كرهت أن أقتله، وهو يصلي، وقد نهيت عن ضرب «9» المصلين. قال: «من يقتل الرجل؟» قال عمر: أنا، فدخل، فوجده واضعا وجهه، قال عمر: أبو بكر أفضل مني، فخرج، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مه؟» قال: وجدته واضعا وجهه لله، فكرهت أن أقتله، قال: «من يقتل الرجل؟» فقال علي: أنا، قال: «أنت إن أدركته» ، فدخل عليه فوجده قد خرج، فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له: «مه؟» قال:
وجدته قد خرج، فقال: «لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان كان أولهم وآخرهم»
[14392] .(74/92)
قال محمد بن كعب:
هو الذي قتله علي ذو الثّديّة «1» .
[10084] هوذة «2»
شهد بدرا مع المشركين، وأسلم بعد ذلك، ووفد على معاوية، روى الشعر.
قال: قدم على معاوية رجل يقال له: هوذة، فقال له معاوية: هل شهدت بدرا؟ قال:
نعم يا أمير المؤمنين، علي، لا لي «3» ، قال: فكم أتى عليك؟ قال: أنا يومئذ قمد قمدود «4» ، مثل الصفا والجلمود، كأني أنظر إليهم، وقد صفّوا لنا صفا طويلا، وكأني أنظر إلى بريق سيوفهم كشعاع الشمس من خلال السحاب، فما أشفقت «5» حتى غشيتنا عادية القوم، في أوائلهم علي بن أبي طالب، ليثا، عبقريا «6» ، يفري الفريا «7» ، وهو يقول: لن يأكلوا التمر ببطن مكة، لن يأكلوا التمر ببطن مكة، يتبعه حمزة بن عبد المطلب، في صدره ريشة بيضاء، قد أعلم بها، كأنه جمل يخطم بنساء، فرغت عنهما، وأحالا على حنظلة- يعني أخا معاوية- عمل ولا كفران لله زلت «8» ، فليت شعري متى أرحت، يا هوذة؟ قال: والله يا أمير المؤمنين، ما أرحت حتى نظرت إلى الهضبات من أرثد «9» ، فقلت: ليت شعري، ما فعل حنظلة؟ فقال له معاوية: أنت بذكرك لحنظلة كذكر الغني أخاه الفقير، فإنه لا يكاد يذكره إلا وسنان أو متواسنا.(74/93)
قالوا: ولا يصح لهوذة صحبة، لأن إسلامه كان بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
[10085] هلال بن ضيغم السلامي
قال الوليد:
غزا صالح بن علي سنة ثلاث وأربعين ومئة بمن معه من أهل خراسان، ووجه هلال بن ضيغم السلامي- من أهل دمشق- في جماعة من أهل دمشق، فبنوا على جسر سيحان «1» حصن أذنة «2» .
[10086] هلال بن سراج بن مجّاعة ابن مرّارة بن سلمى بن زيد بن عبيد الحنفي اليمامي
وفد على عمر بن عبد العزيز في خلافته.
حدث عن أبيه قال «3» : أعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مجاعة بن مرارة أرضا باليمامة يقال لها: الفورة «4» . قال: وكتب له بذلك كتابا:
__________
[10086] ترجمته في تهذيب الكمال 19/320 وتهذيب التهذيب 6/53 وطبقات خليفة ص 525 والطبقات الكبرى لابن سعد 5/554 وجمهرة ابن حزم ص 312 وانظر الإصابة 3/362 (ترجمة مجاعة) والجرح التعديل 9/73 والتاريخ الكبير 9/208. سراج بكسر المهملة وآخره جيم، كما في تقريب التهذيب. وضبطت في اللسان (شكر) بفتح الميم، وفي (حبل) بضمها، وضبطت بالقلم بضمة فوق الميم عن تهذيب الكمال وطبقات خليفة وجمهرة ابن حزم. وضبطت سلمى بضم السين عن الإكمال لابن ماكولا.(74/94)
من محمد رسول الله للمجّاعة بن مرارة، من بني سلمى، إني أعطيته الفورة، فمن حاجّه فيها فليأتني. وكتب يزيد.
وحدث هلال بن سراج عن أبيه عن جده مجاعة «1» :
أنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم يطلب دية أخيه، قتله بنو سدوس «2» بن ذهل «3» ، فأخذ من ذلك طائفة، وأسلمت بنو سدوس، فجاؤوا «4» إلى أبي بكر بكتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكتب «5» له باثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة: أربعة قمح «6» ، وأربعة تمر، وأربعة شعير. وكان في كتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم لمجاعة:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمجاعة بن مرارة من بني سلمى بن زيد «7» ، إني قد أعطيته مئة من الإبل، من أول خمس يخرج من مشركي بني سدوس بن ذهل [عقبة] «8» من أخيه.
قالوا: ثم إن هلال بن سراج وفد إلى عمر بن عبد العزيز بكتاب سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد ما استخلف عمر، فأخذه فقبّله، ووضعه على عينيه، ومسح به وجهه رجاء أن يصيب وجهه موضع يد سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وفي حديث عمر بن عبد العزيز أنه قال لهلال بن سراج بن مجاعة:
يا هلال، هل بقي من كهول بني مجاعة أحد؟ قال: نعم، وشكير كثير «9» . [فضحك(74/95)
عمر، وقال: كلمة عربية. وقوله: شكير كثير] «1» يريد أن فيهم أخدانا. وأصل الشّكير: الورق الصغار ينبت في أصول الكبيرات، وهو أيضا النبت أول ما يطلع. يقال: بدا شكير النبت: أي شيء قليل، دقيق، وكذلك هو من الشعر والوبر والصوف. وإذا شاخ الرجل دق شعره ولان وصار كالشّكير. والشكير في الشجر ورق يخرج في أصل الشجرة «2» ، وقد يستعار الشكير فيسمى به صغار الأشياء. قال الراعي يذكر إبلا «3» :
حتى إذا خشيت تبقّي طرقها وأبى «4» الرعاء شكيرها المنخولا
يريد أخذ العمال السمان، ورد الرعاء الصغار التي قد تنخل ما فيها.
[قال أبو عبد الله البخاري] :
[هلال بن سراج سمع أبا هريرة، قاله النضر بن محمد عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن مطر، سمع هلالا سمع أبا هريرة، يقول: صلاتي في رمضان وغيره سواء، وروى دخيل عن هلال بن سراج بن مجاعة بن مرارة الحنفي، عن أبيه عن جده] «5» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] :
[هلال بن سراج بن مجاعة بن مرارة روى عن أبي هريرة وأبيه عن جده، روى عنه يحيى ابن أبي كثير ودخيل بن إياس سمعت أبي يقول ذلك] «6» .(74/96)
[10087] هلال بن عبد الأعلى
ولاه عمر بن عبد العزيز قنّسرين «1» . فلما دخل عليه ليودعه قال: يا هلال، أغد علينا الغداة. فغدا عليه، فدخل ودخلت معه وبين يدي عمر المصحف يقرأ فيه. فلما سلم قال:
أغدوت مودعا؟ قال: نعم، قال: إني موصيك، فاتق الله يكفك، وخف الله يخف منك سواه، وآثر الحق، واعمل به، وإذا ورد عليك مني أمر وافق الحق فأنفذه، وإذا ورد عليك منا أمر رأيت الحق في غيره فاكتب إلينا فيه، فنعقب ما رأيت، فإن كان ما رأيت حقا أمرناك فأنفذته، وإن كان الحق في غيره كتبنا إليك، فانتهيت إليه. وهذا النبطي- وأشار إلى رجل في الدار- فقال: ما له يا أمير المؤمنين؟ قال: استوص به، قال: يا أمير المؤمنين، أضع عنه الجزية؟ قال: لا، إن الله جعل الجزية على من انحرف عن القبلة، ورضي بالذلة، قال: يا أمير المؤمنين، أستعين به؟ قال: لا، [قال] «2» : يا أمير المؤمنين، فإن نازع إلى أحد أو خاصمه، أميل إليه، أو أحنق له؟ قال: لا، قال: فما تنفعه وصيتك فيه، فخفض له عمر القول ثم قال له: ويحك يا هلال! إن الوالي إذا شاء عدل وأحسن، وإذا شاء عدل وأساء.
[10088] هلال بن عبد الرحمن القرشي مولاهم المصري وفد على عمر بن عبد العزيز.
قال هلال:
بعثني حيان بن سريج «3» إلى عمر بن عبد العزيز، وكتب معي في سبقه للخيل، فالتفت عمر إلى عراك بن مالك، فقال: يا عراك، هل سبق النبي صلّى الله عليه وسلّم الخيل؟ قال: قد أجراها، قال: هل علمت أنه جعل له سبقا؟ قال: لا، قال عمر: أولست أعلم الناس بأصحاب الخيل، ينطلقون إلى صبيان صغار فيحملونهم على خيل مضمّرة «4» قد اعترمت «5» رؤوسها،(74/97)
ثم يسرّ حونها، فمنهم من يخرّ فيموت، ومنهم من تنكسر يده، فإن كانت بهم حاجة أن يجروا خيولهم فليجروها، أي بأنفسهم، ثم قال: يا عراك، أترى إجراءها من اللهو؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين، قال: أفأنا كنت أنفق مال الله عز وجل في اللهو؟ فقطع السّبقة «1» عنهم.
[10089] هلال، أبو طعمة «2» مولى عمر بن عبد العزيز «3»
[أصله من الشام، سكن مصر، وكان يقص بها ويقرىء القرآن. روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومولاه عمر بن عبد العزيز.
روى عنه: عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن لهيعة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، ويزيد بن يزيد بن جابر.
قال الحاكم أبو أحمد: رماه مكحول بالكذب.
قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: أبو طعمة ثقة.
قال أبو سعيد بن يونس: هلال، مولى عمر بن عبد العزيز يكنى أبا طعمة وكان يقرىء القرآن بمصر] «4» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «5» :
[هلال مولى عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي روى عنه عبد العزيز بن عمر] «6» .(74/98)
[ثم قال في باب الكنى] «1» :
[أبو طعمة قال عبد العزيز بن عمر: هو مولى لنا، سمع ابن عمر] «2» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «3» :
[هلال مولى عمر بن عبد العزيز روى عن عمر بن عبد العزيز. روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز. سمعت أبي يقول ذلك] «4» .
[ثم قال ابن أبي حاتم] «5» :
[أبو طعمة قارىء أهل مصر، سمع ابن عمر، روى عنه ابنا يزيد بن جابر، وعبد الله بن عيسى، وابن لهيعة. سمعت أبي يقول ذلك] «6» .
حدث عن ابن عمر قال: لعن رسول الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها
[14393] .
وحدث هلال عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر «7» قال:
علمتني أمي أسماء بنت «8» عميس «9» شيئا أمرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تقوله عند الكرب:
«الله ربي، لا أشرك به شيئا»
[14393] .
وفي رواية:(74/99)
«الله الله ربي، لا أشرك به شيئا» «1»
[14395] .
وفي رواية بسنده إلى عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول عند الكرب:
«الله الله ربي، لا شريك له»
[14396] .
وفي حديث عن عمر بن عبد العزيز قال:
جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل بيته فقال: «إذا أصاب أحدكم هم أو حزن فليقل سبع مرات:
الله الله ربي لا أشرك به شيئا»
[14397] .
وفي رواية عن أسماء بنت عميس قالت:
جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهله فقال: «إذا نزل بأحدكم غم أو هم أو سقم أو لأواء أو أزل «2» فليقل: الله الله ربي لا أشرك به شيئا» . ثلاث مرات «3»
[14398] .
[10090] هيّاج بن عبيد «4» بن الحسين ويقال: ابن عبيد الله «5» - بن الحسن، أبو محمد الفقيه الحطّيني «6»
من أهل قرية حطين، قرية بين أرسوف وقيسارية «7» .
حدث هياج بن عبيد [عن أبي القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل بالعراق] «8» بسنده إلى أنس بن مالك قال:(74/100)
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو: «اللهم، إني أعوذ بك من الكسل، والهرم، والجبن، والبخل، وفتنة الدجال، وعذاب القبر»
[14399] .
وحدث هياج عن أبي ذر عبد بن أحمد بن محمد بن عفير الهروي بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً
[سورة المؤمنون، الآية:
51] وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ
[سورة البقرة، الآية: 172] » .
ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء: يا ربّ، يا ربّ، مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟
[14400] .
قال أبو العز المبارك بن الحسن بن إبراهيم الديلمي:
إنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام، فسأله: أي موضع يقيم به، فقال: مكة، قال: فقلت:
لمن أذاكر بها؟ قال: الهياج، فإنه رجل صالح.
وكان هياج أوحد عصره في الزهد والورع. كان يصوم ويفطر بعد ثلاث، ويعتمر كل يوم ثلاث عمر، ويدرّس عدة من الدروس، ولم يكن يدّخر شيئا، ولا يملك غير ثوب واحد. ونيّف على الثمانين، يزور رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كل سنة ماشيا حافيا، وكذلك عبد الله ابن عباس بالطائف. وكان يأكل بمكة أكلة، ويأكل بالطائف أخرى. وشكا إليه بعض أصحابه أن نعله سرقت في الطواف، فقال: يجب أن تتخذ نعلا لا تسرق، لأنه رحمه الله منذ دخل الحرم لم يلبس نعلا «1» . استشهد «2» بمكة في وقعة وقعت بين أهل السنة والرافضة، فحمله أميرها محمد بن أبي هاشم «3» ، وضربه ضربا شديدا على كبر السن ثم حمل إلى منزله بمكة، فمات في سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة. وقيل: إنه أقام بالحرم نحو أربعين سنة لم يحدث في الحرم، وإنما كان يحدث في الحلّ حين يخرج للإحرام بالعمرة.(74/101)
وقيل: توفي هياج سنة أربع وسبعين وأربع مئة، ودفن جانب قبر الفضيل بن عياض.
[ولد بعد التسعين وثلاثمائة.
سمع من أبي الحسن علي بن السمسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الطبيز، ومحمد بن عوف بدمشق، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وعدة ببغداد، وأبي ذر الحافظ بمكة، ومن السكن بن جميع بصيدا، ومن محمد بن أحمد بن سهل، ومن علي بن حمصة الحراني.
حدث عنه هبة الله الشيرازي، ومحمد بن طاهر، وإبراهيم بن عثمان الرازقي، ومحمد ابن أبي علي الهمذاني، وثابت بن منصور، وهبة الله السجزي.
كان اعتناؤه جيدا بالحديث، وله بصر بالمذهب، وقدم في التقوى، وجلالة عظيمة.
قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن هياج؟ فقال: كان فقيها زاهدا، وأثنى عليه] «1» .
[قال ابن الجوزي] «2» :
[كان فقيه الحرم في عصره، ومفتي أهل مكة] «3» .
[10091] الهيثم بن أحمد بن محمد بن مسلمة أبو الفرج القرشي الفقيه الشافعي المقرئ المعروف بابن الصباغ
حدث عن أبي منصور محمد بن زريق بن إسماعيل بن زريق البلدي «4» بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لو يعلمون ما في شهود العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا»
[14401] .
وحدث عن جمح بن القاسم بسنده(74/102)
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يكبّر في العيدين سبعا، وخمسا قبل القراءة
[14402] .
توفي أبو الفرج الصباغ سنة ثلاث وأربع مئة.
[10092] الهيثم بن الأسود بن أقيش ابن معاوية بن سفيان بن هلال بن عمرو أبو العريان النخعي المذحجي الكوفي قدم دمشق.
[أدرك علي بن أبي طالب، وقدم دمشق وسمع بها من عبد الله بن عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان.
روى عنه: سليمان الأعمش، وطارق بن شهاب، وابنه العريان بن الهيثم، وعمرو بن حريث القرشي.
ووفد أيضا على يزيد بن معاوية، وكان خرج مع مسلمة بن عبد الملك إلى غزو القسطنطينية.
قال العجلي: كوفي تابعي ثقة، من خيار التابعين] «1» .
[قال محمد بن سعد] «2» :
[الهيثم بن الأسود بن أقيش، وكان من رجال مذحج، وكان خطيبا شاعرا وقد روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وكان أبوه الأسود بن أقيش قد شهد القادسية وقتل يومئذ، وكان ابنه العريان من رجال مذحج وأشرافهم المذكورين، ولي الشرط لخالد بن عبد الله القسري بالكوفة] «3» .
حدث عن عبد الله بن عمرو
__________
[10092] ترجمته في الإصابة 3/621 وتهذيب الكمال 19/333 وتهذيب التهذيب 6/59 وطبقات ابن سعد 6/214.
أقيش وفي الإصابة: قيس. والعريان بضم أوله وسكون الراء بعدها تحتانية. كما في تقريب التهذيب.(74/103)
في قوله: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ
[سورة المائدة، الآية: 45] قال: يهدم عنه مثل ذلك من ذنوبه.
قال الهيثم:
أتيت معاوية، ومعه على السرير رجل في وجهه غضون «1» ، فقال: من أبي بلد أنت؟
قلت: من أهل الكوفة، قال: إن أرضك أرض يقال لها: دوثى، ذات نخل وسباخ؟ قلت:
نعم، فقال: منها يخرج الدجال.
قال الرجل- أحد رواته-: إن الذي كان معه على سريره: عبد الله بن عمرو بن العاص.
وعن الهيثم «2» :
أن عبيد الله بن زياد وجهه إلى يزيد بن معاوية في حاجة، فدخل، فإذا خارجي بين يدي يزيد يخاطبه، فقال له الخارجي في بعض ما يقول: أنا سفي «3» ، فقال: والله لأقتلنك، فرآه محركا شفتيه، فقال: يا حرسي، ما يقول؟ قال: يقول:
عسى فرج يأتي به الله إنه له كلّ يوم في خليفته أمر
قال: أخرجاه، فاضربا عنقه. ودخل الهيثم بن الأسود، فقال: ما هذا؟ فأخبر، قال: كفّا عنه قليلا، قال: يا أمير المؤمنين، هب مجرم «4» قوم لوافدهم، قال: هو لك، فأخذ الهيثم بيده، فأخرجه، والخارجي يقول: الحمد لله على أنعامه، تألّى على الله فأكذبه «5» ، وغالب الله فغلبه «6» .
شهد أبوه الأسود بن أقيش القادسية، وقتل يومئذ «7» ، وكان الهيثم معه من خيار التابعين.(74/104)
قال «1» عبد الملك بن مروان للهيثم بن الأسود: ما مالك؟ قال: الغنى عن الناس، والبلغة الجميلة «2» ، فقيل له: لم لم تخبره بحاجتك؟ قال: إن أخبرته أني غني حسدني، وإن أخبرته أني فقير حقرني «3» .
قال الشعبي:
قلت للهيثم بن الأسود: أي الثلاثة أشعر منك ومن الأعور الشّنّي «4» وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، حيث تقول أنت «5» :
وأعلم علما ليس بالظن أنه إذا زال مال المرء فهو ذليل «6»
وإن لسان المرء ما لم تكن له حصاة على عوراته لدليل
أم الأعور الشني حيث يقول «7» :
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فهل بعد «8» إلّا صورة اللحم والدم
وكائن ترى من ساكت لك معجب «9» زيادته أو نقصه في التكلم
أم عبد الرحمن بن حسان حيث يقول: ترى المرء مخلوقا وللعين حظها وليس بأحناء الأمور «10» بخابر(74/105)
وذاك كما البحر لست مسيغه ويعجب منه ساجيا كلّ ناظر
[الساجي: الساكن] «1» .
فقال الهيثم: هيهات، الأعور أشعرنا.
قال العريان بن هيثم:
بعث المختار بن أبي عبيد إلى [الهيثم بن] «2» الأسود، فركب إليه، وركبت معه، فأذن لأبي فدخل، ولم يلبث أن خرج، فقلت: يا أبه، ما الذي سألك عنه المختار؟ قال: يا بني، بينا أنا وهو نطوف بالكعبة إذ قال: ما يشاء رجل طريف مثلي أو مثلك يأكل الناس يحب أهل هذا البيت إلا فعل. فلما دخلت عليه قال: تذكر حديثا تذاكرناه ونحن نطوف بالكعبة؟ قلت:
نعم، قال: هل ذكرته لأحد؟ قلت: لا، قال: فانصرف راشدا، وإياك وذكره.
قال عبد الملك بن عمير «3» :
دخلوا «4» على أبي العريان يعودونه، فقالوا: كيف تجدك؟ قال: أجدني ابيضّ مني ما كنت أحب أن يسود، واسودّ مني ما كنت أحب أن يبيض، ولان مني ما كنت أحب أن يشتد، واشتد مني ما كنت أحب أن يلين «5» :
ألا أخبّركم بآيات الكبر «6» تقارب الخطو وسوء «7» في البصر
وقلة الطعم إذا الزاد حضر وقلة النوم إذا الليل اعتكر
وكثرة النسيان فيما يذكر وتركي الحسناء في قيل الظهر «8»
والناس يبلون كما تبلى الشجر(74/106)
ألا «1» أخبركم بجيد العنب؟ ما روي عموده، واخضرّ عوده، وتفرق عنقوده، ألا أخبركم بجيد الرطب؟ ما كثر لحاه «2» ، وصغر «3» نواه، ورق سحاه «4» .
[10093] الهيثم بن حميد، أبو أحمد ويقال: أبو الحارث الغساني، مولاهم
[روى عن تميم بن عطية العنسي، وثور بن يزيد، وحفص بن غيلان، وداود بن أبي هند، وراشد بن داود الصنعاني، وزيد بن واقد، وعبد الله بن زياد ابن سمعان، وعبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الرحمن بن مرزوق الدمشقي، وعبيد الله بن عبيد الكلاعي، وعثمان بن مسلم، والعلاء بن الحارث، ومحمد بن يزيد الرحبي، والوضين بن عطاء، ويحيى بن الحارث الذماري. روى عنه: الحكم بن موسى، والربيع بن نافع، وعباس بن نجيح القرشي، وعبد الله ابن يوسف التنيسي، وأبو مسهر، وعلي بن حجر المروزي، ومحمد بن داود الرحبي، ومحمد بن سعيد بن الفضل، ومحمد بن عائذ، وأبو الجماهر محمد بن عثمان التنوخي، ومحمد بن المبارك الصوري، ومروان بن محمد الطاطري، ومعلى بن منصور، وموسى بن محمد بن عطاء القرشي، وهشام بن عمار، والهيثم بن حيان، والهيثم بن خارجة] «5» .
[قال البخاري] «6» :
[الهيثم بن حميد الغساني، أبو أحمد الشامي، عن العلاء بن الحارث، روى عنه عبد الله بن يوسف، كناه علي بن حجر] «7» .
__________
[10093] ترجمته في تهذيب الكمال 19/338 وتهذيب التهذيب 6/60 والجرح والتعديل 9/82 والتاريخ الكبير 8/215 وميزان الاعتدال 4/321 ولسان الميزان 7/422 وسير الأعلام 8/353.(74/107)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[الهيثم بن حميد الغساني، أبو أحمد الشامي، أنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال: سئل أبي عن الهيثم بن حميد، فقال: ما علمت إلا خيرا.
نا الحسين بن الحسن الرازي قال: سألت يحيى بن معين عن الهيثم بن حميد الدمشقي قال: لا بأس به] «2» .
[ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة السادسة.
وعن دحيم: ثقة، أعلم الناس بحديث مكحول فيما أعلم.
قال أبو داود: قدري، ثقة.
قال النسائي: ليس به بأس.
وقال يعقوب بن سفيان: قلت له، يعني عبد الرحمن بن إبراهيم: الهيثم بن حميد كان أعلم الناس بمكحول؟ قال: كان أعلم الأولين والآخرين بقول مكحول. قال معاوية بن صالح: قال لي أبو مسهر: كان ضعيفا قدريا.
قال أبو مسهر: حدثنا الهيثم بن حميد، وكان صاحب كتب ولم يكن من الأثبات ولا من أهل الحفظ وقد كنت أمسكت عن الحديث عنه استضعفه.
وقال أبو زرعة الدمشقي: حدثني محمود بن خالد عن أبي مسهر، قال: حدثني محمد بن مهاجر أنه يعرف الهيثم ابن حميد بطلب العلم.
قال أبو زرعة: فأعلم أهل دمشق بحديث مكحول وأجمعه لأصحابه الهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة] «3» .
حدث عن زيد بن واقد بسنده إلى أبي الدرداء قال: أفاء الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم إبلا، ففرقها، فقال أبو موسى الأشعري: يا رسول الله، أجدني، فقال ثلاثا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا أفعل» ، قال: وبقي أربع غرّ الذرى، فقال: «خذهن يا أبا موسى» ، فقال: يا رسول الله،(74/108)
إني استجديتك، فمنعتني، وحلفت، فأشفقت أن يكون دخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهم، فقال: «إني إذا حلفت، ورأيت أن غير ذلك أفضل كفّرت عن يميني، وأتيت الذي هو أفضل»
[14403] .
وحدث الهيثم عن العلاء بن الحارث بسنده إلى أم حبيبة أم المؤمنين أنها سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«من مسّ فرجه فليتوضأ»
[14404] .
وثقه قوم، وقال قوم: إنه كان ضعيفا، قدريا.
[10094] الهيثم بن خارجة، أبو أحمد- ويقال: أبو يحيى- الخراساني ثم البغدادي
[روى عن إبراهيم بن أدهم، وإسماعيل بن عياش، والجراح بن مليح، والحسن بن يحيى الخشني، وحفص بن ميسرة، وخالد بن يزيد بن أبي مالك، وخلف بن خليفة، ورشدين بن سعد، وسعيد بن ميسرة، ويزيد بن يحيى القرشي، ويزيد بن هارون، ويعقوب ابن عبد الله القمي.
روى عنه: البخاري، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن علي بن سعيد القاضي، وأحمد بن علي بن المثنى، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازي، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني] «1» .
[قال البخاري] «2» :
[الهيثم بن خارجة أبو أحمد الخراساني سكن بغداد، سمع حفص بن ميسرة، والجراح ابن مليح البهراني] «3» .
__________
[10094] ترجمته في تهذيب الكمال 19/340 وتهذيب التهذيب 6/61 وتاريخ بغداد 14/58 وطبقات ابن سعد 7/342 والتاريخ الكبير 8/216 والجرح والتعديل 9/86 وسير الأعلام 10/477.(74/109)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[الهيثم بن خارجة أبو أحمد الخراساني، المروزي، خراساني الأصل، بغدادي الدار.
سئل أبي عنه، فقال: صدوق] «2» .
[قال أبو بكر الخطيب] «3» :
[الهيثم بن خارجة، أبو أحمد، خراساني الأصل، كناه صاعقة أبا يحيى، وكناه الناس:
أبا أحمد. كان أحمد بن حنبل يثني عليه. وكان يتزهد، وكان سيىء الخلق مع أصحاب الحديث. والهيثم بن خارجة أصله من مرو الروذ وقع ببغداد.
قال النسائي: أبو أحمد الهيثم بن خارجة ليس به بأس] «4» .
حدث عن يحيى بن حمزة بسنده إلى ثوبان قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«أصلح هذا اللحم» ، فأصلحته. فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة
[14405] .
وحدث عن مالك بن أنس بسنده إلى عائشة رضي الله عنها.
أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أفرد للحج
[14406] .
توفي سنة سبع وعشرين- أو ثمان وعشرين- ومئتين. وقيل: سنة تسع وعشرين ومئتين. وكان يتزهد «5» .
[10095] الهيثم بن رياب
وفد على معاوية، ودخل هو والأحنف بن قيس عليه، والهيثم ملتف بعباء، فازدراه معاوية، فلم يملأ عينيه منه، فقال الهيثم: يا أمير المؤمنين، ليس العباء يكلمك، ولكن من فيها، فقرّبه إليه، وقال للأحنف: مه، فقال: يا أمير المؤمنين، قصدنا إليك نعرفك أحوالنا:
إن أهل العراق يسير، وعظمهم كسير، وماؤهم زعاق «6» ، وأرضهم سبخة، فإن رأى أمير(74/110)
المؤمنين، أن يطيب شربهم، ويجبر كسرهم، ويكثر جمعهم، ويحفر لهم نهر يستعذبون به، فقال: ارتفع يا أبا بحر، ورفعه إلى قربه، وقضى حوائجه.
[10096] الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن ابن زيد بن أسيد بن جابر بن عدي بن خالد أبو عبد الرحمن الطائي البحتري
كوفي، قدم دمشق.
[حدث عن هشام بن عروة، ومجالد، وابن أبي ليلى، وسعيد بن أبي هروبة، وجماعة.
روى عنه: محمد بن سعد، وأبو الجهم الباهلي، وعلي بن عمرو الأنصاري، وأحمد ابن عبيد أبو عصيدة، وآخرون] «1» .
[قال البخاري] «2» :
[الهيثم بن عدي الطائي سكتوا عنه أراه أبا عبد الرحمن] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[الهيثم بن عدي وهو ابن عدي بن عبد الرحمن بن زيد، أبو عبد الرحمن الطائي، روى عن الأعمش، وابن أبي ليلى، ومجالد، وهشام بن عروة، ومسعر، وصديق بن موسى، روى عنه إسماعيل بن توبة، وحجاج بن حمزة الخشابي، قرىء على العباس بن محمد الدوري قال: سئل يحيى بن معين عن الهيثم بن عدي فقال: كوفي، ليس بثقة، كذاب. سألت أبي عنه، فقال: متروك الحديث. محله محل الواقدي] «5» .
__________
[10096] ترجمته في تاريخ بغداد 14/50 ولسان الميزان 6/209 وميزان الاعتدال 4/324 وسير الأعلام 10/103 والتاريخ الكبير 8/218 والجرح والتعديل 9/85 ووفيات الأعيان 6/106 والعبر 1/353 وتاريخ خليفة (الفهارس) ومعجم الأدباء 19/304 والكامل لابن عدي 7/104. وأسيد كذا بالأصل وتاريخ بغداد، وفي معجم الأدباء: سيّد.(74/111)
[قال أبو بكر الخطيب] «1» :
[الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن بن زيد بن أسيد.... أبو عبد الرحمن الطائي، كان أبوه واسطيا وأمه من سبي منبج، وأما هو فمن أهل الكوفة بها ولد ونشأ ثم انتقل إلى بغداد فسكنها وحدث بها] «2» .
[كان راوية أخباريا، نقل من كلام العرب وعلومها وأشعارها ولغاتها الكثير.
اختص بمجالسة المنصور والمهدي والهادي والرشيد وروى عنهم] «3» .
[قال ابن عدي] «4» :
[الهيثم بن عدي الطائي أصله كوفي، منبجي، يكنى أبا عبد الله.
سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: الهيثم بن عدي ساقط قد كشف قناعه. قال: والهيثم بن عدي ما أقل ما له من المسندات، وإنما هو صاحب أخبار وأسمار ونسب وأشعار] «5» .
حدث عن الأعمش بسنده إلى عمرو بن الحمق عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«من أمن رجلا على نفسه فقتله، فأنا بريء من القاتل، وولي المقتول»
[14407] .
وحدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت «6» :
نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تقرن التمرتان في الأكلة، وأن تفتّش التمرة عما فيها
[14408] .
وحدث عن مجالد عن الشعبي قال «7» :
سألت «8» ابن عباس أي الناس كان أول إسلاما؟ فقال: أبو بكر الصديق. ألم تسمع قول حسان يومئذ «9» :(74/112)
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها «1» إلا النّبيّ وأوفاها بما حملا
الثاني التالي «2» المحمود مشهده وأول الناس منهم «3» صدق الرسلا
قال يحيى بن معين: هذا الحديث بهذا السند باطل. والهيثم ليس بثقة.
وجد بخط أبي العباس أحمد بن جعفر بن محمد بن حماد في آخر كتاب الدولة للهيثم ابن عدي:
إن الصلاة على النبي محمد وعلى الصحابة رحمة وسلام
لا توجبنّ لرافضيّ حرمة إيجاب رحمته عليك حرامقال يحيى بن معين: الهيثم ليس بثقة، كان يكذب.
قالت جارية للهيثم «4» :
كان مولاي يقوم عامة الليل يصلي، فإذا أصبح جلس يكذب.
صار «5» أبو نواس إلى مجلس الهيثم بن عدي، فجلس والهيثم لا يعرفه، فلم يستدنه، ولم يقرب مجلسه، فقام، وتبين الهيثم في وجهه «6» الغضب، فسأل عنه، فأخبر به، فقال: إنا لله، هذه بلية لم أجنها على نفسي، قوموا بنا إليه لنعتذر، فصار إليه، فدق الباب، وتسمى له، فقال: ادخل، فدخل، وهو قاعد، يصفي نبيذا، وقد أصلح بيته بما يصلح به مثله، فقال:
المعذرة إلى الله، وإليك «7» ، لا والله ما عرفتك، وما الذنب إلا لك حين لم تعرفنا بنفسك، فنقضي حقك، ونبلغ الواجب من برك، فأظهر له قبول العذر، فقال له الهيثم: أستعهدك من(74/113)
قول يسبق منك فيّ، فقال: ما قد مضى فلا حيلة فيه، ولك الأمان فيما يستأنف، قال: وما الذي مضى جعلت فداك؟ قال: بيت مرّ، وأنا فيما ترى، قال: فتنشدنيه؟ فدافعه، فألحّ عليه، فأنشده «1» :
إذا نسبت عديا في بني ثعل فقدّم الدال قبل العين في النسب
وأنشد أبو شبل لأبي نواس في الهيثم تمام هذه الأبيات:
للهيثم بن عدي في تلوّنه في كل يوم له رحل «2» على خشب
فما يزال أخا حلّ ومرتحلا «3» إلى الموالي وأحيانا إلى العرب
له لسان يزجّيه بجهوره «4» كأنه لم يزل يغدى على قتب
لله أنت فما قربى تهمّ بها إلا اجتلبت لها الأنساب من كثب
فعاد إليه الهيثم لما بلغته الأبيات، فقال: يا سبحان الله! أليس قد جعلت لي عهدا ألا تهجوني؟ فقال: وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ
[سورة الشعراء، الآية: 226] .
