فأما حديث أبي يعلى: فأخبرتنا به أم المجتبى العلوية قالت قرئ على إبراهيم بن منصور أنا أبو بكر بن المقرئ نا أبو يعلى الموصلي نا إسماعيل بن عبد الله بن خالد القرشي نا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال: خطب معاوية أم الدرداء فأبت أن تزوجه قالت سمعت أبا الدرداء يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " المرأة لآخر أزواجها " ولست أريد بأبي الدرداء بدلا
[13847] وأما حديث العباس: فأخبرناه أبو بكر بن المزرفي (1) نا أبو الحسين محمد بن علي أنا أبو أحمد محمد ابن عبد الله بن أحمد نا محمد بن سعيد بن عبد الرحمن نا العباس بن صالح بن مساور الحراني نا أبو عبد الله السكري إسماعيل بن عبد الله بن خالد نا أبو المليح عن ميمون ابن مهران قال (2) : خطب معاوية أم الدرداء فأبت أن تزوجه وقالت سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " المرأة في آخر أزواجها " أو قال " لآخر أزواجها " أو كما قالت (3) ولست أريد بأبي الدرداء بدلا أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ ح (4) وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ وأبو بكر اللفتواني قالا أنا أبو محمد التميمي قالا: أنا أبو الحسين بن بشران العدل أنا إسماعيل بن محمد الصفار نا سعدان بن نصر نا أبو معاوية عن عمرو بن ميمون بن مهران (5) عن أبيه عن أم الدرداء قالت قال لي أبو الدرداء (6) : لا تسألي أحدا شيئا فقلت إن احتجت؟ قال تتبعي الحصادين فانظري ما يسقط منهم فخذيه فاخبطيه ثم اطحنيه ثم اعجنيه ثم كليه ولا تسألي أحدا شيئا
_________
(1) بالاصل: المرزقي ومثله في " ز "
تصحيف
(2) رواه ابن الجوزي في صفة الصفوة من طريق ميمون بن مهران 4 / 297
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي صفة الصفوة: وكما قال
(4) حرف التحويل زيد عن " ز "
(5) من طريقه رواه الذهبي في سير الاعلام 2 / 278
(6) قوله: " قالت: قال لي أبو الدرداء " سقط من " ز "(70/155)
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو الميمون نا أبو زرعة (1) حدثني الوليد بن عتبة (2) نا الوليد بن مسلم أنا ابن (3) ثوبان عن أبيه عن مكحول قال كانت أم الدرداء فقيهة (4) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد أنا أبو منصور النهاوندي أنا أبو العباس أنا ابن الأشقر نا البخاري نا أبو نعيم نا سفيان عن ثور (5) عن مكحول قال كانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل وكانت فقيهة أخبرنا أبو محمد (6) عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم أنا سهل بن بشر أنا علي بن منير بن أحمد أنا محمد بن أحمد (7) بن عبد الله الذهلي نا جعفر بن محمد بن الحسن نا الوليد بن عتبة الدمشقي نا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي (8) عن جسر بن الحسن عن عون بن عبد الله قال: جلسنا إلى أم الدرداء فقلنا لها أمللناك فقالت أمللتموني لقد طلبت العبادة في كل شئ فما أصبت (9) لنفسي شيئا أشفى من مجالسة العلماء ومذاكرتهم ثم اجتنبت (10) وأمرت رجلا يقرأ فقرأ " ولقد وصلنا لهم القول " (11) أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه أنا أبو نعيم الحافظ نا أبو محمد بن حيان نا أحمد بن نصر نا أحمد بن كثير نا يزيد بن هارون نا المسعودي (12) عن عون بن عبد الله قال (13) :
_________
(1) بالاصل: المرزقي ومثله في " ز "
تصحيف
(2) رواه ابن الجوزي في صفة الصفوة من طريق ميمون بن مهران 4 / 297
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي صفة الصفوة: وكما قال
(4) حرف التحويل زيد عن " ز "
(5) من طريقه رواه الذهبي في سير الاعلام 2 / 278
(6) قوله: " قالت: قال لي أبو الدرداء " سقط من " ز "(70/156)
كنا نأتي أم الدرداء فنذكر الله عندها قال فاتكأت ذات يوم فقيل لها لعلنا أن نكون قد أمللناك يا أم الدرداء فجلست فقالت أزعمتم أنكم قد أمللتموني وقد طلبت العبادة بكل شئ فما وجدت شيئا أشفى لصدري ولا أحرى أن أدرك ما أريد من مجالسة أهل الذكر أخبرنا أبو منصور بن زريق أنا وأبو الحسن بن سعيد نا أبو بكر الخطيب (1) أنا الحسن بن علي التميمي أنا أحمد بن جعفر بن حمدان نا عبد الله بن أحمد حدثتني خديجة أم محمد سنة ست وعشرين ومائتين وكانت تجئ إلى أبي تسمع منه ويحدثها قالت نا إسحاق الأزرق نا المسعودي عن عون بن عبد الله قال كنا نجلس إلى أم الدرداء فنذكر الله عندها فقالوا لعلنا قد أمللناك قالت تزعمون أنكم قد أمللتموني فقد طلبت العبادة في كل شئ فما وجدت شيئا أشفى لصدري ولا أحرى أن أصيب به الذي أريد من مجالس الذكر أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا رشأ بن نظيف أنا الحسن بن إسماعيل نا أحمد بن مروان المالكي نا أحمد بن محمد نا الهيثم بن خارجة قال ونا يوسف بن عبد الله الحلواني نا الهيثم بن خارجة ح (2) وأخبرتنا أم البهاء بنت البغدادي قالت أنا أبو طاهر بن محمود أنا أبو بكر بن المقرئ نا محمد بن جعفر نا عبيد الله بن سعد نا هيثم بن خارجة نا إسماعيل بن عياش (3) عن حجاج عن مهاجر عن أبي مرحوم قال سمعت أم الدرداء تقول أفضل العلم المعرفة وفي حديث المالكي الحجاج بن مهاجر الخولاني أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع أنا محمد بن أحمد بن محمد وسليمان بن إبراهيم قالا أنا عثمان بن أحمد أنا محمد بن عمر نا إسحاق بن الفيض نا المعافى بن الجارود حدثني إسماعيل بن عياش عن عبد ربه بن سليمان بن عمير بن زيتون قال كانت أم الدرداء
_________
(1) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1 / 334
(2) تحرفت في " ز " إلى: عقبة
(3) تحرفت بالاصل إلى: " أبو ثوبان " والمثبت عن أبي زرعة و " ز "
(4) سير الاعلام 4 / 278
(5) رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 465 نقلا عن ثور بن يزيد
(6) أقحم: " أنا محمد بن أحمد " مكرر بالاصل و " ز "
(7) قوله: " أنا محمد بن أحمد " مكرر بالاصل و " ز "
(8) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 465 - 466
(9) بالاصل: " أحسب " وفي " ز ": " أجبت " والمثبت عن تهذيب الكمال: أصبت
(10) بالاصل و " ز " والمطبوعة: أحتبت والمثبت عن تهذيب الكمال
(11) سورة القصص الاية: 51
(12) رواه من طريقه المزي في تهذيب الكمال 22 / 466
(13) رواه عنه ابن الجوزي في صفة الصفوة 4 / 296(70/157)
تكتب لي في لوحي فيما تعلمني من الحكمة (1) ح (2) وأخبرنا أبو أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو الميمون نا أبو زرعة حدثني علي بن عياش عن إسماعيل بن عياش عن عبد ربه (3) بن سليمان بن زيتون ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم نا عبد العزيز أنا ابن أبي نصر أنا أبو الميمون نا أبو زرعة (4) نا علي بن عياش نا ابن عياش حدثني عبد ربه بن سليمان بن عمير بن زيتون قال كتبت لي أم الدرداء في لوحي فيما تعلمني تعلموا الحكمة صغارا تعملوا بها كبارا انتهى حديث ابن الأكفاني وزادا (5) وإن كل زارع حاصد ما زرع من خير أو شر أخبرنا أبو الحسن الفرضي نا نصر بن إبراهيم وعبد الله بن عبد الرزاق قالا أنا أبو الحسن بن عوف أنا أبو علي بن منير أنا أبو بكر بن خريم (6) نا هشام بن عمار نا ابن أبي السائب وهو عبد العزيز بن الوليد بن سليمان قال (7) : سمعت أبي يذكر أن أم الدرداء كانت تشرق (8) إذا قرأت أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين أنا عيسى أنا البغوي نا عيسى ابن سالم الشاشي نا أبو المليح (9) عن ميمون قال: دخلت على أم الدرداء فرأيتها مختمرة بخمار صفيق قد ضربت على حاجبها قال وكان فيها قصر فوصلته بسير (10) قال: وما دخلت عليها في ساعة صلاة إلا وجدتها مصلية
_________
(1) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد 14 / 435 في ترجمة خديجة أم محمد
ورواه ابن الجوزي في صفة الصفوة 4 / 295 - 296 نقلا عن عبد الله بن أحمد
(2) زيد حرف التحويل " ح " عن " ز "
(3) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 466(70/158)
أخبرنا أبو الحسن الفرضي وعلي بن زيد قالا أنا نصر المقدسي زاد الفرضي وعبد الله الكلاعي قالا أنا ابن عوف أنا ابن منير أنا ابن خريم ح وأخبرنا أبو القاسم بن عبدان أنا محمد بن علي بن أحمد بن المبارك أنا عبد الله ابن الحسين بن عبيد الله بن عبدان أنا عبد الوهاب الكلابي أنا أبو الجهم بن طلاب قالا نا هشام بن عمار نا الهيثم بن عمران (1) قال سمعت إسماعيل بن عبيد الله ويونس بن حلبس قالا كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء فإذا ضعفن عن القيام في صلاتهن تعلقن بالحبال أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور بن العطار قالا أنا أبو طاهر المخلص نا ابن منيع نا داود بن رشيد نا سلمة بن بشر نا خلاد بن الصباح حدثني إبراهيم بن أبي عبلة قال: رأيت أم الدرداء جالسة مع نساء المساكين في بيت المقدس فجاء إنسان يقسم (2) بينهم (3) فلوسا فأعطى أم الدرداء فلسا فقالت لجاريتها اشتري لنا بهذا جزورا (4) فقالت: أو ليس صدقة؟ فقالت إنه إنما جاءنا من غير مسألة قال داود تعني النفل (5) أخبرنا أبو الحسن الفرضي نا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو القاسم طلحة بن علي بن الصقر الكتاني نا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي نا عباس بن محمد الدوري نا أحمد بن جناب (6) نا عيسى بن يونس عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عثمان بن حيان قال سمعت أم الدرداء تقول: إن أحدهم يقول اللهم ارزقني وقد علم أن الله لا يمطر عليه دينارا ولا درهما وبعضهم يعني يرزق من بعض فإذا أتى أحدكم شئ فليقبل فإن كان غنيا عنه فليضعه في
_________
(1) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 466
(2) كذا بالاصل وفي " ز ": " فقسم " وهو أشبه
(3) كذا بالاصل و " ز " والمطبوعة: بينهم وفي المختصر: " بينهن " وهو أشبه
(4) كذا بالاصل و " ز " والمطبوعة وفي المختصر: جروزا
(5) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: البقل
والمثبت عن المطبوعة
والنفل بمعنى الهبة
(6) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: حباب(70/159)
ذي الحاجة من إخوانه وإن كان إليه محتاجا فليستعن به على حاجته ولا يرد على الله تعالى رزقه الذي رزقه أخبرناها عالية أبو القاسم زاهر بن طاهر أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس الأصم نا سعيد بن عثمان نا بشر بن بكر حدثني ابن جابر (1) حدثني عثمان بن حيان مولى أبي الدرداء قال سمعت أم الدرداء تقول: ما بال أحدكم يقول اللهم ارزقني وقد علم أن الله لا يمطر عليه من السماء دنانير (2) ودراهم وإنما يرزق بعضكم من بعض فمن أعطي شيئا فليقبله وإن كان عنه غنيا فليضعه في ذي الحاجة من إخوانه وإن كان فقيرا فليستعن به على حاجته ولا يرد على الله عز وجل رزقه الذي رزقه أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو الحسين بن الفضل القطان أنا أبو سهل بن زياد القطان نا أبو إسماعيل الترمذي نا أبو صالح (3) نا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد وعن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء أنها قالت ولذكر الله أكبر وإن صليت فهو من ذكر الله وإن صمت فهو من ذكر الله وكل خير تعمله فهو من ذكر الله وكل شئ تجتنبه فهو من ذكر الله وأفضل ذلك تسبيح الله عز وجل أخبرنا أبو الحسن الفقيه الشافعي وأبو القاسم بن السمرقندي قالا نا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أحمد بن سليمان بن زبان (4) نا هشام بن عمار نا صدقة بن خالد نا ابن جابر حدثني ابن أبي زكريا الخزاعي قال: خرجنا مع أم الدرداء في سفر فصحبنا رجل فقالت له أم الدرداء ما يمنعك أن تقرأ أو تذكر الله كما يصنع أصحابك فقال ما معي من القرآن إلا سورة وقد رددتها حتى قد أدبرتها (5) قالت وإن القرآن ليدبر ما أنا بالتي أصحبك إن شئت أن تتقدم وإن شئت أن
_________
(1) رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 466
(2) في تهذيب الكمال: دينارا ولا درهما
(3) رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 467
(4) بدون إعجام بالاصل وفي " ز ": " ريان " تصحيف والصواب ما أثبت وضبط: " زبان " وهو أبو بكر الكندي أحمد بن سليمان بن زبان الدمشقي ترجمته في سير أعلام النبلاء 12 / 56 ترجمة (3047) ط دار الفكر
(5) بالاصل: أدبر بها والمثبت عن " ز "(70/160)
تتأخر فضرب دابته وانطلق ثم صحبنا رجل [آخر] (1) فقال يا أم الدرداء دعاء كان يدعو به اللهم اجعلني أرجو رحمتك وأخاف عذابك إذ يأمنك من لا يرجو رحمتك ولا يخاف عذابك وأسألك الأمن يوم يخافون فقالت لي أم الدرداء اكتبه فكتبته أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد العباسي أنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعي أنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد أنا محمد بن إبراهيم الديبلي (2) نا إدريس بن سليمان بن أبي الرباب (3) نا رديح بن عطية (4) عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء: أن رجلا أتاها فقال لها إنه قد نال منك رجل عند عبد الملك قالت إن تؤبن (5) بما فينا فطال ما زكينا بما ليس فينا قال ورأيت أم الدرداء تصلي وهي جالسة متربعة كذا رواه لنا وإنما يرويه ابن فراس عن عباس بن قتيبة (6) عن إدريس بن سليمان أخبرنا أبو البركات بن المبارك أنا أحمد بن الحسن بن خيرون أنا أبو العلاء الواسطي أنا أبو بكر البابسيري أنا الأحوص بن المفضل نا أبي نا هشام نا رديح بن عطية أبو الوليد القرشي عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء أن رجلا أتاها فقال إن رجلا قد نال منك عند عبد الملك فقالت إن نؤبن بما ليس فينا فطال ما زكينا بما ليس فينا أخبرنا أبو الحسن السلمي نا عبد العزيز الكتاني ح وأخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد أنا جدي الحسن بن أحمد قالا أنا محمد بن عوف أنا محمد بن موسى أنا محمد بن خريم نا هشام بن عمار نا رديح بن عطية نا إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء أن رجلا أتاها فقال إن رجلا قد نال منك عند عبد الملك فقالت إن نؤبن بما ليس فينا فطال ما زكينا بما ليس فينا
_________
(1) سقطت من الاصل وزيدت عن " ز "
(2) بالاصل و " ز ": الدبيلي
(3) بالاصل: الدباب والمثبت عن " ز "
(4) من طريق رديح بن عطية المقدسي رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 467
(5) أبن الرجل: اتهمه وعابه
(6) كذا نسبه إلى جد أبيه وهو عباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة(70/161)
قال ورأيت أم الدرداء تصلي متربعة أخبرنا أبو عبد الله بن البنا قراءة عن أبي تمام علي بن محمد عن أبي عمر بن حيوية أنا محمد بن القاسم نا ابن أبي خيثمة نا نصر بن المغيرة البخاري قال قال سفيان عوتبت أم الدرداء في شئ فقيل لها لم فعلت كذا وكذا قالت نقص الناس فنقصت كما نقصوا أخبرنا أبو جعفر العباسي أنا الحسن بن عبد الرحمن أنا أحمد بن إبراهيم أنا محمد بن إبراهيم نا محمد بن يزيد المستملي نا محمد بن القاسم الأسدي (1) عن ثور عن زياد بن أبي سودة قال عوتبت أم الدرداء في شئ فقالت إني أدركت زمانا انتقص الناس فيه فانتقصت معهم كذا رواه لنا وإنما يرويه ابن فراس عن عباس بن قتيبة عن محمد بن يزيد أخبرنا أبو الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى أنا أبو نصر الوائلي أنا الخصيب ابن عبد الله أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن [أخبرني أبي] (2) أنا محمد بن يزيد بن عبد الصمد نا عبد الرحمن بن يحيى نا أبو سليمان [محمد بن سليمان] (3) بن أبي الدرداء عن (4) سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله قال قالت لي أم الدرداء يا بني ما يقول الناس في الحارث الكذاب (5) ؟ قال إسماعيل يا أمه يزعمون أنك قد بايعته (6)
قال: فلم تسل أم الدرداء من الذي قال لئلا يكون في صدرها غل لأحد أخبرنا أبو غالب بن البنا أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية وأبو بكر ابن إسماعيل قالا نا يحيى بن محمد بن صاعد نا الحسين بن الحسن أنا عبد الله بن المبارك (7) أنا إسماعيل بن عياش أخبرني عبد الله أو عبيد الله بن سليمان عن عثمان بن
_________
(1) رواه المزي من طريقه في تهذيب الكمال 22 / 467
(2) " أخبرني أبي " سقط من الاصل واستدرك لتقويم السند عن " ز "
(3) " محمد بن سليمان " سقط من الاصل واستدرك عن " ز " لتقويم السند
(4) من هنا
إلى قوله: يا بني سقط من " ز "
(5) يعني الحارث بن سعيد الكذاب المتنبئ
تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق 11 / 427 رقم 1132 طبعة دار الفكر
(6) بالاصل و " ز ": بايعتيه
(7) نقلا عن ابن المبارك روي في تهذيب الكمال 22 / 467(70/162)
حيان قال أكلنا مع أم الدرداء طعاما فأغفلنا الحمد لله فقالت يا بني لا تدعوا أن تأدموا طعامكم بذكر الله أكلا وحمدا (1) خير من أكل وصمت أخبرنا أبو المظفر بن القشيري وأبو القاسم الشحامي قالا أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي نا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل نا أبي نا سيار نا جعفر حدثني شيخ من بني تميم (2) حدثني هزان قال: قالت لي أم الدرداء يا هزان ألا أحدثك ما يقول الميت إذا وضع على سريره؟ قال: قلت بلى قالت فإنه ينادي يا أهلاه ويا جيراناه ويا حملة سريري وقال الشحامي سريراه لا تغرنكم الدنيا كما غرتني ولا تلعبن بكم كما تلعبت (3) بي فإن أهلي لم يحملوا عني من وزري شيئا ولو حاجوني اليوم عند الجبار لحجوني (4) ثم قالت أم الدرداء الدنيا أسحر لقلب العبد من هاروت وماروت وما آثرها عبد قط إلا صرعته وقال الشحامي أضرعت (5) خده الرجل التميمي هو نبيط السعدي بين ذلك قطن (6) بن نسير عن جعفر أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن الحسين بن يزداد (7) بن المناطقي (8) قالا أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر المخلص نا أبو القاسم البغوي نا قطن بن نسير نا جعفر بن سليمان نا نبيط السعدي قال: بلغنا أن أم الدرداء قالت يا هزان وكان هزان رجلا من أهل سنجار فقالت يا هزان هل تدري ما يقول الميت حين يوضع على سريره يقول يا أهلي ويا جيراني ويا حملة نعشي لا تغرنكم الدنيا كما غرتني إن أهلي لم يحملوا عني من ذنوبي شيئا ولو
_________
(1) في تهذيب الكمال: أكل وحمد
(2) رواه ابن الجوزي في صفة الصفوة 4 / 296 - 297
(3) في صفة الصفوة: لعبت بي
(4) يعني غلبوني بحجتهم
(5) أضرعت خده: جعلته ذليلا
(6) بالاصل: فطن تصحيف والتصويب عن " ز "
(7) بالاصل: رداد والمثبت عن " ز "
(8) بالاصل: المناطفى والمثبت عن " ز "(70/163)
حاجوني عند الجبار لحجوني ثم قالت وللدنيا أسحر من هاروت وماروت ولا يؤثرها عبد إلا أضرعت خده أخبرنا أبو عبد الله الخلال أنا أبو طاهر بن محمود أنا أبو بكر بن المقرئ نا أبو عروبة الحراني نا مخلد بن مالك نا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم: أن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدرداء فكانت عنده فلما كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه فكأنه أبطأ عنه فلعنه فلما أصبح قالت له أم الدرداء قد سمعتك الليلة لعنت خادما قال إنه أبطأ عني قالت سمعت أبا الدرداء يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة "
[13848] أخبرنا أبو محمد نا أبو محمد أنا أبو محمد أنا أبو الميمون نا أبو زرعة (1) حدثني هشام نا الهيثم بن عمران قال سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول كانت أم الدرداء تتكئ (2) على عبد الملك بن مروان إذا خرجت من صخرة بيت المقدس أخبرنا أبو الحسن الفرضي وعلي بن زيد قالا نا أبو الفتح الزاهد زاد الفرضي وأبو محمد الكلاعي قالا أنا ابن عوف أنا ابن منير أنا ابن خريم نا هشام نا الهيثم ابن عمران قال سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول (3) : كان عبد الملك بن مروان جالسا في صخرة بيت المقدس وأم الدرداء معه جالسة حتى إذا نودي للمغرب قام عبد الملك وقامت أم الدرداء تتوكأ على عبد الملك بن مروان حتى يدخل بها المسجد فإذا دخلت جلست مع النساء ومضى عبد الملك إلى المقام فصلى بالناس أخبرنا أبو الحسن الخطيب أنا أبو منصور النهاوندي أنا أبو العباس أنا أبو القاسم نا البخاري حدثني أحمد بن محمد أنا عبد الله بن المبارك أنا إسماعيل بن عياش حدثني عبد ربه بن سليمان قال وحجت أم الدرداء سنة إحدى وثمانين
_________
(1) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1 / 333
(2) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: تبكي والتصويب عن تاريخ أبي زرعة
(3) من طريقه رواه الذهبي في سير الاعلام 4 / 279
(4) تهذيب الكمال 22 / 468 وسير أعلام النبلاء 4 / 279(70/164)
" هند " (1)
9441 - هند بنت أسماء بن خارجة بن حصن الفزارية (2) كانت زوج عبيد الله بن زياد وقيل إنها كانت لا تفارقه وحين توجهه من دمشق كانت معه حكى جعفر بن شاذان عن الحرمازي (3) أخبرني الوليد بن هشام بن قحذم (4) كاتب خالد بن عبد الله وكاتب يوسف بن عمر قال: كانت هند بنت أسماء بن خارجة عند عبيد الله بن زياد بن أبيه وهو ابتكرها وكانا لا يفترقان في سفر ولا حضر فقتل يوم الخازر (5) وهو من الزاب وهي معه فقالت لا يستمكن هؤلاء مني ثم شدت عليها (6) قباءه وعمامته ومنطقته وركبت فرسه الكامل ثم خرجت حتى دخلت الكوفة في بقية يومها وليلتها ليس معها أنيس ثم كانت بعد من أشد خلق الله حزنا عليه وتذكرا له وذكر قال فقالت هند إني لأشتاق إلى القيامة لأرى فيها عبيد الله بن زياد قال فقال العتبي لم يكن في زمانها امرأة شبيهها جمالا وكمالا وعقلا وأدبا 9442 هند بنت جعفر بن عبد الرزاق ابن عبد الوهاب بن عبد الرزاق حدثت عن أبيها أبي الحسين جعفر بن عبد الرزاق روى عنها عبد العزيز الكتاني ولم يخرج عنها في معجمه شيئا
_________
(1) موجودة فقط في " ز "
(2) أنساب الاشراف 5 / 408 (طبعة دار الفكر) وجمهرة ابن حزم ص 106 ونسب قريش للمصعب ص 169
(3) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: الحرمادي
(4) بدون إعجام بالاصل وفي " ز ": قحرم
(5) بالاصل: " الحارر " وفي " ز ": " الحادر " وكلاهما تصحيف والمثبت عن معجم البلدان وفيه أن الخازر نهر بين اربيل والموصل ثم بين الزاب والموصل كانت عنده وقعة بين عبيد الله بن زياد وإبراهيم بن مالك الاشتر في أيام المختار
(6) بالاصل: عليه والمثبت عن " ز "(70/165)
9443 - هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس العبشمية القرشية (1) زوج يزيد بن معاوية لها ذكر في حديث مقتل الحسين ذكرته في ترجمة أبي برزة نضلة بن عبيد 9444 هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ابن عبد مناف بن قصي العبشمية القرشية (2) أم معاوية بن أبي سفيان من النسوة اللاتي بايعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسلمت يوم فتح مكة وروت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) روى عنها ابنها معاوية وعائشة أم المؤمنين وشهدت اليرموك وقدمت على ابنها معاوية في خلافة عمر بن الخطاب أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم أنا سهل بن بشر أنا أبو الحسن علي بن بقاء الوراق أنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي نا أبو حفص عمر بن محمد العطار نا عثمان بن خرزاذ (3) نا عيسى بن مينا قالون (4) نا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخو إسماعيل بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن هند ابنة عتبة امرأة أبي سفيان قالت: قلت للنبي (صلى الله عليه وسلم) إن أبا سفيان شحيح وإنه لا يعطيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فهل علي في ذلك حرج؟ قال " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف "
[13849]
_________
(1) نسب قريش للمصعب ص 129
(2) انظر أخبارها في نسب قريش للمصعب ص 104 و 105 وأنساب الاشراف 5 / 11 وتاريخ الطبري (الفهارس) وسيرة ابن هشام (الفهارس) وأسد الغابة 6 / 292 والاصابة 4 / 425 وطبقات ابن سعد 8 / 235 وتاريخ خليفة (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) والاستيعاب 4 / 424 (هامش الاصابة)
(3) تحرفت بالاصل إلى: " حرزاد " ومثله في " ز "
والصواب ما أثبت
(4) تحرفت بالاصل إلى: فالون والمثبت عن " ز " وهو عيسى بن ميناء أبو موسى قالون مقرئ المدينة ترجمته في سير الاعلام 10 / 326
(5) الاصابة 4 / 425 والاستيعاب 4 / 427(70/166)
رواه الناس عن هشام فقالوا عن عائشة أن هندا قالت للنبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يقولوا عن هند قرأت في كتاب أبي الهيذام عبد المنعم بن ح إبراهيح م نا أبو الفضل محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الحميد السكسكي البتهلي (1) أخبرني أبي نا أبو حسان الزيادي قال: وصاحت هند بنت عتبة عضدوا القلفان يا معشر المسلمين يعني يوم اليرموك أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالا أنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنا أحمد ابن عبيد إجازة نا محمد بن الحسين نا ابن أبي خيثمة أنا مصعب بن عبد الله قال (2) : هند بنت عتبة تزوجها حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر (3) بن مخزوم فولدت أبان ثم خلف عليها أبو سفيان بن حرب فولدت له معاوية أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر ابن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص أنا أحمد بن سليمان نا الزبير بن بكار قال (4) : فولد عتبة بن ربيعة الوليد وأبا الحكم وعبد شمس وأبا أمية والمغيرة وهشاما وهاشما وهندا بني عتبة تزوج هند حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له أبان (5) ثم خلف عليها أبو سفيان بن حرب فولدت له معاوية وعتبة أخبرنا أبو غالب بن البنا بقراءتي عليه عن أبي محمد الحسن بن علي [وحدثنا عمي رحمه الله أنا أبو طالب بن يوسف أنا الحسن بن علي] (6) الجوهري قراءة أنا محمد بن العباس أنا أحمد بن معروف أنا الحسين بن فهم نا ابن سعد قال (7) في تسمية النساء المسلمات المبايعات هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وأمها صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج (8) بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم تزوج هندا حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له أبانا
_________
(1) في " ز ": السلمى وفوقها علامة تحويل إلى الهامش وكتب على الهامش فيها: البتلهي
(2) رواه مصعب الزبيري في نسب قريش ص 153
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي نسب قريش: عمرو
(4) نسب قريش ص 153
(5) كذا بالاصل و " ز " وفي نسب قريش: " أنبانا " منونة
(6) ما بين معكوفتين زيادة عن " ز "
(7) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8 / 235
(8) بالاصل و " ز ": فالح(70/167)
أخبرنا أبو الفتح الماهاني أنا شجاع بن علي الحداد أنا أبو عبد الله بن مندة قال هند بنت عتبة بن ربيعة امرأة أبي سفيان بن حرب روت عنها عائشة أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد قالا أنا أبو نعيم الحافظ قال هند بنت عتبة بن ربيعة بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف امرأة أبي سفيان أم معاوية روت عنها عائشة أنبأنا أبو محمد بن الآبنوسي وأخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه أنا الحسن بن علي أنا أبو الحسين بن المظفر أنا أبو علي المدائني أنا أبو بكر بن البرقي قال: وأم هند صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج (1) بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم وأمها أمة بنت نوفل بن عبد مناف وأمها قلابة بنت جابر بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر وأمها بنت الحارث بن نوفل بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وأمها أسماء بنت سعيد بن سهم وأمها عاتكة بنت عبد العزى بن قصي وأمها ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب وأمها قيلة بنت حذافة بن جمح أخبرنا أبو السعود بن المجلي (2) الواعظ أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور ومحمد بن وشاح الزينبي وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا ابن النقور قالا أنا عيسى بن علي بن عيسى نا أبو عبيد (3) علي بن الحسين بن حرب نا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر حدثني عم أبي زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال: كانت هند بنت عتبة تحت الفاكه بن المغيرة المخزومي وكان الفاكه من فتيان قريش وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس عن غير إذن فخلا ذلك البيت يوما فاضطجع الفاكه وهند فيه في وقت [القائلة ثم خرج الفاكه لبعض حاجته وأقبل] (4) رجل ممن كان يغشاه فولج
_________
(1) بالاصل: " فالح وبدون إعجام في " ز "
(2) بالاصل و " ز ": المحلى
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: عبيد الله
(4) ما بين معكوفتين ممحو بالاصل والمستدرك عن " ز "(70/168)
البيت فلما رأى المرأة ولى هاربا وأبصره الفاكه وهو خارج من البيت فأقبل إلى هند فضربها برجله وقال من هذا الذي كان عندك قالت ما رأيت أحدا ولا انتبهت حتى انبهتني قال لها الحقي بأبيك وتكلم فيها الناس فقال لها أبوها يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك فانبئيني (1) نبأك فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله فينقطع (2) عنك القالة وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن فحلفت له بما كانوا يحلفون في الجاهلية إنه الكاذب عليها فقال عتبة للفاكه يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان اليمن فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف وخرجوا معهم بهند ونسوة معها فلما شارفوا البلاد قالوا غدا نرد على الكاهن تنكرت حال هند وتغير وجهها فقال لها أبوها إنه قد أرى ما بك من تنكر الحال وما ذاك عندك إلا لمكروه فألا كان هذا قبل أن يشتهر للناس مسيرنا قالت والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه ولكني أعرف أنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون علي سبة في العرب قال إني سوف أختبره قبل أن ينظر في أمرك فصفر لفرسه حتى أدلى ثم أخذ حبة من حنطة فأدخلها في إحليله وأوكأ عليها بسير (3) فلما وردوا على الكاهن أكرمهم ونحر لهم فلما قعدوا قال له عتبة إنا قد جئناك في أمر وإني قد خبأت لك خبأ أختبرك به فانظر ما هو قال ثمرة في كمرة قال أريد أبين من هذا قال حبة من بر في أحليل مهر قال صدقت انظر في أمر هؤلاء النسوة فجعل يدنو من إحداهن فيضرب كتفها ويقول انهضي حتى دنا من هند فضرب كتفها قال انهضي غير رسحاء (4) ولا زانية ولتلدن ملكا يقال له معاوية فوثب إليها الفاكه فأخذ بيدها فنثرت يدها من يده وقالت إليك فوالله لأحرصن (5) على أن يكون ذاك من غيرك فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية
_________
(1) كذا بالاصل وفي " ز " والمطبوعة: فانبئني
(2) كذا بالاصل وفي " ز ": ينقطع
(3) في " ز ": بسر
(4) بالاصل و " ز ": رشحاء بالشين المعجمة تصحيف والصواب ما أثبت رسحاء بالسين المهملة والرسحاء من النساء هي القبيحة أو القليلة لحم العجز والفخذين (تاج العروس واللسان: رسح)
(5) تحرفت بالاصل إلى: لاحرضن والمثبت عن " ز "(70/169)
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن الخضر بن أبي هشام أنا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن حمزة العطار أنا عبد الرحمن بن محمد بن ياسر (1) أنا هارون بن محمد الموصلي نا زكريا بن أحمد البلخي أنا الحسن بن علي بن الأشعث المصري نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا الشافعي أو غيره ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني أنا محمد بن سلامة القضاعي في كتابه قال قرأت على محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو بن شاكر القطان نا الحسن بن رشيق نا محمد بن يحيى بن آدم نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا الشافعي قال كان عتبة بن ربيعة زوج هندا رجلا من قريش فمات عنها أو فارقها فقالت لأبيها إنك قد زوجتني ولم تشاورني [فإذا أردت شيئا فشاورني] (2) فخطبها أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو فذكر ذلك لها زاد الخضر أبوها وقالا فقال خطبك سهيل بن عمرو وهو (3) سيد قومه وخطبك أبو سفيان وهو من تعلمين قالت صفهما وقال الخضر: فصفهما لي قال أما سهيل بن عمرو فتقضين وقال الخضر فرجل تقضين عليه في أهله وماله وأما أبو سفيان فرجل شرس لا تتكلمين إلا نهاك ولا تخالفينه إلا ضربك قالت زوجني من (4) أبي سفيان فإن أتى منه ولد يكون وقال الخضر فسيكون سيدا وأما سهيل فإن كان منه ولد فليس يكون إلا أحمق قال فتزوجت أبا سفيان فولدت منه وقال الخضر له معاوية وتزوج سهيل امرأة فولدت له غلاما فمر ذات يوم مع أبيه برجل يقود ناقة وشاة فقال لأبيه هذه بنت هذه فقال وقال الموازيني هذه ابنة هذه قال رحم الله هندا قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الجوهري وحدثنا عمي رحمه الله أنا ابن يوسف أنا أبو محمد أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف أنا أبو علي بن الفهم نا ابن سعد (5) أنا
_________
(1) أقحم بعدها بالاصل: " أنا هارون بن محمد بن ياسر " والمثبت يوافق ما جاء في " ز "
(2) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك عن " ز "
(3) بالصال و " ز ": هو
(4) تحرفت بالاصل إلى: " ابن " والتصويب عن " ز "
(5) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8 / 235(70/170)
مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي نا عمر بن زياد الهلالي عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق شيخ من أهل المدينة من بني عامر بن لؤي قال قالت هند لأبيها إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي قال فقال لها ذلك لك ثم قال لها يوما إنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك واحدا منهما حتى أصفه لك أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم تخالين به هوجا من غفلته وذلك إسجاح (1) من شيمته حسن الصحابة حسن الإجابة إن تابعته تابعك وإن ملت كان معك تقضين (2) عليه في ماله وتكتفين (3) برأيك في ضعفه وأما الآخر ففي الحسب الحسيب والرأي الأريب بدر أرومته وعز (4) عشيرته يؤدب أهله ولا يؤدبونه إن اتبعوه أسهل بهم وإن جانبوه توعر بهم (5) شديد الغيرة سريع الطيرة شديد (6) حجاب القبة إن حاج فغير منزور (7) وإن نوزع فغير مقهور قد بينت لك حالهما قالت أما الأول فسيد مطيع لكريمته مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها ويضيع تحت جناحها (8) إن جاءت له بولد أحمقت وإن أنجبته فعن خطأ ما أنجبت إطو ذكر هذا عني فلا تسمه لي وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة إني لأخلاق هذا لواقعة وإني له لموافقة وإني لآخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي وقلة تلفتي وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته الذائد (9) عن كتيبتها المحامي عن حقيقتها الرأس) 10) لأرومتها غير مؤاكل ولا زميل (11) عند صعصعة (12) الحوادث فمن هو قال ذاك أبو سفيان
_________
(1) الاسجاح: حسن العفو والسهولة
يقال: خلق سجيح: لين سهل
(2) بالاصل: " تقضي " وفي " ز ": " يقضي "
(3) بالاصل: " تكتفي " ومثله في " ز "
(4) بالاصل: " عن " والمثبت عن " ز "
(5) بالاصل: " حابوه وعرهم " وفي " ز ": " جانبوه وعريهم " والمثبت: " جانبوه توعر بهم " عن ابن سعد
(6) بالاصل و " ز ": وفي " ز ": مبرور والمثبت عن ابن سعد
(7) بدون إعجام بالاصل وفي " ز ": مبرور والمثبت عن ابن سعد
(8) كذا بالاصل و " ز " وفي ابن سعد: وتضبع تحت جنائها
(9) بالاصل و " ز " والمطبوعة: الزائد والمثبت عن ابن سعد
(10) كذا بالاصل و " ز " وفي ابن سعد: الزائن
(11) الزميل: الضعيف والجبان
(12) كذا بالاصل و " ز " وفي ابن سعد: ضعضعة والصعصعة: الاضطراب ويقال: قد تصعصع القوم في الحرب إذا اضطربوا قاله أبو علي القالي في الامالي في تفسيرها 2 / 104(70/171)
ابن حرب قالت فزوجه ولا تلقني (1) إليه المتسلس السلس ولا تسمه سمة (2) المواطس الضرس (3) استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء أخبرنا أبو الحسين المعدل وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي الفقيه أنا محمد بن أحمد أنا محمد بن عبد الرحمن أنا أبو عبد الله الطوسي نا الزبير حدثني علي بن محمد بن سيف قال: خطب (4) هند بنت عتبة أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو فقال لها أبوها قد خطبك رجلان من قومك كفؤان قالت صفهما لي قال أحدهما سهيل بن عمرو فهو موسر سخي سيد مفوض إلى أهله والآخر أبو سفيان بن حرب شريف سيد حازم قالت الحازم أحبهما إلي فتزوجها أبو سفيان قال الزبير وأنشدني عمي مصعب بن عبد الله لهند بنت عتبة بن ربيعة تبكي أباها عتبة ابن ربيعة (5) : أعيني جودا بدمع سرب * على خير خندف لم ينقلب على عتبة الخير ذي المكرمات * وذي المفضلات قريع العرب ساد الكهول سيدا ناشئا * وساد الشباب ولما يشب تداعى له قومه (6) غدوة * بنو هاشم وبنو المطلب ببيض خفاف جلتها القيون * تلوح بأيديهم كالشهب يذيقونه حد أسيافهم * يعلونه بعدما قد سحب (7) فمن كان في نسب خاملا * فنحن سلالة بيت الذهب ولسنا كجلدة رفغ (8) البعير * بين العجان وبين الذنب
_________
(1) بالاصل: تلقى وفي المطبوعة: " تلق " والمثبت عن " ز " وابن سعد
(2) بالاصل: بسمة والمثبت عن " ز " وفي ابن سعد: سوم
(3) بالاصل: " المراطس الطرس " ومثله في " ز "
والمثبت عن سعد
والوطس: الضرب الشديد بخف وبغيره والضرس: الصعب الخق
(4) في " ز ": خطبت
(5) بعض الابيات في سيرة ابن ههشام 3 / 40 وقال ابن هشام: وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لهند
(6) في سيرة ابن هشام: رهطه
(7) في سيرة ابن هشام: عطب
(8) بالاصل و " ز ": رفع والمثبت عن سيرة ابن هشام
والرفغ بفتح الراء وبضمها: أصول الفخذين من باطن(70/172)
قال الزبير ووجدت البيت الثاني منها بخط الضحاك أخبرنا أبو العز بن كادش فيما ناولني إياه وقرأ علي إسناده وقال اروه عني أنا محمد بن الحسين أنا المعافى بن زكريا القاضي (1) نا ابن دريد نا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن هشام بن محمد قال: كان مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس من فتيان قريش جمالا وسخاء وشعرا فعشق هندا بنت عتبة حتى اشتهر (2) أمرهما فاستحيى وخرج إلى الحيرة ليسلوها فنادم عمرو بن هند وكان له مكرما ثم إنا أبا سفيان بن حرب تزوج هندا في غيبة مسافر هذه ثم خرج أبو سفيان إلى الحيرة تاجرا فلقي مسافرا بن أبي عمرو فسأله مسافر عن مكة وأخبار قريش فأخبره من ذلك ثم قال وإني تزوجت هندا بنت عتبة فأسف مسافر من ذلك ومرض حتى سقي (3) بطنه فقال (4) : ألا إن هندا أصبحت منك (5) محرما * وأصبحت من أدنى حموتها حما (6) وأصبحت كالمسلوب جفن سلاحه * تقلب بالكفين قوسا وأسهما
فدعا له عمرو بن هند الأطباء فسألهم عن حاله فقالوا ليس له دواء إلا الكي فقال له ما ترى قال افعل فدعا له طبيبا من العباد فأحمى مكاويه حتى صارت كالنار ثم قال امسكوه لي فقال له مسافر لست أحتاج إلى ذلك فجعل يضع عليه المكاوي فلما رأى الطبيب صبره هاله ذلك ففعلها يعني الحدث فقال مسافر قد يضرط العير والمكواة في النار (7) فأرسلها مثلا قال فلم ينفعه ذلك شيئا فخرج يريد مكة فأدركه الموت بهبالة (8) فدفن بها ونعي إلى أهل مكة
_________
(1) الخبر رواه المعافى بن زكريا الجريري القاضي في الجليس الصالح الكافي 4 / 209 وفي الاغاني 9 / 50
(2) في الجليس الصالح: شهر
(3) يقال: سقى بطنه يسقى سقيا والسقي ماء أصفر يقع في البطن
(4) البيتان في الاغاني 9 / 54 وقيل إن البيتين هما لعبد الله بن عجلان قالهما في زوجته هند
(5) بالاصل: منا والمثبت عن " ز " والجليس الصالح والاغاني
(6) بالاصل: " ادى حموها حما " والمثبت عن " ز " والجليس الصالح والاغاني
(7) مثل
انظره في مجمع الامثال 2 / 28 وجمهرة الامثال 2 / 123 وفصل المقال ص 432 والفاخر 71 و 154
(8) كذا بالاصل و " ز " والاغاني وفي الجليس الصالح: زبالة
وهبالة: موضع لبني عقيل كما في معجم ما استعجم وفي معجم البلدان: هبالة وهبيل من مياه بني نمير(70/173)
قرأت على أبي محمد بن حمزة عن أبي بكر الخطيب أنا أبو الحسن محمد بن أحمد ابن رزق أنا أبو الحسن المظفر بن يحيى الشرابي نا أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله المرثدي عن أبي إسحاق الطلحي أخبرني إبراهيم بن سعدان قال قال عبد الله بن مسلم عن زياد بن حدير (1) قال: قال معاوية أسرجوا لي حمارا غليظ الوسط فركبه ومر بشيخ فقال له أرأيت أبا سفيان؟ قال نعم رأيته حين تزوج هندا فأطعمنا في أول يوم لحم جزور وسقانا خمرا وفي اليوم الثاني لحم غنم وسقانا نبيذا وفي اليوم الثالث لحم طير وسقانا عسلا وإن كانت لذات أزواج فقال معاوية كلهم كان كريما أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني عن أبي عبد الله القضاعي أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو بن شاكر القطان نا الحسن بن رشيق نا محمد بن يحيى بن آدم نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا الشافعي ح (2) وأخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن الخضر أنا أبو محمد عبد الله بن الحسن ابن حمزة أنا عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر أنا أبو موسى هارون بن محمد الموصلي نا أبو يحيى زكريا بن أحمد بن يحيى البلخي نا الحسن بن علي بن الأشعث المصري نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم نا الشافعي قال: قال أبو هريرة رأيت هندا بمكة كأن وجهها فلقة قمر وخلفها من عجزيتها مثل الرجل الجالس ومعها صبي يلعب فمر رجل فنظر إليه فقال إني لأرى غلاما إن عاش ليسودن قومه فقالت هند إن لم يسد إلا قومه فأماته الله وهو معاوية بن أبي سفيان أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا عبيد الله بن أحمد الأزهري إجازة أنا أبو عمر بن حيوية نا محمد بن خلف بن المرزبان حدثني أبو العباس بن الصباح حدثني الغلابي قال: سافر أبو سفيان سفرا أضرت به فيه الغربة فاشترى جارية فبلغ ذلك هندا فوجدت عليه وكتبت إليه:
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: حديرة
(2) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل وأضيف عن " ز "(70/174)
يا قليل الوفاء ما كان فيما * كان منا إليك ما ترعانا كيف يبقى لك الجديد من النا * س إذا كنت تطرح الخلقانا
قال فوجه أبو سفيان بالجارية التي كان اشترى أخبرنا أبو بكر الحاسب أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف نا الحسين بن فهم نا محمد بن سعد (1) نا هوذة بن خليفة نا عوف عن محمد قال: بلغني أن هندا بنت عتبة بن ربيعة جاءت في الأحزاب يوم أحد وكانت قد نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأكلن من كبده قال فلما كان حيث أصيب حمزة ومثلوا بالقتلى جاءوا بحزة (2) من كبده (3) فأخذتها تمضغها لتأكلها فلم تستطع أن تبتلعها فلفظتها فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال " إن الله قد حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا "
[13850]
قال محمد وهذه شديدة على هذه المسكينة (4) قال ونا ابن سعد (5) أنا عفان بن مسلم نا حماد بن سلمة أنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال: قال أبو سفيان يوم أحد قد كانت في القوم مثلة وإن كانت من غير ملأ مني ما أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءني ولا سرني قال فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع هند أن تأكلها فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " أكلت منها شيئا؟ " قالوا: لا قال " ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار "
[13851]
أخبرنا أبو بكر أيضا أنا أبو محمد أنا ابن حيوية أنا عبد الوهاب بن أبي حية أنا محمد بن شجاع أنا الواقدي (6) حدثني سعيد بن أبي زيد عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى قال:
_________
(1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3 / 12 - 13 في أخباره حمزة بن عبد المطلب
(2) تقرأ بالاصل: محره وفي " ز ": " بحره " والمثبت عن ابن سعد
(3) في ابن سعد: من كيد حمزة
(4) في طبقات ابن سعد: وهذه شدائد على هند المسكينة
(5) الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 13
(6) رواه الواقدي في مغازيه 1 / 272(70/175)
قيل لأم عمارة هل كن نساء قريش يومئذ يقاتلن مع أزواجهن فقالت أعوذ بالله لا والله ما رأيت امرأة منهن رمت بسهم ولا بحجر ولكن رأيت معهن الدفاف والأكبار (1) يضربن ويذكرن القوم قتلى بدر ومعهن مكاحل ومراود فكل ما ولى رجل أو تكعكع (2) ناولته إحداهن مرودا ومكحلة ويقلن إنما أنت امرأة ولقد رأيتهن ولين منهزمات مشمرات ولها عنهن الرجال أصحاب الخيل ونجوا على متون الخيل يتبعن الرجال على الأقدام فجعلن يسقطن في الطريق ولقد رأيت هندا بنت عتبة وكانت امرأة ثقيلة ولها خلق (3) قاعدة خاشية (4) من الخيل ما بها مشي ومعها امرأة أخرى حتى كر القوم علينا فأصابوا ما أصابوا فعند الله نحتسب ما أصابنا يومئذ من قبل الرماة ومعصيتهم الرسول (5) أخبرنا أبو الحسين وأبو غالب وأبو عبد الله قالوا أنا أبو جعفر أنا المخلص أنا الطوسي أنا الزبير قال (6) : فولد عتبة بن ربيعة أبا حذيفة بن عتبة وكان من المهاجرين الأولين شهد بدرا وقتل يوم اليمامة شهيدا وله تقول أخته هند بنت عتبة (7) : فما شكرت أبا رباك من صغر * حتى شببت شبابا غير محجون الأحول الأثعل المشؤوم (8) طائره * أبو حذيفة شر الناس في الدين (9)
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي وأبو المواهب أحمد بن محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز قالا أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو الحسين بن المظفر نا أبو بكر الباغندي أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الله الكورحي وكتب به إلي حدثني محمد بن إسماعيل حدثني عبد الله بن سلمة بن سلم عن سليمان بن عاصم عن عمر بن عبد العزيز قال:
_________
(1) الاكبار واحدها كبر وهي الطبول
(2) تكعكع الرجل إذا أحجم وتأخر
(3) في " ز ": خلف
(4) بدون إعجام بالاصل و " ز " والمثبت عن مغازي الواقدي
(5) في مغازي الواقدي: ومعصيتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
(6) نسب قريش للمصعب الزبيري ص 153
(7) البيتان في سير أعلام النبلاء 3 / 105 في أخبار أبي حذيفة قالتهما أخته هند وقد دعا يوم بدر أباه إلى البراز
(8) سير الاعلام: المذموم طائره
(9) الاثعل: المرادف الاسنان والاثعل: المتراكب الاسنان(70/176)
سمعت سلمى مولاة مروان بن الحكم تقول حدثني مروان بن الحكم قال سمعت معاوية ابن أبي سفيان يقول سمعت أمي هند بنت عتبة تقول وهي تذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي تقول فعلت يوم أحد ما فعلت من المثلة بعمه (1) وأصحابه كلما سارت قريش مسيرا فأنا معها بنفسي حتى رأيت في النوم ثلاث ليال رأيت كأني في ظلمة لا أبصر سهلا ولا جبلا وأرى من تلك الظلمة انفرجت عني بضوء مكانه فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعوني ثم رأيت في الليلة الثانية كأني على طريق فإذا بهبل (2) على يميني يدعوني وإذا بيساف (3) يدعوني عن يساري وإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين يدي قال تعالي (4) هلم إلى الطريق ثم رأيت في الليلة الثالثة كأني واقفة على شفير جهنم يريدون أن يدفعوني فيها وإذا أنا بهبل يقول ادخلي فيها فالتفت فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من ورائي آخذ بثيابي فتباعدت عن شفير جهنم وفزعت (5) فقلت هذا شئ قد بين لي فغدوت إلى صنم في بيتنا فجعلت أضربه وأقول: طال ما كنت منك إلا في غرور وأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأسلمت وبايعته أخبرنا أبو الفتح الماهاني أنا شجاع المصقلي أنا أبو عبد الله العبدي أنا خيثمة نا خلف بن محمد كردوس الواسطي نا يعقوب بن محمد الزهري نا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن هشام عن عروة عن أبيه قال (6) : قالت هند لأبي سفيان إني أريد أن أتابع (7) محمدا قال قد رأيتك تكرهين هذا الحديث أمس قالت إني والله والله ما رأيت الله عبد حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة والله إن يأتوا (8) إلا مصلين قياما وركوعا وسجودا قال فإنك قد فعلت ما فعلت فاذهبي برجل من قومك معك فذهبت إلى عثمان (9) فذهب [معها] (10) فاستأذن لها ودخلت
_________
(1) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: نعمه
(2) هبل من أصنامهم كانت قريش تعظمه
(3) بالاصل: يساب تصحيف والمثبت عن " ز "
ويساف من أصنامهم أيضا ويقال هو المشهور: أساف
(4) بالصال: " تعلي " وفي " ز ": تعال
(5) فزع من نومه: هب
(6) الخبر في الاصابة 4 / 425 - 426 ومختصرا في أسد الغابة 6 / 293
(7) كذا بالاصل و " ز " وفي الاصابة وأسد الغابة: أبايع
(8) كذا بالاصل وفي " ز " والاصابة وأسد الغابة: باتوا
(9) كذا بالاصل و " ز " وأسد الغابة وفي الاصابة: عمر وزيد في أسد الغابة: وقيل إلى أخيها أبي حذيفة بن عبتة
(10) الزيادة عن " ز "(70/177)
وهي متنقبة (1) فقال: " تبايعيني (2) على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني " فقالت أو هل تزني الحرة؟ قال: " لا ولا تقتلي ولدك " فقالت إنا ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا قال " قتلهم الله يا هند " فلما فرغ من الآية (3) بايعته فقالت يا رسول الله إني بايعتك على أن لا أسرق ولا أزني وإن أبا سفيان رجل بخيل ولا يعطيني ما يكفيني إلا ما أخذت منه من غير علمه قال ما تقول يا أبا سفيان فقال أبو سفيان أما يابسا فلا وإما رطبا فأحله قال فحدثتني عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لها: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف "
[13852]
أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد قالا أنا أبو نعيم الحافظ نا ح سليمان بن أحمد نا محمد بن عبيد الله الحضرمي ح وأخبرنا أبو عبد الله بن الحطاب (4) في كتابه أنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى [السعدي] (5) أنا عبيد الله بن محمد العكبري أنا عبد الله بن محمد البغوي قالا نا محمد بن عبد الله المخرمي نا يعقوب بن محمد الزهري نا أبو بكر بن أبي أويس عن أبي أيوب مولى القاسم بن محمد عن ابن عجلان وفي رواية الحضرمي مولى القاسم عن محمد بن عجلان عن أبيه عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة: أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة ذهب بها وبأختها هند يبايعان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما اشترط عليهن قالت هند أو تعلم في نساء قومك من هذه الهناة (6) والعاهات شيئا؟ فقال: - زاد البغوي أبو حذيفة إيها (7) فبايعنه فقال " فهكذا نشترط " وليس في حديث البغوي ابن ربيعة ولا ابن عتبة الأخيرة
_________
(1) بالاصل: منقبة والمثبت عن " ز " والاصابة وفي أسد الغابة: منتقبة
(2) بالاصل: تبايعني والمثبت عن " ز " وأسد الغابة
(3) يشير إلى الاية 17 من سورة الانفال: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم "
(4) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: الخطاب
(5) سقطت من الاصل وأضيفت عن " ز "
(6) بالاصل و " ز ": الهناة
وفي المطبوعة: الهنات
وفي تاج العروس: والصواب الهناة بالهاء المربوطة كما في المحكم وغيره
والهناة: الشدائد وأمور عظام والهناة: الشرور والفساد
ج هنوات
وقيل واحدها: هنت وهنة (تاج العروس: هنو)
(7) بالاصل و " ز ": أيهن(70/178)
أخبرنا أبو بكر الأنصاري أنا أبو محمد الحسن بن علي أنا أبو عمر أنا عبد الوهاب بن أبي حية أنا محمد بن شجاع أنا محمد بن عمر (1) نا ابن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير قال: لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة عكرمة بن أبي جهل وأسلمت امرأة صفوان بن أمية البغوم بنت المعدل من كنانة وأسلمت فاطمة بنت الوليد بن المغيرة وأسلمت هند بنت منبه بن الحجاج وهي أم عبد الله بن عمرو بن العاص في عشر نسوة من قريش فأتين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو بالأبطح يبايعنه (2) فدخلن عليه وعنده زوجتاه (3) وابنته فاطمة ونساء من بني عبد المطلب فتكلمت هند بنت عتبة فقالت يا رسول الله الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختار لنفسه لتمسني رحمتك يا محمد إني امرأة مؤمنة بالله مصدقة ثم كشفت عن نقابها فقالت أنا هند بنت عتبة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " مرحبا بك " فقالت والله يا رسول الله ما كان على الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من [أهل] (4) خبائك ولقد أصبحت وما على وجه (5) الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من [أهل] خبائك فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزيادة أيضا ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليهن القرآن وبايعهن فقالت هند من بينهن يا رسول الله نماسحك فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " إني لا أصافح النساء إن قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة " ويقال وضع على يده ثوبا ثم مسحن على يده يومئذ ويقال كان يؤتى بقدح من ماء فيدخل يده فيه ثم يرفعه إليهن فيدخلن أيديهن فيه والقول الأول أثبتها عندنا: " إني لا أصافح النساء "
[13853] قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الجوهري أنا أبو عمر وحدثنا عمي أنا ابن يوسف أنا الجوهري أنا ابن حيوية أنا أحمد بن معروف نا ابن الفهم نا محمد بن سعد (6) أنا عبد الله بن جعفر الرقي نا أبو المليح عن ميمون بن مهران:
_________
(1) رواه الواقدي في المغازي 2 / 850
(2) كذا بالاصل و " ز " وفي مغازي الواقدي: فبايعته
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي المغازي: زوجته
(4) سقطت من الاصل و " ز " واستدركت عن المغازي وهي مستدركة فيها
(5) سقطت من " ز " والمغازي
(6) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8 / 237(70/179)
أن نسوة أتين النبي (صلى الله عليه وسلم) فيهن هند بنت عتبة بن ربيعة وهي أم معاوية يبايعنه فلما أن قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن " (1) قالت هند يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك (2) فهل علي حرج أن أصيب من طعامه من غير إذنه قال فرخص لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الرطب ولم يرخص لها في اليابس قال ولا تزنين قالت وهل تزني الحرة؟ قال " ولا تقتلن أولادكن " قالت: وهل تركت لنا ولدا إلا قتلته يوم بدر قال " ولا يعصينك في معروف " وقال ميمون فلم يجعل الله لنبيه عليهن الطاعة إلا في المعروف والمعروف طاعة الله قال وأنا ابن سعد (3) أنا عبيد الله (4) بن موسى أنا عمر بن أبي زائدة قال سمعت الشعبي يذكر أن النساء جئن (5) يبايعن فقال " تبايعن (6) على ألا تشركن بالله شيئا " فقالت هند إنا لقائلوها [قال] (7) " ولا تسرقن " فقالت هند: كنت أصبت من مال أبي سفيان
قال أبو سفيان: فما أصبت من مالي فهو حلال قال ولا تزنين فقالت هند وهل تزني الحرة؟ [قال] (8) " ولا تقتلن أولادكن " قالت هند أنت قتلتهم أخبرنا أبو غالب الماوردي الماوردي أنا أبو الحسن السيرافي أنا القاضي أبو القاسم علي بن الحسين الشافعي نا أبو الحسن علي بن محمد بن خشنام (9) المالكي نا أبو يزيد خالد بن النضر القرشي نا محمد بن عبد الأعلى نا معتمر بن سليمان نا أبي قال: وفرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بيعة الرجال قال ثم دعا النساء ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الصفا وعمر أسفل منه يبايع النساء لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا " وهند مقنعة رأسها بين النساء فقالت ورفعت رأسها والله إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته على الرجال وقد أعطيناك قال " ولا تسرقن " قالت والله إني لأجد من أبي
_________
(1) عند ابن سعد: " لا يشركن
يسرقن "
(2) يعني بخيل
(3) الطبقات الكبرى لابن سعد 8 / 237
(4) في ابن سعد: عبد اللهه
تصحيف
(5) بالاصل و " ز ": حين والمثبت عن ابن سعد
(6) بالاصل و " ز ": يبايعن والمثبت عن ابن سعد
(7) زيادة لازمة عن ابن سعد
(8) زيادة عن ابن سعد
(9) بالاصل و " ز ": حشنام بالحاء المهملة
والمثبت عن المطبوعة(70/180)
سفيان هنات فما أدري أيحلهن أم لا فقال أبو سفيان ما أصبت من شئ فيما مضى وفيما غبر فهو لك حلال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإنك لهند بنت عتبة قالت نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك قال " ولا تقتلن أولادكن " قالت قد ربيناهم صغارا وقتلتموهم (2) ببدر كبارا وأنت وهم أعلم فضحك عمر حتى استغرب (3) وقال " ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن " قالت والله إن البهتان لشئ قبيح ولبعض التجاوز أمثل وما أمرتنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق قال " ولا تعصين في معروف " قالت ما جلسنا في هذا المجلس ونحن نحب أن نعصيك في شئ قال " ولا تزنين " قالت أو تزني الحرة؟ فأقر النساء بما أخذ عليهن نبي الله (صلى الله عليه وسلم) فأمر عمر فبايعهن واستغفر لهن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلي أبو المظفر محمد بن أحمد بن محمد الأبيوردي أخبرني فهد (4) بن عبد الرحمن الصوفي أنا أبو غانم حميد بن [المأمون] (5) نا أبو بكر بن لال الفقيه نا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق المعروف بابن السماك أنا أبو محمد عبد الله بن ثابت المقرئ (6) نا أبي نا أبو صالح الهذيل (7) بن حبيب الدنداني (8) عن مقاتل بن سليمان في قوله " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن [بالله شيئا (9) " (10) وذلك يوم فتح مكة لما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بيعة الرجال وهو جالس على الصفا وعمر بن الخطاب أسفل منه قال النبي (صلى الله عليه وسلم) للنساء " أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئا " وكانت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنقبة (11) مع النساء فرفعت رأسها فقالت والله
_________
(1) بالاصل: قال والتصويب عن " ز "
(2) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: وقتلتهم
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: استغرق
واستغرب في الضحك: بالغ فيه
(4) تقرأ بالاصل و " ز ": فهر والمثبت عن المطبوعة
(5) سقطت من الاصل وزيدت عن " ز "
(6) تقرأ بالاصل: " النقري " والمثبت عن " ز "
(7) تقرأ بالاصل و " ز ": " الهزيل " انظر الحاشية التالية
(8) الاصل: " الربداني " وفي " ز ": " الزيداني " تصحيف والصواب ما أثبت: " الدنداني " عن الانساب (2 / 497) وذكره السمعاني وترجم له باسم: الهذيل بن حبيب الدنداني من أهل بغداد
(9) زيادة عن " ز "
(10) سورة الممتحنة الاية: 12
(11) بالاصل: منقبة
والمثبت عن " ز "(70/181)
إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته من الرجال فقد أعطيناكه فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) " ولا تسرقن " فقالت والله إني لأصيب من مال أبي سفيان هنات فما أدري أيحلهن لي أم لا؟ فقال أبو سفيان نعم ما أصبت من شئ فيما مضى وفيما غبر فهو لك فهو حلال فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " وإنك لهند بنت عتبة؟ " قالت: نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك قال " ولا تزنين " قالت (1) فهل تزني الحرة ثم قال " ولا تقتلن أولادكن " (2) قالت ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا وأنت أعلم وهم فضحك عمر حتى استلقى ويقال إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ضحك من قولها ثم قال " ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن " والبهتان: أن تقذف المرأة ولدا من غير زوجها على زوجها لتقول لزوجها هو منك وليس منه قالت والله إن البهتان لقبيح وبعض التجاوز أمثل وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ثم قال " ولا يعصينك في معروف " يعني في طاعة الله فيما نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عنه من النوح وتمزيق الثياب وأن تخلو مع غريب في حضر أو سفر أو تسافر فوق ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم ونحو ذلك قالت هند ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شئ فأقر النسوة بما أخذ عليهن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم بعث عمر بن الخطاب فبايعهن واستغفر لهن النبي (صلى الله عليه وسلم) فذلك قوله " واستغفر لهن الله إن الله غفور " لما كان في الشرك منهن " رحيم " (4) فيما بقي
أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد وأبو الفضل محمد بن ناصر بن علي وجماعة قالوا أنا أبو الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم أنا الحسن بن محمد (5) بن كيسان النحوي نا إسماعيل بن إسحاق القاضي نا محمد بن أبي بكر نا سعيد بن عامر عن جويرية قال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لهند يوم الفتح " كيف ترين الإسلام؟ " قالت: بأبي وأمي ما أحسنه لولا ثلاث خصال التجبية (6) والخمار وزقو (7) هذا العبد الأسود فوق الكعبة فقال " أما قولك
_________
(1) بالاصل و " ز ": قال
(2) بالاصل: " يقتلن أولادهن " والمثبت عن " ز "
(3) في " ز " ولا تأتين ببهتان تفترينه
(4) سورة الممتحنة الاية: 12
(5) في " ز ": " أحمد " وكتب فوقها: محمد
(6) بالاصل و " ز ": " التحبية " والصواب ما أثبت والتجبية وهو وضع اليدين على الركبتين في الصلاة أو على الارض
وأراد هنا الركوع (راجع اللسان: جبى)
(7) بالاصل: زفو والمثبت عن " ز " والزقو: الصياح
ولعلها أرادت الاذان وصوت بلال يرفع الاذان(70/182)
التجبية فلا صلاة إلا بركوع وأما زقو هذا العبد الأسود فوق الكعبة فنعم عبد الله هو وأما الخمار فأي شئ أستر من الخمار فقالت بأبي وأمي إني كنت أحب أن تعرف الفرعاء من الزعراء (1) قال وكانت امرأة لها شعر أخبرنا أبو المظفر بن القشيري أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن أنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان ح وأخبرتنا أم المجتبى العلوية قالت قرئ على أبي القاسم المستملي أنا أبو بكر بن المقرئ قالا أنا أبو يعلى الموصلي نا نصر بن علي قال حدثتنا وقال ابن حمدان حدثتني عطية أم عمرو عجوز من بني مجاشع قالت حدثتني عمتي عن جدي عن عائشة قالت: جاءت هند بنت عتبة زاد ابن حمدان بن ربيعة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لتبايعه فنظر وفي حديث ابن المقرئ قالت فنظر إلى يديها فقال زاد ابن حمدان لها وقالا " اذهبي فغيري يدك " قالت فذهبت فغيرتها بحناء ثم جاءت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال ابن حمدان إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال " أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني " قالت: أو تزني الحرة؟ قال " ولا تقتلن أولادكن خشية إملاق " قالت وهل تركت لنا أولادا نقتلهم؟ قال فبايعته ثم قالت له وعليها سواران من ذهب ما تقول في هذين السوارين؟ قال " جمرتان من نار جهنم " وقال ابن حمدان " من جمر جهنم "
[13854] أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو محمد الصريفيني أنا أبو بكر محمد بن عمر ابن علي بن خلف بن زنبور نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث نا أحمد بن صالح نا عنبسة بن خالد نا يونس عن ابن شهاب حدثني عروة عن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت يا رسول الله والله ما كان على الأرض من أهل (2) خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك فقال " وأيضا والذي نفسي بيده " ثم قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان
_________
(1) الزعراء من النساء هي القليلة الشعر
(2) سقطت من " ز "(70/183)
رجل ممسك فهل علي حرج في أن أطعم من الذي له عيالنا قال: " لا بالمعروف " أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا الحسن بن علي أنا أبو عمر السوسي أنا أبو القاسم بن أبي حية أنا محمد بن شجاع أنا محمد بن عمر (1) حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد المجيد بن سهيل قال لما أسلمت هند بنت عتبة جعلت تضرب صنمها (2) في بيتها بالقدوم فلذة فلذة وهي تقول كنا منك في غرور قال وأنا محمد بن عمر (3) حدثني عبد الله بن يزيد عن أبي حصين الهذلي قال لما أسلمت هند بنت عتبة أرسلت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بهدية وهو بالأبطح مع مولاة لها بجديين مرضوفين (4) وقد فانتهت الجارية إلى خيمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسلمت واستأذنت فأذن لها فدخلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو بين نسائه أم سلمة زوجته وميمونة ونساء من نساء بني عبد المطلب فقالت إن مولاتي أرسلت إليك بهذه الهدية وهي معتذرة إليك وتقول إن غنمنا اليوم قليلة الوالدة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " بارك الله لكم في غنمكم واكثر والدتها " فرجعت المولاة إلى هند فأخبرتها بدعاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسرت بذلك وكانت المولاة تقول لقد رأينا من كثرة غنمنا ووالدتها ما لم نكن (5) نرى قبل ولا قريب فتقول هند هذا دعاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبركته فالحمد لله الذي هدانا للإسلام ثم تقول لقد كنت أرى في النوم أني في الشمس أبدا قائمة والظل مني قريب لا أقدر عليه فلما دنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منا رأيت كأني دخلت الظل قيل إن القد لبأ يجعل في جلد سخلة صغيرة
[13855]
أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر أنا أبو الحسين البزاز (6) أنا أبو طاهر الذهبي أنا أحمد بن عبد الله بن سيف أنا أبو عبيدة السري بن يحيى (7) أنا شعيب بن إبراهيم نا
_________
(1) رواه الواقدي في مغازيه 2 / 871
(3) مغازي الواقدي 2 / 868
(4) بالاصل: " موصوفين " وفي " ز ": " مرصوفين " والمثبت عن المغازي
وقوله موضوفين المرضوف الذي يشوى على الرضف والرضف هي الحجارة المحماة على النار (النهاية)
(5) بالاصل و " ز ": يكن والمثبت عن المغازي
(6) بالاصل و " ز ": البزار
(7) رواه الطبري في تاريخه 2 / 576 (ط
بيروت) حوادث سنة 23(70/184)
سيف بن عمر عن الربيع بن النعمان وأبي المجالد جرار (1) بن عمرو وأبي عثمان وأبي حارثة وأبي عمرو (2) مولى إبراهيم بن طلحة عن زيد بن أسلم عن أبيه قالوا: إن هندا بنت عتبة قامت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ فاستقرضته من بيت المال أربعة آلاف درهم تتجر فيها وتضمنها فأقرضها فخرجت فيها إلى بلاد كلب فاشترت وباعت فبلغها أن أبا سفيان وعمرو (3) بن أبي سفيان قد أتيا فعدلت إليه من بلاد كلب فأتت معاوية وكان أبو سفيان قد طلقها فقال ما أقدمك أي أمه قالت النظر إليك اي بني إنه عمرو وإنما يعمل لله وقد أتاك أبوك فخشيت أن تخرج إليه من كل شئ وأهل ذاك فلا يعلم الناس من أين أعطيته فيؤنبوك ويؤنبك عمر فلا تستقيلها أبدا فبعث إلى أبيه وإلى أخيه بمائة دينار وكساهما وحملهما فتعظمها عمرو فقال أبو سفيان لا تعظمها فإن هذا عطاء لم تغب عنه هند ومشورة قد حضرتها هند ورجعوا (4) جميعا فقال أبو سفيان لهند أربحت (5) ؟ قالت الله أعلم معي تجارة إلى المدينة فلما أتت المدينة وباعت شكت الوضيعة عن أمره فقال لها عمر لو كان مالي لتركته ولكنه مال المسلمين هذه مشورة لم يغب عنها أبو سفيان فبعث إليه فحبسه حتى وفته (6) وقال له بكم أجازك (7) معاوية؟ قال: بمائة دينار أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد الكاتب أنا الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله نا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري قال قرأت على ابن دريد قلت له حدثكم أبو حاتم عن العتبي عن أبيه قال: شخص أبو سفيان إلى معاوية بالشام ومعه ابناه عتبة وعنبسة فكتبت هند إلى معاوية سرا قد قدم أبوك وأخواك (8) فلا تغذم (9) لهم فيعزلك ابن الخطاب قال لي أبو العباس
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " وفي تاريخ الطبري: جراد
(2) بالاصل و " ز ": " عمر " والمثبت عن الطبري
(3) بالاصل و " ز ": " عمر " والمثبت عن الطبري
(4) بالاصل و " ز ": " ورجعا " والمثبت عن الطبري
(5) بالاصل: ارتحت والمثبت عن " ز " والطبري
(6) كذا بالاصل و " ز " وفي الطبري: " أوفته " وكلاهما بمعنى
(7) بالاصل: " أجارك " والمثبت عن " ز " والطبري
(8) في المطبوعة: وأخوك
(9) بالاصل: تقدم واللفظة غير واضحة في " ز " والمثبت عن المطبوعة وسيأتي تفسير الكلمة(70/185)
اليشكري لا تعطهم الكثير ويقال غذم له من المال احمل أباك على فرس وأعطه أربعة آلاف درهم واحمل عتبة على بغل وأعطه ألفي درهم واحمل عنبسة على حمار وأعطه ألف درهم ففعل معاوية ذلك فقال أبو سفيان أشهد أن هذا رأي هند قال ونا أبو بكر أنا أبو حاتم عن العتبي عن أبيه قال: كانت هند امرأة عاقلة جزلة فلما ولى عمر بن الخطاب يزيد بنأبي سفيان ما ولاه من الشام خرج إليه معاوية فقال أبو سفيان لهند كيف ترين صار ابنك تابعا لابني فقالت إن اضطرب حبل العرب فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني فمات يزيد بالشام فولى عمر معاوية موضعه فقالت هند لمعاوية والله يا بني إنه لقل ما ولدت حرة مثلك وقد استنهضك هذا الرجل فاعمل بموافقته أحببت ذلك أم كرهت وقال له أبو سفيان يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا فرفعهم سبقهم وقصر بنا تأخرنا فصاروا قادة وصرنا أتباعا وقد ولوك جسيما من أمورهم فلا تخالفهم فإنك تجري إلى أمد فنافس (1) فيه فإن بلغته أورثته عقبك 9445 هند بنت معاوية بن أبي سفيان صخر ابن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية (2) زوج عبد الله بن عامر بن كريز كانت دارها بدمشق بدرب القلي تعرف اليوم ببني حجيجة (3) أخبرنا أبو الحسين (4) بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر المعدل أنا أبو طاهر المخلص نا أحمد بن سليمان نا الزبير قال في تسمية ولد معاوية (5) : هند بنت معاوية تزوجها عبد الله بن عامر بن كريز وأمها فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف ولهند ورملة ابنتي معاوية يقول عبد الرحمن بن الحكم (6) :
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: تنافس
(2) نسب قريش للمصعب ص 128 وأنساب الاشراف 5 / 296 (طبعة دار الفكر)
(3) بالاصل: حجيمة والمثبت عن " ز "
(4) تحرفت بالاصل إلى: الحسن والمثبت عن " ز "
(5) نسب قريش للمصعب ص 128
(6) بالاصل: " عبد الرحمن بن أم الحكم " ومثله في " ز " وكتب فيها فوق الاسم " الحكم " والصواب ما أثبت عن نسب قريش وهو عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص(70/186)
أؤمل هندا أن يموت ابن عامر * ورملة يوما أن يطلقها عمرو (1)
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف نا الحسين بن فهم نا محمد بن سعد قال: فولد معاوية عبد الله وهو مبقت (2) وعبد الرحمن وهندا تزوجها عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وأمهم فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف بن قصي أنبأنا أبو الحسن بن العلاف وأخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن أبي جعفر وأبو الحسن قالا أنا أبو القاسم الواعظ أنا أحمد بن إبراهيم نا محمد بن جعفر نا إسماعيل بن علي الرقي نا عبد الله بن شبيب نا العتبي محمد بن عبيد الله بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان قال: زوج معاوية ابنته من عبد الله بن عامر بن كريز فلما كانت ليلة البناء بها امتنعت منه امتناعا شديدا حتى لم يقدر منها على شئ فضربها فبكت فلما سمع جواريها بكاءها صحن فسمع معاوية الصوت فجاء مبادرا فسمع مقالتهن فأخبروه فدخل عليه فقال مثل هذه تضرب قبح الله رأيك وقبح ما أتيت به أخرج عني إلى غير هذا البيت فلما خرج قال معاوية لابنته لا تفعلي فإنما هو زوجك الذي أحله الله لك أما سمعت قول الشاعر: من الخفرات البيض أما حرامها * فصعب وأما حلها فذلول؟
ثم خرج ورجع زوجها إليها فلانت له حتى نال منها حاجته أخبرنا أبو العز بن كادش فيما ناولني إياه وقرأ علي إسناده وقال اروه عني أنا أبو علي الجازري (3) أنا أبو الفرج الجريري (4) نا محمد بن الحسن بن دريد (5) نا أبو حاتم
_________
(1) تقدم البيت في ترجمة رملة بنت معاوية في هذا الجزء
(2) مبقت كمعظم: الاحمق ولقب عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان قاله في القاموس المحيط
(3) بالاصل: " الحارري " وفي " ز ": " الحاردي " كلاهما تصحيف والتصويب عن أسانيد مماثلة والسند معروف
(4) بالاصل و " ز ": الحريري تصحيف
(5) الخبر رواه الجريري في الجليس الصالح الكافي 4 / 137(70/187)
أنا محمد بن عبيد الله (1) بن عمرو بن معاوية بن عتبة بن أبي سفيان قال: زوج معاوية بن أبي سفيان ابنته من عبد الله بن عامر بن كريز فلما ابتنى (2) بها امتنعت عليه امتناعا شديدا لم يصل معه منها إلى شئ فضربها فبكت وسمع الجواري بكاءها فصحن ووقع ذلك في أذن معاوية فجاء مبادرا وسمع مقالة الجواري فدخل على عبد الله البيت فقال له مثل هذه تضرب قبح الله رأيك وقبح ما أتيت به أخرج عن هذا البيت إلى غيره فلما خرج أقبل على ابنته فقال يا بنية لا تفعلي فإنما هو زوجك الذي أحله الله لك أوما سمعت يا بنية قول الشاعر: من الخفرات البيض أما حرامها * فصعب وأما حلها فذلول
ثم نهض فخرج وعاد زوجها إلى البيت فلانت وأذعنت أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن كرتيلا أنا أبو بكر محمد بن علي الخياط أنا أحمد بن عبد الله السوسنجردي أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمد أنا أبي أنا محمد بن مروان بن عمر السعيدي حدثني أبو الضحاك مخلد بن محمد بن الضحاك بن مخلد أبي عاصم النبيل نا الزبير بن محمد بن خالد العثماني حدثني عبد الله بن القاسم الأيلي قال: زوج معاوية بن أبي سفيان ابنته هندا من عبد الله بن عامر بن كريز وبنى له قصرا (3) إلى جانب قصره وجعل بينهما بابا وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين قال فبينا هو (4) في المشرقة (5) يوما إذ مرت به حاضنتها فقال لها ما فعلت تلكم؟ فقالت بخير يا أمير المؤمنين قال فإني أعزم عليكم بحقي عليك قالت: يا أمير المؤمنين فإنها مصعت واعتاصت عليه فقام حافيا آخذا بأزرار ثيابه ومضى حتى دخل عليها فسلم والنسوة عندها
_________
(1) في الجليس الصالح: عبد الله
(2) كذا بالاصل و " ز " والجليس الصالح قال القاضي الجريري: قال جمهور من اللغويين: الكلام الصحيح في هذا: بنى عليها وذاك أن الرجل من العرب كان إذا تزوج بنى على امرأته بنيا من خباء وغيره للخلوة بها والافضاء إليها وكثير ذلك وعرف حتى قيل لكل من دخل بزوجته: قد بنى عليها ومما حدث في زماننا من كلام سفلة العامة أن يقولوا لمن غشي امرأته: قد ابتنى بها وإن كان إتيانه بها زنا وسفاحا
(3) بالاصل: قصر والمثبت عن " ز "
(4) بالاصل و " ز ": هن
(5) المشرقة: موضع القعود في الشمس(70/188)
قال فكسرت له نمرقة (1) فجلس فقال السلام عليكن يا بنية بيض عطرات أوانس خفرات أما حرامهن فصعب وأما حلالهن فسهل به سمحات ثم رجع إلى مجلسه فمر به ابن عامر فقال له النجاء إلى أهلك فرب صعب قد ذللته لكم وحزن قد سهلته لكم قال ثم مرت به الحاضنة من الغد فقال لها كيف تلكم فقالت (2) صارت امرأة من النساء أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله قالوا أنا أبو جعفر بن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص أنا الطوسي أنا الزبير بن أبي بكر حدثني عمي مصعب ابن عبد الله (3) عن بعض القرشيين قال: كانت هند بنت معاوية أبر شئ بعبد الله بن عامر وأنها جاءته يوما بالمرآة والمشط وكانت تولى (4) خدمته بنفسها فنظر في المرآة فالتقى وجهه ووجهها في المرآة فرأى شبابها وجمالها ورأى الشيب في لحيته قد ألحقه بالشيوخ فرفع رأسه إليها فقال الحقي بأبيك فانطلقت حتى دخلت على أبيها فأخبرته بخبرها فقال وهل تطلق الحرة قالت ما أتي من قبلي وأخبرته خبرها فأرسل إليه فقال أكرمتك ببنتي ثم رددتها علي؟ قال أخبرك عن ذلك إن الله من علي بفضله وخلقني كريما لا أحب أن يتفضل علي أحد وإن ابنتك أعجزتني مكافأتها لحسن (5) صحبتها فنظرت فإذا أنا شيخ وهي شابة لا أزيدها مالا إلى مالها ولا شرفا إلى شرفها فرأيت أن أردها إليك لتزوجها فتى من فتيانك كأن وجهه ورقة مصحف
9446 - هند بنت المهلب بن أبي صفرة حدثت عن أبيها والحسن البصري وأبي الشعثاء جابر بن زيد حكى عنها ابنا أخيها حجاج ومحمد ابنا أبي عتبة (6) بن المهلب وزياد بن عبد الله القرشي وأبو سلمة مولى العتيك
_________
(1) النمرقة: الوسادة الصغيرة
(2) بالاصل و " ز ": فقال
(3) نسب قريش للمصعب الزبيري ص 149 والمستدرك للحاكم 3 / 639 - 640
(4) في " ز " ونسب قريش: تتولى
(5) كذا بالاصل و " ز " وفي نسب قريش: بحسن
(6) كذا بالاصل وفي " ز ": عيينة وكتب فوقها: " عتبة ح " وقد جاء في التاريخ الكبير 1 / 2 / 278 حجاج بن أبي عيينة عن هند بنت المهلب
هو ابن المهلب المهلبي أخو محمد بن أبي عيينة(70/189)
ووفدت على عمر بن عبد العزيز قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الجوهري أنا محمد بن العباس حدثني أبي العباس بن محمد بن حيوية نا أبو شعيب (1) الحراني نا زياد بن عبد الله القرشي قال دخلت على هند بنت المهلب بن أبي صفرة امرأة الحجاج بن يوسف فرأيت في يدها مغزلا فقلت أتغزلين وأنت امرأة أمير قالت سمعت أبي يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " أطولكن طاقة أعظمكن أجرا وهو يطرد الشيطان ويذهب بحديث النفس "
[13856] [قال ابن عساكر] (2) كذا قال وقد أسقطه منه يزيد (3) بن مروان أنبأناه أبو بكر وجيه بن طاهر وأبو سعد عبد الله بن أسعد بن حيان قالا أنا أبو المظفر موسى بن عمران أنا الحاكم أبو عبد الله نا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو نا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني نا يزيد بن مروان نا زياد بن عبد الله القرشي قال: دخلت على هند بنت المهلب بن أبي صفرة وهي امرأة الحجاج بن يوسف فرأيتها بيدها مغزل تغزل فقلت تغزلين وأنت امرأة خليفة فذكر مثله [قال ابن عساكر] (4) صوابه امرأة أمير كما تقدم أخبرنا أبو (5) الحسن الفقيهان وأبو المعالي بن الشعيري قالوا أنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنا جدي أنا أبو بكر الخرائطي نا أبو قلابة عبد الملك بن محمد نا أبي نا حماد بن زيد عن حجاج بن أبي عتبة (6) قال حدثتني هند ابنة المهلب قالت قلت للحسن: يا أبا سعيد ينظر الرجل إلى عنق أخته وإلى قرطها وإلى شعرها قال لا ولا كرامة
_________
(1) في " ز ": " أبو سعيد " وكتب فوقها: " شعيب ح " والصواب ما أثبت: أبو شعيب واسمه عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني ترجمته في سير أعلام النبلاء 13 / 536
(2) زيادة منا
(3) تحرفت بالاصل إلى: زيد والتصويب عن " ز "
وسيرد على الصواب في الخبر التالي
(4) زيادة منا للايضاح
(5) في " ز ": أبو الحسن
(6) كذا بالاصل وفي " ز ": " عقبة " وكتب فوقها: " عتبة خ " وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب
وانظر ما لاحظناه قريبا بشأنه(70/190)
[قال ابن عساكر] كذا في الأصل والصواب ابن أبي عيينة أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أبي أسد بن عمار بقراءتي عليه عن عبد العزيز بن أحمد أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي أنا تمام بن محمد الرازي نا أبو عبد الرحمن الضحاك بن يزيد بن أبي كبشة نا أبو هاشم وريزة (2) بن محمد بن وريزة الغساني نا الحارث بن همام نا أبي عن أبيه قال قدمت هند بنت المهلب على عمر بن عبد العزيز (3) بخناصرة (4) فقالت له يا أمير المؤمنين علام حبست أخي قال تخوفت أن يشق عصا المسلمين قال فقالت له فالعقوبة بعد الذنب أو قبل الذنب؟ أنبأنا أبو الحسن بن العلاف وأخبرني أبو المعمر عنه وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن أبي جعفر وابن العلاف قالا أنا أبو القاسم بن بشران أنا أحمد بن إبراهيم نا الخرائطي نا يعقوب بن إسحاق القلوسي نا أبو عاصم النبيل نا حماد بن زيد عن أيوب السختياني (5) قال ما رأيت امرأة أعقل من هند بنت المهلب قال ونا الخرائطي نا عمران بن موسى حكاية عن هند بنت المهلب بن أبي صفرة وكانت من عقلاء الناس قالت شيئان لا تؤمن المرأة عليهما الرجال والطيب أنبأنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم نا عبد الله بن محمد نا محمد بن عبد الله بن رستة نا محمد بن عبيد بن حساب نا حماد بن زيد نا حجاج بن أبي عيينة عن هند بنت المهلب وذكروا عندها جابر بن زيد قالوا إنه كان إباضيا (6) قالت كان جابر بن زيد (7) أشد الناس انقطاعا إلي وإلى أمي فما أعلم شيئا كان يقربني إلى الله إلا أمرني به ولا شيئا
_________
(1) بدون إعجام بالاصل وفي " ز ": ورزة والصواب ما أثبت راجع تبصير المنتبه
(2) في " ز ": ورزه
(3) بالاصل و " ز ": عبد الملك خطأ والصواب ما أثبت عن المختصر وقد تقدم في أول الترجمة وفودها عليه
(4) خناصرة بليدة عن أعمال حلب
تحاذي قنسرين إلى البادية (معجم البلدان)
(5) بالاصل و " ز ": السجستاني تصحيف والتصويب عن تهذيب الكمال وهو أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني 2 / 404 والسختياني بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الالف نون
كما فيتقريب التهذيب
(6) الاباضية إحدى فرق الخوارج وهم أتباع عبد اللهه بن إباض
(7) هو جابر بن زيد الازدي اليحمدي البصري أبو الشعثاء ترجمته في سير الاعلام (5 / 398 ت 551) ط دار الفكر(70/191)
يباعدني عن الله إلا نهاني عنه وما دعاني إلى الإباضية قط ولا أمرني بها وإن كان ليأمرني أين أضع الخمار ووضعت يدها على الجبهة أخبرنا أبو الفضل بن ناصر وأبو منصور بن الجواليقي إذنا قالا أنا المبارك بن عبد الجبار أنا أبو محمد الجوهري أنا عثمان بن عمرو بن المنتاب أنا جعفر بن محمد بن نصير نا أحمد بن محمد بن مسروق نا محمد بن الحسين البرجلاني حدثني محمد بن أيوب العتكي حدثني أبي أيوب بن صالح العتكي حدثتني أمي أم عبد الله قالت كنت أدخل على هند بنت المهلب وهي تسبح باللؤلؤ فإذا فرغت من تسبيحها ألقته إلينا فقالت اقتسمنه بينكن أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وحدثنا أخي أبو الحسين (1) الحافظ رحمه الله أنا علي أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف [المقرئ] (2) أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن شرام أنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل السامري نا إبراهيم بن الجنيد نا محمد بن الحسين نا أبو عمر الضرير نا أبو سلمة مولى لعتيك قال قالت هند إذا رأيتم النعم مستدرة فبادروا بتعجيل الشكر قبل حلول الزوال أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (3) نا أبو الحسين بن المهتدي أنا عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم أنا عثمان بن أحمد نا إسحاق بن إبراهيم بن سنين (4) نا عبد الله بن المعلى الكوفي نا أبو عمر الضرير حدثني أبو سلمة مولى لعتيك قال قالت هند بنت المهلب إذا رأيتم النعم مستدرة فبادروها بتعجيل الشكر قبل حلول الزوال أخبرنا أبو الفتوح (5) محمد بن الحسن بن منصور المؤذن أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق أنا علي بن محمد بن علي المقرئ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق أنا الغلابي نا محمد بن عباد قال قالت هند بنت المهلب وذكرت عندها امرأة
_________
(1) بالاصل: الحسن تصحيف والتصويبب عن " ز "
وهو الصائن هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله أخو المصنف ترجمته في سير الاعلام (15 / 218 ترجمة 5098) ط دار الفكر وكناه أبا الحسين وفي طبقات الاسنوي 2 / 215 كناه أبا الحسن
(2) زيدت عن " ز "
(3) الاصل: المزرقي وفي " ز ": المرزقي كلاهما تصحيف
(4) تحرفت بالاصل إلى سفيان والتصويب عن " ز "
(5) في " ز ": " الفرج " وفوقها علامة تحويل إلى الهامش وكتب عليه: الفتوح وفوقها خ(70/192)
بجمال فقالت ما تحلين (1) النساء تحلية أحسن عليهن من لب طاهر تحته أدب كامل أنبأنا أبو الحسن بن العلاف وأخبرني أبو المعمر عنه وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن المسلمة وعلي بن محمد قالا أنا عبد الملك بن محمد أنا أبو العباس الكندي نا أبو بكر الخرائطي حدثني إبراهيم بن الجنيد نا محمد بن الحسين نا محمد بن عباد بن عباد قال قالت هند بنت المهلب ما رأيت للأسرة خيرا من السكن (2) ولرب مسكون إليه غير طائل والسكن على كل حال أجمع قال ونا محمد بن عباد بن (3) عباد حدثتني مولاة لنا قديمة قالت قالت هند بنت المهلب: ما رأيت لصالح النساء وشرارهن خيرا لهن من إلحافهن (4) بأسكانهن قال ونا محمد بن عباد قال سمعت أبي يقول قالت هند رأيت صلاح الحرة إلفها وفسادها بحدتها (5) وإنما يجمع ذلك ويفرقه التوفيق أخبرنا أبو الفضل بن ناصر وأبو منصور موهوب (6) بن الخضر في كتابيهما قالا أنا أبو الحسين بن الطيوري أنا الحسن بن علي أنا عثمان بن عمرو بن المنتاب أنا جعفر بن محمد بن نصير نا أحمد بن محمد بن مسروق نا محمد بن الحسين حدثني محمد بن عباد حدثني أبو زيد مولانا وكان ثقة رضا قال: قالت هند الطاعة مقرونة بالمحبة فالمطيع محبوب وإن نأت داره وقلت آثاره والمعصية مقرونة بالبغض فالعاصي ممقوت وإن مستك رحمه ونالك معروفه
9447 - هند الخولانية (7) امرأة بلال بن رباح مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي من أهل داريا قيل إن لها صحبة
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " وفي المختصر: " بحلية " وهو أشبه
(2) رسمها بالاصل: " السكر " والمثبت عن " ز "
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: نا عباد
(4) في " ز ": الحاقهن
(5) بدون إعجام بالاصل وفي " ز ": " تحديها " والمثبت عن المختصر والمطبوعة
(6) بالاصل: مرهوب والمثبت عن " ز "
(7) ترجمتها في الاصابة 4 / 428 وأسد الغابة 6 / 290 وتاريخ داريا ص 58 و 59(70/193)
حكت عن زوجها بلال روى عنها عمير بن هانئ وعاتكة اللخمية أنبأنا (1) أبو البركات بن المبارك أنا أبو الحسين بن الطيوري أنا عبد العزيز بن علي الأزجي أنا عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة (2) الخلال أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة حدثني [جدي] (3) نا عبد الرحمن بن المبارك نا عبد الأعلى بن عبد الأعلى نا سعيد الجريري (4) عن أبي الورد القشيري حدثتني امرأة من بني عامر عن امرأة بلال: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتاها فسلم فقال " أثم بلال " فقالت: لا فقال " لعلك غضبى على بلال " فقالت إنه يجيئني كثيرا فيقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " ما حدثك عني فقد صدقك بلال (5) بلال لا يكذب لا تغضبي بلالا فلا يقبل منك عمل ما غضب عليك بلال (6) "
[13857] أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني نا علي بن محمد بن طوق أنا عبد الجبار بن محمد بن مهنا (7) نا أحمد بن سليمان نا أبو زرعة ح (8) وأخبرناه عاليا أبو محمد أيضا نا عبد العزيز أنا أبو القاسم البججلي أنا أبو عبد الله الكندي نا أبو زرعة حدثني أبو مسهر ويحيى بن صالح قالا نا محمد بن مهاجر عن عمير بن هانئ عن هند الخولانية امرأة بلال قال قالت كان بلال إذا أخذ مضجعه قال اللهم تقبل حسناتي وتجاوز عن سيئاتي واعذرني بعلاتي
_________
(1) الخبر من هذا الطريق في أسد الغابة 6 / 291
(2) بالاصل والمبطوعة: " حمد " وفي أسد الغابة: " خيثمة " تصحيف والصواب ما أثبت راجع ترجمته في سير الاعلام 17 / 82
(3) سقطت من الاصل وزيدت عن " ز " وأسد الغابة
(4) بالاصل: " الحررى " والمثبت عن " ز " وأسد الغابة
(5) كذا بالاصل و " ز " واللفظة ليست في أسد الغابة
(6) عقب ابن الاثير بعدما ذكر الحديث: وهذا عندي فيه نظر فإن بلالا إنما تزوج في خولان لما أقام بالشام وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس في الحديث أنها من خولان وولعل هذه غير الخولانية والله أعلم
(7) الخبر رواه القاضي عبد الجبار في تاريخ داريا ص 58 - 59
(8) زيد حرف التحويل عن " ز "(70/194)
رواه معاوية بن صالح عن عمير بن هانئ عن امرأة بلال ولم يسمها أنبأنا أبو علي المقرئ وغيره قالوا أنا أبو بكر بن ريذة أنا سليمان بن أحمد نا أبو زرعة الدمشقي نا أبو مسهر نا محمد بن مهاجر الأنصاري نا عمير بن هانئ عن هند امرأة بلال قالت: كان بلال إذا أخذ مضجعه قال اللهم تجاوز عن سيئاتي واعذرني بعلاتي أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو الحسن (1) بن لؤلؤ أنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار نا أبو حفص الفلاس نا عبد الملك بن بديل بن غزوان (2) قال حدثتنا عاتكة اللخمية قالت حدثتني هند الخولانية امرأة بلال قالت: كان بلال إذا أخذ مضجعه من الليل قال اللهم اغفر لي خطاياي واعذرني لعلاتي أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني أنا أبو القاسم البجلي نا أبو عبد الله نا أبو زرعة قال في تسمية من حدث بالشام من النساء هند الخولانية زوجة بلال أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قراءة عن أبي الحسين بن الآبنوسي أنا أبو القاسم بن عتاب أنا أحمد بن عمير إجازة ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد أنا الحسن بن أحمد أنا علي بن الحسن أنا عبد الوهاب بن الحسن أنا ابن جوصا قراءة قال سمعت ابن سميع يقول هند الخولانية امرأة بلال تنزل داريا أخبرنا أبو الفتح الماهاني أنا شجاع أنا ابن مندة قال (3) هند امرأة بلال بن رباح سماها سعيد بن عبد الملك عن الأوزاعي عن عمير بن هانئ عن هند الخولانية امرأة بلال قالت كان بلال إذا أوى إلى فراشه قال اللهم اغفر زلاتي وتقبل حسناتي واعذرني في علاتي أخبرناه محمد بن محمد بن يعقوب نا إبراهيم بن محمد الفرائضي نا محمد بن عيسى المصيصي عن سعيد بن عبد الملك بهذا ولها حديث مسند رواه الجريري عن أبي الورد عن امرأة من بني عامر عنها
_________
(1) تحرفت بالاصل إلى: الحسين والمثبت عن " ز "
(2) تحرفت بالاصل إلى: عزران والمثبت عن " ز "
(3) رواه من طريقه ابن حجر في الاصابة 4 / 428(70/195)
أنبأنا أبو علي الحداد وأبو سعد المطرز قالا قال لنا أبو نعيم الحافظ هند امرأة بلال سماها سعيد بن عبد الملك عن الأوزاعي عن عمير بن هانئ عن هند الخولانية امرأة بلال ولها حديث مسند فيما رواه الجريري (1) عن أبي الورد عن امرأة عنها ذكرها المتأخر
9448 - هوى جارية أديبة اشتراها معاوية وبعث بها إلى الحسين بن علي رضي الله عنهـ على ما قيل قرأت على أبي محمد طاهر بن سهل بن بشر عن أبي الحسن بن صصرى ح وأنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى أنا أبو منصور طاهر بن العباس بن منصور المروزي العماري بمكة نا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن أحمد بن جعفر السقطي بمكة نا إسحاق بن محمد بن إسحاق السوسي نا أبو بكر محمد بن أحمد بن صديق نا أبو بكر محمد بن إبراهيم العوامي حدثني ابن الأعرابي عن المبرد حدثني المازني قال قال الأصمعي عرضت على معاوية جارية فأعجبته فسأل عن ثمنها فإذا ثمنها مائة ألف درهم فابتاعها ونظر إلى عمرو بن العاص فقال لمن تصلح هذه الجارية فقال لأمير المؤمنين قال ثم نظر إلى غيره فقال له كذلك فقال لا فقيل لمن قال للحسين بن علي بن أبي طالب فإنه احق بها لما له من الشرف ولما كان بيننا وبين أبيه فأهداها له فأمر من يقوم عليها فلما مضت أربعون يوما حملها وحمل معها أموالا عظيمة وكسوة وغير ذلك وكتب إن أمير المؤمنين اشترى جارية فأعجبته فأثرك بها فلما قدمت على الحسين بن علي أدخلت عليه فأعجب بجمالها فقال لها ما اسمك فقالت هوى قال أنت هوى كما سميت هل تحسنين شيئا قالت نعم أقرأ القرآن وأنشد الأشعار قال اقرئي فقرأت " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو " (2) قال أنشديني قالت ولي الأمان قال نعم فأنشأت تقول:
_________
(1) تحرفت بالاصل إلى: الجوهري وفي " ز ": الحريري
والتصويب عن الاصابة
(2) سورة الانعام الاية: 59
(3) بالاصل و " ز ": أنشدني والمثبت عن المختصر(70/196)
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى * غير أن لا بقاء للإنسان
فبكى الحسين ثم قال أنت حرة وما بعث به معاوية معك فهو لك ثم قال لها هل قلت في معاوية شيئا فقالت: رأيت الفتى يمضي ويجمع جهده * رجاء الغنى والوارثون قعود وما للفتى إلا نصيب من التقى * إذا فارق الدنيا عليه يعود
فأمر لها بألف دينار وأخرجها ثم قال رأيت أبي (1) كثيرا ما ينشد (2) : ومن يطلب الدنيا لحال تسره (3) * فسوف لعمري عن قليل يلومها إذا أدبرت كان على المرء فتنة * وإن أقبلت كانت قليل دوامها (4)
ثم بكى وقام إلى صلاته " حرف اللام ألف وحرف الياء فارغان " " ذكر من ذكرت منهن بكنيتها دون التعريف لها بتسميتها "
9449 - أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف (5) أخت هند وخالة معاوية كانت بالشام وشهدت الفتح مع أخيها أبي هاشم وزوجها أبان بن سعيد بن العاص ابن أمية بن عبد شمس وقتل عنها يوم أجنادين (6) وقيل إنه لم يكن معها سوى ليلتين حتى قتل عنها ذكر ذلك عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي في كتاب فتوح الشام تصنيفه أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر
_________
(1) في المختصر: أبي أمير المؤمنين
(2) البيتان في ديوان الامام علي بن أبي طالب ط
بيروت ص 181
(3) صدره في الديوان: فمن يحمد الدنيا لعيش يسره
(4) روايته في الديوان
إذا أقبلت كانت على المرء حسرة * وإن أدبرت كانت كثيرا همومها (5) نسب قريش ص 153
(6) انظر نسب قريش للمصعب ص 174 وأنساب الاشراف 6 / 47 طبعة دار الفكر(70/197)
المعدل أنا أبو طاهر بن عبد الرحمن أنا أبو عبد الله نا الزبير قال في تسمية ولد عتبة بن ربيعة قال (1) وولد أبا هاشم بن عتبة وأم أبان ولدت لطلحة بن عبيد الله وأمهم (2) خناس بنت مالك بن مضرب وأخواهم لأمهم (3) مصعب وأبو عزيز (4) ابنا عمير بن هاشم ابن عبد الدار بن قصي أنبأنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن (5) أحمد الفقيه ونا أبو الحسين علي بن سليمان الفقيه عنه قال أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قراءة عليه نا أبو عبد الله الحافظ أخبرني عبيد الله بن محمد بن أحمد البلخي ببغداد من أصل كتابه نا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي نا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة ابن عبيد الله القرشي حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال خطب عمر بن الخطاب أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فأبته فقيل لها ولم؟ قالت إن دخل دخل ببأس (6) وإن خرج خرج بيأس قد أذهله (7) أمر آخرته عن أمر دنياه كأنه ينظر إلى ربه بعينه ثم خطبها الزبير بن العوام فأبته فقيل لها ولم قالت ليس لزوجته منه إلا شارة في قراملها (8) ثم خطبها علي فأبت فقيل لها ولم قالت ليس لزوجته منه إلا شارة في قراملها ثم خطبها علي فأبت فقيل لها ولم قالت ليس لزوجته منه إلا قضاء حاجته ويقول كنت وكنت وكان وكان ثم خطبها طلحة [بن عبيد الله] (9) فقالت: زوجي حقا قالوا وكيف ذلك قالت إني عارفة بخلائقه إن دخل دخل ضحاكا وإن خرج خرج بساما إن سألت أعطى وإن سكت ابتدأ وإن عملت شكر وإن أذنبت
_________
(1) انظر نسب قريش ص 153
(2) في نسب قريش: وأمهما
(3) في نسب قريش: وأخواهما لامهما
(4) بالاصل: عزير والمثبت عن " ز " ونسب قريش
وأخطأ ابن حزم ص 117 في اسمه فقال: " زرارة بن عزيز بن عمير " وهو زرارة أبو عزيز راجع ترجمته في الاصابة والاستيعاب
(5) بالاصل: " محمد بن محمد أحمد " وفي " ز ": بن محمد بن محمد وكتب فوق محمد الاخيرة " أحمد ح " كذا
(6) بالاصل: بيأس والمثبت عن " ز "
(7) بالاصل: أدخله والمثبت عن " ز " والمختصر
(8) القرامل هي ضفائر من شعر أو من صوف تصل بها المرأة شعرها
(9) ما بين معكوفتين سقط من الاصل و " ز " واستدرك للايضاح عن المختصر والمطبوعة(70/198)
غفر فلما أن ابتنى بها قال علي يا أبا محمد إن أذنت لي أن أكلم أم أبان قال كلمها قال فأخذ سجف الحجلة ثم قال السلام عليك يا غريرة نفسها قالت وعليك السلام قال خطبك أمير المؤمنين وسيد المسلمين فأبيته قالت كان ذلك قال وخطب الزبير ابن عمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأحد حوارييه (1) فأبيته قالت وقد كان ذلك قال وخطبتك أنا وقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت قد كان ذلك قال أما والله لقد تزوجت أحسننا وجها وأبذلنا كفا يعطي هكذا وهكذا أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر أنا أبو طاهر أنا أحمد نا الزبير حدثني محمد بن سلام عن محمد بن حفص التيمي قال: قدمت أم أبان بنت عتبة بن ربيعة من الشام فخطبها عمر بن الخطاب وخطبها علي ابن أبي طالب فأبت وتزوجت طلحة بن عبيد الله ودعا طلحة أصحابه للوليمة فقال له علي يا أبا محمد أكلمها؟ قال كلم بنت عمك بما شئت قال يا عدوة نفسها خطبك أمير المؤمنين فأبيته وخطبك ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصهره فأبيته وتزوجت ابن ابنة (2) الحضرمي؟ فقالت ما ألوت نفسي خيرا قال والله إنه لفتانا وأسخانا آل محمد وآل الزبير وقد روى غيره أن الزبير بن العوام أيضا ممن كان خطبها وأن علي بن أبي طالب قال لها وخطبك الزبير بن العوام حواري رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 9450 أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ابن عبد مناف بن قصي القرشية الجعفرية (3) حدثت عن أبيها روى عنها علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب والحسن بن الحسن بن علي والحسن بن محمد بن علي
_________
(1) بالاصل و " ز ": حواريه
(2) طلحة بن عبيد الله بن عثمان وأمه الصعبة بنت الحضرمي واسمه عبد الله بن عماد بن مالك الحضرمي انظر أسد الغابة 2 / 467 ونسب قريش ص 280
(3) ترجمتها في تهذيب الكمال 22 / 445 ط دار الفكر وتهذيب التهذيب وتقريبه (8993) ط دار الفكر ونسب قريش ص 83 وأنساب الاشراف 2 / 325 ط دار الفكر(70/199)
وكانت عند عبد الملك بن مروان بدمشق فطلقها فتزوجها علي بن عبد الله بن عباس أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد الزيدي بالكوفة أنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن [محمد بن] (1) علان بن الخازن (2) أنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي نا أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الأشجعي نا علي بن المنذر نا محمد بن فضيل نا مسعر عن أبي بكر بن حفص عن الحسن بن الحسن قال زوج عبد الله بن جعفر بنته فخلا بها قال الحسن فلقيتها فقلت ما قال لك؟ قالت قال لي يا بنية إذا نزل بك الموت أو أمر تفظعين (3) به فقولي لا إله إلا الله الحكيم (4) الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين فأتيت الحجاج فقلتهن فقال لي لقد جئتيني وأنا أريد أن أضرب عنقك وما من أهلك الآن أحد أحب إلي منك فسلي ما شئت أخبرنا أبوا الحسن (5) الفقيهان قالا أنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنا جدي أنا أبو بكر الخرائطي نا إبراهيم بن الهيثم البلدي حدثني أبي نا العباس بن الفضل عن الحسن ابن حسن قال: لما زوج عبد الله بن جعفر ابنته خلا بها فقلت ومني قال ومنك فلما قضى حاجته إليها قلت عزمت ح ح عليك لتحدثيني بما قال لك فقالت قال لي إذا نزل بك الموت أو أمر فظيع من أمر الدنيا فاستقبليه بأن تقولي لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين قال فأرسل إلي الحجاج فلما أتيته قلتهن فقال إني أرسلت إليك وأنا أريد قتلك وما من أهل بيتك الآن أكرم علي منك فاسأل (6) حاجتك أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا قالا أنا أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء أنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد الله
_________
(1) " محمد بن " سقط من الاصل واستدرك عن " ز "
(2) بالاصل و " ز ": الحارث وفي المطبوعة: " الخارف " والمثبت عن مشيخة ابن عساكر 154 / ب
(3) بالاصل و " ز ": تقطعين والمثبت عن المختصر يقال: فظع بالامر فظاعة واستفظعه وأفظعه: رآه فظيعا
(4) في " ز ": الحليم
(5) في " ز ": أبو الحسن
(6) بالاصل و " ز ": فاسألي(70/200)
السراج نا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي نا محمد بن حميد الرازي نا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق وأخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن المظفر بن عبد الرحمن الكحال المصري بمكة أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس نا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي نا محمد بن حميد نا سلمة هو ابن الفضل الرازي حدثني ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن علي بن الحسين وقال البغوي بن حسين عن ابنة (1) عبد الله بن جعفر عن علي (2) - زاد البغوي ابن أبي طالب قال: علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلمات عند الكرب أو الأمر يحز به (3) - وقال البغوي عند الكرب يصيبه أو الأمر حزبه (4) - أن أقول لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحانه وتبارك الله وقال البغوي سبحان الله وبحمده تبارك الله وقالا رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين قال كذا روى لنا أبو القاسم الكحال هذا الحديث عن ابنة (5) عبد الله بن جعفر عن علي وإنما هو عن أبيها عبد الله بن جعفر عن علي وقد اختلف على محمد بن إسحاق في هذا الحديث فرواه عن سلمة بن الفضل كما ذكرنا وخالفه محمد بن سلمة الحراني فرواه عن ابن إسحاق ولم يذكر في إسناده ابنة عبد الله بن جعفر بل قال عن علي بن حسين عن عبد الله بن جعفر عن علي وكذا روي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن علي بن الحسين عن عبد الله بن جعفر ورواه إسحاق بن أبي فروة عن أبان بن صالح عن حسن بن محمد بن علي عن أم أبيها ابنة عبد الله بن جعفر عن أبيها عن علي أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالا أنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنا
_________
(1) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: أبيه
(2) كذا بالاصل و " ز ": عن علي ومر أن أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر تروي عن أبيها عبد الله وسينبه المصنف
إلى الصواب
(3) في " ز ": " يحزيه " وفوقها ضبة
(4) في " ز ": حثر به
(5) بالاصل و " ز ": ابيه(70/201)
أبو الحسن الدارقطني نا أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله نا محمد بن علي بن زيد المكي نا أحمد بن عمر العلاف نا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء عن محمد ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن القعقاع عن علي بن الحسين عن بنت عبد الله بن جعفر عن أبيها عن علي قال علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلمات عند الخوف يصيبه والأمر يتخوفه أن يقول " لا إله إلا الله الكريم الحليم سبحانه تبارك الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين "
[13858]
قال الدارقطني تفرد به ابن إسحاق عن أبان بن صالح بهذا الإسناد ورواه أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى [الحراني] (1) عن ابن إسحاق وذكر فيه قصة أخبرناه أبو الحسن علي بن المسلم السلمي نا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد التميمي أنا أبو بكر محمد بن أبي عمرو بقرية منين وأبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن مشماس قالا أنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن أبي ثابت نا أبو عقيل أنس بن المسلم الخولاني نا أبو الأصبغ حدثني محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن علي بن حسين قال كان أبو جعفر (2) يقول علمني أبي يعني عليا وكانت أمه تحت علي فلذلك كان يقول أبي قال علمني كلمات زعم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) علمه إياهن يقولهن عند الكرب إذا نزل به وقال أي بني لقد كتمتهن عن حسن وحسين وخصصتك بهن فكنا نسأله عنهن فيكتمناهن ويأبى أن يعلمناهن حتى زوج ابنته فخرجنا نشيعها حتى إذا كنا بمحيص (3) ركبت ودعتها خلا بها (4) وهي على دابتها فعرفت أنه يعلمها تلك الكلمات التي كان يكتمنا ثم انصرف وانصرفنا حتى إذا سرنا قريبا من الميل تخلفت كأني أهريق الماء ثم ركضت حتى أدركتها فقلت لها أي ابنة عم إني قد عرفت أن أباك إنما خلا بك دوننا ليعلمك الكلمات التي كان يكتمنا قالت أجل قلت فأخبريني بهن قالت قد نهاني أن أخبر بهن أحدا قلت أسألك بالله لما أخبرتيني (5) فلعلي لا أراك هذا الوقت
_________
(1) سقطت من الاصل وأضيفت عن " ز "
(2) أبو جعفر يعني عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وسمي بعبد الله الجواد وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية وقد تزوجت علي بن أبي طالب وهو قوله: علمني أبي
(انظر أنساب الاشراف 2 / 299) ونسب قريش ص 80
(3) محيص ضبطت بالقلم في " ز " بضمة فوق الميم وفتحة فوق الحاء
ومحيص موضع بالمدينة (معجم البلدان)
(4) قوله: " خلا بها " مكرر في الاصل
(5) كذا بالاصل و " ز ": أخبرتيني(70/202)
أبدا قالت خلا بي ثم قال أي بنية إن أبي علمني كلمات علمه إياهن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقولهن عند الكرب إذا نزل به وقال لقد خصصتك بهن دون حسن وحسين وأنت تقدمين أرضا أنت بها غريبة فإذا نزل بك كرب أو أصابتك شدة تقوليهن لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحانه وتبارك الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين (1) أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالوا أنا أبو جعفر أنا أبو طاهر أنا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (2) : فولد عبد الله بن جعفر: يحيى وهارون وصالح الأكبر وموسى وأم أبيها كانت عند عبد الملك بن مروان فطلقها وهو خليفة فتزوجها علي بن عبد الله بن العباس فولدت له وهلكت عنده
9451 - أم البراء بنت صفوان بن هلال من النسوة الشواعر الفصيحات دخلت على معاوية وكانت لها معه قصة أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد أنا محمد بن علي الخياط أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر أنا أحمد بن علي بن محمد حدثني أبي حدثني أبو عمرو السعيدي (3) أخبرني جعفر بن أحمد وهو ابن معدان نا الحسن بن جهور قال قال إبراهيم بن محمد حدثني محمد بن إبراهيم عن الوليد بن خالد عن سعيد بن حذافة (4) قال: دخلت أم البراء بنت صفوان بن هلال على معاوية وعليها ثلاث دروع قد كارت على رأسها كورا فسلمت وجلست فقال كيف أنت يا بنت صفوان قالت بخير يا أمير المؤمنين قال كيف حالك قالت ضعفت بعد قوة وكسلت بعد نشاط قال شتان بين يومك ويوم تقولين: يا زيد دونك صارما ذا رونق * عضب المهزة ليس بالخوار
_________
(1) رواه المزي في تهذيب الكمال 22 / 444 من طريق أبي الحسن ابن البخاري بسنده إلى علي بن أبي طالب باختلاف الرواية
(2) انظر نسب قريش للمصعب ص 82 و 83 ونقله المزي في تهذيب الكمال 22 / 445 عن الزبير بن بكار
(3) بالاصل: الصعيدي والمثبت عن " ز "
(4) في " ز ": حذافة تصحيف
(5) بالاصل: وعليه والمثبت عن " ز "(70/203)
أسرج (1) جوادك مسرعا ومشمرا * للحرب ليس موليا لفرار يا ليتني أصبحت ليس بعورة * فأذب عنه عساكر الفجار
قالت يا أمير المؤمنين " عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه " (2) قال هيهات أما (3) والله لو عاد لعدت ولكنه اخترم قبلك فكيف أبياتك فيه حين قتل قالت نسيتها
قال: هو والله حين تقولين: يا للرجال لعظم أمر مصيبة * جلت فليس مصابها بالزائل فالشمس كاسفة لفقد أميرنا * خير البرية والإمام العادل يا خير من ركب المطي ومن مشى * فوق التراب بحافي (4) أو ناعل حاشى النبي لقد هدمت قواءنا (5) * فالحق أصبح خاضعا للباطل
قاتلك الله والله ما كان حسان يحسن هذا ألك حاجة قالت أما الآن فلا وقامت فعثرت بثوبها فقالت تعس (6) شانئ علي فقال لها معاوية يا أم البراء زعمت ألا (7) قالت هو والله ما تعلم وخرجت فبعث إليها بمال
9452 - أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان بن الحكم ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس (8) زوج الوليد بن عبد الملك وابنة عمه روى عنها إبراهيم بن أبي عبلة وكانت دارها بدمشق بقرب طاحونة الثقفيين المعروفة اليوم بطاحونة القلعة وكانت لها دار أخرى خارج باب الفراديس على يسرة المار إلى المقبرة
_________
(1) بالاصل: " أسرع " والمثبت عن " ز "
(2) سورة المائدة الاية: 95
(3) كذا بالاصل و " ز "
(4) كذا بالاصل و " ز "
(5) في " ز ": قرانا
(6) بالاصل: " تغير " والمثبت عن " ز "
(7) يريد قولها " عفا الله عما سلف " وذكرها بأنها زعمت ألا تعود إلى مثل قولها الاول وها هي تعود
(8) أخبارها في نسب قريش ص 165 وص 168 وأنساب الاشراف 6 / 336 (طبعة دار الفكر)(70/204)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف أنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل نا أحمد بن مروان نا عمران بن موسى نا عيسى بن ضمرة عن ابن أبي عبلة قال سمعت أم البنين تقول أف للبخل لو كان ثوبا ما لبسته ولو كان طريقا ما سلكتها أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حمد وأبو الخير سعيد بن الفضل بن أحمد قالا أنا محمود بن جعفر الكوسج ح (1) وأخبرنا أبو سعد بن البغدادي أنا أبو عمرو بن مندة وأبو منصور بن شكرويه ح وأخبرنا أبو بكر اللفتواني أنا أبو المظفر محمود بن جعفر بن محمد وأبو عمرو وأبو منصور قالوا أنا إبراهيم بن خرشيذ قوله ح (2) وأخبرنا أبو بكر اللفتواني وأبو روح محمد بن معمر بن أحمد اللنباني (3) وأبو صالح عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن العباس بن الحنوي (4) وأبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن علي الفارقي الشعار الدعاء قالوا أنا أبو محمد التميمي ح وأخبرنا أبو السعادات المتوكلي وأبو السعود بن المجلي قالا أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ مولى بني هاشم قالا أنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول سنة ثمان وعشرين وثلثمائة أنا أبو عتبة يعني أحمد بن الفرج الحمصي نا ضمرة ح قال الخطيب ونا أبو القاسم سعيد بن محمد بن الحسن] (5) المروروذي لفظا بصيدا أنا احمد بن علي بن الحسن الكسائي بزبيد اليمن نا أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي نا عمارة بن وثيمة نا أبو سعيد يعني يحيى بن سليمان الجعفي نا أبو عمير نا ضمرة عن إبراهيم بن أبي عبلة قال سمعت أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز تقول
_________
(1) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل وزيد عن " ز "
(2) سقط " ح " من الاصل وأضيف عن " ز "
(3) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: اللبناني بتقديم الباء
(4) بدون إعجام بالاصل وفي " ز ": " الحسوبي "
(5) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك عن " ز " لتقويم السند(70/205)
أف للبخل لو كان وقال ابن خرشيد قوله وابن المجلي والله لو كان طريقا ما سلكته ولو كان ثوبا ما لبسته قال أبو عمير هذا يسوى (1) خمسين حديثا هذا مما سألني عنه يحيى بن معين أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد أنا جدي أبو عبد الله أنا أبو علي الأهوازي أنا أبو علي الحسن بن محمد بن درستويه أنا محمد بن عبد الله (2) بن عبد السلام مكحول نا أبو عمير (3) عن مهدي عن رديح عن ابن أبي عبلة قال دخلت على أم البنين وهي تعالج قدرا لها فقلت ما هذا فقالت شئ اشتهاه أمير المؤمنين فأنا أعالجه أم البنين بنت عبد الملك بن مروان وأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز كذا قال وهو وهم إنما أم البنين بنت عبد العزيز أخت عمر كانت زوجة الوليد بن عبد الملك ولم يكن متقللا من المعيشة ولعلها كانت تطبخ لأخيها عمر والله أعلم أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو عثمان الصابوني قال سمعت أبا نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة يقول سمعت الحاكم أبا محمد يحيى بن منصور يقول (4) : دخلت عزة كثير على أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز فقالت لها ما سبب قول كثير: قضى كل ذي دين علمت غريمه * وعزة ممطول معنى غريمها
قالت: كنت وعدته قبلة فتحرجت منها فقالت أم البنين أنجزيها وعلي إثمها قال فندمت أم البنين على قولها هذا فأعتقت لكلمتها هذه سبعين رقبة أخبرنا أبو الحسين وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر أنا المخلص أنا أبو عبد الله نا الزبير قال (5) : في تسمية ولد عبد العزيز وأم البنين بنت عبد
_________
(1) كذا بالاصل و " ز "
وجاء في تاج العروس سوو: ولا يسوى كيرضى لغة قليلة أنكرها أبو عبيدة وحكاها غيره
وفي المصباح: وفي لغة قليلة: سوى درهما يسواه وفي التهذيب: قال الفراء: لا يساوي الثوب غيره كذا لم يعرف العرب يسوى
وقال الليث: يسوى نادرة
قال الازهري: قلت: قول الفراء: صحيح ولا يسوى ليس من كلام العرب بل هومن كلام المولدين وكذا: لا يسوى ليس بعربي صحيح
(2) بالاصل: " بن عبد الله " مكرر
والمثبت يوافق " ز " انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 15 / 33
(3) يعني عيسى بن محمد بن إسحاق بن النحاس أبو عمير الرملي راجع ترجمته في سير الاعلام 12 / 52
(4) الخبر رواه المصنف من وجه آخر في ترجمة عزة المتقدمة في هذا الجزء
(5) انظر نسب قريش للمصعب ص 168(70/206)
العزيز ولدت للوليد بن عبد الملك وأخواها لأمها (1) سهيل وجعفر ابنا خارجة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العوام وأمهم ليلى بنت سهيل بن حنظلة بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني أنا أبو القاسم البجلي نا أبو عبد الله الكندي نا أبو زرعة قال فيمن حدث بالشام من النساء أم البنين ابنة عبد العزيز بن مروان روى عنها ابن أبي عبلة قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال (2) : وأما أم البنين أوله باء معجمة بواحدة وبعدها نون مكسورة خفيفة فهي أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان أخت عمر بن عبد العزيز روى عنها إبراهيم بن أبي عبلة
9453 - أم حبيبة أم المؤمنين اسمها رملة بنت صخر بن حرب تقدم ذكرها في حرف الراء
9454 - أم حبيب ابنة فلان بن العاص القرشية (3) أدركت عصر النبي (صلى الله عليه وسلم) وشهدت اليرموك لها ذكر أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن المسلمة نا أبو الحسن بن الحمامي أنا أبو علي بن الصواف نا أبو محمد الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى العطار نا أبو حذيفة البخاري قال قالوا وشد طرف من الروم على عمرو بن العاص فانكشف هو وأصحابه حتى دخلوا أول العسكر وهم في ذلك يقاتلون ويشدون ولم ينهزموا هزيمة ولوا فيها الظهر قالوا فنزلت النساء من التل بعمدهن يضربن وجوه الرجال ونادت الناس ابنة ابن العاص وقالت قبح الله رجلا يفر عن حليلته وقبح الله رجلا يفر عن كريمته قالوا وسمع نسوة من نساء
_________
(1) تحرف بالاصل إلى: " لابيها " والتصويب عن " ز "
(2) الاكمال لابن ماكولا 1 / 518
(3) ترجمتها في الاصابة 4 / 440 وسماها: أم حبيب بنت العاص بن أمية بن عبد شمس القرشية الاموية
وأسد الغابة 6 / 313 وسمى أيضا أباها: " العاص " وسماها في المختصر: أم حبيب بنت فلان القرشية(70/207)
المسلمين يقلن فلستم ببعولتنا (1) إن لم تمنعونا قال فتراد المسلمون وزحف عمرو وأصحابه حتى عادوا إلى قريب من موقفهم ذكر أبو مخنف (2) لوط بن يحيى هذه القصة عن أبيه عن مكلبة بن حنظلة الكناني (3) عن أبيه وقال سمعت (4) أم حبيب ابنة العاص فذكرها
9455 - أم حبيب بنت أبي سفيان اسمها أميمة تقدم ذكرها في حرف الألف 9456 أم حبيب بنت قيس بن عمرو بن المؤمل بن حبيب بن تميم ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب تقدم ذكرها في ترجمة محمد بن إياس بن عمرو بن المؤمل (5) 9457 أم حبيب بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشية العبشمية (6) زوج يزيد (7) بن معاوية ولدت له معاوية وعبد الله بن يزيد (8) كتبت إلى النعمان بن بشير تسأله عن قصة زيد بن خارجة الأنصاري (9) الذي تكلم بعد موته فكتب إليها بذلك وكانت تكنى أم عبد الله بابنها عبد الله (10) لها ذكر
_________
(1) بعولة واحدها بعل وهو الزوج وقيل في جمعه: بقال وبعول أيضا
(القاموس)
(2) تحرفت بالاصل إلى: مخيف والتصويب عن " ز "
(3) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: الكتاني
(4) بالاصل و " ز ": فسمعت والمثبت عن المختصر
(5) تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق 52 / 136 رقم 6117 طبعة دار الفكر
(6) لم يذكرها ابن خزم في جمهرة الانساب ولا المصعب في نسب قريش
ولا البلاذري في أنساب الاشراف
(7) بالاصل و " ز ": زوج خالد بن يزيد بن معاوية
والتصويب حسب اقتضاء السياق عن مختصر ابن منظور
(8) كذا بالاصل و " ز " والذي في أنساب الاشراف 5 / 377 (طبعة دار الفكر) أن معاوية وعبد الاكبر ابني يزيد أمهما أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عب شمس
وفي نسب قريش للمصعب ص 128 أن أمهما أم هاشم بنت أبي هاشم
وقيل إن أم هاشم اسمها حية وفي أنساب الاشراف: اسمها فاختة وتلقب حبة
وقيل إن أم هاشم لما ولدت خالد بن يزيد تركت كنيتها وتكنت بأم خالد راجع الاغاني 17 / 259
(9) هو زيد بن خارجة بن أبي زهير بن مالك الانصاري من بني الحارث بن الخزرج له صحبة ترجمته في تهذيب الكمال 6 / 454
(10) سترد ترجمتها فيمن كنيتها أم عبد الله من النساء لكن المصنف لم يشر في ترجمتها إلى قوله هنا أو إلى: ترجمتها تقدمت في أم حبيب كما درج مثل هذه الحالات(70/208)
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو علي بن صفوان (1) نا ابن أبي الدنيا نا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس نا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد قال جاءنا يزيد بن النعمان بن بشير إلى حلقة القاسم (2) بن عبد الرحمن بكتاب أبيه (3) النعمان بن بشير بسم الله الرحمن الرحيم من النعمان بن بشير إلى أم عبد الله ابنة أبي هاشم سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو فإنك كتبت إلي لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة فذكر الحديث أنبأنا أبو محمد بن الآبنوسي وحدثنا أبو الفضل بن ناصر عنه أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو الحسين بن المظفر أنا أبو علي المدائني أنا أبو بكر بن البرقي قال ولد أبي هاشم بن عتبة عبد الله وأم حبيب وأم خالد وكانت أم حبيب عند يزيد بن معاوية فولدت له معاوية وعبد الله ثم خلف يزيد على أختها أم خالد بنت أبي هاشم فولدت له خالد بن يزيد بن معاوية 9458 أم حرام بنت ملحان واسمه مالك ويقال ملحان ابن مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأنصارية (4) زوج عبادة بن الصامت وخالة أنس بن مالك لها صحبة وخرجت مع زوجها عبادة غازية إلى الشام وقدمت دمشق روت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حديثا رواه عنها زوجها عبادة وابن أختها أنس بن مالك وعمير بن الأسود العنسي ويعلى ابن شداد بن أوس وعطاء بن يسار
_________
(1) بالاصل و " ز ": الصواف والمثبت قياسا إلى أسانيد مماثلة
(2) بالاصل: " حلقة ابن القاسم " والصواب ما أثبت عن " ز "
(3) بالاصل: " ابنة " وفي " ز " " اسه "
(4) انظر ترجمتها وأخبارها في نسب قريش للمصعب ص 124 وتاريخ الطبري (الفهارس) وحلية الاولياء 2 / 61 وتهذيب الكمال 22 / 454 وتهذيب التهذيب وتقريبه الترجمة (9007) ط دار الفكر والاصابة 4 / 441 وطبقات ابن سعد 8 / 434 وسير أعلام النبلاء 2 / 316 وأسد الغابة 6 / 317 وصفة الصفوة 2 / 69 وقال المزي في تهذيب الكمال: ويقال لها: الغميصاء ويقال: الرميصاء(70/209)
أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد أنا أبو نعيم الحافظ (1) نا أبو عمرو بن حمدان نا الحسن بن سفيان نا هشام بن عمار نا يحيى بن حمزة نا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عمير بن الأسود العنسي أنه حدثه أنه أتى (2) عبادة بن الصامت وهو بساحل حمص وهو في بناء له ومعه امرأته أم حرام قال عمير فحدثتني أم حرام أنها سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول " أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا " قالت أم حرام يا رسول الله أنا فيهم؟ قال " أنت فيهم " قال ثور: سمعتها تحدث به وهي في البحر
[13859]
وقال هشام رأيت قبرها ووقعت عليه بالساحل بقاقيس (3) أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو محمد الصريفيني وأبو نصر الزينبي ح (4) وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن الشاتنجي (5) المقرئ أنا أبو محمد الصريفيني قالا أنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي أنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث نا أبو موسى عيسى بن حماد زغبة أنا الليث عن يحيى بن سعيد (6) عن محمد بن يحيى ابن حبان عن أنس بن مالك عن خالته أم حرام ابنة ملحان أنها قالت: نام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوما قريبا زاد الصريفيني مني وقالا ثم استيقظ فتبسم - زاد الصريفيني قالت وقالا فقلت يا رسول الله ما أضحكك وقال الزينبي ماذا أضحكك؟ - قال " ناس من أمتي عرضوا علي يركبون ظهر هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة " قالت فادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم نام الثانية ففعل مثلها فقالت مثل قولها وجاوبها - وقال الزينبي وأجابها مثل جوابه الأول قالت فادع الله أن يجعلني منهم قال: " أنت من الأولين " قال: فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازية أول ما ركب (7)
_________
(1) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الاولياء 2 / 62 وصفة الصوفة 2 / 70
(2) بالاصل: " أي " والمثبت عن " ز " والحلية
(3) كذا بالاصل و " ز " والمبطوعة والحلية وصفة الصفوة
ونقل بعدها مباشرة ابن الجوزي عنههشام بن الغاز قال: قبر أم حرام بنت ملحان بقبرس وهم يقولون: هذا قبر المرأة الصالحة
(4) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل واستدرك عن " ز "
(5) كذا بالاصل: الشاتنجي " وفي " ز ": الشاتنجي قارن مع مشيخة ابن عساكر وفيها: الشاتنجي وهو ما أثبت
(6) رواه ابن الاثير في أسد الغابة 6 / 317 وأحمد بن حنبل من طريق آخر في المسند 6 / 423
(7) بالاصل و " ز ": ركبت(70/210)
المسلمون البحر مع معاوية بن أبي سفيان فلما انصرفوا من غزاتهم قافلين فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت رحمها الله رواه مسلم عن ابن رمح (1) عن ليث عن يحيى بن سعيد تابعه حماد بن زيد وسفيان الثوري عن يحيى هكذا ورواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس فلم يذكر أم حرام في إسناده وذكر في متنه قالت قلت يا رسول الله فكأنه عن أنس عن أم حرام ورواه جبلة بن عطية عن إسحاق مختصرا ورواه أبو طوالة عن أنس عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فأما حديث إسحاق فأخبرناه أبو محمد السيدي أنا أبو عثمان البحيري أنا زاهر بن طاهر أنا إبراهيم بن عبد الصمد نا أبو مصعب نا مالك (2) عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك ح (3) وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو القاسم بن البسري وأبو محمد بن أبي عثمان وأحمد بن محمد بن إبراهيم القصاري وأخبرنا أبو عبد الله بن القصاري أنا أبي أبو طاهر قالوا أنا إسماعيل بن الحسن ح (4) وأخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا سليم بن أيوب [ح وأخبرنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب وأبو محمد بن الأكفاني وعبد الكريم ابن حمزة قالوا أنا أبو بكر الخطيب [ح] وحدثنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سياوش [ح] وأخبرنا أبو محمد بن أبي البركات المقرئ أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان
_________
(1) صحيح مسلم (33) كتاب الامارة (49) باب فضل الغزو في البحر رقم 1912 (3 / 1518)
(2) موطأ مالك باب الترغيب في الجهاد ص 309 رقم 1002
(3) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل وزيد عن " ز "
(4) " ح " سقط من الاصل واستدرك عن " ز "(70/211)
قالوا: أنا أبو عمر بن مهدي قالا حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي نا أحمد بن إسماعيل نا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أنه سمعه يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - زاد السيدي (1) إذا ذهب إلى قباء ثم اتفقوا فقالوا يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوما فأطعمته ثم جلست وقال السيدي وجعلت (2) تفلي رأسه فنام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج (3) هذا البحر " قال الخطيب وأبو الغنائم ثبج البحر - " ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة شك (4) أيهما وفي حديث السيدي أيتهما - قال قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله " كما قال في الأول (5) قالت فقلت ادع الله أن يجعلني منهم قال " أنت من الأولين "
فركبت أم حرام البحر زمن وفي حديث الخطيب والصرصري في زمن وفي حديث ح البحيري في زمان معاوية بن أبي سفيان (6) فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت وقال البحيري: فماتت
[13860]
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر نا محمد بن عبد الله العمري ح وأخبرنا أبو الفتح محمد بن علي وأبو نصر عبيد الله بن أبي عاصم وأبو محمد عبد السلام بن أحمد (7) وأبو عبد الله سمرة بن جندب وأخوه أبو محمد عبد القادر
_________
(1) بالاصل: السندي والمثبت عن " ز "
(2) كذا بالاصل وفي " ز ": " وجلست " ومثلها في الموطأ وفوقها في " ز " علامة تحويل إلى الهامش وكتب على الهامش: وجعلت
(3) أي ظهر هذا البحر
(4) في الموطأ: يشك إسحاق
(5) في الموطأ: الاولى
(6) قال أكثر أهل السير والمغازي: إن ذلك كان في خلافة عثمان بن عفان وإن فيها ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرس فصرعت عن دابتها هناك فتوفيت ودفنت هناك وعلى هذا يكون قوله: في زمان معاوية معناه في زمان غزوة في البحر لا في أيام خلافته
(7) بالاصل: " محمد " وفي " ز ": " محمد " وفوقها: " أحمد " وفوقها " ح "
وأقحم بعدها بالاصل: بن عبد العزيز(70/212)
قالوا: أنا محمد بن عبد العزيز قالوا أنا أبو (1) محمد بن أبي شريح ح (2) وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو نصر أحمد بن محمد بن الطوسي قالا أنا أبو الحسين بن النقور زاد ابن السمرقندي وأبو محمد الصريفيني قالا أنا أبو القاسم بن حبابة قالا أنا أبو القاسم البغوي نا مصعب بن عبد الله الزبيري نا مالك عن إسحاق بن عبد الله زاد زاهر بن أبي طلحة عن أنس زاد زاهر بن مالك أنه سمعه يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا ذهب إلى قباء دخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام عند عبادة بن الصامت فدخل عليها يوما فأطعمته وأجلسته تفلي رأسه فنام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم استيقظ وهو يضحك فقالت ما يضحكك يا رسول الله قال " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة " أو قال مثل الملوك زاد زاهر: على الأسرة وقالوا شك إسحاق قالت قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنت من الأولين " قال فركبت البحر في زمن معاوية وقال زاهر في زمان معاوية فصرعت عن دابتها حين (3) خرجت من البحر فماتت وأما حديث جبلة بن عطية فأخبرناه أبو المظفر بن القشيري أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن أنا أبو عمرو بن حمدان أنا أبو يعلى نا إبراهيم بن الحجاج الشامي نا محمد بن ثابت نا حبلة بن عطية عن إسحاق بن عبد الله عن ابن عباس قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بيت من بعض بيوت نسائه إذ وضع راسه على فخذ إحداهن فأغفى فضحك في منامه فبعد أن انتبه سأله بعض أهل البيت قالوا يا رسول الله ما أضحكك؟ قال " عجبت لناس من أمتي يركبون هذا البحر وهو العدو يجاهدون في السبيل " فذكر لهم فضلا لم يحفظه محمد قالت امرأة كانت ثمة (4) يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها فرج بها زوج لها في غزاة فبينا هي على ساحل البحر تسير على راحلة لها إذ وقعت فاندقت فخذها فماتت
_________
(1) سقطت من الاصل واستدركت عن " ز "
(2) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل واستدرك عن " ز "
(3) بالاصل و " ز ": حتى
(4) بالاصل: " - مه " والمثبت عن " ز "(70/213)
وأما حديث أبي طوالة: فأخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن أنا أبو طاهر بن خزيمة أنا جدي نا علي بن حجر نا إسماعيل بن جعفر نا عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر (1) أنه سمع أنس بن مالك يقول: أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنت (2) ملحان خالة لأنس فوضع رأسه عندها ثم رفع فضحك فقالت يا رسول الله مم ضحكت فقال " رأيت ناسا من أمتي يركبون هذا البحر مثلهم كمثل الملوك على الأسرة " قالت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال " اللهم اجعلها منهم " ثم صنع ذلك مرتين أخريين فقالت ادع الله أن يجعلني منهم فقال " أنت من الأولين ولست في الآخرين " فتزوجها عبادة بن الصامت فغزا بها في البحر فركبت مع أخت معاوية فلما قفلت ركبت دابة لها بالساحل فتوقصت (3) بها فسقطت فماتت رواه مسلم عن علي بن حجر (4) وأخبرناه أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر أنا عمر بن أحمد بن عمر بن مسرور أنا أبو طاهر بن خزيمة نا أبو العباس الثقفي نا عبد العزيز الدراوردي ح (5) وأخبرناه أبو الفضل محمد بن إسماعيل أنا أبو مضر محلم بن إسماعيل بن مضر الضبي أنا أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل أنا أبو العباس نا قتيبة نا عبد العزيز بن محمد عن (6) عبد الله بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وضع رأسه في بيت أم ملحان وهي إحدى خالاته ثم رفع رأسه فضحك فقالت ما أضحكك يا رسول الله؟ قال " أناس من أمتي يركبون البحر الأخضر مثل
_________
(1) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن محمر بن حزم أبو طوالة المدني ترجمته في تذهيب الكمال 10 / 288
(2) تحرفت بالاصل إلى: بيت والتصويب عن " ز "
(3) توقص: سار بين العنق والخبب والتوقص: أن يقصر عن الخبب ويزيد على العنق وينقل نقل الخبب غير أنها أقرب قدرا إلى الارض والتوقص: إذا نزا الفرس في عدوه نزوا ووثبب وهو يقارب الخطو وهو قول الاصمعي
(4) (تاج العروس: وقص) طبعة دار الفكر
(5) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل (6) (7) (8) (9) (10)(70/214)
الملوك على الأسرة " قالت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال فدعا الله لها أن يجعلها منهم ثم وضع رأسه ثم رفعه فضحك فقالت ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال مثل ما قال في الأول فقالت ادع الله أن يجعلني منهم قال " أنت من الأولين ولست من الآخرين " قال فتزوج عبادة بن الصامت بنت ملحان فركب بها البحر فقفلت فلما كانت بالساحل ركبت دابة فوقصت (1) فصرعت فماتت ورواه عبيد الله بن أبي الزناد عن محمد بن يحيى بن حبان (2) عن أنس أخبرناه أبو غالب بن البنا أنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنا إبراهيم بن محمد بن الفتح الجلي (3) نا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار نا أبو عثمان سعيد بن رحمة بن نعيم الأصبحي قال سمعت ابن المبارك عن عبيد الله بن أبي الزناد أخبرني محمد ابن يحيى بن حبان عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثيرا مما يزور أم حرام فيقيل عندها فنام عندها يوما ففزع (4) وهو يضحك فقالت يا رسول الله فيم ضحكت قال " عجبت من أناس من أمتي عرضوا علي آنفا على سرر أمثال الملوك يركبون ثبج هذا البحر الأخضر في سبيل الله " قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال " اللهم اجعلها منهم " ثم نام نومة ففزع وهو يضحك فقلت يا رسول الله ما أضحكك قال " ضحكت من أناس من أمتي عرضوا علي آنفا أمثال الملوك على الأسرة يركبون ثبج هذا البحر الأخضر في سبيل الله " قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال " إنك من الأولين ولست من الآخرين " وكنت لا أدري كيف كانت منيتها - وقد بلغني هذا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى قدم علينا أنس بن مالك وهي خالته أخت أمه قلت لعمري لئن كان لأحد بذلك علم إن ذلك عند أنس قال فجئته فسألته عن أم حرام كيف كان منيتها؟ قال على الخبير سقطت قال كان من شأنها أنها تزوجت ابن عمها عبادة بن الصامت فذهب بها إلى الشام فلما غزا معاوية البحر غزا فخرج بها معه حتى لما قضوا غزوهم ثم
_________
(1) الوقص: كسر العنق
ووقص الرجل فهو موقوص ووقصت به راحلته تقصه ومنه يقال: وقصت الشئ إذا كسرته
(2) بالاصل: " حيان " تصحيف والمثبت عن " ز "
وهو محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ بن عمر وأبو عبد الله المدني ترجمته في تهذيب الكمال 17 / 317
(3) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: " الحلبي " والصواب ما أثبت
(4) فزع من نومه: انتبه(70/215)
خرجت فلما كانت بالساحل أتيت بدابتها فركبت فسارت قليلا ثم وقصت بها الدابة فخرت (1) فماتت قبل أن تبلغ أهلها أخبرنا أبو البركات بن المبارك وأبو العز الكيلي قالا أنا أحمد بن الحسن بن أحمد] (2) زاد ابن المبارك وأحمد بن الحسن بن خيرون قالا أنا محمد بن الحسن أنا محمد بن أحمد بن إسحاق قال نا عمر بن أحمد نا خليفة بن خياط قال (3) أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن النجار وهي امرأة عبادة بن الصامت أمها مليكة (4) بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي بن عمرو ابن مالك بن النجار حدثنا عمي لفظا أنا أبو طالب بن يوسف أنا الجوهري قراءة (5) قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف نا الحسين بن فهم نا محمد بن سعد (6) قال: أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار وأمها مليكة بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار تزوجها عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف (7) بن الخزرج فولدت له محمدا ثم خلف عليها عمرو بن قيس بن زيد بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار فولدت له قيسا وعبد الله وأسلمت أم حرام وبايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
_________
(1) بالاصل: " فحزقت " وفي " ز ": " فجرحت " والمثبت عن المطبوعة
(2) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك للايضاح عن " ز "
(3) طبقات خليفة بن خياط 2 / 879
(4) بالاصل: مكيلة تصحيف والمثبت عن " ز "
(5) من قوله: حدثنا إلى هنا كذا وقع بالاصل و " ز " هنا وهو من زيادات القاسم ابن المصنف وحقه أن يؤثر إلى ما بعد كلمة " الجوهري " التالية حسب مقتضى سياق السند وتدرجه
(6) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8 / 434 - 435
(7) " بن عمرو بن عوف " مكرر بالاصل والمثبت عن " ز " وابن سعد(70/216)
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني أنا أبو القاسم البجلي أنا أبو عبد الله الكندي نا أبو زرعة قال في تسمية من نزل بالشام من الأنصار أم حرام بنت ملحان زوجة عبادة أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قراءة عن أبي الحسين بن الآبنوسي أنا أبو القاسم ابن عتاب أنا ابن جوصا إجازة ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد أنا أبو الحسن الربعي أنا عبد الوهاب الكلابي أنا أحمد بن عمير قراءة قال سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الأولى أم حرام بنت ملحان امرأة عبادة بن الصامت غزت معهم قبرس مع معاوية وأبي ذر وأبي الدرداء فسقطت عن دابتها فتوفيت ودفنت برودس (1)
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد أنا شجاع بن علي أنا أبو عبد الله بن مندة قال: أم حرام بنت ملحان الأنصارية خالة أنس بن مالك ماتت بأرض الروم وقبرها بقبرس مختلف في اسمها وهي امرأة عبادة بن الصامت روى عنها أنس بن مالك وعبادة ابن الصامت وعمرو بن الأسود أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد قالا أنا أبو نعيم الحافظ قال: أم حرام بنت ملحان الأنصارية خالة أنس بن مالك كانت تحت عبادة بن الصامت وخرجت معه في بعض غزوات البحر وماتت بالشام وقبرت بقبرس وقصتها بغلتها فماتت وأهل الشام يستسقون بها يقولون قبر المرأة الصالحة قيل اسمها الرميصاء وقيل الغميصاء أيضا روى عنها أنس بن مالك وعبادة بن الصامت وعمرو بن الأسود ويعلى بن شداد قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال (2) أما حرام بحاء مهملة وراء أم حرام بنت ملحان خالة أنس بن مالك تقدم نسبها يعني عند ذكر أخيها فإنه قال:
_________
(1) بالاصل: بدرودس وفي المطبوعة: " بزرودس " والمثبت عن " ز " وجاء في معجم البلدان: برونس جزيرة كبيرة في بحر الروم
وجاء فيه في رودس 3 / 78 أنها جزيرة ببلاد الروم
وفي الحديث: غزا معاوية قبرس ورودس
ولعل ما أثبت هو المراد
(2) الاكمال لابن ماكولا 2 / 411 و 413(70/217)
حرام بن ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن مالك بن النجار أخو أم سليم وأم حرام أخبرنا أبو القاسم بن الحصين الشيباني أنا أبو علي بن المذهب أنا أحمد بن جعفر نا عبد الله بن أحمد (1) حدثني أبي حدثني بهز ونا حجاج قالا نا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال قال أنس دخل علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما هو إلا أنا وأمي وأم حرام خالتي قال: " قوموا فلأصل بكم " (2) في غير وقت صلاة قال (3) : فصلى بنا صلاة قال رجل من القوم لثابت أين جعل أنسا قال جعله عن يمينه قال ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير من خير الدنيا والآخرة الحديث
[13861] أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري أنا أبو الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب نا محمد بن أبي أسامة الحلبي نا ضمرة عن يحيى بن أبي عمرو السيباني (4) عن قتير حاجب معاوية قال كان أبو ذر يغلظ لمعاوية قال فأرسل إلى عبادة بن الصامت وإلى أبي الدرداء وإلى عمرو بن العاص وإلى أم حرام فأجلسهم وقال كلموه فذكر حكاية تقدمت في ترجمة أبي ذر أنبأنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ (5) ح وأنبأنا أبو علي وغيره قالوا أنا أبو بكر بن ريذة قالا نا سليمان بن أحمد نا محمد بن عبد الله الحضرمي نا أبو كريب نا حسين بن علي الجعفي عن هشام بن الغاز قال قبر أم حرام بنت ملحان بقبرس وهم يقولون: زاد أبو نعيم: هذا وقالا: - قبر المرأة الصالحة قرأت على أبي محمد بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد أنا أبو الحسن مكي بن محمد المؤدب أنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زبر قال سنة سبع وعشرين قيل
_________
(1) رواه أحمد بن حنبل في المسند 4 / 386 رقم 13012 طبعة دار الفكر
(2) في المسند: فلاصلي لكم
(3) في المسند: قال حجاج
(4) بالاصل و " ز " والمطبوعة: الشيباني تصحيف راجع ترجمته في تهذيب الكمال 20 / 182
(5) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الاولياء 2 / 61
(6) تحرفت بالاصل إلى: " زفر " وفي " ز ": " زمر "(70/218)
فيها: توفيت أم حرام ابنة ملحان بقبرس سقطت عن دابتها فماتت (1) أخبرنا أبو محمد السلمي [أنا أبو بكر الخطيب وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي] (2) نا أبو بكر بن الطبري قالا أنا أبو الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب نا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني الليث بن سعد قال كانت قبرس الأولى أمرهم معاوية بن أبي سفيان وإصطخر المرة الأخيرة سنة ثمان وعشرين (3)
9459 - أم الحكم بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس (4) أخت أم حبيبة لأبيها (5) وأخت معاوية لأبيه وأمه أمهما هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أدركت النبي (صلى الله عليه وسلم) وكانت ممن أسلم يوم الفتح وبايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحكت عن أخيها روى عنها ابنها عبد الرحمن بن عبد الله [بن عثمان] (6) الثقفي أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا الحسن بن علي أنا أبو عمر بن حيوية أنا أبو القاسم بن أبي حية أنا محمد بن شجاع أنا محمد بن عمر الواقدي (7) حدثني محمد ابن عبد الله عن الزهري قال: دخلت على عروة بن الزبير وهو يكتب إلى هنيدة (8) صاحب الوليد بن عبد الملك وكان سأله عن قول الله " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن " (9)
_________
(1) تهذيب الكمال 22 / 455
(2) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك لتقويم السند عن " ز "
(3) تهذيب الكمال 22 / 455
(4) انظر أخبارها في: نسب قريش للمصعب ص 125 والاصابة 4 / 443 وأسد الغابة 6 / 320 وأنساب الاشراف 5 / 11 (طبعة دالر الفكر) وطبقات ابن سعد 8 / 240
(5) تحرفت بالاصل و " ز " غلى: " لامها " والصواب ما أثبت عن المختصر: وتقدم أن اسم أم أم حبيبة هي صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس
(6) زيادة عن أنساب الاشراف للايضاح 5 / 11
(7) الخبر رواه محمد بن عمر الواقدي في المغازي 2 / 631 وطبقات ابن سعد 8 / 12 - 13
(8) كذا بالاصل " ز " وفي المغازي: " هنيد " وفي ابن سعد: هبيرة
(9) سورة الممتحنة: الاية: 10(70/219)
فكتب إليه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صالح قريشا يوم الحديبية على أن يرد عليهم من جاء بغير إذن ولي فكان يرد الرجال فلما هاجر النساء أبى الله ذلك أن يردهن إذا امتحن بمحنة الإسلام فزعمت أنها جاءت راغبة فيه وأمر أن يرد صدقاتهن إليهم (1) إذا حبسوا (2) عنهم وأن يردوا عليهم مثل الذي يرد عليهم إن فعلوا فقال " واسألوا ما أنفقتم " وصبحها أخواها من الغد فطلباها فأبى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يردها إليهما فرجعا إلى مكة فأخبرا قريشا فلم يبعثوا في ذلك أحدا ورضوا بأن يحبس النساء " وليسألوا ما أنفقوا ذلك حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا " (3) قال إن فات أحدا منهم أهله إلى الكفار فإن أتتكم امرأة منهن فأصبتم غنيمة أو فيئا فعوضوهم مما أصبتم صداق المرأة التي أتتكم فأما المؤمنون فأقروا بحكم الله وأبى المشركون أن يقروا بذلك وإن ما فات (4) للمشركين على المسلمين من صداق من هاجر من أزواج المشركين " فآتوا الذين ذهبت أزواجهم " من مال المشركين في أيديكم ولسنا نعلم امرأة من المسلمين فاتت زوجها بلحوق المشركين بعد إيمانها ولكنه حكم الله حكم الله به لأمر إن كان والله عليم حكيم " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " (5) يعني من غير أهل الكتاب فطلق عمر بن الخطاب مليكة ابنة أبي أمية فتزوجها معاوية بن أبي سفيان وطلق عمر أيضا بنت جرول الخزاعية فتزوجها أبو جهم بن حذيفة وطلق عياض بن غنم الفهري أم الحكم بنت أبي سفيان يومئذ فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي فولدت له عبد الرحمن ابن أم الحكم أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري أنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو علي بن صفوان نا ابن أبي الدنيا حدثني سليمان بن الأشعث أن الهيثم بن عمران حدثهم عن أبي مسهر عن خالد بن يزيد بن صبيح حدثني يعقوب بن عثمان حدثني عبد الرحمن بن أم الحكم حدثتني أمي أم الحكم أنها كانت عند معاوية حين أغمي عليه فأفاق فأراد أن يريهم فقال: وهل من خالد إما هلكنا * وهل بالموت يا للناس عار
_________
(1) يعني إلى رجالهم
(2) كذا بالاصل وفي ابن سعد: " احتبسوا " وفي المغازي: " احتبسن " وكانت في أصلها: احتبسوا عنهم
(3) سورة الممتحنة الاية: 11
(4) في المغازي: ذاب
(5) سورة الممتحنة الاية: 10(70/220)
الهيثم هذا هو الهيثم بن مروان ابن بنت الهيثم بن عمران دمشقي أخبرنا أبو الحسين بن المعدل وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر بن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص أنا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (1) في ذكر ولد أبي سفيان وأم الحكم بنت أبي سفيان تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي فولدت له عبد الرحمن بن عبد الله الذي يقال له ابن أم الحكم وأمها هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا الحسن بن علي أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف أنا ابن الفهم أنا ابن سعد قال فولد أبو سفيان بن حرب فذكر جماعة ثم قال: ومعاوية وعتبة وجويرية وأم الحكم وأمهم جميعا هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف قرأت على أبي غالب عن أبي محمد الحسن بن علي أنا ابن حيوية وحدثنا عمي رحمه الله أنا أبو طالب عبد القادر بن محمد أنا الحسن قراءة أنا ابن حيوية أنا أحمد أنا أبو علي نا ابن سعد قال (2) : في تسمية النساء المسلمات أم الحكم بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية وأمها هند بنت عتبة بن ربيعة تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب (3) بن الحارث بن مالك بن حطيط بن عثمان جشم الثقفي فولدت له عبد الرحمن فكان يقال له ابن أم الحكم أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني أنا أبو القاسم البجلي نا أبو عبد الله الكندي نا أبو زرعة قال فيمن حدثه بالشام من النساء أم الحكم بنت أبي سفيان أخبرنا [أبو] (4) القاسم علي بن إبراهيم إذنا نا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو الميمون نا أبو زرعة قال في ذكر الإخوة والأخوات من ولد أبي سفيان
_________
(1) نسب قريش للمصعب الزبيري ص 125
(2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8 / 240
(3) بالاصل و " ز ": حبيب والصواب ما أثبت وضبط عن الاكمال 2 / 297 و 298 وفي الاكمال: حبيب بتشديد الياء المعجمة باثنتين من تحتها: حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم وهو من ثقيف ومن ولده عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب
(4) سقطت من الاصل و " ز " وأضيفت قياسا إلى إسانيد مماثلة(70/221)
قال: وأم الحكم وهي زوجة عبد الله بن عثمان بن عبد الله (1) الثقفي وابنه عبد الرحمن ابن أم الحكم أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا (2) البنا قراءة عن أبي الحسن الصيرفي أنا أبو القاسم بن عتاب أنا أحمد بن عمير إجازة ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد أنا أبو الحسن الربعي أنا عبد الوهاب الكلابي نا أحمد بن عمير قراءة قال سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام أم الحكم بنت أبي سفيان تسكن دمشق أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي وأبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أشليها قالا أنا أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم نا محمد بن عائذ قال قال الوليد وأخبرني شعيب بن رزيق (3) أنه سمع عطاء الخراساني يخبر أن عمر بن الخطاب طلق قريبة (4) ابنة أبي أمية فتزوجها معاوية بن أبي سفيان وطلق عياض بن غنم الفهري امرأته أم الحكم ابنة أبي سفيان فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي أخبرنا أبو بكر الحاسب أنا الحسن بن علي أنا محمد بن العباس أنا أبو الحسن الساجي أنا أبو علي الفقيه نا ابن سعد قال (5) : كانت عند عياض بن غنم أم الحكم بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس فلما نزل القرآن " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " (6)
_________
(1) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: عبيد الله
(2) بالاصل: ابن تصحيف والمثبت عن " ز "
(3) تحرفت بالاصل و " ز " إلى زريق والصواب ما أثبت وهو شعيب بن رزيق الشامي أبو شيبة المقدسي ترجمته في تهذيب الكمال 8 / 372
(4) تقدم قريبا في خبر رواه ابن سعد أن اسمها مليكة بنت أبي أمية وسماها الواقدي في المغازي 2 / 631 زينب بنت أبي أمية
وفي الاصابة 4 / 390 وفي ترجمة قريبة: قال البلاذري: تزوجها معاوية بن أبي سفيان لما أسلم قال ابن سعد: هي قريبة الصغرى قال تزوجها عبد الرحمن بن أبي بكر
وينقل ابن حجر في الاصابة 4 / 409 في ترجمة مليكة بنت أبي أمية الخبر الموجود في طبقات ابن سعد
(5) انظر الخبر في الطبقات الكبرى لابن سعد 18 / 13
(6) سورة الممتحنة الاية: 10(70/222)
يعني من غير أهل الكتاب طلق عياض بن غنم الفهري أم الحكم بنت أبي سفيان يومئذ فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي فولدت له عبد الرحمن ابن أم الحكم 9461 أم الحكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية (1) وأمها فاطمة بنت الوليد بن المغيرة بن عبد الله أخت خالد وهي التي تنسب (2) لها قنطرة أم حكيم بمرج الصفر ولها صحبة من النبي (صلى الله عليه وسلم) واستأمنته لبعلها عكرمة بن أبي جهل وخرجت معه إلى الشام غازية فقتل عنها فتزوجها خالد بن سعيد وكانت يوم أحد مع زوجها قبل أن يسلما أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد أنا شجاع بن علي أنا أبو عبد الله بن مندة أنا عمرو بن محمد بن منصور نا محمد بن إسحاق نا محمد بن يحيى النيسابوري نا إبراهيم بن محمد السجزي (3) عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير قال: كانت أم حكيم بنت الحارث بن هشام عند عكرمة بن أبي جهل وكانت فاختة بنت الوليد بن المغيرة عند صفوان بن أمية فأسلمتا جميعا فأتت أم حكيم إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فاستأمنته لعكرمة فأمنه (4) قال ابن مندة رواه ابن عيينة عن الزهري قال إن نساء من المسلمات أسلمن قبل أزواجهن ثم أسلم أزواجهن بعدهن فلم يفرق النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهن (5) منهن: أم حكيم بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل [قال ابن عساكر] (6) هكذا قال
_________
(1) ترجمتها في نسب قريش للمصعب ص 303 والاصابة 4 / 443 وأسد الغابة 6 / 321 والاستيعاب 4 / 443 (هامش الاصابة) وطبقات ابن سعد 8 / 261
(2) بالاصل و " ز ": ينسب والمثبت عن المختصر
(3) في " ز ": " الشجري " وفي الاصابة: الشجري
(4) الخبر رواه ابن حجر في الاصابة 4 / 444
(5) كذا بالاصل و " ز " والمطبوعة
(6) زيادة منا
(*) ح(70/223)