توفي الهيثم بن عدي سنة ست ومئتين. وقيل: سنة سبع ومئتين «5» .
[10097] الهيثم بن عمران بن عبد الله ابن جرول أبي عبد الله أبو الحاكم العنسي
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] : [الهيثم بن عمران الدمشقي، روى عن إسماعيل بن عبيد الله، ويونس بن ميسرة والمطلب بن عبد الله بن حنطب، المخزومي، وعمر بن يزيد النصري، وعن جده عبد الله ابن أبي عبد الله، ورأى عطية بن قيس، وعبدة بن أبي لبابة، وعمرو بن مهاجر، روى عنه محمد بن وهب بن عطية، وهشام بن عمار، وسليمان بن شرحبيل] «6» .
__________
[10097] ترجمته في الجرح والتعديل 9/82 وجاء في الأصل: العبسي، والصواب ما أثبت، انظر الترجمة التالية.(74/114)
حدث عن جده عبد الله بن أبي عبد الله قال:
حل ببني إسرائيل بلاء مرة، فاجتمعوا في مجمع لهم، فقالوا لرجل من عظمائهم: قم، فادع لنا ربك، فقام، فقال: اللهم، يا رب، إنك أنزلت في التوراة التي أنزلت على موسى تأمرنا إذا ملكنا العبد أن نعتقه، وإنا عبيدك، فأعتقنا مما حل بنا. ثم قالوا الآخر: قم، فقام، فقال: اللهم، أي رب، إنك أنزلت في التوراة التي أنزلت على موسى أن نعفو عمن ظلمنا، وإنا قد ظلمنا أنفسنا، فاعف عنا. ثم قالوا لآخر: قم، فقام، فقال: اللهم، أي رب، إنك أنزلت في التوراة التي أنزلت على موسى تأمر إذا قام المسكين على أبوابنا ألا نرده، وإنا مساكينك، قد قمنا اليوم على بابك فلا تردنا.
توفي الهيثم بن عمران سنة تسع وتسعين ومئة.
[10098] الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران أبو الحكم العنسي
[روى عن أحمد بن سلمة الأنصاري، وأحمد بن نمير الثقفي، وزيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي، وأبي مسهر، وعبد القدوس بن الحجاج، وعلي بن عياش الحمصي، ومحمد بن بكار بن بلال، وخاله محمد بن عائذ الدمشقي، والوليد بن الوليد القلانسي، وهشام بن عمار.
روى عنه النسائي، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان. وابن جوصا، وأبو داوود، وأحمد بن محمد بن صدقة، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي] «1» .
حدث عن محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع بسنده إلى عائشة رضوان الله عليها قالت:
لو أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعلم ما يحدث للنساء من بعده لمنعهنّ من إتيان المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل، فقلت لها: يا أم المؤمنين، ومنعت نساءبني إسرائيل المساجد؟
قالت: نعم.
__________
[10098] ترجمته في تهذيب الكمال 19/348 وتهذيب التهذيب 6/65. العنسي بمهملتين بينهما نون ساكنة.(74/115)
وحدث عنه بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«اليهود والنصارى لا تصبغ فخالفوهم»
[14409] .
وحدث عن مروان بن محمد بسنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت:
ما كان شيء أبغض إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الكذب، وما جرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أحد كذبا فرجع إليه ما كان يعرف منه حتى كان يظهر منه توبة.
[قال النسائي: لا بأس به] «1» .(74/116)
[تتمة المستدرك من حرف الياء]
ذكر من اسمه يزيد
[10099] [يزيد بن نمران بن يزيد ابن عبد الله المذحجي الذماري، ويقال: يزيد بن غزوان]
روى عن: عمر بن الخطاب، وأبي الدرداء، وعن مقعد مرّ بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلي بتبوك، فقال: اللهم اقطع أثره.
روى عنه: إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، ومولى له اسمه سعيد، وعبد الرّحمن بن يزيد بن جابر.
كانت داره بدمشق عند الباب الشرقي، وشهد وقعة مرج راهط مع مروان.
ذكره ابن حبان في الثقات.
قال ضمرة بن ربيعة عن يحيى بن أبي عمرو السيباني: لما وقعت الفتنة قال الناس:
نقتدي بهؤلاء الثلاثة: ربيعة بن عمرو الجرشي، ويزيد بن الأسود الجرشي، ويزيد بن نمران الذماري، فأما ربيعة فقتل براهط، وأما يزيد بن نمران فلحق بمروان فسلم، وأما يزيد بن الأسود فلحق بالساحل] «1» .
[قال عبد الله بن أحمد حدّثني أبي قال: حدّثنا أبو عاصم عن سعيد بن عبد العزيز
__________
[10099] ترجمته في تهذيب الكمال 20/386 وتهذيب التهذيب 6/230 والتاريخ الكبير 8/365 والجرح والتعديل 8/292 وتاريخ الإسلام (101- 120) 283. وقد سقطت ترجمته بكاملها من مختصر ابن منظور ومن مختصر أبي شامة.(74/117)
التنوخي حدّثنا مولى ليزيد بن نمران حدّثني يزيد بن نمران قال: أصبت رجلا مقعدا بتبوك فسألته، فقال: مررت بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أتان أو حمار، فقال: «قطع علينا صلاتنا، قطع الله أثره» فأقعد] «1» .
[قال أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري] «2» :
[يزيد بن نمران] «3» .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «4» :
[يزيد بن نمران قال: رأيت رجلا بتبوك مقعدا له صحبة، روى عنه مولى له. سمعت أبي يقول ذلك] «5» .
[10100] يزيد بن ميسرة بن حلبس أبو حلبس الدمشقي
سمع أم الدرداء، وأبا إدريس.
روى عنه: معاوية بن صالح، وصفوان بن عمرو.
[قال أبو عبد الله البخاري] :
[قال لنا عبد الله، حدّثني معاوية عن أبي حلبس يزيد بن ميسرة قال سمعت أم الدرداء تقول سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم يقول، لم أسمعه يكنيه قبلها ولا بعدها- يقول: إن الله تعالى قال: يا عيسى إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، وأعطيتهم من حلمي وعلمي] .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «6» :
__________
[10100] سقطت ترجمته بكاملها من مختصر ابن منظور ومختصر أبي شامة. وترجمته في الجرح والتعديل 8/288 والتاريخ الكبير 8/355 وتاريخ الإسلام (101- 120) ص 505.(74/118)
[يزيد بن ميسرة بن حلبس أبو حلبس الدمشقي، روى عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، وروى عن أبي إدريس الخولاني، روى عنه معاوية بن صالح سمعت أبي يقول ذلك] «1» .
[10101] [يزيد بن المهلب بن أبي صفرة أبو خالد الأزدي]
[ولي المشرق بعد أبيه، ثم ولي البصرة لسليمان بن عبد الملك، ثم عزله عمر بن عبد العزيز، وطلبه عمر وسجنه.
روى عنه ابنه عبد الرّحمن، وأبو إسحاق السبيعي.
ولد سنة ثلاث وخمسين زمن معاوية.
له أخبار في السخاء والشجاعة] «2» .
[هرب «3» يزيد من الحبس، وقصد عبد الملك، فمر بعريب في البرية، فقال لغلامه:
استسقنا منهم لبنا، فسقوه فقال: أعطهم ألفا. قال: إن هؤلاء لا يعرفونك. قال: لكني أعرف نفسي] .
[أغرم سليمان بن عبد الملك عمر بن هبيرة «4» الأمير ألف ألف درهم فمشى في جماعة إلى يزيد بن المهلب، فأداها عنه.
وكان سليمان قد ولاه العراق وخراسان. قال: فودعني عمر بن عبد العزيز، وقال: يا يزيد اتق الله، فإني وضعت الوليد في لحده فإذا هو يرتكض في أكفانه.
حكى المدائني أن يزيد بن المهلب كان يصل نديما له كل يوم بمئة دينار، فلما عزم على السفر أعطاه ثلاثة آلاف دينار.
قال: من عرف الصدق جاز كذبه، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه] «5» .
__________
[10101] ترجمته في تاريخ اليعقوبي (الفهارس) تاريخ الطبري (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) الكامل لا بن الأثير (الفهارس) وفيات الأعيان 6/278 سير أعلام النبلاء 3/503 شذرات الذهب 1/124 العبر 1/125 وسقطت ترجمته من مختصر ابن منظور ومختصر أبي شامة.(74/119)
[قيل «1» إنه حجّ، فلما حلق رأسه الحلاق أعطاه ألف درهم، فدهش بها وقال: أمضي أبشر أمي، قال: أعطوه ألفا أخرى فقال: امرأتي طالق إن حلقت رأس أحد بعدك. قال: أعطوه ألفين آخرين] .
[غزا يزيد طبرستان، وهزم الإصبهبذ «2» ثم صالحهم على سبعمئة ألف وعلى أربعمئة حمل زعفران، ثم نكث أهل جرجان فحاصرهم مدة وافتتحها عنوة، فصلب منهم مسافة فرسخين وأسر اثني عشر ألفا ثم ضرب أعناقهم على نهر جرجان حتى دارت الطاحون بدمائهم] «3» .
[كان ذا تيه وكبر. وقد رآه مطرف بن الشخير يسحب حلقته فقال له: إن هذه مشية يبغضها الله، قال: أو ما تعرفني؟ قال: بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة] «4» قال: الحياة أحب إليّ من الموت، وحسن الثناء أحب إليّ من الحياة.
[قال ابن خلكان] «5» :
[قال «6» الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر في تاريخه الكبير: يزيد بن المهلب ولي إمرة البصرة لسليمان بن عبد الملك، ثم نزعه عمر بن عبد العزيز وولى عدي بن أرطاة «7» ، وقدم به على عمر مسخوطا عليه.
حكى عن أنس بن مالك، وعمر بن عبد العزيز، وأبيه المهلب.
روى عن ابنه عبد الرّحمن، وأبو عيينة ابن المهلب، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم.
وقال الأصمعي:
إن الحجاج قبض على يزيد وأخذه بسوء العذاب، فسأله أن يخفف عنه العذاب على أن(74/120)
يعطيه كل يوم مئة ألف درهم، فإن أداها وإلّا عذبه إلى الليل، قال: فجمع يوما مائة ألف درهم ليشتري بها عذابه في يومه، فدخل عليه الأخطل الشاعر «1» فقال «2» :
أبا خالد بادلت خراسان بعدكم وصاح ذوو الحاجات أين يزيدفلا مطر المروان «3» بعدك مطرة ولا اخضرّ «4» بالمروين بعدك عود
فما لسرير الملك بعدك بهجة ولا لجواد بعد جودك جود
وقال المدائني:
وكان سعيد بن عمرو بن العاص مؤاخيا ليزيد بن المهلب، فلما حبس عمر بن عبد العزيز يزيد منع الناس من الدخول إليه، فأتاه سعيد فقال: يا أمير المؤمنين، لي على يزيد خمسون ألف درهم، وقد حلت بيني وبينه، فإن رأيت أن تأذن لي فأقتضيه، فأذن له، فدخل عليه، فسرّ به يزيد وقال: كيف دخلت إليّ؟ فأخبره سعيد فقال: والله لا تخرج إلّا وهي معك، فامتنع سعيد، فحلف يزيد ليقبضنها، فوجه إلى منزله، حتى حمل إلى سعيد خمسون ألف درهم.
وفي ذلك قال بعضهم:
فلم أر محبوسا من الناس ماجدا حبا زائرا في السجن غير يزيد
سعيد بن عمرو إذ أتاه أجازه بخمسين ألفا عجلت لسعيد]
[قيل له: ألا تنشىء لك دارا؟ قال: لا. إن كنت متوليا فدار الإمارة، وإن كنت معزولا فالسجن] «5» .
[ومن كلام يزيد:(74/121)
ما يسرني أن أكفى أمر دنياي كلها ولي الدنيا بحذافيرها، فقيل له: ولم ذاك؟ فقال:
لأني أكره عادة العجز] «1» .
[لما «2» استخلف يزيد بن عبد الملك غلب يزيد بن المهلب على البصرة وتسمى بالقحطاني، فسار لحربه مسلمة بن عبد الملك، فالتقوا، فقتل يزيد «3» في صفر سنة اثنتين ومئة] .
[قال خليفة بن خياط «4» :
ولد يزيد بن المهلب سنة ثلاث وخمسين وتوفي مقتولا يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر سنة اثنتين ومئة] .
[10102] يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم أبو خالد القرشي الأموي الدمشقي الملقب بالناقص
توثب على ابن عمه الوليد بن يزيد، وتم له الأمر، وقتل الوليد واستولى على دار الخلافة في سنة ست وعشرين ومئة.
[بويع له بالخلافة أول ما بويع بها في قرية المزة، من قرى دمشق، ثم دخل دمشق فغلب عليها، ثم أرسل الجيوش إلى ابن عمه الوليد بن يزيد فقتله واستحوذ على الخلافة في أواخر جمادى الآخرة من سنة 126 هـ.
أمه شاهفرند «5» بنت فيروز بن يزدجرد بن كسرى وكان مولده في سنة تسعين وقيل:
في سنة ست وتسعين] «6» .
__________
[10102] ترجمته في كتب التاريخ العامة: الطبري، وابن كثير، وابن الأثير، وتاريخ الإسلام (121- 140) ص 311 والنجوم الزاهرة 1/126 وتاريخ خليفة (الفهارس) وسير أعلام النبلاء 5/374. وسقطت ترجمته من مختصر ابن منظور ومختصر أبي شامة. وسمي بالناقص لكونه نقص عطاء الأجناد.(74/122)
قال خليفة بن خياط «1» :
فحدّثني إسماعيل بن إبراهيم بن إسحاق أن يزيد بن الوليد قام خطيبا «2» فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد أيها الناس، إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا حرصا على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء نفسي ولا تزكية عملي، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي ولكني خرجت غضبا لله ودينه، وداعيا إلى كتابه وسنة نبيه حين درست معالم الهدى، وطفىء نور أهل التقوى، وظهر الجبار العنيد، المستحل الحرمة، والراكب البدعة، والمغيّر السنة، فلما رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم، وقسوة من قلوبكم، وأشفقت أن يدعوا كثيرا من الناس إلى ما هو عليه، فيجيبه من أجابه منكم، فاستخرت الله في أمري، وسألته ألا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، وهو ابن عمي في نسبي وكفئي في حسبي، فأراح الله منه العباد، وطهر منه البلاد، ولابة من الله وعونا بلا حول منا ولا قوة، ولكن بحول الله وقوّته وولايته وعونه. أيها الناس، إن لكم عندي إن وليت أموركم ألا أضع لبنة على لبنة، ولا حجرا على حجر، ولا أنقل مالا من بلد إلى بلد حتى أسد ثغرة، وأقسم بين مسالحه «3» ما يقوون به، فإن فضل فضل رددته إلى البلد الذي يليه وهو أحوج إليه حتى تستقيم المعيشة بين المسلمين وتكونوا فيها سواء، ولا أجمر «4» بعوثكم فتفتتنوا ويفتتن أهاليكم، فإن أردتكم بيعتي على الذي بذلت لكم فأنا لكم به، وإن ملت فلا بيعة لي عليكم، وإن رأيتم أحدا هو أقوى عليها مني فأردتم بيعته فأنا أول من بايع ودخل في طاعته.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم] . [روى عنه الأوزاعي مسألة في السلم.
كان عادلا محبا للخير مبغضا للشر، قاصدا للحق.(74/123)
خرج يوم عيد الفطر في صلاة العيد بين صفين من الخيالة والسيوف مسللة عن يمينه وشماله، ورجع من المصلى إلى الخضراء كذلك] «1» .
[عن «2» أبي عثمان الليثي أن يزيد الناقص قال:
يا بني أمية إياكم والغناء، فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وينوب عن الخمر، فإن كنتم لا بد فاعلين، فجنبوه النساء، فإن الغناء داعية الزنى] .
[كان شابا أسمر نحيفا، حسن الوجه] «3» .
[قال «4» ابن عبد الحكم عن الشافعي:
لما ولي يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الذي يقال له الناقص، دعا الناس إلى القدر، وحملهم عليه، وقرّب غيلان «5» .
قال: ولعله قرب أصحاب غيلان، لأن غيلان قتله هشام بن عبد الملك] .
[قال أبو جعفر الطبري] : «6» [فيما حدّثني أحمد بن زهير عن علي بن محمّد أن يزيد بن الوليد مرض في ذي الحجة سنة ست وعشرين ومئة فقيل له: بايع لأخيك إبراهيم ولعبد العزيز بن الحجاج من بعده. قال: فلم تزل القدرية يحثونه على البيعة ويقولون له: إنه لا يحل لك أن تهمل أمر الأمة فبايع لأخيك، حتى بايع لإبراهيم ولعبد العزيز بن الحجاج من بعده] «7» .
[قال:] [وفي هذه السنة مات يزيد بن الوليد، وكانت وفاته سلخ ذي الحجة من سنة ست وعشرين. قال أبو معشر ما حدّثني به أحمد بن ثابت عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى(74/124)
عنه: توفي يزيد بن الوليد بعد الأضحى سنة ست وعشرين ومئة، وكانت خلافته في قول جميع من ذكرنا ستة أشهر، وقيل كانت خلافته خمسة أشهر وليلتين.
وقال هشام بن محمّد: ولي ستة أشهر وأياما، وقال علي بن محمّد: كانت ولايته خمسة أشهر واثني عشر يوما.
وقال علي بن محمّد: مات يزيد بن الوليد لعشر بقين من ذي الحجة، وهو ابن ست وأربعين سنة «1» . وكانت ولايته فيما زعم ستة أشهر وليلتين، وتوفي بدمشق «2» .
واختلف في مبلغ سنة يوم توفي، فقال هشام: توفي وهو ابن ثلاثين سنة، وقال بعضهم: توفي وهو ابن سبع وثلاثين] «3» .
[قال أبو جعفر الطبري] «4» : [حدّثني أحمد عن علي بن محمّد في صفته: أسمر طويلا، صغير الرأس بوجهه خال، وكان جميلا من رجل، في فمه بعض السعة، وليس بمفرط] «5» .
[قال ابن كثير] «6» :
[ذكر سعيد بن كثير بن عفير أنه دفن بين باب الجابية وباب الصغير، وقيل: إنه دفن بباب الفراديس.
صلى عليه أخوه إبراهيم بن الوليد، وهو ولي العهد من بعده] «7» .
[10103] يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي
أخو عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر، وكان الأصغر.
__________
[10103] ترجمته في التاريخ الكبير 4/2/369 والجرح والتعديل 8/363 وتهذيب الكمال 20/394 وتهذيب التهذيب 6/233 وتاريخ خليفة (الفهارس) ميزان الاعتدال 4/442.(74/125)
أصله من البصرة.
[روى عن بسر بن عبيد الله الحضرمي، وخالد بن اللجلاج، ورزيق بن حيان الفزاري، وعبد الله بن محصن، وعبد الرّحمن بن أبي عمرة الأنصاري، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام، والقاسم بن مخيمرة، والقاسم أبي عبد الرّحمن، ومحمّد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومسلم بن قرظة، وعن مكحول الشامي، وهلال مولى عمر بن عبد العزيز، ووهب بن منبه، ويزيد بن الأصم.
[روى عنه: إبراهيم بن سليمان الأفطس، وأبو النضر إسحاق بن سيار الدمشقي، وأشرس بن الحسن، وثور بن يزيد الحمصي، وحسين بن علي الجعفي، وحمزة بن عمرو النصيبي، وزياد بن سعد الخراساني، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة، وعبد الله بن سليمان النوفلي، وعبد الله بن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر، وعبد الرّحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الرّحمن بن يزيد بن جابر، ومحمّد بن أبان الجعفي، ومحمّد بن إسحاق بن يسار، ومحمّد بن عبد الله الأزدي، وهشام بن الغاز، والوليد بن سليمان بن أبي السائب، ويزيد بن يوسف الصنعاني، وأبو المليح الرقي] «1» . [قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «2» :
[يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الشامي روى عن مكحول، والزهري، وخالد بن اللجلاج، ورزيق بن حيان، روى عنه: الثوري، وأخوه عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر، وهشام بن الغاز، وابن عيينة، ومحمّد بن أبان، وعبد الله بن سليمان النوفلي، وابن أخيه عبد الله بن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر، وحسين الجعفي، وقال قدم علينا العراق، سمعت أبي يقول ذلك.
نا صالح بن أحمد بن محمّد بن حنبل، نا علي يعني ابن المديني قال: سمعت سفيان يقول: قدم علينا يزيد بن يزيد بن جابر، وكان حسن الهيئة حسن النحو، كانوا يقولون لم يكن في أصحاب مكحول مثله.
قال أحمد بن حنبل: يزيد بن يزيد بن جابر لا بأس به من صالحيهم.(74/126)
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: يزيد بن يزيد بن جابر ثقة.
سمعت أبي يقول: أختار من أهل الشام بعد الزهري ومكحول وسليمان بن موسى، ويزيد بن يزيد بن جابر] «1» .
[قال أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري] «2» :
[يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي، الشامي، سمع مكحولا والزهري، روى عنه الثوري وابن عيينة.
قال عمرو بن علي: مات يزيد سنة أربع وثلاثين ومئة.
قال لي علي: سمعت حسينا الجعفي يقول: قدم علينا يزيد بن يزيد بن جابر، فذكر من بكائه] «3» .
[ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الخامسة.
قال الحسن بن محمّد بن بكار بن بلال: قال أبو مسهر: كان أعلى أصحاب مكحول سليمان بن موسى ومعه يزيد بن يزيد بن جابر.
قال مروان بن محمّد عن أبي مسهر: لما مات مكحول جلس يزيد بن يزيد بن جابر وكان نزر الكلام، فجالسوا سليمان بن موسى] «4» .
قال أبو زرعة الدمشقي «5» : قلت له يعني لدحيم: فيزيد بن يزيد بن جابر فوق العلاء بن الحارث؟ قال: نعم.
قال أبو زرعة «6» : وكنت أرى أبا مسهر يقدم كل التقديم من أصحاب مكحول ثلاثة: سليمان بن موسى، ويزيد بن يزيد بن جابر، والعلاء بن الحارث.(74/127)
قال أبو زرعة «1» : حدّثني إسحاق بن خالد قال: حدّثنا أبو مسهر عن عبد الله بن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر قال: لم يكن ليزيد بن يزيد بن جابر كتاب. [كان من كبار الأئمة الأعلام، ذكر للقضاء مرة فإذا هو أكبر من القضاء.
قال ابن عيينة: لا أعلم مكحولا خلف مثل يزيد بن يزيد بالشام إلّا ما ذكره ابن جريج من سليمان [بن موسى]] «2» .
قال يزيد بن يزيد بن جابر: حدّثني يزيد الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «3» :
«لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب، ثم آتي قوما يصلّون في بيوتهم، ليست بهم علّة، فأحرّقها عليهم» . قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عوف، الجمعة عنى أو غيرها؟ قال: صمّتا أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ما ذكر جمعة، ولا غيرها
[14410] .
عن كثير بن كثير قال:
صلى بنا مكحول بفناء فسطاط ومعه يزيد بن يزيد بن جابر في نفر من أصحابه، ونحن على مسح له من شعر، فلما أهوى للسجود كشف يزيد بن يزيد المسح وسجد على الأرض «4» .
قال سفيان بن عيينة «5» :
قدم علينا يزيد بن يزيد بن جابر، وكان حسن الهيئة، حسن النحو، كان يقولون: لم يكن في أصحاب مكحول مثله. وكان يقول: يزيد بن جابر ثقة، عاقل، حافظ، من أهل الشام.
وقال أبو مسهر «6» :(74/128)
لما مات مكحول أحدقوا بيزيد بن يزيد، وكان رجلا سكيتا، فتحولوا إلى سليمان بن موسى فأوسعهم علما.
وقال هشام بن عمار «1» :
أفسد نفسه. خرج فأعان على قتل الوليد، وأخذ مائة ألف دينار.
وثقة يحيى. وقال أحمد: لا بأس به، من صالحيهم.
وقال غير يحيى: كان غيلانيا «2» . مات بالشام «3» سنة أربع وثلاثين ومائة- وقيل: سنة ثلاث وثلاثين- في خلافة أبي العباس، وقيل: مات بالمدينة، ولم يبلغ ستين سنة.
[قال الهيثم بن خارجة: حدّثنا أصحابنا عن سعيد بن عبد العزيز قال: لما مات مكحول جلسنا إلى يزيد بن يزيد بن جابر وكان زميتا «4» لا يحدّثنا إلّا ما نسأله عنه، فتحوّلنا إلى سليمان بن موسى، فكان يحدّثنا بما نريد وبما لا نريد.
وقال الهيثم: وكان أعلى أصحاب مكحول سليمان بن موسى، ويزيد بن يزيد بن جابر والعلاء بن الحارث، وعبيد الله بن عبيد الكلاعي.
قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: يزيد بن يزيد بن جابر وعبد الرّحمن بن يزيد بن جابر من ثقات الثقات.
وقال ابن حبان في كتاب الثقات: كان من خيار عباد الله] «5» .
قال «6» يحيى بن معين: عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر هو أخو يزيد بن يزيد بن جابر بن يزيد وهما جميعا ثقة.(74/129)
قال الواقدي «1» : ومات أخوه عبد الرّحمن سنة ثلاث وخمسين ومئة، وهو ورثه.
[10104] يزيد بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان الأموي
أمه أم ولد. ذكر البلاذري أنه أعقب، وكان عقبه بالبصرة «2» .
[10105] يزيد بن الأفقم بن هشام ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي
له ذكر.
[10106] يزيد بن أبي يزيد مولى بسر بن أبي أرطاة
[روى عن مولاه بسر.
روى عنه: يزيد بن عبيدة] .
[قال هشام بن عمار وإسحاق بن منصور الكوسج حدّثنا إبراهيم بن أبي شيبان الدمشقي حدّثني يزيد بن عبيدة عن يزيد بن أبي يزيد مولى بسر بن أرطاة عن بسر] «3» عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:
أنه كان يدعو: «اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلّها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة»
[14411] .
[10107] يزيد بن يعلى بن الضخم أبو الضخم العنسي
كان على شرطة هشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد «4» . له ذكر.
__________
[10104] ترجمته في نسب قريش ص 130 وأنساب الأشراف 5/377 وجمهرة الأنساب ص 112. وسقطت ترجمته من مختصر ابن منظور، وهذه الترجمة استدركت عن مختصر أبي شامة.
[10105] سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور، استدركت هذه الترجمة عن مختصر أبي شامة.
[10106] بسر تحرفت في مختصر أبي شامة إلى: «بشر» وقد صوبت في كل المواضع التي نقلت عنه. وما بين معكوفتين استدرك عن مختصر أبي شامة.
[10107] العنسي وفي تاريخ خليفة بن خيّاط ص 361: «العبسي» .(74/130)
[10108] يزيد بن يوسف أبو يوسف الصّنعاني
من صنعاء دمشق.
[روى عن حسان بن عطية، والقاسم بن مخيمرة، وثابت بن ثوبان، وعمارة بن غزية ويحيى بن سعيد، والأوزاعي، ويزيد بن يزيد بن جابر، وأخيه عبد الرّحمن «1» ، والمطعم بن المقدام، ومحمّد بن الوليد الزبيدي، وغيرهم.
روى عنه: الوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد، ومنصور بن أبي مزاحم، ومروان بن محمّد، وبقية بن الوليد، وأبو مسهر، وغيرهم] «2» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «3» : [يزيد بن يوسف الصنعاني عن يزيد بن جابر روى عنه الوليد بن مسلم عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما
قال: ذهب وفضة] «4» .
[وقال ابن أبي حاتم «5» : يزيد بن يوسف الدمشقي الصنعاني قدم على أبي عبيد الله روى عن حسان بن عطية ويزيد بن يزيد بن جابر، روى عنه الوليد بن مسلم] .
[وقال أبو محمّد أيضا:] «6» [قرىء على العباس بن محمّد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: يزيد بن يوسف الدمشقي الذي روى عن حسان بن عطية ليس بثقة.
سئل أبي عن يزيد بن يوسف الدمشقي، فقال: لم يكن بالقوي] » .
__________
[10108] ترجمته في تهذيب الكمال 20/400 وتهذيب التهذيب 6/235 وميزان الاعتدال 4/442 والجرح والتعديل 9/296 والتاريخ الكبير 8/369 وتاريخ بغداد 14/333 والكامل لابن عدي 7/268 والضعفاء الكبير 4/390.(74/131)
روى عن محمّد بن الوليد الزّبيدي بسنده إلى أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«الوتر حقّ، فمن شاء أن يوتر بخمس فليفعل، ومن شاء أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن شاء أن يوتر بواحدة فليفعل» «1»
[14412] .
قال أبو زرعة في تسمية شيوخ أهل دمشق: ورجلان- عالما الجند يعني جند دمشق بعد الأوزاعي مما حدّثنا أبو مسهر عن سعيد: يزيد بن السّمط، ويزيد بن يوسف.
قال أحمد بن حنبل: رأيت يزيد بن يوسف أبا يوسف الشامي، ورأيت عليه إزارا أصفر، ولم أكتب عنه شيئا «2» .
ذكره ابن سميع في الطبقة الخامسة.
وقال الخطيب: يزيد بن يوسف أبو يوسف الشامي. سكن بغداد.
قال «3» يحيى بن معين: قد رأيته، كان نازلا على أبي عبيد الله «4» ، ليس بثقة.
وفي رواية: كان راوية عن الأوزاعي، كان ضيفا لأبي عبد الله.
وفي رواية: كان ها هنا ببغداد وليس بشيء.
وفي أخرى: كان أبو مسهر يثني عليه وكان لا يساوي شيئا. سئل عنه أبو حاتم الرازي:
فقال: لم يكن بالقوي.
وقال النسائي: يزيد بن يوسف متروك الحديث شامي صنعاني من صنعاء دمشق، وهو مع ضعفه يكتب حديثه.
قال البرقاني: سألت الدارقطني عنه، فقال: متروك.
وقال مرة أخرى: اختلفوا فيه، فيحيى بن معين يغمز عليه، وليس يستحق عندي الترك «5» .(74/132)
[قال المفضل بن غسان الغلابي عن يحيى بن معين: ليس بثقة، قد رأيته.
وقال أبو داود: ضعيف.
وقال صالح بن محمّد الأسدي الحافظ: تركوا حديثه] «1» .
[قال أبو أحمد بن عدي:] «2» [يزيد بن يوسف شامي صنعاني دمشقي.
[وذكر له أحاديث] قال: وليزيد بن يوسف غير ما ذكرت من الحديث وهو مع ضعفه يكتب حديثه] «3» .
[10109] يزيد ذو مصر المقرائي
حمصيّ. من وجوه أهل الشام.
حدّث عن عتبة بن عبد السلمي الصحابي.
روى عنه أبو حميد الرعيني، وأبو خالد يزيد بن يزيد الرحبي. وفد على معاوية بن أبي سفيان في ثلاثة آلاف، فقال له: من هؤلاء؟ قال: عبيدي وموالي، فقال معاوية: إنّي لأمير المؤمنين وما لي ثلاثة آلاف عبد ومولى «4» ! قال ابن ماكولا «5» :
أما مصر- بكسر الميم وبالصاد المهملة الساكنة-: يزيد ذو مصر. [يروى عن عتبة بن عبد حديثا في الأضاحي، روى حديثه ثور بن يزيد] «6» .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «7» :
__________
[10109] ترجمته في تهذيب الكمال 20/405 وتهذيب التهذيب 6/236 والجرح والتعديل 9/299 والتاريخ الكبير 8/330. مصر ضبطت بكسر الميم وسكون الصاد عن الاكمال لابن ماكولا. والمقرائي: بضم الميم عن مختصر أبي شامة. وهذه النسبة إلى مقرى ضبطها ياقوت بالفتح، قرية بالشام من نواحي دمشق.(74/133)
[يزيد ذو مصر، شامي، روى عن عتبة بن عبد السلمي. روى عنه أبو حميد الرعيني سمعت أبي يقول ذلك] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[يزيد «3» ذو مصر يعد في الشاميين قال لنا إبراهيم بن موسى حدّثنا عيسى بن يونس قال ناثور بن يزيد قال: أخبرني أبو حميد الرعيني قال أخبرني يزيد ذومصر قال: أتيت عتبة بن عبد السلمي فقلت: يا أبا الوليد خرجت فالتمست الضحايا فلم أجد شيئا يعجبني غير ثرماء، فقال: إنما نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن المصفرّة التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، والمستأصلة التي يستأصل قرنها من أصله، والبخقاء التي تبخق عينها، والمنقى «4» التي لا تتبع الغنم عجفا، والكسير أو الكسيرة] .
[10110] يزيد غير منسوب
روى عن أبي هريرة.
روى عنه: إسماعيل بن كثير المكي.
قال يزيد الدمشقي: قال أبو هريرة:
لقد عرفت أربعين عملا يدخل الله بها صاحبها الجنّة، أعلى عمل منها منيحة عنز.
[10111] يزيد أبو حفصة مولى مروان بن الحكم
قيل: إنه من سبي إصطخر «5» . اشتراه عثمان بن عفان، ووهبه لمروان، وقيل: إنّه من كنانة بن عوف بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، باعته عمّته لمجاعة، وادّعته عكل، فلم يفسر «6» بذلك، وزعم أنّه رجل من العجم، من سبي فارس نشأ في عكل
__________
[10111] له ذكر في الأغاني 10/71 في أخبار مروان بن أبي حفصة.(74/134)
وهو صغير، وقيل: إنّه كان يهوديا، فأسلم على يدي مروان «1» ، وقيل: إنّه أتى مروان سنة مجاعة، فباعه نفسه. وأبو حفصة هذا هو جدّ والد مروان الشاعر المعروف بابن أبي حفصة، وهو مروان بن سليمان بن يحيى بن يزيد أبي حفصة. وشهد أبي حفصة مع مولاه مروان بن الحكم يوم الدار «2» ، فأحسن الغناء عنه «3» ، فأعتقه، وزوجه أم ولد له اسمها: سكّر كانت له منها بنت اسمها: حفصة.
شهد مع مروان يوم الجمل، ويوم مرج راهط. وكان شجاعا شاعرا.
ومن شعره «4» :
وما قلت يوم الدار للقوم صالحوا أحلّ «5» ، ولا اخترت الحياة على القتل
ولكنّني قد قلت للقوم: جالدوا بأسيافكم، لا تخلصنّ «6» إلى الكهل
يريد بالكهل- والله أعلم- مروان بن الحكم، لأنه كان يذبّ عنه يومئذ لمّا سقط.
[10112] [يزيد أبو خالد السراج
دمشقي. روى عن مكحول.
روى عنه: عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي.
قال عبد الرّحمن: سألت أبي عنه، فقال: شيخ دمشقي منكر الحديث] .
__________
[10112] سقطت ترجمته من مختصري ابن منظور وأبي شامة. واستدركت ترجمته بكاملها عن الجرح والتعديل 9/300 وميزان الاعتدال 4/443.(74/135)
[10113] يسار بن سبع أبو الغادية- بالغين المعجمة- المزني، ويقال: الجهني
له صحبة، وقيل: لا صحبة له.
روى عنه أحاديث، وروى عن عثمان بن عفان.
روى عنه ابنه سعد، وأبو ربيعة كلثوم بن جبر، وسمع منه بواسط، وحيّان «1» بن حجر الدمشقي، وخالد بن معدان، والقاسم أبو عبد الرّحمن.
وكانت داره بدمشق، بناحية سوق الطير.
وقيل: إنه قاتل عمار بن ياسر.
قال عبد الوارث حدّثنا ربيعة بن كلثوم بن جبر حدّثني أبي حدّثني أبو الغادية قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» «2»
[14413] .
قال أحمد بن حنبل: حدّثنا أبو سعيد وعفان قالا: حدّثنا ربيعة بن كلثوم، حدّثني أبي قال: سمعت أبا غادية يقول: بايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال أبو سعيد: فقلت له: بيمينك؟ قال: «نعم» . قالا جميعا في الحديث: وخطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم العقبة، فقال: «أيّها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم [إلى] يوم تلقون ربّكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟» قالوا: نعم، قال: «اللهم اشهد» . ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» «3»
[14414] .
__________
[10113] يسار: بتحتانية ومهملة خفيفة، كما في الإصابة. وسبع: بفتح المهملة، وضم الموحدة، كما في الإصابة.
وترجمته في الإصابة 3/665 وأعاده في الكنى 4/150 وأسد الغابة 4/740 وأعاده في الكنى 5/237 والاستيعاب 3/666 (هامش الإصابة) وأعاده في الكنى 4/150 (هامش الإصابة) . والجرح والتعديل 9/306 والتاريخ الكبير 8/420 وسير الأعلام 2/544 وطبقات خليفة ص 201.(74/136)
وقال أبو الغادية:
قدم علينا عمر بن الخطاب الجابية وهو على جمل أورق، وقد سبق في ترجمة عمر رضي الله عنه.
قال ابن سعد في تسمية من نزل البصرة من الصحابة: أبو غادية المزني قاتل عمار «1» .
وقال خليفة «2» :
ومن جهينة، أبو الغادية، من ساكني الشام، روى أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن دماءكم وأموالكم عليكم «3» حرام» .
وقال البخاري وابن أبي حاتم والنسائي: كان بواسط.
قال الحافظ أبو القاسم: يعني أنه حدّث بها، وإلّا فهو شامي بلا شك.
وذكره أبو زرعة في تسمية الصحابة، ثم أعاد ذكره في التابعين.
وقال ابن سميع في طبقات التابعين: أبو الغادية المزني، قال أبو سعيد: اسمه يسار بن سبع دمشقي، ولده بها بالجولان «4» ، حدّث عن عثمان ويقال: له صحبة» .
قال الدارقطني: أبو الغادية يسار بن سبع له صحبة، روى: عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» ، وقتل بصفين عمار بن ياسر.
روى عنه: كلثوم بن جبر، شهد صفين مع معاوية.
وقال عبيدة بن حميد عن عبد الملك بن عمير عن رجل يكنى: أبا الغادية. قال يحيى بن معين: أبو غادية يروي عنه عبد الملك بن عمير ... «6» وأبو غادية هذا واحد ليس غيره.(74/137)
وقال في موضع آخر: لم يرو عبد الملك بن عمير عن أبي غادية المزني قاتل عمار شيئا قط، إنما هو رجل آخر يقال له: أبو غادية الجهني.
[حدّث عبد الله بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني الصلت بن مسعود الجحدري قال: حدّثنا] «1» محمّد بن عبد الرّحمن الطّفاوي «2» :
خرج أبو الغادية، وحبيب بن الحارث، وأم الغادية «3» مهاجرين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأسلموا، فقالت المرأة: أوصني، قال: «إياك وما يسوء الأذن»
[14415] .
قال كلثوم بن جبر «4» :
كنا بواسط القصب عند عبد الأعلى «5» بن عامر، فقال الآذن، هذا أبو الغادية، فقال عبد الأعلى: أدخلوه، فدخل عليه مقطّعات «6» له، فإذا رجل طوال ضرب من الرجال، كأنّه ليس من هذه الأمة. فلمّا أن قعدنا «7» قال: بايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قلت: بيمينك؟ قال:
«نعم» ، فخطبنا يوم العقبة، فقال: «أيّها الناس، ألا إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام» الحديث. قال: وكنّا نعدّ عمار بن ياسرا فينا حنانا «8» ، فو الله إنّي لبمسجد قباء إذ هو- يعني- يسبّ عثمان- رضي الله عنه- فلمّا أن كان يوم صفّين أقبل يمشي أول الكتيبة راجلا، حتى إذا كان بين الصّفّين طعن رجلا في ركبته بالرمح، فعثر، فانكفأ «9» المغفر عنه، فأضربه، فإذا رأس عمّار.(74/138)
وفي رواية: كنا عند عبد الأعلى فإذا عنده رجل يقال له أبو الغادية، استسقى، فأتي بإناء مفضض، فأبى أن يشرب، وذكر الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» . وقال: فإذا رجل يسبّ فلانا، فقلت: والله لئن أمكنني الله منك في كتيبة، فلما كان يوم صفّين إذا به وعليه درع، فنظرت إليه، فتوجه في ... «1» الدرع فطعنته، فقتلته، فإذا هو عمار بن ياسر.
قال ابن سعد «2» : أخبرنا عفان بن مسلم، حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا أبو حفص [و] «3» كلثوم بن جبر عن أبي غادية قال: سمعت عمار بن ياسر يقع في عثمان يشتمه بالمدينة، فتوعدته بالقتل، قلت لئن أمكنني الله منك لأفعلنّ، فلمّا كان يوم صفّين جعل عمّار يحمل على الناس، فقيل: هذاعمار، فرأيت فرجة بين الرئتين والساقين، فحملت عليه، فطعنته في ركبته، فوقع، فقتلته.
وفي رواية: قال كلثوم: كنت بواسط عند عمرو بن سعيد، فجاء آذن فقال: قاتل عمار بالباب، فإذا طويل، فقال: أدركت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأنا أيفع أهلي، وأردد عليهم الغنم، فذكر له عمار، فقال: كنا نعده حنانا، فسمعته يقع في عثمان، فاستقبلني يوم صفّين، فقتلته.
الحنان: صاحب الرحمة.
قال يعقوب بن شيبة حدّثنا هارون بن معروف، حدّثنا ضمرة قال ابن شوذب حدّثنا عن أبي المنهال عن أبي زياد قال: رأيت قاتل عمار بن ياسر بواسط القصب مع الحجاج، رجلا من جهينة عليه مقطعات له، وهو يحدث كيف كان قتله إياه.
قال: حججت في خلافة عثمان، فأتيت خياما، فإذا رجل عليه جماعة، وهو يعيب عثمان، فقلت: اللهم إنك «4» . فأذن أن توليني دمه، فلما كان يوم صفّين فنظرت إليه، فقصدت إليه بالرمح، فطعنته، فأقتله.(74/139)
قال أبو عامر موسى بن عامر: حدّثنا الوليد بن مسلم أخبرني عثمان بن أبي العاتكة «1» :
أن روميا جاء معاوية بن أبي سفيان، فقال له: أشبب لك نارا بالنفط وغيره تحرّق بها عدوك من الروم في البحر، فقال معاوية: لا أكون أول من حرّق بها، وعذّب بعذاب الله، ولم يقبل منه ما عرض عليه، فهرب إلى طاغية الروم، فشببها له، ولقيت به سفنهم سفن المسلمين، فرموهم، وحرقوهم، فقال معاوية: أما إذا فعلوا فافعلوا، فغزى المسلمون بها، فكانوا يترامون بها في طياجن «2» ، فبينا رومي يرمي سفينة أبي الغادية المزني في طيجن «3» رماه أبو الغادية بسهم، فقتله، وخرّ الطيجن «4» على سفينتهم، فاحترقت بأهلها ثلاثمائة. فكانوا يقولون: رمية سهم أبي الغادية قتلت ثلاثمائة مقاتل.
[قال أبو عبد الله البخاري:] «5» [يسار بن سبع أبو غادية الجهني، سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم كان بواسط، روى عنه كلثوم بن جبر] «6» .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «7» :
[يسار بن سبع أبو الغادية الجهني، له صحبة، مع النبي صلّى الله عليه وسلّم كان بواسط.
روى عنه: كلثوم بن جبر البصري، وحيان بن حجر الدمشقي. سمعت أبي يقول ذلك] «8» .
[قال البغوي: أبو غادية الجهني يقال: اسمه: يسار، سكن الشام. وقال مسلم في الكنى: أبو الغادية، يسار بن سبع، قاتل عمار، له صحبة.
وقال ابن حبان في الطبقة الثالثة من الثقات: أبو الغادية المزني يسار بن سبع. يروي المراسيل.(74/140)
أخرج تمام في فوائده من طريق مساور بن شهاب بن مسروق بن سعد بن أبي الغادية، حدّثني أبي عن أبيه عن جده سعد عن أبيه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم في جماعة من الصحابة، فمرت به جنازة، فسأل عنها، فقالوا: من مزينة، فما جلس مليا حتى مرت به الثانية، فقال:
«ممن؟» قالوا: من مزينة، فما جلس مليا حتى مرت به الثالثة، فقال: «ممن؟» فقالوا: من مزينة، فقال: «سيري مزينة لا يدرك الدجال منك أحد» الحديث.
قال ابن عساكر بعد تخريجه: غريب لم أكتبه إلّا من هذا الوجه والراجح أن المزني غير الجهني، لكن من قال: إن المزني هو قاتل عمار، فقد وهم] «1» .
[10114] يساف بن شريح اليشكري- بصري-
حكى عن عبيد الله بن زياد، وقدم معه دمشق.
حكى عنه عمر بن هبيرة. قال يساف بن شريح «2» :
لمّا خرج عبيد الله بن زياد من البصرة شيّعته، فقال: قد مللت الخفّ، فأبغوني ذا حافر، فركب حمارا وتفرد- وفي رواية: قد ثقل عليّ ركوب الإبل، فوطئوا لي على ذي حافر، فألقيت له قطيفة على حمار، فركبه، وإن رجليه لتكادان تخطان في الأرض- فإنه ليسير أمامي إذ سكت سكتة، فأبطأتها، فقلت في نفسي: هذا عبيد الله، أمير العراق أمس نائم الساعة على حمار، لو سقط منه لأبغضك قومك. فدنوت منه، فقلت: أنائم أنت؟ قال:
لا، قلت: فما أسكتك؟ قال: كنت أحدّث نفسي.
فذكر الحكاية، وقد سبقت في ترجمة عبيد الله بن زياد.
[10115] يسرة بن صفوان بن جميل أبو صفوان- ويقال: أبو عبد الرّحمن- اللّخمي البلاطي
من أهل قرية البلاط، من قرى دمشق.
__________
[10115] يسرة بالفتح وفتح المهملة، ضبطت عن تبصير المنتبه 4/1493. وترجمته في تهذيب الكمال 20/410 وتهذيب التهذيب 6/238 والجرح والتعديل 9/314 والتاريخ الكبير 8/428.(74/141)
روى عن إبراهيم بن سعد الزهري، ومحمّد بن مسلم الطائفي، وعبد الله بن جعفر المديني، وهشيم بن بشير، وفليح بن سليمان المدني، وأبي معشر السندي، وشريك بن عبد الله النخعي، وفرج بن فضالة، وغيرهم.
روى عنه: صفوان بن يسرة، ودحيم، والبخاري، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الدمشقي، ويزيد بن محمّد بن عبد الصّمد، ومحمّد بن عوف، وموسى بن سهل الرملي وغيرهم.
ذكره أبو زرعة في ذكر أهل الفتوى بدمشق «1» .
قال ابن أبي حاتم «2» :
[يسرة بن صفوان اللخمي الشامي الدمشقي، وهو ابن صفوان بن جميل أبو صفوان] «3» كان يسكن البلاط [خارجا من دمشق على ثلاثة فراسخ] «4» القرية التي كان يسكن فيها واثلة بن الأسقع روى عن نافع بن عمر الجمحي، ومحمّد بن مسلم [الطائفي] وإبراهيم بن سعد، وحزام بن هشام. روى عنه دحيم وأبي رحمه الله. سئل أبي عنه، فقال:
ثقة.
[قال أبو عبد الله البخاري] «5» : [يسرة بن صفوان بن جميل أبو صفوان اللخمي الشامي، سمع نافع بن عمر ومحمّد بن مسلم الطائفي وإبراهيم بن سعد] «6» .
قال الكلاباذي: روى عنه البخاري في تفسير الحجرات، وغزوة أحد، والتوحيد،..... «7» النبي صلّى الله عليه وسلّم يعني في صحيحه.
روى عن أبي معشر، عن نافع، عن ابن عمر قال:
أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نخرج عن كلّ صغير وكبير، حرّ ومملوك صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، وأمرنا أن نخرجه قبل أن نخرج إلى الصلاة.(74/142)
قال أبو أحمد العسكري: ومما يشكل بيسرة بنت صفوان، يسرة بن صفوان وهو اسم رجل من المتأخرين تحت الياء نقطتان والسين والياء مفتوحتان، وهو دمشقي.
روى عن نافع بن عمر الجمحي، وذكر غيره.
وسئل محمّد بن عوف عن يسرة، فقال: كان رجلا صالحا» .
[قال الحسن بن محمّد بن بكار بن بلال:] «2» مات سنة ست عشرة ومئتين، وكان مولده سنة عشر ومئة، وكانت وفاته وهو ابن مئة وست سنين «3» .
وقيل: مات يسرة ومحمّد بن المبارك الصوري وأحمد بن خالد الذهني ومحمّد بن معاذ بن عبد الحميد في سنة خمس عشرة ومئتين.
[10116] يسرة بن صفوان بن يسرة ابن صفوان اللخمي
حدّث عن وجوده في كتاب جده المذكور.
روى عنه أبو محمّد بن زبر.
[10117] يسر بن عبد الله الخصي مولى المقتدر بالله
حدّث بدمشق عن علي بن عبد الحميد الغضائري.
روى عنه أبو بكر ابن الطيان.
[10118] اليسع- وهو الأسباط- بن عدي ابن سويلح بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصّلاة والسّلام
يقال: هو ابن عم إلياس النبي- عليهما السّلام- وكان مستخفيا مع إلياس بجبل قاسيون
__________
[10116] سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور.
[10117] سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور.
[10118] انظر أخباره في البداية والنهاية 2/5 والكامل لابن الأثير 1/150. و «سويلح» في البداية والنهاية: «شوتلم» نقلا عن ابن عساكر.(74/143)
بدمشق حين هرب من أهل بعلبكّ «1» ، ثم ذهب معه إلى بعلبكّ، فلمّا رفع إلياس خلفه اليسع في قومه، ونبّأه الله- عز وجل- بعد إلياس. وقيل: كان الأسباط ببانياس «2» .
وقال الله تعالى: وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ
[سورة ص، الآية: 48] ، أي اذكرهم بصبرهم وفضلهم لتسلك طريقهم، وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ
اختارهم الله للنبوة.
قال أبو حذيفة إسحاق بن بشر أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال «3» :
كان بعد إلياس اليسع، فمكث ما شاء الله «4» ، يدعوهم إلى الله، متمسكا «5» بمنهاج إلياس وشريعته، حتى قبضه الله إليه، ثم خلف فيهم الخلوف، وعظمت فيهمالأحداث والخطايا وكثرت الجبابرة، فقتلوا الأنبياء «6» .
[10119] يعنوب- ويقال: يعبوث- ابن عمرو بن ضريس القضاعي ثم المشجعي
شهد مع خالد بن الوليد حصار دمشق. وقيل: اسمه عبد يغوث، وقتل بأجنادين سبعة من المشركين، فأصابته طعنة، فأذن له أبو عبيدة في الرجوع إلى أهله، فرجع إليهم، فمات.
__________
[10119] كذا رسمها في مختصر أبي شامة، وكتبه محقق مختصر ابن منظور: «يعقوب» ووهم في ذلك، فقد جاء بعد أسطر في مختصر أبي شامة: ذكر من اسمه يعقوب.(74/144)
ذكر من اسمه يعقوب
[10120] يعقوب بن إبراهيم بن الوليد ابن عبد الملك بن مروان الأموي
كان يسكن الجامع «1» قرية بالمرج.
حكى عن أبيه إبراهيم.
حكى عنه ابنه مسلم بن يعقوب، وعمرو بن مروان الكلبي.
وله أولاد ذكرهم ابن أبي العجائز.
[10121] يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد أبو عوانة النّيسابوري ثم الإسفرائيني
الحافظ، صاحب (المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج) أحد الحفاظ الجوّالين، والمحدثين المكثرين. دخل دمشق غير مرّة، وطاف الشام، ومصر، والبصرة، والكوفة، والحجاز، وواسط، والجزيرة، واليمن، وأصبهان، وفارس، والرّيّ.
سمع بدمشق يزيد بن محمّد بن عبد الصّمد، وإسماعيل بن محمّد بن قيراط،
__________
[10120] جمهرة أنساب العرب ص 90.
[10121] ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/779 والطبقات الكبرى للسبكي 3/487 وفيات الأعيان 6/393 تاريخ جرجان ص 448 والأنساب (الإسفرايني) . العبر 2/165 سير أعلام النبلاء 14/417 النجوم الزاهرة 3/222 شذرات الذهب 2/274.(74/145)
وشعيب بن شعيب بن إسحاق، وغيرهم، وبمصر: يونس بن عبد الأعلى، وابن أخي ابن وهب، والمزني، والربيع «1» ، ومحمّدا، وسعدا ابني عبد الحكم، وبالعراق: سعدان بن نصر، والحسن بن الزعفراني، وعمر بن شبة «2» وغيرهم. وبخراسان: محمّد بن يحيى الذهلي، ومسلم بن الحجاج، ومحمّد بن رجاء السندي وغيرهم، وبالجزيرة: علي بن حرب وغيره. روى عنه: أبو بكر الإسماعيلي، وأحمد بن علي الرازي، وأبو علي الحسين بن علي، وأبو أحمد بن عدي، وسليمان الطبراني، ومحمّد بن يعقوب بن إسماعيل الحفاظ، وأبو الوليد الفقيه، وابنه أبو مصعب محمّد بن أبي عوانة «3» .
وحج خمس مرّات.
وقال: حدّثني عبد الرّحمن بن عمرو أبو زرعة الدمشقي، وفي قدمتي الثالثة الشام، فذكر حديثا.
وقال «4» : كنت بالمصيصة فكتب إليّ [أخي] محمّد بن إسحاق، فكان في كتابه:
فإذا نحن التقينا قبل موت شفينا النفس من مضض العتاب
وإن سبقت بنا أيدي المنايا فكم من عاتب تحت التراب
فلما رجعت سألته عن ذلك، فقال: بلغني أن علي بن حجر كتب به إلى بعض إخوانه.
قال أبو عبد الله الحافظ: سمعت أبا محمّد بن سعيد الحافظ يقول: عقدنا مجلس الإملاء لأبي عوانة الإسفرايني في خان سهل للنصف من شعبان سنة إحدى وثلاثمائة واجتمع الخلق.
قال الحاكم: أبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم، ومن الرحالة في أقطار الأرض لطلب الحديث، توفي سنة ست عشرة وثلاثمائة «5» .(74/146)
قال حمزة بن يوسف «1» : روى بجرجان في سنة اثنتين وتسعين ومئتين. روى عنه أبو بكر الإسماعيلي وأبو أحمد بن عدي وأبو أحمد الغطريفي وغيرهم.
حدّثني «2» الشيخ الصالح الأصيل أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن عمر ابن الصفار الإسفرايني قال: وقبره- يعني قبر أبي عوانة- بإسفراين مزار العالم ومتبركالخلق. وبجنب قبره قبر الراوية عنه أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري الإسفرايني في مشهد واحد داخل المدينة، على يسار الداخل من باب نيسابور من إسفراين، وقريب من مشهده مشهد الأستاذ الإمام أبي إسحاق الإسفرايني رحمة الله عليه، على يمين الداخل من باب نيسابور، وبجنب قبره قبر الأستاذ أبي منصور البغدادي الإمام الفقيه المتكلم صاحبه، الصاحب بالجنب حيا وميتا، المتظاهرين لنصرة الدين بالحجج والبراهين. سمعت جدي الإمام شيخ الإسلام عمر ابن الصفار رحمة الله عليه، ونظر إلى القبور حول الأستاذ الإمام أبي إسحاق، وأشار إلى المشهد وخارج المشهد، وقال: قد قيل ها هنا من الأئمة والفقهاء على مذهب الإمام الشافعي رضوان الله عليه أربعون إماما، كل واحد منهم لو تصرف في المذهب وأفتى برأيه واجتهاده- يعني على مذهب الشافعي- لكان حقيقا بذلك، فقال رحمه الله: العوام يتقرّبون إلى مشهد الأستاذ [أبي إسحاق] «3» أكثر مما يتقرّبون إلى مشهد أبي عوانة وهم لا يعرفون قدر هذا الإمام الكبير المحدث أبي عوانة لبعد العهد بوفاته، وقرب العهد بالأستاذ والإمام أبو عوانة هو الذي أظهر لهم مذهب الشافعي بإسفرايين بعد ما رجع من مصر وأخذ العلم عن أبي إبراهيم المزني رحمه الله، وكان جدي رحمه الله إذا وصل إلى مشهد الأستاذ رأيته لا يدخل المشهد احتراما بل كان يقبل عتبة المشهد وهي مرتفعة بدرجات، ويقف ساعة على هيئة التعظيم والوقار «4» ، ثم يعبر عنه كالمودع لعظيم عظيم الهيبة، وإذا وصل إلى مشهد أبي عوانة كان أشد تعظيما له، وإجلالا وتوقيرا ويقف أكثر من ذلك، كأنه واقف بقبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.
روى عن بشر بن مطر بسنده إلى ابن عمر:
أنّ عمر أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم- وقد كان ملك مائة سهم من خيبر اشتراها حتى استجمعها-(74/147)
فقال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: قد أصبت مالا لم أصب مثله قط، وقد أردت أن أتقرب إلى الله، قال:
«فاحبس الأصل وسبّل الثمر» «1»
[14416] .
وروى عن عبد الرّحمن بن بشر بسنده عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «2» : «من صام يوما في سبيل الله باعده الله عن النار سبعين خريفا»
[14417] .
أخرجه مسلم «3» عن عبد الرّحمن.
وروى عن الزعفراني بسنده إلى عائشة «4» :
أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يباشر وهو صائم- وأظنّه قال: - وكان يقبّل وهو صائم، وكان أملككم لإربه «5» .
أخرجه النّسائي «6» عن الزّعفراني.
[قال ابن أخت أبي عوانة المحدث الحسن بن محمّد الإسفراييني: توفي أبو عوانة في سلخ ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاثمائة.
وقال غيره: بني على قبر أبي عوانة مشهد بإسفرايين يزار، وهو في داخل المدينة] «7» .
[10122] يعقوب بن إسحاق ابن حنش أبو يوسف
روى عن: العباس بن الوليد بن مزيد.
روى عنه: أبو زرعة وأبو بكر ابنا عبد الله بن أبي دجانة.
قال تمام بن محمّد حدّثني ابنا أبي دجانة قالا: حدّثنا أبو يوسف يعقوب بن حنش أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه، عن الأوزاعي قال:(74/148)
خرج إبراهيم بن أدهم من بيروت يريد الناعمة، فتبعه رجل يشيعه، حتى إذا صار في الصنوبر، وأراد أن يرجع قال له: يا أبا إسحاق، أوصني يجب أن أفتن لك في الكلام وأوجز، قال: اعلم أن الصائم الحاج المعتمر المجاهد المرابط، المراعي نفسه عن الناس، أستودعك الله.
[10123] يعقوب بن إسحاق بن دينار أبو يوسف
روى عن محمّد بن عائذ، ومنبه بن عثمان، وسليمان بن عبد الرّحمن، وغيرهم.
روى عنه: عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر، وغيره.
قال ابن أبي الدنيا: حدّثني يعقوب بن إسحاق بن دينار قال: قال لي قائل في منامي تراقبوا الله مراقبة من سمع الزجر وانتفع بالتجدير.
[10124] يعقوب بن إسحاق بن أبي عبد الرّحمن أبو يوسف البصري العطار
حدّث بأطرابلس عن هشام بن عمار، وعمرو بن مرزوق، ومحمّد بن سلام، والضحاك بن ... «1» .
روى عنه أبو بكر ابن المقرىء، وإبراهيم بن محمّد بن صالح بن سنان وغيرهما.
[10125] يعقوب بن إسحاق أبو يوسف اللغوي المعروف أبوه بالسّكّيت
صاحب كتاب «إصلاح المنطق» وغيره «2» .
__________
[10123] سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور.
[10124] سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور.
[10125] انظر ترجمته وأخباره في تاريخ بغداد 14/273 ومعجم الأدباء 20/50 وفيات الأعيان 6/395 سير أعلام النبلاء 12/16 بغية الوعاة 2/349 والنجوم الزاهرة 2/317 والفهرست 72 ونزهة الألباء 122. قال ابن خلكان: السكيت بكسر السين المهملة والكاف المشددة وبعدها ياء مثناة من تحتها ثم تاء مثناة من فوقها.
قال: وعرف بذلك لأنه كان كثير السكوت طويل الصمت، وكل ما كان على وزن فعيل أو فعيليل فهو مكسور الأول. (وفيات الأعيان 6/401) .(74/149)
حكى عن أبي عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، ومحمّد ابن المهنا، ومحمّد بن صبح «1» بن السماك الواعظ.
حكى عنه أحمد بن فرج المقرىء، ومحمّد بن عجلان الإخباري، وأبو عكرمة الضبي، وأبو سعيد السكري، وميمون بن هارون الكاتب، وعبد الله بن محمّد بن رستم.
وقدم دمشق مع جعفر المتوكل، وكان يؤدب أولاد المتوكل.
قال [ابن السّكّيت] قال محمّد بن السماك: من عرف الناس داراهم، ومن جهلهم ماراهم، ورأس المداراة ترك المماراة «2» .
وذكر القاضي أبو المحاسن الفضل بن محمّد بن مسعر التنوخي المصري فيما صنفه من أخبار النحويين واللغويين قال:
يعقوب بن إسحاق السّكّيت روى عن الأصمعي، وأبي عبيدة، والفراء وجماعة غيرهم من أهل العلم، وكتبه جيدة صحيحة نافعة منها «إصلاح المنطق» وكتاب الألفاظ، وكتاب في معاني الشعر، وكتاب القلب والابدال، ولم يكن له نفاذ في علم النحو، وكان يميل في رأيه واعتقاده على مذهب من يرى تقديم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه. قال أحمد بن عبيد «3» : شاورني في منادمة المتوكل فنهيته، فحمل قولي على الحسد، وأجاب إلى ما دعي إليه منها، فبينا هو مع المتوكل يوما جاء المعتز والمؤيد، فقال [المتوكل] : يا يعقوب أيما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فغض من ابنيه، وذكر من الحسن والحسين عليهما السلام ما هما أهله، فأمر الأتراك فداسوا بطنه، وحمل إلى داره، فمات بعد غد ذلك اليوم، وكان ذلك في سنة أربع وأربعين ومئتين، وفي هذه السنة مات عمرو بن أبي عمرو.(74/150)
وقال عبد الله بن عبد العزيز، وكان نهى يعقوب عن اتصاله بالمتوكل «1» :
نهيتك يا يعقوب عن قرب شادن إذا ما سطا أربى على كل ضيغم
فذق واحس ما استحسيته لا أقول إذ عثرت: لعا، بل: لليدين وللفم
قال أبو بكر الخطيب»
:
يعقوب بن إسحاق السّكّيت «3» ، أبو يوسف النحوي اللغوي. كان من أهل الفضل والدين، موثوقا بكلامه وبروايته وكان يؤدب ولد جعفر المتوكل على الله [وروى عن أبي عمرو الشيباني، حدّث عنه أبو عكرمة الضبي، وأبو سعيد السكري، وميمون بن هارون الكاتب، وعبد الله بن محمّد بن رستم، وأحمد بن فرح المقرىء،] «4» وأبوه إسحاق هو المعروف بالسّكّيت. وحكي أنّ الفراء سأل السّكّيت عن نسبه؟ فقال: خوزيّ- أصلحك الله- من قرى دورق «5» ، من كور الأهواز «6» .
[قال الخطيب:] «7» [أخبرنا البرقاني، أخبرنا محمّد بن العباس الخزاز،] «8» حدّثنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، حدّثني محمّد بن فرج «9» :
كان يعقوب بن السّكّيت يؤدب مع أبيه- بمدينة السّلام، في درب القنطرة- صبيان العامة، حتّى احتاج إلى الكسب، فجعل يتعلم النحو. وحكى عن أبيه أنه حجّ، وطاف بالبيت و [سعى] «10» بين الصفا والمروة، وسأل الله أن يعلم ابنه النحو، فتعلم النحو واللغة، وجعل يختلف إلى قوم من أهل القنطرة، فأجروا له كلّ دفعة عشرة وأكثر، حتى اختلف إلى بشر(74/151)
وإبراهيم ابني هارون- أخوين كانا يكتبان لمحمّد بن عبد الله بن طاهر- فما زال يختلف إليهما، وإلى أولادهما دهرا. فاحتاج ابن طاهر إلى رجل يعلّم ولده، وجعل ولده في حجر إبراهيم «1» ، ثم قطع ليعقوب رزقا خمسمائة درهم، ثم جعلها ألف درهم. وكان يعقوب قد خرج قبل ذلك إلى سرّ من رأى «2» ، وذلك في أيام المتوكل، فصيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان عند المتوكل، فضمّ إليه ولده، وأسنى له الرزق.
[قال الخطيب:] «3» [أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا محمّد بن العباس الخزاز] «4» قال سمعت أبا عمر اللغوي يقول سمعت ثعلبا- وقد ذكر يعقوب بن السّكّيت فقال- «5» :
ما عرفنا له خربة قط.
[قال أبو بكر الخطيب] «6» [حدّثني أبو القاسم عبيد الله بن علي بن عبيد الله الرقي، حدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أحمد المقرىء] «7» حدّثنا أبو بكر الصولي، حدّثنا الحسن بن الحسين الأزدي، حدّثنا أبو الحسن الطوسي قال «8» : كنا في مجلس علي اللحياني، وكان عازما على أن يملي نوادره ضعف ما أملى، فقاليوما: تقول العرب: مثقل استعان بذقنه «9» ، فقام إليه ابن السّكّيت- وهو حدث- فقال: يا أبا الحسن، إنما هو «10» مثقل استعان بدفّيه، يريدون الجمل إذا نهض بالحمل استعان بجنبيه. فقطع الإملاء. فلمّا كان في المجلس الثاني أملى، فقال: تقول العرب: «هو جاري مكاشري» . فقام إليه يعقوب بن السّكّيت، فقال: أعزّك الله، وما معنى «مكاشري» ؟ إنما هو مكاسري، كسر بيتي إلى كسر بيته. قال: فقطع اللّحياني الإملاء، فما أملى بعد ذلك شيئا.(74/152)
قال الخطيب «1» : وقرأت على الحسن بن أبي بكر عن أبي سهل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن زياد القطان قال: سمعت ثعلبا يقول:
عدي بن زيد العبادي أمير المؤمنين في اللغة. وكان «2» يقول في ابن السّكّيت قريبا من هذا.
قال أبو سهل: وسمعت المبرد يقول «3» :
ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب يعقوب بن السّكّيت في المنطق.
قال أحمد بن محمّد بن أبي شداد «4» :
شكوت إلى ابن السّكّيت ضيقة «5» ، فقال: هل قلت شيئا؟ قلت: لا، قال: فأقول أنا فأنشدني:
نفسي تروم أمورا لست مدركها ما دمت أحذر ما يأتي به القدر
ليس ارتحالك في كسب الغنى سفرا لكن مقامك في ضيق هو السفر
قال ابن السّكّيت «6» : كتب [رجل] «7» إلى صديق له:
قد عرضت لي قبلك حاجة، فإن نجحت بك، فالفاني حظي، والباقي حظك، وإن تتعذّر «8» فالخير مظنون منك، والعذر مقدّم لك. [والسلام] «9» .