أخبرناه سهل بن السري نا عبد الله بن عبيد الله بن شريح (1) الغازي نا محمد بن منصور عن ابن عيينة بهذا أخبرناه عاليا أبو بكر وجيه بن طاهر أنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد أنا أبو سعيد بن حمدون أنا أبو حامد بن الشرقي (2) نا محمد بن يحيى نا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ المخزومي حدثني أبي عن ابن إسحاق (3) عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير قال: كانت أم حكيم بنت الحارث بن هشام عند عكرمة بن أبي جهل وكانت فاختة بنت الوليد بن المغيرة عند صفوان بن أمية فأسلمتا جميعا فأتت أم حكيم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاستأمنته لعكرمة فأمنه فاستأذنته في طلبه فأذن لها فخرجت في طلبه وخرج معها عبد لها رومي فأرادها عن نفسها فلم تزل تعده وتقربه (4) حتى قدمت على ناس من عك فاستعانتهم عليه فأوثقوه لها ثم انطلقت حتى أدركت زوجها باليمن فأقبل معها حتى جاءت به إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وثب فرحا وما عليه رداء حتى بايعه أخبرناه أعلى من هذا من غير ذكر عروة أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر أنا أبو عثمان البحيري أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنا إبراهيم بن عبد الصمد نا أبو مصعب نا مالك (5) عن ابن شهاب: أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح بمكة وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه اليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم وقدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الفتح فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما الأول (6)
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: سريج
(2) في " ز ": السوقي تصحيف
(3) انظر الخبر في سيرة ابن هشام 4 / 53 و 60 باخلاف الرواية ورواه الطبري في تاريخه 2 / 162 من طريق ابن حميد بسنده إلى الزهري على غرار رواية ابن هشام
(4) في الاصل: وتفرقه والمثبت عن " ز "
(5) موطأ مالك كتاب النكاح باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله رقم رقم 1145 (ص 371)
(6) في الموطأ: على نكاحهما ذلك(70/224)
أخبرنا أبو بكر الأنصاري أنا الحسن بن علي أنا أبو عمر أنا أبو الحسن أنا أبو علي بن فهم (1) نا ابن سعد أنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير قال: لما كان يوم فتح مكة هرب عكرمة بن أبي جهل إلى اليمن وخاف أن يقتله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة لها عقل وكانت قد اتبعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت إن ابن عمي عكرمة قد هرب منك إلى اليمن الحديث أخبرنا أبو محمد السيدي (2) وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد قالا أنا أبو سعد الجنزرودي أنا الحاكم أبو أحمد أنا محمد بن مروان نا هشام بن عمار نا سعيد بن يحيى نا ابن إسحاق عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال رد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على عكرمة بن أبي جهل أم حكيم بنت الحارث بن هشام على نكاحه الأول بعد قريب من سنة أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالا أنا أبو جعفر المعدل أنا أبو طاهر المخلص أنا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (3) : وأم عبد الرحمن بن الحارث وأخته أم حكيم بنت الحارث فاطمة بنت الوليد بن المغيرة وليس للحارث بن هشام ولد إلا من عبد الرحمن ومن أم حكيم كانت تحت عكرمة ابن أبي جهل فقتل عنها يوم اليرموك شهيدا فخلف عليها خالد بن سعيد بن العاص فقتل عنها يوم مرج الصفر شهيدا فتزوجها عمر بن الخطاب فولدت له فاطمة بنت عمر فتزوج فاطمة عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فولدت له عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد فلعبد الله عقب قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الحسن بن علي وحدثنا عمي رحمه الله أنا ابن (4) يوسف أنا الحسن قراءة
_________
(1) بالاصل: و " ز ": " أنا أبو علي نا ابن فهم " صوبنا السند قياسا إلى أسانيد مماثلة وهذا السند معروف
(2) بالاصل و " ز ": السدي تصحيف
(3) الخبر في نسب قريش للمصعب الزبيري ص 303
(4) بالاصل و " ز ": أبي تصحيف(70/225)
أنا أبو عمر بن حيوية أنا الحسين بن فهم نا محمد بن سعد قال (1) في تسمية النساء المسلمات المبايعات أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد قالا (2) : قال لنا أبو نعيم الحافظ أم حكيم بنت الحارث بن هشام أسلمت يوم الفتح كانت تحت ابن عمها عكرمة بن أبي جهل أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع أنا أبو عمرو بن مندة أنا أبو محمد بن يوة أنا أبو الحسن اللنباني (3) نا أبو بكر بن أبي الدنيا حدثني سليمان بن أبي شيخ قال: قتل أبان بن سعيد بن العاص يوم أجنادين شهيدا (4) وقتل خالد بن سعيد بن العاص بمرج الصفر شهيدا (5) وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام دخل بها بمرج الصفر فخرج وهو عروس فقاتل فقتل وخرجت هي بعمود (6) فقتلت سبعة من الروم وكانت قبله تحت ابن عمها عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها يوم فحل (7) فلما انقضت عدتها خطبها يزيد ابن أبي سفيان وخالد بن سعيد فحطت (8) إلى خالد ثم تزوجها عمر بن الخطاب فهي التي تسحر (9) عندها عبد الرحمن بن الحارث لأن أم عبد الرحمن فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ماتت قبل ذلك بمدة وهي أم أم حكيم واستشهد قبل ذلك الحكم بن سعيد بن العاص يوم مؤتة مع جعفر بن أبي طالب واستشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم حصن الطائف سعيد بن سعيد بن العاص قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي إسحاق البرمكي أنا أبو عمر بن حيوية أنا
_________
(1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8 / 261
(2) بالاصل: " قال " والمثبت عن " ز "
(3) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: اللبناني بتقديم الباء
(4) فتوح البلدان للبلاذري ص 132
(5) فتوح البلدان للبلاذري ص 138
(6) في فتوح البلدان: انتزعت عمود الفسطاط فقاتلت به
(7) فحل من أرض الاردن كما في الطبري وفي معجم البلدان: فحل بكسر أوله وسكون ثانيه: اسم موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم
(8) بالاصل: فحظت وفي " ز ": " فخطبت " والمثبت عن المختصر والمطبوعة وحطت إلى خالد: مالت إليه
(9) بالاصل و " ز ": سحر والمثبت عن المطبوعة(70/226)
أحمد بن معروف نا الحسين بن فهم نا محمد بن سعد (1) أنا محمد بن عمر حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: شهد خالد بن سعيد فتح أجنادين وفحل ومرج الصفر وكانت أم حكيم بنت الحارث ابن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها بأجنادين فاعتدت (2) عنه أربعة أشهر وعشرا وكان يزيد بن أبي سفيان يخطبها وكان خالد بن سعيد يرسل إليها في عدتها يتعرض للخطبة فحطت (3) إلى خالد بن سعيد فتزوجها على أربع مائة دينار فلما نزل المسلمون مرج الصفر أراد خالد أن يعرس بأم حكيم فجعلت تقول لو أخرت الدخول حتى يفض الله هذه الجموع فقال خالد إن نفسي تحدثني أني أصاب في جموعهم قالت فدونك فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر فبها سميت قنطرة أم حكيم وأولم عليها في صبح مدخله فدعا أصحابه على الطعام فما فرغوا من الطعام حتى صفت الروم صفوفها خلف صفوف وبرز رجل منهم معلم يدعو إلى البراز فبرز إليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري فنهاه أبو عبيدة فبرز حبيب بن مسلمة فقتله حبيب ورجع إلى موضعه وبرز خالد ابن سعيد فقاتل فقتل وشدت أم حكيم بنت الحارث عليها ثيابها وعدت (4) وإن عليها لردع الخلوق (5) في وجهها فاقتتلوا أشد القتال على النهر فصبر الفريقان جميعا وأخذت السيوف بعضها بعضا فلا يرمى بسهم ولا يطعن برمح ولا يرمى بحجر ولا يسمع إلا وقع السيوف على الحديد وهام الرجال وأبدانهم وقتلت أم حكيم يومئذ سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسا بها وكانت وقعة مرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب أخبرنا أبو علي الحسين (6) بن علي بن أشليها وابنه (7) أبو الحسن علي قالا: أنا أبو
_________
(1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 4 / 98
(2) في طبقات ابن سعد: " فأعدت أربعة أشهر "
وعدة المرأة المطلقة والمتوفي زوجها هي ما تعده من أيام أقرائها أو أيام حملها أو أربعة أشهر وعشر ليال وقد اعتدت المرأة عدتها من وفاة زوجها أو طلاقه إياها (تاج العروس
عدد)
(3) بالاصل: " فحظت " وفي " ز ": " فخطب " والمثبت عن ابن سعد
(4) بالاصل و " ز ": وغدت والمثبت عن ابن سعد
(5) عند ابن سعد: " لدرع الحلوق " وفي " ز ": " لردع الخلوف " والردع: أثر الخلوق والطيب في الجسد والخلوق: ضرب من الطيب
(6) بالاصل و " ز ": الحسن
(7) في " ز ": أبيه(70/227)
الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم نا ابن عائذ قال سمعت محمد بن شعيب وغيره يذكر أنها أم حكيم ابنة الحارث بن هشام تزوجها خالد بن سعيد بن العاص وبنى بها عند قنطرة أم حكيم فبها سميت قنطرة أم حكيم فقال محمد بن شعيب فلم يقم معها إلا سبعة أيام قال ونا عائذ قال حدثني عبد الأعلى يعني ابن مسهر أن عمر بن الخطاب تزوجها بعده قال ونا ابن عائذ أخبرني سعيد بن عبد العزيز أن أم حكيم كان تحت عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها فانقضت عدتها وتزوجها خالد بن سعيد بن العاص وبنى بها عند القنطرة التي بالصفر فبها سميت قنطرة أم حكيم التقوا على النهر عند الطاحونة فقتلت يومئذ أم حكيم سبعة من الروم بعمود فسطاطها أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن المسلمة أنا أبو الحسن الحمامي أنا أبو محمد الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى العطار نا أبو حذيفة إسحاق بن بشر القرشي قال: وكان أمر اليرموك أن الروم لما صافت سار هرقل إلى الروم حتى نزل أنطاكية ومعه المستعربة لخم وجذام وبلقين وبلي وعاملة وتلك القبائل من قضاعة ومعه من أهل أرمينية إثنا عشر ألفا فلما نزل أنطاكية بعث القيقلان (1) خصيا له فسار بمائة ألف وسار في أهل أرمينية [جرجة] (2) وسار في قبائل قضاعة جبلة بن الأيهم الغساني وسائرهم من الروم وعلى جماعة الناس القيقلان الخصي خصي هرقل وسار المسلمون وهم أربعة وعشرون ألفا عليهم أبو عبيدة بن الجراح فالتقوا باليرموك في سنة خمس عشرة فاقتتل الناس قتالا شديدا حتى دخل [النساء] (3) عسكر المسلمين فقاتل نساء من قريش بالسيوف حتى دخل العسكر منهن أم حكيم بنت الحارث بن هشام حتى سابقن الرجال
_________
(1) لم تعجم الياء بالاصل والمثبت عن " ز "
(2) سقطت من الاصل واستدركت عن " ز " وفي المختصر والمطبوعة: حبرجة
(3) زيادة لازمة للايضاح عن المطبوعة وهي مستدركة فيها بين قوسين(70/228)
9461 - أم حكيم بنت يحيى ويقال بنت يوسف بن يحيى بن الحكم ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف (1) وأمها زينب بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومية امرأة شاعرة تزوجها عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك فطلقها ثم تزوجها هشام بن عبد الملك فولدت له يزيد ابن هشام وإلى أم حكيم هذه ينسب سوق أم حكيم وهو سوق القلائين (2) وقصر أم حكيم (3) الذي عند مرج الصفر أخبرنا أبو الحسين المعدل وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر أنا أبو طاهر أنا أحمد نا الزبير قال (4) : وولد يحيى بن الحكم أبا جعفر بن يحيى وأم حكيم (5) تزوجها عبد العزيز بن الوليد ابن عبد الملك ثم تزوج عليها بنتا لأبي بكر (6) بن عبد الرحمن بن أبي بكر فحظيت بنت أبي بكر عنده وأحبها فطلق عنها أم حكيم فتزوجها هشام بن عبد الملك فلما مات عبد العزيز بن الوليد تزوج هشام بن عبد الملك امرأته الأخرى بنت أبي بكر فجمع امرأتيه جميعا أم حكيم وبنت أبي بكر ثم طلق بنت أبي بكر عن أم حكيم وقال لأم حكيم أرضيتك أقدتك منها طلقتها عنك كما طلقك عبد العزيز عنها فولدت أم حكيم لهشام مسلمة (7) ومحمدا [ويزيد] (8) وأم يحيى وأم هشام وأم أبي بكر وأم حكيم ابنة (9) يحيى [أمها
_________
(1) انظر أخبارها في نسب قريش للمصعب ص 167 و 171 وجمهرة ابن حزم ص 92 والاغاني 16 / 274 وأنساب الاشراف 9 / 367 طبعة دار الفكر: وفيه أم حكيم بنت يحيى بنت يحيى بن الحكم ويقال هي أم حكيم بنت الحارث بن الحكم
ومعجم البلدان 4 / 355
(2) بالاصل: " الفليس " وفي " ز ": " الفلبيس " " كلاهما تصحيف والتصويب عن معجم البلدان 4 / 355
(3) قصر أم حكيم: جاء في معجم البلدان أنه: بمرج الصفر بن أرض دمشق
(4) انظر نسب قريش: للمصعب ص 171 - 172
(5) في نسب قريش: أم الحكم
(6) في نسب قريش ص 165 أن عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك تزوج ميمونة بنت عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
(7) كذا بالاصل و " ز " وفي أنساب الاشراف 8 / 367 " مسلمة أبا شاكر " وفي نسب قريش ص 167 مروان وهو أبو شاكر
(8) زيادة عن " ز " وانظرنسب قريش ص 167
(9) بالاصل و " ز ": ابنتي(70/229)
زينب بنت عبد الرحمن] (1) بن الحارث الموصولة (2) أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قالا أنا أبو جعفر أنا أبو طاهر أنا أحمد نا الزبير حدثني أبو بكر بن يزيد بن عياض عن أبيه قال: ولدت زينب بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ليحيى بن الحكم أم حكيم بنت يحيى فتزوج أم حكيم عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ثم تزوج عليها ابنة لأبي بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر فحظيت ابنة أبي بكر عنده فطلق عنها أم حكيم فتزوجها هشام بن عبد الملك فلما مات عبد العزيز بن الوليد تزوج هشام بن عبد الملك ابنة أبي بكر فجمعهما ثم طلق ابنة أبي بكر عن أم حكيم (3) وقال لها أرضيتك أقدتك (4) منها طلقتها عنك كما طلقك عبد العزيز عنها فولدت أم حكيم لهشام بن عبد الملك مسلمة ومحمدا ويزيد قال عمي مصعب بن عبد الله فنعى عليه الوليد بن يزيد بن عبد الملك فقال (5) : عللاني بعاتقات الكروم * وبكأس ككأس أم حكيم (6) إنها تشرب الرساطون (7) صرفا * في إناء من الزجاج عظيم
ومما يروى من شعر أم حكيم (8) : ألا فاسقياني من شرابكما الوردي * وإن كنت قد أنفدت فاستر هنا بردي (9) سواري ودملوجي (10) وما ملكت يدي * مباح لكم نهب (11) فلا تقطعوا وردي
_________
(1) ما بين معكوفتين سقط من الاصل و " ز " واستدرك للايضاح وتقويم المعنى عن المختصر
(2) كذا بالاصل و " ز " وفي الاغاني 16 / 274 الواصلة بنت الواصلة وقيل: الموصلة بنت الموصلة
لانهما وصلتا الجمال بالكمال
(3) بالاصل: أم الحكم والمثبت عن " ز "
(4) بدون إعجام بالاصل وفي " ز ": أفديتك
(5) البيتان في الاغاني 16 / 278
(6) كانت أم حكيم منهومة بالشراب مدمنة عليه وكان رأسها الذي كانت تشرب فيه مشهور عند الناس
(7) الرساطون: شراب يتخذ من الخمر والعسل
(8) البيتان في الاغاني 16 / 273
(9) بالاصل: ردى والمثبت عن " ز " والاغاني
(10) الدملوج: المعضد من الحلي
(11) بالاصل: نهبت والمثبت عن " ز " والاغاني(70/230)
قرأت في كتاب محمد بن محمد بن الحسين الديناري بخط [بعض] (1) أهل الأدب وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين [الكاتب] (2) وأجازه لي أنا أبو الحسن الأسدي نا حماد يعني ابن إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن أبيه عن ابن (3) داب قال: دخل هشام بن عبد الملك على أم حكيم وهي مفكرة فقال لها في أي شئ أنت مفكرة يا أم حكيم؟ قالت خير يا أمير المؤمنين قال أقسمت عليك لتخبريني قالت في قول جميل (4) : فما مكفهر في رحى (5) مرجحنة * ولا ما أسرت (6) في معادنها النحل بأحلى (7) من القول الذي قلت بعدما * تمكن من حيزوم (8) ناقتي الرحل
فليت شعري ما كانت قالت له حتى استحلاه ووصفه لقد كنت أحب أن أعلم فضحك هشام ثم قال هذا شئ قد أحب عمك يعني أباه أن يعلمه وسأل عنه من سمع الشعر من جميل فلم يعلمه فقالت إذا استأثر الله بشئ قاله (9) عنه
9462 - أم خالد بنت عتبة بن ربيعة ابن عبد شمس بن عبد مناف خالة معاوية بن أبي سفيان ذكر أبو الحسين الرازي في كتاب الدوران الدور المعروفة ببني الدن مع دار عيل (10) مولى الفاطميين مع دار بني قوبال كلها كانت دار أم خالد ابنة عتبة بن ربيعة خالة معاوية بن
_________
(1) سقطت من الاصل وأضيفت للايضاح عن " ز "
(2) سقطت من الاصل وأضيفت عن " ز "
(3) بالاصل و " ز ": " أبي داب " والتصويب عن المختصر
(4) البيتان في ديوان جميل ص 110 (ط
بيروت
صادر)
(5) بالاصل: أخي وفي " ز ": " أحى " وكتب فوقها: رحا وفوقها ح وهو ما أثبت وهو يوافق رواية المختصر
(6) في الديوان: وما ماء مزن من جبال منيعة * ولا ما أكنت (7) بالاصل: فأحلى والمثبت عن " ز " وفي الديوان: بأشهى
(8) الحيزوم: ما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر
(9) كذا بالاصل و " ز " وفي المختصر: فاله وهو أشبه
(10) في " ز ": رعبل(70/231)
أبي سفيان وبنو الدن من مواليها ويقال إنهم من موالي الزبيريين يعني بنواحي الرحبة (1) وزقاق السلم [قال ابن عساكر] (2) كذا قال وعندي أنها أم خالد بنت أبي هاشم خال معاوية ولم أجد لأم خالد بنت عتبة ذكرا في كتاب النسب للزبير بن بكار 9463 أم خالد بنت أبي هاشم هي أم هاشم واسمها حية (3) تقدم ذكرها
9464 - أم الخيار زوج رياح (4) بن عبيدة حكت عن عمر بن عبد العزيز حكى عنها ابنها موسى بن رياح (5) قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه عن نصر بن إبراهيم بن نصر أنا أبو محمد عبد الله بن الوليد الأندلسي أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد فيما كتب إلي أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن علي اللخمي الباجي أنا أبو محمد عبد الله بن يونس أنا بقي بن مخلد نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا معاذ بن معاذ نا موسى بن رياح بن عبيدة حدثتني أمي أم الخيار وهي امرأة رياح بن عبيدة قالت: كنت عند فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز قال فكنت عندها أحدثها فإذا عمر بن عبد العزيز قد دخل علينا فأتى كوز الحب (6) فأخذه فاغترف فتوضأ ثم أقبل فقالت [له] (7) فاطمة يا أمير المؤمنين هذه أم الخيار فقال يا أم الخيار شغلنا عنك قالت
_________
(1) بالاصل: الرجية والمثبت عن " ز "
(2) زيادة منا
(3) بالاصل: حنة ولم تعجم في " ز " تقدم ذكرها في هذا الجزء
(4) بالاصل و " ز ": رباح تصحيف والصواب ما أثبت عن المختصر وسيرد الاسم صحيحا فيما يأتي وهو رياح بن عبيدة الباهلي البصري ترجمته في تهذيب الكمال 6 / 246
(5) بالاصل و " ز ": رباح
(6) الحب: الجرة الضخمة والكوز: كوب بعروة يغترف به الماء
(7) سقطت من الاصل واستدركت عن " ز "(70/232)
ومضى قالت فقلت لها لولا أن أحبسك الليلة عن أمير المؤمنين لبت عندك قالت أما إذ قلت هذا فلا تبرحي الليلة حتى تري فلما صلى العتمة دخل وأدخل معه كتاب العامة قالت ودعا بالشمع فلم يزل في كتابه وحسابه حتى ذهب نحو من ثلث الليل قالت ثم أمر بالكتاب فأقيموا ورفع الشمع ثم دعا بكتابه كتاب الخاصة ودعا بسراج فجعل يحاسبهم حتى مضى ثلث الليل الأوسط ثم قام إلى مصلاه فصلى حتى أصبح
9465 - أم الخير بنت الحريش بن سراقة البارقية الكوفية (1) قدمت على معاوية وحاورها محاورة تدل على فصاحتها وجزالتها أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن نصر بن (2) محمد بن خميس أنا محمد بن علي بن ودعان (3) أنا عمي أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن ودعان أنا هارون بن أحمد بن محمد بن روح البصري نا أبو علي الحسين بن إبراهيم بن عبد الله بن منصور الصايغ نا عبد العزيز ابن يحيى [و] (4) نا أحمد بن عبد الله بن جلين (5) الدوري حدثني محمد بن حمزة الهاشمي وجعفر بن علي الخياط نا محمد بن زكريا الغلابي قال وأنا المطهر بن إسماعيل بن نعمة البلدي ببلد (6) نا أبو سعيد العدوي قالا أنا العباس بن بكار نا عبيد الله بن عمرو الغساني عن الشعبي قال (7) : كتب معاوية بن أبي سفيان إلى واليه بالكوفة أن أوفد علي أم الخير بنت الحريش بن سراقة البارقية رحلة (8) محمودة الصحبة غير مذمومة العاقبة واعلم أني مجازيك بقولها فيك بالخير خيرا وبالشر شرا
_________
(1) خبرها في صبح الاعشى 1 / 248 والعقد الفريد 2 / 115
(2) بالاصل و " ز ": " بن محمد بن نصر " والصواب ما أثبت عن مشيخة ابن عساكر 55 / أ
(3) بالاصل و " ز ": وردعان تصحيف
(4) زيدت " الواو " لتقويم السند
(5) بدون إعجام بالاصل و " ز " ورسمها: " حلبى "
(6) سقطت اللفظة من المطبوعة
(7) قصة وفودها إلى معاوية في العقد الفريد 2 / 115 - 116 وصبح الاعشى 1 / 248 - 249 (8) بالاصل: زجلة والمثبت عن " ز "(70/233)
فلما ورد الكتاب عليه ركب إليها فأقرأها إياه قالت أما أنا فغير راغبة (1) عن طاعة ولا معتلة بكذب ولقد كنت أحب لقاء أمير المؤمنين لأمور تلجلج (2) مني بمجرى النفس يغلي بها صدري غلي المرجل بحب (3) البلس (4) يوقد بجزل السمر فلما حملها وأراد مفارقتها قال لها يا أم الخير إن معاوية ضمن لي أن يجازيني فيك بالخير خيرا وبالشر شرا فانظري كيف تكونين قالت يا هذا لا يطمعك برك بي في نزو (5) معك بالباطل ولا يؤنسك معرفتي أن أقول فيك [غير] (6) الحق فسارت خير مسير فلما قدمت على معاوية أنزلها بيتا مع الحرم ثلاثة أيام ثم أذن لها في اليوم الرابع وعنده جلساؤه فقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين قال وعليك السلام وبالرغم منك دعوتني (7) بهذا الاسم؟ قالت مه يا هذا [فكل بديهة للسلطان مدحضة لما يجب علمه فقال صدقت كيف حالك وكيف رأيت مسيرك؟ قالت لم أزل في عافية وسلامة حتى أدتني إلى ملك جزل ذي عطاء بذل فأنا في عيش أنيق و [عند] (8) ملك رقيق فقال معاوية بحسن نيتي والله ظفرت بكم وأعنت عليكم قالت مه يا هذا] (9) والله لك من دحض المقال ما تردى (10) عاقبة قال ليس لهذا أردناك قالت إنما أجري في ميدانك إذا أجريت شيئا أجريته فسل عما بدالك قال كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر قالت لم أكن والله رأيته قبل ولا رأيته بعد وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة قإن شئت أحدثت لك مقالا غير ذلك فعلت قال لا أشاء ثم التفت إلى بعض أصحابه فقال أيكم يحفظ كلام أم الخير فقال رجل من القوم أنا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظي لسورة الحمد قال فهاته قال نعم كأني بها يا
_________
(1) في العقد الفريد وصبح الاعشى: زائغة
(2) في العقد الفريد وصبح الاعشى: لامور تختلج في صدري
(3) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: تحت والمثبت عن المختصر
(4) بالاصل و " ز ": بدون إعجام أعجمت عن المختصر والبلس: بضمتين: العدس
(5) بالاصل: ندو والمثبت عن " ز "
(6) سقطت من الاصل و " ز " واستدركت لايضاح المعنى عن العقد الفريد وصبح الاعشى
(7) بالاصل و " ز " وصبح الاعشى: دعوتيني
والمثبت عن العقد الفريد
(8) زيادة عن صبح الاعشى
(9) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك عن " ز " وصبح الاعشى والعقد الفريد
(10) بالاصل: " وردي " والمثبت عن " ز "(70/234)
أمير المؤمنين في ذلك اليوم وعليها برد زبيدي (1) كثيف الحاشية على جمل أرمك الأرمك (2) الأشقر وقد أحيط حولها وبيدها سوط منتشر الضفر وهي كالفحل يهدر في شقشقته (3) تقول " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم " (4) إن الله قد أوضح الحق وأبان الدليل ونور السبيل ورفع العلم فلم يدعكم في عمياء مبهمة ولا شعواء (5) مدلهمة فإلى أين تريدون رحمكم الله أفرارا عن أمير المؤمنين أم رغبة عن الإسلام أم ارتدادا عن الحق أما سمعتم الله يقول " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " (6) ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول اللهم إنه قد عيل الصبر وضعف اليقين وانتشرت الرغبة وبيدك اللهم أزمة القلوب فاجمع اللهم الكلمة على التقوى وألف القلوب على الهدى واردد الحق إلى أهله هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل إنها إحن (7) بدوية وضغائن أحدية وأحقاد جاهلية وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك بثارات بني عبد شمس ثم قالت " قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " (8) صبرا معاشر المهاجرين والأنصار قاتلوا على بصيرة من ربكم وثبات من دينكم فكأني بكم غدا قد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة لا تدري ما يسلك بها من فجاج الأرض باعوا الآخرة بالدنيا واشتروا الضلالة بالهدى وباعوا البصيرة بالعمى " عما قليل ليصبحن نادمين " (9) حين تحل بهم الندامة فيصلبون (10) الإقالة " ولات حين مناص " (11) إنه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل ومن لم يكن الجنة نزل النار أيها الناس إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها واستطالوا مدة الآخرة فسعوا لها والله أيها الناس
_________
(1) زبيدي نسبة إلى زبيد بلد باليمن
(2) بالاصل: أريك الاريك ومثله في " ز " تصحيف والمثبت عن صبح الاعشى
(3) الشقشقة: لهاة البعير ولا تكون إلا للعربي من الابل
(4) سورة الحج الاية الاولى
(5) بالاصل: سعواء والمثبت عن " ز "
(6) سورة محمد الاية: 31
(7) بالاصل و " ز ": احق
والمثبت عن صبح الاعشى
(8) سورة التوبة الاية: 12
(9) سورة المؤمنون الاية: 40
(10) بالاصل و " ز ": فيطلبوا
(11) سورة ص الاية: 3(70/235)
لولا أن يبطل الحق ويظهر الظالمون وتقوى كلمة الشيطان لما اختاروا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه إلى اين تريدون رحمكم الله أيها الناس عن ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوج ابنته وأبي ابنيه خلق من طينته وتفرع من نبعته وخصه بسره وجعله باب مدينته (1) وأعلم بحبه المسلمين (2) وأبان ببغضه المنافقين فلم يزل كذلك حتى أيده الله بمعونته يمضي على سنن استقامة لا يفرح لراحة اللذات بها وهو مفلق الهام مكسر الأصنام صلى والناس مشركون وأطاع والناس مرتابون فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر وأفنى أهل أحد ح ح وهزم الله به الأحزاب وقتل أهل حنين وفرق جمع هوازن فيا لهاأ من وقائع زرعت في قلوب قوم نفاقا وردة وشقاقا قد اجتهدت في القول وبالغت في النصيحة وبالله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله فقال معاوية والله يا أم الخير ما أردت بهذا القول إلا قتلي ولو قتلتك ما حرجت في ذلك [فقالت] (3) والله ما يسسوؤني أن يجري الله قتلي على يدي من يسعدني الله بشقائه قال: هيهات يا كثيرة الفضول ما تقولين في عثمان بن عفان قالت وما عسى أن أقول فيه استخلفه الناس وهم به راضون وقتلوه وهم له كارهون فقال معاوية: إيها (4) يا أم الخير هذا والله أصلك الذي تبنين (5) عليه قالت لكن الله يشهد بما أنزل أنزله بعلمه والملائكة يشهدون " وكفى بالله شهيدا " (6) وما أردت بعثمان نقصا ولقد كان سباقا إلى الخير وإنه لرفيع الدرجة غدا فما تقولين في طلحة بن عبيد الله قالت وما عسيت أن أقول في طلحة اغتيل من مأمنه وأتي من حيث لم يحذر وقد وعده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الجنة قال فما تقولين في الزبير؟ قالت لا تدعني كرجيع الثوب الصبغ يعرك في المركن (7)
قال حقا لتقولن (8) وقد عزمت عليك قالت وما عسيت أن أقول في الزبير ابن عمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحوارية
_________
(1) تشير إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها
(2) تشير إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن " حيث ميز المسلم من المنافق بحب علي بن أبي طالب
(3) زيادة عن " ز "
(4) بالاصل و " ز " إيهن
(5) بالاصل و " ز ": تبني
(6) سورة النساء الاية: 165
(7) المركن: إناء تغسل فيه الثياب
(8) الاصل و " ز ": لتقولين(70/236)
وقد شهد له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالجنة ولقد كان سباقا إلى كل مكرمة في الإسلام وإني أسألك بحق الله يا معاوية فإن قريشا تحدث أنك من أحلمها فأنا أسألك أن تسعني من فضل حلمك [و] أن تعفيني من هذه المسائل وامض لما شئت من غيرها قال قد فعلت ونعمة عين قد أعفيتك وردها مكرمة
9466 - أم الدرداء إسمها هجيمة تقدم ذكرها في حرف الهاء 39467 أم الربيع جدة سعيد بن عيسى حدثت عن أم حبيبة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) وقيل عن أمها عن أم حبيبة روى عنها حفيدها سعيد بن عيسى وهو دمشقي تقدم حديثها في ترجمة سعيد (1) أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قراءة عن ابن الآبنوسي أنا ابن عتاب أنا ابن جوصا إجازة ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي أنا ابن أبي الحديد أنا الربعي أنا الكلابي أنا ابن جوصا قراءة قال سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الثانية وجدة [سعيد بن] (2) عيسى: [أم الربيع] (3)
9468 - أم سعيد بنت سعيد بن عثمان بن عفان ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموية لها ذكر أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم في كتابه وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ح وحدثنا أبو الفضل بن ناصر أنا أحمد بن الحسن وأبو الحسن محمد بن إسحاق
_________
(1) تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر 21 / 272 رقم 2546 وهو سعيد بن عيسى القرشي كان يسكن دمشق
(2) زيادة للايضاح عن المطبوعة
(3) زيادة عن المطبوعة(70/237)
وأبو علي بن سعيد قالوا أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ (1) أنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي أنا عمر بن شبة قال أخبرني الطائي قال قال القاسم بن معن (2) : كانت أم سعيد بنت سعيد بن عثمان بن عفان عند هشام بن عبد الملك ثم طلقها فندم على طلاقها فتزوجها العباس بن الوليد بن عبد الملك ثم طلقها وندم على طلاقها فتزوجها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز فدس إليها العباس (3) أشعب (4) بأبيات قالها وقال له إن أنشدتها إياها فلك ألف دينار قال فأتاها فأنشدها فقالت له دسك العباس وجعل لك ألف دينار فأخبره عني ولك ألف دينار ثم قالت وما قال؟ فقال: قال: أسعدة هل إليك لنا سبيل * ولا حتى (5) القيامة من تلاق
فقالت: إن شاء الله (6) فقال: بلى ولعل دارك أن تواتي (7) * بموت من حليلك أو فراق قالت بفيك الحجر (8) قال: فأرجع شامتا وتقر عيني * ويجمع شملنا بعد الشقاق (9) قالت بل يشمت بك إن شاء الله (10)
9469 - أم سعيد بنت عبد الله بن عمرو هي سعدة تقدم ذكرها
_________
(1) في " ز ": " المزني "
(2) الخبر والابيات في الاغاني 19 / 170
(3) ذكر أبو الفرج أن الوليد بن يزيد هو الذي بعث أشعب برسالة إلى سعدة بعدما طلقها
(4) تحرفت بالاصل إلى: أشعث والمثبت عن " ز " والاغاني
(5) كذا بالاصل و " ز " وفي الاغاني: وهل حتى القيامة
(6) في الاغاني: قالت: لا والله لا يكون ذلك أبدا
(7) في الاغاني: بلى ولعل دهرا أن يؤاتى
(8) في الاغاني: قالت: كلا إن شاء الله بل يفعل الله ذلك به
(9) في الاغاني: فأصبح شامتا
بعد افتراق
(10) في الاغاني: قالت: بل تكون الشماتة به
وفي رواية أخرى في الاغاني أن سعدة لما بلغها أشعب رسالة الوليد قالت له: قل له: أتبكي على لنبى وأنت تركتها * فقد ذهبت لبنى فما أنت صائغ؟(70/238)
9470 - أم سعيد جدة الوزير ابن مسافر الجرشي حدثت وروى عنها الوزير بن مسافر أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قراءة عن أبي الحسين الصيرفي أنا أبو القاسم بن عتاب أنا أحمد بن عمير إجازة ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد أنا أبو الحسن (1) الربعي أنا عبد الوهاب الكلابي أنا أحمد بن عمير قراءة قال سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الثانية وجدة الوزير ابن مسافر أم سعيد 9471 أم سعيد امرأة شاعرة حجازية أمة اشتراها الوليد بن يزيد (2) وحملت إليه ذكر علي بن أحمد بن داود نا أبو بكر يعني ابن الأنباري حدثني أبي نا عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن نا أحمد بن عمر بن إسماعيل الزهري (3) نا إسحاق بن عبد الملك عن يحيى بن عروة بن الزبير قال: كتب الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة أشخص إلي معبد والأحوص وأمرهما أن يسيرا على هينتهما (4) سيرا رفيقا وإذا مرا على موضع يستطيبانه أقاما عليه حتى يقدما علي مسرورين جذلين غير تعبين ولا منزعجين فسارا على ما وصف حتى صارا إلى قف (5) معان (6) بالبلقاء وعليه قصر لبعض بني أمية فجلسا في روضة خضراء عند واد أفيح (7) بإزاء القصر فخرجت جارية من القصر بيدها جرة فملأتها من الغدير ثم صعدت وتغنت:
_________
(1) بالاصل و " ز ": " أبو القاسم " تصحيف والمثبت قياسا إلى أسانيد مماثلة
(2) في المختصر والمطبوعة: أمة شاعرة حجازية اشتراها الوليد بن يزيد
(3) تحرفت بالاصل إلى: الزبيري والمثبت عن " ز "
(4) كذا بالاصل والمطبوعة وفي " ز ": هيئتهما
(5) القف: ما ارتفع من الارض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا
(معجم البلدان)
(6) معان بالفتح والمحدثون يقولونه بالضم وهي مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء (معجم البلدان)
(7) بالاصل: أفج والمثبت عن " ز "
يقال: فاح الوادي اتسع فهو أفيح على غير قياس وروضة فيحاء: واسعة(70/239)
يا بيت (1) عاتكة الذي أتعزل (2) * حذر العدى وبه الفؤاد موكل (3) إني لأمنحك الصدود (4) وإنني * قسما إليك مع الصدود لأميل
ثم طربت وكسرت الجرة فدعاها الأحوص فسألها عن شأنها فقالت كنت لآل الرحيد بمكة فاشتراني هذا القرشي فأثرني على جميع الناس وأكرمني غاية الإكرام حتى قدم بي على امرأته وهي ابنة عمه فأنكرت ما رأت من خصوصيته إياي وحلفت أن لا ترضى إلا أن يدخلني في جملة الخوادم ويلزمني أن أستقي كل يوم ثلاث جرار من هذا الغدير فإذا فكرت في الرق وما يلزمني من طاعة السادة سلمت الجرة صحيحة وإذا فكرت في قديم أمري وما كنت فيه من النعمة كسرت الجرة فقال الأحوص لمن هذا الشعر؟ قالت الشعر للأحوص والغناء لمعبد قال فأنا الأحوص وهذا معبد ثم سألها عن اسمها فقالت: أعرف بأم سعيد ثم أنشأت تقول: إن تروني الغداة أسعى بجر * أستقي الماء عند هذا الغدير فلقد عشت في رخاء من العي * ش وفي كل نعمة وسرور لا أرى البؤس وسط حي كرام * قد حيوني بالود ود الصدور ثم قد تبصران (5) ما أنا فيه * ثم ماذا إليه صار مصيري فأسمعوا ما أقول لقاكم * الله نجاحا في أيسر التيسير أبلغوا عني الإمام وما بلغ * صدق الحديث مثل الخبير إنني (6) أضرب الخلائق بالعو * د وأحكاهم لبم وزير (7) فلعل الإله ينقذ مما * أنا فيه من المحل الضرير
فأنشأ الأحوص يقول: إن زين الغدير من كسر الجر * ر (8) وغنى غناء فحل مجيد
_________
(1) بالاصل: بنت والمثبت عن " ز "
(2) بالاصل: أتغزل وفي " ز ": اتعزل
والمثبت عن تاج العروس
(3) البيت الاول في تاج العروس " عزل " ونسبه للاحوص
(4) بالاصل و " ز ": الصدور في الموضعين
(5) بالاصل و " ز ": يبصران
(6) بالاصل و " ز ": إني والمثبت عن المطبوعة
(7) البم: من أوتار العود الغليظة
والزير: الدقيق من الاوتار
(8) بالاصل و " ز ": الجر الجرة ولا يستقيم بها الوزن(70/240)
قلت: من أنت يا ظريفة قالت: * كنت فيما مضى لآل الوحيد ثم قد صرت بعد ملك قريش * في بني عامر لآل الوليد فغنائي لمعبد ونشيدي * لفتى الناس الأحوص الصنديد فتضاحكت ثم قلت أنا الأحو * ص والشيخ معبد فأعيدي فأعادت وأحسنت ثم ولت * تتثنى فقلت أم سعيد يعجز المال عن شراك ولكن * أنت في ذمة الإمام الوليد سوف أطريك للإمام بصوت * معبدي يدر (1) حبل الوريد يفعل الله ما يشاء وظني * ثم خيرا هناك عند ورودي
فلما قدما على الوليد بن يزيد كان أول شعر غناه معبد شعر الأحوص الثاني فقال له الوليد: من قال هذا الشعر ومتى صنعت اللحن فيه؟ فحدثه حديث الجارية فوجه فاشتريت له بأرفع ثمن وأدخلت عليه فغنته فما برحا حتى أخذا من خلعتها وجائزتها
9472 - أم سلمة بنت هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموية زوج عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك حجت في زمن أبيها لها ذكر أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر أنا المخلص أنا لطوسي أنا الزبير قال (2) : في تسمية ولد هشام زينب تزوجها محمد بن عبد الله بن عبد الملك فولدت له وأم سلمة تزوجها عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك وهما لأم ولد أنبأنا أبو بكر الحاسب وغيره عن أبي محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا سليمان بن إبراهيم أخبرنا الحارث بن محمد أنا محمد بن سعد أنا محمد بن عمر قال وفيها يعني سنة أربع وعشرين ومائة حج بالناس محمد بن هشام وحج عامئذ عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بن مروان ومعه امرأته أم سلمة بنت هشام بن عبد الملك فحدثني يزيد مولى أبي الزناد قال رأيت محمد بن هشام على بابها يرسل بالسلام وألطافه (3)
_________
(1) في " ز ": معبد بن بدر
(2) انظر نسب قريش للمصعب ص 168
(3) الالطاف واحدها لطف وهو الهدية (تاج العروس)(70/241)
على بابها كثيرة لم تقبل كانت وجدت عليه في ترك اللطف لها بالطريق فهو يتعذر (1) وتأبى حتى يئس من قبول هديته ثم أمرت بقبضها
9473 - أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد (2) ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية امرأة حازمة كانت تحت عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ثم خلف عليها مسلمة ابن هشام بن عبد الملك ثم تزوجها أبو العباس السفاح لها ذكر أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالا أنا أبو جعفر بن المسلمة أنا محمد ابن عبد الرحمن أنا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (3) : ومن ولد سلمة بن عبد الله أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله كانت عند مسلمة بن هشام بن عبد الملك ثم خلف عليها أبو العباس أمير المؤمنين عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فولدت له محمدا وريطة ابني أبي العباس كانت ريطة بنت أبي العباس عند المهدي أمير المؤمنين ولدت له عليا وعبيد الله ابني المهدي وأم أم سلمة بنت يعقوب هند بنت عبد الله بن جبار بن سلمة بن مالك بن جعفر بن كلاب ولأخيها حبيب بن جبار يقول الأعور بن براء الكلبي: لقد علم ابن جبار بن سلمى * حبيب إنما الدنيا متاع وأن لا يخلد الأبل الصفايا * ولا طول الإهابة (4) والشياع (5)
قرأت على أبي محمد بن حمزة عن أبي نصر بن ماكولا قال (6) : أم سلمة بنت يعقوب ابن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة أمها هند بنت عبد الله بن جبار بن سلمى ولجبار شعر (7)
_________
(1) تعذر: اعتذر واحتج لنفسه (تاج العروس: عذر)
(2) كتب على هامش " ز ": مكرر بالنسخة انظر نسب قريش ص 329
(3) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص 330
(4) الاهابة: الصوت بالابل ودعاؤها
وأهاب الراعي بغنمه: صاح لتقف أو لترجع (تاج العروس: هيب) 2 / 501
(5) الشياع: أشاع بالابل: أهاب بها أي صاح بها ودعاها إذا استأخر بعضها والشياع: مزمار الراعي وفي الاساس: هو منفاخ الراعي سمي به لانه يصيح بها على الابل فتجتمع بها على الابل فتجتمع
والشياع: صوت الراعي
(تاج العروس: شيع)
(6) إلى هنا لابن ماكولا 2 / 37 في باب جبار
(7) إلى هنا ينتهي كلام ابن ماكولا(70/242)
وبلغني عن المدائني أن العباس بن الوليد بن عبد الملك لما وجهه الوليد بن يزيد بن عبد الملك لإحصاء ما في خزائن هشام أمره أن لا يعرض لمسلمة بن هشام لأنه كان يكف أباه عن الوليد وكان مسلمة يشرب فلما قدم العباس كتبت إليه أم سلمة إن مسلمة ما يفيق من الشراب ولا يهتم بشئ مما فيه إخوته ولا لموت أبيه فلما راح مسلمة إلى العباس قال له يا مسلمة كان أبوك يرشحك للخلافة ونحن نرجوك لغير ما بلغني عنك وأنبه وعاتبه على الشراب فأنكر مسلمة ذلك وقال من أخبرك بهذا قال كتبت إلي أم سلمة فطلقها في ذلك المجلس فخرجت إلى فلسطين وبها كانت تنزل فتزوجها أبو العباس السفاح هناك أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالا أنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني ح (1) وقرات على أبي غالب بن البنا عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمد أنا الدارقطني نا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي [قال] (2) قال أبو الفضل الربعي نا إسحاق الموصلي أخبرني أبو عبد الله الزبيري قال: كانت أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة عند عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ثم خلف عليها أبو شاكر مسلمة بن هشام بن عبد الملك فإما فارقها وإما مات عنها فخرجت مع جواريها وحشمها مبتدية (3) نحو الشراة فبينا هي ذات يوم جالسة إذ مر بها أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وهو يومئذ عزب فأرسلت إليه مولاة لها تعرض عليه أن يتزوجها فجاءته الجارية فأبلغته السلام وأدت إليه الرسالة فقال أبلغيها السلام وأخبريها برغبتي فيها وقولي لها لو كان عندي من المال ما أرضاه لك فعلت فقالت لها قولي له هذه سبعمائة دينار أبعث بها إليك وكان لها مال عظيم وجوهر وحشم كثير فأتته المرأة فعرضت ذلك عليه
_________
(1) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل واستدرك عن " ز "
(2) سقطت من الاصل والمطبوعة وزيدت عن " ز "
(3) كذا بالاصل و " ز " يقال: بدا القوم بدوا أي خرجوا إلى باديتهم وتبدى الرجل: أقام في البادية(70/243)
فأنعم (1) لها فدفعت إليه المال فأقبل إلى أخيها فخطبها إليه فزوجه إياها فأرسل إليها بصداقها خمسمائة دينار وأهدى إليها مائتي دينار ثم دخل عليها فإذا هي على منصة فصعد إليها فذكر خبرا أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله فيما قرأ علي إسناده وناولني إياه وقال اروه عني أنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي (2) (3) نا الحسين بن القاسم (4) نا الربعي أبو الفضل العباس بن الفضل (5) قال: قال إسحاق يعني ابن إبراهيم الموصلي قال شبيب بن شيبة: دخل خالد بن صفوان التميمي على أبي العباس وليس عنده أحد فقال يا أمير المؤمنين إني والله ما زلت منذ قلدك الله خلافته (6) أطلب أن أصير إلى مثل هذا الموقف في الخلوة فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإمساك الباب حتى أفرغ فعل قال فأمر الحاجب بذلك فقال يا أمير المؤمنين إني فكرت في أمرك وأجلت الفكر فيك فلم أر أحدا له مثل ما قلدك (7) أقل اتساعا في الاستمتاع بالنساء منك ولا أضيق فيهن عيشا إنك ملكت امرأة من نساء العالمين واقتصرت عليها فإن مرضت مرضت وإن غابت غبت وإن عركت (8) عركت وحرمت نفسك يا أمير المؤمنين [التلذذ] (9) باستطراف الجواري وبمعرفة اختلاف أحوالهن والتلذذ بما يشتهى منهن؟ إن منهن يا أمير المؤمنين الطويلة التي تشتهى لجسمها والبيضاء التي تستحب (10) للونها والسمراء اللعساء والصفراي العجزاء ومولدات المدينة والطائف واليمامة ذوات الألسن العذبة والجواب الحاضر وبنات سائر الملوك ما يشتهي من نظافتهن وحسن أنسهن وتحلل بلسانه فأطنب في صفات ضروب الجواري وشوقه إليهن
_________
(1) أي أنه أجابها بقوله: نعم
(2) أقحم بعدها بالاصل: " بن زكريا القاضي "
(3) الخبر رواه المعافى بن زكريا القاضي الجريري في الجليس الصالح الكافي 3 / 456 وما بعدها
(4) في الجليس الصالح: حدثنا الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي
(5) في الجليس الصالح: حدثنا أبو الفضل الربعي
(6) في الجليس الصالح: خلافة المسلمين
(7) في الجليس الصالح: مثل قدرك
(8) أي حاضت
(9) سقطت من الاصل وزيدت عن " ز " والجليس الصالح
(10) كذا بالاصل و " ز " وفي الجليس الصالح التي تحب لروعتها(70/244)
فلما فرغ خالد قال: ويحك ما سلك مسامعي والله كلام قط أحسن من هذا فأعد علي كلامك فقد وقع مني موقعا فأعاد عليه خالد كلامه بأحسن مما ابتدأه ثم قال: انصرف وبقي أبو العباس يفكر فيما سمع من خالد يقسم (1) أمره فبينا هو يفكر إذ دخلت عليه أم سلمة وقد كان أبو العباس حلف ألا يتحذ عليها ووفى لها فلما رأته مفكرا متغيرا قالت له إني لأنكرك يا أمير المؤمنين فهل حدث أمر تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له؟ فقال: لا والحمد لله ثم لم تزل تستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد قالت فما قلت لابن الفاعلة؟ فقال لها ينصحني فتشتميه فخرجت إلى مواليها من البخارية (2) فأمرتهم بضرب خالد قال خالد فخرجت إلى الدار مسرورا بما ألقيت إلى أمير المؤمنين ولم أشك في الصلة فبينا أنا مع الصحابة واقفا إذ أقبلت البخارية تسأل عني فحققت الجائزة والصلة فقلت لهم ها أنذا فاستبق إلي أحدهم بخشبة فلما أهوى إلي غمزت برذوني ولحقني فضرب كفله وتنادى إلي الباقون وغمزت البرذون فأسرع ثم راكضتهم ففتهم واختبأت في منزلي أياما قال القاضي (3) : الصواب استخفيت ووقع في قلبي أني أتيت من قبل أم سلمة فطلبني أبو العباس فلم يجدني فلم أشعر إلا بقوم قد هجموا علي وقالوا أجب أمير لمؤمنين فسبق إلى قلبي أنه الموت فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون لم أر دم شيخ أضيع فركبت إلى دار أمير المؤمنين ثم لم ألبث أن أذن لي فأصبته خاليا فرجع إلي عقلي ونظرت في المجلس وبيت عليه ستوررقاق فقال يا خالد لم أرك قلت كنت عليلا قال ويحك إنك وضعت لأمير المؤمنين في آخر دخلة دخلتها علي من أمور النساء والجواري صفة لم يخرق مسامعي كلام قط أحسن منه فأعده علي - قال وسمعت حسا خلف الستر - فقلت: نعم يا أمير المؤمنين أعلمتك أن العرب إنما اشتقت اسم الضرتين من الضر وإن أحدا لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضر وتنغيص قال له أبو العباس لم يكن هذا [في] (4) الحديث قال بلى والله يا أمير المؤمنين قال فأنسيت إذا فأتمم الحديث قال: وأخبرتك أن الثلاث من النساء كأثافي القدر يغلي عليهن
قال برئت من قرابتي من رسول
_________
(1) بالاصل: فقسم والمثبت عن " ز " والجليس الصالح
(2) بالاصل و " ز ": النجارية والمثبت عن الجليس الصالح
(3) يريد القاضي المعافى بن زكريا الجريري صاحب كتاب الجليس الصالح
(4) زيادة عن الجليس الصالح(70/245)
الله (صلى الله عليه وسلم) إن كنت سمعت هذا منك ولا مر في حديثك قال وأخبرتك أن الأربع من النساء شر مجموع لصاحبه يشيبنه ويهرمنه ويحقرنه ويقسمنه قال لا والله ما سمعت هذا منك ولا من غيرك قلت بلى والله يا أمير المؤمنين (1) قال أفتكذبني؟ قلت: أفتقتلني نعم والله يا أمير المؤمنين وأخبرتك أن أبكار الإماء رجال إلا أنهن ليست لهن خصى
قال خالد: فسمعت ضحكا من خلف الستر ثم قلت نعم وأخبرتك أن عندك ريحانة قريش وأنك تطمح بعينيك إلى النساء والجواري قال فقيل من وراء الستر صدقت والله يا عماه وبهذا حدثته ولكنه غير حديثك ونطق عن لسانك فقال أبو العباس مالك قاتلك الله وفعل بك وفعل قال فانسللت قال فبعثت إلي أم سلمة بعشرة آلاف درهم وبرذون وتخت (2) قال القاضي أبو الفرج: قوله في هذا الخبر السمراء اللعساء التي في شفتها سمرة وسواد ومن ذلك قول ذي الرمة (3) : لمياء في شفتيها حوة لعس * وفي اللثات وفي أنيابها شنب (4) اللمى مقصور سمرة في الشفة والحوة الحمرة إلى السواد شبيه به واللعس مثل ذلك والشنب برد وعذوبة في الأسنان ويقال امرأة لمياء ورجل ألمى وذكر عن الأصمعي أنه قال اللعس السواد الخالص ويقال ليل ألعس ولا أدري يقال لعس أم لا؟ ويقال: حوي يحوى وقياسه في اللمى لمي يلمى وقوله ينصحني وتشتمينه الكلام الفصيح السائر وينصح لي قال الله تعالى " إن أردت أن أنصح لكم " (5) ويقال فنصحت لكم ونصحت فلانا لغة قد حكيت وهي
_________
(1) قوله: " يا أمير المؤمنين " ليس في الجليس الصالح
(2) بالاصل و " ز ": خط والمثبت عن الجليس الصالح
(3) بالاصل: " ونحست " والمثبت عن " ز " والجليس الصالح
والتخت: وعاء تصان فيه الثياب فارسي وقد تكلمت به العرب
(4) ديوان ذي الرمة ص 5
(5) اللمى السمرة في الشفة تضرب إلى الخضرة والحوة حمرة في الشفة تضرب إلى السواد والشنب برودة في الفم ورقة في الاسنان (شرح الديوان ص 5)
(6) سورة هود الاية: 34(70/246)
دون هذه في الفصاحة من ذلك قول الشاعر (1) : نصحت بني عوف فلم يتقبلوا * رسولي ولم تنجح لديهم رسائلي
وأصل النصح الإخلاص والمناصحة المخالصة ويقال هذا شئ ناصح أي خالص كما قال الشاعر: تركت (2) بنا لوحا ولو شئت جادنا * بعيد الكرى ثلج بكرمان ناصح
9474 - أم سنان بنت خيثمة بن حرشة (3) المذحجية من أهل المدينة امرأة شاعرة وفدت على معاوية متظلمة من عامله على المدينة أخبرنا أبو العز مناولة وإذنا وقرأ علي إسناده أنا محمد بن الحسين أنا أبو الفرج القاضي أنا الحسن بن أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي نا الغلابي نا العباس بن بكار نا عبيد الله بن سليمان المديني عن أبيه عن سعد بن حذاقة قال (4) : حبس مروان بن الحكم غلاما من بيني ليث في جناية جناها بالمدينة فأتته جدة الغلام أم أبيه وهي أم سنان بنت خيثمة بن حرشة (5) المذحجية فكلمته في الغلام فأغلظ لها وزيرها فخرجت إلى معاوية واستأذنت عليه فأذن لها فلما جلست (6) قال يا بنة خيثمة ما أقدمك أرضي وقد عهدتك تشنئين قومي وتحضين علي عدوي قالت يا أمير المؤمنين إن لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة وأعلاما ظاهرة لا يجهلون بعد علم ولا يسفهون بعد حلم ولا يتعقبون بعد عفو وإن أولى الناس باتباع سنن آبائه لأنت قال صدقت نحن كذلك فكيف قولك: عزب الرقاد فمقلتي ما ترقد * والليل يصدر بالهموم ويورد يا آل مذحج لا مقام فشمروا * إن العدو لآل أحمد يقصد هذا علي كالهلال يحفه * وسط السماء من الكواكب أسعد
_________
(1) البيت التالي للنابغة الذبياني وهو في ديوانه ص 93
(2) في الاصل و " ز ": نزلت والمثبت عن الجليس الصالح
(3) بالاصل: حرث وفي المختصر: خرشة والمثبت عن " ز "
(4) الخبر في الجليس الصالح الكافي 4 / 211 وما بعدها وبلاغات النساء ص 92
(5) في الجليس الصالح: خرشة
(6) بالاصل و " ز " والمطبوعة: جلس والمثبت عن الجليس الصالح(70/247)
خير الخلائق وابن عم محمد * وكفى بذلك والعدو تهدد ما زال مذ عرف الحروب مظفرا * والنصر فوق لوائه ما يفقد
قال قد كان ذلك يا أمير المؤمنين وإنا لنطمع بك خلفا قال رجل من جلسائه كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة: ح إما هلكت أبا الحسين فلم تزل * بالحق تعرف هاديا مهديا فاذهب عليك سلام ربك ما دعت * فوق الغصون حمامة قمريا
قالت يا أمير المؤمنين لسان نطق وقول صدق ولئن تحقق فيك ما ظننا فحظك وافر والله ما أورثك الشناءة في قلوب المسلمين إلا هؤلاء فادحض مقالتهم وأبعد منزلهم فإنك إن فعلت ازددت بذلك من الله قربا ومن المسلمين حبا قال إنك لتقولين ذلك قالت سبحان الله والله ما مثلك [مدح] (1) بباطل ولا اعتذر إليه بكذب وإنك لتعلم ذلك من رأينا (2) وضمير قلوبنا كان والله علي أحب إلينا منك إذ كان حيا وأنت أحب إلينا من غيرك إذ أنت باق وقال ممن؟ قالت من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص قال وبم استحققت ذلك عليهما؟ قالت بحسن حلمك وكرم عفوك قال وإنهما ليطمعان في ذلك؟ قالت هما والله لك من الرأي على ما كنت عليه لعثمان قال والله لقد قاربت فما حاجتك؟ قالت إن مروان بن الحكم تبنك بالمدينة تبنك من لا يريد البراح منها لا يحكم بعدل ولا يقضي بسنة يتتبع عثرات المسلمين ويكشف عورات المؤمنين حبس ابن ابني فأتيته فقال كيت وكيت فألقمته أخشن من الحجر وألعقته أمر من الصاب (3) قال أبو عبد الله الصاب الحضيض قال القاضي الحظظ بالظاء وهو معروف قال أبو ذؤيب الهذلي (4) : نام الخلي وبت الليل مشتجرا * كأن عيني فيها الصاب مذبوح
مذبوح: مشقوق والذبح الشق قال الشاعر (5) :
_________
(1) سقطت من الاصل وقوله: " مدح بباطل " استدرك على هامش " ز " والمثبت عن الجليس الصالح
(2) بالاصل و " ز ": " ورائنا " والمثبت عن الجليس الصالح
(3) بالاصل و " ز ": الصبر والمثبت عن الجليس الصالح
(4) شرح أشعار الهذليين 1 / 120
(5) الرجز في اللسان (ذبح) ونسبه إلى منظور بن مرثد الاسدي(70/248)
كأن بين فكها والفك * فارة مسك ذبحت في سك
رجع الخبر: ثم رجعت إلى نفسي بالملامة وأتيتك يا أمير المؤمنين لتكون في أمري ناظرا وعليه معديا قال صدقت لا أسألك عن ذنبه (1) ولا أسألك القيام بحجته اكتبوا لها بإخراجه قالت يا أمير المؤمنين وأنى لي بالرجعة وقد نفذ زادي وكلت راحلتي فأمر لها براحلة موطاة وخمسة آلاف درهم
9475 - أم عاصم قيل إن اسمها ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشية العدوية أم عمر بن عبد العزيز سكنت دمشق مدة ولما شج ابنها عمر بن عبد العزيز وأدخل عليها كانت بدمشق على ما ذكره سالم الأفطس مولى بني أمية حدثت عن أبيها روى عنها ابنها عمر قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ قال نا أبو محمد المزني وهو أحمد بن عبد الله ببخارى أنا إبراهيم بن محمد بن أبي الأزهر الدمشقي نا وريزة بن محمد نا محمد بن هاشم بن منصور الكندي حدثني أبي عن عمرو بن قيس عن عمر بن عبد العزيز عن أمه عن أبيها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " نعم الإدام الخل "
[13862] أخبرناه عاليا أبو العز بن كادش أنا محمد بن محمد بن علي الشروطي حدثنا أبو الحسن الدارقطني حدثني أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الفارسي نا أبو هاشم وريرة بن محمد بن وريزة الحمصي بدمشق نا محمد بن هاشم بن منصور الكندي حدثني أبي عن عمرو بن قيس وهو السكوني عن عمر بن عبد العزيز عن أمه عن أبيها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال " نعم الإدام الخل "
[13863] وأخبرتنا به أم البهاء خجسته (2) بنت أبي الوفاء بن عمر قالت أنا شجاع بن علي أنا
_________
(1) بالاصل: دينه والمثبت عن " ز " والجليس الصالح
(2) إعجامها مضطرب بالاصل و " ز " ورسمها: " خحسه "(70/249)
أبو عبد الله بن مندة نا الحسن بن منصور أنا وريزة الغساني فذكره خالفهما علي بن سراج المصري فرواه عن وريزة عن يحيى بن سعيد السكوني عن أبيه عن عمرو قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي بكر الخطيب نا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني أنا أبو جعفر عمر بن أحمد بن نعيم نا علي بن سراج نا وريزة بن محمد الغساني نا يحيى بن سعيد السكوني نا أبي [نا] (1) عمرو بن قيس قال سمعت عمر بن عبد العزيز يحدث عن أمه عن أبيها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " نعم الإدام الخل "
[13864] أخبرنا أبو عبد الله وأبو غالب ابنا البنا قالا أنا أبو الحسين (2) بن الآبنوسي أنا أحمد بن عبيد إجازة قالا وأنا أبو تمام علي بن محمد إجازة أنا أبو بكر بن بيري (3) قراءة أنا محمد بن الحسين نا ابن أبي خيثمة نا منصور بن أبي مزاحم نا مروان بن شجاع عن سالم الأفطس: أن عمر بن عبد العزيز رمحته دابة وهو غلام بدمشق فأتيت به أم عاصم بنت عاصم ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ فضمته إليها وجعلت تمسح الدم عن وجهه ودخل أبوه عليها على تلك الحال فأقبلت عليه تعذله وتلومه وتقول ضيعت ابني ولم تضم إليه خادما ولا حاضنا يحفظه من مثل هذا فقال لها اسكتي يا أم عاصم فطوباك إن كان أشج (4) بني أمية أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله أيضا قالا أنا أبو جعفر أنا المخلص نا أحمد نا الزبير قال (5) : وأم عاصم وحفصة ابنتا (6) عاصم بن عمر وأمهما أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي
_________
(1) سقطت من الاصل واستدركت عن " ز "
(2) تحرفت بالاصل إلى: الحسن والمثبت عن " ز "
(3) تحرفت بالاصل إلى: " بشري " وبدون إعجام في " ز "
(4) في " ز ": " أشجع "
(5) نسب قريش للمصعب ص 361
(6) بالاصل و " ز ": ابنتي والمثبت عن نسب قريش(70/250)
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن عن أبي محمد الحسن بن علي وحدثنا عمي رحمه الله أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد أنا الحسن قراءة أنا محمد بن العباس أنا أحمد بن معروف نا ابن الفهم نا ابن سعد قال: فولد عاصم بن عمر بن الخطاب حفصة بنت (1) عاصم وأم عاصم بنت عاصم وهي أم عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم وأمهم أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله (2) ابن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف قال وأنا محمد بن العباس أنا سليمان بن إسحاق الجلاب نا الحارث بن أبي أسامة نا محمد بن سعد (3) أنا أحمد بن أبي إسحاق وهو الدورقي نا إبراهيم بن عباس (4) حدثني ضمرة عن أبي شوذب قال: لما أراد عبد العزيز بن مروان أن يتزوج أم عمر بن عبد العزيز قال لقيمه اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح قال فتزوج أم عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قالا أنا محمد بن أحمد أنا محمد بن عبد الرحمن ابن العباس أنا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (5) : لما ماتت رقية بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ عند إبراهيم بن نعيم بن عبد الله فدفنت بالبقيع انصرف به عاصم إلى منزله فأخرج له ابنتيه حفصة وأم عاصم فقال له اختر أيهما شئت فإنا لا نحب أن ينقطع صهرك [منا] (6) قال إبراهيم لم يخف علي أن أم عاصم أجمل المرأتين فتجاوزت عنها وقلت يصيب بها أبوها رغبة من بعض الملوك لما رأيت من جمالها وتزوجت حفصة فتزوج عبد العزيز بن مروان بن الحكم أم عاصم فولدت له عمر ابن عبد العزيز وإخوة له ثم هلكت عنده وهلك إبراهيم بن نعيم عن حفصة بنت عاصم
_________
(1) بالاصل و " ز ": " بن "
(2) أقحم بعدها بالاصل: " بن الحارث بن ربيعة " والمثبت يوافق عبارة " ز "
(3) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 5 / 331
(4) بالاصل و " ز ": عباس والمثبت عن طبقات ابن سعد
(5) رواه المصعب الزبيري في نسب قريش ص 361
(6) زيادة عن نسب قريش(70/251)
فتزوجها عبد العزيز بن (1) مروان بعد مهلك أم عاصم بنت عاصم وحملت إليه بمصر وكان بأيلة إنسان به خبل يقال له شرشمير (2) فكانت أم عاصم مرت به فتعرض لها فأعطته وأحسنت إليه ثم مرت به بعدها حفصة بنت عاصم فتعرض لها فلم ترفع به (3) رأسا فسئل: أين حفصة من أم عاصم؟ فقال ليس حفصة من رجال أم عاصم
أخبرنا أبو الحسن الفرضي أنا جعفر بن أحمد بن الحسين السراج أنا الشيخ أبو نصر إبراهيم بن الحسين بن صالح قراءة عليه نا أبو أحمد الفرضي أنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد الأدمي القارئ (4) قراءة عليه في مسجد الجامع يوم الجمعة يوم عرفة سنة أربعين وثلاثمائة نا أحمد بن عبيد بن ناصح نا أبو قبيصة محمد بن حرب بن قطن حدثني حماد بن زيد [عن عاصم] (5) عن أبي وائل قال: مر عمر بعجوز تبيع لبنا معها في سوق الليل فقال لها يا عجوز لا تغشي المسلمين وزوار بيت الله تعالى ولا تشوبي اللبن بالماء فقالت نعم يا أمير المؤمنين ثم مر بعد ذلك فقال يا عجوز ألم أتقدم إليك أن لا تشوبي لبنك بالماء فقالت والله ما فعلت فتكلمت ابنة لها من داخل الخباء فقالت يا أمه أغشا وكذبا جمعت على نفسك فسمعها عمر فهم بمعاقبة العجوز فتركها لكلام ابنتها ثم التفت إلى بنيه فقال أيكم يتزوج هذه فلعل الله أن يخرج منها نسمة طيبة مثلها فقال عاصم بن عمر أنا أتزوجها يا أمير المؤمنين فزوجها إياه فولدت له أم عاصم فتزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز ثم تزوج بعدها حفصة وقيل فيها: ليست حفصة من رجال أم عاصم
أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان (6) أنا عبد الملك بن محمد بن بشران أنا أبو بكر الآجري نا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين أخبرني قال نا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم قال (7) :
_________
(1) من قوله: " بن مروان " إلى هنا مكرر بالاصل
(2) بالاصل و " ز ": شر شرين والمثبت عن نسب قريش
(3) في نسب قريش: إليه
(4) بالاصل: " العاربى " والمثبت عن " ز "
(5) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك لتقويم السند عن " ز "
(6) رسمها بالاصل: " سار " وفي " ز ": " سان "
(7) الخبر باختلاف الرواية في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص 23(70/252)
بينا أنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ وهو يعس (1) بالمدينة إذ أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل فإذا امرأة تقول لابنتها قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه (2) بالماء فقالت يا أمتاه وما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت وما كان من عزمته؟ قالت إنه أمر مناديا فنادى لا يشاب اللبن بالماء فقالت لها يا ابنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر فقالت الصبية والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء وعمر يسمع كل ذلك فقال يا أسلم علم الباب واعرف الموضع ثم مضى في عسه فلما أصبح قال يا أسلم امض إلى الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها وهل لهم من بعل فأتيت الموضع فإذا أيم لا بعل لها وإذا تيك أمها وإذا ليس لهم رجل فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته فدعا عمر ولده فجمعهم فقال هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية فقال عبد الله لي زوجة وقال عبد الرحمن لي زوجة وقال عاصم يا أبتاه لا زوجة لي فزوجني فبعث إلى الجارية (3) فزوجها من عاصم فولدت لعاصم بنتا وولدت الابنة ابنة وولدت الابنة عمر بن عبد العزيز [قال ابن عساكر] (4) كذا قال والصحيح ما تقدم أن أم عاصم بنت عاصم لا بنت (5) ابنته أخبرنا أبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين بن الحسن بهراة مناولة وقرأ علي إسناده أنا أبو محمد أحمد بن محمد بن أحمد البوني أنا أبو عبد الله محمد بن محمد الشروطي ببست أنا أبو حاتم محمد بن حبان البستي نا عمرو بن محمد الأنصاري نا الغلابي نا عبيد الله بن محمد التيمي قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ بمنى قعطش فانتهى إلى عجوز فاستسقاها ماء فقالت ما عندنا ماء فقال لبن فقالت ما عندنا [لبن] (6) فبدرت جارية فقالت لها
_________
(1) يعس: يطوف بالليل يريد أنه كان يطوف بالليل بالمدينة يحرس الناس ويكشف أهل الريبة انظر اللسان: عس
(2) مذق اللبن: خلطه
(3) في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم أنها امرأة من بني هلال
(4) زيادة منا للايضاح
(5) بالاصل: " لابنة " والمثبت عن " ز "
(6) سقطت من الاصل و " ز " وأضيفت عن " ز "(70/253)
أتكذبين وما تستحيين ثم قالت لعمر هذا السقاء فيه لبن فسأل عمر عن الجارية فإذا أبوها ثقفي فخطبها على عاصم بن عمر فزوجها منه فولد منها أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز أنبأنا أبو المظفر بن القشيري عن أبي الوليد الحسن بن محمد الدربندي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن نا أحمد بن جعفر بن سعيد نا أحمد بن مهدي نا عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب نهى الأعراب وتقدم إليهم ألا يمذقوا اللبن فبينا هو يعس ليلة من الليالي في نواحي المدينة إذ مر بأهل بيت من الأعراب لبني هلال فسمع امرأة منهم تقول لابنتها يا بنية قومي فامذقي فقد مذق الناس فقالت لها ابنتها يا أمه أو ليس قد نهى عمر بن الخطاب عن الماء فقالت لها بلى ولكن الناس يمذقون فقالت لها ابنتها والله لا أمذق وقد نهى عنه عمر ولا أكون قال أبو جعفر أحسبه قال ممن يعصي عمر قال فعجب عمر من قولها فلما انصرف قال لابنه عاصم يا بني اذهب إلى موضع كذا وكذا فوصف له منزلها وقال له انظر جارية كذا وكذا فوصفها له فسل (1) عنها فإن كان له زوج فبارك الله لزوجها وإن لم يكن لها زوج فتزوجها فإني أرجو أن يخرج الله منها سليلة تسود (2) العرب قال فذهب عاصم فسأل عنها فقيل (3) ليس لها زوج فقال زوجونيها فقيل ومن أنت؟ قال أنا عاصم بن عمر بن الخطاب قالوا فمرحبا بك وأهلا فزوجوها منه فولدت منه أم عاصم بنت عاصم ثم تزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان فجاءت بعمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع أنا أبو عمرو بن مندة أنا الحسن بن محمد بن أحمد [أنا أحمد] (4) بن محمد بن عمر نا ابن أبي الدنيا حدثني سويد بن سعيد نا ضمام (5) عن أبي قبيل: أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير قد جمع القرآن فأرسلت إليه أمه فقالت ما يبكيك؟ قال ذكر الموت فبكت أمه من ذلك
_________
(1) في " ز ": فسأل
(2) بالاصل: لتسود والمثبت عن " ز "
(3) بالاصل: فقال والمثبت عن " ز "
(4) ما بين معكوفتين سقط من الاصل استدرك عن " ز " لتقويم السند
(5) بدون إعجام بالاصل و " ز "
وهو ضمام بن إسماعيل بن مالك المرادي المعافري أبو إسماعيل المصري ترجمته في تهذيب الكمال 9 / 185(70/254)
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالا أنا أبو جعفر بن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص نا أحمد بن سليمان نا الزبير قال وقال محمد بن سلام الجمحي حدثني ابن جعدبة (1) قال لما رد عمر بن عبد العزيز مظالم أهل بيته وأخذهم بالحق قال مولى لآل مروان بربري وأنتم أيضا فتزوجوا بنات عمر بن الخطاب 9476 أم عبد الله بنت أبي هاشم ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس الأسدية بنت خال معاوية كتبت تسأل النعمان بن بشير وهو على حمص عن بعض الأمر لها ذكر أخبرنا أبو محمد بن حمزة نا أحمد بن علي بن ثابت أنا علي بن محمد بن عبد الله أنا الحسين بن صفوان نا عبد الله بن محمد بن عبيد نا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس نا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد قال جاءنا يزيد بن النعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرحمن بكتاب أبيه النعمان في نسخة بسم الله الرحمن الرحيم من النعمان بن بشير إلى أم عبد الله ابنة أبي هاشم سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو فإنك كتبت إلي لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة وإنه كان من شأنه أنه أخذه وجع في حلقه وهو يومئذ من أصح أهل المدينة فتوفي بين صلاة الأولى وصلاة العصر فأضجعناه لظهره وغشيناه بردين وكساء فأتاني آت وأنا أسبح بعد المغرب فقال إن زيدا قد تكلم بعد وفاته فانصرفت إليه مسرعا وقد حضره قوم من الأنصار وهو يقول أو يقال على لسانه الأوسط أجلد القوم الذي كان لا يبالي في الله لومة لائم كان لا يأمر الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم عبد الله أمير المؤمنين صدق صدق كان ذلك في الكتاب الأول قال ثم قال عثمان أمير المؤمنين وهو يعافي الناس من ذنوب كثيرة خلت اثنتان وبقي أربع ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا فلا (2) نظام وأبيحت الأحماء ثم ارعوى المؤمنون فقالوا كتاب الله وقدره أيها الناس أقبلوا على
_________
(1) كذا نسبه إلى جده بالاصل و " ز " واسمه يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي أبو الحكم المدني ترجمته في تهذيب الكمال 20 / 364
(2) بالاصل: بلا نظام والمثبت عن " ز "(70/255)
أميركم واسمعوا وأطيعوا فمن تولى فلا يعهدن دما كان أمر الله قدرا مقدورا [الله أكبر] (1) هذه الجنة وهذه النار ويقول النبيون والصديقون سلام عليك يا عبد الله بن رواحة هل أحسست لي خارجة لأبيه (2) وسعدا اللذين قتلا يوم أحد " كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من (3) أدبر وتولى وجمع فأوعى " (4) ثم خفت صوته فسألت الرهط عما سبقني من كلامه فقالوا سمعناه يقول (5) أنصتوا أنصتوا فنظر بعضنا إلى بعض فإذا الصوت من تحت الثياب فكشفنا عن وجهه (6) فقال هذا أحمد رسول الله سلام عليكم يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم قال أبو بكر الصديق الأمين خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان ضعيفا في جسمه قويا في أمر الله صدق صدق وكان في الكتاب الأول روى محمد بن عائذ معنى هذه الحكاية عن محمد بن شعيب بن شابور أخبرني بعض ولد النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري أن أم عبد الله بنت أبي هاشم كتبت إلى النعمان بن بشير تسأله عما ألقي على لسان زيد بن خارجة بعد موته فكتب إليها: بسم الله الرحمن الرحيم من النعمان بن بشير إلى أم عبد الله بنت أبي هاشم سلام عليك فذكره أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وابن السمرقندي وأبو تراب المقرئ قالوا نا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا ابن عائذ أنا محمد بن شعيب فذكره 9477 أم عمر يقال أم عمرو بنت مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموية (7) كانت عند سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان
_________
(1) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك عن " ز "
(2) قوله: هل أحسست لي خارجة لابيه مطموس بالاصل والمثبت عن " ز "
(3) " تدعو من " مطموس بالاصل والمثبت عن " ز "
(4) سورة المعارج الايات 15 - 18
(5) من قوله: سبقني إلى هنا مطموس بالاصل واستدرك عن " ز "
(6) من قوله: فإذا
إلى هنا مطموس بالاصل واستدرك عن " ز "
(7) نسب قريش للمصعب الزبيري ص 161 والطبقات الكبرى لابن سعد 5 / 35 و 373 وأنساب الاشراف 6 / 307 (طبعة دار الفكر)(70/256)
وأدركت خلافة عمر بن عبد العزيز لها ذكر وكانت دارها بدمشق بناحية القلانسيين (1) موضع دار الوكالة التي ببيت قيسارية قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الجوهري وحدثنا عمي أنا ابن يوسف أنا الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم نا الحارث بن أبي أسامة نا محمد بن سعد (2) أنا عبيد الله بن محمد التيمي قال سمعت أبي وغيره يحدث أن عمر بن عبد العزيز لما ولي منع قرابته ما كان يجري عليهم وأخذ منهم القطائع التي كانت في أيديهم قال فشكوه إلى عمته أم عمر قال فدخلت عليه فقالت إن قرابتك شكوك (3) ويزعمون ويذكرون أنك أخذت منهم خير غيرك قال ما منعتهم حقا أو شيئا كان لهم وما أخذت منهم حقا أو شيئا كان لهم فقالت إني رأيتهم يتكلمون وإني أخاف أن يهيجوا عليك يوما عصيبا فقال كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره قال فدعا بدينار وجنب ومجمرة فألقى ذلك الدينار في النار وجعل ينفخ على الدينار حتى إذا احمر تناوله بشئ فألقاه على الجنب فنش (4) وقتر (5) قال ابن عمه أما تأوين لابن أخيك من مثل هذا؟ قال: فقامت فخرجت إلى قرابته فقالت تزوجون آل عمر فإذا نزع الشبه جزعتم اصبروا له وقد روي أن التي (6) كلمته عمته فاطمة فلا أدري هل تكنى أم عمر أم هما جميعا كلمتاه أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو عبد الله وأبو غالب قالوا أنا ابن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص نا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (7) : فولد مروان بن الحكم عمر بن مروان وأم عمر تزوجها سعيد بن خالد بن عمرو بن
_________
(1) بالاصل: القلاسين والمثبت عن " ز "
(2) روى ابن سعد في الطبقات الكبرى 5 / 373 في أخبار عمر بن عبد العزيز
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي ابن سعد: يشكونك
(4) نش اللحم نشا ونشيشا سمع له صوت على المقلى
(5) بالاصل و " ز ": وفتر والمثبت عن ابن سعد
يقال: قتر اللحم إذا سطعت ريح قتاره والقتار: ريح الشواء
(6) بالاصل و " ز ": الذي خطأ(70/257)
عثمان وأمهما (1) زينب بنت عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن [عمر بن] (2) مخزوم (3) قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الجوهري وحدثنا عمي أنا ابن يوسف أنا الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف نا الحسين بن فهم نا محمد بن سعد (4) قال فولد مروان عمرو بن مروان وأم عمرو وأمهما زينب بنت عمر بن (5) أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
9478 - أم عمرو زوج يزيد بن عبد الملك استفتت سالم بن عبد الله روى قصتها عمرو بن دينار البصري أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر (6) أنا محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحرة أنا أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق أنا يحيى بن محمد بن صاعد نا أحمد بن منصور نا الحجاج بن المنهال وأبو سلمة واللفظ للحجاج نا حماد بن سلمة عن عمرو ابن دينار الأعور قهرمان آل الزبير قال: كنت مع سالم بن عبد الله بين مكة والمدينة فسمع صوت جرس فقال ما هذا؟ فقلت هذه أم عمرو امرأة يزيد بن عبد الله (7) فقال أقرءها السلام وقل لها إن أبي حدثني عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واعد جبريل عليه السلام موعدا فأبطأ عليه جبريل فقال: " ما حبسك؟ " فقال " إنا لا نقرب مكانا فيه جرس ولا صورة
[13865]
[قال ابن عساكر] (8) كذا قال وهو يزيد بن عبد الملك
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " وفي نسب قريش: وأمها
(2) الزيادة بين معكوفين عن " ز "
(3) الذي في أنساب الاشراف 6 / 308 أن زينب هذه المذكورة آنفا هي أم عمرو بن مروان بن الحكم
وأن أم عمرو بنت مروان أمها عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية
(4) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 5 / 36 في أخبار مروان بن الحكم
(5) قوله: " عمر بن " سقط من طبقات ابن سعد
(6) أقحم بعدها بالاصل: " أنا محمد بن عمر " والمثبت يوافق رواية " ز "
(7) كذا بالاصل و " ز " وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى أن الصواب يزيد بن عبد الملك
(8) زيادة منا(70/258)
وقد أخبرنا بالحديث على الصواب بتمامه أبو محمد بن حمزة نا أبو بكر الخطيب أنا أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس النعالي أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الرازي الحربي أنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي نا عبد الواحد بن غياث نا حماد ابن سلمة عن عمرو بن دينار الأعور ح قال كنت مع سالم بن عبد الله بين مكة والمدينة قال فسمع صوت جرس فقال ما ح هح ذا؟ فقلت هذه (1) أم عمرو امرأة يزيد بن عبد الملك قال: اذهب إليها فاقرها السلام وأخبرها أن أبي أخبرني عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واعد جبريل عليه السلام موعدا فأبطأ عليه جبريل فقال " ما حبسك يا جبريل " فقال إنا لا نقرب مكانا فيه جرس ولا صورة فقل لها فلتقطعه أو لتحشه (2) فأتيتها فأخبرتها بذلك قال فقطعته أو حشته (3) قالت قل له إن عندنا وسائد فيها تصاوير فكيف نصنع بها فأتيته فأخبرته بذلك فنظر هنية فقال كانوا لا يرون بما يوطأ بأسا 9479 أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب (4) زوج يزيد بن معاوية امرأة عاقلة لها ذكر أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أنا أبو جعفر أنا أبو طاهر أنا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (5) : فولد عبد الله بن عامر فذكر أولاده ثم قال وأم كلثوم بنت عبد الله ولدت ليزيد بن معاوية وأمها أمة (6) بنت الوارث بن الحارث بن ربيعة بن خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب قال (7) : ولأم كلثوم بنت عبد الله يقول يزيد بن معاوية وكان معاوية وجهه يغزو
_________
(1) بالاصل و " ز ": هذا
(2) كذا بالاصل و " ز " وفي المختصر: لتجشه
(3) كذا بالاصل و " ز " وفي المختصر: جشته
(4) أخبارها في نسب قريش ص 129 و 149 وأنساب الاشراف 5 / 303 و 377
(5) رواه المصعب بن عبد الله الزبيري ص 149
(6) في نسب قريش: أمه الله
(7) يعني الزبير بن بكار وانظر الخبر في نسب قريش ص 129(70/259)
الروم فأقام بدير سمعان (1) ووجه الجنود وتلك غزوة الطوانة (2) فأصابهم الوباء فقال يزيد ابن معاوية (3) : أهون علي (4) بما لاقت جموعهم * يوم الطوانة (5) من حمى ومن موم إذا اتكأت (6) على الأنماط مرتفقا * بدير سمعان (7) عندي أم كلثوم
فبلغ معاوية ما قال فقال أقسم بالله لتلحقن بهم حتى يصيبك ما أصابهم فألحقه بهم قال ونا الزبير قال حدثني عبد العزيز بن عمر العنبسي عن مفتي بن عبد الله بن عنبسة عن أبيه قال (8) : تزوج الأسوار عبد الله بن يزيد بن معاوية أم عثمان بنت سعيد بن العاص فولدت له أبا سفيان وأبا عتبة وهي أم سعيد ورملة ابني خالد بن عمرو بن عثمان فقيل لسعيد بن خالد: اخطب أمه فأتى أمه أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر يخطبها وهي بادية بظهر ذنبة (9) عليها قبة نمور قد اشترت غشاءها بألف دينار فأتاها وهو غلام يرعد فقال أحب أن تزوجيني نفسك وهي يومئذ كبيرة قد قيدت فاها بالذهب فقالت مرحبا بابن أخي لو كنت متزوجة أحدا من قريش لتزوجتك إن أمك امرأة شابة وأنا عجوز كبيرة وإن هذا شئ لا يصنعه نساء قريش أبدا قيل لك تزوج أمه كما تزوج أمك انطلق يابن أخي
_________
(1) دير سمعان: هو بظاهر أنطاكية وهو غير الدير الذي يقع بنواحي دمشق راجع معجم البلدان 2 / 517 و 534
(2) الطوانة: بلد بثغور المصيصة وهي بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس (معجم البلدان)
(3) البيتان في معجم البلدان (الطوانة) ونسب قريش ص 130 ومعجم البلدان (دير مران وغذقذونة) والاغاني 17 / 210 والبيت الثاني في أنساب الاشراف 5 / 303
(4) في الاغاني: فما أبالي بما
(5) الاغاني: بالقذقذونة
(6) الاغاني: إذا أرتفعت
(7) الاغاني وأنساب الاشراف: بدير مران
(8) الخبر باختلاف الرواية في أنساب الاشراف 5 / 393 طبعة دار الفكر
(9) ذنبة في أكثر من موضع كما في معجم البلدان والمراد هنا موضع بعينه من أعمال دمشق(70/260)
9480 - أم محمد بنت الحسن بن علي بن أبي طالب ابن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية زوج علي بن الحسين (1) قدم بها مع أهل بيتها حين قتل الحسين بن علي من العراق إلى دمشق لها ذكر تقدم ذكر ورودها في ترجمة عمها الحسين 9481 أم محمد بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف كانت زوج يزيد بن معاوية أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص نا أحمد بن سليمان نا الزبير قال (2) : في تسمية ولد عبد الله بن جعفر قال ويحيى وهارون وصالح الأكبر وموسى وأم محمد كانت عند يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وأمهم جميعا ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي ابن سلمي (3) بن جندل بن أبير (4) بن نهشل أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي قال أخبرني أبو بكر الخطيب أنا أبو نعيم الحافظ نا سليمان بن أحمد نا أحمد بن شاهين البغدادي نا مصعب بن عبد الله الزبيري قال خطب يزيد بن معاوية بنت عبد الله بن جعفر ذي الجناحين إلى أبيها فزوجه فلما أهديت إليه من المدينة إلى الشام خرج يتلقاها وأنشأ يقول (5) : جاءت بها دهم البغال وشهبها * مسيرة في جوف قر مستر مقابلة بين النبي محمد * وبين علي والجواد ابن جعفر منافية غراء جادت بودها * لعبد منافي أغر مشهر
فلما بلغت أبياته عبد الله بن جعفر قال ما أراه ينسى نفسه في كل حال
_________
(1) في أنساب الاشراف 3 / 305 و 362 سماها أم عبد الله
(2) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص 83
(3) بالاصل: سليمان والمثبت عن " ز " ونسب قريش
(4) " بن أبير " ليس في نسب قريش واللفظتان مثبتتان في " ز "
(5) تقدمت الابيات الثلاثة في ترجمة زينب بنت عبد الله بن جعفر أخت أم محمد صاحبة الترجمة
في هذا الجزء راجع ما لاحظناه هناك(70/261)
9482 - أم مروان بنت مروان بن محمد بن مروان ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموية كانت مع أبيها لما خرج من دمشق هاربا إلى مصر فلما قتل أبوها ألقي رأسه في حجرها ثم خرجت إلى المغرب مع أخويها عبد الله وعبيد الله ولقيت ما لقيا من الشدائد ثم رجعت إلى العراق وسكنت الحيرة وقيل بل أتي بها إلى أبي العباس فحبست ثم أطلقت وكانت صابرة على المشي والعطش كصبر الرجال لها ذكر 9483 أم مسكين بنت عمر بن عاصم ابن عمر بن الخطاب بن نفيل العدوية امرأة يزيد بن معاوية أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو نعيم الحافظ نا سليمان ابن أحمد الطبراني نا أحمد بن شاهين نا مصعب الزبيري قال: وتزوج يزيد بن معاوية أم مسكين بنت عمر بن عاصم بن عمر بن الخطاب فغارت امرأته أم هاشم وقعدت تبكي فقال يزيد (1) : مالك أم هاشم (2) تبكين (3) باعت على بيعك أم مسكين ميمونة من نسوة ميامين زارتك من يثرب (4) في حوارين (5) في منزل (6) كنت به تكونين
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله قالوا أخبرنا محمد بن
_________
(1) الابيات في أنساب الاشراف 5 / 303 (طبعة دار الفكر) ونسب قريش ص 360 والاغاني 17 / 342
(2) في الاغاني ونسب قريش: أم خالد
(3) روايته في أنساب الاشراف: اراك أم خالد تضجين
(4) في أنساب الاشراف: طيبة
(5) حوارين بالضم والتشديد في مواضع عدة والمراد هنا: حوارين التي من تدمر على مرحلتين وبها مات يزيد بن معاوية سنة 64 (انظر معجم البلدان)
(6) في أنساب الاشراف: بلدة(70/262)
أحمد أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس أنا أحمد بن سليمان [نا الزبير] (1) قال: وقدم المدينة يعني يزيد بن معاوية فتزوج أم مسكين بنت عمر بن عاصم بن عمر بن الخطاب فحملت إليه بالشام فأعجب بها وجفا أم خالد فدخل عليها يوما وهي تبكي فقال: مالك أم خالد تبكين من قدر حل بكم تصيحين (2) باعت على بيعك أم مسكين ميمونة من نسوة ميامين حلت محلك الذي تحلين زارتك من يثرب في حوارين في منزل كنت به تكونين
رواه الزبير بن بكار في موضع آخر فقال تضجين بدل " تصيحين "
9484 - أم مسلم الخولانية (3) زوج أبي مسلم الخولاني وعمرو بن عبد الخولاني (4) بعد أبي مسلم حكت عنهما جميعا أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن نا نصر بن إبراهيم أنا أبو الفرج عبيد الله بن محمد بن يوسف المراغي (5) أنا عيسى بن عبيد الله بن عبد العزيز الموصلي أنا أبو بكر محمد بن صلة السنجاري نا أبو علي نصر بن عبد الملك السنجاري نا أبو عمر العنسي يعني عثمان بن سعيد نا إسحاق يعني ابن [أبي] (6) نجيح عن ثور بن نعيم قال: قالت أم مسلم لأبي مسلم يا أبا مسلم قد حضر الشتاء وليس لنا كسوة ولا طعام
_________
(1) سقطت اللفظتان من الاصل واستدركتا عن " ز " للايضاح وتقويم السند
(2) في الاغاني ونسب قريش: تضجين
(3) أخبارها في تاريخ داريا ص 59 و 71
(4) تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق طبعة دار الفكر 46 / 248 رقم 5369
(5) بدون إعجام بالاصل و " ز "
(6) سقطت من الاصل و " ز " وأضيفت عن المطبوعة(70/263)
ولا إدام ولا حذاء ولا حطب فقال تريدين ماذا قالت تأتي معاوية فهو بك عارف قال فنقول له ماذا قالت تخبره بحاجتك وجهدنا قال ويحك إني لأستحي أن أطلب حاجتنا إلى غير الله عز وجل فلما أكثرت عليه قال ويحك جهزيني قال ثم عمد إلى المسجد فقال إلهي إن أم مسلم بعثتني إلى معاوية وأنا إنما خرجت إليك وأنت تعرف حاجتي قال فمكث يومه ذلك في المسجد فلما صلى الناس العشاء الآخرة وخلا له المسجد جثا على ركبتيه ثم قال اللهم قد تعرف حالي فيما بيني وبينك فقد سمعت مقالة أم مسلم وقد بعثتني إلى معاوية وأنت تعرف أي شئ طلبت وقالت وخزائن الدنيا كلها بيدك وإنما معاوية خلق من خلقك قد أعطيته ما أعطيته وإنما أسألك من خيرك الكثير اليسير فاكس إلهي صبياني قمصا وخفافا وفراء واكس زوجتي قميصا ودرعا وخمارا وعجل لنا الساعة برا وعدسا وزيتا وحطبا وارزقني برنسا خفيفا دفيئا أصلي لك فيه وارزقني فرسا حصانا وساعا (1) جوادا طاهر الخلق إن طلبت العدو عليه أدركتهم وإن طلبوني لم يدركوني وعجل ذلك لي الساعة فإن خزائنك لا تنفد (2) وخيرك لا ينقص وأنت بي عالم قد تعلم أنك أحب إلي من سواك فإن تعطني (3) هذه الساعة حمدتك عليه كثيرا وإن تمنعه فلك الحمد كثيرا قال ورجل من آل معاوية في المسجد فسمع مقالته قال فخرج يشد حتى دخل على معاوية فقال يا أمير المؤمنين عجبا سمعته آنفا في المسجد ورجل يناجي ربه كما يناجي الإنسان الإنسان [يسأله] (4) في دعائه قمصا وفراء وخفافا وبرا وعدسا [وزيتا] (5) وحطبا وفرسا حصانا وبرنسا (6) خفيفا يا أمير المؤمنين فهل سمعت بعجب مثل هذا؟ قال ويحك وهل تدري من هذا هذا أبو مسلم أليس قد أحصيت ما قال قال بلى يا أمير المؤمنين قال فاضعفوا له كل ما سأل وعجلوا به الساعة إلى منزله ولا يصبحن إلا وهذا الشئ في منزله من كل شئ اثنين فحمل هذا كله إلا الفرس فإنه لم يصب في مربط معاوية إلا فرس واحد على ما وصف فلما قدمت هذه الأشياء إلى أم مسلم أقبلت تحسن
_________
(1) الوساع من الخيل: الجواد أو الواسع الخطو والذرع (القاموس)
(2) بالاصل: " تنفذ " والمثبت عن " ز "
(3) بالاصل و " ز ": " تعطيني " والصواب ما أثبت عن المختصر
(4) سقطت من الاصل واستدركت عن " ز "
(5) سقطت من الاصل وزيدت عن " ز "
(6) البرنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به(70/264)
الثناء على معاوية وتقول لم أزل أعاتب الشيخ في إتيانه فيأبى علي قال فلما صلى أبو مسلم الغداة انصرف وهو واثق بربه فلما أتى البيت أصابه مملوءا سوادا (1) قال فقالت له أم مسلم: يا أبا مسلم ألا ترى ما أهدى إليك أمير المؤمنين قال ويح البعداء لقد كفرت النعمة ولم تشكري الرازق والله ما أتيت لمعاوية دارا ولا كلمت له حاجبا ولا رفعت إليه حاجة وما هذا إلا قسم من الله أهداه إلينا فلله الحمد كثيرا كثيرا أخبرنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ (2) نا أحمد بن جعفر بن حمدان نا عبد الله بن أحمد نا عمرو بن علي حدثني معتمر قال نا سليمان بن يزيد العبدي (3) قال: قال أبو مسلم الخولاني يا أم مسلم سوي رحلك فإنه ليس على جسر جهنم معبر أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني أنا علي بن محمد بن طوق أنا عبد الجبار بن محمد بن مهنى قال (4) : وأم مسلم الخولانية زوج (5) أبي مسلم ومات عنها وتزوجت بعده عمرو بن عبد [الخولاني] (6) فسمعت من أرضى من شيوخنا يقولون إن أم مسلم سئلت فقيل لها أي الرجلين أفضل؟ قالت: أما أبو مسلم فإنه لم يكن يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه وأما عمرو بن عبد فإنه كان ينار عليه في محرابه حتى أني كنت أخدم (7) على ضوء نوره من غير مصباح
9485 - أم هارون الخراسانية (8) من النسوة المتعبدات كانت أستاذة أبي سليمان الداراني حكى عنها عبد الرحيم بن صالح الداراني وأحمد بن أبي الحواري وعبد العزيز بن عمير وقاسم الجوعي
_________
(1) في الاصل: سودا والمثبت عن " ز "
(2) الخبر رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الاولياء 2 / 127
(3) في حلية الاولياء: العدوي
(4) الخبر رواه القاضي عبد الجبار في تاريخ داريا ص 59 و 72 ورواه المصنف في ترجمة عمرو بن عبد الخولاني
(5) في تاريخ داريا: زوجة
(6) زيادة عن تاريخ داريا
(7) في تاريخ داريا: أختدم
(8) ترجمتها في صفة الصفوة 4 / 303 رقم 824(70/265)
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا تمام بن محمد قال نا محمد ابن سليمان نا محمد بن الفيض نا أحمد بن أبي الحواري قال: صليت الغداة ثم جلست أذكر الله قبل طلوع الشمس إذ دخل أبو سليمان الداراني من باب الساعات فوقف بقاسم الجوعي فسلم عليه وأشار إليه أن يقوم فقام معه فمر بي فسلم فرددت عليه وأشار إلي فقمت أنا وقاسم نمشي وراءه حتى انحدر من الدرج ثم أخذ في سوق الأحد حتى أتى المربعة فدخل في قنطرة بني مدلج حتى أتى النيبطون (1) وأخذ (2) يسرة فمر بدار فجازها ثم أتى دارا أخرى فدخل ودخلنا معه ففتح باب بيت ثم دخل فسلم ودخل قاسم معه وجلست أنا على يمنة الباب فلم نر شيئا [في البيت] (3) من ظلمته فلما جلسنا ساعة تأملت فإذا بامرأة عليها جبة صوف وخمار صوف في يدها مسبحة (4) فلما دخل ضوء الشمس من كوة في البيت ردت علينا السلام فقال لها أبو سليمان يا أم هارون كيف أصبحت؟ قالت كيف أصبح من قلبه في يد غيره يقول به هكذا وهكذا وأشارت بيدها فقال لها أبو سليمان يا أم هارون ما تقولين في الرجل يحب لقاء الله فقالت ويحك ذاك رجل ثقلت عليه الطاعة وأحب الراحة منها فقال لها فإنه أحب البقاء في الدنيا قالت بخ بخ ذاك رجل أحب الطاعة وأحب أن يبقى لها وتبقى له ثم سلم وخرجنا فقلت له يا أبا سليمان من هذه قال هذه أم هارون الخراسانية أستاذتي أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن نا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم نا محمد بن خالد الشيباني قال سمعت القاسم بن عثمان الجوعي قال قلت لأم هارون ترين أحدا يشتغل بالخوف من النيران عن الشوق إلى الجنان بالزهادة فخرت مغشيا عليها حتى انكشفت مقنعتها (5) ثم أفاقت فتغطت وبقيت منقبضة مصفرة حتى خرجنا أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أخبرنا علي بن محمد بن طوق
_________
(1) كذا ضبطت اللفظة بالاصل ضبط قلم
ونيبطون: محلة من محال دمشق قرب المربعة وقنطرة بني مدلج وسوق الاحد في شرقي جيرون قرب الاساكفة العتق (معجم البلدان)
(2) في " ز ": فأخذ
(3) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك للايضاح عن " ز "
(4) في " ز ": سبحة
(5) والمقنعة والمقنع: ما تغطي به المرأة رأسها(70/266)
أخبرنا عبد الجبار بن مهنا (1) حدثنا محمد بن أيوب بن الحسن نا عبد الرحيم بن صالح قال سمعت أبا سليمان الداراني (2) يقول لأم هارون تحبين الموت قالت لا قال ولم تكرهين لقاء الله؟ ففاضت دموعها بالانتحاب فقالت يا أبا سليمان لو عاديت آدميا لكرهت لقاءه فصرخ أبو سليمان ووقع مغشيا عليه أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم بن عبد الله (3) بن أحمد وحدثنا أبو الحسن (4) بن مهدي عنه حدثنا عبد العزيز بن محمد أنا أبو نصر بن الجبان أخبرنا أبو علي الحسن بن منير بن محمد التنوخي قراءة عليه نا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن سعيد بن شعيب من قرية بج (5) حوران حدثنا أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن محمد الأنصاري المؤذن من ولد حنظلة الغسيل قال: اتفقنا مشايخ من دمشق فبينا أحمد بن أبي الحواري وقاسم بن عثمان الجوعي وذكرى (6) بن العلاء وأبو مسعود بن أبي جميل وحسن بن شوذب وجماعة المشايخ فمضينا يوم الخميس ليلة الجمعة نبيت عند أبي سليمان الداراني فخرجنا من باب الجابية حتى جئنا إلى قينية (7) وعدلنا إلى الطريق نريد أن نمر إلى داريا فلما بلغنا المزابل إذا بأبي سليمان مقبل من داريا على حمار يسرج والرسن بيده وهو منكس رأسه وعليه عباء وشعره إلى شحمة أذنيه وقد صفر لحيته بالحناء فوقفنا جماعتنا ومعنا أم هارون الخراسانية وتلميذها أبو الفقير فوقف في وسطنا فقلنا سلام عليك فقال وعليكم أين تريدون فقلنا إليك أردنا فلوى برأس حماره يريد أن يرجع فأخذنا برأس دابته وقلنا هذا باب الجابية لا ندعك تمر الحمد لله الذي جاء بك فوقف علينا وأحطنا به خلقا من الخلق كثير ثم التفت فنظر إلى أم هارون (8) فصاح يا قاسم من هذه المرأة فقال امرأة خراسانية تعرف
_________
(1) الخبر في تاريخ داريا ص 112
(2) الخبر في صفة الصفوة 4 / 304 وذكر أن القائل لام هارون هو أحمد بن أبي الحواري
(3) كتب فوقها في " ز ": " علي ح "
(4) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: أبو الحسين
(5) سقطت اللفظة من المطبوعة
وفي معجم البلدان: بج حوران الجيم مشددة من أعمال دمشق
ونقل عن المصنف: قرية كانت على باب دمشق
(6) بالاصل: " ذكرني " وفي " ز " وفي " ز ": " زكريا "
(7) قينية: قرية كانت مقابل الباب الصغير من مدينة دمشق (معجم البلدان)
(8) من قوله: الفقير
إلى هنا قسم كبير منه مطموس بالاصل والمثبت يوافق ما جاء في " ز " والمطبوعة(70/267)
بأم هارون فسكت ساعة ثم التفت فصاح يا أحمد فقال لبيك فقال قل لها أتحبين الموت؟ فقالت لا فأطرق عنها ساعة ثم قال يا أحمد قل لها ولم تكره لقاء الله عز وجل؟ قال فأطرقت ساعة ثم رفعت رأسها فقالت يا أبا سليمان والله لو عاديت آدميا لكرهت لقاءه فكيف أريد لقاء الله وأنا عاصية له فصاح أبو سليمان صيحة ووقع عن حماره وأقبل يتمرغ في الأرض ووقع أحمد مغشيا عليه وجماعة من مشايخنا ثم أفاق أبو سليمان فصاح يا أم هارون أيش قلت ويحك فقالت والله لو عاديت آدميا لكرهت لقاءه فكيف وأنا عاصية لله أحب لقاءه لا يا أبا سليمان فما زلنا وقوفا حتى كادت الشمس أن تغيب فتناولناه فحملناه على حماره ومسكناه (1) حتى أدخلناه المدينة
9486 - أم هاشم بنت هاشم هي حية تقدم ذكرها 9487 أم يزيد والدة أبي الزرقاء عبد الملك ابن محمد الصنعاني (2) حكت عن نمير بن أوس الأشعري (3) حكى عنها ابنها عبد الملك أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر المخلص نا محمد بن هارون بن عبد الله حدثني جعفر بن محمد البزار وكان صالحا نا هشام بن عمار أنا عبد الملك بن محمد الصنعاني قال حدثتني أمي أم يزيد أن آمنة (4) ذات الذنب وكان لها ذنب مخلوق في عجزها فنخسها مروان المرتعش فضرطت فخاصمته إلى نمير بن أوس فقضى لها عليه بأربعين درهما وعباءة
_________
(1) كذا بالاصل و " ز "
(2) الصنعاني نسبة إلى صنعاء دمشق ترجمته في تهذيب الكمال 12 / 91
(3) هو القاضي نمير بن أوس الاشعري كان على القضاء أيام هشام بن عبد الملك وبقي على القضاء حتى ذهب بصره راجع أخبار القضاة لوكيع 3 / 204
(4) كذا بالاصل وبدون إعجام في " ز " وفي المختصر لابن منظور: أمية وتقدم الخبر في ترجمة آمنة ذات الذنب في هذا الجزء من طريق آخر وجاء فيه هناك: حدثتني آمنة أم يزيد ذات الذنب(70/268)
" ومن المجهولات غير المسميات والمكنيات "
9488 - امرأة أبي الأسود الديلي (1) (2) امرأة فصيحة خاصمت أبا الأسود إلى معاوية تقدم ذكر خصومتها إياه في ترجمة أبي الأسود ظالم في حرف الظاء (3) أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن حسين أنا أبو نصر محمد بن علي بن ودعان أنا عمي أبو الفتح أحمد بن عبيد الله أنا أبو القاسم هارون بن أحمد بن محمد بن روح نا أبو علي الحسين بن إبراهيم الصايغ نا عبد العزيز بن يحيى الجلودي نا محمد بن زكريا الغلابي ونا أحمد بن عبد العزيز [بن] (4) جلين (5) الدوري حدثني محمد بن حمزة وحفص ابن علي قالا حدثني أبو زيد بحرج بن عمير الحنفي نا بشر بن إبراهيم الأنصاري عن الأوزاعي قال الغلابي وحدثنا عبد الله بن الضحاك حدثنا هشام بن محمد عن عوانة نا محمد بن عبيد الله (6) الجشمي عن عطاء بن مصعب عن عاصم بن الحدثان قال ونا كثير بن يحيى نا يزيد البكائي عن محمد بن إسحاق عن عبد الملك بن أبي سفيان بن العلاء بن حارثة بن قارب الثقفي قالوا (7) :
_________
(1) كذا بالاصل: " الديلي " وفي " ز ": الدؤلي
وجاء في الانساب (الدؤلي) بضم الدال المهملة وهمز الواو المفتوحة وفي آخرها اللام هذه النسبة إلى دؤل
وقال المبرد: من الدئل
ويقال لرهط أبي الاسود: الدؤلي وامتنعوا أن يقولوا: الدئلي لئلا يوالوا بين الكسرات فقالوا: الدؤلي
وقال بعضهم يقولون: في كنانة بن خزيمة الديل - بكسر الدال وسكون الياء - رهط أبي الاسود الديلي
(2) انظر أخبارها في عيون الاخبار 4 / 122 والامالي للقالي 2 / 12
(3) هو ظالم بن عمرو بن ظالم أبو الاسود الديلي البصري تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق 25 / 176 رقم 2996 طبعة دار الفكر
(4) سقطت من الاصل و " ز "
انظر الحاشية التالية
(5) بالاصل و " ز ": " جليس " صوبنا الاسم والزيادة السابقة عن ترجمة " امرأة ذكوانية " التي سترد قريبا في هذا الجزء
(6) بالاصل: عبيد والمثبت عن " ز " والمطبوعة
(7) تقدمت هذه الحكاية من طريق آخر في ترجمة أبي الاسود الدؤلي 25 / 202(70/269)
كان أبو الأسود الديلي (1) كثيرا عند معاوية وكان يقرب مجلسه ويدنيه إذا وفد عليه ويسأله عن أشياء فيقول فيها بعلم فبينا هو ذات يوم عند معاوية إذ دخلت عليه امرأة برزة فقالت أصلح الله أمير المؤمنين وأمتع به إن الله جعلك خليفة في البلاد ورقيبا على العباد فيستسقى بك المطر ويستنبت بك الشجر ويؤمن بك الخائف وفي رواية يطهر ويردع بك الخائف (2) فأنت الخليفة المصطفى والأمين المرتضى فأسأل الله لك النعمة من غير تقصير والبركة من غير تقتير فقد ألجأني إليك يا أمير المؤمنين أمر ضاق [عني] (3) به المخرج (4) من أمر كرهنا عادته لما أردت إظهاره فليكشف عني أمير المؤمنين الهم ولينصفني من الخصم وليكن ذلك على يديه وإني أعوذ بعقوتك (5) من العار الوبيل والأمر الجليل الذي يشتد على الحرائر ذوات البعول الأخيار (6) فقال معاوية من هذا الذي شعرك شناره؟ قالت أمر طلاق جاءني من بعل عاد لا تأخذه من الله مخافة ولا يجدي (7) خذارفة (8) قال: ومن بعلك؟ قالت هو أبو الأسود الديلي (9) فالتفت معاوية إليه فقال حقا ما تقول هذه المرأة قال إنها لتقول من الحق بعضا وليس يطيق أحد عليها بعضا أما ما ذكرت من أمر طلاقها فهو حق وسأخبرك والله ما طلقتها لريبة ظهرت ولا من هفوة خطرت ولكني كرهت شمائلها فقطعت حبائلها قال وأي شمائلها كرهت؟ قال إنك مهيجها علي بكلام عتيد ولسان حديد قال لا بد لك من مجاوبتها فاردد عليها قولها عند محاورتها (10)
قال هي يا أمير المؤمنين كثيرة الصخب دائبة (11) الذرب مهينة الأهل مؤذية
_________
(1) في " ز ": الدؤلي
(2) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: الجانف
(3) سقطت من الاصل وزيدت عن " ز "
(4) في ترجمة أبي الاسود: أمر ضاق علي فيه المنهج وتفاقم علي فيه المخرج
(5) عقوة الدار: ساحتها يقال: نزل بعقوته
(6) الذي في ترجمة أبي الاسود: فإني أعوذ بعقوبة من العار الوبيل والشين الجليل الذي يبهر ذوات العقول
(7) بالاصل: " تحرى " والمثبت عن " ز "
(8) بالاصل: " تحرى " والمثبت عن " ز "
(9) في " ز ": الدؤلي
(10) بالاصل: مجاورتها والمثبت عن " ز "
(11) بالاصل: دايه الدرب والمثبت عن " ز "(70/270)
للبعل إن ذكرت خيرا دفنته وإن ذكرت شرا أذاعته تخبر بالباطل وتطير مع الهازل لا تنكل عن عيب (1) ولا يزال زوجها معها في تعب قالت أما والله لولا حضور أمير المؤمنين ومن حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر (2) كلامك ببوادر يردع بها كل سهامك (3) فقال عزمت عليك لما أجبته (4) قالت يا أمير المؤمنين هو والله سؤول جهول ملحاح بخيل إن قال فشر قائل وإن سكت فذو غوائل في رواية مطهر فذو دغائل (5) ليث حيث يأمن ثعلب حيث يخاف شحيح حين يضاف إن التمس الجود عنده انقمع لما يعلم من لؤم آبائه وقصر رشائه ضيفه جائع وجاره ضائع لا يحمي ذمارا ولا يضرم نارا ولا يرعى جوارا أهون الناس عنده من أكرمه وأكرمهم عليه من أهانه فقال معاوية ما رأيت أعجب من أمر هذه المرأة انصرفي إلي رواحا فلما كان العشي جاءت وإذا معاوية يخطب فلما رآها أبو الأسود قال اللهم اكفني (6) شرها قالت: قد كفاك الله شري وأرجو أن لا يعيذك من شر نفسك قال ناوليني هذا الصبي لأحمله فقالت ما جعلك الله بأحق بحمل هذا البني مني فوثب فانتزعه منها فقال معاوية مهلا يا أبا الأسود قال يا أمير المؤمنين حملته قبل أن تحمله ووضعته قبل أن تضعه قالت صدق حمله خفا وحملته ثقلا ووضعه شهوة ووضعته كرها وقد كان حجري حواءه وبطني وعاءه وثديي سقاءه (7) فقال ما رأيت أعجب من هذه المرأة فقال أبو الأسود يا أمير المؤمنين إنها تقول من الشعر أبياتا فتجيدها قال فتكلف أنت أبياتا لعلك تقهرها بالشعر فقال أبو الأسود (8) :
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " وفي المطبوعة: عتب
(2) بالاصل: نوادر والمثبت عن " ز "
وترجمة أبي الاسود المتقدمة
(3) في ترجمة أبي الاسود: " بن واقد افرغ بها كل سهامك " وزيد فيها بعدها: وإن كان لا يحمل بالحرة أن تشتم بعلا ولا تظهر جهلا
(4) بالاصل و " ز ": أجبتيه
(5) بالاصل و " ز ": " ندود غائل " والمثبت عن ترجمة أبي الاسود
(6) بالاصل و " ز ": اكفيني
(7) بالاصل: شفاءه والمثبت عن " ز "
(8) الابيات في ديوان ابي الاسود ص 163 والوافي بالوفيات 16 / 535
(*) ح(70/271)
مرحبا بالتي تجور علينا * ثم سهلا بحامل محمول (1) أغلقت بابها علي وقالت * إن شر النساء ذات البعول (2) شغلت قلبها علي فراغا * هل سمعتم بفارغ مشغول (3) فقالت ترد عليه: ليس من قال بالصواب وبالحق * كمن حاد عن منار السبيل كان حجري حواءه (4) حين يضحي * ثم ثديي سقاءه بالأصيل لست أبغي بواحدي يا ابن حرب * بدلا ما رأيته والجليل (5) فقال معاوية بن أبي سفيان: ليس من قد غذاه طفلا (6) صغيرا * وسقاه من ثديه بالخذول (7) هي أولى به وأقرب رحما * من أبيه وفي قضاء الرسول أمه بما حنت عليه وأولى * من أبيه بذا الغلام الأصيل (8) وقد تقدمت هذه الحكاية في ترجمة أبي الأسود من وجه آخر
9489 - بنت أبي عباية امرأة شاعرة قرأت في كتاب محمد بن عبد الله بن الهياج أنا أبو الطيب بن عبادل نا أبو حارثة أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: كان بدمشق رجل يكنى أبا عباية فمر ببشر بن مروان وهو جالس على درج دمشق
_________
(1) في ترجمة أبي الاسود: بالحامل المحمول
(2) في ترجمة أبي الاسود: إن خير النساء لذات البعول
(3) في ترجمة أبي الاسود: شغلت نفسها
بالفارغ المشغول
(4) في ترجمة أبي الاسود: كان ثديي سقاءه ثم حجري وقاءه
(5) في ترجمة أبي الاسود: بدلا ما علمته والخليل
(6) في ترجمة أبي الاسود: حينا
(7) بالاصل و " ز ": بالحدول وفي ترجمة أبي الاسود: بجدول والمثبت عن المطبوعة
(8) روايته في ترجمة أبي الاسود: أمه ماحنت عليه وقامت * هي أولى بحمل هذا الفصيل والذي بالاصل: " أمه جنت
بداء الغلام " والمثبت عن " ز "(70/272)
وهو أمير عليها وبين يديه رجل يضرب بالسياط فقال له اتق الله يا بشر (1) فأمر به فجرد وضرب بين يديه سبعة عشر سوطا فمات فرثته ابنته فقالت: وراح أبو عباية نحو بشر * يحمله بمصرعه الذهاب على أن قال ربك فاحذرنه * فعند الله يا بشر الثواب فعز لقوله ودعا رجالا * يقضون الأمور وهم غضاب فأهوى بالسياط فجردوه * فيا لك مستغيثا لا يجاب
9490 - بنت عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الجراح أنبأنا أبو الفضل بن ناصر وأبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد وغيرهما قالوا أنا أبو الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن كيسان النحوي (2) نا إسماعيل بن إسحاق القاضي نا إبراهيم بن حمزة نا عبد العزيز بن محمد عن (3) عبيد الله بن عمر قال دخلت بنت عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز فقالت يا أمير المؤمنين أنا بنت عبد الله بن زيد أبي شهد بدرا وقتل يوم أحد [فقال] (4) : تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا (5)
سليني ما شئت قال فسألته فأعطاها ما سألت [قال ابن عساكر:] (6) كذا قال ولا أعلم عبد الله قتل يوم أحد بل توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين (7) ولا أعلم له بنتا غير أم حميد بنت عبد الله وأمها من أهل اليمن فالله أعلم أهي هي أم غيرها أو بنت ابن له وذلك أشبه بالصواب
_________
(1) في " ز " وكتب فوقها: بشر خ
(2) الخبر والعشر من طريقه في حلية الاولياء 5 / 322 في أخبار عمر بن عبد العزيز
(3) بالاصل و " ز ": " بن " تصحيف والتصويب عن الحلية
(4) سقطت من الاصل واستدركت عن " ز " والحلية
(5) تقدم البيت قريبا في ترجمة " فتى من الانصار " انظر ما لاحظناه هناك
(6) زيادة منا للايضاح
(7) وهو قول يحيى بن بكير وخليفة بن خياط وغير واحد كما جاء في تهذيب الكمال 10 / 155 ونقل ابن حجر في الاصابة 2 / 312 قول الحاكم: " الصحيح أنه قتل بأحد فالروايات كلها منقطعة "(70/273)
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا الحسن بن علي أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف نا الحسين بن فهم نا محمد بن سعد قال (1) : عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن الخزرج وقال عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري ليس في آبائه ثعلبة وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن زيد بن الحارث وثعلبة بن عبد ربه أخو زيد وعم عبد الله فأدخلوه في نسبه وهو (2) خطأ وكان لعبد الله بن زيد من الولد محمد وأمه سعدة بنت كليب بن يساف بن عنبة (3) بن عمرو وهي ابنة أخي خبيب (4) بن يساف وأم حميد بنت عبد الله وأمها من أهل اليمن ولعبد الله بن زيد عقب بالمدينة وهم قليل قال (5) وأنا محمد بن عمر نا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن محمد بن عبد الله بن زيد قال توفي أبي عبد الله بن زيد بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن أربع وستين وصلى عليه عثمان بن عفان
9491 - بنت عدي بن زيد (6) المعروف بابن الرقاع العاملي شاعرة قرأت بخط علي بن سليمان الأخفش النحوي عن علي بن يحيى النديم قال: قال الأصمعي اجتمع ناس من الشعراء فأتوا باب ابن الرقاع يطلبونه فخرج بنية له فقالت ماذا تريدون؟ قالوا نريد أباك لنجزيه ونفضحه فنظرت إليهم هنيهة ثم قالت: تجمعتم من كل أفق وبلدة * على واحد لا زلتم قرن واحد
9492 - أم محمد بن سليمان بن أبي الدرداء روت عن جدتها أم الدرداء روى عنها ابنها محمد
_________
(1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3 / 536
(2) كذا بالاصل وفي " ز ": وهذا وفوقها: وهو خ وفي ابن سعد: وهذا
(3) بالاصل و " ز ": عتبة والمثبت عن ابن سعد
(4) بالصال و " ز ": حبيب والمثبت عن ابن سعد
(5) القائل: ابن سعد والخبر في الطبقات الكبرى 3 / 537
(6) تقدمت ترجمة عدي بن زيد - ابن الرقاع - في كتابنا تاريخ مدينة دمشق 40 / 126 رقم 4663 طبعة دار الفكر(70/274)
أخبرنا أبو الحسن الفرضي وعلي بن زيد قالا أنا نصر بن إبراهيم زاد الفرضي وعبد الله بن عبد الرزاق قالا أنا أبو الحسن بن عوف قال أنا أبو علي بن منير أنا أبو بكر خريم نا هشام بن عمار نا أبو سليمان محمد بن سليمان بن أبي الدرداء ويخضب بسواد قال حدثتني أمي عن جدتها قالت قالوا يا رسول الله هل يضر الغبط؟ قال: " نعم كما يضر الشجر الخبط "
[13866]
قال هشام الغبط النعم (1) أخبرناه عاليا أبو محمد السيدي أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن أنا أبو أحمد الحاكم أنا محمد بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء حدثتني أمي عن جدتها قالت قلت يا رسول الله هل يضر الغبط؟ قال: " كما يضر الشجرالخبط "
[13867]
9493 - أم المسافر جدة الوزير ابن مسافر الجرشي أم أبيه سمعت أبا الدرداء قيل إنها تكنى أم سعيد روى عنها ابن ابنها الوزير ابن مسافر تقدم حديثها (2)
9494 - أم مسلمة بن عبد الله الجهني إن كان الحديث محفوظا حدثت عن أبي الدرداء روى عنها ابنها أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو القاسم بن مسعدة أنا حمزة بن يوسف أنا أبو أحمد بن عدي (3) نا محمد بن الحسين المطبخي (4) نا أبو أمية محمد بن إبراهيم نا
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " والمطبوعة وفي تاج العروس: خبط: ضرب ورق الشجر حتى ينحات عنه ثم يستخلف من غير أن يضر ذلك بأصل الشجرة وأغصانها
والحديث: سئل هل يضر الغبط؟ قال: لا إلا كما يضر العضاه الخبط
الغبط حسد خاص وفي حديث آخر: أيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر الخبط وقيل الغبط ضرب من الحسد وهو أخف منه وليس كضرر الحسد الذي يتمنى صاحبه زي النعمة عن أخيه
(تاج العروس: خبط وغبط)
(2) انظر ترجمة أم سعيد تقدمت في هذا الجزء
(3) رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 3 / 286 في أخبار سليمان بن عطاء
(4) تحرفت في الكامل إلى: المطنجي(70/275)
النفيلي نا سليمان بن عطاء عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن أمه (1) عن أبي الدرداء قال ذكرنا الشؤم عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعني فقال: " إن شيئا لا يشؤم شيئا فإن كان الشؤم في شئ ففي المرأة والدار والفرس "
[13868]
[قال ابن عساكر] (2) كذا قال والمحفوظ أن مسلمة يروي عن عمه أبي مشجعة (3) عن أبي الدرداء وأخشى أن يكون قوله عن أمه خطأ والله أعلم
9495 - أم يزيد بن أبي مريم مولاة سهل بن الحنظلية روت عن سهل قرأت ذلك في جزء مسموع من عبد الوهاب عن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله بن عمرو (4) بن عبد الله بن صفوان النصري (5) نا جدي أبو زرعة بذلك أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا محمد بن عبد الله العمري أنا [أبو] (6) محمد بن أبي شريح أنا محمد بن أحمد بن عبد الجبار نا حميد بن زنجويه نا أبو مسهر نا صدقة بن خالد نا يزيد بن أبي مريم عن أمه عن سهل بن الحنظلية وكان لا يولد له فقال لأن يولد لي ولو سقط فأحتسبه أحب إلي من أن يكون لي الدنيا جميا قال وكان سهل بن الحنظلية ممن بايع تحت الشجرة رواه مسلمة بن علي عن يزيد فقال عن يحيى بن الحنظلية أنبأناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم أنا محمد بن أحمد بن عيسى السعدي أنا أبو عبد الله بن بطة قال قرئ على أبي القاسم البغوي حدثني محمد بن
_________
(1) في الكامل لابن عدي: عمه
(2) زيادة منا
(3) هو أبو مشجعة بن ربعي الجهني روى عن عمر بن الخطاب وشهد خطبته بالجابية روى عنه ابن أخيه مسلمة بن عبد الله الجهني ترجمته في تهذيب التهذيب 6 / 459
(4) تحرفت بالاصل و " ز " إلى: عوف
(5) تحرفت بالاصل و " ز ": البصري والصواب ما أثبت تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق 37 / 397 رقم 4417 طبعة دار الفكر
(6) سقطت من الاصل واستدركت عن " ز "(70/276)
الهيثم القاضي نا أبو توبة (1) عن مسلمة بن علي الخشني عن يزيد بن أبي مريم الأنصاري عن أمه عن يحيى بن الحنظلية وكان ممن بايع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تحت الشجرة وكان عقيما لا يولد له فقال والذي نفسي بيده لأن يولد لي ولد في الإسلام فأحتسبه أحب إلي من الدنيا وما فيها أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قراءة عن أبي الحسين بن الآبنوسي أنا أبو القاسم بن عتاب أنا أحمد بن عمير إجازة ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي أنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد أنا علي بن الحسن أنا عبد الوهاب الكلابي أنا ابن عمير قراءة قال سمعت محمودا يقول أم يزيد بن أبي مريم الأنصاري دمشقي (2) مولاة سهل (3) بن الحنظلية
9495 - م أخت عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة ابن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف غير مسماة شكت أخاها إلى معاوية أخبرنا أبو السعود (4) أحمد بن علي بن محمد أنا أبو الحسين بن النقور وأبو علي ابن وشاح ح (5) وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا ابن النقور قالا أنا عيسى بن علي نا القاضي أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب بن عيسى نا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن بن حميد الطائي حدثني عم أبي زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال: خاصمت أخت لعبد الله بن عامر أخاها إلى معاوية فأراد معاوية الركوب فقال له عبد الله بن عامر يا أمير المؤمنين إني أخاف عليك هذه المرأة أن تؤذيك في طريقك فلما ركب عارضته فأخذت بلجام بغلته وقالت يا أمير المؤمنين أعدني على شبيه البغل الذي لم
_________
(1) بالاصل: تربه والمثبت عن " ز "
(2) فوقها ضبة في " ز "
(3) بالاصل: سهيل تصحيف والتصويب عن " ز "
(4) في " ز ": " مسعود " وفوقها علامة تحويل إلى الهامش وكتب عليه: السعود
(5) " ح " حرف التحويل استدرك عن " ز "(70/277)
يشبه أباه ولا أمه فقال لها الضحاك بن قيس الفهري اسكتي يا عدوة الله قالت يا أمير المؤمنين من هذا قال هذا الضحاك بن قيس الفهري قالت هذا الذي يقول الشاعر في أبيه: قصير القميص فاحش عند بيته * وشر قريش في قريش مركبا (1) فقال لها مروان اسكتي يا عدوة الله قالت يابن الزرقاء أما والله لو كانت أمك قرشية لحميت لي فتطأطأ معاوية على بغلته وقال هات حاجتك والله لا كنت اليوم رابعا
9496 - أخت رابعة زوج أحمد بن أبي الحواري من متعبدات النساء حكت عنها أختها رابعة أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بدمشق نا الحسن بن حبيب بن عبد الملك نا أنس بن سلم (3) نا أحمد يعني ابن أبي الحواري حدثتني (4) رابعة وكانت متعبدة دمشقية قالت دخلت على أخت لي عاتق تقرأ في المصحف فقالت لي يا أختي بلغني أن زوجك قد تزوج عليك قلت قد كان ذلك قالت والله لقد بلغني عنه عقل فكيف رضي مع عقله يشغل قلبه عن الله بامرأتين؟ أما بلغك تفسير هذه الآية " إلا من أتى الله بقلب سليم " (5) قالت: لا قالت: بلى القلب السليم الذي يلقى الله وليس فيه غيره فحدثت به أبا سليمان فقال لي يا أحمد لي ثلاثون سنة مذ قدمت الشام ما سمعت بحديث أرفع من هذا
_________
(1) المركب: الاصل والمنبت
(2) اسم أم مروان بن الحكم: آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن المحرث
بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة وأمها الصعبة بنت أبي طلحة العبدري وأمها مارية بنت موهب كندية وهي الزرقاء التي يعيرون بها فيقال: بنوا الزرقاء (أنساب الاشراف 5 / 255 و 257)
(3) بالاصل: سالم وفي " ز ": مسلم والصواب ما أثبت وهو أنس بن السلم الخولاني تقدمت ترجمته في تاريخ دمشق 9 / 312 رقم 825 طبعة دار الفكر
(4) بالاصل: حدثني تصحيف والمثبت عن " ز "
(5) سورة الشعراء الاية: 89(70/278)
9497 - جدة عبد السلام بن مكلبة روت عن مكحول أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد الكتاني أنا أبو القاسم البجلي نا أبو عبد الله نا أبو زرعة قال في تسمية من حدث بالشام من النساء جدة عبد السلام بن مكلبة (1) روت عن مكحول
9498 - جدة الوضين بن عطاء روت عن حبيب بن مسلمة أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد التميمي أنا تمام بن محمد أنا جعفر بن محمد بن جعفر نا أبو زرعة قال فيمن حدث بالشام من النساء جدة الوضين بن عطاء روت عن حبيب بن مسلمة أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله قراءة عن أبي الحسين بن الآبنوسي أنا أبو القاسم بن عتاب أنا أحمد بن عمير إجازة وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد أنا الحسن بن أحمد أنا علي بن الحسن أنا عبد الوهاب الكلابي أنا أحمد بن عمير بن جوصا قراءة قال سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الثانية: جدة الوضين بن عطاء
9499 - امرأة لها صحبة حدثت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ويقال إنها امرأة حذيفة روى عنها عطاء بن يسار واجتازت بدمشق أو ساحلها غازية إلى أرض الروم فماتت أخبرنا أبو القاسم بن الحصين الشيباني أنا الحسن بن علي أنا أحمد بن جعفر نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي (2) نا عبد الرزاق نا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت نام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم استيقظ وهو يضحك فقالت تضحك مني يا رسول الله؟ قال: " لا ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر مثلهم مثل الملوك على
_________
(1) كتب على هامش الاصل: عبد السلام بن مكلبة بيروتي
تقدمت ترجمة عبد السلام بن مكلبة الثعلبي البيروتي في كتابنا تاريخ دمشق 36 / 221 رقم 4062 طبعة دار الفكر
(2) رواه أحمد بن حنبل في المسند 10 / 407 رقم 27524 طبعة دار الفكر(70/279)
الأسرة " قالت ثم نام ثم استيقظ أيضا يضحك فقلت تضحك مني يا رسول الله؟ قال: " لا ولكن قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر فيرجعون قليلة غنائمهم مغفورا (1) لهم " قالت: ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها
[13869] قال فأخبرني عطاء بن يسار قال فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم وهي معنا فماتت بأرض الروم [قال ابن عساكر] (2) أم حرام كانت من الفوج الأول الذين غزوا قبرس في خلافة عثمان وهذه من الفوج الآخر وإنما غزا المنذر بن الزبير القسطنطنية مع يزيد بن معاوية في أيام أبيه والله أعلم أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد (3) الخطيب أنا محمد بن الحسن بن محمد أنا أحمد بن الحسين بن زنبيل أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الخليل نا محمد بن إسماعيل نا محمد بن عبد الله نا عبد الرزاق نا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن امرأة حذيفة حدثت بحديث أم حرام في الغزو قال فأخبرنا عطاء بن يسار قال فرأيتها في غزاة المنذر بن الزبير إلى أرض الروم وهي معنا فماتت بأرض الروم
9500 - امرأة من بني مرة قيل إنها أدركت النبي (صلى الله عليه وسلم) وشهدت غزوة مؤتة روى عنها عباد بن عبد الله بن الزبير أخبرنا أبو سعد بن البغدادي أنا أبو منصور بن شكرويه وأبو بكر محمد بن أحمد ابن علي السمسار قالا أنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد نا أبو عبد الله المحاملي نا ابن أبي مذعور نا عبد الله بن إدريس نا محمد بن إسحاق (4) عن يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن أبيه قال أخبرتني أمي التي أرضعتني (5) من بني مرة (6) قالت كأني أنظر إلى
_________
(1) بالاصل و " ز ": مغفور والصواب ما أثبت عن المسند
(2) زيادة منا للايضاح
(3) أقحم قبلها بالاصل: المنذر وفي " ز ": علي بن المنذر وكتب فوق المنذر وكتب فوق المنذر:: محمد ح
والصواب ما أثبت
(4) الخبر في سيرة ابن هشام باختلاف الرواية 4 / 20
(5) في سيرة ابن هشام: حدثني أبي الذي أرضعني
(6) في سيرة ابن هشام: بني مرة بن عوف وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى رواية ابن إسحاق في الموضعين(70/280)
جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة ونزل عن فرس له شقراء فعرقبها (1) ثم مضى فقاتل حتى قتل [قال ابن عساكر] (2) كذا وقع في هذه الرواية وإنما هو أبي الذي أرضعني رجل من بني مرة بن عوف كذلك رواه عن ابن إسحاق يونس بن بكير
9501 - امرأة ذكوانية من أهل العراق فصيحة وفدت على معاوية متظلمة من زياد بن أبيه فرد عليها ظلامتها وسرحها إلى بلدها أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد الموصلي أنا أبو نصر محمد بن علي بن ودعان أنا عمي أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن ودعان أنا هارون بن أحمد بن محمد بن روح نا الحسين بن إبراهيم الصايغ نا عبد العزيز بن يحيى الجلودي نا محمد بن زكريا الغلابي قال ابن روح وأنا أحمد بن عبد الله بن جلين الدوري حدثني محمد بن حمزة وجعفر بن علي قالا نا محمد بن زكريا الغلابي نا عبد الله بن الضحاك الهدادي نا هشام ابن محمد (3) الكلبي عن عوانة بن الحكم عن خالد بن سعيد قال ابن روح وأنا المطهر بن إسماعيل البلدي ببلد نا الحسن بن علي بن زكريا حدثني ابن راشد الطفاوي والعباس بن بكار ومحمد بن عبد الرحمن بن القاسم التيمي نا عبد الله بن القاسم عن خالد بن سعيد عن رجل من بني أمية قال حضرت معاوية بن أبي سفيان في منزله وقد أذن للناس إذنا عاما فدخلوا عليه لمظالمهم وحوائجهم فدخلت عليه امرأة كأنها قلعة بين جاريتين لها فحدرت (4) اللثام عن لون كأنه أشرب ماء الدر في حمرة التفاح ثم قالت: الحمد لله يا معاوية الذي خلق اللسان فجعل فيه البيان فدل به على النعم وأجرى به
_________
(1) في سيرة ابن هشام: فعقرها
وعرقبها أي قطع عرقوبها وهو الوتر الذي بين مفصل الساق والقدم وقيل هو الوتر الذي خلف الكعبين
(2) زيادة منا للايضاح
(3) بالاصل و " ز ": نا محمد بن هشام الكلبي فيه تقديم وتأخير
(4) تحرفت في " ز " إلى: فجررت(70/281)
القلم وحتم وذرأ (1) وبرأ وحكم وقضى ضرب (2) الكلام باللغات المختلفة على المعاني المتفرقة آلفها بالتقديم والتأخير والأشباه والمناكير (3) والموافقة والتزايد وأدته الآذان إلى القلوب بالأفهام وأدته الألسن بالبيان فاستدل به على العلم وعبد به الرب وأبرم الأمر وعرفت به الأقدار وتمت به النعمة فكان من قضاء الله ومشيئته أن قربت زيادا وجعلت له من أبي سفيان نسبا ثم وليته أحكام العباد بسفك الدماء بغير حلها ولا حقها ويهتك الحريم بلا مراقبة لله فيها خؤون ظلوم غشوم يتخير من المعاصي أعظمها لا يرى لله وقارا ولا يظن أن له معادا وغدا يعرض عمله عليك في صحيفتك وتوقف (4) على ما اجترم بين يدي ربك ولك يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة وبينك وبينه صهر وقرابة فلا الماضين من أئمة الهدى اتبعت ولا طريقهم سلكت حملت عبد ثقيف (5) على رقاب أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) يدبر أمورهم ويسفك دماءهم فماذا تقول لربك وقد مضى من أجلك أكثره وذهب خيره وبقي وزره؟ إني امرأة من بني ذكوان وثب زياد الدعي إلى أبي سفيان على ضيعتي وتركتي على أبي وأمي فغصبنيها وحال بيني وبينها وقتل من نازعه فيها من رجالي فأتيتك مستصرخة فإن أنصفت وعدلت وإلا وكلتك وزيادا إلى الله فلن يبطل ظلامتي (6) عندك وعنده والمنتصف بيننا وبينكم (7) حكم عدل فبهت معاوية ينظر إليها متعجبا من كلامها ثم قال ما لزياد لعن الله زيادا فإنه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها وعلى مساوئه من يثيرها؟ ثم أمر كاتبه بالكتاب إلى زياد يأمره بالخروج من حقها وإلا صرفه مذموما مدحورا ثم أمر لها معاوية بعشرة آلاف درهم وعجب هو وجميع من كان حوله من مقالتها وبلوغها حاجتها
_________
(1) بالاصل و " ز ": " درأ " والصواب ما أثبت ذرأ الله الخلق وبرأهم: خلقهم
(2) كذا بالاصل و " ز " ولعل الصواب: صرف الكلام
(3) بالاصل و " ز ": التناكير
والمثبت عن المطبوعة
(4) بالاصل: تقف والمثبت عن " ز "
(5) تعني زياد بن أبيه وأمه سمية كانت لرجل من بني يشكر وهبها للحارث بن كلدة بن عمرو
بن ثقيف الثقفي الذي عالجه حتى برأ من وجع شديد أصاب اليشكري راجع أنساب الاشراف 5 / 197
(6) بالاصل: ظلامي والمثبت عن " ز "
(7) سقطت اللفظة من " ز "(70/282)
9502 - امرأة أدركت الصحابة لها ذكر أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن نا نصر بن إبراهيم أنا عبيد الله بن محمد بن يوسف أنا عيسى بن عبيد الله الموصلي أنا محمد بن صلة الحيوي نا نصر بن عبد الملك السنجاري نا عبد الرحمن بن محمد بن سلام نا حجاج نا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال: كان معاوية قد قال لكعب إن سألك أهل العراق عن شئ فلا تحدثهم قال فرأى امرأة شابة (1) عند درج المسجد بدمشق قال فقال لصاحبة بني إسرائيل كانت أحسن عزا وأفضل جزاء من هذه فقالوا حدثنا عنها ما كان من أمرها فقال إني نهيت عن ذلك قال فقالوا إنا لم نسألك عن شئ وإنما هذا شئ جئت به أنت قال فحدثهم قال كان في بني إسرائيل قاض عدل كانت له امرأة وكان له منها ابنان وكانت تسفر (2) بيته (3) وتهيئ له طعامه فإذا فرغ دخل مع أصحابه فأطعمهم قال فتردى ابناه ذات يوم في بئر فأخرجتهما وقد ماتا قال فأدخلتهما المخدع ثم سجتهما بثوب فلما دخل طعم هو وأصحابه ثم تطيبت له فأصاب منها ثم قال أين ابناي فقالت في المخدع فدخل فأخذ بيد أحدهما قال قم يا بني فقام ثم أخذ بيد الآخر فقال قم يا بني قال فلما خرج قالت [له] (4) امرأته: أي (5) امرأة أنا عندك؟ قال ما أعلم امرأة تكون أفضل منك قالت فإنهما كانا ماتا قال هي شكيمة شكمتها (6) بصبرك
9503 - نسوة متعبدات كن يصحبن أم الدرداء حكى عن اجتهادهن في العبادة يونس بن ميسرة بن حلبس
_________
(1) كذا بالاصل و " ز " والمطبوعة وفي المختصر: شافة
(2) سفر البيت: كنسه
(3) تحرفت بالاصل إلى: بينه والمثبت عن " ز "
(4) زيادة عن " ز "
(5) بالاصل: إني والمثبت عن " ز "
(6) بالاصل و " ز ": " سكمتيها " والصواب ما أثبت وشكمتها من الشكم وهو العطاء
والشكم: الجزاء والعوض(70/283)
أنبأنا أبو علي الحداد أنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار إجازة نا جدي أبو بكر عبد الله بن أحمد بن القاسم ح (1) وأنبأنا أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي أنا أبو بكر محمد بن عبد الله ابن أحمد بن شاذان الأعرج إجازة أنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد المقرئ قالا أنا إبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه نا عبد الواحد بن شعيب نا سليمان ابن عبد الرحمن نا عبد ربه بن ميمون حدثني يونس بن حلبس قال كنا نحضر أم الدرداء ويحضرها نساء متعبدات يقمن الليل كله حتى إن أقدامهن انتفخت من القيام قال وكانت أم الدرداء تؤتى بألوان الطعام فكلما جيئت بقصعة (2) صبتها على الأخرى وتقول صبوا البركة بعضها على بعض
9504 - امرأة مخزومية ويقال زهرية قدمت دمشق فيمن سير ابن الزبير من بني أمية لها ذكر قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني نا محمود بن محمد بن الفضل الرافقي نا أحمد بن أبي الأسود الحنفي القاضي نا مصعب بن عبد الله الزبيري: أن ابن الزبير لما سير بني أمية إلى الشام كانت فيهن امرأة من بني مخزوم ناكح في بني أمية فمرت بسوق الصفارين بدمشق فسمعت رجلا ينشد شعر أبي قطيفة (3) : ألا (4) ليت شعري هل تغير بعدنا * جنوب (5) المصلى أو كعهدي القرائن؟ وهل آذر (6) بين العقيق (7) عوامر * من الحي أم هل بالمدينة ساكن؟
_________
(1) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل وأضيف عن " ز "
(2) بالاصل و " ز " والمختصر " بقصعتين " والاشبه ما أثبت وفقا للسياق
(3) أبو قطيفة أسمه عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط
بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي انظر أخباره في الاغاني 1 / 12
(4) الابيات التالية في الاغاني 1 / 30 و 31
(5) كذا بالاصل وأصول الاغاني وقد صححها محققها: " جبوب " عن معجم البلدان
(6) في الاغاني: أدؤر
(7) في الاغاني: " حول البلاط " بدل: بين العقيق(70/284)
إذا برقت نحو الحجاز سحابة * دعا الشوق مني (1) برقها المتيامن وما أزعجتنا رغبة عن بلادنا (2) * ولكنه ما قدر الله كائن
فشهقت شهقة وخرت ميتة (3)
هذه المرأة هي:
9505 - امرأة يزيد بن سنان شاعرة أنبأنا أبو الحسن بن العلاف ثم أخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن أبي جعفر وأبو الحسن بن العلاف قالا أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد أنا أبو علي بن الصواف نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة نا الربعي يعني العباس بن الفضل نا العباس بن هشام الكلبي قال: ضرب عبد الملك بن مروان بعثا إلى اليمن فأقاموا سنين حتى إذا كان [ذات] (4) ليلة وهو بدمشق قال والله لأعسن الليلة مدينة دمشق ولأسمعن الناس ما يقولون في البعث (5) الذي أغزيت فيه رجالهم وأغرمت فيه أموالهم فبينا هو في بعض أزقتها إذا هو بصوت امرأة قائمة تصلي فتسمع إليها فلما انصرفت إلى مضجعها قالت اللهم يا غليظ الحجب ويا منزل الكتب ويا معطي الرغب ويا مؤوي الغرب ويا مسير النجب (6) أسألك أن تؤدي غائبي فتكشف به همي وتصفي به لذتي وتقر به عيني وأسألك أن تحكم بيني وبين عبد الملك بن مروان الذي فعل بنا هذا فقد صير الرجل نازحا والمرأة متقلقلة على فراشها ثم أنشأت تقول:
_________
(1) بالاصل و " ز ": منها والمثبت عن الاغاني
(2) في الاغاني: فلم أتركنها رغبة عن بلادها
(3) الذي يفهم من الاغاني في أن المرأة التي خرجت هي امرأة من بني زهرة وهي حميدة بنت عمر بن عبد الرحمن بن عوف
(4) سقطت من الاصل وأضيفت عن " ز "
(5) بالاصل: المبعث والمثبت عن " ز "
(6) بالاصل: البخت والاشبه ما أثبت عن " ز "(70/285)
تطاول هذا الليل فالعين تدمع * وأرقني حزني فقلبي موجع فبت أقاسي الليل أرعى نجومه * وبات فؤادي عانيا يتفزع إذا غاب منها كوكب في مغيبه * لمحت بعيني آخرا حين يطلع إذا ما تذكرت الذي كان بيننا * وجدت فؤادي للهوى يتقطع وكل حبيب ذاكر لحبيبه * يرجى لقاءه كل يوم ويطمع فذا العرش فرج ما ترى من صبابتي * فأنت الذي ترعى أموري وتسمع دعوتك في السراء والضر دعوة * على علة بين الشراسيف (1) تلذع (2)
فقال عبد الملك لحاجبه تعرف هذا المنزل؟ قال نعم هذا منزل يزيد بن سنان قال: فما المرأة منه؟ قال زوجته فلما أصبح سأل كم تصبر المرأة عن زوجها؟ قالوا: ستة أشهر قال: فأمر أن لا يمكث العسكر أكثر من ستة أشهر
9506 - جارية لسليمان بن عبد الملك شاعرة أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي (3) أنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز نا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خاقان البيع ح (4) قال ونا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب الشافعي أنا أبو بكر أحمد ابن محمد بن الجراح قالا أنا أبو بكر بن دريد قال قال سليمان بن عبد الملك يوما والشعراء عنده قد قلت نصف بيت فأجيزوه فقالوا ما هو؟ فقال: نروح إذا راحوا * ونغدو إذا غدوا
فلم يصنعوا شيئا فدخل على جارية له فأخبرها فقالت كيف قلت؟ فأنشدها فقالت: [نروح إذا راحوا ونغدو إذا غدوا] * وعما قليل لا نروح ولا نغدو
9507 - امرأة عمر بن عبد العزيز حكت عنه
_________
(1) الشراسيف: واحدها شرسوف وهي أطراف أضلاع الصدر التي تشرف على البطن
(2) بالاصل و " ز ": تلدع والمثبت عن المختصر
ولذعته النار لذعا: لفحته وأحرقته
(3) بالاصل: المحلى والمثبت عن " ز "
(4) " ح " حرف التحويل سقط من الاصل واستدرك عن " ز "(70/286)
حكت عنها أم أسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الفقيه وهي أم ولد أيضا قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا سليمان بن إسحاق نا الحارث بن أبي أسامة نا محمد بن سعد (1) أنا محمد بن حميد العبدي عن أسامة بن زيد عن إسماعيل بن أمية عن أمه عن أم ولد عمر بن عبد العزيز قالت سألني عمر دهنا فأتيته به وبمشط من عظام الفيل فرده وقال هذه ميتة قلت: وما جعله ميتة؟ قال ويحك من ذبح الفيل؟
9508 - أم ولد لعمر بن عبد العزيز حكت عن عمر حكى عنها ابنها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن صصرى أنا أبو القاسم نصر بن أحمد الهمذاني (2) المؤدب أنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل أنا أبو علي الحسن بن محمد بن درستويه أنا أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي نا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب قال حدثت عن شبيب بن شيبة عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال دخلت على أمي ومعي أخي يزيد بن عمر فرأت فينا سرورا وذلك من الغد فقالت يا بني ما يسركما من خلافة أبيكما فوالله لا تريان سرورا في خلافته أبدا قلنا ولم ذاك قالت دخل علي حين صلى العشاء بالناس وهو يبكي قالت فما دنا من فراش ولا ثنى (3) له جنبا وما زال يبكي قائما وراكعا وساجدا حتى خرج من عندي لصلاة الصبح قال ونا إبراهيم نا الجارودي نا عمر بن ذر (4) حدثني رجاء بن حيوة أن عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز قال:
_________
(1) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 5 / 401 في أخبار عمر بن عبد العزيز
(2) بالاصل: الهمداني والمثبت عن " ز " والمطبوعة
(3) بالاصل و " ز ": ثنا
(4) تحرفت بالاصل إلى: در والمثبت عن " ز "(70/287)
دخلت على أمي حين بويع لعمر بن عبد العزيز بالخلافة وهي التي كانت تلي خدمة عمر ومعي أخي يزيد بن عمر فرأت فينا سرورا وذلك من الغد فقالت ما يسركما من خلافة أبيكما؟ فوالله لا تريان في خلافته من الدنيا شيئا يسركما فقلت وفيم ذاك؟ قالت دخل علي عمر حين صلى العشاء بالناس وهو يبكي فأتى مسجده فوالله ما دنا من فراشه ولا ثنى (1) له جنبا ولا زال يبكي راكعا وساجدا حتى خرج من عندي إلى صلاة الفجر
9509 - حاضنة لعمر بن عبد العزيز حكت عنه حكى عنها عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب كتب إلي أبو نصر أحمد بن محمد بن علي ابن البخاري أنا أبو بكر بن بشران أنا أبو الحسن الدارقطني نا محمد بن مخلد ودعلج بن أحمد قالا أنا أحمد بن علي الأبار (2) أبو العباس نا سويد بن سعيد نا عبد الله بن ميمون المكي (3) مولى جعفر بن محمد عن جعفر بن محمد عن سفيان الثوري عن عاصم قال قالت حاضنة عمر بن عبد العزيز قال لي عمر بن عبد العزيز إذا أنا مت فلا تجعلوا على كفني حناطا (4) قال الدارقطني والذي عندي أن هذا عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب والله أعلم رواه حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن سفيان عن عاصم قال شهدت عمر بن عبد العزيز قال لأمة أراك ستلين (5) حنوطي فلا تجعلين (6) فيه مسكا وقد تقدم في ترجمة عاصم (7)
9510 - امرأة من أهل الكوفة وفدت على عمر بن عبد العزيز وحكت عنه
_________
(1) بالاصل و " ز ": ثنا
(2) أحمد بن علي بن مسلم أبو العباس البغدادي الابار ترجمته في سير أعلام النبلاء: (11 / 16 ترجمة 2436) ط دار الفكر
(3) ترجمته في سير الاعلام - (8 / 205 ترجمة 1416) ط دار الفكر
(4) الحنوط والحناط كل طيب يخلط للميت خاصة
(تاج العروس: حنط)
(5) في " ز ": معتلين تصحيف
(6) بالاصل و " ز ": تجعلين
(7) تاريخ مدينة دمشق 25 / 256 رقم 3015 طبعة دار الفكر والخبر فيه ص 261 وفيه: قال لامه(70/288)
أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن بن محمد نا نصر بن إبراهيم بن نصر الزاهد أنا أبو محمد عبد الله بن الوليد الأنصاري الأندلسي أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد فيما كتب إلي أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن علي اللخمي الباجي أنا أبو محمد عبد الله بن يونس أنا بقي بن مخلد نا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني عفان حدثني عثمان بن عبد الحميد نا الوليد قال: بلغنا أن امرأة كانت بالكوفة ولها زوج ولها أربع بنات فمات صاحبها وترك أربع بنات ليس لهن مال ولا عندهن جمال فقيل لها عليك بعمر بن عبد العزيز لعله أن يلحقهن في العطاء قال فشخصت إليه قال فدخلت عليه حين قدمت فحدثته حديثي (1) ثم قال: أدخلوها على فاطمة (2) فدخلت على فاطمة فما رأيت عليها خزا ولا قزا (3) ولا هرويا ولا قوهيا (4) فبينا أنا كذلك إذا رجل يغرف ماء من حب (5) فقلت لفاطمة هذا رجل فاستتري فقالت هذا أمير المؤمنين فدنا قال ردي علي قصتك ففعلت فألحقهن وأعطاني عشرين دينارا فقال استنفقي هذه وكتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن وكان عامله على الكوفة فلما دخلت الكوفة قيل مات عمر بن عبد العزيز وقيل لو أتيته بالكتاب عسى الله أن يسخره قالت: فأتيته فدفعت الكتاب إليه فلما قرأه بكى وبكى من حوله ثم قال فكيف أصنع قالت والله لخرجت وهو حي وإن هذا لكتابه فأثبتهن في العطاء
9511 - أم ولد لهشام بن عبد الملك شاعرة أنبأنا أبو محمد بن صابر أنا سهل بن بشر أنا علي بن بقاء الوراق إجازة أنا المبارك بن سالم أنا الحسن بن رشيق نا يموت بن المزرع نا أبو مسلم عبد الله بن مسلم عن أبيه قال:
_________
(1) بالاصل و " ز ": " حديثين " والاشبه ما أثبتناه عن المختصر لابن منظور
(2) يعني زوجته وهي فاطمة بنت عبد الملك تقدمت ترجمتها في هذا الجزء
(3) القز الابريسم أعجمي معرب (تاج العروس)
(4) بالاصل: قرهيا تصحيف والصواب ما أثبت والقوهي ضرب من الثياب بيض والثياب القوهية تنسب إلى قوهستان
(5) بالاصل و " ز " والمختصر: " جب " تصحيف ولعل الصواب ما أثبت والحب الجرة العظيمة والخابية(70/289)
بصرت أم ولد لهشام بن عبد الملك بولد لها لهشام فرأتهم على غاية البهاء والطلل وكانت الجارية شاعرة أديبة فأنشأت تقول: إذا خلطنا ماءنا بمائهم جاؤوك كالياقوت في صفائهم وحمدوا في فعلهم ورائهم (1) ونسبوا بعد إلى آبائهم فهذه الصفة (2) من أنبائهم
9512 - امرأة متعبدة كانت بجبل لبنان من أعمال دمشق حكى عنها ذو النون أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس الدينوري نا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن القزويني الحراني (3) الزاهد إملاء نا أبو الفتح يوسف بن عمر القواس [نا] (4) علي بن إبراهيم الوراق قراءة من لفظه نا محمد بن هارون قال سمعت ذا النون المصري يقول: كنت بجبل لبنان أتعبد فبينما أنا يومئذ جالس أبكي إذا أنا براهبة عليها المسوح فأقبلت فجعلت تبكي معي ثم انصرفت ومر الدهر زمانا وقد نزلت عن الجبل فأنا جالس عند بعض إخواني من البزازين إذ أقبلت الراهبة بعينها فوقفت علي فقالت أيا شيخ برئت قرحتك فأبكيتني (5) فما انتفعت بنفسي زمانا 9513 امرأة متعبدة وعظها أحمد بن أبي الحواري فماتت
_________
(1) نعني: ورأيهم
(2) كذا بالاصل و " ز " والوزن غير مستقيم وفي المختصر لابن منظور: الصفوة
(3) في " ز ": الحراني وفوقها علامة تحويل إلى الهامش وكتب على هامشها: حربى
(4) سقطت من الاصل وزيدت عن " ز "
(5) كذا بالاصل و " ز " وفي مختصر ابن منظور والمطبوعة: فأبكتني(70/290)
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق نا أبو عثمان الحناط نا أحمد بن أبي الحواري قال: بينا أنا ذات يوم جالس بالشام في قبة ليس عليها باب إلا كساء مسبل إذا أنا بامرأة تدق على الحائط فقلت من هذه فقالت امرأة ضالة دلني على الطريق رحمك الله فقلت عن أي الطريقين تسأليني فبكت ثم قالت عن طريق النجاة فقلت هيهات هيهات لا يقطع ذاك الطريق إلا بالسير الحثيث في الجد وتصحيح المعاملة وحذف العلائق الشاغلة عن أمر الدنيا والآخرة فبكت ثم قالت أما علائق الدنيا ففهمتها فما علائق الآخرة فقلت لو وفيت القيامة بعمل سبعين نبيا لم يكن لك إلا ما كتب لك في اللوح المحفوظ وإن لجهنم زفرة يوم القيامة لو كان معك عمل سبعين نبيا ما كان بد من أن ترديها (1) قال فصرخت صرخة ثم قالت سبحان من صان عليك جوارحك فلم تنقطع وسبحان من أمسك عليك قلبك فلم يتصدع ثم سقطت مغشيا عليها قال ابن أبي الحواري وكانت عندنا جارية من المتعبدات فقلت لها أخرجي فانظري ما قصة هذه المرأة قال فخرجت فنظرت إليها فإذا هي قد فارقت الدنيا وإذا في جيبها رقعة مكتوب فيها كفنوني في أثوابي فإن يكن لي عند ربي خير فسيبدلني ما هو خير لي منها وإن يكن غير ذلك فبعدا لنفسي وسحقا قال ابن أبي الحواري وإذا قوم قد أحاطوا بالجارية فقلت لبعضهم ما قصة هذه المرأة؟ فقالوا يا أبا الحسن هذه جارية كان يظهر (2) بها شئ نظن (3) أنها مصابة بعقلها وكان الذي بها يمنعها من المطعم والمشرب وكانت تشكو إلينا وجعا بجوفها فكنا نعرض عليها الأطباء فكانت تقول أريد متطببا (4) أشكو إليه بعض ما أجد من دائي عسى أن يكون عنده شفائي
9514 - امرأة متعبدة حكى عنها أبو علي الحسن بن حبيب
_________
(1) بالاصل: " ردها " والمثبت عن " ز "
(2) بالاصل: " بظهرها " والمثبت عن " ز "
(3) بالاصل و " ز ": يظن
(4) بالاصل: " متطيبا " تصحيف والمثبت عن " ز "(70/291)
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن رشأ بن نظيف أنا أبو الحسين الميداني أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن هارون قال وقال لي أبو علي الحسن بن حبيب الإمام: كان عندنا في باب الجابية بدمشق امرأة من المتعبدات فلما جاء ابن رائق وأحرق البلد كان الحريق في بيتها يعمل وهي قائمة تصلي فجاء إليها زوجها فقال قد أكربتيني (1) بصلاتك هذه إذا كان ولا بد فادعي عليهم فقالت يا هذا كيف يجوز لي أن أدعو على قوم ألحقوني بدرجة الفقراء؟
9515 - عجوز حكى عنها أبو علي بن حبيب أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني حدثنا أبو محمد الكتاني حدثنا أبو نصر حديد بن جعفر الأنباري إملاء من حفظه حدثنا أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك (2) الحصائري قال لقيتني عجوز على رأس زقاق عطاف فقالت يا شيخ أنشد فيك وفي عصاك بيتين من الشعر؟ فقال نعم فقالت (3) : ما زلت أرقب حبل (4) الدهر منتظرا * حتى بليت وحبل الدهر ممدود أقدم العود قدامي وأتبعه * وكنت أمشي ولا يمشي بي العود
9516 - شاعرة من كلب تزوجها خالد بن يزيد بن معاوية وحملها إلى دمشق بلغني أن خالدا خرج حاجا فلما رجع انتهى إلى ماء لكلب فإذا هو بشيخ قد أورد إبلا له ومعه (5) ابنة له كأنها ظبية عيطاء (6) تعينه على سقي الإبل من أتم النساء ما بين قرن
_________
(1) كذا بالاصل و " ز ": أكربتيني
(2) تحرف اسم أبيه بالاصل و " ز " وجاء فيهما: الحسن بن عبد الملك بن حبيب الحصائري والصواب ما أثبتناه راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء 12 / 59 ت 3053 ط دار الفكر
(3) سقط البيتان كليا من " ز "
(4) بالاصل: حبل والمثبت عن المختصر
(5) بالاصل: وسبقه والمثبت عن " ز "
(6) بالاصل: عبطا تصحيف والمثبت عن " ز "
والعيط: طول العنق وهو أعيط وهي عيطاء (القاموس)(70/292)
إلى قدم وهي في بردتين لها قد اتزرت بواحدة وتدرعت الأخرى فرأى شيئا لم ير مثله فقال لمولى له انطلق إلى هذا الأعرابي فاخطب علي ابنته وأعطه ما سأل فزوجها إياه على مائة من الإبل وأهديت إليه في البردتين كما رآها فلم يزدد إلا سرورا فكانت تسامره وتنشده أشعار قومها وتفتخر فلما أغاظته قال أنسيت البردتين فأعرضت عنه طويلا ثم أنشأت تقول: أخالد مهلا لا يعير (1) بالفقر * فكم من فتى نذل (2) الخليقة (3) ذي وفر وآخر محمود الخليقة معوز * من المال لا يزري به لازم الفقر ومن ذات بعل في حلي مظاهر * وترفل في بز العراق وفي العطر (4) مذممة الأخلاق والغدر همة * وإن مزجت منها البشاشة بالبشر حصان لها خلق ودل مبتل * هضيم الحشاء حوراء آلفة الخدر
فلما قدم الشام تلقاه عبد الملك بن مروان فسأله عن سفره فأخبره وحدثه بحديث الأعرابية وبردتيها فانصرف عبد الملك إلى نسائه فحدثهن بذلك فقلن يا أمير المؤمنين أن لو بعثت إلى بردتيها حتى ننظر إليهما فسرح رسولا فلما أتى خالدا (5) الرسول فقال (6) : ما كنت لأفعل حتى أوجه إليه بأبيات فإن استحسن أن ينظر إليهما فهو أعلم فسرحت إليه: يابن الذوائب من أمية والذي * أفضت إليه خلافة الجبار فيم استفزك خالد بحديثه * حتى هممت بأن ترى أطماري (7) مهلا أمير المؤمنين فما الذي * أحببت من ذاكم علي بعار فلئن رأيت سحيق شملي باليا * إني لمن قوم ذوي أخطار صبر على ريب الزمان أعزة * لا يخفرون بذمة وجوار
_________
(1) بالاصل و " ز ": تعير
(2) بالاصل: ندل وفي " ز ": بذل والمثبت عن المختصر
(3) في " ز ": الخليفة
(4) بالاصل و " ز ": " الفطر " والمثبت عن المختصر
(5) كذا بالاصل و " ز " وفي " ز ": قالت
(6) الاطمار واحدها طمر وهو الثوب البالي(70/293)
غلب إذا حمي الوطيس وجدتهم * صبرا لدى (1) الهيجا بني أحرار فاترك مقالة خالد وحديثه * واحتفظ مقالة معشر أخيار
قال فوجه إليها عبد الملك بألف دينار وقال إنما أردنا استخراج هذا الشعر منك
9517 - امرأة شاعرة من أهل الشام كتب إلي أبو نصر بن القشيري أنا أبو بكر البيهقي قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت محمد بن صالح الكاتب يقول سمعت أبا عبد الله الفارسي يقول كان رجل من أهل الشام مع الحجاج وكان يحضر طعاما فكتب إلى أهله يخبرهم بما هو فيه من الخصب وإنه قد سمن فكتبت إليه يعني امرأته: أتهدي لي القرطاس والخبز حاجتي * وأنت على باب الأمير بطين إذا غبت لم تذكر صديقا وإن تقم * فأنت على ما في يديك ضنين وأنت ككلب السوء في جوع أهله * فيهزل أهل البيت وهو سمين
9518 - امرأة شاعرة من نصارى بصرى (2) روى عنها المازني شعرا قرأت في كتاب أبي الحسن علي بن محمد بن المظفر الشمشاطي الذي صنفه في ذكر الديرة قال حكى المازني قال (3) : نزلت بدير بصرى فرأيت في رهبانه فصاحة وهم عرب متنصرة (4) وهم أفصح من رأيته فقلت ما فيكم شاعر فقالوا ما فينا إلا امرأة (5) كبيرة السن فقلت جيئوني بها فجاءت واستنشدتها فأنشدتني لنفسها (6) :
_________
(1) بالاصل: " لذي " والمثبت عن " ز "
(2) بصرى: بالشام من أعمال دمشق قصبة كورة حوران مشهورة عند العرب قديما وحديثا (معجم البلدان)
(3) الخبر والابيات في معجم البلدان 2 / 500 و 501 (دير بصرى)
(4) في معجم البلدان: عرب متنصرة بن بني الصادر
(5) في معجم البلدان: أمة
(6) الابيات في معجم البلدان 2 / 501 (دير بصرى) والاول والثاني والثالث في معجم البلدان (بصرى) 1 / 441 ونسبها هنا لاعرابي(70/294)
ايا رفقة من دير بصرى تحملت * تؤم الحمى حييت (1) من رفقة رشدا إذا ما بلغتم (2) سالمين فبلغوا * تحية من قد ظن ألا يرى نجدا وقولا (3) تركنا العامري مكبلا * بكل هوى من حبه مضمرا وجدا فيا ليت شعري هل أرى جانب الحمى * وقد (4) أنبتت أجراعه (5) أثلا (6) صعدا (7) وهل أردن الدهر ماء وتلعة (8) * كأن الصبا تجلو (9) عن متنه بردا
9519 - امرأة عنسية من النسوة الشواعر من أهل داريا قتل لها ابن عم اسمه عمرو في داريا في حرب أبي الهيذام فقالت ترثيه: فيما قرأت بخط أبي الحسين الرازي وذكر أنه مما أفاده بعض أهل دمشق عن أبيه عن جده وأهل بيته من المريين قال: وقالت امرأة من عنس تبكي ابنا لها قتلته قيس يوم داريا: عين بالدمع فاستهلي لعمرو * بدموع غزيرة الهملان قتلته قيس فقرت بقتلى * قيس عيلان مني العينان قتلوه مثل الهلال جوادا * بالعطايا يبر بالإخوان قتلوه مثل القناة طريرا * مائد الأصل طيب الأردان
_________
(1) في معجم البلدان: " ألقيت " وروايته فيه في مادة (بصرى) : أبا رفقة من آل بصرى تحملوا * رسالتنا لقيت من رفقة رشدا (2) في معجم البلدان (بصرى) : وصلتم
(3) في المختصر ومعجم البلدان (دير بصرى) : وقولوا وروايته في معجم البلدان (بصرى) : وإذا تركنا الحارثي مكبلا * بكبل الهوى من ذكركم مضمرا وجدا (4) عجزه في معجم البلدان (دير بصرى) : وقد أنبتت أجراعه بقلا جعدا
(5) والاجراع واحدها جرع والجزع الارض ذات الحزونة تشكل الرمل وقيل: هي الرملة السهلة المستوية
(6) والاثل: ضرب من الشجر العضاه
(7) سكنت العين فيها الضرورة الشعر يقال: خشبه جيد وصعد جمع صعود والصعود بالفتح ضد الهبوط (القاموس)
(8) في معجم البلدان: " يوما وقيعه " بدل: " ماء وتلعة "
(9) في معجم البلدان: تسدى(70/295)
وبعمرو فجعت لهفي عليه * أبدا أو ألف في الأكفان فقدته عنس الكرام وخولا * ن ومن مثل عنس أو خولان ليت شعري فذاك أكبر همي * هل يقدني الزمان من عيلان عامرا عامرا فلا يغلبنكم * عامر الغي يا بني قحطان إن يفتكم يكن معاير فيكم * فاضحات للشيب والولدان إلبسوا الحلي والمجاسد يا قو * م إذا وأجلسوا مع النسوان
(* * *) بعونه تعالى تم الجزء السبعون وبه تم الكتاب والحمد لله رب العالمين(70/296)
خاتمة الطبع بعونة تعالى وبفضله وتوفيقه تم طبع كتاب " تاريخ دمشق " لمحدث الشام وإمام أهل الحديث في زمانه وحامل لوائهم الحافظ ابن عساكر
وللمرة الأولى يصدر هذا الكتاب الجليل والاثر النفيس متتابعا وكاملا وقد بلغت أجزاؤه سبعين مجلدا
وبكل فخر واعتزاز تقدم دار الفكر ببيروت هذا الكتاب الموسوعة للقاري العربي وللباحث والدارس نهل كل منهم منه ما يطيب له صفوا سائغا وقد بذلنا الجهد وهو جهد المقل ما يجعل هذا الكتاب أقرب إلى الكمال كما أراده مؤلفه الحافظ ابن عساكر وأيسر للنفع والإفادة
ولا يفوتنا أن نتوجه بالشكر والتقدير للايادي البيضاء التي ساعدتنا على إخراج وطبع هذا الكتاب كاملا بهذه الصيغة ونخص بالذكر الأخ الفاضل عزيز بنيس صاحب دار المعرفة في الدار البيضاء الذي لم يدخر جهدا ولم يال سعيا للبحث عن الاجزاء الناقصة وبعض المواد والتراجم التي سقطت من المخطوطات التي كانت بحورتنا عند إعداد الكتاب للطبع في مراحله المختلفة
لقد سبق واشير الى السقط في موضعه وقد حصلنا على السقط المذكور مؤخرا ونحن بصدد إعداد وضع هذا السقط في مستدرك يصدر قريبا إن شاء الله
كما أننا بصدد إعداد فهارس شاملة للكتاب لتيسر الانتفاع به فالفهارس مفاتيح الكتب كما يقولون
ولا بد لنا أيضا من التنويه بالشكر والتقدير لمركز الكمبيوتر " هوساك كمبيوتر برس " الذي قام بتضيد مواد الكتاب وللجهد الدؤوب الذي بذله القائمون عليه في ملاحقة مواد الكتاب تنضيدا وتصحيحا وإخراجا
وأخيرا نتوجه بالرجاء لكل من ينتفع بهذا الكتاب أن يخصنا بدعوة صالحة بظهر الغيب
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بيروت 12 ربيع الاول 1419 هـ 6 تموز (جولاي) 1998
الناشر دار الفكر(70/298)
الجزء الحادي والسبعون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الناشر
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف خلقه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم الذي بيّن للناس ما أنزل إليهم وهداهم إلى الصراط المستقيم، وعلى آله وأصحابه ومن تبع هديه إلى يوم الدين. وبعد؛ هذا مستدرك تاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر، وكنا قد أشرنا في خاتمة الطبع للجزء السبعين من الكتاب أن مستدركا سيلي الأجزاء السبعين، حيث وجدنا خلال مراحل تحقيق الكتاب وإعداده للطبع أن نقصا اعتور المخطوطات والأصول التي كانت بين أيدينا، وقد تمكنا بعون من الله وتأييده من الحصول على هذا النقص وقد اشتمل على التراجم المبتدئة بالأحرف التالية والتي ضمتها الأجزاء 71 و 72 و 73 و 74 وذلك كما يلي:
حرف الألف: (213) ترجمة.
حرف الباء: (21) ترجمة.
حرف الجيم: (87) ترجمة.
حرف الراء: (7) ترجمة.
حرف السين: (55) ترجمة.
حرف الشين: (31) ترجمة.
حرف العين: (11) ترجمة.(71/3)
حرف الميم: (28) ترجمة.
حرف الهاء: (85) ترجمة.
حرف الياء: (36) ترجمة.
وقد بلغت عدة تراجم الكتاب ال (74) جزءا: (10226) ترجمة وعدة الأحاديث النبوية (14446) حديثا، وبذلك يكتمل عقد الكتاب، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
بيروت يوم السبت 5 جمادى الأولى 1421 هـ 5 آب أغسطس عام 2000 م الناشر(71/4)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين
[مستدرك تاريخ مدينة دمشق]
[حرف الألف]
[ذكر من اسمه أحمد]
من اسم أبيه على حرف الألف [من الأحمدين]
[9520] أحمد بن أحمد بن وركشين
أحمد بن أحمد بن يزيد بن وركشين- ويقال بركشين بن يركزان، البلخي المؤدّب المعروف بأخي الرز.
[سمع أبا جعفر حماد بن المؤمل الكلبي البصري، وأبا علي الحسن بن عرفة العبدي] «1» .
سكن دمشق [وحدث بها] «2» .
روى عن الحسن بن عرفة بإسناده عن أبي هريرة.
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر بين يديه النكاح والتزويج فقال: «كلّ كفؤ، ما خلا حاكيا أو حجاما» . فقيل: يا رسول الله ما الحاكي؟ قال: «المصوّر الذي يعمل الأصنام» ، فقيل: يا رسول الله، وما الحجّام؟ قال: «النّمام» وهو القتّات
[13870] .
وروى عن حماد بن المؤمل بسنده عن ابن عباس قال «3» :
كانت امرأة من بني خطمة «4» تهجو النّبي صلّى الله عليه وسلّم وتحرّض على أصحابه، فبلغ ذلك
__________
[9520] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/108 (ط دار الفكر) والوافي بالوفيات 6/229.(71/5)
النبي صلّى الله عليه وسلّم ومضّه «1» فقال: «ألا رجل يكفينا هذه؟ فقال رجل من قومها «2» : أنا يا رسول الله أكفيك. فأتاها، وكانت المرأة تمّارة وهي في صفّة «3» لها فقال لها: أعندك أجود من هذا التمر؟ قالت: نعم، فدخلت إلى بيت لها وانكبّت لتأخذ شيئا فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا. فأخذ الإخوان «4» ، فجعل يضرب به رأسها حتى قتلها «5» ، ثم جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم. فلما رآه قال: «أفلح الوجه» قال: قضيت حاجتك يا رسول الله. قال: «أما إنه لا ينتطح فيها عنزان» «6» . قال: فأرسلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثلا، ولم يتمثّل بها أحد قبله.
مولده سامرّه «7» ، وأصله بلخ. وكان يؤذّن في مسجد جامع دمشق، مات في سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
[9521] أحمد بن أبي أحمد الجرجاني
أحمد بن أبي أحمد- واسم أبي أحمد: محمد- أبو محمد الجرجاني.
سكن أطرابلس، وقدم دمشق وحدّث بها.
روى عن حمّاد بن خالد الخياط عن شيوخه عن حبيب بن مسلمة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين:
__________
[9521] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/108 و 1/160 (ط دار الفكر) باسم أحمد بن محمد. وتاريخ جرجان ص 66 والكامل لابن عدي 1/171 رقم 8 ولسان الميزان 1/300 رقم 882.(71/6)
«عرّبوا العربي وهجّنوا الهجين، للفرس سهمان وللهجين سهم» «1»
[13871] .
وروى عن إسماعيل بن علية عن شيوخه عن عثمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة» «2»
[13872] .
سكن حمص. وأحاديثه ليست بمستقيمة، كأنه يغلط فيها «3» «4» .
[9522] أحمد بن أبّا- ويقال: محمد- أبو جعفر الكاتب
ولي خراج مصر للطولونية، ثم ولّاه أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون إمرة دمشق، فقدمها، ونزل دار الإمارة بها، وكان أميرها سعد الأيسر «5» غائبا عنها. وكان ابن أبّا حازما ذا رأي، فلم يظهر ولايته خشية أن يحول سعد عن طاعة ابن طولون «6» . فلما قدم سعد دمشق وخرج ابن أبّا له عن القصر ثمّ أظهر ولايته. ذكر أبو الحسن بن القواس الورّاق: أن أحمد بن أبّا وبدر الحمامي «7» دخلا بلاد الروم مع العجيفي صاحب ابن طولون غزاة في رجب سنة ثمانين ومئتين حتى بلغوا بلقسون «8» .
__________
[9522] ترجمته في أمراء دمشق ص 25 وسماه أحمد ابن إياز، قال: ويقال: محمد بن أحمد، وفي تحفة ذوي الألباب 1/326 أبو جعفر محمد الكاتب ثم قال: أبو جعفر بن أبي محمد الكاتب. وذكره ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 280، 4/571 وتاريخ الطبري 5/361 و 521 و 607.(71/7)
[9523] أحمد بن إبراهيم بن حبيب البغدادي
أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن حبيب- ويقال: ابن إبراهيم بن حبيب- بن عيسى، أبو الحسن الهمذاني البغدادي الزّرّاد.
ورد دمشق حاجا سنة عشرين وثلاث مئة.
روى عن طاهر بن الفضل بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«بنو سامة مني وأنا منهم، وحيثما رأيتموهم ففضّلوهم واعرفوا لهم حقهم» .
قال الخطيب «1» :
أحمد بن إبراهيم بن حبيب بن عيسى أبو الحسن العطار، ويعرف بالزراد. كان يسكن باب المحوّل. ومات في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة. وقيل في شعبان منها.
[وحدث عن طاهر بن الفضل الحلبي، ويوسف بن مسلم المصيصي، وأحمد بن بكر البالسي.
روى عنه محمد بن المظفر، والقاضي الجراحي، وأبو الحسن الدارقطني، ومحمد بن نصر بن مكرم، وغيرهم.
أخبرنا أبو بكر البرقاني. حدثنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن حبيب العطار حدثنا طاهر بن الفضل- بحلب- حدثنا سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري عن عبيد الله بن محمد عن جابر بن عبد الله قال: بينا نحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأكل مما مست النار ولم يتوضأ.
قال علي بن عمر: هذا حديث غريب من حديث ابن عيينة عن الثوري تفرد به طاهر بن الفضل. أخبرنا عبد الغفار بن محمد المؤدب، أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين الحافظ قال: أحمد بن إبراهيم بن حبيب الزراد ثقة.
حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف يقول سألت أبا الحسن الدارقطني عن أبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن حبيب العطار، فقال: ثقة] «2» .
__________
[9523] ترجمته في تاريخ بغداد 4/13.(71/8)
[9524] أحمد بن إبراهيم بن الحدّاد الأسدي
أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية بن زياد بن مزيد بن بلال بن عبد الله البهي، مولى آل الزبير، أبو بكر بن الحداد الأسدي البغدادي.
نزيل تنّيس. سمع بدمشق وغيرها.
روى أحمد بن إبراهيم بسنده عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
من تمسّك بالسّنة دخل الجنة» ، قلت: يا رسول الله، وما السنة؟ قال: حبّ أبيك وصاحبه يعني: عمر
[13873] .
قال الخطيب «1» :
أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية بن زياد بن مزيد «2» بن بلال بن عبد الله الأسدي، وعبد الله يعرف بالبهي، وهو الذي يروي عن عائشة. وكنية أحمد بن إبراهيم أبو بكر، ويعرف بابن الحداد. ولد بتنّيس، ونشأ ببغداد وأبوه بغدادي، ونزل أبو بكر تنّيس «3» وحدّث بها وبمصر.
ومزيد جده بالزاي والياء المعجمة باثنتي من تحتها.
مات أحمد بن إبراهيم بن الحداد بتنّيس سنة أربع وخمسين يعني ثلاث مئة في صفر.
وكان مولده في ذي الحجة سنة سبعين ومئتين.
[وحدث «4» عن يوسف بن يعقوب القاضي، وبهلول بن إسحاق الأنباري، وإبراهيم بن شريك الكوفي، وجعفر الفريابي، وبكر بن سهل الدمياطي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وسليمان بن حذلم، وعبد الرحمن بن القاسم الدمشقيين والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، وزكريا بن يحيى السجزي خياط السنة وغيرهم.
__________
[9524] ترجمته في تاريخ بغداد 4/17 وسير أعلام النبلاء 12/238 (3260) (ط دار الفكر) والعبر 2/299 وشذرات الذهب 3/13 وتذكرة الحفاظ 3/923.(71/9)
حدث عنه عبد الغني بن سعيد، وأبو محمد بن النحاس وغيرهما من المصريين. وكان ثقة. كتب إليّ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة حدثني عبد العزيز بن أحمد ابن علي الكناني بدمشق لفظا، أخبرنا مكي بن محمد بن محمد بن المعمر المؤدب أخبرنا سليمان أبو محمد بن عبد الله بن أحمد بن زبر قال: مات أحمد بن إبراهيم الحداد بتنيس سنة أربع وخمسين يعني وثلاثمائة] .
[9525] أحمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني الشاهد
أحمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو الحسن الأصبهاني الشاهد.
سمع بدمشق.
روى عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت العطار الدمشقي بسنده عن ابن عمر قال:
قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في العبد الآبق يؤخذ في الحرم بعشرة دراهم
[13874] .
[9526] أحمد بن إبراهيم الرازي المعروف بابن الحطاب
أحمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو العباس الرازي المعروف بابن الحطاب الفقيه الشافعي.
[نزيل مصر] «1» ، قدم دمشق مع أبيه إبراهيم بن أحمد، وسمع بها.
روى بسنده عن عمر بن الخطاب قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» .
حدث محمد بن أحمد بن إبراهيم قال:
__________
[9526] ترجمته في سير الأعلام 14/231 (4510) (ط دار الفكر) وتذكرة الحفاظ 4/1228 وتحرفت فيه «الحطاب» إلى «الخطاب» بالخاء المعجمة، وتبصير المنتبه 2/507.(71/10)
كان والدي في سكرة الموت يقول لي: يا أبا عبد الله، ما لي في الدنيا حسرة غير أني مشيت في ركاب الشيوخ، وترددت إلى مجالسهم، وسافرت إلى أماكنهم بالحجاز واليمن والشام وديار مصر وغيرها. وها أنا أموت ولم يؤخذ عني كلّ ما سمعته على الوجه الذي أردته «1» .
قال: وكان أبي من الثقات خيّرا كثير المعروف. ذكر أنه حج سنة أربع عشرة، وأنه دخل اليمن وسمع بها، وقرأ القرآن بمكة ودمشق وغيرهما وانتقل إلى الاسكندرية في قحط مصر.
وتوفي بها سنة إحدى وتسعين وأربعمئة.
قال الحافظ: قرأت بخط غيث بن علي بن عبد السلام الصوري:
سألت شيخنا أبا العباس أحمد بن إبراهيم الرازي عن مولده فذكر أنّ له نيّفا وستين سنة. قال: وكان سؤالي إياه في جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين باسكندرية.
[محدث الثغر، ووالد صاحب السداسيات] «2» .
[حج «3» سنة أربع عشرة وأربعمئة، ودخل اليمن.
وسمع بمصر شعيب بن عبد الله بن المنهال وطبقته، ثم سمّع ولده من ابن حمصة وابن الطفال، وعدة. وسمع هو بدمشق من علي ابن السمسار، وتلا على الحسين بن عامر، وتلا بمكة بروايات على أبي عبد الله الكارزيني، وانتقل إلى الاسكندرية في القحط الكائن في قرب سنة ستين وأربعمئة، وقرؤوا عليه كثيرا.
وكتب عنه الحافظ أبو زكريا البخاري، ومكي الرميلي، وغيث الأرمنازي، وعبد المحسن الشيحي، وسمع عليه ابنه أبو عبد الله الشاهد الكثير بالاسكندرية وبمصر.
قال السلفي: كان خيّرا، من الثقات، كثير المعروف] «4» .(71/11)
[9527] أحمد بن إبراهيم بن أيوب أبو بكر الحوراني
روى عن: عقبة بن مكرم بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«الشهر تسع وعشرون، فإذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا»
[13875] .
[9528] أحمد بن إبراهيم بن تمام بن حبان أبو بكر السكسكي الفقيه المقرىء قاضي بعلبك
روى بسنده عن جابر بن عبد الله قال: أهدي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم جرّة من عسل. فلمّا صلّى الظهر أو العصر قال لنا: «على أماكنكم، فألعق كلّ رجل منا لعقة» . فلما أتى عليّ قال لي: «يا جابر أزيدك؟» قلت: نعم، فألعقني أخرى، لصغري، قال: فما زال حتى أتى على آخر القوم
[13876] .
توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء ضحى نهار لثلاث عشرة ليلة من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، ودفن في باب الفراديس بعد علة طويلة.
[9529] أحمد بن إبراهيم بن الحسن «1» بن محمد بن شاذان ابن حرب بن مهران، أبو بكر البزاز والد أبي علي بن شاذان
سمع بدمشق وبجبيل وبعرقة «2» وبصور وبحمص وبالعراق.
روى عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يمينك على ما يصدّقك عليه صاحبك» .
قال علي بن المحسّن القاضي «3» : قال: سمعت أبا بكر بن شاذان يقول:
ولدت لسبع عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين ومئتين.
وقال أحمد بن محمد العتيقي «4» :
__________
[9529] ترجمته في تاريخ بغداد 4/18 وتذكرة الحفاظ 4/1017 وسير أعلام النبلاء 12/469 (3515) (ط دار الفكر) والعبر 3/22 وشذرات الذهب 3/104.(71/12)
سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة فيها توفي أبو بكر شاذان لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال، ثقة، مأمون، فاضل، كثير الكتب، صاحب أصول حسان.
قال أبو بكر الخطيب «1» :
أصله من دورق «2» ، سمع جماعة كثيرة سمّاهم، وكان يجهز «3» البزّ إلى مصر فسمع من شيوخها، وكتب عن الشاميين الذين أدركهم، وكان ثقة ثبتا صحيح السماع كثير الحديث.
قال أبو ذر عبد بن أحمد الهروي «4» :
ما رأيت ببغداد في الثقة مثل القواس، وبعده ابن شاذان، فقال له ورّاقه: ولا الدارقطني؟ فقال: الدارقطني إمام ليس يعدّ منهم.
قال: وكان ابن شاذان أوثق أصحابه وأحسنهم خلقا، وكان يجيئه أهل الأدب من أولاد الكتاب يريدون أن يترفعوا علينا فيقول لهم: لست قاعدا بالأجرة أنا قاعد فيداري أعمل ما أريد، هؤلاء الغرباء الفقراء قصدوني ولهم عليّ حق.
قال الأزهري «5» : سمعت ابن شاذان يقول «6» :
جاؤوني بجزء عن الباغندي فيه سماعي في سنة تسع- أو عشر- وثلاث مئة، ولم يكن لي منه نسخة فلم أحدّث «7» به.
قال القاضي أبو القاسم التنوخي:
سئل ابن شاذان: أسمعت من محمد بن محمد الباغندي شيئا؟ فقال: لا أعلم أني سمعت منه شيئا، ثم وجد سماعه من الباغندي فسألوه أن يحدث به فلم يفعل.
[قال أبو بكر الخطيب] «8» :(71/13)
[سمع الحسين بن محمد بن عفير، وأبا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي داود، وأحمد ابن القاسم أخا أبي الليث الفرائضي، وأحمد بن محمد بن المغلس، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأحمد بن سليمان الطوسي، وصالح بن أبي مقاتل، وأبا ذر ابن الباغندي، وأبا بكر ابن دريد، ونفطويه النحوي، وعبيد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وخلقا كثيرا من أمثالهم.
روى عنه الدارقطني، وأخبرنا عنه ابناه الحسن وعبد الله، وأحمد بن علي البادا، وأبو بكر البرقاني، وأبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلال، وجماعة سواهم.
أخبرنا الأزهري، حدثنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن البزار، حدثنا أحمد بن إبراهيم أبو العباس السكري، بمصر، أخبرنا أحمد بن يحيى بن خالد ابن حبان الرقي. حدثنا صالح بن عبد الغفار الطيالسي، حدثنا عثمان بن كثير بن دينار، حدثنا ابن لهيعة عن حسين عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
قال الأزهري: وسمعته من أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان كما حدثناه الدارقطني عنه] .
[9530] أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير بن عثمان بن يحيى ابن مسلمة بن عبد الله بن قرط، أبو عمر الأزدي
روى عن عمّه بسنده عن أبي هريرة قال:
ما كان أحدّ منا يقول على عهد عمر بن الخطاب: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا سيل ظهره دما أو يجيب على ما قال نبيّه.
قال الرازي:
قدم جده عبد الله بن قرط على النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «ما اسمك؟» قال: شيطان بن قرط، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنت عبد الله بن قرط» «1» .(71/14)
وكانوا من أهل حمص فانتقلوا إلى دمشق وله عم يقال له الخطاب بن سعد الخير، وأبوه، لم يرو عنه غير أبي عمر.
مات في شعبان سنة ثلاثين وثلاث مئة.
[9531] أحمد بن إبراهيم بن عبد الله القرشي
روى عن سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«عليكم بالسّواك فنعم الشيء السواك، يذهب بالحفر «1» ، وينزع البلغم، ويجلو البصر، ويشدّ اللثة، ويذهب بالبخر «2» ، ويصلح المعدة، ويزيد في درجات الجنة، ويحمد الملائكة، ويرضي الربّ، ويسخط الشيطان»
[13877] .
[9532] أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن بشير ابن عبد الله بن الحسن بن يزيد بن عبد الله أبو الطيب المعروف بابن عبادل الشيباني
[سمع: بحر بن نصر الخولاني، وإبراهيم بن منقذ، والعباس بن الوليد العذري، وأبا أمية الطرسوسي، وخلقا كثيرا.
وعنه: الطبراني، وأبو هاشم المؤدب، وأبو بكر بن أبي الحديد، وعبد الوهاب الكلابي، وآخرون] «3» .
روى عن محمد بن عبد الله بن الحكم بسنده عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إن الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعا، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا» .
عبادل هو عبد الوهاب بن بشير، أخو عبد الرحمن بن بشير الشيباني الذي روى عن
__________
[9532] ترجمته في سير الأعلام 12/25 (3016) (ط دار الفكر) والوافي بالوفيات 6/212.(71/15)
محمد بن إسحاق كتاب المغازي. كانوا أهل بيت علم، وكان فيهم جماعة محدثين.
ومات أحمد بن إبراهيم في رجب سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة، [وكان في عشر التسعين] «1» .
[9533] أحمد بن إبراهيم بن فيل أبو الحسن البالسي «2» ثم الأنطاكي نزل أنطاكية.
[والد أبي الطاهر الحسن بن أحمد روى عن إبراهيم بن مهدي المصيصي، وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وأحمد بن أبي شعيب الحراني، وأحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي، وأحمد بن محمد بن ثابت الخزاعي المروزي المعروف بابن شبويه، وأبي النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الدمشقي الفراديسي، وإسحاق بن سعيد بن الأركون الدمشقي، وأبي معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهذلي القطيعي، وإسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، وحامد بن يحيى البلخي، والحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري مولى ابن المبارك، وأبي توبة الربيع بن نافع الحلبي، وسعيد بن حفص النفيلي الحراني، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ابن بنت شرحبيل، وعامر بن إسماعيل البغدادي، وعباد بن موسى الختلي، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي المقرىء، وعبد الله بن ربيعة المصيصي، وعبد الله بن محمد بن الربيع الكرماني، نزيل المصيصة، وعبد الله بن محمد بن علي النفيلي الحراني، وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المعروف بدحيم ابن اليتيم، وعبد الملك بن سعيد بن مروان الحراني، وعبد الرحمن بن نجدة الحوطي، وعمر بن يزيد السياري، وأبي موسى عيسى بن سليمان الحجازي، وأبي صالح محبوب بن موسى الأنطاكي الفراء، ومحمد بن آدم المصيصي، ومحمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري،
__________
[9533] ترجمته في تهذيب الكمال 1/96 وتهذيب التهذيب 1/41 (2) (ط دار الفكر) والإكمال لابن ماكولا 7/60 و 61.(71/16)
ومحمد بن سلام الأنطاكي ثم المنجي، ومحمد بن القاسم الحراني، سحيم، ومحمد بن قدامة بن أعين المصيصي، ومحمد بن مصفى الحمصي، ومحمود بن خالد السلمي الدمشقي، والمسيب بن واضح الحمصي، والمعافى بن سليمان الرسعني، وموسى بن أيوب النصيبي، وهشام بن عمار الدمشقي، ووهب بن بيان الواسطي نزيل مصر. روى عنه النسائي في حديث مالك، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري المعروف بابن الأعرابي، نزيل مكة، وأبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الدمشقي، ابن بنت عدبس، وحاجب بن أركين الفرغاني، وخيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي الطرابلسي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطيرة الطبراني، نزيل أصبهان، وأبو بشر محمد ابن أحمد بن حماد الدولابي، وأبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان الرسعني، وأبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي، وابن ابنه أبو بكر محمد بن أبي الطاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن فيل، وأبو بكر محمد بن سهل بن أبي سعيد، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد المؤمن الجرجاني، ومحمد بن محمد بن داود الكرجي، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني.
قال الحافظ أبو القاسم: وكان ثقة] «1» .
[قال محمد بن الحسن الهمداني: إنه صالح ذكره ابن حبان في الثقات.
وقال النسائي: لا بأس به، وذكر من عفته وورعه وثقته «2» ] .
حدث بأنطاكية سنة أربع وثمانين ومئتين عن أبي توبة الربيع بن نافع بسنده عن أبي هريرة:
أن النّبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن تلقي الجلب. قال: «فإن تلقّاه متلق فاشتراه فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا وردت السوق»
[13878] .
وروى عن إسحاق بن سعيد بن الأركون بسنده عن أنس بن مالك.(71/17)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها
[13879] .
وروى عن أبي توبة الربيع بن نافع أيضا بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا سبق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل»
[13880] .
وقيل: جده بفاء مكسورة وياء منقوطة باثنتين من تحتها «1» .
وتوفي أحمد بن إبراهيم بأنطاكية سنة أربع وثمانين ومئتين.
[9534] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن بكار ابن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أبي أرطاة أبو عبد الملك القرشي البسري
حدث عن أبيه وجده وجماعة.
وروى عنه أبو عبد الرحمن النّسائي في سننه وقال: لا بأس به. وجماعة أيضا رووا عنه. وكان ثقة. [روى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، وإبراهيم بن عبد الله بن العلاء بن زبر الربعي، وأبيه إبراهيم بن محمد بن عبد الله القرشي، وإبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، وإبراهيم ابن المنذر الحزامي، وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وأحمد بن أبي الحواري الدمشقي، وأبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وإسحاق بن إبراهيم الفراديسي، وإسحاق بن سعيد بن الأركون، وأبي سليمان أيوب المكتب، وأبي مالك حماد بن مالك الأشجعي الحرستاني، وأبي الأخيل خالد بن عمرو السلفي، وزهير بن عباد الرؤاسي، وسعيد ابن عبد الجبار الزبيدي، وسليمان بن سلمة الخبائري، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وأبي الحارث العباسي بن عبد الرحمن بن الوليد بن نجيح القرشي، وعبد الحميد بن بكار البيروتي، وعبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجرالمخزومي، وعبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري، وعمرو بن حفص بن شليلة الثقفي البزاز، وعمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار
__________
[9534] ترجمته في تهذيب الكمال 1/100 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/42 (4) (ط دار الفكر) والوافي بالوفيات 6/214 وتذكرة الحفاظ 2/650.(71/18)
الحمصي، وكثير بن يزيد القنسريني، ومحمد بن آدم المصيصي، ومحمد بن عائذ القرشي الدمشقي، وجده محمد بن عبد الله بن بكار القرشي الدمشقي، وأبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي، ومحمد بن مصفى الحمصي، ومحمد بن يزيد الطرسوسي، والمسيب بن واضح الحمصي، ومهدي بن جعفر الرملي، وموسى بن أيوب النصيبي، ونصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة الحمصي، وهدية بن عبد الوهاب المروزي، ويزيد بن خالد بن موهب الهمداني الرملي، ويعقوب بن كاسب المدني.
روى عنه: النسائي، وأحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم الأسدي، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا الدمشقي، وأبو الحارث أحمد بن عمارة الليثي، وأحمد ابن مروان الدينوري، وجعفر بن محمد بن جعفر بن هشام ابن بنت عدبس، والحسن بن حبيب بن عبد الملك الحصائري، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي، وأبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، وعمار بن الخزز الجسريني، وفياض بن القاسم بن حريش الدمشقي، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي، وابن ملاس النميري، ومحمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي، ومحمد بن صبيح بن رجاء الثقفي، وأبو جعفر محمد بن عمرو ابن موسى بن محمد بن حماد العقيلي.
ومحمد بن الفيض بن محمد بن فياض، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرايني] «1» .
حدث عن موسى بن أيوب النصيبي بسنده عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
«إنّ الله يحبّ الرفق في الأمر كلّه»
[13881] .
وحدث عن محمد بن عايذ بسنده عن مجاهد قال: خرجت إلى الغزو، أنا ورجل معي، فشيّعنا عبد الله بن عمر، فلما أراد فراقنا قال: إنه ليس معي ما أعطيكماه، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:
«إذا استودع الله شيئا حفظه، وإنّي أستودع الله دينكما وأمانتكما وخواتيم أعمالكما»
[13882] .(71/19)
قال أبو عيسى الخولاني:
أملى علينا أبو عبد الرحمن النسائي أسماء شيوخه الذين روى عنهم فقال:
أحمد بن إبراهيم القرشي، دمشقي، لا بأس به.
قال الهروي «1» :
في سنة تسع وثمانين ومئتين مات أبو عبد الملك القرشي. زاد غيره: يوم الخميس لسبع عشرة مضت من شوال.
[9535] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان أبو جعفر ابن أبي إسحاق القرشي
مولى بني مخزوم.
حدث عن أبيه بسنده عن يحيى بن حمزة الحضرمي قاضي المهدي قال:
كتب إليّ المهدي بعهدي، وأمرني أن أصلب في الحكم وقال في كتابه إليّ:
حدثني أبي عن أبيه عن جده عن عبد الله بن العباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:
«قال الله عزّ وجلّ: وعزّتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما قدر على أن ينصره فلم يفعل» .
وحدث عن أبيه أيضا بإسناده إلى عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص قال:
قيل للحجاج بن يوسف حين أجلى النبط من الأمصار إلى أصولهم: ما دعاك إلى إجلائهم؟ فقال:
حدثني ثلاثة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:
«ما ازدادت النبط في الإسلام عزا إلّا ازداد الإسلام ذلا»
[13883] .
فذلك الذي دعاني إلى إجلائهم.(71/20)
[9536] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن علي بن بندار ابن عباد بن أيمن، أبو الحسين بن أبي إسحاق الدينوري
حدث عن عثمان بن أبي بكر بن حمود السّفاقسي بدمشق بسنده عن قيس بن عباد «1» . أنه انطلق إلى علي هو ورجل آخر يقال له الأشتر «2» ، فقالا: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلّم عهدا لم يعهده إلى الناس عامة؟ فأخرج كتابا من قراب سيفه فقال: لا، إلّا هذا، فإذا فيه: المؤمنون تكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ألا ولا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ومن أحدث حدثا فعلى نفسه أولى، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة أجمعين. لا يقبل «3» منه صرف «4» ولا عدل «5» .
توفي في يوم الاثنين الثالث عشر من شعبان سنة ثلاث وخمس مئة بدمشق.
[9537] أحمد بن إبراهيم بن موسى المصاحفي «6»
سمع ببيروت.
حدث عن عمرو بن هاشم البيروتي بسنده عن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:
«إن لكلّ أمة يهودا، وإنّ يهود أمتي المرجئة» «7»
[13884] .(71/21)
[9538] أحمد بن إبراهيم بن هشام بن ملّاس بن قسيم أبو عبد الله النميري، وقيل الغسّاني
حدث عن زيد بن يحيى بن عبيد بسنده عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلّم:
«إذا كان ثلث الليل الباقي هبط الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يسألني فأعطيه، هل من مستغفر يستغفرني فأغفر له، هل من تائب يتوب فأتوب عليه؟»
[13885] .
[9539] أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى أبو حارثة الغسّاني
سيّد الشام.
حدث عن أبيه عن جده عن أبي جده قال:
كان عبد الملك كثيرا ما كان يجلس إلى أم الدرداء فوق المسجد بدمشق وهو خليفة يجلس إليها إذ أتاه غلام قد بعثه في حاجة فحبس عليه فلعنه فقالت له أم الدرداء:
سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:
«لا يدخل الجنة لعّان»
[13886] .
حارثة «1» بحاء مهملة وبعد الراء ثاء معجمة بثلاث.
[سمع أبا إبراهيم بن هشام.
كناه لنا: أحمد بن عمير بن يوسف الدمشقي «2» ] .
[9540] أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن داود بن سليمان ابن أيوب بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دحيم أبو الحسن الخزرجي، ويعرف بابن اللحياني
حدث عن أبي بكر أحمد بن عبد الله بن أبي دجانة بسنده عن أبي هند البجلي- وكان
__________
[9539] ترجمته في: الإكمال لابن ماكولا 2/8 والأسامي والكنى للحاكم النيسابوري 4/225 رقم 1899.(71/22)
من السلف- قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:
«لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من المغرب»
[13887] .
[9541] أحمد بن إبراهيم بن يونس بن محمد بن يونس أبو الحسين المقدسي الخطيب
روى بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«من كذب عليّ في رواية الحديث فليتبوّأ مقعده من النار»
[13888] .
توفي في يوم الخميس السابع عشر من ذي القعدة سنة سبع وتسعين وأربع مئة. وقيل مات يوم الأربعاء. وإنه ثقة.
[9542] أحمد بن إبراهيم، أبو جعفر الحلواني
حدث عن أحمد بن البختريّ الواسطي بدمشق بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«ولد لنوح ثلاثة: سام وحام ويافث، فولد لسام العرب والروم وفارس، وكلّ فيه خير، وولد لحام القبط والبربر والحبشة، وكلّ فيه خير، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والخزر، وكلّ لا خير فيه»
[13889] .
[9543] أحمد بن إبراهيم، أبو العباس البغدادي المقرىء
ورّاق خلف بن هشام «1» . قرأ القرآن بدمشق على هشام بن عمار وبغيرها على خلف بن هشام البزار، وحدث عنه، وعن جماعة.
حدث عن خلف بن هشام قال: سمعت خلفا يقول «2» :
__________
[9543] ترجمته في تاريخ بغداد 4/8 له ذكر في معرفة القراء الكبار 1/209 في أخبار خلف بن هشام.(71/23)
قدمت الكوفة فصرت إلى سليم بن عيسى «1» فقال لي: ما أقدمك؟ قال: قلت: أقرأ على أبي بكر بن عياش بحرف عاصم. قال: فقال لي: لا يريد؟ «2» قال: قلت: بلى. قال:
فدعا ابنه وكتب معه رقعة إلى أبي بكر بن عياش ولم أدر ما كتب فيها، قال: فأتينا منزل أبي بكر، فاستأذن عليه ابن سليم، فدخل فأعطاه الرقعة، وكان لخلف سبع عشرة سنة. قال فلما قرأها قال: أدخل الرجل، قال: فدخلت، فسلمت عليه. قال: فصعّد فيّ النظر، ثم قال لي:
أنت خلف؟ قال: قلت: نعم، أنا خلف، قال: أنت لم تخلف ببغداد أحدا أقرأ منك؟ قال:
فسكتّ. قال: فقال لي: اقعد، هات، اقرأ، قال: قلت: عليك؟ قال: نعم، قال: قلت: لا والله لا أقرأ على رجل يستصغر رجلا من حملة القرآن. قال: ثم تركته، وخرجت. قال:
فوجه إلى سليم يسأله أن يردني إليه قال: فلم أرجع. قال: فندمت «3» ، واحتجبت «4» فكتبت قراءة عاصم عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش.
وكان أحمد بن إبراهيم البغدادي ثقة. صنف كتابا في عدد آي القرآن وذكر في قراء أهل مدينة السلام.
قال «5» : وكان أحد الحذاق «6» .
[قال أبو بكر الخطيب] «7» .
[حدث عن خلف بن هشام، ومسدّد، ومحمد بن سليمان لوين، وحفص بن عمر الحوضي، ومسلم بن إبراهيم القعنبي، وأبي حذيفة موسى بن مسعود، ومحمد بن سليمان الأصبهاني، ويحيى ابن الحماني، وخليفة بن خياط، ويحيى بن معين، وسعيد بن محمد الجرمي، روى عنه علي بن سليم المقرىء، وإسحاق بن أبي حسان الأنماطي، وحمزة بن حسين السمسار، وأبو عيسى بن قطن] «8» .(71/24)
9544] أحمد بن إبراهيم، أبو سليمان الحرّاني «1»
قدم دمشق.
حكى عنه كعب بن عمرو بن جعفر الخنجري، قال: سمعت أحمد بن إبراهيم الحراني يقول: نمت في بعص المساجد بدمشق فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لي: يا أبا سليمان، لم إذا استفتحت الصلاة لا تبتدىء ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فإنّ بسم الله الرحمن الرحيم تسعة عشر حرفا تدع في كل استفتاحك مئة وتسعين حسنة. وإذا صلّيت عليّ في الكتاب لا تكتب «وسلم» تدع أربعين حسنة. قلت: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: لأن «وسلم» أربعة أحرف، لكلّ حرف عشر حسنات فتلك أربعون حسنة.
[9545] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر البيروتي المؤدّب
أنشد بمصر لإبراهيم الخواص «2» :
صبرت على بعض الأذى خوف كلّه ودافعت عن نفسي لنفسي فعزّت
وجرّعتها المكروه حتى تدرّبت ولو جرّعته جملة لاشمأزّت
ألا ربّ ذل ساق للنفس عزة ويا ربّ نفس بالتعزّز ذلّت
إذا ما مددت الكفّ ألتمس الغنى إلى غير من قال: اسألوني فشلّت
سأصبر نفسي إنّ في الصبر عزّة وأرضي بدنياي وإن هي قلّت
[9546] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر الصوفي الشيخ الصالح
حدث بدمشق.
روى عن أبي بكر محمد بن أحمد بن خروف بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان فليلبس الصوف»
[13890] .(71/25)
[9547] أحمد بن إبراهيم، أبو العباس الحلبي الصفّار
روى عن القاضي أبي الحسين محمد بن جعفر بن أبي الزبير المنبجي بحلب بسنده عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوّلكم ورودا على الحوض أوّلكم إسلاما: علي بن أبي طالب رضي الله عنه»
[13891] .
[9548] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر السّميرمي
وسميرم «1» : مدينة من أعمال أصبهان.
[سمع أبا عبد الله بن أبي حامد بأطرابلس روى عنه: أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الساوي] «2» .
حدث في جامع ميّافارقين «3» في المحرم سنة سبع وأربع مئة بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم»
[13892] .
[9549] أحمد بن الأزهر «4» بن منيع بن سليط أبو الأزهر العبدي «5» النيسابوري
سمع بدمشق وغيرها عن جماعة أعيان.
__________
[9548] ترجمته في معجم البلدان (سميرم) 3/257.
[9549] ترجمته في تهذيب الكمال 1/102 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/43 (5) (ط دار الفكر) وتاريخ بغداد 4/39 والجرح والتعديل 2/41 وتذكرة الحفاظ 2/545 وميزان الاعتدال 1/108 (345) (ط دار الفكر) ولسان الميزان 1/136 والبداية والنهاية 7/411 (ط دار الفكر) وشذرات الذهب 2/146 والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 1/192 وسير أعلام النبلاء 10/259 (2122) (ط دار الفكر) .(71/26)
روى عنه مسلم والبخاري وغيرهم. [روى عن: إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني، وآدم بن أبي إياس العسقلاني، وأسباط ابن محمد القرشي، وإسحاق بن سليمان الرازي، وإسحاق بن منصور السلولي، وإسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني، وأبي المنذر إسماعيل بن عمر الواسطي، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي، والجارود بن يزيد العامري النيسابوري، وأبي أسامة حماد بن أسامة، وروح بن عبادة. وزيد بن الحباب، وزيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي، وسعيد بن عامر الضبعي، وسليمان بن حرب، وسويد بن سعيد الحدثاني، والضحاك بن مخلد أبي عاصم النبيل. وعبد الله بن جعفر الرقي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري، وعبد الله بن ميمون القداح، وعبد الله بن نمير الهمداني، وأبي مسلم عبد الرحمن بن واقد الواقدي، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، وعبد العزيز بن خطاب الكوفي، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي، وأبي عامر عبد الملك بن عامر العقدي، وعلي بن عاصم الواسطي، وعمرو ابن عثمان الرقي، وقريش بن أنس البصري، ومالك بن سعير بن الخمس التميمي، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك، ومحمد بن بشر العبدي، ومحمد بن بلال البصري، ومحمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، ومحمد بن شرحبيل الأنباري، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، ومحمد بن عبيد الطنافسي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وأبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي، ومحمد بن كثير المصيصي، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومروان بن محمد الدمشقي، ومعلى بن منصور الرازي، وأبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، والهيثم بن جميل الأنطاكي، ووهب بن جرير بن حازم، ويحيى بن آدم، ويزيد بن أبي حكيم العدني، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، ويعلى بن عبيد الطنافسي، ويونس بن محمد المؤدب. روى عنه: النسائي، وابن ماجة، وإبراهيم بن أبي طالب، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأبو حامد ابن الشرقي، واسماعيل بن الفضل البلخي، وجعفر بن محمد بن موسى، والحسن بن محمد بن جابر، والحسن بن محمد بن الحسن بن صالح، وزيد بن عوف العامري، وعبد الله بن العباس الطيالسي، وعبد الله بن عبد الرحمن، وعبد الله بن محمد بن محمد بن الشرقي، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، والبخاري، ومحمد بن(71/27)
جرير الطبري، ومحمد بن رافع القشيري، ومحمد بن عبد الوهاب العبدي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومسلم بن الحجاج، وأبو حاتم مكي بن عبدان، وموسى بن العباس الجويني، وموسى بن هارون بن عبد الله الحافظ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرايني] «1» .
حدث أبو الأزهر بسنده عن جابر بن عبد الله.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قرأ الرَّحْمنُ
[سورة الرحمن، الآية: 1] على الناس سكتوا فلم يقولوا شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للجنّ كانوا أحسن جوابا منكم، لما قرأت عليهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ*
«2» قالوا: ولا بشيء من آلائك نكذب ربنا»
[13893] .
وحدث أبو الأزهر عن عبد الرزاق «3» بسنده عن ابن عباس.
أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عليّ فقال: «أنت سيدّ في الدنيا سيد في الآخرة، من أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد أبغضني، وبغيضي بغيض الله، والويللمن أبغضك بعدي» «4»
[13894] .
قال أبو الأزهر «5» :
كان عبد الرزاق يخرج إلى قرية له فذهبت خلفه، فرآني وأنا اشتد خلفه، فقال لي: يا أبا الأزهر، تعال، فاركب خلفي فحملني خلفه على البغل، ثم قال لي: ألا أخبرك حديثا غريبا؟ قلت: بلى. فحدثني الحديث. فلمّا رجعت إلى بغداد أنكر عليّ يحيى بن معين وهؤلاء فحلفت ألا أحدّث به حتى أتصدّق بدرهم.
قال أحمد بن يحيى بن زهير التّستري «6» :(71/28)
لما حدث أبو الأزهر النيسابوري بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل أخبر يحيى بن معين بذلك. فبينا هو عنده في جماعة أهل الحديث إذ قال يحيى بن معين: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث؟ فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أنا، فتبسم يحيى بن معين وقال: أما إنك لست بكذاب وتعجب من سلامته، وقال: الذنب لغيرك في هذا الحديث.
قال [ابن] «1» الشرقي «2» :
وبعض هذا الحديث سمعته من أبي الأزهر. وأبو الأزهر هذا كتب الحديث فأكثر، ومن أكثر لا بد أن يقع في حديثه الواحد والاثنان «3» والعشرة مما «4» ينكر.
وقال [ابن] «5» الشرقي «6» :
قيل لي وأنا أكتب الحديث في بلدي: لم لا ترحل إلى العراق؟ فقلت: وما أصنع بالعراق وعندنا من بنادرة «7» الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى الذهلي، وأبو الأزهر أحمد ابن «8» الأزهر، وأحمد بن يوسف السلمي فاستغنينا بهم عن أهل العراق.
قال ابن عدي «9» :
وأبو الأزهر هذا بصورة أهل الصدق عند الناس، وقد روى عنه الثقات من الناس. وأما(71/29)
هذا الحديث عن عبد الرزاق، فعبد الرزاق من أهل الصدق، وهو ينسب إلى التشيع، فلعله شبه عليه لأنه شيعي.
سئل أبو حامد بن الشرقي «1» عن حديث أبي الأزهر عن عبد الرزاق عن معمر في فضائل علي فقال أبو حامد:
هذا حديث باطل. والسبب فيه أن معمرا كان له ابن أخ رافضي، فكان معمر يمكّنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث. وكان معمر رجلا مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال والمراجعة فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر.
قال أبو الأزهر النيسابوري: أنكر عليّ يحيى بن معين حديث عبد الرزاق في فضل علي. فلما أخبرته بقصتي معه اعتذر إليّ غير مرة، وتعجّب من حسن ذلك الحديث.
قال مكي بن عبدان «2» : سألت مسلم بن الحجاج عن أبي الأزهر فقال: اكتبه عنه.
قال أبو الأزهر: كتب عني يحيى «3» بن يحيى «4» .
وقرئ بخط أبي عمرو المستملي قال «5» : سألت محمد بن يحيى عن أبي الأزهر فقال: أبو الأزهر من أهل الصدق والأمانة. نرى أن يكتب «6» عنه. قالها مرتين.
كان إبراهيم بن أبي طالب يقول «7» : رحم الله أبا الأزهر كان من أحسن مشايخنا حديثا.
قال أحمد بن سيار «8» في ذكر مشايخ نيسابور «9» :(71/30)
وأحمد بن الأزهر العبدي من مواليهم، كتب عن الناس، حسن الحديث.
مات في أول سنة إحدى وستين ومئتين «1» .
وقال الحسين بن محمد القباني «2» : توفي أبو الأزهر العبدي في سنة ثلاث وستين ومئتين.
[ولد بعد السبعين ومئة.
رأى سفيان بن عيينة، وما أدري لم لم يسمع منه.
قال النسائي والدارقطني: لا بأس به.
وقال أبو حاتم وصالح بن محمد: صدوق] «3» .
وقال أبو العباس بن عقدة: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف، حدثنا أحمد بن الأزهر، وسمعت محمد بن يحيى يثني عليه] «4» .
[قال أبو أحمد الحاكم: ما حدث من أصل كتابه فهو أصح. قال: وكان قد كبر فربما يلقن.
وقال الدارقطني: قد أخرج في الصحيح عن من هو دونه وشرّ منه. وقال ابن شاهين في الأفراد له: ثقة نبيل. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يخطئ.
وكان ابن خزيمة إذا حدث عنه قال: ثنا أبو الأزهر من أصل كتابه] «5» .
[قال ابن نعيم: فسمعت محمد بن حامد البزار يقول: سمعت مكي بن عبدان يقول:
سمعت أبا الأزهر يقول: خرج عبد الرزاق إلى قريته فبكرت إليه يوما حتى خشيت على نفسي من البكور، فوصلت إليه قبل أن يخرج الصلاة الصبح، فلما خرج رآني. فقال: كنت البارحة(71/31)
ها هنا، قلت: لا، ولكني خرجت في الليل، فأعجبه ذلك فلما فرغ من صلاة الصبح دعاني وقرأ علي هذا الحديث، وخصني به دون أصحابي] «1» .
[9550] أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن سلم أبو بكر الملحمي «2» الخزاعي القاضي البغدادي
سمع بدمشق وبغيرها.
[حدث عن محمد بن عبد الرحمن بن بجير الكلاعي، ومحمد بن عمرو بن خالد، والحسن بن خالد بن عبد السلام الصدفي، وأبي زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي المصريين، وعن أبي العباس الكديمي، والحسن بن علي ابن المتوكل، والحسن بن عليل العنزي، والحسين بن عبيد الله الأبزاري.
روى عنه أبو بكر بن سلم الختلي، وأبو الحسين ابن البواب المقرىء، وأحمد بن عبد الله بن جلّين «3» الدوري، وأبو حفص الكتاني] «4» .
قال الذهبي: [ما علمت به بأسا] «5» .
حدث عن محمد بن عبد الرحمن بن بجير الكلاعي بسنده عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من مات محرما مات ملبيا»
[13895] .
وحدث بسنده عن ابن عمر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة يدعو الله بعبد من عبيده فيوقفه بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله» . وتوفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
__________
[9550] ترجمته في تاريخ بغداد 4/34 وسير الأعلام 11/632 (2948) (ط دار الفكر) .(71/32)
[9551] أحمد بن إسحاق بن إبراهيم، أبو الطيب الرّبعي الدمشقي
حدث عن القاضي أبي القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني قال: كان لأبي إبراهيم المزني «1» رفيق معه في البيت يعرف بأبي عبد السلام، وكانا يتفقهان ويتعبدان جميعا، وكان لهما صديق من المصريين حسن العقل، حسن المذهب، متحرّ في تجارته، وكانت له دنيا عريضة، فكان يجهد أن يبرّهما بشيء فلا يقبلان منه، فاحتال عليهما يوما بحيلة، فحمل إليهما كيسا فيه ألف دينار ثم قال لهما: يا أخواي أنتما تعلمان أني لو شاطرتكما مالي كنت مسرورا بذلك، ولكن لست أطمع منكما في ذلك وهذه ألف دينار تقبلانها مني قرضا وتدفعانها إلى من شئتما، وإلّا فردّاها عليّ حتى أكون أن الذي أتّجر بها فما رزق الله فيها من ربح كان لكما، ويكون رأس المال لي فتكونان قد انتفعتما بلا مذلّة وانتفعت أنا بلا مضرّة، فقال أبو عبد السلام للمزني: يا أبا إبراهيم، قد لطف بنا صاحبنا، وما ينبغي أن نأبى عليه فقبضا منه الألف دينار. وكان لهما صديق يكنى أبا يعقوب، وكان أحد المتخلين «2» وكان مأواه السواحل، فبلغه ذلك فساءه فأخذ رقعة فكتب إليهما فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم. أسعدكما الله بما ينجيكما، وعصمكما مما يرديكما، وجعل الجنة مصيركما، وموعدكما، وأعطانا مثل ذلك بمنّه. أما بعد، فإنّ في علوّ ما أفل من الدنيا، وأفول ما علا منها لأولي الألباب بالثقة عن الفضول مزدجر، وفي حطم العتاة الجبارين معتبر، وما تغني الآيات والنذر إلّا لأولي الأفكار والنظر، ومسالمة البغاة إلى تقحم الشبهات مدعاة، والشبهة للقلوب مقساة، والقسوة أضرّ أدواء المحدثين وأنتج أسباب الضلالات، فلا تذهبا عما تعلمان فإنه من يزدد نشبا «3» يزدد تعبا، والأرض لله، يورثها من يشاء من عباده،(71/33)
وإنما هي على المؤمنين مطابق «1» وسجون، ما لمؤمن فيها فرح إلّا التردد فيما بين المطبقين والتنقل فيما بين السجنين. والسلام.
فلما قرأا كتابه علما ما نبههما له، وكانا لم يتّجرا في الألف دينار، ولم يمسّاها، فحملاها إليه وساءلاه أن يعفيهما فأعفاهما.
[9552] أحمد بن إسحاق بن صالح بن عطاء، أبو بكر الوزان
من أهل بغداد. سمع بدمشق وغيرها. [حدث عن مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، والربيع بن يحيى الأشناني، وقرة بن حبيب القنوي، وهريم بن عثمان، وخالد بن خداش، وعلي بن المديني، وسعد بن محمد الجرمي، وجندل بن والق وغيرهم. روى عنه محمد بن مخلد العطار، ومحمد بن عمرو الرزاز، وعبد الله بن إسحاق البغوي «2» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «3» :
[أحمد بن إسحاق بن صالح بن عطار الوزان الواسطي بسامرّا أبو بكر روى عن جندل بن والق وخالد بن خداش وسعيد الجرمي، كتبت عنه مع أبي وهو صدوق] «4» .
[قال الخطيب] :
[أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي حدثنا أحمد ابن إسحاق الوزان حدثنا مسلم بن إبراهيم أبا صدقة بن أبي المغيرة حدثنا سعيد الجريري عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال: إذا أنا مت فاجعلوا في آخر غسلي كافورا. وكفنوني في ثوبين وقميص، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل به ذلك] «5» .
__________
[9552] ترجمته في تاريخ بغداد 4/28 والوافي بالوفيات 6/242 والجرح والتعديل 1/1/41.(71/34)
حدث عن أمية بن بسطام بسنده عن جبير بن مطعم قال:
مرّ عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقصر رأسه قال: دخلت العمرة في الحج لا ضرورة.
وروى بسنده عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره»
[13896] .
سكن بسامراء. وكان صادقا.
وقال الدارقطني: لا بأس به.
ومات بسرّ من رأى في سنة إحدى وثمانين ومئتين. وقيل: في أول يوم من المحرم يوم سبت «1» .
[9553] أحمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد بن إسحاق ابن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى، أبو جعفر الحلبي
قاضي حلب.
قدم دمشق. وولي قضاء حلب في أيام سيف الدولة بن حمدان، وكان حنفي المذهب ويلقب بالجرد. حدث بحلب وببغداد.
روى عن علي بن أحمد الجرجاني بسنده عن قتادة عن أنس.
أن النبي صلى الله عليه وسلم تختم في يمينه
[13897] .
وروى أيضا بسنده عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«لا يؤمن العبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن العبد بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر»
[13898] .
قدم بغداد وحدث بها وبمصر ومات بدمشق [سنة خمس وسبعين وثلاثمائة] «2» .
__________
[9553] ترجمته في الجواهر المضيئة 1/60 والوافي بالوفيات 6/239.(71/35)
[9554] أحمد بن إسرائيل بن الحسين أبو جعفر الكاتب
كان يكتب للمعتز في خلافة أبيه «1» المتوكل، وقدم معهما دمشق. ثم استوزره المعتز «2» بعد ذلك، وكان ضابطا لأموره جزلا موصوفا بالذكاء. ثم نفاه المستعين «3» سنة ثمان وأربعين إلى حلب. وولى ديوان الخراج للمتوكل والمنتصر «4» . وكان ولي في أيام المستعين خراج أنطاكية.
قال أحمد بن إسرائيل:
صرت يوما إلى عبيد الله «5» بن يحيى بن خاقان، فلما صرت في صحن الدار رأيته مضطجعا على مصلّاه مولّيا ظهره باب مجلسه، فهممت بالرجوع، فقال لي الحاجب: ادخل فإنه منتبه، فلّما سمع حسّي جلس فقلت: حسبتك نائما! قال: لا، ولكني كنت مفكرا.
قلت: في ماذا أعزك الله؟! قال: فكرت في أمر الدنيا وصلاحها في هذا الوقت واستوائها ودرور الأموال وأمن السبل وعزّ الخلافة، فعلمت أنها أمكر وأنكر وأغدر من أن يدوم صفاؤها لأحد. قال: فدعوت له وانصرفت. فما مضت أربعون ليلة منذ ذلك اليوم حتى قتل المتوكل ونزل به من النفي ما نزل.
قال أبو الحسين محمد بن القواس قال:
ضرب أحمد بن إسرائيل وأبو نوح عيسى بن إبراهيم على باب العامة بالسياط كل
__________
[9554] انظر أخباره في تاريخ الطبري (الفهارس) وسير أعلام النبلاء 10/236 (2094) (ط دار الفكر) والوافي بالوفيات 6/243 والفخري لابن طباطبا ص 244 و 245 و 248 و 249. وفي الوافي بالوفيات: (الحسن) بدل الحسين.(71/36)
واحد منهما خمس مئة «1» ، وحملا إلى منزل محمد بن علي السرخسي فمات أحمد بن إسرائيل في الطريق سنة خمس وخمسين ومئتين، ومات عيسى بن إبراهيم في دار السرخسي.
[كان أحمد بن إسرائيل ذا مكانة رفيعة عند المعتز، وكان لا يسمع شيئا إلا حفظه، وكان إليه المنتهى في حساب الديوان.
نوه باسمه ابن الزيات وقدّمه، وقد باشر العمل في دولة الأمين، وطال عمره.
وقد أحدث رسوما وقواعد في الكتابة بقيت بعده، وترك ما قبلها، اختصر «تقدير خراج الممالك» في نصف طلحية، فكان لا يفارق خفّ ابن الزيات، فسأله الواثق يوما عن الأموال، فلم تكن الورقة معه، فخرج، فأملاه ابن إسرائيل عليه من حفظه] «2» .
[كتب «3» إليهما أبو علي البصير وهما في السجن:
من كان حبسكما أنساه عهدكما فلست عهدكما ما عشت بالناسي
وكيف يسلوكما من لم يجد عوضا مستخلفا عنكما من سائر الناس
إذا تذكرت أيامي التي سلفت قطعت في إثرها نفسي بأنفاسي
أيام آوي إلى طود ومنعته أركانه بكما، عالي الذرى راس
أشكو إلي الله ليلا بت أسهره كأن أنجمه شدت بأمراس
وقرحة في سواد الليل ليس لها إلّا تجدد تلك الحال من آس]
[9555] أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن عاصم أبو جعفر- وقيل: أبو بكر- الصّدفي «4» المصري العطار الحافظ
دخل دمشق وسمع بها.(71/37)
حدث عن عمران بن الخطاب بن مسافر التّنّيسي بسنده عن عبد الله بن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء، ثم يرجع في فيه فيأكله»
[13899] .
وحدث عن روح بن الفرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:
سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة لوقتها، وبرّ الوالدين، والجهاد في سبيل الله» ، ولو استزدته لزادني
[13900] . توفي ليلة الأربعاء لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة.
[9556] أحمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله ابن أبي البختري وهب بن وهب
ويقال: ابن إسماعيل بن محمد بن أبي البختري وهب بن وهب، أبو علي القرشي الصّيداوي.
حدث عن أبيه بسنده عن أبي الدّرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«سيّد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم»
[13901] .
[9557] أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عبّاد بن عبد الله ابن حسان بن عبد الله بن مغفّل، أبو العباس المغفّلي المزني
من أهل البصرة، قدم دمشق، وحدث بها وببغداد ومصر عن جماعة.
[سمع عبد الأعلى بن حماد النرسي، والصلت بن مسعود الجحدري، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبا إبراهيم الترجماني، وسريج بن يونس، وعبيد الله القواريري، وعثمان ابن أبي شيبة، وإبراهيم بن سعد الجوهري.
روى عنه: أحمد بن سلمان النجاد، وأبو طالب بن البهلول، وغيرهما.
أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن الحسين الخفاف، حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي، حدثنا أبو العباس أحمد بن أصرم المغفلي المزني
__________
[9557] ترجمته في تاريخ بغداد 4/44 والجرح والتعديل 1/1/42.(71/38)
حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا عمرو بن الوليد قال: سمعت معاوية بن يحيى يحدث عن يزيد بن جابر عن جبير بن نفير عن عياض بن غنم الأشعري قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تزوجوا عجوزا ولا عاقرا فإني مكاثر بكم» .
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبان الهيثمي حدثنا أحمد بن سلمان النجاد، حدثنا أبو العباس أحمد بن أصرم المزني، حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام قال:
سمعت سفيان الثوري يقول: كان يقال سمّي المال لأنه يميل.
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الختلي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال:
وأحمد بن أصرم أبو العباس المزني رجل ثقة، كتبنا عنه، وأبو بكر المروزي يرضاه، ومن رضيه المروزي فحسبك به.
أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى البزاز حدثنا أبو الفضل صالح بن أحمد الحافظ قال: أحمد بن أصرم المزني أبو العباس، كان ثبتا سنيا شديدا على أصحاب البدع.
أخبرنا الصوري أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي، حدثنا ابن مسرور حدثنا أبو سعيد بن يونس قال: أحمد بن أصرم بن خزيمة من ولد عبد الله بن مغفل المزني يكنى أبا العباس بصري قدم مصر وكتب عنه وخرج عنها] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله بن حسان بن عبد الله بن مغفل روى عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، كتبت عنه مع أبي. حدثنا عبد الرحمن قال:
سمعت موسى ابن إسحاق القاضي يعظم شأنه ويرفع منزلته] «3» .
حدث عن أبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الترجماني بسنده عن عمران بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب»
[13902] .(71/39)
وحدث بسنده عن ابن عمر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«كل أمة بعضها في النار وبعضها في الجنة إلّا هذه الأمة فإنها كلها في الجنة»
[13903] .
خرج من مصر وتوفي بدمشق في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين ومئتين «1» .
[9558] أحمد بن أصرم بن طاهر بن محفوظ أبو حامد السّجستاني «2»
سمع بدمشق وبالبصرة.
روى أبو حامد أحمد بن أصرم بن طاهر السّجزي «3» بمكة بسنده عن أبي بكر بن دريد قال: لا تحتقر عالما وإن قصرت ألحاظه في عيون رامقه «4»
وانظر إليه بعين ذي أدب مهذّب الرأي في طرائفه
فالمسك بينا تراه ممتهنا في يد عطّاره وساحقه
حتّى تراه بعارضي ملك أو موضع التّاج من مفارقه
[9559] أحمد بن أنس بن مالك، أبو الحسن الدمشقي المقرىء
روى عن جماعة. وروى عنه جماعة.
وقرأ القرآن بحرف ابن عامر على ابن ذكوان. وكان ثقة.
[قال أبو أحمد الحاكم] «5» : [أبو الحسن أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي. سمع أبا
__________
[9559] ترجمته في الأسامي والكنى للحاكم 3/364 رقم 1525 وتذكرة الحفاظ 2/656 له ذكر في سير الأعلام (ط دار الفكر) .(71/40)
سلمة إسحاق بن سعيد بن الأركون الدمشقي. كناه ونسبه لي أبو يعقوب إسحاق بن يعقوب الوراق الدمشقي] «1» .
حدث عن عمرو بن محمد بن الغاز الجرشي بسنده عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا هام ولا صفر «2» ولا عدوى»
[13904] .
توفي سنة تسع وتسعين ومئتين «3» .(71/41)
من اسم أبيه على حرف الباء [من الأحمدين]
[9560] أحمد بن بحر اللّخمي
حدّث عن منبه بن عثمان «1» بسنده عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من أكل سبع تمرات عجوة من تمر العالية «2» حين يصبح لم يضرّه سحر، ولا سم حتى يمسي»
[13905] .
[9561] أحمد بن بشر بن حبيب بن زيد أبو عبد الله الصوري «3» التميمي المؤدب «4»
قدم دمشق وحدث بها عن جماعة. وحدث عنه جماعة.
حدث عن محمد بن يحيى التميمي بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما رزق عبد أربعا فحرم أربعا: لم يرزق الدعاء فيحرم الإجابة لأن الله تعالى يقول ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
[سورة المؤمن، الآية: 60] ولم يرزق التوبة فيحرم القبول وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ
[سورة الشورى، الآية: 25] ولم يرزق الشكر فيحرم المزيد وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ
[سورة إبراهيم، الآية: 7] ولم يرزق الاستغفار فيحرم المغفرة وذلك أن الله تعالى يقول:(71/42)
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً
» [سورة نوح، الآية: 10]
[13906] .
وحدث عن عبد الحميد بن بكار البيروتي «1» بسنده عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن كانت كاملة، وإلّا زيد عليها من تطوّعه ثم سائر الأعمال على مثال ذلك»
[13907] .
[9562] أحمد بن بشر بن عبد الوهّاب بن بشر أبو طاهر- ويقال: أبو طالب، ويقال: أبو طالوت
من أهل دمشق. حدث وحدث عنه.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] : «2» [أحمد بن بشر بن عبد الوهاب الحمصي، أبو طاهر، روى عن أبيه، وعن دحيم، ومحمد بن أبي مسهر، كتب عنه أبي بحمص وبالرقة] «3» .
حدث عن سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل «4» بسنده عن النّواس بن سمعان الكلابي «5» قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يأجوج ومأجوج فقال:
«يستوقد المسلمون من جعابهم «6» ونشّابهم وقسيّهم سبع سنين» .
وحدث عن أبي شاهر محمد بن جابر بن وهب بن شاهر بن أمية العنزي «7» بسنده عن عبادة «8» بن الأشيب قال: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت، وكتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فيه «9» :
__________
[9562] ترجمته في الجرح والتعديل 1/1/43 وتاريخ بغداد 4/52.(71/43)
«بسم الله الرحمن الرحيم، من نبيّ الله لعبادة بن الأشيب العنزي:
إني أمّرتك على قومك وحاشيتهم ممن يجري عليه عملك ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة. فمن سمع بكتابي هذا ممن جرى عليه عملك وعمل بني أبيك فلم يطيعوا فليس لهم من الله معين» «1»
[13908] .
قال: فجئت إلى قومي فأسلموا.
[أحمد بن بشر بن عبد الوهاب، أبو طاهر الدمشقي.
قدم بغداد وحدث بها عن هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وأبي نعيم الضبي، وأحمد بن عمرو بن السرح، ومحمد ابن صدقة الجيلاني وغيرهم.
روى عنه: يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن عبد الملك التاريخي، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد العطار، ومحمد بن عمرو الرزاز.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي قال: وجدت في كتاب جدي بخط يده: حدثنا أحمد بن بشر بن عبد الوهاب أبو الطاهر الدمشقي، حدثني محمد بن صدقة الجيلاني، حدثنا ابن حميد، حدثني الأوزاعي عن يعيش بن الوليد بن هشام عن رجاء بن حيوة قال: دخل معاوية بن أبي سفيان على أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد ورأسه ينطف الماء. قال: ألا أراه يصلي هكذا؟ قالت: نعم.
وهو الثوب الذي كان فيه ما كان.
أخبرنا علي بن محمد بن الحسين الدقاق قال: قرأنا على الحسين بن هارون عن ابن سعيد قال: محمد بن بشر بن عبد الوهاب الدمشقي، أبو الطاهر، سمع سليمان بنعبد الرحمن، وأباه، وهشام بن عمار، وهذه الطبقة.
سمعت عبد الله بن أحمد يثني عليه، ويوثقه.
هكذا سماه ابن سعيد: محمدا، وإنما هو أحمد] «2» .(71/44)
من اسم أبيه على حرف التاء [من الأحمدين]
[9563] أحمد بن تبوك بن خالد بن يزيد بن عبد الله ابن يزيد بن تميم بن حجر أبو الميمون السلمي مولى نصر بن الحجاج بن علاط
حدث عن هشام بن محمد بن السائب بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن في حديث الأولين عجبا: حدثني حاضني أبو كبشة «1» عن مشيخة خزاعة أنهم أرادوا دفن سلول «2» بن أبي حبشية، وكان سيدا معظما شريفا، فأتوا مقبرتهم فحفروا له، فوقعوا على باب مغلق ففتحوه، فإذا فيه سرير وعليه رجل عليه حلل عدة وعند رأسه كتاب فيه:
أنا أبو شمر ذو النون، مأوى المساكين، ومستعاذ الغارمين، ورأس مثابة المستصرخين. أخذني الموت غصبا، وأورثني بقوته أرضا، وقد أعيا الملوك الجبابرة والأبالجة والقساورة «3» .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وكان ذو النون سيف بن ذي يزن» «4»
[13909] .(71/45)
من اسم أبيه على حرف الثاء [من الأحمدين]
[9564] أحمد بن ثابت بن عتّاب- ويقال غيّاث وعراب- أبو يحيى الرازي الناهكي الحافظ المعروف بفرخويه
حدث بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لو جيء بالسماوات والأرض وما فيهن وما تحتهن، فوضعن في كفة الميزان، ووضعت شهادة أن لا إله إلّا الله في كفته الأخرى رجحت بهن»
[13910] .
وحدث عن العلاء بن هلال الرّقي بسنده عن عائشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من قلّم أظافره يوم الجمعة وقي من السؤال مثلها»
[13911] .
قال أبو العباس الطّهراني «1» :
كانوا لا يشكّون أن فرخويه كذاب.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[أحمد بن ثابت بن عتاب الرازي المعروف بفرخويه، روى عن عبد الرزاق وعمرو بن عثمان الرقي وعفان والنضر بن محمد الجرشي، سمع منه أبي] «3» .
__________
[9564] ترجمته في الجرح والتعديل 1/1/44 وميزان الاعتدال 1/113 (371) (ط دار الفكر) والمغني في الضعفاء 1/35 وفيه فراخويه.(71/46)
[قال الذهبي] «1» :
[أحمد بن ثابت بن عتاب الرازي، فرخويه. عن عبد الرزاق، وله عن عفان والنضر بن محمد أيضا] «2» .
[9565] [أحمد بن ثعلبة الدمشقي
روى عن أبي معاوية الأسود.
روى عنه أحمد بن أبي الحواري] .
[9566] أحمد بن ثعلبة العاملي
قال أحمد بن ثعلبة: سمعت بشر بن السكن يقول: حدثنا يعلى بن عبيد قال:
مما وجد في الكتب: أيحسب من إذا جنّه الليل انجدل أن أجعله كمن هو ساجد بالليل وقائم؟
وحدث أحمد بن ثعلبة قال:
سئل وكيع بن الجراح عن قتال العدو مع الإمام الحائر قال: إن كان جائرا وهو يعمل في الغزو بما يحق عليه فقاتل معه. وإن كان يرتشي منهم ويهادنهم فقاتل على حيالك «3» .
وحدث قال: وقال أبو معاوية الأسود:
في قول الله عز وجل تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً
[سورة القصص، الآية: 83] قال: لا تجزع من ذلها ولا تنافس في عزّها. قال أحمد بن ثعلبة العاملي «4» : سمعت سلما «5» الخواص يقول:
__________
[9565] ترجمته بتمامها استدركت عن الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/1/44.
[9566] لعله هو نفسه المستدرك عن الجرح والتعديل، ذكر في سير أعلام النبلاء 8/179 في ترجمة سلم الخواص قال: روى عنه: أحمد بن ثعلبة. وحلية الأولياء 8/279 في ترجمة (سالم) الخواص.(71/47)
كنت أقرأ القرآن فلا أجد له حلاوة، فقلت لنفسي: [اقرئيه كأنك سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت حلاوة قليلة. فقلت لنفسي] «1» اقرئيه كأنّك سمعتيه «2» من جبريل حين يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فازدادت الحلاوة. قال: ثم قلت لها: اقرئيه كأنّك سمعتيه «3» منه حين تكلّم به، فجاءت الحلاوة كلها.(71/48)
من اسم أبيه على حرف الجيم [من الأحمدين]
[9567] أحمد بن الجحاف، أبو بكر الأزدي «1» النّشويّ
سمع بدمشق وغيرها:
[أبا الدحداح، وأبا السري محمد بن داود بن نبوس ببعلبك، وأبا جعفر محمد بن حسين ابن يزيد، وأبا عبيد الله محمد بن علي بن يزيد بن هارون بكفرتوثا «2» ، وأبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي شيخ الواقفي بحران، وأبا العباس بن وشا بتنيس وغيرهم.
روى عنه أبو العباس أحمد بن الحسين بن نبهان النشوي الصفار، وعلي ومحمد ابنا الحاج المريدان، وأبو الحسن عبد الله وأبو صالح شعيب ابنا صالح، ومحمد بن أحمد بن كردان وأبو الفتح صالح بن أحمد المقري وأبو عبد الله محمد بن موسى المقرى الآذريون] «3» .
حدث عن أبي الدحداح «4» بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
__________
[9567] ترجمته في معجم البلدان: نشوى، 5/287 وتحرفت فيه «الجحاف» إلى الحجاف.(71/49)
«لا يجد الشهيد مسّ القبر إلّا كما يجد أحدكم مسّ القرصة» .
كذا روي في هذا السند. والمحفوظ: مسّ القتل لا القبر.
وذكره الحافظ على هذا النص من طريق آخر.
[9568] أحمد بن جعفر بن أحمد بن حمكان أبو العباس القصوري الكيلي
قدم دمشق وحدث بها. حدث عن أبي بكر محمد بن عيسى بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«المدينة قبّة الإسلام، ودار الإيمان، وأرض الهجرة، ومثوى الحلال والحرام»
[13912] .
[9569] أحمد بن جعفر بن الحسن، أبو بكر البلدي «1» الواعظ
حدث بدمشق عن جماعة.
روى عن أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي بسنده عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء»
[13913] .
توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة. ودفن بباب الصغير.
[9570] أحمد بن جعفر بن حمدان، أبو الحسن الطرسوسي
حدث بصيدا من ساحل دمشق.
روى عن أبي محمد عبد الله بن جابر بن عبد الله البزاز بسنده عن أبي جحيفة قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلّم:
«لا آكل وأنا متكىء»
[13914] .(71/50)
وورد في حديث آخر: «أما أنا فلا آكل متكئا»
[13915] .
[9571] أحمد بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم ابن الرشيد هارون بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور ابن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو العباس الهاشمي الملقب بالمعتمد على الله
بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومئتين «1» .
وكان قدم دمشق مع أبيه جعفر المتوكل.
ولي الخلافة بعد المهتدي بالله «2» .
وكان مولده بسرّ من رأى سنة تسع وعشرين ومئتين «3» في يوم الثلاثاء لثمان بقين من المحرم.
وأمه أم ولد يقال لها فتيان، رومية، لم تدرك خلافته.
وبويع له بسرّ من رأى في يوم الثلاثاء المذكور.
وبويع له ببغداد يوم الأربعاء الغد من يوم بيعته بسرّ من رأى.
وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة ويومين «4» .
وتوفي فجأة ببغداد «5» يوم الأحد لثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين
__________
[9571] ترجمته في تاريخ بغداد 4/60 وتاريخ الطبري والكامل لابن الأثير 10/368 (2175) (ط دار الفكر) وتاريخ الخلفاء ص 363 والبداية والنهاية والوافي بالوفيات 6/292 وسير أعلام النبلاء وشذرات الذهب 2/173.(71/51)
ومئتين، وحمل إلى سرّ من رأى فدفن بها وله من السن خمسون سنة وستة أشهر وستة وعشرون يوما.
وكان مربوعا، أسمر، نحيف الجسم، حسن العينين، مدور الوجه، على جبهته أثر جدري. فلما ولي الخلافة عبل «1» وكثر لحمه واتسع الشيب في رأسه ولحيته.
وقيل: مات المعتمد يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقين من رجب سنة سبع وسبعين ومئتين. وقيل: توفي في صفر سنة ثمان وسبعين ومئتين. وبويع أبو العباس المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد الموفق بالله «2» .
[9572] أحمد بن جعفر بن محمد بن علي، أبو الحسن البغدادي الصّيدلاني
قدم دمشق [قال أبو بكر الخطيب] :
[حدث «3» بدمشق عن محمد بن سليمان الباغندي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسين بن عبد الله الأبزاري، والحسن بن علي المعمري، وأبي العباس الأبار.
روى عنه أبو محمد بن أبي نصر وغيره. كتب إلي عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أن أبا الحسن أحمد بن جعفر الصيدلاني البغدادي أخبرهم بدمشق في المحرم سنة إحدى وثلاثين وأربعمئة قال: حدثنا الحسين بن عبيد- المعروف بمنقار- وأخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر اليزدي بأصبهان- قراءة- حدثنا أحمد بن محمد بن موسى الملحمي، أخبرنا الحسن بن عثمان التستري قالا: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثني المأمون حدثني الرشيد حدثني المهدي قال: دخل عليّ سفيان الثوري، فقلت: حدثني بأفضل فضيلة عندك لعلي، فقال: حدثني سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي» ] .
__________
[9572] ترجمته في تاريخ بغداد 4/70 والصيدلاني بفتح الصاد المهملة وسكون الباء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الدال المهملة. هذه النسبة لمن يبيع الأدوية والعقاقير.(71/52)
وحدث بها سنة أربع وأربعين وثلاث مئة عن أبي شعيب عبد الله بن الحسن الحراني بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من يأخذ عني هؤلاء الكلمات أو يعلّمهن أو يعمل بهن» ؟ قال: قلت: أنا يا رسول الله. قال: «فأخذ بيدي فعقد خمسا» . قال: «اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحبّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر من الضحك فإنّ كثرة الضحك تميت القلب»
[13916] .
توفي في ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين «1» وثلاث مئة.
[9573] أحمد بن جعفر، أبو العباس الفرغاني «2» المعروف بغياث
حدث عن جماعة بدمشق. روى عن منصور بن إسماعيل المصري «3» الفقيه قال: سمعت محمد بن عبد الله «4» ابن عبد الحكم يقول:
كنت جالسا عند الشافعي فأقبل المزني «5» فقال الشافعي: لو ناظر هذا الغلام الشيطان قطعه.
[9574] أحمد بن جعفر، أبو جعفر الهلالي الزاهد
من أهل أعمال صرخد «6» .(71/53)
ذكر أبو أحمد عبد الله بن بكر الطبراني نزيل الأكواخ «1» ببانياس قال:
أحمد بن جعفر الهلالي كان يقيم بالمحرس «2» يعني محرس الحوارنة بعكا وقتا، وببلده وقتا.
وذكر أبو عبد الله القفاف قال: قال لي أحمد الهلالي:
أريد أمرّ مع الناس إلى البلد، والإلف يجترني فقلت: ماذا؟ الإلف؟! فقال: إلف «3» الخلوة. وقال: إنما آوي في القرية في بيت داخل بيت. فإذا مللت خرجت في الغلس «4» إلى المغار ورحت مع العتمة. فإذا كانت لي حاجة خارج الدار تسورت فيها من الحائط حتى لا يلقاني أحد في باب الدار ولا أمرّ في زقاق فيلقاني أحد. فهذا دأب نفسي في القرية.
قال أحمد الهلالي:
قدمت إلى هنا، يعني عكا وما أدري ما الهوى ثم علمته. قلت له: ما الهوى؟ فقال:
حب الكلام، وحب الجلوس مع الناس، وحب الشبع، وحب النوم، وحب اللباس «5» .
قال أبو عبد الله:
ولم أر قط أشد تيقّظا وانتباها من أحمد الهلالي، وإذا كلّم إنسانا يكاد لا يسمعه، وإذا تنحنح كأنه مطلوب، ولم أسمع له قط صوتا مرتفعا.
قال: وقال لي أحمد الهلالي:
ربما جاءني الفكر فأستوحي منه، فإذا ذهب عني بلت ما يشبه الدم، ويخرج مني من أسفل شيء شديد الحرارة وتجري منخراي بمثل الدم.
وقال: لا يكاد يجيء الفكر في الضوء ونعم المعين عليه الخلوة في الظلام، فقلت له:(71/54)
أيّما أحب إليك: الفكر أو الصلاة؟ قال: أجلس أتفكر أحبّ إليّ من الصلاة بقلب مذبذب.
قلت: فما تطيق أن تجمع بين الفكر والصلاة، فقال: من لي بهذا وإني مجتهد فيه.
وقال أحمد:
علامة الخائف في قلبه بأنه أصفر منحوف «1»
ليس كمن كانت له جثة كأنّه للذّبح معلوف «2»
[9575] أحمد بن جواد بن قطن بن كثير بن سويد ابن جعفر التميمي النيسابوري الكبيري
رحل إلى الشام والعراق وسمع جماعة. حدث عن محمد بن خالد بسنده عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
فرض الجد مع ابنه وأبيه السدس.
وكان عمران لا يفرض له مع ابنه إلّا السدس.
وكان كثير الحديث والرحلة. وتوفي سنة ستين ومئتين.(71/55)
من اسم أبيه على حرف الحاء [من الأحمدين]
[9576] أحمد بن حبيب بن عبد الملك ابن حبيب أخو أبي علي
حدث عن أبي علي بشر بن موسى بن صالح «1» بسنده عن عمر بن الخطاب أنه قال لأصحابه:
تمنّوا، فقال بعضهم: أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله، ثم قال: تمنّوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وزبر جدا «2» وجوهرا فأنفقه في سبيل الله وأتصدق به. فقال عمر: تمنّوا، فقالوا: ما ندري ما نتمنى يا أمير المؤمنين، فقال عمر: أنا أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان- أحسب أنه قال: أستعين بهم على أمور المسلمين.
وحدث بسنده عن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اتخذ مغفرا «3» ليجاهد به في سبيل الله غفر الله له. ومن اتخذ بيضة «4» بيّض الله
__________
[9576] أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الحصائري، مفتي دمشق، ترجمته في سير أعلام النبلاء 12/59 (3053) (ط دار الفكر) .(71/56)
وجهه يوم القيامة، ومن اتخذ درعا كان له سترا من النار يوم القيامة»
[13917] .
[9577] أحمد بن حجيل بن يونس، أبو عبد الله الغوثي «1»
حدث عن إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبّه الصّنعاني «2» عن عبد الصمد بن معقل قال: سمعت عمي وهب بن منبه يقول:
أتى جبريل النبيّ يوسف عليه السلام بالبشرى وهو في السجن قال: هل تعرفني أيها الصّدّيق؟ قال: أرى صورة طاهرة وروحا طيبا لا يشبه أرواح الخطّائين، قال: فإني رسول رب العالمين وأنا الروح الأمين. قال: فما أدخلك مدخل المذنبين وأنت أطيب الطيبين ورأس المقربين وأمين رب العالمين؟ قال: ألم تعلم يا يوسف أن الله يطهر البيوت بطهر النبيين، وأن الأرض التي يدخلونها أطهر الأرضين، وأن الله تعالى قد طهّر بك السجن وما حوله، يا طهر الطاهرين ويا بن المتطهّرين، وإنما يتطهر بفضل طهرك وطهر آبائك الصالحين المخلصين.
قال: كيف تسميني بأسماء الصدّيقين وتعدّني مع المخلصين وقد أدخلت مدخل المذنبين وسميت بالضالين المفسدين؟ قال: لم يغير قلبك الحزن، ولم يدنس حريتك الرقّ، ولم تطع سيّدك في معصية ربك، ولذلك سماك الله بأسماء الصّدّيقين، وعدّك مع المخلصين، وألحقك بآبائك الصالحين. قال: هل لك علم بيعقوب أيها الروح الأمين؟ قال: نعم وهب الله له الصبر الجميل، وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم. قال: فماذا قدر حزنه؟ قال سبعون ثكلى. قال: فماذا له من الأجر يا جبريل؟ قال: قدر أجر مئة شهيد.
[9578] أحمد بن حسن بن أحمد بن خميس بن أحمد ابن الحسين بن موسى، أبو بكر السلماني القاضي
قدم دمشق سنة ثمان وعشرين وأربع مئة حاجّا. وحدث عن جماعة.
__________
[9578] قوله: حسن وفي بغية الطلب 2/617 حريز. والسلماني: بفتح السين المهملة وسكون اللام، قاله محمد بن حبيب بإسكان اللام، وأصحاب الحديث يحركون اللام. هذه النسبة إلى: سلمان، وسلمان حي من مراد، ويقال:
سلمان في قضاعة (الأنساب) وفي بغية الطلب نقلا عن ابن عساكر: السلماسي.(71/57)
وحدث «1» عن أبي علي الحسين «2» بن محمد بن يوسف اللحياني، وأبي القاسم الطيب بن يمن، وعيسى بن سليمان الفقيه، ويوسف بن الحسين، وعبد الله بن محمد بن حبابة، وأبي حفص بن شاهين، وأبي بكر بن شاذان، وأبي بكر بن إسماعيل الوراق، وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، وأحمد بن طالب بن عثمان بن محمد، وأبي محمد كوهي بن الحسن بن يوسف وغيرهم.
روى عنه: أبو الحسن بن أبي الحديد، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وأبو القاسم عمر بن أحمد بن عمر الآمدي.
حدث عن أبي علي الحسن بن أحمد بن يوسف اللّحياني بسنده عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«كلّ مسكر حرام»
[13918] .
[9579] أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان ابن سعيد بن القاسم أبو بكر- ويقال: أبو العباس- الغساني المعروف بابن الطّيّان الدمشقي
حدث عن جماعة. وحدث عنه جماعة.
حدث في سلخ صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة عن أبي عبد الله أحمد بن عطاء الرّوذباري «3» بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من قرأ يس
في ليلة ابتغاء وجه الله عز وجل غفر له»
[13919] .
وحدث بسنده عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من جعل يس
أمام حاجة قضيت له»
[13920] .
__________
[9579] له ذكر في ترجمة أحمد بن عطاء الروذباري.(71/58)
[9580] أحمد بن الحسن بن أحمد أبو العباس الشاهد، المعروف بابن الوراق
حدث عن أبي القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب بسنده عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلّم تسليمتين
[13921] .
مات يوم الاثنين الثالث عشر من صفر سنة أربع عشرة وأربع مئة.
[9581] أحمد بن الحسن بن جنيدب أبو الحسن التّرمذي الحافظ
رحّال، طوّف الشام ومصر والعراق واجتاز بدمشق.
سمع بمصر وبالشام وبالعراق.
وروى عنه البخاري في صحيحه وأبو عيسى الترمذي في جامعه وجماعة.
[روى عن أحمد بن محمد بن حنبل، وآدم بن أبي إياس العسقلاني، والأسود بن عامر شاذان، وأصبغ بن الفرج المصري، وحجاج ابن إبراهيم الأزرق، وحجاج بن نصير الفساطيطي، والحسن بن بشر البجلي، والحسن بن الربيع البوراني، والربيع بن روح المصري، وأبي توبة الربيع بن نافع الحلبي، وسعيد بن الحاكم بن أبي مريم المصري، وسعيد بن كثير بن عفير المصري، وسليمان بن داود الهاشمي، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، والضحاك بن مخلد، أبي عاصم النبيل الميصري، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، وعبد الله بن نافع الصائغ المدني، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي، وعبيد الله بن موسى العبسي الكوفي، وعلي بن عياش الحمصي، وعمرو بن عاصم الكلابي، وأبي نعيم الفضل بن دكين الملائي، وقيس بن حفص الدارمي، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وأبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي، ومحمد بن عرعرة بن البرند السامي البصري، ومحمد بن عيسى الطباع، ومحمد بن الفضل السدوسي، عارم، ومحمد بن مصعب القرقساني، ومحمد بن
__________
[9581] ترجمته في تهذيب الكمال 1/127 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/55 (28) (ط دار الفكر) وتذكره الحفاظ 2/536 والجرح والتعديل 1/1/47 والأنساب، والوافي بالوفيات 6/319 والأسامي والكنى للحاكم 3/363 رقم 1523. وجنيدب بالتصغير، تصغير جندب، والجندب: الجراد.(71/59)
موسى بن بزيع، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومعقل بن مالك الباهلي، ومعلى بن أسد العمي، وأبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي، ونعيم بن حماد الخزاعي، وأبي النضر هاشم ابن القاسم، ووضاح بن يحيى النهشلي، ويحيى بن سليمان الجعفي، ويحيى بن صالح الوحاظي، ويزيد بن عبد ربه الحمصي، ويعلى بن عبيد الطنافسي.
وروى عنه إبراهيم بن أبي طالب، وأحمد بن علي بن المسلم الأبار، وأحمد بن محمد ابن شوذب، وإسحاق بن أحمد الفارسي، وجعفر بن أحمد بن نصر، وجعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض، وعبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي، وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن إدريس أبو حاتم الرازي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي، وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري، وأبو رجاء محمد بن حمدويه المروزي، ومحمد بن الليث بن حفص المروزي، ومحمد بن المنذر بن عبد العزيز، ومحمد بن النضر الجارودي، ومحمد بن يحيى بن خلاد] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[أحمد بن الحسن الترمذي، روى عن أبي عاصم وغيره، وسمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وقد كتبنا عنه، حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: يعد في الترمذيين، حدثنا عبد الرحمن قال: سئل أبي عنه، فقال: صدوق] «3» .
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله: كتب إليّ أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثني أبو أحمد الحسين بن محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي بنيسابور، وكان أحد أوعية العلم] «4» .
حدث عن أحمد بن محمد بن حنبل بسنده عن بريدة قال:(71/60)
غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ست عشرة غزوة «1»
[13922] .
وحدث عن موسى بن إسماعيل بسنده عن موسى بن أنس بن مالك قال:
خطب الأشعري- يعني أبا موسى- إلى أنس رضي الله عنهما بعض بناته فقال:
أخطب إليك، وقد عرفت أن النساء يباعدن بين القريب ويقربن بين البعيد. ورد نيسابور سنة إحدى وأربعين ومئتين. وحدث في ميدان الحسين، ثم حج وانصرف إلى نيسابور وأقام بها سنة يحدّث، فكتب عنه كافة المشايخ وسألوه عن علل الحديث والجرح والتعديل «2» .
[وذكره ابن حبان في الثقات] «3» . [قال الذهبي «4» : لم يظفر له بتاريخ وفاة «5» . وله رحلة شاسعة، وباع أطول في الحديث] .
[9582] أحمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد أبو نصر الحافظ الشيرازي المعروف باللبّاد
قدم دمشق سنة أربع وأربعين وأربع مئة. وسمع وأسمع وسكن مصر. وكان ينتقي على شيوخها.
حدث بمكة في المسجد الحرام عن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة الضبي الأصبهاني بأصبهان بسنده عن جابر بن عبد الله قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إن أبي أخذ مالي، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم للرجل: «فأتني بأبيك» ، فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: إن الله عز وجل(71/61)
يقرئك السلام ويقول لك إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه. فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلّم: «ما بال ابنك يشكوك أتريد أن تأخذ ماله؟» فقال: سله يا رسول الله هل أنفقه إلّا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إيه دعنا من هذا، أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك؟» فقال الشيخ: يا رسول الله، ما يزال الله تعالى يزيدنا بك يقينا لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي، فقال: قل وأنا أستمع. قال: قلت «1» :
غذوتك مولودا ومنتك «2» يافعا تعلّ بما أجني «3» عليك وتنهل «4»
إذا ليلة ضاقتك بالسّقم لم أبت لسقمك إلا ساهرا أتململ «5»
كأنّي أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيناي تهمل
تخاف الرّدى نفسي عليك وإنّها «6» لتعلم أنّ الموت وقت مؤجّل «7»
فلّما بلغت السنّ والغاية «8» التي إليها مدى ما فيك كنت أؤمّل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنّك أنت المنعم المتفضّل «9»(71/62)
فليتك إذ لم ترع حقّ أبوّتي فعلت كما الجار المجاور يفعل «1»
قال: فحينئذ أخذ النبي صلى الله عليه وسلّم بتلابيب ابنه وقال: «أنت ومالك لأبيك»
[13923] . حدث الفقيه سليم «2» أنّ أبا نصر اللبّاد الشيرازي قدم صور وجاءه، وأراد أن يخرج للفقيه فوائد فلم يفعل وقرىء عليه حديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن اختناث «3» الأسقية، فقال: اجتناب الأسقية، فجعل كلما قيل له في ذلك يدفع ويقول: الصواب اجتناب، أو كما قال.
[قال ابن العديم في بغية الطلب] :
[دخل الشام وجال في أقطارها وسواحلها، واجتاز بحلب أو ببعض أعمالها، في طريقه ما بين الجزيرة وأطرابلس الشام.
ذكر أبو سعد السمعاني قال:
أحمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد الشيرازي الواعظ من أهل شيراز سكن ديار مصر، والاسكندرية، وكان حافظا فاضلا عارفا بطرق الحديث، رحل عن بلده وسافر إلى العراق والشام والسواحل والجزيرة وكان بمصر يخرج على الشيوخ مثل القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، وأبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي وغيرهما.
سمع أبو نصر الشيرازي ببلده شيراز: أبا محمد عبد الرحمن بن محمد الدمشقي، وأبا بكر أحمد بن محمد بن علي الجواليقي، وأبا الحسن علي بن يوسف بن أحمد الحافظ، وأبا القاسم عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن القسام، وأبا القاسم عبد الصمد بن الحسن بن محمد بن جعفر الحافظ، وأبا بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن الليث الصفار.
وبالأهواز: أبا عبد الله الحسين بن محمد بن عمر بن إبراهيم الفرضي، ورضوان بن الحسن بن يعقوب بن سهلان الفقيه.(71/63)
وبالبصرة: أبا محمد الحسن بن محمد بن أحمد الفقيه. وأبا الحسين محمد بن علي بن أحمد السيرافي، وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن غسان المصري.
وببغداد: طاهر بن عبد الله الطبري، وأحمد بن محمد بن عبدوس بن كامل الزعفراني، ومحمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، ومحمد بن عبد الملك بن بشران، وإبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي.
وبمكة: عبد العزيز بن بندار بن علي الشيرازي.
وببيت المقدس: محمد بن علي البيهقي.
وبدمشق: محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، ومحمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني، وعلي بن الفضل بن طاهر بن الفرات المقرىء، والحسين بنعلي بن إبراهيم الأهوازي. والحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي] .
قال أبو محمد عبد الرحمن بن صابر «1» :
سألت الشريف أبا القاسم «2» عن قدوم أبي نصر الشيرازي دمشق فقال: سنة أربع وأربعين وأربع مئة، وفيها خرج منها. وسألته عن حاله فقال: ما كان إلّا ثقة.
[قال أبو سعد ابن السمعاني: مات أبو نصر أحمد بن الحسن بن الحسين الشيرازي الحافظ بعد سنة ثلاث وستين وأربعمئة، فإن أبا الليث الشاشي سمع منه في هذه السنة بالاسكندرية] .
[9583] أحمد بن الحسن بن روزبه أبو بكر البصري الفارسي
حدث بدمشق.
روى عن عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبد الله «3» بن مخارق الضّبعي بسنده عن مالك بن أنس: قال: وذكر زيد بن أسلم عن أبيه قال:(71/64)
قال عمر بن الخطاب لربيس بن جبير: ترى غبي «1» عني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لك:
«كيف بك إذا رقص «2» بك بعيرك نحو الشام يوما ثم يوما ثم يوما؟!»
[13924] .
[9584] أحمد بن الحسن بن زريق، أبو محمد الحرّاني
[حدث بدمشق.
حدث «3» عن اسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي «4» ، وعبد الله بن محمد النفيلي، وعبد العزيز بن داود الحراني.
روى عنه أبو الميمون بن راشد الدمشقي، وأبو علي بن حبيب الحصائري، وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبادل] .
روى عن النّفيلي «5» بسنده عن عائشة قالت:
أهدى النّجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلية فيها خاتم من ذهب فصّه حبشي، فدعا أمامة بنت أبي العاص بن أمية من ابنته زينب فقال: «تحلّي بهذا يا ميّة»
[13925] .
زريق بتقديم الزاي على الراء. حدث بدمشق سنة تسع وستين.
[9585] أحمد بن الحسن بن علي بن زرعة أبو الفرج الصوري الكاتب
سكن دمشق. وتولّى الاستسقاء مدة ثم عزل عنه. كتب عنه الحافظ ابن عساكر قال:
وكان حسن الاعتقاد ووقف بعض أملاكه على وجوه البر.
__________
[9584] زريق بتقديم الزاي على الراء، كما في الإكمال 4/58 وبغية الطلب 2/626.
[9585] مشيخة ابن عساكر 4/ب.(71/65)
حدث بسنده عن جابر بن عبد الله قال: جعل رجل لغلامه العتق من بعده، فباعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفع إليه ثمنه وقال: «أنت لثمنه أحوج والله عنه غنّي»
[13926] .
وسئل أبو الفرج عن مولده فقال: ليلة الأحد ثالث شهر رمضان سنة سبع وأربعين وأربع مئة بصور. وتوفي ليلة الأحد الثاني من شهر ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.
ودفن في مقبرة باب الصغير.
قال الحافظ ابن عساكر: شهدت دفنه والصلاة عليه.
[9586] أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان بن يحيى ابن سليمان بن أبي سليمان أبو بكر المعروف بالصّبّاحي البغدادي الغزال مولى أبي موسى الأشعري
حدث عن جماعة بمصر ودمشق. وحدث عنه جماعة.
[حدث أحمد بن الحسن عن عمر بن إسماعيل المجالدي، وعمرو بن علي الصيرفي، وسعيد بن يحيى الأموي، وخلاد بن أسلم، ومحمد بن منصور الطوسي، وإسحاق بن بهلول التنوخي، وعلي بن مسلم الطوسي، والعلاء بن سالم، والحسن بن محمد الزعفراني.
روى عنه علي بن محمد بن لؤلؤ، وعلي بن عمر السكري، وغيرهما. وكان ثقة] .
حدث بسنده عن عروة بن مضرّس «1» الطائي قال «2» :
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أخلقت وأنصبت وفعلت وفعلت «3» . فقال
__________
[9586] ترجمته في الأنساب (الصباحي) 3/520، وتاريخ بغداد 4/87 وتبصير المنتبه 3/842 وفيه أنه شيخ لابن السّنّي. والصّبّاحي بفتح الصاد المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى الصباح، قال السمعاني: وظني أنه بطن من بني سهم، وذكره. وما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.(71/66)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك جمعا فوقف مع الإمام حتى يفيض فقد أدرك، ومن لم يدرك ذلك فلا حجّ له» .
كان كوفي الأصل، وجدّه يحيى كان زوج حمادة بنت حماد بن أبي سليمان الفقيه وهي بنت عمه. وهو بغدادي حافظ. قدم مصر وحدث بها وخرج منها، فأصيب سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أخبرنا أبو الفرج بن شهريار، أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان بن اسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه الكوفي ببغداد، حدثنا إبراهيم بن راشد الأدمي، حدثنا داود بن مهران الدباغ، حدثنا حماد بن شعيب عن أبي الزبير عن طاووس، عن ابن عباس عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل مرّ الظهران فأهدي له عضد [حمار وحشي] فرده على الرسول وقال: «اقرأ عليه السلام وقل: لولا أنا حرم ما رددناه عليك»
[13927] .
أخبرنا محمد بن أحمد بن شعيب الروياني، حدثنا علي بن عمر الختلي قال: أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون الصباحي بغدادي حافظ] «3» .
[9587] أحمد بن الحسن، أبو بكر الأحنف البغدادي الصوفي
قدم دمشق، وحكى عن الجنيد وأبي بكر الشّبلي وغيرهما.
[وحدث عن عبد الله بن أحمد بن حنبل.
روى عنه عبد الوهاب بن عبد الله الدمشقي] «4» .
قال: سمعت أبا جعفر الصفار الواعظ ببغداد يقول:
__________
[9587] ترجمته في تاريخ بغداد 4/90.(71/67)
مررت براهب سائح فقلت له: بمعبودك إلّا وقفت، فوقف، فقلت له: ما معك طعام ولا شراب؟ فقال: لا، أنا رجل قد دفعت بتقرّبي أوقاتي وقتا بعد وقت، فلا أحب يمرّ عني وقت لا أدري من أنا فيه، فقلت: ما هذا الذي معك؟ قال: حصّى قلت: إيش تعمل به؟ قال: هذا حصى أسود وحصى أبيض، فإذا عملت حسنة طرحت من الحصى الأبيض على الحصى الأسود، وإن عملت سيئة طرحت من الحصى الأسود في الأبيض، فإذا كان عند إفطاري عددت السواد والبياض، فإن زاد السواد على البياض فليس فيها إفطار إلى مثلها، وإن كان البياض زائدا على السواد فطرت. قال: فلطمته، فقال: ويحك، لم تلطمني؟ وأنت ممن يرى القصاص، وأما أنا فمذهبي لو لطمت هذا الخد لأدرت لك هذا الخط، فقلت: أنت كافر تقول: دفعت إلى تقرّبي أوقاتي، وتقول: لا أحب أن يمضي لي وقت لا أدري من أنا فيه.
قال: تقول لي يا كافر فأنت مؤمن حقا؟ فقلت: نعم. فقال: أتأمنه أن يجعلك أنا ويجعلني أنت. قال: فخصمني.
وقال: سمعت أبا جعفر الصفار أيضا ببغداد يقول:
صحت براهب: يا راهب. فناداني: لا تشغلني. فقلت: بمعبودك عرّفني إيش شغلك؟
فقال: كتب إلي بعض إخواني أنّه قرأ في بعض الكتب: أن الأرض الواسعة لتضيق على البعوضة بسخط الله، فقد أعملت فكري في الأرض وسعتها والبعوضة وصغرها فكيف ضاقت عليها بسخط الله، فلا تشغلني.
[9588] [أحمد بن الحسن أبو الحسين الطرسوسي
عن عمر بن سعيد المنبجي.
قال ابن عساكر: مجهول] .
[9589] [أحمد بن الحسن بن أحمد أبو العباس الكفر طابي
خطيب سقبا من ضياع الغوطة.
__________
[9588] استدركت ترجمته عن ميزان الاعتدال 1/118 (406) (ط دار الفكر) .
[9589] استدركت هذه الترجمة عن بغية الطلب لابن العديم 2/619.(71/68)
أنشد عن أبي سالم الباري شعرا، وكتب عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله ابن صصرى.
قال الحافظ أبو المواهب- ورأيته بخطه- أخبرني هذا الشيخ رحمه الله أنه سمع حديثا ببغداد ودمشق. ولم يقع إليّ من سماعه شيء، وتوفي بعد السبعين [وخمسمئة] .
[9590] أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلّاب بن كثير ابن حمّاد بن الفضل مولى عيسى بن طلحة بن عبيد الله، ويقال: مولى يحيى بن طلحة، أبو الجهم المشغراني
أصله من بيت لهيا «1» ، تعلم بها ثم انتقل إلى مشغرى، قرية على سفح جبل لبنان فصار بها إمامهم وخطيبهم، وكان كثيرا ما يجيء إلى دمشق ويحدث «2» .
روى عن جماعة. وروى عنه جماعة. وكان ثقة.
[حدث عن هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وهشام بن خالد الأزرق، وعلي ابن سهل الرملي وعدة.
حدث عنه: أبو الحسين الرازي، والد تمام، وأبو بكر ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو سليمان ابن زبر، وعبد الوهاب الكلابي، وآخرون] «3» .
حدث عن هشام بن عمّار بسنده عن الحارث بن هشام قال:
__________
[9590] ترجمته في الأنساب (المشغرائي 5/305) ومعجم البلدان 5/134 والوافي بالوفيات 6/335 وسير الأعلام 11/454 (2807) (ط دار الفكر) والعبر 2/175 والنجوم الزاهرة 3/232 وشذرات الذهب 2/281 والأسامي والكنى للحاكم 3/112 رقم 1154. والمشغراني كذا في مختصر ابن منظور، وبعض مصادر ترجمته: المشغرائي، بالنون. وفي الأنساب «المشغرائي» بفتح الميم وسكون الشين المعجمة، وفتح الغين المعجمة، والراء، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، هذه النسبة إلى: مشغرى، وهي قرية من قرى دمشق. زاد ياقوت: من ناحية البقاع، ومشغرة اليوم، بلدة في الجمهورية اللبنانية، تقع في البقاع الغربي.(71/69)
قلت: يا رسول الله، أخبرني بأمر أعتصم به قال: «أملك هذا» ، وأشار إلى لسانه
[13928] .
قال عبد الرحمن: فرأيته يسيرا فيما يظنني فلم أر شيئا أشدّ منه. توفي ليلة السبت بعد صلاة المغرب ودفن يوم السبت لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة سنة تسع عشرة وثلاث مئة «1» . سقط عن دابته فمات من وقته. وقيل كان يوم الأضحى، ودفن في مقبرة باب الصغير.
[9591] أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد العقيقي ابن جعفر بن عبد الله بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني العقيقي
كان من وجوه الأشراف بدمشق، ومدحه أبو الفرج محمد بن أحمد الغساني الوأواء.
وهو صاحب الدار والحمام بنواحي باب البريد.
قال محمد بن المكرّم «2» : هذه الدار التي كانت تعرف بدار العقيقي هي الآن تربة ومدرسة «3» للملك الظاهر ركن الدين بيبرس البند قداري دفن بها هو وولده السعيد وبنيت تربة ومدرسة.
[سمع أبا عبد الله بن خالويه اللغوي، وسمع منه عبد العزيز بن محمد بن عبدويه الشيرازي] «4» .
[قال أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله: قرأت بخط عبد العزيز بن محمد بن عبدويه الشيرازي، سمعت الشريف أبا القاسم أحمد بن الحسين الحسيني المعروف بالعقيقي يقول] «5» :
__________
[9591] ترجمته في بغية الطلب 2/633 والوافي بالوفيات 6/347 والدارس 1/349 والنجوم الزّاهرة 4/153.(71/70)
في قول الله عز وجل في قصة يوسف وخطابه لإخوته إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ
[سورة يوسف، الآية: 90] قال: يتقي الله في جميع أموره، ويصبر على العزوبة كما صبر يوسف عن زليخا وعزوبته في تلك السنين كلها.
[قال ابن العديم في بغية الطلب] «1» :
[قرأت في جزء وقع إليّ بخط أبي القاسم حمزة بن عبد الله بن الحسين الأطرابلسي يتضمن تعاليق وأمالي عن أبي عبد الله بن خالويه، وذكر أنه قرأه على ابن خالويه ونقله من خطه، نسخة كتاب كتبه أبو عبد الله بن خالويه إلى أبي القاسم أحمد بن الحسين العقيقي الحسيني:
هنّأتني برا ملكت به شكري وشكرك واجب فرض
لم يتبلل وجه ولا شفعت شفعاء لي في منّها حضففداك منا عون لو ملكوا عدد البحار إذا لما بضوا
سلام الله عليك وصلواته ومغفرته ورحمته وريحانه أيها السيد الكريم والشريف ذا الحكمة، يا زينة الدنيا وبهجتها أطال الله بقاءك ووهب والدك- كذا) ابن خالويه وقاك وفداك، لقد تقليت آباءك الطاهرين، وتسنمت جدك وأسلافك المنتجبين وأشبهتهم خلقا وخلقا ومضيت على أساسهم، وقفوت حميد أفعالهم، فأصبحت فذ الدهر، وقريع العصر، وواحد السمحاء وسيد الأدباء براعة وفصاحة، وكريم الكرماء سخاء وسماحة، وتبعت جديك محمدا سيد المرسلين وعليّا سيد الوصيين صلوات الله على ذكراهما كلما ذرّ شارق وطرق أثناء الليل طارق، ونزعت إليهما حذو القذّة والماء بالماء، تهذيب خلق ومحض ضريبة، ودماثة شمائل، وكرم سجية، أقول من قس إذا نطق وأفصح من سحبان وائل إذا خطب، وأسخى من اللافظة كفّا، وأجود من السحاب جودا، وأبهى من فخت القمر، وأسنى من الهالة، فأنسأ الله أجلك، وبلّغك أكلا يد المسند، وسمير الليالي ما بل بحر صوفه، ونعمت ظبية في تنوفه، واستدار من رمل عالج كوفه، وظهرت في أطفور ناشىء فوفه كتبت غرة الشهر إلى غرة الزمان عن سلامة تنم بسلامته، ونعمة من الله جل وعز لا أقوم بشكرها، وتوق إلى الشريف العقيقي لا أصفه.(71/71)
فأيهات أيهات العقيق ومن به وأيهات وهل بالعقيق تواصله
وهيهات هيهات أين للقيقي شروس ونظير.
عقم النساء فما بلدن شبيهه إن النساء بلدن بمثله عقم
وعن لوعة لا تطفى حرارتها إلا باجتماع وشيك لدى مولانا الشريف ابن الشريف، والسيد ابن السيد شريف ابن سيف الدولة] «1» .
[ومدحه الوأوا، الشاعر بقصيدته التي أولها:
بدر ليل أو أو لا فشمس نهار طلعت في سحائب الأزرار
فوق غصن تميله نشوات ال دلّ سكرا من غير شرب عقار
بفعل الريق منه ما تفعل الخم ر ولكن بلا تأذي خمار
رشأ كلما سرى اللحظ فيه جرحته فناجر الأبصار
منها:
قم نقضي حق الصبوح فقدأ ذّن بالصبح طائر الأسحار
في نجوم مثل الدراهم أحدق ن ببدر في الجو كالدينار
باهتات كأنهن عيون ناظرات منها بلا أشفار
كمزايا خلائق لأبي القا سم فينا منيرة الأنوار
غصن لين المهمزة رطب زاهر الزهر مثمر الأثمارعصفت حوله رياح الأماني وسقته العلا بلا أمطار
ومن مدائح الوأواء فيه:
إلي الذي افتخرت أم العقيق به ومن به صيرت بطحاؤها حرما
إلي فتى تضحك الدنيا بغرّته فما ترى باكيا فيها إذا ابتسما
سما به الشرف العالي فصار به مخيما فوق أطباق العلى خيما] «2»
مات الشريف العقيقي المذكور بدمشق يوم الثلاثاء لأربع خلون من جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة، بين الظهر والعصر، وأغلقت المدينة يوم الأربعاء وأخرجت جنازته(71/72)
ضحوة نهار إلى المصلّى وحضر بكجور «1» وأصحابه، ومشى الأشراف خلف سريره ودفن خارج باب الصغير.
[9592] أحمد بن الحسين بن أحمد، أبو الحسين البغدادي المعروف بابن السماك الواعظ «2»
سمع بدمشق وبصور وبمكة.
[قال أبو بكر الخطيب] «3» :
حدث عن جعفر بن محمد الخالدي، والحسن بن رشيق المصري، وأبي بكر ابن المقرىء الأصبهاني وغيرهم.
كتبت عنه شيئا يسيرا] «4» .
روى عن جعفر بن محمد بن نصير الخواص الخلدي «5» الشيخ الصالح أسنده عن جعفر بن سليمان قال: سمعت مالكا يقول: قرأت في التوراة أن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته من القلوب كما يزلّ «6» المطر على الصفا.
قال أبو الحسين بن السماك: سمعت أبا بكر الدّقّي «7» بدمشق يقول: سمعت أبا بكر الزقاق يقول:
بني، أمرنا هذا- يعني التصوف- على أربع: لا نأكل إلّا عن فاقة، ولا ننام إلّا عن غلبة، ولا نسكت إلّا عن خيفة، ولا نتكلم إلّا عن وجد.(71/73)
قال: وسمعته يقول:
كل أحد ينتسب إلى نسب إلّا الفقراء فإنهم ينتسبون إلى الله عز وجل، وكل حسب ونسب ينقطع إلّا حسبهم ونسبهم، فإنّ نسبهم الصدقة وحسبهم الفقر.
وفي رواية:
وحسبهم الصبر بدل الفقر.
وكان لأبي الحسين بن السماك في جامع المنصور وفي جامع المهدي مجلس وعظ، يتكلم فيه على طريقة أهل التصوف «1» .
قال الحافظ [أبو بكر الخطيب] «2» :
كتبت عنه شيئا يسيرا، وحدّثنا عن أبي عمرو بن السماك حديثا مظلم الإسناد، ومنكر المتن، فذكرت روايته عن ابن السماك لأبي القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، فقال: لم يدرك أبا عمرو بن السماك، هو أصغر من ذلك، لكنه وجد جزءا فيه سماع أبي الحسين بن أبي عمرو بن السماك من أبيه، وكان لأبي عمرو بن السماك ابن يسمى محمدا ويكنى أبا الحسين فوثب على ذلك السماع، وادّعاه لنفسه. قال الصيرفي: ولم يدرك الخلدي «3» أيضا ولا عرف بطلب العلم، إنما كان يبيع السمك في السوق إلى أن صار رجلا كبيرا، ثم سافر وصحب الصوفية بعد ذلك.
قال «4» : وقال لي أبو الفتح محمد بن أحمد المصري:
لم أكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة: أحدهم أبو الحسين بن السماك.(71/74)
قال: [ابن ماكولا] «1» وأما سمّاك- بفتح السين وتشديد الميم وآخره كاف-[فهو] «2» أبو الحسين [أحمد بن الحسين بن أحمد] «3» ، ابن السماك الواعظ، كان جوالا كثير الأسفار. حدث عن جماعة، ولم أرهم يرتضونه.
[قال أبو بكر الخطيب] «4» :
ومات في يوم الأربعاء الرابع من ذي الحجة سنة أربع وعشرين وأربع مئة، ودفن من الغد في مقبرة باب حرب بعد أن صلّي عليه في جامع المدينة. وكان يذكر أنه ولد في مستهلّ المحرم من سنة ثلاثين وثلاث مئة «5» . [قال ابن الجوزي] «6» : [أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، قال: حكى لي أبو محمد التميمي أن أبا الحسين ابن السماك الواعظ دخل عليهم يوما وهم يتكلمون في أبابيل، فقال:
في أي شيء أنتم؟ فقالوا: نحن في ألف أبابيل، هي هي ألف وصل أو ألف قطع؟ فقال: لا ألف وصل ولا ألف قطع، وإنما ألف سخط، ألا ترى أنه بلبل عليهم عيشهم، فضحك القوم من ذلك] «7» .
[9593] أحمد بن الحسين بن أحمد بن القاسم بن أحمد ابن إبراهيم بن عمر، أبو الفضل الثغري الصوري المعروف بابن أخت الكاملي
قدم دمشق عند افتتاح الفرنج صور «8» ، خذلهم الله.
__________
[9593] له ذكر في مشيخة ابن عساكر 5/ب وفيها: ابن الكاملي. الثغري: بفتح الثاء المنقوطة بثلاث وسكون الغين المعجمة، هذه النسبة إلى الثغر، وهي المواضع القريبة من الكفار يرابط بها المسلمون (الأنساب) وكان صاحب الترجمة قد رابط في ثغر.(71/75)
وحدث عن جماعة. وكان له تيقّظ ما في الحديث. وكان أحول. واستملى على الفقيه نصر بن إبراهيم بصور، فجاء في الإملاء حديث عن عاصم الأحوال فلقّبته الجماعة بعاصم.
روى بسنده عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده قال:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى البقيع فقال: «يا معشر التجار» ، حتى إذا اشرأبوا قال: «إن التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلّا من اتقى وبرّ وصدق»
[13929] .
قال الحافظ:
سألت أبا الفضل الكاملي عن مولده فقال: في يوم الخميس التاسع من صفر سنة تسع وخمسين وأربع مئة. وتوفي ليلة الثلاثاء الرابع عشر من رجب سنة ثماني عشرةوخمس مئة.
ودفن بباب الصغير.
[9594] [أحمد بن الحسين بن أحمد أبو بكر المقدسي القطان المقرىء
أحد من جرد العناية في طلب القراءات.
أخذ عن أبي القاسم الزيدي بحران، وأبي علي الأهوازي بدمشق، وأبي عبد الله الكارزيني بمكة، وعتبة العثماني ببغداد.
أخذ عنه أبو بكر المزرفي وغيره.
توفي سنة ثمان وستين وأربعمئة] .
[مقرىء حاذق حافل] «1» .
[9595] أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد أبو الطّيّب الجعفي الشاعر المعروف بالمتنبي
من أهل الكوفة. قدم دمشق ومدح بها.
__________
[9594] استدركت ترجمته عن معرفة القراء الكبار للذهبي 1/440 وغاية النهاية 1/48 والوافي بالوفيات 6/350.
وورد عند مختلف من ترجم له أنه قدم دمشق وقرأ على أبي علي الأهوازي.
[9595] ترجمته في تاريخ بغداد 4/102 ووفيات الأعيان 1/120 والوافي بالوفيات 6/336 وسير الأعلام 12/317 (3337) (ط دار الفكر) ويتيمة الدهر 1/139 وبغية الطلب 2/639 والبداية والنهاية 8/4 (ط دار الفكر) والمنتظم 7/24 واللباب 3/162 تهذيب الأسماء واللغات 2/285 النجوم الزاهرة 3/340 حسن المحاضرة 1/560 شذرات الذهب 3/13 ديوانه ط بيروت.(71/76)
قال أبو بكر الخطيب «1» :
بلغني أنه ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلاث مئة، ونشأ بالشام، وأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر في أيام الناس، وتعاطى قول الشعر من حداثته حتى بلغ فيه الغاية التي فاق أهل عصره، وعلا شعراء وقته. واتصل بالأمير أبي الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة وانقطع إليه وأكثر مديحه. ثم مضى إلى مصر فمدح بها كافورا «2» الخادم، وأقام هناك مدة. ثم [خرج من مصر و] «3» ورد العراق ودخل بغداد، وجالس بها أهل الأدب، ة وقرىء عليه ديوانه.
قال أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي «4» قال:
لما ورد المتنبي بغداد سكن في ربض حميد»
. قال: فمضيت إلى الموضع الذي نزل فيه لأسمع منه شيئا من شعره، فلم أصادفه، فجلست أنتظره وأبطأ عليّ، فانصرفت من غير أن ألقاه، ولم أعد إليه بعد ذلك.
وقد كان القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي سمع منه ديوانه ورواه عنه «6» . قال أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي الزيدي «7» :
كان المتنبي وهو صبي نزل في جواري بالكوفة، وكان يعرف أبوه بعيدان «8» السقا(71/77)
يستقي لنا ولأهل المحلّة، ونشأ هو محبا للعلم والأدب [فطلبه] «1» وصحب الأعراب في البادية، فجاءنا بعد سنين بدويا قحا. وقد كان تعلم الكتابة والقراءة، فلزم أهل العلم والأدب.
وأكثر ملازمة الوراقين وكان علمه من دفاترهم.
[قال الزيدي] : «2» فأخبرني وراق كان يجلس إليه قال: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عيدان «3» قطّ. كان عندي اليوم فأحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلا فقال له الرجل: يا هذا، أريد بيعه وقد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر «4» ، فقال له ابن عيدان: فإن كنت قد حفظته في هذه المدة فما لي عليك؟ قال: أهب لك الكتاب. قال: فأقبل يتلوه إلى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه، وقام فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي. قال: فمنعناه منه وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه.
وكان عيدان والد المتنبي يذكر أنه من جعفيّ، وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب لا شك فيها «5» . وكانت صالحة من صلحاء النساء الكوفيات.
[قال ابن العديم] «6» :
[أنبأنا «7» تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: قال لنا هبة الله بن عبد الله بن أحمد الواسطي: قال لنا أبو بكر الخطيب: عيدان، بكسر العين وبالياء المعجمة باثنتين من تحتها، هو والد أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، كان يعرف بعيدان السقاء] .
قال التنوخي «8» : قال أبي «9» :(71/78)
فاتفق مجيء المتنبي بعد سنين إلى الأهواز منصرفا من فارس [فذكرته «1» بأبي الحسن «2» ، فقال: تربي وصديقي وجاري بالكوفة وأطراه ووصفه] وسألته عن نسبه، فما اعترف لي به. وقال: أنا رجل أخيط «3» القبائل، وأطوي البوادي وحدي، ومتى انتسبت لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التي انتسبت إليها، وما دمت غير منتسب إلى أحد فأنا أسلم على جميعهم ويخافون لساني.
قال «4» : واجتمعت بعد موت المتنبي بسنين مع القاضي أبي الحسن ابن أم شيبان الهاشمي الكوفي، وجرى ذكر المتنبي فقال: كنت أعرف أباه بالكوفة شيخا يسمى عيدان يستقي على بعير له، وكان جعفيا صحيح النسب.
قال: وقد كان المتنبي لما خرج إلى كلب وأقام فيهم ادّعى أنه علوي حسنيّ، ثم ادّعى بعد ذلك النبوّة، ثم عاد يدّعي أنه علوي، إلى أن أشهد «5» عليه بالشام بالكذب في الدعوتين، وحبس دهرا طويلا وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه بالتوبة وأطلق.
قال أبو علي بن أبي حامد «6» :
سمعت خلقا بحلب يحكون- وأبو الطّيّب بها إذ ذاك- أنه تنبّأ في بادية السماوة «7» ونواحيها إلى أن خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيدية، فقاتله وأسره وشرّد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه دهرا طويلا فاعتلّ وكاد أن يتلف، فسئل في أمره فاستتابه وكتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادّعاه ورجوعه إلى(71/79)
الإسلام [وأنه تائب منه ولا يعاود مثله] «1» وأطلقه.
[قال] : وكان قد تلا على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه، وكانوا يحكون له سورا كثيرة منها: والنجم السيار، والفلك الدوّار، والليل والنهار، إنّ الكافر لفي أخطار، امض على سننك، وأقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإنّ الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه، وضل عن سبيله. وهي طويلة.
قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة ونحن إذ ذاك بحلب نذكر هذا القرآن وأمثاله فينكره ويجحده. قال: وقال له ابن خالويه النحوي «2» يوما في مجلس سيف الدولة: لولا أن الآخر جاهل لما رضي أن يدعى بالمتنبي، لأن متنبي معناه كاذب، ومن رضي أن يدعى بالكذب فهو جاهل، فقال له: أنا لست أرضى أن أدعى بهذا وإنما يدعوني به من يريد الغضّ مني، ولست أقدر على الامتناع «3» .
[قال أبو بكر الخطيب] :
[قال لنا التنوخي، قال لي أبي: فأما أنا، فإني سألته بالأهواز في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة عند اجتيازه بها إلى فارس، في حديث طويل جرى بيننا، عن معنى المتنبي، لأني أردت أن أسمع منه هل تنبأ أم لا؟ فأجابني بجواب مغالط لي، وهو أن قال: هذا شيء كان في الحداثة أوجبته الصورة، فاستحييت أن أستقصي عليه وأمسكت] «4» .
قال أبو علي بن [أبي] «5» حامد «6» :
قال [لي] «7» أبي: ونحن بحلب، وقد سمع قوما يحكون عن المتنبي هذه السورة «8» ،(71/80)
فقال: لولا جهله!! أين قوله: امض على سننك.. إلى آخر الكلام، من قوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ
[سورة الحجر، الآية: 94] إلى آخر القصة، وهل تتقارب الفصاحة أو يشتبه الكلامان؟! وعيدان: بكسر العين وبالياء المعجمة باثنتين من تحتها هو والد أبي الطيب المتنبي، وكان يعرف بعيدان السقاء.
[قال ابن العديم] :
[قدم الشام في صباه وجال في أقطارها، وصعد بعد ذلك إلى الديار المصرية، وكان بها في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ثم قدم حلب وافدا على الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي ابن عبد الله بن حمدان، ومادحا له، فأكرمه ونفق عليه، وصار خصيصا به، ملازما له حضرا وسفرا إلى أن خرج من حلب غضبان بسبب كلام وقع بينه وبين ابن خالويه في مجلس سيف الدولة فضربه ابن خالويه بمفتاح. وكان ابن خالويه مؤدب ولدي الأمير سيف الدولة أبي المكارم وأبي المعالي، فظفرت بجزء بخط ابن خالويه ذكر فيه ما يحفظه الأميران المذكوران، فذكر أنواعا من الفقه والأدب وأشعار العرب وقال في جملتها: ويحفظان من شعر الشاعر المعروف بالمتنبي كذا وكذا قصيدة، وعينها، ولم يذكر أنهما يحفظان لغيره من العصريّين شيئا، وهذا يدل على عظم قدره وجلالة أمره في ذلك الزمان. روى عن أبي الطيب: القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، وأبو الفتح عثمان بن جني النحوي، وأبو محمد الحسن بن علي بن الصقر الكاتب، وأبو الحسن علي بن أيوب بن الحسين بن الساربان، والأستاذ أبو علي أحمد بن محمد مسكويه، وأبو عبد الله بن باكويه الشيرازي، وأبو الحسن علي بن عيسى الربعي، وأبو القاسم بن الحسن الحمصي، وعبد الصمد بن زهير بن هارون بن أبي جرادة، ومحمد بن عبد الله بن سعد النحوي، وعبد الله بن عبيد الصفري الشاعر الحلبي، وعبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الجوع الوراق المصري، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله ابن المغربي، وأبو بكر الطائي، وأبو القاسم النيلبختي، وأبو محمد الحسن بن عمر بن إبراهيم، وأبو العباس بن الحوت، وجماعة سواهم.
[قال ابن أبي الجوع الوراق المصري: سألت أبا الطيب المتنبي عن مولده ومنشئه؟(71/81)
فقال: ولدت بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة في كندة، ونشأت بها ودخلت مدينة السلام، ودرت الشام كله سهله وجبله.
قال علي بن أيوب بن الحسن بن الساربان: ولد أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن المتنبي بالكوفة في محلة كندة سنة ثلاث وثلاثمائة، وقال الشعر وهو صبي في المكتب] «1» .
[التحق بالأمير سيف الدولة بن حمدان سنة سبع وثلاثين وثلاثمئة، ثم فارقه ودخل مصر سنة ست وأربعين وثلاثمائة، ومدح كافورا الإخشيدي وأنوجور ابن الأخشيذ، وكان يقف بين يدي كافور وفي رجليه خفان وفي وسطه سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق ولما لم يرضه هجاه وفارقه ليله عيد النحر سنة خمسين وثلاثمائة، ووجه كافور خلفه رواحله إلى جهات شتى فلم يلحق، وكان كافور قد وعده بولاية بعض أعماله، فلما رأى تعاليه في شعره وسموه بنفسه خانه، وعوتب فيه فقال: يا قوم، من ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم أما يدعي المملكة بعد كافور؟ فحسبكم] «2» .
[قال السمعاني: أنشدنا الأستاذ أبو علي أحمد بن محمد مسكويه قال: أنشدنا المتنبي:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بدّ
قال: قيل للمتنبي: على من تنبأت؟ قال: على الشعراء. فقيل: لكل نبي معجزة فما معجزتك؟ قال: هذا البيت] «3» .
ولما هرب المتنبي الشاعر من مصر، وصار إلى الكوفة، وقام بها وصار إلى ابن العميد «4» فمدحه «5» ، فقيل إنه صار إليه منه ثلاثون ألف دينار «6» . وقال له: تمضي إلى عضد(71/82)
الدولة «1» فمضى من عنده إليه، فمدحه ووصله بثلاثين ألف دينار، وفارقه على أن يمضي إلى الكوفة يحمل عياله ويجيء معهم إليه، وسار حتى وصل إلى النعمانية «2» بإزاء قرية تقرب منها قال لها بنورا «3» ، فوجد أثر خيل هناك، فتنسّم خبرها، فإذا خيل قد كمنت له فصادفته لأنه قصدها، فطعن طعنة نكس عن فرسه، فلما سقط إلى الأرض نزلوا فاحتزوا رأسه ذبحا، وأخذوا ما كان معه من المال وغيره، وكان مذهبه أن يحمل ماله معه أين توجّه، وقتل ابنه معه وغلام من جملة خمسة غلمة كانوا معه، وإن الغلام المقتول قاتل حتى قتل «4» .
[قال أبو بكر الخطيب] «5» :
[حدثني علي بن أيوب قال: خرج المتنبي من بغداد إلى فارس، فمدح عضد الدولة وأقاء عنده مديدة، ثم رجع يريد بغداد، فقتل في الطريق بالقرب من النعمانية في شهر رمضان من سنة أربع وخمسين وثلاثمئة] «6» .
[قال «7» أبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل: أخبرنا علي بن أيوب بن الحسين بن الساربان قال:
وخرج يعني المتنبي من شيراز لثمان خلون من شعبان قاصدا إلى بغداد ثم إلى الكوفة حتى إذا بلغ دير العاقول «8» وخرج منه قدر ميلين، خرج عليه فرسان ورجاله من بني أسد وشيبان فقاتلهم مع غلامين من غلمانه ساعة فقتلوه، وقتل معه أحد الغلامين وهرب الآخر،(71/83)
وأخذوا جميع ما كان معه، وتبعهم ابنه المحسّد «1» طلبا لكتب أبيه فقتلوه أيضا، وذلك كله يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
مدح «2» عضد الدولة بن بوبه الديلمي فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصدا إلى بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمان خلون منه عرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في عدة من أصحابه، وكان مع المتنبي أيضا جماعة من أصحابه، فقاتلوهم، فقتل المتنبي وابنه محسّد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية، في موضع يقال له: الصافية، وقيل: حيال الصافية، من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين] .
[ذكر ابن رشيق في كتاب العمدة قال: إن أبا الطيب لما فرّ حين رأى الغلبة قال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك بالفرار أبدا وأنت القائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني والحرب والضرب والقرطاس والقلم
فكرّ راجعا حتى قتل، وكان سبب قتله هذا البيت] «3» .
[قال أبو القاسم عن أبي غالب شجاع بن فارس بن الحسين الذهلي قال: أنشدني الحكيم أبو علي الحسين بن عبد الرحمن الثقفي النيسابوري لأبي القاسم المظفر الزوزني الكاتب يرثي المتنبي:
لا رعى الله سرب هذا الزمان إذ دهانا في مثل ذاك اللسان
ما رأى الناس ثاني المتنبي أي ثان برى لبكر الزمانكان في نفسه الكبيرة في جي ش وفي كبرياء ذي سلطان
كان في لفظه نبيا ولكن ظهرت معجزاته في المعاني «4» ]
وكان قتل المتنبي يوم الاثنين لخمس بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
وحدث أنه لما نزل المنزل الذي رحل منه فقتل جاءه قوم خفراء فطلبوا منه خمسين درهما ليسيروا معه فمنعه الشحّ والكبر، وتقدّموه فكان من أمره ما كان.(71/84)
[9596] أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي أبو بكر الأنصاري البروجردي الصوفي
قدم دمشق سنة إحدى عشرة وأربع مئة، وحدث بها.
روى عن أبي يعلى حمزة بن جعفر العلوي بسنده عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه»
[13930] .
[9597] أحمد بن الحسين بن حيدرة أبو الحسين المعروف بابن خراسان الأطرابلسي
شاعر مشهور.
وصل دمشق لما وصل إليها بنو علوش وأقام بها أشهرا وتزوج بعد.
رجل صافي الأخلاق من الرفق، مخلوق من أحسن الخلق، تشهد كرائم أخلاقه بطيب أعراقه، ريان من الفضل، يهتز في الأريحية اهتزاز النصل.
شاعر مطبوع مترسل. أقام أيام مقامه بدمشق يتنقل في الحدائق ويقطع أوقاته بالشرب، ولا يدخل [ ... ] «1» للحمام. ومن شعره:
دعوني لقا في الحرب أطفو وأرسب ولا تنسبوني فالقواضب تنسب
وإن جهلت جهال قومي فضائلي فقد عرفت فضلي معدّ ويعرب
ولا تعتبوني إذ خرجت مغاضبا فمن بعض ما في ساحل الشام يغضب
وكيف التذاذي ماء دجلة معرقا وأمواه لبنان ألذّ وأعذب
فما لي وللأيام لا درّ درّها تشرق بي طورا وطورا تغرّب
[ومن شعره قوله:
رهنتك يا قلبي على غمض ساعة فردّك من أهوى وشحّ على غمضي
__________
[9596] ترجمته في بغية الطلب 2/638. البروجردي: بضم الباء والراء وكسر الجيم وسكون الراء هذه النسبة إلى بروجرد بلدة حسنة كثيرة الأشجار والأنهار من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخا من همذان (الأنساب) .
[9597] ترجمته في مرآة الزمان 8/10 والوافي بالوفيات 6/351 وسماه أحمد بن الحسن بن عبد الله بن خراسان بن حيدرة الطرابلسي، أبو الحسين الشاعر.(71/85)
إذا كنت قلبي ثم أزمعت هجرة فما أنت لي يا قلب بالصاحب المرضي
ولكنه قلب تعرض للهوى ولا شكّ أني في جنايته أقضي] «1»
مات أبو الحسين ابن خراسان سنة ست وتسعين وأربع مئة بطرابلس، وكان سبب وفاته ضرب ناله من فخر الملك بن عمار لهجاء قاله فيه وفي أخيه.
[9598] أحمد بن الحسين بن داناج أبو العباس الزاهد الإصطخري
سكن مصر. وسمع جماعة.
[سمع إبراهيم بن دحيم، ومحمد بن صالح بن عصمة بدمشق، وعبد الله بن محمد بن سلام المقدسي، ومحمد بن عبيد الله بن الفضل الحمصي، وعبدان بن أحمد الأهوازي، وجعفر الفريابي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والحسن بن سهل بن عبد العزيز المجوز بالبصرة، وعلي بن عبد العزيز البغوي بمكة، وأبا علي الحسن بن أحمد بن المسلم الطبيب بصنعاء وغيرهم.
روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن جابر التنيسي، وأبو محمد ابن النحاس وغيرهما] .
حدّث في خمس وثلاثين وثلاث مئة إملاء بسنده عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الشونيز «2» :
«عليكم بهذه الحبة السوداء فإنّ فيها شفاء من كلّ شيء إلّا السّام» «3» ، يريد الموت
[13931] .
__________
[9598] ترجمته في معجم البلدان (إصطخر) 1/211. الاصطخري نسبة إلى اصطخر، بالكسر وسكون الخاء المعجمة، بلدة بفارس (معجم البلدان) والأنساب (الاصطخري) 1/176. ما بين معكوفتين استدرك عن معجم البلدان «اصطخر» .(71/86)
كان فارسا ممتّعا بإحدى عينيه رجلا صالحا زاهدا. كتب الحديث بمصر. وكان كتب عن أهل بلده والغرباء. وكتب عنه قبيل وفاته، وأملى عليهم في المسجد الجامع العتيق.
توفي بمصر يوم الاثنين يوم عشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
[9599] أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم أبو العباس مولى بني هاشم يعرف بزبيدة
من أهل باب كيسان.
حدث بدمشق عن أبي عبيد الله ابن أخي ابن وهب، عن عبد الله- يعني ابن عمرو- قال: رأيت رسول الله يسبّح ويعقد بيده.
وروى عن سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل بسنده عن أبي هريرة قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة تحتلم هل عليها غسل؟ فقال: «نعم. إذا وجدت الماء فلتغتسل»
[13932] .
[9600] أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم ابن الحكم بن عبد الله أبو زرعة الحافظ الرّازي
قدم دمشق سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
وسمع بها وبنيسابور وببلخ وببغداد وبمصر وبتنيس. وروى عنه جماعة.
[سمع محمد بن إبراهيم بن مورد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وعلي بن إبراهيم القطان القزويني، وعبد الله بن محمد الحارثي، وبكر بن عبد الله المحتسب البخاري، والحسين بن إسماعيل المحاملي، ومحمد بن مخلد الدوري.
وكان حافظا متقنا، رحل في الحديث وسافر الكثير، وجالس الحفاظ، وجمع التراجم والأبواب، وحدث ببغداد.
فحدثنا عنه القاضيان أبو علي الواسطي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو زرعة روح بن
__________
[9600] ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/999 وتاريخ بغداد 4/109 وتاريخ الإسلام (351- 380) ص 567 وسير الأعلام 13/17 (3630) (ط دار الفكر) والنجوم الزاهرة 4/147 والعبر 2/368 وشذرات الذهب 3/84 وبغية الطلب 2/689 ومرآة الجنان 2/405.(71/87)
محمد الرازي، ورضوان بن محمد الدينوري] «1» . [وتمام الرازي، والحسين بن محمد الفلاكي، وعبد الغني الأزدي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي] «2» .
[قال ابن المحسن (التنوخي) سألته عن مولده، فقال: خرجت أول مرة إلى العراق سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، ولي أربع عشرة سنة] «3» . [له تصانيف كثيرة يروي فيها المناكير كغيره من الحفاظ ولا يبين حالها وذلك مما يزرى بالحافظ.
سأله حمزة السهمي عن أحوال الرواة] «4» .
روى عن أبي حامد أحمد بن محمد بن بلال بنيسابور بسنده عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أقلّ ساكني الجنة النساء»
[13933] .
وروى أيضا عن أبي الحسين بن الجنيد الرازي بدمشق بسنده عن نافع، عن ابن عمر قال:
أتى سعد بن أبي وقاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: بأبي وأمي يا رسول الله، علمت أن لكلّ شيء ثمرة، وثمرة الصلاة الدعاء، وأحب أن تعلّمني يا رسول الله. قال: «يا سعد، تريد أن تتعلم الدعاء؟» قال: ببركتك يا رسول الله، قال: «تعلم ما يصلح الدعاء قبل تعليمك الدعاء» . قال: وما يصلح الدعاء يا رسول الله؟ قال: «مطعمك يا سعد، من أحبّ أن تستجاب دعوته فليطب مطعمه، يا سعد، لحم نبت على السّحت النار أولى به، يا سعد من لم يبال من أين يأتيه رزقه كان حقيقا على الله ألا يبالي من أيّما باب من أبواب جهنم أدخله»
[13934] .
وحدّث بسنده عن البيهقي قال:
وقف أعرابي على مجلس قوم في المسجد فقال: أيها الناس، والله ما نتّخذ السؤال(71/88)
صناعة، ولا نعدّ الاختذاء بضاعة، وإنها لأصعب علينا من وقع ظبى السيوف، وأمرّ من تجرّع كاسات الحتوف. ولكن منع الاضطرار الاختيار، وإنا كنا في عيش رقيق الحواشي فطواه الدهر بعد السعة، وأفضى بنا بعد العلاء إلى الضّعة، حتى لقد لبسنا أيدينا من القرّ «1» ، وأفنينا سرابيلنا «2» من الضّرّ، ولم نر دارا أعزّ من الدنيا، ولا طالبا أغشم من الموت، ومن عصف عليه الليل والنهار أردياه، ومن وكل به الموت أفناه، فرحم الله من أعطى من سعة، أو وافى من كفاف، أو آثر من خصاصه «3» . فلم يبق في المسجد أحد إلّا أعطاه.
[قال أبو بكر الخطيب] «4» : [أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي، حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي ببغداد، حدثنا أبو بكر بن عبد الله الرازي المحتسب ببخارى، حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن الربيع، حدثنا كادح بن رحمة الزاهد، حدثنا أبو حنيفة ومسعر وسفيان وشعبة وقيس وغيرهم عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» ] «5» .
[قال أبو الطيب أحمد بن علي بن محمد الطالبي الجعفري: حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم بن عبد الله الرازي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن إسماعيل السبيعي بحلب قال: أخبرني المنذر بن محمد القابوسي قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي الحسين بن سعيد، قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أيوب الإفريقي عبد الله بن علي قال: حدثني سماك عن جابر بن سمرة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناشدون عنده الشعر ويذكرون أمر جاهليتهم، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبسم إليهم] «6» .
وسئل أبو زرعة عن مولده فقال: لست أحقه، ولكنّي خرجت إلى العراق أول دفعة(71/89)
لطلب الحديث سنة أربع وعشرين وثلاث مئة وكان لي إذ ذاك أربع عشرة سنة أو نحوها.
ووجد في كتاب أبي القاسم بن الثلاج بخطه: فقد أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي في طريق مكة سنة خمس وسبعين وثلاث مئة «1» .
[9601] أحمد بن الحسين بن علي بن مهدي بن علي بن جابر أبو الحسين الأطرابلسي المعروف بابن الشماع
سكن عسقلان «2» . وقدم دمشق وحدث بها.
روى بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من جمع القرآن متّعه الله بعقله حتى يموت»
[13935] .
توفي أبو الحسين بن الشماع بعسقلان في صفر- أو ربيع- سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.
[9602] أحمد بن الحسين بن مهران، أبو بكر الأصبهاني المقرىء «3»
سكن نيسابور. وهو من القراء المشهورين بخراسان. له تصانيف في القراءات. إمام عصره في القراءات، وأعبد القراء. وكان مجاب الدعوة.
[سمع أحمد بن محمد الماسرجسي، وابن خزيمة، وأبا العباس السراج، ومكي بن عبدان وجماعة. وتلا بالعراق على زيد بن أبي بلال، وأبي الحسن بن بوبان، وأبي بكر النقاش. وأبي عيسى بكار، وابن مقسم، وبدمشق على أبي الحسن محمد بن النضر الأخرم.
روى عنه: الحاكم، وابن مسرور، (أبو حفص) ، وأبو سعد الكنجروذي، وعبد الرحمن بن علّيك، وأبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرىء.(71/90)
وتلا عليه مهدي بن طرارة، وطائفة] «1» ، [وأبو القاسم علي بن أحمد البستي المقرىء شيخ الواحدي، وسعيد بن محمد الحيري] «2» .
[قال الحاكم:
قرأت ببخارى على ابن مهران كتاب «الشامل» له في القراءات] «3» .
روى بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
مرض أبو بكر بن مهران في العشر الأواخر من رمضان ثم اشتد به المرض في شوال وتوفي يوم الأربعاء السابع والعشرين من شوال سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، وهو يوم مات ابن ست وثمانين سنة. وتوفي ذلك اليوم أبو الحسن العامري «4» صاحب الفلاسفة.
قال عمر بن أحمد الزاهد: سمعت الثقة من أصحابنا يذكر.
أنه رأى أبا بكر بن الحسين بن مهران في المنام في الليلة التي دفن فيها، قال: فقلت:
أيها الأستاذ، ما فعل الله بك؟ فقال: إن الله عز وجل أقام أبا الحسن العامري بحذائي وقال لي: هذا فداؤك من النار «5» .
[9603] [أحمد بن الحسين بن المؤمل أبو الفضل المعروف بابن الشواء
وكتب عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي بها إنشادا. ذكره في معجم شيوخه.
__________
[9603] استدركت ترجمته بكاملها عن بغية الطلب 2/696- 697.(71/91)
أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي في معجم شيوخه قال: أنشدني أحمد بن الحسين بن المؤمل أبو الفضل المعري المعروف بابن الشواء بدمشق لابن النوت المعري في بعض الوزراء من اليهود: يهود هذا الزمان قد بلغوا غاية آمالهم وقد ملكوا
العز فيهم والمال عندهم ومنهم المستشار والملك
ولست ممن فيهم بغركم تهودوا قد تهوّد الفلك]
[9604] أحمد بن الحسين، أبو الحسين بن التّمار المؤذّن
مؤذن جامع دمشق.
حدث عن سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي هريرة قال:
أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم ألّا أنام إلّا على وتر وصلاة الضحى وصوم ثلاثة أيام من كل شهر.
[9605] أحمد بن الحسين، أبو الحسن البغدادي البرتي «1» يعرف بالبسطامي «2»
روى بسنده عن أبي ذر البعلبكي عن مشايخه عن عائشة قالت:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ: «حسبك، ما لمحبّك حسرة عند موته، ولا وحشة في قبره، ولا فزع يوم القيامة» «3» .
قال «4» : أبو ذرّ شيخ مجهول.
__________
[9605] ترجمته في تاريخ بغداد 4/101 وميزان الاعتدال 1/120 (422) (ط دار الفكر) .(71/92)
[9606] أحمد بن حفص بن عمر بن صالح بن عطاء ابن السائب بن أبي السائب المخزومي البلقاوي
روى بسنده أنّ أبا هريرة قال:
أتى رجل من أسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في المسجد، فناداه فقال: يا رسول الله، إن الآخر زنى، يريد نفسه، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنحى لشقّ وجهه الذي أعرض قبله، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنحى له، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنحى عنه الرابعة فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بك جنون؟» قال: لا يا رسول الله، فقال: «اذهبوا به فارجموه» ، وكان قد أحصن
[13936] .
[9607] أحمد بن حفص بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة أبو عمرو ويقال: اسمه: عبد الحميد
[وهو ابن عم خالد بن الوليد، وأبي جهل بن هشام، وحنتمة بنت هاشم بن المغيرة، أم عمر بن الخطاب.
أمه درة بنت خزاعي بن الحارث بن حويرث الثقفي] .
له صحبة. وهو الذي طلّق فاطمة بنت قيس.
شهد خطبة عمر بالجابية «1» وعارضه في عزل خالد بن الوليد بن المغيرة «2» . وروى
__________
[9606] البلقاوي بفتح الباء وسكون اللام، هذه النسبة إلى البلقاء، مدينة الشراة بناحية الشام، الأنساب: البلقاوي 1/392.
[9607] ترجمته في أسد الغابة 1/66 والإصابة 1/39 (41) و 6/188 (10277) (ط دار الفكر) (في باب الكنى) ، ونسب قريش للمصعب ص 332. وما بين معكوفتين استدرك للإيضاح عن أسد الغابة.(71/93)
عن النبي صلى الله عليه وسلم في مدح خالد. وكانت تحته فاطمة بنت قيس فطلقها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
«لا نفقة لك» . وفاطمة بنت قيس هي أخت الضحاك بن قيس الفهري. طلقها أبو عمرو وهو غائب بالشام «1» .
[9608] أحمد بن الحكم أبو حزية- ويقال: أبو حرب- البلقاوي
من أهل البلقاء، [من] عمل دمشق.
[روى عنه ذو النون] «2» .
حدث عن عبد الله بن إدريس، قال: وهو أحد المجهولين- قال:
وفد على مولاي ملك البجة «3» رجل من أهل الشام يستميحه، يقال له عبد الرحمن بن هرمز الأعرج «4» ، فقدم إليه طعاما على مائدة فتحركت القصعة على المائدة فأسندها الملك برغيف. فقال له عبد الرحمن بن هرمز: حدثني أبو هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«إذا خرجتم في حجّ أو عمرة فتمتعوا كيلا تتكلوا، وأكرموا الخبز فإن الله سخّر له بركات السماء والأرض، ولا تسندوا القصعة بالخبز، فإنه ما أهانه قوم إلّا ابتلاهم الله بالجوع»
[13937] .
أبو حزية بالحاء المهملة والزاي.
[9609] أحمد بن حمدون بن إسماعيل ابن داود أبو عبد الله الكاتب
شاعر في غاية الظرف والملاحة والأدب.
__________
[9608] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/121 (426) (ط دار الفكر) وفيها: أبو حزبة، وقيل: أبو حربة، ولسان الميزان 1/164 وفيه أبو جرية، ويقال أبو حزية.
[9609] ترجمته في بغية الطلب 2/704 قال ابن العديم: وقد سماه بعضهم محمدا.(71/94)
قدم دمشق في صحبة المتوكل وامتدحه البحتري.
[قال ابن العديم] :
[أنبأنا «1» أحمد بن محمد بن الحسن، تاج الأمناء، قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال:
أحمد بن حمدون بن إسماعيل بن داود، أبو عبد الله الكاتب، شاعر في غاية الظرف والملاحة والأدب.
حكى عن الواثق، وعن أبيه حمدون روى عنه علي بن محمد بن نصر بن بسام- وهو ابن أخته- وجعفر بن قدامة، والحسن بن محمد- عم أبي الفرج الأصبهاني- وأحمد بن الطيب السرخسي] .
وذكره أبو عبد الله محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة في أسماء الشعراء «2» ، وأنشد له في أحمد بن محمد بن ثوابة. وكان ابن حمدون يلقبه لبابة، وكان ابن ثوابة قد دعا أبا القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب «3» فترك لموسى بن بغا رغيفا من بيت ابن ثوابة، فمات موسى من غد ذلك اليوم فقال شعرا:
[استعذنا الإله من شرّ ما يص رق صبحا ومن رغيف لبابه
قد دهانا الرغيف في الفارس المع لم واجتث ملكه ونصابه
من رأى مصرع الأمير فلا يط عم طعاما من منزل ابن ثوابه
فلق حرم الإله على كل أديب طعامه وشرابه
إن فيه خلائقا وخصالا موجبات هجرانه واجتنابه
صلف معجب بغيض مقيت أحمق مائق ضعيف الكتابة] «4»
قال أبو عبد الله بن حمدون:(71/95)
كنت مع المتوكل لما خرج إلى دمشق، فركب يوما إلى رصافة هشام بن عبد الملك «1» يدور في قصوره وقصور ولده، ثم خرج فدخل إلى دير هناك قديم «2» من بناء الروم حسن البناء بين مزارع وأنهار، فدخل، فبينا هو يدور إذ بصر برقعة قد ألصقت في صدره فأمر بأن تقلع وتنزل فقلعت فإذا فيها مكتوب «3» :
أيا منزلا بالدّير أصبح خاليا تلاعب فيه شمأل ودبور «4» كأنّك لم يسكنك بيض أوانس ولم يتبختر «5» في فنائك حور
وأبناء أملاك عباشم سادة صغيرهم عند الأنام كبير
إذا لبسوا أدراعهم فعنابس «6» وإن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنّهم يوم اللّقاء ضراغم وأنّهم يوم النّوال بحور
ولم يشهدوا الصهريج والخيل حوله لديه «7» فساطيط لهم وخدور
وحولك رايات لهم وعساكر وخيل لها بعد الصّهيل شخير
ليالي هشام بالرّصافة قاطن وفيك ابنه، يا دير، وهو أمير
إذ العيش غضّ والخلافة لدنة وأنت طرير والزّمان غرير
وروضك مرتاض ونورك نيّر وعيش بني مروان فيك نضير
بلى فسقاك الغيث صوب غمامة «8» عليك لها «9» بعد الرّواح بكور
تذكّرت قومي خاليا فبكيتهم بشجو ومثلي بالبكاء جدير
فعزّيت نفسي وهي نفس إذا جرى لها ذكر قومي أنّة وزفير «10»(71/96)
لعلّ زمانا جار يوما عليهم لهم بالذي تهوى النّفوس يدور «1» فيفرح محزون وينعم يائس ويطلق من ضيق الوثاق أسير
رويدك إنّ اليوم يتبعه غد وإنّ صروف الدائرات تدور
فلما قرأها المتوكل ارتاع وتطيّر وقال: أعوذ بالله من سوء أقداره، ثم دعا بالديراني فقال: من كتب هذه الرقعة؟ قال: لا أدري والله، وأنا منذ نزل أمير المؤمنين هذا الموضع لا أملك من أمر الدير شيئا، يدخله الجند والشاكرية ويخرجون وغاية قدرتي أني متولد في فلاتي، فهمّ بضرب عنقه وخراب الدير فكلمه الجلساء «2» وقالوا: ليس هذا ممّن يتّهم بالانحراف عنك والميل إلى بني أمية. إنه ليس من أهل هذه الملة. ولم يزل الفتح بن خاقان «3» يشفع إليه حتى أمسك عنه. ثم بان بعد ذلك أن الذي كتب الأبيات رجل من ولد روح بن زنباع الجذامي، وكانت أمه من موالي هشام.
مات أحمد بن حمدون يوم الثلاثاء النصف من شعبان سنة أربع وستين ومئتين.
[9610] أحمد بن حمزة بن محمد بن حمزة بن خزيمة أبو اسماعيل الهروي الحداد الصوفي، المعروف بعمويه شيخ الصوفية بهراة
قدم دمشق، وسمع بها، وأطرابلس وغيرها، وصور، ونهاوند، ونيسابور.
حدث عن أبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي بسنده عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن من الشعر حكمة»
[13938] .
سافر الكثير، ولقي المشايخ وطاف بالبلاد.
توفي بهراة في غرّة رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مئة. وكان مولده سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.(71/97)
[9611] أحمد بن حميد بن سعيد بن خالد بن حميد ابن صهيب بن طليب بن بخيت بن علقمة بن الصبر أبو الحسن الأزدي، المعروف بابن أبي العجائز، وهو جده سعيد
حدث عن جماعة.
وروى عن علي بن غالب بن سلام بسنده عن سمرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فذلك أفضل» . يعني يوم الجمعة
[13939] .
__________
[9611] تقدمت ترجمة أبيه حميد في 15/284 رقم 1801 وتقدمت ترجمة سعيد في 21/45 رقم 2465.(71/98)
من اسم أبيه على حرف الخاء [من الأحمدين]
[9612] أحمد بن خالد أبو العباس الدّامغاني
نزيل نيسابور.
سمع بدمشق، والحجاز، ومصر، والعراق، وغيرها. [كان رحالا، واسع الرحلة، دخل الشام، وسمع بتلّ منس من ناحية حلب المسيّب بن واضح السلمي] «1» .
حدث عن هشام بن عمار بسنده عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض» ، وقبل أن يرفع- ثم جمع بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام هكذا ثم قال: «العالم والمتعلم في الخير شريكان، ولا خير في سائر الناس بعد»
[13940] .
قال أبو زكريا:
فالعالم والمتعلم في الأجر سيّان، كما أنّ الداعي والمؤمّن في الدعاء شريكان.
وحدث أيضا عن داود بن رشيد بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«سافروا تصحّوا وتغنموا»
[13941] .
__________
[9612] ترجمته في الأنساب (الدامغاني) 2/446 وبغية الطلب 2/721. والدامغاني ضبطت عن الأنساب بفتح الدال المهملة والميم المفتوحة نسبة إلى دامغان بلدة من بلاد قومس، وهي بين الري ونيسابور، انظر معجم البلدان.(71/99)
[قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ «1» :
أحمد بن خالد شيخ مفيد، كثير الرحلة، سكن نيسابور، وتوفي بها. قال أبو عبد الله الحاكم: أحمد بن خالد أبو العباس الدامغاني سمع ببغداد داود بن رشيد، وعبيد الله بن عمر القواريري وغيرهما؛ وبالبصرة: نصر بن علي، وعمر بن علي وأقرانهما، وبالكوفة أبا كريب وأقرانه، وبالحجاز أبا منصور الزهري، ويعقوب بن حميد، وبمصر الحارث بن مسكين، وأبا الطاهر، وعيسى بن حماد، وأبا الربيع الرشيدي وغيرهم، وبالشام محمد بن المصفى، والمسيب بن واضح وهشام بن عمار، ودحيم ابن اليتيم.
روى عنه أبو العباس الكوكبي، وأبو حامد ابن الشرقي، وأبو بكر بن علي وأبو عبد الله بن يعقوب، وهم حفاظ بلدنا] «2» .
وقال غيره: توفي سنة ثمان «3» وثمانين ومئتين.
[9613] أحمد بن خالد، رجل من أهل دمشق
قال أحمد بن خالد:
إن محمد بن صالح بن بيهس «4» قال لبني حنظلة وجماعة من وجوه أهل المزّة «5» بحضرة عبد الله بن طاهر: سترتم أبا العميطر «6» ومسلمة المرواني «7» خلافا على أمير المؤمنين؟ فقالوا له: نحن لم نسترهم حتى خلعوا أنفسهم مما تسمّوا به.(71/100)
[9614] أحمد بن الخضر بن بكر بن حمّاد ابن الخاضب أبو بكر الإمام
حدث عن أبي عمر بن كودك بسنده عن زياد بن أبي زياد «1» قال: سمعت أنس بن مالك يقول:
ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني: عمر بن عبد العزيز، وهو على المدينة.
[9615] أحمد بن خلف [الدمشقي] «2»
حدث عن أحمد بن أبي الحواري بسنده عن علقمة بن الحارث «3» قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا سابع سبعة من قومي، فسلّمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّ علينا، وكلمناه فأعجبه كلامنا، فقال: «ما أنتم؟» قلنا: مؤمنون، قال: «لكلّ قول حقيقة، فما حقيقة إيمانكم؟» قلنا: خمس عشرة خصلة، خمس [منها] «4» أمرتنا بها رسلك [أن نؤمن بها] «5» ، وخمس أمرتنا بها «6» وخمس تخلقنا بها في الجاهلية، ونحن عليها إلى الآن، إلّا أن تنهانا يا رسول الله. قال: «وما الخمس التي أمرتكم بها» «7» ؟ قالوا: أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، وبالقدر خيره وشره. قال: «وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي؟» «8» قلنا: أمرتنا رسلك أن نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، ونقيم الصلاة المكتوبة، ونؤتي الزكاة المفروضة، ونصوم شهر رمضان، ونحج البيت إن استطعنا إليه السبيل.(71/101)
قال: «وما الخصال التي تخلقتم بها في الجاهلية؟» قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والصدق «1» في مواطن اللقاء، والرضا بمرّ القضاء، وترك الشماتة إذا حلت بالأعداء «2» .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فقهاء، أدباء، كادوا يكونون أنبياء من خصال ما أشرفها» ، وتبسّم إلينا ثم قال: «وأنا أوصيكم بخمس خصال. لتكمل لكم خصال الخير: لا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تتنافسوا فيما غدا عنه تزولون، واتقوا الله الذي يعني أنتم إليه راجعون وعليه تقدمون، وارغبوا فيما إليه تصيرون وفيه تخلدون»
[13942] .
[9616] أحمد بن خلف الدمشقي، نزيل بخارى
حدث عن أبيه قال: سمعت الرّبيع يقول: قال الشافعي:
الشرب في الخزف لا تطيب به نفسي، أخاف أن يكون طرحوا في التراب النجاسة والنار لا تطهره عندي، والشرب في الصّفر «3» والنحاس ربما ظهر في الماء رائحته فأفسده، والشرب في الرصاص يضر الجوف، والشرب في الفضة حرام، فلا شيء أصلح من الشرب في الزجاج.
قال الربيع:
وكان الشافعي أكثر شربه في كوز زجاج، أو قدح زجاج.
[9617] أحمد بن خليد بن يزيد، أبو عبد الله الكندي الحلبي
سمع بدمشق، وبحلب، وبالثغور، وبالحجاز، وبحمص، وبالعراق. [سمع بحلب زهير بن عباد الرؤاسي، وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، ومحمد بن أبي أسامة الحلبي، وعبيد بن جناد الحلبي القاضي، وأبا توبة الربيع بن نافع الحلبي،
__________
[9617] ترجمته في بغية الطلب 2/730 وسير أعلام النبلاء 11/44 (2453) (ط دار الفكر) .(71/102)
وبالثغور محمد بن عيسى الطباع، وإبراهيم بن مهدي المصيصي، وإسحاق بن عبد الله الأذني التميمي، وعبد الله بن السري الأنطاكي، وسعيد بن رحمة، وعبد الرحيم بن مطرف السروجي، وبدمشق: عبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي، وبحمص: أبا اليمان الحكم بن نافع، وعبد الله بن جعفر الرقي، وبالحجاز: عبد الله بن الزبير الحميدي، واسماعيل بن أبي أويس، وبالعراق: أبا نعيم الفضل بن دكين، وحدث بحلب عنهم، وعن محمد بن معاوية النيسابوري، وأبي الحسين يوسف بن يونس الأفطس.
روى عنه: أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن يزيد قاضي حلب، وأبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبيان، وأبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف بن بريد الكوفي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن علي المصيصي، وأبو بكر أحمد بن مروان المالكي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وأبو عبد الله عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وعمر بن محمد بن سليمان العطار نزيل مصر، وأبو زرعة أحمد بن شبيب الصوري، وأبو عبد الله أحمد بن جعفر بن أحمد الحاضري الحلبي، وأبو بكر محمد بن بركة برداعس، وأحمد بن سعيد ابن أم سعيد] «1» .
حدث عن عبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي بسنده عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا طلاق لمن لا يملك، ولا عتاق لمن لا يملك»
[13943] .
وحدث عن أبي نعيم الفضل بن دكين بسنده عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلّا مع زوجها، أو ابنها، أو ذي رحم»
[13944] .
وقيل: أو ذي محرم.
وحدث بسنده عن أبي كبشة الأنماري قال:
خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة من مغازيه، فنزل منزلا فأتيناه فيه فرفع يديه وقال:
«الإيمان يمان والحكمة ها هنا، إلى لخم وجذام»
[13945] .
وحدث بحلب سنة ثمان وسبعين ومئتين عن يوسف بن يونس الأفطس بسنده عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(71/103)
إذا كان يوم القيامة دعا الله عبدا من عبيده فيوقفه بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله «1» .
[قال الذهبي] :
[كان صاحب رحلة ومعرفة، وطال عمره. ما علمت به بأسا] «2» .
[قال ابن العديم] : [أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي العلاء قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي أن أبا الحسن الدارقطني ذكر هذا الحديث، يعني حديث الجاه، فقال: يوسف بن يونس الأفطس ثقة، وهو أخو أبي مسلم المستملي، وأحمد بن خليد ثقة أيضا.
قال أبو الحسن الدارقطني: وحدثني الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ الحلبي أن هذا الحديث كان في كتاب أحمد بن خليد عن يوسف بن يونس عن سليمان بن بلال عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر، وقد درس متنه ودرس إسناد الحديث الذي بعده، وبعده هذا الكلام، فكتبه بعض الوراقين عنه.
قال أبو الحسن الخلعي: أخبرنا أبو العباس الأشبيلي قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن خليد بن يزيد الحلبي قال: حدثنا محمد بن معاوية النيسابوري قال: حدثنا الوليد بن بكير عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله قال:
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة الصوم والصلاة تؤجروا وتجبروا وترزقوا وتنصروا»
[13946] .
وذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في تاريخ الثقات في الطبقة الرابعة قال:
أحمد بن خليد أبو عبد الله الحلبي، يروي عن أبي اليمان، وقد سمع أبو اليمان(71/104)
صفوان بن عمرو وحريز بن عثمان، وقد رويا جميعا عن عبد الله بن بسر، مات بعد الثمانين.
قال أبو عمرو بن منده: أخبرنا أبي أبو عبد الله قال:
أحمد بن خليد الحلبي حدث عن أبي نعيم، مات بعد الثمانين.
قال أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب: سمعت منصور بن عبد الله يقول:
سمعت علي بن محمود بن داود بن أبي الفهم القاضي التنوخي يقول: توفي أحمد بن خليد بن يزيد الكندي سنة تسع وثمانين ومئتين] «1» .
[9618] أحمد بن الخير الأنطرطوسي «2» الإمام من عمل طرابلس «3» ، إمام جامع انطرطوس.
حدث بها عن أبي ثوبان مزداد بن جميل بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«صلّوا العشاء قبل أن يكسل الكبير وينام الصغير»
[13947] .(71/105)
من اسم أبيه على حرف الدال المهملة [من الأحمدين]
[9619] أحمد بن داود
من العبّاد. حدث أحمد بن أبي الحواري قال:
سمعت أبا سليمان الداراني يقول لأحمد بن داود: يا بن داود، إن الناس كلهم قد عملوا على الرجاء، فإن استطعت أنت وحدك تعمل على الخوف فاعمل.
حدث أحمد بن داود قال:
بينما سليمان بن داود يمشي مع أبيه، وهو غلام، إذ سمع صوت الرعد، فخّر ولصق بفخذ أبيه داود فقال له: يا بني هذا صوت مقدمات رحمته، فكيف لو سمعت صوت مقدمات غضبه؟
[9620] أحمد بن داود بن أبي نصر- ويقال: ابن نصر ويقال: ابن نصير- أبو بكر الحنظلي القومسي السمناني
سمع بدمشق وغيرها.
[وحدث عن هدبة بن خالد، وشيبان بن فروخ، وعبد الله بن عمر الخطابي، وأبي
__________
[9620] ترجمته في تاريخ بغداد 4/141 والأسامي والكنى للحاكم 2/206 رقم 653. والقومسي بضم القاف وسكون الواو وفي آخرها سين مهملة، كما في اللباب، وضبطها ياقوت بالضم ثم السكون وكسر الميم كما في معجم البلدان 4/303 هذه النسبة إلى قومس، ناحية، ويقال لها بالفارسية كومش وهي من بسطام إلى سمنان، وهي على طريق خراسان كما في الأنساب (4/559) . والسمناني: بكسر السين وفتح الميم، نسبة إلى سمنان، بلدة بين الدامغان وخوار الري، وهي بلدة من بلاد قومس.(71/106)
بكر ابن أبي شيبة، وإبراهيم بن اسماعيل الكهيلي، وهشام بن عمار، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، ومحمد بن مصفى، وحرملة بن يحيى، ومحمد بن حميد الرازي.
روى عنه: محمد بن عمرو بن موسى العقيلي، وأبو العباس بن عبدة] «1» .
حدث عن محمد بن حميد الرازي بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«يأتي على الناس زمان يخيّر الرجل بين العجز والفجور، فمن أدرك ذلك فليختر العجز على الفجور»
[13948] . وحدث عن مسروق بن المرزبان بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن أعجز الناس من عجز بالدعاء، وإنّ أبخل الناس من بخل بالسلام»
[13949] .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أخبرنا علي بن أبي علي قال: قرأنا على الحسين بن هارون عن ابن سعيد قال:
أحمد ابن داود بن أبي نصر القومسي، صاحب حديث فهم. سمعت محمد بن عبد الله بن سليمان يثني عليه وعلى أخيه] «3» .
وحدث عن هشام بن عمار بسنده عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم:
في قول الله عز وجل كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ
[سورة الرحمن، الآية: 29] قال: «من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين»
[13950] .
[قال أبو أحمد الحاكم] :
[أبو بكر أحمد بن داود بن أبي نصر السمناني، سمع محمد بن أبي السري العسقلاني، وأبا عبد الملك صفوان بن صالح الدمشقي. كناه لي علي بن كثير] «4» .
توفي سنة خمس وتسعين ومئتين «5» .(71/107)
[9621] أحمد بن أبي دؤاد القاضي
وهو أحمد بن أبي دواد- اسم أبي دواد: فرج- وقيل: دعميّ «1» - بن جرير «2» بن مالك ابن عبد الله بن عبّاد بن سلام بن مالك بن عبد هند بن لخم بن مالك بن قنص «3» بن منعة بن برجان «4» بن دوس بن الدّئل بن أميّة بن حذاقة بن زهر بن إياد بن نزار بن معدّ بن عدنان.
قدم دمشق في صحبة المعتصم مجتازا إلى مصر. حماها الله تعالى. قال المأمون «5» لأحمد بن أبي دؤاد:
ما اسم أبيك؟ قال: هو اسمه. يعني الكنية. والصحيح «6» أن اسمه كنيته. ولي ابن أبي دؤاد قضاء القضاة للمعتصم ثم للواثق، وكان موصوفا بالجود والسخاء وحسن الخلق ووفور الأدب، غير أنه أعلن بمذهب الجهمية «7» ، وحمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن.
[قال أبو بكر الخطيب] :
[أخبرني الصيمري، أخبرنا المرزباني، أخبرني الصولي.
حدثنا الحسين بن فهم قال] «8» :
__________
[9621] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) وتاريخ بغداد 4/141 والوافي بالوفيات 7/281 وسير الأعلام 9/428 (1869) (ط دار الفكر) وميزان الاعتدال 1/124 (449) (ط دار الفكر) ولسان الميزان 1/171 والبداية والنهاية وشذرات الذهب 2/93 ووفيات الأعيان 1/81 وتاريخ الإسلام (231- 240) ص 40 وفي سير أعلام النبلاء: دواد، بدون همز.(71/108)
قال ابن النطاح:
أحمد بن أبي دؤاد من قبيلة يقال لهم بنو زهر، إخوة قوم يعرفون بحذاق.
قال الصولي «1» :
وذكر أبو تمام الطائي هذا في خطابه لابن أبي دؤاد فقال:
فالغيث من زهر سحابة رأفة والرّكن من شيبان طود حديد
لأن ابن أبي دؤاد كان غضب عليه فشفع فيه خالد بن يزيد الشيباني فلتلك قال «2» :
والركن من شيبان ...
وحكى الصولي عن أبي العيناء عنه أنه قال:
ولدت سنة ستين ومئة بالبصرة «3» .
[قال أبو بكر الخطيب] «4» : [أخبرني الصيمري قال: حدثنا المرزباني، حدثني اسماعيل بن محمد عن محمد بن يزيد قال] «5» : قال أبو الهذيل «6» :
دخلت على ابن أبي دؤاد وابن أبي حفصة ينشده:
فقل للفاخرين على نزار ومنها خندف وبنو إياد
رسول الله والخلفاء منّا ومنّا أحمد بن أبي دؤاد
فقال لي أبو عبد الله: كيف تسمع يا أبا الهذيل؟ فقلت: هذا «يضع الهناء مواضع النّقب» «7» .
[وقال المرزباني: أخبرني علي بن يحيى قال] «8» :(71/109)
قال أبو هفان «1» :
لما قال مروان بن أبي الجنوب «2» في ابن أبي دؤاد:
رسول الله والخلفاء منّا ومنا أحمد بن أبي دؤاد
قلت: أنقض عليه:
فقل للفاخرين على نزار وهم في الأرض سادات العبادرسول الله والخلفاء منا ونبرأ من دعيّ بني إياد
وما منا إياد إذ أقرّت بدعوة أحمد بن أبي دواد
فقال «3» ابن أبي دؤاد: ما بلغ مني أحد ما بلغ هذا الغلام المهزميّ، لولا أني أكره أن أنبّه عليه لعاقبته عقابا لم يعاقب أحد مثله، جاء إلى منقبة كانت لي فنقضها، عروة بعروة.
قال يعقوب بن أبي إسحاق الصائغ:
لما وجّه المأمون بأبي إسحاق المعتصم إلى مصر وعقد له من باب الأنبار «4» إلى أقصى الغرب قال ليحيى بن أكثم «5» : ينبغي أن ترتاد لي رجلا لبيبا، له علم وأمانة، أنفذه مع أبي إسحاق، وأولّيه المظالم في أعماله، وأتقدم إليه سرّا بمكاتبتي سرّا بأخباره وما يجري عليه أموره، وبما يظهر ويبطن، وما يرى من أمور قواده وخاصّته، وكيف تدبيره في الأموال وغيرها، فإنّي لست أثق بأحد ممن يتولّى البريد، وما أحب أن أجشمه بتقليد صاحب البريد عليه، فقال: يا أمير المؤمنين، عندي رجل من أصحابه أثق بعقله ورأيه وصدقه، فقال: جئني به في يوم كذا.
فصار يحيى بأحمد بن أبي دؤاد إلى المأمون فكلّمه فوجده فهما راجحا فقال له: أريد إنفاذك مع أخي أبي إسحاق وأريد أن تكتب بأخباره سرّا وتفتقد أحواله وأموره وتدبيره وخبر خاصته وخلواته، وتنفذ كتبك بذلك إلى يحيى بن أكثم مع ثقاتك، فقال له أحمد: أبلغ لك(71/110)
في ذلك فوق ما قدرته عندي، فجمع المأمون بين أحمد بن أبي دؤاد وبين المعتصم وقال:
قد اخترت لك هذا الرجل، فضمّه إليك، فأخذه المعتصم. فلما بلغوا الأنبار وافت كتب البريد بموافاة المعتصم للأنبار، فقال المأمون ليحيى: ترى ما كان من بغداد إلى الأنبار خبر يكتب به صاحبك إليك؟ فقال يحيى: لعله يا أمير المؤمنين لم يحدث خبر تجب المكاتبة به.
وكتب يحيى إلى أحمد يعنّفه ويخبره إنكار أمير المؤمنين تأخّر كتبه، فوقف أحمد على الكتاب واحتفظ به ولم يجب عنه، وشخص المعتصم حتى وافى الرحبة «1» ، ولم يكتب أحمد بحرف واحد من أخبار المعتصم، وكتب أصحاب البريد بموافاة المعتصم للرحبة وأخبار عسكره، فتضاعف إنكار المأمون على يحيى، وكتب يحيى إلى أحمد وأغلظ له المخاطبة وأسمعه المكروه، فورد الكتاب على أحمد فقرأه واحتفظ به.
وسار المعتصم من الرحبة حتى وافى الرقة «2» فتضاعف إنكار المأمون على يحيى وقال له: يا سخين العين «3» ، هذا مقدار رأيك وعقلك اللئيم إلّا أن تكون غررتني متعمدا. فكتب إلى أحمد كتابا يشتمل على إيعاد، وإرهاب، وتحذير، وتخويف، وخاطبه بأفحش مخاطبة؛ فورد الكتاب على أحمد فقرأه واحتفظ به.
وأمر المأمون عمرو بن مسعدة «4» أن يكتب إلى المعتصم يأمره بالبعثة بأحمد بن أبي دؤاد مشدودة يده إلى عنقه مثقلا بالحديد محمولا على غير وطاء «5» ، فورد الكتاب على المعتصم.
ودخل أحمد بن أبي دؤاد إليه وهم بالرّقّة ما جاوزوها، فرأى المعتصم كئيبا، مغموما، فقال: أيها الأمير، أراك مفكرا، وأرى لونك حائلا. فقال: نعم، الكتاب ورد عليّ من أجلك، ونبذ إليه بالكتاب، فقرأه أحمد، فقال له المعتصم: تعرف لك ذنبا يوجب ما كتب به(71/111)
أمير المؤمنين؟ قال: ما اقترفت ذنبا، إلّا أن أمير المؤمنين لا يستحلّ هذا مني إلّا بحجة، فما الذي عند الأمير فيما كتب به إليه؟ فقال: أمر أمير المؤمنين لا يخالف، لكني أعفيك من الغلّ والحديد وأحملك على حال لا توهنك «1» ، وأوجهك مع غلام من غلماني أتقدم إليه بترفيهك وأن لا يعسفك «2» ، فشكره وقال: إن رأيت أن تأذن لي في المصير إلى منزلي ومعي من يراعيني «3» إلى أن أعود فافعل. فقال له: امض ووجّه معه خادما، فصار أحمد إلى منزله واستخرج الكتب الثلاثة ورجع إلى المعتصم فأقرأه إياها، وقال: إنما بعثت لأكتب بأخبارك وأتفقّد أحوالك، وأكاتب يحيى بذلك ليقرأه على أمير المؤمنين، فخالفت ذلك لما رجوته من الحظوة عندك ولما أمّلته منك، فاستشاط المعتصم غضبا، وكاد يخرج من ثيابه غيظا، وتكلم في يحيى بكلّ مكروه، وتوعّده بكلّ بلاء، وقال لأحمد: يا هذا، لقد رعيت «4» لنا رعاية لم يتقدمها إحساننا إليك، وحفظت علينا ما نرجو أن يتسع لمكافأتك عليه، ومعاذ الله أن أسلمك أو تنالك يد ولي قدرة على منعها منك، أو أوثر خاصة أو حميما عليك ما امتد بي عمر، فكن معي فأمرك نافذ في كلّ ما ينفذ فيه أمري، ولم يجب المأمون على كتابه، ولم يزل معه إلى أن ولي الخلافة، وإلى أن ولي الواثق، وإلى أيام المتوكل، فأوقع به.