قال المعافى بن زكريا: حدّثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي: حدّثنا أبو العباس محمّد بن يزيد عن المازني قال «10» :(74/153)
اجتمعت مع يعقوب بن السّكّيت عند محمّد بن عبد الملك الزيات، فقال لي محمّد بن عبد الملك الزيات: سل أبا يوسف عن مسألة. فكرهت ذلك، وجعلت أتباطأ، وأدافع مخافة أن أوحشه، لأنّه كان لي صديقا. فألحّ علي محمّد بن عبد الملك، وقال لي:
لم لا تسأله؟ فاجتهدت في اختيار مسألة سهلة لأقارب يعقوب، فقلت له: ما وزن نكتل من الفعل من قول الله تعالى: فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ
[سورة يوسف، الآية: 63] ؟ فقال لي: نفعل، فقلت: فينبغي أن يكون ماضيه (كتل) ! فقال: لا، ليس هذا وزنه، إنما هو (نفتعل) ، فقلت له: نفتعل كم حرفا؟ قال: هو خمسة أحرف، فقلت له: فنكتل، كم حرفا هو؟ قال: أربعة أحرف فقلت له: أيكون أربعة أحرف بوزن خمسة أحرف؟ فانقطع، وخجل وسكت. فقال محمّد بن عبد الملك: فإنما تأخذ كل شهر ألفي درهم على أنك لا تحسن ما وزن (نكتل) ؟ قال: فلمّا خرجنا قال لي يعقوب: يا أبا عثمان، هل تدري ما صنعت؟ فقلت له: والله لقد قاربتك جهدي [وما لي في هذا ذنب] «1» «2» .
[قال القاضي أبو الفرج:
نكتل في هذا الموضع هو في أوليته وابتدائيته في ماضيه ومستقبله: كال يكيل على فعل يفعل. مثل مال يميل وقياسه في أصل تقديره كيل يكيل نظيره في الصحيح ضرب يضرب. إلّا أن الياء في كيل انقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. والألف لا تكون إلا ساكنة إلّا أنها في نية حركة ونقلت كسرة الياء في المضارع ونقلت كسرتها إلى الكاف وكانت ساكنة، فكسرت إذ لم يستقم التقاء الساكنين فصار نكتل، وقيل في الجمع: كلنا نكتل، ثم لما زيدت التاء دلالة على الافتعال قيل: اكتال نكتال وأصله اكتيل يكتيل، نحو افتعل يفتعل نظيره من الصحيح اكتتب يكتتب واكترث يكترث واستبق يستبق ثم قلبت الياء من اكتيل ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار اكتال ومضارعه يكتال، وأصله يكتيل، وفي الجمع نكتيل وزنه نفتعل، فلما قيل نكتل فأعرب بالجزم إذ هو جواب الأمر اقتضى الجزم سكون اللام، فالتقى(74/154)
ساكنان اللام والألف المنقلبة من الياء فأسقطت الألف لذلك فبقي نكتل، ووزنه في الأصل نفتعل ثم لما حذفت الألف المنقلبة من الياء وهي عين الفعل صار نكتل موزنه نفتل، على طريقة التحرير وتمييز الزوائد من الأصول بالعبارة عن الأصليات بالفاء والعين واللام وتسمية الزوائد بأنفسها. ألا والألف المنقلبة من الياء فأسقطت الألف لذلك فبقي نكتل، ووزنه في الأصل نفتعل ثم لما حذفت الألف المنقلبة من الياء وهي عين الفعل صار نكتل موزنه نفتل، على طريقة التحرير وتمييز الزوائد من الأصول بالعبارة عن الأصليات بالفاء والعين واللام وتسمية الزوائد بأنفسها. ألا لسائله على شراسة خلقه وإشفاقه من تشعث منزلته عنده، وقطع مادة المعيشة من جهته] «1» .
قال أبو الفرج»
:
وكان يعقوب في صناعة النحو ذا بضاعة مزجاة نزرة، وقد صنف مع هذا في النحو كتابا مختصرا لم يعد فيه القدر الذي تناله يده، وإن كان إماما عالما «3» فياللغة، وقدوة سابقا مبرّزا في اختلاف أهلها مع البصريين والكوفيين، وله فيها كتب مؤلفة حسنة، وأنواع مصنفة مفيدة.
وأبو عثمان المازني وإن كان قد قصد الجميل من مقاربته وتسهيل مناظرته فإنه إنما أتى بما هو متيسر له دونه، وقد كان الأولى بما قصده تنكب ما فيه اعتلال وقلب، والعدول به عن التصريف الكاد للقلب الشاق على «4» اللب. وقد رد المازني على سيبويه مسائل في بعضها حجج وفي بعضها شبه.
وسأل الأخفش عن مسائل نسبه إلى التقصير والانقطاع في بعضها. وحكي أن الأخفش رجع عند أول توقيف منه عليها في البعض «5» منها. وقد ذكرنا من هذا طرفا في موضعه.
قال ابن السّكّيت:
إن محمد بن عبد الله بن طاهر عزم على الحج، فخرجت إليه جارية له شاعرة، فبكت لما رأت آلة السفر، فقال محمد بن عبد الله:(74/155)
دمعة كاللؤلؤ الرّطب على الخدّ الأسيل «1»
هطلت في ساعة البين من الطرف الكحيل
ثم قال لها: أجيزي، فقالت:
حين همّ القمر الباهر عنّا بالأفول
إنما يفتضح العشاق في وقت الرّحيل
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أخبرنا طاهر بن عبد العزيز بن عيسى الدعاء أخبرنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي قال: سمعت أبا أحمد البغدادي يقول: سمعت الحسين بن عبد المجيب الموصلي يقول: سمعت يعقوب ابن السّكّيت- في مجلس أبي بكر ابن أبي شيبة- يقول:
ومن الناس من يحبك حبّا ظاهر الحب ليس بالتقصير
فإذا ما سألته عشر فلس الحق الحب باللطيف الخبير] «3»
[قال ابن خلكان] «4» :
[قال أبو العباس ثعلب: كان ابن السّكّيت يتصرف في أنواع العلوم، وكان أبوه رجلا صالحا.
وقال ثعلب: أجمع أصحابنا أنه لم يكن بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السّكّيت، وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز بالله، فلما جلس عنده قال له: بأي شيء يحب الأمير أن نبدأ- يريد من العلوم- فقال المعتز: بالانصراف، قال يعقوب: فأقوم؟ قال المعتز:
فأنا أخف نهوضا منك، وقام فاستعجل، فعثر بسراويله فسقط، والتفت إلى يعقوب خجلا وقد احمرّ وجهه، فأنشد يعقوب:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه وعثرته بالرجل تبرأ في مهل(74/156)
فلما كان من الغد دخل يعقوب على المتوكل فأخبره بما جرى، فأمر له بخمسين ألف درهم، وقال: قد بلغني البيتان] «1» .
قال الخطيب «2» :
بلغني أن يعقوب بن السّكّيت مات في رجب من سنة ثلاث- وقيل: من سنة أربع، وقيل: من سنة ست- وأربعين ومائتين، وقد بلغ ثمانيا وخمسين سنة.
[10126] يعقوب بن دينار- ويقال: ميمون- أبي سلمة، الماجشون، أبو يوسف القرشي التّيمي
مولى المنكدر. من أهل المدينة.
وفد على عمر بن عبد العزيز في ولايته المدينة، يحدثه ويأنس به. فلمّا استخلف عمر قدم عليه يعقوب الماجشون، فقال له عمر: إنّا تركناك حيث تركنا لبس الخزّ. فانصرف عنه.
والماجشون هو يعقوب، وهو أخو عبد الله بن أبي سلمة. والماجشون بالفارسية هو الورد، وإنما سمي الماجشون للونه.
سمع ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، ومحمّد بن المنكدر، وعبد الرّحمن بن هرمز، الأعرج.
روى عنه ابناه يوسف وعبد العزيز، وابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة «3» .
قال ابن سعد «4» : في الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة: يعقوب بن أبي سلمة،
__________
[10126] ترجمته في الجرح والتعديل 9/207 وتهذيب الكمال 20/432 وتهذيب التهذيب 6/244 وسير أعلام النبلاء 5/370 وتاريخ الإسلام (101- 120) ص 505 والطبقات الكبرى لا بن سعد 5/415ضمن ترجمة ابنه يوسف، وفيات الأعيان 6/376 والتاريخ الكبير 8/392 وتقريب التهذيب 2/375.(74/157)
ويكنى أبا يوسف، وهو الماجشون، فسمي بذلك هو وولده فيعرفون جميعا بالماجشون «1» ، وكان فيهم رجال لهم فقه ورواية للحديث والعلم، وليعقوب أحاديث يسيرة.
قال البخاري:
حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثني أبو سلمة الخزاعي، حدّثنا عبد العزيز بن يعقوب عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن عبد العزيز لما كتب إليه الوليد بالقدوم عليه إلى ذي خشب، فقال لي: يا ماجشون.
قال: وحدّثني مروان بن محمّد، حدّثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة قال: هلك جدي عبد الله بن أبي سلمة سنة ست ومئة، والماجشون هو يعقوب أخو عبد الله بن أبي سلمة.
قال المفضل الغلابي: قال أبو عبد الله مصعب: فعبد الله بن أبي سلمة والماجشون أخوان، واسم أبي سلمة ميمون، والماجشون اسمه يعقوب بن أبي سلمة، وإنما سمي الماجشون للونه «2» .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «3» :
[يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة دينار مولى آل المنكدر القرشي المديني، وأخوه عبد الله بن أبي سلمة، روى عن محمّد بن المنكدر، روى عنه ابنه يوسف بن يعقوب، سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمّد: روى عن الأعرج، روى عنه ابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون] «4» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «5» :(74/158)
[يعقوب بن أبي سلمة، وهو الماجشون مولى آل المنكدر، القرشي، المدني، سمع عمر بن عبد العزيز، ويحيى بن عمر. روى عنه ابناه يوسف وعبد العزيز، أراه عمّ عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة] «1» .
وقال أبو الفرج الأصبهاني:
الماجشون لقب لقبته به سكينة بنت الحسين، وهو اسم لون من الصبغ أصفر تخالطه حمرة، وكذلك كان لونه. ويقال: إنها ما لقبت أحدا قط بلقب إلّا لصق به.
وكان يعلّم الغناء، ويتّخذ القيان، ظاهر أمره في ذلك، وكان يجالس عروة بن الزبير «2» . وعمر بن عبد العزيز في إمرته.
قال مصعب: كان الماجشون يعين ربيعة «3» على أبي الزّناد، لأن أبا الزّناد كان معاديا لربيعة، فكان أبو الزّناد يقول: مثلي ومثل الماجشون مثل ذئب كان يلج على أهل قرية، يأكل صبيانهم، فاجتمعوا له، وخرجوا في طلبه، فهرب منهم، فتقطعوا عنه إلّا صاحب فخار، فألح في طلبه، فوقف له الذئب، فقال هؤلاء عذرتهم، ما لي ولك؟ ما كسرت لك فخارة قط! ثم قال أبو الزّناد: أرأيت الماجشون، ما لي وله؟! ما كسرت له قط كبرا «4» ولا بربطا «5» «6» .
عن ابن الماجشون قال «7» :
عرج بروح أبي الماجشون، فوضعناه على سرير الغسل، وقلنا للناس: نروح به.(74/159)
فدخل غاسل إليه يغسله، فرأى عرقا يتحرّك من أسفل قدمه، فأقبل علينا، فقال: أرى عرقا يتحرّك، ولا أرى أن أعجل عليه، فاعتللنا على الناس، وقلنا: نغدو، لم يتهيأ أمرنا على ما أردنا. فأصحبنا، وغدا عليه الغاسل، وجاء الناس، فرأى العرق على حاله، فاعتذرنا إلى الناس بالأمر الذي رأيناه. فمكث ثلاثا على حاله، ثم إنه نشع «1» بعد ذلك، فاستوى جالسا، فقال: ائتوني بسويق، فأتي به، فشربه، فقلنا له: أخبرنا مما رأيت، قال: نعم، إنه عرج بروحي، فصعد بي الملك، حتى أتى سماء الدنيا، فاستفتح، ففتح له، ثم هكذا في السماوات حتى انتهي به إلى السماء السابعة، فقيل له: من معك؟ قال: الماجشون، فقيل له:
لم يأن له، بقي من عمره كذا وكذا سنة، وكذا وكذا شهرا، وكذا وكذا يوما، وكذا وكذا ساعة، ثم هبط فرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم، ورأيت أبا بكر عن يمينه وعمر عن يساره، ورأيت عمر بن عبد العزيز بين يديه، فقلت للذي معي: من هذا؟ قال: أو ما تعرفه؟ قلت: إني أحببت أن استثبت. قال: هذا عمر بن عبد العزيز، قلت: إنه لقريب المقعد من رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:
إنه عمل بالحق في زمن الجور، وإنهما عملا بالحق في زمن الحق.
وذكر أبو الحسن محمّد بن أحمد بن القواس الورّاق:
أن يعقوب مات سنة أربع وستين ومائة «2» .
[10127] يعقوب بن سعيد، أبو سعيد الطّرميسي
حدّث عن هشام بن عمار.
روى عنه أبو بكر أحمد بن إبراهيم الملطي.
قال [أحمد بن إبراهيم الملطي حدّثنا يعقوب بن سعيد الطرميسي] ، حدّثنا هشام بن عمار، حدّثنا بقية بن الوليد، حدّثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب الزّبيدي قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول:
__________
[10127] الطرميسي نسبة إلى طرميس، من قرى دمشق، قاله ياقوت في معجم البلدان نقلا عن ابن عساكر.(74/160)
«ما أكل العبد طعاما أحبّ إلى الله من كدّ يده، ومن بات كالا من عمله بات «1» مغفورا له» «2»
[14418] .
[10128] يعقوب بن سفيان بن جوان أبو يوسف بن أبي معاوية الفارسي الفسوي الحافظ
قدم دمشق غير مرة. سمع بها: جنادة بن محمّد، وصفوان بن صالح، وهشام بن عمار، ودحيما، والوليد بن عتبة، والعباس بن الوليد بن صبح، وأبا الجماهر «3» محمّد بن عثمان، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، وسليمان بن عبد الرّحمن وغير هم الدمشقيين، وعبد الحميد بن بكار البيروتي، وروى عنهم وعن سعيد بن منصور، وأبي عاصم النبيل، ومكي بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، وعمرو بن مرزوق، وعبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأبي النعمان محمد بن الفضل عارم، ويحيى بن عبد الحميد الحماني، وعبيد الله بن موسى العبسي وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وعبد العزيز بن أبي ثابت، وعبد الله بن مسلم القعنبي وجماعة سواهم.
وقد ذكر أسماء شيوخه. وروى عن كل واحد منهم حديثا في أربعة أجزاء.
روى عنه أبو عبد الرّحمن النسائي في سننه، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن جعفر بن درستويه، والحسن بن سفيان، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو العباس السراج، وعبد الرّحمن بن يوسف بن خراش، وأبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو عوانة الإسفراييني، وغيرهم.
وصنّف كتاب «التاريخ والمعرفة» فأكثر فائدته، وصنّف غيره من الكتب. وكان كثير الشيوخ واسع الرحلة.
__________
[10128] ترجمته في تهذيب الكمال 20/425 وتهذيب التهذيب 6/243 والجرح والتعديل 9/208 وتذكرة الحفاظ 2/582 والعبر 2/58 وطبقات القراء لابن الجزري 2/390 وشذرات الذهب 2/171 والبداية والنهاية 11/59 واللباب 2/432. والفسوي بفتح الفاء والسين هذه النسبة إلى فسا، وهي مدينة من بلاد فارس.(74/161)
وقال «1» : خرجت في هذه السنة يعني سنة تسع عشرة ومئتين سمعت من آدم بن أبي إياس ومن أبي اليمان، والوحاظي، ومشايخ فلسطين، ودمشق، وحمص، وصدرت من سنة إحدى وأربعين إلى فلسطين، وقدمت عسقلان، وسمعت هشام بن عمار في سنة اثنتين وأربعين ومئتين، يقول: فذكر عنه حكاية.
قال ابن يونس «2» :
يعقوب بن سفيان الفسوي، قدم مصر سنة تسع وعشرين ومئتين وكان قد قدمها قدمة أولى قبل قدمته هذه، وكتب عنه بمصر، وكانت بوفاته بالبصرة.
قال الحاكم أبو عبد الله «3» [الحافظ: يعقوب بن سفيان] «4» هو إمام أهل الحديث بفارس، قدم نيسابور، وأقام بها سنين وسمع منه مشايخنا: إبراهيم بن أبي طالب، والحسين بن محمّد بن زياد، وأبو العباس محمّد بن إسحاق الثقفي وغيرهم. فأما سماعه ورحلته وأفراد حديثه فأكثر من أن يمكن ذكرها في هذا الموضع.
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «5» :
[يعقوب بن سفيان بن جوان «6» الفارسي مات سنة سبع وسبعين ومئتين روى عن أبي عاصم النبيل، ومكي بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، ومحمّد بن كثير، وعمرو بن مرزوق، وعبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الله بن يوسف التنيسي، روى عنه محمّد بن إسحاق الصاغاني، والحسن بن سفيان الفسوي، وعبد الله بن أبي داود السجستاني] «7» .
قال: [أبو] «8» إسحاق بن حمزة «9» : سمعت أبي يقول: كنت رحلت إلى يعقوب بن(74/162)
سفيان، فبقيت عنده ستة أشهر، فقلت له: طال مقامي عندك، ولي والدة، فقال لي يعقوب:
رددت الباب على والدتي ثلاثين سنة.
قال يعقوب بن سفيان: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات «1» .
روى عن حاتم القزّاز بسنده إلى أبي بكر الصّدّيق «2» : أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم كان إذا أراد أمرا قال: «اللهم خر لي واختر لي»
[14419] .
قال يعقوب بن سفيان «3» :
كنت في رحلتي في طلب الحديث، فدخلت إلى بعض المدن، فصادفت بها شيخا احتجت إلى الإقامة عليه للاستكثار منه، وكانت نفقتي قد قلّت، وقد بعدت عن بلدي ووطني، فكنت أدمن الكتبة ليلا، وأقرأ عليه نهارا، فلمّا كان ذات ليلة كنت جالسا أنسخ في السراج، وكان شتاء، وقد تصرّم الليل، فنزل الماء في عينيّ، فلم أبصر السراج، ولا الكتب، ولا البيت، ولا النسخ الذي كان في يدي، فبكيت على نفسي، لا نقطاعي عن بلدي، وعلى ما فاتني من العلم الذي كتبت، وما يفوتني مما كنت عزمت على كتبه. فاشتد بكائي حتى انثنيت على جنبي، فحملتني «4» عيناي، فرأيت النبيّ صلى الله عليه وسلّم في النوم، فناداني: «يا يعقوب بن سفيان، لم أنت كئيب؟» فقلت: يا رسول الله، ذهب بصري، فتحسّرت على ما فاتني من كتب سنّتك، وعلى الانقطاع عن بلدي، فقال: ادن مني، فدنوت منه، فأمرّ يده على عينيّ، كأنه يقرأ عليهما، ثم استيقظت، فأبصرت، وأخذت نسخي، وقعدت في السراج أكتب.
قال محمّد بن إسماعيل الفارسي، حدّثنا أبو زرعة الدمشقي قال «5» :
قدم علينا رجلان من نبلاء الناس، أحدهما وأرحلهما «6» يعقوب بن سفيان أبو يوسف، يعجز أهل العراق أن يروا مثله رجلا. وذكر الثاني: يريد حرب «7» بن إسماعيل، فقال: هو(74/163)
من الكتاب عني «1» . وكان أبو يوسف يجيئني «2» في التاريخ، ينتخب منه، وكان نبيلا جليل القدر. فبينا أنا قاعد في المسجد إذ جاءني رجل من أهل خراسان، فقعد إلى جنبي، فقال:
أنت أبو زرعة؟ قلت: نعم، فجعل يسألني عن هذه الدقائق، فقلت له: من أين جمعت هذه؟
فقال: هذه كتبناها عن أبي يوسف يعقوب بن سفيان [الفارسي عنك] «3» .
قال الحاكم أبو عبد الله «4» :
قرأت بخط أبي عمرو المستملي: حدّثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي بنيسابور في مجلس محمّد بن يحيى سنة إحدى وأربعين ومئة.
قال أبو بكر الإسماعيلي أخبرنا محمّد بن داود بن دينار الفارسي: حدّثنا يعقوب بن سفيان العبد الصالح بحديث ذكره «5» . قال أبو عبد الرّحمن النسائي: أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي لا بأس به «6» .
قال أبو ذر عبد بن أحمد «7» سمعت أبا بكر أحمد بن عبدان يقول «8» :
لمّا قدم يعقوب بن الليث، صاحب خراسان، فارس أخبر أن هناك رجلا يتكلم في عثمان بن عفان- رضي الله عنه- وأراد بالرجل يعقوب بن سفيان الفسوي، فإنه كان يتشيّع- فأمر بإشخاصه من فسا إلى شيراز، فلمّا أن قدم علم «9» الوزير ما وقع في قلب السلطان، فقال: أيها الأمير «10» ، إن هذا الرجل قد قدم، ولا يتكلم في أبي محمّد عثمان بن عفان شيخنا- يريد السّجزي- وإنما يتكلم في عثمان بن عفان صاحب النبي صلى الله عليه وسلّم، فلمّا سمع ذلك قال: ما لي ولأصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم؟! توهّمت أنه يتكلم في عثمان بن عفان السّجزي. فلم يعرض له.(74/164)
قال أبو نعيم: سمعت أبا محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيان يقول: سمعت أحمد بن محمود بن صبيح يقول «1» : وفيها يعني سنة سبع وسبعين ومئتين مات يعقوب بن سفيان بفسا وكان بين موت يعقوب وأبي حاتم شهر فقدم موت يعقوب على أبي حاتم.
قال عبدان بن محمّد المروزي «2» : رأيت يعقوب بن سفيان في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، وأمرني أن أحدّث في السماء، كما كنت أحدث في الأرض، فحدثت في السماء الرابعة، فاجتمع عليّ الملائكة، واستملى عليّ جبريل، وكتبوا بأقلام من ذهب.
وقال يعقوب بن سفيان: القلم إذا كان دون الأصبعين يوجع الكبد.
[روي عن أبي الحسن النعمان بن أحمد القاضي بمصر، قال: مات أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، وكان ممن لم تر عيناي مثله، فرأيته في المنام، فقلت له: يا أبا يوسف ما فعل الله بك؟ قال: أحسن إليّ، فقلت له: أغفر لك؟ قال: نعم غفر لي، قلت:
أفأدخلك الجنة؟ قال: نعم أدخلني الجنّة، فقلت له: أفأكلت من ثمارها؟ قال: نعم أكلت من ثمارها، فقلت: رأيت رب العزّة؟ قال: لا، ولكن سمعته يقرأ: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
] «3» .
[10129] يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي أخو أيوب «4» ، ووالد أم سلمة زوج مسلمة بن هشام بن عبد الملك التي خلف عليها أبو العباس السفاح. وفد يعقوب على هشام.
قال محمّد بن علي الكوفي: كان من شأن زيد بن علي وسبب قتله «5» ، أنّه وداود بن علي بن عبد الله بن عباس قدما على خالد بن عبد الله القسري زائرين له، وهو عامل لهشام بن عبد الملك على(74/165)
العراق، فوصلهما خالد، وأحسن جائزتهما، وانصرفا إلى الحجاز. ثم إن خالدا عزل عن العراق، وولّى مكانه يوسف بن عمر الثقفي، وطالب خالد بن عبد الله بالأموال، وحبسه، وغلظ عليه وعلى كتّابه، وعماله. وبلغه أن زيد بن علي، وداود بن علي كانا صارا إلى خالد، وأن خالدا دفع إليهما مالا عظيما على جهة الوديعة، فكتب يوسف بذلك إلى هشام، فأشخصهما هشام إليه، وسألهما عن ذلك، فأنكرا. وقد كان بلّغ هشام أنّ خالدا استودع يعقوب «1» بن سلمة [بن] «2» عبد الله المخزومي مالا، فأحضره بحضرة زيد وداود، وسأله عن المال كما سألهما، فأنكر، فأمرهم جميعا بالنهوض، فلمّا خرجوا، وكانوا ببابه خرج إليه حاجبه، فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أستحلفك يا يعقوب بن سلمة ما لخالد عندك مال؟
قال: أقبل. فاستحلفه، وصدّقه، وقال لزيد بن علي، وداود بن علي: إن أمير المؤمنين أمرني بإشخاصكما إلى يوسف بن عمر، فقالا: وكيف يكون حكمان في أمر واحد؟ فدخل الآذن على هشام، فأعلمه، فقال: قل لهما: نعم، حكمان في أمر واحد، فقال زيد: إنّ ما كره قوم قطّ الموت إلّا ذلّوا. وشخصا إلى يوسف.
وقد روي أن الذي اتهم بمال خالد أخوه أيوب بن سلمة.
[10130] يعقوب بن سميع أبو يوسف الطائي
حكى عنه أبو الميمون بن راشد البجلي، واسمه عبد الرّحمن بن عبد الله بن عمر «3» .
[10131] يعقوب بن طلحة بن عبيد الله ابن عثمان القرشي التيمي المدني
حكى عن علي بن أبي طالب.
روى عنه: بكير بن عبد الله بن الأشج.
__________
[10131] ترجمته في نسب قريش ص 282 وطبقات خليفة ص 408 رقم 1996 وطبقات ابن سعد 5/165 والأغاني 14/240.(74/166)
قيل إنه وفد على عبد الملك بن مروان.
قال سعيد: حدّثنا ابن لهيعة عن بكير عن يعقوب بن طلحة بن عبيد الله قال: قلت لعلي بن أبي طالب: أرأيت الرجل إذا مات من يرث ماله، الحيّ أم الميت؟ فقال علي: لا بل يرث ماله الحي، قلت: فإن طلحة قد قتل «1» ، وإنّما مال طلحة لبنيه، وإنما أخذت أموالنا، وليس بمال طلحة. قال: ففاضت عيناه، ثم مسح دموعه، فقال: كيف قلت؟ قال: قلت: ما سمعت؟
فقال علي: أجل والله إذن، إنه لمالكم، ولكني بين ظهراني قوم لست أعلم بهم منك، وإني والله لو أعطيتك مال طلحة لقالوا «2» : أقتل طلحة حلال، وماله حرام؟ ولكن أنظرني حتى ينسى ذلك فأدفعه إليه «3» . وإنما هو مالكم.
قال ابن سعد «4» : في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة:
يعقوب بن طلحة بن عبيد الله. وكان سخيّا «5» جوادا. قتل يوم الحرّة في ذي الحجّة سنة ثلاث وستين، وجاء بمقتله ومصاب أهل الحرة إلى الكوفة الكروّس بن زيد الطائي، ففي ذلك يقول عبد الله بن الزبير الأسدي «6» :
لعمري لقد جاء الكروّس كاظما على خبر للمسلمين وجيع «7»
حديث أتاني عن لؤي بن غالب فما رقأت ليل التّمام دموعي(74/167)
يخبر أن لم يبق إلّا أرامل وإلّا دم قد سال كل مريع «1»
قروم تلاقت من قريش فأنهلت بأصهب من ماء السّمام نقيع
فكم حول سلع «2» من عجوز مصابة وأبيض فيّاض اليدين صريع
طلوع ثنايا المجد سام بطرفه قبيل تلاقيهم أشمّ منيع
وذي سنة لم يبد «3» للشمس قبلها وذي صعوة «4» غضّ العظام رضيع
شباب كيعقوب بن طلحة «5» أقفرت منازله «6» من رومة «7» فبقيع «8»
فو الله ما هذا بعيش فيشتهى «9» هنيّ ولا موت يريح سريع
قال ابن سعد: وأم يعقوب بن طلحة وأخويه: إسماعيل وإسحاق أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف «10» .
قال أحمد بن محمّد بن أيوب المغيري:
وقدّم- يعني مسرفا «11» - معقل بن سنان الأشجعيّ «12» صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فضرب عنقه صبرا، وقدّم الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، فضرب عنقه صبرا، وقتل أبا بكر بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأبا بكر بن عبد الله بن(74/168)
عمر بن الخطاب، ويعقوب بن طلحة بن عبيد الله، وابني زينب ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فضرب أعناقهم صبرا.
[قال خليفة بن خياط] «1» :
[ومن بني تيم بن مرة بن كعب بن لؤي: يعقوب بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كلب بن سعد بن تيم بن مرة، أمه أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين] «2» .
[10132] يعقوب بن عبد الله بن جعدة بن هبيرة ابن أبي وهب القرشي المخزومي المدني
سمع سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ويعقوب بن عتبة.
روى عنه ابنه عمران بن يعقوب، وعبد الله بن عبد الله الأموي، وعثمان بن عبد الرّحمن الحراني.
كان بالشام لما مات سليمان بن عبد الملك. وقال: فيمن [ ... ] «3» سليمان في قبره، فلما وضعناه على أيدينا انتفض فقال ابنه: عاش أبي والله، فقال عمر بن عبد العزيز:
استعجل بأبيك والله.
[قال أبو عبد الله البخاري] : [يعقوب بن عبد الله بن جعدة بن هبيرة، سمع سعيد بن المسيب.
روى عنه عبد الله بن عبد الله الأموي] «4» .
[قال أبو محمّد ابن أبي حاتم] : [يعقوب بن عبد الله بن جعدة بن هبيرة روى عن عمر بن عبد العزيز، وسعيد بن المسيب، ويعقوب بن عتبة. روى عنه عثمان بن عبد الرّحمن الحراني، وعبد الله بن عبد الله الأموي، سمعت أبي يقول ذلك] «5» .
__________
[10132] ترجمته في الجرح والتعديل 9/391 والتاريخ الكبير 8/209.(74/169)
[10133] يعقوب بن عبد الرّحمن بن سليم الكلبي
من أهل دمشق.
ممن قام في قتل الوليد بن يزيد.
حكى عنه النضر بن يحيى بن معرور الكلبي. بعثه يزيد بن الوليد بن عبد الملك إلى مروان بن محمّد ليأخذ له بيعته، فمات يزيد قبل أن يبايع له مروان، وقيل: بعث إليه بالبيعة، ثم بلغه موته، فرد الرسل من الطريق.
قال خليفة «1» : حمل يزيد الأموال على العجل إلى باب المضمار، وعقد لعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، ونادى مناديه: من انتدب إلى الوليد فله ألفان، فانتدب معه ألفا رجل، وضم مع عبد العزيز بن الحجاج يعقوب بن عبد الرّحمن بن سليم ومنصور بن جمهور.
[10134] يعقوب بن عبيد أبي محمّد ابن أبي موسى أبو يوسف النهرتيري
سمع بدمشق وغيرها: أبا مسهر، وهشام بن عمار، وعلي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وأبا عاصم النبيل، ووكيع بن الجراح، وأبا أسامة، وعيسى بن حماد، زغبة، وغيرهم.
روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو أحمد محمّد بن محمّد المطرز، ومحمّد بن مخلد العطار، وعبد الله بن محمّد بن إسحاق المروزي، وأبو بكر بن أبي داود.
سكن بغداد وحدّث فيها.
قال ابن أبي حاتم «2» : [يعقوب بن عبيد النهرتيري، بغدادي، روى عن أبي أسامة،
__________
[10133] ذكره خليفة بن خيّاط في تاريخه ص 364 و 419.
[10134] ترجمته في الجرح والتعديل 9/210 وتاريخ بغداد 14/280 والأنساب (النهرتيري) وسير الأعلام 12/338. النهرتيري هذه النسبة إلى نهرتيرى بكسر التاء وراء مفتوحة. بلد من نواحيالأهواز (معجم البلدان) .(74/170)
وإسحاق بن سليمان الرازي، وعلي بن عاصم، وأبي زيد الهروي، وأبي عاصم النبيل،] «1» سمعت منه مع أبي، وهو صدوق.
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أخبرنا أبو عمر بن مهدي، أخبرنا محمّد بن مخلد، حدّثنا يعقوب بن عبيد النهرتيري حدّثنا أبو عاصم حدّثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: ما كنا نرى، بالمزارعة بأسا حتى سمعت رافع بن خديج يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عنها] «3» .
مات في شوال سنة إحدى وستين ومئتين.
وقال: قرأت على حائط الإسكندرية مكتوبا:
لعمرك ما للمرء كالرب حافظ ولا شك مثل المرء للمرء واعظ
لسانك لا يلقيك في الغي لفظه فإنك مأخوذ بما أنت لافظ
[قال الذهبي: مات في عشر التسعين، رحمه الله] «4» .
[10135] يعقوب بن عتبة بن المغيرة ابن الأخنس بن شريق الثقفي
حليف بني زهرة. من أهل المدينة. رأى السائب بن يزيد، وحدّث عن عكرمة مولى ابن عباس، وعروة بن الزبير، ويزيد بن هرمز، وأبي غطفان [بن طريف المري] .
روى عنه: محمّد بن إسحاق، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وغيرهم.
قدم الشام، وقال: رأيت السائب بن يزيد يركب بميثرة «5» حمراء. وقال: صحبت
__________
[10135] ترجمته في تهذيب الكمال 20/440 وتهذيب التهذيب 6/247 وسير أعلام النبلاء 6/124 والتاريخ الكبير 8/389 والجرح والتعديل 9/211 وطبقات خليفة ص 458 رقم 2337.(74/171)
عمر بن عبد العزيز إلى الشام، فو الله ما رأيت ساقيه، ولا صدره جهرا، وكان إذا اجتهد يمينه قال: ليس في ذلكم من شيء.
قال ابن سعد «1» : في الطبقة الرابعة من تابعي أهل المدينة: يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، واسمه أبي، بن شريق، وكان يعقوب ثقة وله أحاديث كثيرة ورواية وعلم بالسيرة وغير ذلك.
قال محمّد بن عثمان: حدّث عن عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن سيار.
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: ثقة «2» .
قال عثمان بن سعيد الدارمي: وسألته- يعني يحيى بن معين- عن يعقوب بن عتبة كتب حديثه؟ قال: هو ثقة «3» . [قال ابن أبي حاتم] «4» : [يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي، حلف لبني زهرة حجازي، روى عن عكرمة، ويزيد بن هرمز، وأبي غطفان. روى عنه محمّد بن إسحاق، وإبراهيم بن سعد. سمعت أبي يقول ذلك.