نقلته مختصرا.
قال أبو نصر بن ماكولا «5» :
دؤاد: بضم الدال المهملة وفتح الواو المخففة: أحمد بن أبي دواد قاضي المعتصم والواثق، [واسم أبي دواد فرج] «6» كان موصوفا بجودة الرأي والكرم، وهو الذي امتحن العلماء بالقول في القرآن، وبدعوتهم إلى خلق القرآن «7» .(71/112)
[قال أبو بكر الخطيب] «1» : [أخبرني الصيمري، أخبرنا المرزباني أخبرني محمد بن يحيى، قال] «2» :
كان يقال «3» : أكرم من كان في دولة بني العباس البرامكة ثم ابن أبي دؤاد، لولا ما وضع [به] «4» نفسه من محبة المحنة لا جتمعت الألسن عليه، ولم يضف إلى كرمه كرم أحد.
وكان شاعرا مجيدا فصيحا بليغا «5» .
قال أبو العيناء:
ما رأيت رئيسا أفصح ولا أنطق من ابن أبي دواد «6» .
حدث حريز «7» بن أحمد بن أبي دواد أبو مالك قال «8» : كان أبي إذا صلّى رفع يده إلى السماء وخاطب ربه وأنشأ يقول:
ما أنت بالسّبب الضّعيف وإنّما نجح الأمور بقوّة الأسبابفاليوم حاجتنا إليك وإنّما يدعى الطبيب لساعة «9» الأوصاب
قال محمد بن بوكرد «10» :
لم يكن لقاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد أخ من الإخوان إلّا بنى دارا على قدر كفايته، ثم وقف على ولد الإخوان ما يغنيهم أبدا، ولم يكن لأحد من إخوانه ولد إلا من جارية هو وهبها له.(71/113)
[قال أبو بكر الخطيب] :
[أخبرنا الصيمري حدثنا المرزباني، أخبرني الصولي، حدثني أحمد بن إسماعيل حدثني سعيد بن حميد قال] «1» :
دخل أبو تمام الطائي على أحمد بن أبي دؤاد فقال له: أحسبك عاتبا يا أبا تمام؟ قال:
إنما يعتب على واحد، وأنت الناس جميعا فكيف يعتب عليك؟ فقال: من أين هذه يا أبا تمام؟ قال: من قول الحاذق- يعني: أبو نواس- للفضل به الربيع:
وليس لله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد
قال علي الرازي «2» :
رأيت أبا تمام عند ابن أبي دؤاد، ومعه رجل ينشد عنه:
لقد أنست مساوىء كلّ دهر محاسن أحمد بن أبي دؤاد
وما سافرت في الآفاق إلا ومن جدواك راحلتي وزادي
يقيم «3» الظنّ عندك والأماني وإن قلقت ركابي في البلاد
فقال ابن أبي دؤاد: هذا المعنى تفردت به أو أخذته؟ قال: هو لي وقد ألمحت فيه بقول أبي نواس «4» :
وإن جرت الألفاظ يوما بمدحة لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني
قال مسبّح بن حاتم «5» :
لقيني قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد فقال بعد أن سلّم عليّ: ما يمنعك أن تسألني؟(71/114)
فقلت له: إذا سألتك فقد أعطيتك ثمن ما أعطيتني. فقال لي: صدقت. وأنفذ إليّ خمسة آلاف درهم.
قال أبو خليفة الفضل بن الحباب «1» :
كان في جوارنا رجل حذّاء «2» فاحتاج في أمر له أن يتظلم إلى الواثق [فشخص إلى سرّ من رأى، ثم عاد] «3» فأخبرنا أنه رفع قصته إليه فأمر بردّه إلى ابن أبي دؤاد مع جماعة من المتظلمين قال: فحضرت إليه ينظر في أمور الناس، وتشوّفت «4» لينظر في أمري فأومأ إليّ بالانتظار، فانتظرت حتى لم يبق أحد فقال لي: أتعرفني؟ قلت: ولا أنكر القاضي. قال:
ولكني أعرفك، مضيت يوما في الخلاء «5» فانقطعت نعلي، وأعطيتني شسعا لها، فقلت لك: إنّي أجيئك بثواب ذلك، فتكرهت قولي، وقلت: وما مقدار ما فعلت، امض في حفظ الله، والله لأصلحنّ زمانك كما أصلحت نعلي، ثم وقع لي في ظلامتي، ووهب لي خمس مئة درهم، وقال: زرني في كل وقت. قال: فرأيناه بمتسع الحال بعد أن رأيناه مضيّقا.
حدث أبو مالك حريز بن أحمد بن أبي دؤاد قال «6» :
قال الواثق يوما لأبي- تضجرا «7» بكثرة حوائجه-: يا أحمد، قد اختلت بيوت الأموال بطلبائك «8» ، اللائذين بك والمتوسلين إليك فقال: يا أمير المؤمنين، نتائج شكرها متصلة بك، وذخائر أجرها مكتوبة لك، وما لي من ذلك إلا عشق اتّصال الألسن بحلو المدح فيك.
فقال: يا أبا عبد الله، والله لا منعناك ما يزيد في عشقك، ويقوّي من همتك، فتناولنا بما أحببت.
[قال أبو بكر الخطيب] «9» : [أخبرني الحسين بن علي الحنفي، حدثنا محمد بن عمران(71/115)
الكاتب، حدثنا الصولي] «1» ، حدثنا الحارث بن [أبي] «2» أسامة «3» :
أمر الواثق لعشرة من بني هاشم بعشرة آلاف درهم على يد ابن أبي دؤاد، فدفعها إليهم فكلمه نظراؤهم ففرق فيهم عشرة آلاف درهم لعشرة مثل أولئك من عنده على أنها من عند الواثق، فبلغه ذلك فقال له: يا أبا عبد الله، مالنا أكثر من مالك، فلم تغرم وتضيف ذلك إلينا؟ فقال: والله، يا أمير المؤمنين لو أمكنني أن أجعل ثواب حسناتي لك، وأجهد في عمل غيرها لفعلت، وكيف أبخل بمال أنت ملكتنيه، على أهلك الذين يكثرون الشكر، ويتضاعف بهم الأجر؟ قال: فوصله بمئة ألف درهم، ففرّق جميعها في بني هاشم. قال محمد بن عمرو الرومي «4» :
ما رأيت قط أجمع رأيا من ابن أبي دؤاد، ولا أحضر حجة، قال له الواثق: يا عبد الله، رفعت إليّ رقعة وفيها كذب كبير، قال: ليس بعجب أن أحسد على منزلتي من أمير المؤمنين، فيكذب عليّ قال: زعموا فيها أنك ولّيت القضاء رجلا ضريرا. قال: قد كان ذاك، وأمرته أن يستخلف، وكنت «5» عازما على عزله حين أصيب ببصره، فبلغني أنه عمي من بكائه على أمير المؤمنين المعتصم، فحفظت ذلك له.
قال: وفيها أنك أعطيت شاعرا ألف دينار- يعني أبا تمام «6» - قال: ما كان ذلك ولكن أعطيته دونها، وقد أثاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن زهير الشاعر، وقال في آخر «7» : «اقطع عني لسانه» . وهذا شاعر طائي مدّاح لأمير المؤمنين مصيب محسن، لو لم أرع له إلّا قوله للمعتصم صلوات الله عليه في أمير المؤمنين أعزه الله «8» :(71/116)
واشدد «1» بهارون الخلافة إنّه سكن لوحشتها ودار قرار
ولقد علمت بأنّ ذلك معصم ما كنت تتركه بغير سوار
قال: فوصل أبا تمام بخمس مئة دينار.
قال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي «2» :
قال أبو تمام حبيب بن أوس «3» :
أيسلبني ثراء المال ربّي وأطلب ذاك من كفّ جماد
زعمت إذا بأنّ الجود أمسى له ربّ سوى ابن أبي دؤاد
[قال أبو بكر الخطيب] «4» :
[أخبرني محمد بن الحسين القطان، أخبرنا محمد بن الحسن النقاش، أن أحمد بن يحيى ثعلبا أخبرهم قال] «5» : أخبرنا ابن الأعرابي قال «6» :
سأل رجل قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد أن يحمله على عير فقال: يا غلام، أعطه عيرا وبغلا وبرذونا وفرسا وجارية ثم قال: أما والله لو عرفت مركوبا غير هذا لأعطيتك.
[فشكر له الرجل، وقاد ذلك له ومضى] «7» .
قال أبو العيناء «8» :
ما رأيت في الدنيا أحدا أحرص على أدب من ابن أبي دؤاد، ولا أقوم على أدب منه، وذلك أنّي ما خرجت من عنده يوما قط فقال: يا غلام خذ بيده، بل كان يقول: يا غلام أخرج معه، فكنت أنتقد «9» هذه الكلمة عليه، فلا يخلّ بها ولا أسمعها من غيره.(71/117)
قال عون بن محمد الكندي «1» : عهدي بالكرخ ببغداد وإن رجلا لو قال: ابن أبي دؤاد مسلم قتل في مكانه، ثم وقع الحريق في الكرخ وهو الذي ما كان مثله قط، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم في الناس وقال: يا أمير المؤمنين، رعيتك في بلد آبائك ودار ملكهم نزل بهم هذا الأمر فاعطف عليهم بشيء يفرّق فيهم يمسك أرماقهم، ويبنون به ما انهدم عليهم، ويصلحون به أحوالهم، فلم يزل ينازله حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين، إن فرّقها عليهم غيري خفت ألا تقسم بالسويّة، فائذن لي في تولّي أمرها ليكون الأجر أكبر والثناء أوفر «2» . قال:
ذلك إليك، فقسمها على مقادير الناس، وما ذهب منهم نهاية ما يقدر عليه من الاحتياط، واحتاج إلى زيادة فازدادها من المعتصم. وغرم من ماله في ذلك غرما كبيرا، فكانت هذه من فضائله التي لم يكن لأحد مثلها.
قال عون:
فلعهدي بالكرخ بعد ذلك وإن إنسانا لو قال: زرّ ابن أبي دؤاد وسخ لقتل.
حدث علي بن الحسين الأسكافي قال «3» :
اعتل أحمد بن أبي دؤاد فعاده المعتصم فقام فتلقاه وقال له: قد شفاني الله بالنظر إلى أمير المؤمنين، فدعا له بالعافية وقال له: إنّي نذرت إن عافاك الله أن أتصدّق بعشرة آلاف دينار فقال له: يا أمير المؤمنين، اجعلها لأهل الحرمين، فقد لقوا من غلاء الأسعار عنتا «4» ، فقال:
نويت أن أتصدّق بها ها هنا، وأنا أطلق لأهل الحرمين مثلها، ثم نهض فقال له: أمتع الله الإسلام وأهله ببقائك يا أمير المؤمنين، فإنك كما قال النّمريّ لأبيك الرشيد:
إنّ المكارم والمعروف أودية أحلّك الله منها حيث تجتمع
من لم يكن بأمين الله معتصما فليس بالصّلوات الخمس ينتفعفقيل للمعتصم في ذلك، لأنه عاده وليس يعود إخوته وأخلاء «5» أهله، فقال المعتصم:(71/118)
كيف لا أعود رجلا ما وقعت عيني عليه قط إلّا ساق إليّ أجرا، أو أوجب لي شكرا، أو أفادني فائدة تنفعني في ديني ودنياي، وما سألني حاجة لنفسه قط.
قال محمد بن عبد الملك الزيات «1» :
كان رجل من ولد عمر بن الخطاب لا يلقى أحمد بن أبي دؤاد في محفل ولا وحده إلّا لعنه ودعا عليه، وابن أبي دؤاد لا يردّ عليه شيئا. قال: فعرضت لذلك الرجل حاجة إلى المعتصم فسألني أن أرفع له قصته إليه، فمطلته واتقيت «2» ابن أبي دؤاد، فلما ألحّ عليّ عزمت على أن أوصل قصته، وتذممت من مطلبي «3» . فدخلت ذات يوم على المعتصم وقصته معي واعتنمت غيبة ابن أبي دؤاد فرفعت قصته إليه، فهو يقرأها إذ دخل ابن أبي دؤاد والقصة في يد المعتصم، فلما قرأها دفعها إلى ابن أبي دؤاد، فلما نظر إليها، واسم الرجل في أولها قال: يا أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، يا أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، ينبغي أن يقضى لولده كلّ حاجة له، فوقّع له أمير المؤمنين بقضاء الحاجة.
قال محمد بن عبد الملك: فخرجت والرجل جالس فدفعت إليه القصة وقلت له:
تشكّر لأبي عبد الله القاضي فهو الذي اعتنق «4» قصتك، وسأل أمير المؤمنين في قضاء حاجتك. قال: فوقف حتى خرج ابن أبي دؤاد، فجعل يدعو له ويتشكر له، فقال له: اذهب عافاك الله فإنّي إنما فعلت ذلك لعمر بن الخطاب لا لك.
قال إسحاق بن إبراهيم «5» :
كنت عند الواثق يوما، وهو بالنجف «6» ، فدخل ابن أبي دؤاد، فقعد معنا نتحدث ولم يك خرج الواثق بعد، فقال لي أحمد بن أبي دؤاد: يا إسحاق قلت: لبيك، قال: أعجبني هذان البيتان، قلت: أنشدني فما أعجبك من شيء ففيه السرور، فأنشدني:
ولي نظرة لو كان يحبل ناظر بنظرته أنثى لقد حبلت منّي(71/119)
فإن ولدت ما بين تسعة أشهر إلى نظري أنثى فإن ابنها ابني «1»
فقلت: قد أجاد، ولكني أنشدك بيتين أرجو أن يعجباك قال: هات، فأنشدته:
ولما رمت بالطّرف غيري ظننتها كما أثّرت بالطّرف توثر بالقلب
وإنّي بها في كل حال لواثق ولكنّ سوء الظّن من شدّة الحبّقال: أحسنت يا إسحاق، وخرج الواثق فقال: فيم أنتم! فحدثه ابن أبي دؤاد وأنشده، فأمر له «2» بعشرة آلاف درهم، وأمر لابن أبي دؤاد بثلاثين ألفا، فلما رجعت إلى منزلي أصبت في منزلي أربعين ألفا فقلت: ما هذا؟ فقيل وجّه إليك أبو عبد الله بهذا.
[قال أبو بكر الخطيب] «3» : [أخبرني الحسين بن علي النخعي، حدثنا محمد بن عمران، أخبرني ابن دريد] «4» قال الحسن بن خضر «5» : كان ابن أبي دؤاد مألفا «6» لأهل الأدب من أي بلد كانوا، وكان قد ضم إليه جماعة يعولهم ويمونهم. فلما مات اجتمع ببابه جماعة منهم فقالوا: يدفن من كان على ساقة الكرم وتاريخ الأدب ولا نتكلم فيه؟ إنّ هذا لوهن وتقصير، فلما طلع سريره قام ثلاثة نفر فقال أحدهم:
اليوم مات نظام الفهم واللّسن ومات من كان يستعدى «7» على الزّمن
وأظلمت سبل الآداب إذ حجبت شمس المعارف «8» في غيم من الكفن
وتقدم الثاني فقال:
ترك المنابر والسّرير تواضعا وله منابر لو يشا وسرير
ولغيره يجبى الخراج وإنما تجبى إليه محامد وأجور
وقام الثالث فقال:(71/120)
وليس نسيم المسك «1» ريح حنوطه ولكنّه ذاك الثّناء المخلّف
وليس صرير النّعش ما تسمعونه «2» ولكنها أصلاب قوم تقصّف
قال الحسن بن ثواب «3» :
سألت أحمد بن حنبل عمن يقول القرآن مخلوق قال: كافر. قلت فابن أبي دؤاد؟ قال:
كافر بالله العظيم. قلت: بماذا كفر؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال الله تعالى: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
[سورة البقرة، الآية: 120] فالقرآن من علم الله، فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم. قال علي بن الموفق «4» :
ناظرت قوما أيام المحنة. قال: فنالوني بما أكره، فعدت إلى منزلي وأنا مغموم بذلك، فقدمت إليّ امرأتي عشاء، فقلت لها: لست آكل، فرفعته، ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم داخل المسجد وفي المسجد حلقتان يعني: إحداهما فيها أحمد بن حنبل وأصحابه، والأخرى فيها ابن أبي دؤاد وأصحابه، فوقف بين الحلقتين وأشار بيده فقال: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ
[سورة البقرة، الآية: 120] وأشار إلى حلقة ابن أبي دؤاد فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ
[سورة الأنعام، الآية: 89] وأشار إلى الحلقة التي فيها أحمد بن حنبل.
قال محمد بن يحيى الصولي:
كان المتوكل يوجب لأحمد بن أبي دؤاد ويستحيي أن ينكبه، وإن كان يكره مذهبه، لما كان يقوم به من أمره أيام الواثق، وعقد الأمر له والقيام به من بين الناس، فلما فلج أحمد بن أبي دؤاد في جمادى الآخرة «5» سنة ثلاث وثلاثين ومئتين أول ما ولي المتوكل الخلافة ولّى المتوكل ابنه محمد بن أحمد أبا الوليد القضاء ومظالم العسكر مكان أبيه، ثم عزله عنها يوم(71/121)
الأربعاء لعشر بقين من صفر سنة أربعين ومئتين، ووكل بضياعه وضياع أبيه ثم صولح على ألف ألف دينار، وأشهد على ابن أبي دؤاد وابنه بشراء ضياعهم وحدرهم إلى بغداد، وولى يحيى بن أكثم ما كان إلى ابن أبي دؤاد «1» .
وهجاهما علي بن الجهم وغيره، [ومما قاله علي بن الجهم يهجو أحمد بن أبي دؤاد، يشمت به لما نفاه المتوكل] «2» :
[يا أحمد بن أبي دؤاد دعوة بعثت إليك جنادلا وحديدا
ما هذه البدع التي سميتها بالجهل منك العدل والتوحيدا
أفسدت أمر الدين حين وليته ورميته بأبي الوليد وليدا] «3»
[وقال علي بن الجهم لما فلج أحمد بن أبي دؤاد] «4» :
[لم يبق منك سوى خيالك لامعا فوق الفراش ممهدا بوساد
فرحت بمصرعك البرية كلها من كان منهم موقنا بمعاد
إن الأسارى في السجون تفرجوا لما أتتك مواكب العواد] «5»
قال محمد بن الواثق «6» الذي يقال له المهتدي بالله «7» : كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس، فأتي بشيخ مخضوب «8» مقيد، فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه- يعني ابن أبي دؤاد- قال: فأدخل الشيخ [والواثق] «9» في مصلّاه. قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال له: لا سلم الله عليك.(71/122)
فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدّبك مؤدّبك. قال الله تعالى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها
[سورة النساء، الآية: 86] والله ما حييتني بها ولا أحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، الرجل متكلم، فقال له: كلّمه. فقال: يا شيخ ما تقول في القرآن؟ قال الشيخ: لم تنصفني- يعني ولي السؤال- فقال له: سل، فقال له الشيخ:
ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ فقال: شيء لم يعلموه؟ فقال:
سبحان الله شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت؟!. قال: فخجل، وقال: أقلني: قال: والمسألة بحالها، قال: نعم، قال: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟. فقال: علموه ولم يدعوا الناس إليه، قال: أفلا وسعك ما وسعهم. قال: ثم قام أبي فدخل مجلس الخلوة واستلقى على قفاه، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت، سبحان الله شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه؟ أفلا وسعك ما وسعهم؟ ثم دعا عمارا الحاجب فأمر أن يرفع عنه القيود ويعطيه أربع مئة دينار، ويأذن له في الرجوع، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد ولم يمتحن بعد ذلك أحدا.
ومما قيل في ابن أبي دؤاد:
إلى كم تجعل الأعراب طرّا ذوي الأرحام منك بكلّ واد
تضمّ على لصوصهم جناحا لتثبت دعوة لك في إيادفأقسم أنّ رحمك في إياد كرحم بني أميّة من زيادقال عبد العزيز بن يحيى المكي «1» :(71/123)
دخلت على أحمد بن أبي دؤاد، وهو مفلوج، فقلت: إني لم آتك عائدا، ولكني جئت لأحمد الله على أن سجنك في جلدك.
قال أبو يوسف يعقوب بن موسى بن الفيرزان «1» ابن أخي معروف الكرخي قال «2» :
رأيت في المنام كأني وأخا لي نمرّ على نهر عيسى «3» على الشط، وطرف عمامتي بيد أخي هذا، فبينا نحن نمشي إذا امرأة تقول لصديقي هذا: ما تدري ما حدث الليلة؟ أهلك الله ابن أبي دؤاد. فقلت أنا لها: وما كان سبب هلاكه؟ قالت: أغضب الله عليه فغضب عليه من فوق سبع سماوات.
قال يوما سفيان بن وكيع لأصحابه «4» :
تدرون ما رأيت الليلة؟ - وكانت الليلة التي رأوا فيها النار ببغداد وغيرها- قال: رأيت كأن جهنم زفرت فخرج منها اللهب، أو نحو هذا الكلام. فقلت: ما هذا؟ قال: أعدّت لابن أبي دؤاد.
قال المغيرة بن محمد المهلبي «5» :
مات أبو الوليد محمد بن أحمد بن أبي دؤاد- وهو وأبوه منكوبان- في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومئتين، ومات أبوه في المحرم سنة أربعين ومئتين يوم السبت لتسع «6» بقين منه فكان بيته وبين ابنه شهر أو نحوه، ودفن في داره ببغداد وصلّى عليه ابنه العباس.
[قال أبو روق الهزاني: حكى لي ابن ثعلبة الحنفي عن أحمد بن المعذل أن ابن أبي دؤاد كتب إلى رجل من أهل المدينة: إن تابعت أمير المؤمنين في مقالته استوجبت حسن المكافأة.(71/124)
فكتب إليه:
عصمنا الله وإياك من الفتنة، الكلام في القرآن بدعة يشترك فيها السائل والمجيب، تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما ليس عليه. ولا نعلم خالقا إلّا الله، وما سواه مخلوق إلّا القرآن، فإنه كلام الله] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» : [أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا إبراهيم الختلي، حدثنا أبو يعقوب- يعني ابن أخي معروف الكرخي قال: أخبرني من أثق به من إخواننا قال: رأيت في المنام كأن أبي التقم يدي اليمني فقال لي أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ
منهم ابن أبي دؤاد إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
قال: إسحاق. وحدثني أبو عبد الله البراثي- صديقنا وكان من الأبدال- قال رأيت قبل دخول الناس بغداد كأن قائلا يقول لي: ما علمت ما فعل الله بابن أبي دؤاد؟ حسر لسانه فأخرسه، وجعله للناس آية.
قرأت على محمد بن الحسين القطان عن دعلج بن أحمد عن أحمد بن علي الأبار، حدثنا الحسن بن الصباح قال: سمعت خالد بن خداش قال: رأيت في المنام كأن آتيا أتاني بطبق فقال: اقرأه فقرأت، بسم الله الرحمن الرحيم، ابن أبي دؤاد يريد أن يمتحن الناس فمن قال: القرآن كلام الله كسي خاتما من ذهب فصه ياقوتة حمراء، وأدخله الله الجنة وغفر له، أو قال: غفر له، ومن قال: القرآن مخلوق جعلت يمينه يمين قرد، فعاش بعد ذلك يوما أو يومين ثم يصير إلى النار] «3» .
[قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول:
استتيب ابن أبي دؤاد من القرآن مخلوق في ليلة ثلاث مرات. يتوب ثم يرجع] «4» .(71/125)
[قال ابن خلكان] «1» :
[قيل: إن أصلهم من قرية قنسرين، واتجر أبوه إلى الشام وأخرجه معه وهو حدث فنشأ أحمد في طلب العلم وخاصة الفقه والكلام حتى بلغ ما بلغ وصحب هياج بن العلاء السلمي، وكان من أصحاب واصل بن عطاء. فصار إلى الاعتزال. وقال إبراهيم بن الحسن: كنا عند المأمون فذكروا من بايع من الأنصار ليلة العقبة، فاختلفوا في ذلك، ودخل ابن أبي دؤاد، فعدهم واحدا واحدا بأسمائهم وكناهم وأنسابهم، فقال المأمون: إذا استجلس الناس فاضلا فمثل أحمد، فقال أحمد: بل إذا جالس العالم خليفة فمثل أمير المؤمنين الذي يفهم عنه، ويكون أعلم بما يقوله منه ومن كلام أحمد:
ليس بكامل من لم يحمل وليه على منبر ولو أنه حارس، وعدوه على جذع ولو أنه وزير] «2» .(71/126)
من اسم أبيه على حرف الذال من الأحمدين
[9622] أحمد بن ذكوان إمام مسجد دمشق
قال ابن عساكر: أخطأ فيه بعض النقلة، وذكر أنه روى عن عراك بن خالد.
حدث عن عراك بن خالد بن يزيد بن صبيح المري بسنده عن عكرمة قال:
لما عزّي النبي صلى الله عليه وسلم بابنته رقية امرأة عثمان بن عفان قال: «الحمد لله، دفن البنات من المكرمات»
[13951] .
قال: هكذا روي. والحديث محفوظ عن عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان المقرىء إمام جامع دمشق، وهو مذكور في ترجمته «1» .(71/127)
من اسم أبيه على حرف الراء [من الأحمدين] «1»
[9623] أحمد بن ربيعة بن سليمان بن خالد بن عبد الرحمن ابن زبر والد القاضي أبي محمد
حدث عن جماعة، وروى عنه ولده أبو محمد عبد الله بن أحمد القاضي «2» .
حدث أحمد بن ربيعة بسنده قال «3» : كان أبو جعفر المنصور قد استعمل على معونة «4» البصرة عقبة بن سلم الهنائي «5» ، فذكر من إقدامه على دماء المسلمين وأموالهم وتجبّره وعتوّه على الله عز وجل أمرا منكرا فظيعا، وكان على القضاء يومئذ سوّار بن عبد الله «6» ، قال:
فقدم رجل من التجار في البحر بجوهرة نفيسة فبلغ خبرها عقبة بن سلم «7» فأخذ الجوهرة منه وسجنه، فجاءت زوجة له إلى سوّار بن عبد الله فقالت له: أنا بالله ثم بالقاضي فقال: وما شأنك؟. قالت: إن زوجي قدم من البحر ومعه جوهرة نفيسة، فبلغ الأمر عقبة بن سلم خبرها(71/128)
فاغتصبه إياها وحبسه في السجن، قال: فبعث إليه سوّار رسولا يذكر له ما تظلمت منه المرأة إليه ويقول: إن كان ذلك حقا فأطلق الرجل واردد عليه جوهرته، فزجره عقبة وشتم سوارا شتما قبيحا، فرجع الرسول فأخبر سوارا بذلك، فوجّه سوار لجماعة من أمنائه بمثل تلك الرسالة ليسمعوا ما يردّ الجواب، فأتوه فأدّوا الرسالة، فردّ عليهم من الشتم لهم ولسوار أمرا قبيحا، فأتوه فأخبروه بذلك، فأرسل إليه سوّار: والله لئن لم تطلق الرجل وتردّ عليه جوهرته لآتينك في ثياب بياض ماشيا ولأدمرّن «1» عليك بغير سلاح ولا رجال، ولأقتلنك قتلة يتحدث بها الناس. فلما سمع جلساؤه «2» رسالة سوار قالوا له: أيها الأمير، إنه والله ما يقول شيئا إلّا يفعله، وهو سوار قاضي أمير المؤمنين، وقبائل مضر وتميم وبلعنبر كلها مستجيبة «3» له، وأنت رجل من أهل اليمن ليس بالنصرة «4» من عشيرتك كثير، فأجبه إلى ما أمر به، فوجّه عقبة بالرجل وبالجوهرة. ووجّه معه رجالا يشهدون عليه بقبض الرجل والجوهرة. فلما صاروا إليه صاح بهم: يا أعداء الله «5» بماذا تشهدون علي؟ تطلق الرجل وترد عليه جوهرته؟! قال: فانصرفوا مرعوبين.
توفي أحمد بن ربيعة يوم السبت السادس والعشرين من رمضان سنة ست وثمانين ومئتين.
[9624] أحمد بن روح بن زياد بن أيوب أبو الطيّب البغدادي الشعراني
حدث عن جماعة منهم محمد بن حرب النشائي «6» وغيره.
[قال أبو بكر الخطيب] «7» :
__________
[9624] ترجمته في تاريخ بغداد 4/159 وأخبار أصبهان لأبي نعيم 1/110 وبغية الطلب 2/747.(71/129)
[أحمد «1» بن روح بن زياد بن أيوب، أبو الطيب الشعراني، حدث عن عبد الله بن خبيق الأنطاكي، ومحمد بن حرب النسائي، والحسن بن محمد بن الصياح الزعفراني: روى عنه: القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال، وأحمد بن بندار بن إسحاق الشعار الأصبهانيان، وأبو القاسم الطبراني. أخبرنا محمد بن عبد الله بن شهريار أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا أحمد بن روح الشعراني ببغداد، حدثنا عبد الله بن خبيق الأنطاكي، حدثنا يوسف بن أسباط، حدثنا سفيان عن محمد بن جحادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد] .
[قال أبو نعيم الحافظ] «2» :
[أحمد بن روح بن زياد بن أيوب أبو الطيب البغدادي، قدم أصبهان قبل التسعين ومئتين، يروي عن عبد الله بن خبيق والناس، له مصنفات في الزهد والأخبار] «3» .
روى عن محمد بن حرب النشائي بسنده عن عائشة وحفصة رضي الله عنهما قالتا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يحلّ لا مرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ لغير زوجها فوق ثلاث» «4»
[13952] . وروى عن العباس بن الوليد بن مزيد بسنده عن عرزب الكندي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إنه سيحدث بعدي أشياء فأحبها إليّ أن تلزموا ما أحدث عمر» «5»
[13953] .
قدم أحمد بن روح أصبهان قبل التسعين ومئتين.(71/130)
[9625] أحمد بن ريحان بن عبد الله، أبو الطيّب البغدادي
حدث بصيدا عن جماعة.
روى عن عباس الدّوري بسنده عن أبي أوفى.
أنه تبع جنازة، فكان يسأل قائده إن كان أمامها بردّه حتى يؤخره. فلما وصلت إلى المقابر قام، فصلى، فكبر ثلاث تكبيرات ثم كبر الرابعة، ثم صبر حتى سبّحنا به طويلا فخفنا يكبر الخامسة، فلما انفتل سلّم فقال: أظننتم أني أكبر الخامسة. إنما فعلت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
حدث أحمد بن ريحان بالرملة وصيدا ونزل بالشام.
[قال أبو بكر الخطيب] «1» .
[أحمد بن ريحان بن عبد الله، أبو الطيب، نزل الشام وحدث بالرملة وصيدا عن عباس بن محمد الدوري، وعلي بن الحسين بن مروان القطان، روى عنه أبو الفضل الشيباني، وأبو الحسين بن جميع.
أخبرنا علي بن أبي علي البصري، حدثنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، حدثني أبو الطيب أحمد بن ريحان بن عبد الله البغدادي بالرملة، حدثني علي بن الحسين بن مروان القطان، حدثنا أبو عمرو الحوضي، حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولي أخاه فليحسن كفنه» .
حدثني الصوري قال: حدثني محمد بن أحمد بن جميع الغساني، حدثنا أحمد بن ريحان بن عبد الله أبو الطيب البغدادي بصيدا، أخبرنا عباس الدوري ... ] «2» .
__________
[9625] ترجمته في تاريخ بغداد 4/160.(71/131)
من اسم أبيه على حرف الزاي [من الأحمدين]
[9626] أحمد بن زكريا بن يحيى ابن يعقوب، أبو الحسن المقدسي
قدم دمشق مجتازا إلى الكوفة. روى عن جماعة.
[حدث عن أحمد بن شيبان الرملي، ومحمد بن سليمان بن هشام البصري، واسماعيل بن حمدويه البيكندي، وإبراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني، ومحمد بن حماد الطهراني، وإبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق. روى عنه: أبو الحسين أحمد بن محمد بن جميع الغساني، وأبو عبد الله محمد بن منده الأصبهاني، ومحمد بن يوسف بن يعقوب الرقي، وأبو أحمد عبد الله بن بكر الطبراني، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن الحسن الكرخي، وأبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحساني، وتمام بن محمد بن أحمد الرازي] «1» .
حدث عن إسماعيل بن حمدويه البيكندي بسنده عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به، ويل له ويل له»
[13954] .
__________
[9626] ترجمته في بغية الطلب 2/749.(71/132)
وحدث عن أبي عبد الرحمن أحمد بن شيبان بسنده عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة. وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة» «1»
[13955] .
المعروف أن كنية أحمد بن شيبان: أبو عبد المؤمن «2» .(71/133)
من اسم أبيه على حرف السين [من الأحمدين]
[9627] أحمد بن سالم المرّي- ويقال: أحمر بالراء
شاعر قدم على عبد الملك بن مروان وامتدحه. قال عمر بن شبّة: قدم أحمد بن سالم المري على عبد الملك بن مروان فقال له: كيف قلت: مقلّ رأى الإقلال عارا ... فأنشده:
مقلّ رأى الإقلال عارا فلم يزل يجوب بلاد الله حتّى تموّلا
إذا جاب أرضا ينتويها رمت به مهامه «1» أخرى عيسه «2» فتغلغلا
فلما أفاد المال جاد بفضله لمن جاءه يرجو جداه «3» مؤمّلا
فأعطى جزيلا من أراد عطاءه وذو البخل مذموم يرى البخل أفضلا
قال: حاجتك؟ قال: أنت أعلى بالجميل عينا فأمر له بعشرة آلاف درهم وألحقه بالسرف، يعني من العطاء.
قال علي بن بكر:
يقال: أربعة آلاف هو سرف العطاء. فخرج وهو يقول:(71/134)
بكفّ ابن مروان حييت وناشني «1» لأهلي من دهر كثير العجائب
في قصيدة، فراح بها عليه فقال: أكنت أعددت هذا؟ قال: لا. قال: أتكيل القول، فقل ولا تكثر. فإنه من أكثر هذر «2» ، وقليل كاف خير من كثير شاف وأمر له بأربعة آلاف.
وقال: إياك وأعراض الناس، فإن لك لسانا لا يدعك حتى يلقيك تحت كلكل «3» هزبر «4» أبي شبلين يصمعك «5» صمعة لا بقية لك بعدها. فخرج إلى العراق فأتى الكوفة فأتى الحجاج بقصيدة يقول فيها:
ثقيف بقايا من ثمود ومالها أب ثابت في قيس عيلان ينسب
وأنت دعيّ يا بن يوسف فيهم زنيم «6» إذا ما حصّلوا يتذبذب
فطلبه الحجاج فهرب فأدرك بهيت «7» فأتي به الحجاج فأمر به، فأحرق ثم ذرّي في اليم، وتمثّل بقول هشام بن قبيصة النميري قالها لابن محلاة الطائي وقتل بمرج راهط أبيات منها:
بما أجرمت كفّاك لا قيت ما ترى فلا يبعد الرحمن غيرك هالكا
[9628] أحمد بن سباع- أحد المتعبدين
من إخوان أبي سليمان.
حدث أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو سليمان:
__________
[9628] له ذكر في ترجمتي أحمد بن أبي الحواري في حلية الأولياء 10/5 وما بعدها، وترجمة أبي سليمان الداراني 9/254 وما بعدها.(71/135)
وجاءنا زبد بعسل فجعله يلعقه العوام منّا ولا يأكل منه شيئا، ونأكل نحن منه، قال:
فقلت له: تطعمنا الشهوات؟ وتنهانا عنها، قال: إنّي أعرف أنكم تشتهونها، فأنا أحب أن أطعمكم شهوتكم، ولو جاءني من يعرف- يعني أهل الزهد- لم أزدهم عن الملح والخبز. قلت له: تطعمنا الزبد بالعسل ولا تأكله؟ قال: إنّي أخافه، إن الزبد بالعسل إسراف ثم رأيته بعد ذلك في بيت ابن سباع وقد جاءه بسكرجة فيها زبد وعسل ورغيف درمك «1» فأكل منه.
فقلت له: يا أستاذ، لم لا تأكله في بيتك وتأكله ها هنا! قال: من أكل ليسرّ به أخاه لم يضرّه أكله، إنّ عامل الله لا يخيب على كل حال، إنما يضرّه أكله لشهوة نفسه «2» .
قال: وسمعت أبا سليمان يقول:
لو أن الدنيا كلها في لقمة ثم جاءني أخي لأحببت أن أضعها في فيه.
[قال أبو نعيم الحافظ] «3» :
[حدثنا عبد الله بن محمد ثنا إسحاق بن أبي حسان] «4» ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال:
قلت لأبي سليمان: إن عبادا وأحمد «5» بن سباع قد ذهبوا إلى الثغر!! فقال لي: إن الأبّاق عبيد السوء، والله والله ما فروا إلّا منه فكيف يطلبونه في الثغور؟» .
[9629] أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إبراهيم الزّهري
سمع بدمشق وبمصر وبالعراق. وروى عنه جماعة. وكان يعدّ من الأبدال وسكن بغداد وخرج إلى الثغر.
__________
[9629] ترجمته في بغية الطلب 2/751 وتاريخ بغداد 4/181 والأسامي والكنى للحاكم 1/260 رقم 148 وسير أعلام النبلاء 10/503 (2275) (ط دار الفكر) وطبقات الحنابلة 1/46 والمنتظم لابن الجوزي 12/255 حوادث سنة 273.(71/136)
[قال ابن العديم] «1» :
[أنبأنا «2» تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال:
أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إبراهيم الزهري، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن، وهشام بن عمار، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيما، وإبراهيم بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وبمصر يحيى بن عبد الله بن بكير (ابن العديم: بكر) وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص،.
ويحيى بن سليمان الجعفي، وبالعراق علي بن الجعد، وعلي بن بحر بن بري، ومحمد بن سلام الجمحي، وعبيد بن إسحاق العطار، وإسحاق بن موسى الأنصاري، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وعفان بن مسلم، وسعيد بن حفص الحراني، خال النفيلي.
روى عنه البغوي، وابن صاعد، والحسين المحاملي، وابن مخلد، وأبو عوانة الإسفرايني، وأبو الحسين ابن المنادي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، والقاسم بن زكريا المطرز، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري وغيرهم، وكان يعد من الأبدال وسكن بغداد، وخرج إلى الثغر] .
[قال أبو أحمد الحاكم] «3» :
[أبو إبراهيم أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري.
سكن بغداد، سمع محمد بن سلام الجمحي، وعلي بن الجعد بن عبيد الجوهري.
روى عنه أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد الهاشمي، وأبو العباس محمد بن إسحاق. كناه وسماه لنا أبو القاسم البغوي] «4» [قال أبو بكر الخطيب] «5» :(71/137)
[أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إبراهيم الزهري، سمع علي بن الجعد الجوهري، وعلي بن يحيى بن بري، ومحمد بن سلام الجمحي، وإسحاق بن موسى الأنصاري، وعبيد بن إسحاق العطار، ويحيى بن سليمان الجعفي، ويحيى بن بكير، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، المصريين.
روى عنه: عبد الله بن محمد البغوي، ويحيى بن محمد بن صاعد، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبو الحسين ابن المنادي، واسماعيل بن محمد الصفار، وغيرهم.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي، أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسن بن إسماعيل المحاملي، حدثنا أحمد بن سعد الزهري، حدثنا عبد العزيز بن عمران بن مقلاص، حدثنا ابن وهب، حدثني أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد الله بن أنس أنه سمع أنس بن مالك يقول:
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو على المنبر، فقال: يا رسول الله، هلكت الماشية ادع الله أن يسقينا، قال أنس: فأنشأت سحابة مثل رجل الطائر وأنا أنظر إليها، ثم انتشرت في السماء فأمطرت، فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى، فقال: يا رسول الله هلكت الماشية، سقطت البيوت، ادع الله أن يكشفها عنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم حوالينا ولا علينا» فرأيت السحاب يتمزق كأنه الملاء حين يطوى
[13956] .
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن القرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا أبو إبراهيم الزهري- ببغداد، حدثنا عبيد بن إسحاق حدثنا هريم بن سفيان، عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا ويديه عند أذنيه] «1» .
حدث عن يحيى بن عبد الله بن بكير بسنده عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(71/138)
«الذكر يفضل على الصدقة في سبيل الله»
[13957] .
وحدث عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«ليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمس ذود «1» صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق «2» صدقة» «3» .
حدث أبو إبراهيم الزهري قال «4» : كنت جائيا من المصّيصة «5» فمررت باللّكّام «6» ، فأحببت أن أراهم- يعني المتعبدين- هناك، فقصدتهم ووافقت «7» صلاة الظهر، قال: وأحسبه رأى فيهم «8» إنسانا عرفني فقلت له:
هل فيكم رجل تدلوني عليه، فقالوا: هذا الشيخ الذي يصلّي بنا، فحضرت معهم صلاة الظهر والعصر، فقال له ذلك الرجل: هذا من ولد عبد الرحمن بن عوف، وجدّه أبوأمّه سعد بن معاذ، قال: فبشّ بي وسلّم عليّ كأنه، مذ كان، يعرفني. قال: فقلت له أنا بالحنبلية: من أين تأكل؟ فقال لي: أنت مقيم عندنا؟ قلت: أما الليلة فأنا عندكم، قال: ثم مضيت، فجعل يحدثني ويؤانسني حتى جاء إلى كهف جبل، فقعدت، ودخل فأخرج قعبا يسع رطلا ونصفا قد أتى عليه الدّهور، ثم وضعه وقعد يحدّثني حتى إذا كادت الشمس أن تغرب اجتمعت حواليه ظباء، فاعتقل منها ظبية، فحلبها حتى ملأ القدح، ثم أرسلها، فلما سقط القرص(71/139)
حساه، ثم قال: ما هو غير ما ترى، ربما احتجت إلى الشيء من هذا، فتجتمع «1» حولي هذه الظباء فآخذ حاجتي وأرسلها.
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال: سمعت أبي يقول: مضى عمي أبو إبراهيم الزهري إلى أحمد بن حنبل، فسلّم عليه، فلما رآه وثب إليه وقام إليه قائما وأكرمه، فلما أن مضى قال له ابنه عبد الله: يا أبت أبو إبراهيم [الزهري] شاب، وتعمل به هذا العمل، وتقوم إليه! فقال له: يا بني لا تعارضني في مثل هذا. ألا أقوم إلى ابن عبد الرحمن بن عوف] «3» ؟
[وقال أبو عوانة في حديث ذكره، قلت لابن خراش- يعني عبد الرحمن بن خراش- أخاف أن يكون أبو إبراهيم غلط على علي ابن الجعد، فقال: أبو إبراهيم كان أفضل من علي بن الجعد كذا وكذا مرة، أحسبه قال: مئة مر] «4» .
[قال الخطيب أبو بكر] «5» :
[أخبرني الأزهري، حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد، حدثنا أحمد بن سعد الزهري، وكان ثقة] «6» .
وكان أحمد بن سعد معروفا بالخير والصلاح والعفاف إلى أن مات «7» . وكان مذكورا بالعلم والفضل موصوفا بالزهد، من أهل بيت كلهم علماء ومحدّثون [وله أخوان أكبر منه، وهما عبيد الله وعبد الله ابنا سعد] «8» .
توفي يوم السبت ودفن يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة ثلاث وسبعين وقد بلغ(71/140)
خمسا وسبعين سنة، وكان ميلاده سنة ثمان وتسعين، ودفن في مقبرة التّبّانين «1» .
[9630] أحمد بن سعيد بن الحسن بن النّضر أبو العباس الشّيحي المعدّل
حدث عن جماعة.
[قال أبو بكر الخطيب] : [أحمد بن سعيد، أبو العباس الشامي، يعرف بالشيحي، سكن بغداد، وحدث بها عن عبد المنعم بن غلبون المقرىء وغيره، وله كتاب مصنف في الزوال وعلم مواقيت الصلاة.
حدثنا عنه محمد بن علي بن الفتح الحربي.
وكان ثقة صالحا، دينا حسن المذهب، وشهد عند القضاة وعدل، ثم ترك الشهادة تزهدا] «2» .
[قال أبو سعد السمعاني «3» في كتاب الأنساب: الشيحي ... هذه النسبة إلى شيحة قرية من قرى حلب «4» ومنها ... وأبو العباس أحمد بن سعيد الشيحي شامي، سكن بغداد، وحدث بها عن عبد المنعم بن غلبون المصري وغيره، روى عنه أبو طالب العشاري] .
[حدث أحمد الشيحي عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون الحلبي المقرىء، وأبي علي الحسن بن موسى الثغري، وأبي القاسم شهاب بن محمد بن شهاب الصوري، وأبي أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم الزاهد.
__________
[9630] ترجمته في تاريخ بغداد 4/173 وبغية الطلب 2/755 والأنساب (الشيحي 3/488) . والشيحي: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، نسبة إلى شيحة وهي قرية من قرى حلب (الأنساب: 3/487) وقال ابن العديم في بغية الطلب 2/755 وهو من أهل شيح بني حيّة بالقرب من بزاغا، أو شيح الحديد بالقرب من الدربساك، وكلتاهما من أعمال حلب.(71/141)
روى عنه الإمام القادر أبو العباس أحمد بن إسحاق أمير المؤمنين، وأبو طالب محمد بن علي العشاري، وأبو محمد إبراهيم بن الخضر الصائغ، وأبو أحمد عامر بن أحمد بن محمد السلمي، وأبو الفضل محمد بن عبد العزيز بن العباس الهاشمي.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الصاوي بسنده ... إلى أبي العباس أحمد بن إسحاق القادر بالله قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الشيحي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد ابن محمد بن عبد الرحيم الزاهد قرأت عليه قلت له حدثك علي بن سعيد صاحب ديار بكر قال: حدثني أبو المؤمل العباس بن الفضل قال: حدثنا أبو عتبة قال: حدثنا بقية قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل عليّ القرآن كلام الله غير مخلوق» . قرأت بخط أبي طاهر السلفي، وأخبرنا عنه جماعة من شيوخنا إجازة، قال: أبو العباس أحمد بن سعيد الشيحي، كتب عن أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرىء الحلبي بمصر، وأبي أحمد محمد بن عبد الرحيم الزاهد القيسراني المعروف بابن أبي ربيعة بقيسارية، وعن غيرهما.
روى عنه أبو طالب محمد بن علي العشاري، وآخرون من أهل بغداد، وكان استوطنها، وهو من أهل الشام، وقد روى عنه الإمام القادر بالله أبو العباس أحمد بن إسحاق أمير المؤمنين] «1» .
حدث عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون المصري قال: قال الحسن بن خالويه:
كنت عند سيف الدولة وعنده ابن بنت حامد فناظرني على خلق القرآن. فلما كان تلك الليلة نمت فأتاني آت فقال: لم لم تحتجّ عليه بأول القصص طسم. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ. نَتْلُوا عَلَيْكَ
[سورة القصص، الآيات: 1- 3] والتلاوة لا تكون إلا بالكلام «2» ؟
سكن بغداد وحدّث بها. وله كتاب مصنف في الزوال وعلم مواقيت الصلاة. وكان ثقة صالحا ديّنا حسن المذهب. وشهد عند القضاة وعدّل. ثم ترك الشهادة تزهّدا.
ومات في ذي القعدة سنة ست وأربع مئة ودفن بباب حرب «3» .(71/142)
[9631] أحمد بن سعيد بن سعد أبو الحسين البغدادي المعروف بالذهبي وكيل دعلج
قدم دمشق في سنة سبع وستين وثلاث مئة. وحدث بها وببغداد وبمصر.
[قال أبو بكر الخطيب] :
[أحمد بن سعيد بن سعد، أبو الحسين وكيل دعلج بن أحمد المعدل، روى عن عبد الكريم بن عبد الرحمن النسائي عن أبيه كتاب الضعفاء، حدثناه عنه أبو بكر البرقاني وذكر لنا أنه كان شيخا فاضلا.
وقال: سمع منه أبو الحسن الدارقطني هذا الكتاب] «1» .
حدث عن أبي مزاحم، يعني موسى بن عبيد الله الخاقاني بسنده عن أنس قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبيّ بالحجّ والعمرة، وإنّ ركبتي لتصيب ركبته.
توفي أبو الحسين أحمد بن سعيد الدّعلجي صاحب دعلج في طريق مكة بقرب مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ودفن هناك في المحرم سنة سبعين وثلاث مئة «2» .
[9632] أحمد بن سعيد بن عبد الله أبو الحسن المؤدّب الدمشقي
من أهل دمشق، سكن بغداد، وحدث عن جماعة.
[قال أبو بكر الخطيب] : [أحمد بن سعيد بن عبد الله، أبو الحسن الدمشقي، نزل بغداد، وحدث بها، عن هشام ابن عمار وطبقته، وروى عن الزبير بن بكار الأخبار الموفقيات وغير ذلك من مصنفاته. وكان مؤدبا لعبد الله بن المعتز بالله.
روى عنه إسماعيل بن محمد الصفار، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق، وأبو
__________
[9631] ترجمته في تاريخ بغداد 4/172.
[9632] ترجمته في تاريخ بغداد 4/171 والوافي بالوفيات 6/388 ومعجم الأدباء 3/46 وإنباه الرواة 1/44.(71/143)
القاسم ابن النحاس المقرىء، وعلي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري، وعلي بن عمر السكري.
وكان صدوقا.
أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق بالله حدثنا أبو الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي حدثنا هشام بن عمار حدثنا الربيع بن بدر حدثنا أبان عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له» «1»
[13958] .
حدث عن أبي الوليد هشام بن عمّار بن نصير بن ميسرة بن أبان السلمي الدمشقي بسنده عن سلمان بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«الغلام مرتهن بعقيقته، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى»
[13959] .
قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صلة وصدقة»
[13960] .
وحدث عنه أيضا بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن مات وليس عليه إمام فميتة الجاهلية. ومن مات تحت راية عصبيّة يدعو إلى عصبية وينصر عصبية فقتلة جاهلية»
[13961] .
كان أحمد بن سعيد مؤدّبا لعبد الله بن المعتز بالله وكان صادقا.
مات في يوم الخميس لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة ست وثلاث مئة بالجانب الغربي من بغداد، ولم يغيّر شيبه «2» .(71/144)
[9633] أحمد بن سعيد بن محمد بن الفرج- وقيل أحمد بن محمد بن سعيد- أبو الحارث المعروف بابن أمّ سعيد
رحل وروى عن جماعة، وروى عنه جماعة.
[سمع بحلب أبا عبد الله أحمد بن خليد بن يزيد الحلبي الكندي، وروى عنه وعن يونس بن عبد الأعلى.
روى عنه محمد بن المظفر البزاز، وأبو بكر ابن المقرىء] .
حدث عن عبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي بسنده عن النعمان بن بشير عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«رحم الله عبدا سمع مقالتي فحفظها، فربّ حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغلّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين»
[13962] .
توفي أبو الحارث أحمد بن سعيد يوم الثلاثاء بعد العصر لسبع بقين من شعبان سنة عشرين وثلاث مئة. وقيل: كانت وفاته في رمضان من السنة. وكان شيخا جليلا من أهل دمشق.
[9634] أحمد بن سعيد، أبو بكر الطائي الكاتب
مصري، سكن دمشق، [فنسب إليها، وقدم بغداد سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وحضر إملاء على أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش النحوي، وروى شيئا من شعره وشعر غيره، وروى عنه أبو بكر محمد بن يحيى الصولي وأبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، ومن شعره:
لنا مغنّ ما تغنى لنا إلّا استعذنا الله من شره
__________
[9633] ترجمته في بغية الطلب 2/762. وما بين معكوفتين استدرك عن بغية الطلب 2/762.
[9634] ترجمته في الوافي بالوفيات 6/387 ويتيمة الدهر 1/433 وسماه الثعالبي: أحمد بن محمد الطائي الدمشقي.(71/145)
يا ليت ما أصبح في حلقه من انقطاع كان في ظهره
ومن شعره:
غضضت بنانه فبكى عليه ضمير واقعه
وأظهر خده وردا جناه لحظ رامقه
فسال دم حكى ما احم ر لونا من شقائقه
وما أدميت إصبعه ولكن قلب عاشقة] «1»
[وقال الثعالبي في يتيمة الدهر] «2» :
[أحمد بن محمد الطائي الدمشقي، قال:
قد غدونا إلى صلاة الغداة ثم ملنا منها إلى الحانات
فشربنا مدامة كدم الخش ف عقارا «3» تضيء في الكاسات
فإذا شجها السقاة بماء برزت مثل ألسن الحيات
وكأن الأنامل اعتصرتها من شقيق الخدود والوجنات] «4»
حدث عن أبي العباس بن قهيدة قال: قال لي عمرو بن الحسن:
رأيت إبليس في النوم، وهو راكب كركدن «5» ، يقوده بأفعى، فقال: يا عمرو بن الحسن، سلني حاجتك، فدفعت إليه رقعة كانت معي، فوقّع فيها:
ألم تر القاضي وأصحابه ما يفعل الله بأهل القرىبلى، ولكن ليس من شغله إلّا إذا استعلى أذلّ الورى
فليت أني متّ فيمن مضى ولم أعش حتى أرى ما أرى
وكل ذي خفض «6» وذي نعمة لا بدّ أن يعلو عليه الثرى(71/146)
ثم قال لي: يا عمرو بن الحسن، لا تحسدنّ أحدا، فإن الحسد صيّرني إلى ما ترى، وغش بني آدم ينفق عندهم. وضرب كركدنه ومضى. لعنه الله.
قال الحافظ:
وقد وقعت لي هذه الحكاية من وجه آخر إلّا أنه قيل فيها: - (عمرو بن محمد) ، وحكي معناها عن عمرو بن محمد قاضي البصرة.
قال أبو سليمان بن زبر:
اجتمعت أنا وعشرة، منهم أبو بكر الطائي، نقرأ فضائل علي بن أبي طالب في جامع دمشق، فوثب إلينا نحو المئة من أهل الجامع يريدون ضربنا، وأخذ واحد منهم يلحقني، فجاء بعض الشيوخ إليّ، وكان قاضيا، في الوقت، فخلّصوني من أيديهم، وعلقوا أبا بكر الطائي فضربوه، وعملوا على أنهم يسوقونه إلى الشرطة في الخضراء، فقال لهم أبو بكر: يا سادة إنما كنا في فضائل علي، وأنا أخرج لكم غدا فضائل معاوية أمير المؤمنين. واسمعوا هذه الأبيات التي قلتها وأنشأ يقول بديها:
حبّ عليّ كلّه ضرب يرجف من خيفته القلب
فمذهبي حبّ إمام الهدى يزيد والدّين هو النّصب «1»
من غير هذا قال فهو امرؤ مخالف ليس له لبّ
والناس من ينقد لأهوائهم يسلم وإلّا فالقفا نهب
فخلّوه، وانصرفوا.
قال أبو سليمان: فقال لي الطائي:
والله، لا سكنت دمشق، ورحل منها إلى حمص.
قال أبو عبيد الله بن عمران بن موسى المرزباني:
رأيت أحمد بن سعيد الطائي شيخا كبيرا في مجلس أبي الحسن الأخفش سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.(71/147)
وله شعر منه قوله:
كيف تحوي دقّة الفكر من حكته صورة القمر
رقّ حتى خلته ملكا خارجا عن جملة البشر
فعيون الوهم تجرحه بخفيّ اللحظ والنّظر
[9635] [أحمد بن سعيد الشيزري
حدث بدمشق، وكان من طبقة ابن جوصاء.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الحافظ قال:
وجدت بخط أبي محمد ابن الأكفاني. ذكر أنه نقله من خط بعض أصحاب الحديث في تسمية من سمع منه بدمشق: أحمد بن سعيد الشيزري، وفوقه غريب، وذكر طبقة فيها ابن جوصاء وأبو الدحداح في ستة ثلاث عشرة وثلاثمائة] .
[9636] أحمد بن أبي السفر- ويقال ابن أبي العسر
قال أحمد بن أبي السفر: سمعت أبا سليمان الداراني يقول:
من أكل كراث «1» بقل المائدة لم تقربه الملائكة سبعة أيام. ومن أكل الثّوم لم تقربه الملائكة أربعين يوما.
وقال أحمد بن أبي العسر: سمعت أبا سليمان يقول:
من أكل كراث بقل المائدة لم تقربه الملائكة ثلاثة أيام، ومن أكل البصل لم تقربه الملائكة سبعة أيام، ومن أكل الثوم لم تقربه الملائكة أربعين يوما.
[9637] أحمد بن سلمة بن الضحاك
دمشقي. وقيل: مصري. حدث عن جماعة.
__________
[9635] استدركت ترجمته بأكملها عن بغية الطلب 2/762.(71/148)
روى عن محمد بن ميمون بن كامل الزيات بسنده عن أبي أمامة الباهلي وواثلة بن الأسقع قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«خلق الله ريحا قبل الأرواح بألفي عام يقال لها الأزيب «1» ، مغلق عليها أبواب الجنّة، تخرج من شقوق تلك الأبواب ريح وهي الجنوب، ما هبت قط إلّا هبّ معها واد يسيل، يرى أو لم ير»
[13963] .
وحدث عنه أيضا بسنده عن أبي أمامة الباهلي وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا عرج بعمل ابن آدم قال الله: انظروا في عمله، وهو أعلم بذلك منهم، فإن كان أصبح فسبّح أول النهار وعمل خيرا، فخذوا آخر النهار بأوله، وألغوا ما بين ذلك»
[13964] .
قال: وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون:
من أحسن أو من أراد الله يحسّن عمله طرفي النهار يغفر له ما بينهما.
[6938] أحمد بن سلمة بن كامل بن إبراهيم، أبو العباس المرّي
حدث عن القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم الميانجي بسنده عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده له ذاما»
[13965] .
[9639] أحمد بن سلمة الأنصاري أبو موسى
من أهل دمشق.
حدث عن الأوزاعي بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(71/149)
«خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة»
[13966] . وذكر في هذا الحديث اختلافا.
[9640] أحمد بن سليمان بن أيوب بن داود ابن عبد الله بن حذلم «1» أبو الحسن الأسدي القاضي «2»
كان يذهب مذهب الأوزاعي في الفقه.
روى عن جماعة. وروى عنه جماعة.
حدث عن أبيه، وبكار بن قتيبة القاضي، ويزيد بن عبد الصمد، وسعيد بن محمد البيروتي، وأبي زرعة الدمشقي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، والحسن بن جرير الصوري، وجماعة.
حدث عنه: تمام الرازي، وأبو عبد الله بن منده، والحسين بن معاذ الداراني، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وآخرون] «3» . [قال أبو علي «4» : أخبرهم أحمد بن سليمان بن أيوب قراءة عليه، حدثنا يزيد بن محمد، حدثنا سعيد عن ابن أبي رويم قال: كانت امرأة بلال رضي الله عنه ليلى الخولانية.
حدثنا أحمد بن سليمان القاضي حدثنا أبو زرعة بن عمرو قال: قبر بلال بدمشق] .
[حدثنا أحمد بن سليمان بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها لا يضرهم خذلان من خذلهم، ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة] «5» .
[حدثنا أحمد بن سليمان بسنده إلى الزهري أن ابن عمر قرأ في المسجد(71/150)
لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ
... إلى يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ
[سورة البقرة، الآية: 284] فقال: إنا لنؤاخذ بما توسوس به أنفسنا، وتشج عند ذلك] «1» .
وولي قضاء دمشق نيابة عن الحسين بن عيسى بن هزوان «2» ، وكان ابن هزوان من قبل أبي طاهر محمد بن أحمد قاضي دمشق، ثم وليه بعد ذلك نيابة عن أبي الطاهر محمد بن أحمد الذهلي.
وكان حذلم نصرانيا «3» من أهل الشّبعاء «4» فأسلم على يدي الحسن بن عمران السّلمي الحرّاني صاحب خراج دمشق.
حدث أحمد بن سليمان عن بكار بن قتيبة بسنده عن ابن سيرين قال:
قلت لأنس بن مالك: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خضب؟ قال: إنه لم يكن رأى من الشيب إلّا «5» ولكن خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم «6» .
[قال ابن ماكولا] :
وحذلم «7» بفتح الحاء وسكون الذال المعجمة وبعدها لام مفتوحة [فهو أبو الحسن أحمد بن سليمان بن حذلم الدمشقي، روى عن خالد بن روح بن أبي حجير وغيره، حدث عنه تمام بن محمد، وابن أبي نصر وغيرهما من الدمشقيين] «8» .
وكان أحمد بن سليمان آخر من كانت له حلقة في جامع دمشق يدرّس فيها مذهب(71/151)
الأوزاعي «1» . وكان شيخا جليلا من معدّلي دمشق، وكان على قضاء دمشق. ومات في ربيع الأول سنة سبع وأربعين وثلاث مئة «2» ، وهو ابن تسع وثمانين سنة، وكان ثقة مأمونا نبيلا «3» .
وذكر أنه رأى مولده بخط أبيه سنة سبع أو تسع وخمسين ومئتين.
[أخبرنا ابن الأكفاني، أخبرنا الكتاني قال] «4» :
قال أبو القاسم تمام بن محمد الرازي الحافظ «5» :
كان القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان ابن حذلم له مجلس في الجمعة يملي فيه في داره، فحضرنا مجلسه، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وعن يمينه أبو بكر وعمر، وعن يساره عثمان وعلي رضي الله عنهم في داري، فجئت فجلست بين يديه وقال لي: يا أبا الحسن، قد اشتقنا إليك فما اشتقت إلينا؟
قال «6» : فلم تمض له جمعة حتى توفي رحمه الله في النصف من شوال سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
[9641] أحمد بن سليمان بن زبّان «7» بن الحباب
ويقال: أحمد بن سليمان بن إسحاق بن زياد «8» ابن يحيى أبو بكر الكندي المعروف بابن أبي هريرة «9» من ولد عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس. قرأ القرآن. وروى عن جماعة. وروى عنه جماعة.(71/152)
[ادعى أنه قرأ القرآن على أحمد بن يزيد الحلواني، وأنه سمع من هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وإبراهيم بن أيوب الحوراني.
تلا عليه أحمد بن عبد الله بن زريق، وحدث عنه: ابن شمعون، وأبو بكر ابن شاذان، وابن شاهين.
روى عنه أولا: تمام والعفيف بن أبي نصر، ثم تركا الرواية عنه لضعفه. قال عبد الغني الأزدي: كان غير ثقة] «1» .
[وهاه الكتاني] «2» .
[قال ابن حجر في لسان الميزان] «3» :
[قال ابن عساكر: السبب الذي تركه ابن أبي نصر لأجله ما حدثنا الفقيه أبو الحسن السلمي، قال: قال لنا عبد العزيز الكتاني: لما قرأنا على عبد الرحمن بن أبي نصر بعض الجزء قلت له: قد تكلموا في ابن زبان، فقطع عليّ القراءة وامتنع من الرواية عنه.
وأرخه ابن زبر، كما أرخه المؤلف] «4» . حدث بدمشق سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة عن هشام بن عمار بسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المخنثين وقال: «أخرجوهم من بيوتكم»
[13967] .
سئل عن مولده فقال: ولدت سنة خمس وعشرين ومئتين بدمشق.
وتوفي في أول جمادى الآخر سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة وقيل: توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاثمئة «5» .
[قال علي بن هبة الله ابن ماكولا] «6» :(71/153)
وزبّان بالزاي أولها، بعدها «1» باء مشددة معجمة «2» بواحدة. [وأبو بكر أحمد بن سليمان ابن إسحاق بن زبان بن يحيى الكندي من ولد عبد الرحمن بن الأشعث دمشقي، ذكر أن مولده سنة خمس وعشرين ومئتين. ومات في أول جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. روى عن هشام بن عمار وإبراهيم بن أيوب الحوراني، وأحمد بن أبي الحواري وغيرهم، آخر من حدث عنه أبو محمد بن أبي نصر] «3» .
[قال الكتاني] «4» :
وكان أحمد بن سليمان يعرف بالعابد لزهده وورعه.
[9642] أحمد بن سليمان، أبو بكر الزّنبقي الصوري
سكن عرقة «5» . حدث عن جماعة.
[يروي عن سعيد بن منصور وجماعة.
روى عنه محمد بن يوسف بن بشر الهروي الحافظ] «6» .
روى عن مروان بن جعفر بن سعد بن سمرة، عن سمرة بن جندب: بسم الله الرحمن الرحيم. من سمرة إلى بنيه سلام عليكم. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلّا هو، أما بعد. فإني أوصيكم أن تتقوا الله، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتجتنبوا
__________
[9642] ترجمته في الأنساب (الزنبقي) 3/168 والإكمال لابن ماكولا 4/227. والزنبقي: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى زنبق قال السمعاني: وظني أنه نسبة إلى بيع دهن البنفسج أو الأدهان الطيبة. والزنبق الزمارة وتكنى الخمر أم زنبق (الأنساب 3/167) .(71/154)
الخبائث التي حرم الله، وتسمعوا وتطيعوا لله ولرسوله وكتبه وللخليفة الذي يقوم على أمر الله وجميع المسلمين.
أما بعد، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نصلي أي ساعة شئنا من الليل والنهار، غير أنه أمرنا أن نجتنب طلوع الشمس وغروبها وقال: «إن الشيطان يغيب معها حين تغيب، ويطلع معها حين تطلع» «1» .
وأمرنا أن نحافظ على الصلوات كلهن، وأوصانا بالصلاة الوسطى ونبأنا أنها صلاة العصر «2» ، وكان يأمرنا أن يحيي «3» بعضنا بعضا، وأن يسلم بعضنا على بعض إذا التقينا «4» ، ونهانا أن نواصل في شهر الصوم ويكرهه، وليست بالعزيمة «5» ، ونهانا أن نتلاعن بلعنة الله وغضبه أو بالنار ونهانا أن نستبّ «6» .
وقال صلى الله عليه وسلم «7» : «إن كان أحدكم يسابّ صاحبه لا محالة لا يفتري عليه ويسبّ والديه ولا يسب قومه، ولكن إن كان يعلم ذلك فليقل: إنك بخيل، وليقل: إنك جبان، وليقل: إنك كذوب، أو ليقل: إنك نؤوم» «8» .
وكان «9» صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نقرأ القرآن كما أقرئناه. وقال: «إنه نزل «10» على ثلاثة أحرف فلا تختلفوا فيه، ولا تحاجّوا فيه، فإنه مبارك كله فاقرؤوه كالذي أقرئتموه» . وكان «11» يأمرنا صلى الله عليه وسلم إن شغل أحدنا عن الصلاة أو نسيها حتى يذهب حينها الذي تصلّى «12» فيه أن نصليها مع التي تليها من الصلاة المكتوبة.(71/155)
وأمرنا «1» إذا أدركتنا الصلاة ونحن ثلاثة أو أكثر من ذلك أن يقوم «2» لنا رجل منا يكون لنا إماما، وإن كنا اثنين أن نصفّ معا.
وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا قمتم إلى الصلاة فلا تسبقوا قارئكم بالسجود والركوع والقيام، وليكن هو يسبق «3» ، فإنكم تدركون ما سبقكم «4» به في ذلك إذا كان هو يرفع رأسه في السجود والركوع والقيام قبلكم، فتدركون ما فاتكم حينئذ «5» ، فإذا «6» كان التسليم في وسط الصلاة أو حين انقضائها فابدؤوا قبل التسليم فقولوا: التحيات والطيبات، الصلوات والسلام والملك لله، ثم سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم ثم سلّموا على قارئكم «7» وعلى أنفسكم» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا نفث أحدكم وهو في الصلاة فلا ينفث قدام وجهه ولا عن يمينه، ولينفثها تحت قدمه، ويدلكها بالأرض» «8» .
وكان صلى الله عليه وسلم ينهى الرجل أن يتبتّل وأن يحرّم ولوج بيوت المؤمنين «9» .
وكان ينهى النساء أن يضطجعن بعضهن مع بعض إلّا وبينهن ثياب، وكان ينهى صلى الله عليه وسلم أن يضطجع الرجل مع صاحبه إلّا وبينهما ثوب «10» .
وكان يقول: «من كتم على حال فهو مثله. ومن جامع المشرك وسكن معه فهو مثله» .
وكان يقول: «إن المؤمن يأكل في معى واحد وإن الكافر يأكل في سبعة أمعاء» «11» .
وكان يقول: «أيكم ما صنع طعاما قدر ما يأكل رجلان فإنه يكفي ثلاثة، أو صنع لثلاثة فإنه يكفي أربعة، ولأربعة فإنه يكفي خمسة وكنحو ذلك من العدد» «12» .(71/156)
وكان يقول «1» : «إذا تبايع الرجلان فإن أحدهما يبيعه بالخيار حتى يفارق «2» صاحبه، أو يخير كل واحد منهما صاحبه، فيختار كل واحد منهما هواه من البيع» .
وكان يقول: «من ضلّ له مال اشتري فعرفه فجاء عليه ببيّنة فإنّ ماله يؤدّى إليه، وإن الذي كان ابتاعه يتبع ثمنه عند بيعه الذي ابتاع منه» .
وكان يأمرنا أن نشهد الجمعة، ولا نغيب عنها، فإذا انتدب المؤمنون بندبة يوم الجمعة، وقاموا يكتنّون فإن أحدهم هو أحقّ بمقعده إذا رجع إليه «3» .
وكان يقول: «إذا نعس أحدكم في الجمعة فليتحول عن مقعده في مكان آخر» .
وكان «4» يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونصلح «5» صنعتها ونطهرها. وأتاه رجل من الأعراب يستفتيه في الذي يحلّ له والذي يحرم عليه، وفي نسكه من ماشيته في عترة «6» وفرعة «7» من نتيج إبله وغنمه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تحلّ لك الطيبات وتحرم عليك الخبائث إلا أن تفتقر إلى طعام لأخيك فتأكل منه حتى تستغني عنه» . فقال الرجل الأعرابي: ما يغني «8» الذي أكل ذلك إذا بلغته، ما غناي الذي يغنيني عنه؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
«إذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ إليه بلحوم ماشيتك «9» ، أو كنت ترجو ميرة تنالها «10» فتبلغ إليها بلحوم ماشيتك، وإذا كنت لا ترجو من ذلك شيئا، فأطعم أهلك مما بدا لك حتى تستغني عنه» . قال الرجل الأعرابي: ما غناي الذي يغنيني عنه «11» ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا(71/157)
أرويت أهلك غبوقا «1» من اللبن فاجتنب ما حرم عليك من الطعام، أما مالك فإنه ميسور كله ليس فيه حرام غير أن في نتاجك من إبلك فرعا، وفي نتاجك من غنمك فرعا تغذوه «2» ماشيتك حتى تستغني عن لبانه، ثم إن شئت أطعمته أهلك، وإن شئت تصدّقت بلحمه» ، وأمره من الغنم من كلّ سائمة عتيرة «3» .
وإنه «4» كان يأمرنا برقيق الرجل أو المرأة الذي هو تلاده وهو عمله ولا يريد عتقهم «5» ، فكان يأمرنا أن لا نخرج عنهم من الصدقة شيئا. وكان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الرّقيق الذي يعد للبيع.
وكان يقول: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا» «6»
[13968] .
قال أبو نصر بن ماكولا «7» :
أما «8» الزنبقي بفتح الزاي وسكون النون، وفتح الباء المعجمة بواحدة، [فهو] أحمد بن سليمان [أبو بكر الزنبقي] من أهل عرقة، بلد يقارب طربلس الشام، [روى عن سعيد بن منصور، ومهدي بن جعفر، ويزيد بن موهب، ومروان بن جعفر السّمري «9» ، وأبي تقي هشام بن عبد الملك اليزني وغيرهم، روى عنه محمد بن يوسف بن بشر الهروي الحافظ وغيره] «10» .
حدث أحمد بن سليمان الزنبقي بعرقة عن ظالم بن أبي ظالم الحمصي قال:
شهدت جنازة المسيب بن واضح بجبلة «11» فلقّنّاه، فسمعناه في جوف القبر يقول: لا إله إلا الله.(71/158)
[9643] أحمد بن سليمان البغدادي
حدث بدمشق عن محمد بن محمد المصري، وكان مصابا.
قال: حدثنا زنبغش قال: حدثنا مخلق مثبو قال: حدثنا وائل بن إبليس لعنه الله قال:
قال لأبيه إبليس لعنه الله: يا أبه، هل رحمت أحدا قط؟ قال: نعم، النازل في بيت امرأته لأنها إن شاءت أدخلته وإن شاءت أخرجته.
[9644] أحمد بن سليمان، أبو الفتح الشاعر المعروف بالفخري
[شاعر من أهل حلب، كان في عصر عبد المحسن الصوري، ورحل إلى مصر فأقام بها إلى أن مات] «1» . هو الذي عناه ابن هندي بقصيدته. [شاعر ماهر] «2» كتب أبو الفتح أحمد بن سليمان الشاعر إلى عبد المحسن «3» الصوري «4» :
أعبد المحسن الصّوريّ لم قد جثمت جثوم منهاض كسير «5»
فإن قلت: العيالة «6» أقعدتني على مضض وعاقت عن مسيري
فهذا البحر يحمل هضب رضوى ويستثني بركن من ثبيروإن حاولت سير البرّ يوما فلست بمثقل ظهر البعير
إذا استحلى أخوك قلاك ظلما «7» فمثل أخيك موجود النظير «8»
__________
[9644] ترجمته في بغية الطلب 2/775 ويتيمة الدهر 1/379 وفيها «الفجري» بدلا من «الفخري» .(71/159)
فما كلّ البريّة من تراه ولا كلّ البلاد بلاد صور
فأجابه عبد المحسن «1» :
جزاك الله عن ذا النصح خيرا ولكن جاء في الزمن الأخير
وقد حدّت لي السبعون حدا نهى عما أمرت من الأمور «2»
ومذ صارت نفوس الناس حولي قصارا عذت بالأمل القصير
ولو يك في البريّة من يرجّى غنينا عن مشاورة المشير «3»
[9645] أحمد بن سهل بن بحر أبو العباس النيسابوري «4»
حدث بدمشق عن جماعة.
[قال الذهبي] «5» :
[له ترجمة في تاريخ دمشق.
سمع أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وداود بن رشيد، وعبد الله بن معاوية الجمحي، والقواريري، وهشام بن عمار، وحرملة، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو حامد ابن الشرقي، وأبو عبد الله ابن الأخرم، وأبو عمرو الحيري. له رحلة واسعة، ومعرفة جيدة.
يقع حديثه في تصانيف البيهقي.
ومن الرواة عن ابن سهل: علي بن حمشاذ، ومحمد بن صالح بن هانىء] «6» .
روى بإسناده عن ابن زغبة بسنده عن عبد الله بن عمر قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر على راحلته
[13969] .
ورواه الحافظ عاليا من طريق آخر عن عبد الله بن عمر أنه قال:(71/160)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي على راحلته في سفر حيث ما توجهت.
زاد السّدّي: قال عبد الله بن دينار:
وكان ابن عمر يفعل ذلك.
قال أبو عبد الله الحافظ:
أحمد بن سهل مجوّد، في الشاميين، ليس في مشايخنا من أقرانه أكثر سماعا بالشام منه «1» .
[قال] : [وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: سمعت أحمد بن سهل يقول:
دخلت على أحمد بن حنبل في المحنة، فسمعته يقول: كان وكيع إمام المسلمين في وقته.
وكان ابن يعقوب يعتمد أحمد بن سهل أي اعتماد] «2» .
وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
[9646] أحمد بن سهل بن حمّاد الرافقي «3»
من دمشق.
حدث بسنده عن عثمان بن عبد الرحمن بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم من قلوب الناس فينزعه منهم، ولكن يقبض العلماء بعلمهم حتى لا يبقى في الأرض عالم، فعند ذلك يتخذ الناس رؤوسا جهالا فيسألون فيفتون بغير علم فيضلّون ويضلّون»
[13970] .
قيل في نسبه: الرافقي، وقيل: الدمشقي، فلعله رافقي سكن دمشق، أو دمشقي سكن الرافقة فإنه قد روى عن دمشقي وحراني. والله أعلم.(71/161)
[9647] أحمد بن سلامة بن يحيى، أبو الحسين الأبار «1» الإمام
إمام مسجد عين الحمى «2» . حدث بسنده عن علي أنه قال:
نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أقول نهاكم، عن تختم الذهب وعن لبس القسّي وعن لبس المفدّم «3» والمعصفر «4» وعن القراءة راكعا.
مات أبو الحسين الأبار ودفن يوم الثلاثاء السادس من شوال سنة ست وثلاثين وخمس مئة. ودفن في مقبرة باب الفراديس. وذكر أنه ولد سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة.
[9648] أحمد بن سيّار بن أيوب بن عبد الرحمن أبو الحسن المروزي إمام من أئمة أهل مرو. جمع العلم والأدب والزهد والورع، وكانت له رحلة واسعة سمع فيها بدمشق. سمع بدمشق وبمصر وببلده وببغداد وروى عنه جماعة.
[حدث عن إبراهيم بن محمد الشافعي، وأحمد بن أبي الطيب المروزي، وإسحاق بن راهويه، وسليمان بن حرب، وصفوان بن صالح الدمشقي، وعبد الله بن عثمان عبدان المروزي، وأبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المقعد، وعفان بن مسلم، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وأبي جعفر محمد بن خالد الهاشمي
__________
[9648] ترجمته في تاريخ بغداد 4/187 والجرح والتعديل 1/1/53.
وتهذيب الكمال 1/148 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/66 (49) (ط دار الفكر) وتذكرة الحفاظ 2/559 وسير أعلام النبلاء 10/410 (2199) (ط دار الفكر) والعبر 2/37 والطبقات الكبرى للسبكي 2/183 والنجوم الزاهرة 3/44 وشذرات الذهب 2/154 والأسامي والكنى للحاكم 3/364 رقم 1526.(71/162)
الدمشقي، ومحمد بن كثير العيدي، ومحمد بن مكي المروزي، ومحمد بن يحيى بن عبد العزيز الدوري، وموسى بن مروان الرقي، وهشام بن عمار الدمشقي، ويحيى بن إسحاق المروزي، ويحيى بن سليمان الجعفي، ويحيى بن عبد الله بن بكير المصري، ويحيى بن نصر بن حاجب المروزي.
روى عنه: النسائي، وأبو حمزة أحمد بن عبد الله بن عمران المروزي، وأبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي، وأحمد بن محمد بن عمر بن بسطام، وحاجب بن أحمد بن يرحم بن سفيان الطوسي، والحسن بن علي بن نصر الطوسي، وزكريا بن يحيى السجزي خياط السنة، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود، وعبد الله بن ناجية، وأبو بكر عبد بن محمد بن محمد بن محمود، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وعمر بن أحمد بن علي المروزي، وعمر بن محمد المروزي، وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومحمد بن عقيل بن الأزهر، ومحمد بن المنذر بن سعيد الهروي، ومحمد بن نصر المروزي، ويحيى بن محمد بن صاعد] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أحمد بن سيار بن أيوب، أبو الحسن المروزي الفقيه، إمام أهل الحديث في بلده علما وأدبا وزهدا وورعا وكان يقاس بعبد الله بن المبارك في عصره] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن أبو الحسن المروزي، روى عن عبد الله بن عثمان المعروف بعبدان المروزي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ومحمد بن مكي المروزي، ويحيى بن إسحاق المروزي، وغيره. حدثنا عنه علي بن الحسين بن الجنيد، ورأيت أبي يطنب في مدحه يذكره بالفقه والعلم] «5» .(71/163)
[قال النسائي: ثقة، وقال في موضع آخر: ليس به بأس «1» .
وقال الدارقطني: رحل إلى الشام ومصر، وصنف، وله كتاب في أخبار مرو، وهو ثقة في الحديث.
وقال أبو بكر ابن أبي داود: كان من حفاظ الحديث «2» .
وقال أحمد بن علك: سألت إبراهيم بن إسحاق الحربي عن أحمد بن سيار وقلت له:
مشايخك مشايخه، فهل كانت بينكما معرفة؟ قال: ذاك الرجل الفاضل كنا نعرفه حينئذ بالفضل والورع. وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد الأديب البستي وكان في الوفد الذين خرجوا مع أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إلى بخارى لزيارة الأمير إسماعيل بن أحمد قال: دخل أبو بكر بن خزيمة على عبد الله بن محمود بمرو، فقال له بعض مشايخهم: يا أبا عبد الرحمن قد دخل أبو بكر محمد بن إسحاق منزلك ولم يدخله مثله، فقال: لا تقل، فقد دخله أحمد بن سيار] «3» .
[قال أبو أحمد الحاكم النيسابوري] «4» :
[أبو الحسن أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن المروزي.
سمع أبا عبد الرحمن عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي داود العتكي، ويحيى بن سليمان الجعفي. روى عنه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي. نسبه وكناه لنا أبو حفص عمر بن أحمد بن علي الجوهري] «5» .
[قال أبو بكر الخطيب] «6» :
[أخبرنا عبد الله بن عثمان يعني عبدان، حدثنا أبي، عن شعبة، عن سماك بن حرب(71/164)
قال: كنا مع مدرك بن المهلب بسجستان في سرادقه، فسمعت رجلا يحدث عن أبي سفيان ابن الحارث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه من القوي وهو غير متعتع» ] «1» .
[قال الذهبي] «2» :
[قد عدّ في الفقهاء الشافعية، وهو صاحب وجه، أوجب الآذان للجمعة فقط، وأوجب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام كمذهب داود، وقد كان بعض العلماء يشبهه في زمانه بابن المبارك علما وفضلا رحمهما الله] «3» .
حدث أحمد بن سيار عن عبد الله بن عثمان بسنده عن أنس.
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة
[13971] .
وحدث عن هشام بن عمار بن نصير «4» الدمشقي بسنده عن الحارث بن هشام.
أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرني بأمر أعتصم بالله أو قال: به، قال: «أملك عليك هذا» ، وأشار إلى لسانه
[13972] .
قال عبد الرحمن بن الحارث:
فرأيت ذلك يسيرا، فلما أفطنني له إذا لا شيء أشدّ منه.
أحمد بن سيّار بالياء معجمة بنقطتين من تحتها والراء. ثقة في الحديث. [قال أبو نصر ابن ماكولا] »
: [أما سيار أوله سين مهملة ثم ياء معجمة باثنتين من تحتها وآخره راء فهو: أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن القرشي أبو الحسن، كتب عن علي ابن الحسن بن شقيق أحاديث يسيرة، وسمع عبدان بن عثمان، وأحمد بن عثمان الباهلي وخلقا، كان من الجوالين، وحدث بالعراق ومصر وبلده، وصنف فتوح خراسان،(71/165)
يروي عن البخاري والنسائي، وابن صاعد، وأحمد بن محمد بن عمر بن بسطام] «1» .
وكانت أمه من موليات المأمون، ومات في ربيع الأول سنة ثمان وستين ومئتين، وكان ابن سبعين سنة وثلاثة أشهر «2» .
وكان من حفاظ الحديث. وقيل: كانت وفاته في ربيع الآخر من السنة «3» .(71/166)
من اسم أبيه على حرف الشين [من الأحمدين]
[9649] أحمد بن شبّويه بن أحمد بن ثابت بن عثمان ابن مسعود بن يزيد بن الأكبر بن كعب بن مالك بن الحارث ابن قرط بن مازن بن سنان بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن عامر أبو الحسن الخزاعي الماخواني
قرية من قرى مرو يقال لها ماخوان، ويقال: هو مولى لبديل بن ورقاء الخزاعي، وشبّويه لقب.
كان يسكن طرسوس، وقدم دمشق وهو ثقة.
[روى عن آدم بن أبي إياس، وإسماعيل بن أبي أويس، وإسماعيل بن علية، وأيوب بن سليمان بن بلال، وحفص بن حميد المروزي، وأبي أسامة حماد بن أسامة، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن صالح المروزي، وعبد الله بن رجاء الغداني، وعبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي، وعبد الرحمن بن عبد الله ابن سعد الدشتكي، وعبد الرزاق بن همام، وعبد العزيز بن أبي رزمة، وعلي بن الحسن بن شقيق، وعلي بن الحسين بن واقد، وعلي بن المديني،
__________
[9649] ترجمته في تهذيب الكمال 1/223 وتهذيب التهذيب 1/66، 1/96 (104) (ط دار الفكر) والأنساب (الماخواني) 5/158، وبغية الطلب 2/776 والأسامي والكنى للحاكم 3/339 رقم 1462 وتذكرة الحفاظ 2/464 وسير الأعلام 9/317 (1797) (ط دار الفكر) والجرح والتعديل 1/1/55 والتاريخ الكبير 2/5 والنجوم الزاهرة 2/254 والوافي بالوفيات 6/415. وانظر الأعلام في التهذيب وبغية الطلب.(71/167)
والفضل بن موسى السيناني، ومحمد ابن مزاحم، ومحمد بن يحيى الكناني، وموسى بن مسعود النهدي، والنضر بن شميل، وهاشم ابن مخلد الثقفي، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون.
روى عنه: أبو داود، وأحمد بن أبي الحواري، وأبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب، وإسحاق بن عاصم المصيصي، وأيوب بن إسحاق بن سافري، وثابت بن أحمد بن شبويه، وعباس بن الوليد بن صبح، وعبد الله بن أحمد بن شبويه، وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وعلي بن الحسن الهسنجاني، وعمرو بن يحيى بن الحارث، ومحمد بن خلف العسقلاني، وأبو بكر محمد بن هاني، ومحمد بن يحيى الهذلي، ونوح بن حبيب القومسي، ويحيى بن عثمان بن صالح المصري، ويحيى بن معين.
قال محمد بن عبد الرحمن السامي: سمعت عبد الله بن أحمد بن شبويه قال:
سمعت أبي يقول:
من أراد علم القبر فعليه بالأثر، ومن أراد علم الخبز فعليه الرأي] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] .
[أحمد بن شبويه المروزي، أبو الحسن الخزاعي، روى عن وكيع وعبد الرزاق وأبي أسامة، مات بطرسوس سنة ثلاثين ومئتين، حدثنا عبد الرحمن: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك.
قال أبو محمد: وروى عنه. محمد بن هارون أبو نشيط البغدادي، وروى هو عن أبي مزاحم وعبد العزيز بن أبي رزمة، وحفص بن حميد، سمعت أبا زرعة يقول: جاءنا نعيه وأنا بنجران، ولم أكتب عنه، وكذلك سمعت أبي يقول: أدركته ولم أكتب عنه وروى عنه أيوب ابن إسحاق بن سافري نزيل الرملة، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي. قال أبو محمد: هو أحمد بن محمد بن شبويه، حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني عنه هكذا] «2» .
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] «3» :(71/168)
[أحمد بن شبويه المروزي أبو الحسن الخزاعي سمع وكيعا وأبا أسامة مات سنة ثلاثين ومئتين وهو ابن ستين سنة] «1» . [قال أبو أحمد الحاكم النيسابوري] «2» :
[أبو الحسن أحمد بن شبويه الخزاعي مولى بديل بن ورقاء المروزي. سمع أبا سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي، وأبا أسامة حماد بن أسامة القرشي.
كناه لنا أبو العباس الثقفي عن محمد بن إبراهيم] «3» .
[قال أبو نصر ابن ماكولا] «4» :
[أما شبويه بعد الشين المعجمة باء معجمة بواحدة فهو: أحمد بن شبويه بن أحمد بن ثابت بن عثمان بن مسعود بن يزيد بن الأكبر بن كعب بن مالك بن كعب بن الحارث بن قرط ابن مازن بن سنان بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن عامر، وهو خزاعة، أبو الحسن المروزي من قرية ماخوان، وقيل: هو مولى بديل بن ورقاء الخزاعي.
سمع وكيعا ومحمد بن يحيى الكناني، وأيوب بن سليمان بن بلال، والفضل بن موسى وعبد الرزاق وغيرهم. حدث عنه ابنه عبد الله، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو داود السجستاني، وأبو بكر بن أبي خيثمة وغيرهم.
مات بطرسوس في شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين ومئتين وهو ابن ستين سنة، وقال عبد الغني: أحمد بن محمد بن شبويه] «5» .
حدث عن النضر بن شميل بسنده عن جابر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«العمرى «6» لمن وهبت له»
[13973] .(71/169)
حدث ثابت بن أحمد بن شبويه المروزي قال «1» : كان يخيل لي أنّ لأبي أحمد بن شبّويه فضيلة على أحمد بن حنبل، للجهاد، وفكاك الأسرى ولزوم الثغور، فسألت أخي عبد الله بن أحمد: أيّهما كان أرجح في نفسك «2» ؟ فقال: أبو عبد الله أحمد بن حنبل، فلم أقنع بقوله، وأبيت إلّا العجب بأبي، فأريت بعد سنة في منامي كأنّ شيخا حوله الناس يسمعون منه، ويسألونه فقعدت إليه، فلما قام تبعته، فقلت: يا عبد الله، أخبرني: أحمد بن محمد بن حنبل وأحمد بن شبويه أيهما عندك أعلى وأفضل؟ فقال: سبحان الله! أحمد بن حنبل ابتلي فصبر وأحمد بن شبويه عوفي، المبتلي الصابر كالمعافى؟ هيهات، ما أبعد ما بينهما.
مات أحمد بن شبويه بطرسوس سنة ثلاثين أو تسع وعشرين ومئتين وهو ابن ستين سنة «3» .
[9650] أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر أبو عبد الرحمن النّسائي القاضي الحافظ
أحد الأئمة والأعلام، صنف السّنن وغيرها. [أحد الأئمة المبرزين والحفاظ المتقنين والأعلام المشهورين، طاف البلاد، وسمع بخراسان، والعراق، والحجاز، ومصر، والشام، والجزيرة من جماعة يطول ذكرهم قد ذكرنا روايته عنهم في تراجمهم. وروى القراءة عن أحمد بن نصر النيسابوري المقرىء، وأبي شعيب صالح بن زياد السوسي] «4» .
__________
[9650] ترجمته في تهذيب الكمال 1/151 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/67 (51) (ط دار الفكر) والوافي بالوفيات 6/416 ووفيات الأعيان 1/77 والبداية والنهاية 7/509 (ط دار الفكر) وطبقات القراء للجزري 1/61 والنجوم الزاهرة 3/188 وسير الأعلام 11/194 (2588) (ط دار الفكر) وطبقات الشافعية 3/14 وتذكرة الحفاظ 2/698 وبغية الطلب 2/782. وأحمد بن شعيب وفي وفيات الأعيان 1/77: أحمد بن علي بن شعيب ومثله في البداية والنهاية والنجوم الزاهرة.(71/170)
[قال أبو أحمد بن عدي الحافظ: سمعت منصورا الفقيه وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي يقولان: أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين.
وقال أيضا: أخبرني محمد بن سعد الباوردي قال: ذكرت لقاسم المطرز أبا عبد الرحمن النسائي، فقال: هو إمام، أو يستحق أن يكون إماما، أو كما قال.
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: أخبرنا أبو علي الحافظ حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي الإمام في الحديث بلا مدافعة.
وقال أيضا: سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يذكر أربعة من أئمة المسلمين رآهم، فيبدأ بأبي عبد الرحمن.
وقال في موضع آخر: سمعت أبا علي الحافظ يقول: رأيت من أئمة الحديث أربعة في وطني وأسفاري منهم ... وأبو عبد الرحمن النسائي بمصر.
وقال أيضا: سمعت جعفر بن محمد بن الحارث يقول: سمعت مأمون المصري الحافظ يقول: خرجنا مع أبي عبد الرحمن إلى طرسوس سنة الفداء، فاجتمع جماعة من مشايخ الإسلام، واجتمع من الحفاظ: عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن إبراهيم مربع وأبو الآذان وكيلجة وغيرهم، فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ، فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي، فكتبوا كلهم بانتخابه] «1» .
[قال الذهبي] : [كان من بحور العلم مع الفهم والاتقان والبصر ونقد الرجال، وحسن التأليف. جال في طلب العلم في خراسان، والحجاز ومصر، والعراق والجزيرة والشام، والثغور، ثم استوطن مصر، ورحل الحفاظ إليه، ولم يبق له نظير في هذا الشأن.
وكان شيخا مهيبا، مليح الوجه، ظاهر الدم، حسن التشبيه. قال قاضي مصر أبو القاسم عبد الله السعدي: حدثنا أحمد بن شعيب النسائي، أخبرنا إسحاق بن راهويه حدثنا محمد بن أعين قال: قلت لابن المبارك: إن فلانا يقول: من زعم(71/171)
أن قوله تعالى: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي
[سورة طه، الآية: 14] مخلوق فهو كافر، فقال ابن المبارك: صدق. قال النسائي: بهذا أقول.
وعن النسائي قال: أقمت عند قتيبة بن سعيد سنة وشهرين.
وكان النسائي يسكن بزقاق القناديل بمصر.
وكان نضر الوجه مع كبر السن، يؤثر لباس البرود النوبية والخضر، ويكثر الاستمتاع، له أربع زوجات، فكان يقسم لهن، ولا يخلو مع ذلك من سرية، وكان يكثر أكل الديوك، تشترى له وتسمّن وتخصى] «1» .
قدم دمشق قديما، وسمع بها وروى عن جماعة، وروى عنه جماعة «2» .
حدث بمصر عن هشام بن عمّار بسنده عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال:
كنت آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه وبحاجته، فقال: «سلني» . قلت: مرافقتك في الجنة. قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذلك، قال: «فأعنّي على نفسك بكثرة السجود»
[13974] .
وحدث أبو عبد الرحمن النسائي في شعبان سنة ثمانين ومئة بدمشق عن أبي عبد الله محمد بن رافع بسنده عن عبد الله بن مسعود يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«لا حسد إلّا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلّطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها»
[13975] .
قال محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون «3» :
سمعت أبا بكر بن الإمام الدمياطي يقول لأبي عبد الرحمن النسائي: ولدت في سنة أربع عشرة- يعني ومئتين- ففي أي سنة ولدت يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: أشبه أن يكون في سنة خمس عشرة يعني ومئتين، لأنّ رحلتي الأولى إلى قتيبة كانت في سنة ثلاثين ومئتين، أقمت عنده سنة وشهرين.(71/172)
قال أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون «1» : كنت يوما في دهليز الدار التي كان أبو عبد الرحمن يسكنها في زقاق القناديل «2» ، ومعي جماعة ننتظره لينزل ويمضي إلى الجامع ليقرأ علينا حديث الزهري، فقال بعض من حضر: ما أظنّ أبا عبد الرحمن إلّا يشرب النبيذ، للنضرة التي في وجهه والدم الظاهر مع السن، وقال آخرون: ليت شعرنا، ما يقول في إتيان النساء في أدبارهن؟ فقلت: أنا أسأله عن الأمرين وأخبركم. فلما ركب مشيت إلى جانب حماره، وقلت له: تمارى بعض من حضر في مذهبك في النبيذ، فقال: مذهبي أنه حرام بحديث أم سلمة عن عائشة: «كل شراب أسكر فهو حرام» «3» ، فلا يحلّ لأحد أن يشرب منه قليلا ولا كثيرا.
قلت: فما الصحيح من الحديث في إتيان النساء في أدبارهن؟ فقال: لا يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم في إباحته ولا تحريمه شيء، ولكنّ محمد بن كعب القرظي حدث عن جدك «4» ابن عباس: أسق حرثك من حيث شئت، فلا ينبغي لأحد أن يتجاوز قوله.
قال: وكان أبو عبد الرحمن يؤثر لباس البرود النوبية الخضر، ويقول: هذا عوض عن النظر إلى الخضرة من النبات فيما يراد لقوة البصر. وكان يكثر الجماع، مع صوم يوم وإفطار يوم، وكان له أربع زوجات يقسم لهن، ولا يخلو مع ذلك من جارية أو اثنتين، يشتري الواحدة بالمئة ونحوها، ويقسم لها كما يقسم للحرائر. وكان قوته في كل يوم رطل خبز جيد لا يأكل غيره، كان صائما أم مفطرا، وكان يكثر أكل الديوك الكبار، تشترى له وتسمّن ثم تذبح فيأكلها، ويذكر أنّ ذلك ينفعه في باب الجماع.
وسمعت قوما ينكرون عليه كتاب «الخصائص» لعلي رضي الله عنه وتركه لتصنيف فضائل أبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم يكن في ذلك الوقت صنّفها فحكيت له ما سمعت فقال: دخلنا إلى دمشق والمنحرف عن علي بها كثير، فصنف كتاب «الخصائص» رجاء أن يهديهم الله، ثم صنّف بعد ذلك فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها على الناس. وقيل(71/173)
له، وأنا حاضر: ألا تخرّج فضائل معاوية؟ فقال: أيّ شيء أخرج؟ «اللهم لا تشبع بطنه» «1» ؟
[13976] .
وسكت، وسكت السائل. قال بعض أهل العلم: وهذه أفضل فضيلة لمعاوية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إنما أنا بشر، أغضب كما يغضب البشر، فمن لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة» «2»
[13977] .
قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي الصوفي «3» : سألت أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ فقلت: إذا حدث محمد بن إسحاق ابن خزيمة وأحمد بن شعيب النسائي حديثا من تقدّم منهما؟ قال: النسائي لأنه أسند، على أني لا أقدم على النسائي أحدا، وإن كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير.
قال علي بن عمر الحافظ غير مرة «4» :
أبو عبد الرحمن مقدّم «5» على كلّ من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
قال محمد بن طاهر «6» :
سألت الإمام أبا القاسم سعد بن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة، فوثقّه.
فقلت: إن أبا عبد الرحمن النسائي ضعّفه، فقال: يا بني، إنّ لأبي عبد الرحمن في الرجال شرطا أشدّ من شرط البخاري ومسلم «7» .
قال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ»
:(71/174)
سمعت مشايخنا بمصر يعترفون «1» لأبي عبد الرحمن النسائي بالتقدم والإمامة ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ولمواظبته على الحج والجهاد. وأنه خرج إلى الفداء مع والي مصر، فوصف من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين واحترازه عن مجالسة السلطان الذي خرج معه والانبساط بالمأكول والمشروب في رحلته، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد رضي الله عنه بدمشق من جهة الخوارج.
كان ابن الحداد كثير الحديث، ولم يحدّث عن أحد غير أبي عبد الرحمن النسائي فقط، وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله «2» .
خرج «3» أبو عبد الرحمن من مصر في آخر عمره إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان وما روي من فضائله. فقال: معاوية «4» لا يرضى رأسا برأس حتى يفضّل؟ فما زالوا يدفعون في حضنيه «5» حتى أخرج من المسجد، ثم حمل إلى مكة وتوفي بها سنة ثلاث وثلاث مئة وهو مقتول «6» .
قال «7» : وهذه الحكاية لا تدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان، وإنما تدل على الكف عن ذكره بكل حال.
فقد «8» روي عن أبي عبد الرحمن النسائي أنه سئل عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة(71/175)
إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الباب. قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة. [قال الطبراني في معجمه: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي القاضي بمصر، فذكر حديثا.
وقال أبو عوانة في صحيحه:
حدثنا أحمد بن شعيب النسائي قاضي حمص، حدثنا محمد بن قدامة، فذكر حديثا.
قال الحاكم: كلام النسائي على فقه الحديث كثير، ومن نظر في سننه تحير في حسن كلامه.
قال ابن الأثير في أول جامع الأصول:
كان شافعيا له مناسك على مذهب الشافعي، وكان ورعا متحريا. وقال ابن الأثير:
سأل أمير أبا عبد الرحمن عن سننه: أصحيح كله؟ قال: لا، قال: فاكتب لنا منه الصحيح، فجرد المجتنى.
وقال أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ: من يصبر على ما يصبر عليه النسائي؟ عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة، يعني عن قتيبة، عن ابن لهيعة قال: فما حدّث بها.
قال الدارقطني:
خرج حاجا فامتحن بدمشق، وأدرك الشهادة، فقال: احملوني إلى مكة، فحمل وتوفي بها، وهو مدفون بين الصفا والمروة، وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة.
قال: وكان أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعلمهم بالحديث والرجال.
قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه:
كان أبو عبد الرحمن النسائي إماما حافظا ثبتا، خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاث مئة، وتوفي بفلسطين في يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث] «1» .(71/176)
خرج النسائي من مصر في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاث مئة، وتوفي بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاث مئة. وقيل مات بالرملة ودفن ببيت المقدس «1» .
[قال ابن حجر] «2» : [قال الذهبي في مختصره: عاش ثمانيا وثمانين سنة، وكأنه بناه على ما تقدم من مولده، فهو تقريب] «3» .(71/177)
من اسم أبيه على حرف الصاد [من الأحمدين]
[9651] أحمد بن صاعد بن موسى الصوري الزاهد
له كلام في الزهد والمواعظ.
[روى عنه أحمد بن أبي الحواري، وسعد بن محمد البيروتي] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[أحمد بن صاعد الصوري الزاهد، صاحب حكمة، وزهد، روى عن أحمد بن أبي الحواري وسعد بن محمد البيروتي] «3» .
قال محمد بن الحسن الجوهري:
دخلت على أحمد بن صاعد الصوري وهو جالس وحده في مسجده فقلت: ما لي أراك وحدك فقال:
قنعت بعلم الله ذخري وواجدي بمكنون أسرار تضمّنها صدري
فلو حاز ستر السّر بيني وبينه عن القلب والأحشاء ما علما سرّي
قال أبو عمرو عثمان بن سليمان ابن أخت علي بن داود القنطري:
دخلت مسجد دمشق فرأيت فيه ابن صاعد، فسألته عن مسألة، فأجابني، ثم سألته عن
__________
[6951] ترجمته في الأنساب (الصوري) 3/564 والجرح والتعديل 1/1/56.(71/178)
أخرى فأجابني، ثم قال لي: يا غلام، إنما يغني الله بك إذا غنيت بنفسك: إني كنت ها هنا وافد قوم فرأيت أربعة نفر يتكلمون في شيء من العلم لا أفهمه، فالتفت إلي أحدهم فقال:
شغلتك الذّنوب عن فهم علم نافع للقلوب يجلو صداها
ثم أمسك، والتفت إليّ الثاني فقال:
إنّ داء الذّنوب داء عييّ فإلى الله أشتكي ضرّ داها
ثم أمسك، والتفت إليّ الثالث فقال:
فاستقل توبة لعلّك تنجو وازجر النّفس يا أخي عن هواها
ثم التفت إليّ الرابع فقال:
واقر مصر السّلام منّا وزورا قبر ذي النّون تنجون من رداها
[9652] أحمد بن صافي، أبو بكر التّنّيسي [مولى الحباب] ابن رحيم البزّاز
قدم دمشق. وحدّث بها عن جماعة. [سمع بحلب وبغيرها من الثغور أبا بكر محمد بن أحمد بن أبي إدريس الإمام، وأبا أيوب سليمان بن محمد بن إدريس بن رويط، وأبا بكر محمد بن بركة بن الفرداح برداعس، وعثمان بن محمد بن علي بن علان، وأبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الآذني، وأبا الحسين مسدد بن يعقوب القلوسي، وأبا عبد الله محمد بن الحكم، وبكر بن أحمد الشعراني، وأبا جعفر محمد بن الحسين بن زيد، وأبا الحسن جعفر بن محمد الحروي، وأبا الحسن علي بن عبد الله بن أبي مطر، وأبا إسحاق إبراهيم بن ميمون الصواف، وأبا أحمد جابر بن عبد الله بن حاتم الجهازي، وأبا بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرملي، وأبا الحسن داود بن أحمد بن مصحح، وأبا الحسين علي بن محمد بن أبي الحديد المصري، وعبد القدوس بن عيسى بن موسى الحمصي، وأبا علي الحسين بن يوسف بن مليح الطرائفي، وإسماعيل بن يعقوب الحراب.
__________
[9652] ترجمته في بغية الطلب 2/789. والتّنّيسي هذه النسبة إلى تنيس بكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وكسر النون المشددة والياء المنقوطة باثنتين، بلدة من ديار مصر في وسط البحر والماء بها محيط، وهي كور من الخليج (الأنساب 1/486) .(71/179)
روى عنه أبو الحسين الميداني، وسمع منه بدمشق عبد العزيز وعبد الواحد ابنا محمد ابن عبدويه الشيرازي «1» . روى عن عثمان بن محمد الذهبي بسنده عن محمد الأسفاطي «2» قال «3» :
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله، إن عبد الله بن داود حدثنا عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود عنك بحديث الصادق المصدوق، فهو عنك يا رسول الله. فذكر الحديث، قال: رحم الله كلّ من حدث به إلى يوم القيامة.
رواه الحافظ بسنده إلى أبي عبد الله الأسفاطي «4» من طريق أخرى قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله، بلغنا عنك حديث الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود في القدر. فقال: نعم، أنا قلت رحم الله الأعمش، ورحم الله زيد بن وهب، ورحم الله عبد الله بن مسعود، ورحم الله من حدّث بهذا الحديث.
[قال الحافظ أبو القاسم] :
قرأت بخط الميداني: حدثنا أبو بكر أحمد بن صافي مولى الحباب بن رحيم البزاز قدم علينا من تنيس في سنة ستين وثلاثمئة بحديث ذكره، فتكون وفاته بعد ذلك والله أعلم] «5» .
[9653] أحمد بن صالح أبو جعفر المصري الحافظ المعروف بابن الطبري
روى عن جماعة، وروى عنه جماعة. قدم دمشق.
__________
[9653] ترجمته في تاريخ بغداد 4/195 وتهذيب الكمال 1/158 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/69 (53) (ط دار الفكر) والأسامي والكنى للحاكم 3/68 رقم 1045 () وسير أعلام النبلاء 10/133 (2024) (ط دار الفكر) والتاريخ الكبير 2/6 والجرح والتعديل 2/56 وتذكرة الحفاظ 2/495 وميزان الاعتدال 1/129 (485) (ط دار الفكر) والعبر 1/450 والوافي بالوفيات 6/424 وطبقات القراء للجزري 1/62 والنجوم الزاهرة 2/328 وشذرات الذهب 2/117 وبغية الطلب 2/792.(71/180)
[كان أبوه من أهل طبرستان من الجند، وكان أبو جعفر أحد الحفاظ المبرزين والأئمة المذكورين. روى عن إبراهيم بن الحجاج، وأسد بن موسى، وإسماعيل بن أبي أويس المدني، وحرمي بن عمارة بن أبي حفصة، وخالد بن نزار الأيلي، وسفيان بن عيينة. وسلامة بن روح الأيلي، وعبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعبد الله بن وهب، وعبد الرزاق بن همام، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، وعفان بن مسلم الصفار، وعنبسة بن خالد الأيلي، والفضل بن نعيم بن دكين، وقدامة بن محمد الخشرمي، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك، ويحيى بن حسان التنيسي، ويحيى بن محمد الجاري.
روى عنه البخاري، وأبو داود، وإبراهيم بن عمرو بن ثور، وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان، واسماعيل بن الحسن الخفاف، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، واسماعيل بن محمد بن قيراط الدمشقي، وصالح بن محمد البغدادي، والعباس بن محمد بن العباس البصري، وعبد الله بن أبي داود، وأبو زرعة الرازي، وعبيد بن رجال المصري، وعثمان بن سعيد الدارمي، وعلي بن الحسين بن الجنيد، وعمر بن عبد العزيز الخزاعي المصري، وعمر بن أبي عمر العبدي، وعمرو بن محمد بن بكير، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن مسلم بن واره، ومحمد بن هارون بن حسان البرقي، ومحمد بن الهيثم بن حماد، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمود بن إبراهيم بن سميع الدمشقي، ومحمود بن غيلان المروزي، وموسى بن سهل الرملي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، ويوسف بن موسى المروذي.
قال علي بن عبد الرحمن بن المغيرة عن محمد بن عبد الله بن نمير: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى- يريد أحمد ابن صالح.(71/181)
قال أبو الحسن علي بن محمود الهروي قلت لأحمد بن حنبل: من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب؟ قال: أحمد بن صالح المصري، ومحمد بن يحيى النيسابوري] «1» .
حدث عن ابن وهب بسنده عن ابن عباس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعيره يستلم الركن بمحجن
[13978] .
وروى أحمد بن صالح عن عنبسة عن يونس قال «2» : سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه وما يذكر في ذلك فقال: كان عروة ابن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت قال: كان الناس يتبايعون الثمار فإذا جذّ الناس، وحضر تقاضيهم، قال [أبو جعفر: أظنه يقاضيهم] «3» قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدّمان «4» ، وأصابه قشام «5» ، وأصابه مراض «6» ، عاهات يحتجون بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأما لا تتبايعوا «7» الثمار حتى يبدو صلاحه» «8» . كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم
[13979] .
وروى أحمد بن صالح عن إبراهيم بن الحجاج بسنده عن ابن عباس قال «9» :
لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة من علي عليهما السلام قالت فاطمة: يا رسول الله، زوجتني من رجل فقير ليس له شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أماترضين أن الله اختار لك من أهل الأرض رجلين أحدهما أبوك والآخر زوجك؟» «10»
[13980] .(71/182)
قال أبو زرعة «1» :
ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة سبع عشرة ومئتين قال: وسألني أحمد بن حنبل قديما: من بمصر؟ قلت: بها أحمد بن صالح، فسرّ بذكره وذكر خيرا ودعا له.
قال صالح بن محمد بن حبيب: قال أحمد بن صالح المصري «2» :
كان عند ابن وهب مئة ألف حديث. كتبت عنه خمسين ألف حديث، ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث والحفظ غير أحمد بن صالح. كان يعقل الحديث ويحسن أن يأخذ.
وكان رجلا جامعا يعرف الفقه، والحديث، والنحو، ويتكلّم في حديث الثوري وشعبه وأهل العراق. وكان قدم العراق، وكتب عن عفان وهؤلاء. وكان يذاكر بحديث الزهري، ويحفظه.
وقال [أحمد بن صالح المصري] «3» :
كتبت عن ابن زبالة «4» مئة ألف حديث، ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث فتركت حديثه.
قال يعقوب بن سفيان الفسوي «5» :
كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات، ما أحد منهم أتخذه عند الله عز وجل حجة إلّا رجلين أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل بالعراق «6» .
قال أحمد بن عبد الله العجلي «7» : أحمد بن صالح ثقة صاحب سنة.(71/183)
قال محمد بن مسلم بن واره «1» : أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل ببغداد، وابن نمير بالكوفة، والنّفيلي بحران. هؤلاء أركان الدين.
قال أحمد بن شعيب النسائي «2» : أحمد بن صالح مقرىء ليس بثقة ولا مأمون، تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن معين بالكذب وقال: أحمد بن صالح كذاب يتفلسف.
قال مسلمة بن القاسم الأندلسي «3» : الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله. وإن أحمد بن حنبل وغيره كتبوا عنه ووثقوه، وكان سبب تضعيف النسائي له أنّ أحمد بن صالح رحمه الله كان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة، فكان يحدثه ويبذل له علمه، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة، فأتى النسائي ليسمع منه، فدخل بلا إذن، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة. فلما رآه في مجلسه أنكره وأمر بإخراجه، فضعّفه النسائي لهذا. وقال الخطيب «4» : [احتج سائر الأئمة بحديث أحمد بن صالح، سوى أبي عبد الرحمن النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، وكان يطلق فيه لسانه] «5» وليس الأمر على ما ذكر النسائي. وكان يقال: آفة أحمد بن صالح الكبر وشراسة الخلق. ونال النسائي منه جفاء في مجلسه، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما.
قال بندار «6» :
كتبت إلى أحمد بن صالح خمسين ألف حديث أي: إجازة، وسألته أن يجيز لي أو يكتب إليّ بحديث مخرمة بن بكير فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذلك إليّ.
قال الخطيب «7» :(71/184)
ترى أن هذا الذي قاله بندار في أحمد بن صالح في تركه مكاتبته مع مسألته إياه ذلك إنما حمله عليه سوء الخلق. ولقد بلغني أنه كان لا يحدث إلّا ذا لحية، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه. فلما حمل أبو داود السجستاني ابنه إليه ليسمع منه- وكان إذ ذاك أمرد- أنكر أحمد ابن صالح على أبي داود إحضاره ابنه المجلس، فقال له أبو داود: هو وإن كان أمرد أحفظ من أصحاب اللحى فامتحنه بما أردت، فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ، ولم يحدث أمرد غيره.
[قال أبو بكر الخطيب] «1» :
[أحمد بن صالح المقرىء أبو جعفر، طبري الأصل، سمع عبد الله بن وهب وعنبسة بن خالد، وعبد الله بن نافع، واسماعيل بن أبي أويس، وكان أحد حفاظ الأثر، عالما بعلل الحديث، بصيرا باختلافه، وورد بغداد قديما وجالس بها الحفاظ، وجرى بينه وبين أبي عبد الله بن حنبل مذاكرات، وكان أبو عبد الله يذكره ويثني عليه، وقيل إن كل واحد منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا، ثم رجع إلى مصر فأقام بها، وانتشر عند أهلها علمه، وحدث عنه الأئمة] «2» .
[قال ابن العديم] .
[أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن منده قال: أخبرنا أبو طاهر ابن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء. ح قال الخلال: وأخبرنا ابن منده، أخبرنا حمد بن عبد الله الأصبهاني إجازة قالا أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال:
أحمد بن صالح المصري أبو جعفر، روى عن ابن عيينة، وابن وهب، وعبد الرزاق، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك.
قال: وسمعت أبي يقول: كتبت عنه بمصر وبدمشق وأنطاكية. وقال ابن أبي حاتم:
حدثنا علي بن الحسين بن جنيد قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: حدثنا(71/185)
أحمد بن صالح، فإذا جاوزت الفرات فليس أحد مثله، وسئل أبي عن أحمد بن صالح فقال:
ثقة] «1» .
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] «2» :
[أحمد بن صالح أبو جعفر المصري، مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومئتين، سمع ابن وهب وعنبسة بن خالد] «3» .
[قال أبو أحمد الحاكم النيسابوري] «4» :
[أبو جعفر أحمد بن صالح المصري. سمع أبا محمد عبد الله بن وهب القرشي، وعنبسة بن خالد الأيلي ابن أخي يونس بن يزيد.
سمع منه محمد بن مسلم بن وارة الرازي، وعبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي. كناه. لنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني] «5» .
[سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي أحمد بن شعيب يقول: سمعت معاوية بن صالح يقول: سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح؟
فقال: رأيته كذابا يخطب في جامع مصر.
وكان النسائي هذا سيء الرأي فيه، وينكر عليه أحاديث منها عن ابن وهب، عن مالك، عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة» .
قال ابن عدي: حدثناه العباس بن محمد بن العباس عن أحمد بن صالح بذلك] «6» .
[قال ابن عدي:
وأحمد بن صالح من حفاظ الحديث وبخاصة حديث الحجاز، ومن المشهورين بمعرفته، وحدث عنه البخاري مع شدة استقصائه، ومحمد بن يحيى، واعتمادهما عليه في(71/186)
كثير من حديث الحجاز وعلى معرفته، وحدث عنه من حدث من الثقات فاعتمدوه حفظا واتقانا، وكلام ابن معين فيه تحامل. وأما سوء رأي النسائي، فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول: هذا الخراساني- يعني النسائي- يتكلم في أحمد بن صالح، وحضرت مجلس أحمد بن صالح، وطرده من مجلسه، فحمله ذلك على أن تكلم فيه. وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه، فالقول فيه ما قاله أحمد، لا ما قاله غيره فيه] «1» .
[قال ابن عدي:
وأحمد بن صالح من أجلة الناس، وذاك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول: كتب إلي أحمد بن صالح، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري] «2» .
[قال أبو بكر الخطيب] .
[أخبرني أحمد بن سليمان المقرىء أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: قدمت مصر وأتيت أحمد بن صالح، فسألني: من أين أنت؟ قلت: من بغداد، قال: منزل من منزل أحمد بن حنبل؟ قلت: أنا من أصحابه، قال: تكتب لي موضع منزلك فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل، فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة إلى عفان، فسأل عني، فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك؟
فذهبت به إلى أحمد بن حنبل واستأذنت له فقلت: أحمد بن صالح بالباب. فأذن له، فقام إليه ورحب به وقربه، وقال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال نذاكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران ولا يغرب أحدهما عن الآخر حتى فرغا. قال: وما رأيت أحسن من مذاكرتهما.
ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: تعال حتى نذاكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران أحدهما على الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل(71/187)
لأحمد ابن صالح: عن الزهري عند محمد بن جبير عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يسرني أن لي حمر النعم وأن لي حلف المطيبين» فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا؟ فجعل أحمد بن حنبل يبتسم ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح- عبد الرحمن بن إسحاق- فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال: حدثناه رجلان تقيان- اسماعيل بن علية وبشر بن الفضل- فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: سألتك بالله إلّا أمليته عليّ. فقال أحمد: من الكتاب، فقام ودخل وأخرج الكتاب وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: لو لم أستفد بالعراق إلّا هذا الحديث كان كثيرا، ثم ودعه وخرج] «1» .
[حدثني أحمد بن محمد العتيقي حدثنا علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى المصري حدثنا أبي قال: كان أحمد بن صالح يكنى أبا جعفر، كان صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم، وولد أحمد بن صالح بمصر في سنة سبعين ومئة، وتوفي بمصر يوم الاثنين لثلاث خلون من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومئتين، وكان حافظا للحديث] «2» .
[وقد ذكر ابن حبان أحمد بن صالح في الثقات، وما أورده في الضعفاء، فأحسن] «3» .
ولد أحمد بمصر سنة سبعين ومئة. وتوفي بمصر يوم الاثنين لثلاث خلون من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومئتين.
[9654] أحمد بن صالح المكي الطحان السواق
[روى عن مؤمل بن إسماعيل، وموسى بن معاذ ابن أخي ياسين المكي.
روى عنه الحسن بن الليث المروزي، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر، وأبو محمد بن صاعد وغيرهم] «4» .
__________
[9654] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/130 (486) (ط دار الفكر) ولسان الميزان 1/186 والجرح والتعديل 1/1/56 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/72 (55) (ط دار الفكر) .(71/188)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[أحمد بن صالح المكي السواق، روى عن المؤمل بن اسماعيل، ونعيم بن حماد، روى عنه الحسن بن الليث] «2» .
[ضعفه الدارقطني في غرائب مالك] «3» .
حدث بمكة عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بسنده عن جبير بن مطعم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«كل عرفة موقف وارتفعوا عن عرفات، والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن نظر محسّر «4» ، وكلّ فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق منحر»
[13981] .
سئل أبو زرعة عن أحمد بن صالح المكي، فقال: هو صدوق، ولكن يحدّث عن المجهولين، ويحدث عن الضعفاء «5» .
قال أبو محمد [بن أبي حاتم] «6» : روى عن المؤمل بن إسماعيل الثوري أحاديث منكرة في الفتن تدل على توهين أمره.
[9655] أحمد بن صالح بن عمر بن إسحاق أبو بكر البغدادي المقرىء البزاز صاحب أبي بكر بن مجاهد
حدث بأطرابلس وحمص وقرأ القرآن. وكان ثقة ضابطا مشهورا.
[قرأ على الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، ومحمد بن هارون التمار، وابن مجاهد.
__________
[9655] ترجمته في تاريخ بغداد 4/205 ومعرفة القراء الكبار 1/316 رقم 235 وغاية النهاية للجزري 1/62 وبغية الطلب 2/791.(71/189)
قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وعبد المنعم بن غلبون، وعلي بن محمد بن بشر الأنطاكي، وخلف بن قاسم وآخرون] «1» .
حدث بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن مثل الولد البرّ بوالديه كمثل بلدة طيبة يزكو نباتها، يفرح حاصدها. يا طوبى لمن ضرب له هذا المثل»
[13982] .
قال أبو بكر الخطيب «2» :
أحمد بن صالح انتقل إلى الشام، ونزل أطرابلس وحدث بها وبالرملة [عن جعفر بن عيسى الناقد، ومحمد بن الحكم العتكي. وروى عنه الغرباء وذكر ابن الثلاج أنه سمع منه.
حدثنا يحيى بن علي أبو طالب الدسكري- لفظا، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن الحسن بن مالك الجرجاني بها، حدثني أبو بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرىء البغدادي بأطرابلس، حدثنا أبو عبد الله محمد بن الحكم العتكي، حدثنا سليمان يعني ابن سيف، حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة.
قال: كنت جالسا عند عبد الله بن زياد فقال: سمعت رسول الله يقول: «إن عذاب هذه الأمة في دنياها» ]
[13983] .
هكذا حدثناه أبو طالب من أصل كتابه، وقد سقط منه ألفاظ كثير ففسد بذلك. وصوابه.
ما أخبرناه أبو عبد الله بن الحسين بن الحسن بن محمد بن القاسم المخزومي، حدثنا جعفر بن محمد بن نصر الخالدي (كذا) املاء. حدثنا أبو جعفر محمد بن يوسف التركي حدثنا إسحاق بن موسى قال: سألت أبا بكر بن عياش- وعنده هشام ابن الكلبي- فأخبرنا عن أبي حصين عن أبي بردة قال:
كنت عند عبيد الله بن زياد، وأتي برؤوس من رؤوس الخوارج، فجعلت كلما أتي برأس أقول: إلى النار، إلى النار. فعيرني عبد الله بن يزيد الأنصاري وقال: يا بن أخي، وما(71/190)
تدري؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «جعل عذاب هذه الأمة في دنياها»
[13984] .
وكان حيّا إلى سنة تسع وأربعين وثلاث مئة «1» .
[9656] أحمد بن صالح بن محمد بن صالح بن المثنى ابن ثعلبة بن عمر بن منصور بن حرب، أبو العلاء الأثطّ المؤدّب التميمي الفارسي الجرجاني
سكن صور، وحدث بدمشق.
حدث بصور عن محمد بن حميد بسنده عن الركين بن الربيع عن أبيه قال: سمعت عليا يقول: استأذن عمار على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عنده فقال: «مرحبا بالطيب المطيب»
[13985] .
وحدث عنه أيضا بسنده عن ابن عمر.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه
[13986] .(71/191)
[من اسم أبيه الصقر من الأحمدين
[9657] أحمد بن الصقر بن أحمد بن ثابت أبو الحسن المنبجي المقرىء العابد
رجل صالح، عارف بوجوه القراءات وعللها، وله مصنف في القراءات سماه «الحجة» ذكر فيه القراءات السبعة، وبين وجوهها وعللها وهو كتاب حسن.
قرأ القرآن العظيم على أبي القاسم هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم المقرىء، وأبي طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم، وأبي عيسى بكار بن أحمد بن بكار ابن بنان بن بكار بن زياد، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم النحوي، وأبي الحسن علي بن محمد ابن البزاز القلانسي، وأخذ القراءات عنهم دراية ورواية.
وأجاز أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، روى عنه: أبو محمد بن عبدان بن عمر بن الحسن المنبجي، وأبو الحسن علي بن محمد بن معيوف العين ثرمائي «1» . أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال:
بلغني أن أبا الحسن المنبجي الذي كان بدمشق توفي قبل الستين وثلاثمائة.
__________
[9657] استدركت الترجمة بكاملها عن بغية الطلب 2/801.(71/192)
ووقع إليّ جزء بخط بعض الفضلاء من أهل دمشق كتبه بها يتضمن وفاءات جماعة من المحدثين والعلماء قال:
سنة ست وستين وثلاثمائة توفي أبو الحسن المنبجي، وهو أحمد بن الصقر بن ثابت صاحب كتاب القراءات في ربيع الآخر من السنة] .(71/193)
من اسم أبيه على حرف الضاد المعجمة [من الأحمدين]
[9658] أحمد بن الضحاك بن مازن أبو عبد الله الأسدي القردي، مولى أيمن بن خريم
إمام جامع دمشق.
[قال أبو عبد الله ابن النجار الحافظ: قال لنا الشيخ زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله وأبو مسهر وخالد بن عمرو بن محمد بن عبيد الله بن سعيد بن العاصي: سمع منه أحمد بن أبي الحواري وهو من أقرانه، وروى عنه أبو بكر أحمد بن محمد ابن الوليد المري، وأبو حاتم الرازي] «1» .
حدث عن خالد بن عمرو بن عبيد الله بن سعيد بن العاص بسنده عن سلمة بن نبيط «2» عن أبيه قال:
رأيت النّبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النحر على جمل له أحمر
[13987] .
ومات في يوم السبت لليلة من ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين ومئتين «3» .
__________
[9685] ترجمته في معجم البلدان (قردا) 4/322 والجرح والتعديل 1/1/57. والقردي نسبة إلى قردا بالتحريك، انظر معجم البلدان 4/322. وخريم بالمعجمة ثم الراء، كما في تقريب التهذيب، وتحرفت في معجم البلدان إلى خزيم، ترجمته في تهذيب الكمال 2/394 (ط دار الفكر) .(71/194)
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[أحمد بن الضحاك الدمشقي إمام مسجد جامع دمشق. روى عن المخيس بن تميم.
سمع منه أبي بدمشق في الرحلة الثانية] «2» .
[9659] أحمد بن ضياء- وقيل أحمد ابن زياد بن ضياء بن خلاج بن كثير، أبو الحسن البجلي المسرابي
[من قرية مسرابا.
روى عن أبي الجماهر، وعبد الله بن سليمان البعلبكي العبدي، وسليمان بن حجاج الكسائي.
روى عنه أبو الطيب ابن الحوراني، وأبو عمر ابن فضالة، وأبو علي ابن آدم الفزاري] «3» .
حدث بمسرابا عن أبي الجماهر بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من حدث حديثا فعطس عنده فهو على حق»
[13988] .
خلّاج: بالخاء والجيم.
__________
[9659] ترجمته في معجم البلدان (مسرابا) 5/125 وفيه: النخلي بدل البجلي ومسرابا من قرى الغوطة (غوطة دمشق لمحمد كرد علي ص 121) وانظر معجم البلدان 5/125.(71/195)
من اسم أبيه على حرف الطاء المهملة [من الأحمدين]
[9660] أحمد بن طاهر بن عبد الله ابن يزيد، أبو علي النيسابوري
من الرحالة في طلب الحديث. سمع بدمشق وغيرها.
قال أحمد بن طاهر: أنشدني مكحول البيروتي قال: أنشدني أبو الحسن الرهاوي:
إني وإن كان جمع المال يعجبني ما يعدل المال عندي صحّة الجسد
في المال عزّ وفي الأولاد مكرمة والسّقم ينسيك ذكر المال والولد
توفي أحمد بن طاهر ليلة الاثنين السابع من ذي القعدة سنة ستين وثلاث مئة.
[9661] أحمد بن طاهر الدمشقي
[حكى عن عبد الله بن خبيق الأنطاكي، ولقيه بها.
روى عنه عمر بن المؤمل الطرسوسي أبو القاسم] .
[ «1» قال أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله أنبأنا أبو طاهر ابن الحنائي قال: أخبرنا أبو علي الأهوازي المقرىء قال: حدثنا أبو أسامة محمد بن أحمد بن محمد الهروي
__________
[9661] ترجمته في بغية الطلب 2/805. وما بين معكوفتين استدرك عن بغية الطلب 2/805.(71/196)
المقرىء بمكة قال: حدثنا أبو القاسم عمر بن المؤمل قال: حدثنا أحمد بن طاهر الدمشقي قال: حدثنا] عبد الله بن خبيق الأنطاكي الزاهد قال:
سألت يوسف بن أسباط: هل مع حذيفة المرعشي علم؟ فقال: معه العلم الأكبر؛ خوف الله عزّ وجلّ.
[9662] المعتضد أحمد بن طلحة أبي أحمد الموفّق- ويقال: اسم أبي أحمد محمد بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب بن هاشم أبو العباس المعتضد بالله
بويع بالخلافة بعد عمّه المعتمد على الله في رجب سنة تسع وسبعين ومئتين «1» . وكان قدم دمشق، وهو ولي عهد لمحاربة أبي الجيش بن أحمد بن طولون يوم السبت لليلتين خلتا من شعبان سنة إحدى وسبعين ومئتين «2» .
وأمه أم ولد يقال لها نحلة «3» ، ويقال: ضرار.
حدث المعتضد بالله عن أبيه أبي أحمد الموفق قال «4» : كان أمير المؤمنين السفاح يعجبه السّمر، وكان يطول عليه السهر، وتعجبه الفصاحة ومنازعة الرجال، فسمر عنده ذات ليلة أناس من اليمن وأناس من مضر، فيهم خالد بن
__________
[9662] ترجمته في مروج الذهب (الفهارس) وبغية الطلب 2/808 وتاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية والوافي بالوفيات 6/428 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 588 والمنتظم لابن الجوزي 13/7 وتاريخ بغداد 4/403 والأغاني 10/41 وتاريخ الإسلام حوادث. (سنة 281- 290) ص 61- 62 وانظر بهامشه أسماء مصادر كثيرة ترجمت له.(71/197)
صفوان التميمي «1» وإبراهيم بن محمد «2» الكندي، فمال بهم الحديث، فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، إن أخوالك هم الناس، وهم العرب الأول، والذين دانت لهم الدنيا، كانت لهم اليد العليا. توارثوا الرياسة «3» ، يلبس آخرهم سرابيل أولهم، بيت المجد ومآثر الحمد لهم، منهم النعمانان والمنذران والقابوسان، ومنهم عياض صاحب البحر، ومنهم الجلندى «4» ، ومنهم ملوك «5» التيجان، وحماة «6» الفرسان، أصحاب السيوف القاطعة والدروع الحصينة «7» ، إن حلّ ضيف أكرموا، وإن سئلوا أنعموا، فمن ذا مثلهم يا أمير المؤمنين إذا عدّت المآثر، وفخر مفاخر، ونافر منافر؟ [فهم] «8» العرب العاربة، وسائر العرب المتعرّبة. فتغيّر وجه السفاح وقال: ما أظن خالدا يرضى بما تقول، فقال: وهل يستطيع أن يقول مثل قولي أو يفخر مثل فخري «9» ؟ فقال السفاح: ما تقول يا خالد؟ فقال: إن أذن لي أمير المؤمنين، وأمنت الموجدة تكلمت. قال: تكلّم ولا تهب أحدا. فتكلم خالد فقال: خاب المتكلم، وأخطأ المتحكم «10» ، وقد قال بغير علم، ونظر «11» بغير صواب. إذ فخر على مضر، ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء من أهل بيته، وهل أهل اليمن- أصلح الله أمير المؤمنين- إلّا دابغ جلد، أو حائك برد، أو سائس فهد، أو قائد قرد؟! دلّ عليهم الهدهد، وغرّقهم الجرذ، وملكتهم أم ولد، وهم يا أمير المؤمنين ما لهم ألسنة فصيحة، ولا لغة صحيحة، ولا حجة تدلّ على كتاب الله عز وجل، ولا يعرف بها [صواب وإنهم منا لبين إحدى الخلتين] «12» إن(71/198)
جاوزوا قصدنا أكلوا، وإن أبوا حكمنا عنفوا «1» . ثم التفت إلى الكندي فقال: أتفخر عليّ بالدرع الحصينة، والفرس الراتع، والسيف القاطع، والدرة المكنونة ولا تفخر بخير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم؟! فبه أدرك من ذكرت وفخر من فخرت، فأكرم به إذ كانوا أتباعه وأشياعه وبه ذكروا وافتخروا، فمنّا النبي المصطفى وسيف الله عمه العباس المجتبى، ومنا علي الرضى، وأسد الله حمزة، ومنّا خير المسلمين وديان الدين «2» وسيد أولاد المهاجرين وأبو الخلفاء الأربعين، ومن فقهه الله في الدين، وتلقن القرار من الأمين، ولنا السؤدد، والعلياء «3» ، وزمزم، ومنى، ولنا البيت المعمور، والسقف المرفوع، والستر المحبور «4» ، ولنا البيت الأعظم والسقاية، والشرف، ولنا [زمزم و] «5» بطحاؤها وصحراؤها ومنابتها وكل فناء لها، ولنا غياضها ومنابرها وأعلامها وحطيمها وعرفاتها وحرمها ومواقفها، فهل يعدلنا عادل أو يبلغ فخرنا مفاخر، وفينا كعبة الله؟ فمن زاحمنا زاحمناه، ومن فاخرنا فاخرناه.
ثم التفت إلى الكندي فقال: كيف علمك بلغة قومك؟ قال: إني بها لجدّ عالم.
قال: أخبرني عن الشناتر؟ قال: الأصابع.
قال: فأخبرني عن الصّنّارة؟ قال: الأذن.
قال: فأخبرني عن الجحمتين؟ قال: العينان.
قال: فأخبرني عن المبزم «6» ؟ قال: السن.
[قال: فأخبرني عن الزبّ.
قال: اللحية.
قال: فأخبرني عن الفقحة.(71/199)
قال: الراحة] «1» .
قال: أخبرني عن الكتع؟ قال: الذئب.
قال: أتؤمن أنت بكتاب الله عز وجل؟ قال: نعم.
قال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ
[سورة الشعراء، الآية:
195] الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ
[سورة المائدة، الآية: 45] ولم يقل: الجحمة بالجحمة، وقال جل ثناؤه جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ
[سورة نوح، الآية: 7] ولم يقل: جعلوا شناترهم في صنّاراتهم. وقال السِّنَّ بِالسِّنِ
[سورة المائدة، الآية: 45] ولم يقل: المبزم بالمبزم. وقال فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ
[سورة يوسف، الآية: 17] ولم يقل: فأكله الكتع. ولكني أسألكعن أربع خصال إن أقررت بها قهرت، وإن أنكرتها قتلت، قال: وما هي؟ قال: أسألك عن نبي الله المصطفى أمنّا أم منكم؟ قال: بل منكم.
قال: فأخبرني عن كتابه المنزل علينا أو عليكم؟ قال: بل عليكم.
قال: فأخبرني عن خلافة الله عز وجل أفينا أم فيكم؟ قال: بل فيكم «2» .
قال: فأخبرني عن بيت «3» الله عز وجل المستقبل، لنا أم لكم؟ [قال: بل لكم] «4» .
قال: فأي شيء يعادل هذه الخصال؟ فقال أمير المؤمنين: ما فرغت من كلامك حتى ظننت أنّ سريري قد عرج به إلى السماء، ما لك «5» يا كنديّ ورجال مضر. وأمر له بألف درهم وقال له: الحق بأهلك.
قال عبد الله بن الحسين بن سعد:
في سنة إحدى وسبعين ومئتين وجّه الموفق ابنه أحمد المعتضد لحرب أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون فخرج من بغداد مع العساكر، واتصل الخبر بأبي الجيش فوجه(71/200)
من مصر عسكرا كبيرا زهاء خمسين ألف رجل من البربر وسائر الناس، فالتقوا بحمص فهزمهم أحمد المعتضد، ولما التقوا جعل أحمد على ميمنته ذا السيفين إسحاق بن كنداجين وعلى ميسرته محمد بن أبي الساج، فانهزم المصريون وهربوا إلى مصر ودخل أحمد المعتضد دمشق «1» .
قال أحمد بن حميد بن أبي العجائز:
دخل أبو العباس أحمد المعتضد دمشق قبل أن ولي الخلافة، دخلها من باب الفراديس، فلما بلغ إلى باب البريد التفت فنظر إلى مسجد الجامع، وقف وعنّ «2» دابته فقال:
أي شيء هذا؟ فقيل: هذا مسجد الجامع. قال: وايش هذه الزيادة التي قدامه؟ فقالوا: هذه تسمى الزيادة، فيها التجار، ويدخل منها إلى مسجد الجامع ولكل باب للمسجد زيادة مثل هذا تشبه الدهاليز، بناء مبني بقناطر وأروقة فاستحسنها وقال: ما في الدنيا مسجد جامع عني به ما عني بهذا المسجد. ثم سار ونزل الراهب على باب دمشق أياما ثم خرج منها إلى حرب أبي الجيش عند طواحين الرملة «3» . وواقعه في سنة إحدى وسبعين «4» .
قال أبو بكر بن أبي الدنيا «5» :
استخلف أبو العباس المعتضد بالله أحمد بن محمد في اليوم الذي مات فيه المعتمد على الله. وله إذ ذاك سبع وثلاثون سنة.(71/201)
قال محمد بن أحمد بن البراء «1» : ولي المعتضد بالله لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومئتين. وولد بسرّ من رأى في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
قال القاضي أبو عمرو محمد بن يوسف «2» :
قدّم خادم من وجوه خدم المعتضد بالله إلى أبي في حكم، فجاء فارتفع في المجلس، فأمره الحاجب بموازاة خصمه، فلم يفعل- إدلالا بعظم محله «3» من الدولة- فصاح أبي عليه وقال: قفاه، أتؤمر بموازاة خصمك فتمتنع؟ يا غلام! عمرو بن أبي النخاس الساعة لأتقدم إليه ببيع هذا العبد وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين، ثم قال لحاجبه: خذ بيده وسوّ بينه وبين خصمه، فأخذ كرها وأجلس مع خصمه، فلما انقضى الحكم انصرف الخادم فحدث المعتضد بالله- وبكى بين يديه- فصاح عليه المعتضد وقال: لو باعك لا خترت «4» بيعه، وما رددتك إلى ملكي أبدا، وليس خصوصك بي يزيل مرتبة الحكم، فإنه عمود السلطان، وقوام الأديان.
قال إسماعيل بن إسحاق القاضي «5» :
دخلت على المعتضد، وعلى رأسه أحداث روم صباح الوجوه، فنظرت إليهم، فرآني المعتضد وأنا أتأملهم. فلما أردت القيام أشار إليّ فمكثت ساعة، فلما خلا قال لي: أيها القاضي، والله ما حللت سراويلي على حرام قط.
روى التنوخي «6» قال:
لما خرج المعتضد إلى قتال وصيف الخادم إلى طرسوس وأخذه عاد إلى أنطاكية، فنزل خارجها، وطاف البلد بجيشه، وكنت صبيا إذ ذاك في المكتب. قال: فخرجت مع جملة(71/202)
الناس، فرايته وعليه قباء أصفر، فسمعت رجلا يقول: يا قوم، الخليفة بقباء أصفر بلا سواد قال: فقال له أحد الجيش: هذا كان عليه وهو جالس في داره ببغداد، فجاءه الخبر بعصيان وصيف، فخرج في الحال عن داره إلى باب الشّمّاسيّة فعسكر به، وحلف ألّا يغيّر هذا القباء أو يفرغ من أمر وصيف، وأقام بباب الشماسية أياما حتى لحقه الجيش، ثم خرج، فهو عليه إلى الآن ما غيّره.
قال إسماعيل بن إسحاق القاضي «1» : دخلت على المعتضد فدفع إليّ كتابا. نظرت فيه فكأنه قد جمع له الرخص من زلل العلماء وما احتج به كل منهم لنفسه، فقلت له: يا أمير المؤمنين، مصنف هذا الكتاب زنديق، فقال: لم تصحّ هذه الأحاديث؟ قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر، وما من عالم إلّا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب.
حدث «2» صافي الحرمي «3» قال:
مشيت يوما بين يدي المعتضد وهو يريد دور الحرم، فلما بلغ إلى باب شغب «4» ، أم المقتدر، وقف يسمع ويتطلع من خلال «5» الستر، وإذا هو بالمقتدر، وله إذ ذاك خمس سنين أو نحوها وهو جالس وحواليه مقدار عشر وصائف من أقرانه في السن، وبين يديه طبق فضة فيه عنقود عنب في وقت فيه العنب عزيز جدا، والصبي يأكل عنبة واحدة ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة على الدّور، حتى إذا بلغ الدّور إليه أكل عنبة واحدة مثل ما أكلوا حتى فني العنقود، والمعتضد يتميّز غيظا. قال: فرجع ولم يدخل الدار، ورأيته مغموما فقلت: يا مولاي، ما(71/203)
سبب ما فعلته، وما قد بان عليك؟ فقال: يا صافي، والله لولا النار والعار لقتلت هذا الصبي اليوم، فإنّ في قتله صلاحا للأمة. فقلت: يا مولاي، حاشاه، أي شيء عمل؟ أعيذك بالله يا مولاي، العن إبليس، فقال: ويحك أنا أبصر بما أقول، أنا رجل قد سست الأمور، وأصلحت الدنيا بعد فساد شديد، ولا بد من موتي، وأعلم أن الناس بعدي لا يختارون غير ولدي، وسيجلسون ابني عليا- يعني المكتفي- وما أظن عمره يطول للعلّة التي به، يعني الخنازير، فيتلف عن قرب، ولا يرى الناس إخراجها عن ولدي، ولا يجدون بعده أكبر من جعفر، فيجلسونه، وهو صبي، وله من الطبع في السخاء هذا الذي قد رأيت من أنه أطعم الصبيان مثل ما أكل، وساوى بينه وبينهم في شيء عزيز في العالم، والشح على مثله في طباع الصبيان، فتحتوي عليه النساء لقرب عهده بهن، فيقسم ما جمعته من الأموال كما قسم العنب، ويبذر ارتفاع الدنيا ويخربها، فتضيع الثغور وتنتشر الأمور، وتخرج الخوارج «1» ، وتحدث الأسباب التي يكون فيها زوال الملك عن بني العباس أصلا. فقلت: يا مولاي، بل يبقيك الله تعالى حتى ينشأ في حياة منك، ويصير كهلا في أيامك، ويتأدب بآدابك، ولا يكون هذا الذي ظننت. فقال: احفظ عني ما أقوله، فإنه كما قلت. قال: ومكث يومه مهموما، وضرب الدهر ضربه «2» .
ومات المعتضد، وولي المكتفي فلم يطل عمره، ومات، وولي المقتدر فكانت الصورة كما قاله المعتضد بعينه. فكنت كلما وقفت على رأس المقتدر وهو يشرب ورأيته قد دعا بالأموال فأخرجت إليه، وحللت «3» البدر وجعل يفرقها على الجواري والنساء ويلعب بها، ويمحقها ويهبها، ذكرت مولاي المعتضد وبكيت.
قال صافي «4» :
وكنت يوما واقفا على رأس المعتضد فقال: هاتم فلانا الطيبي، يعني خادما يلي خزانة الطيب، فأحضر فقال: كما عندك من الغالية؟ فقال: نيف وثلاثون حبا «5» صينيا مما عمله عدة(71/204)
من الخلفاء. قال: فأيها أطيب؟ قال: ما عمله الواثق. قال: أحضرنيه فأحضره حبا عظيما يحمله عدة، ففتح فإذا بغالية قد ابيضّت من التعشيب وجمدت من العتق في نهاية الذّكاء، فأعجبت المعتضد وأهوى بيده إلى حوالي عنق الحب «1» ، فأخذ من لطاخته شيئا يسيرا من غير أن يشعث رأس الحب «2» ، وجعله في لحيته وقال: ما تسمح نفسي بتطريق التشعيب على هذا الحب، شيلوه، فرفع، ومضت الأيام فجلس المكتفي [للشرب] «3» يوما، وهو خليفة، وأنا قائم على رأسه فطلب غالية فاستدعى الخادم وسأله عن الغوالي، فأخبره بمثل ما كان أخبر به أباه، فاستدعى غالية الواثق، فجاءه بالحب بعينه ففتح فاستطابه، وقال: أخرجوا منه قليلا، فأخرج منه مقدار ثلاثين أو أربعين مثقالا، فاستعمل منه في الحال ما أراد، ودعا بعتيدة «4» له فجعل الباقي فيها ليستعمله على الطعام «5» ، وأمر بالحب فختم بحضرته ورفع.
ومضت الأيام وولي المقتدر الخلافة، وجلس مع الجواري يوما وكنت على رأسه، فأراد أن يتطيّب فدعا الخادم وسأله، فأخبره بمثل ما أخبر به أباه وأخاه، فقال: هات الغوالي كلها، فأحضر الحباب «6» كلها، فجعل يخرج من كل حب مئة مثقال وأقل وأكثر، فيشمّه ويفرقه على من بحضرته، حتى انتهى إلى حب الواثق فاستطابه فقال: هاتم عتيدة حتى يخرج منه إليها ما يستعمل، فجاؤوه بعتيدة فكانت عتيدة المكتفي بعينها. ورأى الحب ناقصا والعتيدة فيها قدح الغالية ما استعمل منه كثير شيء فقال: ما السبب في هذا؟ فأخبرته بالسبب «7» على حاله، فأخذ يعجب من بخل الرجلين، ويضع منهما بذلك، ثم قال: فرقوا الحب بأسره على الجواري، فما زال يخرج منه أرطالا أرطالا وأنا أتمزق غيظا، وأذكر حديث العنب وكلام مولاي المعتضد إلى أن مضى قريب من نصف الحب، فقلت له: يا مولاي، إن هذه الغالية أطيب الغوالي وأعتقها وما لا يعتاض منه، فلو تركت ما بقي منها لنفسك، وفرقت من غيرها كان أولى. قال: - وخرت دموعي لما ذكرته من كلام المعتضد- فاستحيا مني،(71/205)
فرفعت الحب فما مضت إلّا سنون من خلافته حتى فنيت تلك الغوالي واحتاج إلى أن عجن غالية بمال عظيم.
قال أبو محمد عبد الله بن حمدون «1» : قال لي المعتضد ليلة وقد قدم له عشاء: لقّمني، قال: وكان الذي قدّم فراريج ودراريج، فلقمته من صدر فرّوج فقال: لا، لقّمني من فخذه، فلقمته لقما، ثم قال: هات من الدراريج «2» ، فلقّمته من أفخاذها، فقال: ويلك هو ذا تتنادر عليّ؟! هات من صدورها، فقلت: يا مولاي، ركبت القياس، فضحك، فقلت: إلى كم أضحكك ولا تضحكني؟ قال:
شل المطرح وخذ ما تحته. قال: فشلته فإذا دينار واحد، فقلت: آخذ هذا؟ فقال: نعم، فقلت: يا لله هو ذا تتنادر أنت الساعة عليّ! خليفة يجيز نديمه بدينار؟! فقال: ويلك لا أجد لك في بيت المال حقا أكثر من هذا، ولا تسمح نفسي أن أعطيك من مالي شيئا، ولكن هو ذا أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار، فقبّلت يده، فقال: إذا كان غدا وجاءني القاسم- يعني ابن عبيد الله- فهو ذا أسارّك- حتى تقع عيني عليه- سرارا طويلا التفت فيه إليه كالمغضب، وانظر أنت إليه في خلال ذلك كالمخالس لي نظر المترثي له، فإذا انقطع السرار فيخرج ولا يبرح الدهليز أو تخرج، فإذا خرجت خاطبك بجميل وأخذك إلى دعوته، وسألك عن حالك، فاشك الفقر والخلة وقلة حظك مني، وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك، واطلب كلّ ما تقع عينك عليه، فإنه لا يمنعك حتى تستوفي الخمسة آلاف دينار، فإذا أخذتها، فسيسألك عما جرى بيننا، فأصدقه، وإياك أن تكذبه وعرّفه أن ذلك حيلة مني عليه حتى وصل إليك هذا، وليكن إخبارك له بعد امتناع شديد، وأحلاف منه لك بالطلاق والعتاق أن يصدّقه، وبعد أن يخرج من داره كل ما يعطيك «3» .
فلما كان من غد حضر القاسم، فحين رآه بدأ يسارّني، وجرت القصة على ما واضعني «4» عليه، فخرجت فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني، فقال: يا أبا محمد، ما هذا(71/206)
الجفاء لا تجيئني ولا تزورني ولا تسألني حاجة؟! فاعتذرت إليه باتصال الخدمة عليّ، فقال: ما تقنعني إلّا أن تزورني اليوم وتتفرج، فقلت: أنا خادم الوزير، فأخذني إلى طيّارة «1» وجعل يسألني عن حالي وأخباري فأشكو إليه الخلة، والإضافة، والدّين، والبنات، وجفاء الخليفة وإمساكه يده، فيتوجع ويقول: يا هذا مالي لك، ولن يضيق عليك ما يتسع علي [أو تتجاوزك نعمة تحصلت لي، أو يتخطاك حظ فإنك في فنائي] «2» ، ولو عرّفتني لعاونتك على إزالة هذا كله عنك، فشكرته. وبلغنا داره، فصعد ولم ينظر في شيء وقال: هذا يوم أحتاج أن أختص فيه بالسرور بأبي محمد، فلا يقطعني أحد عنه. وأمر كتابه بالتشاغل بالأعمال، وخلا بي في دار الخلوة، وجعل يجاذبني «3» وينشطني، وقدمت الفاكهة فجعل يلقّمني بيده، وجاء الطعام، فكان هذا سبيله، فلما جلس للشرب وقع لي بثلاثة آلاف دينار فأخذتها للوقت، وأحضرني ثيابا وطيبا ومركوبا فأخذت ذلك، وكان بين يديه صينية فضة فيها مغسل فضة وخرداذيّ «4» بلور وكوز وقدح بلور، فأمر بحمله إلى طيّاري «5» ، وأقبلت كلما رأيت شيئا حسنا له قيمة وافرة طلبته. وحمل إلي فرشا نفيسا وقال: هذا للبنات. فلما تقوض المجلس خلا بي وقال:
يا أبا محمد، أنت عالم بحقوق أبي عليك، ومودتي لك، فقلت: أنا خادم الوزير، فقال:
أريد أن أسألك عن شيء، وتحلف لي أنك تصدقني عنه، فقلت: السمع والطاعة، فأحلفني بالله وبالطلاق والعتاق على الصدق، ثم قال: بأيّ شيء سارّك الخليفة اليوم، في أمري؟
فصدقته عن كل ما جرى حرفا بحرف، فقال: فرجت عني، ولكون هذا هكذا مع سلامة نيته لي انهلّ «6» علي، فشكرته وودّعته، وانصرفت. فلما كان من الغد باكرت المعتضد فقال:
هات حديثك، فسقته عليه فقال: احفظ الدنانير ولا يقع لك أني أعمل مثلها معك بسرعة.
قال محمد بن يحيى الصولي «7» :(71/207)
كان مع المعتضد أعرابي فصيح يقال له: شعلة بن شهاب اليشكري، وكان يأنس به، فأرسله إلى محمد بن عيسى بن شيخ وكان عارفا به ليرغبه في الطاعة ويحذره العصيان ويرفق به. قال شعلة: فصرت إليه فخاطبته أقرب خطاب، فلم يجبني، فوجهت إلى عمته أم الشريف، فصرت إليها فقالت: يا أبا شهاب، كيف خلّفت أمير المؤمنين؟ فقلت: خلّفته أمّارا بالمعروف، فعّالا للخير، متعززا على الباطل، متذللا للحق، لا تأخذه في الله لومة لائم.
فقالت لي: أهل ذلك هو ومستحقّه «1» وكيف لا يكون كذلك وهو ظل الله الممدود على بلاده، وخليفته المؤتمن على عباده، أعز به دينه، وأحيا به سنته، وثبّت «2» به شرائعه، ثم قالت: يا أبا شهاب، فكيف رأيت صاحبنا؟ قلت: رأيت حدثا معجبا قد استحوذ عليه السفهاء، واستبد بآرائهم، وأنصت لأقوالهم «3» ، يزخرفون له الكذب، ويوردونه الندم، فقالت: هل لك أن ترجع إليه بكتابي قبل لقاء أمير المؤمنين، فلعلك تحلّ عقد «4» السفهاء؟
قلت: أجل، فكتبت إليه كتابا حسنا لطيفا أجزلت فيه الموعظة، وأخلصت فيه النصيحة، بهذه الأبيات:
أقبل نصيحة أمّ قلبها وجل عليك خوفا وإشفاقا وقل سددا
واستعمل الفكر في قول «5» فإنّك إن فكّرت ألفيت في قولي لك الرّشدا
ولا تثق برجال في قلوبهم ضغائن تبعث الشنآن والحسدا
مثل النعاج خمولا في بيوتهم حتى إذا أمنوا ألفيتهم أسدا
وداو داءك والأدواء ممكنة وإذا طبيبك قد ألقى عليك «6» يدا
أعط «7» الخليفة ما يرضيه منك ولا تمنعه مالا ولا أهلا ولا ولداواردد أخا يشكر ردا يكون له ردءا «8» من السوء لا تشمت به أحدا(71/208)
قال: فأخذت الكتاب وصرت به إلى محمد بن أحمد بن عيسى «1» . فلما نظر فيه رمى به إليّ ثم قال: يا أخا يشكر، ما بآراء النساء تتم الأمور «2» ولا بعقولهن يساس الملك، ارجع إلى صاحبك فرجعت إلى أمير المؤمنين فأخبرته الخبر على حقّه وصدقه. فقال: وأين كتاب أم الشريف؟ فدفعته إليه فقرأه وأعجبه شعرها «3» ، ثم قال: والله إني لأرجو أن أشفّعها في كثير من القوم. فلما كان من فتح آمد ما كان أرسل إلي المعتضد فقال: يا شعلة هل عندك علم من أم الشريف؟ قلت: لا، والله، قال: فامض مع هذا الخادم فإنك ستجدها في جملة نسائها.
قال: فمضيت، فلما بصرت بي من بعيد سفرت عن وجهها وأنشدت:
ريب الزّمان وصرفه وعناده «4» كشف القناعا
وأذلّ «5» بعد العزّ منا الصّعب والبطل الشجاعا
ولكم نصحت فما أطع ت وكم حرصت بأن أطاعا
فأبى بنا المقدار «6» إلّا أن نقسّم أو نباعا
يا ليت شعري هل نرى يوما لفرقتنا اجتماعا «7»
قال: ثم بكت حتى علا صوتها، وضربت بيدها على الأخرى وقالت: يا أبا شهاب، إنا لله وإنا إليه راجعون، كأني والله كنت أرى ما أرى «8» فقلت لها: إن أمير المؤمنين وجّه بي إليك، وما ذاك إلّا لجميل رأيه فيك، فقالت لي: فهل لك أن توصّل لي رقعة إليه؟ قلت: هل لي فدفعت إليّ رقعة فيها:
قل للخليفة والإمام المرتضى وابن الخلائف من قريش الأبطح(71/209)
علم الهدى ومناره وسراجه «1» مفتاح كلّ عظيمة لم تفتح
بك أصلح الله البلاد وأهلها بعد الفساد وطالما لم تصلح
قد زحزحت «2» بك هضبة العرب التي لولاك بعد الله لم تتزحزح
أعطاك ربّك ما تحبّ فأعطه ما قد يحب وجد بعفو «3» واصفح
يا بهجة الدنيا وبدر ملوكها هب ظالمي ومفسديّ لمصلح
فصرت بالرقعة إلى المعتضد «4» ، فلما قرأها ضحك وقال: لقد نصحت لو قبل منها وأمر أن يحمل إليها خمسون ألف درهم وخمسون تختا من الثياب، وأمر أن يحمل مثل ذلك إلى محمد بن أحمد بن عيسى.
قال وصيف خادم المعتضد «5» :
سمعت المعتضد بالله ينشد عند موته وقد أخذ بكظمه «6» يقول: تمتّع من الدّنيا فإنّك لا تبقى وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرّنقا «7»
ولا تأمننّ الدّهر إنّي أمنته «8» فلم يبق لي حالا ولم يرع لي حقّا
قتلت صناديد الرّجال ولم أدع عدوّا ولم أمهل على ظنّة «9» خلقا
وأخليت دار الملك من كلّ نازع «10» فشرّدتهم «11» غربا وشرّدتهم «12» شرقا(71/210)
فلمّا بلغت النجم عزا ورفعة وصارت «1» رقاب الخلق أجمع لي رقّا
رماني الرّدى سهما فأخمد جمرتي فهأنذا في حفرتي عاجلا ألقى «2»
ولم «3» يغن عنّي ما جمعت ولم أجد لذي ملك الأحياء في حينها رفقا «4»
فأفسدت دنياي وديني «5» سفاهة فمن ذا الذي مني «6» بمصرعه أشقى
فيا ليت شعري بعد موتي ما ألقى إلى نعمة لله أم ناره ألقى «7»
[قال ابن كثير] :
[وروى الحافظ ابن عساكر عن أبي الحسين النوري أنه اجتاز بزورق فيه خمر مع ملاح، فقال: ما هذا ولمن هذا؟ فقال له: هذه خمر للمعتضد، فصعد أبو الحسين إليها فجعل يضرب الدنان بعمود في يده حتى كسرها كلها سوى واحد تركه، واستغاث الملاح، فجاءت الشرطة فأخذوا أبا الحسين، فأوقفوه بين يدي المعتضد، فقال له: من أنت؟ فقال أنا المحتسب. فقال: ومن ولاك الحسبة؟ فقال: الذي ولّاك الخلافة يا أمير المؤمنين، فأطرق رأسه ثم رفعها، فقال: ما الذي حملك على ما فعلت؟ فقال: شفقة عليك لدفع الضرر عنك، فأطرق رأسه ثم رفعه فقال: ولأي شيء تركت منها دنا واحدا لم تكسره؟ فقال: لأني إنما أقدمت عليها فكسرتها إجلالا لله تعالى، فلم أبال أحدا حتى انتهيت إلى هذا الدن دخل في نفسي إعجاب من قبيل أني قد أقدمت على مثلك فتركته.
فقال له المعتضد: اذهب فقد أطلقت يدك، فغيّر ما أحببت أن تغيره من المنكر.
فقال له النوري: الآن انتقض عزمي عن التغيير، فقال: ولم؟ فقال: لأني كنت أغير عن الله، وأنا الآن أغير عن شرطي. فقال: سل حاجتك، فقال: أحب أن تخرجني من بين يديك(71/211)
سالما. فأمر به فأخرج فصار إلى البصرة، فأقام بها مختفيا خشية أن يشق عليه أحد في حاجته عند المعتضد، فلما توفي المعتضد رجع إلى بغداد] «1» .
[كان ملكا مهيبا، شجاعا، جبارا، شديد الوطأة، من رجال العالم يقدم على الأسد وحده.
وكان أسمر نحيفا، معتدل الخلق، كامل العقل.
وكان قليل الرحمة، إذا غضب على أمير حفر له حفيرة، وألقاه حيّا، وطم عليه.
وكان ذا سياسة عظيمة.
وكان في المعتضد حرص وجمع للمال، حارب الزنج، وله مواقف مشهودة، وفي دولته سكتت الفتن، وأسقط المكس ونشر العدل، وقلل من الظلم] «2» .
[قال الصولي: وكانت دريرة جارية المعتضد مكينة عنده لها موضع من قلبه، فتوفيت فجزع عليها جزعا شديدا، ومن شعر المعتضد فيها لما ماتت:
يا حبيبا لم يكن يع دله عندي حبيب
أنت عن عيني بعيد ومن القلب قريب
ليس لي بعدك في شي يء من اللهو نصيب
لك من قلبي على قل بي وإن بنت رقيب
قال الصولي: واعتل المعتضد في سنة تسع وثمانين ولم يزل عليلا مذ وقت خروجه إلى الخادم وتزايدت علته.
وقال: إن علته كانت فساد مزاج وجفافا من كثرة الجماع، وكان دواؤه أن يقل الغذاء ويرطب بدنه قليلا قليلا ولا يتعب، فكان يستعمل ضد هذا ويريهم أنه يحتمي ... فلم يزل كذلك إلى أن سقطت قوته واشتدت علته في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ... ثم توفي ليلة الاثنين] «3» .
ولي المعتضد الخلافة لعشر بقين من رجب سنة تسع وسبعين ومئتين. وتوفي لثمان(71/212)
بقين من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومئتين. فكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر ويومين «1» . وله من السن خمس وأربعون وعشرة أشهر وأيام «2» .
وكان أسمر نحيف الجسم معتدل الخلق، قد وخطه الشيب، في مقدم لحيته طول «3» .
قال صافي الحرمي «4» :
لما مات المعتضد بالله كفنته في ثوبين قوهي «5» ، قيمتهما «6» ستة عشر قيراطا.
وأم المعتضد أم ولد يقال لها ضرار، وقيل خفير، ماتت قبل خلافته بيسير، ومولده سنة ثلاث وأربعين ومئتين.
ولما مات بويع ابنه محمد المكتفي بالله ابن المعتضد بالله.
[قال ابن كثير] :
[وقد عمل أبو العباس عبد الله بن المعتز العباسي في ابن عمه المعتضد مرثاة حسنة يقول فيها:
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا وأنت والد سوء يأكل الولدا
استغفر الله بل ذا كله قدر رضيت بالله ربا واحدا صمدا
يا ساكن القبر في غبراء مظلمة بالظاهرية مقصى الدار منفردا
أين الجيوش التي قد كنت تشحنها أين الكنوز التي لم تحصها عددا
أين السرير الذي قد كنت تملؤه مهابة من رأته عينه ارتعدا
أين القصور التي شيدتها فعلت ولاح فيها سنا الإبريز فاتقدا
قد أتعبوا كل مرقال مذكرة وجناء تنشر من أشداقها الزبدا
أين الأعادي الألى ذللت صعبهم أين الليوث التي صيرتها نقدا(71/213)
أين الوفود على الأبواب عاكفة ورد القطا صفر ما جال واطردا
أين الرجال قياما في مراتبهم من راح منهم ولم يطمر فقد سعدا
أين الجياد التي قد حجلتها بدم وكن يحملن منك الضيغم الأسدا
أين الرماح التي غذيتها مهجا مذمت ما وردت قلبا ولا كبدا
أين السيوف وأين النبل مرسلة يصبن من شئت من قرب وإن بعدا
أين المجانيق أمثال السيول إذا رمين حائط حسن قائم قعدا
أين الفعال التي قد كنت تبدعها ولا ترى أن عفوا نافعا أبدا
أين الجنان التي تجري جداولها وتستجيب إليها الطائر الغردا
أين الوصائف كالغزلان رائحة يسجن من حلل موشية جددا
أين الملاهي وأين الراح تحسبها ياقوتة كسيت من فضة زردا
أين الوثوب إلى الأعداء مبتغيا صلاح ملك بني العباس إذ فسدا
ما زلت تقسر منهم كل قسورة وتحطم العاتي الجبار معتمدا
ثم انقضيت فلا عين ولا أثر حتى كأنك يوما لم تكن أحدا
لا شيء، يبقى سوى خير نقدمه ما دام ملك لإنسان ولا خلدا
ذكرها ابن عساكر في تاريخه] «1» .
[9663] أحمد بن طولون، أبو العباس الأمير «2»
ولد بسامراء «3» ، وولي إمرة دمشق، والثغور، والعواصم «4» ، ومصر مدّة.(71/214)
حدث الحافظ ابن عساكر بسنده عن بعض مشايخ المصريين «1» : أنّ أحمد المعروف بابن طولون، ذكروا أن طولون تبناه [لديانته، وحسن صوته بالقرآن] «2» ، وأنه لم يكن ابنه وأنه كان ظاهر النجابة من صغره. وكان له بأهل الحاجات عناية. وكان أبدا يسأله فيهم، فيعجب بذلك منه، ويزداد بصيرة فيه، وأنه دخل إليه يوما، فقال له: ما لك؟ فقال: بالباب قوم ضعفاء، لو كتبت لهم بشيء. فقال: امض إلى موضع كذا لطاقة في بعض مقاصير القصر، فهنالك قرطاس تأتيني به حتى أكتب لهم بما رغبت فيه، فنهض إلى ذلك الموضع فوجد في طريقه في بعض تلك المقاصير حظية من حظايا الأمير، وقد خلا بها بعض الخدم، فسكت، وأخذ حاجته وانصرف إليه، فكتب له وخرج، وخشيت الحظيّة أن يسبقها بالقول، فأقبلت إلى الأمير من فورها، فأخبرته أن أحمد قد راودها عن نفسها، وذكرت له المكان الذي وجدها فيه، فوقع في نفسه صدقها من أجل إرساله إياه إلى ذلك الموضع، والرؤساء يفقدون عقولهم عند أقل شيء يسمعونه في الرئاسة أو في الحرم، وقلما يثبتون عندهما. فلما انصرف أحمد كتب له كتابا إلى أحد خدمه يأمره فيه بقتل حامل الكتاب دون مشاورة «3» ، وأرسل أحمد به فخرج أحمد مسرعا بالكتاب.
ورأته الحظية في بعض مجالسها فاستدعته، فأخبرها أنه مشغول بحاجة وأنه كلفه إياها الأمير، وأراها الكتاب، وهو لا يدري ما فيه. فقالت: لا عليك، أنا أرسل به، واقعد أنت فإني أحتاج إليك، واستدعت ذلك الخادم، فأرسلته بالكتاب إلى المأمور بحمله إليه، وشغلت هي أحمد بكتاب شيء بين يديها، وإنما شغلته ليزيد حنق السيد عليه «4» ، ونهض ذلك الخادم بالكتاب فامتثل فيه الأمر وأرسل بالرأس إليه، فلما رآه سأل عن أحمد، فاستدعاه، وقال:
أخبرني بالصدق، ما الذي رأيت في طريقك إلى الموضع الذي أرسلتك إليه غير القرطاس.
فقال: ما رأيت شيئا. فقال: والله إن لم تخبرني لأقتلنك. فأخبره. وسمعت الحظيّة بقتل الخادم، فجرت إلى مولاها مرنبة «5» ذليلة تطلب العفو، وهي تظن أن الأمر قد صحّ عند(71/215)
مولاها فقال لها: أخبريني بالحق، فبرأت أحمد، وتبين له صحة الأمر، فأمر بقتلها، وحظي أحمد عنده، حتى ولاه الأمر بعده.
حدث أبو عيسى محمد بن أحمد بن القاسم اللؤلؤي. أن طولون رجل من طغزغز «1» ، وأن نوح بن أسد عامل بخارى أهداه إلى المأمون في جملة رقيق حمله إليه في سنة مئتين «2» ، وولد له ابنه أحمد سنة عشرين ومئتين «3» . ومات طولون سنة أربعين ومئتين. ونشأ أحمد ابنه على مذهب جميل وطريقة مستقيمة، وطلب العلم وحفظ القرآن، وكان من أدرس الناس للقرآن، ورزق حسن الصوت، ودخل إلى مصر في الأربعاء لسبع «4» بقين من رمضان سنة أربع وخمسين ومئتين.
قال: وخلّف أحمد بن طولون عشرة ألف ألف دينار «5» . وقيل إنه خلف ثلاثة وثلاثين ولدا، فيهم ذكور سبعة عشر «6» . وأطبقت جريدته من الموالي على سبعة آلاف رأس، ومن الغلمان على أربعة وعشرين ألف غلام، ومن الخيل المروانية «7» على سبعة آلاف رأس، ومن الجمال ألف وسبع مئة جمل، ومن بغال القباب والثقل ست مئة بغل، ومن المراكب الحربية مئة مركب، ومن الدواب لركابه مئة وثلاثين «8» دابة. وكان خراج مصر في تلك السنة مع ما انضافپ إليه من صاع الأمراء بحضرة السلطان أربعة آلاف ألف وثلاث مئة ألف دينار «9» .
وأنفق على الجامع في بنائه ونفقته مئة وعشرين ألف دينار «10» ، وعلى البيمارستان(71/216)
ومشتغله ستين ألف دينار «1» ، وعلى الميدان مئة وخمسين ألف، وعلى من ناب بالثغور ثمانين ألف دينار، وكان قائم صدقته في كل شهر ألف «2» دينار.
وراتب مطبخه وعلوفته كل يوم ألف دينار، وما يجريه على جماعة من المستخدمين وأبناء السبيل سوى ما كان يجريه السلطان خمس مئة دينار، وما يحمل لصدقات الثغور في كل شهر خمس مئة دينار، وما يقيمه من الأنزال والوظائف في كل شهر ألفي دينار.
وحكي أن أبا الجيش فرق كسوة أحمد في حاشيته. قال الحاكي: فلحقني منها نصيب، فما خلا ثوب منها من الرفاء ووجدت في بعضها رقعة.
وكان أحمد بن طولون يقول: ينبغي للرئيس أن يجعل اقتصاده على نفسه وسماحته على من يشمله وقاصديه، فإنه يملكهم ملكا لا يزول عن قلوبهم ولا تشذ معه سرائرهم.
وحدث أبو العباس أحمد بن خاقان، وكان تربا لأحمد بن طولون قال:
كان طولون تركيا من جيش يقال لهم طغزغز «3» ، وكان نوح بن أسد صاحب خراسان وجهه إلى الرشيد هارون سنة تسعين ومئة. وولد أحمد في سنة أربع عشرة ومئتين من جارية تسمى هاشم «4» ، وتوفي طولون سنة ثلاثين ومئتين ولأحمد ست عشرة سنة ونشأ نشوءا حسنا في العفة والتصوّن والدماثة وسماع الحديث حتى انتشر له حسن الذكر، وتصور في قلوب الناس بأفضل صورة، حتى صار في عداد من يوثق به ويؤتمن على السر والفروج والمال. وكان شديد الإزراء «5» على الأتراك وأولادهم فيما يرتكبونه، غير راض بما يفعلونه إلى أن قال يوما: إلى كم نقيم يا أخي على هذا الإثم لا نطأ موطئا إلّا كتب علينا فيه خطيئة. والصواب أن نسأل الوزير عبيد الله بن يحيى أن يكتب لنا بأرزاقنا إلى الثغر، ونقيم في ثواب، ففعلنا ذلك. فلما صرنا إلى طرسوس سرّ بما رأى من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقبل(71/217)
على الترهب وذكر بعد هذا أنه عاد إلى العراق فزاد محله عند الأتراك فاختاره بابكباد «1» لخلافته على مصر، فخرج إليها. وذكر غير هذا «2» .
ثم إنه غلب على دمشق بعد وفاة إيماجور «3» أميرها «4» .
قال أبو الحارث إسماعيل بن إبراهيم المري:
كان أول دخول أحمد بن طولون دمشق لما سار من مصر إليها في سنة أربع وستين ومئتين، بعد موت وال كان بها يقال له: أماجور، وأخذ له مال عظيم، وخرج عن دمشق إلى أنطاكية وحاصر بها سيما «5» وأصحابه حتى ظفر به وقتله، وأخذ له مالا عظيما وفتحها عنوة.
وصار إلى طرسوس ثم رجع إلى دمشق في هذه السنة في آخرها، وخرج منها حتى بلغ الرقة في طلب غلام له هرب منه يقال له لؤلؤ «6» خرج إلى أبي أحمد الموفق في الأمان. ثم رجع ابن طولون إلى دمشق فاعتلّ بها وخرج في علته إلى مصر فتوفي بمصر في ذي القعدة سنة سبعين ومئتين.
قال أحمد بن محمد «7» بن أبي العجائز وغيره من مشايخ دمشق «8» :
لما دخل أحمد بن طولون دمشق وقع فيها حريق عند كنيسة مريم «9» فركب إليه أحمد(71/218)
ابن طولون ومعه أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، وأبو عبد الله أحمد «1» بن محمد الواسطي كاتبه ينظرون إلى الحريق، فالتفت أحمد بن طولون إلى أبي زرعة، فقال: ما يسمى هذا الموضع؟ فقال له أبو زرعة: يقال له كنيسة مريم. فقال أبو عبد الله: وكان لمريم كنيسة؟ فقال أبو زرعة: إنها ليست مريم بنت عمران أم عيسى وإنما بنى النصارى هذه الكنيسة فسموها باسمها. فقال أحمد بن طولون لأبي عبد الله الواسطي: ما أنت والاعتراض على الشيخ. ثم أمر بسبعين ألف دينار تخرج من ماله وتعطى كل من احترق له شيء ويقبل قوله ولا يستحلف عليه. فأعطوا وفضل من المال أربعة عشر ألف دينار، وكان يجري ذلك على يد أبي عبد الله الواسطي فراجع أبو عبد الله أحمد بن طولون فيما بقي من المال، فأمر أن يفرق على أصحاب الحريق على قدر شهامتهم «2» ولا يردّ إلى بيت المال منه شيء.
وذكر ابن أبي مطر القاضي في كتابه قال:
توفي بكار بن قتيبة «3» يوم الأربعاء بعد صلاة العصر لستّ خلون من ذي الحجة سنة سبعين ومئتين. ومات ابن طولون قبله بشهر وأربعة أيام.
قال محمد بن علي المادرائي «4» : كنت أجتاز بتربة»
أحمد بن طولون فأرى شيخا عند قبره يقرأ، ملازما القبر، ثم إني لم أره مدة ثم رأيته بعد ذلك، فقلت له: ألست الذي كنت أراك عند قبر أحمد بن طولون وأنت تقرأ عليه؟ فقال: بلى، كان ولينا رئاسة في هذا البلد وكان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكل، فأحببت أن أقرأ عنده وأصله بالقرآن. قال: قلت له: لم انقطعت عنه؟ فقال لي:
رأيته في النوم وهو يقول لي: أحبّ ألا تقرأ عندي، فكأني أقول له: لأي سبب؟ فقال: ما تمرّ بي آية إلّا قرّعت بها، وقيل لي: ما سمعت هذه؟!(71/219)
من اسم أبيه على حرف العين المهملة [من الأحمدين]
[9664] أحمد بن عاصم، أبو عبد الله الأنطاكي الزاهد
صاحب المواعظ.
سكن دمشق، وروى عن جماعة.
[من كبار المشايخ وزهادهم وأولى الحكمة واللسان.
روى عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، ومخلد بن الحسين، وأبي قتادة، وسفيان بن عيينة، ويوسف بن أسباط، وأبي معاوية محمد بن خازم الضرير، وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنيني، وقيل: إنه رأى الفضيل بن عياض.
روى عنه أحمد بن أبي الحواري، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وأبو عمرو السراج، وأبو حصين محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى التميمي، وعبد العزيز بن مختار، وأحمد بن صالح، وإسحاق بن عبد المؤمن الدمشقي، وعلي بن الموفق البغدادي، ومحمود بن خالد، وعبد الله بن هلال الدومي الربعي، وعبد الواحد بن أحمد الدمشقي، ومحمد بن الفيض بن محمد الغساني] «1» .
__________
[9664] ترجمته في بغية الطلب 2/848 والرسالة القشيرية ص 394 وكناه أبا علي. وحلية الأولياء 9/280 والجرح والتعديل 1/1/66 وصفة الصفوة 4/277 وطبقات الشعراني 1/83 وسير أعلام النبلاء 9/181 (1699) و 9/580 (1894) (ط دار الفكر) والبداية والنهاية 7/330 (ط دار الفكر) . وفي بغية الطلب وقيل: أبو علي بعد أبو عبد الله.(71/220)
[قال علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ] «1» .
[أخبرنا أبو عبد الخلال قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة، قال: أخبرنا أبو طاهر الحسين بن سلمة الهمذاني قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء. ح قال ابن منده: وأخبرنا حمد بن عبد الله الأصبهاني إجازة قالا: أخبرنا ابن أبي حاتم قال:
أحمد بن عاصم أبو عبد الله الأنطاكي، حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، قال: وسمعت أبا زرعة يقول: رأيته بدمشق يجالس محمود بن خالد، قال: وسمعت أبي يقول: أدركته، ولم أكتب عنه، وكان صاحب مواعظ وزهد، روى عنه أحمد ابن أبي الحواري، ومحمود بن خالد وعبد الله بن هلال الدومي، يعد في الدمشقيين.
قال أبو محمد: أحمد بن عاصم الأنطاكي روى عن سفيان بن عيينة وأبي قتادة الحراني، ويوسف بن أسباط، والهيثم بن جميل، روى عنه أحمد بن أبي الحواري، وعبد الله بن هلال الدومي الربعي] «2» .
حدث أحمد بن عاصم عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان قال:
مررت بالحسن في السحر، وهو جالس، قال: قلت: يا أبا سعيد، مثلك يجلس في هذا الوقت؟ قال: إني توضأت فأردتها أن تقوم فتصلي فأبت علي وأرادتني على أن تنام فأبيت عليها.
قال أحمد بن عاصم «3» : كتب أخ ليونس بن عبيد الله «4» :
أما بعد، يا أخي فاكتب إلي كيف أنت، وكيف حالك؟ فكتب إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، يا أخي فإنك كتبت إليّ تسألني أكتب إليك كيف أنا، وكيف حالي، وأعلمك يا أخي أن نفسي قد ذلت بصيام اليوم البعيد الطرفين «5» ، الشديد(71/221)
الحر، ولم تذل لي بترك الكلام فيما لا يعنيني «1» .
[قال أبو نعيم الحافظ] «2» :
[حدثنا محمد بن أحمد بن محمد، ثنا عبد الرحمن بن داود، ثنا عبد الله بن هلال الدومي «3» ببيروت ثنا أحمد بن عاصم قال «4» «5» .
التقى فضيل بن عياض وسفيان الثوري فتذاكرا [فبكيا] «6» ، فقال سفيان لفضيل: يا أبا علي، إني لأرجو ألا نكون جلسنا مجلسا قط أعظم علينا بركة من هذا المجلس! فقال الفضيل: لكني أخاف ألا نكون جلسنا مجلسا قط أضرّ علينا منه «7» . قال: ولمه يا أبا علي؟! قال: ألست تخلّصت إلى أحسن حديثك فحدثتني به، وتخلصت أنا إلى أحسن حديثي فحدثتك به؟ فترتبت «8» لي وترتبت لك؟ قال: فبكى سفيان بكاء أشد من البكاء الأول ثم قال: أحييتني أحياك الله.
وكنية أحمد بن عاصم، أبو علي، ويقال: أبو عبد الله، من متقدمي مشايخ الثغور، وكان أبو سليمان الداراني يسميه «جاسوس القلوب» لحدّة فراسته. وكان من أقران بشر بن الحارث، والسريّ، والحارث المحاسبي «9» .
قال أحمد بن عاصم «10» : إذا طلبت صلاح قلبك فاستعن «11» له بحفظ لسانك.
وقال «12» : إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق، فإنهم جواسيس القلوب،(71/222)
يدخلون في قلوبكم ويخرجون منها من حيث لا تحتسبون «1» .
روي عن أحمد بن عاصم أنه كان يقول «2» :
هذه غنيمة باردة، أصلح ما بقي من عمرك يغفر لك ما مضى.
وكان يقول: يسير اليقين يخرج كلّ الشك من القلب، ويسير الشكّ يخرج اليقين كله من القلب «3» .
قال أحمد بن أبي الحواري «4» :
قال لي أحمد بن عاصم: يا أبا الحسن، أحب ألا أموت حتى أعرف مولاي لا معرفة الإقرار به ولكن المعرفة التي إذا عرفته استحييت.
قال أحمد بن عاصم:
هممت بترك المخالطة والعزم على السكوت. وكتبت إلى الهيثم بن جميل أشاوره في ذلك، فكتب إلي: إن أبا سلمة حماد بن سلمة همّ بذلك ولزم بيته، فترك إتيان السوق، فقال الناس: أبو سلمة لزم بيته، فنزل السوق فخرج حماد وجعل يقف على الشيء يساوم به لا يريد شراءه، ويقف على القوم يسلم عليهم ليدرأ تلك المقالة عن نفسه، فكسرني عن ذلك.
قال أحمد بن عاصم:
قلة الخوف من قلة الحزن في القلب، وإذا قلّ الحزن في القلب خرب القلب كما أن البيت إذا لم يسكن خرب «5» .
قال أبو عبد الله الأنطاكي «6» :
إن أقلّ اليقين إذا وصل إلى القلب يملأ القلب نورا، وينفي عنه كل ريب ويمتلىء القلب به شكرا ومن الله خوفا.(71/223)
وكان يقول «1» : من كان بالله أعرف كان له أخوف. وقال «2» : كل نفس مسؤولة فمرتهنة أو مخلصة، وفكاك الرهون بعد قضاء الديون، فإذا علقت «3» الرهون أكدت الديون، وإذا أكدت الديون استحقوا «4» السجون.
وقال «5» : الخير كله في حرفين قلت: وما هما؟ قال: تزوى عنك الدنيا ويمن عليك بالقنوع، ويصرف عنك وجوه الناس ويمن عليك بالرضا.
قال أحمد بن عاصم:
فرائض القلب: اطّراح الدنيا، وطرح ما يكره الله، وطهارة الضمير، وتصحيح العزم، وصيانة العقول، ورعاية النعم في المعاملة، والفهم عن الله فيما يقع التدبير.
وقال: أنفع العقل ما عرّفك نعم الله عليك، وأعانك على شكرها، وقام بخلاف الهوى.
سئل «6» أحمد بن عاصم. ما علامة «7» الرجاء في العبد؟ قال: أن يكون إذا أحاط به الإحسان ألهم الشكر راجيا لتمام النعمة من الله تعالى عليه في الدنيا، وتمام عفوه في الآخرة.
وقال: خير صاحب لك في دنياك الهمّ، يقطعك عن الدنيا ويوصلك إلى الآخرة.
قال أحمد بن عاصم الحكيم»
:
الناس ثلاث طبقات: فمطبوع غالب. هؤلاء أهل الإيمان والإتقان فإذا غفلوا ذكروا فرجعوا من غير أن يذكّروا، وذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ
[سورة الأعراف، الآية: 201] فهؤلاء الطبقة العليا من أصحاب(71/224)
رسول الله صلى الله عليه وسلم، والطبقة الثانية مطبوع مغلوب، فإذا بصّروا، أبصروا، فرجعوا بقوة الطباع إلى محجة العقلاء «1» ، والطبقة الثالثة مطبوع مغلوب غير ذي طباع ولا سبيل لك أن ترده بمواعظك وأدبك إلى محجة الفضلاء. قال أحمد بن عاصم:
هممت ولم أعزم ولو كنت صادقا عزمت ولكنّ الفطام شديد
ولو كان لي عقل وإيقان موقن لما كنت عن قصد الطّريق أحيد
ولا كان في شك اليقين مطامعي ولكن عن الأقدار كيف أحيد؟
[أنشد أبو الحسن علي بن متويه لأحمد بن عاصم الأنطاكي:
داعيات الهوى تخف علينا وخلاف الهوى علينا ثقيل
لا نرى خائفا فيلزمنا الخو ف ولا صادقا كما قد نقول
فقد الصدق في الأماكن حتى وصفه اليوم ما عليه دليل
فبقينا مرددين حبارى نطلب الصدق ما إليه سبيل] «2»
[وأنشد أبو زرعة الدمشقي لأحمد بن عاصم الأنطاكي:
هون عليك فكل الأمر منقطع وخلّ عنك عنان الهم مندفع
فكل همّ له من بعده فرج وكل همّ إذا ما ضاق يتسع
إن البلاء وإن طال الزمان به فالموت يقطعه أو سوف ينقطع] «3»
[وقال عبد الله بن القاسم القرشي: أنشدني أحمد بن عاصم الأنطاكي لنفسه:
ألم تر أن النفس يرديك شرها وأنك مأخوذ بما كنت ساعيا
فمن ذا يريد اليوم للنفس حكمة وعلما يزيد العقل للصدر شافيا] «4»
[في قصيدة طويلة] «5» .(71/225)
[9665] أحمد بن عامر بن عبد الواحد ابن العباس الربعي البرقعيدي «1»
سمع بدمشق وبغيرها.
[سمع بدمشق أحمد بن عبد الواحد بن عبود، ومحمد بن حفص صاحب واثلة، وشعيب بن شعيب بن إسحاق، والهيثم بن مروان العبسي، وبغيرها: معروف بن أبي معروف البلخي، ومحمد بن حماد بن مالك، ومؤمل بن إهاب وغيرهم.
روى عنه: أبو أحمد بن عدي، ومحمد بن أحمد بن حمدان المروروذي، وأبو محمد الحسن بن علي البرقعيدي وغيرهم.
وكان يسكن نصيبين] .
حدث عن أحمد بن عبد الواحد بن عبود بسنده عن ابن عباس.
في قوله أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
[سورة النساء، الآية: 59] قال: العلماء.
وحدث أيضا عن محمد بن عبد الرحمن الجعفي بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أشدّ الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه»
[13989] .
[كان شيخا صالحا] «2» .
توفي بعد سنة ثلاث مئة.
[9666] أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب بن عبد الملك أبو الحسن الطائي حفيد محمود بن خالد
[روى عن جماعة. روى عن أبيه، وعن الربيع بن سليمان صاحب الشافعي، وأبي زرعة الدمشقي، وأبي بكر ابن الصباغ وغيرهم.
__________
[9665] ترجمته في معجم البلدان (برقعيد) 1/388. وما بين معكوفتين مستدركا منه.
[9666] ترجمته في لسان الميزان 1/190. وما بين معكوفتين استدرك للإيضاح عنه.(71/226)
روى عنه أيضا عبد الوهاب الكلابي] . حدث عن محمد بن إسحاق ويعرف بابن الحريص بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قضى لأخيه حاجة كان كمن خدم الله عمره»
[13990] .
روى أحمد بن عامر بسنده عن الشافعي قال:
كنت أناظر محمد بن الحسن فكان له في قلبي وزن لأدبه وفصاحته، حتى ناظرته في صلاة الكسوف، فقام إلى غرفة له توهمت أنه يريد تهيئة الصلاة فسمعته وهو يقول بينه وبين نفسه: يحتج علي بصبي وامرأة، يعني ابن عباس وعائشة. قال الشافعي: فذهب ما كان له في قلبي من وزن.
كان من أهل بيت علم «1» ، كان فيه جماعة محدثون من قبل أبيه وأمه.
مات في المحرم سنة ست وعشرين وثلاث مئة «2» .
[9667] أحمد بن عامر بن معمّر بن حماد، أبو العباس الأزدي
حدث رجل بدمشق بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«أيّما رجل باع سلعة فوجدها بعينها عن رجل قد أفلس ولم يكن قبض من ثمنها شيئا فهي له، وإن كان قد قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء»
[13991] .
[9668] أحمد بن العباس بن الربيع أبو بكر البغدادي الحافظ يعرف بابن الفقاعي
حدث بدمشق.
[كان موسوما بالحفظ والمعرفة.
انتقى بمصر على القاضي علي بن الحسين بن بندار، وسمع الناس بانتخابه، وحدث بدمشق عن محمد بن مخلد الدوري، ومحمد بن عبد الله البغدادي، وهبيرة بن محمد الطبيب.
__________
[9668] ترجمته في الوافي بالوفيات 7/11. وما بين معكوفتين استدرك للإيضاح عنه.(71/227)
روى عنه تمام بن محمد الرازي] .
روى عن هبيرة بن محمد الطبيب بسنده عن ابن عمر:
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ضرب وغرّب، وأن أبا بكر ضرب وغرب
[13992] .
[9669] أحمد بن العباس بن محمد بن الحسين ابن عمرو بن نوح بن عمرو بن حويّ بن نافع بن زرعة ابن محصن بن حبيب بن ثور بن خداش بن سكسك ابن أشرس بن كندة أبو العباس الكندي المياهي
وقيل في نسبه: أحمد بن الفضل بن حويّ.
قال: وأظنّ أن كنية أبيه: أبو الفضل فأسقط منه أبا.
حدث عن يوسف بن القاسم الميانجي «1» بسنده عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحياء من الإيمان» .
[9670] أحمد بن العباس بن الوليد بن مزيد أبو العباس العذري البيروتي
حدث عن محمد بن سليمان الأسدي، لوين «2» ، بسنده عن حذيفة قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة. فلما بلغ القبر قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حافة القبر أو على شفته، فجعل ينظر فيه فقال: «يضغط المؤمن في هذا ضغطة تزول منها حمائله، ويملأ على الكافر نارا»
[13993] .
قال أبو جعفر- يعني لوينا-:
الحمائل «3» : ما تقع عليه حمائل السيف.
__________
[9669] في جمهرة ابن حزم ص 431: ماتع بدل: نافع (وينحص) بدل محصن في جمهرة ابن حزم: ينحض.(71/228)
[9671] أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن [بشر بن] «1» ذكوان، أبو عبيدة المقرىء
قرأ القرآن وقرىء عليه.
[أخذ عن أبيه.
روى عنه أحمد بن يزيد الحلواني، وأبو سليمان محمد بن عبد الله بن سليمان بن الطيب بن يوسف السعدي الدمشقي شيخ إبراهيم بن أحمد الطبري، قرأ عليه محمدبن عبد الله بن القاسم الخرقي شيخ الأهوازي.
قال الداني: لم يشتهر في المتصدرين كاشتهار غيره من أصحاب أبيه] .
حدث عن أبيه بسنده عن ابن عباس قال:
لما عزّي رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته رقية امرأة عثمان بن عفان قال: «الحمد لله، دفن البنات من المكرمات»
[13994] .
مات أبو عبيدة بدمشق في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
[9672] أحمد بن عبد الله بن أحمد، أبو منصور الفرغاني
نزيل مصر، سمع بدمشق.
حدث عن أبي علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الدمشقي إمام مسجد باب الجابية بدمشق بسنده عن ابن عباس قال:
توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت محكم القرآن، يعني المفصل.
[وكان أبوه صاحب محمد بن جرير الطبري. روى أحمد عن أبيه تصانيف محمد بن جرير، وصنّف أبو منصور عدة تصانيف منها «كتاب التاريخ» وصل به تاريخ والده، وكتب:
__________
[9671] ترجمته في طبقات القراء للجزري 1/71. وما بين معكوفتين استدرك عن طبقات القراء.
[9672] ترجمته في إرشاد الأريب 3/105 والوافي بالوفيات 7/86. وما بين معكوفتين استدرك عن الوافي بالوفيات 7/86- 87.(71/229)
«سيرة العزيز صاحب مصر» و «سيرة كافور الإخشيدي» وكان مقامه بمصر، وبها مات سنة 398 هـ ومولده سنة 327 هـ] .
[9673] [أحمد بن عبد الله بن أحمد أبو الحسن الدمشقي الواعظ
أصله من الجزيرة، ويعرف بابن الران.
كان صالحا عارفا له مصنفات في الوعظ.
توفي سنة إحدى وعشرين وأربع مئة، وأورد له سبط ابن الجوزي شعرا] .
[9674] أحمد بن عبد الله بن بندار، أبو الحسن الشيرازي
حدث ببعلبك في ذي القعدة سنة تسع عشرة وأربع مئة في المسجد المعروف بالقصر، قراءة عليه، وهو ينظر في أصله عن أبي القاسم محمود بن محمد بن عيسى الأصفهاني بشبام «1» اليمن بسنده عن محمد بن علي الحنفي قال: قال المعلّى مولى الصادق:
سألت سيدي جعفر بن محمد الصادق: فقلت: بأبي وأمي، إن العامة يزعمون أن الاختلاج غير صحيح قال: يا معلى هو صحيح. وذكر كتاب الاختلاج في مقدار ورقتين.
[9675] أحمد بن عبد الله بن حمدون بن نصير بن إبراهيم أبو الحسن، الرملي، المعروف بالجبريني
قدم دمشق، وحدث بها عن جماعة.
[أظن أن أصله من بيت جبرين وسكن الرملة.
سمع بحلب أحمد بن محمد بن أبي إدريس إمام جامعها، وبأنطاكية أبا بكر محمد بن الحسن بن فيل، وحدث عنهما وعن أبي محمد عبد الله بن أبان بن شداد العسقلاني
__________
[9673] استدركت ترجمته بكاملها عن الوافي بالوفيات 6/121.
[9675] في معجم البلدان 2/101 «ابن نصر» بدل من «بن نصير» . والجبريني نسبة إلى جبرين: لغة في جبريل، بيت جبرين بليد بين بيت المقدس وغزة، وبينه وبين القدس مرحلتان كانت فيها قلعة حصينة (معجم البلدان 1/519) .(71/230)
وعباس بن محمد ابن الحسن بن قتيبة، ومحمد بن عبد الأعلى بن عليك الإمام، وداود بن أحمد بن مصحح العسقلاني، ومحمد بن بكار بن يزيد السكسكي الدمشقي.
روى عنه عبد الوهاب بن جعفر الميداني وتمام بن محمد الرازي] «1» .
حدث عن أبي محمد عبد الله بن أبان بن شداد بعسقلان بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لله تسعة وتسعون اسما، مئة إلّا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر»
[13995] . وحدث عن أبي بكر محمد بن الحسن بن فيل بسنده عن أبي علي الحسن بن علي عن الوزير بن القاسم قال:
دخلت الحمام فرأيت عمرو بن هاشم البيروتي في الوزن «2» فقلت له: تدخل الحمام؟
قال: دخلت الحمام فرأيت الأوزاعي في الوزن فقلت له: تدخل الحمام؟ فقال: رأيت الزهري جالسا في الوزن فقلت: تدخل الحمام؟ فقال: رأيت أنس بن مالك في الوزن فقلت له: تدخل الحمام؟ فقال: دخلت الحمام فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في الوزن وعليه مئزر، فهبت أن أكلمه، فقال: «يا أنس، إنما حرّم الدخول إلى الحمام إلّا بمئزر»
[13996] .
[9676] أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزيق ويقال: أحمد بن عبد الله بن رزين بن حميد- أبو الحسن المخزومي البغدادي نزيل مصر من ولد عمرو بن حريث
سمع بدمشق وبغيرها جماعة.
[شيخ بغدادي سكن مصر.
__________
[9676] ترجمته في تاريخ بغداد 4/236 وتذكرة الحفاظ 4/1023 وسير أعلام النبلاء 12/553 (3601) (ط دار الفكر) والعبر 3/48 وتبصير المنتبه 2/600 والإكمال لابن ماكولا 4/54 وشذرات الذهب 3/135. في تاريخ بغداد: أحمد بن عبد الله بن رزيق بن حميد. وكناه في تاريخ بغداد: أبا الحسين.(71/231)
سمع محمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن بكار السكسكي، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبا علي محمد بن سعيد الرقي، ومحمد بن جعفر بن ملاس، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المقرىء المكي.
انتقى عليه خلف الحافظ.
حدث عنه: سبطه أبو الحسين محمد بن مكي، ورشأ بن نظيف، وعبد العزيز الأزجي، ويوسف بن رباح] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أحمد بن عبد الله بن رزيق بن حميد أبو الحسين الدلال في البر.
انتقل عن بغداد إلى مصر فنزلها وحدث بها] «3» .
روى بإسناده عن أبي العباس محمد بن جعفر بن هشام بن ملاس النميري بدمشق بسنده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الشهر تسع وعشرون ليلة»
[13997] .
وحدث عن أبي بكر أحمد بن سليمان بن زبّان الكندي «4» بدمشق بسنده عن جويرية بنت الحارث: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال لها: «هل من طعام؟» قالت: لا إلّا عظما أعطيته مولاة لنا من الصدقة. قال: «قربيه، فقد بلغت محلها»
[13998] .
انتقل عن بغداد إلى مصر، وأقام بها إلى أن مات في سنة نيف وتسعين وثلاث مئة، وقيل: في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، يوم الثلاثاء لثمان بقين من ربيع الأول «5» ، وقيل يوم الاثنين لسبع خلون منه.(71/232)
[قال محمد بن علي الصوري] «1» :
وكان ثقة مأمونا.
[9677] أحمد بن عبد الله بن سليمان، أبو علي العبدي
حدث عن جماعة.
روى عن عمر بن محمد بن الحسن النجّاري بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي حرم، وحرمي المدينة، اللهم إني أحرمها كما حرم إبراهيم مكة لا يؤوى فيها محدث «2» ولا يختلى خلاها، ولا يعضد «3» شوكها، ولا تؤخذ لقطتها «4» إلّا لمنشد»
[13999] .
[9678] أحمد بن عبد الله بن عبد الله بن عمرو ابن عبد الله بن صفوان، أبو بكر ابن أبي دجانة النّصري الشاهد
حدث عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بسنده عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من شرب في إناء من ذهب أو فضّة فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم»
[14000] .
ولد في رجب سنة ثمانين ومئتين، وتوفي يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة مضت من رمضان سنة ست وخمسين وثلاث مئة.
وكان ثقة مأمونا.
__________
[9678] ترجمته في الوافي بالوفيات 6/118.(71/233)
[9679] أحمد بن عبد الله بن عبد الرزاق بن عمر بن مسلم أبو الحسن الدمشقي المقرىء
روى عن جماعة.
الشيخ الصالح الثقة.
حدث عن أبي الجماهر بسنده عن سمرة بن جندب.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: «اللهم ضع في أرضنا بركتها وزينتها وسكنها»
[14001] .
[9680] أحمد بن عبد الله بن عراك بن الرّكين بن العلاء ابن فطانة، أبو بكر الدّهستاني
حدث بدمشق وغيرها.
روى عن أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن [محمد بن عبيد الله بن] «1» طوق ابن سلام بن المختار بن سليم الربعي الخيراني «2» بالموصل بسنده عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من جاء إلى الجمعة فليغتسل»
[14002] .
وروى عن أحمد بن عبد الباقي بن الحسن الربعي بسنده عن عبد الله بن قيس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«جنتان من ذهب وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما. وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلّا رداء الكبرياء على وجهه في جنات عدن»
[14003] .
__________
[9680] (الدهستاني) بكسر الدال المهملة والهاء وسكون السين المهملة وفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفي آخرها النون هذه النسبة إلى دهستان، بلدة مشهورة عند مازندران وجرجان (الأنساب) .(71/234)
[9681] أحمد بن عبد الله بن علي ابن طاوس بن موسى بن العباس بن طاوس، أبو البركات المقرىء البغدادي
سمع ببغداد، وقرأ القرآن بروايات كثيرة، وانتقل إلى دمشق في شعبان سنة إحدى وخمسين وأربع مئة، فاستوطنها إلى أن مات بها. وصنف في القراءات. وأقرأ القرآن بروايات. وكان ثقة خيّرا مداوما لتلاوة القرآن ماهرا فيها.
[قرأ القراءات على الحسن بن علي العطار، وأبي بكر محمد بن علي الخياط، وسمع من عبيد الله الأزهري، وأبي طالب بن بكير، وابن غيلان، والعتيقي، وبدمشق من أبي القاسم الحنائي وغيره.
روى عنه الفقيه نصر المقدسي، وهو أكبر منه، ونصر الله بن عبد القوي المصيصي، وحمزة بن كروّس، وقرأ عليه ابنه هبة الله بن أحمد، وجماعة] «1» .
[نزيل دمشق، ثقة، حاذق مجود.
ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمئة] «2» . حدث بدمشق عن أبي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان بسنده عن أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر»
[14004] .
ختم القرآن سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة وعمره عشر سنين أو أقل.
وتوفي في يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة بدمشق.
__________
[9681] ترجمته في طبقات القراء للجزري 1/74 ومعرفة القراء الكبار للذهبي 1/453 وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/26 وتاريخ الإسلام للذهبي (وفيات سنة 492) .(71/235)
[9682] أحمد بن عبد الله بن عمر بن حفص- ويقال جعفر- أبو علي المالكي البغدادي
سكن حلب، وقدم دمشق، وحدث بها.
[حدث عن أبي جعفر الحسن بن علي بن الوليد الفسوي، وأبي شعيب الحراني، وجعفر ابن محمد بن المستفاض الفريابي، وخالد بن عمرو العكبري، والحسن بن علي بن الوليد الفارسي.
روى عنه محمد بن يونس بن هاشم الإسكاف، وتمام بن محمد بن عبد الله الرازي] «1» .
[قال أبو محمد عبد الكريم بن حمزة: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي قال: حدثناأبو علي أحمد ابن عبد الله بن عمر بن حفص البغدادي ومسكنه حلب قدم دمشق قال: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: حدثنا يحيى بن عبد الله البابلتي قال: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من عذاب القبر وعذاب جهنم، ومن فتنة المحيا والممات، وشرّ المسيح الدجال» ] «2» .
حدث عن أبي شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«المعدة حوض البدن، والعروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحّة، وإذا سقمت المعدة صدرت العروق بالسقم»
[14005] .
[9683] أحمد بن عبد الله بن عمر الدمشقي
حدث عن عبد الله بن ثابت البغدادي بسنده عن محمد بن أبي كبشة قال:
__________
[9682] ترجمته في تاريخ بغداد 4/232 وبغية الطلب 2/925.(71/236)
سمعت هاتفا في البحر ليلا يقول: لا إله إلا الله، كذب المرّيسي»
على الله. قال:
ثم هتف ثانية فقال: لا إله إلا الله، على ثمامة «2» والمرّيسي لعنة الله. قال: وكان معنا في المركب رجل من أصحاب المرّيسي فخرّ ميتا.
[9684] أحمد بن عبد الله بن عمرو الدمشقي
حدث عن أبي الحسن محمد بن محمد بن النّفّاح بن بدر الباهلي بمصر بسنده عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا سخب «3» فيه ولا نصب «4»
[14006] .
[9685] أحمد بن عبد الله بن الفرج بن عبد الله أبو بكر القرشي، المعروف بابن البرامي، مولى بني أمية
روى عن جماعة.
روى سنة أربعين وثلاث مئة عن أبي بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم المعافري الرملي بسنده عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى في الرمل في شدة الحرّ فأحرق قدميه، فقال: «لولا رمل بين غزة وعسقلان لعنت الرمل»
[14007] .
كان أبو بكر أحمد بن عبد الله مولى الوليد بن عبد الملك بن مروان، وكان كهلا يكتب الحديث، يعرف بابن البرامي. مات سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
__________
[9684] في هامش الأصل في مختصر ابن منظور: قال الحافظ: «وجدت هذين هكذا، فلا أدري أهما اثنان أو واحد، وقد زيدت الواو في أحدهما أو نقصت» . يعني صاحب هذه الترجمة والذي قبله.
[9685] في استدراك ابن نقطة ما لفظه: وأما البرامي بكسر الباء المعجمة بواحدة وفتح الراء الخفيفة وبعد الألف ميم فهو أبو محمد عبد الله بن الفرج بن عبد الله القرشي ... (انظر الإكمال لابن ماكولا 1/539 (الهامش) .(71/237)
[9686] أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن بشر بن مغفّل بن حسان بن عبد الله ابن مغفّل، أبو محمد المزني المغفّلي الهروي
أمن أعيان أهل خراسان. رحل وسمع بدمشق، وبهراة، وبالعراق، وبمصر جماعة.
وروى عنه جماعة.
[الملقب بالباز الأبيض.
ولد بعد السبعين ومئتين.
سمع أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد الجكاني، وإبراهيم بن أبي طالب الحافظ، وعمران بن موسى بن مجاشع، وأبا خليفة الجمحي، ويوسف القاضي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وعبيد بن غنام، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، والحسن بن سفيان، وعبدان الأهوازي، وعلي بن أحمد علان المصري.
وجمع وصنف وتقدم في معرفة الحديث والعلوم حدث عنه أبو العباس بن عقدة، وعمرو بن الربيع بن سليمان، وأبو بكر ابن إسحاق الصبغي، والحاكم، وأبو بكر القفال، وأبو عبد الله الخازن وجماعة سواهم] «1» .
حدث عن محمد بن سهل العطار بسنده عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «2» :
«يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك أن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفّر عن يمينك»
[14008] .
__________
[9686] ترجمته في طبقات الفقهاء الشافعية للعبادي ص 87 وسير الأعلام 12/305 (3327) (ط دار الفكر) والعبر 2/304 والطبقات الكبرى للسبكي 3/17 والعقد الثمين 3/72 وشذرات الذهب3/18 والأنساب (المزني) 5/278 و (المغفلي) 5/353.(71/238)
وحدث ببخارى إملاء عن عبد الله بن محمد بن ناجية بسنده عن أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ينزل الله- عز وجل- إلى السماء الدنيا في النصف من شعبان فيغفر لكلّ مسلم إلّا مشرك أو مشاحن» «1»
[14009] .
قال الحاكم: سمعت أبا محمد المزني يقول:
حديث النزول قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه صحيحة. وورد في التنزيل ما يصدّقه وهو قوله عز وجل: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا
[سورة الفجر، الآية: 22] والنزول والمجيء صفتان منفيتان من صفات الله عز وجل من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال، بل هما صفتان من صفات الله عز وجل بلا تشبيه، جلّ الله عما تقول المعطلة بصفاته والمشبّهة بها علوا كبيرا.
وكان أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني إمام أهل العلم والوجوه وأولياء السلطان بخراسان في عصره بلا مدافعة. وكان مجاورا بمكة، فورد الكتاب من مصر بأن يحجّ أبو محمد بالناس، ويخطب بعرفات ومنى وتلك المشاعر. قال: فصلى بنا بعرفات، وأتم الصلاة، فصاح الناس وعجّوا، فصعد المنبر فقال: أيها الناس، أنا مقيم وأنتم على سفر، ولذلك أتممت «2» .
توفي أبو محمد غدوة يوم الثلاثاء السابع عشر من رمضان سنة ست وخمسين وثلاث مئة. وحمل بعد الظهر تابوته إلى السهلة، فوضع على باب السلطان يعني- ببخارى- وحمل الوزير أبو علي البلعمي تابوته أحد شقيه على عاتقه بعد الصلاة، وقدم ابنه للصلاة عليه، وقدمت البغال وحملوا جثته الطيبة إلى وطنه الذي قتله حبّه، بهراة ودفن بها «3» .
قال أبو نصر بشر بن أبي محمد المزني في مأتم أبيه:(71/239)
إن آخر كلمة تكلم بها أبوه أن قبض على لحيته بيده اليسرى ورفع يده اليمنى إلى السماء فقال: ارحم شيبة شيخ جاءك بتوفيقك على الفطرة.
[قال أبو النضر الفامي في تاريخ هراة:
أبو محمد المغفلي كان إمام عصره بلا مدافعة في أنواع العلوم، مع رتبة الوزارة، وعلو القدر عند السلطان.
ومن شعره:
نزلنا مكرهين بها فلما ألفناها خرجنا كارهينا
وما حبّ الديار بنا ولكن أمرّ العيش فرقة من هويناقال الحاكم: وسمعت أبا الفضل السليماني- وكان صالحا- يقول: رأيت أبا محمد المزني في المنام بعد وفاته بليلتين، وهو يتبختر في مشيته ويقول بصوت عال: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى
[سورة القصص، الآية: 60]] «1» .
[9687] أحمد بن عبد الله- ويقال عبد الله بن أحمد- ابن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب. كما زعم
وهو صاحب الخال «2» ، أخو علي بن عبد الله القرمطي، بايعته القرامطة بعد قتل أخيه بنواحي دمشق، وتسمّى بالمهدي وأفسد «3» بالشام فبعث إليه المكتفي عسكرا في المحرم سنة إحدى وتسعين ومئتين، فقتل من أصحابه خلق كثير، ومضى هو في نفر من أصحابه يريد الكوفة فأخذ بقرب قرية تعرف بالدّالية «4» من سقي الفرات، وحمل إلى بغداد وأشهر، وطيف
__________
[9687] ترجمته في بغية الطلب 2/927 والبداية والنهاية 7/482 (ط دار الفكر) (حوادث سنة 293) والكامل لابن الأثير (الفهارس) وتاريخ الطبري (الفهارس) والمنتظم 13/44 (حوادث سنة 293) وتاريخ الإسلام (291- 300) ص 12 وأخبار القرامطة.(71/240)
به على بعير، ثم بنيت له دكة «1» فقتل عليها هو وأصحابه الذين أخذوا معه يوم الاثنين لسبع بقين من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين ومئتين «2» .
قال «3» أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي «4» قال:
قام مقامه- يعني مقام صاحب الجبل «5» - أخ له في وجهه خال يعرف به، يقال له صاحب الخال. فأسرف في سوء الفعل وقبح السيرة وكثرة القتل حتى تجاوز ما فعله أخوه، وتضاعف قبح «6» فعله على فعله، وقتل الأطفال ونابذ الإسلام وأهله، ولم يتعلق منه بشيء.
فخرج المكتفي بالله إلى الرّقّة وسيّر إليه الجيوش فكانت له وقائع، وزادت أيامه على أيام أخيه في المدة والبلاء حتى هزم وهرب وظفر به في موضع يقال لهالدالية بناحية الرحبة، فأخذ أسيرا وأخذ معه ابن عم له يقال له: المدثّر، وكان قد رشّحه للأمر بعده، وذلك في المحرم سنة إحدى تسعين. وانصرف المكتفي بالله إلى بغداد وهو معه، فركب المكتفي ركوبا ظاهرا في الجيش والتعبئة وهو بين يديه على الفيل وجماعة من أصحابه على الجمال مشهرين بالبرانس، وذلك يوم الاثنين غرّة ربيع الأول سنة إحدى وتسعين. ثم بنيت له دكّة في المصلّى، وحمل إليها هو وجماع أصحابه فقتلوا عليها جميعا في ربيع الآخر بعد أن ضرب بالسياط، وكوي جبينه بالنار وقطّعت منه الأربعة ثم قتل، ونودي في الناس فخرجوا مخرجا عظيما للنظر إليه. وصلب بعد ذلك في رحبة الجسر.
وقيل إنه وأخاه من قرية من قرى الكوفة يقال لها الصّوّان «7» ، وهما، فيما ذكر، ابنا زكرويه بن مهرويه القرمطي الذي خرج في طريق مكة في آخر سنة ثلاث وتسعين ومئتين،(71/241)
وتلقى الحاج في المحرم من سنة أربع وتسعين فقتلهم قتلا ذريعا لم يسمع قبل بمثله واستباح القوافل وأخذ شمسة «1» البيت الحرام، وقبل ذلك دخل الكوفة يوم الأضحى بغتة وأخرج منها ثم لقيه جيش السلطان بظاهر الكوفة بعد دخوله إليها وخروجه عنها فهزمهم، وأخذ ما كان معهم من السلاح والعدة فقوي بها، وعظم أمره في النفوس [وهال السلطان] «2» وأجلبت معه كلب وأسد وكان يدعى السيد.
ثم سيّر إليه السلطان جيشا عظيما فلقوه بذي قار بين البصرة والكوفة في الفراض «3» ، فهزم وأسر جريحا ثم مات. وكان أخذه أسيرا يوم الأحد لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع وتسعين بعد أن أسر فقدم به إلى بغداد مشهورا في ربيع الأول وشهرت الشمسة بين يديه ليعلم الناس أنها قد استرجعت وطيف به ببغداد، وقيل إنه خرج يطلب بثأر ابنه المقتول على الدّكّة.
ومن شعره في الفخر «4» :
سبقت يدي يده بضر بة «5» هاشميّ المحتد
وأنا ابن أحمد لم أقل كذبا ولم أتزيّد «6»
من خوف بأسي قال بد ر ليتني لم أولد
يعني بدر الحمامي الطولوني أمير دمشق.(71/242)
[9688] أحمد بن عبد الله بن مرزوق أبو العباس الأصبهاني الدّستجردي
قدم دمشق، وحدث بها سنة سبع وأربعين وخمس مئة. [سمع أبا القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل، وغانم بن أبي نصر محمد بن عبيد الله البرجي، وهبة الله بن محمد بن الحصين البغدادي، وأبوي سعد: أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، ومحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله المطرز، وأبا منصور عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الشرابي، والقاضي أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني، وعبد القادر بن يوسف البغدادي، وأبوي علي: الحسن بن أحمد الحداد ومحمد بن محمد بن المهدي، وطاهر بن محمد بن عبد الله الفزاري.
روى عنه: الحافظ أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وسمع منه بحلب عبد الله بن محمد بن سعد الله البجلي، والحافظ أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي، وأبو المواهب بن صصرى، وأبو اليمن الكندي سمع منه بدمشق] «1» .
قال الحافظ:
كان يروي كتاب الترغيب والترهيب، فجلست معه لما شرع في التحديث به حرصا مني على معارضة نسختي مرة ثانية، فكان إذا أخطأ في قراءته رددت عليه، فيشقّ عليه. ولقد جاء في نسخته حديث من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة، فسقط منه ذكر سهيل عن أبيه «2» ، فرددت عليه، فأراد أن يماري فيه، فقلت: هذا لا يخفى على الصبيان، ولم أعد للحضور معه.
__________
[9688] ترجمته في بغية الطلب 2/946 والوافي بالوفيات 6/117. وبأصل مختصر ابن منظور: «الدسحرى» وفوقها ضبة، والمثبت عن بغية الطلب. والدستجردي ضبط بفتح الدال وسكون السين المهملتين وكسر التاء وكسر الجيم وسكون الراء وكسر الدال هذه النسبة إلى عدة من القرى اسمها: دستجرد، انظر معجم البلدان 2/454 والأنساب 2/476.(71/243)
حدث أبو العباس الأصبهاني عن أبي بكر محمد بن أبي القاسم الفضل بن محمد الفراتي وغيره بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الرجل ليكون من أهل الصلاة، والزكاة، والحج، والعمرة، والجهاد حتى ذكر سهام الخير؛ وما يجزى يوم القيامة إلّا بقدر عقله» .
[9689] أحمد بن عبد الله، أبي الحواري، بن ميمون بن عياش ابن الحارث، أبو الحسن التغلبي الغطفاني
الزاهد أحد الثقات. أصله من الكوفة وسكن دمشق. روى عن جماعة وأعيان، وروى عنه جماعة وأعيان. [روى عن سفيان بن عيينة، وأبي معاوية، وحفص بن غياث، ووكيع بن الجراح، ومروان ابن محمد، وعن شيخه وأستاذه أبي سليمان الداراني، وأبي سعد عبد الله بن إدريس، وأبي أسامة حماد بن أسامة، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل، وعمرو بن أبي سلمة، ورواد بن الجراح، وزكريا بن إبراهيم الخصاف، وإسحاق الحناط، وسليمان بن أبي سليمان الداراني، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الله بن نمير، وإسماعيل بن علية، وجعفر بن محمد، وإسحاق بن خلف، وأبي بكر محمد بن توبة الطرسوسي، ومضاء بن عيسى، وأبي جعفر محمد بن حاتم، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، وعبد الواحد بن جرير العطار الدمشقي، وأبي مسهر الدمشقي، وسلام بن سليمان المدائني، وعيسى بن خالد اليمامي، وزهير بن عباد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأحمد بن ثعلبة، وعبد العزيز بن عمير الدمشقي، وأحمد بن معاوية بن وديع، وعلي بن حمزة الكسائي، وإبراهيم بن أيوب.
روى عنه أبو داود، وابن ماجه، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، ومحمود بن إبراهيم
__________
[9689] ترجمته في تهذيب الكمال 1/178 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/77 (68) (ط دار الفكر) وبغية الطلب 2/950 والجرح والتعديل 1/1/47 وحلية الأولياء 10/5 والرسالة القشيرية (الفهارس) وصفة الصفوة 4/12 والعير 1/446 والبداية والنهاية 7/364 (ط دار الفكر) وسير الأعلام 10/84 (1991) (ط دار الفكر) والطبقات الكبرى للشعراني 1/82. و «عياش» وفي تهذيب الكمال: «العباس» و «أبو الحسن» وفي تهذيب التهذيب عن ابن حبان: «أبا عباس» و «التغلبي» وفي السير: «الثعلبي» .(71/244)
ابن سميع، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، وأبو عبد الملك التستري، وسليمان بن أيوب ابن حذلم، ومحمد بن يعقوب، وأبو عبد الرحمن محمد بن العباس بن الوليد بن الدرفس، وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن الحريص، وجعفر بن أحمد بن عاصم، والعباس بن أحمد بن مسلمة العذري، وأحمد بن عامر بن المعمر الأزدي، ومحمد بن الفيض الغساني، وعبد الله ابن عتاب ابن الزفتي، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، ومخمد بن خريم، ومحمد بن عون ابن الحسن الوحيدي، وعبد الصمد بن عبد الله بن عبد الصمد، وسيار بن نصر، وأحمد بن سليمان بن زبان، والحسن بن محمد بن بكار بن بلال، وأبو محمد عبد الرحمن بن إسحاق ابن إبراهيم بن الصامدي الدمشقيون، وعلي بن الحسين بن ثابت الرازي، وأبو عبد الله محمد ابن المعافى الصيداوي، وعبد الله بن هلال الدومي، وسعد بن محمد البيروتي، وأبو بكر محمد بن يحيى السماقي، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب المشغرائي، وأبو عصمة نوح بن هشام الجوزجاني، وأبو بكر محمد بن محمد الباغندي] «1» .
روى عن حفص بن غياث بسنده عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا مرض العبد أو سافر أمر أن يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم» «2» .
وفي رواية أخرى: «كتب له مثل أجره وهو صحيح»
[14010] .
أبو الحسن أحمد بن أبي الحواري من قدماء مشايخ الشام، من أهل دمشق تكلم في علوم المحبة والمعاملات، وصحب أبا سليمان الداراني، وأخذ طريقة الزهد من أبيه أبي الحواري. واسم أبي الحواري ميمون، ويقال عبد الله بن ميمون. ولأحمد ابن يقال له عبد الله، وكان من الزهاد أيضا.
وكان الجنيد يقول «3» : أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام.(71/245)
قال يحيى بن معين- وذكر أحمد بن أبي الحواري- فقال:
أهل الشام به يمطرون «1» .
قال يوسف بن الحسين «2» :
طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، فلما بلغ منه الغاية حمل كتبه كلها إلى البحر فغرّقها، وقال: يا علم، لم أفعل بك هذا تهاونا بك، ولا استخفافا بحقك، ولكني كتب أطلبك لأهتدي بك إلى ربي، فلما اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك.
قال يوسف بن الحسين «3» : كان بين أبي سليمان وأحمد بن أبي الحواري عقد لا يخالفه في شيء يأمره به، فجاءه يوما وهو يتكلم في مجلسه فقال: إنّ التنّور قد سجر فما تأمر؟ فلم يجبه، فقال مرتين [أو] «4» ثلاثة، فقال أبو سليمان: اذهب فاقعد فيه، كأن ضاق به قلبه. وتغافل أبو سليمان ساعة، ثم ذكر فقال: أطلبوا أحمد فإنه في التنور لأنه على عقد ألّا يخالفني، فنظروا فإذا هو في التنور لم تحترق منه شعرة.
قال محمد بن الفيض: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول لرجلين وأنا ثالثهما، وسألاه عن شيء فقال:
والله لولا ما قد جرى أو مضى من السّنّة وسار في الناس من تقدمة أبي بكر، وعمر، وعثمان ما قدّمنا على عليّ أحدا. يعني لسابقته وفضله وقدمته.
قال ابن الفيض:
أدركت من شيوخنا من شيوخ دمشق ممن يربّع بعلي بن أبي طالب، وذكر قوما فيهم أحمد بن أبي الحواري.(71/246)
قال عيسى بن عبد الله: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول:
لو خيّرني مخيّر بين أن يسجر لي تنور فأرمي بنفسي فيه، فأحترق به ولا أبعث، وبين أن أبعث ولا أحاسب ويؤمر بي إلى الجنة، لظننت أنّي سأموت من الفرح بالتنور من قبل أن أصير إليه، قال: قلت: أنّى ومع البعث إلى الجنة فقال لنا: فأين الوقوف بين يدي الله عزّ وجلّ والتوبيخ.
وكان أحمد بن أبي الحواري كريم الأخلاق، وكان من كرم أخلاقه أنه كان لا يزن كسرا ولا يأخذ كسرا، وإذا كان له درهم وكسر أخذ الدرهم ولم يأخذ الكسر، وإذا كان عليه وزن درهم ونصف وزن درهمين.
قال: وأحسن ما سمع منه: جاءه مولود، ولم يكن له شيء من الدنيا، فقال لتلميذ له قد جاءنا البارحة مولود، خذ لنا وزنة دقيق بنسيئة، فقال تلميذه: والله إنّ هذه لمسبّة على علماء الشام وعقلائها إذ لا يفتقدون هذا الشيخ، يجيئه مولود فلا يملك ثمن وزنة دقيق.
قال: وكان بعض التجار قد وجّه متاعا إلى مصر، فنوى إن سلّمه الله في ذهابه ومجيئه أنّ لأحمد مئتي درهم صحاحا. فلما جاء المولود جاء المتاع، فدفع التاجر المئتي درهم إلى غلام له وقال: ادفعها إلى أحمد، وقل له: إنّ سيدي نذر إن سلّم الله متاعه فلك فيه مئتا درهم، وقد سلّمه الله عز وجل، فقال تلميذه: الحمد لله قد فرّج عن الشيخ، فالدراهم بين يديه، حتى جاءه رجل فقال: يا أحمد البارحة جاءني مولود، عندك من الدنيا شيء؟ فرفع رأسه إلى السماء وقال: يا مولاي، هكذا بالعجلة ودفع المئتي الدرهم إليه، ثم قال لتلميذه:
قم ويحك جئنا بالدقيق «1» .
قال أحمد بن أبي الحواري:
قلت لأبي سليمان: صليت صلاة في خلوة فوجدت لها لذة، قال: وأي شيء ألذّك فيها؟ قلت: حيث لم يرني أحد، فقال: إنك لضعيف حيث خطر بقلبك فكر الخلق.
قال محمد بن عوف «2» :(71/247)
رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بأنطرسوس «1» ، فلما أن صلى العتمة «2» قام يصلي على الحائط، فاستفتح ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُفطفت الحائط كله، ثم رجعت إليه، فإذا هو لا يجاوز إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
. ثم رجعت فنمت ليلتي جمعاء، فلما كان السحر قبل انشقاق الفجر مررت بأحمد بن أبي الحواري، وهو يقرأ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
فلم يزل يرددها من العتمة إلى الصبح «3» .
قال عبد الله بن أحمد ابن أبي الحواري:
كنا نسمع بكاء أبي بالليل حتى نقول قد مات، ثم نسمع ضحكه حتى نقول قد جنّ.
قال الحسن بن حبيب: سمعت أبي يقول:
خرجت مع أحمد بن أبي الحواري إلى رباط بيروت، فلم تزل الهدايا تجيئه من أول النهار إلى نصف النهار، ثم أقامني ففرقها إلى أن غابت الشمس، وقال لي: كن كذا يا حبيب لا تزد على الله ولا تدخر عنه «4» ، فلما كان في الليل خرجت معه إلى سور البلد، فسمع الحارس يقول: قل لزين الحنان: ردّ السلام، فصاح وسقط، وقال: قل لكل قلب يلحق حيث يشاء.
قال أحمد بن أبي الحواري:
دخلت على بعض المتعبدين أعوده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: بحال شريفة، أسير كريم في حبس جواد مع أعوان صدق، والله لو لم يكن مما ترون لي عوض إلّا ما أودع في قلبي «5» من محبته لكنت حقيقا على أن أدوم على الرضى عنه، وما الدنيا وما غاية البلاء فيها؟
هل هو إلّا ما ترون بي من هذه العلة؟ وأوشك لئن استبد بي الأمر قليلا لترحّلني إلى سيدي، ولنعمت علة رحلت بمحبّ إلى محبوب قد أضرّ به طول التخلف عنه.(71/248)
قال أحمد بن أبي الحواري:
لا دليل على الله سواه، وإنما العلم يطلب لآداب الخدمة «1» .
قال أحمد بن أبي الحواري:
صحبت أبا سليمان طوال ما صحبته فما انتفعت بكلمة أقوى عليّ وأهدى لرشدي وأدلّ على الطريق من هذه الكلمة «2» : قلت له في ابتداء أمري: أوصني، فقال: أمستوص أنت؟
قلت: إن شاء الله، قال: خالف نفسك في كلّ مراد «3» لها فإنها الأمّارة بالسوء، وإياك أن تحقر أحدا من «4» المسلمين، واجعل طاعة الله دثارا والخوف منه شعارا «5»
، والإخلاص زادا، والصدق جنة «6» ، وأقبل مني هذه الكلمة الواحدة ولا تفارقها ولا تغفل عنها: إن من استحى من الله عز وجلّ في كل أوقاته وأحواله وأفعاله بلغه إلى مقام الأولياء من عباده. قال:
فجعلت هذه الكلمة «7» أمامي، ففي كل وقت أذكرها وأطالب نفسي بها «8» .
قال أحمد بن أبي الحواري:
علامة حب الله حب طاعة الله. وقيل: حب ذكر الله، فإذا أحبّ الله العبد أحبه، فلا يستطيع العبد أن يحب الله حتى يكون الابتداء من الله بالحب له، وذلك حين عرف منه الاجتهاد في مرضاته «9» .(71/249)
وقال أحمد:
أفضل البكاء بكاء العبد على ما فاته من أوقاته على غير الموافقة «1» ، أو بكاء على ما سبق له من المخالفة.
قال حبيب بن عبد الملك:
كنت عند أحمد بن أبي الحواري جالسا، فقال له رجل: يا أبا الحسن، أثابنا الله وإياك على الإسلام والسنة، فقال له أحمد: يا ذا الرجل، إنه من لم يكن مسيئا فما هو مسلم، فقال له: يا أبا الحسن، فما السّنّة عندك؟ قال: أن يسلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منك وتسلم منهم.
قال أحمد «2» :
ما ابتلى الله عبدا بشيء أشدّ من الغفلة والقسوة.
وقال «3» : من عمل بلا اتباع سنة فباطل عمله «4» .
وقال «5» : من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب لها أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه.
وقال «6» : من عرف الدنيا زهد فيها، ومن عرف الآخرة رغب فيها، ومن عرف الله آثر رضاه.
ورد كتاب المأمون على إسحاق بن يحيى بن معاذ «7» ، وهو يومئذ والي دمشق بمحنة أحمد بن أبي الحواري وعبد الله بن ذكوان بالقول بخلق القرآن، وكانا على المسجد وكان ابن أبي دواد يعرفهما، فورد الكتاب على إسحاق، ولهما منه منزلة، فخفف عنهما في المحنة فأجاب عبد الله بن ذكوان وأبي أحمد بن أبي الحواري أن يجيب فحبس، ثم وجه إلى امرأته(71/250)
وصبيانه ليأتوه ويبكوا عليه ليرجع عن رأيه، وقيل له: ما في القرآن من الجبل والشجر مخلوق. وكان إسحاق مائلا إليه فأجاب على هذا وكتب إسحاق بإجابتهما «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» : [أحمد بن عبد الله بن أبي الحواري أبو الحسن الدمشقي، روى عن حفص بن غياث ووكيع والوليد بن مسلم وعبد الله بن وهب، يعد في الدمشقيين، حدثنا عبد الرحمن قال:
سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، ورويا عنه، سمعت أبي يحسن الثنا عليه ويطنب فيه.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني حدثني هارون بن سعيد قال: قال يحيى بن معين وذكر أحمد بن أبي الحواري. فقال: أهل الشام به يمطرون] «3» .
[أحمد بن أبي الحواري أحد العلماء الزهاد المشهورين، والعباد المذكورين، والأبرار المشكورين، ذوي الأحوال الصالحة، والكرامات الصادقة] «4» .
[قال أبو سليمان الداراني لأحمد بن أبي الحواري: يا أحمد إن طرق الآخرة كثيرة وشيخك عارف بكثير منها إلى هذا التوكل المبارك فإني ما شممت منه رائحة.
قال أحمد بن أبي الحواري: سألت أبا سليمان عن السماع، فقال: من اثنين أحب إليّ من الواحد.
وقال أحمد بن أبي الحواري:
رأيت في النوم جارية، ما رأيت أحسن منها، يتلألأ وجهها نورا فقلت: ما أنور وجهك؟! فقالت: تذكر الليلة التي بكيت فيها؟ فقلت: نعم، فقالت: حملت إليّ دمعتك فمسحت بها وجهي، فصار وجهي هكذا] «5» .
قال أحمد: حدثني عبد الخالق بن جبير قال: سمعت أبا موسى الطرسوسي يقول: ما تفرغ عبد لله ساعة إلّا نظر الله إليه بالرحمة.(71/251)
وقال: سمعت مضاء بن عيسى يسأل سباعا الموصلي: إلى أي شيء انتهى بهم الزهد؟
فقال: إلى الأنس به. وقال: ثنا محمد بن ثابت القارىء، قال: من كانت همته في أداء الفرائض لم يكمل له في الدنيا لذة.
وقال: ثنا أبو الموفق الأزدي، قال: قال الله تعالى: «لو أن ابن آدم لم يرج غيري ما وكلته إلى غيري، ولو أن ابن آدم لم يخف غيري ما أخفته من غيري» .
وقال: سمعت محمودا يقول: سبحان من لا يمنعه سلطانه أن ينظر في صغير سلطانه.
وقال: سمعت مضاء بن عيسى يقول: خف الله يلهمك. واعمل له لا يلجئك إلى دليل.
وقال: كنت أسمع وكيع بن الجراح يقول: يبتدىء قبل أن يحدث فيقول: ما هناك إلّا عفوه، ولا نعيش إلّا في ستره، ولو كشف الغطاء انكشف على أمر عظيم.
وقال: قال لي أبو سليمان: جوع قليل، وعري قليل، وذل قليل، وفقر قليل، وصبر قليل، قد انقضت عنك أيام الدنيا.
وقال يوما: لله لعبده في أوان معاصيه وإعراضه عن ربه أشد نظرا إليه وحبّا من العبد في أوان تتابع نعمه وكمال كرامته، وعظيم ستره وإحسانه، ثم قال: وهل يليق إلّا ذلك.
وقال: قلت لأبي بكر بن عياش: حدثنا، قال: دعونا من الحديث فإنا قد كبرنا ونسينا الحديث، جيئونا بذكر المعاد، لو أني أعرف أهل الحديث لأتيتهم إلى بيوتهم حتى أحدثهم.
وقال: سمعت أبا عبد الله الواهبي يقول: ما أخلص عبد قط إلّا أحب أن يكون في جب لا يعرف- ومن أدخل فضولا من الطعام أخرج فضولا من الكلام.
وقال: سمعت محمد الكندي يقول: سمعت أشياخنا يقولون: إذا عرض لك أمران لا تدري في أيهما الرشاد فانظر إلى أقربهما إلى هواك مخالفة، فإن الحق في مخالفة الهوى.
وقال: سمعت سلام المديني يقول: سمعت المخرمي يقول عن سفيان الثوري قال: من أحب الدنيا وسرّ بها نزع خوف الآخرة من قلبه.
وقال: حدثني أخي محمد قال: قلت لفضيل بن عياض في قوله تعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا
قال: ممن كانوا، وحيث ما كانوا، وفي أي زمان كانوا.(71/252)
وقال: عن محمد بن عائذ ثنا ابن شابور عن سعيد بن بشير عن قتادة قال: أخيار أمرائكم الذين يحبون قراءكم، وشراركم الذين يحبون أمراءكم.
وقال: حدثني عمر بن سلمة السراج عن أبي جعفر المصري قال: قال الله تعالى: «معشر المتوجهين إليّ بحبي ما ضركم ما فاتكم من الدنيا إذا كنت لكم حظّا، وما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سلما» ] «1» .
[قال أبو أحمد الحاكم] «2» .
[أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن أبي الحواري الزاهد الدمشقي.
سمع أبا محمد عبد الله بن إدريس، وأبا عمر حفص بن غياث النخعي.
روى عنه زياد بن أيوب أبو هاشم الطرسوسي، وأبو خالد محمد بن إدريس الحنظلي.
كناه لنا أبو الجهم أحمد بن الحسين القرشي] «3» .
[قال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قال لي أحمد بن حنبل:
متى مولدك؟ قلت: سنة أربع وستين- يعني مئة- قال: وهي مولدي] «4» .
ومات أحمد بن أبي الحواري سنة ست وأربعين ومئتين في جمادى الآخرة. وقيل سنة خمس وأربعين ومئتين «5» . وقيل سنة ثلاثين ومئتين «6» ، وهو وهم. وعمره اثنتان وثمانون سنة. ومولده سنة أربع وستين ومئة.
[9690] أحمد بن عبد الله بن نصر ابن بجير بن عبد الله بن صالح بن أسامة، أبو العباس والد القاضي أبي الطاهر الذّهلي
سمع بدمشق وبغيرها.
__________
[9690] ترجمته في بغية الطلب 2/958 وتاريخ بغداد 4/229.(71/253)
[قال أبو بكر الخطيب] :
[أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير بن عبد الله بن صالح بن أسامة، أبو العباس الذهلي، كان من شيوخ القضاة ومتقدميهم، ولي قضاء البصرة وواسط وغيرهما من البلدان وحدث عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمود بن خداش، ومحمد بن حماد الطهراني، وعمران بن بكار، ومحمد بن خالد بن خلي الحمصيين، ونحوهم، روى عنه أبو الحسن الدارقطني، والمعافى بن زكريا الجريري، وأبو طاهر المخلص، وكان ثقة] «1» .
[قال أبو بكر ابن المقرىء: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي- قاضي واسط- قال: حدثنا علي بن الموفق الأنباري، عن أحمد بن أبي الحواري عن أبيسليمان قال: لقيت عابدة بمكة فقالت لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل الشام. قالت: اقرأ على كل محزون مني السلام] «2» .
حدث عن ربيعة بن الحارث الجبلاني بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إني قد ثقلت، فلا تبادروني بالركوع والسجود، فإنّي مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني إذا رفعت، ومهما أسبقكم إذا سجدت تدركوني إذا رفعت»
[14011] .
مات ابن بجير القاضي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة يوم الثلاثاء سلخ ربيع الآخر «3» .
[9691] أحمد بن عبد الله بن نصر ابن هلال، أبو الفضل السلمي
[حدث عن أبيه عبد الله بن نصر، وأبي عامر موسى بن عامر المري، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأشعت، وإبراهيم بن عتيق، وأحمد بن علي بن يوسف الخزاز، وعمر بن مضر العبسي، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وأبي حارثة أحمد بن إبراهيم بن
__________
[9691] ترجمته في بغية الطلب 2/960 وسير أعلام النبلاء 12/11 (2997) (ط دار الفكر) والعبر 2/237 وشذرات الذهب 2/335.(71/254)
هشام الدمشقيين، والمؤمل بن إهاب الربعي، ووريزة بن محمد الغساني الحمصي، وأبي أمية الطرسوسي، وأبي بكر محمد بن أحمد بن رزقان المصيصي، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر الأطرابلسي، وعبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي، وأبي سعد إسماعيل بن حمدويه البيكندي، ومحمد بن إسماعيل بن علية البصري قاضي دمشق، ومحمد بن عبد الرحمن بن علي الجعفي الكوفي نزيل دمشق، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأبي الخير فهد بن موسى الاسكندراني، والوليد بن مروان الأزدي الحمصي، وجعفر بن محمد بن حماد القلانسي.
روى عنه أبو الحسين الرازي، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن درستويه، وأبو القاسم الحسن بن سعيد بن حليم القرشي، وأبو العباس أحمد بن عتبة بن مكين السلامي الحوثري، وعمران بن الحسن الخفاف الدمشقيون، وأبو الفتح المظفر ابن أحمد بن برهان المقرىء، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن هارون البرذعي الصوفي، وأبو علي محمد بن علي الحافظ الأسفرايني وأبو حفص بن شاهين] «1» . حدث عن أبي عبد الرحمن المؤمل بن إهاب بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من أقال أخاه أقال الله عثرته يوم القيامة»
[14012] .
وروى أيضا عن أبي عامر موسى بن عامر بسنده عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«ليس من بلد إلّا سيطؤه الدجال إلّا مكة والمدينة، ليس نقب «2» ممن أنقابها إلّا عليه الملائكة صافين تحرسها فينزل بالسّبخة «3» ، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج إليه منها كلّ كافر ومنافق» .
وحدث «4» عن جعفر بن محمد بن حماد بسنده عن علي بن رباح:(71/255)
أنّ أعمى كان له قائد بصير فغفل البصير، فوقعا في بئر، فمات البصير وسلم الأعمى، فجعل عمر ديته على عاقلة «1» الأعمى. قال: فسمعته يقول في الحج:
يا أيها الناس لقيت منكرا هل يعقل «2» الأعمى الصحيح المبصرا
خرّا معا كلاهما تكسّرا
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: قرأت بخط أبي الحسين نجا العطار فيما ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي] «3» .
مات أبو الفضل أحمد بن هلال في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة «4» .
[عاش نيّفا وتسعين سنة] «5» .
[9692] أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شقير «6» أبو العلاء البغدادي النحوي «7»
[قال الصفدي في الوافي بالوفيات] «8» .
[ذكره أبو القاسم ابن عساكر في تاريخ دمشق وقال «9» :
حدث عن أبي بكر محمد بن هارون بن المجدّر «10» ، وحامد بن شعيب البلخي،(71/256)
والهيثم بن خلف، وأبي بكر الباغندي، والبغوي، وأبي عمر الزاهد، وأبي بكر ابن الأنباري، وأحمد ابن فارس، وابن دريد، وأحمد بن عبد الله السجستاني.
وروى عنه تمام الرازي، ومكي بن محمد بن الغمر «1» ، وعبد الوهاب بن عبد الله بن الجبان «2» ، ومحمد بن عبد الله الدوري] .
[قال أبو بكر الخطيب] : [أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شقير أبو العلاء النحوي، نزل دمشق وحدث بها عن هيثم بن خلف الدوري، وحامد بن محمد بن شعيب البلخي، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي. وروى عنه عبد الوهاب بن عبد الله المهدي الدمشقي] «3» .
حدث عن أبي بكر محمد بن هارون بن المجدّر ببغداد بسنده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قضى في الجنين بغرّة عبد أو أمة، أو بفرس أو بغل
[14013] .
[9693] أحمد بن عبيد الله بن فضال أبو الفتح الحلبي الموازيني
الشاعر، المعروف بالماهر.
قرىء عليه في صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة يمدح أبا نصر صدقة بن يوسف «4» :
لو سرت حين ملكت سيرة منصف لسننت وحدك سنة لم تعرف
من صحّ قبلك في الهوى «5» ميثاقه حتى تصحّ؟! ومن وفى حتى تفي؟!
عرف الهوى في الخلق مذ خلق الهوى «6» بمذلة الأقوى وعزّ الأضعف
فلألبسنّ حملت أو لم أحتمل فيك السقام عطفت أو لم تعطف
__________
[9693] ترجمته في فوات الوفيات 1/107 رقم 43 ودمية القصر 1/158 وعبر الذهبي 3/227 والوافي بالوفيات 7/173 والنجوم الزاهرة 5/67.(71/257)
حتى يعاين كلّ لاح عاذل مني لجاجة كلّ صبّ مدنف
يا من توقّد في الحشا لصدوده «1» نار بغير وصاله ما تنطفي
وهي طويلة.
[ومن شعره:
برغمي أن ألوم عليك دهرا قليلا فكره بمعنفيه
وأن أرعى النجوم ولست فيها وأن أطأ التراب وأنت فيه
ومن شعره أيضا:
الشعر كالبحر في تلاطمه ما بين ملفوظه وسائغه
فمنه كالمسك في لطائمه ومنه كالمسك في مدابغه
ومنه:
أرى نفسي تجد بها الظنون بأن البين بعد غد يكون
وما ترك الفراق عليّ دمعا يسح ولا تسح به الجفون
وجيش الصبر منهزم فقل لي عليك بأي دمع أستعين
كأني من حديث النفس عندي جهينة عندها الخبر اليقين
ومنه أيضا:
أموجبة الدعوى عليها ولا تفي وسامعة الشكوى إليها ولا تشكي
أظن الأسى والدمع لا يبقيان لي فؤادا به أهوى وعينا بها أبكي] «2»
[روى عنه من شعره:
أبو عبد الله الصوري، وأبو القاسم النسيب] «3» . مات «4» أبو الفتح أحمد بن عبيد الله الماهر في صفر بدمشق «5» سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة. ودفن في داره، ثم نقل إلى باب الصغير.(71/258)
[9694] أحمد بن عبيد الله الدمشقي
[روى عنه: القاسم بن نصر المخرمي] .
روى عن الوليد بن مسلم بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما أنعم الله على عبد نعمة فأسبغها عليه، ثم وجّه إليه من يطلب المعروف عنده فزبرهم إلّا وقد تعرّض لزوال تلك النعمة» «1»
[14014] .
[9695] [أحمد بن عبيد الله أبو بكر ابن بنت حامد البغدادي
قال ابن النجار: كان معتزليا، أخرج من دمشق.
قلت: وكان حدث عن أحمد بن علي بن سعيد المروزي.
روى عنه: عبد الرحمن بن نصر. ذكره ابن عساكر] .
[9696] أحمد بن عبد الباقي بن الحسن، أبو الحسين القيسي النجّاد
حدث عن أبي عبد الله محمد بن علي بن الخضر بن سعيد السلمي بسنده عن عبد الله قال:
نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يردّ من القدر شيئا، وإنما يستخرج به، يعني: من البخيل.
خرج أبو الحسين قاصدا للحج في رجب سنة ثلاث [و] «2» عشرين وخمس مئة فسقط عن البعير قبل وصوله إلى الرحبة، فتوفي ودفن في الرحبة.
__________
[9694] ترجمته في لسان الميزان 1/219. وما بين معكوفتين بعده عن لسان الميزان.
[9695] استدركت ترجمته بكاملها عن لسان الميزان 1/219.(71/259)
[9697] أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد أبو بكر العلوي الزيدي المروزي الواعظ الشافعي
قدم دمشق وأملى بها الحديث، وعقد بها مجالس الوعظ وروى عن جماعة.
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي:
أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد، أبو بكر العلوي الزيدي المروزي الشافعي الواعظ.
قدم دمشق وأملى بها الحديث، وعقد مجالس الوعظ.
وروى عن أبي منصور محمد بن علي بن محمود نافلة الكراعي، وأبي القاسم عبد الصمد بن محمد بن علي البخاري الهروي، وأبي إبراهيم إسماعيل بن عبد الوهاب الناقدي الخراجي، وأبي بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني المراوزة.
وارتبت ببعض سماعة، فكتبت إلى أبي سعد ابن السمعاني، فكتب إليّ أنه وجد سماعه على أصول الكراعي والناقدي] «1» .
[وكان قد أقام بدمشق مدة وأخرج منها فمضى إلى بلد الروم، واجتاز في طريقه بحلب، وكان له قبول في الوعظ] «2» . [قال أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني: أحمد بن عبد الرحمن الأشرف البكري أبو بكر، ولد بنواحي أبيورد، وتفقه بمرو، وخالط الفقهاء وكتب الحديث الكثير، وقرأه. وخرج إلى ما وراء النهر، ودخل فرغانة وأقام بأدش مدة مديدة ... وخرج إلى مازندران ومنها إلى العراق وورد بغداد، وسمعت أنه خرج إلى الشام، ووعظ هو وابنه بدمشق، وحصل له مبلغ من المال، وانصرف إلى بغداد] «3» .
__________
[9697] ترجمته في لسان الميزان 1/212 وبغية الطلب 2/966 وجاء نسبه فيها: أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عيسى بن طلحة بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب.(71/260)
حدث عن الشيخ السديد أبي منصور محمد بن علي بن محمود «1» التاجر بسنده عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
عرض عليّ الأنبياء، فإذا موسى عليه السلام رجل ضرب «2» من الرجال كأنه من رجال شنوءة. ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام، فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود، ورأيت إبراهيم فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم، يعني نفسه، ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية.
أخرج أبو بكر العلوي من دمشق في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وخمس مئة، وسار إلى ناحية ديار الملك مسعود بن سليمان «3» ، فانقطع خبره عنا بعد ذلك. وكان غير مرضيّ الطريقة.
[9698] أحمد بن عبد الرحمن بن بكار بن عبد الملك ابن الوليد بن بسر بن أبي أرطأة أبو الوليد القرشي العامري البسري
من أهل دمشق، سكن بغداد وحدّث.
[روى عن حماد بن مالك الأشجعي الحرستاني، وعبد الرزاق بن همام، وعراك بن خالد ابن يزيد بن صالح بن صبيح، ومحمد بن عبد الله بن بكار، ومروان بن معاوية الفزاري، والوليد بن مسلم. روى عنه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، وأحمد بن علي بن مسلم الأبار، وحاجب بن أركين، وأبو شيبة داود بن إبراهيم بن داود، وسعيد بن عبد الله بن أبي رجاء الأنباري، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وعليبن سعيد بن عبد الله العسكري، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وعلي بن محمد بن الحسين
__________
[9698] ترجمته في تهذيب الكمال 1/188 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/80 (72) (ط دار الفكر) والجرح والتعديل 1/1/59 وتاريخ بغداد 4/241 وميزان الاعتدال 1/141 (535) (ط دار الفكر) والأنساب (البسري) .(71/261)
الكازروني، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، والقاسم بن يحيى بن نصر المخرمي، ومحمد بن العباس بن أيوب، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن هارون بن عبد الله الحضرمي، ومحمد بن هارون بن الهيثم بن يحيى، ويعقوب بن شيبة السدوسي، ويوسف بن موسى بن عبد الله المروروذي] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] :
[أحمد بن عبد الرحمن بن بكار بن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أبي أرطأة أبو الوليد القرشي الدمشقي، سكن بغداد، وحدث بها عن الوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية.
روى عنه علي بن عبد العزيز البغوي، وابن أخيه عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وغيرهم] «2» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «3» :
[أحمد بن عبد الرحمن أبو الوليد القرشي ثم العامري روى عن الوليد بن مسلم يعد في الدمشقيين. حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك. ويقولان أدركناه ولم نكتب عنه. قال: وسمعت أبي يقول: كان من ولد بسر بن أبي أرطأة ورأيته يحدث ولم أكتب عنه، وكان صدوقا] «4» .
روى عن الوليد بن مسلم القرشي بسنده عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«تسوّكوا فإنّ السواك مطيبة للفم، مرضاة للربّ عز وجل، وما جاءني جبريل عليه السلام إلّا وصاني بالسّواك حتى لقد خشيت أن يفرضه عليّ وعلى أمتي. ولولا أن أشقّ على أمتي لفرضته عليهم، فإنّي لأستاك حتى خشيت أن أحفي «5» مقاديم فمي»
[14015] .
مات أبو الوليد القرشي يوم الثلاثاء لثلاث بقين من رمضان سنة ثمان وأربعين ومئتين.
وقيل سنة ست وأربعين ومئتين.(71/262)
قال «1» : وهو وهم. والصواب الأول.
وكان صدوقا «2» . وذكر الباغندي «3» عن إسماعيل بن عبد الله السكري أنه كان سيّىء الحال، وأنه لم يسمع من الوليد بن مسلم شيئا. قال: وكنت أعرفه شبه قاض «4» ، وإنما كان محلّلا يحلّل النساء للرجال، ويعطى الشيء فيطلّق.
قال الخطيب «5» : وليس حاله على ما ذكر الباغندي عن هذا الشيخ، بل كان من أهل الصدق، وقد حدث عنه من الأئمة أبو عبد الرحمن النسائي وحسبك به، وذكره في جملة شيوخه الذين بيّن أحوالهم.
[قال أبو بكر الخطيب] :
[ثم حدثني الصوري، أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: ناولني عبد الكريم وكتب لي بخطه- قال سمعت أبي يقول: أحمد بن عبد الرحمن بن بكار دمشقي صالح] «6» .
[قال ابن حجر] : [ذكره ابن حبان في الثقات] «7» .
[9699] أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن، أبو الحسين الطرائفي
[عن تمام [الرازي] وابن أبي نصر، وغيرهما.
__________
[9699] ترجمته في لسان الميزان 1/212. وما بين معكوفتين زيادة استدركت عن لسان الميزان 1/212.(71/263)
و [روى] عنه الخطيب، وابن الأكفاني وغيرهما] .
حدّث عن تمام بن محمد بسنده عن أنس.
أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح مكة وعليه مغفر. فلما وضعه قيل: يا رسول الله هذا المنافق متعلّق بأستار الكعبة، فأمر به، فقتل صبرا «1» .
توفي أبو الحسين أحمد الطرائفي يوم الأربعاء السابع من رجب سنة سبع وخمسين وأربع مئة. سمع الكثير من الشيوخ، وكتب واستورق، ولم يحدّث من أول عمره، ولم تطل مدته، وكان مغفلا، وكان مقتّرا على نفسه، وجمع مالا كثيرا. وكان شحيحا على نفسه. وذكر أنه قال لزوج بنت أخيه في علته التي مات فيها، وقد حمله إلى عنده: أطعمني شواء فلي عشرون سنة أشتهيه.
وحكي عنه أنه كان له نطع يقعد عليه، فإذا جلس كشف عن مقعدته وجلس على النطع لئلا يتخرق الثوب الذي يكون عليه.
سئل أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب عن الطرائفي فقال: ما كان إلّا ثقة «2» .
[9700] أحمد بن عبد الرحمن بن أبي الحصين، أبو بكر الأنطرطوسي
حدث بدمشق عن كثير بن عبيد الإمام بسنده عن ابن عمر.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور العمامة
[14016] .
__________
[9700] الأنطرسوسي نسبة إلى أنطرطوس، وهي بلدة من بلاد الشام. وفي معجم البلدان: بلد من سواحل بحر الشام، وهي آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأول أعمال حمص. ونقل ياقوت عن أبي القاسم ابن عساكر: أنها من أعمال طرابلس مطلة على البحر في شرقي عرقة بينهما ثمانية فراسخ (معجم البلدان، والأنساب) .(71/264)
[9701] أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان ابن القاسم بن معروف بن حبيب بن أبان بن إسماعيل، أبو علي بن أبي نصر التميمي المعدّل
روى عن جماعة. وروى عنه جماعة.
[حدث عن يوسف الميانجي، وابن زبر.
حدث عنه: [عبد العزيز بن أحمد] الكتاني، ونجا بن العطار، وسهل بن بشر، وأبو طاهر الحنائي، والحسن بن سعيد العطار.
قال [عبد العزيز بن أحمد] الكتاني: لم أر أحسن منه، وكان سماعه وسماع أخيه بخط أبيهما] «1» .
حدث عن القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم الميانجي بسنده عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله عز وجلّ»
[14017] .
توفي أبو علي أحمد بن عبد الرحمن في السابع والعشرين من شعبان سنة إحدى «2» وأربعين وأربع مئة.
[قال الكتاني] : وكان ثقة مأمونا، صاحب أصول حسنة.
وكانت له جنازة عظيمة.
[9702] أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الملك ابن بدد «3» بن الهيثم أبو عصمة اللخمي القاضي
[قال ابن العديم] :
[وأظن أبا عصمة ولد بحلب، والله أعلم، حكى بأطرابلس] «4» .
__________
[9701] ترجمته في سير أعلام النبلاء 13/425 (4053) (ط دار الفكر) .
[9702] ترجمته في بغية الطلب 2/970.(71/265)
حدث بطرابلس قال: أنشدني قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف «1» لنفسه ببغداد، والبيت الأخير مضمّن «2» :
أشتاقكم اشتياق الأرض وابلها والأمّ واحدها والغائب الوطنا
أتيت «3» أطلب أسباب السّلوّ فما ظفرت إلا ببيت شفّني وعنى
أستودع الله قوما ما ذكرتهم إلا تحدّر من عينيّ ما خزنا
قال الخطيب: أنشدني الصوري الأبيات التي ضمن ابن معروف منها هذا البيت وهي:
يا صاحبّي سلا الأطلال والدّمنا «4» متى يعود إلى عسفان «5» من ظعنا
إنّ الليالي التي كنّا نسرّ بها أبدى تذكّرها في مهجتي حزنا
أستودع الله قوما ما ذكرتهم إلّا تحدّر من عينيّ ما خزنا
كان الزمان بنا غرّا فما برحت أيدي الحوادث حتى فطّنته بنا
[9703] أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد ابن خلف بن قابوس أبو النّمر الأطرابلسي الأديب
حدث بصور سنة ثلاث عشرة وأربع مئة وبأطرابلس عن جماعة. وروى عنه جماعة.
[قال ابن العديم] :
[أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن تاج الأمناء قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال «6» :
__________
[9703] ترجمته في بغية الطلب 2/971 وبغية الوعاة 1/322 وإنباه الرواة 1/121 وكناه أبا اليمن.(71/266)
أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد بن خلف بن قابوس، أبو النمر الأطرابلسي الأديب.
حدث بصور سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وبأطرابلس عن: أبي الحسن علي بن محمد بن عمران الناقد البغدادي، وأبي بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرىء البغدادي، وأبي عبد الله ابن خالويه، وأبي نصر محمد بن محمد بن عمرو، وأبي محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم البحري، ويوسف بن القاسم الميانجي.
روى عنه أبو عبد الله الصوري، وأبو علي الأهوازي.
وقال أبو القاسم «1» :
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد أخبرنا جدي أبو محمد قال: حدثنا الحسن بن علي الأهوازي قال: حدثنا أبو النمر الأديب قال: حدثنا القاضي يوسف بن القاسم الميانجي قال:
حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمذاني قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم] «2» :
«يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع «3» الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» «4» .
وحدث عن أبي محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم النحوي بسنده عن أبي جحيفة قال: قال عبد الله:
ذهب صفو الدنيا فلم يبق منها إلّا الكدر، فالموت تحفة كل مسلم.
حدث أبو النمر بإسناده عن مسعر قال:
لم يقل لبيد في الإسلام إلّا هذين البيتين «5» :(71/267)
نجدّد أحزانا لدى كلّ هالك ونسرع نسيانا ولم يأتنا أمن
فإنّا ولا كفران لله ربّنا لكالبدن لا تدري متى يومها البدن
عاصر أبو النمر بطرابلس أبا عبد الله الحسين بن خالويه «1» ، وكان يدرّس العربية واللغة، وتوفي بها، وخلف ولدا شخص إلى العراق وتقدم هناك «2» .
قال أبو النمر: أنشدني الحسين بن خالويه قال: أنشدنا محمد بن أبي هاشم لمحمد بن خازم:
الله أحمد شاكرا فبلاؤه حسن جميل
أصبحت مستورا معا فى بين أنعمه أجولخلوا من الأحزان خفّ الظهر يقنعني القليل
حرّا فلا منن لمخ لوق عليّ ولا سبيل
لم يشقني حرص ولا طمع ولا أمل طويل
سيّان عندي ذو الغنى ال متلاف والرجل البخيل
ونفيت باليأس المنى عنّي فطاب لي المقيل
والناس كلّهم لمن خفّت مؤونته خليل
[9704] أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود ابن هارون أبو بكر الرقي الحافظ نزيل عسكر مكرم
ذكر أنه سمع بدمشق وبحمص جماعة. وروى عنه جماعة.
[قال ابن العديم] «3» :
[وذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخه، فيما أنبأنا به تاج الأمناء
__________
[9074] ترجمته في بغية الطلب 2/975 وميزان الاعتدال 1/142 (541) (ط دار الفكر) ولسان الميزان 1/213.
وعسكر مكرم: بضم الميم وسكون الكاف بلد مشهور من نواحي خوزستان (معجم البلدان 4/123) .(71/268)
أحمد بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال «1» : أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود بن هارون، أبو بكر الرقي الحافظ نزيل عسكر مكرم.
سمع بدمشق هشام بن عمار، وأبا زرعة النصري، ومحمد بن عوف بحمص، وحدث عنهم وعن أبيه عبد الرحمن بن الجارود، وعلي بن حرب، وأحمد بن حرب، وهلال بن العلاء، وأحمد بن شيبان الرملي، وعثمان بن خرزاذ، وعبد الله بن نصر الأنطاكيين، ويونس ابن عبد الأعلى، والمزني، والربيع بن سليمان، ويزيد بن سنان البصري، والحسن بن عرفة، والحسن بن محمد بن الصباح، وشعيب بن أيوب الصريفيني، وعيسى بن أحمد البلخي، ومحمد بن عبيد بن عتبة الكوفي، وأحمد بن منصور الرمادي، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين.
روى عنه القاضي أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد البسطامي نزيل نيسابور، وأبو الحسن علي بن الحسن بن بندار ابن المثنى الأستراباذي، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبراني المقرىء الشاهد، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، وأبو علي منصور بن عبد الله بن خالد بن أحمد بن خالد الذهلي الخالدي، وأبو علي الحسن بن أحمد بن الليث، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الأعلى الأندلسي الورسي] .
حدث بعسكر مكرم عن هشام بن عمار بسنده عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ همّ فرجا، ومن كلّ ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب»
[14018] .
وحدث أيضا بعسكر مكرم في ذي القعدة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة عن هشام بن عمار أيضا بسنده عن جابر بن عبد الله قال:
قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها، ثم قال: «ما لي أراكم سكوتا، للجنّ كانوا أحسن منكم ردا، ما قرأت هذه الآية من مرة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ*
«2» إلّا قالوا: ولا بشيء من نعمائك يا ربنا نكذب. فلك الحمد»
[14019] .
وحدث أيضا في عسكر مكرم سنة ست وخمسين بسنده عن أبي هريرة أنّ(71/269)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ «1» بخمس وعشرين درجة»
[14020] . [وقال أبو نعيم: ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود الرقي في كتابه- وفي القلب منه- ثنا الربيع؛ فذكر حديثا] «2» .
وحدث أيضا عن محمد بن عبد الملك الدقيقي وغيره «3» بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يقول الله عزّ وجلّ: يا بن آدم أنا بدّك اللازم فاعمل لبدّك. كل الناس لهم بدّ، وليس لك مني بدّ»
[14021] .
حدث أحمد بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا إبراهيم المزني يقول:
كنا جلوسا عند الشافعي إذ أقبل رجل من أصحاب الحديث، وكان عندنا ممن لا يقام له، فقام إليه الشافعي وأجلسه بجنبه وأنشد:
ولما تبدّى لنا مقبلا حللنا الحبا وابتدرنا القياما
فلا تنكرنّ قيامي له فإنّ الكريم يجلّ الكراما
ذكر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في كتاب تكملة الكامل في معرفة الضعفاء قال:
أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي يضع الحديث، ويركبه على الأسانيد المعروفة «4» .
وقال أبو بكر الخطيب: هو كذاب «5» .(71/270)
[9705] أحمد بن عبد الرحمن ابن واقد التنوخي البيروتي
حدث ببيروت عن بكر بن سهل بن إسماعيل الدمياطي «1» بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طعام السخي دواء، وطعام الشحيح داء» .
وفي رواية: «طعام السخي شفاء»
[14022] .
[9706] أحمد بن عبد الرحمن ابن يحيى المعروف بابن ثرثار
حدث عن عبد القدوس بن عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب الدمشقي عن أبيه عن جده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الاقتصاد في النفقة نصف العيش، والتودّد إلى الناس نصف العقل، وحسن السؤال نصف العلم»
[14023] .
[9707] أحمد بن عبد الرزاق
قال الحسن بن حبيب: حدثني أبي قال:
دعانا محمد بن عباس الهيتي «2» ، وكان من الصالحين، وعنده جماعة منهم أحمد بن عبد الرزاق، فقدّم إلينا خبيص «3» ، فأخذ أحمد اللقمة من القصعة فناولني إياها وقال لي:
اجعلها أنت بيدك في فمي، ففعلت؛ فقال: أتدري لم فعلت هذا، إنه يروى في الحديث: من لقّم أخاه المسلم لقمة حلاوة، وقاه الله مرارة يوم القيامة. وأحببت أن تلقّمني إياها حتى يوقّيك الله مرارة يوم القيامة.
__________
[9706] كذا ورد هنا في مختصر ابن منظور، وجاء في ترجمة عبد القدوس بن عبد السلام المتقدمة 36/432 ابن بربار بدل: ابن ثرثار.(71/271)
[9708] أحمد بن عبد الصمد بن محمد بن غانم بن الحسن أبو الحسين بن أبي الفتح التميمي البزاز
حدث سنة ستين وأربع مئة عن أبي الحسن رشأ بن نظيف بن ما شاء الله بسنده عن الأصمعي قال «1» :
لما قتل أهل الحرة «2» هتف هاتف بمكة على أبي قبيس مساء تلك الليلة، وابن الزبير جالس يسمع:
قتل الخيار بنو الخيا ر ذوو المهابة والسّماح
والصّائمون القائمو ن القانتون أولو الصلاح «3»
المهتدون المتّقو ن «4» السابقون إلى الفلاح
ماذا بواقم «5» والبقي ع من الجحاجحة الصّباح
وبقاع يثرب ويحهنّ من النوادب والصّياح
فقال ابن الزبير لأصحابه: يا هؤلاء، قد قتل أصحابكم فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ذكر ابن ابنه أبو المعالي عبد الصمد بن الحسين بن أحمد الأمين: أنه توفي في حدود سنة سبعين وأربع مئة.
[9709] [أحمد بن عبد العزيز بن أيوب بن زيد
[قال ابن العديم] «6» :
__________
[9709] استدركت ترجمته بكاملها عن بغية الطلب 2/987.(71/272)
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي إذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: أحمد بن عبد العزيز بن أيوب بن زيد أبو عبد الله العرقي الأطروش المعروف بالعجيل، ولد بالموصل.
وحدث بعرقة عن يحيى بن عثمان الحمصي.
روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوزان الأنطاكي] .
[9710] أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب أبو الطيب المقدسي الفقيه الواعظ إمام جامع الرّافقة
[سمع جماعة. وله ديوان شعر حسن أسمع بعضه بالرّافقة.
قدم دمشق غير مرة، وكان شيخا مستورا معيلا مقلّا. سمع بشيزر أبا السمع إبراهيم بن عبد الرحمن بن جعفر المعري التنوخي، وبالبيت المقدس: الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي. وبمكة: أبا عبد الله الحسين بن علي الطبري.
روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي في مصنفاته] «1» .
[نقل ابن العديم بسنده عن أبي القاسم ابن عساكر] «2» :
[قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال:
أخبرنا أبو الطيب أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب السلمي المقدسي الواعظ- إمام جامع الرافقة- بقراءتي عليه في المحرم سنة تسع وعشرين وخمسمئة قال: أخبرنا الشيخ الإمام إمام الحرمين أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري الفقيه بمكة حرسها الله في المسجد الحرام سنة سبع وثمانين وأربعمئة ح.
قال الحافظ أبو القاسم:
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو محمد إسماعيل بن أبي بكر
__________
[9710] ترجمته في بغية الطلب 2/988 والوافي بالوفيات 7/72.(71/273)
القارىء بنيسابور قالوا: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محطمد الفارسي بنيسابور قال: أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد الفارسي قال:
حدثنا أبو سليمان داود بن الحسين بن عقيل البيهقي بخسروجرد «1» قال: حدثنا يحيى ابن يحيى بن عبد الرحمن التميمي قال: أخبرنا هشيم عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
[سورة الصافات، الآيات: 180- 182] .
وقال الحافظ أبو القاسم: أنشدني أبو الطيب لنفسه:
من لصب نازح الدار نهب أشواق وأفكار
مستهام القلب محترق بهوى أذكى من النار
فنيت بالبعد أدمعة فهو يبكي بالدم الجاري
قائلا: جار الزمان على مهجتي في فرقة الجار
فإلى من أشتكي زمنا غالني في حكمه الجاري
بيد قذافة سلبت كل أغراضي وأوقاري
صرت أرضى بعد رؤيتكم بخيال أو بأخبار
وقال أبو القاسم علي بن الحسن: أنشدني- يعني أبا الطيب- لنفسه معاتبة «2» :
يا واقفا «3» بين الفرات ودجلة عطشان يطلب شربة من ماء
إن البلاد كثيرة أنهارها وسحابها فغزيرة الأنواء
ما اختلت الدنيا ولا عدم الندى فيها ولا ضاقت على العلماء
أرض بأرض والذي خلق الورى قد قسم الأرزاق في الأحياء
قال الحافظ (أبو القاسم ابن عساكر) : وأنشدني أيضا لنفسه:
يا ناظري ناظري وقف على السهر ويا فؤادي فؤادي مسكن الضرر(71/274)
ويا حياتي حياتي غير طيبة وهل تطيب بفقد السمع والبصر
ويا سروري سروري قد ذهبت به وإن تبقى قليل فهو في ثر
فالعين بعدك يا عيني مدامعها تسقي مغانيك وما يغني عن المطر
والقلب بعدك يا قلبي تقلبه في النار أيدي الأسى من شدة الفكر
كم يبك قلبي على ما نابه أحد في الناس كلهم إلّا أبو البشر
لو أن أيوب لاقى بعض ما لقيت نفسي لبادر يشكو غير مصطبر
وما مصيبة إسرائيل فادحة لأنه كان يرجو فرحة الظفر
قال أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي: أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب أبو الطيب المقدسي الفقيه الواعظ إمام جامع الرافقة سمع أبا عبد الله الحسين بن علي الطبري بمكة وذكر لي أنه سمع الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، ودخل المغرب مع أبيه وسمع من جماعة من الشيوخ، ولم يكن عنده عنهم شيء.
وكان له ديوان شعر حسن، سمعت منه بعضه بالرافقة، وكان قد قدم دمشق غيرة مرة.
ورأيته في إحدى القدمات وأنا صغير ولم أسمع منه بدمشق شيئا، وكتبت عنه بالرافقة شيئا يسيرا، وكان شيخا مستورا معيلا مقلّا.
قال أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني:
أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب السلمي، أبو الطيب المقدسي- إمام جامع الرافقة- وهي بلدة على شط الفرات تعرف بالرقة الساعة، والرقة كانت بجنبها فخربت، كان واعظا ورد بغداد حاجا، وسمع بمكة أبا عبد الله الحسين بن علي الطبري وسمع منه رفيقنا أبو القاسم الدمشقي وغيره.
قال الحافظ أبو القاسم:
فارقت أبا الطيب حيّا في سنة تسع وعشرين وخمسمئة ومات بعد ذلك] «1» .
حدث بالرافقة عن أبي عبد الله الحسين بن علي الطبري بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(71/275)
«إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا، فإذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا»
[14024] .
ومن شعره من قصيدة:
ينال الفتى بالجود ما لا تناله سيوف تقدّ السّابريّ «1» حداد
وبالرّأي إصلاح الأمور وكم بدا لتاركه بين الأنام فساد
تأنّ إذا لم يتّضّح لك مطلب فإنّ التّأنّي في الأمور رشاد
وسرّك فاحفظه وكن كاتما له فإنّ ظهور السرّ حين يعاد
ولم أر كالدّنيا لمن كان قادرا يساق إليه خيرها ويزاد
[توفي سنة إحدى وثلاثين وخمسمئة] «2» .
[9711] أحمد بن عبد العزيز، أبو عمرو
حدث عن الوليد بن مسلم بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أنه قال في محرم بحجّه أصاب امرأته وهي محرمة: يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل من حيث كانا أحرما، ويفترقان حتى يتمّا حجّهما.
قال عطاء:
وعليهما بدنة أطاعته أو استكرهها فإنما عليهما بدنة واحدة.
وحدث عنه أيضا عن عطاء قال:
الحائض والجنب لا ينقضان عقاصا «3» ولا ضفيرة «4» ، ولا تمرّ حائض في المسجد إلّا مضطرة.(71/276)
[9712] أحمد بن عبد القاهر بن الخيبري اللّخمي الدمشقي
[يروى عن منبه بن عثمان.
روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني] «1» .
حدث بدمشق سنة تسع وسبعين ومئتين عن منبّه بن عثمان بسنده عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«أشرف الإيمان أن يأمنك الناس، وأشرف الإسلام أن يسلم الناس من لسانك ويدك، وأشرف الهجرة أن تهجر السيئات، وأشرف الجهاد أن تقتل ويعقر فرسك»
[14025] .
[قال ابن ماكولا: أما] «2» الخيبري «3» : أوله خاء معجمة مفتوحة بعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها وباء معجمة بواحدة [فهو: أحمد بن عبد القاهر بن الخيبري الدمشقي، حدث عن منبه بن عثمان، روى عنه الطبراني] «4» .
[9713] أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد ابن بكر أبو صالح النيسابوري المؤذن الحافظ
سمع بدمشق وببغداد وبخراسان. وروى عنه جماعة. وكان ثقة خيارا.
[قال أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ الدمشقي] : أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر، أبو صالح المؤذن الحافظ.
__________
[9712] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/144 (550) (ط دار الفكر) ولسان الميزان 1/215 والإكمال 2/256 والأنساب (الخيبري 2/428) ، واللباب: الخيبري وقال السمعاني: لا أدري الخيبري اسم لجده أو نسبة إلى خيبر؟ الخيبري بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء وفتح الياء الموحدة، هذه النسبة إلى خيبر، اسم قلعة حصينة على منال من المدينة على طريق الشام. والخيبر بلغة اليهود: الحصن (الأنساب) .
[9713] ترجمته في بغية الطلب 2/1002 وتاريخ بغداد 4/267 وإرشاد الأريب 3/224 والوافي بالوفيات 7/156 ومعجم الأدباء 3/224 وتذكرة الحفاظ 3/1162 والعبر 3/262 والبداية والنهاية 8/250 (ط دار الفكر) وسير الأعلام 13/679 (4285) (ط دار الفكر) وشذرات الذهب 3/335.(71/277)
سمع بدمشق أبا القاسم ابن الطبيز، وأبا عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي، ومسدد بن علي الأملوكي، ورشأ بن نظيف، وبخراسان أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وأبا محمد عبد الله بن يوسف بن بامويه، وأبا طاهر محمد بن محمش، وأبا زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبا بكر محمد بن زهير بن أخطلالنسوي، وأبا عبد الرحمن السلمي، وأبا سعيد الصيرفي، وأبا الحسن علي بن محمد بن السقا، وأبا القاسم عبد الرحمن ابن محمد السراج، وأبا القاسم ابن بشران ببغداد، وغيرهم.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وحدثنا عنه ابنه أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح، وأبو القاسم زاهر وأبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمد الشحاميان، وأبو علي الحسن بن عمر بن أبي بكر الطوسي البياع، وأبو القاسم عبد الكريم بن الحسن بن أحمد الصفار البسطامي] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر، أبو صالح المؤذن النيسابوري، قدم علينا حاجا وهو شاب في حياة أبي القاسم ابن بشران، ثم عاد إلى نيسابور وقدم علينا مرة ثانية في سنة أربع وثلاثين وأربعمئة فكتب عني في ذلك الوقت وكتبت عنه في القدمتين جميعا. وكان يروي عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفرايني، ومحمد بن الحسن العلوي الحسني، وأبي طاهر الزيادي، وعبد الله بن يوسف بن بامويه «3» الأصبهاني، وأبي عبد الرحمن السلمي، ومن بعدهم.
وقال لي: أول سماعي في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكنت إذ قد حفظت القرآن ولي نحو تسع سنين] «4» .
[قال زاهر الشحامي: خرج أبو صالح ألف حديث عن ألف شيخ له.
جمع وصنف، وعمل مسوّدة لتاريخ مرو.
قال أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني:(71/278)
سمعت محمد بن أبي زكريا المزكي يقول: ما يقدر أحد أن يكذب في هذه البلدة وأبو صالح حي.
وسمعت أبا المظفر منصورا السمعاني يقول: إذا دخلتم على أبي صالح فادخلوا بالحرمة، فإنه نجم الزمان، وشيخ وقته في هذا الأوان.
قال أبو سعد السمعاني:
رآه بعض الصالحين ليلة وفاته، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بيده، وقال له: جزاك الله عني خيرا، فنعم ما أقمت بحقي، ونعم ما أديت من قولي، ونشرت من سنتي] «1» .
حدث عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لكلّ نبيّ دعوة فأريد أن أختبىء دعوتي إن شاء الله شفاعة لأمتي يوم القيامة»
[14026] .
أنشد أبو صالح المؤذن بسنده لمهدي بن سابق:
يا ربّ ساع له في سعيه أمل يفنى ولم يقض من تأميله وطراما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له ولن ترى قانعا ما عاش مفتقرا
العرف من يأته يحمد مغبّته ما ضاع عرف ولو أوليته حجرا
قال أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر «2» :
أحمد بن عبد الملك أبو صالح المؤذن، الأمين، المتقن، المحدث، الصوفي، نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته، ما رأينا مثله، حفظ القرآن، وجمع الأحاديث، وسمع الكثير، وصنف الأبواب والمشايخ، وسعى في الخيرات «3» ، وصحب مشايخ الصوفية، وأذن سنين حسبة «4» ، ولد سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة. وتوفي يوم الاثنين التاسع من رمضان سنة سبعين وأربع مئة.
وكان قد سأل الله بمكة أن لا يقبضه إلّا في شهر رمضان، فكان إذا دخل شهر رجب تفرغ للعبادة إلى أن يخرج شهر رمضان.(71/279)
[كان يأخذ صدقات الرؤوساء والتجار، ويوصلها إلى المستحقين والمستورين من ذوي الحاجات والأرامل واليتامى وأولى الضرر.
ما تفرغ لعقد الإملاء من كثرة ما هو بصدده من الأشغال والقراءة عليه] «1» .
[قال أبو القاسم الحافظ سنة 559:
أخبرنا إسماعيل بن أبي صالح أخبرنا أبي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين، أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم المزكي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، حدثنا الحسين بن الوليد، عن قيس عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقالم غلام يتكلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «فأين الكبر؟» «2»
[14027] .
[قال أبو بكر الخطيب] «3» :
حدثني أبو صالح المؤذن، حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي- بنيسابور- أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، أخبرنا محمود بن آدمالمروزي، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن سالم عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين] «4» .
[قال أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني:
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر المؤذن، أبو صالح، من أهل نيسابور، الأمين، المتقن، الثقة المحدث، الصوفي، نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته، وكان عليه الاعتماد في الودائع من كتب الحديث المجموعة في الخزائن الموروثة عن المشايخ، والموقوفة على أصحاب الحديث، وكان يصونها ويتعهد حفظها، ويتولى أوقاف المحدثين من الخبز والكاغد، وغير ذلك. ويقوم بتفرقتها عليهم، وإيصالها إليهم، وكان يؤذن على منارة المدرسة البيهقية سنين احتسابا، ووعظ المسلمين وذكرهم الأذكار في الليالي، وكان في أكثر الأوقات قبل الصبح إذا صعد يكرر هذه الآية ويقول(71/280)
أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ
، وكان حافظا ثقة، دينا خيرا، كثير السماع، واسع الرواية، جمع بين الحفظ والإفادة والرحلة، وكتب الكثير بخطه.
وذكر أبو زكريا يحيى بن منده في تاريخ أصبهان قال:
أبو صالح المؤذن قدم أصبهان، وسمع من أبي نعيم، وأبي بكر بن أبي علي ومن في وقتهما، حافظ للحديث، رحل وكتب الكثير وسمع] «1» .
[قال أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ:
سألت أبا سعد بن أبي صالح عن وفاة والده فقال: في سنة سبعين وأربعمئة، قيل: في أي شهر؟ فقال: في شهر رمضان] «2» .
[وقال الحافظ أبو القاسم:
كتب إليّ أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم البأّر قال: أخبرنا أبو عبد الحسين بن محمد الكتبي قال: سنة سبعين وأربعمئة ورد الخبر بوفاة أبي صالح المؤذن الحافظ في رمضان، وكان مولده سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة] «3» .
[9714] أحمد بن عبد الملك بن مروان أبو بكر البيروتي
حدث ببيروت عن أبي خالد يزيد بن عبد الله بن موهب بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا «4» عن الصلاة، فإنّ شدة الحرّ من فيح جهنم»
[14028] .
حدث ببيروت سنة إحدى وثمانين ومائتين.(71/281)
[9715] أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار بن إبراهيم أبو الفضل بن أبي الفتح المعروف بالقائد ابن الكريدي
سمع جماعة، وروى عنه جماعة.
وذكر أبو محمد بن صابر أنه ثقة، وأنه سأله عن مولده فقال: ولدت في شعبان سنة ثمان عشرة وأربع مئة.
حدث عن أبي بكر محمد بن الجرمي بن الحسين المقرىء بسنده عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تعلّموا النجوم، إنه شعبة من السحر» ، ونهى عنه أشد نهي
[14029] .
كذا روي في هذا الموضع، وإنما هو عن أبي هريرة.
توفي أبو الفضل أحمد يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وأربع مئة.
[9716] أحمد بن عبد الواحد بن أحمد أبو بكر البجلي المكي من ولد جرير بن عبد الله
قدم دمشق.
روى عن جماعة. وروى عنه جماعة.
حدث عن محمد بن المظفر الحافظ بسنده عن أم سلمة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى امرأة من نسائه غمض عينيه وقنع رأسه وقال للتي تكون تحته: «عليك بالسكينة والوقار»
[14030] .
[9717] أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد ابن عثمان بن الحكم بن الوليد بن سليمان، أبو الحسن بن أبي الحديد السلمي العدل
حدث عن جماعة. وحدث عنه جماعة.
__________
[9717] ترجمته في سير أعلام النبلاء 13/678 (4284) (ط دار الفكر) والعبر 3/269 وشذرات الذهب 3/333.(71/282)
وكان ثقة متفقدا لأحوال طلبة العلم والغرباء [عدلا مأمونا] «1» . [سمع أباه وجده لأمه أبا نصر بن هارون.
حدث عنه أبو بكر الخطيب، والكتاني، وعمر الرواسي، وأبو القاسم النسيب، وهبة الله ابن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة وجمال الإسلام علي بن المسلم، وطاهر بن سهل، وإسماعيل ابن السمرقندي، وآخرون] «2» .
[قال علي بن الحسن الحافظ «3» سنة 551 ببعلبك، أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد، أخبرنا جدي، أخبرنا محمد بن جعفر السامري، أنشدني محمد بن طاهر الرقي:
ليس في كل حالة وأوان تتهيا صنائع الإحسان
فإذا أمكنت فبادر إليها حذرا من تعذر الإمكان]
حدث بسنده عن جده بسنده عن أبي هريرة وزيد بن خالد «4» وشبل «5» :
أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة تزني قبل أن تحيض «6» فقال: إن زنت فليجلدها «7» ثم إن زنت فليجلدها فقال في الثالثة أو في الرابعة: إن زنت فليبعها ولو بضفير «8» من شعر «9» .
ولد أحمد بن أبي الحديد في ليلة الاثنين بعد الأذان ليلة أربع عشرة من شعبان سنة ثمانين وثلاث مئة.(71/283)
وتوفي ليلة الخميس الثالث من ربيع الأول سنة تسع وستين وأربع مئة. وكان ثقة عدلا رضىّ «1» .
[9718] أحمد بن عبد الواحد بن الموحد بن البرّيّ أبو الحسين السلمي الشاهد
سمع بدمشق وبمصر. حدث أن بعض الأشراف من بيت إسماعيل العلوي خاف واليا كان ظالما بدمشق، وأنه لما اشتد خوفه هرب إلى بيت جده أبي الفرج الموحّد بن البرّيّ، وأنه ابتنى له بيتا في سطح داره تفرّد به فيه بنفسه، وأنه أقام في ذلك البيت نحوا من سنتين ينحدر من بيته في كل ليلة جمعة لزيارة الشيخ، وأنه لما كان في بعض الليالي استأذن عليه ليلا فانحدر إليه وقال له: إني رأيت في منامي في هذه الساعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن يمينه أبو بكر وعمر، وخلفه أو قدامه الحسن والحسين، وبين يديه نعش أو سرير وعليه ميت، فسلمت عليه صلى الله عليه وسلم وأنا أعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: امض إلى ابن البري وقل له: تغسّل ابني، قال: فلما كمل تفسير المنام على الشيخ وإذا الصوائح على باب الدرب ينعون ولدا للشريف أو أخاه، فلما حدثوه بموته قال له: قم كما أمرك جدي صلى الله عليه وسلم فغسّله، فأخذ الشريف بيد الشيخ ومضيا إلى دار الشريف وغسّله، وأخرجت جنازته إلى مقبرة دير البقر، وركب الوالي في الجنازة، فلما انصرف الناس أنفذ الوالي إلى الشيخ فقال: قل للشريف ينصرف إلى داره فما خفي علينا أنه كان عندك هذه المدة، فودّعه الشيخ بعد أن أوصله إلى داره وانصرف.
[9719] أحمد بن عبد الواحد بن واقد أبو عبد الله التميمي المعروف بابن عبّود
[روى عن جماعة، وروى عنه جماعة.
__________
[9718] البري بالضم، ضبطت عن تبصير المنتبه 1/139 وذكر ابن عمه الحسن بن علي بن عبد الواحد بن الموحد السلمي البري. قال ابن حجر: المشهور فيه بالفتح. وفي الإكمال 1/400 البري بفتح الباء وبالراء، وذكر أسماء بني أخيه علي بن عبد الواحد.
[9719] ترجمته في تهذيب الكمال 1/195 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/84 (77) (ط دار الفكر) والوافي بالوفيات 7/160 والجرح والتعديل 1/1/61.(71/284)
روى عن آدم بن أبي إياس العسقلاني، وسلام بن سليمان المدائني، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني، وعبد الملك بن الحكم الرملي، وعبد الوهاب بن الضحاك العرزمي وعبد الوهاب ابن نجدة الحوطي، وعلي بن هارون، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي، ومحمد بن بكار بن بلال العاملي، ومحمد بن خالد المزني، ومحمد بن كثير المصيصي، ومحمد بن المبارك الصوري، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومروان بن محمد الدمشقي، ويحيى بن صالح الوحاظي، ويوسف بن شعيب الخولاني. روى عنه أبو داود، والنسائي، وإبراهيم بن دحيم الدمشقي، وأبي صدقة مسرور بن صدقة، وهشام بن إسماعيل العطار، والوليد بن الوليد القلانسي، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان القرشي، وأحمد بن عامر بن عبد الواحد البرقعيدي، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصاء، وأحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي، وأحمد بن المعلى بن يزيد القاضي، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وجعفر بن محمد بن أحمد بن حماد التميمي، والحسن بن علي بن روح بن عوانة، وأبو سليمان داود بن الوسيم البوشنجي، وسليمان بن محمد بن إسماعيل الخزاعي، وعبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود، وعمرو بن محمد بن بجير السمرقندي، والقاسم بن عيسى العصار، والقاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب وأبو بشر الدولابي، ومحمد بن إسحاق بن الحريص، ومحمد بن القاسم بن عبد الخالق، وموسى بن جمهور التنيسي] «1» . [قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
أحمد بن عبد الواحد بن عبود بن واقد أبو عبد الله التميمي، روى عن الوليد بن الوليد القلانسي ومروان بن محمد وهشام بن إسماعيل العطار، وأبي مسهر، سمع منه أبي بدمشق] «3» .
حدث عن محمد بن كثير بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(71/285)
«لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الثيّب حتى تستأمر» . قيل: وما إذنها؟ قال:
«سكوتها» ، أو قال: «صموتها»
[14031] .
[قال أبو نصر ابن ماكولا] «1» :
[وأما] «2» عبّود بباء معجمة بواحد [فهو أحمد بن عبد الواحد بن عبود، حدث عنه أبو بكر ابن أبي داود وغيره] «3» .
كان أحمد المذكور ثقة «4» . [قال النسائي: صالح لا بأس به.
وقال العقيلي وابن أبي عاصم وغيرهما: ثقة] «5» .
توفي ليلة الجمعة لليلتين خلتا من شوال سنة أربع وخمسين ومائتين «6» .
[9720] أحمد بن عبد الواحد بن يزيد أبو عبد الله العقيلي الجوبري
من قرية جوبر «7» ، دمشقي.
روى عن جماعة، وروى عنه جماعة.
روى عن صفوان بن صالح الدمشقي المؤذن، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، وعبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن عبد الله بن أبي دجانة، وجمح بن القاسم بن عبد الوهاب الجمحي، والحسن بن منير التنوخي، وعبد الله بن عدي الجرجاني، وأبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب الهمداني، والفضل بن جعفر بن
__________
[9720] ترجمته في تهذيب التهذيب وتقريبه 1/84 (79) (ط دار الفكر) وتهذيب الكمال 1/197 ومعجم البلدان جوبر 2/177.(71/286)
محمد بن أحمد بن حماد التميمي، ومحمد بن الحسن بن علي اليقطيني، ومحمد بن سليمان بن يوسف الربعي] «1» .
حدث عن عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي بسند عن عبد الرحمن بن أزبى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في أول ركعة من وتره ب سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى
[سورة الأعلى، الآية: 1] وفي الثانية ب قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ
[سورة الكافرون، الآية: 1] ، وفي الثالثة ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [سورة الإخلاص، الآية: 1] .
توفي سلخ شوال سنة خمس وثلاث مئة.
[9721] أحمد بن عبد الوهاب بن عوف ابن إسماعيل أبو الحسين المزني
حدث عن القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلّا ليلة لملك رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم»
[14032] .
[9722] أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين ابن أحمد بن عبد الغني أبو بكر اللهبي، مولى بني أبي لهب، ويعرف بابن أخي محمود الكاتب، ويعرف بابن أبي صدام، ويعرف بالصابوني
حدّث، وحدّث عنه حدث عن محمد بن العباس بن الدّرفس «2» بسنده عن أبي مرثد الغنوي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» .
توفي يوم الأحد النصف من ربيع الآخر سنة تسع وستين وثلاث مئة.(71/287)
[9723] أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة أبو عبد الله الجبلي المعروف بالحوطي
سمع، وأسمع.
[روى عن أحمد بن خالد الوهبي، وأحمد بن شبويه المروزي، وإسحاق بن موسى الأنصاري، وجنادة بن مروان الأزدي، وأبي اليمان الحكم بن نافع البهراني، وداود بن معاذ، والعباس بن عثمان الدمشقي، وعبد العزيز بن موسى اللاحوني، وعبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وعبد الوهاب بن الضحاك العرضي، وأبيه عبد الوهاب بن نجدة، وعلي بن عياش الحمصي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، ومحمد بن مصعب القرقساني ويحيى بن صالح الوحاظي، ويزيد بن قبيس السليحي الجبلي.
روى عنه النسائي، وأحمد بن محمد بن إسحاق، وأحمد بن محمد بن يحيى العسكري، وأحمد بن محمد الرشيدي، وجعفر بن محمد بن سعيد العبدري، وجعفر بن محمد بن موسى الأعرج، والحسن بن علي بن عبد الرحمن بن رزيق، وسليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وسند بن يحيى بن سند المصري، وعبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر الربعي، وعبد الرحمن بن داود بن منصور، وعبد الصمد بن سعيد بن عبد الله الكندي، وعبد الملك بن محمود بن إبراهيم بن سميع، وعثمان بن جعفر الهاشمي، وعلي بن أحمد بن عسال، وعلي بن إسحاق بن إبراهيم الوزير، وعلي بن سراج المصري، وعيسى بن محمد الرازي، ومحمد بن إسماعيل الفارسي، ومحمد بن علي بن حمزة، وموسى بن عبد الرحمن البيروتي، وموسى بن محمد بن مسلم، والوليد بن حماد الرملي، ويحيى بن محمد ابن سهل الدمشقي] «1» .
[قال الدارقطني عنه: لا بأس] «2» .
__________
[9723] ترجمته في تهذيب الكمال 1/197 ومعجم البلدان (جبلة 2/106) . ومعجم البلدان (حوط 2/322) واللباب 1/402. وسير أعلام النبلاء 10/530 (2301) (ط دار الفكر) وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/85 (ط دار الفكر) والأنساب ص 181. والجبلي بفتح الجيم والباء الموحدة، هذه النسبة إلى جبلة، اسم لعدة مواضع.
منها جبلة قلعة مشهورة بساحل الشام من أعمال حلب قرب اللاذقية، ومنها صاحب الترجمة. والحوطي:
بفتح الحاء وسكون الواو وكسر الطاء نسبة إلى حوط. قال في اللباب: والظن أنها من قرى حمص أو جبلة.(71/288)
حدث عن أبي المغيرة بسنده إلى عوف بن مالك وخالد بن الوليد.
أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يخمّس السلب
[14033] .
وحدث عن العباس بن عثمان الدمشقي بسنده عن أنس.
أن النبي صلى الله عليه وسلم استبرأ صفية بحيضة
[14034] .
حدث في جبلة سنة تسع وسبعين ومئتين.
[قال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن المنادي: مات بجبلة سنة إحدى وثمانين ومئتين] «1» .
[9724] أحمد بن عبيد بن أحمد بن عبيد بن سعيد أبو بكر الصّفّار الرّعيني الحمصي
سمع بدمشق وغيرها وأسمع.
[يروي عن أحمد بن علي بن سعيد، ومحمد بن عبيد الله الكلاعي، والحسن بن مسروق وجماعة.
حدث عنه: ابن مندة، والحافظ عبد الغني الأزدي، وأبو العباس بن الحجاج، وآخرون مات في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة] .
حدّث بتنّيس سنة سبع وأربعين وثلاث مئة عن الحسن بن سعيد بن مسروق عن عبد الله القرشي الحداد بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانك»
[14035] .
__________
[9724] ترجمته في سير الأعلام 12/906 (396) (ط دار الفكر) وتذكرة الحفاظ 3/877. وما بين معكوفتين استدرك عن تذكرة الحفاظ 3/877 وانظر سير الأعلام.(71/289)
[9725] أحمد بن عتاب، أبو العباس الزّفتي
حدث بدمشق عن محمود بن خالد السلمي «1» بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال «2» : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أربعون حسنة أعلاهنّ «3» منحة العنز، لا يعمل العبد «4» خصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلّا أدخله الله «5» الجنة»
[14036] .
ذكر الحافظ اختلافا في رجاله.
__________
[9725] الزفتي بكسر الزاي وسكون الفاء وفي آخرها التاء، هذه النسبة إلى الزفت، وهو شيء أسود مثل القير.
قال صاحب المجمل: الزّفت والزّفت لغتان (الأنساب 3/159) .(71/290)
[ذكر من اسمه إسماعيل] [حرف العين في آباء من اسمه اسماعيل]
[9726] إسماعيل بن عياش بن سليم
[أبو عتبة الأزرق العنسي الحمصي، سافر إلى بغداد ثم بعثه المنصور إلى الشام، ودخل أنطاكية، وحكى أنه كان جالسا إلى عاملها وقد ورد عليه كتاب أبي جعفر المنصور يأمره بنبش القبور، فنبشوا في جبل أنطاكية قبر عوذ بن سام بن نوح وعند رأسه مكتوب لا إله إلّا الله محمد رسول الله، أنا عوذ بن سام بن نوح بعثت إلى أهل أنطاكية فكذبوني وقتلوني] «1» .
[قال ابن العديم] «2» :
[أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، البغدادي- بقراءتي عليه بحلب- قال:
أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن محمد بن الحصين- بقراءة أخي عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن عيلان البزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: حدثني إسحق بن الحسن الحربي قال:
حدثنا يحيى بن عثمان البصري قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا فزع أحدكم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعذابه، ومن شرّ عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون فإنها لن تضره» «3» . قال: فكان عبد الله يعلمها من بلغ من ولده ومن لم يبلغ منهم، كتبها في صك وعلقها في عنقه] «4»
[14037] .
__________
[9726] تقدمت ترجمته ج 9/35 رقم 756 ولم تنته بعد، نستدرك هنا ما فاتنا من ترجمته هناك.(71/291)
[أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشّحّامي في ببياباد «1» قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، ح.
قال أبو سعد: وأخبرنا أبو سعد عبد الله بن أسعد بن حيان النسوي بنيسابور قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي قالا: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: سمعت عبد الواحد بن بكر الورثاني «2» يقول: سمعت أحمد بن عبد الله بن أبي دجانة يقول: حدثنا عبد الصمد بن سعيد قال: حدثنا سليمان بن عبد يقول: سمعت يحيى بن صالح يقول: كنا نأتي إسماعيل بن عياش فيكرمنا ويبرنا وينزلنا أشرف المنازل، ويقدم إلينا من الفواكه ما نتحير فيه من ألوان التفاحات والرمان والسفرجل، ويبرد لنا الماء بالثلج ويقول لنا: كلوا يا سادتي فإنّ الله تعالى وصف الجنة بصفة الصيف لفواكهها لا بصفة الشتاء فقال تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَماءٍ مَسْكُوبٍ وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ
[سورة الواقعة، الآيات: 28- 33]] «3» .
[أخبرنا «4» أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي، قال «5» : حدثنا عن عبد الله البغوي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثني أبو مسهر قال: حدثني محمد بن مهاجر الأنصاري قال: كان أخي محمد بن مهاجر يقول لي: لا تسألني كما يسألني هذا الأحمر الحمصي، يعني إسماعيل بن عياش] .
[أخبرنا «6» أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال «7» : حدثنا محمد بن عبد الله بن فضيل(71/292)
قال: سمعت سعيد بن عمرو يقول: سمعت بقية يقول: كانت إذا جاءت مسألة إلى إسماعيل ابن عياش يقول: اذهبوا بها إلى ذلك الغلام. قال بقية: وإنما بيني وبينه خمس سنين، ولد سنة خمس ومائة وولدت سنة عشر ومائة] .
[قال «1» : وأخبرنا أبو أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة قال: حدثنا أبو التقى قال: قال لي بقية: قال لي عبد الله بن صالح الهاشمي: يا أبا يحمد «2» أيكما أبكر أنت أو إسماعيل بن عياش؟ قلت: مولد إسماعيل سنة ثمان ومائة، ومولدي سنة اثنتي عشرة ومائة. قال: فقال عبد الله: إنكما لترب] .
[قال الخطيب «3» : أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: قال أحمد بن محمد بن حنبل:
ليس أحد أروى لحديث الشاميين من اسماعيل بن عياش، والوليد بن مسلم] .
[قال «4» : وحدثنا يعقوب قال «5» : كنت أسمع أصحابنا يقولون: علم الشام عند إسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم.
قال «6» : وسمعت أبا اليمان يقول: كان أصحابنا لهم رغبة في العلم، وطلب شديد بالشام، والمدينة، ومكة، وكانوا يقولون: نجهد في الطلب، ونتعب أبداننا، ونغيب فإذا جئنا وجدنا كلما كتبنا عند إسماعيل.
قال يعقوب «7» : وتكلم قوم في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل، أعلم الناس بحديث الشام، ولا يدفعه دافع، وأكثر ما تكلموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين.
أخبرنا «8» أبو الحسن بن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا(71/293)
حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثني أحمد بن زهير قال: سئل يحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال: ليس به بأس، من أهل الشام، والعراقيون يكرهون حديثه.
وقال ابن عدي الحافظ «1» : حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: قلت ليحيى بن معين فاسماعيل بن عياش كيف هو عندك؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.
قال ابن عدي «2» : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن عباس عن يحيى قال:
كان إسماعيل بن عياش أحب إلى أهل الشام من بقية، وقد سمع ابن عياش من شرحبيل، وابن عياش ثقة وهو أحب إليّ من فرج بن فضالة.
قرأت على أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل المكي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا أبو موسى بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا سليمان بن أشعث قال: سمعت يحيى بن معين قال: إسماعيل بن عياش ثقة «3» .
أنبأنا أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثني جدي يعقوب قال: حدثني أحمد بن داود الحراني قال: سمعت عيسى بن يونس، وذكر إسماعيل بن عياش فقال: أبو عتبة، هو أرشدني إلى الشاميين «4» .
قال الخطيب «5» : وأخبرنا الحسين بن علي الصيمري قال: أخبرنا علي بن الحسن الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مضيت إلى إسماعيل بن عياش فرأيته قاعدا عند دار الجوهري على(71/294)
غرفة وما معه إلّا رجلين ينظران في كتابه، فرجعت ولم أسمع شيئا، وكان يحدثهم بنحو من خمسمائة في اليوم أكثر أو أقل وهم أسفل وهو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من غدوة إلى الليل.
أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال:
أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال «1» : حدثنا البغوي قال: حدثنا عباس عن يحيى قال: مضيت إلى إسماعيل بن عياش فرأيته عند دار الجوهري «2» قاعدا على غرفة ومعه رجلان ينظران في كتابه، فيحدثهم خمسمائة في اليوم، أقل أو أكثر، وهم أسفل وهو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من غدوة إلى الليل، قال يحيى: فرجعت ولم أسمع شيئا.
وقال ابن عدي «3» : وذكر عبد الرحمن بن أبي بكر عن عباس «4» عن يحيى، وذكر عنده ابن عياش فقال: كان يقعد ومعه ثلاثة أو أربعة فيقرأ كتابا والناس مجتمعون «5» ، ثم يلقيه إليهم فيكتبونه جميعا، ولم ينظر في الكتاب إلّا أولئك الثلاثة أو الأربعة. وشهدت ابن عياش وهو يحدث هكذا فلم أكن آخذ منه شيئا، ولكني شهدته يملي إملاء فكتبت عنه.
قال ابن عدي «6» : حدثنا يوسف بن الحجاج قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: لم يكن بالشام بعد الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز مثل إسماعيل بن عياش.
أخبرنا ابن الآبنوسي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا ابن عدي «7» قال: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: سألت أبا مسهر عن إسماعيل بن عياش وبقية فقال: كل كان يأخذ عن غير ثقة، فإذا أخذت حديثهم عن الثقات فهو ثقة.
قال «8» : وقال النسائي: إسماعيل بن عياش ضعيف.(71/295)
وقال ابن عدي «1» : سمعت ابن حماد يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين فهو أصح.
وقال ابن عدي «2» : حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة قال: حدثنا أبو طالب أحمد بن حميد قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين صحيح وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح.
[قال] «3» : وقال ابن أبي عصمة: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين فهو صحيح، وما روى عن أهل المدينة وأهل العراق ففيه ضعيف يغلط.
[قال ابن العديم] «4» : أخبرنا «5» أبو محمد بن رواج- إذنا- قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: سمعت المبارك بن عبد الجبار الصيرفي يقول: سمعت أبا مسلم الليثي يقول: سمعت علي بن أبي بكر الجرجاني يقول: سمعت مسعود بن علي السجزي يقول: وسمعته- يعني الحاكم أبا عبد الله- يقول: إسماعيل بن عياش مع جلالته إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه] .
[قال الخطيب] «6» : وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه العرزمي «7» قال: أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: وسألت أحمد عن إسماعيل بن عياش فقال: عمن «8» حدث من مشايخهم؟
قلت: الشاميين؟ قال: نعم، فأما حديث غيرهم فعنده مناكير.
وقال الخطيب «9» : أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن النضر(71/296)
العطار قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سألت عليا- يعني ابن المديني- عن إسماعيل بن عياش فقال: كان يوثق فيما يروي عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه ضعف.
قال الخطيب «1» : وأخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال:
وإسماعيل بن عياش ثقة عند يحيى بن معين وأصحابنا فيما روى عن الشاميين خاصة، وفي روايته عن أهل العراق وأهل المدينة اضطراب كثير، وكان عالما بناحيته.
قال «2» : وأخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا سهل بن أحمد الواسطي قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وإسماعيل بن عياش إذا حدث عن أهل بلاده فصحيح، فإذا حدث عن أهل المدينة مثل هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد، وسهل بن أبي صالح، فليس بشيء.
أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة- قالا: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال «3» :
سألت أبي عن إسماعيل بن عياش قال: هو ليّن يكتب حديثه، لا أعلم أحدا كف عنه إلّا أبو إسحق الفزاري. قال: وسمعت أبي يقول: وسئل إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن عياش كيف هو في الحديث؟ قال: كان حسن الخضاب.
وسئل أبو زرعة عن إسماعيل بن عياش فقال: صدوق إلّا أنه غلط في حديث الحجازيين والعراقيين.(71/297)
وقال ابن أبي حاتم «1» : حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت وكيعا يقول: قدم علينا إسماعيل بن عياش فأخذ مني أطرافا لإسماعيل بن أبي خالد، فرأيته يخلط في أخذه.
قال أحمد بن أبي الحواري «2» : قال لي وكيع: يروون عندكم عنه؟ فقلت: أما الوليد ومروان «3» فيروون عنه. وأما الهيثم بن خارجة ومحمد بن إياس فكأنّهم. قال: وأي شيء الهيثم وابن إياس، إنما أصحاب البلد الوليد ومروان.
[قال ابن العديم] «4» :
[كتب «5» إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور غير مرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، ح.
وأخبرنا أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الحيّاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر بن محمد بن أحمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عمرويه الجلودي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: سمعت أبا الحسين مسلم بن الحجاج يقول:
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا زكريا بن عدي قال: قال لي أبو إسحق الفزاري: أكتب عن بقيّة ما روي عن المعروفين، ولا تكتب عنه ما روي عن غير المعروفين، ولا تكتب عن إسماعيل بن عياش ما روي عن المعروفين ولا عن غيرهم] .
[قال ابن العديم] «6» :
[أنبأنا «7» أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفتح الكروخي قال: أخبرنا أبو(71/298)
عامر محمود بن القاسم، وأبو نصر الغورجي، وأبو بكر التاجر، قالوا: أخبرنا أبو محمد الحرّاني قال: أخبرنا أبو العباس المحبوبي قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير، كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به. وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام. وقال أحمد: إسماعيل بن عياش أصلح من بقيّة، ولبقيّة أحاديث مناكير عن الثقات.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب «1» قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بنيسابور قال: سمعت أبا سعيد بنرميح يقول:
سمعت عمر بن بحير يقول: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن إسماعيل بن عياش فقال: إذا حدث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر.
قال الخطيب «2» : أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو جعفر العقيلي قال «3» : حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو صالح الفراء قال: قلت لأبي إسحق الفزاري: إني أريد مكة وأريد أمر بحمص، وثمّ رجل يقال له إسماعيل بن عياش فأسمع منه؟ قال: لا ذاك رجلا لا يدري ما يخرج من رأسه.
وقال الخطيب «4» : أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال علي بن المديني: ضرب عبد الرحمن على حديث إسماعيل بن عياش، وعلى حديث المبارك بن فضالة «5» .
وقال الخطيب «6» : أخبرنا علي بن طلحة المقرىء قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم(71/299)
الطرسوسي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: إسماعيل بن عياش ضعيف الحديث.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال «1» : كتب إليّ محمد بن الحسن بن علي بن بحر: حدثنا عمرو بن علي قال: كان عبد الرحمن لا يحدث عن إسماعيل بن عياش، فقال له رجل مرة: حدثنا أبو داود عن أبي عتبة، فقال له عبد الرحمن: هذا إسماعيل بن عياش، فقال له الرجل: لو كان إسماعيل لم أكتب «2» عنه شيئا، فسألت عنه أبا داود فقال: حدثنا إسماعيل بن عياش أبو عتبة. قال أبو أحمد بن عدي «3» : إسماعيل بن عياش أبو عتبة الحمصي، [وذكر له أحاديث لم يروها غيره، ثم قال] «4» : وهذه «5» الأحاديث من أحاديث الحجاز ليحيى بن سعيد، ومحمد بن عمرو، وهشام بن عروة، وابن جريج، وعمر بن محمد، وعبيد الله والوصّافي، وغير ما ذكرت من حديثهم ومن حديث العراقيين، إذا رواه ابن عياش عنهم فلا يخلو من غلط يغلط فيه، إما أن يكون حديثا برأسه أو مرسلا يوصله أو موقوفا يرفعه، وحديثه عن الشاميين، إذا روى عنه ثقة فهو مستقيم، وفي الجملة إسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه، ويحتج به خاصة في حديث الشاميين.
[قال ابن العديم] «6» :
[أخبرنا «7» أبو القاسم بن محمد القاضي إجازة، عن زاهر بن طاهر، عن أبي بكر البيهقي قال: أبو الفرج سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر(71/300)
محمد بن جعفر فيما قرأته عليه قال: قرىء على أبي بكر محمد بن إسحق وأنا أسمع قال: لا أحتج بإسماعيل بن عياش.
وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال أبو الفرج سهل ابن بشر قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: إسماعيل بن عياش ضعيف] .
قرأت «1» على أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو بكر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العقيقي قال: حدثنا يوسف بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا زكريا ابن يحيى، ومحمد بن زكريا البلخي قالا: حدثنا محمد بن المثنى قال: ما سمعت عبد الرحمن يحدث عن إسماعيل بن عياش شيئا قط.
[قال ابن العديم] «2» :
[أنبأنا «3» أبو الحسن بن المقير، عن محمد بن ناصر، عن أبي الفضل التميمي قال:
أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو عتبة إسماعيل بن عياش الحمصي ليس ممن يعتمد عليه.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» : [إسماعيل بن عياش الحمصي، أبو عتبة العنسي، روى عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، ومحمد بن زياد الألهاني، وبحير بن سعد، وثور بن يزيد، روى عنه ابن المبارك، وموسى بن أعين، والوليد بن مسلم، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك.
حدثنا عبد الرحمن: نا أبي، نا سليمان بن أحمد الدمشقي قال: سمعت يزيد بن هارون قال: رأيت شعبة بن الحجاج عند الفرج بن فضالة يسأله عن حديث من حديث إسماعيل بن عياش] «5» .(71/301)
[حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي يقول: سألت أحمد بن حنبل عن إسماعيل بن عياش فقال: في روايته عن أهل العراق، وأهل الحجاز بعض الشيء، وروايته عن أهل الشام كأنه أثبت وأصح. حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إليّ قال: سئل أبي عن إسماعيل بن عياش، فقال: نظرت في كتابه عن يحيى بن سعيد أحاديث صحاحا وفي المصنف أحاديث مضطربة.
حدثنا عبد الرحمن قال: قرىء على العباس بن محمد الدوري قال: قيل ليحيى بن معين: إسماعيل بن عياش وبقية أيهما تقدم؟ قال: ما أقربهما] «1» .
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] «2» .
[قال لنا حيوة مات سنة إحدى وثمانين ومئة.
وقال إبراهيم بن موسى: قال عبد الله بن المبارك: إذا اجتمع إسماعيل وبقية في شيء فبقية أحب إليّ] «3» .
[قال أبو جعفر العقيلي] «4» :
[إسماعيل بن عياش الحمصي أبو عتبة.
إذا حدث عن غير أهل الشام اضطرب وأخطأ.
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين ذكر عنده إسماعيل ابن عياش فقال: كان ثقة فيما روى عن أصحابه أهل الشام، وما روى عن غيرهم يخلط فيه.
حدثنا زكريا بن يحيى أبو يحيى الحلواني قال: حدثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال: سمعت علي بن عبد الله بن جعفر يقول: رجلان هما صاحبا حديث بلدهما:
إسماعيل بن عياش وعبد الله بن لهيعة.(71/302)
قال أبو صالح: كان الفزاري قد روى عن إسماعيل بن عياش، ثم تركه، وذلك أن رجلا لجأ إلى ابن إسحاق، فقال: يا أبا إسحاق، ذكرت عند إسماعيل بن عياش، فقال:
إسماعيل أيما رجل لولا أنه شقي.
حدثنا عبد الله [بن أحمد بن حنبل] قال: سئل أبي عن بقية وإسماعيل بن عياش، فقال: بقية أحب إليّ، نظرت في كتاب إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد أحاديث صحاح، وفي المصنف أحاديث مضطربة.
حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سألت يحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال:
إذا حدث عن الشيوخ الثقات مثل محمد بن زياد الألهاني، وشر حبيل بن مسلم، قلت ليحيى: كتبت عن إسماعيل بن عياش؟ قال: نعم سمعت منه] «1» .
[قال يعقوب بن سفيان] «2» .
[سمعت أبا اليمان يقول: كتبت كتب إسماعيل بن عياش، ولم أدع شيئا منها في القراطيس، وقدم خراساني وكلم إسماعيل أن يحتال له في نسخة تشترى ويقرأ عليه. قال: فدعاني إسماعيل فقال: يا حكم إنك لم تحج فهل لك أن تبيع الكتب من هذا الخراساني وتحج وترجع فتكتب وأقرأ عليك؟ فقلت: فلعلك تموت. فقال استخر الله، وإن قبلت مني فعلت ما أقول لك. قال: فبعت الكتب منه. وكانت في قراطيس بثلاثين دينارا. وحججنا ورجعت وكتبت الكتب بدريهمات وقرأها عليّ.
[قال يعقوب بن سفيان] : فأما الوليد فمضى على سنته محمودا عند أهل العلم متقنا صحيحا صحيح العلم، وتكلم قوم في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشام، ولا يدفعه دافع، وأكثر ما تكلموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين] «3» .
[قال عبد الوهاب بن نجدة الحوطي: سمعت إسماعيل بن عياش يقول: كان ابن أبي حسين المكي يدنيني، فقال له أصحاب الحديث: تزال تقدم هذا الغلام الشامي وتؤثره علينا.
فقال: إني أؤمله، فسألوه يوما عن حديث يحدّث به عن شهر، «إذا جمع الطعام أربعا فقد(71/303)
كمل» فذكر ثلاثة ونسي الرابعة، فسألني عن ذلك، فقال لي: كيف حدثتكم؟ قلت: حدثتنا عن شهر أنه قال: «إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل، إذا كان أوله حلالا، وسمي الله عليه حين يوضع، وكثرت عليه الأيدي وحمد الله حين يرفع» .
فأقبل على القوم، فقال: كيف ترون؟] «1» [قال أبو زرعة الدمشقي «2» : حدثني علي بن عياش قال: حدثنا ابن عياش قال: قال عطاء الخراساني: لا تجالس ثورا] «3» .
[قال عبد الله بن علي بن المديني سمعت أبي يقول: ما كان أحد أعلم بحديث أهل الشام من إسماعيل بن عياش لو ثبت على حديث أهل الشام، ولكنه خلط في حديثه عن أهل العراق، وحدثنا عنه عبد الرحمن، ثم ضرب على حديثيه. قال: وسمعت أبي يقول:
إسماعيل بن عياش عندي ضعيف، وحدث عنه عبد الرحمن بن مهدي قديما وتركه] «4» .
[قال الذهبي] «5» : [حديث إسماعيل عن الحجازيين والعراقيين لا يحتج به، وحديثه عن الشاميين صالح من قبيل الحسن، ويحتج به إن لم يعارضه أقوى منه. وقد قال النسائي. ضعيف الحديث.
وقال ابن حبان: كثير الخطأ في حديثه فخرج عن حد الاحتجاج به] «6» .
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة «7» قال: حدثني يزيد بن عبد ربه قال: ولد إسماعيل بن عياش سنة ست ومائة، ومات سنة إحدى وثمانين.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال «8» : قرأت على الحسن بن(71/304)
أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال: مات أبو عتبة إسماعيل بن عياش الحمصي الأزرق عنسي في سنة إحدى وثمانين ومائة، وكان ينزل بغداد، وولاه المنصور خزانة الكسوة.
قال الخطيب «1» : أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا الحسن بن علي قال: سمعت حيوة [بن شريح] «2» يقول:
مات إسماعيل بن عياش سنة إحدى وثمانين.
وقال الخطيب «3» : أخبرنا [أبو الحسين] «4» بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان «5» قال: سمعت الحجاج بن محمد الخولاني قال: مات إسماعيل بن عياش سنة إحدى وثمانين ومائة، يوم الثلاثاء لست مضين من جمادى.
[قال ابن العديم] «6» :
[أنبأنا «7» عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال أبو عبد الله: وابن عياش فيها مات- يعني سنة إحدى وثمانين ومائة] .
قرأت على «8» أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم محمد بن علي- واللفظ له- قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون وأبو الحسين الأصبهاني- قالا: أخبرنا: أحمد بن عبدان قال:
أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل «9» قال: قال لنا حيوة: مات- يعني إسماعيل بن عياش- سنة إحدى وثمانين ومائة.(71/305)
[قال ابن العديم] «1» :
[أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن عبيد الله بن أحمد الكوفي.
قال أبو حفص المؤدب: وأخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن علي بن عبيد الله بن سوار قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد الكوفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال: أخبرنا عبد الله بن أبي داود قال: حدثنا ابن مصفّى قال: وإسماعيل بن عياش توفي يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين ومائة] .
أخبرنا «2» أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن إسحق قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال «3» : في خامسة أهل الشامات: إسماعيل بن عياش، ويكنى أبا عتبة، حمصي مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
[قال ابن العديم] «4» :
[أنبأنا «5» أبو حفص قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال:
حدثنا عبد الله قال: حدثني عباس قال: حدثنا أبو مسلم «6» قال: مات إسماعيل بن عياش سنة اثنتين وثمانين] «7» .
أخبرنا «8» أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو(71/306)
طاهر المخلص- إفجازة- قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال:
أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلّام قال «1» : سنة اثنتين وثمانين ومائة، فيها مات اسماعيل بن عياش بحمص.
أخبرنا «2» أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بنأبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد «3» قال: في الطبقة الخامسة من أهل الشام إسماعيل بن عياش، ويكنى أبا عتبة، حمصي، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت «4» قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عمران الجوري في كتابه إلينا من شيراز قال: حدثنا أحمد بن حمدان بن الخضر قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة اثنتين وثمانين ومائة فيها مات إسماعيل بن عياش الحمصي، يكنى أبا عتبة.
قال الخطيب «5» : وأخبرنا أبو سعيد بن حسنوية قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد «6» بن جعفر قال: حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات إسماعيل ابن عياش سنة اثنتين وثمانين ومائة.
قال الخطيب «7» : أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال:
حدثنا أحمد بن علي الأبّار قال: سألت عمرو بن عثمان عن إسماعيل بن عياش متى مات؟
قال: سنة إحدى أو اثنتين وثمانين.(71/307)
[حرف الفاء في آباء من اسمه إسماعيل]
[9727] إسماعيل بن فضائل بن سعيد أبو محمد البدليسي الصوفي
من أهل بدليس، إحدى بلاد خلاط «1» ، قدم الشام منها واجتاز بحلب أو ببعض عملها في طريقه.
ذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخه بما أنبأنا به أبو البركات الحسن بن محمد ابن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: إسماعيل بن فضائل ابن سعيد، أبو محمد البدليسي، من أهل بدليس من بلاد أرمينية، قدم دمشق، ونزل دويرة الصوفية «2» مدة ثم جعل إماما في الجامع، وسكن دار الخيل، وكان متصوفا، قليل التبذل، حافظا للقرآن بروايات، ملازما لبيته، فأقام إماما في الجامع نيفا وثلاثين سنة إلى أن ظهر عليه شيء في اعتقاده من ميله إلى التشبيه، فعزل عن الإمامة في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ونصب أبو محمد بن طاوس «3» مكانه، وجرت في ذلك تعصبات
__________
[9727] استدركت ترجمته بكاملها عن بغية الطلب 4/1745. وبدليس بالفتح ثم السكون وكسر اللام: بلدة من نواحي أرمينية قرب خلاط ذات بساتين كثيرة.(71/308)
ومرافعات إلى الوالي، فاستقر الأمر على أنه لا يتقدم في الجامع غير إمام الشافعية، وإمام الحنفية لا غير، وبقي الأمر كذلك مدة، وكان البدليسي في ابتداء أمره صوفيا مجردا، حكي عنه أنه كان في الدويرة، فإذا أصابه احتلام اغتسل بالماء البارد، فقال له بعض الناس: لو جعلت تحت سجادتك صحيحا تدخل به الحمام، فقال: أنا أظهر التصوف فكيف أدّخر شيئا ثم أثرى بعد ذلك من التجار فيما كان يأخذه من الأجر على الصلاة، ومن قبول الصّلات، واشترى بستانا، ومات، وخلّف قطعة من المال، وكانت وفاته في الثالث من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ودفن ببستانه من أرض كفريا مقرى «1» .(71/309)
[حرف القاف في آباء من اسمه إسماعيل]
[9728] إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الإمام أبو القاسم الحلبي الخياط المؤدب
وبعضهم ينسبه المصري، كان حلبيا.
[قال ابن العديم] «1» : أظنه سكن مصر فنسب إليها، ثم سكن دمشق، وحدث بحلب، وحمص، وحماة، ودمشق.
سمع بحلب أبا العباس يحيى بن علي بن هاشم الكندي، ومحمد بن أحمد بن عبد الله الرافقي، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وأبا الفضل العباس بن الفضل بن حبيب الدباج السامري الحافظ، وبأنطاكية إسحق بن أبي عبد الرحمن الأطروش، وأبا الطاهر الحسين ابن أحمد بن إبراهيم بن فيل، وأبا العباس الوليد بن عبد العزيز بن أبان، وأبا الحسن يعقوب ابن إسحق بن أبي عبد الرحمن العطار الأنطاكيين، وبطرسوس أبا عبد الله محمد بن أحمد السوانيطي، وأبا عبد الله محمد بن يزيد الذرقي، وبأذنة أبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني، وروى عنهم وعن أبي أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، ومكحول البيروتي، وأبي الحسن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم بن يزيد العسقلاني، وابن خيرة الرقي.
روى عنه: أبو المعمر المسدّد بن علي بن عبد الله الأملوكي الحمصي، وأبو القاسم
__________
[9728] استدركت ترجمته بكاملها عن بغية الطلب 4/1746.(71/310)
تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، والقاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي، وأبو الحسن علي بن محمد بن الطيوري الحلبي الفقيه، وأبو الفتحالمؤيد بن أحمد بن علي الخطيب، وأبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن الجبّان، وعبد الوهاب الميداني، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، وأبو الحسين علي بن عبد القاهر الأزدي الصايغ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي الصوفي، وأبو علي الحسن بن علي بن شواش، وشعيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو الحسن عبيد الله بن الحسن بن أحمد بن الوراق، ومكي بن محمد بن الغمر، وأبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان المعري.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عساكر بن سرور المقدسي بقراءة أبي عليه قال: أخبرنا القاضي الخطيب أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي قال: أخبرنا أبو المعمر المسدّد بن علي بن عبد الله الأملوكي قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الحلبي بحمص يوم الجمعة لسبع وعشرين ليلة خلت من ذي القعدة سنة سبعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري قال: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قال: حدثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال: دخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال: «ما لي وللدنيا، وما للدنيا ومالي، والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلّا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها» «1» .
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال:
إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل، أبو القاسم المصري الخياط المؤدب، كان يسكن باب كيسان «2» .(71/311)
روى عن محمد بن أحمد بن عبد الله الرافقي نزيل حلب، وأبي عمير عدي بن أحمد ابن عبد الباقي الأذني، وأبي الطاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وأبي عبد الله محمد بن يزيد الدرقي نزيل طرسوس، ومكحول البيروتي، وأبي العباس الوليد بن أبان الأنطاكي، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، المعروف بابن بصلة، وأبي العباس يحيى بن علي بن هاشم الكندي الحمصي، وأبي الحسن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم بن يزيد العسقلاني، وأبي يعقوب إسحق بن أبي عبد الرحمن الأنطاكي العطار، وأبي الفضل العباس بن الفضل الدّبّاج البغدادي «1» نزيل حلب.
روى عنه تمام بن محمد، وعبد الوهاب الميداني، وأبو نصر بن الجبّان، ومكي بن محمد بن الغمر، وأبو الحسين علي بن عبد القاهر الأزدي الصائغ، وأبو المعمر المسدّد بن علي الحمصي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، وأبو علي الحسن ابن علي بن شواش، وأبو الحسن عبد الله بن الحسن ابن أحمد الوراق، وشعيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي الصوفي.
[قال ابن العديم] «2» :
كذا قال الحافظ أبو القاسم في ذكر شيوخ أبي القاسم هذا: يحيى بن علي بن هاشم الكندي الحمصي، وليس بحمصي، بل هو يحيى بن علي بن محمد بن هاشم الخفاف الكندي الحلبي مولدا ودارا.
وذكر في جملة شيوخه أيضا: أبا الفضل العباس بن الفضل الدّبّاج البغدادي نزيل حلب، فذكرناه نحن أيضا اعتمادا على قول الحافظ، وتقليدا له، وفي النفس منه شيء، فإنني أخشى أن يكون أبا أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، فإنه من شيوخ إسماعيل الحلبي، ووقع لنا جزء من حديثه رواه لنا شيخنا أبو القاسم بن صصرى، وقد أوردنا حديثا منه في أول الترجمة، وروى في ذلك الجزء عن العباس بن الفضل بن جعفر المكي، فلعل روايته عن العباس بن الفضل المكي وقعت إلى الحافظ أبي القاسم فظنه العباس بن الفضل الدّبّاج، فعدّه من جملة شيوخه، وليس منهم، ولم يقع إليّ ما يدل على أنه روى عن الدّبّاج(71/312)
غير ما ذكره الحافظ. والدّبّاج هو من أقران أبي القاسم الحلبي فنبهت على ذلك إلى أن يتضح الأمر فيه إن شاء الله تعالى.
[حرف الميم في آباء من اسمه إسماعيل]
[9729] [إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن إسماعيل ابن مسروق أبو قصي العذري
حدث عن أبيه وعمه عبد الله، وعن سليمان ابن بنت شرحبيل، وزهير بن عباد.
حدث عنه: أبو سعيد ابن الأعرابي، والحافظ أبو علي النيسابوري، والطبراني، وابن عدي، وأبو عمر بن فضالة، وآخرون.
قيل: كان أصم. مات سنة اثنتين وثلاث مئة بدمشق] «1» .
قال أبو القاسم الطبراني] «2» : [حدثنا إسماعيل بن محمد أبو قصي العذري الدمشقي- بدمشق- حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل حدثنا خالد بن يزيد القسري، حدثنا الصلت بن بهرام عن يزيد الفقير عن ابن عمر قال: [أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن نغتسل يوم الجمعة.
[قال الطبراني] : لم يروه عن الصلت بن بهرام الكوفي إلّا خالد بن يزيد البجلي ثم القسري. وقسر: فخذ من بجيلة] «3» .
[9730] إسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط أبو علي العذري الدمشقي
سمع بمعرة النعمان مالك بن يحيى التنوخي، وبالمصيصة أحمد بن لقيط المصيصي، وروى عنهما وعن هشام بن عمار، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، وحرملة بن
__________
[9729] العذري نسبة إلى عذرة بن سعد بن هذيم.
[9730] ترجمته في سير أعلام النبلاء 11/235 (ط دار الفكر) وتبصير المنتبه 3/1000 وبغية الطلب 4/1812 واستدراك ابن نقطة الإكمال 6/414. وعبيد الله وفي تبصير المنتبه: عبيد.(71/313)
يحيى، ويزيد بن محمد الرهاوي، وسليمان بن عبد الرحمن، وأبي الأخيل خالد بن عمرو الحمصي، وأحمد بن صالح وإبراهيم بن العلاء، ومحمد بن إسماعيل بن أبي شيبة، وهارون ابن سعيد الأيلي، وعبد الوهاب بن الضحاك، ومحمد بن مصفّى الحمصي، وكثير بن عبيد الحذاء الحمصي، وعبد الله بن عبد الجبار الخبائري، وعبد الرحمن بن إبراهيم، وصفوان بن صالح، وسليمان بن سلمة الخبائري، والحسن بن شاكر، وأبي عامر موسى بن عامر، وعمران بن خالد بن أبي جميل، وإبراهيم بن المنذر الحزامي.
روى عنه آباء القاسم: سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، والمظفر بن حاجب بن أركين «1» الفرغاني، وعلي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، وأبوا بكر: محمد بن إبراهيم ابن سهل بن حية، ومحمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، وأبو عوانة الأسفرائيني، وخيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وهارون بن محمد بن هارون، ومحمد بن هارون بن شعيب، والفقيه أبو أحمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح المفسر، وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وأبو عمر بن فضالة، وإبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان، وعبد الرحمن بن جيش الفرغاني «2» .
حدثنا «3» أبو محمد عبد العزيز بن الحسين الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزذانية «4» قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني «5» قال: حدثنا إسماعيل بن قيراط الدمشقي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن ابنة شرحبيل قال: حدثني الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلق القفاء «6» إلّا للحجامة
[14038] .(71/314)
قال الطبراني: لم يروه عن قتادة إلّا سعيد، تفرد به الوليد بن مسلم «1» .
[قال ابن العديم] «2» :
[أخبرنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد السلمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الدوري قال: حدثنا أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن قيراط أبو علي العذري قال: حدثنا أحمد بن صالح المصري قال: حدثنا ابن وهب قال:
أخبرنا بن لهيعة، وسعيد بن أبي أيوب، والليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد النوم جمع يديه فنفث فيهما ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
[سورة الفلق، الآية: 1] ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
[سورة الناس، الآية: 1] ، ثم يمسح بهما رأسه وجسده «3» . قال عقيل: ورأيت ابن شهاب يصنع ذلك.
قال أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ «4» :
إسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط، أبو علي العذري حدث عن سليمان بن عبد الرحمن، وأحمد بن صالح، وهارون بن سعيد الأيلي، وحرملة بن يحيى، وهشام بن عمار، وإبراهيم بن العلاء، وعبد الوهاب بن الضحاك، وعبد الله بن عبد الجبار الخبائري، ومحمد ابن مصفى، وصفوان بن صالح، وعمران بن خالد بن أبي جميل، وسليمان بن سلمة الخبائري، وأبي عامر موسى بن عامر، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، والحسن بن شاكر، وكثير ابن عبيد الحذاء، ومحمد بن إسماعيل بن أبي شيبة، وأبي الأخيل خالد بن عمر الحمصي، ويزيد بن محمد الرّهاوي، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان.
روى عنه أبو الحسن بن جوصاء، وخيثمة بن سليمان، وأبو القاسم بن أبي العقب،(71/315)
وهارون بن محمد بن هارون، وأبو عمر بن فضالة، ومحمد بن هارون بن شعيب، وإبراهيم ابن محمد بن صالح بن سنان، وسليمان الطبراني، وأبو بكر محمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن سهل بن حية، وعبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح الفقيه، وعبد الرحمن بن جيش الفرغاني، وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وأبو عوانة الأسفرائيني. أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر «1» قال: سنة سبع وتسعين ومائتين، فيها مات إسماعيل بن محمد بن قيراط العذري.
[9731] إسماعيل بن موسى الفزازي أبو محمد، وقيل: أبو إسحق الكوفي، ابن بنت السّدّي والسّدّي اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن «2» ، وقيل هو نسيب السدي وليس بابن ابنته.
سمع «3» بالمصيصة عمر بن شاكر البصري، وبدمشق الوليد بن مسلم، وحدث عنهما وعن مالك بن أنس، وشريك بن عبد الله النخعي، وإبراهيم بن سعد الزهري، وعبد السلام ابن حرب الملائي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعلي بن عابس الكوفي، وعدي بن ثابت، وعباد بن أبي يزيد، وعبد الله البجلي.
روى عنه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبو عبد الله ابن ماجه القزويني، وأبو يعلى الموصلي، وأبو عروبة الحسين بن
__________
[9731] ترجمته في تهذيب الكمال 1/236 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/344 (532) (ط دار الفكر) .
والجرح والتعديل 1/1/196 والتاريخ الكبير 1/1/373. استدركت ترجمته عن مصادر ترجمته، وقد سقطت من مختصر ابن منظور.
وبغية الطلب 4/1831 وتذكرة الحفاظ 2/541 وميزان الاعتدال 1/267 (1128) (ط دار الفكر) والكامل لابن عدي 1/325.(71/316)
أبي معشر الحراني، وأبو بكر بن خزيمة، واسماعيل بن هارون الكوفي، وزكريا بن يحيى الساجي، والحسن بن الطيب، وقاسم بن زكريا المطرز، والحسن بن صالح، والوليد بن أبي ثور الهمداني، ودليل بن عبد الملك الحلبي، وأبو الحسن علي بن الحسين بن بشير الدهقان، وأبو لبيد محمد بن إدريس السرخسي، وأبو جعفر محمد بن الحسين «1» الخثعمي، وعلي بن جعفر الرّمّاني، وأبو الأصبغ محمد بن عبد الرحمن القرقساني، وأبو محمد عبيد الله بن محمد بن معاوية، وزائدة بن قدامة، وإسماعيل بن هارون الكوفي.
قال علي بن الحسن بن هبة الله «2» : أخبرنا أبو طاهر الحنائي قال: أخبرنا الشيخان أبو علي أحمد وأبو الحسين محمد ابنا عبد الرحمن بن أبي نصر قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا إسماعيل بن هارون الكوفي بالكوفة قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري عن عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر» «3»
[14039] . [أخبرنا «4» أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن أبي الحسين الكرابيسي، وأبو علي الحسن بن بشير بن عبد الله النقاش البلخي- قراءة عليهما وأنا أسمع ببلخ- وأبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ببلخ، وأبو الفتح عبد الرشيد بن النعمان بن عبد الرزاق الولوالجي بسمرقند قالوا:
أخبرنا الدهقان أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي قال:
أخبرنا الأديب أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب] «5» .(71/317)
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال «1» : حدثنا علي بن محمد بن كاس «2» النخعي قال: حدثنا علي بن جعفر بن الرّمّاني قال: حدثنا إسماعيل ابن ابنة السدّي «3» قال:
كنت في مجلس مالك أكتب عنه فسئل عن فريضة فيها اختلاف بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب فيها بجواب زيد بن ثابت فقلت: فما قال فيها علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود؟ فأومأ إلى الحجبة، فلمّا هموا بي حاضرتهم وحاضروني فأعجزتهم، وبقيت محبرتي وكتبي بين يدي مالك، فلما أراد أن ينصرف، قال له الحجبة: ما نعمل بكتب الرجل ومحبرته؟ قال: اطلبوه ولا تهيجوه بسوء حتى تأتوني به، فجاءوا إليّ ورفقوا بي حتى جئت معهم، فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال لي: إن أهل الكوفة قوم معهم معرفة بأقدار العلماء، فأين خلّفت الأدب؟ قال: قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد، فقال: إن عليا وعبد الله لا ينكر فضلهما، وأهل بلدنا على قول زيد، وإذا كنت بين ظهراني قوم فلا تبدأهم بما لا يعرفون فيبدأك منهم ما تكرهه.
قال: ثم حججت في سنتي، وقدمت الشام، فدخلت دمشق فجلست في حلقة الوليد بن مسلم، فلم أصبر أن سألته عن مسألة، فأصاب، فقلت [له] «4» : أخطأت يا أبا العباس، فقال: تخطّئني في الصواب وتلحن في الإعراب؟ فقلت [له] : خفضتك كما خفضك ربك، وداخلته بالاحتجاج فمال الناس إليّ وتركوه، وقالوا: أهل الكوفة أهل الفقه والعلم، فخفت أن يندأني منه «5» ما ندأني من مالك بن أنس، فإذا رجل له حلم ودين، وزعة عن الاقدام.
أنبأنا «6» أبو الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين ابن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي، واللفظ له، قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد(71/318)
ابن خيرون: وأبو الحسين الأصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال «1» : إسماعيل بن موسى ابن بنت السّدّي الكوفي الفزازي، أبو إسحاق، سمع شريكا، توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.