[قال أبو محمّد:] سمعت أبي يقول: قال يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال:
كان يعقوب بن عتبة ورعا مسلما يستعمل على الصدقات، ويستعين به الولاة.
قال: أنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إليّ، نا عثمان بن سعيد، قال: سألت يحيى بن معين عن يعقوب بن عتبة كيف حديثه؟ فقال: هو ثقة] «5» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «6» : [يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الحجازي، عن عكرمة قال لي عمرو بن محمّد، نا يعقوب بن إبراهيم عن أبيه، قال: كان يعقوب بن عتبة ورعا مسلما، يستعمل على الصدقات ويستعين به الولاة، سمع يزيد بن هرمز، وكان(74/172)
يزيد من الثقات عن الحارث بن سعد بن أبي ذباب قال بعثني عمر مصدّقا] «1» .
قال ابن إسحاق:
حدّثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، وكان ورعا مسلما «2» ، وكان ممن يستعمل على الصدقات، ويستعين به الولاة. وكنت آتيه، فيأذن لي عليه، ثم يأمر جارية له فتغلق الباب، ويقول لها: لا تأذني لأحد علي، فو الله لهو كان أشد مساءلة لي منه منّي له «3» .
قال ابن سعد «4» : أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال:
كانوا عشرة يجلسون مجلسا واحدا، يعرفون به، منهم: يعقوب بن عتبة، فما كان أحد منهم أمرأ مروءة منه، وما سمع له صوت قطّ في منزله.
قال محمّد بن عمر: وكان هؤلاء العشرة سنّا واحدة، فقهاء علماء «5» [ومنهم:] «6» يعقوب بن عتبة، وعثمان بن محمّد بن المغيرة بن الأخنس، وعبد الله، وعبد الرّحمن، والحارث بنو عكرمة بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام، وسعد بن إبراهيم، والصلت بن زبيد، وصالح بن كيسان، وعبد الله بن يزيد بن هرمز، وعبد الله بن يزيد الهذلي.
مات يعقوب بن عتبة بالمدينة سنة ثمان وعشرين ومائة «7» .
[10136] يعقوب بن عثمان بن أبي حجير الثقفي
له دار بدمشق بنواحي باب البريد وقصر الثقفيين.
روى عن عبد الرّحمن ابن أم الحكم.(74/173)
روى عنه خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المزني.
ذكره ابن سميع في الطبقة الرابعة.
[10137] يعقوب بن علي بن أبي البختري- وهب بن وهب القرشي الأسدي
من أهل صيدا.
روى عن جده أبي البختري القاضي، وقد سبقت ترجمته.
روى عنه ابن ابنه ميمون بن علي بن يعقوب.
[10138] يعقوب بن علي بن يعقوب أبو إسحاق السرخسي الصوفي
سمع بدمشق أبا إسحاق إبراهيم بن علي الرحبي، وعبد الوهّاب بن الحسن الكلابي.
روى عنه أبو الفضل محمّد بن علي بن أحمد البسطامي، وأبو الفضل محمّد بن أحمد الطبسي.
ذكره عبد الغافر الفارسي في تذييله تاريخ نيسابور «1» ، وقال:
هو رجل ظريف من المتصوفة شديد، مرضي الحال. سافر [الكثير، وسمع] «2» الحديث، وله رباط بسرخس قبره فيه، وقد شاهدته.
[10139] يعقوب بن عمر بن عبد العزيز ابن مروان بن الحكم الأموي
له ذكر «3» .
__________
[10139] جمهرة ابن حزم ص 106 وأنساب الأشراف 8/219.(74/174)
[10140] يعقوب بن عمر بن قتادة بن النّعمان أخو عاصم بن عمر بن قتادة- الأنصاري المدني
حدّث عن نملة بن أبي نملة الأنصاري.
روى عنه خالد بن رباح، ويونس بن محمّد، ومحمّد بن صالح.
ووفد على عمر بن عبد العزيز.
لم يذكره البخاري.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: لا أعرفه «1» .
[قال ابن أبي حاتم] «2» : [يعقوب بن عمر بن قتادة أخو عاصم بن عمر بن قتادة روى عن نملة بن أبي نملة، روى عنه خالد بن رباح، ويونس بن محمّد. سمعت أبي يقول ذلك] «3» .
قال يعقوب بن محمّد الزهري، حدّثنا صالح بن محمّد بن صالح، حدّثني أبي عن يعقوب بن عمر بن قتادة.
قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز، فسألني عن عين قتادة بن النعمان، فقلت: رميت يوم الخندق «4» ، فقال أناس: وقعت، وقال أناس: بل سالت على خدّه، وتعلقت بعرق، فجاء بها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم، فتفل عليها، وردّها مكانها، وقال: «اللهم أكسه الجمال»
[14420] فقال عمر بن عبد العزيز «5» :
__________
[10140] ترجمته في الجرح والتعديل 9/211.(74/175)
تلك المكارم، لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا «1»
[10141] يعقوب بن عمير بن هانىء العنسي
كان زعيم أهل داريا الذين ... «2» ببيعة يزيد بن الوليد بن عبد الملك.
قال عبد الجبار بن مهنّا الخولاني «3» :
كان يعقوب بن عمير من جلّة أصحاب يزيد بن الوليد، وكان رفيع المنزلة عنده. ولمّا بلغ يزيد بن الوليد ما اجتمع عليه أهل حمص من حربه، والطلب بدم الوليد وجه إليهم عشرة «4» رهط، منهم: يزيد بن يزيد بن جابر، ويعقوب بن عمير بن هانىء [العنسي] «5» ، وإنّهم لما قربوا منهم لقيتهم خيل أهل حمص، ومنعوهم من دخولها، وبعثوا إلى أهل حمص، فخرج إليهم نحو من خمسين رجلا من أشرافهم، وأخرج يزيد بن يزيد بن جابر كتاب يزيد بن الوليد، فقرأه عليهم، ثم حمد الله- تبارك وتعالى- وصلى على النبي صلى الله عليه وسلّم، ثم ذكر الوليد، فوصفه بسيّء أعماله، وما نقم عليه أهل بيته، وأعلمهم أن يزيد ليس يدعوهم إلى نفسه، وإنما يدعوهم إلى الرضى من الأمة، وأن يكون أمرهم شورى بينهم، وقال: نجتمع نحن وأنتم، ونظراؤنا من أهل الشام، فننظر لأنفسنا، ونختار للمسلمين.
فقال عمرو «6» بن قيس: فإن الذي لا نرضىء إلّا به، ولا نقرّ إلّا عليه تولية ولييّ عهدنا اللذين قد بايعناهما «7» ، ورضيت الأمة بهما، فتناول [يعقوب] «8» لحية عمرو «9» ، فقبض عليها، وقال: عند الله أحتسب فناء عشيرتي، وضيعة أمرهم! وقال: ذهب عقلك! وأغلظ له(74/176)
القول «1» . ووثب الحمصيون، وقالوا: قتلتم خليفتنا، ليس بيننا وبينكم إلّا السيف. فانصرفوا إلى يزيد، فأعلموه ما كان من أمرهم.
قال: وكان يعقوب بن عمير على شرطة عبد العزيز بن الحجاج، وتوفي بداريا، ولم يعقب.
[10142] يعقوب بن فضالة الخزاعي
روى عنه محمّد بن عائذ.
[10143] يعقوب بن كعب بن حامد أبو يوسف الأنطاكي الحلبي
سمع بدمشق وغيرها: شعيب بن إسحاق، والوليد بن مسلم، ومخلد بن الحسين، وعطاء بن مسلم الحلبي الخفاف، وعبد الله بن وهب، وعيسى بن يونس، وعبد الله بن إدريس، ويوسف بن أسباط، وبقية بن الوليد، وأبا معاوية الضرير، وضمرة بن ربيعة، وأباه كعب بن حامد، وغيرهم. روى عنه أبو داود في سننه، وأبو بكر بن أبي خيثمة، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، وأبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي، ومحمّد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحيم البرقي وغيرهم.
وقدم مصر.
قال ابن أبي حاتم «2» :
[يعقوب بن كعب الأنطاكي أبو يوسف الحلبي روى عن عطاء بن مسلم، وزكريا بن منظور، ومخلد بن الحسين، والوليد بن مسلم، وشعيب بن إسحاق، ومحمّد بن سلمة] كتب عنه أبي بأنطاكية، وسمعته يقول: كان ثقة.
__________
[10143] ترجمته في تهذيب الكمال 20/445 وتهذيب التهذيب 6/248 والجرح والتعديل 9/213 وسير أعلام النبلاء 11/524 وخلاصة تذهيب الكمال ص 437 تاريخ الثقات للعجلي ص 484.(74/177)
قال أحمد بن عبد الله العجلي «1» :
يعقوب بن كعب الحلبي، سكن أنطاكية، مولى عامر بن إسماعيل، ثقة، رجل صالح، صاحب سنّة.
وقال الحاكم أبو أحمد: سمع يحيى بن المتوكل، وعبد الواحد بن سليمان، روى عنه عثمان بن خرّزاد، وغيره.
[10144] يعقوب بن محمّد بن عبيد بن فضالة الخزاعي
حكى عن خالد بن عبده.
حكى عنه محمّد بن عائذ.
وهو يعقوب بن فضالة، نسبه إلى جد أبيه.
[10145] يعقوب بن محمّد بن عبد الله ابن فضالة بن عبيد الأنصاري
حدّث عن أبيه.
روى عن محمّد بن وهب بن عطية الدمشقي.
[10146] يعقوب بن مسدّد بن أبي يوسف يعقوب ابن إسحاق بن زياد، أبو يوسف القلوسيّ «2»
أصله من البصرة، وسكن أطرابلس. حدّث عن أبيه مسدّد، وأبي يعلى الموصلي، وعن كتاب جده يعقوب بن إسحاق، وغيرهم.
روى عنه: عبد الرّحمن بن عمر بن نصر بن عبد الغني بن سعيد، وأبو عبد الله بن منده، وأبو حفص بن شاهين الحافظ، وغيرهم.
__________
[10146] ترجمته في الأنساب (القلوسي) 4/538 وتاريخ بغداد 14/294 وفيها «القلوصي» بالصاد. والقلوسي بضم القاف واللام، هذه النسبة إلى القلوس، وهو جمع قلس، وهو الحبل الذي يكون في السفينة.(74/178)
وحدّث ببغداد.
[قال أبو بكر الخطيب] «1» :
[يعقوب بن مسدد بن يعقوب بن إسحاق بن زياد، أبو يوسف القلوصي، بصري الأصل. حدّث ببغداد عن كتاب جده أبي يوسف القلوصي وجادة. وعن أبي يعلى الموصلي سماعا، روى عنه ابن شاهين] .
[10147] يعقوب بن يوسف بن كلّس
كان «2» يهوديا من أهل بغداد خبيثا، ذا مكر ودهاء «3» ، وفيه فطنة وذكاء. وكان في قديم أمره خرج إلى الشام، فنزل الرملة، وصار بها وكيلا، وكسر أموال التجار وهرب إلى مصر، فرأى منه كافور الإخشيديّ «4» فطنة وسياسة، ومعرفة بأمر الضياع بمصر، فقال: لو كان مسلما يصلح أن يكون وزيرا. وطمع في الوزارة، فأسلم يوم جمعة في جامع مصر. فلمّا عرف الوزير ابن حنزابة «5» أمره قصده، فهرب إلى المغرب، واتصل بيهود كانوا مع الملقب بالمعز.
فلمّا هلك الملقب بالمعز، وقام ابنه الملقب بالعزيز استوزر ابن كلّس في سنة خمس وستين وثلاثمائة، فلم يزل مدبرا أمره إلى أن هلك «6» في ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة.
__________
[10147] ترجمته في سير أعلام النبلاء 16/442 وسماه: وزير المعز والعزيز، أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن هارون بن داود بن كلس البغدادي. ووفيات الأعيان 7/27، والبداية والنهاية 8/64 وكناه أبا الفتوح، والمنتظم لابن الجوزي 7/155 والعبر 3/14 ومرآة الجنان 2/250 والنجوم الزاهرة 4/158 وشذرات الذهب 3/97 وتاريخ الإسلام (351- 380) ص 668. وكلس: بكسر الكاف واللام المشددة وبعدها سين مهملة، كما في وفيات الأعيان 7/34.(74/179)
[10148] يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان أبو الفضل الأموي مولاهم النيسابوري الورّاق والد أبي العباس محمّد بن يعقوب الأصم
سمع بدمشق ومصر مع ابنه أبي العباس من شيوخه، يزيد بن عبد الصّمد، وأبي زرعة.
وحدّث عن إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، ومحمّد بن حميد.
روى عنه: ابنه أبو العباس، وأبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي، وأبو محمّد بن أبي حاتم، ومحمّد بن مخلد الدوري، ومحمّد بن القاسم العتكي، وغيرهم.
قدم بغداد، وحدّث بها.
[قال أبو بكر الخطيب] «1» :
[يعقوب بن يوسف بن معقل، أبو الفضل النيسابوري، قدم بغداد وحدّث بها عن إسحاق بن راهويه، روى عنه محمّد بن مخلد] «2» .
قال الحاكم أبو عبد الله:
سمع بخراسان إسحاق بن إبراهيم، وعلي بن حجر وأقرانهما، وبالري محمّد بن حميد، وأما سماعاته بالعراقين ومصر والحجاز والشام، فكان ابنه أبو العباس معه في كلها.
وكان يعقوب الورّاق من أحسن الناس خطّا. مات لثلاث عشرة خلت من المحرم سنة سبع وسبعين ومائتين، وصلى عليه ابنه أبو العباس.
[10149] يعقوب بن يوسف بن يعقوب بن عبد الله أبو يوسف الشيباني النيسابوري الفقيه المعروف بالأخرم
والد أبي عبد الله محمّد بن يعقوب الحافظ. رحل إلى مصر، وأقام بها مدة يتفقه.
وسمع بدمشق وغيرها: دحيما، وهشام بن عمار، ومحمود بن خالد، ويونس بن
__________
[10148] ترجمته في تاريخ بغداد 14/286.
[10149] ترجمته في سير الأعلام 15/470.(74/180)
عبد الأعلى، وابن أخي ابن وهب، والمسيب بن واضح، وقتيبة، وإسحاق بن راهويه، وأبا كريب، وهناد بن السري، ومحمّد بن يحيى وغيرهم. كتب عنه مسلم بن الحجاج وهو أكبر منه، وروى عنه ابنه أبو عبد الله، وأبو حامد ابن الشرقي، وعلي بن حمشاذ، ومحمّد بن صالح بن هانىء، وأبو النضر محمّد بن محمّد بن يوسف الطوسي الفقيه، وأبو زكريا يحيى بن محمّد العنبري، وغيرهم.
قال الحاكم أبو عبد الله:
وقد كان أطال المقام بمصر، وكان يكاتبه أبو إبراهيم المزني «1» . وقد كان دخل على أحمد بن حنبل غير مرة. وكان ابنه يبخل بحديثه فلا يمكننا منه.
وكان الرجل كثير المال، محتشما «2» .
ومات الأخرم في شعبان سنة سبع وثمانين ومئتين.
[10150] يعقوب بن يوسف أبو يوسف الدمشقي
حدّثث عن عمار بن عبد الله الأموي.
روى عنه إسحاق بن عيسى بن يونس الجرجاني.
[10151] يعقوب بن يوسف
من أهل دمشق.
روى عن إبراهيم بن عبد الله بن العلاء بن زبر.
روى عنه أبو الحسن بن جوصا.
مات بدمشق لعشر خلون من المحرم سنة ثمان وستين ومئتين.
[10152] يعقوب بن يوسف أبو يوسف الكرماني
نزيل نيسابور.(74/181)
سمع بدمشق: هشام بن عمار، وحامد بن عمر البكراوي البصري.
روى عنه: محمّد بن صالح بن هانىء النيسابوري.
[10153] يعقوب مولى هشام بن عبد الملك
كان من أعيان مواليه. وكان يغزو عن هشام بن عبد الملك، ويقبض عطاء هشام مائتي دينار ودينارا يفضل به الخليفة على رعيته.(74/182)
ذكر من اسمه يعلى
[10154] يعلى بن الأشدق، أبو الهيثم العقيلي
من أهل بادية الطائف.
حدّث عن عمه عبد الله بن جراد، وزعم أنّه له صحبة، ورقاد بن ربيعة، وزعم أن له صحبة، والنابغة الجعدي، وكليب بن جري بن معاوية بن خفاجة، ويقال: كليب بن حزم، وزعم أن له صحبة أيضا.
روى عنه: داود بن رشيد، وأبو وهب الوليد بن عبد الملك الحراني، وهاشم بن القاسم الحراني، وعروة بن مروان العرقي، وأيوب بن محمّد الوزان، وغيرهم وقدم دمشق وحدّث بها، وقال: أدركت عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
[قال أبو عبد الله البخاري] :
[يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد. روى عنه محمّد بن سفيان بن وردان الذهلي] «1» .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «2» : [يعلى بن الأشدق العقيلي روى عن عبد الله بن
__________
[10154] ترجمته في ميزان الاعتدال 4/456 والتاريخ الكبير 8/419 والجرح والتعديل 9/303 والكامل لا بن عدي 7/287 وسير أعلام النبلاء 8/271 والمعرفة والتاريخ 1/257 ولسان الميزان 6/312.(74/183)
جراد ونابغة بني جعدة، روى عنه الوليد بن عبد الملك بن مسرح، وعمرو بن قسيط، وداود بن رشيد، ومحمّد بن سفيان بن وردان الكوفي سمعت أبي يقول ذلك.
حدّثني أبي قال: سمعت محمّد بن يزيد أبا بكر الإسماعيلي قال: سمعت أبا مسهر يقول: كنا نسخر بيعلى بن الأشدق وكان يدور الآفاق.
سألت أبي عن يعلى بن الأشدق، فقال: ليس بشيء ضعيف الحديث. سئل أبو زرعة عن يعلى بن الأشدق، فقال: هو عندي لا يصدق، ليس بشيء، قدم الرقة، فقال رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم يقال له عبد الله بن جراد، فأعطوه على ذلك فوضع أربعين حديثا، وعبد الله بن جراد لا يعرف، وقرأ علينا كتاب الدلالات، فانتهى إلى حديثه فترك قراءته] «1» .
قال دعلج بن أحمد: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال «2» :
يعلى بن الأشدق العقيلي الجزريّ، يكنى أبا الهيثم، ويروي عن عمه عبد الله بن جراد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أحاديث كثيرة مناكير، وهو وعمه غير معروفين.
قال دعلج بن أحمد، أخبرنا أحمد بن علي الأبار قال «3» :
سألت أيوب الوزّان عن يعلى بن الأشدق، فقال: كان من أهل البادية. قلت: يعلمون موضعه الذي كان يأوي إليه؟ قال: لا، قلت: فكتب عنه أحد غيركم؟ قال: أهل حرّان.
قال: ورأيت له ابنا كأنه أكبر منه، ورأيت له ابنة، وظننت أنّها أمه، فقال: هذه ابنتي ولدت لي بعد المائة. وقال: إنما كان سيارة، ولم أر أمره عنده على الصحة.
وسمعته مرة يقول: لا يعرف.
قال أبو وهب الحرّاني:
سمعت يعلى بن الأشدق وقيل له: كم أتى عليك؟ قال: مائة سنة وست وعشرون، ونصف سنة «4» .(74/184)
قال الهيثم بن القاسم: حدّثنا يعلى بن الأشدق، وكان ابن عشرين ومئة سنة:
قال أبو مسهر «1» :
قدم يعلى بن الأشدق دمشق، وكان أعرابيا، فحدّث عن عبد الله بن جراد سبعة أحاديث، فقلنا: لعلّه حق. ثم جعله عشرة، ثم جعله عشرين، ثم جعله أربعين، وكان هو ذا يزيد. وكان سائلا يسأل الناس.
قال ابن عدي «2» :
وبلغني عن أبي مسهر أنه قال: قلت ليعلى بن الأشدق: ما سمع عمك من رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ فقال: جامع سفيان، وموطأ مالك، وشيئا من الفوائد، فإن كانت [هذه] «3» الحكاية عن أبي مسهر صحيحة فرواية يعلى لهذه «4» النسخة لا يجوز الاشتغال بها. قال أبو نعيم بن عدي الحافظ حدّثنا أبو زيد يحيى بن روح الحراني قال: سألت أبا عبد الرّحمن بن بكار ابن أبي معاوية حراني من الحفاظ ثقة، وكان مخلد بن يزيد يسأله عن الحديث من حفظه لم لم تكتب عن يعلى بن الأشدق؟ قال: خرجنا إليه إلى ربض ابن مالك، وربض ابن مالك هو خارج من حران، فسألناه عن شيء من الحديث، فقال كذا كذا من ... «5» في كذا وكذا ممن حدثكم ولم يكن، ويحدّث بالفحش ... «6» إلى صاحبي، فقلت في الدنيا لسان يكتب عن هذا، فتركناه وما كتبنا عنه شيئا.
قال البرقاني: هذا ما وافقت عليه الدارقطني من المتروكين: يعلى بن الأشدق، ضعيف الحديث «7» .
[كان تالفا يدور النواحي ويشحذ.
وقال ابن حبان: وضعوا له أحاديث، فحدّث بها، ولم يدر] «8» .(74/185)
[10155] يعلى بن أمية أبو خالد- ويقال: أبو خلف التميمي
له صحبة. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلّم أحاديث.
روى عنه: ابناه صفوان بن يعلى، وعثمان بن يعلى، ومجاهد، وعكرمة، وعطاء، وخالد بن دريك.
وكان في غزوة مؤتة، وخرج مع عمر إلى الشام في سفرته التي رجع فيها من سرغ «1» .
وقال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثاني يوم الفتح، فقلت له: يا رسول الله، بايع أبي على الهجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أبايعه على الجهاد، قد انقطت الهجرة» «2»
[14421] .
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين بعيرا وثلاثين درعا» فقلت: يا رسول الله، مضمونة؟
قال: «نعم، والعارية مؤداة»
[14422] .
قال ابن قعنب: سمعت مالك بن أنس يقول:
يعلى بن أمية، هو يعلى بن منيه «3» ، أمية أبوه، ومنيه أمه.
وروي مثل هذا القول أيضا عن سفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبي خيثمة.
قال خليفة «4» : أمه منية بنت غزوان أخت عتبة بن غزوان يكنى أبا خلف من أهل مكة. وقال أبو عبيد: أمه منية بنت جابر من بني مازن بن منصور، وهو حليف بني نوفل بن عبد مناف.
__________
[10155] ترجمته في تهذيب الكمال 20/457 وتهذيب التهذيب 6/251 وأسد الغابة 4/747 وطبقات ابن سعد 5/456 وطبقات خليفة ص 291 والتاريخ الكبير 8/414 والجرح والتعديل 9/301 وسير أعلام النبلاء 3/100 والإصابة 3/668.(74/186)
قال ابن سعد في كتابه الصغير في تسمية من نزل مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعلى بن أمية، وهو ابن منية، وهي أمه، وهو رجل من بني تميم حليف لقريش، وكان يفتي بمكة «1» ، وقد روى عن عمر بن الخطاب أيضا.
وقال في كتابه الكبير «2» في تسمية من نزل مكة: يعلى بن أمية، وكان حليفا لبني نوفل بن عبد مناف، أسلم هو وأبوه أمية وأخوه سلمة، وشهد يعلى وسلمة ابنا أمية مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم تبوك، وروى يعلى عن عمر.
[قال:] «3» أخبرنا إسماعيل بن علية، أخبرنا ابن جريج، أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى عن يعلى بن أمية قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم جيش العسرة، وكان من أوثق أعمالي في نفسي.
وقال في الطبقة الرابعة: يعلى بن أمية، وساق نسبه إلى تميم، ثم قال: وأمه منية بنت جابر، ورفع نسبها إلى مازن بن منصور، ثم قال: وهي عمة عتبة بن «4» غزوان بن جابر، وعتبة بن غزوان ويعلى بن أمية حليفا الحارث بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، وأسلم يعلى بن أمية وأبوه وأخوه سلمة وأخته نفيسة بنت منية، وشهد يعلى الطائف وحنينا وتبوك «5» مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وروى عنه أحاديث.
قال ابن البرقي:
أسلم يوم الفتح وله تسعة عشر حديثا.
وقال أبو الحسن الدارقطني: أما منية بنت الحارث فهي أم العوام بن خويلد، وجدة الزبير بن بكار «6» . قال: وقال أصحب الحديث يقولون في يعلى بن أمية أنه يعلى بن منية وأنها أمه، وقد تقدم عن الزبير بن بكار [أنه] «7» قال «8» : إن منية جدته أم أبيه، ويقول(74/187)
أصحاب الحديث وأصحاب التاريخ أن منية بنت غزوان أخت عتبة بن غزوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال أبو أحمد العسكري: وأما يعلى بن منية، بعد الميم نون ساكنة بعدها ياء تحتها نقطتان، وبعضهم يقول: يعلى بن أمية، وجميعا صحيح لأن أمه منية وأبوه أمية وأخوه سلمة بن أمية روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم، ويعلى بن منية يكنى أبا خالد وكان عامل عمر على نجران، وله أخبار مع علي وعثمان.
قال ابن منده:
روى عنه ابنه صفوان، وعبد الله ابن الديلمي، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، وخالد بن دريك مرسل.
قال أبو نعيم: حديثه عند ابنيه صفوان وصفوان «1» وذكر غيرهما.
قال أبو أحمد الحاكم «2» :
ويقال كان من أسخياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
قال موسى بن عقبة:
وزعموا- والله أعلم- أن يعلى بن أمية قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم بخبر أهل مؤتة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن شئت أخبرني، وإن شئت أخبرتك» قال: أخبرني يا رسول الله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلّم خبرهم كله، ووصفه لهم، فقال: والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفا لم تذكره، وإن أمرهم لكما ذكرت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الله رفع لي الأرض حتى رأيتهم، ورأيت معتركهم» «3»
[14423] .
وعن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«البحر من جهنم» ، فقيل له في ذلك، فقال: أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها
[سورة الكهف، الآية: 29] ، والله لا أدخله، ولا يصيبني منه قطرة حتى أعرض على الله- عزّ وجل
[14424] .(74/188)
وجاء عن يعلى بن أمية أنه كان يقعد في المسجد الساعة ينوي بها الاعتكاف، وأنه كان يصلي قبل أن تطلع الشمس، فقيل له في ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الشمس تطلع على- وفي رواية: بين- قرني شيطان» . قال: فإن تطلع وأنت في أمر الله خير من أن تطلع وأنت لاه
[14425] .
وقال يعلى بن أمية: سألت عمر أن يريني النبي صلى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي. فأتاه رجل بالجعرانة «1» ، وعليه جبة بها ردع «2» من زعفران، فقال: إنّيأحرمت بالعمرة، وعليّ هذا، فأنزل على النبي صلى الله عليه وسلّم، فستر بثوب، فقال: أيسرّك أن تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقد أنزل عليه الوحي؟ قلت: نعم، فرفع طرف الثوب، فنظرت إليه، وله غطيط كغطيط البكر. وذكر الحديث.
قال خليفة «3» :
ووجه أبو بكر يعلى بن أمية على حولان «4» في الردة.
وقال في تسمية عمال عثمان على اليمن: يعلى بن أمية «5» .
وقال ابن سعد: أخبرنا محمّد بن عمر بسنده قال: كان يعلى بن منية عاملا لعثمان على الجند، فوافى الحج في العام الذي قتل فيه عثمان «6» .
قال: وأوّل من جاء بقتل عثمان إلى مكة رجل من العرب يقال له الأخضر، وكتمهم ذلك حتّى اقتضى دينا له على الناس، فلمّا اقتضى دينه خرج، وخرج معه يعلى بن منية، حتى إذا كان بالبطحاء، وأخبره بقتل عثمان، فرجع يعلى، فأخبر أهل مكة.
قال: وجاء يعلى بن أمية إلى عائشة، فقال: قد قتل خليفتك. قالت: برئت إلى الله ممن قتله، فقال: أظهري البراءة ممن قتله. فخرجت إلى المسجد، فجعلت تتبرّأ ممن قتل عثمان.(74/189)
قال: ولمّا بلغ يعلى قول عبد الله بن أبي ربيعة، وما دعا إليه من جهاز من خرج يطلب بدم عثمان خرج يعلى من داره، فقال: أيها الناس، من خرج يطلب بدم عثمان فعليّ جهازه «1» . ولمّا بلغ عليا ما قال يعلى وابن أبي ربيعة عرف أنّ عندهما مالا من مال الله كثيرا، فقال: لئن ظفرت بابن أبي ربيعة، ويعلى بن منية لأجعلنّ أموالهما في مال الله. قال: وقدم يعلى بن أمية بأربع مئة ألف فأنفقها في جهازهم إلى البصرة.
وقال يعلى بن منية وهو مشتمل: هذه عشرة آلاف دينار وهي عين مالي أقوّي بها من طلب بدم عثمان. قال وجعل يعطي الناس واشترى أربع مئة بعير، فأناخها بالبطحاء، فحمل عليها. فبلغ ذلك عليا، فقال: من أين له عشرة آلاف دينار؟ سرق اليمن. ثم جاء بها! والله لئن قدرت عليه لآخذن ما أقرّ به! فلمّا كان يوم الجمل، وانكشف الناس هرب يعلى.
وقال محمّد بن عمر: أناخ يعلى بن أمية بالحجون سبعين بعيرا يحمل عليها في طلب دم عثمان، وهو حمل عائشة في جملة عسكر «2» . وروي أنّ علي بن أبي طالب قال: حاربني أطوع الناس فيّ للناس، عائشة، وأشجع الناس، الزبير، وأمكر الناس، طلحة، وأعبد الناس، محمّد بن طلحة، وأعطى الناس- وفي رواية: وأسخى الناس- يعلى بن منية، كان يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا، والسّلاح، والفرس على أن يقاتلني.
قال يعلى بن منية:
إياكم والمزاح، فإنّه يذهب بالبهاء، ويعقب المذمّة، ويزري بالمروءة.
وقال الحسن بن عثمان «3» :
وممن قتل من أصحابه «4» على صفين يعلى بن أمية.(74/190)
قال الحافظ أبو القاسم: وهذا لا أراه محفوظا.
وقال ابن عبد البر «1» : أسلم يعلى بن أمية يوم الفتح وشهد حنينا والطائف وتبوك، روى عنه ابنه صفوان، وعبد الله بن بابيه، وخالد بن دريك. قال: ولم يصب الزبير [بن بكار] في قوله: أن منية جدة يعلى لا أمه قال: وذكر المدائني عن مسلمة بن محارب عن عوف الأعرابي قال: استعمل أبو بكر رحمه الله يعلى بن أمية على بلاد حولان «2» في الردة ثم عمل لعمر على بعض اليمن فحمى لنفسه حمى، فبلغ ذلك عمر، فأمر أن يمشي على رجليه إلى المدينة، فمشى خمسة أيام أو ستة إلى صعدة «3» ، وبلغه موت عمر، فركب فقدم المدينة على عثمان، فاستعمله على صنعاء، ثم قدم وافدا على عثمان، فمر علي على «4» باب عثمان فرأى بغلة جوفاء عظيمة، فقال: لمن هذه البغلة؟ فقالوا: ليعلى قال: ليعلى، والله لقد كان عظيم الشأن عند عثمان وله يقول الشاعر:
إذا ما دعا يعلى وزيد بن ثابت لأمر ينوب الناس أو لخطوب
قال: وذكر المدائني عن ابن جعونة عن محمّد بن يزيد بن طلحة قال: كان يعلى بن منية على الجند، فبلغه قتل عثمان، فأقبل لينصره، فسقط عن بعيره، فانكسرت فخذه، فقدم مكة مع انقضاء الحج فخرج إلى المسجد وهو كسير [على سرير] «5» واستشرف إليه الناس واجتمعوا، فقال: من خرج يطلب بدم عثمان فعليّ جهازه.
وذكر عن مسلمة عن عوف قال: أعان يعلى [بن أمية] الزبير أربعمئة ألف وحمل ستين رجلا من قريش وحمل عائشة على جمل يقال له: عسكر، كان اشتراه بمئتي دينارا.
قال أبو عمر:
وكان يعلى بن أمية سخيا معروفا بالسخاء.(74/191)
قتل يعلى بن منية سنة ثمان وثلاثين بصفّين مع علي بعد أن شهد الجمل مع عائشة.
ويقال: إنه تزوج بنت الزبير وبنت أبي لهب «1» .
[10156] يعلى بن حكيم الثّقفي
مكيّ سكن البصرة. وحدّث عن سعيد بن جبير، وعكرمة، وعمر بن عبد العزيز، ومسلم بن يسار، ونافع مولى ابن عمر، وسليمان بن أبي عبد الله.
روى عنه حماد بن زيد، وجرير بن حازم، وقتادة، ومحمّد بن ذكوان.
وقدم الشام على عمر بن عبد العزيز، وبها مات. وقال: كانت أردية عمر بن عبد العزيز ستة أذرع وسبعا في سبعة أشبار.
قال محمّد بن ذكوان:
خرجت مع يعلى بن حكيم من باب المسجد الحرام، باب [ ... ] «2» فرأى الحبشان «3» يبولون، ثم يأتون المطهرة، فيغمسون أيديهم فيها، فقال: ألا ترى ما يصنع هؤلاء؟ قلت: بلى، قال: خرجت مع سعيد بن جبير من هذا الباب، فرأى الحبشان يصنعون كما تراهم، فقال: يا يعلى، ألا ترى ما يصنع هؤلاء؟ فقلت: بلى، قال: فإني خرجت مع ابن عباس من هذا الباب، فقال: يا سعيد، ألا ترى ما يعمل هؤلاء؟ فقلت: بلى، قال: فإني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فرآهم يصنعون كما تراهم الآن، فلم ينههم.
قال وهب بن جرير: حدّثني أبي قال «4» :
__________
[10156] ترجمته في تهذيب الكمال 20/460 وتهذيب التهذيب 6/253 وسير أعلام النبلاء 5/451 والجرح والتعديل 9/303 والتاريخ الكبير/ 417 وطبقات القراء 2/391.(74/192)
بعث إليّ يعلى بن حكيم بصحيفة ضخمة من الشام فيها مسائل، فقال: سل عنها قتادة، فسألته عنها، فقال: إن ذا يكثر عليّ، أو يشقّ علي، فسل سعيد بن أبي عروبة عنها، فإنّه قد روى حديثي، ثم اعرضه عليّ، قال: فسألت سعيدا، ثم عرضته على قتادة، فما غيّر منه إلّا يسير.
قال الحافظ أبو القاسم: كذا قال، وأظنه: إلّا يسيرا.
قال المفضل بن غسان: حدّثنا أبو محمّد عن يحيى بن سعيد القطان قال:
لم يسمع قتادة من مسلم بن يسار، ولم يسمع من نافع، بينهما يعلى بن حكيم.
قال الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: يعلى بن حكيم مكي، ويعلى بن مسلم «1» مكي، روى ابن جريج عن يعلى بن حكيم المكي، وقد روى ابن جريج عن المغيرة بن حكيم الصنعاني وقد روى ابن جريج عن يعلى بن مسلم المكي.
قال أبو نصر الكلاباذي:
يعلى بن حكيم الثّقفي حدّث عن سعيد بن جبير، وعكرمة، روى عنه يحيى بن أبي كثير، وجرير بن حازم، وابن جريج في الصلاة والطلاق ... «2» لم يحرم.
قال [أبو محمّد] بن أبي حاتم «3» :
[يعلى بن حكيم الثّقفي روى عن سعيد بن جبير، وعكرمة، وسليمان بن أبي عبد الله، روى عنه حماد بن زيد، وجرير بن حازم، سمعت أبي يقول ذلك.
أنا عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حنبل فيما كتب إلي] «4» قال: قال أبي: يعلى بن حكيم: ثقة.
[ذكره أبي عن إسحاق بن منصور] «5» عن يحيى بن معين أنّه قال: يعلى بن حكيم ثقة.(74/193)
سألت أبي عن يعلى بن حكيم، فقال: لا بأس به.
سئل أبو زرعة عن يعلى بن حكيم فقال: مكي، ثقة كان يكون بالبصرة.
قال أبو محمّد بن خراش:
يعلى بن حكيم، كان صدوقا، روى عنه أيوب السختياني، بلغني أنّه مات وهو غائب، فجاء.... «1» أيوب على بابه ثلاثة أيام.
قال يعقوب بن سفيان «2» : يعلى بن حكيم، ويعلى بن مسلم مكّيان مستقيما الحديث.
[قال أبو عبد الله البخاري] «3» : [يعلى بن حكيم الثّقفي عن سعيد بن جبير وعكرمة، ونافع نسبه زيد بن حباب عن جرير بن حازم، سمع منه حماد بن زيد، مات قبل أيوب] «4» .
قال حماد بن زيد «5» : جاء نعي يعلى بن حكيم- وكان مولىّ لثقيف- من الشام إلى أمّه، ولم يكن له هاهنا أحد غيرها، فكان أيوب يأتيها ثلاثة أيّام بالغداة والعشيّ، فيقعد، وتقعد معه. ولم يزل يصلها حتى ماتت. قال: وكانت تأتي منزله، فتبيت عنده. وفي رواية: قال «6» :
مات يعلى بن حكيم بالشام، وكان ينزل ها هنا في الجهاضمة فلم يدع [إلّا] «7» أمّا فكان أيوب يختلف إليها فيجلس على بابها ثلاثة أيام وتجتمع إليه.
وفي رواية: ولم تزل تختلف إلى أيوب- إلى منزله- وربما باتت حتى مات.
[10157] يعلى بن الضخم العنسي
كان على شرطة هشام بن عبد الملك، بعد كعب بن حامد، ذكره سعيد بن كثير بن عفير «8» .(74/194)
[10158] يعلى بن عطاء العامري- ويقال: الليثي- الطائفي
نزيل واسط.
حدّث عن أبيه، وجابر بن يزيد بن الأسود العامري، ووكيع بن عدس، - ويقال:
حدّث- العقيلي ... من أهل دمشق. وسمع منه بها، وعمارة بن حديد.
روى عنه: هشام بن حسان، والثوري، وشعبة، وهشيم، وأبو عوانة الوضاح، وحماد بن سلمة، والحكم بن فضيل.
ذكره خليفة «1» في الطبقة الثانية من تابعي أهل الطائف.
قال ابن سعد «2» : يعلى بن عطاء مولى عبد الله بن عمرو بن العاص. وكان ثقة، وكان من أهل الطائف، وكان قدم واسط «3» ، فأقام بها في أخر سلطان بني أمية. فسمع منه شعبة بن الحجاج، وأبو عوانة وهشيم وأصحابهم.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أثنى عليه خيرا «4» .
وقال يحيى بن معين: هو ثقة «5» .
[قال ابن أبي حاتم] «6» :
[يعلى بن عطاء العامري، طائفي، نزل واسط ومات بها، روى عن جابر بن يزيد بن الأسود، وعن أبيه، وعن وكيع بن عدس، روى عنه هشام بن حسان، والثوري، وشعبة، وهشيم، وأبو عوانة والحكم بن فضيل، سمعت أبي يقول ذلك.
__________
[10158] ترجمته في تهذيب الكمال 20/465 وتهذيب التهذيب 6/254 والجرح والتعديل 9/302 والتاريخ الكبير 8/415 وسير أعلام النبلاء 5/452 والمعرفة والتاريخ 1/292 طبقات خليفة ص 512.(74/195)
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور] «1» عن يحيى بن معين أنه قال: يعلى بن عطاء ثقة.
سألت أبي عن يعلى بن عطاء فقال: صالح الحديث.
قال عباس الدوري: سمعت يحيى يقول: قد سمع هشيم من يعلى بن عطاء وكان صغيرا جدا «2» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «3» :
يعلى بن عطاء العامري الطائفي، عن أبيه، روى عنه الثوري، وشعبة، وهشيم، يقال: نزل واسط، ومات بها سنة عشرين ومئة] «4» .
حدّثنا حجاج عن شعبة قال:
قال لي يعلى بن عطاء:
أكتبك؟ قلت: لا، قال: والله ما أفعل هذا بكل أحد، وما أعرض هذا على كل أحد.
قال شعبة: ما كتبت عنه شيئا إلّا حديثين ما أحفظهما وما أحسن قراءتهما «5» .
قال شعبة وحدّثني يعلى بن عطاء، عن أبيه:
أنّ رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلّم يستأذنه في الجهاد. قال شعبة: ولم يذكره عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فتهاونت به، فقال: لا تأخذ هذا عني، عن أبي، وقد ولد أبي لثلاث سنين بقين من خلافة عمر؟! قال أبو داود: أخبرنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال: كان يحدّثني عن أبيه فيرسله، لا يرويه عن أحد، فقلت له: فأبوك عن من؟ قال: فيقول أنت لا تأخذ عن أبي، وقد أدرك عثمان وأدرك كذا.
قال وكيع «6» : حدّثنا شعبة قال: قال لي يعلى بن عطاء تعال حتى أملي عليك. كم(74/196)
تختلف، فاختلفت حتى قرع «1» رأسي في الشمس.
وسئل الدارقطني عن يعلى بن عطاء عن أبي علقمة عن أبي هريرة؟ فقال: أبو علقمة لا نعرف اسمه، ولا من هو، ولكن نخرج هذا الحديث اعسارا «2» حدث الأئمة عن يعلى.
قال علي بن المديني:
مات يعلى بن عطاء العامري الطائفي بواسط سنة عشرين ومئة «3» .
[10159] يعلى بن مرة بن وهب ابن جابر أبو المرازم «4» الثقفي
له صحبة.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم أحاديث «5» .
روى عنه ابناه عبد الله وعثمان، ابنا يعلى، وعطاء بن السائب، وسعيد بن أبي راشد- ويقال: راشد بن سعد- وأبو أشرس عياض السلمي، وأبو ثابت أيمن بن ثابت، وعبد الله بن حفص بن أبي عقيل الثقفي.
وقيل إنه قدم دمشق.
قال علي بن الجعد: أخبرنا قيس، أخبرنا عطاء بن السائب عن عبد الله بن جعفر، عن يعلى بن مرة قال «6» :
مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأنا متخلّق «7» ، فقال: «يا يعلى، هل لك امرأة» ؟ قلت:
لا، قال: «اذهب فاغسله، ثم اغسله، ثم اغسله، ثم لا تعد» . قال: فغسلته، ثم غسلته، ثم
__________
[10159] ترجمته في تهذيب الكمال 20/469 وتهذيب التهذيب 6/255 وأسد الغابة 4/749 والإصابة 3/669 والاستيعاب 3/664 (هامش الإصابة) .(74/197)
غسلته، ثم لم أعد- وفي رواية: فغسلته ثم أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلّم، فقال: «طيب الرجال ما ظهر ريحه، وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه، وخفي ريحه» «1»
[14426] .
وفي رواية قال: اغتسلت، وتخلّقت بخلوق، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمسح وجوهنا، فلمّا دنا مني جعل يجافي يده عن الخلوق، فلمّا فرغ قال: «يا يعلى، ما حملك على الخلوق؟
أتزوجت؟» قلت: لا، قال: «اذهب، فاغسله» . قال: فمررت على ركيّة «2» ، فجعلت أقع فيها، ثم جعلت أتدلّك بالتراب حتى ذهب
[14427] .
وقلب بعض الرواة اسم الراوي له عن يعلى بن مرة، قال: حفص بن عبد الله، وإنما هو: عبد الله بن حفص، وقال بعضهم: عن أبي عمرو بن حفص أو أبي حفص بن عمرو. وقال أحمد بن حنبل: حدّثنا عبيدة بن حميد، حدّثني عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده يعلى قال: اغتسل، فذكر لفظ الرواية الأخيرة التي تقدمت.
قال الدوري:
سمعت يحيى بن معين يقول: يعلى بن مرة هو يعلى بن سيابة «3» ، يقولون: سيابة أمه، كنيته أبو المرازم، قال: وقد روى عطاء بن السائب عن يعلى بن مرة ولم يسمع منه.
وقال ابن البرقي:
ويعلى بن مرة له خمسة أحاديث.
وذكره ابن سعد «4» في تسمية من نزل الكوفة من الصحابة، وقال في الكبير في الطبقة الثالثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من ثقيف:
يعلى بن مرة، أسلم، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحديبية، وبيعة الرضوان، وخيبر، وفتح مكّة، والطائف، وحنينا. وكان فاضلا. وأمر النبيّ صلى الله عليه وسلّم يوم الطائف بقطع أعناب ثقيف، وقال: «من قطع حبلة «5» فله كذا وكذا من الأجر»
[14428] .
وقال عيينة بن حصن ليعلى بن مرة: اقطع ولك أجري، فقطع خمس حبلات، ثم(74/198)
أخبر عيينة فقال: لك النار. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال: «عيينة أولى بالنار» «1»
[14429] .
وقال البخاري «2» :
يعلى بن مرة الثقفي له صحبة [قال يحيى: كنيته أبو المرازم] «3» .
قال عبد الله: حدّثني معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن يعلى بن مرة: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم فدعينا لطعام «4» ، فذكر حديثا. قال: وقال عفان «5» عن وهيب «6» عن [عبد الله] بن خيثم عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى عن النبي، والأول أصح.
قال ابن أبي حاتم «7» :
[يعلى بن سيابة الثقفي له صحبة] «8» روى عنه المنهال بن عمرو، وعطاء بن السائب، ومحمود بن أبي جبيرة، ويقال: محمّد بن [أبي] «9» جبيرة [سمعت أبي يقول ذلك] «10» .
[وقال أبو محمّد بن أبي حاتم أيضا في ترجمة بعدها] «11» :
[يعلى بن مرة الثقفي له صحبة روى عنه راشد بن سعد، وابنه عبد الله بن يعلى، وعبد الله بن حفص، سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول: قال يحيى بن معين: كنيته أبو المرازم] «12» .
وقال أبو القاسم البغوي:(74/199)
يعلى بن مرة الثقفي سكن الكوفة.
وقال أبو أحمد الحاكم: عداده في البصريين، ويقال: له دار بالبصرة.
وقال موسى، حدّثنا أبان، حدّثنا عاصم، عن محمّد بن أبي جبيرة عن يعلى بن سيابة الثقفي [قال] :
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم، فإذا وديّتان «1» ، فأمرهما أن تجتمعا، فاجتمعتا، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم حاجته، واستتر بهما، ثم قال: «ارجعا إلى ما كنتما» . فأتيته بإداوة من ماء، فتوضأ، قال: «انطلق إلى البقيع» ، فأتى على قبرين، فقال: «يعذبان» ، الحديث
[14430] .
[10160] يعمر بن مسعود
أحد صحابة عمر بن عبد العزيز.
حكى عن عمر.
حكى عنه أبو عبد الله معاوية بن عبيد الله بن يسار الأشعري الوزير «2» .
قال بقي بن مخلد، حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا منصور بن أبي مزاحم، حدّثني معاوية بن عبيد الله عن يعمر بن مسعود قال:
صلّيت مع عمر بن عبد العزيز، فقال لي: إنّ عندنا مالا من مال سهم المؤلفة قلوبهم، وقد استخرت الله تعالى في ذلك، فرأيت أن أبعث به إلى من بمرعش «3» ، ورعبان «4» ، وزلول «5» ، ونحوها من الصقالبة «6» ، ومن أسلم حديثا. فبعث معي، ومع رجل آخر من حرسه بوقر «7» أو وقرين مالا، وأمرنا أن نقسمه فيهم.(74/200)
[10161] يعيش بن الوليد بن هشام بن معاوية بن هشام ابن عقبة بن أبي معيط القرشي الأموي المعيطي ّ
من أهل دمشق. وسكن قرقيسياء «1» .
روى عن أبيه، ومعاوية بن أبي سفيان، ومعدان بن أبي طلحة. روى عنه: الأوزاعي، ويحيى بن أبي كثير، وعكرمة بن عمار.
ذكره ابن سميع في الطبقة الرابعة.
ذكره عبد الغني بن سعيد وابن ماكولا «2» في ترجمتين، فقال عبد الغني:
يعيش بن الوليد المعيطي، يعيش بن هشام القرقساني.
نسبه إلى جده هشام وإلى قرقيسياء لسكناه بها، وإنما هو من أهل الشام كما قاله البخاري وغيره، وقال ابن سميع: هو دمشقي.
[قال أبو عبد الله البخاري] «3» : [يعيش بن الوليد بن هشام القرشي عن أبيه، روى عنه يحيى بن أبي كثير والأوزاعي، وعكرمة بن عمار، وأبو إدريس، سمع منه إسماعيل بن رافع، يعد في الشاميين] «4» .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «5» :
[يعيش بن الوليد بن هشام القرشي المعيطي، روى عن أبيه، روى عنه يحيى بن أبي كثير، والأوزاعي، وعكرمة بن عمار، سمعت أبي يقول ذلك] «6» قال سعيد بن عبد العزيز:
__________
[10161] ترجمته في تهذيب الكمال 20/473 وتهذيب التهذيب 6/256 والتاريخ الكبير 8/424 والجرح والتعديل 9/309 تاريخ الثقات للعجلي ص 485 والاكمال 7/331.(74/201)
نزل يعيش بن الوليد على مكحول، فأكرمه، هيّأ له طعاما، فأطعمه، وأطعم الناس، فكان يزيد بن يزيد بن جابر ممن يخدم ذلك اليوم توقيرا لمكحول. قال أحمد العجلي «1» :
[يعيش بن الوليد] «2» شامي «3» ثقة.
وقال أحمد بن محمّد بن عيسى في «تاريخ الحمصيين» «4» :
والوليد بن هشام المعيطي، وابنه يعيش بن الوليد قتلته المسوّدة على عهد عبد الله بن علي. حدّث عنه يحيى بن أبي كثير.
[10162] يغمر بن ألب سارخ أبو الندى التركي الفقيه المقرىء
كان أبوه جنديا، وتوفي وهو صغير، وكان يعمل في القرآن، ويلقّن القرآن. وتفقه على شيخنا أبي الحسن السلمي الفقيه، وسمع منه الحديث ومن غيره، وكان يختلف إلى الدرس بالمدرسة الأمينية «5» ، ويلقن القرآن في المسجد الجامع، ويؤم بالناس في الصلوات الخمس في مسجد العقيبة. وكان يحفظ قطعة صالحة من أخبار الناس وأشعارهم، وكانت له مروءة، مع ضعف ذلك، يضيف من نزل به في مسجده. وكان حسن الاعتقاد، ذا صلابة في الدين.
وكان يحثّني على تبييض هذا الكتاب، ويود لو أنه تمّ، حتى إنّه عزم عند وجود فترة مني عنه، وانصرف همّة عن تبييضه على أن يكتب إلى الملك العادل نور الدين قصّة على لسان أصحاب الحديث، يسأله أن يتقدّم إليّ بإنجازه، فنهاه بعض أصحابنا عن ذلك وقال: أن لو حجّ في تبييضه لج، وترك تبييضه إلى أن يسّر الله الشروع فيه بعد وفاته، والله يعين على إتمامه. ويا ليت أنّه كان بقي حتى يراه، ولو كان رآه لعلم أنه أكثر مما وقع في نفسه.(74/202)
وكانت وفاته في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. ولمّا كنا في جنازته فكرت في نفسي، وقلت: والله إني لأحقّ من يغمر بالاهتمام بهذا التاريخ. فصرفت همّتي إليه، وشرعت فيه، ويسّر الله تمامه بهمة يغمر، فإنه كان صالحا، وكان يتأسف على ترك الشروع فيه، وكان شديد الاهتمام به، يكاد يبكي إذا ذكره، ويقول: لو تمّ هذا الكتاب لا يكون في الإسلام كتاب مثله.
[10163] يلتكين التركي كان من غلمان هفتكين «1» أمير دمشق من قبل الطائع لله، فأهداه هفتكين للوزير ابن كلّس «2» بمصر، فاصطنع، وجرّد إلى الشام في عسكر كبير، وولي إمرة دمشق، فوصل يلتكين في ذي الحجة سنة اثنتين «3» وسبعين وثلاثمائة، ومدبر عسكره ميشا بن القزاز اليهودي. وكانت دمشق إذ ذاك مفتتنة بقسّام «4» الذي كان غلب عليها، وبها جيش بن صمصامة «5» بعد موت خاله أبي محمود الكتامي، فلم يزل يلتكين يقاتل أهل البلد، حتى تفرق عن قسّام من معه، واستخفى، وتسلّم يلتكين البلد، وأقام به إلى أن وردت الكتب من مصر إليه أن يسلم البلد إلى بكجور «6» صاحب حمص، ويرجع إلى مصر، لا حتياج الملقب بالعزيز إليه حين اضطراب عليه جنده من المغاربة، فاحتاج إلى جند من المشارقة يقهر به المغاربة، وذلك في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
__________
[10163] ترجمته في تحفة ذوي الألباب 2/7 وأمراء دمشق ص 115 وذيل ابن القلانسي ص 28 وسماه «بلتكين» وتاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي ص 163 وسماه «تلتكين» .(74/203)
ذكر من اسمه: يمان
[10164] يمان بن صدقة بن الوليد ابن عبد الملك بن مروان الأموي
قتل يوم نهر أبي فطرس.
كان من أجمل الناس وجها «1» .
[10165] يمان بن عبد الله أبو شاكر الخادم
مولى سليمان بن عبد الحميد البهراني.
حدّث بعرجموس «2» قرية من قرى البقاع عن مولاه سليمان.
روى عنه أبو عمر لا حق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد المقدسي.
[10166] يمان بن عفير
شهد صفّين مع معاوية، وكان أميرا يومئذ على حمير، وحضرموت. له ذكر.
[10167] يمان بن فلان بن عبد الله ابن محمّد بن سعيد بن سنان الحلبي
قدم دمشق، وروى بها شيئا من شعر جده عبد الله.(74/204)
ذكر من اسمه يمان
[10168] يمان- ويقال: أبو اليمان- وهو الأصح، المقرىء سمع أبا منيب الجرشي.
روى عنه يحيى بن حمزة.
[قال ابن أبي حاتم] «1» [يمان سمع أبا منيب الجرشي روى عنه يحيى بن حمزة.
سمعت أبي يقول ذلك] «2» .
[10169] يمان العجلي الكوفي
والد يحيى بن اليمان.
رأى الزهري على باب هشام بن عبد الملك.
حكى عنه ابنه يحيى «3» .
[10170] يمكجور التركي
ولي إمرة دمشق في خلافتي المعتز بن المتوكل، والمهتدي ابن الواثق جميعا.
[10171] يموت بن المزرّع بن يموت أبو بكر العبدي البغدادي الأديب ويقال: اسمه محمّد
سكن طبريّة. وحدّث بدمشق، وكان أخباريا.
__________
[10168] ترجمته في الجرح والتعديل 9/312.
[10170] ترجمته في تحفة ذوي الألباب 1/305 وأمراء دمشق ص 37، وسماه ابن القلانسي في تاريخه: بكجور، وقتل سنة 380 هـ. خطأ.
[10171] ترجمته في تاريخ بغداد 14/35 ومعجم الأدباء 20/57 ووفيات الأعيان 7/53 وطبقات القراء للجزري 2/392 بغية الوعاة 2/353 إنباه الرواة 4/74 البداية والنهاية (الفهارس) الكامل لا بن الأثير (الفهارس) العبر 2/128 شذرات الذهب 2/243. المزرع: بضم الميم وفتح الزاي وبعدها راء مشددة مفتوحة ثم عين مهملة. كما في وفيات الأعيان 7/59 وقال السيوطي في بغية الوعاة 2/353 بفتح الراء، والمحدثون يكسرونها.(74/205)
روى عن أبيه، وأبي حاتم السجستاني، [وأبي الفضل] «1» الرياشي، وعمرو بن علي بن الفلاس، ونصر بن علي الجهضمي، وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان الزيادي وغيرهم.
روى عنه أبو بكر الخرائطي، وأبو الميمون بن راشد، وأبو الفضل العباس بن محمّد الرقي، وغيرهم.
قال أبو محمّد الحسن بن رشيق العسكري، حدّثنا يموت بن المزرّع، حدّثنا أبو حاتم قال: قال لي العقدي: قال وكيع بن الجراح:
لا يقال لرجل من المسلمين: رجيل، ولا مسيجد، ولا مصيحف. وعدد من هذا النحو أشياء كثيرة.
قال: وحدّثنا يموت حدّثني محمّد بن إسحاق قال: سمعت ابن عائشة، يقول سمعت بعض أصحابنا يقول:
إنما قصرت أعمار الملوك لكثرة شكاية الخلق إلى الله- عزّ وجل.
قال الخطيب «2» : يموت بن المزرّع بن يموت أبو بكر العبدي، من عبد القيس. بصري قدم بغداد في سنة إحدى وثلاثمائة، وهو شيخ كبير وحدّث بها عن أبي عثمان المازني، وأبي غسان رفيع بن دماذ، [وأبي حاتم السجستاني وأبي الفضل الرياشي ونصر بن علي الجهضمي] «3» وعبد الرّحمن بن أخي الأصمعي [ومحمّد بن يحيى الأزدي] «4» روى عنه الحسن بن أحمد السبيعي، وعبد العزيز بن محمّد بن إبراهيم بن الواثق بالله الهاشمي، وسهل بن أحمد الديباجي وغيرهم. وكان صاحب أخبار وملح، وآداب، وهو ابن أخت أبي عثمان الجاحظ.
واسمه يموت، ثم تسمى محمّدا، ويموت الغالب عليه. وخرج من بغداد إلى الشام، فمات هناك، وقد ذكرناه في باب المحمّدين.(74/206)
وقال «1» في باب المحمّدين:
محمّد بن المزرّع بن يموت أبو بكر العبدي المعروف بيموت، من أهل البصرة، وهو ابن أخت الجاحظ. صاحب أخبار وحكايات عن أبي حاتم السجستاني، وأبي الفضل الرياشي وغيرهما «2» . وقدم بغداد وحدّث بها فروى عنه الحسن بن أحمد السبيعي وسماه محمّدا، وروى عنه جماعة غيره فسموه يموت، وقيل إن أباه سماه يموت وتسمى هو محمّدا.
قال «3» : وأخبرني أبو بكر [أحمد بن محمّد بن أحمد بن جعفر] اليزدي، بأصبهان، أخبرني أبو محمّد [الحسين بن عمر بن محمّد بن يوسف بن يعقوب] القاضي في كتابه قال: سمعت يموت «4» بن المزرّع يقول:
بليت بالاسم الذي سماني به أبي، فإني إذا عدت مريضا، فاستأذنت عليه، فقيل: من ذا؟ قلت: أنا ابن المزرّع، وأسقطت اسمي.
قال الحسن بن رشيق أنشدني ابن اللحياني، أنشدني منصور بن إسماعيل التميمي لنفسه في يموت بن المزرّع «5» :
أنت تحيا والذي يكره أن تحيا يموت
أنت صنو النّفس بل أنت لروح النفس قوت
أنت للحكمة بيت لا خلت منك البيوت
قال ابن حيويه «6» : أنشدنا أحمد بن محمّد الأنباري، أنشدني يموت بن المزرّع لنفسه «7» :(74/207)
مهلهل قد حلبت شطور دهر وكافحني بها الزمن العنوت «1»
وحاربت «2» الرجال بكلّ ريع «3» فأذعن لي الحثالة والرّتوت «4»
فأوجع «5» ما أجنّ عليه قلبي كريم غتّه زمن غتوت «6»
كفى حزنا بضيعة ذي قديم وأولاد العبيد لها الجفوت «7»
وقد أسهرت عيني بعد غمض مخافة أن تضيع إذا فنيت
وفي لطف المهيمن لي عزاء بمثلك إن فنيت وإن بقيت
فجب في الأرض، وابغ بها علوما «8» ولا يقطعك جامحة سنوت «9»
وإن بخل العليم عليك يوما فذلّ له وديدنك السكوت «10»
وقل: بالعلم كان أبي جوادا يقال: ومن أبوك؟ فقل: يموت
[يقر لك الأباعد والأداني بعلم ليس يجحده البهوت] «11»
قال أبو سليمان بن زبر:
سنة ثلاث وثلاثمائة مات يموت بن المزرّع بطبرية «12» .(74/208)
وقال ابن يونس:
مات بدمشق سنة أربع وثلاثمائة «1» .
[10172] ينجوتكين التركي «2» مولى المقلب بالعزيز، ولاه العزيز إمرة دمشق، وتدبير العساكر الشامية. وقدم دمشق في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، فبقي أميرا عليها إلى أن هلك مولاه سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وولي بعده ابنه منصور المقلب بالحاكم، فعزل ينجوتكين، فتوجه ينجوتكين إلى الرملة للقاء من يجيئه من مصر، فاقتتلوا، وانهزم ينجوتكين يوم الجمعة لأربع خلون من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. ورجع إلى دمشق بعد ثلاثة أيام من الوقعة، وطلب من أهل دمشق النصرة، فلم يجيبوه خوفا من الحصار والغلاء، ونهبوا داره وخرج منهزما، وتوجه إلى أذرعات إلى ابن الجراح الطائي، فلم يمنعه، وسلّمه إلى سلمان بن جعفر بن فلاح الذي ندب لولاية الشام، فبعث به إلى مصر، فمنّ عليه منصور، وأطلقه.(74/209)
ذكر من اسمه يوسف
[10173] يوسف بن أحمد بن عبد الرحيم ابن الحجاج أبو يعقوب الجرجاني الأستراباذي
سمع بدمشق أبا زرعة النصري «1» ، ويزيد بن أحمد السلمي. وبمصر: روح بن الفرج، وباليمن: إسحاق بن إبراهيم الدّبري «2» وبالعراق: أبا بكر بن أبي خيثمة.
روى عنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو يعقوب يوسف بن إبراهيم بن موسى السهمي، وأبو زرعة الكشي الجرجانيون وغيرهم.
[10174] يوسف بن أحمد بن علي أبو يعقوب الطبري
قدم دمشق وحدّث بها عن أبي الحسن علي بن مبشر الواسطي.
روى عنه تمام بن محمّد.
[10175] يوسف بن إبراهيم بن محمّد ابن إبراهيم أبو يعقوب الفارسي الدّرابجردي
سمع بدمشق أبا الحسن بن أبي الحديد وحدّث عنه.
__________
[10173] ترجمته في تاريخ جرجان ص 493 رقم 999.
[10175] في مختصر أبي شامة: الدرابجردي، الأنساب، وهذه النسبة إلى داربجرد وهي محلة بنيسابور، وقيل داربجرد بإثبات الألف. وهذه المحلة بنيسابور قال أبو سعد السمعاني: وظني أن أهلها هم من أهل داربجرد، وهي بلدة من بلاد فارس، وقد كانوا ينزلون بها فنسبت المحلة إليهم.(74/210)
سمع منه عمر بن أبي الحسن الدهستاني، وطاهر الخشوعي، وعبد الله بن أحمد السمرقندي.
ذكر من اسمه يوسف
[10176] يوسف بن إبراهيم بن مرزوق ابن حمدان أبو يعقوب الصّهيبي الحبالي
من أهل حبال «1» ، قرية بوادي موسى. رحل إلى مرو، وتفقه بها، وسمع أبا منصور محمّد بن علي بن محمّد «2» المروزي وكان متقشفا سمعت منه شيئا يسيرا وكان شافعيا ينزل مدرسة الحنفية. قتل بمرو لمّا دخلها خوارزم شاه.
وقلت: وقال أبو سعد السمعاني الحافظ في ذيل تاريخ بغداد:
يوسف بن إبراهيم بن مرزوق بن حمدان بن عمر بن شريف المقدسي الحبالي الصهيبي أبو يعقوب من أهل حبال ببيت المقدس من قرية يقال لها بيت جبرين «3» إن شاء الله.
كان فقيها ورعا متدينا، مشتغلا بالعبادة والورع. ورد بغداد في سنة ست عشرة وخمسمائة، وخرج منها إلى خراسان ونيسابور، ثم قدم مرو، وسكنها إلى حين وفاته.
سمع أبا القاسم سهل بن إبراهيم المسجدي وأبا عبد الله محمّد بن الفضل الفراوي وزاهر بن طاهر الشحامي وجماعة كثيرة سواهم.
وكان يسمع معنا الكثير بمرو، وسمّعنا (شعب الإيمان) لأحمد بن الحسين البيهقي بمرو من زاهر بن طاهر، وحصل النسخة بذلك ولمّا قربت وفاته، وكنت غائبا بهراة في رحلتي الثانية إليها أوصى بأكثر كتبه أن توضع في الخزانة النظامية، وتكون موقوفة على المسلمين ممن ينتفع بها، وشيء منها وضع في الخزانة التي عملها أبو الفضل الكرماني، وأوصى بالأجزاء المتفرقة التي حصلها ونسخها أن تكون عندي، وفي يدي، والله تعالى يرحمه، ويغفر له، فإنّه كان نعم الصديق. وكان قليل المخالطة والمجالسة مع الناس، وفي أكثر الأوقات في مدرسة السلطان، وكان يرد الباب على نفسه ويشتغل إمّا بالعبادة، أو
__________
[10176] ترجمته في معجم البلدان (حبال) 2/211. والصهيبي بضم الصاد وفتح الهاء، هذه النسبة إلى صهيبة.(74/211)
المطالعة، وكان يزورني وأزوره في بعض الأوقات. وظني أنّ مولده كان في حدود سنة تسعين وأربعمائة والله أعلم، ولم يتفق لي أن سمعت منه شيئا، وسمع منه صاحبنا أبو القاسم الدمشقي الحافظ وحدّث عنه، وسمعت منه عنه، ومات بمرو في السادس من شعبان سنة أربعين وخمسمئة «1» ودفن بمقبرة حصين قريبا من تل الصحابة.
[10177] يوسف بن إبراهيم أبو الحسن الكاتب
أظنه بغداديا. كان في خدمة إبراهيم بن المهدي «2» . قدم دمشق سنة خمس وعشرين ومائتين. وكان من ذوي المروءات.
وصنف كتابا فيه المتطببين.
حكى عن عيسى بن حكم الدمشقي الطبيب النسطوري، وشكلة «3» أم إبراهيم بن المهدي وإسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت، وأبي إسحاق إبراهيم بن مهدي، وأحمد بن رشيد الكاتب مولى سلام الأبرش، وجبريل بن بختيشوع الطبيب وأيوب بن الحكم البصري المعروف بالكسروي، وأحمد بن هارون الشرابي وغيرهم.
روى عنه ابنه: أبو جعفر أحمد بن يوسف المعروف بابن الداية، ورضوان بن أحمد بن جالينوس.
قال: كانت بيني وبين أحمد بن محمّد بن مدبّر «4» سوالف ترعى، ويحافظ عليها، فلما تولى مصر «5» رأى حسن ظاهري، فظن ذلك عن أموال جمة لديّ، فجدني في المطالبة، وأخرج عليّ بقايا لعقود انكسرت من آفات عرضت لضياعها، ولم يسمع الاحتجاج فيها، واستقصر ما أوردته، وإنما كان عن حيلة، واحتبسني مع المتضمّنين، وكان يغدو في كل يوم غلام له يحجبه يعرف بفضل، فيكتب على كل رجل ما مورده في يومه، فإن شكا أنه لا يصل(74/212)
إلى شيء أخرجه، فحملت عليه الحجارة، وطولب أعنف مطالبة، فلم تزل الحاجة علي حتى بعت حصر داري قضاء عما فيها، وعرضت دوري، فمنعني من بيعها، ووجه إليّ: فأين تكون حرمك؟
وأنفذ إلي ورقة نسختها: يا أبا الحسن- أعزك الله- قد ألويت بما بقي عليك وهو ستة عشر ألف دينارا، وآثرنا صيانتك عن خطة المطالبة هذه المدة، فإن أزحتالعلة فيها، وإلّا سلمناك إلى أبي الفوارس مزاحم بن خاقان «1» - أيده الله-. فكتبت إليه رقعة أحلف فيها أنّي ما أملك عدد هذه حبّ حنطة، ولو كان لي شيء لصنت به نفسي. فإن رأى السيد رعاية السالف بيني وبينه، وستر تخلفي كان أهلا لما يأتيه، وإن سلمني إلى هذا الرجل رجوت من الله- عز وجل- ما لا يخطىء من رجائه.