[قرأت «2» بخط أبي بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني الحافظ في كتاب بيان ما أخطأت فيه محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه المؤلف في تاريخ حملة الآثار عن أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي وبيان ما وافقه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي وخالفه، قال: إسماعيل بن موسى الفزاري ابن ابنه السدي، أبو إسحق، قال أبو زرعة: وإنّما هو أبو محمد.
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: وسمعت أبي يقول: ليس هو ابن ابنة السدي «3» أنا سألته، فذكر نسبة طويلة] .
أخبرنا «4» أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر ابن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد الفأفاء، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله بن محمد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «5» :
إسماعيل بن موسى الفزاري، أبو محمد، نسيب السّدّي «6» ، روى عن مالك،(71/319)
وشريك، وابن أبي الزناد، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وقالا: يعد في الكوفيين، وسمعت أبي يقول: سألت إسماعيل بن موسى عن قرابته من السدي، فأنكر أن يكون ابن ابنته، وإذا قرابته منه بعيدة، وسألت أبي عنه فقال: صدوق روى عنه أبي وأبو زرعة.
أخبرنا «1» أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول «2» : أبو إسحاق إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الكوفي، سمع مالك بن أنس، وشريك بن عبد الله. أخبرنا «3» أبو الحسن بن المقير إجازة، عن ابن ناصر، عن القاضي أبي الفضل جعفر ابن يحيى بن إبراهيم المكي قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي قال: أخبرنا أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب قال: أخبرني عبد الكريم ابن أحمد بن شعيب قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن قال: أبو إسحاق إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي، كوفي ليس به بأس.
أخبرنا «4» أبو غالب بن البناء- إجازة إن لم يكن سماعا- عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال «5» في الطبقة التاسعة من أهل الكوفة: إسماعيل بن موسى ابن بنت إسماعيل بن عبد الرحمن السّدّي ويكنى أبا محمد، روى عن شريك بن عبد الله وغيره.
أخبرنا «6» أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال:
أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال «7» : إسماعيل بن موسى(71/320)
الفزاري الكوفي ابن بنت السدي، سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة أو هناد بن السري أنكر علينا ذهابنا إلى إسماعيل هذا، وقال: إيش عملتم «1» عند ذا الفاسق الذي يشتم السلف؟
[قال ابن عدي] «2» : وإسماعيل هذا يحدث عن مالك، وشريك وشيوخ الكوفة. وقد أوصل عن مالك حديثين، وقد تفرذ عن شريك بأحاديث، وإنما أنكروا عليه الغلوّ في التشيع، وأما في الرواية فقد احتمله الناس ورووا عنه.
[أنبأنا «3» أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو علي بن المسلمة وأبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن فهد قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال «4» : مات أبو محمد إسماعيل بن موسى الفزاري سنة خمس وأربعين ومائتين، وكان صدوقا لا يخضب. أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي، عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي، عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الحسن بن علي: فيها- يعني سنة خمس وأربعين ومائتين- مات إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي.
أخبرنا «5» حسن بن أحمد الأوقي- إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال:
أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث وأربعين ومائتين- يعني مات فيها- ثم قال بعد ذلك: سنة خمس وأربعين ومائتين «6» ، وقيل ابن بنت السّدّي فيها.(71/321)
[9732] إسماعيل بن أبي موسى
غزا الصائفة مع سليمان بن هشام بن عبد الملك «1» ، واجتاز معه في غزاته بناحية حلب، وأخبر عن تلك الغزاة. حكى عنه الوليد بن مسلم.
قال «2» الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن: أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد، وأبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاريان قالا: أخبرنا أبو محمد الصوفي قال: أخبرنا أبومحمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد: وأخبرني إسماعيل بن أبي موسى أنه كان فيمن غزا مع سليمان بن هشام صائفة من تلك الصوائف، فقصد إلى عمّورية، فلما دنوا منها نادى مناديه: أيها الناس أظهروا سلاحكم فإنكم ستفضون غدا على عمورية، قال:
فأصبحنا على ظهر قد أظهرنا السلاح فبينا سليمان في موكبه، وخيول الأجناد على راياتهم ميمنة وميسرة، لم يرعنا إلا بخيول عمورية، نحو من عشرة آلاف، فشدوا على من بين يدي سليمان حتى صيّروهم إلى سليمان، فوقف سليمان وثارت الأبطال، فشدوا عليهم حتى هزمهم الله، وتبعناهم نقتلهم حتى أدخلناهم مدينة عمّورية.
[حرف الياء في آباء من اسمه إسماعيل]
[9733] إسماعيل بن يسار النّسائي أبو فائد
[شاعر، مولى بني تيم بن مرة.
أصله من سبي فارس، اشتهر بشعوبيته وشدة تعصبه للعجم، يفتخر بهم في شعره على العرب.
عاش عمرا طويلا إلى أن أدرك آخر أيام بني أمية ولم يدرك الدولة العباسية] «3» .
__________
[9732] استدركت ترجمته بكاملها عن بغية الطلب 4/1849.
[9733] استدركت ترجمته عن الأغاني 4/408 وما بعدها، والأعلام للزركلي 1/329. والنسائي: نسبة إلى النساء الذي هو من أسماء جموع المرأة. قال القالي: النساء جمع امرأة وليس لها واحد من لفظها، وكذلك المرأة لا جمع لها من لفظها، ولذلك قال سيبويه في النسبة إلى نساء: نسوي فرده إلى واحدة. (تاج العروس: نسو) .(71/322)
[حدّثني «1» عمّي قال حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال: حدّثنا مصعب بن عبد الله الزّبيريّ قال: كان إسماعيل بن يسار النّسائيّ مولى بني تيم بن مرّة: تيم قريش، وكان منقطعا إلى آل الزّبير. فلمّا أفضت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان، وفد إليه مع عروة بن الزّبير، ومدحه ومدح الخلفاء من ولده بعده. وعاش عمرا طويلا إلى أن أدرك آخر سلطان بني أميّة، ولم يدرك الدولة العبّاسيّة. وكان طيّبا مليحا مندرا «2» بطّالا «3» ، مليح الشّعر، وكان كالمنقطع إلى عروة بن الزّبير، وإنّما سمّي إسماعيل بن يسار النّسائيّ، لأنّ أباه كان يصنع طعام العرس ويبيعه، فيشتريه منه من أراد التعريس من المتجملّين، وممن لم تبلغ حاله اصطناع ذلك.
وأخبرني الأسديّ قال: حدّثنا أبو الحسن محمد بن صالح بن النّطّاح قال: إنما سمّي إسماعيل بن يسار النّسائيّ لأنه كان يبيع النّجد والفرش التي تتّخذ للعرائس؛ فقيل إسماعيل بن يسار النّسائيّ.
وأخبرني محمد بن العبّاس اليزيديّ قال: حدّثنا الخليل بن أسد عن ابن عائشة: أنّ إسماعيل بن يسار النّسائيّ إنّما لقّب بذلك، لأنّ أباه كان يكون عنده طعام العرسات «4» مصلحا أبدا؛ فمن طرقه وجده عنده معدّا.
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدّثني الزّبير بن بكّار قال: قال مصعب بن عثمان:
لمّا خرج عروة بن الزّبير إلى الشام يريد الوليد بن عبد الملك، أخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائيّ، وكان منقطعا إلى آل الزّبير، فعادله «5» . فقال عروة ليلة من اللّيالي لبعض غلمانه: انظر كيف ترى المحمل؟ قال: أراه معتدلا. قال إسماعيل: الله أكبر، ما(71/323)
اعتدل الحقّ والباطل قبل الليلة قطّ؛ فضحك عروة، وكان يستخفّ إسماعيل ويستطيبه.
أخبرني الحسن بن عليّ: قال حدّثنا أحمد بن سعيد قال: حدّثنا الزّبير قال: حدّثني عمّي «1» عن أيّوب بن عباية المخزوميّ:
أنّ إسماعيل بن يسار كان ينزل في موضع يقال له حديلة «2» وكان له جلساء يتحدّثون عنده، ففقدهم أيّاما، وسأل عنهم فقيل: هم عند رجل يتحدّثون إليه طيّب الحديث حلو ظريف قدم عليهم يسمّى محمدا ويكنى أبا قيس. فجاء إسماعيل فوقف عليهم، فسمع الرجل القوم يقولون: قد جاء صديقنا إسماعيل بن يسار؛ فأقبل عليه فقال له: أنت إسماعيل؟ قال: نعم. قال: رحم الله أبويك فإنّهما سمّياك باسم صادق الوعد وأنت أكذب الناس. فقال له إسماعيل: ما اسمك؟ قال: محمد. قال: أو من؟ قال: أبو قيس. قال: لا! ولكن لا رحم الله أبويك؛ فإنّهما سمّياك باسم نبيّ وكنّياك بكنية قرد. فأفحم الرجل وضحك القوم، ولم يعد إلى مجالستهم، فعادوا إلى مجالسة إسماعيل.
أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز قال: حدّثنا المدائنيّ عن نمير العذريّ قال:
استأذن إسماعيل بن يسار النّسائيّ على الغمر بن يزيد بن عبد الملك «3» يوما، فحجبه ساعة ثم أذن له، فدخل يبكي. فقال له الغمر: مالك يا أبا فائد تبكي؟ قال: وكيف لا أبكي وأنا على مروانيّتي «4» ومروانيّة أبي أحجب عنك! فجعل الغمر يعتذر إليه وهو يبكي؛ فما سكت حتّى وصله الغمر بجملة لها قدر. وخرج من عنده، فلحقه رجل فقال له: أخبرني ويلك يا إسماعيل، أيّ مروانيّة كانت لك أو لأبيك؟ قال: بغضنا إيّاهم، امرأته طالق إن لم يكن يلعن مروان وآله كلّ يوم مكان التسبيح، وإن لم يكن أبوه حضره الموت، فقيل له: قل:
لا إله إلّا الله، فقال: لعن الله مروان، تقرّبا بذلك إلى الله تعالى، وإبدالا له من التوحيد وإقامة له مقامه.
أخبرني عمّي قال: حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال: حدّثني مصعب قال:(71/324)
قال إسماعيل بن يسار النّسائيّ قصيدته التي أوّلها:
ما على رسم منزل بالجناب «1» لو أبان الغداة رجع الجواب
غيّرته الصّبا وكلّ ملثّ «2» دائم الودق «3» مكفهرّ السّحاب
دار هند وهل زماني بهند عائد بالهوى وصفو الجناب
كالذي كان والصفاء مصون لم تشبه بهجرة واجتناب
ذاك منها إذ أنت كالغصن غضّ وهي رؤد «4» كدمية المحراب
غادة تستبي العقول بعذب طيّب الطعم بارد الأنياب
وأثيث «5» من فوق لون نقيّ كبياض اللّجين في الزّرياب «6»
فأقلّ الملام فيها وأقصر لجّ قلبي من لوعة واكتئاب
صاح أبصرت أو سمعت براع ردّ في الضّرع ما قرى في العلاب «7»
وقال فيها يفخر على العرب بالعجم:
ربّ خال متوّج لي وعمّ ماجد مجتدى كريم النّصاب
إنّما سمّي الفوارس بالفر س مضاهاة رفعة الأنساب
فاتركي الفخر يا أمام علينا واتركي الجور وانطقي بالصّواب
واسألي إن جهلت عنّا وعنكم كيف كنّا في سالف الأحقاب
إذ نربّي بناتنا وتدسّو ن سفاها بناتكم في التّراب «8»(71/325)
أخبرني الحسين بن يحيى قال: قال حمّاد: قرأت على أبي: حدّثني مصعب بن عبد الله قال: سمعت إبراهيم بن أبي عبد الله يقول:
ركب فلان من ولد جعفر بن أبي طالب رحمه الله بإسماعيل بن يسار النّسائيّ حتّى أتى به قباء «1» ؛ فاستخرج الأحوص فقال له: أنشدني قولك:
ما ضرّ جيراننا إذ انتجعوا لو أنّهم قبل بينهم ربعوا
فأنشده القصيدة. فأعجب بها، ثم انصرف. فقال له إسماعيل بن يسار: أما جئت إلّا لما أرى؟ قال: لا. قال: فاسمع، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما
يا هند ردّي الوصل أن يتصرّما وصلي امرأ كلفا بحبّك مغرما
لو تبذلين لنا دلالك مرّة لم نبغ منك سوى دلالك محرما
منع الزيارة أنّ أهلك كلّهم أبدوا لزورك غلظة وتجهّما
ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما «2» أخبرني الجوهريّ قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: أخبرني أبو سلمة الغفاريّ قال:
أخبرنا أبو عاصم الأسلميّ قال:
بينا ابن يسار النّسائيّ مع الوليد بن يزيد جالس على بركة، إذ أشار الوليد إلى مولّى له يقا له: عبد الصمد، فدفع ابن يسار النسائيّ في البركة بثيابه؛ فأمر به الوليد فأخرج. فقال ابن يسار:
قل لوالي العهد إن لا قيته ووليّ العهد أولى بالرّشد
إنّه والله لولا أنت لم ينج منّي سالما عبد الصّمد
إنّه قد رام منّي خطّة لم يرمها قبله منّي أحد(71/326)
فهو مما رام منّي كالذي يقنص الدّرّاج «1» من خيس «2» الأسد «3» فبعث إليه الوليد بخلعة سنية وصلة وترضّاه «4» .
أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: أنشد رجل زبّان السوّاق قول إسماعيل بن يسار:
ما ضرّ أهلك لو تطوّف عاشق بفناء بيتك أو ألمّ فسلّما
فبكى زبّان، ثم قال: لا شيء والله إلّا الضّجر وسوء الخلق وضيق الصدر، وجعل يبكي ويمسح عينيه.
أخبرني محمد بن جعفر الصّيدلانيّ النحويّ «5» صهر المبرّد «6» قال: حدّثني طلحة بن عبد الله بن إسحاق الطّلحيّ قال: حدّثني الزّبير بن بكّار قال: حدّثني جعفر بن الحسين المهلّبيّ قال:
أنشدت زبّان السّواق قول إسماعيل بن يسار النّسائيّ:
إن جملا وإن تبيّنت منها نكبا عن مودّتي وازورارا «7»
شرّدت بادّكارها النّوم عنّي وأطير العزاء منّي فطارا
ما على أهلها ولم تأت سوءا أن تحيّا تحيّة أو تزارا
يوم أبدوا لي التّجهّم فيها وحموها لجاجة وضرارا(71/327)
فقال زبّان: لا شيء وأبيهم إلّا اللّحز «1» وقلّة المعرفة وضيق العطن «2» .
قال عمر بن شبّة: حدّثني إسحاق الموصليّ قال:
غنّي الوليد بن يزيد في شعر لإسماعيل بن يسار، وهو:
حتّى إذا الصبح بدا ضوءه وغارت الجوزاء والمرزم «3»
خرجت والوطء خفيّ كما ينساب من مكمنه الأرقم «4»
فقال: من يقول هذا؟ قالوا: رجل من أهل الحجاز يقال له إسماعيل بن يسار النّسائي؛ فكتب في إشخاصه إليه. فلمّا دخل عليه استنشده القصيدة التي هذان البيتان منها: فأنشده:
كلثم أنت الهمّ يا كلثم وأنتم دائي الذي أكتم
أكاتم الناس هوى شفّني وبعض كتمان الهوى أحرم
قد لمتني ظلما بلا ظنّة «5» وأنت فيما بيننا ألوم
أبدي الذي تخفينه ظاهرا أرتدّ عنه فيك أو أقدم
إمّا بيأس منك أو مطمع يسدى بحسن الودّ أو يلحم
لا تتركيني هكذا ميّتا لا أمنح الودّ ولا أصرم «6»
أوفي بما قلت ولا تندمي إنّ الوفيّ القول لا يندم
آية ما جئت على رقبة بعد الكرى والحيّ قد نوّموا
أخافت المشي حذار العدا والليل داج حالك مظلم
ودون ما حاولت إذ زرتكم أخوك والخال معا والعم(71/328)
وليس إلّا الله لي صاحب إليكم والصارم اللهذم «1»
حتّى دخلت البيت فاستذرفت من شفق عيناك لي تسجم «2» ثم انجلى الحزن وروعاته وغيّب الكاشح والمبرم «3»
فبتّ فيما شئت من نعمة «4» يمنحنيها نحرها والفم
حتّى إذا الصبح بدا ضوءه وغارت الجوزاء والمرزم
خرجت والوطء خفيّ كما ينساب من مكمنه الأرقم
قال: فطرب الوليد حتّى نزل عن فرشه وسريره، وأمر المغنّين فغنّوه الصوت وشرب عليه أقداحا، وأمر لإسماعيل بكسوة وجائزة سنية، وسرّحه إلى المدينة.
حدّثنا أحمد بن عبيد الله بن عمّار قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثنا إسحاق الموصليّ قال حدّثنا محمد بن كناسة قال:
اصطحب شيخ وشباب في سفينة من الكوفة؛ فقال بعض الشباب للشيخ: إنّ معنا قينة لنا، ونحن نجلّك ونحبّ أن نسمع غناءها. قال: الله المستعان؛ فأنا أرقى علىالأطلال «5» وشأنكم. فغنّت:
حتّى إذا الصبح بدا ضوءه وغارت الجوزءا والمرزم
أقبلت والوطء خفيّ كما ينساب من مكمنه الأرقم
قال: فألقى الشيخ بنفسه في الفرات، وجعل يخبط بيديه ويقول: أن الأرقم! أنا الأرقم! فأدركوه وقد كاد يغرق؛ فقالوا: ما صنعت بنفسك؟ فقال: إنّي والله أعلم من معاني الشعر ما لا تعلمون.
أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال:
حدّثني أبو مسلم المستملي عن المدائنيّ قال:(71/329)
مدح إسماعيل بن يسار النّسائيّ رجلا من أهل المدينة يقال له عبد الله بن أنس، وكان قد اتّصل ببني مروان وأصاب منهم خيرا، وكان إسماعيل صديقا له؛ فرحل إلى دمشق إليه، فأنشده مديحا له ومتّ إليه بالجوار والصداقة؛ فلم يعطه شيئا. فقال يهجوه:
لعمرك ما إلى حسن رحلنا ولا زرنا حسينا يابن أنس «1»
ولا عبدا لعبدهما فنحظى بحسن الحظّ منهم غير بخس
ولكن ضبّ «2» جندلة «3» أتينا مضبّا في مكامنه يفسّي
فلمّا أنّ أتيناه وقلنا بحاجتنا تلوّن لون ورس «4»
وأعرض غير منبلج لعرف وظلّ مقرطبا «5» ضرسا بضرس
فقلت لأهله أبه كزاز «6» وقلت لصاحبي أتراه يمسي
فكان الغنم أن قمنا جميعا مخافة أن نزنّ بقتل نفس
حدّثني عمّي قال: حدّثنا أحمد بن زهير قال: حدّثنا مصعب بن عبد الله قال:
وفد عروة بن الزّبير إلى الوليد بن عبد الملك وأخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائي، فمات في تلك الوفادة محمد بن عروة بن الزّبير «7» ، وكان مطّلعا على دوابّ الوليد بن عبد الملك، فسقط من فوق السطح بينها، فجعلت ترمحه «8» حتى قطّعته، كان جميل الوجه جوادا. فقال إسماعيل بن يسار يرثيه «9» :
صلّى الإله على فتى «10» فارقته بالشام في جدث الطّويّ «11» الملحد(71/330)
بوأته بيديّ دار إقامة نائي المحلة عن مزار العوّد
وغبرت أعوله وقد أسلمته لصفا الأماعز والصّفيح المسند «1»
متخشّعا للدهر ألبس حلّة في النائبات بحسرة وتجلّد
أعني ابن عروة إنّه قد هدّني فقد ابن عروة هدّة لم تقصد
فإذا ذهبت إلى العزاء أرومه ليرى المكاشح بالعزاء تجلّدي «2»
منع «3» التّعزّي أنّني لفراقه لبس العدوّ عليّ جلد الأربد «4» ونأى الصديق فلا صديق أعدّه لدفاع نائبة الزّمان المفسد
فلئن تركتك يا محمد ثاويا لبما تروح مع الكرام وتغتدي
كان الذي يزع العدو بدفعه ويردّ نخوة ذي المراح الأصيد «5»
فمضى لوجهته وكلّ معمّر يوما سيدركه حمام الموعد
قال «6» إسماعيل بن يسار يرثي محمد بن عروة [بن الزبير]
تلك عرسي رامت سفاها فراقي وجفتني فما تريد عناقي «7»
زعمت أنما هلاكي مع الما ل وأني محالفي إملاقي
وتناست رزية بدمشق أشخصت مهجتي فويق التراقي
يوم ندعى إلى ابن عروة نعشا فوق أيدي «8» الرجال والأعناق
مستحثا به سياق إلى القب ر وما إن يحثهم من سياق(71/331)
بمقام ربح «1» أجنّوا شخصه ارتقوا وليس براق
ثم وليت موجعا قد شجاني قرب عهد به وبعد تلاق
ولقد كنت للحتوف عليه مشفقا لو أعاذه إشفاقي
فإذا الموت لا يرد بحرص لحريص ولا لرقية راق
وغنينا كابني نويرة «2» يوما في رخاء ولذة واتفاق
ثم صرنا لفرقة ذات بعد كل حيّ مصيره لفراق
حدّثني عمّي قال: حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال: حدّثنا مصعب بن عبد الله عن أبيه:
أن إسماعيل بن يسار دخل على عبد الملك بن مروان لمّا أفضى إليه الأمر بعد مقتل عبد الله بن الزّبير، فسلّم ووقف موقف المنشد واستأذن في الإنشاد فقال له عبد الملك:
الآن يابن يسار! إنّما أنت آمرؤ زبيريّ، فبأي لسان تنشد؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، أنا أصغر شأنا من ذلك، وقد صفحت عن أعظم جرما وأكثر غناء لأعدائك منّي، وإنما أنا شاعر مضحك. فتبسّم عبد الملك؛ وأومأ إليه الوليد بأن ينشد. فابتدأ فأنشد قوله:
ألا يا لقومي للرّقاد المسهّد وللماء ممنوعا من الحائم الصّدي
وللحال بعد الحال يركبها الفتى وللحبّ بعد السّلوة المتمرّد
وللمرء يلحى في التصابي وقبله صبا بالغواني كلّ قرم «3» ممجّد
وكيف تناسي القلب سلمى وحبها كجمر غضى بين الشّراسيف موقد
حتى انتهى إلى قوله:
إليك إمام النّاس من بطن يثرب ونعم أخو ذي الحاجة المتعمّد
رحلنا لأنّ الجود منك خليقة وأنّك لم يذمم جنابك مجتدي
ملكت فزدت النّاس ما لم يزدهم إمام من المعروف غير المصرّد «4»
وقمت فلم تنقض قضاء خليفة ولكن بما ساروا من الفعل تقتدي(71/332)
ولمّا وليت الملك ضاربت دونه وأسندته لا تأتلي خير مسند
جعلت هشاما والوليد ذخيرة وليّين للعهد الوثيق المؤكّد
قال: فنظر إليهما عبد الملك متبسّما، والتفت إلى سليمان فقال: أخرجك إسماعيل من هذا الأمر. فقطب سليمان ونظر إلى إسماعيل نظر مغضب. فقال إسماعيل: يا أمير المؤمنين، إنما وزن الشعر أخرجه من البيت الأوّل، وقد قلت بعده:
وأمضيت عزما في سليمان راشدا ومن يعتصم بالله مثلك يرشد
فأمر له بألفي درهم صلة، وزاد في عطائه، وفرض له، وقال لولده: أعطوه؛ فأعطوه ثلاثة آلاف درهم. دخل إسماعيل بن يسار يوما على هشام بن عبد الملك في خلافته وهو بالرّصافة «1» جالس على بركة له في قصره، فاستنشده وهو يرى أنه ينشد مديحا له؛ فأنشده قصيدته التي يفختر فيها بالعجم:
يا ربع رامة «2» بالعلياء من ريم «3» هل ترجعنّ إذا حيّيت تسليمي
ما بال حيّ غدت بزل «4» المطيّ بهم تخدي «5» لغربتهم سيرا بتقحيم
كأنّني يوم ساروا شارب سلبت فؤاده قهوة من خمر داروم «6»
حتّى انتهى إلى قوله:
إنّي وجدّك ما عودي بذي خور عند الحفاظ ولا حوضي بمهدوم
أصلي كريم ومجدي لا يقاس به ولي لسان كحدّ السّيف مسموم «7»(71/333)
أحمي به مجد أقوام ذوي حسب من كلّ قرم بتاج الملك معموم
جحاجح سادة بلج مرازبة جرد عتاق مساميح مطاعيم
من مثل كسرى وسابور الجنود معا والهرمزان لفخر أو لتعظيمأسد الكتائب يوم الرّوع إن زحفوا وهم أذلّوا ملوك التّرك والرّوم
يمشون في حلق المادي «1» سابغة مشي الضّراغمة الأسد اللهاميم
هناك إن تسألي تنبي بأنّ لنا جرثومة قهرت عزّ الجراثيم
قال: فغضب هشام وقال له: يا عاضّ بظر أمّه! أعليّ تفخر وإيّاي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك وأعلاج قومك!! غطّوه في الماء، فغطّوه في البركة حتى كادت نفسه تخرج، ثم أمر بإخراجه وهو بشرّ ونفاه من وقته، فأخرج عن الرّصافة منفيّا إلى الحجاز. قال: وكان مبتلى بالعصبيّة للعجم والفخر بهم، فكان لا يزال مضروبا محروما مطرودا.
أخبرني عمّي قال: حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال: قال ابن النطّاح وحدّثني أبو اليقظان:
أنّ إسماعيل بن يسار وفد إلى الوليد بن يزيد، وقد أسنّ وضعف، فتوسّل إليه بأخيه الغمر ومدحه بقوله:
نأتك سليمى فالهوى متشاجر وفي نأيها للقلب داء مخامر
نأتك وهام القلب، نأيا بذكرها ولجّ كما لجّ الخليع المقامر
بواضحة الأقراب «2» خفّاقة الحشى برهرهة «3» لا يجتويها المعاشر
يقول فيها يمدح الغمر بن يزيد:
إذا عدّد الناس المكارم والعلا فلا يفخرن يوما على الغمر فاخر
فما مرّ من يوم على الدهر واحد على الغمر إلّا وهو في الناس غامر
تراهم خشوعا حين يبدو مهابة كما خشعت يوما لكسرى الأساور «4»(71/334)
أغرّ بطاحيّ «1» كأنّ جبينه إذا ما بدا بدر إذا لاح باهر
وقى عرضه بالمال فالمال جنّة «2» له وأهان المال والعرض وافر
وفي سيبه «3» للمجتدين عمارة وفي سيفه للدّين عزّ وناصر
نماه إلى فرعي لؤيّ بن غالب أبوه أبو العاصي وحرب وعامر
وخمسة آباء له قد تتابعوا خلائف عدل ملكهم متواتر
بهاليل «4» سبّاقون في كلّ غاية إذا استبقت في المكرمات المعاشر
هم خير من بين الحجون «5» إلى الصّفا «6» إلى حيث أفضت بالبطاح الحزاور «7»
وهم جمعوا هذا الأنام على الهدى وقد فرّقت بين الأنام البصائر
قال: فأعطاه الغمر ثلاثة آلاف درهم، وأخذ له من أخيه الوليد ثلاثة آلاف درهم.
أخبرني عمي قال: حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب قال:
لمّا مات محمد بن يسار، وكانت وفاته قبل أخيه، دخل إسماعيل على هشام بن عروة، فجلس عنده وحدّثه بمصيبته ووفاة أخيه ثم أنشده يرثيه: عيل العزاء وخانني صبري لمّا نعى الناعي أبا بكر
ورأيت ريب الدّهر أفردني منه وأسلم للعدا صهري
من طيّب الأثواب مقتبل حلو الشمائل ماجد غمر
فمضى لوجهته وأدركه قدر أتيح له من القدر
وغبرت مالي من تذكّره إلّا الأسى وحرارة الصدر(71/335)
وخوى «1» يعاودني وقلّ له منّي الجوى ومحاسن الذّكر
لمّا هوت أيدي الرّجال به في قعر ذات جوانب غبر
وعلمت أنّي لن ألاقيه في الناس حتّى ملتقى الحشر
كادت لفرقته وما ظلمت نفسي تموت على شفا القبر
ولعمر من حبس الهديّ له بالأخشبين «2» صبيحة النّحر
لو كان نيل الخلد يدركه بشر بطيب الخيم والنّجر «3» لغبرت لا تخشى المنون ولا أودى بنفسك حادث الدّهر
ولنعم مأوى المرملين «4» إذا قحطوا وأخلف صائب القطر
كم قلت آونة وقد ذرفت عيني فماء شؤونها «5» يجري
أنّي وأيّ فتى يكون لنا شرواك عند تفاقم الأمر
لدفاع خصم ذي مشاغبة ولعائل ترب أخي فقر
ولقد علمت وإن ضمنت جوى مما أجنّ كواهج الجمر
ما لا مرىء دون المنيّة من نفق فيحرزه ولا ستر
قال: وكان بحضرة هشام رجل من آل الزّبير، فقال له: أحسنت وأسرفت في القول، فلو قلت هذا في رجل من سادات قريش لكان كثيرا. فزجره هشام وقال: بئس والله ما واجهت به جليسك؛ فكشره إسماعيل، وجزاه خيرا. فلمّا انصرف تناول هشام الرجل الزّبيريّ وقال: ما أردت إلى رجل شاعر ملك قوله فصرف أحسنه إلى أخيه! ما زدت على أن أغريته بعرضك وأعراضنا لولا أنّي تلافيته. وكان محمد بن يسار أخو إسماعيل هذا الذي رثاه شاعرا من طبقة أخيه؛ وله أشعار كثيرة. ولم أجد له خبرا فأذكره، ولكن له أشعار كثيرة يغنّى فيها.
منها قوله في قصيدة طويلة:(71/336)
غشيت الدار بالسّند دوين الشّعب «1» من أحد عفت بعدي وغيّرها
تقادم سالف الأبد
ولإسماعيل بن يسار ابن يقال له إبراهيم، شاعر أيضا، وهو القائل:
مضى الجهل عنك إلى طيّته وآبك حلمك من غيبته
وأصبحت تعجب مما رأي ت من نقض دهر ومن مرّته
وهي طويلة يفتخر فيها بالعجم.
قال المدائني عن جويرية بن أسماء قال:
قدم الوليد بن يزيد المدينة، فقلت لإسماعيل بن يسار: أخذنا «2» مما أعطاك الله، فقال: هلم أقاسمك إن قبلت، فبعث إليّ براوية «3» من خمر.(71/337)
حرف الباء
[9734] بحيرى الراهب
الذي حذّر على النّبي صلى الله عليه وسلم من الروم، وردّه من أرض بصرى «1» ، وكان على دين المسيح، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام. توفي قبل البعث، كان يسكن قرية يقال لها: الكفر، بينها وبين بصرى ستة أميال تعرف اليوم بدير بحيرى «2» ؛ وقيل: كان يسكن البلقاء بقرية يقال لها: ميفعة «3» وراء زيزاء «4» .
عن ابن عباس: إن أبا بكر الصديق صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان عشرة، والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عشرين، وهم يريدون الشام في تجارة، حتى إذا نزلوا منزلا فيه سدرة «5» قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
[9734] انظر أخباره في تاريخ الطبري 1/519 والبداية والنهاية والكامل لابن الأثير وتاج العروس: بحر، ودلائل النبوة للبيهقي 2/24 وما بعدها، ودلائل النبوة لأبي نعيم ص 168 (ح رقم 108) والخصائص للسيوطي 1/141 وسيرة ابن هشام 1/191 وطبقات ابن سعد 1/119 وأسد الغابة 1/199 والإصابة 1/209 (595) و 1/260 (791) (ط دار الفكر) . وبحيرى في تاج العروس: بحيراء الراهب، كأمير ممدودا، هكذا ضبطه الذهبي وشرح المواهب، وفي رواية بالألف المقصورة، وفي أخرى كأمير، وأما تصغيره فغلط، كما صرحوا به.(71/338)
في ظلّها، ومضى أبو بكر إلى راهب يقال له بحيرى يسأله عن شيء، فقال له: من الرجل الذي في ظلّ السّدرة؟ فقال له: ذلك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فقال: هذا والله نبي، ما استظلّ تحتها بعد عيسى بن مريم إلّا محمد. ووقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، فلما نبّىء النبي صلى الله عليه وسلم اتّبعه «1» .
حدث أبو داوود سليمان بن موسى «2» :
أن أبا طالب عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج به إلى الشام، فلما مروا بقرية يقال لها: ميفعة من أرض البلقاء، وفيها راهب يقال له: بحيرى، فخرج إليهم بحيرى، وكانوا قبل ذلك يقدمون فلا يخرج إليهم ولا يلتفت، فجعل يتخلّلهم «3» حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا سيّد العالمين، هذا رسولربّ العالمين، هذا الذي بعثه الله رحمة للعالمين. فقال شيوخ من قدم معه من قريش: وما علمك؟ قال: علمي أنكم لما أشرفتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلّا خرّ ساجدا ولا يسجد «4» إلّا لنبي، وأعرفه بالصّفة وبخاتم النبوة مثل التفاحة أسفل من غضروف كتفه، ثم انطلق بحيرى فأتاهم بطعام «5» ، والنبي صلى الله عليه وسلم في رعيه إبل أصحابه، فقال:
أرسلوا إليه، فأرسلوا إليه، فقال بحيرى: انظروا عليه غمامة تظله! فانتهى إليهم وقد علموه على الشجرة فيء الشجرة، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومال إليه فيء الشجرة، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة كيف مال إليه! فبيناهم يأكلون وهو قائم عليهم؛ إذ هو بفوارس «6» من الروم مقبلين، فلما رآهم بحيرى استقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ فقالوا: جئنا لأنه بلغنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق من طرق الروم إلّا وقد بعث عليه قوم وبعثنا إلى هذه الطريق. فقال: ما وراءكم أفضل لكم، قال: أرأيتم أمرا أراد الله أن يمضيه يستطيع أحد ردّه؟(71/339)
فتبعوه وأقاموا وأتاهم بحيرى فقال: أيكم ولي هذا الغلام؟ فأشاروا إلى أبي طالب. فقال:
إنهم إن رأوه عرفوه، فقتلوه، فرده أبو طالب.
وذكر حديث بحيرى لما عمل الطعام ودعاهم إليه، وقد ذكرناه في ترجمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال في آخره: وكان رجال من يهود «1» قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وعرفوا صفته، فأرادوا أن يغتالوه، فذهبوا إلى بحيرى فذاكروه أمره فنهاهم أشد النهي، وقال لهم:
أتجدون صفته؟ قالوا: نعم. قال: فما لكم إليه سبيل، فصدقوه، وتركوه، ورجع أبو طالب فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه.
[9735] بختريّ بن عبيد ابن سليمان الطّابخي
الكلبي من أهل القلمون «2» من قرية الأفاعي «3» .
[روى عن: سعد بن مسهر، وأبيه عبيد بن سلمان.
روى عنه: إسماعيل بن عياش، وحماد أبو يحيى السكوني، وسلمة بن بشر بن صيفي الدمشقي، وسليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل، ومحمد بن أبي السري العسقلاني، ومحمد بن المبارك الصوري، وهشام بن عمار، والوليد بن مسلم] «4» . [قال أبو محمد بن أبي حاتم] «5» : [البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي روى عن أبيه عن أبي هريرة، روى عنه الوليد بن مسلم، وسليمان بن شرحبيل، ومحمد بن المتوكل العسقلاني وهشام بن عمار، سمعت أبي يقول ذلك.
__________
[9735] ترجمته في تهذيب الكمال 3/14 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/439 (685) (ط دار الفكر) وميزان الاعتدال 1/313 (1317) (ط دار الفكر) ومعجم البلدان (القلمون 4/391) والجرح والتعديل 1/1/427 والكامل لابن عدي 2/57. وعبيد، بالضم، مصغرا، وفي معجم البلدان: عبيد الله.
في تهذيب الكمال: «الطانجي» والطابخي بالموحدة بعد الألف ثم معجمة (الخلاصة) .(71/340)
قال أبو محمد: روى عنه إسماعيل بن عياش، وروى هو عن أبيه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
سألت أبي عنه: فقال: هو ضعيف الحديث، ذاهب] «1» .
حدث البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رجل من الناس:
يا رسول الله ما العاديات ضبحا؟ فأعرض عنه، ثم رجع إليه من الغد. فقال: ما الموريات قدحا؟ فأعرض عنه، ثم رجع الثالثة، فقال: ما المغيرات صبحا؟ فرفع العمامة أو القلنسوة عن رأسه بمخصرته «2» فوجده مفزعا «3» رأسه. فقال: «لو وجدته طامّا «4» رأسه لوضعت الذي فيه عيناه» ففزع الملأ من قوله. فقالوا: يا نبي الله ولم؟ قال: «إنه سيكون أناس من أمتي يضربون القرآن بعضه ببعض ليبطلوه ويتبعون ما تشابه منه، ويزعمون أن لهم في أمر ربهم سبيلا ولكلّ دين مجوس، وهم مجوس أمتي وكلاب النار» . فكان يقول: هم القدرية
[14040] .
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«سمّوا أولادكم فإنهم من أطفالكم» «5» - والمحفوظ: أفراطكم «6»
[14041] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أشربوا أعينكم الماء ولا تنفضوا أيديكم من الماء، فإنها مراوح الشيطان»
[14042] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:
«إنك لأول من يقاتل الخوارج، فلا تتبعن مدبرا، ولا تجهز على جريح»
[14043] .
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(71/341)
«إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما» ] «1» .
[قال أبو نصر ابن ماكولا] «2» :
[أما البختري أوله باء مفتوحة معجمة بواحدة وخاء معجمة وتاء معجمة باثنتين فوقها فهو: البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي، حدث عن أبيه، حدث عنه هشام بن عمار] «3» .
كان فيه ضعف.
[قال أبو أحمد بن عدي] «4» .
[بختري بن عبيد بن سلمان الطابخي: روى عنه الوليد بن مسلم وسليمان بن عبد الرحمن، وهشام بن عمار، ومحمد بن أبي السري] «5» . وروى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر عشرين حديثا عامتها مناكير، فيها:
«اشربوا أعينكم الماء» ، وفيها «الأذنان من الرأس» «6» .
[9736] بخت نصّر بن بيت بن جوذرز
الملك البابلي. دخل دمشق ومضى منها إلى بيت المقدس فخرّبها وسبى أهلها وحملهم إلى بابل وقيل إنه آمن بعد ذلك.
حدث مجاهد قال:
كان من قصة بخت نصر أنه كان يتيما بأرض بابل لا يؤبه له، وكان فيما ذكروا من جيش
__________
[9736] انظر أخباره في تاريخ الطبري (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) . ومروج الذهب 1/235 والكامل لابن الأثير 1/175.(71/342)
نمرود «1» صاحب إبراهيم، وكان لزنية، بغت أمه فكان من شأنه أن دانيال الأكبر «2» وكان قد قرأ التوراة ذات يوم فأتى على هذه الآية فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا
[سورة الإسراء، الآية: 5] قال: فطوى التوراة فقال: يا رب من هذا الذي يكون خراب بيت المقدس على يديه وهلاك بني إسرائيل؟ قال «3» : فأري في المنام أن يتيما بأرض بابل يقال له بخت نصر عليلا فقيرا قضيت ذلك على يديه فلما أصبح تجهز بمال عظيم، ثم خرج نحو أرض بابل حتى وردها، وملكها يومئذ سنحاريب «4» . فدخل عليه، فقال: من أنت ومن أين أقبلت؟ قال: أقبلت من أرض بني إسرائيل وحملت معي أموالا أقسمها في فقراء أهل أرضك ويتاماهم. قال: فأنزله وأكرمه، وجعل يلطف اليتامى والفقراء فيعطيهم ويسأل عن أسمائهم حتى قسم مالا كثيرا فكان لا يظفر ببخت نصّر حتى أعياه ذلك فبعث من يطلبه في قرى بابل ومدائنها فلا يظفر به حتى أيس منه، فأقام ببابل رجاء أن يظفر به. قال: فخرج غلامه ذات يوم إلى بعض قرى بابل للميرة «5» ، قال: فمرّ بغلام مريض على طريق الناس قد اتخذ له عريش «6» ، وقد فرش له الرماد، به الذّرب «7» يسيل الماء الأصفر منه، فلمّا نظر إليه غلام دانيال رأى منظرا فظيعا فقال له: ما حالك يا غلام؟
قال: أنا غلام يتيم قد كنت أكدّ على أمّ لي عجوز حتى أصابني ما ترى فعجزت عني فوضعتني ها هنا يعطف الناس عليّ والمارة فأصيب الشيء والكسرة. فقال له: وما اسمك؟ قال: ما تسأل عن اسمي؟ قال: إنّ مولاي قسم مالا كثيرا في اليتامى والمساكين فكيف غبت عنه؟ قال(71/343)
بخت نصر: هي أرزاق، قال: فأخبرني عن اسمك حتى أخبره بحالك فيعطيك كما يعطي غيرك، قال: اسمي بخت نصر. قال: فلما انصرف الغلام إلى سيده فأخبره بما رأى. قال دانيال: هذا بغيتي وأسرّ في نفسه، وانطلق معه غلامه إليه. فقال له: ما اسمك؟ قال: اسمي بخت نصّر، وأنا غلام يتيم من أهل بيت شرف، ولكن انقلب علينا الزمان وأصابتنا الشدة فعجزت أمي عني فألقتني هذا الموضع. قال: فأمر غلامه فغسله وطيّبه وكساه، ثم حمله حتى جاء به إلى أمه، وأجرى عليها حتى برأ وصحّ، وكان قبل أن ينزل به المرض يخرج مع أتراب له إلى البراري فيحتطب، فكانوا يؤمّرونه على أنفسهم فيحتطبون له، ويحملونه فيما بينهم حتى ينتهوا إلى القرية، فيحتزمون له حزمة فكان يدخلها السوق فيبيعها، فكان منها معيشته ومعيشة أمه، فلما صحّ قال له دانيال: يا بخت نصّر هل تعلم أنّي قد أحسنت إليك؟ قال: نعم. قال: فما رأيك إن وصلت إليّ مكافأتي هل أنت مكافيّ؟ قال: يا سيدي هل صنع أحد بأحد إلّا دون ما صنعت بي، ومن أين أقدر على مكافأتك! قال: أخبرني إن ملكت يوما من الدهر بابل وغزوت بلاد بني إسرائيل فلي الأمان منك ولأهل بيتي؟ قال: نعم. غير أنّي أظن أن هذا منك استهزاء! قال دانيال: لا بل هو الجدّ مني. قالت أمه: يا سيدي، إن كان الذي تقول حقا فأنت الملك وهو تبع لك، فقال دانيال: أتكتب لي كتابا أمانا لي ولأهل بيتي يكون كتابك علامة بيني وبينك وبين أهل بيتي وأعطيك عشرين ألف درهم؟ قال: نعم. قال: فكتب له بخت نصّر كتابا أمانا بخط يده ولأهل بيته، وجهز بالذهب، وأعطاه دانيال عشرين ألف درهم، ثم ودّع الملك ولحق ببلاده، فعمد بخت نصّر ففرّق تلك الدراهم في الغلمة الذين كان يترأس عليهم، فكساهم واشترى لهم الدوابّ، وكان ظريفا كاتبا أديبا، فانطلق إلى سنحاريب «1» الملك، فانتسب له ولزم بابه في أصحابه، فكان يوجّهه في أموره وكان مظفّرا حتى بدا لسنحاريب أن يغزو بيت المقدس، فبعث جواسيسه يأتونه بخبر الأرض، فانطلق بخت نصّر فركب حمارا ثم جاء حتى دخل على الملك، فقال: أيها الملك إنك تبعث عيونا إلى أرض بني إسرائيل فأحبّ أن أنطلق أنا بنفسي، فإني أنا أعلم منهم بالأمر الذي تدرك به حاجتك. قال له الملك: ألا أعلمتني فكنت أستعملك عليهم، ولكن امضه. فمضى حتى(71/344)
وردها، فكان أصحابه يسألون عن الحصون وعن العدة والرجال والمدخل والمخرج وكان بخت نصّر يسأل بقوله: هل فيكم اليوم أنبياء وكتب تقرؤونها؟ قالوا: نعم.
قال: أفتطيعون أنبياءكم؟ قالوا: لا. قال: أفتقيمون كتبكم؟ قالوا: لا. قال: فانصرف، وانصرف أصحابه، فأعلموا الملك ما عاينوا. وقال بخت نصّر: أيها الملك إنّ فيهم أنبياء لا يطيعونهم وكتبا لا يقيمونها فإن نصرت فبهذا. قال سنحاريب: إنه ليس للقوم بنا يدان، وسأغزوهم بجنود لا قبل لهم بها، وكان من قصته ما كان.
يروى أن بخت نصّر دخل الشام ومصر في ست مئة ألف وهو راكب على أسد أحمر متعمّم بثعبان، متقلّدا سيفا طوله عشرة أشبار في عرض شبر «1» ، أخضر النّصل «2» ، يقطر منه الماء شبه الشّرر، غمده «3» من ذهب مرصّع بصنوف الجوهر والياقوت الأحمر، منقوش عليه هذه الأبيات:
وأنت إن لم ترج أو تتّقي كالميت محمولا على نعشه
لا تنجش الشرّ فتصلى به فقلّ من يسلم من نجشه «4»
وأخمد الشّرّ فإن هجته فاحرص لأعدائك في جشّه «5»
للبحر أقراش لها صولة فاحذر على نفسك من قرشه «6»
إذا طغى الكبش بشحم الكلى أدخل رأس الكبش في كرشه
وناطح الكبش له ساعة تأخذه أنطح من كبشه
فكم نجا من يد أعدائه وميّت مات على فرشه(71/345)
من يفتح القفل بمفتاحه نجا من التّهمة في فشّه «1» ونابش الموتى له ساعة تأخذه أنبش من نبشه
والبغي صرّاع له صولة تستنزل الجبّار عن عرشه
قال ابن المبارك:
رئي لقمان يعدو خلف بخت نصّر فراسخ، فقيل له: يا وليّ الله تعدو خلف هذا الكافر؟ قال: لعلّي أسأله في مؤمن فيجيبني فيه.
[قال إسحاق بن بشر: قال وهب بن منيه] «2» :
لما فعل بخت نصّر ما فعل- يعني ما ذكر في ترجمة إرميا «3» - قيل له: كان لهم صاحب يحذّرهم ما أصابهم، ويصفك وخبرك لهم، ويخبرهم أنك تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم، وتهدم مساجدهم، وتحرق كنائسهم، فكذّبوه، واتهموه، فضربوه، وقيّدوه، وحبسوه، فأمر بخت نصّر فأخرج إرميا من السجن، فقال له: أكنت تحذّر هؤلاء القوم ما أصابهم؟
قال: نعم. قال: فأنّى علمت ذلك؟ قال: أرسلني الله تعالى إليهم فكذّبوني. قال:
كذّبوك وضربوك وسجنوك! قال: نعم. قال: بئس القوم قوم كذّبوا نبيّهم، وكذّبوا رسالة ربّهم، فهل لك أن تلحق بي فأكرمك، وأواسيك، وإن أحببت أنك تقيم في بلادك فقد أمّنتك. قال له إرميا: إنّي لم أزل في أمان الله منذ كنت لم أخرج منه ساعة قطّ، ولو أن بني إسرائيل لم يخرجوا منه لم يخافوك ولا غيرك لو لم يكن لك عليهم سلطان.
فلما سمع بخت نصّر قوله تركه. فأقام إرميا بأرض إيليا «4» ، وأخرج أهل بيت دانيال الأكبر كتاب أمان بخت نصّر فأمضاه لهم، وأخرج بهم معه فكانوا خمسة أنفس: دانيال بن(71/346)
حزقيل وميشائيل «1» ، وميخائيل، وعيصو، وحربيوس «2» ، ويقال: كان عزير «3» معهم، وعزرائيل. والله أعلم. وكانوا شبابا لم يبلغوا الحلم، دانيال بن حزقيل كان أعطاه الله الحكمة، وكان عبدا صالحا كريما على الله عز وجل.
وقال ابن عباس: إنه مزّق كتاب دانيال فنشأ هؤلاء الغلمة فكانوا وصفاء وكان أكبرهم دانيال، وهو دانيال الحكيم الذي أنقذ الله به بني إسرائيل من أرض بابل فعمد بخت نصّر- حين سمع كلام دانيال وحكمته «4» ونظر إليه- إلى جبّ في فلاة من الأرض، فألقى فيه دانيال مع شبلين، وأطبق عليه الجبّ وهو مغلول، وقتل على دم يحيى بن زكريا سبعين ألف، وذلك أنّ ما بعث الله تعالى بخت نصّر عليهم عقوبة لهم بما قتلوا يحيى وزكريا؛ وذلك أنه مرّ بالموضع الذي قتل فيه يحيى وزكريا، فرأى دماءهما تغلي، فسأل عن ذلك؟ فقالوا: هي دماء نبيّين، ولا تسكن حتى يقتل فبكل واحد منهما سبعون ألفا، فلما قتل بخت نصّر على دمائهما هذه العدّة سكنت تلك الدّماء «5» .
قال ابن عباس:
لم يقتل كهلا ولا وليدا ولا امرأة، إنما قتل أبناء الحرب وقادة الجيوش حتى استكمل هذه العدّة، ودانيال في الجبّ مع الشّبلين سبعة أيام، فأوحى الله إلى نبيّ من بني إسرائيل كان بالشام «6» ، فقال: انطلق فاستخرج دانيال من الجبّ، فقال: يا رب! ومن يدلّني عليه؟ فقال:
هو في موضع كذا وكذا يدلّك عليه مركبك، فركب أتانا له وخرج حتى انتهى إلى ذلك الموضع، فدارت به حمارته ثلاث مرات في أرض ملساء، فعرف أن بغيته فيها، فقال: يا صاحب الجبّ، فأجابه دانيال، فقال: قد أسمعت فما تريد؟ قال: أنا رسول الله إليك(71/347)
لأستخرجك من هذا الموضع، فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي لا يكل من توكّل عليه إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا، والحمد لله الذي يجزي بالإساءة غفرانا، والحمد لله الذي يكشف ضرّنا عن كربنا «1» ، ثم استخرجه، وإن الشّبلين لعن يمينه وعن شماله يمشيان معه، وإن ذلك النّبي لفي ناحية يفرق منهما، حتى عزم عليهما دانيال أن يرجعا إلى الغيضة «2» .
قال ابن عباس:
من قال عند كل سبع: اللهم ربّ دانيال ورب الجبّ، وربّ كلّ أسد مستأسد، احفظني واحفظ عليّ، لم يضره سبع.
وحدث قتادة عن كعب: أن بخت نصّر انطلق بدانيال معه إلى أرض بابل يصدر عن رأيه، حتى قيل له: إنه مخالف لك ولا يأكل لحم الخنزير. قال: فدعاه إلى طعامه فأبى أن يأكله، فسجنه في السجن حتى رأى رؤياه التي قطع بها على ما سنذكره.
وحدّث وهب:
أن بخت نصّر سار ببني إسرائيل وكنوز بيت المقدس إلى أرض بابل، فأقام إرميا بأرض إيلياء وهي خراب، فكان يبكي وينوح على بيت المقدس، وكان يساعده عليه الخطّاف «3» - فيطوف حوله، فمن ثمّ نهي عن قتله، وكانت بقايا من بني إسرائيل متفرقين بلغهم أمر إرميا ومقامه بإيلياء، فاجتمعوا إليه، فقالوا: قد عرفنا الآن أنك نصحتنا، ولو أطعناك لم يصبنا ما أصابنا فمرنا بأمرك. فقال لهم: أقيموا في أرضنا فنستغفر الله ونتوب إليه لعله يتوب علينا، فقالوا: إنا نخاف أن يسمع بنا بخت نصّر، فيبعث إلينا من يتخطّفنا، ونحن شرذمة قليلون،(71/348)
ولكن ننطلق إلى ملك مصر «1» ، فنستجيره، وندخل في ذمته. فقال إرميا: ذمّة الله أوفى الذّمم لكم، وإنكم لا يسعكم أمان أحد في الأرض إن أخافكم الله، وإن أمان الله هو أوسع لكم. قالوا: إن الأمر كما تقول، لو كان الله راضيا عنا، ولكن الله ساخط علينا، ولسنا نأمن سطوته أن يسلمنا إلى عدوّنا، فانطلقوا إلى ملك مصر. فأوحى الله إلى إرميا أنهم لو أطاعوا أمرك ثم كنت أطبقت عليهم السماء والأرض، لجعلت لهم من بينهما مخرجا، وما كنت لأخفرك لو أطاعوك، وإنّي لأقسم بعزّتي لأعلمنّهم أنه ليس لهم ملجأ ولا محيص إلّا طاعتي، واتّباع أمري، فلما وردوا على ملك مصر شكوا إليه شأنهم. فقال: أنتم في ذمّتي وجواري، فسمع بذلك بخت نصّر، فأرسل إلى ملك مصر أن لي قبلك عبيدا أبقوا «2» مني، فابعث بهم إليّ مصفّدين وإلّا فأذن بحرب، فكتب إليه ملك مصر: إنك كاذب ما هم بعبيد. إنهم أبناء الأحرار، وأهل النبوّة والكتاب، ولكنك ظلمتهم واعتديت، فلما سمع بذلك إرميا رحمهم، فبادر إليهم ليشهدهم. فأوحى الله إليه: إني مظهر بخت نصّر على هذا الملك الذي اتخذوه حرزا «3» . فقال لهم ذلك إرميا، فإن لم تطيعوني أسركم بخت نصّر وقتلكم، فإنّ آية ذلك أن الله قد أراني موضع سرير بخت نصّر الذي يضعه فيه بعد ما يظفر بمصر وملكها، ثم عمد فدفن أربعة أحجاز في الموضع الذي يضع بخت نصّر فيه سريره، ثم قال: تقع كلّ قائمة من سريره على حجر منها. قال: فلجّوا في رأيهم، فسار بخت نصّر، فأسر الملك «4» وبني إسرائيل، وقتل جنوده، وقسم الفيء، وأراد قتل الأسارى وقد وضع سريره في ذلك الموضع، فوقعت كلّ قائمة منه على حجر من تلك الأحجار التي دفن إرميا. فقال له بخت نصّر: ألا أراك مع أعدائي بعد أن أمّنتك وأكرمتك؟! قال له إرميا: إنما جئتهم محذّرا أخبرتهم خبرك، وقد وضعت لهم علامة من تحت سريرك، وأيتهم هذا المكان الذي يوضع فيه سريرك، فإنّ تحت كل قائمة حجرا دفنته، فلما رفع سريره وجد مصداق ما قال، فقال لإرميا: لو أعلم أن فيهم خيرا لوهبتهم لك، وما بي إلى قتلهم من حاجة، ولكن أقتلهم غضبا(71/349)
لك إذ كذبوك، واتهموا نصيحتك، فقتلهم ثم لحق بأرض بابل، فأقام إرميا بمصر، واتخذ بها جنينة وزرعا يعيش منه. فأوحى الله تعالى إليه: إن لك عن الزرع والمقام بأرض مصر شغلا، فكيف تسعك أرض وأنت تعلم سخطي على قومك ولا يحزنك هذا البلاء الذي يصبّ على إيلياء وأهلها، فالحق بها حتى يلغ كتابي أجله، فإنّي رادّ بني إسرائيل تارة أخرى إلى الأرض المقدسة، ومستنقذهم من عدوهم وناظر كيف يعملون. فخرج أرميا مذعورا حتى أتى بيت المقدس، فأوحى الله إليه: سأعمره وأرفعه، وإني باعث ملكا يقال له كورش «1» من أرض فاقرس، حتى ينزل بقومه ورجاله حتى يعمرها، ويبني قصورها ومساجدها، ويكشف عن أنهارها، ويغرس أعنابها ونخلها وزيتونها، فتوجه كورش إليها في جمع له ومعه ثلاثون ألف قيّم يستعملون الناس، كل قيّم على ألف عامل ومعهم ما يحتاجون إليه، ولما رأى إرميا عمارتها سأل ربه أن يقبضه إليه، فمات إرميا، وأنقذ الله بني إسرائيل، بعد مئة سنة، من أرض بابل على يدي دانيال.
وقال كعب:
كان سبب استنقاذ بني إسرائيل من أرض بابل أن بخت نصرّ لما صدر من بيت المقدس بالأسارى، وفيهم دانيال وعزير وأربعة وصفاء غلمان لم يبلغوا الحلم غير دانيال، واتخذ بني إسرائيل خولا «2» زمانا طويلا، وإنه رأى رؤيا فزع منها، فدعا كهنته وسحرته، فأخبرهم بما أصابه من الكرب بما في رؤياه، وسألهم أن يعبروها «3» له، فقالوا له: قصّها علينا. قال: قد أنسيتها فأخبروني بتأويلها. فقالوا: إنا لا نقدر على أن نخبرك بتأويلها حتى تقصها علينا، فغضب، وقال لهم: اخترتكم واصطفيتكم لمثل هذا، اذهبوا فقد أجّلتكم ثلاثة أيام، فإنّ أتيتموني بتأويلها وإلّا قتلتكم، وشاع ذلك في الناس، فبلغ دانيال وهو مسجون. فقال لصاحب السجن وهو إليه محسن: هل لك أن تذكرني للملك فإن عندي علم رؤياه. وإنّي لأرجو أن تنال بذلك عنده منزلة تكون سبب عاقبتي. قال له صاحب السجن: إنّي أخاف عليك سطوة الملك، لعل غمّ السجن حملك على أن تتروّح «4» بما ليس عندك فيه علم، مع(71/350)
أني أظن إن كان أحد عنده من هذه الرؤيا علم فأنت هو. قال دانيال: لا تخف عليّ، فإن لي ربا يخبرني بما شئت من حاجتي، فانطلق صاحب السجن، فأخبر بخت نصّر بذلك، فدعا دانيال، فأدخل عليه «1» ، ولا يدخل عليه أحد إلّا سجد له، فوقف دانيال فلم يسجد له، فقال الملك لمن في البيت: اخرجوا، فخرجوا، فقال بخت نصّر لدانيال: أخبرني عما يمنعك أن تسجد لي، قال دانيال: إن لي ربا آتاني هذا العلم الذي سمعت به على أن لا أسجد لغيره، فخشيت أن أسجد لك فينسلخ عني العلم، ثم أصير في يديك أميّا لا ينتفع بي، فتقتلني، فرأيت بترك سجدة أهون من القتل، وخطر سجدة أهون من الكرب والبلاء الذي أنت فيه، فتركت السجود نظرا لي ولك، فقال بخت نصّر: لم يكن قطّ أوثق في نفسي منك حين وفيت لإلهك، وأعجب الرجال عندي الذين يوفون لأربابهم بالعهود، فهل عندك علم بهذه الرؤيا التي رأيت؟ قال: نعم. عندي علمها وتفسيرها. رأيت صنما «2» عظيما رجلاه في الأرض ورأسه في السماء. أعلاه من ذهب، ووسطه من فضة، وسفله من نحاس، وساقاه من حديد، ورجلاه من فخار «3» ، فبينا كنت تنظر إليه قد أعجبك حسنه، وإحكام صنعته، قذفه الله حتى طحنه «4» ، فاختلط ذهبه، وفضته، ونحاسه، وحديده، وفخّاره، حتى يخيل لك أنه لو اجتمع جميع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك، ولو هبّت ريح لأذرّته، ونظرت إلى الحجر الذي قذف به يربو ويعظم، ويكبر حتى ملأ الأرض كلها، فصرت لا ترى إلّا السماء والحجر، قال له بخت نصّر: صدقت هذه الرؤيا فما تأويلها؟ فقال دانيال: أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي وسطه وفي آخره، وأما الذهب فهذا الزمان وهذه الأمة التي أنت فيها، وأنت ملكها، وأما الفضة، ابنك من بعدها تملّكها، وأما النحاس فأما الروم، وأما الحديد ففارس، وأما الفخّار فأمتان تملكها امرأتان، إحداهما في مشرق اليمن، والأخرى في غربي الشام، وأما الحجر الذي قذف به الصنم، فدين يقذف الله به هذه(71/351)
الأمم في آخر الزمان ليظهره عليها، يبعث الله نبيا أمّيا من العرب، فيدوّخ الله به الأمم والأديان كما رأيت الحجر دوّخ أصناف الصنم، ويظهره على الأديان والأمم، كما رأيت الحجر ظهر على الأرض وانتشر فيها حتى ملأها، فيحق الله به الحق، ويزهق به الباطل، ويهدي به أهل الضلال، ويعلّم به الأميين، ويقوّي به الضّعفة، ويعز به الأذلّة، وينصر به المستضعفين، قال له بخت نصّر: ما أعلم أحدا استعنت به منذ وليت الملك على شيء غلبني غيرك، ولا لأحد عندي يد أعظم من يدك، وأنا جازيك بإحسانك، فاختر من ثلاث خلال أعرضهن عليك: واحدة إن أحببت أن أردّك إلى بلادك وأعمر لك كل شيء خرّبته، وإن أحببت كتبت لك أمانا تأمن به حيث ما سلكت، وإن أحببت أن تقيم معي، فأواسيك. قال: أما قولك: تردّني إلى بلادي وتعمر لي ما خربت؛ فإنها أرض كتب الله عليها الخراب وعلى أهلها الفناء إلى أجل معلوم، وليس تقدر على أن تعمر ما خرب الله عز وجل، ولا تردّ أجلا أجّله الله حتى يبلغ الكتاب أجله، وينقضي هذا البلاء الذي كتب الله على إيلياء وأهلها، وأما قولك: إنك تكتب لي أمانا آمن به حيث ما توجهت؛ فإنه لا ينبغي أن أطلب مع أمان الله أمان مخلوق، وأما ما ذكرت من مواساتك؛ فإن ذلك أوفق لي يومي هذا حتى يقضي الله فينا قضاءه، فجمع بخت نصّر ولده وحشمه وأهل العلم والرأي، فقال لهم: هذا رجل حكيم قد فرّج الله عني الكرب الذي عجزت عنه به، وإنّي قد رأيت أن أوليه أمركم، فخذوا من أدبه وحكمته، وأعظموا حقه، فإن جاءكم رسولان أحدهما مني والآخر من دانيال، فآثروا حاجته على حاجتي، ونزل منه دانيال بأفضل المنازل، وجعل تدبير ملكه إليه، فلما رأى ذلك عظماء أهل بابل حسدوا دانيال، واجتمعوا إلى بخت نصّر، فقالوا له: لم يكن على الأرض ملك أعزّ من ملكنا ولا أعظم، ولا قوم أهيب في صدور أهل الأرض منا حتى دانت لنا الأرض، واعترفت لنا الأمم، فليس يطمع فينا أحد، وإنا نخبرك أن الأمم قد طمعوا فينا منذ قلّدت أمر ملكك هذا العبد الإسرائيلي، وإنك لم تفعل هذا حتى أنكرت عقلك ورأيك، وعجزت عن السياسة، وقد نصحناك، فقال لهم بخت نصّر: ما أنكرت عقلي ولا رأيي، ولا تزيدني الأيام إلّا تجربة وعلما، ولكنه كان نزل بي ما رأيتم، فعجز عنه رأيي، وعجزتم أنتم، ففرّج عني، فماذا تنقمون أن عمدت إلى أحكم أهل الأرض فاستعنت به مع رأيي، وكلّ ذلك أريد به صلاح أمركم وقوام ملككم؟ قالوا: فإن كان كما تقول، أفليس يخبرك أن له ربا عظيما هو الذي يدبّر له أمره ويطلعه على الغيب؟ قال بخت نصّر: بلى، يزعم أنّ له ربا لولاه لم يك شيئا، ولا يعلم شيئا. قالوا له: هذا العبد الضعيف قدر على أن يتخذ إلها يخبره بما شاء،(71/352)
فكيف لا تقدر أنت في مثل خطرك وعظم ما أوتيت من الملك على أن تتخذ إلها، فيخبرك بحاجتك ويكفيك ما أهمّك، وتستغني به عن الناس، ونحن لك على ذلك مؤازرون؟ قال بخت نصّر: فأنتم وذاك. قالوا: فأعطا الطاعة والسلطان حتى نفرغ مما تريد، ففعل بهم ذلك، فعلموا صنما طوله في السماء سبعون ذرعا وعرضه عشرون ذراعا من الألواح ثم دسروه «1» بالحديد والمسامير، وألبسوه الذهب، وكلّلوه بالياقوت وألوان الجوهر، ثم صنعوا له عيدا عظيما، وذبحوا له الذبائح، وواعدوا الناس لذلك اليوم يجتمعون فيه، فيعبدون ذلك الصنم ويسجدون له، واتخذوا أخدودا في الأرض، فأوقدوا فيها نارا عظيمة، وهم أصحاب الأخدود، وكانت الأخدود باليمن وببابل، فأما الذي كان باليمن فاتخذه يوسف ذو نواس الحميري «2» ، وهو الذي ملك حمير، وكان صاحب عنفصير «3» ، وهو الذي قتل الناس وأحرقهم بالنار ليدعوا الإسلام «4» .
وكانت الأخدود الأخرى ببابل اتخذها بخت نصر، فلما اجتمع الناس يوم عيدهم، أمروهم بالسجود لذلك الصنم فسجدوا، فمن أبي حرّقوه في تلك الأخدود، وكان بخت نصّر سبى من إيلياء سبعين ألف غلام، فقسمهم في ملوك بابل، ما خلا دانيال وميشائيل وميخائيل وعيصو ومرنيوس «5» فأقاموا بذلك زمانا يستخدمونهم حتى أدرك الوصفاء، فأنكر أهل بابل شأنهم، فقالوا لبخت نصّر: إنا أنكرنا شأننا منذ أدرك عبيدنا، فإنا نحب أن تنفيهم منا فتخرجهم عنا، أو تأذن لنا فنقتلهم. فقال لهم: أنتم وذاك. قال: فقتلوهم جميعا، وبقي هؤلاء العدّة التي في يدي الملك «6» ، فكانوا يدعون الله ويقولون: يا رب قد عذبت آباءنا(71/353)
بذنوبهم فما بالنا؟! فأوحى الله إلى دانيال: إنّي مخلّصهم، فعطف عليهم بخت نصّر فلم يقتلهم، فلما أخرجوا صنمهم ليوم عيدهم، دعوا هؤلاء العدّة من بني إسرائيل، فقالوا لهم: اسجدوا لآلهتنا، فقالوا: إنّ هذا ليس بإله نسجد له، إنما هو خشب عملته الرجال، فإن شئتم سجدنا للذي خلقه فاغتنموا خلافهم ليحرقوهم وليغيظوا بهم دانيال، فكتفوهم ثم رموا بهم في تلك النار فباتوا فيها حتى أصبحوا، فاطّلع بخت نصّر عليهم من قصره، فرأى فيها خمسة نفر في النار، ورأى خامسهم خلقا عظيما له ريش، فرأى النار قد عادت جليدا، وإذا صاحب الريش يكنفهم ويلحفهم بريشه من برد الجليد، فلما نظر بخت نصّر إلى ذلك امتلأ رعبا، فدعا قومه فقال: كم كنتم ألقيتم في النار؟ قالوا: أربعة. قال: فإنّ معهم خامسا له ريش وهيبة وجسم لا يقدر قدرها. قالوا: ليس لنا به علم، فدعا دانيال، فسأله. فقال: هؤلاء الأربعة أعرفهم فمن الخامس صاحب الريش؟ قال دانيال: الخامس الذي وكله الله بالظّل والبرد والثلج والجليد، وهذه الخزائن بيده، فأرسله إلى هؤلاء الفتية حتى صيّر النار جليدا حتى لا يضرّهم برد الجليد. وقيل: إن دانيال قال لبخت نصّر لما سأله عن الخامس، قال: ذاك جبريل بعثه الله إليهم يروّح عنهم ويؤنسهم، وقيل: إن بخت نصّر قال لدانيال: ألا أعلمتني حين عرض لهم فأحول بينهم وبين ما صنعوا بهم! قال دانيال: حملني على ذلك الرفق بك لما أدخل عليك أهل مملكتك ووثقت لهم بنصر الله، وأن الله لم يخذلهم، وأردت أن يرى قومك عزة الله وسلطانه وكيف يعزّ أولياءه، فأمر بهم فأخرجوا من النار.
قال وهب: لما وقفوا بين يدي بخت نصّر قال: كيف بتّم البارحة؟ قالوا: بأفضل ليلة مرت علينا منذ خلقنا، قال بخت نصّر: وهي أفضل من لياليكم في بلادكم؟ قالوا له: سبحان الله ومتى كنا نطمع في بلادنا ملائكطة الرحمن أن يلحفونا بالريش، ويردون عنا أذى البرد، ويستغفرون لنا، ويصافحونا! فأمرهم أن يلحقوا بدانيال فأكرمهم، فلم يزالوا حتى أتى على ذلك ثلاث سنين، ثم إن بخت نصّر رأى رؤيا أهول وأعظم مما كان رأى، فأرسل إلى عظماء قومه، فقال لهم: إني قد رأيت في مضجعي هذا ولم أتحوّل عنه رؤيا فيما يخيّل إليّ أشدّ من الأولى، وخشيت أن يكون فيها هلاكي وهلاككم، وذهاب ملككم وقد نسيتها فما ترون؟ فجعلوا علة عجزهم دانيال، فقالوا: إنك عمدت إلى أسحر العالمين فوضعته عند رأسك، فهو يفزعك بسحره، ويريك الأحلام لينال منك المنزلة والكرامة، فشأنك وشأنه، وقد عمّرت قبله زمانا لا ترى شيئا تكرهه. وأنت مستغن برأيك، فأدخلت على نفسك هذا البلاء، فقال لهم بخت نصّر: أما عندكم غير هذا؟ قالوا: لا. قال: اخرجوا عني، ثم دعا دانيال، فقال:(71/354)
إنّي قد رأيت في مضجعي هذا ولم أتحوّل عنه رؤيا قد نسيتها هي عندي أعظم من الأولى فهل عندك علمها؟ قال: نعم. قال: إذا فاقصصها عليّ، قال دانيال: رأيت شجرة عظيمة أصلها ثابت وفرعها ذاهب في السماء، في فرعها طير السماء كلّه، وفي ظلّها وحوش الأرض وسباعها كلّها، فبينا أنت تنظر إليها، وقد أعجبك حسنها وعظمها وخضرتها، والذي جمع الله في فرعها من الطير، وفي ظلها من الوحوش؛ إذ أقبل ملك يحمل حديدا كأنه الفأس على عاتقه، وهو يؤمّ الشجرة؛ إذ ناداه ملك من فوقه من باب من أبواب السماء فقال له: ما أمرك ربك في هذه الشجرة؟ قال: أمرني أن لا أدع منها شيئا، فناداه الملك من فوقه: إنّ الله يأمرك أن لا تستأصلها من أصلها خذ بعضها وأبق بعضها، فنظرت إلى الملك قد ضرب رأسها بالفأس فانقطع منها بعض أغصانها، وتفرّق ما كان فيها من الطير، وما كان في ظلّها من السباع، وبقي الجذع متغيّرا قد تغيّر حسنه وخضرته لا هيئة له. قال بخت نصّر: هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ قال دانيال: أنت الشجرة، وما رأيت في رأسها من الطير فولدك وأهلك وحشمك، وما رأيت في ظلّها من السباع والوحوش فخولك وعبيدك ورعيّتك، كانوا في ظلّلك وملكك، وقد أغضبت الله فيمابايعت هؤلاء عليه من عمل هذا الصنم، فإنهم لن يأتوا بمثل الله أبدا، فذكر الله بك عند ما أراد من هلاكك فصفح عنك، ثم رأيت الملك وقد همّ أن يستأصل الشجرة من أصلها، فناداه الآخر من فوقه أن يأخذ منها ويبقي منها، وكذلك يصنع الله بك يأخذ منك ويبقي. قال بخت نصّر: وكيف يفعل بي؟ قال: يبتليك ببدنك، يعرّفك به قدرته، فلا يدع صورة مما خلق وأخرى فيها الروح إلّا مسخك فيها، فلبثت في ذلك البلاء سبع سنين، ولو شاء أن يجعل ذلك في أوشك من طرفة عين لفعل، ولكن ليطول عليك البلاء ويعرفك أنه ليس لك من دونه وال، ولا يملك لك أحد معه شيئا، ثم لا يحوّلك في صورة من تلك الصور إلّا كنت ملك ذلك الجنس وتعلوه وتقهره، فإذا انقضت السبع سنين رجعت إنسانا كما كنت أول مرة، فقال بخت نصّر: فهل يقبل ربك مني توبة أو فدية أو رجعة؟ فقال: لا، حتى يعرّفك قدرته وينفذ قضاءه فيك. قال: فلما قال هذا اعتزل ملكه وأهله ووكّل ابنه، وأمره أن يكون السائس دانيال، وأغلق عليه أبوابه وقعد يبكي على نفسه، فمكث في البكاء سبعة أيام، فلما غمّه البكاء ظهر فوق بيته يتروّح من غمّ ما هو فيه، فساعة ظهر أنبت الله له ريشا وزغبا، وجعل له مخاليب ومنقارا، فصار عقابا، ثم ذهب يطير فلا يقوم له طير في السماء إلّا قهره، وتحدّث به أصحاب النّسور الذين يصيدون الطير فقالوا: إنه حدث في السماء طير عظيم على صورة العقاب لا يقوم له شيء ولا يطيقه إنسان، ثم حوّله(71/355)
فرسا، فتحدّث به أصحاب الأرمال «1» ، وقالوا: إنه حدث في المروج حصان من الخيل ما رأينا مثله عظما وجسما، لا يقوم له شيء، ولا يرومه إنسان، فجعل لا يمسخ في شيء إلا ذكر عظمه وقوته وتحدّث بذلك، فلم يزل في ذلك سبع سنين وولده وملكه على حاله لم يتغيروا، ولم يحدثوا فيه شيئا، وكان يأمرهم دانيال أن لا يغيّروا من أمره شيئا حتى يرجع إليهم. وفي رواية، وكان إذا مسخ في جنس ذكرا فاشتهى الإناث واغتلم حوّله أنثى، فأحرم «2» واشتهى الذكور حوّله الله ذكرا، فكان لا يصل إلى شهوته من الجماع، ولا يوصل إليه. قالوا: وكان آخر خلق مسخ فيه بخت نصّر البعوضة، فأقبل في صورتها يطير حتى دخل بيته، فحوّله الله إنسانا، فاغتسل بالماء ولبس المسوح «3» ، وألقى جفن «4» سيفه، ثم خرج به صلتا «5» يتوكأ عليه حتى برز إلى جنّاته، فأمر بجمع قومه فاجتمعوا كأجمع ما كانوا قطّ، ثم قال: يا أيها الناس إنّي وإياكم كنا نعبد من دون الله ما لا يضرنا ولا ينفعنا، ولا يخلقنا ولا يرزقنا، ولا يميتنا ولا يحيينا، ولا يملك لنا من الله شيئا، وإنّه قد تبيّن لي من قدرة الله في نفسي أن لا إله إلّا إله بني إسرائيل، فمن بايعني على هذا أو أجابني إليه، فأنا منه وهو مني، وأنا وهو في الحق سواء، ومن أبى وخالف ضربته بسيفي هذا، وأشار به إليهم- وكان فيهم مهيبا- حتّى يحكم الله بيني وبينه، ألا وإنّي قد أجّلتكم يومي هذا، فإذا أصبحت فأجيبوني، ثم انصرف عنهم، فساعة دخل بيته وقعد على فراشه قبض الله روحه.
فقال وهب بن منبّه:(71/356)
سألني ابن عباس عن قصة بخت نصّر فقصصتها عليه، فقال ابن عباس: ما شبّهت إيمانه إلّا بإيمان سحرة فرعون حين قالُوا: آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى
[سورة طه، الآية:
70] .
وكان وهب بن منبّه يقول:
لما مسخ بخت نصّر كان في ذلك يعقل عقل الإنسان، ثم ردّ الله روحه فدعا إلى توحيد الله، وقال: كل إله باطل إلّا إله السماء.
قال بكار:
فقيل لوهب: أمؤمنا مات؟ فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم:
قد آمن قبل أن يموت، وقال بعضهم: قتل الأنبياء، وحرّق الكتب، وخرّب بيت المقدس، فلن تقبل منه التوبة.
وقيل: إن بخت نصّر لما قتل بني إسرائيل وخرّب بيت المقدس، وسار بسبايا بني إسرائيل إلى أرض بابل، فسامهم سوء العذاب، فأراد أن يتناول السماء، فجمع بني إسرائيل وعظماء أهل بابل ممن عنده علم، فقال لهم: إنّي قد قهرت أهل الأرض، فأريد أن أتناول ملك السماء، فهل عندكم علم أو حيلة أصعد إلى السماء؟ فقالوا: لا. فقال لهم: انطلقوا فاطلبوا لي حيلة أصعد بها إلى السماء. فسلّط الله عليه بعوضة، فدخلت منخره، فوقعت في دماغه فلم تزل البعوضة تعذّبه وتأكل دماغه، فلم يزل ينطح رأسه على الحجر حتى مات، ثم أوصى أن شقّوا هامته فينظروا ما كان فيه. قال: ففعلوا، فرأوا قدرة الله، فإذا هم ببعوضة قد تعلّقت بدماغه.
والله أعلم أي ذلك كان.
قالوا:
وملك بخت نصّر خمس وأربعون سنة، منها تسع عشرة سنة قبل خراب أورشلم- وهي بيت المقدس- وسباء بابل، وست وعشرون سنة بعد الخراب. قالوا: كان أمره بعد ما رفع عيسى بن مريم، وقيل: كان قبل عيسى بن مريم، وقيل: كان قبل الاسكندر والمسيح بأكثر من ثلاث مئة سنة. قالوا: ومن زمن آدم إلى سبي بابلأربعة آلاف وتسع مئة وثمان عشرة سنة.(71/357)
[9737] [بختيار السلار
نائب طغتكين «1» على دمشق.
كان ورعا نزها حسن السيرة، وافر الحرمة، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كثير المحاسن.
حزن الناس عليه لما مات، وولي ابنه عمر السلار بعده سنة إحدى عشرة وخمسمئة] .
[9738] بخيت «2» بن محمد بن حسّان البسريّ «3»
[قال ابن ماكولا] «4» :
[أما «5» ] بخيت أوله باء مضمومة وخاء معجمة مفتوحة وآخره تاء معجمة باثنتين من فوقها هو: بخيت بن أبي عبيد البسري.
[حكى عن أبيه] «6» :
من أهل بسر «7» . كان أبوه من كبار الزهاد.
[حكى عن أبيه.
روى عنه أبو بكر الهلالي، وأبو العباس أحمد بن معز الصوري الجلودي، وأبو زرعة الحسيني، ومعاذ بن أحمد الصوري، وأبو بكر محمد بن منصور بن بطيش الغساني. وأبو بكر بن معمر الطبراني.
__________
[9737] استدركت ترجمته بكاملها عن الوافي بالوفيات 10/86.
[9738] تقدمت ترجمته في 52/278 رقم 6206.(71/358)
حدث عن أبيه بكتاب: قوام الإسلام، وبكتاب الطبيب] «1» .
قال أبو بكر الهلالي:
اجتمع أصحاب الحديث بطبريّة إلى بخيت بن أبي عبيد البسري، فسألوا أن يملي عليهم حديثا، فقال: ما أحبّ أن ألقى الله وأنا صاحب حديث. قالوا: فاحك لنا عن أبيك شيئا، فقال: سمعت أبي يقول:
البيت خال والكباش تنتطح فمن نجا برأسه فقد ربح «2»
[9739] بدر بن الهيثم بن خالد بن عبد الرحمن
وقيل: بدر بن الهيثم بن نصر مولى بني هاشم الدّمشقي.
حدّث عن سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طاعة الإمام حقّ على المرء المسلم، ما لم يأمر بمعصية الله، فإذا أمر بمعصية الله عزّ وجل فلا طاعة له»
[14044] .
[9740] بدر بن عبد الله أبو النّجم
مولى المعتضد بالله المعروف بالحمامي وبالكبير.
قدم دمشق من مصر ممدّا لأميرها طغجّ بن جفّ «3» الفرغاني في خلافة المكتفي من
__________
[9740] ترجمته في تاريخ بغداد 7/105 والوافي بالوفيات 10/94 وأمراء دمشق في الإسلام ص 35 والأنساب (الحمامي) 2/255 وولاة مصر للكندي ص 268، 271، 280، 281. وتحفة ذوي الألباب 1/331 والنجوم الزاهرة 3/205. والحمامي بفتح الحاء المهملة وتخفيف الميم هذه النسبة إلى الحمام، - التي هي الطيور- واقتنائها (الأنساب) .(71/359)
قبل الطّولونية لما حاصر القرمطيّ «1» دمشق، فلقيه بكناكر «2» ، فقتل القرمطي، وانظرف إلى طبريّة راجعا إلى مصر، ثم رجع من الطريق واليا على دمشق من قبل هارون بن خمارويه ابن أحمد بن طولون، فقدمها في شعبان سنة تسعين ومئتين.
[قال أبو بكر الخطيب] «3» : أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر محمد بن بدر الأمير حدثنا أبي أبو النّجم بدر الكبير عن عبيد الله بن محمد بن رماحس قال: حدثنا أبو عمرو زياد بن طارق قال: سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي قال «4» :
لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين يوم هوازن، وذهب يفرّق السّبي، أتيته فأنشأت أقول: امنن علينا رسول الله في كرم فإنّك المرء ترجوه وننتظر «5»
امنن على بيضة قد عاقها «6» قدر مشتّت «7» شملها في دهرها غير
أبقت لنا الحرب هتافا «8» على حزن على قلوبهم الغمّاء والغمر «9»
إن لم تداركهم «10» نعماء تنشرها يا أرجح الناس حلما حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها إذ فوك يملؤه «11» من محضها الدّرر(71/360)
إذ أنت طفل صغير «1» كنت ترضعها وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنّا كمن شالت نعامته «2» واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنّعماء إذا كفرت «3» وعندنا بعد هذا اليوم مدّخر
فألبس «4» العفو من قد كنت ترضعه من أمهاتك إن العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به عند الهياج إذا ما استوقد الشّرر
إنا نؤمّل عفوا منك تلبسه هذي البريّة إذ تعفو وتنتصر
فاعف «5» عفا الله عما أنت راهبه يوم القيامة إذ يهدى لك الظّفر «6»
فلما سمع هذا الشعر، قال صلّى الله عليه وسلّم: «ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم» . وقالت قريش: ما كان لنا فهو لله ولرسوله، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لله ولرسوله
[14045] .
قال أبو نعيم الحافظ «7» :
بدر الأمير أبو النجم [يعرف ببدر الأستاذ الكبير، مولى أمير المؤمنين المعتضد أحمد بن طلحة] «8» قدم أصبهان سنة ثلاث وثمانين ومئتين لإخراج عمر بن عبد العزيز أخي أحمد بن عبد العزيز إلى مدينة السلام، وقدمها أيضا واليا عليها سنة خمس وتسعين ومئتين في رمضان، فتولاها إلى صفر من سنة ثلاث مئة، وكان عادلا حسن السيرة، منع من نزول الجند في الدّور إلّا بالكراء الوافي، وكان يقرّب أهل العلم، ويرفع منهم.
وقال أبو نعيم أيضا:
كان عبدا صالحا مجاب الدّعوة «9» .(71/361)
قال أبو بكر الخطيب «1» :
[بدر أبو النجم مولى المعتضد بالله المعروف بالحمامي، ويسمى بدر الكبير] «2» ولي الإمارة في بلدان جليلة، وكان له من السلطان منزلة كبيرة، وتولّى الأعمال بمصر مع ابن طولون، إلى أن فسد أمر ابن طولون وقتل، فقدم بدر بغداد، فأقام بها مدّة، ثم ولّاه السلطان بلاد فارس، فخرج إلى عمله وأقام هناك إلى أن توفي. [وقد حدث عن هلال بن العلاء الرقي، وعبيد الله بن محمد بن رماحس الرملي.
روى عنه ابنه محمد بن بدر] «3» .
حدّث جحظة «4» قال:
كنت بحضرة المعتضد ذات يوم، فأمرني أن أغنّي صوتا فغنّيت، ثم استعاده دفعة أخرى، وطرب له طربا شديدا، فأمر لي بمئة درهم، وقال: عرّجوا به على بدر- يريد صاحب جيشه- فقلت: لعله أن يوجد مما أطلق لي حقّ الجراية «5» ، فلما وثب أمير المؤمنين حملني الخادم إلى قصر بدر، فرأيت مجلسا أحسن من مجلس الخليفة، وفيه من الغناء طرائقه، فلما رآني وثب وأجلسني في دسته «6» وقال له الخادم: هذه تحفة أمير المؤمنين، فأكرمني، فغنيّته ثلاثة أصوات، فلما سمعهنّ أمر لي بمئة ألف درهم، وعشرة تخوت «7» ثياب، وشهريّ «8» ليّن الركوب، وغلام أسود. وانصرفت وعدت إلى مجلس أمير المؤمنين في الغد، فغنيته صوتا فأطربه، فأمر لي بالجائزة فقلت: يا أمير المؤمنين ويعرج بي علي بدر، فقال: ذلك لا يعاود.(71/362)
[قال أبو بكر الخطيب: أنبأنا إبراهيم بن مخلد] «1» ، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي قال «2» :
ورد الخبر في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثلاث مئة بموت بدر غلام ابن طولون المعروف ببدر الحمامي، وكان أميرا على بلاد فارس كلها وكورها، وقد طالت أيامه بها، وصلحت بمكانه، والسلطان حامد لأمره فيها، وشاكر إلى مكانه بها، فورد الخبر بوفاته، وأن ابنه محمدا قام بالأمر هناك، وسكن الناس، وضبط ما تهيأ له ضبطه، فأمر السلطان أن يكتب إليه بالولاية مكان أبيه [ويكتب إلى من معه من القواد بالسمع والطاعة، فنفذت الكتب بذلك] «3» ، وتأمّر على بلاد فارس، وأطاعه الناس. وقيل: مات بدر بشيراز وهو أمير على فارس «4» .
[9741] بدر بن عبد الله أبو النّجم الأرمني التاجر
المعروف بالشّيحي، عتيق عبد المحسن بن محمد قدم دمشق دفعات.
[سمع أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الغنائم ابن المأمون، وعدة.
روى عنه: السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، ومحمد بن هبة الله الوكيل] «5» .
حدّث عن أبي محمد الصّريفيني بسنده عن شعبة عن ثابت قال:
__________
[9741] ترجمته في الأنساب (الشيحي) ، واللباب (الشيحي) 2/221 وتحرف فيه إلى: «برد» وسير أعلام النبلاء 14/530 (4798) (ط دار الفكر) والنجوم الزاهرة 5/262 والمنتظم 17/330 وفيات سنة 532. والشيحي بكسر الشين المعجمة وسكون الياء المثناة التحتية وفي آخرها الحاء المهملة، هذه النسبة إلى شيحة وهي قرية من قرى حلب. تصحفت في المنتظم إلى الشيخي. بالخاء المعجمة: عبد المحسن بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن شهدانكه أبو منصور الشيحي البغدادي، ترجمته في سير الأعلام 14/204 (4478) (ط دار الفكر) .(71/363)
كان أنس ينعت لنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقوم فيصلي فإذا قال: سمع الله لمن حمده، يقوم حتى نقول قد نسي.
[قال ابن الجوزي] «1» : [كان سماعه صحيحا] «2» .
[قال الذهبي] «3» : [كان عريا من الفضيلة، يقال: طلب منه أن يجيز، فقال: كم ذا! ما بقي عندي إجازة.
عاش ثمانين سنة] «4» .
[قال السمعاني] «5» : [كتبنا عنه أجزاء] «6» .
توفي بدر ببغداد في ليلة السبت التاسع من رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمئة [ودفن بباب حرب عند مولاه] «7» .
[9742] [بدر بن عبد الله الأرمني المعروف بأمير الجيوش
الأمير الوزير الجمالي. اشتراه جمال الملك بن عمار الطرابلسي ورباه، فترقت به الأحوال إلى الملك.
[ولي «8» إمرة دمشق للمستنصر «9» فقدمها يوم الأربعاء ثالث عشرين شهر ربيع الآخر
__________
[9742] ترجمته في سير الأعلام 14/158 (4444) (ط دار الفكر) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) والوافي بالوفيات 10/95 والنجوم الزاهرة 5/141 العبر 3/320 وفيات الأعيان 2/448 وتحفة ذوي الألباب 2/46 وأمراء دمشق للصفدي ص 35 وتاريخ ابن القلانسي ص 91 وشذرات الذهب 3/383.
وسقطت ترجمته بكاملها من مختصر ابن منظور.(71/364)
سنة خمس وخمسين وأربعمئة، فأقام فيها إلى أن جرى بينه وبين الجند والرعية ما خاف منه على نفسه، فخرج منها هاربا إلى ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة ست وخمسين.
ثم إنه قدمها مرة ثانية في سنة ثمان وخمسين وأربعمئة في يوم الأحد سادس شعبان واليا عليها وعلى الشام بأسره، فوقع الخلاف بينه وبينهم مرة ثانية في يوم الجمعة تاسع عشرين جمادى الأولى سنة ستين وأربعمئة فهرب وخرب القصر الذي خارج باب الجابية خرابا لم يعمر بعده، وولي دمشق بعد هروبه عنها. وفي المرة الثانية جرت بينهم حروب وأحرق أهل البلد القصر. ونهبوا ما فيه ثم عاد إلى دمشق مقاتلا في يوم الأربعاء ثامن عشرين شهر رمضان سنة ستين، وأقام على مسجد القدم بعسكر يكثر عدده وتوجه إلى مصر] .
[قال الذهبي] «1» :
[قيل «2» : بل ركب البحر من صور إلى دمياط لما علم باضطراب أمور مصر، وشدة قحطها فهجمها بغتة، وسرّ بمقدمه المستنصر الإسماعيلي وزال القطوع عنه، والذل الذي قاساه من ابن حمدان «3» وغيره، فلوقته قتل عدة أمراء كبار في الليل، وجلس على تخت الولاية، وقرأ القارىء: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ
[سورة آل عمران، الآية: 123] [ولم يتم الآية، فقال المستنصر: لو أتمها ضربت عنقه] »
وردت أزمة الأمور إليه، فجهز جيشا إلى دمشق، فلم يظفروا بها.
أنشأ بالاسكندرية جامع العطارين، وكان بطلا شجاعا مهيبا من رجال العلم] .
[كان من الرجال المعدودين في ذوي الآراء وقوة العزم والشهامة وكان وزير السيف والقلم، وإليه قضاء القضاة والتقدم على الدعاة، وساس الأمور أحسن سياسة] «5» .
[قصد علقمة بن عبد الرزاق العليمي باب بدر فرأى عليه أشراف الناس وكبارهم(71/365)
وشعراءهم فلم يحصل لأحد دخول إليه، فبينا هم كذلك إذ خرج بدر يريد الصيد، فخرج علقمة في أثره وأقام إلى أن رجع من صيده، فلما أقبل علا نشزا من الأرض، ثم جعل في عمامته ريشتي نعامة، ولما قرب منه أومأ برقعة كانت معه وأنشأ فيها يقول:
نحن النجار وهذه أعلاقنا درّ وجود يمينك المبتاع
قلّب وفتشها بسمعك إنما هي جوهر تحتاره الأسماع
كسدت علينا بالشآم وكلما قلّ النفاق تعطل الصناع
فأتاك يحملها إليك تجارها ومطيها الآمال والأطماع
حتى أناخوها ببابك والرجا من دونك السمسار والبياع
فوهبت ما لم يعطه في دهره هرم ولا كعب ولا القعقاع
وسبقت هذا الناس في طلب العلى فالناس بعدك كلهم أتباع
يا بدر أقسم لو بك اعتصم الورى ولجوا إليك جميعهم ما ضاعوا
فالتفت بدر إلى أصحابه وخاصته وقال: من أحبني فليخلع على هذا الشاعر. قال علقمة: فو الله لقد خرجت من عنده ومعي سبعون بغلا تحمل الخلع، وأمر لي بعشرة آلاف درهم] «1» .
[مات بمصر سنة ثمان وثمانين وأربع مئة] «2» .
[9743] [بدر الإخشيذي مولى الأخشيذ محمد المعروف ببدير
ولي دمشق من قبل مولاه الإخشيذ في أيام الراضي في ذي الحجة سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. فقدم محمد بن رائق وزعم أن المتقي ولاه دمشق، فجلا بدير عن دمشق بعد وقعة وقعت بينهما، ثم وليها ثانية في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة من قبل كافور، وليها سنة ثم عزل
__________
[9743] ترجمته في تحفة ذوي الألباب 1/355 والوافي بالوفيات 10/94 وأمراء دمشق ص 17. وقد سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور.(71/366)
عنها، ووليها أبو المظفر الحسن بن طغج، وقبض على بدير في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة] «1» .
[9744] [بدر الشّمولي مولى شمول الكافوري
ولي إمرة دمشق نيابة عن أبي محمود المغربي «2» الذي كان أمير الأمراء بالشام في أيام المعز يوم الأربعاء لسبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة أربع وستين وثلاثمائة، فأقام بها أياما ثم عزل عنها في مستهل ربع الأول من السنة] .
[9745] بدر العطار أبو النجم ولي إمرة دمشق خلافة لأبي الفتح مظفر المنيري لما استدعي إلى مصر، وذلك في يوم الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعمئة.
قال ابن النحوي:
ثم وليها في سنة ست وأربعمئة خلافة لأبي عبد الله محمد بن بزال «3» حين سار عنها معزولا بساتكين «4» ، ثم وليها في شهر رجب سنة إحدى عشرة وأربعمئة بعد فتنة ولي العهد، وولي بعده أبو المطاع بن حمدان «5» ولايته الثالثة. وكانت مدة ولاية بدر الأولى ستة أشهر إلّا خمسة أيام، وقدم بدر واليا على الغوطتين «6» والشرطة، وجبل سنير «7» ، يوم الأحد لست خلون من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعمئة] .
__________
[9744] ترجمته في تحفة ذوي الألباب 1/389 وأمراء دمشق ص 36. وقد سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور.
وشمول بن عبد الله أبو الحسن الكافوري، مولى كافور الإخشيذي ترجمته في تحفة ذوي الألباب 1/369.
[9745] سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور. واستدركت ترجمته من تحفة ذوي الألباب 2/20- 21 وأمراء دمشق ص 36 وانظر تاريخ ابن القلانسي ص 66.(71/367)
[9746] [بدر الخرشني
كان أمير الأمراء ببغداد إلى أن تغلب بجكم التركي «1» ومحمد بن رائق «2» فخرج بدر إلى الشام، فولاه الإخشيذ محمد بن طغج «3» إمرة دمشق سنة ثلاثين وثلاثمائة في أيام المستكفي، وكانت ولايته لها شهرين، ومات سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، فقلد الإمرة الإخشيذ لأبي عبد الله الحسين بن لؤلؤ] «4» .
[9747] بديح مولى عبد الله بن جعفر [كان يقال له بديح المليح. وله صنعة يسيرة، وإنما كان يغني أغاني غيره. وقد روى بديح الحديث عن عبد الله بن جعفر] «5» . من أهل المدينة.
حدث بديح قال: كان عبد الله بن جعفر يحدثنا قال: فأقبل علي بن أبي طالب من سفر، فلقيناه غلمة من بني عبد المطلب، فينا الحسن والحسين، فلما دفعنا إليه تناولني فضمّني إليه، فقال: يابن أخي إني معلّمك كلمات سمعتهنّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قالهنّ عند وفاته دخل الجنة: «لا إله إلّا الله الحليم الكريم- ثلاث مرات- الحمد لله رب العالمين- ثلاث مرات- تبارك الذي بيده الملك يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير»
[14046] .
وعن بديح:
أن عبد الله بن جعفر قدم على عبد الملك بن مروان، فأهدى له رقيقا من رقيق المدينة، فقال له يحيى بن الحكم وهو عنده: إنما أهديت لأمير المؤمنين وحشا من وحش رقيق الحجاز.
__________
[9746] سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور. واستدركت ترجمته عن تحفة ذوي الألباب 1/346 وانظر أمراء دمشق ص 145 ومعجم البلدان 2/359 والنجوم الزاهرة 3/279. والخرشني هذه النسبة إلى خرشنة، بلد قرب ملطية من بلاد الروم (معجم البلدان 2/359) .
[9747] انظر أخباره في الأغاني 15/174، وفي مواضع أخرى فيها، انظر الفهارس العامة، والإكمال 1/216 وأنساب الأشراف 2/312 و 314 والوافي بالوفيات 10/103 والجرح والتعديل 1/1/437.(71/368)
وقال له يحيى بن الحكم «1» : ما فعلت خبثة «2» - يعني المدينة؟ قال له عبد الله بن جعفر: سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبة وسميتها خبثة! وفي رواية:
خالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما رأى الله إلّا سيخالف بينك وبينه «3» .
[قال أبو الحسن المدائني:
دخل عبد الله بن جعفر على معاوية ومعه بديح، فقال لبديح: هات بعض هناتك، فغنّى، فحرك معاوية رجليه، فقال ابن جعفر: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إن الكريم طروب «4» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «5» :
[بديح مولى عبد الله بن جعفر روى عن عبد الله بن جعفر، روى عنه عيسى بن عمر بن موسى. سمعت أبي يقول ذلك] «6» .
قال الأصمعي: قال الوليد بن عبد الملك لبديح: خذ بنا في المنى، فو الله لأغلبنّك قال: لا تغلبني.
قال: بلى لأفعلنّ، قال: فستعلم، قال الوليد: فإني أبدا أتمنّى ضعف ما تتمنّى أنت فهات، قال: فإني أتمنّى سبعين كفلا من العذاب، ويلعنّي الله لعنا كبيرا، فعليك ضعف ذلك. قال:
غلبتني قبّحك الله.
[قال ابن ماكولا] «7» :
[أما بديح بضم الباء وبالدال المهملة المفتوحة فهو بديح مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. روى عنه] «8» .(71/369)
[قال المدائني عن ابن جعدبة قال بديح:
أتى ابن قيس الرقيات منزل عبد الله بن جعفر عليهما السلام، فقال: يا بديح، استأذن لي، قال: فوجدته نائما، فجئت فوضعت وجهي بين قدميه، ثم نبحت نباح الكلب الهرم، فقال: مالك ويلك؟ قلت: جعلني الله فداك ابن قيس بالباب وكرهت أن يرجع حتى يدخل إليك.
فقال: أحسنت أدخله، فدخل، فأنشده:
تقدت بي الشهباء نحو ابن جعفر سواء عليها ليلها ونهارها
تزور فتى قد يعلم الله أنه تجود له كف يرجى انهمارها
فإن مت لم يوصل صديق ولم تقم طريق من المعروف أنت منارها
فقال: يا بديح أجر على الشهباء وصاحبها نزلا واسعا، وأمر لابن قيس بسبع مئة دينار ومطرف خز مملوء ثيابا من خز ووشي] «1» .
[قال البخاري] :
[بديح مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي عن عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم سمي المدينة طيبة.
قال لنا عمر بن عبد الوهاب عن جويرية، وعن عيسى بن عمر بن موسى، قال عمر: عن بديح إن شاء الله] «2» .
[9748] بديع بن عبد الله أبو الحسن مولى الميانجي
حدّث عن مولاه القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم المعيانجي بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أحبّوني لحبّ الله عز وجل، وأحبّوا أهل بيتي لحبيّ»
[14047] .(71/370)
[9749] برد «1» بن سنان أبو العلاء القرشي «2»
مولاهم من أهل دمشق سكن البصرة.
[روى عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وبديل بن ميسرة العقيلي، وبكير بن فيروز، وراشد بن سعد المقرائي، وسليمان بن حبيب المحاربي، وسليمان بن موسى الدمشقي، وعبادة بن نسي، وعبدة بن أبي لبابة، وعطاء بن أبي رباح، وعطية مولى السلم بن زياد، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن جحادة، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومكحول، وميمون بن مهران، ونافع مولى ابن عمر، وواثلة بن الأسقع، وأبي هارون العبدي.
روى عنه: إسماعيل بن علية، وإسماعيل بن عياش، وبشر بن المفضل، وبقية بن الوليد، وثابت بن يزيد الأحوال، وحاتم بن وردان، وحفص بن غياث، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وسعيد بن أبي عروبة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشريك بن عبد الله، وطلحة بن زيد الرقي، والعباس بن الفضل الأنصاري، وعبثر بن القاسم، وعبد الله بن عقيل الثقفي، والأوزاعي، وعبد السلام بن حرب، وعلي بن عاصم الواسطي، والعلاء بن برد بن سنان، وقدامة بن شهاب، وكهمس بن المنهال، ومحرز بن عبد الله، ومعتمر بن سليمان، وهشام الدستوائي، ويحيى بن حمزة الحضرمي] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[برد بن سنان أبو العلاء شامي، سكن البصرة روى عن مكحول، وسليمان بن موسى، ونافع، وعبادة بن نسي، وإسحاق بن قبيصة. روى عنه الثوري، وحماد بن سلمة، سمعت أبي يقول ذلك.(71/371)
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إليّ قال: سألت أبي عن برد بن سنان فقال: صالح الحديث.
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور الكوسج عن يحيى بن معين أنه قال: برد [بن سنان] أبو العلاء ثقة.
سألت أبي عن برد فقال: كان صدوقا وكان قدريا. سئل أبو زرعة عن برد بن سنان فقال: لا بأس به، بصري] «1» . [قال محمد بن إسماعيل البخاري] «2» :
[برد بن سنان أبو العلاء الشامي، سمع مكحولا، وعبادة بن نسي، والزهري، روى عنه الثوري، قال لي عمرو بن علي: مات سنة خمس وثلاثين ومئة.
قال أبو عبد الله: كان برد بن سنان قدم البصرة] » .
[قال خليفة بن خياط] «4» :
[وممن أتى الشامات، الطبقة الرابعة، برد بن سنان، مولى قريش مات سنة خمس وثلاثين ومئة. دمشقي] «5» .
[قال إسحاق بن منصور ومعاوية بن صالح عن يحيى بن معين: ثقة. وقال عباس الدوري عن يحيى: ليس بحديثه بأس، وكان شاميا نزل البصرة. قيل كما كان حديثه؟ قال:
نحو مئتي حديث.
قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنبيد: قلت ليحيى بن معين: برد بن سنان، كيف حديثه؟ قال: ليس به بأس.
قال المفضل بن غسان عن يحيى بن معين: محمد بن راشد ممن هرب من مروان «6» ،(71/372)
وهرب منه برد بن سنان وعيسى بن سنان، وليس بأخيه، فأقاموا بالبصرة ولم يرجعوا، فذاك سماع البصريين من برد بن سنان، يعني لأجل قتل الوليد.
قال عمرو بن علي عن يزيد بن زريع: ما رأيت شاميا أوثق من برد.
قال يعقوب بن سفيان: سألت عبد الرحمن بن إبراهيم أي أصحاب مكحول أعلى؟
فقال: - وذكر جماعة- ثم قال: ولكن زيد بن واقد وبرد بن سنان من كبارهم.
وقال النسائي: ليس به بأس] «1» .
حدّث عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان يؤاجر أرضه حتى ذكر رافع بن خديج أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرضين، فترك ذلك
[14048] . وحدّث برد بن سنان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله:
أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلّمه الصلاة، فجاء جبريل حين زالت الشمس، فتقدم جبريل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى الظهر، ثم جاءه حين صار الظّل كأنه مثل شخص الرجل، فتقدّم جبريل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى العصر، ثم جاءه جبريل حين وجبت «2» الشمس، فتقدّم جبريل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، ثم جاءه حين غاب الشّفق، فتقدّم جبريل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلّى المغرب، ثم جاءه حين غاب الشّفق، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى العشاء، ثم أتاه اليوم الثاني جبريل حين صار الظّل كأنه مثل شخص الرجل، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر، ثم جاءه حين صار الظّل مثل الرجل، فتقدّم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلّى العصر، ثم جاءه حين وجبت الشمس لوقت واحد، فتقدّم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى المغرب. قال: ثم قمنا نحو ثلث الليل، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى العشاء الآخرة، ثم جاءه حين أضاء الفجر(71/373)
وأضاء الصبح، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلّى الغداة، ثم قال: ما بين صلاتين وقت. قال: فسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فصلى بهم كما صلى به جبريل، ثم قال: «أين السائل عن الصلاة؟ ما بين الصلاتين وقت»
[14049] .
توفي برد بن سنان سنة خمس وثلاثين ومئة «1» .
ووثّقه قوم، وضعّفه آخرون قليلون، وكان قدريّا.
[9750] بركات بن عبد العزيز بن الحسين بن أحمد أبو الحسن بن أبي محمد الأنماطي
كان مستورا حافظا للقرآن، ولم يكن الحديث من شأنه.
حدّث عن أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«تجوّزوا في الصلاة فإن خلفكم الضّعيف والكبير وذا الحاجة»
[14050] .
ولد بركات ليلة نصف شعبان سنة خمس وأربعين وأربع مئة بدمشق. قال: وكان شيخا مغفّلا.
حكى أبو الحسين القيسي أنه قال له:
إن الناس يقولون: إن صلاتي كافرة، فقال له: إنما يقولون إنها بدعة. فقال: هو هذا.
وكان يديم الخروج إلى مغارة الدّم، ويصلي بمن يكون فيها النوافل جماعة، ولم يفرّق بين بدعة وكافرة، وحكي أنّه كان يعمّم الصبيان يوم العيد.
توفي يوم السبت ثامن عشر من رمضان سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.
[9751] بركات بن عبد الواحد بن محمد بن عمرو ابن حميد بن صدقة بن معترف الهمذاني الدّمشقي
سكن مصر.(71/374)
حدّث عن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بسنده عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة»
[14051] .
[9752] بركات بن علي بن الحسين ابن مسعود أبو سعد الأردبيلي
قدم دمشق مع أخيه أبي عمرو مسعود سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
أنشد أبو سعد بركات لأبي القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري:
وإذا سقيت من المحبّة جرعة ألقيت من فرط الخمار خماري
كم تبت جهدا ثم لاح عذاره فخلعت من ذاك العذار عذاري
[9753] بركة «1» الأردنّيّ ويقال: الأزديّ
[قال محمد بن إسماعيل البخاري] «2» :
[بركة الأردني الشامي، سمع مكحولا قوله، روى عنه محمد بن مهاجر] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» .
[بركة الأزدي روى عن عمر بن عبد العزيز، ومكحول. روى عنه محمد بن مهاجر الأنصاري، سمعت أبي يقول ذلك] «5» . [قال ابن ماكولا] «6» :
وأما بركة مثل الذي قبله إلا أن باءه مضمومة وراء ساكنة فهو بركة الأردني. روى عن مكحول. قال البخاري: حدث عن محمد بن مهاجر] «7» .
__________
[9753] ترجمته في الجرح والتعديل 1/1/439 والتاريخ الكبير 1/2/147 والإكمال لابن ماكولا 1/234.(71/375)
قال:
توضّأ مكحول في منزلي، فأتيته بمنديل، فأبى أن يتمندل، وتمسّح ببرقة «1» قبائه «2» وقال: إنّ فضل الوضوء بركة؛ وأنا أحبّ أن لا تعدو البركة ثوبي.
بركة بضم الباء وتسكين الراء.
[9754] بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث ابن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عديّ بن سهم بن مازن بن الحارث ابن سلامان بن أسلم بن أفصى، أبو عبد الله، ويقال: أبو سهل، ويقال: أبو ساسان، ويقال: أبو الحصيب الأسلمي صاحب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أسلم حين اجتاز به النبيّ صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة «3» ، وشهد غزوة خيبر، وأبلى يومئذ، وشهد فتح مكة، وكان معه أحد لواءي أسلم، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه؛ وكان يحمل لواءي أسامة «4» لمّا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض البلقاء بطلب قتلة أبيه بمؤتة. وخرج مع عمر إلى الشام لما رجع من سرغ «5» أميرا على ربع أسلم «6» .
[روى عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه ابنه سليمان بن بريدة، وعامر الشعبي، وعبد الله بن أوس الخزاعي، وابنه عبد الله بن بريدة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مولة، ونفيع أبو داود الأعمى، وأبو المليح بن أسامة الهذلي، وأبو المهاجر] «7» .
__________
[9754] الحصيب بمهملتين مصغرا كما في تقريب التهذيب. وترجمته في تهذيب الكمال 3/30 وتهذيب التهذيب وتقريبه 1/452 (703) (ط دار الفكر) والوافي بالوفيات 10/124 والاستيعاب 1/173 هامش الإصابة، وأسد الغابة 1/209 والإصابة 1/218 (629) (ط دار الفكر) والجرح والتعديل 1/1/424 والتاريخ الكبير 1/2/141 وطبقات ابن سعد 4/241 و 7/365 وسير أعلام النبلاء 4/101 (187) (ط دار الفكر) .(71/376)
[قال البخاري] «1» : [بريدة بن حصيب الأسلمي، له صحبة، نزل البصرة. قال لي عياش: حدثنا عبد الأعلى قال: ثنا الجريري عن أبي نضرة قال: كنت بسجستان فإذا بريدة الأسلمي فجلست إليه.
قال لي محمد بن مقاتل: أخبرنا معاذ حدثنا عبد الله بن مسلم الباهلي من أهل مرو، سمعت عبد الله بن بريدة يقول: مات والدي بمرو وقبره بجصين «2» وقال: هو قائد أهل المشرق يوم القيامة ونورهم.
مات في خلافة يزيد بن معاوية، ومات بعده الحكم بن عمرو الغفاري ودفن إلي جنبه] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم «4» .
[بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل، له صحبة، وقع إلى البصرة ثم سكن مرو، ومات بمرو وولده ثم، روى عنه عبد الله بن مولة وابناه سليمان وعبد الله. سمعت أبي يقول ذلك] «5» .
حدّث بريدة الأسلمي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطيّر من شيء «6» وكان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه؛ فإن أعجبه فرح بذلك ورئي بشر ذلك في وجهه؛ وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه.
روى بريدة:
أنه دخل على معاوية رجل يتناول عليا ويقع فيه؛ قال فقال: يا معاوية، تأذن في الكلام؟ قال فقال: تكلّم- وهو يرى أنه سيقول مثل ما قال صاحبه- فقال: سمعت(71/377)
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لأرجو أن أشفع عدد كلّ شجرة ومدرة» أفترجوها أنت يا معاوية ولا يرجوها عليّ؟ قال فقال: اسكت، فإنك شيخ قد ذهب عقلك.
قال أحمد بن سنان:
نزل بريدة بن الخصيب الأسلمي مرو عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قاله له: «كن في بعث المشرق، ثم في بعث خراسان، ثم اسكن مدينة مرو» . فقدمها، وأقام بها إلى أن توفي. وأوصى أن لا يدفن على جادّة. فحفر له على جادّة، فسقط، ثم تنحّوا به عن الجادّة، فدفنوه في زمن معاوية؛ وله عقب من ولده
[14052] .
ودفن بمرو رجلان من أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: بريدة والحكم الغفاريّ.
قال أحمد بن عثمان- وهو ابن الطّوسي:
بريدة اسمه عامر «1» بن خصيب، بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة.
وقيل:
إنّ بريدة مات في زمن يزيد بن معاوية سنة اثنتين أو ثلاث وستين «2» .
حدث بريدة قال:
كانت قريش جعلت مئة من الإبل لمن يأخذ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فيردّه عليهم حين توجّه إلى المدينة. فركب بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته من بني سهم، فتلقّى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «من أنت؟» قال: بريدة. فالتفت إلى أبي بكر فقال: «يا أبا بكر، برد أمرنا وصلح» «3» ؛ قال: «ثم ممّن؟» قال: من أسلم؛ قال لأبي بكر: «سلمنا» قال: «ثمّ ممّن؟» قال: من بني سهم. قال: «خرج سهمك» «4»
[14053] .
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطيّر، ولكن يتفاءل. وفي رواية: قال بريدة للنبيّ صلى الله عليه وسلم:
فمن أنت؟ قال: «أنا محمد بن عبد الله، رسول الله» . فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله(71/378)
وأنك عبده ورسوله. فأسلم بريدة وأسلم الذين معه جميعا، فلما أن أصبح قال بريدة للنبيّ صلى الله عليه وسلم: لا تدخل المدينة إلّا معك لواء. قال: فحلّ عمامته ثم شدّها برمح، ثم مشى بين يديه حتى دخل المدينة؛ فقال بريدة: يا رسول الله تنزل عليّ؟ قال: «أما إنّ ناقتي هذه مأمورة» . قال: فسارت حتى وقفت على باب أبي أيّوب فبركت. قال بريدة: الحمد لله الذي أسلمت بنو سهم طائعين غير مكرهين
[14054] .
حدّث محمد بن عمر الواقدي عمن ذكره من شيوخه قال: قال أبو بكر الصديق «1» :
يا رسول الله، نعم الرجل بريدة لقومه، عظيم البركة عليهم، مررنا به ليلة مررنا ونحن مهاجرون إلى المدينة، فأسلم معه من قومه من أسلم. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل بريدة لقومه وعزّ قومه»
، إنّ خير القوم من كان مدافعا عن قومه ما لم يأثم، فإنّ الآثم لا خير فيه»
[14055] . وغزا بريدة مع النبي صلى الله عليه وسلم ستّ عشرة غزوة «3» .
حدّث بريدة قال «4» :
شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر، فكنت فيمن صعد الثّلمة «5» ، فقاتلت حتى رأى بلائي ومكاني، وأبليت وعليّ ثوب أحمر، وما علمت أنّي ركبت في الإسلام ذنبا أعظم منه للشّهرة «6» .
حدّث بريدة قال:
لما كان يوم خيبر «7» أخذ اللواء أبو بكر، فرجع ولم يفتح له، فلما كان الغد أخذه عمر، فرجع ولم يفتح له، وقتل محمود بن مسلمة «8» . فرجع الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(71/379)
«لأدفعنّ لوائي غدا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، لن يرجع حتى يفتح له» .
فبتنا طيّبة أنفسنا أنّ الفتح غدا. فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، ثم دعا باللواء، وقام قائما فما منّا من رجل له منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا يرجو أن يكون ذلك الرجل؛ حتى تطاولت أنا لها، فدفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه؛ فدعا عليّ بن أبي طالب وهو يشتكي عينه. قال:
فمسحها ثم دفع إليه اللواء؛ وقال بريدة: إنه كان صاحب مرحب «1» .
وعن بريدة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وللحكم الغفاري «2» :
«أنتما عينان لأهل المشرق، وبكما يحشر أهل المشرق» . فقدما مرو وماتا بها
[14056] .
وعنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا بريدة إنّه لا يكلّ بصرك، ولا يذهب سمعك، أنت نور لأهل المشرق.
وعن ابن بريدة قال:
كان بريدة ربع الإسلام. قال أبو عبد الله: وإنما يعني بقوله ربع الإسلام، أن يكون الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني أبو بكر، والثالث عامر بن فهيرة مولى أبي بكر، والرابع بريدة الأسلمي.
حدّث رجل من بكر بن وائل قال «3» : كنت مع بريدة الأسلميّ بسجستان، قال: فجعلت أعرّض بعليّ وعثمان وطلحة والزّبير لأستخرج رأيه؛ قال: فاستقبل القبلة، فرفع يديه فقال: اللهمّ اغفر لعثمان، واغفر لعليّ بن أبي طالب، واغفر لطلحة بن عبيد الله، واغفر للزّبير بن العوام. قال: ثم أقبل عليّ فقال لي: لا أبا لك، أتراك قاتلي!؟ قال فقلت: والله ما أريد قتلك، ولكن هذا أردت منك. قال:
قوم سبقت لهم من الله سوابق، فإن يشأ يغفر لهم بما سبق لهم، [فعل] «4» ، وإن يشأ يعذبهم بما أحدثوا فعل. حسابهم على الله عزّ وجلّ.(71/380)
وكان بريدة يقول «1» :
لا عيش إلا طراد الخيل للخيل.
قال عبد الله بن مولة «2» «3» :
بينا أنا أسير بالأهواز على دابّة لي، فإذا بين يديّ رجل على دابّة له وهو يقول: اللهمّ ذهب قرني من هذه الأمّة، اللهمّ ألحقني بهم. فلحقته فقلت له: وأنا معك يرحمك الله.
قال: اللهم وصاحبي هذا إن أراد ذلك؛ قال: يا بن أخي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خير أمّتي قرن بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»
[14057] .
قال بعض رواته:
ولا أدري ذكر الثالثة أم لا. «ثم يظهر فيهم السّمن، ويزهقون «4» الشهادة ولا يسألونها» .
قال: فإذا الرجل بريدة.
قال عبد الله بن بريدة «5» :
مات والدي بمرو، وقبره بجصّين «6» ؛ وهو قائد أهل المشرق يوم القيامة ونورهم.
قال لي بريدة: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:
«أيما رجل من أصحابي مات ببلدة فهو قائدهم ونورهم يوم القيامة» «7»
[14058] .
[روي لبريدة نحو من مئة وخمسين حديثا] «8» .(71/381)
[قال ابن سعد] «1» :
أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني هاشم بن عاصم الأسلمي قال: حدثني المنذر بن جهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم بريدة بن الحصيب صدرا من سورة مريم، وقدم بريدة ابن الحصيب بعد أن مضت بدر وأحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فتعلم بقيتها، وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من ساكني المدينة، وغزا معه مغازيه بعد ذلك.
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسارى المريسيع فكتفوا وجعلوا ناحية واستعمل بريدة بن الحصيب عليهم. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بريدة بن الحصيب على أسلم وغفار يصدّقهم] «2» .
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بريدة ستكون بعوث فعليك ببعث خراسان، ثم عليك مدينة مرو، فإنه لا يصيب أهلها سوء، لأن ذا القرنين بناها» ] «3» .
[9755] بريد الكلبّي ثم العليميّ
والد البطريق بن بريد.
حدث عن أبيه أو عن عمّه الوليد- شك- قال:
كنت بالمدينة، فأصابتنا عكّة «4» أوفى الناس منها على جبل سلع «5» ، يلتمسون الرّوح «6»
__________
[9755] تقدمت ترجمة ابنه البطريق في 10/324 رقم 931 وسماه: بطريق بن بريد بن مسلم بن عبد الله. والعليمي بضم العين المهملة وفتح اللام وياء ساكنة، هذه النسبة إلى عليم، بطن من عذرة، وهو عذرة بن اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، انظر الأنساب (العليمي) واللباب العليمي) . وضبطت بريد بضم الباء وفتح الراء عن الإكمال 1/227.(71/382)
فجلست إلى شيخ قد جلس الناس إليه، كأنّ رأسه ولحيته ثغامة «1» ، فسلّمت؛ فقال: ممّن؟
فانتسبت له، فقال: ومن أيّ الأجناد؟ فقلت: من الشام. فقال: والله يا أخا أهل الشام، ليخرجنّ إليكم الروم، فليخرجنكم منها كفرا كفرا «2» ، وليقفنّ فوارس من الرومعلى جبلنا هذا؛ فليتشمّر أهل المدينة، ثم لينزلنّ الله نصره.(71/383)
[9531] أحمد بن إبراهيم بن عبد الله القرشي 15
[9532] أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن بشير ابن عبد الله بن الحسن بن يزيد بن عبد الله أبو الطيب المعروف بابن عبادل الشيباني 15
[9533] أحمد بن إبراهيم بن فيل أبو الحسن البالسي ثم الأنطاكي 16
[9534] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن بكار ابن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أبي أرطاة أبو عبد الملك القرشي البسري 18
[9535] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان أبو جعفر ابن أبي إسحاق القرشي 20
[9536] أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن علي بن بندار ابن عباد بن أيمن، أبو الحسين بن أبي إسحاق الدينوري 21
[9537] أحمد بن إبراهيم بن موسى المصاحفي 21
[9538] أحمد بن إبراهيم بن هشام بن ملّاس بن قسيم أبو عبد الله النميري، وقيل الغسّاني 22
[9539] أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى أبو حارثة الغسّاني 22
[9540] أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن داود بن سليمان ابن أيوب بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دحيم أبو الحسن الخزرجي، ويعرف بابن اللحياني 22
[9541] أحمد بن إبراهيم بن يونس بن محمد بن يونس أبو الحسين المقدسي الخطيب 23
[9542] أحمد بن إبراهيم، أبو جعفر الحلواني 23
[9543] أحمد بن إبراهيم، أبو العباس البغدادي المقرىء 23
[9544] أحمد بن إبراهيم، أبو سليمان الحرّاني 25
[9545] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر البيروتي المؤدّب 25
[9546] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر الصوفي الشيخ الصالح 25
[9547] أحمد بن إبراهيم، أبو العباس الحلبي الصفّار 26
[9548] أحمد بن إبراهيم، أبو بكر السّميرمي 26(71/385)
الجزء الثاني والسبعون
[مستدرك تاريخ مدينة دمشق]
المستدرك من حرف الجيم
[9756] جابر بن عمرو أبي صعصعة بن زيد بن عوف ابن منذر بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار، واسمه: تيم الله ابن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأنصاري النجاري أخو قيس بن أبي صعصعة
له صحبة. شهد أحدا وغزوة مؤتة من أرض البلقاء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، واستشهد بها، له ذكر، ولا أعرف له رواية.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر «1» بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد قال «2» : وكان لقيس ثلاثة إخوة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشهدوا بدرا منهم الحارث بن أبي صعصعة قتل يوم اليمامة شهيدا، وجابر ابنا أبي صعصعة قتلا يوم مؤتة شهيدين وأمهم جميعا أم قيس، وهي شيبة بنت عاصم بن عمرو بن عوف بن مبذول.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي إسحاق البرمكي، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا
__________
[9756] ترجمته في الاستيعاب 1/224 (هامش الإصابة) وأسد الغابة 1/305 والإصابة 1/215 والوافي بالوفيات 11/30 وتاج العروس: جبر وطبقات ابن سعد 3/517. وقد تقدم قسم من ترجمته في 11/241- 1064 ونستدرك التراجم التالية من النسخة المخطوطة أحمد الثالث المرموز لها بحرف د، وهي الأصل الوحيد المعتمد.(72/3)
أحمد بن معروف، نا الحسين بن محمّد، نا محمّد بن سعد قال في الطبقة الثانية: جابر بن أبي صعصعة بن زيد بن عوف بن مبذول، وأمه شيبة بنت عاصم بن عمرو بن عوف بن مبذول. شهد ... «1» وقتل يوم مؤتة شهيدا.
أنبأنا أبو القاسم العلوي وغيره، عن أبي بكر الخطيب، أنا الحسين بن محمّد الرافقي إجازة، أنا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل، أنا أحمد بن سعيد بن شاهين أخبرني مصعب بن عبد الله الزبيري عن عبد الله بن محمّد بن عمارة بن القداح قال: وأما غنم بن مازن بن النجار: فولد عمرا ومبذولا، فولد مبذول: حبيبا وعوفا، فمن ولدعوف: قيس بن أبي صعصعة، وهو عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول، شهد العقبة، وبدرا، وأخوه أبو كلاب بن أبي صعصعة، وأخوه الحارث بن أبي صعصعة، شهد أحدا والمشاهد بعدها حتى استشهد يوم اليمامة، وأخوه جابر بن أبي صعصعة شهد أحدا والمشاهد بعدها حتى استشهد بمؤتة «2» .
[9757] جابر الرّعيني والد سعيد بن جابر
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتح دمشق.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم بن عتّاب، أنا أحمد بن عمير إجازة.
ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد «3» ، أنا علي بن الحسن، أنا عبد الوهّاب بن الحسن، أنا أحمد بن عمير قراءة قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في تسمية من شهد فتح دمشق مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من التابعين: الرّعيني أبو سعيد بن جابر.
[9758] جابر النّخعي
حدث عن أبي الدّرداء بوصيته في مرض موته، وأظنه شهدها.
__________
[9757] ترجمته في الإصابة 1/258 نقلا عن ابن عساكر. والرعيني غير واضحة بالأصل، والمثبت عن الإصابة.(72/4)
روى عن أبو إسحاق السبيعي.
أنبأنا أبو علي الحداد، أنا محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة، أنا سليمان بن أحمد الطبراني، نا محمّد بن عبد الله الحضرمي، نا أبو كريب، نا أبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق قال: سمعت رجلا من النخع يدعى جابرا يقول: وجع أبو الدرداء فأتوه يعودونه وحضره الموت، فقال فيما يوصي: «اعبد الله كأنك تراه، وعد نفسك في الموتى، وإياك ودعوات المظلوم فإنهن مجابات، وعليك بصلاة الغداة، وصلاة العشاء، فاشهدهما، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا» ، قال: وما رأيته إلّا رفع حديثه هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
يحتمل أن يكون جابر روى هذا مرسلا، ويحتمل أن يكون شهد وفاة أبي الدرداء بدمشق كانت.
[9759] جارية بن أصرم الكلبي ثم الأجداري
أدرك الجاهلية، وذكر في الصحابة وهو ممّن كان بالشام، وأتى دومة الجندل» . أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا أبو نصر منصور بن محمّد السرخسي، نا إبراهيم بن إسحاق الغسيلي، نا محمّد بن عباد بن موسى، نا محمّد بن زياد بن زياد، نا شرقي بن القطامي الكلبي، أخبرني زهير بن منظور الكلبي عن جارية بن أصرم الأجداري، حي من كلب، قال: رأيت ودّا في الجاهلية بدومة الجندل في صورة رجل أدم «2» ، ثم ذكر الحديث.
وقال ابن مندة: جارية بن أصرم الأجداري حي من كلب «3» ، عداده في أعراب البصرة.
__________
[9759] ترجمته في أسد الغابة 1/312 والإصابة 1/216 والإكمال لابن ماكولا 2/1. والأجداري مثبت عن الإصابة وأسد الغابة.(72/5)
قرأت «1» على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «2» : أمّا جارية أوّله جيم وبعد الرّاء ياء معجمة باثنين من تحتها: جارية بن أصرم، صحابي، يعد في البصريين.
[9760] جارية بن عبد الله الأشجعي حليف بني سلمة
شهد اليرموك، وكان أميرا على بعض الكراديس.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو بكر بن يوسف، نا السري بن يحيى، نا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر قال:
وجارية بن عبد الله الأشجعي حليف بني سلمة على كردوس يعني أميرا يوم اليرموك «3» .
أخبرنا أبو غالب بن البنا، وأخوه أبو عبد الله قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، عن أبي الحسن الدارقطني.
ح وقرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني.
ح وقرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «4» .
قالا: في باب جارية بالجيم: جارية بن عبد الله الأشجعي، حليف لبني سلمة، كان على الميسرة يوم اليرموك مع خالد بن الوليد، قال ذلك سيف بن عمر، وقال ابن ماكولا: قاله سيف.
__________
[9760] تاريخ الطبري 2/336 والإكمال لابن ماكولا 2/2.(72/6)
[9761] جارية بن قدامة بن مالك بن زهير، ويقال: ابن قدامة ابن زهير بن الحصين بن رزاح بن أبي سعد، واسمه أسعد بن بجير ابن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مرّ أبو أيوب، ويقال: أبو قدامة، ويقال: أبو يزيد التميمي ثم السعدي، وقيل: اسمه جوي رية
له صحبة، وقيل: لا صحبة له، وهو من ساكني البصرة.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا.
روى عنه الأحنف بن قيس.
وشهد صفين مع علي أميرا «1» ، وقدم دمشق على معاوية.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن المزرفي «2» ، نا أبو الحسين بن المهتدي.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور.
قالا: أنا عيسى بن علي، أنا أبو القاسم البغوي، نا داود بن عمرو، نا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن الأحنف بن قيس، عن عمّ له وهو قدامة بن جارية قال: قلت: يا رسول الله قل لي قولا واقلل لعلّي أعقله، قال: «لا تغضب» فرددت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا كل ذلك يردّ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب»
[14059] .
[قال ابن عساكر:] كذا وقع في هذه الرواية، وقد قلبه، والصواب: جارية بن قدامة.
كذلك رواه سليمان بن داود الهاشمي، وأبو جعفر عبد الله بن محمّد النفيلي، عن أبي الزناد.
فأما حديث سليمان:
فأخبرناه أبو بكر عبد الغفار بن محمّد الشيروي في كتابه، وحدّثني أبو المحاسن عبد
__________
[9761] ترجمته في أسد الغابة 1/314 والإصابة 1/218 والاستيعاب 1/245 (هامش الإصابة) ، وطبقات ابن سعد 7/56 والوافي بالوفيات 11/37 والتاريخ الكبير 1/2/237 والطبري (الفهارس) والجرح والتعديل 1/1/520 والكامل لابن الأثير (الفهارس) وتهذيب الكمال 3/314 ط دار الفكر وتهذيب 1/357. وفي الإكمال لابن ماكولا 2/2: أسيد بدل أسعد.(72/7)
الرزّاق بن محمّد بن أبي نصر الطبسي عنه أنا أبو بكر الحيري، نا أبو العباس الأصم، نا العباس «1» بن محمّد الدوري، نا سليمان بن داود الهاشمي، نا عبد الرّحمن بن أبي الزناد، عن عروة، عن الأحنف بن قيس، أخبرني ابن «2» عمّ لي جارية بن قدامة قال: قلت: يا رسول الله قل لي قولا وأقلل، لعلّي أعقله، قال: «لا تغضب» قال: فقلت له مرارا، فكلّ ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب»
[14060] .
وأما حديث النّفيلي:
فأخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا عبد الرّحمن بن أحمد الهمداني، نا هلال بن العلاء، نا أبو جعفر النفيلي، نا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن الأحنف، عن جارية بن قدامة قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم فذكره نحوه.
وهكذا رواه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله ابن نمير، وعبد العزيز بن أبي حازم، عن هشام بن عروة.
وكذا رواه مفضّل بن فضالة قاضي مضر، ووهيب بن خالد، عن هشام إلّا أنهما لم يسميا جارية.
ورواه إسماعيل بن أبي أويس، عن [ابن] «3» أبي الزناد، عن أبيه، وهشام، عن عروة، عن الأحنف، عن ابن عمّ له، وهو عمّ جارية بن قدامة.
وكذلك رواه الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث المصريان، عن هشام، ورواه أبو معاوية الضرير، وأبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغسّاني، وسعيد بن يحيى اللخمي «4» المعروف بسعدان، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف، عن جارية، عن عمّه.
فأمّا حديث ابن جريج:(72/8)
فأخبرناه أبو بكر وجيه بن طاهر الشّحّامي، أنا أحمد بن الحسن الأزهري، أنا الحسن ابن أحمد المخلدي، أنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن مسلم الإسفرايني، نا يوسف بن سعيد بن مسلم، نا حجاج، عن ابن جريج، حدّثني هشام بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن الأحنف بن قيس، حدّث عنه بجير، عن ابن عم له، وهو جارية بن قدامة، أنّه قال: يا رسول الله قل لي قولا ينفعني، وأقلل لعلّي أعقله، قال: «لا تغضب»
[14061] . وأما حديث يحيى:
فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنا الحسن بن علي التميمي، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد الله بن أحمد «1» ، حدّثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن هشام، أخبرني [أبي] «2» عن الأحنف بن قيس، عن عم له يقال له جارية بن قدامة أن رجلا قال: يا رسول الله قل لي قولا وأقلل علي، فذكر الحديث.
قال يحيى: قال هشام: قلت: يا رسول الله، وهم يقولون لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم- يعني «3» يحيى بن سعيد- يقول: وهم يقولون.
أخبرناه أبو الحسن بن.... «4» ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو بكر الخرائطي، نا أبو زيد عمر بن شبة «5» بن عبيدة «6» النميري، نا يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، حدّثني أبي، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لي قولا وأقلل لعلّي أعقله، قال: «لا تغضب» فأعاد عليه مرارا كل ذلك يقول «لا تغضب»
[14062] .
وأما حديث ابن نمير:(72/9)
فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن عبد الملك، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد الله بن أحمد «1» ، حدّثني أبي، نا ابن «2» نمير، نا هشام، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن عمّ له يقال له جارية بن قدامة السعدي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قل لي قولا ينفعني وأقلل عليّ لعلي أعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب» فأعاد عليه حتى أعاد عليه مرارا كل ذلك يقول «لا تغضب»
[14063] .
أخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا عبد الرّحمن بن يحيى، نا أبو مسعود، أنا عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة قال: قلت: يا رسول الله أوصني وأقلل لعلّي أن أعيه، قال: «لا تغضب» فأعاد عليه، كلّ ذلك يقول: «لا تغضب»
[14064] .
وأما حديث ابن أبي حازم: فأخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو الحسن أحمد ابن محمّد بن عمران بن موسى بن الجراح بن الجندل، نا يحيى بن محمّد بن صاعد، نا محمّد ابن زنبور، نا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس التميمي يخبر عن ابن عم له وهو جارية بن قدامة أنّه قال: يا رسول الله قل لي قولا ينفعني وأقلل لعلّي أعيه، فقال: «لا تغضب» فعاد له مرارا، فرجع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «لا تغضب»
[14065] .
وأما حديث مفضّل:
فأخبرناه أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد، أنا عبد الرزّاق بن عمر بن موسى، أنا أبو بكر بن المقرىء، نا محمّد بن زبان وإسماعيل بن داود.... «3» قالا: نا زكريا بن يحيى، حدّثني- وقال ابن داود: نا- مفضل، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف أخبره أن ابن عمّ له قال: يا رسول الله قل لي قولا ينفعني الله....... «4» وأقلل لعلّي أعقله، قال: «لا تغضب» فأعاد عليه مرارا فيرجع إليه: «لا تغضب»
[14066] .(72/10)
اللفظ [لابن] «1» داود.
وقال ابن زبان: عن الأحنف، أن الأحنف أخبره أن ابن عم له قال: يا رسول الله، وساق الحديث.
وأما حديث وهيب:
فأخبرناه أبو الغنائم بن النرسي في كتابه، ثم أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمّد بن علي النرسي، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد عبد الوهّاب بن محمّد زاد أحمد وأبو الحسين الأصبهاني قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد «2» بن إسماعيل قال «3» : وقال لنا موسى: نا وهيب، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن بعض عمومته قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا.
وأما حديث ابن أبي أويس: فأخبرناه أبو سعد بن البغدادي، أنا محمود بن جعفر بن محمّد، أنا عمي أبو الحسين ابن أحمد بن جعفر، أنا إبراهيم بن السندي بن علي، أنا الزبير بن بكار، أنا أبو عبد الله إسماعيل بن أبي أويس عبد الله بن عبد الله «4» ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد، وعن هشام، عن عروة، عن الأحنف بن قيس، عن ابن عمّ له، وهو عم جارية بن قدامة قال: يا رسول الله قل لي قولا ينفعني وأقلل لعلي أعقله، قال: «لا تغضب» فعاد له مرارا فيرجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب»
[14067] .
وأما حديث الليث:
فأخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي وأبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الله الشالنجي «5» المقرىء ببغداد قالا: أنا أبو محمّد الصريفيني.(72/11)
ح وأخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو نصر الزينبي قالا: أنا أبو بكر محمّد بن عمر بن علي بن خلف الورّاق، نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث.
ح وأخبرناه أبو القاسم غانم خالد، أنا أبو الطيّب بن شمة، أنا أبو بكر بن المقرىء، نا أحمد بن عبد الوارث «1» قالا: نا عيسى بن حمّاد، زغبة، وقال ابن عبد الوارث: أنا الليث، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن الأحنف بن قيس، عن ابن عم له وهو عم جارية ابن قدامة أنه قال: يا رسول الله قل لي قولا وأقلل لعلي أعقله، قال: «لا تغضب» قال له مرارا فرجع إليه أن لا تغضب. وفي حديث ابن عبد الوارث: فيرجع إليه.
وأما حديث عمرو بن الحارث:
فأخبرناه أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر ابن المقرىء، أنا أبو العباس بن قتيبة، نا حرملة أنا ابن وهب، نا عمرو بن الحارث، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن ابن عمّ له وهو عم جارية بن قدامة قال له: يا رسول الله قل لي قولا ينفعني الله وأقلل لعلي أعقله، قال: «لا تغضب» فعاد له مرارا كل ذلك يرجع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب»
[14068] .
وأما حديث أبي معاوية [الضرير] .
فأخبرناه أبو عبد الله الفراوي، وأبو المظفر القشيري، قالا: أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا أبو عمرو بن حمدان.
ح وأخبرتنا أم المجتبى قالت: قرىء [على] «2» إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرىء. قالا: أنا أبو يعلى، نا سريج «3» بن يونس، نا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة أخبرني ابن عم لي- وقال ابن حمدان: عمّ لي- أنّه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: علّمني شيئا ينفعني الله به وأقلل لعلي أعي ما تقول، قال: «لا تغضب» فأعاد عليه مرارا يقول: «لا تغضب»
[14069] .(72/12)
أخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد الله بن أحمد»
، حدّثني أبي، أنا أبو معاوية، نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة قال: وأخبرني «2» عمّ أبي «3» أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني شيئا ينفعني وأقلل، فذكر الحديث. وأخبرناه أبو محمّد بن الأكفاني، وأبو المعالي ثعلبة بن جعفر قالا: أنا عبد الدائم بن الحسن، أنا عبد الوهّاب الكلابي، أنا أبو العباس عبد الله بن عتاب بن الزّفتي «4» ، نا أحمد بن أبي الحواري، أنا أبو معاوية، نا هشام، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة قال: حدّثني عمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني شيئا ينفعني الله به، وأقلل لعلي أعي ما تقول، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب» فأعاد عليه مرارا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم «لا تغضب»
[14070] .
وأما حديث أبي مروان:
فأخبرناه أبو السعود بن المجلي «5» ، نا أبو الحسين بن المهتدي، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد بن محمّد بن النّضر الديباجي، نا أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، نا محمّد بن حرب أبو عبد الله النّشائي، نا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغسّاني، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة، عن ابن عم له أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لي قولا ينفعني وأقلل لعلي أعيه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب» فأعاد عليه مرارا كلّ ذلك يقول: «لا تغضب»
[14071] .
وأما حديث سعيد بن يحيى:
فأخبرناه أبو محمّد السّيّدي، أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا الحاكم أبو أحمد «6» محمّد(72/13)
ابن محمّد، أنا محمّد بن مروان، وهو محمّد بن خريم، أنا هشام بن عمّار، نا سعيد ابن يحيى، نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة عن ابن عمّ له أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لي قولا ينفعني وأقلل لعلي أعيه، فقال: «لا تغضب» فأعاد عليه مرارا فقال: «لا تغضب» وأعاد عليه كل ذلك يقول: «لا تغضب»
[14072] .
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، وأبو العز ثابت بن منصور قالا: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن زاد أبو البركات وأبو الفضل بن خيرون قالا: أنا محمّد بن الحسن بن أحمد، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق، نا أبو حفص الأهوازي، نا خليفة بن خياط قال «1» : من بني سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة «2» ثم من بني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة: جارية بن قدامة «3» بن مالك بن زهير بن حصين بن رزاح «4» بن أسعد بن بجير بن ربيعة بن كعب بن سعد.
قال شباب «5» : نسبه أبو عبيدة قال أبو القيظان يكنى أبا أيوب وأبا يزيد، وله دار بالبصرة في معترض [بين] «6» سكة اصطفانوس «7» وسكة النجارية.
وذكره شباب في موضع آخر فقال «8» : جارية بن قدامة بن زهير بن حصين بن رزاح، فالله أعلم.
أنبأنا أبو طالب بن يوسف، وأبو نصر «9» بن البنا، قالا: قرىء على أبي محمّد(72/14)
الجوهري، عن أبي عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد قال «1» : في تسمية من نزل البصرة من الصحابة: جارية بن قدامة السعدي ابن زهير بن الحصين ابن رزاح بن أسعد بن بجير بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ولجارية بن قدامة أخبار ومشاهد، كان مع علي بن أبي طالب، بعثه علي بن أبي طالب، بعثه «2» إلى البصرة، وبها عبد الله بن عامر الحضرمي خليفة عبد الله بن عامر بن كريز فحاصروه في دار سنبل «3» ، رجل من بني تميم، وكان معاوية بعثه إلى البصرة يبايع له.
أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن الآبنوسي في كتابه، وأخبرني أبو الفضل محمّد ابن ناصر عنه، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو الحسين بن المظفر، أنا أبو علي أحمد بن علي المدائني، أنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال: جارية بن قدامة بن مالك بن زهير بن حصين بن رباح بن أسعد بن بجير بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو العلاء الواسطي، أنا أبو بكر البابسيري، أنا أبو أمية الأحوص بن المفضّل بن غسان، نا أبي قال في تسمية من نزل البصرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم من بني تميم: جارية بن قدامة أحد بني ربيعة بن كعب بن سعد.
قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس، عن ابن عم له يقال له جارية بن قدامة.
أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي في كتابه، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر، أنا أحمد ابن الحسن بن المبارك بن عبد الجبّار، ومحمّد بن علي، واللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهّاب بن محمّد بن موسى زاد أحمد ومحمّد بن الحسن قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا(72/15)
محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال «1» : جارية بن قدامة السعدي ثم التميمي عم الأحنف.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد.
ح قال: وأنا حمد بن عبد الله إجازة، قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال «2» :
جارية بن قدامة السعدي البصري أبو أيوب عم الأحنف بن قيس، له صحبة، روى عنه الأحنف بن قيس، سمعت أبي يقول ذلك. أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي بن الصّوّاف، نا محمّد بن عثمان بن محمّد بن أبي شيبة قال: جارية بن قدامة.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو صادق محمّد بن أحمد الفقيه، أنا أحمد بن أبي بكر العدل، أنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري «3» قال «4» : جارية بالجيم والراء غير معجمة منهم: جارية بن قدامة السعدي التميمي، شريف، يكنى أبا أيوب، وأبا يزيد، لحق النبي صلى الله عليه وسلّم، روى عنه، ثم صحب أمير المؤمنين عليا، وكان يقال له محرّق، لأنه أحرق ابن الحضرمي بالبصرة، وكان ابن الحضرمي وجه به معاوية إلى البصرة. ينعى قتل عثمان، ويستنفر أهل البصرة على قتال علي، فوجه علي جارية بن قدامة إليه، فتحصّن منه ابن الحضرمي بدار تعرف بدار سينبل «5» فأضرم جارية الدار عليه، فاحترقت بمن فيها، وكان جارية شجاعا مقداما فاتكا.
أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البنا قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، عن أبي الحسن الدارقطني.(72/16)
ح وقرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح بن المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني، قال: جارية بن قدامة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يختلف فيه على عروة بن الزبير، وهو التميمي السعدي.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي زكريا البخاري.
ح وحدّثنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، نا أبو الفتح نصر بن أبراهيم، أنا أبو زكريا عبد الغني بن سعيد الحافظ قال في كتاب جارية بالجيم: جارية بن قدامة، له صحبة.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله بن مندة، قال: جارية بن قدامة السعدي، عم الأحنف بن قيس التميمي، روى عنه الأحنف، وروى عن أبي «1» مرة فقال: عن جويرية بن قدامة.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «2» : أما جارية أوله جيم وبعد الراء ياء معجمة باثنين من تحتها: جارية بن قدامة التميمي السعدي عم الأحنف بن قيس، روى عروة بن الزبير عن الأحنف بن قيس، عن جارية بن قدامة «3» ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لي قولا لعل الله أن ينفعني به، ويختلف على عروة فيه، قال لنا النسابة العمري «4» عن ابن أخي اللبن «5» النسابة: هو جارية بن قدامة ابن مالك بن زهير بن حصين بن رباح «6» بن أسيد «7» بن بجير بن ربيعة بن سعد الفزر «8» كان صاحب علي رضي الله عنه، وكان فارسا سمحا «9» .
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطّيّوري، أنا الحسين بن جعفر، ومحمّد بن الحسن، وأحمد بن محمّد العتيقي.(72/17)
ح وأخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنا الحسين بن جعفر قالوا: أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد بن زكريا، نا صالح بن أحمد بن صالح، حدّثني أبي أحمد قال: جارية بن قدامة التميمي، بصري، تابعي، ثقة «1» .
أخبرنا أبو محمّد السلمي، نا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا: أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب قال: في تسمية أمراء يوم الجمل من أصحاب علي، قال: وعلى من خرج إليهم من تميم البصرة جارية بن قدامة.
وقال يعقوب في أسامي أمراء أصحاب علي بن أبي طالب يوم صفين: جارية بن قدامة التميمي.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أحمد بن إسحاق، نا أحمد ابن عمران، نا موسى «2» بن زكريا، نا خليفة بن خياط قال «3» : وقال أبو عبيدة في تسمية الأمراء من أصحاب علي يوم صفين: وعلى سعد والرباب جارية بن قدامة السعدي.
وقال «4» : سنة أربعين فيها بعث معاوية بن أبي سفيان بسر «5» بن أبي أرطاة أحد بني عامر بن لؤي إلى اليمن وعليها عبيد الله «6» بن العباس بن عبد المطلب فتنحى عبيد الله، وأقام بسر «7» عليها، فبعث علي جارية بن قدامة السعدي فهرب بسر ورجع عبيد الله بن عباس إليها، فلم يزل عليها حتى قتل علي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد البلخي، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن(72/18)
أيوب أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب «1» الطيبي، نا أبراهيم ابن الحسين الهمداني، نا يحيى بن سليمان الجعفي، حدّثني نصر بن مزاحم «2» ، ثنا عمر بن سعد في إسناده الأول.
أن عبد الرّحمن بن خالد بن الوليد خرج يومئذ ومعه لواء معاوية فجعل يقاتل ويقول:
أنا ابن سيف الله ذاكم خالد أضرب كلّ قدم وساعد
بصارام مثل الشهاب الواقد أنصر عمّي إنّ عمي والدي
بالجهد لا بل فوق جهد الجاهد [ما أنا فيما نا بني براقد] «3»
فخرج إليه جارية بن قدامة السعدي وهو يقول:
أثبت لصدر الرمح يا بن خالد أثبت لليث ذي فلول حارد
من أسد خفان شديد الساعد ينصر «4» خير راكع وساجدمن حقه عندي «5» كحق الوالد [ذاكم علي كاشف الأوابد] «6»
ثم اطّعنا «7» ، فلم يصنعا شيئا، وانصرف كل واحد منهما عن صاحبه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد، نا أبو الحسن الّلنباني «8» ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا «9» ، حدّثني أبو عثمان «10» القرشي ... وهو سعيد بن يحيى بن سعيد، نا محمّد بن سعيد قال: عبد الملك بن عمير قال: قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية، ومع معاوية على سريره الأحنف بن قيس،(72/19)
والحتات «1» المجاشعي فقال له معاوية: من أنت؟ قال: جارية بن قدامة- قال: وكان قليلا- قال: وما عسيت أن تكون، هل أنت إلا نحلة؟ قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين فقد شبهتني بها حامية اللسعة، حلوة البساق والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب، وما أمية إلا تصغير أمة.
قال معاوية: لا تفعل. قال: إنك فعلت. قال: ادن «2» فاجلس معي على السرير. قال: لا.
قال: لم؟ قال: رأيت هذين قد أماطاني عن مجلسك فلم أكن لأشركهما. قال: ادن أسارّك.
قال: إنّي اشتريت من هذين دينهما. قال: ومني فاشتر يا أمير المؤمنين [قال: لا تجهر] «3» «4» . قال: وأخبرني محمّد بن صالح القرشي، عن علي بن محمّد القرشي، عن مسلمة بن محارب، عن الفضل بن سويد قال: وفد الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة والحتات «5» بن يزيد المجاشعي على معاوية فقال لجارية: أنت الساعي مع علي بن أبي طالب والموقد النار في شعلك تجوس قرى عربية بسفك دمائهم. قال جارية: يا معاوية دع عنك عليا فما أبغضنا عليا مذ أحببناه ولا غششناه منذ نصحناه. قال: ويحك يا جارية ما كان على أهلك إذ سموك جارية قال: أنت يا معاوية كنت أهون على أهلك أن سموك معاوية قال: لا أم لك «6» قال: أم ما ولدتني، إن قوائم السيوف التي لقيناك بها بصفين في أيدينا قال: إنك لتهددني قال: إنك لم تملكنا قسرة ولم تفتتحنا عنوة، ولكن أعطيتنا عهودا ومواثيق، فإن وفيت لنا وفينا لك، وإن ترغب إلى غير ذلك فقد تركنا وراءنا رجالا مدادا وأذرعا شدادا وأسنة حدادا. فإن بسطت إلينا «7» فترا من غدر، دلفنا إليك بباع من ختر «8» . قال معاوية لا كثر [الله في] «9» الناس أمثالك. قال: قل معروفا يا أمير المؤمنين فقد بلونا قريشافوجدناك أوراها زندا. وأكثرها(72/20)
رفدا. فارعنا رويدا فإنّ شرّ الرعاء الحطمة «1» «2» .
أخبرنا أبو بكر محمّد بن كرتيلا، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد الخيّاط، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجري، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب الكاتب، حدّثني أبي، حدّثني أبو عمر محمّد بن مروان بن عمرو القرشي، أخبرني أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو القرشي، حدّثني أبي قال «3» : قال معاوية لآذنه: ائذن لجارية بن قدامة، فدخل وقضى سلامه فقال له: إيها يا جويرية بني قدامة قال: مهلا يا أمير المؤمنين بل جارية بن قدامة يا أمير المؤمنين، إنّا كنا نصار حرب يوم الفجار حين حزتم الغبار وهمت قريش بالفرار، فقال له: مه لا رضى لك، أنت الذي قريت أهل الشام ظبات السيوف وأطراف الرماح. قال: إي والله يا أمير المؤمنين أنا «4» هو، ولو كنت بالمكان الذي كان فيه أهل الشام لقريتك بمثل ما قريتهم به قال: فحاجتك يا أبا قندس. قال: أما إنها إليك غير طويلة تقر الناس في بيوتهم فلا توفدهم إليك، إنما يوفد إليك الأغنياء، وتذرون الفقراء في حكاية طويلة تأتي في غير هذا الموضع.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنا أبو صادق محمّد بن أحمد بن جعفر، أنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر الأصبهاني، أنا أبو أحمد العسكري، أنا أبو بكر بن الأنباري «5» ، أخبرني أبي، عن أحمد بن عبيد قال: بينا الأحنف في الجامع بالبصرة إذا رجل قد لطمه، فأمسك الأحنف يده على عينه «6» وقال: ما شأنك؟ فقال له: اجتعلت «7» جعلا على أن ألطم سيد بني تميم. فقال: لست سيدهم، إنما سيدهم جارية بن قدامة، وكان جارية في المسجد، فذهب الرجل فلطمه قال: فأخرج جارية من خفه سكينا وقطع يده، وناوله. فقال الرجل: ما أنت قطعت يدي، إنما قطعها الأحنف بن قيس.(72/21)
[9762] جامع بن بكار بن بلال أبو عبد الله العاملي
روى عن أبيه بكار بن بلال، وسعيد بن عبد العزيز، ويحيى بن أيوب، ومحمّد بن راشد المكحولي.
روى عنه ابنا «1» أخيه الحسن بن محمّد بن بكار، وهارون بن محمّد بن بكار، والهيثم ابن مروان [بن الهيثم بن عمران العنسي] «2» . أنبأنا أبو علي الحداد، وأبو سعد المطرز، قالا: أنا أبو نعيم الحافظ، نا محمّد بن أبراهيم، نا محمّد بن بركة الحلبي، نا يوسف بن سعيد بن مسلم، نا حجاج بن محمّد، عن ابن جريج قال ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عمر.
ح قال: ونا أبو محمّد بن حيان، نا أبو بكر بن معدان، نا الهيثم بن مروان، نا جامع بن بكار، نا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، أخبرني ابن شهاب عن سالم وعبد الله، عن.... «3» ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو قائم على المنبر: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل»
[14073] . لفظ حجاج.
كتب إليّ أبو الحسن محمّد بن مروان الزعفراني، وحدّثني أبو طاهر أبراهيم بن الحسن الفقيه عنه، أنا أبو بكر الخطيب، أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن الحسن بن علي الخلال، نا أحمد بن أبراهيم بن شاذان، نا عبد الله بن أبي داود، نا هارون بن محمّد بن بكار، نا أبي وعمّي جامع بن بكار، وكان أسنّ من أبي قالا: نا محمّد بن راشد، عن مكحول، عن نعيم بن حمّار وقال محمّد بن راشد: والحمصيون يقولون إنه همار «4» عن بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «امسحوا على الموقين «5» والخمار»
[14074] .
__________
[9762] ترجمته في تهذيب الكمال 3/317 وتهذيب التهذيب 1/357. وفي مختصر ابن منظور: أبو عبد الرحمن بدل أبو عبد الله.(72/22)
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو علي محمّد بن أحمد بن يحيى بن عبد الله.... «1» ، نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث إملاء، نا هارون بن محمّد ابن بكار، نا عمّي جامع بن بكار قال: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول:
لما قتل علي بن أبي طالب عليه السلام حملوه ليدفنوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هم في مسيرهم إذ ندّ الجمل الذي حملوا عليه عليا، فلم يدروا أين ذهب، ولم يقدر عليه. قال:
فلذلك يقول أهل العراق: هو في السحاب. أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو القاسم تمام بن محمّد، أنا جعفر بن محمّد بن جعفر، نا أبو زرعة. قال في ذكر أهل الفتوى بدمشق، قال:
محمّد بن بكار بن بلال وأخوه جامع «2» .
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي محمّد التميمي، أنا مكي بن محمّد بن الغمر، أنا أبو سليمان بن زبر، قال: وفيها يعني سنة تسع ومائتين مات جامع بن بكار بن بلال، وهو ابن تسع وستين سنة «3» .
قال: وأنا تمام بن محمّد، أخبرني أبي، نا محمّد بن جعفر بن محمّد بن ملّاس، نا الحسن بن محمّد بن بكار بن بلال قال: وتوفي أبو عبد الرّحمن عمّي جامع بن بكار العاملي في سنة تسع وستين «4» .
[9763] جامع بن مخنف الكلابي
من أهل كفربطنا «5» من إقليم داعية من قرى الغوطة، له ذكر في كتاب أحمد بن حميد ابن أبي العجائز.(72/23)
[9764] جانوش بن بك أبو الحسن الفرغاني
حدّث بدمشق، عن أبي يحيى الفضل بن يحيى الورّاق الحميدي.
روى عنه أبو هاشم عبد الجبّار بن عبد الصّمد.
أنبأنا أبوا محمّد هبة الله بن الأكفاني، وعبد الله بن السمرقندي، قالا: أنا أبو الحسن بن صصرى.
ح وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، ثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، قالا: أنا تمام ابن محمّد، نا عبد الجبّار بن عبد الصّمد، نا أبو الحسن جانوش بن بك الفرغاني، أنا أبو يحيى الفضل بن يحيى الورّاق.. بخجندة «1» ..، نا أبو علي بن الأزهر، نا عبد العزيز بن المغيرة، نا حماد بن سلمة، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن» قيل يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: «عليكم بالشام»
[14075] .
قرأت في كتاب أبي محمّد بن الأكفاني وذكر أنه نقله من خط بعض أصحاب الحديث في تسمية من سمع منه بدمشق سنة ست عشرة وثلاثمائة جانوش بن بك.
[9765] جبرون بن عبد الجبّار بن واقد الليثي
حدّث عن سفيان بن عيينة.
روى عنه سعيد بن [....] «2» العكاوي، وعلي بن داود القنطري «3» .
وكان أبوه عبد الجبّار من عبّاد أهل دمشق.
أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس، وأبو الفضائل، ناصر بن محمود بن علي الصايغ قالا: نا نصر بن إبراهيم المقدسي، أنا أبو القاسم عثمان بن الحسين بن أبراهيم، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد الواسطي، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد الملطي، حدّثني أبو بكر المؤدب وهو محمّد بن أبراهيم بن أسد الغنوي الصوري، نا أبو يحيى(72/24)
زكريا بن يحيى.... «1» ، نا سهيل بن سعيد، نا جبرون بن عبد الجبّار بن واقد الليثي الدمشقي، نا سفيان، عن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان آخر الزمان حرم فيه دخول الحمام على ذكور أمتي بميازرها» قالوا: يا رسول الله لم ذاك؟ قال: «لأنهم يدخلون على قوم عراة «2» ، ألا وقد لعن الله الناظر والمنظور إليه»
[14076] . قرأت على أبي محمّد السلمي عن أبي زكريا البخاري.
ح وحدّثني خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم، أنا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر، نا عبد الغني بن سعيد قال: جبرون بن واقد بالجيم عن سفيان بن عيينة، روى عنه علي بن داود القنطري.
[قال ابن عساكر] «3» كذا قال ونسبه إلى جده.
[9766] جبريل بن يحيى بن قرة بن عبيد الله بن عتبة بن سلمة ابن خويلد بن عامر بن عائذ «4» بن كلب بن عمرو بن لؤي ابن رهم «5» بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن الغوث أبو غالب البجلي الجرجاني
شهد حصار دمشق مع عبد الله بن علي، وولي بعض مغازي الروم في أيام المنصور، وولّاه المهدي سمرقند.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «6» قال: جبريل بن يحيى بن قرة بن عبيد الله بن عتبة بن سلمة بن خويلد بن عامر بن عائذ بن كلب يعني ابن عمرو بن لؤي ابن رهم بن معاوية بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن زيد بن كهلان.
__________
[9766] أخباره في تاريخ خليفة (الفهارس) ، الإكمال لابن ماكولا 1/43 في باب أحمس وتاريخ الطبري (الفهارس) والبداية والنهاية 10/83، 110، 138.(72/25)
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو محمّد بن الأكفاني، قالا: نا عبد العزيز الكتاني، أخبرني تمام بن محمّد، أخبرني أبي، نا محمّد بن صالح النطاح قال: قال أبو الخطاب محمّد بن الخطاب بن يزيد الأزدي: سار عبد الله بن علي من حمص حتى نزل ... «1» فأقام بها يومين ثم ارتحل، فنزل المزة من غوطة دمشق وهي ميلين من مدينة دمشق، وقدم صالح بن علي [مددا، فنزل مرج عذراء في] «2» ثمانية آلاف رجل معه من القواد بسام بن إبراهيم، وجبريل بن يحيى ويزيد بن هانىء الكندي، وهو على الشرطة، وأبو شراحيل في خيله وهو على حرسه، وخفاف بن منصور النمري المروزي في خيله، وسعيد بن عثمان التميمي من أهل.... «3» في خيله، والفضل بن دينار المروروذي في خيله فنزل صالح بن علي على باب الجابية، ونزل عبد الله بن علي على باب الشرقي «4» ونزل أبو عون «5» في قواده على بابكيسان، ونزل بسام بن إبراهيم على باب الصغير، ونزل عبد الصمد بن علي ومعه يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس بن عبد المطلب على باب الفراديس.... «6» ونزل العباس بن يزيد على باب توما «7» ، وفي دمشق الوليد بن معاوية بن مروان عامل عليها، وبدمشق يومئذ خمسون ألف مقاتل، فحاصرهم عبد الله بن علي يوم الاثنين، وقاتلهم من الأبواب كلها يوم الثلاثاء، ففتحها الله يوم الأربعاء لعشر ليال بقين «8» من رمضان سنة اثنتين وثلاثين ومئة. وكان أول من صعد السور من قبل الباب الشرقي عبد الله الطائي السمرقندي وبسام بن إبراهيم من باب الصغير وسود بالقحطانية بدمشق، ووقعوا بالمضرية فقتلوا منهم جماعة كثيرة وفتحوا الأبواب كلها وأسروا الوليد بن معاوية عامل(72/26)
دمشق، ودخلت عليهم الرايات السود الهاشمية من الأبواب كلها. فاستعرضتهم قتلا بالسيف ثلاث ساعات حتى المساء ثم رفع عنهم السيف باقي اليوم، وأعطوهم الأمان. وأمر عبد الله بن علي بهدم سور مدينة دمشق، وأقام عبد الله في عسكره، وأقام كل عسكر في مركزه خمسة عشر يوما، وقتل الوليد بن معاوية.
أخبرنا أبو غالب الماوردي، أنا أبو الحسن السيرافي، أنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق، نا أحمد بن عمران، نا موسى بن زكريا، نا خليفة بن خياط «1» : سنة أربعين ومائة فيها كتب أمير المؤمنين أبو جعفر لصالح بن علي يأمره ببناء مدينة المصّيصة فوجّه جبريل بن يحيى فرابط بها حتى بناها وفرغ منها سنة إحدى وأربعين ومائة.
وولي جبريل بن يحيى ناحية يعني من خراسان لأبي جعفر «2» .
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني وغيره، قالوا: أنا عبد العزيز الكتاني، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو القاسم بن أبي العقب، نا أبو عبد الملك أحمد بن أبراهيم، نا محمّد بن عائذ قال: في ذلك العالم يعني سنة اثنتين وأربعين ومائة وجّه صالح بن علي جبريل بن يحيى الخراساني في جماعة من أهل خراسان إلى المصّيصة فبنى مدينتها القديمة وعمّرها وأنزلها الناس.
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا محمّد بن هبة الله، أنا محمّد بن الحسن، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب قال «3» : سنة سبع وأربعين ومائة: خرج الترك «4» وسبوا سبايا(72/27)
كثيرة من المسلمين وأهل الذمة، ودخلوا تفليس «1» وهزموا جبريل بن يحيى البجلي وقتلوا حرب بن عبد الله «2» .
[9767] جبلة بن الأيهم بن جبلة بن الحارث بن أبي شمر، واسمه: المنذر بن الحارث
وهو ابن مارية ذات القرطين، وهو ابن ثعلبة بن عمرو بن جفنة، واسمه: كعب بن عامر بن جارية بن امرىء القيس، ومارية هي بنت أرقم بن ثعلبة بن عمرو ابن جفنة.
ويقال: جبلة بن الأيهم بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة بن جفنة بن عمرو بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد أبو المنذر الغساني الحنفي.
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: إنه أرسل إليه شجاع بن وهب يدعوه إلى الإسلام وكان منزله الجولان «3» وغيره من أعمال دمشق، ودخل دمشق غير مرة وأسلم ثم تنصّر ولحق ببلاد الروم وكان آخر ملوك غسان، وقيل: إنه لم يسلم قط «4» .
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي، أنا محمّد بن العباس، أنا أحمد بن معروف، نا الحارث بن أبي أسامة، أنا محمّد بن سعد «5» ، أنا محمّد بن عمر الأسلمي، حدّثني معمر بن راشد، ومحمّد بن عبد الله، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس.
__________
[9767] ترجمته في جمهرة ابن حزم ص 376 وتاريخ الطبري (الفهارس) والمحبر ص 276 و 372 والأغاني 15/157 وسير أعلام النبلاء 3/532 والبداية والنهاية 8/69 وشذرات الذهب 1/27 وتاريخ الإسلام (حوادث سنة 41- 60) ص 27 وتاريخ خليفة ص 98 وتاريخ اليعقوبي (الفهارس) والعقد الفريد (الفهارس) الوافي بالوفيات 11/53.(72/28)
قال: ونا أبو بكر عبد الله بن أبي سبرة، عن المسور بن رفاعة.
قال: ونا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه قال: ونا عمر بن سليمان بن أبي حثمة «1» ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة «2» ، عن جدّته الشفاء.
قال: ونا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي. قال: ونا معاذ بن محمّد الأنصاري، عن جعفر بن عمرو «3» بن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، عن أهله، عن عمرو «4» بن أمية [الضمري، دخل] «5» حديث [بعضهم] «6» في حديث بعض قالوا:
وكتب «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبلة بن الأيهم يدعوه إلى الإسلام، فأسلم، وكتب بإسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له هدية، ثم لم يزل مسلما حتى كان في زمن ابن عمر بن الخطاب، فبينا هو في سوق دمشق إذ وطىء رجلا من مزينة، فوثب المزني فلطمه، فأخذ وانطلق به إلى أبي عبيدة بنالجراح فقالوا: هذا لطم جبلة قال: فيلطمه. قالوا: أما يقتل؟
قال: لا، فقالوا: فما تقطع يده؟ قال: لا، إنّما أمر الله بالقود ...
قال جبلة: أترون أني جاعل وجهي ندّا «8» لوجه جدي [جاء من عمق] «9» بئس الدين هذا! ثم ارتدّ نصرانيا وترحّل بقومه حتى دخل أرض الروم، فبلغ ذلك عمر فشقّ عليه وقال لحسان بن ثابت: أبا الوليد، أما علمت أن صديقك جبلة بن الأيهم ارتدّ نصرانيّا؟ قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولم؟ قال: لطمه رجل من مزينة. قال: وحقّ له. فقام إليه عمر [بالدرة، فضربه] «10» بها. قال: عمق: موضع في ناحية المدينة. كذا في هذه الرواية.(72/29)
وروى غيره عن الواقدي: أنه أقام على نصرانيته إلى أن شهد اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب مع الروم، ثم أسلم بعد ذلك «1» ، وكذا ذكر ... «2» أيضا. وذكر عن الواقدي في كتاب الصوائف أن جبلة لم يسلم.... «3» عمر أن لا يأخذ منه الجزية، ويقبل منه الصدقة فامتنع عنه، فلحق بالروم فالله أعلم والأظهر بأنه أسلم ثم تنصّر.