فرجع إليّ بعض غلمانه، ومعه رقعة مختومة، فاستركبني، وصار بي إلى مزاحم. فلما قرئت عليه الرقعة أدخلني عليه، وعنده كاتب له يعرف بالمروذي، فعرفني، ولم أعرفه، وكان أبوه في الحارة التي فيها داري بسرّ من رأى. فقال: أنت كاتب إبراهيم بن المهدي؟ قلت:
نعم- أيّد الله الأمير- قال: كنت أراك وأنا صبي في حارتنا، ووالله ما طلب ابن المدبر أن يروج عليّ مالا، وإنما أراد أن أقتلك بالمطالبة. وقد رأيت أن أكتب إلى أمير المؤمنين أعرفه قصور يدك عن أداء المال، وأعلمه خدمتك لسلفه، وأسأله أن يتطول بإسقاط هذه البقية عنك، فإن سهل ذلك وإلّا نجمها عليّ وعلى رجالي حتى يقاضوا بها في كل نجم. ثم قال للمروذي: هذا رجل من مشايخي، وأم زوجته ببغداد تولّت تربيتي، وقد استكتبته على أموري، وما احتاج إلى قباله من الضياع بمصر، وليس يزيلك عن رسمك. فأخذ خاتما له كان يختم به الكتب بحضرته فأعطانيه، وسألني عن العجوز التي ربّته، فقلت له: هي معي بمصر، وانصرفت من عنده إلى منزلي. فكان أول من هنأني بمحلي منه ابن المدبر، ورجعت إلى نعمتي معه في مدة يسيرة.
بلغني عن أبي جعفر أحمد بن يوسف قال:
حبس أحمد بن طولون يوسف بن إبراهيم، والدي، في بعض داره، وكان اعتقال(74/213)
الرجل في داره يؤيس من خلاصه، فكاد ستره أن يهتك، وكان له جماعة من أبناء الستر يتحمل مؤونها مقيمة لا تنقطع إلى غيره، فاجتمعوا وكانوا بها ثلاثين رجلا، وركبوا إلى دار أحمد بن طولون فوقفوا بباب له يعرف بباب الجبل، واستأذنوا عليه، فأذن لهم، فدخلوا إليه وعنده محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم، وجماعة من أعلام مستوري مصر، فابتدأوا كلامه بأن قالوا: قد اتفق لنا، أيد الله الأمير، من حضوره هذه الجماعة بجلسة ما رجونا أن يكون ذريعة إلى ما نأمله، ونحن نرغب إلى الأمير في أن يسألها عنا، ليقف على منازلنا، فسألهم عنهم، فقالوا: قد عرضت العدالة على أكثرهم فامتنع منها، فأمرهم أحمد بن طولون بالجلوس، فسألهم تعريفه ما قصدوا له، فقالوا: ليس لنا أن نسأل الأمير مخالفة ما آثره في يوسف بن إبراهيم لأنه أهدى إلى الصواب فيه، ونحن نسأله أن يقدمنا إلى ما اعتره عليه فيه إن آثر قتله أن يقتلنا، وإن آثر غير ذلك أن نبلغه بنا وهو في سعة وحل منه. فقال: ولم ذلك؟
فقالوا: لنا ثلاثون سنة ما أمكرنا في اتباع شيء مما احتجنا إليه، ولا وقفنا بباب غيره، ونحن والله أيها الأمير نرفض للبقاء بعده ومن السلامة من شيء من المكروه وقع به، وعجّوا «1» بالبكاء بين يديه.
فقال أحمد بن طولون: بارك الله عليكم، فقد كافأتم إحسانه، وجانيتم العامة. ثم قال يوسف بن إبراهيم، فأحضر، فقال: خذوا بيد صاحبكم، وانصرفوا.
فخرجوا معه، وانصرف بهم إلى منزله.
قال أبو جعفر: وبعث أحمد بن طولون في الساعة التي توفي فيها يوسف بن إبراهيم والدي ... الدار وطالبوا بكتبه، مقدرين أن يجدوا فيها كتابا من أحد ممن ببغداد، فحملوا صندوقين، وقبضوا عليّ وعلى أخي وصاروا بنا إلى داره. فأدخلنا إليه وهو فيها جالس وبين يديه رجل من أشراف الطالبيين، فأمر بفتح أحد الصندوقين وأدخل خادم يديه فوقع في يده دفتر جراياته على الأشراف وغيرهم، فأخذ الدفتر بيده وتصفحه وكان جيد الاستخراج، فوجد اسم الطالبي في الجراية «2» ، فقال له وأنا أسمع: كانت عليك جراية ليوسف بن إبراهيم؟ فقال(74/214)
له: دخلت هذه الدار وأنا مملق، فأجرى عليّ في كل سنة مائتي دينار ومايتي إردب «1» قمحا ... «2» ابن الأرقط والعتيقي وغيرهما، وامتلأت يداي بطول الأمير، فاستعفيته منها، فقال لي: نشدتك الله، إن قطعت سببا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ... «3» الطالبي فقال أحمد بن طولون:
رحم الله يوسف بن إبراهيم، ثم قال: انصرفوا إلى منازلكم لا بأس عليكم، فانصرفنا، فلحقنا جنازة والدنا، وحضر ذلك العلوي حقنا، وقد أحسن مكافأة والدنا في تخليته.
[10178] يوسف بن إبراهيم أبو الفتح الزنجاني الصوفي
قدم دمشق، واستجاز منه ابن «4» صابر سنة خمس وثمانين وأربعمئة.
قرأت بخط أبي محمّد بن صابر سألت أبا المكارم الهروي عن وفاة أبي بكر الطوسي وأبي الفتح الزنجاني، فقال: قتلتهما الفرنج يوم فتح بيت المقدس، وكان ذلك سنة اثنتين وتسعين وأربعمئة.
[10179] يوسف بن إسماعيل بن يوسف أبو يعقوب الساوي الصوفي
رحل وسمع بدمشق وغيرها: أبا علي الحصائري «5» ، وخيثمة بن سليمان، وإسماعيل بن محمّد الصفار، ومحمّد بن عمر الرزاز، وأبا عمر الزاهد، غلام ثعلب، وغيره.
روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.
__________
[10179] ترجمته في الأنساب (الساوي 3/206) وتاريخ أصبهان 2/350 ومعجم البلدان (ساوه) 3/179. وساوة بلدة بين الري وهمذان (الأنساب) .(74/215)
قال أبو نعيم الحافظ «1» :
يوسف بن إسماعيل أبو يعقوب الدمشقي الصوفي، قدم أصبهان في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، كتب «2» الحديث. حدّث عن هشام ابن بنت عدبّس الدمشقي.
قال الحاكم أبو عبد الله:
أبو يعقوب الساوي كان من الصالحين. أول ما التقينا ببغداد سنة إحدى وأربعين، ثم إنه ورد خراسان سنة ثلاث وأربعين، وأقام بنيسابور مدة، ثم خرج إلى مرو ولزم أبا العباس المحبوبي وأكثر عنه، واختصه أبو العباس لصحبة ولده أبي محمّد، وبقي بمرو إلى أن مات بها سنة ست وأربعين وثلاثمائة. ودخل أصبهان. فسمع مسند أبي داود، وكان مع ذلك يختص بصحبة الصالحين من الصوفية «3» .
[10180] يوسف بن أيوب ابن شادي الملك الناصر صلاح الدين
سلطان المسلمين، وقامع المشركين، فاتح البيت المقدس وبلاد الساحل، ومخلّصها من أيدي الكافرين، رحمه الله.
[10181] يوسف بن بحر بن عبد الرّحمن أبو القاسم التميمي ثم البغدادي ثم الأطرابلسي- ويقال: الجبلي
قاضي حمص.
سمع بدمشق وغيرها مروان بن محمّد الطاطري، وسليمان بن عبد الرّحمن،
__________
[10180] ليس لصلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي ترجمة في تاريخ دمشق، لم يترجم له المصنف، قال أبو شامة: لم يذكر له الحافظ أبو القاسم ترجمة مع أنه ملك دمشق في سنة سبعين وكان مالكا للديار المصرية ثم اتسعت مملكته ويسر الله تعالى عليه الجهاد، وكان أحد الأجواد وقد استقصيت أخباره وسيرته في كتاب الروضتين، وتقدم طرف من ذلك في ترجمة عمه أسد الدين شير كوه في حرف الشين.
[10181] ترجمته في تاريخ بغداد 14/305 والجرح والتعديل 9/219 وميزان الاعتدال 4/462 وسير الأعلام 13/122 ولسان الميزان 6/318 والكامل لابن عدي 7/170. والجبلي بفتح الجيم والباء، نسبة إلى جبلة، وقد سمي بالجبلي لأنه نزل جبلة وجبلة اسم عدة مواضع، والمراد هنا قلعة مشهورة بساحل الشام من أعمال حلب قرب اللاذقية (معجم البلدان) .(74/216)
وحجاج بن محمّد، ويزيد بن هارون، وعلي بن عاصم، والأسود بن عامر، شاذان، ومحمّد بن مصعب القرقساني، وأبا النضر هاشم بن القاسم، والمسيب بن واضح، وعبد الله بن صالح، وآدم بن أبي إياس وغيرهم.
روى عنه: عبد الرّحمن بن أبي حاتم، ويحيى بن محمّد بن صاعد، ومحمّد بن المسيب الأرغياني، ومكحول البيروتي، ومحمّد بن سليمان الأطرابلسي، أخو خيثمة، وغيرهم، وحدّث بأطرابلس وغيرها.
قال ابن أبي حاتم «1» :
[يوسف بن بحر قاضي حمص أبو القاسم] «2» بغدادي سكن حمص [روى عن حجاج بن محمّد ويزيد بن هارون وعلي بن عاصم، والأسود بن عامر، ومحمّد بن مصعب القرقساني، وأبي المغيرة مروان بن محمّد الطاطري] «3» كتبت عنه بحمص.
قال أبو أحمد الحاكم:
سكن حمص كان قاضيها، وربما كان بجبلة، يروي عن سعيد بن مسلمة الأموي، ومحمّد بن مصعب [القرقساني] ليس بالمتين عندهم «4» .
[قال أبو أحمد بن عدي: ليس بالقوي، رفع أحاديث وأتى عن الثقات بالمناكير] «5» .
[جاء عن خيثمة: أنه ارتحل إليه بعيد سنة سبعين ومئتين إلى جبلة، فأسره الفرنج.
قال الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي] «6» .
[قال الذهبي] «7» [ذكره الحاكم في الكنى، فكناه أبا القاسم، وقال: ليس حديثه بالمتين عندهم، له أشياء لا يتابع عليها] «8» .(74/217)
[10182] يوسف بن الحسن بن محمّد أبو القاسم الزّنجاني الفقيه الشافعي المعروف بالتفكّري
سمع أبا نعيم الحافظ بأصبهان وأبا الحسين بن أبي نصر بدمشق.
كتب عنه بدمشق نجا بن أحمد العطار.
حدّثنا عنه أبو القاسم بن السمرقندي، فقال: أخبرنا يوسف بن الحسن بن محمّد التفكري الشيخ الصالح ببغداد. قال أبو الفضل بن خيرون: توفي في ربيع الأخير سنة ثلاث وسبعين وأربعمئة ودفن بباب حرب، وكان رجلا صالحا.
[قال ابن كثير] «1» :
[تفقه على مذهب الشافعي ودرس الفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وكان من أكبر تلامذته، وكان عابدا ورعا خاشعا، كثير البكاء عند الذكر مقبلا على العبادة، قارب الثمانين] «2» .
[كان من العلماء العاملين، ذا ورع وخشوع وتألّه توفي ببغداد في حادي عشر ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وأربعمئة وله ثمان وسبعون سنة] «3» .
في تاريخ الحافظ أبي سعد السمعاني قال:
يوسف بن الحسن بن محمّد بن التفكّري، أبو القاسم، من أهل زنجان. سكن باب المراتب شرقيّ بغداد. رحل إلى أصبهان، وقرأ على أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ (المعجم الكبير) ، و (الأوسط) ، و (الصغير) للطبراني، و (مسند أبي داود الطيالسي) ، وغيرها
__________
[10182] ترجمته في المنتظم 16/215 والكامل لابن الأثير 8/424 والطبقات الكبرى للسبكي 5/361 وسير الأعلام 18/551 والبداية والنهاية 8/254 وتحرفت فيه التفكري إلى العسكري. والزنجاني بفتح الزاي نسبة إلى زنجان بلدة على حد أذربيجان من بلاد الجبل منها تتفرق القوافل إلى الري وقزوين وهمذان وأصبهان (الأنساب 3/168) .(74/218)
من الكتب. ثم انتقل إلى بغداد محدّثا فقيها، وسكنها إلى أن توفي بها. وكان ورعا، زاهدا، عاملا بعلمه، متنسكا، بكاء عند الذكر، خاشعا، صدوقا، متبركا به، مشتغلا بنفسه، مقبلا على العبادة ونشر العلم. مولده سنة خمس وسبعين وثلاثمائة بزنجان.
سمع منه أبو القاسم مكي بن عبد السّلام المقدمي الحافظ، وأبو محمّد عبد الله بن أحمد بن عمر بن السمرقندي، روى لنا عنه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي ومولده سنة خمس وسبعين وثلاثمائة بزنجان.
وذكر أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن منده أنه قدم أصبهان سنة 428 وسمع منه جماعة كبيرة.
قال أبو سعد: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي:
قال أبو القاسم التفكّري: سمعت أبا علي الحسن بن علي بن بندار الزّنجاني يقول: كان هارون الرشيد بعث إلى مالك بن أنس يستحضره ليسمع منه ابناه الأمين والمأمون، فأبى عليه، وقال: إن العلم يؤتى، لا يأتي. فبعث إليه ثانيا، فقال: أبعثهما إليك يسمعان مع أصحابك، فقال مالك: بشريطة أنهما لا يتخطيان رقاب الناس، ويجلسان حيث ينتهي بهما المجلس. فحضراه بهذا الشرط.
وكان يحيى بن يحيى النيسابوري يحضر المجلس، فانكسر يوما قلمه، وبجنبه المأمون، فناوله قلما من ذهب، أو قلما من فضة، من مقلمة ذهب، فامتنع من قبوله، فقال له المأمون: ما اسمك؟ قال: يحيى بن يحيى النيسابوري، فقال: تعرفني؟ قال: نعم، أنت المأمون ابن أمير المؤمنين. فكتب المأمون على ظهر جزئه: ناولت يحيى بن يحيى النّيسابوري قلما في مجلس مالك فلم يقبله.
فلما أفضت الخلافة إلى المأمون بعث إلى عامله بنيسابور، وأمره أن يولي يحيى بن يحيى القضاء. فبعث إليه يستدعيه، فقال بعض الناس: إنه يمتنع من الحضور وليته يأذن للرسول فأنفذ إليه كتاب المأمون، فقرىء عليه، فامتنع من القضاء. فردّ إليه ثانيا وقال: إن أمير المؤمنين يأمرك بشيء، وأنت من رعيته، فتأبى عليه؟! فقال: قل لأمير المؤمنين: ناولتني قلما وأنا شاب، فلم أقبله، فتجبرني الآن على القضاء وأنا شيخ! فرفع الخبر إلى المأمون بذلك فقال: علمت امتناعه، ولكن، ولّ القضاء رجلا يختاره. فبعث إليه العامل في ذلك فاختار رجلا من نيسابور، فولي القضاء.(74/219)
قال: والرسم هناك أن يلبس القضاة السواد. فدخل ذلك القاضي على يحيى وعليه السواد، فضم يحيى فراشا كان جالسا عليه، كراهية أن يجمعه وإيّاه. فقال: أيّها الشيخ، ألم تخترني؟! قال: إنّما قلت أختاره، وما قلت لك: تقلد القضاء.
[10183] يوسف بن الحسين بن علي أبو يعقوب الرازي الصوفي، صاحب ذي النون المصري
زاهد معروف موصوف.
سمع بدمشق قاسم بن عثمان الجوعي، ودحيما، وأحمد بن أبي الحواري، وبغيرها:
أحمد بن حنبل، وخاله عبد الله بن حاتم الرازي الزاهد، وطاهر المقدسي الزاهد، وأبا تراب عسكر بن الحصين النخشبي وغيرهم.
روى عنه أبو الحسين محمّد بن عبد الله الرازي، ومحمّد بن الحسن النقاش، وأبو بكر محمّد بن داود بن سليمان الزاهد النيسابوري وغيرهم. قال «1» : قلت لأحمد بن حنبل: حدّثني، فقال: ما تصنع بالحديث يا صوفي؟ فقلت:
لا بدّ حدّثني، فقال:
حدّثنا مروان الفزاري، عن هلال بن سويد أبي المعلى، عن أنس قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلّم طائران، فقدّم إليه أحدهما، فلمّا أصبح قال: «عندكم من غداء؟» فقدم إليه الآخر، فقال: «من أين ذا؟» فقال بلال: خبأته لك يا رسول الله، فقال: «يا بلال، لا تخف من ذي العرش إقلالا، إنّ الله يأتي برزق كلّ غدّ»
[14431] .
[قال الخطيب] «2» : [ثم أخبرناه أبو الطيب محمّد بن أحمد بن موسى بن أحمد الشروطي بالري من كتابه، حدّثنا أبو بكر محمّد بن حمدان المؤدب، حدّثنا يوسف بن
__________
[10183] ترجمته في تاريخ بغداد 14/314 وحلية الأولياء 10/238 وصفة الصفوة 4/102 والمنتظم (وفيات سنة 304) ، والبداية والنهاية 11/126 والنجوم الزاهرة 3/191 و 265 وسير الأعلام 14/248 والرسالة القشيرية.(74/220)
الحسين، حدّثنا أحمد بن حنبل، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي هلال الراسبي عن أنس بن مالك قال:] «1» أهدي «2» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم طوائر ثلاثة، فأكل منها طيرا، واستخبأ خادمه طيرين، فرده إليه من الغد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ألم أنهك أن ترفع «3» شيئا لغد؟ إنّ الله يأتي برزق كل غد»
[14432] .
وفي رواية: ألم أنهك أن تدخر شيئا لغد.
وفي رواية: قال أنس: أهديت إلى رسول الله ثلاث طوائر، فأطعم خادمه طائرا، فلما كان من الغد أتته به، فقال لها: أم أنهك أن ترفعي شيئا لغد، فإن الله يأتي برزق كل غد. قال تمام بن محمّد الرازي: لم يكن عنده عن أحمد بن حنبل غيره.
قال أبو عبد الرّحمن السّلمي:
يوسف بن الحسين، أبو يعقوب الرازي، إمام وقته، لم يكن من المشايخ على طريقته في تذليل النفس، وإسقاط الجاه. صحب ذا النون المصري، ورافق أبا سعيد الخرّاز «4» في بعض أسفاره، وأبا تراب النّخشبي «5» .
وقال في موضع آخر:
ومنهم يوسف بن الحسين أبو «6» يعقوب شيخ الري والجبال في وقته، كان أوحد في طريقته وفي إسقاط الجاه فترك التصنع واستعمال الإخلاص، صحب ذا النون المصري وأبا تراب النخشبي ورافق أبا سعيد الخراز في بعض أسفاره، وكان عالما ديّنا.
قال أبو بكر الخطيب «7» :(74/221)
يوسف بن الحسين بن علي أبو يعقوب الرازي من مشايخ الصوفية، كان كثير الأسفار، وصحب ذا النون المصري، وحكى عنه، وسمع أحمد بن حنبل وورد بغداد فسمع منه بها أحمد بن سلمان «1» النجاد.
قال الأستاذ أبو القاسم القشيري «2» :
ومنهم يوسف بن الحسين شيخ الري والجبال في وقته، وكان نسيج وحده في إسقاط التصنع، وكان عالما أديبا صحب ذا النون وأبا تراب [النخشبي] ورافق أبا سعيد الخراز مات سنة أربع وثلاثمائة.
كان نسيج وحده في إسقاط التصنّع، وكان عالما أديبا. مات سنة أربع وثلاثمائة.
قال يوسف بن الحسين «3» :
لأن ألقى الله بجميع المعاصي أحبّ إليّ من أن ألقاه [بذرّة من] «4» التصنع.
وقال «5» : إذا رأيت المريد يشتغل «6» بالرّخص فاعلم أنّه لا يجيء منه شيء.
وكتب إلى الجنيد «7» :
إذا «8» أذاقك الله طعم نفسك، فإنّك، إن ذقتها، لا تذوق «9» بعدها خيرا «10» أبدا.
وقال «11» : رأيت آفات الصوفية في صحبة الأحداث، ومعاشرة الأضداد، ورفقة النسوان.
[قال الخطيب:] «12»(74/222)
[حدّثنا أحمد بن فارس بن زكريا قال سمعت أبي] يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: كنت أيام السياحة في أرض الشام أمسك بيدي عكازة مكتوبا عليها:
سر في بلاد الله سيّاحا وابك على نفسك نوّاحا
وامش بنور الله في أرضه كفى بنور الله مصباحا
[قال أبو بكر الخطيب] «1» : [أخبرنا رضوان بن محمّد بن الحسن الدينوري، قال سمعت أحمد بن محمّد بن عبد الله النيسابوري يقول سمعت أحمد بن محمّد بن جعفر القطان المذكر يقول: سمعت أبا علي محمّد بن الحسين الحافظ يقول:] «2» سمعت فارسا الدينوري يقول رأيت ليوسف بن الحسين الرازي مخلاة مكتوب عليها «3» :
فلا يومك ينساك ولا رزقك يعدوك
ومن يطمع في الناس يكن للناس مملوكا
وكن «4» سعيك لله فإنّ الله يكفيك
[قال الخطيب:] «5» [حدّثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي بدمشق، أخبرنا أبو طالب عقيل بن عبيد الله بن أحمد بن عبدان السمسار] : «6» أخبرنا أبو الحسين [محمّد بن عبد الله بن جعفر بن الجنيد] «7» الرازي قال سمعت يوسف بن الحسين الرازي الصوفي يقول «8» :
قيل لي: إنّ ذا النون المصري يعرف اسم الله- عز وجل- الأعظم، فدخلت إلى مصر، فذهبت إليه، فبصرني وأنا طويل اللحية، ومعي ركوة طويلة، فاستبشع «9» منظري، ولم يلتفت إليّ.(74/223)
قال أبو الحسين الرازي «1» : وكان يوسف بن الحسين يقال: إنه أعلم زمانه بالكلام، وعلم الصوفية. فلمّا كان بعد أيام جاء إلى ذي النون رجل صاحب كلام، فناظر ذاالنون، فلم يقم ذو النون بالحجج عليه، فاجتذبته إليّ، وناظرته، فقطعته، فعرف ذو النون مكاني، فقام إلي وعانقني وجلس [بين يدي، وهو] «2» شيخ وأنا شاب، وقال: اعذرني فلم أعرفك، فعذرته، وخدمته سنة واحدة، فلمّا كان على رأس السنة قلت له: يا أستاذ، إني قد خدمتك، وقد وجب حقي عليك، وقيل لي: إنك تعرف اسم الله الأعظم، وقد عرفتني، ولا تجد له موضعا مثلي، فأحبّ أن تعلّمني إياه. قال: فسكت عني ذو النون، ولم يجبني، وكأنه أومأ إليّ أنه يخبرني، وتركني ستة أشهر بعد ذلك، ثم أخرج إلي من بيته طبقا ومكبة مشدودا في منديل- وكان ذو النون يسكن في الجيزة «3» - فقال: تعرف فلانا صديقنا من الفسطاط؟ قلت: نعم، قال: فأحبّ أن تؤدي هذا إليه. قال: فأخذت الطبق وهو مشدود، وجعلت أمشي طول الطريق وأنا متفكر فيه: مثل ذي النون يوجه إلى فلان بهدية! ترى أيش هي؟ قال: فلم أصبر إلى أن بلغت الجسر، فحللت المنديل، وشلت المكبة، فإذا فأرة، قفزت من الطبق، ومرّت. فاغتظت غيظا شديدا، وقلت: ذو النون يسخر بي، ويوجه مع مثلي فأرة إلى فلان!؟ فرجعت على ذلك الغيظ، فلمّا رآني عرف ما في وجهي، وقال: يا أحمق، إنما جرّبناك، ائتمنتك على فأرة فخنتني، أفأأتمنك على اسم الله الأعظم؟! وقال: مر عني فلا أراك شيئا آخر.
قال يوسف: وسمعت ذا النون يقول: من جهل قدره هتك ستره «4» .
وقال «5» : قلت لذي النون وقت مفارقتي له: من أجالس؟ فقال: عليك مجالسة من تذكّرك الله رؤيته، وتقع هيبته على باطنك، ويزيد في عملك منطقه، ويزهّدك في الدنيا عمله، ولا تعصي الله ما دمت في قربه، يعظك بلسان فعله، ولا يعظك بلسان قوله.
وقال: عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهر أمرك، وتبعثك على الخير صحبتة، وتذكر الله رؤيته.(74/224)
وقال يوسف «1» : قيل لذي النون: ما بال الحكمة لها حلاوة من أفواه الحكماء؟ قال:
لقرب عهدها بالربّ- عزّ وجل.
وقيل ليوسف بن الحسين: يا أبا يعقوب، هل لك همّ غد؟ قال: يا سيدي، من كثرة همومنا اليوم لا نفرغ لهم. فأجابه الجنيد: يكفي الحكيم من التنبيه أيسره فيعرف الكيف والتكوين والسببا
فكن بحيث مراد الحق منك ولا تزل مع القصد في التمكين منتصبا
إن السبيل إلى مرضاته نظر فما عليك له يرضى كما غضبا
ثم قال: من كان ظاهره عامرا فباطنه خراب، ومن كان ظاهره خرابا كان باطنه عامرا، والدليل عليه النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه.
قال أبو الحسين الدّرّاج «2» :
قصدت يوسف بن الحسين الرازي من بغداد، فلما دخلت الرّيّ سألت عن منزله، فكل من أسأل يقول «3» : أيش تفعل بذلك الزنديق؟ فضيّفوا صدري، حتى عزمت على الانصراف، فبتّ تلك الليلة في مسجد، ثم قلت: جئت هذا البلد، فلا أقلّ من زيارة! فلم أزل أسأل عنه حتى دفعت «4» إلى مسجده وهو قاعد في المحراب، بين يديه [رجل عليه] «5» يقرأ، وإذا هو شيخ بهي، حسن الوجه واللحية، فدنوت، فسلمت، فردّ السلام، وقال: من أين أنت؟ فقلت من بغداد، قصدت زيارة الشيخ. فقال: لو أن في بعض البلدان قال لك إنسان: أقم عندي حتى أشتري لك دارا وجارية أكان يمنعك عن زيارتي؟ فقلت: يا سيدي، ما امتحنني الله بشيء من ذلك، ولو كان لا أدري كيف كنت أكون، فقال: تحسن أن تقول شيئا؟ قلت: نعم، وقلت:
رأيتك تبني دائما «6» في قطيعتي ولو كنت ذا حزم لهدّمت ما تبني «7»(74/225)
فأطبق المصحف، ولم يزل يبكي حتى ابتلّ لحيته وثوبه، حتى رحمته من كثرة بكائه، ثم قال لي: يا بني «1» ، تلوم أهل الرّي في قولهم: يوسف بن الحسين زنديق؟ ومن «2» وقت الصلاة هو ذا أقرأ القرآن، لم يقطر من عيني قطرة، وقد قامت علي القيامة بهذا البيت:
وفي رواية:
قال: لما ورد على الجنيد رسالة يوسف بن الحسين، اشتقت إليه، فخرجت إلى الري، فلما دخلتها سألت عنه، فقالوا: إيش تعمل بذلك الزنديق. فلم أحضره، فلما وقع في قلبي الخروج من الري، قلت: لا بد أن ألقاه على أي حال، قال: فحضرت بابه، فلما دفعت الباب تغير عليّ حالي، فدخلت عليه، فإذا بين يديه رجل وعليه مصحف وهو يقرأ فيه، فقال لي: من أين أنت؟ قلت من بغداد، قال: لإيش جئت؟ قلت: جئت زائرا لك. فقال: أرأيت لو ظهر لك في بعض هذه البلدان التي جزت بها من يشتري لك فيها دارا وجارية ويقيم بكفايتك أكنت تقطع بذلك عني؟ قلت: يا سيدي ما ابتلاني الله بذلك، ولا ابتلاني الله أنه ما كنت أدري كيف يكون، قال: أقعد أنت عامل تحسن تقول شيئا؟ قلت: نعم. قال: هات، قل شيء «3» فقلت:
رأيتك تبني دائما في قطيعتي ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني
كأني بكم واللبث أفضل قولكم ألا ليتنا كنا «4» إذا اللبث لا يغني
قال: فبكى حتى رحمته، فلما سكن ما به قال: لا يا أخي لا تلم أهل الري على أن يسموني زنديقا، أنا من الغداة أقرأ في هذا المصحف، ما خرجت من عيني دمعة، وقد وقع فيما عنيت به ما رأيت.
قال يوسف بن الحسين:
أعزّ شيء في الدنيا الإخلاص، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي، فكأنه يلبث فيه على لون آخر.(74/226)
وقال «1» : فإذا رأيت المريد يشتغل بالرخص والكسب «2» فليس يجيء منه شيء.
وقال: ما صحبني متكبر قط إلّا اعتراني داؤه، لأنه يتكبّر، فإذا تكبر غضبت، فإذا غضبت أداني الغضب إلى الكبر، فإذا داؤه قد اعتراني.
وقال «3» : في الدنيا طغيانان: طغيان العلم، وطغيان المال، والذي ينجيك من طغيان العلم العبادة، والذي ينجيك من طغيان المال الزهد فيه.
وقال يوسف «4» : بالأدب يفهم العلم، وبالعلم يصح لك العمل، وبالعمل تنال الحكمة، وبالحكمة يفهم الزهد، ويوفق له، وبالزهد تترك الدنيا، وبترك الدنيا ترغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة تنال رضى الله- عزّ وجل.
وقيل ليوسف بن الحسين: لو تجملت قليلا، فقال: هو ذا يطاف على بابنا بالكيزان يتبرك بنا وبدعواتنا، وأنتم تدعوني إلى التجمل! وكان يقول: لأن ألقى الله بجميع معاصيّ أحب إليّ من أن ألقاه بذرّة من التصنّع.
قال أبو الحسن بن جهضم: حدّثنا أبو العباس أحمد بن طاهر الصباغ قال:
كان يوسف بن الحسين كثيرا ما يقول: إلهي توبة أو مغفرة، فقد ضاقت بي أبواب المعذرة، إلهي، خطيئتي خطيئة صمّاء، وعاقبتي عاقبة وهماء، فلا الخطيئة أحسن الخروج منها، ولا العاقبة أهتدي للرجوع إليها، ومن شأن الكرماء الرفق بالأسراء، وأنا أسير تدبيرك.
ثم يقول «5» :
وأذكركم «6» في السّرّ والجهر دائما «7» وإن كان قلبي في الوثاق أسير
لتعرف نفسي قدرة الخالق الذي يدبّر أمر الخلق وهو شكور(74/227)
وقال: الأنس مع الله نور ساطع، والأنس مع الناس سمّ ناقع.
وسئل عن الكرم والجود، فقال: الجود أن تتفضل بما لا يجب عليك، والكرم أن تتفضل بما يجب لك.
وقيل له: ما بال المحبين يتلذّذون بالذل في المحبة؟ فأنشأ يقول:
ذلّ الفتى في الحبّ مكرمة وخضوعه لحبيبه شرف
وقال: كنت عند ذي النون المصري يوما، فجاءه رجل، فقال: ما بال المحزون إذا تكامل حزنه لا تجري دموعه؟ فقال: إذا رقّ سلا، وإذا انجمد سجا «1» . ثم أطرق، ورفع رأسه يقول:
إذا رقّ قلب المرء درّت جفونه دموعا له فيها سلوّ من الكمد
وإن غصّ بالأشجان من طول حزنه علاه اصفرار اللّون في الوجه والجسدوأحمد حال الخائفين مقامهم على كمد يضني النفوس مع الكبد
لعمرك ما لذّ المطيعون لذة ألذّ وأحلى من مناجاة منفرد
قال أبو عبد الرّحمن السّلمي:
واعتل يوسف بن الحسين الرازي، فدخل عليه بعض إخوانه، فقال له: ما لك أيّها الشيخ، وما الذي تجد؟ ألا ندعو لك بعض هؤلاء الأطباء؟ فأنشأ يقول:
بقلبي سقام ما يداوى مريضه خفيّ على العوّاد باق على الدهر
هوى باطن فوق الهوى لج داؤه وأعيى رقي العزالى في السهر والجهر
بليت بجبار يجلّ عن المنى على رأسه تاج من التيه والكبر
قدير على ما شاء مني مسلّط جرى على ظلمي أمير على أمري
[قال أبو بكر الخطيب:] «2» [أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن علي الحيري، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال:
سمعت عبد الله بن عطاء يقول:] «3» «4»(74/228)
كان مرحوم الرازي يتكلم في يوسف بن الحسين، فانتبه «1» ليلة وهو يبكي، فقيل له:
ما لك؟ قال: رأيت كتابا نزل من السماء، فلمّا قرب من الخلق إذا فيه مكتوب بخط جليل:
هذه براءة ليوسف بن الحسين ممّا قيل فيه. فجاء إليه، فاعتذر.
وكان يوسف بن الحسين يقول: اللهم إنك تعلم أنّي نصحت الناس قولا، وخنت نفسي فعلا، فهب لي خيانة نفسي بنصيحتي للناس.