كتب إليّ أبو علي بن نبهان ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد البلاقلاني قالا: نا أبو علي بن شاذان، نا عبد الله بن إسحاق، أنا عبد الله بن إسحاق ابن إبراهيم البغوي.
ح وأخبرنا أبو البركات أيضا، أنا طراد بن محمّد، أنا أحمد بن علي بن الحسين بن البنا، نا حامد بن محمد بن عبد الله الهروي قالا: أنا علي بن عبد العزيز بن المرزبان، نا أبو عبيد، نا أبو مسهر الدمشقي، نا سعيد بن عبد العزيز قال:
قال عمر بن الخطاب لجبلة بن الأيهم الغساني: يا جبيلة! فلم يجبه، ثم قال: يا جبلة فلم يجبه مرتين. ثم قال: يا جبلة [فأجابه، قال: اختر] «4» مني إحدى ثلاث: إمّا أن تسلم فيكون لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، وإما أن تؤدي الخراج، وإما أن تلحق بالروم، قال: ولحق بالروم.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي بن الصواف، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال: جبلة بن الأيهم الغساني أبو المنذر. أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الفضل بن خيرون، أنا أبو علي بن شاذان «5» ، أنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني المعروف ببرذويه قال:
فحدّثني أبو طالب محمّد بن علي بن دعبل الخزاعي عن العباس بن هشام بن محمّد الكلبي، عن أبيه، عن عوانة قال:(72/30)
كان جبلة بن الأيهم الغساني من ملوك آل جفنة وكان سيّدا فأسلم في زمن عمر بن الخطاب، فبينما هو على حاله إذ تصارع هو ورجل من العرب، فلطمه جبلة فهشم أنفه فحاكمه الرجل إلى عمر بن الخطاب، فحكم عليه بالقصاص، فأنف جبلة وخرج حتى لحق بأرض الروم، فغزا المسلمون الروم وحاصروا بمدينة من المدائن، فأشرف عليهم جبلة بن الأيهم فقال: أفيكم أحد من أهل المدينة من الأنصار ثم من الخزرج؟ فقال رجل: نعم، أنا من الأنصار ثم من الخزرج، فقال: ما فعل صاحبكم حسان بن ثابت؟ قال: تركته حيا وقد كفّ بصره، قال: فرمى إليه بصرّة فيها ألف دينار وقال: احملها إليه فإن وجدته حيا فأقرئه مني السلام وأعطه..... «1» وإن وجدته ميتا.... «2» وأنظمها على قبره.
قال: وقال غيره.... «3» على قبره قال: فقدمت المدينة فأتيت حسان بن ثابت فسلم عليه فقال: إني لأجد منك ريح آل جفنة.... قلت: إن جبلة يقرأ عليك السلام قال: فمدّ يده إليّ، فقلت: ما تريد.... «4» هات ما معك.... «5» السلام قط إلّا مع صلته وهي ألف دينار فناوله، وأخبره بما قال فقال: لوددت أنك وجدتني ميتا.... «6» فلي قبولي، ثم قال «7» :
إن ابن جفنة من بقية معشر لم يغذهم آباؤهم باللّوم «8»
[قال الكلبي: «9» ذكروا أنه لما أسلم جبلة بن الأيهم الغسّاني من ملوك جفنة في خلافة عمر بن الخطاب، كتب إلى عمر يعلمه بإسلامه ويستأذنه في القدوم عليه، فلما وصل كتابه إلى عمر(72/31)
سرّه ذلك، وكتب إليه يأذن له في القدوم عليه، فخرج جبلة في خمسين ومئة «1» رجل من أهل بيته حتى إذا كانوا من المدينة على ميلين عمد إلى أصحابه فحملهم على الخيل وقلّدها قلائد الفضة وألبسهم الديباج وسرق الحرير «2» ، ولبس تاجه فيه قرطا مارية وهي جدته. قال: وبلغ عمر بن الخطاب، فبعث إليه بالنزل هناك، ثم دخل المدينة في هيئته. قال: فلم تبق بكر ولا عانس إلّا خرجت تنظر إلى جبلة وموكبه، فأقبل حتى دخل على عمر بن الخطاب، فسلّم عليه ورحّب به عمر، وسرّ بإسلامه وبقدومه، ثم أقام أياما، وأراد عمر الحج من عامه ذلك، فخرج جبلة معه مشهورا بالموسم ينظر إليه الناس ويتعجّبون من هيئته وكماله. قال: فبينا جبلة يطوف بالبيت إذ وطىء رجل من بني فزارة إزاره من خلقه فانحلّ، فما ورع جبلة أن رفع يده فهشم أنف الفزاري «3» ، فولّى الفزاريّ والدماء تشخب من أنفه حتى استعدى عليه عمر بن الخطاب، فبعث إلى جبلة فأتاه، فقال له: يا جبلة هشمت أنف الرجل؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، اعتمد حلّ إزاري، ولولا حرمة الكعبة لضربت بالسيف بين عينيه، فقال له عمر: أما أنت فقد أقررت، فإمّا أن ترضي الرجل، وإلا أقدته منك، قال: تصنع ماذا؟ قال عمر: إمّا أن يهشم أنفك كما هشمت أنفه، وإمّا أنترضيه. قال جبلة: أو خطير هو لي «4» ؟ قال: نعم. قال:
وكيف وأنا ملك وهو سوقة؟ قال عمر: الإسلام قد جمعك وإياه، فلست تفضله إلا بالعافية «5» . قال جبلة: والله لقد ظننت يا أمير المؤمنين أن سأكون في الإسلام أعزّ مني في الجاهلية. قال عمر: هو ما ترى إما أن تقيده أو ترضيه. قال جبلة: إذا أتنصّر. قال عمر: إن فعلت قتلتك. قال: لم؟ قال: لأنك قد دخلت في الإسلام فإن ارتددت قتلتك. قال: فلما رأى جبلة أن عمر لا تأخذه في الله لومة لائم وليست له حيلة، واجتمع من حيّ الفزاري وحيّ جبلة على باب عمر جمع كثير حتى كادت تكون فتنة عظيمة، فقال: أنا أنظر في هذا الأمر ليلتي هذه، وانصرف إلى منزله، وتفرّق الناس، فلما ادلهمّ الليل عليهم تحمّل جبلة في أصحابه من ليلته إلى الشام، وأصبحت المدينة منه ومن قومه بلاقع، ثم أتى الشام فتحمّل في(72/32)
خمس مئة أهل بيت نم عكّ وجفنة حتى دخل القسطنطينيّة في زمن هر قل فتنصّر هو وقومه فلما رأى ذلك هر قل أقطعه حيث شاء وأجرى عليه من النّزل ما شاء، وجعله من سمّاره ومحدثيه، وظنّ أنه فتح من الفتوح عليه عظيم، فمكث دهرا، ثم إنّ عمر بدا له أن يكتب إلى هر قل كتابا يدعوه إلى الله عز وجل وإلى الإسلام، فكتب إليه ووجه به مع رجل من أصحابه «1» ، فأتى هر قل، فأعطاه كتاب عمر، فسرّ به وأجاب إلى كل خير من غير أن يجيب إلى الإسلام، ولما أراد صاحب عمر الخروج من عنده، قال هرقل يا عربي قال: قل ما تشاء؟ قال: هل لقيت ابن عمك؟ قال: من ابن عمي؟ قال: جبلة بن أيهم الغسّاني. قال: لا، قال: فألقه وانظر إلى حاله، قال صاحب عمر: فأتيت جبلة بن أيهم، فما إخالني رأيت بباب هرقل من السرور والبهجة ما رأيت بباب جبلة، فلما استأذنت عليه أذن لي، فدخلت، فقام إليّ ورحّب بي وألطفني وعانقني وعاتبني في ترك النزول عليه. قال: وإذا هو في بهو عظيم فيه من التماثيل والهول ما لا أحسن أصفه، وإذا هو في جماعة على سرير من ذهب وأربع قوائمه أسد من ذهب، وإذا هو رجل أصهب «2» ذو سبال «3» ، وإذا هو قد أمر بالذهب الأحمر فسحك «4» فذرّ في لحيته، واستقبل مجلسه ذلك عين الشمس، فما أحسبني رأيت شيئا قطّ أحسن منه، ثم أجلسني على شيء لم أتبيّنه فلما تبيّنته إذا هو كرسيّ من ذهب، فانحدرت عنه، فقال: ما لك؟
قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا وشبهه، قال: وسألني عن الناس، وألحف في السؤال عن عمر، ثم جعل يتنهّد حتى عرف الحزن فيه، فقلت: ما يمنعك من الرجوع إلى قومك وإلى الإسلام؟ قال: بعد الذي كان! قلت: نعم، وكان الأشعث بن قيس الكندي ارتدّ عن الإسلام فضرهم بالسيف ومنعهم الزكاة، ثم دخل في الإسلام وزوّجه أبو بكر الصديق، فقال: دع هذا عنك، ثم أومأ إلى وصيف قائم على رأسه فولى يحضر فما شعرنا إلّا بالصناديق يحملها الرجال، فوضعت أمامنا مائدة من ذهب فاستعفيت منها، فأمر بمائدة خلنج «5» فوضعت(72/33)
أمامي، وسعى علينا من كل حارّ وبارد في صحاف ذهب وفضّة، قال: وأداروا علينا الخمر فاستعفيت منها، فأمر برفعها، فلما فرغنا من الطعام، أتي بطشت من ذهب وإبريق من ذهب فتوضّأ، ثم أومأ إلى وصيف له فولّى يحضر، فما كان إلا هنيهة حتى أقبل عشر جوار فقعد خمس على يمينه وخمس عن يساره على كراسي العاج، قال: ثم سمعت وشوشة خلفي، فإذا عشر أخر لم أر مثلهن حسنا وجمالا أفضل من الأول، فقعد خمس عن يمينه وخمس عن يساره على كراسي الخزّ والوشي، ثم أقبلت جارية من أحسن ما تكون من الجواري بطائر أبيض مؤدب، في يدها اليمنى جام ذهب فيه مسك وعنبر سحينان «1» وفي يدها اليسرى جام من فضّة فيه ماء ورد وزنبق لم أشمّ مثله فنفرت بالطائر فانحدر في جام المارود والزنبق، فأعقب بين ظهره وبطنه وجناحيه فلم يدع منه شيئا إلا احتمله، ثم نفرت «2» به حتى سقط على صليب في تاج جبلة «3» ، ثم رفرف بجناحيه فلم يبق عليه شيء إلّا كان على جبلة على رأسه ولحيته. قال: ثم دعا بمكّوك «4» طويل من ذهب شرب فيه خمسة خمرا أعدها عدا، ثم استهل واستبشر ثم قال للجواري: أطربنني قال: فخفقن بعيدانهن، واندفعن يغنّين «5» :
لله درّ عصابة نادمتهم يوما بجلّق في الزمان الأوّل «6»
أولاد جفنة عند «7» قبر أبيهم قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص «8» عليهم صهبا «9» تصفّق بالرحيق السّلسل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم شمّ الأنوف من الطراز الأول(72/34)
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم لا يسألون عن السواد المقبل «1»
قال: فطرب ثم قال: هل تعرف هذا الشعر؟ قلت: لا، قال: قاله ابن الفريعة حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا وفي ملكنا، قال: قلت: نعم أما إنه ضرير كبير، قال: ثم سكت هنيّة ثم قال: أطربنني، فخفقن بعيدانهنّ واندفعن يغنّين «2» :
لمن الدار أقفرت «3» بمعان بين فرع «4» اليرموك فالصّمّان «5»
فالقريّات من بلاس فداريّ افسكّاء فالقصور الدواني «6»
فحمى «7» جاسم إلى مرج ذي الصّف ر مغنى قبائل وهجان
تلك دار العزيز بعد ألوف «8» وحليل عظيمة الأركانصلوات المسيح في ذلك الدّي ر دعاء القسّيس والرهبان «9»
ذاك مغنى لآل جفنة في الدّه ر محاه «10» تعاقب الأزمان
قال: هل تعرف هذه المنازل ومن قائلها؟ قلت: لا، قال: يقولها ابن الفريعة فينا وفي ملكنا ومنازلنا بأكناف غوطة دمشق حسان بن ثابت. قال: ثم سكت طويلا، ثم قال:
بكّينني. قال: فوضعن عيدانهنّ، ونكّسن رؤوسهن. واندفعن يقلن «11» :(72/35)
تنصّرت الأشراف من عار لطمة وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنّفني فيها لجاج ونخوة وبعت بها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني رجعت إلى القول الذي قاله عمر «1»
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر
ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
أدين بما دانوا به من شريعة وقد يصبر العود الكبير على الدّبر
قال: وانصرف الجواري وجعل يده على وجهه يبكي حتى نظرت إلى دموعه تحول على لحيته كأنها فصيص اللؤلؤ. قال: وبكيت معه، ثم نشف دموعه بكمه ومسح وجهه، ثم قال: يا جارية هاتي، فأتت بخمس مئة دينار هرقلية، قال: ادفع به إلى حسان بن ثابت وأقرئه مني السلام، ثم قال: يا جارية هاتي، فأتته بخمس مئة دينار هرقلية قال: خذها صلة لك، فأبيت عليه، قلت: لا أقبل صلة رجل ارتدّ عن الإسلام وأمير المؤمنين عليه ساخط، فحرص بي، فأبيت عليه «2» ، ثم ودع وقال: أقرىء عمر بن الخطاب مني والمسلمين السلام، ثم خرجت من عنده فأتيت عمر، فقال: هيه ما يصنع هرقل؟ فخبرته، ثم قال: هل لقيت جبلة ابن أيّهم الغسّاني؟ قلت: نعم قال: وتنصر؟ قلت: نعم. قال: أو رأيته يشرب الخمر؟ قلت:
نعم، قال: أبعده الله، تعجل فانية بباقية فما ربحت تجارته، فما الذي سرّح به معك؟ قلت:
وجّه إلى حسان بن ثابت خمس مئة دينار، واقتصصت عليه القصّة من أولها إلى آخرها. قال:
هاتها، فدفعتها إليه، فقال: يا غلام ادع لي حسان بن ثابت، فدعي، فلما دخل عليه وكان ضريرا ومعه قائده، قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين إني لأجد روائح آل جفنة عندك.
قال: نعم، قد أتاك الله من جبلة بمعونة، ونزع لك منه على رغم أنفه، قال: فأخذها وولّى وهو يقول «3» : إنّ ابن جفنة من بقية معشر لم يغذهم أباؤهم باللّوم «4»
لم ينسني بالشام إذ هو ربّها لا»
لا ولا متنصّرا بالروم(72/36)
يعطي الجزيل ولا يراه عنده إلا كبعض عطيّة المذموم «1»
وأتيته يوما فقرب مجلسي وسقى فروّاني من الخرطوم «2»
وقيل إن جبلة توفي في أول خلافة معاوية بأرض الروم سنة أربعين من الهجرة.
[9768] جبلة بن سحيم، أبو سويرة
ويقال: أبو سريرة- براءين- التيمي، ويقال الشيباني «3» الكوفي.
[روى عنه حنظلة الأنصاري، وعامر بن مطر الشيباني، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعلي بن حنظلة الشيباني، ومعاوية بن أبي سفيان، ومغيث بن سمي، وأبي المثنى مؤثر بن عفازة العبدي. روى عنه: جعفر بن عمر بن أبي الزبير، وحجاج بن أرطاة، ورقبة بن مصقلة، وزيد بن أبي أنيسة، وسفيان الثوري، وسليمان بن فيروز الشيباني، وشعبة بن الحجاج، وعبد الملك بن حميد بن أبي غنية، وعريف بن درهم التيمي، وعمرو بن عبد الله السبيعي، وعمرو بن قيس الملائي، والعوام بن حوشب، وغيلان بن جامع، وقيس بن الربيع، ومسعر بن كدام.
عن علي بن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: آدم بن علي أثبت أو أحب إليك أو جبلة؟ قال: جبلة.
قال أحمد بن حنبل: ثقة. وزاد: كيس، حسن الحديث] «4» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «5» :
[جبلة بن سحيم التيمي أبو سريرة الكوفي. سمع ابن عمر، روى عنه مسعر، نسبه
__________
[9768] ترجمته في تهذيب الكمال 3/326 وتهذيب التهذيب 1/361 وطبقات ابن سعد 6/312 وطبقات خليفة 161 وتاريخ خليفة (الفهارس) والجرح التعديل 1/1/508 والتاريخ الكبير 1/2/219 وسير أعلام النبلاء 5/315 وشذرات الذهب 1/169. وسحيم بمهملتين مصغرا، كما في تقريب التهذيب.(72/37)
علي، قال يحيى القطان: كان ثقة. كان سفيان وشعبة يوثقانه] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[جبلة بن سحيم التيمي، وهو من شيبان، روى عن ابن عمر، وحنظلة رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم روى عنه الثوري، وشعبة، ومسعر، وزيد بن أبي أنيسة سمعت أبي يقول ذلك.
سمعت أبي يقول: جبلة بن سحيم صالح الحديث. وقال مرة: ثقة] «3» .
قال جبلة: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وقبض إبهامه في الثالثة»
[14077] .
قال جبلة بن سحيم:
دخلت على معاوية بن أبي سفيان وهو في خلافته وفي عنقه حبل وصبيّ يقوده، فقلت: يا أمير المؤمنين أتفعل هذا وأنت على أربع؟! فقال: يا لكع اسكت، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان له صبي فليتصاب له»
[14078] .
توفي جبلة بن سحيم في فتنة الوليد بن يزيد «4» .
وقال: وتوفي سنة خمس وعشرين ومئة «5» .
[9769] جبلة بن مطر
[قال أبو عبد الله البخاري] «6» :
__________
[9769] ترجمته في الجرح والتعديل 1/1/510 والتاريخ الكبير 1/2/220.(72/38)
[جبلة بن مطر قال لي حسن بن عبد العزيز، ثنا يحيى بن حسان قال: ثنا الحسن بن يحيى الخشني قال: ثنا جبلة بن مطر، قال: سمعت فضالة بن عبيد يقول: كل ما رد عليك قوسك وصويلجانك. قال عبد الله بن يوسف: الصويلجان: المعراض.
حديثه في الشاميين] «1» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «2» :
[جبلة بن مطر روى عن فضالة بن عبيد، مرسل. روى عنه الحسن بن يحيى الخشني. سمعت أبي يقول ذلك] «3» .
قال جبلة بن مطر: سمعت فضالة بن عبيد يقول:
كل ما ردّ عليك سيفك وصويلجانك.
قال عبد الله بن يوسف:
الصويلجان: المقراض.
[9770] جبير بن الحويرث بن نقيذ ابن بجير بن عبد بن قصي بن كلاب، ويقال: الحويرث بن نقيذ بن عبد بن قصي القرشي.
له رؤية وإدراك للنبي صلى الله عليه وسلم، وليست له رواية عنه.
[حدث عن أبي بكر، وعمر.
حدث عنه: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع] «4» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «5» :
__________
[9770] ترجمته في الجرح والتعديل 1/1/512 وأسد الغابة 1/322 وسير أعلام النبلاء 3/439 والإصابة 1/225 وطبقات خليفة رقم 1991 والاستيعاب 1/232 (هامش الإصابة) .(72/39)
[جبير بن الحويرث روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، روى عنه سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع سمعت أبي يقول ذلك] «1» .
حدّث جبير بن الحويرث قال: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» «2»
[14079] .
قال جبير بن الحويرث:
رأيت أبا بكر رضي الله عنه واقفا على قزح وهو يقول: أيها الناس أصبحوا، أيها الناس أصبحوا، ثم دفع وإني لأنظر إلى فخذه قد انكشفت مما يخرش بعيره بمحجنه.
وفي حديث آخر:
يعني من جمع.
وقزح جبل المزدلفة. ويخرش أو يجرش بالجيم. قالوا: الخرش: الكدّ والاستحثاث، والمحجن: العصا المعوجّة للرأس. وقد يكون المحجن الصولجان، والخرش أن يضربه بالمحجن ثم يجتذبه إليه يريد بذلك تحريكه للإسراع والسير.
قال جبير بن الحويرث «3» :
حضرت يوم اليرموك المعركة. فلا أسمع الناس كلمة ولا صوتا إلا نقف الحديد «4» بعضه بعضا، إلا أني قد سمعت صائحا يصيح يقول: يا معشر المسلمين يوم من أيام الله أبلوا فيه بلاء حسنا، وإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد بن أبي سفيان.
قال الزبير بن بكار:
والحويرث بن نقيذ بن بجير بن عبد بن قصي، كان ممن أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة، وكان مؤذيا لله ورسوله «5» .(72/40)
[9771] جبير بن مطعم بن عديّ بن نوفل ابن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب
أبو محمد- ويقال أبو عدي القرشي المكي.
له صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[روى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
روى عنه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن صرد الصحابي، وعبد الله بن باباه المخزومي، وعبد الله بن أبي سليمان، وعبد الرحمن بن أذينة، وأبو سروعة عقبة بن الحارث، وعلي بن رباح اللخمي، وابنه محمد بن جبير بن مطعم، ومحمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، وابنه نافع بن جبير بن مطعم، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
قال الزبير بن بكار:
فولد مطعم بن عدي: جبيرا، أسلم وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يؤخذ عنه النسب، وهو أحد الذين دفنوا عثمان بن عفان، وهو صلى عليه، وسعيدا الأكبر، وعروة، والوليد، وسعيدا الأصغر، بني مطعم بن عدي، وأمهم أم جميل بنت شعبة بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عارم بن لؤي، وأمها أم حبيب بنت العاص بن أمية. قال أحمد بن عبد الله بن البرقي: ولد جبير بن مطعم محمدا الأكبر، درج، ومحمد الأصغر، وأم كلثوم كانت عند سليمان بن صرد الخزاعي فولدت له، جاء عنه من الحديث نحو من عشرين، وتوفي بالمدينة، سنة تسع وخمسين] «1» .
__________
[9771] ترجمته: وهو من رجال مسند الإمام أحمد حديثه في المسند من 16731- 16786 وفي تهذيب الكمال 3/332- 888 وتهذيب التهذيب وتقريبه: 2/31- 944 وفي الإصابة 1/225 وأسد الغابة 1/323 والاستيعاب 1/230 هامش الإصابة ونسب قريش ص 201 وتهذيب الكمال 3/332 وتهذيب التهذيب 1/362 والوافي بالوفيات 11/58 والجرح والتعديل 1/1/512 والتاريخ الكبير 1/2/223 والعبر 1/59 وشذرات الذهب 1/64 وسير أعلام النبلاء 3/95 والمعارف (الفهارس) وتهذيب الأسماء واللغات 1/1/146 والمحبر ص 67 و 69 وطبقات خليفة ترجمة 43.(72/41)
كان أبوه هو الذي قام في نقض صحيفة القطيعة، وكان يحنو على أهل الشعب، ويصلهم في السر، وهو الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من الطائف حتى طاف بعمرة] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي، والد محمد ونافع، قال لنا محمد بن كثير أخبرنا سليمان بن كثير عن حصين عن محمد بن طلحة بن ركانة عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي أفضل من ألف فيما سواه غير الكعبة] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي، مدني، له صحبة، روى عنه ابناه محمد ونافع. سمعت أبي يقول ذلك. - وروى عنه سليمان بن صرد الخزاعي] «5» . حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة قاطع»
[14080] .
وحدث جبير قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، قال: فلما سمعته يقرأ:
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ
[سورة الطور، الآيات: 35] . إلى قوله: فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ
[سورة الطور، الآيات: 38] ، كاد قلبي يطير «6» .
وعن جبير قال:
قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في فداء الأسرى، فاضطجعت في المسجد بعد العصر وقد أصابني الكرى فنمت، فأقيمت صلاة المغرب، فقمت فزعا بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ
[سورة الطور، الآيتان: 1 و 2] ، فاستمعت قراءته حتى خرجت من المسجد، فكان يومئذ أول ما دخل الإسلام قلبي.(72/42)
قال جبير بن مطعم «1» :
لما بعث الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم، وظهر أمره بمكة، خرجت إلى الشام، فلما كنت ببصرى «2» أتتني جماعة من النصارى، قالوا: أمن الحرم أنت؟ قلت: نعم. قالوا: فتعرف هذا الذي تنبأ فيكم؟ قلت: نعم. قال: فأخذوا بيدي، فأدخلوني ديرا لهم فيه تماثيل وصور، فقالوا لي: انظر، هل ترى صورة هذا النبي الذي يبعث فيكم؟ فنظرت فلم أر صورته، قلت:
لا أرى صورته، فأدخلوني ديرا أكبر من ذلك الدير، وإذا فيه تماثيل وصور أكثر مما في ذلك الدير، فقالوا لي: انظر، هل ترى صورته؟ فنظرت فإذا أنا بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصورته، وإذا أنا بصفة أبي بكر وصورته، وهو آخذ بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا لي: هل ترى صفته؟
قلت: نعم، فقلت: لا أخبرهم حتى أعرف ما يقولون، قالوا: أهو هذا؟ قلت؟ وأشاروا إلى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: اللهم [نعم] «3» أشهد أنه هو، قالوا: أتعرف هذا الذي أخذ بعقبه؟ قلت: نعم، قالوا: نشهد أن هذا صاحبكم، وأن هذا الخليفة من بعده.
وحديث جبير أيضا قال «4» : كنت أكره أذى قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لما ظننت أنهم سيقتلونه خرجت حتى لحقت بدير من الديارات، فذهب أهل الدير إلى رأسهم، فأخبروه فقال: أقيموا له حقه الذي ينبغي له ثلاثا. فلما مرت ثلاث رأوه لم يذهب، فانطلقوا إلى صاحبهم فأخبروه فقال: قولوا له: قد أقمنا لك حقك الذي ينبغي لك، فإن كنت وصبا فقد ذهب وصبك «5» ، وإن كنت واصلا فقد نأل «6» لك أن تذهب إلى من تصل، وإن كنت تاجرا فقد نأل لك أن تخرج إلى تجارتك، قال: ما كنت واصلا ولا تاجرا وما أنا بنصب، فذهبوا إليه فأخبروه فقال: إن له لشأنا فسلوه ما شأنه؟ قال: فأتوه فسألوه فقال: لا والله إلا أني في قرية إبراهيم، وابن عم «7» يزعم أنه نبي(72/43)
فآذاه قومه «1» وتخوفت أن يقتلوه، فخرجت لئلا أشهد ذلك. قال: فذهبوا إلى صاحبهم فأخبروه بقولي، قال: هلموا، فأتيته فقصصت عليه قصتي «2» ، فقال: تخاف أن يقتلوه؟
قلت: نعم، قال: وتعرف شبهه لو تراه مصوّرا؟ قلت: نعم عهدي به قريب، فأراه صورا مغطاة، فجعل يكشف صورة صورة ثم يقول أتعرف؟ فأقول: لا، حتى كشفت صورة مغطاة، فقلت: ما رأيت شيئا أشبه بشيء من هذه الصورة [به] «3» كأنه طوله وجسمه وبعد ما بين منكبيه، قال: فتخاف أن يقتلوه؟ قال: أظنهم قد فرغوا منه. قال: والله لا يقتلوه ولنقتلن من يريد قتله، وإنه لنبي، وليظهرنه الله، ولكن قد وجب حقك علينا، فامكث ما بدا لك وادع بما شئت، قال: فمكثت عندهم حينا ثم قلت: لو اطلعتم فقدمت مكة فوجدتهم قد أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. فلما قدمت قامت إلي قريش فقالوا: قد تبين لنا أمرك وعرفنا شأنك، فهلم أموال الصبية التي عندك استودعكها أبوك، فقلت: ما كنت لأفعل حتى تفرقوا بين رأسي وجسدي، ولكن دعوني أذهب فأدفعها إليهم، فقالوا: إن عليك عهد الله وميثاقه ألا تأكل من طعامه. قال: فقدمت المدينة وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فدخلت عليه، فقال لي فيما يقول: إني لأراك جائعا، هلموا طعاما. قلت: لا آكل حتى أخبرك، فإن رأيت أن آكل أكلت، قال: فحدثته بما أخذوا علي، قال: فأوف بعهدك «4» ولا تأكل من طعامنا ولا تشرب من شرابنا. قال عبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيره:
كان من إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المؤلفة قلوبهم من أصحاب المئين من بني نوفل بن عبد مناف: جبير بن مطعم مئة من الأبل «5» .
وعن ابن عباس قال «6» : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة قريب مكة في غزوة الفتح:
«إن بمكة أربعة نفر من قريش أربأ بهم عن الشرك وأرغب لهم في الإسلام» ، فقيل: وما(72/44)
هم يا رسول الله؟ قال: «عتّاب بن أسيد، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو»
[14081] .
وعن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«أدخلوا علي، ولا تدخلوا علي إلا بني عبد المطلب» فدخل جبير من تحت القبة فأخذوا برجله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أرسلوه فإن ابن أخت القوم منهم»
[14082] .
وعن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
يا جبير، أتحب إذا خرجت سفرا أن تكون من أمثل أصحابك هيئة وأكثرهم زادا؟
فقلت: نعم بأبي أنت وأمي، قال: فاقرأ هذه السورة: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ
، وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
، وافتح كلّ سورة ببسم الله الرحمن الرحيم، واختم قراءتك ببسم الله الرحمن الرحيم» .
قال جبير: وكنت غير كثير المال، فكنت أخرج مع من شاء الله في السفر، فكنت أبذهم هيئة وأقلهم زادا، فما زلت منذ علمنيهن وقرأتهن أكون أحسنهم هيئة وأكثرهم زادا حتى في سفري ذلك وفي إقامتي، وما كان من أصحابي أحد أقل دينا مني
[14083] .
كان «1» جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة، وكان يقول: إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أنسب العرب.
ولما «2» أتي عمر بن الخطاب بسيف النعمان بن المنذر، دعا جبير بن مطعم فسلّحه إياه ثم قال: يا جبير، ممن كان النعمان؟ قال: كان رجلا من أشلاء قنص بن معدّ. وكان جبير أنسب العرب للعرب.
كان «3» مطعم بن عدي أبو جبير من أشراف قريش، وكان كافا عن أذى سيدنا(72/45)
رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر: «لو كان مطعم بن عدي حيا لوهبت له هؤلاء النتنى» «1» ، وذلك ليد كانت لمطعم عند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أجاره حين رجع من الطائف، وقام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم حين حصروا في الشّعب، وكان مبقيا على نفسه، لم يكن يشرف لعداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولإيذائه ولا يؤذي أحدا من المسلمين كما كان يفعل غيره. ومدحه أبو طالب في قصيدة له.
وتوفي مطعم بن عدي بمكة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة واحدة، ودفن بالحجون، مقبرة أهل مكة، وكان يوم توفي ابن بضع وتسعين سنة. وكان يكنى أبا وهب. ورثاه حسان ابن ثابت بقصيدته التي يقول فيها «2» :
فلو كان مجد يخلد اليوم واحدا من الناس أنجى «3» مجده اليوم مطعماأجرت رسول الله منهم فأصبحوا عبيدك ما لبّى ملبّ وأحرما
تزوج جبير بن مطعم امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، فقرأ: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ
[سورة البقرة، الآية: 237] . قال: أنا أحق بالعفو منها، فسلّم لها المهر كاملا فأعطاها إياه «4» .
توفي جبير بن مطعم سنة ثمان وخمسين. وقيل سنة تسع وخمسين.
[قدم المدينة في فداء الأسارى من قومه، وكان موصوفا بالحلم ونبل الرأي. وكان شريفا مطاعا.
وفد على معاوية في أيامه.
عد خليفة جبيرا في عمال عمر على الكوفة، وأنه ولاه قبل المغيرة بن شعبة.
الزبير، حدثنا المؤملي، عن زكريا بن عيسى عن الزهري، أن عمرو بن العاص قال لأبي موسى لما رأى كثرة مخالفته له: هل أنت مطيعي؟ فإن هذا الأمر لا يصلح أن ننفرد به حتى نحضره رهطا من قريش، نستشيرهم فإنهم أعلم بقومهم، قال: نعم ما رأيت، فبعثنا إلى(72/46)
خمسة: ابن عمرو، وأبي جهم بن حذيفة، وابن الزبير، وجبير بن مطعم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقدموا عليهم] «1» .
[قال خليفة بن خياط] «2» :
[ومن بني نوفل بن عبد مناف بن قصي: جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، أمه أم جميل بنت سعيد بن عبد الله بن أبي قيس بن عبدود بن عامر بن لؤي. مات بالمدينة سنة خمس وخمسين] «3» .
[يقال: إن أول من لبس طيلسانا بالمدينة جبير بن مطعم] «4» .
[9772] جبير بن نفير بن مالك بن عامر أبو عبد الرحمن ويقال أبو عبد الله الحضرمي
من أهل حمص. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقدم دمشق وسمع بها.
[روى عن النبي مرسلا، وعن بشر بن جحاش، وثوبان، وخالد بن الوليد، وذي مخبر الحبشي، وسبرة بن فاتك، وسفيان بن أسيد، وسلمة بن نفيل التراغمي، وشداد بن أوس، وشرحبيل بن السمط، وعبادة بن السمط، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو ابن العاص، وعبد الله بن معاوية الغاضري، والعرباض بن سارية، وعقبة بن عامر، وعمر بن الخطاب، وعمرو بن عنبسة، وعوف بن مالك الأشجعي، وكعب بن عياض، ومالك بن يخامر، ومحمد بن أبي عميرة، والمستورد بن شداد، والمقداد بن الأسود، ونفير بن مالك، أبيه، والنواس بن سمعان، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي بكر الصديق، مرسلا، وأبي ثعلبة الخشني، وأبي الدرداء، وأبي ذر، وعائشة.
__________
[9772] ترجمته في تهذيب الكمال 3/334 وتهذيب 1/362 والوافي بالوفيات 11/59 الجرح والتعديل 1/1/512 والتاريخ الكبير 1/2/223 حلية الأولياء 5/138 تذكرة الحفاظ 1/49 وسير أعلام النبلاء 4/76 وطبقات ابن سعد 7/440 والإصابة 1/259 والاستيعاب 1/232 (هامش الإصابة) ، وأسد الغابة 1/324.
ونفير: بالتصغير، بضم النون وفتح الفاء وسكون الياء، الوافي بالوفيات، وتقريب التهذيب، والإصابة.(72/47)
روى عنه: ثابت بن سعد الطائي، والحارث بن يزيد الحضرمي، وحبيب بن عبيد، وخالد بن معدان، وربيعة بن يزيد، وزيد بن أرطأة، وزيد بن واقد، وسليم بن عامر، وشرحبيل بن مسلم، وشريح بن عبيد، وصفوان بن عمرو، وعبد الرحمن بن جبير بن مطعم، وعبد الرحمن بن ميسرة، ولقمان بن عامر، ومكحول الشامي، ونصر بن علقمة، والوليد بن عبد الرحمن الجرشي، ويحيى بن جابر الطائي، ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، وأبو إدريس السكوني، وأبو الزاهرية الحمصي، وأبو عثمان شيخ لمعاوية بن صالح الحضرمي] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جبير بن نفير الحضرمي، أبو عبد الرحمن، سمع أبا الدرداء، وأباذر، كناه شريح وأبو حيوة، سكن الشام. قال لنا عبد الله بن صالح عن معاوية عن سليم بن عامر عن جبير بن نفير، قال: لقد استقبلت الإسلام من أوله فلم أزل أرى في الناس صالحا وطالحا.
وقال لنا علي: حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية سمع أبا الزاهرية: عن جبير بن نفير بن مالك بن عامر الحضرمي، وكان جاهليا إسلاميا] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» : [جبير بن نفير الحضرمي أبو عبد الرحمن شامي، روى عن أبي ذر، وأبي الدرداء، والنواس بن سمعان، وسلمة بن نفيل التراغمي، روى عنه ابنه عبد الرحمن، وأبو الزاهرية، سمعت أبي يقول ذلك.
سئل أبو زرعة عن جبير بن نفير، فقال: حضرمي، شامي، ثقة. سئل أبي عن جبير بن نفير، فقال: ثقة من كبار تابعي أهل الشام القدماء] «5» .
[قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم: أي الرجلين عندك أعلم. أبو إدريس الخولاني(72/48)
أو جبير بن نفير؟ قال: أبو إدريس عندي المقدم، ورفع من شأن جبير بن نفير.
قال النسائي: ليس أحد من كبار التابعين، أحسن رواية عن الصحابة من ثلاثة، قيس ابن أبي حازم، وأبي عثمان النهدي، وجبير بن نفير] «1» .
حدث جبير بن نفير «2» عن النواس بن سمعان الكلابي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله تبارك وتعالى ضرب مثلا صراطا مستقيما على كنفي الصراط، سوران لهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور، وداع يدعو على رأس الصراط وداع من فوقه، والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، فالأبواب التي على كنفي الصراط حدود الله، لا يقع أحد في حدود الله حتى يكشف ستر الله، والذي يدعو من فوقه واعظ الله تبارك وتعالى»
[14084] .
حدث جبير بن نفير عن المقداد بن الأسود قال:
جاءنا المقداد بن الأسود لحاجة له فقلنا: اجلس عافاك الله حتى نطلب لك حاجتك، فجلس فقال: العجب من قوم مررت بهم آنفا يتمنّون الفتنة، يزعمون ليبتليهم الله فيها بما ابتلى رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وايم الله، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن السعيد لمن جنب الفتن، يوردها ثلاث مرات، وإن ابتلي وصبر» ، وايم الله، لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يقول عليه، بعد حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر إذا استجمعت غليا»
[14085] .
قال جبير بن نفير:
دخلت على أبي الدرداء بدمشق وبين يديه جفنة من لحم، فقال لي: يا جبير، اجلس فأصب من هذا اللحم، فإن كنيسة في ناحيتنا أهدى لنا أهلها مما ذبحوا لها، فجلست فأكلت معه «3» . وقيل إن جبير بن نفير لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه صحب الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.(72/49)
وقيل إنه أسلم في خلافة أبي بكر، وكان ثقة فيما يروي من الحديث.
وحدث جبير بن نفير قال «1» :
أدركت الجاهلية وأتانا رسول [رسول] «2» الله صلى الله عليه وسلم باليمن فأسلمنا. في حديث طويل.
وحدث جبير بن نفير قال:
قد استقبلت الإسلام من أوله، فلم أزل أرى في الناس صالحا وطالحا «3» .
حدث جبير بن نفير «4» :
أن يزيد بن معاوية كتب إلى معاوية فذكر أن جبير بن نفير قد نشر في أهل مصري حديثا، فقد تركوا القرآن، قال: فبعث إلى جبير، فقرأ عليه كتاب يزيد، فعرف بعضه، وأنكر بعضه، فقال معاوية: لأضربنك ضربا أدعك لمن بعدك نكالا، قال جبير: يا معاوية لا تطغ فيّ، يا معاوية، إن الدنيا قد انكسرت عمادها، وانخسفت أوتادها، وأحبها أصحابها، قال:
فجاء أبو الدرداء فأخذ بيد جبير فقال: والذي نفس أبي الدرداء بيده لئن كان تكلم [به] «5» جبير لقد تكلم به أبو الدرداء، ولو شاء جبير أن يخبر أنه إنما سمعه من أبي الدرداء لفعل، ولو ضربتموه يا معاوية، لضربكم الله بقارعة تحل بدياركم فتتركها منكم بلاقع «6» .
وعن جبير بن نفير قال:
خمس خصال قبيحة في أصناف من الناس: الحدّة في السلطان، والحرص في القرّاء، والفتوّة في الشيوخ، والشح في الأغنياء، وقلة الحياء في ذوي الأحساب.
توفي جبير بن نفير سنة خمس وسبعين. وقيل سنة ثمانين «7» .(72/50)
[9773] جحّاف بن حكيم بن عاصم بن قيس ابن سباع بن خزاعي بن محارب بن هلال بن فالج ابن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور السّلمي
قال الجحّاف بن حكيم «1» :
دخلت على عبد الملك بن مروان وهو خليفة فقال لي: ما قلت في حرب قيس وتغلب؟ قال: قلت:
صبرت سليم للطعان وعامر وإذا جزعنا لم نجد من يصبر
قال: كذبت من يصبر كثير. قال: ثم قلت:
نحن الذين إذا علوا لم يضجروا يوم الطعان وإن علوا لم يفخروا «2»
قال: صدقت، كذلك حدثني أبي عن أبي سفيان قال: لما انهزم الناس ورجعوا أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على وادي حنين فبصر ببني سليم في أيديهم الحجف «3» والرماح والسيوف ولم ينهزموا، فلما نظر إليهم على تلك الحال قال: «أنا ابن العواتك من سليم ولا فخر»
[14086] .
قال الجحاف:
وقد قال شاعرنا لبني هاشم: اذكروا حرمة العواتك منا يا بني هاشم بن عبد المناف
قد ولدناكم ثلاث ولادا ت خلطنا الأشراف بالأشراف
قال الحسن بن علان:
الجحاف بن حكيم السلمي الذكواني الذي وقع ببني تغلب الوقعة المشهورة بالبشر «4»
__________
[9773] ترجمته في جمهرة ابن حزم ص 263- 264 الوافي بالوفيات 11/60 وأسد الغابة 1/326 والإصابة 1/266 والأغاني 12/198. وفي الوافي بالوفيات، محارب بن مرة بن فالج. وفيه أيضا: بهته بدل بهثة.(72/51)
فبقر بطون النساء، ثم خرج هاربا لعظم ما أتى إليهم، فحمل الحجاج بن يوسف تلك الحمالة لبني تغلب عنه، يقال إنه لم تكن حمالة قط أعظم منها.
وروي أن عبد الله بن عمر رأى الجحّاف وهو يطوف بالبيت ويقول: اللهم اغفر لي، وما أراك تفعل، فقال له: يا عبد الله، لو كنت الجحّاف ما زدت على ما تقول، قال: فأنا الجحّاف «1» .
حدث عمر بن عبد العزيز بن مروان «2» :
إنه حضر الجحاف بن حكيم السلمي والأخطل عند عبد الملك بن مروان والأخطل ينشد:
ألا سائل الجحّاف هل هو ثائر بقتلى أصيبت من سليم وعامر؟ «3» قال: فقبّض وجهه في وجه الأخطل ثم قال:
نعم سوف نبكيهم بكلّ مهنّد ونبكي عميرا بالرماح الخواطر «4»
يعني عمير بن الحباب السّلمي.
ثم قال: لقد ظننت يا بن النصرانية أنك لم تكن تجترىء علي، ولو رأيتني لك مأسورا، وأوعده، فما زال الأخطل من موضعه حتى حمّ، فقال له عبد الملك: أنا جارك منه. قال:
هذا أجرتني منه يقظان فمن يجيرني منه نائما؟ فضحك عبد الملك.
وفي رواية «5» : أن الجحاف كان عند عبد الملك بن مروان فدخل عليه الأخطل فأنشده:
ألا أبلغ الجحّاف هل هو ثائر بقتلى أصيبت من سليم وعامر؟(72/52)
قال: وهم يأكلون تمرا، قال: فجعل الجحاف يأخذ التمرة ويجعلها في عينه من الغضب، ثم نهض وقد سقط رداؤه من جانب، وهو يجرّه، فقال عبد الملك للأخطل:
ويحك إني أخشى أن تكون قد سقت إلى قومك شرا، فخرج الجحّاف حتى أتى قومه وقد أوسق بغالا، فيها حصا في الأحمال يوهم أنها مال، ثم نادى في قومه فاجتمعوا إليه على أخذ الجائزة، فلما اجتمعوا كشف عما فيها فإذا هو الحصا، وقال: إنما أردت أن أجمعكم لهذا، ثم أنشدهم قول الأخطل. قال: فمن أراد أن يتبعني فليتبعني، فاتبعه منهم عدة آلاف، فسار.
فلما أمسى قال: من كان منكم مضعفا فليرجع، فرجع قوم ثم مضى فقال: من كان يكره الموت فليرجع، فرجع عنه قوم، فسار مسيرة أربع في يوم وليلة حتى صبّح حيّ الأخطل، فأغار عليهم فقتل النساء والصبيان والماشية، وذبح الدجاج والكلاب، وأفلت الأخطل هاربا، فقال الأخطل: «1» .
لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة إلى الله منها المشتكى والمعوّل
وإلا تغيّرها «2» قريش بملكها يكن عن قريش مستماز «3» ومزحل «4»
قال: فقيل له: إلى أين؟ قال: إلى النار، فقال له عبد الملك: يا بن اللخناء أيكون عن قريش مستماز ومزحل؟.
قال: ثم إن الجحاف خاف من عبد الملك، فخرج إلى بلاد الروم فقبله صاحب الروم، ثم إن عبد الملك وجه الصائفة فلقيهم الروم ولقيهم الجحّاف مع الروم، فهزمت الصائفة. فلما رجعوا سأل عبد الملك عن الخبر فقالوا: أتينا من الجحّاف، فبعث إليه عبد الملك يؤمّنه فرجع وعرض عليه صاحب الروم النصرانية والمقام عنده ويعطيه ما شاء فأبى وقال: لم أخرج رغبة عن الإسلام، إنما خرجت حميّة، فلما رجع تفكر فيما صنع وندم فدعا مولى له أو اثنين فركبا وركب معهما وقد لبس أكفافا حتى أتى إلى البشر إلى حيّ الأخطل، فلم يرعهم حتى جاءهم، فقالوا: قد أتى الجحّاف فقالوا: ما جاء بك؟ قال: أعطي القود من نفسي فإن شئتم(72/53)
فاقتلوا، فتسّرع بعضهم، وقال مشايخهم، تجبذون عنقه في الحبل وتقتلونه أسيرا؟! لا كان هذا أبدا، فتركوه وعفوا عنه.
قالوا «1» : وقيل: إن الجحاف لما سار في جماعة من قومه إلى بني جشم بن بكر رهط الأخطل وأوقع بهم وقتل مقتلة عظيمة فيهم أبو الأخطل، وقع الأخطل في أيديهم وعليه عباءة دنسة، فسألوه فذكر أنه عبد «2» فأطلقوه فقال:
لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة............... .......
[روى «3» ابن عساكر بسند صحيح إلى محمد بن سلام الجمحي قال «4» : قال لي أبان الأعرج: قد أدرك الجحاف الجاهلية، فقلت له: لم تقول ذلك؟ قال لقوله:]
[شهدن مع النبي مسومات حنينا وهي دامية الكلام
تعرض للطعان إذا التقينا وجوها لا تعرض للّطام
فقلت له: إنما عنى خيل قومه بني سليم.
وذكرت ذلك لعبد القاهر بن السري، فقال: جدي قيس بن الهيثم أعطى حكيم بن أمية جارية ولدت له الجحاف في غرفة في دارنا، لا أحسبه إلا قال: رأيتها] «5» .
[9774] جدار بن جدار العذري الصنعاني
صنعاء دمشق. كانت له بدمشق دار.
حدث بسنده عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من هاله الليل أن يكابده، وبخل بالمال أن ينفقه، وجبن عن العدو أن يقاتله فليكثر أن يقول: سبحان الله وبحمده، فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب وفضة ينفقان في سبيل الله»
[14087] .
__________
[9774] ترجمته في تبصير المنتبه 1/245 والإكمال 2/64. وجدار ضبطت بكسر الجيم عن الإكمال لابن ماكولا.(72/54)
وحدث جدار أيضا أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت أبا الدرداء يقول:
لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يعلم أن للقرآن وجوها.
[قال ابن ماكولا:] «1» [أما جدار: أوله جيم مكسورة فهو: جدار بن جدار العذري، وهو جدّ ابن ثوبان لأمه. ذكره ابن سميع في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام] «2» .
[9775] جدّ بن قيس أحد العبّاد
كان يكون بجبل لبنان من أعمال دمشق.
قال جدّ بن قيس:
كان أول عبادتي أني قعدت على جبل لبنان، فإذ أنا بثلاثة قبور على ارتفاع من الأرض فإذا على أحدها مكتوب:
وكيف يلذّ العيش من كان موقنا بأنّ إله الخلق لا بدّ سائله؟
فيأخذ منه ظلمه لعباده ويجزيه بالخير الذي هو فاعله
ورأيت على القبر الثاني مكتوبا:
وكيف يلذّ العيش من كان صائرا إلى جدث تبلي الشباب منازله
ويذهب رسم الوجه من بعد حسنه فأين منه جسمه ومفاصله «3»
ورأيت على القبر الثالث مكتوبا:
وكيف يلذّ العيش من كان موقنا بأنّ المنايا بغتة ستعاجله
وتسلبه ملكا عظيما ونخوة وتسكنه البيت الذي هو آهله(72/55)
[9776] جرّاح بن عبد الله بن جعادة بن أفلح ابن الحارث بن درّة بن حدقة بن مظّة، واسمه سفيان ابن سليم بن الحكم بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد ابن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ أبو عقبة الحكمي
من قواد أهل الشام من دمشق. ولي البصرة في أيام الوليد بن عبد الملك للحجاج، ثم ولي العراق في أيام سليمان خلافة ليزيد بن المهلب، ثم ولي خراسان وسجستان لعمر بن عبد العزيز، وولي عدة جهات وكان قارئا غازيا.
[روى عن ابن سيرين روى عنه يحيى بن عطية، وصفوان بن عمرو، وربيعة بن فضالة.
كان بطلا شجاعا، مهيبا طوالا، عابدا قارئا، كبير القدر] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جراح بن عبد الله الحكمي، أبو عقبة، شامي الأصل، ولي خراسان، ولاه يزيد بن المهلب، وهو من سعد العشيرة من اليمن، روى عنه ابن سيرين قوله] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» : [الجراح بن عبد الله الحكمي، وهو من سعد العشيرة، أبو عقبة، من اليمن شامي الأصل، حمصي. كان واليا على خراسان والبصرة ولاه يزيد بن المهلب. روى عن ابن
__________
[9776] ترجمته في جمهرة ابن حزم ص 408 وفيه: جعادرة بدل جعادة، ذوة بدل درة، سلهم بدل سليم والاشتقاق ص 242 وفيه دوة بدل درة وتاريخ خليفة بن خياط (الفهارس) ، وتاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) وطبقات خليفة 265، والجرح والتعديل 1/1/522 والتاريخ الكبير 1/2/226 وسير الأعلام 5/189 وتاريخ الإسلام (101- 120) ص 335 والعبر 1/137 وشذرات الذهب 1/144 والبداية والنهاية (الفهارس) والوافي بالوفيات 11/64.(72/56)
سيرين. روى عنه يحيى بن عطية وصفوان بن عمرو. سمعت أبي يقول ذلك] «1» .
[قال خليفة بن خياط] «2» :
[ومن بني الحكم بن سعد العشيرة: الجراح بن عبد الله بن جعادة بن أفلح من ولد سلهم بن الحكم بن سعد العشيرة] » .
قال الجراح بن عبد الله:
تركت الذنوب حياء أربعين سنة، ثم أدركني الورع «4» . وفي رواية:
تركت الذنوب حياء من الناس أربعين سنة. فلما جاوزت الأربعين أدركني الورع، فتركتها حياء من الله عز وجل.
قال الوليد بن مسلم «5» :
كان الجراح بن عبد الله الحكمي إذا مشى في مسجد الجامع بدمشق يميل رأسه عن القناديل من طوله.
قال أبو عمرو:
بعث الحجاج إذا كان يقاتل مصعبا والحرورية بالعراق إلى صاحب أهل دمشق، فلما أتاه قال له: اطلب لي من أصحابك رجلا جليدا بئيسا ذا رأي وعقل، فقال: أصلح الله الأمير، ما أحسبني إلا وقد أصبته، إن في أصحابي رجلا من حكم بن سعد يقال له الجراح، جلدا صحيح العقل يعد ذلك من نفسه، يعني البأس، قال: فابعث إليه، فلما رآه الحجاج قال له: ادن يا طويل، فلم يزل يقول له ذلك ويشير إليه بيده حتى لصق به أو كاد، ثم قال: اقعد فقعد تحكّ ركبته وليس عنده غيره، ثم قال له: قم الساعة إلى فرسك فاحسسه «6»(72/57)
واعلفه وأصلح منه، ثم خذ سرجه ولجامه وسلاحك فضعه عند وتد فرسك، ثم ارقب أصحابك حتى إذا أخذوا مضاجعهم ونوّموا فاشدد على فرسك سرجه ولجامه، واصبب عليك سلاحك وخذ رمحك، ثم اخرج حتى تأتي عسكر أعداء الله فتعاينهم، وتنظر إلى حالاتهم وما هم عليه، ثم تصحبني غدا، ولا تحدثن شيئا حت تنصرف، فإذا انصرفت إلى أصحابك الساعة فلا تخبرهم بما عهدته إليك، فنهض الجراح. فلما أتى أصحابه وهم متشوّفون له سألوه عن أمره فقال: سألني الأمير عن أمر أهل دمشق واعتلّ لهم، ثم فعل ما أمره الحجاج، ثم خرج من العسكر يريد عسكر القوم، فلما كان في المنصف من العسكرين لقي رجلا في مثل حاله، فعلم الجراح أنه عين للعدو يريد مثل الذي خرج له، فتواقفا وتساءلا ثم شد عليه الجراح فقتله وأوثق فرسه برجله، ثم نفر إلى المعكسر الذي فيه القوم فعاينه وعرف من حاله وحال أهله ما أمر به، ثم انصرف إلى القتيل فاحتزّ رأسه وأخذ سلاحه وجذب فرسه وعلق الرأس في عنق فرسه، ثم أقبل. وصلى الحجاج صلاة الصبح وقعد في مجلسه وأمر بالأستار فرفعت، وتشوّف منتظرا الجرّاح وجعل يومىء بطرفه إلى الناحية التي يظنّ أنه يقبل منها. فبينا هو كذلك إذ أقبل الجرّاح يجذب الفرس، والرأس منوط في لبان «1» فرسه، فأقبل الحجاج يقول ويقلب كفّيه: فعلت ما أمرتك به؟ قال: نعم، وما لم تأمرني، حتى وقف بين يديه، فسلّم ثم نزل. وحدّث الحجاج بما صنع وما عاين من القوم، فلما فرغ من حديثه زبره الحجاج وانتهره وقال له: انصرف، فانصرف فبينا هو في رحله إذ أقبل فراشون يسألون عن الجراح معهم رواق وفرش وجارية وكسوة، فدلّوا على رحله، فلم يكلموه حتى ضربوا له الرواق وفرشوا له فرشا وأقعدوا فيه الجارية، ثم أتوه فقالوا: انهض إلى صلة الأمير وكرامته.
فلم يزل الجرّاح بعدها يعلو ويرتفع حتى ولي أرمينية واستشهد، قتلته الخزر سنة خمس ومئة.
قال أبو حاتم:
الجراح مولى مسكان أبي هانىء أبي أبي نواس، وذلك عنيّ أبو فراس بقوله «2» :
يا شقيق النفس من حكم نمت عن ليلي ولم أنم(72/58)
قال الصلت بن دينار: رأيت في المنام كأن رجلا قطعت يداه ورجلاه وآخر صلب، فغدوت على ابن سيرين فأخبرته بذلك فقال: إن صدقت رؤياك نزع هذا الأمير وقدم أمير آخر قال: فلم نمس من يومنا حتى نزع قطن بن مدرك «1» وقدم الجراح بن عبد الله.
كتب «2» عمر بن عبد العزيز وهو خليفة إلى عامله على خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي يأمره أن يدعو أهل الجزية إلى الإسلام، فإن أسلموا قبل إسلامهم ووضع الجزية عنهم، وكان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، فقال له رجل من أشراف أهل خرسان: إنه والله ما يدعوهم إلى الإسلام إلا أن توضع عنهم الجزية، فامتحنهم بالختان، فقال: أنا أردهم عن الإسلام بالختان؟ هم لو قد أسلموا [فحسن إسلامهم] «3» كانوا إلى الطهرة أسرع، فأسلم على يده نحو من أربعة آلاف.
قال السائب بن محمد:
كتب الجراح بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز «4» : سلام عليك، أما بعد. فإن أهل خراسان قوم قد ساءت رعيتهم، وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في تلك فعل.
قال: فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى الجراح بن عبد الله: سلام عليك، أما بعد؛ فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم، وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، وتسألني أن آذن لك فقد كذبت، بل يصلحهم العدل والحق، فابسط ذلك فيهم والسلام «5» .(72/59)
وقتل الجراح لثمان بقين من رمضان سنة اثنتي عشرة ومئة «1» ، وغلبت الخزر «2» على أذربيجان وساحت خيولهم حتى بلغوا قريبا من الموصل «3» . وذكر الواقدي:
أن البلاء كان بمقتل الجراح على المسلمين عظيما، فبكى عليه في كل جند من أجناد العرب ومصر من أمصار المسلمين «4» .
حدث إسماعيل بن عبيد الله مولى الحارث بن هشام، قال:
قدمت علينا امرأة يمانية عليها ثياب اليمن فقالت: هل تعرفون أبا المقدام رجاء بن حيوة؟ قلنا: نعم. قالت: رأيت رجلا في النوم فقال: أنا أبو المقدام رجاء بن حيوة فقلت:
ألم تمت؟ قال: بلى، ولكن نودي في أهل الجنة أن يتلقوا روح الجراح بن عبد الله الحكمي، وذلك قبل أن يأتيهم نعي الجراح، فكتبوا الوقت، فجاءهم أن الجراح قد قتل يومئذ بأرمينية، جاشت عليه الخزر فقتلوه.
قال أبو مسهر:
قال الجراح يوم قتل لأصحابه: أيها القواد وأمراء الأجناد، فيم اهتمامكم؟! غدوتم أمراء، وتروحون شهداء، اللهم إذ رفعت عنا النصر فلا تحرمنا الصبر والأجر ثم قال:
لم يبق إلّا حسبي وكفني وصارم تلذّه يميني
وقاتل حتى قتل.
وأنشد أبو مسهر للفرزدق من أبيات «5» :
لقد صبر الجرّاح «6» حتى مشت به إلى رحمة الله السّيوف الصوارم(72/60)
[9777] جرجة بن عبد الله الرومي
أسلم على يدي خالد بن الوليد يوم اليرموك وحسن إسلامه، وقاتل الروم فاستشهد في يومه. وكان قائدا من قواد الروم وخرج يوم اليرموك حتى كان بين الصفين، ونادى: ليخرج إلي خالد، فخرج إليه خالد وأقام أبا عبيدة مكانه، فوافقه بين الصفين حتى اختلفت أعناق دابتيهما وقد أمن أحدهما صاحبه، فقال جرجة: يا خالد، اصدقني ولا تكذبني، فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله «1» ، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاكه، فلا تسلّه على جند أبدا إلا هزمتهم؟ فقال: لا. قال: فبم سمّيت سيف الله؟ فقال: إن الله عز وجل بعث فينا نبيّه صلى الله عليه وسلم، فدعانا فنفرنا منه ونأينا عنه جميعا، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا كذبه وباعده، فلما ناوأنا كنا على ذلك «2» ، فكنت فيمن كذبه وباعده وقاتله، ثم إن الله عز وجل أخذ بقلوبنا ونواصينا إليه، فهدانا به فتابعناه «3» فقال: أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين «4» . قال: صدقتني. ثم أعاد عليه جرجة: يا خالد، أخبرني إلام تدعون؟ فقال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء من عند الله. قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية ونمنعكم «5» . قال: فمن لم يعط «6» هذا؟ قال: نؤذنه بحرب ثم نقاتله. قال: فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا الأمر اليوم؟ قال: منزلتنا واحدة فيما افترض الله عز وجل علينا، شريفنا ووضيعنا، أولنا وآخرنا. ثم أعاد عليه جرجة: يا خالد، هل لمن دخل فيكم اليوم مثل مالكم من الأجر والذخر؟ قال: نعم، وأفضل. قال: وكيف يساوي بكم «7» وقد سبقتموه؟ فقال: إنا دخلنا في
__________
[9777] انظر أخباره في تاريخ الطبري 1/337 والكامل لابن الأثير (الفهارس) ، وفتوح الشام للواقدي (الفهارس) والبداية والنهاية 7/16 وما بعدها. وجرجة ضبطت عن الإكمال لابن ماكولا بفتح الجيم والراء والجيم الثانية.(72/61)
هذا الأمر «1» ، وبايعنا نبينا صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا تأتينا «2» أخبار السماء، ويخبرنا بالكتب، ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب [والحجج] «3» فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا منزلة. قال جرجة: بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تألّفني؟ فقال: بالله لقد صدقتك ومالي إليك، ولا إلى أحد منكم وحشة، وإن الله لولي ما سألت عنه. فقال:
صدقتني، وقلب الترس ومال مع خالد وقال: علمني الإسلام، فمال به خالد إلى فسطاطه فشنّ «4» عليه قربة [من ماء] «5» ثم صلى به ركعتين.
وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد، وهم يرون أنها حملة، فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية، عليهم عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام، وركب خالد ومعه جرجة، والروم خلال المسلمين فتنادى الناس وثابوا، وتراجعت الروم إلى مواقفهم، فزحف بهم خالد حتى تصافحوا بالسيوف، فضرب فيهم خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب، ثم أصيب جرجة ولم يصلّ صلاة سجد فيها إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما.
[9778] جرول بن أوس بن جؤيّة ويقال: جرول بن مالك ابن جؤيّة بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس ابن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر أبو مليكة العبسي، المعروف بالحطيئة والحطيئة يهمز ولا يهمز، فمن همزه جعله تصغير الحطأة وهي الضربة باليد «6» ، ومن
__________
[9778] ترجمته وأخباره في الأغاني 2/157 والشعر والشعراء 1/322 وفوات الوفيات 1/276 وخزانة الأدب 2/406 و 3/287 والوافي بالوفيات 11/69 وطبقات الشعراء للجمحي (الفهارس) وديوانه (ط. بيروت صادر) .
وفي البداية والنهاية: جرول بن أوس بن مالك بن جؤية.(72/62)
لم يهمزه جعله من الحطاة وهي القملة الصغيرة، شبه بها لقصره وقربه من الأرض، وكان جوالا في الآفاق يمتدح الأماثل ويستجديهم.
وقدم حوران ممتدحا لعلقمة بن علاثة فمات علقمة قبل أن يصل إليه.
ولما أطلق عمر بن الخطاب الحطيئة من حبسه قال له: يا أمير المؤمنين، اكتب لي كتابا إلى علقمة بن علاقة لأقصده به، فقد منعتني التكسب بشعري، فقال: لا أفعل. فقيل له: يا أمير المؤمنين، وما عليك من ذلك علقمة ليس بعاملك فتخشى أن تأثم، وإنما هو رجل من المسلمين، قال: فشفع له إليه، فكتب له ما أراد. فمضى الحطيئة بالكتاب، فصادف علقمة قد مات، والناس منصرفون عن قبره، فوقف عليه ثم أنشد قوله «1» :
لعمري لنعم المرء من آل جعفر بحوران أمسى أعلقته الحبائل
فإن تحي لا أملك حياتي وإن تمت فما في حياة بعد موتك طائل
وما كان بيني لو لقيتك سالما وبين الغنى إلا ليال قلائل
فقال له ابنه: كم ظننت علقمة يعطيك؟ قال: مئة ناقة يتبعها مئة من أولادها. فأعطاه إياها.
وقيل: إنه بلغه أنه في الطريق يريده، فأوصى له بمثل سهم من سهام ولده.
قال محمد بن سلام «2» :
قال الحطيئة لكعب بن زهير: قد علمت انقطاعي إليكم أهل البيت وروايتي إليك ولك، فشرفني بأبيات تقولها فيّ. فقال كعب بن زهير:
فمن للقوافي بعدنا من يقيمها «3» إذا ما ثوى كعب وفوّز «4» جرول(72/63)
يقول فلا يعيا بشيء يقوله ومن قائليها من يسيء ويعمل «1»
جرول هو الحطيئة، والجرول: الحجر وهو الجراول. ويقال أرض جرلة.
قال الأصمعي:
قيل للحطيئة: من أشعر الناس؟ فأخرج لسانه وقال: هذا إذا طمع.
قال الشعبي:
كان الحطيئة وكعب «2» عند عمر رضي الله عنه فأنشد الحطيئة «3» : من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس «4»
فقال كعب: هي والله في التوراة، لا يذهب العرب بين الله وبين خلقه «5» .
أراد الحطيئة المضي إلى بعض ملوك اليمن لقصيدة كان امتدحه، فأمر أهله فشدّوا رحله على ناقته، ثم ركبها وأنشأ يقول:
عدّي السنين إذا خرجت لغنية ودعي الشهور فإنهنّ قصار
فأجابته بنية له في الخدر فقالت:
اذكر تحنّنا إليك وضعفنا وارحم بناتك إنّهنّ صغار «6»
قال: فحطّ رحله وأمسك عن ذكر الأسفار.
نزل الحطيئة برجل من العرب ومعه ابنته مليكة، فلما جنّه الليل سمع غناء فقال لصاحب المنزل: كفّ هذا عني، قال له: وما تكره من ذلك؟ فقال: إن الغناء رائد من رائدة الفجور، ولا أحب أن تسمعه هذه- يعني ابنته- فإن كففته، وإلّا خرجت عنك.
قالت مليكة بنت الحطيئة لأبيها: ما أصارك إلى القصار في الشعر بعد الطوال؟ قال:(72/64)
لأنها في الآذان أولج، وفي المحافل أجول، وعلى القلوب أسهل، وبأفواه الرجال أعلق.
قال حماد الرواية: أفضل بيت روي من أشعار العرب ببيت الحطيئة حيث يقول «1» :
يقولون تستغني وو الله ما الغنى من المال إلا ما يعفّ وما يكفي
وأنشد أحمد بن عباد التميمي للحطيئة يعدد محاسن قوم، قيل: إنه يعني آل منظور بن زبّان بن سيّار بن عمر الفزاريين «2» :
أولئك قوم إن ينوا أحسنوا البنا «3» وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا «4»
وإن كانت النعماء فيهم «5» جزوا بها وإن أنعموا لا كدّروها ولا كدّوا
يسوسون أحلاما بعيدا أناتها وإن غضبوا جاء الحفيظة والحقد
أقلّوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدّوا «6»
لما «7» نزل بعبد الله «8» بن شداد الموت، دعا ابنا له يقال له محمد فأوصاه، وكان فيما أوصاه أن قال: يا بني أرى دواعي الموت لا تقلع، ومن مضى لا يرجع، ومن بقي فإلية ينزع. وإني أوصيك بوصية فاحفظها: عليك بتقوى الله، وليكن أولى الأمر بك الشكر لله وحسن الثناء عليه في السرّ والعلانية، واعلم أن الشكور مزيد والتقوى خير زاد، فكن يا بني كما قال الحطيئة العبسي «9» :
ولست أرى السعادة جمع مال ولكنّ التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزّاد ذخرا وعند الله للأتقى مزيد(72/65)
وما لا بدّ أن يأتي قريب ولكنّ الذي يمضي بعيد
كان «1» سبب هجائه للزبرقان أنه صادفه بالمدينة وكان قدمها على عمر، فقال الحطيئة: وددت أنّي أصبت رجلا يحملني وأصفيه مديحي وأقتصر عليه. قال الزبرقان: قد أصبته، تقدم على أهلي فإنّي على إثرك. فتقدم فنزل بحماه «2» ، وأرسل الزبرقان إلى امرأته أن أكرمي مثواه. وكانت ابنته مليكة جميلة، فكرهت امرأته مكانها فظهرت منها لهم جفوة- وبغيض بن عامر بن لأي بن شماس «3» أحد بني قريع بن عوف، ينازع يومئذ الزبرقان الشرف، والزبرقان أحد بني بهدلة بن عوف [وبغيض] «4» أرسخ في الشرف من الزبرقان، وقد ناوأه الزبرقان ببدنه «5» حتى ساواه بل اعتلاه- فاغتنم بغيض «6» وأخواه علقمة وهوذة ما فيه الحطيئة من الجفوة، فدعوه إلى ما عندهم فأسرع، فبنوا عليه قبة ونحروا له وأكرموه كل الإكرام وشدوا بكل طنب من أطناب خبائه جلّة «7» من برنيّ «8» هجر «9» . قال: والمخبّل شاعر مفلق وهو ابن عمهم يلقاهم إلى أنف الناقة، وهو جعفر بن قريع. قال: وقدم الزبرقان أسيفا عاتبا على امرأته مدح [الحطيئة] بني قريع وذمّ الزبرقان، فاستعدى عليه الزبرقان إلى عمر فأقدمه عمر وقال للزبرقان: ما قال لك؟ قال: قال لي «10» :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي
قال عمر لحسان: ما تقول؟ أهجاه؟ وعمر يعلم من ذلك ما يعلم حسان، ولكنه أراد الحجة على الحطيئة، فقال: ذرق «11» عليه. فألقاه عمر في حفرة اتخذها محبسا فقال الحطيئة:(72/66)
ماذا تقول لأفراخ بذي أمج............... ......
قال أسلم: أرسل عمر إلى الحطيئة الشاعر وأنا عنده، وقد كلّمه عمرو بن العاص وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجه من السجن فقال «1» :
ماذا تقول لأفراخ بذي أمج «2» زغب «3» الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة فاغفر هداك مليك الناس يا عمر «4»
أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ألقت إليك مقاليد النّهى البشر
لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها لكن لأنفسهم كانت بك الأثر «5»
فامنن «6» على صبية بالرمل مسكنهم بين الأباطح يغشاهم بها القرر «7»
أهلي فداؤك كم بيني وبينهم من عرض داوية «8» تعيا «9» بها الخبر
قال: فبكى عمر حين قال له:
ماذا تقول لأفراخ بذي أمج............... .....فقال عمرو: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أعدل من رجل يبكي على تركه الحطيئة، فقال عمر: عليّ بالكرسي [فأتي به] «10» فوضع له فجلس عليه وقال: أشيروا عليّ في الشاعر فإنه يقول الهجر ويشبب بالحرم ويمدح الناس ويذمهم بما ليس فيهم، ما أراني إلا قاطعا لسانه. ثم قال: عليّ بالطست فأتي به، ثم قال: عليّ بالمخصف «11» ، علي بالسكين، [لا، بل] «12» علي بالموسى. فقالوا: لا يعود يا أمير المؤمنين، وأشاروا عليه قل. لا أعود يا(72/67)
أمير المؤمنين، فقال: لا أعود يا أمير المؤمنين. قال له: النجاء. فلما أدبر قال: يا حطيئة، كأني بك وأنت عند فتى من فتيان قريش، قد بسط لك نمرقة «1» وكسر لك أخرى وأنت تغنيه بأعراض المسلمين! قال أسلم «2» : فدخلت على عبيد الله بن عمر بعد أن توفي عمر وعنده الحطيئة، وقد بسط له نمرقة وكسر له أخرى وهو يغنيه. فقلت: يا حطيئة، أما تذكر ما قاله عمر؟ قال: فارتاع لها وقال: رحم الله ذلك المرء، لو كان حيا ما فعلنا هذا. فقال عبيد الله:
وما قال؟ قلت: قال: كذا وكذا. فكنت أنت ذلك الفتى.
ولما حضرت الحطيئة الوفاة قيل له: أوص يا أبا مليكة، قال: نعم، أخبروا الشّمّاخ أنه أشعر غطفان «3» . قالوا: فأوص في مالك، قال: نعم، ما لي للذكور دون الإناث «4» . قالوا:
فإن الله عز وجل لا يقول ذلك. فقال: ما أدري، أعوّاد أنتم أم خصماء؟ قالوا: فأوص للمساكين. قال: أوصيهم بإلحاف المسألة. قالوا: فأعتق غلامك يسارا. قال: اشهدوا أنه مملوك ما بقي. قالوا: فما توصينا بشيء؟ قال: بلى، احملوني على حمار، فإنه لم يمت عليه كريم قط، فلعلي لا أموت «5» . قالوا: يا أبا مليكة، أي العرب أشعر؟ قال: هذا الجحير إذا طمع في خير، وأشار إلى فيه ولسانه، ثم استعبر وبكى، فقالوا: ما يبكيك؟! أفزعا من الموت؟ سوءة لك؟ قال: لا، ولكني أبكي للشعر من راوية السوء. ثم لم يلبث أن مات، فبلغ ذلك الشماخ فقال «6» :
لبيك على الشعر الرّواة فقد مضى وفارق إذ مات الحطيئة جرول
وأودى فما أبقى مقالا لشاعر يقوم ليبلى من يشا «7» أو يعدل
مضى ذا وهذا والسّلام عليهما وكلّ عليه سوف يبكي ويعول
[9779] جرول بن جنفل
ويقال: ابن جنقل بالقاف، والأول أصح- أبو توبة النميري الحراني المعلّم.
__________
[9779] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/391 وفيه: جيفل بدل جنفل ولسان الميزان 2/101.(72/68)
قدم دمشق وحدّث بها.
روى عن سعيد بن سنان الحمصي عن عمرو بن عريب «1» عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» : في قوله تعالى: وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ [سورة الأنفال، الآية: 60] قال: «هم الجن، ولن تخبل الجن «3» رجلا في داره فرس عتيق»
[14088] .
وحدث عن خليد بن دعلج الموصلي عن قتادة بن دعامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا ادّهن أحدكم فليبدأ بحاجبيه فإنه يذهب بالصداع- أو قال: ينفع من الصداع»
[14089] .
قدم جرول بن جنفل حمص، فأتى بقية بن الوليد فقال له: ما اسمك؟ قال: جرول.
قال: ابن من؟ قال: ابن جنفل. قال: أبو من؟ قال: أبو تيفل. فقال له بقية: تب إلى الله تعالى من هذه الأسماء. قال: قد تبت فكنّني، قال: أنت أبو توبة فكان يكنى بها.
[روى عن خليد بن دعلج.
صدوق. وقال علي بن المديني: روى مناكير] «4» .
[9780] جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك ابن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عويف بن خزيمة بن حرب ابن عليّ بن مالك بن سعيد بن مالك بن نذير بن قسر، وهو مالك بن عبقر بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث ابن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قطحان أبو عمرو، وقيل أبو عبد الله البجلي القسسري
صحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث صالحة. قدم دمشق رسولا من علي
__________
[9780] ترجمته في جمهرة ابن حزم ص 387 وفيه: بن مالك بن سعد بن نذير والإصابة 1/232 وفيه: نضرة بدل نصر وتهذيب الكمال 3/351 وتهذيب التهذيب 1/368 وأسد الغابة 1/333 والاستيعاب 1/232 (هامش الإصابة) وسير الأعلام 2/530 والوافي بالوفيات 11/75 وطبقات ابن سعد 6/22 وطبقات خليفة 116 و 138 و 318 والتاريخ الكبير 1/2/211 والجرح والتعديل 1/1/502 وتاريخ الإسلام (41- 60) ص 185 وتاريخ خليفة (الفهارس) والبداية والنهاية 8/55 وشذرات الذهب 1/57. وفي تهذيب الكمال: سعد بدل سعيد وقيس بدل قسر.(72/69)
عليه السلام إلى معاوية «1» ، وقدم على معاوية مرة أخرى في خلافته.
[سكن جرير الكوفة، ثم سكن قرقيسياء] «2» . [روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر بن الخطاب، ومعاوية بن أبي سفيان.
روى عنه ابنه: إبراهيم بن جرير، وأنس بن مالك، وابنه أيوب بن جرير، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وزاذان الكندي، وزياد بن علاقة، وزيد بن وهب الجهني، وشقيق ابن سلمة الأسدي، وشهر بن حوشب، والضحاك بن المنذر، وعامر بن سعد البجلي، وعامر ابن شراحيل الشعبي، وعبد الرحمن بن هلال العبسي، وابنه عبد الله بن جرير، وقيس بن أبي حازم، والمغيرة بن شبيل، وابنه المنذر بن جرير، ونافع بن جبير بن مطعم، والنعمان بن مرة، وهمام بن الحارث، وأبو إسحاق السبيعي، وابن ابنه أبو زرعة بن عمرو بن جرير، وأبو نخيلة البجلي] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[جرير بن عبد الله البجلي، أبو عمرو نزل الكوفة، له صحبة، روى عنه أنس بن مالك، وقيس بن أبي حازم، والشعبي، وبنوه عبيد الله والمنذر وإبراهيم وهمام بن الحارث، سمعت أبي يقول ذلك] «5» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «6» :
[جرير بن عبد الله أبو عمرو البجلي، نزل الكوفة، وقال لنا أبو نعيم: حدثنا يونس بن(72/70)
أبي إسحاق عن المغيرة بن شبيل بن عوف عن جرير بن عبد الله قال: لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي وحللت عيبتي، فلبست حلتي، فدخلت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وقال يزيد بن هارون: حدثنا هشام عن حماد عن إبراهيم عن جرير بن عبد الله وكان أتى النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفي فيه] «1» .
حدّث جرير بن عبد الله قال:
بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكلّ مسلم «2» .
حدّث جرير بن عبد الله قال:
بعثني علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان يأمره أن يبايع هو ومن قبله، قال:
فخرجت لا أرى أحدا سبقني إليه حتى قدمت على معاوية، وإذا هو يخطب الناس وهم حوله يبكون حول قميص عثمان، وهو معلق في رمح، فدفعت إليه كتاب عليّ، ومثل رجل إلى جنبي كان يسير بمسيري، ويقوم بمقامي لا أشعر به فقال لمعاوية «3» :
إنّ بني عمّك عبد المطلب هم قتلوا شيخكم غير كذب
وأنت أولى الناس بالوثب فثب واغضب معاوي للإله وارتقب «4»
بادر بخيل الأمه الغار الأشب بجمع أهل الشّام ترشد وتصبوسر مسير المحزئلّ المتلئب «5» وهزهز الصّعدة للبأس الشّغب «6»
قال: ثم دفع إليه كتابا من الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه فإذا فيه»
:
معاوي إنّ الملك قد جبّ غاربه وأنت بما في كفّك اليوم صاحبه(72/71)
أتاك كتاب من عليّ بخطّة «1» هي الفصل فاختر سلمه أو تحاربه
فإن كنت تنوي أن تجيب كتابه فقبّح ممليه وقبّح كاتبه
وإن كنت تنوي ترك رجع جوابه فأنت بأمر لا محالة راكبه
فألق إلى الحيّ اليمانين كلمة تنال بها الأمر الذي أنت طالبه
تقول: أمير المؤمنين أصابه عدو ومالاهم «2» عليه أقاربه
وكنت أميرا قبل بالشام فيكم وحسبي من الحقّ الذي هو واجبه
فجيئوا ومن أرسى ثبيرا مكانه ندافع بحرا «3» لا تردّ غواربه
فأكثر وأقلل مالها الدهر «4» صاحب سواك فصرّج لست ممّن تواربه
قال: فقال: أقم، فإن الناس قد نفروا عند قتل عثمان حتى يسكنوا. قال: فأقمت أربعة أشهر، ثم جاءه كتاب من الوليد بن عقبة فيه:
ألا أبلغ معاوية بن حرب فإنّك من أخي ثقة مليم
قطعت الدهر كالسّدم «5» المعنّى تهدّر في دمشق وما تريم
فإنّك والكتاب إلى عليّ كرابعة وقد حلم الأديمفلو كنت القتيل وكان حيّا لشمّر لا ألف «6» ولا سؤوم
فلما جاء كتابه وصل ما بين طومارين «7» ، ثم طواهما أبيضين «8» ، وكتب عنوانهما: من معاوية بن أبي سفيان، إلى علي بن أبي طالب، ودفعهما «9» إليّ، وبعث معي رجلا من عبس، لا أدري ما مع العبسي، قال: فقدمنا الكوفة فاجتمع الناس إلى عليّ في المسجد، ولا(72/72)
يشكون أنها بيعة أهل الشام، فلما فتح الكتاب لم يوجد شيء، وقام العبسي فقال: من ها هنا من أفناء قيس، إنّي أخصّ من قيس غطفان، وأخص من غطفان عبسا، وإنّي أحلف بالله لقد تركت تحت قميص عثمان أكثر من خمسين ألف شيخ، خاضبي «1» لحاهم بدموع أعينهم متعاقدين متحالفين ليقتلنّ قتلته، وإني أحلف بالله ليقتحمنّها عليكم ابن أبي سفيان بأكثر من أربعة آلاف من خصيان الخيل، في ظنكم بعد بما فيها من الفحول! فقال له قيس بن سعد: يا أخا عبس لا نبالي بخصيان خيلك ولا ببكاء كهولك، ولا يكون بكاؤهم بكاء يعقوب على يوسف. ثم دفع العبسي كتابا من معاوية فيه «2» :
أتاني أمر فيه للناس «3» غمّة وفيه اجتذاع للأنوف أصيل «4»
مصاب أمير المؤمنين وهذه «5» تكاد لها صمّ الجبال تزول
فلله عينا من رأى مثل هالك أصيب بلا ذنب وذاك جليل
دعاهم فصمّوا عنه عند دعائه «6» وذاك على ما في النفوس دليل
ندمت على ما كان من تبع الهوى وحسبي منه «7» حسرة وعويل
سأبغي أبا عمرو بكلّ مهند «8» وبيض لها في الدارعين صليل
فأما التي فيها المودة بيننا فليس إليها ما حييت سبيل
سألقحها حربا عوانا ملحّة وإنّي بها من عامها «9» لكفيل(72/73)
قال: فأمر عليّ قيس بن سعد أن يجيبه في كتابه، فكتب إليه قيس:
معاوي لا تعجل علينا معاويا فقد هجت بالرأي السّخيف الأفاعيا
وحرّكت منّا كلّ شيء كرهته وأبقيت حزّات النفوس كما هيا
بعثت بقرطاسين صفرين ضلّة إلى خير من يمشي بنعل وحافيا
مضى أو بقي بعد النّبي محمد عليه سلام الله عودا وباديا
ألا ليت شعري والأمانيّ ضلة على أي ما تنوي أردت الأمانيا
على أن فينا للموارث مطمعا وأنّك متروك بشامك عاصيا
أبى الله إلّا أن ذا غير كائن فدع عنك ما منّتك نفسك خالياوأكثر وأقلل إنّ شامك شحمة يعجّلها طاه يبادر شاويا
من العام أو من قابل كل كائن قريب وأبعد بالذي ليس جائيا
حدث قيس قال: قال جرير لعبد الله بن رباح: إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من لا يرحم الناس لا يرحمه الله» «1» . فكتب معاوية: أن أرسل إلي جريرا على المربد «2» فأتاه فقال: أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله؟
قال: نعم. قال: لا جرم لا أغزي جيشا وراء الدرب في شتاء أبدا. وبعث إليهم بطعام ولحف.
قيل إن جريرا تنقل من الكوفة إلى قرقيسياء «3» وقال: لا أقيم ببلدة يشتم فيها عثمان «4» .
وتوفي في زمن معاوية بعد الخمسين، يقال سنة إحدى وخمسين. وقيل: مات سنة أربع وخمسين «5» .
وكان «6» سيّدا في قومه، وبسط له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبا ليجلس عليه وقت مبايعته له،(72/74)
وقال لأصحابه: «إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه» ، وجّهه إلى الخلصة «1» طاغية دوس فهدمها.
ودعا له حين بعثه إليها، وشهد جرير مع المسلمين يوم المدائن وله فيه أخبار مأثورة «2» .
وجرير هذا هو الذي يقول له الشاعر:
لولا جرير هلكت بجيلهوتمامه:
ن عم الفتى وبئست القبيله «3»
قال جرير «4» :
لما دنوت من مدينة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنخت راحلتي وحللت عيبتي «5» فلبست حلتي، فدخلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فسلم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرماني الناس بالحدق فقلت لجليسي: يا عبد الله، هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمري شيئا؟ قال: نعم، ذكرك بأحسن الذكر، بينا هو يخطب إذ عرض له في خطبته قال: «إنه سيدخل عليكم من هذا الباب، أو من هذا الفجّ، من خير ذي يمن، وإن على وجهه لمسحة ملك»
[14090] قال:
فحمدت الله على ما أبلاني «6» .
قال جرير «7» :
ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا تبسم في وجهي. في حديث.
حدث عبد الله بن ضمرة.(72/75)
أنه بينما هو ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه أكثرهم اليمن، إذ قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيطلع عليكم من هذه الثنية خير ذي يمن» فبقي القوم كلّ رجل منهم يرجو أن يكون من أهل بيته، فإذا هم بجرير بن عبد الله قد طلع عليهم من الثنية، فجاء حتى سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه، فردوا عليه بأجمعهم السلام، ثم بسط له عرض ردائه وقال له: «على ذا يا جرير فاقعد» . فقعد معهم ثم قام وانصرف. فقال جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأينا اليوم منك منظرا لجرير ما رأينا منك لأحد، قال:
«نعم، هذا كريم قوم. إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»
[14091] .
وقال عدي بن حاتم:
لما دخل جرير على النبي صلى الله عليه وسلم، ألقى له وسادة فجلس على الأرض، فقال صلى الله عليه وسلم: «أشهد أنك لا تبغي علوّا في الأرض ولا فسادا» ، فأسلم من حديث «1»
[14092] .
وفي حديث: قال جرير:
فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فبايعني وقال: «على أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتنصح المسلم، وتطيع الوالي، وإن كان عبدا حبشيا» . فقال: نعم. قال: فبايعه
[14093] .
حدث عبد الله بن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر لم يرم مجلسه حتى تطلع الشمس، فقال لنا ذات يوم حين طلعت الشمس: «يطلع عليكم من هذا الفجّ خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك» . فطلع جرير بن عبد الله البجلي ثم القسري على راحلته حتى نزل على باب المسجد، ثم دخل فقال: يا معشر قريش، أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «هذا هو» ، يعني نفسه عليه السلام، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم: «أتاكم أهل اليمن، وهم أرق أفئدة. الإيمان يمان والحكمة يمانية والغلظة والقسوة والكبرياء والفخر والجفاء عند أصحاب الوبر والصوف، نحو هذا المشرق في ربيعة ومضر» .
فلما جلس جرير بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ما اسمك؟ قال: أنا جرير بن(72/76)
عبد الله البجلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جرير، إنك لن تدرك شريعة الإسلام، ولن تدرك حقيقة الإيمان حتى تترك عبادة الأوثان» . قال جرير: يا رسول الله، قد أسلمت، فادع الله أن يشرح قلبي للإسلام. قال: «اللهم، اشرح قلبه للإيمان، ولا تجعله من أهل الرّدة، ولا تكثر له فيطغى، ولا تملي عليه فينسى» . قال جرير: يا رسول الله، حدثني عما جئت أسألك عنه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسأل عن حق الوالد على ولده، وحق الولد على والده. وإن من حق الوالد على ولده أن يخشع له عند الغضب، ويؤثره عند الشكاية والوصب، فإن المجافي ليس بالواصل، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها. ومن حقّ الولد على والده أن لا يجحد نسبه، وأن يحسن أدبه» . قال جرير: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، هذا- والله الذي بعثك نبيا- الذي جئت له، وأنا أريد أن أسألك عنه، آمنت بالله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين منزلك يا جرير؟» قال: نحن بأكناف بيشة «1» بين سلم «2» وأراك وسهل ودكداك «3» وحمض «4» وعلاك «5» ، في نخلة وضالة «6» ونجمة وأثلة «7» ، ونجل «8» وتالة «9» . ربيعنا مريع، وشتاؤنا ربيع، وماؤنا نبيع «10» ، لا يقام ماتحها «11» ولا يحسر مائحها «12» ولا يعزب سارحها «13» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الماء الشّبم «14» ،(72/77)
وأفضل الأموال الغنم، وأجود المراعي الأراك والسّلم. إذا أخلف كان لجينا «1» ، وإذا سقط كان درينا «2» ، وإذا أكل كان لبينا» «3» .
قال جرير: يا رسول الله، أخبرني عن السماء الدنيا والأرض السفلى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما السماء الدنيا فإن الله خلقها من دخان وماء، ثم رفعها وجعل فيها سراجا مضيئا، وقمرا منيرا، وزينها بمصابيح النجوم، وجعلها رجوما للشياطين، وحفظها من كل شيطان رجيم. وأما الأرض السفلى، فإن الله تعالى خلقها من الزبد الجفاء والماء الكباء «4» ، حملها على ظهر حوت، تحته ملك على صخرة ينفجر منها الماء، لو انخرق منها خرق لأذهب من على ظهر الأرض سبحان خالق النور» .
قال جرير: يا رسول الله، ابسط يدك أبايعك على الإسلام فقال: «تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وتسمع وتطيع الوالي وإن كان حبشيا» ، قال جرير: نعم يا رسول الله. فبايعه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جرير ما فعل قومك؟» قال: يا رسول الله، ليس ينتظرون أحدا غيري. قال: «فانطلق فادعهم إلى الإسلام» . فخرج جرير حتى أتى بلاد قومه فسار فيهم حيا حيا، ودعاهم إلى الإسلام، وأمرهم بالهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أول من أجابه إلى ذلك قيس بن غزية «5» الأحمسي ثم الذهني، وهو أبو عروة «6» .
وروي عن جرير بن عبد الله أنه قال «7» :
كنت لا أثبت على الخيل، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا» ، فما قلعت عن فرسي بعد ذلك.(72/78)
وفي حديث آخر: فقال لي بعد إسلامي: «يا جرير، إن ربي قد أعلمني أنّ إبليس قد أيس أن تعبد الأصنام في أرض العرب، فتهيأ حتى تسير إلى بيت قومك خثعم ذي الخلصة فتدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وعلى أن تكسر أصنامهم وتحرّق بيتهم» ، قال فقلت: يا رسول الله؛ إني رجل قلع: لا أثبت في السّرج، قال: «فادن إلي» ، قال: فدنوت إليه، فضرب في صدري وقال: «اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا» . قال: ثم ندب الناس معي فانتدب معي مئتان جلهم من أحمس، وانطلقت
[14094] .
حدث إبراهيم قال: «1» توضأ جرير ثم مسح على خفيه، فقيل له: أتمسح على خفيك! قال: وما لي لا أمسح، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح! قال: فكان حديث جرير أوثق حديث في المسح، لأنه أسلم في العام الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة «2» .
وعن جرير بن عبد الله قال «3» :
ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلّا ضحك.
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«لا تسبوا جرير بن عبد الله، إنّ جريرا منا أهل البيت»
[14095] .
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «4» :
جرير بن عبد الله منا أهل البيت ظهر لبطن ظهر لبطن ظهر لبطن.(72/79)
وعن جرير قال «1» :
بايعت «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما بايعت عليه النساء، لمن مات منّا ولم يأت شيئا ضمن له الجنة، ومن مات منا وأتى شيئا منهن فأقيم عليه الحدّ فهو كفارته، ومن مات منا وأتى شيئا منهن فستر عليه فعلى الله عز وجل حسابه.
وروي عن جرير أنه كان إذا باع رجلا قال له: إن الذي آخذ منك أحب إلي من الذي أعطيك، فقال له بنوه: إذا فعلت لم ترتفع إلى بيع سلعة، فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام والنصح لكل مسلم.
وعن جرير قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» :
«إنك امرؤ قد حسّن الله خلقك فأحسن خلقك»
[14096] .
وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال «4» :
إن جريرا يوسف هذه الأمة، يعني حسنه.
وعن عبد الملك بن عمير قال «5» :
رأيت جرير بن عبد الله وكأن وجهه شقة قمر.
وقال عبد الله بن عمير: رأيت جرير بن عبد الله يخضب لحيته بالزعفران.
وحدث ابن لجرير قال:(72/80)
كان نعل جرير بن عبد الله طولها ذراع «1» .
وعن جرير قال «2» :
تنفّس رجل ونحن خلف عمر بن الخطاب نصلي، وفي رواية يعني: أحدث، فلما انصرف قال: أعزم على صاحبها إلا قام فتوضأ وأعاد الصلاة، قال: فلم يقم أحد. قال جرير: فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تعزم عليه، ولكن اعزم علينا كلنا فتكون صلاتنا تطوعا وصلاته الفريضة، قال عمر: فإنّي أعزم عليكم وعلى نفسي قال: فتوضأ وأعادوا الصلاة «3» .
وفي حديث بمعناه فقال:
يرحمك الله، نعم السيّد كنت في الجاهلية، ونعم السيّد أنت في الإسلام «4» .
وفي رواية فقال:
رحمك الله إن كنت لسيدا في الجاهلية، فقيها في الإسلام.
وعن «5» جرير أن عمر بن الخطاب قال له- والناس يتحامون العراق وقتال الأعاجم-:
سر بقومك، فما غلبت عليه فلك ربعه، فلما جمعت الغنائم غنائم جلولاء «6» ادعى جرير أن له ربع ذلك كله، فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر: صدق جرير، قد قلت ذلك له، فإن شاء أن يكون قاتل هو وقومه على جعل «7» فأعطوه جعله، وأن يكون إنما قاتل لله ولدينه وجاهد فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم. وكتب عمر بذلك إلى سعد، فلما قدم الكتاب على سعد دعا جريرا فأخبره ما كتب به إليه عمر، فقال جرير:
صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي به، بل أنا رجل من المسلمين لي ما لهم وعليّ ما عليهم.(72/81)
وقال ابن عياش «1» :
جرير بن عبد الله ذهبت عينه بهمذان حيث وليها في زمان عثمان بن عفان.
ومات جرير سنة إحدى وخمسين.
وعن محمد بن سلام قال «2» :
قال جرير بن عبد الله- وسأله رجل حاجة فقضاها فعاتبه بعض أهله فقال-: المال ودائع الله في الدنيا ونحن وكلاؤها، فمن غرثان «3» نشبعه، ومن ظمآن نرويه.
وقيل: مات جرير سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة ست وخسمين «4» .
[9781] جرير بن عبد الله بن عنبسة
أظنه ابن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس المدني.
وفد على هشام بن عبد الملك.
حدث جرير بن عبد الله قال: خرجت مع أبي إلى هشام بن عبد الملك فقدمنا عليه، فبعث إلى أبي بألطاف «5» فيها شراب، وكتب إليه رقعة يصف له الشراب ومنفعته ويقول: شراب عمل لي يدعى الرساطون «6» . قال: فلما خرجت رسله الذين حملوا الألطاف قال أبي: إنا لله، خدع والله أمير المؤمنين بها، فأمر بالقوارير فكدرت في البلاغة «7» .
__________
[9781] ترجمته في الوافي بالوافيات 11/78 وذكر له شعرا قاله للمهدي. أبوه عبد الله له ذكر، قتله داوود بن علي، وهو صاحب القصر الذي يقال له قصر عنبسة (نسب قريش ص 183 وجمهرة ابن حزم ص 82) .(72/82)
[9782] جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن زيد ابن دوفن بن حرب بن وهب بن جلّى بن أحمس بن ضبيعة ابن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان الضبعي المتلمّس
شاعر مشهور جاهلي. قدم دمشق هاربا من عمرو بن هند. وذكر دمشق وبصرى في شعره.
والمتلمس خال طرفة بن العبد، وكان سيّدا، وإنما سمّي المتلمّس لقوله «1» :
فهذا أوان العرض جنّ «2» ذبابه زنابيره والأزرق المتلمّس «3»
روى أبو مسلم الخطابي في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كتب لعيينة بن حصين كتابا. فلما أخذ كتابه قال: يا محمد، أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمّس. يقول: لا أحمل إلى قومي كتابا لا علم لي بمضمونه.
وكان «4» من قصة المتلمّس وصحيفته أنه وطرفة بن العبد كانا ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة فهجواه. وفي حديث: فبينما طرفة يوما يشرب معه في يده جام من ذهب فيه شراب أشرفت أخت عمرو فرأى طرفة خيالها في الإناء فقال «5» :
ألا يا بأبي الظبي الذي يبرق شنفاه «6» ولولا الملك القاعد قد ألثمني فاه
فسمعها عمرو فاصطنعها عليه، وأمسكها في نفسه، وقد كان هجاه فممّا قاله فيه «7» :
وليت لنا مكان الملك عمرو رغوثا «8» حول قبّتنا تخور
__________
[9782] ) ترجمته في جمهرة ابن حزم ص 293 والأغاني 24/259 والمؤتلف والمختلف للآمدي ص 71 والشعر والشعراء ص 85 ومختارات شعراء العرب لابن الشجري (الفهارس) وطبقات الشعراء للجمحي ص 66.(72/83)
وكان المتلمس قال في عمرو أيضا شعرا كان يتوعده فيه، فبلغ ذلك عمرا، فهم عمرو بقتل المتلمس وطرفة، ثم أشفق من ذلك وأراد قتلهما بيد غيره، وكان على طرفة أحنق، فأراد قتله فعلم أنه إن فعل هجاه المتلمس، فكتب لهما كتابين إلى البحرين «1» وقال لهما: إني قد كتبت لكما بصلة فخرجا من عنده والكتابان في يديهما، فمرا بشيخ جالس على ظهر الطريق متكشفا لقضاء الحاجة، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى «2» . فقال أحدهما لصاحبه: هل رأيت أعجب من هذا الشيخ! فسمع الشيخ مقالته فقال: ما ترى من عجبي؟ أخرج خبيثا وأدخل طيبا وأقتل عدوا، وإن أعجب «3» مني لمن يحمل حتفه بيده وهو لا يدري. فأوجس المتلمس في نفسه خيفة، وارتاب بكتابه. ولقيه غلام من أهل الحيرة فقال له: أتقرأ يا غلام؟ فقال: نعم. ففضّ خاتم كتابه ودفعه إلى الغلام فقرأه عليه، فإذا فيه: إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حيّا. وأقبل على طرفة فقال: تعلم والله لقد كتب فيك بمثل هذا، فادفع كتابك إلى الغلام يقرأه. فقال: كلا، ما كان يجسر على قومي بمثل هذا. وألقى المتلمس كتابه في نهر الحيرة «4» ؛ ومضى طرفة بكتابه إلى صاحب البحرين، فأمر به المعلى بن حنش «5» العبدي فقتله «6» ، وهرب المتلمس فلحق ببلاد الشام وهجا عمرا، وبلغ شعره عمرا فآلى إن وجده بالعراق ليقتلنّه، فقال المتلمس من أبيات «7» :
آليت حبّ العراق الدهر أطعمه والحبّ يأكله في القرية السوس «8»
فضرب المثل بصحيفة المتلمس.(72/84)
قال الخليل بن أحمد: أحسن ما قاله المتلمس «1» :
وأعلم علم حقّ غير ظن لتقوى الله من خير العتاد «2»
فحفظ «3» المال أيسر من بغاه وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه ولا يبقى الكثير مع الفساد
قال أبو عمرو بن العلاء: كانت العرب إذا أرادت أن تنشد قصيدة المتلمس توضؤوا لها «4» :
تعيّرني أمّي «5» رجال ولن ترى أخا كرم إلّا بأن يتكرّما
[9783] جرير- ويقال: حريز- بن عتبة ابن عبد الرحمن الحرستاني
من أهل دمشق.
قال جرير: سمعت أبي يحدث الأوزاعي وأنا جالس قال: سمعت القاسم مولى يزيد ابن معاوية يحدث عن أبي أمامة قال:
كنت قاعدا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط، فذكروا الشام ومن فيها من الروم. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ستظهرون بالشام وتغلبون عليها وتصيبون من سيف «6» بحرها حصنا يقال له أنفة «7» يبعث الله منه يوم القيامة اثني عشر ألف شهيد» . قال: فسمعت الأوزاعي يقول لأبي:
لقد سمعت منك حديثا جيّدا يا شيخ.
__________
[9783] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/396 وفيه: جرير بن عقبة، وقيل: ابن عتبة. والحرستاني نسبة إلى حرستا.
وهي قرية على باب دمشق قريبة منها، وقد ينسب إليها بالحرستي أيضا.(72/85)
[9784] جرير بن عطيّة بن الخطفى، واسمه حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف ابن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أدّ بن طابخةبن الياس بن مضر ابن نزار أبو حزرة الشاعر- بالحاء المهملة- البصري
قدم دمشق غير مرة، وامتدح يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان، وأمره في ذلك مشهور، وامتدح الوليد وسليمان ابني عبد الملك، وقدم على عمر بن عبد العزيز، وعلى يزيد ابن عبد الملك.
قال عثمان البتي «1» :
رأيت جريرا وما تضم شفتاه من التسبيح فقلت: ما ينفعك هذا وأنت تقذف المحصنة! فقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ
[سورة هود، الآية: 115] وعد من الله حق.
قال ابن مناذر:
قلت لابن هرمة «2» : من أشعر الناس؟ قال: من إذا لعب «3» لعب، وإذا جدّ «4» جدّ.
قلت: مثل من؟ قال: مثل جرير حيث يقول «5» :
إن الذين غدوا بلبّك غادروا وشلا بعينك لا يزال معينا
غيّضن من عبراتهنّ وقلن لي: ماذا لقيت من الهوى ولقينا؟
__________
[9784] ترجمته في الأغاني 7/38 ووفيات الأعيان 1/321 وخزانة الأدب 1/36 والشعر والشعراء 1/453 (ت.
شاكر) ، والمحبر ص 146 و 340 والوافي بالوفيات 11/79 وسير أعلام النبلاء 4/590 وشرح شواهد المغني 1/45 وديوانه (ط. بيروت) . والخطفى: بفتح الطاء المهملة والفاء. كما في وفيات الأعيان. وحزرة بالحاء المهملة والزاي قبل الراء وبسكونها، وفتح الراء.(72/86)
قال الفرزدق لامرأته نورا: أنا أشعر أم ابن المراغة «1» ؟ قالت: غلبك على حلوه، وشركك في مرّه.
قال ابن سلمة «2» :
سألت الأسيدي- أخا بني سلامة- عن جرير والفرزدق فقال: بيوت الشعر أربعة، فخر ومديح وهجاء ونسيب، وفي كلها غلب جرير، فالفخر قوله «3» :
إذا غضبت عليك بنو تميم حسبت الناس كلّهم غضابا
والمدح قوله «4» :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى «5» العالمين بطون راح
والهجاء قوله «6» :
فغضّ الطّرف إنّك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
والنسيب قوله «7» :
إنّ العيون التي في طرفها مرض «8» قتلننا ثم لم يحيين قتلاناقال الكلبي «9» : أتى أعرابي عبد الملك بن مروان، فمدحه فأحسن المدحة فأعجب به عبد الملك فقال له: من أنت يا أعرابي؟ قال: رجل من عذرة. قال: أولئك أفصح الناس، هل تعرف أهجا بيت في الإسلام؟ قال: قول جرير:
فغضّ الطّرف إنّك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا(72/87)
فقال عبد الملك: أحسنت فهل تعرف أمدح بيت قيل في الإسلام؟ قال: نعم، قول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
قال عبد الملك: أصبت وأحسنت، فهل تعرف أرقّ «1» بيت قيل في الإسلام؟ قال:
نعم، قول جرير:
إنّ العيون التي في طرفها مرض قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللبّ حتى لا حراك به وهنّ أضعف خلق الله أركانا «2»
قال: أحسنت يا أعرابي، فهل تعرف جريرا؟ قال: لا والله، وإني إلى رؤيته لمشتاق، قال: فهذا جرير، وهذا الأخطل، وهذا الفرزدق: فأنشأ الأعرابي يقول:
فحيا الإله أبا حزرة وأرغم أنفك يا أخطلوجدّ الفرزدق أتعس به ودقّ خياشيمه الجندل
فأنشأ الفرزدق يقول «3» :
قد أرغم الله أنفا أنت حامله يا ذا الخنا ومقال الزور والخطل
ما أنت بالحكم المرضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
ثم أنشأ الأخطل يقول «4» :
يا شرّ من حملت ساق على قدم ما مثل قولك في الأقوام يحتمل
إنّ الحكومة ليست في أبيك ولا في معشر أنت منهم إنّهم سفل
فقام جرير مغضبا وهو يقول «5» :
شتمتما قائلا بالحقّ مهتديا «6» عند الخليفة، والأقوال تنتضل(72/88)
أتشتمان سفاها خيركم حسبا ففيكما وإلهي الزّور والخطل «1»
شتمتماه «2» على رفعي ووضعكما لازلتما في انحطاط «3» أيّها السّفل
قال: ثم وثب فقبّل رأس الأعرابي وقال: يا أمير المؤمنين، جائزتي له. قال: وكانت جائزة جرير خمسة عشر ألفا «4» كل سنة. فقال عبد الملك: وله مثلها من مالي. فقبضها وخرج.
قال مروان بن أبي حفصة:
جلس عبد الملك بن مروان يوما للناس على سرير، وعند رجل السرير محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف، وجعل الوفود يدخلون عليه ومحمد بن يوسف يقول: يا أمير المؤمنين هذا فلان، هذا فلان، إلى أن دخل جرير بن الخطفى فقال: يا أمير المؤمنين هذا جرير بن الخطفى، قال: فلا حيّا الله القاذف المحصنات، العاضه «5» لأعراض الناس، فقال جرير: يا أمير المؤمنين، دخلت فاشرأب الناس نحوي، ودخل قوم فلم يشرئب الناس إليهم، فقدرت أن ذلك لذكر جميل ذكرني به أمير المؤمنين. فقال عبد الملك: لما ذكرت لي قلت: لا حيا الله القاذف المحصنات، العاضة لأعراض الناس. فقال جرير: والله يا أمير المؤمنين، ما هجوت أحدا حتى أخبره غرضي سنة، فإن أمسك أمسكت، وإن أقام استعنت عليه وهجوته. فقال: هذا صديقك أبو مالك سلّم عليه لهو الأخطل، فاعتنقه وقال: والله يا أمير المؤمنين، ما هجاني أحد كان هجاؤه علي أشدّ من أمك. قال جرير: صدقت وخنازير أمك. فقال عبد الملك: أحضروا جامعة، فأحضرت، وغمز الوليد الغلام أن تأخّر بها. فقال عبد الملك للأخطل: أنشد فأنشد «6» :
تأبد الربع من سلمى بأحفار «7» وأقفرت من سليمى دمنة الدار(72/89)
حتى ختمها. فقال له عبد الملك: قضينا لك أنك أشعر من مضى ومن بقي. وأستأذنت قيس عبد الملك في أن ينشد جرير فأبى، ولم يزل مقيما دهرا يلتمس إنشاد عبد الملك، وقيس تشفع له، وعبد اللك يأبى إلى أن أذن له يوما فأنشد «1» :
أتصحو أم «2» فؤادك غير صاح عشيّة همّ صحبك بالرّواح
فقال له عبد الملك: بل فؤادك يابن اللخناء. فلما انتهى إلى قوله:
تعزّت أمّ حزرة ثمّ قالت: رأيت الموردين ذوي لقاح «3»
تعلّل وهي ساغبة «4» بنيها بأنفاس من الشّبم القراح «5»
فقال عبد الملك: لا أروى الله غلمتها. فلما انتهى إلى قوله:
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
قال عبد الملك: من مدحنا فليمدحنا هكذا. فلما ختمها أمره بإعادتها، فلما أنشد:
أتصحوا أم فؤادك غير صاح لم يقل له ما قال في المرة الأولى. فلما ختمها، أمر له بمئة ناقة بأداتها ورعاتها. فقال جرير: يا أمير المؤمنين، اجعلها من إبل كلب- وإبل كلب سود كرام- فأجابه «6» .
حدّث محمد بن خطاب الأزدي أن الأخطل أنشد عبد الملك بن مروان وجرير خلفه «7» :(72/90)
وإنّي لقوام مقاوم لم يكن جرير ولا مولى جرير يقومها
فقال: أجل، صدق والله إنّه ليقوم إلى الخمر فيشربها، وإلى الخنزير فيذبحه، وإلى الصليب فيقبّله ويسجد له، وما أفعل ذلك ولا مولاي «1» . دخل جرير «2» على بشر بن مروان والأخطل جالس عنده، فقال له بشر: أتعرف هذا يا أبا حزرة؟ قال: لا، فمن هو؟ قال الأخطل: أنا الذي شتمت عرضك، وأسهرت ليلك، وآذيت قومك، أنا الأخطل. فقال له جرير: أما قولك شتمت عرضك، فما يضرّ البحر أن يشتمه من غرق فيه، وأما قولك: أسهرت ليلك، فلو تركتني أنام لكان خيرا لك، وأما قولك:
آذيت قومك، فكيف تؤذي قوما أنت تؤدي إليهم الجزية! قال عوانة بن الحكم «3» :
لما استخلف عمر بن عبد العزيز، وفد إليه الشعراء وأقاموا ببابه أياما لا يؤذن لهم، فبيناهم كذلك يوما وقد أزمعوا على الرحيل، إذ مرّ بهم رجاء بن حيوة «4» ، وكان من خطباء أهل الشام، فلما رآه جرير داخلا على عمر أنشد «5» :
يا أيّها الرّجل المرخي عمامته هذا زمانك فاستأذن لنا عمرا
قال: فدخل ولم يذكر من أمرهم شيئا. ثم مر بهم عدي بن أرطاة «6» ، فقال له جرير «7» :(72/91)
يا أيّها الرّاكب المزجي مطيّته هذا زمانك إنّي قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن أنت لاقيه أنّي لدى الباب كالمصفود في قرن
لا تنس حاجتنا لقّيت «1» مغفرة قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني
قال: فدخل عدي على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، الشعراء ببابك وسهامهم مسمومة وأقوالهم نافذة، قال: ويحك يا عدي، مالي وللشعراء «2» ! قال: أعز الله أمير المؤمنين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد امتدح وأعطى، ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، فقال: كيف! قال: امتدحه العباس بن مرداس السّلمي فأعطاه حلّة قطع بها لسانه. قال: أفتروي من قوله شيئا؟ قال:
نعم، فأنشده من أبيات «3» :
رأيتك يا خير البرية كلّها نشرت كتابا جاء بالحق معلما
شرعت لنا دين الهدى بعد جورنا عن الحقّ لمّا أصبح الحق مظلما
قال: ويحك يا عدي، من بالباب منهم؟ قال: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة «4» . قال:
أليس هو الذي يقول:
ثم نبّهتها فهبّت كعابا طفلة ما تطيق «5» رجع الكلام
ساعة ثمّ إنّها بعد قالت ويلتا قد عجلت يابن الكرام
أعل غير موعد حيث تسري «6» تتخطّى إلى رؤوس النيام
ما تجشمت ما ترين من الأمر ولا جئت طارقا لخصامفلو كان عدو الله إذ فجر كتم على نفسه. لا يدخل والله علي أبدا. فمن بالباب سواه؟
قال: همام بن غالب- يعني الفرزدق- قال: أوليس هو الذي يقول «7» :(72/92)
هما دلّتاني من ثمانين قامة كما انقضّ باز أقتم الرّأس كاسره
فلمّا استوت رجلاي بالأرض قالتا أحيّ يرجّى أم قتيل نحاذره؟
لا يطأ والله بساطي، فمن سواه بالباب منهم؟ قال: الأخطل. قال: هو الذي يقول «1» :
ولست بصائم رمضان طوعا ولست بآكل لحم الأضاحي
ولست بزاجر عنسا «2» بكورا إلى بطحاء مكة للنجاح
ولست بزائر بيتا بعيدا بمكة أبتغي فيه صلاحي
ولست بقائم كالعير أدعو قبيل الصّبح «3» حيّ على الفلاح
ولكنّي سأشربها شمولا وأسجد عند منبلج الصّباح
والله لا يدخل علي وهو كافر أبدا. فهل بالباب سوى من ذكرت؟ قال: نعم، الأحوص. قال: أليس هو الذي يقول:
الله بيني وبين سيّدها يفرّ مني بها وأتبعه
عدّ عنه «4» ، فما هو بدون من ذكرت. فمن ها هنا؟ قلت: جميل بن معمر. قال: هو الذي يقول «5» :
ألا ليتنا نحيا جميعا وإن نمت يوافق «6» في الموتى ضريحي ضريحهافما أنا في طول الحياة براغب إذا قيل قد سوّي عليها صفيحها «7»
فلو كان عدو الله تمنى لقاءها في الدنيا ليعمل بعد ذلك صالحا. والله لا يدخل علي أبدا. فهل سوى من ذكرت أحد؟ قال: نعم، جرير بن عطية. قال: هو الذي يقول «8» :(72/93)
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا حين «1» الزّيارة فارجعي بسلام
فإن كان لا بد فهو. قال: فأذن لجرير، فدخل وهو يقول «2» :
إنّ الذي بعث النّبيّ محمدا جعل الخلافة للإمام «3» العادل
وسع الخلائق عدله ووفاؤه حتى ارعوى وأقام ميل المائل «4»
إني لأرجو «5» منك خيرا عاجلا والنّفس مولعة بحبّ العاجل
فلما مثل بين يديه قال: ويحك يا جرير، اتق الله ولا تقل إلّا حقا. فأنشأ جرير يقول «6» :
أأذكر الجهد والبلوى الّتي نزلت أم قد كفاني ما «7» بلّغت من خبري
كم باليمامة «8» من شعثاء أرملة ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
ممّن يعدّك تكفي فقد والده كالفرخ في العشّ لم ينهض «9» ولم يطر
يدعوك دعوة ملهوف كأنّ به خبلا من «10» الجنّ أو مسّا من النّشر
خليفة الله ماذا تأمرون «11» بنا؟ لسنا إليكم ولا في دار منتظر
ما زلت بعدك في همّ يؤرّقني قد طال في الحيّ «12» إصعادي ومنحدري
لا ينفع الحاضر المجهود بادينا «13» ولا يعود لنا باد على حضر
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا من الخليفة ما نرجو من المطر(72/94)
نال الخلافة إذ كانت له قدرا كما أتى ربّه موسى على قدر
هذي الأرامل قد قضّيت حاجتها فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر
الخير ما دمت حيّا لا يفارقنا بوركت يا عمر الخيرات من عمر «1»
فقال: يا جرير: ما أرى لك فيما ها هنا حقا، قال: بلى يا أمير المؤمنين، أنا ابن سبيل ومنقطع بي، فأعطاه من صلب ماله مئة درهم.
وذكر أنه قال له: ويحك يا جرير! لقد ولّينا هذا الأمر وما نملك إلّا ثلاث مئة درهم، فمئة أخذها عبد الله «2» ، ومئة أخذتها أمّ عبد الله. يا غلام، أعطه المئة الثالثة. فأخذها وقال:
والله لهي أحب ما اكتسبته إلي.
قال: ثم خرج، فقال له الشعراء: ما وراءك؟ قال: ما يسوءكم، خرجت من عند أمير المؤمنين، وهو يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض. وأنشأ يقول «3» : رأيت رقى الشّيطان لا تستفزّه وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا
وفي سنة إحدى عشرة ومئة توفي الفرزدق بن غالب الشاعر بالبصرة، وتوفي بعده بأربعين يوما جرير بن الخطفى. وقيل في سنة عشر «4» .
قال الأصمعي: حدثني أبي قال:
رأى رجل جريرا في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بتكبيرة كبرتها على ظهر المقر. قال: ما حول الفرزدق؟ قال: إيها، وأهلكه قذف المحصنات.
قال الأصمعي: ما تركه جرير في المحيا ولا في الممات.
[9785] جرير بن غطفان ابن جرير، أبو القاسم
حدث عن عفان بسنده عن عبد الله «5» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(72/95)
«لا تذهب الدنيا ولا تنقضي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي»
[14097] .
وحدث عنه بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من سئل عن علم فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار»
[14098] .
توفي جرير بن غطفان بدمشق، ليلة السبت مستهل المحرم، سنة ست وستين ومئتين.
[9786] جسر بن الحسن من أهل اليمامة. قدم الشام.
[روى عن الحسن البصري، ورجاء بن حيوة، وعطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، ونافع مولى ابن عمر، ويعلى بن شداد بن أوس.
روى عنه إبراهيم بن محمد الفزاري، وخالد بن عبد الرحمن الخراساني، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الصمد بن عبد الأعلى السامي، وعكرمة بن عمار اليمامي، وعلي بن الجعد الجوهري، ويحيى بن حمزة الحضرمي] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جسر بن الحسن، سمع نافعا، روى عنه الأوزاعي، وعكرمة بن عمار، الفزاري «3» ] «4» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «5» :
__________
[9786] ترجمته في تهذيب الكمال 3/368 وتهذيب التهذيب 1/371 وميزان الاعتدال 1/398 وكتب بهامشه:
«جسر بفتح الجيم وكسرها معا» والجرح والتعديل 1/1/538 والتاريخ الكبير 1/2/245 والكامل لابن عدي 2/170. وجسر بفتح الجيم بعدها مهملة، كما في تقريب التهذيب.(72/96)
[جسر بن الحسن روى عن نافع ويعلى بن شداد بن أوس وعطاء، روى عنه الأوزاعي وعكرمة بن عمار وأبو إسحاق الفزاري ويحيى بن حمزة وعبد الصمد بن عبد الأعلى السلامي. سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول: هو يمامي لا أرى بحديثه بأسا.
أنا يعقوب بن إسحاق الهروي فيما كتب إلي قال: نا عثمان بن سعيد الدارمي قال:
سألت يحيى بن معين عن جسر بن الحسن قال: ليس بشيء] «1» .
حدث عن نافع عن ابن عمر قال: «2» كنا نفضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعثمان ثم لا نفضل أحدا على أحد.
وحدث جسر عن الحسن البصري «3» :
أن رجلا لقي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بسيدنا وابن سيدنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السيد الله تبارك وتعالى»
[14099] .
قال جسر بن الحسن:
رأيت عمر بن عبد العزيز يبكي حتى نفد الدمع، ثم رأيته يبكي الدم. ضعفه قوم.
[قال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عن جسر؟ فقال: ليس بشيء.
قال النسائي: جسر بن الحسن الكوفي ضعيف. وفي موضع آخر قال: جسر ليس بثقة ولا يكتب حديثه] «4» .
[قال ابن عدي] «5» : [سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: جسر بن الحسن واهي الحديث.
وجسر بن الحسن لا أعرف له إلّا ما ذكرت- وليس ما ذكرت بالمنكر.
وإنما عرف جسر بالأوزاعي حين روى عنه، ولا أعرف لجسر هذا كثير رواية] «6» .(72/97)
[9787] جعثل بن هاعان بن عمرو بن البثوث أبو سعيد الرّعيني «1» القتباني «2» المصري
قاضي إفريقية. وفد على هشام بن عبد الملك، وتوفي في خلافته قريبا من سنة خمس عشرة ومئة.
[روى عن أبي تميم عبد الله بن مالك الجيشاني المصري. روى عنه بكر بن سوادة الجذامي، وعبيد الله بن زحر الإفريقي.
ذكره ابن أبي حازم فيمن اسمه جعيل، ووهم في ذلك والله أعلم. روى له الأربعة حديثا واحدا] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[جعيل بن هاعان أبو سعيد الرعيني المصري، روى عن عبد الله بن مالك. روى عنه عبيد الله بن زحر. سمعت أبي يقول ذلك] «5» .
روى عن أبي تميم الجيشاني عن عقبة بن عامر أن أخت عقبة نذرت في ابن لها أن تحج حافية بغير خمار، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
«لتخرج راكبة مختمرة، ولتطعم»
[14100] .
وفي حديث بمعناه:
ولتصم ثلاثة أيام «6» .
__________
[9787] ترجمته في تهذيب الكمال 3/369 وفيه: اليثوب بدل: البثوث وتهذيب التهذيب 1/371 وتبصير المنتبه 1/257 والجرح والتعديل 1/1/542 وسماه: جعيل. وجعثل بضم الجيم والمثلثة بينهما مهملة ساكنة كما في تقريب التهذيب.(72/98)
في رواية أخرى فقال:
«مرها فلتركب، فإن الله عن تعذيب أختك لغنيّ»
[14101] .
كان «1» قاضي الجند بإفريقية لهشام بن عبد الملك، وكان عمر بن عبد العزيز أخرجه من مصر إلى المغرب ليقرئهم القرآن، وكان أحد القراء الفقهاء.
[9788] جعد بن درهم
[أصله من خراسان، ويقال إنه من موالي بني مروان، سكن الجعد دمشق، كانت له بها دار بالقرب من القلانسيين إلى جانب الكنيسة] «2» .
أول من قال بخلق القرآن. كان يسكن دمشق، وله بها دار، وهو الذي ينسب إليه مروان ابن محمد، لأنه كان معلمه. وقيل إنه كان من أهل حرّان، هو الذي قتله خالد بن عبد الله القسري بالكوفة يوم الأضحى، وكان أول من أظهر القول بخلق القرآن في أمة محمد، فطلبه بنو أمية فهرب من دمشق وسكن الكوفة، ومنه تعلم الجهم بن صفوان بالكوفة خلق القرآن «3» ، وهو الذي تنسب الجهمية «4» إليه، وقتله سلم بن أحوز بأصبهان.
سئل أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الغسيلي: من أين كان جهم؟ قال: من ترمذ، وكان يذهب في بدء أمره، ثم صار صاحب جيش الحارث بن سريج بمرو، فقتله سلم بن أحوز في المعركة وقبره بمرو. وسئل: ممن أخذ ابن أبي دؤاد؟ فقال: من بشر المريسي، وبشر المريسي أخذه من جهم بن صفوان، وأخذه جهم من الجعد بن درهم، وأخذه جعد بن
__________
[9788] ترجمته في سير الأعلام 5/433 وميزان الاعتدال 1/399 وتاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية 9/382 ولسان الميزان 1/105 والنجوم الزاهرة 1/322 واللباب 1/230 وتاريخ الخميس 2/322 والوافي بالوفيات 11/86.(72/99)
درهم من أبان «1» بن سمعان، وأخذه أبان من طالوت ابن أخت لبيد وختنه «2» ، وأخذه طالوت من لبيد بن أعصم، اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم. وكان لبيد يقرأ القرآن، وكان يقول بخلق التوراة، وأول من صنّف في ذلك طالوت، وكان طالوت زنديقا وأفشى الزندقة، ثم أظهره جعد بن درهم، فقتله خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى بالكوفة «3» ، وكان خالد واليا عليها، أتي به في الوثاق حتى صلى وخطب، ثم قال في آخر خطبته: انصرفوا وضحّوا تقبل الله منا ومنكم، فإني أريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم، فإنه يقول ما كلّم الله موسى تكليما، ولا اتخذ إبراهيم خليلا، تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا، ثم نزل وحزّ رأسه بيده بالسكين «4» .
[9789] جعفر بن أحمد بن الحسين أبو الفضل المقرىء المعروف بابن كرّار الضرر الثقفي
مولى بني هبّار. وبنو هبار موالي أبي الخليل، وبنو أبي الخليل موالي بني ثقيف.
حدث عن محمد بن إسماعيل بن عليّة بسنده عن أنس:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فحكّها بيده، فرئي في وجهه شدّة ذلك عليه فقال: «إن أحدكم إذا صلى فإنما يناجي ربه إن [ربه] «5» فيما بينه وبين القبلة، فإذا بصق أحدكم فليبصق عن يساره أو تحت قدمه، أو يفعل هكذا، ثم يبصق في ثوبه ويدلك بعضه ببعض» «6»
[14102] .
وحدث أيضا عن محمد بن عبد الرحمن بسنده عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
في قوله عز وجل: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى
[سورة النجم، الآية: 37] قال: صلاة أربع ركعات من أول النهار.(72/100)
وفي قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
[سورة العاديات، الآية: 6] قال: لكفور «1» .
[9790] جعفر بن أحمد بن الحسين أبو محمد، القارىء المعروف بالسّرّاج البغدادي
[سمع أبا علي بن شاذان، ومحمد بن إسماعيل بن سنبك، وأي محمد الخلال، وعبيد الله بن عمر بن شاهين، والحسين بن المقتدر، وأبي طالب الغيلاني، وأبي الحسن ابن القزويني، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي القاسم التنوخي، وأبي الفتح ابن شيطا، وعدة ببغداد. وسمع من الحافظ أبي نصر السجزي بمكة، ومحمد بن إبراهيم الأردستاني، وبمصر من الشيخ عبد العزيز بن الحسن الضراب وطائفة، وبدمشق من أبي القاسم الحنائي، والخطيب.
حدث عنه ابنه ثعلب، وأبو القاسم ابن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، ومحمد ابن ناصر، وأبو الفتح ابن البطي، وأبو طاهر السلفي، وسلمان الشحام، وأبوالحسن ابن الخل، وعبد الحق اليوسفي، وأبو الفضل خطيب الموصل، وشهدة بنت الإبري] «2» .
[قال ابن عساكر:
وكان ذا طريقة جميلة ومحبة للعلم والأدب وله شعر لا بأس به وخرج له شيخنا الخطيب فوائد وتكلم عليها في خمسة أجزاء، وكان يسافر إلى مصر وغيرها وتردد إلى صور عدة دفعات ثم قطن بها زمانا وعاد إلى بغداد وأقام بها إلى أن توفي بها سنة خمسمئة وله تصانيف ... ] «3» .
[كتب بخطه الكثير، وصنف، ونظم الكثير في الفقه وفي المواعظ واللغة. وشعره حلو عذب في فنون القريض. انتخب السلفي عليه من أصوله ثلاثين جزءا.
__________
[9790] ترجمته في معجم الأدباء 7/152 والمنتظم 9/151 الوافي بالوفيات 11/92 سير الأعلام 19/228 وفيه:
الحسن بدل: الحسين. المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 93 البداية والنهاية 12/168 وفيات الأعيان 1/358 الكامل في التاريخ 10/439 بغية الوعاة 1/485 شذرات الذهب 3/411.(72/101)
قال شجاع الذهلي: كان صدوقا، ألف في فنون شتى. قال أبو علي الصدفي: هو شيخ فاضل، جميل وسيم، مشهور يفهم عنده لغة وقراءات، وكان الغالب عليه الشعر.
وقال أبو بكر ابن العربي: ثقة عالم مقرىء، له أدب ظاهر. قال السلفي: كان ممن يفتخر برؤيته ورواياته لديانته ودرايته.
قال حماد الحراني: سئل السلفي عن السراج فقال: كان عالما بالقراءات والنحو واللغة ثقة ثبتا كثير التصنيف] «1» .
حدث عن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان بسنده عن أنس بن مالك قال «2» :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يهرم ابن آدم وتبقى منه اثنتان الحرص والأمل» .
ولد سنة ست عشرة، أو سبع عشرة وأربع مئة، وتوفي سنة خمس مئة، وقيل سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين وخمس مئة.
وله شعر وتصانيف.
[9791] جعفر بن أحمد بن عاصم بن الروّاس أبو محمد الأنصاري الدمشقي
حدّث عن هشام بن عمار بسنده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كان فيما قبلكم رجل يأتي وكر طائر إذا أفرخ، فيأخذ فرخيه، فشكا ذلك الطير إلى الله عز وجل ما يصنع ذلك الرجل، فأوحى الله إليه إن عاد فسأهلكه، فلما أفرخ خرج ذلك الرجل كما كان يخرج، وأسند سلما، فلما كان في طرف القرية لقيه سائل فأعطاه رغيفا من زاده، ومضى حتى أتى ذلك الوكر فوضع سلّمه، ثم صعد فأخذ الفرخين وأبواهما ينظران، فقالا:
ألا يا رب، إنك وعدتنا أن تهلكه إن عاد، وقد عاد فأخذهما ولم تهلكه، فأوحى الله إليهما:
أو لم تعلما أني لا أهلك أحدا تصدّق في يوم بصدقة ذلك اليوم بميتة سوء؟»
[14103] .(72/102)
توفي جعفر بن أحمد بن عاصم سنة سبع وثلاث مئة.
[9792] جعفر بن أحمد بن أبي عبد الرحمن أبو محمد الشاماتي النيسابوري
[تفقه بأبي إبراهيم المزني، وسمع إسحاق بن راهويه، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وأبا كريب، ومحمد بن رافع، وأحمد بن عبدة الضبي، ومحمد بن بشار، وأبا موسى الزمن، وعبد الله بن عمر العابدي، وإسحاق الكوسج، ويونس بن عبد الأعلى. روى عنه أبو عبد الله ابن يعقوب الشيباني، وأبو الفضل بن إبراهيم، وأبو بكر بن جعفر، وأبو الوليد جمعان بن محمد] .
من أهل ربع الشامات من أرباع رستاق نيسابور. رحل وسمع بدمشق وبغيرها.
حدث عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بدمشق بسنده عن أبي سعيد الخدري.
أن رجلا أتى بابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذه ابنتي تأبى أن تزوّج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أطيعي أباك» . فقالت: لا، حتى تخبرني ما حقّ الزوج على زوجته، تعني؛ فقال: «لو كانت به قرحة فلحستها ما أدّت حقّه» . قالت: والذي بعثك بالحق ما أتزوج أبدا.
فقال: «لا تنكحوهن إلا بإذنهن» .
قال جعفر بن أحمد الشاماتي: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي يقول:
من تعلّم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل مقداره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
توفي جعفر بن أحمد الشاماتي في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين ومئتين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين «1» ومئتين.
__________
[9792] ترجمته في معجم البلدان «الشامات» 3/311 وفيه: بن عبد الرحمن والأنساب (الشاماتي) 3/385 وسير الأعلام 14/15. والشاماتي بفتح الشين المعجمة نسبة إلى شامات، اسم موضعين أحدهما- وهو المراد- اسم لأحد أرباع نيسابور وهو من الجامع إلى حدود بست طولا، وهو على القبلة ستة عشر فرسخا (الأنساب) .(72/103)
[9793] جعفر بن أحمد بن علي بن بنان ابن زيد بن شبابة أبو الفضل الغافقي المصري
قدم دمشق.
حدث عن يحيى بن عبد الله بن بكر المخزومي بسنده عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله»
[14104] .
وحدث عن سعيد بن عفير بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أربع إذا كنّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة طعمة»
[14105] .
قال أبو أحمد بن عدي:
وهذا الحديث مع أحاديث أخر بهذا الإسناد، مقدار عشرين حديثا حدّثنا بها جعفر كلها غير محفوظة، وكنا نتهمه بوضعها «1» .
وكان جعفر رافضيا كذابا خبيثا، وكان قليل الحياء في دعاويه على قوم لعلّة لم تلحقه، وكان يضع الحديث على أهل البيت، وكان يعرف بابن الماسح.
[حدث عن أبي صالح كاتب الليث، وسعيد بن عفير، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعثمان بن صالح، وروح بن صلاح، ونعيم بن حماد] «2» .
[روى عنه أبو أحمد بن عدي والحسن بن رشيق] «3» .
[قال أبو أحمد بن عدي] «4» :
__________
[9793] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/400 ولسان الميزان 2/108. والوافي بالوفيات 11/93 والكامل في ضعفاء الرجال 2/156. وفي ميزان الاعتدال: بيان، وبهامشه عن إحدى نسخه: «في نسخة بنان» وفي الوافي بالوفيات: بيان. وفي ميزان الاعتدال: «سيابة» وفي الكامل لابن عدي: سيابة.(72/104)
[كتبت عنه بمصرفي الدخلة الأولى في سنة تسع وتسعين ومائتين، وكتبت عنه في الدخلة الثانية في سنة أربع وثلاثمائة، وأظن فيها مات] «1» .
[9794] جعفر بن أحمد ويقال ابن محمد أبو محمد ويقال أبو الفضل المروروذي
حدث عن عبد العزيز بن بندار الشيرازي قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن الخضر القارىء رحمه الله يقول:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فعلّمني هذا الدعاء، وأمرني أن أعلم الناس، وهو هذا:
إلهي بثبوت الربوبية، وبعظمة الصمدانية، وبسطوات الإلهية، وبعزة الفردانية إلّا غفرت لي يا أرحم الراحمين.
أنشد جعفر بن محمد المروروذي قال: أنشدنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال:
أنشدنا أبو بكر بن مالك القطيعي لبعضهم:
ما أكثر الناس لا بل ما أقلّهم الله يعلم أنّي لم أقل فندا
إنّي لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا
[9795] جعفر بن إياس أبو بشر بن أبي وحشيّة اليشكري الواسطي
[روى عن بشير بن ثابت، وحبيب بن سالم، وحسان بن بلال، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، وخالد بن عرفطة، وسعيد بن جبير، وسلام بن عمرو اليشكري، وشهر بن حوشب، وطاووس بن كيسان، وطلحة بن نافع وطلق بن حبيب، وعامر الشعبي، وعباد بن شرحبيل اليشكري، وعبد الله بن شقيق، وعبد الرحمن بن أبي بكرة، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وعلي بن
__________
[9795] ترجمته في تهذيب الكمال 3/378 وتهذيب التهذيب 1/373 والتاريخ الكبير 2/186 والجرح والتعديل 2/473 وطبقت خليفة ص 607 وسير الأعلام 5/465 والوافي بالوفيات 11/99 وميزان الاعتدال 1/402 والجمع بين رجال الصحيحين 1/69 والكامل لابن عدي 2/151. ووحشية بفتح الواو وسكون المهملة وكسر المعجمة وتثقيل التحتانية كما في تقريب التهذيب.(72/105)
عبد الله البارقي، ومجاهد بن جبر، وميمون بن مهران، ونافع بن جبير بن مطعم، ونافع مولى ابن عمر، وهاني بن عبد الله ابن الشخير، ويزيد بن أبي كبشة، ويوسف بن ماهك، وأبي عمير بن أنس بن مالك. وأبي المتوكل الناجي، وأبي المليح بن أسامة الهذلي، وأبي نضرة العبدي. روى عنه أيوب السختياني، وخالد بن عبد الله الواسطي، وخلف بن خليفة، وداود بن أبي هند، ورقبة بن مصقلة، وسفيان بن حسين، وسليمان الأعمش، وشعبة بن الحجاج، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، وعتبة بن حميد الضبي، وغيلان بن جامع، وهشيم بن بشير، وأبو عوانة] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جعفر بن إياس وهو ابن أبي وحشية اليشكري، سمع عباد بن شرحبيل، وسعيد بن جبير، روى عنه الأعمش وشعبة، وأيوب وأبو عوانة، يعد في البصريين، قال أبو نعيم: مات سنة أربع- أو ثلاث- وعشرين ومئة] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[جعفر بن أبي وحشية أبو بشر، واسم أبي وحشية إياس اليشكري الواسطي روى عن طاووس وسعيد بن جبير، وعبد الله بن شقيق.
روى عنه الأعمش، وأيوب، وداود، وشعبة، وأبو عوانة، وهشيم، سمعت أبي يقول ذلك.
أنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إليّ قال: سمعت أبي يقول: أبو بشر أحب إليّ من المنهال بن عمرو. قلت له: أحب إليك من المنهال؟ قال: نعم شديدا، أبو بشر أوثق.
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى قال: أبو بشر ثقة.(72/106)
سمعت أبي يقول: أبو بشر الواسطي ثقة.
سألت أبا زرعة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، فقال: ثقة] «1» .
[قال المفضل بن غسان الغلابي عن أحمد بن حنبل: كان شعبة يقول: لم يسمع أبو بشر من حبيب بن سالم، وكان شعبة يضعف حديث أبي بشر، عن مجاهد] «2» .
[قال خليفة في الطبقات] «3» :
[ومن أهل واسط: جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وحشية، مات سنة خمس وعشرين ومئة] «4» .
حدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم على بعير فوقصه «5» بعرفات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«اغسلوه بماء، وسدر، وكفنوه في ثوبيه خارجا رأسه، ولا تمسّوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا»
[14106] .
وحدث عنه أيضا له قال:
مرّ ابن عمر بفتيان قد نصبوا طائرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحبه كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرّقوا فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا
[14107] . وحدث عنه أيضا عن ابن عباس قال:
أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختي نذرت أن تحجّ، وإنها ماتت- يعني- ولم تحج.
قال: أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟ قال: «نعم، قال: فالله أحق بالوفاء»
[14108] .
قال أبو بشر: سمعت يزيد بن أبي كبشة يخطب بالشام، قال:
سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عبد الملك بن مروان أنه قال في الخمر:(72/107)
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخمر: «إن شربها فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه، ثم إن عاد الرابعة فاقتلوه»
[14109] .
[قال عمرو بن علي: كان ينزل البصرة، أصله منها، وكان ينزل في بني ثعلبة، داره قائمة إلى اليوم، وقد أتى واسط، فسمع منه ثمة، وكان عنده كتب.
إبراهيم بن هاشم بن مشكان قال عن الواقدي: كان من أهل واسط، وأصله شامي، وكان علويا.
وقال المفضل بن غسان الغلابي عن يحيى بن معين: جعفر بن أبي وحشية واسطي من أبناء جند الحجاج، طعن عليه شعبة في تفسيره عن مجاهد، قال: من صحيفة] «1» .
[قال أبو أحمد بن عدي] «2» :
[جعفر بن إياس، وإياس يكنى أبا وحشية، وجعفر يكنى أبا بشر، واسطي.
حدث عنه شعبة وهشيم بأحاديث مشاهير وغرائب، وأرجو أنه لا بأس به] «3» .
توفي جعفر بن إياس سنة خمس وعشرين ومئة «4» ، وكان ثقة، كثير الحديث، وقيل:
سنة ثلاث وعشرين، وقيل: أربع وعشرين، وقيل خمس عشرة ومئة «5» ، وقيل: كان ساجدا خلف المقام حين مات «6» .
[9796] جعفر بن برقان، أبو عبد الله الكلابي مولاهم، الرقي
[روى عن ثابت بن الحجاج، وحبيب بن أبي مرزوق، وزياد بن الجراح، وشداد
__________
[9796] ترجمته في تهذيب الكمال 3/382 وتهذيب التهذيب 1/374 والوافي بالوفيات 11/99 وطبقات ابن سعد 7/482 والتاريخ الكبير 1/2/187 والجرح والتعديل 1/1/474 وميزان الاعتدال 1/403 وتذكرة الحفاظ 1/162 وطبقات خليفة وتاريخ خليفة (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والعبر 1/222 والنجوم الزاهرة 2/22 وشذرات الذهب 1/236 والكامل لابن عدي 2/140.(72/108)
مولى عياض بن عامر، وصالح بن مسمار، وعبد الله بن بشر الرقي، وعبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب، وعبد الأعلى بن الحكم، وعبد الملك بن أبي القاسم وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وفرات بن سلمان الجزري، والزهري، وميمون بن مهران، ونافع، والوليد بن زروان، ويحيى بن راشد، ويزيد بن الأصم، ويزيد بن أبي نشبة، وأبي حمزة مولى يزيد بن المهلب، وأبي سكينة الحمصي.
روى عنه أصبغ بن محمد بن عمرو الرقي، والحسين بن عياش، وخالد بن حيان، وزهير بن معاوية، وزيد بن أبي الزرقاء، وزيد بن علي بن دينار، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبد الله بن المبارك، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وعثمان بن فائد، وعطاء بن مسلم، وعلي بن ثابت الجزري وعمر بن أيوب الموصلي، وعيسى بن يونس، والفضل بن دكين، وكثير بن هشام، ومحمد بن حمير، ومحمد بن خازم، ومسكين بن بكير، ومعمر بن راشد، ووكيع] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جعفر بن برقان الجزري، أبو عبد الله، سمع ميمون بن مهران والزهري. روى عنه الثوري ووكيع. قدم الكوفة، ويقال: الكلابي. يقال: كان أميّا] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[جعفر بن برقان روى عن عكرمة، ويزيد بن الأصم، وميمون بن مهران، ونافع، وثابت بن الحجاج، والزهري. روى عنه معمر، والثوري، وعيسى بن يونس، ووكيع، وأبو نعيم. سمعت أبي يقول ذلك. أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، فيما كتب إليّ قال: سألت أبي عن جعفر بن برقان قال: إذا حدث عن غير الزهري فلا بأس. ثم قال: في حديث الزهري يخطىء.(72/109)
قرىء على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين قال: جعفر بن برقان كان أميّا يذكر بخير، وليس هو في حديث الزهري بشيء.
أنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إليّ قال: نا عثمان بن سعيد، قال: سألت يحيى بن معين عن جعفر بن برقان فقال: ثقة.
سمعت ابن الجنيد يقول: سمعت ابن نمير يقول: جعفر بن برقان ثقة، أحاديثه عن الزهري مضطربة.
سمعت أبي يقول: جعفر بن برقان محله الصدق، يكتب حديثه] «1» .
حدث عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«تظهر الفتن ويكثر الهرج» . قلنا: وما الهرج؟ قال: «القتل القتل، ويقبض العلم» فسمعها عمر بن الخطاب من أبي هريرة يأثرها عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إن قبض العلم ليس بشيء ينتزع من صدور الرجال، ولكنه فناء العلماء
[14110] .
وحدث بسنده عنه أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لقد هممت أن آمر بالصلاة، ثم آمر فتيتي فيجمعوا حزم الحطب، ثم أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة»
[14111] .
وحدث عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين: الصّمّاء وهو أن يلتحف الرجل في الثوب الواحد، ثم يرفع جانبه عن منكبه، ليس عليه ثوب غيره، ويحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس بينه وبين السماء، يعني: سترا. ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاحين: أن تتزوج المرأة على عمتها أو على خالتها. ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين: الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، أو يأكل الرجل وهو مسطح على بطنه. ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين: عن المنابذة وعن الملامسة «2» - وهي بيوع كانوا يتبايعون بها في الجاهلية-
[14112] .
قال كثير:(72/110)
سألت جعفرا: ما المنابذة والملامسة؟ قال: المنابذة إذا نبذت إليك هو لك بكذا وكذا «1» ، والملامسة أن يغطي الرجل الشيء ثم يلمسه المشتري بيده وهو مغطى لا يراه «2» . وحدث عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت «3» :
كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه، فأكلنا منه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة وكانت بنت أبيها فقالت: يا رسول الله، إنا كنا صائمتين اليوم، فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه. فقال: «اقضيا يوما آخر»
[14113] .
[علي بن الحسين بن الجنيد عن محمد بن عبد الله بن نمير: ثقة، أحاديثه عن الزهري مضطربة.
قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا جعفر بن برقان وهو جزري ثقة.
وبلغني أنه كان أميا ولا يكتب، وكان من الخيار.
وقال محمد بن سعد: كان ثقة صدوقا له رواية وفقه وفتوى في دهره، وكان كثير الخطأ في حديثه.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: جزري ثقة.
وقال النسائي: ليس بالقوي في الزهري، وفي غيره لا بأس به.
وقال أبو زرعة الدمشقي عن أبي نعيم: قدم علينا جعفر بن برقان الكوفة، وعبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز، سنة سبع وأربعين ومئة، وكنا إذا خرجنا من عند جعفر دخل عليه سفيان الثوري. عن سفيان بن عيينة [قال:] حدثنا جعفر بن برقان. وكان ثقة، بقية من بقايا المسلمين.(72/111)
عن مروان بن محمد [قال:] جعفر بن برقان والله الثقة العدل. قال سفيان الثوري: ما رأيت أفضل من جعفر بن برقان] «1» .
[قال أبو أحمد بن عدي] «2» :
[جعفر بن برقان أبو عبد الله الكلابي، جزري، مشهور معروف من الثقات، وقد روى عنه الناس الثوري فمن دون. وأحاديثه مستقيمة حسنة] «3» .
كان جعفر ثقة صدوقا، له رواية وفقه وفتوى، وكان ينزل الرقة، ومات بها سنة أربع وخمسين ومئة، في خلافة أبي جعفر. وكان أميا لا يكتب، فليس هو مستقيم الحديث. وكان ضعيفا في روايته عن الزهري.
[9797] جعفر بن الحسن بن العباس بن الحسن ابن الحسين وهو أبو الحسن، بن علي بن محمد بن علي ابن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي أبو القاسم ابن محمد الحسيني المعروف بولي الدولة
حدث عن سهل بن بشر بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ما قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ولد أبو القاسم في ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، وتوفي في ربيع الأول سنة خمس وعشرين وخمس مئة.
[9798] جعفر بن الحسين أبو الفضل الصيداوي يعرف بابن الخراساني
حدث عن أبي الحسن علي بن الحسن بن عمر الثّمانيني «4» القرشي، بسنده عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(72/112)
«من قبّل بين عيني أمه كان له سترا من النار»
[14114] .
توفي في شوال سنة ثمان وستين وأربع مئة.
[9799] جعفر بن حميد بن عبد الكريم بن فرّوخ ابن ديزح بن بلال بن سعد الأنصاري الدمشقي
حدث عن جده لأمه عمر بن أبان بن مفضل المدني قال «1» :
أراني أنس بن مالك [الوضوء] «2» أخذ ركوة «3» فوضعها عن «4» يساره، وصبّ على يده اليمنى فغسلها ثلاثا، ثم أدار «5» الركوة على يده اليمنى، فتهيأ فتوضأ ثلاثا، ومسح برأسه ثلاثا، وأخذ ماء جديدا لسماخيه «6» فمسح سماخه، فقلت له: قد مسحت أذنيك، فقال: يا غلام، إنهما من الرأس ليس هما من الوجه. ثم قال: يا غلام، هل رأيت وفهمت أم أعيد عليك؟ فقلت: قد كفاني، وقد فهمت. فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ «7» .
[9800] جعفر بن الزبير الحنفي، ويقال الباهلي
دمشقي سكن البصرة.
[روى عن سعيد بن المسيب، وعباده بن نسي، وعبد الله بن محمد بن عقيل، والقاسم أبي عبد الرحمن الشامي، وأبي عبيد الله مسلم بن مشكم.
روى عنه: إسرائيل بن يونس، وتوبة بن نمر الحضرمي، وحماد بن سلمة،
__________
[9799] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/405 وفيه: ديزج بدل: ديزح ولسان الميزان 2/115.
[9800] ترجمته في تهذيب الكمال 3/394 وتهذيب التهذيب 1/378 والجرح والتعديل 1/1/479 والتاريخ الكبير 1/2/192 وميزان الاعتدال 1/406 والكامل لابن عدي 2/134.(72/113)
ودرست بن زياد، وسهيل بن زيد المخزومي، وصغدي بن سنان وعباد بن عباد، والعباس بن الفضل الأنصاري، وعبد الله بن خلف الطفاوي، وعتبة بن حميد الضبي، وعثمان بن الهيثم، وعصام بن طليق، وعنبسة بن عبد الرحمن القرشي، وعيسى بن يونس، ومحمد بن عيسى، ومروان بن معاوية الفزاري، ومعتمر بن سليمان، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، ويزيد بن يوسف الصنعاني، وأبو معشر يوسف بن يزيد البراء] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جعفر بن الزبير الشامي، عن القاسم، تركوه] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[جعفر بن الزبير، بصري، روى عن القاسم أبي عبد الرحمن. روى عنه إسرائيل، ومعتمر بن سليمان، ووكيع، ويزيد بن هارون، وعثمان بن الهيثم المؤذن سمعت أبي يقول ذلك.
نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل نا علي بن المديني قال: سمعت يحيى يعني ابن سعيد القطان وذكر جعفر بن الزبير فقال: لو شئت أن أكتب عنه ألفا لكتبت عنه، كان يروي عن ابن المسيب نحوا من أربعين حديثا. وضعفه يحيى جدا.
قرىء على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين قال: جعفر بن الزبير، ضعيف الحديث.
سمعت أبي يقول: جعفر بن الزبير متروك الحديث، كان ينزل البصرة، وكان ذاهب الحديث، لا أرى أن أحدث عنه، وهو متروك الحديث.
سمعت أبا زرعة يقول: وكان في كتابنا حديث عن جعفر بن الزبير فقال: اضربوا عليه. فقلت: ما حال جعفر بن الزبير؟ ضعيف هو؟(72/114)
قال: كما يكون لا أحدث عنه، ليس بشيء] «1» .
حدث عن القاسم عن أبي أمامة قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا فأراد أن يقوم، استغفر عشرا إلى خمس عشرة «2»
[14115] .
وحدث عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «3» :
«من أسلم على يدي رجل فله ولاؤه»
[14116] .
وحدث عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله خلق الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين، وعرشه على الماء، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها»
[14117] .
وحدث عنه أيضا قال:
أعتق رجل في وصيته ستة أرؤس لم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ عليه، ثم أسهم عليهم فأخرج ثلثهم. قال يزيد بن هارون «4» :
كان جعفر بن الزبير وعمران بن حدير «5» في مسجد واحد مصلاهما، وكان الزحام على جعفر بن الزبير، وليس عند عمران أحد، وكان شعبة يمرّ بهما فيقول: يا عجبا للناس! اجتمعوا على أكذب الناس، يعني: جعفرا، وتركوا أصدق الناس، يعني: عمران. قال يزيد:
فما أتى علينا إلا القليل حتى رأيت ذلك الزحام على عمران، وتركوا جعفرا وليس عنده أحد.
قال غندر «6» :
رأيت شعبة راكبا على حمار، فقيل له: أين تريد يا أبا بسطام؟ قال: أذهب فأستعدي(72/115)
على هذا، يعني: جعفر بن الزبير، وضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مئة حديث كذب «1» ، خذوا به، فإنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدث معاذ بن معاذ قال: حدثني قرة بن خالد قال «2» :
عندنا امرأة في الحي عرج بروحها، فمكثت سبعا لا ترجع، إلا أنهم يجدون عرقا ضاربا من وريدها. قال: ثم رجعت. قال: وقد كان جعفر بن الزبير مات في تلك الأيام.
قالت: رأيته في سماء الدنيا وأهل الأرض والملائكة يتباشرون به أعرفه في أكفانه، وهم يقولون: قد جاء المحسن قد جاء المحسن. قال لي قرّة: اذهب فاسمعه منها. قلت: وما أصنع إن أسمعه منها وقد حدثتنيه! قال «3» : وكان جعفر صاحب عهر «4» وهو شاب، فلما أسنّ وكبر اجتهد في العبادة.
[قال أبو أمية الأحوص بن المفضل عن أبيه عن يحيى بن معين: كان مصلى جعفر بن الزبير في مسجدهم- يعني مسجد بني سدوس- وهو شامي، يقولون مولى بني قتيبة. قال أبو أمية: عن باهلة، وهو شامي، لا يكتب حديثه.
قال أبو موسى محمد بن المثنى: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن ممن حدثا عن جعفر بن الزبير قط شيئا.
قال عمرو بن علي: متروك الحديث، وكان رجلا صدوقا كثير الوهم.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ضعيف.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: نبذوا حديثه.
وقال في موضع آخر: جعفر بن الزبير وبشر بن نمير ليسا ممن يحتج بهما على أحد من أهل العلم.
وقال أبو زرعة: ليس بشيء، لست أحدث عنه، وأمر أن يضرب على حديثه.(72/116)
وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف، متروك، مهجور.
قال النسائي والدارقطني: متروك الحديث.
وقال النسائي في موضع آخر: ليس بثقة] «1» .
[قال أبو أحمد بن عدي] «2» :
[جعفر بن الزبير الشامي، دمشقي.
ثنا الجنيدي، ثنا البخاري، قال: جعفر بن الزبير عن القاسم أدركه وكيع.
ولجعفر بن الزبير هذا أحاديث غير ما ذكرت عن القاسم وعامتها مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بيّن] «3» .
[9801] جعفر بن سعيد بن جعفر البعلبكي
حدّث عن أبي عمرو بن أبي غرزة بسنده عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من أكل الطين حوسب على ما نقص من لون، ونقص من جسمه»
[14118] .
[9802] جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب الهاشمي [أبو القاسم العباسي، ابن عم المنصور
روى عن أبيه.
وعنه: ابناه: قاسم ويعقوب، وعمر بن عامر، والأصمعي ولي ابنه أيوب اليمن في حياته.
له مآثر كثيرة ووقف على المنطقعين.
__________
[9802] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والوافي بالوفيات 11/106 وسير الأعلام 8/239 والمعرفة والتاريخ (الفهارس) وعيون الأخبار (الفهارس) وتاريخ خليفة (الفهارس) .(72/117)
قال عبد السميع بن علي: لا نعرف في بني هاشم أغبط منه، حصل له الشرف والأمرة والمال الجم، والأولاد الزهر، والعبيد] «1» . ولد بالشراة من أرض البلقاء «2» ، وولي إمرة المدينة في خلافة المنصور، ثم عزله بالحسن بن زيد بن الحسن بن علي «3» ، ثم ولي مكة والمدينة واليمامة والطائف، ثم ولي البصرة للرشيد «4» .
قال الأصمعي:
ما رأيت أكرم أخلاقا، ولا أشرف أفعالا من جعفر بن سليمان «5» .
حدث عن أبيه، عن أبي قلابة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من أخذ بركاب رجل لا يرجوه ولا يخافه غفر له»
[14119] .
وحدث عن أبيه بسنده عن أبيه عن جده عن أبيه علي بن عبد الله بن العباس قال:
سمعت أبي يقول: سألت علي بن أبي طالب: لم لم يكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان، وبراءة أنزلت بالسيف ليس فيها أمان.
حدث أحمد بن القاسم أن جعفر بن سليمان الهاشمي قال: حدثني أبي قال:
عطست بين يدي جدك جعفر بن سليمان. قال: فشمتني، فقلت: يغفر الله لك.
فقال: يا بني لا تفعل، فإني عطست بين يدي سليمان بن علي فشمتني أبي، فقلت: يغفر الله لك، فقال لي: يا بني لا تفعل، أخبرني أبي علي بن عبد الله بن عباس أنهعطس بين يدي أبيه عبد الله بن عباس فشمته، فقال له: لا تفعل، فإن ابن عباس قال: عطست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يغفر الله لك، فقال: «لا تفعل» . فقلت: كيف أقول يا رسول الله؟
فقال: «قل يهديكم الله ويصلح بالكم»
[14120] .(72/118)
قال الزيادي:
كان الخليل بن أحمد صديقا لجعفر بن سليمان الهاشمي، فجاء يوما ليدخل إليه فوجد على بابه الشعراء قد أنشدوه، وقبل أشعارهم وما جهّز جوائزهم، فشكوا ذلك إليه وسألوه تذكاره، فدخل إليه وأنشده:
لا تقبلنّ الشّعر ثم تعقّه فتنام والشعراء غير نيام
واعلم بأنهم إذا لم ينصفوا حكموا لأنفسهم على الحكّام
وجناية الجاني، عليهم تنقضي وعقابهم يبقى على الأيام
وقد رويت هذه الأبيات لابن الرومي.
قال أبو خليفة «1» :
كان جعفر بن سليمان الهاشمي له بالبصرة كل يوم غلة ثمانين ألف درهم «2» ، فبعث إلى علماء أهل البصرة يستشيرهم في امرأة يتزوجها، فأجمعوا على رابعة العدوية «3» فكتب إليها:
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإن الذي هو ملكي من غلة الدنيا في كل يوم ثمانون ألف درهم، وليس يمضي إلا القليل حتى أتمها مئة ألف إن سألته. وأنا أخطبك نفسك، وقد بذلت لك من الصداق مئة ألف. وأنا مصير إليك من بعده أمثالها فأجيبي «4» .
فكتبت إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن، والرغبة فيها يورث الهمّ والحزن، فإذا أتاك كتابي فهيىء زادك، وقدم لمعادك، وكن وصي نفسك، ولا تجعل وصيك غيرك «5» ، وصم دهرك، واجعل الموت فطورك، فما يسرني أن الله عز وجل خولني أضعاف ما خولك، فيشغلني بك عنه طرفة عين والسلام.
قال الأصمعي:(72/119)
سمعت جعفر بن سليمان يقول: ما ساد منا إلا سخي على الطعام. قال: وكنت أتغدى مع جعفر على مائدته فجاء الطباخ بصحفة ليضعها واستعجل الطباخ، فزلقت الصحفة من يده في حجر جعفر بن سليمان وعليه جبة خزّ نفيسة، قال: فكان بعض من كان على المائدة أغرى بالطباخ فقال جعفر: ما أراد البائس إلا خيرا إنما أراد أن يتقرب إلى قلوبنا، خذ يا غلام الجبة، ودفعها إليه. كان جعفر بن سليمان حيّا إلى سنة أربع وسبعين ومئة «1» .
[9803] جعفر بن أبي طالب عبد مناف ابن عبد المطلب بن هاشم، الطيار، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
أسلم وهاجر الهجرتين، واستعمله نبي الله صلى الله عليه وسلم على غزوة مؤتة بعد زيد بن حارثة، واستشهد بها «2» . ومؤتة بأرض البلقاء.
[روى عن النبي صلى الله عليه وسلم:
روى عنه: ابنه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمرو بن العاص، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض أهله] «3» .
قالت أم سلمة «4» :
لما ضاقت على النبي صلى الله عليه وسلم مكة، وأوذي أصحابه، وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في
__________
[9803] ترجمته في نسب قريش ص 80 و 82 وتاريخ خليفة (الفهارس) والتاريخ الكبير 1/2/185 والجرح والتعديل 1/1/482 وحلية الأولياء 1/114 وتهذيب الكمال 3/404 وتهذيب التهذيب 1/382 ط دار الفكر والإصابة 1/237 والاستيعاب 1/210 (هامش الإصابة) وأسد الغابة 1/341 وسير الأعلام 1/206.(72/120)
منعة من قومه ومن عمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد «1» عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه. فخرجنا إليها أرسالا حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمنّا على ديننا، ولم نخش ظلما. فلما رأت قريش أنّا قد أصبنا دارا وأمنا، اجتمعوا «2» على أن يبعثوا إليه فينا، ليخرجونا من بلاده، وليردنا عليهم. فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يدعوا منهم رجلا إلّا بعثوا «3» له هدية على حدة، وقالوا لهما: ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم، ثم ادفعوا إليه هداياه، وإن استطعتما أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا. فقدما علينا، فلم يبق بطريق من بطارقته إلّا قدّموا إليه هديته، فكلموه، فقالوا له: إنا قدمنا على هذا الملك في سفهاء من سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم، ولم يدخلوا في دينكم فبعثنا قومهم ليردهم الملك عليهم، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل، فقالوا: نفعل. ثم قدّموا «4» إلى النجاشي هداياه، فكان من أحب ما يهدى إليه من مكة الأدم. فلما أدخلوا عليه هداياه فقالوا له: أيها الملك إن فتية منا سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه، وقد لجؤوا إلى بلادك فبعثنا إليك فيهم عشائرهم، آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردهم عليهم، فهم أعلى بهم «5» عينا. فقالت بطارقته: صدقوا أيها الملك، لو رددتهم عليهم كانوا هم أعلى بهم، فإنهم لم يدخلوا في دينك فيمنعهم أملك «6» . فغضب، ثم قال: لا لعمر الله، لا أردهم عليهم حتى أدعوهم وأكلمهم وأنظر ما أمرهم، قوم لجؤوا إلى بلادي، واختاروا جواري على جوار غيري، فإن كانوا كما تقولون رددتهم عليهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم، ولم أدخل بينهم وبينهم، ولم أنعمهم عينا. فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم، ولم يكن شيء أبغض إلى عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة من أن يسمع كلامهم،(72/121)
فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقال: ماذا تقولون؟ فقالوا: وماذا نقول! نقول والله ما نعرف وما نحن عليه من أمر ديننا، وما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم كائن من ذلك ما كان. فلما دخلوا عليه كان الذي يكلمه منهم جعفر بن أبي طالب، فقال له النجاشي: ما هذا الدين الذي أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية فما هذا الدين؟ فقال جعفر: أيها الملك كنا قوما على الشرك نعبد الأوثان ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، وتستحلّ المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لا نحلّ شيئا ولا نحرّمه، فبعث الله إلينا نبيا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلّي لله تعالى، ونصوم له، ولا نعبد غيره. قال: فقال:
هل معك شيء مما جاء به؟ وقد دعا أساقفته «1» فأمرهم فنشروا المصاحف حوله، فقال له جعفر: نعم. فقال: هلم فاتل عليّ ما جاء به. فققرأ عليه صدرا من كهيعص
[سورة مريم، الآية: 1] فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم.
ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة «2» التي جاء بها موسى؛ انطلقوا راشدين «3» ، لا والله لا أردهم عليهم «4» ، ولا أنعمكم عينا. فخرجنا من عنده، وكان أتقى الرجلين فينا عبد الله بن أبي ربيعة. فقال عمرو ابن العاص: والله لأثنينه «5» غدا بما استأصل به خضراءهم «6» ، فلأخبرنه أنهم يزعمون أن إلهه الذي يعبد عيسى بن مريم عبد، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة: لا تفعل، فإنهم وإن كانوا خالفونا فإن لهم رحما ولهم حقا، فقال: والله لأفعلن. فلما كان الغد دخل عليه فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما، فأرسل إليهم فسلهم عنه، فبعث إليهم ولم ينزل بنا مثلها. فقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون له في عيسى إن هو سألكم عنه؟ فقال: نقول والله الذي قاله الله تعالى، والذي أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقول فيه؛ فدخلوا عليه وعنده بطارقته، فقال: ما(72/122)
تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال له جعفر: نقول: هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فدلى النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عودا «1» بين أصبعيه فقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العويد «2» ، فتناخرت بطارقته، فقال: وإن تناخرتم والله، اذهبوا، فأنتم شيوم «3» في أرضي- والشيوم الآمنون- من سبكم غرم، ثم من سبّكم غرم، ثم من سبّكم غرم، فأنا ما أحب أن لي دبرا «4» وأني آذيت رجلا منكم- والدبر بلسانهم الذهب- فو الله ما أخذ الله تعالى مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه، ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها، واخرجا من بلادي. فرجعا مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به. فأقمنا مع خير جار، وفي خير دار.
فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فو الله ما علمنا حزنا حزنا قط كان أشد منه فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائرا، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض: من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ننظر على من تكون؟
فقال الزبير وكان من أحدثهم سنا: أنا، فنفخوا له قربة، فجعلها في صدره، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس «5» ، فحضر الوقعة، فهزم الله ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي عليه. فجاءنا الزبير فجعل يليح «6» إلينا بردائه ويقول: ألا أبشروا، فقد أظهر الله تعالى النجاشي، فو الله ما علمنا «7» فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي، ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعا إلى مكة، وأقام من أقام.(72/123)
ومعنى قوله «1» : ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه، حدّثت عائشة: أن أباه كان ملك قومه، وكان له أخ من صلبه له اثنا عشر رجلا، ولم يكن لأبي النجاشي ولد غير النجاشي، فأدارت الحبشة رأيها بينها فقالوا: لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه، فإن له اثني عشر رجلا من صلبه، فتوارثوا الملك لبقيت الحبشة [بملكهم] «2» دهرا طويلا لا يكون بينهم اختلاف، فعدوا عليه فقتلوه وملّكوا أخاه، فدخل النجاشي لعمه حتى غلب عليه فلا يدبر أمره غيره، وكان لبيبا. فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا: قد غلب هذا الغلام على أمر عمه، فما يأمن أن يملكه علينا، وعرف أنا قد قتلنا أباه [وجعلناه مكانه] «3» فإن فعل لم يدع منا شريفا إلا قتله، فكلموه فيه فليقتله أو ليخرجنه من بلادنا، فمشوا إلى عمه فقالوا: قد رابنا مكان هذا الفتى منك، وقد عرفت أنا قد قتلنا أباه وجعلناك مكانه، فلا نأمن إن تملك علينا فيقتلنا فإما أن تقتله، وإما أن تخرجه من بلادنا. قال: فقال: ويحكم، قتلتم أباه بالأمس، وأقتله اليوم! بل أخرجه من بلادكم، فخرجوا به فوقفوه بالسوق، وباعوه من تاجر من التجار، فقذفه في سفينة بست مئة درهم أو بسبع مئة درهم فانطلق به، فلما كان العشيّ هاجت سحابة من سحاب «4» الخريف، فخرج عمه يتمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته، ففزعوا إلى ولده فإذا هم محمقين ليس في واحد منهم خير، فمرج «5» على الحبشة أمرهم، فقال بعضهم: تعلمون والله أن ملككم الذي لا يصلح أمركم غيره الذي بعتم الغداة، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب، فخرجوا في طلبه حتى أدركوه فردّوه، فعقدوا عليه تاجه وأجلسوه على سريره وملكوه، فقال التاجر: ردوا عليّ مالي كما أخذتم مني غلامي؛ فقالوا: لا نعطيك. فقال: إذا والله أكلمه فقالوا: وإن. فمشى إليه فكلمه فقال: أيها الملك إني ابتعت غلاما فقبض مني الذي باعونيه ثمنه، ثم عدوا على غلامي فنزعوه من يدي ولم يردوا علي مالي، فكان أول ما خبر «6» من(72/124)
صلابة حكمه وعدله أن قال: لتردّن عليه ماله أو لتجعلن غلامه يده في يده فليذهب به حيث شاء، فقالوا: بل نعطيه ماله، فأعطوه إياه. فلذلك يقول: ما أخذ الله مني الرشوة فآخذ الرشوة فيه حين رد علي ملكي، وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه. وجعفر وعلي وعقيل بنو أبي طالب، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف «1» ، وكنيته أبو عبد الله، وهو ذو الجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء صاحب الهجرتين، أسلم بعد أحد وثلاثين إنسانا «2» ، يقال له: جعفر الطيار، قتل يوم مؤتة شهيدا.
وروي عن الحسن بن زيد «3» :
أن عليا عليه السلام أول ذكر أسلم، ثم أسلم زيد بن حارثة حبّ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جعفر ابن أبي طالب. وكان أبو بكر الرابع في الإسلام أو الخامس.
وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال:
بينما أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حير «4» لأبي طالب أصلي أشرف علينا أبو طالب فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا عم ألا تنزل فتصلي معنا؟» فقال: يابن أخي، إنّي لأعلم أنك على الحق، ولكن أكره أن أسجد فيعلو استي، ولكن أنزل يا جعفر فصلّ جناح ابن عمك. قال: فنزل فصلى عن يساري «5» . فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته التفت إلى جعفر فقال: «أما إن الله تعالى قد وصلك بجناحين تطير بهما في الجنة، كما وصلت جناح ابن عمك»
[14121] .
حدث صلصال «6» بن الدّلهمس قال:
كان أبي- يعني الدلهمس- لأبي طالب ولده «7» ، فكان الذي بينهما في الجاهلية عظيم، فكان أبي يبعثني إلى مكة لأنصر النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي طاب قبل إسلامي، فكنت أقيم بمكة(72/125)
الليالي عند أبي طالب لحراسة النبي صلى الله عليه وسلم من قومه، فإني يوم من الأيام جالس بالقرب من منزل أبي طالب في الظهيرة وشدة الحر، إذ خرج أبو طالب شبيها بالملهوف فقال لي: يا أبا العصيفر «1» ، هل رأيت هذين الغلامين فقد ارتبت بإبطائهما علي، فقلت: ما حسست لهما خبرا منذ جلست، فقال: انهض بنا فنهضت وإذا جعفر بن أبي طالب يتلو أبا طالب، قال: فاقتصصنا الأثر حتى خرج بنا من أبيات مكة، قال: ثم علونا جبلا من جبالها، فأشرفنا منه على أكمة دون ذلك التل، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليا قائما عن يمينه، ورأيتهما يركعان ويسجدان قبل أن أعرف الركوع والسجود، ثم انتصبا قائمين فقال أبو طالب لجعفر: أي نبي، صلّ جناح ابن عمّك، قال: فمضى جعفر مسرعا حتى وقف بجنب علي. فلما أحس به النبي صلى الله عليه وسلم أخّرهما وتقدم، وأقمنا موضعنا حتى انقضى ما كانوا فيه من صلاتهم، ثم التفتّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآنا بالموضع الذي كنا فيه، فنهض ونهضنا معه مقبلين، فرأينا السرور يتردد في وجه أبي طالب ثم انبعث يقول:
إن عليا وجعفرا ثقتي عند مهمّ الأمور والكرب
لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما وابن أمّي من بينهم وأبي
والله لا أخذل النبيّ ولا يخذله من بني ذو حسب
قال: فلما آمنت به ودخلت في الإسلام، سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن تيك الصلاة فقال:
«نعم، يا صلصال هي أول جماعة كانت في الإسلام»
[14122] .
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر بن أبي طالب:
«إن الله تعالى أوحى إليّ أنه شكرك على أربع خصال، كنت عليهن مقيما قبل أن يبعثني الله، فما هن؟» قال له جعفر: بأبي أنت وأمي، لولا أن الله أنبأك بهن ما أنبأتكعن نفسي كراهية التزكية، إنّي كرهت عبادة الأوثان لأني رأيتها لا تضرّ ولا تنفع، وكرهت الزّناء لأني رأيتها [....] أن [....] «2» إلي، وكرهت شرب الخمر لأني رأيتها منقصة للعقل، وكنت إلى أن أزيد في عقلي أحب إلي من أن أنقصه، وكرهت الكذب لأني رأيته دناءة.
وعن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(72/126)
«خلق الناس من أشجار شتى، وخلقت أنا وجعفر من طينة واحدة»
[14123] .
وعنه قال «1» :
ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر يوم بدر بسهمه وأجره
[14124] .
وعن علي قال «2» : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إن لكل نبي سبعة نقباء نجباء يعني: وإني أعطيت أربعة عشر، فعدّني، وابنيّ، وحمزة، وجعفرا، وأبا بكر، وعمر، وابن مسعود، وحذيفة، والمقداد، وسلمان، وعمّارا، وبلالا، وأباذر.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمزة سيد الشهداء، وجعفر ذو الجناحين، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين.
وفي رواية أخرى:
نحن سبعة بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة، أنا، وعلي أخي، وعمي حمزة، وجعفر، والحسن والحسين، والمهدي «3» .
وعن علي قال «4» :
قدم جعفر من أرض الحبشة في يوم فتح خيبر، فقبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه وقال:
«ما دري بأيهما أنا أشدّ فرحا، أبفتح خيبر أم بقدوم جعفر»
[14125] .
قال علي بن يونس المديني:(72/127)
كنت جالسا في مسجد مالك بن أنس، حتى إذا استأذن عليه سفيان بن عينية قال مالك: رجل صالح وصاحب سنة، أدخلوه. فلما دخل، سلّم ثم قال: السلام خاص وعام، السلام عليك أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته. فقال له مالك: وعليك السلام أبا محمد ورحمة الله وبركاته، وقام إليه وصافحه وقال: لولا أنه بدعة لعانقتك. قال سفيان: قد عانق من هو خير مني من هو خير مني ومنك. فقال له مالك: النبي صلى الله عليه وسلم جعفرا؟ قال له سفيان: نعم، فقال مالك: ذاك حديث خاص ليس بعام. فقال له: ما عم جعفرا يعمّنا، وما خصّه يخصّنا، إذا كنا صالحين، ثم قال له سفيان: يا أبا عبد الله أتأذن لي أن أحدث في مجلسك؟ فقال له مالك:
نعم، فقال سفيان: اكتبوا: حدثنا عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس أن جعفر بن أبي طالب لما قدم من أرض الحبشة، تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم واعتنقه، وقبّل ما بين عينيه وقال:
«مرحبا بأشبههم بي خلقا وخلقا»
[14126] .
وعن جابر قال:
لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة، تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نظر جعفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجل «1» - مشى على رجل واحدة- إعظاما منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه وقال له: «يا حبيبي، أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي، وخلقت من الطينة التي خلقت منها. حدثني ببعض عجائب أرض الحبشة» قال: نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بينا أنا سائر في بعض طرقاتها إذا بعجوز على رأسها مكتل «2» ، فأقبل شاب يركض على فرس له، فرجمها فألقاها لوجهها، وألقى المكتل عن رأسها، فاسترجعت قائمة، وأتبعته النظر وهي تقول: الويل لك غدا إذا جلس الملك على كرسيّه فاقتصّ للمظلوم من الظالم. قال جابر: فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن دموعه على لحيته مثل الجمان «3» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا قدّس الله أمة لا تأخذ للمظلوم حقه من الظالم غير متعتع «4» »
[14127] .
وكان قدوم جعفر من الحبشة سنة سبع.(72/128)
وعن علي بن أبي طالب قال «1» : لما صدرنا من مكة إذا ابنة حمزة تنادي: يا عم يا عم، فتناولها فأخذها، فقال لفاطمة:
دونك ابنة عمك فحملتها، فاختصم فيها عليّ وجعفر وزيد، قال علي: أنا آخذ بها «2» وهي ابنة عمي، قال جعفر: ابنة عمي وخالتها عندي، وقال زيد: ابنة أخي. فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: «الخالة بمنزلة الأم» . وقال لعلي: «أنت مني وأنا منك» . وقال لجعفر: «أشبهت خلقي وخلقي» . وقال: يا زيد، أنت أخونا ومولانا. قال علي: يا رسول الله، «ألا تزوّج ابنة حمزة؟» قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها ابنة أخي من الرضاعة»
[14128] .
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أسمح أمتي جعفر.
وعن أبي هريرة قال «3» :
ما احتذى البغال «4» ، ولا انتعل، ولا ركب المطايا، ولا كرب الكور «5» بعد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل «6» من جعفر. وزاد في رواية أخرى يعني في الجود والكرم.
وأنشد أبو هريرة لحسان بن ثابت من أبيات «7» :
رأيت خيار المؤمنين توادوا «8» شعوب «9» وقد خلّفت فيمن يؤخّر
فلا يبعدنّ الله قتلى تتابعوا جميعا ونيران الحروب تسعّر «10»(72/129)
غداة غدا بالمؤمنين يقودهم إلى الموت ميمون النّقيبة «1» أزهر
وكنا نرى في جعفر من محمد وقارا وأمرا حازما «2» حين يأمر
وما زال للإسلام من آل هاشم دعائم عزّ لا تزال «3» ومفخر
بهاليل منهم جعفر وابن أمّه عليّ ومنهم أحمد المتخيّر
وحمزة والعباس منهم ومنهم عقيل وماء العود من حيث يعصر
بهم تفرج اللأواء في كلّ مأزق عماس «4» إذا ما ضاق بالأمر مصدر
وهم أولياء الله نزّل حكمه عليهم، وفيهم والكتاب المطهّر
وعن أبي هريرة قال «5» :
كنا ندعو جعفر بن أبي طالب أبا المساكين، وكنا إذا أتيناه قرّب إلينا ما حضر، فأتيناه يوما فلم نجد عنده شيئا، فأخرج إلينا جرة من عسل فكسرها، فجعلنا نلعق منها.
وعن أبي هريرة قال:
إني كنت لأسأل الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآيات، لأنا أعلم بها منه لا أسأله إلا ليطعمني شيئا، قال: فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب، لم يجبني حتى يذهب معي إلى منزله، فيقول لامرأته: يا أسماء أطعمينا، فإذا طعمنا أجابني. وكان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثهم ويحدثونه.
وفي رواية:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنيه أبا المساكين «6» .
حدث أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «7» :(72/130)
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال: «عليكم زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد فجعفر، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصاري» ، فوثب جعفر فقال: بأبي أنت يا نبي الله وأمي فإني ما كنت أرهب أن تستعمل عليّ زيدا، قال: «امضوا «1» فإنك لا تدري أي ذلك خير» . قال: فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى بالصلاة جامعة، [فاجتمع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم] «2» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ناب خيرا أو باب خير «3» ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي، إنهم انطلقوا حتى لقوا العدو، فأصيب زيد شهيدا فاستغفروا له، فاستغفر له الناس، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب، فشدّ على الناس حتى قتل شهيدا، أشهد له بالشهادة فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل «4» حتى قتل شهيدا فاستغفروا له» ، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء، هو أمّر نفسه، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه وقال: «اللهم هو سيف من سيوفك فانصره، وقيل: فانتصر به» فيومئذ سمي خالد سيف الله. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «انفروا فأمدّوا إخوانكم ولا يتخلفنّ أحد» فنفر الناس في حرّ شديد مشاة وركبانا «5»
[14129] .
قال عبد الله بن أبي بكر:
وجد في بدن جعفر أكثر من ستين جرحا «6» .
قال أحد بني مرة بن عوف «7» :(72/131)
لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها، ثم تقدم فقاتل حتى قتل.
قال ابن إسحاق «1» : فهو أول من عقر في الإسلام وهو يقول:
يا حبّذا الجنّة واقترابها طيّبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها عليّ إن لاقيتها ضرابها
فلما قتل أخذ الراية عبد الله بن رواحة.
وعن سعيد بن المسيب «2» قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«مثّلوا لي في الجنة في خيمة من درّة «3» ، كل واحد منهم على سريره، فرأيت زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدودا، وأما جعفر فهو مستقيم ليس فيه صدود، قال: فسألت، أو قال:
قيل لي: إنهما حين غشيهما الموت، كأنهما أعرضا، أو كأنهما صدّا بوجوههما. وأما جعفر فإنه لم يفعل»
[14130] .
قال ابن عيينة: فذلك حين يقول ابن رواحة «4» :
أقسمت يا نفس لتنزلنّه بطاعة منك لتكرهنّه «5»
فطالما قد كنت مطمئنه جعفر ما أطيب ريح الجنّة
ولما «6» أخذ جعفر بن أبي طالب الراية، جاءه الشيطان فمنّاه الحياة والدنيا «7» ، وكرّه الموت فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا؟ ثم مضى قدما حتى استشهد. فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استغفروا(72/132)
لأخيكم جعفر فإنه شهيد «1» وقد دخل الجنة، وهو يطير فيها بجناحين من ياقوت حيث شاء من الجنة»
[14131] .
قال ابن عمر: كان فيما أقبل من جعفر تسعين، من ضربة بسيف وطعنة برمح.
قال عمرو بن ثابت: سمعت أبي قال «2» :
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جعفر بن أبي طالب عليه السلام، فقال رجل: أنا والله أنظر إليه حين طعنه رجل، فمشى إليه في الرمح فضربه فماتا جميعا، فدمعت عين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحاكم بن عيينة: لما أصيب جعفر بن أبي طالب جاء رجل فنعاه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتد ذلك عليه فأقيمت الصلاة، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: «أين هذا؟» فجاءه فقال: «كيف صنع جعفر؟» فقال: قاتل يا رسول الله على فرسه، حتى إذا اشتد القتال نزل فقاتل حتى قتل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيته، أو قال: لقد أريته ملكا ذا جناحين، مضرجا بالدماء مصبوغ القوادم» . ثم أرسل إلى امرأة جعفر أسماء بنة عميس، وكان لها منه ثلاثة، بنون، فقال:
انظري بني أخي فاستوصي بهم خيرا، واكتحلي ولا تسلتي «3» ، ولا تبكيه بعد اليوم.
قالت أسماء بنت عميس «4» :
لما أصيب جعفر وأصحابه أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد هيأت أربعين منا «5» من أدم وعجنت عجيني، وأخذت بنيّ فغسلت وجوههم ودهنتهم، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«يا أسماء، أين بنو جعفر؟» فجئت بهم إليه، فضمهم إليه وشمهم، ثم ذرفت عيناه فبكى،(72/133)
فقلت: أي رسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء فقال: «نعم، قتل اليوم» . قالت: فقمت أصيح، واجتمع إلي النساء، قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أسماء: لا تقولي هجرا، ولا تضربي صدرا» . قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على ابنته فاطمة، وهي تقول: واعماه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على مثل جعفر فلتبك الباكية» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعاما، فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم»
[14132] .
وعن الحسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد قتل جعفر:
«لقد مر بي الليلة جعفر يقتفي نفرا من الملائكة، له جناحان متخضبة قوادمها بالدم، يريدون بيشة» بلدا باليمن
[14133] .
وعن ابن عباس قال «1» : بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبا منه، إذ ردّ السلام. قال: «يا أسماء، هذا جعفر- يعني ابن أبي طالب- مع جبريل وميكائيل والملائكة عليهم السلام، مرّوا فسلّموا علينا، فردّوا عليهم السلام، وأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا، قبل ممره على رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أو أربع فقال: لقيت المشركين فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثة وسبعين من طعنة وضربة، ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقطعت، ثم أخذته بيدي اليسرى فقطعت، فعوضني اللهمن يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل، أنزل من الجنة حيث شئت، وآكل من ثمارها ما شئت. قالت أسماء: هنيئا لجعفر ما رزقه الله من الخير، لكني أخاف أن لا يصدق الناس، فاصعد المنبر فأخبر به الناس. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس، إن جعفر بن أبي طالب مرّ مع جبريل وميكائيل وله جناحان، عوّضه الله من يديه فسلّم علي» . ثم أخبرهم كيف كان أمره حيث لقي المشركين. فاستبان الناس من بعد ذلك اليوم الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جعفرا لقيهم، فلذلك سمي الطيار في الجنة.
وعن ابن عباس قال «2» : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«دخلت الجنة البارحة فنظرت، فإذا جعفر يطير على الملائكة، وإذا حمزة متكىء على سرير. وذكر ناسا من أصحابه»
[14134] .(72/134)
وعن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«عرفت جعفرا في رفقة من الملائكة يبشرون أهل بيشة بالمطر»
[14135] .
وبيشة قرية باليمن «1» .
وعن عامر الشعبي قال:
أصيب جعفر بن أبي طالب بالبلقاء يوم مؤتة «2» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اخلف جعفرا في أهله، كأفضل ما خلّفت عبدا من عبادك الصالحين» «3»
[14136] .
قال الواقدي وغيره:
خرج جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة سنة خمس من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم سنة سبع من الهجرة، وقتل سنة ثمان من الهجرة بمؤتة «4» هو وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة.
وعمّر جعفر ثلاثا وثلاثين سنة «5» ، وقيل: قتل وهو ابن خمس وعشرين سنة «6» .
[9804] جعفر بن عبد الجبار، ويقال ابن عبد الرزاق ابن محمد بن جبير بن عبد الرحمن، أبو محمد القراطيسي
حدث عن يحيى بن أيوب بسنده عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من سأله جاره أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه» «7»
[14137] .
مات أبو محمد جعفر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.(72/135)
[9805] جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب ابن عبد الرزاق أبو الحسين المهندس
من موالي يحيى بن الحكم بن أبي العاص أخي مروان بن الحكم. روى عن محمد بن أحمد بن عمارة بسنده عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» :
«إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي
[سورة غافر، الآية: 60] .
توفي أبو الحسين جعفر في جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.
[9806] جعفر بن عبد الواحد بن جعفر ابن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب الهاشمي القاضي
روى عن روح بن عبادة، بسنده عن علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميت، فإن الفخذ عورة»
[14138] .
كان جعفر بن عبد الواحد كذابا، يضع الحديث، وفي سنة خمسين ومئتين نفي عن قضاء القضاة إلى البصرة، بسبب كلام روي عنه إلى المستعين، وكان من حفاظ الحديث، وكانت له بلاغة ولسن، وكان بخيلا، وكان بسرّ من رأى يستهدي الرطب، وكان له صديق يوجه كل يوم بسلّة رطب مع غلام له، فقال له: إن الغلام يشعث السلة فاختمها، ففعل، فوجدها قد تشعثت فقال له: إن أردت أن تبرني بها فاختمها بعد أن تودعها زنبورين يكونان فيها، فكان يجيئه بها، فإذا فتحها طار الزنبوران، وعلم أن اليد لم تدخل فيها، وتوفي جعفر ابن عبد الواحد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ثمان وستين ومئتين.
__________
[9806] ترجمته في ميزان الاعتدال 1/412 والجرح والتعديل 1/1/483 والكامل لابن عدي 2/117 ولسان الميزان 2/117 وتاريخ بغداد 7/173 وتاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) ووفيات الأعيان 6/165 خلال ترجمة يحيى بن أكثم.(72/136)
وقال أبو أحمد الحسن بن محمد يرثي عمه القاضي جعفر بن عبد الواحد:
ما اختصّ أهلوك بالرّزايا كلّ على فقدك المرزّا
وما المعزّي عليك أولى من المعزّى بأن يعزّى
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «1» :
[جعفر بن عبد الواحد الهاشمي روى عن.... «2» روى عنه هلال بن العلاء الرقي سمعت أبي يقول: كان جعفر بن عبد الواحد وصل حديثا لعبد الله بن مسلمة زاد فيه أنسا فدعا عليه القعنبي، فافتضح] «3» .
[قال أبو أحمد بن عدي] «4» :
[جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، منكر الحديث عن الثقات، ويسرق الحديث.
قال الشيخ:
وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن جعفر بن عبد الواحد، كلها بواطيل، وبعضه سرقه من قوم. وله غير هذه الأحاديث من المناكير وكان يتهم بوضع الحديث.
وأحاديث جعفر إما أن تكون تروى عن ثقة بإسناد صالح ومتن منكر، فلا يكون إسناده ولا متنه محفوظا، وإما أن يكون سرق الحديث من ثقة يكون قد تفرد به ذلك الثقة عن الثقة فيسرق منه فيرويه عن شيخ ذلك الثقة.
وإما أن يجازف إذا سمع بحديث لشعبة أو لمالك أو لغيرهم ويكون قد تفرد عنهم رجل فلا يحفظ الشيخ ذلك الرجل فيلزقه على إنسان غيره ولا يكون لذلك الرجل في ذاك الحديث ذكر ولا يرويه. وكذلك سرقه أيضا محمد بن الوليد بن أبان مولى بني هاشم بغدادي وغيرهما] «5» .(72/137)
[قال الدارقطني: يضع الحديث، وقال أبو زرعة: روى أحاديث لا أصل لها.
قال أبو زرعة: أخاف أن تكون دعوة الشيخ الصالح أدركته] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ولي قضاء القضاة بسرّ من رأى في سنة أربعين ومئتين. وحدث بها عن محمد بن عباد الهنائي. وهارون بن إسماعيل الخزاز، وأبي عاصم النبيل، وأبي عتاب الدلال، وعبيد ابن إسحاق العطار، ومحمد بن أبي مالك المازني، روى عنه: أحمد بن هارون البرويجي، ومحمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن أحمد بن موسى السوانيطي، وعلي بن سراج، وعبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن رشدين المصريان] «3» .
[9807] [جعفر بن عبيد الله أبو الفضل الدمشقي كتب عنه ببغداد أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي وأبو الوفاء أحمد بن الحسين، سمع منه سنة تسع وتسعين وأربعمئة ومولده سنة أربع وعشرين وأربعمئة. ومن شعره:
شربت على زهر البنفسج قهوة بجنح الدياجي وهي في الكاس مقباس
توهمها في الكاس وهمي فخلتها لرقتها نورا يلوح به الكاس
وقبلتها أحسو لذيذ شرابها فقلت: فمي المشكاة والراح نبراس
ومنه:
لله يوم سرور قد نعمت به فيه على الراح والريحان معتكف
والكأس كالبدر في ليل الكسوف إذا قد انجلى بعضه والبعض منكسف]
__________
[9807] استدركت ترجمته عن الوافي بالوفيات 11/112.(72/138)
[9808] جعفر بن عمرو بن أمية بن خويلد ابن عبد الله بن إياس بن عبد بن ناشرة بن كعب ابن جدي بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة الضمري المديني
[وهو أخو عبد الملك بن مروان من الرضاعة.
روى عن إبراهيم بن عمرو صاحب كردم بن قيس، وأنس بن مالك، وأبيه عمرو، ومسلم بن الأجدع الليثي، ووحشي بن حرب الحبشي.
روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج، وابن أخيه الزبرقان بن عبد الله بن عمرو، وأخوه الزبرقان بن عمرو، وسليمان بن يسار، وعبد الله بن زيد الجرمي، وعبد العزيز بن عبد العزيز ابن عبد الله، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، ومحمد بن مسلم الزهري، ويعقوب بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن أمية الضمري، ويوسف بن أبي ذرة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن] «1» .
[قال أبو عبد الله البخاري] «2» :
[جعفر بن عمرو بن أمية، سمع أباه، سمع منه الزهري، وأبو سلمة، يعد في أهل المدينة، الضمري] «3» .
[قال أبو محمد بن أبي حاتم] «4» :
[جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، روى عن أبيه، روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، والزهري، سمعت أبي يقول ذلك] «5» .
__________
[9808] ترجمته في تهذيب الكمال 3/414 وتهذيب التهذيب 1/383 وطبقات ابن سعد 5/247 وطبقات خليفة ص 431 والتاريخ الكبير 1/2/193 وتاريخ خليفة (الفهارس) والنجوم الزاهرة 1/230 والجرح والتعديل 1/1/484 والوافي بالوفيات 11/118.(72/139)
[قال أحمد بن عبد الله العجلي: مدني تابعي ثقة، من كبار التابعين، وأبوه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم] «1» .
[قال خليفة بن خياط] «2» :
[جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، مات سنة خمس أو ست وتسعين] «3» .
حدث عن أبيه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتزّ من كتف فيأكل منها، فدعي إلى الصلاة فقام، وطرح السكين فصلى ولم يتوضأ
[14139] .
وحدث عن أبيه قال:
قلت: يا رسول الله، أرسل وأتوكل، أو أقيّد وأتوكل؟ قال: «بل قيّد وتوكل»
[14140] .
وكان «4» جعفر أخا عبد الملك بن مروان من الرضاعة، فوفد على عبد الملك بن مروان في خلافته فجلس في مسجد دمشق، وأهل الشام يعرضون على ديوانهم، قال: وتلك اليمانية حوله يقولون: الطاعة الطاعة، فقال جعفر: لا طاعة إلا لله فوثبوا عليه، وقالوا: توهن الطاعة، طاعة أمير المؤمنين! حتى ركّبوا الأسطوان عليه، قال: فما أفلت إلا بعد جهد، وبلغ الخبر عبد الملك فأرسل إليه فأدخل عليه، فقال: أرأيت؟ هذا من عملك، أما والله لو قتلوك، ما كان عندي مثل «5» شيء، ما دخولك في أمر لا يعنيك! ترى قوما يشدون ملكي وطاعتي، فتجيء فتوهنه أنت، إياك إياك.
ومات جعفر بن عمرو في خلافة الوليد بن عبد الملك، سنة خمس أو ست وتسعين.(72/140)
[9809] جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد ابن موسى بن الحسن بن الفرات أبو الفضل المعروف بابن حنزابة البغدادي الوزير
سكن مصر ووزر بها لكافور الإخشيدي، وكان أبوه وزيرا للمقتدر، واجتاز أبو الفضل بدمشق وسمع بها.
[حدث عن أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، والحسن بن محمد الداركي، وأبي يعلى محمد بن زهير الأبلّي، ومحمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني، ومحمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن سعيد الحمصي، وعدة.
حدث عنه: الدارقطني، وعبد الغني بن سعيد المصري، وطائفة] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات، أبو الفضل، المعروف بابن حنزابة الوزير. نزل مصر وتقلد الوزارة لأميرها كافور، حدث أبو الفضل عن محمد بن هارون الحضرمي، وطبقته من البغداديين وعن محمد بن سعيد الترخمي الحمصي، ومحمد بن جعفر الخرائطي، والحسين بن أحمد بن بسطام، ومحمد بن زهير الأبلّيين، والحسن بن محمد الداركي، ومحمد بن عمارة بن حمزة الأصبهاني.
وكان يذكر أنه سمع من عبد الله بن محمد البغوي مجلسا ولم يكن عنده. فكان يقول:
من جاءني به أغنيته، فكان يملي الحديث بمصر] «3» .
[قال السلفي: كان ابن حنزابة من الحفاظ الثقات المتبجحين بصحبة أصحاب الحديث مع جلال ورياسة يروي ويملي بمصر في حال وزارته ولا يختار على العلم وصحبة أهله
__________
[9809] ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/1022 وتاريخ بغداد 7/234 ومعجم الأدباء 7/163 ووفيات الأعيان 1/346 والوافي بالوفيات 11/118 وفوات الوفيات 1/292 والبداية والنهاية 11/329، والمنتظم 7/215 والكامل لابن الأثير (الفهارس) والنجوم الزاهرة 4/203 وشذرات الذهب 3/135. وحنزابة بكسر الحاء المهملة وسكون النون وبعدها زاي وبعد الألف باء ثانية الحروف. وهيالمرأة القصيرة الغليظة، وهي أم أبيه الفضل بن جعفر (وفيات الأعيان 1/349) .(72/141)
شيئا، وعندي من أماليه، ومن كلامه على الحديث وتصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه.
نقل بعضهم أن ابن حنزابة بعد موت كافور وزّر للملك أبي الفوارس أحمد بن علي بن الأخشيذ، فقبض على جماعة من أرباب الدولة، وصادرهم. قيل: كان ابن حنزابة متعبدا، ثم يفطر ثم ينام، ثم ينهض في الليل، ويدخل بيت مصلاه فيصف قدميه إلى الفجر] «1» .
حدث عن إبراهيم بن محمد بن أبي عباد بسنده عن عبيدة السلماني:
أن عليا ذكر أهل النهروان فقال: فيهم رجل متدردر اليد «2» ، أو مثدّن اليد «3» ، أو مخدج اليد، لولا أن ينظروا لأنبأتكم بما وعد الله الذين قتلوهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قال عبيدة: فقلت لعلي: أنت سمعته؟ قال: إي وربّ الكعبة.
ومن شعر أبي الفضل جعفر بن حنزابة «4» :
من أخمل النّفس أحياها وروّحها ولم يبت طاويا منها على ضجر
إنّ الرياح إذا اشتدت عواصفها فليس ترمي سوى العالي من الشّجر
أملى الحديث بمصر، وبسببه خرج أبو الحسن الدارقطني إلى هناك، وأقام عنده مدة يصنّف له المسند، وحصل له من جهته مال كثير «5» ، ولم يزل في أيام عمره يصنع أشياء من المعروف عظيمة، وينفق نفقات كثيرة على أهل الحرمين من الأشراف وغيرهم، إلى أن تمّ له أن اشترى بالمدينة دارا إلى جانب المسجد، من أقرب الدور إلى القبر، ليس بينه وبين القبر إلا الحائط وطريق في المسجد، وأوصى أن يدفن فيها، وقرر عند الأشراف ذلك فسمحوا له بذلك وأجابوه إليه، فلما مات وحمل تابوته من مصر إلى الحرمين، خرجت الأشراف من مكة والمدينة لتلقّيه والنيابة في حمله، إلى أن حجّوا به وطافوا ووقفوا بعرفة، ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه في الدار التي أعدها لذلك «6» .(72/142)
ولد أبو الفضل جعفر بن الفرات في ذي الحجة سنة ثمان وثلاث «1» مئة وتوفي قيل:
سنة تسعين «2» . قالوا: وهو الصحيح، وقيل: توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة «3» .
[9810] [جعفر بن فلاح الأمير والي دمشق من قبل المعز صاحب مصر. وهو أول أمير وليها لبني عبيد، وكان قد خرج مع القائد جوهر وفتح معه مصر، ثم سار فغلب على الرملة سنة ثمان وخمسين [وثلاثمائة] وبعد أيام غلب على دمشق بعد أن قاتل أهلها أياما، وكان بها مريضا.
أقام بها إلى سنة ستين ونزل الدكة فوق نهر يزيد فقصده الحسن بن أحمد القرمطي وقتله سنة ستين وثلاثمائة وقتل من خواص الأمير جعفر جماعة وكان رئيسا جليل القدر ممدحا.
وفيه يقول أبو القاسم محمد بن هانىء الأندلسي:
كانت مسائلة الركبان تخبرني عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت أذني بأحسن مما قد رأى بصري]
[9811] جعفر بن محمد بن أحمد بن حمّاد ابن صبيح بن زياد التميمي
والد الفضل بن جعفر.
روى عن محمود بن خالد بسنده عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة»
[14141] .
__________
[9810] استدركت هذه الترجمة عن الوافي بالوفيات 11/122 وتحفة ذوي الألباب 1/388. وترجمته في وفيات الأعيان 1/361 والحلة السيراء 1/304 والنجوم الزاهرة 4/58 واللباب 2/28 وشذرات الذهب 3/29 وأمراء دمشق للصفدي ص 43. وسقطت ترجمته بكاملها من مختصر ابن منظور.(72/143)
وفي رواية عن أبي أمامة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«إنه لا يلبس الحرير في الدنيا إلا من لا خلاق له في الآخرة»
[14142] .
[9812] جعفر بن محمد بن بكر أبو العباس البالسي
[سمع النفيلي والحكم بن موسى] «1» . روى عن الحكم بن موسى بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الرجال، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا»
[14143] .
وروى عن هشام بن عمار بسنده عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت ما أكلتم طعاما على شهوة أبدا، ولا شربتم شرابا على شهوة أبدا، ولا دخلتم بيتا تستظلون به، ولمررتم إلى الصعدات تكدمون صدوركم وتبكون على أنفسكم» . ثم قال حين حدث بهذا الحديث: لوددت أني شجرة أعضد في كل عام فأوكل
[14144] .
[9813] جعفر بن محمد بن جعفر بن رشيد أبو الفضل الكوفي
حدث بدمشق عن سليمان بن عبد الرحمن بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يقولن أحدكم: صمت رمضان، وقمت رمضان، ولا صنعت في رمضان كذا وكذا، فإن رمضان اسم من أسماء الله العظام. ولكن قولوا: شهر رمضان، كما قال ربكم في كتابه»
[14145] .
__________
[9812] البالسي بفتح الباء وكسر اللام، هذه النسبة إلى بالس وهي مدينة مشهورة بين الرقة وحلب على عشرين فرسخا من حلب (الأنساب) .(72/144)
[9814] جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام ابن عبد ربه بن زيد بن خالد بن قيس بن عمرو بن عدي ابن ربيعة بن الحارث أبو عبد الله الكندي، المعروف بابن بنت عدبّس، أخو هشام بن محمد الكندي
أصله من الكوفة.
[حدث عن يزيد بن عبد الصمد، وأبي زرعة، وأحمد بن فيل البالسي، وعبد الباري الجسريني وخلق كثير.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وتمام الرازي، وعبد الرحمن بن نصر، وعبد الله بن أحمد بن معاذ الداراني، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي] «1» .
روى عن يزيد بن محمد بن عبد الصمد بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«طلب العلم فريضة على كل مسلم» .
توفي في سنة سبع وأربعين وثلاث مئة «2» . وكان مولده سنة ثمان وخمسين ومئتين، وكان سنّة قد نيّف على الثمانين.
[قال الكتاني: ثقة مأمون] «3» .
[9815] جعفر بن محمد بن الحارث أبو محمد المراغي
أحد الرحالين في طلب الحديث وجمعه، سمع بدمشق وغيرها، كتب الحديث بأصابعه نيفا وستين سنة، ولم يزل يكتب إلى أن توفاه الله، وكان من أعرف الناس فيه، وأثبتهم، رحمة الله عليه.
حدث جعفر بن محمد عن أبي الأزهر جماهر بن محمد الغساني «4» بسنده عن الأوزاعي قال:
__________
[9814] ترجمته في سير أعلام النبلاء 15/470 والإكمال 6/151. وعدبس ضبطت عن الإكمال 6/151 بفتح العين والدال وتشديد الباء المعجمة بواحدة.(72/145)
كانوا يستحبون أن يحدثوا أهل الشام بفضائل أهل البيت، ليرجعوا عما كانوا عليه.
أنشد جعفر بن الحارث المراغي لمنصور الفقيه:
لي حيلة فيمن ينمّ وليس في الكذّاب حيله
من كان يكذب ما يري د مخيلتي فيه قليله
وأنشد له أيضا:
الكلب أحسن عشرة وهو النّهاية في الخساسه
ممّن ينازع في الرئا سة قبل أوقات الرئاسه
توفي أبو محمد المراغي في رجب سنة ست وخمسين وثلاث مئة، وهو ابن نيّف وثمانين سنة.
[9816] جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض أبو بكر الفريابي القاضي
قدم دمشق وسمع بها. [حدث عن شيبان بن فروخ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وهدبة بن خالد وقتيبة بن سعيد، وأبي مصعب الزهري، وإسحاق بن راهويه، وأبي جعفر النفيلي، وسليمان ابن بنت شرحبيل، ومحمد بن عائذ، وهشام بن عمار، وصفوان بن صالح، وأبي بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وعلي ابن المديني، وعبد الأعلى بن حماد، وعثمان بن أبي شيبة، وأبي قدامة السرخسي، ويزيد بن موهب الرملي، وهدبة بن عبد الوهاب المروزي، وإسحاق بن موسى الخطمي، ومحمد بن عثمان بن خالد العثماني، وعمرو بن علي الفلاس، وعبد الله بن جعفر البرمكي، والهيثم بن أبوب الطالقاني، وأبي كامل الجحدري، وأحمد بن عيسى التستري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعبيد الله بن معاذ، ومحمد بن
__________
[9816] ترجمته في تاريخ بغداد 7/199 والأنساب (الفريابي) والمنتظم 6/124 والكامل لابن الأثير (الفهارس) واللباب (الفريابي) وتذكرة الحفاظ 2/692 وسير الأعلام 14/96 وترتيب المدارك 3/187 ومعجم البلدان 4/284 والبداية والنهاية 11/121 والعبر 2/119 وشذرات الذهب 2/235 والوافي بالوفيات 11/146.
والفريابي بكسر الفاء وسكون الراء نسبة إلى فارياب بليدة بنواحي بلخ، وينسب إليها أيضا: الفاريابي، والفيريابي (انظر اللباب ومعجم البلدان 4/284) .(72/146)
العلاء، وتميم بن المنتصر، وعبد العزيز بن يحيى، ومنجاب بن الحارث، ومحمد بن مصفى.
حدث عنه: أبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الطاهر الذهلي، وأبو بكر القطعي، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو بكر الجعابي، وأبو القاسم علي بن أبي العقب، وأبو علي بن هارون، وأبو حفص عمر بن الزيات، وأبو بكر الآجري، وعبد الباقي بن قانع، ومحمد بن عبد الله والد تمام الرازي، والحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي، وعبيد الله بن عبد الرحمن الزهري] «1» . حدث عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي سنة ثمان وتسعين ومئتين، بسنده عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بشاة- يعني ميتة- فقال: «هلا استمتعتم بجلدها؟» قالوا: يا رسول الله، إنّها ميتة، قال: «إنما حرّم أكلها» «2»
[14146] .
وروى عن صفوان بن صالح بسنده عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال «3» :
غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فجهد الناس جهدا شديدا، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بظهرهم من الجهد، فتخير لهم «4» مضيقا سار الناس فيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مرّوا بسم الله» . فمروا، فجعل ينفخ بظهرهم وهو يقول: «اللهم احمل عليها في سبيلك، فإنك تحمل على القوي والضعيف، والرطب واليابس، في البر والبحر» قال: فما بلغنا المدينة حتى جعلت تنازعنا أزمّتها. قال فضالة: فقلت هذه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوي والضعيف، فما بال الرطب واليابس؟ قال: فلما قدمنا الشام غزونا غزوة قبرس في البحر، ورأيت السفن وما تحمل فيها، عرفت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[14147] .(72/147)
ولد الفريابي في سنة سبع ومئتين «1» .
قال جعفر بن محمد الفريابي «2» :
انصرفت من مجلس عبيد الله بن معاذ بالبصرة، فإذا بحلقة وبجماعة من الناس قيام، فنظرت فإذا بشاب مجنون، فقيل لي: يا فتى، تؤذن في أذنه؟ فقلت: أمسكوا يده ورجله «3» ، وأذنت في أذنه، فلما بلغت: أشهد أن محمدا رسول الله، قال لي: على لسان المجنون بصوت يسمعه الحاضرون: من لسوم محمد مكن «4» يعني أنا انصرف ولا تذكر محمدا.
قال أبو أحمد بن عدي:
رأيت مجلس الفريابي تجوز فيه خمسة عشر ألف محبرة وكنا نحتاج أن نبيت في موضع المجلس، لنجد من الغد موضع مجلس «5» .
[قال أبو بكر الخطيب] «6» :
[جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض، أبو بكر الفريابي، قاضي الدينور، أحد أوعية العلم، ومن أهل المعرفة والفهم، طوّف شرقا وغربا، ولقي أعلام المحدثين في كل بلد، وسمع بخراسان وما وراء النهر، والعراق والحجاز، ومصر، والشام، والجزيرة، ثم استوطن بغداد، وحدث بها. قال الحسن بن شهاب العكبري: سمعت أبا علي ابن الصواف يقول: سمعت الفريابي يقول: كتبت الحديث سنة أربع وعشرين ومئتين من المشرق إلى المغرب فما رأيت أحدا يقرأ عليه، ولا قرأت على أحد، إلا على أبي مصعب الزهري بالمدينة، فإنه قد كان ثقل لسانه، وعلى المعلى بن مهدي بالموصل.
أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: بلغني عن شيخنا أبي حفص عمر بن محمد بن(72/148)
علي الزيات أنه قال: لما ورد أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي إلى بغداد واستقبل بالطيارات والزبازب ووعد الناس له إلى شارع المنار ليسمعوا منه، فاجتمع الناس، فحزر من حضر مجلسه لسماع الحديث، فقيل نحو ثلاثين ألفا، وكان المستملون ثلاثمئة وستة عشر. كان ثقة، أمينا، حجة.
وقال أحمد بن كامل القاضي: جعفر الفريابي كان مكثرا في الحديث، مأمونا موثوقا به] «1» .
[قال الدارقطني: قطع الفريابي الحديث في شوال سنة ثلاثمئة.
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: دخلت بغداد والفريابي حي، وقد أمسك عن التحديث، ودخلنا عليه غير مرة، ونكتب بين يديه، كنا نراه حسرة.
وقال القاضي أبو الوليد الباجي: جعفر الفريابي ثقة متقن] «2» .
مات الفريابي ببغداد، سلخ ذي الحجة «3» ، سنة ثلاث مئة، والمحفوظ سنة إحدى وثلاث مئة. وولد سنة سبع ومئتين، وكان عمره أربعا وتسعين سنة.
[9817] جعفر بن محمد بن حمّاد أبو الفضل القلانسي
من أهل الرملة: سكن عسقلان، وحدّث بدمشق.
[عن عفان، وآدم.
لقيه الطبراني وخيثمة. صدوق عابد، كبير القدر] «4» .
روى عن أحمد بن يونس بسنده عن داود بن علي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
__________
[9817] له ذكر في سير الأعلام 14/108.(72/149)
«صوموا عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوما وبعده يوما»
[14148] .
توفي في الرملة سنة إحدى وثمانين ومئتين، وقيل: سنة ثمانين.
[9818] جعفر بن محمد بن سعيد بن شعيب ابن عبد الله بن عبد الغفار، وقيل ابن شعيب ابن ذكوان بن أبي أمية أبو عبد الله العبدري
مولى بني عبد الدار من أهل بج «1» حوران من إقليم باناس.
[حدث عن الفضل بن العباس وأبي علي الحسين بن محمد بن جعفر الحلبي، المعروف بابن البطناني، وأبي محمد عبد الرحيم بن علي بن محمد الأنصاري المؤذن وأحمد ابن عبد الوهاب بن نجدة، وأبي عبد الملك ابن البسري، وزكريا بن يحيى السجزي، وأحمد ابن أنس بن مالك وأبي زرعة الدمشقي.
روى عنه: أبو مسلم محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران، وأبو العباس محمد بن موسى السمسار، وأحمد بن عبد الله البرامي، وإبراهيم بن محمد بن سنان، وأبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد، وأبو الحسين الكلابي] «2» .
روى عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة بسنده عن أنس بن مالك قال: مطرت السماء بردا، فقال أبو طلحة: ناولني من ذلك البرد، فناولته، فجعل يأكل وهو صائم وذلك في رمضان- قال أبو سليمان: أشك في رمضان وحده- قال: قلت: ألست صائما؟ قال: بلى إن هذا ليس بطعام ولا شراب، وإنه بركة نزلت من السماء نطهّر به بطوننا.
قال أنس: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له فقال: «خذ عن عمك» قال عبد الوارث: سمعته من علي بن زيد وإلا فصمّتا، وقال كلّ راو كذلك، إلى ابن عساكر.
وحدث عن أحمد بن نجدة أيضا بسنده عن ابن عباس قال:
__________
[9818] ترجمته في معجم البلدان (بج حوران) 1/339.(72/150)
عاش فرعون أربع مئة سنة، وكان طوله ستة أشبار، وكان اسمه الوليد بن مصعب، وكانت كنتيه أبو مرة.
توفي سنة تسع وعشرين وثلاث مئة [في ربيع الأول] «1» .
[9819] جعفر بن محمد بن سوار بن سنان أبو محمد النيسابوري الحافظ
[سمع قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن يوسف، وعلي بن حجر، وأبا مصعب الزهري، وأبا مروان محمد بن عثمان بن خالد، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن منيع، وأبا كريب، وخلقا سواهم.
دخل الشام بأخرة فكتب عن: محمد بن عوف الطائي، ويوسف بن سعيد بن مسلم.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، والمؤمل بن الحسن، وأبو حامد ابن الشرقي، والشيوخ] «2» .
[قال أبو بكر الخطيب] «3» : [جعفر بن محمد بن سوار، أبو محمد النيسابوري، كان ثقة، قدم بغداد وحدث بها فروى عنه من أهلها محمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي، ومحمد بن العباس بن نجيح الحافظ] «4» .
[ذكره الحاكم فقال: من أكابر الشيوخ، وأكثرهم حديثا واتقانا. حدث بنيسابور، وبغداد، وكان من علماء هذا الشأن، يقع لنا حديثه عاليا في جزء ابن نجيد] «5» .
حدث عن قتيبة بن سعيد بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«والذي نفس محمد بيده، لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا»
[14149] .
__________
[9819] ترجمته في تاريخ بغداد 7/191 وسير الأعلام 13/574 والمنتظم 6/29.(72/151)
وبإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«قال الله عز وجل: أنفق أنفق عليك» .
توفي جعفر بن سوار سنة ثمان وثمانين ومئتين «1» .
[9820]- جعفر بن محمد بن عبد الله بن أحمد ابن العباس بن إدريس بن محمد بن جعفر بن إبراهيم ابن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أبو محمد الجعفري النيسابوري
قدم دمشق وحدث بها.
روى عن أحمد بن محمد الغزال بطوس بسنده عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من وعده الله على عمل ثوابا، فهو منجزه له، ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار»
[14150] .
[9821] جعفر بن محمد بن علي بن يزيد بن عبد الله أبو محمد الهمداني، المعروف بالمليح
سمع بدمشق.
حدث عن هلال بن العلاء بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من جلس في مجلس كثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم: سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك ثم أتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه»
[14151] .
[9822] جعفر بن محمد بن الفضل بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الدقاق، المعروف بابن المارستاني
نزيل مصر. قرأ بصيدا وببغداد، وولد سنة ثمان وثلاث مئة.
__________
[9822] ترجمته في تاريخ بغداد 7/232 وميزان الاعتدال 1/416.(72/152)
[حدث عن أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن مخلد، وأحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي. حدثنا عنه الحسن بن محمد الخلال، ومحمد بن عمر الداوودي، والحسن بن علي ابن المذهب، وعلي بن المحسن التنوخي.
قال لي التنوخي:
قدم علينا من مصر في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وقال: ولدت ببغداد في سنة ثمان وثلاثمائة.
قال التنوخي: وكان صاحب رحلة، سمع الناس منه فأكثروا. وروى قراءات وكتبا مصنفة.
حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول: أبو القاسم جعفر بن محمد بن الفضل بن عبد الله الدقاق المعروف بابن المارستاني هو بغدادي، قدم بغداد من مصر في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. حدث عن ابن مجاهد بكتاب القراءات، وحدث عن ابن صاعد وأبي بكر النيسابوري.
قيل للدار قطني بحضرتي: إنه يدّعي عن هؤلاء المشايخ؟ فقال: يكذب، ما سمع من ابن مجاهد، ولا من هؤلاء] «1» .
[قال حمزة السبعي: سمعت أبا زرعة محمد بن يوسف يقول: جعفر الدقاق الحافظ ليس بمرضي في الحديث، ولا في دينه، وكان فاسقا كذابا] «2» .
حدث عن الحسين بن الخضر بسنده عن أبي هند الداري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«قال الله عز وجل: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي، فمن ذكرني وهو مطيع فحق علي أن أذكره مني بمغفرتي، ومن ذكرني وهو لي عاص فحق علي أن أذكره بمقت»
[14152] .
قال محمد بن علي الصوري:
كان كذابا، ومات بمصر في سنة سبع وثمانين وثلاث مئة «3» .(72/153)
[9823] جعفر بن محمد بن الفضيل أبو الفضل الجزري الرّسعني
سمع بدمشق.
[روى عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني، وإسماعيل بن مسلمة بن قعنب القعنبي، والحسن بن بشر بن سلم، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وصفوان بن صالح المؤذن، وعاصم بن يوسف اليربوعي، وعبد الله بن محمد بن حجر الرسعني، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الغفار بن داود الحراني، وعبد القدوس ابن الحجاج الخولاني، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعبد الملك بن عبد الحميد الميموني، وعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون، وعثمان بن صالح السهمي، وعلي بن عياش الحمصي، وعمرو بن عثمان الكلابي الرقي، ومحمد بن حمير الحمصي، ومحمد بن سليمان بن أبي داود، ومحمد بن الصلت الأسدي، ومحمد بن عثمان التنوخي، ومحمد بن عمرو السلمي، ومحمد بن كثير المصيصي، ومحمد بن موسى بن أعين، ومؤمل بن إسماعيل، والوليد بن الوليد القلانسي.
روى عنه: الترمذي، وأحمد بن إسحاق بن البهلول، وأحمد بن الحسين الجرادي، وأحمد بن علي بن المثنى، وأحمد بن محمد بن بشار، وزكريا بن يحيى السجزي، والعباس ابن حمدان الحنفي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعبدان بن أحمد الأهوازي، وعلي بن حماد بن هشام، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وعلي بن سعيد بن عبد الله، وعلي بن الليث الحكيمي، وعلي بن محمد بن الحسين الكازروني، وعمر بن حفص الكاغدي، والقاسم بن يحيى بن نصر المخرمي، ومحمد بن أحمد بن حمدان بن عيسى، ومحمد بن حامد بن السري البغدادي، ومحمد بن الحسين بن أبي الشيخ، وموسى بن محمد بن موسى المكتب، ويعقوب بن إبراهيم البزاز، ويوسف بن يعقوب بن إسحاق البهلول التنوخي] «1» .
__________
[9823] ترجمته في تهذيب الكمال 3/433 وتهذيب التهذيب 1/386 والأنساب (الرسعني 3/65) وتاريخ بغداد 7/177 وميزان الاعتدال 1/415. والرسعني: بفتح الراء وسكون المهملة وفتح العين المهملة بعدها نون، كما في تقريب التهذيب. وهذه النسبة إلى رأس عين وهي بلدة من ديار بكر. (الأنساب) .(72/154)
[قالوا أبو بكر الخطيب] «1» : [جعفر بن محمد بن فضيل، الرسعني، من أهل رأس عين، ويكنى أبا الفضل، قدم بغداد، وحدث بها.
قال عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي عن أبيه قال: جعفر بن محمد بن الفضيل كان برأس العين ليس بالقوي.
قال تمام بن محمد الرازي حدثنا علي بن الحسن بن علان الحراني الحافظ قال:
جعفر ابن فضيل الرسعني ثقة] «2» .
[قال ابن حبان: مستقيم الحديث] «3» .
حدث عن سعيد بن أبي مريم بسنده عن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «4» :
«من رآني، فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتلوّن «5» بي»
[14153] .
[9824] جعفر بن محمد بن محمد- ويقال: جعفر بن محمد بن خالد- البرذعي
روى عن هشام بن خالد بسنده عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«شهر رمضان شهر الله، وشهر شعبان شهري، وشعبان المطهّر، ورمضان المكفّر»
[14154] .
[9825] جعفر بن محمد بن موسى أبو محمد النيسابوري الأعرج الحافظ
[حدث عن الحسن بن عرفة، وعبد الله بن هاشم، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعلي ابن حرب الطائي- وإسحاق بن عبد الله الخشك، وعدة.
__________
[9825] ترجمته في تاريخ بغداد 7/203 والمنتظم 6/154 والوافي بالوفيات 11/147 ومعجم البلدان 2/177 وتذكرة الحفاظ 2/750 وسير الأعلام 14/265.(72/155)
وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو علي النيسابوري الحافظان، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو بكر ابن المقرىء، وآخرون.
وثقه غير واحد، ونعتوه بالحفظ والمعرفة يقال له: جعفرك] «1» .
[قال أبو بكر الخطيب] «2» :
[جعفر بن محمد بن موسى، أبو محمد الأعرج النيسابوري، قدم بغداد وحدث بها.
قال حمزة بن يوسف: سألت أبا الحسن الدارقطني عن جعفر بن محمد النيسابوري الحافظ. فقال: ثقة مأمون، وعن مثله يسأل؟] «3» . سكن حلب.
حدث عن محمد بن يحيى بسنده عن أنس قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض
[14155] .
وحدث عن إدريس بن يونس الحراني بسنده عن أبي الدرداء قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ برّ أو إدخال السرور رفعه الله في الدرجات العلى من الجنة» .
كان جعفر ثقة، حافظا، عالما، عارفا «4» . توفي بحلب سنة سبع وثلاث مئة «5» .
[9826] جعفر بن محمد بن الوليد
حدث عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر قال:
شكت أم عمر بن المنكدر إلى أخيه محمد بن المنكدر ما يلقاه من كثرة بكائه بالليل، فاستعان محمد عليه بأبي حازم، فدخلوا عليه، فقال أبو حازم: يا عمر، ما هذا البكاء الذي قد شكته أمك! قال: إنه إذا جن علي الليل هالني فأستفتح القرآن، فما تنقضي عني عجيبة، حتى ترد عليّ عجيبة، حتى إن الليل ينقضي، وما قضيت نهمتي. قال: فما الذي أبكاك؟(72/156)
قال: آية في كتاب الله عز وجل هي التي أبكتني: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ
[سورة الزمر، الآية: 4] .
[9827] جعفر المتوكل بن محمد المعتصم ابن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس
بويع بالخلافة بعد موت أخيه هارون الواثق «1» بمشاورة في ذلك.
قال محمد بن شجاع الأحمر «2» :
دخلت على المتوكل وبين يديه نصر بن علي الجهضمي، فجعل نصر يحضّ المتوكل على الرفق، ويمدح الرفق، ويوصي به، والمتوكل ساكت، فلما سكت نصر قال المتوكل، والتفت إلى يحيى بن أكثم القاضي فقال له: أنت يا يحيى حدثتني بسندك «3» عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حرم الرفق حرم الخير»
[14156] . ثم أنشأ يقول:
الرّفق يمن والأناة سعادة فاستأن في رفق تلاق نجاحا
لا خير في حزم بغير رويّة والشّكّ وهن إن أردت سراحا
لما «4» مات الواثق أجمع «5» وصيف التركي، وأحمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن عبد
__________
[9827] ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) والوزراء والكتاب للجهشياري ص 129 ومروج الذهب (الفهارس) وتاريخ بغداد 7/165 والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) ووفيات الأعيان 1/350 وسير أعلام النبلاء 12/30 وتاريخ الخلفاء ص 406.
والنجوم الزاهرة 2/275 وما بعدها وشذرات الذهب 2/114 وفوات الوفيات 1/290 والفخري ص 237.(72/157)
الملك، وأحمد بن خالد المعروف بابن «1» أبي الوزير، وعمر بن فرج، فعزم أكثرهم على تولية محمد بن الواثق، فأحضروه وهو غلام أمرد، فقال أحمد بن أبي دؤاد: أما تتقون الله! كيف تولّون مثل هذا الخلافة؟ فأرسلوا بغا الشرابي إلى جعفر بن المعتصم فأحضروه، فقام ابن أبي دؤاد فألبسه الطويلة ودراعة، وعممه بيده على الطويلة، وقبّل بين عينيه وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم غسّل الواثق، وصلّى عليه المتوكل ودفن.
وكان المتوكل رأى في النوم كأن سكرا سليما نيئا «2» سقط عليه من السماء، مكتوبا عليه: جعفر المتوكل على الله. فلما صلى على الواثق قال محمد بن عبد الملك: نسميه المنتصر، وخاض الناس في ذلك، فحدث المتوكل أحمد بن أبي دؤاد بما رآه في منامه، فوجده موافقا، فأمضى، وكتب بذلك للآفاق.
ولد المتوكل سنة سبع ومئتين، وقيل خمس، وبويع بسرّ من رأى سنة اثنتين وثلاثين ومئتين، وكان أسمر، حسن العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، إلى القصر أقرب، كنيته أبو الفضل «3» ، وأمه أم ولد يقال لها شجاع، من سروات النساء سخاء وكرما «4» ، ولما بويع أظهر السنة وبسطها ونصر أصحاب السنة «5» . ودخل دمشق في صفر سنة أربع وأربعين ومئتين، وكان من لدن شخص من سامراء إلى أن دخلها سبعة وسبعون يوما، وعزم على المقام بها ونقل دواوين الملك إليها، وأمر بالبناء بها، فتحرك الأتراك في أرزاقهم وأرزاق عيالاتهم، فأمر لهم بما أرضاهم، ثم استوبأ «6» البلد وذلك أن الهواء بها بارد ندي، والماء ثقيل «7» ، والريح تهب فيها مع العصر، فلا تزال تشتد حتى تمضي عامة الليل، وهي كثيرة البراغيث، وغلت عليه الأسعار، وحال الثلج بين السابلة والميرة «8» . وسيّر المتوكل بغا لغزو الروم، وغزا الصائفة. وأقام المتوكل بدمشق شهرين وأياما «9» ، ثم رجع إلى سر من رأى.(72/158)
وكان السبب الذي عزم به المتوكل على الشخوص إلى دمشق أن خرج إلى الموضع المعروف بالمحمدية بسامراء في بعض نزهه التي كان يخرج فيها، وذكروا بحضرته البلدان وهواء كل بلد وطيبه، وما فيه مما يفضل به على غيره، وذكر إسرائيل بن زكريا المتطبب المعروف بالطيفوري دمشق، واعتدال الهواء بها وطيبها في الصيف، وقلة حرّها وبرد مياهها، وكثرة البساتين والأشجار بها، وأنها من البلدان التي يصلح لأمير المؤمنين سكناها وتلائم بدنه، وتنحلّ عنه فيها العلل التي لا تزال تعرض له في العراق عند حلول الصيف، ووافق ذلك مجيء كتاب عامل سميساط «1» بمصير الروم إلى القرى التي بالقرب من المدينة وإخرابهم إياها، فأمر المتوكل بالأهبة للسفر.
ولما نزل دمشق بنى بأرض داريا قصرا «2» عظيما، ووقعت من قلبه بالموافقة، فخرج يوما يتصيد فأجمع قوم من جنده على الفتك به، واتصل ذلك به فرحل إلى سامراء، وقتل بها.
قال علي بن الجهم السّامي «3» :
وجه إلي المتوكل فأتيته، فقال لي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم الساعة في المنام، فقمت إليه فقال لي: تقوم إلي وأنت خليفة؟ فقلت له: أبشر يا أمير المؤمنين، أما قيامك إليه فقيامك بالسّنة، وقد عدّك من الخلفاء. قال: فسرّ بذلك «4» .
كان إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول «5» :
الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق، قاتل أهل الردة حتى استجابوا له، وعمر بن عبد العزيز ردّ مظالم بني أمية، والمتوكل «6» محا البدع، وأظهر السّنة.
قال محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب:(72/159)
جعلت دعائي في المشاهد كلها للمتوكل، وذلك أن عمر بن عبد العزيز جاء الله به يرد المظالم، وجاء الله بالمتوكل يردّ الدّين.
قال هشام بن عمار «1» : سمعت المتوكل يقول: وا حسرتي «2» على محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله كنت أحب أن أكون في أيامه فأراه، وأشاهده، وأتعلم منه، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ثلاث ليال متواليات وهو يقول: يا أيها الناس، إن محمد بن إدريس المطلبي قد صار إلى رحمة الله، وخلّف فيكم علما حسنا فاتبعوه تهتدوا «3» ، فإن كلام المطلبي سنتي، يا أيها الناس، من ترحم على محمد بن إدريس الشافعي غفر الله تعالى له ما أسرّ وما أعلن. ثم قال المتوكل: اللهم صلّ على محمد وعلى آله وأصحابه، وارحم محمد بن إدريس رحمة واسعة، وسهّل عليّ حفظ مذهبه، وانفعني بذلك «4» .
حكى علي بن الجهم عن المتوكل، كلاما، وقد بلغه أن رجلا أنكر على رجل ينتمي إلى التشيع وقال قولا أغرق فيه من مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فغضب المتوكل وقال: الناسب هذا المادح إلى الغلو جاهل، وهو إلى التقصير أقرب، وهل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أئمة الإسلام أحقّ بكل ثناء حسن من علي! وجّه «5» المتوكل إلى أحمد بن المعذّل وغيره من العلماء فجمعهم في داره، ثم خرج عليهم فقام الناس كلهم له غير أحمد بن المعذّل فقال المتوكل لعبيد الله «6» : إنّ هذا لا يرى بيعتنا «7» . فقال له: بلى، يا أمير المؤمنين، ولكن في بصره سوء. فقال أحمد بن المعذّل: يا(72/160)
أمير المؤمنين، ما في بصري سوء، ولكنني نزهتك من عذاب الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما، فليتبوأ مقعده من النار»
[14157] فجاء المتوكل فجلس إلى جنبه.
قال يزيد المهلبي «1» :
قال لي المتوكل يوما: يا مهلبي، إن الخلفاء كانت تتصعب «2» على الرعية لتطيعها «3» ، وأنا أليّن لهم ليحبّوني فيطيعوني.
قال عبد الأعلى بن حماد الزينبي «4» «5» :
قدمت على المتوكل بسرّ من رأى، فدخلت عليه يوما فقال: يا أبا يحيى [ما أبطأك عنا، منذ ثلاث لم نرك،] «6» قد كنا هممنا لك بأمر فتدافعت الأيام به، فقلت: يا أمير المؤمنين، سمعت مسلم بن خالد المكي يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: من لم يشكر الهمة لم يشكر النعمة وأنشدته:
لأشكرنّك معروفا هممت به إن اهتمامك بالمعروف معروفولا أذمّك «7» إن لم يمضه قدر فالشّيء «8» بالقدر المحتوم مصروف
فجذب الدواة فكتبها. ثم قال: ننجز لأبي يحيى ما كنا هممنا له به، وهو كذا ونضعف لخبره هذا «9» .
دخل «10» علي بن الجهم على جعفر المتوكل وبيده درتان يقلبهما، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:(72/161)
وإذا مررت ببئر عر وة فاسقني من مائهاقال: فدحا بالدرة التي في يمينه فقبلتها «1» ، فقال لي: تستنقص بها! وهي والله خير من مئة ألف. قلت: لا والله، ما استنقصت، ولكن فكرت في أبيات أعملها آخذ التي في يسارك.
فقال لي: قل، فأنشأت أقول:
بسرّ من را إمام «2» عدل «3» تغرف من بحره البحار
يرجى ويخشى لكلّ خطب كأنّه جنّة ونار
الملك فيه وفي بنيه «4» ما اختلف الليل والنّهار
يداه في الجود ضرّتان «5» عليه كلتاهما تغار
لم تأت منه اليمين شيئا إلا أتت مثله اليسار
قال: فدحا بالتي في يساره وقال: خذها لا بارك الله لك فيها. وقد رويت هذه الأبيات للبحتري في المتوكل.
قال الفتح بن خاقان «6» :
دخلت يوما على المتوكل فرأيته مطرقا يتفكر «7» فقلت: ما هذا الفكر يا أمير المؤمنين! فو الله ما على ظهر الأرض أطيب منك عيشا ولا أنعم منك بالا. فقال: يا فتح، أطيب عيشا مني رجل له دار واسعة، وزوجة صالحة، ومعيشة حاضرة، لا يعرفنا فنؤذيه، ولا يحتاج إلينا فنزدريه.
قال «8» المتوكل لعلي بن الجهم وكان يأنس به ولا يكتمه شيئا من أمره: يا علي، إني(72/162)
دخلت على قبيحة «1» الساعة فوجدتها قد كتبت على خدها بغالية «2» «جعفر» ، فو الله ما رأيت شيئا أحسن من سواد تلك الغالية على بياض ذلك الخدّ، فقل في هذا شيئا. قال: وكانت محبوبة «3» جالسة من وراء الستارة تسمع الكلام، قال: إذ دعي لعلي بالدواة والدرج، وأخذ يفكر، قالت على البديهية «4» :
وكاتبة بالمسك في الخدّ جعفرا بنفسي محطّ المسك من حيث أثّرا
لئن كتبت «5» في الخدّ سطرا بكفّها لقد أودعت قلبي من الحبّ «6» أسطرا
فيا من لمملوك لملك يمينه مطيع له فيما أسرّ وأظهرا
ويا من مناها في السّريرة جعفر سقى الله من سقيا ثناياك جعفرا
وبقي علي بن الجهم واجما لا ينطق بحرف، وأمر المتوكل عريبا فغنت في هذا الشعر.
وفي رواية أخرى:
أن المتوكل لما رآها أنشد هو هذه الأبيات «7» :
قال علي بن الجهم «8» :
لما أفضت الخلافة إلى المتوكل على الله أهدى إليه عبد الله بن طاهر من خراسان جواري «9» ، فكانت فيهن جارية يقال لها محبوبة، وكانت قد نشأت في الطائف، وكان لها(72/163)
مولى مغرى بالأدب، وكانت قد أخذت عنه ورورت الأشعار، وكان المتوكل بها معجبا، فغضب عليها ومنع جواري القصر من كلامها، فكانت في حجرتها لا يكلمها أحد أياما، فرأته في المنام كأنه قد صالحها. قال علي: فلما أصبح دخلت عليه فقال: يا علي، أشعرت أنّي رأيت محبوبة في منامي كأني قد صالحتها وصالحتني! فقلت: خيرا يا أمير المؤمنين، إذا يقرّ الله عينك، ويسرّك، فو الله إنا لفيما نحن فيه من حديثها، إذ جاءت وصيفة لأمير المؤمنين فقالت: يا سيدي، سمعت صوت عود من حجرة محبوبة، فقال أمير المؤمنين: قم بنا يا علي ننظر ما هذا الأمر! فنهضنا حتى أتينا حجرتها، فإذا هي تضرب بالعود وتقول:
أدور في القصر لا أرى أحدا أشكو إليه ولا يكلّمني
حتى كأنّي أتيت «1» معصية ليست لها توبة تخلّصني
فهل شفيع لنا «2» إلى ملك قد رآني «3» في الكرى فصالحني
حتّى إذا ما الصّباح لاح لنا عاد إلى هجره فصارمني
قال: فصاح أمير المؤمنين وصحت معه، فسمعت فتلقت أمير المؤمنين، وأكبّت على رجليه تقبلهما فقالت: يا سيدي، رأيتك في ليلتي هذه كأنك قد صالحتني. فقال: وأنا والله قد رأيتك، فردّها إلى مرتبتها كأحسن ما كانت.
فلما كان من أمر المتوكل ما كان «4» ، تفرقن وصرن إلى القوّاد، ونسين أمير المؤمنين، فصارت محبوبة إلى وصيف الكبير، فما كان لباسها إلا البياض، وكانت تنتحب وتشهق، إلى أن جلس وصيف يوما للشرب، وجلس جواري المتوكل يغنينه، فما بقيت منهن واحدة إلّا تغنت غيرها. فقالت: إن رأى الأمير أن يعفيني فأبى. فقال لها الجواري: لو كان في الحزن فرج لحزنا معك. وجيء بالعود فوضع في حجرها فأنشأت تقول:
أيّ عيش يطيب «5» لي لا أرى فيه جعفرا(72/164)
ملك قد رأته عي ني جريحا «1» معفّرا «2»
كلّ من كان ذا هيا م وسقم فقد برا
غير محبوبة التي لو ترى الموت يشترى
لاشترته بما حوت هـ جميعا «3» لتقبرا
فاشتد ذلك على وصيف.
وفي رواية:
فهمّ بقتلها، فاستوهبها منه بغا وكان حاضرا.
وفي هذه الرواية:
فأمر بإخراجها فصارت إلى قبيحة، ولبست الصوف، وأخذت ترثيه وتبكيه حتى ماتت.
قال «4» عمرو بن شيبان الحلبي «5» :
رأيت في الليلة التي قتل فيها المتوكل فيما يرى النائم حين أخذت مضجعي كأن آتيا أتاني فقال:
يا نائم العين في أوطار جثمان أفض دموعك يا عمرو بن شيبان
أما ترى الفتية الأرجاس ما فعلوا بالهاشميّ وبالفتح بن خاقان
وافى إلى الله مظلوما فضجّ له أهل السّموات من مثنى ووحدان
وسوف تأتيكم أخرى مسوّمة توقّعوها لها شأن من الشّان
فابكوا على جعفر وارثوا خليفتكم فقد بكاه جميع الإنس والجان(72/165)
قال: فأصبحت فإذا الناس يخبرون أن جعفرا المتوكل قد قتل في هذه الليلة.
قال أبو عبد الله:
ثم رأيت المتوكل بعد هذا بأشهر كأنه بين يدي الله تعالى، فقلت: ما فعل بك ربك؟
قال: غفر لي. قلت: بماذا؟ قال: بالقليل من السّنّة تمسكت بها. قلت: فما تصنع ها هنا؟
قال: أنتظر محمدا ابني «1» ، أخاصمه إلى الله الحليم العظيم الكريم.
حدث إسماعيل بن داود: أن المتوكل وصف له سيف بمصر، فأنفذ رسولا قاصدا في طلبه، وكتب له إلى عامل مصر، فلما وصل إليه سأله عن السيف فأخبر أن السيف بدمشق، فركب الرسول إلى دمشق وسأل عن السيف، فأخبر أنه صار إلى الحجاز، فعاد الرسول إلى المتوكل فأخبره بذلك، فأنفذ رسولا إلى الحجاز بكتابه إلى عامله بها، فبحث عن السيف فأخرج إليه، فأخذه، ومضى به إلى المتوكل وهو بسر من رأى. فلما رآه المتوكل لم يعجب به ورآه وحشا واستزراه وتصفح وجوه الغلمان الذين حوله فرأى غلاما تركيا يقال له ياغر وكان سمجا، فقال له: أنت وحش وهذا السيف وحش فخذه، فلما صار عنده ومضت مدة دخل ياغر في ليلة من الليالي بالسيف فقتل به المتوكل، وكان من أمره ما كان به.
بويع جعفر المتوكل في ذي الحجة «2» سنة اثنتين وثلاثين ومئتين، وقتل ليلة الأربعاء لأربع «3» خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومئتين، فكانت خلافته أربع عشرة سنة وتسعة أشهر ويوما واحدا «4» ، وأمه أم ولد تركية يقال لها شجاع، وكنيته أبو الفضل، وصلى عليه المنتصر، وكان عمره أربعين «5» سنة، ومولده سنة سبع ومئتين.
قال أبو أيوب جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: أخبرني بعض الزمازمة الذين يحفظون زمزم قال «6» :(72/166)
غارت زمزم ليلة من الليالي، فأرخناها فجاءنا الخبر أنها كانت الليلة التي قتل فيها جعفر المتوكل.
كان يزيد بن محمد المهلبي من ندماء المتوكل، فلما قتل قال يزيد:
لما اعتقدتم أناسا لا حفاظ لهم ضعتم وضيّعتم ما كان يعتقدولو جعلتم على الأحرار نعمتكم حمتكم الذّادة المنسوبة الحسد
قوم هم الجذم والأرحام تجمعكم والمجد والدين والإسلام والبلد
إنّ العبيد إذا ذلّلتهم صلحوا على الهوان وإن أكرمتهم فسدوا
ما عند عبد لمن يرجوه محتمل ولا على العبد عند الخوف معتمد
فاجعل عبيدك أوتادا تشحجها لا يثبت البيت حتى يثبت الوتد
[في سنة أربع وثلاثين [ومئتين] استقدم [المتوكل] المحدثين إلى سامرا وأجزل عطاياهم وأكرمهم، وأمرهم أن يحدثوا بأحاديث الصفات والرؤية.. وتوفر دعاء الخلق للمتوكل وبالغوا في الثناء عليه والتعظيم له.
وفي سنة خمس وثلاثين [ومئتين] ألزم المتوكل النصارى بلبس الغل» .
وفي سنة ست وثلاثين أمر بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله من الدور وأن يعمل مزارع، ومنع الناس من زيارته، وخرّب، وبقي صحراء. وكان المتوكل معروفا بالتعصب، فتألم المسلمون من ذلك. وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد، وهجاء الشعراء.
وفي سنة سبع وثلاثين بعث إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة أبي بكر محمد ابن الليث وأن يضربه، ويطوف به على حمار، ففعل.
قال بعضهم: سلم على المتوكل بالخلافة ثمانية كل واحد منهم أبوه خليفة: منصور بن المهدي، والعباس بن الهادي، وأبو أحمد بن الرشيد، وعبد الله بن الأمين، وموسى بن المأمون، وأحمد بن المعتصم، ومحمد بن الواثق، وابنه المنتصر] «2» .(72/167)
[قال السيوطي: ومن أخبار المتوكل: أخرج ابن عساكر:] «1» .
[عن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال: دخلت على المتوكل لما توفيت أمه، فقال:
يا جعفر، ربما قلت البيت الواحد، فإذا جاوزته خلطت، وقد قلت:
تذكرت لما فرق الدهر بيننا فعذبت نفسي بالنبي محمد
فأجازه بعض من حضر المجلس بقوله:
وقلت لها: إن المنايا سبيلنا فمن لم يمت في يومه مات في غد
وأخرج عن أبي العيناء قال: أهديت إلى المتوكل جارية شاعرة اسمها فضل. فقال لها:
أشاعرة أنت؟ قالت: هكذا زعم من باعني واشتراني، فقال: أنشدينا شيئا من شعرك، فأنشدته:
استقبل الملك إمام الهدى عام ثلاث وثلاثينا
خلافة أفضت إلى جعفر وهو ابن سبع بعد عشرينا
إنا لنرجو يا إمام الهدى أن تملك الملك ثمانينالا قدس الله امرءا لم يقل عند دعائي لك: آمينا
وأخرج عن علي [بن الجهم] أن البحتري قال يمدح المتوكل فيما رفع من المحنة، ويهجو ابن أبي دؤاد بقوله:
أمير المؤمنين لقد شكرنا إلى آبائك الغرّ الحسان
رددت الدين فذا بعد أن قد أراه فرقتين تخاصمان
قصمت الظالمين بكل أرض فأضحى الظلم مجهول المكان
وفي سنة رمت متجبريهم على قدر بداهية عيان
فما أبقت من ابن أبي دؤاد سوى جسد يخاطب بالمعاني
تحير فيه سابور بن سهل فطاوله ومناه الأماني
إذا أصحابه اصطحبوا بليل أطالوا الخوض في خلق القران
وأخرج عن أحمد بن حنبل قال: سهرت ليلة ثم نمت، فرأيت في نومي كأن رجلا يعرج بي إلى السماء وقائلا يقول:(72/168)
ملك يقاد إلى مليك عادل متفضل في العفو ليس بجائر
ثم أصبحنا فجاء نعي المتوكل من سر من رأى إلى بغداد.
وقال ابن عساكر: أخبرنا نصر بن أحمد بن مقاتل السوسي، حدثني جدي أبو محمد، حدثنا أبو علي الحسين بن علي الأهوازي، حدثنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي، حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر بن دران غندر، حدثنا هارون بن عبد العزيز بن أحمد العباسي، حدثنا أحمد بن الحسن المقرىء البزار، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عيسى الكسائي وأحمد بن زهير وإسحاق بن إبراهيم بن إسحاق، فقالوا: حدثنا علي بن الجهم، قال: كنت عند المتوكل فتذاكروا عنده الجمال، ففقال: إن حسن الشعر لمن الجمال، ثم قال: حدثني المعتصم حدثني المأمون، حدثنا الرشيد، حدثنا المهدي، حدثنا المنصور، عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جمة إلى شحمة أذنيه كأنها نظام اللؤلؤ، وكان من أجمل الناس، وكان أسمر رقيق اللون، لا بالطويل ولا بالقصير، وكان لعبد المطلب جمة إلى شحمة أذنيه، وكان لهاشم جمة إلى شحمة أذنيه.
قال علي بن الجهم: وكان للمتوكل جمة إلى شحمة أذنيه، وقال لنا المتوكل: كان للمعتصم جمة، وكذلك للمأمون، والرشيد، والمهدي، والمنصور، ولأبيه محمد، ولجده علي، ولأبيه عبد الله بن عباس] «1» .
[قال ابن كثير] «2» :
[وقال الحافظ ابن عساكر في تاريخه: وحدث عن أبيه المعتصم، ويحيى بن أكثم القاضي. روى عنه علي بن الجهم الشاعر، وهشام بن عمار الدمشقي] «3» .
[وفي سنة ست [وثلاثين] أحضر القضاة من البلدان ليعقد بولاية العهد لبنيه المنتصر محمد، ثم للمعتز، ثم للمؤيد إبراهيم.
وكان المتوكل جوادا ممدحا لعابا، وأراد أن يعزل من العهد المنتصر، وأن يقدم عليه المعتز لحبه أمه قبيحة، فأبى المنتصر، فغضب أبوه وتهدده، وأغرى به، وانحرفت الأتراك(72/169)
عن المتوكل لمصادرته بغا ومصيفا حتى اغتالوه. حكى المسعودي أن بغا الصغير دعا بباغر التركي فكلمه، وقال: قد صح عندي أن المنتصر عامل على قتلي، فاقتله. قال: كيف نقتله والمتوكل باق؟ إذا يقيدكم به. قال: فما الرأي؟ قال: نبدأ به. قال: ويحك وتفعل؟! قال:
نعم. قال: فادخل على أثري، فإن قتلته، وإلا فاقتلني وقل: أراد قتل مولاه، فتم التدبير، وقتل المتوكل.
قال المسعودي: ونقل في مقتله غير ذلك] «1» .
[9828] جعفر بن محمد بن هشام ابن ملاس بن قاسم النميري
حدث عن سلم بن ميمون الخواص بسنده عن أبي ثعلبة الخشني قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والولدان
[14158] .
[9829] جعفر بن محمد بن يزدين أبو الفضل ابن السوسي
سكن مكة، وسمع بدمشق.
روى عن كثير بن عبيد بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما عال مقتصد قط»
[14159] .
وحدث عن إسحاق الفروي بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة»
[14160] .
[9830] جعفر بن محمد أبو عبد الله المعرّي المغربي
حدث بدمشق. ومن شعره مما أنشده بدمشق:
إذا أراد الله أمرا بامرىء وكان ذا علم ورأي وبصر
وحيلة يعملها في كلّ ما يأتي به مكروه أشتات القدر(72/170)
أغراه بالجهل وأعمى قلبه وسلّه من رأيه سلّ الشعر
حتى إذا أنفذ فيه حكمه ردّ عليه عقله ليعتبر
[9831] جعفر بن محمود الكاتب [أبو الفضل الأسكافي]
قدم دمشق صحبة المتوكل، واستوزره المستعين سنة ثمان وأربعين ومئتين، ثم استوزره المعتز بالله. ولما عزل من الوزارة واستوزر بعده عيسى «1» بن فرخان شاه أنشد محمد بن غياث لنفسه:
في غير حفظ الله يا جعفر زلت فزال الجور والمنكر
بلغت أمرا لست من أهله باعك عمّا دونه يقصر
كنت كثوب زانه طيّه حينا فأبدى عيبه المنشرما ينفع المنظر من جاهل بأمره ليس له مخبر
بل مثل عيسى لا انقضى عمره يخصّ بالعرب ويستوزر
حلم وعلم ثاقب زنده بمثله من مثله يفخر
تذكره الأشعار إن أنشدت وأنت منسيّ فما تذكر
توفي جعفر بن محمود في سنة ثمان وستين ومئتين.
[ولي الوزارة للمعتز حين خرج المستعين إلى بغداد، ولم يكن للوزير أدب وكان ثقيلا على قلب المعتز وكان يصبر عليه لميل الأتراك إليه، وكان وزيره أيام الفتنة وبعد أن صحت الخلافة له عزله في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين ومئتين ونفاه إلى تكريت، وكان جعفر من كبار الشيعة] «2» .
[كان يستميل القلوب بالمواهب والعطايا، وكان المعتز يكرهه، وكانوا ينسبونه إلى التشيع.
__________
[9831] ترجمته في تاريخ الطبري 9/387 و 388 والكامل لابن الأثير 7/216 والوافي بالوفيات 11/152 والفخري ص 245 و 247 ومروج الذهب 4/193 وسماه جعفر بن محمد. وما في الحاصرتين زيادة للإيضاح عن الوافي بالوفيات 11/153.(72/171)
ولما بويع [المهتدي بالله] بالخلافة أقر جعفر بن محمود الإسكافي على وزارته ثم عزله واستوزر سليمان بن وهب] «1» .
[9832] جعفر بن موسى
حدث بدمشق عن عبد الرحمن بن خالد بن نجيح المصري بسنده عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من أراد هوان قريش أهانه الله» .
[9833] جعفر بن ميسّر بن يغنم، أبو محمد
أنشد أبو محمد جعفر بن ميسّر بن يغنم بصيدا لمحمد بن عمر الأنباري يرثي نصير الدولة أبا طاهر بن بقية «2» وزير عز الدولة بختيار «3» ، حين صلبه عضد الدولة «4» ببغداد سنة تسع وأربع مئة «5» :
علو في الحياة وفي الممات بحق أنت إحدى المعجزات
كأنّ الناس حولك حين قاموا وفود نداك أيام الصّلات
كأنّك قائم فيهم خطيبا وكلّهم قيام للصّلاة
مددت يديك نحوهم اقتفاء «6» كمدّهما إليهم بالهبات
ولمّا ضاق بطن الأرض عن أن تضمّ علاك من بعد الممات
أصاروا الجوّ قبرك واستنابوا عن الأكفان ثوب السّافيات
لعظمك في النّفوس تبيت ترعى بحفّاظ وحرّاس ثقات
وتشعل حولك «7» النّيران ليلا كذلك كنت أيام الحياة(72/172)
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا تمكنّ من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت فأنت قتيل ثأر النّائبات
وكنت تجير من صرف اللّيالي فعاد مطالبا لك بالتّرات
وصيّر دهرك الإحسان فيه إلينا من عظيم السّيّئات
ركبت مطية من قبل زيد «1» علاها في السنين الذاهبات
وتلك فضيلة فيها تأسّ تباعد عنك أسباب الدنات «2»
وكنت لمعشر سعدا فلما مضيت تمزّقوا بالمنحسات
غليلي «3» باطن لك في فؤادي يخفّف بالدّموع الجاريات
ولو أنّي قدرت على قيامي بفرضك «4» والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم المراثي «5» ونحت بها خلاف النائحاتولكني أصبّر عنك نفسي مخافة أن أعدّ من الجناة
ومالك تربة فأقول تسقى لأنّك نصب هطل الهاطلات
عليك تحيّة الرحمن تترى برحمات روائح غاديات «6»
ولما أمر عضد الدولة بقتل الوزير محمد بن بقية وصلبه بمدينة السلام في سنة سبع [وستين] «7» وثلاث مئة كان له صديق يعرف بأبي الحسن «8» الأنباري، فرثاه بهذه الأبيات، فكتبها ورمى بها في شوارع بغداد، فتداولها الأدباء إلى أن اتصل الخبر بعضد الدولة، فلما أنشدت بين يديه تمنى أن يكون هو المصلوب دونه، فقال: عليّ بهذا الرجل فطلب سنة كاملة، واتصل الخبر بالصاحب إسماعيل بن عباد بالري فكتب له الأمان. فلما سمع بذكر(72/173)
الأمان قصد حضرته فقال له: أنت القائل هذه الأبيات؟ قال: نعم. قال: أنشدنيها. فلما أنشده:
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا تمكّن من عناق المكرمات
قام الصاحب فعانقه وقبل فاه، وأنفذه إلى حضرة عضد الدولة. فلما مثل بين يديه قال له: ما الذي حملك على مرثية عدوّي؟ فقال: حقوق سلفت وأياد مضت، فجاش الحزن في قلبي فرثيت، فقال: هل يحضرك شيء في الشموع؟ - والشموع تزهر بين يديه- فأنشأ يقول «1» :
كأنّ الشموع وقد أظهرت من النّار في كلّ رأس سنانا
أصابع أعدائك الخائفين تضرّع تطلب منك الأمانا
فلما أنشده هذين البيتين خلع عليه، وحمله على فرس وأعطاه بدرة «2» .
وكان جعفر هذا أديبا فاضلا، وصدرا كاملا، رثاه القاصّ أبو الحسن بن هندي بقصيدة غراء عدّتها ثلاثة وتسعون بيتا منها:
يا من كأنّ الدهر يعشق ذكره فلسانه من وصفه لا يفتر
بأبي ثراك وما تضمنه الثّرى كلّ يموت وليس كلّ يذكر
[9834] جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك أبو الفضل البرمكي
وزير الرشيد هارون، ولاه هارون دمشق وقدمها سنة ثمانين ومئة.
حدث عن أبيه يحيى بسنده إلى زيد بن ثابت كاتب الوحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السّين فيه»
[14161] .
__________
[9834] انظر ترجمته وأخباره في تاريخ الطبري (الفهارس العامة) والعقد الفريد 5/53 وتاريخ بغداد 7/152 والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) وفيات الأعيان 1/328 الوزراء والكتاب للجهشياري 204 والوافي بالوفيات 11/156 والفخري ص 205- 210 ومروج الذهب (الفهارس) المحبر ص 487 وتاريخ خليفة (الفهارس) والنجوم الزاهرة 2/123 والعبر 1/298 وسير الأعلام 9/59 وشذرات الذهب 1/311.(72/174)
وقال جعفر بن يحيى البرمكي لهارون الرشيد: يا أمير المؤمنين، قال لي أبي يحيى «1» :
إذا أقبلت الدنيا عليك فأعط، فإنها لا تفنى «2» ، وإذا أدبرت عنك فأعط، فإنها لا تبقى.
قال جعفر: وأنشدنا أبي «3» :
لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة فليس ينقصها التبذير والسرف
فإن تولّت فأحرى أن تجود بها فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف
ولما «4» ثارت العصبية بالشام في سنة ثمانين ومئة وتفاقم أمرها اغتم الرشيد فعقد لجعفر ابن يحيى على الشام، وقال له: إما أن تخرج أو أخرج أنا، فقال له جعفر: بل أقبل «5» بنفسي، فشخص في جلّة القواد والكراع والسلاح، فأتاهم فأصلح بينهم، وقتل زواقيلهم «6» والمتلصصة منهم، ولم يدع بها رمحا ولا قوسا «7» ، فعادوا إلى الأمن والطمأنينة، وأطفأ النّائرة «8» .
[فقال «9» منصور النمري لما شخص جعفر:
لقد أوقدت بالشام نيران فتنة فهذا أوان الشام تخمد نارها
إذا جاش موج البحر من آل برمك عليها، خبت شهبانها وشرارها
رماها أمير المؤمنين لجعفر وفيه تلاقى صدعها وانجبارها(72/175)
رماها بميمون النقيبة ماجد تراضى به قحطانها ونزارها
تدلت عليهم صخرة برمكية دموغ لهام الناكئين انحدارها
غدوت تزجى غابة في رؤوسها نجوم الثريا والمنايا ثمارها
إذا خفقت راياتها وتجرست بها الريح هال السامعين انبهارها
فقولوا لأهل الشام: لا يسلبنكم حجاكم طويلات المنى وقصارها
فإن أمير المؤمنين بنفسه أتاكم وإلا نفسه فخيارها
هو الملك المأمول للبر والتقى وصولاته لا يستطاع خطارها
وزير أمير المؤمنين وسيفه وصعدته والحرب تدمى شفارها
ومن تطو أسرار الخليفة دونه فعندك مأواها وأنت قرارها
وفيت فلم تغدر لقوم بذمة ولم تدن من حال ينالك عارها
طبيب بإحياء الأمور إذا التوت من الدهر أعناق فأنت جبارها
إذا ما ابن يحيى جعفر قصدت له ملمات خطب لم ترعه كبارها
لقد نشأت بالشام منك غمامة يؤمل جدواها ويخشى دمارها
فطوبى لأهل الشام يا ويل أمها أتاها حياها أو أتاه بوارها
فإن سالموا كانت غمامة نائل وغيث، وإلا فالدماء قطارها
أبوك أبو الأملاك يحيى بن خالد أخو الجود والنعمى الكبار صغارها
كأين ترى في البرمكيين من ندى ومن سابقات ما يشق غبارها
غدا بنجوم السعد من حل رحله إليك وعزت عصبة أنت جارها
عذيري من الأقدار هل عزماتها مخلفتي عن جعفر واقتسارها
فعين الأسى مطروفة لفراقه ونفسي إليه ما ينام ادّكارها]
[قال أبو بكر الخطيب] «1» :
وكان «2» جعفر بن يحيى من علوّ القدر، ونفاذ الأمر، وعظم المحلّ، وجلالة المنزلة عند هارون بحالة انفرد بها ولم يشارك فيها، وكان سمح الأخلاق طلق الوجه، ظاهر البشر.(72/176)
وأما جوده وسخاؤه وبذله وعطاؤه فكان أشهر من أن يذكر [وأبين من أن يظهر] «1» وكان أيضا من ذوي الفصاحة واللّسن والبلاغة.
يقال: إنه وقع ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، ونظر في جمعيها فلم يخرج بشيء منها عن موجب الفقه. وكان أبوه يحيى بن خالد قد ضمّه إلى أبي يوسف القاضي «2» حتى علّمه وفقّهه. وغضب الرشيد عليه في آخر عمره فقتله «3» ، ونكب البرامكة لأجله. كان «4» أبو علقمة الدمشقي «5» - صاحب الغريب- عند جعفر بن يحيى في بعض لياليه التي يسمر فيها، فأقبلت خنفساءة إلى أبي علقمة فقال: أليس يقال إن الخنفساء إذا أقبلت إلى الرجل أصاب خيرا! قالوا: بلى، قال جعفر بن يحيى: يا غلام، أعطه ألف دينار، قال:
فنحوها عنه فعادت إليه، فقال: يا غلام، أعطه ألف دينار، فأعطاه ألفي دينار.
خرج «6» عبد الملك بن صالح مشيّعا لجعفر بن يحيى البرمكي، فعرض عليه حاجاته فقال له: قصارى كل مشيّع الرجوع، وأريد أعز الله الأمير أن تكون لي كما قال بطحاء العذري:
وكوني على الواشين لدّاء شغبة فإنّي على الواشي ألدّ شغوب
فقال جعفر: بل أكون لك كما قال جميل:
وإذا الواشي وشى يوما بها نفع الواشي بما جاء يضرّ «7»
كان «8» أحمد بن الجنيد الإسكافي أخصّ الناس بجعفر بن يحيى، فكان الناس(72/177)
يقصدونه في حوائجهم إلى جعفر، فكثرت رقاع الناس في خف أحمد بن الجنيد، ولم يزل كذلك طلى أن تهيأ له الخلوة بجعفر فقال له: قد كثرت رقاع الناس معي وأشغالك كثيرة، وأنت اليوم خال، فإن رأيت أن تنظر فيها. فقال له جعفر: على أن تقيم عندي اليوم، فقال له أحمد: نعم، فصرف دوابه، فلما تغدّوا جاءه بالرقاع، فقالله جعفر: هذا وقت ذا؟! دعنا اليوم، فأمسك عنه أحمد، وانصرف في ذلك اليوم ولم ينظر في الرقاع. فلما كان بعد أيام خلا به فأذكره «1» الرقاع فقال: نعم، على أن تقيم عندي اليوم، فأقام عنده ففعل به مثل الفعل الأول، حتى فعل به ثلاثا، فلما كان في آخر يوم أذكره فقال: دعني الساعة وناما، فانتبه جعفر قبل أحمد فقال لخادم له: اذهب إلى خف أحمد بن الجنيد فجئني بكل رقعة فيه، وانظر لا تعلم أحمد، فذهب الخادم وجاء بالرقاع، فوقّع جعفر فيها عن آخرها بخطه بما أحب أصحابها ووكّد ذلك، ثم أمر الخادم أن يردّها في الخفّ فردّها، وانتبه أحمد وأخذوا في شأنهم ولم يقل له فيها شيئا، وانصرف أحمد، فركب يعلل أصحاب الرقاع بها أياما، ثم قال لكاتب له: ويلك، هذه الرقاع قد أخلقت في خفي، وهذا- يعني جعفرا- ليس ينظر، فخذها تصفّحها وجدّد ما خلق منها، فأخذها الكاتب فنظر فيها فوجد الرقاع موقعا فيها بمال سأل أهلها وأكثر، فتعجب من كرمه ونبل أخلاقه، وأنه قضى حاجته ولم يعلمه بها، لئلا يظن أنه اعتدّ بها عليه.
حدث مهذب حاجب العباس بن محمد، صاحب قطيعة العباس والعباسة «2» قال:
نالت العباس إضاقة، وكثر غرماؤه والمطالبون له، فأخرج سفطا فيه جوهر، شراؤه ألف ألف درهم، أعده ذخرا لبناته، فحمله إلى جعفر بن يحيى، فتلقاه جعفر وسط الصحن وجلس بين يديه، فقال له العباس: نالني ما ينال الأحرار من الإضاقة، وهذا سفط شراؤه علي ألف ألف درهم، فأمر بعض تجارك أن يقبضه ويقرضني عليه خمس مئة ألف درهم، فإذا وردت الغلة رددتها إليه، وأخذت السفط، قال: أفعل. وختم السفط ودفعه إلى غلام بين يديه، وأوعز إليه بسرار ثم قال: الحاجة توافيك العشية وتتفضل بالغداء عندي ففعل، فقال(72/178)
له: ثيابي لا تصلح على الأمير، وهذه عشرة تخوت «1» ، ومهري لين الركوب، ينصرف الأمير عليه، فانصرف وذلك بين يديه، فوجد السفط في بيته ومعه ألف ألف درهم قد وصله بها جعفر. قال مهذب: فما بات وعليه درهم واحد، فقال لي: نبكّر غدا على الرجل شاكرين له، فبكّرنا فقيل لنا: هو عند أخيه الفضل، فجئنا إلى دار الفضل فقالوا: هما في دار أمير المؤمنين، فصرنا إلى دار أمير المؤمنين، فدخل مولاي فوجدهما في الصحن لم يؤذن لهما، فقال له جعفر: حدثت أخي بقصتك فأمر أن يحمل لك خازنك ألف ألف درهم، وما أشك أنها في دارك، ونحن نكلم أمير المؤمنين أعز الله نصره الساعة في أمرك، فدخلا إلى الخليفة فأمر له بثلاث مئة ألف دينار، فلم يكن في بيت المال منها حاضر إلا مئتي ألف دينار فدفعت إليه، وقيل له اختر أين نسيب لك بهذا المال؟ قال: إلى مصر، فما كانت إلا أيام حتى أنت السفائح «2» من مصر.
قال إبراهيم الموصلي «3» :
حج الرشيد ومعه جعفر بن يحيى البرمكي وكنت معهم، فلما صرنا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم قال لي جعفر: انظر لي جارية ولا تتق «4» غاية في حذاقتها بالغناء والضرب، والكمال في الظرف والأدب، وجنبني قولهم صفراء. قال: فأرشدت إلى جارية لرجل فدخلت عليه، فرأيت رسوم النعمة، وأخرجها إلي فلم أر أجمل منها ولا أصبح ولا آدب.
قال: ثم تغنت لي أصواتا فأجادتها. قال: فقلت لصاحبها: قل ما شئت. قال: أقول لك قولا لا أنقص منه درهما. قلت: قل. قال: أربعين ألف دينار. قلت: قد أخذتها وأشترط عليك نظرة. قال: ذلك لك. قال: فأتيت جعفر بن يحيى فقلت: قد أصبت حاجتك، على غاية الكمال، والظرف، والأدب، والجمال، ونقاء اللون، وجودة الضرب، والغناء، وقد(72/179)
اشترطت نظرة، فاحمل المال ومر بنا، فحملنا المال على حمالين، وجاء جعفر مستخفيا، فدخلنا على الرجل وأخرجها. فلما رآها جعفر أعجب بها، وعرف أن قد صدقته. ثم غنّته فازداد بها عجبا، فقال لي: اقطع أمرها، فقلت لمولاها: هذا المال قد نقدناه ووزناه، فإن قنعت وإلّا فوجّه إلى من شئت لينتقده «1» ، قال: لا بل أقنع بما قلتم، قال: فقالت الجارية: يا مولاي في أي شيء أنت! فقال: قد عرفت ما كنا فيه من النعمة، وما كنت فيه من انبساط اليد، وقد انقبضت عن ذلك لتغير الزمان علينا، فقدرت أن تصيري إلى هذا الملك فتنبسطي في شهواتك ولذاذتك «2» ، فقالت الجارية: والله يا مولاي لو ملكت منك ما ملكت مني ما بعتك بالدنيا وما فيها. وبعد، فاذكر العهد- وقد كان حلف لها أن لا يأكل لها ثمنا- قال فتغرغرت عين المولى وقال: اشهدوا أنها حرة لوجه الله، وأني قد تزوجتها وأمهرتها داري، فقال جعفر: انهض بنا، قال: فدعوت الحمالين ليحملوا المال، فقال جعفر: لا والله لا يصحبنا منه درهم، ثم أقبل على مولاها وقال: هو لك مبارك لك فيه أنفقه عليك وعليها.
قال: وقمنا فخرجنا.
قال الأصمعي:
كنت عند جعفر بن يحيى ودخل عليه رجل فقال: أعذني أيها الأمير. قال: هو ذاك، صاحب شرطتي على الباب. فقال: أعذني أيها الأمير. قال: ويحك، ما أعذتك! قال: على الفقر. قال: نعم، يا غلام، أعطه ألف دينار.
ولما «3» غضب على البرامكة وجد في خزانة لجعفر بن يحيى في جرة ألف دينار، في كل دينار مئة دينار، على جانبيها مكتوب:
وأصفر من ضرب دار الملوك يلوح على وجهه جعفر
يزيد على مئة واحدا متى تعطه معسرا يوسر(72/180)
كان «1» جعفر بن يحيى أمر أن تضرب له دنانير، في كل دينار ثلاث مئة مثقال «2» ، وتصور عليها صورة وجهه، فضربت، وبلغ أبا العتاهية فأخذ طبقا فوضع عليه بعض الألطاف ووجّهه إلى جعفر، وكتب إليه رقعة في آخرها «3» :
وأصفر من ضرب دار الملوك يلوح على وجهه جعفر
ثلاث مئين يكن وزنه متى يلقه معسر ييسر
فأمر بقبض ما على الطبق، وصيّر عليه دينارا من تلك الدنانير وردّه إليه.
قال الأصمعي:
كان رجل له انقطاع إلى جعفر بن يحيى، فعتب على جعفر لجفوة إليه منه، فلزم منزله زمانا لا يأتيه، فمرّ به يوما على ظهر الطريق، فوقف عليه واستبطأه في تأخّره عنه، فعرّفه سبب غيبته وقال له: أيها الوزير، لو أتيناك لما كان عجبا، لعلم الناس بحاجتنا إليك، ولو أتيتنا لكان تفضلا، لعلم الناس بغناك عنا. فاعتذر جعفر، وجعل على نفسه أن لا يغيب عنه أحد من أصحابه أو يتخلف عنه بسبب إلا أتاه. وأقام رجلا يتعرف أخبار المتخلفين عنه، ويعرفه السبب في ذلك، وأجرى عليه الرزق لهذا الباب فقط.
حدث «4» جعفر بن يحيى أباه يحيى بن خالد، في بعض ما كان يخبره به من خلواته مع الرشيد، قال له: بأنه أخذ أمير المؤمنين بيدي، ثم أقبل في حجر يخترقها، حتى انتهى إلى حجرة مغلقة ففتحت له، ثم رجع من كان معنا من الخدم، ثم صرنا إلى حجرة مغلقة ففتحها بيده، ودخلنا معا وأغلقها من داخلها بيده، ثم صرنا إلى رواق ففتحه وفي صدره مجلس مغلق، فقعد على باب المجلس ونقر الباب نقرات، فسمعت «5» حسّا، ثم أعاد النّقر فسمعت صوت عود، ثم أعاد النّقر الثالثة فغنت جارية، ما ظننت والله أن الله خلق مثلها في حسن(72/181)
الغناء وجودة الضرب، فقال أمير المؤمنين لها: غني صوتي فغنته:
ومحبب «1» شهد الزفاف وقبله غنّى الجواري حاسرا ومنقّبا
لبس الدلال وقام ينقر دفّه نقرا أقرّ به العيون فأطربا
إن النساء رأينه فعشقنه وشكون شدة ما بهنّ فكذّبا «2»
قال: فطربت والله طربا هممت معه أن أنطح برأسي الحائط، ثم قال لها: غني صوتي الآخر فغنت:
طال تكذيبي وتصديقي لم أجد عهدا لمخلوق
إنّ ناسا في الهوى حدّثوا «3» أحدثوا نقض المواثيق «4» «5» قال: فرقص الرشيد ورقصت معه، ثم قال: امض بنا، فإنني أخشى أن يبدو ما هو أكثر من هذا، فمضينا. فلما صرنا في الدهليز قال وهو قابض على يدي: أعرفت هذه المرأة؟
قلت: لا، يا أمير المؤمنين، قال: فإني أعلم أنك ستسأل عنها ولا تكتم ذلك، وأنا أخبرك بها، هي عليّة «6» ، والله إن لفظت به بين يدي أحد وبلغني لأقتلنّك، قال: فقال له أبوه قد والله لفظت به، وو الله ليقتلنك، فاصنع ما أنت صانع.
قال أبو قابوس النصراني «7» :
دخلت على جعفر بن يحيى البرمكي في يوم بارد، فأصابني البرد فقال: يا غلام، اطرح عليه كساء من أكسية النصارى، فطرح عليّ كساء خزّ قيمته ألف، قال: فانصرفت إلى(72/182)
منزلي، فأردت أن ألبسه في يوم عيد، فلم أصب له في منزلي ثوبا يشاكله، فقالت لي بنية لي:
اكتب إلى الذي وهبه لك حتى يرسل إليك بما يشاكله من الثياب، فكتبت إليه:
أبا الفضل لو أبصرتنا يوم عيدنا رأيت مباهاة لنا في الكنائس
فلو كان ذلك المطرف الخزّ جبة لباهيت أصحابي بها في المجالس
فلا بدّ لي من جبّة من حبابكم ومن طيلسان من جياد الطيالس
ومن ثوب قوهي «1» وثوب غلالة ولا بأس إن أتبعت ذاك بخامس
إذا تمّت الأثواب في العيد خمسة كفتك فلم تحتج إلى لبس سادس
لعمرك ما أفرطت فيما سألته وما كنت إذ «2» أفرطت فيه بآيسوذلك «3» أن الشعر يزداد شدّة إذا ما البلى أبلى جديد الملابس
فبعث إليه حين قرأ الشعر بتخوت خمسة، من كل نوع تختا.
قال: فو الله ما انقضت الأيام حتى قتل جعفر بن يحيى، وصلب، وحبس الفضل «4» ، فرأينا أبا قابوس قائما تحت جذعه يزمزم، فأخذه صاحب الخبر فأدخله على الرشيد، فقال له: ما كنت قائلا تحت جذع جعفر؟ فقال: أينجيني منك الصدق؟ قال: نعم. قال: ترحمت عليه وقلت في ذلك:
أمين الله هب فضل بن يحيى لنفسك أيّها الملك الهمام
وما طلبي إليك العفو عنه وقد قعد الوشاة به وقاموا
أرى سبب الرّضا فيه قويا على الله الزيادة والتّمام
نذرت عليّ منه صيام حول فإن وجب الرّضا وجب الصّيام
وهذا جعحفر بالجسر تمحو محاسن وجهه ريح قتام
أقول له وقمت لديه نصّا «5» إلى أن كاد يفضحني القيام(72/183)
أما «1» والله لولا خوف واش وعين للخليفة لا تنام
لطفنا حول جذعك واستلمنا كما للنّاس بالرّكن استلام
فأطرق هارون مليا ثم قال: رجل أولى جميلا فقال فيه جميلا: يا غلام ناد بأمان أبي قابوس، وألّا يعرض له أحد، ثم قال لحاجبه: إياك أن تحجبه عني صر متى شئت إلينا في مهمك.
وقيل: إن هذه الأبيات للرقاشي، وإنه وقف لما صلب جعفر وقال هذه الأبيات، وفي آخرها «2» :
فما أبصرت قبلك «3» يابن يحيى حساما فلّه السيف الحسام
على اللّذات «4» والدنيا جميعا لدولة آل برمك السلام
فقيل ذلك للرشيد، فأحضره وقال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: تحركت نعمته في قلبي فلم أصبر، قال: كم كان أعطاك «5» ؟ قال: كان يعطيني في كل سنة ألف دينار. فأمر له بألفي دينار.
قال محمد بن عبد الرحمن الهاشمي صاحب صلاة الكوفة «6» :
دخلت على أمي في يوم أضحى، وعندها امرأة برزة «7» جلدة في أثواب دنسة رثّة، فقالت لي: أتعرف هذه؟ قلت: لا. قالت: هذه عبادة أم جعفر بن يحيى؛ فسلّمت عليها ورحبت بها، وقلت لها: يا فلانة، حدثيني ببعض أمركم، قالت: أذكر لك جملة كافية فيها اعتبار لمن اعتبر، وموعظة لمن فكر، لقد هجم عليّ مثل هذا العيد وعلى رأسي أربع مئة(72/184)
[جارية و] «1» وصيفة، وأنا أزعم أن ابني جعفرا عاقّ بي، وقد أتيتكم في هذا اليوم والذي يقنعني جلدا شاتين، أجعل أحدهما شعارا والآخر دثارا.
قال ثمامة بن أشرس «2» :
بت ليلة عند جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، فانتبهت ببكائه فقلت: ما يبكيك، لا أبكى الله عينيك؟ قال: رأيت في منامي كأن شيخا قد أتاني، فأخذ بعضادتي باب البيت الذي أنا فيه فقال:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا أنيس ولم يسمر بمكّة سامر
فقلت مجيبا له:
بلى نحن كنّا أهلها وأبادنا صروف اللّيالي والجدود العواثر
قال: فلما رأيته على هذه الحال انصرفت إلى منزلي، فلما أصبحت غدوت إلى دار السلطان فإذا بجثته عند الجسر، وإذا خلق كثير حولها. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: وجه السلطان إلى جعفر بن يحيى في الليل من ضرب عنقه، وقد أمر بصلبه. فمضيت لحاجتي ورجعت، فإذا هو مصلوب فقلت:
في آل برمك للورى عظة لو كان يعمل فيهم الفكر
منحتهم الدّنيا خزائنها واختصّهم بصفائه الدّهر
حتّى إذا بلغوا السّها شرفا حقّا وقصّر عنهم الفخر
عزّ الزّمان بهم فجعفرهم بعد الحجاب محلّه الجسر!
وتمزّقوا من بين مصطلم ومكبّل قد ضمّه الأسرقال إسحاق الموصلي «3» :
قال لي الرشيد بعد قتل جعفر وصلبه: اخرج بنا لننظر إلى جعفر فلما وصل إليه جعل ينظره ويتأمله، وأنشأ يقول:
تقاضاك دهرك ما أسلفا وكدّر عيشك بعد الصّفا(72/185)
فلا تعّجبنّ فإنّ الزّمان رهين بتفريق ما ألّفا
قال: فنظرت إليه ثم قلت: إن كنت يا جعفر أصبحت آية، فلقد كنت في الجود «1» غاية، قال: فنظر إليّ الرشيد كالجمل الصّؤول «2» وهو مغضب وأنشأ يقول:
ما يعجب العالم من جعفر ما عاينوه فبنا كانا
من جعفر أو من أبوه ومن كانت بنو برمك لولانا؟!
ثم حوّل وجه فرسه وانصرف.
ولما «3» بلغ سفيان بن عيينة قتل جعفر بن يحيى وما نزل بالبرامكة، حوّل وجهه إلى الكعبة وقال: اللهم، إنه قد كان كفاني مؤنة الدنيا، فاكفه مؤنة الآخرة.
قال الأصمعي «4» :
كنت أجالس الرشيد وأسامره، فوجه إليّ ليلة في ساعة يرتاب فيها البريء، فتناولت أهبة الدخول عليه فمنعت من ذلك وأعجلت، فدخلني من ذلك رعب شديد وخوف، وجعلت أتذكر ذنبا فلا أجده، وجعلت نفسي تظن الظنون. فلما دخلت عليه سلّمت ومثلت بين يديه قائما وهو مطرق، فرفع رأسه إلي، فلما رآني أمرني بالجلوس، فجلست، فقال: يا عبد الملك، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال:
لو أنّ جعفر خاف أسباب الرّدى «5» لنجا بمهجته طمرّ «6» ملجم «7»
ولكان من حذر المنون «8» بحيث لا يرجو اللحاق به الغراب «9» القشعم «10»(72/186)
لكنّه لما تقارب «1» يومه لم يدفع الحدثان عنه منجّم
وكان بين يديه طست مغطى بمنديل، فأمر بكشفه فكشف، فإذا رأس جعفر بن يحيى البرمكي، ثم قال: الحق بأهلك يابن قريب، فنهضت ولم أحر جوابا للرعب. فلما أفرخ روعي فكرت في ذلك، فوجدته أحبّ أن يعلمني مكره ونكره ودهاءه ليتحدث به عنه. قال الأصمعي: فخرجت وأنا أقول:
أيّها المغرور هل لك عبرة في آل برمك
عبرة لم ترها أنت ولا قبل آت لك
قتل جعفر بن يحيى في صفر سنة سبع وثمانين ومئة، وهو ابن سبع وثلاثين سنة «2» .
وكانت الوزارة إليهم سبع عشرة سنة «3» .(72/187)
[المستدرك من حرف الراء]
ذكر من اسمه ربيعة
[9835] ربيعة بن لقيط بن حارثة ابن عميرة التجيبي القردمي المصري حدث عن «1» معاوية، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن حوالة، ومالك بن هدم التجيبي، ومطعم بن عبيدة البلوي، وعبد الله بن مسند.
روى عنه ابنه إسحاق بن ربيعة، ويزيد بن أبي حبيب.
وشهد صفين مع معاوية، وخرج معه إلى العراق.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبد الله بن أحمد، حدّثني أبي «2» ، نا يحيى بن إسحاق، نا يحيى بن أيوب، حدّثني يزيد بن أبي حبيب.
ح وحدّثنا أبو عبد الله بن البنا، نا أبو القاسم يوسف بن محمّد المهرواني الهمداني، نا أبو عمر بن مهدي، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة بن الصلت حدثني جدي أبو يوسف يعقوب بن أبي شيبة، نا يحيى بن إسحاق البجلي، أنا يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب.
__________
[9835] ترجمته في الإصابة ترجمة رقم 2756 وأسد الغابة 2/65 والجرح والتعديل 1/2/475 والتاريخ الكبير 3/283 وسير أعلام النبلاء 4/509 والوافي بالوفيات 14/87. وقد تقدمت ترجمته في تراجم حرف الراء فيمن اسمه ربيعة، وقد اعتمدنا في الترجمة السابقة على النسخة المغربية المرموز لها بحرف «م» وقد جاءت مبتورة.
التراجم التالية تستدرك عن مخطوط أحمد الثالث د» .(72/188)
عن ربيعة بن لقيط، عن عبد الله بن حوالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- وفي حديث يعقوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - «من نجا من ثلاث فقد نجا، ثلاث مرات موتي والدجال وقتل خليفة مصطبر «1» بالحق معطيه»
[14162] .
أخبرناه عاليا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيّوية، أنا عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري، نا محمد بن محمد بن سليمان الواسطي- إملاء- نا عيسى بن حماد، زغبة، أنا الليث بن سعد: عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن ابن حوالة «2» وهو «3» عبد الله الأزدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نجا من ثلاث، فقد نجا، من نجا من ثلاث فقد نجا» قالوا: يا رسول الله، وما ذاك؟ قال: «موتى، ومن قتل خليفة قال بالحق، ومن الدجال» .
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن [حيويه] «4» وأبو بكر بن إسماعيل قالا: نا يحيى بن [محمّد بن صا] «5» عد، نا الحسين بن الحسن، نا عبد الله بن المبارك «6» [قال: أخبرنا ابن لهيعة قال:] «7» حدثني يزيد بن أبي حبيب أن ربيعة بن لقيط أخبره أنه كان مع عمرو بن العاص عام الجماعة وهم راجعون من مسكن وأمطروا دما عبيطا. قال ربيعة: فلقد رأيتني أنصب الإناء فيمتلىء دما عبيطا فظن الناس أنها هي، وماج الناس بعضهم في بعض، فقام عمرو بن العاص فأثنى عليه «8» بما هو أهله، ثم قال: يا أيها الناس أصلحوا ما بينكم وبين الله، ولا يضركم لو اصطدم هذان الجبلان.
رواه عمرو بن الحارث، عن يزيد نحوه.
أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر، أنا أحمد بن(72/189)
الحسن، والمبارك بن عبد الجبّار، ومحمّد بن علي، واللفظ له، قالوا: أنا أبو أحمد- زاد أحمد وأبو الحسين قالا: - أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال «1» : ربيعة بن لقيط التجيبي عن عبد الله بن حوالة يعد في المصريين. قال ابن المثنى: نا وهب سمع أباه وسمع يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط، عن مالك بن هدم عن عوف بن مالك قال: غزونا مع عمرو بن العاص ومعنا عمر وأبو عبيدة.
في نسخة ما شافهني أبو عبد الخلال، أنا أبو القاسم بن منده، أنا حمد بن عبد الله إجازة.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمد، قالا:
أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال «2» :
ربيعة بن لقيط التجيبي روى عن عبد الله بن حوالة، ومالك بن هدم. روى عنه يزيد بن أبي حبيب. سمعت أبي يقول ذلك. كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العباس، وأبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن، ثم حدّثني أبو بكر محمّد بن شجاع، عن أبي الفضل قال: أنا أبو بكر الباطرقاني، أنا أبو عبد الله بن مندة.
ح وأنبأني أبو عمرو بن مندة، عن أبيه قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس:
ربيعة بن لقيط بن جارية «3» بن عميرة التجيبي من بني القردم بن بدا بن أراه بن عدي بن تجيب هو أبو إسحاق بن ربيعة يروي عن معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وابن حوالة، ومطعم بن عبيدة البلوي. روى عنه يزيد بن أبي حبيب، وابنه إسحاق بن ربيعة، وكان شهد صفين مع معاوية، ثم دخل معه الكوفة.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «4» : أما عميرة «5» بفتح العين وكسر الميم: ربيعة بن لقيط بن حارثة بن عميرة التجيبي من بني القردم «6» ابن بدّا بن أداة روى عن معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن حوالة، ومطعم بن(72/190)
عبيدة البلوي، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، وابنه إسحاق بن ربيعة وشهد صفين مع معاوية، ودخل معه الكوفة، قاله ابن يونس.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا الحسين بن جعفر، ومحمّد بن الحسن، وأحمد بن محمّد بن أحمد العتيقي. ح وأخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا ثابت بن بندار، أنا الحسين بن جعفر، قالوا: أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد بن زكريا «1» ، أنا صالح بن أحمد بن صالح، حدّثني أبي قال: ربيعة بن لقيط التجيبي مصري، تابعي، ثقة.
[9836] ربيعة- ويقال: النعمان بن نجوان بن معاوية، المعروف بأعشى بني تغلب أحد بني معاوية بن جشم ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ابن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار
من أهل الجزيرة نصراني، شاعر، وفد على غير واحد من خلفاء بني أمية منهم الوليد ابن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الكاتب «2» ، أخبرني علي بن سليمان الأخفش، نا أبو سعيد الحسن بن الحسن السكري، نا محمّد بن حبيب، عن أبي عمرو الشيباني قال:
كان الوليد بن عبد الملك محسنا إلى أعشى تغلب فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد إليه ومدحه، فلم يعطه شيئا وقال: ما أرى للشعراء في بيت المال حقّا، ولو كان
__________
[9836] ترجمته في الأغاني 11/281 ط. دار الكتب، وشعراء النصرانية بعد الإسلام ص 122 والمؤتلف والمختلف للآمدي ص 20 والحماسة البصرية 1/87 والمزهر للسيوطي 2/229.
اختلفوا في اسمه، فقد جاء في الأغاني: قال أبو عمرو الشيباني: اسمه ربيعة، وقال ابن حبيب: اسمه النعمان بن يحيى بن معاوية. وفي الحماسة البصرية: ربيعة بن نجران. وفي المزهر: الأعشى التغلبي اسمه نعمان بن نجران: وفي تاج العروس: هو النعمان ويقال: ابن جاوان وهو في الأراقم. وفي المؤتلف للآمدي: الأعشى التغلبي اسمه نعمان بن نجوان ويقال: ربيعة بن نجوان.(72/191)
لهم عليه حق لما كان ذلك، لأنك امرؤ نصراني، فانصرف الأعشى وهو يقول «1» :
لعمي لقد عاش الوليد حياته إمام هدى لا مستزاد ولا نزر
كأنّ بني مروان بعد وفاته جلاميد ما تندى وإن بلّها القطر
وكان الأعشى مع مسلمة في غزوة الطّوّانة فحكى أبو محمّد عبد الله بن سعد القطربلي عن الوليد قال: قيل لمسلمة بن عبد الملك إن القعقاع بن خليد العبسي هو الذي يمنع العباس بن الوليد بن عبد الملك من تعظيمه فقال لأعشى بني «2» تغلب وكان معه: أهج بني عبس ببيتين لا تزد عليهما فقال:
تعلم عبس مشيه قرشية تلوى بها استاهها ما تحيدها
فاخر عيس فما الحديث نساؤها وأول عبس في القديم عبيدها
[9837] ربيعة بن يزيد أبو شعيب الإيادي القصير
روى عن واثلة بن الأسقع، وعطية بن عروة السعدي، وأبي إدريس الخولاني، وجبير ابن نفير، وعبد الرّحمن بن عايش، وإسماعيل بن عبيد الله بن [أبي] «3» المهاجر، ومعاوية ابن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الرّحمن بن أبي عميرة المزني، وعبد الله بن الديلمي، وقيل عن أبي إدريس عن عبد الله بن الديلمي، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الله ابن أبي زكريا الخزاعي، وعبد الله بن قيس، وأبي كبشة السلولي وقزعة بن يحيى، وعبد الله ابن عامر القارىء ومسلم ابن قرظة الأنصاري، وأبي أسماء الرحبي. روى عنه العلاء بن الحارث، وأبو عمرو الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، والعباس ابن سالم بن جميل اللخمي، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وعبد الرّحمن بن يزيد بن جابر، وعبد الله بن يزيد الدمشقي، والوليد بن سليمان بن أبي السائب، وعبد الرّحمن بن عامر
__________
[9837] ترجمته في التاريخ الكبير 2/1/288 وتهذيب الكمال 6/178 وتهذيب التهذيب 2/156 والجرح والتعديل 2/1/474 وتاريخ خليفة بن خياط (الفهارس) وسير الأعلام 5/239 وطبقات خليفة ص 573 وطبقات ابن سعد 7/465.(72/192)
اليحصبي، وسلمة بن عمرو بن القاص «1» ، وعبد الخالق بن زيد بن واقد، وأبو كامل يزيد بن ربيعة الصنعاني، وهمّام بن إسماعيل، وحيوة «2» بن شريح المصري، ومعاوية بن صالح الحمصي، ويزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة، وحازم بن عطاء البجلي، وموسى بن عيسى القرشي.
وكانت داره بدمشق، داخل باب الفراديس «3» داخل الحصن عن يسار الداخل.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، أنا حيدرة بن علي بن محمّد.... «4» .
ح وأخبرنا أبو الفرج أحمد بن الحسن بن علي بن زرعة، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن عبيد الله الهاشمي- قاضي صور بها- قالا: أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا خيثمة بن سليمان، أنا العباس، أخبرني أبي، نا الأوزاعي، حدّثني ربيعة بن يزيد، عن واثلة بن الأسقع قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتزعمون أني من آخركم وفاة، ألا إنّي من أولكم وفاة وتتبعوني أفنادا «5» ويهلك بعضكم بعضا»
[14163] .
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو الدحداح التميمي، نا أحمد بن عبد الواحد، نا محمّد بن كثير، عن الأوزاعي، عن ربيعة القصير قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«أتزعمون أنّي من آخركم وفاة، ألا إنّي من أولكم وفاة، وستتبعوني أفنانا يضرب بعضهم رقاب بعض»
[14164] . أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد، وأم المجتبى فاطمة بنت ناصر، قالا: أنا أبو طاهر بن محمود، أنا أبو بكر بن المقرىء، أنا أبو العباس [بن] «6» قتيبة، نا حرملة بن يحيى التجيبي المصري.(72/193)
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود، أنا أبو بكر ابن المقرىء، نا أبو القاسم علي بن خلف بن قديد البزار المصري بمصر، وكان من ثقات المسلمين، نا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح.
قالا: نا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تزعمون أنّي آخركم موتا، ولعمري إنّيأوّلكم موتا تأتون بعدي أفنادا يقتل بعضكم بعضا، أو يهلك [بعضكم بعضا» ] «1» » .
هو علي بن الحسن بن خلف «2» نسبة إلى جده، واللفظ لأبي الطاهر.
ومما وقع إلي عاليا من حديثه ما.
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو سعيد الحسن بن جعفر بن محمّد بن الوضاح، نا أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد الحراني، نا يحيى بن عبد الله البابلتّي «3» ، نا الأوزاعي، حدّثني ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن الديلمي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شرب من الخمر شربة لم تقبل له توبة أربعين صباحا، فإن تاب، تاب الله عليه ثلاثا أو أربعا- قال الأوزاعي: ما أدري في الثالثة أو في الرابعة-، فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة»
[14165] .
قال الأوزاعي: ردغة الخبال «4» : صديد أهل النار.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا ابو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «5» ، حدّثني العباس بن الوليد بن مزيد العذري، أخبرني أبي، نا الأوزاعي، حدّثني ربيعة بن يزيد فيما بين المقسلاط وباب «6» الصغير.
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، وأبو العز الكيلي، قالا: أنا أحمد بن(72/194)
الحسن بن أحمد بن إسحاق، أنا عمر بن أحمد الأهوازي، نا خليفة بن خياط «1» قال في الطبقة الثالثة من أهل الشامات: ربيعة بن يزيد دمشقي.
أخبرنا أبو البركات، أنا ثابت بن بندار، أنا محمّد بن علي، أنا محمّد بن أحمد، أنا الأحوص بن محمّد، نا أبي حدثه رجل من أهل العلم قال: ربيعة بن يزيد إيادي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع، أنا أبو عمرو بن مندة، أنا الحسن بن محمّد بن يوسف، أنا أحمد بن محمّد بن عمر، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا محمّد بن سعد «2» قال:
في الطبقة الثالثة من أهل الشام.
ح وقرأت: على أبي غالب بن البنا، عن أبي محمّد الجوهري، أنا أبو عمر بن حيوية، أنا أحمد بن معروف، نا الحسين بن الفهم، نا محمّد بن سعد «3» قال: في الرابعة منهم ربيعة ابن يزيد- زاد ابن الفهم: وكان ثقة-. أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي، ثم حدّثنا أبو الفضل البغدادي، أنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين الطيوري، والمبارك بن عبد الجبار، وأبو الغنائم واللفظ له، قالوا: أنا عبد الوهاب بن محمد- زاد ابن خيرون ومحمّد بن الحسن قالا: - أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد ابن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال «4» : ربيعة بن يزيد القصير الدمشقي سمع واثلة، سمع منه الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ومعاوية، وحيوة «5» ، وابن جابر، والوليد بن مسلم، وسمع أبا كبشة السلولي، وعبد الله بن عامر، وقزعة وابن الديلمي وعن مسلم بن قرظة.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا عبد الله بن عتّاب، أنا أحمد بن عمير إجازة.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد، أنا أبو الحسن الربعي، أنا عبد الوهّاب بن الحسن، أنا أحمد بن عمير قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: ربيعة القصير دمشقي.(72/195)
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمّد، أنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد، نا أبو زرعة قال: أبو شعيب هو ربيعة بن يزيد.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة «1» ، أنا علي بن محمّد.
قالا: أنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال «2» :
ربيعة بن يزيد الدمشقي القصير روى عن واثلة بن الأسقع، وأبي إدريس الخولاني، وعبد الله بن الديلمي، وعبد الله بن عامر اليحصبي.
روى عنه الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن صالح، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني شفاها، أنا عبد العزيز إجازة، أنا تمام بن محمّد إجازة، حدّثني أبي، أخبرني أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن ربيعة الربعي، نا جعفر بن محمّد ابن أبي عثمان الطيالسي، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ربيعة القصير أبو شعيب. قرأت على أبي الفضل بن ناصر، عن جعفر بن يحيى، أنا أبو نصر الوائلي، أنا الخصيب بن عبد الله، أخبرني أبو موسى بن أبي عبد الرّحمن، أخبرني أبي قال: أبو شعيب ربيعة لم ينسبه وروى له عن يزيد بن محمّد بن عبد الصّمد، عن أبي مسهر، عن الهقل، عن الأوزاعي، عن ربيعة أبي شعيب عن واثلة بن الأسقع، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث الأول.
.... «3» عن إبراهيم بن سليمان البرلسي، نا أبو مسهر، حدثني إسماعيل بن سماعة، نا الأوزاعي، حدثني ربيعة. قال أبو مسهر: وليس هو ربيعة بن يزيد، إنما هوالقصير أبو شعيب، وقد تقدم حديث الوليد عن الأوزاعي عن ربيعة بن يزيد، عن واثلة الذي رواه الهقل فلم ينسب ربيعة.... «4» على أن ربيعة أبا شعيب هو ربيعة بن يزيد، وتفرقة أبي مسهر بينهما لا أعلم وجهها.(72/196)
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا محمّد بن طاهر، أنا مسعود بن ناصر، أنا عبد الملك ابن الحسن، أنا أحمد بن محمّد بن الحسين قال: ربيعة بن يزيد الدمشقي القصير، حدّث عن أبي إدريس الخولاني، روى عنه حيوة المصري في الذبائح في مواضع منها.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو الميمون بن راشد، نا أبو زرعة «1» ، نا أبو مسهر، نا سعيد بن عبد العزيز قال: لم يكن عندنا أحد أحسن سمتا في العبادة من مكحول وربيعة بن يزيد.
قال «2» : وحدّثنا أبو مسهر، نا عبد الرّحمن بن عامر قال: سمعت ربيعة بن يزيد قال:
ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضا أو مسافرا.
قال «3» : ونا محمود بن خالد، نا عمر بن عبد الواحد، عن سعيد بن عبد العزيز قال:
كان ربيعة بن يزيد ونمير بن أوس ربما أمّا الناس في شهر رمضان.
قال «4» : وحدّثني هشام، نا الهيثم بن عمران قال: سمعت إسماعيل بن عبيد الله، وسمع ربيعة بن يزيد يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له إسماعيل بن عبيد الله: انظر يا ربيعة كيف تحدث «5» .
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا الحسن بن حبيب، نا أنس بن السلم، نا أيوب بن سليمان الرصافي «6» ، نا أبو العوام، نا الفرج بن فضالة، عن ربيعة بن يزيد، وكان يفضل على مكحول، فذكر حكاية.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو الحسين بن النقور، وأبو القاسم بن البسري. قالا: أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن نصر بن بجير، نا علي بن عثمان بن نفيل، نا أبو مسهر، نا سعيد قال: ما.... «7» سمتا في العبادة من مكحول وربيعة بن يزيد.(72/197)
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو عبد الله البلخي قالا: أنا أبو الحسين بن الطيوري، وثابت بن بندار قالا: أنا أبو عبد الله وأبو نصر قالا: أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد بن زكريا، أنا صالح بن أحمد بن صالح العجلي «1» ، حدّثني أبي قال:
ربيعة بن يزيد الدمشقي تابعي ثقة.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنا أبو بكر البرقاني، أنا محمّد ابن عبد الله بن خميرويه الهروي، نا الحسين بن إدريس، نا محمّد بن عبد الله بن عمار قال: ربيعة بن يزيد من ثقات الناس.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، أنا أبو بكر بن الطبري، أنا أبو الحسين بن الفضل، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب بن سفيان قال: وروى يحيى عن ربيعة بن يزيد شامي ثقة «2» .
أنبأنا أبو البركات عبد الوهاب الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا عبد العزيز ابن علي الأزجي، أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر ابن أحمد بن حمد، أنا أبو بكر محمّد ابن أحمد بن يعقوب بن أبي شيبة، حدثني جدي يعقوب قال: ربيعة بن يزيد معروف، ثقة «3» .
أخبرنا أبو عبد الله البلخي، أنا أبو منصور محمد بن الحسين بن عبد الله، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني قال: سمعت أبا الحسن يقول: ربيعة بن يزيد الدمشقي، يعرف بالقصير.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله، أنا محمد بن الحسين، أنا عبد الله بن جعفر، نا يعقوب «4» حدثني سعيد بن أسد، نا ضمرة عن رجاء قال: كان مكحول يقول: ربما «5» أردت أن أدعو على ربيعة بن يزيد- وكان فيمن شهد عليه- فأذكر تهجيره إلى المسجد فأكف عنه.(72/198)
أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب، أنا أحمد بن عمير إجازة.
ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد، أنا علي بن الحسن، أنا عبد الوهّاب الكلابي، أنا أحمد بن عمير قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: وربيعة بن يزيد قتل بأفريقية في خلافة هشام دمشقي. أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد، أنا أبو محمّد يوسف بن رباح البصري، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل، نا محمّد بن أحمد بن حماد، نا معاوية بن صالح قال: ربيعة بن يزيد، مات في إمارة هشام بأفريقية، أبو مسهر يقول ذلك.
أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد الأنصاري، أنا عبد العزيز بن أحمد التميمي، أنا عبد الرّحمن بن عثمان الدمشقي، أنا أبو الميمون بن راشد، نا أبو زرعة قال «1» :
ربيعة بن يزيد ابن طباخ معاوية. سمعت أبا مسهر يذكر عن الهقل «2» عن الأوزاعي: ربيعة أبو شعيب.
قال أبو زرعة: خرج غازيا نحو المغرب في بعث بعثه هشام بن عبد الملك واستعمل عليهم كلثوم بن عياض القشيري، فقتله البربر أخبرني بذلك «3» محمود بن خالد أنه سمع مروان بن محمّد يذكر ذلك. وكان خروج «4» كلثوم بن عياض في آخر إمرة هشام بن عبد الملك، فخبّرني ذلك هشام أنه سمع الهيثم بن عمران يذكر ذلك. قلت: نرى ذلك سنة ثلاث وعشرين ومائة.
قال «5» : وحدّثني محمود بن خالد أنه سمع مروان بن محمّد يقول: ربيعة بن يزيد قتل مع كلثوم بن عياض في مخرجه إلى المغرب، قتلته البربر في خلافة هشام بن الملك.
كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن مندة، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنه، أنا(72/199)
عمي أبو القاسم، عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس.
ربيعة بن يزيد مولى أبي سفيان بن حرب بن أمية يكنى أبا شعيب من سكان دمشق، قدم مصر وروى عنه يزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة، وحيوة بن شريح، قتلته البربر بالمغرب سنة ثلاث وعشرين ومائة، فكان في البعث الذي طلع المغرب مع كلثوم بن عياض القشيري.
[9838] ربيعة الشعوذي
وفد على عمر بن عبد العزيز، وحكى عنه.
وروى عنه سهل بن شعيب النخعي الكوفي.
قرأت على أبي غالب بن البنا، عن الحسن بن علي، أنا محمّد بن العباس، أنا سليمان ابن إسحاق بن إبراهيم، نا الحارث بن أبي أسامة، نا محمّد بن سعد «1» ، أنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدّثني سهل بن شعيب أن ربيعة الشعوذي حدثهم قال: ركبت البريد إلى عمر بن عبد العزيز فانقطع في بعض أرض الشام فركبت السخرة حتى أتيته وهو بخناصرة فقال: ما فعل جناح المسلمين؟ قال: قلت: وما جناح المسلمين يا أمير المؤمنين؟ قال:
البريد، قال: قلت: انقطع في أرض أو مكان كذا وكذا. قال: فعلى أي شيء أتيتنا؟ قال:
قلت: على السخرة، تسخرت دوابّ النبط. قال: تسخرون في سلطاني؟ قال: فأمر بي فضربت أربعين سوطا رحمه الله.
وروي عن مسدد بن قطن النيسابوري عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن مالك بن إسماعيل [النهدي] عن سهل بن شعيب عن ربيعة الشعوذي. وذكر نحوه. ورواية ابن سعد أشبه بالصواب، وستأتي رواية مسدد في ذكر من اسمه سهل. وقد رواها بقي بن مخلد عن الدورقي عن مالك بن إسماعيل مثل رواية ابن سعد.(72/200)
ذكر من اسمه الربيع
[9839] الربيع بن ثعلب أبو الفضل مروزي الأصل
سكن بغداد وقرأ القرآن بدمشق بحرف ابن عامر على الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز، ومحمّد بن شعيب بن شابور، وعراك بن خالد، ويحيى بن حمزة، وأيوب بن مدرك الحنفي.
وحدث عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، والفرج بن فضالة، وأبي إسماعيل المؤدب، وجارية بن هرم، ومسعدة بن أليسع، وأبي معاوية الضرير.
قرأ عليه القرآن أبو الطّيّب سالم بن عبيد الله بن يحيى المقرىء، وأبو أيوب سليمان بن يحيى بن يحيى بن الوليد بن أبان الضبي المصري.
وروى عنه عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الدهقان، وأحمد بن محمّد بن يوسف بن شاهين، وعلي بن إسحاق بن زاطيا، وعمر بن أيوب السّقّطي، وعبد الله بن محمّد بن ناجية، وأبو القاسم البغوي، وأبو زرعة وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازيان، وموسى بن إسحاق بن موسى القاضي، وحامد بن محمد البلخي، وأحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي الصغير «1» .
__________
[9839] ترجمته في الإكمال 1/509 والجرح والتعديل 1/2/456 وتاريخ بغداد 8/418 وغاية النهاية 1/282 وفيه:
تغلب بدل ثعلب.(72/201)
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري، وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد، قالا: أنا أبو عثمان البحيري، أنا الحسن بن أحمد المخلدي، نا محمّد بن إسحاق الثقفي، نا يعقوب بن إبراهيم، والربيع بن ثعلب- الرضا، ثقة-، قالا: نا ابن عليّة، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أمّا أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناس- أو كما قال- تصيبهم النار بذنوبهم- أو قال: بخطاياهم- تميتهم النار، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر «1» ضبائر فبثوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السبيل»
[14166] فقال رجل من القوم حينئذ: كأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد كان بالبادية
[14167] .
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنا أبو القاسم عمر بن الحسين بن إبراهيم الخفاف، أنا أبو حفص عمر بن محمّد بن علي بن الزيات، نا عبد الله بن محمّد بن ناجية.
ح وأخبرنا أبو المظفر بن القشيري، وأبو القاسم الشّحّامي قالا: أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا أبو عمرو بن حمدان، أنا أبو العباس حامد بن محمّد بن شعيب البلخي ببغداد، قالا: نا الربيع بن ثعلب، نا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمّد بن جحادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تطرحوا الدرّ في أفواه الكلاب»
[14168] يعني الفقه.
وفي حديث ابن ناجية: نا محمّد بن جحادة «2» .
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، عن أبي القاسم بن الفرات، أنا أبو علي أحمد بن محمّد الأصبهاني قال: قال لنا أبو بكر محمّد بن عبد الوهاب المقرىء بأصبهان: قال لي أبو الطّيّب سالم بن عبيد الله بن يحيى المقرىء، وابن شنبوذ «3» جميعا كان الربيع بن ثعلب قال لنا: إنه قد ختم القرآن على جماعة منهم الوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز، ومحمّد(72/202)
ابن شعيب بن شابور، وأيوب بن مدرك الحنفي، وعراك بن خالد المري، ويحيى بن حمزة، وبقية بن الوليد، كلّ واحد من هؤلاء ختمة كاملة، وقرأ جميع هؤلاء على يحيى بن الحارث، وقرأ يحيى على عبد الله بن عامر.
أخبرنا أبو غالب أحمد، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن «1» قالا: أنا أبو الحسين بن الآبنوسي، عن أبي الحسن الدارقطني.
ح وقرأت على أبي غالب بن البنا، عن أبي الفتح المحاملي، أنا أبو الحسن الدارقطني قال:
الربيع بن ثعلب بغدادي ثقة، يروي عن يحيى بن أبي العيزار، يكنى أبا الفضل كان ببغداد.
أخبرنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي الهمذاني «2» في كتابه، أنا أبو بكر الصفار، أنا أحمد بن منجويه، أنا أبو أحمد «3» محمّد بن محمّد قال: أبو الفضل الربيع بن ثعلب البغدادي، سمع أبا فضالة الفرج بن فضالة الشامي، وأبا إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب البغدادي كناه لنا أبو العباس محمّد بن إسحاق الثقفي. أخبرناه أبو بكر محمّد بن أبي نصر شجاع، أنا محمّد بن أحمد بن جعفر الفقيه، أنا أبو الحسين أحمد بن أبي بكر، أنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري، قال: وفي محدثي بغداد الربيع بن ثعلب، روى عن فرج بن فضالة، وأبي إسماعيل المؤدب روى عنه أبو زرعة وموسى بن إسحاق.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة بقراءتي عليه عن أبي زكريا البخاري «4» .
ح وحدّثنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم،(72/203)
نا عبد الرحيم بن أحمد، أنا أبو محمّد عبد الغني بن سعيد قال في باب ثعلب فالثاء معجمة بثلاث: الربيع بن ثعلب أبو الفضل.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد وأبو النجم الشيحي قالا: قال لنا أبو بكر الخطيب «1» :
الربيع بن ثعلب أبو الفضل المروزي، سكن بغداد وحدث بها عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، والفرج بن فضالة، وأبي إسماعيل المؤدب، وجارية بن هرم «2» ، ومسعدة بن أليسع. روى عنه عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الدهقان، وأحمد بن محمّد بن يوسف بن شاهين، وعلي بن إسحاق بن «3» زاطيا، وعمر بن أيوب السقطي، وعبد الله بن محمّد بن ناجية، وأبو القاسم البغوي، وغيرهم.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا قال «4» : في باب ثعلب أوله ثاء معجمة بثلاث وبعدها عين مهملة: أبو الفضل الربيع بن ثعلب، بغدادي، ثقة، روى عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا- وأبو النجم بدر بن عبد الله، أنا- أبو بكر الخطيب «5» ، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا محمّد بن الحسن بن مقسم المقرىء قال: قال أبو الحسن إدريس «6» بن عبد الكريم سألت يحيى بن معين عن الربيع بن ثعلب فقال: رجل صالح.
في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال، أنا أبو القاسم بن مندة، أنا أبو علي إجازة.
ح قال: وأنا أبو طاهر بن سلمة، أنا علي بن محمّد.
قالا: أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال «7» :(72/204)
سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول: حدّثنا «1» الربيع بن ثعلب الشيخ الفقيه «2» الصالح وسمعت موسى بن إسحاق الأنصاري يقول: حدّثنا الربيع بن ثعلب أحد العابدين ببغداد. أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي، نا أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي، أنا الربيع بن ثعلبأبو الفضل العابد في المقابر باب البردان، فذكر عنه حديثا.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد، نا- وأبو النجم بدر بن عبد الله، أنا- أبو بكر الخطيب «3» أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أنا محمّد بن نعيم الضبي.
ح وقرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو بكر البيهقي إجازة، أنا [أبو] «4» عبد الله الحافظ.
أخبرني «5» علي بن محمّد المروزي قال: وسألته يعني صالح بن محمّد- المعروف بجزرة- عن الربيع بن ثعلب فقال: صدوق، ثقة، من عباد الله الصالحين.
أخبرنا أبو الحس، نا- وأبو النجم، أنا- أبو بكر الخطيب «6» ، أنا أبو بكر البرقاني قال: قرىء على أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي- وأنا أسمع- قيل له: سئل السراج، وهو أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي وأنت تسمع: أيش كنية الربيع بن ثعلب؟
[فقال:] «7» نا الربيع بن ثعلب أبو الفضل وكان من خيار المسلمين.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو، وأنا أبو منصور محمد بن الحسين نا أحمد بن محمد بن غالب قال: سألت أبا الحسن الدارقطني قلت: الربيع بن ثعلب عنده من أبي بكر بن عياش وعن إسماعيل بن عياش قال برأسه إيماء: نعم. قلت: فكيف(72/205)
يفترقان.... «1» فهو إسماعيل بن عياش وإذا كان عن عاصم بن.... «2» وأبي إسحاق أليسع وليث ابن أبي سليم هو أبو بكر بن عياش.
أخبرنا أبو الحسن نا- وأبو النجم بدر بن عبد الله، أنا- أبو بكر الخطيب «3» أنا الأزهري، أنا علي بن عمر الحافظ قال: الربيع بن ثعلب بغدادي، ثقة.
كتب إليّ أبو سعد محمد بن محمد وأبو علي الحسن بن أحمد وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي «4» .
ح وأخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد البزار، أنا أبو علي الحداد قالوا أنا أبو نعيم نا أحمد بن جعفر بن سالم.
ح وأخبرنا أبو الحسن نا- وأبو النجم أنا- أبو بكر الخطيب «5» أنا ابن «6» الفضل دعلج ابن أحمد قالا: أنا أحمد بن علي الأبّار قال: ومات الربيع بن ثعلب سنة ثمان وثلاثين. قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي.... «7» علي بن محمد عن أبي عمر ابن حيويه أنا محمد بن القاسم بن حفص، نا ابن أبي.... «8» قال: ومات الربيع بن ثعلب سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن. نا- وأبو النجم بدر بن عبد الله أنا- أبو بكر الخطيب «9» أنا محمد بن جعفر بن علان الوراق، أنا مخلد بن جعفر، أنا محمد بن جرير الطبري قال: الربيع بن ثعلب يكنى أبا الفضل من أهل الصغد، ولد بمرو، وسكن بغداد ولم يزل بها حتى توفي بها في سنة ثمان وثلاثين ومائتين بعد الفطر بيوم، وكان فيما ذكر لي رجلا صالحا، صدوقا، ورعا.(72/206)
قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي أنا علي بن محمد، أنا أبو سليمان ابن زبر قال: سنة ثمان وثلاثين ومائتين فيها مات الربيع بن ثعلب.
[9840] الربيع بن الجهم
حدث بدمشق.
قرأت بخط أبي محمد ابن الأكفاني، وذكر أنه وجده بخط بعض أصحاب الحديث في تسمية من سمع منه بدمشق: ربيع بن الجهم في طبقة فيها ذكر ابن جوصا وأبي الدحداح وأسند منهما، وذكر أنه سمع منه سنة ثلاث عشرة ومئة.
[9841] الربيع بن حظيان- ويقال: جظيان بالجيم
بصري الأصل، سكن دمشق، وولاه المنصور دار الضرب بدمشق.
روى عن مكحول، وعطاء بن أبي رباح، وحسان بن عطية، وثور بن يزيد، وهشام بن حسان، والزهري، والحسن البصري، وأبي الزبير محمّد بن مسلم، وعكرمة مولى ابن عباس، وعاصم بن بهدلة، وأبي هارون العبدي، وبيان بن بشر، وقتادة، وعمرو بن عبيد.
روى عنه عمر بن عبد الواحد، وعبد ربه بن ميمون، وزيادة بن الربيع اليحمدي، وعبد الملك بن محمّد الصنعاني، وسويد بن عبد العزيز، ويحيى بن سعيد العطار، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وأبو عتبة محمّد بن أبان بن جزي. أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني، أنا أبو نصر بن طلّاب، بقراءتي عليه، أنا القاضي أبو نصر محمّد بن أحمد بن هارون بن موسى الغساني الإمام في الجامع بمدينة دمشق، نا أبو عبد الله بن مروان، نا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي، نا سليمان بن عبد الرحمن، نا عبد ربه بن ميمون النحاس، نا الربيع بن حظيان، عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج إلينا فقال: «إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة»
[14169] .
__________
[9841] ترجمته في الجرح والتعديل 1/2/459 والتاريخ الكبير 2/1/278 وميزان الاعتدال 2/39 وفيه: الربيع بن حيظان ويقال: ابن حظيان وقيل: جيظان بالجيم.(72/207)
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد المقرىء، وأبو القاسم بن عبدان، قالوا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو محمّد بن أبي نصر، أنا أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري «1» ، حدّثني إسماعيل بن محمّد العذري «2» ، نا أبو أيوب سليمان بن عبد الرّحمن ابن بنت شرحبيل «3» ، نا عبد ربه بن ميمون النحاس الأشعري، نا الربيع بن حظيان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والعمامة
[14170] .
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا محمّد بن هبة الله بن الحسن، أنا علي بن محمّد بن عبد الله، أنا عثمان بن أحمد بن عبد الله، أنا محمّد بن أحمد بن البراء قال:
قال علي بن المديني: الربيع بن حظيان شيخ روى عنه زياد بن الربيع اليحمدي، وهو مجهول.
قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي بكر الخطيب، أنا أبو بكر البرقاني، أنا محمّد ابن عبد الله بن خميرويه، أنا الحسين بن إدريس، أنا محمّد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال: الربيع بن حظيان معروف بصري، قلت: هو ثقة؟ قال: لا أدري.
أنبأنا أبو الغنائم [محمد] «4» بن علي الكوفي، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي، أنا أبو الفضل الباقلاني، وابو الحسين الصيرفي، وأبو الغنائم واللفظ له، قالوا: نا عبد الوهّاب بن محمّد زاد الباقلاني ومحمّد بن الحسن الأصبهاني، قالا: أنا أحمد بن عبدان، أنا محمّد بن سهل، أنا محمّد بن إسماعيل قال «5» : ربيع بن حظيان الدمشقي عن مكحول، روى عنه زياد ابن الربيع منقطع.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي، أخبرني أبو عبد الرّحمن معاوية بن محمّد الدمشقي قال: سئل أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو، عن الربيع بن حظيان فقال: هو دمشقي، قيل:(72/208)
كيف هو له أحاديث غرائب؟ فسكت أبو زرعة، ولم يقل فيه شيئا.
أخبرنا أبو بكر اللفتواتي، أنا أبو صادق الفقيه، أنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر، أنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: الربيع بن جظيان- الجيم مكسورة وفوق الظاء نقطة وتحت الياء نقطتان- روى عن مكحول، وحسان بن عطية روى عنه زياد بن الربيع، وعمر بن عبد الواحد. [قال ابن عساكر:] «1» كذا قيل بالجيم، ولا أعلم أحدا تابعه عليه، وهو تصحيف من العسكري مصنفه التصحيف «2» .
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني شفاها، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو نصر بن الجبّان إجازة، أنا أحمد بن القاسم بن يوسف الميانجي، نا أحمد بن طاهر بن النجم، حدّثني سعيد بن عمرو قال: قلت يعني لأبي زرعة الرازي الربيع بن حظيان؟ قال: منكر الحديث «3» . حدث عن الزهري، غريب منكر، روى عنه عبد ربه بن ميمون.
[9842] الربيع بن حنطي
قاضي حوران «4» .
حكى عنه محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي عصمة.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه، نا أبو الحسن عبد الرّحمن بن أحمد بن معاذ المصري، أنشدنا أحمد بن أبي التمام أنشدنا محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي عصمة قال: أنشدنا الربيع بن حنطي «5» قاضي حوران:
إذا كان نجم المرء في الشيء مقبلا تاقت له الأسباب من كل جانب
__________
[9842] حنطي كذا رسمها بالأصل.(72/209)
وإن أدبرت دنياه عنه بعورت «1» عليه وأعيته وجوه المطالب
ولا تدرك الأرزاق فيها ولا المنى بحيلة محتال ولا حرص كاسب
إذا قلّ مال المرء أقصاه أهله وأقصر عنه كلّ إلف وصاحب
[9843] الربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذيب ابن عدي بن مازن بن الأزد ويقال: الربيع بن مسعود
وأمه رويمة بنت سعد بن الحارث الحجوري. ويقال: ربيع بن ربيعة بن مسعود بن عدي بن الذيب بن حارثة بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد. المعروف بسطيح الكاهن الغساني، المذكور.
كان يسكن الجابية على ما حكاه أبو العباس محمود بن محمّد بن الفضل الرافقي «2» عن عبد الله بن الهيثم بن عثمان العبدي «3» ، عن القاسم بن عمرو، عن أحمد بن عبد الله المخزومي المكي، عن إبراهيم بن يونس البرام، عن سعيد بن مزاحم عن معروف بن خربوذ، عن بشير بن تيم المكي ذكر ذلك في حديث، هو الحديث الذي يأتي في ذكر عبد المسيح بن عمرو بن نفيلة الغساني. قرأت على أبي محمّد السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا «4» قال: وأما حجن بالنون فهو ذئب بن حجن القبيل الذي منه سطيح الذيب «5» الكاهن.
وقال في موضع آخر «6» من باب ذيب، ذئب بن عمرو بن حارثة بن عدي بن عمرو بن مازن، رهط سطيح الذئبي قاله ابن الحباب. أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو منصور محمّد بن علي بن
__________
[9843] انظر أخباره في مروج الذهب (الفهارس) ، وتاريخ الطبري 1/370 و 426 و 459 و 460 والبداية والنهاية 2/329- 330 و 405 و 434 والكامل لابن الأثير 1/269- 270.(72/210)
إسحاق الكاتب، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرفي، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني، نا أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السجستاني إملاء قال: سمعت مشيختنا منهم أبو عبيدة وغيره، وأبو اليقظان وهو عامر بن حفص ولقبه سحيم وهو مولى بلعجيف، ومحمّد بن سلام الجمحي قالوا «1» : وكان من بعده يعنون لقمان بن عاد: سطيح ولد في زمن سيل العرم وعاش إلى ملك ذي نواس وذلك نحو من ثلاثين قرنا، وكان مسكنه البحرين وزعمت عبد القيس أنه منهم، وتزعم الأزد أنه منهم، وأكثر المحدثين يقولون هو من الأزد ولا يدرى ممن هو، غير أن ولده يقولون: إنّهم من الأزد.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر، أخبرنا أبو الحسن الخرائطي قال: أنشدني أبو سهل الرازي لسطيح الكاهن «2» :
عليكم بتقوى الله في السرّ والجهر ولا تلبسوا صدق الأمانة بالغدر «3»
وكونوا لجار «4» الجنب حصنا وجنّة إذا ما عرته النائبات من الدهر
أخبرنا أبو العزّ بن كادش إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده، أنا محمّد بن الحسين، أنا المعافى بن زكريا «5» ، نا محمّد بن الحسن بن دريد، أخبرني عمي عن أبيه، عن ابن الكلبي قال:
كان أول من قال «برج الخفاء» «6» أن رجلا من كندة يقال له صدّاد بن أسماء، وأسماء أمه، وهي امرأة من بني الحارث بن كعب، وكانت تحت صدّاد امرأة من قومه كندية وامرأة من بني الحارث، وكان له من ابنة عمه أربعة رجال ولم يكن له من الحارثية ولد فوقع على(72/211)
جارية سوداء فأحبلها، فلما تبين حملها وخاف امرأته، فأنكر ذلك في العلانية وأقرّ به في السّرّ، وسماه ثعلبة، وأشهد امرأته الحارثية وأخا له أن ثعلبة ابنه. فلما مات صدّاد أخبرت السوداء ابنها أنه من صدّاد، فخرج الغلام حتى أتى ملكا من ملوك اليمن، فذكر له أمره وأتاه بعمه وامرأة أبيه فشهدا، فقالت الكندية: إنما شهدا للعداوة، فبعث الملك إلى سطيح الكاهن وخبأ له دينارا بين قدمه ونعله، فلما دخل إليه قال له: إني قد خبأت لك شيئا فأخبرني به.
فقال سطيح: أحلف بالبلد الحرام والحجر الأصمّ، والليل إذا أظلم، والنهار إذا تبسم، وبكل فصيح وأعجم، لقد خبأت دينارا بين نعل وقدم، قال: فأخبرني مع من هو؟ قال: أحلف بالشهر الحرام، وبالله محيي العظام، وبما خلق من النسام إنه لتحت قدم الملك الهمام؛ قال:
فأخبرني لما أرسلت إليك، قال أرسلت إليّ تسألني عن ابن السوداء، ومن أبوه من الآباء، وقد برح الخفاء، وهو أول من قاله، وأبوه صدّاد ابن أسماء لا شك فيه ولا من مراء فألحقه بأبيه وورّثه. قال الملك: يا سطيح ألا تخبرني عن علمك هذا؟ قال: إن علمي ليس مني، ولا بجزم ولا تظني، ولكن أخذته من أخ لي جني، قد سمع الوحي بطور سنيّ. قال الملك:
أرأيت أخاك هذا الجني أهو معك لا يفارقك؟ قال: إنه ليزول حيث أزول، فلا أنطق إلا بما يقول، قال له الملك: فهل من خبر بما يكون تخبرنا به؟ قال: نعم، عندي خبر ظريف «1» ، شهركم هذا خريف، والقمر فيه كسيف، ويأتي غدا سحاب كثيف، فميلأ البر والريف، فكان كما قال.
قال المعافى «2» : أخبار سطيح كثيرة، وقد جمعها غير واحد من أهل العلم، وكذلك أخبار غيره من الكهان، والمشهور من أمر سطيح أنه كان كاهنا، وقد أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن نعته ومبعثه بأخبار كثيرة، وروي أنه عاش سبعمائة سنة، وأدرك الإسلام فلم يسلم، وروي أنه هلك عندما ولد النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بذلك ابن أخته عبد المسيح بن حيان بن بقيلة «3» وقد أوفده إليه كسرى أنو شروان لارتياعه من أمور ظهرت عند مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يسأل خاله سطيحا عنها، ويستعلم منه تأويلها، وذكر عبد المسيح أنه أنبأه بذلك، ونعى إليه نفسه ثم قضى مكانه.(72/212)
وروي لنا من بعض الطرق بإسناد والله به أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن سطيح فقال:
«نبيّ ضيّعه قومه» «1» وهو مشهور عند العرب يذكرون سجعه وكهانته، ويضربون المثل بعلمه وصدقه فيما يخبر به، وقد قال الأعشى يذكر زرقاء اليمامة لما أخبرت أهل اليمامة برؤيتها ما رأت من مكان بعيد لم يعلم آدمي أدرك مرئيا من مثل مداه. فلم يصدّقوها، فأتاهم العدو الذي أنذرتهم به، فاستباحهم وخرّب ديارهم «2» :
ما نظرت ذات أشفار كنظرتها حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا
قالت أرى رجلا في كفّه كتف أو يخصف النعل لهفي أية صنعا
فكذّبوها بما قالت، فصبّحهم ذوآل حسّان يزجي «3» الموت والشّرعا «4»
فاستنزلوا أهل جوّ من منازلهم «5» واستخفضوا «6» شاخص البنيان فاتضعاقال المعافى: قوله: الذئبي، يعني سطيحا لأنه من ولد ذئب بن حجن، وبسطيح الذئبي كان يعرف. وقد قال له عبد المسيح ابن أخته حين وفد عليه من عند كسرى «7» :
يا فاصل الخطة أعيت من ومن أتاك شيخ الحي من أهل «8» سنن
وأمه من آل ذئب بن حجن
ولكلّ فصل مما ذكرنا أخبار وأنباء وقصص تأتي في أماكنها إن شاء الله عز وجل.
أخبرنا أبو الحسن علي بن مسلم الفقيه، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن يحيى الجوبري، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو قال: وكتب إليّ سليمان بن عبد الرّحمن بخطه في سنة(72/213)
خمس عشرة ومائتين قال «1» : قال إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن عمرو الشيباني «2» عن عبد الله ابن الديلمي، عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال: بلغنا أنك تذكر سطيحا تزعم أن الله لم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه؟ قال: نعم، إن الله تبارك وتعالى خلق سطيحا الغساني لحما على وضم- والوضم شرائح من جرائد النخل- وكان يحمل على وضمه، فيؤتى به حيث يشاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق والكفين «3» ، وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلّا لسانه فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه، فأتي به مكة فخرج إليه أربعة نفر من قريش: عبد شمس وعبد مناف ابنا قصي، والأحوص بن فهر، وعقيل بن أبي وقاص، فانتموا إلى غير نسبهم فقالوا نحن أناس أتيناك لنزورك لما بلغنا قدومك، ورأينا أن إتياننا إياك حقا واجبا لك علينا، وأهدى له عقيل صفيحة هندية وصعدة «4» ردينية «5» ، فوضعتا «6» على باب البيت الحرام لينظروا «7» هل يراهما «8» سطيح أم لا. فقال: يا عقيل، ناولني يدك. فناوله يده، فقال: والعالم الخفية، والغافر الخطية، والذمة الوفية، والكعبة المبنية، إنك لجائي بالهدية، الصفحية الهندية، والصعدة الردينية، قالوا: صدقت يا سطيح. فقال سطيح: والآت بالفرح، وقوس قزح، وسائر «9» القرح، واللطيم «10» المنبطح والنخل الرطب والبلح، إن الغراب حيث مرّ سنح، فأخبر أن القوم ليسوا من جمح، وإن نسبهم في قريش ذي البطح. قالوا: صدقت يا سطيح. نحن أهل البيت الحرام، أتيناك لنزورك، لما بلغنا من علمك، فأخبرنا عما يكون في زماننا(72/214)
[هذا] «1» وما يكون من بعده، إن يكن «2» عندك في ذلك علم؟ قال: فقال: الآن صدقتم، خذوا مني من إلهام الله إياي، أنتم الآن يا معشر العرب في زمان الهرم، فتبينوا بصائركم وبصيرة العجم، لا علم عندكم ولا فهم. وينشأ من عقبكم [ذوو] «3» فهم «4» . يطلبون أنواع العلم، فيكسرون الصنم ويبلغون الردم «5» ويقتلون العجم يطلبون الغنم. قالوا: يا سطيح، ممن يكون أولئك؟ قال لهم: والبيت ذي الأركان والأمن والسلطان «6» ، لينشون من عقبكم ولدان يكسرون الأوثان وينكرون عبادة الشيطان، ويوحدون الرحمن، وينشرون دين الديان يشرفون البنيان ويقتنون القيان. قالوا: يا سطيح ممن نسل من يكون أولئك؟ قال: وأشرف الأشراف، والمفضي للإسراف والمزعزع الأحقاف والمضعف للأضعاف لينشون الآلاف. من بني عبد شمس وعبد مناف يكون فيهم اختلاف. قالوا: يا سوءتاه يا سطيح مما تخبر به من العلم بأمرهم. ومن أي بلد يخرج [أولئك] «7» قال: والباقي الأبد، والبالغ الأمد، ليخرجن من ذي «8» البلد نبي مهتد، يهدى إلي الرشد، يرفض يغوث «9» والفند «10» ، يبرأ من عبادة الضدد «11» ، يعبد ربا انفرد، ثم يتوفاه الله محمودا، ومن الأرض مفقودا، وفي السماء مشهودا، ثم يلي أمره «12» الصديق إذا قضى صدق، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق، ثم يلي أمره الحنيف، مجرب غطريف، ويترك قول الرجل الضعيف- يعني عمر- قد أضاف المضيف وأحكم التحنيف، ثم يلي أمره داعيا لأمره مجربا فيجتمع له جموع وعصب، فيقتلونه نقمة وغضبا عليه، فيؤخذ الشيخ فيذبح إربا، فيقوم له رجال خطباء، ثم يلي أمره(72/215)
الناصر معاوية، فيخلط الرأي برأي ماكر، يظهر في الأرض العساكر «1» ، ثم يلي من بعده ابنه، يأخذ جمعه ويقل حمده ويأخذ المال فيأكل وحده، ويكثر «2» المال لعقبه من بعده، ثم يلي من بعده عدة ملوك، لا شك، أن الدم فيهم مسفوك «3» . ثم يلي من بعده الصعلوك يطؤهم كوطأة الدرنوك «4» ، ثم يلي عضوض، أبو جعفر يقضي الخلق «5» ويدني مضر، يفتتح الأرض افتتاحا [منكرا، ثم يلي قصير القامة، بظهره علامة، يموت موت السلامة، ثم يأتي قليل ماكر، يترك الملك مجلى باير. ثم يلي أخوه بسنته سائر يختص بالأموال والمنابر، ثم يلي أمره من بعده] «6» أهوج صاحب دنيا ونعيم، مخلّج تثاوره معاشره وذووه، ينهضون إليه ويخلعونه، يأخذون الملك ويقتلونه، ثم يلي أمره من بعده السابع، فيترك الملك مخلى ضائع تثوره في ملكه مسورة جائع، عند ذلك يطمع في الملك كل عريان، فيلي أمر الناس اللفهان، يوطىء نزارا جمع قحطان، وإذا التقى بدمشق جمعان، بين بيسان «7» ولبنان، يصنف اليمن يومئذ صنفين. صنف سورة وصنف مخذول، لا ترى إلا خبّا مخلولا ولواء محلولا، وأسيرا مغلولا بين الفرات والجبول «8» ، عند ذلك تخرب المنابر وتسلب الأموال، وتسقط الحوامل، وتظهر الزلازل، وتطلب الخلافة وائل، فعند ذلك تغضب نزار، وتدني العبيد والأشرار، وتقضي النساك والأخيار، يجوع الناس وتغلو الأسعار، وفي صفر من الأصفار يقتل كل جبار، ممن تشرف إلى خنادق وأنهار. ذات أشغال وأشجار. يعمد لهم الأغيار، يهزمهم أول النهار، ويظهر لأمره الأخيار، فلا ينفعهم نوم ولا قرار، حتى يدخل مصرا من الأمصار، فيدركه القضاء والأوزار، ثم تجيء الرماة، تزحف مشاة، لقتل الكماة، وأشر الحماة ومهل الغواة هنالك تدرك أعلى المياه، ثم يبور الدين، وتقلب الأمور، ويكفر الزنبور، وتقطع الجسور، ولا يفلت إلا من كان من جزائر البحور، ثم يشور الجنوب، وتظهر الأعاريب، ليس فيهم معين على أهل الفسوق، والأعاريب في زمان عصيب، لو كان للقوم حيا وما تغني(72/216)
المنى، قالوا: ثم ماذا يا سطيح؟ قال: ثم يظهر رجل من اليمن أبيض كالشطن. يخرج من بين صنعاء وعدن، يسمى حسين أو حسن يذهب الله على رأسه الفتن.
قال أبو زرعة: فذكرته لأبي اليمان. فلم يقل «1» به، ثم قدمت فلقيني هشام بن عمار وهو يظن أني قد سمعته من أبي اليمان عن إسماعيل بن عياش، فأعلمته أني لم أسمعه. أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم، أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب أنا محمد بن هارون الروياني، أنا أبو طلحة الخزاعي، نا بكر بن سليمان نا ابن إسحاق «2» عن بعض أهل الرواية: أن ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا هائلة وفظع بها، فلما رأها بعث إلي الحزاة من أهل مملكته فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما إلا جمعهم إليه. ثم قال: إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فأخبروني بتأويلها. فقالوا: اقصصها علينا، نخبرك بتأويلها. فقال: إني إن أخبرتكم بها فلم أطمئن إلى تأويلها، إنه لا يعرف تأويلها إلا من يعرفها قبل أن أخبره بها، فلما قال ذلك قال له رجل من القوم الذين جمع لذلك: فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق، فإنه ليس أحد أعلم منهما، فهما يخبرانك بما تسأل عنه، واسم سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب ابن عدي بن مازن بن ثعلبة بن الأزد، ومازن غسان، وكان يقال لسطيح الذئبي لنسبه إلى ذئب ابن عدي، وشق بن صعب بن يشكر بن الهرم «3» بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار بجيلة فلما قال ذلك له، بعث إليهما، فقدم إليه سطيح قبل شق، ولم يك في زمانهما مثلهما من الكهان. فلم قدم عليه سطيح ورعا، فقال له: يا سطيح، إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها. قال: أفعل، رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت في أرض تهمة، فأكلت منها كل ذات جمجمة. فقال له الملك: ما أخطأت منها شيئا يا سطيح. فما عندك في تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرتين من حنش، ليهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أبين «4» إلى جرش «5» . فقال له(72/217)
الملك: وأبيك يا سطيح، إن ذلك لنا لغائط موجع، فمتى هو كائن؟ أفي زماني أو بعده؟
قال: بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين، يمضين من السنين. قال: فهل يدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: ينقطع لبضع وسبعين يمضين من السنين ثم يقتلون بها أجمعين ويخرجون منها هاربين. قال الملك: ومن الذي يلي ذلك منهم من قتلهم وإخراجهم؟ قال: يليه إرم ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحدا منهم باليمن. قال: فيدوم ذلك من سلطانه؟ أو ينقطع؟ قال: بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين. قال: ومن يقطعه؟ قال: نبي زكي، يأتيه الوحي من قبل العلي، قال: وممن هذا النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال: وهل للدهر «1» يا سطيح من آخر؟ قال: نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، يسعد فيه المحسنون ويشقى فيه المسيئون. قال: أحق ما تخبرني به يا سطيح؟
قال: نعم. والشفق والغسق والفلق إن ما نبأتك به لحق.
قال: فلما فرغ سطيح من قوله قدم عليه شق، فدعا به، فقال: يا شق إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فأخبرني عنها، فإنك إن أصبت، أصبت تأويلها كما قال لسطيح. وقد كتمه ما قال سطيح له لينظر أيتفقان أم يختلفان. قال: نعم. رأيت حممة خرجت من ظلمة، فوقعت في روضة وأكمة فأكلت منها كل ذات نسمة. فلما قال له ذلك عرف أنهما قد اتفقا، وأن قولهما واحد. إلا أن سطيحا قال: وقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة، وقال شق: وقعت بين روضة واكمة وأكلت منها كل ذات نسمة.
فلما رأى الملك ذلك أن قولهما شيئا واحدا قال: ما أخطأت يا شق، فما عندك في تأويلها؟
قال: أحلف بما بين الحرتين من إنسان، ليردن أرضكم السودان، فليغلبن على كل ذي طفلة «2» البنان، وليملكن ما بين أبين ونجران.
قال له الملك: وأبيك يا شق، إن هذا لنا لغائط موجع، فمتى هو كائن في زماني أم بعده؟ قال: بعده بزمان ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شأن، يذيقهم أشد الهوان ...(72/218)