وحكي عنه أنه كان يتمثل كثيرا بهذا البيت:
سأعطيك الرّضى وأموت غمّا وأسكت لا أغمّك بالعتاب
قال أبو بكر بن أبي الدنيا:
كان آخر كلام يوسف بن الحسين: إلهي دعوت الخلق إليك بجهدي، وقصّرت نفسي بالواجب لنصيحتي للناس.
وحكي عنه أنه كان يتمثل كثيرا بهذا البيت:
سأعطيك الرّضى وأموت غمّا وأسكت لا أغمّك بالعتاب
قال أبو بكر بن أبي الدنيا:
كان آخر كلام يوسف بن الحسين: إلهي دعوت الخلق إليك بجهدي، وقصّرت نفسي بالواجب لملّقت لي بقولك: هبني لمن شئت من خلقك، اذهب فقد وهبتك لك.
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أخبرنا أحمد بن علي المحتسب حدّثنا الحسن بن الحسين بن حكمان الفقيه قال:
سمعت أبا الحسن علي بن إبراهيم بن ثابت البغدادي يقول:] «3» سمعت أبا عبد الله الخنقاباذي «4» يقول «5» :(74/229)
حضرنا يوسف بن الحسين الرازي وهو يجود بنفسه، فقيل له: يا أبا يعقوب قل شيئا. فقال: اللهم إني نصحت خلقك ظاهرا، وغششت نفسي باطنا، فهب لي غشي لنفسي لنصحي لخلقك، ثم خرجت روحه.
[أبو الحسين علي بن إبراهيم الرازي قال: حكى لي أبو خلف الوزان] عن يوسف بن الحسين أنه رئي في المنام فقيل له: ماذا فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني، فقيل: بماذا؟
قال: بكلمة أو كلمات قلتها عند الموت، قلت: اللهم إني نصحت الناس قولا، وخنت نفسي فعلا فهب خيانة فعلي لنصح قولي «1» .
[وقال: يتولد الإعجاب بالعمل من نسيان رؤية المنّة.
وقال: على قدر خوفك من الله يهابك الخلق، وعلى قدر حبك لله عز وجل يحبك الخلق، وعلى قدر شغلك بأمر الله يشتغل الله الخلق بأمرك.
وقال: علم القوم أن الله يراهم، واستحيوا من نظره أي يراعوا شيئا سواه] «2» .
قال الأستاذ أبو القاسم القشيري:
ورئي يوسف بن الحسين في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، فقيل:
بماذا؟ فقال: لأني ما خلطت جدا بهزل.
قال عبد الله بن عطاء «3» : مات يوسف بن الحسين سنة أربع وثلاثمائة.
[10184] يوسف بن الحكم بن أبي عقيل عمرو ابن مسعود بن عامر بن معتّب الثقفي
والد الحجاج بن يوسف الثّقفي. أصله من الطائف، وخرج منها في بعث مسلم بن
__________
[10184] ترجمته في تهذيب الكمال 20/480 وتهذيب التهذيب 6/258 والجرح والتعديل 9/220 والتاريخ الكبير 8/376.(74/230)
عقبة إلى المدينة «1» ، ثم رجع إلى دمشق، وخرج مع مروان بن الحكم منها إلى مصر.
ووجهه مروان في جيش حبيش بن دلجة القيني فأسر بالرّبذة «2» ، ومعه ابنه الحجاج بن يوسف، فهربا سالمين «3» ، وأقاما بدمشق حتى بعث عبد الملك ابنه الحجاج إلى قتال عبد الله بن الزبير.
حدّث عن محمّد بن سعد بن أبي وقاص، وقيل عن سعد نفسه.
روى عنه محمّد بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثّقفي. [وكعب بن علقمة] «4» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «5» :
[يوسف بن الحكم أبو الحجاج بن يوسف، وهو يوسف بن أبي عقيل الثّقفي قاله ابن أبي أويس يحدث عن محمّد بن سعد، وروى الزهري عن محمّد بن أبي سفيان عن يوسف] «6» .
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «7» :
[يوسف بن الحكم والد الحجاج بن يوسف، وهو يوسف بن أبي عقيل الثقفي روى عن محمد بن سعد بن أبي وقاص. روى عنه محمد بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية سمعت أبي يقول ذلك.
نا محمّد بن عوف الحمصي قال قال عبد الله بن صالح- كاتب الليث- حدثني حرملة بن عمران عن كعب بن علقمة قال: كان يوسف والد الحجاج بن يوسف فاضلا من خيار المسلمين] «8» .(74/231)
قال أبو سعيد «1» بن يونس: يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثّقفي من أهل الطائف. قدم مصر مع مروان بن الحكم سنة خمس وستين، ومعه ابنه الحجاج بن يوسف. وكان يوسف بن أبي عقيل فاضلا، وقيل: إنه شهد فتح مصر، واختط بها- وقيل: وإن خطته مع ثقيف في السراجين وإنه أقام بمصر، وولد له بها ابنه الحجاج بن يوسف، وخرج به صغيرا إلى الشام، ثم قدم مع مروان ابن الحكم حين قدم مصر لحرب أهلها سنة خمس وستين، ولم أزل أسمع شيوخ العامة بمصر تقول: هذه الغرفة التي ولد فيها الحجاج، يعنون الغرفة التي على درب السراجين على باب الدار التي بجانب الدرب مما يلي باب مهرة، على بابها يعمل سيور الركب وكان يوسف بن أبي عقيل حين قدم مع مروان بن الحكم نزل على حبيب بن أوس الثقفي.
قال عبد الله بن صالح حدّثني حرملة بن عمران عن كعب بن علقمة قال:
كان يوسف بن الحكم أبو الحجاج فاضلا، من خيار المسلمين. فبينا هو وأبوه في مجلس في المسجد فيه عمرو بن سعيد بن العاص، فمرّ بهم سليم بن عتر «2» ، وكان قاضي الجند، وكان من خير التابعين، فقال الحجاج: أما لو أجد هذا خلف هذا الحائط، وكان لي عليه سلطان، لضربت عنقه، إنّ هذا وأصحابه يثبّطون عن طاعة الولاة، فشتمه والده، ولعنه، وقال له: تسمع القوم يذكرون عنه خيرا ثم تقول ما تقول؟ أما والله إن رأيي فيك أنك لا تموت إلّا جبّارا شقيا.
قال أحمد بن عبد الله العجلي «3» :
يوسف بن الحكم أبو الحجاج بن يوسف [الثّقفي] «4» ثقة، وإنّما روى حديثا واحدا عن محمّد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلّم: «من أراد هوان قريش أهانه الله» «5»
[14433] .(74/232)
قال عوانة بن الحكم:
أتي الحجاج برجلين من الخوارج، فقال لأحدهما: ما دينك؟ قال: دين إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، قال: يا حرسيّ اضرب عنقه. ثم قال للآخر: ما دينك؟ قال:
دين الشيخ يوسف بن الحكم- يعني أبا الحجاج- قال: ويحك! اخترته، لقد كان صوّاما قواما، يا حرسيّ، خلّ عنه. قال: ويحك يا حجاج، أسفهت نفسك «1» ، وأثمت بربّك؟ قتلت رجلا على دين إبراهيم، وقد قال تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ
«2» [سورة البقرة، الآية: 130] قال: أبيت؟! يا حرسيّ اضرب عنقه، فانطلق به، فأنشأ يقول:
سبحان ربّ قد يرى ويسمع وقد مضى في علمه ما يصنع
ولو يشا في ساعة بل أسرع فيرسلن عليك نارا تسطع
فيترك السرير منك بلقع «3»
فضربت عنقه.
قال علي بن أبي حملة:
شهد الحجاج مع أبيه الحرّة مع بعث مسلم بن عقبة.
قال الزبير: حدّثني محمّد بن الضحاك عن أبيه قال «4» :
كان الحجاج بن يوسف وأبوه في جيش حبيش بن دلجة لقي حنتف بن السجف «5» بالربذة، فهرب ذلك يوم حجاج وأبوه مترادفين على فرس.(74/233)
قال الزبير: وحدّثني هشام بن إبراهيم قال:
لمّا حصر الحجاج ابن الزبير، وأخذ عليه بجوانب مكة أرسل إلى أصحاب مسالحه جميعا يوصيهم بالاحتفاظ من ابن الزبير لا يهرب، وبلغ ذلك ابن الزبير فقال: يحسبني مثله الفرار بن الفرار «1» !.
[10185] يوسف بن دوناس بن عيسى أبو الحجاج المغربي الفندلاوي الفقيه المالكي
قدم الشام حاجا، فسكن بانياس مدة، وكان خطيبا بها، ثم انتقل إلى دمشق واستوطنها، ودرّس بها مذهب مالك، وحدّث بالموطّأ، وبكتاب التلخيص لأبي الحسن القابسي. علقت عنه أحاديث يسيرة.
كان شيخا حسن المفاكهة «2» حلو المحاضرة، شديد التعصّب لمذهب أهل السنّة، كريم النفس، مطّرحا للتكلف، قويّ القلب.
سمعت أبا تراب بن قيس بن حسين البعلبكّي يذكر:
أنه كان يعتقد اعتقاد الحشوية «3» ، وأنّه كان شديد البغض ليوسف الفندلاوي لما كان يعتمده من الردّ عليهم، والتنقّص لهم، وأنه خرج إلى الحجاز، وأسر في الطريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدة يلقى إليه ما يأكل، وأنه أحسّ ليلة بحسّ، فقال:
من أنت؟ فقال: ناولني يدك، فناوله يده، فأخرجه من الجبّ، فلما طلع إذا هو الفندلاوي، فقال: تب مما كنت عليه، فتاب، وصار من جملة المحبين له.
__________
[10185] ترجمته في معجم البلدان 4/277 واللباب 2/442 والعبر 4/120 وسير أعلام النبلاء 20/209 والنجوم الزاهرة 5/282 وشذرات الذهب 4/136 وذيل ابن القلانسي ص 464 والبداية والنهاية 8/366 (وفيات سنة 543) . و «دوناس» تحرفت في معجم البلدان والنجوم الزاهرة إلى: درناس بالراء، وفي شذرات الذهب:
دوباس، بالباء، وفي البداية والنهاية: دوباس أيضا. والفندلاوي ضبطت في اللباب بكسر الفاء وتسكين النون وفتح الدال المهملة نسبة إلى فندلاو. قال ياقوت: أظنه موضعا في المغرب تصحفت في شذرات الذهب والبداية والنهاية إلى: القندلاوي، بالقاف. انظر اللباب ومعجم البلدان.(74/234)
وكان ليلة الختم في شهر رمضان يخطب خاطب في حلقته بالمسجد الجامع، ويدعو بدعاء الختم، وعنده الشيخ أبو الحسن علي بن المسلم «1» ، فرماهم بعض من كان خارج الحلقة بحجر، فلم يعرف من هو لكثرة من حضر، فقال الفندلاوي: اللهم اقطع يده. فما مضى إلّا يسير حتى أخذ خضير الركابي من حلقة الحنابلة، ووجد في صندوقه مفاتيح كثيرة قد أعدها لفتح الأبواب للتلصص «2» ، فأمر شمس الملوك «3» بقطع يديه، ومات من ذلك «4» .
قتل الفندلاوي- رحمه الله- يوم السبت السادس من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة بالنّيرب «5» تحت الرّبوة. وكان قد خرج مجاهدا للفرنج- خذلهم الله- وفي هذا اليوم نزلوا على دمشق حماها الله «6» ، ورحلوا بكرة يوم الأربعاء الذي يليه بعد أربعة أيام من نزولهم، وكان نزولهم بأرض قينية»
، وكان رحيلهم لقلة العلوفة، والحذر من العساكر المتواصلة لنجدة أهل دمشق من الموصل وحلب- ودفن تحت الرّبوة على الطريق، ثم نقل إلى مقبرة الباب الصغير، فدفن بها، وكان خروجه إليهم راجلا.
فبلغني أن الأمير أمر «8» المتولي لقتالهم ذلك اليوم لقيه قبل أن يتلاقوا وقد لحقه مشقة من المشي، فقال له: أيها الشيخ الإمام، ارجع، فأنت معذور للشيخوخة، فقال: لا أرجع، بعنا واشترى منا، يريد قول الله عزّ وجل إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] [سورة التوبة، الآية: 111] فما انسلخ النهار عنه حتى حصل له ما تمنى من بلوغ الشهادة التي توصله إلى ما يرجو من السعادة. قال أحمد بن محمّد القيرواني:(74/235)
رأيت الشيخ الإمام حجة الدين في المنام جالسا في مكانه الذي كان يدرس فيه بالجامع، فأقبلت إليه وقبّلت يده، فقبّل رأسي، وقلت له: يا مولاي الشيخ، والله ما نسيتك، وما أنا فيك إلا كما قال الأول:
فإذا نطقت فأنت أوّل منطقي وإذا سكتّ فأنت في إضماري
فقال لي: بارك الله فيك. ثم قلت له: يا مولاي الشيخ الإمام، أين أنت؟ فقال: في جنات عدن، عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ
«1» [سورة الحجر، الآية: 47] .
[10186] يوسف بن رباح بن علي ابن موسى بن رباح بن عيسى بن رباح أبو محمّد البصري المعدل
سمع بدمشق مع أبيه: عبد الوهاب بن الحسن، وبمصر: الحسن بن إسماعيل الضراب وغيره، وببغداد: أبا القاسم بن حبابة، وأبا طاهر المخلص، وابن أخي ميمي، وغيرهم، وبالبصرة: طاهر بن لبوة، ومحمّد بن العوام السيرافي، صاحب أبي خليفة الجمحي.
روى عنه: أبو طاهر الباقلاني، وأبو بكر الخطيب.
ووجدت سماعه بدمشق على بعض أصول عبد الوهّاب مع أبيه وأخويه علي والحسين.
قال الخطيب «2» : [يوسف بن رباح بن علي بن موسى بن رباح بن عيسى بن رباح أبو محمّد الشاهد البصري قدم بغداد وحدّث بها] «3» .
كتبنا عنه وكان سماعه صحيحا، ويقال: إنه كان معتزليا، وأقام ببغداد ثم خرج إلى الأهواز، فولي القضاء ومات بها، وبلغتنا وفاته في شعبان من سنة أربعين وأربعمئة.
__________
[10186] ترجمته في تاريخ بغداد 14/328.(74/236)
قال ابن ماكولا في باب رباح «1» : [أما رباح] «2» بفتح الراء والباء المعجمة بواحدة:
يوسف بن رباح [بن علي البصري، روى عن محمّد بن العوام السيرافي صاحب أبي خليفة] «3» وسمع بمصر الأذني والمهندس وغيرهما، وكان أحد شهود عمي، وكان يغشانا كثيرا ويبيت عندنا [وجالسته] ولم أسمع منه شيئا.
[10187] يوسف بن رمضان بن بندار أبو المحاسن الفقيه الشافعي كان أبوه قرقوبيا من أهل مراغة «4» . وولد يوسف بدمشق، وخرج منها بعد البلوغ إلى بغداد، وتفقه بها. ثم صحب الشيخ أسعد الميهني «5» ، وأعاد له بعض دروسه. ثم ولي تدريس المدرسة النظامية ببغداد مدة. وبنيت له مدرسة بباب الأزج فكان يذكر فيها الدرس ومدرسة أخرى عند الطيوريين ورحبة الجامع، وانتهت إليه رئاسة أصحاب الشافعي ببغداد في وقته.
وحدّث بشيء يسير عن أبي البركات هبة الله بن أحمد بن محمّد البخاري البزاز صاحب أبي طالب بن غيلان، وحدّث بكتاب الوجيز في التفسير تصنيف أبي الحسن الواحدي عن شيخنا أبي سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن عنه وعقد مجلس التذكير ببغداد وأنا بها، وحضرت مجلسه فلم يكن فيه بالمجيد، فتركته. وكان يناظر مناظرة حسنة، وكانت فيه صلابة في الاعتقاد. وأرسله الخليفة المستنجد بالله رسولا، فأدركته وفاته وهو في الرسالة في شوال سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وجاءنا نعيه إلى دمشق فصلي عليه بعد صلاة الجمعة صلاة الغائب، وعقد له العزاء في المسجد الجامع وحضره الأعيان والأئمة ولم يخلف بعده في العراق لأصحاب الشافعي- رضي الله عنه- مثله.
__________
[10187] ترجمته في ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي ص 382 رقم 1428 وسمى أباه عبد الله.(74/237)
[10188] يوسف بن الزبير المكي مولى عبد الله بن الزبير، ويقال: مولى الزبير
حكى عن عبد الله بن الزبير، ويزيد بن معاوية، وعبد الملك بن مروان، وكان يقرأ الكتب.
روى عنه مجاهد، وبكر بن عبد الله المزني.
وذكر أبو محمّد عبد الله بن سعد القطربلي فيما قرأته بخطّه قال:
روى حفص بن عمر حدّثنا حماد بن سلمة أخبرني حميد، عن بكر بن عبد الله المزني عن يوسف بن الزبير، وكان رضيع عبد الملك بن مروان، قال «1» : إني إلى جنب عبد الملك بن مروان، وهو تحت منبر يزيد بن معاوية، ويزيد بن يوصي مسلم بن عقبة، وحصين بن نمير، ويتقدم إليهما في قتال ابن الزبير، ويقول: قاتلاه، ثم قاتلاه، ثم قاتلاه، فإن لجأ إلى الكعبة فخرّباها عليه. قال: فرأيت عبد الملك يبكي وهو يقول: يا أمير المؤمنين، اتّق الله، ولا تحلّ حرم الله، قال: فلمّا انصرفناقلت له: أنت القائل لأمير المؤمنين كذا وكذا! والله لا يحلّ حرم الله، ولا يحرّق الكعبة غيرك. فقال: أعوذ بالله من هذا، ما أنا وهذا!؟ لا تزال تجيء بالشيء لا أدري ما هو. قلت: أنت والله صاحبها لا يزيد. قال: فو الله ما عبرت أيام قلائل وأنا تحت منبره وهو يعهد إلى الحجاج بن يوسف، ويقول: ائت ابن الزبير فقاتله، ثم قاتله، ثم قاتله. ثم إن لجأ إلى الكعبة فحرّقها عليه. قال:
قلت: ألا تذكر يوم يزيد؟ فقال: دعني منك، فو الله لقد كان مني يومئذ الجد، وإنه مني الجد.
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» : [يوسف بن الزبير، مولى ابن الزبير عن ابن الزبير، روى عنه مجاهد، وقال عبد العزيز عن منصور عن مجاهد عن مولى لابن الزبير، يقال له يوسف بن الزبير، أو الزبير بن يوسف] «3» .
__________
[10188] ترجمته في تهذيب الكمال 20/484 وتهذيب التهذيب 6/460 والجرح والتعديل 9/222 والتاريخ الكبير 8/372 وميزان الاعتدال 4/465.(74/238)
[قال أبو محمّد بن أبي حاتم] «1» :
[يوسف بن الزبير، مولى عبد الله بن الزبير المكي، كان يقرأ الكتب، روى عن عبد الله بن الزبير، روى عنه مجاهد، سمعت أبي يقول ذلك] «2» .
[وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال ابن جرير: مجهول لا يحتج به] «3» .
[قال الذهبي] «4» :
[له حديث في النسائي، أخبرناه ابن عساكر عن أبي روح، أخبرنا تميم، أخبرنا أبو سعد، أخبرنا ابن حمدان، أخبرنا أبو يعلى حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا جرير، عن منصور عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير قال:
كانت لزمعة جارية يطؤها، وكانت تظن برجل يقع عليها، فمات زمعة وهي حبلى فولدت غلاما يشبه الرجل الذي كانت تظن به، فذكرته سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «أما الميراث فله، وأما أنت فاحتجبي منه فإنه ليس لك بأخ» ] «5» .
[10189] يوسف بن سابور الأبلي
سمع سعيد بن المسيب.
روى عنه الزهري أو يونس بن يزيد الأيلي.
وقدم الشراة من أعمال دمشق «6» .
__________
[10189] ترجمته في التاريخ الكبير 8/33 والجرح والتعديل 9/223.والأيلي بفتح الهمزة وسكون الياء بلدة على ساحل بحر القلزم مما يلي ديار مصر (الأنساب) .(74/239)
قال البخاري «1» :
يوسف بن سابور أنه كان بضاعته مع ناس من قومه بالشراة «2» أنباط «3» في القمح والشعير، فإذا جاءهم يتقاضاهم أطعموه قال: فقدمت المدينة، فسألت سعيد بن المسيب، فقال: لا تأكلوا ما كان عليهم حق، وقال عبد الله يعني ابن صالح حدّثني الليث حدّثني يونس عن ابن شهاب حدّثني يوسف.
قال ابن أبي حاتم «4» :
يوسف بن سابور، ويقال ابن «5» شابور، من أهل أيلة، قدم المدينة، روى عن سعيد بن المسيب، روى عنه يونس بن يزيد. وروى بعضهم عن الليث عن يونس بن يزيد عن الزهري عنه.
سمعت أبي يقول: الصحيح عندي يونس بن يزيد عن يوسف نفسه سمعت أبي يقول ذلك.
[10190] يوسف بن سعيد بن مسلّم أبو يعقوب المصيصي
قدم دمشق وسمع بها أبا مسهر، وهشام بن عمار، ومحمّد بن المبارك الصوري، وخالد بن يزيد القسري، وحدّث عنهم وعن حجاج بن محمّد المصيصي الأعور، وعلي بن بكار، ومحمّد بن كثير، وهوذة بن خليفة، ومحمّد بن مصعب القرقساني، وأبي نعيم الفضل بن دكين وغيرهم.
روى عنه أبو عبد الرّحمن النسائي في سننه، وأبو بكر بن زياد النيسابوري الفقيه، وأبو
__________
[10190] ترجمته في تهذيب الكمال 20/488 وتهذيب التهذيب 6/261 واللباب 3/221 والجرح والتعديل 9/224 وتذكرة الحفاظ 2/583 وسير أعلام النبلاء 12/622 وشذرات الذهب 2/162. ومسلم بفتح اللام، كما في الخلاصة، وذكره الدارقطني في باب مسلّم بالتشديد.(74/240)
عوانة الإسفرايني، ويحيى بن محمّد بن صاعد، ومحمّد بن الربيع بن سليمان الجيزي وغيرهم.
قال ابن أبي حاتم «1» :
[يوسف بن سعيد بن مسلّم المصيصي روى عن علي بن بكار وحجاج بن محمّد وبشر بن المنذر] «2» كان بالمصيصة ولم أدخل المصيصة ولم نكتب عنه ثم كتب إلى أبي وأبي «3» زرعة وإليّ ببعض حديثه، وهو صدوق ثقة.
وقال النسائي: هو حافظ ثقة «4» .
وذكره الدارقطني في باب مسلّم- بالتشديد- وقال: حدّثنا عنه جماعة من شيوخنا «5» .
[قال الذهبي] «6» :
[ولد سنة نيف وثمانين ومئة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين ومئتين، من أبناء التسعين] «7» .
[10191] يوسف بن السفر بن الفيض أبو الفيض كاتب الأوزاعي
روى عن الأوزاعي، ومالك بن أنس، وبكر بن خنيس.
روى عن هشام بن عمار، والعباس بن الوليد بن مزيد، وبقية بن الوليد، ومحمّد بن مصفى، ومحمّد بن وزير، والمسيب بن واضح، وسليمان بن عبد الرّحمن ابن بنت شر حبيل، وعبد الوهّاب بن نجدة، وهشام بن خالد الأزرق وغيرهم.
__________
[10191] ترجمته في ميزان الاعتدال 4/366 والجرح والتعديل 9/223 والتاريخ الكبير 8/387 وفيه: ابن أبي السفر، والكامل لابن عدي 7/162 ولسان الميزان 6/322. وبن السفر: زيد بعدها في مختصر أبي شامة:
بالسين المهملة وإسكان الفاء.(74/241)
قال البخاري ومسلم والدارقطني: هو منكر الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون.
وقال محمّد بن أحمد بن حماد:
أبو الفيض يوسف بن السفر كذاب.
قال أبو أحمد بن عدي «1» :
هذه الأحاديث التي رواها يوسف عن الأوزاعي بواطيل كلها.
قال أبو أحمد الحاكم:
روى عن الأوزاعي أحاديث شبيهة بالموضوعة.
قال سليمان بن عبد الرّحمن: حدّثنا الوليد قال: ما أثبت الأوزاعي قط إلّا وحدثنا يوسف بن السفر عنده.
وقد روى عن الأوزاعي أنه نفى مجالسته له.
قال أبو زرعة: حدّثنا أبو مسهر قال: قيل للأوزاعي: ابن السفر يحدث عنك. قال:
كيف وليس يجالسني. قال أبو زرعة: هذا متروك الحديث «2» . قال العباس بن الوليد: قال عقبة: قلت للأوزاعي يوسف بن السفر وابن أبي العشرين، قال: أما يوسف فما وطىء لي أسكفة «3» باب قط، وأما ابن أبي العشرين فإنما نحتاج إليه لخطه.
قال حنبل بن إسحاق: سمعت يحيى بن معين يقول: قال أبو مسهر: كان ابن أبي السفر كذابا.
قال ابن عدي «4» : حدّثنا ابن حماد، حدّثني سعد بن محمّد البيروتي قال: سمعت إنسانا قال لدحيم: ما تقول في يوسف بن السفر الذي روى عن الأوزاعي، وكان ينزل بيروت، قال: لا في السماء ولا في الأرض.(74/242)
وفي رواية: ليس بشيء.
وقال إبراهيم ... «1» كان يكذب. قال أبو حاتم الرازي: هو ضعيف الحديث، وقال أيضا: هو منكر الحديث جدا، وسئل عنه أبو زرعة، فقال: ذاهب الحديث «2» .
[قال ابن أبي حاتم] «3» :
[يوسف بن السفر أبو الفيض الشامي كاتب الأوزاعي روى عن الأوزاعي روى عنه بقية بن الوليد، سمعت أبي يقول ذلك.
حدّثني أبي قال: سمعت دحيما يقول: يوسف بن السفر ليس بشيء] «4» .
قال يعقوب بن سفيان: لا يكتب حديثه إلّا للمعرفة.
وقال النسائي والدارقطني: هو متروك الحديث.
وقال البرقاني: هو متروك، يكذب.
وقال أبو بكر البيهقي: هو في عداد من يضع الحديث «5» .
[قال البخاري] «6» :
[يوسف بن أبي السفر أبو الفيض كاتب الأوزاعي الشامي، منكر الحديث] «7» .
[10192] يوسف بن العباس أبو يعقوب البصري
قدم دمشق.
وسمع بها سنة اثنتين وثمانين وأربعمئة أبا روح ياسين بن سهل بن محمّد الصوفي.(74/243)
حكى عنه أبو القاسم ابن صابر، ووصفه بالشيخ الزاهد.
قال: وكان شيخا دينا صالحا.
[10193] يوسف بن عبد الله بن سلام ابن الحارث أبو يعقوب المدني
له رؤية، ولأبيه صحبة.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم حديثين. وروى عن عمار، وعلي، وأبيه، وأبي الدرداء.
وشهد مؤتة بدمشق. وخويلة بنت مالك بن ثعلبة من الصحابة، وجدته أم معقل.
روى عنه: عمر بن عبد العزيز، ومحمّد بن المنكدر، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم.
قال: رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلّم أخذ كسرة من خبز شعير، فوضع عليها تمرة، وقال: «هذه إدام هذه» ، فأكلها صلى الله عليه وسلّم «1» ، أكرم الخلق على ربّه
[14434] .
وقال: صحبت أبا الدّرداء أتعلّم منه، فلمّا حضرته الوفاة قال: آذن الناس بموتي، فآذنت الناس بموته، وجئت وقد امتلأت الدار، فقال: أخرجوني، فأخرجناه، قال:
أجلسوني، فأجلسناه، فذكر حديثا. وقال: أتيت أبا الدّرداء، وكان في مرضه الذي قبض فيه، فقال لي: يابن أخي، ما أعلمك إلى هذا البلد؟ وما جاء بك؟ قلت: صلة «2» ما كان بينك وبين والدي عبد الله بن سلام، فقال أبو الدّرداء: بئس ساعة الكذب هذه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «من توضّأ فأحسن الوضوء، ثم قام، فصلّى ركعتين، أو أربع ركعات، مكتوبة، أو غير مكتوبة، تمّ فيها الركوع والسجود- وفي رواية: يحسن فيهما الركوع والسجود- ثم يستغفر الله إلّا غفر له»
[14435] .
__________
[10193] ترجمته في تهذيب الكمال 20/491 وتهذيب التهذيب 6/262 وأسد الغابة 4/753 والإصابة 3/671 والاستيعاب 3/679 هامش الإصابة التاريخ الكبير 8/371 والجرح والتعديل 9/225.(74/244)
قال ابن سعد: في الطبقة الخامسة من أهل المدينة «1» :
يوسف بن عبد الله بن سلام، وهو رجل من بني إسرائيل من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليهم. وكان يوسف ثقة. وله أحاديث صالحة وكان يروي عن جدته أم معقل.
قال يوسف بن عبد الله بن سلام «2» :
سمّاني رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوسف، وأقعدني في حجره، ومسح برأسي- وفي رواية:
ومسح على رأسي- ودعا لي بالبركة.
قال أبو زرعة الدمشقي، حدّثنا خلف بن هشام، حدّثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد قال:
غدوت على يوسف بن عبد الله بن سلام في يوم عيد، فقلت له: كيف كانت الصلاة على عهد عمر؟ قال: كان يبدأ بالخطبة قبل الصلاة. قال أبو زرعة: فعرضته على يحيى بن معين فلم يعرفه.
قال أبو زرعة: وهو من حسان ما حدث به يحيى بن سعيد.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: يوسف بن عبد الله بن سلام، مدني، تابعي، ثقة.
كان يوسف بن عبد الله بن سلام ثقة، ومات في خلافة عمر بن عبد العزيز.
[قال خليفة بن خياط] «3» :
[ومن موالي بني هاشم بن عبد مناف: يوسف ومحمّد ابنا عبد الله بن سلام] «4» .
[قال البخاري] «5» :
[يوسف بن عبد الله بن سلام، قال عمر بن حفص بن غياث نا أبي عن محمّد بن أبي يحيى عن يزيد الأعور ابن أبي أمية عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: رأيت(74/245)
النبي صلى الله عليه وسلّم أخذ كسرة من شعير فوضع عليها تمرة، فقال: «هذه إدام هذه» ، فأكلها.
حدّثني به عمر بن حفص قال: حدّثني أبي روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري] «1» .
[قال ابن أبي حاتم] «2» :
[يوسف بن عبد الله بن سلام المديني أبو يعقوب، رأى النبي صلى الله عليه وسلّم وليست له صحبة، روى أن النبي صلى الله عليه وسلّم أخذ تمرة، وكان البخاري قال في كتابه إن له صحبة. سمعت أبي يقول:
ليست له صحبة له رؤية، وروى عن عثمان رضي الله عنه، روى عنه ابن المنكدر، وعمر بن عبد العزيز، ويحيى بن أبي الهيثم، ويزيد بن أبي أمية الأعور، والنضير بن قيس، سمعت أبي يقول ذلك] «3» .
قال خليفة بن خياط: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.
[قال أبو أحمد الحاكم: كناه الواقدي أبا يعقوب] «4» .
قال ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة:
يوسف بن عبد الله بن سلام يكنى أبا يعقوب، روى عن عثمان.
قال ابن البرقي: ومن قريظة والنضير ومما خلط الأوس وهما أخوان قريضة والنضير ابنا الخزرج، ورفع في نسبهما إلى عازر بن عزرا ثم قال: أخبرنا بنسبه ابن هشام: عبد الله بن سلام ويوسف بن عبد الله بن سلام.
قال أبو القاسم البغوي وأبو الحسن الدارقطني وغيرهما: روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم أحاديث.
[10194] يوسف بن عبد العزيز بن علي بن عبد الرّحمن أبو الحجاج اللّخمي الميورقي الأندلسي الفقيه المالكيّ
رحل إلى بغداد، وتفقّه بها مدة وعلق عن الإمام الكيا، وقدم علينا دمشق سنة خمس
__________
[10194] ترجمته في معجم البلدان 5/246. والميورقي: هذه النسبة إلى ميورقة، بالفتح ثم الضم وسكون الواو والراء، جزيرة في شرقي الأندلس بالقرب منها جزيرة يقال لها منورقة (معجم البلدان المصدر نفسه) .(74/246)
وخمسمئة وحدثنا بها عن أبي [بكر] «1» أحمد بن علي بن بدران الحلواني، وأبي الخير المبارك بن الحسين بن أحمد الغسال «2» المقري، وأبي الغنائم محمّد بن علي بن ميمون النرسي، وأبي الحسين بن الطيوري.
وعاد إلى الإسكندرية ودرس بها مدة، وانتفع به جماعة.
[10195] يوسف بن عروة بن عطية السعدي
من أهل دمشق، ولي إمرة مكة لمروان بن محمّد، ولم يزل عليها حتى جاءت بيعة أبي العباس «3» .
[10196] يوسف بن علي أبو القاسم الهذلي المغربي المقرىء
صاحب كتاب الكامل في القراءات.
لم يذكره الحافظ أبو القاسم «4» .
[10197] يوسف بن عمر بن محمّد ابن الحكم بن أبي عقيل الثّقفيّ
ابن ابن عم الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل. ولي اليمن لهشام بن عبد الملك، ثم ولاه العراقين. وأقرّه الوليد بن يزيد. ووفد على الوليد، وطلب أن يضمّ إليه خراسان، ففعل. وكانت له بدمشق دار بناحية سوق الغزل العتيق.
بلغني أنّ يوسف بن عمر كان قد أخذ مع آل الحجاج ليعذّب، ويطلب منه المال،
__________
[10197] انظر أخباره في تاريخ الطبري (الفهارس) ، والكامل لابن الأثير (الفهارس) وتاريخ الإسلام (121- 140) ص 315 ووفيات الأعيان 7/101 والتنبيه والأشراف ص 281 وشذرات الذهب 1/172 وتاريخ خليفة (الفهارس) وأنساب الأشراف 9/100 وما بعدها.(74/247)